كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْإِقَامَةُ مِثْلُهُ ) أَيْ مِثْلُ الْأَذَانِ فِي عَدَدِ الْكَلِمَاتِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَزِيدُ بَعْدَ فَلَاحِهَا قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ مَرَّتَيْنِ ) وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَصْحَابِهِمَا وَجَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا فُرَادَى لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا أُمِرَ بِأَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ وَلَنَا مَا اُشْتُهِرَ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ إلَى أَنْ تُوُفِّيَ وَالْمَلَكُ النَّازِلُ مِنْ السَّمَاءِ أَقَامَ كَذَلِكَ وَقَالَ أَبُو مَحْذُورَةَ { عَلَّمَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَذَانَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَالْإِقَامَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً } وَإِنَّمَا قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً بِالتَّرْجِيعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَأْوِيلُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ النَّخَعِيّ بِإِسْنَادِهِ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ نَقَصَ الْإِقَامَةَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَقَالَ أَبُو الْفَرْجِ كَانَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ مَثْنًى مَثْنًى فَلَمَّا قَامَ بَنُو أُمَيَّةَ أَفْرَدُوا الْإِقَامَةَ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مِثْلَ الْأَذَانِ حَتَّى كَانَ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكُ فَجَعَلُوهَا وَاحِدَةً لِلسُّرْعَةِ إذَا خَرَجُوا ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ كَانَ بِلَالٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُ مَثْنًى وَيُقِيمُ مَثْنًى بِتَوَاتُرِ الْآثَارِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فُرَادَى لَأَفْرَدَ ، قَوْلُهُ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ إذْ هِيَ الْأَصْلُ فِيهَا وَمَا سُمِّيَتْ الْإِقَامَةُ إلَّا لِأَجْلِهَا تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ وَلَا حُجَّةَ لِلشَّافِعِيِّ فِيمَا رَوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْأَمْرَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ غَيْرَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ بِلَالًا امْتَثَلَ لِأَمْرِهِ أَيْضًا بَلْ نَقَلَ إلَيْنَا مُخَالَفَتَهُ فِعْلًا فَكَيْفَ يُحْتَجُّ بِهِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ الْمُتَوَاتِرَ عَنْهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَتَرَسَّلُ فِيهِ ) أَيْ فِي الْأَذَانِ ( وَيَحْدُرُ فِيهَا ) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يَا بِلَالُ إذَا أَذَّنْت فَتَرَسَّلْ فِي أَذَانِك وَإِذَا أَقَمْت فَأَحْدِرْ وَاجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك قَدْرَ مَا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ وَالشَّارِبُ مِنْ شُرْبِهِ } وَالتَّرَسُّلُ التَّمَهُّلُ يُقَالُ عَلَى رِسْلِك وَجَاءَ فُلَانٌ عَلَى رِسْلِهِ وَالْحَدْرُ الْإِسْرَاعُ يُقَالُ حَدَرَ فِي قِرَاءَتِهِ وَحَدُّهُ أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَتِي الْأَذَانِ بِسَكْتَةٍ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَيُسَكِّنُ كَلِمَاتِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُ قَالَ شَيْئَانِ يُجْزَمَانِ كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا الْآذَانُ وَالْإِقَامَةُ يَعْنِي عَلَى الْوَقْفِ لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ .( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَيَحْدُرُ فِيهَا ) هُوَ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَنْصُرُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَا بِلَالُ إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَرَوَى أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ { وَإِذَا أَقَمْت فَأَحْدِرْ } بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أَسْرِعْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةٌ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ يَفْصِلُ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ فَيَثْبُتُ الْوَقْفُ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُسْتَقْبَلُ بِهِمَا الْقِبْلَةُ ) ؛ لِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْمَلَكُ النَّازِلُ أَذَّنَ وَأَقَامَ كَذَلِكَ ؛ وَلِأَنَّهُمَا مُشْتَمِلَانِ عَلَى الثَّنَاءِ وَأَحْسَنُ أَحْوَالِ الذَّاكِرِينَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِقْبَالَ جَازَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ وَيُكْرَهُ لِتَرْكِهِ الْمُتَوَارَثَ .( قَوْلُهُ : لِتَرْكِهِ الْمُتَوَارَثَ ) أَيْ الْمَعْهُودَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِمَا ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ ؛ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُعَظَّمٌ كَالْخُطْبَةِ وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِيهِ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : يَرُدُّ ؛ لِأَنَّهُ وَاجِبٌ وَالْأَذَانُ سُنَّةٌ قُلْنَا يُمْكِنُهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَالتَّأْخِيرِ لِعُذْرِ الْأَذَانِ .( قَوْلُهُ : وَيُكْرَهُ رَدُّ السَّلَامِ فِيهِ ) أَيْ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالصَّلَاةِ وَالْفَلَاحِ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا لَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ حَوَّلَ وَجْهَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ ؛ وَلِأَنَّهُ خِطَابٌ لِلْقَوْمِ فَيُوَاجِهُهُمْ فِيهِ وَلَا يُحَوِّلُ وَرَاءَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ وَلَا أَمَامَهُ لِحُصُولِ الْإِعْلَامِ فِي الْجُمْلَةِ بِغَيْرِهَا مِنْ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ : إذَا كَانَ وَحْدَهُ لَا يُحَوِّلُ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحَوِّلُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ سُنَّةَ الْأَذَانِ فَلَا يُتْرَكُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْيَمِينِ وَالْفَلَاحُ فِي الشِّمَالِ ، وَقِيلَ : إنَّ الصَّلَاةَ فِي الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ وَالْفَلَاحُ كَذَلِكَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَسْتَدِيرُ فِي صَوْمَعَتِهِ ) هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ مَعَ ثَبَاتِ قَدَمَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ الصَّوْمَعَةُ مُتَّسِعَةً فَيَسْتَدِيرُ وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْهَا لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ بِهِ ، وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا يَسْتَدِيرُ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ أَذَانِ بِلَالٍ .( قَوْلُهُ : وَلَا يُحَوِّلُ وَرَاءَهُ ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ قَوْمٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا أَمَامَهُ ) أَيْ لَا يَأْتِي بِهِمَا أَمَامَهُ ا هـ قَوْلُهُ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُحَوِّلُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ سُنَّةَ الْأَذَانِ ) حَتَّى قَالُوا فِي الَّذِي يُؤَذِّنُ لِلْمَوْلُودِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ يَمْنَةً وَيَسْرَةً عِنْدَ هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا وَفِي الْبُسْتَانِ لَا يُحَوِّلُ فِي الْإِقَامَةِ إلَّا لِإِنَاسٍ يَنْتَظِرُونَ ، ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ ) أَيْ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْأَذَانُ بِحَيْثُ يُسْمِعُ سَائِرَ الْجَوَانِبِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ ) أَيْ مَعَ ثَبَاتِ قَدَمَيْهِ بِأَنْ كَانَتْ صَوْمَعَتُهُ صَغِيرَةً ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { قَالَ لِبِلَالٍ اجْعَلْ إصْبَعَيْك فِي أُذُنَيْك فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك } وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَحَسَنٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةٍ أَصْلِيَّةٍ إذْ لَيْسَ هُوَ فِي أَذَانِ صَاحِبِ الرُّؤْيَا وَلَمْ يُشْرَعْ لِأَصْلِ الْإِعْلَامِ بَلْ لِلْمُبَالَغَةِ فِيهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ وَبَيَّنَ الْحِكْمَةَ بِقَوْلِهِ { فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك } وَإِنْ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ ضَمَّ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَ وَوَضَعَهَا عَلَى أُذُنَيْهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ .( قَوْلُهُ : فَحَسَنٌ ) أَيْ الْأَذَانُ حَسَنٌ لَا تَرْكُ الْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا فَلَا يَلِيقُ أَنْ يُوصَفَ تَرْكُهُ بِالْحَسَنِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَصَابِعُهُ الْأَرْبَعُ ) أَيْ الْإِبْهَامُ وَالسَّبَّابَةُ مِنْ كُلِّ يَدٍ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُثَوِّبُ ) وَمَعْنَاهُ الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْبَلْخِيّ وَأَبُو يُوسُفَ عَنْ أَصْحَابِنَا قَالَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ فِي نَفْسِ أَذَانِ الْفَجْرِ بَعْدَ الْفَلَاحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَهُوَ قَوْلُ الثَّلَاثَةِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأَصْلِ أَنَّ التَّثْوِيبَ الْأَوَّلَ كَانَ فِي الْفَجْرِ بَعْدَ الْأَذَانِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ فَأَحْدَثَ النَّاسُ هَذَا التَّثْوِيبَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ مَرَّتَيْنِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ عُلَمَاءِ الْكُوفَةِ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ بَعْدَ الْأَذَانِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الرُّجُوعِ وَالْعَوْدِ إلَى الْإِعْلَامِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَتَثْوِيبُ كُلِّ بِلَادٍ عَلَى مَا تَعَارَفَ أَهْلُهَا وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلْفَجْرِ ، ثُمَّ يَقْعُدَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ عِشْرِينَ آيَةً ، ثُمَّ يُثَوِّبَ ، ثُمَّ يَقْعُدَ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ يُقِيمَ وَهُوَ فِي الْفَجْرِ خَاصَّةً وَكُرِهَ فِي غَيْرِ الْفَجْرِ مِنْ الصَّلَوَاتِ إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِي حَقِّ أُمَرَاءِ زَمَانِهِ خَصَّهُمْ بِذَلِكَ لِاشْتِغَالِهِمْ بِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ أُمَرَاءُ زَمَانِنَا مِثْلَهُمْ فَلَا يُخَصُّونَ بِشَيْءٍ وَالْمُتَأَخِّرُونَ اسْتَحْسَنُوهُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَلِهَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ .( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ أُمَرَاءُ زَمَانِنَا إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَشْتَغِلُونَ بِأُمُورِ دُنْيَاهُمْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا إلَّا فِي الْمَغْرِبِ ) أَيْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { قَالَ لِبِلَالٍ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتِك نَفَسًا يَفْرُغُ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ مَهْلًا وَالْمُتَعَشِّي مِنْ عَشَائِهِ } ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِيَتَأَهَّبَ السَّامِعُونَ بِالطَّهَارَةِ وَنَحْوِهَا فَيَفْصِلُ بَيْنَهُمَا لِيَحْصُلَ بِهِ الْمَقْصُودُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِقْدَارَ الْفَصْلِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَجْرِ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ عِشْرِينَ آيَةً وَفِي الظُّهْرِ قَدْرَ مَا يُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَفِي الْعَصْرِ بِقَدْرِ رَكْعَتَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا عِشْرِينَ آيَةً وَالْعِشَاءِ كَالظُّهْرِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَهُمَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ إنْ شَاءَ } وَفِي الْمَغْرِبِ لَا يَجْلِسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً ؛ لِأَنَّ الْوَصْلَ مَكْرُوهٌ وَلَا يَحْصُلُ الْفَصْلُ بِالسَّكْتَةِ لِوُجُودِهَا بَيْنَ كَلِمَاتِ الْأَذَانِ فَيَجْلِسُ كَمَا بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ وَكَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّأْخِيرَ مَكْرُوهٌ فَيَكْتَفِي بِأَدْنَى الْفَصْلِ احْتِرَازًا عَنْهُ بِخِلَافِ الْخُطْبَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ فِيهَا مُتَّحِدٌ ، وَكَذَا النَّغْمَةُ فِيهَا مُتَّحِدَةٌ وَفِي مَسْأَلَتِنَا كِلَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَهَذَا لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارَةِ وَالْإِقَامَةُ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ فِي الْإِقَامَةِ وَمِقْدَارُ السَّكْتَةِ عِنْدَهُ قَدْرُ مَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قِرَاءَةِ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ وَرُوِيَ عَنْهُ قَدْرُ مَا يَخْطُو ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ وَعِنْدَهُمَا يَجْلِسُ مِقْدَارَ الْجِلْسَةِ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ ، وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَلِّي

رَكْعَتَيْنِ لِإِطْلَاقِ مَا رَوَيْنَا وَلَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ حِرْصِهِ عَلَى الصَّلَاةِ ؛ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَغْرِبِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا( قَوْلُهُ : بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ ) هُوَ مِنْ التَّغْلِيبِ إذْ الْمُرَادُ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْوَصْلَ ) أَيْ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ وَيُقِيمُ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { قَضَى الْفَجْرَ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ } وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي اكْتِفَائِهِ بِالْإِقَامَةِ وَالضَّابِطُ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ فَرْضٍ كَانَ أَدَاءً أَوْ قَضَاءً يُؤَذَّنُ لَهُ وَيُقَامُ سَوَاءٌ أَدَّاهُ مُنْفَرِدًا أَوْ بِجَمَاعَةٍ إلَّا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ فَإِنَّ أَدَاءَهُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ مَكْرُوهٌ ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَذَا الْأُولَى الْفَوَائِتُ ) يَعْنِي ، وَكَذَا إذَا فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ يُؤَذِّنُ لِلْأُولَى مِنْهَا وَيُقِيمُ لِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا نَرْوِي قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَخُيِّرَ فِيهِ ) أَيْ فِي الْأَذَانِ ( لِلْبَاقِي ) أَيْ فِيمَا عَدَا الْأُولَى إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ، وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَلَا بُدَّ مِنْهَا لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { شَغَلَهُ الْمُشْرِكُونَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ وَصَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ } ؛ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلِاسْتِحْضَارِ وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَوْ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ عَلَى حَسَبِ الْأَدَاءِ وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّ الْأُولَى تُقْضَى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَالْبَاقِي بِالْإِقَامَةِ لَا غَيْرُ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ إنَّ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ هُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَالْمَذْكُورُ فِي الظَّاهِرِ مَحْمُولٌ عَلَى صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ، كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ لَا خِلَافَ فِيهَا .

( قَوْلُهُ : إلَّا الظُّهْرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) أَيْ ، وَإِلَّا مَا تُؤَدِّيهِ النِّسَاءُ أَوْ تَقْضِيهِ بِجَمَاعَتِهِنَّ ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَمَّتْهُنَّ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ حِينَ كَانَتْ جَمَاعَتُهُنَّ مَشْرُوعَةً وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَةَ أَيْضًا كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمَا لَمَّا كَانَ هُوَ السُّنَّةُ حَالَ شَرْعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ كَانَ حَالَ الْإِفْرَادِ أَوْلَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلِمَا رُوِيَ ) أَيْ مِنْ حَدِيثِ الْخَنْدَقِ ا هـ قَوْلُهُ : يَوْمَ الْخَنْدَقِ ) أَيْ وَهُوَ يَوْمُ الْأَحْزَابِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ لِيَكُونَ الْقَضَاءُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ إنْ شَاءَ مَالَ إلَى إيقَاعِ الْقَضَاءِ عَلَى وَفْقِ الْأَدَاءِ فَيُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ وَإِنْ شَاءَ مَالَ إلَى كَوْنِ الْأَذَانِ لِلِاسْتِحْضَارِ وَهُمْ حُضُورٌ فَيَكْتَفِي بِالْإِقَامَةِ قِيلَ إذَا كَانَ الرِّفْقُ مُتَعَيِّنًا فِي أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ لَا يَجُوزُ التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا كَقَصْرِ الصَّلَاةِ لِلْمُسَافِرِ وَالرِّفْقُ هُنَا مُتَعَيَّنٌ فِي مُجَرَّدِ الْإِقَامَةِ فَلَا يَتَخَيَّرُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ فِي الْفَرَائِضِ وَالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ سُنَّةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : هُوَ قَوْلُ الْكُلِّ وَالْمَذْكُورُ ) أَيْ مِنْ التَّخْيِيرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي الظَّاهِرِ ) أَيْ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا خِلَافَ فِيهَا ) أَيْ فِي أَنَّهُ يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ بِلَا تَخْيِيرٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يُؤَذِّنُ قَبْلَ وَقْتٍ وَيُعَادُ فِيهِ ) أَيْ يُعَادُ فِي الْوَقْتِ إذَا أَذَّنَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ يَجُوزُ لِلْفَجْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَهُمْ جَمِيعُ اللَّيْلِ وَقْتٌ لِأَذَانِ الصُّبْحِ لَهُمَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ } ؛ وَلِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْوَقْتِ لِيَتَأَهَّبُوا ، وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يَا بِلَالُ لَا تُؤَذِّنْ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ } أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ فِي الْإِمَامِ وَرِجَالُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَغَضِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لَهُ مَا حَمَلَك عَلَى ذَلِكَ قَالَ اسْتَيْقَظْت وَأَنَا وَسْنَانُ فَظَنَنْت أَنَّ الْفَجْرَ طَلَعَ فَأَمَرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يُنَادِيَ إنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ } وَلَيْسَ لَهُمَا فِيمَا رَوَيَاهُ حُجَّةٌ لِوُجُوهٍ : أَحَدُهَا - أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهِ إلَّا إخْبَارُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِفِعْلِ بِلَالٍ وَنَهَاهُ أَيْضًا عَنْ ذَلِكَ وَفِعْلُهُ لَا يُعَارِضُ نَهْيَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالثَّانِي - أَنَّ أَذَانَهُ كَانَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ وَلِهَذَا عَتَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَكَى وَقَالَ لَيْتَ بِلَالًا لَمْ تَلِدْهُ أُمُّهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانِهِمَا إلَّا مِقْدَارُ مَا يَنْزِلُ هَذَا وَيَصْعَدُ هَذَا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمَا كَانَا يَقْصِدَانِ وَقْتًا وَاحِدًا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ فَيُصِيبُهُ أَحَدُهُمَا وَيُخْطِئُهُ الْآخَرُ وَالثَّالِثُ - قَالَ صَاحِبُ الْإِمَامِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إنَّ {

بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ } لَمْ يَكُنْ فِي سَائِرِ الْعَامِّ إنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي رَمَضَانَ قُلْنَا هَذَا لَمْ يَكُنْ أَذَانًا وَإِنَّمَا كَانَ تَذْكِيرًا وَتَسْحِيرًا كَالْعَادَةِ الْفَاشِيَةِ بَيْنَهُمْ فِي رَمَضَانَ وَإِنْكَارُ السَّلَفِ عَلَى مَنْ أَذَّنَ بِلَيْلٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ بِسَنَدِهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ كَانُوا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ قَالُوا لَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَأَعِدْ أَذَانَك وَسَمِعَ عَلْقَمَةُ مُؤَذِّنًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَقَالَ أَمَّا هَذَا فَقَدْ خَالَفَ سُنَّةَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ نَائِمًا لَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَأَمْثَالُهُ كَثِيرَةٌ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ؛ وَلِأَنَّ جَوَازَهُ فِي اللَّيْلِ كُلِّهِ يُؤَدِّي إلَى الْتِبَاسِ أَذَانِ الْفَجْرِ بِأَذَانِ الْمَغْرِبِ وَإِلَى وُقُوعِ أَذَانِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَهَذَا مُحَالٌ فَلَا يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَسَادُهُ وَهَذِهِ التَّوْقِيتَاتُ الَّتِي وَقَّتُوهَا مِنْ الثُّلُثِ وَالنِّصْفِ وَجَمِيعِ اللَّيْلِ مُخْتَرَعَةٌ لَمْ تُرْوَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ .

( قَوْلُهُ : فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ ) ذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ كَانَ يَقُولُ أَوَّلًا بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْوَقْفِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لَازِمًا وَلَكِنَّهُ لَمَّا حَجَّ مَعَ الرَّشِيدِ رَأَى وُقُوفَ الصَّحَابَةِ بِالْمَدِينَةِ وَنَوَاحِيهَا رَجَعَ فَأَفْتَى بِلُزُومِ الْوَقْفِ وَرَجَعَ عِنْدَ ذَلِكَ عَنْ ثَلَاثِ مَسَائِلَ إحْدَاهُمَا هَذِهِ وَالثَّانِيَةُ تَقْدِيرُهُ الصَّاعَ بِثَمَانِيَةِ أَرْطَالٍ وَالثَّالِثَةُ أَذَانُ الْفَجْرِ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ا هـ وَمِثْلُهُ فِي الْمَبْسُوطِ ( قَوْلُهُ : عَنْ أَبِي رَوَّادٍ ) كَذَا بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ وَصَوَابُهُ ابْنُ ( قَوْلُهُ : إنَّ الْعَبْدَ قَدْ نَامَ ) أَيْ قَدْ أَذَّنَ فِي حَالِ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ ا هـ رَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَغُرَّنَّكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ فَإِنَّ فِي بَصَرِهِ شَيْئًا } ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : مَا يَنْزِلُ هَذَا ) أَيْ بِلَالٌ ( قَوْلُهُ : وَيَصْعَدُ هَذَا ) أَيْ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ( قَوْلُهُ : فَيُصِيبُهُ أَحَدُهُمَا ) وَهُوَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ لَهُ الْجَمَاعَةُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَيُخْطِئُهُ الْآخَرُ ) وَهُوَ بِلَالٌ لِمَا لَمْ يُبْصِرْهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ وَمِنْهُ ) أَيْ مِنْ إنْكَارِ السَّلَفِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ وَإِقَامَةُ الْمُحْدِثِ وَأَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالْفَاسِقِ وَالْقَاعِدِ وَالسَّكْرَانِ ) أَمَّا أَذَانُ الْجُنُبِ وَإِقَامَتُهُ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يُؤَذِّنُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ } ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ دَاعِيًا إلَى مَا لَا يُجِيبُ بِنَفْسِهِ فَيُكْرَهَانِ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَيُعَادَانِ فِي رِوَايَةٍ وَلَا يُعَادَانِ فِي أُخْرَى وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُعَادَ الْأَذَانُ دُونَ الْإِقَامَةِ ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْأَذَانِ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا فِي الْجُمُعَةِ دُونَ الْإِقَامَةِ وَإِنْ لَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ الْأَذَانُ وَالصَّلَاةُ ، وَأَمَّا إقَامَةُ الْمُحْدِثِ فَلِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا ، وَقِيلَ لَا تُكْرَهُ إقَامَتُهُ وَفِي كَرَاهِيَةِ أَذَانِ الْمُحْدِثِ رِوَايَتَانِ كَإِقَامَتِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى إحْدَاهُمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَابَةِ أَنَّ لِلْأَذَانِ شَبَهًا بِالصَّلَاةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُشْتَرَطُ لَهُ دُخُولُ الْوَقْتِ وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَشَبَهًا بِغَيْرِهَا فَيُشْتَرَطُ لَهُمَا الطَّهَارَةُ عَنْ أَغْلَظِ الْحَدَثَيْنِ دُونَ أَخَفِّهِمَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ ، وَأَمَّا أَذَانُ الْمَرْأَةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ حِينَ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ مَشْرُوعَةً فِي حَقِّهِنَّ فَيَكُونُ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ لَا سِيَّمَا بَعْدَ انْتِسَاخِ جَمَاعَتِهِنَّ ؛ وَلِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِرَ نَفْسَهُ وَيُؤَذِّنَ عَلَى الْمَكَانِ الْعَالِي وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ وَالْمَرْأَةُ مَنْهِيَّةٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَلِهَذَا { جَعَلَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ التَّسْبِيحَ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقَ لِلنِّسَاءِ } وَيُعَادُ أَذَانُهَا اسْتِحْبَابًا لِوُقُوعِهِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ ، وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلِأَنَّ قَوْلَهُ لَا يُوثَقُ بِهِ وَلَا يُقْبَلُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا فَلَمْ يُوجَدْ الْإِعْلَامُ ، وَأَمَّا الْقَاعِدُ فَلِأَنَّ الْمَلَكَ النَّازِلَ أَذَّنَ قَائِمًا ؛ وَلِأَنَّ الْقَائِمَ أَبْلَغُ وَلَا

بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ قَاعِدًا مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْأَذَانِ وَعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْإِعْلَامِ ، وَأَمَّا السَّكْرَانُ فَلِفِسْقِهِ أَوْ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَيُسْتَحَبُّ إعَادَتُهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا أَذَانُ الْعَبْدِ وَوَلَدِ الزِّنَا وَالْأَعْمَى وَالْأَعْرَابِيِّ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ أَذَانُ هَؤُلَاءِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ مَقْبُولٌ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَيَكُونُ مُلْزِمًا فَيَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ .

( قَوْلُهُ : إلَّا مُتَوَضِّئٌ ) فَالْإِقَامَةُ أَوْلَى لِاتِّصَالِهَا بِالصَّلَاةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يُعِدْ ) أَيْ الْأَذَانَ ( قَوْلُهُ : مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ بِالْوُضُوءِ ا هـ قَوْلُهُ : مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَيْسَ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ شَبِيهٌ بِهَا فَبِالنَّظَرِ إلَى الْحَقِيقَةِ قُلْنَا لَا يُكْرَهُ مَعَ الْحَدَثِ وَبِالنَّظَرِ إلَى الشَّبَهِ قُلْنَا يُكْرَهُ مَعَ الْجَنَابَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يُعْكَسْ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ الشَّبَهُ فِي الْحَدَثِ وَقُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ فَفِي الْجَنَابَةِ تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فَيَلْغُو الْعَمَلُ بِجَانِبِ الْحَقِيقَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَشُبِّهَا بِغَيْرِهَا ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَيُشْتَرَطُ لَهُمَا ) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ ( قَوْلُهُ : وَيُعَادُ أَذَانُهَا اسْتِحْبَابًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ يُسْتَحَبُّ إعَادَةُ أَذَانِ أَرْبَعَةٍ الْجُنُبُ وَالْمَرْأَةُ وَالسَّكْرَانُ وَالْمَجْنُونُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ قَاعِدًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الشَّيْخُ بَاكِيرٌ ، وَأَمَّا الْمُسَافِرُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ رَاكِبًا لِمَا رُوِيَ أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ رَاكِبًا فِي السَّفَرِ ؛ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَذَانَ أَصْلًا فِي السَّفَرِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ رَاكِبًا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَيَنْزِلَ لِلْإِقَامَةِ ا هـ ، ثُمَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَذَانُ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَكِنَّ أَذَانَ الرَّجُلِ أَفْضَلُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ تَرْكُهُمَا لِلْمُسَافِرِ ) أَيْ تَرْكُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ { إذَا سَافَرْتُمَا فَأَذِّنَا وَأَقِيمَا } ؛ وَلِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ فَلَا يُسْقِطُ مَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهَا وَلَا يُكْرَهُ لَهُمْ تَرْكُ الْأَذَانِ وَيُكْرَهُ لَهُمْ تَرْكُ الْإِقَامَةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمُسَافِرُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ وَإِنْ شَاءَ أَقَامَ وَلَمْ يُؤَذِّنْ ؛ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْإِعْلَامِ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِيَحْضُرَ الْمُتَفَرِّقُونَ فِي أَشْغَالِهِمْ وَالرُّفْقَةُ حَاضِرُونَ وَالْإِقَامَةُ لِإِعْلَامِ الِافْتِتَاحِ وَهُمْ إلَيْهِ مُحْتَاجُونَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا لِمُصَلٍّ فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِمَنْ يُصَلِّي فِي الْمِصْرِ إذَا وُجِدَا فِي مَسْجِدِ الْمَحَلَّةِ ؛ لِأَنَّ الْمُقِيمَ قَدْ وَجَدَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ فِي حَقِّهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّبُوا مُؤَذِّنًا صَارَ فِعْلُهُ كَفِعْلِهِمْ حُكْمًا بِالِاسْتِنَابَةِ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْمٍ صَلَّوْا فِي الْمِصْرِ فِي مَنْزِلٍ وَاكْتَفَوْا بِأَذَانِ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ وَقَدْ أَسَاءُوا فَفَرَّقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَنُدِبَا لَهُمَا لَا لِلنِّسَاءِ ) أَيْ نُدِبَ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ لِلْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِي بَيْتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ قَوْلُهُ لَا لِلنِّسَاءِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ الْجَمَاعَةِ الْمُسْتَحَبَّةِ وَعَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَرَاهِيَتُهُمَا لَهُنَّ وَلَيْسَ عَلَى الْعَبِيدِ أَذَانٌ وَلَا إقَامَةٌ عَلَى مَا قَالُوا ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ سُنَنِ الْجَمَاعَةِ وَجَمَاعَتُهُمْ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ وَلِهَذَا لَمْ يُشْرَعْ التَّكْبِيرُ عَقِيبَهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَكُرِهَ تَرْكُهُمَا لِلْمُسَافِرِ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ اكْتَفَى بِالْإِقَامَةِ جَازَ قَالَ الْكَمَالُ لَمَّا ثَبَتَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ سُقُوطُ الْأَذَانِ دُونَ الْإِقَامَةِ كَمَا بَعْدَ أُولَى الْفَوَائِتِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ وَثَانِي الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ صَرَّحَ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي الْحَوَاشِي بِأَنَّ الْإِقَامَةَ آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ نَقْلًا مِنْ الْمَبْسُوطِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَكُرِهَ تَرْكُهُمَا أَيْ لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ لِلْأَمْرِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ ؛ وَلِأَنَّ السَّفَرَ لَا يُسْقِطُ الْجَمَاعَةَ فَلَا تَسْقُطُ لَوَازِمُهَا الشَّرْعِيَّةُ أَعْنِي دُعَاءَهُمْ فَالتَّرْكُ لِلْكُلِّ حِينَئِذٍ تَرْكٌ لِلْجَمَاعَةِ صُورَةً وَتَشَبُّهًا إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا وَتَرْكُ الْمَجْمُوعِ لَوَازِمُهَا إنْ كَانَتْ بِجَمَاعَةٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ تَارِكِهِمَا فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ حَيْثُ لَا يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الْمَحَلَّةِ وَإِقَامَتَهَا كَأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِابْنَيْ أَبِي مُلَيْكَةَ ) الصَّوَابُ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ وَابْنُ عَمٍّ لَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ إلَى آخِرِهِ ) رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَقَالَ يَكْفِينَا أَذَانُ الْحَيِّ وَإِقَامَتُهُمْ ؛ وَلِأَنَّ مُؤَذِّنَ الْحَيِّ نَائِبٌ عَنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ نَصَّبُوهُ لِلْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَكَانَ أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ كَأَذَانِ الْكُلِّ وَإِقَامَتِهِمْ وَعَنْ هَذَا وَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْمُسَافِرِ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ

( بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هِيَ ) أَيْ شُرُوطُ الصَّلَاةِ ( طَهَارَةُ بَدَنِهِ مِنْ حَدَثٍ وَخَبَثٍ وَثَوْبِهِ وَمَكَانِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ { اغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي } .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : مِنْ حَدَثٍ ) أَيْ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ ا هـ ع قِيلَ : إنَّمَا قَدَّمَ الْحَدَثَ لِأَنَّهُ أَقْوَى ؛ لِأَنَّ قَلِيلَهُ لَيْسَ بِعَفْوٍ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ مِنْ النَّجَسِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْقَطْرَةَ مِنْ الْخَمْرِ أَوْ الدَّمِ أَوْ الْبَوْلِ إذَا وَقَعَتْ فِي الْبِئْرِ تَنَجَّسَ وَالْجُنُبُ أَوْ الْمُحْدِثُ إذَا أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ لَا يَنْجُسُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لَيْسَ فِيهِ تَقْدِيمٌ ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ ( فَرْعٌ ) النَّفَلُ وَالْفَرْضُ فِي شَرَائِطِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا سَوَاءٌ إلَّا فِي سِتَّةِ أَشْيَاءَ ثَلَاثَةٍ فِي الْفَرْضِ وَثَلَاثَةٍ فِي السُّنَّةِ فَأَمَّا الْفَرْضُ فَتَرْكُ الْقِيَامِ فِيهَا بِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَوَازُهَا عَلَى الرَّاحِلَةِ بِالْإِيمَاءِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ وَجَوَازُهَا بِنِيَّةٍ مُطْلَقَةٍ ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَكَرَاهَةُ فِعْلِهَا فِي جَمَاعَةٍ وَأَنْ لَا يُؤَذِّنَ لَهَا وَأَنْ يَقْعُدَ فِي تَشَهُّدِهَا كَيْفَ شَاءَ كَالْمَرِيضِ لَا يُسَنُّ لَهُ قُعُودٌ دُونَ قُعُودٍ ا هـ صَلَاةٌ جَلَّابِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَخَبَثٍ ) بِفَتْحَتَيْنِ وَهُوَ النَّجَاسَةُ مُغَلَّظَةً كَانَتْ أَوْ مُخَفَّفَةً ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَكَانُهُ ) فَهَلْ يُشْتَرَطُ طَهَارَةُ مَكَانِ الْمَيِّتِ لِجَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ يُنْظَرُ فِي فَصْلِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الْهَامِشِ ( مَسْأَلَةٌ ) صَلَّى عَلَى بِسَاطٍ وَعَلَى جَانِبِهِ نَجَاسَةٌ كَثِيرَةٌ وَقِيَامُهُ عَلَى الطَّاهِرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ صَغِيرًا كَانَ الْبِسَاطُ أَوْ كَبِيرًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ الْبِسَاطُ كَبِيرًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَالْحَدُّ الْفَاصِلُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ هُوَ أَنَّهُ لَوْ رَفَعَ أَحَدَ طَرَفَيْهِ لَا يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ فَهُوَ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانَ يَتَحَرَّكُ الطَّرَفُ الْآخَرُ فَهُوَ صَغِيرٌ وَاسْتَدَلُّوا بِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الزِّيَادَاتِ قَالَ إنْ كَانَ ثَوْبٌ طَوِيلٌ عَلَى أَحَدِ طَرَفَيْهِ نَجَاسَةٌ كَثِيرَةٌ وَتَوَشَّحَ بِطَرَفِهِ الطَّاهِرِ

وَصَلَّى وَطَرَفُهُ النَّجَسُ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ الطَّرَفُ النَّجَسُ الْمُلْقَى عَلَى الْأَرْضِ يَتَحَرَّكُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَحَرَّكُ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فَجَعَلُوا حُكْمَ الْبِسَاطِ عَلَى ذَلِكَ ا هـ طح .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَتْرُ عَوْرَتِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } أَيْ مَحَلُّ زِينَتِكُمْ وَالْمُرَادُ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ فِي الْأَوَّلِ وَعَكْسُهُ فِي الثَّانِي وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ إلَّا بِخِمَارٍ } أَيْ الْبَالِغَةِ ، وَالثَّوْبُ الرَّقِيقُ الَّذِي يَصِفُ مَا تَحْتَهُ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ مَعْنًى وَشَرَطَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ سَتْرَ عَوْرَتِهِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ رَأَى فَرْجَهُ مِنْ زِيقِهِ أَوْ كَانَ بِحَيْثُ يَرَاهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ مَا لَمْ يَلْتَصِقْ بِصَدْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنْ كَانَ كَثِيفَ اللِّحْيَةِ وَسَتَرَ بِهَا يَجُوزُ صَلَاتُهُ لِوُجُودِ السِّتْرِ بِهَا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا تَجُوزُ وَعَامَّتُهُمْ لَمْ يَشْتَرِطُوا السَّتْرَ عَنْ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ مَسُّهَا وَالنَّظَرُ إلَيْهَا وَرَوَى ابْنُ شُجَاعٍ نَصًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَحْلُولَ الْجَيْبِ فَنَظَرَ إلَى عَوْرَةِ نَفْسِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَلَوْ صَلَّى فِي قَمِيصٍ وَاحِدٍ لَا يَرَى أَحَدٌ عَوْرَتَهُ لَكِنْ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ إنْسَانٌ مِنْ تَحْتِهِ رَأَى عَوْرَتَهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَاشِفٍ لِلْعَوْرَةِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبَيْنِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ فَلْيُصَلِّ فِيهِمَا } وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الصَّلَاةُ فِي السَّرَاوِيلِ وَحْدَهَا تُشْبِهُ فِعْلَ أَهْلِ الْجَفَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهِيَ مَا تَحْتَ سُرَّتِهِ إلَى تَحْتِ رُكْبَتِهِ ) أَيْ مَا بَيْنَهُمَا هُوَ الْعَوْرَةُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَوْرَةُ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ إلَى الرُّكْبَةِ } وَيُرْوَى مَا دُونَ سُرَّتِهِ حَتَّى يُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ ، وَكَلِمَةُ إلَى نَحْمِلُهَا عَلَى كَلِمَةِ مَعَ عَمَلًا بِكَلِمَةِ حَتَّى

أَوْ عَمَلًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الرُّكْبَةُ مِنْ الْعَوْرَةِ } وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ السُّرَّةَ لَيْسَتْ مِنْ الْعَوْرَةِ وَالرُّكْبَةَ مِنْهَا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِيهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَدَنُ الْحُرَّةِ عَوْرَةٌ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَقَدَمَيْهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } وَالْمُرَادُ مَحَلُّ زِينَتِهِنَّ وَمَا ظَهَرَ مِنْهَا الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَاسْتَثْنَى فِي الْمُخْتَصَرِ الْأَعْضَاءَ الثَّلَاثَةَ لِلِابْتِلَاءِ بِإِبْدَائِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نَهَى الْمُحْرِمَةَ عَنْ لُبْسِ الْقُفَّازَيْنِ وَالنِّقَابِ } وَلَوْ كَانَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ مِنْ الْعَوْرَةِ لَمَا حَرُمَ سَتْرُهُمَا بِالْمِخْيَطِ وَفِي الْقَدَمِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ لِلِابْتِلَاءِ بِإِبْدَائِهَا .

( قَوْلُهُ : إطْلَاقًا لِاسْمِ الْحَالِّ عَلَى الْمَحَلِّ ) أَيْ لِأَنَّ أَخْذَ عَيْنِ الزِّينَةِ لَا يُتَصَوَّرُ فَأُرِيدَ مَحَلُّهَا وَهُوَ الثَّوْبُ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ : وَعَكْسُهُ فِي الثَّانِي ) أَيْ فَإِنَّ السِّتْرَ لَا يَجِبُ لِعَيْنِ الْمَسْجِدِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عُرْيَانًا فَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ سِتْرَهُ لِلصَّلَاةِ لَا لِأَجْلِ النَّاسِ حَتَّى لَوْ صَلَّى وَحْدَهُ وَلَمْ يَسْتُرْ عَوْرَتَهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ فَإِنْ قِيلَ الْآيَةُ وَرَدَتْ فِي الطَّوَافِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَكَيْفَ يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهَا قُلْنَا الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ وَهَا هُنَا اللَّفْظُ عَامٌّ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ فَيُمْنَعُ الْقَصْرُ عَلَى مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ فَإِنْ قِيلَ لَوْ وَرَدَتْ الْآيَةُ فِي سَبَبٍ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِيمَا سِوَاهُ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِنْ عَمَّ اللَّفْظُ وَهَا هُنَا تَنَاوَلَتْ الطَّوَافَ الَّذِي وَرَدَتْ لِأَجْلِهِ بِطَرِيقِ الْوُجُوبِ لَا الِافْتِرَاضِ حَتَّى لَوْ طَافَ عُرْيَانًا يُعْتَدُّ بِهِ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ كَذَلِكَ قُلْنَا الْأَمْرُ يُحْمَلُ عَلَى الِافْتِرَاضِ إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِهِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ فَرْضِيَّةِ السِّتْرِ فِي الطَّوَافِ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَلَا دَلِيلَ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ فَيَبْقَى الْأَمْرُ فَرْضًا ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ : وَهُوَ الْإِجْمَاعُ دَعْوَى الْإِجْمَاعِ مَمْنُوعَةٌ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : الْبَالِغَةُ ) هُوَ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ إذْ الْحَيْضُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْبُلُوغِ أَوْ ذَكَرَ الْمَلْزُومَ وَأَرَادَ بِهِ اللَّازِمَ فَإِنَّ كُلَّ حَائِضٍ بَالِغَةٌ وَلَا يَنْعَكِسُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهِ ) أَيْ وَتَجُوزُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ تَحْتَهُ نَجَاسَةٌ وَفِيهِ خِلَافٌ ا هـ قُنْيَةٌ ( قَوْلُهُ : إذَا كَانَ لِأَحَدِكُمْ ثَوْبَانِ ) أَيْ إزَارٌ وَرِدَاءٌ ( قَوْلُهُ : أَهْلُ الْجَفَاءِ ) أَيْ

الْغِلْظَةُ وَالْمُرَادُ الْعَوَامُّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَهِيَ مَا تَحْتَ سُرَّتِهِ إلَى تَحْتِ رُكْبَتِهِ ) وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ الْفَضْلِيُّ مَا تَحْتَ السُّرَّةِ إلَى نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْعَانَةِ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ لِتَعَامُلِ الْعُمَّالِ فِي الْإِبْدَاءِ عَنْهُ عِنْدَ الِاتِّزَارِ وَفِي الْمَنْعِ عَنْ الْعَادَةِ الظَّاهِرَةِ نَوْعُ حَرَجٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ التَّعَامُلُ بِخِلَافِ النَّصِّ لَا يُعْتَبَرُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : عَمَلًا بِكَلِمَةِ حَتَّى ) أَيْ دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ عَنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ حَتَّى يُجَاوِزَ رُكْبَتَهُ لَمْ يُعْرَفْ وَعَلَى هَذَا يَسْقُطُ تَرْتِيبُ الْبَحْثِ الْمَذْكُورِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَكَلِمَةٌ إلَى آخِرِهِ ؛ لِأَنَّ تَمَامَهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى كَوْنِ حَدِيثِ الرُّكْبَةِ مِمَّا يُحْتَجُّ وَلَهُ طَرِيقَانِ مَعْنَوِيَّانِ وَهُمَا أَنَّ الْغَايَةَ قَدْ تَدْخُلُ وَقَدْ تَخْرُجُ وَالْمَوْضِعُ مَوْضِعُ الِاحْتِيَاطِ فَحَكَمْنَا بِدُخُولِهَا احْتِيَاطًا وَأَنَّ الرُّكْبَةَ مُلْتَقَى عَظْمِ الْعَوْرَةِ وَغَيْرِهَا فَاجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ وَلَا مُمَيِّزَ وَهَذَا فِي التَّحْقِيقِ وَجْهُ كَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ الِاحْتِيَاطِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : عَمَلًا بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الرُّكْبَةُ مِنْ الْعَوْرَةِ } ) هَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ عُقْبَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْكَمَالُ وَعُقْبَةُ هَذَا هُوَ الْيَشْكُرِيُّ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَالدَّارَقُطْنِيّ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَهْرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ كَذَا فِي الْمُسْتَصْفَى وَفِي الدِّرَايَةِ ، وَاعْتُرِضَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْكَفِّ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ظَهْرَ الْكَفِّ عَوْرَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لُغَةً يَتَنَاوَلُ الظَّاهِرَ وَالْبَاطِنَ وَلِهَذَا يُقَالُ ظَهْرُ الْكَفِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَفَّ عُرْفًا وَاسْتِعْمَالًا يَتَنَاوَلُ ظَهْرَهُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ وَمَنْ تَأَمَّلَ قَوْلَ الْقَائِلِ الْكَفُّ

يَتَنَاوَلُ ظَاهِرُهُ أَغْنَاهُ عَنْ تَوْجِيهِ الدَّفْعِ إذْ إضَافَةُ الظَّاهِرِ إلَى مُسَمَّى الْكَفِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ ا هـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَفِي مُخْتَلِفَاتِ قَاضِي الْغِنَى ظَاهِرُ الْكَفِّ وَبَاطِنُهُ لَيْسَ بِعَوْرَتَيْنِ إلَى الرُّسْغِ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ظَاهِرُ الْكَفِّ عَوْرَةٌ بَاطِنُهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ ذِرَاعَهَا لَيْسَ بِعَوْرَةٍ كَذَا فِي الْخَبَّازِيَّةِ وَالْكَاكِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي الذِّرَاعِ رِوَايَتَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا عَوْرَةٌ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ كَوْنِهِ لَيْسَ عَوْرَةً وَجَوَازِ النَّظَرِ إلَيْهِ فَحِلُّ النَّظَرِ مَنُوطٌ بِعَدَمِ خَشْيَةِ الشَّهْوَةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْعَوْرَةِ وَلِذَا حَرُمَ النَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَوَجْهُ الْأَمْرَدِ إذَا شَكَّ فِي الشَّهْوَةِ وَلَا عَوْرَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي الْآيَةِ مَا ظَهَرَ ) أَيْ فَالْقَدَمُ لَيْسَ مَوْضِعَ الزِّينَةِ الظَّاهِرَةِ عَادَةً وَلِذَا قَالَ تَعَالَى { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ } يَعْنِي قَرْعَ الْخَلْخَالِ قَالَ فَأَفَادَ أَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ الْبَاطِنَةِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : بِالْمِخْيَطِ ) لَيْسَ لَهُ مَعْنًى ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَشْفُ رُبْعِ سَاقِهَا يَمْنَعُ ) يَعْنِي جَوَازَ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ رُبْعَ الشَّيْءِ يَحْكِي حِكَايَةَ الْكُلِّ كَمَا فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَامِ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ حَلَالًا فِي أَوَانِهِ وَيَلْزَمُهُ الدَّمُ قَبْلَهُ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ انْكِشَافُ الْأَكْثَرِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إنَّمَا يُوصَفُ بِالْكَثْرَةِ إذَا كَانَ مَا يُقَابِلُهُ أَقَلَّ مِنْهُ وَفِي النِّصْفِ عَنْهُ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَمْنَعُ لِخُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ الْقِلَّةِ وَلَا يُمْنَعُ فِي أُخْرَى لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَذَا الشَّعْرُ وَالْبَطْنُ وَالْفَخِذُ وَالْعَوْرَةُ الْغَلِيظَةُ ) يَعْنِي رُبْعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَمْنَعُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يُعْتَبَرُ الْأَكْثَرُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ عُضْوٌ كَامِلٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْمُرَادُ بِالشَّعْرِ مَا اُسْتُرْسِلَ مِنْ الرَّأْسِ هُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ مَا عَلَى الرَّأْسِ لَا مَا اُسْتُرْسِلَ مِنْهُ وَالْغَلِيظَةُ الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ وَمَا حَوْلَهُمَا وَالْخَفِيفَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَقَدْ سَوَّى فِي الْمُخْتَصَرِ بَيْنَ الْغَلِيظَةِ وَالْخَفِيفَةِ فِي اعْتِبَارِ الرُّبْعِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يُعْتَبَرُ فِي الْغَلِيظَةِ مَا زَادَ عَلَى قَدْرِ الدِّرْهَمِ اعْتِبَارًا بِالنَّجَاسَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهَذَا غِلَظٌ ؛ لِأَنَّ تَغْلِيظَهُ يُؤَدِّي إلَى تَخْفِيفِهِ أَوْ إلَى الْإِسْقَاطِ ؛ لِأَنَّ مِنْ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ مَا لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ فَيُؤَدِّي إلَى أَنَّ كَشْفَ جَمِيعِ الْغَلِيظَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا لَا يَمْنَعُ وَرُبْعُ الْخَفِيفَةِ يَمْنَعُ فَهَذَا أَمْرٌ شَنِيعٌ وَالِانْكِشَافُ الْكَثِيرُ فِي الزَّمَنِ الْقَلِيلِ لَا يَمْنَعُ الْجَوَازَ ، حَتَّى لَوْ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ كُلُّهَا وَغَطَّاهَا فِي الْحَالِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَالْقَلِيلُ مُقَدَّرٌ بِمَا لَا يُؤَدِّي فِيهِ الرُّكْنَ وَإِنْ أَحْرَمَ مَكْشُوفُ الْعَوْرَةِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهَا ، وَكَذَا مَعَ النَّجَاسَةِ الْمَانِعَةِ وَالذَّكَرُ

يُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهِ ، وَكَذَا الْأُنْثَيَانِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الدِّيَةِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُضَمُّ الذَّكَرُ إلَى الْأُنْثَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ نَفْعَهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْإِيلَادُ وَاخْتَلَفُوا فِي الدُّبُرِ هَلْ هُوَ عَوْرَةٌ مَعَ الْأَلْيَتَيْنِ أَوْ كُلِّ أَلْيَةٍ مِنْهُمَا عَوْرَةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالدُّبُرُ ثَالِثُهُمَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَالِثُهُمَا وَالرُّكْبَةُ تُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهَا فِي رِوَايَةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْفَخِذِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُضْوٍ عَلَى حِدَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا هِيَ مُلْتَقَى عَظْمِ الْفَخِذِ وَالسَّاقِ وَالْفَخِذُ عَوْرَةٌ فَيَغْلِبُ الْمُحَرَّمُ عِنْدَ تَعَذُّرِ التَّمْيِيزِ وَثَدْيُ الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ نَاهِدَةً فَهِيَ تَبَعٌ لِصَدْرِهَا وَإِنْ كَانَتْ مُنْكَسِرَةً فَهِيَ أَصْلٌ بِنَفْسِهَا وَأُذُنُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ بِانْفِرَادِهَا وَإِنْ انْكَشَفَتْ الْعَوْرَةُ مِنْ مَوَاضِعَ مُتَفَرِّقَةٍ تَجْمَعُ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ امْرَأَةً صَلَّتْ وَانْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا وَشَيْءٌ مِنْ ظَهْرِهَا وَشَيْءٌ مِنْ فَرْجِهَا وَشَيْءٌ مِنْ فَخِذِهَا وَلَوْ جُمِعَ بَلَغَ رُبْعَ أَدْنَى عُضْوٍ مِنْهَا مَنَعَ جَوَازَ الصَّلَاةِ ، وَكَذَا الطِّيبُ الْمُتَفَرِّقُ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ وَالنَّجَاسَةُ الْمُتَفَرِّقَةُ ( قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ ) يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ بِالْأَجْزَاءِ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْأَدْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْقَلِيلَ يَمْنَعُ وَلَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ الْمُنْكَشِفِ بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَ نِصْفُ ثُمُنِ الْفَخِذِ مَثَلًا وَنِصْفُ ثُمُنِ الْأُذُنِ يَبْلُغُ رُبْعَ الْأُذُنِ وَأَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ جَمِيعِ الْعَوْرَةِ الْمُنْكَشِفَةِ وَمِثْلُهُ نِصْفُ عُشْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ .

( قَوْلُهُ : انْكِشَافُ الْأَكْثَرِ ) أَيْ أَكْثَرُ السَّاقِ ( قَوْلُهُ : لِخُرُوجِهِ عَنْ حَدِّ الْقِلَّةِ ) لِأَنَّ الْمَعْفُوَّ هُوَ الْقَلِيلُ وَالنِّصْفُ لَيْسَ بِقَلِيلٍ ؛ لِأَنَّ مَا يُقَابِلُهُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ فَلَا يَكُونُ عَفْوًا ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ ) أَيْ لِأَنَّ النِّصْفَ لَيْسَ بِكَثِيرٍ ؛ لِأَنَّ مَا يُقَابِلُهُ لَيْسَ بِكَثِيرٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ عُضْوٌ كَامِلٌ أَيْ وَلِهَذَا لَوْ حَلَقَ شَعْرَهَا وَلَمْ يَنْبُتْ تَجِبُ كُلُّ الدِّيَةِ وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ جَعَلَ الشَّعْرَ مِنْ الْأَعْضَاءِ لِلتَّغْلِيبِ أَوْ ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الْآدَمِيِّ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : مَا اُسْتُرْسِلَ ) أَيْ وَهُوَ مَا نَزَلَ تَحْتَ الْأُذُنَيْنِ ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَى الرَّأْسِ فَتَابِعٌ لَهُ ( قَوْلُهُ : لَا مَا اُسْتُرْسِلَ مِنْهُ ) أَيْ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عَلَى قَوْلِ هَذَا الْبَعْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ سَوَّى فِي الْمُخْتَصَرِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ حَيْثُ قَالَ وَكَشْفُ رُبْعِ سَاقِهَا يَمْنَعُ ( قَوْلُهُ : مَا لَا يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ ) وَهُوَ الدُّبُرُ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ أَكْثَرُهَا لَا يَمْنَعُ ) وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ قِيلَ إنَّ الْغَلِيظَةَ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ مَعَ مَا حَوْلَهُمَا فَيَجُوزُ كَوْنُهُ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ مَا ذُكِرَ ا هـ فَتْحٌ وَالِانْكِشَافُ الْقَلِيلُ فِي الزَّمَنِ الْكَثِيرِ أَيْضًا لَا يُفْسِدُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ) أَيْ وَإِنْ كَشَفَهَا بِفِعْلِهِ فَسَدَتْ فِي الْحَالِ ا هـ قُنْيَةٌ ( قَوْلُهُ : وَالرُّكْبَةُ تُعْتَبَرُ بِانْفِرَادِهَا ) أَيْ فَكَشْفُ رُبْعِهَا يَمْنَعُ ( قَوْلُهُ : وَالْفَخِذُ عَوْرَةٌ ) أَيْ فَخِذُ الرَّجُلِ عَوْرَةٌ وَسَاقُهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ وَالرُّكْبَةُ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا جُعِلَتْ تَبَعًا لِلْفَخِذِ دُونَ السَّاقِ فَجُعِلَتْ عَوْرَةً تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَيَغْلِبُ الْمُحَرَّمُ ) أَيْ فَتُجْعَلُ الرُّكْبَةُ مِنْ الْفَخِذِ لَا مِنْ السَّاقِ قَوْلُهُ : وَأُذُنُ الْمَرْأَةِ عَوْرَةٌ )

أَيْ كُلٌّ مِنْ الْأُذُنَيْنِ عُضْوٌ عَلَى حِدَةٍ كَذَا فِي الْقَنِيَّةِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ جَمْعٌ بَلَغَ رُبْعَ أَدْنَى عُضْوٍ إلَخْ ) أَيْ أَقَلُّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي انْكَشَفَ أَبْعَاضُهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ قَارِئُ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت أَقُولُ إنْ اُعْتُبِرَ أَدْنَى عُضْوٍ مِنْ الْمُنْكَشِفِ لَا يَرِدُ الْإِشْكَالُ وَهُوَ الْمُرَادُ ؛ لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْبُطْلَانِ وَعَدَمِهِ فَيَبْطُلُ احْتِيَاطًا ا هـ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ صَلَّيْت صَلَاةً صَحِيحَةً فَأَنْتِ حُرَّةٌ قَبْلَهَا فَصَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ إنْ كَانَتْ فِي حَالِ عَجْزِهَا عَنْ السُّتْرَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَعَتَقَتْ وَإِنْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى السُّتْرَةِ صَحَّتْ صَلَاتُهَا وَلَا تُعْتَقُ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ عَتَقَتْ لَصَارَتْ حُرَّةً قَبْلَ الصَّلَاةِ وَحِينَئِذٍ لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ لَا تُعْتَقُ فَإِثْبَاتُ الْعِتْقِ يُؤَدِّي إلَى بُطْلَانِهِ وَبُطْلَانِ الصَّلَاةِ فَبَطَلَ الْعِتْقُ وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ وَعِنْدَنَا فِي التَّعْلِيقَاتِ الْمَحْضَةِ يُقْتَصَرُ الْعِتْقُ عَلَى الشَّرْطِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَصِحُّ صَلَاتُهَا وَتُعْتَقُ بَعْدَ وُجُودِ الصَّلَاةِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَعْرُوفَةٌ فِي الْجَامِعِ ا هـ غَايَةُ السُّرُوجِيِّ ( قَوْلُهُ : أَنْ يَعْتَبِرَ بِالْأَجْزَاءِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِأَجْزَاءِ الْعَوْرَاتِ الْمُنْكَشِفَةِ لَا بِأَدْنَى عُضْوٍ مِنْهَا فَلَوْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ قَدْرَ رُبْعِ تِلْكَ الْأَجْزَاءِ مَنَعَ ، وَإِلَّا فَلَا ا هـ ( قَوْلُهُ : بَيَانُهُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بَيَانُ كَوْنِهِ مُؤَدِّيًا إلَى ذَلِكَ الْمَحْذُورِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَنَّهُ لَوْ انْكَشَفَ نِصْفُ ثَمَنِ الْفَخِذِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ صَاحِبُ الْقَنِيَّةِ نَقْلًا مِنْ الرِّوَايَاتِ انْكَشَفَ شَيْءٌ مِنْ شَعْرِهَا فِي صَلَاتِهَا وَمِنْ فَخِذِهَا شَيْءٌ وَمِنْ سَاقِهَا شَيْءٌ وَمِنْ ظَهْرِهَا شَيْءٌ وَمِنْ بَطْنِهَا فَلَوْ جُمِعَ يَكُونُ قَدْرَ رُبْعِ شَعْرِهَا

أَوْ رُبْعِ فَخِذِهَا أَوْ رُبْعِ سَاقِهَا لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهَا ؛ لِأَنَّ كُلَّهَا عَوْرَةٌ وَاحِدَةٌ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ هَذَا نَصٌّ عَلَى أَمْرَيْنِ وَالنَّاسُ عَنْهُمَا غَافِلُونَ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْزَاءِ كَالْأَسْدَاسِ وَالِاتِّسَاعِ بَلْ بِالْقَدْرِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمَكْشُوفَ مِنْ الْكُلِّ لَوْ كَانَ قَدْرَ رُبْعِ أَصْغَرِ الْأَعْضَاءِ الْمَكْشُوفَةِ يَمْنَعُ الْجَوَازُ حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ مِنْ الْأُذُنِ تُسْعُهَا وَمِنْ السَّاقِ تُسْعُهَا يُمْنَعُ ؛ لِأَنَّ الْمَكْشُوفَ قَدْرُ رُبْعِ الْأُذُنِ ا هـ قَوْلُهُ : كُلُّهَا عَوْرَةٌ وَاحِدَةٌ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَعْضَاءِ عَوْرَةٌ وَاحِدَةٌ وَقَدْ بَلَغَ الْمَجْمُوعُ رُبْعَهُ فَيُمْنَعُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَبْلُغْ رُبْعَ جَمِيعِ الْعَوْرَةِ ) وَهُوَ جَمِيعُ الْفَخِذِ وَالْأُذُنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : نِصْفُ عُشْرِ كُلٍّ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْأَعْضَاءِ ا هـ : ( قَوْلُهُ : يُخَالِفُ الْقَاعِدَةَ ) وَهِيَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِانْكِشَافِ رُبْعِ الْجَمِيعِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْأَمَةُ كَالرَّجُلِ ) يَعْنِي فِي الْعَوْرَةِ لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَلْقِ عَنْك الْخِمَارَ يَا دَفَارِ أَتَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ ؛ وَلِأَنَّهَا تَخْرُجُ لِحَاجَةِ مَوْلَاهَا فِي ثِيَابِ مِهْنَتِهَا عَادَةً فَاعْتُبِرَ حَالُهَا بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فِي حَقِّ الْأَجَانِبِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَظَهْرُهَا وَبَطْنُهَا عَوْرَةٌ ) ؛ لِأَنَّ لَهُمَا مَزِيَّةً كَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَلِهَذَا لَوْ جَعَلَ امْرَأَتَهُ كَظَهْرِ أُمِّهِ الْأَمَةِ كَانَ مُظَاهِرًا مِنْهَا وَالظِّهَارُ لَا يَكُونُ إلَّا بِمَا لَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَيْهِ فَإِذَا حَرُمَ عَلَى الِابْنِ فَعَلَى الْأَجْنَبِيِّ أَوْلَى أَنْ يَحْرُمَ وَيَدْخُلَ فِي هَذَا الْجَوَابِ أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ وَالْمُسْتَسْعَاةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِوُجُودِ الرِّقِّ وَلَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فِي صَلَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَا أَحْدَثَتْ فِيهَا قَبْلَ أَنْ تَتَوَضَّأَ أَوْ بَعْدَهُ تَقَنَّعَتْ بِعَمَلٍ رَفِيقٍ مِنْ سَاعَتِهَا وَبَنَتْ عَلَى صَلَاتِهَا وَإِنْ أَدَّتْ رُكْنًا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعِتْقِ بَطَلَتْ صَلَاتُهَا وَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُلَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَيْضًا كَالْعُرْيَانِ إذَا وَجَدَ ثَوْبًا فِي صَلَاتِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ فَرْضَ السَّتْرِ لَزِمَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ أَتَتْ بِهِ وَالْعُرْيَانُ لَزِمَهُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَيَسْتَقْبِلُ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ فِيهَا مَاءً قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ : لِقَوْلِ عُمَرَ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا الْمَرْوِيُّ عَنْ عُمَرَ قَالَ السُّرُوجِيُّ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ وَقَالَ الْكَمَالُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : يَا دَفَارِ ) أَيْ يَا مُنْتِنَةِ ( قَوْلُهُ : مَهْنَتُهَا ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا الْخِدْمَةُ مِنْ مَهَنَ الْقَوْمُ خَدَمَهُمْ وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ كَذَا فِي الصِّحَاحِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ لَهُمَا مَزِيَّةً ) أَيْ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ فِي الِاشْتِهَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمُسْتَسْعَاةُ ) الْمُسْتَسْعَاةُ الْمَرْهُونَةُ إذَا أَعْتَقَهَا الرَّاهِنُ وَهُوَ مُعْسِرٌ حُرَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ سَرُوجِيٌّ ( قَوْلُهُ : تَقَنَّعَتْ ) هُوَ جَوَابٌ وَقَوْلُهُ : بِعَمَلٍ رَفِيقٍ أَيْ بِأَنْ تَقَنَّعَتْ بِيَدِهَا الْوَاحِدَةِ .

( وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَصَلَّى عُرْيَانًا لَمْ يَجُزْ ) لِأَنَّ رُبْعَ الشَّيْءِ يَقُومُ مَقَامَ كُلِّهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ طَاهِرًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَخُيِّرَ إنْ طَهُرَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِهِ ) أَيْ إذَا كَانَ الطَّاهِرُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ يَلِي الْأَوَّلَ فِي الْفَضْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا عُرْيَانًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَهُوَ دُونَهُمَا فِي الْفَضْلِ وَفِي مُلْتَقَى الْبِحَارِ إنْ شَاءَ صَلَّى عُرْيَانًا بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَوْ مُؤَمِّيًا بِهِمَا إمَّا قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا فَهَذَا نَصٌّ عَلَى جَوَازِ الْإِيمَاءِ قَائِمًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ هَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الَّذِي لَا يَجِدُ ثَوْبًا فَإِنْ صَلَّى قَائِمًا أَجْزَأَهُ ؛ لِأَنَّ فِي الْقُعُودِ سَتْرَ الْعَوْرَةِ الْغَلِيظَةِ وَفِي الْقِيَامِ أَدَاءُ هَذِهِ الْأَرْكَانِ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَوْ كَانَ الْإِيمَاءُ جَائِزًا حَالَةَ الْقِيَامِ لَمَا اسْتَقَامَ هَذَا الْكَلَامُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ تَابَعَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا ؛ لِأَنَّ خِطَابَ التَّطَهُّرِ سَقَطَ عَنْهُ لِعَجْزِهِ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ خِطَابُ السَّتْرِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الطَّاهِرِ فِي حَقِّهِ وَلَنَا أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ هُوَ السَّتْرُ بِالطَّاهِرِ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ سَقَطَ فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يُقَالُ فِي الصَّلَاةِ عُرْيَانًا تَرْكُ فُرُوضٍ وَهُوَ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَفِي الصَّلَاةِ فِيهِ تَرْكُ فَرْضٍ وَاحِدٍ وَهُوَ طَهَارَةُ الثَّوْبِ فَكَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نَمْنَعُهُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا قَائِمًا وَإِنْ صَلَّى قَاعِدًا فَقَدْ أَتَى بِبَدَلِهَا وَهُوَ الْإِيمَاءُ فَلَا يَكُونُ تَارِكًا لَهَا لِقِيَامِ الْبَدَلِ مَقَامَ

الْأَصْلِ ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ ابْتَلَى بِبَلِيَّتَيْنِ وَهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ يَأْخُذُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَا يَخْتَارُ أَهْوَنَهُمَا ؛ لِأَنَّ مُبَاشَرَةَ الْحَرَامِ لَا تَجُوزُ إلَّا لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي حَقِّ الزِّيَادَةِ مِثَالُهُ رَجُلٌ عَلَيْهِ جُرْحٌ لَوْ سَجَدَ سَالَ جُرْحُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَمْ يَسِلْ فَإِنَّهُ يُصَلِّي قَاعِدًا يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ أَهْوَنُ مِنْ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَرْكَ السُّجُودِ جَائِزٌ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي التَّطَوُّعِ عَلَى الدَّابَّةِ وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ فَإِنْ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ ، ثُمَّ قَعَدَ وَأَوْمَأَ لِلسُّجُودِ جَازَ لِمَا قُلْنَا وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ وَكَذَا شَيْخٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ قَائِمًا وَيَقْدِرُ عَلَيْهَا قَاعِدًا يُصَلِّي قَاعِدًا ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ فِي النَّفْلِ وَلَا يَجُوزُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ بِحَالٍ وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا مَعَ الْحَدَثِ فِي الْفَصْلَيْنِ وَتَرَكَ الْقِرَاءَةَ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبَانِ نَجَاسَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَتَخَيَّرُ مَا لَمْ يَبْلُغْ أَحَدُهُمَا رُبْعَ الثَّوْبِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَنْعِ وَلَوْ كَانَ دَمُ أَحَدِهِمَا قَدْرَ الرُّبْعِ وَدَمُ الْآخَرِ أَقَلَّ يُصَلِّي فِي أَقَلِّهِمَا دَمًا وَلَا يَجُوزُ عَكْسُهُ ؛ لِأَنَّ لِلرُّبْعِ حُكْمَ الْكُلِّ وَلَوْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْرُ الرُّبْعِ أَوْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ وَفِي الْآخَرِ قَدْرُ الرُّبْعِ صَلَّى فِي أَيِّهِمَا شَاءَ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحُكْمِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَقَلِّهِمَا نَجَاسَةً وَلَوْ كَانَ رُبْعُ أَحَدِهِمَا طَاهِرًا وَالْآخَرُ أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ يُصَلِّي فِي الَّذِي هُوَ رُبْعُهُ طَاهِرٌ وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً لَوْ صَلَّتْ قَائِمَةً يَنْكَشِفُ مِنْ عَوْرَتِهَا قَدْرُ مَا يَمْنَعُ جَوَازَ الصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَّتْ قَاعِدَةً لَا يَنْكَشِفُ

مِنْهَا شَيْءٌ فَإِنَّهَا تُصَلِّي قَاعِدَةً لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ أَهْوَنُ وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ يُغَطِّي جَسَدَهَا وَرُبْعَ رَأْسِهَا فَتَرَكَتْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ لَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ يُغَطِّي أَقَلَّ مِنْ الرُّبْعِ لَا يَضُرُّهَا تَرْكُهُ ؛ لِأَنَّ لِلرُّبْعِ حُكْمَ الْكُلِّ وَمَا دُونَهُ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْكُلِّ وَالسَّتْرُ أَفْضَلُ تَقْلِيلًا لِلِانْكِشَافِ .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا رُبْعُهُ طَاهِرٌ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَلَوْ وَجَدَ ثَوْبًا حَرِيرًا لَا يُصَلِّي عُرْيَانًا بَلْ يُصَلِّي فِيهِ إلَّا عِنْدَ أَحْمَدَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَصَلَّى عُرْيَانًا إلَى آخِرِهِ ) ذَكَرَ فِي الْغَايَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ عُرْيَانَ مَعَهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ وَثَوْبُ كِرْبَاسَ فِيهِ نَجَاسَةٌ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ يَتَعَيَّنُ الصَّلَاةُ فِي الدِّيبَاجِ ا هـ ( قَوْلُهُ : إنْ طَهُرَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِهِ ) أَيْ أَوْ كَانَ كُلُّهُ نَجَسًا ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَلَوْ سَتَرَ عَوْرَتَهُ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ وَصَلَّى مَعَهُ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى مَعَ الثَّوْبِ النَّجَسِ ؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ الْجِلْدِ أَغْلَظُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَزُولُ بِالْغُسْلِ ثَلَاثًا بِخِلَافِ نَجَاسَةِ الثَّوْبِ ا هـ قَوْلُهُ : وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَمَنْ تَابَعَهُ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْأَسْرَارِ وَلَكِنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا ا هـ ( قَوْلُهُ : أَنَّ مَنْ ابْتَلَى بِبَلِيَّتَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ أَنَّ صَوَابَهُ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ بَلِيَّتَيْنِ أَوْ ابْتَلَى بِإِحْدَى بَلِيَّتَيْنِ غَيْرِ عَيْنٍ ؛ لِأَنَّ مَنْ ابْتَلَى بِهِمَا لَا يَسْلَمُ مِنْهُمَا فَكَيْفَ يَخْتَارُ أَحَدَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَامَ وَقَرَأَ وَرَكَعَ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَإِنْ قَامَ أَوْ قَعَدَ سَلِسَ بَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَلْقَى لَمْ يَسْلُسْ يُصَلِّي قَائِمًا أَوْ قَاعِدًا مَعَ الْبَوْلِ وَإِنْ اسْتَوَى الْكُلُّ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ عِنْدَ الِاخْتِيَارِ لَكِنْ فِيمَا قُلْنَا إحْرَازُ الْأَرْكَانِ وَلِهَذَا يُصَلِّي الْعُرْيَانُ قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَجُوزُ مُسْتَلْقِيًا وَرَوَى ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُصَلِّي مُسْتَلْقِيًا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الِاسْتِلْقَاءِ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا عِنْدَ الْعُذْرِ وَلَا تُعْتَبَرُ مَعَ الْحَدَثِ فَكَانَ هَذَا أَيْسَرَ

عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَاعِدَةِ ا هـ غَايَةٌ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ( قَوْلُهُ : فِي الْفَصْلَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ صَلَّى مَنْ بِهِ جُرْحٌ قَائِمًا مَعَ الْحَدَثِ أَوْ صَلَّى الشَّيْخُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقِرَاءَةِ قَائِمًا بِلَا قِرَاءَةٍ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ بِحَالٍ ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَاحِبَ الْقُنْيَةِ نَقَلَ عَنْ مَشَايِخِنَا أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَوْ كَانَ بِهِ وَجَعُ السِّنِّ بِحَيْثُ لَا يُطِيقُهُ إلَّا بِإِمْسَاكِ الْمَاءِ أَوْ الدَّوَاءِ فِي فَمِهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَقْتَدِي بِإِمَامٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَيُعْذَرُ ا هـ يَحْيَى وَقَدْ ذُكِرَ هَذَا الْفَرْعُ فِي الْغَايَةِ وَالدِّرَايَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالسِّتْرُ أَفْضَلُ ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لَا يَضُرُّهَا تَرْكُهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ عُدِمَ ثَوْبًا صَلَّى قَاعِدًا مُؤَمِّيًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ انْكَسَرَتْ بِهِمْ السَّفِينَةُ فَخَرَجُوا عُرَاةً فَكَانُوا يُصَلُّونَ جُلُوسًا يُومِئُونَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إيمَاءً بِرُؤْسِهِمْ ؛ وَلِأَنَّ السَّتْرَ آكَدُ مِنْ الْقِيَامِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِيَامَ يَسْقُطُ فِي النَّفْلِ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ دُونَ السَّتْرِ ، وَكَذَا السَّتْرُ لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ وَالْقِيَامُ يَخْتَصُّ بِهَا فَكَانَ أَقْوَى وَكَيْفِيَّةُ الْقُعُودِ أَنْ يَقْعُدَ مَادًّا رِجْلَيْهِ فِي الْقِبْلَةِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ ذَكَرَهُ فِي خَيْرِ مَطْلُوبٍ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ عُدِمَ ثَوْبًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَسْتُرُ نَفْسَهُ مِنْ الْحَشِيشِ وَالْكَلَأِ وَالنَّبَاتِ وَعَنْ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيِّ لَوْ وَجَدَ طِينًا يُلَطِّخُ بِهِ عَوْرَتَهُ وَيَبْقَى عَلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ بِهِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِيهِ وَلَوْ وَجَدَ مَا يَسْتُرُ بَعْضَ الْعَوْرَةِ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَيَسْتُرُ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ قَاعِدًا مُؤَمِّيًا إلَى آخِرِهِ ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا تَكْرَارٌ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ حُكْمُهُ مِنْ قَوْلِهِ وَخُيِّرَ إنْ طَهُرَ أَقَلُّ مِنْ رُبْعِهِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُرَاةُ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا قُعُودًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنْ صَلَّوْا جَمَاعَةً جَازَتْ لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ وَقَامَ الْإِمَامُ وَسَطَهُمْ وَإِنْ تَقَدَّمَهُمْ لِإِحْرَازِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ جَازَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مُكْتَسٍ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَيَتَقَدَّمَهُمْ الْإِمَامُ الْمُكْتَسِي وَتَكُونُ الْعُرَاةُ صَفًّا وَاحِدًا إنْ أَمْكَنَ وَصَلَاةُ الْعُرَاةِ فُرَادَى أَفْضَلُ كَالنِّسَاءِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي الْوَجْهُ الثَّانِي هُمَا سَوَاءٌ وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ عَارِيَّة الثَّوْبِ تَمْنَعُ مِنْ الصَّلَاةِ عُرْيَانًا كَإِبَاحَةِ الْمَاءِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي لُزُومِ شِرَاءِ الثَّوْبِ بِخِلَافِ الْمَاءِ ا هـ غَايَةٌ وَفِي الْبَحْرِ الْمُحِيطِ يُصَلِّي الْعُرَاةُ وُحْدَانًا مُتَبَاعِدِينَ فَإِنْ صَلَّوْا بِجَمَاعَةٍ تَوَسَّطَهُمْ الْإِمَامُ وَيُرْسِلُ كُلُّ وَاحِدٍ رِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ وَيَضَعُ يَدَيْهِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ يُومِئُ إيمَاءً وَإِنْ أَوْمَأَ الْقَاعِدُ أَوْ رَكَعَ وَسَجَدَ الْقَاعِدُ جَازَا هـ سَيِّدٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالنِّيَّةُ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } وَيَحْتَاجُ هُنَا إلَى ثَلَاثِ نِيَّاتٍ : نِيَّةِ الصَّلَاةِ الَّتِي يَدْخُلُ فِيهَا وَنِيَّةِ الْإِخْلَاصِ لِلَّهِ تَعَالَى وَنِيَّةِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الْجُرْجَانِيِّ وَفِي الْمَبْسُوطِ الصَّحِيحُ أَنَّ اسْتِقْبَالَهَا يُغْنِي عَنْ النِّيَّةِ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَقِيلَ إنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ لَا يُشْتَرَطُ وَفِي الصَّحْرَاءِ يُشْتَرَطُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( بِلَا فَاصِلٍ ) يَعْنِي بِلَا فَاصِلٍ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ وَالْفَاصِلُ عَمَلٌ لَا يَلِيقُ فِي الصَّلَاةِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِذَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ يَلِيقُ فِي الصَّلَاةِ مِثْلُ الْوُضُوءِ وَالْمَشْيِ إلَى الْمَسْجِدِ فَلَا يَضُرُّهُ حَتَّى لَوْ نَوَى ، ثُمَّ تَوَضَّأَ أَوْ مَشَى إلَى الْمَسْجِدِ فَكَبَّرَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِعَمَلٍ لَا يَلِيقُ فِي الصَّلَاةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَا يَعْتَدُّ بِالنِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْ التَّكْبِيرِ إلَّا عِنْدَ الْكَرْخِيِّ ؛ لِأَنَّ مَا مَضَى لَمْ يَقَعْ عِبَادَةً وَفِي الصَّوْمِ جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ فِي الْحَجِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ يُرِيدُ الْحَجَّ فَأَحْرَمَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ النِّيَّةُ جَازَ ، وَكَذَا الزَّكَاةُ تَجُوزُ بِنِيَّةٍ وُجِدَتْ عِنْدَ الْإِفْرَازِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ بِقَلْبِهِ أَيَّ صَلَاةٍ يُصَلِّي ) وَأَدْنَاهُ أَنْ يَصِيرَ بِحَيْثُ لَوْ سُئِلَ عَنْهَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُجِيبَ مِنْ غَيْرِ فِكْرَةٍ ، وَأَمَّا التَّلَفُّظُ بِهَا فَلَيْسَ بِشَرْطٍ وَلَكِنْ يَحْسُنُ لِاجْتِمَاعِ عَزِيمَتِهِ .

( قَوْلُهُ : نِيَّةُ الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ ) فِي جُمَلِ النَّوَازِلِ لَكِنْ لَا يَقُولُ نَوَيْت ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَذِبًا إنْ لَمْ يَنْوِ وَيَقَعُ إخْبَارًا عَنْ الْمُحَقِّقِ إنْ كَانَ نَوَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلَكِنْ يَقُولُ اللَّهُمَّ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُصَلِّيَ لَك كَذَا فَيَسِّرْهَا لِي وَتَقَبَّلْهَا مِنِّي كَمَا وَرَدَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ ا هـ كَاكِيٌّ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ إذَا نَوَى فَرْضًا وَشَرَعَ فِيهِ ، ثُمَّ نَسِيَهُ فَظَنَّهُ تَطَوُّعًا فَأَتَمَّهُ عَلَى أَنَّهُ تَطَوُّعٌ فَهُوَ فَرْضٌ مُسْقِطٌ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ الْمُعْتَبَرَةَ إنَّمَا يُشْتَرَطُ قِرَانُهَا بِالْجُزْءِ الْأَوَّلِ ، وَمِثْلُهُ إذَا شَرَعَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فَأَتَمَّهَا عَلَى ظَنِّ الْمَكْتُوبَةِ فَهِيَ تَطَوُّعٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَبَّرَ حِينَ شَكَّ يَنْوِي التَّطَوُّعَ فِي الْأَوَّلِ أَوْ الْمَكْتُوبَةَ فِي الثَّانِي حَيْثُ يَصِيرُ خَارِجًا إلَى مَا نَوَى ثَانِيًا لَقَرَانِ النِّيَّةِ بِالتَّكْبِيرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِالنِّيَّةِ الْمُتَأَخِّرَةِ إلَى آخِرِهِ ) وَعَنْ الْكَرْخِيِّ تَجُوزُ بِالْمُتَأَخِّرَةِ مَا دَامَ فِي الثَّنَاءِ وَقِيلَ إلَى التَّعَوُّذِ وَقِيلَ إلَى مَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ إلَى الرُّكُوعِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الشُّرُوعِ فِيهِ وَقْتُ نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ وَهُوَ وَقْتُ انْفِجَارِ الصُّبْحِ فَلَوْ شُرِطَتْ وَقْتَ الشُّرُوعِ لَضَاقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ وَلَا كَذَلِكَ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ وَقْتَ شُرُوعِهَا وَقْتُ انْتِبَاهٍ وَيَقَظَةٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالشَّرْطُ أَنْ يَعْلَمَ ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ نِيَّتِهِ أَنْ يَكُونَ مَنْوِيُّهُ مَعْلُومًا عِنْدَهُ لَا أَنْ يَكُونَ مَذْكُورًا بِلِسَانِهِ فَانْدَفَعَ بِهَذَا الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَفْسِيرَ النِّيَّةِ بِالْعِلْمِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : فَلَيْسَ بِشَرْطٍ ) أَيْ لِصِحَّةِ الشُّرُوعِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَكْفِيهِ مُطْلَقُ النِّيَّةِ لِلنَّفْلِ وَالسُّنَّةِ وَالتَّرَاوِيحِ ) هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَهَا فِي أَوْقَاتِهَا يُغْنِي عَنْ التَّعْيِينِ وَبِهِ صَارَتْ سُنَّةً لَا بِالتَّعْيِينِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِلْفَرْضِ شَرْطُ تَعْيِينِهِ كَالْعَصْرِ مَثَلًا ) ؛ لِأَنَّ الْفُرُوضَ مُتَزَاحِمَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَا يُرِيدُ أَدَاءَهُ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ ؛ وَلِأَنَّ فَرْضًا مِنْ الْفُرُوضِ لَا يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ فَرْضٍ آخَرَ فَوَجَبَ التَّعْيِينُ وَيَكْفِيهِ أَنْ يَنْوِيَ ظُهْرَ الْوَقْتِ مَثَلًا أَوْ فَرْضَ الْوَقْتِ وَالْوَقْتُ بَاقٍ لِوُجُودِ التَّعْيِينِ وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِهِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ الظُّهْرِ وَلَوْ نَوَى ظُهْرَ يَوْمِهِ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ خَرَجَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَى مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَخْلَصٌ لِمَنْ يَشُكُّ فِي خُرُوجِ الْوَقْتِ وَالْخَطَأُ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ لَا يَضُرُّهُ حَتَّى لَوْ نَوَى الْفَجْرَ أَرْبَعًا وَالظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا جَازَ وَتَلْغُو نِيَّةُ التَّعْيِينِ وَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ مُطْلَقًا وَلَمْ يَنْوِ ظُهْرَ الْوَقْتِ وَلَا ظُهْرَ الْيَوْمِ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ ظُهْرٌ آخَرُ فَلَا يَقَعُ بِهِ التَّمْيِيزُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ ؛ لِأَنَّهُ الْمَشْرُوعُ فِي الْوَقْتِ وَالْقَضَاءُ عَارِضٌ فَكَانَ الْمَشْرُوعُ فِيهِ أَوْلَى وَتَعْيِينُ قَضَاءِ مَا شَرَعَ فِيهِ مِنْ النَّفْلِ ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ وَالنَّذْرُ وَالْوِتْرُ وَصَلَاةُ الْعِيدَيْنِ وَفِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا يَنْوِي فِيهِ أَنَّهُ وَاجِبٌ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ .

( قَوْلُهُ : هُوَ الصَّحِيحُ ) احْتِرَازًا عَنْ قَوْلِ جَمَاعَةٍ إنَّهُ لَا يَكْفِيهِ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ كَوَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ فَلَا تَحْصُلُ بِمُطْلَقِ نِيَّةِ الصَّلَاةِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وَتَحْقِيقُ الْوَجْهِ فِيهِ أَنَّ مَعْنَى السُّنِّيَّةِ كَوْنُ النَّافِلَةِ مُوَاظِبًا عَلَيْهَا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ قَبْلَهَا فَإِذَا أَوْقَعَ الْمُصَلِّي النَّافِلَةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَعَلَ الْفِعْلَ الْمُسَمَّى سُنَّةً فَالْحَاصِلُ أَنَّ وَصْفَ السُّنَّةِ يَحْصُلُ بِنَفْسِ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ عَلَى مَا سَمِعْت فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَنْوِي السُّنَّةَ بَلْ الصَّلَاةَ لِلَّهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ وَصْفٌ ثَبَتَ بَعْدَ فِعْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ تَسْمِيَةً بِمَا لِفِعْلِهِ الْمَخْصُوصِ لَا أَنَّهُ وَصْفٌ يَتَوَقَّفُ حُصُولُهُ عَلَى نِيَّتِهِ وَقَدْ حَصَلَتْ مُقَاوَلَةٌ فِي كِتَابَةِ بَعْضِ أَشْيَاخِ حَلَبَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ الَّتِي تُصَلَّى بَعْدَ الْجُمُعَةِ يَنْوِي بِهَا آخِرَ ظُهْرٍ أَدْرَكْت وَقْتَهُ وَلَمْ أَرَهُ بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ يَشُكُّ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ إذَا ظَهَرَتْ صِحَّةُ الْجُمُعَةِ تَنُوبُ عَنْ سُنَّةِ الْجُمُعَةِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ وَاسْتُفْتِيَ بَعْضُ أَشْيَاخِ مِصْرَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَفْتَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقُلْت هَذِهِ الْفَتْوَى تَتَفَرَّعُ عَلَى اشْتِرَاطِ تَعْيِينِ السُّنَّةِ فِي النِّيَّةِ وَمَا قَالَهُ الْحَلَبِيُّ بِنَاءٌ عَلَى التَّحْقِيقِ فَإِنَّهُ إذَا نَوَى آخِرَ ظُهْرٍ فَقَدْ نَوَى أَصْلَ الصَّلَاةِ بِوَصْفٍ فَإِذَا انْتَفَى الْوَصْفُ فِي الْوَاقِعِ وَقُلْنَا عَلَى الْمُخْتَارِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ بُطْلَانَ الْوَصْفِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ أَصْلِ الصَّلَاةِ بَقِيَ نِيَّةُ أَصْلِ الصَّلَاةِ وَبِهَا يَتَأَدَّى السُّنَّةُ ، ثُمَّ رَاجَعْت الْمُفْتِيَ الْمِصْرِيَّ وَذَكَرْت لَهُ هَذَا فَرَجَعَ دُونَ تَوَقُّفٍ هَذَا الْأَمْر

الْجَائِزُ فَأَمَّا الِاحْتِيَاطُ فَإِنَّهُ يَنْوِي فِي السُّنَّةِ الصَّلَاةَ مُتَابَعَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَخْفَى تَقْيِيدُ وُقُوعِهَا مِنْ السُّنَّةِ إذَا صَحَّتْ الْجُمُعَةُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ظُهْرٌ فَائِتٌ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ فَرْضَ الْوَقْتِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ الظُّهْرِ ) أَيْ وَهُوَ الْعَصْرُ ( قَوْلُهُ : يَجُوزُ مُطْلَقًا ) أَيْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ ا هـ قَوْلُهُ : وَتَلْغُو نِيَّةُ التَّعْيِينِ ) فِي نُسْخَةٍ أُخْرَى التَّغْيِيرُ ( قَوْلُهُ : وَمِنْهُمْ مَنْ أَجَازَهُ ) وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَتَعْيِينُ قَضَاءِ مَا شَرَعَ فِيهِ ) أَيْ وَشَرْطُ تَعْيِينٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَيُعَيِّنُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمُقْتَدِي يَنْوِي الْمُتَابَعَةَ أَيْضًا ) ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْفَسَادُ مِنْ جِهَةِ إمَامِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامِهِ وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَنْوِيَ الِاقْتِدَاءَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ حَتَّى يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِالْمُصَلِّي وَلَوْ نَوَاهُ حِينَ وَقَفَ الْإِمَامُ مَوْقِفَ الْإِمَامَةِ جَازَ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِ الْمُصَلِّي وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الظُّهْرَ أَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ أَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ لَا غَيْرُ قِيلَ : لَا يُجْزِيهِ لِتَنَوُّعِ الْمُؤَدَّى وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ وَيَنْصَرِفُ إلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْتَدِي عِلْمٌ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نَفْسَهُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَا لَوْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ حَيْثُ لَا يُجْزِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ بَلْ عَيَّنَ صَلَاتَهُ وَالْأَفْضَلُ لِلْمُقْتَدِي أَنْ يَقُولَ : اقْتَدَيْت بِمَنْ هُوَ إمَامِي أَوْ بِهَذَا الْإِمَامِ وَلَوْ قَالَ مَعَ هَذَا الْإِمَامِ جَازَ وَلَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ وَلَمْ يَخْطُرْ بِبَالِهِ أَزَيْدٌ هُوَ أَمْ عَمْرٌو جَازَ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو جَازَ وَلَوْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِزَيْدٍ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْغَائِبِ .

( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَالْمُقْتَدِي يَنْوِي الْمُتَابَعَةَ ) إلَّا فِي الْجُمُعَةِ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَلَوْ نَوَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يَنْوِ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ قِيلَ : تُجْزِيهِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ نَوَى الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ يَنْوِي صَلَاتَهُ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا الظُّهْرُ أَوْ الْجُمُعَةُ أَجْزَأَهُ أَيُّهُمَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُ بَنَى صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ وَذَلِكَ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَالْعِلْمُ فِي حَقِّ الْأَصْلِ يُغْنِي فِي حَقِّ التَّبَعِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقْتَدِي عِلْمٌ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ قُبَيْلَ بَابِ الْحَدَثِ لَوْ شَرَعَ نَاوِيًا أَنْ لَا يَؤُمَّ أَحَدًا فَاقْتَدَى بِهِ رَجُلٌ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِتَنَوُّعِ الْمُؤَدِّي ) أَيْ إلَى فَرْضٍ وَنَفْلٍ ( قَوْلُهُ : بَلْ عَيَّنَ صَلَاتَهُ ) كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ نَوَى صَلَاةَ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ وَقَامَ مَقَامَ نِيَّتَيْنِ وَبِهِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ وَالْكَرْمَانِيُّ وَالْجَلَّابِيُّ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ : كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ أَيْ وَالْخُلَاصَةِ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالْغَائِبِ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَلَوْ كَانَ يَرَى شَخْصَهُ فَنَوَى الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الْإِمَامِ الَّذِي هُوَ زَيْدٌ فَإِذَا خَلَفَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ عَرَفَهُ بِالْإِشَارَةِ فَلَغَتْ التَّسْمِيَةُ ا هـ وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَوْ قَالَ نَوَيْت الِاقْتِدَاءَ بِهَذَا الشَّابِّ فَإِذَا هُوَ شَيْخٌ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِفَرْضِيَّتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِالشَّيْخِ فَإِذَا هُوَ شَابٌّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِلْجِنَازَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالدُّعَاءَ لِلْمَيِّتِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَعْيِينُهُ وَإِخْلَاصُهُ لِلَّهِ تَعَالَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } أَيْ نَحْوَهُ وَجِهَتَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلِلْمَكِّيِّ فَرْضُهُ إصَابَةُ عَيْنِهَا ) أَيْ عَيْنِ الْكَعْبَةِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إصَابَةُ عَيْنِهَا بِيَقِينٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ حَائِلٌ مِنْ جِدَارٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ حَتَّى لَوْ اجْتَهَدَ وَصَلَّى وَبَانَ خَطَؤُهُ يُعِيدُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَهُوَ الْأَقْيَسُ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا فِي وُسْعِهِ فَلَا يُكَلَّفُ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا إذَا صَلَّى فِي مَوْضِعٍ عَرَفَ الْقِبْلَةَ فِيهِ بِيَقِينٍ بِالنَّصِّ كَالْمَدِينَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِغَيْرِهِ إصَابَةُ جِهَتِهَا ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَكِّيِّ فَرْضُهُ إصَابَةُ جِهَةِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ الْفَرْضُ إصَابَةُ عَيْنِهَا فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَا فَصْلَ فِي النَّصِّ بَيْنَ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ؛ وَلِأَنَّ اسْتِقْبَالَ الْبَيْتِ لِحُرْمَةِ الْبُقْعَةِ وَذَلِكَ فِي الْعَيْنِ دُونَ الْجِهَةِ ؛ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ لَوْ كَانَ هُوَ الْجِهَةَ لَوَجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ إذَا تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فِي الِاجْتِهَادِ ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ اجْتِهَادٍ إلَى يَقِينٍ فَلَمَّا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ دَلَّ عَلَى أَنَّ فَرْضَهُ الْعَيْنُ وَقَدْ انْتَقَلَ مِنْ اجْتِهَادٍ إلَى اجْتِهَادٍ وَجْهُ قَوْلِ الْعَامَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ } ؛ وَلِأَنَّ التَّكْلِيفَ بِحَسَبِ الْوُسْعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ الْبَيْتُ قِبْلَةُ مَنْ يُصَلِّي فِي مَكَّةَ فِي بَيْتِهِ أَوْ فِي الْبَطْحَاءِ وَمَكَّةَ قِبْلَةُ أَهْلِ الْحَرَمِ وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ الْآفَاقِيِّ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَشْرِقُ قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ وَالْمَغْرِبُ قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ

وَالْجَنُوبُ قِبْلَةُ أَهْلِ الشِّمَالِ وَالشِّمَالُ قِبْلَةُ أَهْلِ الْجَنُوبِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ عَيْنِ الْكَعْبَةِ فِي حَقِّ الْغَائِبِ ، أَوْ نِيَّةُ الْجِهَةِ تَكْفِيهِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى وُجُوبَ النِّيَّةِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فَلِلْمَكِّيِّ فَرْضُهُ ) أَيْ فَرْضُ الِاسْتِقْبَالِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ إصَابَةُ عَيْنِهَا إلَى آخِرِهِ ) أَيْ إصَابَةُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ بِأَنَّهُ لَوْ أُخْرِجَ خَطٌّ مُسْتَقِيمٌ مِنْهُ وَقَعَ عَلَى الْكَعْبَةِ أَوْ هَوَائِهَا إذْ الْقِبْلَةُ هِيَ الْعَرْصَةُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ حَتَّى لَوْ رَفَعَ الْبِنَاءَ وَصَلَّى إلَى هَوَائِهِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ جَازَ وَهُوَ أَعْلَى مِنْ الْبِنَاءِ وَإِصَابَةُ الْجِهَةِ بِأَنَّهُ لَوْ أُخْرِجَ خَطٌّ مُسْتَقِيمٌ مِنْهُ وَقَعَ عَلَى الْكَعْبَةِ أَوْ هَوَائِهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْهَا إلَى جِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ ا هـ يَحْيَى وَكَتَبَ أَيْضًا رَحِمَهُ اللَّهُ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ : إصَابَةُ عَيْنِهَا أَيْ حَتَّى لَوْ صَلَّى مَكِّيٌّ فِي بَيْتِهِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَتْ الْجُدْرَانُ يَقَعُ اسْتِقْبَالُهُ عَلَى شَطْرِ الْكَعْبَةِ بِخِلَافِ الْآفَاقِيِّ كَذَا فِي الْكَافِي وَفِي الدِّرَايَةِ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ حَائِلٌ الْأَصَحُّ أَنَّهُ كَالْغَائِبِ وَلَوْ كَانَ الْحَائِلُ أَصْلِيًّا كَالْجَبَلِ كَانَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ وَالْأَوْلَى أَنْ يَصْعَدَ لِيَصِلَ إلَى الْيَقِينِ وَفِي النَّظْمِ الْكَعْبَةُ قِبْلَةُ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةُ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَكَّةُ قِبْلَةُ الْحَرَمِ وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ الْعَالَمِ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ هَذَا يُشِيرُ إلَى مَنْ كَانَ بِمُعَايَنَةِ الْكَعْبَةِ فَالشَّرْطُ إصَابَةُ عَيْنِهَا وَمَنْ لَمْ يَكُنْ بِمُعَايَنَتِهَا فَالشَّرْطُ إصَابَةُ جِهَتِهَا هُوَ الْمُخْتَارُ ا هـ قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْبُخَارِيُّ هَذَا عَلَى التَّقْرِيبِ ، وَإِلَّا فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْكَعْبَةَ قِبْلَةُ الْعَالَمِ ا هـ وَعِنْدِي فِي جَوَازِ التَّحَرِّي مَعَ إمْكَانِ صُعُودِهِ إشْكَالٌ ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى الدَّلِيلِ الظَّنِّيِّ وَتَرْكِ الْقَاطِعِ مَعَ إمْكَانِهِ لَا يَجُوزُ وَمَا أَقْرَبَ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ الِاسْتِخْبَارُ فَوْقَ التَّحَرِّي فَإِذَا امْتَنَعَ الْمَصِيرُ إلَى الظَّنِّيِّ مَعَ إمْكَانِ ظَنِّيٍّ

أَقْوَى مِنْهُ فَكَيْفَ يَتْرُكُ الْيَقِينَ مَعَ إمْكَانِهِ لِلظَّنِّ ا هـ فَتْحِ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ اجْتَهَدَ ) أَيْ عِنْدَ تَحَقُّقِ الْحَائِلِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى هَذَا ) أَيْ عَلَى الِاخْتِلَافِ ا هـ ( قَوْلُهُ : الْفَرْضُ إصَابَةُ عَيْنِهَا ) أَيْ نِيَّةً لَا تَوَجُّهًا وَسَيَأْتِي ا هـ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَمَنْ صَلَّى إلَى غَيْرِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ لَا يَكْفُرُ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ جِهَةِ الْكَعْبَةِ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ ا هـ قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ اجْتِهَادٍ إلَى يَقِينٍ ) أَيْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ الْجِهَةِ يَقِينًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ انْتَقَلَ مِنْ اجْتِهَادٍ إلَى اجْتِهَادٍ ) إذْ لَا يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ الْعَيْنِ يَقِينًا ا هـ ( قَوْلُهُ : عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى وُجُوبَ النِّيَّةِ ) أَيْ نِيَّةَ الْعَيْنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْخَائِفُ يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ ) لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الْخَوْفُ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ حَتَّى إذَا خَافَ أَنْ يَرَاهُ إذَا تَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ وَلَوْ خَافَ أَنْ يَرَاهُ الْعَدُوُّ إنْ قَعَدَ صَلَّى مُضْطَجِعًا بِالْإِيمَاءِ ، وَكَذَا الْهَارِبُ مِنْ الْعَدُوِّ رَاكِبًا يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ عَلَى خَشَبَةٍ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَخَافُ الْغَرَقَ إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَوْ كَانَ فِي طِينٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ جَازَ لَهُ الْإِيمَاءُ عَلَى الدَّابَّةِ وَاقِفَةً إذَا قَدَرَ ، وَإِلَّا فَسَائِرَةً وَيَتَوَجَّهُ إلَى الْقِبْلَةِ إنْ قَدَرَ ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّزُولِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ نَزَلَ وَأَوْمَأَ قَائِمًا وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ دُونَ السُّجُودِ أَوْمَأَ قَاعِدًا وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ نَدِيَّةً مُبْتَلَّةً لَا يَغِيبُ وَجْهُهُ فِي الطِّينِ صَلَّى عَلَى الْأَرْضِ وَسَجَدَ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْخَائِفُ يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ ) وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْمُصَلِّيَ فِي خِدْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهٌ عَنْ الْجِهَةِ فَيَسْتَحِيلُ الْإِقْبَالُ عَلَيْهِ فَابْتَلَانَا بِالتَّوَجُّهِ إلَى الْكَعْبَةِ لَا أَنَّ الْعِبَادَةَ لَهَا حَتَّى لَوْ سَجَدَ لِلْكَعْبَةِ يَكْفُرُ فَلَمَّا اعْتَرَاهُ الْخَوْفُ تَحَقَّقَ الْعُذْرُ فَأَشْبَهَ حَالَةَ الِاشْتِبَاهِ فِي تَحَقُّقِ الْعُذْرِ فَيَتَوَجَّهُ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَةَ لَمْ تُعْتَبَرْ لِعَيْنِهَا بَلْ لِلِابْتِلَاءِ فَيَتَحَقَّقُ الْمَقْصُودُ بِالتَّوَجُّهِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ ا هـ كَاكِيٌّ فَتَحَرَّرَ أَنَّ جِهَةَ الِاسْتِقْبَالِ عَلَى أَرْبَعِ مَرَاتِبَ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَجِهَتِهَا وَجِهَةِ التَّحَرِّي وَأَيِّ جِهَةٍ كَانَتْ وَالْكُلُّ فِي حَالَةِ الْأَمْنِ إلَّا الْأَخِيرُ فَإِنَّهُ حَالَةُ الْخَوْفِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ ، وَكَذَا الْمَرِيضُ إذَا لَمْ يَجِدْ مَنْ يُحَوِّلُهُ إلَيْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ ) أَيْ بِالْإِيمَاءِ إلَى أَيِّ جِهَةٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إذَا انْحَرَفَ إلَى الْقِبْلَةِ ) أَيْ فَيُصَلِّي حَيْثُمَا كَانَ وَجْهُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ ) لَيْسَ فِي مُسَوَّدَةِ الشَّارِحِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ تَحَرَّى ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ { كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَلَمْ نَدْرِ أَيْنَ الْقِبْلَةُ فَصَلَّى كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا عَلَى حِيَالِهِ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا ذَكَرْنَا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } } وَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِبْلَةُ الْمُتَحَرِّي جِهَةُ قَصْدِهِ ؛ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِالدَّلِيلِ الظَّاهِرِ وَاجِبٌ إقَامَةً لِلْوَاجِبِ بِقَدْرِ الْوُسْعِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْهَا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَكَانِ عَالِمٍ بِالْقِبْلَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّحَرِّي ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْبَارَ فَوْقَ التَّحَرِّي لِكَوْنِ الْخَبَرِ مُلْزِمًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ وَالتَّحَرِّي مُلْزِمٌ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْأَدْنَى مَعَ إمْكَانِ الْأَعْلَى وَلَا يَجُوزُ التَّحَرِّي مَعَ الْمَحَارِيبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَخْطَأَ لَمْ يُعِدْ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُعِيدُ إذَا اسْتَدْبَرَهَا ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ فَصَارَ كَمَا لَوْ صَلَّى الْفَرْضَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ دَخَلَ أَوْ صَامَ قَبْلَ أَوَانِهِ أَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجَسٍ أَوْ تَوَضَّأَ بِمَاءٍ نَجَسٍ بِالِاجْتِهَادِ أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادٍ فِي قَضِيَّةٍ ، ثُمَّ وَجَدَ نَصًّا بِخِلَافِهِ وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ الْخَبَرِ وَالْأَثَرِ ؛ وَلِأَنَّ التَّكْلِيفَ مُقَيَّدٌ بِالْوُسْعِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إلَّا التَّوَجُّهُ إلَى جِهَةِ التَّحَرِّي بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَسَائِلِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَقْصَى غَايَةَ الِاسْتِقْصَاءِ لَعَلِمَ حَقِيقَتَهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ جَهْلَ الْقَاضِي بِالنَّصِّ كَانَ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ ، وَكَذَا الْجَهْلُ بِالنَّجَسِ وَالْوَقْتِ لِإِمْكَانِهِ أَنْ يَسْأَلَ غَيْرَهُ مِمَّنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ

يَسْأَلَ مِمَّنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ عِلْمَهَا مَبْنِيٌّ عَلَى عِلْمِ الْعَلَامَاتِ مِنْ النُّجُومِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا زَالَتْ بِالْغَيْمِ عَمَّ الْعَجْزُ الْجَمِيعَ فَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ حَيْثُ لَا تَلْزَمُهُ الْأَحْكَامُ لِعَجْزِهِ وَالذِّمِّيُّ لَوْ أَسْلَمَ يَلْزَمُهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى التَّحْصِيلِ ؛ لِأَنَّ الدَّارَ دَارُ الْعِلْمِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ فَلَا يُعْذَرُ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ غَيْرَهُ وَأَخْبَرَهُ لَأَخْبَرَهُ عَنْ اجْتِهَادٍ مِثْلِ اجْتِهَادِهِ لَا عَنْ يَقِينٍ فَلَا تَقْصِيرَ مِنْ جِهَتِهِ وَلَوْ عَرَفَ بَعْدَمَا صَلَّى إنَّمَا يَعْرِفُ بِالِاجْتِهَادِ وَهُوَ لَا يَنْقُضُ مَا مَضَى مِنْ الِاجْتِهَادِ ؛ وَلِأَنَّ الْقِبْلَةَ تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ جِهَةٍ إلَى جِهَةٍ كَمَا فِي حَالَةِ الرُّكُوبِ وَالْخَوْفِ فَكَذَا فِي حَالَةِ الِاشْتِبَاهِ فَلَا يُعِيدُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فِي صَلَاتِهِ ) أَيْ عَلِمَ بِالْخَطَأِ ( اسْتَدَارَ ) لِأَنَّ تَبَدُّلَ الِاجْتِهَادِ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ النُّسَخِ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ الْأَنْصَارِ كَانُوا يُصَلُّونَ بِمَسْجِدِ قُبَاءَ إلَى الشَّامِ فَأُخْبِرُوا بِتَحَوُّلِ الْقِبْلَةِ فَاسْتَدَارُوا كَهَيْئَتِهِمْ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالْكِتَابِ إذْ لَا نَصَّ عَلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ فِي الْقُرْآنِ فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ ثَابِتًا بِالسُّنَّةِ ، ثُمَّ نُسِخَ بِالْكِتَابِ وَعَلَى أَنَّ حُكْمَ النَّسْخِ لَا يَثْبُتُ حَتَّى يَبْلُغَ الْمُكَلَّفُ وَعَلَى أَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ يُوجِبُ الْعَمَلَ ثُمَّ مَسَائِلُ جِنْسِ التَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ لَا تَخْلُو إمَّا إنْ لَمْ يَشُكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ أَمَّا إذَا لَمْ يَشُكَّ وَصَلَّى إلَى جِهَةٍ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَظْهَرَ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ أَوْ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ ؛ لِأَنَّ مِنْ ظَاهِرِ حَالِ الْمُسْلِمِ أَدَاءَ الصَّلَاةِ إلَيْهَا فَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْجَوَازِ وَإِنْ ظَهَرَ خَطَؤُهُ يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَلَوْ بَعْدَ

الْفَرَاغِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ يَرْتَفِعُ بِالدَّلِيلِ إذْ مَا ثَبَتَ بِالدَّلِيلِ فَوْقَ مَا ثَبَتَ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ ، وَأَمَّا إذَا شَكَّ وَتَحَرَّى فَحُكْمُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ ، وَأَمَّا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ فَإِنَّهُ يُعِيدُهَا ؛ لِأَنَّ التَّحَرِّيَ اُفْتُرِضَ عَلَيْهِ فَيَفْسُدُ بِتَرْكِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ؛ لِأَنَّ مَا افْتَرَضَ لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ لَا غَيْرُ كَالسَّعْيِ إلَى الْجُمُعَةِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ يَسْتَقْبِلُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْنِي لِمَا ذَكَرْنَا وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ حَالَتَهُ قَوِيَتْ بِالْعِلْمِ وَبِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ لَا يَجُوزُ فَصَارَ كَالْأُمِّيِّ إذَا تَعَلَّمَ سُورَةً وَالْمُومِئِ إذَا قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ إلَى جِهَةٍ فَصَلَّى إلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا تُجْزِيهِ أَصَابَ أَوْ لَمْ يُصِبْ أَمَّا إذَا لَمْ يُصِبْ فَظَاهِرٌ ، وَكَذَا إذَا أَصَابَ ؛ لِأَنَّ الْجِهَةَ الَّتِي أَدَّى إلَيْهَا اجْتِهَادُهُ صَارَتْ قِبْلَةً لَهُ قَائِمَةً مَقَامَ الْكَعْبَةِ فِي حَقِّهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهَا وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ يَقُولُ إنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّا وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ نَجَسٌ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ طَاهِرٌ أَوْ صَلَّى الْفَرْضَ وَعِنْدَهُ أَنَّ الْوَقْتَ لَمْ يَدْخُلْ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يُجْزِيهِ ؛ لِأَنَّهُ حَكَمَ بِفَسَادِ صَلَاتِهِ بِنَاءً عَلَى دَلِيلٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ تَحَرِّيهِ فَلَا تَنْقَلِبُ جَائِزَةً وَإِنْ ظَهَرَ بِخِلَافِهِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ تَحَرَّى إلَى آخِرِهِ ) لَوْ تَحَرَّى وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَقِيلَ يُصَلِّي إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ ا هـ زَادَ الْفَقِيرُ ( قَوْلُهُ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَيْ فِي سَفَرِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : عَلَى حِيَالِهِ ) أَيْ قِبَالَتِهِ ا هـ مُغْرِبٌ ( قَوْلُهُ : فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ) أَيْ قِبْلَتُهُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا وَارْتَضَى بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكَشَّافِ وَفِي شَرْحِ التَّأْوِيلَاتِ أَيْ فَثَمَّ قِبْلَةُ اللَّهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ إسْنَادُهُ بِذَاكَ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ بْنِ سَعِيدٍ السَّمَّانِ وَهُوَ مُضَعَّفٌ فِي الْحَدِيثِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إذَا لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ إلَى آخِرِهِ ) فِي التَّقْيِيدِ بِحَضْرَتِهِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِحَضْرَتِهِ أَحَدٌ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ ا هـ قَالَ فِي الْغَايَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يُوسُفَ لَوْ أَنَّ أَعْمَى صَلَّى رَكْعَةً لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ وَسَوَّاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَاقْتَدَى بِهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ دُونَ الْمُقْتَدِي قِيلَ هَذَا إذَا لَمْ يَجِدْ الْأَعْمَى مَنْ يَسْأَلُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الشُّرُوعِ أَمَّا إذَا وَجَدَ وَلَمْ يَسْأَلْهُ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا كَانَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يَسْأَلُهُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أُنَاسٌ فَلَمْ يَسْأَلْهُمْ حَتَّى تَحَرَّى وَصَلَّى إلَى الْجِهَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا تَحَرِّيهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ الْقِبْلَةِ فَلَمْ يَعْلَمُوا أَيْضًا جِهَةَ الْقِبْلَةِ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي السُّؤَالِ فَتَرْكُ السُّؤَالِ لَمْ يُغَيِّرْ الْحُكْمَ وَإِنْ كَانُوا يَعْلَمُونَ جِهَةَ الْقِبْلَةِ نَظَرٌ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ تَمَّتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ

تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا يُعِيدُ وَلَا عِبْرَةَ بِالتَّحَرِّي ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ لَا فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ سَأَلَهُمْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَلَمْ يُخْبِرُوهُ فَتَحَرَّى وَصَلَّى إلَى جِهَةٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخْطَأَ فِي الصَّلَاةِ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَلَا يَسْتَقْبِلُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ السُّؤَالُ ا هـ طح ( قَوْلُهُ : مُلْزِمًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ ) أَيْ كَمَا فِي خَبَرِ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَرِوَايَةِ الْحَدِيثِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ صَلَّى فِي ثَوْبٍ نَجَسٍ أَوْ تَوَضَّأَ إلَى آخِرِهِ ) فَإِنْ قِيلَ إذَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخْطَأَ تَجِبُ الْإِعَادَةُ ، فَهَلْ وَجَبَتْ الْإِعَادَةُ هُنَا قُلْنَا الْأَصْلُ إنَّ مَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ بَعْدَ الثُّبُوتِ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَأَمْرُ الْقِبْلَةِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَحَوَّلَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إلَى الْكَعْبَةِ ، ثُمَّ مِنْهَا إلَى جِهَتِهَا وَمَا لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ بَعْدَ الثُّبُوتِ تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَطَهَارَةُ الْأَوَانِي وَالثِّيَابِ لَا تَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ فَتَجِبُ الْإِعَادَةُ وَهَذَا لِأَنَّ مَا يَحْتَمِلُ التَّحَوُّلَ يَجِبُ الْقَوْلُ بِالتَّحَوُّلِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ مَا لَا يَحْتَمِلُ التَّحَوُّلَ ا هـ سَيِّدٌ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إلَّا التَّوَجُّهَ إلَى جِهَةِ التَّحَرِّي ) فَتَعَيَّنَتْ قِبْلَةً لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْجِهَةُ حَالَةَ الْعَجْزِ مَنْزِلَةَ عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَالْمِحْرَابِ حَالَ الْقُدْرَةِ وَإِنَّمَا عُرِفَ التَّحَرِّي شَرْطًا نَصًّا بِخِلَافِ الْقِيَاسِ لَا لِأَصْلِ الْقِبْلَةِ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مَا أَخْطَأَ قِبْلَةً ؛ لِأَنَّ قِبْلَتَهُ جِهَةُ التَّحَرِّي وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَاكَ هُوَ الصَّلَاةُ بِالثَّوْبِ الطَّاهِرِ حَقِيقَةً لَكِنَّهُ أَمَرَهُ بِإِصَابَتِهِ بِالتَّحَرِّي فَإِذَا لَمْ يُصِبْ انْعَدَمَ

الشَّرْطُ فَلَمْ تَجُزْ أَمَّا هُنَا فَالشَّرْطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَقِبْلَتُهُ هَذِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ اسْتَقْبَلَهَا فَهُوَ الْفَرْقُ ا هـ بَدَائِعُ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ التَّحَرِّي وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ فِي الْقِبْلَةِ فَقَدْ قِيلَ لَا يُصَلِّي وَقَدْ قِيلَ يُصَلِّي إلَى أَرْبَعِ جِهَاتٍ وَقِيلَ يُخَيَّرُ ، وَكَذَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً بِالتَّحَرِّي إلَى جِهَةٍ ، ثُمَّ تَحَوَّلَ رَأْيُهُ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَكَذَا فِي حَالَةِ الِاشْتِبَاهِ إلَى آخِرِهِ ) بِخِلَافِ طَهَارَةِ الثَّوْبِ وَالْمَاءِ فَإِنَّهَا لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ فَيُعِيدُ ا هـ ( قَوْلُهُ : عَلِمَ بِالْخَطَأِ اسْتَدَارَ ) أَيْ وَيُتِمُّ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّى فِي الثَّوْبَيْنِ فَصَلَّى فِي أَحَدِهِمَا ، ثُمَّ تَحَوَّلَ تَحَرِّيهِ إلَى ثَوْبٍ آخَرَ وَكُلُّ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي الثَّوْبِ الْأَوَّلِ جَازَتْ دُونَ الثَّانِي ا هـ ظَهِيرِيَّةٌ ( قَوْلُهُ : بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ النَّسْخِ ) أَيْ وَهُوَ لَا يُبْطِلُ الْمَاضِيَ ؛ لِأَنَّ أَثَرَ النَّسْخِ يَظْهَرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ الْمَاضِي ( قَوْلُهُ : فَأُخْبِرُوا بِتَحَوُّلِ الْقِبْلَةِ إلَى آخِرِهِ ) وَتَحَوُّلُ الْقِبْلَةِ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي رَجَبٍ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ أَوْ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ فِي شَعْبَانَ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ ) أَيْ فِي حَدِيثِ تَحَوُّلِ الْقِبْلَةِ ( قَوْلُهُ : عَلَى جَوَازِ نَسْخِ ) وَعَلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ بِالِاجْتِهَادِ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يَبْلُغَ الْمُكَلَّفَ ) إذْ لَوْ ثَبَتَ قَبْلَهُ مِنْ وَقْتِ نُزُولِ النَّاسِخِ لَاسْتَأْنَفُوا صَلَاتَهُمْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ

إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَلَوْ صَلَّى مِنْ غَيْرِ التَّحَرِّي بَعْدَمَا شَكَّ إنْ أَصَابَ أَيْ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ جَازَتْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ مَا افْتَرَضَ ) أَيْ وَهُوَ التَّحَرِّي ا هـ ( قَوْلُهُ : لِغَيْرِهِ ) أَيْ وَهُوَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : يُشْتَرَطُ حُصُولُهُ ) أَيْ أَنَّ التَّحَرِّيَ لَمْ يُفْرَضْ عَلَيْهِ إلَّا لِتَحْصِيلِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَإِذَا حَصَلَتْ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ حَصَلَ الْمَقْصُودُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ ) أَيْ أَنَّهُ أَصَابَ الْقِبْلَةَ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْنِي ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ عَلِمَ فِي الصَّلَاةِ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى صَلَاتِهِ لِمَا قُلْنَا وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يَسْتَقْبِلُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِمَا ذَكَرْنَا ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ تَبَدُّلِ النَّسْخِ ا هـ قَوْلُهُ : هُوَ يَقُولُ : إنَّ الْمَقْصُودَ قَدْ حَصَلَ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَصَارَ كَمَا إذَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي فَتَوَضَّأَ بِغَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَصَابَ تَحَرِّيهِ كَذَا هَذَا ا هـ أُجِيبَ بِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا هُوَ التَّوَضُّؤُ بِالطَّاهِرِ حَقِيقَةً وَقَدْ وُجِدَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ صَلَّى وَعِنْدَهُ أَنَّهُ مُحْدِثٌ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ كَمَا إذَا تَحَرَّى فِي الْأَوَانِي فَتَوَضَّأَ بِغَيْرِ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ تَحَرَّى قَوْمٌ جِهَاتٍ وَجَهِلُوا حَالَ إمَامِهِمْ يُجْزِيهِمْ ) أَيْ تَحَرَّى جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ فَصَلَّى إمَامُهُمْ إلَى جِهَةٍ وَصَلَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إلَى جِهَةٍ وَلَا يَدْرُونَ مَا صَنَعَ الْإِمَامُ يُجْزِيهِمْ إذَا كَانُوا خَلْفَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَوَجِّهٌ إلَى الْقِبْلَةِ وَهِيَ جِهَةُ التَّحَرِّي وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ لَا تُمْنَعُ كَمَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ وَمَنْ عَلِمَ مِنْهُمْ حَالَ إمَامِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ لِتَرْكِهِ فَرْضَ الْمَقَامِ وَفِي التَّجْنِيسِ رَجُلٌ تَحَرَّى الْقِبْلَةَ فَأَخْطَأَ فَدَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ، ثُمَّ عَلِمَ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ ، ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ فِي صَلَاتِهِ وَقَدْ عَلِمَ حَالَتَهُ الْأُولَى لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الدَّاخِلِ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ وَعَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ فِي أَوَّلِ صَلَاتِهِ وَلَوْ قَامَ اللَّاحِقُ لِلْقَضَاءِ فَعَلِمَ أَنَّ إمَامَهُ كَانَ عَلَى الْخَطَأِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .( قَوْلُهُ : وَهَذِهِ الْمُخَالَفَةُ لَا تَمْنَعُ ) أَيْ صِحَّةَ الِاقْتِدَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَامَ اللَّاحِقُ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا الْفَرْعُ كَتَبَهُ عَلَى هَامِشِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ نَقْلًا عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ ( قَوْلُهُ : كَانَ عَلَى الْخَطَأِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ) أَيْ لِأَنَّ اللَّاحِقَ وَهُوَ النَّائِمُ يُصَلِّي مِثْلَ مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ كَأَنَّهُ خَلَفَهُ وَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يُصَلِّيَ مِثْلَ مَا صَلَّى الْإِمَامُ لَكَانَ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَوْ أَمَرْنَاهُ أَنْ يُحَوِّلَ وَجْهَهُ إلَى الْقِبْلَةِ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ إلَى آخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ خَلْفَ إمَامٍ فَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُ إمَامِهِ عَلَى الْخَطَأِ ا هـ .

( بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ ) أَيْ فَرْضُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَرَبَّك فَكَبِّرْ } وَهِيَ شَرْطٌ عِنْدَنَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي هَذَا الْبَابِ لِاتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ رُكْنُ الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ كَالْقِرَاءَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مِنْ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالطَّهَارَةِ وَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَهِيَ آيَةُ الرُّكْنِيَّةِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ صَلَاةٍ بِتَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ أُخْرَى وَلَوْلَا أَنَّهَا مِنْ الْأَرْكَانِ لَجَازَ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } عَطَفَ الصَّلَاةَ عَلَى الذِّكْرِ وَالْمُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ وَمُقْتَضَى الْعَطْفِ الْمُغَايَرَةُ إذْ الشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ } فَأَضَافَ التَّحْرِيمَ إلَى الصَّلَاةِ وَالْمُضَافُ غَيْرُ الْمُضَافِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُضَافُ إلَى نَفْسِهِ وَمَا رَوَاهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ فَإِنَّ التَّسْبِيحَ لَيْسَ بِرُكْنٍ إجْمَاعًا أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَكْبِيرِ الِانْتِقَالِ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ لَهَا مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ مَمْنُوعٌ فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ فَأَلْقَاهُ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ فَسَتَرَهَا عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّكْبِيرِ بِعَمَلٍ يَسِيرٍ أَوْ شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ قَبْلَ ظُهُور الزَّوَالِ مَثَلًا ، ثُمَّ ظَهَرَ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا أَوْ مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ فَاسْتَقْبَلَهَا عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا جَازَ وَلَئِنْ سَلَّمَ فَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ لِمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْأَدَاءِ لَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ لَا يَجُوزُ أَدَاءُ صَلَاةٍ بِتَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ أُخْرَى مَمْنُوعٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ

أَنْ يُؤَدِّيَ النَّفَلَ بِتَحْرِيمَةِ صَلَاةٍ أُخْرَى إجْمَاعًا بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَأَدَاءُ فَرْضٍ بِتَحْرِيمَةِ فَرْضٍ آخَرَ يَجُوزُ عِنْدَ صَدْرِ الْإِسْلَامِ وَعَلَى الظَّاهِرِ لَعَارَضَهُمْ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهَا شَرْطٌ وَلَيْسَتْ مِنْ الْأَرْكَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَمَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ أَدَاءُ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ صَلَاةٍ أُخْرَى إجْمَاعًا فَكَذَا التَّحْرِيمَةُ وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقَدَ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَيْسَ مِنْ الْأَدَاءِ .

( بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ ) الْمُرَادُ بِصِفَةِ الصَّلَاةِ أَرْكَانُهَا ؛ لِأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الْأَرْكَانُ غَالِبًا وَإِنْ ذُكِرَ فِيهِ مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ اسْتِطْرَادًا كَالتَّحْرِيمَةِ وَالْقُعُودِ الْأَخِيرِ وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الصِّفَةَ عَلَى الْأَرْكَانِ ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ فِي ذَاتِهَا لِكَوْنِهَا أَعْرَاضًا قَائِمَةً بِالْمُصَلِّي ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فَرْضُهَا التَّحْرِيمَةُ إلَى آخِرِهِ ) التَّحْرِيمُ جَعْلُ الشَّيْءِ مُحَرَّمًا نَقْلٌ لِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ ؛ لِأَنَّهَا تُحَرِّمُ مَا لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَأُلْحِقَ بِهِ تَاءُ النَّقْلِ تَنْبِيهًا عَلَى النَّقْلِ كَتَاءِ الْحَقِيقَةِ وَتُسَمَّى تَاءُ الِاسْمِيَّةِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِلتَّكْبِيرَةِ وَقَدْ كَانَ مَصْدَرًا فَفِيهِ تَحْقِيقٌ وَدَلَالَةٌ عَلَى اسْمِيَّتِهِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : فَرْضُ الصَّلَاةِ ) الْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْفَرَائِضُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِي النَّافِلَةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَالْمُرَادُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ ) أَيْ بِإِجْمَاعِ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ ؛ لِأَنَّ سَائِرَ التَّكْبِيرَاتِ لَيْسَ بِفَرْضٍ بِالْإِجْمَاعِ فَتَعَيَّنَ هَذَا لِلْفَرِيضَةِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ النَّصِّ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : إذْ الشَّيْءُ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ ) أَيْ وَإِنْ كَانَ نَظِيرَ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لَكِنَّ جَوَازَهُ لِنُكْتَةٍ بَلَاغِيَةٍ وَهِيَ مَفْقُودَةٌ هُنَا ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ إنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَجْعَلْ التَّحْرِيمَةَ نَفْسَ الصَّلَاةِ بَلْ جُزْأَهَا ، وَالْجُزْءُ لَيْسَ عَيْنَ الْكُلِّ فَلَا يَلْزَمُ عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا إضَافَةُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْعَطْفُ يَقْتَضِي خُرُوجَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ عَنْ الْمَعْطُوفِ وَبِالْعَكْسِ فَلَا يَجُوزُ عَطْفُ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ وَلَا الْعَكْسُ وَخُرُوجُ الْمُضَافِ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَبِالْعَكْسِ وَلِذَا اسْتَدَلَّ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ بِعَطْفِ عَمَلِ الصَّالِحَاتِ عَلَى الْإِيمَانِ وَبِإِضَافَتِهِ إلَيْهِ عَلَى

خُرُوجِهِ مِنْهُ لَكِنْ يَرِدُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى { أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ } ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا جَازَ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّهَا عِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِنَا رُكْنٌ ا هـ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ فَيَجِبُ عَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْفُرُوعُ ا هـ قَوْلُهُ : عِنْدَ صَدْرِ الْإِسْلَامِ ) أَيْ وَالْجُمْهُورُ عَلَى مَنْعِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى الظَّاهِرِ ) أَيْ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَعَارَضَهُمْ بِالنِّيَّةِ ) فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ نَقْضٌ إجْمَالِيٌّ يَرُدُّ عَلَى دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ لَا مُعَارَضَةٌ وَقَدْ يُقَالُ أَرَادَ بِهَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيَّ وَهُوَ الْمُخَالَفَةُ ا هـ يَحْيَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقِيَامُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقِرَاءَةُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } وَعَلَى فَرْضِيَّتِهِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى فَرْضِيَّتِهِمَا .( قَوْلُهُ : { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } ) أَيْ مُطِيعِينَ وَلَمْ يَجِبْ الْقِيَامُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إجْمَاعًا فَيَجِبُ فِيهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى تَعْطِيلِ النَّصِّ ا هـ رَازِيٌّ وَقِيلَ سَاكِتِينَ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ وَقِيلَ خَاشِعِينَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرْضِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الزَّاهِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْقُدُورِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُصَلِّي الْقَائِمُ خَلْفَ الْقَاعِدِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ فِي الْفَرَائِضِ كَانَ مَخْصُوصًا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَكَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ الدِّرَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } ) فَإِنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ ؛ وَلِأَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِهَا فَتَجِبُ فِيهَا ا هـ رَازِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ) وَهُوَ فَرْضٌ وَلَيْسَ بِرُكْنٍ وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ سُنَّةٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ السُّجُودِ فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ } إذَا هُوَ أَحْدَثَ وَلَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ إلَى قَوْلِهِ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، ثُمَّ قَالَ إذَا فَعَلْت هَذَا أَوْ قُلْت هَذَا فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُك إنْ شِئْت أَنْ تَقُومَ فَقُمْ وَإِنْ شِئْت أَنْ تَقْعُدَ فَاقْعُدْ } عَلَّقَ تَمَامَ الصَّلَاةِ بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْفَرْضُ إلَّا بِهِ فَهُوَ فَرْضٌ وَلَا يُقَالُ : إنَّ كَلِمَةَ أَوْ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إذَا قُلْت هَذَا وَلَمْ تَقْعُدْ أَوْ قَعَدْت وَلَمْ تَقُلْ فَلَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى مَا قُلْتُمْ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ لَوْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِ حَالِ الْقُعُودِ لَا تُعْتَبَرُ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ مَا قُلْنَا وَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إذَا قُلْت هَذَا وَأَنْتَ قَاعِدٌ أَوْ قَعَدْت وَلَمْ تَقُلْ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْقُعُودُ الْأَخِيرُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ ، ثُمَّ اخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِي قَدْرِ الْفَرْضِ مِنْ الْقَعْدَةِ قِيلَ قَدْرُ مَا يَأْتِي بِالشَّهَادَتَيْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَدْرُ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ إلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ شَرْعِيَّتَهَا لِقِرَاءَتِهِ وَأَقَلُّ مَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ اسْمُ التَّشَهُّدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا يَنْشَأُ إشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ كَوْنَ مَا شُرِعَ لِغَيْرِهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِيَّتِهِ غَيْرُهُ يَكُونُ آكَدَ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ مِمَّا لَمْ يُعْهَدْ بَلْ وَخِلَافُ الْمَعْقُولِ فَإِذَا كَانَ شَرْعِيَّةُ الْقَعْدَةِ لِلذِّكْرِ أَوْ السَّلَامِ كَانَتْ دُونَهُمَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَيِّنَ سَبَبَ شَرْعِيَّتِهَا الْخُرُوجُ ا هـ وَفِي الدِّرَايَةِ عَنْ الْمُجْتَبَى وَلَوْ شَرَعَ الْمُقْتَدِي فِي قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ وَفَرَغَ عَنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ وَذَهَبَ فَصَلَاتُهُ جَائِزَةٌ ؛ لِأَنَّهُ تَمَّ عَقْدُهُ الْإِمَامَةَ فِي حَقِّهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ تَكَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي التَّشَهُّدَ يُتِمُّ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ أَجْزَأَهُ ا هـ مَعَ حَذْفٍ ( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ) إلَى قَوْلِهِ عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ فَرْضٌ إلَى آخِرِهِ ) قِيلَ إنَّهُ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ وَهُوَ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوَاتِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ بِرُكْنٍ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْمَاهِيَةِ عَلَيْهَا شَرْعًا ؛ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي يَحْنَثُ بِالرَّفْعِ مِنْ السُّجُودِ دُونَ تَوَقُّفٍ عَلَى الْقَعْدَةِ فَعَلِمَ أَنَّهَا شُرِعَتْ لِلْخُرُوجِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ أَفْعَالٌ وُضِعَتْ لِلتَّعْظِيمِ وَلَيْسَ الْقُعُودُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا سِوَاهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ مَالِكٌ هُوَ سُنَّةٌ إلَى آخِرِهِ ) لَكِنْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ عَمْدًا عِنْدَهُ كَذَا فِي غَايَةِ السُّرُوجِيِّ ( قَوْلُهُ : وَعَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَيَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يُؤَدِّبَ وَلَدَهُ عَلَى

الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ إذَا عَقَلَهُمَا لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مُرُوا صِبْيَانَكُمْ بِالصَّلَاةِ إذَا بَلَغُوا سَبْعًا وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا إذَا بَلَغُوا عَشْرًا وَلَا تُفْتَرَضُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ } وَلَوْ احْتَلَمَ الصَّبِيُّ بِاللَّيْلِ ، ثُمَّ انْتَبَهَ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَضَى صَلَاةَ الْعِشَاءِ بِلَا خِلَافٍ ؛ لِأَنَّهُ حُكِمَ بِبُلُوغِهِ بِالِاحْتِلَامِ وَقَدْ انْتَبَهَ وَالْوَقْتُ قَائِمٌ فَيَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَبِهْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا قُلْت إلَى آخِرِهِ ) قَالَ النَّوَوِيُّ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهَا مُدْرَجَةٌ وَالْحَقُّ أَنَّ غَايَةَ الْإِدْرَاجِ هُنَا أَنْ تَصِيرَ مَوْقُوفَةً وَالْمَوْقُوفُ فِي مِثْلِهِ لَهُ حُكْمُ الرَّفْعِ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قِيلَ هَذَا خَبَرُ الْوَاحِدِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ بِهِ عَلَى نَصِّ الْكِتَابِ وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فَنَصُّ الْكِتَابِ مُجْمَلٌ فَيُلْحَقُ بِهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ بَيَانًا قِيلَ فَيَلْحَقُ قَوْلُهُ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } بَيَانًا فَيَكُونُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فَرْضًا ( وَأُجِيبَ ) بِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَنْفِيُّ الْفَضِيلَةَ فَلَا يَصْلُحُ بَيَانًا وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ مُحْكَمٌ فَنَصُّ الْقِرَاءَةِ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَا فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : أَوْ قَعَدَتْ وَلَمْ تَقُلْ إلَى آخِرِهِ ) فَصَارَ التَّخْيِيرُ فِي الْقَوْلِ لَا فِي الْفِعْلِ إذْ الْفِعْلُ ثَابِتٌ فِي الْحَالَيْنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْخُرُوجُ بِصُنْعِهِ ) أَيْ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ بِصُنْعِ الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَخْرِيجِ الْبَرْدَعِيِّ أَخَذَهُ مِنْ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ فَرْضٌ لِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِيهَا وَعَلَى تَخْرِيجِ الْكَرْخِيِّ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَاجِبُهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ سُورَةٍ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ رُكْنٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ } وَقَالَ مَالِكٌ قِرَاءَتُهُمَا رُكْنٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا } هَكَذَا ذَكَرَ فِي الْهِدَايَةِ خِلَافَ مَالِكٍ فِي السُّورَةِ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ ضَمَّ السُّورَةِ وَاجِبٌ وَخَطَّأَ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ فِيهِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لَا تَجُوزُ وَلَكِنَّهُ يُوجِبُ الْعَمَلَ بِهِ فَقُلْنَا بِوُجُوبِهِمَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ } وَلَوْ كَانَتْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ رُكْنًا لَعَلَّمَهُ إيَّاهَا لِجَهْلِهِ بِالْأَحْكَامِ وَحَاجَتِهِ إلَيْهَا وَقَوْلُهُ { لَا صَلَاةَ } مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْفَضِيلَةِ كَقَوْلِهِ { لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ } وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَهِيَ خِدَاجٌ } لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ بِدُونِهَا بَلْ عَلَى النَّقْصِ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَوَاجِبُهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ سُورَةٍ ) وَهَلْ وُجُوبُ الضَّمِّ فِي الْفَرْضِ فَقَطْ أَمْ فِيهِ وَغَيْرُهُ فَاَلَّذِي كَانَ يُفِيدُهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْمُحَقِّقُ قَاضِي الْقُضَاةِ شَمْسُ الدِّينِ الْغَزِّيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الضَّمِّ أَخْذًا مِنْ إطْلَاقَاتِ الْمَشَايِخِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَخُصُّوا ذَلِكَ بِالْفَرْضِ وَقَدْ وَقَفْت فِي الْقُنْيَةِ عَلَى مَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ قَالَ فِيهَا فِي بَابِ السُّنَنِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ خَافَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى سُنَّةَ الْفَجْرِ بِوَجْهِهَا تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ وَلَوْ اقْتَصَرَ فِيهَا بِالْفَاتِحَةِ وَتَسْبِيحَةٍ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يُدْرِكُهَا فَلَهُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ تَرْكَ السُّنَّةِ جَائِزٌ لِإِدْرَاكِ الْجَمَاعَةِ فَتَرْكُ سُنَّةِ السُّنَّةِ أَوْلَى وَعَنْ الْقَاضِي الزرنجري لَوْ خَافَ أَنْ يَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ يُصَلِّي السُّنَّةَ وَيَتْرُكُ الثَّنَاءَ وَالتَّعَوُّذَ وَسُنَّةَ الْقِرَاءَةِ وَيَقْتَصِرُ عَلَى آيَةٍ وَاحِدَةٍ لِيَكُونَ جَمْعًا بَيْنَهُمَا ، وَكَذَا فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ ا هـ وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَبْدُ الرَّحِيمِ عَمَّنْ نَسِيَ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ التَّطَوُّعِ هَلْ يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ فَقَالَ يَلْزَمُهُ قِيلَ لَهُ فَلَوْ تَرَكَهَا عَامِدًا قَالَ يُكْرَهُ ا هـ تَتَارْخَانِيَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ أَوْ ثَلَاثُ آيَاتٍ كَمَا سَيَأْتِي مَتْنًا وَشَرْحًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ) أَيْ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ ا هـ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ لِمَجْدِ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيِّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ ، ثُمَّ السُّورَةُ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْجَبُ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فِي الصَّلَاةِ يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ تَرَكَ السُّورَةَ لَمْ يُؤْمَرْ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةٍ } إلَى آخِرِهِ ) قِيلَ هَذَا خَبَرُ

الْوَاحِدِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِهِ الْفَرْضِيَّةُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَشْهُورٌ فَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى نَصِّ الْكِتَابِ وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ خَبَرُ الْوَاحِدِ فَنَصُّ الْكِتَابِ مُجْمَلٌ فَيَلْحَقُ بِهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ بَيَانًا قِيلَ فَيَلْحَقُ قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ } بَيَانًا فَتَكُونُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فَرْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لِنَفْيِ الْفَضِيلَةِ فَلَا يَصِحُّ بَيَانًا وَلَوْ سَلَّمَ أَنَّهُ مُحْكَمٌ فَنَصُّ الْقِرَاءَةِ لَيْسَ بِمُجْمَلٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ يَصْدُقُ عَلَيْهَا أَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتِمُّ إلَّا بِهَا فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ فَرْضًا ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَخَطَّأَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ إلَى آخِرِهِ ) لَمْ يُخَطِّئْ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ صَاحِبَ الْهِدَايَةِ بَلْ قَالَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّ ضَمَّ السُّورَةِ إلَى الْفَاتِحَةِ رُكْنٌ فِيمَا عَلِمْته وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا التَّخْطِئَةُ كَمَا لَا يَخْفَى

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَعْيِينُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ ) لِقَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُولَيَيْنِ قِرَاءَةٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ التَّخْيِيرُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ سَبَّحَ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَرِعَايَةُ التَّرْتِيبِ فِي فِعْلٍ مُكَرَّرٍ ) أَيْ مُكَرَّرٍ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسُّجُودِ أَوْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَعَدَدِ رَكَعَاتِهَا حَتَّى لَوْ نَسِيَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَقَضَاهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ جَازَ وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَرْضًا لَمَا جَازَ ، وَكَذَا مَا يَقْضِيهِ الْمَسْبُوقُ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ عِنْدَنَا وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فَرْضًا لَكَانَ آخِرًا ، وَأَمَّا مَا شُرِعَ غَيْرُ مُكَرَّرٍ فِي رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ أَوْ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَالتَّرْتِيبُ فِيهِ فَرْضٌ حَتَّى لَوْ رَكَعَ قَبْلَ الْقِيَامِ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ الرُّكُوعِ لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً أَوْ نَحْوَهَا بَطَلَ الْقُعُودُ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهِ فَرْضٌ وَإِنَّمَا كَانَ فَرْضًا ؛ لِأَنَّ مَا اتَّحَدَتْ شَرْعِيَّتُهُ يُرَاعَى وُجُودُهُ صُورَةً وَمَعْنًى فِي مَحَلِّهِ تَحَرُّزًا عَنْ تَفْوِيتِ مَا تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءًا أَوْ كُلًّا إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ جُزْءًا أَوْ كُلًّا مِنْ جِنْسِهِ لِضَرُورَةِ اتِّحَادِهِ فِي الشَّرْعِيَّةِ وَالْإِفْرَادُ بِالشَّرْعِيَّةِ دَلِيلُ تَوَقُّفِ ذَلِكَ عَلَيْهِ .

( قَوْلُهُ : فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسُّجُودِ إلَى آخِرِهِ ) الْمَشْرُوعُ فِي الصَّلَاةِ فَرْضًا أَنْوَاعُ مَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ وَمَا يَتَّحِدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَمَا يَتَعَدَّدُ فِي الصَّلَاةِ كَالرَّكَعَاتِ وَمَا يَتَعَدَّدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ كَالسَّجْدَةِ مَنْبَعٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَبَيَانُ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ إذَا أَدْرَكَ أَوَّلَ صَلَاةِ الْإِمَامِ ، ثُمَّ نَامَ خَلْفَهُ أَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ فَسَبَقَهُ الْإِمَامُ بِبَعْضِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ انْتَبَهَ مِنْ نَوْمِهِ أَوْ عَادَ مِنْ وُضُوئِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ ، ثُمَّ يُتَابِعُ إمَامَهُ لِمَا نَذْكُرُ وَلَوْ تَابَعَ إمَامَهُ أَوَّلًا ، ثُمَّ قَضَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ جَازَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى أَدَاءِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى مَعَ الْإِمَامِ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَبَقِيَ قَائِمًا وَأَمْكَنَهُ أَدَاءُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ فَأَدَّى الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الْأُولَى ، ثُمَّ قَضَى الْأُولَى بَعْدَ تَسْلِيمِ الْإِمَامِ أَجْزَأَهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ تَذَكَّرَ سُجُودًا فِي الرُّكُوعِ وَقَضَاهُ أَوْ سَجْدَةً فِي السَّجْدَةِ وَقَضَاهَا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ الَّذِي هُوَ فِيهِمَا وَلَوْ اعْتَدَّ بِهِمَا وَلَمْ يُعِدْ أَجْزَأَهُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتَدَّ بِهِمَا وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ الْمَأْتِيَّ بِهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ فَإِذَا أَتَى بِهِ قَبْلَهُ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلَّهُ فَلَا يَقَعُ مُعْتَدًّا بِهِ كَمَا إذَا قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ السُّجُودِ لِمَا قُلْنَا كَذَا هَذَا وَلَنَا قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا } وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ

أَمَرَ بِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ فِيمَا أَدْرَكَ بِحَرْفِ الْفَاءِ الْمُقْتَضِي لِلتَّعْقِيبِ بِلَا فَصْلٍ ، ثُمَّ أَمَرَ بِقَضَاءِ الْفَائِتِ وَالْأَمْرُ دَلِيلُ الْجَوَازِ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْمَسْبُوقُ بِمَا أَدْرَكَ الْإِمَامُ لَا بِمَا سَبَقَهُ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَخَّرَهُ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَمْرِ بِحَرْفِ الْوَاوِ وَأَنَّهُ لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ فَأَيُّهُمَا فَعَلَ يَقَعُ مَأْمُورًا بِهِ فَصَارَ مُعْتَدًّا بِهِ إلَّا أَنَّ الْمَسْبُوقَ صَارَ مَخْصُوصًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { سَنَّ لَكُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ سُنَّةً حَسَنَةً فَاسْتَنُّوا بِهَا } وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ بِظَاهِرِهِ وَبِضَرُورَتِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مِنْ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فَإِسْقَاطُ التَّرْتِيبِ فِي نَفْسِ الصَّلَاةِ إسْقَاطٌ فِيمَا هُوَ مِنْ أَجْزَائِهَا ضَرُورَةً إلَّا أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِالسُّجُودِ قَبْلَ الرُّكُوعِ ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ لِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ بِالسَّجْدَةِ وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الرُّكُوعِ ا هـ بَدَائِعُ قَوْلُهُ : بَطَلَ الْقُعُودُ ) فَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الْقُعُودَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ( قَوْلُهُ : جُزْءًا أَوْ كُلًّا ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ مَا تَعَلَّقَ ؛ لِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ بِالْمُتَّحِدِ كُلُّ الصَّلَاةِ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ جُزْؤُهَا وَهُوَ الرَّكْعَةُ كَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَّحِدَ لَمْ يُشْرَعْ شَيْءٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِهِ فِي مَحَلِّهِ فَإِنْ فَاتَ فَاتَ أَصْلًا فَيَفُوتُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ مِنْ جُزْءِ الصَّلَاةِ أَوْ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْمُتَكَرِّرِ فَإِنَّهُ لَوْ فَاتَ أَحَدُ فِعْلَيْهِ بَقِيَ الْفِعْلُ الْآخَرُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَمْ يَفُتْ مَا تَعَلَّقَ بِهِ كَمَا لَوْ أَتَى بِإِحْدَى السَّجْدَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَتَرَكَ الْأُخْرَى وَإِنَّمَا قَالَ يُرَاعَى وُجُودُهُ صُورَةً وَمَعْنًى ؛ لِأَنَّ أَحَدَ فِعْلِي الْمُتَكَرِّرِ لَوْ فَاتَ عَنْ مَحَلِّهِ ، ثُمَّ أَتَى بِهِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ الْتَحَقَ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ فَكَانَ مَوْجُودًا فِيهِ

مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ صُورَةً بِخِلَافِ الْمُتَّحِدِ فَإِنَّهُ لَمْ يَلْتَحِقْ بِمَحَلِّهِ الْأَوَّلِ حَيْثُ فَاتَ بِفَوَاتِهِ فَلَمْ يُوجَدْ صُورَةً وَمَعْنًى ا هـ يَحْيَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَعْدِيلُ الْأَرْكَانِ ) وَهُوَ تَسْكِينُ الْجَوَارِحِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَأَدْنَاهُ مِقْدَارُ تَسْبِيحَةٍ وَهَذَا تَخْرِيجُ الْكَرْخِيِّ وَفِي تَخْرِيجِ الْجُرْجَانِيِّ سُنَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِتَكْمِيلِ الْأَرْكَانِ وَلَيْسَ بِمَقْصُودٍ لِذَاتِهِ فَيَكُونُ سُنَّةً وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ شُرِعَ لِتَكْمِيلِ رُكْنٍ فَيَكُونُ وَاجِبًا كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ { صَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا تَتِمُّ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ حَتَّى يُسْبِغَ الْوُضُوءَ إلَى أَنْ قَالَ ، ثُمَّ يُكَبِّرَ فَيَرْكَعَ فَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ حَتَّى تَطْمَئِنَّ مَفَاصِلُهُ وَيَسْتَرْخِيَ } الْحَدِيثُ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { وَارْكَعُوا وَاسْجُدُوا } أُمِرْنَا بِالرُّكُوعِ وَهُوَ الِانْحِنَاءُ لُغَةً وَبِالسُّجُودِ وَهُوَ الِانْخِفَاضُ لُغَةً فَتَتَعَلَّقُ الرُّكْنِيَّةُ بِالْأَدْنَى مِنْهُمَا وَفِي آخِرِ مَا رَوَاهُ سَمَّاهُ صَلَاةٌ فَقَالَ لَهُ { إذَا فَعَلْت ذَلِكَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك وَإِذَا انْتَقَصْت مِنْهَا شَيْئًا انْتَقَصَ مِنْ صَلَاتِك وَلَمْ تَذْهَبْ كُلُّهَا } وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا حَدِيثٌ ثَابِتٌ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ وَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي أَيْضًا ؛ لِأَنَّ فِيهِ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَالثَّنَاءَ وَالتَّسْمِيعَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فَرْضًا بِالْإِجْمَاعِ .

( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ فَرْضٌ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ فَرْضٌ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ا هـ وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ قَالَ أَبُو الْيُسْرِ مَنْ تَرَكَ الِاعْتِدَالَ تَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ وَلَوْ أَعَادَ يَكُونُ الْفَرْضُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ لُزُومَ الْإِعَادَةِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ إلَى أَنَّ الْفَرْضَ أَيُّهُمَا ا هـ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا إشْكَالَ فِي وُجُوبِ الْإِعَادَةِ إذْ هُوَ الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ مَعَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ جَابِرًا لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ وَبِجَعْلِهِ الثَّانِيَ يَقْتَضِي عَدَمَ سُقُوطِهِ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ لَازِمُ تَرْكِ الرُّكْنِ لَا الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ امْتِنَانٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى إذْ يُحْتَسَبُ الْكَامِلُ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْفَرْضِ لِمَا عَلِمَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ سَيُوقِعُهُ ا هـ مِنْهُ وَفِي الْإِسْبِيجَابِيِّ الطُّمَأْنِينَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا فَرْضٌ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا الِاخْتِلَافَ فِي الْكِتَابِ وَلَكِنْ تَلَقَّيْنَاهُ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِمَنْ أَخَفَّ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِهِ ) اسْمُهُ خَلَّادُ بْنُ رَافِعٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : سَمَّاهُ صَلَاةً ) وَالْبَاطِلَةُ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ أَوْ يُقَالُ وَصْفُهَا بِالنَّقْصِ وَالْبَاطِلَةُ إنَّمَا تُوصَفُ بِالِانْعِدَامِ فَعُلِمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَمَرَهُ بِإِعَادَتِهَا لِيُوقِعَهَا عَلَى غَيْرِ كَرَاهَةٍ لَا لِلْفَسَادِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : انْتَقَصَ مِنْ صَلَاتِك ) مِنْ زَائِدَةٌ أَوْ تَبْعِيضِيَّةٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقُعُودُ الْأَوَّلُ ) وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ هُوَ سُنَّةٌ وَقَدْ عُرِفَ فِي الْمُطَوَّلَاتِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّشَهُّدُ وَلَفْظُ السَّلَامِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ ) هُوَ الصَّحِيحُ حَتَّى يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَذْكَارِ كَالتَّعَوُّذِ وَالثَّنَاءِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَذْكَارِ لَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ لِلسَّهْوِ إلَّا فِي الْأَفْعَالِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ هَذِهِ الْأَذْكَارَ تُضَافُ إلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ يُقَالُ تَشَهُّدُ الصَّلَاةِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ فَصَارَتْ مِنْ خَصَائِصِهَا بِخِلَافِ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ حَيْثُ تُضَافُ إلَى الرُّكُوعِ فَقَطْ فَلَا يَجِبُ الْجَابِرُ بِتَرْكِهَا .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالتَّشَهُّدُ ) أَيْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَلِذَلِكَ أُطْلِقَ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً فِي الْأُولَى وَهُوَ اخْتِيَارُ الْبَعْضِ ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ فِيمَا يَجْهَرُ وَيُسِرُّ ) وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ هُمَا سُنَّتَانِ حَتَّى لَا يَجِبَ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مَقْصُودَيْنِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ الْقِرَاءَةُ فَصَارَا كَالْقَوْمَةِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْجَهْرُ وَالْإِسْرَارُ إلَى آخِرِهِ ) لِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا وَهَذَا إذَا كَانَ إمَامًا أَمَّا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ ا هـ رَازِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسُنَنُهَا رَفْعُ الْيَدَيْنِ لِلتَّحْرِيمَةِ وَنَشْرُ أَصَابِعِهِ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ إذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ نَاشِرًا أَصَابِعَهُ } وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ لَا يَضُمَّ كُلَّ الضَّمِّ وَلَا يُفَرِّجَ كُلَّ التَّفْرِيجِ بَلْ يَتْرُكُهَا عَلَى حَالِهَا مَنْشُورَةً .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَسُنَنُهَا إلَى آخِرِهِ ) هِيَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ عَلَى مَا ذُكِرَ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : لِلتَّحْرِيمَةِ ) أَيْ وَتُعَيَّنُ لَفْظَةُ اللَّهُ أَكْبَرُ ا هـ كُنُوزٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَهْرُ الْإِمَامِ بِالتَّكْبِيرِ ) لِحَاجَتِهِ إلَى الْإِعْلَامِ بِالدُّخُولِ وَالِانْتِقَالِ وَلِهَذَا سُنَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ أَيْضًا .قَوْلُهُ : لِحَاجَتِهِ إلَى الْإِعْلَامِ ) أَيْ لِيَعْلَمَ الْأَعْمَى ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا سُنَّ رَفْعُ الْيَدَيْنِ ) أَيْ لِيَعْلَمَ الْأَصَمُّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالثَّنَاءُ وَالتَّعَوُّذُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالتَّأْمِينُ سِرًّا ) لِلنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُ كُلِّ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ سِرًّا رَاجِعٌ إلَى الْأَرْبَعَةِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالثَّنَاءُ وَالتَّعَوُّذُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الثَّنَاءُ وَالتَّعَوُّذُ وَالتَّسْمِيَةُ وَالتَّأْمِينُ سِرًّا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ إمَامًا أَوْ مُقْتَدِيًا أَوْ مُنْفَرِدًا فَلِلنَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالتَّسْمِيَةُ ) سَيَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : سِرًّا ) وَانْتِصَابُهُ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ وَالتَّقْدِيرُ تُسَرُّ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ سِرًّا أَوْ يُسِرُّهَا الْمُصَلِّي سِرًّا ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَضْعُ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ سُرَّتِهِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَضَعُ عَلَى الصَّدْرِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يَضَعُ عَلَى الصَّدْرِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ } ؛ وَلِأَنَّ الْوَضْعَ عَلَى الصَّدْرِ أَقْرَبُ إلَى الْخُضُوعِ مِنْ الْوَضْعِ عَلَى الْعَوْرَةِ وَلَنَا حَدِيثُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مِنْ السُّنَّةِ وَضْعُ الْيَمِينِ عَلَى الشِّمَالِ تَحْتَ السُّرَّةِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّعْظِيمِ كَمَا بَيْنَ يَدِي الْمُلُوكِ وَوَضْعُهَا عَلَى الْعَوْرَةِ لَا يَضُرُّ فَوْقَ الثِّيَابِ فَكَذَا بِلَا حَائِلٍ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْعَوْرَةِ فِي حَقِّهِ وَلِهَذَا تَضَعُ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا عَلَى صَدْرِهَا وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً .قَوْلُهُ : وَلَنَا حَدِيثُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى آخِرِهِ لَمْ يُجِبْ عَنْ حَدِيثِ الشَّافِعِيِّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَكْبِيرُ الرُّكُوعِ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ رَفْعٍ وَخَفْضٍ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالرَّفْعُ مِنْهُ ) أَيْ الرَّفْعُ مِنْ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ وَإِعْرَابُ الرَّفْعِ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى التَّكْبِيرِ وَلَا يَجُوزُ خَفْضُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَإِنَّمَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْهُ فَرْضٌ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِانْتِقَالُ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ بِأَنْ يَنْحَطَّ مِنْ رُكُوعِهِ .قَوْلُهُ : بِالتَّسْمِيعِ وَيَجُوزُ جَرُّهُ عَلَى أَنْ يُرَادَ بِالتَّكْبِيرِ ذِكْرٌ فِيهِ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ لَفْظُ التَّكْبِيرِ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَيَلْزَمُ عَلَى وَجْهِ الرَّفْعِ تَكْرَارُ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالْقَوْمَةُ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنْ يُرَادَ مِنْ الْقَوْمَةِ الْقَوْمَةُ بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ ا هـ بَاكِيرٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا ) أَيْ تَسْبِيحُ الرُّكُوعِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا وَذَلِكَ أَدْنَاهُ } أَيْ أَدْنَى كَمَالِ السُّنَّةِ أَوْ الْفَضِيلَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ وَتَفْرِيجُ أَصَابِعِهِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَنَسٍ { إذَا رَكَعْت فَضَعْ يَدَيْك عَلَى رُكْبَتَيْك وَفَرِّجْ بَيْنَ أَصَابِعِك } .( قَوْلُهُ : إذَا رَكَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ) ظَاهِرُهُ وَهُوَ الْوُجُوبُ مَتْرُوكٌ إجْمَاعًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَكْبِيرُ السُّجُودِ ) لِمَا رَوَيْنَا وَلَوْ قَالَ ( وَتَكْبِيرُ السُّجُودِ وَالرَّفْعُ مِنْهُ ) كَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ عِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ سُنَّةٌ ، وَكَذَا الرَّفْعُ نَفْسُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ فَرْضُ وَجْهِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ الِانْتِقَالُ وَقَدْ يَتَحَقَّقُ بِدُونِهِ بِأَنْ سَجَدَ عَلَى الْوِسَادَةِ ، ثُمَّ تُنْزَعُ وَيَسْجُدُ عَلَى الْأَرْضِ ثَانِيًا وَلَكِنْ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إلَّا عِنْدَ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ الرَّفْعَ حَتَّى يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْجُلُوسِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَسْبِيحُهُ ثَلَاثًا ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى ثَلَاثًا } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَضْعُ يَدَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ ) يَعْنِي وَضْعَهُمَا عَلَى الْأَرْضِ حَالَةَ السُّجُودِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ وَعَدَّ مِنْهَا الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا لِتَحَقُّقِ السُّجُودِ بِدُونِ وَضْعِهِمَا ، وَأَمَّا وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ فَرْضٌ فِي السُّجُودِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَافْتِرَاشُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصْبُ الْيُمْنَى ) يَعْنِي فِي حَالَةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَعَلَ ذَلِكَ .

( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ } إلَى آخِرِهِ ) وَفِي رِوَايَةٍ { عَلَى سَبْعَةِ آرَابٍ } أَيْ أَعْضَاءٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا وَضْعُ الْقَدَمَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) وَسَمَّى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَظْمًا بِاعْتِبَارِ الْجُمْلَةِ وَإِنْ اشْتَمَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى عِظَامٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْجُمْلَةِ بِاسْمِ بَعْضِهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَقَدْ ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ أَنَّهُ فَرْضٌ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْجَلَّابِيِّ مَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا رَفَعَ أَحَدَ قَدَمَيْهِ لَا يَجُوزُ وَقَدْ رَأَيْت فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ وَفِي الْخُلَاصَةِ وَلَوْ وَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ يَجُوزُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ وَذَكَرَ الْكَرَاهَةَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَعَدَمُ الْجَوَازِ عِنْدَ تَرْكِ وَضْعِ الرِّجْلَيْنِ وَفِي جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ لَمْ يَضَعْ الْيَدَيْنِ أَوْ الرِّجْلَيْنِ جَازَ ا هـ كَاكِيٌّ مَعَ حَذْفٍ قَالَ الْكَمَالُ ، وَأَمَّا افْتِرَاضُ وَضْعِ الْقَدَمِ فَلِأَنَّ السُّجُودَ مَعَ رَفْعِهِمَا بِالتَّلَاعُبِ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالتَّعْظِيمِ وَالْإِجْلَالِ وَيَكْفِيهِ وَضْعُ إصْبَعٍ وَاحِدَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي حَالَةِ الْقُعُودِ لِلتَّشَهُّدِ ) أَيْ فِي الْقَعْدَتَيْنِ ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقَوْمَةُ وَالْجِلْسَةُ ) أَيْ الْقَوْمَةُ مِنْ الرُّكُوعِ وَالْجِلْسَةُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُمَا سُنَّتَانِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْوَجْهُ فِي تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَفِي قَوْلِهِ الْقَوْمَةُ نَوْعُ إشْكَالٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ قَرِيبٍ أَنَّ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ وَهُوَ الْقَوْمَةُ فَيَكُونُ تَكْرَارًا .

( قَوْلُهُ : وَهُمَا سُنَّتَانِ ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ بِخِلَافِ الطُّمَأْنِينَةِ عَلَى مَا سَمِعْت مِنْ الْخِلَافِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْقَوْمَةُ وَالْجِلْسَةُ وَاجِبَتَيْنِ لِلْمُوَاظَبَةِ وَلِمَا رَوَى أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا ظَهْرَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلَعَلَّهُ كَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إيجَابُ سُجُودِ السَّهْوِ فِيهِ فِيمَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي فَصْلِ مَا يُوجِبُ السَّهْوَ قَالَ الْمُصَلِّي إذَا رَكَعَ وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ حَتَّى خَرَّ سَاهِيًا سَاجِدًا تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَيُحْمَلُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا فَرَائِضُ عَلَى الْفَرَائِضِ الْعَمَلِيَّةِ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ فَيَرْتَفِعُ الْخِلَافُ ا هـ ( قَوْلُهُ : خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالْفَرْضِيَّةِ ا هـ قَوْلُهُ : وَفِي قَوْلِهِ الْقَوْمَةُ نَوْعُ إشْكَالٍ إلَى قَوْلِهِ تَكْرَارًا ) لَيْسَ هُوَ ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنَّمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ نُسَخِ الشَّرْحِ الَّتِي لَيْسَتْ بِخَطِّ الشَّارِحِ فَلْيُعْلَمْ ذَلِكَ قُلْت وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ فَالْمُرَادُ بِالْقَوْمَةِ حَقِيقَتُهَا وَبِالرَّفْعِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرَّفْعِ لَا حَقِيقَةُ الْقِيَامِ وَبِمَا ذَكَرْنَا يَحْصُلُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ وَدَعْوَى التَّكْرَارِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ الْقَوْمَةُ فَيَكُونُ تَكْرَارًا إلَى آخِرِهِ ) تَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءُ ) يَعْنِي بَعْدَ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ بِالصَّلَاةِ ، ثُمَّ بِالدُّعَاءِ } وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرْضٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { صَلُّوا عَلَيْهِ } وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَلَا تَجِبُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَتْ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِلَّا يَلْزَمُ تَرْكُ الْأَمْرِ وَلَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ فَرَائِضَ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُعَلِّمْهُ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ فَرْضًا لَعَلَّمَهُ ، وَكَذَا لَمْ يُرْوَ فِي تَشَهُّدِ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَنْ أَوْجَبَهَا فَقَدْ خَالَفَ الْآثَارَ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إنَّ الشَّافِعِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَيْسَ لَهُ سَلَفٌ يُقْتَدَى بِهِ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُنْذِرِ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَالطَّحَاوِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا قَالَ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بَلْ يَجِبُ فِي الْعُمْرِ مَرَّةً كَمَا اخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ أَوْ كُلَّمَا ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ فَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ قَدْ وَفَّيْنَا بِمُوجِبِ الْأَمْرِ بِقَوْلِنَا السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ فَلَا يَجِبُ ثَانِيًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ إذْ لَوْ وَجَبَ لَمَا تَفَرَّغَ لِعِبَادَةٍ أُخْرَى ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَخْلُو عَنْ ذِكْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَيَكْتَفِي بِمَرَّةٍ فِي كُلِّ مَجْلِسٍ .

( قَوْلُهُ : كَمَا اخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ ) أَيْ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ ذَكَرْت عِنْدَهُ وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ فَقَدْ جَفَانِي } ا هـ قَالَ فِي الْفَتْحِ ظَاهِرُ السَّوْقِ التَّقَابُلُ بَيْنَ قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ وَالْقَوْلِ بِالْمَرَّةِ وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ مَرَّةٌ مُرَادُ قَائِلِهِ الِافْتِرَاضُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ عَلَيْهِ كَمَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ مُسْتَنِدَهُ خَبَرٌ وَاحِدٌ وَهُوَ غَيْرُ مُخَالِفٍ فِي أَنَّهُ لَا إكْفَارَ بِجَحْدٍ مُقْتَضَاهُ بَلْ التَّفْسِيقُ بَلْ التَّقَابُلُ بَيْنَ الْقَوْلِ بِاسْتِحْبَابِهِ إذَا ذَكَرُوا قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَوْلَى قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ وَجَعَلَ فِي الْفِقْهِ قَوْلَ الطَّحَاوِيِّ أَصَحَّ وَاخْتِيَارُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ قَوْلَ الْكَرْخِيِّ بَعْدَ النَّقْلِ عَنْهُمَا ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ التَّقَابُلِ ، ثُمَّ التَّرْجِيحُ وَهُوَ بَعِيدٌ لِمَا قُلْنَا ا هـ فَتْحٌ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمُوجِبُ الْأَمْرِ الْقَاطِعِ الِافْتِرَاضُ مَرَّةً فِي الْعُمْرِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَقُلْنَا بِهِ ا هـ وَاعْتَرَضَ عَلَى قَوْلِ الطَّحَاوِيِّ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَخْلُ عَنْ ذِكْرِهِ فَلَوْ وَجَبَتْ كُلَّمَا ذُكِرَ لَا نَجِدُ فَرَاغًا عَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ مُدَّةَ عُمْرِنَا وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْفَرَاغَ يُوجَدُ بِالتَّدَاخُلِ كَمَا فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَمْنَعَ هَذَا الْجَوَابَ بِأَنَّ التَّدَاخُلَ يُوجَدُ فِي حَقِّ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقُّهُ وَفِي قَوْلِهِ جَفَانِي دَلَالَةٌ عَلَيْهِ وَلَا تَدَاخُلَ فِي حُقُوقِ الْعِبَادِ وَلِهَذَا قَالُوا مَنْ عَطَسَ وَحَمِدَ اللَّهَ مِرَارًا فِي مَجْلِسٍ يَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ يُشَمِّتَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَيُجِيبُ عَنْ اعْتِرَاضِهِ بِأَنْ نَقُولَ الْمُرَادُ مِنْ ذِكْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُوجِبِ

لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ الذِّكْرُ الْمَسْمُوعُ فِي غَيْرِ ضِمْنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ كُلَّمَا ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَآدَابُهَا ) أَيْ آدَابُ الصَّلَاةِ ( نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ ) أَيْ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَفِي حَالَةِ الرُّكُوعِ إلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ وَفِي سُجُودِهِ إلَى أَرْنَبَتِهِ وَفِي قُعُودِهِ إلَى حِجْرِهِ وَعِنْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ إلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْسَرِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُشُوعُ وَتَرْكُ التَّكَلُّفِ فَإِذَا تَرَكَهُ وَقَعَ بَصَرُهُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَظْمُ فَمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ ) أَيْ إمْسَاكُ فَمِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ سَدُّهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { التَّثَاؤُبُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ الشَّيْطَانِ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ بِيَدِهِ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَاضُعِ وَأَبْعَدُ إلَى التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ وَأَمْكَنُ مِنْ نَشْرِ الْأَصَابِعِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَدَفْعُ السُّعَالِ مَا اسْتَطَاعَ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَيَجْتَنِبُهُ مَا أَمْكَنَهُ الِاجْتِنَابُ عَنْهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقِيَامُ حِينَ قِيلَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِهِ فَيُسْتَحَبُّ الْمُسَارَعَةُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ حَاضِرًا لَا يَقُومُونَ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِمْ وَيَقِفَ مَكَانَهُ فِي رِوَايَةٍ وَفِي أُخْرَى يَقُومُونَ إذَا اخْتَلَطَ بِهِمْ وَقِيلَ يَقُومُ كُلُّ صَفٍّ يَنْتَهِي إلَيْهِ الْإِمَامُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَإِنْ دَخَلَ مِنْ قُدَّامَ وَقَفُوا حِينَ يَقَعُ بَصَرُهُمْ عَلَيْهِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَقُومُونَ حِينَ قِيلَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ الْأُولَى وَيُحْرِمُونَ عِنْدَ الثَّانِيَةِ قُلْنَا هَذَا إخْبَارٌ عَنْ قِيَامِ الصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقِيَامِ قَبْلَهُ لِيَكُونَ صَادِقًا

فِي إخْبَارِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَشُرُوعُ الْإِمَامِ مُذْ قِيلَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ) وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَشْرَعُ إذَا فَرَغَ مِنْ الْإِقَامَةِ مُحَافَظَةً عَلَى فَضِيلَةِ مُتَابَعَةِ الْمُؤَذِّنِ وَإِعَانَةً لِلْمُؤَذِّنِ عَلَى الشُّرُوعِ مَعَهُ لَهُمَا أَنَّ الْمُؤَذِّنَ أَمِينٌ وَقَدْ أَخْبَرَ بِقِيَامِ الصَّلَاةِ فَيَشْرَعُ عِنْدَهُ صَوْنًا لِكَلَامِهِ عَنْ الْكَذِبِ وَفِيهِ مُسَارَعَةٌ إلَى الْمُنَاجَاةِ وَقَدْ تَابَعَ الْمُؤَذِّنَ فِي الْأَكْثَرِ فَيَقُومُ مَقَامَ الْكُلِّ عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا الْمُتَابَعَةُ فِي الْأَذَانِ دُونَ الْإِقَامَةِ( قَوْلُهُ : وَآدَابُهَا ) هِيَ سِتَّةٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : نَظَرُهُ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ أَوْ التَّشَهُّدِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي حَالِ الْقِيَامِ فَقَطْ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَفِي قُعُودِهِ إلَى حِجْرِهِ ) قَالَ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت وَفِي التَّشَهُّدِ إلَى مَسْجِدِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِخْرَاجُ كَفَّيْهِ مِنْ كُمَّيْهِ عِنْدَ التَّكْبِيرِ ) أَيْ الْأَوَّلِ إلَّا عِنْدَ الْخَوْفِ مِنْ الْبَرْدِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ ) أَيْ وَحَصَلَتْ مِنْهُ حُرُوفٌ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْقِيَامُ ) أَيْ قِيَامُ الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ ا هـ ع قَالَ فِي الْوَجِيزِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ا هـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُبْتَغَى ا هـ قَوْلُهُ : فَيَشْرَعُ ) أَيْ الْمُصَلِّي وَهُوَ الْإِمَامُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَهُمَا إلَى آخِرِهِ ) هَذَا كُلُّهُ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ مُحَافَظَةً عَلَى فَضِيلَةِ مُتَابَعَةِ الْمُؤَذِّنِ وَبَقِيَ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ وَإِعَانَةً لِلْمُؤَذِّنِ عَلَى الشُّرُوعِ ا هـ .

( فَصْلٌ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ ) لِمَا تَلَوْنَا وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَأَسْبِغْ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ اسْتَقْبِلْ الْقِبْلَةَ فَكَبِّرْ } وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ يَقُولُ يَكُونُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَحْدَهَا وَفِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ نَوَى الْأَخْرَسُ وَالْأُمِّيُّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا يَكُونُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ وَلَا يَلْزَمُهُ التَّحْرِيكُ بِاللِّسَانِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَرَفْعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ ) لِمَا رَوَيْنَا وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَقْتَضِي الْمُقَارَنَةَ وَلَا الْمُفَارَقَةَ ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَقَالَ الصَّفَّارُ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مُقَارِنًا لِلتَّكْبِيرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ سُنَّةُ التَّكْبِيرِ فَيُقَارِنُهُ كَتَكْبِيرَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا ، ثُمَّ يُكَبِّرُ ؛ لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ نَفْيُ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالنَّفْيُ مُقَدَّمٌ كَمَا فِي كَلِمَةِ الشَّهَادَةِ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتِي أُذُنَيْهِ وَبِرُؤْسِ الْأَصَابِعِ فُرُوعَ أُذُنَيْهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ وَعَلَى هَذَا تَكْبِيرَةُ الْقُنُوتِ وَالْأَعْيَادُ لَهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { رَفَعَ يَدَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ } وَلَنَا حَدِيثُ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَأَنَسٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ { إذَا كَبَّرَ رَفَعَ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ } ؛ وَلِأَنَّ رَفْعَ الْيَدِ لِإِعْلَامِ الْأَصَمِّ وَهُوَ بِمَا قُلْنَا وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْعُذْرِ ؛ لِأَنَّ وَائِلًا قَالَ : ثُمَّ أَتَيْته مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَعَلَيْهِمْ الْأَكْسِيَةُ وَالْبَرَانِسُ فَكَانُوا يَرْفَعُونَ فِيهَا إلَى مَنَاكِبِهِمْ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ

لِعُذْرِ الْبَرْدِ وَلَوْ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ لَمْ يَأْتِ بِهِ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ التَّكْبِيرِ رَفَعَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا قَدْرَ مَا يُمْكِنُ وَإِنْ أَمْكَنَهُ رَفْعُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى رَفَعَهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الرَّفْعُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْمَسْنُونِ رَفَعَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَسْنُونِ وَلَا يَسْتَطِيعُ الِامْتِنَاعَ عَمَّا زَادَ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي الرَّفْعِ فِيمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ يَدَهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَرْفَعُ إلَى مَنْكِبَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا .

( فَصْلٌ ) أَيْ فِي بَيَانِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ وَبَيَانِ إحْرَامِهَا وَأَحْوَالِهَا ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِذَا أَرَادَ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ فِي الصَّلَاةِ ) أَيْ أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : كَبَّرَ ) إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخْرَسَ أَوْ أُمِّيًّا لَا يُحْسِنُ شَيْئًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ : حُجَّةً عَلَى مَنْ يَقُولُ يَكُونُ شَارِعًا بِالنِّيَّةِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَهُوَ الزُّهْرِيُّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَصَمُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَطَائِفَةٌ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَلَا يَصِحُّ الِافْتِتَاحُ إلَّا فِي حَالَةِ الْقِيَامِ حَتَّى لَوْ كَبَّرَ قَاعِدًا ، ثُمَّ قَامَ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَلَوْ جَاءَ إلَى الْإِمَامِ فَحَنَى ، ثُمَّ كَبَّرَ فَإِنْ كَانَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ يَصِحُّ ، وَإِلَّا فَلَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُهُ التَّحْرِيكُ بِاللِّسَانِ ) أَيْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَرَكَةٌ بِلَفْظٍ مَخْصُوصٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ نَفْسُ الْوَاجِبِ لَا يُحْكَمُ بِوُجُوبِ غَيْرِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَرَفَعَ يَدَيْهِ ) أَيْ يَجْعَلُ بَاطِنَ كَفَّيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ أَوَّلًا إلَى آخِرِهِ ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يُكَبِّرَ أَوَّلًا ، ثُمَّ يَرْفَعَ لَكِنْ قَدْ يُقَالُ : إنَّ الْوَاوَ لَا تَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ فِي فِعْلِهِ نَفْيَ الْكِبْرِيَاءِ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ) أَيْ رَفْعُ الْيَدِ فِي الْعُرْفِ يُفِيدُ الْإِنْكَارَ وَالنَّفْيَ فَالْمُصَلِّي بِفِعْلِهِ يَنْفِي الْكِبْرِيَاءَ عَنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبِقَوْلِهِ يُثْبِتُهُ لَهُ تَعَالَى وَالنَّفْيُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِثْبَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يُحَاذِيَ بِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتِي أُذُنَيْهِ ) قَالَ قَاضِيخَانْ فِي فَتَاوَاهُ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ وَيَمَسُّ طَرَفَ إبْهَامَيْهِ شَحْمَةَ أُذُنَيْهِ

بِأَصَابِعِهِ فَوْقَ أُذُنَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا تَرْفَعُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ لِشَرْحِ الْبَقَّالِيِّ تَرْفَعُ الْمَرْأَةُ يَدَيْهَا فِي التَّكْبِيرِ إلَى مَنْكِبَيْهَا حِذَاءَ ثَدْيَيْهَا قِيلَ هُوَ السُّنَّةُ فِي الْحُرَّةِ فَأَمَّا الْأَمَةُ فَكَالرَّجُلِ ؛ لِأَنَّ كَفَّهَا لَيْسَتْ بِعَوْرَةٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ شَرَعَ بِالتَّسْبِيحِ أَوْ بِالتَّهْلِيلِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ صَحَّ كَمَا لَوْ قَرَأَ بِهَا عَاجِزًا ) أَيْ لَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ بِالْفَارِسِيَّةِ عَاجِزًا عَنْ الْقِرَاءَةِ بِالْعَرَبِيَّةِ شَرَطَ الْعَجْزَ لِتَصِحَّ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا الِافْتِتَاحُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَشْرَعَ بِالتَّكْبِيرِ وَهَلْ يُكْرَهُ الشُّرُوعُ بِغَيْرِهِ أَمْ لَا ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الْأَصَحِّ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ كَانَ يُحْسِنُ التَّكْبِيرَ لَمْ يَجُزْ إلَّا اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ الْأَكْبَرُ أَوْ اللَّهُ كَبِيرٌ أَوْ اللَّهُ الْكَبِيرُ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْأَوَّلَيْنِ وَقَالَ مَالِكٌ : لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالتَّعْلِيلُ لِلتَّعْدِيَةِ يُؤَدِّي إلَى تَعْطِيلِ الْمَنْقُولِ فَلَا يَجُوزُ وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ زِيَادَةَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لَا تُزِيدُهُ إلَّا تَأْكِيدًا فَيَجُوزُ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ أَفْعَلَ تَقْتَضِي الزِّيَادَةَ بَعْدَ مُشَارَكَةِ غَيْرِهِ إيَّاهُ فِي الصِّفَةِ وَفِي صِفَاتِ اللَّهِ لَا يُمْكِنُ فَكَانَ بِمَعْنَى فَعِيلٍ إذْ لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ وَقَدْ جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ بِمَعْنَى فَعِيلٍ قَالَ الشَّاعِرُ إنَّ الَّذِي سَمَكَ السَّمَاءَ بَنَى لَنَا بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ أَيْ عَزِيزٌ طَوِيلٌ وَقَالَ تَعَالَى { لَا يَصْلَاهَا إلَّا الْأَشْقَى } أَيْ الشَّقِيُّ وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ { وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى } أَيْ التَّقِيُّ وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ { وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } أَيْ هَيِّنٌ عَلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَرَبِيَّةِ حَتَّى يَكُونَ شَارِعًا بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ مِنْ الْعَرَبِيَّةِ إذَا كَانَ يُرَادُ بِهِ التَّعْظِيمُ وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفَارِسِيَّةِ حَتَّى لَا يَكُونَ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ ؛ لِأَنَّ لِلْعَرَبِيَّةِ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهَا

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى { وَرَبَّك فَكَبِّرْ } أَيْ فَعَظِّمْ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ وَالْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّلَةً لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ التَّعْظِيمُ وَقَدْ حَصَلَ فَلَا مَعْنَى لِإِيجَابِ الْمُعَيَّنِ مَعَ عِلْمِنَا أَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لِعَيْنِهِ فَصَارَ نَظِيرَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ } فَلَوْ آمَنَ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ جَازَ إجْمَاعًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَكَذَا التَّلْبِيَةُ فِي الْحَجِّ وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ الذَّبْحِ يَجُوزُ بِهَا بِالْإِجْمَاعِ فَكَذَا هَذَا ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْخُطْبَةُ وَالْقُنُوتُ وَالتَّشَهُّدُ وَفِي الْأَذَانِ يُعْتَبَرُ الْمُتَعَارَفُ ، ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَنَّ مَا تَجَرَّدَ لِلتَّعْظِيمِ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى جَازَ الِافْتِتَاحُ بِهِ نَحْوَ اللَّهُ إلَهٌ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَمَا كَانَ خَبَرًا لَمْ يَجُزْ نَحْوَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ لَا يَصِيرُ شَارِعًا ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّبَرُّكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِي وَقِيلَ يَصِيرُ شَارِعًا وَلَوْ ذَكَرَ الِاسْمَ دُونَ الصِّفَةِ بِأَنْ قَالَ اللَّهُ أَوْ الرَّحْمَنُ أَوْ الرَّبُّ أَوْ الْكَبِيرُ أَوْ أَكْبَرُ أَوْ الْأَكْبَرُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَّا بِالِاسْمِ وَالصِّفَةِ وَمُرَادُهُ الْمُبْتَدَأُ وَالْخَبَرُ ، وَفِي الْيَنَابِيعِ لَوْ قَالَ أَجَلُّ أَوْ أَعْظَمُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا إجْمَاعًا وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ بِالرَّحْمَنِ يَصِيرُ شَارِعًا وَبِالرَّحِيمِ لَا ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ وَلَوْ افْتَتَحَ بِاللَّهُمَّ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي رِوَايَةٍ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ أَمِنَّا بِخَيْرٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي أُخْرَى ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ

يَا اللَّهُ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فَيَكُونُ تَعْظِيمًا خَالِصًا ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْفَارِسِيَّةِ فَجَائِزَةٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَجُوزُ إذَا كَانَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ اسْمٌ لِمَنْظُومٍ عَرَبِيٍّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } وَقَالَ تَعَالَى { إنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا } وَالْمُرَادُ نَظْمُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى { وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ } وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا بِهَذَا النَّظْمِ وقَوْله تَعَالَى { إنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إبْرَاهِيمَ وَمُوسَى } فَصُحُفُ إبْرَاهِيمَ كَانَتْ بِالسُّرْيَانِيَّةِ وَصُحُفُ مُوسَى بِالْعِبْرَانِيَّةِ فَدَلَّ عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ قُرْآنًا وَمَا تَلَيَاهُ لَا يَنْفِي كَوْنَ غَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ قُرْآنًا ؛ لِأَنَّهُ مَسْكُوتٌ عَنْهُ وَيَجُوزُ بِأَيِّ لِسَانٍ كَانَ سِوَى الْفَارِسِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الْمُنَزَّلَ هُوَ الْمَعْنَى عِنْدَهُ وَهُوَ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ اللُّغَاتِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ النَّظْمُ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مُعْجِزَةٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْإِعْجَازُ وَقَعَ بِهِمَا جَمِيعًا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ النَّظْمَ رُكْنًا لَازِمًا فِي حَقِّ جَوَازِ الصَّلَاةِ خَاصَّةً رُخْصَةً ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَالَةِ الْإِعْجَازِ وَقَدْ جَاءَ التَّخْفِيفُ فِي حَقِّ التِّلَاوَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ } فَكَذَا هُنَا وَالْخِلَافُ فِي الْجَوَازِ إذَا اكْتَفَى بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْفَسَادِ حَتَّى إذَا قَرَأَ مَعَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَيُرْوَى رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمَا وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَلَا يَجُوزُ بِالتَّفْسِيرِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ ذَبَحَ وَسَمَّى بِهَا ) أَيْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَهُوَ جَائِزٌ بِالِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ الذِّكْرُ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَيِّ

لُغَةٍ كَانَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بِاَللَّهُمِ اغْفِرْ لِي ) أَيْ لَا يَكُونُ شَارِعًا بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ؛ لِأَنَّهُ مَشُوبٌ بِحَاجَتِهِ فَلَمْ يَكُنْ تَعْظِيمًا خَالِصًا وَلَوْ قَالَ اللَّهُمَّ وَلَمْ يُرِدْ عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ شَرَعَ بِالتَّسْبِيحِ إلَخْ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ عِوَضَ اللَّهُ أَكْبَرُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ بِالتَّهْلِيلِ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ خداي بذرك بِمَعْنَى اللَّهُ أَكْبَرُ ، وَكَذَا سَائِرُ لُغَاتِ الْعَجَمِ مِثْلُ السُّرْيَانِيَّةِ وَالْعِبْرَانِيَّةِ وَالتُّرْكِيَّةِ وَالْهِنْدِيَّةِ كَمَا سَيَأْتِي ا هـ ( قَوْلُهُ : ذَكَرَ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ ) أَيْ لِتَرْكِهِ السُّنَّةَ الْمُتَوَاتِرَةَ ا هـ غَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ وَهُوَ الْأَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ : الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ) أَيْ لِمَا رُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَفْتَتِحُونَ الصَّلَاةَ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَنَبِيُّنَا مِنْ جُمْلَتِهِمْ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَوْ اللَّهُ كَبِيرٌ إلَى آخِرِهِ ) فِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِ الْجَلَالَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، وَقَدْ رُوِيَ الْأَوَّلُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فَلَوْ قَالَ أَكْبَرُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ وَالثَّانِي لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ لَوْ قَالَ كَبِيرٌ أَوْ الْكِبَارُ جَازَ عِنْدَهُ أَيْضًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ زِيَادَةَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ لَا تَزِيدُ إلَّا تَأْكِيدًا ) أَيْ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ جَاءَ ) أَيْ أَفْعَلُ ( قَوْلُهُ : وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى { وَرَبَّك فَكَبِّرْ } ) أَيْ وقَوْله تَعَالَى { وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى } ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْأَصْلُ فِي النُّصُوصِ أَنْ تَكُونَ مُعَلَّلَةً ) أَيْ وَالتَّعَبُّدُ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمَقْصُودُ مِنْ التَّكْبِيرِ إلَى آخِرِهِ ) حَتَّى يَقْتَصِرَ عَلَى لَفْظِ " أَكْبَرُ " بَلْ الْوَاجِبُ تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ كَبَّرَ مُتَعَجِّبًا وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّعْظِيمَ لَمْ يَجُزْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ

إلَّا اللَّهُ إلَى آخِرِهِ ) ثُمَّ لَوْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا الرَّحْمَنُ أَوْ الْعَزِيزُ كَانَ مُسْلِمًا فَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فِي الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ فَفِي فُرُوعِهِ أَوْلَى ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَنْ مَا تَجَرَّدَ لِلتَّعْظِيمِ ) أَيْ لَا يُخَالِطُهُ شَيْءٌ آخَرُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَمَا كَانَ خَبَرًا ) أَيْ عَنْ أَمْرٍ غَيْرِ التَّعْظِيمِ ا هـ ( قَوْلُهُ : يَصِيرُ شَارِعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَدَائِعِ أَنَّ صِحَّةَ الشُّرُوعِ بِالِاسْمِ وَحْدَهُ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِشْرٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا وَاعْتُبِرَ الِاسْمُ مَعَ الصِّفَةِ فِيهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إلَّا بِالِاسْمِ وَالصِّفَةِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَيْءٍ عَلَى شَيْءٍ إنَّمَا يَتِمُّ بِالْخَبَرِ وَالتَّعْظِيمُ حُكْمٌ عَلَى الْمُعَظَّمِ فَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ ا هـ كَاكِيٌّ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ تَظْهَرُ فِي حَائِضٍ طَهُرَتْ وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الِاسْمَ فَقَطْ تَجِبُ الصَّلَاةُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ا هـ فَتْحٌ قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْكَافَ قَافًا يَصِيرُ شَارِعًا ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَفْعَلُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي فَتَاوَى الْفَضْلِيِّ بِالرَّحْمَنِ يَصِيرُ شَارِعًا ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِي غَيْرِهِ فِي كَلَامِ الْمُسْلِمِينَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي أُخْرَى إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ مَعْنَاهُ يَا اللَّهُ ) لِأَنَّ الْمِيمَ بَدَلٌ مِنْ حَرْفِ النِّدَاءِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ قَالَ شَيْخِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصَحُّ قَوْلُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إنْ كَانَ هَذَا ا هـ هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِك } إلَى قَوْلِهِ { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } فَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ اقْصِدْنَا

بِالْخَيْرِ لَفَسَدَ مَعْنَى الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ سُؤَالَ الْعَذَابِ مَعَ قَوْلِهِمْ اقْصِدْنَا بِالْخَيْرِ مُتَنَاقِضٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَصُحُفُ إبْرَاهِيمَ كَانَتْ بِالسُّرْيَانِيَّةِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ ابْنُ سَلَّامٍ إنَّمَا سُمِّيَتْ اللُّغَةُ سُرْيَانِيَّةً ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حِينَ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ عَلَّمَهُ سِرًّا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَأَنْطَقَهُ بِهَا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ حَزْمٍ إنَّمَا نَطَقَ إبْرَاهِيمُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ حِينَ عَبَرَ النَّهْرَ فَارًّا مِنْ نُمْرُودَ وَقَدْ كَانَ نُمْرُودُ قَالَ لِلَّذِينَ أَرْسَلَهُمْ خَلْفَهُ إذَا رَأَيْتُمْ فَتًى يَتَكَلَّمُ بِالسُّرْيَانِيَّةِ فَرُدُّوهُ فَلَمَّا أَدْرَكُوهُ اسْتَنْطَقُوهُ فَحَوَّلَ اللَّهُ لِسَانَهُ عِبْرَانِيًّا وَذَلِكَ حِينَ عَبَرَ النَّهْرَ فَسُمِّيَتْ لِذَلِكَ عِبْرَانِيَّةً أَوَّلُ ش بُخَارِيٌّ لِلْعَيْنِيِّ قَوْلُهُ : سِوَى الْفَارِسِيَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ ) احْتِرَازٌ عَنْ تَخْصِيصِ الْبَرْدَعِيِّ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : { أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ } ) أَيْ لُغَاتٍ ( قَوْلُهُ : جَازَتْ صَلَاتُهُ ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيُرْوَى رُجُوعُهُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَمَّا الشُّرُوعُ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ الْقِرَاءَةُ بِهَا فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَقَالَا لَا يَجُوزُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَصَحَّ رُجُوعُ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى قَوْلِهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهِ ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ تَعَالَى غَيْرَ ذَلِكَ التَّفْسِيرِ ؛ وَلِأَنَّهُ كَلَامُ النَّاسِ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا إذَا بَدَّلَ لَفْظًا عَرَبِيًّا بِلَفْظٍ عَجَمِيٍّ يُمَاثِلُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَضْعُ يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ تَحْتَ سُرَّتِهِ مُسْتَفْتِحًا ) لِمَا رَوَيْنَا وَهُوَ سُنَّةُ الْقِيَامِ الَّذِي فِيهِ ذِكْرٌ حَتَّى يَضَعَ كَمَا فَرَغَ مِنْ التَّكْبِيرِ وَفِي الْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الْجَنَائِزِ وَلَا يَضَعُ فِي الْقَوْمَةِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَقِيلَ سُنَّةُ الْقِيَامِ مُطْلَقًا حَتَّى يَضَعَ فِي الْكُلِّ وَقِيلَ سُنَّةُ الْقِرَاءَةِ فَقَطْ حَتَّى لَا يَضَعَ حَالَةَ الثَّنَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْوَضْعِ قِيلَ يَضَعُ الْكَفَّ عَلَى الْكَفِّ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ وَضْعَهَا عَلَى الْمِفْصَلِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْبِضُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى رُسْغِ يَدِهِ الْيُسْرَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضَعُهَا كَذَلِكَ وَيَكُونُ الرُّسْغُ وَسَطَ الْكَفِّ وَاخْتَارَ الْهِنْدُوَانِيُّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ صَاحِبُ الْمُفِيدِ يَأْخُذُ رُسْغَهَا بِالْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَخْذِ الْوَضْعُ وَلَا يَنْعَكِسُ وَقَوْلُهُ مُسْتَفْتِحًا هُوَ حَالٌ مِنْ الْوَاضِعِ أَيْ يَضَعُ قَائِلًا سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك وَتَعَالَى جَدُّك وَلَا إلَهَ غَيْرُك وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهِ فِي الْفَرْضِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَضُمُّ إلَيْهِ وَجَّهْت وَجْهِي لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَيَبْدَأُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَأْتِي بِالتَّوَجُّهِ فَقَطْ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ، ثُمَّ قَالَ وَجَّهْت وَجْهِي } إلَى آخِرِهِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ } إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَعُمَرَ ؛ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَجُمْهُورِ

التَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمَا وَرِوَايَةُ جَابِرٍ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّهَجُّدِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ كَانَ فِي الِابْتِدَاءِ ، ثُمَّ نُسِخَ وَعَنْ أَصْحَابِهِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّك حِينَ تَقُومُ } قَالُوا يَقُولُ حِينَ يَقُومُ لِلصَّلَاةِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك إلَى آخِرِهِ ؛ وَلِأَنَّ مَا قُلْنَا ثَنَاءٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَكَانَ أَوْلَى مِنْ إخْبَارِ حَالِهِ كَمَا فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَيْثُ لَا يَشْتَغِلُ بِإِخْبَارِ حَالِهِ فَيَقُولُ اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت أَوْ سَجَدْت وَإِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِالتَّسْبِيحِ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَأْتِيَ بِالتَّوَجُّهِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَطْوِيلِ الْقِيَامِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَهُوَ مَذْمُومٌ شَرْعًا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا لِي أَرَاكُمْ سَامِدِينَ } أَيْ مُتَحَيِّرِينَ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْعَزِيمَةِ .

( قَوْلُهُ : وَلَا يَضَعُ فِي الْقَوْمَةِ ) أَيْ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، ثُمَّ الْإِرْسَالُ فِي الْقَوْمَةِ بِنَاءً عَلَى الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّ لَيْسَ فِيهَا ذِكْرٌ مَسْنُونٌ وَإِنَّمَا يَتِمُّ إذَا قِيلَ بِأَنَّ التَّحْمِيدَ وَالتَّسْمِيعَ لَيْسَ سُنَّةً فِيهَا بَلْ فِي نَفْسِ الِانْتِقَالِ إلَيْهَا لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ النُّصُوصِ وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ قَلَّمَا يَقَعُ التَّحْمِيدُ إلَّا فِي الْقِيَامِ حَالَةَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ سُنَّةٌ ) وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : عَلَى الْمِفْصَلِ ) أَيْ مِفْصَلِ الْأَصَابِعِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَقَوْلُهُ : مُسْتَفْتِحًا إلَى آخِرِهِ ) الْمُقْتَدِي هَلْ يَأْتِي بِالثَّنَاءِ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ أَوْ الرُّكُوعِ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنِّي لَا أَحْفَظُ فِيهِ رِوَايَةً عَنْ أَصْحَابِنَا إلَّا أَنِّي أُثْنِي مَا لَمْ يَبْدَأْ الْإِمَامُ بِالْقِرَاءَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا كَانَتْ الصَّلَاةُ لَا يُجْهَرُ فِيهَا أَثْنَى وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ يَقْرَأُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجَهْرِ وَقَالَ عِيسَى بْنُ النَّضْرِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ يُثْنِي وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الرُّكُوعِ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ الرُّكُوعِ ، وَعَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي وَعَنْ الْجَصَّاصِ أَنَّهُ يَأْتِي ا هـ صَفَوِيٌّ ( قَوْلُهُ : رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ ، وَأَمَّا مَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ فَمِنْ الْكَاتِبِ وَهُوَ الصَّوَابُ لَا مَا وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَمْ يَرْوِهِ الْبُخَارِيُّ وَلَا مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَرْفُوعًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُمَرَ مِنْ قَوْلِهِ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ فَإِنَّ عَبْدَةَ بْنَ أَبِي لُبَابَةَ يَرْوِيهِ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَرِوَايَةُ جَابِرٍ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّهَجُّدِ ) أَيْ التَّنَفُّلِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ فَيُؤْتِي فِيهِ بِمَا شَاءَ ، وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَيُقْتَصَرُ

فِيهَا عَلَى مَا اُشْتُهِرَ وَلِذَا لَمْ يُؤْتَ بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُك فِيهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَشَاهِيرِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَعَوَّذَ سِرًّا لِلْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي بِهِ الْمَسْبُوقُ لَا الْمُقْتَدِي وَيُؤَخَّرُ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } أَيْ إذَا أَرَدْت قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ كَمَا تَقُولُ إذَا دَخَلْت عَلَى السُّلْطَانِ فَتَأَهَّبْ أَيْ إذَا أَرَدْت الدُّخُولَ عَلَيْهِ وَقَالَتْ الظَّاهِرِيَّةُ يَتَعَوَّذُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَاهُ وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَتَعَوَّذُ ، وَكَذَا لَا يَأْتِي بِالثَّنَاءِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ { كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَكَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَفِي رِوَايَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَلَنَا مَا تَلَوْنَا وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { إذَا قَامَ إلَى الصَّلَاةِ اسْتَفْتَحَ ، ثُمَّ يَقُولُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ فِيمَا رُوِيَ الْقِرَاءَةُ بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَنَسٍ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ الصَّلَاةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَالْقِرَاءَةُ تُسَمَّى صَلَاةً كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ } أَيْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بِدَلِيلِ سِيَاقِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَالثَّوْرِيُّ يَجِبُ التَّعَوُّذُ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا رُجُوعًا إلَى ظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمَا فِي الْآيَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَإِنَّمَا يُسِرُّ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ وَذَكَرَ مِنْهَا التَّعَوُّذَ وَقَوْلُهُ لِلْقِرَاءَةِ هُوَ قَوْلُهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ فِيهَا فَيَكُونُ تَبَعًا لِلثَّنَاءِ ؛

لِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِهِ لَا لِلْقِرَاءَةِ فَيَتَعَوَّذُ عِنْدَهُ كُلُّ مَنْ يُثْنِي كَالْمُقْتَدِي وَيُقَدَّمُ عَلَى تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا لِلثَّنَاءِ وَعِنْدَهُمَا تَبَعًا لِلْقِرَاءَةِ فَيَأْتِي بِهِ كُلُّ مَنْ يَقْرَأُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا قَامَ لِلْقَضَاءِ وَيُؤَخَّرُ عَنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْقِرَاءَةِ وَلَا يَأْتِي بِهِ الْمُقْتَدِي ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْرَأُ وَكَيْفِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ أَسْتَعِيذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الْهِنْدُوَانِيُّ وَهُوَ اخْتِيَارُ حَمْزَةَ مِنْ الْقُرَّاءِ لِمُوَافَقَتِهِ الْقُرْآنَ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ وَابْنِ كَثِيرٍ مِنْ الْقُرَّاءِ .( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَتَعَوَّذَ سِرًّا ) وَانْتِصَابُ سِرًّا عَلَى الْحَالِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ تَعَوَّذَ تَعَوُّذًا سِرًّا ا هـ ع قَوْلُهُ : بِدَلِيلِ رِوَايَةِ أَنَسٍ إلَى آخِرِهِ ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ بِالشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ ا هـ يَحْيَى وَلَعَلَّ الشَّارِحَ أَرَادَ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى عَنْ أَنَسٍ الْآتِيَةِ فِي دَلِيلِ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَحِينَئِذٍ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال عَلَى الْحَمْلِ الْمَذْكُورِ كَمَا ذَكَرَ هُنَا مِنْ سَبْقِ الْيَرَاعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لِلصَّلَاةِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالذَّخِيرَةِ ا هـ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَعِيذُ الْمَسْبُوقُ مَرَّتَيْنِ إذَا افْتَتَحَ وَإِذَا قَرَأَ فِيمَا يَقْضِي ذِكْرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ ) لِأَنَّهُ طَلَبُ الْإِعَاذَةِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْمَزِيدُ قَرِيبٌ فِي الْمَعْنَى مِنْ الثُّلَاثِيِّ ا هـ كَاكِيٌّ وَلَاشْتَرَاكَهُمَا فِي الْحُرُوفِ الْأُصُولِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَمَّى سِرًّا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجْهَرُ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } وَكَانَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ يَجْهَرُونَ بِهَا وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ { صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَلْفَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْهُمْ يَجْهَرُ بِبَسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجْهَرُ بِهَا } ذَكَرَهُ أَبُو عُمَرَ فِي الْإِنْصَافِ وَمَا رَوَاهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى الْجَهْرِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا أَحْيَانًا لِلتَّعْلِيمِ كَمَا كَانَ يَجْهَرُ أَحْيَانًا بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ تَعْلِيمًا وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الطُّرُقُ عَنْهُمْ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحَادِيثَ الْجَهْرِ لَمْ تَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَقَوْلُهُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ أَيْ فِي أَوَّلِ كُلِّ رَكْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَا يَأْتِي بِهَا إلَّا فِي الْأُولَى فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهُ فَجَعَلَهَا كَالتَّعَوُّذِ وَلَا يَأْتِي بِهَا بَيْنَ السُّورَةِ وَالْفَاتِحَةِ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِهَا فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ وَلَا يَأْتِي بِهَا فِي الْجَهْرِيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِخْفَاءُ بَيْنَ الْجَهْرَيْنِ وَهُوَ شَنِيعٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهِيَ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ بَيْنَ السُّوَرِ لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَلَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ آيَةٌ مِنْ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَلَا مِنْ آخِرِهَا وَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا فِي النَّمْلِ فَإِنَّهَا بَعْضُ آيَةٍ فِيهَا ؛

لِأَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَطْعِ وَذَلِكَ بِالتَّوَاتُرِ وَلَمْ يُوجَدْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مِثْلُهُ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مِنْ الْفَاتِحَةِ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَكَذَا مِنْ غَيْرِهَا عَلَى الصَّحِيحِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى كِتَابَتِهَا فِي الْمَصَاحِفِ مَعَ الْأَمْرِ بِتَجْرِيدِ الْمَصَاحِفِ وَهُوَ مِنْ أَقْوَى الْحُجَجِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ لَا يَعْرِفُ فَصْلَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمْ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ لَا يَعْلَمُونَ انْقِضَاءَ السُّورَةِ حَتَّى يَنْزِلَ عَلَيْهِمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهَا أُنْزِلَتْ لِلْفَصْلِ وَأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَلَا مِنْ آخِرِهَا بَلْ هِيَ آيَةٌ مُنْفَرِدَةٌ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ { إنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك الَّذِي خَلَقَ } وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَسْمَلَةَ فِي أَوَّلِهَا } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { إنَّ سُورَةً مِنْ الْقُرْآنِ ثَلَاثِينَ آيَةً شَفَعَتْ لِرَجُلٍ حَتَّى غُفِرَ لَهُ وَهِيَ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ } وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثُونَ آيَةً مِنْ غَيْرِ الْبَسْمَلَةِ وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ يَقُولُ الْعَبْدُ الْحَمْدُ

لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى حَمِدَنِي عَبْدِي } الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَابْتَدَأَ الْقِسْمَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَلَوْ كَانَتْ الْبَسْمَلَةُ مِنْهَا لَابْتَدَأَ بِهَا وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِأَبِي بَكْرٍ { كَيْفَ تَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَسْمَلَةَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَوْلُ أَنَسٍ وَعَائِشَةَ فِيمَا رَوَاهُ مَالِكٌ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ } مَحْمُولٌ عَلَى الْجَهْرِ أَيْ كَانَ يَفْتَتِحُ جَهْرًا بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَمْ يَجْهَرْ بِالْبَسْمَلَةِ وَتَرْكُ الْجَهْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَكِتَابَتُهَا فِي الْمَصَاحِفِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ أَوْ مِنْ آخِرِهَا وَلِهَذَا طَوَّلُوا بَاءَهَا لِيَعْلَمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا ، أَلَا تَرَى أَنَّ كُتَّابَ الْمَصَاحِفِ كُلَّهُمْ عَدُّوا آيَاتِ السُّوَرِ فَأَخْرَجُوهَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ ، وَكَذَا الْقُرَّاءُ وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَمَنْ جَعَلَهَا مِنْ كُلِّ سُورَةٍ فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فَقَدْ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فِي أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ السُّورَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَاتِحَةِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَتْ آيَةً مِنْ الْقُرْآنِ لَجَازَتْ الصَّلَاةُ بِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَكْثَرُ مِنْ آيَةٍ قُلْنَا إنَّمَا لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِهَا لِاشْتِبَاهِ الْآثَارِ وَاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي كَوْنِهَا آيَةً لَا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً أَوْ ثَلَاثَ آيَاتٍ ) أَمَّا الْفَاتِحَةُ وَالسُّورَةُ فَوَاجِبَتَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا لَكِنَّ الْفَاتِحَةَ أَوْجَبَ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالْإِعَادَةِ بِتَرْكِهَا دُونَ السُّورَةِ وَثَلَاثُ آيَاتٍ تَقُومُ مَقَامَ السُّورَةِ فِي الْإِعْجَازِ فَكَذَا هُنَا ، وَكَذَا

الْآيَةُ الطَّوِيلَةُ تَقُومُ مَقَامَهَا وَهَذَا لِبَيَانِ الْوَاجِبِ ، وَأَمَّا لِبَيَانِ الْفَرْضِ وَالْمُسْتَحَبِّ فَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( قَوْلُهُ : إلَّا فِي الْأُولَى فِي رِوَايَةٍ إلَى آخِرِهِ ) هِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْهُ ا هـ فَتْحٌ وَفِي شَرْحِ الزَّاهِدِيِّ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُسَمِّيَ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِي قَوْلِ أَصْحَابِنَا كُلِّهِمْ لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ وَمَنْ قَالَ مَرَّةً فَقَدْ غَلِطَ إنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِهَا فَعِنْدَهُمَا تَجِبُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى وَفِي رِوَايَةِ هِشَامٍ وَالْمُعَلَّى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا مَرَّةً ، ثُمَّ قَالَ الْحَسَنُ وَالصَّحِيحُ هُوَ الْوُجُوبُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ا هـ وَرَأَيْت حَاشِيَةً بِخَطِّ الْعَلَّامَةِ ابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ نَصُّهَا وَغَلِطَ الْمُغَلِّطُ بِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهَا إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ الْوَاجِبِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ قُرْآنٌ قَبْلَ الْفَاتِحَةِ وَأَجْمَعَ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْفَاتِحَةِ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي الصَّلَاةِ ذِكْرٌ غَيْرَ التَّشَهُّدِ وَالْقُنُوتِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ وَتَكْبِيرَةِ الْقُنُوتِ ، وَأَمَّا النَّصُّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ فَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ كَالْمُفِيدِ وَالْبَدَائِعِ وَغَيْرِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَى آخِرِهِ ) مَنْ أَنْكَرَ كَوْنَهَا مِنْ الْقُرْآنِ لَا يَكْفُرُ عِنْدَنَا وَبَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْكَشْفِ الْكَبِيرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كَانَ يَفْتَتِحُ الْقِرَاءَةَ بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) قَوْلُهُ : رَبِّ الْعَالَمِينَ لَيْسَتْ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ ا هـ قَوْلُهُ : قَسَمْت الصَّلَاةَ ) أَيْ الْفَاتِحَةَ ( قَوْلُهُ : يَفْتَتِحُ جَهْرًا بِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) رَبِّ الْعَالَمِينَ لَيْسَ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَسُورَةٍ أَوْ ثَلَاثِ آيَاتٍ إلَى آخِرِهِ ) فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ سُئِلَ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ أَفْضَلُ أَمْ قِرَاءَةُ سُورَةٍ بِتَمَامِهَا قَالَ إنْ كَانَ آخِرَ

السُّورَةِ الَّتِي أَرَادَ قِرَاءَتَهَا أَكْثَرَ مِنْ السُّورَةِ الَّتِي أَرَادَ قِرَاءَتَهَا فَالْقِرَاءَةُ مِنْ آخِرِ السُّورَةِ أَفْضَلُ وَإِنْ كَانَتْ السُّورَةُ أَكْثَرَ آيَةٍ فَقِرَاءَتُهَا أَفْضَلُ وَفِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ آخِرَ سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ آخِرَ سُورَةٍ عَلَى حِدَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَكْثَرِ مَشَايِخِنَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَوَاجِبَتَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَوَاجِبُهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ سُورَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يُؤْمَرَ بِالْإِعَادَةِ ) أَيْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ لَا بِإِعَادَةِ الْفَاتِحَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِالْإِعَادَةِ بِتَرْكِهَا دُونَ السُّورَةِ ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ بَعْدَ أَنْ رَقَّمَ لِمَجْدِ الْأَئِمَّةِ التَّرْجُمَانِيِّ : قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ ، ثُمَّ السُّورَةُ وَاجِبَةٌ لَكِنَّ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ أَوْجَبُ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا فِي الصَّلَاةِ يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَوْ تَرَكَ السُّورَةَ لَا يُؤْمَرُ ا هـ وَقَدْ نَقَلْت هَذِهِ الْعِبَارَةَ عِنْدَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَوَاجِبُهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَضَمُّ سُورَةٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَمَّنَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ سِرًّا ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَمَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَتْ الْمَالِكِيَّةُ فِي رِوَايَةٍ لَا يَأْتِي الْإِمَامُ بِالتَّأْمِينِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا آمِينَ } قُسِمَ بَيْنَهُمَا وَهِيَ تُنَافِي الشَّرِكَةَ ؛ وَلِأَنَّ سُنَّةَ الدُّعَاءِ تَأْمِينُ السَّامِعِ لَا الدَّاعِي وَآخِرُ الْفَاتِحَةِ دُعَاءٌ فَلَا يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّهُ دَاعٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ مَا رَوَيْنَاهُ وَقَوْلُهُمْ سُنَّةُ الدُّعَاءِ تَأْمِينُ السَّامِعِ لَا الدَّاعِي غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ التَّأْمِينَ لَيْسَ فِيهِ إلَّا زِيَادَةُ الدُّعَاءِ وَالدَّاعِي أَوْلَى بِهِ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيمَا رَوَوْهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا وَقَوْلُهُ سِرًّا هُوَ مَذْهَبُنَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَجْهَرُ بِهَا عِنْدَ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ لِحَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَقْرَأُ غَيْرَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ } وَلَنَا حَدِيثُ وَائِلٍ أَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ آمِينَ خَفَضَ بِهَا صَوْتَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُخْفِي الْإِمَامُ أَرْبَعًا : التَّعَوُّذَ وَالْبَسْمَلَةَ وَآمِينَ وَرَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَيُرْوَى مِثْلُ قَوْلِهِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بَعْضُهُمْ يَقُولُ أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ خَمْسَةٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ ثَلَاثَةٌ ، وَكُلُّهُمْ بَعْدَ التَّأْمِينِ مِنْهَا ؛ وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ فَيَكُونُ مَبْنَاهُ عَلَى الْإِخْفَاءِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَهَرَ بِهَا عَقِيبَ الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ لَأَوْهَمَ أَنَّهَا مِنْ

الْقُرْآنِ فَيُمْنَعُ مِنْهُ دَفْعًا لِلْإِيهَامِ وَلِهَذَا لَمْ تُكْتَبْ فِي الْمَصَاحِفِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ ضَعَّفَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ فَلَا يَلْزَمُ حُجَّةً وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ وَالْقَصْرُ وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ وَالتَّشْدِيدُ خَطَأٌ فَاحِشٌ وَهُوَ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ حَكَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ حَتَّى لَوْ قَالَ آمِينَ بِالْمَدِّ وَالتَّشْدِيدِ ، قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَ فِيهَا لُغَةً بِالتَّشْدِيدِ مِنْهُمْ الْوَاحِدِيُّ ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَوْ قَالَ : آمِنُ بِالْمَدِّ وَحَذْفِ الْيَاءِ لَا تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ وَلَوْ قَالَ أَمِنَ بِالْقَصْرِ وَحَذْفِ الْيَاءِ يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْقُرْآنِ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَمَّنَ بِالْقَصْرِ وَالتَّشْدِيدِ يَنْبَغِي أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ لِمَا ذَكَرْنَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَأَمَّنَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ سِرًّا ) وَفِي الْمُحِيطِ وَفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ سَمِعَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ وَلَا الضَّالِّينَ فِي صَلَاةٍ لَا يُجْهَرُ فِيهَا هَلْ يُؤَمِّنُ قَالَ مَشَايِخُنَا لَا يُؤَمِّنُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْجَهْرَ لَغْوٌ فَلَا يَنْبَغِي وَعِنْدَ الْهِنْدُوَانِيُّ يُؤَمِّنُ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ ا هـ كَاكِيٌّ وَفِي الدِّرَايَةِ أَنَّهُ مَسْنُونٌ فِي حَقِّ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَالْقَارِئِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ ) أَيْ فِي الْإِخْلَاصِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَهِيَ تُنَافِي الشَّرِكَةَ ) وَحَمَلُوا قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا أَمِنَ } عَلَى بُلُوغِ مَوْضِعِ التَّأْمِينِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : لَأَوْهَمَ أَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ فَيُمْنَعُ إلَى آخِرِهِ ) حَتَّى قَالُوا بِارْتِدَادِ مَنْ قَالَ إنَّهُ مِنْهُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَفِي آمِينَ لُغَتَانِ الْمَدُّ إلَى آخِرِهِ ) وَهُوَ مُخْتَارُ الْفُقَهَاءِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَالْقَصْرُ ) أَيْ وَهُوَ اخْتِيَارُ أَهْلِ اللُّغَةِ ا هـ عِ أَيْ وَمُخْتَارُ الْأُدَبَاءِ أَيْضًا ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَمَعْنَاهُ اسْتَجِبْ ) أَيْ دُعَاءَنَا ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَهُ وَجْهٌ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ نَدْعُوك قَاصِدِينَ إجَابَتَك ؛ لِأَنَّ مَعْنَى آمِينَ قَاصِدِينَ ا هـ فَتْحٌ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ الْمُصَلِّي إذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فَقَالَ آمِّينَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُوجَدُ مِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَيَقُولُ آمِينَ بِغَيْرِ مَدٍّ وَلَا تَشْدِيدٍ أَوْ آمِينَ بِالْمَدِّ دُونَ التَّشْدِيدِ وَمَعْنَاهُ يَا أَمِينُ اسْتَجِبْ لَنَا إلَّا أَنَّهُ أُسْقِطَتْ يَاءُ النِّدَاءِ وَأُدْخِلَتْ الْمَدَّةُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ آمَنَ بِالْمَدِّ وَحَذْفِ الْيَاءِ ) يُشِيرُ إلَى قَوْله تَعَالَى { وَيْلَك آمِنِ إنَّ وَعْدَ

اللَّهِ حَقٌّ } ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَبَّرَ بِلَا مَدٍّ ) لِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبْزَى أَنَّهُ قَالَ { صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَ لَا يُتِمُّ التَّكْبِيرَ } أَيْ لَا يَمُدُّ وَكَانَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ يَقُولُ التَّكْبِيرُ جَزْمٌ وَيُرْوَى خَذْمٌ بِالْخَاءِ وَالذَّالِ أَيْ سَرِيعٌ ؛ وَلِأَنَّ الْمَدَّ إنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ وَهِيَ هَمْزَةُ اللَّهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ يَكْفُرُ لِأَجْلِ الشَّكِّ فِي الْكِبْرِيَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي هَمْزَةِ أَكْبَرَ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ فِي بَاءِ أَكْبَرَ فَقَدْ قِيلَ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يَحْتَمِلُ الْمَدَّ لُغَةً ؛ وَلِأَنَّ أَكِبَارَ جَمْعُ كِبْرٍ وَهُوَ الطَّبْلُ فَيَخْرُجُ مِنْ مَعْنَى التَّكْبِيرِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ نَشَأَتْ مِنْ الْإِشْبَاعِ وَهَذَا بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ الْإِشْبَاعَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي ضَرُورَةِ الشَّعْرِ وَإِنْ كَانَ الْمَدُّ فِي لَامِ اللَّهِ فَحَسَنٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَدِّهَا .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَكَبَّرَ بِلَا مَدٍّ لِمَا رَوَيْنَا ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ { يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ } ا هـ ( قَوْلُهُ : بِالْخَاءِ وَالذَّالِ ) أَيْ الْمُعْجَمَةُ ( قَوْلُهُ : لِأَجْلِ الشَّكِّ فِي الْكِبْرِيَاءِ ) وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّقْرِيرِ فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ كُفْرٌ وَلَا فَسَادٌ قَالَهُ فِي الْعِنَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يَحْتَمِلُ الْمَدَّ ) أَيْ حَتَّى قَالَ مَشَايِخُنَا لَوْ أَدْخَلَ الْمَدَّ بَيْنَ الْبَاءِ وَالرَّاءِ فِي لَفْظِ " أَكْبَرُ " عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا يَصِيرُ شَارِعًا بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ الْمُؤَذِّنُ حَيْثُ لَا تَجِبُ إعَادَةُ الْآذَانِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً ؛ لِأَنَّ أَمْرَهُ أَوْسَعُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : نَشَأَتْ مِنْ الْإِشْبَاعِ ) أَيْ إشْبَاعِ فَتْحَةِ الْبَاءِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَرَكَعَ وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ ) لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَالصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ التَّطْبِيقِ وَهُوَ أَنْ يَضُمَّ إحْدَى كَفَّيْهِ إلَى الْأُخْرَى وَيُرْسِلَهُمَا بَيْنَ فَخِذَيْهِ مَنْسُوخٌ بِمَا رَوَيْنَا بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّهُ قَالَ جَعَلْت يَدَيَّ بَيْنَ رُكْبَتَيْ فَنَهَانِي أَبِي وَقَالَ كُنَّا نَفْعَلُ هَذَا فَنُهِينَا وَلَا يُنْدَبُ إلَى التَّفْرِيجِ إلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنُ مِنْ الْأَخْذِ بِالرُّكَبِ وَآمَنُ مِنْ السُّقُوطِ وَلَا إلَى ضَمِّ الْأَصَابِعِ إلَّا فِي حَالَةِ السُّجُودِ لِيَكُونَ أَمْكَنَ مِنْ الْإِدْغَامِ أَيْ الِاتِّكَاءِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ قُوَّتَهَا تَزْدَادُ بِالضَّمِّ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ يُتْرَكُ عَلَى الْعَادَةِ وَلَا يَتَكَلَّفُ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهَا وَمَا رُوِيَ مِنْ نَشْرِ الْأَصَابِعِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ التَّحْرِيمَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّشْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الطَّيِّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَسَطَ ظَهْرَهُ وَسَوَّى رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَكَانَ إذَا رَكَعَ سَوَّى ظَهْرَهُ حَتَّى لَوْ صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ لَاسْتَقَرَّ } وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ { إذَا رَكَعَ لَوْ كَانَ قَدَحُ مَاءٍ عَلَى ظَهْرِهِ لَمَا تَحَوَّلَ لِاسْتِوَاءِ ظَهْرِهِ } وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ } أَيْ لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ وَلَمْ يَخْفِضْهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ ) أَيْ نَاصِبًا سَاقَيْهِ وَحَنْيِهِمَا شِبْهَ الْقَوْسِ كَمَا يَفْعَلُهُ عَامَّةُ النَّاسِ مَكْرُوهٌ ذَكَرَهُ فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَخَذَ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ حَالَةَ الْقِيَامِ قَدْرُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ ا هـ وَفِي الْوَاقِعَاتِ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِيَكُونَ أَمْكَنَ مِنْ الْإِدْغَامِ ) أَيْ وَلِيَقَعَ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ مُوَاجِهَةً إلَى الْقِبْلَةِ فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا سَجَدَ أَحَدُكُمْ فَلْيُوَجِّهْ مِنْ أَعْضَائِهِ إلَى الْقِبْلَةِ مَا اسْتَطَاعَ } ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : مَحْمُولٌ عَلَى النَّشْرِ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الطَّيِّ ) أَيْ لَا التَّفْرِيجُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَسَوَّى رَأْسَهُ بِعَجُزِهِ ) أَيْ وَهُوَ نِصْفُهُ الْمُؤَخَّرُ ا هـ ع وَالْعَجُزُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَجِيزَةُ لِلْمَرْأَةِ خَاصَّةً ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَفِي الْمُغْرِبِ الْعَجِيزَةُ تُسْتَعَارُ لِلرَّجُلِ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَبَّحَ فِيهِ ثَلَاثًا ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّهُ قَالَ { لَمَّا أُنْزِلَتْ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّك الْعَظِيمِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ وَلَمَّا نَزَلَتْ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى قَالَ : اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ } وَيُكْرَهُ أَنْ يُنْقِصَ التَّسْبِيحَ عَنْ الثَّلَاثِ أَوْ يَتْرُكَهُ كُلَّهُ وَقَالَ أَبُو مُطِيعٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ لِأَمْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِذَلِكَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ وَلَنَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَّمَ الْأَعْرَابِيَّ الصَّلَاةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ لَهُ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَذَكَرَهُ لَهُ وَظَاهِرُ الْآيَةِ يَتَنَاوَلُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ دُونَ تَسْبِيحَاتِهِمَا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالْأَمْرُ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِحْبَابِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَنْقُصَ عَنْ الثَّلَاثِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ ، وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمُقْتَدِي ثَلَاثًا أَتَمَّ ثَلَاثًا فِي رِوَايَةٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَكُلَّمَا زَادَ فَهُوَ أَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْخَتْمُ عَلَى وِتْرٍ ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَا يَزِيدُ عَلَى وَجْهٍ يَمَلُّ الْقَوْمُ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِغَيْرِ التَّسْبِيحِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَزِيدُ فِي الرُّكُوعِ اللَّهُمَّ لَك رَكَعْت وَلَك خَشَعْت وَلَك أَسْلَمْت وَعَلَيْك تَوَكَّلْت وَفِي السُّجُودِ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّهَجُّدِ عِنْدَنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي فَصْلِ الْوَاجِبَاتِ .

قَوْلُهُ : قَالَ أَبُو مُطِيعٍ ) هُوَ الْبَلْخِيّ تِلْمِيذُ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ ) أَيْ لِأَنَّ عِنْدَهُ الثَّلَاثَ فَرْضٌ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالْأَمْرُ قَدْ يَكُونُ لِلِاسْتِحْبَابِ ) أَيْ بِدَلِيلِ حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ ( قَوْلُهُ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ ) أَيْ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : هَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ بِمَذْهَبِ أَصْحَابِنَا ؛ لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ وَتَسْبِيحَاتُ الرُّكُوعِ سُنَّةٌ ا هـ وَفِي الذَّخِيرَةِ سَمِعَ الْإِمَامُ فِي الرُّكُوعِ خَفْقَ النِّعَالِ هَلْ يَنْتَظِرُ أَمْ لَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ وَابْنَ أَبِي لَيْلَى عَنْ ذَلِكَ فَكَرِهَاهُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخْشَى عَلَيْهِ أَمْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الشِّرْكَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ مِقْدَارَ التَّسْبِيحَةِ وَالتَّسْبِيحَتَيْنِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُطَوِّلُ التَّسْبِيحَاتِ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعَدَدِ وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ إنْ كَانَ الْجَائِي غَنِيًّا لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا جَازَ انْتِظَارُهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ عَرَفَ الْجَائِيَ لَا يَنْتَظِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ إذْ فِيهِ إعَانَةٌ عَلَى الطَّاعَةِ ا هـ وَقِيلَ إنْ أَطَالَ الرُّكُوعَ لِإِدْرَاكِ الْجَائِي خَاصَّةً وَلَا يُرِيدُ إطَالَةَ الرُّكُوعِ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ فَهَذَا مَكْرُوهٌ إذَا كَانَ أَوَّلَ رُكُوعِهِ لِلَّهِ وَآخِرُهُ لِلْجَائِي فَقَدْ أَشْرَكَ فِي صَلَاتِهِ غَيْرَ اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَ أَمْرًا عَظِيمًا وَلَا يَكْفُرُ ؛ لِأَنَّ إطَالَةَ الرُّكُوعِ لَمْ تَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لِلْقَوْمِ وَإِنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ إدْرَاكِ الرُّكُوعِ وَإِنْ أَطَالَهُ لِلتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ كَمَا شُرِعَ فِيهِ وَيُدْرِكُ الْجَائِي الرَّكْعَةَ كَانَ الرُّكُوعُ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا بَأْسَ بِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْإِمَامَ يُطِيلُ الرَّكْعَةَ الْأُولَى مِنْ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِيَةِ لِيُدْرِكَ الْقَوْمُ الرَّكْعَةَ ا هـ .

غَايَةٌ ، ثُمَّ قَالَ وَيُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتَّشَهُّدِ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ : لِأَنَّ مُتَابَعَةَ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي يُتِمُّ قِرَاءَةَ التَّشَهُّدِ وَلَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي الْقِيَامِ إنْ كَانَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ فِي الْأَخِيرَةِ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فَقَدْ قِيلَ يُتَابِعُهُ وَقِيلَ يُتِمُّ مَا بَقِيَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ إذَا تَرَكَ الْإِمَامُ التَّشَهُّدَ وَقَامَ أَوْ سَلَّمَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ الْمُخْتَارُ عِنْدِي أَنَّهُ يُتِمُّ تَشَهُّدَهُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَجْزَأَهُ وَرَأَيْت فِي مَوْضِعٍ آخَرَ الْمَسْبُوقُ إذَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ وَلَمْ يَفْرُغْ هُوَ قِيلَ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ وَقِيلَ لَا يُتِمُّ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي بِالتَّشَهُّدِ هُنَا مُتَابَعَةً لِلْإِمَامِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ الْمُتَابَعَةُ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَقَدْ قِيلَ يُتِمُّ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرٍ وَاحِدٍ فَلَوْ قَطَعَهُ تَبْطُلُ بِخِلَافِ تَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ تَسْبِيحَةٍ ذِكْرٌ عَلَى حِدَةٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِالتَّسْمِيعِ وَالْمُؤْتَمُّ وَالْمُنْفَرِدُ بِالتَّحْمِيدِ ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجْمَعُ الْإِمَامَيْنِ الذِّكْرَيْنِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ؛ وَلِأَنَّهُ حَرَّضَ غَيْرَهُ فَلَا يَنْسَى نَفْسَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْتِي الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُ بِالذِّكْرَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْتَمَّ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِيمَا يَفْعَلُ وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ قَسَمَ بَيْنَهُمَا وَالْقِسْمَةُ تُنَافِي الشَّرِكَةَ وَلَا يَلْزَمُنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَا الضَّالِّينَ فَقُولُوا : آمِينَ } حَيْثُ يُؤَمِّنُ الْإِمَامُ مَعَ الْقِسْمَةِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : عُرِفَ ذَلِكَ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُهَا } وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا أَمَّنَ الْإِمَامُ فَأَمِّنُوا } فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَرْبَعٌ يُخْفِيهِنَّ الْإِمَامُ وَقَدْ عَدَّ مِنْهَا التَّحْمِيدَ فَقَدْ عُرِفَ التَّحْمِيدُ أَيْضًا مِنْ خَارِجٍ فَوَجَبَ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ قُلْنَا مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْقِسْمَةِ مَرْفُوعٌ وَحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعَارِضُ الْمَرْفُوعَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحُثُّ مَنْ خَلْفَهُ عَلَى التَّحْمِيدِ فَلَا مَعْنَى لِمُقَابَلَةِ الْقَوْمِ لَهُ عَلَى الْحَثِّ بَلْ يَشْتَغِلُونَ بِالتَّحْمِيدِ لَا غَيْرُ ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ لِلْمُحَرِّضِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِجَابَةِ طَاعَةً دُونَ الْإِعَادَةِ ؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمُحَاكَاةَ وَمَا رَوَيَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الِانْفِرَادِ ، وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَارُ قَوْلَهُمَا وَهُوَ

رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا رَوَيْنَا أَنَّ الْمُؤْتَمَّ لَا يَخْتَصُّ بِالذِّكْرِ دُونَ الْإِمَامِ وَقَدْ يَخْتَصُّ الْإِمَامُ بِهِ كَالْقِرَاءَةِ وَقَوْلُهُ وَالْمُنْفَرِدُ بِالتَّحْمِيدِ أَيْ اكْتَفَى الْمُنْفَرِدُ بِالتَّحْمِيدِ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيعَ حَثٌّ لِمَنْ هُوَ مَعَهُ عَلَى التَّحْمِيدِ وَلَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ لِيَحُثَّهُ عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ الذِّكْرَيْنِ وَقَعَ الثَّانِي فِي حَالِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ لَمْ يَشْرَعْ إلَّا فِي الِانْتِقَالِ ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ : يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّسْمِيعِ لَا غَيْرُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ إمَامُ نَفْسِهِ وَالْإِمَامُ يَقْتَصِرُ عَلَى التَّسْمِيعِ عِنْدَهُ وَهُوَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجْمَعُ بَيْنَ الذِّكْرَيْنِ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هُوَ الْأَصَحُّ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ إمَامُ نَفْسِهِ فَيَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ ، ثُمَّ بِالتَّحْمِيدِ لِعَدَمِ مَنْ يَمْتَثِلُ بِهِ خَلْفَهُ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَخْبَارُ فِي لَفْظِ التَّحْمِيدِ فَقَالَ فِي بَعْضِهَا يَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، وَفِي بَعْضِهَا اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ، وَفِي بَعْضِهَا رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ : رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَفْضَلُ لِزِيَادَةِ الثَّنَاءِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِك رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَبَيْنَ قَوْلِك رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ وَاخْتَلَفُوا فِي هَذِهِ الْوَاوِ قِيلَ هِيَ زَائِدَةٌ وَقِيلَ هِيَ عَاطِفَةٌ تَقْدِيرُهُ رَبَّنَا حَمِدْنَاك وَلَك الْحَمْدُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ثُمَّ كَبَّرَ ) لِمَا رَوَيْنَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَاكْتَفَى الْإِمَامُ بِالتَّسْمِيعِ إلَى آخِرِهِ ) لَكِنْ يَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَا يَقُولُهَا فِي نَفْسِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ حَرَّضَ غَيْرَهُ ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ يَحْمَدُ بِقَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَيَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ قَبِلَ اللَّهُ حَمْدَ مَنْ حَمِدَهُ وَالسَّمَاعُ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ الْقَبُولُ مَجَازًا كَمَا يُقَالُ سَمِعَ الْأَمِيرُ كَلَامَ فُلَانٍ إذَا قَبِلَ وَيُقَالُ مَا سَمِعَ كَلَامَهُ أَيْ رَدَّهُ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَإِنْ سَمِعَهُ حَقِيقَةً وَفِي الْحَدِيثِ أَعُوذُ بِك مِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ أَيْ لَا يُسْتَجَابُ وَفِي الْفَوَائِدِ الْحَمِيدِيَّةِ الْهَاءُ فِي حَمِدَهُ لِلسَّكْتَةِ وَالِاسْتِرَاحَةِ لَا لِلْكِنَايَةِ كَذَا نُقِلَ عَنْ الثِّقَاتِ وَفِي الْمُسْتَصْفَى الْهَاءُ لِلْكِنَايَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَاشْكُرُوا لَهُ } ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَقُولُوا رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ ) تَتِمَّتُهُ { فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ } ا هـ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ قَالَ أَرْبَعٌ ) قَالَ فِي الْأَسْرَارِ إنَّهُ غَرِيبٌ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : مَا رَوَيْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ الْقِسْمَةِ مَرْفُوعٌ ) أَيْ بِرِوَايَةِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا تُشْبِهُ الْمُحَاكَاةَ ) أَيْ كَمَا قُلْنَا فِي جَوَابِ الْمُؤَذِّنِ فِي قَوْلِهِ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَمَا رَوَيَاهُ ) أَيْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : مَحْمُولٌ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُرْوَ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى النَّفْلِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : وَكَانَ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَخْتَارُ قَوْلَهُمَا ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْفَضْلِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ا هـ كَاكِيٌّ (

قَوْلُهُ : وَقَدْ يَخْتَصُّ الْإِمَامُ بِهِ كَالْقِرَاءَةِ ) أَيْ فَبِكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَذْكُورَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي الِانْتِقَالِ ) أَيْ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ ذِكْرَيْنِ كَانَ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ لِلِانْتِقَالِ مِنْ الرُّكُوعِ ، وَأَمَّا الِانْتِقَالُ مِنْ الْقِيَامِ إلَى السُّجُودِ فَلَهُ ذِكْرٌ وَهُوَ التَّكْبِيرُ فَالذِّكْرُ الثَّانِي يَقَعُ لِمُجَرَّدِ اعْتِدَالِ الْقِيَامِ لَا لِلِانْتِقَالِ وَالذِّكْرُ لَمْ يُسَنَّ إلَّا لِلِانْتِقَالِ وَلِذَا لَمْ يُسَنَّ ذِكْرٌ فِي حَالَةِ الْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ : يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ بِالتَّسْمِيعِ لَا غَيْرُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا رِوَايَةَ فِيهِ نَصًّا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ قَالَ وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِمَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجْمَعُ بَيْنَ الذِّكْرَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) وَأَمَّا الْمُقْتَدِي لَا يَأْتِي بِالتَّسْمِيعِ بِلَا خِلَافٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَفِي بَعْضِهَا رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَفِي بَعْضِهَا اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ا هـ كَاكِيٌّ وَغَايَةٌ وَفِي الْبَدَائِعِ الْأَشْهَرُ هُوَ الْأَوَّلُ ا هـ وَفِي الْعِنَايَةِ وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ ) أَيْ وَالذَّخِيرَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : قِيلَ هِيَ زَائِدَةٌ إلَى آخِرِهِ ) تَقُولُ الْعَرَبُ بِعْنِي هَذَا الثَّوْبَ فَيَقُولُ الْمُخَاطَبُ نَعَمْ وَهُوَ لَك بِدِرْهَمٍ فَالْوَاوُ زَائِدَةٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ هِيَ عَاطِفَةٌ ) أَيْ عَلَى مَحْذُوفٍ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَضَعَ رُكْبَتَيْهِ ، ثُمَّ يَدَيْهِ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ وَائِلٍ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَجَدَ وَضَعَ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ يَدَيْهِ وَإِذَا نَهَضَ رَفَعَ يَدَيْهِ قَبْلَ رُكْبَتَيْهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ثُمَّ وَجْهَهُ بَيْنَ كَفَّيْهِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَضَعُ يَدَيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { إذَا سَجَدَ مَكَّنَ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّيْهِ حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَضَعُ وَجْهَهُ إذَا سَجَدَ بَيْن كَفَّيْهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَرَوَى الْأَثْرَمُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ وَائِلٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { سَجَدَ فَجَعَلَ كَفَّيْهِ بِحِذَاءِ أُذُنَيْهِ } قَالَ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلَعَلَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( بِعَكْسِ النُّهُوضِ ) أَيْ الْهُبُوطِ بِعَكْسِ النُّهُوضِ حَتَّى قَالُوا : إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يَضَعُ أَوَّلًا مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ فَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَدَيْهِ ، ثُمَّ أَنْفَهُ ثُمَّ جَبْهَتَهُ ، وَكَذَا إذَا أَرَادَ الرَّفْعَ يَرْفَعُ أَوَّلًا جَبْهَتَهُ ، ثُمَّ أَنْفَهُ ، ثُمَّ يَدَيْهِ ، ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ قَالُوا هَذَا إذَا كَانَ حَافِيًا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُتَخَفِّفًا فَلَا يُمْكِنُهُ وَضْعُ الرُّكْبَتَيْنِ أَوَّلًا فَيَضَعُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الرُّكْبَتَيْنِ وَيُقَدِّمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : بِعَكْسِ النُّهُوضِ ) أَيْ الْقِيَامِ ا هـ عَيْنِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَجَدَ بِأَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ ) أَيْ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ إذَا سَجَدَ مَكَّنَ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَقَالَ صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَهُوَ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَلَا يُصِيبُ أَنْفَهُ الْأَرْضَ فَقَالَ لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَا يُصِيبُ أَنْفُهُ الْأَرْضَ } وَهِيَ نَفْيُ الْفَضِيلَةِ وَالْكَمَالِ دُونَ الْجَوَازِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ وَكُرِهَ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ وَقَوْلُهُ وَكُرِهَ بِأَحَدِهِمَا يَقْتَضِي كَرَاهِيَةَ الِاقْتِصَارِ عَلَى أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ أَيْضًا فَقَالَ وَوَضْعُ الْجَبْهَةِ وَحْدَهَا أَوْ الْأَنْفَ وَحْدَهُ يُكْرَهُ وَيُجْزِي عِنْدَهُ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِوَضْعِهِمَا إلَّا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا عُذْرٌ وَفِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ إنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ وَحْدَهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ بِلَا كَرَاهِيَةٍ وَفِي الْأَنْفِ وَحْدَهُ يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهِيَةِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَبْهَةِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَنْهُمَا حَتَّى حَكَى السِّغْنَاقِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ أَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ تَتَأَدَّى بِهِ الصَّلَاةُ بِإِجْمَاعِ الثَّلَاثَةِ ، وَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الْخِلَافَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَنْفِ فَعِنْدَهُ يَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُمَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ } وَلَوْ كَانَ الْأَنْفُ مَحَلًّا لِلسُّجُودِ لَذَكَرَهُ فَصَارَ كَالْخَدِّ وَالذَّقَنِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ

{ أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعٍ وَلَا أَكْفُفَ الشَّعْرَ وَلَا الثِّيَابَ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ } وَقَالَ الْبُخَارِيُّ { الْجَبْهَةُ وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ } هَكَذَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْأَحْكَامِ ؛ وَلِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِلسُّجُودِ إجْمَاعًا فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ كَالْجَبْهَةِ بِخِلَافِ الذَّقَنِ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلسُّجُودِ وَلِهَذَا لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى الذَّقَنِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْجَبْهَةِ وَعَلَى الْأَنْفِ يَلْزَمُهُ وَمِنْ فُرُوعِ هَذَا سُئِلَ نُصَيْرٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَمَّنْ وَضَعَ جَبْهَتَهُ عَلَى حَجَرٍ صَغِيرٍ فَقَالَ إنْ وَضَعَ أَكْثَرَ جَبْهَتِهِ يَجُوزُ ، وَإِلَّا فَلَا فَقِيلَ لَهُ إنْ وَصَلَ قَدْرَ الْأَنْفِ مِنْهَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ عَلَى قَوْلِهِ فَقَالَ الْأَنْفُ عُضْوٌ كَامِلٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ بِكَوْرِ عِمَامَتِهِ ) أَيْ كُرِهَ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ وَيَجُوزُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { وَمَكِّنْ جَبْهَتَك وَأَنْفَك مِنْ الْأَرْضِ } وَلِحَدِيثِ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ أَنَّهُ قَالَ { شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا } أَيْ لَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا وَلَنَا حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدُنَا أَنْ يُمَكِّنَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بَسَطَ ثَوْبَهُ فَسَجَدَ عَلَيْهِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ ؛ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ يَتَّقِي بِفُضُولِهِ حَرَّ الْأَرْضِ وَبَرْدِهَا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحَسَنُ كَانَ الْقَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلَى الْعِمَامَةِ وَالْقَلَنْسُوَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ حَائِلٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ السُّجُودِ فَيَجُوزُ

كَالْخُفِّ وَالنَّعْلِ وَمَا رَوَاهُ لَا يُنَافِي مَا قُلْنَا ؛ لِأَنَّ التَّمْكِينَ يُوجَدُ مَعَهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ مُمَاسَّةُ الْأَرْضِ بِهَا إجْمَاعًا وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ قَدْ بَيَّنَّاهُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَمِنْ فُرُوعِهِ لَوْ سَجَدَ عَلَى كَفِّهِ وَهِيَ عَلَى الْأَرْضِ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ بَسَطَ كُمَّهُ عَلَى النَّجَاسَةِ فَسَجَدَ عَلَيْهِ يَجُوزُ وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْكُمَّ تَبَعٌ لَهُ فَكَأَنَّهُ سَجَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ عَلَى الْأَرْضِ فَجَلَسَ عَلَيْهَا حَنِثَ وَإِنْ كَانَ ثَوْبُهُ حَائِلًا بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ مَسُّ الْمُصْحَفِ بِهِ أَيْضًا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى فَخِذِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِعُذْرٍ يَجُوزُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَعَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لَكِنَّ الْإِيمَاءَ يَكْفِيهِ إذَا كَانَ بِهِ عُذْرٌ وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ مَنْ هُوَ فِي صَلَاتِهِ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَعَلَى ظَهْرِ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى أَوْ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى التُّرَابِ وَإِنْ بَسَطَ كُمَّهُ لِيَتَّقِيَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ يُكْرَهُ لِلتَّكَبُّرِ وَعَنْ ثِيَابِهِ لَا لِعَدَمِهِ وَإِنْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُلْقِي حَجْمَهُ لَا يَجُوزُ كَالْقُطْنِ الْمَحْلُوجِ وَالثَّلْجِ وَالتِّبْنِ وَالدُّخْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَبْدَى ضَبْعَيْهِ ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ حَتَّى يُرَى وَضَحُ إبِطَيْهِ } أَيْ بَيَاضُهُمَا وَقِيلَ إذَا كَانَ فِي الصَّفِّ ازْدِحَامٌ لَا يُجَافِي حَتَّى لَا يُؤْذِيَ جَارَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ازْدِحَامٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَافَى بَطْنَهُ عَنْ فَخِذَيْهِ ) لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ إذَا سَجَدَ جَافَى بَيْنَ يَدَيْهِ حَتَّى إنَّ بَهْمَةً لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ

بَيْنَ يَدَيْهِ مَرَّتْ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَجَّهَ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ نَحْوَ الْقِبْلَةِ ) لِحَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { إذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلَا قَابِضَهُمَا وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَبَّحَ فِيهِ ثَلَاثًا ) أَيْ فِي السُّجُودِ لِمَا رَوَيْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمَرْأَةُ تَنْخَفِضُ وَتُلْزِقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا ) لِمَا رُوِيَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَرَّ عَلَى امْرَأَتَيْنِ تُصَلِّيَانِ فَقَالَ إذَا سَجَدْتُمَا فَضُمَّا بَعْضَ اللَّحْمِ إلَى بَعْضٍ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَيْسَتْ فِي ذَلِكَ كَالرَّجُلِ } ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُخَالِفُ الرَّجُلَ فِي عَشْرِ خِصَالٍ : تَرْفَعُ يَدَيْهَا إلَى مَنْكِبَيْهَا ، وَتَضَعُ يَمِينَهَا عَلَى شِمَالِهَا تَحْتَ ثَدْيِهَا ، وَلَا تُجَافِي بَطْنَهَا عَنْ فَخِذَيْهَا ، وَتَضَعُ يَدَيْهَا عَلَى فَخِذَيْهَا تَبْلُغُ رُءُوسُ أَصَابِعِهَا رُكْبَتَيْهَا ، وَلَا تَفْتَحُ إبْطَيْهَا فِي السُّجُودِ ، وَتَجْلِسُ مُتَوَرِّكَةً فِي التَّشَهُّدِ ، وَلَا تُفَرِّجُ أَصَابِعَهَا فِي الرُّكُوعِ ، وَلَا تَؤُمُّ الرِّجَالَ وَتُكْرَهُ جَمَاعَتُهُنَّ وَيَقُومُ الْإِمَامُ وَسَطَهُنَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مُكَبِّرًا ) أَيْ مِنْ السُّجُودِ لِمَا رَوَيْنَا .

( قَوْلُهُ : إلَّا إذَا كَانَ بِأَحَدِهِمَا عُذْرٌ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْبُوَيْرِيِّ لَوْ كَانَ بِأَحَدِهِمَا عُذْرٌ جَازَ السُّجُودُ عَلَى الْآخَرِ بِغَيْرِ كَرَاهَةٍ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَلَوْ تَرَكَ السُّجُودَ عَلَى الْمَقْدُورِ مِنْهُمَا وَأَوْمَأَ لَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ بِهِمَا عُذْرٌ يُومِئُ وَلَا يَسْجُدُ عَلَى غَيْرِهِمَا كَالْخَدِّ وَالذَّقَنِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : وَفِي الْأَنْفِ وَحْدَهُ إلَى آخِرِهِ ) ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ وَضْعُ مَا صَلُبَ مِنْ الْأَنْفِ لَا مَا لَانَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَا أَكْفُفَ ) أَيْ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ذَكَرَ الْجَبْهَةَ أَشَارَ إلَى الْأَنْفِ إلَى أَنَّهُمَا فِي حُكْمِ عُضْوٍ وَاحِدٍ وَلِذَا كَانَ أَعْضَاءُ السُّجُودِ سَبْعَةً ، وَإِلَّا كَانَتْ ثَمَانِيَةً ا هـ ( قَوْلُهُ : فَقَالَ الْأَنْفُ عُضْوٌ كَامِلٌ ) أَيْ وَقَدْرُهُ مِنْ الْجَبْهَةِ لَيْسَ بِعُضْوٍ كَامِلٍ فَلَا يَجُوزُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ بِكَوْرِ عِمَامَتِهِ ) أَيْ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ ا هـ وَمَا ذُكِرَ فِي التَّجْنِيسِ فِي عَلَامَةِ الْمِيمِ أَنَّهُ يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى كَوْرِ الْعِمَامَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّعْظِيمِ لَا يُرَادُ بِهِ أَصْلُ التَّعْظِيمِ ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَلْ نِهَايَتُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الرُّكْنَ فِعْلٌ وُضِعَ لِلتَّعْظِيمِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُشَاهَدَ مِنْ وَضْعِ الرَّجُلِ الْجَبْهَةَ فِي الْعِمَامَةِ عَلَى الْأَرْضِ نَاكِسًا لِغَيْرِهِ عَدَّهُ تَعْظِيمًا أَيْ تَعْظِيمٌ ا هـ فَتْحٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَى آخِرِهِ ) وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا وُجِدَ حَجْمُ الْأَرْضِ أَمَّا بِدُونِهِ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَتَفْسِيرُ وُجِدَ أَنَّ الْحَجْمَ مَا قَالُوا أَنَّهُ لَوْ بَالَغَ لَا يَتَسَفَّلُ رَأْسَهُ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ ) بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا يَجُوزُ ) لِأَنَّ

الْكُمَّ تَبَعٌ لَهُ فَكَأَنَّهُ سَجَدَ عَلَى النَّجَاسَةِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ الْمَرْغِينَانِيُّ صَحَّحَ الْجَوَازَ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَعَلَى رُكْبَتَيْهِ لَا يَجُوزُ وَلَمْ نَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا لَكِنْ إنْ كَانَ بِعُذْرٍ كَفَاهُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي ضِمْنِهِ مِنْ الْإِيمَاءِ كَأَنْ عَدِمَ الْخِلَافَ فِيهِ لِكَوْنِ السُّجُودِ يَقَعُ عَلَى جُزْءِ الرُّكْبَةِ وَهُوَ لَا يَأْخُذُ قَدْرَ الْوَاجِبِ مِنْ الرُّكْبَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ مَنْ هُوَ فِي صَلَاتِهِ يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ ) وَقِيلَ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَ سُجُودُ الثَّانِي عَلَى الْأَرْضِ ا هـ مُجْتَبَى ( قَوْلُهُ : وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى التُّرَابِ إلَى آخِرِهِ ) ( مَسْأَلَةٌ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ مَسَحَ جَبْهَتَهُ مِنْ التُّرَابِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِإِزَالَةِ شُبْهَةِ الْمُثْلَةِ وَلَوْ مَسَحَ بَعْدَمَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ الْأَخِيرَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَقَبْلَهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : أَحَبُّ إلَيَّ تَرْكُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَلَوَّثُ ثَانِيًا وَثَالِثًا فَلَا يُفِيدُهُ وَإِنْ مَسَحَ لِكُلِّ مَرَّةٍ يَكْثُرُ الْعَمَلُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ سَجَدَ عَلَى شَيْءٍ لَا يُلْقِي حَجْمَهُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ يَجُوزُ السُّجُودُ عَلَى الْحَشِيشِ وَالتِّبْنِ وَالْقُطْنِ وَالطَّنْفَسَةِ إنْ وُجِدَ حَجْمُ الْأَرْضِ ، وَكَذَا الثَّلْجُ الْمُلَبَّدُ فَإِنْ كَانَ بِحَالٍ يَغِيبُ فِيهِ وَجْهُهُ وَلَا يَجِدُ الْحَجْمَ أَوْ عَلَى الْعَجَلَةِ عَلَى الْأَرْضِ يَجُوزُ كَالسَّرِيرِ لَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْبَقَرِ كَالْبِسَاطِ الْمَشْدُودِ بَيْنَ الْأَشْجَارِ وَعَلَى الْعِرْزَالِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ يَجُوزُ لَا عَلَى الدَّخَنِ وَالْأُرْزِ لِعَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ وَلَوْ ارْتَفَعَ مَوْضِعُ السُّجُودِ عَنْ مَوْضِعِ الْقَدَمَيْنِ قَدْرَ لَبِنَةٍ أَوْ لَبِنْتَيْنِ مَنْصُوبَتَيْنِ جَازَ لَا إنْ زَادَ ا هـ وَذَكَرَ فِي

الْمُجْتَبَى لَوْ سَجَدَ عَلَى ظَهْرِ مَيِّتٍ عَلَيْهِ لِبْدٌ إنْ لَمْ يَجِدْ حَجْمَهُ جَازَ ، وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ إنْ كَانَ مَغْسُولًا جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إزَارٌ ا هـ قَوْلُهُ : كَالْبِسَاطِ الْمَشْدُودِ إلَى آخِرِهِ هَكَذَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى نَقْلًا عَنْ النَّظْمِ وَلَمْ يُعَلِّلْهُ وَكَأَنَّهُ لِعَدَمِ وُجُودِ حَجْمِ الْأَرْضِ حَالَ السُّجُودِ ، وَأَمَّا عَدَمُ جَوَازِ الصَّلَاةِ عَلَى الْعَجَلَةِ إذَا كَانَتْ عَلَى الْبَقَرِ فَإِنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْفَرِيضَةِ لَا النَّافِلَةِ وَسَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ مَا يُفْصِحُ بِذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : ضَبْعَيْهِ ) وَالضَّبُعُ بِسُكُونِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ الْعَضُدُ وَبِضَمِّهَا الْحَيَوَانُ الْمُفْتَرِسُ الْمَعْرُوفُ وَالسَّنَةُ الْمُجْدِبَةُ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ وَفِي الْمُحِيطِ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا لُغَتَانِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْته قَالَ فِي الْمَنَافِع الضَّبُعُ بِالسُّكُونِ لَا غَيْرُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكٍ ) أَيْ ابْنُ بُحَيْنَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : { إذَا سَجَدَ يُجَنِّحُ } إلَى آخِرِهِ ) فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ { إذَا سَجَدَ جَخَّ } بِجِيمٍ ، ثُمَّ خَاءٍ مَشْدُودَةٍ وَيُرْوَى جَخَّى بِالْيَاءِ فِي آخِرِهِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ أَيْ فَتَحَ عَضُدَيْهِ وَجَافَاهُمَا مِنْ جَنْبَيْهِ وَرَفَعَ بَطْنَهُ عَنْ الْأَرْضِ ا هـ نِهَايَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ ( قَوْلُهُ : حَتَّى أَنَّ بَهْمَةً ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ الْأُنْثَى مِنْ صِغَارِ الْغَنَمِ بَعْدَ السَّخْلَةِ فَإِنَّهَا أَوَّلُ مَا يَضَعُهُ أُمُّهُ ، ثُمَّ يَصِيرُ بَهْمَةً ا هـ كَاكِيٌّ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْبَهِيمَةُ بِزِيَادَةِ الْيَاءِ وَهُوَ تَحْرِيفٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : { حَتَّى أَنَّ بَهْمَةً لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ مَرَّتْ } ) رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَقَالَا فِيهِ بُهَيْمَةٌ وَعَلَى الْبَاءِ ضَمَّةٌ بِخَطِّ بَعْضِ الْحُفَّاظِ عَلَى تَصْغِيرِ بَهْمَةٍ قِيلَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَفَتْحُهَا

خَطَأٌ ا هـ فَتْحٌ قَالَ سِبْطُ بْنِ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْمَرْأَةُ تَنْخَفِضُ ) أَيْ تَضُمُّ نَفْسَهَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَتُلْزِقُ بَطْنَهَا إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ أَسْتَرُ لَهَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ : عَلَى فَخِذَيْهَا تَبْلُغُ ) فِي نُسْخَةٍ بِحَيْثُ تَبْلُغُ ( قَوْلُهُ : مِنْ السُّجُودِ لِمَا رَوَيْنَا ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُكَبِّرُ عِنْدَ كُلِّ خَفْضٍ وَرَفْعٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَلَسَ مُطْمَئِنًّا ) يَعْنِي بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِمَا رُوِيَ عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ { كَانَ رُكُوعُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُجُودُهُ وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ } ، ثُمَّ الْجِلْسَةُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهَا وَالْقَوْمَةُ وَالطُّمَأْنِينَةُ فِيهَا سُنَّةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَاخْتَلَفُوا فِي الطُّمَأْنِينَةِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَلَى قَوْلِهِمَا ، فَقَالَ الْكَرْخِيُّ : إنَّهَا وَاجِبَةٌ وَقَالَ الْجُرْجَانِيُّ سُنَّةٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْوَجْهَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَخِلَافُ أَبِي يُوسُفَ فِي تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَلَيْسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ ، وَكَذَا بَعْدَ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا مِنْ الدُّعَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّهَجُّدِ ، قَالَ يَعْقُوبُ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الرَّجُلِ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ فِي الْفَرِيضَةِ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي قَالَ يَقُولُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَيَسْكُتُ وَكَذَلِكَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ يَسْكُتُ فَقَدْ أَحْسَنَ الْجَوَابَ حَيْثُ لَمْ يُنْهَ عَنْ الِاسْتِغْفَارِ صَرِيحًا مِنْ قُوَّةِ احْتِرَازِهِ ، وَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ بِإِيثَارِ التَّحْمِيدِ فِيهِ وَالسُّكُوتِ بَعْدَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَ إلَى الْأَرْضِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ بِحَيْثُ لَا يُشْكِلُ عَلَى النَّاظِرِ أَنَّهُ قَدْ رَفَعَ يَجُوزُ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا تَمُرُّ الرِّيحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ جَازَ ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْهُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِقْدَارَ مَا يُسَمَّى بِهِ رَافِعًا جَازَ لِوُجُودِ الْفَصْلِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى

أَصَحَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَبَّرَ وَسَجَدَ مُطْمَئِنًّا ) لِمَا رَوَيْنَا .( قَوْلُهُ : قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ ) أَيْ كَانَ لُبْثُهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ قَرِيبًا مِنْ التَّسَاوِي إلَّا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ فَإِنَّ اللُّبْثَ فِيهِمَا لَا يَقْرُبُ اللُّبْثَ فِي تِلْكَ الْأَحْوَالِ بَلْ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ : قَرِيبًا مِنْ السَّوَاءِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُتَسَاوِيَةً بَلْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ وَلَمَّا كَانَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَالْقِيَامُ مِنْ الرُّكُوعِ قَرِيبَيْنِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ كَانَا مُشْتَمِلَيْنِ عَلَى الِاطْمِئْنَانِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الرَّفْعِ إلَى آخِرِهِ ) فِيهِ شَيْءٌ تَقَدَّمَ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ الرَّفْعَ مِنْ السُّجُودِ سُنَّةً ا هـ وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الصَّفْحَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ الْجِلْسَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ وَالْقَوْمَةَ وَالطُّمَأْنِينَةَ فِيهَا سُنَّةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : إنْ كَانَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبَ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي التَّجْنِيسِ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَلِيلًا ، ثُمَّ سَجَدَ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ إلَى السُّجُودِ أَقْرَبَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاجِدًا وَإِنْ كَانَ إلَى الْجُلُوسِ أَقْرَبَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ جَالِسًا ا هـ وَلَمْ يُحْكَ غَيْرُهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَبَّرَ لِلنُّهُوضِ بِلَا اعْتِمَادٍ وَقُعُودٍ ) أَيْ كَبَّرَ لِلنُّهُوضِ وَنَهَضَ بِلَا اعْتِمَادٍ وَقُعُودٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَعْتَمِدُ بِيَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيَجْلِسُ جِلْسَةً خَفِيفَةً لِحَدِيثِ مَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ أَنَّهُ { رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فَإِذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ صَلَاتِهِ لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا } وَلَنَا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ ؛ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ { نَهَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يَعْتَمِدَ الرَّجُلُ عَلَى يَدَيْهِ إذَا نَهَضَ فِي الصَّلَاةِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَفِي حَدِيثِ وَائِلٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا نَهَضَ اعْتَمَدَ عَلَى فَخِذَيْهِ } وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الضَّعْفِ بِسَبَبِ الْكِبَرِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَعَلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ اعْتَذَرَ فَقَالَ إنَّ رِجْلَيَّ لَا تَحْمِلَانِي ؛ وَلِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَشْرُوعَةً لَشُرِعَ التَّكْبِيرُ عِنْدَ الِانْتِقَالِ مِنْهَا إلَى الْقِيَامِ كَمَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَالَةٍ إلَى حَالَةٍ ؛ وَلِأَنَّهَا جِلْسَةُ اسْتِرَاحَةٍ وَفِي الصَّلَاةِ شُغْلٌ عَنْ الرَّاحَةِ وَيُكْرَهُ تَقْدِيمُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عِنْدَ النُّهُوضِ وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيَمِينِ وَالنُّهُوضُ بِالشِّمَالِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالثَّانِيَةُ كَالْأُولَى ) أَيْ الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ كَالرَّكْعَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ تَكْرَارُ الْأَرْكَانِ فَلَا يَخْتَلِفُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( إلَّا أَنَّهُ لَا يُثْنِي ) لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْعِبَادَةِ دُونَ أَثْنَائِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَتَعَوَّذُ ) ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ فِي أَوَّلِ الْقِرَاءَةِ لِدَفْعِ الْوَسْوَسَةِ فَلَا يَتَكَرَّرُ إلَّا بِتَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَعَوَّذَ وَقَرَأَ ، ثُمَّ سَكَتَ قَلِيلًا ، ثُمَّ قَرَأَ .

قَوْلُهُ : بِسَبَبِ الْكِبَرِ ) فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { قَدْ بَدَّنْتُ أَيْ كَبُرْت فَلَا تُبَادِرُونِي بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ } ا هـ كَاكِيٌّ وَفِي الرَّوْضَةِ قَالَ إذَا كَانَ شَيْخًا أَوْ رَجُلًا بَدِينًا لَا يَقْدِرُ عَلَى النُّهُوضِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَعْتَمِدَ بِهِ عَلَى الْأَرْضِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَحَبُّ الْهُبُوطُ بِالْيَمِينِ ) أَيْ مُبْتَدِئًا بِالْيَمِينِ ا هـ ( قَوْلُهُ : إلَّا أَنَّهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ إلَّا فِي فقعس صمعج ) أَيْ إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ : وَهِيَ عِنْدَ الِافْتِتَاحِ ، وَالْقُنُوتِ ، وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ ، وَاسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالْمَرُوتَيْنِ وَالْمَوْقِفَيْنِ وَالْجَمْرَتَيْنِ فَالْفَاءُ فِيهِ عَلَامَةٌ لِلِافْتِتَاحِ وَالْقَافُ لِلْقُنُوتِ وَالْعَيْنُ لِلْعِيدِ وَالسِّينُ لِلِاسْتِلَامِ وَالصَّادُ لِلصَّفَا وَالْمِيمُ لِلْمَرْوَةِ وَالْعَيْنُ لِعَرَفَةَ وَجَمْعٍ وَهُوَ الْمُزْدَلِفَةُ وَالْجِيمُ لِلْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالْوُسْطَى وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَرْفَعُ فِي الرُّكُوعِ ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلَاةِ حِينَ يُكَبِّرُ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ وَإِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فَعَلَ مِثْلَهُ وَقَالَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ وَلَا حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ } وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادِهِ عَنْ الْبَرَاءِ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حِينَ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ ، ثُمَّ لَمْ يَرْفَعْهُمَا حَتَّى انْصَرَفَ } ؛ وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ { خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا لِي أَرَاكُمْ رَافِعِي أَيْدِيَكُمْ كَأَنَّهَا أَذْنَابُ خَيْلِ شَمْسٍ اُسْكُنُوا فِي الصَّلَاةِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ { أَلَا أُصَلِّي بِكُمْ صَلَاةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ إلَّا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَيْضًا { صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ ؛ وَعُمَرَ فَلَمْ يَرْفَعُوا أَيْدِيَهُمْ إلَّا عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ } وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ قَالَ خَدَمْت ابْنَ عُمَرَ عَشْرَ سِنِينَ فَمَا رَأَيْته يَرْفَعُ

يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَّا فِي التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى وَالرَّاوِي إذَا فَعَلَ بِخِلَافِ مَا رَوَى تُتْرَكُ رِوَايَتُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ؛ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تُرْفَعُ الْأَيْدِي فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالْمَوْقِفَيْنِ وَالْجَمْرَتَيْنِ } وَيُرْوَى { لَا تُرْفَعُ الْأَيْدِي إلَّا فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ } مَكَانَ قَوْلِهِ تُرْفَعُ وَحُكِيَ أَنَّ الْأَوْزَاعِيَّ لَقِيَ أَبَا حَنِيفَةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ مَا بَالُ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَا يَرْفَعُونَ أَيْدِيَهُمْ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ وَقَدْ حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ { يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ رَفْعِ الرَّأْسِ مِنْهُ } فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنِي حَمَّادٌ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ { يَرْفَعُ يَدَيْهِ عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ ، ثُمَّ لَا يَعُودَ } فَقَالَ عَجَبًا مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ أُحَدِّثُهُ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ وَهُوَ يُحَدِّثُنِي بِحَدِيثِ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فَرَجَّحَ بِعُلُوِّ إسْنَادِهِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَمَّا حَمَّادٌ فَكَانَ أَفْقَهَ مِنْ الزُّهْرِيِّ ، وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيّ فَكَانَ أَفْقَهَ مِنْ سَالِمٍ وَلَوْلَا سَبْقُ ابْنِ عُمَرَ لَقُلْت عَلْقَمَةُ أَفْقَهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ فَعَبْدُ اللَّهِ فَرَجَّحَ أَبُو حَنِيفَةَ بِفِقْهِ رُوَاتِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَا بِعُلُوِّ الْإِسْنَادِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَا يَرْفَعُ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَالْجَمْرَتَيْنِ ) وَالْمُرَادُ الْوُقُوفُ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَى وَالْوُسْطَى ا هـ بَاكِيرٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إلَى الْقِبْلَةِ فِي التَّكْبِيرَاتِ الَّتِي فِي الصَّلَاةِ وَفِي الَّتِي فِي الْحَجِّ بَاطِنُ كَفِّهِ إلَى السَّمَاءِ إلَّا عِنْدَ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِبَاطِنِ كَفِّهِ إلَى الْحَجَرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالصَّادُ لِلصَّفَا وَالْمِيمُ لِلْمَرْوَةِ ) وَجَعَلَهُمَا الْمُصَنِّفُ شَيْئًا وَاحِدًا نَظَرًا إلَى السَّعْيِ ا هـ مُسْتَصْفًى فَوَائِدُ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُقْتَدِي إذَا أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ هَذِهِ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ : إمَّا إذَا أَتَى بِهِمَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بِالرُّكُوعِ مَعَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ أَوْ بِالرُّكُوعِ قَبْلَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ أَوْ أَتَى بِهِمَا قَبْلَهُ وَيُدْرِكُهُ الْإِمَامُ فِي آخِرِ رَكَعَاتِهِ فَإِنْ أَتَى بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي كُلِّهَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَإِذَا رَكَعَ قَبْلَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ يَقْضِي أَرْبَعًا بِلَا قِرَاءَةٍ وَإِنْ رَكَعَ بَعْدَ الْإِمَامِ وَسَجَدَ بَعْدَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ ا هـ وَأَنْتَ إذَا عَلِمْت أَنَّ مُدْرِكَ أَوَّلِ صَلَاةِ الْإِمَامِ لَاحِقٌ وَهُوَ يَقْضِي قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى فَاتَتْهُ الرَّكْعَةُ الْأُولَى فَرُكُوعُهُ وَسُجُودُهُ فِي الثَّانِيَةِ قَضَاءٌ عَنْ الْأُولَى وَفِي الثَّالِثَةِ عَنْ الثَّانِيَةِ وَفِي الرَّابِعَةِ عَنْ الثَّالِثَةِ وَيَقْضِي بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ رَكْعَةً بِلَا قِرَاءَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَاحِقٌ وَفِي الثَّانِيَةِ يَلْتَحِقُ سَجْدَتَاهُ فِي الثَّانِيَةِ بِرُكُوعِهِ فِي الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُعْتَبَرًا وَيَلْغُو رُكُوعُهُ فِي الثَّانِيَةِ لِوُقُوعِهِ عَقِبَ رُكُوعِهِ الْأَوَّلِ بِلَا سُجُودٍ وَبَقِيَ عَلَيْهِ رَكْعَةٌ ، ثُمَّ رُكُوعُهُ وَالثَّالِثَةُ مَعَ الْإِمَامِ مُعْتَبَرٌ وَيُلْتَحَقُ بِهِ سُجُودُهُ

فِي رَابِعَةِ الْإِمَامِ فَيَصِيرُ عَلَيْهِ الثَّانِيَةُ وَالرَّابِعَةُ فَيَقْضِي رَكْعَتَيْنِ وَقَضَاءُ الْأَرْبَعِ فِي الثَّالِثَةِ ظَاهِرٌ ( تَتِمَّةٌ فِيمَا يُتَابِعُ الْإِمَامُ فِيهِ وَفِيمَا لَا يُتَابِعُهُ ) إذَا رَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ قَبْلَ الْإِمَامِ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ وَلَا يَصِيرَ رُكُوعَيْنِ ، وَكَذَا فِي السُّجُودِ وَلَوْ رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْ الرُّكُوعِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُقْتَدِي سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ ثَلَاثًا الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُتَابِعُهُ وَلَوْ أَدْرَكَهُ فِي الرُّكُوعِ يُسَبِّحُ وَيَتْرُكُ الثَّنَاءَ وَفِي صَلَاةِ الْعِيدِ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ فِي الرُّكُوعِ وَلَوْ قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ قَبْلَ أَنْ يُتِمَّ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ يُتِمُّهُ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ وَقَامَ جَازَ وَفِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ إذَا سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ وَهُوَ فِي التَّشَهُّدِ يُتِمُّهُ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ الدُّعَاءِ سَلَّمَ مَعَهُ وَلَوْ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ التَّشَهُّدِ لَا يُسَلِّمُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى بَعْدَ حَدَثِ الْإِمَامِ عَمْدًا فِي الصَّلَاةِ بَلْ يَفْسُدُ ذَلِكَ الْجُزْءُ وَيَبْقَى بَعْدَ سَلَامِهِ وَكَلَامِهِ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَتَأَخَّرَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَحْدَهُ وَيُتَابِعُهُ فِي الْقُنُوتِ وَقَدَّمْنَا مَا لَوْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْقُنُوتَ فِي بَابِ الْوِتْرِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَقْنُتَ وَيُدْرِكَ الرُّكُوعَ قَنَتَ ، وَإِلَّا تَابَعَ وَفِي نَظْمِ الزندويستي خَمْسَةٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ لَا يَفْعَلُهَا الْقَوْمُ الْقُنُوتُ وَتَكْبِيرَاتُ الْعِيدِ وَالْقَعْدَةُ الْأُولَى وَسَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَسُجُودُ السَّهْوِ إذَا تَلَا فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَسْجُدْ أَوْ سَهَا وَلَمْ يَسْجُدْ وَأَرْبَعَةٌ إذَا فَعَلَهَا لَا يَفْعَلُهَا الْقَوْمُ : إذَا زَادَ سَجْدَةً مَثَلًا أَوْ زَادَ فِي تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ مَا يَخْرُجُ بِهِ عَنْ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَسَمِعَ التَّكْبِيرَ مِنْ الْإِمَامِ لَا مِنْ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَوْ خَامِسَةٍ فِي

تَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ أَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ سَاهِيًا ا هـ سَنَذْكُرُ مَا يَصْنَعُ الْمُقْتَدِي فِي هَذِهِ فِي بَابِ السَّهْوِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَخَمْسَةٌ إذَا لَمْ يَفْعَلْهَا الْإِمَامُ لَا يَفْعَلُهَا الْقَوْمُ إذَا لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ فِي الِافْتِتَاحِ وَإِذَا لَمْ يُثْنِ مَا دَامَ فِي الْفَاتِحَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السُّورَةِ فَكَذَا عِنْدَ س خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ إذَا أَدْرَكَهُ فِي جَهْرِ الْقِرَاءَةِ لَا يُثْنِي إذَا لَمْ يُكَبِّرْ لِلِانْتِقَالِ أَوْ لَمْ يُسَبِّحْ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ أَوْ لَمْ يَقْرَأْ التَّشَهُّدَ وَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ يُسَلِّمُ الْقَوْمُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ لَا يُسَلِّمُونَ بِخِلَافِ مَا إذَا تَكَلَّمَ لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّهُ بِالْحَدَثِ يَفْسُدُ مِنْ صَلَاتِهِمْ مَحَلُّهُ فَيَنْتَفِي مَحَلُّ السَّلَامِ وَإِذَا نَسِيَ تَكْبِيرَ التَّشْرِيقِ .

( فَرْعٌ ) صَلَّى الْكَافِرُ بِجَمَاعَةٍ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَمُنْفَرِدًا لَا لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ صَلَاةِ دِينِنَا وَوُجُودُ اللَّازِمِ الْمُسَاوِي يَسْتَلْزِمُ الْمَلْزُومَ الْمُعَيَّنَ وَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِحَجٍّ وَلَا صَوْمِ رَمَضَانَ وَفِي كَوْنِ الصَّلَاةِ جَمَاعَةً مِنْ الْخُصُوصِيَّاتِ نَظَرٌ ا هـ وَوَجْهُ النَّظَرِ هُوَ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يُصَلُّونَ جَمَاعَةً كَمَ ا هـ هُوَ مُشَاهَدٌ وَعَلَّلَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَشَايِخِ كَرَاهَةَ وُقُوفِ الْإِمَامِ بِطَاقِ الْمَسْجِدِ لِكَوْنِهَا شَبِيهَةً بِصُنْعِهِمْ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِ الْإِمَامِ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا يُفِيدُ شَرْعِيَّةَ الصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ فِي دِينِهِمْ ا هـ ( أَقُولُ ) يُمْكِنُ النَّظَرُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِمْ الْجَمَاعَةُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ دِينِنَا الْجَمَاعَةُ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ الْمَخْصُوصَةِ مِنْ كَوْنِهَا بِقِيَامٍ ، ثُمَّ رُكُوعٍ ، ثُمَّ سُجُودٍ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْهَيْئَاتِ وَيُرْشِدُ إلَى مَا قُلْنَا قَوْلُ الْإِمَامِ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي بَابِ مَا يَكُونُ إسْلَامًا مِنْ الْكَافِرِ مَا نَصُّهُ كَافِرٌ لَمْ يُقِرَّ بِالْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّهُ صَلَّى مَعَ الْمُسْلِمِينَ بِجَمَاعَةٍ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَا يُصَلُّونَ بِالْجَمَاعَةِ عَلَى هَيْئَةِ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَذْنَابُ خَيْلٍ شُمْسٍ ) قَالَ الْإِمَامُ وَشُمْسٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ جَمْعُ شُمُوسٍ وَهُوَ النُّفُورُ مِنْ الدَّوَابِّ الَّذِي لَا يَسْتَقِرُّ لِسَغَبِهِ وَحِدَّتِهِ ( قُلْت ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِضَمِّ الْمِيمِ مَعَ الشِّينِ ؛ لِأَنَّ مَا زِيَادَتُهُ مَدَّةٌ ثَالِثَةٌ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ يُجْمَعُ كَذَلِكَ وَهِيَ خَمْسَةُ أَمْثِلَةٍ فِي الْأَسْمَاءِ ، وَكَذَا فِي الصِّفَاتِ الْأَسْمَاءُ نَحْوُ قَذَالٍ وَجِرَابٍ وَغُرَابٍ وَرَغِيفٍ وَعَمُودٍ وَالصِّفَاتُ نَحْوَ صَنَّاعٍ وَكَنَّازٍ وَشُجَاعٍ وَنَذِيرٍ وَصَبُورٍ وَالْجَمِيعُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَذُبَّ فِي جَمْعِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62