كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

الرقاب خزاياها وبركات حرم النبي الوجيه على الله يستظلها الإسلام ويتفياها وينقع الغلل من رواياها
والحمد لله كثيرا كما هو أهله فلا فضل إلا فضله ولمعاهدكم الكريمة الارتياح كلما أومضت البروق وخفقت الرياح ولسني عنايتها الالتماح إذا اشتجرت الرماح وفي تأميل المثول بها تعمل الأفكار وإن هيض الجناح وبهداها الاستنارة إذا خفي للمراشد الصباح وبالاعتمال في مرضاة من ضمه منها الثرى الفواح والصفيح الذي تراث ساكنه العوامل المجاهدة والصفاح والجهاد الصراح يعظم في الصدر الانشراح ويعز المغدى في سبيل الله والمراح
وإلى هذا أجزل الله مسرتكم بظهور الدين واعتلاء صبحه المبين فإننا نعرفكم أننا فتح الله علينا وعلى إخوانكم المؤمنين بهذه الثغور المنقطعة الغربية الماتة على الآماد البعيدة بالذمم العربية فتوحا حوزت من مملكة الكفر البلاد ونفلت الطارف والتلاد حسب ما تنصه مخاطبتنا إلى نبينا الكريم الذي شرفكم الله بخدمة لحده واستخلفكم على دار هجرته من بعده إذ لا حاجة إلى التكرار بعدما شرحت به الصدور من الأخبار في الإيراد والإصدار ووجهنا صحبتها من النواقيس التي كانت تشيح نداء الضلال وتعارض الأذان بجلاد الحدال وتبادر أمر التمثال بالامتثال ما يكون تذكرة تحن بها القلوب إلى هذه الطائفة المسلمة إذا رأتها وتنتظر قبول الدعاء لها من الله كلما نظرتها وتتصور الأيدي المجاهدة التي جنتها من أفنان المستشرفات العالية واهتصرتها إذا أبصرتها
وهذا كله لا يتحصل على التمام إلا بمشاركة منكم تسوغه وإعانة تؤديه وتبلغه تشيع لكم عند تعرفها الثناء الدائم الترداد والدعاء بحسن المكافأة من رب العباد وسهمكم في أمر الجهاد وأنتم تعلمون في ذلك بما يناسب مثلكم من

الشرفاء الأمجاد والله عز و جل يواليكم بنعمه الثرة العهاد ويعرفكم عوارف السعادة في المبدأ والمعاد ويختم لنا ولكم بسعادة المعاد والسلام الكريم يخصكم عودا على بدء ورحمة الله تعالى وبركاته

الضرب الثالث أن تفتتح المكاتبة بلفظ الإمارة
بأن يقال الإمارة التي نعتها كذا وكذا إمارة محل أخينا فلان ويدعى له
ثم يقال معظم إمارته أو معظم أخوته فلان
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد حمد الله ويؤتى بخطبة ثم يقال فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم كذا وكذا من موضع كذا ثم يتخلص إلى المقصود بلفظ وإلى هذا ويؤتى على القصد إلى آخره ويختم بالسلام على ما تقدم في غيره من الضروب وبذلك يكتب إلى الأمراء من أبناء الملوك وغيرهم
كما كتب ابن الخطيب عن ابن الأحمر إلى أبي علي الناصر ابن السلطان أبي الحسن المريني بفاس عندما أرسله والده إلى ناحية من النواحي لعمارتها وإصلاح حالها مهنئا له بما أجراه الله على يديه من الصلاح وهو الإمارة التي لها المكارم الراضية والعزائم الماضية والجلالة الراقية والأعمال الصالحة الباقية إمارة محل أخينا الذي نعظم مجده السامي الجلال ونثني على شيمه الطاهرة الخلال ونعتد بوده الكريم الأقوال والأعمال ونسر بما يسنيه الله لعزه الفسيح المجال من عوائد اليمن والإقبال
الأمير الأجل الأعز الأسمى الأطهر الأظهر الأسنى الأسعد الأرشد الأرضى المؤيد الأمضى الأفضل الأكمل أبو علي الناصر ابن محل أبينا الذي نعظمه ونجله ونوجب له الحق الذي هو أهله السلطان الجليل الكذا أبو الحسن ابن السلطان المؤيد المعان المظفر صاحب الجود الشهير في الأقطار والفضل المتألق الأنوار والمآثر التي هي أبهى من محيا النهار أمير المسلمين وناصر الدين المجاهد في سبيل رب العالمين أبي سعيد ابن أمير المسلمين

وناصر الدين قامع الكافرين المجاهد في سبيل رب العالمين أبي يوسف بن عبد الحق
أبقاه الله والسعود إليه مبتدرة مستبقة والمسرات لديه منتظمة متسقة وغرر أيامه واضحة مشرقة والأهواء على محبته متفقة
معظم إمارته الرفيعة الجانب القائم من إجلالها ونشر خلالها بالحق الواجب المثني على مالها من السير الفاضلة المذاهب والأصالة الرفيعة المناسب والبسالة الماضية المضارب والمكارم التي تشهد بها مواقف الجهاد وظهور الجياد وصحائف الكتب وصفائح الجلاد الأمير عبد الله يوسف ابن أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر
سلام كريم بر عميم تتأرج الأرجاء من طيب نفحته ويشرق نور الود الأصيل على صفحته يخص أخوتكم الفاضلة وإمارتكم الحافلة ورحمة الله وبركاته
أما بعد حمد الله الذي شرح بالتوكل عليه صدورا وجعل الود في ذاته كنزا مذخورا والأعمال التي تقرب إليه نورا والصلاة على سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي بعثه بالحق هاديا وبالرعب منصورا ورفع لدعوته العالية لواء من عنايته منشورا واختاره لإقامة دين الحق والأرض قد ملئت إفكا وزورا حتى بلغ ملك أمته ما كان منها معمورا
والرضا عن آله وأحزابه الذين اتسقوا في قلائد ملته الرفيعة شذورا وطلعوا في سمائها بدورا وبذلوا نفوسهم النفيسة في نصره وإعلاء أمره فكانت شفاعته لهم جزاء وكان سعيهم مشكورا
والدعاء لإمارتكم العالية بالسعد الذي يصاحب منه ركابها مددا موفورا والتوفيق الذي يوسع عملها نجحا وأملها سرورا
فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم سعدا متجدد الإحكام وصنعا مشرق القسام وافر الأقسام وعرفكم ما عودكم من عوارف الإنعام وعوائد النصر

الواضح الأعلام ولا زائد بفضل الله سبحانه ثم ببركة سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي أوضح برهانه ثم بما عندنا من التشيع في مقام محل أبينا والدكم السلطان الجليل أسعد الله سلطانه ومهد به أوطانه إلا ما يرجى من عوائد الله الجميلة ومننه الجزيلة وألطافه الكافية الكفيلة وعندنا من التعظيم لتلك الإمارة الرفيعة ما هو أشهر من الشهير وأعظم من أن يحتاج إلى التفسير فلا نزال نعتد لجانب أخوتها بالعتاد الكبير والذخر الخطير ونثني على مكارمها بالقلم واللسان والضمير
وإلى هذا أيد الله إمارتكم وسنى إرادتكم وأسعد إدارتكم فقد علم الغائب والشاهد والصادر والوارد ما عندنا لكم من الحب الذي صفت منه الموارد والولاء الذي تضوعت من طيبه المعاهد وإننا تعرفنا ما كان من قدومكم السعيد على أحواز المرية من تلك الأقطار وطلوعكم عليها بالعزم الماضي والجيش الجرار
وأن محل والدنا وصل الله له علو المقدار قدم منكم بين يديه مقدمة اليمن والاستبشار ورائد السعادة المشرقة الأنوار بخلال ما يتلاحق بها ركابه العالي قدره على الأقدار وأن مخايل النجح لإمارتكم الرفيعة قد ظهرت وأدلة الصنع الجميل قد بهرت ومن بتلك الجهات من القبائل المختلفات بالطاعة قد ابتدرت وبأوامرها الإمارية قد ائتمرت وأنكم قد أخذتم في تسكين الأوطان وتمهيدها واستئناف العزائم وتجديدها وإطفاء نار الفتن وإخمادها وإعلاء أركان تلك الإيالة ورفع عمادها فكتبنا إليكم هذا

الكتاب نهنئكم بما سناه الله لمجدكم الرفيع من حسن الصنيع ونقرر ما عندنا من الود الكريم والحب الصميم ونستفهم عن أحوال أخوتكم لنكون من علمها على السنن القويم وحتى لا تزال الأسباب متصلة والمودة جديدة مقتبلة ولولا العوائق المانعة والشقة البعيدة الشاسعة والأمواج المترامية المتدافعة لم نغب المخاطبة ولوصلنا المراسلة والمكاتبة ومجدكم يقبل الأعذار الصحيحة بمقتضى كماله ومعهود إفضاله والله تعالى يصلح بكم الأحوال ويسكن الأهوال ويبلغكم من فضله الآمال
وغرضنا أن تعرفونا بما لديكم من المتزيدات والصنائع المتجددات وبما عندكم من أحوال محل أبينا وصل الله عوائد النصر لسلطانه وتكفل بإعلاء أمره وتمهيد أوطانه
وقد كتبنا إليه صحبة هذا كتابا غرضنا من أخوتكم الطاهرة أن يصل إل حضرته العلية تحت عنايتكم ووصاتكم والرعاية التي تليق بذاتكم وهو سبحانه يصل سعدكم ويحرس مجدكم ويحفظ ولاءكم الكريم وودكم والسلام الكريم عليكم ورحمة الله وبركاته

الأسوب الثاني أن تفتتح المكاتبة باسم المكتوب إليه أو المكتوب عنه وهو
على ضربين
الضرب الأول أن تفتتح المكاتبة باسم المكتوب إليه تعظيما له
والرسم فيه أن يقال إلى فلان وينعت بما يليق به ثم يؤتى بالسلام ويقال أما بعد ويؤتى بخطبة ثم يقال فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم كذا وكذا من موضع كذا ويتخلص إلى المقصود بلفظ وإلى هذا ويؤتى على المقصود إلى آخره ويختم بالسلام
كما كتب ابن الخطيب عن سلطانه ابن الأحمر إلى الأمير يلبغا العمري

الشهير بالخاصكي أتابك العساكر بالديار المصرية في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين
إلى الأمير المؤتمن على أمر سلطان المسلمين المقلد بتدبيره السديد قلادة الدين المثني على رسوم بره المقامة لسان الحرم الأمين الآوي من مرضاة الله تعالى ورسوله إلى ربوة ذات قرار ومعين المستعين من الله على ما تحمله وأمله بالقوى المعين سيف ا لدعوة ركن الدولة قوام الملة مؤمل الأمة تاج الخواص أسد الجيوش كافي الكفاة زين الأمراء علم الكبراء عين الأعيان حسنة الزمان الأجل المرفع الأسنى الكبير الأشهر الأسمى الحافل الفاضل الكامل المعظم الموقر الأمير الأوحد يلبغا الخاصكي وصل الله له سعادة تشرق غرتها وصنائع تسح فلا تشح درتها وأبقى تلك المثابة قلادة الله وهو درتها سلام كريم طيب عميم يخص إمارتكم التي جعل الله الفضل على سعادتها أمارة واليسر لها شارة فيساعد الفلك الدوار مهما أعملت إدارة وتمتثل الرسوم كلما أشارت إشارة
أما بعد حمد الله الذي هو بعلمه في كل مكان من قاص ودان وإليه توجه الوجوه وإن اختلف السير وتباعدت البلدان ومنه يلتمس الإحسان وبذكره ينشرح الصدر ويطمئن القلب ويمرح اللسان سيدنا ومولانا محمد رسوله العظيم الشأن ونبيه الصادق البيان الواضح البرهان

والرضا عن آله وأصحابه وأعمامه وأحزابه أحلاس الخيل ورهبان الليل وأسود الميدان والدعاء لإمارتكم السعيدة بالعز الرائق الخبر والعيان والتوفيق الوثيق البنيان فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم حظا من فضله وافرا وصنيعا عن محيا السرور سافرا وفي جو الإعلام بالنعم الجسام مسافرا
من حمراء غرناطة حرسها الله دار الملك بالأندلس دافع الله عن حوزتها كيد العداة وأتحف نصلها ببواكر النصر المهداة ولا زائد إلا الشوق إلى التعارف بتلك الأبواب الشريفة التي أنتم عنوان كتابها المرقوم وبيت قصيدها المنظوم والتماس بركاتها الثابتة الرسوم وتقرير المثول في سبيل زيارتها بالأرواح عند تعذره بالجسوم
وإلى هذا فإننا كانت بين سلفنا تقبل الله جهادكم وقدس نفوسكم وأمن معادهم وبين تلك الأبواب السلطانية ألقى الله على الإسلام والمسلمين ظلالها كما عرفهم عدلها وإفضالها مراسلة ينم عرف الخلوص من خلالها وتسطع أنوار السعادة من آفاق كمالها وتلتمح من أسطار طروسها محاسن تلك المعاهد الزاكية المشاهد وتعرب عن فضل المذاهب وكرم المقاصد اشتقنا إلى أن نجددها بحسن منابكم ونصلها بمواصلة جنابكم ونغتنم في عودها الحميد مكانكم ونفضل لها زمانكم فخاطبنا الأبواب الشريفة في هذا الغرض بمخاطبة خجلة من التقصير وجلة من الناقد البصير ونؤمل الوصول في خفارة يدكم التي لها الأيادي البيض والموارد التي لا تغيض ومثلكم من لا تخيب المقاصد في شمائله ولا تضحى المآمل في ظل خمائله فقد اشتهر من عظيم سيرتكم ما طبق الآفاق وصحب الرفاق واستلزم الإصفاق وهذه البلاد مباركة ما أسلف أحد فيها مشاركة إلا وجدها في نفسه وماله ودينه وعياله والله أكرم من وفى لامريء بمكياله والله جل جلاله يجمع القلوب على طاعته وينفع بوسيلة النبي الذي نعول على شفاعته ويبقي تلك الأبواب ملجأ للإسلام والمسلمين وظلا لله على العالمين وإقامة لشعائر الحرم الأمين ويتولى إعانة إمارتكم على

وظائف الدين ويجعلكم ممن أنعم الله عليه من المجاهدين والسلام الكريم يخصكم ورحمة الله وبركاته

الضرب الثاني أن تفتتح المكاتبة باسم المكتوب عنه وهو على صنفين
الصنف الأول ما يكتب به إلى بعض الملوك
والرسم فيه أن يقال من فلان إلى فلان بألقابه ونعوته ونعوت آبائه على ما تقدم ثم يؤتى بالسلام ويقال أما بعد حمد الله ويؤتى بخطبة ثم يقال فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم كذا ثم يقال وإلى هذا فإن كذا وكذا ويؤتى على المقصود إلى آخره ويختم بالدعاء ثم بالسلام على نحو ما مر
كما كتب ابن الخطيب عن ابن الأحمر إلى بعض ملوك الغرب يهنئه بدخول مدينة بجاية في طاعته ما صورته من أمير المسلمين عبد الله محمد ابن مولانا أمير المسلمين أبي الحجاج ابن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل بن فرج بن نصر أيد الله أمره وأعز نصره إلى محل أخينا الذي نصل له أسباب الإعظام والإجلال ونثني عليه بما له من كريم الشيم وحميد الخلال ونسر له ببلوغ الآمال ونجاح الأعمال في طاعة ذي الجلال السلطان فلان ابن السلطان فلان بالألقاب اللائقة بكل منهم وصل الله له سعدا متصل الدوام دائم الاتصال وصنعا تتجلى وجوهه من ثنايا القبول والإقبال وعزا أتتفيأ ظلاله عن اليمين والشمال سلام كريم بر عميم يخص

سلطانكم الأسنى ويعتمد مقامكم المخصوص بالزيادة والحسنى ورحمة الله وبركاته
أما بعد حمد الله الواهب الفاتح المانع المانح مظهر عنايته بمن خلص إليه قصده وقصر على ما لديه صدره وورده أبدى من محيا النهار الواضح الذي وعد من اتقاه حق تقاته على ألسنة سفرة الوحي وثقاته بنجح الخواتم والفواتح سيدنا محمد ورسوله المبتعث لدرء المفاسد ورعي المصالح وسعادة الغادي والرائح منقذ الناس يوم الفزع الأكبر وقد طاحت بهم أيدي الطوائح وهاديهم إلى سواء السبيل بأزمة النصائح ومظفرهم من السعادة الدائمة بأربح البضائع وأسنى المنائح والرضا عن آله وأصحابه وعترته وأحزابه الذين خلفوه امتثالا لأمر الصحائف وإعمالا للصفائح وكانوا لأمته من بعده في الابتداء بسنته والمحافظة على سننه كالنجوم اللوائح والدعاء لسلطانكم الأسمى بالسعد الذي يغنى بوثاقه سببه ووضوح مذهبه عن زجر البارح والسانح والعز البعيد المطارح السامي المطامح والصنع الجميل الباهر الملامح ولا زال توفيق الله عائدا على تدبيركم السعيد بالسعي الناجح والتجر الرابح
فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم من فضله أوفر الأقسام وأوفاها وأوردكم من موارد عنايته أعذب الجمام وأصفاها كما أسبغ عليكم أثواب المواهب وأضفاها
وأبدى لكم وجوه اللطائف الجميلة وأحفاها من حمراء غرناطة حرسها الله وفضل الله هامية ديمه وعوائد اللطف يصلها فضله وكرمه والإسلام بهذا الثغر الجهادي مرعية ذممه وجاه النبوة المحمدية يعمل بين إرغام العدو الكافر وإهداء المسرات والبشائر سيفه وقلمه والسرور بما يبلغ من

مزيد سعدكم وميضه خافق علمه وودكم ثابت في مواقف الخلوص قدمه
وقد اتصل بنا ما كان من دخول حضرة بجاية حرسها الله في طاعتكم وانتظامها في سلك جماعتكم وانقطاعها إلى عصمتكم وتمسكها بأزمتكم وعقدكم منها ومن أختها السابقة الذمام الخليقة بمزيد الاهتمام على عقيلتي الأقطار التي لا يجمع بينهما إلا ملك همام وخليفة إمام ومن وضحت من سعادته أحكام وشهرت بعناية الله له أدلة واضحة وأعلام ومن جمع الله له بين البر المتراكض الخيول والجيش المتدافع السيول والخصب الذي تنضي مواجده المستنجزة ظهور الخيول وبين البحر الشهير بنجدة الأسطول وإنجاز وعد النصر الممطول ومرسى السفن التي تخوض أحشاء البحار وتجلب مرافق الأمطار والأقطار وتتحف على النأي بطرف الأخبار
بجاية وما بجاية دار الملك الأصيل العتيق وكرسي العز الوثيق والعدة إذا توقعت الشدة كم ثبتت على الزلزال وصابرت مواقف النزال أمطاكم السعد صهوتها وأحلكم التوفيق ربوتها من غير مطاولة حصار ولا استنفاد ذي وسع واقتدار ولا تسور جدار فأصبحت دولتكم السعيدة تتفيأ جنى الجنتين وتختال في حلتين وتجمع بفتيا السيوف المالكية بين هاتين الأختين أوزعكم الله شكرها من نعمة جلت مواهبها ووضحت مذاهبها وصنيعة بهرت عجائبها
وإذا كانت عقائل النعم تخطب أكفاءها وموارد المنن تعرض على الوراد صفاءها فأنتم أهلها الذين لكم تذخر وبمن دونكم تسخر فإنكم تميزتم بخصال العفاف والبسالة والحسب والجلالة وأصبحتم في بيتكم صدرا وفي هالة قومكم بدرا مواقفكم شهيرة وسيرتكم في الفضل لا تفضلها سيرة ونحن

نهنئكم بما منحكم الله من انفساح الإياله ونمو الجلاله والنعم المنثاله بسلطان ألقى عنانه إلى مثلكم قد اختار لقياده وارتاد فسعد في ارتياده وتكفل الحزم بحفظ بلاده وصون طارفه وتلاده وكأن به قد استولى على آماده وتطاول لإرث أجداده
ولنا فيكم علم الله ود تأسس بناؤه وكرمت أبناؤه وحب وجب بالشرع إنفاذه إليكم وإنهاؤه
وغرضنا الذي نؤثره على الأغراض والمقاصد ونقدمه بمقتضى الخلوص الذي زكت منه الشواهد أن تتصل بيننا وبينكم المخاطبة وتتعاقب المواصلة والمكاتبة والله عز و جل المعين على ما يجب لودكم من بر تكفل واجبه وتوضح مذاهبه واعتقاد جميل يتساوى شاهده وغائبه وهو سبحانه يصل سعدكم ويحرس مجدكم والسلام الكريم يخصكم ورحمة الله وبركاته

الصنف الثاني ما يكتب به إلى الرعايا
والحكم فيه على ما نحو ما تقدم في الصنف الذي قبله إلا أنه يخاطبهم بأوليائنا
كما كتب ابن الخطيب عن ابن الأحمر أيضا إلى بعض رعاياه بمدينة المرية بالأندلس بالبشارة بموت الطاغية ملك قشتالة بجبل الفتح ورحيل قومه به إلى بلادهم ما صورته من الأمير عبد الله يوسف ابن مولانا أمير المسلمين أبي الوليد إسماعيل ابن فرج بن نصر أيد الله أمره وأعز نصره وأسعد عصره إلى أوليائنا في الله تعالى الذين نبادر إليهم بالبشائر السافرة الغرر ونجلو عليهم وجوه الصنائع الإلهية كريمة الخبر والخبر ونعلم ما لهم من الود الكريم الأثر القائد بالمرية والقاضي بها والفقهاء والأشياخ والوزراء والأمراء والكافة والدهماء من

أهلها عرفهم الله عوارف الأداء وأوزعهم شكر نعمة هذا الفتح الرباني الذي تفتحت له أبواب السماء وأنشرت معجزاته ميت الرجاء في هذه الأرجاء
سلام كريم طيب بر عميم تنشق منه نفحات الفرج عاطرة الأرج ورحمة الله وبركاته
أما بعد حمد الله فاتح أبواب الأمل بعد استغلاقها ومتدارك هذه الأمة المحمدية بالصنع الذي تجلى لها ملء أحداقها والرحمة التي مدت على النفوس والأموال والحرمات والأحوال ضافي رواقها سيدنا ومولانا محمد رسوله الذي دعوته هي العروة الوثقى لمن تمسك باعتلاقها وأقام على ميثاقها ذي المعجزات التي بهرت العقول بائتلافها الذي لم ترعه في الله الشدائد على اشتداد وثاقها وفظاعة مذاقها حتى بلغت كلمة الله ما شاءت من انتظامها واتساقها والرضا عن آله وصحبه وعترته وحزبه الفائزين في ميدان الدنيا والدين بخصل سباقها
فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم شكرا لنعمه ومعرفة بمواقع كرمه من حمراء غرناطة حرسها الله ولا زائد بفضل الله سبحانه إلا ما أمن الأرجاء ومهدها وأنشأ معالم الإسلام وجددها وأسس أركان الدين الحنيف وأقام أودها وأنتم الأولياء الذين نعلم منهم خلوص الأهواء ونتحقق ما عندهم من الخلوص والصفاء
وإلى هذا فقد علمتم ما كانت الحال آلت إليه من ضيقة البلاد والعباد بهذا الطاغية الذي جرى في ميدان الأمل جري الجموح ودارت عليه خمرة النخوة والخيلاء مع الغبوق والصبوح حتى طفح بسكر اغتراره ومحص المسلمون على يديه بالوقائع التي تجاوز منتهى مقداره وتوجهت إلى استئصال الكلمة مطامع أفكاره ووثق بأنه يطفيء نور الله

بناره ونازل جبل الفتح فشد مخنق حصاره وأدار أشياعه في البر والبحر دور السوار على أسواره وانتهز الفرصة بانقطاع الأسباب وانبهام الأبواب والأمور التي لم تجر للمسلمين بالعدوتين على مألوف الحساب وتكالب التثليث على التوحيد وساءت الظنون في هذا القطر الوحيد المنقطع بين الأمم الكافرة والبحور الزاخرة والمرام البعيد
وإننا صابرنا بالله تيار سيله واستضأنا بنور التوكل عليه في جنح هذا الخطب ودجنه ليلة ولجانا إلى من بيده نواصي الخلائق واعتلقنا من حبله المتين بأوثق العلائق وفسحنا مجال الأمل في ذلك الميدان المتضايق وأخلصنا لله مقيل العثار ومولى أولي الاضطرار قلوبنا ورفعنا إليه أمرنا ووقفنا عليه مطلوبنا ولم نقصر ذلك في إبرام العزم واستشعار الحزم وإمداد الثغور بأقصى الإمكان وبعث الجيوش إلى ما يلينا من بلاده على الأحيان فرحم الله انقطاعنا إلى كرمه حين لجأنا إلى حرمه فجلا بفضله سبحانه ظلام الشدة ومد على الحريم والأطفال ظلال رحمته الممتدة وعرفنا عوارف الصنع الذي قدم به العهد على طول المدة ورماه بجيش من جيوش قدرته أغنى عن إيجاف الركاب واحتشاد الأحزاب وأظهر فينا قدرة ملكه عند انقطاع الأسباب واستخلص العباد والبلاد من بين الظفر والناب فقد كان سد المجاز بأساطيله وكاثر كلمة الحق بأباطيله ورمى الجزيرة الأندلسية بشؤبوب شره وصيرها فريسة بين غربان بحره وعقبان بره فلم يخلص إلى المسلمين من إخوانهم مرفقة إلا على الخطر الشديد والإفلات من يد العدو العنيد مع توفر العزائم والحمد لله على العمل الحميد والسعي فيما يعود على الدين بالتأييد
وبينما شفقتنا على جبل الفتح تقيم وتقعد وكلب الأعداء عليه يبرق ويرعد واليأس والرجاء خصمان هذا يقرب وهذا يبعد إذ طلع علينا البشير بانفراج الأزمة وحل تلك العزمة وموت شاة تلك الرقعة وإبقاء الله على

تلك البقعة وأنه سبحانه أخذ الطاغية أكمل ما كان اغترارا وأعظم أنصارا وزلزل أرض عزه وقد أصابت قرارا وأن شهاب سعده أصبح آفلا وعلم كبره انقلب سافلا وأن من بيده ملكوت السموات والأرض طرقه بحتفه وأهلكه برغم أنفه وأن محلته عاجلها التباب والتبار وعاثت في منازله وتمخض عن سوء عاقبته الليل والنهار وأن حماتها يخربون بيوتهم بأيديهم وينادي بشتات الشمل لسان مناديهم وتلاحق بنا الفرسان من جبل الفتح المعقل الذي عليه من عناية الله رواق مضروب والرباط الذي من حاربه فهو المحروب فأخبرت بانفراج الضيق وارتفاع العائق لها عن الطريق وبرء الداء الذي أشرق بالريق
وأن النصارى دمرهم الله جدت في ارتحالها وأسرعت بجيفة طاغيتها إلى سوء مآلها وسمحت للسهب والنهب والنار بأسلابها وأموالها فبهرنا هذا الصنع الإلهي الذي مهد الأقطار بعد رجفانها وأنام العيون بعد سهاد أجفانها وسألنا الله أن يعيننا على شكر هذه النعمة التي إن سلطت عليها قوى البشر فضحتها ورجحتها أو قيست بالنعم فضلتها ورأينا سر اللطائف الخفية كيف سريانه في الوجود وشاهدنا بالعيان أنوار اللطف الإلهي والجود وقلنا إنما هو الفتح الأول شفع بثان وقواعد الدين الحنيف أيدت من صنع الله ببيان
اللهم لك الحمد على نعمك الباطنة والظاهرة ومننك الوافرة أنت ولينا في الدنيا والآخرة وأمرنا للحين فقلدت لبات المنابر بهذا الخبر وجليت في جماعات المسلمين وجوه هذا الفتح الرائق بالغرر وعجلنا تعريفكم به ساعة

استجلائه وتحقق أنبائه لتسحبوا له أثواب الجذل ضافية وتردوا به موارد الأمل صافية فإنما هو ستر الله شمل أنفسكم وحريمكم وأمانة كفل ظاعنكم ومقيمكم فقرطوا به الآذان وبشروا به الإقامة والأذان وتملوا بالعيش في ظله وواظبوا حمد الله ولي الحمد وأهله وانشروا فوق أعواد المنابر من خطابه راية ميمونة الطائر واجعلوا هذه البشارة سجلا في فرقان البشائر فشكر الله سبحانه يستدعي المزيد من نعمه ويضمن اتصال كرمه وعرفوا بذلك من يليكم من الرعية ليأخذ مثل أخذكم ويلحظ هذا الأمر بمثل لحظكم فحقيق عليكم أن تشيدوا بهذا الخبر في الحاضر والباد وتجعلوا يوم عاشوراء الذي تجلى فيه هذا الصنع ثالث الأعياد والله سبحانه يجعله للمسرات عنوانا ويطلع علينا وعليكم وجوه صنعه غرا حسانا والسلام الكريم يخصكم ورحمة الله وبركاته

الأسلوب الثالث أن تفتتح المكاتبة بلفظ أما بعد
والرسم فيه أن يقال أما بعد حمد الله أو أما بعد فالحمد لله ويؤتى بخطبة
ثم يقال فإنا كتبناه إليكم من موضع كذا كتب الله لكم كذا وكذا ثم يتخلص إلى المقصود ويؤتى عليه إلى آخره ويختم بالدعاء ثم بالسلام
كما كتب ابن الخطيب عن ابن الأحمر من الأندلس
أما بعد حمد الله محسن العواقب ومخلد المناقب ومعلي المراقي في درج علية المراقب ومسخر النجم الثاقب في الغسق الواقب والكفيل بالحسنى للمتوكل عليه المراقب ناسخ التمحيص بالعناية والتخصيص لتظهر حكمة المثيب والمعاقب
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله الماحي الحاشر العاقب ذي القدر المسامي للزهر المصاقب

والرضا عن آله الذين كانوا في سماء ملته لهداية أمته كالشهب الثواقب فإنا كتبناه إليكم كتب الله لكم توالي المواهب ووضوح المذاهب ووقوف الدهر لديكم موقف الثائب من القدح النائب ووالى لديكم مفاتحة الكتب المهنئة بفتوح الكتائب من حمراء غرناطة حرسها الله وفضل الله بتعرف صنعه لكم هامي السحائب وكفيل بنيل الرغائب والسرور بما سناه الله لكم من استقامة أحوالكم شأن الشاهد والغائب والرائح والآئب
والحمد لله على ما توالى من الألطاف والعجائب
وقد وصل كتابكم الذي أكد السرور وأصله وأجمل مقتضى البشرى وفصله ونظم خبر الفتح ووصله وراش سهم السعادة والسداد والعناية والإمداد ونصله وأحرز حظ السعادة وحصله تعرفون ما أتاح لكم اللطيف الخبير والولي النصير من الصنع الذي اتسق نظامه والنصر الذي سنت في أم الكتاب أحكامه والعز الذي خفقت أعلامه والتوفيق الذي قرطست الغرض سهامه وأنكم من بعد الكائنة التي راش لطف الله بها وجبر وأحسن الخير وأدال الخبر وجعل العاقبة الحسنى لمن صبر جهزتم الجيوش المختارة والعساكر الجرارة يقودها الخلصان من الوزراء وتتقدم رايتها ميامن الآراء فكتب الله ثبات أقدامها وتولى نصر أعلامها ولم يكن إلا أن حمي وطيس النزال ورجفت الأرض لهول الزلزال وتعوطيت كؤوس الآجال في ضنك المجال ودجا القتام وتوهم مع فضل الله الاغتنام وعبس الوجه العباس وضحك النصل البسام وأورد الخيل موارد الطعان الإقدام فكان لحزبكم الظهور الذي حكم المهندة في الرقاب والسمر الطوال في الثغر ثم في الأعقاب وبشرت برؤية هلال الفتح عيون الارتقاب وحط عن

وجه الصنع الجميل ما ران من النقاب وأن من بغى عليكم حسب ما قررتم وعلى نحو ما أجملتم وفسرتم من شيوخ الغرب المجلبة ووجوه الخدم المنتمية إلى حسن العهد المنتسبة تحصل في حكم استرقاقكم وتحت شد وثاقكم وربما أسفر المكروه عن المحبوب وانجلى المرهوب عن المرغوب والله مقلب القلوب وشيمتكم في ائتلاف النافر والأخذ من فضل العفو بالحظ الوافر كفيل لكم بالصنع السافر والله يحملكم على ما فيه رضاه ويخير لكم فيما قضاه فسررنا بما اتصل لكم من الصنع واطرد ورحبنا بهذا الوارد الكريم الذي ورد وشكرنا فضلكم في التعريف بخبره المودود والشرح لمقامه المحمود وكتبنا نهنئكم به هناء مشفوعا وبالدعاء لكم متبوعا والله يطلع من توالي مسرتكم على ما يبسط الآمال وينجح الأعمال ويفسح في السعد المجال
والذي عندنا من ودكم أعظم من استيفائه بالمقال أو نهوض اليراع بوظائفه الثقال يعلم ذلك عالم الخفيات والمجازي بالنيات سبحانه
والله يصل سعدكم ويحرس مجدكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الطرف الثاني عشر في الكتب الصادرة عن وزراء الخلفاء المنفذين أمور
الخلافة اللاحقين بشأو الملوك وفيه جملتان
الجملة الأولى في الكتب الصادرة عن وزراء خلفاء بني العباس ببغداد ووزراء
ملوكها يومئذ
أما وزراء إقطاعاتها فقد ذكر أبو جعفر النحاس في صناعة الكتاب

أن المكاتبة من الوزير إلى الخليفة في زمانه كانت أطال الله بقاء أمير المؤمنين وأعزه وأيده وأتم نعمته عليه وأدام كرامته له
قال ابن حاجب النعمان في ذخيرة الكتاب وإن كانت المكاتبة من الوزير إلى من دونه فدعاؤه له أطال الله بقاءك وأدام تأييدك وتمهيدك وكرامتك
ودونه أطال الله بقاءك وأدام عزك وحراستك
قال وعلى مقدار المكاتب يكون الدعاء
وأقسامه كثيرة
ثم ذكر الأدعية العامة بعد ذلك على الترتيب فقال إن أعلاها يومئذ أطال الله بقاءه وأدام تمكينه ورفعته وبسطته وعلوه وسموه وكبت أعداءه وحسدته
ودونه أطال الله بقاه وأدام تمكينه وارتقاه ورفعته وسناه وتمهيده وكبت أعداه
ودونه أطال الله بقاه وأدام تأييده ونعماه وكبت أعداه
ودونه أطال الله بقاه وأدام تأييده وحرس حوباه
ودونه أطال الله بقاه وأدام تأييده ونعماه
ودونه أطال الله بقاءه وأدام نعماءه ودونه أطال الله بقاءه وأدام عزه ودونه أطال الله بقاءه وأدام توفيقه وتسديده
ودونه أطال الله بقاءه وأدام سداده وإرشاده
ودونه أطال الله بقاءه وأدام حراسته
ودونه أدام الله تأييده وتمهيده
ودونه أدام الله توفيقه وتسديده
ودونه أدام الله عزه وسناه
ودونه أدام الله عزه
ودونه أدام الله حراسته
ودونه أدام الله كرامته
ودونه أدام الله سلامته
ودونه أدام الله رعايته
ودونه أدام الله كفايته
ودونه أبقاه الله
ودونه حفظه الله ودونه أعزه الله
ودونه أيده الله
ودونه حرسه الله
ودونه أكرمه الله ودونه وفقه الله
ودونه سلمه الله
ودونه رعاه الله
ودونه عافاه الله

ثم المكاتبات الصادرة عنهم على أسلوبين

الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابي
والرسم فيه أن يقال كتابي أطال الله بقاء سيدي أو بقاء مولانا والأمر على كذا وكذا ومولانا أمير المؤمنين أو والجانب الأشرف ونحو ذلك على حال كذا ثم يتخلص إلى المقصد بعد ذلك بما يقتضيه المقام ويختم بقوله ورأي حضرة سيدنا أعلى
كما كتب بعض الكتاب عن الوزير قوام الدين بن صدقة إلى بعض وزراء ملوك زمانه في معنى أمير مكة المشرفة وما كان بينه وبين أمير الحاج في بعض السنين ما صورته كتابي أطال الله بقاء حضرة سيدنا ومواهب الله سبحانه في أمر مولانا أمير المؤمنين جارية على الإرادة مقابلة بالشكر المؤذن لها بالدوام والزيادة والحمد لله رب العالمين
وقد تتابعت المكاتبات في أمر النوبة المكية تتابعا علمه السامي به محيط والعذر في الإضجار بها مع إنعام النظر بسببها مبسوط وبعد ما صدر آنفا في المعنى المذكور وصل كتاب زعيم مكة بما نفذ على جهته ليعلم منه ومما لا ريب أنه أصدره إلى الديوان العالي السلطاني أعلاه الله حقائق الأحوال بغير شك أنه قد اتضح تفريط من فرط في هذه النوبة وعجل وتحقق

المثل السائر رب واثق خجل وأسباب ثمرة الهوى الذي ما زال يجمح براكبه ويريه سوء عواقبه وعلم أنه لم يخط فيما شرع فيه واستمرت على الخطأ أواخره ومباديه إلا بوعد أخلف ومال أتلف وخطر ارتكب وصواب تنكب وحزم أضيع وهوى أطيع حتى كان قصاراه دفع اللائمة عنه فإنه أوصل الحجيج إلى مقصودهم وأعادهم وأحسن التواصل حتى أدركوا من أداء الفريضة مرادهم وهل اعترض دون هذا الأمر مانع أو كان عنه دافع لولا ما صوره من الأسباب التي أفسد بها الأمور وأوغر بمكانها الصدور وكفل بعد ما قرره من ذلك ومهده ما عكسه سفه الرأي عليه وأبعده العجز عن الوصول إليه وأي عذر في هذا المقام يستمع أم أي لائمة عنه تندفع وقد جرت الحال على ما علم وتحدث بانخراق حجاب الهيبة كل لسان ناطق وفم ووقع الاتفاق من كافة الحاج على أن تمسك نائب مكة بطلب الرضا وتكفيل خصمه باستدراك ما تلف من التفريط في معايشه ومضى ونظره في العاقبة التي ينظر فيها ذوو الألباب وعمله بما أصدره الديوان العزيز من مكاتبة أمر فيها بالطاعة وخطاب وهو الذي لأم النوبة وشعبها وسهل عسيرها ومستصعبها ولو افتقرت إلى سعي أمير الحاج واجتهاده وإبراقه بعسكره وإرعاده لكان الحج ممتنعا والخطر العظيم متوقعا ولم يحصل الوفد إلا على التغرير بالنفوس والجود منها بكل مضنون به منفوس ثم عرب الطريق الذي ما زال أمير الحاج في حقهم خاطبا ولإكرامهم بالقول المتكرر طالبا وجاعلا ما لعله يتأخر من رسم أحدهم من دواعي الخطر في سلوك الطريق المردية وموجبات الفساد في المناهل والأودية يتلو من النهب والاجتياح والأذى العائد على فاعله بالاقتراف العظيم الوزر والاجتراح بما يؤلم شجاعة القلوب ويحرقها ويبكي العيون ويؤرقها ولقد انتهى أن العسكر المنفذ أمامه كان يتنقل في هضاب البرية وغيطانها وينقب عن منازل العرب وأوطانها فيستقري أحياءهم حيا فحيا ويتخلل الفجاج فجا ففجا فإذا شارفوا قبيلة منهم طلب النجاة منهم بالحشاشات رجالها وأسلمت إليهم نساؤها وأطفالها

وأموالها فيتحكمون في ذلك تحكم من استحل موقفه في إباحة محارم الله ومقامه وأمن مكره الحائق بالظالمين وانتقامه ويستبيحون حريم كل بريء غافل لم يقارف ذنبا وطائع لا يستحق غارة ولا نهبا فأين كان من النظر عند هذا الفعل في حفظ عرب الطريق وكيف عزب عنه في هذا الرأي منهج التوفيق وهل تتصور الثقة بكل قبائل العرب عن إفساد الآبار والمصانع والعبث بكل مستطاع في المناهل والمشارع خاصة إذا علموا أن الذي ظلمهم وأباح حرمهم هو السالك للطريق آنفا والمتمكن فيهم من معاودة الأذى الذي أضحى كل به عارفا واستدراك الفارط في هذا الأمر المهم متعين ووجه الرأي فيه واضح متبين والإشارة في كتاب زعيم مكة إلى ما جرى من المعاهدة واستقرت القاعدة عليه من إعادة ارتفاعه المأخوذ ورسومه على التمام والكمال إليه أدل الأدلة على بعد النوبة من الالتئام ودخول الخلل عليها وانحلال النظام وتعذر الحج في المستقبل
على أن من أفسدها لم يتأمل لنفسه طريق الصدر حين أوردها والألمعية السامية المعزية حرس الله عزها اللامحة ببديهتها العواقب المستشفعة سرائرها بالرأي الثاقب أهدى إلى تدبيرها بما يستدرك الفارط ويتلافى غلط الغالط ويعيد الأحوال إلى جدد الصلاح وسننه ويجريها على أجمل قانون مألوف وأحسنه وما أولاه بالتقديم في هذا المهم الذي لا أحق منه بالاهتمام والجد الصادق التام بما تطمئن به النفوس إلى صلاحه وانتظامه وارتفاع كل مخشي من الخلل الداخل عليه وانحسامه والإعلام في الجواب بما يقع السكون إلى معرفته ويحصل الأنس والشكر في مقابلته ورأي حضرة سيدنا أعلى إن شاء الله تعالى

الأسلوب الثاني أن تفتتح المكاتبة بلفظ الإصدار
مثل أن يقال أصدرت هذه المكاتبة أو هذه الجملة والأمر على كذا وكذا بعد أن يدعى للمكتوب إليه بعد لفظ الإصدار ثم يتخلص إلى المقصود بما يليق بالمقام ويؤتى على القصد إلى آخره ويختم بقوله ورأي حضرة سيدنا أعلى
كما كتب عن الوزير قوام الدين بن صدقة أيضا إلى ملك سمرقند جوابا عن كتاب وصل منه إليه أصدرت هذه الجملة أطال الله بقاء حضرة مولانا ومواهب الله سبحانه في الجناب الأشرف لا زالت مطالع سعوده منيرة وأعواد علائه مورقة نضيرة آهلة الربوع عذبة الينبوع قارة لا يظعن ركبها دارة لا يعز حلبها والحمد لله رب العالمين
ووصل كتابه أدام الله علوه الصادر على يد الشيخ الأجل العالم أبي الحسن بن علبك ووقفت عليه وعرفت فحواه وتضاعف الشكر لله سبحانه بما حواه من اطراد الأمور واتساقها وطلوع شمس النجح في سماء مباغيه وإشراقها وأحدث ابتهاجا بوروده متوفرا واغتباطا بما أولاه جلت آلاؤه من صنعه الذي أصبح ذنب الأيام معه مغتفرا وعرضت خدمته المقترنة به على مجالس العرض الشريفة قدسها الله مشفوعة بذكر ما لبيته الكريم وسلفه الزاكي الأرومة من المآثر التي أضحى بها في الفخر علما وعلى ناصية المجد محتويا محتكما في ضمن إيضاح المحاسن التي أصبح أيد الله سموه بها منفردا ولنجاد المحامد بحسبها مقلدا والمواقف في الطاعة الإمامية التي أصبحت غرة في جبهة الزمان

ولم يسع في مثلها لغيره قدمان وانتهت في تمكين القواعد وتوطيدها وتأكيد الأحوال وتمهيدها والتجرد في تحصيل الأرب وتيسير المطلب إلى ما يوجبه الود المحصف الأمراس والمصافاة الخالصة من الشوائب والأدناس فآنست في مقابلة ذلك من الالتفات إلى ما أوردته مما يبين عن لطف مكاتبته بالموقف الأشرف ويعرب ويصفو مورد الفخار بمثله ويعذب وجدد من التشريف والزيادة فيه ما يوفي على الذي تقدمه قدرا ويجل طوقه عن أن يرضى عمرا وشفع ذلك بتنفيذ التشريفات لولده أيد الله علوه والمطيفين بحضرته واللائذين بحوزته وابتدائهم بالإحسان والإنعام والتكرمة الموفية على المرام إكبارا لشأنه وإبانة عن محله من الآراء الشريفة ومكانه وإيثارا لإعظام أمره وإعلاء قدره ليعلم أيد الله علوه مكان التجرد في هذه الحال وصدق السعي الذي افترت ثغوره عن نجح الآمال وأرجو أن يصادف حسن المقام في ذلك عنده موقعه ويلقى لديه اعترافا يوافق مرآه مسمعه
فأما الإشارة إلى المشار إليه في التوزع لتلك الهنات الجارية التي ما زالت الأيام بمثلها جائية والاستبشار بزوال ما عرض واضمحلاله وعود الرأي الأشرف إلى أكمل أحواله وقد عرفها بمزيد الاعتداد والشكر قائلها ولم يكن الذي جرى مما يشعب فكرا أو يتوزع سرا فإن الاعتداد الأشرف كان بحمد الله محفوظا والاجتهاد في الخدمة بعين الاعتراف والرضا ملحوظا لم تحله حال متجدده ولا رتعت الحوادث مورده وما زالت ثغور الأيام في كل وقت عن الزيادة باسمه وسحبه بنجح اشتطاط الآمال ساجمه والمندوب لتحمل المثال وما يقترن به من التشريف فلان وهو من أعيان العلماء ومن له في ميدان السبق شأو القرناء وله في الدار العزيزة مجدها الله الخدمة الوافية والمكانة الوافرة وما زالت مذاهبه في خدمه حميدة ومقاصده على تقلب الحالات مرضية سديدة

وجدير بتلك الألمعية الثاقبة أن تتلقى ما يورده بالإصغاء وتقابل النعم المسداة إليه بالشكر الماطر الأنواء وتوقظ ناظر اهتمامه للنهوض بأعباء الخدمة الإمامية وحيازة المراضي المكرمة النبوية وتمهي عزيمتها فيما يكون بالإحماد الأشرف محظيا ولأمثال هذا العرف المصنوع مستدعيا ولرأي حضرة سيدنا في ذلك علو رأي إن شاء الله تعالى

الجملة الثانية في الكتب الصادرة عن وزراء خلفاء الفاطميين بالديار
المصرية
فقد ذكر علي بن خلف من كتاب دولتهم في كتابه مواد البيان أنه إذا كانت المكاتبة من الوزير إلى من دونه تكون بغير تصدير إلا أن الخطاب فيها يجب أن يبنى على أقدار المخاطبين في مراتبهم في الدولة ولم يزد على ذلك
والذي وقفت عليه من أسلوب واحد وهو أن يفتتح الكتاب بلفظ كتابنا والأمر على كذا ويتعرض فيه لذكر حال الخلافة والخليفة ثم يتخلص إلى المقصود بما يقتضيه الحال ويؤتى عليه إلى آخره ويختم بالدعاء
كما كتب القاضي الفاضل عن بعض وزراء العاضد آخر خلفائهم إلى بعض الملوك ما صورته كتابنا أطال الله بقاء الملك عن مودة ظاهرة الأسباب متظاهرة الأنساب ضافية جلباب الشباب وعوائد عوارف لا يتنكر معروفها ووفود فوائد لا يتصدع تأليفها ومساعي مساعد لا ينقص معروفها ولا ينفض مسوفها

وسعادة بالخلافة التي عدق إليه أمرها وأوضح سرها وملأ سرائرها وسريرها وأطلع شمسها وقمرها
بمولانا وسيدنا أمير المؤمنين تتوالى ميامنها وتتلألأ محاسنها وتشرف درجاتها وتتضاعف سعادتها والكلمة قائمة على أصولها وأمور الخلق جارية على ما هو لها ونظام الإسلام بسياستها لا يهي وسياقه الدوام في سعادتها لا تنتهي والله الموزع شكر هذه المنن المسؤول في الإنهاض لما نهضت فيه النية وقصرت عنه المنن ولم نزل أدام الله إقبال الملك المعظم معظمين لأمره عارفين نبل قدره وجليل فخره مشيدين بجميل ذكره وجزيل نصره معيدين لما تتهادى الألسن من مستطاب نشره قارئين من صفحات الأيام ما أمدها به من بشره غير مستيمنين لذكر اسمه الكريم إلا بصيامه وشكره موردين مما هو يبلغه من بارع ضرائبه بالمقامات الشريفة من آثار سلفة ومآثرهم ومأثور مكارمهم ومفاخرهم واستناد المكرمات إلى أولهم وآخرهم ومشهور ذبهم عن الملة ودفاعهم عن أهل القبلة وسدادهم في الأمور وسدادهم الثغور وسيادتهم الجمهور وإستقلالهم بالمشقات المتقدمة وإخمادهم نيران الخطوب المضطرمة وكفهم سيول السيوف العرمة وموالاتهم أمور الدولة العلوية التي اشتهر بها منهم من الأكابر وورثها كابر عن كابر وحافظوا منها على سيرة معروف لا ينسخ وعقد صفاء لا يفسخ وسريرة صدق تستقر في الضمائر وترسخ وتتوضح بها غرة في جباه السبق وتشدخ وتستهدي عند إيراد هذا الذكر العطر والثناء المشتهر من الدعوات الشريفة العاضدية المعضودة بالنجح المتوضحة عن مثل فلق الصبح ما يتهلل لمساعيه بالميامن المستهلة ولمراميه بالإصابة المتصلة بينه وبين هذه الدولة العالية والخلافة الحالية بكتاب منه نهجنا فيه طريقها اللاحب واستدعينا به إجابته التي تتلقى بالمراحب وأعلمناه أن تمادي الأيام

دون المراسلة وتطاولها وتنقل الأحوال والدول وتناقلها لا يزيد مودته إلا استحكام معاقد وانتظام عقائد ووفاء مواعد وصفاء موارد وأنه لا تباعد بين القلوب بغرض المرمى المتباعد ولا تفرق المسافات القواصي ما بين النيات القواصد
فلما تأخرت الإجابة تقدمت الاسترابة وتناجت الظنون المعتلجة وتراجعت الآراء المختلجة بأن الرسول عاقته دون المقصد عوائق وتقسمته من الأحداث دون الطريق طرائق فلم ترد المكاتبة إلى جنابه ولا أسعد السعي بطروق جنابه الذي تنال السعادة وتجنى به وإلا فلو أنه أم له بلغ ما أمله ولو وصله لأجاب عما أوصله لأن مكارم خلائقه تبعث على التبرع بالمسنون فكيف بقضاء المفروض وشرائف طرائقه تأبى للحقوق الواجبة أن تقف لديه وقف المطرح المرفوض
فجددنا هذه المكاتبة مشتملة على ذلك المراد وفاوضناه بما يعيره الإصغاء ويجنبه الإلغاء ويحسن له الإنصات ولا يحتاج فيه إلى الوصات ورسمنا أن يكتمه حتى من لسانه وأن يطويه حتى عن جنانه وأن يتمسك بالأمر النبوي في استعانته على أمره بكتمانه فمن حسن الحزم سوء الظن وهل لأرباب الأسرار فرج إلا ما دامت في السجن وقد استلزمنا المرتهن لما استعظمنا الرهن وفوضنا إلى من لا يعترينا فيه الوهم ولا منه الوهن ونحن تحببنا بما يعلم به حسن موقع رسالة الاسترسال وبما يبين به عن دلالة الإدلال وبما يرحب بمودته مجال الجمال والله سبحانه يؤيد الملك بنصر تستخدم له الأقدار وسعادة لا تتصرف في تصريفها أحكام الفلك المدار وإقبال يقابل آراءه وآدابه في فاتحة الورد وعاقبة الإصدار وعز لا يزال منه متوقلا في درجات الاقتدار إن شاء الله تعالى

الطرف الثالث عشر في المكاتبات الصادرة عن الأتباع إلى الملوك ومن في
معناهم وفيه ثلاث جمل
الجملة الأولى في المكاتبات الصادرة عن أتباع ملوك الشرق إليهم في الزمن
المتقدم وهي على أسلوبين
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابي
ويدعى للمكتوب كذا وكذا ويتخلص إلى المقصود بما تقتضيه الحال ويخاطب السلطان في أثناء الكتاب بمولانا أو بمولانا الملك ويعبر المكتوب عنه عن نفسه بتاء المتكلم ولفظ الإفراد ويختم بقوله فإن رأى أن يفعل كذا فعل إن شاء الله تعالى
ويدعى للمكتوب إليه بطول البقاء مع التعرض لذكر الخليفة في أثناء الكتاب
وهذه نسخة كتاب من هذا الأسلوب كتب به أبو إسحاق الصابي عن أبي الفضل الشيرازي أحد نواب بني بويه إلى عضد الدولة بن بويه في جواب

كتاب وصل منه إليه يخبره بفتح خراسان وطاعة صاحبها وهو كتابي أطال الله بقاء مولانا والأمور التي أخدم فيها جارية على السداد مستمرة على الاطراد والنعم في ذلك خليقة بالتمام مؤذنة بالدوام
والحمد لله حق حمده وهو المسؤول إطالة بقاء موالينا الأمراء وحراسة ما خولهم من العز والعلاء وأن لا يخليهم من صلاح الشان وسمو السلطان وظهور الولي وثبور العدو
ووصل كتاب مولانا الأمير أطال الله بقاءه الصادر من معسكره المنصور بكازرين بتاريخ كذا مخبرا بشمول السلامة مبشرا بعموم الاستقامة موجبا لشكر ما منح الله من فضله وأعطى مقتضيا نشر ما أسبغ من طوله وأضفى مشروحا فيه الحال فيما كان يجري من الخلاف بين مولانا الأمير السيد ركن الدولة وبين ولاة خراسان وجهاده إياهم في حياطة الدين وحماية حريم المسلمين والدعاء إلى رضا رب العالمين وطاعة مولانا أمير المؤمنين وتذممه مع ذلك من دماء كانت باتصال الحروب تسفك وحرمات باستمرار الوقائع تنتهك وثغور تهمل بعد أن كانت ملحوظة وحقوق تضاع بعد أن كانت محفوظة وأنه لما جددت العزيمة على قصد جرجان ومنازعة ظهير الدولة أبي منصور بن وشمكير مولى أمير المؤمنين على تلك الأعمال ودفعه عما ولاه أمير المؤمنين بوسيلة موالينا الأمراء أدام الله تمكينهم منها ومنازعته ومجاذبته فيها نهض مولانا الأمير الجليل عضد الدولة إلى كرمان على اتفاق كان بين مولانا الأمير السيد ركن الدولة وبينه في التوجه إلى حدود خراسان فحين عرف

القوم الجد في ردهم والتجريد في صدهم وأنه لا مطمع لهم في جنبه إلى طاعة أمير المؤمنين انتسابها وبذمام سادتنا الأمراء اعتصامها اتعظوا واتزعوا وعرجوا ورجعوا سالكين أقصد مسالكهم منتهجين أرشد مناهجهم معتمدين أعود الأمور على المسلمين عموما وعليهم خصوصا باجتماع الشمل واتصال الحبل وأمن السرب وعذوبة الشرب وسكون الدهماء وشمول النعماء فخطبوا الصلح والوصلة وجنحوا إلى طلب السلم والألفة وأن مولانا الأمير عضد الدولة آثر الأحسن واختار الأجمل فأجاب إلى المرغوب فيه إليه وتوسط ما بين الأمير السيد ركن الدولة وبين تلك الجنبة فيه وتكفل بتقريره وتمهيده وتحقق بتوطيده وتشييده وأخرج أبا الحسن عابد بن علي إلى خراسان حتى أحكم ذلك وأبرمه وأمضاه وتممه بمجمع من الشيوخ والصلحاء ومشهد من القضاة والفقهاء وأن صاحب خراسان عاد على يد مولانا الأمير عضد الدولة إلى طاعة مولانا أمير المؤمنين ومشايعته والإمساك بعلائق ولائه وعصمته وصار وليا بعد العداوة وصديقا بعد الوحشة ومصافيا بعد العناد ومخالطا بعد الانفراد وفهمته
وتأملت أيد الله مولانا ما في ذلك من ضروب النعم المتشعبة وصنوف المنح المتفرعة العائدة على الملك بالجمال وعلى الرعية بصلاح الحال الداعية إلى الائتلاف والاتفاق المزيلة للخلاف والشقاق فوجدت النفع بها عظيما والحظ فيها جسيما وحمدت الله حق حمده عليها وشكرته أن أجراها على يد أولى الناس بها وأحقهم بالمكارم أجمعها وأن قرب الله بيمنه ما كان بعيدا معضلا ويسر ببركته ما كان ممتنعا مشكلا فأصلح ذات البين بعد فسادها وأخمد نيران الفتن بعد تلهبها واتقادها ووافق ما بين نيات القلوب وطابق بين نخائل الصدور وتحنت الضلوع بنجح سعيه على

التألف وانضمت الجوانح بميمون رأيه على التعاطف وحصل له في ذلك من جزيل الأجر وجميل الذكر وجليل الفخر وأريج النشر ما لا تزال الرواة تدرسه والتواريخ تحرسه والقرون تتوارثه والأزمان تتداوله والخاصة تتحلى بفضله والعامة تأوي إلى ظله
فالحمد لله كثيرا والشكر دائما على هذه الآلاء المتواترة والعطايا المتناصرة المفاخر السامية والمآثر العالية وإياه أسأل أن يعرف مولانا الملك الخيرة فيما ارتآه وأمضاه والبركة فيما أولاه وأجراه وأن يهنئه نعمه عنده ويظاهر مواهبه لديه ويسهل عليه أسباب الصلاح ويفتح أمامه أبواب النجاح ويعكس إلى طاعته الرقاب الآبية ويذلل لموافقته النفوس النائية ولا يعدمه وموالينا الأمراء أجمعين المنزلة التي يرى معها ملوك الأرض قاطبة التعلق بحبلهم أمنا والإمساك بذمامهم حصنا والانتماء إلى مخالطتهم عزا والاعتزاء إلى مواصلتهم حرزا إنه جل وعز على ذلك قدير وبإجابة هذا الدعاء جدير
وقد اجتهدت في القيام بحق هذه النعمة التي تلزمني وتأدية فرضها الذي يجب علي من الإشادة بها والإبانة والإشاعة والإذاعة حتى اشتهرت في أعماله التي أنا فيها واستوى خاصتها وعامتها في الوقوف عليها وانشرحت صدور الأولياء معها وكبت الله الأعداء بها واعتددت بالنعمة في المطالعة بها والمكاتبة فيها وأضفتها إلى ما سبق من أخواتها وأمثالها وسلف من أترابها وأشكالها فإن رأى مولانا الأمير الجليل عضد الدولة أن يأمر أعلى الله أمره بإجرائي على أكرم عاداته فيها واعتمادي بعوارض أمره ونهيه كلها فإن وفور حظي من الإخلاص يقتضي لي وفور الحظ من الاستخلاص فعل
إن شاء الله تعالى

الأسلوب الثاني أن يفتتح الكتاب بالإصدار
مثل أصدر الخادم أو العبد ونحوه ويؤتى بالصدر إلى آخره ثم يتخلص

إلى المقصود بما يقتضيه المقام ويختم بقوله وللرأي العالي مزيد العلو ونحو ذلك
كما كتب عن بعض وزراء الراشد أو المسترشد إلى السلطان سنجر السلجوقي في حق قطب الدين أبي منصور أزدشير العبادي وقد ورد إلى أبواب الخلافة ببغداد رسولا وكان أبوه وخاله وسلفه من أهل العلم والزهد وهو من الفصحاء البلغاء ما صورته أصدر خادم المجلس العالي هذه الخدمة عن ضمير معمور بالولاء وإخلاص دواعيه متصلة على الولاء وعكوف على ما يرجو به حصول المراضي العلية والتحقق لمشايعته الواضحة شواهدها الجلية والحمد لله رب العالمين
وبعد فما زال الجناب العالي السلطاني الشاهنشاهي الأعظمي أعلاه الله لكل خير منبعا وحرمه الآمن للفوائد الجمة مغاثا ومربعا والسعادة والتوفيق مقرونين بسامي آرائه مطيفين به من أمامه وورائه في كل رأي يرتئيه ومقرب يصطفيه وامرىء يتخيره ويقلده وأمر يحله ويعقده وصنع جميل يصيب من الاستحقاق موضعه ويعيد طيب الذكر مجهزه ومبضعه مناقب تفوت الإحصاء عدا وترد من مفاخر الوصف منهلا عذبا وتسير بذكرها الرفاق غورا ونجدا وتجاوز غايات المدح علاء ومجدا وكفى على ذلك دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا ما اقتضته الآراء العلية من التعويل على فلان العبادي في تحمل الرسالة الأعظمية التي عدقت منه بالنقي الجيب البريء من العيب العاري من دنس الشك

والريب فإن اختياره لهذا الأمر طبق مفصل الصواب ولشاكلة رمي الرأي أصاب إذ هو الفذ في علمه وفضله السديد في قوله وفعله البارع في إيجاز الخطاب وفصله المعرق في الزهادة والديانة المزينين لفرعه وأصله
ولما وصل إلى الأبواب العزيزة الإمامية ضاعف الله تعالى مجدها مثل بالخدمة مؤديا من فرضها ما يلزم أمثاله من ذوي العقائد الصحيحة والموالاة المحضة الصريحة وصادف من التكرمة والإنعام ما يوجبه له محله من العلم الذي لا تكدر الدلاء بحره ولا تدرك الأرشية بطولها قعره فهو فيه نسيج وحده وناسج برده وناشر علمه ومستغزر ديمه
وألقى من ذلك ما يقتضيه اختبار أحواله الشاهدة بأنه ممن أصحب في يده قياد الفصاحة الأبي وملكته زمامها الممتنع على من عداه العصي وجمع له من الفضائل ما أصبح في سواه متفرقا وخير له منها ما جعل جفن حاسده لفرط الكمد مؤرقا إلى ما زان هذه الخصائص التي تفرد فيها وبرع وطال مناكب الأقران وفرع من الإخلاص الدال على تمسكه بحبل الدين المتين واستمراره على جدده الواضح المبين وفصل عن الأبواب العزيزة فائزا من شرف الإرعاء ما وفر الحظوظ والأنصباء حاصلا من حميد الآراء على أنفس العطاء وأجزل الحباء وقد تمهد له من الوجاهة والمكانة ما يفخر بمكانه وتنقطع دون بلوغ شأوه أنفاس أقرانه ورسم أعلى الله المراسيم الإمامية وأمضاها مطالعة المجلس العالي السلطاني أعلاه الله بهذه الحال تقريرا لها عند العلم الكريم واستمدادا للطول والإنعام باختصاص قطب الدين بالاحترام الذي هو حقيق بمثله وخليق أن لا يضحى عن وارف ظله وما يوعز به من ذلك يصادف من دواعي الاستحقاق أوفاها ويرد من مناهل الذكر الجميل أعذبها وأصفاها ويتلقى من شرف المحامد بألطفها وأحفاها وللرأي العالي علو رأي إن شاء الله تعالى

الجملة الثانية في المكاتبات الصادرة عن أتباع ملوك الديار المصرية إليهم
والمختار منه أسلوبان
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بالدعاء
مثل أن يدعى بعز الأنصار أو إدامة السلطان أو تخليده أو إدامة بسطة السلطان أو إدامة الأيام ونحو ذلك
ويخاطب السلطان فيه بمولانا ويعبر المكتوب عنه عن نفسه بالمملوك ويختم بالدعاء
وهي طريقة القاضي الفاضل ومن تلاه من كتاب الدولة الأيوبية بالديار المصرية
قال ابن شيث في معالم الكتاب ولا يقال في مخاطبة السلطان سيدنا مكان مولانا وإن كان السيد من الألقاب السلطانية لأن لفظ سيدنا مما اصطلح عليه لأكابر المتعممين من الفقهاء والقضاة والكتاب فاجتنب في حق السلطان كي لا تقع المشاركة بينه وبين غيره في الخطاب
وهذه نسخة كتاب من هذا الأسلوب كتب به إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب في جواب كتاب ورد منه بالبشارة بفتح خلاط وهي أدام الله سلطان مولانا الملك العادل وزاده من فضله ومد على خلقه وارف ظله وأظهر به دينه على الدين كله وأوضح إلى مرضاته ما يسلكه من سبله ولا عدمت يد الإسلام والمسلمين التعلق بوثيق حبله وفرج به الخطط المطبقة وفتح به البلاد المستغلقة وأخضع لطاعته الأعناق وعم بفتوحه الآفاق ودمر

الكفر بمقامه وطوى أيامهم بما ينشره ويديمه من أيامه وأنزل النصر في مواقف النزال بما ترفعه راياته من أعلامه
وقف المملوك على ما أنعم به مولانا من كتاب البشارة التي وصلت إلى كل قلب وسمع وأمل بها كل مسلم كل خير ونفع وعلم ما وراءها من جمع شمل كان عزيز الجمع وعلم ما يتبعها من عواطف مولانا التي عودها منه أكرم طبع وتحقق أن الله سبحانه قد قلد الدين منه سيفا خلقه للوصل وخلق السيوف للقطع
وبالجملة إن الله سبحانه نظر إلى هذه الملة بنظر مولانا لها وكفالته لأهلها وسياستهم بشرف السجية وعدلها وإن كل ما اختلس الملك الناصر رحمه الله فإن الله يتمه على يديه ويجبر به تارة بصفحه وتارة بحديه ويهب له عمرا نوحيا إلى أن لا يذر على الأرض من الكافرين ديارا وإلى أن يورث الإسلام بسيفه منهم أرضا ومالا وديارا وهذه مخايل لا يخلف الله بارقتها بل يرد إلى جهة الكفر صاعقتها فما يحسب المملوك أن جانبا يتلوى على طاعة مولانا ولا ينحرف ولا أن كلمة عليه بعد اليوم تختلف ولا أن ممتنعا بالأمس يكون معه اليوم إلا أن يرضى عنه مولانا وعليه ينعطف
وعلى هذا فالشام الفرنجي متأخذ بجناح إلى الأخذ وبقية عمر المؤمن كما قال ثمن لها والفرص تمر مر السحاب والمستعاذ بالله من حسرات الفوت بعد الإمكان ( ولينصرن الله من ينصره ) وما يشخص لخطاب الله تعالى بالجهاد إلا مولانا النية خالصة والبصيرة ثاقبة والعزيمة ماضية والشجاعة منحة من الله له موهوبة والسماحة خليقة من خلائقه الكريمة موجودة

والرجال تطأ عقبيه والملوك تطيع أمره والشجعان تبذل أنفسهم بين يديه والعدو يعرف منه خصما طالما خاطبه بلسان السيف منه إليه
وليس كل من قدر عليه أراده وعكا أقرب من خلاط وأنفع للمسلمين فتحا وأعظم في الكفار قدحا فوالله لئن انغلق باب الشام في وجه الكفر لتنقطعن آمال أهل البحر والبر وما دام في الشام بقية من الكفر فهو يقبل الزيادة وينتظر النجدة ويؤمل الاستعادة وما كرر المملوك هذا الحديث جهلا بما يجب في خدمة الملوك من الأدب في أن يتكلم في القضية إلا من استشير فيها ولا يجتريء على الكلام إلا إذا كان مجيبا بما يؤمر بالإجابة عنه ولكن المملوك غلب على الصحبة وانقطع عن الخدمة وعلم أنه لو كان حاضرا لكان مولانا يبسطه ولا يقبضه ويستشف ما عنده ويستعرضه ويشفع قلبه في لسانه إذا هفا ويحمله على صفاء ضميره فيما يقوله فلا يقابل بالتكدير من صفا فقد علم الله أن المملوك يتمنى للمسلمين أن يرد عليهم حقهم وترجع إليهم بلادهم وأن تكون هذه الأمنية جارية على يد مولانا ومستفادة من عزيمته ومكتوبة في صحيفته ومغتنمة فيما يمده الله في حياته فإن الأمور فيما بعد ملموحة ولكن أبواب قدرة الله مفتوحة فالله يجعل منها أن يفتح على مولانا فيه بلاد الساحل وأن يأخذ للإسلام به أهبة المقيم وللمقيم أهبة الراحل وما يخلط المملوك هذا المهم بغيره طالع به ولمولانا علو الرأي

الأسلوب الثاني أن تفتتح المكاتبة بيقبل الأرض مصدرا بالمملوك
وهي من مصطلحات الدولة الأيوبية أيضا إذا كان المكتوب عنه دون من تقدم
كما كتب القاضي الفاضل عن نفسه إلى السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب يهنئه بمولود ولد له المملوك يقبل الأرض بالمقام العالي الناصري نصر الله الإسلام بمقامه وأهلك أعداء الحق بانتقامه ولا أعدم الأمة المحمدية عقد اعتزائه بكفالتها ومضاء اعتزامه

يهنيء المملوك المولى بنعمة الله عنده وعند الإسلام وأهله بمن زاده في ولده وكثره في عدده وهو الأمير أبو سليمان داود أنشأه الله إنشاء الصالحين ومن الله بكمال خلقه ووسامة وجهه وسلامة أعضائه وتهلل غرته وابتسام أسرته ودل على أن هذا البيت الكريم فلك الإسلام لا يطلع فيه إلا البدور كما دل على عناية الله بأبيه فإن الله تعالى قال ( يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور ) فطريق المولى هذه قد توالت فيها البشائر ونصر الله فيها بألطاف أغنت بلطف الخواطر عن قوة العساكر واشتملت عليه في الغائب من أمره والحاضر ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) وكيف يحصيها المحصي ويحصرها الحاصر أيحيط ما يفنى بما لا ينفد
فالحمد لله الذي جعل كتب المولى إلى أوليائه وكتبهم إليه مبتسمة عن المسار ناطقة بأطيب الأخبار منكشفة أسرارها عما يروح الأسرار وهذا الولد المبارك هو الموفي لاثني عشر ولدا بل اثني عشر نجما متوقدا
فقد زاد الله في أنجمه عن أنجم يوسف عليه السلام نجما ورآهم المولى يقظة ورأى ذلك الأنجم حلما ورآهم ساجدين له ورأينا الخلق له سجودا وهو سبحانه قادر أن يزيد جدود المولى إلى أن يراهم آباء وجدودا

الجملة الثالثة في المكاتبات الصادرة عن أتباع ملوك الغرب إليهم والمختار
منه أربعة أساليب
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بلقب المكتوب إليه
مثل المقام أو الجناب وينعت ثم يقال مقام فلان ثم يؤتى بالسلام ثم

بالبعدية ويؤتى بخطبة ويتخلص إلى المقصد ويؤتى عليه إلى آخره ويختم بالدعاء ثم بالسلام
كما كتب ابن البناء عن ابن خلاص إلى أمير المسلمين الواثق بالله أبي بكر بن هود في جواب كتاب ورد عليه منه ما صورته المقام العلي الواثقي المعتصمي المبارك السامي السني معدن الفضل ومقره ومسحب ذيل الفخر ومجره ومناط حمل أمانة المسلمين التي لا يحملها إلا أبلج الشرف أغره ولا يتقلد قلادتها إلا تقي المنشإ بره مقام مولانا جمال الملك وبهائه والباعث في معطفه أريحية النجابة وازدهائه الأمير الأجل المعظم المكبر الهمام المكرم المبارك الميمون السعيد الموفق الرشيد المظفر المؤيد المرفع الممجد ولي العهد وواسطة عقد المجد والملبس سرابيل اليمن والسعد الواثق بالله المعتصم به أبي بكر ابن مولانا مجد الإسلام وجمال الأنام ومجاهد الدين سيف أمير المؤمنين المتوكل على الله تعالى أمير المسلمين أبقاه الله واردا من مشارع التأييد أعذبها متخولا من صنع الله الجميل ما يسدد أبعد الأمة وأقربها ممتدا مد السعادة ما جلت غرة الفجر حندس الظلماء وغيهبها
عبد بابه الأشرف ومملوك إحسانه الأسح الأذرف مسترقه الآوي إلى ظل سلطانه الأمد الأورف الحسن بن أحمد بن خلاص
سلام الله الطيب الكريم وتحياته يعتمد الواثقي المعتصمي ورحمة الله وبركاته
أما بعد حمد الله الذي له الأمر من قبل ومن بعد والصلاة على سيدنا محمد نبيه الذي ترتبت على اجتنابه الشقاوة ووجب باتباعه السعد وعلى آله وصحبه الذين ناضلوا عن ديانته حتى وضح السنن وبان القصد والرضا عن خليفته وابن عمه الإمام العباسي أمير المؤمنين أبي جعفر المنصور المستنصر بالله وارث شرفه

النبوي ومجده الهاشمي بخصائصه التي لا تعفي أنوارها الأبكار ولا يطمس آثارها الحجر
وعن مولانا مجد الإسلام جمال الأنام مجاهد الدين سيف أمير المؤمنين المتوكل على الله تعالى أمير المسلمين ذي العزمات التي لا تغني غناءها الذبل التي منبتها الخط ولا القضب التي منشؤها الهند
والدعاء لمقام الثقة والاعتصام ومقر الإحسان والإنعام بالنصر الذي يؤازره الظفر ويظاهره العضد
فكتبه عبد المقام الواثقي المعتصمي كتب الله له تأييدا يحفظ على الدين نظامه وتخليدا يرث ليالي الدهر وأيامه من إشبيلية حرسها الله تعالى وللبركات المتوكليات والواثقيات بها انثيال كما تتابع القطر وسطوع كما ابتسم في مطالعه الفجر وتعهد لا تزال تقربه العين وينشرح له الصدر والخدمة اللازمة للمثابة العلية الواثقية المعتصمية أعلى الله مكانها وشيد بعضده أركانها فرض لا يسع تأخيره وحق لا يعلق به تفريط المتقلد له ولا تقصيره ولازم من اللوازم التي لا يشغل بسواها سر المملوك ولا ضميره والله ينجد من ذلكم على ما يتسوغ به صفو المن ونميره
وإن الخطاب الكريم الواثقي شرف الله منازعه ونور بأنوار السعادة مطالعه ورد على العبد مشيدا بذكره معليا من قدره مسميا لرتبة فخره متضمنا من واسع الإنعام وغمره ما لو وزع على العالم لشملهم بأسره وأغرقهم بفيض يسير من بحره فتناوله المملوك بيمين إجلاله وإعظامه ووفى الواجب من

لثمة واستلامه وألفى به ريا ناقعا لغليل الشوق المبرح إلى اجتلاء غرته الكريمة وأوامه وجعل يتتبع سطوره ويستقري فقره وشذوره فلا يقف من ذلكم كله إلا على ما يملأ حوباءه جذلا ويخوله الابتهاج غنما ونفلا ويبوئه أسنى مراتب التشريف قننا وقللا وهو على ما أحكمت به الأقضية من شحطه عن المثابة الواثقية شرفها الله وشسوعه وإيواء مغاني أنسه لذلكم ورجوعه لا يجد أنسا إلا ما يتوالى قبله من متعهد اهتمامها وتهديه إليه ألسنة أقلامها فكلما وفد عليه من صحائفها المكرمة وافد وورد من حضرتها المعظمة وارد فقد جدد الزمان عنده يدا غرا وأطلع عليه بدرا وأفاده من الابتهاج ما يعمر الخلد وينشر نسيم الاستبشار إذا سكن وركد وما ينفك على نأي المكان وبعد الأوطان يحافظ على رسمه من خدمها ويؤدي وظائف الشكر بجسيم منحها وعميم نعمها ويجعل على نفسه المتملكة رقيبا من أن يخل في سر أو جهر بعهد من عهودها أو ذمة من ذممها ومهما تجدد صنع يتعين إهداؤه ويجب قضاء الحق بالدلالة عليه وأداؤه لم يصحبه في المطالعة به توان ولم يعبر في جلائه أوانا إلى أوان
وقد كان قدم مطالعاته قبل إلى الباب الواثقي شرفه الله باسطا لتفاصيل الأحوال وشارحا لها على الاستيفاء والكمال ولم يتجدد بعد ذلك إلا تمكن الرجاء في فتح لبلة يسر الله مرامها عن دنو بحول الله وقرب وأنطق لسان الحال بتيسير كل عصي من محاولاتها وصعب
ولو أن مكانا عضه الدهر من أنياب حوادثه

الجون بما به عضها وفض الحصار أقفالها التي فضها منه ما فضها لكان قد ذهب شميسه وخفي عن أن يسمع حسيسه لكن أبي الشقاء الغالب على أهلها إلا أن يمد عليهم أمد العذاب ويرخي لهم طول المهلة المشفية بهم كل يوم مهاوي الخسار والتباب حتى يبلغ الكتاب فيهم أجله ويصل إلى الحد الذي شاء الله أن يصله فيأخذهم أخذ من عمي عن إدراك الحق بصره وبصيرته وخبث في معاندته سره وسريرته ويرجى أن الوقت في ذلكم دان بإمكان والله تعالى يديم للمقام الواثقي ما عوده من توالي السعود واطرادها وإصحاب الآمال وانقيادها وسلام الله الطيب يراوحها ويغاديها وتحياته ورحماته الموصولة وبركاته

الأسلوب الثاني أن تفتتح المكاتبة بالحضرة
وتوصف ويدعى لها ثم يقع التخلص إلى المقصد ويختم بالدعاء والسلام
كما كتب أبو المطرف بن عميرة إلى المتوكل بن هود القائم بالدعوة العباسية بالأندلس عن بعض أتباعه عند ورود كتابه عليه بخبره بفتح من الأندلس وقتل الثائر بها وهو

الحضرة العلية أبقى الله ظل ملكها على العباد وعرفها من تأييده وإنجاده أفضل المعتاد وجعل لها من الملجأ إليه والتوكل عليه أكثر الجموع وأكثف الأعداد ولا زالت أحاديث نصرها سالمة المتون صحيحة الإسناد وصحائف فتوحها تجمع صلاح العباد وتطلع صباح البشائر من ليل المراد عبدها ومملوكها السالك من الخدمة والنصيحة الطريق التي يجب سلوكها فلان
وبعد فكتب العبد كتب الله للمقام العلي المجاهدي المتوكلي سعدا يرد الصعاب ذللا ويسد من المكاره سبلا وأمده بملائكة رسله جاعل الملائكة رسلا من فلانة وبركاته مروية للظماء وحركاته مسكنة للدهماء وآثاره في يومي سلمه وحربه آثار الأشداء على الكفار والرحماء والأرض بوضوح محياه وفتوح أسنته وظباه تهتز أعطافا وتعتز مواسط وأطرافا وتبرز في أثوابها القشب فيزداد حسنها أضعافا والأيام بالبشائر التي فضت ختامها عفوا على قدر وقضت مسامها صفوا بلا كدر لها أنف الشامخ تيها ووجه الضاحك المتهلل إشادة بحالها وتنويها ودلالة على رحب مجالها وتنبيها
والحمد لله حمد من عرف قدر نعمائه فوفى حق أسمائه تقديسا وتنزيها
وإن الخطاب العلي الكريم ورد راصفا أجل الدرر واصفا أجمل الفتوح الغرر رافلا في حلل الأيد والقهر رافعا منسأة الحوادث بإحدى حسنات الدهر فيا له من كتاب أودع بدائع الكلم وجوامع البيان الملتئم المنتظم لو استمد سناءه أول الفلقين لم يك كاذبا ولو أعير محياه ثاني الشفقين كانا عن ضوء النهار نائبا ذكر بأيام الله المشهودة بالملائكة والروح ومد باع الكلام في فتح الفتوح وأطال ذيول القول مفتاحا منه

للصعب الجموح فكان الغزير الصيب والكثير الطيب والمتبع إن مضى بقلوب وأسماع والمضاعف حسنه إن كرر إلى غير انقطاع
كيف لا وقد بشر خبره بالمراد في المراد وأوقع اليقين بما خرق العادات من الإسعاف والإسعاد وكان من آحاد الأخبار لا من أخبار الآحاد ومما اقتصه ما جرى من أوائل الحركة السعيدة واعترض من المتاعب الشديدة وأن الشتاء كان في ابتدائه والغيم ساحب لردائه ساكب فضل أندائه
والمكاره في طيها النعم الجسام والنفوس الكبار تتعب في مرادها الأجسام ولذلك هانت على المقام العلي أيده الله تلك المشاق المشاق ورجى من عمله ونظره ما جنى من ثمرة العاق فسار إليه بالجحفل الأحفل والعزيمة الزعيمة بفض المقفل ورض الأعلى والأسفل وقد اعتز بأجل المدائن شانا وأوثقها بنيانا وأبعدها صيتا ومكانا وهي التي أعيت رياضتها كل رائض وسخرت بكل قاعد بقنونها رابض وجمع إليها من طرد الآفاق وأعداد الاجتماع والاتفاق أتباع كل ناعق وأشياع كل مارد مارق فاستحلوا الدماء وركبوها مضلة عمياء وأدرك كل منهم مما شاء للإسلام ما شاء وعدو الله يفتل لهم في الذروة والغارب ويضرب لهم سكان البلد ضرب الغرائب حتى أباد خضراءهم وجعلهم شر خلف فيمن وراءهم غير مبال بما احتقب من الجرائر واقترف من إباحة الحرائر فاجترأ مدة بالجلاء وازداد إثما بالإملاء وحينئذ سمت إليه عساكر الإسلام وناولته بالموت الزؤام ورأى عيانا ما كان يطير

إليه قلبه لو رآه في المنام وتداولته المطاولة المستدرجة والعاجلة المزعجة وفي كل ذاق عذاب الهون فأحس بقاصمة المتون وقاضية المنون وانقسمت شدته إلى المهلكين خوف وإعدام واستكملت تسعة أشهر وكان الفتح عندها لتمام وإنه للولد الذي هنيء به الإسلام وضنت بمثله الأيام واستبشر بوجوده الأنام فما أعلى مقامه وأبهج يومه وأسعد عامه ولا غرو أن تكون غرته أبهى الغرر ومفتتحه مباركا كالبشر وقد أسفر عن أيمن وجه النجح وخرج من عموم الأيام بمخصص هذا الفتح وانتقم الله فيه من الشقي الظالم العظيم الجرأة على ارتكاب المظالم فطاح بموبق أعماله وعجل الله به إلى ما أعد لأمثاله وكان دمه شر دم أريق وأديمه أخبث أديم لاقى التمزيق
والحمد لله الذي نصر الراية العباسية وأعلاها وأظهر آية عنايته وجلاها وأسبغ نعمه الجسيمة ووالاها
وحين ورد هذا النبأ العظيم كان أندى من قطر الندى على الأكباد وسرى في البلاد سريان الأرواح في الأجساد وكلفت به الأسماع والأسمار وسمت به وإليه الأمصار والأبصار واستقر من ارتجاع البلد وانتزاع النفس الذاهبة إلى جري الأبد حكمان مدركهما الفعل والإقرار وعملان تم بهما المراد والاختيار فرفعت الأدعية إلى سامعها وغصت الأندية بحاضري مجامعها وذاع بالبشرى فيا حسن ذائعها وشائعها وأذعنت الآمال لإدناء نازحها وشاسعها وأخذ العبد من المسرة بحظ أخلص العبيد مشهدا ومغيبا وأجمعهم لمعالي الجد تطنيبا ولمعاني الثناء والحمد تطييبا وجدد من شكر الواهب لجزيل هذه الهبة والفاتح لأعظم المعاقل الأشبه ما يستغرق المدد ولا يبلغ الأمد وأنى لمثلي أن يصف البشرى الواصلة أو ينصف المقالة المتطاولة ولو حلب أشطر الإحسان وجلب أبحر البيان وكيف والفكر قد قعد حصرا والمدى لا

يؤاخذه التقدير قسرا والقول لا يجيب مطولا ولا مختصرا فحسبه دعاء هو له رافع ولأوقات الخلوات به قاطع وإلى الله سبحانه في قبوله ضارع والله يجيب في المقام العلي المتوكلي أفضل دعاء الخلق يضاعف له مع السابقين ثواب السبق ويجزيه خير الجزاء عما أزاله من الباطل وأداله من الحق وهو تعالى ينصره يوم الباس ويعصمه من الناس ويبقي رفده للاكتساب ونوره للاقتباس ويعرفه في كل ما يستنبطه من أصل التوكل صحة القياس بمنه والسلام

الأسلوب الثالث أن تفتتح المكاتبة بأما بعد ويتخلص إلى المقصد ويختم بما
يناسب المقام
كما كتب أبو المطرف بن عميرة إلى المتوكل بن هود المقدم ذكره عن نفسه يهنئه بوصول هدية الخليفة العباسي إليه من بغداد أما بعد فكتب العبد كتب الله للمقام العلي الناصري المتوكلي مجدا يحل الكواكب وجدا يفل الكتائب
من شاطبة وبركات دعوته السعيدة قد طبقت البسيطة وكاثرت البحار المحيطة وأنجزت للإسلام أفضل مواعده وجددت عهده لأهل بيت النبوة الرافعة لقواعده وفسحت له مجال البشرى وأطلعت عليه أنوار العناية الكبرى فعاد إلى الوطن ووجد حال السهد طعم الوسن وأورق عوده واتسقت سعوده وعاد إلى صحته بالنظر الإمامي الذي جاء يعوده
وحين صدور رسول دار السلام ومثابة أهل الإسلام ومقعد الجلالة ومصعد إقرار الرسالة ومعه الكتاب الذي هو غريب أنس به الدين الغريب وبعيد الدار نزل به النصر القريب وآية بأدلتها الصادقة لتبطيل الشبه الآفكة وسكينة من ربنا وبقية مما ترك آل نبينا تحمله الملائكة اطمأنت القلوب وحصل المطلوب ودرت أخلاف الإيناس وارتفع الخلاف بين الناس وعلموا أن السالك قد أضاءت له المحجة والحق لا يعدو من بيده الحجة وأن من أمرته

الخلافة العباسية فطاعته تجب قطعا ومخالفته تحرم شرعا ولم يبق إلا أن يبين للعيان شخصه ويرد على الآذان نصه فيكون يومه غرة الليالي المعتكرات وعلم الأيام المنكرات واليوم الذي به تؤرخ الأيام المستقبلة وترفع فيه الأعمال المتقبلة
وبإقبال الركاب السعيد إلى هذه ينزل به من سماء العلياء محكم وحكمة ويصل به إلى الأنام فضل من الله ونعمة ويقتضى دين على الأيام لا يبقى معه عسرة ويوجد جبر للإسلام لا يكون بده كسرة وشفاء لقلوب الأولياء هو للأعداء حسرة

الأسلوب الرابع أن تفتتح المكاتبة بالخطاب بلفظ سيدي أو مولاي مع حرف
النداء أو دونه
كما كتب أبو عبد الله بن الخطيب وزير ابن الأحمر صاحب الأندلس عن نفسه إلى السلطان أبي عنان ابن السلطان أبي الحسن المريني صاحب فاس عند ورود كتابه إلى الأندلس بفتح تلمسان معرضا بأن صدور كتابه من عند قبر والده السلطان أبي الحسن بالأندلس ما صورته مولاي فاتح الأقطار والأمصار فائدة الأزمان والأعصار أثير هبات الله الآمنة من الاعتصار قدوة أولي الأيدي والأبصار ناصر الحق عند قعود الأنصار مستصرخ الملك الغريب من وراء البحار مصداق دعاء الأب المولى في الآصال والأسحار
أبقاكم الله لا تقف إيالتكم عند حد ولا تحصى فتوحات الله عليكم بعد ولا يفيق أعداؤكم من كد ميسرا على مقامكم الكريم ما عسر على كل أب كريم وجد

عبدكم الذي خلص إبريز عبوديته لملك ملككم المنصور المعترف لأدنى رحمة من رحماتكم بالعجز عن شكرها والقصور الداعي إلى الله سبحانه أن يقصر عليكم سعادة القصور ويذلل بعز طاعتكم أنف الأسد الهصور ويبقي الملك في عقبكم إلى يوم ينفخ في الصور
فلان
من الضريح المقدس وهو الذي تعددت على المسلمين حقوقه وسطع نوره وتلألأ شروقه وبلغ مجده السماء لما بسقت فروعه ورسخت عروقه وعظم بتبوئكم فخره فما فوق البسيطة فخر يفوقه حيث الجلال قد رست هضابه والملك قد سترت بأستار الكعبة الشريفة قبابه والبيت العتيق قد ألحفت الملاحد الإمامية أثوابه والقرآن العزيز ترتل أحزابه والعمل الصالح يرتفع إلى الله ثوابه والمستجير يخفي باطنه سؤاله فيجهر بنعرة العز جوابه وقد تفيأ من أوراق الذكر الحكيم حديقة وخميلة أنيقة وحط بجودي الحق نفسا في طوفان الضر غريقة والتحف برق الهيبة الذي لا تهتدي للنفس فيها إلا بهداية الله طريقة واعتز بعز الله وقد توسط جيش الحرمة المرينية حقيقة إذ جعل المولى المقدس المرحوم أبا الحسن مقدمه وأباه وجده سقاه المولى الكريم بهذا المجد سيب رحماه وطنب عليه من الرضا فسطاطا وأعلى به يد العناية المرينية اهتماما واغتباطا وحرر له أحكام الحرمة نصا جليا واستنباطا وضمن له حسن العقبى التزاما واشتراطا وقد عقد البصر بطريق رحمتكم المنتظرة المرتقبة ومد اليد إلى اللطائف بشفاعتكم التي تتكفل بعتق المال كما تكفلت بعتق الرقبة وشرع في

المراح بميدان نعمكم بعد اقتحام هذه العقبة لما شنفت الآذان البشرى التي لم يبق طائر إلا سجع بها وصدح ولا شهاب دجنة إلا اقتبس من نورها واقتدح ولا صدر إلا انشرح ولا غصن عطف إلا مرح بشرى الفتح القريب وخبر النصر الصحيح الحسن الغريب ونبأ الصنع العجيب وهداية السميع المجيب فتح تلمسان الذي قلد المنابر عقود الابتهاج ووهب الإسلام منيحة النصر غنية عن الهياج وألحف الخلق ظلا ممدودا وفتح باب الحج وكان مسدودا وأقر عيون أولياء الله الذين يذكرون الله قياما وقعودا وأضرع بسيف الحق جباها أبية وخدودا وملككم حق أبيكم الذي أهان عليه الأموال وخاض من دونه الأهوال وأخلص في الضراعة والسؤال من غير كد يغمز عطف المسرة ولا جهد يكدر صفو النعم الثرة ولا حصر ينفض به المنجنيق ذؤابته ويظهر بتكرر الركوع إنابته
فالحمد لله الذي أقال العثار ونظم بدعوتكم الانتشار وجعل ملككم يجدد الآثار ويأخذ الثار
والعبد يهنيء مولاه بما أنهم الله عليه وأولاه وما أجدره بالشكر وأولاه فإذا أجال العبيد السرور فللعبد المعلى والرقيب وإذا استهموا حظوظ الجذل فلي القسم الوافرة والنصيب وإذا اقتسموا فريضة شكر

الله تعالى فلي الحظ والتعصيب لتضاعف أسباب العبودية قبلي وترادف النعم التي عجز عنها قولي وعملي وتقاصر في ابتغاء مكافأتها وجدي وإن تطاول أملي فمقامكم المقام الذي نفس الكربة وآنس الغربة ورعى الوسيلة والقربة وأنعش الأرماق وفك الوثاق وأدر الأرزاق وأخذ على الدهر بالاستقالة بالعهد والميثاق وإن لم يباشر اليد العالية بهذا الهناء ويتمثل بين يدي الخلافة العظيمة السنا والسناء ويمد بسبب البدار إلى تلك السماء فقد باشر به اليد التي يحن مولاي لتذكر تقبيلها ويكمل فروض المجد بتوفية حقوقها الأبوية وتكميلها ووقفت بين يدي ملك الملوك الذي أجال عليها القداح ووصل في طلب وصالها المساء بالصباح وكأن فتحه إياها أبا عذرة الافتتاح وقلت يهنيك يا مولاي رد ضالتك المنشودة وخبر لقطتك المعرفة المشهودة ودالتك المودودة فقد استحقها وارثك الأرضى وسيفك الأمضى وقاضي دينك وقرة عينك مستنقذ دارك من يد غاصبها وراد رتبتك إلى مناصبها وعامر المثوى الكريم وستر الأهل والحريم
مولاي هذه تلمسان قد أطاعت وأخبار الفتح على ولدك الحبيب إليك قد شاعت والأمم إلى هنائه قد تداعت وعدوك وعدوه قد شردته المخافة وانضاف إلى عرب الصحراء فخفضته الإضافة وعن قريب تتحكم فيه يد احتكامه وتسلمه السلامة إلى حمامه فلتطب يا مولاي نفسك وليستبشر رمسك فقد نمت بركتك وزكى غرسك
نسأل الله أن يورد على ضريحك من أنباء نصره ما

تفتح له أبواب السماء قبولا ويرادف إليك مددا موصولا وعددا آخرته خير لك من الأولى ويعتريه بركة رضاك ظعنا وحلولا ويضفي عليه منه سترا مسدولا
ولم يقنع العبد بخدمة النثر حتى أجهد القريحة التي ركضها الدهر وأنضاها واستشفها الحادث الجلل تقاضاها فلفق من خدمة المنظوم ما يتغمد حلمكم تقصيره ويكون إغضاؤكم إذا لقي معرة العتب وليه ونصيره وإحالة يا مولاي على الله في نفس جبرها ووسيلة عرفها مجده فما أنكرها وحرمة بضريح مولاي والده شكرها ويطلع العبد منه على كمال أمله ونجح عمله وتسويغ مقترحه وتتميم مطمحه إن شاء الله تعالى
( يا ابن الخلائف يا سمي محمد ... يا من علاه ليس يحصر حاصرا )
( أبشر فأنت مجدد الملك الذي ... لولاك أصبح وهو رسم داثر )
( من ذا يعاند منك وارثه الذي ... بسعوده فلك المشيئة دائر )
( ألقت إليك يد الخلافة أمرها ... إذ كنت أنت لها الولي الناصر )
( هذا وبينك للصريح وبينها ... حرب مضرسة وبحر زاخر )
( من كان هذا الصنع أول أمره ... حسنت له العقبى وعز الآخر )
( مولاي عندي في علاك محبة ... والله يعلم ما تكن ضمائر )
( قلبي يحدثني بأنك جابر ... كسري وحظي منك حظ وافر )
( بثرى وجودك قد حططت قريحتي ... ووسيلتي لعلاك نور باهر )
( وبذلت سعيي واجتهادي مثل ما ... يلقى لملكك سيف أمرك عامر )
( وهو الموالي الذي اقتحم الردى ... وقضى العزيمة وهو سيف باتر )
( وولي جدك في الشدائد عندما ... خذلت علاه قبائل وعشائر )
( فاستهد منه النجح واعلم أنه ... في كل معضلة طبيب ماهر )
( إن كنت قد عجلت بعض مدائحي ... فهي الرياض وللرياض بواكر )

الطرف الرابع عشر فيما يختص بالأجوبة الصادرة عن الملوك وإليهم
والرسم فيه أنه إن كان الجواب صادرا عن ملك فالتعبير عن الملك بنون الجمع وخطاب المكتوب إليه بالكاف
وإن كان عن بعض أتباع الملك إليه فالتعبير عن المكتوب عنه بالخادم أو العبد أو المملوك ونحو ذلك ومخاطبة الملك بما تليق به مخاطبة الملوك
ثم الجواب تارة يكون الابتداء فيه بنفس ورود المكاتبة وقد تقدم في مثل ذلك في الكتب الصادرة عن الخلفاء أن المكاتبة يبتدأ فيها بلفظ عرض
أما الأجوبة المتعلقة بالملوك فإنه يقال فيها بدل عرض وصل أو ورد أو نحو ذلك
ثم هي على ضربين
الضرب الأول الأجوبة الصادرة عن الملوك إلى غيرهم وفيه ثلاث جمل
الجملة الأولى في الأجوبة الصادرة عن ملوك المشرق وفيه أسلوبان
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابنا ووصل كتابك
ويذكر تاريخ الكتاب ويشار إلى ما فيه ثم يؤتى بالجواب إلى آخره ويختم باستماحة الرأي في ذلك الأمر كما كتب أبو إسحاق الصابي عن صمصام الدولة إلى حاجب الحجاب أبي القاسم سعد بن محمد وهو مقيم

بنصيبين على محاربة باد الكردي
كتابنا ووصل كتابك مؤرخا بيوم كذا تذكر فيه ما جرى عليه أمرك في الخدمة التي نيطت بكفايتك وغنائك ووكلت إلى تدبيرك ورأيك من رد باد الكردي عن الأعمال التي تطرقها وحدث نفسه بالتغلب عليها وتصرفك في ذلك على موجبات الأوقات والتردد بين أخينا وعدتنا أبي حرب زياد بن شهرا كويه وبينك من المكاتبات وحسن بلائك في تحيفه ومقاماتك في حص جناحه وأثارك في الانقضاض على فريق بعد فريق من أصحابه واضطرارك إياه بذلك وبضروب الرياضات التي استعملتها والسياسات التي سست أمره بها إلى أن نزل عن وعورة المعصية إلى سهولة الطاعة وانصرف عن مجاهل الغواية إلى معالم الهداية وتراجع عن السوم إلى الاقتصار وعن السرف إلى الاقتصاد وعن الإباء إلى الانقياد وعن الاعتياص إلى الإذعان
وأن الأمر استقر على أن قبلت منه الإنابة وبذلت له فيما طلب الاستجابة واستعيد إلى الطاعة واستضيف إلى الجماعة وتصرف على أحكام الخدمة وجرى مجرى من تضمه الجملة وأخذت عليه بذلك العهود المستحكمة والأيمان المغلظة وجددت له الولاية على الأعمال التي دخلت في تقليده وضربت عليها حدوده وفهمناه

وقد كانت كتب أخينا وعدتنا أبي حرب زياد بن شهراكويه مولى أمير المؤمنين ترد علينا وتصل إلينا مشتملة على كتبك إليه ومطالعاتك إياه فنعرف من ذلك حسن أثرك وحزم رأيك وسداد قولك وصواب اعتمادك ووقوع مضاربك في مفاصلها وإصابة مراميك أغراضها وما عدوت في مذاهبك كلها ومتقلباتك بأسرها المطابقة لإيثارنا والموافقة لما أمرت به عنا ولا خلت كتب أخينا وعدتنا أبي حرب من شكر لسعيك وإحماد لأثرك وثناء جميل عليك وتلويح وإفصاح بالمناصحة الحقيقة بك والمولاة اللازمة لك والوفاء الذي لا يستغرب من مثلك ولا يستكثر ممن حل في المعرفة محلك ولئن كنت قصدت في كل نهج استمررت عليه ومعدل عدلت إليه مكافحة هذا الرجل ومراغمته ومصابرته ومنازلته والتماس الظهور عليه في جميع ما تراجعتماه من قول وتنارعتماه من حد فقد اجتمع لك إلى إحمادنا إياك وارتضائنا ما كان منك المنة عليه إذ سكنت جاشه وأزلت استيحاشه واستللته من دنس لباس المخالفة وكسوته من حسن شعار الطاعة وأطلت يده بالولاية وبسطت لسانه بالحجة وأوفيت به على مراتب نظرائه ومنازل قرنائه حتى هابوه هيبة الولاة وارتفع بينهم عن مطارح العصاة
فالحمد لله على أن جعلك عندنا محمودا وعند أخينا وعدتنا أبي حرب مشكورا وعلى هذا الرجل مانا وفي إصلاح ما أصلحت من الأمر مثابا مأجورا وإياه نسأل أن يجري علينا عادته الجارية في إظهار راياتنا ونصرة أوليائنا والحكم لنا على أعدائنا وإنزالهم على إرادتنا طوعا أو كرها وسلما أو حربا فلا يخلو أحد منهم أن تحيط لنا بعنقه ربقة أسر أو منة عفو إنه جل ثناؤه بذلك جدير وعليه قدير
ويجب أن تنفذ إلى حضرتنا الوثيقة المكتتبة على باد الكردي إن كنت لم تنفذها إلى أوان وصول هذا الكتاب لتكون في خزائننا محفوظة وفي

دواوينا منسوخة وأن تتصرف في أمر رسله وفي بقية إن كانت بقيت من أمره على ما يرسمه لك عنا أخونا وعدتنا أبو حرب فرأيك في العمل على ذلك وعلى مطالعته بأخبارك وأحوالك وما يحتاج إلى عمله من جهتك موفقا إن شاء الله تعالى

الأسلوب الثاني أن تفتتح المكاتبة بلفظ وصل كتابك
والأمر في ترتيبه على نحو ما تقدم في الأسلوب الذي قبله
كما كتب أبو إسحاق الصابي عن صمصام الدولة أيضا إلى أبي العلاء عبيد الله بن الفضل في جواب كتابه الوارد عليه بالظفر بأهل الاقتباس ما صورته وصل كتابك أدام الله عزك المؤرخ بوقت الظهر من أمسنا وهو يوم كذا تذكر ما سهله الله لك وأجراه على يدك وبيمن تدبيرك وبركة خدمتك من الإيقاع بالعصاة أهل الاقتباس وإذاقتهم وبال ما كانوا عليه من خلع الطاعة وشن الغارة واستباحة المحارم وارتكاب العظائم وإثخانك فيهم قتلا وأسرا وتشريدا وتشتيتا وفهمناه وحمدنا الله عليه وشكرنا ما أولى فيه وحسن منا موقع أثرك وتضاعف فيه جميل معتقدنا فيك ولك وارتضينا فعل الأولياء في الخفوف إليه والمناصحة فيه وسبيلك أن تبحث عن أموال هؤلاء القوم وتثمرها وتستدركها وتحصلها وتكتب بما يصح منها وتتقدم بقص أثر الهاربين حتى تلحقهم بالهالكين وتشيع الرهبة في سائر شقي الفرات وتتوخى طوائف الأشرار والخراب ومخيفي السبل والساعين في الفساد بالتتبع لهم ووضع اليد عليهم فإن بحسب النكاية في أهل الجهل والدعارة سكون أهل السلامة والاستقامة فرأيك في العمل بذلك والمطالعة بما يوفقك الله له مستأنفا من مثل هذا الفعل الرشيد والمقام الحميد وبسائر الأمور التي ترى عينها وتحتاج إلى معرفة مجاريها موفقا إن شاء الله تعالى والسلام

الجملة الثانية في الأجوبة الصادرة عن ملوك الديار المصرية من وزراء
الخلفاء الفاطميين القائمين مقام الملوك الآن فمن بعدهم
والذي وقفت عليه منه أسلوب واحد وهو الافتتاح بلفظ وصل
كما كتب بعض كتاب الدولة الفاطمية عن بعض وزراء الحافظ إلى أمين الدولة زنكي كشنكين ما صورته وصل كتابك أيها الأمير الأجل الدال على مصالحته المعرب عن مناصحته الشاهد له بمؤثل الخطوة والأثرة والموضح من أفعاله وخلاله ما لم تزل قضيته مرتسمة في النفوس مصورة وعرضنا ما اقترن به من مطالعة المقام المقدس النبوي الحافظي ضاعف الله أنواره وشاد مناره وأعز أشياعه وأنصاره وشفعناه من الثناء على الأمير الاسفهسلار بما لم تزل عادتنا جارية به مع من نعلم طاعته ونتحقق مشايعته ونرى باطنه يضاهي ظاهره وسره يوافق علانيته ووقفنا على ما أنهاه من حال الفرنج المشركين الملعونين وما كان من نعم الله تعالى من الظفر بهم والإدالة منهم والخفض من منازهم والتقويض لغمارهم والإبادة لفارسهم وراجلهم وإرشاد السيوف والسهام إلى مقاتلهم وتطهير الأرض منهم بدمائهم والإحاطة بهم عن أيمانهم وشمائلهم ومن أمامهم

وورائهم فابتهجنا بذلك الابتهاج الذي يوجبه التوحيد وانتهى بنا السرور إلى الحد الذي ما عليه مزيد
على أننا كنا نود أن يكون ذلك بصفاحنا وأسنتنا وأن يثبته الله لنا في صحيفتنا وإنا لراجون من نعم الله عندنا وإحسانه إلينا كما عودنا أن يكون من بقي من المذكورين بنا مستأصلا ويكون أجر هذه الخاتمة لنا حاصلا
وقد عزم الله لنا عند وقوفنا على كتابه بما خرج به أمرنا إلى جميع من بأعمال الدولة الحافظية خلد الله ملكها بعيدها ودانيها وقصيها ونائيها من العساكر المظفرة المؤيدة وقبائل العربان المستخلصة وكافة الطوائف على اختلاف أنواعها وتباين أجناسها وتفاوت منازلها وتغاير مراتبها بأن ينفروا خفافا وثقالا وركبانا ورجالا بقوتهم ونجدتهم ووفور عددهم وعدتهم وكثرة آلاتهم وأسلحتهم وبالعزمات الماضية والضمائر الخالصة والنيات المستبقة والعقائد المتفقة وفسحنا للمتطوعة أن يختلطوا بالمرتزقة وأمرناهم بمسيرهم متتابعين وتوجههم مترادفين وأن يكونوا كتائب متناصرة وجحافل متواترة وعساكر متوالية لا ترى الأرض منها إلى العدو خالية ومن الله نطلب مادة العون والإسعاد ونسأله توفيقا لما يقض بتضاعف أجرنا في العاجلة والمعاد
وقد شكرنا الأمير الاسفهسلار كون ما أنهاه سببا لهذه الغنيمة المتوقعة من فضل الله وإحسانه والنصرة لدينه التي نؤملها من جزيل كرمه وامتنانه وأضفنا ما اقتضته مطالعته من جذلنا وغبطتنا إلى المستقر عندنا من محبته لنا وإيثاره الذي لا يحتاج فيه إلى زيادة على معرفتنا فليعلم هذا وليعمل به
إن شاء الله تعالى
وكما كتب القاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى صاحب مكة المشرفة جوابا عن كتاب ورد منه عليه في معنى وصول غلال بعث بها إلى مكة ما صورته وصل كتابك أيها الشريف معربا عن المشايعة الشائعة أنباؤها والمخالصة الخالصة أسرارها الوافرة أنصباؤها وحسان الخلال التي اقتسم طرفي الحمد إعادتها وإبداؤها ومكرمات الآل التي تساوى في اقتناء المجد أبناؤها وفضائل الإفضال التي لا تخف على غير أهل العباء صلوات الله عليهم

أعباؤها
ونشر كتابك من محاسنك ما انطوى ووردنا منه منهلا أروى وارده وارتوى ووقفنا منه على أثر فضل اشتمل على عين الكرم واحتوى ووفقنا وإياه من الحمد ما لا نخلفه نحن ولا هو مكانا سوى فاقتضانا مزيدا في رفع قدره واختصاصه من الإنعام بكل غريب الموقع ندره وأصرنا كتابه إلى مستقر كاتبه من قلب الود وصدره وكيف لا يكون ذلك وقد اشمخرت لبيته الأنساب وخرت الأنصاب وسجدت الرقاب وردت له بعد ما توارت بالحجاب وشهد بفضل توقيعهم الحرب وبفضل ليلهم المحراب
فأما ما أشار إليه من الشكر على ما سير من الغلات التي كان الوعد بها علينا نذرا وروحنا بإرسالها قلبا وشرحنا بتسييرها صدرا وأنها حلت ربقة الجدب وفكتها وجلت هبوة القحط وكفتها وهونت مصاعب المساغب وخلفت سواحب السحائب وأطفأت ولله الحمد بوار النوائب فقد سررنا بحسنتنا جعله الله ممن تسره الحسنة وقد نبهنا من سنتنا لأن نستقبل بالحمد لولي السنة وقد قوى النية وقومها واستزاد لهم بلسان الشكر الفصيح وتناول لهم بباع التلطف الفسيح وألقح لهم سحائب محله منها محل ملقحها من الريح واقتضى ما يعرضه أن خرج الأمر بأن يضاعف المحمول في كل عام ولا يخص به خاص دون عام وأمرنا أن يوفر جلب الجلاب وتوقر ظهور الركاب ليجمع للحرم الشريف بين بر البر والبحر وبين حمل البطن والظهر فتظل السنة ودودا ولودا ويشاهد المحل الشريف وقد نأى عنه المحل شريدا وتحط القلوع عما يحط عنه أمثالها من السحائب وتستريح الأنفس اللواغب فأما ما ألقاه إلى رسوله فقد أسمع ما أسنده إليه وأعيد بما يعيده عليه وقد تكاثرت بولاء الشريف الأشهاد فغني عن الاستشهاد وأغنته الحظوة بجميل رأينا عما نأى أخذه لشفعة العطاء بل لشفاعة الاجتهاد إن شاء الله تعالى

الجملة الثالثة في الأجوبة الصادرة عن ملوك الغرب
وهي على النحو المتقدم وربما صدر بلفظ قد ونحوها
كما كتب أبو المطرف بن عميرة عن بعض ملوكهم في جواب كتاب ورد عليه بطاعة بلد
قد وصل كتابكم وصل الله معونتكم وكلائتكم تذكرون ما تقرر عندكم هنالك من أحوال تلك الجهة وباشرتموه من أمورها وأنتم عندنا بمحل الصدق ومكان الإيثار للحق
وقد رسمنا لكم أن تثبتوا في أهل تلكم الجهات كلها حميد الرأي فيهم وحسن القبول لإنابتهم وقصد الرفق بخاصتهم وعامتهم وأنا قد تقبلنا أوبتهم واغتفرنا زلتهم وأولئكم المتشبثون بسبب الذمام عرفوهم أنكم رغبتم في شمول الصفح عنهم والإقالة لما كان منهم فأسعفنا رغبتكم فيهم وأدخلناهم في العفو مع غيرهم وبذلنا لهم الأمان وأغضينا عن جميع ما كان فعرفوهم بهذا كله وأخبروهم عنا بإعطاء التأمين لجميعهم وبذله وإن كان أطيب لنفوسهم أن يصلهم مكتوب بذلك عرفتمونا ووجهناه إليكم
وأقيموا أنتم هنالكم أياما خلال ما يصلكم من متثاقل الأحوال ما تطالعون به وتخاطبون بما تعتمدونه إن شاء الله تعالى
أدام الله كرامتكم

أشرتم في خطابكم إلى أن عندكم من تلك الأحوال ما تذكرونه مشافهة وربما يكون ذلك أمدا يبنى عليه نظر أو يتوجه بحسبه عمل فمن الجيد أن تكتبوا بشرحه إن شاء الله تعالى والسلام

الضرب الثاني الأجوبة الواردة على الملوك
وهي على نحو ما تقدم في الأجوبة الصادرة عن الملوك من الابتداء بلفظ وصل إلا في الخطاب فإن المكتوب عنه يقع الخطاب منه بالخادم أو المملوك أو العبد
ويخاطب الملك المكتوب إليه بمولانا أو مولانا الملك أو نحو ذلك وربما كتب بدل وصل ورد
كما كتب القاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في جواب كتاب ورد عليه مخبرا فيه بالحركة للقاء العدو ما صورته ورد على المملوك أدام الله أيام المجلس العالي الملكي الناصري ونصره على أعدائه وملكه أرضه بعدل حكم سمائه ولا أخلى من نعمتي خيره ونظره قلوب وعيون أوليائه وأعز الإسلام ورفع عن أهله البلوى بلوائه
الكتب القديمة التي تسر الناظرين من شعارها الأصفر وتبشر الأولياء إن كانوا غائبين مع الغيب بأن حظهم حاضر مع الحضر وقد كانت الفترة قد طالت أيامها واستطالت آلامها والطرقات قد سبق إلى الأنفس إبهامها
فالحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وأولى من النعمة ما اشترى الحمد ثمن ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس
ووعد الله سبحانه منتظر إذ يقول في كتابه ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا ) وصدق قوله ( إن اختيار الله

للمؤمن خير من اختياره وإن مواضع الأمل للعبد خير منها مواقع أقضية الله وأقداره )
فقد كانت حركة احتاجت إليها البلاد التي انفصل عنها والبلاد التي قدم عليها
أما المصرية منها فبكونها على عدة من نجدته آجلا وأما الشامية فبكونها على ثقة من نصره عاجلا فقد تماسكت من المسلمين الأرماق وقد انقطعت من المشركين الأعناق
( تهاب بك البلاد تحل فيها ... ولولا الليث ما هيب العرين ) وعرض المملوك ما وصل إليه من مكاتبات المولى على العلم العادلي وأدركها تحصيلا وأحاط بها جملة وتفصيلا والمولى خلد الله ملكه فكل ما أشار إليه من عزيمة أبداها ونية أمضاها فهو الصواب الذي أوضح الله له مسالكه والتوفيق الذي قرب الله عليه مداركه ومن أطاع الله أطاعه كل شيء ومن استخاره بين له الرشد من الغي والله تعالى يجعل له من كل حادثة نخوة ويكتب أجره في كل حركة ونفس وخطوة
إن شاء الله تعالى

القسم الثاني المكاتبات الصادرة عنهم إلى ملوك الكفر وفيه طرفان
الطرف الأول في الابتداءات وفيه ثلاث جمل الجملة الأولى
في المكاتبات الصادرة إليهم عن ملوك بلاد الشرق من بني بويه فمن بعدهم
وقد كان الرسم فيها أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابي أو كتابنا إلى فلان ويخاطب المكتوب إليه بملك الروم أو نحو ذلك ويختم بقوله فإن رأى ذلك فعل إن شاء الله تعالى

كما كتب أبو إسحاق الصابي عن القائد أبي الفوارس ختور التركي المعزي إلى وردس بن قنبر المعروف بعسقلاروس
كتابي إلى ملك الروم الفاضل الجليل النبيل الخطير أدام الله كفايته وسلامته ونعمته وسعادته وعافيته وحراسته من الحضرة الجليلة بمدينة السلام لثمان ليال خلون من ذي الحجة سنة تسع وسبعين وثلثمائة وهو اليوم التاسع من أدار عن شمول السلامة وعموم الاستقامة وصلاح حالي في ظل

الدولة المنصورة
والحمد لله رب العالمين وحده لا شريك له وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما
ووصل كتاب مولانا ملك الروم الفاضل الجليل الصادر عن العسكر بمرج لارضة بتاريخ التاسع من حزيران وفهمته وجل عندي موقعه وعظم في نفسي خطره وحمدت الله على ما شهد به من انتظام أحواله واطراد أموره وسألته أن يتمم النعمة عليه ويزيد فيها لديه ويواصل إحسانه إليه ويطيل مدته في أتم رشد وهداية وأرفع قدم ومنزلة وأعلى خطر ورتبة بمنه وطوله وجوده ومجده
فأما ما ذكره سيدنا الملك الجليل من مقامه على العهد وافتقاره إلى الميل والود فذاك يوجب فضله البارع وكرمه الشائع وخلال الخير التي أهله الله لها وخصه الله بها وبالله أحلف إنني ما خلوت منذ افترقنا من مطالعة أخباره وتتبع آثاره واستعلام مجاري شؤونه والسرور بكل ما تم له ووصل إليه حتى كأنني حاضر له وضارب بأوفر سهم فيه بل مخصوص بجميعه
والله يجريه على أحسن ما أولاه وعوده ولا يخليه من الصنع الجميل فيما أعطاه وقلده برحمته
وكنت قبل ذلك عند ورود رسولي في الدفعة الأولى على غاية الغم وشغل القلب بسبب الغدر الذي لحقه من عدوه الذي أظفره الله به وأنهيت ذلك في وقته إلى الملك السعيد الماضي شرف الدولة وزين الملة رضي الله عنه
فاشتغل قلبه رحمه الله به وعمل على إنفاذ العساكر لنصرته ثم أتى من قضاء الله في أمره ما قد عرفه
ولما انتصب في المملكة مولانا السيد بهاء الدولة وضياء الملة أطال

الله بقاءه شرحت له ما جرى قديما على سياقته ومهدت الحال عنده ووجدته أدام الله سلطانه معتقدا لسيدنا ملك الروم الجليل أدام الله عزه أفضل اعتقاد وسر بما انتهت إليه أموره وتنجزت الكتب إلى موصلها الرسول حفظه الله وسمعت منه ما كان تحمله عن سيدنا ملك الروم أدام الله تأييده وأخرجت معه صاحبي أبا القاسم الحسين بن القاسم وحملتهما جميعا ما ينهيانه إليه في سائر الأمور التي يرى عرضها ويحتاج إلى معرفتها
وأنا أسأل سيدنا الملك الجليل أدام الله بركته تعجيل رده إلي فإنه ثقتي ومن أسكن إليه في أموري وأن يتفضل ويكلفني حوائجه ومهماته وأمره ونهيه لأقوم في ذلك بالحق الواجب له فإن رأى سيدنا ملك الروم الفاضل الجليل الخطير النبيل أن يعتمدني من ذلك بما يتضاعف عليه شكري وتجل النعمة فيه عندي ويشاكل الحال بينه وبيني فعل إن شاء الله تعالى

الجملة الثانية في المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية إليهم
والذي وقفت عليه من ذلك أسلوب واحد وهو الابتداء بأما بعد والخطاب فيه بالملك والاختتام بالدعاء
كما كتب القاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى بردويل أحد ملوك الفرنج وهو يومئذ مستول على بيت المقدس وما معه

معزيا له في أبيه ومهنئا له بجلوسه في الملك بعده ما صورته أما بعد خص الله الملك العظيم حافظ بيت المقدس بالجد الصاعد والسعد الساعد والحظ الزائد والتوفيق الوارد وهنأه من ملك قومه ما ورثه وأحسن من هداه فيما أتى به الدهر وأحدثه فإن كتابنا صادر إليه عند ورود الخبر بما ساء قلوب الأصادق والنعي الذي وددنا أن قائله غير صادق بالملك العادل الأعز الذي لقاه الله خير ما لقى مثله وبلغ الأرض سعادته كما بلغه محله معز بما يجب فيه العزاء ومتأسف لفقده الذي عظمت به الأرزاء إلا أن الله سبحانه قد هون الحادث بأن جعل ولده الوارث وأنسى المصاب بأن حفظ به النصاب ووهبه النعمتين الملك والشباب فهنيئا له ما حاز وسقيا لقبر والده الذي حق له

الفداء لو جاز ورسولنا الرئيس العميد مختار الدين أدام الله سلامته قائم عنا بإقامة العزاء من لسانه ووصف ما نالنا من الوحشة لفراق ذلك الصديق وخلو مكانه وكيف لا يستوحش رب الدار لفرقة جيرانه
وقد استفتحنا الملك بكتابنا وارتيادنا وودنا الذي هو ميراثه عن والده من ودادنا فليلق التحية بمثلها وليأت الحسنة ليكون من أهلها وليعلم أناله كما كنا لأبيه مودة صافية وعقيدة وافية ومحبة ثبت عقدها في الحياة والوفاة وسريرة حكمت في الدنيا بالموافاة مع ما في الدين من المخالفات
فليسترسل إلينا استرسال الواثق الذي لا يخجل وليعتمد علينا اعتماد الولد الذي لا يحمل عن والده ما تحمل والله يديم تعميره ويحرس تأميره ويقضي له بموافقة التوفيق ويلهمه تصديق ظن الصديق

الجملة الثالثة في الأجوبة الصادرة إليهم عن ملوك الغرب
والرسم فيه أن تفتتح المكاتبة بلفظ كتابنا والمخاطبة بنون الجمع عن المكتوب عنه وميم الجمع عن المكتوب إليه والاختتام بالسلام مع الدعاء بما يليق
كما كتب أبو المطرف بن عميرة عن أبي جميل زيان إلى ملك قشتالة من بلاد الأندلس في مراودة الصلح كتابنا إليكم أسعدكم الله برضاه وأدام عزتكم وكرامتكم بتقواه من مرسية ونحن نحمد الله الذي لا شيء كمثله ونلجأ إليه في أمرنا كله ونسأله

أن يوزعنا شكر إحسانه وفضله وعندنا لجنابكم المرفع تكرمة نستوفيها ومبرة ننتهي إلى الغاية فيها وعلمنا بمحلكم الشهير وكتابكم الخطير يستدعي الزيادة من ذلكم ويقتضيها وقد كان من فضل الله المعتاد وجميل صنعه في انتظام الكلمة في هذه البلاد ما اكتنفته العصمة وكملت به النعمة والمنة وتيسر بمعونة الله فتح أقر العيون ورضيه الإسلام والمسلمون وكانت مطالعتكم به مما آثرنا تقديمه ورأينا أن نحفظ من الأسباب المرعية على التفصيل والجملة حديثه وقديمه
وحين ترجحت مخاطبتكم من هذا المكان ومفاوضتكم في هذا الشان رأينا من تكملة المبرة وتوفية العناية البرة أن ننفذ إليكم من يشافهكم في هذا المعنى ويذكر من قصدنا ما نولع به ونعنى وهو فلان في ذكر السلم ومحاولتها ما يتأدى من قبله على الكمال بحول الله تعالى
وإن رأيتم إذا انصرف من عندكم أن توجهوا زيادة إلى ما تلقونه إليه من رجالكم وخاصتكم في معنى هذا العهد وإحكامه ومحاولته وإبرامه فعلتم من ذلك ما نرقب أثره ونصرف إليه من الشكر أوفاه وأوفره إن شاء الله تعالى وهو الموفق لا رب سواه والسلام الأتم عليكم كثيرا
الطرف الخامس عشر المكاتبات الصادرة إلى ملوك الكفر في الأجوبة وهي إما أن تصدر بما يصدر به الابتداء وقد تقدم وإما أن تصدر بلفظ وصل أو ورد
كما كتب بعض كتاب الدولة الأيوبية عن الملك الجواد أحد ملوكهم

في أيام الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر جواب كتاب ورد عليه من فرانك أحد ملوك الفرنج في شعبان سنة ثلاثين وستمائة
وردت المكاتبة الكريمة الصادرة عن المجلس العالي الملك الأجل الأعز الكبير المؤيد الخطير العالم العامل الظهير العادل الأوحد المجتبى شمس الملة النصرانية جلال الطائفة الصليبية عضد الأمة الفرنجية فخر أبناء المعمودية عمدة الممالك ضابط العساكر المسيحية قيصر المعظم فلان معز إمام رومية ثبت الله لديه نعمه وعزز موارد جوده وديمه وأمضى صوارم عزائمه وأعلى هممه ولا برحت أنوار سعده تتلألأ وأخبار مجده تبسط وتتعالى وسحائب الألسنة الناطقة بحمده تستهل وتتوالى إلى أن يتحلى جيد الضحى بعقود الليل وتطلع الشعرى من مطالع سهيل فجدد الثناء على جلاله وأكد المديح لإحسانه وإفضاله وأنفس أسباب المودة والحصافة وشدد أواخي الإخلاص والموافاة فاستبشرت النفوس بوروده وسرت القلوب بوفوده ووقف منه على الإحسان الذي نعرفه ووجد عقده مشتملا على جواهر الوداد الذي نألفه فشكر الله على هذه الألفة المنتظمة والمحبة الصادقة المكرمة
والمجلس العالي الملك الأجل أعلى الله قدره ونشر بالخير ذكره أولى من

أهدى المسرات بورود المراسم والحاجات ووصل الأنس بكريم المكاتبات مضمنة السوانح والمهمات
فأما ما ذكره المقام العالي السلطاني الملكي الكاملي الناصري زاده الله شرفا وعلوا من أنه لا فرق بين المملكتين فهذا هو المعتقد في صدق عهده وخالص وده ولا زال ملكه عاليا وشرفه ناميا إن شاء الله تعالى

الفصل الرابع من الباب الثاني من المقالة الرابعة في المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية على ما استقر عليه الحال في ابتداء الدولة التركية وإلى زماننا على رأس الثمانمائة مما أكثره مأخوذ من ترتيب الدولة الأيوبية التي هي أصل الدولة التركية وفيه ثلاثة أطراف

الطرف الأول في المكاتبات الصادرة عنهم إلى الخلفاء من بني العباس
قد تقدم في الكلام على المكاتبات الصادرة عن الملوك إلى خلفاء بني العباس أنها علىأساليب في ابتداء المكاتبات منها ما يفتتح بآية من القرآن الكريم ثم بالسلام ومنها ما يفتتح بالسلام ابتداء ومنها ما يفتتح بالصلاة على الخليفة على مذهب من يرى جواز إفراد غير الأنبياء بالصلاة ومنها ما يفتتح بالدعاء لديوان الخلافة
ولكن الذي ذكره المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف بالمصطلح الشريف مما الحال مستقر به أن المكاتبة إلى ديوان الخلافة الشريفة أدام الله أيام الديوان العزيز المولوي السيدي النبوي الإمامي الفلاني ثم الدعاء المعطوف والصدر بالتعظيم المألوف وأنها قد تفتتح بغير هذا الدعاء نحو أدام الله سلطان وخلد الله سلطان أو أيام أو غير ذلك

مما يقتضي العز والدوام
وأن الصدر نحو العبد أو المملوك أو الخادم يقبل الأرض أو العتبات أو مواطيء المواقف أو غير ذلك
وأن ختم الكتاب يكون تارة بالدعاء وتارة ب يطالع أو أنهى أو غيرهما مما فيه معنى الإنهاء
ويخاطب الخليفة في أثناء الكتاب بالديوان العزيز وبالمواقف المقدسة أو المشرفة والأبواب الشريفة والباب العزيز والمقام الأشرف والجانب الأعلى أو الشريف
وبأمير المؤمنين مجردة عن سيدنا ومولانا ومرة غير مجردة مع مراعاة المناسبة والتسديد والمقاربة
وأن خطاب المكاتب عنه بحسب من كتب عنه فكتب بعض ملوك بني أيوب بالديار الشامية الخادم
وبعضهم المملوك وبعضهم العبد وبعضهم أقل المماليك وبعضهم أقل العبيد
وأن علاء الدين خوارزم شاه صاحب بلاد خوارزم وما معها وابنه جلال الدين كانا يكتبان الخادم المطواع وأن أم جلال الدين كانت تكتب الأمة الداعية
قال في التثقيف وعنوانه الديوان العزيز إلى آخر الألقاب ثم الدعاء يعني من

نسبة الصدر نحو أدام الله أيامه وخلد الله سلطانه وما أشبه ذلك
قال وعادة العلامة إليه الخادم أو المملوك أو العبد
وكتب بعضهم أقل المماليك وبعضهم أقل العبيد
يريد أن العلامة تكون مطابقة لما يقع في أثناء المكاتبة عن المكتوب إليه من الخادم وغيره مما تقدم ذكره بحسب ما يؤثر الملك المكتوب عنه الخطاب به عن نفسه
وهذه عدة صدور مختلفات الابتداءات منقولة من التعريف وغيره
أما قطع الورق الذي يكتب فيه إلى الخليفة فقد تقدم في الكلام على مقادير قطع الورق في المقالة الثالثة نقلا عن ابن عمر المدائني في كتاب القلم والدواة أنه يكتب للخلفاء في قرطاس من ثلثي طومار وأن المراد بالطومار الفرخة الكاملة وأن المراد الورق البغدادي وحينئذ فينبغي أن يجرى الأمر على ذلك تعظيما للخلافة
صدر أدام الله أيام الديوان العزيز ولا زالت سيوف أوليائه في رقاب أعدائه محكمة وصنوف الكفار في أيدي عسكره الجرار بالنهاب مقسمة وصفوف أهل الشرك مزلزلة بخوافق أعلامه المطهرة وسنابك جياده المطهمة ولا برحت ملائكة النصر من أمداده وملوك العصر بيض الوجوه بتعظيم شعار سواده
الخادم ينتهب ثرى العتبات الشريفة بالتقبيل وينتهي في قصارى الطلبات على الوقوف في تلك الربوع ويكلل ربى تلك الساحات هو وكل ابن سبيل بلآليء الدموع خضوعا في ذلك الموقف الذي تنكر القلوب فيه الصدور وتلصق منه الترائب بالنحور ويظهر سيما الجلالة في الوجود ويغدق على الأولياء فيعرفون بسيماهم من أثر السجود
وينهي أن ولاءه القديم وبلاءه

العظيم وأيامه السالفة وأفعاله التالدة والطارفة وسوابق خدمه في امتثال الأوامر الشريفة التي لم يزل يتسارع إليها ويقارع عليها ويصارع غلب الأسود على تنفيذ مراسمها وإقامة مواسمها وإطارة صيتها ودوام تثبيتها تحمل الخادم على الاسترسال وتجمل له السؤال والذي ينهيه كذا وكذا
صدر آخر من التعريف أدام الله سلطان الديون العزيز ولا زالت الخلائق بكرمه مضيفة والكتائب في هجير وطيسه مصيفة والأبصار في نصر أنصاره مصنفة والمواضي بأوامره في قبضات عساكره مصرفة والنقود إلا ما تشرف باسمه مزيفة والقلوب في صدور الأعداء بخواطف رعبه مسيفة والوعود إلا بما تنجزه مواهبه مسوفة والوغى لا ترى إلا برماحه مثقفة والسماء وإن علت لا تكون إلا لأذيال سيوفه مسجفة والمهابة بسطاه إما للمعاقل فاتحة وإما عما يطمع أن تناله الأيدي منها مجحفة الأمم على اختلافها تحت راياته المنصورة مقاتلة وأخرى له محالفة والأعلام التي يأوي إليها الإسلام به جوار الجوزاء مخلفة والأبطال لقتال الكفر ببوارق سيوفه قبل مضايق صفوفه ومخانق زحوفه مخوفة
الخادم يقبل بولائه إلى ذلك الجناب ويقبل الأرض وكتابه يحسن المناب ويقيل عثراته إذ كان به قد لاذ ويقيم معاذيره إذ كان به قد عاذ ويتسربل بطاعته سرابيل تقيه إذا خاف من سهام الدهر إلى مهجته النفاذ ويصول بانضمامه إلى تلك العصابة المنصورة لا بما يطبع من الفولاذ ويجل تلك المواقف المقدسة أن يبل مواطئها بدمعه وأن يحل مواطنها بقلبه قبل أن يعاجل كل عدو بقمعه ويعد ما هدي إليه من الاعتصام بسببها سببا لفوزه وموجبا لملك رق عنق كل عاص وحوزه وينهي كذا وكذا

صدر آخر خلد الله سلطان الديوان العزيز ولا زالت أيامه شامخة الذوائب شارخة الصبا حتى حيث يلحق الشيب الشوائب راسخة الفخار في الظهور بالعجائب نافخة في فحم الليل جمر الكتائب صارخة والرعد ترتعد فرائضه بين السحائب ناسخة دولة كل علياء بما تأتي به من الغرائب وتبذله من الرغائب فاسخة عقد كل خالع يرده الله إليها ردة خائب باذخة على ماضي كل زمان ذاهب من عصور الخلفاء الشرفاء وآئب سالخة لجلدة كل أيم ظن أن في أنياب رمحه النوائب
الخادم يقبل العتبات الشريفة ساجدا بجبينه وشاهدا يستأديه له على يمينه وجاحدا كل ولاء سوى ولائه المعقود بيمينه وعاقدا بشرف الانتساب إليه عقد دينه وحامدا الله الذي جعله من طاعة أمير المؤمنين عند حسن يقينه وعائدا بأمله إلى كرم تثمر به الآمال وتقمر به الليالي لأنها شعاره الذي تضرب به الأمثال وتمطر به السحب الجهام فتمحى بها آية الإمحال
وينهي ورود المثال الشريف الذي طلع نيره فأنار وسطع متضاده فألف بين الليل والنهار وأقبل فما رآه إلا كتابه الذي أوتيه باليمين وسحابه الذي أعطيه يندى منه الجبين ونصره أكثر من الألوف وأنصفه أعجل من السيوف وزاحم به الدهر فضلا عن الصفوف وزار به الوغى لا يهابها وخطيات القنا وقوف فتشرف به وطار بغير جناح وقاتل بغير سلاح وقرأه وبات قرى له في السماح وتسلمه كأنما تسنم به المعاقل وتسلم منه المفتاح
صدر آخر خلد الله أيام الديوان العزيز ولا زالت سطواته تجمد برعبها

الأبطال المدججة وتخمد بفيضها النيران المؤججة وتخمل بركز نفاذها إلى القلوب الرماح المزججة وتبخل معها بعوائد كرمها السحب المثججة وتخف لديها أوقار الجبال المفججة وتخر بل تخور خوفا أن تترقى إليها الأصوات المضججة وتخص بالغرق من خاطر في بحارها الملججة وتحلف بسلطانها للموت أشهى من البقاء إلى طرائد سيوفها المهججة وتخلد النصر بحججها القائمة على الخصماء المتحججة
الخادم يقلب وجهه في سماء الفخار بتقبيل الأرض التي طالت السماء فأطالت النعماء وفضلت النجوم اللوامع وأوتيت بمالكها أعز الله سلطانه كلم الفضل الجوامع وأحلت شوامخ المجد من حلها وأجلت قدر من جد فأجلها وأعطت مفاتيح الكنوز كنوز الشرف لمن قبلها كما يقبل الحجيج الحجر أو أملها كما يؤمل الساري طلوع القمر وينهي كذا وكذا
صدر آخر قال في التعريف وهو غريب الأسلوب
أدام الله أيام العدل والإحسان النعم الحسان والفضل المشكور بكل لسان الأيام التي أشرق صباحها السافر وعم سماحها الوافر وآمن بيمنها كل مسلم ضرب عليه سرادق الليل الكافر وعلت شموسها وقد جنحت العصور الذواهب وقدحت أشعتها فأضاءت بين لابتي الغياهب أيام الديوان العزيز

المولوي السيدي النبوي الإمامي الحاكمي لا برحت أيامه مفننة وأحكامه مقننة وسحبه على الظماء محننة وقربه بفقد ما حوته مجننة وحقائقه غير مظننة وطرائقه للخير مسننة والخلائق تحت جناح رأفته ورحماه مكننة ولا زال ولاؤه ضمير من اعتقد وممير من أخذ من الدهر ما نقد ومبير الأسود المتضائلة لديه كالنقد وسمير من تنبه وضجيج من رقد ومعير البرق ندى كرمه وقد وقد ومغير متعالي الصباح من راياته العالية بما عقد ومجير من لاذ به حتى لا يضره من فقد ومبير عداه برداه الذي إن تأخر إلى حين فقد
الخادم يخدم تلك العتبات الشريفة التي إن تاهت على السماء فما وإن دنت للتقبل فإن الثريا تود أن تكون فما وينهب تراب تلك الأرض التي هي مساجد ويقبل ذلك البساط الذي لا موضع فيه إلا مكان لاثم أو ساجد وينزهها عن سواكب دمعه لأن ذلك الحرم الآمن لا تطل فيه الدماء ويجلها عن مواقع لثمه لأنها لا تلثم السماء ويرفع صالح الدعاء وإنما إلى سمائها يرفعه وينهي صادق الولاء وماثم ما يدفعه ويدخر من صحيح العبودية ما يرجو أنه ينفعه ويطالع العلوم الشريفة بكذا وكذا
صدر آخر أدام الله النعمة على الدين والدنيا بإيالة الديوان العزيز وأسبغ نعمه فالنعم في ضمنها وملأ الآمال منها وأفاض من أنوارها التي علم قرن

الشمس أنه غير قرنها وأدال دولته التي نزل الخلق من جنات عدلها جنات عدنها وأمضى سيوفها التي تعرب فيعرف ضمير النصر في لحنها وأعلى آراءها التي تلقى العداة بدروع يقينها وتلقى الغيوب بسهم ظنها ولا زالت البشائر تتبارى إليه بردها ويضفو على أعطاف الإسلام بردها ولا برحت راياته سويدات قلوب العساكر وأجنحة الدعاء المحلق إلى أفق السماء من أفق المنابر وولاؤها السر المبهم الذي هو مما تبلى به السرائر
الخادم
صدر آخر أعلى الله الموحدين على الملحدين وثبت كلمة المتقين على اليقين بدوام أيام الديوان العزيز وروض بولاته كل ديوان ووسم بولائه كل أوان وأنطق بحمده كل لسان وألهم الخلق أن يعنونوا بطاعته صحائف الإيمان وأسعدهم بما يتناولونه في الدنيا من كتب المنن وفي الآخرة من كتب الأمان فكلها طائر في العنق يكون بالطاعة قلائد بر في الأطواق وبالمعصية جوامع أسر في الأعناق
ورد على المملوك كتاب إن لم يكن أنزل من السماء فهو من الذين أنزل عليهم كتاب من السماء وإن لم تنزل ألفاظه بالماء فهو من الذين أنزلت ألفاظ دعواتهم الماء وإن لم يكن كتاب العمل لأنه ليس بيوم الكتاب فإنه قط عجل له قبل يوم الحساب ولولا أن أم الكتاب أعقمت لكان ابن أم الكتاب وإن هو إلا طائر ألزم في عنقه وما وكر طائره إلا المحراب
صدر آخر أتم الله ما أنعم به على الديوان العزيز وعلى الخلق وأشرك في هذه النعمة أهل الغرب والشرق وميز الحظوظ فيها بحسب درجات السبق
فإنه

( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى ) والله لا يخلف موعده والديوان العزيز لا يكاد مورده ولا رفع عن أيدي الخلق يده بل يجري عليها ما ضمنه ويمكنها بما بسط لها في الأرض ومكنه ويرسل عليها سحائب رحمته وينشيء منها ناشئة نعمته ويوجه إلى قلبها وجه كل أمل ويفيض طوفانها فلا يكون به للغليل قبل ولا يأوي إلى حصاة قلب فيعصمها ولو أنه جبل
قلت ولم أقف على مكاتبة عن أحد من ملوك الديار المصرية إلى أبواب الخلافة مذ صارت دار الخلافة بالديار المصرية
والظاهر أنه لم تجر مكاتبة عن السلطان إلى الخليفة لأن الخليفة لا يكاد يفارق السلطان سفرا ولا حضرا مفارقة توجب المكاتبة إليه كما أشار إليه صاحب التثقيف
وقد لوح في التعريف إلى ذلك فقال وأول ما نبدأ بما يكتب به إلى الأبواب الشريفة الخليفتية كذا زادها الله شرفا جريا على قديم العادة ورجاء لملاحظة السعادة
وهذه نسخة مكاتبة من هذا النوع مما كتب به القاضي الفاضل عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله عليه إلى ديوان الخلافة ببغداد في أيام الناصر لدين الله بخبر ملك الألمان من الفرنجة والقتال معه في جواب كتاب ورد عليه يوضح في هذا الموضع بيان هذا الأسلوب ويغني عن مراجعة كثير من الأمثلة المذكورة في المكاتبات إلى الخلفاء على ما تقدم وهو أدام الله ظل الديوان العزيز النبوي الإمامي الشريف الناصري ومده على الأمة ظليلا وجعل الأنوار عليه دليلا وحاطه بلطفه وتقبل أعماله بقبول

حسن وأنبتها وأرغم أعداءه وكبتها ومسها بعذاب من عنده وسحتها ولا زالت رايته السوداء بيضاء الخبر محمرة المخبر في العداة مسودة الأثر
ورد على الخادم ما كوتب به من الديوان العزيز رائدا في استخلاصه مبرهنا عن اختصاصه مطلقا في الشكر للسانه وفي الحرب لعنانه ومقتضيا لأمنية كان يتهيبها ومفيضا لمكرمة لو سمت نفسه إليها كان يتهمها فلله هو من كتاب كأنه سورة وكل آية منه سجدة قابله بالخشوع كأنما قلم الكتاب القضيب وطرسه البردة وتلاه على من قبله من الأولياء مسترفها به لغزائمهم مستجزلا به لمغانمهم مستثبتا به للازمهم مستدعيا به الخدمة للوازمهم مرهفا به ظباهم في القتال فاسحا به خطاهم يوم النزال فأثر فيه كالاقتداح في الزند وكالانبجاس من الصلد وكالاستلال من الغمد فشمر من كان قد أسبل وانتهى من كان قد أجبل وكأنما أعطوا كتابا من الدهر بالأمان أو سمعوا مناديا ينادي للإيمان وقالوا سمعنا وأطعنا وعلينا من الخدمة ما استطعنا هذا مع كونهم أنضاء زحوف وأشلاء حتوف وضرائب سيوف قد وسمت وجوههم علامات الكفاح وأحالت عرضهم أقلام الرماح صابرين مصابرين مكاثرين مكابرين مناضلين مناظرين قد قاموا عن المسلمين بما قعد عنه سائرهم ونزلوا بقارعة القراع فلا يسير عنها سائرهم وسدست كعوب الرماح أنملهم وأثبتوا في معترك الموت أرجلهم كل ذلك طاعة لله ولرسوله ولخليفتهما وإذا رموا فأصابوا قالوا ولكن الله رمى

ومن خبر الكفار أنهم إلى الآن على عكا يمدهم البحر بمراكب أكثر عدة من أمواجه ويخرج للمسلمين منهم أمر من أجاجه قد تعاضدت ملوك الكفر على أن ينهضوا إليهم من كل فرقة منهم طائفة ويقلدوا لهم من كل قرن يعجز بالكرة واصفه فإذا قتل المسلمون واحدا في البر بعث البحر عوضه ألفا وإذا ذهب بالقتل صنف منهم أخلف بدله صنفا فالزرع أكثر من الجداد والثمرة أنمى من الحصاد
وهذا العدو المقاتل قاتله الله قد زر عليه من الخنادق أدراعا متينة واستجن من الجنويات بحصون حصينة مصحرا ومتمنعا وحاسرا ومتدرعا ومواصلا ومنقطعا وكلما أخرج رأسا قد قطعت منه رؤوس وكلما كشف وجها كشف من غطاء أجسادها نفوس فكم من يوم أرسلوا أعنة السوابق فذموا عقبى إرسالها وكم من ساعة فضوا فيها أقفال الخنادق فأفضى إليهم البلاء عند فض أقفالها إلا أن عددهم الجم قد كاثر القتل ورقابهم الغلب قد قطعت النصل لشدة ما قطعها النصل
ومن قبل الخادم من الأولياء قد آثرت المدة الطويلة والكلف الثقيلة في استطاعتهم لا في طاعتهم وفي أجوالهم لا في شجاعتهم فالبرك قد أنضوه والسلاح قد أحفوه والدرهم قد أفنوه وكل من يعرفهم من أهل المعرفة ويراهم بالعين فما هم مثل من يراهم بالصفة يناشد الله المناشدة النبوية في الصيحة البدرية اللهم إن تهلك هذه العصابة ويخلص الدعاء ويرجو على يد أمير المؤمنين الإجابة
هذا والساحل قد تماسك وما تهالك وتجلد وما تبلد وشجعته مواعد النجدة الخارجة وأسلته عن مصارع العدة الدراجة فكيف به إذا خرج داعية الألمان وملوك الصلبان وجموع ما

وراء البحر وحشود أجناس الكفر وقد حرم باباهم لعنة الله عليهم وعليه كل مباح واستخرج منهم كل مذخور وأغلق دونهم الكنائس ولبس وألبسهم الحداد وحكم عليهم أن لا يزالوا كذلك أو يستخلصوا المقبرة ويعيدوا القمامة
( وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم )
اللهم أخفر جواره واصرف جوره وأخلف وعده واكسر ضمانه وأنكصه على عقبه وعجل في الدنيا والآخرة منهم تبابه
وما بدأتنا به من نعمتك فلا تقطعه وما وهبتنا من نصرك فلا تسلبه وما سترته من عجزنا فلا تهتكه
وفي دون ما الدين مستقبلة وعدوه خذله الله يؤمله ما يستغرغ عزائم الرجال ويستنفد خزائن الأموال ويوجب لإمام هذه الأمة أن يحفظ عليها قبلتها ويزيح في قتل عدوها علتها ولولا أن في التصريح ما يعود على عدالته بالتجريح لقال ما يبكي العين وينكي القلوب وتنشق له المرائر وتشق له الجيوب ولكنه صابر محتسب منتظر لنصر الله مرتقب قائم في نفسه بما يجب رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي وها هو قد هاجر إليك هجرة يرجوها عندك مقبولة وولدي وقد أبرزت لعدوك صفحات وجوههم وهان علي محبوبك بمكروهي فيهم ومكروههم
ونقف عند هذا الحد ولله الأمر من قبل ومن بعد وإن لم يشتك الدين إلى ناصره والحق إلى من قام بأوله وإلى اليوم الآخر يقوم بآخره فإلى من

يشتكى البث وعند من يتفرج بالنفث ومنفعة الغوث قبل العطب والنجاء قبل أن يصل الحزام الطبيين والبلاغ قبل أن يصل السيل الزبى
فيا عصبة محمد في أمته بما تطمئن به مضاجعه ووفه الحق فينا فإنا وإن المسلمين عندك ودائعه وما مثل الخادم نفسه في هذا القول إلا بحالة من وقف بالباب ضارعا وناجى بالقول صادعا ولو رفعت عنه العوائق لهاجر وشافه طبيب الإسلام بل مسيحه بالداء خامر ولو أمن عدو الله أن يقول فر لسافر وبعد ففيه وإن عض الزمان بقية وقبله وإن تدارأت الشهاد درية فلا يزال قائما حتى ينصر أو يعذر فلا يصل إلى حرم ذرية أحمد ذرية أيوب واحد يذكر
أنجز الله لأمير المؤمنين مواعد نصره وتمم مساعدة دهره وأصفى موارد إحسانه وأرسى قواعد سلطانه وحفظه وحفظ به فهو خير حافظا ونصره ونصر على يديه فهو أقوى ناصرا إن شاء الله تعالى
ثم اعلم أن المقر الشهابي بن فضل الله قد ذكر في تعريفه أيضا أن المكاتبة إلى أبواب الخلافة من الملوك والسوقة لا تختلف بل تكون على الأنموذج المقدم ذكره واستلزم ذلك فجرى على هذا المصطلح فيما كتب به إلى الديوان العزيز الحاكمي أحمد بن أبي الربيع سليمان أحد الخلفاء

العباسيين بالديار المصرية عن رماة البندق بالشام جوابا عما ورد عليه من كتابهم وهو متكلم على رماة البندق يومئذ في أمر ناصر الدين بن الحمصي وهو أحد الرماة
أدام الله تعالى أيام الديوان العزيز المولوي السيدي النبوي الإمامي الحاكمي ونصر به جمع الإيمان وبشر بأيامه الزمان ومتعه بالملك الذي لا ينبغي لأحد من بعده بما ورثه من سليمان ولا زال يخضع لمقامه كل جليل ويعرف لأيامه كل وجه جميل ويعترف لشرفه كل معترف بالتفضيل ويشهد بنفاذ أوامره من ذوي نسبه الشريف كل أخ وخليل ولا كان إلا كرمه المأمول ودعاءه المقبول وعدوه المصروع ووليه المحمول ولا برحت طاعته يعقد عليها كل جمع ومراسمه ينصت إليها كل سمع وطوائف الذين كذبوا عليه لا تتلى عليهم آياته إلا تولوا وأعينهم تفيض من الدمع
المماليك يقبلون الأرض بالأبواب العالية التي هي خطة شرفهم ومكان تعبد القدماء منهم ومن سلفهم ويلوذون بذلك المقام ويعوذون بذلك الحرم الذي لا يبعد نسبه من البيت الحرام ويؤملون ذلك الكرم الذي ما منهم إلا من سعد به طائره وجاءته به في وجه الصباح أشائره وفي وجه العشاء بشائره فنالوا به أقصى المرام وقضوا به من العمر ما إذا قالوا يا سعد لا يعنون به إلا ذلك الإمام وينتهون إلى ما ورد به المرسوم الشريف الذي ما من المماليك إلا من مت لديه بتقديم عبوديته ورقة وسارع إلى طائره الميمون وحمله بسبقه وفتح له عينه وظن أنه حاكم وامتثلوا أمره وكيف لا تمتثل الرماة أمر الحاكم ولا سيما ابن عم

سيدنا رسول الله الحاكم وأجلوه عن رفعه على العين إذ كانت تلك بمنزلة الحاجب وقدموا إليه خفوق قلوبهم الطائرة وما علموا إن كانوا قاموا بالواجب ووقفوا على أحكام حاكمه فما شكوا أن زمان هذا الفن بحياة ناصره في بغداد قد عاد وأن مثاله المتمثل في سواد الحدق مما حكته أيامه العباسية من شعار السواد وعلموا ما رسم به في معنى محمد بن الحمصي الذي ما نورت الليلة أكاريخه ولا بعدت في الإقعاد له تواريخه بل أخمدت دموع ندمه نيرانه المشتعلة وأصبح به لا يحمل القوس في يده إلا أنه مشغلة وما كان أنهاه الديوان العزيز مما لم تذكر الخواطر الشريفة بأنه قبة المفتري وأنه صاحب القوس إلا أن ماله سعادة المشتري وأنه موه تمويه الجاحد وتلون مثل قوس قزح وإلا فقوس البندق لون واحد وأدلى بغروره وعرض المحضر الذي حمله على تغريره وذلك في غيبة الأمير بهاء الدين أرسلان البندقدار الحاكمي الذي لو كان حاضرا لكان حجة عليه ومؤكدا لإبطال رميه وقوسه وبندقه في يديه لما تضمنه الخط الشريف المقيد اللفظ المكتتب على المصطلح الساحب ذيل فخاره على المقترح الذي هدى إلى الخير وبدا به ما وهب من الملك السليماني الذي أوتي من كل شيء وعلم منطق الطير فإنه لم يكتب له إلا بأن يرمي على الوجه المرضي واستيفاء شروط البندق والخروج من جميع الأشكال عملا بقواعده ويعلم بأنه ما رعى حق قدمته ولا فعل في الباب العزيز ما يجب من التحلي بشعار الصدق في خدمته وأنه خالف عادة الأدب وأخطأ في الكل لكنه ندب وذلك بعد أن عمل له جميع رماة البندق وسئل فأجاب بأنه سالم من كل إشكال

يشكل وأنه بعد أن أقعد رمى وحمل وحمل فشهد عليه السادة الأمراء ولاة العهد إخوة أمير المؤمنين ومن حضر وكتبوا خطوطهم في المحضر وما حصل الآن عند عرض قصة المماليك بالمواقف المقدسة ووضوح قضيته المدنسة من التعجب من اعتراف المماليك لكونهم رموا معه بعد أن رأوا الخط الشريف وهو لفظ مقيد وأمر أيد به رأي الإمام الحاكم بأمر الله المسترشد بالله والمؤيد وكل ما أمر به أمير المؤمنين لا معدل عن طرقه ولا جدال إلا به إذا ألزم كل أحد طائره في عنقه وأمير المؤمنين بحر لا يرد إلا من علمه وهو الحاكم ولا راد لحكمه
وإنما ابن الحمصي المذكور عدم السداد وخالف جاري العادة في الحمص فإنه هو الذي سلق في الافتراء بألسنة حداد ولم يوقف المماليك من الخط الشريف إلا على بعضه ولا أراهم من برقه المتهلل غير ومضه والذي أوقفهم عليه منه أن يرمي محمد بن الحمصي ويرمى معه وكلمة أمير المؤمنين مستمعة ومراسيمه متبعة وإذا تقدم كان الناس تبعه
غير أن المذكور بدت منه أمور قطع بها الأمير صارم الدين صاروجا الحاكم البندقدار في حقه وأقعده عن قدمته التي كان يمت فيها بسبقه وانتقل عنه غلمانه وثقل عليه زمانه ونودي عليه في جمع كبير يزيد على تسعين قوسا وجرح بخطإ بندقه جرحا لا يوسى ثم بعد مدة سنين توسل بولد الأمير المرحوم سيف الدين تنكز إلى أبيه وتوصل به إلى مراميه فأمر أن يرمى معه وهدد المخالف بالضرب ولم يرم معه أحد برضاه إلا خوف أن توقد نار الحرب فلما مضت تلك الأيام وانقضت تلك الأحلام جمع مملوك الأبواب العالية الأمير علاء الدين بن الأبو بكري الحاكم في البندق الآن من رماة البندق

جمعا كبيرا واهتم به اهتماما كثيرا وذكر أمر المذكور وأحضر محضره المسطور ولم يكن عليه تعويل ولا في حكم الحاكم المتقدم تعليل ولا عند هذا الحاكم الذي ادعى له وادعى عنده تجوز الأباطيل وتحقق أن الحق فيما حكم به عليه فتبع وترجح أن لا يقام منه من أقعد لا يوصل منه ما قطع فنفذ حكم الحاكم المتقدم واستمر بقعوده المتحتم ووافقه على هذا سائر الرماة بالبلاد الشامية وحكامها ومن يرجع إليه في الرماية وإحكامها وبطلت قدمة لمذكور التي ذهب فيها عمره ضائعا وزمانه الذي لو اشتريت منه ساعة بالعمر لم يكن نافعا
ولما ورد الآن هذا الموسوم الشريف زاده الله شرفا قبلوا الأرض لديه وأوقفوا عليه حاكمهم المسمى فوقف له وعليه وجمع له جمعا لم يدع فيه من الرماة معتبرا ولا من يلقم القوس وترا ولا من إذا قعد كالعين جرى ما جرى ثم قرأ عليهم ما تضمن ودعوا لأمير المؤمنين ولم يبق منهم إلا من دعا أو أمن وتضاعف سرورهم بحكمه الذي رفع الخلل وقطع الجدل وقالوا لا عدمنا أيام هذا الحاكم الذي أنصف والإمام الذي عدل وبقي ابن الحمصي مثله ونودي عليه إنه من رمى معه كان مخطئا مثله ووقرت هذه المناداة في كل مسمع وقرت استقرار الفضل عليه المجمع وذلك بما فهم من أمير المؤمنين وبنص كتابه المبين وبما قضى الله به على لسان خليفته الحاكم والله أحكم الحاكمين وطالعوا بها وأنهوا صورة الحال وجمعوا في إمضائه الآمال
لا زالت سعادة أمير المؤمنين منزهة عن الشبه آخذة من خير الدارين كل اثنين في وجه حتى تحصل كل رمية من كثب ولا يرمي في كل أمنة إلا كل مصطحب ما غب في السماء المرزم ووقع العقاب على ثنية يقرع سنه ويتندم وعلا النسر الطائر والواقع على آثاره وسائر طيور النجوم والحوم إن شاء الله تعالى

قلت وقد اعترض في التثقيف كلام المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف فقال وفيما ذكره في التعريف من التسوية في المكاتبة بين الملوك والسوقة نظر
وما أشار إليه من النظر ظاهر فإن الذي تجب مكاتبتهم به ما يكاتب به المرؤوس رئيسه بحسب ما تقتضيه الحال في ابتداء المكاتبات من يقبل الأرض كما تكاتب الملوك بل هم بذلك أحق وأجدر
ويكون الخطاب لهم في أثناء المكاتبة بما أشار إليه في التعريف بالديوان العزيز والمواقف المقدسة أو المشرفة والأبواب الشريفة والباب العزيز والمقام الأشرف والجانب الأعلى ومولانا أمير المؤمنين ونحو ذلك بحسب ما تقتضيه الحال على ما تقدم ذكره

الطرف الثاني في المكاتبة إلى ولاة العهد بالخلافة
أما على المصطلح القديم حين كانت المكاتبة إلى الخلفاء لفلان من فلان فقال في صناعة الكتاب ويكون التصدير في المكاتبة إلى ولي العهد على ما تقدم في المكاتبة إلى الخلفاء مع تغيير الأسماء غير أنه جعل الفرق بين الإمام وغيره ممن يكاتب بالتصدير أن يقال للإمام في التصدير مع السلام وبركاته في أول الكتاب وآخره
ومن سوى الإمام تحذف وبركاته من التصدير وتثبت في آخر الكتاب
وقد تقدم أن التصدير إلى الخليفة حينئذ كان لعبد الله أبي فلان فلان أمير المؤمنين سلام على أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فإني أحمد إلى أمير المؤمنين الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على محمد عبده ورسوله
أما بعد أطال الله بقاء أمير المؤمنين إلى آخره ويختم بقوله والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته
وحينئذ فتكون المكاتبة إلى ولي العهد على ما أشار إليه في صناعة الكتاب من الابتداء بالتصدير مع تغيير الأسماء لعبد الله أبي فلان فلان ولي

عهد المسلمين سلام على ولي عهد المسلمين فإني أحمد إليه الله الذي لا إله إلا هو وأسأله أن يصلي على رسوله
أما بعد أطال الله بقاء ولي العهد ويختمه بقوله والسلام على ولي عهد المسلمين ورحمة الله وبركاته أو نحو ذلك
وأما على المصطلح الذي حدث بعد ذلك فقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف أن رسم المكاتبة إلى ولي العهد بالخلافة ضاعف الله تعالى جلال الجانب الشريف المولوي السيدي النبوي الفلاني ثم الدعاء المعطوف
وأبدل في التثقيف لفظ الجانب بالجناب
والخطاب له بمولانا وسيدنا ولي العهد ونحو ذلك
والتعبير عن المكتوب عنه بالخادم يقبل العتبات الشريفة أو اليد الشريفة أو نحو ذلك
قال في التثقيف والعلامة إليه الخادم والعنوان الجناب الشريف وبقية الألقاب المذكورة إلى آخرها
قال وهو أحسن من الجناب لعدم اشتراك غيره معه فيه بخلاف الجناب
قال وهذا أيضا على عادة من تقدم من الملوك أما في زماننا وقبله بمدة مديدة فلم يتفق وجود ولي عهد للخلافة وبتقدير وجوده فإذا لم يكن الخليفة يكاتب في هذا الأيام فكيف بولي عهده
وهذه صدور مكاتبات إليه أوردها في التعريف
صدر ضاعف الله تعالى جلال الجانب وأطلع مع وجود الشمس بدره التمام وأحوج مع زاخر الحبر منه إلى مدد الغمام وقدمه إماما على الناس وأطال بقاء سيدنا أبيه الإمام ولا عدم منه مع نظر والده الشريف جميل النظر ولا برح صدر دسته العلي إذا غاب وثانيه إذا حضر ولا زال الزمان مختالا من وجود

وجودهما لا عرف الله الأنام قدره إلا بالزهر والثمر ولا زاد فيض كرم إلا وهو من كف أبيه فاض أو من وبله العميم انهمر
الخادم يخدم تلك العتبات الباذخة الشرف الناسخة بما وجده من الخير في تقبيلها قول من قال لا خير في السرف
وينهي ولاء ما عقد على مثله ضمير ولا انعقد شبيهه لولي عهد ولا أمير وإخلاصه في انتماء أشرق منه على الجبين وأشرف فرآه فرضا عليه فيما نطق به القرآن ورقم في الكتاب المبين
صدر آخر أعز الله أنصار الجانب الشريف ولا حجب منه سر ذلك الجلال ولا معنى ذلك البدر المشرق منه في صورة الهلال ولا فيض ذلك السحاب المشرع منه هذا المورد الزلال ولا تلك المآثر التي دل عليها منه كرم الخلال ولا تلك الشجرة المفرعة ولا ما امتد منها به من الغصن الممتد الظلال ولا ذلك الإمام الذي هو ولي عهده وهو أعظم من الاستقلال
الخادم يقبل تلك اليد موفيا لها بعهده ومصفيا منها لورده ومضفيا منها جلابيب الشرف على عطفه وحسبه فخارا أن يدعى في ذلك المقام بعبده ويترامى على تلك الأبواب ويلثم ذلك الثرى ويرجو الثواب
صدر آخر ولا زالت عهود ولايته منصوصة وإيالته بعموم المصالح مخصوصة وصفوف جيوشه كالبنيان مرصوصة وقوادم أعدائه بالحوالق محصوصة وبدائع أنبائه فيما حلقت إليه دعوته الشريفة مقصوصة والوفود في أبوابه أجنحتها بالندى مبلولة مقصوصة
الخادم يجدد بتلك الأعتاب خدمه ويزاحم في تلك الرحاب خدمه ويقف في تلك الصفوف لا تنقل عن الطاعة قدمه ويتمثل بين تلك الوقوف ويتميز عليهم

إذا ذكر في السوابق قدمه ويدلي بحجج سيوفه التي أشهرها وصروفه التي لاقى أشهرها ومواقفه التي ما أنكرها الديوان العزيز مذ أثبتها ولا حط رماحها مذ أنبتها ولا محا سطورها مذ كتبها ليغيظ الأعداء ولا يشفي صدورها منذ كبتها وينهي كذا وكذا
صدر آخر ولا زالت مواعيد الظفر له منصوصة ورؤوس من كفر بطوارقه مرضوضة وصحائف الأيام عما يسر به الزمان فيه مفضوضة وجفون عداه ولو اتصلت بمقل النجوم مغضوضة وطوارق الأعداء التي تجنهم منه بسيوفه مغضوضة
الخادم يخدم أرضه المقدسة بترامي قبله وتقليب وجهه إلى قبله ويتطوف بذلك الحرم ويتطول من فواضل ذلك الكرم ويتطوق بقلائد تلك المنن وفرائد تلك المواهب التي إن لم تكن له وإلا فمن فإنه والله يشهد له لا يعتقد بعد ولاء سيدنا ومولانا أمير المؤمنين والقيم بأمور الدينا والدين ولاءها ولا يؤمل بعد تلك الآلاء إلا آلاءها ولا يرجو من غير هذه الشجرة المباركة لأمله إثمارا ولا لليله إقمارا ولا لأيامه حافظا ولا لحال إقدامه في قدم صدق ولائه لافظا قائما في خدم هذه الدولة القاهرة يجهد في منافعها ويجد في كبت مدافعها ويدخر شفاعتها العظمى إذا جاءت كل أمة بشافعها وينهي كذا وكذا

الطرف الثالث من المصطلح المستقر عليه الحال في المكاتبات الصادرة عن ملوك الديار المصرية إلى أهل المملكة من مصر والشام والحجاز وفيه ثلاثة مقاصد

المقصد الأول في المكاتبات المفردة وفيه مسلكان
المسلك الأول في بيان رتب المكاتبات ورتب أهلها وهي على ضربين
الضرب الأول المكاتبات إلى الملوك على ما كان عليه الحال في الزمن
المتقدم مما لعله يعود مثله وهي الدعاء للمقام وفيه مكاتبتان
الأولى المكاتبة إلى ولي العهد بالسلطنة وهي على ما ذكره في التثقيف أعز الله تعالى أنصار المقام العالي الملكي الفلاني الأخوي أو الولدي إن كان أخا أو ولدا
ثم الدعاء اللائق به ثم يقال أصدرناها إلى المقام العالي ويطالع علمه الشريف والعلامة أخوه سواء كان أخا أو غير أخ ووالده إن كان والدا
ولم يذكر تعريفه والذي يظهر أنه يكتب له ولي العهد بالسلطنة الشريفة
ولم يذكر قطع الورق لهذه المكاتبة والذي يظهر أنه في قطع العادة على قاعدة المكاتبات إلى أهل المملكة
قال في التثقيف ولعل هذه المكاتبة نظير ما كتب به إلى الملك الصالح علاء الدين علي ولد المنصور قلاوون فإنه كان ولي عهد أبيه المذكور توفي في حياته
ثم قال ورأيت

أمثلة كثيرة صدرت عنه بخلاص الحقوق وعلامته عليها علي بن قلاوون
الثانية المكاتبة إلى صاحب حماة من بقايا الملوك الأيوبية قبل مصيرها نيابة وآخر من كان منهم في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون الملك الأفضل ناصر الدين محمد بن الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل لما صارت إليه بعد أبيه المذكور
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف في قطع العادة أعز الله تعالى أنصار المقام الشريف العالي السلطاني الملكي الأفضلي الناصري ونحوهما
ثم الدعاء وبعده أصدرناها إلى المقام الشريف والعلامة أخوه وتعريفه صاحب حماة
قال في التثقيف ولم يزل الحال على ذلك إلى أن عزل عنها الأفضل المشار إليه بعد الأيام الشهيدية الملك الصالح عماد الدين إسماعيل ابن السطان الشهيد الناصر محمد بن قلاوون واستقر بها بعده نائبا الأمير طغاي الحموي أمير مجلس كان فبقيت نيابة بعده إلى الآن

الضرب الثاني المكاتبات إلى من عدا الملوك من أرباب السيوف والأقلام
وغيرهم ممن جرت العادة بمكاتبته وفيه مهيعان
المهيع الأول في رتب المكاتبات وهي على عشر درجات
الدرجة الأولى الدعاء للمقر
وصورته على ما ذكره في التثقيف أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العالمي

العادلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري

المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري العابدي

الناسكي الأتابكي الكفيلي الفلاني معز الإسلام والمسلمين سيد أمراء العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين ملجإ الفقراء والمساكين زعيم جيوش الموحدين أتابك العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
ثم الدعاء المعطوف والتصدير المناسب مثل أن يقال ولا زال عزمه مؤيدا وعزه مؤبدا وسعده على ممر الجديدين مجددا أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أتمه ومن الثناء أعمه
ثم يقال وتبدي لعلمه الكريم كذا وكذا ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه

الدرجة الثانية الدعاء للجناب الكريم
وصورته على ما أورده في التثقيف عما استقر عليه الحال أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي

المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين سيف أمير المؤمنين
ثم الدعاء والتصدير المناسب مثل أن يقال ولا زالت عزائمه مؤيدة وأوامره السعيدة مسددة صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما طيبا وثناء مطنبا وتوضح لعلمه الكريم كذا
ومرسومنا للجناب الكريم أن يتقدم أمره الكريم بكذا وكذا فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
قلت والذي في التعريف أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم بإبدال نصرة بأنصار واختلاف بعض الألقاب المتقدمة

الدرجة الثالثة الدعاء للجناب العالي بمضاعفة النعمة
وصورته على ما في التثقيف ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري الكافلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين مقدم العساكر ممهد الدول مشيد الممالك عماد الملة عون الأمة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
ثم الدعاء والتصدير المناسب مثل

ولا زال قدره عاليا ومدحه متواليا وجيد الدهر بمحاسنه حاليا وتوضح لعلمه الكريم كذا ومرسومنا للجناب العالي أن يتقدم أمره الكريم بكذا فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه

الدرجة الرابعة الدعاء للجناب العالي بدوام النعمة
وصورتها على ما أورده في التثقيف أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة عماد المملكة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين والدعاء والتصدير المناسب مثل أن يقال ولا زال قدره رفيعا وعزه منيعا ومريعا
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما طيبا وثناء صيبا ثم يقال وتوضح لعلمه المبارك كذا فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
الدرجة الخامسة الدعاء للمجلس بدوام النعمة
ورسمها أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي العوني الأوحدي النصيري الهمامي

المقدمي الظهيري الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين ثم الدعاء والتصدير المناسب مثل ولا زال عاليا قدره نافذا أمره جاريا على الألسنة حمده وشكره صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي له سلاما وثناء بساما ثم يقال وتوضح لعلمه المبارك كذا ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم أمره المبارك بكذا فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه

الدرجة السادسة صدرت والعالي ويعبر عنها بالسامي بالياء
وصورتها على ما في التثقيف صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الأميري الكبيري العضدي الذخري النصيري الأوحدي العوني الهمامي المقدمي الظهيري الفلاني مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر ذخر الدولة كهف الملة ظهير الملوك والسلاطين ثم الدعاء المناسب مثل أدام الله سعادته وأجزل من الخير بره وإفادته موضحة لعلمه المبارك كذا ومرسومنا للمجلس العالي أن يتقدم بكذا فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه

الدرجة السابعة صدرت والسامي ويعبر عنها بالسامي بغير ياء
وصورتها صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري الأجلي الكبيري العضدي الذخري النصيري الأوحدي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الأمراء زين المجاهدين عضد الملوك والسلاطين ثم الدعاء مثل أدام الله سعادته وأجزل من الخير عادته تتضمن إعلامه كذا ومرسومنا للمجلس السامي أن يتقدم بكذا فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه
الدرجة الثامنة
يعلم مجلس الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الأمراء زين المجاهدين عدة الملوك والسلاطين والدعاء مثل أدام الله سعده وأنجح قصده أن الأمر كذا ومرسومنا له أن يتقدم بكذا فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه
قلت وقد تقدم في أول المكاتبات أنه يتعين أن يكون الدعاء للمكتوب إليه مناسبا للحال مثل أن يكون موافقا لاسم المكتوب إليه أو لقبه أو وظيفته أو محل نيابته أو الأمر المكتوب بسببه من استطلاع أمر واسترهاف عزم وفتح وظفر وبشارة وغيرها وما يجري مجرى ذلك وتقدم هناك ذكر جملة من الأدعية في الأمور المختلفة المعاني

ونحن نذكر هنا نبذة من الأدعية والتصديرات اللائقة المتقدمة مما يدعى به للنواب ومن في معناهم ليقرب تناوله باقترانه بصور المكاتبات

الأدعية والصدور لنواب السلطنة أدعية تصلح للنائب الكافل
ولا زالت كفالته تبسط المعدلة وعزائمه على الإنصاف والإسعاف مشتملة وتقدماته تبلغ كل ذي قصد أمله
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أكمله ومن الثناء الحسن أجزله وتبدي
آخر ولا زالت الممالك كلها في كفالته والمسالك على اختلاف طرقها آئلة إلى إيالته والملائك محومة على بنوده محتفة بهالته والأرائك لا تثنى إلا على دست فخاره ولا تعد إلا لجلالته
أصدرناها إلى المقر الكريم تخصه بأفضل السلام وأطيب الثناء المرقوم على أعلى الأعلام وتبدي
آخر ولا زالت كفاية كفالته تزيد على الآمال وتتقرب إلى الله بصلاح الأعمال وتكفل ما بين الجنوب وأقصى الشمال
أصدرناها إلى المقر الكريم وصدرها بذكره منشرح وببره فرح وبعلو قدره في أيامنا الزاهرة يسر ويؤمل منه ما يزيد على أمل المقترح وتبدي
أدعية تصلح لنائب الشام المحروس
ولا زالت الممالك تؤيد بعزمه ورأيه تأييدا والدول تسدد بكفالته تسديدا وتشيد تشييدا
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاما

تضاعف أجزاؤه وثناء يبهج الخواطر سناؤه وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت النفوس بيمن كفالته فائقة والخواطر في محبته متوافقة والألسن بشكر محاسنه ناطقة وقلوب الأعداء من بأسه ومهابته خافقة
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه أنواع السلام المتناسبة وأجناسه المتناسقة وتثني على أوصافه التي أصبحت الأفواه في ذكرها صادقة وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت عزائمه مرهفة الحد وكفالته كفيلة بنجح القصد ومغانمه في سبيل الله تعرب عن الاجتهاد في قهر الأعداء والجد
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاما يفوق شذاه العنبر والند وثناء مجاوزا أبدا الحصر وأمدا العد وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت قلوب أهل الإيمان من كفالته مؤتلفة وفرق أهل من بأسه وخوفه مختلفة وأحوال أهل العناد بجميل تدبيره في استطلاعها واضحة منكشفة
أصدرناها إلى المقر الكريم تثني على همته التي لم تزل على المصالح معتكفة وتهدي إليه تحية شموسها مشرقة غير منكسفة وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت سعادته بحكم الأقدار دائمة والمعدلة بجميل حلمه وصائب رأيه قائمة والعيون بيمن كفالته في مهاد أمنه نائمة
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه تحية طيبة المسرى وثناء حسن وصفا وطاب ذكرا وتبدي لعلمه
آخر ولا زال النصر حلية أيامه وشامة شامه وغمامة ما يحلق على بلده المحضر من غمامة أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام لا يرضى حافر جواده الهلال نعلا ولا يحظى به إلا بلده ونخص منه الشرف الأعلى وتبدي لعلمه
آخر وسقى عهده العهاد وشفى بعدله العباد وزان به حسن بلده التي

لم يخلق مثلها في البلاد وهي إرم ذات العماد
أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام تسر به النفوس ويطوق به فضله الجامع وتتحلى به العروس وتبدي لعلمه
آخر ووقى بسور جيوشه الممتنعة ضرر الضراء وكسر بأسود جنوده ذئاب الأعداء الضراء وسبق دهماء الليل وشهباء النهار وحمراء الشفق وصفراء الأصيل وشقراء البرق بسابقته الخضراء
أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام يملأ حدق حدائقه نورا وقلب عساكره سرورا

أدعية وصدور تصلح لكل من النائب الكافل ونائب الشام ومن في معناهما
كالأتابك ونحوه
دعاء من ذلك ووصل المسار بعلمه الذي لا ينكر وحلمه الذي يشكر وحكمه الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
أصدرناها إلى المقر الكريم بسلام يسرع إليه وثناء يرد منا عليه وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت الدول برأيه مقبلة السعود مترقية في الصعود مملوءة الرحاب تارة تبعث البعوث وتارة تفد عليه الوفود
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام أشرقه نجوما ومن الثناء أغدقه غيوما وتبدي لعلمه
آخر ولا زالت الممالك بآرائه منيرة وبراياته لأعدائها وأعداء الله مبيرة وبرؤياه تتضاءل الشموس المشرقة وتخجل السحب المطيرة
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه من السلام درره ومن الثناء غرره وتبدي لعلمه
آخر ولا برحت آراؤه كالنجوم بعيدة المدى قريبة الهدى متهللة كالغمام للأعداء منها الصواعق وللأولياء منها الندى
أصدرناها إلى المقر

الكريم بسلام حسن الافتتاح وثناء كما نظم الوشاح وتبدي لعلمه الكريم
أخر ولا برحت آراؤه تنير غياهب الخطوب وعزائمه تثير سنابك الجياد للجهاد فتظفر من التأييد بكل مطلوب وصوارمه تفتك بالأعداء فتهتك منهم كل ستر محجوب
أصدرناها إلى المقر الكريم تهدي إليه سلاما أزهى من الزهر وأبهى من روض وافى نضارته النظر وتبدي لعلمه
آخر ولا برح التأييد يصحب رايته والعزم يخدم عزمته والرعب يؤم طليعته والظفر يحكم في العدو سيفه فلا يستطيع عاصي الحصون عصمته
أصدرناها إلى المقر الكريم تكافي بمزيد الشكر همته وتوافي إليه بثناء واف يحسد المسك نفحته وتنهي لعلمه
آخر ولا برحت سيوفه تسيل يوم الروع جداولها وعزائمه تنصر كتائبها وجحافلها ومنزلته على ممر الزمان بين السماكين منازلها
أصدرناها إلى المقر الكريم تثني على محاسنه التي بهرت أوصافها واختالت في ملابس الحمد أعطافها وتبدي لعلمه

أدعية وصدور تصلح لنائب حلب المحروسة
دعاء من ذلك ولا زال يعد ليوم تشيب منه الولدان ويعد دونه كل محارب بينه وبين الشهباء والميدان ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه إلا اسم ابن حمدان
فإن كان لقبه سيف الدين قيل ويعم حلب من حلى أيامه ما لا يفقد معه سيف الدين إن فقد سيف الدولة بن حمدان
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب

الكريم تهدي إليه سلاما ما مر على روض إلا انتهب طيبه نهبا وثناء تعقد له أعلامه على كتيبته الشهبا وتوضح لعلمه
آخر وفتح بسيوفه الفتح الوجيز وأحل عقائل المعاقل منه في الكنف الحريز وأعاد به رونق بلد ما جفت بها زبدة حلب وهو فيها العزيز
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم بسلام ذهبه لا يذهب وثناء لا تصلح لغير عقيلة الشهباء قلادة عنبره الأشهب وتوضح لعلمه الكريم
آخر ولا زالت هممه مطلة على النجوم في منازلها مطاولة للبروق بمناصلها قائمة في مصالح الدول مقام جحافلها
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاما كالدرر وثناء طويل الأوضاح والغرر وتبدي لعلمه
آخر وأمده بعونه وجمله بصونه ولا زال رأيه في النقيضين لهذا سبب فنانه ولهذا علة كونه
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاما رطيبا وشكرا يكون على ما تخفي الصدور رقيبا وتوضح لعلمه
آخر وأعلى له من الأقدار قدرا وضاعف لديه من لدنه سرورا وبشرا ولا أعدم الممالك من عزائمه تأييدا ونصرا
صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه سلاما يفوق الزهر ويسابق في سيره الشمس والقمر وتبدي لعلمه
آخر وخصه بجميل المناقب ومنحه من المزيد علو المراتب وضاعف لديه من الإيثار شريف المواهب
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه سلاما كرم وفوده وثناء حسن وصفه وعذب وروده وتوضح لعلمه
آخر ولا زالت الخواطر تشهد منه صدق المحبة والنفوس تتحقق أنه قد جعل النصيحة لأيامنا الشريفة دأبه
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم

تهدي إليه سلاما زاكية أقسامه وثناء كمل عقده واتسق نظامه وتوضح لعلمه الكريم
آخر وزاد عزمه المبارك تأييدا ومنح نعمه على ممر الأوقات مزيدا وجعل حظه من كل خير سعيدا وسعده بتجديد الأيام جديدا
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب الكريم تهدي إليه تحية حسن إهداؤها إليه وثناء يبهج الخواطر وروده عليه وتوضح لعلمه
آخر وجعل السعد المؤبد من مغانمه وأقامه لإبقاء الخير في معادنه وإثبات العز في معالمه
صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه تحية طاب نشرها العاطر وثناء أبهج ذكره الخاطر وتوضح لعلمه
آخر ولا زال بالملائكة منصورا وبمزيد النعم مسرورا وبكل لسان موصوفا مشكورا
صدرت هذه المكاتبة إلى الباب الكريم تهدي إليه سلاما يضوع نشره وثناء يفوح عطره وتوضح لعلمه

دعاء وصدر يصلح لنائب السلطنة بطرابلس
وهو من هذه النسبة وما يبعد منها
والدعاء مثل قولنا وأطاب أيامه التي ما رقت على مثلها أسحار وعدد في مناقبه العقول التي تحار وأخذ بنواصي الأعداء بيده لا تنأى بهم البراري المقفرة ولا تحصنهم البحار
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي بسلام وفرت منه أسهمه التي يدرأ بها العدا في نحرها وثناء مطرب ترقص به الخيل في أعنتها والسفن في بحرها

دعاء آخر وصدر
ولا زالت صفوفه تشد بنيان الحرب وسيوفه تعد للقتل وإن قيل للضرب وسجوفه تجر على بلد ما مثله في شرق ولا حصل على غير المسمى منه غرب
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما يزيد أفقه تزيينا وثناء يأتيه من فائق الدر بما يستهون معه بالمينا
دعاء وصدر يصلح لنائب السلطنة بحماة
وأتم بخدمه كل مبرة وبهممه كل مسرة وصان ما وليه أن يكون به غير النهر العاصي أو ينسب إليه سوى البلد المعروف معرة
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما تمسح أنديته بالحسائب وثناء يأتي به حما حماة وقرونها المنشورة بألويته معقودة الذوائب
دعاء آخر وصدر
وحمى حماه وزان موكبه بأحسن حماه وحسن كنائن سهامه التي لا يصلح لها غير بلده حماه
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما تحمله إليه الركائب السائرة وثناء تشرق منه الكواكب أضعاف ما تريه أفلاك الدواليب الدائرة وتوضح لعلمه
دعاء وصدر يصلح لنائب صفد
وشكر هممه التي وفت وعزائمه التي كفت وأعلى به بلدا مذ وليه قيل

صفد قد صفت
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما لا تزال شعائره تقام وثناء مذ هب على بلد قيل إن هواءها يشفي الأسقام وتوضح لعلمه
آخر ولا زالت مساعيه تسوق إليه الحظوظ البطية وتقدم له العلياء مثل المطية وتهنيه بما خص به من صفد وهي العطية صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما يحييه في محله وثناء يودع في معقله الذي لا تصل أعلى الشوامخ إلا إلى ما سفل من ظله وتوضح لعلمه

أدعية وصدور تصلح لكل من نواب طرابلس وحماة وصفد ومن في معناهم
دعاء وصدر من ذلك ولا برح منصور العزمات مسددا في الآراء والحركات مشيدا قواعد الممالك بما له من جميل التقدمات
صدرت هذه المكاتبة إلى الباب العالي تهدي إليه سلاما أرجا وثناء بهجا وتوضح لعلمه
آخر ولا زال سيفه ماضيا وجيده حاليا وضده خاسيا
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما وتسدد لرأيه الصائب سهاما وتوضح لعلمه
آخر ولا زالت آراؤه سعيدة وتأثيراته حميدة وسيوفه لرقاب العدا مبيدة
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه سلاما يتأرج وثناء نشره نشر الثوب المدبج وتوضح لعلمه
آخر ولا زالت آراؤه عالية وأجياده حالية ونعم الله عليه متوالية
صدرت

هذه المكاتبة إلى الجناب العالي تهدي إليه السلام التام والثناء الوافر الأقسام وتوضح لعلمه

أدعية وصدور تصلح لنائب الكرك ومن في معناه ممن رتبته المجلس العالي مع
الدعاء
دعاء من ذلك وأيد عزمه وأبد حزمه وفوق إلى نحر العدا سهمه
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاما وتسدد لرأيه الصائب سهاما وتوضح لعلمه
آخر ولا زال عاليا قدره نافذا أمره جاريا على الألسنة حمده وشكره
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاما وثناء بساما وتوضح لعلمه
المهيع الثاني في بيان مراتب المكتوب إليهم من أهل المملكة وما يستحقه كل
منهم من المكاتبات وهم ثلاثة أنواع
النوع الأول أرباب السيوف وهم على ثلاثة أقسام
القسم الأول من هو منهم بالديار المصرية وهم ستة أصناف
الصنف الأول نواب السلطنة الشريفة وهم أربعة نواب
النائب الكافل وهو نائب السلطنة الشريفة بالحضرة
وقد تقدم في

الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية أنه على نواب السطان رتبة
قال في التثقيف وقل أن يكاتب إلا إذا كان السلطان مسافرا في غزاة أو سرحة للصيد
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التعريف أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم على ما تقدم في الدرجة الثانية من الدرجات العشر
قال في التعريف وقد رأيت بعض الكتاب قد كتب في ألقابه بعد الأميري الآمري
قال والكاتب المذكور كاتب صالح في المعرفة وليس بحجة وكتابته الآمري ليست بشيء وإنما حمله عليها كثرة الملق
وقد نقل في التعريف عن هذا الكاتب أنه كتب في تعريفه نائب السلطنة وكافل الممالك الشريفة الإسلامية
قال وهو مقبول منه
ثم قال والذي أراه أن يجمع ذكر النيابة والكفالة في تقليده فيقال أن يقلد نيابة السلطنة المعظمة وكفالة الممالك الشريفة الإسلامية أو ما هذا معناه نحو وكفالة الممالك الشريفة مصرا وشاما وسائر البلاد الإسلامية أو الممالك الإسلامية ونحو ذلك
فأما في تعريف الكتب فقد جرت عادة نواب الشام أن تقتصر في كتبها إليه على كافل الممالك الإسلامية المحروسة
قال ولعمري في ذلك مقنع وإن في الاقتصار عليها ما هو أكثر فخامة
وعليه عمل أكثر الكتاب بديوان مصر أيضا ويؤيده أنهم مقتصرون فيما يكتب بإشارته على هذا التعريف فاعلم ذلك
ورسم المكاتبة إليه على ما استقر عليه الحال على ما ذكره في التثقيف أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم كما في الدرجة الأولى من الدرجات العشر والعلامة إليه أخوه
وتعريفه كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى
قال في التثقيف وإنما كتب له أعز الله تعالى أنصار المقر وزيدت ألقابه على ما كانت عليه لما كتب بذلك لنائب الشام في ولاية بيدمر الخوارزمي

وكافل المملكة يومئذ الأمير منجك فلزم أن يكتب له مثله لئلا يكون نائب الشام مميزا على كافل السلطنة على ما سيأتي في الكلام على مكاتبة نائب الشام
قال في التعريف أما نائب الغيبة وهو الذي يترك إذا غاب السلطان والنائب الكافل وليس إلا لإخماد النوائر وخلاص الحقوق فحكمه كحكمه في المكاتبة إليه
الثاني نائب ثغر الإسكندرية المحروس وهو ممن استحدثت نيابته في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين عند طروق العدو المخذول في سنة سبع وستين وسبعمائة من الفرنج المخذولين
ورسم المكاتبة إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي على ما تقدم ذكره إلا أنه لا يقال في ألقابه الكافلي والعلامة الشريفة له والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بثغر الإسكندرية المحروس
واعلم أن بالإسكندرية حاجبا يكاتب عن الأبواب السلطانية
قال في

التثقيف ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي إن كان طبلخاناه ويعلم مجلس الأمير إن كان عشرة والعلامة الشريفة له الاسم بكل حال
وتعريفه الحاجب بثغر الإسكندرية المحروس
الثالث نائب الوجه القبلي وقد تقدم أن مقر ولايته مدينة أسيوط وأن استحداث نيابته كان في الدولة الظاهرية برقوق في سنة ثمانين وسبعمائة
ورسم المكاتبة إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي على ما تقدم ذكره
ولا يقال فيه الكافلي أيضا والعلامة الشريفة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالوجه القبلي

الرابع نائب الوجه البحري وقد تقدم أن مقر ولايته مدينة دمنهور الوحش من أعمال البحيرة وأن نيابته استحدثت بعد نيابة نائب الوجه القبلي ولذلك لم يتعرض له في التثقيف
ورسم المكاتبة إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي كما في نائب الوجه القبلي
والعلامة الشريفة له أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالوجه البحري

الصنف الثاني الكشاف
وقد تقدم أنه كان قبل استقرار نيابتي الوجهين القبلي والبحري كاشفان بالوجهين المذكورين كاشف بالوجه القبلي وكاشف بالوجه البحري
فلما استقر النيابتان استقر بالفيوم والبهنساوية كاشف وبالشرقية وما قاربها كاشف وكل منهما أمير طبلخاناه
ورسم المكاتبة إلى كل منهما صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس

السامي والعلامة لكل منها الاسم الشريف وتعريف كاشف الفيوم الكاشف بالفيوم والبهنساوية وتعريف الآخر الكاشف بالوجه البحري

الصنف الثالث الولاة بالوجهين القبلي والبحري
وكل من ولاة الوجهين لا يخرج عن طبلخاناه أو عشرة وما في معناها كالعشرين ونحوها
فأما الوجه القبلي ففيه ستة ولاة منهم ثلاثة طبلخاناه وهم والي قوص وإخميم
ووالي الأشمونين
ووالي البهنسا
ومنهم ثلاثة عشرات وهم والي الجيزية وكان قبل ذلك طبلخاناه
ووالي إطفيح
ووالي منفلوط وكان قبل ذلك طبلخاناه وهو اليوم إمرة عشرين
وأما الوجه البحري ففيه سبعة ولاة منهم ثلاثة طبلخاناه
وهم والي الغربية
ووالي المنوفية
ووالي الشرقية
وكان بدمنهور وال طبلخاناه قبل استقرارها نيابة

ومنهم أربعة عشرات وهم والي قليوب
ووالي أشموم وهي الدقهلية والمرتاحية
ووالي دمياط
ووالي قطيا
ورسم المكاتبة إلى كل من ولاة الطبلخاناه منهم هذه المكاتبة إلى المجلس السامي وإلى كل من ولاة العشرات منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة لكل من الطبلخاناه والعشرات الاسم الشريف وتعريف كل منهم والي فلانة

الصنف الرابع من يتوجه من الأبواب السلطانية من الأمراء لبعض الأعمال
المتقدمة الذكر لكشف الجسور وعمارتها أو لتخضير البلاد أو لقبض الغلال
قال في التثقيف فمن كان منهم طبلخاناه فرسم المكاتبة إليه السامي بالياء
ومن كان منهم عشرة فرسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء
والعلامة للجميع الاسم الشريف
قال ولا تذكر الوظيفة التي توجه بسببها ولا الإقليم الذي هو به
الصنف الخامس باقي الأمراء بالديار المصرية
وقد رتبهم في التعريف على أربع مراتب
المرتبة الأولى مقدمو الألوف وقد ذكر أن لكبارهم أسوة كبار النواب بالممالك الشامية كالشام وحلب
ولأوسطهم أسوة أوسطهم كحماة

وطرابلس وصفد
ولأصغرهم أسوة أصغرهم كغزة وحمص
ثم قال فاعلم ذلك وقس عليه
ثم قال بعد ذلك والذي نقوله أن لكبار المقدمين بالأبواب السلطانية الجناب الكريم ثم الجناب العالي ثم المجلس العالي
وهذا على ما كان في زمانه أما على ما استقر عليه الحال آخرا فإنه يكون لكبارهم المقر الكريم كما يكتب للأتابك الآن ثم الجناب الكريم ثم الجناب العالي ثم المجلس العالي
المرتبة الثانية الطبلخانات
قد ذكر أن منهم من يكتب له المجلس العالي كمن يكون معينا للتقدمة وله عدة ثمانين فارسا أو سبعين فارسا أو نحو ذلك وكالمقربين من الخاصكية أو من له عراقة نسب كبقايا الملوك أو أرباب وظائف جليلة كحاجب كبير أو إستدار جليل أو مدبر دولة لم

يصرح له بالوزارة أودوادار متصرف
ثم قال وهؤلاء وإن كتب لهم بالمجلس العالي فإنه يكتب لهم بغير افتتاح بالدعاء والكتابة لهم بالعالي على سبيل العرض لا الاستحقاق وإلا فأجل رسم مكاتبة أمراء الطبلخاناه السامي بالياء ولجمهورهم السامي بغير ياء
المرتبة الثالثة العشرات
وذكر أن لكل منهم مجلس الأمير ثم قال فإن زيد قدر أحد لسبب ما كتب له المجلس السامي بغير الياء
المرتبة الرابعة مقدمو الجند
وقد ذكر أن لهم أسوة أمراء العشرات في المكاتبة
ثم قال وأما الجند فالأمير الأجل
وأما جند الأمراء فالطواشي
وكأنه يريد ما إذا كتب بسببهم مكاتبة أو كتب لأحد منهم توقيع وإلا فالجند لا يكاتب أحد منهم عن الأبواب السلطانية حتى ولا نواب القلاع بالشام كما سيأتي ذكره هناك إن شاء الله تعالى

الصنف السادس العربان بالديار المصرية وبرقة
وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في الكلام على أنساب العرب فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى
وقد ذكر في التعريف أن العرب بمصر في الوجهين القبلي والبحري جماعات كثيرة وشعوب وقبائل
ثم قال ولكنهم على كثرة أموالهم واتساع نطق جماعاتهم ليسوا عند السلطان في الذروة ولا السنام إذ كانوا أهل حاضرة وزرع ليس منهم من ينجد ولا يتهم ولا يعرق ولا يشئم ولا يخرجون عن حدود الجدران وعلى كل حال فالمندل الرطب في أرجائه خطب
ثم قد قسم منازلهم إلى الوجه القبلي والوجه البحري وذكر أن بكل من الوجهين من يكاتب عن الأبواب السلطانية
فأما عرب الوجه البحري فعلى ضربين
الضرب الأول عرب البحيرة
قال في التعريف وأمراؤهم عرب الديار المصرية
قال وهم أشبه

القوم بالتخلق بخلائق العرب في الحل والترحال يغربون إلى القيروان وقابس ويفدون على الحضرة السلطانية وفود أمثالهم من أمراء العرب
وذكر أن الإمرة فيهم في زمانه كانت في محمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم
وقال إن رسم المكاتبة إلى كل منهما هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير والعلامة السلطانية أخوه ولم يتعرض لتعريفهما والذي يظهر أن تعريف كل منهما اسمه
أما بعده فقد تغيرت تلك الأحوال وتناقصت رتبة عرب البحيرة وزالت الإمرة عنهم ولم يبق فيهم إلا مشاع عربان ذوو أموال جمة كان منهم في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين رحاب وموسى بن خضر وأولاد بدران الغريني ومن جرى مجراهم ثم صار اليوم بها بن رحاب وخضر بن موسى

الضرب الثاني عرب الشرقية
وقد ذكر في التعريف أنه كان في زمانه منهم نجم بن هجل شيخ عائد
وذكر أنه دون محمد بن أبي سليمان وفائد بن مقدم أميري عرب

البحيرة
ثم قال ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير
قلت ثم تغيرت الأحوال بعد ذلك وصارت رياسة عرب الشرقية متداولة في جماعة إلى أن كان منهم في الدلة الظاهرية برقوق محمد بن عيسى أمير وأولادهم وكانت الإمرة فيهم أولا في ثم قتل بسيف السلطان في الدولة الناصرية فرج بن برقوق واستقر مكانه
وأما عرب الوجه القبلي فقد ذكر في التعريف أنه كان منهم في زمانه نفران أحدهما ناصر الدين عمر بن فضل
وذكر أن رسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي أيضا
وثانيهما سمرة بن مالك
قال وهو ذو عدد جم وشوكة منكية يغزو الحبشة وأمم السودان ويأتي بالنهاب والسبايا وله أثر محمود وفعل مأثور
وفد على السلطان وأكرم مثواه وعقد له لواء وشرف بالتشريف وقلد ذلك وكتب إلى ولاة الوجه القبلي عن آخرهم وسائر العربان به بمساعدته ومعاضدته والركوب للغزو معه متى أراد
وكتب له منشور بما يفتح من البلاد وتقليد بإمرة العربان القبلية مما يلي قوص إلى حيث تصل غايته
ثم قال ورسم المكاتبة إليه السامي الأمير كمن تقدم
قلت ثم كان بعد ذلك عدد من أمراء العربان كان آخرهم أبو بكر بن الأحدب
ثم لما انتقلت هوارة إلى الوجه القبلي صارت الإمرة فيهم في

الصعيد الأدنى في بني غريب وأميرهم الآن وفي الصعيد الأعلى في بني عمر وأميرهم محمد بن عمر ورسم المكاتبة إلى كل منهما
وأما عرب برقة فقد ذكر في التعريف أنه لم يبق منهم في زمانه من يكاتب إلا جعفر بن عمر وأنه كان لا يزال بين طاعة وعصيان ومخاشنة وليان وأن أمراء عرب البحيرة كانت تغري به وتغير خاطر السلطان عليه وأن الجيوش كانت تمتد إليه وقل أن ظفرت منه بطائل أو رجعت بمغنم إن أصابته نوبة من الدهر
وكان آخر أمره أنه ركب طريق الواح حتى خرج من الفيوم وطرق باب السلطان لائذا بالعفو ولم يسبق به خبر ولم يعلم السلطان به حتى استأذن المستأذن عليه وهو في جملة الوقوف بالباب فأكرم أتم الكرامة وشرف بأجل التشاريف وأقام مدة في قرى الإحسان وإحسان القرى
وأهله لا يعلمون بما جرى ولا يعرفون أين يمم ولا أي جهة نحا حتى أتتهم وافدات البشائر
وقال له السلطان لأي شيء ما أعلمت أهلك بقصدك إلينا قال خفت أن يقولوا يفتك بك السلطان فأتثبط
فاستحسن قوله وأفاض عليه طوله ثم أعيد إلى

أهله فانقلب بنعمة من الله وفضل لم يمسسه سوء ولا رثى له صاحب ولا شمت به عدو

النوع الثاني ممن يكاتب عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية أرباب
الأقلام وهم على ضربين
الضرب الأول أرباب الدواوين من الوزراء ومن في معناهم
قال في التعريف ولم تزل مكاتبة أجلاء الوزراء بالمجلس العالي
ثم كتب لآخرهم بالديار المصرية الجناب العالي
وكتبت بالشام للصاحب عز الدين أبي يعلى حمزة بن القلاقسي رحمه الله لجلالة قدره وسابقة خدمه وعناية من كتب إليه بها
ثم قال والذي استقر عليه الحال للوزير بمصر الجناب
أما من يجري مجرى الوزراء ولا صريح له بها مثل ناظر الخاص وكاتب السر وناظر الجيش وناظر الدولة وكتاب الدست فالسامي بالياء ومن دون هؤلاء فبغير ياء ثم مجلس القاضي أو الصدر
قلت وكأنه يريد ألقاب هؤلاء في الجملة إما في مكاتبة تكتب بسبب أحد منهم وإما في توقيع ونحوه يكتب لأحدهم وإلا فمن ذكره من الأصاغر لا

يكاتب عن الأبواب السلطانية عادة
والذي صرح في التثقيف بذكر المكاتبة إليه من هذا الضرب نفران
الأول كاتب السر إذا تخلف عن الركاب السلطاني لعارض
وذكر أن رسم المكاتبة إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم ذكره والعلامة أخوه وتعريفه صاحب دواوين الإنشاء الشريف بالممالك الإسلامية المحروسة
الثاني ناظر الخاص الشريف
وذكر أن رسم المكاتبة إليه على ما استقر عليه الحال في أيام ابن نقولا أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم ذكره والعلامة الاسم وتعريفه ناظر الخواص الشريفة
قلت ولم يتعرض لمكاتبة الوزير إنما ذكر ألقابه في الألقاب العامة مما يكتب في الولايات وغيرها ولا يستغنى عن ذكر المكاتبة إليه وقد تقدم في كلام صاحب التعريف أن الذي استقر عليه الحال في المكاتبة إليه الجناب العالي ولم يعين صورة الدعاء له
والذي ذكره في التثقيف في ألقابه أن الدعاء له ضاعف الله تعالى نعمته وحينئذ فتكون المكاتبة إليه أن كتب إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي بالألقاب السابقة

الضرب الثاني أرباب الوظائف الدينية والعلماء
قد ذكر في التعريف أن كلا من قضاة القضاة بمصر يكتب له المجلس العالي والمحتسب بها يكتب له بالسامي بالياء ومن دونهم

من أرباب الوظائف الدينية وبقية العلماء وأكابرهم السامي بغير ياء ومن دونهم مجلس القاضي أو الشيخ بحسب ما يليق به
وكأنه يريد مطلق الألقاب كما تقدم في غيره وإلا فهؤلاء لا يكاتبون عن الأبواب السلطانية
ولم يذكر في التثقيف مكاتبة لأحد من أرباب الوظائف الدينية سوى قاضي القضاة تاج الدين الإخنائي المالكي وقد حج في سنة سبع وستين وسبعمائة في الدولة الناصرية حسن جوابا عما ورد منه وكتب له الدعاء والمجلس العالي
والعلامة الاسم
قال وأما قاضي القضاة عز الدين بن جماعة فإنه كان يحج ويجاور كثيرا ولكني لم أره كتب له قط وأنا شاك في أمره
قلت رأيت في إيقاظ المتغفل لابن المتوج أنه كتب إليه وهو

مجاور بمكة أعز الله تعالى أحكام المجلس العالي ولم يتعرض للعلامة والظاهر أن العلامة له أخوه ويكون التعريف قاضي القضاة الشافعية أو المالكية بالديار المصرية
النوع الثالث ممن يكاتب عن الأبواب السلطانية ممن بالديار المصرية الخوندات السلطانية من زوجات السلطان وأقاربه ممن تدعو الضرورة إلى مكاتبته لسفره أو لسفر السلطان
وقد ذكر في التثقيف منهن جماعة نذكرهن ليكن أنموذجا لمن يكون في معناهن
الأولى ابنة المقام الشريف الشهيد الناصري محمد بن قلاوون لما كانت بحلب مع زوجها أبي بكر بن أرغون كتب إليها ما صورته الذي يحيط به علم الحرمة الشريفة العالية المصونة الولدية عصمة الدين جلال النساء شرف الخواتين سليلة الملوك والسلاطين ضاعف الله تعالى جلالها والعلامة والدها وتعريفها الدار السيفية بحلب والأسطر متقاربة كالملطف
الثانية طغاي زوجة المقام الشريف الناصري المشار إليه المعروفة بأم أنوك كتب إليها لما توجهت إلى الحجاز الشريف ضاعف الله تعالى جلال

الجهة الشريفة العالية المعظمة المحجبة المصونة الكبرى خوند خاتون جلال النساء في العالمين سيدة الخواتين قرينة الملوك والسلاطين
ثم الدعاء والعلامة الاسم الشريف وتعريفها والدة المقر الكريم الولدي السيفي أنوك والأسطر على ما تقدم في المكاتبة السابقة
الثالثة أخت المقام الشريف الناصر حسن جهة الأمير طاز كتب لها لما كانت بالحجاز الشريف ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة العالية الكريمة المحجبة المصونة الكبرى الخاتون جلال النساء في العالمين جميلة المحجبات جليلة المصونات كريمة الملوك والسلاطين والعلامة أخوها
الرابعة الحاجة الست حدق
كتب لها وهي بالحجاز الشريف عن الناصر حسن ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة العالية الكبيرية المحجبية المصونية الحاجية الوالدية جلال النساء في العالمين بركة الدولة والدة الملوك والسلاطين
ثم الدعاء والعلامة الاسم الشريف وتعريفها الحاجة ست حدق
الخامسة والدة السلطان الملك الأشرف شعبان بن حسين
كتب إليها عند توجهها للحجاز الشريف ضاعف الله تعالى جلال الجهة الشريفة
ثم قال وقد كنت أنكرت ذلك لأنه كان يعظمها كثيرا ويقبل يديها غالبا فكان يمكن أن يكتب لها بتقبيل اليد
قلت وصورة المكاتبة على ما رأيته في بعض الدساتير ضاعف الله

تعالى جلال حجاب الجهة الشريفة العالية الكبرى المعظمة المحجبة العصمي الخاتوني جلال النساء في العالمين سيدة الخواتين جميلة المحجبات جليلة المصونات والدة الملوك والسلاطين ثم الدعاء وكانت الكتابة لها في ورق دمشقي في قطع الفرخة بالطول كاملة بقلم الثلث الخفيف أو التوقيع

القسم الثاني من يكاتب بالممالك الشامية وهم أربعة أنواع
النوع الأول أرباب السيوف من النواب الكفال وأتباعهم وهي ثمان نيابات
النيابة الأولى نيابة دمشق المعبر عنها في عرف الزمان بالمملكة الشامية
والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية ضربان
الضرب الأول من بمدينة دمشق وهم ثلاثة
الأول كافل السلطنة بها وهو من أكابر مقدمي الألوف
وكان رسم المكاتبة إليه على ما أورده المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم
قال في التثقيف ولم تزل المكاتبة إليه كذلك من بعد الدولة الشهيدية الناصرية محمد بن قلاوون إلى آخر سنة خمس وسبعين وسبعمائة واستقر الأمير بيدمر الخوارزمي نائب السلطنة بها في ولايته الثالثة في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين فاستقر رسم المكاتبة إليه أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم على الرسم المتقدم والعلامة الشريفة إليه أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالشام المحروس
قال في التثقيف أو كافل المملكة الشامية المحروسة ولا يقال في نعوته كافل السلطنة
الثاني نائب قلعة دمشق
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى

المجلس العالي على ما تقدم رسمه
والعلامة والده
قال في التثقيف ثم استقرت المكاتبة إليه السامي بالياء لأنه طبلخاناه والعلامة الشريفة له الاسم
وتعريفه نائب القلعة المنصورة بدمشق المحروسة
الثالث حاجب الحجاب بها
ورسم المكاتبة إليه
أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي على ما تقدم رسمه والعلامة الشريفة له والده وتعريفه أمير حاجب بالشام المحروس

الضرب الثاني من بأعمال دمشق من نواب المدن والقلاع وهم خمسة نواب
الأول نائب حمص قال في التثقيف كان يكتب إليه نظير نائب الكرك يعني أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي والعلامة الشريفة له والده لما كان من مقدمي الألوف بالشام ثم استقر من أمراء الطبلخاناه واستقرت مكاتبته صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي فيما أظن وقد

تقدم رسمها
والعلامة الشريفة له الاسم الشريف وتعريفه النائب بحمص المحروسة
الثاني نائب الرحبة
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنه كان من حقها أن تكون من مضافات حلب
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي على ما تقدم رسمه
والعلامة الشريفة له والده وتعريفه النائب بالرحبة
الثالث نائب بعلبك
قال في التثقيف إن كان من أمراء الطبلخاناه فمكاتبته صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة له الاسم الشريف
وإن كان من العشرات فالمكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير والعلامة له الاسم الشريف وتعريفه النائب ببعلبك المحروسة
الرابع نائب مصياف
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها كانت مضافة إلى طرابلس في جملة قلاع الدعوة ثم استقرت في مضافات الشام
ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة الشريفة له الاسم الشريف
الخامس نائب القدس الشريف
وهو ممن استحدثت نيابته في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين في سنة سبع وسبعين وسبعمائة وكانت قبل ذلك

ولاية وهو طبلخاناه وربما أضيف إليه نظر الحرمين حرم القدس وحرم الخليل عليه السلام
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي
والعلامة والده وتعريفه النائب بالقدس الشريف
قال في التثقيف وكان قد استقر بأماكن تذكر من البلاد الشامية نواب واستقرت مكاتبة كل منهم إن كان مقدما صدرت والعالي والعلامة والده
وإن كان طبلخاناه السامي بالياء والعلامة الاسم الشريف
وهي تدمر والسخنة والقريتان وسلمية
قال ثم بطل ذلك
ثم قال ومن النواب بالقلاع الشامية جماعة لم تجر لهم عادة بمكاتبة عن المواقف الشريفة ولا تصدر ولايتهم من الأبواب الشريفة بل نائب الشام مستقل بذلك
وهم نائب عجلون ونائب صرخد ونائب الصبيبة ونائب شقيف أرنون
قال وممن كتب إليه أيضا وليس بنائب ولا وال جمال الدين يوسف شاه الأتابك بمصياف في سنة أربع وسبعين وسبعمائة على يد نافع بن بدران
ورسم ما كتب به إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي وكتب في ألقابه الأتابكي وكتب تعريفه يوسف شاه الأتابك
قال والظاهر أن العلامة والده

النيابة الثانية نيابة حلب والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية أيضا على
ضربين
الضرب الأول من بمدينة حلب وهم ثلاثة
الأول النائب بها
وهو من أكابر مقدمي الألوف
ورسم المكاتبة إليه أعز الله تعالى نصرة الجناب الكريم على ما تقدم رسمه
والعلامة الشريفة له أخوه وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بحلب المحروسة
الثاني نائب القلعة بها
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي على ما تقدم رسمه
والعلامة له الاسم الشريف
وتعريفه نائب القلعة المنصورة بحلب المحروسة
الثالث حاجب الحجاب بها
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي
والعلامة والده وتعريفه أمير حاجب بحلب المحروسة
الضرب الثاني من بأعمال حلب من النواب وهم أحد وعشرون نائبا
الأول نائب البيرة
ورسم المكاتبة إليه المجلس العالي
والعلامة الشريفة والده وتعريفه النائب بالبيرة المحروسة

الثاني نائب قلعة المسلمين المعروفة بقلعة الروم
ورسم المكاتبة إليه والعلامة كذلك
وتعريفه النائب بقلعة المسلمين المحروسة
الثالث نائب ملطية ورسم المكاتبة إليه والعلامة الشريفة كذلك وتعريفه النائب بملطية المحروسة
الرابع نائب طرسوس
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي والعلامة والده وتعريفه النائب بطرسوس
الخامس نائب أذنة
ورسم المكاتبة إليه والعلامة له كذلك وتعريفه النائب بأذنة المحروسة

السادس نائب الأبلستين
ورسم المكاتبة إليه والعلامة الشريفة له كذلك وتعريفه النائب بالأبلستين المحروسة
السابع نائب بهسنى
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة له والده وتعريفه النائب ببهسنى المحروسة
قال في التثقيف ولم يعلم لأحد من أرباب السيوف قديما والده مع السامي بالياء غيره
الثامن نائب آياس
وهو المعبر عنه بنائب الفتوحات الجاهانية
قال في التثقيف إن كان مقدما فالمكاتبة إليه بنسبة مكاتبة نائب البيرة فيكون رسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي والعلامة والده
وإن كان طبلخاناه فيكون صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة

الاسم وتعريفه بكل حال النائب بآياس أو النائب بالفتوحات الجاهانية المحروسة
التاسع نائب جعبر
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف وهذه المكاتبة إلى المجلس السامي والعلامة الاسم وتعريفه النائب بقلعة جعبر المحروسة
العاشر نائب عينتاب
ورسم المكاتبة إليه على ما في التثقيف يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم وتعريفه النائب بعينتاب المحروسة
قال في التثقيف ورأيت بخط القاضي ناصر الدين بن النشائي أن مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء
ثم قال وما تقدم هو ما استقر عليه الحال آخرا
قال وقد يكون ذلك لأنه كان بها أمير طبلخاناه وتعريفه النائب بعينتاب
الحادي عشر نائب درندة
قال في التثقيف إن كان طبلخاناه فالسامي بغير ياء وإن كان عشرة فمجلس الأمير والعلامة الاسم بكل حال وتعريفه النائب بدرندة
الثاني عشر ناب القصير
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير والعلامة وتعريفه النائب بالقصير

الثالث عشر نائب الراوندان
ورسم المكاتبة إليه كمثل نائب القصير وتعريفه النائب بالراوندان
الرابع عشر نائب الرها
قال في التثقيف جرت العادة أن يكون نائبها طبلخاناه فتكون مكاتبته السامي بغير ياء والعلامة الاسم
ثم قال وقد استقر في الأيام المنصورية في سنة ثمان وسبعين وسبعمائة مقدم ألف فقد يكتب إليه نظير نائب البيرة وقلعة المسلمين يعني فتكون مكاتبته صدرت والعالي
والعلامة والده وتعريفه بكل حال النائب بالرها
الخامس عشر نائب شيزر وقد ذكر في التثقيف أن مكاتبته هذه المكاتبة إلى المجلس السامي فتكون العلامة الاسم وتعريفه النائب بشيزر
السادس عشر نائب كركر
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف يعلم مجلس الأمير فتكون العلامة الاسم وتعريفه النائب بكركر
السابع عشر نائب الكختا
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب بالكختا

الثامن عشر نائب بغراس
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب ببغراس
التاسع عشر نائب الشغر وبكاس
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب بالشغر وبكاس
العشرون نائب الدربساك
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب بالدربساك
الحادي والعشرون نائب إسفندكار
ذكر في التثقيف أن رسم المكاتبة إليه كذلك
ثم قال في التثقيف لكني رأيت بخط القاضي ناصر الدين ابن النشائي أن مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء يعني هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
قال وما يبعد أنه كان إذ ذاك طبلخاناه
والمستقر عليه الحال ما تقدم
قلت وقد ذكر في التثقيف ست قلاع استجدت مكاتبة نوابها بعد ذلك ولم يذكر رسم المكاتبة إليه وهم نائب حجر شغلان ونائب كومي ونائب قلعة كولاك ونائب قلعة باري كروك استجدت مكاتبته في سنة ستين وسبعمائة ونائب قلعة كاورا استجدت مكاتبته في سنة تسع وستين وسبعمائة ونائب كرزال استجدت مكاتبته في سنة سبع وسبعين وسبعمائة
ولم يذكر رسم

المكاتبة إليهم
والذي يظهر أن رسم المكاتبة إلى كل منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم والتعريف النائب بفلانة
وحينئذ فيكون المكاتبون من نواب أعمال حلب سبعة وعشرين نائبا

النيابة الثالثة نيابة طرابلس والمكاتبون بها عن الأبواب السلطانية أيضا
على ضربين
الضرب الأول من بمدينة طرابلس وهم اثنان
الأول نائب السلطنة بها ورسم المكاتبة إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي على الرسم المتقدم
والعلامة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة
الثاني الحاجب بطرابلس
ورسم المكاتبة إليه صدرت والعالي
والعلامة والده وتعريفه أمير حاجب بطرابلس المحروسة
وليس بطرابلس قلعة فيكتب إلى نائبها

الضرب الثاني من بأعمال طرابلس من النواب وهم صنفان
الصنف الأول نواب قلاع نفس طرابلس وهم سبعة نواب
الأول نائب اللاذقية
ورسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء
والعلامة الاسم وتعريفه النائب باللاذقية
الثاني نائب صهيون
ورسم المكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير
والعلامة الاسم وتعريفه النائب بصهيون
الثالث نائب حصن الأكراد
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب بحصن الأكراد
الرابع نائب بلاطنس
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب ببلاطنس
الخامس نائب المرقب
ورسم المكاتبة إليه كذلك

السادس نائب حصن عكار
ورسم المكاتبة إليه كذلك وتعريفه النائب بحصن عكار

الصنف الثاني نواب قلاع الدعوة المضافة إلى طرابلس
وهي قلاع الإسماعيلة الذين يسمون أنفسهم بأصحاب الدعوة الهادية
وكانت سبع قلاع فأضيفت مصياف منها إلى دمشق على ما تقدم في الكلام على المسالك والممالك وبقي من مضافات طرابلس ست قلاع وهي الكهف والمينقة والعليقة والقدموس والخوابي والرصافة
ومكاتبة كل منهم يعلم مجلس الأمير والعلامة الاسم
وتعريف كل منهم النائب بفلانة
النيابة الرابعة نيابة حماة
والمكاتبون بها ضرب واحد بمدينة حماة خاصة وهما اثنان
الأول نائب السلطنة بها
وقد تقدم في أول هذا الطرف أنها كانت بيد بقايا بني أيوب يطلق عليهم فيها لفظ السلطنة يتولونها من ملوك مصر إلى أن كان آخرهم الأفضل محمد بن المؤيد عماد الدين إسماعيل في الدولة الناصرية محمد ابن قلاوون ثم صارت نيابة بعد ذلك يتداولها النواب نائبا بعد نائب
ورسم المكاتبة إلى نائبها ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي والعلامة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بحماة المحروسة
الثاني الحاجب بها
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
والعلامة الاسم وتعريفه الحاجب بحماة المحروسة

قال في التثقيف ولم يكن بها قلعة فيكتب إلى نائبها
قلت وليس بأعمالها نواب فيكتب إليها إنما بها ولاة يكاتبون عن نوابها

النيابة الخامسة نيابة صفد
والمكاتبون بها ضرب واحد أيضا وهم من بالمدينة خاصة وهم ثلاثة
الأول نائب السلطنة بها
ورسم المكاتبة إليه ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي
والعلامة والده
وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بصفد المحروسة
الثاني الحاجب بها
ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاجب بصفد المحروسة
الثالث نائب القلعة بها
ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
والعلامة الاسم
وتعريفه نائب القلعة المنصورة بصفد المحروسة
قلت ولم يكن بأعمالها نواب فيكاتبون عن الأبواب السلطانية بل بها ولاة يكاتبون عن نائبها خاصة كما تقدم في حماة
النيابة السادسة نيابة غزة
والمكاتبون بها أيضا ضرب واحد وهم من بالمدينة خاصة وهما اثنان

الأول النائب بها
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنه إن اجتمع له البلاد الساحلية والجبلة عبر عنه بنائب السلطنة وإن قصر أمره على البلاد الساحلية فقط عبر عنه بمقدم العسكر وكان تحت أمر نائب دمشق
وبكل حال فإن رسم المكاتبة إليه أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي والعلامة والده
ثم إن أضيف له الجهتان قيل في تعريفه مقدم العسكر المنصور بغزة
الثاني الحاجب بها
ورسم المكاتبة إليه يعلم مجلس الأمير
والعلامة الاسم وتعريفه الحاجب بغزة المحروسة
قلت وليس بعملها نواب بل ولاة يكاتبون عن نائبها أو مقدم العسكر بها
إلا أنه قد استحدث في أواخر الدولة الظاهرية برقوق مكاتبة كاشف الرملة واستقرت مكاتبته صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
والعلامة الاسم وتعريفه الكاشف بالرملة

النيابة السابعة نيابة الكرك
والمكاتبون بها من بالمدينة خاصة وهما اثنان
الأول نائب السلطنة بها
ورسم المكاتبة إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي
والعلامة والده وتعريفه نائب السلطنة الشريفة بالكرك
الثاني والي القلعة بها
ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي
والعلامة الاسم وتعريفه والي القلعة المنصورة بالكرك المحروس

قلت ولم يكن بها حاجب يكاتب ولا بأعمالها نواب بل ولاة يكاتبون عن النائب بها خاصة

النيابة الثامنة نيابة سيس
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها مما استجد فتحه في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين
وقد ذكر في التثقيف أن مكاتبة النائب بها كانت ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي كنائب طرابلس ومن في معناه
ثم قال وقد صح لي بعد هذا أنه استقرت مكاتبته نظير غزة
وهي أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي
والعلامة حينئذ والده وتعريفه مقدم العسكر المنصور بغزة وما ذكره آخرا هو المستقر عليه الحال إلى آخر وقت
قال في التثقيف ولم أطلع على مكاتبة الحاجب بها
ثم قال وما يبعد أن يكون مجلس الأمير لأنه فيما أظن أمير عشرة
قال وإن كان طبلخاناه فالاسم والسامي بغير ياء إن كتب إليه
ولم يكن بها نائب قلعة كما ذكره في الكلام على نواب القلاع
قلت وهنا أمران أشار إليهما في التثقيف ينبغي التنبه لهما
أحدهما أن القاعدة فيمن عدا أكابر النواب كنواب القلاع والحجاب ونحوهم أن المكتوب إليه إن كان مقدما فوالده وصدرت والعالي
وإن كان طبلخاناه فالاسم والسامي بغير ياء
وإن كان عشرة فالاسم ومجلس الأمير
وحينئذ فلا يتوقف مع المكاتبات السابقة بل ينظر من هو

مستقر في ذلك الوقت ويكتب إليه بما تقتضيه رتبته
فإنه تارة تكون عادة تلك النيابة طبلخاناه ثم تستقر عشرة وبالعكس وتارة تكون طبلخاناه يستقر فيها مقدم ألف وبالعكس
والعبرة في ذلك بحال من هو مستقر حال الكتابة خلا ما هو مستقر من قديم الزمان لا يتغير مثل مكاتبة نائب بهسنى ونحوه
وثانيهما أن نائب السلطنة بدمشق ونائب السلطنة بحلب ونائب السلطنة بطرابلس ونائب السلطنة بحماة ونائب السلطنة بصفد ونائب السلطنة أو مقدم العسكر بغزة ونائب السلطنة بالكرك ونائب السلطنة بالقدس الشريف يكتب إليهم في جليل كل أمر وحقيره من المهمات السلطانية وخلاص الحقوق وغيرها
أما من عداهم من نواب القلاع والنواب الصغار الذين بأعمال هذه الممالك والحجاب فإنه لا يكتب إليهم في المهمات والأمور السلطانية إما في مثال شريف مفرد لأحدهم أو في مطلق شريف عام لجميعهم أو لبعضهم وكذلك

في البشرى بوفاء النيل فإنه يكتب إلى كل واحد منهم مثال بمفرده خلا الحجاب فإنه لا يكتب إليهم بذلك

النوع الثاني ممن يكاتب بالممالك الشامية أرباب الأقلام وهم صنفان
الصنف الأول أرباب الوظائف الديوانية
والذي يكاتب منهم بالبلاد الشامية الوزير بدمشق أو ناظر النظار القائم مقامه حيث لم يصرح له بالوزارة
أما الوزير بدمشق فقد ذكر في التعريف أنه كتب للصاحب عز الدين أبي يعلى حمزة بن القلاقسي الجناب لجلالة قدره وسابقة خدمه وعناية من كتب إليه بذلك وأن الذي استقر عليه الحال للوزير بالشام المجلس العالي بالدعاء
كما كتب للصاحب أمين الدين أمين الملك في وزارته في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون ضاعف الله تعالى نعمة المجلس العالي القاضي الوزيري الأجلي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الأوحدي القوامي النظامي المدبري الملجدي الأثيري المشيري الفلاني صلاح الإسلام والمسلمين سيد الوزراء في العالمين رئيس الأمراء كبير الرؤساء بقية الأصحاب ملاذ الكتاب عماد الملة خالصة الدولة مشير الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
والدعاء ثم صدرت
والعلامة أخوه
وتعريفه مدبر الممالك الشريفة بالشام المحروس
قال ولم يكتب لأحد بذلك بعده ولا قبله
ثم قال واستقر في الدولة الناصرية حسن الصاحب فخر الدين بن قروينة وزيرا بالشام أيضا على قاعدة

جده لأمه أمين الدين المذكور
ولم أعلم ما كوتب به هل كما كتب لجده المذكور أو دونه
وأما ناظر النظار فقد ذكر في التثقيف أن المكاتبة إليه حرس الله تعالى مجد المجلس العالي القضائي الكبيري العالمي الفاضلي الكاملي الأوحدي الرئيسي الأثيري القوامي النظامي المنفذي المتصرفي العلامي مجد الإسلام والمسلمين سيد الرؤساء في العالمين أوحد الفضلاء جلال الكبراء حجة الكتاب صفوة الملوك والسلاطين خالصة أمير المؤمنين
والدعاء ثم صدرت
والعلامة الاسم وتعريفه ناظر النظار بالشام المحروس
قال في التثقيف وهذا هو الذي استقر عليه الحال إلى آخر وقت

الصنف الثاني القضاة والعلماء
قد ذكر في التعريف أن المكاتبة لقاضي القضاة الشافعي بالشام بالمجلس العالي ولم يذكر صورتها
قال في التثقيف والذي كوتب به الشيخ تقي الدين السبكي رحمه الله وهو قاضي القضاة بالشام أعز الله تعالى أحكام المجلس العالي القاضوي الكبيري العالمي العاملي الأفضلي الأكملي الأوحدي البليغي الفريدي المفيدي النجيدي القدوي الحجي المحققي الإمامي الأصيلي الموفقي الحاكمي الفلاني جمال الإسلام والمسلمين شرف العلماء العاملين أوحد الفضلاء المفيدين قدوة

البلغاء حجة الأمة عمدة المحدثين فخر المدرسين مفتي المسلمين جلال الحكام حكم الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين
والدعاء ثم صدرت هذه المكاتبة
والعلامة أخوه
وتعريفه قاضي القضاة بالشام المحروس
ثم ذكر فيما بعد أنه كان يكتب في نعوته صدر الشام معز السنة مؤيد الملة قال في التثقيف وكانت مكاتبته شمس الشريعة رئيس الأصحاب لسان المتكلمين ولم يعين مكانها
قال وكتب بذلك إلى ولده قاضي القضاة تاج الدين السبكي وهو قاضي القضاة بالشام غير مرة
ثم زيد في ألقاب أخيه الشيخ بهاء الدين عند استقراره في القضاء بالشام مكانه بعد القاضوي الشيخي وبعد المحققي الورعي الخاشعي الناسكي الإمامي العلامي الأصيلي العريقي
وزيد في تعريفه بعد جلال الحكام بركة الدولة

النوع الثالث ممن يكاتب بالبلاد الشامية العربان
قد تقدم في الكلام على أنساب العرب في المقالة الأولى فيما يحتاج إليه الكاتب أن عرب الشام عدة بطون من عدة قبائل
وقد قال في التعريف إنهم جل القوم وعين الناس لا عناية للملوك إلا بهم ولا مبالاة بغيرهم
ونحن نذكر هنا ما يتعلق بالمكاتبات إلى أمرائهم ومشايخهم خاصة
البطن الأول آل فضل من آل ربيعة
وقد تقدم أنهم من طيء من كهلان من العاربة
قال في التعريف

وآل فضل منهم هم الذين في نحر العدو ولهم العديد الأكثر والمال الأوفر
قال وقد صاروا الآن أهل بيتين بيت مهنا بن عيسى وبيت فضل بن عيسى
قال وهم في جوار الفرات
ولذلك يضاعف إكرامهم وتوفر لهم الإقطاعات وتسنى
والإمرة الآن منهم في بيت مهنا بن عيسى
وهو المعبر عنه بأمير آل فضل
وقد ذكر في التثقيف أنه كان في زمانه قارا بن مهنا ثم كان في الدولة الظاهرية برقوق محمد نعير بن حيار بن مهنا بن عيسى بن مهنا بن ماتع بن حديثة ابن عقبة بن فضل بن ربيعة ثم استقر بعده في الدولة الناصرية فرج ابنه العجل وهو المستقر إلى الآن
قال في التعريف ورسم المكتبة إلى الأمير منهم أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري بألقاب جليلة معظمة مفخمة
وذكر في التثقيف أن رسم المكاتبة إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري الأصيلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف أمراء العربان في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة عماد العرب ظهير الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
ثم الدعاء وصدرت هذه المكاتبة
والعلامة أخوه
وتعريفه فلان بن فلان

قال في التعريف أما من هو نظيره أو مدانيه وعدته الإمرة فرسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي ومن دونه السامي الأميري
قال ولكل هؤلاء العلامة الشريفة أخوه ولمن دون هؤلاء السامي الأمير والعلامة الشريفة الاسم الشريف
وقد ذكر في التثقيف أسماء جماعة من أكابر بيت مهنا بن عيسى وبيت فضل بن عيسى وذكر لكل منهم رسم مكاتبة
فأما بيت مهنا المذكور فهم خمسة
الأول منهم عساف بن مهنا
ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير الأجل الكبير الغازي المجاهد المؤيد الأوحد الأصيل فلان الدين مجد الإسلام بهاء الأنام فخر القبائل زين العشائر عماد الملوك والسلاطين والدعاء ثم صدرت والعلامة والده وتعريفه اسمه
الثاني عنقاء بن مهنا أخو عساف
مثله في المكاتبة على السواء
الثالث زامل بن موسى بن مهنا صدرت والسامي
والعلامة والده وتعريفه اسمه
الرابع محمد بن حيار بن مهنا وهو نعير مثل عميه عساف وعنقاء
الخامس علي بن سليمان بن مهنا
ذكر أنه كان يكاتب بالسامي بالياء
والعلامة الاسم
وذكر أن أخاه عوادا لم يعلم أنه كوتب عن الأبواب السلطانية
وأما بيت فضل فذكر منهم معيقل بن فضل وقال إن رسم المكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة والده
ثم قال ولم يكاتب الآن من بني فضل غيره فإن إخويه سيفا وأبا بكر كانا يكاتبان عن الأبواب الشريفة ثم توفيا إلى رحمة الله تعالى ولم يبق من أكابر بني فضل غيره هو وأولاد أخويه لكنهم لم يكاتبوا

بشيء
فإن اتفق أن يكاتب أحد من أولاد أخويه المذكورين أو من أولاد مهنا مثل أولاد فياض وبقية أولاد حيار ورميثة بن عمر بن موسى ونحوهم فأعلاهم الاسم والسامي بغير ياء وأدناهم الاسم ومجلس الأمير

البطن الثاني آل مرا
قد تقدم في الكلام على أنساب العرب فيما يحتاج إليه الكاتب في المقالة الأولى أن مرا وفضلا أخوان
قال في التعريف ومنازلهم بلاد حوران
وقد ذكر في التثقيف أن الإمرة في زمانه كانت مقسومة نصفين بين عنقاء بن شطى ابن عمرو بن نونة وعمه فضل بن عمرو بن نونة
ثم قال ومكاتبة كل منهما صدرت والسامي
والعلامة والده وتعريفه فلان بن فلان
البطن الثالث آل علي
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أنهم من آل فضل
قال في التعريف وإنما نزلوا غوطة دمشق حيث صارت الإمرة إلى عيسى بن مهنا وبقي عيسى جار الفرات في تلابيب التتار
قال في التعريف ورسم المكاتبة إلى أميرهم صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري
والعلامة الشريفة أخوه
وقد ذكر في التثقيف أن أميرهم في زمانه كان عيسى بن رملة

ابن جماز
وقال إن رسم المكاتبة إليه كما ذكر في التعريف وهي صدرت والسامي لكنه ذكر أن العلامة والده وتعريفه فلان بن فلان

البطن الرابع بنو مهدي
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أن منازلهم البلقاء من مضافات دمشق
قال في التعريف والإمرة فيهم في أربعة رسم المكاتبة إلى كل منهم مجلس الأمير
وذكر في التثقيف أنها كانت في زمانه باسم ببرو بن ذؤيب بن سعيد ابن محفوظ القيسي وسعيد بن نجري بن حسن العقيسي وزامل بن عبيد بن محفوظ العقيسي ومحمد بن عباس بن قاسم بن محمد بن راشد العسري
وأن مكاتبة كل منهم مجلس الأمير كما تقدم في التعريف
ثم قال ومن كان معه نصف الإمرة منهم كانت مكاتبته الاسم والسامي بغير ياء وتعريف كل منهم فلان بن فلان
البطن الخامس بنو عقبة
وقد تقدم في الكلام على الأنساب أن مرجعهم إلى جذام وأن منازلهم الكرك والشوبك
قال في التعريف ورسم المكاتبة إلى أميرهم مثل أمير آل مرا
وكذلك رسم المكاتبة إلى أقاربه كرسم المكاتبة إلى أقارب أمير آل مرا أيضا فتكون مكاتبة أميرهم صدرت والسامي
ومكاتبة أعيان أقاربه السامي

الأمير ولمن دونهم مجلس الأمير
وقد ذكر في التثقيف أن إمرتهم في زمانه كانت باسم خاطر بن أحمد بن شطى بن عبيد
وذكر أن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء وتعريفه فلان بن فلان ولم يتعرض لأقربائه

البطن السادس جرم
وقد تقدم في الأنساب أن مرجعهم إلى طيىء وأن منازلهم ببلاد غزة
وقد ذكر في التعريف أن إمرتهم في زمانه كانت باسم فضل بن حجي
وذكر أن رسم المكاتبة إليه مجلس الأمير
والذي ذكره في التثقيف أن لهم مقدما لا أميرا وأنه كان في زمانه علي بن فضل
وذكر أن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وهذا عجب فإنه إذا كان أميرا ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير فكيف يكون رسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء وهو مقدم والإمارة فوق التقدمة بلا ريب
قال في التعريف وأما بقية عرب الشام نحو زبيد المرج وزبيد حوران وخالد حمص والمشارقة وغزية إذا أطاعوا وزبيد الأحلاف فأجل كبرائهم وأشياخهم من يكتب له مجلس الأمير
وذكر في التثقيف نحوه ثم قال هذا إن انفرد أحد منهم بالمكاتبة وإلا فالعادة أن يكتب لكل طائفة من هؤلاء مطلق شريف
ثم قال على أنه لم تجر العادة بمكاتبة أحد من هؤلاء القبائل لا على الانفراد ولا على الاجتماع
وهذا كلام متناقض حيث يقول إن

العادة أن يكتب لكل طائفة منهم مطلق شريف ثم يقول إن العادة لم تجر بمكاتبة أحد منهم لا على الانفراد ولا على الاجتماع
قلت وقد تقدم الكلام على أنساب جميع هذه البطون وأماكنها مستوفى في الكلام على الأنساب في المقالة الأولى
ووقع بسط الكلام على ذلك وغيره في كتابنا المسمى نهاية الأرب في معرفة قبائل العرب

النوع الثالث ممن يكاتب بالممالك الشامية التركمان
قد تقدم ذكر نسب التركمان في الكلام على أنساب الأمم في المقالة الأولى
وقد ذكر في التثقيف أن التركمان بهذه المملكة طوائف كثيرة وجماعة كبيرة
ثم قال وغالبهم لا يكتب إليه إذا ضمهم مطلق شريف
فإن كتب إلى أحد من أعيانهم كتب إليه الاسم والسامي بغير ياء إن كان طبلخاناه وإن كان عشرة أو عشرين كتب إليه الاسم ومجلس الأمير لا غير ثم أخلى بياضا متسعا ولم يصرح باسم أحد منهم
ثم ذكر في الكلام على تركمان البلاد الشرقية عدة طوائف عد منهم الأوسرية وقال هم تركمان حلب والورسق
وقال وهم تركمان طرسوس ولم يتعرض لمواضع غيرهم
وسيأتي كلامه مستوفى عند الكلام على تركمان البلاد الشرقية إن شاء الله تعالى
النوع الرابع ممن يكاتب بالممالك الشامية الأكراد
وقد تقدم ذكر نسبهم في الكلام على أنساب الأمم في المقالة الأولى
وقد ذكر في التثقيف أن بهذه المملكة منهم طوائف كثيرة كالتركمان وأن غالبهم

لا يكتب إليه إلا إذا ضمهم مطلق شريف وأنه إن كتب لأحد من أعيانهم كتب له الاسم والسامي بغير ياء إن كان طبلخاناه
وإن كان أمير عشرة أو عشرين كتب إليه الاسم ومجلس الأمير كما تقدم في التركمان من غير فرق

القسم الثالث من يكاتب بالبلاد الحجازية والمعتبر في المكاتبين منهم
ثلاثة
الأول أمير مكة المعظمة
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك ذكر أمرائها من ابتداء الإمرة وهلم جرا إلى زماننا والقائم بها الآن حسن بن أحمد بن عجلان
ورسم المكاتبة إليه على ماذكره في التعريف أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العضدي النصيري الذخري الغوثي المفيدي الأوحدي الظهيري الزعيمي الكافلي الشريفي الحسيبي النسيبي الأصيلي الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين جلال العترة الطاهرة كوكب الأسرة الزاهرة فرع الشجرة الزكية طراز العصابة العلوية ظهير الملوك والسلاطين نسيب أمير المؤمنين ثم الدعاء المعطوف
وبعده صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي بالسلام والثناء وتوضح لعلمه الكريم كذا وكذا
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التثقيف أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الكبيري الشريفي الحسيبي النسيبي العالمي المجاهدي المفيدي الأوحدي النصيري العوني الهمامي المقدمي الظهيري الأصيلي العريقي الفلاني عز الإسلام والمسلمين شرف الأمراء الأشراف في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين كهف الملة عون الأمة فخر

السلالة الزاهرة زين العترة الطاهرة بهاء العصابة العلوية جمال الطائفة الهاشمية ظهير الملوك والسلاطين نسيب أمير المؤمنين ثم الدعاء وصدرت
وهذا دعاء وصدر يليق به ذكره في التعريف ولا زال حرمه أمينا ومكانه مكينا وشرفه يبيض له بمجاورة الحجر الأسود عند الله وجها ويضيء جبينا
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تحمل إليه سلاما تميل به الركائب وثناء تثني على مسكه الحقائب وشوقا أوسق قلبه لمن نسكه مع الحبائب وتوضح لعلمه الكريم
صدر آخر ومتعه بجوار بيته الكريم وزاد بجميل مساعيه شرف نسبه الصميم وآنسه بقرب الحجر الأسود والركن والحطيم
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي تهدي إليه سلاما وثناء تطيب به الصبا قبل أن تحمل شيحا أو خزامى وتوضح لعلمه الكريم
صدر آخر وأراه مناسكه وآنس بالتقوى مسالكه وأشهد على عمله الصالح بطحاءه وما ينزله من الملائكة
صدرت هذه المكاتبة بتحياتها المباركة وأثنيتها التي لا تزال إليه بها أفئدة من الناس سالكة وتوضح لعلمه الكريم

الثاني أمير المدينة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام
وقد تقدم في الكلام على أمرائها في المسالك والممالك من المقالة الثالثة أن إمارتها مستقرة في بني الحسين وأنها الآن في بني جماز بن شيحة وأن جدهم كان فقيها بالعراق فقدم على السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله فولاه المدينة فاستقرت فيها قدمه ثم قدم بنيه وأن القائم بها الآن ثابت بن جماز بن هبة بن جماز بن منصور بن جماز بن شيحة بن نعير
ورسم المكاتبة إليه كرسم المكاتبة إلى أمير مكة على الاختلاف السابق في النقل عن التعريف والتثقيف
فقد ذكر كل منهما رسم المكاتبة إلى أمير مكة
ثم قال ورسم المكاتبة إلى أمير المدينة كذلك
وهذا صدر مكاتبة يليق به وهو ولا زال في جوار الله ورسوله ومهبط الوحي ونزوله ومكان يردد فيه من أبويه الطاهرين بين حيدره وبتوله
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي بسلام يحدو ركابها وثناء يزين في قبا قبابها وشوق إلى رؤيته في الروضة التي طالما استسقى فيها برسول الله توضح لعلمه الكريم كذا وكذا
صدر آخر وزاده من الله ورسوله قربا وأكد له بحماية حرمه حبا وأبهجه كلما رأى جده رسول الله جاور آلا وجالس صحبا
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي مطربة بالسلام مطنبة في ثنائه المفصل النظام وتوضح لعلمه الكريم
الثالث النائب بالينبع

وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها في بني حسن أيضا
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير
والعلامة الاسم وتعريفه النائب بالينبع
أما سائر العربان بالحجاز فقد ذكر في التثقيف أن لبني حسن القوام بمكة مجالس الأمراء
والعلامة الاسم
ومن عدا بني حسن فقد ذكر في التعريف أنهم على ضربين
الضرب الأول أهل الدربين المصري والشامي
قال وليس فيهم من هو في عير ولا نفير ولا يحل في ذروة ولا غارب وأجل من فيهم إذا كتب له مجلس الأمير كان كمن سور وطوق لا بل طيلس وتوج
الضرب الثاني شيوخ لام وخالد والمنيفق وعائذ الحجاز
قال

وهؤلاء من كان منهم المشار إليه كتب إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري والعلامة أخوه
ثم من يليهم بالسامي بغير ياء
ثم الأعيان من بقيتهم مجلس الأمير

المسلك الثاني
في معرفة ترتيب المكاتبات المقدمة الذكر وكيفية أوضاعها وفيه مأخذان
المأخذ الأول في ترتيب متون المكاتبات ولا يكون إلا ابتداء
أما الجواب فإنه لا يتأتى فيها
ثم هي على ضربين
الضرب الأول ما يكتب في خلاص الحقوق
وهو ما يكتب فيه لنواب الإسكندرية ونائبي الوجهين القبلي والبحري من الديار المصرية وولايتهما ونواب الشام وحلب وطرابلس وحماة وصفد والكرك ومقدم العسكر بغزة من الممالك الشامية على ما تقدم ذكره في الكلام على مكاتبة أهل المملكة
والرسم في ذلك إذا كانت المكاتبة إلى نائب الشام مثلا بسبب قضية تتعلق بالأمير الدوادار أن يكتب أعز الله تعالى المقر الكريم إلى آخر الألقاب والصدر ثم يكتب وتبدي لعلمه الكريم أن الجناب العالي ويذكر ألقابه إلى آخرها ضاعف الله تعالى نعمته عرفنا كذا وكذا
ويذكر ما في قصته برمته
ثم يكتب ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بكذا وكذا ويأتي بما رسم له به إلى آخره ثم يقول فيحيط علمه بذلك ويكمل على ما تقدم
وإن كان المكتوب بسببه أمير عشرة مثلا كتب بدل عرفنا ذكر
وإن كان من آحاد الناس كتب بدل ذلك إن فلانا أنهى ويكمل على ما تقدم
وهذه نسخة مكاتبة إلى نائب الشام بسبب خلاص حق أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي

العادلي المؤيدي العوني المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الزعيمي الظهيري العابدي الناسكي الأتابكي الكفيلي الفلاني معز الإسلام والمسلمين سيد أمراء العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين ملجإ الفقراء والمساكين أتابك العساكر زعيم الموحدين ممهد الدول مشيد الممالك عون الأمة كهف الملة عماد الدولة ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين ولا زال عاليا قدره نافذا أمره جاريا على الألسنة حمده وشكره
أصدرناها إلى المقر العالي تهدي إليه من السلام أتمه ومن الثناء أعمه وتبدي لعلمه الكريم أن الجناب العالي الأمير الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الغوثي الغياثي المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري الزعيمي المقدمي الفلاني ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين فلان رأس نوبة الظاهري ضاعف الله تعالى نعمته عرفنا أن له دعوى شرعية على أقوام بدمشق المحروسة وهم فلان وفلان
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بحملهم صحبة فلان قاصد المشار إليه إلى الأبواب الشريفة محتفظا بهم قولا واحدا وأمرا جازما ليصل كل ذي حق إلى حقه فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
آخر وتبدي لعلمه الكريم أن المجلس السامي الأميري الكبيري العضدي الذخري الأوحدي الفلاني عمدة الملوك والسلاطين فلان أدام الله سعادته ذكر لنا أن الصدقات الشريفة شملته بخلاص حقه من فلان
وقد وكل

في ذلك المجلس السامي القضائي الأجلي فلان الدين
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بطلب الغريم المذكور وخلاص الحق منه بتمامه وكماله
وإن امتنع عن ذلك يحمل للأبواب الشريفة مع الوصية بوكيله في ذلك فيحيط علمه بذلك
آخر وتبدي لعلمه الكريم أن الأمير الأجل الكبير فلان الدين فلان الفلاني أنهى أن بيده إقطاعا بالحلقة الشامية وأن الوزير بالشام المحروس في كل وقت يتعرض إلى إقطاعه ويأخذ الموجب المقرر له بغير طريق
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بطلب المباشرين والارتجاع عليهم بما التمسوه من إقطاعه على ما يشهد به الديوان المعمور بتمامه وكماله ويستقر هذا المثال الشريف بيده بعد العمل به فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
آخر وتبدي لعلمه الكريم أن فلانا الفلاني أنهى أن شخصا يسمى فلانا تزوج بأخته وهو مقيم بالشام المحروس وتوفيت أخته إلى رحمة الله تعالى ووضع الزوج المذكور يده على جميع مالها
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بخلاص ا لحق على حكم الشرع الشريف مع الوصية به فيحيط علمه بذلك
آخر وتبدي لعلمه الكريم أن قصة رفعت إلى أبوابنا الشريفة باسم

تجار الفرنج أنهوا فيها أنهم يبيعون ويبتاعون البضائع ويقومون بما عليهم من الموجب السلطاني
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره بخلاص حقوقهم ممن تتعين في جهته على حكم الحق وكف أسباب الضرر عنهم ومنع من يتعرض إليهم بغير حق ولا مستند شرعي والوصية بهم ورعايتهم وملاحظتهم فيحيط علمه بذلك

الضرب الثاني ما يكتب من متعلقات البريد في الأمور السلطانية وهي صنفان
الصنف الأول ما يكتب به ابتداء
ويختلف الحال فيه باختلاف مقتضيه فإن كان مقتضيه بروز أمر السلطان بفعل شيء أو تركه أو الحركة في شيء كتب إن المراسيم الشريفة اقتضت كذا وكذا
أو إن مراسيمنا الشريفة اقتضت كذا
أو إن المرسوم الشريف اقتضى كذا
أو إن مرسومنا الشريف اقتضى كذا فإن كان ذلك الأمر مما يحتاج إلى إدارة الرأي فيه كتب إن الرأي الشريف اقتضى كذا
أو إن آراءنا الشريفة اقتضت كذا وما يجري هذا المجرى
وإن كان مقتضيه بلوغ خبر من حركة عدو أو اطلاع على أمر خفي كتب إنه اتصل بالمسامع الشريفة كذا وكذا
أو إنه اتصل بمسامعنا الشريفة كذا وكذا
وإن كان بسبب طلب مال أو جباية خراج ونحو ذلك كتب إن لديوان خاصنا الشريف في الجهة الفلانية كذا
أو إن لنا في الجهة الفلانية كذا ونحو ذلك مما ينخرط في هذا السلك ثم يكتب ومرسومنا للمقر الكريم أو للجناب الكريم أو الجناب

العالي على حسب المكاتبة أن يتقدم أمره بكذا وكذا على ما تبرز به المراسيم السلطانية
وهذه مكاتبات من ذلك إلى نائب الشام ينسج على منوالها
مكاتبة باستقرار نائب في نيابة بعض القلاع وتبدي لعلمه الكريم أن المراسيم الشريفة اقتضت استقرار الأمير فلان الدين في النيابة الشريفة وجهزنا مرسومه الشريفين على يد المتوجة بهذا المثال الشريف الأمير الأجل فلان الدين فلان أعزه الله تعالى
فيتقدم المقر الكريم بتجهيزه إلى جهة قصده بما على يده من ذلك وإذا عاد يعيده إلى الأبواب الشريفة مكرما مرعيا على عوائد همته العلية فيحيط علمه بذلك
مكاتبة بنقل نائب سلطنة من نيابة إلى نيابة وتبدي لعلمه الكريم أن مرسومنا الشريف اقتضى نقل الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الغوثي الغياثي المقدمي الكافلي الفلاني ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين فلان الظاهري أعز الله نصرته من نيابة السلطنة الشريفة بطرابلس إلى نيابة السلطنة الشريفة بحلب المحروسة
والجناب العالي الأميري الكبيري الفلاني ظهير الملوك والسلاطين فلان الظاهري من نيابة السلطنة بصفد المحروسة إلى نيابة السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة
والجناب العالي الفلاني الظاهري من تقدمة العسكر المنصور بغزة المحروسة إلى نيابة السلطنة الشريفة بصفد المحروسة
وكتبنا لهم تقاليد شريفة بذلك وجهزنا إليهم تشاريفهم وهي واصلة عقيبها على يد متسفريهم وجهزنا الأمير الأجل الأعز فلان الدين مؤتمن الملوك

والسلاطين فلان الخاصكي الظاهري أعزه الله تعالى للبشارة للمشار إليهم بذلك ليأخذوا حظهم من هذه البشرى وتضاعف أدعيتهم بدوام أيامنا الشريفة وآثرنا إعلام المقر الكريم بذلك ليكون على خاطره والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
مكاتبة بحمل شخص للأبواب السلطانية وتبدي لعلمه الكريم أن مرسومنا الشريف اقتضى تقدم المقر الكريم حال وقوفه عليها وقبل وضعها من يده بطلب فلان الفلاني وفلان الفلاني وتجهيزهما إلى الأبواب الشريفة في أسرع وقت وأقربه من غير فترة ولا توان
ونحن نؤكد عليه غاية التأكيد في سرعة تجهيزهما إلى الأبواب الشريفة صحبة الأمير الأجل فلان الدين فلان إلى الأبواب الشريفة محتفظا بهما محترزا عليهما ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي باعتماد ما اقتضاه مرسومنا الشريف والاهتمام بذلك والاحتفال به فيحيط علمه بذلك والله تعالى يؤيده بمنه وكرمه
مكاتبة باستقرار بعض الأمراء بالقدس الشريف بطالا وتبدي لعلمه الكريم أن مرسومنا الشريف اقتضى استقرار الأمير فلان أحسن الله تعالى عاقبته بالقدس الشريف مقيما بها وشملته الصدقات الشريفة أن فلانة وفلانة باسمه بمقتضى مرسوم شريف مجهز صحبة متسفره الأمير الأجل الكبير الأوحد فلان الدين فلان البريدي بالأبواب الشريفة أعزه الله تعالى المتوجه بهذا

المثال الشريف
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بإثبات المرسوم الشريف المذكور بديوان الجيوش المنصورة بالشام المحروس على العادة وتجهيز البريدي المذكور إلى حدود الديار المصرية مكرما مرعيا على العادة فيحيط علمه الكريم بذلك
مكاتبة ببيع غلة للديوان السلطاني وتبدي لعلمه الكريم أن آراءنا الشريفة اقتضت تجهيز كذا وكذا إردبا من القمح من ديواننا المفرد صحبة فلان
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بطلب فلان الحاجب بالشام المحروس ليتولى بيع ذلك بسعر الله تعالى بما فيه الغبطة والمصلحة وتجهيز الثمن إلى الأبواب الشريفة برسالة دالة على ذلك في أسرع وقت وأقربه مع مضاعفة الوصية بذلك والاحتفال به فيحيط علمه بذلك
مكاتبة وتبدي لعلمه الكريم أن آراءنا الشريفة اقتضت توجه الأمير الأجل الكبير الأوحد فلان الدين فلان إستادار الأمير المرحوم فلان كان بسبب استخراج الأموال وبيع الغلال والأصناف الديوانية المتحصلة من القرى المستأجرة المرتجعة للورثة عن المشار إليه بمقتضى التذكرة المسطرة على يده
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره بمساعدة المذكور وتقوية يده على ما تضمنته فصول التذكرة ومراعاة أحواله وإزالة ضروراته وخلاص الحق منه ممن يتعين في جهته ويشمله بنظره الكريم فيما تعلق بفصول التذكرة
فإن تعلقات الورثة المذكورين تحت نظرنا الشريف
فيبادر المقر الشريف إلى ذلك وسرعة عوده بعد قضاء شغله وتجهيز المتحدث والمباشرين للأبواب الشريفة وصحبتهم حسابهم عند نهاية فصول التذكرة المذكورة
ويقيم عنهم من يعوضهم

إلى حين عودهم من الأبواب الشريفة على ما هو المعهود من همته الكريمة واحتفاله فيحيط علمه الكريم بذلك
مكاتبة بسبب طلب عصي الجواكين والكرابيج والأكر وتبدي لعلمه الكريم أن المرسوم الشريف اقتضى تجهيز عصي الجواكين والكرابيج والأكر إلى السلاح خاناه من الشام المحروس على العادة في كل سنة سريعا وآثرنا علمه الكريم بذلك
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي باعتماد ما اقتضاه مرسومنا الشريف من ذلك كله على جاري العادة في كل سنة والاهتمام بذلك والاحتفال به بحث لا يتأخر ذلك غير مسافة الطريق فإن الانتظار واقع لذلك وفي همته الكريمة ما يغني عن بسط القول في ذلك فيحيط علمه الكريم بذلك
مكاتبة بسبب استقرار قاض بدمشق عوض من كان بها وتبدي لعلمه الكريم أن الصدقات الشريفة شملت المجلس العالي القضائي الكبيري العالمي العلامي الإمامي الفلاني الفريدي المفيدي المجيدي الأصيلي العريقي الأثيلي الأثيري الأوحدي الخطيبي الشيخي الحاكمي الفلاني جلال الإسلام والمسلمين شرف العلماء العاملين إمام البلغاء خطيب الخطباء شيخ مشايخ العارفين ملاذ المريدين مفتي الفرق موضح الطرق لسان المتكلمين مفيد الطالبين حكم الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين فلان الفلاني الشافعي
أعز الله تعالى أحكامه بتفويض قضاء قضاة الشافعية بالشام المحروس إليه عوضا عمن به بحكم عزله مضافا إلى خطابة الجامع الأموي ومشيخة الشيوخ بالشام المحروس
وكتبا توقيعا شريفا له بذلك وجهزناه إليه قرين تشريف شريف على يد فلان المتوجه بهذا المثال الشريف
وآثرنا علمه الكريم بذلك ليكون ذلك على خاطره الكريم
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره الكريم بتقرير القاضي فلان الدين فلان الفلاني فيما

شملته به الصدقات الشريفة من ذلك كله وتقوية يده في مباشرة ذلك والشد منه وتأييد أحكامه الشرعية وتنفيذ كلمته ورعاية جانبه وإكرامه واحترامه على عادة هممه الكريمة وتقدماته السعيدة فيحيط علمه بذلك
مكاتبة بسبب حمل الثلج إلى الأبواب السلطانية وتبدي لعلمه الكريم أن المرسوم الشريف اقتضى تجهيز نقلات الثلج إلى الشراب خاناه الشريفة على العادة
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بسرعة تجهيز النقلة الأولى بحيث لا تتأخر أكثر من مسافة الطريق على ما هو المعهود من همته العالية وتقدماته السعيدة
وقد جهزنا هذا المثال الشريف على يد الأمير الأجل فلان الدين فلان الفلاني أعزه الله تعالى فيحيط علمه الكريم بذلك
مكاتبة بتمكين شخص من الحضور للأبواب السلطانية
وتبدي لعلمه الكريم أن فلانا كان قصد الاجتماع بأهله وأقاربه بالقاهرة المحروسة
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بتمكينه من الحضور إلى القاهرة المحروسة على خيله ليجتمع بأهله وأقاربه
وقد جهزنا بهذا المثال الشريف فلانا البريدي بالأبواب الشريفة فيحيط علمه الكريم بذلك

مكاتبة بمنع العربان من الدخول إلى البلاد قبل فراغ الزرع
وتبدي لعلمه الكريم أن المراسيم الشريفة اقتضت أنه لا يدخل أحد من العربان إلى البلاد الشامية المحروسة كبيرهم وصغيرهم جليلهم وحقيرهم إلى أن يشال الزرع على العادة
ومتى والعياذ بالله حصل منهم مخالفة لذلك حل بهم من الانتقام الشريف ما لا مزيد عليه
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي باعتماد ما اقتضته المراسيم الشريفة من ذلك مع الاهتمام به والاحتفال والاجتهاد فيه قولا واحدا وأمرا جازما على عادة همته العالية وتقدماته المرضية فيحيط علمه بذلك
مكاتبة بحفظ السواحل وتبدي لعلمه الكريم أن مرسومنا الشريف اقتضى الاجتهاد في حفظ السواحل والمواني والاهتمام بأمرها وإقامة الأيزاك والأبدال في أوقاتها على العادة وإلزام أربابها بمواظبتها وكذلك المنورون

بالديدبانات والمناظر والمناور في الأماكن المعروفة وتعهد أحوالها بحيث تقوم أحوالها على أحسن العوائد وأكملها ولا يقع على أحد درك بسببها
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي باعتماد ما اقتضاه مرسومنا الشريف من ذلك مع مضاعفة الاحتفال بذلك والمبادرة إليه حسب ما اقتضته المراسيم الشريفة
وقد جهزنا بهذا المثال الشريف مجلس الأمير الأجل فلان الدين فلان البريدي المقدم بالأبواب الشريفة فيتقدم أمر المقر العالي بتجهيزه إلى جهة قصده بما على يده وإعادته عند عوده إلى الأبواب الشريفة على ما هو المعهود من همته فيحيط علمه الكريم بذلك
مكاتبة باستعمال قماش
وتبدي لعلمه الكريم أن آراءنا الشريفة اقتضت استعمال القماش الجاري به العادة برسم الركابخاناه والإصطبلات الشريفة على ما استقر عليه الحال إلى آخر السنة الخالية والتي قبلها
وقد كتبت تذكرة شريفة من ديوان استيفاء الصحبة الشريفة مفصلة بذلك وجهزناها قرين هذه المفاوضة لتقرأ على مسامعه الكريمة
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بتأملها وبروز أمره بطلب وزير المملكة الشريفة وناظر المهمات الشريفة واستعمال القماش الذي تضمنته التذكرة الشريفة والاهتمام بذلك والاحتفال بسرعته
وقد اكتفينا بهمة المقر الكريم عن تجهيز أميراخورية وأوجاقية من

إصطبلاتنا الشريفة لاستعمال ذلك لأن المهمات الشريفة تحت نظره الكريم فيصرف همته العالية إلى الإسراع في ذلك والاحتفال به والاهتمام
وفي اهتمامه وتنفيذه لمراسمنا الشريفة ما يغني عن التأكيد في ذلك فيحيط علمه بذلك
مكاتبة بجواز
وتبدي لعلمه الكريم أن مرسومنا الشريف اقتضى تجهيز فلان البريدي بالأبواب الشريفة أعزه الله تعالى إلى جهة فلان بما على يده وما صحبته
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بإزاحة أعذاره وتجهيزه إلى المشار إليه في أسرع وقت وأقربه
وإذا عاد يتقدم بتجهيزه إلى خدمة الأبواب الشريفة على العادة في ذلك على عادة همته العلية وشيمته المرضية فيحيط علمه بذلك
مكاتبة وتبدي لعلمه الشريف أن مرسومنا الشريف اقتضى أن لا يمكن أحد من نقل سلاح ولا عدة حرب إلى جهة البلاد الرومية
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بأن لا يمكن أحد من نقل سلاح ولا عدة إلى جهة البلاد المذكورة والاحتراز على ذلك كل الاحتراز فيحيط علمه بذلك
مكاتبة وتبدي لعلمه الكريم أنه اتصل بالمسامع الشريفة أن غالب البلاد بالصفقة الفلانية محمية متجاهية على الكشاف والرعايا ويؤوون المفسدين
وأن يد الكشاف لا تصل إلى هذه البلاد ولا إلى النصفة ممن بها من المفسدين

وحصل بذلك الضرر للبلاد والعباد
واقتضى الرأي الشريف الكشف عن هذه البلاد وسائر الأعمال والمناداة في البلاد بإبطال الحماية والرعاية والمساواة بين العباد في سائر البلاد بالعدل والإنصاف وكف أكف الظلم والعدوان
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره الكريم بالمناداة في سائر البلاد بإبطال الحماية والرعاءة والمساواة بين الخاص والعام وتطهير الأرض من المفسدين وأن لا يحمى أحد ببلد من البلاد
ومن تظاهر بحماية أو إيواء مفسد ببلد من البلاد حل ماله وروحه
والتأكيد على أهل البلاد في ذلك والتشديد والفحص عمن يتجاهر بذلك وردعه ونشر العدل والإنصاف بتلك الأقطار والاهتمام في ذلك كله على عادة هممه الكريمة وتقدماته السعيدة فيحيط علمه الكريم بذلك والله تعالى يؤيده بالملائك
مكاتبة وتبدي لعلمه الكريم أنه اتصل بمسامعنا الشريفة أن فلانا تعرض للجهة الفلانية الجارية في ديوان خاصنا الشريف وأخذ منها مبلغ كذا وكذا
ومرسومنا للمقر الكريم أن يتقدم أمره العالي بطلب الغريم المذكور وتجهيزه إلى الأبواب الشريفة وإلزامه بما استأداه من ذلك محترزا عليه مع مضاعفة الوصية بمباشري الجهة المذكورة والإحسان إليهم فيحيط علمه بذلك

الصنف الثاني ما يكتب في الجواب عما يرد من النواب وغيرهم
والرسم فيه أن يكتب بعد التصدير إن مكاتبته الكريمة أو مكاتبته على قدر رتبته من ذلك وردت على يد فلان فوقفنا عليها وعلمنا ما تضمنته على الصورة التي شرحها ثم يذكر ما يناسب الجواب في ذلك من شكر الاهتمام أو غيره
ثم إن اشتملت على مقصد واحد أجاب عنه
وهذه مكاتبة ينسج على منوالها وهي وتبدي لعلمه الكريم أن مكاتبته

الكريمة وردت على يد فلان فوقفنا عليها وعلمنا ما أصدرته من تجهيزه إلى خدمة أبوابنا الشريفة بما على يده من كتاب مخدومه
وقد وصل وأحاطت علومنا الشريفة بما تضمنه وأعدناه الآن بجوابه وبهذا الجواب الشريف
فحيط علمه الكريم بذلك
وإن اشتملت المكاتبة المجاب عنها على عدة فصول أتى على فصولها فصلا فصلا
وربما قال فأما ما أشار إليه من كذا إذا كان علي الرتبة كنائب الشام ونحوه فقد علمناه وصار على خاطرنا الشريف أو فقد رسمنا به أو فلم نرسم به
ونحو ذلك على ما يقع به الجواب السلطاني في الملخص المكتوب عن مكاتبة المكتوب إليه بالجواب
وهذه مكاتبة من هذا النمط ينسج على منوالها وهي وتبدي لعلمه الكريم أن مكاتبته الكريمة وردت على يد مملوكه الأمير الأجل فلان الدين فلان أعزه الله تعالى فوقفنا عليها وعلمنا ما تضمنته على الصورة التي شرحها وشكرنا همته العالية وتقدماته السعيدة ورأيه السعيد واعتماده الحميد
فأما ما أشار إليه من وصوله ومن صحبته ونائبي السلطنة الشريفة بطرابلس وصفد المحروستين إلى ملطية المحروسة في التاريخ الفلاني وتلقي نائبي السلطنة الشريفة بحلب وحماة المحروستين المقر الكريم ومن معه على ظاهر المدينة المذكورة واستمرار إقامتهم جميعا بالمنزلة المذكورة إلى تسطير مكاتبته المشار إليها في انتظار من رسم له بالحضور إليهم من عساكر القلاع المنصورة وغيرهم من أمراء التركمان والأكراد ومن معهم من أتباعهم وألزامهم حسب ما اقتضته المراسيم الشريفة في المهم الشريف وما كتب به إلى نائب طرابلس وإلى قرا يوسف النائب بالرها المحروسة من الحضور إلى المهم الشريف وإجابتهما إلى ذلك وكذلك ما كتب به إلى الحاكم بسيواس وإلى أحمد بن طرغلي وما أجابا به من الحضور إلى المهم الشريف والملتقى في المكان الذي عينه حاكم

سيواس إلى غير ذلك مما بسط القول فيه فقد علمناه على الصورة التي شرحها وتضاعف شكرنا لهمته العلية وتقدماته السعيدة
وأما ما أشار إليه من اعتماده ما برزت به المراسيم الشريفة في الجواز الشريف الوارد إليه على يد مجلس الأمير الأجل فلان الدين فلان والمطلق الشريف المجهز على يده وامتثال ما تحمله من المشافهة الشريفة وتقدمه بجميع نواب السلطنة الشريفة المكتوب إليهم وعقد المشورة معهم على اعتماد ما اقتضته المراسيم الشريفة وتعيين جاليش العساكر المنصورة ونائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة ومن معه من الأمراء المقدمين وأتباعهم من دمشق وحلب المحروستين ونائب السلطنة الشريفة بحماة المحروسة ومن معه من العساكر المنصورة وسيرهم في التاريخ الفلاني وسيره في أثرهم بمن بقي معه من العساكر المنصورة الشامية الحلبية وأن سيرهم على جهة بلد كذا على الصورة التي شرحها لما قصده من ذلك من المصلحة فقد علمنا ذلك على الصورة التي شرحها وشكرنا همته العالية وحسن فكرته الصحيحة
وأما ما أشار إليه من أن نائب ملطية جهز الكتاب الوارد عليه من ابن تمرلنك على يد قاصد من جهة تلمان باللسان الأعجمي وأنه عربه وفهم مضمونه وجهزه ليحيط العلوم الشريفة بمضمونه وهي على الخواطر الشريفة فيكون ذلك على الخاطر الكريم وشكرنا همته العلية
وأما ما أشار إليه من ورود كتاب تلمان عليه وهديته على يد قاصده وأنه لم يقبل هديته وأعاد جوابه فإنه إن كان مناصحا في الخدمة الشريفة وهو صادق

في كلامه فيحضر إلى المهم الشريف وما شرح في هذا المعنى فقد علمناه على الصورة التي شرحها وشكرنا جميل اعتماده وسعيد رأيه
وكذلك أحاطت العلوم الشريفة بما ذكره في أمر حاكم عرمركبر وما شرحه في ذلك فقد علمناه على الصورة التي شرحها
وأما ما أشار إليه من أمر ملطية المحروسة وأنها تحتاج إلى الفكر الشريف والنظر في أحوالها وترتيب مصالحها وإقامة عسكر لرجال يحمونها من طوارق الأعداء المخذولين إلى غير ذلك مما شرحه في هذا المعنى فقد علمناه على الصورة التي شرحها وبقي ذلك على خواطرنا الشريفة
وعقيبها إن شاء الله تعالى تبرز المراسيم الشريفة بما فيه المصلحة للبلد المذكور على أكمل ما يكون
وقد استصوبوا رأي المقر الكريم في هذا الفكر الحسن فإنه أمر ضروري
وقد شكرنا للمقر الكريم جميل اعتماده وحسن رأيه وبذل همته واجتهاده في هذا المهم الشريف
والقصد منه الاستمرار على ما هو فيه من بذل الاجتهاد في المهمات الشريفة بقلبه وقالبه والعمل على بياض وجهه عند الله تعالى من الذب عن عباده وبلاده وبذل المال والروح في رضا الله تعالى ورسوله ذلك واستقرار خواطرنا الشريفة بذلك
فإن المقر الكريم يعلم ما نحن مثابرون عليه ومنقادون إليه من محبة رضا الله تعالى في النصيحة بصلاح العباد وعمارة البلاد وتسطير ذلك في صحائف حسنات الدهر بين يدي الله تعالى
والمقر الكريم يعلم أن جل اعتمادنا عليه في أكابر دولتنا الشريفة
ونحن واثقون برأيه السديد في حركاته وسكناته في المهمات الشريفة والأشغال السلطانية
ولأجل ذلك قربناه ورضينا به لنا وعلينا وكلما بلغنا عنه اعتماد حسن تتضاعف منزلته عندنا
والآن فإن نواب السلطنة الشريفة وأمراء دولتنا كبيرهم وصغيرهم تحت أمره

ومشهورته وما بقي مثل هذه الأيام المباركة والأوقات السعيدة ولم يبق سوى انتهاز الفرص واغتنام أوقات السعادة وهو الحاضر والنائب عنا في كل ما يحصل من المصالح العائد نفعها على البلاد والعباد
والمبادرة إلى عملها من غير معاودة الآراء الشريفة في كل قضية تتفق له فإن المسافة بيننا وبينه بعيدة وتضيع المصلحة في وصول الخطاب وعود الجواب
وقد فوضنا إليه الرأي في ذلك والعمل بما تقتضيه المصلحة الحاضرة في جليل الأمور ودقيقها فيكون ذلك على خاطره الكريم ويعمل بمقتضاه
وقد أعدنا مملوكه بهذا الجواب فيحيط علمه بذلك
وهذه نسخة مكاتبة في معنى الرضا عن ابن دلغادر التركماني وغير ذلك وتبدي لعلمه الكريم أن مكاتبته الكريمة وردت على يد فلان الدين فلان مملوكه فوقفنا عليها وعلمنا ما تضمنته
فأما ما ذكره في معنى ابن دلغادر وتكرار كتبه بالتصريح والترامي عليه في سؤال الصدقات الشريفة في الرضا والعفو عنه فقد علمنا ذلك والذي نعرف به المقر الكريم أنا كنا رسمنا بأن لا يكتب له جواب ورد كتابه وقاصده ولما تكرر استشفاعه بالمقر الكريم ودخل دخول الحريم وعرفنا أنه ضاقت عليه الأرض برحبها وأخلص في الندم عطفت عليه الصدقات الشريفة بالحنو والعفو كرامة

للمقر الكريم وإعلاء لشأنه ورفعا لمكانته ومكانه
ورسمنا للمقر الكريم أن يكاتب المذكور بهذا المعنى ويلتزم على نفسه العفو الشريف والصفح المنيف وإيصال أنواع الخير وفوق ما في خاطره من الأمان على نفسه وماله وغير ذلك
والذي نعرفه أنه كان جرى على اللسان الشريف الحلف أنه لا بد من حضوره إلى الأبواب الشريفة ودوس البساط الشريف ولا بد من تحقيق ذلك لحصول البر والخلاص من الحلف الشريف وقيام الناموس عند القريب والبعيد ليعلموا أن سلطاننا غالب على من تمرد ومراحمنا شاملة لمن يلتجيء إلى حرم عفونا الشريف وأنه قريب منه
وأما ما ذكره في معنى كشف الصفقة الفلانية ووقوع الاختيار على فلان الدين فلان وما عرضه على الآراء الشريفة من تقريره في ذلك وبروز المراسيم الشريفة بكتابة مرسومه وتقرير غيره فقد علمنا ذلك ورسمنا بتقريره وكتبنا مرسومه الشريف وجهزناه على يد فلان العائد بهذا الجواب الشريف
وأما ما ذكره من جهة الزاوية المستجدة بشقحب وتجهيز قائمة متضمنة بما تدعو الضرورة إليه من تقرير السماط وأرباب الوظائف وما عرضه على الآراء الشريفة من كتابة مرسوم شريف مربع على حكمها أو بما تقتضيه الآراء الشريفة من زيادة أو نقص فقد علمنا ذلك ورسمنا به حسب ما اقتضته الآراء الشريفة من استقرار فلان الدين فلان في الولاية في الثغر المذكور فقد علمنا ذلك ورسمنا به وكتبنا مرسومه الشريف وجهزناه على يد العائد بهذا الجواب

الشريف
فالمقر الكريم يوصيه بحسن السيرة وترك ما كان عليه
وأما ما ذكره من جهة خفارة الجهة الفلانية وما عرضه على الآراء الشريفة من إمضاء القائمة المجهزة بأسماء من قرره في الخفر المذكور فقد علمنا ذلك ورسمنا بإمضائه حسب ما قصده المقر الكريم
وأما ما ذكره من جهة فلان المعتقل بقلعة دمشق ووقوف أولاده وعياله وشكواهم حالهم بعد كشف ما نقل عنه وعدم صحته وما عرضه على الآراء الشريفة من الإفراج عنه فقد علمنا ذلك ورسمنا به فيتقدم أمر المقر الكريم بالإفراج عنه
وأما ما ذكره في معنى ما ورد به كتاب النائب بالرحبة المحروسة من الأخبار والمتجددات فقد علمنا وصار على خواطرنا الشريفة
وأما ما ذكره من وصول قاصدي حاكم الدربند وحاكم القنيطرة بما على أيديهما وتجهيز ما ورد معهما من الكتب واستئذان الآراء الشريفة على ما نعتمده في أمرهما وفيمن يحضر بعدهما فقد علمنا ذلك وكتبنا الجواب عن ذلك وجهزناه قرين هذا الجواب الشريف فيتقدم بإعادتهما إلى مرسلهما
وكذلك يفعل في كل من حضر من تلك النواحي إلا في مهم شريف على عوائد هممه
وقد أعدنا مملوكه إليه بهذا الجواب الشريف فيحيط علم المقر الكريم بذلك

مكاتبة أخرى من هذا النمط في معنى أمور مختلفة
وتبدي لعلمه الكريم أن مكاتبته الكريمة وردت على يد المجلس السامي الأميري فلان
فوقفنا عليها وعلمنا ما تضمنته على الصورة التي شرحها
فأما ما أشار إليه من وصوله إلى دمشق المحروسة عائدا من الأغوار السعيدة وأنه وجدها وسائر أعمالها وضواحيها والسواحل والمواني في حرز الأمن والسلامة فقد علمنا ذلك وحمدنا الله تعالى وشكرناه على ذلك
وأما ما أشار إليه من أنه جهز من متحصل دار الضرب السعيدة بدمشق المحروسة كذا وكذا مثقالا بمقتضى رسالة وما قصد من إعادة رجعة شريفة بذلك فقد علمناه ووصل المبلغ المذكور وكتب به رجعة شريفة على العادة في مثل ذلك وجهزت على يد فلان المشار إليه فيكون ذلك على خاطره الكريم
وأما ما ذكره من أمر النحاس وقلته من عدم وصول شيء منه وأنه لم يوجد منه بعد الجهد سوى سوى مبلغ عشرين قنطارا عند الفرنج وأمر الفلوس العتق وبقائها وكثرة الفلوس الجدد وقلة وجود الدرهم والدينار وتوقف المعايش بسبب ذلك وما عرضه على الآراء الشريفة إن اقتضت الآراء الشريفة إبطال دار

الضرب نحو شهرين إلى أن يحضر نحاس يستعمل وتخف الفلوس ويستصرف ما في أيدي الناس فقد علمنا ذلك وأجبنا سؤاله فيه
ومرسومنا أن يعمل فيه بما تكون به المصلحة عامة للرعية وتبطيل دار الضرب مدة يراها المقر الكريم
وأما ما أشار إليه من أمر الأمير فلان وما قصده من حسن النظر الشريف في حاله وما شرحه من ذلك فقد علمناه على الصورة التي شرحها وصار ذلك على الخواطر الشريفة
وأما ما أشار إليه من أمر فلان وما اتفق من الكشف عليه حسب ما اقتضته المراسيم الشريفة وما ادعى عليه من كذا وكذا وما كتب عليه من المحاضر وتجهيزها إلى الأبواب الشريفة وتجهيز المشار إليه إلى الأبواب الشريفة صحبة البريدي المجهز في طلبه في أثناء ذلك فقد علمنا ذلك على الصورة التي شرحها وأحاطت العلوم الشريفة به جملة وتفصيلا وبما اشتملت عليه المحاضر المذكورة وبقي ذلك على الخواطر الشريفة واقتضت الآراء الشريفة إعادته ومن معه للخلاص من شكاته عند المقر الكريم وقد أعدناهم صحبة من يحضر بهم إلى المقر الكريم ليكشف عليه وتنظم المحاضر وتجهز
وأما ما أشار إليه من تجهيز وتعريف الحسبة بالأسعار عن البر الفلاني على العادة في ذلك إلى الأبواب الشريفة فقد علمنا ذلك ووصل ما جهزه من ذلك وأحاطت العلوم الشريفة بما اشتمل عليه وشكرنا همة المقر الكريم وسعيد تقدماته وجميل اعتماداته
وقد أعدنا الأمير فلانا بالجواب الشريف فيحيط علمه بذلك
قلت وعلى ذلك يقاس ما يكتب به إلى سائر النواب بالشام والديار المصرية

فمن دونهم ممن جرت العادة بمكاتبته من الأبواب السلطانية في الابتداء والجواب

المأخذ الثاني في معرفة أوضاع هذه المكاتبات
أول ما يجب من ذلك معرفة قطع الورق الذي يكتب فيه
وقد سبق في المقالة الثالثة في الكلام على قطع الورق بيان مقادير قطعه وأن من جملتها قطع العادة وهو القطع الصغير
وفي هذا القطع تكتب عامة المكاتبات المتقدمة مما يكتب به لأرباب السيوف والأقلام بمصر والشام على اختلاف مقاديرهم وتباين مراتبهم في الرفعة والضعة خلا ما تقدم ذكره من أنه كتب إلى والدة السلطان الأشرف شعبان بن حسين في قطع الشامي الكامل
وقد تقدم هناك أن الكتابة في قطع العادة جملة تكون بقلم الرقاع
فتكون كتابة جميع هذه المكاتبات به
ثم أول ما يكتب الكاتب في المكاتبة التعريف بالمكتوب إليه وهو أن يكتب في رأس الدرج من وجه الوصل من أوله من الجانب الأيمن إلى فلان
ويكتب على سمته في الجانب الأيسر بسبب كذا وكذا
ويكتب في وسطهما على سمتهما التعريف بالعلامة التي تكتب
فإن كانت العلامة الاسم كتب الاسم الشريف
وإن كانت بالأخوة كتب أخوه
وإن كانت بالوالدية كتب والده
ثم يقلب الدرج فيكتب على ظاهره عنوان المكاتبة في أسفل ما كتب عليه في رأس الورق باطنا من أول عرض الدرج إلى آخر ألقاب المكتوب إليه
ويقلب الدعاء المبتدأ به في المكاتبة فيدعو به في آخر الألقاب
ثم يخلي بياضا ويكتب تعريف المكتوب إليه من نيابة سلطنة أو ولاية أو اسم أو غير ذلك وتكون الأسطر متقاربة متلاصقة
فإن كان المكتوب إليه النائب الكافل مثلا كتب في العنوان المقر الكريم العالي الأميري الكبيري إلى آخر ألقابه
فإذا انتهى إلى آخر الألقاب كتب أعز الله تعالى أنصاره
ثم يترك بياضا ويكتب كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى بحيث ينتهي آخر كتابه ذلك إلى آخر السطر

وإن كان المكتوب إليه كافل السلطنة بالشام كتب المقر الكريم إلى آخر الألقاب أعز الله تعالى أنصاره ثم يترك البياض المذكور ثم يكتب كافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس
وإن كان المكتوب إليه نائب السلطنة بحلب كتب الجناب الكريم إلى آخر ألقابه أعز الله تعالى نصرته ثم يترك بياضا ويكتب نائب السلطنة الشريفة بحلب المحروسة
وإن كان المكتوب إليه نائب الإسكندرية أو نائب طرابلس أو نائب حماة أو نائب صفد كتب الجناب العالي إلى آخر ألقابهم ضاعف الله تعالى نعمته ثم يترك بياضا ويكتب نائب السلطنة الشريفة بثغر الإسكندرية المحروس أو نائب السلطنة الشريفة بطرابلس المحروسة أو نائب السلطنة الشريفة بحماة المحروسة أو نائب السلطنة الشريفة بصفد المحروسة
وكذا في البواقي بحسب تعريف كل من المكتوب إليهم على ما مر ذكره في مواضعه
ثم إذا كتب العنوان فإن كان المكتوب إليه ممن يكتب له المقر الكريم أو الجناب العالي أو المجلس العالي مع الدعاء ترك من أعلى الدرج ثلاثة أوصال بياضا بالوصل المكتوب في ظاهره العنوان ثم تكتب البسملة في رأس الوصل الرابع بهامش من الجانب الأيمن
وإن كان المكتوب إليه ممن يكتب له المجلس العالي مع صدرت فما دون ذلك ترك في أعلى الدرج وصلان بياضا فقط
وتكتب البسملة في رأس الوصل الثالث ثم يكتب سطران من أول المكاتبة تحت البسملة على سمتها ملاصقا لها ثم يخلى بيت العلامة بياضا ويكتب السطر الثاني على رأس إصبع

أو نحوه من أسفل ذلك الوصل ثم يكتب السطر الثالث في الوصل الذي يليه على بعد ثلاثة أصابع معترضات من السطر الثاني ويؤتى على ذلك إلى آخر المكاتبة
وقد كانت أوصال الورق في الزمن المتقدم طويلة فكان يكتب في كل وصل ثلاثة أسطر وبين كل سطرين أكثر من عرض ثلاثة أصابع
أما الآن فقصرت الأوصال وصار كل وصل لا يسع في الغالب أكثر من سطرين
فإذا انتهى إلى آخر المكاتبة أخلى بياضا يسيرا ثم كتب في وسط الوصل إن شاء الله تعالى ثم يكتب كتب في كذا من شهر كذا في سطر وتحته سنة كذا وكذا في سطر تحته بينهما قدر إصبعين ثم يكتب المستند بعد تقدير إصبعين
فإن كان بتلقي كاتب السر كتب حسب المرسوم الشريف
وعلى ذلك يجري الحكم في جميع ما يكتب في البريد وهو المختص بالأمور السلطانية
وإن كان من دار العدل بتلقي كاتب السر أو أحد من كتاب الدست كتب حسب المرسوم الشريف في سطر وتحته من دار العدل الشريف في سطر آخر
وإن كان بقصة مشمولة بخط السلطان كتب حسب الخط الشريف بمقتضى أعلى ذلك
وإن كان بخط النائب الكافل كتب بالإشارة العالية الأميرية العالمية الفلانية في سطر وتحته في سطر آخر كافل الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى
وإن كان بأمر الوزير كتب بالإشارة العالية الأميرية الوزيرية الفلانية في سطر وتحته في سطر آخر مدبر الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى
وإن كان الوزير صاحب قلم كتب بالإشارة العالية الوزيرية الصاحبية الفلانية مدبر الممالك الشريفة الإسلامية أعلاها الله تعالى سطرين على نحو ما تقدم
وإن كان برسالة الدوادار فإن كان مقدم ألف كتب برسالة الجناب العالي الأميري الكبيري الفلاني في سطر وفي سطر آخر تحته الدوادار الناصري أو الظاهري ونحو ذلك ضاعف الله

تعالى نعمته
وإن كان طبلخاناه كتب بدل الجناب المجلس ويدعو له أدام الله تعالى نعمته
وإن كان بأمر الإستادار كتب بالإشارة العالية الأميرية الفلانية إستادار الفلانية أعلاها الله تعالى
وإن كان من ديوان الجيوش المنصورة كتب حسب المرسوم الشريف في سطر وتحته من ديوان الجيوش المنصورة في سطر آخر
وإن كان من ديوان الخواص الشريفة كتب حسب المرسوم الشريف من ديوان الخواص الشريفة على ما تقدم
وإن كان من الدولة الشريفة بأن يكون بخط ناظر الدواوين وهو قليل كتب حسب المرسوم الشريف من الدولة الشريفة على نحو ما تقدم
وقد تقدم الكلام على المستندات في الجملة في مقدمة الكتاب عند الكلام على ديوان الإنشاء

المقصد الثاني في المكاتبات العامة إلى أهل هذه المملكة وهي المطلقات
قال في التعريف وأقسامها لا تخرج عن ثمانية أقسام إلى الوجه القبلي وإلى الوجه البحري وإلى عامة الديار المصرية وإلى بعض البلاد الشامية وإلى البلاد المصرية والشامية وإلى الممالك الإسلامية وما جاورها وإلى بعض أولياء الدولة كالأمراء بدمشق أو حلب وإلى قبائل العرب أو التركمان أو الأكراد أو بعضهم
قلت والقاعدة في المطلقات أنه إذا اجتمع في المطلق كبار وصغار يغلب حكم الأكبر منهم على الأصغر تعظيما لأمر الأكابر
فإن كان في المطلق من الألقاب ما تختص به الأكابر دون غيرهم استوفى للكبير ما يختص به من الألقاب وأتي بالقدر المشترك فيه بعد ذلك
ثم المطلقات منها ما يختم
قال في التعريف وهو ما كان لبعض أولياء

الدولة إذا كان في سر يكتم ولا يراد إظهاره إلا عند الوقوف عليه فيختم على عادة الكتب
وهذا يكون عنوانه بظاهره كما في غيره من المكاتبات المفردة
ومنها ما لا يختم وهو سائر المطلقات
قال في التعريف وعنوانها مخالف لعنوان الكتب المفردة للآحاد فإن تلك في ظاهر الورق وهذه في باطن الورق فوق وصلين أو ثلاثة فوق البسملة
ويقال فيها مثال شريف مطلق إلى الولاة والنواب أو غير ذلك من نحو ما في الصدر فيضمن العنوان ملخص ما فيه
ثم يقال على ما شرح فيه أو حسب ما شرح فيه
ومن قاعدتها أن يصرح بذكر المكتوب إليهم في المطلق بخلاف غيرها من المكاتبات المفردة
قال في التعريف ثم بعد التعريف في المطلقات الدعاء ثم الإفضاء إلى الكلام وفي آخرها يتعين أن يقال فليعلموا ذلك ويعتمدوه
وحاصل مرجوعها إلى ثلاثة أضرب

الضرب الأول المطلقات المكبرة
قال في التعريف وهي ما يكتب إلى سائر النواب بالممالك الشريفة خلا سيس فإنها مستجدة غير أنه إن رسم بإضافته إليهم فيحتاج إلى تحرير الحال في أمره هل يكتب له بعد نائب طرابلس أو بعد نائب صفد ولا يمكن أن يكون بعد مقدم العسكر بغزة ولا نائب الكرك لأن رتبته في المكاتبة أعلى منهما
فإنها نظير مكاتبة نائب طرابلس وحماة وصفد
قلت هذا على ما كان الأمر استقر عليه من كونها نيابة في أول الأمر أما بعد استقرارها تقدمة عسكر فإنه يكون بعد مقدم العسكر بغزة لأن كلا منهما مقدم عسكر ومقدم العسكر بغزة أقدم من مقدم العسكر بسيس
وأيضا فإن غزة

مضافة إلى دمشق وسيس مضافة إلى حلب ودمشق أكبر من حلب
قال في التثقيف وصورة هذا المطلق أن يكتب في الطرة مثال شريف مطلق إلى الجنابين الكريمين العاليين الأميريين الكافليين الفلانيين نائبي السلطنة الشريفة بالشام وحلب المحروستين أعز الله تعالى نصرتهما وإلى الجنابات العالية الأميرية الفلانية أو الفلاني والفلاني على الترتيب
ثم يقال نواب السلطنة الشريفة بطرابلس وصفد وحماة المحروسات
وإلى الجناب العالي والمجلس العالي الأميري الأميريين الفلانيين أو الفلاني والفلاني مقدم العسكر المنصور بغزة المحروسة ونائب السلطنة الشريفة بالكرك المحروس أدام الله تعالى نعمتهما بما رسم لهم به أن يتقدم أمرهم الكريم بكذا وكذا ويشرح ما رسم به إلى آخره
ثم يخلي بياضا يسيرا
ثم يكتب على ما شرح فيه ويترك ثلاثة أوصال بياضا بالوصل الذي تكتب فيه الطرة
ثم تكتب البسملة في أعلى الوصل الرابع
ثم يكتب قبل آخره بإصبعين ما صورته أعز الله تعالى نصرة الجنابين الكريمين وضاعف وأدام نعمة الجناب العالي والمجلس العالي الأميرية الكبيرية العالية العادلية المؤيدية الزعيمية الغوثية الغياثية المثاغرية المرابطية المشيدية الظهيرية الكافلية الفلانية أو الفلاني والفلاني إلى آخرهم أعزاء الإسلام والمسلمين سادات الأمراء في العالمين أنصار الغزاة والمجاهدين زعماء الجيوش مقدمي العساكر ممهدي الدول مشيدي الممالك عمادات الملة أعوان الأمة ظهيري الملوك والسلاطين سيوف أمير المؤمنين نواب السلطنة الشريفة بالشام وحلب وطرابلس وحماة وصفد المحروسات ومقدم العسكر المنصور بغزة المحروسة ونائب السلطنة الشريفة بالكرك المحروس ثم الدعاء لهم بصيغة الجمع
ثم يقال صدرت هذه المكاتبة إلى الجنابين

الكريمين والجنايات العالية والمجلس العالي تهدي إليهم من السلام كذا وتوضح لعلمهم الكريم كذا وكذا فيحيط علمهم الكريم بذلك والله تعالى يؤيدهم بمنه وكرمه
وتكمل بالمشيئة وما بعدها
والعلامة أخوهم
قال في التثقيف وإن أضيف إليهم نائب سيس في الطرة والصدر حسب ما تقدم ذكره
قال في التثقيف ومما ينبه عليه أنه قد يكتب تارة إلى بعض هؤلاء النواب ويختصر البعض بحسب ما تدعوا الحاجة إليه فيكتب كذلك ويختصر منه من رسم باختصار ويذكر كل واحد منهم في محله ومرتبته على الصورة المتقدمة من غير تقديم ولا تأخير ولا زيادة ولا نقص
ثم قال وهذا هو الذي لم يزل الحال مستقرا عليه حين كانت مكاتبة نائب الشام الجناب الكريم نظير نائب حلب
أما الآن حيث استقرت مكاتبته المقر الكريم
فإنه لا يليق أن يكتب لغيره بألقابه الخاصة به
وإن اختصرت الألقاب الخاصة به كان فيه نقص لرتبته فيلزم من ذلك أن يكتب إليه على انفراده ويكتب المطلق لمن رسم به ممن عداه من النواب المذكورين
قلت وقد رأيت في بعض الدساتير كتابة المطلق الشامل لكافل الشام وغيره من النواب بعد استقرار مكاتبة نائب الشام بالمقر الكريم على صورتين
الصورة الأولى أن تستوفى ألقاب المقر الكريم بدعائه ويؤتى بألقابه الخاصة به ثم يعطف عليه الجناب الكريم والجنابات العالية والمجلس العالي بالألقاب المشتركة ويميز ما يمكن تمييزه منها ويكمل على نحو ما تقدم وذلك بأن يكتب في الطرة مثال شريف مطلق إلى كافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس أعز الله تعالى أنصاره ونواب السلطنة الشريفة بحلب

وطرابلس وحماة وصفد ضاعف الله تعالى نعمتهم ومقدم العسكر المنصور بغزة وسيس المحروستين أدام الله تعالى نعمتهما بما رسم لهم به إلى آخره
ثم يخلي ثلاثة أوصال على ما تقدم ويكتب تلو البسملة في أول الوصل الرابع أعز الله تعالى أنصار المقر الكريم العالي المولوي الأميري الكبيري العابدي الناسكي الأتابكي ونصرة الجناب الكريم وضاعف وأدام نعمة الجنابات والمجالس العالية الأميرية الكبيرية العالمية العادلية المثاغرية المرابطية العونية الذخرية الغياثية الممهدية المشيدية المقدمية الظهيرية الكافلية الفلاني والفلاني إلى آخرهم معز وعز الإسلام والمسلمين سيدي الأمراء في العالمين ناصر ونصرة الغزاة والمجاهدين زعماء الجيوش أتابك ومقدمي العساكر ممهدي الدول مشيدي الممالك أعوان الأمة كهوف الملة ظهراء الملوك والسلاطين عضد وسيوف أمير المؤمنين كافل السلطنة الشريفة بالشام المحروس ونواب السلطنة الشريفة بحلب وطرابلس وحماة ومقدم العسكر بغزة وسيس ونائب السلطنة الشريفة بالكرك المحروس ولا زال إلى آخره
أصدرناها إلى المقر والجناب الكريم والجنابات والمجالس العالية تهدي إليهم من السلام كذا ومن الثناء كذا وتبدي لعلمهم الكريم كذا وكذا
ومرسومنا للمقر والجناب الكريم والجنابات والمجالس العالية أن يتقدموا بكذا وكذا فيحيط علمهم بذلك
الصورة الثانية أن تكتب الطرة على ما تقدم ثم تكتب ألقاب المقر إلى آخرها
ثم يقال وتبدي لعلمه الكريم وعلم الجناب الكريم والجنابات العالية والمجلس العالي الأميرية الكبيرية إلى آخر الألقاب أن الأمر كذا وكذا
ومرسومنا للمقر والجناب الكريمين والجنابات العالية والمجلس العالي أن يتقدموا بكذا وكذا فيحيط علمهم بذلك والعلامة في هذا المطلق أخوهم اعتبارا بالعلامة إلى كافل الشام ونائب السلطنة بحلب

الضرب الثاني المطلقات المصغرة
وقد ذكر لها في التعريف قواعد كلية وأشار إلى اختلاف مقاصدها في ضمن الكلام الجملي فقال وفي كلها يكتب مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية الأمراء الأجلاء الأكابر والمجاهدين المؤيدين الأنصار الغزاة الأنجاد الأمجاد أمجاد الإسلام أشراف الأمراء أعوان الدولة عدد الملوك والسلاطين الولاة والنواب والشادين والمتصرفين بالوجه الفلاني أو بالديار المصرية أو بالبلاد الشامية أو بالبلاد الفلانية أو بالديار المصرية والبلاد الشامية وسائر الممالك الإسلامية
قال وقد يزاد في هذا لمقتضيه والثغور والحصون والأطراف المحروسة
قال فإذا كان إلى الممالك الإسلامية قيل بالديار المصرية والبلاد الشامية وسائر الممالك المحروسة وما جاورها من البلاد الشرقية والممالك القانية
وقد تكون إلى جهة الروم
فيقال وما جاورها من البلاد الرومية وما يليها
ثم عقب ذلك بأن قال فأما إذا كان إلى بعض أولياء الدولة نظر فإن كان إلى عامة أمراء دمشق قيل صدرت هذه المكاتبة إلى المجالس العالية الأمراء
وبقية الألقاب من نسبة ما يكتب للمجلس العالي
فإذا انتهى إلى أعضاد الملوك والسلاطين أو عضد الملوك والسلاطين ويجوز إطلاق هذا الأفراد على الجمع قال جماعة الأمراء مقدمي الألوف وأمراء الطبلخاناه وسائر مجالس الأمراء أمراء العشرات ومقدمي الحلقة المنصورة
وإن كان يكتب إلى حلب أو غيرها من

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39