كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

الحجة في اللغة بمعنى البرهان وهو الدليل القاطع وبه تتقرر فواعد الإسلام ومبانيه والضياء في أصل اللغة خلاف الظلمة ثم استعير للهداية وما في معناها ولا شك أن الوصف بهذين الأمرين أبلغ من الوصف بالمجد الذي هو بمعنى الشرف
الحال الرابع أن يكون في ألقاب الصلحاء وقد جعل في عرف التعريف أعلاها صلاح الإسلام وأورده مع الحضرة ومع الجناب الشريف والجناب الكريم وجعل دونه جلال الإسلام وأورده مع الجناب العالي ودونه ضياء الإسلام وأورده مع المجلس العالي وجعل دونه جلال الإسلام فأورده مع المجلس السامي بالياء فما دونه
أما كون صلاح الإسلام والمسلمين أعلى من جلال الإسلام والمسلمين فقد تقدم بيانه وأما كون جلال الإسلام والمسلمين أعلى من ضياء الإسلام والمسلمين فلأن الجلال معناه العظمة وهي أعلى من الضياء على ما فيه من التعسف
النمط الثاني من الألقاب المركبة ما يضاف إلى الأمراء والوزراء ونحوهم من أرباب المراتب السنية وهو على الأحوال الأربعة المتقدمة الذكر فيما يضاف إلى الإسلام
الحال الأول أن يكون في ألقاب أرباب السيوف قد جعل في عرف التعريف أعلاها سيد الأمراء في العالمين وأورده مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي وجعل دونه سيد الأمراء المقدمين وأورده مع الجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي ودونه شرف الأمراء المقدمين وأورده مع المجلس العالي والدعاء دونه شرف الأمراء في الأنام وأورده مع السامي بالياء ودونه زين الأمراء المجاهدين وأورده مع

السامي بغير ياء ودونه مجد الأمراء وأورده مع مجلس الأمير
والذي في التثقيف بعد سيد الأمراء في العالمين سيد أمراء العالمين وأورده مع الجناب العالي ودونه شرف الأمراء في العالمين وأورده مع المجلس العالي والدعاء ودونه شرف الأمراء المقدمين وأورده مع صدرت والعالي ودونه شرف الأمراء فقط وأورده مع السامي بالياء ودونه فخر الأمراء وأورده مع السامي بغير ياء ودونه مجد الأمراء وأورده مع مجلس الأمير ولا يخفى ما بينهما من الاختلاف ولا مشاحة في الاصطلاح بعد فهم المعنى ولا نزاع في أن الترتيب الذي في التثقيف أحسن وإذا تأملت ذلك المعنى وعرضته على ما تقدم من التوجيه في النمط الأول ظهر لك حقيقة ذلك
الحال الثاني أن يكون في ألقاب الوزراء ومن في معناهم فقد ذكر في عرف التعريف أن أعلاها للوزراء سيد الوزراء في العالمين ولمن في معناهم من كاتب السر ونحوه سيد الكبراء في العالمين وأورده ذلك مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه لمن دون هؤلاء من الكتاب فخر الأنام وأورده في المجلس العالي والدعاء مع ما بعده
الحال الثالث أن يكون من ألقاب القضاة والعلماء
وقد جعل في عرف التعريف أعلاها شرف الأنام وأورده مع الجناب الشريف الذي جعله أعلى المكاتبات لهم ومع الجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه فخر الأنام فأورده مع المجلس العالي بالدعاء ودونه بهاء الأنام وأورده مع صدرت والعالي ومع السامي بالياء والسامي بغير باء
الحال الرابع أن يكون من ألقاب الصلحاء وقد جعل في عرف التعريف أعلاها خالصة الأنام وأورده مع الحضرة الشريفة التي جعلها أكبر رتبهم ومع الجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه

شرف الأنام وأورده مع المجلس العالي ودونه زين الأنام وأورده مع السامي مع بالياء وبغير ياء

النمط الثالث من الألقاب المركبة ما يضاف إلى الملوك والسلاطين وهو على
الأحوال الأربعة المتقدمة الذكر
الحال الأول أن يكون من ألقاب أرباب السيوف وقد ذكر في عرف التعريف أن أعلاها ظهير الملوك والسلاطين وأورده مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه عضد الملوك والسلاطين وأورده مع المجلس العالي والمجلس السامي بالياء ودونه عمدة الملوك والسلاطين وجعله مع مجلس الأمير والذي في التثقيف إيراد ظهير الملوك والسلاطين مع المقر الكريم وما بعده إلى آخر المجلس العالي وجعل عضد الملوك والسلاطين مع السامي بالياء وعمدة الملوك والسلاطين مع السامي بغير ياء وعدة الملوك والسلاطين مع مجلس الأمير
والحاصل أنه في التثقيف زاد رتبتين في ظهير الملوك والسلاطين فجعله في المجلس السامي مع الدعاء ومع صدرت على أن التحقيق أن عضد الملوك والسلاطين أعلى في الحقيقة من ظهير الملوك والسلاطين لأن العضد عضو من أعضاء الإنسان وهو ما بين المرفق والكتف والظهير خارج عنه وما كان من نفس الإنسان كيف يجعل ما هو خارج عنه أرفع منه بالنسبة إلى ذلك الشخص
الحال الثاني أن يكون من ألقاب الوزراء ومن في معناهم وقد جعل في عرف التعريف أعلاها ظهير الملوك والسلاطين أيضا وأورده مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه صفوة الملوك والسلاطين وأورده مع

المجلس العالي فما دونه
الحال الثالث أن يكون من ألقاب القضاة والعلماء وقد جعل في عرف التعريف أعلاها للقضاة حكم الملوك والسلاطين ولغيرهم من العلماء خالصة الملوك والسلاطين وهو عنده للجناب الشريف فما فوقه ودونه بركة الملوك والسلاطين وأورده مع الجناب الكريم والجناب العالي والمجلس العالي مع الدعاء وجعل دونه صفوة الملوك والسلاطين وأورده في صدرت والعالي فما دون ذلك
الحال الرابع أن يكون في ألقاب الصلحاء ولم يزد في عرف التعريف على أنه يكتب لهم بركة الملوك والسلاطين وحينئذ فيقتصر عليها لجمعيهم ممن يستحق ذلك بحسب ما يقتضيه حال المكتوب بسببه

النمط الرابع من الألقاب المركبة ما يضاف لأمير المؤمنين وهو على الأحوال
الأربعة المتقدم ذكرها
الحال الأول أن يكون من ألقاب أرباب السيوف وأعلاها قسيم أمير المؤمنين وهو من الألقاب الخاصة بالسلطان كما تقدم ذكره في موضعه ودونه خليل أمير المؤمنين وهو من ألقاب أولاد الملوك وألقاب بعض الملوك الأجانب المكتوب إليهم عن الأبواب السلطانية ودونه عضد أمير المؤمنين وهو أعلى ما يكتب لنواب السلطنة عن الأبواب السلطانية وجعله في عرف التعريف مع المقر الشريف خاصة ودونه سيف أمير المؤمنين وأورده مع المقر الكريم والمقر العالي ودونه حسام أمير المؤمنين وجعله في عرف التعريف مع الجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي ولم يورد بعد ذلك لقبا بالإضافة إلى أمير المؤمنين بل اقتصر على ما يضاف إلى الملوك والسلاطين

وأما في التثقيف فجعله مع المقر الكريم والمقر العالي ودونه حسام أمير المؤمنين وأورده مع المجلس العالي والدعاء ولم يورد فيما بعد ذلك لقبا بالإضافة إلى أمير المؤمنين
والحاصل أنه في عرف التعريف زاد رتبة فيما يضاف إلى أمير المؤمنين وهي حسام أمير المؤمنين
الحال الثاني أن يكون من ألقاب الوزراء ومن في معناهم ولم يزد في عرف التعريف على ولي أمير المؤمنين وأورده مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف ويحسن أن يجيء مع الجناب الكريم خالصة أمير المؤمنين ومع الجناب العالي صفي أمير المؤمنين أو صفوة أمير المؤمنين ولا يضاف إلى أمير المؤمنين مع المجلس العالي فما دونه شيء من الألقاب اكتفاء بما يضاف إلى الملوك والسلاطين كما تقدم في أرباب السيوف
الحال الثالث أن يكون من ألقاب القضاة والعلماء فقد جعل في عرف التعريف أعلاها ولي أمير المؤمنين وجعله مع الجناب الشريف فما فوقه ويحسن أن يجيء مع الجناب الكريم خالصة أمير المؤمنين ومع الجناب العالي صفي أمير المؤمنين أو صفوة أمير المؤمنين كما تقدم في الوزراء ومن في معناهم ومن دونهم من الكتاب

الاعتبار الثاني في الألقاب المركبة أن يختص الترتيب في الألقاب بنوع من
المكتوب لهم وهو أربعة أنماط
النمط الأول ما يختص بأرباب السيوف وله حالان
الحال الأول أن تقع الإضافة فيه إلى الغزاة والمجاهدين وقد جعل

المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف ناصر الغزاة والمجاهدين أعلاها فأورده في المكاتبة إلى نائب الشام والمكاتبة إليه يومئذ دون المكاتبة إلى النائب الكافل وهو خلاف مقتضى تركيب لغة العرب لما تقدم من أن صيغة فعيل أعلى من صيغة فاعل ولذلك جعلوا الكفيل أعلى من الكافل على ما تقدم بيانه وحينئذ فيكون نصير الغزاة والمجاهدين أعلى من ناصر الغزاة والمجاهدين على خلاف ما ذكره
أما في عرف التعريف فإنه أعرض عن ذكر الألقاب المضافة إلى الغزاة والمجاهدين مع المقر الشريف الذي هو أعلى الألقاب لأرباب السيوف من النواب ومن في معناهم وأتى بعده المقر الكريم بنصير الغزاة والمجاهدين ثم أتى بعده مع الجناب الشريف إلى آخر المجلس العالي بنصرة الغزاة والمجاهدين فجعل نصير الغزاة أبلغ من نصرة الغزاة لما في نصير من التذكير وفي نصرة من لفظ التأنيث والتذكير أعلى رتبة من التأنيث ثم أتى مع السامي بالياء بذخر الغزاة والمجاهدين ثم مع السامي بغير ياء بزين الأمراء المجاهدين على وصف الأمراء بالمجاهدين دون عطف المجاهدين على الأمراء ثم مع مجلس الأمير بزين المجاهدين
وجعل في التثقيف أعلاها ناصر الغزاة والمجاهدين تبعا للتعريف وأورده مع المقر الكريم ودونه نصرة الغزاة والمجاهدين وأورده مع الجناب الكريم وما بعده إلى آخر المجلس العالي ثم أتى مع السامي بالياء بأوحد المجاهدين ومع السامي بغير ياء ومجلس الأمير بزين المجاهدين والحال في ذلك قريب
الحال الثاني أن يكون اللقب مضافا إلى الجيوش وقد جعل في التعريف أعلاها أتابك الجيوش وأورده في ألقاب النائب الكافل وجعل دونه زعيم الجيوش وأورده في ألقاب نائب الشام وهو يومئذ دون النائب الكافل ثم جعل دونه زعيم جيوش الموحدين وأورده في ألقاب نائب حلب

وعلى نحو من ذلك جرى في عرف التعريف فجعل أعلاها زعيم الجيوش وأورده مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي ودونه زعيم جيوش الموحدين وأورده مع الجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي ولم يورد شيئا في هذا المعنى فيما بعد ذلك وعلى نحو ذلك جرى في التثقيف

النمط الثاني ما يختص بالوزراء ومن في معناهم من كاتب السر ونحوه فمن
دونهم من الكتاب
وقد ذكر في عرف التعريف أن أعلاها للوزراء سيد الوزراء في العالمين ولمن في معناهم سيد الكبراء في العالمين وأورد ذلك مع المقر الشريف والمقر الكريم والمقر العالي والجناب الشريف والجناب الكريم والجناب العالي وجل دونه لمن دونهم من الكتاب شرف الرؤساء وأورده مع المجلس العالي ولا شك أنه يجيء بعده أوحد الكتاب أو شرف الكتاب مع المجلس السامي بالياء ثم جمال الكتاب للسامي بغير الياء فما دونه
النمط الثالث ما يختص بالقضاة والعلماء
وقد جعل في عرف التعريف أعلاها سيد العلماء والحكام ولغيرهم أوحد العلماء الأعلام وجعله للجناب الشريف فما فوقه ثم للجناب الكريم والجناب العالي وجعل دونه تاج العلماء والحكام أو شرف العلماء والحكام وأورده مع المجلس العالي ودونه جمال العلماء أوحد الفضلاء وأورده مع السامي بالياء ودونه جمال الأعيان مع السامي بغير ياء فما دونه
النمط الرابع ما يختص بالصلحاء
وقد جعل في عرف التعريف أعلاها لهم شيخ شيوخ العارفين

وأورده مع الحضرة الطاهرة وجعل دون ذلك أوحد المحققين فأورده مع الجناب الكريم ودونه أوحد الناسكين فأورده مع الجناب العالي
قلت وليس وضع هذه الألقاب على الترتيب في العلو والهبوط راجعا إلى مجرد التشهي من غير تقص لعلو أو هبوط يدل عليه جوهر اللفظ بل لا أن يكون لتقدم كل لقب منها على الآخر ورفعته عليه في الرتبة سبب يقتضيه اللفظ وتوجبه دلالته الظاهرة أو الخفية وما وقع فيها مما يخالف ذلك فلعدم تأمل الواضع لذلك أو وقوعه من بعض المدعين الظانين أن القلم في ذلك مطلق العنان يتصرف في وضعه كيف شاء من غير نظر إلى ما يوجب تقديما ولا تأخيرا ومما يوضح ذلك ويبينه أنك إذا اعتبرت الألقاب المضافة إلى الإسلام المتقدمة الذكر في أرباب السيوف مثلا رأيت أعلاها ركن الإسلام والمسلمين على ما هو مذكور في التعريف وغيره من سائر دساتير المقر الشهابي بن فضل الله وأعلاها على ما ذكره في التثقيف معز الإسلام والمسلمين ودون ذلك في الرتبة عز الإسلام والمسلمين ودونه مجد الإسلام والمسلمين ودونه مجد الإسلام فقط من غير عطف على ما تقدم ذكره
أما كون ركن الإسلام والمسلمين أعلى من عز الإسلام والمسلمين فلأن ركن الشيء في اللغة جانبه الأقوى وقد قال الأصوليون إن الركن ما كان داخل الماهية وحينئذ فيكون ركن الشيء بعضا منه بخلاف العز فإنه معنى من المعاني خارج عنه وما كان بعضا للشيء كان أخص به مما هو خارج عنه
وأما وجه إبدالهم ركن الإسلام والمسلمين بمعز الإسلام والمسلمين فلأن في الركن معنى العز والقوة وقد فسر قوله تعالى حكاية عن لوط عليه السلام ( أو آوى إلى ركن شديد ) بالعز والمنعة فجعل المعز لهذا الاعتبار في

الألقاب قائما مقام الركن
وأما كون عز الإسلام والمسلمين أعلى من مجد الإسلام والمسلمين فلأن العز أجدى في النفع من المجد فقد تقدم أن ابن السكيت قال إن المجد لا يكون إلا بشرف الآباء ولا نزاع في أن العز في تعارف الملوك أكثر جدوى وأوفر نفعا في تحصيل المقاصد وقد ذكر أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب أن الكتاب في الزمن القديم كانوا يجعلون الدعاء بالعز عقب الدعاء بطول البقاء فإنه يكون بالعز مصونا عاليا آمنا غنيا
وأما كون مجد الإسلام والمسلمين أعلى من مجد الإسلام الشيء كلما تعدى فعله إلى غيره كان أرفع رتبة ومجد الإسلام والمسلمين يتعدى إلى شيئين وهما الإسلام والمسلمين ومجد الإسلام لا يتعدى إلا إلى شيء واحد وهو الإسلام فلذلك إذا اعتبرت الألقاب المضافة إلى أمير المؤمنين رأيت أعلاها في أرباب السيوف قسيم أمير المؤمنين ودونه خليل أمير المؤمنين ودونه عضد أمير المؤمنين ودونه سيف أمير المؤمنين ودونه حسام أمير المؤمنين
أما كون قسيم أمير المؤمنين أعلى من خليل أمير المؤمنين فلأن القسيم بمعنى المقاسم والمراد أنه قاسم أمير المؤمنين الملك وساهمه في الأمر فصارا فيه مشتركين وخليل أمير المؤمنين مأخوذ من الخلة بضم الخاء وهي الصداقة وفرق بين من يقاسم الخليفة فيصير عديله في الأمر وبين من يكون خليله وصاحبه على أنه قد تقدم أن الملوك قد أربت بأنفسها عن اللقب لاستبدادهم بالملك واستيلائهم عليه
وأما كون خليل أمير المؤمنين على من عضد أمير المؤمنين فلأن العضد

ليس المراد منه العضو الحقيقي الذي هو بين الكتف والمرفق وإنما استعير للناصر وكأنه ينصره بنفسه كما ينصره عضده ومثل هذا الوصف لا يكون إلا للأتباع بخلاف الخليل والصديق فإنه لا تكاد رتبته عند الشخص تنحط عن رتبة نفسه
وأما كون عضد أمير المؤمنين أعلى من سيف أمير المؤمنين فلأن العضد وإن قصد به الناصر فإنه منقول عن العضو للناصر كما تقدم وعضو الإنسان عنده في العزة وقوة النصر فوق سيفه في ذلك
وأما كون سيف أمير المؤمنين أعلى من حسام أمير المؤمنين وإن كان الحسام متضمنا لوصف القطع الذي هو المقصود الأعظم من السيف من حيث إنه مأخوذ من الحسم وهو القطع فلأن السيف مأخوذ من ساف إذا هلك كما صرح به الشيخ ( جمال الدين بن هشام ) في شرح قصيدة كعب بن زهير ولا شك أن معنى الإهلاك أبلغ من معنى القطع لأن القطع قد يقع في بعض البدن مما لا يتضمن الإهلاك وهذا مما يجب التنبه له فإنه ربما توهم أن الحسام أبلغ من السيف لتضمن وصف القطع كما تقدم
وبالجملة فلا سبيل إلى استيعاب جميع ما يرد من هذا الباب بالتوجيه لأن ذلك يؤدي إلى الإسهاب والملل والقول الجامع في ذلك أنه ينظر إلى الألفاظ الواقعة في الألقاب وما تقتضيه من أصناف المدح وما تنتهي إليه رتبتها فيه من أعلى الدرجات أو أوسطها أو أدناها فيرتبها على هذا التريتب ويوجهها بما يظهر له من التوجيه على نحو ما تقدم كما إذا اعتبرت رتبة الجلال والجمال فإنك تجد الجلال أعلى رتبة لأن معنى الجلال العظمة ومعنى الجمال الحسن ولا نزاع في أن العظمة أبلغ وأعلى موقعا من الحسن وكما إذا اعتبرت الضياء والبهاء فإن الضياء يكون أبلغ لأن الضياء معناه النور الذاتي وهو متعدي النفع عام الفضيلة والبهاء معناه الحسن وهو قاصر على صاحبه وفيما ذكر إرشاد إلى ما لم يذكر

القسم الثاني مما تتفاوت فيه مراتب الألقاب ما يقع التفاوت فيه بالتقديم
والتأخير وهو نوعان
النوع الأول الألقاب المفردة وهي على ستة أنماط
النمط الأول الألقاب التي تلي الألقاب الأصول
وهي التي تلي المقام والمقر والجناب والمجلس كالأشرف والشريف والكريم والعالي والسامي فالأشرف يلي المقام والمقر فيقال المقام الأشرف والمقر الأشرف والشريف يلي المقام والمقر والجناب فيقال المقام الشريف والمقر الشريف والجناب الشريف والكريم يلي المقر والجناب فيقال المقر الكريم والجناب الكريم والعالي يلي المقام والمقر والجناب والمجلس فيقال المقام العالي والمقر العالي والجناب العالي والمجلس العالي والسامي يلي المجلس خاصة فيقال المجلس السامي والعالي يلي الأشرف والشريف والكريم فيقال الأشرف العالي والشريف العالي والكريم العالي
النمط الثاني ما يلي العالي أو السامي من الألقاب
وهو اللقب الذي يميز نوع المكتوب له كالأميري لأرباب السيوف والصاحبي للوزراء من أرباب الأقلام والقضائي والقاضوي لسائر أرباب الأقلام والشيخي للصوفية وأهل الصلاح والصدري للتجار ومن في معناهم مثل أن يقال المقر الكريم العالي الأميري والجناب العالي الصاحبي أو

الجناب العالي القاضوي أو المجلس العالي أو المجلس السامي الشيخي أو المجلس السامي الصدري وما أشبه ذلك والمعنى في وضع هذه الألقاب في هذا الموضع أن يدل أو لقب يذكر بعد اللقب الأصل وتابعه على الوظيفة كما تدل براعة الاستهلال على صورة الحال في المكاتية أو الولاية أو غيرهما وربما كان المحل مما يقتضي التلقيب بالمولوي فيقدم لقب المولوي على لقب الوظيفة مثل أن يقال المقر الشريف العالي المولوي الأميري فإن كان اللقب الأصل مضافا لمجلس الأمير أو مجلس القاضي أو مجلس الشيخ أو مجلس الصدر قام المضاف إليه مقام لقب الوظيفة فيقوم الأمير من مجلس الأمير مقام الأميري والقاضي من مجلس القاضي مقام القضائي والشيخ من مجلس الشيخ مقام الشيخي والصدر من مجلس الصدر مقام الصدري ثم لا ينعت بعد ذلك في هذه الحالة إلا بالأجل ويؤتى بعده بما يناسبه من الألقاب

النمط الثالث ما يلي لقب الوظيفة
وهو الكبير أو الكبيري فيؤتى به تلو اللقب الدال على الوظيفة مثل أن يقال المقر العالي الأميري الكبيري أو الجناب العالي القضائي الكبيري أو المجلس السامي الكبيري إذا كان بالياء أو الكبير إذا كان بغير الياء
النمط الرابع ما يقع قبل لقب التعريف الذي هو الفلاني أو فلان الدين
وهو اللقب الدال على الوظيفة دلالة خاصة كالكافلي والكفيلي للنواب والوزيري للوزراء والحاكمي للقضاة فإن كان المكتوب له نائب سلطنة كتب له قبل الفلاني الكافلي أو الكفيلي بحسب ما يقتضيه الحال وإن كان حاكما

كتب الحاكمي قال في التثقيف وإن كان وزيرا كتب في آخر ألقابه الوزيري والذي ذكره في عرف التعريف أن الوزيري يلي لقب الوظيفة فإذا كان الوزير من أرباب السيوف كتب الأميري الوزيري وإن كان من أرباب الأقلام كتب الصاحبي الوزيري وما ذكره في التثقيف متجه فيما إذا كان الوزير صاحب قلم فإن التعريف في الوظيفة يعرف أولا من قوله الصاحبي وما ذكره في التعريف ظاهر فيما إذا كان الوزير من أرباب السيوف فإنه يتعين تقديم الوزيري فيذكر بعد الأميري ليدل من الابتداء على الوظيفة إذ مطلق الإمرة لا يدل على وزارة ولا عدمها فلو أخر إلى آخر الألقاب لما عرف أنها ألقاب وزير إلى حين ذكر هذا اللقب وإنما رتب هذا الترتيب ليدل باللقب الذي هو أول الألقاب بعد العالي أو السامي على حال صاحب تلك الألقاب هل هو من أرباب السيوف أو الأقلام أو غير ذلك وباللقب الذي هو آخر الألقاب المفردة على وظيفته الخاصة به

النمط الخامس ما يقع فصلا بين الألقاب المفردة والمركبة
وهو لقب التعريف كالفلاني وفلان الدين فقد جعلوه فاصلا بينهما
النمط السادس ما ليس له موضع مخصوص من الألقاب المفردة
وهو ما بين اللقب الذي يقع به التمييز بين الأميري ونحوه وبين اللقب الذي قبل لقب التعريف كالعالمي والعادلي ونحوهما فالقلم في ذلك مطلق العنان بالتقديم والتأخير على ما يقتضيه الحال بحسب ما يراه الكاتب

النوع الثاني مما تتفاوت فيه مراتب الألقاب بالتقديم والتأخير الألقاب
المركبة المعبر عنها بالنعوت وهي على ثلاثة أنماط
النمط الأول ما يلي لقب التعريف الذي هو الفلاني أو فلان الدين
وهو ما يضاف إلى الإسلام مثل ركن الإسلام والمسلمين وعز الإسلام والمسلمين وما أشبه ذلك فقد اصطلحوا على أن يكون ذلك أول الألقاب المركبة وتوجيهه ظاهر لأن المضاف يشرف بشرف المضاف إليه ولا أشرف عند أهل الإسلام من الإسلام فوجب تقديم ما يضاف إليه على غيره
النمط الثاني ما يقع في آخر الألقاب المركبة
ويختلف الحال فيه باختلاف حال المكتوب له فإن كان ممن يكتب له المجلس السامي بغير ياء فما دونه جعل آخر الألقاب فيه ما يضاف إلى الملوك والسلاطين مثل أن يقال صفوة الملوك والسلاطين أو اختيار الملوك والسلاطين وما أشبه ذلك وإن كان ممن يكتب له السامي بالياء فما فوقه جعل آخر الألقاب فيه ما يضاف إلى أمير المؤمنين مثل عضد أمير المؤمنين وولي أمير المؤمنين وخالصة أمير المؤمنين وما أشبه ذلك على ما تقتضيه رتبة المكتوب له والمعنى فيه أن أحسن الاختتام بالإضافة إلى الملوك والسلاطين الذين هم ثاني رتبة الخلافة
النمط الثالث ما بين أول الألقاب المركبة وبين آخرها
فقد اصطلحوا على أن يكون المقدم منها مما يقتضي تقديم المكتوب له على أبناء جنسه مثل سيد الأمراء في العالمين وسيد العلماء والحكام في

العالمين وما أشبه ذلك ثم في حق كل أحد من أرباب الأقلام والسيوف بحسب ما يقتضيه حاله على نحو ما تقدم في الكلام على ما تتفاوت رتبه بالعلو والهبوط
الجملة الثامنة في بيان محل اللقب المضاف إلى الملك ولقب التعريف الخاص به الواقع تلو اللقب الملوكي مثل الملكي الناصري الزيني وما أشبه ذلك وله ثلاثة أحوال
الحالة الأولى أن يكون ذلك في ألقاب السلطان نفسه كما يقع في التقاليد والمناشير ونحوهما فموضعه بعد رسم بالأمر الشريف أو خرج الأمر الشريف مثل أن يكتب رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الناصري الزيني أو فلذلك رسم بالأمر الشريف الفلاني أو خرج الأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني وما أشبه ذلك
الحالة الثانية أن يكون اللقب المضاف إلى الملك في ألقاب المكتوب له كما لو كتب في تقليد أو نحوه ومحله بعد ذكر اسم المكتوب له بعد الألقاب مثل أن يقال بعد انتهاء الألقاب فلان الظاهري أو الناصري ونحو ذلك ولا يقال له الملكي حينئذ
الحالة الثالثة أن يكون في ألقاب المكتوب عنه كما يكتب في أول المكاتبات الملكي الفلاني وقد اصطلحوا على أن يكتب ذلك تحت جرة البسملة على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى

الجملة التاسعة في ترتيب جملة الألقاب الفروع على الألقاب الأصول على قدر
طبقاتها وهي قسمان
القسم الأول الألقاب الإسلامية
وأعلم أن ترتيب الألقاب تارة يكون في السلطانيات وتارة يكون في الإخوانيات وما يكتب عن النواب وقد كانوا في الأيام الناصرية ( محمد بن قلاوون ) يستعملون في الإخوانيات وما يكتب عن النواب النعوت المركبة كما في السلطانيات لا يفرق بينهما إلا ما في الإخوانيات وما في معناها من الألقاب التي لا تصلح للسلطانيات كالمولوي والسيدي والمخدومي ونحوها أما الآن فقد وقع الاقتصار فيها على المفردات دون المركبات وصارت المركبات مختصة بالسلطانيات
ثم الألقاب الإسلامية الفروع المرتبة على الألقاب الأصول على سبعة أضرب
الضرب الأول الألقاب المتعلقة بالخلافة وما يلتحق بها ومبناها على
الاختصار وهي ثلاثة أنواع
النوع الأول ألقاب الخلفاء وهي صنفان
الصنف الأول أن تكون لنفس الخليفة فكان يقال فيها في الزمن القديم عبدالله فلان أمير المؤمنين فإن كان اسم الخليفة عبدالله كالمأمون كرر الاسم مرتين مرة للاسم العلم ومرة للقب الخلافة فيقال عبدالله عبدالله

أمير المؤمنين ثم زيد فيها الكنية بعد ذلك فقيل عبدالله فلان أبو فلان أمير المؤمنين ثم زيد لفظ الإمام فقيل عبدالله فلان أبو فلان الإمام الفلاني بلقب الخلافة مثل المتوكل على الله ونحوه أمير المؤمنين ثم زيد ووليه بعد عبدالله فقيل عبدالله ووليه فلان أبو فلان الإمام الفلاني أمير المؤمنين وهو ما استقر عليه الحال آخرا
الصنف الثاني أن تكون الألقاب للديوان في مكاتبة أو غيرها والذي اصطلح عليه أن يقال الديوان العزيز المولوي السيدي النبوي الإمامي الفلاني بلقب الخلافة

النوع الثاني ألقاب ولاة العهد بالخلافة
وهي الجانب الشريف المولوي السيدي النبوي الفلاني بلقبه المنسوب إلى الخلافة وربما قيل فيه الجناب بدل الجانب وبقية الألقاب على ما تقدم
النوع الثالث ألقاب إمام الزيدية باليمن
وهي الجناب الكريم العالي السيدي الإمامي الشريفي النسيبي الحسيبي الفلاني بلقب التعريف سليل الأطهار جلال الإسلام سيف الإمام بقية البيت النبوي فخر الحسب العلوي مؤيد أمور الدين خليفة الأئمة رأس العلياء صالح الأولياء علم الهداة زعيم المؤمنين ذخر المسلمين منجد الملوك والسلاطين

الضرب الثاني الألقاب الملوكية وهي نوعان
النوع الأول الألقاب التي اصطلح عليها للسلطان بالديار المصرية على ما
الحال مستقر عليه وقد ذكر فيها في التعريف مذهبين
المذهب الأول أن يقال السلطان السيد الأجل الملك الفلاني العالم العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيد المظفر المنصور الشاهنشاه فلان الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين وارث الملك ملك العرب والعجم والترك ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه إسكندر الزمان مملك أصحاب المنابر والأسرة والتيجان واهب الأقاليم والأمصار مبيد الطغاة والبغاة والكفار حامي الحرمين الشريفين والقبلتين جامع كلمة الإيمان لواء العدل والإحسان سيد ملوك الزمان أبو فلان فلان ابن السلطان الشهيد الملك الفلاني والد الملوك والسلاطين أبي فلان فلان
أما في التثقيف فإنه ذكر ذلك بزيادة وتغيير وتقديم وتأخير فقال السلطان الأعظم المالك الملك الأشرف السيد الأجل العالم العادل المؤيد المجاهد المرابط المثاغر المظفر الشاهنشاه ناصر الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين محي العدل في العالمين منصف المظلومين من الظالمين وارث الملك سلطان العرب والعجم والترك فاتح الأقطار مانح الممالك والأمصار إسكندر الزمان مولي الإحسان جامع كلمة الإيمان مملك أصحاب المنابر والتخوت والتيجان ملك البحرين مسلك سبل القبلتين خادم الحرمين الشريفين ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه سلطان البسيطة مؤمن الأرض المحيطة سيد الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين أبو فلان فلان بن فلان وذكر أن الغالب أن تحذف الشاهنشاه لأن معناها ملك

الأملاك وقد تقدم النهي عن التسمي بذلك ثم قال والواجب أن يكون بدل ولي أمير المؤمنين قسيم أمير المؤمنين
المذهب الثاني أن يكتب المقام الشريف أو الكريم أو العالي مجردا عنهما ويقتصر على المفردة دون المركبة مثل أن يكتب المقام الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني أبو فلان فلان قال في التعريف وإلى هذا ذهب المتأخرون من الكتاب ثم قال وأنا على الأول أعمل

النوع الثاني الألقاب التي يكتب بها عن السلطان لغيره من الملوك وهي على
ثلاثة أصناف
الصنف الأول ألقاب ولاة العهد بالسلطنة
وهي المقام العالي العالمي العادلي الملكي الفلاني الفلاني بلقب الملك واللقب المتعارف قال في التثقيف فإن كان أخا للسلطان زيد فيه الأخوي أو ولدا زيد فيه الولدي
الصنف الثاني ألقاب الملوك المستقلين بصغار البلدان
كما كان صاحب حماة في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون وكان

يكتب له المقام الشريف العالي السلطاني الملكي الفلاني بلقب الملك وربما كتب له قبل لقب الملك الأصيلي لعراقته في الملك

الصنف الثالث ألقاب المكتوب إليهم من الملوك عن الأبواب السلطانية وهي
نمطان
النمط الأول ما يصدر بالألقاب المذكرة وهي على أربع طبقات
الطبقة الأولى ما يصدر بالمقام وأعلاها المقام الأشرف كألقاب صاحب الهند وهي المقام الأشرف العالي المولوي السلطاني الأعظمي الشاهنشاهي العالمي العادلي المجاهدي المثاغري المظفري المؤيدي المنصوري إسكندر الزمان سلطان الأوان منبع الكرم والإحسان المعفي آل ساسان وبقايا فراسياب وخاقان ملك البسيطة سلطان الإسلام غياث الأنام أوحد الملوك والسلاطين
ودونه المقام الشريف كألقاب الشيخ حسن الكبير صاحب بغداد كان وهي المقام الشريف العالي الكبيري السلطاني العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المنصوري الملكي الفلاني الفلاني بلقبي الملك والتعارف
ودونه المقام العالي كألقاب القان ببلاد أزبك فيما ذكره في التثقيف وهي المقام العالي السلطاني الكبيري الملكي الأكرمي الفلاني بلقب التعريف فلان الدنيا والدين مؤيد الغزاة والمجاهدين قاتل الكفرة والمشركين ولي أمير المؤمنين وكألقاب صاحب المغرب فيما ذكره في التعريف وهي المقام العالي السلطاني السيد الأجل العالم العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيد المظفر المنصور على أعداء الله أمير المسلمين قائد الموحدين مجهز الغزاة والمجاهدين مجند الجنود عاقد

البنود ماليء صدور البراري والبحار مزعزع أسرة الكفار مؤيد السنة معز الملة شرف الملوك والسلاطين بقية السلف الكريم والنسب الصميم ربيب الملك القديم أبو فلان فلان
الطبقة الثانية ما يصدر بالمقر وأعلاها فيما رأيت المقر الكريم كألقاب صاحب هراة فيما ذكره في التعريف وهي المقر الكريم العالي العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري الأوحدي الفلاني شرف الملوك والسلاطين خليل أمير المؤمنين وكألقاب صاحب كرمينان من بلاد الروم فيما ذكره في التثقيف وهي المقر الكريم العالي الملكي الأجلي العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري المظفري المنصوري الفلاني عز الإسلام والمسلمين فخر الملوك والسلاطين نصير الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر ظهير أمير المؤمنين
ودونه المقر العالي كألقاب صاحب مالي من بلاد التكرور فيما ذكره في التعريف وهي المقر العالي السلطاني الجليل الكبير العالم العادل المجاهد المؤيد الأوحد عز الإسلام شرف ملوك الأنام ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين جمال الملوك والسلاطين سيف الخلافة ظهير الإمامة عضد أمير المؤمنين
الطبقة الثالثة ما يصدر بالجناب وأعلاها الجناب الكريم كألقاب ملك التكرور فيما ذكره في التثقيف أنه استقر عليه الحال وهي الجناب

الكريم العالي الملك الجليل العالم العادل المجاهد المؤيد المثاغر المرابط العابد الخاشع الناسك الأوحد فلان ذخر الإسلام وكألقاب ملكي البرنو والكانم فيما ذكره في التعريف وهي الجناب الكريم العالي الملك الجليل الكبير العالم العادل الغازي المجاهد الهمام الأوحد المظفر المنصور عز الإسلام ثم بقية الألقاب من نسبة ألقاب ملك التكرور
الطبقة الرابعة ألقاب المجلس وأعلاها المجلس العالي كألقاب صاحب حصن كيفا فيما ذكره في التعريف وهو المجلس العالي الملكي الفلاني الأجلي العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري الأوحدي الأصيلي الفلاني بلقب التعريف عز الإسلام والمسلمين بقية الملوك والسلاطين نصير الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين شرف الدول ذخر الممالك خليل أمير المؤمنين أو عضد أمير المؤمنين على مخالفة فيه فيما أورده في التثقيف تأتي في المكاتبة إليه
ودونه المجلس السامي بالياء كألقاب صاحب أرزن وهي المجلس السامي الملكي الفلاني بلقب الملك الأصيلي الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي المرابطي الأوحدي الفلاني بلقب التعريف عز الإسلام شرف الملوك في الأنام بقية السلاطين نصرة الغزاة والمجاهدين ولي أمير المؤمنين
ودونه المجلس بغير ياء في ألقابه كألقاب صاحب دنقلة إذا كان

مسلما فيما ذكره في التعريف وهي المجلس الكبير الغازي المجاهد المؤيد الأوحد العضد مجد الإسلام زين الأنام فخر المجاهدين عمدة الملوك والسلاطين ولم يذكر فيه السامي ولا لقبا مضافا إلى الملك وهو الملكي إلا أنهم أوردوه في عدة الملوك
قلت وأكثر هذه الألقاب يؤتى فيها بالألقاب المختصة بالملك إما في المفردة كالملكي الفلاني وإما في المركبة مثل بقية الملوك والسلاطين ونحو ذلك لتدل على أن المكتوب له ملك فيمتاز عن غيره وربما أتي فيها بالألقاب الإمارية دون الملوكية لوقوع اصطلاح أهل تلك المملكة على ذلك كما يكتب في ألقاب صاحب تونس أمير المؤمنين لادعائه الخلافة وفي ألقاب صاحب فاس أمير المسلمين اتباعا ليوسف بن تاشفين صاحبها في القديم إذ كان أول من تلقب بذلك خضوعا عن أن يتلقب بأمير المؤمنين لاختصاصه بالخلافة كما سيأتي الكلام عليه في المكاتبة إليه إن شاء الله تعالى

النمط الثاني ما يصدر بالألقاب المؤنثة وهي الحضرة
ويختلف الحال فيها باختلاف الممالك فألقاب القان بمملكة إيران على ما كان عليه الحال في أيام السلطان أبي سعيد وما قبله الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية الشاهنشاهية الأوحدية القانية الفلانية قال في التعريف ولا يخلط فيها الملكية لهوانها لديهم وإن كان صاحب التثقيف قد أثبت فيها الملكية أيضا على ما سيأتي في الكلام على المكاتبة

إليه في موضعه إن شاء الله تعالى وألقاب صاحب تونس فيما ذكره في التثقيف الحضرة العلية السنية السرية المظفرية الميمونة المنصورة المصونة حضرة الأمير العالم إلى آخر الألقاب المذكورة

الضرب الثالث من الألقاب الإسلامية الألقاب العامة لسائر الطوائف مما
يكتب به عن الأبواب السلطانية وهي ثمانية أنواع
النوع الأول ألقاب أرباب السيوف من أهل المملكة وغيرهم من الأمراء
والعربان والأكراد والتركمان وهي على خمس درجات
الدرجة الأولى درجة المقر وفيها ثلاث مرابت
المرتبة الأولى مرتبة المقر الشريف وهو مختص في عرف الزمان بما يكتب عن نواب السلطنة
وصورتها على ما أورده في عرف التعريف المقر الشريف العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي الممهدي المشيدي الزعيمي المقدمي الغوثي الغياثي المرابطي المثاغري الظهيري المالكي المخدومي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين زعيم الجيوش مقدم العساكر عون الأمة غياث الملة ممهد الدول مشيد الممالك ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين

يكتب عن النواب
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في الألقاب المستقرة للنائب الكافل ونائب الشام المقر الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الزعيمي الغوثي الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري العابدي الناسكي الأتابكي الكفيلي الفلاني معز الإسلام والمسلمين سيد أمراء العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وأما فيما يكتب عن النواب فقد ذكر في التعريف أن ألقابها من نسبة ما تقدم في ألقاب المقر الشريف
وصورتها على ما أورده شهاب الدين الفارقي في دستوره عن نائب الشام المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤدي الممهدي الغوثي المقدمي الذخري الغياثي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر المجاهدين ذخر الدولة بهاء الملة ممهد المملكة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام أيضا المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي

العادلي المؤدي المجاهدي الذخري العضدي النصيري المقدمي الغوثي الغياثي الفلاني ركن الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين غياث الملة كهف الأمة ذخر الملوك والسلاطين ثم قال وإن كان المكتوب إليه نائب سلطنة زيد في ألقابه الممهدي المشيدي الزعيمي المدبري الكافلي الفلاني
وصورتها على ما أورده غيره المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي الغوثي الغياثي الذخري الزعيمي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين جمال الدولة ذخر الملة زين المملكة عين السلطنة سفير الأمة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب حلب المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الذخري المشيدي الزعيمي الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المقر العالي وقد ذكر في عرف التعريف أن ألقابها من نسبة ما تقدم في المقر الشريف وذكر الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام في ألقابه ما تقدم له في ألقاب المقر الكريم ثم قال إلا أنه لا يقال فيه الذخري
وصورتها على ما رأيته في توقيع نقيب الأشراف بحلب عن النائب بها المقر العالي الأميري الكبيري النقيبي الشريفي الحسيبي النسيبي العريقي الأصيلي الفاضلي العلامي الحجي القدوي الناسكي الزاهدي العابدي الفلاني عز الإسلام والمسلمين جلال العلماء العاملين جمال الفضلاء البارعين حجة الأمراء الحاكمين زين العترة

الطاهرة شرف الأسرة الزاهرة حجة العصابة الهاشمية قدوة الطائفة العلوية نخبة الفرقة الناجية الحسينية شرف أولي المراتب نقيب أولي المناقب ملاذ الطلاب الراغبين بركة الملوك والسلاطين

الدرجة الثانية درجة الجناب وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة الجناب الشريف وليست مستعملة في السلطانيات وهي مستعملة فيما يكتب عن النواب
وصورتها على ما أورده في عرف التعريف الجناب الشريف العالي المولوي المجاهدي المؤيدي الممهدي الذخري الأوحدي العوني الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين عماد الملة عون الأمة ذخر الملة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
المرتبة الثانية مرتبة الجناب الكريم وهي مستعملة في السلطانيات وما يكتب عن النواب
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب النائب الكافل في الزمن المتقدم الجناب الكريم العالي الأميري الأجلي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الممهدي المشيدي الزعيمي الذخري المقدمي العوني الغياثي المرابطي المثاغري المظفري المنصوري الأتابكي ركن الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين أتابك الجيوش مقدم العساكر زعيم الجنود عاقد البنود ذخر الموحدين ناصر الغزاة والمجاهدين غياث الأمة عون الملة مشيد الدول كافل الممالك ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب النائب الكافل أيضا على ما كان الحال عليه أولا الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري

العالمي العادلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني مؤيد الإسلام والمسلمين سيد أمراء العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة كافل السلطنة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب نائب الشام على ما كان الحال عليه أولا الجناب الكريم العالي الأميري الأجلي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الممهدي المشيدي العوني الغياثي الذخري الزعيمي المقدمي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر عون الأمة غياث الملة ممهد الدول مشيد الممالك ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في المكاتبة لنائب الشام على ما كان عليه الحال أيضا الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
وصورتها على ما أوردة اروده في التثقيف في المكاتبة إلى أحد الأمراء الألوس بمملكة إيران في دولة السلطان أبي سعيد الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العدلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي النويني الفلاني عون الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين ممهد الدول عماد الملة عون الأمة كافي الدولة

القانية كافل المملكة الشرقية أمير التوامين أمير الألوس ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب ابن المظفر اليزدي الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري الغياثي المثاغري المرابطي النويني الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة حاكم أمور ولاة الزمان موضح قوانين العدل والإحسان اعتضاد صناديد الأوان مستنيب ملوك العجم مستخدم أرباب الطبل والعلم ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
وأما فيما يكتب عن النواب وما كان يكتب به في الإخوانيات في الزمن المتقدم فقد ذكر في عرف التعريف أن ألقابه من نسبة ما تقدم في ألقاب الجناب الشريف
وصورتها على ما أورده القاضي شهاب الدين الفارقي في دستوره عن نائب الشام الجناب الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي العادلي العضدي النصيري المؤيدي المقدمي الذخري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام الجناب الكريم العالي المولوي الأميري العالمي العادلي العوني الغياثي الظهيري المقدمي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين

وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام الجناب الكريم العالي المولوي الأميري العالمي العادلي العوني الغياثي الظهيري المقدمي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة الجناب العالي وهي مستعملة في السلطانيات وما يكتب عن النواب وما كان في الإخوانيات قديما
فأما في السلطانيات فلها رتبتان
الرتبة الأولى مع الدعاء بمضاعفة النعمة
وصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب نائب حلب على ما كان الحال عليه أولا الجناب العالي الأميري الأجلي الكبيري العالمي العادلي الممهدي المشيدي العوني الذخري الزعيمي المقدمي الظهيري المرابطي المثاغري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصير الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين عماد الأمة ذخر الدولة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب نائب طرابلس ومن في رتبته الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد أمراء العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب قطلوبغا إيناق أحد أمراء الألوس ببلاد أزبك الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري النويني الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة

ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
الرتبة الثانية مع الدعاء بدوام النعمة
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب مقدم العسكر بغزة ومن في رتبته الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة عماد المملكة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب مماي أحد الحكام ببلاد أزبك كان الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الذخري النصيري الهمامي المقدمي النويني الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر ذخر الدولة عضد الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
وأما ما يكتب عن النواب وما كان يكتب في الإخوانيات قديما فقد ذكر في عرف التعريف أن ألقابه من نسبه ما تقدم في ألقاب الجناب الشريف
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام في الرتبة الأولى منها الجناب العالي الأميري الأجلي الكبيري المؤيدي المجاهدي العوني المقدمي الاسفهسلاري الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التذكرة الآمدية عن نائب الشام أيضا في الرتبة الثانية من هذه المرتبة الجناب العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري المؤيدي المقدمي الظهيري الفلاني مجد الإسلام

والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين

الدرجة الثالثة درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي
وهي مستعملة في السلطانيات وما يكتب عن النواب وما كان يكتب في الإخوانيات قديما
فأما في السلطانيات فلها رتبتان
الرتبة الأولى مع الدعاء للمجلس
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب نائب الكرك المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي المقدمي الأوحدي النصري الهمامي الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف أيضا في ألقاب وزير القان ببلاد أزبك المجلس العالي الأميري الكبيري الذخري الأوحدي الأكملي المتصرفي العوني الوزيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء والوزراء في العالمين جمال المتصرفين أوحد الأولياء المقربين ذخر الدولة مشير الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التثقيف أيضا في ألقاب حافظ أخي علي باشاه المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري

النويني الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر كهف الملة عماد الأمة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب أمير مكة المشرفة المجلس العالي الأميري الكبيري الشريفي الحسيبي النسيبي العالمي المجاهدي المقدمي الأوحدي النصيري العوني الهمامي الظهيري الأصيلي العريقي الشهابي عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء الأشراف في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين كهف الملة عون الأمة فخر السلالة الزاهرة زين العترة الطاهرة بهاء العصابة العلوية جمال الطائفة الهاشمية ظهير الملوك والسلاطين نسيب أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب أمير آل فضل من عرب الشام المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري الأصيلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء العربان في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة عماد العرب ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
الرتبة الثانية المجلس العالي مع صدرت
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب نائب الرحبة ومن في رتبته المجلس العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري الأوحدي المؤيدي العوني الهمامي المقدمي الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر ذخر الدولة كهف الملة ظهير الملوك والسلاطين

وأما فيما يكتب عن النواب وما كان يكتب في الإخوانيات أولا فصورتها على ما أورده في عرف التعريف المجلس العالي الأميري الأسفهسلاري الأجلي الكبيري المجاهدي المؤيدي النصيري الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين زين الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام المجلس العالي الأميري الأجلي الكبيري المؤيدي المجاهدي الأسفهسلاري العوني الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التذكرة الآمدية عن نائب الشام المجلس العالي الأميري الكبيري العضدي النصيري المؤيدي المجاهدي الذخري مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين ذخر الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين

المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي بالياء
وهو مستعمل في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما ذكره المقر الشهابي بن فضل الله في بعض دساتيره في توقيع نقيب الأشراف المجلس السامي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الشريفي الحسيبي النسيبي الذخري النصيري الأوحدي الأصيلي عز الإسلام زين الأنام نسيب الإمام شرف الأمراء نقيب النقباء جمال العترة الطاهرة جلال الأسرة الزاهرة ذخر الغزاة والمجاهدين ظهير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين

وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب الكشاف بالوجهين القبلي والبحري بالديار المصرية المجلس السامي الأميري الكبيري الذخري النصيري الأوحدي المؤيدي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الأمراء أوحد المجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض المراسيم لأمير آل مرا من عرب الشام المجلس السامي الأميري الكبيري المجاهدي المؤيدي العضدي الذخري النصيري الأوحدي الأصيلي العريقي مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الأمراء زين القبائل فخر العشائر ملاذ العرب عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب وزير الشيخ أويس ببغداد المجلس السامي الأجلي الكبيري الأوحدي المقدمي المنتخبي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الرؤساء أوحد الأعيان صفوة الملوك والسلاطين
وصورتها في ألقاب أمراء العرب المجلس السامي الأميري الكبيري الذخري المؤيدي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام زين القبائل فخر العشائر عماد الملوك والسلاطين
وأما فيما يكتب عن النواب ونحوهم فصورتها على ما أورده في عرف التعريف المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المؤيدي العضدي النصيري الأوحدي الهمامي الفلاني مجد الإسلام زين الأمراء في الأنام ذخر الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين

وصورتها على ما أورده شهاب الدين الفارقي في دستوره عن نائب الشام المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري العضدي النصيري المؤيدي الفلاني مجد الإسلام جمال الأمراء نصرة الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام أيضا المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري المؤيدي المجاهدي العضدي النصيري الهمامي الفلاني مجد الإسلام شرف الأمراء نصرة الغزاة عمدة الملوك والسلاطين

المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء
وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب الولاة الطبلخاناه بالوجهين القبلي والبحري المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد الأوحد المرتضى فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام فخر الأمراء زين المجاهدين عمدة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض نسخ التواقيع ترتيب الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الحسيب النسيب الطاهر الكامل العالم العامل الفاضل الزاهد الورع الزكي التقي فلان الدين جلال الإسلام شرف السادة الأشراف فخر العترة الطاهرة زين السلالة الزاهرة نقيب نقباء الشرفاء مجد العصبة

العلوية جمال العصبة الفاطمية صدر الأئمة العلماء مجتبى الدولة بهاء الملة خالصة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما في ألقاب النائب بالينبع المجلس السامي الأمير الأجل المجاهد المؤيد الشريف الحسيب النسيب مجد الإسلام بهاء الأنام زين العترة فخر الأسرة جمال الذرية فخر الشجرة الزكية عمدة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب أكابر عربان آل فضل من عرب الشام المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد الأوحد الأصيل فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام فخر القبائل زين العشائر عماد الملوك والسلاطين
وأما فيما يكتب عن النواب ومن في معناهم فصورتها على ما أورده في عرف التعريف المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد فلان الدين مجد الإسلام زين الأمراء فخر الأنام ذخر الغزاة والمجاهدين عضد الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التذكرة الآمدية عن نائب الشام المجلس السامي الأمير الأجل الكبير المؤيد المجاهد العضد النصير فلان الدين مجد الأمراء شرف الخواص زين الغزاة عدة الملوك والسلاطين

الدرجة الرابعة درجة مجلس الأمير
وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها على مرتبة واحدة
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب

الولاة العشرات بالوجهين القبلي والبحري مجلس الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد الأوحد المرتضى فلان الدين مجد الأمراء زين المجاهدين عدة الملوك والسلاطين
وأما فيما يكتب عن النواب ومن في معناهم فصورتها على ما أورده في عرف التعريف مجلس الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المرتضى فلان الدين فخر الأمراء زين المجاهدين عمدة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده الفارقي في دستوره عن نائب الشام مجلس الأمير الأجل الكبير الأخص الأكمل الغازي المجاهد المرتضى المختار فلان الدين مجد الأمراء زين الغزاة عدة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التذكرة الآمدية مجلس الأمير الأجل الكبير المؤيد المجاهد الأعز الأخص الأكمل المجتبى المختار فلان الدين مجد الأمراء زين الغزاة عدة الملوك والسلاطين

الدرجة الخامسة درجة الأمير مجردا عن مضاف إليه
وأكثر ما يأتي ذلك في الولايات أو فيمن يكتب بسببه كتاب وما أشبه ذلك وصورتها في السلطانيات الأمير الأجل وربما زيد على ذلك فقيل الكبير الغازي
وصورتها في غير السلطانيات على ما أورده في التذكرة الآمدية الأمير الأجل الأخص الأكمل

النوع الثاني من الألقاب الإسلامية الألقاب الديوانية وهي أيضا على خمس
درجات
الدرجة الأولى درجة المقر
وليست مستعملة في السلطانيات جملة لأنه لا يكتب لأحد من هذا النوع عن السلطان بالمقر وهي مستعملة فيما يكتب عن النواب ومن في معناهم ولها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المقر الشريف وصورتها على ما أورده في عرف التعريف في ألقاب الوزراء من أرباب الأقلام المقر الشريف العالي المولوي الصاحبي الوزيري المنفذي العالمي الممهدي المشيدي العوني الغياثي المالكي المخدومي الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الوزراء في العالمين رئيس الأصحاب قوام الأمة نظام الملة مدبر الدولة ذخر الممالك ظهير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في عرف التعريف أيضا في ألقاب غير الوزراء من الكتاب المقر الشريف العالي المولوي القضائي السيدي العالمي العادلي الممهدي المشيدي العوني الغياثي المالكي المخدومي الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الرؤساء في العالمين رئيس الأصحاب قوام الأمة نظام الملة زين الدولة ذخر الممالك ظهير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب الشام في ألقاب بعض كتاب السر العلماء المقر الشريف العالي المولوي القاضوي الكبيري العالمي العاملي العلامي الأكملي الأفضلي المفيدي

الفريدي القدوي المحققي المسلكي الأصيلي العريقي المدبري المشيري اليميني السفيري المالكي المخدومي الشيخي العلامي ضياء الإسلام والمسلمين سيد العلماء والرؤساء والمشايخ في العالمين رئيس الأصحاب فخر الكتاب حسنة الأيام بقية السلف الكرام صدر مصر والشام لسان السلطنة سفير المملكة شيخ شيوخ العارفين جامع طرق الواصفين صدر المدرسين مشير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
المرتبة الثانية مرتبة المقر الكريم قال في عرف التعريف والألقاب فيها من نسبة ما تقدم في ألقاب المقر الشريف
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام المقر الكريم العالي المولوي القضائي العالمي القوامي النظامي المدبري المشيري الملاذي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين سيد الأكابر في العالمين عون الأمة ذخر الملة مدبر الدول جمال الممالك حسنة الوجود خالصة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المقر العالي وقد جعلها في عرف التعريف من نسبة ما تقدم من ألقاب المقر الشريف أيضا
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب الشام فيما كتب به للقاضي شرف الدين عبد الوهاب بن أبي الطيب كاتب السر بالشام المقر العالي المولوي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي البارعي الأوحدي الماجدي القوامي النظامي المفوهي الرئيسي الأثيري الأثيلي الأصيلي العريقي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الرؤساء في العالمين أوحد الفضلاء الماجدين حجة المنتشئين صدر الرؤساء رأس الصدور عين الأعيان خالصة الملوك والسلاطين

الدرجة الثانية درجة الجناب وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة الجناب الشريف وهي مستعملة في غير السلطان دون السلطانيات قال في عرف التعريف وهي من نسبة الألقاب المتقدمة في المقر الشريف
المرتبة الثانية مرتبة الجناب الكريم وجعلها في عرف التعريف من نسبة ما تقدم في المقر الشريف
وصورتها على ما أورده الصلاح الصفدي في دستوره عن نائب الشام الجناب الكريم العالي المولوي القضائي العالمي الأوحدي الرئيسي الأجلي الأثيري البارعي الماجدي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الرؤساء في العالمين جمال الأكابر فخر الأعيان أوحد الكتاب خالصة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب الشام في توقيع باسم شهاب الدين بن أبي الطيب بكتابة الدست بالشام الجناب الكريم العالي المولوي القضائي الكبيري العالمي العاملي البارعي الكاملي الماجدي القوامي النظامي الرئيسي الأصيلي العريقي الأوحدي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين أوحد الرؤساء في العالمين تاج الفضلاء المنتشئين جهبذ الحذاق المتصرفين سلالة الأتقياء العارفين خالصة الملوك والسلاطين

المرتبة الثالثة مرتبة الجناب العالي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب الوزارة بالديار المصرية الجناب العالي الصاحبي الكبيري العالمي العادلي الأوحدي الأكملي القوامي النظامي الأثيري البليغي المنفذي المسددي المتصرفي الممهدي العوني المدبري المشيري الوزيري الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الوزراء في العالمين رئيس الكبراء كبير الرؤساء أوحد الأصحاب ملاذ الكتاب قوام الدول نظام الملك مفيد المناجح معتمد المصالح مرتب الجيوش عماد الملة عون الأمة مشير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب الشام في ألقاب كاتب دست بالشام الجناب العالي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الأكملي البارعي الأوحدي القوامي النظامي المفوهي الرئيسي الماجدي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الرؤساء في العالمين أوحد الفضلاء الماجدين قدوة البلغاء جمال الكتاب زين المنتشئين خالصة الملوك والسلاطين

الدرجة الثالثة درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب كاتب السر بالأبواب السلطانية المجلس العالى القاضوي الكبيري العالمي العادلي العلامي الأفضلي الاكملي البليغي المسددي

المنفذي المشيدي العوني المشيري اليميني السفيري الأصيلي العريقي الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الرؤساء في العالمين قدوة العلماء العاملين جمال البلغاء أوحد الفضلاء جلال الأصحاب كهف الكتاب يمين المملكة لسان السلطنة سفير الأمة سليل الأكابر مشير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب ناظر الخواص الشريفة المجلس العالي القاضوي الكبيري العالمي الفاضلي الأوحدي الأكملي الرئيسي البليغي البارعي القوامي النظامي الماجدي الأميري المنفذي المسددي المتصرفي الفلاني جمال الإسلام والمسلمين سيد الرؤساء في العالمين قوام المصالح نظام المناجح جلال الأكابر قدوة الكتاب رئيس الأصحاب عماد الملة صفوة الدولة خالصة الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في ألقاب وزير دمشق إذا صرح له بالوزارة المجلس العالي الصاحبي الوزيري الأصيلي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الأوحدي القوامي النظامي الماجدي الأثيري المشيري الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الوزراء في العالمين رئيس الكبراء كبير الرؤساء بقية الأصحاب ملاذ الكتاب عماد الملة خالصة الدولة مشير الملوك والسلاطين خالصة أمير المؤمنين
وصورتها على ما أورده في ألقابه إذا لم يصرح له بالوزارة بل كان ناظر النظار بالمملكة الشامية المجلس العالي القضائي الكبيري العالمي العاملي الأوحدي الرئيسي الأثيري القوامي النظامي المنفذي المتصرفي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين أوحد الفضلاء جلال الكبراء حجة الكتاب صفوة الملوك والسلاطين خالصة أمير المؤمنين

وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما أورده في التذكرة الآمدية في بعض التواقيع من ترتيب المقر الشهابي بن فضل الله بكتابة الدست بالشام المجلس العالي القضائي الأجلي الكبيري الرئيسي العالمي العاملي البارعي الأوحدي الماجدي الأثيري الأثيلي الأفضلي الأصيلي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الرؤساء أوحد الكبراء صدر الأعيان جمال الكتاب جلال الحساب صفوة الدولة خالصة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي بالياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يذكر صورتها في التثقيف
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير المجلس السامي القضائي الأجلي الكبيري العالمي الفاضلي الكافلي الرئيسي الأوحدي الأصيلي الأثيري البليغي الفلاني مجد الإسلام شرف الرؤساء فخر الأنام زين البلغاء جمال الفضلاء أوحد الكتاب فخر الحساب صفوة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما رأيته في التذكرة الآمدية في توقيع بكتابة الدرج عن نائب الشام المجلس السامي القضائي الأجلي الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي البليغي الأصيلي الرئيسي الفلاني مجد الإسلام شرف الرؤساء أوحد الكتاب جمال

البلغاء مرتضى الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء وهي مستعلمة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يذكر لها صورة في التثقيف أيضا
وصورتها على ما رأيته في التذكرة الآمدية في توقيع شرف بكتابة الدرج المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الصدر الرئيس الأوحد البارع الكامل الأصيل الفاضل فلان الدين جمال الإسلام بهاء الأنام شرف الأكابر زين الرؤساء أوحد الفضلاء زين الكتاب صفوة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما رأيته في التذكرة الآمدية في توقيع كريم عن نائب الشام بكتابة الدرج بالشام ترتيب مؤلف التذكرة المذكورة المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الفاضل البارع الكامل الأوحد الرئيس الأثير فلان الدين مجد الإسلام شرف الصدور أوحد الفضلاء زين الكتاب جمال الحساب صفوة الملوك والسلاطين

الدرجة الرابعة درجة مجلس القاضي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يورد لها في التثقيف أيضا صورة
وصورتها على ما يقتضيه عرف الديوان مجلس القاضي الأجل الكبير الفاضل الأوحد الأثير الرئيس البليغ العريق الأصيل فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الرؤساء
وأما في غير السلطانيات فعلى نحو ذلك

الدرجة الخامسة درجة القاضي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
وصورتها فيهما القاضي الأجل وربما زيد في تعظيمه فقيل الكبير الصدر الرئيس ونحو ذلك
النوع الثالث من الألقاب الإسلامية ألقاب أرباب الوظائف الدينية وهي على
خمس درجات أيضا
الدرجة الأولى درجة المقر
وهي مختصة بغير السلطانيات لأنه لا يكتب لأحد من أهل هذا النوع عن السلطان بالمقر أيضا بل قال في عرف التعريف إنه لا يكتب به لأحد من هذا النوع في غير السلطانيات أيضا ولكني رأيته مستعملا فيما يكتب عن النواب بالممالك وهي على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المقر الشريف
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير في توقيع عن نائب الشام للقاضي جمال الدين إبراهيم بن العديم ببعض الأنظار والتداريس بالشام المقر الشريف العالي المولوي القاضوي الكبيري العالمي العادلي الأصيلي العريقي القوامي النظامي الإمامي العلامي القدوي المفيدي الشيخي الصاحبي الحاكمي المحسني الفلاني جمال الإسلام والمسلمين سيد الفضلاء العاملين قدوة العلماء في العالمين لسان المتكلمين برهان المناظرين صدر المدرسين جلال الطالبين بقية السلف الكرام الدارجين بركة الملوك والسلاطين خالصة أمير المؤمنين

المرتبة الثانية مرتبة المقر الكريم
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب الشام في توقيع ببعض الوظائف الدينية بدمشق المقر الكريم العالي المولوي القضائي الصاحبي الإمامي العالمي العاملي العلامي المفيدي الفريدي البليغي الأوحدي المحققي القوامي النظامي العريقي الحاكمي المحسني الفلاني جمال الإسلام والمسلمين جلال العلماء العاملين أوحد المتكلمين أكمل البلغاء في العالمين قدوة المحققين بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المقر العالي
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير عن نائب حلب بتدريس بها المقر العالي المولوي الشيخي الكبيري الإمامي العالمي العلامي المفيدي القدوي الفريدي المحققي القوامي النظامي الحاكمي الفلاني علاء الإسلام والمسلمين أوحد الفضلاء العارفين رحلة الطالبين نخبة المحققين جمال العلماء في العالمين خالصة الملوك والسلاطين

الدرجة الثانية درجة الجناب
وقد جعلها في عرف التعريف أعلى ما يكتب لهذا النوع وهي على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة الجناب الشريف وهي مختصة بغير السلطانيات
وصورتها على ما أورده في عرف التعريف الجناب الشريف العالي

المولوي القضائي السيدي الإمامي العالمي العاملي العلامي الكاملي الأصيلي الأوحدي المفيدي القدوي الفريدي الحجي المجتهدي الفلاني حجة الإسلام أو ضياء الإسلام شرف الأنام أثير الإمام صدر الشام سيد العلماء والحكام أو أوحد العلماء الأعلام بقية السلف الكرام شيخ المذاهب مجلي الغياهب قدوة الفرق رئيس الأصحاب مفتي السنة مؤيد الملة شمس الشريعة سيف النظر مفيد الطالبين لسان المتكلمين ولي أمير المؤمنين
فإن كان حاكما قيل قبل الفلاني الحاكمي وقبل ولي أمير المؤمنين حكم الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة الجناب الكريم وهي مختصة بغير السلطانيات أيضا
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية في توقيع القاضي جمال الدين بن أبي جرادة الحنفي ببعض الوظائف الدينية الجناب الكريم العالي المولوي القضائي الكبيري الصاحبي الإمامي العالمي الفاضلي الكاملي الأريبي اللبيبي الأصيلي العريقي القوامي النظامي الفلاني جمال الإسلام والمسلمين أوحد الفضلاء في العالمين أكمل نجباء الأبناء العالمين خالصة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة الجناب العالي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما استقر عليه الحال في ألقاب قاضي القضاة الشافعي بالديار المصرية الجناب العالي القاضوي الشيخي الكبيري العالمي العاملي الأفضلي الأكملي الأوحدي البليغي الفريدي المفيدي النجيدي القدوي الحجي المحققي الورعي الخاشعي الناسكي الإمامي العلامي الأصيلي العريقي الحاكمي

الفلاني جمال الإسلام والمسلمين شرف العلماء العاملين أوحد الفضلاء المفيدي قدوة البلغاء حجة الأمة عمدة المحققين فخر المدرسين مفتي المسلمين جلال الحكام بركة الدولة صدر مصر والشام معز السنة مؤيد الملة شمس الشريعة رئيس الأصحاب لسان المتكلمين حكم الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير في توقيع عن نائب الشام ببعض الوظائف الدينية لبعض العلماء الجناب العالي الشيخي الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الماجدي القوامي النظامي الفلاني ضياء الإسلام والمسلمين أوحد الفضلاء العارفين جلال الأئمة في العالمين خالصة الملوك والسلاطين

الدرجة الثالثة درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي وهي مستعلمة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب القضاة الثلاثة بالديار المصرية غير الشافعي المجلس العالي القاضوي الكبيري العالمي العاملي الأفضلي الأكملي الأوحدي البليغي الفريدي المفيدي النجيدي القدوي الحجي المحققي الإمامي الأصيلي العريقي الحاكمي الفلاني جمال الإسلام والمسلمين سيد العلماء العاملين أوحد الفضلاء المفيدين قدوة البلغاء حجة الأمة عمدة المحدثين فخر المدرسين مفتي المسلمين جلال الحكام حكم الملوك والسلاطين

وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما أورده في عرف التعريف المجلس العالي القضائي الأجلي الإمامي الصدري الرئيسي الفقيهي العالمي العلامي الكاملي الأوحدي الفلاني مجد الإسلام فخر الأنام تاج العلماء والحكام أو شرف العلماء والحكام جمال الأمة أوحد الأئمة صدر المدرسين خالصة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي بالياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يذكر لها في التثقيف صورة
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع المجلس السامي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الأوحدي الرئيسي المفيدي البليغي القدوي الأثيري مجد الإسلام والمسلمين جمال العلماء العاملين أوحد الفضلاء صدر المدرسين عمدة المفتين خالصة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض تواقيع بعض الخطباء المجلس السامي القضائي الشيخي الإمامي العالمي العاملي العابدي الزاهدي الخاشعي الناسكي الخطيبي الفلاني ضياء الإسلام والمسلمين أوحد الخطباء في العالمين جمال الأئمة الفصحاء البارعين لسان البيان ترجمان الزمان بركة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما أورده في عرف التعريف
المجلس السامي القضائي الأجلي الإمامي الصدري الفقيهي العالمي الكاملي الفاضلي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام جمال العلماء أوحد الفضلاء شرف النبلاء صفوة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها

فأما في السلطانيات فلم يذكر لها صورة في التثقيف
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع المجلس السامي القاضي الأجل الكبير الصدر الرئيس العالم الفاضل الكامل فلان الدين مجد الصدور زين الأعيان مرتضى الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما ذكره في عرف التعريف المجلس السامي القاضي الأجل الكبير العالم الفاضل الكامل الأوحد الأثير البارع فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام فخر الصدور جمال الأعيان مرتضى الدولة صفوة الملوك والسلاطين

الدرجة الرابعة درجة مجلس القاضي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يذكر لها صورة في التثقيف
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع مجلس القاضي الأجل الكبير العالم الفاضل الأوحد الكامل الصدر الرئيس مجد الإسلام بهاء الأنام زين الأعيان فخر الصدور مرتضى الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فعلى نحو من ذلك
الدرجة الخامسة درجة القاضي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
وصورتها فيهما القاضي الأجل وربما زيد في التعظيم نحو الكبير الصدر الرئيس ونحو ذلك

النوع الرابع من الألقاب الإسلامية ألقاب مشايخ الصوفية وأهل الصلاح وهي
على خمس درجات
الدرجة الأولى درجة المقر وليس لها استعمال في السلطانيات وفي غير
السلطانيات لها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المقر الشريف
وصورتها المقر الشريف العالي المولوي الشيخي السيدي الإمامي العالمي العاملي الكافلي الفاضلي الورعي الزاهدي العابدي الناسكي السالكي الخاشعي المسلكي المحققي المدققي الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين جمال الأصفياء العاملين خالصة الأنام صفوة الأتقياء قطب العباد الملك على الحقيقة والمالك لأزمة الطريقة بقية السلف قدوة الخلف مفيد الطالبين أوحد المحققين ركن الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
وقد تقدم أن الأحسن في اللقب المضاف إلى السلاطين هنا بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة المقر الكريم وألقابها من نسبة الألقاب المتقدمة
المرتبة الثالثة مرتبة المقر العالي وألقابها نحو ذلك
الدرجة الثانية درجة الجناب وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة الجناب الشريف وهي مختصة بغير السلطانيات
وصورتها الجناب الشريف العالي المولوي الشيخي الإمامي العالمي العاملي الكافلي الفاضلي الزاهدي العابدي الخاشعي

الناسكي الورعي جلا الإسلام سيف الإمام قطب الزهاد علم العباد أوحد الناسكين فرد السالكين بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة الجناب الكريم وهي مختصة بغير السلطانيات أيضا
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع عن نائب الشام الجناب الكريم العالي الشيخي العالمي العاملي العلامي الأوحدي القدوي العابدي الناسكي الخاشعي المسلكي المربي الرباني الأصيلي الفلاني مجد الإسلام حسنة الأيام قدوة الزهاد ملاذ العباد جمال الورعين مربي المريدين أوحد المسلكين خلف الأولياء بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة الجناب العالي وهي مختصة بغير السلطانيات
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع عن نائب الشام الجناب العالي الشيخي العالمي العاملي الأوحدي العابدي الناسكي الورعي الزاهدي الخاشعي المسلكي الأصيلي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام قدوة العباد جمال الزهاد أوحد المسلكين بركة الملوك والسلاطين

الدرجة الثالثة درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي وهي مستعلمة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب شيخ الشيوخ بخانقاه سرياقوس المجلس العالي الشيخي الكبيري العالمي العاملي السالكي الأوحدي الزاهدي العابدي الخاشعي الناسكي المفيدي القدوي الإمامي النظامي الملاذي جلال الإسلام

والمسلمين شرف الصلحاء في العالمين شيخ شيوخ الإسلام أوحد العلماء في الأنام قدوة السالكين بركة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما أورده في عرف التعريف المجلس العالي الشيخي الأجلي الإمامي العالمي العاملي الزاهدي العابدي الورعي الخاشعي الناسكي القدوي الفلاني خيرة الإسلام شرف الأنام زين العباد نور الزهاد ذخر الطالبين كنز التقى ملجأ المريدين بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي بالياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
أما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب الشيخ شمس الدين الطوطي ممن كان يكتب إليه قديما المجلس السامي الشيخي الأجلي العالمي العاملي الكاملي الفاضلي الزاهدي الورعي العابدي الخاشعي الناسكي القدوي الأوحدي الفلاني مجد الإسلام ضياء الأنام بقية السلف الكرام فخر الصلحاء أوحد الكبراء زين الزهاد عماد العباد قدوة المتورعين ذخر الدول ركن الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع الشريفة المجلس السامي الشيخي الكبيري الأوحدي الأكملي العابدي الخاشعي الناسكي جمال الإسلام زين الأنام صفوة الصلحاء فخر العباد بركة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على ما ذكره المقر الشهابي بن فضل الله في بعض التواقيع عن نائب الشام المجلس السامي الإمامي العالمي العاملي الخاشعي الورعي الناسكي السالكي العارفي القدوي

البليغي الأصيلي الشيخي الفلاني مجد الإسلام شرف العلماء قدوة الفضلاء فخر الصلحاء جمال النساك قدوة السلاك أوحد العارفين بركة الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فلم يورد لها صورة في التثقيف
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع الشريفة المجلس السامي الشيخ الصالح الزاهد العابد الورع الخاشع الناسك السالك فلان الدين مجد الصلحاء زين المشايخ قدوة السالكين بركة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على نحو من ذلك

الدرجة الرابعة درجة مجلس الشيخ
وهي مستعلمة في السلطانيات وغيرها
ولم يورد لها صورة في التثقيف وصورتها على ما في بعض الدساتير مجلس الشيخ الصالح الزاهد العابد الناسك السالك فلان الدين مجد الصلحاء زين المشايخ بركة الملوك والسلاطين
الدرجة الخامسة درجة الشيخ
وهي الشيخ الصالح الورع الزاهد ونحو ذلك

النوع الخامس ألقاب التجار الخواجكية والمستعمل فيه أربع درجات
الدرجة الأولى درجة الجناب
ولم أر فيها غير مرتبة الجناب العالي فيما عدا السلطانيات وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية فيما كتب به لبعض الخواجكية الجناب العالي الصدري الكبيري المحترمي المؤتمني الأوحدي الأكملي الرئيسي العارفي المقربي الخواجكي الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأكابر في العالمين أوحد الأمناء المقربين صدر الرؤساء رأس الصدور عين الأعيان كبير الخواجكية ثقة الدولة مؤتمن الملوك والسلاطين فإن اتفق أن يكتب لأحد من الخواجكية بأعلى من الجناب العالي كتب له من نظير هذه الألقاب وأعلى منها
الدرجة الثانية درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي وهي مختصة بغير السلطانيات
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية المجلس العالي الصدري الرئيسي الكبيري المحترمي المؤتمني الأوحدي الأكملي المقربي الخواجكي الفلاني مجد الإسلام شرف الأكابر أوحد الأمناء المقربين صدر الرؤساء زين الأعيان ثقة الدولة مؤتمن الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي بالياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما ذكره التثقيف في ألقاب خواجا عساف بن مسافر ونظام الدين الإسعردي المجلس السامي

الصدري الكبيري الكاملي الماجدي الأوحدي المقربي المنتخبي الأميني الأثيري الخواجكي الفلاني مجد الإسلام زين الأنام شرف الرؤساء أوحد الكبراء تاج الأمناء فخر الأعيان مقرب الحضرتين مؤتمن الدول صفوة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فصورتها على نحو من ذلك المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب بعض الخواجكية المجلس السامي الصدر الأجل الكبير الكامل الماجد الأوحد المقرب المنتخب الأمين الأثير الخواجا فلان الدين مجد الرؤساء زين الكابر مجد الصدور جمال الأعيان مقرب الدولة صفوة الملوك والسلاطين
وأما في غير السلطانيات فعلى نحو من ذلك

الدرجة الثالثة درجة مجلس الصدر وهي مستعلمة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما ذكره في التثقيف مجلس الصدر الأجل الكبير المحترم المقرب الأوحد فلان الدين
وأما في غير السلطانيات فلا تخرج عن ذلك

الدرجة الرابعة درجة الصدر وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها على ما أشار إليه في التثقيف الصدر الأجل الكبير المحترم المقرب الأوحد فلان الدين
وأما في غير السلطانيات فلا تبعد من ذلك
النوع السادس من الألقاب الإسلامية ألقاب أرباب الصناعات الرئيسية كرياسة الطب ورياسة الكحالين ورياسة الجرائحية ونحو ذلك والمستعمل فيه درجتان
الدرجة الأولى درجة المجلس وفيها ثلاث مراتب
المرتبة الأولى مرتبة المجلس العالي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فكألقاب رئيس الأطباء وهي المجلس العالي القضائي العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الفلاني جمال الإسلام والمسلمين سيد الرؤساء في العالمين أوحد الفضلاء المقربين خاصة الملوك والسلاطين

وأما في غير السلطانيات فعلى نحو من ذلك
المرتبة الثانية مرتبة المجلس السامي وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها المجلس السامي الصدري الأجلي الكبيري الرئيسي الفلاني
وأما في غير السلطانيات فعلى نحو منه
المرتبة الثالثة مرتبة المجلس السامي بغير ياء وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
فأما في السلطانيات فصورتها المجلس السامي الصدر الأجل الكبير الرئيس المحترم
وأما في غير السلطانيات فعلى نحو ذلك

الدرجة الثانية درجة الصدر وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
وصورتها فيهما الصدر الأجل فإن زيد في تعظيمه قيل الكبير المحترم
النوع السابع من الألقاب الإسلامية ألقاب الحاشية السلطانية كمهتارية
البيوت ومهندس العمائر ورئيس الحراقة ونحوهم وفيه درجتان
الدرجة الأولى درجة مجلس الصدر وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها

فأما في السلطانيات فصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب المهندس والرئيس مجلس الصدر الأجل الكبير المحترم المؤتمن فلان الدين وفي ألقاب مهتارية البيوت من مهتار الشراب خاناه والطشت خاناه والفراش خاناه وإخوان سلار ونحوهم مجلس الصدر الأجل الكبير المحترم المؤتمن الحاج فلان
وأما في غير السلطانيات فكذلك أو أزيد

الدرجة الثانية درجة الصدر وهي مستعملة في السلطانيات وغيرها
وصورتها فيهما الصدر الأجل فإن زيد في رعايته قيل بعد ذلك الكبير المحترم
النوع الثامن من الألقاب الإسلامية ألقاب النساء وفيه درجتان
الدرجة الأولى درجة الجهة وفيها مرتبتان
المرتبة الأولى مرتبة الجهة الشريفة وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب إلى بنت الملك الناصر محمد بن قلاوون عن والدتها الجهة الشريفة العالية المحجبة المصونة الولدية العصمية عصمة الدين جلال النساء شرف الخواتين سليلة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في التثقيف أيضا في المكاتبة إلى أم آنوك

زوجة السلطان الملك الناصر عنه الجهة الشريفة العالية المعظمة المحجبة المصونة الكبرى خوند خاتون جلال النساء في العالمين قرينة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في المكاتبة إلى أخت السلطان الملك الناصر حسن عنه الجهة الشريفة العالية المكرمة المحجبة المصونة الكبرى الخاتون جلال النساء في العالمين جميلة المحجبات جليلة المصونات كريمة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في ألقاب الست حدق الجهة الشريفة العالية الكبيرية المحجبية المصونية الحاجية الوالدية العالمين بركة الدولة والدة الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير في ألقاب والدة الأشرف شعبان بن حسين الجهة الشريفة العالية الكبرى المعظمة المحجبة العصمي الخاتوني جلال النساء في العالمين سيدة الخواتين جميلة المحجبات جليلة المصونات والدة الملوك والسلاطين
المرتبة الثانية مرتبة الجهة الكريمة
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب دلشاه زوج الشيخ حسن الكبير ببغداد الجهة الكريمة المحجبة المصونة العصمية الخاتونية المعظمة سيدة الخواتين زينة النساء في العالمين جميلة المحجبات جليلة المصونات قرينة نوين الملوك والسلاطين

الدرجة الثانية درجة الدار وهي على نحو المرتبتين المتقدمتين في الألقاب
السابقة
الدرجة الثالثة درجة الستارة وهي لا تكاد تخرج عما تقدم من المرتبتين
المتقدمتين
القسم الثاني من الألقاب المرتبة ألقاب أهل الكفر وهي على ثلاثة أضرب
الضرب الأول ألقاب متدينتهم وهي نوعان
النوع الأول ألقاب بطاركة النصارى
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب الباب برومية الباب الجليل القديس الروحاني الخاشع العامل بابا رومية عظيم الملة المسيحية قدوة الطوائف العيسوية مملك ملوك النصرانية حافظ البحار والخلجان ملاذ البطاركة والأساقفة والقسوس والرهبان تالي الإنجيل معرف طائفته التحريم والتحليل صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب البطريرك بالديار المصرية البطريرك الجليل القديس الخاشع قدوة النصرانية ثم قال ومن نسبة ذلك
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع له الحضرة السامية الشيخ الرئيس المبجل المكرم الكافي المعزز المفخر القديس شمس الرياسة عماد بني المعمودية كنز الطائفة الصليبية اختيار الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية عن نائب الشام للبطريرك

بها البطريرك المحتشم المبجل العارف الحبر فلان العالم بأمور دينه المعلم لأهل ملته ذخر الملة المسيحية كنز الطائفة العيسوية المشكور بعقله عند الملوك والسلاطين

النوع الثاني ألقاب رؤساء اليهود
وصورتها على ما رأيته في بعض التواقيع لرئيس اليهود بالشام من إنشاء القاضي محيي الدين بن الزكي في سنة ست وعشرين وستمائة الرئيس الأوحد الأعز الأخص الكبير شرف الطائفة الإسرائيلية فلان
الضرب الثاني ألقاب ملوكهم وتختص بالنصارى وهو نمطان
النمط الأول الألقاب المذكرة وهي على ثلاثة أنواع
النوع الأول ما يصدر بالألف واللام وهي على خمس مراتب
المرتبة الأولى مرتبة الحضرة العالية
وصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب ملك الحبشة الحضرة العالية حضرة الملك الجليل الهمام الضرغام الأسد الغضنفر الخطير الباسل السميدع العالم في ملته العادل في

مملكته المنصف لرعيته المتبع لما يجب في أقضيته عز الأمة النصرانية ناصر الملة المسيحية ركن الأمة العيسوية عماد بني المعمودية حافظ البلاد الجنوبية متبع الحواريين والأحبار السريانيين والبطاركة القديسين معظم كنيسة صهيون أوحد ملوك اليعقوبية صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التعريف أيضا في ألقاب صاحب القسطنطينية الحضرة العالية المكرمة حضرة الملك الجليل الخطير الهمام الأسد الغضنفر الباسل الضرغام المعرق الأصيل الممجد الأثيل البلالاوس الريدأرغون ضابط الممالك الرومية جامع البلاد الساحلية وارث القياصرة القدماء محيي طرق الفلاسفة والحكماء العالم بأمور دينه العادل في ممالكه معز النصرانية مؤيد المسيحية أوحد ملوك العيسوية مخول التخوت والتيجان حامي البحار والخلجان ملك ملوك السريان السريان عماد بني المعمودية رضي الباب بابا رومية ثقة الأصدقاء صديق المسلمين أسوة الملوك والسلاطين فلان
المرتبة الثانية مرتبة الحضرة العلية
وصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب ملك الكرج الحضرة العلية حضرة الملك الجليل الهمام الباسل الضرغام السميدع الكرار الغضنفر المتخت المتوج العالم في ملته العادل في رعيته بقية الملوك الإغريقية سلطان الكرج ذخر ملوك البحار والخلج حامي حمى الفرسان وارث آبائه في الأسرة والتيجان سياج بلاد الروم وإيران سليل اليونان خلاصة ملوك السريان بقية أبناء التخوت والتيجان معز النصرانية

مؤيد العيسوية مسيح الأبطال المسيحية معظم البيت المقدس بعقد النية عماد بني المعمودية ظهير الباب بابا رومية مواد المسلمين خالصة الأصدقاء المقربين صديق الملوك والسلاطين
المرتبة الثالثة مرتبة الحضرة السامية
وصورتها على ما أورده في التعريف في ألقاب الأدفونش صاحب طليطلة وإشبيلية من الأندلس الحضرة السامية الملك الجليل الهمام الأسد الباسل الضرغام الغضنفر بقية سلف قيصر حامي حماة بني الأصفر الممنع السلوك وارث لذريق وذراري الملوك فارس البر والبحر ملك طليطلة وما يليها من البلاد الأندلسية بطل النصرانية عماد بني المعمودية حامل راية المسيحية وارث التيجان شبيه مريحنا المعمدان محب المسلمين صديق الملوك والسلاطين
المرتبة الرابعة مرتبة الحضرة المكرمة
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية في ألقاب صاحب قبرس الحضرة المكرمة حضرة الملك الجليل البطل الباسل الهمام السميدع الضرغام الغضنفر القمقام مؤيد الملة المسيحية عماد بني المعمودية ذخر الملة النصرانية حامي الجوائر القبرسيه مواد المسلمين صديق الملوك والسلاطين الملك فلان
المرتبة الخامسة مرتبة الحضرة الموقرة
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب الأدفونش المقدم ذكره الحضرة الموقرة الملك الجليل المكرم المبجل الخطير البطل الباسل الهمام الضرغام الريدأرغون نصر النصرانية فخر الأمة العيسوية ذخر الملة المسيحية حامي الثغور متملك السواحل والبحور عماد بني

المعمودية ظهير بابا رومية ملاذ الفرسان جمال التخوت والتيجان صديق الملوك والسلاطين

النوع الثاني ما يصدر بحضرة مع الإضافة
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب صاحب القسطنطينية حضرة الملك الجليل المكرم المبجل الأسد الخطير البطل الباسل الهمام الضرغام فلان العالم في ملته العادل في أهل ممكلته عز الأمة المسيحية كنز الطائفة الصليبية جمال بني المعمودية صمصام الملوك اليونانية حسام المملكة المالوصية صاحب أمصار الروس والعلان معز اعتقاد الكرج والسريان وارث الأسرة والتيجان الحاكم على الثغور والبحور والخلجان الدوقس الأنجالوس الكمينيوس البالالوغس صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب ملك الكرج حضرة الملك الجليل المكرم الخطير الباسل القمقام القديس الروحاني فلان عز الأمة المسيحية كنز الطائفة الصليبية فخر دين النصرانية ملك الجبال والكرج والجرجان صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير في ألقاب ملك الكرج أيضا حضرة الملك الجليل العالم في ملته العادل في مملكته المتوج من الله فلان سيد ملوك النصرانية أكبر زعماء الملة المسيحية ضابط الممالك الكرجية . . . خليل الملوك والسلاطين

وصورتها على ما ذكره في التعريف في ألقاب متملك سيس قبل فتحها حضرة الملك الجليل البطل الباسل الهمام السميدع الضرغام الغضنفر فلان فخر الملة المسيحية ذخر الأمة النصرانية عماد بني المعمودية صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في التثقيف ذفي ألقاب متملك سيس المذكور أيضا حضرة الملك الجليل المكرم المبجل المعزز الهمام الباسل فلان عز دين النصرانية كبير الطائفة الصليبية عماد بني المعمودية صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكره في التثقيف أيضا في ألقاب صاحب البندقية حضرة الدوك الجليل المكرم الخطير الباسل الموقر المفخم فلان فخر الملة المسيحية جمال الطائفة الصليبية دوك البندقية والمانسية فلان زين بني المعمودية صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب ملك السرب والبلغار حضرة الملك الجليل المكرم المبجل الهمام الضرغام الباسل الدوقس الأنجالوس الكمينيوس فلان عماد النصرانية مالك السرب والبلغار فخر الأمة العيسوية ذخر الملة المسيحية فارس البحور حامي الحصون والثغور
وصورتها على ما أورده في ألقاب ملك مونفراد حضرة الملك الجليل المكرم البطل الهمام الأسد الضرغام فلان مجد النصرانية فخر

العيسوية عماد بني المعمودية جمال الطائفتين الرومية والفرنجية ملك منفراد وارث التاج معز الباب
وصورتها على ما أورده في ألقاب لدوك البندقية غير ما تقدم حضرة المحتشم الجليل المبجل الموقر المكرم المفخم الباسل الضرغام فلان عز الملة المسيحية جمال الطائفة العيسوية ذخر الملة الصليبية صديق الملوك والسلاطين

النوع الثالث ما يصدر بالملك وما في معناه
وصورته على ما ذكره في التثقيف في ألقاب ملك الحبشة الملك الجليل المكرم الخطير الأسد الضرغام الباسل فلان العالم في ملته العادل في مملكته حطي ملك أمحرا أكبر ملوك الحبشان نجاشي عصره سند الملة المسيحية عضد دين النصرانية عماد بني المعمودية صديق الملوك والسلاطين
وصورتها على ما ذكر في التثقيف في ألقاب دوك البندقية غير ما تقدم الدوك الجليل المكرم المبجل الموقر البطل الهمام الضرغام الغضنفر الخطير مجد الملة النصرانية فخر العيسوية عماد بني المعمودية معز بابا رومية صديق الملوك والسلاطين فلان
النمط الثاني من ألقاب ملوك الفكر الألقاب المؤنثة
وصورتها على ما أورده في التثقيف في ألقاب صاحبة بابل

الملكة الجليلة المكرمة المبجلة الموقرة المفخمة المعززة فلانة العالمة في ملتها العادلة في مملكتها كبيرة دين النصرانية نصيرة الملة العيسوية حامية الثغور صديقة الملوك والسلاطين

الضرب الثالث ألقاب نواب ملوكهم وكناصلتهم ومن في معنى ذلك وهو على نوعين
النوع الأول ألقاب النواب
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب النائب بالأبواب النائب الجليل المبجل الموقر القديس الروحاني والنعوت من نسبة ألقاب متملك سيس
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب صاحب دنقلة النائب الجليل المبجل الموقر الأسد الباسل فلان مجد الملة المسيحية كبير الطائفة الصليبية غرس الملوك والسلاطين
النوع الثاني ألقاب الكناصلة
وصورتها على ما ذكره في التثقيف في ألقاب الكنصل باكفا كألقاب متملك سيس المنقولة عن التثقيف فيما تقدم

وصورتها على ما أشار إليه في التثقيف في ألقاب المطران نائب الباب بالأنفية وهي قبرس نحو ما تقدم في ألقاب البطرك بالديار المصرية قال ويزاد عليه المطران فلان ويقال في نعوته ناصح الملوك والسلاطين
وصورتها على ما رأيته في بعض الدساتير الشامية في ألقاب إبراهيم كري أحد كتاب الفرنج عن نائب دمشق المحتشم الكبير المخول الأسد الهمام الغضنفر مواد المسلمين متبع الحواريين جمال العيسوية أوحد بني المعمودية صاحب الملوك والسلاطين
قلت قد تبين مما تقدم من الألقاب والنعوت الإسلامية وألقاب أهل الكفر ونعوتهم أنها ليست واقفة عند حد بل هي راجعة إلى اصطلاح الكتاب واختيارهم في زيادة الألقاب ونقصها والإتيان بلقب دون لقب مع رعاية المناسبة لكل مقام وما يحتمله من الألقاب إلا أن لذلك أصولا يرجع إليها وقوانين يوقف عندها إذا اعتمدها الكاتب ومشى على نهجها ونسج على منوالها أصاب سواء الثغرة من الصناعة وطبق المفصل بالمفصل في الإتيان بالمقصد ومتى أهملها وفرط في مراعاتها ضل سواء السبيل وخرج عن جادة الصواب ( ومن يضلل الله فما له من هاد )
الأصل الأول أن يقف على ما رتبه البلغاء من أرباب الصنعة من الألقاب والنعوت لكل صنف من ذوي الألقاب والنعوت لأهل الإسلام وأهل الكفر ويجري ذلك منه مجرى الحفظ والاستحضار ليسهل عليه إيراده في موضعه ولا يشذ عنه شيء منها عند الاحتياج إليه وقد تقدم من ذلك جملة مستكثرة يهتدى بنجمها ويستضاء في ظلمة اللبس بضوئها
الأصل الثاني أن يعرف ما هو من الألقاب والنعوت حقيقي لصاحب

اللقب الذي يستعمله فيه كالعالمي لأهل العلم والعابدبي لأهل الصلاح والعادلي للحكام من أرباب السيوف وغيرهم وما هو منها مجازي كالعالمي لأرباب السيوف والكتاب حيث لا اتصاف لصاحب اللقب بالعلم والأصيلي لمن ليس له آباء في الرياسة ولا عراقة في النسب ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى
الأصل الثالث أن يعرف الألقاب الخاصة ببعض دون بعض كالشريفي والحسيبي والنسيبي للأشراف أولاد فاطمة رضي الله عنها والكافلي لنائب السلطنة أو وزير كبير والنويني لأمير التوامين بالشرق والمدبري للوزير ونحوه من ناظر الخاص ومن في معناه والمشيري لمن يؤخذ رأيه من أكابر أرباب السيوف والأقلام والسفيري للحاجب والدوادار وكاتب السر واليميني للدوادار وكاتب السر والعريقي لذي العراقة في النسب والأصيلي لمن له ثلاثة آباء في الرياسة
وكذلك النعوت كوالد الملوك والسلاطين لمن يكون له أولاد من الملوك وولد الملوك والسلاطين لأولاد الملوك وعضد الملوك والسلاطين للأمراء ونحوهم وكافل الممالك للنائب الكافل وسفير الدولة ولسان المملكة الدوادار وكاتب السر ويمين الملوك والسلاطين لهما أيضا ووالدة الملوك والسلاطين لمن يكون من أولادها ملك وكريمة الملوك والسلاطين لمن يكون من إخوتها سلطان وقرينة الملوك والسلاطين لمن تكون زوجة ملك وصديق الملوك والسلاطين أو مواد الملوك والسلاطين لملوك الكفر وقرين الملوك والسلاطين لنوابهم ونحو ذلك مما يجري هذا المجرى فيوقع كل لقب أو نعت منها في موضعه ولا يجاوزه إلى غيره وأنت إذا تأملت ما سلف من ترتيب الألقاب والنعوت على الأصول المتقدمة ظهر لك منها ما تستعين به على ترتيبها وإيقاعها مواقعها
الأصل الرابع أن يعرف الألقاب والنعوت الرفيعة المقدار فيلحقها بما يناسبها من الألقاب الأصول كإلحاق العالمي والعادلي وممهد الدول ومشيد

الممالك وما شاكل ذلك بالمقر والجناب الكريم ونحو ذلك ويعرف الألقاب النازلة فيخرج منها ما يجرده عن الياء ويلحقه بالسامي بغير الياء فما دونه كالعضد والذخر وما أشبه ذلك
الأصل الخامس أن يعرف مراتب الألقاب في التقديم والتأخير مثل أن يعلم أن الشريف والكريم يليان المقر والجناب والعالي يليهما ثم العالي يلي المقر والجناب والمجلس والسامي يلي المجلس حيث لا يليه العالي وأن النعت المضاف إلى أمير المؤمنين مثل عضد أمير المؤمنين وسيف أمير المؤمنين وحسام أمير المؤمنين يكون آخر النعوت وأن المضاف إلى الملوك والسلاطين مثل عضد الملوك والسلاطين وظهير الملوك والسلاطين يكون قبله المضاف إلى أمير المؤمنين إن كان في رتبة يثبت فيها ما يضاف إلى أمير المؤمنين وإلا يكون المضاف إلى الملوك والسلاطين هو آخر الألقاب وأن يعلم أن لقب التعريف وهو الفلاني أو فلان الدين يكون واسطة بين الألقاب والنعوت فاصلا بينهما وأن لقب الوظيفة كالكافلي والحاكمي وما أشبههما يكون قبل لقب التعريف غالبا على ما تقدم بيانه فيضع هذه الألقاب في مواضعها ولا يخرجها عنها بخلاف ما يجوز فيه التقديم والتأخير من الألقاب والنعوت

الجملة العاشرة في ذكر الألقاب تقع على أشياء متفرقة قد جرت في عرف
الكتاب وهي على ضربين
الضرب الأول فيما يجري من ذلك مجرى التفاؤل ويختلف باختلاف الأحوال
والوقائع ويتنوع إلى أنواع
النوع الأول ما يوصف بالنصر كالجيوش والعساكر والقلاع والبريد ونحو ذلك
فيقال في الجيوش والعساكر الجيوش المنصورة والعساكر

المنصورة ويقال في القلاع المنصورة وقلعة دمشق المنصورة وقلعة حلب المنصورة ونحو ذلك وكذلك يقال القلاع المنصورة على الجمع تفاؤلا بحصول النصر لها ويقال في البريد البريد المنصور على ما اصطلح عليه كتاب الزمان على أن في وصف البريد بالمنصور نظرا لأنه إنما وضع ليوصل الأخبار ونحو ذلك وكان الأحسن أن يوصف بالسعيد ونحوه اللهم إلا أن يراد أنه ربما وصل به خبر النصر على العدو وهو من أهم المهمات وكأنه وصف بأشرف متعلقاته

النوع الثاني ما يوصف بالحراسة كالمدن والثغور
فيقال في المدن مصر المحروسة و القاهرة المحروسة ودمشق المحروسة وحلب المحروسة ونحو ذلك ويقال في الثغور الثغر المحروس وثغر الإسكندرية المحروس وثغر رشيد المحروس وثغر دمياط المحروس وثغر أسوان المحروس ونحو ذلك تفاؤلا بوقوع الحراسة لها على أنه لو وصفت القلاع أيضا بالحراسة فقيل القلعة المحروسة والقلاع المحروسة ونحو ذلك لكان له وجه ظاهر وبكل حال فكل ما كان محل خوف مما ينبغي حراسته والاحتفاظ به حسن وصفه بالحراسة وقد رأيته من يذكر ضابطا لذلك في البلاد وهو أن كل مدينة مسورة يقال فيها محروسة وإلا فلا وهو بعيد والظاهر ما قدمنا ذكره
النوع الثالث ما يوصف بالعمارة كالدواوين
وهي المواضع التي يجلس فيها الكتاب على ما تقدم بيانه في مقدمة الكتاب وغير ذلك فيقال الديوان المعمور والدواوين المعمورة تفاؤلا بأنها لا تزال معمورة بالكتاب أو بدوام عز صاحبها وبقاء دولته

النوع الرابع ما يوصف بالسعادة كالدواوين أيضا
فيقال الديوان السعيد والدواوين السعيدة تفاؤلا بدوام سعادتها بدوام سعادة صاحبها
النوع الخامس ما يوصف بالقبول
كالضحايا المقبولة تفاؤلا بأن الله تعالى يتقبلها وهو في الحقيقة بمعنى الدعاء كأنه يقال تقبلها الله تعالى
النوع السادس ما يوصف بالبر كالصدقة والأحباس
فيقال في الأحباس الأحباس المبرورة وفي الصدقة الصدقة المبرورة تفاؤلا بأنها تكون جارية مجرى البر الذي يلحق به الثواب وكتاب الجيش ونحوهم يستعملون ذلك في وصف الرزقة أيضا وهي القطعة من الأرض ترصد لمصالح المسجد أو الرباط أو الشخص المعين فيقولون الرزقة المبرورة لجريانها مجرى الصدقة
النوع السابع ما يوصف بالخذلان كالعدو ونحوه
فيقال العدو المخذول على الإجمال وفلان المخذول بالتصريح باسمه وأهل الكفر المخذولون ونحو ذلك تفاؤلا بأن الله تعالى يوقع بالعدو الخذلان ويرميه به

الضرب الثاني ما يجري من ذلك مجرى التشريف ويختلف أيضا باختلاف الأحوال
ويتنوع أنواعا
النوع الأول ما يوصف بالعز كالكتاب بمعنى القرآن
فيقال فيه الكتاب العزيز ومن ثم يقولون في فارئ القرآن من حملة كتاب الله العزيز وربما وصف بذلك الديوان أيضا كما يقال في ديوان الخلافة الديوان العزيز على ما تقدم ذكره في الكلام على الألقاب
النوع الثاني ما يوصف بالشريف كالمصحف والعلم
فيقال في المصحف المصحف الشريف وفي العلم العلم الشريف ولذلك يقولون فلان من طلبة العلم الشريف ونحو ذلك وكذا في الأماكن الرفيعة كمكة والمدينة النبوية والقدس فيقال مكة المشرفة والمدينة الشريفة والقدس الشريف والحرم الشريف تارة لحرم مكة وتارة لحرم المدينة فإذا جمعا قيل الحرمان الشريفان وربما أطلق في عرف الكتاب الحرمان على القدس الشريف ومقام الخليل عليه السلام وهو مراد المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف في قسم الوصايا بناظر الحرمين الشريفين دون حرم مكة والمدينة المشرفتين وقد اصطلح كتاب الزمان على أن وصفوا أكثر ما يضاف إلى السلطان بالشريف فيقولون فيما يصدر عن السلطان من عهد وتقليد وتوقيع ومرسوم ومثال وتذكرة عهد شريف وتقليد شريف وتوقيع شريف ومرسوم شريف ومثال شريف وتذكرة شريفة ونحو ذلك

النوع الثالث ما يوصف بالكريم كالقرآن
فيقال القرآن الكريم والأصل فيه قوله تعالى ( إنه لقرآن كريم ) وقد اصطلح كتاب الزمان على أن جعلوه دون الشريف في الوصف فوصفوا به ما يصدر عمن دون السلطان من أكابر الدولة من النواب والأمراء والوزراء من توقيع ومرسوم ومثال وتذكرة ونحو ذلك فيقولون توقيع كريم ومرسوم كريم ومثال كريم وتذكرة كريمة وقد توصف به المكاتبة أيضا فيقال إن مكاتبته الكريمة وردت ونحو ذلك وقد ورد في التنزيل ( إني ألقي إلي كتاب كريم ) على أنه قد تقدم أنه كان ينبغي أن يكون أرفع رتبة من الشريف لورود التنزيل بوصف القرآن به
النوع الرابع ما يوصف بالعلو وهو في معنى الكرم في اصطلاحهم
فيقال توقيع عال ومرسوم عال ونحو ذلك وقد يوصف به الرأي فيقال الرأي العالي وقد يوصف به أمر السلطان أيضا من ذي الرتبة الرفيعة مثل كتابة الوزير على المراسيم الشريفة ونحوها أمتثل الأمر العالي
النوع الخامس ما يوصف بالسعادة
كالرأي السعيد والآراء السعيدة وربما وصف بذلك الديوان فقيل الديوان السعيد ونحو ذلك

النوع السادس ما يوصف بالبركة كالكعب
فيقال كعب مبارك وقد يوصف به المنزل فيقال منزل مبارك وقد يوصف به الأمر لمن دون العالي فيقال يتقدم أمره المبارك وكذلك المكاتبة فيقال إن مكاتبته المباركة وردت ونحو ذلك

الباب الثاني من المقالة الثالثة في مقادير قطع الورق وما يناسب كل مقدار منها من الأقلام ومقادير البياض في أول الدرج وحاشيته وبعد ما بين السطور في الكتابات وفيه فصلان

الفصل الأول في مقادير قطع الورق وفيه طرفان
الطرف الأول في مقادير قطع الورق في الزمن القديم
قد ذكر محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة أن الخلفاء لم تزل تستعمل القراطيس امتيازا لها على غيرها من عهد معاوية بن أبي سفيان وذاك أنه يكتب للخلفاء في قرطاس من ثلثي طومار وإلى الأمراء من نصف طومار وإلى العمال والكتاب من ثلث وإلى التجار وأشباههم من ربع وإلى الحساب والمساح من سدس فهذه مقادير لقطع الورق في القديم وهي الثلثان والنصف والثلث والربع والسدس ومنها استخرجت المقادير الآتي ذكرها ثم المراد بالطومار الورقة الكاملة وهي المعبر عنها في زماننا بالفرخة

والظاهر أنه أراد القطع البغدادي لأنه الذي يحتمل هذه المقادير بخلاف الشامي لا سيما وبغداد إذ ذاك دار الخلافة فلا يحسن أن يقدر بغير ورقها مع اشتماله على كمال المحاسن وقد تقدم في الكلام على آلات الكتابة في المقالة الأولى بيان الخلاف في أول من صنع الورق

الطرف الثاني في بيان مقادير قطع الورق المستعمل في زماننا وفيه ثلاث جمل
الجملة الأولى في مقادير الورق المستعمل بديوان الإنشاء بالأبواب
السلطانية بالديار المصرية وهي تسعة مقادير
المقدار الأول قطع البغدادي الكامل وعرض درجه عرض البغدادي بكماله وهو ذراع واحد بذراع القماش المصري وطول كل وصل من الدرج المذكور ذراع ونصف بالذراع المذكور وفيه كان تكتب عهود الخلفاء وبيعاتهم وفيه تكتب الآن عهود أكابر الملوك والمكاتبات إلى الطبقة العليا من الملوك كأكابر القانات من ملوك الشرق
المقدار الثاني قطع البغدادي الناقص وعرض درجه دون عرض البغدادي الكامل بأربعة أصابع مطبوقة وفيه يكتب للطبقة الثانية من الملوك وربما كتب فيه للطبقة العليا لإعواز البغدادي الكامل
المقدار الثالث قطع الثلثين من الورق المصري والمراد به ثلثا الطومار من كامل المنصوري وعرض درجة ثلثا ذراع بذراع القماش المصري أيضا وفيه تكتب مناشير الأمراء المقدمين وتقاليد النواب الكبار والوزراء وأكابر القضاة ومن في معناهم ولم تجر العادة بكتابة مكاتبة عن الأبواب السلطانية فيه

المقدار الرابع قطع النصف والمراد به قطع النصف من الطومار المنصوري وعرض درجه نصف ذراع بالذراع المذكور وفيه تكتب مناشير الأمراء الطبلخاناه ومراسيم الطبقة الثانية من النواب والمكاتبات إلى الطبقة الثانية من الملوك
المقدار الخامس قطع الثلث والمراد به ثلث القطع المنصوري وعرض درجه ثلث ذراع بالذراع المذكور وفيه تكتب مناشير أمراء العشرات ومراسيم صغار النواب والمكاتبات إلى الطبقة الرابعة من الملوك
المقدار السادس القطع المعروف بالمنصوري وعرضه تقدير ربع ذراع بالذراع المذكور وفيه تكتب مناشير المماليك السلطانية ومقدمي الحلقة ومناشير عشرات التركمان ببعض الممالك الشامية وبعض التواقيع وما في معنى ذلك
المقدار السابع القطع الصغير ويقال فيه قطع العادة وعرض درجه تقدير سدس ذراع بالذراع المذكور وفيه تكتب عامة المكاتبات لأهل المملكة وحكامها وبعض التواقيع والمراسيم الصغار والمكاتبات إلى حكام البلاد بالممالك وما يجري هذا المجرى وقد كان هذا القطع والذي قبله في أول الدولة التركية طول كل وصل منه شبران وأربعة أصابع مطبوقة فما حول ذلك
المقدار الثامن قطع الشامي الكامل وعرض درجه عرض الطومار الشامي في طوله وهو قليل الاستعمال بالديوان إلا انه ربما كتب فيه بعض المكاتبات كما كتب فيه عن الأشرف شعبان بن حسين لوالدته حين سافرت

إلى الحجاز الشريف
المقدار التاسع القطع الصغير وهو في عرض ثلاثة أصابع مطبوقة من الورق المعروف بورق الطير وهو صنف من الورق الشامي رقيق للغاية وفيه تكتب ملطفات الكتب وبطائق الحمام
الجملة الثانية في مقادير الورق المستعملة بدواوين الإنشاء بالممالك الشامية دمشق وحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك في المكاتبات والولايات الصادرة عن النواب بالممالك وهي لا تخرج عن أربعة مقادير
المقدار الأول قطع الشامي الكامل وهو الذي يكون عرضه عرض الطومار الشامي الكامل في طوله على ما تقدم فيه وفيه يكتب عن النواب لأعلى الطبقات من أرباب التواقيع والمراسيم ليس إلا
المقدار الثاني قطع نصف الحموي وعرض درجه عرض نصف الطومار الحموي وطوله بطول الطومار وفيه يكتب للطبقة الثانية من أرباب التواقيع والمراسيم الصادرة عن النواب
المقدار الثالث قطع العادة من الشامي وعرض درجه سدس ذراع بذراع القماش المصري في طول الطومار أو دونه وفيه يكتب للطبقة الثالثة من أرباب التواقيع والمراسيم الصادرة عن النواب وعامة المكاتبات الصادرة عن النواب إلى السلطان فمن دونه من أهل المملكة وغيرهم إلا أن نائب الشام ونائب الكرك قد جرت عادتهما بصدور المكاتبات عنهما في الورق الأحمر دون غيرهما من النواب
المقدار الرابع قطع ورق الطير المقدم ذكره في آخر المقادير المستعملة بالأبواب السلطانية بالديار المصرية وفيه تكتب الملطفات والبطائق على ما تقدم

قلت هذه مقادير قطع الورق بالديار المصرية والبلاد الشامية أما غير مملكة الديار المصرية من الممالك فالحال فيها يختلف في مقادير الورق المستعمل بدواوينها فأما بلاد المشرق فعلى نحو المقادير المتقدمة وأما بلاد المغرب والسودان وبلاد الفرنج فعادة كتابتهم في طومار واحد يزيد طوله على عرضه قليلا ما بين صغير وكبير بحسب ما يقتضيه حال المكتوب

الجملة الثالثة في مقادير قطع الورق الذي تجري فيه مكاتبات أعيان الدولة
من الأمراء والوزراء وغيرهم بالديار المصرية والبلاد الشامية
وهو قطع العادة من البلدي بالديار المصرية ومن الشامي بالبلاد الشامية

الفصل الثاني من الباب الثاني من المقالة الثالثة في بيان ما يناسب كل مقدار من مقادير قطع الورق المتقدمة الذكر من الأقلام ومقادير البياض الواقع في أعلى الدرج وحاشيته وبعد ما بين السطور في الكتابة وفيه طرفان

الطرف الأول فيما يناسب كل مقدار منها من قطع الورق من الأقلام
قد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف في آخر القسم الثاني ما يناسب كل مقدار من مقادير الورق المستعملة بديوان الإنشاء بالديار المصرية من أقلام الخط المنسوب فقال إن لقطع البغدادي قلم مختصر الطومار ولقطع الثلثين قلم الثلث الثقيل ولقطع النصف قلم الثلث الخفيف ولقطع الثلث قلم التوقيعات ولقطع العادة قلم الرقاع ومن ذلك يعلم ما يناسب كل قطع من مقادير القطع المستعملة بدواوين الإنشاء بالممالك الشامية فيناسب الشامي الكامل قلم التوقيعات لأنه في مقدار قطع الثلث البلدي أو قريب منه ويناسب نصف الحموي والعادة من الشامي قلم الرقاع لأنهما في معنى القطع المنصوري والعادة بالديار المصرية أما قلم الجناح لكتابة بطائق

الحمام به وأما ما كان يكتب به الخلفاء أسماءهم في الزمن القديم وبه يكتب الملوك أسماءهم الآن فقلم الطومار وهو القلم الجليل الذي لا قلم فوقه وقد تقدم الكلام على هذه الأقلام في بيان ما يحتاج إليه الكاتب في أواخر المقالة الأولى

الطرف الثاني في مقادير البياض الواقع في أول الدرج وحاشيته وبعد ما بين
السطور في الكتابة
أما مقدار البياض قبل البسملة فيختلف في السلطانيات باختلاف قطع الورق فكلما عظم قطع الورق كان البياض فيه أكثر فقطع البغدادي يترك فيه ستة أوصال بياضا وتكتب البسملة في أول السابع وقطع الثلثين يترك فيه خمسة أوصال وقطع النصف يترك فيه أربعة أوصال وقطع الثلث يترك فيه ثلاثة أوصال وقطع المنصوري والعادة تارة يترك فيه ثلاثة أوصال وتارة يترك فيه وصلان بحسب ما يقتضيه الحال وقطع الشامي الكامل في معنى قطع الثلث وقطع نصف الحموي والعادة من الشامي في معنى القطع المنصوري والعادة في البلدي وربما اجتهد الكاتب في زيادة بعض الأوصال ونقصانها بحسب ما تقتضيه الحال وفي المكاتبات الصادرة عن سائر أرباب الدولة مصرا وشاما يترك في جميعها قبل البسملة وصل واحد فقط وفي كتابة الأدنى إلى الأعلى يترك بعض وصل
وأما حاشية الكتاب فبحسب اجتهاد الكتاب فيه في السعة والضيق وقد رأيت بعض الكتاب المعتبرين يقدر حاشية الكتاب بالربع من عرض الدرج وهو اعتبار حسن لا يكاد يخرج عن القانون
وأما بعد ما بين السطور فيختلف باختلاف حال المكتوب واختلاف قطع

الورق ففي السلطانيات كلها على اختلاف قطع الورق فيها تكتب البسملة في أول الفصل بعد ما يترك من أوصال البياض في أعلى الدرج بحسب ما تقتضيه الحال ثم يكتب تحت البسملة سطر ملاصق لها بحسب ما يقتضيه وضع القلم المكتوب به في القرب والبعد بحسب الدقة والغلظ ثم يكتب السطر الثاني في آخر الوصل الذي كتبت البسملة في أوله بحيث يبقى من الوصل ثلاثة أصابع مطبوقة أو نحوها في القطع الكبير وقدر إصبعين في القطع الصغير وما بينهما بحسبه
وقد قدر صاحب مواد البيان البياض الباقي بين السطر الأول والثاني أيضا وهذا إنما يقارب في القطع الكبير وقد ذكر ابن شيث في معالم الكتابة وكان في آخر الدولة الأيوبية فيما أظن أن مقدار ما بين كل سطرين يكون ثلاثة أصابع أو أربعة أصابع والذي جرت به عادة الكتاب في زماننا أنه يكون في قطع العادة والمنصوري في كل وصل من أوصال الزمان ثلاثة أسطر وفيما عداه سطران وربما وقع التفاوت في القطع الصغير بحسب الحال حتى يكون في التواقيع التي على ظهور القصص ونحوها بين كل سطرين بعد بيت العلامة قدر إصبعين وربما تواصلت الأسطر كما في الملطفات ونحوها
أما ما يكتب عن النواب من الولايات والمكاتبات من سائر أعيان الدولة فدون السلطانيات في مقدار خلو موضع العلامة وهو ما بين قدر خمس أصابع مطبوقة ونحوها وقدر بعد السطور فيما بعد بيت العلامة من قدر إصبعين إلى ما دونهما

الباب الثالث من المقالة الثالثة في بيان المستندات وكتابة الملخصات
وكيفية التعيين وفيه فصلان
الفصل الأول في بيان المستندات وهي التوقيع على القصص وما يجري مجراه وما
يحتاج فيه إلى كتابة المستندات وهو على ضربين
الضرب الأول السلطانيات وهي صنفان
الصنف الأول ما يصدر عن متولي ديوان الإنشاء كولايات النواب والقضاة وغيرهما من أرباب الوظائف والتواقيع التي تكتب في المسامحات والإطلاقات ومكاتبات البريد الخاصة بالأشغال السلطانية وأوراق الطريق وما يجري مجرى ذلك
وجميعها معدوقة بنظر صاحب ديوان الإنشاء فما كان منها جليل الخطر كولايات النواب والقضاة وأكابر أرباب الوظائف والمكاتبات المتعلقة

بمهمات السلطنة فلا بد من مخاطبة صاحب ديوان الإنشاء فيها واعتماد ما يبرز به أمره وما كان منها حقيرا بالنسبة إلى مخاطبة السلطان فيه استقل فيه بما يقتضيه رأيه
ثم من ذلك ما يكتب به صاحب الديوان رقاعا لطيفة بخطه ويعينها على الكاتب الذي يكتبها وتدفع إليه لتخلد عنده شاهدا له كالولايات والمسامحات والإطلاقات والمكاتبات المتعلقة بأمور المملكة ونحو ذلك ومن ذلك ما يبرز به أمر صاحب الديوان مشافهة فيكتبه من غير شاهد عنده وذلك في الأمور التي لا درك فيها على الكاتب كتقاليد النواب وبعض المكاتبات إذ لا تهمه تلحق كاتب الإنشاء في مثل ولاية نائب كبير أو قاض حفيل لأن مثل ذلك لا يخفى على السلطان فأشبه خطاب صاحب الديوان فيها الكاتب خطاب السلطان صاحب الديوان حيث لا شاهد عليه إلا الله تعالى بخلاف الأمور التي يلحق كاتبها الدرك فإنه لا بد في كتابتها من تخليد شاهد وكان الواجب أن لا يكتب حقير ولا جليل إلا بشاهد من صاحب الديوان فإن الأمور تتراكم وتكثر والإنسان معرض للنسيان وربما عرض إنكار بسبب ما يكتبه الكاتب ونسيه صاحب الديوان فيكون الكاتب قد عرض نفسه لأمر عظيم ولا يقاس الكاتب على صاحب الديوان في عدم أخذه شاهدا بخط السلطان فإن صاحب الديوان هو المتصرف حقيقة والسلطان وكل جميع أمور المملكة إليه فلا يتهم في شيء منها بخلاف الكاتب
وقد ذكر أبو الفضل الصوري في تذكرته أن المكتوب من الديوان إن كان مكاتبة فالواجب أن يكون عنوانها بخط متولي الديوان وإن كان منشورا فالواجب أن يكون التاريخ بخطه ليدل على أنه وقف على المكتوب وأمضى حكمه ورضيه ويكون ذلك قد قام مقام كتابة اسمه فيه ثم قال وقد كان

الرسم بالعراق وفيه الكتاب الأفاضل أن يكتب الكتاب ما يكتبون ثم يقولون في آخره وكتب فلان بن فلان باسم متولي ديوان الرسائل وما ذكره عن أهل العراق قد ذكر نحوه أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب إلا أنه قد جعل بدل اسم متولي الديوان اسم الوزير فقال ويكتب في آخر الكتاب وكتب فلان بن فلان باسم الوزير واسم أبيه وقد رأيت نسخا عدة من سجلات الخلفاء الفاطميين بالديار المصرية مستشهدا فيها باسم الوزير على النهج المذكور على أنه كان الواجب أن يكون الاستشهاد في آخر كل كتاب باسم كاتبه الذي يكتبه ليعلم من كتبه فإن الخطوط كثيرة التشابه لا سيما وقد كثر كتاب الإنشاء في زماننا وخرجوا عن الحد حتى أنه لم يعرف بعضهم بعضا فضلا عن أن يعرف خطه وقد كان كتاب النبي إذا سجلوا عنه سجلا أو نحوه كتب الكاتب في آخره وكتب فلان بن فلان وهذه الرقعة التي كتبها النبي لتميم الداري بإقطاع قرى من قرى الشام موجودة بأيدي التميميين إلى الآن مستشهدا فيها بخط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وإنما عدلوا عن اسم الكاتب نفسه إلى اسم متولي الديوان أو الوزير استصغارا للكاتب أن يستشهد للكتاب باسمه فيما يكتب به عن الخليفة قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل وقد قالوا إن أول من كتب في آخر الكتاب وكتب فلان بن فلان أبي بن كعب رضي الله عنه

الصنف الثاني ما يصدر عن غير صاحب ديوان الإنشاء كالأمور التي يكتب بها من الدواوين السلطانية غير ديوان الإنشاء وتلتمس الكتب من ديوان الإنشاء على مقتضاها كالمكاتبات الخاصة بتعلقات شيء من الدواوين المذكورة وبعض التواقيع التي أصلها من ديوان الوزارة
وينحصر ذلك في أربعة دواوين
الديوان الأول ديوان الوزارة وهو أعظمها خطرا وأجلها قدرا
وقد جرت العادة أنه إذا دعت الضرورة إلى كتابة كتاب من ديوان الإنشاء يتعلق بديوان الوزارة أن تكتب به قائمة من ديوان الوزارة في ورقة ديوانية بما مثاله رسم بالأمر الشريف شرفه الله تعالى وعظمه أن يكتب مثال شريف إلى فلان الفلاني بكذا وكذا وكيفية وضع هذه القائمة أن يكون السطر الأول في رأس الورقة من الوجه الأول منها وآخره شرفه الله تعالى وعظمه وبينه وبين السطر الثاني قدر إصبعين معترضين بياضا وباقي السطور مسترسلة متقاربة بقلم الرقاع ويكتب الوزير في البياض الذي بين السطر الأول والثاني بقلم الثلث ما مثاله يكتب ويوجه بالقائمة إلى ديوان الإنشاء صحبة مدير من ديوان الوزارة أو غيره فيكتب على حاشيتها يكتب بذلك ويعينها على بعض كتاب الإنشاء فيكتب مثالا بما فيها ويخلد القائمة عنده شاهدا له وربما خلدت بديوان الإنشاء في جملة ما يخلد في الأضابير شاهدا لديوان الإنشاء والأول هو الأليق
وإن كان الذي يكتب من ديوان الوزارة توقيعا بإطلاق أو نحوه مما أصله من ديوان الوزارة كتب الوزير على حاشية قصة صاحبه ما مثاله يكتب بذلك أو

يوقع بذلك وتبعث إلى ديوان الإنشاء فيكتب عليها صاحب ديوان الإنشاء بالتعيين ثم إن كان التوقيع ملصقا بقصة فذاك وإلا خلد الكاتب القصة شاهدا عنده على ذلك وربما كتب بالإطلاقات من ديوان الوزارة مربعات بخط مستوفي الصحبة
الديوان الثاني ديوان الخاص
وهو في كتابة الأمثلة الشريفة على ما مر من كتابة القائمة ليخرج المثال على نظيرها على ما تقدم في ديوان الوزارة فتكتب القائمة على الحكم المتقدم من غير فرق ويكتب ناظر الخاص عليها نظير كتابة الوزير السابقة ويوجه إلى ديوان الإنشاء فيكتب عليها بالتعيين كما تقدم ويخلد الكاتب القائمة عنده شاهدا له أو تخلد بديوان الإنشاء على ما تقدم في ديوان الوزارة ولا يكتب من ديوان الخاص تواقيع بإطلاقات ونحوها بل تكتب بها مراسيم مربعة في ورق شامي بخط مباشري ديوان الخاص
الديوان الثالث ديوان الإستدارية
وحكمه في ذلك حكم ديوان الخاص من غير فرق ويكتب الإستدار عليها كما يكتب الوزير وناظر الخاص ويبعث بها إلى ديوان الإنشاء فيجري الحكم فيها على ما تقدم في الديوانين المذكورين
الديوان الرابع ديوان الجيش
والذي يرد إلى ديوان الإنشاء منه ابتداء هي المربعات التي تكتب بالإقطاعات لتخرج المناشير على نظيرها
وصورتها أن يكتب في نصف فرخة مكسورة في القطع البلدي بعد البسملة الشريفة ما مثاله المرسوم بالأمر العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني أعلاه الله تعالى وشرفه وأنفذه وصرفه أو أعلاه الله تعالى وأسماه وشرفه وأمضاه أن يقطع باسم فلان الفلاني أحد الأمراء المقدمين أو الطبلخانات أو العشرات أو الخمسات بالمكان الفلاني أو

أحد المماليك السلطانية أو مقدمي الحلقة أو أجناد الحلقة بالمكان الفلاني المرسوم استقراره في أمراء العشرات أو الطبلخانات أو المقدمين أو نحو ذلك ما رسم له به الآن من الإقطاع فإن كان أميرا قيل بعد ذلك لخاصته ولمن يستخدمه من الأجناد الجياد للخدمة الشريفة والبرك التام والعدة الكاملة بمقتضى المثال الشريف أو الخط العالي الكافلي أو بمقتضى الإشهاد المشمول بالخط الشريف أو الخط الكافلي على نظير ما تقدم أو بمقتضى المربعة المكتتبة من المملكة الفلانية المشمولة بالخط الشريف إن كان أصله مربعة من بعض الممالك وما أشبه ذلك فإن كان أميرا ذكرت عدته على ما سيأتي في الكلام على المناشير في المقالة الخامسة ثم يقال حسب الأمر الشريف ويكمل التاريخ والحمد لله والصلاة على النبي ويبعث بها إلى ديوان الإنشاء فيكتب عليها الديوان بالتعيين على بعض كتاب الإنشاء فيكتبها ويخلد المربعة شاهدا عنده

الضرب الثاني ما يتعلق بالكتب في المظالم والنظر فيه من وجهين
الوجه الأول فيما يتعلق بالقصص
وهي ترفع إلى ولاة الأمور بحكاية صورة الحال المتعلق بتلك الحاجة وسميت قصصا على سبيل المجاز من حيث إن القصة اسم للمحكي في الورقة لا لنفس الورقة وربما سميت في الزمن القديم رقاعا لصغر حجمها أخذا من الرقعة في الثوب
ثم الذي يجب في هذه القصص الإيجاز والاختصار مع تبليغ الغرض المطلوب والقرب من فهم المخاطب فإنها متى كانت خارجة عن الحد في الطول أدت إلى الإضجار والسآمة المنفرين للرؤساء وربما كان في ذلك حرمان الطالب ودفعه عن حاجته إما لإعراض عنها استثقالا وإما لعدم فهم

المقصود منها لطولها واختلاط بعض مقاصدها ببعض وأما كونها مبلغة للغرض المطلوب وفهم المخاطب فلأنها إذا كانت بصدد الاختصار المجحف والتعقيد نبا عنها فهم الرئيس ومجها سمعه فإما أن يعرض عنها فيفوت على صاحبها المطلوب وإما أن يسأل غيره عن معناها فيكون سببا لتنزله عن عز الرياسة إلى ذل السؤال وكلاهما غير مستحسن
وقد جرت العادة في مثل ذلك أن يخلى من أول الورقة قليلا ويجعل لها هامش بحسب عرضها ويبتدأ فيها بالبسملة ثم يكتب تحت أول البسملة المملوك فلان يقبل الأرض وينهي كذا وكذا إلى آخر إنهائه ثم يقال وسؤاله كذا وكذا فإن كان السؤال للسلطان قال وسؤاله من الصدقات الشريفة كذا وكذا وإن كان السؤال لغير السلطان قال وسؤاله من الصدقات العميمة كذا وكذا ثم إن كان المسؤول كتابا فإن كان عن السلطان قال وسؤاله مثال شريف بكذا وكذا وإن كان عن غير السلطان قال مثال كريم بكذا وكذا ثم يقول إن شاء الله تعالى ويحمد الله تعالى ويصلي على النبي ويحسبل وربما كتب المملوك فلان بحاشية القصة خارجا عن سمت البسملة وربما أبدل لفظ المملوك بلفظ الفقير إلى الله تعالى ويقال حينئذ بدل يقبل الأرض يبتهل إلى الله تعالى بالأدعية الصالحة أو يواصل بالأدعية الصالحة ونحو ذلك
وقد جرت العادة في كتابة القصص أن صاحبها إن كان أميرا ونحوه كتب تحت البسملة الملكي الفلاني بلقب سلطانه مخليا بياضا من جانبيها على أنه قد تصدى لكتابة القصص من لا يفرق بين حسنها وقبيحها ولا ينظر في دلالتها ولا يراعي مدلولها وذلك كسنة الزمان في أكثر أحواله
قلت وقد جرت عادة أكثر الناس في القصص أنه إذا فرغ الكاتب من

كتابة القصة يقطع قليلا من زاويتها اليمنى من الجهة السفلى مستندين في ذلك إلى كراهة التربيع
ومن غريب ما يحكى في ذلك أن بعض الوزراء قال يوما بمجلس . . . وأنا وليت الوزارة رابع ربيع الأول سنة أربع وأربعين وأربعمائة فقال له بعض جلسائه إن تفاءلت أنت به فقد تطيرنا نحن به ولا شك أن مستندهم في ذلك التشاؤم بالتربيع في القرآن النجومي ولا يعول عليه وقد ورد أن حوض النبي في القيامة زواياه على التربيع ولولا أن التربيع أحسن الأشكال لما وضع عليه حوض النبي

الوجه الثاني فيما يتعلق بالنظر في المظالم وما يكتب على القصص وما ينشأ
عنها من المساءلات وغيرها
وهو أمر مهم به يقع إنصاف المظلوم من الظالم وخلاص المحق من المبطل ونصرة الضعيف على القوي وإقامة قوانين العدل في المملكة وقد نبه أبو الفضل الصوري في تذكرته على جلالة هذا القدر وخطره ثم قال ومن المعلوم أن أكثر المتظلمين يصلون من أطراف المملكة ونواحيها وفيهم الحرم والمنقطعات والأيتام والصعاليك وكل من يفد منهم معتقد أنه يصير إلى من ينصره ويكشف ظلامته ويعديه على خصمه فيجب أن يتلقى كل منهم بالترحاب واللطف ويندب لهم من يحفظ رقاعهم ويتنجز التوقع فيها من غير التماس رشوة ولا فائدة منهم وأن تكون التوقيعات لهم شافية في معانيها مستوعبة لكشف ظلاماتهم مؤذنة بإنجاح طلباتهم
قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل كان المهدي يجلس للمظالم

وتدخل القصص إليه فارتشى بعض أصحابه بتقديم بعضها فاتخذ بيتا له شباك حديد على الطريق تطرح فيه القصص وكان يدخله وحده فيأخذ ما يقع بيده من القصص أولا فأولا فينظر فيه لئلا يقدم بعضها على بعض
قال وقدم عليه رجل فتظلم فأنصفه فاستخفه الفرح حتى غشي عليه فلما أفاق قال ما حسبت أني أعيش حتى أرى هذا العدل فلما رأيته داخلني من السرور ما زال معه عقلي فقال له المهدي كان الواجب أن ننصفك في بلدك وكان قد صرف في نفقة طريقه عشرين دينارا فأمر له بخمسين دينارا وتحلل منه
قال أبو الفضل الصوري ومهما كان من الرقاع يحتاج إلى العرض على السلطان عرضه عليه وأحسن السفارة والتلطف فيه ووقع بما يؤمر به فقد تحدث في هذه الرقاع الأمور المهمة التي تنتفع بها الدولة وتستضر بتأخير النظر فيها ويفهم من طي هذه الرقاع من جور بعض الولاة والمستخدمين ما توجب السياسة صرفهم عما ولوه منها ومهما كان منها مما يشك السلطان في صحته ندب من يثق به للكشف مع رافعه فإن صح قوله أنصف من خصمه وإن بان تمحله قوبل بما يردع أمثاله عن الكذب والتمرد ويعلم الولاة والمشارفون وسائر المستخدمين أن السلطان متفرغ للنظر في قصص الناس وشكاويهم وقد نصب لذلك من يتفرغ له ويطالعه بالمهم منه فيكف أيديهم عن الظلم ويحذرون سوء عاقبة فعلهم ويقل المتظلمون قولا واحدا وتحسن سمعة الدولة بذلك فيكون لها به الجمال الكبير
قلت والذي يرفع من القصص في معنى ذلك في زماننا على ستة أنواع

النوع الأول منها ما يرفع إلى السلطان في آحاد الأيام
وقد جرت العادة فيه أن يقرأ على السلطان فما أمضاه منه كتب على ظهر

القصة ما مثاله يكتب ثم تحمل إلى كاتب السر فيعينها على بعض كتاب الإنشاء فيكتب بمقتضاها ويخلدها عنده شاهدا له

النوع الثاني ما يرفع لصاحب ديوان الإنشاء
وقد جرت العادة في ذلك أن رافع القصة والمحتاج إلى الأمثلة الشريفة السلطانية في مهماته ومتعلقاته إن كان من الأعيان والمعتبرين كأحد من الأمراء أو المماليك السلطانية وأكابر أرباب الأقلام بعث بقصته لديوان الإنشاء فيقف عليها صاحب ديوان الإنشاء ويتأملها وينظر ما تضمنته فإن كان مما يحتاج فيه إلى مخاطبة السلطان ومؤامرته أخذها ليقرأها عليه عند حضوره بين يديه ويمتثل ما يأمر به فيها فيكتب بمقتضاه سواء طابق سؤال السائل أم لا ويعينها على كاتب من كتاب الإنشاء فيكتب بمقتضاها ويخلد القصة شاهدا عنده وهذه المثالات ورقها من ديوان الإنشاء من المرتب السلطاني وإن كان رافع القصة من غير المعتبرين كآحاد الناس دفع القصة إلى مدير من مدراء ديوان الإنشاء فيجعل عليها علامة له ويجمع كل مدير ما معه من القصص وترفع إلى صاحب ديوان الإنشاء فما كان منها غير سائغ للكتابة عليه قطعه أو رده وما كان منها سائغا كتب عليه وعينه وربما استشكل بعضها فأخره ليقرأه على السلطان وينظر ما يأمر به فيه فيعتمده وإذا عينها على كاتب من كتاب الإنشاء كتب بمقتضاها وخلد القصة عنده شاهدا
النوع الثالث ما يرفع من القصص بدار العدل عند جلوس السلطان للحكم في
المواكب
وقد جرت العادة في ذلك أنه إذا ترتب مجلس السلطان على ما تقدم في ترتيب المملكة أن القصص تفرق على كاتب السر ومن حضر من كتاب

الدست فيقرأ كاتب السر منها ما عن له قراءته ثم يقرأ الذي يليه من كتاب الدست ثم الذي يليه إلى آخرهم ويشير السلطان برأسه أو يده بإمضاء ما شاء منها فيكتب كاتب السر أو كاتب الدست على تلك القصة بما فيه خلاص قلمه ثم تحمل إلى ديوان الإنشاء فيعينها على من يشاء من كتاب الإنشاء فيكتبها ويخلد تلك القصص عنده شاهدا

النوع الرابع ما يرفع منها للنائب الكافل إذا كان ثم نائب
وقد جرت العادة أن النائب يكون عنده كاتب من كتاب الدست يجلس بين يده لقراءة القصص عليه وتنفيذ ما يكتب عنه فإذا رفعت القصة إلى النائب الكافل قرأها عليه كاتب الدست وامتثل أمره فيها وأصلح في القصة ما يجب إصلاحه وضرب على ما يجب الضرب عليه وزاد بين سطوره ما تقتضيه الزيادة ثم تدفع القصة إلى النائب الكافل فيكتب على حاشيتها في الوسط آخذا من جهة أسفلها إلى جهة أعلاها بقلم مختصر الطومار ما مثاله يكتب ثم تحمل بعد ذلك إلى كاتب السر فيعينها على بعض كتاب الإنشاء فيكتبها
النوع الخامس ما يرفع من القصص إلى الأتابك إذا كان في الدولة أتابك عسكر
وهو الأمير الكبير
وغالب ما يكون ذلك إذا كان السلطان طفلا أو نحو ذلك وقد جرت العادة أن يكون عند الأتابك كاتب من كتاب الدست أيضا فإذا رفعت القصة إلى الأتابك وإن كان الأمر فيها واضحا كخلاص حق أو نحوه كتب كاتب الدست

على حاشيتها ما تقتضيه الحال في ذلك من غير قراءتها على الأتابك وإن كان الأمر فيها غير واضح كما إذا كان الأمر راجعا إلى منازعة خصمين ونحو ذلك قرأها على الأتابك وامتثل أمره فيها وكتب عليها ما برز به مرسومه وفي كلتا الحالتين جرت العادة في زماننا أنه يعمد إلى أشهر حرف في اسم الأتابك فيرقمه في آخر ما يكتبه أو تحته كما كان يكتب عن برقوق قبل السلطنة ق وعن إيتمش ش وعن نوروزن ونحو ذلك

النوع السادس ما يرفع منها للدوادار لتعلق عنه الرسالة عن السلطان به
وأعلم أن العادة كانت جارية في الزمن المتقدم أن السلطان إذا أمر بكتابة شيء على لسان أحد من الدوادارية حمل بريدي من البريدية الرسالة لذلك عن ذلك الدوادار إلى كاتب السر فيسمع كلام البريدي ويكتب على القصة إن كانت أو ورقة مفردة ما مثاله حضرت رسالة على لسان فلان البريدي بكذا وكذا ويعينه على من يكتبه من كتاب الإنشاء ولم يزل الأمر على ذلك إلى الدولة الناصرية محمد بن قلاوون فأفرد المقر الشهابي بن فضل الله صاحب ديوان الإنشاء كاتبا من كتاب الإنشاء لتعليق الرسالة فصار يكتب ما كان كاتب السر يكتبه من ذلك على القصص أو الورقة المفردة ثم ترفع إلى كاتب السر فيكتب عليها بالأمر بكتابتها ويعينها على من يكتب بمقتضاها وتخلد القصة أو الورقة التي علقت فيها الرسالة عنده شاهدا له واستمر ذلك إلى مباشرة القاضي فتح الدين بن شاس أحد كتاب الدست عند الدوادار والدوادار يومئذ الأمير يونس النوروزي فإذن له كاتب السر في تعليق الرسالة عن الأمير يونس الدوادار على ظهور القصص وغيرها ففعل وكان يكتب على حواشي

القصص في وسط القصة آخذا من جهة اليمين إلى جهة اليسار بميلة إلى الأعلى بقلم دقيق متلاصق الأسطر ما مثاله رسم برسالة الجناب العالي الأميري الكبيري الشرفي يونس الدوادار الظاهري ضاعف الله تعالى نعمته أن يكتب مثال شريف بكذا أو توقيع شريف بكذا وما أشبه ذلك ويؤرخه بيوم الكتابة ثم تحمل إلى كاتب السر فيكتب عليها بالأمر بالكتابة ويعينها على كاتب من كتاب الإنشاء فيكتب بمقتضاها ويخلدها شاهدا عنده وجرى الأمر على ذلك بعده إلى آخر وقت
قلت وقد كان في الدولة الفاطمية كاتب مفرد لتعليق الرسالة عن الخليفة يسمى صاحب القلم الدقيق يعلق ما تبرز به أوامر الخليفة في الرقاع وحواشي القصص وتحمل إلى ديوان الوزارة فيعتمدها الوزير ويبرز أمره إلى ديوان الإنشاء باعتمادها وكتابة ما فيها على ما تقدم ذكره في ترتيب الخلافة الفاطمية بالديار المصرية في المقالة الثانية

الفصل الثاني في التعيين وكيفية كتابة صاحب ديوان الإنشاء على الرقاع
والقصص وتعيينها على كتاب الإنشاء
ويختلف الحال في ذلك باختلاف حال الكاتب المعين عليه وحال الرقعة المعينة فأما اختلافه باختلاف حال من يعين عليه فإنه إن كان المعين عليه كاتبا من كتاب الدست كتب له كاتب السر في التعيين المولى القاضي فلان الدين أعزه الله تعالى وربما رفع قدره على ذلك فيكتب له المولى الأخ القاضي فلان الدين أعزه الله تعالى وإن كان من كتاب الدرج فإن كان كبيرا كتب له المولى فلان الدين وإن كان صغيرا كتب له الولد فلان الدين وربما وقع التمييز لبعض كتاب الدست أو كتاب الدرج للتقدم بالفضل فكتب له المولى الشيخ فلان الدين أو الشيخ فلان الدين تارة مع الدعاء وتارة دونه
وأما اختلافه باختلاف حال المكتوب الذي يعين فإنه إن كان قصة بظاهرها خط السلطان يكتب فموضع كتابة التعيين تحت خط السلطان بظاهر القصة ولا كتابة له عليها غير ذلك
وإن كان رقعة جميعها بخط كاتب السر فإنه يكتب فيها يكتب بكذا وكذا ثم يكتب التعيين بأول ذيلها
وإن كان قصة رفعت إلى كاتب السر فإنه يكتب على حاشيتها في أعاليها أخذا من جهة أسفل القصة إلى أعلاها ما مثاله يكتب بذلك أو يكتب بكذا

وكذا ثم يكتب التعيين بحاشيتها أسفل ذلك في عرض الحاشية مميلا للكتابة إلى جهة الأعلى قليلا
وإن كان قصة عليها خط النائب الكافل فإنه يكتب عليها بالتعيين ليس إلا وموضع التعيين فيها بحاشية القصة أسفل خط النائب
وإن كان قصة قد كتب بهامشها مرسوم الأتابك أو علق بحاشيتها رسالة الدوادار كتب في جهة أعلى القصة يكتب بذلك وعلى القرب منه التعيين وإنما يكتب هنا في جهة أعلى القصة وفيما عليه خط النائب الكافل في جهة أسفلها لأن التعليق الذي على الهامش فيما علق عن مرسوم الأتابك أو رسالة الدوادار بخط كاتب الدست الذي في خدمته بخلاف ما عليه خط النائب بنفسه
وإن كان الذي يقع فيه التعيين قائمة من ديوان الوزارة أو ديوان الخاص أو ديوان الإستدار كتب بهامش القائمة من أعلاها مقابل كتابة المتحدث على ذلك الديوان ما مثاله يكتب بذلك ثم يكتب التعيين تحته على القرب منه
وإن كان الذي يقع فيه التعيين مربعة إقطاع من ديوان الجيش كتب بالتعيين في آخرها مقابل التاريخ من الجهة اليمنى ولا كتابة له عليها غير ذلك
قلت وقد جرت عادة كتاب السر في زماننا أنه يكتب على القصص ونحوها يكتب بذلك أو يكتب بكذا وكذا على ماتقدم بيانه بغير لام في أوله وكذلك الوزير وناظر الخاص والإستدار يكتبون بغير لام في الأول أما القضاة في الإذن بكتابة المحاضر ونحو ذلك فإنهم يكتبون ليكتب بإثبات اللام في أوله وهذه اللام تسمى لام الأمر وقد صرح الإمام أبو جعفر النحاس في

صناعة الكتاب أنه لا يجوز حذفها وعلى ذلك ورد لفظ القرآن الكريم كما في قوله تعالى ( ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) وقوله ( ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ ) ونحو ذلك وحكي جمال الدين بن هشام في المغني وقد تحذف اللام في الشعر ويبقى عملها كقوله - طويل -
( فلا تستطل مني بقائي ومدتي ... ولكن يكن للخير منك نصيب )
وقوله - وافر -
( محمد تفد نفسك كل نفس ... إذا ما خفت من شيء تبالا )

الطرف الثاني في كتابة الملخصات والإجابة عنها من الدواوين السلطانية
قد تقدم في الكلام على ما ينظر فيه صاحب الديوان أنه لما كان صاحب ديوان الإنشاء يضيق زمنه عن استيعاب حال الكتب الواردة من المملكة لوفورها واتساع الدولة وكثرة المكاتبين ناسب أن يتخذ كاتبا يتصفح الكتب الواردة ويتأملها ويلخص مقاصدها قال أبو الفضل الصوري في تذكرته والرسم في ذلك أن الكاتب الذي يقيمه صاحب الديوان يتسلم الكتب الواردة ويخرج معانيها على ظهروها ملخصا الألفاظ الكثيرة في اللفظ غير مخل بشيء من

المعنى ولا محرف له مسقطا فضول القول وحشوه كالدعاء والتصدير والألفاظ المترددة
قال ويخرج أيضا ما يختص بديوان الخراج من الأمور التي ترد ضمن الكتب في معنى الخراج في أوراق يعين فيها الكتب التي وصلت فيها وتاريخها والجهة التي وردت منها وينصها على هيئتها ويوجهها إلى ديوان الخراج فيجاب عنها منه ويستدعي من متولي ديوان الخراج الجواب عنها ثم يعرض جميع ذلك على الملك ويستخرج أمره بإمضاء المكاتبة به أو بغيره فإن كان بخط مخالف للعربي كالرومي والفرنجي والأرمني وغيرها أحضر من يعرف ذلك الخط ممن يوثق به ليترجمه في ظهره فإن كان ذلك المترجم يحسن الخط العربي كتب بخطه في ظهر الكتاب ما مثاله يقول فلان إني حضرت إلى ديوان الإنشاء وتسلمت الرقعة أو الكتاب الذي هذا الخط بظاهره وسئلت عن تفسيره فذكرت أنه كذا وكذا ويسرده إلى آخره وبذلك أشهدت على نفسي ويشهد عليه شاهدان هذا الذي ذكره بلا زيادة ولا نقص
وإن كان الكتاب مشحونا بالكلام بطنا وظهرا نقله بخطه بالقلم الذي هو مكتوب به وترجمه على ظاهره بخطه بالعربي وإن لم يحسن الكتابة بالعربي كتب عنه الكاتب بمحضر من الشاهدين وأشهد عليه ليهاب أو يحجم فيما يقول أو يغيره أو ينقصه لأن أكثر من يترجم على مذهب صاحب الخط فربما كتم عنه أوداجي فيه فإذا خوف بالإشهاد عليه وخشي أن غيره قد يقرأه على غير الوجه الذي أشهد به على نفسه ربما أدى الأمانة فيه فإذا لخصت المكاتبة بظاهرها سلمت إلى متولي الديوان ليقابل ظاهرها بباطنها فإن وجده أخل فيها بشيء إضافة بخطه وأنكر عليه إهماله ليتنبه في المستقبل فإن لم يكن فيها خلل عرضه على الملك وأعتمد أمره فيه وكتب تحت كل فصل منها ما يجب أن يكون

جوابا عنه على أحسن الوجوه وأفضلها ثم يسلمها إلى من يكتب الجواب عنها ممن يعرف اضطلاعه بذلك ثم يقابل الجواب بالتخريج وما وقع به تحته فإن وجد فيها خللا سده أو مهملا ذكره أو سهوا أصلحه وإن رآها قد كتبت على أفضل الوجوه وأسدها لم يفوت فيها معنى ولم يزد إلا لفظا ينمق به كتابه ويؤكد به قوله عرضها على الملك حينئذ ليعلم ثم استدعى من يتولى الإلصاق فألصقها بحضرته وجعل على كل منها بطاقة يشير فيها إلى مضمونها لئلا يسأل عن ذلك بعد إلصاقها فلا يعلم ما هو ثم يسلمها إلى من يتولى تنفيذها إلى حيث أهلت له وتسلم النسخ الملخصة إلى من يؤهله لحفظها وترتيبها
قلت قد تبين بما تقدم من كلام أبي الفضل الصوري ما كان عليه الحال في زمنه والذي عليه حال الديوان في زماننا فيما يتعلق بذلك أن الكتب الواردة إلى الأبواب السلطانية من أهل المملكة وغيرها من سائر الممالك يتلقاها أكبر الدوادارية وهو مقدم ألف على ما تقدم ذكره في الكلام على ترتيب الديار المصرية ويحضر القاصد المحضر للكتاب من بريدي أو غيره ثم يناوله للسلطان فيفض ختامه وكاتب السر جالس بين يديه فيدفعه السلطان إليه فيقرأه عليه ويستصحبه معه إلى الديوان فإن كان الكتاب عربيا دفعه كاتب السر إلى نائبه أو من يخصه بذلك ليلخص معناه فيعم النظر فيه ويستوفي فصوله ويلخص مقاصدها ويكتب لكل ديوان من الدواوين التي يرفع إليها متعلق ذلك الكتاب ملخصا بالفصول المتعلقة به في ورقة مفردة ليجاوب علها متولي ذلك الديوان بما رسم له من الجواب عنها
واعلم أن الذي تكتب له الملخصات في زماننا من الدواوين السلطانية خمسة دواوين وهي ديوان الإنشاء وديوان الوزارة وديوان الجيش وديوان الخاص وديوان الإستدارية وهو الديوان المفرد

والطريق إلى كتابة الملخصات أن يحذف ما في صدر الكتب من الحشو على ما تقدم في كلام أبي الفضل الصوري ثم يعمد إلى مقاصد الكتاب فيستوفي فصوله ويتصورها بذهنه ثم ينظر في متعلقات تلك الفصول ويكتب لكل ديوان من الدواوين المتقدمة ملخصا بما يتعلق به من الفصول في فصل واحد أو أكثر بحسب ما تقتضيه قلة الكلام وكثرته
وكيفية كتابته أن يترك من رأس الوصل قد ثلاثة أصابع بياضا ثم قدر إصبعين بياضا عن يمينه وقدر إصبعين بياضا عن يساره ويكتب في صدره ما مثاله ذكر فلان في مكاتبته الواردة على يد فلان المؤرخة بكذا وكذا يمد لفظ ذكر بين جانبي الوصل ويكتب باقي الكلام تحتها في أول الوصل إلى آخره في العرض من غير خلو بياض أنه اتفق من الأمر ما وهو كذا وكذا أو أنه سأل في كذا وكذا ثم يخلي بياضا قدر أربعة أصابع مثلا ويكتب في وسط الدرج بخلو بياض من الجانبين وذكر على نحو ما تقدم ثم يكتب باقي الكلام من أول الوصل إلى آخره ويفعل ذلك بكل فصل في الكتاب يتعلق بذلك الديوان المختص بذلك الملخص ويكتب في آخر كل فصل وقد عرض على المسامع الشريفة ومهما برزت به المراسيم الشريفة كان العمل بمقتضاه ونحو ذلك
ثم إن كان الملخص لديوان الإنشاء كتب بأعلى الوصل من ظاهره من الجانب الأيسر منه ما مثاله ديوان الإنشاء وإن كان لديوان الجيش كتب هناك ما مثاله ديوان الجيش وكذا ديوان الخاص وسائر الدواوين المتقدمة الذكر فإذا كملت الملخصات وقف عليها كاتب السر فما كان منها متعلقا بديوان الإنشاء عرضه على السلطان واستمطر جوابه عنه فيكتب مقابله في الملخص يكتب بذلك أو يكتب بكذا وكذا أو رسم بذلك أو رسم بكذا وكذا وما كان منها متعلقا بديوان الوزارة بعث به إلى الوزير وما كان منها متعلقا بديوان الجيش بعث به إلى ناظر الجيش وما كان منها متعلقا بديوان الخاص بعث به إلى ناظر الخاص ليقرأ كل منهم ملخصه على السلطان وينظر ما يأمر به فيه فما كان كتب به بجانب الفصل الذي كتب به في الملخص أمضي ذلك أو لم

يمض أو رسم بكذا وكذا ونحو ذلك وسائر الدواوين على هذا النمط
وإن كان الكتاب غير عربي فإن كان بالتركية المغلية ونحوها كالكتب الواردة عن بعض القانات من ملوك الشرق فإنه يتولى ترجمتها من يوثق به من أخصاء الدولة من الأمراء أو الخاصكية ونحوهم ممن يعرف ذلك اللسان ثم يقرأ ترجمته على السلطان ويعتمد ما يأمر به في جوابه ليكتب به وإن كان بالرومية أو الفرنجية ونحوهما من اللغات المختلفة ترجم على نحو ما تقدم وكتب ملخصه وقريء على السلطان والتمس جوابه وكتب كاتب السر على الملخص بما رسم فيه

الباب الرابع من المقالة الثالثة في الفواتح والخواتم واللواحق وفيه
فصلان
الفصل الأول في الفواتح وفيه ستة أطراف
الطرف الأول في البسملة وفيه ثلاث جمل
الجملة الأولى في أصل الافتتاح بها
كانت قريش قبل البعثة في أول كتبها باسمك اللهم والسبب في كتابتهم ذلك ما ذكره المسعودي في مروج الذهب عن جماعة من أهل المعرفة بأيام الناس وأخبار من سلف كابن دأب والهيثم بن عدي وأبي مخنف لوط ابن يحيى ومحمد بن السائب الكلبي أن أمية بن أبي الصلت الثقفي خرج إلى

الشأم في نفر من ثقيف وقريش في عير لهم فلما قفلوا راجعين نزلوا منزلا واجتمعوا لعشائهم إذ أقبلت حية صغيرة حتى دنت منهم فحصبها بعضهم بحجر في وجهها فرجعت فشدوا سفرتهم ثم قاموا فشدوا على إبلهم وارتحلوا من منزلهم فلما برزوا من المنزل أشرفت عليهم عجوز من كثيب رمل متوكئة على عصا فقالت ما منعكم أن تطعموا رحيبة اليتيمة الصغيرة التي باتت لطعامكم عليلة قالوا وما أنت قالت أم العوام أرملت منذ أعوام أما ورب العباد لتفرقن في البلاد ثم ضربت بعصاها الأرض وأثارت بها الرمل وقالت أطيلي إيابهم وفرقي ركابهم فوثبت الإبل كأن على ذروة كل منها شيطانا ما يملكون منها شيئا حتى افترقت في الوادي فجمعوها من آخر النهار إلى غدوة فلما أناخوا الرواحل طلعت عليهم العجوز وفعلت كما فعلت أولا وعادت لمقالها الأول فخرجت الإبل كما خرجت في اليوم الأول فجمعوها من غد فلما أناخوها ليرحلوها فعلت العجوز مثل فعلها في اليوم الأول والثاني فنفرت الإبل وأمسوا في ليلة مقمرة ويئسوا من ظهورهم فقالوا لأمية بن أبي الصلت أين ما كنت تخبرنا به عن نفسك وعلمك

فقال اذهبوا أنتم في طلب الإبل ودعوني فتوجه إلى الكثيب الذي كانت تأتي منه العجوز حتى هبط من ثنيته الأخرى ثم صعد كثيبا آخر حتى هبط منه ثم رفعت له كنيسة فيها قناديل ورجل معترض مضطجع علي بابها وإذا رجل جالس أبيض الرأس واللحية قال أمية فلما وقفت قال لي إنك لمتبوع قلت أجل قال فمن أين يأتيك صاحبك قلت من أذني اليسرى قال فبأي الثياب يأمرك قلت بالسواد قال هذا خطيب الجن كدت ولم تفعل ولكن صاحب هذا الأمر يكلمه في أذنه اليمنى وأحب الثياب إليه البياض فلما جاء بك وما حاجتك فحدثته حديث العجوز فقال هي امرأة يهودية هلك زوجها منذ أعوام وإنها لن تزال تفعل بكم ذلك حتى تهلككم إن استطاعت قال أمية قلت فما الحيلة قال اجمعوا ظهركم فإذا جاءتكم وفعلت ما كانت تفعل فقولوا سبعا من فوق وسبعا من أسفل باسمك اللهم فإنها لن تضركم فرجع أمية إلى أصحابه فأخبرهم بما قيل له وجاءتهم العجوز ففعلت كما كانت تفعل فقالوا سبعا من فوق وسبعا من أسفل باسمك اللهم فلم تضرهم فلما رأت الإبل لا تتحرك قالت قد علمكم صاحبكم ليبيضن الله أعلاه وليسودن أسفله وساروا فلما أدركهم الصبح نظروا إلى أمية قد برص في غرته ورقبته وصدره واسود أسفله فلما قدموا مكة ذكروا هذا الحديث فكتبت قريش في أول كتبها باسمك اللهم فكان أول ما كتبها أهل مكة وجاء الإسلام والأمر على ذلك

قال إبراهيم بن محمد الشيباني ولم تزل الكتب تفتتح باسمك اللهم حتى نزل قوله تعالى ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) فاستفتح بها رسول الله وصارت سنة بعده وروى محمد بن سعد في طبقاته أن رسول الله كان يكتب كما تكتب قريش باسمك اللهم حتى نزل عليه ( وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها ) فكتب باسم الله حتى نزل ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ) فكتب بسم الله الرحمن حتى نزل ( إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ) فكتب بسم الله الرحمن الرحيم وذكر في مواد البيان نحوه
وعن سفيان الثوري أنه كان يكره للرجل أن يكتب شيئا حتى يكتب بسم الله الرحمن الرحيم وعن هشام بن عروة عن أبيه أنه كان يكره أن يكتب كتابا أو غيره حتى يبدأ ببسم الله الرحمن الرحيم وعن سعيد بن جبير أنه كان يقول لا يصلح كتاب إلا أن يكون أوله بسم الله الرحمن الرحيم
وهذه الأحاديث والآثار كلها ظاهرة في استحباب الابتداء بالبسملة فيما يكتب به من أصناف المكاتبات والولايات وغيرها وعلى ذلك مصطلح كتاب الإنشاء في القديم والحديث إلا أنهم قد اصطلحوا على حذفها من أوائل التواقيع والمراسيم الصغار كالتي على ظهور القصص ونحوها وكأنهم أخذوا ذلك من مفهوم ما رواه أبو داود وابن ماجة في سننهما وأبو عوانة الأسفراييني في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي قال ( ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم فهو أقطع ) ) يعني ناقص البركة وما يكتب في التواقيع والمراسيم الصغار ليس من الأمور المهمة فناسب ترك البسملة في أولها

لكن قد ذكر محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة أن أهل العلم كرهوا حذف البسملة من التواقيع والسراحات وذموه وقد كان القاضي علاء الدين الكركي كاتب السر في الدولة الظاهرية برقوق في أول سلطنته الثانية أمر بأن يكتب في أولها بسملة بقلم دقيق ثم بطل ذلك بعد موته وبقي الأمر على ما كان عليه أولا ثم قد اختلف في كتابتها أمام الشعر فذهب سعيد بن المسيب والزهري إلى منع ذلك وذهب سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي إلى جوازه ويروى مثله عن ابن عباس رضي الله عنه قال أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب ورأيت علي بن سليمان يميل إليه قال محمد بن عمر المدائني ولا بأس إن يكن بين الشعر وبينها كلام مثل أنشدني فلان الفلاني وشبه ذلك فأما أن يصله بها فلا يجوز

الجملة الثانية في الحث على تحسينها في الكتابة وما يجب من ترتيبها في
الوضع
أما الحث على تحسينها في الكتابة فينبغي للكاتب أن يبالغ في تحسينها في الكتابة ما استطاع تعظيما لله تعالى فقد روي أن رسول الله قال ( من كتب بسم الله الرحمن الرحيم فحسنه أحسن الله إليه ) وعن واصل مولى أبي عيينة قال سمعت حمادا يقول كانوا يحبون أن تحسن بسم الله الرحمن الرحيم
وأما ما يجب من ترتيبها فأول ما يجب من ذلك إطالة الباء لتدل على الألف المحذوفة منها لكثرة الاستعمال ثم إثبات السين بأسنانها الثلاث غير مرسل لها إرسالا كما يفعله بعض الكتاب فقد كره ذلك أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وزيد بن ثابت والحسن وابن سيرين حتى يروى أن عمر رضي الله عنه ضرب كاتبا على حذف السين منها فقيل له فيم ضربك

عمر فقال في سين فجرى مثلا ويروى أن غلاما لعمر بن عبد العزيز كتب إليه من مصر كتابا ولم يجعل لبسم الله الرحمن الرحيم سينا فكتب إليه عمر يأمره بالقدوم عليه فلما قدم قال اجعل لبسم الله الرحمن الرحيم سينا وانصرف إلى مصر وكذلك لا يمد الباء قبل السين ثم يكتب السين بعد المدة كما يفعله بعض كتاب المغاربة فقد روى محمد بن عمر المدائني من حديث شعيب بن أبي الأشعث أن رسول الله قال ( ( إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فلا يمدها قبل السين يعني الباء ) ) وعن ليث عن مجاهد يرفعه إلى النبي نحوه ويروى مثله عن ابن عمر وابن سيرين وعن عبد العزيز ابن عبد الله وعبد الله بن دينار وغيرهما أن العلماء كانوا يكرهون ذلك وينهون عنه أشد النهي حتى روي عن الضحاك بن مزاحم أنه قال وددت أني لو رأيت الأيدي تقطع فيه نعم يستحب المد بين السين والميم كما هو عادة كتاب المصريين وأهل المشرق وكذلك استحسنوا مد الحاء من الرحمن قبل الميم وقالوا إنه من حسن البيان حتى يروى أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عماله إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فليمد الرحمن وهذا مما يتعاطاه كتاب المغرب دون كتاب مصر وأهل المشرق أما غير ذلك من وجوه التحسين فيأتي الكلام عليه في الكلام على الخط إن شاء الله تعالى

الجملة الثالثة في بيان موضعها من المكتوب ويتعلق به أمران
الأمر الأول تقدمها في الكتابة
فيجب تقديمها في أول الكلام المقصود من مكاتبة أو ولاية أو منشور إقطاع أو

غير ذلك تبركا بالابتداء بها وتيمنا بذكرها وعملا بالأخبار والآثار المتقدمة في الجملة الأولى على أنه قد اختلف في معنى قوله تعالى حكاية عن بلقيس حين ألقى إليها كتاب سليمان عليه السلام ( إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ) فذهب بعض المفسرين إلى أن قوله ( إنه من سليمان ) من كلام بلقيس وإنها حكت الكتاب بقولها وإنه بسم الله الرحمن الرحيم إلى آخر الآية فيكون ابتداء الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ويكون ذلك احتجاجا على وجوب تقديمها وذهب آخرون إلى أن قوله ( إنه من سليمان ) بداية كتاب سليمان فيكون سليمان عليه السلام قد بدأ في كتابه باسمه فإن قيل كيف ساغ على ذلك تقديم اسمه على اسم الله تعالى في الذكر مع أن الأنبياء عليهم السلام أشد الناس أدبا مع الله تعالى فالجواب ما قيل إنه كان عادة ملوك الكفر أنه إذا ورد عليهم كتاب ربما يكرهون ربما مزقوا أعلاه أو تفلوا فيه فجعل سليمان عليه السلام اسمه تقية لاسم الله تعالى فذكره أولا ومن هنا اصطلح الكتاب في الكتب الصادرة عن ملوك الإسلام إلى ملوك الكفر بكتابة ألقاب الملك المكتوب عنه في وصل فوق البسملة تأسيا بسليمان عليه السلام
أما ما يكتب في طرة الولايات من العهود والتقاليد وغيرها فإنه في الحقيقة جزء من المكتوب فلا يوصف بأنه شيء فقدم على البسملة وأجما الطغراة التي كانت توضع في مناشير الإقطاعات في وصل بين وصل الطرة والبسملة فيها ألقاب السلطان على ما سيأتي في الكلام على كتابة المناشير في موضعه إن شاء الله تعالى فإنها كتابة أجنبية مكتوبة بخط غير الكاتب فلم تنسب

في الحقيقة إلى التقديم على أن ذلك قد بطل في زماننا وهاتان المسألتان المتعلقتان بالطغراة المكتوبة في المناشير ومكاتبات أهل الكفر مما سأل عنه الشيخ جال الدين بن نباتة في رسالته التي كتبها إلى كتاب ديوان الإنشاء بالشام في مباشرة الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي حين بلغه أن بعضهم وقع فيه

الأمر الثاني إفرادها في الكتابة
قال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة ينبغي للكاتب أن يفرد البسملة في سطر وحدها تبجيلا لاسم الله تعالى وإعظاما وتوقيرا له ثم ساق بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ( ( نهى أن يكتب في سطر بسم الله الرحمن الرحيم غيرها ) ) وعلى هذه الطريقة جرى كتاب الإنشاء في مكاتبتهم وسائر ما يصدر عنهم أما النساخ وكتاب الوثائق فربما كتبوا بعدها في سطرها الحمد لله أو الصلاة على رسول الله ونحو ذلك وكذلك يكتب القضاة الحمدلة في علامات الثبوت في المكاتيب الشرعية
الطرف الثاني في الحمدلة
لما كان الحمد مطلوبا في أوائل الأمور طلبا للتيمن والتبرك عملا بما رواه الراوون لحديث البسملة المتقدم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال ( ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم ) ) اصطلح الكتاب على الابتداء به في الكثير مما يكتبونه من المكاتبات والولايات وغيرهما مما له شأن وبال كمكاتبات أكثر الملوك من قانات الشرق وكل ما تضمن نعمة من المكاتبات ونحو ذلك وكالبيعات والعهود والتقاليد على رأي من يرى افتتاحها

بالخطب وغير ذلك مما يأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى بل ربما كرروا الحمد المرات المتعددة إلى السبع في الخطبة الواحدة على ما سيأتي ذكره في موضعه إن شاء الله تعالى وأتوا بالحمد لله بعد البسملة تأسيا بكتاب الله تعالى من حيث أن البسملة آية من الفاتحة كما هو مذهب الشافعي رضي الله عنه أو فاتحة لها وإن لم تكن منها كما هو مذهب غيره أما سائر المكاتبات والولايات المفتتحة بغير الحمد فإنما حذف منها الحمد استصغارا لشأنها إذ كان الابتداء بالحمد إنما يكون في أمر له بال كما دل عليه الحديث المتقدم وسيأتي الكلام على كل شيء من ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى قال في الصناعتين وإنما افتتح الكلام بالحمد لأن النفوس تتشوف للثناء على الله تعالى والافتتاح بما تتشوف النفوس إليه مطلوب وربما أتى الكتاب بالحمد بعد البعدية فكتبوا أما بعد حمد الله أو أما بعد فالحمد لله فأما الصيغة الأولى فالحمد مقدم فيها معنى وإن لم يذكر لفظا لأن قوله أما بعد حمد الله يقتضي تقدم حمد الله وأما الصيغة الثانية فإنها تقتضي تقدم شيء على الحمد ولا شك أن المقدم هنا هو البسملة على ما سيأتي في الكلام على أما بعد فيما بعد إن شاء الله تعالى
ثم قد يستعمل الحمد بصيغة الفعل كقولهم في المكاتبات فإني أحمد إليك الله وقد اختلف في أي الصيغتين أبلغ صيغة الحمد لله أو صيغة أحمد الله فذهب المحققون إلى أن صيغة الحمد لله أبلغ لما فيها من معنى الاستغراق والثبوت والاستمرار على ما هو مقرر في علم المعاني وذهب ذاهبون

إلى أن صيغة أحمد الله أبلغ لأن القائل الحمد لله حاك لكون الحمد لله بخلاف القائل أحمد الله فإنه حامد بنفسه ولذلك يؤتى بالتحميد ثانيا في الخطب بصيغة الفعل
وله في الاستعمال ثلاث صيغ
الصيغة الأولى يحمده أمير المؤمنين فيما إذا كان ذلك صادرا عن الخليفة في مكاتبة أو غيرها
الصيغة الثانية نحمده إما بنون الجمع الحقيقة كما إذا كان ذلك صادرا عن . . . مثل أن يؤتى بذلك في بيعة لخليفة أو نحوها أو بنون الجمع للتعظيم كما إذا كان ذلك صادرا عن السلطان نحو ما يقع في خطب التقاليد والتواقيع في زماننا
الصيغة الثالثة أحمده بلفظ الإفراد كما إذا كان ذلك صادرا عن واحد فقط حيث لا تعظيم له

الطرف الثالث في التشهد في الخطب
قد جرت عادة المتأخرين بالإتيان بالتشهد بعد التحميد في الخطب ويكون تابعا لصيغة التحميد فإن كان قد قيل يحمده أمير المؤمنين قيل بعده ويشهد وإن كان قد قيل نحمده قيل بعده ونشهد وإن كان بعد أما بعد حمد الله قيل والشهادة له بالجر عطفا على حمد على أن الخطب الموجودة في مكاتبات المتقدمين لا تشهد فيها ومستند المتأخرين في ذلك ما رواه أبو داود والترمذي وصححه البيهقي أن النبي قال ( ( كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ) )

الطرف الرابع في الصلاة والسلام على النبي وعلى آله وصحبه في أوائل الكتب
لا نزاع في أن الصلاة على النبي مطلوبة في الجملة وناهيك في ذلك قوله تعالى في محكم التنزيل ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ) والأحاديث الواردة في الحث على ذلك أكثر من أن تحصر فناسب أن تكون في أوئل الكتب تيمنا وتبركا وقد جاء في تفسير قوله تعالى ( ورفعنا لك ذكرك ) أن المعنى ما ذكرت إلا وذكرت معي فإذا أتي بالحمد في أول كتاب ناسب أن يؤتى بالصلاة على النبي في أوله إتيانا بذكره بعد ذكر الله تعالى وقد روي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال ( ( من صلى علي في كتاب لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب ) ) قال الشيخ عماد الدين في تفسيره إلا أنه ضعيف ضعفه المحدثون قال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة وقد رأينا بعض الكتاب لا يرى الصلاة على النبي في الكتب فباءوا بأعظم الوزر مع ما فاتهم من الثواب
وأما السلام عليه بعد التصلية فقد قال الشيخ محي الدين النووي في كتابه الأذكار وإذا صلى على النبي فليجمع بين الصلاة والتسليم ولا يقتصر على أحدهما فلا يقال صلى الله عليه فقط ولا عليه السلام فقط قال الشيخ عماد الدين بن كثير وهذا منتزع من قوله تعالى ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ) الآية
وأما الصلاة على الآل والصحب بعد الصلاة على النبي فقد نقل

الشيخ عماد الدين بن كثير في تفسيره الإجماع على جواز الصلاة على غير الأنبياء عليهم السلام بطريق التبعية مثل أن يقال اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصبحه وأزواجه وذريته ونحو ذلك قال وعلى هذا يخرج ما يكتبونه من قولهم وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه فلا نزاع فيه وإنما الخلاف في جواز إفراد غير الأنبياء عليهم السلام بالصلاة فأجازه قوم محتجين بنحو قوله تعالى ( وصل عليهم ) وقوله ( ( اللهم صل على آل أبي أوفى ) ) ومنعه آخرون احتجاجا بأن الصلاة صارت شعارا للأنبياء عليهم السلام فلا يلحق بهم غيرهم فلا يقال أبو بكر صلى الله علي وسلم وإن كان المعنى صحيحا كما لا يقال محمد عز و جل وإن كان عزيزا جليلا
ثم الصحيح من مذهب الشافعي رضي الله عنه أن ذلك لا يجوز في غير التبعية وحكى النووي في الأذكار فيه قولا بأنه كراهة تحريم وقولا بأنه كراهة تنزيه وقولا بأنه خلاف الأولى ورجح كونه كراهة تنزيه لأنه شعار أهل البدع
وأما السلام على غير الأنبياء فحكى النووي عن أبي محمد الجويني منعه في الغائب من حي وميت وأنه لا يفرد به غير الأنبياء فلا يقال علي عليه السلام بخلاف الحاضر فإنه يخاطب به
إذا علمت ذلك فالصلاة وتوابعها في أوائل الكتب قد تكون بعد التحميد في الخطبة كما في الولايات والمكاتبات المفتتحة بالخطب من البيعات والعهود والتقاليد والتفاويض والتواقيع والمراسيم وغيرها وكما في الكتب المفتتحة بالخطب وقد تكون في صدور المكاتبات المفتتحة بغير الخطب كما كان يكتب في القديم في صدور المكاتبات وأسأله أن يصلي على محمد

عبده ورسوله وهو مما أحدثه الرشيد في المكاتبات قال في ذخيرة الكتاب وكان ذلك من أجل مناقبه وكان الخلفاء الفاطميون بمصر يقولون عن لسان الخليفة ويسأله أن يصلي على جده محمد ويخصون الصلاة بعده بأمير المؤمنين علي رضي الله عنه على طريقة الشيعة

الطرف الخامس في السلام في أول الكتب
إنما جعل السلام في ابتداء الكتب وصدورها لأنه تحية الإسلام المطلوبة لتأليف القلوب فكما أنه يفتتح به الكلام طلبا للتأليف كذلك تفتتح به المكاتبات وتصدر طلبا للتأليف إذا يقول ( ( ألا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم ) ) قال في الصناعتين وتقول في أول كتابك سلام عليك وفي آخره والسلام عليك والمعنى فيه أن الأول نكره إذا لم يتقدم له ذكر والثاني معرفة يشار به إلى السلام الأول على حد قوله تعالى ( كما أرسلنا إلى فرعون رسولا فعصى فرعون الرسول ) فأتى في الأول بتنكير الرسول وفي الثاني بتعريفه وكذلك قال تعالى في سورة مريم في قصة يحيى عليه السلام ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ) لعدم تقدم ذكر السلام ثم قال بعد ذلك في قصة عيسى عليه السلام ( والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ) وإلى ذلك يشير أحمد بن يوسف بقوله اكتب في أول كتابك سلام عليك واجعله تحية وفي آخره والسلام عليك واجعله وداعا وذلك أن سلام التحية يكون ابتداء فيكون نكرة وسلام الوداع يكون انتهاء فيكون معرفة لرجوعه إلى الأول وقد

كره بعض العلماء أن يقال في الابتداء عليك السلام احتجاجا بما روي عن أبي مكعت الأسدي أنه قال ( أتيت رسول الله فأنشدته ) - متقارب -
( يقول أبو مكعت صادقا ... عليك السلام أبا القاسم )
فقال يا أبا مكعت عليك السلام تحية الموتى وجعل ابن حاجب النعمان من ذلك قول عبدة بن الطبيب - طويل -
( عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما )
قال ابن حاجب النعمان ويكتب السلام بإسقاط الألف في صدر الكتاب وعجزه قال أبو جعفر النحاس وقولهم في أول الكتاب سلام عليك بالرفع ويجوز فيه النصب والاختيار الرفع وإن كان النحاة قد قالوا إن ما كان مشتقا من فعل فالاختيار فيه النصب نحو قولك سقيا لك لأن معنى السلام في الرفع أعم إذ ليس يريد أفعل فعلا فيكون المعنى تحية عليك بنصب تحية وقيل سلام عليك بمعنى سلام لك وسيأتي الكلام على إتباع السلام الرحمة في الكلام على الخواتم فيما بعد إن شاء الله تعالى

الطرف السادس في أما بعد
أعلم أن أما بعد تستعمل في صدور المكاتبات والولايات وربما استعلمت في ابتدائها وهي مركبة من لفظين أحدهما أما والثاني بعد فأما أما فحرف شرط وبعد ظرف زمان إذا أفرد بني على الضم قال تعالى

( لله الأمر من قبل ومن بعد ) وأجاز الفراء أما بعدا بالنصب والتنوين وأما بعد بالرفع والتنوين وأجاز هشام أما بعد بفتح الدال ومنعه النحاس وقال إنه غير معروف
ثم أما تقع في كلام العرب لتوكيد الخبر والفاء لازمة لها لتصل ما بعدها بالحرف الملاصق لما قبلها فتقول أما بعد أطال الله بقاءك فإني قد نظرت في الأمر الذي ذكرته ويجوز أما بعد فأطال الله بقاءك إني نظرت في ذلك فتثبت الفاء في أطال وإن كان معترضا لقربه من أما ويجوز أما بعد فأطال الله بقاءك فإني نظرت ويجوز أما بعد ثم أطال الله بقاءك فإني نظرت حكى ذلك كله النحاس ثم قال وأجودها الأول وهو اختيار النحويين قال وأجود منه أما بعد فإني نظرت أطال الله بقاءك فإن أضيفت بعد إلى ما بعدها فتحت فتقول أما بعد حمد الله ونحو ذلك قال في ذخيرة الكتاب وإذا كانت بعد البسملة فمعناه أما بعد قولنا بسم الله الرحمن الرحيم فقد كان كذا وكذا
وقد اختلف في أول من قال أما بعد فقيل داود عليه السلام وبه فسر فصل الخطاب في قوله تعالى ( وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ) على أحد الأقوال وقيل أول من قالها كعب بن لؤي جد النبي وقيل أول من قالها قس بن ساعدة الإيادي قال سيبويه ومعناها مهما يكن من شيء

الفصل الثاني في الخواتم واللواحق وفيه سبعة أطراف
الطرف الأول في الاستثناء بالمشيئة بأن يكتب إن شاء الله تعالى وفيه
جملتان
الجملة الأولى في الحث على كتابة إن شاء الله تعالى
اعلم أنه يستحب للكاتب عند انتهاء ما يكتبه من مكاتبة أو ولاية أو غيرهما أن يكتب إن شاء الله تعالى تبركا ورغبة في نجاح مقصد الكتاب فقد ورد الحث على التعليق بمشيئة الله تعالى والندب إليه قال تعالى ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) وذم قوما على ترك الاستثناء فقال ( إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم ) إلى آخر القصة قال أصحاب السير كان باليمن رجل له جنة يأخذ منها قوت سنته ويتصدق بالباقي وكان يترك للمساكين ما أخطأ المنجل الزرع أو القطاف من العنب والنخل وما بقي على البساط الذي يبسط تحت النخلة فلما مات شح بنوه على المساكين بما كان يتركه أبوهم وحلفوا على قطعها في الغلس كيلا يدركهم الفقراء فأصابتها نار في الليل فاحترقت

وأصبحت كالصريم يعني الليل المظلم قال المفسرون والمراد بقوله ( ولا يستثنون ) أنهم لم يقولوا إن شاء الله تعالى قال الزمخشري وسمي استثناء وإن كان بمعنى الشرط لأنه يؤدي مؤدى الاستثناء من حيث أن معنى قولك لأخرجن إن شاء الله ولا أخرج إلا أن يشاء الله واحد
وأعلم أن الاستثناء لا يدخل على ماض فلا يقال ما فعلت ذلك إن شاء الله وإنما يدخل على مستقبل فتقول لا أفعل ذلك إن شاء الله على حد قوله تعالى ( لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) وكذلك كل ما فيه معنى الاستقبال كما قال تعالى حكاية عن يوسف عليه السلام ( وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ونحو ذلك
أما ما ورد من ذلك بلفظ المضي مثل قول القائل لزوجته أنت طالق إن شاء الله فإنه وإن لم يكن مستقبلا لفظا فإنه مستقبل معنى إذ معناه الإنشاء وإلا لما وقع به الطلاق إذا علمت ذلك فلفظ إن شاء الله تعالى في آخر المكاتبة أو الولاية ونحوهما يكون معلقا بآخر المكتوب مما يناسب ذلك كتعلقا بالتأييد من قوله والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى ونحو ذلك

الجملة الثانية في محل كتابتها وصورة وضعها في الدرج
لا نزاع في أنها أول خاتمة تكتب من خواتم المكتوب فمحلها من الدرج أسفل المكتوب في وسط الوصل مكتنفة ببياض عن يمينها وشمالها وبينها وبين السطر الآخر من المكتوب كما بين سطرين أو دونه
وقد جرت عاد الكتاب في كتابتها بأنها إن كانت بقلم الرقاع كما في

القطع الصغير كتبت معلقة مسلسلة على هذه الصورة إن شاء الله أو ما قاربها وإن كانت بقلم جليل كالثلث ونحوه كتبت واضحة مبينة والغالب فيها أن تكون على هذه الصورة إن شاء الله تعالى قال جمال الدين بن شيث في معالم الكتابة ولا يضيف الكاتب إليها شيئا في سطرها بل تكون مفردة في سطر واحد

الطرف الثاني في التاريخ وفيه ثماني جمل
الجملة الأولى في معناه
وقد اختلف في أصل لفظه فذهب قوم إلى أنه عربي وأن معناه نهاية الشيء وآخره يقال فلان تاريخ قومه إذا انتهى إليه شرفهم وعليه يدل كلام صاحب مواد البيان وابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب ونقل الشيخ علاء الدين بن الشاطر في زيجه عن بعض أهل اللغة أن معناه التأخير فيكون مقلوبا منه وذهب آخرون إلى أنه فارسي وأن أصله ماه زور فعرب مورخ ثم جعل اسمه التاريخ وإليه يرجع كلام السلطان عماد الدين صاحب حماة رحمه الله في تاريخه ويقال منه أرخت وورخت بالهمزة والواو لغتان ولذلك قالوا في مصدره تأريخ وتوريخ كما يقال تأكيد وتوكيد قال في ذخيرة الكتاب أرخت لغة قيس وورخت لغة تميم قال أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل ولا تكاد ورخت تستعمل اليوم وكأن الكتاب كانوا قد رفضوا هذه اللغة في زمانه وإلا فهي لغة مستعملة إلى الآن إلا أنها لما غلبت في ألسنة العوام ابتذلت قال الشيخ أثير الدين أبو حيان في شرح التسهيل والتاريخ هو عدد الليالي والأيام بالنظر إلى ما مضى من السنة أو الشهر

والى ما تبقى منهما قال في مواد البيان وهو محقق للخبر دال على قرب عهد الكتاب وبعده

الجملة الثانية في وجه الاحتياج إليه
قال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة أجمعت العلماء والحكماء والأدباء والكتاب والحساب على كتابة التاريخ في جميع المكتتبات قال صاحب نهاية الأرب ولا غنية عنه لأن التاريخ يستدل به على بعد مسافة الكتاب وقربها وتحقيق الأخبار على ما هي عليه وقد قال بعض أئمة الحديث لما استعملوا الكذب استعملنا لهم التاريخ وقد اصطلح الكتاب على أنهم يؤرخون المكاتبات والولايات ونحوها مما يصدر عن الملوك والنواب والأمراء والوزراء وقضاة القضاة ومن ضاهاهم بخلاف المكاتبات الصادرة عن آحاد الناس فإنه لم تجر العادة فيها بكتابة تاريخ
الجملة الثالثة في بيان أصول التواريخ
قال القضاعي في عيون المعارف في تاريخ الخلائف كانت الأمم السالفة تؤرخ بالحوادث العظام وبملك الملوك فكان التاريخ بهبوط آدم عليه السلام ثم بمبعث نوح ثم بالطوفان ثم بنار إبراهيم عليه السلام
ثم تفرق بنو إبراهيم فأرخ بنو إسحاق بنار إبراهيم إلى يوسف ومن يوسف إلى مبعث موسى عليه السلام ومن موسى إلى ملك سليمان عليه السلام ثم بما كان من الكوائن ومنهم من أرخ بوفاة يعقوب عليه السلام ثم

بخروج موسى من مصر ببني إسرائيل ثم بخراب بيت المقدس
وأما بنو إسماعيل فأرخوا ببناء الكعبة ولم يزالوا يؤرخون بذلك حتى تفرقت بنو معد وكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا بخروجهم ثم أرخوا بيوم الفجار ثم بعام الفيل
وكان بنو معد بن عدنان يؤرخون بغلبة جرهم العماليق وإخراجهم إياهم من الحرم ثم أرخوا بأيام الحروب كحرب بني وائل وحرب البسوس وحرب داحس

وكانت حمير وكهلان يؤرخون بملوكهم التبابعة وبنار ضرار وهي نار ظهرت ببعض خراب اليمن وبسيل العرم ثم أرخوا بظهور الحبشة على اليمن
وأما اليونان والروم فكانوا يؤرخون بملك بختنصر ثم أرخوا بملك دقلطيانوس القبطي
وأما الفرس فكانوا يؤرخون بآدم عليه السلام ثم أرخوا بقتل دارا وظهور الإسكندر عليه ثم بملك يزدجرد والذي ذكره السلطان عماد الدين صاحب حماة في تاريخه في دائرة اتصال التواريخ القديمة بالهجرة عشرون تاريخا ذكر ما بينها وبين الهجرة من السنين إلا أنه لم يراع الترتيب في بعضها وأهمل منها تاريخ يزدجرد لوقوعه بعد الهجرة
وبالجملة فالتواريخ على قسمين

القسم الأول ما قبل الهجرة وقد أوردت منه تسعة عشر تاريخا
الأول من هبوط آدم عليه السلام وقد اختلف فيما بينه وبين الهجرة

اختلافا فاحشا فمقتضى ما في التوراة اليونانية على اختيار المؤرخين أن بينهما ستة آلاف سنة ومائتين وست عشرة سنة وعلى اختيار المنجمين أن بينهما خمسة آلاف وسبعمائة وتسعا وستين سنة
ومقتضى ما في التوراة السامرية على اختيار المؤرخين خمسة آلاف ومائة وسبع وثلاثون سنة وعلى اختيار المنجمين ينقص عن ذلك
ومقتضى ما في التوراة العبرانية على اختيار المؤرخين أن بينهما أربعة آلاف وسبعمائة وإحدى وأربعين سنة وعلى اختيار المنجمين ينقص مائتين وتسعا وأربعين سنة
الثاني من الطوفان وبينه وبين الهجرة ثلاثة آلاف وتسعمائة وأربع وتسعون سنة على اختيار المؤرخين وعلى اختيار المنجمين ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وعشرون سنة وثلثمائة وستة أيام
الثالث من تبلبل الألسن وبينه وبين الهجرة على اختيار المؤرخين ثلاثة آلاف وثلثمائة وأربع وستون سنة وعلى اختيار المنجمين ينقص عن ذلك مائتين وتسعا وأربعين سنة
الرابع من مولد إبراهيم عليه السلام وبينه وبين الهجرة على اختيار المؤرخين ألفان وثمانمائة وثلاث وتسعون سنة وعلى اختيار المنجمين ينقص عن ذلك مائتين وتسعا وأربعين سنة

الخامس من بناء إبراهيم الكعبة وبينه وبين الهجرة ألفان وسبعمائة وثلاث وسبعون سنة
السادس من وفاة موسى عليه السلام وبينه وبين الهجرة على اختيار المؤرخين ألفان وثلثمائة وثمان وأربعون سنة
السابع من عمارة سليمان عليه السلام بيت المقدس وبينه وبين الهجرة ألف وثمانمائة وستون سنة
الثامن من ابتداء ملك بختنصر وبينه وبين الهجرة ألف وثلثمائة وتسع وستون سنة قال صاحب حماة بلا خلاف
التاسع من تخريب يختنصر بيت المقدس وبينه وبين الهجرة ألف وثلثمائة وخمسون سنة
العاشر من ملك فيلبس أبي الإسكندر وبينه وبين الهجرة تسعمائة وخمس وأربعون سنة ومائة وسبعة عشر يوما
الحادي عشر من غلبة الإسكندر على ملك فارس وقتل دارا ملك الفرس وبينه وبين الهجرة تسعمائة واثنتان وثلاثون سنة ومائتان وتسعون يوما
الثاني عشر من مولد المسيح عليه السلام وبينه وبين الهجرة ستمائة وإحدى وثلاثون سنة
الثالث عشر من ملك أرديالونص وبينه وبين الهجرة خمسمائة وتسع

وستون سنة
الرابع عشر من ملك أردشير أول ملوك الأكاسرة من الفرس وبينه وبين الهجرة أربعمائة واثنتان وعشرون سنة
الخامس عشر من خراب بيت المقدس المرة الثانية وبينه وبين الهجرة ثلثمائة وست وأربعون سنة
السادس عشر من ملك دقلطيانوس آخر عبدة الأصنام من ملوك الروم على القبط وبينه وبين الهجرة ثلثمائة وسبع وثلاثون سنة وأحد وعشرون يوما
السابع عشر من غلبة أغشطش ملك الروم على قلوبطرا ملكة اليونان ومصر وبينه وبين الهجرة مائتان وخمسون سنة ومائتان وستة وأربعون يوما
الثامن عشر من عام الفيل وهو العام الذي ولد في النبي وبينه وبين الهجرة ثلاث وخمسون سنة وشهران وثمانية أيام
التاسع عشر من مبعث النبي وبينه وبين الهجرة ثلاث عشرة سنة وشهران وثمانية أيام

القسم الثاني ما بعد الهجرة
وفيه تاريخ واحد وهو من هلاك يزدجرد آخر ملوك الفرس وكان بعد الهجرة بعشر سنين وثمانية وسبعين يوما
الجملة الرابعة في أصل وضع التاريخ الإسلامي وبنائه على الهجرة دون غيرها
وقد اختلف في أصل ذلك فحكى أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب عن محمد بن جرير أنه روى بسنده إلى ابن شهاب أن النبي لما قدم المدينة وقدمها في شهر ربيع الأول أمر بالتاريخ وعلى هذا فيكون ابتداء التاريخ في عام الهجرة قال النحاس والمعروف عند العلماء أن ابتداء التاريخ بالهجرة كان في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ثم اختلف في السبب الموجب لذلك فذكر النحاس أن السبب فيه أن عامل عمر بن الخطاب رضي الله عنه باليمن قدم عليه فقال أما تؤرخون كتبكم فاتخذوا التاريخ ووافقه على ذلك صاحب مواد البيان وذكر أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل أن السبب فيه أن أبا موسى الأشعري كتب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إنه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيها نعمل قد قرأنا كتابا منها محله شعبان فما ندري في أي الشعبانين ألماضي أو الآتي فأحدث عمر التاريخ وتبعه على ذلك ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب وذكر صاحب حماة في تاريخ أنه رفع إلى عمر رضي الله عنه صك محله شعبان فقال أي شعبان لا ندري ألذي نحن فيه أم الذي هو آت ثم جمع وجوه الصحابة وقال إن الأموال قد كثرت وما

قسمناه منها غير مؤقت فكيف التوصل إلى ما يضبط به ذلك فقالوا يجب أن نعرف ذلك من أمور الفرس فاستحضر الهرمزان وسأله فقال إن لنا حسابا نسميه ماه زور ومعناه حساب الشهور والأيام فعمل عمر التاريخ

الجملة الخامسة في بيان صورة ابتدائهم وضع التاريخ من الهجرة
قال في ذخيرة الكتاب لما أراد عمر التأريخ جمع الناس للمشورة فقال بعضهم نؤرخ بمبعث النبي وقال بعضهم بل بوفاته وقال بعضهم بل بهجرته من مكة إلى المدينة لأنها أول ظهور الإسلام وقوته فصوبه عمر واجتمع رأيه عليه وكان النبي قد ولد في عام الفيل المقدم ذكره في التواريخ القديمة قال في ذخيرة الكتاب وكان وقوع ذلك في اليوم الثاني عشر من شباط سنة ثمانمائة واثنتين وثمانين لذي القرنين وبعث النبي على رأس أربعين سنة من ولادته وأقام بمكة بعد النبوة عشر سنين ثم هاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول بعد عشر من النبوة وقدم المدينة لاثنتي عشرة ليلة منه
ثم بعد اتفاقهم على التأريخ من الهجرة اختلفوا في الشهر الذي تقع البداءة به فأشار بعضهم بالبداءة برمضان لشرفه وعظمه فقال عمر بل بالمحرم لأنه منصرف الناس من حجهم فرجعوا القهقرى ثمانية وستين يوما وهي القدر الذي مضى من أول المحرم إلى ذلك الوقت واستقر تاريخ الإسلام من الهجرة

قال القضاعي في عيون المعارف وكان ذلك في سنة تسع عشرة أو ثماني عشرة من الهجرة
قلت واستقرت تواريخ الأمم على أربعة تواريخ ابتداء بعضها مقدم على ابتداء بعض
أولها غلبة الإسكندر على الفرس وعليه تاريخ السريان والروم إلى زماننا
والثاني ملك دقلطيانوس ملك الروم على القبط وعليه تاريخ القبط إلى زماننا
والثالث الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وعليها مدار التاريخ الإسلامي
والرابع هلاك يزدجرد آخر ملوك الفرس وبه تؤرخ الفرس إلى زماننا وقد تقدم بيان بعد ما بين تاريخ كل من غلبة الإسكندر وملك دقلطيانوس وبين الهجرة في القبلية وبعد ما بين تاريخ يزدجرد وبين الهجرة في البعدية في الكلام على أصول التواريخ مع ما سبق في المقالة الأولى في بيان ما يحتاج إليه الكاتب من ذكر مقدار سنة كل منها وعددها من الأيام وسيأتي الكلام على استخراج بعضها من بعض فيما بعد إن شاء الله تعالى

الجملة السادسة في كيفية تقييد التاريخ في الكتابة بزمن معين وهو ضربان
الضرب الأول التاريخ العربي
ومداره الليالي دون الأيام لأن سني العرب قمرية والقمر أول ما يظهر للأبصار هلالا في الليل فتكون الليالي بهذا الاعتبار سابقة للأيام إذ اليوم عندهم عبارة عن النهار وهو إما من طلوع الفجر على ما ورد به الشرع في

الصوم ونحوه وإما من طلوع الشمس على رأي المنجمين قال أبو إسحاق الزجاجي في كتابه الجمل وإنما حمل على الليالي دون الأيام لأن أول الشهر ليلة فلو حمل على الأيام سقطت منه ليلة قال الشيخ أثير الدين أبو حيان في شرح التسهيل واستغني بالليالي عن الأيام للعلم أن مع كل ليلة يوما فإذا مضى عدد من الليالي مضى مثله من الأيام فيجوز أن يستغنى بذكر أحدهما عن الآخر وقد ذكر جمال الدين عبد الرحيم بن شيث في كتابه معالم الكتابة أن كتب السلطان والأعيان تؤرخ بالليالي والكتب من الأدنى إلى الأعلى تؤرخ بالأيام ولم أعلم من أين أخذ ذلك ولا ما مستنده فيه
إذا علم ذلك فلكتابة التاريخ ثلاثة اعتبارات

الاعتبار الأول أن يؤرخ ببعض ليالي الشهر وله ست حالات
الحالة الأولى أن تقع الكتابة في الليلة الأولى من الشهر أو في اليوم
الأول منه
فإن كانت الكتابة في الليلة الأولى منه فقد ذكر أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب أنه يكتب كتب غرة شهر كذا أو أول ليلة من كذا أو مستهل شهر كذا أو مهل شهر كذا وحكى الشيخ أثير الدين أبو حيان مثل ذلك عن بعضهم وزاد أنه يكتب أيضا كتب أول شهر كذا
قال النحاس لا يجوز حينئذ لليلة خلت ولا مضت لأنهم في الليلة بعد قال في ذخيرة الكتاب وربما كتب بعض الكتاب ليلة الاستهلال لليلة تخلو

وإن كانت الكتابة في اليوم الأول وهو النهار الذي يلي الليلة الأولى من الشهر كتب لليلة خلت أو مضت من شهر كذا قال النحاس ويجوز كتب لغرة الشهر أو لأول يوم من الشهر ومنع أن يقال حينئذ أول ليلة من شهر كذا أو مستهل شهر كذا أو مهل شهر كذا موجها لذلك بأن الاستهلال إنما يقع في الليل وتبعه على ذلك ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب وصاحب مواد البيان وبه جزم الشيخ جمال الدين بن هشام في ورقاته في الوراقة وكلام ابن مالك في التسهيل يوهم جواز ذلك فإنه قد قال فيقال أو الشهر كتب لأول ليلة منه أو لغرته أو مهله أو مستهله وأول الشهر أعم من اليوم والليلة بل هو إلى الليلة أقرب لأن الليلة سابقة بالأولية
قال الشيخ أثير الدين ومفتتح الشهر أول يوم منه ومقتضى كلامه أنه يؤرخ بالمفتتح في اليوم الأول من الشهر دون الليلة وفيه نظر بل الظاهر جواز استعماله فيهما بل الليلة بالمفتتح أولى لسبقها اليوم كما تقدم أللهم إلا أن يراعى فيه موافقة المفتتح لليوم في التذكير دون الليلة لتأنيثها قال في مواد البيان والعرب تسمى أول ليلة من الشهر النحيرة ولكن لا تستعمله الكتاب في التواريخ

الحالة الثانية أن تقع الكتابة فيما بعد مضي اليوم الأول من الشهر إلى
آخر العشر
فإن كان قد مضى منه ليلتان كتب لليلتين خلتا من شهر كذا أو لليلتين مضتا منه قال في ذخيرة الكتاب ولا يكتب ليوم خلا ولا ليومين خلوا لأن ذكر الليالي في باب التأريخ أغلب كما تقول ليلة السبت وليلة الأحد فتضيف الليلة إلى اليوم لأنها أسبق ولا تضيف اليوم إلى الليلة
وحكى الشيخ أثير الدين أبو حيان أنه إذا مضى من الشهر يوم كتب ليوم مضى وإذا مضى يومان كتب ليومين مضيا والتحقيق في ذلك انه يختلف الحال فيه باختلاف الكتابة في الليل والنهار فإن كتب في الليلة الثانية ناسب

أن يكتب ليوم خلا من شهر كذا لأنه إن كتب لليلتين خلتا فهو في الليلة الثانية بعد وإن كتب لليلة خلت لم يظهر الفرق بينه وبين الكتابة في اليوم الأول من الشهر وإن كتب في اليوم الثاني من الشهر ناسب أن يكتب لليلتين خلتا أو مضتا وإن كان قد مضى من الشهر ثلاث ليال كتب لثلاث خلون أو مضين من شهر كذا أو لثلاث ليال خلون أو مضين ويجوز فيه لثلاث خلت أو لثلاث ليال خلت على قلة وكذا في الباقي إلى العشر فتقول لعشر خلون أو مضين أو لعشر ليال خلون أو مضين أو لعشر أو لعشر ليال خلت أو مضت على اللغة القليلة

الحالة الثالثة أن تقع الكتابة فيما بعد العشر إلى النصف
فيكتب لإحدى عشرة خلت أو مضت من شهر كذا أو لإحدى عشرة ليلة خلت أو مضت ويجوز فيه لإحدى عشرة خلون أو لإحدى عشرة ليلة خلون على قلة وكذا في الباقي إلى النصف من الشهر قال الشيخ أثير الدين أبو حيان فإن صرح بالمميز وكان مذكرا أعيد الضمير عليه فيقال لأحد عشر يوما خلا أو مضى ونحو ذلك
الحالة الرابعة أن تقع الكتابة في الخامس عشر من الشهر
فيكتب كتب لنصف شهر كذا قال النحاس وأجازوا الخمس عشرة ليلة خلت أو مضت وكلام ابن مالك في التسهيل يشير إلى جواز لخمس عشرة ليلة خلت أو مضت أو بقيت على رأي من يجوز التاريخ بالباقي ولو حذف ذكر الليلة فقال لخمس عشرة خلت أو مضت أو بقيت صح قال في التسهيل والتاريخ بالنصف أجود

الحالة الخامسة أن تقع الكتابة فيما بعد النصف من الشهر إلى الليلة
الأخيرة منه
وفيه لأهل الصناعة مذهبان
المذهب الأول أن يؤرخ بالماضي من الشهر كما في قبل النصف فيقال لست عشر خلت أو مضت أو لست عشرة ليلة خلت أو مضت وكذا إلى العشرين فيقال لعشرين خلت أو مضت أو لعشرين ليلة خلت أو مضت وكذا في البواقي إلى آخر التاسع والعشرين فيكون التاريخ في جميع الشهر من أوله إلى آخره بالماضي دون الباقي فرارا من المجهول إلى المحقق وهو مذهب الفقهاء لأن لا يعرف هل الشهر تام أو ناقص قال النحاس ورأيت علي بن سليمان يختاره قال في ذخيرة الكتاب وهو أثبت وحجته أقوى ثم لا شك أن من يرى التاريخ باليوم يجوز لستة عشر خلا أو مضى من شهر كذا وكذا فيما بعده
المذهب الثاني أن يؤرخ بما بقي من الشهر وللمؤرخين فيه طريقان
الطريق الأول أن يجزم بالتاريخ بالباقي فيكتب لأربع عشرة ليلة بقيت من شهر كذا ثم لثلاث عشرة ليلة بقيت وهكذا إلى الليلة الأخيرة من الشهر فيكتب لليلة بقيت وهو مذهب الكتاب قال النحاس ورأيت بعض العلماء وأهل النظر يصوبونه لأنهم إنما يكتبون ذلك على أن الشهر تام وقد عرف معناه وأن كاتبه وقارئه إنما يريد إذا كان الشهر تاما فلا يحتاج إلى التلفظ به قال محمد بن عمر المدائني واحتجوا لذلك بان معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه حين كتب عن النبي لابن الحضرمي كتب في آخر الكتاب ( ( وكتب معاوية بن أبي سفيان لثلاث ليال بقين من ذي القعدة بعد فتح مكة سنة

ثمان ) ) ثم قرأه عثمان بن عفان رضي الله عنه والناس حوله قال النحاس وقد وقع مثل ذلك في كلام النبوة فقد ورد في الحديث أن النبي قال في ليلة القدر ( ( التمسوها في العشرة الأواخر لسابعة تبقى أو لخامسة تبقى ) ) وهذا الحديث الذي استشهد به النحاس ثابت في الصحيح فلا نزاع في العمل به
الطريق الثاني أن يعلق التاريخ بالباقي على شرط فيكتب لأربع عشرة ليلة إن بقيت أو لأربع عشرة إن بقيت وعلى ذلك في الباقي فرارا من إطلاق التاريخ بما لا يعلم تمامه أو نقصه وتعليقا له على حكم التمام وكأنه يقول لأربع عشرة ليلة بقيت من الشهر أن كان تماما ومن يرى التاريخ بالأيام يجوز لأربعة عشر يوما تبقى من شهر كذا وكذا في الجميع

الحالة السادسة أن تقع الكتابة في الليلة الأخيرة من الشهر أو في اليوم
الأخير منه
فإن كان في الليلة الأخيرة منه كتب لآخر ليلة من شهر كذا أو في سلخ شهر كذا أو في انسلاخه وإن كان في اليوم الآخر منه كتب لآخر يوم من شهر كذا أو في سلخه أو انسلاخه أيضا ولم يختلفوا هنا في جواز التاريخ باليوم قال ابن حاجب النعمان وذلك أن الشهر يبتدىء بابتداء الليالي وينقضي بانقضاء النهار وذكر صاحب مواد البيان أن الذي كان كتاب مصر يستعملونه بالديار المصرية أن يجعل شهر ثلاثين يوما وشهر تسعة وعشرين وهذا جنوح منهم إلى الاعتبار النجومي ولا معول على ذلك في الشريعة
قلت وكتاب زماننا قد أهملوا النظر في ذلك جملة وعولوا على التاريخ بالأيام واقفين عند حد اليوم الذي ينتهي إليه العدد من الشهر عند الكتابة فيكتبون في اليوم الأول كتب في مستهل شهر كذا ثم في ثاني شهر كذا أو ثالثه إلى العشر ثم في حادي عشرة وثاني عشره إلى العشرين ثم في العشرين من شهر كذا أو الحادي والعشرين والثاني والعشرين إلى التاسع والعشرين وفي اليوم الأخير من الشهر يكتبون في سلخ شهر كذا لا يعرفون غير ذلك

ثم مما يستحسن في التاريخ أنه إذا وقعت الكتابة في يوم مشهور كأيام المواسم أرخ به مع قطع النظر عن عدد ما مضى من الشهر أو بقي منه فيكتب في اليوم الأول من شوال كتب في يوم عبد الفطر وفي تاسع ذي الحجة كتب في يوم عرفة وفي عاشرة كتب في يوم عيد النحر أو في يوم عيد الأضحى وفي حادي عشرة كتب في يوم القر بفتح القاف سمي بذلك لأن الناس يستقرون فيه بمنى وفي ثاني عشرة كتب في يوم النفر الأول لأن الحجيج ينفرون فيه من منى وفي ثالث عشره كتب في يوم النفر الثاني

الاعبتار الثاني أن يؤرخ بجملة من أيام الشهر
فإن أرخ بعشر من الشهر بناه على التأنيث فيكتب كتب في العشر الأولى أو في العشر الأول بضم الهمزة وفتح الواو جمع أوله أو كتب في العشر الوسطى أو في العشر الوسط بضم الواو وفتح السين جمع وسطى أو كتب في العشر الأخرى أو في العشر الأخر بضم الهمزة وفتح الخاء جمع آخرة قال الشيخ أثير الدين أبو حيان ولا يكتب العشر الأول ولا الأوسط ولا الآخر وقال بعض النحويين يكتب وكتب في العشر الآخرة أو الأواخر ولا يكتب الأخرى ولا الأخر لئلا يلتبس بالآخر بمعنى الثاني أو الأخر بمعنى الثواني وقد تقدم في الكلام على أيام الشهر أن العرب تسمي ليالي الشهر كل ثلاث منها باسم وقد تقدم ذكر أسمائها هناك فإذا وقعت الكتابة في ثلاث

منها كالغرر وهي الثلاث الأولى من الشهر والدآدي وهي الثلاث الأخيرة منه كان للكاتب أن يؤرخ بها كما يؤرخ بعشر من الأعشار الثلاث بل الثلاث أقرب لمعرفة التاريخ في العشر وقد أشار إلى ذلك الشيخ أثير الدين في شرح التسهيل فقال وإن أرخ بالثلاث الأخيرة من الشهر كتب الدآدي وإذا كان في السنة أيام مشهورة آرخ بها كالأيام المعلومات وهي العشر الأول من ذي الحجة والأيام المعدودات وهي أيام التشريق على ما تقدم ذكره في موضعه كان للكاتب أن يؤرخ بها

الاعتبار الثالث أن يؤرخ بأجزاء اليوم أو الليلة
وأكثر ما يحتاج الكاتب إلى ذلك في تاريخ بطائق الحمام وقد سبق في الكلام على الأيام أن كل واحد من الليل والنهار اثنتا عشرة ساعة زمانية تطول بطول أحدهما وتقصر بقصره ولكل ساعة منها اسم يخصها كالشروق وهو أول ساعات النهار والغروب وهو آخر ساعاته والشفق وهو أول ساعات الليل والصباح وهو آخر ساعاته فينبغي للكاتب إذا كتب بطاقة من بطائق الحمام أن يكتب الساعة التي كتبت فيها من ساعات النهار أم ساعات الليل فلا يتأتى فيها ذلك لأن الحمام لا يسرح في الليل اللهم إلا أن تدعو الضرورة إلى التاريخ بساعة من ساعات الليل في بعض المكاتبات فيؤرخ بها
قلت وهذا الترتيب قد تركه كتاب زماننا وصاروا يؤرخون بالساعات المشهورة عندهم كالأولى من النهار أو الثانية أو وقت الظهر أو وقت العصر ونحو ذلك

الضرب الثاني التاريخ العجمي
ومداره الأيام دون الليالي لأن سنتهم مع اختلافها في الشهور ومبادئها ومقاطعها شمسية والشمس محل ظهورها النهار دون الليل فلذلك أرخوا بالأيام قال أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل قال أحمد بن يحيى البلاذري حضرت مجلس المتوكل وإبراهيم بن العباس يقرأ الكتاب الذي أنشأه في تأخير النوروز والمتوكل يتعجب من حسن عبارته ولطف معانيه والجماعة تشهد له بذلك فدخلتني نفاسة فقلت يا أمير المؤمنين في هذا الكتاب خطأ فأعادوا النظر وقالوا ما نراه فما هو قلت أرخ السنة الفارسية بالليالي والعجم تؤرخ بالأيام واليوم عندهم أربع وعشرون ساعة تشتمل على الليل والنهار وهو جزء من ثلاثين جزءا من الشهر والعرب تؤرخ بالليالي لأن سنيهم وشهورهم قمرية وابتداء الهلال بالليل قال فشهدوا بصحة ما قلته واعترف به إبراهيم وقال ليس هذا من علمي
قلت وأكثر ما يحتاج إلى ذلك في تحويل السنين ونقل النيروز عند دوران السنين كما في كتاب إبراهيم بن العباس المقدم ذكره وكذلك في كتابة الهدن فسيأتي أنه يجمع فيها بين التاريخ العربي والعجمي جميعا ويجب فيه تقدم العربي على العجمي مثل أن يكتب كتب لعشر خلون من المحرم سنة ثمانمائة موافقا للعاشر من توت من شهور القبط أو العاشر من تشرين الأول من شهور السريان أو العاشر من ينير من شهور الروم أو العاشر من أفرودين ماه من شهور الفرس ونحو ذلك

الجملة السابعة في تقييد التاريخ بالسنة
قد علمت أن فائدة التاريخ إنما تتحقق بذكر السنة بعد اليوم والشهر وإلا فلا يعلم من أي السنين فإذا كتب يوم كذا من شهر كذا كتب بعد ذلك سنة كذا سواء كان التاريخ عربيا أو عجميا أو مركبا منهما مثل أن يكتب سنة كذا من الهجرة الموافق لكذا من سني الروم أو سني الفرس
ثم للكاتب في كتابة تاريخ السنة مصطلحان
المصطلح الأول أن يكتب سنة ذكا فيحتاج إلى حذف الهاء من العدد على قاعدة حذفها من عدد المؤنث مثل أن يكتب سنة ست وثمانمائة ونحو ذلك وعلى هذا اصطلح كتاب الديار المصرية وبلاد المشرق
المصطلح الثاني أن يكتب عام كذا فيحتاج إلى إثبات الهاء في العدد على قاعدة إثباتها في عدد المذكر مثل أن يكتب عام ستة وثمانمائة وعلى نحو ذلك يجري كتاب الغرب غالبا لما يقال إن العام يختص بالخصب والسنة تختص بالمحل على ما تقدم ذكره في الكلام على السنين فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى
الجملة الثامنة في معرفة بعض التواريخ من بعض
قد ذكر في مواد البيان أن من جملة أدب الكاتب العلم بتواريخ سني العالم واستخراج بعضها من بعض في كل وقت من أوقات اليوم الذي هو فيه من كل شهر وسنة من سني الأمم وقد تقدم أيضا أن المستعمل من التواريخ في زماننا بين الأمم أربعة تواريخ بعضها أقدم من بعض
أولها تاريخ غلبة الإسكندر وهو التاريخ الذي تؤرخ به السريان والروم والفرنجة ومن في معناهم إلى الآن وهو بعد الطوفان فيما حرره الشيخ علاء

الدين بن الشاطر في زيجه بثلاثة آلاف وسبعمائة وخمس وثلاثين سنة وثلثمائة وعشرين يوما
الثاني التاريخ من ملك دقلطيانوس وهو الذي يؤرخ به القبط إلى الآن وربما عبروا عنه بتاريخ الشهداء إشارة إلى تسميتهم الذين قتلهم دقلطيانوس من القبط شهداء وهو بعد غلبة الإسكندر بخمسمائة وأربع وتسعين سنة وثلثمائة واثنين وثلاثين يوما
الثالث التاريخ من الهجرة وعليه تاريخ الإسلام وهي بعد ملك دقلطيانوس بثلثمائة وست وثلاثين سنة وثلثمائة وأحد وعشرين يوما
الرابع التاريخ من هلاك يزدجرد آخر ملوك الفرس وقد تقدم أنه بعد الهجرة بعشر سنين وثمانية وسبعين يوما
فأما التاريخ السرياني والرومي وهو الذي مبدأه من غلبة الإسكندر فقد تقدم أن شهور السريانيين اثنا عشر شهرا وهي تشرين الأول تشرين الثاني كانون الأول كانون الثاني شباط أذار نيسان أيار حزيران تموز آب أيلول منها سبعة أشهر كل شهر منها أحد وثلاثون يوما وهي تشرين الأول وكانون الأول وكانون الثاني وآذار وأيار وتموز وآب وأربعة أشهر كل شهر منها ثلاثون يوما وهي تشرين الثاني ونيسان وحزيران وأيلول ومنها واحد ثمانية وعشرون يوما وهو شباط فتكون أيام سنيه ثلثمائة وخمسة وستين يوما ويضاف إليه ربع يوم مراعاة للسنة الشمسية فتصير ثلثمائة وخمسة وستين يوما وربع يوم ينقص جزءا يسيرا ومن أجل ذلك يعدون ثلاث سنين بسائط يكون شباط فيها تسعة وعشرين يوما لإضافة ربع اليوم في السنين الأربع

إليه وتكون السنة فيها ثلثمائة وستة وستين يوما
وقد تقدم أيضا أن شهور السنة الرومية تضاهي شهور السنة السريانية في عدد الأيام بل هي هي إلا أن الروم يسمون أشهرهم بأسماء غير أسماء شهور السريان ويكون أول شهورهم موافقا لكانون الثاني وهو الشهر الرابع من شهور السريان ويكون آخر شهورهم موافقا لكانون الأول
وأسماء شهورهم ينير فبراير مارس إبريل مايه يونيه يوليه أغشت شتنبر أكتوبر نونمبر دجنبر ولا فرق في شيء منها سوى اختلاف الأسماء وابتداء رأس السنة وحينئذ فيكون الكل فيها في التاريخ واحدا
وأما التاريخ القبطي وهو الذي مبدأه من ملك دقلطيانوس فقد تقدم أن شهور السنة القبطة اثنا عشر شهرا وهي توت بابه هتور كيهك طوبه أمشير برمهات برموده بشنس بؤونة أبيب مسرى وكل شهر منها ثلاثون يوما من غير اختلاف ثم بعد مسرى خمسة أيام يسمونها أيام النشيء فتكون أيام سنتهم ثلثمائة وخمسة وستين يوما وتزيد بعد ذلك ربع يوم في كل سنة كما في التاريخ الرومي وقد اصطلحوا على أن يعدوا منها ثلاث سنين بسائط كل سنة منها ثلثمائة وخمسة وستون يوما لا زيادة فيها والرابعة كبيسة تكون أيام النسيء فيها ستة أيام وزيادة ربع يوم وتصير أيام تلك السنة ثلثمائة وستة وستين يوما على نحو ما تقدم في السرياني والرومي
وأما التاريخ العربي وهو الذي مبدأه الهجرة فقد تقدم في الكلام على الشهور في المقالة الأولى أن شهور سنة العرب اثنا عشر شهرا وهي المحرم صفر ربيع الأول ربيع الآخر جمادى الأولى جمادى الآخرة رجب شعبان رمضان شوال ذو القعدة ذو الحجة وأنها قمرية مدارها رؤية الهلال إلا

أن المنجمين اعتمدوا فيها على الحساب دون الرؤية لتصحيح حساب التواريخ ونحوها وجعلوا فيها شهرا تاما عدده ثلاثون يوما وشهرا ناقصا عدده تسعة وعشرون يوما على ترتيب شهور السنة فالمحرم عندهم تام وصفر ناقص وربيع الأول تام وربيع الآخر ناقص وجمادى الأولى تام وجمادى الآخرة ناقص ورجب تام وشعبان ناقص ورمضان تام وشوال ناقص وذو القعدة تام وذو الحجة ناقص فيكون من السنة ستة أشهر تامة وستة أشهر ناقصة وتكون السنة حينئذ ثلثمائة يوم وأربعة وخمسين يوما ويلحقها بعد ذلك كسر في كل سنة وهو خمس يوم وسدس يوم فتصير السنة ثلثمائة يوم وأربعة وخمسين يوما وخمس يوم وسدس يوم مفرقة في ثلاثين سنة ويجعلون الكبيسة سنة بعد سنة ثم سنة بعد سنتين ثم سنة بعد سنة وعلى هذا الترتيب إلى آخر الثلاثين فتكون الكبائس هي الثانية والخامسة والسابعة والعاشرة والثالثة عشرة والخامسة عشرة والثامنة عشرة والحادية والعشرين والرابعة والعشرين والسادسة والعشرين والتاسعة والعشرين فتكون كل سنة منها ثلثمائة وخمسة وخمسين يوما ويجعل الزائد فيها في ذي الحجة فيكون فيها ثلاثين يوما وباقي سني الثلاثين بسائط كل سنة منها ثلثمائة وأربعة وخمسون يوما وذو الحجة فيها تسعة وعشرون يوما بناء على الأصل في أن يكون شهر تاما وشهر ناقصا
وأما التاريخ الفارسي وهو الذي مبدأه من هلاك يزدجرد فقد تقدم في الكلام على الشهور أن سني الفرس اثنا عشر شهرا كل شهر منها ثلاثون يوما

وهي أفرودين ماه أرديهشتماه حردادماه تيرماه تردماه شهريرماه مهرماه أبان ماه أدرماه ذي ماه بهمن ماه اسفندارماه وبين أبان ماه وأدرماه خمسة أيام تسمى المسترقة بمثابة أيام النسيء في آخر سنة القبط وبمقتضى ذلك تكون سنتهم ثلثمائة وخمسة وستين يوما وليس فيها زيادة ولا نقص فلا بد من معرفة هذه الأصول لاستخراج تواريخ بعض السنين المذكورة من بعض
ثم مما يجب تعرفه بعد ذلك أن تعلم أن التاريخ السرياني والرومي سنونه سريانية أو رومية على ما تقدم فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين السريانية والرومية من عدد الأيام والكبائس والتاريخ القبطي سنونه قبطية فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين القبطية من الأيام والكبائس والتاريخ العربي سنونه عربية فيكون على ما تقدم في السنين العربية من عدد الأيام والكبائس والتاريخ الفارسي سنونه فارسية فيعتبر فيها ما يعتبر في السنين الفارسية من عدد الأيام ولا كبيسة فيها
إذا علمت ذلك فإذا أردت استخراج بعض هذه التواريخ من بعض فانظر التاريخ المعلوم عندها عندك كالتاريخ العربي مثلا عند الإسلاميين فاجعل السنين التامة من التاريخ المعلوم أياما وزد عليها ما مضى من السنة المكسورة من الشهور والأيام إلى اليوم الذي تريد أن تعلم موافقته لمثله من التاريخ المجهول ثم انظر فإن كان التاريخ المعلوم أقدم من التاريخ المجهول فانقص من أيام التاريخ المعلوم ما بين التاريخين من الأيام فما بقي فهو أيام التاريخ المجهول وإن كان التاريخ المجهول أقدم فزد ما بين التاريخين من الأيام فما بقي فهو أيام التاريخ المعلوم فما بلغ فهو أيام التاريخ المجهول فإذا علمت أيام التاريخ المجهول بزيادة ما بين التاريخين على أيام التاريخ المعلوم أو نقصانها منه على ما تقدم فاجعل ما حصل معك من أيام التاريخ

المجهول الذي تريد استخراجه فما كان فهو السنون التامة للتاريخ الذي تريد استخراجه فإن بقي شيء من الأيام بعد السنين التامة فخذ منها لكل شهر عدد أيامه وما بقي من الأيام دون شهر فهو الماضي من أيام الشهر الذي يلي ذلك
مثال ذلك إذ أردت أن تستخرج التاريخ السرياني أو الرومي الموافق لآخر سنة ثمانمائة من الهجرة فقد تقدم لك أن التاريخ السرياني والرومي مبدأه من غلبة الإسكندر على الفرس وهو قبل الهجرة بتسعمائة سنة واثنتين وثلاثين سنة ومائتين وسبعة وثمانين يوما وذلك ثلثمائة ألف يوم وأربعون ألف يوم وسبعمائة يوم فاحفظ ذلك ثم ابسط الماضي من سني الهجرة وهو ثمانمائة سنة أياما بأن تضرب الثمانمائة في عشرة آلاف وستمائة وأحد وثلاثين يوما وهي بسط السنة العربية من حين كسرها الزائد على أيامها وهو خمس يوم وسدس يوم يكون ثمانية آلاف ألف وخمسمائة ألف وأربعة آلاف وثمانمائة فاقسمه على ثلاثين وهي مخرج الكسر الذي هو الخمس والسدس يخرج بالقسمة مائتا ألف وثلاثة وثمانون ألفا وأربعمائة وثلاثة وتسعون وهو عدد أيام الثمانمائة سنة فأضفه على ما بين غلبة الإسكندر والهجرة من الأيام وهو ثلثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة يوم ويكون الجميع ستمائة ألف وأربعة وعشرين ألف ومائة وثلاثة وتسعين فاجعل تلك الأيام سنين سريانية بأن تضرب تلك الأيام في أربعة يحصل منها ألفا ألف وأربعمائة ألف وستة وتسعون ألفا وسبعمائة اثنان وسبعون يوما فاقسمه على ألف وأربعمائة وأحد وستين يخرج بالقسمة ألف وسبعمائة وثمانية وهي سنون تامة ويفضل بعد ذلك ألف وثلثمائة وأربعة وثمانون فاقسمها على أربعة يخرج ثلثمائة وستة وأربعون يوما يكون ذلك أحد عشر شهرا من أول تشرين الأول وأحد عشر يوما من الشهر الثاني عشر من الشهور السريانية وهو أيلول فيكون آخر يوم من سنة

ثمانمائة هجرية موافقا لليوم الحادي عشر من أيلول سنة ألف وسبعمائة وتسع من السريانية
وإن أردت أن تستخرج التاريخ القبطي لآخر سنة ثمانمائة فقد تقدم أن التاريخ القبطي ابتداؤه من ملك دقلطيانوس على القبط وهو قبل الهجرة بثلثمائة وسبع وثلاثين سنة وثلثمائة وعشرين يوما وجملة أيامه مائة ألف يوم وثلاثة وعشرون ألف يوم وأربعمائة يوم وتسعة أيام فأضف أيام الماضي من سني الهجرة وهو مائتا ألف وثلاثة وثمانون ألفا وأربعمائة وثلاثة وتسعون على ما تقدم في التاريخ السرياني على ما قبل الهجرة وهو مائة ألف وثلاثة وعشرون ألفا وأربعمائة وتسعة أيام يكون المجموع أربعمائة ألف وستة آلاف وتسعمائة يوم ويومين فاجعله سنين قبطية بأن تضرب ذلك في أربعة عدد مخرج كسر السنة القبطية وهو الربع الزائد على الخمسة وستين يكون ألف ألف وستمائة ألف وسبعة وعشرين ألفا وستمائة وثمانية فاقسمه على ألف وأربعمائة وأحد وستين يخرج بالقسمة ألف ومائة وأربعة عشر وهو عدد السنين القبطية التامة ويبقى بعد ذلك أربعة وخمسون فاقسمه على الأربعة المذكورة يخرج بالقسمة أربعة عشر وهي أيام من الشهر الأول من السنة القبطية الناقصة فيكون آخر يوم من سنة ثمانمائة للهجرة موافقا لرابع عشر شهر توت سنة ألف ومائة وخمس عشرة من السنين القبطية
وإن أردت أن تستخرج التاريخ الفارسي لآخر سنة الثمانمائة المذكورة فقد تقدم أن ابتداء التاريخ الفارسي بعد الهجرة بعشر سنين وثمانين يوما وجملة أيامه ثلاثة آلاف يوم وستمائة يوم وأربعة وعشرون يوما فأسقطها من الحاصل من أيام النسيء الماضي من الهجرة إلى آخر الثمانمائة يكون الباقي بعد ذلك مائتي ألف وتسعة وسبعين ألفا وثمانمائة وتسعة وستين يوما

فاقسمها على ثلثمائة وخمسة وستين يخرج لك سبعمائة وستة وستون سنة وهو عدد السنين الفارسية التامة ويفضل بعد ذلك مائتان وتسعة وسبعون يوما فخذ لكل شهر عدد أيامه وهو ثلاثون يوما ويبقى تسعة أيام منها خمسة أيام في نظير الخمسة الأيام الزائدة في آخر أبان ماه المعروفة بالمسترقة يبقى أربعة أيام من شهر ذي ماه وهو الشهر العاشر من شهورهم فيكون آخر يوم من ثمانمائة من الهجرة موافقا لليوم الرابع من ذي ماه من شهور الفرس سنة سبعمائة وسبع وستين
فلو فرض أنه مضى من سنة إحدى وثمانمائة ستة أشهر مثلا فاجعل الأشهر شهرا تاما وشهرا ناقصا على ما تقدم تكون أيامها مائة وسبعة وسبعين يوما فأضفها على أيام الثمانمائة وافعل فيها ما تقدم ذكره لا يتغير العمل في شيء من ذلك
مثال ذلك إذا أردت استخراج التاريخ السرياني في آخر جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانمائة فأصف مائة وسبعة وسبعين وهي أيام ستة أشهر على أيام الثمانمائة وهي مائتا ألف وثلاثة وثمانون ألفا وأربعمائة وثلاثة وتسعون يكون المجموع مائتي ألف وثلاثة وثمانين ألفا وستمائة وستين يوما فأضف إليه ما بين الهجرة والتاريخ السرياني وهو ثلثمائة ألف وأربعون ألفا وسبعمائة يحصل من ذلك ستمائة ألف وأربعة وعشرون ألفا وثلثمائة وسبعون فاضربه في أربعة يخرج ألف وستمائة وتسعة ويفضل من الأيام مائة وثمانية وخمسون يوما تكون سابع آذار من شهور السريان فيكون آخر يوم من جمادى الآخرة سنة إحدى وثمانمائة موافقا للسابع من شهر آذار سنة ألف وسبعمائة وعشر من سني السريان
قلت وفي كتب الزيجات وغيرها طرق مختلفة لاستخراج التواريخ وجداول موضوعة لا يحتملها هذا الكتاب فليراجعها من احتاج إلى زيادة على ذلك

الجملة الثامنة في موضع كتابة التاريخ من الكتاب وصورة وضعه في الكتابة
أما موضعه من الكتاب فقال محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة رسموا تاريخ الكتب في آخرها وجعلته العامة في صدورها والتحقيق في ذلك ما ذكره صاحب مواد البيان وغيره أن الكتب التي تؤرخ على ضربين
الضرب الأول الكتب السلطانية ولها حالان
الحالة الأولى أن يكون الكتاب في أمر تتشوف النفوس إلى معرفة اليوم الذي وقع ذلك الأمر فيه كالحوادث العظام والفتوحات والمواسم ونحوها فيؤرخ الكتاب في صدره مثل أن يكتب في صدر الكتاب كتاب أمير المؤمنين إليك أو كتابنا إليك يوم كذا من سنة كذا كما كان يكتب في الزمن المتقدم في مثل ذلك
الحالة الثانية أن يكون الكتاب في أمر لا تتشوف النفوس إلى معرفة اليوم الذي يقع ذلك الأمر فيه فيؤرخ الكتاب في آخره
الضرب الثاني كتب الأتباع إلى الرؤساء
والرسم فيها أن تؤرخ في صدروها قال في مواد البيان وذلك مثل أن يقال كتب العبد من مقر خدمته يوم كذا
قلت والذي استقر عليه حال كتاب الزمان كتابة التاريخ في آخر الكتاب بكل حال سواء كان المكتوب ولاية أو مكاتبة أو غير ذلك ولعل الولايات وما في معناها لم يقع الاختلاف في كتابتها في آخر المكتوب في زمن من الأزمان
وأما صورة وضع التاريخ في الكتابة فقد اصطلح الكتاب على أن جعلوا التاريخ بعد كتابة إن شاء الله تعالى في سطرين فيكتبون كتب في كذا من

شهر كذا في سطر ثم يكتبون سنة كذا في سطر تحته وفي الكتب عن قضاة القضاة يجعل كتابهم جميع التاريخ في سطر واحد

الطرف الثالث في المستندات وفيه جملتان
الجملة الأولى في صورة ما يكتب وهو على ضربين
الضرب الأول أن يضاف إلى مرسوم السلطان وله خمس حالات
الحالة الأولى أن يكون بتلقي كاتب السر إما بما يأمر به السلطان عند قراءته القصة عليه أو بما يكتبه كاتب السر ويمضيه من نفسه كما في خلاص الحقوق ونحوها فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف في سطر واحد لا غير
الحالة الثانية أن يكون بتلقي كاتب السر أو أحد من كتاب الدست بدار العدل عند جلوس السلطان في المواكب بالإيوان وقراءة كاتب السر وكتاب الدست قصص المظالم ونحوها عليه فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف من دار العدل الشريف سطرين أحدهما تحت الآخر ويكون في السطر الأول حسب المرسوم الشريف والباقي في السطر الثاني
الحالة الثالثة أن يكون برسالة الدوادار فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف سطرا واحدا ثم يكتب تحته برسالة الجناب العالي الأميري الدوادار الفلاني باللقب المضاف إلى الملك كالناصري ونحوه ضاعف الله تعالى نعمته ويكون آخر السطر الأول الأميري الفلاني

الحالة الرابعة أن يكون من ديوان الخاص فيكتب فيه حسب المرسوم الشريف من ديوان الخاص الشريف ويكون حسب المرسوم الشريف سطرا وباقي الكلام سطرا
الحالة الخامسة أن يكون بخط السلطان بظاهر قصة فيكتب حسب المرسوم الشريف بالخط الشريف سطرين ويكون حسب المرسوم الشريف سطرا على ما تقدم وما بعده سطرا
قلت ومما يجب التنبه له أن لفظ حسب الواقع في المستندات منقول اللغة فيه بفتح السين كما تقول فعلت ذلك حسب أمرك ولا يجوز تسكينها بحال كما أطبق عليه علماء اللغة إلا ما حكاه الجوهري في صحاحه من جواز تسكينها في ضرورة الشعر على أن جل كتاب الزمان يغلطون في ذلك فلا ينطقون بها إلا ساكنة السين وربما ضبطوه كذلك في الكتابة

الضرب الثاني أن يجعل مستنده الإشارة وله ثلاث حالات
الحالة الأولى أن يكون بإشارة النائب الكافل فيكتب بالإشارة العالية الأميرية الكبيرية الكافلية كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى سطرين ويكون آخر السطر الأول الكافلية الفلانية
الحالة الثانية أن يكون بإشارة الوزير فيكتب بالإشارة العالية الوزيرية الفلانية مدبر الممالك الشريفة أعلاها الله تعالى سطرين ويكون آخر السطر الأول الوزيرية الفلانية
الحالة الثالثة أن يكون بإشارة الإستدار فيكتب بالإشارة العالية الأميرية الكبيرة الفلانية إستدار العالية أعلاها الله تعالى سطرين ويكون آخر السطر الأول الكبيرية الفلانية وقد تقدم في الكلام على الألقاب ما جرى عليه الكتاب في لفظ إستدار من التحريف واستعملوه بلفظ إستادار أو استاد

الدار وتجب موافقتهم عليه وإن كان خطأ جريا على المصطلح

الجملة الثانية في موضع كتابة المستند
وقد اصطلح الكتاب على أن يكتب المستند في الغالب بعد التاريخ ويكون الظرف أو الجار والمجرور فيه متعلقا من التاريخ بلفظ كتب وكأنه يقول كتب في تاريخ كذا حسب الأمر الشريف أو بالإشارة الفلانية وربما كتب بحاشية المكتوب في المراسيم الصغار التي تكتب على ظهور القصص ونحوها وكذلك أوراق الطريق وموضع كتابته يقابل بين السطرين الأولين آخذا من جهة الأسفل إلى جهة الأعلى بحيث يكون آخر كتابة المستند مسامتا للسطر الأول فإن كان حسب المرسوم الشريف فقط كتبه سطرا واحد وإن كان من دار العدل كتب حسب المرسوم الشريف سطرا ومن دار العدل الشريف سطرا تحته وكذلك إن كان من ديوان الخاص كما يكتب في أسفل الكتاب وإن كان برسالة الدوادار فقد جرت العادة أن يكتب حسب المرسوم الشريف في أسفل الكتاب تحت التاريخ سطرا واحدا ويكتب برسالة الجناب العالي الأميري الكبيري الفلاني الدوادار الفلاني ضاعف الله تعالى نعمته بالهامش في المحل المتقدم سطرين كما كان يكتب بآخر الكتاب وإن كان المستند الإشارة كتب جميعه بحاشية الكتاب في المحل المقدم ذكره سطرين على ما تقدم بيانه
الطرف الرابع في الحمدلة في آخر الكتاب وفيه جملتان
الجملة الأولى في الأصل في كتابتها
والأصل في ذلك أن الله سبحانه كما جعل الحمد مفتاحا للأمور تيمنا

بالافتتاح به جعله ختاما لها تيمنا بالاختتام به قال تعالى ( وقضى بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين ) وقال جلت قدرته ( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) وكان النبي إذا رجع من السفر قال ( ( آئبون تائبون لربنا حامدون ) ) قال السهيلي ومن ثم سمي النبي أحمد إشارة إلى أنه خاتم الأنبياء وآخر المرسلين
ولما كان الأمر كذلك اصطلح الكتاب على اختتام الكتب بالحمد تبركا قال ابن شيث في معالم الكتابة ولا يختم بالحمد لله في التواقيع في المظالم وربما ختم بها في تواقيع الإطلاقات وقد اصطلح كتاب الزمان على حذفها من آخر ما لا تكتب في أوله البسملة كالتواقيع الصغار ونحوها على ما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى وكأنهم يشيرون بذلك إلى أن مثل ذلك لا يهتم بشأنه فكما حذفوا البسملة من أولها حذفوا الحمدلة من آخرها إشارة إلى عدم الاهتمام بهام كما حذفت من أول الكلام الذي لا يهتم به لأجل ذلك على ما تقدم بيانه

الجملة الثانية في بيان ما يكتب وصورة وضعه في الكتابة
أما ما يكتب فقد اصطلحوا على أن يكتبوا في حمدلة آخر الكتاب الحمد لله وحده وبما كتبوا الحمد لله رب العالمين على أنهم لو أطبقوا على كتابتها لكان أولى فقد ذكر النووي في كتابه الأذكار أنها أفضل صيغ الحمد ومن أجل ذلك افتتحت بها فاتحة الكتاب التي هي أم القرآن

وأما وضعها في الكتابة فقد اصطلحوا على أن جعلوها بعد كتابة المستند عن يمنة الدرج على بعد قدر ما بين إن شاء الله تعالى والسطر الآخر من المكتوب قال في معالم الكتابة وقد تحتمل الخروج عن سمت السطور

الطرف الخامس في الصلاة على النبي في آخر الكتاب وما يلتحق بذلك وفيه
جملتان
الجملة الأولى في أصل إثباتها في آخر الكتب
والأصل في ذلك مع ما تقدم في الكلام على الصلاة على النبي في أول الكتب في الكلام على الفواتح أنه كما ذكرت في أوائل الكتب تبركا كذلك ذكرت في آخرها تبركا وقد قال تعالى في حقه ( ورفعنا لك ذكرك ) فإن معناه ما ذكرت إلا ذكرت معي ولما اختتمت الكتب بالحمد لله ناسب أن يقرن الحمد بالصلاة على النبي جمعا بين ذكره وذكر الله تعالى وقد ذكر ابن هشام في سيرته أن النبي كتب في آخر عهده لعمرو بن بن حزم حين وجهه إلى اليمن صلى الله على محمد
ثم الكلام في الجمع بين الصلاة والسلام والصلاة على الآل والصحب بعده في آخر الكتاب على ما مر في الصلاة عليه في أول الكتاب
قلت فلو كتب كتاب لسلطان أو غيره من المسلمين إلى احد من أهل الكفر فهل يؤتى بالصلاة على النبي كما يؤتى بها في الكتاب إلى المسلم

إرغاما للكافر بالصلاة على النبي أو لا يؤتى بها صيانة لاسمه عن حصوله في يد كافر كما يمنع من السفر بالمصحف إلى بلاد الكفر لم أر من تعرض له والظاهر أنه يؤتى بها إرغاما للكافر ومواجهة له بما يكره
وقد حكى أبو هلال العسكري في كتابه الأوائل أن عبد الملك بن مروان حين أحدث كتابة سورة الإخلاص وذكر النبي على الدنانير والدراهم كتب إليه ملك الروم إنكم قد أحدثتم في طواميركم شيئا من ذكر نبيكم فاتركوه وإلا أتاكم في دنانيرنا ذكر ما تكرهون فعظم ذلك في صدر عبد الملك فأرسل إلى خالد بن يزيد بن معاوية يستشيره في ذلك وكان أديبا عالما فقال له خالد فرخ روعك يا أمير المؤمنين حرم دنانيرهم واضرب للناس سككا فيها ذكر الله تعالى وذكر رسوله ولا تعفهم مما يكرهون في الطوامير ففعل

الجملة الثانية في بيان ما يكتب في التصلية في آخر الكتب وصورة وضعه في
الكتابة
أما صورة ما يكتب فقد اصطلح الكتاب على أن يكتبوا في التصلية في آخر الكتاب بعد الحمد لله وحده ما صورته وصلواته على سيدنا محمد وآله وصبحه وسلامه وهي صيغة مستحسنة للإتيان بالصلاة فيها بصيغة الجمع والجمع بين الصلاة والسلام وإتباع الصلاة والسلام عليه بالصلاة والسلام على الآل والصحب وربما أتى بعض الكتاب بالصلاة بلفظ الإفراد فيكتب وصلاته
واعلم أن الصلاة يجوز كتابتها بالألف على هذه الصورة الصلاة ويجوز كتابتها بالواو على هذه الصورة الصلوة إلا أن محل ذلك ما إذا لم

تضف إلى ضمير نحو صلاته وصلاتك فإن أضيفت إلى الضمير تعينت كتابتها بالألف دون الواو وربما غلط فيها بعض الكتاب فكتبها بالواو
وأما موضعها في الكتابة فقد اصطلحوا على أن يكتبوا ذلك تلو الحمد لله وحده يفصل بياض بينهما لتكون الحمدلة في أول السطر والتصلية في آخره

الطرف السادس في الحسبلة في آخر الكتاب وفيه جملتان
الجملة الأولى في أصل كتابتها
والأصل في ذلك ما دل عليه قوله تعالى ( والذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلوا بنعمة من الله وفضل ) فجعل قولهم حسبنا الله ونعم الوكيل سببا لحسن المنقلب والصون عن السوء وقد قيل من قال حسبنا الله ونعم الوكيل لم يخب في قصده
الجملة الثانية في بيان ما يكتب في ذلك وكيفية وضعه في الكتابة
أما ما يكتب فقد اصطلح الكتاب على أن يكتبوا حسبنا الله ونعم الوكيل بلفظ الجمع على أن المتكلم يتكلم بلسانه ولسان غيره من الأمة لا أن الجمع للتعظيم لأنه ليس بلائق بالمقام وكان بعض الكتاب يستحب أن يكتب حسبي الله بلفظ الوحدة فرارا من اللبس في لفظ الجمع ين التعظيم

والجمع الحقيقي وقد أشار في صناعة الكتاب إلى بعض ذلك قال ابن شيث في معالم الكتابة وقد يتأدب الأدنى مع الأعلى فيأتي بالآية على نصها فيقول ( وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ) فرارا من نون الجمع التي هي للعظمة قال وقد يقال في مكانها ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) ثم قال فأما للأعلى إذا كتب للأدنى فلا يخرج عن ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) ثم بعض الكتاب قد يكتب مع الحسبلة واوا بأن يكتب وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا معنى للواو هنا إذ لا علاقة بين الحسبلة وما قبلها حتى يسوغ العطف عليه فالواجب حذفها كما نبه عليه الشيخ جمال الدين بن هشام في ورقاته في الوراقة
وأما موضع وضعها في الكتابة فقد اصطلحوا على أن يكتبوها سطرا واحدا بعد سطر الحمدلة والتصلية ويكون بينهما في البعد قدر ما بين إن شاء الله تعالى وبين السطر الآخر من البياض قال ابن شيث وموضعها ثلث السطر من الجانب الأيمن إلى حيث ينتهي
واعلم أن الكتاب قد اصطلحوا على أن يكتبوا تحت الحسبلة صورة حاء لطيفة منكبة على هذه الصورة حر ولا معنى لها إذ هي في الأصل إشارة إلى الحسبلة نفسها وكأن بعض الكتاب كان يكتفي بها عن الحسبلة ثم التبس ذلك على بعض الكتاب فأثبتها مع الحسبلة على ظن أن فيها قدرا زائد عليها ويحتمل أنها إنما وضعت في الأصل لسد البياض كما يكتب بعض الدوائر لسد البياض أو الفصل بين الكلامين وغير ذلك

الطرف السابع في اللواحق وفيه جملتان
الجملة الأولى في التتريب ويتعلق به أمران
الأمر الأول في الندب إلى التتريب
لا نزاع في أن تتريب الكتاب بعد الفراغ منه بإلقاء الرمل ونحوه عليه مطلوب وفيه معنيان
المعنى الأول التبرك طلبا لنجح القصد فقد روى محمد بن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة بسنده عن إسماعيل بن محمد بن وهب عن هشام بن خالد وهو أبو مروان الأزدي عن بقية بن الوليد عن عطاء عن ابن جريج عن ابن عباس عن النبي أنه قال ( ( تربوا الكتاب ونحوه من أسفله فإنه أعظم للبركة وأنجح للحاجة ) ) وفي حديث ( ( إذا كتب أحدكم كتابا فليتربه فإنه مبارك وهو أنجح لحاجته ) )
ومن كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه تربوا الكتاب تنجحوا ويؤيد ذلك ما روي أن النبي كتب كتابين إلى أهل قريتين فترب أحدهما ولم يترب الآخر فأسلمت القرية التي ترب كتابها وهذا المعنى موجود في المكاتبات والولايات وغيرهما لطلب البركة والنجاح في جميع ذلك
وقد حكي أن أبا دهمان مرض مرضا أشفى فيه فأوصى وأملى وصيته

على ابنه فكتبها وأتربها فقال نعم تربها فإنه أنجح للحاجة ولا فرق في ذلك بين أن يكون المكتوب قد جف أم لا لأن القصد إنما هو النجح والبركة
المعنى الثاني التجفيف لما كتبه بطرح التراب عليه كي لا ينمحي بما يصيبه قبل الجفاف وهذا المعنى أضعف من الأول ومقتضاه أنه إذا جف الكتاب لا يترب وعليه عمل كتاب الزمان ومن هنا يضعون التراب على آخر الكتاب من حيث أنه أقرب عهدا بالكتابة فيحتاج إلى التجفيف بخلاف أول الكتاب فإنه يكون قد جف عند نهاية الكتاب غالبا لا سيما في الزمن الحار أو مع طول الكتاب وامتداد زمن كتابته على أن صاحب مواد البيان وغيره من قدماء الكتاب قد صرحوا بأنه يستحب وضع التراب أولا على البسملة ثم يمره الكاتب منها على سائر المكتوب ليعلم الكتاب بركة البسملة ولقائل أن يقول إن التتريب من آخر الكتاب إلى أعلاه لا يخلوا أيضا من بركة لملامسة التراب أولا الحمدلة والصلاة على النبي والحسبلة وربما بلغ بالتراب من أسفل الكتاب إلى البسملة ثم أعاده فيجمع فيه بين البركتين

الأمر الثاني فيما يترب به الكتاب
وقد اصطلح كتاب الزمان على التتريب بالرمل الأحمر أما تخصيصهم التتريب بالرمل فلأنه لا غبار فيه يعلق بالكتاب فيذهب بهجة الورق وأما اختيارهم الأحمر دون غيره فلأنه أبهج إذا لصق بالكتاب قال محمد بن عمر المدائني وكرهوا ونهوا عن تراب الحيطان ومالوا إلى النشارة والأشنان قال وبلغنا أن بعض الأئمة من أهل العلم كان يترب الحديث بالصندل ويقول لا أطرح على حديث رسول الله التراب وكان حيوة بن شريح يخرج إلى

الصحراء فيأخذ الطين الأسود فيدقه وينخله فيترب به وقد صرح الرافعي وغيره من أصحابنا الشافعية أنه يحرم التتريب من جدار الغير ومعناه ظاهر لما فيه من الاغتصاب والاعتداء وقد سبق في المقالة الأولى في الكلام على الخط ذكر أنواع الرمل وأن من أحسنه رملا يؤتى به من صحراء ماردين فيه شذور صفر كشذور الذهب يلقى في الرمل الأحمر فيترب به الأمراء والوزراء ومن في معناهم

الجملة الثانية في نظر الكاتب في الكتاب وتأمله بعد الفراغ منه
قد نصوا على أنه إذا فرغ الكاتب من كتابة الكتاب ينبغي له أن يتأمله من أوله إلى آخره ويتتبع ألفاظه ويتأمل معانيه ويصلح منها ما لعله وهم فيه الفكر أو سبق إليه القلم ليسلم من قدح القادح وطعن الطاعن وقد تقدم في مقدمة الكتاب أن صاحب الديوان لا يكتفي بنظر الكاتب في ذلك بل يكله إلى نظر كاتب كامل ينصبه لذلك ثم يتأمله هو بنفسه بعد ذلك ليتنقح الكتاب ويتهذب

المقالة الرابعة في المكاتبات وفيها بابان
الباب الأول في أمور كلية في المكاتبات وفيه فصلان
الفصل الأول في مقدمات المكاتبات وفيه ثلاثة أطراف
الطرف الأول في أصول يعتمدها الكاتب في المكاتبات
ويتعلق المقصود منها بعشرة أصول
الأصل الأول أن يأتي الكاتب في أول المكاتبة بحسن الافتتاح المطلوب في سائر أنواع الكلام من نثر ونظم مما يوجب التحسين ليكون داعية لاستماع ما بعده على ما تقدم بيانه في الكلام على علوم البلاغة في المقالة الأولى
ويرجع حسن الافتتاح في المكاتبات إلى معنيين
المعنى الأول أن يكون الحسن فيه راجعا إلى المبتدأ به إما بالافتتاح بالحمد لله كما في بعض المكاتبات لأن النفوس تتشوف إلى الثناء على الله تعالى أو بالسلام الذي جعله الشارع مفتتح الخطاب أو نحو ذلك وإما بالافتتاح بما فيه تعظيم المكتوب إليه من تقبيل الأرض أو اليد أو الدعاء له أو غير ذلك فإن أمر المكاتبات مبني على التملق واستجلاب الخواطر وتألف

القلوب إلى غير ذلك مما يجري هذا المجرى على ما يقتضيه اصطلاح كل زمن في الابتداآت
المعنى الثاني أن يكون الحسن فيه راجعا إلى ما يوجب التحسين من سهولة اللفظ وصحة السبك ووضوح المعنى وتجنب الحشو وغير ذلك من موجبات التحسين كما كتب الأستاذ أبو الفضل بن العميد عن ركن الدولة بن بويه إلى من عصى عليه مفتتحا كتابه بقوله كتابي إليك وأنا متردد بين طمع فيك وإياس منك وإقبال عليك وإعراض عنك فإنك تدل بسالف خدم أيسرها يوجب رعاية ويقتضي محافظة وعناية ثم تشفعها بحادث غلول وخيانة وتتبعها بألف خلاف ومعصية أدنى ذلك يحبط أعمالك ويسقط كل ما يرعى لك
وكما كتب أبو حفص بن برد الأندلسي عن ملكه إلى من عصى عليه ثم عاد إلى الطاعة كتابا افتتحه بقوله أما بعد فإن الغلبة لنا والظهور عليك جلباك إلينا على قدمك دون عهد ولا عقد يمنعان من إراقه دمك ولكنا لما وهب الله تعالى لنا من الإشراف على سرائر الرياسة والحفظ لشرائع السياسة تأملنا من ساس جهتك قبلنا فوجدنا يد سياسته خرقاء وعين خدامته عوراء وقدم مداراته شلاء لأنه مال عن ترغيبك فلم ترجه وعن ترهيبك فلم تخشه فأدتك حائجتك إلى طلاب المطاعم الدنية وقلة مهابتك إلى التهالك على

المعاصي الوبية ونحو ذلك من الافتتاحات البهجة والابتداآت الرائقة مما ستقف على الكثير منه في خلال هذا الكتاب إن شاء الله تعالى

الأصل الثاني أن يأتي في ابتداء المكاتبة ببراعة الاستهلال المطلوبة في
كل فن من فنون الكلام
بأن يأتي في صدر المكاتبة بما يدل على عجزها فإن كان الكتاب بفتح أتى في أوله بما يدل على التهنئة أو بتعزية أتى في أوله بما يدل على التعزية أو في غير ذلك من المعاني أتى في أوله بما يدل عليه ليعلم من مبدأ الكتاب ما المراد منه كما يحكى أن عمرو بن مسعدة كاتب المأمون أمر كاتبه أن يكتب إلى الخليفة كتابا يعرفه فيه أن بقرة ولدت عجلا وجهه وجه إنسان فكتب أما بعد حمد الله خالق الأنام في بطون الأنعام وفضلاء الكتاب وأئمتهم يعتنون بذلك كل الاعتناء ويرون تركه إخلالا بالصنعة ونقصا في الكتابة حتى أن الوزير ضياء الدين بن الأثير في المثل السائر قد عاب أبا إسحاق الصابي على جلالة قدره في الكتابة واعترافه له بالتقدم في الصناعة بكتاب كتبه بفتح بغداد وهزيمة الترك فقال في أوله
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين الوحيد الفريد العلي المجيد الذي لا يوصف إلا بسلب الصفات ولا ينعت إلا برفع النعوت الأزلي بلا ابتداء الأبدي بلا انتهاء القديم لا منذ أمد محدود الدائم لا إلى أجل معدود الفاعل لا من مادة امتدها الصانع لا بآلة استعملها الذي لا تدركه الأعين بألحاظها ولا تحده الألسن بألفاظها ولا تخلقه العصور بمرورها ولا تهزمه الدهور بكرورها ولا تجاريه أقدام النظراء والأشكال ولا تزاحمه مناكب القرناء والأمثال بل هو الصمد الذي لا كفء له والفرد الذي

لا توءم معه والحي الذي لا تخترمه المنون والقيوم الذي لا تشغله الشؤون والقدير الذي لا تؤوده المعضلات والخبير الذي لا تعييه المشكلات ثم قال إن هذه التحميدة لا تناسب الكتاب الذي افتتحه بها ولكنها تصلح أن توضع في صدر مصنف من مصنفات أصول الدين ككتاب الشامل للجويني أو كتاب الاقتصاد للغزالي وما جرى مجراهما فأما أن توضع في أول كتاب فتح فلا
واعلم أن براعة الاستهلال في المكاتبات قد تقع مع الابتداء بالتحميد كما في كتاب عمرو بن مسعدة المتقدم ذكره وكما كتب أبو إسحاق الصابي عن الطائع إلى بعض ولاة الأطراف عند زوال الوحشة بينه وبين الأمراء ووقوع الصلح والاتفاق أما بعد فالحمد لله ناظم الشمل بعد شتاته وواصل الحبل بعد بتاته وجابر الوهن إذا انثلم وكاشف الخطب إذا أظلم
وقد تقع مع الابتداء بالتقبيل كما كتبت إلى بعض الرؤساء بثغر الإسكندرية ملوحا إلى التعبير عنه بالثغر وعن الريح التي تهب عليه من جانب البحر بالمثلم وعن مستنزه من مستنزهاته بالرمل وعن المساكن التي به بالقصور مع قربه من البحر ومناسبة ذكر النسيم بالثغر بما صورته يقبل أرض ثغر قد رق ملثمه وراق مبسمه باثا لشكر يعترف الرمل بالقصور عن حده وتقف أمواج البحر المحيط دون عده
وقد تقع مع الابتداء بالدعاء وتكون براعة الاستهلال في الدعاء المعطوف على المبتدأ به بأن يكون الدعاء مناسبا للحالة المكتوب فيها كما

نبه عليه صاحب المثل السائر وغيره وسيأتي الكلام على أمثلة ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى
ثم من المكاتبات ما يعسر معه الإتيان ببراعة الاستهلال فيما يلي ذلك من الكلام في مقدمة المكاتبة قبل الخوض في المقصود ولا يهملها جملة على أن الشيخ شهاب الدين محمودا الحلبي رحمه الله قد ذكر في كتابه حسن التوسل أنه إن عسر عليه براعة الاستهلال أتى بما يقارب المعنى وبكل حال فإذا أتى ببراعة استهلال في أول مكاتبته استصحبها إلى الفراغ من الخطبة إن كان الكتاب مفتتحا بخطبة وإلا استصحبها إلى الفراغ من مقدمة الكتاب الآتي بيانها

الأصل الثالث أن يأتي في المكاتبة المشتملة على المقاصد الجليلة بمقدمة
يصدر به تأسيسا لما يأتي به في مكاتبته
مثل أن يأتي في صدور كتب الحث على الجهاد بذكر افتراضه على الأمة وما وعد الله تعالى به من نصر أوليائه وخذلان أعدائه وإعزاز الموحدين وقمع الملحدين وفي صدور كتب الفتح بإنجاز وعد الله الذي وعده أهل الطاعة من النصر والظفر وإظهار دينه على الدين كله وفي صدور كتب جباية الخراج يصدر بحاجة قيام الملك وأس السلطنة إلى الاستعانة بما يستخرج من حقوق السلطان في عمارة الثغور وتحصين الأعمال وتقوية الرجال ونحو ذلك مما يجري على هذا النمط مما سيأتي بيانه في مقاصد المكاتبات في الكلام على الابتداآت والجوابات فيما بعد إن شاء الله تعالى
فقد قيل إنه لا يحسن بالكاتب أن يخلي كلامه وإن كان وجيزا من مقدمة يفتتحه بها وإن وقعت في حرفين أو ثلاثة ليوفي التأليف حقه قال في

مواد البيان وعلى هذا السبيل جرت سنة الكتاب في جميع الكتب كالفتوح والتهاني والتعازي والتهادي والاستخبار والاستبطاء والإحماد والإذمام وغيرها ليكون ذلك بساطا لما يريد القول فيه وحجة يستظهر بها السلطان لأن كل كلام لا بد له من فرش يفرش قبله ليكون منه بمنزلة الأساس من البنيان
قال ويرجع في هذه المقدمات إلى معرفة الكاتب ما يستحقه كل نوع من أنواع الكلام من المقدمات التي تشاكلها ثم قال والطريق إلى إصابة المرمى في هذه المقدمات أن تجعل مشتملة على ما بعدها من المقاصد والأغراض وأن يوضع للأمر الخاص مقدمة خاصة وللأمر العام مقدمة عامة ولا يطول في موضع الاقتصار ولا يقصر في موضع الإيجاز ولا يجعل أغراضها بعيدة المأخذ معتاصة على المتصفح وذلك أن الكاتب ربما قصد إظهار القدرة على الكلام والتصرف في وجوه المنطق فخرج إلى الإملال والإضجار الذي تتبرم منه النفوس ولا سيما نفوس الملوك وذوي الأخطار الجليلة
أما الأمور التي لا تشتمل على المقاصد الجليلة كرقاع التحف والهدايا ونحوهما فقد ذكر في مواد البيان أنه لا يجعل لها مقدمة تكون أمامها فإن ذلك غير جائز ولا واقع موقعه قال ألا ترى أنهم استحسنوا قول بعضهم في صدر رقعة مقترنة بتحفة في يوم مهرجان أو نحوه هذا يوم جرت فيه العادة بأن تهدي فيه العبيد إلى السادة واستظرفوا الكاتب لإيجازه وتقريب المأخذ

الأصل الرابع أن يعرف الفرق بين الألفاظ المستعملة في المكاتبات فيضعها
في مواضعها
قال في ذخيرة الكتاب يجب على الكاتب الرئيس أن يعرف مرتبة

الألفاظ ومواقعها ليرتبها ويفرق بينها فرقا يقفه على الواجب وينتهي به إلى الصواب فيخاطب كلا في مكاتبته بما يستحقه من الخطاب فإنه قبيح به أن يكون خطابه أولا خطاب الرئيس للمرؤوس ويتبع ذلك بخطاب المرؤوس للرئيس أو يبدأ بخطاب المرؤوس للرئيس ثم يتبعه بخطاب الرئيس للمرؤوس
قال ومتى استمر الكاتب على هذه المخالفة من الألفاظ والمناقضة نقصت المعاني ورذلت الألفاظ وسقطت المقاصد وكان الكاتب قد أخل من الصناعة بمعظمها وترك من البلاغة غاية محكمها بل يجب أن يبدأ بخطاب رئيس أو نظير أو مرؤوس ويكون ما يتخلل مكاتبته من الألفاظ على اتساق إلى آخرها واطراد من غير مخالفة بينها ولا مضادة ولا مناقضة
فمن ذلك الفرق بين أصدرنا هذه المكاتبة أو أصدرناها وبين أصدرت وبين صدرت فأصدرناها أعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه للتصريح فيها بالضمير العائد على الرئيس التي صدرت المكاتبة عنه إذ الشيء يشرف بشرف متعلقه ويلي ذلك في الرتبة أصدرت لاقتضائها إصدارا في الجملة والإصدار لا بد له من مصدر وذلك المصدر هو الرئيس الصادرة عنه في الحقيقة وإنما كانت دون الأولى للتصريح بالضمير هناك دون هنا ودون ذلك في الرتبة صدرت لاقتضاء الحال صدورها بنفسها دون دلالة على المصدر أصلا
ومن ذلك الفرق بين ونبدي لعلمه وبين نوضح لعلمه فنبدي لعلمه أعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه لأن الإبداء يرجع في المعنى إلى إظهار شيء خفي والإيضاح يرجع إلى بيان مشكل وحصول الإشكال المحتاج إلى الإيضاح ربما دل على بعد فهم المخاطب عن المقصود بخلاف إظهار الخفي فإنه لا ينتهي إلى هذا الحد
ومن ذلك الفرق بين علمه الكريم وبين علمه المبارك فالكريم

أعلى من المبارك لأن في الكريم عراقه أصل وشرف قد توجد في المبارك وقد تتخلف عنه
ومن ذلك الفرق بين ومرسومنا لفلان بكذا وبين والمرسوم له بكذا فمرسومنا أعلى بالنسبة إلى المكتوب عنه لاشتماله على نون الجمع المقتضية للتعظيم ولذلك اختصت بالملوك دون غيرهم بخلاف والمرسوم له بكذا فإنه عار عن ذلك
ومن ذلك الفرق بين والمسؤول وبين والمستمد فإن المسؤول أعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه فإن المسؤول يتضمن نوع ذلة بخلاف الاستمداد فإنه لا يستلزم ذلك
ومن ذلك الفرق بين بلغنا وبين أنهى إلى علمنا وبين اتصل بنا فاتصل بنا أعلى من أنهي إلى علمنا لما في معنى الاتصال من التلاصق بخلاف الإنهاء وأنهي إلى علمنا أعلى من بلغنا لأن البلوغ قد يكون على لسان آحاد الناس
ومن ذلك الفرق بين أنهى فلان كذا وبين عرفنا كذا فعرفنا أعلى بالنسبة إلى رافع الخبر لأن في التعريف مزية قرب من الرئيس بخلاف الإنهاء فإنه لا يقتضي ذلك
ومن ذلك الفرق بين وردت مكاتبته وبين وردت علينا مكاتبته فوردت علينا أعلى بالنسبة إلى صاحب المكاتبة الواردة لتخصيصها بالورود على الرئيس بخلاف الورود المطلق
ومن ذلك الفرق بين عرضت علينا مكاتبتك وبين وقفنا على مكاتبتك فوقفنا أعلى بالنسبة إلى صاحب المكاتبة لأن الوقوف عليها يكون بنفسه

والعرض يكون من غيره
ومن ذلك الفرق بين وشكرت الله تعالى على سلامته وبين وتوالى شكري لله تعالى فتوالى شكري أعلى بالنسبة إلى المكتوب إليه لما فيه من معنى التكرار ومزيد الشكر المعدوق بالاحتفال
ومن ذلك الفرق بين ورغبت إلى الله تعالى وبين وضرعت إلى الله تعالى فضرعت أعلى من رغبت لما في الضراعة من مزيد التأكيد في الطلب بخلاف الرغبة فإنها لا تبلغ هذا المبلغ
ومن ذلك الفرق بين وقابلت أمره بالطاعة وبين وامتثلت أمره بالطاعة فامتثلت أمره أعلى من قابلت أمره لما في الامتثال من معنى الإذعان والانقياد بخلاف المقابلة
ومن ذلك الفرق بين وشفعت له وبين وسألت فيه فالسؤال أعلى في حق المسؤول من الشفاعة لما في الشفاعة من رفعة المقام المؤدي إلى قبول الشفاعة
ومن ذلك الفرق بين وخاطبت فلانا في أمره وبين وتحدثت في أمره فتحدثت أشد في تواضع المتكلم من خاطبت لأن الخطاب من الألفاظ الخاصة التي لا يتعاطاها كل أحد بخلاف التحدث
ومن ذلك الفرق بين تشريفي بكذا وبين إسعافي بكذا وبين إتحافي بكذا فالإسعاف أعلى رتبة من التشريف لما فيه من دعوى الحاجة والفاقة إلى المطلوب بخلاف التشريف وإتحافي دون تشريفي لأن

الإتحاف قد لا يقتضي تشريفا
ومن ذلك الفرق بين قوله نزل عنده وبين قوله نزل بساحته فالساحة أعلى لما فيها من معنى الفسحة والاتساع
ومن ذلك الفرق بين فيحيط علمه بذلك وبين فيعلم ذلك فيحيط علمه أعلى من يعلم ذلك لأن في قوله فيحيط علمه بذلك نسبته إلى سعة العلم لما فيه من معنى الإحاطة بخلاف فيعلم ذلك

الأصل الخامس أن يعرف مواقع الدعاء في المكاتبات فيدعو بكل دعاء في موضعه
ويتعلق النظر بستة أوجه
الأول أن يعرف مراتب الدعاء ليوقعها في مواقعها ويوردها في مواردها ويتأتى ذلك في عدة أدعية
منها الدعاء بإطالة البقاء والدعاء بإطالة العمر فالدعاء بإطالة البقاء أرفع من الدعاء بإطالة العمر وذلك أن البقاء لا يدل على مدة تنقضي لأنه ضد الفناء والعمر يدل على مدة تنقضي ولذلك يوصف الله تعالى بالبقاء ولا يوصف بالعمر قال في مواد البيان ومن هنا جعل الدعاء بإطالة البقاء أول مراتب الدعاء وخص بالخلفاء وجعل ما يليه لمن دونهم ويتلوه الدعاء بالمد في العمر فيكون دون الدعاء بالإطالة لأن الوصف بطول الزمان أبلغ من الوصف بالمد فيه من حيث إن المد قابل للمدة الطويلة والمدة القصيرة ولذلك صارت مرتبة الطول أقرب إلى مرتبة البقاء من مرتبة المد
ومنها الدعاء بدوام النعمة والدعاء بمضاعفتها فالدعاء بالمضاعفة أعلى لأن الدوام غايته استصحاب ما هو عليه والمضاعفة مقتضية للزيادة على ذلك
ومنها الدعاء بعز الأنصار وبعز النصر وبعز النصرة وقد اصطلح

كتاب الزمان على أن جعلوا أعلاها الدعاء بعز الأنصار لأن عز أنصاره عز له بالضرورة مع ما فيه من تعظيم القدر ورفعة الشأن إذ الأنصار لا تكون إلا لملك عظيم أو أمير كبير والدعاء بعز النصر أعلى من الدعاء بعز النصرة لما في الأول من معنى التذكير وهو أرفع رتبة من التأنيث على أنه لو جعل الدعاء بعز النصر أعلى من الدعاء بعز الأنصار لكان له وجه لما في عز النصر من الغناء عن عز الأنصار
ومنها الدعاء بعز الأحكام والدعاء بتأييد الأحكام فالدعاء بعز الأحكام أعلى لأن المراد بالتأييد التقوية فقد توجد القوة ولا عزمعها
وينبغي للكاتب أن يحترز في تنزيل كل أحد من المكتوب إليهم منزلته في الدعاء فلا ينقص أحدا عن حقه ولا يزيده فوق حقه فقد قال في مواد البيان إن الملوك تسمح ببدرات المال ولا تسمح بالدعوة الواحدة
الثاني أن يعرف ما يناسب كل واحد من أرباب المناصب الجليلة من الدعاء فيخصه به
فيأتي بالدعاء في المكاتبة للملوك بإطالة البقاء وداوم السلطان وخلود الملك وما أشبه ذلك
ويأتي في المكاتبة إلى الأمراء بالدعاء بعز الأنصار وعز النصر ومضاعفة النعمة ومداومتها وما شاكل ذلك على أن ابن شيث قد ذكر في معالم الكتابة أن الدعاء بعز النصر ومضاعفة الاقتدار كان في الدولة الأيوبية مما يختص بالسلطان دون غيره
ويأتي قيم في المكاتبات للوزراء من أرباب الأقلام ومن في معناهم بالدعاء بسبوغ النعماء وتخليد السعادة ودوام المجد وما يضاهي ذلك
ويأتي في المكاتبات للقضاة والحكام بالدعاء بعز الأحكام وتأييد الأحكام وما يطابق ذلك

ويأتي في المكاتبة إلى التجار بالدعاء بمزيد الإقبال وخلود السعادة وشبه ذلك
ويأتي في المكاتبة في الإخواينات ومكاتبات النظراء من الدعاء بما يقتضيه الحال بينهم من الود والإدلال بحسب ما يراه الكاتب ويؤدي إليه اجتهاده قال في مواد البيان قد كانوا يختارون في الدعاء للأدباء أبقاك الله وأكرمك الله وفي الدعاء للابن والحرمة أبقاك الله وأمتع بك
أما أهل الكفر فقد اصطلحوا على الدعاء لهم بطول البقاء وما في معناه أما جواز أصل الدعاء لهم فلما روي أن النبي استسقى فسقاه يهودي فقال له جملك الله فما رؤي الشيب في وجهه حتى مات فدل على جواز الدعاء للكافر بما لا ضرر فيه على المسلمين ما لم تنضم إليه قوة ونحو ذلك بل ربما كان في طول بقائه حمل جزية أو غنيمة أو ثواب جهاد ونحو ذلك وقد حكى أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب أن الشافعي رضي الله عنه قال لنصراني أعزك الله فعوتب في ذلك فقال
واعلم أنه يجب مع ذلك أن يعرف مرتبة المكتوب إليه من الدعاء فيدعو بعز الأنصار لواحد ويدعو بعز النصر لمن دونه لأن عز الأنصار مستلزم لعز النصر على أنه لو قيل إن عز النصر أعلى لكونه دعاء لنفس الشيء بخلاف الدعاء بعز الأنصار فإنه دعاء لشيء خارجي لكان له وجه ويدعو بعز النصرة لمن دون من يدعى له بعز النصر لأن النصر مذكر ورتبة التذكير أعلى من رتبة التأنيث ويدعو بدوام النعمة لواحد ويدعو بمضاعفة النعمة لمن دونه لأن

الصيغة تقتضي مزيدا على القدر الحاصل بخلاف الدوام فإنه يقتضي استصحاب القدر الحاصل فقط وعلى هذا النهج قال في معالم الكتابة ولا يكتب عن السلطان إلى أحد ممن في ممالكه بلا زال ولا برح بل يختص ذلك بملك مثله قال ولا حرج في الكتابة بذلك عن السلطان إلى ولده إذا كان نائبا عنه في الملك قال وكذلك لا يدعو الأعلى للأدنى بلا زال ولا برح
قلت والذي استقر عليه الحال الكتابة عن السلطان بذلك لأكابر النواب ويكتب به أكابر الدولة بعضهم إلى بعض
الثالث أن يعرف ما يناسب كل حالة من حالات المكاتبات فيأتي لكل حالة بما يناسبها من الدعاء قال في مواد البيان يبغي أن تكون الأدعية دالة على مقاصد الكتاب فإن كان في الهناء كان بما راجت معرفته وإن كان في العزاء كانت مشتقة من وصفه وكذلك سائر فنون المكاتبات فإنه متى خرج الدعاء عن المناسبة وباين المقصود خرج عن جادة الصناعة وتوجه اللوم على الكاتب لا سيما إذا أتى بما يضاد المراد كما حكى أبو هلال العسكري في الصناعتين أن بعضهم كتب إلى محبوبته عصمنا الله وإياك مما يكره فكتبت إليه يا غليظ الطبع إن استجيب لك لم نلتق أبدا
ويختلف الحال في ذلك باختلاف حال المكاتبات فتارة تكون باعتبار الشيء المكتوب بسببه كما يكتب في معنى البشارة بجلوس الملك على تخت الملك لا زال أمره وأمتعه من البشائر بما يتوضح على جبين الصباح بشره وما يترجح على ميزان الكواكب قدره وما ينفسح من أوقات أمن لا يختلف فيها زيده وعمره
وكما يكتب في البشرى بفتح ولا زالت آيات النصر تتلى عليه من

صحف البشائر ونفائس الظفر تجلى على سره في أسعد طائر وفواتح الفتح تزهى به الأسرة وتزهو بنوره المنابر
وكما يكتب في التهنئة بعافية ولا برح في برد الصحة رافلا . . . بعزمه وحزمه كافلا والإقبال لجنابه العالي بالهناء بعافيته واصلا
وتارة تكون باعتبار حال المكتوب إليه التي هو بصددها
كما يكتب لمن خرج إلى الغزو وحفه بلطفه فلا يخيب وهيأ له النصر والفتح القريب وجعل على يديه دمار الكفار حتى لا يبقى لهم بشدة بأسه من السلامة نصيب
وكما يكتب إلى من خرج إلى الصيد وأمتعه بصيوده وجعل الأقدار من جنوده وأراه من مصارع أعدائه بسيوفه ورماحه ما يراه من مصارع صيده ببزاته وفهوده
وكما يكتب لمن خرج في سفر وقضى بقرب رجعته وجعله كالهلال في مسيره سبب رفعته وسكن بقدومه أشواق أوليائه وأهل محبته
وكما يكتب لمن خرج لتخضير البلاد وألبس البلاد بقدومه أخضر الأثواب وأحله أشرف محل وأخصب جناب
وتارة تكون باعتبار وظيفة المكتوب إليه التي هو قائم بها
كما يكتب إلى كافل المملكة ولا زالت كفاية كفالته تزيد على الآمال وتتقرب إلى الله تعالى بصالح الأعمال وتكفل ما بين أقصى الجنوب وأقصى الشمال

وكما يكتب إلى قاض وفصل بين الخصوم بأحكامه المسددة وأقضيته التي بها قواعد الإسلام ممهدة وأبنية الشرع المطهر وأركانه مشيدة
وكما يكتب إلى متصوف وأعاد من بركات تهجداته وأنار الليالي بصالح دعواته
وتارة تكون باعتبار بلد المكتوب إليه وناحيته
كما يكتب إلى نائب الشام ولا زال النصر حلية أيامه وشامة شامه وغمامة ما يحلق على بلده المخصب من غمامه
وكما يكتب إلى نائب حلب في زمن الحروب ولا زال يعد ليوم تشيب فيه الولدان ويصد دونه كل محارب بين الشهباء والميدان ويعم حلب من حلى أيامه مالا يفقد معه إلا اسم ابن حمدان ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السلك
وتارة تكون باعتبار اسم المكتوب إليه أو لقبه
كما يكتب إلى من لقبه سيف الدين ولا زال سيفه في رقاب أعدائه مغمدا وحده يذر كل ملحد ملحدا
وكما يكتب إلى من لقبه عز الدين ولا زال عزه دائما والزمان في خدمته قائما وطرف الدهر عن مراقبة سعادته نائما
وكما يكتب إلى من لقبه شمس ولا زالت شمس سعادته مشرقة وأغصان فضله بالعوارف مورقة وعيون طوارق الغير عنه في كل زمن مطرقه
وكما يكتب إلى من لقبه ناصر الدين ونصر عزائمه وشكر مكارمه ووفر من الحسنات مغانمه إلى غير ذلك من الأمور التي ستقف على الكثير منها في

الكلام على مقاصد المكاتبات إن شاء الله تعالى
الرابع أن يعرف مواضع الدعاء على المكتوب إليه ومن الذي يصرح بذلك في المكاتبة إليه وقد ذكر ابن شيث في معالم الكتابة أن الدعاء على الأعداء في صدور الكتب كان من عوائد مكاتبة الأدنى إلى الأعلى مثل وقصم وأذل وقهر وخضد وكذلك المماثل والمقارب فأما من الأعلى إلى الأدنى فلم يكن ذلك معروفا عند المتقدمين لا سيما إذا كان الكتاب عن السلطان ثم قال ولكن قد أفلت الحبل في ذلك الآن إلى أن قال ولا يقال للأدنى غير كبت عدوه أو ضده أو حسوده خاصة
ومنها أن يعرف ما كرهه الكتاب من الدعاء فيتجنبه وهو على ضربين

الضرب الأول ما كرهوه في المكاتبة إلى كل أحد
قال في مواد البيان كانت عادتهم جارية أن يتجنبوا من الأدعية مالا محصول له كقولهم جعلني الله فداك وقدمني إلى السوء دونك لما في ذلك من التصنع والملق الذي لا يرضاه السلطان لأن نفس الداعي لا تسمح باستجابته ويؤيد ما ذكره ما كتب به ابن عبد كان إلى بعض أصدقائه جعلت فداك على الصحة والحقيقة لا على مجرى المكاتبة ومذهب العادة قال في مواد البيان وإنما يحسن ذلك من الخواص الذين يتحققون أن بقاءهم معذوق ببقاء رؤسائهم وثبات نعمهم مقرون بثبات أيام سلاطينهم لأنه يصدر عن عقائد مستحكمة من بذل الأنفس دونهم وما ذهب إليه من كراهة ذلك قد نقل

في صناعة الكتاب مثله عن مالك بن أنس واحتج له بما روي عن الزبير رضي الله عنه أنه قال للنبي ( ( جعلت فداك فقال له أما تركت أعرابيتك بعد ) ) على أن بعضهم قد أجاز ذلك احتجاجا بقوله لسعد بن مالك يوم أحد ( ( ارم فداك أبي وأمي ) ) وبما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال له ( ( ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قال نعم جعلني الله فداك ) ) ولم ينكر عليه ونحو ذلك وفي معنى ذلك كل ما يجري هذا المجرى ونحوه

الضرب الثاني ما تختص كراهته بالبعض دون البعض وهو نوعان
النوع الأول ما يختص بالرجال فمن ذلك ما ذكره في مواد البيان أنهم كانوا لا يستحسنون الدعاء بالإمتاع نحو أمتع الله بك وأمتعني الله بك في حق الإخوان ومما يحكى في ذلك أن محمد بن عبد الملك الزيات كتب إلى عبد الله بن طاهر في كتاب وأمتع بك فكتب إليه عبد الله بن طاهر - منسرح -
( أحلت عما عهدت من أدبك ... أم نلت ملكا فتهت في كتبك )
( أتعبت كفيك في مكاتبتي ... حسبك مما يزيد في تعبك )
( إن جفاء كتاب ذي مقة ... يكون في صدره وأمتع بك )

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39