كتاب : صبح الأعشى في صناعة الإنشا
المؤلف : أحمد بن علي القلقشندي

الممالك فبالسامية
وإن كان لأمراء العربان أو التركمان أو الأكراد كتب على عادة المطلقات بالسامية وكتب بعد عدد الملوك والسلاطين الجماعة الفلانية أو غير ذلك مما يقتضي التعريف بمن كتب إليه
أما في التثقيف فقد رتب المطلقات المصغرة على ستة أصناف
الصنف الأول المطلقات إلى جميع نواب القلاع بالمملكة الشامية أو بالمملكة الحلبية
وصورة ما يكتب إليهم في الطرة مثال شريف مطلق إلى المجالس العالية والسامية الأميرية ومجالس الأمراء النواب بالقلاع الفلانية المحروسة أدام الله تعالى نعمتهم بما رسم لهم به من كذا وكذا إلى آخره
ثم يقال على ما شرح فيه ثم يخلى وصلان بياضا بوصل الطرة ثم تكتب البسملة في أعلى الوصل الثالث ثم يكتب بعد البسملة صدرت هذه المكاتبة إلى المجالس العالية والسامية الأميرية وبقية ألقابهم
ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر المجاهدين المؤيدين الأنصار أمجاد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء في العالمين أنصار الغزاة والمجاهدين مقدمي العساكر كهوف الملة أعوان الأمة ظهيري الملوك والسلاطين النواب بالقلاع المنصورة بالمملكة الفلانية المحروسة
والدعاء إلى آخره موضحة لعلمهم كذا وكذا
ومرسومنا للمجالس العالية والسامية ومجالس الأمراء أن يتقدموا بكذا وكذا فيحيط علمهم بذلك
والله تعالى يؤيدهم بمنه وكرمه
والعلامة والدهم

الصنف الثاني المطلقات إلى أصاغر نواب القلاع ممن يكتب إليه بالسامي بالياء أو بالسامي بغير ياء أو بمجلس الأمير
وصورة ما يكتب إليهم في الطرة مثال شريف مطلق إلى المجالس السامية ومجالس الأمراء النواب بالقلاع الفلانية أو بولاية فلانة وفلانة أدام الله تعالى علوهم بما رسم لهم به نظير ما تقدم
وبعد البسملة مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر الغزاة المجاهدين المؤيدين الأنصار أمجاد الإسلام أشراف الأمراء زيون المجاهدين عمد الموك والسلاطين أو عدد الملوك والسلاطين النواب بالقلاع الفلانية المحروسة حسب ما كتب في الطرة والدعاء يتضمن إعلامهم أن الأمر كذا وكذا ومرسومنا للمجالس السامية ومجالس الأمراء أن يتقدموا بكذا وكذا فليعلموا ذلك ويعتمدوه ويعملوا بحسبه والله الموفق بمنه وكرمه والعلامة الاسم الشريف
الصنف الثالث المطلقات إلى عربان الطاعة بالممالك الشامية
والأمر فيه كما في الصنف الذي قبله
قال في التثقيف فإن كان المطلق إل طائفة من العربان ممن له عادة بمكاتبة جليلة بأن تكون العلامة والده أو نحو ذلك كآل مهنا وآل فضل وآل علي وآل مرا ونحوهم فإنه تكون صورة ما يكتب في الطرة مثال شريف مطلق إلى جماعة العربان آل فلان إلى آخره
وفي الصدر بعد البسملة مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء وبقية الألقاب الكشاف والولاة والنواب بالوجهين

القبلي والبحري
ثم الدعاء
ثم يقال يتضمن إعلامهم كذا وكذا
ثم البقية من نسبة ما تقدم
قال في التثقيف وغالبا يفرد الوجه القبلي بمطلق شريف والوجه البحري بمطلق شريف
قال وقد تضاف إلى الوجه البحري الثغور
فيقال الكشاف والولاة والنواب بالوجه البحري والثغور المحروسة
قال وإضافة الثغور لا تقع إلا نادرا لا سيما وقد صار ثغر الإسكندرية نيابة لا ولاية
ثم قال وفي هذا الوقت قد يتعذر إضافة نائب الوجه القبلي مع الولاة في المطلق لارتفاع مكاتبته عنهم بدرجات فيفرد بمثال شريف ويكتب المطلق إلى بقية الكشاف والولاة
ثم قال هذا الذي يظهر
قلت ويمكن أن يجمع معهم بأن يكتب أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي إلى آخره
ثم يقال صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي إلى آخره وتوضح لعلمه الكريم وعلم المجالس السامية ومجالس الأمراء إلى آخر ألقابهم الولاة بالوجه القبلي أن الأمر كذا وكذا ويكمل على ما تقدم
قال في التثقيف ومما جرت العادة به أن يكتب مطلق شريف إلى الأمراء بالمملكة الطرابلسية أو الحموية أو الصفدية وغيرها عند ولاية نائب السلطنة بتلك المملكة بإعلامهم بذلك فيكتب على هذا الحكم ولكنه بعنوان بغير طرة
قال وصورته في الصدر بعد البسملة مثالنا هذا إلى كل واقف عليه من المجالس السامية ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر إلى آخر الألقاب والدعاء يتضمن إعلامهم كذا وكذا إلى آخره كما تقدم ولكنه لا يصرح بذكر الولاة والنواب كما يصرح بذكر من يكتب إليه المطلق في غير هذه الحالة
والعنوان المجالس السامية ومجالس الأمراء الأجلاء الأكابر إلى آخر الألقاب والنعوت جميعها والدعاء والتعريف أمراء الطبلخانات والعشرات بطرابلس المحروسة أو بحماة أو بصفد أو بغزة
قال أما مملكتا الشام وحلب فإنه

لم تجر العادة بكتابة مطلق بولاية نائبهما بل يكتب إلى أمير حاجب بتلك المملكة بإعلامه بذلك
وأما الكرك فإنه يكتب إلى والي القلعة به بمثل ذلك
وكذلك يكتب إلى الحاجب بالإسكندرية مثل ذلك
وهذان شيئان يجب التنبه لهما
أحدهما كل ما كان من ألقاب المطلقات بصيغة الجمع وهو كأعضاد فإنه يجوز فيه الإفراد فيقال فيه عضد وهذا مما نبه عليه في التعريف في الكلام على المطلقات
الثاني قال في التثقيف فإن قلت لأي شيء تذكر أسماء الولاة والنواب والعربان وغيرهم في الصدر بعد تمام النعوت وقبل الدعاء ولا تكتب في صدر المطلقات إلى الأمراء المتقدمة الذكر عند ولاية النائب بها أو غيره فالجواب أن ذلك في صدر المثال الشريف هو التعريف الذي من عادته أن يكون في العنوان ولا يستغنى عنه فهو قائم مقامه حيث لا عنوان لذلك المطلق إنما هو بطرة لا غير ولها عنوانات والتعريف مذكور فيها فلا حاجة إلى ذكره في الصدر
ثم قال ومن الجماعة من ينازع في ذلك ويدعي أن ذلك في الطرة كاف ومغن عن ذكره في الصدر وقائم مقام التعريف في العنوان
ثم قال وهو خطأ وليس بشيء
والأصح ما قلناه
الصنف الرابع قال في التثقيف إذا كان المطلق في أمر يتعلق بالديار المصرية والبلاد الشامية تكون صورته إلى الكشاف والولاة والنواب

والشادين والمتصرفين بالطرقات المصرية والبلاد الشامية
وإن كان يتعلق بالبلاد الشامية خاصة اختصر منه ذكر الطرقات المصرية
الصنف الخامس ذكر في التعريف أنه يقال في آخر المطلقات بعد فليعلموا ذلك ويعتمدوه بعد الخط الشريف
قال في التثقيف ولعل هذا كان في الزمن الذي كان هو مباشرا فيه أما الآن فإنه لم تجر بذلك عادة ولم يكتب ذلك في مطلق شريف مكبر ولا غيره أصلا
الصنف السادس ذكر في التثقيف أنه رأى بخط القاضي ناصر الدين ابن النشائي أنه كتب مطلقا إلى المجاهدين بمصياف يعني الفداوية صورته يعلم كل واقف على مثالنا هذا من المقدمين الأجلاء الغزاة المجاهدين المؤيدين الأنصار الأتابك فلان والأتابك فلان جماعة المجاهدين ثم الدعاء

الضرب الثاني من المطلقات البرالغ
بالباء الموحدة والراء المهملة والألف واللام والغين المعجمة جمع برلغ وهي لفظة تركية معناها المرسوم وعليها جرى عرف كتاب بلاد الشرق وقل أن

تكتب بالديار المصرية ولذلك لم يتعرض لها في التعريف ولا في التثقيف وهذه صورة برلغ شريف رأيتها في تذكرة المقر الشهابي بن فضل الله في الجزء السادس والأربعين منها بخط أخيه المقر العلائي بن فضل الله رحمهما الله تعالى كتب في الدولة الناصرية محمد بن قلاوون
في عاشر شهر رجب الفرد سنة تسع وعشرين وسبعمائة لتمربغا الرسول الواصل إلى الديار المصرية عن القان أبي سعيد صاحب مملكة إيران بالإكرام والمسامحة بما يلزمه
وصورته في أول الدرج
مثال شريف مطلق إلى كافة من يصل إليه ويقف عليه للمجلس السامي الأميري السيفي تمربغا الرسول بالطرخانية وتمكين أصحابه من التردد إلى الممالك الشريفة الإسلامية وإكرام حاشيتهم وتسهيل مطلبهم ومسامحتهم في البيع والشراء بما طلب من الحقوق على اختلافها وتحذير من سمع هذه المراسيم المطاعة ثم أقدم على خلافها
وبعد البسملة الحمد لله الذي بسط أيدينا الشريفة بالجود ونصب أبوابنا الشريفة كعبة تهوي إليها أفئدة الوفود وأطاب مناهلها لكافة الأمم لتنتابها في الصدور والورود
نحمده على نعمه التي كم بلغت راجيا ما يرجون ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبيض بها الوجوه ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي ندب إلى مكارم الأخلاق بقوله ( إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ) صلى الله عليه صلاة تزيد من يقرن الثناء بها تكريما ثم على آله وصحبه وسلم تسليما
وبعد فإنه لما حضر المجلس السامي الأميري الاسفهسلاري السيفي مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء المقدمين ناصح الدولتين ثقة المملكتين فخر الخواص المقربين عضد الملوك والسلاطين تمربغا الرسول أنجح الله تعالى مساعيه وأوجب الرعاية لمن يراعيه إلى أبوابنا

الشريفة ونور ولائه يسعى بين يديه وإخلاص نيته يظهر عليه بلغ إلينا ما أرسل فيه عن الحضرة الشريفة العالية السلطانية العالمية العادلية الشاهنشاهية القانية الأوحدية الولدية العزيزية المعظمية الملكية العلائية أبي سعيد بهادر خان زيدت عظمته وظهر لنا من كمال صفاته ما رمى البدر التمام بنقصه ومن حسن تأتيه في خدمة من أرسله ما يعرف به أنه أرسل حكيما ولم يوصه وعرض على نظرنا الشريف البرلغ الشريف المكتتب له عن الحضرة الشريفة السلطان الأعظم الولد العزيز المعظم الملك بوسعيد أعز الله تعالى شأنه بالطرخانية وما نبه عليه من مكانته العلية ورفه مطالبه من تأكيد الوصية ثم رغب إلينا في الكتابة على حكمه إلى كافة الممالك وأن يسطر له منها صحائف حسنات تقضي بها الملوك وترضى بها الملائك فأجرته مراحمنا الشريفة على كرمها المعتاد وأجارته نعمنا الجزيلة وجاورته حيث سار من الأرض أو أقام من البلاد وأجابت صدقاتنا الشريفة بتحقيق المأمول وأكرمت كتابه بما يستحق أن يكرم به كتاب الرسول
ومرسومنا إلى كل واقف عليه من النواب والولاة والشادين والمتصرفين والمباشرين والمتحدثين وبقية الحكام أجمعين إلى كافة الممالك

الشريفة الإسلامية شرقا وغربا وبعدا وقربا أيدهم الله بالتوفيق ويسر لهم الطريق وجعل حسن تلقيهم الوفود يأتي بهم من كل فج عميق أن يجري الأمير الكبير المقرب تمربغا الرسول على ما ألفه في أبوابنا الشريفة من كرم إكرامه وفارقنا عليه من توقير جانبه وتوفير احترامه ويفسح لكل من يصل من جهته في التردد إلى هذه الممالك الشريفة والتردي بملابس النعم المطيفة وأن تضاعف له الإعانة والعناية والمراعاة والرعاية ولا يطلب أحد منهم في البيع والشراء والأخذ والعطاء بشيء من المقررات الديوانية والموجبات السلطانية ولا يؤخذ منهم عليها شيء سواء كان قليلا أو كثيرا جليلا أو حقيرا ولا يتأول عليهم أحد في هذا المرسوم الشريف ولا يتعدى حكمه في تصرف ولا تصريف بل يقف كل واقف عليه عنده ويعمل به في اليوم وما بعده ويلحظ منه على من خالفه سيفا مسلولا وعلى من تجاوز حده فنحن نحذر وننذر من سطواتنا الشريفة من سمعه ثم زاغ قلبه عنه أو من بلغه من لا يفهم مضمونه ثم لا يسأل عما هو فرب حامل كلام إلى من هو أوعى منه فلتكن عيونهم له مراعية ومسامعهم منصتة إلى سماعه بأذن واعية والاعتماد على الخط الشريف أعلاه الله تعالى وشرفه

المقصد الثالث من المكاتبات في أوراق الجواز وبطائق الحمام وفيه جملتان
الجملة الأولى في أوراق الجواز
وهي المعبر عنه في زماننا بأوراق الطريق
قال في التثقيف تكون ورقة الطريق في ثلاثة أوصال في قطع العادة يكتب في أعلاها سطر واحد صورته ورقة طريق على يد فلان بن فلان الفلاني لا غير
ثم يخلى بيت العلامة تقدير شبر ويكتب في بقية ذلك الوصل قبل الوصل الثاني بأربعة أصابع مطبوقة بغير بسملة رسم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني أعلاه الله تعالى وشرفه وأنفذه وصرفه أن يمكن فلان الفلاني
وتذكر ألقابه إن

كان أميرا أو متعمما كبيرا أو ممن له قدر أو له ألقاب معهودة أو غير ذلك بحسب ما يقتضيه الحال من التوجه إلى جهة قصده والعود
ويحمل على فرس واحد أو أكثر من خيل البريد المنصور من مركز إلى مركز على العادة متوجها وعائدا فإن كان متميز المقدار كتب ويعامل بالإكرام أو والاحترام والرعاية الوافرة الأقسام فليعتمد ذلك ويعمل بحسبه من غير عدول عنه بعد الخط الشريف أعلاه الله تعالى اعلاه
قال وما تقدم من كتابة أنه يمكن من التوجه والعود هو فيما إذا كان عائدا ورسم بتمكينه من العود وإلا فيكتب أن يمكن من التوجه إلى جهة قصده
فإن كان قد حضر إلى الأبواب وهو عائد فالأحسن أن يكتب فيه أن يمكن من العود إلى جهة قصده
وكذا ويعامل بالإكرام والاحترام لا يكتب إلا لأمير أو ذي قدر كبير
فإن كان غيره كتب بد له مع الوصية به ورعايته ونحو ذلك
وإن رسم له بنفقة كتب بعد ذكر خيل البريد ويصرف له من النفقة في كل يوم كذا وكذا درهما خلا الأماكن المرسوم بإبطالها
وذلك أن الطرقات أماكن لا يصرف فيها شيء الآن فيحتاج إلى أن تستثنى وكانت قبل ذلك تعين وهي بلبيس وطفيس وأربد وغيرها
ثم كثرت عن التعداد فصار يكتب كذلك
ثم قال ومما ينبه عليه أن صاحب ورقة الطريق إن كان من مماليك النواب أو رسل أحد من أكابر البلاد ذكر فيه بعد ذكر ما يليق به من الألقاب فلان مملوك فلان أو رسول فلان
وتذكر ألقاب مخدومه التي كوتب بها اختصارا
وإلا تذكر نعوته على يد من رسم بنفيه

كتب أن يمكن الأمير فلان الدين فلان من التوجه صحبة فلان البريدي بالأبواب الشريفة أو أحد النقباء بالباب الشريف ليوصله إلى المكان الفلاني ويحمل على كذا وكذا فرسا من خيل البريد المنصور إن كان قد رسم له بشيء من خيل البريد ويحمل البريدي على كذا من خيل البريد المنصور أو ويحمل النقيب على فرس واحد من خيل الكراء من ولاية إلى ولاية على العادة في ذلك ويمكن البريدي إن كان بريديا أو النقيب إن كان نقيبا من العود إلى الباب الشريف
ثم يكمل بنسبة ما تقدم
وإذا فرغ من صورته كتب بعد ذلك إن شاء الله تعالى ثم التاريخ والمستند على العادة
قال في التثقيف والمستند في أوراق الطريق أحد ثلاثة أمور إما خط كاتب السر وهو الغالب
أو رسالة الدوادار وهو كثير أيضا
أو إشارة نائب السلطان إن كان ثم نائب وهو نادر
فإن كان بخط كاتب السر كتب على الهامش من الجانب الأيمن سطر واحد يكون آخره يقابل السطر الأول الذي هو رسم بالأمر الشريف وهو حسب المرسوم الشريف
وكذا إن كان بإشارة النائب كتب سطران على الهامش المذكور آخرهما أيضا يقابل أول السطر الأول بالإشارة العالية كما تقدم في الكلام على المستندات في المقالة الثانية
قال وفي هاتين لا يكتب في ذيلهما بعد التاريخ سوى الحسبلة لا غير
وإن كان برسالة الدوادار كتب على الهامش حسب المرسوم الشريف فقط وكتب تحت

التاريخ سطران هما رسالة المجلس العالي الأميري الفلاني فلان الدوادار المنصوري أدام الله تعالى نعمته ثم الحسبلة

الجملة الثانية في نسخ البطائق وهي على ضربين
الضرب الأول أن تكون البطاقة بعلامة شريفة
قال وفي التثقيف وتكون نحو ثلثي وصل من ورق البطائق
قال وصورتها أن يكتب في رأس الورق المذكور في الوسط سواء الاسم الشريف وتحته ملصقا به من غير بياض سطر واحد كامل من يمين الورق بغير هامش بما يأتي ذكره
ثم يخلى بيت العلامة تقدير أربعة أصابع مطبوقة ثم تكتب تتمة الكلام أسطرا متلاصقة بنسبة الأول بغير هامش أصلا إلى آخره
والذي يكتب من يمين الورق الله الهادي
سرح الطائر الميمون ورفيقه هداهما الله تعالى في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من الشهر الفلاني من سنة كذا وكذا إلى المجلس الكريم أو السامي الأمير فلان والي فلانة أو نحو ذلك يعلمه أن الأمر كذا وكذا
ومرسومنا له أن يتقدم بكذا وكذا
فليعلم ذلك ويعتمده والله الموفق بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى حسبنا الله ونعم الوكيل
والمستند لها حسب المرسوم الشريف
الضرب الثاني أن تكون بغير علامة
وصورتها أن يكتب في رأس الورقة في الوسط موضع الاسم الله الهادي بكرمه والأسطر متلاصقة بغير هامش ولا يخلى فيها بيت علامة
وصورة ما

يكتب فيها المرسوم بالأمر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني أعلاه الله تعالى وصرفه أن يسرح هذا الطائر الميمون ورفيقه هداهما الله تعالى في وقت كذا وكذا
ويكمل على حسب ما تقدم والله الموفق حسب المرسوم الشريف إن شاء الله تعالى
قال في التثقيف وقد يقتضي الحال نقلها من مكان إلى مكان آخر مثل أن تنقل من بلبيس إلى قطيا فيكتب بعد ذكر المرسوم به ويتقدم بنقل هذه البطاقة إلى فلان الفلاني ليعتمد مضمونها ويعمل بحسبها
فإن كانت منقولة إلى مكان ثالث كتب بعد ذلك ثم ينقلها إلى فلان ليعتمد مضمونها أيضا ويعمل بمقتضاها فيعلم ذلك ويعتمده
والتتمة حسب ما تقدم
الطرف الثالث في المكاتبات إلى عظماء ملوك الإسلام ومن انطوت عليه ممالكهم ممن دونهم من الملوك والحكام المنفردين ببعض البلدان والأمراء والوزراء وسائر من ضمه نطاق كل مملكة من تلك الممالك ممن جرت العادة بمكاتبته عن الأبواب السلطانية بالديار المصرية ممن هو مستمر المكاتبة أو زالت مكاتبته بزواله ليقاس عليه من لعله يظهر مظهره
واعلم أن كتاب الديار المصرية يراعون في المكاتبة إلى كل مملكة صورة المكاتبة الواردة عن تلك المملكة في غالب حالها في الابتداء والخطاب والاختتام وغير ذلك
وفيه أربعة مقاصد

المقصد الأول في المكاتبات إلى عظماء ملوك الشرق ومن انطوت عليه كل مملكة
من ممالكهم ممن جرت العادة بمكاتبته وفيه أربعة مهايع
المهيع الأول في المكاتبة إلى الملوك والحكام ومن جرى مجراهم بمملكة
إيران وهي مملكة الأكاسرة الصائرة إلى بيت هولاكو من بني جنكزخان
وقد تقدم في المقالة الثالثة في الكلام على المسالك والممالك ذكر حدود هذه المملكة وقواعدها ومدنها وإلى من تنسب ومن ملكها جاهلية وإسلاما إلى زماننا
والمقصود هنا ذكر المكاتبات فقط ويشتمل المقصود منها على ثلاث جمل
الجملة الأولى في رسم المكاتبة إلى قانها الأعظم الجامع لحدودها على ما كان الأمر عليه من مبدإ ملك بيت هولاكو وإلى آخر دولة أبي سعيد وله حالتان
الحالة الأولى ما كان الأمر عليه في رسم المكاتبة في أوائل الدولة التركية والعداوة بعد قائمة بين ملوك الديار المصرية وبين ملوكها
وفيه أسلوبان
الأسلوب الأول أن يكتب تحت البسملة من الجانب الأيمن بقوة الله تعالى ويكون بقوة الله سطرا وتعالى سطرا ثم يكتب من الجانب الأيسر بإقبال دولة السلطان الملك الفلاني
ويكون بإقبال دولة سطرا وباقي الكلام سطرا ثانيا
ثم يكتب تحت ذلك كلام فلان سطرا ثانيا إلى السلطان فلان سطرا ثالثا
ثم يؤتى ببعدية وخطبة ويؤتى بالمقصود

وطريقهم فيه على التكلم عن لسان صاحب مصر بنون الجمع والخطاب لسلطان إيران بميم الجمع الغائب مضاهاة لمكاتبتهم الواردة عنهم في جميع ذلك
وهذه نسخة كتاب كتب به عن السلطان الملك المنصور قلاوون صاحب الديار المصرية في جواب كتاب ورد عن السلطان أحمد القان بإيران في زمانه
يذكر فيه أنه أسلم إذ كان أول من أسلم من ملوكهم ويذكر فيه أن أخاه الكبير كان قد عزم على دخول ممالك الديار المصرية قبل موته وأنه منع ذلك وأنه لا يحب المسارعة إلى القتال وأن المشير بذلك الشيخ عبد الرحمن أحد صلحاء بلادهم وأنه حرم على عساكره الغارات على البلاد وتعرض فيه إلى أمر الجواسيس وأشار إلى أن الاتفاق فيه صلاح العالم وأشار إلى أشياء حملها لرسله يذكرونها مشافهة ووقع الجواب عن جميع ذلك على ما

سيأتي ذكره في الكتب الواردة على الديار المصرية
وكتب بخط ناصر الدين شافع ابن علي بن عباس أحد كتاب الإنشاء في رمضان سنة إحدى وثمانين وستمائة
والتكلم بنون الجمع والخطاب بالجمع الغائب كما تقدم في الأسلوب الأول وهي
بسم الله الرحمن الرحيم
بقوة الله تعالى بإقبال دولة السلطان الملك المنصور كلام قلاوون إلى السلطان أحمد أما بعد حمد الله الذي أوضح بنا ولنا الحق منهاجا وجاء فجاء نصر الله والفتح ودخل الناس في دين الله أفواجا والصلاة على سيدنا ونبينا محمد الذي فضله الله على كل نبي نجى به أمته وعلى كل نبي ناجا صلاة تنير مادجا فقد وصل الكتاب الكريم المتلقى بالتكريم المشتمل على النبإ العظيم من دخوله

في الدين وخروجه عمن سلف من العشيرة الأقربين ولما فتح هذا الكتاب بهذا الخبر العلم المعلم والحديث الذي صحح عند أهل الإسلام إسلامه وأصح الحديث ما روي عن مسلم توجهت الوجوه بالدعاء إلى الله سبحانه في أن يثبته على ذلك بالقول الثابت وأن ينبت حب حب هذا الدين في قلبه كما أنبت أحسن النبت من أخشن المنابت وحصل التأمل للفصل المبتدإ بذكره من حديث إخلاصه في أول عنفوان الصبا إلى الإقرار بالوحدانية ودخوله في الملة المحمدية بالقول والعمل والنية فالحمد لله على أن شرح صدره للإسلام وألهمه شريف هذا الإلهام فحمدنا الله على أن جعلنا من السابقين إلى هذا المقال والمقام وثبت أقدامنا في كل موقف اجتهاد وجهاد تتزلزل دونه الأقدام
وأما إفضاء النوبة في الملك وميراثه بعد والده وأخيه الكبير إليه وإفاضة جلابيب هذه النعمة العظيمة عليه وتوقله للأسرة التي طهرها الله بإيمانه وأظهرها بسلطانه فلقد أورثها الله من اصطفاه من عباده وصدق المبشرات من كرامة أولياء الله وعباده
وأما حكاية الإخوان والأمراء الكبار ومقدمي العساكر وزعماء البلاد في مجمع فوريلياي الذي ينقدح فيه زند الآراء وأن كلمتهم اتفقت على ما سبقت به كلمة أخيه الكبير في إنفاذ العساكر إلى هذا الجانب وأنه قد فكر فيما اجتمعت عليه آراؤهم وانتهت إليه أهواؤهم فوجده مخالفا لما في ضميره إذ قصده الصلاح ورأيه الإصلاح وأنه أطفأ تلك النائرة وسكن تلك الثائرة فهذا فعل

الملك المتقي المشفق من قومه على من بقي المفكر في العواقب بالرأي الثاقب وإلا فلو تركوا وآراءهم حتى تحملهم الغرة لكانت تكون هذه هي الكرة لكن هو كمن خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فلم يوافق قول من ضل ولا فعل من غوى
وأما القول منه إنه لا يحب المسارعة إلى المقارعة إلا بعد إيضاح المحجة وتركيب الحجة فبانتظامه في سلك الإيمان صارت حجتنا وحجته متركبة على من غدت طواغيته عن سلوك هذه المحجة متنكبة فإن الله سبحانه وتعالى والناس كافة قد علموا أن قيامنا إنما هو لنصرة هذه الملة وجهادنا واجتهادنا إنما هو الله وحيث قد دخل معنا في الدين هذا الدخول فقد ذهبت الأحقاد وزالت الذحول وبارتفاع المنافرة تحصل المظافرة فالإيمان كالبنيان يشد بعضه ببعض ومن أقام مناره فله أهل بأهل في كل مكان وجيران بجيران بكل أرض
وأما ترتيب هذه الفوائد الجمة على إذكار شيخ الإسلام قدوة العارفين كمال الدين عبد الرحمن أعاد الله تعالى من بركاته فلم ير لولي قبله كرامة كهذه الكرامة والرجاء ببركته وبركة الصالحين أن تصبح كل دار إسلام دار إقامة حتى تتم شرائط الإيمان ويعود شمل الإسلام مجتمعا كأحسن ما كان ولا ينكر لمن بكرامته ابتداء هذا التمكين في الوجود أن كل حق ببركته إلى نصابه يعود
وأما إنفاذ أقضى القضاة الملة والدين والأتابك بهاء الدين الموثوق بنقلهما في إبلاغ رسائل هذه البلاغة فقد حضروا وأعادا كل قول حسن من أحوال أحواله وخطرات خاطره ومسطرات ناظره ومن كل ما يشكر

ويحمد ويعنعن حديثهما فيه عن مسند أحمد
وأما الإشارة إلى أن النفوس إن كانت تتطلع في إقامة دليل تستحكم به دواعي الود الجميل فلينظر إلى ما ظهر من مآثره من موارد الأمر ومصادره من العدل والإحسان بالقلب واللسان والتقدم بإصلاح الأوقات فهذه صفات من يريد لملكه الدوام فلما ملك عدل ولم يلتفت إلى لؤم من عدا ولا لوم من عذل
على أنها وإن كانت من الأفعال الحسنة والمثوبات التي تستنطق بالدعاء الألسنة فهي واجبات تؤدي وهو أكبر من أنه يؤخر غيره أو عليه يقتصر أوله يدخر إنما يفتخر الملك العظيم بأن يعطي ممالك وأقاليم وحصون أو يبذل في تشييد ملكه أعز مصون
وأما تحريمه على العساكر والقراغولات والشحاني بالأطراف التعرض إلى أحد بالأذى وتحتيم إصفاء موارد الواردين والصادرين من شوائب القذى فمن حين بلغنا تقدمه بذلك تقدمنا أيضا بمثله إلى سائر النواب بالرحبة وحلب وعينتاب وتقدمنا إلى مقدم العساكر بأطراف تلك الممالك بمثل ذلك وإذا اتحد الإيمان وانعقدت الأيمان تحتم إحكام هذه الأحكام وترتب عليه جميع الأحكام

وأما الجاسوس الفقير الذي أمسك وأطلق وأن بسبب من تزيا من الجواسيس بزي الفقراء قتل جماعة من الفقراء الصلحاء رجما بالظن فهذا باب من ذلك الجانب ستروه وإلى الاطلاع على الأمور صوروه فظفر النواب منهم بجماعة فرفع عنهم السيف ولم يكشف ما غطته خرقة الفقر ولا كيف
وأما الإشارة إلى أن في اتفاق الكلمة يكون صلاح العالم وينتظم شمل بني آدم فلا راد لمن طرق باب الاتحاد ومن جنح للسلم فما جار ولا حاد ومن ثنى عنانه عن المكافحة كمن يريد المصافحة للمصالحة والصلح وإن كان سيد الأحكام فلا بد من أمور تبنى عليها قواعده وتعلم من مدلولها فوائده فإن الأمور المسطورة في كتابه عن كليات لازمة ينعم بها كل معنى معلوم إن تهيأ صلح أو لم وثم أمور لا بد أن تحكم وفي سلكها عقود العهود تنظم قد تحملها لسان المشافهة التي إذا أوردت أقبلت من معنى دخوله في الدين وانتظام عقده بسلك المؤمنين وما بسطه من عدل وإحسان وسيرة مشهورة بكل لسان فالمنة لله في ذلك فلا يشيبها منه بامتنان وقد أنزل الله تعالى على

رسوله حق من امتن بإسلامه ( قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان )
ومن المشافهة أنه قد أعطاه الله من العطاء ما أغناه به عن امتداد الطرف إلى ما في يد غيره من أرض ومال فإن حصلت الرغبة في الاتفاق على ذلك فالأمن حاصل فالجواب أن ثم أمورا متى حصلت عليها الموافقة تمت المصاحبة والمصادقة ورأى الله تعالى والناس كيف يكون إذلال معادينا وإعزاز مصافينا فكم من صاحب وجد حيث لا يوجد الأب والأخ والقرابة وما تم أمر الدين المحمدي واستحكم في صدر الإسلام إلا بمظافرة الصحابة فإن كانت له رغبة مصروفة إلى الاتحاد وحسن الوداد وجميل الاعتضاد وكبت الأعداء والأضداد والاستناد إلى من يشتد به الأزر عند الاستناد فقد فهم المراد
ومن المشافهة إذا كانت رغبتنا غير ممتدة إلى ما في يده من أرض ومال فلا حاجة إلى إنفاذ المغيرين الذين يؤذون المسلمين بغير فائدة تعود فالجواب أنه لو كف كف العدوان من هنالك وخلي لملوك المسلمين ما لهم من ممالك سكنت الدهماء وحقنت الدماء وما أحقه بأن لا ينهى عن خلق ويأتي مثله ولا يأمر بشيء وينسى فعله وقنغرطاب بالروم الآن وبين بلاد في أيديكم خراجها يجبى إليكم فقد سفك فيها وفتك وسبى وهتك وباع الأحرار وأبى إلا التمادي على ذلك والإصرار

ومن المشافهة أنه إن حصل التصميم على أن لا تبطل هذه الإغارات ولا يقتصر عن هذه الإثارات فتعين مكانا يكون فيه اللقاء ويعطي الله النصر لمن يشاء فالجواب عن ذلك أن الأماكن التي اتفق فيها ملتقى الجمعين مرة ومرة ومرة قد عاف مواردها من سلف من أولئك القوم وخاف أن يعاودها فيعاوده مصرع ذلك اليوم ووقت اللقاء علمه عند الله لا يقدر وما النصر إلا من عند الله لمن أقدر لا لمن قدر وما نحن ممن ينتظر فلته ولا ممن له إلى غير ذلك لفته وما أمر ساعة النصر إلا كالساعة التي لا تأتي إلا بغتة والله تعالى الموفق لما فيه صلاح هذه الأمة والقادر على إتمام كل خير ونعمه إن شاء الله تعالى
مستهل شهر رمضان المعظم قدره سنة إحدى وثمانين وستمائة
الحمد لله وحده وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه
حسبنا الله ونعم الوكيل

الأسلوب الثاني أن يكتب تحت البسملة على حيال وسطها بقوة الله تعالى
وميامين الملة المحمدية
ويكون بقوة الله تعالى سطرا
وميامين الملة المحمدية سطرا ثانيا
ثم يؤتى ببعدية وخطبة مختصرة ثم يكتب سطران ببياض من الجانبين فيهما بإقبال دولة السلطان الملك وباقي الكلام في السطر الثاني
ثم يقال فليعلم السلطان فلان
ويؤتى على المقصود إلى آخره
وهذه نسخة كتاب من إنشاء القاضي علاء الدين علي بن فتح الدين محمد ابن محيي الدين بن عبد الظاهر صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية في

جواب كتاب ورد عن السلطان محمود غازان القان بمملكة إيران يذكر فيه أن جماعة من عساكر البلاد الشامية أغاروا على ماردين وأن الحمية اقتضت الركوب في مقابلة ذلك
وذكر أنه قدم الرسل بالإنذار
ويذكر فيه أنهم صبروا على تماديهم في غيهم ويذكر فيه نصرته على العساكر الإسلامية في المرة السابقة
ويذكر فيه أنه أقام بأطراف البلاد
ولم يدخلها خوف التخريب والفساد
ويذكر فيه جمع العساكر وتهيئة المجانيق وغير ذلك من آلة القتال
ويذكر أنه إذا لم تجر موجبات الصلح كانت دماء المسلمين مطلولة ويذكر إرسال رسله بكتابه ويلتمس التحف والهدايا مما كتب به عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون في المحرم سنة إحدى وسبعمائة وهي
بسم الله الرحمن الرحيم بقوة الله تعالى وميامين الملة المحمدية
أما بعد حمد الله الذي جعلنا من السابقين الأولين الهادين المهتدين التابعين لسنة سيد ا لمرسلين بإحسان إلى يوم الدين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه الذين فضل الله من سبق منهم إلى الإيمان في كتابه المكنون
فقال سبحانه وتعالى ( والسابقون السابقون أولئك المقربون )
بإقبال دولة السلطان الملك الناصر كلام محمد بن قلاوون

فليعلم السلطان المعظم محمود غازان أن كتابه ورد فقابلناه بما يليق بمثلنا لمثله من الإكرام ورعينا له حق القصد فتلقيناه منا بسلام وتأملناه تأمل المتفهم لدقائقه المستكشف عن حقائقه فألفيناه قد تضمن مؤاخذات بأمورهم بالمؤاخذة عليها أحرى معتذرا في التعدي بما جعله ذنوبا لبعض طالب بها الكل والله تعالى يقول ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )
أما حديث من أغار على ماردين من رجالة بلادنا المتطرفة وما نسبوه إليهم من الأمور البديعة والآثام الشنيعة وقولهم إنهم أنفوا من تهجمهم وغاروا من تقحمهم واقتضت الحمية ركوبهم في مقابلة ذلك فقد تلمحنا هذه الصورة التي أقاموها عذرا في العدوان وجعلوها سببا إلى ما ارتكبوه من طغيان والجواب عن ذلك أن الغارات من الطرفين ولم يحصل من المهادنة والموادعة مايكف يدنا الممتدة ولا يفتر هممها المستعدة وقد كان آباؤهم وأجدادكم على ما علمتم من الكفر والشقاق وعدم المصافاة للإسلام والوفاق ولم يزل ملك ماردين ورعيته منفذين ما يصدر من الأذى للبلاد والعباد عنهم متولين كبر نكرهم والله تعالى يقول ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم )
وحيث جعلتم هذا ذنبا للحمية الجاهلية وحاملا على الانتصار الذي زعمتم أن همتكم به ملية فقد كان هذا القصد الذي ادعيتموه يتم بالانتقام من أهل تلك الأطراف التي أوجب ذلك فعلها والاقتصار على أخذ الثار ممن ثار اتباعا لقوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) لا أن تقصدوا الإسلام بالجموع الملفقة على اختلاف الأديان وتطأوا البقاع الطاهرة بعبدة الصلبان وتنتهكوا حرمة البيت المقدس الذي هو ثاني بيت

الله الحرام وشقيق مسجد رسول الله احتجتم بأن زمام تلك الغارة بيدنا وسبب تعديهم من سنتنا فقد أوضحنا الجواب عن ذلك وأن عدم الصلح والموادعة أوجب سلوك هذه المسالك
وأما ما ادعوه من سلوك سنن المرسلين واقتفاء آثار المتقدمين في إنفاذ الرسل أولا فقد تلمحنا هذه الصورة وفهمنا ما أوردوه من الآيات المسطورة والجواب عن ذلك أن هؤلاء الرسل ما وصلوا إلينا إلا وقد دنت الخيام من الخيام وناضلت السهام السهام وشارف القوم ولم يبق للقاء إلا يوم أو بعض يوم وأشرعت الأسنة من الجانبين ورأى كل خصمه رأي العين وما نحن ممن لاحت له رغبة راغب فتشاغل عنها ولا ممن يسالم فيقابل ذلك بجفوة النفار والله تعالى يقول ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها )
كيف والكتاب بعنوانه وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول ما أضمر إنسان شيئا إلا ظهر في صفحات وجهه وفلتات لسانه
ولو كان حضور هؤلاء الرسل والسيوف وادعة في أغمادها والأسنة مستكنة في أعوادها والسهام غير مفوقة والأعنة غير مطلقة لسمعنا خطابهم وأعدنا جوابهم
وأما ما أطلقوا به لسان قلمهم وأبدوه من غليظ كلمهم في قولهم فصبرنا على تماديكم في غيكم وإخلادكم إلى بغيكم فأي صبر ممن أرسل عنانه إلى المكافحة قبل إرسال رسل المصالحة وجاس خلال الديار قبل ما زعمه من الإعذار والإنذار وإذا فكروا في هذه الأسباب ونظروا ما صدر عنهم من خطاب علموا العذر في تأخير الجواب وما يتذكر إلا أولوا الألباب
وأما ما تبجحوا به مما اعتقدوه من نصرة وظنوه من أن الله جعل لهم على حزبه الغالب في كل كرة الكرة فلو تأملوا ما ظنوه ربحا لوجدوه هو الخسران المبين ولو أنعموا النظر في ذلك لما كانوا به مفتخرين ولتحققوا أن الذي اتفق

لهم كان غرما لا غنما وتدبروا معنى قوله تعالى ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثما )
ولم يخف عنهم ما نالته السيوف الإسلامية منهم وقد رأوا عزم من حضر من عساكرنا التي لو كانت مجتمعة عند اللقاء ما ظهر خبر عنهم فإنا كنا في مفتتح ملكنا ومبتدإ أمرنا حللنا بالشام للنظر في أمور البلاد والعباد فلما تحققنا خبركم وقفونا أثركم بادرنا نقد أديم الأرض سيرا وأسرعنا لندفع عن المسلمين ضررا وضيرا ونؤدي من الجهاد السنة والفرض ونعمل بقوله تعالى ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض )
فاتفق اللقاء بمن حضر من عساكرنا المنصورة وثوقا بقوله تعالى ( كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة )
وإلا فأكابركم يعلمون وقائع الجيوش الإسلامية التي كم وطئت موطئا يغيظ الكفار فكتب لها عمل صالح وسارت في سبيل الله ففتح عليها أبواب المناجح وتعددت أيام نصرتها التي لو دققتم الفكر فيها لأزالت ما حصل عندكم من لبس ولما قدرتم أن تنكروها وفي تعب من ينكر ضوء الشمس وما زال الله نعم المولى ونعم النصير وإذا راجعتموهم قصوا عليكم نبأ الاستظهار ( ولا ينبئك مثل خبير ) وما زالت تتفق الوقائع بين الملوك والحروب وتجري المواقف التي هي بتقدير الله فلا فخر فيها للغالب ولا عار على المغلوب وكم من ملك استظهر عليه ثم نصر وعاوده التأييد فجبر بعدما كسر خصوصا ملوك هذا الدين فإن الله تعالى تكفل لهم بحسن العقبى فقال تعالى ( والعاقبة للمتقين )
وأما إقامتهم الحجة علينا ونسبتهم التفريط إلينا في كوننا لم نسير إليهم رسولا عندما حلوا بدمشق فنحن عندما وصلنا إلى الديار المصرية لم نزد على أن

اعتدينا وجمعنا جيوشنا من كل مكان وبذلنا في الاستعداد غاية الجهد والإمكان وأنفقنا جزيل الأموال في العساكر والجحافل ووثقنا بحسن الخلف لقوله تعالى ( مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل )
ولما خرجنا من الديار المصرية بلغنا خروج الملك من البلاد لأمر حال بينه وبين المراد فتوقفنا عن المسير توقف من أغنى رعبه عن حث الركاب وتثبتنا تثبت الراسيات ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب )
وبعثنا طائفة من العساكر لمقاتلة من أقام بالبلاد فما لاح لنا منهم بارق ولا ظهر وتقدمت فتخطفت من حمله على التأخر الغرر ووصلت إلى الفرات فما وقفت للقوم على أثر
وأما قولهم إننا ألقينا في قلوب العساكر والعوام أنهم فيما بعد يتلقونا على حلب أو الفرات وأنهم جمعوا العساكر ورحلوا إلى الفرات وإلى حلب مرتقبين فالجواب عن ذلك أنهم من حين بلغنا حركتهم جزمنا وعلى لقائهم عزمنا وخرجنا وخرج أمير المؤمنين الحاكم بأمر الله ابن عم سيدنا رسول الله الطاعة على كل مسلم المفترض المبايعة والمتابعة على كل منازع ومسلم طائعين لله ولرسوله في أداء مفترض الجهاد باذلين في القيام بما أمرنا الله تعالى غاية الاجتهاد عالمين بأنه لا يتم أمر دين ولا دنيا إلا بمشايعته ومن والاه فقد حفظه الله تعالى وتولاه ومن عانده أو عاند من أقامه فقد أذله الله فحين وصلنا إلى البلاد الشامية تقدمت عساكرنا تملأ السهل والجبل وتبلغ بقوة الله تعالى في النصر الرجاء والأمل ووصلت أوائلها إلى أطراف حماة وتلك النواحي فلم يقدم أحد منهم عليها ولا جسر أن يمد حتى ولا الطرف إليها فلم نزل مقيمين حتى بلغنا رجوع الملك إلى البلاد وإخلافه موعد اللقاء والله لا يخلف الميعاد فعدنا لاستعداد جيوشنا التي لم تزل تندفع في طاعتنا اندفاع السيل

عاملين بقوله تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل )
وأما ما جعلوه عذرا في الإقامة بأطراف البلاد وعدم الإقدام عليها وأنهم لو فعلوا ذلك ودخلوا بجيوشهم ربما أخرب البلاد مرورها وبإقامتهم فسدت أمورها فقد فهم هذا المقصود ومتى ألفت العباد والبلاد منهم هذا الإشفاق ومتى اتصفت جيوشهم بهذه الأخلاق وها آثارهم موجودة على ملك آل سلجوق وما تعرضوا لدار ولا جار ولا عفوا أثرا من الاثار ولا حصل لمسلم منهم ضرر ولا أوذي في ورد ولا صدر وكان أحدهم يشتري قوته بدرهمه وديناره ويأبى أن تمتد إلى أحد من المسلمين يد إضراره هذه سنة أهل الإسلام وفعل من يريد لملكه الدوام
وأما ما أرعدوا به وأبرقوا وأرسلوا به عنان قلمهم وأطلقوا وما أبدوا من الاهتمام بجمع عساكرهم وتهيئة المجانيق إلى غير ذلك مما ذكره من التهويل فالله تعالى يقول ( الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل )
وأما قولهم وإلا فدماء المسلمين مطلولة فما كان أغناهم عن هذا الخطاب وأولاهم بأن لا يصدر إليهم عن ذلك جواب ومن قصد الصلح والإصلاح كيف يقول هذا القول الذي عليه فيه من جهة الله تعالى ومن جهة رسوله أي جناح وكيف يضمر هذه النية ويتبجج بهذه الطوية ولم يخف مواقع زلل هذا القول وخلله والنبي ( نية المرء أبلغ من عمله ) وبأي طريق تهدر دماء المسلمين التي من تعرض إليها يكون الله له في الدنيا والآخرة مطالبا وغريما ومؤاخذا بقوله تعالى ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما ) وإذا كان الأمر كذلك

فالبشرى لأهل الإسلام بما نحن عليه من الهمم المصروفة إلى الاستعداد وجمع العساكر التي تكون لها الملائكة الكرام إن شاء الله تعالى من الأنجاد والاستكثار من الجيوش الإسلامية المتوفرة العدد المتكاثرة المدد الموعودة بالنصر الذي يحفها في الظعن والإقامة الواثقة به من قوله ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على عدوهم إلى يوم القيامة )
المبلغة في نصر دين الله آمالا المستعدة لإجابة داعي الله إذا قال ( انفروا خفافا وثقالا )
وأما رسلهم فلان وفلان فقد وصلوا إلينا ووفدوا علينا وأكرمنا وفادتهم وغزرنا لأجل مرسلهم من الإقبال مادتهم وسمعنا خطابهم وأعدنا عليهم جوابهم هذا مع كوننا لم يخف علينا انحطاط قدرهم ولا ضعف أمرهم وأنهم ما دفعوا لأفواه الخطوب إلا لما ارتكبوه من ذنوب وما كان ينبغي أن يرسل مثل هؤلاء لمثلنا من مثله ولا ينتدب لمثل هذا الأمر المهم إلا من يجمع على فصل خطابه وفضله
وأما ما التمسوه من الهدايا والتحف فلو قدموا من هداياهم حسنة لعوضناهم بأحسن منها ولو أتحفونا بتحفة لقابلناها بأجل عوض عنها
وقد كان عمهم الملك أحمد راسل والدنا الشهيد وناجى بالهدايا والتحف من مكان بعيد وتقرب إلى قلبه بحسن الخطاب فأحسن له الجواب وأتى البيوت من أبوابها بحسن الأدب وتمسك من الملاطفة بأقوى سبب
والآن فحيث انتهت الأجوبة إلى حدها وأدركت الأنفة من مقابلة ذلك الخطاب غاية قصدها فنقول إذا جنح الملك للسلم جنحنا لها وإذا دخل في الملة المحمدية ممتثلا ما أمر الله تعالى به مجتنبا ما عنه نهى وانتظم في سلك الإيمان وتمسك بموجباته تمسك المتشرف بدخوله فيه لا المنان وتجنب التشبه بمن قال

الله تعالى في حقهم ( قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان )
وطابق فعله قوله ورفض الكفار الذين لا يحل له أن يتخذهم حوله وأرسل إلينا رسولا من جهته يرتل آيات الصلح ترتيلا ويروق خطابه وجوابه حتى يتلو كل أحد عند عوده ( يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا )
صارت حجتنا وحجته مركبة على من خالف ذلك وكلمتنا وكلمته قامعة أهل الشرك في سائر الممالك ومظافرتنا له تكسب الكافرين هوانا والشاهد لمصافاتنا مفاد قوله تعالى ( واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا )
وينتظم إن شاء الله تعالى شمل المصالح أحسن انتظام ويحصل التمسك من الموادعة والمظافرة بعروة لا انفصال لها ولا انفصام وتستقر قواعد الصلح على ما يرضي الله تعالى ورسوله

الحالة الثانية ما كان عليه رسم المكاتبة في الدولة الناصرية محمد بن
قلاوون إلى أبي سعيد
بهادرخان بن خدابندا آخر ملوك بني هولاكو ملك إيران
قال في التعريف وهو كتاب يكتب في قطع البغدادي الكامل يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة الغراء المكتتبة بالذهب المزمك بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات ثم تكمل الخطبة وتفتتح ببعدية إلى أن تساق الألقاب

273 - وهي الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية الشاهنشاهية الأوحدية الأخوية القانية الفلانية من غير أن يخلط فيها الملكية لهوانها عليهم وانحطاطها لديهم ثم يدعى له بالأدعية المعظمة المفخمة الملوكية من إعزاز السلطان ونصر الأعوان وخلود الأيام ونشر الأعلام وتأييد الجنود وتكثير الوفود
وغير ذلك مما يجري هذا المجرى
ثم يقال ما فيه التلويح والتصريح بدوام الوداد وصفاء الاعتقاد ووصف الأشواق وكثرة الأتواق وما هو من هذه النسبة
ثم يؤتى على المقاصد ويختم بدعاء جليل وتستعرض المراسيم والخدم ويوصف التطلع إليها ويظهر التهافت عليها
وهذا الكتاب تكتب جميع خطبته وطغراه وعنوانه بالذهب المزمك وكذلك كل ما وقع في أثنائه من اسم جليل وكل ذي شأن نبي من اسم لله تعالى أو لنبينا لأحد من الأنبياء أو الملائكة عليهم السلام أو ذكر دين الإسلام أو ذكر سلطاننا أو السلطان المكتوب إليه وما هو متعلق بهما
مثاله عندنا وعندكم ولنا ولكم وكتابنا وكتابكم
كل هذا يكتب بالذهب وما سواه يكتب بالسواد
فأما العنوان فهو بهذه الألقاب إلى أن ينتهي إلى اللقب الخاص ثم يدعى له بدعوة أو اثنتين نحو أعز الله سلطانها وأعلى شأنها أو نحو ذلك
ثم يسمى اسم السلطان المكتوب إليه ثم يقال خان كما كنا نكتب فنقول بوسعيد بهادرخان فقط
ويطمغ بالذهب بطمغات عليها ألقاب سلطاننا تكون على الأوصال يبدأ بالطمغة على اليمين في أول وصل ثم على اليسار في ثاني

وصل ثم على هذا النمط إلى أن ينتهي في الآخر إلى اليمين
ولا يطمغ على الطرة البيضاء
والكاتب يخلي لمواضع الطمغة مواضع الكتابة تارة يمنة وتارة يسرة
وأوضح ذلك في التثقيف وبينه فقال والمكاتبة إليه في عرض البغدادي الكامل والطرة ثلاثة أوصال والبسملة ذهب مزمك بألفات طوال بالمسطرة بخط الذهب ثم الخطبة وأولها الحمد لله والسطر الذي يلي البسملة الشريفة وثانيه من أوائل الورق زائدان عن بقية السطور التي مر من أول السطر الثالث إلى آخر الكتاب
وبين هذين السطرين المذكورين وهو موضع بيت العلامة الشريفة طرة ذهب بالألقاب الشريفة ثم بعد هذين السطرين الملاصقين للطرة المذكورة بقية السطور بهامش جيد في يمين الورق على العادة
وجميع السطور مكملة إلى آخر الورق لا يخلى فيها للطمغة مكان
وبعد الخطبة مايناسب الابتداء إن كان أوالجواب إلى أن يتصل الكلام بالألقاب وهي الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الأكملية القانية الشاهنشاهية الولدية العزيزية الملكية الفلانية
ثم الدعاء
وفي أثناء خطابه الحضرة الشريفة تارة وتارة الحضرة العالية والدعاء في أوساطه نحو زيدت عظمته ودامت معدلته وأعلى الله مقامه وأعز الله شانه
والخطبة جميعها بالذهب المزمك
وبعدها بالأسود خلا ذكر الله تعالى أو رسوله ما أضيف إليهما أو ما يعظم ذكره كالحق والعدل وأمثالهما أو كل لقب أو نعت أو كلمة مضافة إلى المكتوب عنه أو المكتوب إليه أو ضمير فيهما فإنه بالذهب
والعنوان بألقابه كاملة وفي آخرها الدعاء له من غير توقف
قال وكان قد استقر من أمر العلامة الشريفة أن يكتب على جانب يمين السطرين الثاني والثالث وهو مما يلي بيت العلامة المشتاق محمد
ثم قال ورأيت بخط القاضي المرحوم ناصر الدين بن النشائي أن ذلك نظير الكتاب الوارد منه في رجب سنة تسع وعشرين وسبعمائة
ثم قال وقد ذكر في التعريف

ثلاثة أمور زائدة التنبيه عليها
أحدها أنه يذكر تعريفه في العنوان
فيكتب بعد ذكر الاسم خان
فيقال بوسعيد بهادرخان
ثانيها أنه تستعمل الطمغات على الأوصال
ثالثها أنه لا يكتب في ألقابه الملكية
وذكر أنه لم يكتب لأحد بهذه المكاتبة بعد السلطان أبي سعيد خلا ما ذكر القاضي ناصر الدين بن الشنائي أنه كتب نظير ذلك بعد أبي سعيد لطغاي تمرخان
قال ولو كتب بالمغلية كتب في القطع المذكور
أما الملطفات ففي قطع الثلث
وهذه نسخة مكاتبة كتب بها المقر الشهابي بن فضل الله عن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى السلطان أبي سعيد بهادرخان المقدم ذكره وهي الحمد لله الذي جعلنا بنعمته إخوانا وجمعنا على طاعته أصولا لا تتفرق أغصانا نحمده على ما أولانا ونشكره على ما ولانا ونرغب إليه في مزيد ألطافه التي شملت أقصانا وأدنانا ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة كالشمس لا تدع في الأرض مكانا ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي شيد بنا لشريعته أركانا وشد بعضنا ببعض لنكون كما شبهنا به بنانا أو بنيانا وعلى اله صلاة لا تتوانى وB أصحابه والتابعين لهم بإحسان وزادهم إحسانا وسلم تسليما كثيرا
وبعد فإن من أعظم المبهجات لدينا المنهجات لطريق السرور إلينا

الملهجات بوصف أكرم وارد علينا هو الكتاب الشريف بل السحاب المطيف بل البحر الذي يقذف دررا ويقص عن السحاب أثرا ويرفع سررا ويطلع قمرا ويطول أوضاحا وغررا ويحدث عن العجائب خبرا بل ينشر الروض حبرا ويهب الرياح سحرا ويبرق ذهبه المموه آصالا وبكرا الصادر عن الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الشاهنشاهية الأخوية القانية زادها الله شرفا وأدام بها تحفا وصاغ بها لكل سمع شنفا وأيدها بزائد مزيده حتى تقول حسبي وكفى فإنه وصل صحبة المجلس السامي الأمير الكبير المقرب المجتبى المرتضى المختار شرف الدين مجد الإسلام زين الأنام جمال المقربين مرتضى الملوك والسلاطين الحاج أحمد الأشقر والشوق إليه شديد والتطلع إليه كمثل العيد فقربناه إلينا نجيا وتلقينا منه مهديا وكأن السماء ألقت منه حليا أو أقلت كوكبا دريا أو مدت من المجرة درجا وعطفت من مهندات البروق خلجا وقدت من سواد القلوب شطر كل سطر فيها وأغارت مقلة كل ريم قام بسواد ناظره يفديها وسرحنا منه الحدق في حدائق ونفحنا به للحقائب حقائق واستطلعنا به شموس الافتقاد واطلعنا منه على نفوس نفائس الوداد وصاف منا قلبا صاديا إلى ما يروق من أخباره وشوقا إلى ما يهب من نسيم دياره وتطلعنا إلى من يرد من رسله الكرام ويقص علينا ما لا يستقصى من مواقع الغمام وعلمنا منه ومما ذكره المقرب الحاج شرف الدين أحمد ما للحضرة الشريفة عليه من نعمة يلتحف بملابسها ويقتطف من مغارسها وتجري في السيف رونقا وتزين بالكواكب أفقا وتجر على الكثبان من الشموس رداء مخلقا
وأحضرنا الحاج شرف الدين أحمد بين أيدينا الشريفة وشملناه بحسن ملاحظتنا التي زادت تشريفه وكان حضوره وركابنا الشريف بهيجان الصيد المحمود ونحن نلهج بذكره عند انتهاز كل فرصة في الصيود وما

حصلنا فيه على لذة ظفر إلا وتمنينا أن يكون له فيها مشاركة شهود أو أن يكون حاضرا يرى كيف يسهل الله لنا بلوغ كل مقصود وخرج معنا إلى المصايد وتفرج على الصائد ورأى ما حف بموكبنا المنصور من ذوات الوبر والجناح وما سخر لنا من جياد الخيول من الرياح فشاهد ما أوتينا من الملك السليماني في سرعة السير واختلاف ما جمع لنا من الإنس والوحش والطير واستغرقت أوقاتنا الشريفة في السؤال عن مزاجه الكريم وما هو عليه من السرور المستديم والتأييد الذي انقلب به أولياؤه بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم وتجددت المسرات بهذه البشائر المسرات وأضفنا هذه النعمة إلى ما نحمد الله عليه مما أيدنا به من النصر والظفر والتأييد والنعم التي توالت إلينا ونحن نرجو المزيد ونضاعف الحمد والشكر لله على هذه المواهب التي أطافت بنا بطاقاتها الثمينة وأنارت في آفاقنا أقمارها المبينة وشملت ملوك الإسلام نعمها من كل حانب وأشرقت شموسها حتى ملأت بأنوارها المشارق والمغارب
وأما ما أتحفت به من البلكات الشريفة فقد وصلت وتقبلت وقبلت وأكرمت لأن مهديها كريم وأعظمت لأنها تحفة من عظيم وأثنينا عليه بما طاب وشكر بحرنا الزاخر جود أخيه السحاب
وأما الإشارة العالية إلى تقاضي تجهيزه من الملاكمين والسوقات فقد رسمنا بالانتهاء إليه لأنه لا فرق بيننا وبين أخينا فيما يخص مراسمنا جميعا عليه وقد

جهز من الملاكمين والطين المختوم ما أمكن الآن ومنه ما كنا رسمنا باستعماله من البلكات باسمه الشريف وتأخر فلما فرغ جهز معه وبعد هذا نجهز من يتوجه إلى حضرته العالية ليجدد عهدا ويؤدي إليه ودا وما يتأخر إلا ريثما تنجلي السحب المتوالية ويمكن التوصل سالما إلى حضرته العالية
وأما غير هذا فهو أن الحاج أحمد أحضر إلينا ورقة كريمة بل درة يتيمة بخط يد الحضرة الشريفة فأعجبنا بها ووجدناها في غاية الحسن التي لا يعد زهر الرياض لها مشبها وما رأينا مثل ما كتب فيها كأن السماء قد نظمت في سطورها النجوم الزهر من دراريها فأكرم بيد كتبت سطورا اعترف بها الرمح للقلم واستمد السحاب من طروسها الكرم وجرت بجامد ذهب وسائل دم وتنافست على إثباتها صحائفه وأقلامه ودويه والجو والبروق والديم وطلعت منها تباشير النجاح وتحاسد عليها مسلك الليل وكافور الصباح واتفقت على معنى واحد وقد تنوعت قسما وأشرقت فتمنت السماء أن تكون لها صحيفة والبرق قلما فأرخصت قدر ياقوت في التقليب وحسنت بمحاسنها هجران حبيب لقد أوتيت من الخط غاية الكمال وبسطت يد ابن هلال فيه عن فم ابن هلال فأما الولي فإنه من أوليائها وأنواؤه مما فاض من إنائها طالما حدق إليه أبو علي فاختطف برقه أباه مقله وفطن ابن أسد أنه لو أدركه أبوه لنسي شبله فسبحان من صرف في يمينه القلم بل الأقاليم ووهبه من أفضل كل شيء ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )

وقد أعيد المقرب شرف الدين أحمد وحمل من المشافهات الشريفة ما تفض على أخينا عقوده وتفاض بروده والحضرة الشريفة لا نقطع أخبارها عنا التي تسر بأنبائه وتسير بنجوم سمائه لا زالت مناقبه مسموعة والقلوب على ما يجمع كلمة الإيمان مجموعة
إن شاء الله تعالى
تنبيه أما الملطفات التي كانت تكتب إلى هذا القان فقد ذكر في التثقيف أنها في قطع الثلث وكذا ما يكتب به بالمغلي فإنه يكون في القطع المذكور أيضا

الجملة الثانية في المكاتبات إلى من ملك توريز وبغداد بعد موت أبي سعيد
قد تقدم أنه ملك تورير وبغداد بعد السلطان أبي سعيد موسى خان ثم محمد بن عبدجي ثم الشيخ حسن الكبير ثم ابنه الشيخ أويس ثم ابنه حسن ثم أخوه أحمد
ومنه انتزعها تمرلنك
وذكر في التثقيف أنه ملك بعد أبي سعيد أرفاخان ثم موسى خان ثم طغاي تمرخان بعد أن ذكر أنه لم يكتب إلى أحد بعد أبي سعيد بالمكاتبة المتقدمة
ثم قال ورأيت بخط القاضي ناصر الدين بن النشائي أن مكاتبة طغاي تمرخان كانت نظير مكاتبة أبي سعيد
ثم قال وهذا يدل على أنه لم يكاتب بذلك بعد أبي سعيد غير طغاي تمرخان المذكور
قلت وقد وقفت على مكاتبة عن الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى

موسى خان المقدم ذكره من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله فيما ذكره صاحب الدر الملتقط جوابا عن كتاب ورد منه يذكر فيه النصرة على عدو له والقائم بتدبير دولته يومئذ علي باشا
بدأ فيها بعد الافتتاح بآية من القرآن الكريم في معنى النصر بقوله إلى الحضرة الشريفة إلى آخر الألقاب المناسبة من أخيه ومحبه ثم خطبة بعد ذلك مفتتحة بالحمد لله
ثم وبعد فقد ورد الكتاب الشريف
والخطاب بالحضرة الشريفة
والاختتام بالدعاء
ولا خفاء في أن هذه نحو المكاتبة إلى أبي سعيد لكني لم أقف على مقدار قطع الورق فيها ولا صورة الكتاب
وهذه نسختها ( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور )
ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم )
إلى الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الأوحدية الشاهنشاهية القانية الأخوية الأخ العزيز الكبير المعظم موسى خان أعز الله سلطانه وثبت بسعادة ملكه أوطانه
من أخيه ومحبه المخلص في حبه الصادق المودة له في بعده وقربه
الحمد لله الذي أيد الإسلام بنصره وضيق على أعدائه مجال حصره وجدد بتأييده في زمانه ما تتحلى به أعطاف عصره
نحمده عن الدين الحنيف على نصرة أضاء لها الوجود بأسره وأوقعت كل خارجي على الدين والملك في قبضة أسره ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يخلص قائلها غاية اجتهاده

ونشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده وعلى أله وصحبه صلاة تستقل ببشائرها أعباء عباده وسلم تسيما كثيرا
وبعد فقد ورد الكتاب الشريف من الحضرة الشريفة العالية السلطانية القانية أخينا وولدنا العزيز المؤيد بالنصر على الأعداء والفتح الوجيز لا زالت دولته الشريفة دائمة الإقبال متزيدة تزيد الهلال على يد المجلسين الساميين الأميرين الكبيرين عضدي الملوك والسلاطين دلنجي وكراي أدام الله تعالى عزتهما بالبشائر بنصرة الإسلام وتأييد أخينا على عدوه الخارجي على الدين والملك
وحمدنا الله تعالى على هذه النصرة وتضاعفت بها المسرة ونحن كنا خارجين بجميع العساكر والجيوش المنصورة الإسلامية لنتساعد كلنا على نصرة الإسلام
وما تأخرنا إلا لما جاءت إلينا ممارى الأخبار وما كنا تحققناها ثم تحققنا بحمد الله تعالى هذه الأخبار وضربنا لها البشائر في سائر الأقطار وعرفنا بها عناية الله تعالى بأخذ المسلمين بنواصي الكفار وقيام الجناب الكريم العالي الأمير الكبير النوين العادل المعظم علي باشا أعز الله تعالى نصرته في إعادة الحق إلى أهله وصبره على ما سبق به كل أحد إلى جميل فعله واجتهاده في هذا الأمر الاجتهاد الذي ما كان يطلب إلا من مثله وكذلك الجنابات العالية الأمراء النوينات الأكابر زيدت سعادتهم فإنهم سارعوا إلى ما كان يجب ويتعين عليهم في خدمة سلطانه ومن هو أحق بهم وأولى من عظيم عظم قانهم وما من الأمير النوين العادل علي باشا وبقية الأمراء الأكابر إلا من قام بما كان عليه من العهود وبذل اجتهاده حتى حصل بحمد الله المقصود وما قصروا في قيامهم حتى تسلم المستحق حقه وميراثه وما هو أحق به وأولى
وهم جزاهم الله الخير

قد عملوا ما يجب عليهم وبقي ما يجب على الحضرة الشريفة من الإحسان إليهم
وأما قول الحضرة الشريفة إنه مثل ولدنا فهو هكذا مثل الولد وأعز من الولد وكل أحد منا لأخيه في الاتفاق على المصالح الإسلامية عضد ويد وذخر وسند وقد سبق من تآلف القلوب ما اشتدت به الآن أواخيه وأضحى له منا شفقة الوالد على الولد وتوقير الأخ لأخيه وقد أعدنا رسله الكرام وحملناهم مشافهة ووصية للحضرة الشريفة في أمور تقتضيها مصلحته فإنه عندنا أعز من الولد
وما القصد إلا الاتفاق على مصالح الإسلام وما فيه نظام كلمة الوفاق والوئام فيديم المواصلة بكتبه وأخباره السارة والله تعالى يديم مساره ويضاعف مباره إن شاء الله تعالى
ولم أقف لهذه المكاتبة على قطع الورق والظاهر أنها في قطع النصف لما سيأتي أنه الذي عليه الحال في مكاتبة صاحب بغداد وتورير فيما بعد إن شاء الله تعالى
واعلم أن صاحب التثقيف قد ذكر أن المكاتبة إلى الشيخ أويس صاحب بغداد وتورير وابنه حسن بعده في ورق قطع النصف
ورسمها أعز الله تعالى أنصار المقام الشريف العالي الكبيري السلطاني العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المنصوري الملكي الفلاني بلقب السلطنة الفلاني بلقبه الخاص
والدعاء بما يناسبه أصدرناها إلى المقام الشريف تهدي وتبدي والقصد من المقام الشريف
ويختم بدعاء يناسب مثل أعز الله أنصاره ونحو ذلك
ومخاطبته بالمقام الشريف
والعنوان المقام الشريف إلى آخر الألقاب المذكورة
والدعاء أعز الله تعالى أنصاره
وتعريفه فلان بهادرخان مثل أن يقال الشيخ حسن

بهادرخان
والعلامة إليه أخوه
قال في التثقيف وكان الشيخ أويس المذكور عند استقراره بتورير وبغداد يكتب له المقام العالي ثم كتب له بعد ذلك المقام الشريف
وهذه نسخة مكاتبة كتب بها إلى الشيخ أويس المقدم ذكره جوابا عن كتاب ورد منه من إنشاء القاضي تقي الدين ابن ناظر الجيش حين كان يكتب إليه المقام العالي لابتداء أمره على ما تقدم وهي أعز الله تعالى أنصار المقام العالي إلى آخر ألقابه ولا زال الملك زاهرا زاهيا بشرف سلطانه والفلك يجري بإعزاز قدره وإحراز نصره مدى زمانه والفتك منه بالأعداء يسر الأولياء من أهل مودته وإخوانه وسلك جواهر عقد ولائه منظما من الإخلاص بجمانه ولا برح مؤيدا بأنصار الإسلام وأعوانه مجددا سعده الذي يبلغه جميل أوطاره في جميع أوطانه
أصدرناها إلى المقام العالي تصف ما لدينا من المحبة التي ظهر دليلها بواضح برهانه وتبث إلينا مكنون المودة التي تغنى عن صريح القول وتبيانه وتبدي لعلمه الكريم أن كتابه الكريم ورد على يد فلان رسوله فأقبلنا عليه وصرفنا وجه الكرامة إليه وعلمنا ما تضمنه من محبته وموالاته ومخالصته ومصافاته وما اشتمل عليه ضميره من صحيح الوداد وصريح الاتحاد وجميل الاعتقاد وجزيل المخالصة التي يتم بها الأمل والمراد
وأن المقام العالي جهز رسوله المشار إليه ليوضح إلينا ما هو عليه من ذلك وينهي إلينا أسباب الائتلاف التي عمرت أرجاء الجهتين هنا وهنالك ويبدي ما تحمله عنه من المشافهات وتفهمه من الرسائل والإشارات وقد أحطنا علما بذلك ووصل رسوله المذكور وتمثل

بمواقف سلطاننا المنصور وشمله إقبالنا الشريف وإنعامنا المطيف وسمعنا جميع كلامه وما تحمله من المشافهة الكريمة من عالي مقامه وشكرنا محبة المقام العالي ووده الجميل وأثنينا على موالاته التي لا نميد عنها ولا نميل وابتهجنا بسلامة مقامه الجليل
وقد أعدنا فلانا رسوله المذكور بهذا الجواب الشريف إلى المقام العالي أعز الله أنصاره فيتحف بمكاتباته ومهماته والله تعالى يمده بالتأييد في حركاته وسكناته ويعز نصره ويزيد في حياته
أما المنفرد بتورير خاصة فقد ذكر في التثقيف أن المكاتبة إلى الأشرف ابن علاء الدين تمرتاش الذي كان قد وثب على تبريز خاصة فملكها في قطع الثلث بقلم التوقيعات ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري وبقية الألقاب والنعوت ومنها النويني
ثم الدعاء
صدرت هذه المكاتبة إلى الجناب العالي وتوضح والعلامة أخوه
وتعريفه الأشرف بن تمرتاش
ثم ذكر أن أخي جق الذي وثب عليه وقتله واستولى على تبريز بعده استقرت مكاتبته كذلك وأنه كان يكتب في تعريفه أخي لا غير
ثم قال وقد ماتا وبطل ذلك
أبو بكر بن خواجا على شاه وزير صاحب تبريز الاسم والسامي وتعريفه أبو بكر ابن الخواجا المرحوم علي شاه
قال في التثقيف ولم أعلم وزر في زمن من من المتولين
عمر بك أحد أمراء الأشرف بن تمرتاش صاحب تبريز في قطع الثلث الدعاء والعالي والعلامة أخوه وتعريفه عمر بك
قال في التثقيف وهذا ممن بطل حكمه بزوال مخدومه

الجملة الثالثة في رسم المكاتبة إلى من انطوت عليه مملكة إيران ممن جرت عادته بالمكاتبة عن الأبواب السلطانية في أيام السلطان أبي سعيد فمن بعده وهم ثمانية أصناف

الصنف الأول كفال المملكة بحضرة القان وهم على ضربين
الضرب الأول كفال المملكة بالحضرة في زمن القانات العظام كأبي سعيد ومن
قبله من ملوكهم حين كانت المملكة على أتم الأبهة وأعلى الترتيب
قد تقدم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثالثة أن القائم بتدبير العسكر لهذه الدولة حين كانت قائمة على نمط القانية المتقدم إلى آخر زمن أبي سعيد أربعة أمراء يعبر عنهم بأمراء الألوس ويعبر عن أكبرهم ببكلاري بك بمعنى أمير الأمراء
وربما أطلق عليه أمير الألوس أيضا
والقائم بتدبير الأمور العامة هو الوزير
فأما الأمراء المذكورون فقد كان كل من الأمراء الأربعة والوزير يكاتب عن الأبواب الشريفة السلطانية
وقد ذكر في التعريف أن المكاتبة إلى بكلاري بك في قطع النصف أعز الله تعالى نصر المقر الكريم
وإلى الثلاثة الذين دونه في قطع الثلث أدام الله تعالى نصر الجناب الكريم
وأنه يقال لكل من الأربعة النويني
ثم قال ومثل هذا مكاتبة أرتنا بالروم وأمير

التومان بديار بكر من سوناي وبنيه وكذلك سائر الأمراء النوينات وهم أمراء التوامين
والذي ذكره في التثقيف أن المكاتبة إلى الشيخ حسن الكبير أمير الألوس كانت على ما استقر عليه الحال إلى حين وفاته ببغداد في قطع الثلث بقلم التوقيعات أعز لله تعالى أنصار الجناب الكريم العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي الزعيمي العوني الغياثي المثاغري المرابطي الممهدي المشيدي الظهيري النويني الفلاني عون الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين ناصر الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين ممهد الدول عماد الملة عون الأمة كافي الدولة القانية كافل المملكة الشرقية آمر التوامين أمير الألوس ظهير الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
والدعاء أربع قرائن أو أكثر أصدرناها إلى الجناب الكريم وتبدي والقصد من الجناب الكريم
والعلامة أخوه
وتعريفه الشيخ حسن ألوس بك
قال في التثقيف ولما توفي الشيخ حسن المذكور إلى رحمة الله تعالى لم يقم غيره مكانه فيما أظن ولا كوتب أحد بعده بهذه المكاتبة
قال والنويني في ألقاب هؤلاء بدل الكافلي في ألقاب النواب يعني بالمملكة المصرية والشامية
ثم قال وهو نعت يستعمل دائما لأهل تلك البلاد ولا يستعمل الكافلي أصلا
وهذا عجيب منه فقد أثبت هو الكافلي في الألقاب التي أوردها في المكاتبة إلى الشيخ حسن الكبير
وأما الوزير بهذه المملكة فقد ذكر في التعريف أن رسم المكاتبة إليه

في قطع الثلث ضاعف الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري الوزيري على عادة المكاتبات إلى الوزراء بألقاب الوزارة
قال فإن لم تكن له إمرة فيقال له الوزيري ولا يقال له الصاحبي لهوانها لديهم
ولم يتعرض في التثقيف إلى المكاتبة إلى وزير هذه المملكة ولا إلى الأمراء الثلاثة الباقين من أمراء الألوس بل عدل عن ذلك إلى المكاتبة إلى الوزير ببلاد أزبك
وسيأتي ذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى
قتل وقد محيت رسوم تلك المملكة وعفت آثارها بزوال ترتيب المملكة بموت السلطان أبي سعيد آخر ملوك بني جنكزخان بهذه المملكة
وإنما ذكرنا ذلك حفظا لما كان الأمر عليه لاحتمال طرو مثل ذلك فيما بعد فينسج ما يأتي على منوال ما مضى ويجري في المستقبل على منهاج الماضي فالأمور ترتفع ثم تنخفض وربما انخفضت ثم ارتفعت
والله تعالى يقول ( وتلك الأيام نداولها بين الناس )

الضرب الثاني كفال المملكة بالحضرة بعد موت أبي سعيد
قد ذكر في التثقيف منهم جماعة منهم محمد الكازروني وزكريا وزيرا الشيخ أويس
وقد ذكر أن رسم المكاتبة إلى كل منهما في قطع العادة صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأجلي الكبيري الأوحدي المقدمي المنتخبي الفلاني مجد الإسلام بهاء الأنام شرف الرؤساء أوحد الأعيان صفوة الملوك والسلاطين
ثم الدعاء
والعلامة الاسم الشريف وتعريفه فلان وزير الشيخ أويس بهادرخان

ومنهم الطواشي مرجان نائب القان أويس ببغداد ولقبه أمين الدين بالس
ورسم المكاتبة إليه والده والسامي بالياء
وتعريفه خواجا مرجان
ومنهم محمد فلتان نائب الشيخ أويس أيضا
وذكر أن رسم المكاتبة إليه مثل المكاتبة إلى مرجان
والعلامة الاسم الشريف
وتعريفه فلتان نائب الشيخ أويس
قلت فإن اتفق أن أقيم لصاحب بغداد كأحمد بن أويس ومن في معناه مثل هؤلاء كانت المكاتبة إلى كل منهم نظير مثله من المذكورين بحسب ما يقتضيه الحال
الصنف الثاني ممن جرت العادة بمكاتبته بمملكة إيران عن الأبواب السلطانية صغار الملوك المنفردين ببعض البلدان والحكام بها ممن هو بمملكة إيران
قد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أن مملكة إيران تشتمل على عدة من الأقاليم داخلة في حدودها منتظمة في سلكها
وقد ذكر في التعريف جملة من المكاتبات عن الأبواب السلطانية إلى بعض هؤلاء الملوك
وخالفه في التثقيف في بعض المواضع وزاد عليه عدة مكاتبات
وها أنا أذكر ما ذكراه من ذلك وأزيد ما اتفق زيادته مميزا لكل إقليم من أقاليم هذه المملكة بمن فيه من الملوك والحكام ومن جرى مجراهم
فممن جرت العادة بمكاتبته من الملوك والحكام بالجزيرة الفراتية مما بين دجلة والفرات من ديار بكر وربيعة ومضر وغيرها على ما تقدم ذكره في المسالك والممالك في المقالة الثالثة
صاحب ماردين وقد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة ذات قلعة

حصينة بديار بكر من هذه الجزيرة وأنها بيد بقايا بني أرتق المستقلين بملكها من قديم الزمان وإلى الآن
ورسم المكاتبة إليه فيما ذكره في التعريف أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم العالي الكبيري الملكي الفلاني الفلاني يعني باللقب الملوكي واللقب المضاف إلى الدين مثل الصالحي الشمسي وما أشبه ذلك ثم الدعاء قال في التثقيف ثم يقال أصدرناها إلى المقر الكريم وتبدي لعلمه الكريم
فيتقدم أمره الكريم
ويختم بما صورته فيحيط علمه الكريم بذلك
والدعاء
والعلامة أخوه
وتعريفه صاحب ماردين
وورقة قطع العادة
ثم قال ويتعين أن تكون ألقابه إلى آخر اللقب الملوكي سطرين سواء وأن يكون لقبه العادي كالفخري مثلا أول السطر الثالث
وقد ذكر في التعريف ثلاثة صدور لمكاتبة تتعلق بصاحبها في زمانه وهو الصالح شمس الدين صالح
أحدها ولا زال ملكا تاجه المدائح ومنهاجه المنائح وطريقته إذا وصفت قيل هذه طريقة الملك الصالح
أصدرناها إليه وشكرها تسوقه إليه حداة الركائب وتشوق منه إلى لقاء الحبائب وتثني على مكارمه التي كلما أقلعت منها سحائب أعقبت بسحائب وتوضح للعلم الكريم
الثاني ولا زالت شمسه في قبة فلكها وسماء ممالكه مملوءة حرسا شديدا وشهبا بملكها ونعمة تتعب البحار إذا وقفت في طريقها والغمائم إذا جازت في مسلكها
أصدرناها إليه والسلام متنوع على كرمه متضوع بأطيب من أنفاس

المسالك في نعمه متسرع إليه تسرع مواهبه إلى وفود حرمه
وتوضح للعلم الكريم
الثالث ولا زالت العفاة تلتحف بنعمائه وتنتجع مساقط أنوائه وتستضيء منه بأشرق شمس طلعت من الملك سمائه أصدرناها وثناؤها يسابق عجلا ومدائحها تجيد مترويا ومرتجلا وشكرها لو رصع مع الجواهر لأقام عذر الياقوت إذا اكتسى خده الحمرة خجلا وتوضح للعلم الكريم
قلت وعلى نمط هذه الصدور يجري الكاتب فيما يكتبه إلى صاحبها مناسبا لحاله ولقبه بحسب ما يقتضيه الحال من المناسبات
وهذه نسخة كتاب كتب به إلى الملك الصالح شرف الدين محمود بن الصالح صالح جوابا عما ورد به كتابه من وفاة والده المنصور أحمد
نقلتها من مجموع بخط القاضي تقي الدين ابن ناظر الجيش وهو أعز الله تعالى نصرة المقر الكريم إلى آخر ألقابه ولا زال الملك باقيا في بيته الكريم والفلك جاريا بإظهار شرفه العميم وأعظم له الأجر في أكرم ملك انتقل إلى جنات النعيم وهنأه بما أورثه من ذلك المحل الأسنى الذي هو الأولى فيه بالتقديم وضاعف لسلطانه الصالح علو جده بما منحه من ملكه الموروث عن المنصور أبيه والصالح جده وبما خصه من إقبالنا الشريف وإحساننا المستديم
أصدرناها معربة عن الود الثابت الصميم مهنئة له بقيامه بأمور مملكته التي تجملت بمحمود صفاته ومن سلف من أسلافه في الحديث والقديم مبدية لعلمه الكريم أن مكاتبته الكريمه ومخاطبته التي فضحت من الدر نظيمه وردت على أبوابنا الشريفة على يد فلان فأقبلنا عليها وألفتنا وجه الكرامة إليها وعلمنا ما ضمنته من استمساك المقر الكريم بأسباب الوداد وإقتفائه في ذلك سبيل الآباء والأجداد وما شرحه في معنى ما قدره الله تعالى من وفاة والده طاب ثراه مستمرا

على الإخلاص في الطاعة الذي لم يكن شانه شين ولا اعتراه وأنه مضى إن شاء الله تعالى إلى الجنة وقد خلف من خلفه وارتضى بما نال من الرضا عما قدمه من العمل الصالح وأسلفه وما أبداه من أنه إن اقتضت مراسمنا الشريفة وآراؤنا العالية أن يقوم مقامه ويرعى في حقوقه ومصالح تلك المملكة ذمامه فنرسم بإجرائه على السنة المعتاده من إحسان بيتنا الشريف الذي بدأ به وأعاده وإلا فتبرز الأوامر الشريفة بمن يسد اختلالها ويسدد أحوالها ويشيد مبانيها ويصلح أعمالها ليقصد المقام الشريف بأبوابنا الشريفة سالكا سبيل الطاعة المبين منتظما في سلك أوليائنا المقربين إلى غير ذلك مما حمله لأستاد داره من مشافهته وجميل مقاصده ووافر محبته وطاعته وقد أحطنا علما بذلك وسمعنا المشافهة المذكورة وشكرنا محبته المأثورة وإخلاصه في الخدمة الشريفة وجميل الموالاة التي تمنحه تكريمه وتشريفه واستمساكه بسنة آبائه الكرام واجتهاده في المناصحة والطاعة التي لا تسامى من مثله ولا تسام ونحن نعرف المقر الكريم أن محله ومحل بيته الكريم لم يزل لدينا رفيعا مقداره عاليا مناره وأن مكانته من خواطرنا الشريفة متمكنة ومنزلته قد صحت أحاديثها المعنعنة وهو الأحق بمحل ملكه والأولى بأن يكون من نظام عقود ملوكه واسطة سلكه وقد اقتضت آراؤنا العالية أن يقوم مقام والده المرحوم ويحل محل هذه السلطنة ليعلو قدره بإقبالنا الشريف على زهر النجوم وليجلس بمكانه وليبسط المعدلة لتكون حلية زمانه وليستنصر على أعدائنا وأعدائه بأنصار الملك وأعوانه وليستقر على ما هو عليه من المحافظة على الوداد وليستمسك بعرى الإخلاص المبرإ من شوائب الانتقاد وليقتف في ذلك سبيل سلفه الكريم وليواصل بمكاتباته وأخباره على سننهم القويم وقد أعدنا إستاد داره بهذا الجواب الشريف إليه
واعلم أنه قد ذكر في التثقيف أن ممن يكتب إليه عن الأبواب السلطانية من أتباع صاحب ماردين نائبه وذكر أنه كان اسمه في زمنه بهادر
وأن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء وكذلك نائب الصالحية من عمل ماردين

وأن رسم المكاتبة إليه الاسم ومجلس الأمير
فليجر الكاتب على سنن ذلك إن احتج إلى مكاتبتهما
صاحب حصن كيفا وهي مدينة من ديار بكر من بلاد الجزيرة بين دجلة والفرات
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك نقلا عن التعريف أن صاحبها من بقايا الملوك الأيوبية وممن تنظر إليه ملوك مصر بعين الإجلال لمكان ولائهم القديم لهم واستمرار الوداد الآن بينهم
ورسم المكاتبة إلى فيما ذكره في التعريف أدام الله نعمة المجلس العالي الملكي الفلاني باللقب الملوكي العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري الأوحدي الأصيلي الفلاني باللقب المتعارف عز الإسلام والمسلمين بقية الملوك والسلاطين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم جيوش الموحدين شرف الدول ذخر الممالك خليل أمير المؤمنين
وربما قيل عضد أمير المؤمنين إذا صغر
وذكر في التثقيف ما يخالف في بعض ذلك فقال إن مكاتبته أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري الأوحدي الفلاني باللقب الملوكي واللقب المتعارف
عز الإسلام والمسلمين زعيم جيوش الموحدين
ذخر الملة سليل الملوك والسلاطين عضد أمير المؤمنين
ثم الدعاء
صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي
والعلامة أخوه وتعريفه صاحب حصن كيفا
قال والكتابة إليه في قطع العادة
قد ذكر في التعريف صدورا لمكاتبته
صدر واستعاد به من الدهر من عهود سلفه ما تسلف وحاز له من مواريث الملك أكثر مما خلى له أوله وما خلف وحط للرحال في حصن كيفا به على ملك أما المستجير به فيتحصن وأما فضله فلا يكيف وأعان السحاب الذي كل عن مجاراته ويجري هو ولا يتكلف
أصدرت هذه المكاتبة إليه ونوءها يصوب

ولألاؤها تشق به الظلماء الجيوب وثناؤها على حسن بلائه في طاعة ربه يقول له صبرا صبرا كما تعودتم يا آل أيوب
صدر آخر وشد به بقية البيت وحيا طلله البالي وأحيا رسمه الميت وذكر به من زمان سلفه القديم ما لا يعرف فيه هيت وأبقى منه ملكا من بني أيوب لا يثني وعده اللي ولا يقال فيه ليت ونور الملك بغرته لا بما قرع السمع عن الشمع وورد المصابيح من الزيت وحفظ منه جوادا لو عينه أخوه السحاب على السبق لقال له هيهات كم خلفت مثلك خلفي وخليت
أصدرت هذه المكاتبة إليه أعز الله جانبه والتحيات موشحة بنطقها مصبحة لسجاياه الكريمة بخلقها ساحبة إليه ذيل خيلائها لأنها إذا اختالت به تختال وبسببه على السرور تحتال
ملوك كيلان قال في التعريف وهم جماعة كل منهم مستقل بنفسه منفرد بملكه على ضيق بلادهم وقرب مجاورة بعضهم من بعض
وقد تقدم الكلام على بلادهم في المسالك والممالك
قال في التعريف ورسلهم قليلة وكتبهم أقل من القليل
ورسم المكاتبة إلى كل منهم على ما ذكره في التعريف نحو ما يكتب إلى صاحب حصن كيفا
يعني يكتب لكل منهم أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الملكي الفلاني إلى آخر ما تقدم هناك
قال في التعريف إلا صاحب يومن فإنه يكتب له بالجناب
وهو مثلهم في بقية الألقاب
قال في

التثقيف ولم أر لهم مكاتبة ولا كتب لهم في مدة مباشرتي بديوان الإنشاء الشريف شيء غير أني رأيت بخط المولى القاضي المرحوم زين الدين خضر أنه كتب أمثلة شريفة إلى جماعة منهم حرم الدين
بيومن ثم قال وهذا هو الذي ذكر القاضي شهاب الدين أن مكاتبته أعلى مكاتباتهم وأنه يكتب إليه الجناب
قال وما يبعد أن الجماعة الذين كتب إليهم على ما ذكر القاضي زين الدين المشار إليه هم من جملة ملوك كيلان
ثم عدد من كتب إليه منهم فقال وهم نوباذ شاه وسالوك ولده في قطع العادة
ورسم المكاتبة إليهما خلد الله تعالى سعادة الجنابين الكريمين العاليين الكبيريين العادليين المجاهديين المرابطيين الملكيين الشرفي والسيفي
والدعاء والعلامة أخوهما
والعنوان سطران
وتعريفهما نوباذ شاه وسالوك ولده صاحبا كوحسفا
ناصر الدين بهلوان وشرف الدين شرف الدولة صاحبا لاهجان مثل ذلك سواء
فلك الدين صاحب دشت كذلك
حسام الدين صاحب يومن كذلك
ثم قال نقلا عن ابن الزيني خضر أيضا وقيل إن حسام الدين هذا كان صاحب يومن وصاحبها الآن أخوه على ما ذكره محمود بن إبراهيم بن اسفندار الكيلاني حين كتب إليهم
قلت وهؤلاء هم ملوك كيلان وهذه مدنهم على ما تقدم في المسالك والممالك
والعجب كيف وقع الشك في ذلك من صاحب التثقيف حتى قال وما يبعد
وأما التسوية في الآخر بين صاحب يومن وغيره فيجوز أن قدره انحط بعد زمن صاحب التعريف أو جهل الكاتب الثاني مقداره

صاحب هراة وهي مدينة من خراسان
قال في التعريف ولا يجري على الألسن الآن إلا صاحب هرى
قال وكان ملكها الملك غياث الدين
ولم أسمع أعجميا يقول إلا قياس الدين
وكان ملكا جليلا نبيلا مفخما معظما له مكانة عند الملوك الهولاكوهية ومنزلة رفيعة علية
وكان بينه وبين النوين جوبان مودة أكيدة وصداقة عظيمة فلما دارت به دوائر الزمان وأفضت به الحال إلى الهرب لجأ إلى صاحب هرى هذا على أنه يسهل له الوصول إلى صاحب الهند أو إلى ملك ما وراء النهر فأجابه وأنزله وبسط أمله وأسر له الخداع حتى اطمأن إليه فأصعده إلى قلعته ليضيفه فصعد ومعه ابنه جلوقان وهو ابنه من خوندة بنت السلطان خدابندا وجلوقان هذا هو الذي أجيب إلى تزويجه ببنت السلطان الملك الناصر وعلى هذا تمت قواعد الصلح
وبنى جوبان أمره على أنه بعد التزويج يأخذ له ملك بيت هولاكو بشبهة أنه ابن بنت خدابندا وأنه لم يبق بعد أبي سعيد من يرث الملك سواه
ثم يستضيف له ملك مصر والشام بشبهة أن بنت صاحب مصر هي التي ترث الملك من أبيها فحالت المنايا دون الأماني
وحال صعود جوبان وابنه جلوقان القلعة أمسكهما غياث الدين وخنقهما ليتخذ وجها بذلك عند أبي سعيد وبعث بذلك إلى أبي سعيد فشكر له إمساكهما وأنكر عليه التعجيل في قتلهما فاعتذر بأنني لو لم أقتلهما لم آمن استعداد من معهما لمحاصرتي فقبل عذره وطلب منه إبهام جوبان ليعرف أنه قد قتله وكان فيه زيادة سلعة ظاهرة يعرف بها فجهزه إليه فأكرم رسله وبعث إليه بالخلع وأمر بإصبع جوبان فطيف بها في الممالك
ثم سألت بغداد خاتون بنت

جوبان امرأة أبي سعيد وكان شديد الكلف بها في نقل أجسادهما فنقلت فعقدت لهما المآتم ثم أمرت بحملهما إلى مكة المعظمة ثم إلى المدينة المشرفة ليدفنا في التربة الجوبانية التي كان جوبان أعدها لدفنه في حال حياته فمكنت من ذلك إلا من الدفن فإنهما دفنا بالبقيع
ثم حضر غياث الدين حضرة أبي سعيد فأكرم وأعطي العطايا السنية ثم لم يلبث أن مات وولي ابنه
قال ولم يكن صاحب هذه المملكة ممن يكاتب عن السلطان حتى كانت واقعة جوبان فكتب إليه
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التعريف أعز الله تعالى نصر المقر الكريم العالي العالمي العادلي المجاهدي المؤيدي المرابطي المثاغري الأوحدي الملك الفلاني شرف الملوك والسلاطين خليل أمير المؤمنين
قال في التثقيف ولم أطلع على ما يكتب إليه سوى ما ذكره القاضي شهاب الدين بعد واقعة جوبان
قال والذي يظهر لي أنه لم يكاتب بعد ذلك هو ولا من قام مقامه لأنه لم تكن له مكاتبة مشهورة متداولة بين الموالي الجماعة ولا كتب إليه في مدة مباشرتي شيء
على أن القاضي شهاب الدين لم يذكر تعريفه

الحكام بهذه المملكة من جرت العادة بمكاتبته من الحكام بالجزيرة الفراتية
من هذه المملكة
الحاكم بشمشاط وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنها بلدة من ديار مضر بين آمد وخرت برت
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بشمشاط
الحاكم بميافارقين وقد تقدم في المسالك والممالك أنها قاعدة ديار بكر
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بميافارقين
الحاكم بجيزان وقد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة من ديار بكر قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بجيزان وهو معدود في التثقيف في جملة الأكراد
الحاكم بجزيرة ابن عمر وقد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة صغيرة على دجلة من غربيها
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة له الاسم
وتعريفه الحاكم بجزيرة ابن عمر
وذكره في التثقيف في جملة الأكراد وقال كان بها عز الدين أحمد اليخشي
وذكر أن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه أحمد بن سيف الدين اليخشي الحاكم
واستقر بعد وفاته ولده عيسى وورد كتابه في صفر سنة أربع وستين وسبعمائة أخبر فيه بوفاة والده واستقراره مكانه
على أنه قد ذكر معبرا عنه بصاحب الجزيرة وسماه بكلمش
وذكر أن المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
الحاكم بسنجار وقد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة من ديار ربيعة
قال في التثقيف وكان قد كتب لشيخو الحاكم بها مرسوم شريف بأن يكون نائبا بها حسب سؤاله في سنة ثلاث وستين وسبعمائة
قال وكانت المكاتبة إليه أولا الاسم ومجلس الأمير وكتب له حينئذ السامي بغير ياء

الحاكم بتل أعفر وقد تقدم في المسالك والممالك أنها قلعة بين سنجار والموصل
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة له الاسم وتعريفه الحاكم بتل أعفر
الحاكم بالموصل وقد تقدم في المسالك والممالك أنها قاعدة بلاد الجزيرة كلها في القديم حيث كانت بيد الجرامقة
قال في التثقيف والمكاتبة إليه في قطع العادة الاسم وصدرت والسامي
وتعريفه الحاكم بالموصل
ورأيت في بعض الدساتير أن العلامة استقرت له والده عند استقراره نائب السلطنة بها
الحاكم بالحديثة وقد تقدم في المسالك والممالك أنها بلدة على الفرات
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
وتعريفه الحاكم بالحديثة
وهي غير حديثة الموصل
وهي بلدة شرقي دجلة تعد في بلاد العراق
الحاكم بعانة وقد تقدم في المسالك والممالك أنها بلدة صغيرة على جزيرة في وسط الفرات
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
وتعريفه الحاكم بعانة
ورأيت في بعض الدساتير أن المكاتبة إليه السامي بغير ياء
الحاكم بتكريت وفي التثقيف صاحب تكريت
وقد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة من آخر مدن الجزيرة بين دجلة والفرات
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه مثل الحاكم بالموصل فتكون في قطع العادة
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بتكريت
الحاكم بقلعة كشاف وقد تقدم في المسالك والممالك أنها في الجنوب

عن الموصل بين الزاب والشط وأنه عدها في تقويم البلدان من بلاد الجزيرة مرة ومن عراق العجم أخرى
وأنه أوردها في التثقيف بإثبات الألف واللام
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه مثل حاكمي عانة والحديثة فتكون المكاتبة إليه السامي بالياء
ورأيت في بعض الدساتير أن المكاتبة إليه السامي بغير ياء
وتعريفه الحاكم بقلعة كشاف
الحاكم بإسعرد وهي سعرت
قد تقدم في المسالك والممالك أنها مدينة من ديار ربيعة
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير
وحينئذ فتكون في قطع العادة
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بإسعرد
صاحب حاني ويقال لها حنا
وهي مدينة من ديار بكر
وقد ذكر في التثقيف أن صاحبها تاج الدين
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
من جرت العادة بالمكاتبة إليه بالجانب المختص ببني جنكزخان من بلاد الروم من مارية وما معها
أرتنا الذي كان قائما بهذه البلاد عن بني هولاكو من التتر
ورسم المكاتبة إليه في قطع الثلث ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري النويني الفلاني عز الإسلام والمسلمين سيد الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
والدعاء والسلام
والعلامة أخوه
وذكر في التثقيف أنه كتب إلى ولده محمد بعده كذلك في قطع الورق

والمكاتبة والعلامة
وأنه كتب إلى علي بك بن محمد المذكور بعده كذلك إلا في العلامة فإنه استقرت له والده وكتب تعريفه علي بك ابن أرتنا
من جرت العادة بمكاتبته من الحكام ببلاد العراق
الحاكم بهيت وعبر عنه في التعريف بصاحب هيت
وقد تقدم في المسالك والممالك أنها شمالي الفرات من أعمال بغداد
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء وتعريفه الحاكم بهيت
الحاكم بالقنيطرة وقد تقدم في المسالك والممالك أنها بلدة بالقرب من مرسى الحلة
قال في التثقيف والمكاتبة إليه السامي بالياء
والعلامة الاسم
وتعريفه الحاكم بالقنيطرة
ثم قال وآخر ما استقرت مكاتبته عليه السامي بغير ياء
وعبر عنه في موضع آخر بإبراهيم صاحب القنيطرة
وذكر أن المكاتبة إليه الاسم والسامي
وأن تعريفه اسمه خاصة
من جرت العادة بمكاتبته من الحكام ببلاد الجبل وهي عراق العجم
الحاكم بإربل وعبر عنه في التثقيف بصاحب إربل
قال في التثقيف كان بها الشريف علاء الدين علي الدلقندي ثم استقر بها الشريف يحيى ثم استقر بها علي ولده
قال والمستقر بها الآن على ما تحرر في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة أسد الدين أسد
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه الحاكم بإربل

صاحب قاشان وسماها في التثقيف قيشان
ورسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء
صاحب باب الحديد المعروفة عند الترك بتمر قابو
وهي باب الأبواب
قال في التثقيف كان بها كاووس وكتب إليه جواب في ثاني عشر ربيع الأول سنة اثنتين وستين وسبعمائة أويس في قطع الثلث والدعاء والعالي
وتعريفه اسمه لا غير
من جرت العادة بمكاتبته من الحكام ببلاد فارس
الحاكم بشيراز وقد تقدم في المسالك والممالك أنها قاعدة بلاد فارس
قال في التثقيف والمستقر بها على ما تحرر في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة شاه شجاع أخو شاه ولي
وذكر أنه لم يكتب إليه في مدة مباشرته من ديوان الإنشاء ولا وقف على مكاتبة إليه
ثم قال غير أنه يمكن أن تكون المكاتبة إليه نظير المكاتبة إلى الأشرف تمرتاش المستولي على تبريز فإنه قال إن شيراز قدر تبريز ونظيرها
فعلى هذا يكون رسم المكاتبة إليه في قطع الثلث ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري وبقية الألقاب والنعوت
ويكون فيها النويني كما في مكاتبة المستولي على تبريز
من جرت العادة بمكاتبته ببلاد كرمان
صاحب هرمز قد تقدم في المسالك والممالك أن قاعدة كرمان القديمة السيرجان وأن هرمز فرضة كرمان وأنها خربها التتر عند خروجهم على تلك البلاد بكثرة الغارات وانتقل معظم أهلها إلى جزيرة ببحيرة بحر فارس على القرب منها

تسمى وزرون
وقد كتب إلى صاحبها عن سلطان العصر الملك الناصر فرج ابن الظاهر برقوق في سنة ثلاث عشرة وثمانمائة مفاتحة في قطع
من جرت العادة بمكاتبته من بلاد أرمينية وأران وأذربيجان
النائب بخلاط من أرمينية قد تقدم في المسالك والممالك أنها كانت قاعدة بلاد الكرج
قال في التثقيف ويقال إن حاكمها من الأكراد واسمه أبو بكر ابن أحمد بن أزبك
ثم قال ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء فيكون في قطع العادة
وتعريفه النائب بخلاط
الحاكم بحصن أرزن وهي أرزن الروم
قال في التثقيف وهو على ما اتضح آخرا في رمضان سنة ست وسبعين وسبعمائة علاء الدين علي بن قرا
وردت مكاتبته أن صاحب حصن كيفا ابن خاله
ورسم المكاتبة إليه على ما في التثقيف مثل صاحب حصن كيفا من غير زيادة ولا نقص
على أنه في التعريف قد ذكر أن المكاتبة إليه السامي بالياء
قال في التثقيف والصحيح ما تقدم فإني كتبت إليه بهذه المكاتبة مرات وهو المتداول بين الموالي الجماعة إلى آخر وقت
وقد تقدم في المسالك والممالك أنها في آخر بلاد الروم من جهة الشرق
صاحب بدليس قد ذكر في التعريف أنه كان في زمانه الأمير شرف الدين أبو بكر
وقال إنه يتهم بمذهب النصيرية
ثم قال وبلده صغير ودجلة

يسير وعمله ضيق
وهو طريق المارة وقصاد الأبواب السلطانية إلى الأردو إذا لم يكن بالعراق وله خدمة مشكورة
وعدة في التثقيف في جملة الأكراد
قال في التعريف ورسم المكاتبة إليه صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري أسوة الأمراء
وذكر في التثقيف أنه كان بها ضياء الدين أبو الفوارس الروشكي أخو الغرس بالو وأن المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
وتعريفه صاحب بدليس
وأنه استقر بعده ولده الرحاح وكوتب بمثل ذلك سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة
صاحب موقان وهي موغان
وسماها في التثقيف ميوغان
قال في التثقيف وكان بها محمد شاه بن أميرشاه وكتب إليه مستجدا في سنة سبع وستين وسبعمائة السامي بغير ياء
النائب بخرت بربت وهي حصن زياد
ذكره في التثقيف من جملة تركمان البلاد الشرقية وذكر أن اسمه يومئذ باليس وأن رسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
وتعريفه اسمه ثم قال وهكذا كان يكتب إلى صاحب خرت برت قبله
ثم ذكر أنه رأى بخط القاضي شهاب الدين بن الصفدي أنه استقر بها علاء الدين بن خالد المليكشي بعد حسام الدين خربندة وأن مكاتبته السامي بالياء

الصنف الثالث ممن يكاتب بهذه المملكة العربان وهم عبادة وخفاجة
وقد تقدم في الكلام على أنساب العرب أن نسبهما في عامر بن صعصعة من قيس عيلان
وأجل من يكتب إليه منهم رسمه هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأمير
على أن صاحب التثقيف قد ذكر أنه لم يطلع على مكاتبة إليهم

الصنف الرابع ممن يكاتب بههذ المملكة التركمان
قال في التثقيف والأكابر في البلاد الشرقية الذين يكتب إليهم من هذه الطائفة مفردا قليل
أما بقيتهم من تركمان الطاعة الشريفة فقد يكتب إليهم عند المهمات مطلقات شريفة ثم ذكر جماعة ممن يكتب إليه على انفراد ولم يعين لأحد منهم بلدا ولا رياسة قوم معروفين
وها أنا أذكرهم على ما ذكرهم ليقاس عليهم لدى تحقق مقامهم
منهم مراد خواجا
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه اسمه
ومنهم باكيش الكبير ابن أخي توزطوغان
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه اسمه
ومنهم زين الملك توزطوغان
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه مقدم التركمان بالبلاد الشرقية
ومنهم علي بن إينال التركماني من الطائفة البوزقية
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء وتعريفه اسمه
ومنهم يعقوب بن علي شار
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي

بالياء وتعريفه اسمه
قال في التثقيف وقد ذكر القاضي ناصر الدين بن النشائي أنه كتب إليه كذلك في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة
ومنهم سالم الدلكري ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء وتعريفه اسمه
واعلم أنه قد تقدم في الكلام على تركمان البلاد الشامية نقلا عن التثقيف أن من طوائف التركمان الذين هم تحت الطاعة من لم يكتب إليه بعد بل إذا كتب في مهم شريف كتب إلى كل طائفة منهم أو إلى سائر الطوائف مطلق شريف
وعد منهم طوائف
الأولى البوزقية جماعة ابن دلغادر وابن إينال المقدم ذكره
الثانية أولاد رمضان الأمرية
الثالثة الأوشرية تركمان حلب
الرابعة الدلكرية جماعة سالم الدلكري
الخامسة الخربندلية جماعة مصطفى
السادسة الأغاجرية
السابعة الورسق تركمان طرسوس
الثامنة القنقية
التاسعة البابندرية وهم النقيبية
العاشرة البكرلية أولاد طشحون
الحادية عشرة البياضية
ثم قال وثم جمائع كثيرة لا يمكن استيعابهم
قلت فإن كان من هذه الطوائف شيء بهذه البلاد فحكمه ما تقدم في الكلام على تركمان البلاد الشامية

الصنف الخامس ممن يكاتب بهذه المملكة الأكراد
وقد تقدم الكلام على طوائفهم ومنازلهم من بلاد الجبال من عراق العجم
قال في التعريف وهم خلائق لا يحصون ولولا أن سيف الفتنة بينهم يستحصد قائمهم وينبه نائمهم لفاضوا على البلاد واستضافوا إليهم الطارف والتلاد ولكنهم رموا بشتات الرأي وتفرق الكلمة لا يزال بينهم سيف مسلول ودم مطلول وعقد نظام محلول وطرف باكية بالدماء مبلول
وهم على ضربين
الضرب الأول المنسوب منهم إلى بلاد ومقرات معروفة
قال في التعريف ولهم رأسان كل منهما رجل جليل ولكل منهما عدد غير قليل
أحدهما صاحب جولمرك من جبال الأكراد من عراق العجم
قال في التعريف وهو الكبير منهما الذي تتفق طوائف الأكراد مع اختلافها على تعظيمه والإشارة بأنه فيهم الملك المطاع والقائد المتبع
وهو صاحب مملكة متسعة ومدن وقلاع وحصون وله قبائل وعشائر وأنفار
قال وهم ينسبون إلى عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف
ثم قال وكانت الإمرة قد انتهت فيهم إلى أسد الدين موسى بن مجلي بن موسى بن منكلان
وكان رجلا كريما عظيما نهابا وهابا تجله ملوك الممالك الجليلة وتعظمه حكام الأردو وصاحب مصر
وإشارته مقبولة عند الجميع
وإذا اقتتلت

طائفتان من الأكراد فتقدم إليهما بالكف كفوا وسمعوا له سمع مراع لا سمع مطيع
وذكر أن القائم فيهم إذ ذاك من بنيه الملك عماد الدين مجلي وهو رجل يحب أهل العلم والفضل ويحل منهم عنده من أتاه أعظم محل
وقد مضى القول على ذلك مستوفى في الكلام على الأكراد عند ذكر عراق العجم من المسالك والممالك من المقالة الثانية
قال في التعريف ورسم المكاتبة إليه أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري والألقاب التامة الكاملة
الثاني صاحب عقرشوش من بلاد الجزيرة
قال في التعريف وملوكها الآن من أولاد المبارزكك
قال وكان مبارز الدين كك هذا رجلا شجاعا كريما تغلب عليه غرائب من الهوس
فيدعي أنه ولي من الأولياء يقبل النذور
وكانت تنذر له النذور تقربا إليه فإذا أتاه النذر أضاف إليه مثله من ماله وتصدق بهما جميعا
قال وأهل هذا البيت يدعون عراقة الأصل في الإمرة وقدم السؤدد والحشمة
ويقولون إنهم عقدت لهم ألوية الإمارة وتسلموا أزمة هذه البلاد وتسنموا صهوات الصياصي بمناشير الخلفاء وأنهم كانوا لهم أهل وفاء
ولهم في هذا حكايات كثيرة وأخبار مأثورة وهم أهل تنعم ورفاهية ونعمة ظاهرة وبزة فاخرة وآدر مزخرفة ورياض مفوفة وخيول مسومة وجوارح معلمة وخدم وغلمان وجوار حسان ومعازف وقيان وسماط ممدود وخوان
قال وموقع بلادهم من أطراف بلادنا قريب والمدعو منهم من الرحبة وما جاورها يكاد يجيب
ثم قال وملوكنا تشكر لهم إخلاص نصيحة وصفاء سريرة صحيحة
وذكر أن القائم فيهم في زمانه شجاع الدين ابن الأمير نجم الدين خضر بن المبارزكك إلا أنه لم يبلغ مبلغ أبيه بل لا يقاربه ولا يدانيه على

أنه قد ملك ملكه ونظم سلكه
وقد تقدم الكلام على ذلك أيضا في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التعريف مثل صاحب جولمرك وهي أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الأميري
وذكر في التثقيف أن المكاتبة كانت إلى خضر بن المبارزكك صدرت والعالي
والعلامة أخوه
وتعريفه خضر بن المبارزكك
مع عدم تعريجه على ما في التعريف جملة
وقد ذكر في التثقيف منهم جماعة سوى من تقدم ممن هم منهم بالجزيرة كالحاكم بجزيرة ابن عمر والحاكم بحاني وصاحب عقرشوش
ولم يذكر بلاد من ذكره منهم ممن يأتي ذكره منهم ومن كان بكل بلد منهم من أكابرهم وحكامهم ورسم المكاتبة إليهم على ما ذكره وهم قسمان
القسم الأول من علمت المكاتبة إليهم وهم
صاحب برخو وهو يومئذ أمير حسين بن الملك أسد
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
صاحب البلهتية قال وكان بها شمس الدين بن البيليق ثم استقر بعده أخوه أحمد
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء أيضا
صاحب الدربنده وهو سيف الدين أصبر بن أزشير الحسيناني
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
وتعريفه أمير أزشير الحسيناني صاحب الدربنده
صاحب كرمليس وهو سحب مسعود
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء

صاحب العمادية عماد الدين إسماعيل بن علي بن موسى
ورسم المكاتبة إليه السامي بغير ياء
وتعريفه صاحب قلعة العمادية
وقد تقدم في الكلام على المسالك والممالك أنهم بالقرب من طائفة الجولمركية
قال في التثقيف وكان بها أولاد الحاجي بن عمر وردت مطالعته كذلك الحالجي بن عمر صاحب العمادية في سنة أربعين وسبعمائة
صاحب مازكرد حسن بن إسماعيل
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
صاحب رندشت بجبال همذان وشهرزور
وهو عبد الله بن حسام الدين رسلان
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
صاحب جرذقيل بهاء الدين عمر بن إبراهيم الهكاري
ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بغير ياء
صاحب سكراك كرجي بك
ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير
والعلامة الاسم
صاحب فيلبس سلطان شاه
ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير
والعلامة الاسم
صاحب شكوش أمير أحمد
ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير والعلامة الاسم
صاحب جرموك مجلس الأمير
والعلامة الاسم الشريف

صاحب بهرمان عبد الصمد
ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير
والعلامة الاسم
صاحب حصن أران وهو حصن الملك شجاع الدين خضر بن عيسى الشهري
ورسم المكاتبة إليه مجلس الأمير والعلامة الاسم
القسم الثاني من ذكره في التثقيف ولم يذكر مكاتبته وقال إنه وقف عليه كذلك وهم صاحب خفتيان تاج الدين أخو باشاك
صاحب سوبخ أمير عيسى بن باشاك
صاحب أكريسنا ملك بن باشاك
صاحب يزاكرد بهاء الدين الزرزاري
صاحب زاب فخر الدين عثمان الزابي
صاحب البرسه شمس الدين بن بهاء الدين
صاحب الدربندات القرابلية علي بن كراقي تعريفه صاحب دربند القرابلي
صالح قلعة الجبلين حسام الدين بن تاج الدين العاملي
صاحب سيدكان أمير علي بن حسام الدين الزرزاري
صاحب هرور بهاء الدين حسن بن عماد الدين
صاحب رمادان أمير عبد الله الكركاني
صاحب الشعبانية حسام الدين أمير مري السبيني
صاحب نمرية بهاء الدين
صاحب سياح سنقر

صاحب المحمدية الشيخ محمد
صاحب كزليك

الضرب الثاني من لم يصرح له بمكان
وقد ذكر في التثقيف منهم جماعة ممن كان في الزمن المتقدم وصرح بذكر المكاتبة إليهم فذكر منهم أبو بكر بن المبارزكك الاسم والسامي بغير ياء وتعريفه اسمه
مبارز الدين عبد العزيز أخوه مثله
علي وعمر ولدا ابن بروحى خليل بن بروحى
ورسم المكاتبة إلى كل منهما الاسم والسامي بغير ياء
خالد المليكشي كذلك
أولاده محمود وأحمد مجلس الأمير
بهاء الدين بن الغرس بالو الاسم والسامي بغير ياء
عبد الله الشهري الاسم والسامي بغير ياء
شجاع الدين خضر بن عيسى الشهري أخو عبد الله الشهري الاسم والسامي بغير ياء
مبارز بن عيسى بن حسن السلاري الاسم والسامي بغير ياء
قال في التثقيف ومكاتبته مستجدة في العشر الأول من شعبان سنة ثلاث وستين وسبعمائة
خضر بن محمد الهكاري الاسم والسامي بغير ياء
قال وهو مستجد

المكاتبة أيضا في العشر الآخر من صفر سنة تسع وستين وسبعمائة
قلت فإن اتفق المكاتبة إلى أحد من هؤلاء المجهولي الكتابة أو غيرهم من الأكراد كتب له على قدر مقداره بالنسبة إلى من علمت المكاتبة إليه
قال في التعريف هنا ومما ينبه عليه أن طرق المارين ومسالك المسافرين من بلادنا إلى خراسان ومنها إلينا يظهر في بعض الأحيان أهل فساد يعمدون إلى عميد يقدمونه عليهم فيقطعون السبل ويخيفون الطرق وتطير سمعة عميدهم وتنتشر في قريبيهم وبعيدهم فيكاتب ذلك العميد من أبواب الملوك ويضطر إليه لفتح الطريق بالسلوك ويكون من غير بيت الإمرة وربما هوى نجمه فانقطع بانقطاع عمره اسمه مثل الجملوك الخارج بطريق خراسان والغرس بالو الخارج فيما يقارب بلاد شهرزور ومثل الخارجين على دربند القرابلي
قال وهؤلاء وأمثالهم يطلعون طلوع الكمأة لا أصل ممتد ولا فرع مشتد فهؤلاء لا يعرف لأحد منهم رتبة محفوظة ولا قانون في رسم المكاتبة معروف وإنما الشأن فيما يكتب إلى هؤلاء بحسب الاحتياج وقدر ما يعرف لهم من اشتداد الساعد وعدد المساعد
قال ولقد كتبنا إلى كل من الجملوك والغرس بالو بالسامي بالياء وجهزت إليهما الخلع وأتحفا بالتحف

الصنف السادس ممن يكاتب بمملكة إيران أرباب الأقلام
ذكر في التثقيف أنه كتب إلى مجد الدين أخي الوزير غياث الدين أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الصاحبي الأجلي الكبيري العالمي الكافلي الماجدي الزيني الأميري الأوحدي المعظمي الذخري المجاهدي
قال في التثقيف هذا ما وجدته بخط القاضي ناصر الدين بن النشائي ولم يذكر تعريفه ولا العلامة إليه
وكتب إلى علاء الدين صاحب الديوان مثله
والعلامة إليه أخوه
قال في التثقيف هكذا وجدته في خط ابن النشائي ولم يذكر تعريفه

الوزير شمس الدين قال في التثقيف نقلت من خط القاضي شهاب الدين بن الخضر أن مكاتبته في قطع العادة الاسم والسامي الأميري الشريفي الحسيبي النسيبي
وبقية الألقاب
ولم يكتب له الصحابي ولا الوزيري
قال ولم يذكر شيئا غير هذا
ثم قال ولا أعلم لمن وزر المذكور ولا من أي بلاد الشرق
ضياء الدين صاحب الديوان المكاتبة إليه حسب ما نقله في التثقيف عن خط ابن الخضر أيضا الاسم والسامي الأمير الأجل
وذكر أنه كتب إليه على يد سراج الدين قاضي قيسارية
قال في التثقيف وعلى هذا أن ضياء الدين هذا من أهل المملكة الرومية
معين الدين صاحب الديوان مثله

الصنف السابع ممن يكاتب بمملكة إيران أكابر المشايخ والصلحاء
قد ذكر في التثقيف ممن كوتب من مشايخ هذه البلاد ثلاثة مشايخ
فنحن نذكرهم ليقاس عليهم ولئلا يهمل شيء مما أورده في التثقيف
الأول شمس الدين الطوطي
قال في التثقيف وهو فيما أظن ممن كان يكتب إليه قديما ولم يكتب إليه بعد ذلك
قال ورسم المكاتبة إليه حسب ما نقلته من خط القاضي ناصر الدين بن النشائي صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الشيخي الأجلي العالمي العاملي الكاملي الفاضلي الزاهدي الورعي العابدي الخاشعي الناسكي القدوي الأوحدي الفلاني مجد الإسلام صدر الأنام بقية السلف الكرام فخر العلماء أوحد الكبراء زين الزهاد عماد العباد قدوة المتورعين ذخر الدول ركن الملوك والسلاطين
والدعاء وتصف لعلمه المبارك
والعلامة الاسم
قال في التثقيف هذا صورة ما وجدته من غير زيادة
ولم يذكر تعريفه ولا محله من

البلاد
قال وقد كتب في نعوته ركن الملوك والسلاطين
وهو غريب لأنه خلاف ما جرت به العادة
الثاني الشيخ غياث الكججي بتبريز
ورسم المكاتبة إليه فيما ذكره المشار إليه أعاد الله تعالى من بركة المجلس السامي الشيخي
وبقية الألقاب الغياثي وتكملة النعوت بما يناسب
والعلامة الاسم وتعريفه محمد الكججاني
الثالث الشيخ حسن بن عبد القادر الجيلاني
وكان من المناصحين الذين يكتب إليهم قديما
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إليه الاسم والسامي بالياء
ثم قال ومن ألقابه الشيخ العالم العامل القدوة المرشد فلان الدين
قلت هذا ذهول منه وإلا فمقتضى هذه الألقاب المجردة عن الياء أن تكون الكتابة إليه السامي بغير ياء

الصنف الثامن ممن يكاتب بمملكة إيران النساء
وقد ذكر في التثقيف المكاتبة إلى أربع منهن
الأولى دل شاد زوج الشيخ حسن الكبير
كتب إليها في قطع العادة أدام الله تعالى صون الجهة المحجبة المصونة العصمية الخاتونية المعظمية سيدة الخواتين زينة نساء العالمين جميلة المحجبات جليلة المصونات قرينة نوين الملوك والسلاطين
والدعاء والعلامة أخوها
وتعريفها الخاتون المعظمة دل شاد
الثانية كلمش والدة بولاد مثلها غير أن العلامة الاسم وتعريفها اسمها المذكور

الثالثة زوجة أملكان ابن الشيخ حسن الكبير على ما استقر عليه الحال عند ما كتب جوابها على يد رسولها في ذي القعدة سنة أربعين وسبعمائة مثل دلشاد والعلامة والدها
وتعريفها سلطان نختي

المهيع الثاني من المكاتبة إلى الملوك مملكة توران وهي مملكة الخاقانية
قد تقدم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية نقلا عن المقر الشهابي بن فضل الله في كتابه التعريف أن هذه المملكة من نهر بلخ إلى مطلع الشمس على سمت الوسط فما أخذ عنها جنوبا كان بلاد السند ثم الهند وما أخذ عنها شمالا كان بلاد الخفجاج وهي طائفة القبجاق وبلاد الصقلب والجهاركس والروس والماجار وما جاورهم من طوائف الأمم المختلفة سكان الشمال
فيدخل في هذه المملكة ممالك كثيرة وبلاد واسعة وأعمال شاسعة وأمم مختلفة لا تكاد تحصى تشتمل على بلاد غزنة والباميان والغور وخوارزم ودشت القبجاق وما وراء النهر نحو بخارا وسمرقند والصغد والخوجند
وبلاد تركستان وأشروسنة وفرغانة
وبلاد صاغون وطراز وصريوم
وبلاد الخطا نحو بشمالق والمالق إلى قراقوم وما وراء ذلك من بلاد الصين وصين الصين فإنها كانت في القديم بيد فراسياب بن شنك بن رستم ابن ترك بن كومر بن يافث بن نوح عليه السلام
وهو ملك الترك في زمان موسى عليه السلام على خلاف في نسبه سبق هناك
وأنها الآن بيد بني جنكزخان من مولد طوجي خان ابن جنكزخان

ثم هذه المملكة بيد ثلاثة ملوك عظام من بني جنكزخان
الأول صاحب خوارزم ودشت القبجاق
وتعرف في القديم بمملكة صاحب السرير ثم عرفت في الدولة الجنكزخانية ببيت بركة نسبة إلى بركة بن طوجي خان بن جنكزخان
وقاعدتها مدينة السراي وهي مدينة على نهر إتل بناها بركة بن طوجي خان المقدم ذكره
وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في الكلام على المسالك والممالك
ثم فيها جملتان

الجملة الأولى في رسم المكاتبة إلى قانها القائم بها
قال في التعريف وكان صاحبها في الأيام الناصرية يعني محمد بن قلاوون أزبك خان
وقد خطب إليه السلطان فزوجه بنتا تقربا إليه
قال وما زال بين ملوك هذه المملكة وبين ملوكنا قديم اتحاد وصدق وداد من أول أيام الظاهر بيبرس وإلى آخر وقت
ثم قال والملك الآن فيهم في أولاد أزبك إما تني بك وإما جاني بك وأظنها في تني بك
وقد تقدم أن الملك بعد أزبك كان جاني بك لا تني بك على خلاف ما ظنه في التعريف
ورسم المكاتبة إلى قانها الجامع لحدودها قال في التعريف والأغلب أن يكتب إليه بالمغلي
وذلك مما كان يتولاه ايتمش المحمدي وطايربغا الناصري

وإرغدلق الترجمان
ثم صار يتولاه قوصون الساقي
ورأيت في بعض الدساتير نقلا عن القاضي علاء الدين بن فضل الله أنه كتب له مسودة على أن تكتب له بالعربي ثم بطل وكتب بالمغلي
قال فإن كتب له بالعربي فرسم المكاتبة إليه ما يكتب إلى صاحب إيران
وقد تقدم نقلا عن التعريف أنه يكتب في قطع البغدادي الكامل يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة المكتتبة بالذهب المزمك بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات ثم تكمل الخطبة ويفتتح ببعدية إلى أن تساق الألقاب وهي الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية الشاهنشاهية الأوحدية الأخوية القانية
ولا يخلط فيها الملكة لهوانها عليهم
ثم يدعى له بالأدعية المعظمة المفخمة الملوكية من إعزاز السلطان ونصر الأعوان وخلود الأيام ورفع الأعلام وتأييد الجنود وتكثير البنود وما يجري هذا المجرى
ثم يؤتى بذكر دوام الوداد والشوق ثم يذكر القصد ثم يختم بدعاء جليل وتستعرض المراسيم ويوصف التطلع إليها والتهافت عليها
قال في التثقيف وكان يكتب إلى أزبك في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون في ورق عرض البغدادي الكامل
وبعد البسملة الشريفة سطران هكذا بقوة الله تعالى وميامن الملة المحمدية
ثم يخلى موضع بيت العلامة ثم تكتب الألقاب السلطانية وهي السلطان الأعظم وبقية الألقاب الشريفة على العادة حسب ما يأتي ذكره
ثم بعد الحمدلة وخطبة مختصرة جدا فقد صدرت هذه المكاتبة إلى الحضرة الشريفة العالية حضرة السلطان الكبير الأخ الشفيق العالم العادل القان الأعظم الأوحد شاهنشاه الملك أزبك إل خان سلطان الإسلام والمسلمين أوحد الملوك والسلاطين عمدة الملك سلطان المغل والقبجاق والترك جمال ملوك الزمان ركن بيت جنكزخان معز طغاج صاحب التخت

والتاج عضد المتقين ذخر المؤمنين
والدعاء بما يناسبه
فإننا نخصه بالسلام واستعلام أخباره ونفاوض علمه الشريف
قال والكتابة بالذهب والأسود حسب ما تقدم في المكاتبة إلى أبي سعيد وكذا العنوان
ثم قال ولم يكاتب أحد بعده بنظير ذلك
وكان قد ورد على الأبواب الشريفة في سنة ست وخمسين وسبعمائة كتاب جاني بك ابن أزبك وكتب إليه الجواب الشريف بنظير الكتاب الوارد من عنده وهو في ورق دون البغدادي بثلاث أصابع مطبوقة والافتتاح بخطبة مناسبة مكتتبة بالذهب جميعا ثم أما بعد بالأسود خلا ما تقدم ذكره في مكاتبة أبي سعيد
والعنوان بالذهب
والذي كتب إليه من الألقاب الحضرة الشريفة العالية السلطانية الأعظمية العالمية العادلية الأكملية القانية الأخوية العزيزية الملكية الشرفية زيدت عظمتها
قال ولما كان في العشر الأخر من ربيع الأول سنة ست وسبعين وسبعمائة رسم لي بالكتابة إلى القان محمد ببلاد أزبك وهو القائم مقام أزبك على ما قيل على يد رسل الأبواب الشريفة بالسلام والمودة واستعلام الأخبار ونحو ذلك فكتبت إليه في عرض البغدادي الكامل حسب ما رسم به بخطبة مختصرة بالذهب والبقية بالأسود والذهب على ما تقدم ذكر في مكاتبة القان أبي سعيد
وكتب له من الألقاب بعد المراجعة المقام العالي السلطاني الكبيري الملكي الأكرمي الأعدلي الشمسي شمس الدنيا والدين مؤيد الغزاة والمجاهدين قاتل الكفرة والمشركين ولي أمير المؤمنين خلدت سلطنته
والعنوان بالذهب بغير تعريف
وعلم له في بيت العلامة الشريفة بالمغرة العراقية المشتاق شعبان
وهذه نسخة ما كتب إليه بعد البسملة الشريفة
الحمد لله الذي وهبنا ملكا دانت له ملوك الأقطار وازدانت الأسرة والتيجان بما له من عظمة وفخار وأذعنت العظماء لعزة سلطانه الذي شمل الأولياء وقصم

الأعداء ببره الجابر وقهره الجبار وقاد الجيوش إلى أن فتح الله على يديه الشريفتين معاقل الكفار بأمره الجاري على الرقاب وعسكره الجرار ومنحه خدمة الحرمين الشريفين اللذين لم يزل لهما منه الانتصاب وبهما له الانتصار
نحمده على أن جعل مملكتنا الشريفة هي محل الإمامة العباسية فلا جحود ولا إنكار ومرتبتنا المنيفة بما عهد به إلينا أمير المؤمنين إلى قيام الساعة علية المقدار ونشكره على أن أورثنا ملك أسلافنا الشهداء فأقر العيون وسر الأسرار وجعل السلطنة المعظمة في بيتنا المكرم تنتقل تنقل البدور في بروجها إلا أنها آمنة من السرار
ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة لم نزل قائمين بنصرتها قانتين بالإخلاص في كلمتها
لنعد بذلك من الأبرار ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المؤيد بملائكته المخصوص بنبوته ورسالته الذي عظم الله قدره على سائر الرسل كما جاءت النصوص والأخبار وعلى آله وصحبه أولي الفضل الدار صلاة دائمة باقية بدوام الليل والنهار وسلم
أما بعد فإن قلوب الأولياء وإن تناءت الأجسام متعارفة بالائتلاف متقاربة على بعد الديار حيث لا تناكر بينها ولا اختلاف لا سيما ملوك الإسلام الذين هم متحدون بالمصافة والاستسلام فإن سرائرهم لم تزل متداينة وضمائرهم متكافية هذا والمحبة لبيته الكريم قديمة والمودة بين الأسلاف لم تزل مستديمة فلم نكن ورثنا ذلك عن كلالة بل تبعنا فيه سبيل السلف الصالح على أحسن حالة لما هو محكم من عقود الاتحاد والولاء حيث المحبة في الآباء صلة في الأنباء وكان لنا مدة مديدة وقد تأخرت رسلنا عن حضرته ولم تصدر من جهتنا الشريفة كذلك ولا وردت رسل من جهته ولم يشغلنا عن ذلك إلا

مواقعة الفرنج المخذولين أعداء الدين ومقارعتهم في سائر السواحل بشدة البأس والتمكين إلى أن أمكن الله عز و جل من نواصيهم وصياصيهم بنصر من عنده كما قال تعالى ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين )
والآن فقد صدرت هذه المكاتبة إلى المقام العالي السلطاني وبقية الألقاب والنعوت إلى آخرها حسب ما تقدم ذكره تخص مقامه بسلام أرق من النسيم وألطف مزاجا من التسنيم وثناء قد ازرى نشره بالعبير وسرى بشره فغدت تتهلل به الأسارير
وتبدي لعلم المقام العالي زيدت معدلته أنه لما يبلغنا من عدل الحضرة الشريفة وإنصافة للرعايا وتأمين سبل الجور المخيفة وسلوكه سنن الإحسان وتأكد عقود المحبة على عادة من سلف في سالف الزمان قصدنا مفاتحته بهذه المكاتبة وأردنا بداءته بهذه المخاطبة ليعلم ما نحن عليه من صحيح الوداد وأكيد الاتحاد وجميل الاعتقاد وحسن الموالاة الخالصة من شوائب الانتقاد وجهزنا بها رسلنا فلان وفلان ومن معهما نستدعي وده ونستدني ولاءه الذي أحكم عقده لتأكد المصافاة بين هاتين الدولتين والمخالصة من كلتا الجهتين والموالاة بين المملكتين ويأمر المقام العالي لا زال عاليا بتردد التجار من تلكم الديار والمواصلة بالأخبار على حسب الاختيار ومتابعة الرسل والقصاد على أجمل وجه معتاد
وقد وجهنا إلى المقام العالي أعلى الله شأنه صحبة رسلنا المذكورين من الأقمشة السكندري وغيرها على سبيل الهدية والمواهب السنية ما تضمنته الورقة المجهزة طيها فليأمر المقام العالي دامت معدلته بتسليم ذلك ويتيقن وفور المحبة من سلطاننا المالك وتأكد أسباب المودة على أجمل المسالك والله تعالى يجمل ببقاء سلطانه ملك الممالك ويديم عدله المبسوط على الأولياء

ويرمي ببأسه الأعداء في مهاوي المهالك ويخلد ملكه الذي تفتخر بالملك من مقامه العالي السرر والأرائك بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى
واعلم أن صاحب التثقيف قد ذكر أن المكتوب إليه بهذه المكاتبة هو القائم مقام أزبك وأن اسمه محمد وأن المكاتبة إليه كانت في سنة ست وسبعين وسبعمائة
وقد تقدم ذكر من ولي هذه المملكة بعد أزبك ولم يكن فيهم من اسمه محمد
وقد كان القائم بهذه المملكة في سنة ست وسبعين المذكورة اسمه أرص وهو الذي انتزع المملكة من أيبك خان المقدم ذكره وأصله من خوارزم على ما مر ذكره في الكلام على المسالك والممالك فيحتمل أن يكون اسمه محمد وأرص لقب عليه كما كان خدابندا والد أبي سعيد من ملوك إيران اسمه محمد ولقبه خدابندا
والأمر في ذلك راجع إلى النقل والله سبحانه وتعالى أعلم
قلت وقد كتب في الدولة الناصرية فرج بن الظاهر برقوق للقان القائم بها في سنة اثنتي عشرة وثمانمائة في قطع البغدادي الكامل من الورق المصري المعمول على هيئة البغدادي ابتديء فيه بعد خمسة أوصال بياض بالبسملة في أعلى الوصل السادس ببياض من جانبيها عرض إصبعين من كل جهة والسطر الثاني على سمته في آخر الوصل بخلو بياض من الجانبين بقدر السطر الأول والطغراة بينهما بألقاب سلطاننا على العادة مكتوبة بالذهب بالقلم المحقق مزمك بالسواد بأعلى الطغراة قدر عرض ثلاثة أصابع بياضا ومثل ذلك من أسفلها وباقي السطور بهامش من الجانب الأيمن على العادة وبين كل سطرين قدر نصف ذراع القماش القاهري والأسماء المعظمة من اسم الله

تعالى ورسوله سلطاننا والسلطان المكتوب إليه والضمير العائد على واحد منهما بالذهب المزمك كما تقدم تقريره في الكلام على مكاتبة صاحب إيران في القديم
وهذه نسخة مما أنشأته كتبت بإشارة المقر العالي الفتحي صاحب ديوان الإنشاء الشريف وهي الحمد لله مؤيد سلطاننا الناصر بغزيز نصره ورافع قدر مقامنا الشريف بإعلاء مناره وإعظام ذكره ومشيد أركان ملكنا الشامخ بإسعاد جده العالي والله غالب على أمره
نحمده على ما جنب من مواقع الحرج وجعل أمور رعايانا بمعدلتنا الشريفة بعد الضيق إلى فرج ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يتوارثها عظماء الملوك كابرا على كابر ويتناقلها منهم الخلف بعد السلف فيسندها الناصر عن الظاهر ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله أفضل نبي جمع بعموم دعوته مفترق الأمم ووفق بحنيفي ملته بين أقيال العرب وأساورة العجم آخى بينهم فسن المؤاخاة ونقى من نغل الضغائن صدورهم ففازوا بأكل المصافاة وأتم الموافاة صلاة تسير بفضلها الركائب وتترنم بذكرها الحداة فتعم نفحاتها المشارق والمغارب وسلم تسليما كثيرا
أما بعد فإن الأرواح إذا تمازجت تناجت بالضمائر والقلوب إذا تآلفت اغتنت بشواهد الحال عن إبراز ما في السرائر والأجساد إذا تباعدت تعللت

بالمكاتبات في بلوغ الأوطار والديار إذا تناءت اكتفت بالمراسلة عن تقارب الدار والمودة إذا وصفت لا يؤثر فيها البعاد والمحبة إذا صدقت لا تزال كل يوم في ازدياد والأذن تعشق قبل العين أحيانا والوصف يحرك من الشوق أغصانا وأفنانا
هذا وإن أحق ما اتخذته الملوك ذريعة لدواعي الابتهاج وأهم ما اهتم به متخت بتخت أو متوج بتاج إحياء مذاهب الملوك السالفة في الوداد واقتفاء آثارهم الجميلة في موارد المكاتبات على التنائي والبعاد ومن ثم صدرت هذه المكاتبة إلى المقام العالي السلطاني الكبيري الأخوي الفلاني ركن الملة الإسلامية عماد المملكة الجنكزخانية ذخيرة الدين خليل أمير المؤمنين زيدت عظمته ودامت معدلته تخصه بسلام تهب به الجنوب فتؤثر به في الشمال القبول وتخص به إلى السراي سراها ليكون لها ببيت بركة أشرف قدم وأكرم وصول وتمد على خوارزم والدشت فضل رواقه المديد وتنشر على مملكة السرير لواءه فيعم ما بين جيحون وطرنا ويشمل ما بين الخطا والباب الحديد
وتناجي علمه الشريف بأنه غير خاف عن شريف مقامه أن من سلف من ملوك مملكتنا العالية الذرى والمملكة القانية المرفوعة الذكر رفع نار القرى لم تزل ملوكهم مجتمعة مع تنائي الديار مؤتلفة على المحبة وإن شط المزار محافظين على تتابع الرسل وإن حال دونهم الصفاح مثابرين على توارد الكتب

ولو على أجنحة الطير ومتون الرياح وقد مضت مدة مديدة لم يقدم علينا من المقام الشريف عظم الله تعالى شأنه رسول يطفيء لواعج الاشتياق ولا ورد عنه كتاب يتعلل المحب بتلقيه عن حقيقة التلاق بل سد باب المكاتبة حتى كأن المكاتبة لم تخلق وأغلق باب المراسلة وإن كان باب المحبة بحمد الله لم يغلق فطمح بخاطرنا الشريف طامح الشوق المتزايد وحملنا موصول المحبة المستغني بمواصلته الصلة والعائد أن نفاتح المقام العالي دامت معدلته بهذه المفاوضة لتجدد من العهود القديمة رسومها وتطلع من مشارق المخاطبة نجومها وتنسخ آية الهجران وتمحوها وتصقل مرآة المصافاة وتجلوها وتستجلب الأنس وإن صح الميثاق وتذكر الخواطر الوداد وإن ثبتت منه الأصول ورسخت الأعراق وتنوب عن نظرنا الشريف في مشاهدة محياه الكريم ومصافحة كفه التي حديث ودها قديم وتستطلع أخباره وتستعرض على تعاقب الأزمان أوطاره
وقد اخترنا لتبليغ رسالتها وأداء أمانتها المجلس السامي المقرب الأمين خواجا فلان أعزه الله تعالى وحملناه من السلام ما يهتدي بضوئه الساري ويفوق بعرفه العنبر الشحري والمسك الداري ليحكم بحسن السفارة من المخالصة مبانيها ويعقد منها بمتابعة الرسل والقصاد أواخيها وجهزنا صحبته كذا وكذا على سبيل الهدية المندوب بذلها وقبولها والحاكم بصحة عقد المحبة كثيرها وقليلها والله تعالى يزيد في ارتفاع قدره الخطير ويحوط به من ملكه الجنكزخاني ما يحقق أنه صاحب التاج والسرير

الجملة الثالثة في رسم المكاتبة إلى من انطوت عليه هذه المملكة من
الأتباع والحكام وهم على أصناف
الصنف الأول كفال المملكة
قد تقدم أن ترتيب هذه المملكة في أمراء الألوس والوزير نحو مملكة إيران وإن لم يكن لأمير الألوس ولوزير بهذه المملكة من نفاذ الأمر نظير ما هنالك
ومقتضى ذلك أن يكونا منحطين في الرتبة عن أمراء الألوس بإيران والوزير بها وهذه الرسوم التي وقعت في مكاتباتهم على ما أورده في التثقيف
وأمراء الألوس أربعة أكبرهم يسمى بكلاري بك بمعنى أمير الأمراء كما تقدم في مملكة إيران
فقد ذكر في التثقيف أنه كان منهم في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة قطلوبغا إيناق وأنه كتب إليه في عاشر جمادى الآخرة منها ما صورته ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي العادلي المؤيدي العوني الزعيمي الممهدي المشيدي الظهيري النويني السيفي عز الإسلام والمسلمين سيف الأمراء في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين زعيم الجيوش مقدم العساكر كهف الملة ذخر الدولة ظهير الملوك والسلاطين سيف أمير المؤمنين
ثم الدعاء والعلامة أخوه وتعريفه قطلوبغا إيناق نائب القان جاني بك
ثم ذكر أن الأمر كان عند القان محمد بمثابة الأمير يلبغا العمري يعني

الخاصكي بالأبواب السلطانية بالديار المصرية وأنه استحدثت المكاتبة إليه في سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وأنه كتب إليه في قطع الثلث ما صورته أدام الله تعالى نعمة الجناب العالي الأميري الكبيري العالمي المجاهدي المؤيدي الذخري النصيري الهمامي المقدمي النويني السيفي عز الإسلام والمسلمين سيد في العالمين نصرة الغزاة والمجاهدين مقدم العساكر ذخر الدولة عضد الملوك والسلاطين حسام أمير المؤمنين
والدعاء المناسب
والعلامة والده
وتعريفه مماي
وفي هذا نظر لأنه إذا كان بمثابة ما كان عليه يلبغا بالديار المصرية فمقتضاه أن يكون أكبر أمرائه
وإذا كان كذلك فكيف يكتب إليه دون أمراء الألوس فقد تقدم أنه يكتب إليهم ضاعف الله تعالى نعمة الجناب العالي
الوزير بهذه المملكة
قد ذكر في التثقيف أن الوزير بها كان اسمه محمودا ولقبه حسام الدين وكان يعرف بمحمود الديوان
وذكر أن رسم المكاتبة إليه في قطع الثلث ما صورته أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي الآمري الكبيري الذخري الأوحدي الأكملي المتصرفي العوني الوزيري الحسامي مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء والوزراء في العالمين جمال المتصرفين أوحد الأولياء المقربين ذخر الدولة مشير الملوك والسلاطين
ثم الدعاء والعلامة والده
وتعريفه خواجا محمود وزير المملكة القانية
قلت وقد علمت أن المكاتبة إلى أمراء الألوس والوزير بهذه المملكة دون المكاتبة إلى أمراء الألوس والوزير بمملكة إيران فقد تقدم أن المكاتبة إلى

بكلاري بك أكبر أمراء الألوس بمملكة إيران أعز الله تعالى نصر المقر الكريم
وإلى الثلاثة الذين دونه أدام الله تعالى نصر الجناب الكريم ثم استقر أعز الله تعالى أنصار الجناب الكريم
وأن المكاتبة إلى الوزير ضاعف الله تعالى نعمة المجلس العالي
والمعنى في ذلك ما تقدم من أنه ليس لأمراء الألوس والوزير بهذه المملكة من التصرف ما لأمراء الألوس والوزير من التصرف بتلك المملكة
قجا علي بك بهذه المملكة
قال في التثقيف وهو ممن استحدثت المكاتبة إليه في سنة خمس وستين وسبعمائة
ورسم المكاتبة إليه فيما ذكره في التثقيف الاسم والسامي بالياء وتعريفه اسمه

الصنف الثاني الحكام بالبلاد بهذه المملكة
وها أنا أذكر من ذكر المكاتبة إليه منهم في التثقيف
الحاكم بالقرم وهو إقليم شمالي بحر نيطش
وقاعدته مدينة صلغات وهي مدينة على نصف يوم من البحر وقد غلب عليها اسم القرم
وقد ذكر في التثقيف أن الحاكم بها في سنة خمسين وسبعمائة كان اسمه زين الدين رمضان ثم استقر بعده علي بك ابن عيسى بن تلكتمر
وقد رأيت في بعض

التواريخ أن الحاكم في حدود ست وسبعين وسبعمائة كان ماماي المقدم ذكره
وقد ذكر في التثقيف أن رسم المكاتبة إلى الحاكم بها في قطع العادة والعلامة أخوه وصدرت والعالي
والذي رأيته في دستور يعزى في الأصل للمقر العلائي بن فضل الله أنه يكتب إليه في قطع الثلث وأن المكاتبة إليه السامي بالياء ونعريفه الحاكم بالقرم
الحاكم بأوزاق وهي مدينة على بحر مانيطش المقدم ذكره في الكلام على المسالك والممالك
وهو المعروف الآن ببحر الأزق وهي عن القرم في جهة الجنوب والشرق وبينهما نحو خمس عشرة مرحلة
قال في التثقيف ورسم المكاتبة إلى الحاكم بها مثل الحاكم بالقرم على السواء
والذي رأيته في الدستور المقدم ذكره أنه في قطع الثلث السامي بالياء كما في الحاكم بالقرم

الثاني من ملوك توران من بني جنكزخان صاحب ما وراء النهر
وقاعدة ملكه في القديم بخارا والآن سمرقند
ومن مضافاتها غزنة وما والاها من متاخم الهند
وقد تقدم الكلام عليها مستوفى في الكلام على المسالك والممالك
وقد ذكر في التعريف أن آخر ما استقرت لترماشيرين وكان حسن الإسلام عادل السيرة طاهر الذيل مؤثرا للخير محبا لأهله مكرما لمن يرد من العلماء والصلحاء وطوائف الفقهاء والفقراء
قال وكتب إليه على رسم المكاتبة إلى صاحب إيران
وقد تقدم في الكلام على المكاتبة إلى صاحب إيران نقلا عن التعريف أنه يكتب إليه في قطع

البغدادي الكامل يبتدأ فيه بعد البسملة وسطر من الخطبة الغراء المكتتبة بالذهب المزمك بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات ثم تكمل الخطبة ويفتتح ببعدية إلى أن تساق الألقاب وهي الحضرة العالية السلطانية الأعظمية الشاهنشاهية الأوحدية الأخوية القانية الفلانية
ولا يخلط بها الملكية لهوانها عليهم ثم يدعى له بالأدعية المفخمة الملوكية من إعزاز السلطان ونصر الأعوان وخلود الأيام ونشر الأعلام وتأييد الجنود وتكثير البنود وغير ذلك مما يجري هذا المجرى
ثم يقال ما فيه التصريح والتلويح بدوام الوداد وصفاء الاعتقاد ووصف الأشواق وكثرة الأتواق وما هو من هذه النسبة ثم يؤتى على المقاصد ويختم بدعاء جليل وتستعرض المراسيم والخدم ويوصف التطلع إليها ويظهر التهافت عليها وأنه تكتب جميع خطبة الكتاب وطغراه بالذهب المزمك وكذلك كل ما وقع في أثنائه من اسم جليل وكل ذي شأن نبيل من اسم الله تعالى أو لنبيه ذكر الإسلام أو ذكر سلطاننا أو السلطان المكتوب إليه أو ما هو متعلق بهما مثل لنا ولكم وكتابنا وكتابكم جميع ذلك يكتب بالذهب وما سواه بالسواد
وأن العنوان يكون بالألقاب إلى أن ينتهي إلى اللقب الخاص ثم يدعى له بدعوة أو اثنتين نحو أعز الله تعالى سلطانها وأعلى شانها ونحو ذلك
ثم يسمى اسم السلطان المكتوب إليه ثم يقال خان مثل أن يقال ترماشيرين خان ويطمغ بالذهب طمغات عليها ألقاب سلطاننا تكون على الأوصال يبدأ بالطمغة على اليمين في أول وصل وعلى اليسار في ثاني وصل ثم على هذا النمط إلى أن ينتهي في الآخر إلى اليمين ولا يطمغ على الطرة البيضاء
والكاتب يخلي لمواضع الطمغة مواضع الكتابة تارة يمنة وتارة يسرة إلى غير ذلك مما سبق القول عليه
قلت وآخر ما استقرت هذه الكلمة لتمرلنك وتمر اسمه الذي هو علم

عليه ومعناه بالتركية حديد
ولنك لقب عليه ومعناه بالفارسية أعرج لأنه كان به عرج ظاهر ولذلك تسميه الترك تمر أقصق إذ أقصق عندهم بمعنى أعرج
وهو يتسمى في كتبه تيموركوركان
ومن هذه المملكة انساب على بلاد إيران حتى استولى على جميعها وسار إلى بلاد الهند فاستولى عليها ثم طاح إلى الشام في سنة ست وثمانمائة وعاث فسادا وخرب وأفسد ولقيه السلطان الملك الناصر فرج ابن الظاهر برقوق صاحب مصر والشام على دمشق وجرت بينهما مراسلة ثم طرأ للسلطان الملك الناصر ما أوجب عوده إلى مصر لأمر عرض له من جهة

بعض أمرائه وبقى تمرلنك نازلا بالشام محاصرا لدمشق إلى أن خدع أهلها وفتحها صلحا ثم غدر بهم ونهبها وسبى حريمها ثم حرقها بعد ذلك بعد أن أسرف في القتل وأثخن في الجراح وأمعن في الأسر
وللمكاتبة إليه حالتان
الحالة الأولى حين كان السلطان الملك الناصر فرج عز نصره بالشام محاربا له وكتبه حينئذ ترد في القطع الصغير على ما سيأتي ذكره وكان يكتب إليه حينئذ في قطع

مما فات المؤلف رحمه الله تعالى
ما كتب عن مولانا الشهيد الملك الظاهر أبي سعيد برقوق تغمده الله تعالى برحمته ورضوانه في جواب الأمير تمرلنك المدعو تيمور عن الكتب الواردة منه قبل ذلك من إنشاء المرحوم المقر البدري محمد ابن المرحوم المقر العلائي علي ابن المرحوم المقر المحيوي يحيى بن فضل الله العمري العدوي القرشي

رحمهم الله تعالى في سنة ست وتسعين وسبعمائة عند سفر مولانا السلطان المشار إليه إلى حلب المحروسة لملتقى المذكور في قطع الثلث بغير علامة وسعة ما بين السطور قدر عرض الإصبعين
والطرة وصلان طولهما نحو الذراع الهاشمي وكان عنوان كتاب تمرلنك الذي ورد آخرا وهو الذي اقتضى الحركة الشريفة والجواب المشار إليه
( سلام وإهداء السلام من البعد ... دليل على حسن المودة والعهد ) فكتب العنوان الشريف
( طويل حياة المرء كاليوم في العد ... فخيرته أن لا يزيد عن الحد )
( فلا بد من نقص لكل زيادة ... لأن شديد البطش يقتص للعبد )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العالي الشان العظيم السلطان العميم الإحسان العليم بما

كان وما يكون في كل زمان ومكان تاهت في ميادين فلوات معرفته سوابق جياد الأفهام وتدكدكت لهيبة جلاله جبال العقول والأوهام حبيب الرحمن وسيد الأكوان وصاحب المعجزات والبرهان المبعوث إلى الخلق أجمعين من الإنس والجان والمنعوت بالفضل العميم والخلق العظيم في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وعلى آله وصحبه الغر الكرام الحسان وعلى التابعين لهم بإحسان وسلم تسليما كثيرا ما تعاقب الحدثان
وبعد فقد وصل إلى أبوابنا الشريفة العالية كل ما جهزته أولا وآخرا يا أمير تيمور من كتاب وأحاطت علومنا الشريفة بما فيها من كلام وخطاب وقصد وعتاب وإرعاد وإرغاب وإرعاب
فأما ما ذكرته في أول كتبك من ألقابنا الشريفة بالتعظيم والتبجيل والتفخيم فقد علمناه وعرفناه ولكن وجدنا الكلمتين اللتين في الطمغات آخر الكتب وهما راستي رستي منافيتين لذلك التعظيم وهذا غير مستقيم لأنه متناقض غير متناسب فعجبنا من هذا التناقض الواضح والتخالف الفاضح وفي المثل السائر أصلح وقابل وأفسد وقابل
وأما إرسالك السيف والتركاش لنا فقد تعجبنا منه إلى الغاية وأنكرناه إلى النهاية لأنك لم تزل في كتبك كلها تستشهد بتاريخ جنكزخان وأخباره وأحواله وتقتدي به في أقواله وأفعاله وما سمعنا في التواريخ ولا أتفق قط من جنكزخان ولا ممن تقدمه وتأخره من ملوك مملكته في زمن من الأزمان أنه أهدى إلى خادم الحرمين الشريفين سيفا ولا تركاشا ما اختلف في ذلك اثنان
فإرسالهما منك إلينا هل هو من باب المحبة أو لا وإن كان تخويفا فنحن ما نخاف من سيفك وتركاشك بعناية الله العظيم الأعلى

( السيف والرمح والنشاب قد علمت ... منا الحروب فسلها فهي تنبيكا )
( إذا التقينا تجد هذا مشاهدة ... في الحرب فاثبت فأمر الله آتيكا )
( بخدمة الحرمين الله شرفنا ... فضلا وملكنا الأمصار تمليكا )
( وبالجميل وحلو النصر عودنا ... خذ التواريخ واقرأها تلبيكا )
( والأنبياء لنا الركن الشديد فكم ... بجاههم من عدو راح مفلوكا )
( ومن يكن ربه الفتاح ناصره ... ممن يخاف وهذا القول يكفيكا ) وقد أجبناك عن السيف والتركاش فيما مضى قبل هذا الوقت وتقدم فاعرف ذلك واعلم
وأما ما ذكرته من قولك إنك فتحت معنا باب المحبة والوداد والصحبة والاتحاد لا باب المخاصمة والمشاورة والعناد فقد علمنا ذلك وفهمناه
والذي نعرفك به أن الذي وقع منك بخلاف ما قلت لأنك لو كنت صادقا في قولك كنت لما حضر إليك شكرا أحمد وأرغون السلامي اللذان هما من بعض ممالكينا ومن جملة رعايانا أمسكتهما وجهزتهما إلينا بعد أن قيدتهما فما فعلت ذلك بل عملت بالضد منه لأنك آويتهما وحميتهما وعظمتهما وأكرمتهما وجعلتهما من خواصك وأحبابك وأوليائك وأصحابك
وأيضا توجه إليه صولة بن حيار الذي هو قطعة هجان من هجانتنا فأكرمته وألبسته التاج وعظمته وبعثت معه خلعة إلى نعير

المذكور وإلى غيره من عربانه ووعدته بالتقدمة والإمارة بالتصريح العظيم لا بالتلويح والإشارة وكتبت إليه كتابا ما تركت فيه ولا خليت وأظهرت كل ما كان عندك وما أبقيت فجهزه إلينا وقريء على مسامعنا الشريفة كلمة كلمة وعرفنا واضح معناه ومبهمه وها نحن نشرحه لك لتعلم وتتحقق أنه وصل إلينا واطلعنا عليه وما خفي أمره علينا
وهذا نصه

دام دولته
الأمير الكبير المعظم أمير نعير أدام الله دولته شمسا
نعرض لعلو علومه المحروسة أنه قد اتصل بنا طردك عن الشام ومعاملتهم معك غير الواجب
حال وقوفك على هذا المثال تسرع في الوصول إلينا بحيث نعطيك ما أعطي المرحوم عمك أمير سليمان طاب ثراه ونجعلك مقدم العساكر المنصورة وبهذا برز الحكم المطاع من الحضرة العالية ففي عزم العساكر والجيوش المعظمة الوصول إلى أطراف البلاد شرقا وغربا وروميا من سائر النواحي والأمصار والبلاد والأقطار وإن أبطأ ركابك عن الوصول فنحن واصلون إليكم في طريقنا إلى مصر وغيره ولا يبقى لطاعتك مزية ولا منة فيكون ذلك على الخاطر المبارك
فينبغي أن لا يكون جواب الكتاب إلا قدوم الركاب ففيه لكم الفوائد العظيمة والعطايا الجسيمة ومع ذلك إصابة الرأي منكم تغني عن تأكيد الوصية إليكم ومهما عرض من المهام يقضى حسب المراد ومنهج السداد والله الموفق
وبحاشية الكتاب المذكور ما نصه وقد كتبنا إلى السلطان أحمد أن يصل إلينا فانظر كيف كان عاقبة أمره فينبغي أن تتوجه أو يتوجه بعض أولادك إلينا لأجل مصالحك كافة
فيا أمير تيمور لو كنت صادقا وكلامك بالحق ناطقا ما وقع منك مثل هذا ولا صدر ولا اتفق بل ولا ببالك خطر ولكن كل ما يكون في خاطر الإنسان يظهر من الكلام الذي يخرج من فيه وكل وعاء ما ينضح إلا بما فيه

( يا فاعلا بالضد من قوله ... فعل الفتى دال على باطنه )
( والمرء مجزي بأعماله ... إذا أظهرت ما كان في كامنه ) وأما طلبك منا السلطان أحمد الحلايري غير مرة فقد علمناه
ولكن عرفنا يا أمير تيمور إيش عمل بك حتى حلفت له عدة مرار بأيمان الله تعالى العظيمة وأعطيته العهود والمواثيق بأنك ما تتعرض إليه ولا إلى مملكته ولا توفيه ولا تشوش عليه حتى اطمأن بأيمانك وركن إليك وأحسن ظنه فيك ووثق بك واعتمد عليك فخنته وغدرته وأتيته بغتة على حين غفلة وبدرته وأخذت مملكته وبلاده وأمواله وأولاده
وأعظم من ذلك أنك أخذت أيضا حريمه وهن في عقد نكاحه وعصمته وأعطيتهن لغيره وقد نطق الكتاب والسنة بتحريم ذلك وعظم ذنب فاعله وقبيح جرمه ففي أي مذهب من المذاهب يحل لك أخذ حريم المسلمين وإعطاؤهن لغير أزواجهن من المفسدين الظالمين وهن في عصمة أزواجهن وعقد نكاحهن إن هذا لهو البلاء المبين وكيف تدعي أنك مسلم وتفعل هذه الفعال عرفنا في أي مذهب لك هذا حلال فأعمالك هذه كلها منافية لدعواك بل منافية لدين الإسلام وشرع سيدنا محمد
قال الله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقال ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) وقال عز و جل ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) وقد بين لنا الخير والشر والحلال والحرام وأهلها فقال ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ) وقال تعالى ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا )

وقال تعالى ( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ) وقال رسول الله ( كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه )
وقال ( المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه )
ففي أي مذهب من دين الإسلام تستحل هذه المحرمات العظيمة والمنكرات القبيحة الشنيعة الجسيمة التي يهتز لها العرش ويغضب الله عز و جل لها ورسله والملائكة والناس أجمعون وما كفى ما فعلت من القان أحمد المشار إليه حتى تطلبه منا
اعلم أن القان أحمد المشار إليه قد استجار بنا وقصدنا وصار ضيفنا وقد ورد من قصدنا وجب حقه علينا
وقال تعالى لسيد الخلق أجمعين في حق الكفار الذين هم أنحس الناس ( وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ) فكيف بالمسلمين إذا استجاروا بالمسلمين وكيف بالملوك أبناء ملوك المسلمين الذين لأسلافهم الكرام معنا ومع ملوك الإسلام خدام الحرمين الشريفين صحبة ومحبة وأخوة في الله تعالى ولو لم يكن ذلك كيف يجوز في شرع المروءة والنخوة الوفاء أن نسلم ضيفنا ونزيلنا والمستجير بنا خصوصا وجنسنا جركس جنس ملوك الإسلام السالفين خدام

الحرمين الشريفين الذين اتفق لهم مع التتار ما تشهد به التواريخ ومن عادتنا وشأننا وطباع جنسنا أننا لا نسلم ضيفنا ولا نزيلنا ولا من استجار بنا لأحد
وإن كنت ما تصدق ذلك فعندك من هم من جنسنا سلهم يعرفوك فنحن لا يضام لنا نزيل ونقري الضيف ونعامله بالجميل وهذه جبلتنا الغريزية وعادة أصلنا الأصيل فإرسال القان أحمد إليك أمر مستحيل
( إنا ذوو الفضل الغزير الوارف ... أبوابنا هي ملجأ للخائف ) نقري الضيوف ولا يضام نزيلنا ... شيم ورثنا فضلها عن سالف ) وكليمة تكفي الذي هو عاقل ... والرمز تصريحا غدا للعارف ) وقولك إن العادة كانت جارية بين من سلف من ملوك الإسلام وملوك التتار أنه من هرب من جهة إلى أخرى يمسكه الملك الذي يهرب إليه ويقيده ويجهزه إلى الملك الذي هرب من عنده وأن دمرداش بن جوبان لما هرب في الزمن الماضي من ملكه وجاء إلى سلطان مملكتنا المعظمة المشرفة أمسكه وقيده وأرسله إليه فقد علمناه وليس هذا الذي قلته وحكيته بصحيح لأن الذي وقع واتفق بخلافه وهو أن أميرا من أمراء السلطان الملك الناصر كان يسمى قراسنقر هرب من عنده وراح إلى أبي سعيد فقطع رأسه وجهزه إلى الملك الناصر
وأما دمرداش المذكور فالملك الناصر ما أرسله إلى أبي سعيد مثل ما قلت وما مات دمرداش المذكور إلا في مصر المحروسة فليكن ذلك في علمك ثابتا وعلى كل حال فكلامك حجة عليك لا لك لأنك قد آويت شكرا أحمد وأرغون السلامي وأكرمتهما وقربتهما وكذلك كل من حضر إليك من مماليكنا ورعايانا وخدمنا من أهل مملكتنا فلو أمسكتهم وقيدتهم وجهزتهم إلينا كنت تكون صادقا في قولك وكنت إذا طلبت منا أحدا ما تلام على طلبه فكيف وأنت البادي والمعتدي فهذا الكلام كله شاهد عليك لا لك

وأما قولك إن صاحب تكريت كان حراميا قاطع طريق ففعلت معه ما فعلت مقابلة له على نجسه وحرامه وقطعه الطرقات فقد علمناه وسلمنا لك هذا الأمر بيض الله وجهك وما قصرت فيه فحبذا ما عملت ونعم ما فعلت في حقه من إعطائه جزاءه
أفأهل بغداد كانوا حرامية قطاع طريق حتى فعلت بهم ما فعلت وقتلت منهم من التجار خاصة ثمانمائة نفس في المصادرة بالعقوبة والعذاب
ففي أي مذهب يجوز هذا وهل يحل لمن يدعي الإسلام أن يعمل بخلق الله تعالى الذين أمر بالشفقة عليهم والإحسان إليهم ونشر العدل فيهم هذه الفعال وقد تعجبنا منك يا أمير تيمور إلى الغاية كيف تدعي أنك عادل وتعمل بأهل بغداد المسلمين الموحدين وبغيرهم من المسلمين هذه العمائل أما تعلم أن الشفقة على خلق الله تعظيم لأمر الله وأن الله رحيم يحب من عباده الرحماء وأن الظلم حرام في جميع الملل قال رسول الله ( إن الله تعالى يقول يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا )
وقال ( لا أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن )
وورد ( إن فاتني ظلم ظالم فأنا الظالم ) وحسب الظالمين رب العالمين الذي قال في حقهم ( ألا لعنة الله على الظالمين ) وقال ( إنه لا يفلح الظالمون )
والباغي له مصرع
ولما جاء هولاكو ومنكوتمر وغازان وقصدوا ملوك الإسلام خدام الحرمين الشريفين الذين كانوا من جنسنا كما ذكرنا لك أعلاه اتفق لهم ما اتفق مما هو مشروح في التواريخ ومعلوم عند الناس فمهما أخذه أولئك تأخذه إذا جئت
وأما قولك في كتبك إنه إن لم نجهز إليك السلطان أحمد الحلايري مقيدا تجيء في أول فصل الربيع إذا نزلت الشمس برج الحمل أو لما تنزل الميزان وإن جهزناه إليك مقيدا تتأكد المحبة والصحبة بيننا وبينك فقد علمناه والذي

نعرفك به هو أننا كنا نتوقع أنك تجيء قبل هذا الوقت فقد أبطأت كثيرا وملوك الإسلام خدام الحرمين الشريفين الذين كانوا قبلنا ما تصالحوا مع مثل هولاكو وغيره إلا حتى تزاوروا وتقابلوا واجتمعوا ونحن أيضا كذلك ما نصطلح إلا بعد أن نتزاور ونتقابل ونجتمع
وأنت طلبت أحمد الحلايري وها نحن واصلون إليك به نطلب منك أن تشفعنا فيه وتهبنا ذنبه الذي صدر منه وندخل عليك بسببه ونسأل إحسانك أن تعين لنا موضعا نلتقي معك فيه حتى نأتيك بأحمد الحلايري المذكور فيه ونشفع فيه عندك
فعين لنا الموضع المذكور على حسب ما تختار إما من ذاك الجانب من الفرات أو من هذا الجانب
وأي موضع عينته وسميته لنا جئناك بالمشار إليه فيه وندخل عليك في أمره ونستوهب ذنبه منك
وأما ما ذكرته من أمر الرسول فقد علمناه
والذي نعرفك به هو أن الرسول المذكور كان يكتب المنازل منزلة منزلة إلى بلادنا المحروسة واطلع عليه في ذلك جماعة من جهتنا ولما وصل إلى الرحبة المحروسة قال للنائب بها بس الأرض للأمير تيمور واقرأ الخطبة باسمه
فلو كان رسول مصلحا ما كان كتب المنازل ولا أكثر فضوله وتحدث بما لا ينبغي له وتكلم فيما لا يعنيه وتعدى طوره لأنه لا ينبغي للرسول أن يكون إلا أعمى أخرس غزير العقل ثقيل الرأس كما قال بعضهم
( إذا قصدت الملوك فالبس ... من التقى والعفاف ملبس )
( أدخل إذا ما دخلت أعمى ... واخرج إذا ما خرجت أخرس ) وكيف يمكن نائبنا الذي هو من جملة مماليكنا وجبل لحمه ودمه على أنعمنا وصدقاتنا وغذي وربي بلبان فضلنا وجودنا أن يبوس الأرض لغيرنا أو يخطب باسم غيرنا وكيف يترك اسم خادم الحرمين الشريفين أستاذه ويذكر اسم غيره
فقد تكررت منك الفعال القبيحة الموجبة لما يقدره الله تعالى ونحن نقسم بالله تعالى لولا قلت لنعير تعال حتى أعملك مقدم العساكر ونمشي على الشام ومصر وقربت مماليكنا وآويتهم وبدأت بهذا كله وحصل منك التعدي ما

كان يتفق لرسلك ما اتفق
ولكن الجزاء من جنس العمل والخير بالخير والبادي أكرم والشر بالشر والبادي أظلم
وأيضا كل وقت تسأل عن ممالكنا المصونة وكثرة عساكرنا المنصورة من قلتها
فلو كنت طالبا المحبة والصحبة والمصادقة ما وقع منك هذا
وأما قولك إن هولاكو أخذ من كل مائة رجل رجلين وجاء بهم وأنت قد جئت بالرجلين وبالمائة واعتمادك على كثرة عسكرك على قولك فقد علمناه وإن كان اعتمادك على كثرة عسكرك فاعتمادنا نحن على الله تعالى واستمدادنا من الحرمين الشريفين ومددنا ممن بهما من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين والصحابة والصالحين رضي الله عنهم
فإذا تلاقينا يكون ما يقدره الله تعالى ويعطي الله النصر لمن يشاء وتعلم ذاك الوقت لمن العاقبة ويظهر فعل الرب القادر تعالى وعوائده الجميلة بنا التي لا شك عندنا فيها ولا ريب وقط ملوك التتار ما انتصروا على ملوك الإسلام بل ملوك الإسلام خدام الحرمين الشريفين هم المؤيدون المنصورون المظفرون بعون الله تعالى وببركة سيدنا محمد من الله الكريم بالفضل والإحسان والغنائم والفتوحات لأنهم أهل الكتاب والسنة والعدل والخير والخوف من الله تعالى لا يقعون في محارمه ولا يقدمون على ارتكاب ما ينهى عنه فهم المؤمنون المتقون
وقال الله تعالى ( وكان حقا علينا نصر المؤمنين ) وقال تعالى ( إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا ) وقال ( والعاقبة للتقوى ) وقال تعالى ( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر إن الأرض يرثها عبادي الصالحون ) وسوف ينجز الله تعالى وعده لأنه لا يخلف الميعاد

وأما ما ذكرته من أمر قرا يوسف وبير حسن وغيرهما وأن في معاشهم زغلا وأنهم مفسدون
وجعلك لكل واحد منهم ذنبا وأنك أنت العادل الخير المفلح والناس كلهم مناحيس وأنت الصالح والله يعلم المفسد من المصلح فقد علمناه
والذي نعرفك به هو أن النور لا يجتمع مع الظلام ولا اليقظة والمنام ولا الخير والشر في حيز واحد لأنها متضادة ليس بينها اتفاق ولا التئام وفعل المرء دال على نيته وطويته قال الله تعالى ( قل كل يعمل على شاكلته ) وقال ( وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور وما يستوي الأحياء ولا الأموات ) وقال ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) وشتان ما بين أهل الخير والفساد وأهل العدل وأهل البغي والعناد فالخير هو المتقي ومن يرتكب ما حرم الله ويعتقد أنه على الحق فهو الشقي
( إذا المرء لم يعرف قبيح خطيته ... ولا الذنب منه مع عظيم بليته )
( فذلك عين الجهل منه مع الخطأ ... وسوف يرى عقباه عند منيته )
( وليس يجازى المرء إلا بفعله ... وما يرجع الصياد إلا بنيته )
وأما قولك إن نعير العرب أرسل بالخفية يطلب السلطان أحمد وأننا نرسم لنوابنا أن يحترزوا من توجهه إليه ولا يمكنوه من ذلك فإنه إن اتفق توجهه إليه يكن ذلك سببا لخراب الديار فقد علمناه
والذي نعرفك به هو أننا نتحقق أن ما يحصل خراب الديار والدمار ومحو الآثار إلا لمن يسعى ويتكلم بخراب الديار ( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله )
وستعلم ديار من تخرب وعمر من يذهب وعلى من تكون دائرة السوء دائرة وسطوات المنايا قاهرة ( وسيعلم

الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ) وها نحن واصلون بجيوش وجنود وعساكر مؤيدة من السباع أسبع لا تروى أسلحتهم من دماء البغاة ولا تشبع والجواب ما ترى لا ما تسمع
( قل للذي في الورى أضحى يعادينا ... احذر فأمرك رب العرش يكفينا )
( ما زال يمنحنا فضلا ويكلؤنا ... وفي العدا بعظيم النصر يشفينا )
( أقامنا رحمة للناس أجمعهم ... ولم يزل من جزيل الجود يعطينا )
( بالعز والنصر والتأييد عودنا ... وزادنا في مديد الأرض تمكينا )
( وللجميل وفعل الخير وفقنا ... شكر له ستره الأعلى يغطينا )
( قد أسكن الرحمة الحسنى التي أمنت ... بها الأنام بأقصى ملكنا فينا )
( فكلما بالدعاء المرتضى نطقت ... لنا الرعايا أجاب الكون آمينا )
( الله حافظنا الله ناصرنا ... من ذا يعاندنا من ذا يقاوينا )
والله الموفق بفضله العميم والهادي إلى الصراط المستقيم بمنه وكرمه وجوده ونعمه إن شاء الله تعالى
كتب في من جمادى الأولى سنة ست وتسعين وسبعمائة
الحالة الثانية حين عاد السلطان من الشأم إلى الديار المصرية وخرب هو دمشق وحرقها ثم انتقل عنها وترددت رسله بطلب أطلمش أحد أمرائه الذي كان قد أسر في أيام السلطان الملك الظاهر برقوق
وفي هذه الحالة كان يكتب له في قطع الثلثين والعنوان بقلم جليل الثلث بحل الذهب سطران مضمونهما المقام الشريف العالي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المظفري الملجئي الملاذي الوالدي القطبي نصرة الدين ملجأ القاصدين ملاذ العائذين قطب الإسلام والمسلمين دامت

معدلته تيمور كوركان
والبسملة في أول الوصل والخطبة جميعها بالذهب وكذلك البعدية وما يتعلق بالمكتوب إليه على عادة القانات والعلامة بجليل الثلث بحل الذهب بالهامش ما صورته المشتاق فرج بن برقوق إلا أنه اختلف مكانها في المكاتبات على ما سيأتي ذكره
إلا أن افتتاح المكاتبة إليه في هذه الحالة كان على ضربين بحسب ما اقتضاه الحال

الضرب الأول الافتتاح بأما بعد وذلك عند أول عقد الصلح
وهذه نسخة مكاتبة كتبت إليه جوابا عما ورد منه بطلب أطلمش المذكور والتماس الصلح جهزت صحبة الأمير شهاب الدين أحمد بن غلبك والأمير قاني بيه صحبة رسوله خواجا مسعود الكججاني رسوله الوارد بكتابه في جمادى الأولى سنة خمس وثمانمائة
وعلم له فيها في الهامش بين السطرين الثاني والثالث بقلم جليل الثلث بحل الذهب المشتاق فرج بن برقوق على ما تقدم ذكره والورق قطع الثلثين وهي
أما بعد حمد الله الذي جعل الأرواح أجنادا مجندة ووصل أسباب الرشد والفلاح بمن افتتح باب الإصلاح ولم يخلف موعده وكفل لمن توكل عليه في أموره النجاح يومه وغده
والشهادة له بأنه الله القاهر فوق عباده بقدرته المؤيدة أشرف نبي طيب الله عنصره ومحتده وأصلح ببعض نسله الشريف بين فئتين عظيمتين بلغ كل منهما من الخير مقصده
وعلى آله الطاهرين وذريته الظاهرين بالمصالح المرشدة وأصحابه الذين كانت غالب قضاياهم صلحا بين الناس ورسلهم بالاتفاق مرددة ومن عدم الشقاق غير مترددة صلاة وسلاما نصل بهما حبل البنوة بالأبوة المتجددة ونخمد بهما نار الحرب المتوقدة

فقد أصدرنا هذه المفاوضة إلى المقام الشريف العالي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المظفري الملجئي الملاذي الوالدي القطبي نصرة الدين ملجأ القاصدين ملاذ العائذين قطب الإسلام والمسلمين تيموركوركان دامت معدلته
تهدي إليه سلاما تتلى سوره وآياته وثناء تتوالى غدواته وروحاته ولا تتناهى غاياته وتبدي لشريف علمه أن مفاوضته العالية التي وردت أولا وآخرا تضمنت رموزها باطنا وظاهرا تجهيز الأمير أطلمش لزم المقام الشريف إلى حضرته العلية لتنحسم مادة الحركات وتسكن القلوب والخواطر في سائر الجهات وتتحد المملكتان في الصداقة والوفاء والمحبة والصفاء على الصورة التي شرحها وبين مناهجها ووضحها خصوصا ما أشار إليه من أن لجواب الكتاب حقا لا يضيع فوقفنا عليها وقوف إجلال وفهمنا ما تضمنته على التفصيل والإجمال
والذي نبديه إلى علومه الشريفة أن سبب تأخير أطلمش أنه قدم المقام الشريف إلى حدود الممالك الشامية وتوجهنا من الديار المصرية عرض لنا ما أوجب العود إليها سريعا وكان الحزم فيما فعلناه بمشيئة الله تعالى
ثم تحققنا من المفاوضة الواردة على يد سودون وسودون والنمر والحاج بيسق أحد أمراء أخورية قسمه بالله الطالب الغالب المدرك المهلك الحي الذي لا ينام ولا يموت أنه إن جهز إليه أطلمش المشار إليه رجع المقام الشريف إلى بلاده وأنه متوقع حضوره إليه بقارة أو سلمية أو حمص أو حماة
فأخذنا في تجهيزه

إلى حضرته الشريفة على أجمل ما يكون
فبينا نحن على ذلك إذ وردت علينا الأخبار بما اتفق لدمشق وأهلها من أنواع العذاب وتخريب قلعتها وديارها وإحراق جامعها الذي هو الجامع الفرد في الممالك الإسلامية وغيره من المساجد والمدارس والمعاهد والمعابد
فلما تواترت هذه الأخبار وتحققت هذه المضار لمحنا من عدم ترحلكم عن دمشق وهي عامرة نقض ما تقرر وعدم التفاتكم إلى الأمير أطلمش المذكور وتجهيزه
فلما وردت مفاوضته الشريفة المجهزة إلى صاحب ماردين أرسلها إلينا وهي الواصلة على يد المجلس السامي الشيخي الكبيري العالمي الناسكي الحسيبي النسيبي الشرفي عبد المؤمن شيخ الجبال ابن ولي الله إمام العارفين عبد القادر الكيلاني أعاد الله تعالى من بركاته والصدر الأجل فخر الدين التاجر السفار المؤرخة بثاني عشر ذي القعدة الحرام من سنة أربع وثمانمائة المتضمنة وصول المقام الشريف إلى أرزنكان وكماخ قاصدا للبلاد الرومية والقصد فيها تجهيز الأمير أطلمش وأن يفتح باب المصالحة ويسلك طريق المصادقة رعاية لصلاح المملكتين ونظرا إلى إصلاح ذات البين وأنه لا مطمع إلا في صحة المودة وإرسال أطلمش صحبة شخص من مقربي حضرتنا الشريفة لينظر ما يصدر بعد وصولهما من تمهيد قواعد المجاملة وتشييد مباني المحبة
وأن المقام الشريف زيدت عظمته أقسم بالله الذي هو في السماء إله وفي الأرض إله أن يكون في هذه الحياة محبا لمن يحبنا مبغضا

لمن يبغضنا وأنا نتلفظ بحضور الأمير أطلمش كما تلفظتم
فعند ذلك اجتمعنا مع مولانا أمير المؤمنين المتوكل على الله أدام الله تعالى أيامه والشيخ الإمام الفرد شيخ الإسلام سراج الملة والدين عمر البلقيني أعاد الله تعالى من بركته وقضاة القضاة ومشايخ العلم والصلاح وأركان الدولة الشريفة وقرئت المفاوضة بحضورهم
فلما سمعوا ما تضمنته من عظيم القسم والحلف بباريء النسم وعلموا أن جل القصد فيها تطلع المقام الشريف إلى تجهيز الأمير أطلمش المذكور فاجتمعت الآراء على إرساله إلى حضرته الشريفة صحبة من اقتضته الآراء الشريفة
ثم وردت بعد ذلك المفاوضة من المقام الشريف زيدت عظمته على يد شخص من أهل أزمير مؤرخة بثاني عشر شهر صفر المبارك سنة تاريخه متضمنة ما حصل من النصر على ابن عثمان والظفر به والاستيلاء على غالب قلاعه
وزبدة الكلام فيها الإسراع بتجهيز أطلمش المذكور ليجتمع شمله بأولاده بالحضرة الشريفة
ثم بعد ذلك وردت علينا مفاوضة شريفة على يد المجلس السامي الشيخي الكبيري الأوحدي العارفي السالكي المقربي مسعود الكججاني رسول المقام الشريف
وصحبته المجلس السامي الشيخي الكبيري العالمي العاملي الأمامي القدوي الشمسي شيخ القراء إمام أئمة الكبراء محمد بن الجزري أدام الله النفع به
مؤرخة بغرة ربيع الأول سنة تاريخه متضمنة معنى الكتابين المجهزين من ماردين

وأزمير
وجل القصد فيها تجهيز الأمير أطلمش لتحصل طمأنينة قلوب العالمين وإخماد باب الفتن وأن العمدة على المشافهة التي تحملها الخواجا نظام الدين مسعود المشار إليه وأن قوله قول المقام الشريف
ومهما عقد الصلح عليه والتزم به كان من رأي المقام الشريف وشوره لا يخرج عنه ولا يميل إلى غيره بقول ولا فعل
فلما أحضرناه وأصغينا إلى ما تحمله من المشافهة فإذا هي مشتملة على خالص المحبة وأن يكون المقام الشريف والدنا عوضا عمن قدس الله تربه وأن نجهز الأمير أطلمش إليه وتكون عمدتنا بعد الله عز و جل عليه فقابلنا ذلك بالقبول والاستبشار ومحونا آية ليل الجفاء وأثبتنا آية نهار الوفاء في الإعلان والإسرار وقبلنا أبوته الكريمة على مدى الأزمان وتوالي الأعصار وشاهد الخواجا مسعود حال أطلمش وعلم اهتمامنا بتجهيزه قبل وصوله بمدة اعتمادا على أليته السابقة ووثوقا بما صرح به من الاتحاد والمصادقة وعقدنا الصلح مع الشيخ نظام الدين مسعود المذكور بطريق الوكالة الشرعية عن المقام الشريف وحلفنا نظير ما حلف عليه بموافقة مولانا أمير المؤمنين أدام الله أيامه على ذلك بمحضر من شيخ الإسلام وقضاة القضاة ومشايخ العلم والصلاح وأركان الدولة الكبار مع حضور الأمير أطلمش لزم المقام الشريف وشهادة من يضع خطه على نسخ الصلح التي كتبت وجهزنا منها نسختين مثبوتتين إلى حضرته

الشريفة قرين هذا الجواب الشريف لتحيط العلوم الشريفة بمضمونها وبأحدها خطنا الشريف لتخلد بخزانته الشريفة والأخرى يشملها بخطه الشريف وتعاد إلينا صحبة رسولنا المجلس العالي الأميري الكبيري المجاهدي المؤيدي المقربي الأعزي الأخصي الأصيلي الشهابي أحمد بن أغلبك الناصري مقربنا ومقرب والدنا الشهيد أدام الله تعالى نعمته وجهزنا صحبته المجلس السامي الأمير الأجل الكبير المقرب المرتضى الأخص الأكمل سيف الدين قاني باي الخاصكي الناصري أدام الله سعادته المتوجهين بهذا الجواب الشريف المجهزين صحبة الأمير أطلمش وبقية قصاد المقام الشريف ورسله
ومما نبديه لعلومه الشريفة أنه مما تضمنه الملخص الشريف المجهز عطف الكتاب الواصل على يد الشيخ مسعود الكججاني مضاعفة الوصية بأولاد الشيخ شمس الدين الجزري ورعاية أحوالهم وتعلقاتهم
وقد قابلنا ذلك بالإقبال والقبول وقررنا لهم بالأبواب الشريفة
ونحن بشهادة الله وكفى به شهيدا قد أخلصنا النية للمقام الشريف وعاهدنا الله عز و جل في التعاضد والتناصر والاجتهاد في عمل المصالح للعباد والبلاد وعدم التقاصر والعمل بما فيه بياض الوجه عند الله في الدنيا والآخرة وإجراء الأمور على السداد
بتوفيق الله عز و جل وطلبا لرحمته الباطنة والظاهرة
ثم استقبل لسان الحال ينشدنا
( يا أول الصفو هذا آخر الكدر ... ) فيكون ذلك في علومه الشريفة والله تعالى يديم عوارفه الوريفة بمنه وكرمه
والمستند حسب المرسوم الشريف

الضرب الثاني ما صار إليه الأمر بعد وصول أطلمش إليه
وهذه نسخة جواب والعنوان سطران بقلم الثلث بماء الذهب ما صورته المقام الشريف العالي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المظفري الملجئي الملاذي الوالدي القطبي نصرة الدين ملجأ القاصدين ملاذ العائذين قطب الإسلام والمسلمين تيموركوركان زيدت عظمته
والطرة ثلاثة أوصال والبسملة الشريفة في أول الوصل الرابع
ثم الحمد لله وتتمة الخطبة بالذهب وبيت العلامة عرض أربعة أصابع مضمومة وما يليها من الأسطر سعة ثلاثة أصابع والعلامة الشريفة بين السطر العاشر والحادي عشر من سطور الكتابة موافقا لانتهاء الخطبة عند أما بعد فقد صدرت هذه المفاوضة
والعلامة الشريفة بجليل الثلث بماء الذهب المشتاق فرج بن برقوق
وهامش الكتاب أربعة أصابع مطبوقة والخطبة وما يليها من البعدية وألقاب المقام القطبي المركبة والمفردة الجميع بالذهب
ومضمونه بعد البسملة الحمد لله الذي شيد قواعد الإصلاح ومهد مواطن الرشد والنجاح وجعل أذان المؤمن يجيب داعي الفلاح
نحمده على أن ألف بين القلوب بلطيف الارتياح ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله زم نفوس المؤمنين بحبل التقوى من حمية الجماح ونشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي وضح من نور رسالته فجر الإيمان ولاح ونفح من نور معجزاته زهر الدين الحنيفي وفاح صلى الله عليه وعلى آله الذين شدوا ظهور كلمهم من الصدق بأتقن وشاح وعلى صحابته الذين بينوا من عهودهم بفقههم في الدين الواجب والمندوب والمحظور والمباح وسلم تسليما كثيرا

أما بعد فقد صدرت هذه المفاوضة إلى المقام الشريف العالي الكبيري العالمي العادلي المؤيدي المظفري الملجئي الملاذي الوالدي القطبي نصرة الدين ملجإ القاصدين ملاذ العائذين قطب الإسلام والمسلمين
( ملك يفوق الخلق طرا هيبة ... فبه نهاية غاية التأميل ) تيموركوركان زيدت عظمته ودامت معدلته ولا زالت رايات نصره خافقة البنود وآيات فضله متلوة في التهائم والنجود وسحب فضائله هامية بالكرم والجود ومهابة سطوته تملأ الوجود تهدي إليه من السلام ما حلا في حالتي الصدور والورود ومن الإخلاص ما صفا وضفت منه البرود
وتبدي لعلمه الشريف أن مفاوضته الشريفة وردت علينا جوابا عما كتبناه إلى حضرته الشريفة على يد المجلس العالي الأميري الشهابي أحمد بن غلبك وسيف الدين قاني بيه الناصري المجهزين صحبة المجلس العالي الأميري الجلالي أطلمش لزم المقام الشريف بوصول الأمير جلال الدين أطلمش إلى حضرته الشريفة طيبا مبديا بين يديه ما حملناه من رسائل الأشواق مبينا ما هو اللائق بخلاله الحسنة عن حضرتنا ما دبج به الأوراق شاكرا لإنعاماتنا إلتي هي في الحقيقة من شيم فضلكم الخفاق مثبتا منه ومن فحوى الخطاب في نظم الكتاب صدق المقال وصحة العهد ورسوخ الميثاق وأنه قد ثبت بما بث من غرائب المعاني حصول الأماني وسرى بعد ما يكون من هدايا التهاني وأن الذي اتفق الآن هو المطلوب والمكتوب به إلى والدنا الشهيد الطاهر أولا هو المرغوب وخلافه كان موجبا لنقل الحركات الشريفة إلى جهة البلاد وما اتفق فيه للعباد ولكن كل بقضاء وقدر
ولما حصل قبول الإشارة بتجهيز الرسل والأمير أطلمش صارت القلوب متفقة والعيون قارة وصفت موارد الصفاء وضفت برود الوفاء

وقطعت حبال المنافاة والجفاء
وأن المقام الشريف كان أقسم في كتبه قسما وأعاده ثم فصل مجمله وأفاده وهو والله الطالب الغالب المدرك المهلك الحي الذي لا ينام ولا يموت من يومه هذا لا يخالف ما صدر من عقد الصلح المسطور ولا يرجع عن حكمه للعهد المزبور ويحب من يحبنا ويبغض من يبغضنا ويكون سلما لمسالمينا حربا لمحاربينا ومتى استنصرنا به على أحد من مخالفينا أمدنا بما شئنا من العساكر وأنه أمر ما ناله أحد من الناس غيرنا وإنه لو كان القسم على الوجه الذي ذكره مصرحا مذكورا في لفظ الكتاب وعبارة الخطاب لكان أوضح والتبيين أملح وأنه حيث كان بأطراف ممالكه المجاورة لممالكه أحد من المفسدين يجهزه إلينا مقيدا وحيث كان أحد من المفسدين بممالكنا المجاورة للمالكه يعرفنا به لنجهزه إليه لاتفاق الكلمتين واتحاد المملكتين وطمأنينة لقلوب الرعايا والسالكين من الجهتين وما تفضل به من سؤال المقام الشريف الله عز و جل زيادة أسباب دولتنا ونمو إيالتنا وأن الهلال إذا رأيت نموه أيقنت أن سيصير بدرا كاملا
وأنا سنرى ما يصنعه المقام الشريف من الفضل المنيف ومن تلافي الأمور ما يظهر للخاصة والجمهور مما يزيد بدرنا نموا وقدرنا بين الملوك سموا لأنه لنا أكفى كفيل وأشفق من الولد والصاحب والخليل وإن من علامة الصفا إظهار ما خفى وهو أن في أطراف ممالكنا الآن بلادا كانت داخلة في ممالكه وهي أبلستين وملطية وكركر وكختا وقلعة الروم والبيرة وأنه كان حمل معناها على لسان المجلس السامي النظامي مسعود الكججاني أولا المجهز المجهز الآن صحبة الأمير شهاب الدين بن غلبك وسيف الدين قاني بيه وأن القصد أن نأمر من بها من النواب أن تسلمها لنوابه والمعول في انتظام الأمور على ما تحمله المشار إليه وعول عليه وأنه شاكر لمرافقنا موافق لموافقنا وأنه يصغى إلى ما نبديه ونتحف به ونهديه على الصورة التي أبداها والتحية التي بكريم الشيم أهداها فقد علمنا ذلك

جملة وتفصيلا وشكرنا حسن صنيعه إقامة ورحيلا وتضاعف سرورنا بوصول الأمير أطلمش إلى الحضرة الشريفة
ووصل إلينا الأمير شهاب الدين بن غلبك وسيف الدين قاني بيه مرتلين من ذكر محاسنكم ترتيلا وعرضا ما تفضلتم به في حقنا إكراما وتوقيرا وتبجيلا وأنهيا بين أيدينا ما عوملا به من الفضل الذي ما عليه مزيد والبر الذي تعجز الفصحاء أن تبديء بعض محاسنه أو تعيد وأنهما كانا كل يوم من توفر الفضل في يوم عيد وحصل لهما من الإقبال ما لا يحصى بالحصر والتحديد فحمدنا للمقام الشريف الوالدي حسن هذا الفضل العام وشكرنا جميل تفضله الذي أخجل الغمام وتزايد شوقنا وحبنا حيث زمزمت ألفاظ المفاوضة الشريفة إلى ذلك المقام
( ليس على الله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد ) وهذا هو اللائق بالخلال الشريفة والمؤمل في جلال صفاته المنيفة ووصل الخواجا نظام الدين صحبتهما مبديا عن جنابكم من رسائل المحبة والصفاء والمودة والوفاء ما يعجز عن وصفه الناظم والناثر مظهرا من حسن المودة وغزير المعرفة ما يفخر به الموالي والمؤاثر سالكا من تأكيد أسباب الصلح ما تتجمل به مفارق المفاخر معتذرا عما تقدم فما قدر ربما يكون سببا لإصلاح الآخر متكفلا عن صفاء طويتكم لنا بما يسر السرائر فضاعفنا إكرامه ورادفنا إنعامه ووفرنا من العز أقسامه وأنزلناه منزلا يليق به ووصلنا كل خير بسببه وما هو إلا مستحق لكل ما يراد به من فيض فضل وفضل
وأما ما أشار إليه من إعادة القسم تأكيدا للصلح وتوضيحا للنجح ولو كان القسم الذي أقسمنا به مصرحا لكان أولى فقد علمنا ذلك وكتبنا ألفاظ القسم في كتاب الصلح مصرحة وأعدناه إلى حضرته ليقرأ على مسامعه الشريفة ويشمله

الخط الشريف ويعاد إلينا ونحن نكرر القسم بباريء النسم الذي لا إله إلا هو الطالب الغالب المدرك المهلك الحي الذي لا ينام ولا يموت أنا من يومنا هذا لا نخالف ما انتظم من عقد الصلح المسطور إلى يوم البعث والنشور ولا تحل عراه الوثيقة المشار إليها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ونكون حربا لمن حاربه وسلما لمن سالمه ومبغضين لمبغضيه ومحبين لمحبيه ومن أشار بإشاره أو شن على أحد من رعاياه غاره رادفنا إسعافه وضاعفنا استظهاره وأخلصنا القول والعمل في مصافاة المقام الشريف لأن الصلح بحمد الله قد تم وكمل فيكون ذلك في شريف علمه
وأما ما أشار إليه من أمر القرى التي قصد تسليمها لنوابه وأنها داخلة في حدود مملكته كأبلستين وملطية وكركر وكختا وقلعة الروم والبيرة فقد علمنا ذلك
ونحن نبدي إلى علومه الشريفة أن هذه البلاد لا يحصل لنا منها خراج ولا ينال ملكنا ونوابنا منها في كل وقت إلا الانزعاج وإذا جهزنا إليها أحدا من النواب نتكفل له غالبا بالخيل والرجل والركاب وبضواحيها من سراق التركمان وقطاع الطريق من العربان ما لا يخفى عن مقامه
ولو كانت دمشق أو حلب أو أكبر من ذلك مماله عن الطلب ما توقفنا فيها عن قبول إشارته لتأكيد المحبة واتحاد الكلمتين من الجانبين في أعلى رتبة غير أن لتسليمها من الوهن لمملكتنا منافاة لما تفضل به المقام الشريف من سؤال الله تعالى في زيادة سلطنتنا
خصوصا وقد وعد المقام الشريف الوالدي بما سنرى وسوف تظهر نتيجته مما يتفضل به بين الورى وأن الذي سمح لنا به من الاستظهار ما ناله أحد من الناس وما حصل لنا بما أبداه الخواجا مسعود بين أمراء دولتنا من المشافهة عن مقامه الشريف من قوة الجاش والإيناس ونحن نترقب بيمن حركاته وسديد إشاراته زيادة الخير في النفس والملك والمال ونتوقع من جميل كفالته السعادة الأبدية في الحال والمآل فيكون ذلك في شريف علمه

وقد جهزنا بهذه المفاوضة المجلس العالي الأميري الكبيري الأعزي الأخصي المقربي المؤتمني الأوحدي النصيري مجد الإسلام والمسلمين شرف الأمراء الخواص في العالمين منتخب الملوك والسلاطين منكلي بغا الناصري أمير حاجب أدام الله تعالى سعده وأنجح قصده وعلى يده من الهدية المصرية ما تهيأ تجهيزه بمقتضى القائمة الملصقة بذيلها وأعدنا المجلس العالي النظامي مسعودا ومن معه إلى المقام الشريف متحملين من رسائل الأشواق والاتحاد ما لا يقع عليه الحصر والتعداد وما أخرنا الخواجا نظام الدين مسعودا هذه المدة بالباب الشريف إلا لأمر عرض من قضية السلطان أحمد بن أويس وهربه من بغداد إلى حلب وجهزنا من الباب الشريف من يحضره إلى دمشق ليحصل منه الأرب ثم بعد ذلك بأيام ورد الخبر من كافل الشام المحروس بوصول قرا يوسف بن قرا محمد إلى دمشق في نفر قليل
فجهزنا أحد الأمراء إلى كافل الشام بمثال شريف يتضمن القبض على السلطان أحمد بن أويس وقرا يوسف المذكورين وإيداعهما الاعتقال بقلعة دمشق المحروسة وفاء للعهد وتأكيدا
وحملنا الأمير سيف الدين منكلي بغا المذكور مشافهة في معناهما
والقصد من جميل محبته وجزيل أبوته قبول المجهز من ذلك وبسط العذر فيه إذا وصل إلى حضرته هنالك لأن الديار المصرية وأعمالها حل بها من المحل لعدم طلوع النيل في هذه السنة ما لا يحصر ولا يحصى ولا سمع بمثله
وشمول نسخة الصلح المعادة بالخط الشريف ومضاعفة إكرام حاملها الأمير منكلي بغا بالبر الوريف والإصغاء إلى ما تحمله من المشافهة في معنى أحمد بن أويس وقرا يوسف والله تعالى يشيد بتمهيده قواعد الدين الحنيف بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى

الثالث من ملوك توران من بني جنكزخان القان الكبير صاحب التخت وهو صاحب
الصين والخطا
قال في التعريف وهو أكبر الثلاثة ووارث تخت جنكزخان
قال ولم يكن يكاتب لترفعه وإبائه وطيرانه بسمعة آبائه ثم تواترت الآن الأخبار بأنه قد أسلم ودان دين الإسلام ورقم كلمة التوحيد على ذوائب الأعلام
قال وإن صح ذلك وهو المؤمل فقد ملأت الأمة المحمدية الخافقين وعمت المشرق والمغرب وامتدت بين ضفتي المحيط
ثم قال فإن صح إسلامه وقدرت المكاتبة إليه تكون المكاتبة إليه كالمكاتبة إلى صاحب إيران ومن في معناه من سائر القانات المقدم ذكرهم أو أجل من ذلك
قلت ولم يتعرض إلى المكاتبة إليه على تقدير بقائه على الكفر ويشبه أن تكون المكاتبة إليه على ذلك وشدة سطوته فيعطى من قطع الورق بقدر رتبته
ثم يجوز أن تبتدأ المكاتبة إليه كصاحب القسطنطينية ومن في معناه مع مراعاة معتقده في ديانته بالنسبة إلى كما يرعى مثل ذلك في المكاتبة إلى ملوك النصرانية والوقوف في الخطاب وما ينخرط في سلكه عند الحد اللائق به
والأمر في ذلك موكول إلى اجتهاد الكاتب ونظره

المهيع الثالث في المكاتبات إلى من بجزيرة العرب مما هو خارج عن مضافات
الديار المصرية وفيه جملتان
الجملة الأولى في المكاتبات إلى ملوك اليمن وهم فرقتان
الفرقة الأولى أئمة الزيدية
قال المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف وهو من بقايا الحسنيين القائمين بآمل الشط من بلاد طبرستان وقد كان سلفهم جاذب الدولة العباسية حتى كاد يطيح رداءها ويشمت بها أعداءها
وهذه البقية الآن بصنعاء وبلاد حضرموت وما والاها من بلاد اليمن
قال والإمامة الآن فيهم في بني المطهر وتقدم في المقالة الثانية في الكلام على المسالك والممالك أن أول من قام من هذه الأئمة باليمن الإمام يحيى الهادي بن الحسين الزاهد بن أبي محمد القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسين المثنى بن الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي

الله عنه في سنة ثمان وثمانين ومائتين في خلافة المعتضد وأنه كان فقيها عالما مجتهدا في الأحكام حتى قال فيه ابن حزم إنه لم يبعد عن الجماعة في الفقه كل البعد
ثم ولي بعده ابنه محمد المرتضى وتمت له البيعة فاضطرب الناس عليه واضطر إلى تجريد السيف فجرده ومات سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة لثنتين وعشرين سنة من ولايته وولي بعده أخوه أحمد الناصر ثم أخوه القاسم المختار ثم الحسين المنتجب
واطرد أمرهم بصنعاء إلى أن غلب عليهم السليمانيون أمراء مكة عند خروجهم منها فاستقرت بأيديهم إلى أن ملك اليمن من جهة الساحل أحمد الموطيء بن الحسين المنتجب المقدم ذكره وذلك في أيام سيف الإسلام ابن أيوب سنة خمس وأربعين وستمائة
وبقي أمر الزيدية هناك في عقبه
وقد ذكر المقر الشهابي بن فضل الله أن الإمامة في زمانه في الدولة الناصرية ابن قلاوون كانت في حمزة وذكر في مسالك الأبصار أن يحيى بن حمزة ولي بعد أبيه وكان في زمن المؤيد داود بن يوسف صاحب اليمن
وذكر قاضي القضاة ابن خلدون أن الإمام قبل الثمانين والسبعمائة كان علي بن محمد من أعقابهم وتوفي قبل الثمانين
وولي ابنه صلاح وتابعه الزيدية وكان بعضهم ينكر إمامته لعدم استكمال الشروط فيه فيقول أنا لكم ما شئتم إمام أو سلطان
ثم مات سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة وقام بعده ابنه نجاح فامتنع الزيدية من بيعته فقال أنا محتسب لله تعالى
قال في التعريف وأمراء

مكة تسر طاعته ولا تفارق جماعته
قال ويكون بين هذا الإمام وبين الملك الرسولي باليمن مهادنات ومفاسخات تارة وتارة
قال وهذا الإمام وكل من كان قبله على طريقة ما غيروها
وهي إمارة أعرابية لا كبر في صدورها ولا شمم في عرانينها وهم على مسكة من التقوى وترد بشعار الزهد يجلس في ندي قومه كواحد منهم ويتحدث فيهم ويحكم بينهم سواء عنده المشروف والشريف والقوي والضعيف وربما اشترى سلعته بيده ومشى في أسواق بلده لا يغلظ الحجاب ولا يكل الأمور إلى الوزراء والحجاب يأخذ من بيت المال قدر بلغته من غير توسع ولا تكثر غير مشبع هكذا هو وكل من سلف قبله مع عدل شامل وفضل كامل
قال في مسالك الأبصار ولشيعة هذا الإمام فيه حسن الاعتقاد حتى إنهم يستشفون بدعائه ويمرون يده على مرضاهم ويستسقون به المطر إذا أجدبوا ويبالغون في ذلك كل المبالغة
ثم قال ولا يكبر لإمام هذه سيرته في التواضع لله وحسن المعاملة لخلقه وهو من ذلك الأصل الطاهر والعنصر الطيب أن يجاب دعاؤه ويتقبل منه
قال وزي هذا الإمام وأتباعه زي العرب في لباسهم والعمامة والحنك وينادى عندهم بالأذان حي على خير العمل
ورسم المكاتبة إليه على ما ذكره في التعريف أدام الله تعالى أو ضاعف الله تعالى نعمة أو جلال الجانب الكريم العالي السيدي الإمامي الشريفي النسيبي الحسيبي العلامي سليل الأطهار جلال الإسلام شرف الأنام بقية البيت النبوي فخر النسب العلوي مؤيد أمور الدين خليفة الأئمة رأس العلياء صالح الأولياء علم الهداة زعيم المؤمنين ذخر المسلمين منجد الملوك والسلاطين
ولا زال زمانه مربعا وغيله مسبعا وقراه مشبعا وكرمه لفيض نداه منبعا وهداه حيث أم بالصفوف متبعا وملكه المجتمع باليمن لو أدركه

سيف بن ذي يزن لم يكن إلا لديه منتضى وتبع لم يكن له إلا تبعا
ولا فتئت معاقد شرفه بالجوزاء وعقائد حبه تعد لحسن الجزاء ومعاهد وطنه آهلة بكثرة الأعزاء ومياسم أهل ولائه تعز إليه بالاعتزاء ومباسم ثغور أودائه ضاحكة السيوف في وجوه الأرزاء هذه النجوى إلى روضه الممرع وإلا فما تزم الركائب وإلى حوضه المترع وإلا فما الحاجة إلى السحائب وإلى حماه المخصب وإلا ففيم يسري الرائد وإلى مرماه المطنب فوق السماء وإلا إلى أين يريد الصاعد تسري ولها من هادي وجهه دليل وفي نادي كرمه مقيل وإلى بادي حرمه وما فيه للعاكف وإلى عالي ضرمه ما لا ينكره العارف وفي آثار قدمه ما يحكم به كل عائف وفي بدار خدمه ما يذر عداه كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف
مبدية وأول ما تبدأ بسلام يقدمه على قول كيت وكيت وثناء ولا مثل

قوله ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت )
صدر آخر ولا عطل محراب هو إمامه ولا بطل عمل هو تمامه ولا جف ثرى بنات هو غمامه ولا خف وقار امريء بيده المصرفة زمامه ولا ارتد مضرب سيف رؤوس أعاديه كمامه ولا ارتأى في حصول الخيرة له من كان إلى كنفه انضمامه
وأطال الله باع عليائه وأطاب بأنبائه سماع أوليائه وأدام إجماع السرور عليه ومصافاته لأصفيائه وتراميه إليه
صدرت بها الركائب إليه مخفة وسرت بها النجائب لتقف عليه والقلوب بها محفة وأهوت لديه يشمخ بها لوصولها إليه الكبر وطوت إليه البيد طي الشقة تقيسها المطايا بالأذرع والثريا بالشبر تأتي بالعجب إذ تجلب إليه المسك الأذفر وتجلو له الصباح وما لاح والليل وما أسفر وتحل في مقر إمامته وتحلي العاطل بما نثره من الطل صوب غمامته موصلة لعلمه ما لا يقطع ومضوعة عنده من عنبر الشحر ما يستبضع ومعلمة له كيت وكيت
قلت هذا ما أصله في التعريف وحاصله أنه يأتي بالصدر المقدم ذكره إلى قوله منجد الملوك والسلاطين ثم يأتي بالدعاء المناسب ثم يقول هذه النجوى إلى آخره مبدية لعلمه أو معلمة أو صدرت بها الركائب ونحو ذلك
ثم لم يتعرض في التعريف لقطع الورق الذي يكتب إليه فيه ولا للعلامة له ولا لعنوان كتابه ولا لتعريفه ونبه على ذلك في التثقيف وأنه

أهمل ذلك ثم لم ينبه هو عليه
وقد رأيت في دستور منسوب للمقر العلائي بن فضل الله بيان ما أهملاه من ذلك فقال والخطاب له بمولانا الإمام والطلب منه والمسؤول وختم الكتاب بالإنهاء والعنوان بالألقاب والدعاء المقدم ذكره والعلامة الخادم
وقد ذكر في التعريف أنه وصل إلى الديار المصرية في الأيام الناصرية محمد بن قلاوون سقى الله عهده رسول من هذا الإمام ابن مطهر إمام الزيدية من صنعاء بكتاب منه يقتضي الاستدعاء
أطال فيه الشكوى من صاحب اليمن وعدد قبائحه ونشر على عيون الناس فضائحه واستنصر بمدد يأتي تحت الأعلام المنصورة لإجلائه عن دياره وإجرائه مجرى الذين ظلموا في تعجيل دماره وقال إنه إذا حضرت الجيوش المؤيدة قام معها وقاد إليها الأشراف والعرب أجمعها ثم إذا استنقذ منه ما بيده أنعم عليه ببعضه وأعطي منه ما هو إلى جانب أرضه
ثم قال فكتبت إليه مؤذنا بالإجابة مؤديا إليه ما يقتضي إعجابه وضمن الجواب أنه لا رغبة لنا في السلب وأن النصرة تكون لله خالصة وله كل البلاد لا قدر ما طلب
وهذه نسخته ضاعف الله تعالى جلال الجانب بالألقاب والنعوت وأعز جانبه عزا تعقد فواضله بنواصي الخيل وصياصي المعاقل التي لم يطلع على مثلها سهيل وأقاصي الشرف الذي طلع منه في الطوق وتمسك سواه بالذيل وقدمه للمتقين إماما وجعله للمستقين غماما وشرفه على المرتقين في علا النسب العلوي ونوره وصوره تماما ومن على اليمن بيمنه وأعلم بصنعاء حسن صنيعه وبحضرموت

حضور موت أعدائه وبعدن أنها مقدمة لجنات عدنه ولا زالت الافاق تؤمل من فيضه سحابا دانيا وتتهلل إذا شامت له برقا يمانيا وتتنقل في رتب محامده ولا تبلغ من المجد ما كان بانيا
هذه النجوى وكفى بها فيما يقدم بين يديها ويقوم ولا يقوم من كل غالي الثمن ما عليها تطوي المراحل وتجوب البر والبلد الماحل وتثب إليه البحار وتقذف منها العنبر إلى الساحل وترسي به سفنها وتحط إليه بل تخط لديه مدنها وتؤذن علمه سره الله بما لم يحل إليه من نظر ولم يخل منه من سبب ألف به النوم أو نفر ورود وارد رسوله فقال يا بشراي ولم يقل هذا غلام ووصوله بالسلامة والسلام وما تضمنه ما استصحب منه من صحيفة كلها كرم وأخبار صحيحة كلها مما لو قذف به الماء لاضطرم ذكر فيها أمر المتغلب العادي والصاحب الذي يفعل فعل الأعادي والجار الذي جار والظالم البادي وما مد الأيدي إليه من النهاب وما اختطف به القلوب من الإرهاب وتحدث عن أخباره وعندنا علمه وأخبر عن أفعاله مما له أجر الصبر عليه وعليه ظلمه وقص رسوله القصص وزاد الشجى وضيق مجال الغصص وأطار من وكر هذا العدوان طائرا كأنما كان في صدره وحرك منه لأمر كان يتجرع له كأس صبره وقد أسمع الداعي وأسرع الساعي وبلغ الأمانة حاملها وأوصل الكلمة قائلها ومرحبا مرحبا بداعي القيام من قبله وأهلا أهلا بما بلغ على ألسنة رسله وهلم هلم إلى قلع هذه الشجرة التي لم ينجب ظن غارسها وقطع هذه الصخرة التي لم تنصب إلا مزلقة لدائسها والتعاضد التعاضد لما هتف به هاتفه الصارخ وسمعه حتى الرمح الأصم والسيف المتصاوخ فليأخذ لهذا الأمر الأهبة وليشد عليه فقد

آنت الوثبة فقد سطرت وقد نهض إلى الخيل ملجمها وبادر وضع السهام في الكنائن مزحمها وكأنه بأول الأعنة وآذان الجياد تفوق بين شطري وجهها الأسنة وكأنه برسوله القائد وفي أعقابه الجيش المطل والألوية وكل بطل باسل يبتدر الوغى ولا يستذل ولا أرب لنا في استزادة بلاد وسع الله لنا نطاقها وكثر بنا مواد أموالها وقدر على أيدينا إنفاقها وإنما القصد كله والأرب جميعه كشف تلك الكرب وتدارك ذلك الذماء الذي أوشك أو كرب وإن قدر فتوح وتيسر ما طرف سوانا إلىه طموح كان هو أحق بسقبه لأنه جار الدار والأول الذي كان له البدار ويقل له لعظيم شرفه ما نسمح به وإن جل وما نهبه منه وإن عظم شأن كل تبع وهو ببعضه ما استقل وكأنه والخيل قد وافته تجد في الإحضار وتسرع إليه وتكفيه مؤونة الانتظار إن شاء الله تعالى

الفرقة الثانية أولاد رسول
وهم المعروفون بملوك اليمن عند الإطلاق ومقر مملكتهم حصن تعز
ورسول هذا الذي كان ينسب إليه ملوك هذا النسب من اليمن هو رسول أمير أخور الملك الكامل محمد بن العادل أبي بكر بن أيوب
قال في التعريف ولما بعث الملك الكامل ولده الملك المسعود أطسز وهو الذي تسميه العامة أقسيس بعث معه رسولا أميراخور في جملة من بعثه معه
قال ثم تنقلت الأحوال حتى استقل رسول بملك اليمن وصار الملك في عقبه إلى الآن
والذي ذكره المؤيد

صاحب حماة وقاضي القضاة ولي الدين بن خلدون في تاريخيهما وهو الصواب أن أول من ملك اليمن على بن رسول ثم ابنه المنصور عمر ثم ابنه المظفر يوسف ثم ابنه الأشرف عمر ثم أخوه المؤيد هزبر الدين داود ثم ابنه المجاهد سيف الدين علي وهو الذي قال المقر الشهابي بن فضل الله في التعريف إنه كان في زمنه ثم المنصور أيوب ثم المجاهد علي المقدم ذكره ثانيا ثم ابنه الأفضل سيف الدين عباس
وهو الذي قال في التثقيف إنه كان في زمنه في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين ثم ابنه المنصور محمد ثم أخوه الأشرف إسماعيل وهو الذي كان في الدولة الظاهرية برقوق
ثم ابنه الملك الناصر أحمد وهو القائم بها الآن
واعلم أن المكاتبات بين صاحب مصر وصاحب اليمن من حين استقرت مملكة اليمن مع بني أيوب ملوك مصر وصارت المملكتان كالمملكة الواحدة ثم تواصلت المكاتبات بين ملوكهما وتأكدت المودة إلى زماننا هذا خلا ما وقع في خلال ذلك من حصول تباين وقع بين أهل المملكتين في بعض الأزمان وهو على ضربين

الضرب الأول ما كان الأمر عليه في الدولة الأيوبية وهو أن تفتتح المكاتبة
بلفظ أصدرناها
وهذه نسخة كتاب عن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر والشام إلى أخيه سيف الإسلام صاحب اليمن يستقدمه إليه معاونا له على قتال

الفرنج ويخبره بما وقع له من الفتوحات في سنة أربع وثمانين وخمسمائة
وهي أصدرنا هذه المكاتبة إلى المجلس ومما تجدد بحضرتنا فتوح كوكب وهي كرسي الإستبارية ودار كفرهم ومستقر صاحب أمرهم وموضع سلاحهم وذخرهم وكان بمجمع الطرق قاعدا ولملتقى السبل راصدا فتعلقت بفتحه بلاد الفتح واستوطنت وسلكت الطرق فيها وأمنت وعمرت بلادها وسكنت ولم يبق في هذا الجانب إلا صور ولولا أن البحر ينجدها والمراكب تردها لكان قيادها قد أمكن وجماحها قد أذعن وما هم بحمد الله في حصن يحميهم بل في سجن يحويهم بل هم أسارى وإن كانوا طلقاء وأموات وإن كانوا أحياء قال الله عز و جل ( فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم غدا ) ولكل امريء أجل لا بد أن يصدقه غائبه وأمل لا بد أن يكذبه خائبه
وكان نزولنا على كوكب بعد أن فتحنا صفد بلد الديوية ومعقلهم ومشتغلهم وعملهم ومحلهم الأحصن ومنزلهم وبعد أن فتحنا الكرك وحصونه والمجلس السيفي أسماه الله أعلم بما كان على الإسلام من مؤونته المثقلة وقضيته المشكلة وعلته المعضلة وأن الفرنج لعنهم الله كانوا يقعدون منه مقاعد للسمع ويتبوأون منه مواضع للنفع ويحولون بين قات وراكبها فيذللون الأرض بما كان منه ثقلا على مناكبها
والآن ما أمن بلاد الهرمين بأشد من بلاد الحرمين فكلها كان مشتركا في نصرة المسلمين بهذه القلعة التي كانت ترامي ولا ترام وتسامي ولا تسام وطالما استفرغنا عليها بيوت الأموال وأنفقنا فيها أعمار الرجال وقرعنا الحديد بالحديد إلى أن ضجت النصال من النصال والله المشكور على ما انطوى من كلمة الكفر وانتشر من كلمة

الإسلام
وإن بلاد الشام اليوم لا تسمع فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما فادخلوها بسلام وكان نزولنا على كوكب والشتاء في كوكبه وقد طلع بيمن الأنواء في موكبه والثلوج تنشر على البلاد ملاءها الفضيض وتكسو الجبال عمائمها البيض والأودية قد عجت بمائها وفاضت عند امتلائها وشمخت أنوفها سيولا فخرقت الأرض وبلغت الجبال طولا والأوحال قد اعتقلت الطرقات ومشى المطلق فيها مشية الأسير في الحلقات فتجشمنا العناء نحن ورجال العساكر وكاثرنا العدو والزمان وقد يحرز الحظ المكاثر وعلم الله النية فأنجدنا بفضلها وضمير الأمانة فأعان على حملها ونزلنا من رؤوس الجبال بمنازل كان الاستقرار عليها أصعب من نقلها والوقوف بساحتها أهون من نقلها ( وأما بنعمة ربك فحدث )
والحمد لله الذي ألهمنا بنعمته الحديث ونصر بسيف الإسلام الذي هو سيفه وسيف الإسلام الذي هو أخونا الطيب على الخبيث فمدح السيف ينقسم على حديه ومدح الكريم يتعدى إلى يديه والآن فالمجلس أسماه الله يعلم أن الفرنج لا يسلون عما فتحنا ولا يصبرون على ما جرحنا فإنهم خذلهم الله أمم لا تحصى وجيوش لا تستقصى ووراءهم من ملوك البحر من يأخذ كل سفينة غصبا ويطمع في كل مدينة كسبا ويد الله فوق أيديهم والله محيط بأقربيهم وأبعديهم و ( سيجعل الله بعد عسر يسرا )
( لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا )
وما هم إلا كلاب قد تعاوت وشياطين قد تغاوت
وإن لم يقذفوا من كل جانب دحورا ويتبعوا بكل شهاب ثاقب مدحورا استأسدوا واستكلبوا وتألبوا وجلبو وأجلبوا وحاربوا وخربوا وكانوا لباطلهم الداحض أنصر منا لحقنا

الناهض وفي ضلالهم الفاضح أبصر منا لهدانا الواضح والله در جرير حيث يقول
( إن الكريمة ينصر الكرم ابنها ... وابن اللئيمة للئام نصور ) فالبدار إلى النجدة البدار والمسارعة إلى الجنة فإنها لن تنال إلا بإيقاد نار الحرب على أهل النار والهمة الهمة فإن البحار لا تلقى إلا بالبحار والملوك الكبار لا يقف في وجوهها إلا الملوك الكبار
( وما هي إلا نهضة تورث العلا ... ليومك ما حنت روازم نيب ) ونحن في هذه السنة إن شاء الله تعالى ننزل على أنطاكية وينزل ولدنا الملك المظفر أظفره الله على طرابلس ويستقر الركاب العادلي أعلاه الله بمصر فإنها مذكورة عند العدو خذله الله بأنها تطرق وأن الطلب على الشام ومصر تفرق ولا غنى عن أن يكون المجلس السيفي أسماه الله بحرا في بلاد الساحل يزخر سلاحا ويجرد سيفا يكون على ما فتحناه قفلا ولما لم يفتح بعد مفتاحا فإنه ليس لأحد ما للأخ من سمعة لها في كل مسمع سمعه وفي كل روع روعه وفي كل محضر محضر وفي كل مسجد منبر وفي كل مشهد مخبر فما يدعى العظيم إلا للعظيم ولا يرجى لموقف الصبر الكريم إلا الكريم والأقدار ماضية وبمشيئة الله جارية فإن يشإ الله ينصر على العدو المضعف بالعدد الأضعف ويوصل إلى الجوهر الأعلى بالعرض الأدنى فإنا لا نرتاب بأن الله ما فتح علينا هذه الفتوح ليغلقها ولا جمع علينا هذه الأمة ليفرقها وأن العدو إن خرج من داره بطرا ودخل إلى دارنا كان فيها جزرا وما بقي إن شاء الله تعالى إلا أموال تساق إلى ناهبها ورقاب تقاد إلى ضاربها وأسلحة تحمل إلى كاسبها وإنما نؤثر أن لا تنطوي صحائف الحمد خالية من اسمه ومواقف الرشد خاوية من عزمه ونؤثر أن يساهم آل أيوب في ميراثهم منه مواقع الصبر ومطالع النصر فوالله إنا على أن نعطيه عطايا الآخرة الفاخرة أشد منا حرصا على أن نعطيه عطايا الدنيا القاصرة وإنا لا يسرنا أن ينقضي عمره في قتال غير الكافر ونزال غير

الكفء المناظر ولا شك أن سيفه لو اتصل بلسان ناطق وفم لقال ما دمت هناك فلست ثم وما هو محمول على خطة يخافها ولا متكلف قضية بحكمنا يعافها والذي بيده لا نستكثره بل نستقصره عن حقه ونستصغره وما ناولناه لفتح أرضه السلاح ولا أعرناه لملك مركزه النجاح إلا على سخاء من النفس به وبأمثاله على علم منا أنه لا يقعد عنا إذا قامت الحرب بنفسه وماله فلا نكن به ظنا أحسن منه فعلا ولا نرضى وقد جعلنا الله أهلا أن لا نراه لنصرنا أهلا وليستشر أهل الرشاد فإنهم لا يألونه حقا واستنهاضا وليعص أهل الغواية فإنهم إنما يتغالبون به لمصالحهم أغراضا ومن بيته يظعن وإلى بيته يقفل وهو يجيبنا جواب مثله لمثلنا وينوي في هذه الزيارة جمع شمل الإسلام قبل نية جمع شملنا ولا تقعد به في الله نهضة قائم ولا تخذله عزمة عازم ولا يستفت فيها فوت طالب ولا تأخذه في الله لومة لائم فإنما هي سفرة قاصدة وزجرة واحدة فإذا هو قد بيض الصحيفة والوجه والذكر والسمعة ودان الله أحسن دين ولا حرج عليه إن فاء إلى أرضه بالرجعة وليتدبر ما كتبناه وليتفهم ما أردناه وليقدم الاستخارة فإنها سراج الاستنارة وليغضب لله ولرسوله ولدينه ولأخيه فإنها مكان الاستغضاب والاستثارة
وليحضر حتى يشاهد أولاد أخيه يستشعرون لفرقته غما وقد عاشوا ما عاشوا لا يعرفون أن لهم مع عمهم عما والله سبحانه يلهمه توفيقا ويسلك به إليه طريقا وينجدنا به سيفا لرقبة الكفر ممزقا ولدمه مريقا ويجعله في مضمار الطاعات سابقا لا مسبوقا
إن شاء الله تعالى

الضرب الثاني من المكاتبات إلى صاحب اليمن ما الأمر عليه من ابتداء
الدولة التركية وهلم جرا إلى زماننا وهو على ثلاثة أساليب
الأسلوب الأول أن تفتتح المكاتبة بلفظ أدام الله تعالى نعمة أيام المقام
العالي
وهذه نسخة كتاب كتب عن الملك الناصر محمد بن قلاوون جواب كتاب

ورد من صاحب اليمن في مقابلة البشرى بدخول العساكر المنصورة إلى بلاد الأرمن وطلب سلامش نائب التتار بالروم الدخول في الطاعة وذكر أن نائبا كان لأبيه في قلعة طمع وعصى عليه فظفر به فبشر بذلك ويحرضه على الجهاد وإنفاذ الأموال ويهدده ويوجه به قصاده إليه
من إنشاء الشيخ شهاب الدين محمود الحلبي رحمه الله وهي أدام الله تعالى نعمة أيام المقام العالي وأنهضه بفرض الجهاد الذي بمثله ينتهج وأيقظه لمتعين الغزو الذي ما له تدرك الرتب وترتفع الدرج وأشهده في سبيل الله مواقف النصر التي إذا أودعنا نشر بشرها الطروس عبقت بما فيها من الأرج وأراه مشاهد فتوحنا التي إذا حدثت الأحلام عن عجائبها حدثت عن البحر ولا حرج وصان مجده عن إضاعة الوقت في غير حديث الجهاد الذي هو أولى ما بذلت له الذخائر وابتذلت فيه المهج
صدرت هذه المكاتبة تخصه بتحية تتضوع نشرا وتتحفه عن متجددات الظفر بشرا يملأ الوجود مسرة وبشرى وتقص عليه من متجددات فتح يأتي على ما أتعبت فيه الأفكار قرائحها من مشتهى التهاني فلا يدع له ذكرا وتتلو على من ظن بعد ما سمع من البلاغ بلاغ العدا أن إزالة وال عن مركزه فتح كبير لقد جئت شيئا نكرا
وتوضح لعلمه الكريم أن مكاتبته الكريمة وردت مقصورة على نبإ لا يعتد بذكره محصورة على خبر لا ينبغي لمثل مجده أن يمره على فكره مطلقة

عنان القلم فيما كان ينبغي طي خبره وتعفي أثره وإخفاء سببه وتركه نسينا منسيا فضلا عن التبجح بذكره والتهنئة به إذ في ذلك مقابلة البحر بالثماد والروح بالجماد والشمس بالذبال والهدى بالضلال فلم يكمل له في ذلك المراد وأتى بما قالت له التهاني نحن في واد وأنت في واد وقابلناها مع ذلك بالقبول الذي اجتلى غررها وأحمدت لديه وردها وصدرها فأحطنا علما بما تضمنته من الأحوال التي أبداها والمتجددات التي عظم موقع نشرها عنده فأهداها
وأما ما ذكره من أمر القلعة التي كان النائب بها لوالده شخصا اعتمد عليه وولاه مستحفظا ظنه مع تغاير الأحوال مؤتمنا على ما في يديه وأن ذلك الشخص بعد انتقال والده رحمه الله طمع فيما استودع فجحد الوديعة والموادعة ورام المنازعة والمقاطعة وخالف وحالف وقارب العصيان وقارف وأنه في هذا الوقت قلع ذلك النائب من تلك القلعة المغتصبة وأراح من همه الناصب وأفكاره ووصبه إلى غير ذلك مما أورده على وجه البشرى لهذا السبب الضعيف وأبرزه في معرض التهنئة من هذا الأمر الطفيف وأراد أن يتكثر فيه بما لا مدخل له في كثرة وقله فذكر بروزه بجمعه إلى شخص واحد في قبالة ما اتصل به من نبإ كل موطن برز فيه الإسلام كله إلى الشرك كله وظاهر الأمر أن ذلك الشخص ما عصى بالمكان الذي كان فيه إلا لما رأى بالمملكة اليمنية من اضطراب الأحوال وأسباب الاختلاف والاختلال والوهن الذي حسن له الاحتراز والاختزال والخلوة التي حملته على أن طلب الطعن وحده والنزال وامتداد الأيدي العادية بكل جهة إلى ما يليها وضياع رعايا كل ناحية بالاشتغال عن افتقاد أحوال من يباشرها وانتقاد تصرف من يليها فهو الذي أوجب طمعه وقوى ضلعه وحمله من مركب العناد وأراه نظراءه بتلك الجهة ممن سلك الفساد

وهذا الأمر ما خفي علينا خبره ولا توارى عنا ورده ولا صدره فإن أخبار مملكة اليمن ما زالت متواصلة إلينا بما هي عليه من اضطراب واف واختلاف غير خاف وهيج لا يرجع الأمر فيه إلى كاف كاف وما أخرنا لحق جيوشنا المنصورة وعساكرنا التي ممالك العدا بمهابتها محصورة عن الوصول إلى المملكة اليمنية لتقويم أودها وتمكين شدها وإقامة أمر الملك فيها وحسم مادة الفساد عن نواحيها وتطمين البلاد وإنامة الرعايا من الأمن في أوطإ مهاد والاحتراز على الخزائن والأموال وصونها عن الإنفاق في غير جند الله الذين منعوا دعوة الشرك أن تقام وكلمة الكفر أن تقال إلا لأن عساكرنا كانت الآن في الممالك والأقاليم التي بيد الكفر من التتار المخذولين ومن يقول بقولهم من أعداء الدين تقتل وتأسر وتلقى الجيوش الكافرة فتكسب وتكسر وتصحبهم حيث حلوا طلائع رعبها وتصبحهم منها أين طلوا ريح عاد التي تدمر كل شيء بأمر ربها
وما سطرنا هذه المكاتبة إلا وجيوشنا المنصورة قد وطئت عقر بلادهم فأذلتها وأذالتها وغيرت أحوالها وحالتها وقاسمتهم شر قسمة فلها منها الحصون والمصون والجنات الوارفة الغصون ولهم منها الخراب والتباب والدارس الذي لا يحصل بكف دارس بيته إلا التراب وها هي قادمة إلينا يقدمها النصر ويتقدمها من أسر العدا وغنائمهم ما يربي عن الحصر وما بينها وبين ركوب هذا البحر لملك تمهده وعدل تجدده وبغاة تكف غربها ورعاة تؤمن بالمهابة سربها وتصفي من أكدار الفتن شربها وخزائن لها عن غير الإنفاق في سبيل الله تصونها إلا بمقدار ما تستقر بها المنازل استقرار ا لسنة بالجفون لا النوم وأضرمت نواحيها واستاقت أهلها ومواشيها وجعلت

قصورها صعيدا وزرعها حصيدا وعقائلها إماء ومعاقلها هباء وابتذلت مصونها الذي جعله الله لها أثقالا واختارت من حصونها لملكنا ما كانت سيوفنا له مفاتح فلما فتح عدن له أقفالا واقتلعت من القلاع التي كانت بيد الكفر كل معقل أشب وحصن شابت نواصي الليل وهو لم يشب قد صفح بالصفاح وشرف بأسنة الرماح واستدار بقنة قلة ينهب الترقي إليها هوج الرياح فطهرته من النجس وعوضته بصوت الأذان عن صوت الجرس وأخرست الناقوس بسورة الفتح الذي عوذته نوب الدهر بآيات الحرس مع ما أضيف إلى تلك القلاع من بلاد وتلاد وأغوار ونجاد وجنات وعيون وأموال ارتجع بها ما كان للإسلام في ذمة الكفر من بقايا الديون
وكل تلك الغنائم منحناها جيوشنا المنصورة وأبحناها وقويناهم على أمثالها من الفتوح برفع العوائق التي أزلناها بالقناطير المقنطرة من الذهب والفضة وأزحناها وما وصل الآن قصاده إلى أبوابنا العالية إلا والبشائر تنطق بألسنة التهاني وتخفق بمجددات هذه الفتوح في الأقاصي من ممالكنا والأداني وقد شاهدوا ذلك وشهدوه ورأوا ما رأى غيرهم من نوادر الفتوح التي أربت على ما ألفوه من قبل وعهدوه
هذا وما وضعت الحرب إلى الآن أوزارها ولا خمدت نار الوغى التي أعدت جيوشنا المنصورة للأعداء أوارها وما يمضي وقت إلا والبشائر متواردة علينا بفتح جديد ونصر له في كل يوم مخلق تخلق وفي كل بر بريد
وقصارى أمر العدو الآن أنهم ليس لهم بلد إلا وقد أخنى عليه الذي أخنى على لبد ولا دار إلا وقد أضحت كدار مية التي أقوت وطال

عليها سالف الأمد ولا جيش إلا وقد فر وأين يفر وهو يطوي في قبضتنا المراحل ولا طرائد بحر إلا وهي مطرودة في اللجج لتيقنهم أن العطب لا السلامة في الساحل
فمن أجل ذلك رأينا أن اشتغال جيش الإسلام بجانب الكفر هو المهم المقدم على ما سواه والغرض الذي نيتنا فيه إنقاذ أهل الإسلام من كلمة الكفر وتحكمه ولكل امرىء ما نواه ورأينا أن أمر هذه الجهة ما يفوت بمشيئة الله وعونه وتمكينه وإذا كان الله قد أقام بقدرته منا ملكا لنصرة دينه فإن اليمن وغيره في يمينه وهي محسوبة من أعداد ممالكنا المحروسة ومعدودة من أقسام بلادنا التي هي بوفود الفتوح مأنوسة ولا بد من النظر في أمرها وإعمال الفكر في إزاحة ضرها وتجريد العساكر المنصورة إليها وإقدام الجيوش التي عادتها الإقدام في الوغى عليها ليكون العمل في أمرها بما يرضي الله ورسوله ويبلغ من كان بتلك الجهات يروم الجهاد ولا يطيقه سوله فإن المملكة المذكورة توالت عليها المدد ومضى عليها الأبد وهمة من فيها إلى اللهو مصروفه وعلى اللذات موقوفة وأحكام الجهاد عندهم مرفوضة حتى كأن الجهاد لم يبلغهم وغره حلمه ولا أحاطت أفكارهم بشيء من علمه بل كأنه على غيرهم وجب وكأن ما أعد الله من الأجر عليه إنما أريد به الذين يكنزون الذهب وتمادت الأيام وليس في نكاية أعداء الله منهم مصيب وتفرقت الأموال وما لجند الله فيما احتووا عليه من ذلك سهم ولا نصيب وأي عذر عند الله لمن جعله مؤتمنا على ماله فلم يكن له في

سبيل الله إنفاق وأي حجة لمن لم يقف موقف جهاد وقد قال رسول الله ( من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق )
والآن فإن الله سبحانه وتعالى قد أقامنا لنصرة الإسلام ورفع كلمة الإيمان وتمهيد البلاد وإجراء الأحوال في القريب منها والبعيد على ما يرضي الله تعالى ويرضي رسوله السداد وأهم الأمور عندنا أمر الغزاة والمجاهدين الذين ما منهم إلا ممسك بعنان فرسه مكتحل بسهاد حرسه لا يأمن العدو مهاجمة خيله في سراه ولا مفاجأة خياله في كراه حصنه ظهر حصانه وجوابه على لسان سنانه كلما سمع هيعة أو وقعة طار على متن فرسه يلتمس الموت والقتل في مظانه وهؤلاء هم جيوشنا الذين دوخوا البلاد وأذلوا أهل العناد وطهروا السواحل وأجروا في كل مواطن من أنهار الدماء ما يروي البلد الماحل وهزموا جيوش التتار وهم في أعداد الكواكب وحصدوهم بسيوفهم عرورة وهم في نحو المائة ألف راكب حتى إن ملوك التتار الآن ليتمنون إرضاءنا وإغضاءنا ويستدعون ويدعون للآباد ولاءنا ويطلبون المسالمة منا ويودون نسمة قبول تصدر إليهم عنا والطويل العمر منهم وممن والاهم هو الذي يهرب من بين يدي جيوشنا المنصورة ليسلم بنفسه وإن أسلم ما يعز عليه من ماله وولده وعرسه
فمثل هؤلاء الذين يستحقون أموال الممالك الإسلامية ليستعينوا بها في جهازهم لجهادهم وينفقوها في إعدادهم لأعدائهم ويصرفوها في ذبهم عن دين ربهم
وهذه المملكة اليمنية قد اجتمع فيها من الأموال ما يربي عن الحصر والحد ويزيد على الإحصاء والعد لا ينفق منها شيء في الجهاد ولا يعد منها مصروف إلا بما لا تحمد عاقبته في المعاد قد صد عنها جند الله الذين ينفقونها سرا وجهرا ويستنزلون بها أرواح أعداء الله على حكم سيوفهم قسرا وقهرا

وأبيحت لمن تأبى الجهاد جانبا ورضي باللهو صاحبا واقتنى السلاح لغير يوم الباس واعتنى بارتباط الجياد بطرا ورئاء الناس
وكان كتابنا قد تقدم في أمر المجاهدين وما يحتاجونه من الإعانة بما يحمل إليهم من الأموال بالمملكة اليمنية ليصرف ذلك في حقه ويصل إلى مستحقه ويكون قد أعد منها للإنفاق في سبيل الله جانب بحيث لا يضاع ووصل إلى مجاهدي الأمة نصيب من مال الله الذي هو في يد من ولاه شيئا من أمور عباده على حكم الإيداع ويدخل ذلك في زمرة الذين يكنزون الذهب والفضة لا ينفقونها فحصلت المكابرة في الجواب عن ذلك وأي عذر في المكابرة عن مثل هذا الأمر وشغل الوقت بذكره ونحن عندنا في كل وقت من البشائر بمواهب الفتح وغرائب المنح ومتجددات الظفر والنصر ومتحليات التأييد التي قسمت أعداء الله بين الحصد والحصر ما يهب نشره هبوب الريح في البر والبحار ويود الدهر لو رقمه بذهب الأصيل على صفحات النهار وكل ذلك في أشد أعداء الله تعالى من التتار الذين عرف عددهم وجلدهم والفرنج الذين طال وكثر في عداوة الإسلام أبدهم ومددهم والأرمن الذين هم أكثر الطائفتين في الظاهر وفاقا وأشد الفئتين في الباطن نفرا ونفاقا وهم لهؤلاء مادة تمر وتمير وتغريهم وتغرهم فتصير بهم من نار الحرب المضرسة لسيوفنا إلى جهنم وبئس المصير وأي شيء من ذلك يذكر عند مواقف جيوشنا المنصورة وظفر عساكرنا المؤيدة لو كان حصل عنده الفكر الصائب ما وردت مكاتبته إلا وهي مقترنة بما يرضي الله ورسوله وأهل الإسلام من إمداد الغزاة بالأموال وإعانتهم على الكلف التي كلما أعد لها مال بدت حال يلائمها الإنفاق في سبيل الله ويسألونك عن الجبال وها هي قادمة إلينا يقدمها النصر ويتقدمها من أسرى العدا وغنائمهم ما يربي عن الحصر وما

بينها وبين ركوب ثبج هذا البحر لملك تمهده وعدل تجدده وبغاة تكف غربها ورعايا تؤمن بالمهابة سربها وتصفي من أكدار الفتن شربها وأموال تصونها وخزائن ينزه عن غير الإنفاق في سبيل الله مصونها إلا بمقدار ما تستقر بها المنازل استقرار السنة بالجفون لا النوم وتأخذ أهبة لذلك المهم في يوم أو بعض يوم
أللهم إلا أن تلبي دعوة الجهاد من تلك الجهة بألسنة النفير وتعبى صفوف الجلاد في الجواري التي تكاد بأجنحة القلوع تطير أو تنوب عنها خزائن الأموال التي تنفق في سبيل الله تعالى أو تقوم مقامها النفقات التي تصرف إلى جنود الله التي تنفر في سبيل الله تعالى خفافا وثقالا ليكون قد استدر ببركة ذلك الطل أخلاف الوابل وأنفق ما اختزنه في سبيل الله الذي مثل ما ينفق فيه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل وتستعد الجيوش المنصورة إلى طود يصون برأيه ملكه ويصول ويستطيل على الوجود ولو أن البر سيوف والبحر نصول والله تعالى يرشده إلى ما هو أقرب للتقوى ويمسكه من طاعته بالسبيل الأقوم والسبب الأقوى إن شاء الله تعالى

الأسلوب الثاني وهو المذكور في التعريف
أن تفتتح المكاتبة بلفظ أعز الله تعالى جانب المقام العالي إلى آخر الألقاب ثم الدعاء مثل ولا زال يحسن ولاية حسبه وينهض بجناح نسبه ويصون ملكه بعدله أكثر من قضبه ويثبت في اليمن اليمن في حالة إقامته ومنقلبه

أصدرناها إلى مقامه موشجة المعاطف بحلية شاكرة علا عليه ذاكرة من محامده ما يتكثر السحاب بوليه مبدية لعلمه الكريم كيت وكيت
وهذه أدعية وصدور تناسب كل سلطان بها ولا زال به تعز تعز وتفوز ببره زبيد ويخرج من عدن عدن فضله المديد وتمتلي بوفود البر والبحر هذا تطير به المراكب وهذه الركائب كلاهما من مكان بعيد ولا برحت به آهلة الأوطان مشتقة صفات قطره اليمني من الأيمان يمان محجوبا بالجلالة أو محجوجا لما ينسب إليه من أحد الأركان
أصدرناها والسلام يباري ما تنبت أرضه من نباتها الطيب ويجاري بالثناء ما ينهل في أكنافه الجنوبية من سحابها الصيب وتسري إليه بتحياتنا الشريفة على قادمة كل نسيم وفي طي كل عام له وقوف على ربعه وتسليم وتوضح لعلمه الكريم
دعاء وصدر يختص بالمجاهد علي وهو ولا زال أفضل متوج في يمنه وأعلى علي إذا قيس بابن ذي يزنه وأشجع من حمى بعهوده ما لا تقدر السيوف على حمايته من وطنه ولا انفك الملك المجاهد من عرضه المصون وسيف الدين الذي يقوم في المفروض من مراضي الله بالمسنون وأبا الحسن لما يحسن في فطنته الحسنى أو فطرته من الظنون والعلي قدرا إذا أخذت الملوك مراتبها وحدقت إليه العيون
صدرت هذه المفاوضة إلى حضرته وسلامها يتفاوح لديها ويصافح غمائمه في يديها وتجري سفائن إخلاصه حتى تقف عليها وتسري بتحياتنا محلقة بالبشرى في صباح كل يوم يقرب من الوصول إليها وتبدي لعلمه الكريم
قلت ولم أقف على صورة مكاتبة مفتتحه بلفظ أعز الله تعالى جانب

المقام كتب بها إلى بعض ملوك اليمن في زمن من الأزمان فأوردها استشهادا لهذا الأسلوب

الأسلوب الثالث أن تفتتح المكاتبة بلفظ أعز الله تعالى نصرة المقام
العالي
وهذه نسخة كتاب كتب به إلى صاحب اليمن أيضا عن السلطان الملك المنصور قلاوون مبشرا بفتوح صافيتا من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر رحمه الله وهو أعز الله تعالى نصرة المقام العالي المولوي السلطاني الملكي المظفري الشمسي وأشركه في كل بشرى تشد الرحال لاستماعها وتحل الحبى لاستطلاعها وتتهافت التواريخ والسير على استرفاعها وتتنافس الأقلام والسيوف على الأفهام بأجناسها وأنواعها ولا خلا موقف جهاد من اسمه ولا مصرف أجر من قسمه ولا غرض هناء من سهمه ولا أفق ابتهاج من بزوغ شمسه وطلوع نجمه
سطر المملوك هذه البشرى والسيف والقلم يستمدان هذا من دم وهذا من نقس ويمضيان هذا في رأس وهذا في طرس ويتجاوبان هذا بالصليل وهذا بالصرير ويتناوبان هذا يستميل وهذا يستمير وكل منهما ينافس الآخر على المشافهة بخبر هذا الفتح الذي ما سمت إليه همم الملوك الأوائل ولا وسمت به سيرهم التي بدت أجيادها من حلاه عواطل ولا دار

في خلد أن مثله يتهيأ في المدد الطويلة ولا تشكل في ذهن أنه سيدرك بحول ولا حيلة وهو النصر المرتب على حركتنا التي طوى الله لركابنا فيها المراحل وألقى بدرر عساكرنا في بحر الحديد المالح إلى الساحل وهجومنا على البلاد الفرنجية وهي طرابلس وصافيتا وأنطرسوس ومرقية والمرقب كما يهجم الغيث ومصادمتنا صدورها كما يصدم الليث وسلوكنا منها حيث لم يبق حيث وما جرى في هذه الوجهة من إغارات أحسنت متقلب الأعنة ومتعلق السيوف ومخترق الأسنة وما تهيأ منها من فتوح صافيتا التي هم أم البلاد ومنتجع الحاضر والباد وكونها قدمت نفسها في جملة ما يقرى به الضيف وقالت هذا فتوح حضر على هذا الفتوح لهذا السيف وتلطفت في مسح أطراف الأمان وطلبت شكرا ومنا شكران وأحضرت إلينا من أهلها الوقت وهدت السيوف في أعناقهم فتشبهت بها الأغلال وأنفت أيمان أهل الإيمان من مصافحتهم لأنهم أصحاب الشمال فأطلقهم سيفنا وأمله يمتد إلى من هو أعز منهم مالا وأكثر احتفالا وأبز مآلا وأهز سيوفا قصارا ورماحا طوالا واستطار منها شرار نار الحرب الموقدة إلى غيرها من القلاع واستطال إلى سواها من الحصون منهم الباع فلا حصن إلا وافترت ثنيته عن نصر مسهل وفتح معجل ومؤجل
فمن ذلك حصن الأكراد الذي تاه بعطفه على الممالك والحصون وشمخ بأنفه عن أن تمتد إلى مثله يد الحرب الزبون وغدا جاذبا بضبع الشام وآخذا بمخانق بلاد الإسلام وشللا في يد البلاد وشجا في صدر العباد تنقض من عشه صقور الأعداء الكاسرة وترتاع من سطوتها قلوب الجيوش الطائرة وتربض بأرباضه آساد تحمي تلك الآجام وتفوق من قسيه سهام تصمي مفوقات السهام تعطيه الملوك الجزية عن يد وهم صاغرون ويصطفي كرام أموالهم وهم

صابرون لا مصابرون كم شكت منه حماة تثني بنكرها قلة الإنصاف وكم خافته معرة وما من معرة خاف ما زالت أيدي الممالك تمتد إلى الله بالدعاء عليه تشكو من جور جواره تلك الحصون والصياصي وتبكي بمدمع نهرها من تأثير آثاره مع عصيانها وناهيك بمدمع العاصي حتى نبه الله ألحاظ سيوف الإسلام من جفونها ووفى النصرة ما وجب من ديونها وذاك بأنا قصدنا فسيح ربعه ونزلنا ونازلنا محمي صقعه وختمنا بنصالنا على قلبه وسمعه وله مدن حوله خمس هو كالراحة وهي كالأنامل وتكاد بروجه ترى كالمطايا المقطرة وهي منها بمنزلة الزوامل ما خيمنا به حتى استبحنا محمى تلك المدائن المكني عنها بالأرباض وأسحنا بساحاتها بحرا من الحديد ما اندفع حتى فاض وأخذنا الثقوب في أسوار لا تنقض ولا ينقض بنيانها المرصوص ولا تقرأ المعاول ما لخواتم أبراجها من نقوش الفصوص ونصبنا عليها عدة مجانيق حملت في شواهق الجبال على رؤوس الأبطال فتغيظت السمهرية أن الذي تقوم به هذه تلك به لا تقوم وأن ما منها إلا له من الأيدي والرؤوس مقام معلوم وصار يرمي بها كل كمي مختلس وأروع منتهس وكل ليث غابة يحميها وتحميه
فشكرا لأسود حتى غاباتها تفترس إلى أن جثت أسوارها على الركب وكانت سهام مجانيقها تميل من العجب فصارت تميد من العجب وكانت تطلب فصارت تهرب من الطلب واشتد الأمر على الكفار فقاتلوا قتالا أقض مضاجع الأسلحة وأطار حجارة مجانيقهم بغير أجنحة وأشجى بشجو النصول المترنمة على غصون السهام المترنحة هذا وأهل الإيمان يتلقون ذلك كله بصبر يستطعمون منه شهدا وإقدام يتلقى صدى الحديد بأكباد ما زالت إلى موارده قصدا يقتحمون نار الحرب التي كلما أوقدوها أطفأها الله وقال يا نار كوني بردا والبلاد الفرنجية قد غضت منها الأبصار وخشعت القلوب

واعتقد كل منها في نفسه أنه بعد هذا الحصن المطلوب فهذه تود لو أكنتها البحار تحت جناح أمواجها وهذه لو أسبلت الرياح العواصف عليها ذيول عجاجها وهذه لو اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار وهذه لو خسف بها الثرى وعفت منها الآثار وذلك لما بلغهم وشاهدوه من ويل حل بأهل هذا الحصن المنيع ومن فتك أمحل ربعه المريع وضيق مجاله الوسيع وقراع أضجر الحديد من الحديد والأبطال لم تضجر ونضال أسهر كل جفن حتى جفون السيوف لأنا عودناها مثل جفوننا أن تسهر فكم شكت النقوب من مناكبهم زحاما والشرفات من ترقبهم التزاما والرقاب من سيوفهم اقتساما وكم حمدت التجارب من رأيهم شيخا وحمد الإقدام من ثبوتهم غلاما قد دوخوا البلاد فلا موطن إلا لهم به معركة وأرملوا الحلائل فلا مشرك إلا وقد أرمل من مشركة وأزعجوا الكفر فلا قلب إلا به منهم خوف ولا سمع إلا لهم به حركة وملأوا الأرض كثرة وكيف لا يكثر الله جمعا للإسلام جعل الله فيه بركة
وكتابنا هذا والمولى بحمد الله أحق من هنيء بهذا الفتح الذي تثني على كتاب بشائره الحقائب وتجري إلى سماع أخباره الركائب وتتزاحم على المسير تحت البرد الواصلة به متون الصبا وظهور الجنائب وإذا ذكرت ملاحمه قال كل هذا كتاب أم كتيبة تلوح وإذا شوهدت حمرة طرسه قيل وهذا ما صبغته في اليد المعلمة عليه دم الكفر المسفوح وينعم أعز الله نصره بالإعلان بهذا النبإ الحسن الذي تستروح إليه الأسماع وتسر بالإفهام به أخوات هذا الحصن من مدنه ومن قلاعه العظيمة الامتناع فإنه ما برح الأخ يفرح بأخيه وإذا كان الهناء عظيما اشترك كل شيء فيه إن شاء الله تعالى
وهذه نسخة كتاب آخر إلى صاحب اليمن من هذا الأسلوب كتب به

الفاضل محيي الدين بن عبد الظاهر أيضا عن الملك المنصور قلاوون جواب تعزية أرسلها إليه في ولده الملك الصالح في ورق أزرق وكانت العادة أن تكون في ورق أصفر
ونصها بعد البسملة
أعز الله تعالى نصرة المقام إلى آخر الألقاب وأحسن بتسليته الصبر على كل فادح والأجر على كل مصاب قرح القرائح وجرح الجوانح وأوفد من تعازيه كل مسكن طاحت به من تلقاء صنعاء اليمن الطوائح وكتب له جزاء التصبر عن جار من دمع طافح على جار لسويداء القلب صالح
المملوك يخدم خدمة لا يذود المواصلة بها حادث ولا يؤخرها عن وقتها أمر كارث ولا ينقضها عن تحسينها وترتيبها بواعث الاختلاف ولا اختلاف البواعث ويطلع العلم الكريم على ورود مثال كريم لولا زرقة طرسه وزرقة لبسه لقال ( وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم )
تتضمن ما كان حدث من رزء تلافى الله بتناسيه وتوافى بعود الصبر فتولى التسليم تليين تقاسيه وتمرين قاسيه فشكرنا الله تعالى على ما أعطى وحمدناه على ما أخذ وما قلنا هذا جزع قد انتبه إلا وقلنا هذا تثبت قد انتبذ ولا توهمنا أن فلذة كبد قد اختطفت إلا وشاهدنا حولنا من ذريتنا والحمد لله فلذ وأحسنا الاحتساب ودخلت الملائكة علينا من كل باب ووفانا الله عز و جل أجر الصابرين بغير حساب ولنا والشكر لله صبر جميل لا نأسف معه على فائت ولا نأسى على مفقود وإذا علم الله سبحانه حسن الاستنابة إلى قضائه والاستكانة إلى عطائه عوض كل يوم ما يقول المبشر به هذا مولى مولود
وليست الإبل بأغلظ أكبادا ممن له قلب لا يبالي بالصدمات كثرت أو قلت ولا بالتباريح حقرت أو جلت ولا بالأزمات إن هي توالت أو تولت ولا بالجفون إن ألقت بما فيها من الدموع والهجوع وتخلت ويخاف من الدهر من لا حلب أشطره ويأسف على الفائت من لا بات بنبإ الخطوب الخطرة على أن الفادح

بموت الولد الملك الصالح رضي الله عنه وإن كان منكيا والنافح بشجوه وإن كان مبكيا والنائح بذلك الأسف وإن كان لنار الأسف مذكيا فإن وراء ذلك من تثبيت الله عز و جل ما ينسفه نسفا ومن إلهامه الصبر ما يجدد لتمزيق القلوب أحسن ما به ترفى
وبكتاب الله تعالى وبسنة رسوله حسن اقتداء يضرب عن كل رثاء صفحا وما كنا مع ذلك والمنة لله نصغي لمن يؤنب ويؤبن أذنا ولا نعيرها لمن يلحا إذ الولد الذاهب في رضوان الله تعالى سالكا طريقا لا عوج فيها ولا أمتا وانتقل سارا بارا صالحا صالحا وما هكذا كل الموتى نعيا ونعتا ولئن كان نفعنا في الدنيا فها نحن بالصدقات والترحم عليه ننفعه وإذا كان الولد عمل أبيه وقد رفع الله تعالى روح ولدنا إلى أعلى عليين تحقق أنه العمل الصالح يرفعه وفيما نحن بصدده من اشتغال بالحروب ما يهون ما يهول من الكروب وفيما نحن عاكفون عليه من مكافحات الأعداء ما بين المرء وقلبه يحول بل عن تخيل أسف في الخاطر يجول
( إذا اعتاد الفتى خوض المنايا ... فأهون ما تمر به الوحول ) فلنا بحمد الله تعالى ذرية درية وعقود والشكر لله كلها درية
( إذا سيد منهم خلا قام سيد ... قؤول لما قال الكرام فعول ) ما منهم إلا من نظر سعده ومن سعده ينتظر ومن يحسن أن يكون المبتدأ وأن يسد حاله بكفالته وكفايته مسد الخبر والشمس طلعة إن غيب القمر لا سيما من الذي يراد هو صلاحه أعرف ومن إذا قيل لبناء ملك هذا عليه قد وهى قيل هذا خير منه من أعلى بناء سعد أشرف
وعلى كل حال لا عدم إحسان العمل الذي يتنوع في بره ويعاجل قضاء الحقوق فيساعف مرسومه في توصيله طاعة بحره وبره وله الشكر على مساهمة المولى في الفرح والترح ومشاركته في

الهناء إذا سنح وفي الدمع إذا سفح وما مثل مكارم المولى من يعزب ذلك عن علمها ولا يعزى إلى غير حكمها وحلمها وهو أعزه الله ذو التجارب التي مخضت له من هذه وهذه الزبدة وعرضت عليه منها الهضبة والوهدة
والرغبة إلى الله تعالى أن يجعل المصيبة للرزايا خاتمة كما لم يجعلها للظهور قاصمة وأن يجعلها بعد حمل هذا الهم وفصاله على عليه فاطمة وأن يحبب إلينا كل ما يلهي عن الأموال والأولاد من غزو وجهاد وأن يخولنا فليس يحد لدينا على مفقود تأدبا مع الله عز و جل غير السيوف فإنما تعرف بالحداد وأن لا تقصف رماحنا إلا في فود أو فؤاد ولا تحول سروج خيلنا إلا من ظهر جواد في السرايا إلى ظهر جواد وأن لا تشق لدينا إلا أكباد الناد ولا تجز غير شعور ملوك التتار تتوج بها رؤوس الرماح ويصعد بها على قمم الصعاد والله تعالى يشكر للمولى سعي مراثيه التي لولا لطف الله بما صبرنا به لأقامت الجنائز واستخفت النحائز ولأهوت بالنفوس في استعمال الجائز من الأسف وغير الجائز ولا شغل الله لب المولى بفادحه ولا خاطره بسانحة من الحزن أو بارحه ولا أسمعه لغير المسرات من هواتف الإبهاج صادحه إن شاء الله تعالى

الأسلوب الرابع أن تفتتح المكاتبة بلفظ أعز الله تعالى أنصار المقام
الشريف العالي وعليها كان الأمر في أول الدولة التركية
وهذه نسخة كتاب من ذلك كتب بها عن الملك المظفر قطز وصاحب

اليمن يومئذ المنصور بالبشارة بهزيمة التتار
وأظنها من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر وهي أعز الله تعالى أنصار المقر الشريف العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري وأعلى مناره وضاعف اقتداره تعلمه أنه لما كان النصف من شهر رجب الفرد فتح الله تعالى بنصر المسلمين على أعداء الدين
( من كل من لولا تسعر بأسه ... لاخضر جودا في يديه الأسمر ) فصدرت هذه التهنئة إليه رواية للصدق عن اليوم المحجل الأغر
( يوم غدا بالنقع فيه يهتدي ... من ضل فيه بأنجم المران ) ففي أذن الدهر من وقعه صمم وفي عرنين البدر من نقعه شمم ترفعه رواة الأسل عن الأسنة ويسنده مجر العوالي عن مجر الأعنة أما النصر الذي شهد الضرب بصحته والطعن بنصيحته فهو أن التتر خذلهم الله تعالى استطالوا على الأيام وخاضوا بلاد الشام واستنجدوا بقبائلهم على الإسلام
( سعى الطمع المردي بهم لحتوفهم ... ومن يمسكن ذيل المطامع يعطب ) فاعتاضوا عن الصحة بالمرض وعن الجوهر بالعرض وقد أرخت الغفلة زمامهم وقاد الشيطان خطامهم وعاد كيدهم في نحورهم ( ورد الله الذين

كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا )
( رامو الأمور فمذ لاحت عواقبها ... بضد ما أملوا في الورد والصدر )
( ظلوا حيارى وكأس الموت دائرة ... عليهم شرعا في الورد والصدر )
( وأضعف الرعب أيديهم فطعنهم ... بالسمهرية مثل الوخز بالإبر ) ( لا جرم أنهم لسن الندم قارعون وعلى مقابلة إحساننا بالإساءة نادمون
( تدرعوا بدروع البغي سابغة ... والمرء يحصد من دنياه ما زرعا )
فأقلعت بهم طرائق الضلال وسارت مراكب أمانيهم في بحار الآمال فتلك آمال خائبة ومراكب للظنون عاطبة وأقلعوا في البحر بمراكبه والبر بمواكبه وساروا وللشيطان فيهم وساوس تغرهم أمنية الظنون الحوادس فما وسوس الشيطان كفرا إلا وأحرقه الإيمان بكوكب هذا وعساكر المسلمين مستوطنة في مواطنها جاذية عقبانها في وكور ظباها رابضة آسادها في غيل أقناها وما تزلزل لمؤمن قدم إلا وقدم إيمانه راسخة ولا ثبتت لأحد حجة إلا وكانت الجمعة لها ناسخة ولا عقد ت برجمة ناقوس إلا وحلها الأذان ولا نطق كتاب إلا وأخرسه القرآن ولم تزل أخبار المسلمين تنتقل إلى الكفار وأخبار الكفار تنتقل إلى المسلمين إلى أن خلط الصباح فضته بذهب

الأصيل وصار اليوم كأمس ونسخت آية الليل بسورة الشمس واكتحلت الأعين بمرود السبات وخاف كل من المسلمين إصدار البيات
( ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى الأعادي فهو يقظان نائم )
إلى أن تراءت العين بالعين واضطرم نار الحرب بين الفريقين فلم تر إلا ضربا يجعل البرق نضوا ويترك في بطن كل من المشركين شلوا حتى صارت المفاوز دلاصا ومراتع الظبا للظبا عراصا واقتنصت آساد المسلمين المشركين اقتناصا ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مناصا فلا روضة إلا درع ولا جدول إلا حسام ولا غمامة إلا نقع ولا وبل إلا سهام ولا مدام إلا دماء ولا نغم إلا صهيل ولا معربد إلا قاتل ولا سكران إلا قتيل حتى صار كافور الدين شقيقا وتلون الحصباء من الدماء عقيقا وضرب النقع في السماء طريقا وازدحمت الجنائب في الفضاء فجعلته مضيقا وقتل من المشركين كل جبار عنيد ذلك بما قدمت أيديهم ( وما ربك بظلام للعبيد )
قلت وهذه النسخة تلقفتها من أفواه بعض الناس ذكر أنه وجدها في بعض المجاميع فحفظها منه وهي في غاية من البلاغة إلا أنها لا تخلو من تغيير وقع في بعض أماكنها ولعله من الناقل لها من حيث إنه ليس من أهل هذه الصناعة
ولم يسعني ترك إيرادها لما فيها من المحاسن ولانفرادها بأسلوب من الأساليب التي

كتب بها إلى ملوك اليمن فأوردتها على ما هي عليه وجزى الله خيرا من ظفر لها بنسخة صحيحة فقابلها عليها وصححها وأصلح ما فيها

الأسلوب الخامس وهو ما جرى عليه في التثقيف أن تفتتح المكاتبة بلفظ أعز
الله تعالى أنصار المقام العالي
صدره على ما ذكره في التثقيف أعز الله تعالى أنصار المقام العالي السلطاني الملكي الفلاني الفلاني مثل أن يقال الأفضلي السيفي ثم الدعاء ثم يقال أصدرناها وتبدي لعلمه الكريم كذا وكذا
قال في التثقيف والمكاتبة إليه في قطع النصف والطلب منه والقصد من المقام العالي وخاتمة الكتاب بالدعاء والعلامة أخوه وتعريفه صاحب اليمن
وفي دستور المقر الشهابي بن فضل الله أن خطابه يكون بالمقام العالي
وهذه نسخة كتاب إليه ذكر المقر الشهابي بن فضل الله في تذكرته أنه أنشأها جوابا عن هديته ولم يكتب بها إليه وهو يومئذ الملك المجاهد سيف الدين علي بن داود
أعز الله تعالى أنصار المقام العالي ولا زالت مكارمه تخص من كل نوع بأحسنه وتتحف بأزيده وأزينه وتجلب كل غريب الديار من وطنه وتمنح من السوابق بما تمتد المجرة في رسنه ومن المحاسن بما يملي على علي

أوصاف حسنه ويعرب عن الفرس والسيف والرمح بأطيب لحن في نصبه وجره ورفعه
صدرت إلى المقام العالي أعز الله جانبه تصل بوداده وتصف حبا علق بفؤاده وتعرض ببرحاء يمنية أحلام الكرى طمعا أن يرى طيفه في رقاده
وتبدي أن كتابه الكريم ورد جالبا لدر مننه جالبا لليمن من يمنه نافحا بالطيب من عدنه ناقدا من قوة السيوف بما لا يدعيه ابن ذي يزنه فتؤمل ما حوى من كرم لا يجارى ونعم تملأ البر برا والبحار بحارا وأبدع في الهبة التي قدر مهديها وقدر فيها من التحف ما لا يوجد إلا فيها وجاء بكل ما يستعين به المرابط وتهتز به الخزائن والمرابط وتفتخر من الرماح بكل معتدل قاسط وبما يردي العدا من أسنته بكل نجم هابط
كم لها من فعل جميل لا يشارك وكم قال طعين إن لها كعبا مدورا وما قدر الطاعن أن يقول إلا أنها كعب مبارك
ومن السيوف بما لا يطبع النهر في نصله ولا يطمع البرق في مناضلة مثله ولا يطمح الهلال أن يستقيم على شكله كم أخمدت أنفاسا ولها التهاب ولمعت من نواحي الغمود كما نصلت أنمل من خضاب
ومن الخيل بما ترقص في أعنتها وتفتخر على البدور بأنها تدوس على أهلتها من كل أشهب يحسن ابتدارا ويحسب قمرا قد تكمل إبدارا ويطلع في كل ناحية نهارا جهارا
وأدهم قد غصب الظلام واستدارت غرته فأسفر وجهه تحت برقع من لثام
وأحوى أخضر الجلدة من بيت للعرب قد حوى من الروض ما سلب
وكميت ينضو النقع وهو سبوق وتقدم في ميادينه

فجاء مضمخا بالخلوق
وأشقر قد كشف البرق عذاره وأطار الركض منه شراره ومعها كل فيل كأنه غمام تبدى أو ملك مفدى بخرطوم يرتد كالصولجان ويمتد كالأفعوان ويهول منظره كأنه من تمام الخلق بنيان ويتحرك فتحسبه كم راقصة تشير به إلى الندمان تقشعر منها الجلود وتقتل نفسها بنيران الحقد محافظة على عهود الهنود كم أحسنت بخراطيمها لها من صدورها الضيقة مخرجا وأضاءت فروجها بين أنيابها طرة صبح تحت أذيال الدجى وزرافة لها إنافة كأنها شفق بينه نجوم أو بروق تكللت بقطر الغيوم لها في المدخل على القلوب حذاقة وولوج من باب ودخول من طاقة
وحمارة وحشية جاءت بوصف الربيع في اعتدال الليل والنهار وجمعت الهالات والأقمار ودلت على أصل كريم تفتحت في فروعه الأزهار وحكت بخطوطها الدوح مما تراكم ظله فأظلم وانفرج فأنار
ونمر يؤلف على نفاره ويسبح ليله في أنهار نهاره يتدفق في مثل أنبوب القناة المضطمر ويصدق من شبه ركود الربا على الرمال بقطعة من جلدة النمر
وقط الزباد الذي لا تحكيه الأسود في صورها ولا تسمح غزلان المسك بما يخزنه من عرفه الطيب في سررها كم تنقل في بيوت وطابت موطنا ومشى من دار أصحابه فقالوا ربنا عجل لنا قطنا وكذلك من الطيب ما يطيب وما يزور بنفحه الحبيب قد بعث أكبره وأفاد أكثره واستخدم المتنعمون به صندله وكافوره وعنبره
وغير هذه الأنواع مما جاد بإرساله وأتى من كل بديع به وبأمثاله فقوبلت بالقبول هذه التحف وأكرمت إكرام من لها عرف وبها اعترف وحمد سحابه الذي تسرعت مواطره وبعثت من طرفها بالروض وما تنوء عنه أزاهره وشرعت بما اتصلت بمصر أوائله وباليمن أواخره والله تعالى يشكر هممه التي تعالت وشيمه العلوية التي لأجلها المحامد قد توالت
وقد جهزنا له

من التحف المنعم بها ما أمكن تعجيل حلمه وجرت عوائد ملوك الأقاليم بالتشريف من خزائننا العالية بمثله وحملنا رسله من السلام ما تعبق به الفجاج وتعذب به البحار وهي ملح أجاج
والمراد منه أن يواصل بمكاتباته التي تتناوب الصدور وتنوب عن لمحة البدور وتؤوب بما تقدم به من السرور والله تعالى يديم لسلطانه التأييد ولملكه التأبيد ولاقتداره ما به تعز تعز وتميد زبيد
إن شاء الله تعالى
فائدة المكاتبة إلى صاحب اليمن عن ولي العهد بالسلطنة كالمكاتبة إليه عن السلطان نفسه في جميع المكاتبة على السواء
وعلى ذلك كتب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر عن الأشرف خليل ابن قلاوون قرين كتاب أبيه المنصور قلاوون إلى صاحب اليمن بالبشرى بفتح طرابلس
وهذه نسخته أعز الله تعالى نصرة المقام وأوفد عليه كل بشرى أحسن من أختها وكل تهنئة لا يجليها إلا هو لوقتها وكل مبهجة يعجز البنان والبيان عن ثبتها ونعتها وتتبلج فتود الدرر والدراري لو رقت هذه إلى ترقيها وسمت هذه إلى سمتها
وصبحه منها بكل هاتفة أسمع من هواتف الحمائم وبكل عارفة أسرع من عوارف الزهر عند عزائم النسائم وبكل عاطفة أعنة الإتحاف بالإيجاف الذي شكرت الصفاح منه أعظم قادر والصحائف أكرم قادم والغزو الذي لا يخص تهامة ببشراه بل جميع النجود والتهائم وذوي الصوارم والصرائم وأولي القوى والقوائم وكل ثغر عن ابتهاج الإسلام باسم وكل بربر بتوصيل ما ترتب عليه من ملاحم

وكل بحر عذب يمون كل غاز لا يحبس عن جهاد الكفار في عقر الدار الشكائم وكل بحر ملح كم تغيظ من مجاورة أخيه لأهل الشرك ومشاركتهم فيه فراح وموجه المتلاطم
المملوك يخدم خدمة يقتفي فيها أثر والده ويجري في تجميلها على أجمل عوائده ويستفتح فيها استفتاحا تحف به من هنا ومن هنا تحف محامده ويصف ولاء قد جعله الله أجمل عقوده وأكمل عقائده ويشفعها بإخلاص قد جعله ميله أحسن وسائله وقلبه أزين وسائده ويطلع علمه على أن من سجايا المتعرضين إلى الإعلان بشكر الله تعالى في كل ما يعرض للمسلمين من نصر ويفترض لهم من أجر غزوكم قعد عنه ملك فيما مضى من عصر أن يقدروا هذه النعمة حق قدرها من التحدث بنعمتها والتنبيه بسماع نغمتها وإرسال أعنة الأقلام بها في ميادين الطروس وإدارة حرباء وصف حر حرب إلى مواجهة خير الشموس
ولما كانت غزوات مولانا السلطان ملك البسيطة الوالد خلد الله سلطانه قد أصبحت ذكرى للبشر ومواقفه للنصركم جاءت هي والقدر على قدر وقد صارت سيرها وسيرها هذه شدو في الأسمار وهذه جادة تستطيب منها حسن الحدو السفار فكم قاتلت من يليها من الكفار وكم جعلت من يواليها وهو منصورها منصورا بالمهاجرين والأنصار
ولما أذل الله ببأسها طوائف التتار في أقاصي بلاد العجم وجعل حظ قلوبهم الوجع من الخوف ونصيب وجوههم الوجم وأخلى الله من نسورهم الأوكار ومن أسودهم الأجم وقصرت بهم هممهم حتى صاروا يخافون الصبح إذا هجم والظن إذا رجم وصارت رؤية الدماء تفزعهم فلو احتاج أحدهم لتنقيص دم لمرض لأجنح من خوفه وما احتجم
وأباد الله الأرمن فحل بالنبيل منهم الويل وما شمر أحد من الجنود الإسلامية عن ساعد إلا وشمر هو من الذل الذيل ولا أثارت الجياد من الخيل عثيرا منعقدا إلا وظنوه مساء قد أقبل أو ليل وانتهت نوبة

القتل بهم والإسار إلى التكفور ليفون ملك الأرمن الذي كان يحمي سرحهم ويمرد صرحهم ويستنطق هتف التتار ويسترجع صدحهم وتعتز طرابلس الشام بأنه خال ابرنسها الكافر ولسان شورته السفير ووجه تدبيره السافر
وطالما غر وأغرى وأجر وأجرى وضر وأضرى فلما توكل مولانا السلطان وعزم فتوكل وتحقق أن البلاء به قد نزل وما تشكك أن ذلك في ذهن القدر قد تصور وتشكل وأن يومه في الفتك سيكون أعظم من أمنيته وأعظم منهما معاداة غده وأن نصر الله لن يخلفه صادق وعده أكل يده ندامة على ما فرط في جنب الله وساق الحتف لنفسه بيده فعمر الله بروحه الخبيثة الدرك الأسفل من النار وسقاه الحتف كأسا بعد كأس لم يكن لهما غير الملك من خمار
وكانت طرابلس هي ضالة الإسلام الشريدة وإحدى آبقاته من الأعوام العديدة وكلما مرت شمخت بأنفها وتأنقت في تحسين منازه منازهها وتزيين ريحانها وعصفها ومرت وهي لا تغازل ملكا بطرفها وكلما تقادم عهدها تكثرت بالأفواج والأمواج من بين يديها ومن خلفها
إذ البحر لها جلباب والسحاب لها خمار وليس لها من البر إلا بمقدار ساحة الباب من الدار كأنها في سيف ذلك البحر جبل قد انحط أو ميل استواء قد خرج عن الخط وما قصد أحد شطها بنكاية إلا شط واشتط
قدر الله تعالى أن صرف مولانا السلطان إليها العنان وسبق جيشه إليها كل خبر وليس الخبر كالعيان وجاءها بنفسه النفيسة والسعادة قد حرسته عيونها وتلك المخاوف كلها أمان وقد اتخذ من إقدامه عليها خير حبائل ومن مفاجأته لها أمد عنان وفي خدمته جنود لا تستبعد مفازه وكم راحت

وغدت وفي نفسها للأعداء حزازه فامتطوا بخيولهم من جبال لبنان تيجانا لها صاغتها الثلوج ومعارج لا مرافق بها غير الرياح الهوج وانحطت تلك الجيوش من تلك الجنادل انحطاط الأجادل واندفعوا في تلك الأوعار واندفاع الأوعال ولم يحفل أحد منهم بسرب لاصق ولا جبل شاهق فقال أهذا منخفض أو عال وشرعوا في التحصيل لما يوهي ذلك التحصين وابتنى كل سورا أمام أسوارها من التدبير الحسن والرأي الرصين فما لبثوا إلا بمقدار ما قيل لهم دونكم والاختطاب ونقل المجانيق على الخيل وعلى الرقاب حتى جروها بأسرع من جر النفس وأجروها على الأرض سفائن وكم قالوا السفينة لا تجري على يبس وفي الحال نقلت إليها فرأوا من متوقلها من يمشي بها على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ووجهت سهامها وجوهها إلى منافذها فما شوهدت منها عين إلا وكان قدامها منها إصبع وألقيت العداوة بين الحجارة من المجانيق والحجارة من الأسوار فكم ثقبت ونقبت عن فلذة كبدها عن وأوقدت نيران المكايد ثم فكم حولها من صافن ومن صافر وكم رمتهم بشرر كالقصر فوقع الحافر كما يقال على الحافر وما برحت سوق أهل الإيمان في نفاق على أهل النفاق وأكابرهم تساق أرواحهم الخبيثة إلى الساق
وكان أهل عكا قد أنجدوهم من البحر بكل بر ورموا الإسلام بكل شرر وبكل شر فصار السهم الذي يخرج بها لا يخرج إلا مقترنا بسهام وشرفات ذلك الثغر كالثنايا ولكنها لكثرة من بها لا تفتر عن ابتسام
وما زالت جنود الإسلام كذلك ومولانا السلطان لا ترى جماعة مقدمة ولا متقدمة إلا وهو يرى بين أولئك
واستمر ذلك من مستهل ربيع الأول إلى رابع ربيع الآخر فزحف إليها في بكرة ذلك النهار وهو الثلاثاء زحفا يقتحم كل هضبة ووهدة وكل صلبة وصلدة حتى أنجز الله وعده وفتحها المسلمون مجازا وفي

الحقيقة فتحها وحده وطلعت سناجق الإسلام الصفر على أسوارها ودخلت عليهم من أقطارها وجاست الكسابة إلى ديارها فاحتازها مولانا السلطان لنفسه ملكا وما كان يكون له في فتحها شريك وقد نفى عنها شركا وكلما قيل هذه طرابلس فتحت قال النصر لمن قتل فيها من النجد الواصلة وأكثر عكا وأهل عكا وأعاد الله تعالى بها قوة الكفر أنكاثا فكان أخذها من مائة سنة وثمانين سنة في يوم ثلاثا واستردت في يوم الثلاثا
ولما عمت هذه البشائر وكل بها مولانا السلطان إلى من يستجلي حسان هذه العرائس ويستحلي نفيس هذه النفائس
سير مولانا السلطان إلى المولى كل بشرى تقعقع بها البريد لتتلى بأمره على كل من ألقى السمع وهو شهيد وكما عم السرور بذلك كل قريب قصد أن يعم الهناء كل بعيد
وأصدر المملوك هذه الخدمة يتجرب بين يديه نجواها ويتوثب بعد هذه الفاتحة المباركة لكل سانحة يحسن لدى المولى مستقرها ومثواها لا برح المقام العالي يستبشر لكماة الإسلام بكل فضل وبكل نعمى ويفرح بسرح الكفر إذا انتهك وبسفح الملك إذا يحمى وبسمع الشرك إذا يصم وبقلبه إذا يصمى والله الموفق

الجملة الثانية في المكاتبات إلى عرب البحرين ومن انضاف إليهم
قد تقدم في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية أن بلاد البحرين لم تزل بيد العرب وأنها صارت الآن بيد بني عقيل بضم العين من بني عامر بن صعصعة من هوازن من قيس عيلان من العدنانية
قال في التعريف ومنهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التجار يجلبون جياد الخيل وكرام المهاري واللؤلؤ وأمتعة من أمتعة العراق والهند ويرجعون بأنواع الحباء والإنعام والقماش والسكر وغير ذلك ويكتب لهم بالمسامحة فيردون

ويصدرون
قال وبلادهم بلاد زرع وضرع وبر وبحر ولهم متاجر مربحة وواصلهم إلى الهند لا ينقطع وبلادهم ما بين العراق والحجاز ولهم قصور مبنية وآطام علية وريف غير متسع إلى ما لهم من النعم والماشية والحاشية والغاشية إلا أن الكلمة قد صارت بينهم شتى والجماعة متفرقة
وقد سبق الكلام على بلادهم مستوفى في المقالة الثانية عن الكلام على المسالك والممالك
قال في التعريف ورسم المكاتبة إلى كبرائهم السامي بالياء
والعلامة الشريفة أخوه ثم ما دون ذلك لمن دونهم
واعلم أنه في التثقيف قد جمع بين عرب البحرين وعرب البصرة وما والى ذلك وجعل المكاتبة إليهم على ثلاث مراتب
المرتبة الأولى من يكتب إليه السامي بالياء والعلامة الاسم وذكر أن بها يكاتب أميرهم وسماه حينئذ صدقة بن إبراهيم بن أبي دلف وأن تعريفه فلان بن فلان
وذكر في رتبته في المكاتبة يومئذ محمد بن مانع وأخوه حسين بن مانع وعلي بن منصور
المرتبة الثانية من يكتب إليه السامي بغير ياء والعلامة الاسم
وذكر منهم بدران بن مانع رومي بن أبي دلف زين بن قاسم يوسف بن قاسم سعيد بن معدي راشد بن مانع عيسى بن عرفة ظالم بن مجاشع إسماعيل ابن صواري كلبي بن ماجد بن بدران مانع بن علي مانع بن بدران
المرتبة الثالثة من يكتب إليه مجلس الأمير والعلامة الاسم
وعد منهم جماعة وهم عظيم بن حسن بن مانع موسى بن أبي الحسن سعد بن مغامس زيد بن مانع هلال بن يحيى معمر بن مانع محمد بن خليفة
قلت وحاصل ما ذكره في التعريف والتثقيف أن جملة المكاتبة إليهم لا تجاوز المراتب الثلاث المذكورة والكاتب يستخبر أخبارهم في المقدار وينزل كل واحد منهم على قدر مرتبته من ذلك كما في الأسماء المتقدمة الذكر

المهيع الرابع في المكاتبة إلى صاحب الهند والسند
وقد ذكر في التعريف أن صاحبه في زمانه كان اسمه أبا المجاهد محمد بن طغلقشاه
ثم قال وهو أعظم ملوك الأرض شرقا وغربا وجنوبا وشمالا وبرا وبحرا وسهلا وقفرا وأن سمته في بلاده الإسكندر الثاني ثم قال وتالله إنه يستحق أن يسمى بذلك ويوسم به لاتساع بلاده وكثرة أعداده وغزر أمداده وشرف منابت أرضه ووفور معادنه وما تنبته أرضه ويخرجه بحره
ويجبى إليه ويرد من التجار عليه
وأهل بلاده أمم لا تحصى وطوائف لا تعد
ثم حكى عن قوم ثقات منهم قاضي القضاة سراج الدين الهندي الحنفي وهو يومئذ مدرس البيدمرية بالقاهرة والتاج البزي والشيخ مبارك الأنبايتي أن عسكر

هذا السلطان نحو التسعمائة ألف فارس وعنده زهاء ألفي فيل يقاتل عليها وخلق من العبيد تقاتل رجاله مع سعة الملك والحال وكثرة الدخل والمال وشرف النفس والإباء مع الاتضاع للعلماء والصلحاء وكثرة الإنفاق وعميم الإطلاق ومعاملة الله تعالى بالصدقة وإخراج الكفاية للمرتزقة بمرتبات دائمة وإدرارات متصلة بعد أن حكى عن رسوليه دميرخوان وافتخار ما قال إنه لو سكنت النفوس إلى براءتهما من التعصب فيه لحكى منه العجائب وحدث عنه بالغرائب ثم ذكر أنه أرسل مرة مالا برسم الحرمين وبيت المقدس وهدية للسلطان تزيد على ألف ألف دينار فقطع عليها الطريق باليمن وقتل محضرها بأيدي مماليك صاحب اليمن لأمر بيت بليل ثم قتل قاتلوه وأخذ أهل اليمن المال وأكلوه وكتب عن السلطان إلى صاحب اليمن في هذا كتاب منه وقد عددت عليه فعلته وقيل فيه وفعل ما لا يليق وأمسى وهو يعد من الملوك فأصبح يعد من قطاع الطريق
وقد سبق في الكلام على المسالك والممالك من عظيم هذه المملكة وعظم قدر رجالها ما فيه كفاية عن الإعادة
قال في التعريف ورسم المكاتبة إليه رسم المكاتبة إلى القانات الكبار المقدم ذكرهم في هيئة الكتاب وما يكتب به والطغراة والخطبة
وألقابه المقام الأشرف العالي المؤلوي السلطاني الأعظمي الشاهنشاهي العالمي المجاهدي المرابطي المثاغري المظفري المؤيدي المنصوري إسكندر الزمان سلطان الأوان منبع الكرم والإحسان المعفي على ملوك آل ساسان وبقايا أفراسياب وخاقان ملك البسيطة سلطان الإسلام غياث الأنام أوحد الملوك والسلاطين ويدعى له
قال ولم يكتب إليه في ذلك الوقت لقب ينسب إلى الخلافة نحو خليل أمير المؤمنين وما يجري هذا المجرى إذ كان قد بلغنا أنه يربأ بنفسه إلى أن يدعي الخلافة ويرى له فضل الإنافة

قلت مقتضى ما ذكره في التعريف حيث قال إن رسم المكاتبة إليه رسم المكاتبة إلى القانات الكبار في هيئة الكتاب وما يكتب به والطغراة والخطبة أن المكاتبة إليه تفتتح بخطبة مبتدأة بالحمد لله كما تقدم في افتتاح المكاتبات إلى القانات
والذي ذكره في التثقيف أن المكاتبة إليه تكون في قطع البغدادي الكامل بالذهب والأسود كما جرت العادة به يعني في كتب القانات إلا أنه جعل رسم المكاتبة إليه أعز الله تعالى أنصار المقام العالي السلطاني العالمي العادلي الملكي الفلاني
ثم قال وهذه الألقاب سطران كاملان وبينهما بيت العلامة على العادة وبعد السطرين المذكورين في الجانب الأيمن من غير بياض أبو المجاهد محمد ابن السلطان طغلقشاه زيدت عظمته
ولا يذكر لقبه
والدعاء والعلامة أخوه
وتعريفه صاحب الهند
وقد رأيت تصويره في بعض الدساتير على هذه الصورة
( أعز الله تعالى أنصار المقام العالي ... ) بيت العلامة السلطاني العالمي العادلي الملكي الفلاني قال في التعريف والعنوان جميعه بالذهب وهو سطران وتعريفه صاحب الهند
وبقية الكتاب بالسواد والذهب أسوة القانات وبه يشعر كلام التعريف فيما تقدم
وهذا دعاء معطوف وصدر يليق به ذكره في التعريف وهو ولا زال سلطانه للأعداء مبيرا وزمانه بما يقضي به من خلود ملكه خبيرا وشأنه وإن عظم يتدفق بحرا ويرسي ثبيرا ومكانه وإن جل أن يجلببه مسكي الليل يملأ الأرجاء أرجا والوجود عبيرا وإمكانه يستكين له الإسكندر خاضعا وإن جاز نعيما جما وملكا كبيرا ولا برحت الملوك بولائه تتشرف وبآلائه

تتعرف وبما تطبع مهابته من البيض ببيض الهند في المهج تتصرف
المملوك يخدم بدعاء يحلق إلى أفقه ويحل العلياء والمجرة في طرقه ويهدي منه ما يعتدل به التاج فوق مفرقه ويعتد له النجم ولا يثنيه إلا وسادة تحت مرفقه ويسمو إلى مقام جلاله ولا يسأم من دعاء الخير ولا يمل له إذا ملت النجوم عن السير ولا يزال يصف ملكه المحمدي بأكثر مما وصف به الملك السليماني وقد قال وأوتينا من كل شيء وعلمنا منطق الطير
قلت وهذا الدعاء المعطوف مما يؤكد ابتداء المكاتبة بالدعاء خلافا لما تقدم أنه مقتضى تصوير كلامه في التعريف
واعلم أن في هذه المكاتبة على ما ذكره في التعريف شيئين قد خالف فيهما قاعدة المكاتبات عن الأبواب السلطانية
أحدهما إتيانه في التعريف في ألقابه بالمولوي
والثاني قوله في الصدر المتقدم الذكر المملوك يخدم
فقد ذكر صاحب التعريف في كتابه عرف التعريف أن السلطان لا يكتب عنه في العلامة المملوك وإنما خالف القاعدة في ذلك هنا تعظيما لمقام المكتوب إليه وإعلاء لرتبته حيث قال في أول كلامه إنه أعظم ملوك الأرض على ما تقدم ذكره فعبر عن مقامه بما يليق به وخاطبه بما يليق بخطابه كما تقدم أنه كان يكتب إلى أبواب الخلافة المملوك أو الخادم ينتهب ثرى الأعتاب أو يقبل الأرض ونحو ذلك تعظيما لمحل الخلافة لا سيما وقد تقدم أن صاحب الهند حينئذ كان يدعي الخلافة إلا أن

نظام هذا الملك قد أختل ونقص عما كان بموت السلطان محمد بن طغلقشاه حين توفي واستقر مكانه ابن خالته فيروزشاه
ولعل المكاتبة التي ذكرها في التثقيف إنما رتبت على حكم ما كان في أيامه بعد ذكر المكاتبة المذكورة بعد أن ذكر أن محمد بن طغلقشاه مات وقام فيروزشاه مقامه إلا أنه مثل المكاتبة المذكورة بمحمد بن طغلقشاه فاقتضى أن يكون هو المعني بالمكاتبة
ثم تفرقت المملكة بعد ذلك في سلطانين فيما أخبرني به بعض أهل الهند ثم تزايد نقصها بعد أن غزاها تمرلنك وغلب

عليها ثم نزح عنها
وبكل حال فلا ينبغي أن يقصر بصاحب الهند عن رتبة القانات
ولم أقف على نص مكاتبة كتب بها إلى صاحب الهند فأذكرها

المقصد الثاني من المصطلح المستقر عليه الحال من المكاتبات الصادرة عن
ملوك الديار المصرية في المكاتبات إلى ملوك الغرب وفيه أربع جمل
الجملة الأولى في المكاتبات إلى صاحب أفريقية وهو صاحب تونس وتنضم إليها
بجاية وقسنطينة تارة وتنفرد عنها أخرى
وقد تقدم في المقالة الثانية في الكلام على المسالك والممالك نقلا عن التعريف أن حد هذه المملكة غربا من جزائر بني مزغنان إلى عقبة برقة الفارقة بين طرابلس وبين برقة وهي نهاية الحد الشرقي ومن الشام البحر ومن الجنوب آخر بلاد الجريد والأرض السواخة إلى ما يقال إنه موقع المدينة

المسماة بمدينة النحاس
ثم قال وهو أجل ملوك الغرب مطلقا
وقد تقدم هناك أيضا ذكر حال مملكتها ومن ملكها جاهلية وإسلاما وأنها كانت قبل الإسلام بيد البربر حين كان معهم جميع المغرب ثم انتزعها منهم الروم والفرنج إلى أن انتهت حال الفتح الإسلامي إلى جرجيس ملك الفرنج في جملة ممالك المغرب ودار ملكه يومئذ سبيطلة إلى أن فتحت في خلافة عثمان رضي الله عنه على يد عبد الله بن أبي سرح وتوالت عليها نواب الخلفاء وصارت دار المملكة بها القيروان حتى صارت منهم إلى بني الأغلب ثم إلى العبيديين بني عبيد الله المهدي ثم الموحدين أصحاب المهدي بن تومرت وهي بأيديهم إلى الآن وهي مستقرة الآن بيد الحفصيين منهم وهم يدعون النسب إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فيقولون أبو حفص عمر بن يحيى بن محمد بن وانود بن علي بن أحمد بن والال بن إدريس بن خالد بن اليسع بن إلياس بن عمر بن وافتن بن محمد بن نجية بن كعب بن محمد بن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب
وباعتبار ذلك القائمون بها من بني أبي حفص يدعون الخلافة ويدعى القائم منهم في

بلاد بأمير المؤمنين وربما كاتبه بها بعض ملوك المغرب
قال في التعريف ومن أهل النسب من ينكر ذلك ويجعلهم تارة بنسب إلى عدي بن كعب رهط عمر بن الخطاب دون بني عمر
ومنهم من ينسبهم إلى هنتاتة من قبائل البربر بالمغرب وهي قبيلة عظيمة مشهورة
وهي الآن إلى حدود الثمانمائة بيد السلطان أبي فارس عزوز وقد دوخ البلاد وأظهر العدل ورفع منار الإسلام
وقد ذكر في التعريف أن السلطان بها في زمانه كان المتوكل على الله أبو يحيى أبو بكر
ورسم المكاتبة إليه فيما ذكره في التعريف أن يكتب بعد البسملة
أما بعد حمد الله بخطبة مختصرة في مقتضى الحال ثم يقول فهذه المفاوضة أو النجوى أو المذاكرة أو المطارحة أو ما يجري مجرى ذلك تهدي من طيب السلام ومن هذا ومثله إلى الحضرة الشريفة العلية السنية السرية العالمية العادلية الكاملية الأوحدية حضرة الإمارة العدوية ومكان الإمامة القرشية وبقية السلالة الطاهرة الزكية حضرة أمير المسلمين وزعيم الموحدين والقائم في مصالح الدنيا والدين السلطان السيد الكبير المجاهد المؤيد المرابط المثاغر المظفر المنصور المتوكل على ربه والمجاهد في حبه والمناضل عن الإسلام بذبه فلان ويدعى له بما يناسب مختصرا ثم يذكر ما يليق بكرم الجدود
صدر آخر من التعريف أيضا

صدرت إليه تهدي إليه من أطيب السلام ما ترق في جانبه الغربي أصائله ويروق فيما ينصب لديه من أنهار النهار جداوله ويحمله لكل غاد ورائح وتجري به السفن كالمدن والركائب الطلائح وتخص ذلك المقر منه بثناء يعز لأن ينيب لبعده الدار ويستطلع ليل العراق به من فرق أفريقية النهار وتحامي مصر عن جارتها الممنعة وتفخر بجاريتها الشمس التي لا ترى في أفقها إلا مبرقعة
ولم يذكر في التعريف قطع الورق ولا العنوان والخاتمة والعلامة وما في معنى ذلك
والذي ذكره في التثقيف أن رسم المكاتبة إليه في قطع الثلث بقلم التوقيعات نظير ما كتب به لصاحب فاس وهو أن يكتب بعد البسملة بحيث يكون تحتها سواء في الجانب الأيمن من غير بياض ما مثاله عبد الله ووليه ثم يخلى مقدار بيت العلامة ثم تكتب الألقاب الشريفة من أول السطر مسامتا للبسملة
وهي السلطان الأعظم المالك الملك الفلاني السيد الأجل العالم العادل المؤيد المجاهد المرابط المثاغر المظفر الشاهنشاه وهذه تختصر غالبا ناصر الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين منصف المظلومين من الظالمين وارث الملك سلطان العرب والعجم والترك فاتح الأقطار مانح الممالك والأقاليم والأمصار إسكندر الزمان مولي الإحسان جامع كلمة الإيمان مملك أصحاب المنابر والتخوت والتيجان ملك البحرين مسلك سبيل القبلتين خادم الحرمين الشريفين ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه سلطان البسيطة مؤمن الأرض المحيطة سيد الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين أبو فلان فلان ابن الملك الفلاني فلان الدين والدنيا ويرفع في نسبه إلى منتهاه خلد الله سلطانه ونصر جيوشه وأعوانه
ويجتهد أن يكون وأعوانه آخر السطر أو قريبا

من آخره قال والواجب بدل ولي أمير المؤمنين قسيم أمير المؤمنين ثم يقول يخص الحضرة العالية السنية الشريفة الميمونة المنصورة المصونة حضرة الأمير العالم العادل العابد المؤيد الأوحد فلان ذخر الإسلام والمسلمين عدة الدنيا والدين ناصر الغزاة والمجاهدين سيف جماعة الشاكرين صلاح الدول والدعاء بإهداء السلام والشكر
ثم بعد حمد الله بخطبة مختصرة جدا فإنا نوضح لعلمه الكريم وتعريفه صاحب تونس
قلت وخطابه بالإخاء
وهذه نسخة كتاب كتب بها عن الظاهر برقوق من إنشاء علاء الدين وهي بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله ووليه
السلطان الأعظم المالك الملك الظاهر الأجل العالم العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيد المظفر سيف الدنيا والدين سلطان الإسلام والمسلمين محيي العدل في العالمين منصف المظلومين من الظالمين قامع الخوارج والمتمردين وارث الملك ملك ملوك العرب والعجم والترك مبيد الطغاة والبغاة والكفار مملك الممالك والأقاليم والأمصار إسكندر الزمان ناشر لواء العدل والإحسان مليك أصحاب المنابر والأسرة والتخوت والتيجان مالك البحرين صاحب سبل القبلتين خادم الحرمين الشريفين ظل الله في أرضه القائم بسنته وفرضه سلطان البسيطة مؤمن الأرض المحيطة سيد الملوك والسلاطين قسيم أمير المؤمنين أبي سعيد برقوق خلد الله سلطانه ونصر جنوده وأعوانه وأفاض على العباد والبلاد جوده وإحسانه تحية تتأرج نفحا وتتبلج صبحا وتطوي بعرفها نشر الخزامى وتعيد ميت الأشواق حيا إذا ما

تخص الحضرة العلية السنية السرية المظفرة الميمونة المنصورة المصونة حضرة الأمير العالم العادل المجاهد المؤيد الأوحد ذخر الإسلام والمسلمين عدة الدنيا والدين قدوة الموحدين ناصر الغزاة والمجاهدين سيف جماعة الشاكرين صلاح الدول المتوكل على الله أحمد ابن مولانا الأمير أبي عبد الله محمد ابن مولانا أمير المؤمنين أبي يحيى أبي بكر ابن الأمراء الراشدين أعز الله دولته وأذل عداته وأنجز من صعود أوليائه وسعود آلائه صادق عداته
بعد حمد الله جامع الشمل بعد تفريقه راتق خلل الملك عند تمزيقه والشهادة بأن لا إله إلا هو مبيد الباطل بحق سره وسر تحقيقه سيدنا محمد عبده ورسوله موضح سبيل التوكل على الله وطريقه
وإهداء سلام ما الزهر بأعبق من فتيقه وثناء ما الروض بأعطر من خلوقه فإننا نوضح لعلمه الكريم أن كتابه الكريم ورد ورود السنة على الجفن الساهر أو المزنة على الروض الزاهر أو الزلال على الأوام أو البرء على السقام فمددنا إليه يد القبول وارتحنا له ارتياح الشمائل إلى الشمول وملنا إلى مفاكهته ميل الغصون إلى الرياح وامتزجنا بمصافاته امتزاج الماء بالراح وفضضنا ختامه عن فضي كلامه وذهبنا إلى ذهبي نثاره ونظامه وتأملناه تأملا كل نظر عبده وخادمه ووقفنا عليه وقوف شحيح ضاع في الترب خاتمه ونظمنا جواهر اعتباره في قلائد الأفكار وصبونا إلى اختباره كما صبت النفوس إلى الادكار وفتحنا له جهد الطاقة بابا من المحبة لم يغلق ونقسم بمن خلق الإنسان من علق أنها بغير قلوبنا لم تعلق فإذا سطوره جنود مصطفة أو قيان بها الحسان محتفة وإذا رقمه طراز حلة أو عقد شده البنان وحله وإذا لفظه قد رق وراق ومر بالأسماع فملأ

بحلاوته الأوراق وإذا معناه ألطف من النسيم الساري وأعذب مذاقا من الماء الجاري وإذا سجعه يفوق سجع الحمائم ويزري بالروض الضاحك لبكاء الغمائم وإذا سلامه قد حيته الأزاهر وطوى بعرفه نشر الروض الزاهر وإذا هناؤه قد ملك عنان التهاني واستمطر عنان الأمان من سماء الأماني فعبر لنا لفظ عبيره عن معنى المحبة وقرب شاسع الذكر وإن بعد المدى بين الأحبة وأقام شاهد الإخاء على دعوى الإخلاص فقبلناه ونادى مطيع المودة فاستجبنا له ولبيناه سقيا له من كتاب غذي بلبان الفصاحة وجرى جواد التماحه من مضمار الملاحة لا عيب فيه سوى بلاغة فيه ولا نقص يعتريه سوى كمال باريه لعمري لقد فاق الأواخر والأوائل فما أجدر كلامه بقول القائل
( وكلام كدمع صب غريب ... رق حتى الهواء يكثف عنده )
( راق لفظا ورق معنى فأضحى ... كل سحر من البلاغة عبده ) لله دره من كتاب حلب در الأفراح وجدد من أثواب المسرة ما كان قد أخلقته يد الأتراح فهمنا معناه فهمنا وشرحنا متن فحواه فانشرحنا وعلمنا ما اتصل بسماعكم من خبرنا العجيب وحديث أمرنا القديم الغريب الذي أظهر فينا الله أسرارا وكتب لنا منه عناية كبت بها أشرارا جل جلاله خافض رافع معل بحكمته واضع سبحانه أوجد بعد العدم وأنسى ثم أنشأ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشا كسر وجبر وقرن المبتدأ بالخبر وهب ما كان سلب وجعل لصبرنا حسن المنقلب أعادنا إلى الملك مع كثرة الأعداء وقلة الأنصار وأظهرنا بعد الخفاء فاعتبروا يا أولي الأبصار وأبرز إبريزنا بعد السبك خالصا يروق الناظر ويفوق برونقه وجه الروض الناضر فاعلموا أن لله في ذلك سرا خفيا لم يزل ببركة رسوله حفيا قمتم لنا فيه بواجب الهنا وأحاط بنا طولكم الطويل من هاهنا وهاهنا فاستجلينا من كتابكم عرائس بشراه وحمدنا عند صباح طرسه ليل مسراه وشكرنا له هذه الأيادي التي تقصر عنها الأيدي المتطاولة وثنينا إليكم عنان الثناء الذي فاق بمخايله الروض الأريض وخمائله

ولما تمثل إلينا رسولكم المكرم وصاحبكم الكامل المعظم ذو الأصل الطاهر والنسب الباهر والرأي السديد والبأس الشديد فلان لا زال علي مقامه حسنا وجفن علمه لا يبعث الجهل عليه وسنا فأبدى إلينا ما في وطابه وأثلج الصدور بحكمه فضله وفصل خطابه وأخذ يجاذبنا عنكم أطراف الأحاديث الطيبة ويرسل علينا من سماء محبتكم مزنها الصيبة وأطربنا بسماع أخباركم ونصر أعوانكم وأنصاركم ونبه على ما أودعه كتابكم وتضمنه من النصرة خطابكم ودوس جنودكم جزيرة غودش وعودهم بالمن والمنح وتلاوتهم عند الانتصار ( إذا جاء نصر الله والفتح ) وقفولهم متفيئين من الجهاد بظله فرحين بما آتاهم الله من فضله بعد أن نعقت منهم على الكفار الغربان واقتنصت الرجال آجالهم اقتناص العقبان وجاءتهم كالجبال الرواسي وظفرت بهم أظافير الرماة ومخالب المراسي وغنت عليهم أوتار القسي فأرقصت رؤوسهم على الضرب وسقتهم كؤوس الردى مترعة ونعم هذا الشرب لأولئك الشرب وأعادت المسلمين بالغنائم إلى الأوطان بعد نيل الأوطار وبشرت الخواطر بما أقر العيون من النجاح والنجاة من الأخطار هذا والعدو الملقي السلم عند الجهاد جيء بهم مقرنين في الأصفاد يا لها غزاة أشرق نورها كالغزالة وأشرق يوم إسلامها على ليل الكفر فأزاله وتولد منها الجهاد فلا يرى بعدها إن شاء الله عقيما وتلا لسان الشوق إليه ( يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما )
لا زالت رقاب الأعداء لأسيافكم قرابا وغزواتكم الصالحة تنيلكم من الله أجرا وثوابا
ولما عرضت علينا من جودكم عند العشي الصافنات الجياد وحلينا منها بقلائد منها الأجياد نقسم لقد حيرتنا ألوانها إذ خيرتنا

فمن أشهب كأن الشهب له قنيصه أو الصباح ألبسه قميصه أو كأنما قلب من اللجين في قالب البياض وسقي سواد أحداقه أقداح الرباحة من غير حياض
ومن أدهم كأن النقس لمسه في مداده أو الطرف أمد طرفه بسواده أو كأنما تقمص إهاب الليل لما طلع عليه فجر غرته فولى مشمر الذيل
ومن احمر كأنما صيغ من الذهب أو كون من النار واللهب أو كأن الشفق ألقى عليه قميصه ثم أشفق أو الشقيق أجرى عليه دمعه دما وجيبه شقق
ومن أشقر كأنما ألبس ثوب الأصيل وبشر السرية يمن طلعته بالنصر والتحصيل أو كأن النضار كساه حلة العشاق وقد ادرعوا بأسواق المحبة مطارف الأشواق
ومن أخضر كأنما تلفع من الروض الأريض بأوراقه أو صبغ بالعذار المخضر وقد شقت عليه مرائر عشاقه أو كأنما الزمرد تلوينه أو من شارب الشادن تكوينه كل بطرف منها يسبق الطرف ويروق الناظر بالحسن الناضر والظرف تقام به حجة الإعراض وهو باعتراف ممتطيه قادرملي وينصب إلى الإدراك حسن السير كجلمود صخر حطه السيل من علي فأسرجنا لها جود القبول وامتطينا منها صهوة كل مأمول وأعددناها مراكب للمواكب ولليل المهمات الواقعة بدورا وكواكب وأطلقنا أعنة شكرها في ميادين المحامد وطفقنا نرجع ذكرها بين شاكر وحامد

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39