كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

فَوَجَبَ الْأَقَلُّ لِكَوْنِهِ يَقِينًا وَبِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَيْسَ بِعِوَضٍ ، وَالصَّدَاقُ عِوَضٌ عَنْ الْبُضْعِ فَلَوْ عَيَّنَ الْأَقَلَّ فِي الصَّدَاقِ يَلْزَمُ الْبَخْسُ بِحَقِّهَا فَعُيِّنَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَفِي الْمُقَرِّ بِهِ لَوْ عَيَّنَ الْأَقَلَّ لَا يَلْزَمُ الْبَخْسُ بِحَقِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَافْتَرَقَا ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَّا إذَا صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ كَمَا فِي الْبَيْعِ ) أَيْ لَا يُعْدَلُ فِيهِ عَنْ الْقِيمَةِ إلَّا إذَا صَحَّ الثَّمَنُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : وَقَدْ فَسَدَتْ لِمَكَانِ الْجَهَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ فِيهِ كَلِمَةَ الشَّكِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ لَهُ فِي الْأَصْلِ ) وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْبَدَلِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ وَلِهَذَا أَوْجَبْنَا الْأَوَّلَ فِيهِمَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ ) أَيْ لِأَنَّ الْمُتْعَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ عِنْدَ فَسَادِ التَّسْمِيَةِ أَصْلٌ كَمَهْرِ الْمِثْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ عِنْدَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِطَرِيقِ التَّحْكِيمِ ) أَيْ تَحْكِيمِ الْمُتْعَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدَيْنِ سَوَاءً تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا مِثْلَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِوُجُودِ الرِّضَا مِنْهُمَا بِالْمُسَمَّى ا هـ غَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ يَجِبُ الْوَسَطُ أَوْ قِيمَتُهُ ) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ فَقَطْ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ فَرَسًا وَسَطًا وَبَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهَا قِيمَتَهُ ، وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى حِمَارٍ فَقَطْ ، وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ ذُكِرَ جِنْسُهُ دُونَ نَوْعِهِ وَأَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ بِمَعْنَى التَّرَدُّدِ بَيْنَهُمَا فَالْجَوَابُ فِيهِمَا كَالْجَوَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ تَحْكِيمِ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ وَوُجُوبِ الْأَقَلِّ عِنْدَهُمَا وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى حَيَوَانٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ جِنْسَهُ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى دَابَّةٍ بَطَلَ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ مَا لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ لَا يَصْلُحُ مُسَمًّى فِي النِّكَاحِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ وَلَنَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ فَجَعَلْنَاهُ بِمَنْزِلَةِ الْتِزَامِ الْمَالِ ابْتِدَاءً حَتَّى لَا تَفْسُدَ بِمُطْلَقِ الْجَهَالَةِ كَالدِّيَةِ وَالْأَقَارِيرِ ، وَشَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ الْمُسَمَّى مَالًا وَسَطُهُ مَعْلُومٌ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يَشْتَمِلُ عَلَى الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطُ ذُو حَظٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْأَرْفَعِ وَفَوْقَ الْأَدْنَى كَانَ أَعْدَلَ مِنْ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَفْحَشُ ؛ لِأَنَّهُ جَهَالَةٌ فِي الْجِنْسِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ جَهَالَةٌ فِي النَّوْعِ ، وَلَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ أَنْ يُنْقَضَ شَيْءٌ لِأَجْلِ الْجَهَالَةِ ، ثُمَّ يُصَارُ إلَى مَا هُوَ أَكْبَرُ جَهَالَةً مِنْهُ وَلَا يُمْكِنُ الْقِيَاسُ عَلَى الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِكَوْنِهِ مَبْنِيًّا عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُضَايَقَةِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ وَالْمُسَاهَلَةِ ؛

لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ غَيْرُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ لَيْسَ بِمَالٍ ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْتِزَامِ الْمَالِ ابْتِدَاءً كَالْمَنْذُورِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عُمُومُ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْعَلَائِقُ مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْأَهْلُونَ ، } رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا أَمْكَنَ ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ دُونَ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ وَكُلَّ جَهَالَةٍ مِثْلُ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ فَوْقَهَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ وَجَهَالَةُ مَهْرِ الْمِثْلِ جَهَالَةُ جِنْسٍ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ كُلُّ جَهَالَةٍ هِيَ نَظِيرُ جَهَالَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ التَّسْمِيَةِ وَجَهَالَةُ الْوَصْفِ نَظِيرُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَتَخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ وَأَيُّهُمَا أَدَّى تُجْبَرُ الْمَرْأَةُ عَلَى قَبُولِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَسَطَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالْقِيمَةِ فَصَارَتْ أَصْلًا إيفَاءً وَالْعَيْنُ أَصْلًا تَسْمِيَةً فَيَمِيلُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَعَلَى فَرَسٍ أَوْ حِمَارٍ ) كَلِمَةُ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ) أَيْ وَالْعَبْدُ الْمُطْلَقُ لَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ فَكَذَا فِي النِّكَاحِ ا هـ رَازِيٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَنَا أَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ عِوَضًا عَمَّا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ الْبُضْعُ وَالْحَيَوَانُ يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ مُطْلَقًا فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَمِائَةٍ مِنْ الْإِبِلِ فِي الدِّيَةِ وَإِيجَابِ غُرَّةٍ فِي الْجَنِينِ عَبْدًا أَوْ أَمَةً فَصَحَّ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ شَرْطًا أَيْضًا وَفِي الْمَهْرِ مَعْنَى الْمَالِيَّةِ فَجَعَلْنَاهُ الْتِزَامَ الْمَالِ ابْتِدَاءً وَلَا تَمْنَعُ الْجَهَالَةُ الْمُسْتَدْرَكَةُ صِحَّةَ الِالْتِزَامِ كَالْإِقْرَارِ بِعَبْدٍ إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَحْكُمُ ثَمَّةَ بِالْوَسَطِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ لَيْسَ بِعِوَضٍ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْمَهْرَ عِوَضٌ ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ حَظُّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ السَّوَاءَ أَوْجَبْنَا الْوَسَطَ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ ذُو حَظٍّ مِنْهُمَا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ كَمَا اُعْتُبِرَ الْوَسَطُ فِي الزَّكَاةِ نَظَرًا إلَى الْفَقِيرِ وَرَبِّ الْمَالِ ا هـ فَقَوْلُهُ : إلَّا أَنَّ مُحَمَّدًا لَا يَحْكُمُ ثَمَّةَ بِالْوَسَطِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ الْإِقْرَارَ الْتِزَامٌ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْوَسَطُ بَلْ يَكُونُ بَيَانُ الْمُقَرِّ فِيهِ مَقْبُولًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَى ثَوْبٍ أَوْ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَصْلُحُ عِوَضًا لِلْجَهَالَةِ أَوْ لِحُرْمَتِهَا شَرْعًا ، وَجُمْلَةُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ، نَوْعٌ يَبْطُلُ لِجَهَالَةِ الْمُسَمَّى كَالثَّوْبِ ، وَنَوْعٌ لِحُرْمَتِهِ شَرْعًا ، وَنَوْعٌ لِكَوْنِهِ عَلَى خِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ ذَكَرَ الثَّوْبَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذِهِ جَهَالَةُ الْجِنْسِ إذْ الثِّيَابُ أَجْنَاسٌ شَتَّى كَالْحَيَوَانِ وَلَوْ سَمَّى جِنْسًا بِأَنْ قَالَ هَرَوِيٌّ أَوْ مَرْوِيٌّ تَصِحُّ التَّسْمِيَةُ وَيَجِبُ الْوَسَطُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ لِمَا بَيَّنَّا فِي الْحَيَوَانِ ، وَكَذَا إذَا بَالَغَ فِي وَصْفِ الثَّوْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ يَجِبُ تَسْلِيمُ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّ مَوْصُوفَهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إنْ ذَكَرَ لَهُ أَجَلًا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ ؛ لِأَنَّ مُؤَجَّلَهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ مُتَحَتِّمًا كَمَا فِي السَّلَمِ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ أَجَلًا يُخَيَّرُ ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُهُ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ غَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ وَصِفَتَهُ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ ؛ لِأَنَّ مَوْصُوفَهُ يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا ، وَإِنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ دُونَ وَصْفِهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَسْلِيمِهِ وَتَسْلِيمِ قِيمَتِهِ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَإِنَّ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ فَكَانَ شَرْطُ قَبُولِهِ شَرْطًا فَاسِدًا غَيْرَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ وَيَلْغُو الشَّرْطُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَقَالَ مَالِكٌ يَفْسُدُ النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّ

الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَا يُمْكِنُ إيجَابُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَتَسْمِيَتُهُ تَمْنَعُ وُجُوبَ غَيْرِهِ بِالْعَقْدِ فَتَعَيَّنَ الْفَسَادُ كَالْبَيْعِ وَنَحْنُ نَقُولُ تَفْسُدُ التَّسْمِيَةُ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا تَسْمِيَةِ ثَمَنٍ وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الدَّنِّ مِنْ الْخَلِّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَالْمَذْكُورُ هُنَا أَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا مِثْلُ وَزْنِ الْخَمْرِ مِنْ الْخَلِّ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَبْدِ وَمَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْخَلِّ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَطْمَعَهَا مَالًا وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ وَاسْتُحِقَّ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِشَارَةَ قَدْ اجْتَمَعَتْ مَعَ التَّسْمِيَةِ فَتُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ لِكَوْنِهَا أَبْلَغَ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْرِيفُ فَكَأَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ حُرٍّ وَلِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْأَصْلَ مَتَى كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِيهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ ، وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُعَرِّفُ الْمَاهِيَّةَ وَالْإِشَارَةُ تُعَرِّفُ الذَّاتَ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى يَاقُوتًا أَحْمَرَ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَوْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا الْحُرُّ مَعَ الْعَبْدِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَنَافِعِ ، وَالْخَلُّ مَعَ الْخَمْرِ جِنْسَانِ لِفُحْشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ ، وَقَالَ فِي

النِّهَايَةِ : فَحَاصِلُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ هُوَ أَنَّ مُحَمَّدًا مَعَ أَبِي يُوسُفَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِالتَّسْمِيَةِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ التَّسْمِيَةِ ، وَهَذَا الْكَلَامُ لَا يَكَادُ يَصِحُّ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُكْمَ بِكَوْنِهِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الْجِهَةَ أَصْلًا وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ كَوْنَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُسَمَّى ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَقَالَ أَيْضًا ، ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْإِشَارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا حَتَّى إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشَارُ إلَيْهِ مَالًا كَانَ لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ تُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ وَفِي الْجِنْسَيْنِ تُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُعْتَبَرُ التَّسْمِيَةُ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا ، وَهَذَا أَيْضًا لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ الْمُسَمَّى ، وَعِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي النِّكَاحِ وَالْبُيُوعِ وَالْإِجَارَاتِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ ، وَالْأَجْوَدُ مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْمُشَارَ إلَيْهِ إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ فَالْمُعْتَبَرُ الْمُسَمَّى كَمَا ذُكِرَ لِمُحَمَّدٍ هُنَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّخْرِيجِ وَهُوَ أَنَّ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ جِنْسٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا الْخَلُّ وَالْخَمْرُ فَتُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ فِيهِمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ ، وَكَذَا الْخَلُّ وَالْخَمْرُ ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى يَصْلُحُ مَهْرًا وَالْمُشَارُ إلَيْهِ لَا يَصْلُحُ

مَهْرًا فَتَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْحُرُّ مَعَ الْعَبْدِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْخَلُّ مَعَ الْخَمْرِ جِنْسَانِ كَمَا مَرَّ مِنْ أَصْلِهِ ، وَهَذَا أَصْلٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا ، ثُمَّ إذَا تَعَلَّقَ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ مَهْرًا وَيَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ ثُبُوتًا صَحِيحًا لَزِمَهُ تَسْلِيمُهُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَإِلَّا فَيُنْظَرُ أَيْضًا فَإِنَّ بَيَّنَ جِنْسَهُ دُونَ وَصْفِهِ فَلَهَا الْوَسَطُ مِنْهُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ وَإِلَّا فَمَهْرُ الْمِثْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَلِهَذَا أَوْجَبَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْخَلِّ مِثْلَهُ وَفِي الْعَبْدِ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ قِيمَةُ عَبْدٍ وَسَطٍ لِاعْتِبَارِ الْإِشَارَةِ مِنْ وَجْهٍ .

( قَوْلُهُ : وَوَجْهُهُ ) أَيْ وَجْهُ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ الْوَسَطُ وَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ ) أَيْ بَيْنَ دَفْعِ الْوَسَطِ مِنْهُ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا إذَا بَالَغَ ) مَعْنَى الْمُبَالَغَةِ فِيهِ هُوَ أَنْ يُوَصِّلَهُ إلَى حَدٍّ يَجُوزُ فِيهِ عَقْدُ السَّلَمِ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ) قَيْدٌ بِظَاهِرِ الرِّوَايَةِ احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الزَّوْجَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْوَسَطِ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ؛ لِأَنَّهُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ يَلْتَحِقُ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَلِهَذَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّ مُسْتَهْلِكَهَا لَا يَضْمَنُ الْمِثْلَ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَإِنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ دُونَ وَصْفِهِ ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُك عَلَى كُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ زَعْفَرَانٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَكَانَ شَرْطَ قَبُولِهِ ) مَعْنَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَزَوَّجْتُك عَلَى خَمْرٍ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ تَزَوَّجْتُك بِشَرْطِ قَبُولِك الْخَمْرَ ، وَهَذَا شَرْطٌ فَاسِدٌ وَالنِّكَاحُ لَا يَبْطُلُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ فِيهِ لَا يَرْبُو عَلَى تَرْكِ التَّسْمِيَةِ أَصْلًا وَذَلِكَ لَا يَفْسُدُ فَهَذَا أَوْلَى ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ إلَخْ ) ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى شَاةٍ ذَكِيَّةٍ فَظَهَرَتْ مَيْتَةً فَالْخِلَافُ فِيهَا كَالْخِلَافِ فِي الْحُرِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقِيمَةِ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا ) أَيْ وَقِيمَةِ الْمَيْتَةِ لَوْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً ا هـ ( قَوْلُهُ : لِكَوْنِهَا أَبْلَغَ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْرِيفُ إلَخْ ) أَيْ لِكَوْنِهَا قَاطِعَةً لِلشَّرِكَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِمُحَمَّدٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَخَّرَ دَلِيلَ مُحَمَّدٍ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَكَأَنَّهُ اخْتَارَ قَوْلَهُ ، وَكَذَا أَخَّرَهُ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِذَا أَمْهَرَ عَبْدَيْنِ وَأَحَدُهُمَا حُرٌّ فَمَهْرُهَا الْعَبْدُ ) يَعْنِي إذَا كَانَ يُسَاوِي الْعَبْدُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الْعَشَرَةَ يُكْمِلُ لَهَا الْعَشَرَةَ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهَا الْعَبْدُ وَقِيمَةُ الْحُرِّ لَوْ كَانَ عَبْدًا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَهَا الْعَبْدُ الْبَاقِي وَتَمَامُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمَا لَوْ ظَهَرَا حُرَّيْنِ تَجِبُ قِيمَتُهُمَا عِنْدَهُ فَكَذَا إذَا ظَهَرَ أَحَدُهُمَا حُرًّا اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا حُرَّيْنِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَهُ فَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا يَجِبُ الْعَبْدُ وَتَمَامُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِعَدَمِ رِضَاهَا بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ إلَّا بِسَلَامَةِ الْعَبْدَيْنِ لَهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَنْ يُهْدِيَ لَهَا هَدِيَّةً وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَاقِيَ صَلُحَ مَهْرًا لِكَوْنِهِ مَالًا فَيَجِبُ وَوُجُوبُ الْمُسَمَّى ، وَإِنْ قَلَّ يُمْنَعُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ تَرْكَ التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا وَتَرْكَ إخْرَاجِهَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ فَلَمْ تَكُنْ رَاضِيَةً بِالْمُسَمَّى بِدُونِهَا ، وَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا لَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِالْحُرِّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِالْعَبْدِ الْبَاقِي وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى الْمَشْرُوطِ هُنَاكَ فِي الْحَالِ وَيُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الْحُرِّ قَبْلَ الْعَقْدِ فَيَلْزَمُهَا الضَّرَرُ بِتَقْصِيرٍ مِنْهَا ، فَيَكُونُ غَارًّا لَهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلَا يُرَدُّ عَلَيْنَا مَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ أَلْفَيْنِ حَيْثُ صَيَّرَ فِيهِ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مَعَ إمْكَانِ وُجُوبِ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْأَقَلُّ ؛ لِأَنَّا

نَقُولُ إنَّ الثَّابِتَ هُنَاكَ إحْدَى التَّسْمِيَتَيْنِ ، وَلَيْسَتْ إحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنْ الْأُخْرَى فَلَمْ تَثْبُتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَمَّا هُنَا فَتَسْمِيَةُ الْعَبْدِ الْبَاقِي ثَابِتَةٌ قَطْعًا فَيُمْنَعُ الْمَصِيرُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ .قَوْلُهُ : اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ ) أَيْ وَلِأَنَّهُ أَطْمَعَهَا سَلَامَةَ الْعَبْدَيْنِ وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ أَحَدِهِمَا فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الزَّوْجِ وَهُوَ عَبْدُهُ ا هـ غَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَجِبُ فِيهِ بِاسْتِيفَاءِ مَنَافِعِ الْبُضْعِ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِفَسَادِهِ وَلَا بِالْخَلْوَةِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ صِحَّةِ الْخَلْوَةِ وَهُوَ الْحُرْمَةُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ إنَّمَا أُقِيمَتْ مَقَامَ الْوَطْءِ لِلتَّمَكُّنِ مِنْهُ وَلَا تَمَكُّنَ مَعَ الْحُرْمَةِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِهَا حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَلَا الْعِدَّةِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ بِغَيْرِ مَحْضَرٍ مِنْ صَاحِبِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ إلَّا بِحَضْرَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَعْدَ الْقَبْضِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَخْ ) وَأَرَادَ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ تَزَوُّجَ الْأُخْتَيْنِ مَعًا ، وَالنِّكَاحَ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَنِكَاحَ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ وَنِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ وَنِكَاحَ الْخَامِسَةِ فِي عِدَّةِ الرَّابِعَةِ وَنِكَاحَ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ فَاسِدٌ وَإِنَّمَا يَجِبُ التَّفْرِيقُ عَلَى الْقَاضِي كَيْ لَا يَلْزَمَ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ اغْتِرَارًا بِصُورَةِ الْعِدَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : إنَّمَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا ، ثُمَّ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ لَهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَهْرَ إنَّمَا يَجِبُ فِيهِ بِاسْتِيفَاءِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ دُونَ الْعَقْدِ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ وَأَمَّا الثَّانِي ؛ فَلِأَنَّ الْوَطْءَ فِي مَحَلٍّ مَعْصُومٍ بِسَبَبٍ لِلضَّمَانِ الْجَابِرِ أَوْ الْحَدِّ الزَّاجِرِ وَتَعَذَّرَ الثَّانِي لِلشُّبْهَةِ فَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا تُمْكِنُ مَعَ الْحُرْمَةِ ) أَيْ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ نِصْفُ الْمُسَمَّى بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ ، وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِي التَّطْلِيقِ بَعْدَ النِّكَاحِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَلَمْ يُوجَدْ النِّكَاحُ هَاهُنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْ نَقُولُ نِصْفُ الْمُسَمَّى ثَبَتَ فِي الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِهَا ) أَيْ بِالْخَلْوَةِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَلَوْ كَانَتْ الْخَلْوَةُ صَحِيحَةً ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الْمُسَمَّى ) أَيْ إنْ زَادَ مَهْرُ مِثْلِهَا عَلَى الْمُسَمَّى لَا يُزَادُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ زُفَرُ : يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَالِغًا مَا بَلَغَ اعْتِبَارًا بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَنَا أَنَّهَا أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الزِّيَادَةِ لِرِضَاهَا بِمَا دُونَهَا فَلَا يَجِبُ ؛ وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَإِنَّمَا تَتَقَوَّمُ بِالْعَقْدِ أَوْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ لِلضَّرُورَةِ وَفِيمَا لَوْ يُوجَدُ فِيهِ الْعَقْدُ أَوْ شُبْهَتُهُ لَا يَتَقَوَّمُ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ فَيَتَقَدَّرُ بَدَلُهُ بِقِيمَتِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَهْرُ مُسَمًّى أَوْ كَانَ مَجْهُولًا يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ بِالِاتِّفَاقِ .قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ كَانَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَقَلَّ مِنْ الْمُسَمَّى ) أَيْ لَا يَجِبُ الْمُسَمَّى قَالَ الْأَتْقَانِيُّ إلَّا أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا كَانَ أَنْقَصَ مِنْ الْمُسَمَّى لَا يَجِبُ الْمُسَمَّى بَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ مَا هُوَ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ لَا يُزَادُ عَلَى قَدْرِ الْقِيمَةِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَهَذَا أَوْلَى ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَثْبُتُ النَّسَبُ ) أَيْ نَسَبُ الْوَلَدِ الْمَوْلُودِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُحْتَاطُ فِي إثْبَاتِهِ إحْيَاءً لِلْوَلَدِ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى الثَّابِتِ مِنْ وَجْهٍ وَيُعْتَبَرُ مُدَّةُ النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى قَالَهُ أَبُو اللَّيْثِ ، وَعِنْدَهُمَا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ الْفَاسِدَ لَيْسَ بِدَاعٍ إلَى الْوَطْءِ لِحُرْمَتِهِ ، وَلِهَذَا لَا تَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بِدُونِ الْوَطْءِ أَوْ اللَّمْسِ أَوْ التَّقْبِيلِ ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى مِنْ الْأَصْلِ إذَا تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَدَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا فَادَّعَاهُ الْمَوْلَى وَالزَّوْجُ فَهُوَ ابْنُ الزَّوْجِ فَقَدْ اعْتَبَرَهُ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لَا مِنْ وَقْتِ الدُّخُولِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا ، قَالَ الْحَلْوَانِيُّ : فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفِرَاشَ يَنْعَقِدُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ خِلَافًا لِمَا يَقُولُهُ الْبَعْضُ إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالدُّخُولِ ، وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَنَّ الْفِرَاشَ لَا يَنْعَقِدُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إلَّا بِالدُّخُولِ وَتَأْوِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الدُّخُولَ كَانَ عَقِيبَ النِّكَاحِ بِلَا مُهْلَةٍ فَحِينَئِذٍ تَسْتَوِي الْمُدَّتَانِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي الْغَايَةِ قَدْ اعْتَبَرُوا الْعِدَّةَ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ فَكَانَ الْأَحْوَطُ فِي النَّسَبِ مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ أَيْضًا لَا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِلنَّسَبِ ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ وَهْمٌ لَا تَحَقُّقَ لَهُ ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا اعْتَبَرُوا مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ لِيَثْبُتَ نَسَبُهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ إقَامَةً لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ مَقَامَ الْوَطْءِ حَتَّى لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ كَمَا فِي الصَّحِيحِ وَلَا يُنَافِي

ذَلِكَ اعْتِبَارَهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَلَمْ يُفَارِقْهَا بَلْ هِيَ مَعَهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِبَارُ لِوَقْتِ التَّفْرِيقِ لَا غَيْرُ لِمَا ثَبَتَ ، وَكَذَا لَوْ فَارَقَهَا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَوْ خَلَا بِهَا ، ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيَجِبُ الْمَهْرُ وَالْعِدَّةُ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، وَعَنْهُ لَا يَثْبُتُ وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ وَلَا الْعِدَّةُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ، وَإِنْ لَمْ يَخْلُ بِهَا لَا يَلْزَمُهُ الْوَلَدُ .( قَوْلُهُ : فَحِينَئِذٍ تَسْتَوِي الْمُدَّتَانِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْمَوْلُودِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ إذَا جَاءَتْ بِهِ عَلَى رَأْسِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ قَبْلَ النِّكَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : قَالَ شَمْسُ الدِّينِ ) وَهُوَ أَحْمَدُ السُّرُوجِيُّ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْعِدَّةُ ) أَيْ وَتَجِبُ الْعِدَّةُ يَعْنِي إذَا دَخَلَ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ مُلْحَقٌ بِالصَّحِيحِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ تَحَرُّزًا عَنْ اشْتِبَاهِ النَّسَبِ وَيُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ التَّفْرِيقِ كَالطَّلَاقِ فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَرَفْعِهَا بِالتَّفْرِيقِ أَوْ بِمُتَارَكَةِ الزَّوْجِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ حَتَّى لَوْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَقَدْ انْقَضَتْ وَلَا يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ فِيهِ ، وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُتَارَكَةُ إلَّا بِالْقَوْلِ بِأَنْ يَقُولَ تَارَكْتُك أَوْ تَارَكْتهَا أَوْ خَلَّيْت سَبِيلَك أَوْ خَلَّيْتهَا ، وَعِلْمُ غَيْرِ الْمُتَارِكِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الْمُتَارَكَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الصَّحِيحِ ، وَإِنْكَارُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بِحَضْرَتِهَا فَهُوَ مُتَارَكَةٌ وَإِلَّا فَلَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا تَجِبُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ : زَوَّجْت وَتَزَوَّجْت ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ زُفَرُ مِنْ آخِرِ الْوَطْآتِ ) سَيَأْتِي هَذَا الْخِلَافُ فِي الْعِدَّةِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَفِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : لِأَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ هُوَ الْوَطْءُ لَا الْعَقْدُ فَيُعْتَبَرُ آخِرُ الْوَطْءِ وَلَنَا أَنَّ الْعِدَّةَ إنَّمَا تَجِبُ لِشُبْهَةِ النِّكَاحِ ، وَرَفْعُ مِلْكِ الشُّبْهَةِ يَحْصُلُ بِالتَّفْرِيقِ لَا بِالْوَطْءِ وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَهَا قَبْلَ التَّفْرِيقِ مِرَارًا لَا يَجِبُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ وَبَعْدَ التَّفْرِيقِ لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً يَجِبُ الْحَدُّ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ هُوَ الْعَقْدُ الصَّحِيحُ فَفِي الصَّحِيحِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ بِالطَّلَاقِ فَكَذَا فِي الْفَاسِدِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ الْفُرْقَةِ بِالْمُتَارَكَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَتَحَقَّقُ الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ) أَيْ وَلَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِمَا قُلْنَا ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْ بِالتَّفْرِيقِ أَوْ بِالِافْتِرَاقِ بِالْمُتَارَكَةِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْضًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ لَا يَنْقُصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ ا هـ قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ قَوْلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ ، وَإِذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَقَالَ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا ، فَلَيْسَ بِإِجَازَةٍ ا هـ وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ لِلنِّكَاحِ وَفَسْخٌ لَهُ حَتَّى لَا يَنْقُصَ شَيْءٌ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ ، وَذَاكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ يَخْتَصُّ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ ا هـ وَقَدْ نُقِلَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْضًا فِيمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ : أَوْ خَلَّيْتهَا ) أَيْ أَوْ تَرَكْتهَا أَمَّا لَوْ تَرَكَهَا وَمَضَى عَلَى ذَلِكَ سُنُونَ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ قَالَ الشَّيْخُ فَخْرُ

الدِّينِ قَاضِي خَانْ هَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا أَمَّا غَيْرُهَا فَبِتَفَرُّقِ الْأَبْدَانِ بِأَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا إذَا اسْتَوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا وَمَالًا وَبَلَدًا وَعَصْرًا وَعَقْلًا وَدِينًا وَبَكَارَةً ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ وَقِيمَةُ الشَّيْءِ إنَّمَا تُعْرَفُ بِالنَّظَرِ فِي قِيمَةِ جِنْسِهِ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهَا مَهْرُ مِثْلِ نِسَائِهَا وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَوْلَادَ الْخُلَفَاءِ يَصْلُحُونَ لِلْإِمَامَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّهَاتُهُمْ جِوَارِي وَيُشْتَرَطُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ لِاخْتِلَافِ الرَّغَبَاتِ فِيهَا ، وَكَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَكَمَالِ الْخَلْقِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ وَقَالُوا يُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ أَيْضًا ، وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ فِي بَيْتِ الْحَسَبِ وَالشَّرَفِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ إذْ الرَّغْبَةُ فِيهِنَّ لِلْجَمَالِ بِخِلَافِ بَيْتِ الشَّرَفِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَمِنْ الْأَجَانِبِ ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ قَبِيلَتِهَا مَنْ هِيَ مِثْلُ حَالِهَا يُعْتَبَرُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا مِنْ الْأَجَانِبِ مِنْ قَبِيلَةٍ هِيَ مِثْلُ قَبِيلَةِ أَبِيهَا ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ بِالْأَجْنَبِيَّاتِ .

قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَمَهْرُ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ بِقَوْمِ أَبِيهَا ) أَيْ كَأَخَوَاتِهَا وَعَمَّاتِهَا وَبَنَاتِ عَمِّهَا وَالْمُرَادُ بِأَخَوَاتِهَا لِأَبِيهَا وَأُمِّهَا أَوْ لِأَبِيهَا ، وَكَذَا عَمَّاتُهَا هُنَّ أَخَوَاتُ أَبِيهَا لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ أَوْ لِأَبِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ بِأُمِّهَا وَخَالَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ قَبِيلَةِ أَبِيهَا بِأَنْ تَكُونَا بَنَاتَ عَمِّهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا اسْتَوَيَا سِنًّا وَجَمَالًا إلَخْ ) وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ كُلُّهَا فِي قَوْمِ أَبِيهَا يُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ مِنْهَا ا هـ عَيْنِيٌّ وَفِي النُّتَفِ تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً : الْجَمَالُ وَالْحَسَبُ وَالْمَالُ وَالْعَقْلُ وَالدِّينُ وَالْعِلْمُ وَالْأَدَبُ وَالتَّقْوَى وَالْعِفَّةُ وَكَمَالُ الْخَلْقِ وَحَدَاثَةُ السِّنِّ وَالْبَكَارَةُ وَحَالُ الْوَقْتِ وَحَالُ الزَّوْجِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : وَالتَّقْوَى ذِكْرُ التَّقْوَى بَعْدَ ذِكْرِهِ الدِّينَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ ، وَقَدْ فَسَّرَ الْعَيْنِيُّ الدِّينَ بِالتَّقْوَى فَتَأَمَّلْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَصْرًا ) أَيْ زَمَانًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَقْلًا ) فَلَا يُعْتَبَرُ بِالْمَجْنُونَةِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَدِينًا ) فَلَا يُعْتَبَرُ بِالْفَاسِقَةِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَهُنَّ أَقَارِبُ الْأَبِ ) لَيْسَ مِنْ كَلَامِهِ بَلْ تَفْسِيرُ نِسَائِهَا مِنْ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إضَافَةِ النِّسَاءِ إلَيْهَا بِأَنَّهَا بِاعْتِبَارِ قَرَابَةِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مِنْ جِنْسِ قَوْمِ أَبِيهِ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ كُلُّهَا فِي قَوْمِ أَبِيهَا يُعْتَبَرُ الْمَوْجُودُ مِنْهَا ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ الِاسْتِوَاءُ فِي الْأَوْصَافِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُعْتَبَرُ اتِّحَادُ الْبَلَدِ وَالْعَصْرِ حَتَّى لَا يُعْتَبَرَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى مِنْ عَشِيرَتِهَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْعَصْرِ ، وَهَذَا لِأَنَّ

مَهْرَ الْمِثْلِ تَقْوِيمُ الْبُضْعِ وَالِاعْتِبَارُ فِي التَّقْوِيمِ لِلْمَوْضِعِ وَالزَّمَانِ اللَّذَيْنِ يَقَعُ فِيهِمَا التَّقْوِيمُ كَمَا فِي تَقْوِيمِ السِّلْعَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ وَيُعْتَبَرُ الْمُسَاوَاةُ فِي الْبَكَارَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ بِحَسَبِ الْبَكَارَةِ وَالثُّيُوبَةِ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ وَفِي الْمُنْتَقَى يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ وَيُشْتَرَطُ لَفْظَةُ الشَّهَادَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَلَى ذَلِكَ شُهُودٌ عُدُولٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ ا هـ مَعَ حَذْفٍ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ ضَمَانُ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا ) ، وَهَذَا اللَّفْظُ يَتَنَاوَلُ وَلِيَّ الصَّغِيرِ بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً ، ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ مَهْرَهَا صَحَّ ضَمَانُهُ ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فِيهِ ، وَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى لَهُ شَيْئًا ، ثُمَّ ضَمِنَ عَنْهُ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ ضَمِنَ أَوْ لَمْ يَضْمَنْ ، ثُمَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُطَالِبَ الْوَلِيَّ بِالْمَهْرِ فَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الصَّغِيرِ إنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ يُؤَدِّيهِ لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ اسْتِحْسَانًا فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي مَالِهِ ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ مَا لَمْ يَبْلُغْ فَإِذَا بَلَغَ تُطَالِبُ أَيَّهُمَا شَاءَتْ وَيَتَنَاوَلُ وَلِيَّ الصَّغِيرَةِ أَوْ الْكَبِيرَةِ بِأَنْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ أَوْ الْكَبِيرَةَ وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ رَجُلًا وَضَمِنَ عَنْهُ مَهْرَهَا صَحَّ ضَمَانُهُ لِمَا ذَكَرْنَا ، ثُمَّ هِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ طَالَبَتْ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا لِذَلِكَ وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي حَيْثُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ أَصِيلٌ فِيهِ حَتَّى تَرْجِعَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالْحُقُوقُ إلَيْهِ وَيَصِحُّ إبْرَاؤُهُ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَكِنَّهُ يَضْمَنُهُ لِلْوَلَدِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَيَمْلِكُ قَبْضَ الثَّمَنِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، فَلَوْ صَحَّ الضَّمَانُ لَصَارَ ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَفِي النِّكَاحِ تَنْعَكِسُ الْأَحْكَامُ لِانْعِكَاسِ الْمَعْنَى وَهُوَ كَوْنُهُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْأَبَ يَمْلِكُ قَبْضَ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا مَلَكَهُ بِحُكْمِ الْأُبُوَّةِ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عَاقِدٌ

وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ بُلُوغِهَا إلَّا بِرِضَاهَا ، وَقَوْلُهُ : وَتُطَالِبُ زَوْجَهَا أَوْ وَلِيَّهَا هَذَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّهَا بِأَنْ زَوَّجَهَا ، ثُمَّ ضَمِنَ مَهْرَهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ الضَّامِنُ وَلِيَّ الزَّوْجِ بِأَنْ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَضَمِنَ مَهْرَهَا فَالْمُطَالَبَةُ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ مَكَانَ وَلِيِّهَا ، وَقَدْ مَضَى بَيَانُهُ .

( قَوْلُهُ : فَإِذَا أَدَّى الْوَلِيُّ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَضَمِنَ عَنْهُ لِزَوْجَتِهِ الْمَهْرَ يَصِحُّ إذَا قَبِلَتْ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لِهَذَا أَيْضًا فَإِذَا أَدَّى الْأَبُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الِابْنِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَوْ ضَمِنَ بِإِذْنِ الْأَبِ وَأَدَّى يَرْجِعُ فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَكَذَا الْأَبُ ؛ لِأَنَّ قِيَامَ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فِي الصِّغَرِ بِمَنْزِلَةِ أَمْرِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْآبَاءَ يَتَحَمَّلُونَ الْمُهُورَ عَنْ أَبْنَائِهِمْ عَادَةً وَلَا يَطْمَعُونَ فِي الرُّجُوعِ وَالثَّابِتُ بِالْعُرْفِ كَالثَّابِتِ بِالنَّصِّ إلَّا إذَا شُرِطَ الرُّجُوعُ فِي أَصْلِ الضَّمَانِ فَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ الصَّرِيحَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ أَعْنِي دَلَالَةَ الْعُرْفِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إذَا أَدَّى الْمَهْرَ عَنْ الصَّغِيرِ بِحُكْمِ الضَّمَانِ يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ مِنْ الْوَصِيِّ لَا يُوجَدُ عَادَةً هَذَا إذَا أَدَّى الْأَبُ بَعْدَ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْأَدَاءِ فَلِلْمَرْأَةِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ مِنْ الزَّوْجِ وَإِنْ شَاءَتْ اسْتَوْفَتْ ذَلِكَ مِنْ تَرِكَةِ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ كَانَتْ صَحِيحَةً فَلَا تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ ، ثُمَّ إذَا اسْتَوْفَتْ مِنْ التَّرِكَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ رَجَعَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ فِي نَصِيبِ الِابْنِ أَوْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبَضَ نَصِيبَهُ ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَرْجِعُونَ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِيهِ وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ أَيْضًا والْوَلْوَالِجِيِّ فِي فَتَاوِيهِ ذَكَرَ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ ، وَكَذَا أَثْبَتَ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى مَنْقُولًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ الْخَصَّافَ ذَكَرَهُ كَذَلِكَ وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَمْ تَنْعَقِدْ مُوجِبَةً لِلضَّمَانِ فَلَا تَنْقَلِبُ مُوجِبَةً وَلِهَذَا لَوْ أَدَّى الْأَبُ حَالَ حَيَاتِهِ

وَصِحَّتِهِ لَا يَرْجِعُ فَكَذَا لَا رُجُوعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَنَا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ إنَّمَا لَمْ يَثْبُتْ لِمَعْنَى الصِّلَةِ ، وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِالْمَوْتِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ، ثُمَّ التَّبَرُّعُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْأَدَاءِ لَا بِمُجَرَّدِ الْكَفَالَةِ فَإِذَا حَصَلَ الْأَدَاءُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يَقَعُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا فِي حَقِّ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فَيَرْجِعُونَ فَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِمَا قُلْنَا ، وَالْمَجْنُونُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَالصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ الْجُنُونُ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا ا هـ قَوْلُهُ : وَيَرْجِعُ الْوَلِيُّ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ ضَمِنَ بِأَمْرِهِ ) ، وَهَذَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ فِي صِحَّةِ الْأَبِ فَإِنْ كَانَ ضَمَانُ الْأَبِ فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ مِنْهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ فِيمَا يَكُونُ فِيهِ نَفْعٌ لِوَارِثِهِ لَا يَصِحُّ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَبْسُوطِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَذُكِرَ فِي بَابِ الْوَلِيمَةِ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ الْأَبُ إذَا زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الْأَبَ بِالْمَهْرِ فَيُؤَدِّي الْأَبُ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ بِاللَّفْظِ صَرِيحًا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ الْمَرْأَةَ لَا تُطَالِبُهُ بِالْمَهْرِ مَا لَمْ يَضْمَنْ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى تَرْجِعَ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ إلَخْ ) أَيْ وَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَمْلِكُ ) أَيْ الْأَبُ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَهُوَ كَوْنُهُ سَفِيرًا وَمُعَبِّرًا ) أَيْ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا وَكِيلُ الزَّوْجَةِ لَا يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهَا وَوَكِيلُ الزَّوْجِ لَا يُطَالَبُ بِالْمَهْرِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَالْمُطَالَبَةُ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ ) أَيْ مُتَوَجِّهَةٌ إلَى وَلِيِّ الزَّوْجِ ا هـ ( قَوْلُهُ : مَكَانَ زَوْجِهَا ) أَيْ فَإِذَا بَلَغَ الزَّوْجُ طَالَبَتْ أَيَّهُمَا شَاءَتْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَهَا مَنْعُهُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْإِخْرَاجِ لِلْمَهْرِ ، وَإِنْ وَطِئَهَا ) أَيْ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا أَوْ يَطَأَهَا حَتَّى تَأْخُذَ مَهْرَهَا مِنْهُ وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا وَوَطِئَهَا بِرِضَاهَا لَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِي الْبَدَلِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْمُبْدَلِ وَصَارَ كَالْبَيْعِ ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لِاسْتِيفَاءِ الْمُسْتَحَقِّ ، وَلَيْسَ لَهُ حَقُّ الِاسْتِيفَاءِ قَبْلَ الْإِيفَاءِ ، وَالْخَلْوَةُ بِرِضَاهَا فِي هَذَا كَالْوَطْءِ ، سَوَّى الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَهُمَا أَعْنِي قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إذَا دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا أَوْ خَلَا بِهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ لَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ قَدْ صَارَ مُسَلَّمًا إلَيْهِ بِالْوَطْأَةِ أَوْ بِالْخَلْوَةِ وَلِهَذَا يَتَأَكَّدُ جَمِيعُ الْمَهْرِ فَلَمْ يَبْقَ لَهَا حَقُّ الْحَبْسِ كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ صَغِيرَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَلَهُ أَنَّهَا مَنَعَتْ مِنْهُ مَا قَابَلَ الْبَدَلَ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ الْمُحْتَرَمِ فَلَا تَخْلُو عَنْ الْعِوَضِ إبَانَةً لِخَطَرِهِ وَالتَّأَكُّدُ بِالْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ لِجَهَالَةِ مَا وَرَاءَهَا فَلَا يَصْلُحُ مُزَاحِمًا لِلْمَعْلُومِ مَا لَمْ يُوجَدْ فَإِذَا وُجِدَ صَارَ مَعْلُومًا فَتَحَقَّقَتْ الْمُزَاحَمَةُ وَصَارَ الْمَهْرُ مُقَابَلًا بِالْكُلِّ كَالْمُدَبَّرِ إذَا جَنَى جِنَايَةً يَدْفَعُ الْمَوْلَى قِيمَتَهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ ، ثُمَّ إذَا جَنَى أُخْرَى يَتْبَعُ وَلِيَّ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ وَلِيَّ الْأُولَى لِتَحَقُّقِ الْمُزَاحَمَةِ ، اعْلَمْ أَنَّ الْمَهْرَ الْمَذْكُورَ هُنَا مَا تُعُورِفَ تَعْجِيلُهُ حَتَّى لَا يَكُونَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فِيمَا تُعُورِفَ تَأْجِيلُهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ

أَوْ الْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَوْ كَانَ حَالًّا ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ كَالْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبُلْدَانِ وَالْأَزْمَانِ وَالْأَشْخَاصِ هَذَا إذَا لَمْ يَنُصَّا عَلَى التَّعْجِيلِ أَوْ التَّأْجِيلِ وَأَمَّا إذَا ، نَصَّا عَلَى تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْمَهْرِ أَوْ تَأْجِيلِهِ فَهُوَ عَلَى مَا شَرَطَا حَتَّى كَانَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا إلَى أَنْ تَسْتَوْفِيَ كُلَّهُ فِيمَا إذَا شَرَطَ تَعْجِيلَ كُلِّهِ ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا ؛ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ أَقْوَى مِنْ الدَّلَالَةِ فَكَانَ أَوْلَى وَشَدَّدَ أَبُو يُوسُفَ آخِرًا فِيمَا رَوَى عَنْهُ الْمُعَلَّى فَقَالَ لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا إذَا كَانَ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا اسْتِحْسَانًا ؛ لِأَنَّ الِاسْتِمْتَاعَ فِي مُقَابَلَةِ تَسْلِيمِ الْمَهْرِ فَإِذَا طَلَبَ تَأْجِيلَ الْمَهْرِ فَقَدْ رَضِيَ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي الِاسْتِمْتَاعِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْفَتْوَى بِهَذَا الْقَوْلِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِتَأْخِيرِ الدُّخُولِ عِنْدَ تَأْخِيرِ جَمِيعِ الْمَهْرِ ، وَإِذَا أَوْفَاهَا مَهْرَهَا أَوْ كَانَ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا يَنْقُلُهَا حَيْثُ شَاءَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ } ، وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ بِهَا بِرِضَاهَا عِنْدَهُمَا لِسُقُوطِ حَقِّ الْحَبْسِ ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِبَقَائِهِ وَكَانَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ يُفْتِي بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَنْعِ مِنْ السَّفَرِ وَبِقَوْلِهِمَا فِي عَدَمِ الْمَنْعِ مِنْ الْوَطْءِ ، وَقِيلَ لَا يُخْرِجُهَا إلَى بَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِهَا إلَّا بِرِضَاهَا ؛ لِأَنَّ الْغُرْبَةَ تُؤْذِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِيهَا عَشِيرَةٌ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ ، وَقَالَ صَاحِبُ مُلْتَقَى الْبِحَارِ : وَأُفْتِي أَنَا بِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ نَقْلِهَا إذَا أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ وَالْمُؤَجَّلَ وَكَانَ مَأْمُونًا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ إذَا أَوْفَاهَا الْمُعَجَّلَ دُونَ الْمُؤَجَّلِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَرْضَى بِالتَّأْجِيلِ إذَا أَخْرَجَهَا إلَى بِلَادِ الْغُرْبَةِ لِعِلْمِهَا أَنَّ الْغُرْبَةَ تُؤْذِي .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ سَلَّمَتْ نَفْسَهَا إلَخْ ) وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ قَبَضَتْ مَهْرَهَا ، ثُمَّ رَدَّتْهُ بِالزِّيَافَةِ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَا اشْتَرَتْ مِنْ الزَّوْجِ بِالْمَهْرِ لَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا بِلَا خِلَافٍ ، وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ كَانَ الْمَهْرُ حَالًّا فَأَحَالَتْ عَلَيْهِ غَرِيمًا لَهَا بِمَهْرِهَا فَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ حَتَّى يَأْخُذَهُ غَرِيمُهَا بِمَنْزِلَةِ وَكِيلِهَا وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَ أَحَالَهَا عَلَى غَرِيمٍ لَهُ ( قَوْلُهُ : كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّ الزَّوْجِ فِي الْمُبْدَلِ ) يَعْنِي وَلَا يَتَعَيَّنُ حَقُّهَا إلَّا بِالتَّسْلِيمِ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الصَّدَاقِ الدَّيْنِ أَمَّا الْعَيْنُ لَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَلَا ؛ لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ وَتَعَيَّنَ حَقُّهَا فِيهِ حَتَّى مَلَكَتْ عِتْقَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ ) أَيْ وَزِيَارَةِ أَهْلِهَا ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الْأَوَّلُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ( اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ ) أَيْ تَسْتَحِقُّهَا مُدَّةَ الْمَنْعِ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَنْعٌ بِحَقٍّ وَلَا تَسْتَحِقُّ عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ ا هـ أَكْمَلُ ( قَوْلُهُ : كَالْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَبِيعَ ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُكْرَهَةً ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ الدُّخُولُ بِرِضَاهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُكْرَهَةً أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً لَا يَسْقُطُ حَقُّهَا فِي الْحَبْسِ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ كُلَّ وَطْأَةٍ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ الْمُحْتَرَمِ ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ إخْلَاؤُهُ عَنْ شَيْءٍ يُقَابِلُهُ فَهِيَ بِالْحَبْسِ تَمْنَعُ مَا يُقَابِلُ الْمَهْرَ وَهُوَ الْوَطْءُ الثَّانِي فَلَهَا ذَلِكَ كَمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : فِيمَا تُعُورِفَ تَأْجِيلُهُ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ تَأْخِيرُهُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ حَالًّا )

أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِإِطْلَاقِ الْعَقْدِ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ وَلَوْ كَانَ حَالًّا بِالشَّرْطِ لِنَاقِضٍ قَوْلُهُ : بَعْدَهُ وَأَمَّا إذَا نَصَّ عَلَى تَعْجِيلِ جَمِيعِ الْمَهْرِ فَهُوَ عَلَى مَا شُرِطَ إذْ شَرْطُ التَّعْجِيلِ مُرَادِفٌ لِشَرْطِ الْحُلُولِ حُكْمًا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَادَةُ فِي مَمْلَكَةِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَمَا وَالَاهُمَا مِنْ الْبِلَادِ هُوَ التَّأْخِيرُ إلَى اخْتِيَارِ الْمُطَالَبَةِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُ شَيْخِنَا زَيْنُ الدِّينِ قَاسِمٌ الْمِصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ : وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ نَفْسَهَا فِيمَا إذَا كَانَ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا ) أَيْ لِإِسْقَاطِهَا حَقَّهَا بِالتَّأْجِيلِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ا هـ هِدَايَةٌ قَالَ الْأَكْمَلُ ، وَقَوْلُهُ : لِإِسْقَاطِهَا حَقَّهَا بِالتَّأْجِيلِ يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا الْمَنْعُ لَا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَا بَعْدَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ أَمَّا قَبْلَ الْحُلُولِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا بَعْدَهُ ؛ فَلِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ مَا أَوْجَبَ حَقَّ الْحَبْسِ فَلَا يَثْبُتُ بَعْدَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُدَّةُ قَصِيرَةً أَوْ طَوِيلَةً ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ ) هُوَ الْوَلْوَالِجِيُّ ( قَوْلُهُ : يَنْقُلُهَا حَيْثُ شَاءَ ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ } ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَمِنْ فِي الْآيَةِ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ أَسْكِنُوهُنَّ بَعْضَ مَكَانِ سُكْنَاكُمْ كَذَا فِي الْكَشَّافِ ( { مِنْ وُجْدِكُمْ } ) أَيْ بِقَدْرِ سَعَتِكُمْ وَالْوُجْدُ الْمَقْدِرَةُ وَالْغِنَى ( { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ } ) أَيْ لَا تَسْتَعْمِلُوا مَعَهُنَّ الضِّرَارَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ ) قَالَ الْأُسْتَاذُ ظَهِيرُ الدِّينِ الْأَخْذُ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى مِنْ الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ أَيْ أَبِي اللَّيْثِ ا هـ خُلَاصَةٌ وَرُدَّ بِأَنَّ الْفَقِيهَ هُوَ الَّذِي أَخَذَ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى { مِنْ

حَيْثُ سَكَنْتُمْ } مَخْصُوصٌ بِدَلِيلٍ مُسْتَقِلٍّ مُقَارِنٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ } وَفِي قُرَى الْمِصْرِ الْقَرِيبَةِ لَا تَتَحَقَّقُ الْغُرْبَةُ ( سُئِلَ ) أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ عَمَّنْ يُخْرِجُهَا مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى قَرْيَةٍ وَمِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ ذَلِكَ تَبْوِئَةٌ وَلَيْسَ بِسَفَرٍ وَإِخْرَاجُهَا مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ سَفَرٌ ، وَلَيْسَ بِتَبْوِئَةٍ ا هـ ا ك قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ السَّفَرِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِهِ وَزِيَارَةِ أَهْلِهَا حَتَّى يُوفِيَهَا الْمَهْرَ كُلَّهُ أَيْ الْمُعَجَّلَ قَالَ الْكَمَالُ ، وَقَوْلُهُ : أَيْ الْمُعَجَّلَ يَتَنَاوَلُ الْمُعَجَّلَ عُرْفًا وَشَرْطًا فَإِذَا كَانَ قَدْ شَرَطَ تَعْجِيلَ كُلِّهِ فَلَهَا الِامْتِنَاعُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَبَعْضُهُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَعْجِيلُ شَيْءٍ بَلْ سَكَتُوا عَنْ تَعْجِيلِهِ وَتَأْجِيلِهِ فَإِنْ كَانَ عُرْفٌ فِي تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْخِيرِ بَاقِيهِ إلَى الْمَوْتِ أَوْ الْمَيْسَرَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ، فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْبِسَ إلَّا إلَى تَسْلِيمِ ذَلِكَ الْقَدْرِ قَالَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنُوا قَدْرَ الْمُعَجَّلِ يُنْظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ وَإِلَى الْمَهْرِ أَنَّهُ كَمْ يَكُونُ الْمُعَجَّلُ لِمِثْلِ هَذِهِ الْمَرْأَةِ مِنْ مِثْلِ هَذَا الْمَهْرِ فَيَتَعَجَّلُ ذَلِكَ وَلَا يَتَقَدَّرُ بِالرُّبْعِ وَلَا بِالْخُمْسِ بَلْ يُعْتَبَرُ الْمُتَعَارَفُ فَإِنَّ الثَّابِتَ عُرْفًا كَالثَّابِتِ شَرْطًا بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَا تَعْجِيلَ الْكُلِّ إذْ لَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ إذَا جَاءَ الصَّرِيحُ بِخِلَافِهِ وَمَثَلُهُ هَذَا فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ مِنْ كُتُبِ الْفِقْهِ فَمَا وَقَعَ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ مِنْ إطْلَاقِ قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ يَعْنِي الْمَهْرَ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ مَسْكُوتًا عَنْهُ يَجِبُ حَالًّا وَلَهَا أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا حَتَّى يُعْطِيَهَا لَيْسَ بِوَاقِعٍ بَلْ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمَسْكُوتِ الْعُرْفُ هَذَا وَلِلْأَبِ أَنْ يُسَافِرَ بِالْبِكْرِ قَبْلَ إيفَائِهِ ( فِي الْفَتَاوَى ) رَجُلٌ زَوَّجَ بِنْتَه الْبِكْرَ

الْبَالِغَةَ ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَحَوَّلَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ بِعِيَالِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَهَا مَعَهُ وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ فَإِنْ أَعْطَاهَا الْمَهْرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهَا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حُكِّمَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَالْمُتْعَةِ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ ) وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يُجْعَلُ حَكَمًا بَيْنَهُمَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ فَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لَهُ بِأَنْ كَانَ مِثْلَ مَا يَدَّعِيهِ أَوْ أَقَلَّ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِإِقْرَارِهِ أَوْ بَذْلِهِ بِالنُّكُولِ ، وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لَهَا بِأَنْ كَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا مِثْلَ مَا تَدَّعِيهِ أَوْ أَكْثَرَ تَحْلِفُ فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَهَا مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ تَسْمِيَةً لِإِقْرَارِهَا بِهِ ، وَإِنْ حَلَفَتْ فَلَهَا جَمِيعُ مَا ادَّعَتْ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَا بِالْيَمِينِ ، ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ؛ لِأَنَّ يَمِينَهَا لِدَفْعِ الْحَطِّ الَّذِي يَدَّعِيهِ الزَّوْجُ ، ثُمَّ الْوُجُوبُ بِحُكْمِ أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَأَيُّهُمَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ يُقْبَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ نَوَّرَ دَعْوَاهُ بِهَا وَيَجِبُ مَا يَدَّعِيهِ تَسْمِيَةً لِثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ الظَّاهِرُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ الْحَطَّ أَوْ الزِّيَادَةَ وَيَجِبُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ كَاسْمِهَا مُبَيِّنَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ مَهْرُ الْمِثْلِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ وَأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا فَأَيُّهُمَا نَكَلَ لَزِمَهُ دَعْوَى صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ أَوْ بَذْلٌ وَإِنْ حَلَفَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِقَدْرِ مَا أَقَرَّ بِهِ الزَّوْجُ يَجِبُ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ حَتَّى يَتَخَيَّرَ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ

وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَيَّهُمَا كَانَ ثَبَتَ مَا يَدَّعِيهِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ تَهَاتَرَتَا فِي الصَّحِيحِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الدَّعْوَى وَالْإِثْبَاتِ ، ثُمَّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كُلُّهُ فَيَتَخَيَّرُ فِيهِ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ بِخِلَافِ التَّحَالُفِ ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَنْفِي تَسْمِيَةَ صَاحِبِهِ فَخَلَا الْعَقْدُ عَنْ التَّسْمِيَةِ فَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَا كَذَلِكَ التَّحَالُفُ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ ، وَالزَّائِدُ بِحُكْمِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ ، وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ يَجِبُ قَدْرُ مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى وَالزَّائِدُ عَلَى أَنَّهُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَيَتَخَيَّرُ فِي الزَّائِدِ كَمَا فِي التَّحَالُفِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا تُحَكَّمُ مُتْعَةُ مِثْلِهَا عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي تَحْكِيمِ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَالْمُتْعَةُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ أَيْ تُحَكَّمُ الْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا تَحْكِيمَ الْمُتْعَةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَكَذَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ، وَذَكَرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الْمَهْرِ ، وَكَذَا فِي الْأَصْلِ وَوَجْهُ التَّوْفِيقِ أَنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ ، وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا لَا تَبْلُغُ نِصْفَ الْأَلْفِ الَّذِي يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ عَادَةً فَلَا يُفِيدُ التَّحْكِيمُ بَلْ الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي الْعَشَرَةِ وَالْمِائَةِ وَمُتْعَةُ مِثْلِهَا تَزِيدُ عَلَى نِصْفِ الْعَشَرَةِ عَادَةً فَيُفِيدُ التَّحْكِيمَ ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ سَاكِتٌ عَنْ ذِكْرِ الْمِقْدَارِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ ، وَكَذَا الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْكِتَابِ سَاكِتٌ عَنْ ذِكْرِهِ

فَيُحْمَلُ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ ، وَهَذَا تَخْرِيجُ الرَّازِيّ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ : يَتَحَالَفَانِ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا ، ثُمَّ يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ التَّفَاصِيلِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ؛ لِأَنَّ ظُهُورَ مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ وَذَلِكَ بَعْدَ التَّحَالُفِ فَإِنَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْمُسَمَّى يَنْتَفِي بِيَمِينِ صَاحِبِهِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ بِلَا تَسْمِيَةٍ فَحِينَئِذٍ يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ التَّسْمِيَةِ وَقَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يُوجَدْ مَا يَنْفِي التَّسْمِيَةَ فَلَا يُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ مَا قَالَهُ الرَّازِيّ أَوْلَى ؛ لِأَنَّا نَحْتَاجُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ لَأَنْ نُوجِبَهُ بَلْ لِنُصَحِّحَ بِهِ مَا سَمَّيَاهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّحَالُفِ مَعَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَخْرِيجُ الرَّازِيّ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ مُسْتَنْكَرٍ وَهُوَ مَا لَا يُتَعَارَفُ مَهْرًا لَهَا ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ عُرْفًا قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَقِيلَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا شَرْعًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنْكَرٌ شَرْعًا قَالَ الْوَبَرِيُّ هَذَا أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ وَهِيَ تَدَّعِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفٌ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ، ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ لَمْ يَضْمَنُوا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الشَّهَادَةُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ الْمِائَةَ مُسْتَنْكَرًا فِي حَقِّهَا فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ مَا ذَكَرْنَا لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَدَّعِي زِيَادَةً وَالزَّوْجَ يُنْكِرُهَا ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ

الذِّمَّةِ إلَّا إذَا أَكْذَبَهُ الظَّاهِرُ ؛ وَلِأَنَّ تَقَوُّمَ مَنَافِعِ الْبُضْعِ ضَرُورِيٌّ فَمَتَى أَمْكَنَ إيجَابُ شَيْءٍ لَا يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ فَصَارَ كَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ عَلَى مَالٍ وَكَالْإِجَارَةِ وَلَهُمَا أَنَّ الْقَوْلَ فِي الدَّعَاوَى قَوْلُ مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ وَالظَّاهِرُ يَشْهَدُ لِمَنْ يَشْهَدُ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ إذْ هُوَ الْمُوجِبُ الْأَصْلِيُّ فِي بَابِ النِّكَاحِ فَصَارَ كَالصَّبَّاغِ مَعَ صَاحِبِ الثَّوْبِ إذَا اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأُجْرَةِ تُحَكَّمُ قِيمَةُ الصَّبْغِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ حَالَةَ الدُّخُولِ فِي الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَعْيَانِ كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ وَلَا قِيمَةَ لِلْمَنَافِعِ وَلَا لِلْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ ، وَكَذَا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْعِتْقُ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ عِنْدَ عَدَمِ التَّسْمِيَةِ .

( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الْمَهْرِ حُكِّمَ ) أَيْ حُكِّمَ مَهْرُ الْمِثْلِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي حَالِ قِيَامِ النِّكَاحِ أَوْ بَعْدَ الْفُرْقَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَيْ وَالْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يُجْعَلُ حَكَمًا ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ حَلَفَ لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ تَسْمِيَةً ) أَعْنِي بِذَلِكَ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ عَلَيْهِ دَفْعُ الدَّرَاهِمِ وَلَا يَتَخَيَّرُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَفْعِ الدَّنَانِيرِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ الْوُجُوبُ ) أَيْ وُجُوبُ الزَّائِدِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ تَحَالَفَا ) الزَّوْجُ لِنَفْيِ الزِّيَادَةِ وَالْمَرْأَةُ لِنَفْيِ الْحَطِّ وَلِلْقَاضِي أَنْ يَبْدَأَ فِي الْحَلِفِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَالْمُسْتَحَبُّ الْقُرْعَةُ ا هـ سَرُوجِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ : قَدْرِ مَا يُقِرُّ بِهِ الزَّوْجُ ) أَيْ فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِحُكْمِ الِاتِّفَاقِ ) أَيْ وَفِي الْبَيِّنَةِ بِخِلَافِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْكَرْخِيُّ يَتَحَالَفَانِ فِي الْفُصُولِ ) أَيْ الثَّلَاثَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ مَهْرُ الْمِثْلِ شَاهِدًا لَهَا أَوْ شَاهِدًا لَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ ) أَيْ وَالْمُحِيطِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّ مَا يَدَّعِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَخْ ) قَالَ السُّرُوجِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَبْقَى نِكَاحًا بِلَا تَسْمِيَةٍ بِالتَّحَالُفِ ، فَيَكُونُ مُوجِبُهُ مَهْرَ الْمِثْلِ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَخُيِّرَ الزَّوْجُ بَيْنَ دَفْعِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ ) أَيْ تَفْسِيرُ الْمُسْتَنْكِرِ

بِهَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ ) أَيْ وَدَخَلَ بِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَجْعَلْ الْمِائَةَ مُسْتَنْكَرًا فِي حَقِّهَا ) أَيْ مَعَ أَنَّ مَهْرَ مِثْلِهَا أَلْفٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَكَالْإِجَارَةِ ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَكَّمُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : تُحَكَّمُ قِيمَةُ الصَّبْغِ إلَخْ ) ، وَإِذَا لَمْ يَشْهَدْ الصَّبْغُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَحَالَفَا وَيُبْدَأُ بِيَمِينِ صَاحِبِ الثَّوْبِ فَإِذَا حَلَفَ يَغْرَمُ صَاحِبُ الثَّوْبِ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي ثَوْبِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِجَارَاتِ ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ الْإِجَارَةُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى بِأَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي التَّسْمِيَةَ وَالْآخَرَ يُنْكِرُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِتَعَذُّرِ الْقَضَاءِ بِالْمُسَمَّى بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْقَضَاءُ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنْكَرًا ، وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ : وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي أَصْلِ الْمُسَمَّى يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَهَذَا مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ التَّسْمِيَةَ هِيَ الْأَصْلُ وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ إيجَابِ الْمُسَمَّى وَهُوَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، قِيلَ هَذَا فِيمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ أَوْ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ وَأَحَدُهُمَا أَرْفَعُ مِنْ الْآخَرِ إلَخْ ، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِي حَيَاتِهِمَا بِالِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ مَهْرِ الْمِثْلِ لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ .قَوْلُهُ : بِأَنْ نَفَاهُ أَحَدُهُمَا وَادَّعَاهُ الْآخَرُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ تَجِبُ الْمُتْعَةُ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ مَاتَا وَلَوْ فِي الْقَدْرِ فَالْقَوْلُ لِوَرَثَتِهِ ) أَيْ إنْ مَاتَ الزَّوْجَانِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي مِقْدَارِ الْمُسَمَّى فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ وَلَا يُسْتَثْنَى الْمُسْتَنْكِرُ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا كَالِاخْتِلَافِ فِي حَيَاتِهِمَا وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّهُ لَا حُكْمَ لِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا لَهُ حُكْمٌ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا فِي أَصْلِ التَّسْمِيَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهُ عِنْدَهُ وَلَا شَيْءَ لِلْمَرْأَةِ ، وَإِنْ مَاتَا ، وَقَدْ كَانَ سَمَّى لَهَا مَهْرًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهَا بِالِاتِّفَاقِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَمَّى لَهَا شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لِوَرَثَتِهَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا إلَّا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى إيفَاءِ الْمَهْرِ أَوْ عَلَى إقْرَارِهَا بِهِ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَتِهَا بِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْمُسَمَّى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَوْتَهُمَا يَدُلُّ عَلَى انْقِرَاضِ أَقْرَانِهِمَا ظَاهِرًا فَبِمَهْرِ مَنْ يُقَدِّرُ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يُقَدَّرُ بِحَالِهَا وَبِحَالِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا ، وَمَوْتُهُمَا يَدُلُّ عَلَى مَوْتِ نِسَاءِ عَشِيرَتِهَا وَمَوْتُ نِسَاءِ زَمَانِهَا فَلَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُ مَهْرِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ سَمِعَ الدَّعْوَى فِي ذَلِكَ لَسَمِعَ مِنْ وَارِثِ وَارِثِ وَارِثِ مَنْ مَاتَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ نِكَاحُهُمَا ظَاهِرًا مَشْهُورًا فِي زَمَانِنَا وَبِهَذَا احْتَجَّ أَبُو حَنِيفَةَ أَرَأَيْت لَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةُ أُمِّ كُلْثُومِ بِنْتِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَهْرَ الْمِثْلِ عَلَى وَرَثَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكُنْت أَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ فِي ذَلِكَ ؛ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ بِهِ يُؤَدِّي إلَى اسْتِيفَاءِ مَهْرِ الْمِثْلِ مِرَارًا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ

بِالِاسْتِفَاضَةِ وَالشُّهْرَةِ فَيُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ ، ثُمَّ يَأْتِي قَوْمٌ آخَرُونَ فَيَدَّعُونَ ذَلِكَ فَيُقْضَى لَهُمْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ، ثُمَّ وَثُمَّ فَيَتَسَلْسَلُ إلَى آخِرِ الدَّهْرِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ؛ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ اخْتَلَفُوا فِي سُقُوطِهِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فَكَانَ إجْمَاعًا مِنْهُمْ عَلَى سُقُوطِهِ بِمَوْتِهِمَا ؛ وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ الِاسْتِيفَاءُ وَالْإِبْرَاءُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الْعَادَةُ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَثْبُتُ ، وَقِيلَ إذَا لَمْ يَتَقَادَمْ الْعَهْدُ بِمَوْتِهِمَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَهُ أَيْضًا ، وَقَوْلُهُ : فَبِمَهْرِ مَنْ يُقَدِّرُ الْقَاضِي مَهْرَ الْمِثْلِ يُشِيرُ إلَيْهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ الْمُسْتَحَقُّ بِالنِّكَاحِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ الْمَهْرُ الْمُسَمَّى وَهُوَ أَقْوَاهَا وَالنَّفَقَةُ وَهِيَ أَضْعَفُهَا وَمَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ فَالْأَقْوَى لَا يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ ، وَالْأَضْعَفُ يَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْمُتَوَسِّطُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِمَا لَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ، وَقَالَ مَشَايِخُنَا : هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ تُسَلِّمْ نَفْسَهَا فَإِنْ سَلَّمَتْ ، ثُمَّ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ بَلْ يُقَالُ لَهَا لَا بُدَّ أَنْ تُقِرِّي بِمَا تَعَجَّلْت وَإِلَّا حَكَمْنَا عَلَيْك بِالْمُتَعَارَفِ فِي الْمُعَجَّلِ ، ثُمَّ يُعْمَلُ فِي الْبَاقِي كَمَا ذَكَرْنَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَلِّمُ نَفْسَهَا إلَّا بَعْدَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ عَادَةً .

( قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ ) أَيْ وَلَا يُحَكَّمُ مَهْرُ الْمِثْلِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يُقِرُّوا بِشَيْءٍ لَا يُقْضَى لَهُمْ عِنْدَهُ شَيْءٌ فَإِذَا أَقَرُّوا بِشَيْءٍ قُضِيَ بِهِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ أَيْ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ فِيمَا أَقَرُّوا بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتُوا بِشَيْءٍ قَلِيلٍ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ الْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الْمَرْأَةِ إلَى مَهْرِ مِثْلِهَا وَالْقَوْلُ لِوَرَثَةِ الزَّوْجِ فِي الْفَضْلِ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَفِي الِاخْتِلَافِ فِي الْأَصْلِ الْقَوْلُ قَوْلُ وَرَثَةِ الزَّوْجِ عِنْدَهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى لَيْسَ بِمُتَحَقِّقٍ وَمَهْرُ الْمِثْلِ لَا اعْتِبَارَ بِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ، وَعِنْدَهُمَا يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي حَالِ حَيَاتِهِمَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ رَازِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : كَالِاخْتِلَافِ فِي حَيَاتِهِمَا ) أَيْ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْضَى بِمَا تَدَّعِيهِ وَرَثَةُ الزَّوْجِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُقْضَى بِمَهْرِ الْمِثْلِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُهُ ) أَيْ الْمُسَمَّى وَالْمُنْكِرُ وَرَثَةُ الزَّوْجِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَهُوَ لِوَرَثَتِهَا ) أَيْ مِنْ تَرِكَةِ الزَّوْجِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَا لِوَرَثَتِهَا إلَخْ ) وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا ا هـ قَاضِي خَانْ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَثْبُتُ ) أَيْ الْبَقَاءُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ إقْرَارِ وَرَثَتِهِ كَذَا عَلَّلَ فِي الْبَدَائِعِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ مُشْكِلٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَوَسِّطُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِمَا ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا فَقَالَتْ : هُوَ هَدِيَّةٌ ، وَقَالَ : هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي غَيْرِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ فَكَانَ أَعْرَفَ بِجِهَةِ التَّمْلِيكِ كَمَا إذَا قَالَ : أَوْدَعْتُك هَذَا الشَّيْءَ ، فَقَالَتْ : بَلْ وَهَبْته لِي ، وَكَذَا الظَّاهِرُ يَشْهَدُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي إسْقَاطِ مَا فِي ذِمَّتِهِ إلَّا فِي الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ لِلْأَكْلِ كَالشِّوَاءِ وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ وَالْفَوَاكِهِ الَّتِي لَا تَبْقَى فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيهِ اسْتِحْسَانًا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِإِهْدَائِهَا فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُهَيَّأً لِلْأَكْلِ كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ ، وَقِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ مِنْ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يُكَذِّبُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَالْخُفِّ وَالْمُلَاءَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُمَكِّنَهَا مِنْ الْخُرُوجِ بَلْ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا ، ثُمَّ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الزَّوْجِ تَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَتَرْجِعُ بِمَهْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ بِالْمَهْرِ فَلَا يَنْفَرِدُ بِهِ الزَّوْجُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ ، وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ ، وَلَوْ قَالَتْ : هِيَ مِنْ الْمَهْرِ وَقَالَ : هُوَ وَدِيعَةٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْمَهْرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ بَعَثَ إلَى امْرَأَتِهِ شَيْئًا وَبَعَثَ إلَيْهِ أَبُوهَا شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ : هُوَ مِنْ الْمَهْرِ فَلِأَبِيهَا أَنْ يَرْجِعَ بِمَا بَعَثَ إنْ كَانَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَكَانَ قَائِمًا ، وَإِنْ كَانَ مِنْ مَالِ الْبِنْتِ بِإِذْنِهَا ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ ؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مِنْهَا لِزَوْجِهَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا وَعَوَّضَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى ذَلِكَ عِوَضًا ، ثُمَّ زُفَّتْ إلَيْهِ ، ثُمَّ

فَارَقَهَا ، وَقَالَ : إنَّمَا بَعَثْت إلَيْك عَارِيَّةً وَأَرَادَ أَنْ يَسْتَرِدَّ ذَلِكَ وَأَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَسْتَرِدَّ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ لَهُ فِي الْحُكْمِ ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ التَّمْلِيكَ فَإِذَا اسْتَرَدَّ ذَلِكَ مِنْهَا كَانَ لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ مَا عَوَّضَتْهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ جَهَّزَ بِنْتَهُ وَزَوَّجَهَا ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ إلَيْهَا مَالُهُ وَكَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ عِنْدَهَا فَقَالَتْ : هُوَ مِلْكِي جَهَّزْتنِي بِهِ ، أَوْ قَالَ الزَّوْجُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُمَا دُونَ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ بِمِلْكِ الْبِنْتِ إذْ الْعَادَةُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ وَحُكِيَ عَنْ عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْأَبِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُسْتَفَادُ مِنْ جِهَتِهِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ السَّرَخْسِيُّ وَأَخَذَ بِهِ بَعْضُ الْمَشَايِخِ ، وَقَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ : إنْ كَانَ الْعُرْفُ ظَاهِرًا بِمِثْلِهِ فِي الْجِهَازِ كَمَا فِي دِيَارِنَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ وَلَوْ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ مَهْرِهَا أَوْ وَهَبَتْهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَقَالَتْ الْوَرَثَةُ أَبْرَأَتْهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ فَالْقَوْلُ لَهُ ، وَقِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي سُقُوطَ مَا كَانَ ثَابِتًا وَهُمْ يُنْكِرُونَ ، وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَقٌّ وَإِنَّمَا كَانَ لَهَا وَهُمْ يَدَّعُونَهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ .

( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ فَقَالَتْ هُوَ هَدِيَّةٌ ) أَيْ الْمَبْعُوثُ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ مَعَ يَمِينِهِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : إلَّا فِي الطَّعَامِ الْمُهَيَّأِ ) أَيْ الْمُعَدِّ لِلْأَكْلِ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَاللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ ) أَيْ وَالدَّجَاجِ الْمَطْبُوخِ ا هـ وَالْحَلْوَى وَالْخَبِيصَةِ وَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَسَائِرِ الْأَطْعِمَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كَالْعَسَلِ وَالسَّمْنِ ) أَيْ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ ) أَيْ فِي الزَّمَنِ الثَّانِي ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا تَرْجِعُ بِالْمَهْرِ بَلْ بِمَا بَقِيَ إنْ كَانَ يَبْقَى بَعْدَ قِيمَتِهِ شَيْءٌ ا هـ قَوْلُهُ : وَكَانَ قَائِمًا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا لَا يَرْجِعُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَفِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ إلَخْ ) وَلَوْ خَطَبَ بِنْتَ رَجُلٍ وَبَعَثَ إلَيْهَا شَيْئًا وَلَمْ يُزَوِّجْ الْأَبُ الْبِنْتَ قَالُوا مَا بُعِثَ لِلْمَهْرِ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ يُسْتَرَدُّ ، وَكَذَا مَا بُعِثَ هَدِيَّةً وَهُوَ قَائِمٌ فَأَمَّا الْهَالِكُ وَالْمُسْتَهْلَكُ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ذَلِكَ ا هـ أُسْرُوشَنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَبَعَثَ إلَيْهَا بِهَدَايَا إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا وَاَلَّذِي يَجِبُ اعْتِبَارُهُ فِي دِيَارِنَا أَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحِنْطَةِ وَاللَّوْزِ وَالدَّقِيقِ وَالسُّكَّرِ وَالشَّاةِ الْحَيَّةِ وَبَاقِيهَا يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ الْمَرْأَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَارَفَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ إرْسَالُهُ هَدِيَّةً فَالظَّاهِرُ مَعَ الْمَرْأَةِ لَا مَعَهُ وَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَّا فِي نَحْوِ الثِّيَابِ وَالْجَارِيَةِ وَفِيمَا إذَا بَعَثَ الْأَبُ بَعْدَ الزَّوْجِ تَعْوِيضًا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ثَبَتَ فِي فَتَاوَى أَهْلِ سَمَرْقَنْدَ ، وَكَذَا الْبِنْتُ فِيمَا أَذِنَتْ فِي بَعْثِهِ تَعْوِيضًا هَذَا إذَا كَانَ بَعْثُهُمَا عَقِيبَ بَعْثِ الزَّوْجِ

فَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ هَدِيَّةٌ لَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ فِيهِ لِلزَّوْجِ إلَّا إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ( قَوْلُهُ : إذْ الْعَادَةُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهَا بِطَرِيقِ الْمِلْكِ ) ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ مَشَايِخُنَا - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْعَادَةِ الْفَاشِيَةِ فِي دِيَارِنَا بِالْمِلْكِ وَتَجِدُ الزَّوْجَةُ تَتَصَرَّفُ فِي الْجِهَازِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ مِنْ اسْتِمْتَاعٍ وَبَيْعٍ وَهِبَةٍ عَلَى طُولِ السِّنِينَ وَلَا يُوجَدُ نَهْيٌ مِنْ أَبَوَيْهَا عَنْ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يُسْمَعُ مِنْهُمَا شَيْءٌ مِنْ ذِكْرِ الْعَارِيَّةِ ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ فَتْوَايَ وَفَتَاوَى قَاضِي الْقُضَاةِ نُورِ الدِّينِ الطَّرَابُلُسِيِّ مَتَّعَ اللَّهُ بِحَيَاتِهِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى هَذَا ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ مِثْلَهُ السَّرَخْسِيُّ ) أَيْ فِي شَرْحِ السِّيَرِ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ فَقَالَتْ الْعَارِيَّةُ تَبَرُّعٌ وَالْهِبَةُ تَبَرُّعٌ وَالْأُولَى أَدْنَاهُمَا ( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ ) أَيْ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِمَيْتَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ ، وَذَا جَائِزٌ عِنْدَهُمْ فَوُطِئَتْ أَوْ طَلُقَتْ قَبْلَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا ، وَكَذَا الْحُرُّ بَيَانُ ثَمَّةَ ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا فِي الْحَرْبِيِّينَ ، وَأَمَّا فِي الذِّمِّيَّةِ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ دَخَلَ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَالْمُتْعَةُ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ زُفَرُ : لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْحَرْبِيِّينَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ وَالنِّكَاحُ لَمْ يُشْرَعْ بِغَيْرِ الْمَالِ وَلَهُمَا أَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ غَيْرُ مُلْتَزِمِينَ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامِ مُنْقَطِعَةٌ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنَّ أَحْكَامَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ جَارِيَةٌ عَلَيْهِمْ مِنْ اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ وَالتَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ وَبِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَثُبُوتِ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَحُرْمَةِ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَالْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا وَالزِّنَا وَالرِّبَا وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ مَعَ تَحَقُّقِ الِالْتِزَامِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَنَا فِي الدِّيَانَاتِ وَفِيمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ ، وَلِهَذَا لَا نَمْنَعُهُمْ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ وَبَيْعِهِمَا وَوِلَايَةُ الْإِلْزَامُ بِالسَّيْفِ وَالْمُحَاجَّةِ وَكُلُّ ذَلِكَ مُنْقَطِعٌ عَنْهُمْ بِاعْتِبَارِ عَقْدِ الذِّمَّةِ فَإِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَصَارُوا كَأَهْلِ الْحَرْبِ فَلَا فَائِدَةَ لِلْمُحَاجَّةِ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالتَّرْكِ وَرَفْعِ السَّيْفِ عَنْهُمْ بِخِلَافِ بَائِعٍ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ وَنَحْوِهِ حَيْثُ نُبْطِلُهُ بِالْحُجَّةَ ؛ وَلِأَنَّ الْمَهْرَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَافِرُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهِ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرَ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ

اللَّهُ تَعَالَى عَنْ قَرِيبٍ ، وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ يَحْتَمِلُ نَفْيَ الْمَهْرِ وَيَحْتَمِلُ السُّكُوتَ عَنْهُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا يُرْجَعُ إلَى اعْتِقَادِهِمْ وَقِيلَ فِي الْمَيْتَةِ وَالسُّكُوتِ رِوَايَتَانِ عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ فَعِنْدَهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ بِدُونِ اعْتِقَادِهِمْ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا رَضِيَتْ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فَقَدْ رَضِيَتْ بِغَيْرِ بَدَلِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى وَالْكَافِرُ غَيْرُ مُخَاطَبٍ بِهِ وَلَا يَجِبُ حَقًّا لَهَا لِرِضَاهَا بِدُونِهِ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي خِطَابِ الْكُفَّارِ بِالشَّرَائِعِ وَفِي جَوَازِ خِطَابِهِمْ بِهَا عَقْلًا ، وَذَكَرَ صَاحِبُ كِفَايَةِ الْفُحُولِ اخْتِلَافَهُمْ فِي جَوَازِهِ عَقْلًا وَأَمَّا وُقُوعُهُ فَفِي مُخْتَصَرِ الْبَزْدَوِيِّ أَنَّ الْكَافِرَ أَهْلٌ لِأَحْكَامٍ لَا يُرَادُ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَيْسَ بِأَهْلٍ لِوُجُوبِ الشَّرَائِعِ وَفِي أُصُولِ أَبِي الْحَسَنِ الْبُسْتِيِّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ : إنَّ الْخِطَابَ بِالْحُرُمَاتِ وَمَا يُوجِبُ الْعُقُوبَاتِ يَتَنَاوَلُ الْكُفَّارَ وَخِطَابُ الْعِبَادَاتِ لَا يَتَنَاوَلُهُمْ وَلَا خِلَافَ فِي تَنَاوُلِهِمْ الْأَمْرَ بِالْإِيمَانِ وَفِي أُصُولِ السَّرَخْسِيِّ الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِالْإِيمَانِ وَالْمَشْرُوعِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ فِيمَا اعْتَقَدُوا حُرْمَتَهُ ، وَلِهَذَا تُقَامُ عَلَيْهِمْ الْحُدُودُ بِطَرِيقِ الْجَزَاءِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَلَا يُحَدُّونَ حَدَّ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالسُّكْرِ لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِمْ حُرْمَتَهُ ، وَكَذَا يَتَنَاوَلُهُمْ الْخِطَابُ بِالْمُعَامَلَاتِ كَالْبَيْعِ لِوُجُودِ الْتِزَامِهِمْ قَالَ : وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْخِطَابَ بِالشَّرَائِعِ يَتَنَاوَلُهُمْ فِي حُكْمِ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ ؛ لِأَنَّ مُوجَبَ الْأَمْرِ اعْتِقَادُ لُزُومِ الْمَأْمُورِ بِهِ وَهُمْ يُنْكِرُونَ اللُّزُومَ وَذَلِكَ كُفْرٌ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ إنْكَارِ التَّوْحِيدِ ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ

التَّصْدِيقِ وَالْإِقْرَارِ بِالتَّوْحِيدِ لَا يَكُونُ مَعَ إنْكَارِ شَيْءٍ مِنْ الشَّرَائِعِ وَفِي الْمِيزَانِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ : لَا يَتَنَاوَلُهُمْ الْخِطَابُ أَصْلًا لَا فِي حَقِّ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَا فِي حَقِّ الْعِبَادَاتِ إلَّا مَا قَامَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَيْهِ نَصًّا ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ التَّحْقِيقِ مِنْهُمْ إنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْحُرُمَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ دُونَ الْعِبَادَاتِ وَفِي الْمَحْصُولِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ مِنَّا ، وَمِنْ الْمُعْتَزِلَةِ الْأَمْرُ بِفُرُوعِ الشَّرَائِعِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِيمَانِ ، وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ : إنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَمَالَ الْكَرْخِيُّ وَالْجَصَّاصُ إلَى تَنَاوُلِهِمْ الْخِطَابَ بِالْفُرُوعِ وَلَا يُمْكِنُهُمْ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ قَوْله تَعَالَى { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْجُحُودُ أَيْ يَجْحَدُونَ الزَّكَاةَ ، وَقَدْ عُرِفَ الْحَجِيجُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي مَوْضِعِهِ .

( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَلَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً إلَخْ ) لَمَّا ذَكَرَ مُهُورَ الْمُسْلِمِينَ شَرَعَ فِي ذِكْرِ مُهُورِ الْكُفَّارِ ا هـ كَمَالٌ وَلَا تُعْتَبَرُ الْكَفَاءَةُ بَيْنَهُمْ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَلَا مَهْرَ لَهَا ) ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَا بَعْدَ ذَلِكَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْخِطَابَ عَامٌّ ) أَيْ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ } ا هـ ( قَوْلُهُ : وَبِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ ) سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فُرِّقَ مَا يُؤَيِّدُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَلْتَزِمُونَ أَحْكَامَنَا فِي الدِّيَانَاتِ ) أَيْ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ ا هـ وَحُرْمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَفِيمَا يَعْتَقِدُونَ خِلَافَهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ ) أَيْ كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْمَهْرَ ) أَيْ وَلِأَنَّ تَسْمِيَةَ الْمَهْرِ عِنْدَ الْعَقْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ا هـ ( قَوْلُهُ : حَقُّ اللَّهِ ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَهْرَ لَا يَسْقُطُ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى إسْقَاطِهِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : وَقِيلَ فِي الْمَيْتَةِ وَالسُّكُوتِ رِوَايَتَانِ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ صَاحِبُ كِفَايَةِ الْفُحُولِ ) أَيْ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إلَّا مَا قَامَ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ عَلَيْهِ نَصًّا ) أَيْ كَعُقُودِ أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ حُرْمَةِ الرِّبَا وَوُجُوبِ الْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ا هـ غَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ تَزَوَّجَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ عَيْنٍ فَأَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا لَهَا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَفِي غَيْرِ الْعَيْنِ لَهَا قِيمَةُ الْخَمْرِ وَمَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْخِنْزِيرِ ) مَعْنَاهُ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْآخَرُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَهَا قِيمَتُهَا فِي الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ ، لَهُمَا أَنَّ الْقَبْضَ مُؤَكِّدٌ لِلْمِلْكِ فِي الْمُعَيَّنِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يَثْبُتُ مِلْكُ الزَّوْجِ فِي النِّصْفِ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ التَّرَاضِي عَلَى الِاسْتِرْدَادِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَثْبُتُ لَهُ بِنَفْسِ الطَّلَاقِ وَلِهَذَا لَوْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ كَانَ عَلَى الزَّوْجِ وَبَعْدَهُ عَلَيْهَا فَكَانَ لِلْقَبْضِ شُبْهَةٌ بِالْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ بِالْإِسْلَامِ إلْحَاقًا لِلشُّبْهَةِ بِالْحَقِيقَةِ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ مُوجِبٌ لِلْمِلْكِ إذْ لَا يُمْلَكُ قَبْلَهُ فَكَانَ الْقَبْضُ ابْتِدَاءً تَمَلُّكًا لِلْعَيْنِ فَيَمْتَنِعُ بِالْإِسْلَامِ كَالْعَقْدِ فَإِذَا امْتَنَعَ تَسْلِيمُ الْمُعَيَّنِ فَأَبُو يُوسُفَ يَقُولُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَنْشَأَ الْعَقْدَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ صَحَّتْ التَّسْمِيَةُ لِكَوْنِ الْمُسَمَّى مَالًا عِنْدَهُمْ إلَّا أَنَّهُ امْتَنَعَ التَّسْلِيمُ بِالْإِسْلَامِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا إذَا هَلَكَ الْمُسَمَّى قَبْلَ الْقَبْضِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ يَتِمُّ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلِهَذَا تَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَبِالْقَبْضِ يَنْتَقِلُ مِنْ ضَمَانِ الزَّوْجِ إلَى ضَمَانِهَا وَذَلِكَ لَا يَمْتَنِعُ بِالْإِسْلَامِ كَاسْتِرْدَادِ الْخَمْرِ الْمَغْصُوبِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَدْ ثَبَتَ بِالْقَبْضِ فَصَارَ

كَالْعَقْدِ وَفِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْقَبْضُ يُوجِبُ مِلْكَ الْعَيْنِ فَيَمْتَنِعُ بِالْإِسْلَامِ فَيَتَعَذَّرُ قَبْضُهُ فَإِذَا تَعَذَّرَ الْقَبْضُ لَا تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الْخِنْزِيرِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ، فَيَكُونُ أَخْذُ قِيمَتِهِ كَأَخْذِ عَيْنِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ تُجْبَرُ عَلَى الْأَخْذِ وَلَا كَذَلِكَ الْخَمْرُ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ يُرَدُّ عَلَى هَذَا مَا لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ دَارًا مِنْ ذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ، وَشَفِيعُهَا مُسْلِمٌ يَأْخُذُهَا بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَلَمْ تُجْعَلْ قِيمَةُ الْخِنْزِيرِ كَعَيْنِهِ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ بِشَيْءٍ وَالْجَوَابُ أَنَّ قِيمَةَ الْخِنْزِيرِ إنَّمَا تَكُونُ كَعَيْنِهِ أَنْ لَوْ كَانَ بَدَلًا عَنْ الْخِنْزِيرِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ النِّكَاحِ ، أَمَّا إذَا كَانَ بَدَلًا عَنْ غَيْرِهِ فَلَا وَفِي مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ قِيمَةُ الْخِنْزِيرِ بَدَلٌ عَنْ الدَّارِ الْمَشْفُوعَةِ وَإِنَّمَا صُيِّرَ إلَيْهَا لِلتَّقْدِيرِ بِهَا لَا غَيْرُ ، فَلَا يَكُونُ لَهَا حُكْمُ عَيْنِهِ وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَمَنْ أَوْجَبَ لَهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْجَبَ الْمُتْعَةَ ؛ لِأَنَّهَا حُكْمُ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَمَنْ أَوْجَبَ الْقِيمَةَ أَوْجَبَ نِصْفَهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ تَزَوَّجَ ) كَذَا فِي الْمُتُونِ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ قَوْلِهِ وَلَوْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي غَيْرِ الْعَيْنِ ) أَيْ وَهُوَ الدَّيْنُ وَهُوَ الْمَوْصُوفُ فِي الذِّمَّةِ ( قَوْلُهُ : كَانَ عَلَى الزَّوْجِ ) أَيْ وَيَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا تَمْلِكُ ) أَيْ تَمْلِكُ الْمَرْأَةُ التَّصَرُّفَ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ إيضَاحٌ لِتَمَامِ الْمِلْكِ بِنَفْسِ الْعَقْدِ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ إنَّ الْمِلْكَ فِي الصَّدَاقِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ يَعْنِي بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ أَوْ اشْتَرَى ، ثُمَّ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَبْضُ بَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يُسْتَفَادُ مِلْكُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا قَبْلَهُ وَالْإِسْلَامُ مَانِعٌ مِنْهُ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا لَوْ أَتَى بِقِيمَةِ الْخِنْزِيرِ ) أَيْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ا هـ هِدَايَةٌ قَوْلُهُ : وَلَوْ طَلَّقَهَا إلَخْ ) يَعْنِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْعَيْنِ لَهَا نِصْفُ الْعَيْنِ وَفِي غَيْرِ الْعَيْنِ فِي الْخَمْرِ لَهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ وَفِي الْخِنْزِيرِ لَهَا الْمُتْعَةُ ؛ لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ لَا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بَلْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَانَ الْوَاجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَالْوَاجِبُ الْمُتْعَةُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهَا الْمُتْعَةُ عَلَى كُلّ حَالٍ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ا هـ ا ك

( بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ ) الرِّقُّ الضَّعْفُ وَضِدُّهُ الْعِتْقُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ ) وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ لَا يَنْفُذُ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَكِنَّهُ لَا يَنْفُذُ كَعَقْدِ الْفُضُولِيِّ ، وَقَالَ مَالِكٌ لَا يَنْكِحُ الْعَبْدُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَإِنْ عَقَدَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ ، ثُمَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ طَلَاقًا ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا الْعَبْدُ قَبْلَ إجَازَةِ الْمَوْلَى يَكُونُ طَلَاقًا بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ بَاطِلٌ وَلَا يَصِحُّ بِإِجَازَتِهِ ، وَعَنْهُ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ أَوْ تَرْكُهُ كَنِكَاحِ الْعَبْدِ وَهِيَ شَاذَّةٌ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ } وَالنِّكَاحُ شَيْءٌ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَالْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبُ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ عَبْدٌ فَيَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ ؛ وَلِأَنَّ فِي تَنْفِيذِ نِكَاحِهِمْ تَعْيِيبَهُمْ إذْ النِّكَاحُ عَيْبٌ فِيهِمْ فَلَا يَمْلِكُونَهُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُمْ وَلَا يُقَالُ إنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ مَقْبُولٌ مَعَ أَنَّهُ تَعْيِيبٌ ، بَلْ فِيهِ إهْلَاكٌ فَالنِّكَاحُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَدْخُلُ الْعَبْدُ تَحْتَ مِلْكِ الْمَوْلَى فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِطَابُ الشَّرْعِ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ تَجِبُ عُقُوبَةً جَزَاءً عَلَى ارْتِكَابِهِ الْمَحْظُورَ وَزَجْرًا لِلْعِبَادِ عَنْ الْفَسَادِ وَذَلِكَ بِالْآدَمِيَّةِ وَمِلْكُهُ ثَبَتَ مِنْ حَيْثُ الْمَالِيَّةُ وَمَا ثَبَتَ مِنْ التَّعْيِيبِ فِي ضِمْنِهِ ضَرُورِيٌّ فَلَا يُبَالِي بِهِ .

( بَابُ نِكَاحِ الرَّقِيقِ ) الرَّقِيقُ الْعَبْدُ وَيُقَالُ لِلْعَبِيدِ ا هـ فَتْحٌ وَإِنَّمَا أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ فَصْلِ النَّصْرَانِيِّ وَالنَّصْرَانِيَّةِ لِمَا أَنَّ الرَّقِيقَ لَا يَنْفُذُ نِكَاحُهُ أَصْلًا إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ بِخِلَافِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنَّ لَهُمْ وَلَايَةَ النِّكَاحِ ، فَلَمَّا ذَكَرَ مَنْ لَهُمْ وَلَايَةُ النِّكَاحِ بِأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ الْمُسْلِمُونَ وَأَهْلُ الْكِتَابِ أَلْحَقَ بِهِمْ مَنْ لَيْسَ لَهُمْ وَلَايَةُ النِّكَاحِ بِأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ الْأَرِقَّاءُ وَقَدَّمَ هَذَا الْبَابَ عَلَى نِكَاحِ أَهْلِ الشِّرْكِ ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ يَتَحَقَّقُ فِي الْمُسْلِمِ بَقَاءً وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ابْتِدَاءً وَالرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ خَيْرٌ مِنْ الْمُشْرِكِ الْحُرِّ ، قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ الْكَمَالُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ نِكَاحِ الْأَحْرَارِ الْمُسْلِمِينَ شَرَعَ فِي بَيَانِ نِكَاحِ الْأَرِقَّاءِ وَالْإِسْلَامُ فِيهِمْ غَالِبٌ فَلِذَا قَدَّمَ بَابَ نِكَاحِ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ أَوْلَاهُ نِكَاحَ أَهْلِ الشِّرْكِ ، وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ فَصْلِ النَّصْرَانِيِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْمَهْرِ مِنْ تَوَابِعِ مُهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمَهْرُ مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ فَأَرْدَفَهُ تَتِمَّةً لَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ الْعَبْدِ إلَخْ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ : هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ فَلِذَا ذَكَرَهَا الشَّيْخُ فِيمَا مَضَى فِي بَابِ الْأَوْلِيَاءِ بِعِبَارَةٍ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا حَيْثُ قَالَ : وَنِكَاحُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ بِلَا إذْنِ السَّيِّدِ مَوْقُوفٌ وَهَهُنَا قَالَ لَمْ يَجُزْ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَوْقُوفٌ مِثْلَ مَا قَالَ هُنَاكَ أَوْ لَا يَنْفُذُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ مَالِكٌ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَمَا نَسَبَهُ إلَى مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ لَيْسَ مَذْهَبَهُ وَحَاصِلُ تَقْرِيرِ وَجْهِهِ الْمَذْكُورِ مُلَازَمَةٌ بَيْنَ الْمِلْكَيْنِ شَرْعًا فَقَدْ تَبَيَّنَ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ رَفْعَ شَيْءٍ مَلَكَ وَضْعَهُ وَتُمْنَعُ بِمِلْكِ رَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ النَّفْسِ وَلَا يَمْلِكُ إثْبَاتَهُ شَرْعًا عَلَى نَفْسِهِ وَلِذَا مَلَكَ

التَّطَبُّبَ وَلَمْ يَمْلِكْ أَكْلَ السُّمِّ وَإِدْخَالَ الْمُؤْذِي عَلَى الْبَدَنِ وَإِلَّا وَجَّهَ بَيَانَهَا بِأَنَّهُ مَلَكَ الطَّلَاقَ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ فَكَذَا النِّكَاحُ وَيُجَابُ بِمَا سَنَذْكُرُ ، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ : وَلِأَنَّهُ فِي تَنْفِيذِ نِكَاحِهِمَا تَعْيِيبَهُمَا أَمَّا فِي الْعَبْدِ فَبِشَغْلِ مَالِيَّتِهِ بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ، وَأَمَّا فِي الْأَمَةِ فَلِحُرْمَةِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ ، وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِي مَالِهِ بِالْإِفْسَادِ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا بِرِضَاهُ وَبِهَذَا يُجَابُ عَنْ الْمَنْسُوبِ إلَى مَالِكٍ مِنْ قَوْلِهِ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ فَيَمْلِكُ النِّكَاحَ فَالطَّلَاقُ إزَالَةُ عَيْبٍ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهِيَ شَاذَّةٌ ) أَيْ الرِّوَايَةُ الْمَنْقُولَةُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَصْلِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَهُوَ عَاهِرٌ ) أَيْ زَانٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : تَعْيِيبَهُمْ ) أَيْ فِي الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ خِطَابُ الشَّرْعِ ) أَيْ أَمْرًا وَنَهْيًا كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْغُسْلِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِيمَا عُلِمَ إسْقَاطُ الشَّارِعِ إيَّاهُ عَنْهُ كَالْجُمُعَةِ وَالْحَجِّ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : فِي ضِمْنِهِ ضَرُورِيٌّ ) أَيْ ضَرُورَةَ صِيَانَةِ الْوَاجِبِ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ بِإِذْنِهِ ) أَيْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى ( بِيعَ فِي مَهْرِهَا ) أَيْ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الدَّيْنَ ظَهَرَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَأَشْبَهَ دُيُونَ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ ضَعِيفَةٌ فَلَوْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِرَقَبَتِهِ لَتَضَرَّرَتْ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ بِهَا حَيْثُ لَا يُبَاعُ بِهِ ، بَلْ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ لِعَدَمِ صُدُورِ الْإِذْنِ مِنْ الْمَوْلَى كَمَا إذَا لَزِمَهُ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَزِمَهُ بِالْإِتْلَافِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي حَقِّ الْفِعْلِ فَيَظْهَرُ فِي الْحَالِ ، ثُمَّ إذَا بِيعَ مَرَّةً وَلَمْ يَفِ الثَّمَنُ بِالْمَهْرِ لَا يُبَاعُ ثَانِيًا ، بَلْ يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ بِجَمِيعِ الْمَهْرِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ يُبَاعُ بِهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بِالْجَمِيعِ ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الِاسْتِيفَاءِ هَذَا إذَا تَزَوَّجَ أَجْنَبِيَّةً وَأَمَّا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ فَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ الْمَهْرُ ، ثُمَّ يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ حَقُّ الشَّرْعِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يَجِبُ لِاسْتِحَالَةِ وُجُوبِهِ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ ، وَلَوْ تُصُوِّرَ وُجُوبُهُ سَاعَةً لَتُصُوِّرَ دَهْرًا وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ فِي مَالِيَّتِهِ وَهِيَ لِلْمَوْلَى فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَعَى الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَلَمْ يَبِعْ فِيهِ ) ، وَكَذَا وَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ لِعَدَمِ قَبُولِ النَّقْلِ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَيَسْعَوْنَ وَيُوَفَّى مِنْ كَسْبِهِمْ الْمَهْرُ كَمَا فِي دَيْنِ التِّجَارَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَطَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إجَازَةً لِلنِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ لَا طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا ) يَعْنِي إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ

مَوْلَاهُ ، وَقَالَ لَهُ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا رَجْعِيَّةً يَكُونُ إجَازَةً لِلنِّكَاحِ ، وَلَوْ قَالَ طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا لَا يَكُونُ إجَازَةً ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يَكُونُ إلَّا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَتَعَيَّنَ الْإِجَازَةُ وَقَوْلُهُ طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا يَحْتَمِلُ الرَّدَّ ؛ لِأَنَّ رَدَّ هَذَا الْعَقْدِ وَمُتَارَكَتَهُ يُسَمَّى طَلَاقًا وَمُفَارَقَةً وَهُوَ أَلْيَقُ بِحَالِ الْعَبْدِ الْمُتَمَرِّدِ وَهُوَ أَدْنَى فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى قَوْلُهُ طَلِّقْهَا يَكُونُ إجَازَةً أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُطْلَقٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْجَائِزِ وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فَلَا تَثْبُتُ الْإِجَازَةُ بِالشَّكِّ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْقِعْ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ أَوْ طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً تَقَعُ عَلَيْهَا يَكُونُ إجَازَةً ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ النَّافِذِ ، فَيَكُونُ إجَازَةً ، وَلَوْ زَوَّجَ فُضُولِيٌّ رَجُلًا امْرَأَةً فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ طَلِّقْهَا يَكُونُ إجَازَةً ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ التَّطْلِيقَ بِالْإِجَازَةِ فَيَمْلِكُ الْأَمْرَ بِهِ بِخِلَافِ الْمَوْلَى ؛ وَلِأَنَّ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ إعَانَةٌ كَالْوَكِيلِ وَلِهَذَا يَكُونُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَكَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِجَازَةِ أَلْيَقُ بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُتَمَرِّدِ ؛ وَلِأَنَّ الضَّرَرَ فِي حَقِّ الزَّوْجِ يَنْجَبِرُ بِمِلْكِ بُضْعٍ يُقَابِلُهُ بِخِلَافِ ضَرَرِ الْمَوْلَى فَإِنْ قِيلَ لَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى رَجُلٍ نِكَاحًا وَأَنْكَرَ ، ثُمَّ طَلَّقَهَا يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهُ بِالنِّكَاحِ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ لِرَجُلٍ طَلِّقْنِي يَكُونُ إقْرَارًا مِنْهَا بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ أَرْبَعًا فِي عُقْدَةٍ ، ثُمَّ زَوَّجَهُ ثَلَاثًا فِي عُقْدَةٍ أُخْرَى فَبَلَغَهُ فَطَلَّقَ إحْدَى الْأَرْبَعِ أَوْ إحْدَى الثَّلَاثِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا يَكُونُ إجَازَةً لِنِكَاحِ ذَلِكَ الْفَرِيقِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ قُلْنَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ ظَاهِرَ

حَالِهِمَا يَدُلُّ عَلَى مُبَاشَرَةِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ نِكَاحِ الْمُتَمَرِّدِ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ كَلَامَ الزَّوْجِ لَا يَصِحُّ إلَّا إذَا حُمِلَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ ، فَيَكُونُ إجَازَةً تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ يَثْبُتُ بِالتَّصْرِيحِ كَقَوْلِهِ أَجَزْت أَوْ رَضِيت بِهِ أَوْ أَذِنْت فِيهِ وَيَثْبُتُ أَيْضًا بِالدَّلَالَةِ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ سَمَاعِهِ هَذَا حَسَنٌ أَوْ صَوَابٌ أَوْ نِعْمَ مَا صَنَعْت أَوْ بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا أَوْ لَا بَأْسَ بِهَا أَوْ يَسُوقُ إلَيْهَا مَهْرَهَا أَوْ شَيْئًا مِنْهُ بِخِلَافِ الْهِدَايَةِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إجَازَةً وَالْأَوَّلُ اخْتِيَارُ أَبِي اللَّيْثِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِهْزَاءِ ، وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ لَا يَكُونُ إجَازَةً فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ مَا صَنَعَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَالْفُضُولِيِّ إذَا وَكَّلَ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ قَبْلَ التَّوْكِيلِ وَكَالْعَبْدِ إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ فَأَذِنَ لَهُ مَوْلَاهُ فِي التَّزَوُّجِ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ الْفُضُولِيُّ .

( قَوْلُهُ : بِيعَ فِي مَهْرِهَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ الْمَوْلَى ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ عَلَى قَوْلِهِ فِي مَهْرِهَا بِخَطِّ الشَّارِحِ بِمَهْرِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَدَخَلَ بِهَا ) أَيْ ، ثُمَّ فَرَّقَ الْمَوْلَى بَيْنَهُمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ : وَأَمَّا إذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ : وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يُكْرَهُ مِنْهُمَا وَلَا يَجِبُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ ، ثُمَّ يَسْقُطُ ، وَلَوْ أَعْتَقَهُمَا جَمِيعًا فَالْعَبْدُ لَا خِيَارَ لَهُ وَالْأَمَةُ لَهَا الْخِيَارُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَإِذَا زَوَّجَ عَبْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَهْرٌ لَهَا وَلَا لِلسَّيِّدِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجِبُ ، ثُمَّ يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهُ لِحَقِّ الشَّرْعِ وَالْأَوَّلُونَ يَقُولُونَ لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْوُجُوبِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ فِي مَالِيَّتِهِ وَهِيَ لِلْمَوْلَى ا هـ قَالَ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُ الْأَوَّلِينَ هُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَطَلَّقَهَا رَجْعِيَّةً إجَازَةً إلَخْ ) هَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي عَبْدٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَقَالَ لَهُ مَوْلَاهُ : طَلِّقْهَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إجَازَةً ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ فَارِقْهَا ، وَلَوْ قَالَ لَهُ طَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً تَمْلِكُ الرَّجْعَةَ كَانَ إجَازَةً وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ إجَازَةً فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَوْلَى طَلِّقْهَا يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ وَيَحْتَمِلُ الرَّدَّ وَالطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْمَوْقُوفِ لَيْسَ بِطَلَاقٍ ، بَلْ هُوَ مُتَارَكَةٌ لِلنِّكَاحِ وَفَسْخٌ لَهُ حَتَّى لَا يُنْتَقَصُ شَيْءٌ مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ وَذَلِكَ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ

يَخْتَصُّ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَحِيحًا يَكُونُ شُبْهَةً يُسْقِطُ الْحَدَّ إذَا وَطِئَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ إلَّا إذَا وَطِئَ بَعْدَ الْمُتَارَكَةِ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ لِارْتِفَاعِ الشُّبْهَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ طَلِّقْهَا أَوْ فَارِقْهَا لَا يَكُونُ إجَازَةً ) أَيْ وَكَذَا لَوْ قَالَ طَلِّقْهَا طَلَاقًا بَائِنًا ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ ) أَيْ الرَّدُّ أَلْيَقُ بِحَالِهِ أَيْ مِنْ الْإِجَازَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَدْنَى ) أَيْ الرَّدُّ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَارَكَةَ رَدٌّ وَالطَّلَاقَ رَفْعٌ وَالرَّدُّ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَكَانَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ أَوْلَى ) أَيْ لِئَلَّا تَثْبُتَ الْإِجَازَةُ بِالشَّكِّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ فِعْلَ الْفُضُولِيِّ إعَانَةٌ ) أَيْ وَلَيْسَ بِتَمَرُّدٍ ، أَمَّا الْعَبْدُ فَمُتَمَرِّدٌ بِالنِّكَاحِ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى فَالرَّدُّ أَلْيَقُ بِالْعَبْدِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ لَا بَأْسَ ) أَيْ أَوْ أَحْسَنْت أَوْ أَصَبْت ا هـ فَتْحٌ وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ قَالَ : أَنَا كَارِهٌ أَوْ لَا أَرْضَى لَا يَكُونُ إجَازَةً وَيَكُونُ رَدًّا ، أَمَّا لَوْ وَصَلَ فَقَالَ : أَنَا كَارِهٌ ، وَلَكِنْ أَجَزْته أَوْ قَالَ لَا أَرْضَى ، وَلَكِنْ رَضِيت جَازَ اسْتِحْسَانًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ : أَوْ شَيْئًا مِنْهُ ) أَيْ وَسُكُوتُهُ لَا يَكُونُ إجَازَةً ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْهِدَايَةِ ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إجَازَةً ا هـ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو الْقَاسِمِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ ) يَعْنِي قَوْلَهُ هَذَا حَسَنٌ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ مِنْ الْأَلْفَاظِ إجَازَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْإِذْنُ فِي النِّكَاحِ لَا يَكُونُ إجَازَةً ) أَيْ لِلنِّكَاحِ الصَّادِرِ قَبْلَ الْإِذْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ إلَخْ ) اُنْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَ الْوَرَقَةِ الْآتِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ : وَلَوْ نَكَحَتْ بِلَا إذْنٍ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ

أَنْ يَتَزَوَّجَ إلَخْ فَفِيهِ إيضَاحٌ لِهَذَا ا هـ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَوْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَ لَا يَكُونُ إجَازَةً فَإِنْ أَجَازَ الْعَبْدُ مَا صَنَعَ جَازَ اسْتِحْسَانًا كَالْفُضُولِيِّ إذَا وَكَّلَ فَأَجَازَ مَا صَنَعَهُ قَبْلَ الْوَكَالَةِ ا هـ قَوْلُهُ : وَكَالْعَبْدِ إذَا زَوَّجَهُ فُضُولِيٌّ إلَخْ ) ، وَلَوْ بَاعَ السَّيِّدُ الْعَبْدَ بَعْدَ أَنْ بَاشَرَ بِلَا إذْنٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ ، وَقَالَ زُفَرُ يَبْطُلُ ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ السَّيِّدُ فَوَرِثَ الْعَبْدُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ ، أَمَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَزَوَّجَتْ بِلَا إذْنٍ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى فَوَرِثَهَا مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَطَلَ لِطَرَيَانِ الْحِلِّ النَّافِذِ عَلَى الْمَوْقُوفِ وَإِنْ وَرِثَهَا مَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ كَأَنْ وَرِثَهَا جَمَاعَةٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ ابْنُ الْمَوْلَى ، وَقَدْ كَانَ الْأَبُ وَطِئَهَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا فِي أَمَةٍ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ فَبَاعَهَا الْمَوْلَى ، لِلْمُشْتَرِي الْإِجَازَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الرَّجُلِ يُحَرِّمُهَا فَإِذَا حَاضَتْ بَطَلَ الْعَقْدُ لِحِلِّهَا لِلْمُشْتَرِي ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ لَمْ يَطَأْهَا بَطَلَ الْعَقْدُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِطَرَيَانِ الْحِلِّ الْبَاتِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ وَقَالَ زُفَرُ : يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَبِالْبَيْعِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَى إجَازَةِ إنْسَانٍ يَحْتَمِلُ الْإِجَازَةَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَعِنْدَهُ لَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْأَوَّلِ فَلَا يُفِيدُ مِنْ الثَّانِي قُلْنَا إنَّمَا تَوَقَّفَ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ لَا لِأَنَّهُ هُوَ وَالثَّانِي مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ دَائِرٌ مَعَ الْمِلْكِ فَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْإِذْنُ بِالنِّكَاحِ يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الصَّحِيحَ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي حَقِّ لُزُومِ الْمَهْرِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا فَاسِدًا وَدَخَلَ بِهَا حَيْثُ يَظْهَرُ لُزُومُ الْمَهْرِ عِنْدَهُ فِي الْحَالِ فَيُبَاعُ فِيهِ ، وَعِنْدَهُمَا لَا يُطَالَبُ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ وَفِي حَقِّ انْتِهَاءِ الْإِذْنِ بِالْعَقْدِ حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْتَهِي حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَ غَيْرَهَا نِكَاحًا صَحِيحًا أَوْ أَعَادَ عَلَيْهَا الْعَقْدَ صَحَّ عِنْدَهُمَا ، وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ لَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْإِعْفَافُ وَالتَّحْصِينُ وَذَلِكَ بِالْجَائِزِ لَا الْفَاسِدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْحِلَّ فَصَارَ كَالتَّوْكِيلِ بِالنِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَائِزَ دُونَ الْفَاسِدِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَائِزِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَيْثُ يَتَنَاوَلُ الْجَائِزَ وَالْفَاسِدَ ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ فِيهِ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ اللَّفْظَ مُطْلَقٌ فَيَتَنَاوَلُ الْعَقْدَ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفِ الصِّحَّةِ أَوْ الْفَسَادِ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فَكَانَ كَالْبَيْعِ ، وَبَعْضُ الْمَقَاصِدِ حَاصِلٌ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ كَثُبُوتِ النَّسَبِ بِالْوَطْءِ وَسُقُوطِ الْحَدِّ وَوُجُوبِ الْمَهْرِ وَالْعِدَّةِ ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ أَهْلٌ لِمُبَاشَرَةِ النِّكَاحِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْمَوْلَى لِيَتَعَلَّقَ الْمَهْرُ بِمَالِيَّتِهِ وَفِي هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا الْإِذْنُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فَإِنَّ مَطْلُوبَ الْأَمْرِ فِيهِ ثُبُوتُ الْحِلِّ لَهُ وَذُكِرَ فِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ أَنَّ الْوَكَالَةَ بِالنِّكَاحِ تَنْتَهِي بِالْفَاسِدِ فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ ، وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ وَالْوَكَالَةَ لَا يَنْتَهِيَانِ بِالْمَوْقُوفِ حَتَّى

جَازَ لَهُمَا أَنْ يُجَدِّدَا الْعَقْدَ ثَانِيًا عَلَيْهَا أَوْ عَلَى غَيْرِهَا وَمَسْأَلَةُ الْيَمِينِ مَمْنُوعَةٌ عَلَى طَرِيقَةِ إجْرَاءِ اللَّفْظِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ بِالصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ مَا تَزَوَّجَ فِي الْمَاضِي يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ الْإِعْفَافُ وَفِي الْمَاضِي الْعَقْدُ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْإِذْنِ بِالنِّكَاحِ ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ تَزَوَّجْ امْرَأَةً ا هـ ( قَوْلُهُ : حَيْثُ يَنْتَهِي بِهِ عِنْدَهُ إلَخْ ) ، وَلَوْ جَدَّدَ الْعَبْدُ نِكَاحَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا يَنْفُذُ عِنْدَهُ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْجَائِزَ دُونَ الْفَاسِدِ ) أَيْ اتِّفَاقًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِهِ ) أَيْ الْإِذْنِ فِي الْبَيْعِ لِلْعَبْدِ أَوْ الْوَكِيلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : يَتَنَاوَلُ الْجَائِزَ وَالْفَاسِدَ ) أَيْ اتِّفَاقًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ ) أَيْ وَلِذَا صَحَّ إعْتَاقُهُ وَهِبَتُهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدَا مَأْذُونًا لَهُ امْرَأَةً صَحَّ وَهِيَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي مَهْرِهَا ) وَهَذَا إذَا كَانَ النِّكَاحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ أَمَّا صِحَّةُ النِّكَاحِ ؛ فَلِأَنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الرَّقَبَةِ فَيَجُوزُ تَحْصِينًا لَهُ وَأَمَّا الْمَهْرُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ حُكْمًا بِسَبَبٍ لَا مَرَدَّ لَهُ وَهُوَ صِحَّةُ النِّكَاحِ إذْ هُوَ بِلَا مَهْرٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَصَارَ كَدَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ وَكَالْمَرِيضِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَبِقَدْرِ مَهْرِ مِثْلِهَا تَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ ، وَلَوْ زَوَّجَهُ الْمَوْلَى عَلَى أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ فَالزَّائِدُ تُطَالِبُهُ بِهِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْغُرَمَاءِ كَدَيْنِ الصِّحَّةِ مَعَ دَيْنِ الْمَرَضِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ زَوَّجَ عَبْدًا مَأْذُونًا ) أَيْ مَدْيُونًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : فَيَجُوزُ تَحْصِينًا ) أَيْ وَمَا يُقَالُ مِنْ أَنَّهُ إبْطَالٌ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ فِي قَدْرِ الْمَهْرِ لَيْسَ بِهِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُلَاقِي حَقَّ الْغُرَمَاءِ بِالْإِبْطَالِ مَقْصُودًا ، بَلْ وُضِعَ لِقَصْدِ حِلِّ الْبُضْعِ بِالْمِلْكِ ، ثُمَّ يَثْبُتُ الْمَهْرُ حُكْمًا لَهُ بِسَبَبٍ لَا مَرَدَّ لَهُ وَهُوَ صِحَّةُ النِّكَاحِ لِصُدُورِهِ مِنْ الْأَهْلِ فِي الْمَحَلِّ ، ثُمَّ يَلْزَمُهُ بُطْلَانُ حَقِّهِمْ فِي مِقْدَارِهِ إذَا كَانَ قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَقَلَّ لِخُصُوصِ أَمْرٍ وَاقِعٍ فَهُوَ لَازِمُ اللَّازِمِ بِاتِّفَاقِ الْحَالِ لَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَكَانَ ضِمْنِيًّا فَلَا يُعْتَبَرُ فِي إثْبَاتِهِ وَنَفْيِهِ إلَّا حَالَ الْمُتَضَمِّنِ لَهُ لَا وَصَارَ كَالْمَرِيضِ الْمَدْيُونِ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً صَحَّ وَكَانَتْ أُسْوَةَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْوِئَتُهَا فَتَخْدُمُهُ وَيَطَؤُهَا الزَّوْجُ إنْ ظَفِرَ بِهَا ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى أَقْوَى مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ ذَاتَهَا وَمَنَافِعَهَا وَلَا كَذَلِكَ الزَّوْجُ وَلِهَذَا يَدْخُلُ فِيهِ مِلْكُ الْمُتْعَةِ تَبَعًا ، وَلَوْ وَجَبَتْ التَّبْوِئَةُ لَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الِاسْتِخْدَامِ وَحَقُّ الزَّوْجِ فِي الْوَطْءِ لَا يُبْطِلُ الِاسْتِخْدَامَ ؛ لِأَنَّهُ يَتَحَقَّقُ أَحْيَانًا فَإِنْ قِيلَ التَّبْوِئَةُ تَسْلِيمٌ فَتَجِبُ عَلَيْهِ قُلْنَا لَا ، بَلْ هُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ التَّبْوِئَةِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ مَتَى ظَفِرْت بِهَا وَطِئْتهَا ، وَكَذَا إذَا شَرَطَ التَّبْوِئَةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَلَوْ صَحَّ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إجَارَةً أَوْ عَارِيَّةً فَالْأَوَّلُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ التَّوْقِيتِ وَالثَّانِي لَيْسَ بِلَازِمٍ فَإِنْ بَوَّأَهَا مَعَهُ مَنْزِلًا فَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تُقَابِلُ الِاحْتِبَاسَ ، وَلَوْ بَدَا لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهَا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ فَلَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَا يَسْقُطُ بِهَا كَمَا لَا يَسْقُطُ بِالنِّكَاحِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يُبَوِّئْهَا بَيْتَ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّ حَبْسَهَا بِحَقٍّ كَحَبْسِهَا لِاسْتِيفَاءِ الْمَهْرِ قُلْنَا فَوَاتُ التَّسْلِيمِ إلَى أَنْ يُوَفِّيَهَا الْمَهْرَ جَاءَ مِنْ قِبَلَهُ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَائِنًا بَعْدَ التَّبْوِئَةِ تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى وَقَبْلَهَا أَوْ بَعْدَ الِاسْتِرْدَادِ لَا تَجِبُ وَالْمُكَاتَبَةُ فِي هَذَا كَالْحُرَّةِ لِزَوَالِ يَدِ الْمَوْلَى عَنْهَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَبْوِئَتُهَا ) وَمَعْنَى التَّبْوِئَةِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِلزَّوْجِ وَلَا يَسْتَخْدِمَهَا فَلَوْ كَانَتْ تَذْهَبُ وَتَجِيءُ وَتَخْدُمُ الْمَوْلَى لَا يَكُونُ تَبْوِئَةً ا هـ فَتْحٌ ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَ مُدَبَّرَتَهُ وَأُمَّ وَلَدِهِ ا هـ كَمَالٌ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَوْلَى مَا لَمْ يُبَوِّئْهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ ) أَيْ عَلَى الْأَمَةِ غَيْرَ أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إجَارَةً ) أَيْ لِمَنَافِعِ أَعْضَائِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ بَوَّأَهَا ) أَيْ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْجِمَاعِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : فَلَهُ ذَلِكَ ) أَيْ وَكُلَّمَا بَوَّأَهَا وَجَبَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَكُلَّمَا أَعَادَهَا سَقَطَتْ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ ) أَيْ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنْ إيفَاءِ مَا الْتَزَمَهُ وَهُنَا التَّفْوِيتُ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ ، بَلْ مِنْ جِهَةِ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمَوْلَى لِشَغْلِهِ إيَّاهَا بِخِدْمَةِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا نَفَقَةٌ كَالْمَحْبُوسَةِ بِدَيْنٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِزَوَالِ يَدِ الْمَوْلَى عَنْهَا ) أَيْ فَهِيَ فِي يَدِ نَفْسِهَا فَلَهَا النَّفَقَةُ إذَا لَمْ تَحْبِسْ نَفْسَهَا ظُلْمًا ، وَلَوْ جَاءَتْ الْأَمَةُ بِوَلَدٍ فَنَفَقَتُهُ عَلَى مَوْلَى أُمِّهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ لَا عَلَى الْأَبِ ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَهُ إجْبَارُهُمَا عَلَى النِّكَاحِ ) أَيْ لِلْمَوْلَى إجْبَارُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ عَلَى النِّكَاحِ وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ هُنَا أَنْ يَنْفُذَ عَلَيْهِمَا النِّكَاحُ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا إجْبَارَ فِي الْعَبْدِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ مُبْقَى عَلَى أَصْلِ الْآدَمِيَّةِ فِيمَا هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ ، وَالنِّكَاحُ مِنْهَا وَلَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِهِ إلَّا مَالِيَّتُهُ وَهِيَ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالنِّكَاحِ فَكَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ فِي إنْكَاحِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِقْرَارَ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ وَلَأَنْ يُطَلِّقَ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ لِمَا قُلْنَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّ بُضْعَهَا مَمْلُوكٌ لَهُ فَيَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ ؛ وَلِأَنَّ إجْبَارَهُ عَلَيْهِ لَا يُفِيدُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَيُطَلِّقُهَا مِنْ سَاعَتِهِ وَلَنَا أَنَّهُ مَمْلُوكُهُ رَقَبَةً وَيَدًا فَيَمْلِكُ عَلَيْهِ كُلَّ تَصَرُّفٍ فِيهِ صِيَانَةُ مِلْكِهِ كَالْأَمَةِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَلَكَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ لِكَوْنِهَا مَمْلُوكَةً لَهُ رَقَبَةً وَيَدًا لَا لِأَنَّهُ يَمْلِكُ بُضْعَهَا وَلَا تَأْثِيرَ لِمِلْكِ الْبُضْعِ فِيهِ وَلَا لِعَدَمِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ امْرَأَتَهُ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ بُضْعَهَا وَلَهُ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَتَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِمَا ذَكَرَهُ طَرْدًا وَعَكْسًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَعْنَى مِنْ أَنَّهُ مُبْقَى عَلَى أَصْلِ الْآدَمِيَّةِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَلَكَهُ الْعَبْدُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ كَالْإِقْرَارِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ وَمَا لَا يَمْلِكُهُ الْعَبْدُ يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى كَالْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِالْمَالِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الطَّلَاقِ وَالْإِقْرَارِ بِالْقِصَاصِ بَاطِلٌ ، وَقَوْلُهُ يُطَلِّقُهَا مِنْ سَاعَتِهِ قُلْنَا كَلَامُنَا فِي جَوَازِ تَزْوِيجِهِ وَبَقَاءِ مِلْكِهِ إلَى وُجُودِ الطَّلَاقِ ؛ وَلِأَنَّ حِشْمَةَ الْمَوْلَى

تَمْنَعُهُ عَنْ الطَّلَاقِ ظَاهِرًا وَلَا يُعَانِدُهُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُكَاتَبَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَجَانِبِ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَلِهَذَا يَسْتَحِقَّانِ الْأَرْشَ عَلَى الْمَوْلَى بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَتَسْتَحِقُّ الْمُكَاتَبَةُ الْمَهْرَ إذَا وَطِئَهَا الْمَوْلَى فَصَارَا كَالْحُرِّ فَلَا يُجْبَرَانِ عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ وَهَذِهِ مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهَا رَأْيُ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ فِي تَزْوِيجِهِمَا حَتَّى قَالُوا لَوْ زَوَّجَهُمَا الْمَوْلَى بِغَيْرِ إذْنِهِمَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا فَإِنْ أَدَّيَا الْمَالَ وَعَتَقَا لَا يُعْتَبَرُ رَأْيُهُمَا مَا دَامَا صَغِيرَيْنِ ، بَلْ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمَوْلَى أَوْ الْوَلِيُّ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَهُ إجْبَارُهُمَا إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ : لِلْمَوْلَى أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ عَلَى كُرْهٍ مِنْهَا صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا فِي الْعَبْدِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَكَذَلِكَ عِنْدَنَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَا الْعَبْدِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى النِّكَاحِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يُجْبِرُهُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالْمُرَادُ بِالْإِجْبَارِ أَنَّهُ لَوْ بَاشَرَ النِّكَاحَ بِغَيْرِ رِضَاهُمَا يَنْفُذُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَكَانَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ فِي إنْكَاحِهِ ) كَتَزْوِيجِهِ مُكَاتَبَهُ وَمُكَاتَبَتَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : صِيَانَةُ مِلْكِهِ ) أَيْ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا ا هـ غَايَةُ قَوْلِهِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا أَيْ إذْ الزِّنَا سَبَبُ الْهَلَاكِ وَالنُّقْصَانِ إذْ بِالْجَلْدِ رُبَّمَا يَهْلَكُ فَيَمْلِكُهُ بِلَا رِضَاهُمَا ا هـ رَازِيٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : بَيَانُهُ أَنَّ الزِّنَا يُوجِبُ الْحَدَّ فَرُبَّمَا يَقَعُ الْحَدُّ مُهْلِكًا أَوْ جَارِحًا فَفِي الْأَوَّلِ هَلَاكُ الْمَالِ وَفِي الثَّانِي نُقْصَانُهُ وَلِلْمَوْلَى إصْلَاحُ مِلْكِهِ عَنْ الْهَلَاكِ أَوْ النُّقْصَانِ وَفِي التَّزْوِيجِ إصْلَاحُ ذَلِكَ فَيَمْلِكُهُ بِلَا رِضَا الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ ا هـ وَلَيْسَ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالشَّرِيكِ وَالْمَأْذُونِ وَالْمُضَارِبِ أَنْ يُزَوِّجُوا الْعَبْدَ ؛ لِأَنَّ تَزْوِيجَهُ يُنْقِصُ الْمَالِيَّةَ وَيَشْغَلُهَا بِالْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ فَلَا يَكُونُ اكْتِسَابًا لِلْمَالِ وَأَمَّا الْأَمَةُ فَيَصِحُّ تَزْوِيجُهَا مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْجَدِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْمُفَاوَضِ وَالْقَاضِي ؛ لِأَنَّ اكْتِسَابَ الْمَالِ بِإِزَاءِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ النَّفْعِ ، أَمَّا شَرِيكُ الْعَنَانِ وَالْمُضَارَبِ وَالْمَأْذُونِ لَا يَمْلِكُونَ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَمْلِكُونَ

كَالْمُفَاوَضِ لَهُمَا أَنَّ هَذَا مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِمَا لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ بِالتِّجَارَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُعَانِدُهُ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ ) ؛ وَلِأَنَّهُ عَقْدُ النِّكَاحِ مِمَّا تَرْغَبُ فِيهِ النَّفْسُ غَالِبًا وَتَدْعُو إلَيْهِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ طَلَبِ قَطْعِهِ قَالَهُ الْكَمَالُ ( قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّهُمَا الْتَحَقَا بِالْأَجَانِبِ ) أَيْ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى اسْتِخْدَامَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا ) مَا دَامَا مُكَاتَبَيْنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا لَا يَسْقُطُ اعْتِبَارًا بِمَوْتِهَا حَتْفَ أَنْفِهَا وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ وَالْقَتْلُ مَوْتٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ فَقُتِلَ عَتَقَ فَصَارَ كَمَا إذَا قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فَاتَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِفِعْلِ مَنْ لَهُ الْمَهْرُ وَهُوَ الْمَوْلَى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا وَذَهَبَ بِهَا الْمُشْتَرِي مِنْ الْمِصْرِ أَوْ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَاخْتَارَتْ الْفُرْقَةَ أَوْ غَيَّبَهَا بِمَوْضِعٍ لَا يَصِلُ إلَيْهَا الزَّوْجُ وَالْقَتْلُ جُعِلَ إتْلَافًا فِي حَقِّ أَحْكَامِ الدُّنْيَا حَتَّى وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَالْحِرْمَانُ مِنْ الْإِرْثِ وَإِنَّمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَالْقِيمَةُ لِلتَّعَذُّرِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ رَهْنًا يَضْمَنُ قِيمَتَهَا ، وَلَوْ قَتَلَ الْمَوْلَى زَوْجَهَا لَا يَسْقُطُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْوِيتٍ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هُوَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَاقِدِ فَلَا يَكُونُ تَفْوِيتًا ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ صَغِيرًا قِيلَ يَسْقُطُ ، وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى ، وَلَوْ قَتَلَتْ الْأَمَةُ نَفْسَهَا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَسْقُطُ كَقَتْلِهَا الْمَوْلَى وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مُضَافٌ إلَى مَوْلَاهُ حَتَّى يُؤْمَرَ بِالدَّفْعِ أَوْ الْفِدَاءِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَسْقُطُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَالْحُرَّةِ إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا وَكَمَا لَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ ، وَكَذَا فِي رِدَّتِهَا رِوَايَتَانِ ، وَكَذَا فِي تَقْبِيلِهَا ابْنَ زَوْجِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا قَبْلَهُ ) أَيْ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ يَقُولُ إنَّهَا فَوَّتَتْ الْمُبْدَلَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَفُوتُ الْبَدَلُ كَقَتْلِ الْمَوْلَى أَمَتَهُ وَتَقْبِيلِهَا ابْنَ زَوْجِهَا وَلَنَا

أَنَّ جِنَايَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ أَصْلًا وَلِهَذَا إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَتْلَ الْحُرَّةِ نَفْسَهَا لَوْ اُعْتُبِرَ تَفْوِيتًا لِلْمَهْرِ إنَّمَا يَكُونُ تَفْوِيتًا بَعْدَ مَوْتِهَا وَبِالْمَوْتِ يَنْتَقِلُ الْمَهْرُ إلَى وَرَثَتِهَا فَلَا يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّهُ لِلْوَرَثَةِ لَا لَهَا بِخِلَافِ قَتْلِ الْمَوْلَى أَمَتَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لَهُ فَكَانَ مُفَوِّتًا حَقَّ نَفْسِهِ وَهُوَ كَمَنْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي فَقَتَلَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ تَجِبُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَلَا يَصِحُّ إذْنُهُ فِي إبْطَالِ حَقِّ الْوَرَثَةِ وَهَذَا بِخِلَافِ قَتْلِ الْوَارِثِ الْحُرَّةَ قَبْلَ الدُّخُولِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْرُومًا بِالْقَتْلِ فَلَمْ يَصِرْ مُبْطِلًا حَقَّ نَفْسِهِ فِي الْمَهْرِ ، وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتِمُّ إلَّا بَعْدَ زَهُوقِ الرُّوحِ ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لِلْقَتْلِ فَلَا يُمْكِنُ إضَافَتُهُ إلَيْهَا مِثَالُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ جُنِنْت فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إذَا جُنَّ ؛ لِأَنَّ عِنْدَ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ انْتَفَتْ الْأَهْلِيَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْهَا وَهُوَ مَجْنُونٌ حَيْثُ تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ صَحِيحٌ لِكَوْنِ الشَّرْطِ لَا يُنَافِي الطَّلَاقَ وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا رَضَاعُ الصَّغِيرَةِ الْكَبِيرَةَ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ مِنْ مَهْرِهَا شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ بِفِعْلِهَا ، وَكَذَا الْمَجْنُونَةُ إذَا قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يَصْلُحُ لِإِسْقَاطِ حَقِّهِمَا كَمَا لَوْ قَتَلَا مُوَرِّثَهُمَا فَإِنْ قِيلَ يُنْتَقَضُ هَذَا بِرِدَّةِ الصَّغِيرَةِ إذَا كَانَتْ مُمَيِّزَةً حَيْثُ يَسْقُطُ بِهَا مَهْرُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْنَا رِدَّتُهَا مَحْظُورَةٌ فِي حَقِّهَا بِدَلِيلِ حِرْمَانِهَا بِهَا الْمِيرَاثَ وَاسْتِحْقَاقِ حَبْسِهَا حَتَّى تَتُوبَ أَوْ تَمُوتَ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ السَّيِّدِ أَمَتَهُ ) فِي تَزْوِيجِهِ مُكَاتَبَتَهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمَهْرَ بَلْ الْمُكَاتَبَةَ وَفِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لَهَا فَلَوْ قَتَلَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ سَقَطَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الزَّوْجِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : قَبْلَ الْوَطْءِ ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَوْلَى قَبَضَهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ الْمَوْلَى إذَا قَتَلَ أَمَتَهُ قَبْلَ دُخُولِ الزَّوْجِ فَإِنْ كَانَ قَبَضَ الصَّدَاقَ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الزَّوْجِ ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ ، أَمَّا إذَا قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ فَلَا يَسْقُطُ بِالِاتِّفَاقِ ، وَكَذَا لَا يَسْقُطُ إذَا قَتَلَهَا الْمَوْلَى بَعْدَ دُخُولِ الزَّوْجِ ، وَإِذَا غَيَّبَهَا الْمَوْلَى بِمَكَانٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ لَا يُطَالِبُهُ بِالْمَهْرِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِذَا ارْتَدَّتْ الْأَمَةُ أَوْ الْحُرَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ يَسْقُطُ الْمَهْرُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْحُرَّةُ إذَا قَتَلَتْ نَفْسَهَا لَا يَسْقُطُ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَا لَا يَسْقُطُ ) أَيْ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ لِمَوْلَاهَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ وَقَعَتْ بِالْمَوْتِ فَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِهَا ا هـ رَازِيٌّ قَوْلُهُ : حَتْفَ أَنْفِهَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْحَتْفُ الْمَوْتُ وَجَمْعُهُ حُتُوفٌ لَيْسَ لَهُ فِعْلٌ مُتَصَرِّفٌ وَإِنَّمَا يُضَافُ الْحَتْفُ إلَى الْأَنْفِ إذَا مَاتَ الشَّخْصُ بِلَا سَبَبٍ وَيُقَالُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ ؛ لِأَنَّ الرُّوحَ تَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا لِأَنَّ الْمَقْتُولَ مَيِّتٌ بِأَجَلِهِ ) أَيْ لَا أَجَلَ لَهُ سِوَى هَذَا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) أَيْ أَنَّ مَنْ لَهُ الْبَدَلُ مَنَعَ الْمُبْدَلَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيُجَازَى بِمَنْعِ الْبَدَلِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ كَمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ يَسْقُطُ جَمِيعُ الثَّمَنِ ا هـ (

قَوْلُهُ : بِفِعْلِ مَنْ لَهُ الْمَهْرُ وَهُوَ الْمَوْلَى ) أَيْ فَيُجَازَى بِمَنْعِ الْبَدَلِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمُجَازَاةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَالْقَتْلُ ) وَإِنْ كَانَ مَوْتًا لَكِنَّهُ ( جُعِلَ إتْلَافًا ) وَقَوْلُهُ : وَالْقَتْلُ هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِنَا الْمَيِّتُ مَقْتُولٌ بِأَجَلِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى وَجَبَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ وَالْحِرْمَانُ مِنْ الْإِرْثِ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ وَالْقِيمَةُ ) أَيْ وَالضَّمَانُ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةَ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحَلَّهَا لَهُ ، وَقَدْ تَثْبُتُ أَحْكَامُهُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَوْلَى حِينَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْخَطَأِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ رَهْنًا ) أَيْ عِنْدَ إنْسَانٍ فَقَتَلَهَا سَيِّدُهَا الرَّاهِنُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا لَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ صَبِيًّا إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَلَوْ لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ مِنْ أَهْلِ الْمُجَازَاةِ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا زَوَّجَ أَمَتَهُ وَصِيَّهُ مَثَلًا قَالُوا يَجِبُ أَنْ لَا يَسْقُطَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : فِي رِوَايَةٍ يَسْقُطُ كَقَتْلِهَا ) أَيْ كَمَا إذَا قَتَلَهَا الْمَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا لِأَنَّ فِعْلَ الْعَبْدِ مُضَافٌ إلَى مَوْلَاهُ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَالْأَوْجَهُ مَا ذُكِرَ فِي وَجْهِ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ الْمَشَايِخِ فِي رِدَّتِهَا بِالسُّقُوطِ وَهُوَ أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ أَوَّلًا لَهَا ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْلَى وَفَائِدَةُ الْأَوَّلِيَّةِ مَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ قُضِيَ وَلَمْ يُعْطَ الْمَوْلَى إلَّا مَا فَضَلَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ قَوْلُهُمَا : كَالْحُرَّةِ ) أَيْ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ لِمَوْلَاهَا لَا لَهَا وَهُوَ لَمْ يُبَاشِرْ مَنْعَ الْمُبْدَلِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا فِي رِدَّتِهَا رِوَايَتَانِ ) قَالَ الْكَمَالُ : أَمَّا الْأَمَةُ فَلَا رِوَايَةَ فِي رِدَّتِهَا وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ قِيلَ لَا يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ وَهُوَ الْمُسْقِطُ لَمْ يَجِئْ مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ وَهُوَ الْمَوْلَى ، وَقِيلَ

يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ أَوَّلًا لَهَا ، ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْلَى بَعْدَ الْفَرَاغِ عَنْ حَاجَتِهَا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهَا دَيْنٌ يُصْرَفُ إلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ بِقَتْلِ الْحُرَّةِ نَفْسِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ) فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا تَسْتَحِقُّهُ وَرَثَتُهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : كَقَتْلِ الْمَوْلَى أَمَتَهُ ) أَيْ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَنَا أَنَّ جِنَايَةَ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ ) أَيْ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا إنَّمَا يُؤْخَذُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا ) قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إذَا قَتَلَ نَفْسَهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ أَيْ وَلَمْ يَعْتَبِرَاهُ بَاغِيًا عَلَى نَفْسِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ إلَخْ ) ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ فِي مَسْأَلَةِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي فَقَتَلَهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ فَلْتَنْظُرْ فِيهِ فِي بَابِ الْإِكْرَاهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِكَوْنِ الشَّرْطِ لَا يُنَافِي الطَّلَاقَ ) قَالَ فِي الطَّرِيقَةِ الرَّضَوِيَّةِ أَجْمَعْنَا أَنَّ الْأَهْلِيَّةَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْيَمِينِ لَا وَقْتَ الشَّرْطِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُفِيقًا وَقْتَ الْيَمِينِ مَجْنُونًا وَقْتَ الشَّرْطِ يَصِحُّ وَيَقَعُ عَلَى عَكْسِهِ لَا تَصِحُّ الْيَمِينُ ا هـ قُنْيَةٌ ( قَوْلُهُ : قُلْنَا رِدَّتُهَا مَحْظُورَةٌ ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْأَفْعَالِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُحْظَرْ عَلَيْهَا ا هـ فَتْحٌ قَوْلُ الْمُحَشِّي وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ إلَخْ كَذَا فِي أَصْلِ الْحَاشِيَةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِعِبَارَةِ الشَّرْحِ كَمَا تَرَى فَحَرِّرْ ا هـ مُصَحِّحُهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ ) ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِذْنَ إلَيْهَا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ صِيَانَةً لَهَا عَنْ السِّفَاحِ ، وَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَاضِيًا لِشَهْوَتِهِ وَالْعَزْلُ يُخِلُّ بِهِ فَشُرِطَ فِيهِ رِضَاهَا كَمَا فِي الْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا مُطَالَبَةَ لَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا وَلِلْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِرِضَاهَا وَلَهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَا حَقَّ لَهَا فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمْ يُشْرَعْ حَقًّا لَهَا ابْتِدَاءً وَبَقَاءً فَإِنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَبَةِ سَيِّدِهَا بِالتَّزْوِيجِ وَهُوَ يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ وَهُوَ الْوَلَدُ وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى لَا حَقُّ الْأَمَةِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ زَوْجُ الْأَمَةِ عِنِّينًا لَا يَكُونُ لَهَا حَقُّ الْخُصُومَةِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لِمَوْلَاهَا فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لِمَا ذَكَرْنَا وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، ثُمَّ الْعَزْلُ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ بِرِضَا امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ أَوْ بِرِضَا مَوْلَى امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ وَفِي الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ { كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنُ يُنَزَّلُ } ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَلِمُسْلِمٍ { كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ فَلَمْ يَنْهَنَا } قَالَ جَابِرٌ لَوْ كَانَ شَيْئًا يُنْهَى عَنْهُ لَنَهَانَا الْقُرْآنُ ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرَوَى مُسْلِمٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { قَالَ لِرَجُلٍ كَانَتْ لَهُ جَارِيَةٌ : اعْزِلْ عَنْهَا إنْ شِئْت فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا } ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ { أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إنَّ لِي جَارِيَةً وَأَنَا أَعْزِلُ عَنْهَا وَأَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ وَإِنَّ الْيَهُودَ تُحَدِّثُ أَنَّ الْعَزْلَ

الْمَوْءُودَةُ الصُّغْرَى قَالَ كَذَبَتْ يَهُودُ لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَخْلُقَهُ مَا اسْتَطَعْت أَنْ تَصْرِفَهُ } قَالُوا ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ يَسَعُهَا أَنْ تُعَالِجَ لِإِسْقَاطِ الْحَبَلِ مَا لَمْ يَسْتَبِنْ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ وَذَلِكَ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ، ثُمَّ إذَا عَزَلَ وَظَهَرَ بِهَا حَبَلٌ هَلْ يَجُوزُ نَفْيُهُ قَالُوا إنْ لَمْ يَعُدْ إلَى وَطْئِهَا أَوْ عَادَ بَعْدَ الْبَوْلِ جَازَ لَهُ نَفْيُهُ وَإِلَّا فَلَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أُعْتِقَتْ أَمَةٌ أَوْ مُكَاتَبَةٌ خُيِّرَتْ ، وَلَوْ زَوْجُهَا حُرًّا ) وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ بِرِضَاهَا أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخَالِفُنَا فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا لِحَدِيثِ بَرِيرَةَ مِنْ رِوَايَةِ عَائِشَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَهَا وَكَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَهَا فَثَبَتَ لَهَا الْخِيَارُ بِخِلَافِ الْحُرِّ وَلَنَا حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ؛ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ لِازْدِيَادِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ؛ وَلِأَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ لَهَا مَلَكْت بُضْعَك فَاخْتَارِي } فَجَعَلَ عِلَّةَ الْخِيَارِ مِلْكَهَا بُضْعَهَا فَلَا نَشْتَغِلُ بِالتَّعْلِيلِ بَعْدَ تَعْلِيلِ صَاحِبِ الشَّرْعِ ، وَحَدِيثُنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ مُثْبِتًا لِلْحُرِّيَّةِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلُ عَبْدًا أَوْ نَقُولُ لَيْسَ فِيمَا رُوِيَ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ حُرًّا لَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ إلَّا عَلَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهَا فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا عَبْدًا وَنَحْنُ نَقُولُ بِمُوجِبِهِ وَبِمُوجِبِ الْحَدِيثِ الْآخَرِ وَبِتَعْلِيلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ أَوْ نَقُولُ بِالتَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَنَقُولُ كَانَ عَبْدًا

قَبْلَ أَنْ تُعْتَقَ بَرِيرَةُ ، ثُمَّ أُعْتِقَ وَكَانَ حُرًّا حِينَ أُعْتِقَتْ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْقِنَّةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُكَاتَبَةِ وَزُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يُخَالِفُنَا فِي الْمُكَاتَبَةِ هُوَ يَقُولُ لَا نَفَاذَ لِلنِّكَاحِ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا فَصَارَتْ كَالْحُرَّةِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّ رِضَاهَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً وَلَا يُقَالُ إنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُكَاتَبَةً عِنْدَ النِّكَاحِ فَلَمْ يَكُنْ حُجَّةً ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كَانَتْ مُكَاتَبَةً ؛ لِأَنَّ الْحَالَ يَدُلُّ عَلَى مَا قَبْلَهُ ؛ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَزْدَادُ عَلَيْهَا كَالْأَمَةِ وَهُوَ الْمُوجِبُ لِلْخِيَارِ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ بِكُفْءٍ لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ الْكُفْءَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الْبَقَاءِ فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يُقَدَّمُ حَقُّهَا عَلَى حَقِّ الزَّوْجِ حَتَّى كَانَ لَهَا إبْطَالُ حَقِّهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا بِإِلْحَاقِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ قُلْنَا لَمَّا كَانَ لَهَا دَفْعُ الزِّيَادَةِ وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِإِبْطَالِ أَصْلِ النِّكَاحِ كَانَ لَهَا إبْطَالُ أَصْلِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا ؛ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ رَضِيَ بِهِ حَيْثُ تَزَوَّجَهَا مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا قَدْ تُعْتَقُ .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْإِذْنُ فِي الْعَزْلِ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ ) أَيْ عَزْلِ الْمَاءِ عَنْ الْأَمَةِ فِي الْجِمَاعِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِذْنَ إلَيْهَا ) أَيْ ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ حَقُّهَا لَا حَقُّ مَوْلَاهَا وَلِهَذَا كَانَ لَهَا مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ بِالْوَطْءِ فَصَارَتْ كَالْحُرَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِذْنَ إلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَقُّهَا حَتَّى يَثْبُتَ لَهَا وَلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ وَفِي الْعَزْلِ تَنْقِيصُ حَقِّهَا فَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا ا هـ قَوْلُهُ : وَفِي الْعَزْلِ تَنْقِيصُ حَقِّهَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَوْلُهُ : تَنْقِيصُ حَقِّهَا أَيْ فِي قَضَاءِ الشَّهْوَةِ قَالُوا مُطَالَبَةُ الْوَطْءِ لَهَا مِنْ الزَّوْجِ قَضَاءً مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ فَأَمَّا دِيَانَةً فَفِي كُلِّ مَرَّةٍ ا هـ وَفِي قَوْلِهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ قَوْلُهُمَا كَقَوْلِ الْإِمَامِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُعْتَبَرُ ) أَيْ فِي الْعَزْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ حَقُّ الْمَوْلَى ) قَالَ الْكَمَالُ : وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عِنِّينًا قَالُوا الْخُصُومَةُ لِلْمَوْلَى أَوْ لَهَا عَلَى الْخِلَافِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا حَقُّ الْأَمَةِ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لَا حَقُّهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْحُرَّةِ ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا حَقًّا فِي الْوَلَدِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَذَلِكَ مَا لَمْ يَتِمَّ لَهُ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا ) قَالَ الْكَمَالُ : وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالتَّخْلِيقِ نَفْخَ الرُّوحِ وَإِلَّا فَهُوَ غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ التَّخْلِيقَ يَتَحَقَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ قَبْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ عَادَ ) أَيْ عَزَلَ فِي الْعَوْدِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ : بَعْدَ الْبَوْلِ ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ بَعْدَ غَسْلِ الذَّكَرِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَلَا ) أَيْ وَإِنْ عَادَ وَلَمْ يَبُلْ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ ا هـ كَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ

بَقِيَّةَ الْمَنِيِّ فِي ذَكَرِهِ يَسْقُطُ فِيهَا وَلِذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا اغْتَسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ قَبْلَ الْبَوْلِ ، ثُمَّ بَالَ فَخَرَجَ الْمَنِيُّ وَجَبَ إعَادَةُ الْغُسْلِ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ غَيْرُ مُحْصَنَةٍ تَخْرُجُ وَتَدْخُلُ وَيَعْزِلُ عَنْهَا الْمَوْلَى فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ وَأَكْبَرُ ظَنِّهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ نَفْيِهِ وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَنَةً لَا يَسَعُهُ نَفْيُهُ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْزِلُ فَيَقَعُ الْمَاءُ فِي الْفَرْجِ الْخَارِجِ ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْعَزْلِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ أَعْتَقَتْ أَمَةً إلَخْ ) قَالَ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعْنِي لَوْ زَوَّجَ الْمَوْلَى أَمَتَهُ مِنْ رَجُلٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَلَا مَهْرَ لِأَحَدٍ إنْ كَانَ الْعِتْقُ وَالِاخْتِيَارُ قَبْلَ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ اخْتَارَتْ الزَّوْجَ فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : خُيِّرَتْ ) وَخِيَارُهَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ عِنْدَنَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا إلَخْ ) أَيْ بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا هُوَ بِرِضَاهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالشَّافِعِيُّ يُخَالِفُنَا فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا ) أَيْ فَلَا خِيَارَ لَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِازْدِيَادِ الْمِلْكِ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ حِلَّ الْحُرَّةِ أَوْسَعُ مِنْ حِلِّ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الْعِتْقِ كَانَ يَمْلِكُ الزَّوْجَ عَلَيْهَا تَطْلِيقَتَيْنِ وَيَمْلِكُ مُرَاجَعَتَهَا فِي مَرَّتَيْنِ وَكَانَتْ عِدَّتُهَا حَيْضَتَيْنِ فَازْدَادَ ذَلِكَ بِالْعِتْقِ فَأَثْبَتَ الشَّرْعُ لَهَا الْخِيَارَ بِرَفْعِ أَصْلِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَكَّنُ مِنْ رَفْعِ الضَّرَرِ إلَّا بِرَفْعِ الْعَقْدِ ؛ وَلِأَنَّهَا بَعْدَ الْعَقْدِ يَمْنَعُهَا زَوْجُهَا عَنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَذَلِكَ ازْدِيَادُ الْمِلْكِ أَيْضًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْكَمَالُ

رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُنَا تَارَةً يُعَلِّلُونَهُ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِحَيْثُ تَخْلُصُ بِثِنْتَيْنِ فَازْدَادَ الْمِلْكُ عَلَيْهَا ، وَهَذَا مِنْ رَدِّ الْمُخْتَلِفِ إلَى الْمُخْتَلِفِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالرِّجَالِ لَا بِالنِّسَاءِ كَأَنَّهُ اعْتِمَادٌ عَلَى إثْبَاتِ الْأَصْلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَتَارَةً بِعِلَّةٍ مَنْصُوصَةٍ وَهُوَ مِلْكُهَا بُضْعَهَا ا هـ مِنَحٌ ( قَوْلُهُ : فَجَعَلَ عِلَّةَ الْخِيَارِ مِلْكَهَا بُضْعَهَا ) وَإِذًا فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَيَكُونُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِ إظْهَارَ حِكْمَةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالْمُكَاتَبَةُ ) أَيْ إذَا أَعْتَقَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ كَذَا بِخَطِّ شَيْخِنَا ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا نَفَاذَ لِلنِّكَاحِ عَلَيْهَا إلَّا بِرِضَاهَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اعْلَمْ أَنَّهَا إذَا أُعْتِقَتْ وَلَهَا زَوْجٌ زَوَّجَهَا مِنْهُ الْمَوْلَى أَوْ تَزَوَّجَتْ بِإِذْنِ مَوْلَاهَا كَانَ لَهَا الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ زَوْجُهَا حَالَ الْإِعْتَاقِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا إنْ شَاءَتْ أَقَامَتْ مَعَهُ وَإِنْ شَاءَتْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَفَارَقَتْهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهَا نَفْسَهَا فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا فَالْمَهْرُ وَاجِبٌ لِسَيِّدِهَا ؛ لِأَنَّ الدُّخُولَ بِحُكْمِ نِكَاحٍ صَحِيحٍ فَيُقَرَّرُ بِهِ الْمُسَمَّى وَإِنْ اخْتَارَتْ زَوْجَهَا فَالْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ وَاجِبٌ بِمُقَابَلَةِ مَا مَلَكَ الزَّوْجُ مِنْ الْبُضْعِ ، وَقَدْ مَلَكَهُ عَلَى الْوَلِيِّ فَيَكُونُ بَدَلُهُ لِلْمَوْلَى ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَخَالَفَ زُفَرُ فِي الْمُكَاتَبَةِ وَاسْتَدَلَّ بِأَنَّ الْعَقْدَ نَفَذَ بِرِضَاهَا فَلَا خِيَارَ لَهَا ، وَلَوْ صَحَّ لَزِمَ أَنَّ سَيِّدَ الْأَمَةِ لَوْ زَوَّجَهَا بِرِضَاهَا وَمُشَاوَرَتِهَا فِي

ذَلِكَ أَنْ لَا خِيَارَ لَهَا ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ وَالْأَوْجَهُ فِي اسْتِدْلَالِهِ أَنَّ النَّصَّ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا وَهُوَ قَوْلُهُ : مَلَكْت بُضْعَك فَاخْتَارِي ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ كَانَتْ مَالِكَةً لِبُضْعِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ وَأُجِيبُ بِالْمَنْعِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ تَابِعٌ لِمِلْكِ نَفْسِهَا وَلَمْ تَكُنْ مَالِكَةً نَفْسَهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ مَالِكَةً لِإِكْسَابِهَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ قَوْلُهُ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَلَكْت بُضْعَك } لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا مَنَافِعَ بُضْعِك إذْ لَا يُمْكِنُ مِلْكُهَا لِعَيْنِهِ وَمِلْكُهَا لِإِكْسَابِهَا تَبَعٌ لِمِلْكِهَا لِمَنَافِعِ نَفْسِهَا وَأَعْضَائِهَا فَيَلْزَمُ كَوْنُهَا كَانَتْ مَالِكَةً لِبُضْعِهَا بِالْمَعْنَى الْمُرَادِ قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَمْ يَتَنَاوَلْهَا النَّصُّ وَيَتَرَجَّحُ قَوْلُ زُفَرَ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَصَارَتْ كَالْحُرَّةِ ) أَيْ وَلِهَذَا يُسَلَّمُ لَهَا بَدَلُ بُضْعِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَنَا مَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ بَرِيرَةَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَبَرِيرَةُ بِرَاءَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ عَلَى وَزْنِ كَرِيمَةٍ وَكَانَ اسْمُ زَوْجِهَا مُغِيثًا وَكَانَ عَبْدًا لِآلِ أَبِي أَحْمَدَ كَذَا قَالَ صَاحِبُ السُّنَنِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ كَانَ مُغِيثُ عَبْدًا لِآلِ الْمُغِيرَةِ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ا هـ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ : قِيلَ هَذَا فِي سِيَاقِ دَلِيلِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى صَاحِبُ السُّنَنِ أَيْضًا بِإِسْنَادِهِ إلَى عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ { زَوْجَ بَرِيرَةَ كَانَ عَبْدًا أَسْوَدَ وَيُسَمَّى مُغِيثًا فَخَيَّرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ } ا هـ ( قَوْلُهُ : وَكَانَتْ مُكَاتَبَةً ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فَأَقُولُ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ كَانَتْ بَرِيرَةُ مُكَاتَبَةً قَبْلَ الْإِعْتَاقِ أَوْ أَمَةً قِنَّةً فَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً فَإِثْبَاتُ الْخِيَارِ لَهَا حُجَّةٌ لَنَا عَلَى زُفَرَ ؛ لِأَنَّ الرَّأْيَ فِي مُعَارَضَةِ النَّصِّ فَاسِدٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً قِنَّةً فَنَقُولُ : النَّصُّ

الْوَارِدُ فِي بَرِيرَةَ مَعْلُولٌ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِ ، وَازْدِيَادُ الْمِلْكِ بَعْدَ الْعِتْقِ حَاصِلٌ فِي الْمُكَاتَبَةِ فَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهَا ، وَمِلْكُ الْمُكَاتَبَةِ بَدَلُ بُضْعِهَا لَا بِاعْتِبَارِ عَقْدِ النِّكَاحِ ، بَلْ بِاعْتِبَارِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهَا وَبَدَلُ الْبُضْعِ مِنْ جُمْلَةِ الْكَسْبِ فَلَمْ يَدُلَّ عَلَى سُقُوطِ الْخِيَارِ كَمَا إذَا وَهَبَ الْمَوْلَى مَهْرَ الْأَمَةِ لَهَا ، ثُمَّ عَتَقَتْ يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّ سَلَامَةَ بَدَلِ الْبُضْعِ لَمْ يَكُنْ بِعَقْدِ النِّكَاحِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِي سُقُوطِ النِّكَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَزْدَادُ ) قَالَ الْكَمَالُ : رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُنَا تَارَةً يُعَلِّلُونَهُ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِحَيْثُ تَخْلُصُ بِثِنْتَيْنِ فَازْدَادَ الْمِلْكُ عَلَيْهَا ، وَهَذَا رَدُّ الْمُخْتَلِفِ إلَى الْمُخْتَلِفِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِالرِّجَالِ لَا بِالنِّسَاءِ وَكَأَنَّهُ اعْتِمَادٌ عَلَى إثْبَاتِ الْأَصْلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَتَارَةً بِعِلَّةٍ مَنْصُوصَةٍ وَهِيَ مِلْكُهَا بُضْعَهَا ، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَإِذَنْ فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَيَكُونُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِزِيَادَةِ الْمِلْكِ إظْهَارُ حِكْمَةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ وَمُقْتَضَاهَا ثُبُوتُ الْخِيَارِ فِيمَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَفِيمَا إذَا كَانَتْ مُكَاتَبَةً عَتَقَتْ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ بَعْدَمَا زَوَّجَهَا سَيِّدُهَا بِرِضَاهَا أَوْ غَيْرِهِ ا هـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ نَكَحَتْ بِلَا إذْنٍ فَعَتَقَتْ نَفَذَ بِلَا خِيَارٍ ) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا ، ثُمَّ عَتَقَتْ نَفَذَ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ لَهَا أَمَّا نُفُوذُ النِّكَاحِ فَلِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ وَامْتِنَاعُهُ لِحَقِّ الْمَوْلَى ، وَقَدْ زَالَ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ اشْتَرَتْ شَيْئًا فَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى حَيْثُ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الشِّرَاءُ ، بَلْ يَبْطُلُ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَ الشِّرَاءُ مُوجِبًا لِمِلْكِ الْمَوْلَى فَلَوْ نَفَذَ عَلَيْهَا لَتَغَيَّرَ الْمَالِكُ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ بِالْعَقْدِ قَدْ ثَبَتَ لَهَا فِي الْحَالَتَيْنِ ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ الْعَقْدُ بِغَيْرِ إجَازَتِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ الْإِذْنَ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْ التَّصَرُّفِ ، وَلَوْ جَازَ النِّكَاحُ الْمُبَاشِرُ قَبْلَ الْإِذْنِ لَا يَقَعُ الْإِذْنُ فَكًّا فَيَمْتَنِعُ الْجَوَازُ ، وَقَضِيَّةُ هَذَا لَا يَجُوزُ بِإِجَازَةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا وَقُلْنَا بِالْجَوَازِ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لِقِيَامِ الْإِجَازَةِ مَقَامَ النِّكَاحِ كَمَا فِي نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ ، وَهَكَذَا نَقُولُ فِي التَّوْكِيلِ ، وَكَذَا لَا يَلْزَمُ الْوَلِيَّ إلَّا بَعْدَ إذَا زَوَّجَ مَعَ وُجُودِ الْأَقْرَبِ ، ثُمَّ انْتَقَلَتْ الْوَلَايَةُ إلَيْهِ حَيْثُ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِإِجَازَةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ ؛ لِأَنَّ الْأَبْعَدَ حِينَ بَاشَرَ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا فِي شَيْءٍ لَا يُبَالِي بِعَوَاقِبِهِ اتِّكَالًا عَلَى رَأْيِ الْأَقْرَبِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْأَصْلَحِ ، وَكَذَا أَيْضًا لَا يَلْزَمُ تَزْوِيجُ الْمَوْلَى مُكَاتَبَتَهُ الصَّغِيرَةَ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى إجَازَتِهَا ، ثُمَّ إذَا أَدَّتْ الْمَالَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَعَتَقَتْ لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعَقْدُ وَإِنْ زَالَ الْمَانِعُ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا حَالَ الْعَقْدِ فَلَا يُبَالِي بِعَوَاقِبِهِ

كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَمَّا عَدَمُ الْخِيَارِ ؛ فَلِأَنَّ النُّفُوذَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَلَا يُتَصَوَّرُ ازْدِيَادُ الْمِلْكِ عَلَيْهَا ، وَثُبُوتُ الْخِيَارِ بِاعْتِبَارِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَالْمَهْرُ لَهُ ) أَيْ لَوْ وَطِئَ زَوْجُ الْأَمَةِ الْأَمَةَ قَبْلَ الْعِتْقِ فِيمَا إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَالْمَهْرُ لِلْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ مَهْرَانِ ، أَحَدُهُمَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِالدُّخُولِ بِشُبْهَةٍ وَالثَّانِي مَهْرُ الْعَقْدِ وَهُوَ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ بِالْوَطْءِ وَنِصْفُ الْمُسَمَّى بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ قُلْنَا الْقِيَاسُ كَذَلِكَ لَكُنَّا اسْتَحْسَنَّا فَأَوْجَبْنَا الْمُسَمَّى لَا غَيْرُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ فَكَانَ عَامِلًا مِنْ الِابْتِدَاءِ فَلَوْ وَجَبَ مَهْرٌ آخَرُ لَوَجَبَ مَهْرَانِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ هُوَ الْعَامِلُ أَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ بِهِ فَهَذَا يَكْشِفُ لَك أَنَّهُ هُوَ الْمُوجِبُ لِلْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ هُوَ الْعَامِلُ فِي وُجُوبِ الْمَهْرِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الزَّوْجَ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ لَوْ كَانَ عَبْدًا وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْإِجَازَةِ يُطَالَبُ بِالْمَهْرِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ ، وَلَوْ كَانَ الْوُجُوبُ فِيهِ بِالدُّخُولِ لَطُولِبَ فِي الْحَالِ لِكَوْنِ الدُّخُولِ مِنْ قَبِيلِ الْأَفْعَالِ كَضَمَانِ الْإِتْلَافِ ، وَالْعَبْدُ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْأَفْعَالِ فَيَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي الْحَالِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْأَقْوَالِ فَلَا يَظْهَرُ فِي الْحَالِ لِعَدَمِ رِضَا الْمَوْلَى وَيَظْهَرُ بَعْدَ الْعِتْقِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ بِمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الْمَهْرِ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي حَبْسِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِرِضَاهَا حَتَّى يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا أَنَّ

الْمَهْرَ مُقَابَلٌ بِالْكُلِّ أَيْ بِجَمِيعِ وَطَآتٍ تُوجَدُ فِي النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَخْلُوَ الْوَطْءُ مِنْ الْمَهْرِ فَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ بِمُقَابَلَةِ مَا اسْتَوْفَى بَعْدَ الْعِتْقِ وَلَا يَكُونُ الْكُلُّ لِلْمَوْلَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا فَلَهَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْعِتْقِ فَالْمَهْرُ لِلْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةً لَهَا وَالْمُرَادُ بِالْمَهْرِ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ وُجُودِ الْعَقْدِ فَتَصِحُّ التَّسْمِيَةُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ لِلْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِنَادِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ فَصَارَ كَمَا إذَا زَوَّجَهَا الْمَوْلَى ، ثُمَّ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ حَيْثُ يَكُونُ الْمَهْرُ كُلُّهُ لِلْمَوْلَى فَكَذَا هَذَا قُلْنَا حُكْمُ الِاسْتِنَادِ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا لَمْ يَخْتَلِفْ مُسْتَحِقُّهُ وَهُنَا قَدْ اخْتَلَفَ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ أَوَانَ الْعَقْدِ هُوَ الْمَوْلَى وَالْمُسْتَحِقَّ أَوَانَ الثُّبُوتِ هِيَ الْأَمَةُ فَاسْتِحْقَاقُ الْأَمَةِ لَا يُمْكِنُ اسْتِنَادُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِهِ لِعَدَمِ مِلْكِهَا وَقْتَ الْعَقْدِ وَحَقُّ الْمَوْلَى مَعْدُومٌ أَوَانَ الثُّبُوتِ ، وَالشَّيْءُ إنَّمَا يَسْتَنِدُ إذَا كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمَهْرِ هُنَاكَ يَجِبُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا الدُّخُولُ يَتَأَكَّدُ بِهِ الْوَاجِبُ فَحَالَةُ الثُّبُوتِ وَهِيَ حَالَةُ الْعَقْدِ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَافْتَرَقَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ نَكَحَتْ بِلَا إذْنِ فَعَتَقَتْ نَفَذَ بِلَا خِيَارٍ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَعَنْ زُفَرَ يَبْطُلُ النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَهُ كَانَ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى فَلَا يَنْفُذُ مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَلَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ بُطْلَانِ وِلَايَتِهِ ، وَإِذَا بَطَلَ تَنْفِيذُهُ وَتَوَقُّفُهُ لَزِمَ بُطْلَانُهُ بِالضَّرُورَةِ إذْ لَا وَاسِطَةَ وَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَيْت ، ثُمَّ عَتَقَتْ يَبْطُلُ وَلَا يَتَوَقَّفُ لِمَا قُلْنَا مِنْ عَدَمِ إمْكَانِ الْقِسْمَيْنِ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَلَنَا أَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ خَصَائِصِ الْآدَمِيَّةِ وَالرَّقِيقُ فِيهِ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فَانْعَقَدَ النِّكَاحُ لِصُدُورِ رُكْنِهِ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى الْمَحَلِّ إلَّا أَنَّ النَّفَاذَ تَوَقَّفَ عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى لِقِيَامِ حَقِّهِ فَبَعْدَ الْعِتْقِ سَقَطَ حَقُّهُ فَتَمَّ نَفَاذُ النِّكَاحِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ جِهَتِهَا وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْعِتْقِ إنَّمَا يَكُونُ بِازْدِيَادِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ازْدِيَادُ الْمِلْكِ هُنَا ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً بَعْدَ الْعِتْقِ وَلِهَذَا كَانَ لَهَا الْمَهْرُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَبْلَ الْعِتْقِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَذِنَ لَهَا الْمَوْلَى فِي النِّكَاحِ فَتَزَوَّجَتْ فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَقْدَ لَا يَنْفُذُ مَا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ بِالْإِذْنِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمَوْلَى وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ التَّزَوُّجِ بَعْدَ مَا أَذِنَ فَلَا بُدَّ مِنْ إجَازَةِ الْمَوْلَى أَوْ إجَازَةِ مَنْ قَامَ مَقَامَهُ ، أَمَّا إذَا لَمْ يَعْتِقْهَا الْمَوْلَى لَكِنَّهُ مَاتَ فَوَرِثَهَا مَنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا أَوْ بَاعَهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بِأَنْ كَانَتْ ثَبَتَتْ بَيْنَ الْجَارِيَةِ وَبَيْنَ الْوَارِثِ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ مَحْرَمِيَّةٌ بِالرَّضَاعِ أَوْ الْمُصَاهَرَةِ أَوْ كَانَتْ وَرِثَتْهَا امْرَأَةً أَوْ

اشْتَرَتْهَا امْرَأَةٌ فَعِنْدَنَا يَنْفُذُ النِّكَاحُ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الثَّانِي ، وَعِنْدَ زُفَرَ يَبْطُلُ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى إجَازَةِ الْأَوَّلِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِرَقَبَتِهَا وَالْمَالِكُ الثَّانِي مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي هَذَا الْبَابِ فَيَبْقَى الْعَقْدُ مُتَوَقِّفًا عَلَى إجَازَةِ الثَّانِي لِعَدَمِ الْمُنَافِي بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَالِكُ الثَّانِي مَنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا حَيْثُ يَنْفَسِخُ الثَّانِي لِوُجُوبِ النِّكَاحِ وَهُوَ طَرَيَان الْحِلِّ الْبَاتِّ عَلَى الْحِلِّ الْمَوْقُوفِ أَمَّا الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ الْمَوْلَى فَلِلْمَالِكِ الثَّانِي أَنْ يُجِيزَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ بُضْعَهُ ، وَعِنْدَ زُفَرَ لَا تَنْفُذُ إجَازَةُ الثَّانِي ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : خِيَارُ الْعِتْقِ إنَّمَا شُرِعَ فِي نِكَاحٍ نَافِذٍ قَبْلَ الْعَقْدِ لِدَفْعِ زِيَادَةِ الْمِلْكِ فَلَا يَتَحَقَّقُ زِيَادَةُ الْمِلْكِ لِذَلِكَ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِنَادِ يَظْهَرُ أَنَّ النَّفَاذَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الشَّيْءَ يَثْبُتُ ، ثُمَّ يَسْتَنِدُ وَحَالُ ثُبُوتِهِ كَانَ بَعْدَ الْعِتْقِ فَانْتَفَى الْخِيَارُ مَعَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ عَتَقَتْ نَفَذَ النِّكَاحُ ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَإِنَّمَا فَرْضُهَا فِي الْأَمَةِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا الْمَسْأَلَةَ الَّتِي تَلِيهَا تَفْرِيعًا ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ : تَفْرِيعًا أَيْ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَخْصِيصُهُ بِالْأَمَةِ لِيُفَرِّعَ مَسْأَلَةَ الْخِيَارِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَصُّ بِالْإِمَاءِ دُونَ الْعَبِيدِ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : فَلِأَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الْعِبَارَةِ ) أَيْ وَلِذَا صَحَّ إقْرَارُهَا بِالدُّيُونِ وَتُطَالَبُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَأَهْلِيَّةُ الْعِبَارَةِ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ وَهِيَ مُبْقَاةٌ فِيهَا عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهَكَذَا نَقُولُ فِي التَّوْكِيلِ ) يَعْنِي فِيمَا إذَا زَوَّجَ فُضُولِيٌّ شَخْصًا ، ثُمَّ وَكَّلَهُ تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ

الْوَكَالَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ ) أَيْ إمَّا بِغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ أَوْ بِمَوْتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَنْفُذُ ذَلِكَ الْعَقْدُ ) أَيْ إلَّا بِالْإِجَازَةِ مُسْتَقْبَلَةٍ مَعَ السَّيِّدِ مَعَ أَنَّهُ الْمُزَوِّجُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَثُبُوتُ الْخِيَارِ بِاعْتِبَارِهِ ) أَيْ كَمَا لَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّا اسْتَحْسَنَّا إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : قَالَ أَصْحَابُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَجِبَ لَهَا مَهْرَانِ إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ الْعِتْقِ مَهْرٌ بِالدُّخُولِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَمَهْرٌ آخَرُ وَهُوَ الْمُسَمَّى لِجَوَازِ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا فَأَوْجَبْنَا مَهْرًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمُسَمَّى ؛ لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ فَصَارَ كَأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ كَانَ ثَابِتًا وَقْتَ الْعَقْدِ فَقُلْنَا بِصِحَّةِ التَّسْمِيَةِ ، وَصِحَّتُهَا تَمْنَعُ مَهْرَ الْمِثْلِ فَوَجَبَ الْمُسَمَّى وَهُوَ لِلْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ الِاسْتِنَادَ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْقَائِمِ لَا فِي الْفَائِتِ ، وَقَدْ فَاتَتْ مَنَافِعُ الْبُضْعِ وَكَانَتْ حِينَ فَاتَتْ مَمْلُوكَةً لِلْمَوْلَى فَكَانَ بَدَلُهَا لِلْمَوْلَى أَيْضًا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَمَةُ كَبِيرَةً فَإِذَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَأَعْتَقَهَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ عِنْدَ زُفَرَ ، وَعِنْدَنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عُصْبَةٌ سِوَاهُ فَإِذَا أَجَازَ الْمَوْلَى جَازَ فَإِذَا أَدْرَكَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهَا خِيَارُ الْإِدْرَاكِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ نَفَذَ عَلَيْهَا فِي حَالَةِ الصِّغَرِ وَهِيَ حُرَّةٌ إلَّا إذَا كَانَ الْمُجِيزُ لِلْعَقْدِ أَبَاهَا أَوْ جَدُّهَا فَحِينَئِذٍ لَا خِيَارَ لَهَا ، ا هـ مَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ : لِأَنَّ نَفَاذَ الْعَقْدِ اسْتَنَدَ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ إذْ لَا إجَازَةَ هُنَا كَمَا لَا يَخْفَى وَاَللَّهُ تَعَالَى

أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ ( قَوْلُهُ : فَأَوْجَبْنَا الْمُسَمَّى ) أَيْ بِسَبَبِ اسْتِنَادِ النَّفَاذِ ؛ لِأَنَّ النَّافِذَ لَيْسَ إلَّا ذَلِكَ الْعَقْدَ وَحِينَ صَحَّ الْعَقْدُ لَزِمَ صِحَّةُ التَّسْمِيَةِ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ لُزُومِ مَهْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مَمْلُوكَةً لَهَا ) وَكَانَ يَتَبَادَرُ أَنَّ فِي الْوَطْءِ قَبْلَ الْعِتْقِ مَهْرَ الْمِثْلِ لِلسَّيِّدِ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ فَكَانَ دُخُولًا فِي نِكَاحٍ مَوْقُوفٍ وَهُوَ كَالْفَاسِدِ حَيْثُ لَا يَحِلُّ الْوَطْءُ فِيهِ فَوَجَبَتْ قِيمَةُ الْبُضْعِ الْمُسْتَوْفَى مَنَافِعُهُ الْمَمْلُوكَةُ لِلسَّيِّدِ فَلَا تَجِبُ الزِّيَادَةُ لَهَا عَلَى هَذَا خِلَافًا لِمَا قِيلَ وَالزِّيَادَةُ لَهَا ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ إنَّمَا ثَبَتَتْ بِاعْتِبَارِ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَمِهَا وَالثَّابِتُ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ لَيْسَ إلَّا مَهْرُ الْمِثْلِ وَهُوَ كُلُّهُ لِلسَّيِّدِ ، ثُمَّ إذَا عَتَقَتْ وَوَطِئَهَا يَجِبُ الْمُسَمَّى لَهَا ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ ابْنِهِ فَوَلَدَتْ فَادَّعَاهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا ) وَمَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْأَبُ حُرًّا مُسْلِمًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَبْدًا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ كَافِرًا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَلَايَةَ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ مَجْنُونًا ، وَلَوْ أَفَاقَ ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا تَصِحُّ قِيَاسًا وَتَصِحُّ اسْتِحْسَانًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ فِي مِلْكِ الِابْنِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ إلَى حِينِ الدَّعْوَةِ حَتَّى لَوْ حَبِلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَوْ فِي مِلْكِهِ وَأَخْرَجَهَا الِابْنُ عَنْ مِلْكِهِ ، ثُمَّ اسْتَرَدَّهَا لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَسْتَدْعِي قِيَامَ وَلَايَةِ التَّمَلُّكِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ إلَى حِينِ التَّمَلُّكِ وَلَا يُشْتَرَطُ دَعْوَى الشُّبْهَةِ وَلَا تَصْدِيقُ الِابْنِ ؛ لِأَنَّ لَهُ وَلَايَةَ تَمَلُّكِ مَالِ ابْنِهِ ابْتِدَاءً عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إبْقَاءِ نَفْسِهِ فَكَذَا لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى إبْقَاءِ نَسْلِهِ لَكِنَّ الْحَاجَةَ إلَى إبْقَاءِ النَّفْسِ أَشَدُّ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى إبْقَاءِ النَّسْلِ وَلِهَذَا يَتَمَلَّكُ الطَّعَامَ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَالْجَارِيَةَ بِالْقِيمَةِ وَيَحِلُّ لَهُ تَنَاوُلُ الطَّعَامِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَيُجْبَرُ عَلَى إنْفَاقِهِ عَلَيْهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ الْجَارِيَةِ إلَيْهِ لِيَتَسَرَّى بِهَا الْأَبُ فَلِأَجْلِ الْحَاجَةِ جَازَ لَهُ التَّمَلُّكُ وَلِقُصُورِهَا وَعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ الْقِيمَةَ صِيَانَةً لِمَالِ الْوَلَدِ مَعَ حُصُولِ مَقْصُودِ الْأَبِ إذْ مِلْكُهُ مُحْتَرَمٌ وَزَوَالُهُ بِبَدَلٍ كَلَا زَوَالٍ فَرَاعَيْنَا فِيهَا الْحَقَّيْنِ ، ثُمَّ هَذَا الْمِلْكُ يَثْبُتُ قُبَيْلَ الِاسْتِيلَادِ شَرْطًا لَهُ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْمَهْرُ ، وَقَالَ

زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَجِبُ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ وُجِدَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ إذْ الْمِلْكُ إنَّمَا يُثْبِتُ ضَرُورَةَ تَصْحِيحِ الِاسْتِيلَادِ صِيَانَةً لِمَائِهِ عَنْ الضَّيَاعِ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ قُبَيْلَ الْعُلُوقِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي نَقْلِهِ إلَى حَالِ الْوَطْءِ فَكَانَ الْإِيلَاجُ وَاقِعًا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَلِهَذَا لَوْ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ مَعَ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبَعْضَ فَهَذَا أَوْلَى لِعَدَمِ مِلْكِهِ أَلْبَتَّةَ وَكَذَا لَوْ وَطِئَهَا الْأَبُ غَيْرَ مُعَلِّقٍ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ لِمَا قُلْنَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ يَسْقُطُ إحْصَانُهُ وَإِنْ عَلِقَتْ مِنْ الْوَطْءِ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَنَا أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلِاسْتِيلَادِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ أَوْ حَقُّهُ وَكِلَاهُمَا غَيْرُ ثَابِتٍ لِلْأَبِ فِيهَا لِمَا نَذْكُرُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيمِهِ لِيَصِحَّ الِاسْتِيلَادُ بِوُقُوعِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ وَهَذَا لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنْ لَا يَصِيرَ زَانِيًا وَلَا يَضِيعُ مَاؤُهُ فَلَوْ صَارَ زَانِيًا فِي ابْتِدَاءِ الْإِيلَاجِ لَضَاعَ مَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ مَاءَ الزَّانِي هَدَرٌ ، وَالِاسْتِيلَادُ عِبَارَةٌ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ الْوَلَدُ فَيَتَقَدَّمُ الْمِلْكُ عَلَى الْوَطْءِ ضَرُورَةً بِخِلَافِ الْجَارِيَةِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ مَا لَهُ مِنْ الْمِلْكِ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقَدُّمِ الْمِلْكِ ، فَيَكُونُ وَاطِئًا مِلْكَ الْغَيْرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَطْءُ غَيْرَ مُعَلَّقٍ ؛ لِأَنَّ انْتِقَالَهَا إلَى مِلْكِهِ لَمْ يُوجَدْ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ مِلْكِهِ لِصِيَانَةِ فِعْلِهِ عَنْ الزِّنَا وَصِيَانَةِ مَائِهِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ أَحَدُهُمَا انْتَفَى الشَّرْطُ فَلَمْ تَنْتَقِلْ وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ ؛ لِأَنَّ تَقَدُّمَ الْمِلْكِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، فَيَكُونُ الْوَطْءُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ عِنْدَ الْبَعْضِ ، فَيَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَبِالشُّبْهَةِ تُدْرَأُ

الْحُدُودُ وَلَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ ؛ لِأَنَّهُ انْعَلَقَ حُرًّا لِتَقَدُّمِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَالْمِلْكُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ وَلِهَذَا يَضْمَنُ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَهُ فِي قَوْلٍ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَدَعْوَةُ الْجَدِّ كَدَعْوَةِ الْأَبِ حَالَ عَدَمِهِ ) وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ أَبُ الْأَبِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَدَمِ عَدَمُ وِلَايَتِهِ بِالْمَوْتِ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الرِّقِّ أَوْ الْجُنُونِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَثْبُتَ وِلَايَتُهُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ حَتَّى لَوْ أَتَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ انْتِقَالِ الْوَلَايَةِ إلَيْهِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَتُهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْأَبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ زَوَّجَهَا أَبَاهُ وَوَلَدَتْ لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَاءَهُ صَارَ مَصُونًا بِهِ وَانْتِقَالُهَا إلَى مِلْكِ الْأَبِ لِصِيَانَةِ مَائِهِ ، وَقَدْ صَارَ مَصُونًا بِدُونِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِجَارِيَةِ ابْنِهِ ؛ لِأَنَّ مَا لَهُ مِنْ الْحَقِّ يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك } أَضَافَهُ إلَيْهِ فَاللَّامُ التَّمْلِيكِ ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَإِنَّ أَطْيَبَ مَا أَكَلْتُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ وَإِنَّ أَمْوَالَ أَوْلَادِكُمْ مِنْ كَسْبِكُمْ فَكُلُوهُ هَنِيئًا } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، وَالْأَوَّلُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ الْحَدُّ بِوَطْئِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ جُزْءًا مِنْهَا لَا يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُهَا فَمَا هِيَ مُضَافَةٌ بِجُمْلَتِهَا أَوْلَى بِتَحْرِيمِهَا فَصَارَتْ كَجَارِيَةٍ مُكَاتَبَةٍ أَوْ كَمُكَاتَبَتِهِ وَلَنَا أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ النِّكَاحِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ أَوْ حَقُّهُ وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ عَنْ الْأَبِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا كَيْفَ شَاءَ مِنْ الْوَطْءِ وَالْإِعْتَاقِ

وَالْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْأَبِ فَلَوْ كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلْأَبِ لَمَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ النِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَاهِبَ لَهُ التَّزَوُّجُ بِالْمَوْهُوبَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ بِالِاسْتِرْدَادِ وَحَقُّ الْمِلْكِ يَمْنَعُ كَمَا فِي كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَفِي الْمُكَاتَبَةِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ ثَابِتَةٌ فَلَا يَلْزَمُنَا وَإِنَّمَا لَا يُحَدُّ لِلشُّبْهَةِ بِصُورَةِ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ غَيْرُ ثَابِتٍ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَالْإِضَافَةُ إلَيْهِ لِلتَّخْصِيصِ لَا لِلْمِلْكِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إضَافَةُ الِابْنِ إلَيْهِ مَعَ الْمَالِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ابْنَهُ فَكَذَا مَالُهُ يُحَقِّقُهُ أَنَّ الْمَالَ مُضَافٌ إلَى ابْنِهِ بِقَوْلِهِ { أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك } وَهُوَ إضَافَةُ مِلْكٍ فَكَيْفَ يَكُونُ مِلْكًا لِلْأَبِ مَعَ ذَلِكَ وَالْحَدِيثُ الثَّانِي الْمُرَادُ بِهِ حِلُّ الْأَكْلِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ النِّكَاحُ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْفُجُورِ فَلَأَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالنِّكَاحِ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْلَى وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ مَاءَهُ صَارَ مَصُونًا بِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيمِ الْمِلْكِ وَاحْتِيجَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ لِيَصِيرَ مَاؤُهُ مَصُونًا بِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَجِبُ الْمَهْرُ ) لِالْتِزَامِهِ بِالنِّكَاحِ ( لَا الْقِيمَةُ ) لِعَدَمِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَلَدُهُ حُرٌّ ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ أَخُوهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ مَلَكَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ عَتَقَ عَلَيْهِ } ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ وَطِئَ أَمَةَ ابْنِهِ إلَخْ ) ذَكَرَهَا فِي الْمَجْمَعِ فِي فَصْلِ الِاسْتِيلَادِ مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا لَا عُقْرُهَا ) أَيْ وَهُوَ مَهْرُ مِثْلِهَا فِي الْجَمَالِ أَيْ مَا يَرْغَبُ بِهِ فِي مِثْلِهَا جَمَالًا فَقَطْ ، وَأَمَّا مَا قِيلَ مَا يَسْتَأْجِرُ بِهِ مِثْلَهَا لِلزِّنَا لَوْ جَازَ ، فَلَيْسَ مَعْنَاهُ ، بَلْ الْعَادَةُ أَنَّ مَا يُعْطَى لِذَلِكَ أَقَلَّ مِمَّا يُعْطَى مَهْرًا ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لِلْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ وَالْعَادَةُ زِيَادَتُهُ عَلَيْهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا إذَا كَانَ مَجْنُونًا ) يَعْنِي لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : فَإِنْ كَانَ الْأَبُ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ لِعَدَمِ الْوَلَايَةِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، وَلَوْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا أَنَّ مِلَّتَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ جَازَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْأَبِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ ) أَيْ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ إلَّا مَا نُقِلَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ هَذَا الْمِلْكُ يَثْبُتُ إلَخْ ) أَيْ لِأَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمِلْكِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ أَبُ الْأَبِ ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِأُمٍّ اتِّفَاقًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ ) أَيْ أَوْ بِوَطْءٍ بِشُبْهَةٍ خِلَافًا لِزُفَرَ فِيهِمَا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : حَقِيقَةُ الْمِلْكِ ) أَيْ كَمَا فِي الْمَمْلُوكِ ( قَوْلُهُ : أَوْ حَقُّهُ ) أَيْ كَمَا فِي جَارِيَةِ مُكَاتَبِهِ وَفِي الْمُكَاتَبَةِ حَقِيقَةُ الْمِلْكِ ثَابِتَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ زُفَرُ : يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَمَا عَنْ زُفَرَ أَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِالْفُجُورِ فَأَوْلَى بِالْحِلِّ بُعَيْدَ صُدُورِهِ عَنْهُ فَإِنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ فَرْعٌ لِمِلْكِ الْأَمَةِ وَمِلْكُهَا يُنَافِي النِّكَاحَ وَإِنَّمَا يَصِحُّ

تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَلَكَهُ أَخُوهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ ) وَفِي فَوَائِدِ الْكَاكِيِّ فِيهِ اخْتِلَافٌ عِنْدَ الْبَعْضِ يُعْتَقُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ مِنْ الْأُمِّ حَتَّى إذَا مَاتَ الْمَوْلَى وَهُوَ الِابْنُ قَبْلَ الِانْفِصَالِ يَرِثُ الْوَلَدُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ عَتِيقٌ وَعِنْدَ الْبَعْضِ يُعْتَقُ بِلَا انْفِصَالٍ حَتَّى لَا يَرِثَ قَبْلَ الِانْفِصَالِ ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ مَانِعٌ مِنْ الْإِرْثِ ا هـ مِعْرَاجَ الدِّرَايَةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَقُولُ الْوَجْهُ هُوَ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْأَخِ مِنْ حِينِ الْعُلُوقِ فَكَمَا مَلَكَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَرَابَةِ لِلْحَدِيثِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( حُرَّةٌ قَالَتْ لِسَيِّدِ زَوْجِهَا : أَعْتِقْهُ عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ فَسَدَ النِّكَاحُ ) ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ رَجُلٌ تَحْتَهُ أَمَةٌ لِمَوْلَاهَا : أَعْتِقْهَا عَنِّي بِأَلْفٍ فَفَعَلَ عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَفَسَدَ النِّكَاحُ وَيَسْقُطُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الْمَهْرُ لِاسْتِحَالَةِ وُجُوبِهِ عَلَى عَبْدِهَا وَلَا يَسْقُطُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْ الْآمِرِ عِنْدَنَا حَتَّى يَكُونَ الْوَلَاءُ لِلْآمِرِ وَيَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الْكَفَّارَةِ إنْ نَوَاهَا بِهِ ، وَعِنْدَهُ يَقَعُ عَنْ الْمَأْمُورِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ خَرَجَ بَاطِلًا ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَنْ غَيْرِ الْمَالِكِ لَغْوٌ إذْ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ مَالِكِهِ وَهُوَ الْمَأْمُورُ كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ وَلَنَا أَنَّهَا أَمَرَتْهُ بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ عَنْهَا وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ إلَّا بِتَقْدِيمِ مِلْكِهَا فِيهِ فَيُقَدَّرُ تَقْدِيمُهُ اقْتِضَاءً كَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا اعْتَدِّي وَنَوَى الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ لَا صِحَّةَ لِلِاعْتِدَادِ إلَّا بِتَقْدِيمِ الطَّلَاقِ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِلْكَلَامِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا بِأَلْفٍ ثُمَّ جَدَّدَ الْبَيْعَ بِخَمْسِمِائَةٍ يَنْعَقِدُ الثَّانِي وَيَنْفَسِخُ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ إذَا كَانَ مَقْصُودًا ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ آخَرَ فَلَا وَلَا يُقَالُ إنَّ الْمِلْكَ لِلْآمِرِ مُخْتَطَفٌ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ وَمِثْلُهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ كَالْوَكِيلِ إذَا اشْتَرَى زَوْجَتَهُ لِلْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمِلْكُ لَمَّا ثَبَتَ ثَبَتَ بِمُوجِبِهِ وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ لَازِمٌ لِلْمِلْكِ فَلَا يُفَارِقُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأَمَةُ إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاشْتَرَاهَا عَتَقَتْ وَفَسَدَ النِّكَاحُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِصَغِيرٍ هَذَا ابْنِي فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ

فَطَلَبَتْ إرْثَهُ تَرِثُ وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالنِّكَاحِ ضَرُورَةَ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَكِيلِ ، بَلْ يَقَعُ الْمِلْكُ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ فِي الصَّحِيحِ كَالْعَبْدِ يُتَّهَبُ يَقَعُ الْمِلْكُ لِمَوْلَاهُ ابْتِدَاءً وَلَئِنْ وَقَعَ الْمِلْكُ لِلْوَكِيلِ كَمَا قَالَهُ الْبَعْضُ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ حَقُّ الْمُوَكِّلِ حَالَةَ ثُبُوتِهِ وَمِثْلُهُ لَا يُوجِبُ فَسْخَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الشَّيْءَ إذَا ثَبَتَ لِلضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا فَوَجَبَ أَنْ لَا يَظْهَرَ فِي حَقِّ فَسْخِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ إذَا ثَبَتَ يَثْبُتُ بِلَازِمِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ قِيلَ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَفِّرْ يَمِينَك بِالْمَالِ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ فَكَذَا هُنَا وَجَبَ أَنْ لَا يَنْفَسِخَ النِّكَاحُ قُلْنَا الْحُرِّيَّةُ أَصْلٌ لِلتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ وَأَصْلُ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِفَرْعِهِ ، وَلَوْ ثَبَتَ اقْتِضَاءٌ لَصَارَ تَبَعًا لَهُ فَامْتَنَعَ لِذَلِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ لَمْ تَقُلْ بِأَلْفٍ ) أَيْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَالَ ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ( لَا يَفْسُدُ ) النِّكَاحُ ( وَالْوَلَاءُ لَهُ ) أَيْ لِلْمَأْمُورِ وَهَذَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ فَيَصِحُّ الْأَمْرُ وَتَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ فَيُعْتَقُ عَنْهَا وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَيَفْسُدُ النِّكَاحُ وَيَسْقُطُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ الْمِلْكُ بِغَيْرِ عِوَضٍ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ وَيَسْقُطُ الْقَبْضُ كَمَا يَسْقُطُ الْقَبُولُ فِي الْبَيْعِ الْمُقَدَّرِ ، بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ فِي الْبَيْعِ رُكْنٌ وَالْقَبْضَ فِي الْهِبَةِ شَرْطٌ فَلَمَّا سَقَطَ الرُّكْنُ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَرَطْلٍ مِنْ خَمْرٍ ، أَوْ أُكْرِهَ الْمَأْمُورُ عَلَى أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ عَنْهُ بِأَلْفٍ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ

الْآمِرِ وَبَيْعُ الْمُكْرَهِ فَاسِدٌ وَالْقَبْضُ فِيهِ شَرْطٌ كَالْهِبَةِ وَمَعَ هَذَا سَقَطَ اعْتِبَارُهُ فَكَذَا هَذَا وَصَارَ كَالْأَمْرِ بِالتَّكْفِيرِ عَنْهُ بِالْإِطْعَامِ وَلَهُمَا أَنَّ الْقَبْضَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضِمْنِ الْقَوْلِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي الضِّمْنِ الْحُكْمِيِّ لَا الْحِسِّيِّ ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْقَبُولِ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْقُطُ تَبَعًا مَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ ، وَالْقَبْضُ فِي الْهِبَةِ لَا يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ فَلَا يَعْمَلُ فِيهِ دَلِيلُ السُّقُوطِ وَهُوَ التَّبَعِيَّةُ وَالرُّكْنُ فِي الْبَيْعِ يَحْتَمِلُ السُّقُوطَ كَمَا فِي التَّعَاطِي وَسُقُوطُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَمْنُوعٌ فِيمَا ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْفَاسِدُ مِنْهُ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ فَيَسْقُطُ الْقَبْضُ فِيهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فَلَا يُمْكِنُ إسْقَاطُهُ أَصْلًا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِهِ رُكْنًا وَشَرْطًا ، أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّهَارَةَ وَنِيَّةَ الصَّلَاةِ لَا يَسْقُطَانِ وَهُمَا شَرْطَانِ فِيهَا وَالْقِيَامُ وَالْقِرَاءَةُ يَسْقُطَانِ بِعُذْرٍ وَهُمَا رُكْنَانِ وَالْفَقِيرُ فِي مَسْأَلَةِ التَّكْفِيرِ يَنُوبُ عَنْ الْآمِرِ فِي الْقَبْضِ لِكَوْنِ الطَّعَامِ قَابِلًا لِلْقَبْضِ فَتَتِمُّ بِهِ الْهِبَةُ ، ثُمَّ يَصِيرُ مُؤَدِّيًا إلَى نَفْسِهِ بِحَقِّ الْكَفَّارَةِ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ قَابِضًا نِيَابَةً عَنْ الْآمِرِ ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ تَتْلَفُ بِالْإِعْتَاقِ فَلَا يَقَعُ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لِيَنُوبَ عَنْ الْآمِرِ ؛ وَلِأَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ هِبَةً وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَدَّرَ بَيْعًا فَاسِدًا لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ ، وَلَيْسَ الْبَعْضُ بِأَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ فَوَقَعَتْ الْجَهَالَةُ فِي التَّقْدِيرِ

( قَوْلُهُ : وَأَصْلُهُ ) أَيْ أَصْلُ هَذَا الْخِلَافِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ اقْتِضَاءً ) فَيَصِيرُ قَوْلُهُ : أَعْتِقْ طَلَبَ التَّمْلِيكِ مِنْهُ بِالْأَلْفِ وَأَمْرًا لَهُ بِإِعْتَاقِهِ عَنْهُ وَقَوْلُهُ : أَعْتَقْت تَمْلِيكٌ مِنْهُ ضِمْنًا لِلْإِعْتَاقِ الصَّرِيحِ الْوَاقِعِ جَوَابًا ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْبَيْعِ فَقَالَ بِعْتُك وَأَعْتَقْته لَا يَصِحُّ عَنْ الْآمِرِ ، بَلْ عَنْ الْمَأْمُورِ فَيَثْبُتُ الْبَيْعُ ضِمْنًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَثْبُتُ صَرِيحًا كَبَيْعِ الْأَجِنَّةِ فِي الْأَرْحَامِ وَهَذَا لِأَنَّ الثَّابِتَ مُقْتَضًى يُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ الْمُتَضَمَّنِ لَا شُرُوطُ نَفْسِهِ وَشَرْطُ الْعِتْقِ الْأَهْلِيَّةُ بِالْمِلْكِ وَالْعَقْلُ وَعَدَمُ الْحَجْرِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَأْمُورِ فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ ثَبَتَ بِشَرْطِ نَفْسِهِ ، وَالْبَيْعُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبُولِ وَلَمْ يُوجَدْ فَيُعْتَقُ عَنْ نَفْسِهِ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَهُوَ جَعْلُ غَيْرِ الْمَنْطُوقِ مَنْطُوقًا لِتَصْحِيحِ الْمَنْطُوقِ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْمُقْتَضَى ، أَمَّا إذَا صَرَّحَ بِهِ الْمَأْمُورُ يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ اتِّفَاقًا وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّقْوِيمِ لَوْ قَالَ الْمَأْمُورُ بِعْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ، ثُمَّ أَعْتَقْت لَمْ يَصِرْ مُجِيبًا لِكَلَامِهِ ، بَلْ كَانَ مُبْتَدِئًا وَوَقَعَ الْعِتْقُ عَنْ نَفْسِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَمْ تَذْكُرْ الْمَالَ ) أَيْ بِأَنْ قَالَتْ أَعْتِقْهُ عَنِّي مُقْتَصِرَةً عَلَى ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ ) أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ الْبَدَلِ مَعَ ذِكْرِ الْمُبْدَلِ سَوَاءٌ يَعْنِي يَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْآمِرِ فِي الصُّورَتَيْنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : كَمَا سَقَطَ الْقَبُولُ فِي الْبَيْعِ الْمُقَدَّرِ ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَدْخُلُ فِي ضِمْنِ الْقَوْلِ ) أَيْ فَفِعْلُ الْيَدِ الَّذِي هُوَ الْأَخْذُ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَتَضَمَّنَهُ فِعْلُ اللِّسَانِ وَيَكُونُ مَوْجُودًا بِوُجُودِهِ بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَإِنَّهُ

يُتَضَمَّنُ ضِمْنَ قَوْلٍ آخَرَ وَيُعْتَبَرُ مُرَادُهُ مَعَهُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَوْلُ أَبِي الْيُسْرِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَظْهَرُ لَا يَظْهَرُ ا هـ كَمَالٌ

( بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( تَزَوَّجَ كَافِرٌ بِلَا شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ وَذَا فِي دِينِهِمْ جَائِزٌ ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَقَرَّا عَلَيْهِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ زُفَرُ النِّكَاحُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ الْمُرَافَعَةِ إلَى الْحُكَّامِ وَهُمَا فِي الْأُولَى مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ زُفَرَ لَهُ أَنَّ الْخِطَابَاتِ عَامَّةٌ إلَّا أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ لِذِمَّتِهِمْ إعْرَاضًا لَا تَقْرِيرًا كَمَا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ فِي عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ بِخِلَافِ الرِّبَا وَالزِّنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا تَرَافَعُوا أَوْ أَسْلَمُوا وَالْحُرْمَةُ قَائِمَةٌ وَجَبَ التَّفْرِيقُ وَلَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا ، وَقَدْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا فَتَلْزَمُهُمْ وَالنِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَنَا بِجَمِيعِ الِاخْتِلَافَاتِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا حَقًّا لِلشَّرْعِ لِكَوْنِهِمْ غَيْرَ مُخَاطَبِينَ بِهِ وَلَا حَقًّا لِلزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَالْخِلَافُ فِي صِحَّةِ نِكَاحِهِمْ فِي الْعِدَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِدَّةَ تَجِبُ عِنْدَهُمَا ، وَعِنْدَهُ لَا تَجِبُ حَتَّى لَا تَثْبُتَ لَهُ الرَّجْعَةُ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ تَجِبُ عِنْدَهُ لَكِنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ لِضَعْفِهَا كَالِاسْتِبْرَاءِ فَإِذَا صَحَّ النِّكَاحُ فَحَالَةُ الْإِسْلَامِ وَالْمُرَافَعَةِ حَالَةُ الْبَقَاءِ ، وَالشَّهَادَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا ، وَكَذَا وُجُوبُ الْعِدَّةِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ لَا يُنَافِي النِّكَاحَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ بِأَنْ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ وَدَخَلَ بِهَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَتَحْرُمُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَاخْتَارَ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَجِبُ وَلَا يَحْرُمُ

وَطْؤُهَا عَلَى الْأَوَّلِ ، وَقِيلَ إذَا كَانَ الثَّانِي عَالِمًا فَكَمَا اخْتَارَهُ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَكَالْأَوَّلِ وَذَكَرَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ أَوْ الْإِسْلَامُ وَالْعِدَّةُ غَيْرَ مُنْقَضِيَةٍ ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمُرَافَعَةُ وَالْإِسْلَامُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةُ الْكَافِرِ مَحْرَمًا لَهُ أَيْ لِلزَّوْجِ بِأَنْ كَانَتْ أُمَّهُ أَوْ أُخْتَهُ فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ فَيَسْتَوِي فِيهِ الِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ هَلْ لِهَذِهِ الْأَنْكِحَةِ حُكْمُ الصِّحَّةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ هِيَ صَحِيحَةٌ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ بِالدُّخُولِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقِيلَ عِنْدَهُ هِيَ فَاسِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُهُمَا إلَّا أَنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ الْمُرَافَعَةِ إعْرَاضًا لَا تَقْرِيرًا ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ مُحَرِّمٌ لِهَذِهِ الْأَنْكِحَةِ فِي دِيَارِنَا وَهُمْ مِنْ أَهْلِهَا ، وَقَدْ شَاعَ الْخِطَابُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَيَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِ الْمُبَلِّغِ التَّبْلِيغُ إلَى الْكُلِّ وَإِنَّمَا فِي وُسْعِهِ جَعْلُ الْخِطَابِ شَائِعًا فَجُعِلَ كَالْوُصُولِ وَلِهَذَا لَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا بِأَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَصَارَ الْخِطَابُ كَأَنَّهُ لَمْ يَنْزِلْ فِي حَقِّهِمْ ؛ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ بِالسَّيْفِ وَالْمُحَاجَّةِ ، وَقَدْ ارْتَفَعَا وَالشُّيُوعُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ مَنْ يُصَدِّقُ رِسَالَةَ الْمُبَلِّغِ وَإِنَّمَا لَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ ثَبَتَ بِالنَّصِّ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُطَلَّقَةً بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْمُطَلَّقَةُ

ثَلَاثًا وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَوْ الْخَمْسِ وَفِي النِّهَايَةِ لَوْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ فَارَقَ إحْدَاهُمَا ، ثُمَّ أَسْلَمَ أَقَرَّا عَلَيْهِ ، ثُمَّ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يُفَرَّقُ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يُفَرَّقُ لِالْتِزَامِهِ حُكْمَ الْإِسْلَامِ فَصَارَ كَمَا إذَا الْتَزَمَهُ بِالْإِسْلَامِ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ } وَلَهُ أَنَّهُ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ ، وَلَيْسَ لِصَاحِبِهِ وَلَايَةُ إلْزَامِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى ، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةُ الْإِلْزَامِ وَإِنَّمَا هِيَ تُوجِبُ التَّخْيِيرَ ، وَفِيهَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَجِيئَهُمَا شَرْطٌ بِقَوْلِهِ : { فَإِنْ جَاءُوك } ، وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمُحِيطِ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا لَوْ طَلَبَتْ التَّفْرِيقَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ الزَّوْجِ وَكَذَا فِي الْخُلْعِ وَعِدَّةِ الْمُسْلِمِ لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا

( بَابُ نِكَاحِ الْكَافِرِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : إنَّمَا أَخَّرَ نِكَاحَ أَهْلِ الشِّرْكِ عَنْ نِكَاحِ الرَّقِيقِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَدْنَى مَنْزِلَةً مِنْ الرَّقِيقِ قَالَ تَعَالَى { : وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ } ا هـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا نَصُّهُ يَتَنَاوَلُ الذِّمِّيَّ وَالْمُشْرِكَ وَالْمَجُوسِيَّ وَنَحْوَهُمْ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ ) أَيْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي عِدَّةِ مُسْلِمٍ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا بِالْإِجْمَاعِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي أَهْلِ الشِّرْكِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْرِكِ نِكَاحُ الْمُشْرِكَةِ حَتَّى تَكُونَ فِي عِدَّتِهِ وَيَجُوزُ أَنْ يُتَصَوَّرَ بِأَنْ أَشْرَكَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَهِيَ فِي عِدَّةِ الْمُسْلِمِ ا هـ أَكْمَلُ ( قَوْلُهُ : وَذَا فِي دِينِهِمْ ) أَيْ التَّزَوُّجُ بِلَا شُهُودٍ أَوْ فِي عِدَّةِ كَافِرٍ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَقَالَ زُفَرُ النِّكَاحُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ ) أَيْ النِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَفِي عِدَّةِ كَافِرٍ ا هـ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَهُمَا فِي الْأُولَى ) أَيْ وَهُوَ النِّكَاحُ بِلَا شُهُودٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي الثَّانِيَةِ مَعَ زُفَرَ ) أَيْ النِّكَاحُ فِي عِدَّةِ الْكَافِرِ ا هـ قَوْلُهُ : إعْرَاضًا لَا تَقْرِيرًا ) أَيْ لَا تَقْرِيرًا لَهُمْ عَلَى صُنْعِهِمْ الْفَاحِشِ الْقَبِيحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الرِّبَا وَالزِّنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ) أَيْ فِي آخِرِ بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ : وَلَوْ نَكَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً بِمَيْتَةٍ أَوْ بِغَيْرِ مَهْرٍ إلَخْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَجَبَ التَّفْرِيقُ ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ } ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالنِّكَاحُ بِغَيْرِ شُهُودٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ) أَيْ فَإِنَّ مَالِكًا وَابْنَ أَبِي لَيْلَى يُجَوِّزَانِهِ ا هـ ك ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَلْتَزِمُوا أَحْكَامَنَا بِجَمِيعِ الِاخْتِلَافَاتِ ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ مَذْهَبِهِمَا أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ الْتَزَمُوا أَحْكَامَنَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى

الْمُعَامَلَاتِ ، وَهَذَا تَقْيِيدٌ لَهُ حَيْثُ أَفَادَ أَنَّهُمْ الْتَزَمُوا الْمُجْمَعَ عَلَيْهِ فِي مِلَّتِنَا لَا مُطْلَقًا ا هـ كَمَالٌ بِالْمَعْنَى فِي بَعْضِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ ) وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَجِبَ لِلْوَلَدِ ؛ لِأَنَّ فِي الزِّنَا لَا تَجِبُ مَعَ وُجُودِهِ فَإِذَا لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ صَحَّ النِّكَاحُ ا هـ رَازِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَعْتَقِدُهُ مَا نَصُّهُ أَيْ الْكَافِرُ لَا يَعْتَقِدُ الْعِدَّةَ وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ عَلَى تَأْوِيلِ الِاعْتِدَادِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ) أَيْ الْكِتَابِيَّةُ ا هـ ( قَوْلُهُ : تَحْتَ مُسْلِمٍ ) طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ تَجِبُ الْعِدَّةُ حَقًّا لَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحُ هَذِهِ الْكِتَابِيَّةِ فِيهَا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَا تَثْبُتَ لَهُ الرَّجْعَةُ ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِمُجَرَّدِ طَلَاقِهَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُهَا فِي الْعِدَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ ) أَيْ بَعْدَ الطَّلَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كَالِاسْتِبْرَاءِ ) أَيْ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ا هـ ا ك وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَالِاسْتِبْرَاءِ مَا نَصُّهُ : يَجُوزُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ فِي حَالِ قِيَامِ وُجُوبِهِ عَلَى السَّيِّدِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : حَالَةَ الْبَقَاءِ ) أَيْ حَالَةَ بَقَاءِ النِّكَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَوْ كَانَتْ مَنْكُوحَةُ الْكَافِرِ ) أَيْ الْمَجُوسِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَأَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ إجْمَاعًا ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَهُمَا مَا نَصُّهُ أَيْ وَهَذَا بِالِاتِّفَاقِ لَكِنْ عِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّ نِكَاحَ الْمَحَارِمَ حُكْمُهُ الْبُطْلَانُ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِكَوْنِهِ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُعْتَدَّةِ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلَهُ حُكْمُ الصِّحَّةِ فِي الصَّحِيحِ إلَّا أَنَّ الْمَحْرَمِيَّةَ تُنَافِي بَقَاءَ النِّكَاحِ فَيُفَرَّقُ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُنَافِيهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا

وُجُوبُ النَّفَقَةِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَكَذَا إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا وَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ النَّفَقَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالنَّفَقَةِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّكَاحَ وَقَعَ صَحِيحًا ، وَلَكِنْ لَمَّا أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالنِّكَاحِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ تَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ كَالرَّضَاعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَسْقُطُ إحْصَانُهُ بِالدُّخُولِ إلَخْ ) حَتَّى لَوْ قَذَفَهُ إنْسَانٌ يُحَدُّ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ : يُحَدُّ أَيْ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا لَأَوْجَبَ الدُّخُولَ فِيهِ سُقُوطُ الْإِحْصَانِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْمَحَارِمِ أَوْ الْخَمْسِ ) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَ مَجُوسِيٌّ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا أَوْ جَمَعَ بَيْنَ خَمْسٍ أَوْ أُخْتَيْنِ فِي عُقْدَةٍ ، ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا إجْمَاعًا ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ بِمُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا إلَخْ ) ، وَلَوْ تَرَافَعَا يُفَرَّقُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ مُرَافَعَتَهُمَا كَتَحْكِيمِهِمَا ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَهُمَا يُفَرَّقُ ) أَيْ كَإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ إلَخْ ) وَبِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى التَّفْرِيقِ ؛ لِأَنَّهُمَا أَبْطَلَا اعْتِقَادَهُمَا لِجَوَازِ النِّكَاحِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ مُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا وَرِضَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ اعْتِقَادُ الْآخَرِ فَبَقِيَ الْأَمْرُ الشَّرْعِيِّ بِعَدَمِ التَّعَرُّضِ لَهُ بِلَا مُعَارِضٍ ، وَالْأَوْجُهُ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ فِي مُرَافَعَةِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ حِينَ صَدَرَ كَانَ بَاطِلًا عِنْدَهُمَا لَكِنْ تَرْكُ التَّعَرُّضِ لِلْوَفَاءِ بِالذِّمَّةِ فَإِذَا انْقَادَ أَحَدُهُمَا لِحُكْمِ الْإِسْلَامِ كَانَ كَإِسْلَامِهِ ، وَعِنْدَهُ كَانَ صَحِيحًا وَرَفْعُ أَحَدِهِمَا لَا يُرَجِّحُهُ عَلَى الْآخَرِ فِي إبْطَالِ اسْتِحْقَاقِهِ ، بَلْ يُعَارِضُهُ الْآخَرُ فَيَبْقَى

الْحُكْمُ عَلَى الصِّحَّةِ هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَوْ الْمُرَافَعَةِ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا فَلَا يُفَرَّقُ إلَّا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْآخَرِ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي الذِّمِّيِّينَ أَنَّهُ يُفَرَّقُ إذَا عُدَّ ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إلَى عُمَّالِهِ أَنْ فَرِّقُوا بَيْنَ الْمَجُوسِ وَمَحَارِمِهِمْ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ ، بَلْ الْمَعْرُوفُ مَا كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ مَا بَالُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ تَرَكُوا أَهْلَ الذِّمَّةِ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ وَاقْتِنَاءِ الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ فَكَتَبَ إلَيْهِ إنَّمَا بَذَلُوا الْجِزْيَةَ لِيُتْرَكُوا وَمَا يَعْتَقِدُونَ وَإِنَّمَا أَنْتَ مُتَّبِعٌ وَلَسْت بِمُبْتَدِعٍ ، وَالسَّلَامُ ؛ وَلِأَنَّ الْوُلَاةَ وَالْقُضَاةَ مِنْ وَقْتِ الْفُتُوحَاتِ إلَى يَوْمِنَا هَذَا لَمْ يَشْتَغِلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ مَعَ عِلْمِهِمْ بِمُبَاشَرَتِهِمْ ذَلِكَ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا فِي الْخُلْعِ ) يَعْنِي اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا الذِّمِّيِّ ، ثُمَّ أَمْسَكَهَا فَرَفَعَتْهُ إلَى الْحَاكِمِ فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ إمْسَاكَهَا ظُلْمٌ وَمَا أَعْطَيْنَاهُمْ الْعَهْدَ عَلَى تَقْرِيرِهِمْ عَلَى الظُّلْمِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ زَوْجٍ آخَرَ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ مُزِيلٌ لِلْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدُوا خُصُوصَ عَدَدٍ ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَنْكِحُ مُرْتَدٌّ أَوْ مُرْتَدَّةٌ أَحَدًا ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَعْتَمِدُ الْمِلَّةَ وَلَا مِلَّةَ لَهُ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ لِلْبَقَاءِ ، وَالْمُرْتَدُّ يُقْتَلُ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ مَا شُرِعَ لِأَجْلِهِ فَلَا يُشْرَعُ وَالتَّأْخِيرُ ضَرُورَةُ التَّأَمُّلِ وَفِيمَا وَرَاءَهَا كَأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهِ وَاشْتِغَالُهُ بِالنِّكَاحِ يَشْغَلُهُ عَنْ شَيْءٍ حَيَاتُهُ لِأَجْلِهِ ، وَكَذَا الْمُرْتَدَّةُ ؛ لِأَنَّهَا تُحْبَسُ لِلتَّأَمُّلِ ، وَخِدْمَةُ الزَّوْجِ تَشْغَلُهَا عَنْهُ فَلَا يُشْرَعُ ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ شُرِعَ لِمَصَالِحِهِ وَهِيَ السَّكَنُ وَالِازْدِوَاجُ وَالتَّوَالُدُ وَالتَّنَاسُلُ لَا لِعَيْنِهِ فَإِذَا فَاتَ مَا شُرِعَ لَهُ لَمْ يُشْرَعْ أَصْلًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْبَيْعَ لَمَّا كَانَتْ شَرْعِيَّتُهُ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ لَمْ يُشْرَعْ فِي مَحَلٍّ لَا يُقْبَلُ حُكْمُهُ وَكَذَا النِّكَاحُ وَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا مُسْتَحِقُّ الْقَتْلِ لِلْقِصَاصِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ مَعَ أَنَّهُ يُقْتَلُ ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ فِيهِ فَيُسَلَّمُ بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ غَالِبًا لَا سِيَّمَا إذَا أَعْرَضَ عَمَّا نَشَأَ عَلَيْهِ وَرَأَى مَحَاسِنَهُ ، وَكَذَا لَا يَرِدُ عَلَيْنَا الْوَثَنِيُّ حَيْثُ تَصِحُّ مُنَاكَحَتُهُمْ مَعَ أَنَّهُمْ لَا دِينَ لَهُمْ ؛ لِأَنَّا نَعْنِي بِالْمِلَّةِ دِينًا يُعْتَقَدُ صِحَّتُهُ وَلَمْ يُقَرَّ بِبُطْلَانِهِ ، وَقَدْ وُجِدَ فِيهِمْ ذَلِكَ وَالْمُرْتَدُّ قَدْ أَقَرَّ بِبُطْلَانِ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ الِارْتِدَادِ فَافْتَرَقَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَا يَنْكِحُ مُرْتَدٌّ أَوْ مُرْتَدَّةٌ أَحَدًا ) سَوَاءٌ كَانَتْ مُسْلِمَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ مُرْتَدَّةً ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : أَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ تَحْتَ كَافِرٍ ، وَأَمَّا الْكَافِرَةُ فَلِأَنَّهُ مَقْتُولٌ مَعْنًى ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ نِكَاحُ الْمُرْتَدِّ ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ رَافِعَةٌ لِلنِّكَاحِ فَلَأَنْ تَكُونَ مَانِعَةً أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ ؛ وَلِأَنَّهَا شُرِعَتْ مُزِيلَةً لِلْمِلْكِ فَلَا يُسْتَفَادُ الْمِلْكُ مَعَهَا كَالْمَوْتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالتَّنَاسُلُ ) أَيْ وَحُسْنُ الْعَشَرَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُرْتَدَّةِ إذْ لَيْسَ مَعَ الِاخْتِلَافِ ائْتِلَافٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْوَلَدُ يَتْبَعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا ) ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الدَّارُ بِأَنْ كَانَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَ الْوَالِدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ حُكْمًا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالْوَالِدُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ لَا يَتْبَعُهُ وَلَدُهُ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْوَالِدُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْحَرْبِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ( قَوْلُهُ : أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَخْ ) مُقْتَضَى قَوْلِ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْ كَانَ الصَّغِيرُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَخْ أَنَّ الْأَبَ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ يَصِيرُ وَلَدُهُ الَّذِي هُوَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِهِ لِعَدَمِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا وَتَبِعَهُ الْعَيْنِيُّ فِي هَذَا وَخَالَفَهُ الْكَمَالُ فَقَالَ هَذَا إذَا كَانَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَمَّا لَوْ تَبَايَنَتْ دَارَاهُمَا بِأَنْ كَانَ الْأَبُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَالْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ الْأَبِ وَسَنَذْكُرُهَا فِي السِّيَرِ فِي فَصْلٍ مِنْ بَابِ الْمُسْتَأْمِنِ إنْ شَاءَ تَعَالَى ا هـ قَالَ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذَا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ الدَّارُ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الدَّارُ فَالْوَلَدُ تَابِعٌ لِلدَّارِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْأَبُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَالْوَلَدُ فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ وَلَا يَكُونُ مُسْلِمًا بِإِسْلَامِ أَبِيهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمَجُوسِيُّ شَرٌّ مِنْ الْكِتَابِيِّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَهُ دِينٌ سَمَاوِيٌّ دَعْوَى وَلِهَذَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُمْ وَيَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ فَكَانَ الْمَجُوسُ شَرًّا حَتَّى إذَا وُلِدَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ يَكُونُ كِتَابِيًّا تَبَعًا لَهُ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَكُونُ مَجُوسِيًّا ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ فِيهِ فَأَحَدُهُمَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَالْآخَرُ يُوجِبُ الْحِلَّ فَيُرَجَّحُ مَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ فِي شَيْءٍ إلَّا غَلَبَ الْحَرَامُ الْحَلَالَ } بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ لَا يُعَارِضُ الْإِسْلَامَ وَلَنَا أَنَّ حِلَّ الذَّبِيحَةِ وَالْمُنَاكَحَةِ مِنْ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَيُرَجَّحُ بِهِمَا كَمَا يُرَجَّحُ بِالْإِسْلَامِ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُمَا ؛ وَلِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ التَّوْحِيدَ فَكَانَ فِي جَعْلِ الْوُلْدِ تَبَعًا لَهُ نَوْعُ نَظَرٍ وَهُوَ وَاجِبٌ ، وَقَوْلُهُ يُرَجَّحُ مَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ يُنْتَقَضُ بِمَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْمَجُوسِيُّ ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ الْمَجُوسُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ قَدْ تَحَقَّقَتْ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ هُنَا تَجُوزُ فَإِنَّ ثُبُوتَهُ ثُبُوتُ الْمُتَعَارِضَيْنِ مُسْتَلْزِمَيْنِ لِحُكْمَيْهِمَا ، وَلَيْسَ هُنَا إلَّا ثُبُوتُ حُكْمٍ عَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارٍ وَضِدُّهُ عَلَى تَقْدِيرٍ آخَرَ ، فَلَمَّا اشْتَرَكَ مَعَ الْمُعَارَضَةِ فِي تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا بِالْقَوْلِ بِهِ سُمِّيَ تَعَارُضًا وَإِلَّا فَالتَّعَارُضُ تَقَابُلُ الْحُجَّتَيْنِ ، وَلَيْسَ هُنَا حُجَّةٌ فَضْلًا عَنْ ثِنْتَيْنِ قَوْلُهُ : فَكَانَ فِي جَعْلِ الْوَلَدِ تَبَعًا لَهُ ) أَيْ لِلْكِتَابِيِّ دُونَ الْمَجُوسِيِّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِذَا أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ أَسْلَمَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) وَهَذَا الْكَلَامُ عَلَى إطْلَاقِهِ يَسْتَقِيمُ فِي الْمَجُوسِيِّينَ ؛ لِأَنَّهُ بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا أَيُّهُمَا كَانَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ الْآبَاءِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَا كِتَابِيَّيْنِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ هِيَ فَكَذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَ هُوَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا لِجَوَازِ تَزَوُّجِهَا لِلْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً فَلَا حَاجَةَ إلَى الْعَرْضِ ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هِيَ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ لِمَا قُلْنَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْمُصِرِّ الْإِسْلَامُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَعْرِيضًا لَهُمْ ، وَقَدْ ضَمِنَا بِعَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمْ إلَّا أَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَيْرُ مُتَأَكِّدٍ فَيَنْقَطِعُ بِنَفْسِ الْإِسْلَامِ وَبَعْدَهُ مُتَأَكِّدٌ فَيُؤَجَّلُ إلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ قَبْلَ الدُّخُولِ بِنَفْسِهِ وَبَعْدَهُ لَا يَنْقَطِعُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَلَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَرَّقَ بَيْنَ نَصْرَانِيٍّ وَنَصْرَانِيَّةٍ بِإِبَائِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ وَظَهَرَ حُكْمُهُ بَيْنَهُمْ وَلَمْ يُنْقَلْ إلَيْنَا خِلَافٌ فَكَانَ إجْمَاعًا ؛ وَلِأَنَّ بِالْإِسْلَامِ لَا تَبْقَى مَقَاصِدُ النِّكَاحِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ الْمِلْكُ وَالِازْدِوَاجُ وَقَضَاءُ الشَّهْوَةِ وَالتَّوَالُدُ وَنَحْوُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ يُبْنَى عَلَيْهِ فَوَاتُ الْمِلْكِ ، وَالْإِسْلَامُ طَاعَةُ سَبَبٍ لِثُبُوتِ الْعِصْمَةِ لَا لِانْقِطَاعِهَا وَكَذَا كُفْرُ الْمُصِرِّ لَا يُنَافِيهِ كَمَا فِي حَالَةِ الِابْتِدَاءِ وَفِي حَالَةِ الْبَقَاءِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ، وَكَذَا اخْتِلَافُ الدِّينِ لَا يُنَافِيهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ فَيُعْرَضُ عَلَيْهَا الْإِسْلَامُ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ إكْرَاهٍ لِتَحْصُلَ تِلْكَ الْمَقَاصِدُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ الْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ فَإِنَّهُ

مَعْصِيَةٌ تُنَاسِبُ زَوَالَ الْعِصْمَةِ ، ثُمَّ إنَّ مَذْهَبَهُ عَلَى خِلَافِ الْمَعْهُودِ فِي الشَّرْعِ فَإِنَّهُ يَقُولُ إنْ أَسْلَمَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَقِيَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَلَمْ يَحْصُلْ بِالْإِسْلَامِ فُرْقَةُ بُطْلَانٍ أَوْ فَسْخٌ ، وَإِذَا حَاضَتْ بَعْدَ إسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا ثَلَاثَ حِيَضٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَيَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِمَنْ شَاءَتْ فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ انْقِضَاءُ عِدَّةٍ مِنْ غَيْرِ فُرْقَةٍ وَالْعِدَّةُ تَجِبُ بَعْدَ ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ لَا مَعَ بَقَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى ارْتِكَابِهِ دَلِيلٌ سَمْعِيٌّ يَقُومُ بِهِ التَّمَسُّكُ فَلَا يَلْزَمُنَا ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْإِبَاءِ حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا انْتَهَى النِّكَاحُ بِهِ وَتَأَكَّدَ الْمَهْرُ بِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُصِرُّ صَبِيًّا مُمَيِّزًا أَوْ بَالِغًا حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِإِبَائِهِ ؛ لِأَنَّ رِدَّتَهُ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً فَكَذَا إبَاؤُهُ ، بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْإِبَاءَ أَدْنَى ؛ لِأَنَّهُ امْتِنَاعٌ وَالرِّدَّةُ إنْكَارٌ فَكَانَ أَقْوَى وَهَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لَا يَصِحُّ إبَاؤُهُ عِنْدَهُ قِيَاسًا عَلَى رِدَّتِهِ عِنْدَهُ وَمِنْهُمْ مِنْ صَحَّحَ إبَاءَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّدَّةِ ، وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا صَغِيرًا غَيْرَ مُمَيِّزٍ يُنْتَظَرُ عَقْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَجْنُونًا حَيْثُ لَا يُنْتَظَرُ ، بَلْ يُعْرَضُ عَلَى أَبَوَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا وَجَدَتْهُ عِنِّينًا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى زَوَالُهُ بِهِ ، وَلَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي الْحَالِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فِي الِانْتِظَارِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ لَا إبَاؤُهَا ) ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إبَاؤُهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ طَلَاقًا ؛ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ مِنْ الْمَرْأَةِ وَبِمِثْلِهِ

لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْمِلْكِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ إلَيْهَا فَكُلُّ سَبَبٍ تُشَارِكُهُ الْمَرْأَةُ فِيهِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ مِنْهَا لَا يَكُونُ طَلَاقًا إذَا وُجِدَ مِنْهُ كَمَا لَا يَكُونُ طَلَاقًا فِيمَا إذَا وُجِدَ مِنْهَا وَلَهُمَا أَنَّهُ فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ مِنْ جَانِبِهِ فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ فَإِنْ طَلَّقَ وَإِلَّا نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ وَلِهَذَا الْمَعْنَى صَارَتْ الْفُرْقَةُ بِسَبَبِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ طَلَاقًا بِخِلَافِ إبَائِهَا ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ مِنْهَا حَتَّى يَنُوبَ الْقَاضِي مَنَابَهَا وَبِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ فِيهِ لَا لِهَذَا الْمَعْنَى وَبِخِلَافِ رِدَّتِهِ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ فِيهَا لِلتَّنَافِي ، وَهَذَا لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً فَكَذَا تُنَافِيهِ بَقَاءً وَلِهَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ وَفِي الْإِبَاءِ يُحْتَاجُ إلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا يَكُونُ طَلَاقًا عِنْدَهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى وَهِيَ مِنْ أَغْرَبِ الْمَسَائِلِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ مِنْهُمَا وَنَظِيرُهُ إذَا كَانَا مَجْنُونَيْنِ أَوْ كَانَ الْمَجْنُونُ عِنِّينًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا وَيَكُونُ طَلَاقًا اتِّفَاقًا ، ثُمَّ إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ بِإِبَائِهِ فَلَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَ بِإِبَائِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا ؛ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ الْمُبْدَلَ قَبْلَ تَأَكُّدِ الْبَدَلِ فَأَشْبَهَ الرِّدَّةَ وَالْمُطَاوَعَةَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ثَمَّةَ ) أَيْ فِي دَارِ الْحَرْبِ ( لَمْ تَبِنْ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا ) فَإِذَا حَاضَتْ ثَلَاثًا بَانَتْ وَهَذَا الْكَلَامُ يَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إذَا لَمْ يَكُونَا كِتَابِيَّيْنِ ،

وَكَذَا إذَا كَانَا كِتَابِيَّيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كِتَابِيًّا وَالْآخَرُ وَثَنِيًّا وَالْمَرْأَةُ هِيَ الْمُسْلِمَةُ ، وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ وَهِيَ كِتَابِيَّةٌ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا لِمَا ذَكَرْنَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا كَانَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْإِسْلَامِ فِي الْحَالِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُضِيِّ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ مَذْهَبِهِ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَا تَأْثِيرَ لِاخْتِلَافِ الدَّارَيْنِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَنَا نَفْسُ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْفُرْقَةِ وَلَا كُفْرُ الْمُصِرِّ وَلَا اخْتِلَافُ الدِّينِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَلَكِنْ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ السَّبَبِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ بِالْعَرْضِ حَتَّى إذَا أَبَى يَكُونُ مُفَوِّتًا لِلْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ وَفِي دَارِ الْحَرْبِ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ لِانْقِطَاعِ الْوَلَايَةِ فَأُقِيمَ شَرْطُ الْفُرْقَةِ وَهُوَ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ مَقَامَ السَّبَبِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ إذَا وَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَلَمْ يُمْكِنْ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَى الْعِلَّةِ فَأُضِيفَ إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ الْحَفْرُ فَكَذَا هُنَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى الْفُرْقَةِ تَخْلِيصًا لِلْمُسْلِمَةِ مِنْ ذُلِّ الْكُفْرِ فَأَقَمْنَا شَرْطَ الْبَيْنُونَةِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ مَقَامَ عُرْضَاتِ الْقَاضِي وَتَفْرِيقِهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ اعْتِبَارِ الْعِلَّةِ وَهَذِهِ الْحِيَضُ لَا تَكُونُ عِدَّةً وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا ، ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَالْمَرْأَةُ حَرْبِيَّةٌ فَكَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُسْلِمَةُ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ عَلَى الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْحَرْبِيِّ ، وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَأَصْلُ الْخِلَافِ فِي الْمُهَاجِرَةِ إذَا خَرَجَتْ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً

وَسَيَأْتِي الْبَيَانُ فِيهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ إذَا أُوقِعَتْ الْفُرْقَةُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ حِيَضٍ هَلْ يَكُونُ طَلَاقًا أَمْ لَا ؟ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ يَكُونُ طَلَاقًا عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّ انْصِرَامَ هَذِهِ الْمُدَّةِ جُعِلَ بَدَلًا عَنْ قَضَاءِ الْقَاضِي وَالْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَ الْأَصْلِ وَرُوِيَ عَنْهُمَا أَنَّهُ فُرْقَةٌ بِغَيْرِ طَلَاقٍ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ فُرْقَةٌ وَقَعَتْ حُكْمًا لَا بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ رِدَّةِ الزَّوْجِ وَمِلْكِهِ امْرَأَتَهُ ، وَكَذَلِكَ إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثُ حِيَضٍ لِعَدَمِ وَلَايَةِ الْقَاضِي عَلَى مَنْ بَقِيَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِيمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يُعْرَضُ عَلَى الْمُصِرِّ سَوَاءً خَرَجَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْآخَرُ .

( قَوْلُهُ : وَالزَّوْجُ مَجُوسِيٌّ فَأَسْلَمَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : اعْلَمْ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ إذَا أَسْلَمَ إنْ كَانَ بِحَالٍ يَجُوزُ اسْتِئْنَافُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ كَالذِّمِّيِّ يَتَزَوَّجُ الذِّمِّيَّةَ ابْتِدَاءً ، ثُمَّ يُسْلِمُ الرَّجُلُ وَذَلِكَ لِأَنَّ نِكَاحَ الْمُسْلِمِ الذِّمِّيَّةَ ابْتِدَاءً يَجُوزُ عِنْدَنَا فَبَقَاءً أَوْلَى وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يَجُوزُ اسْتِئْنَافُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ ، وَلَكِنْ يُعْرَضُ الْإِسْلَامُ عَلَى الْكَافِرِ فَإِنْ أَبَى فُرِّقَ بَيْنَهُمَا ، وَهَذَا كَالنَّصْرَانِيَّةِ إذَا أَسْلَمَتْ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ وَكَالْمَجُوسِيِّ إذَا أَسْلَمَ وَزَوْجَتُهُ مَجُوسِيَّةٌ أَوْ وَثَنِيَّةٌ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُسْلِمَةَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ تَحْتَ الْكَافِرِ مُطْلَقًا ا هـ ( قَوْلُهُ : إلَى انْقِضَاءِ ثَلَاثِ حِيَضٍ ) صَوَابُهُ ثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ إذْ الْعِدَّةُ عِنْدَهُ بِالْأَطْهَارِ وَلِهَذَا ذَكَرَ فِي الْأَسْرَارِ وَكَتَبَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ يَتَوَقَّفُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْعَارِضَةِ ) هِيَ عَارِضَةُ الْأَحْوَذِيِّ عَلَى شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَضَاءُ الشَّهْوَةِ وَالتَّوَالُدُ وَنَحْوُهَا ) قَالَ الرَّازِيّ وَلِأَنَّ الْإِسْلَامَ طَاعَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِزَوَالِ النِّعْمَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْإِسْلَامُ طَاعَةُ سَبَبٍ لِثُبُوتِ الْعِصْمَةِ ) { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } هَا ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُصِرُّ صَبِيًّا مُمَيِّزًا ) أَيْ يَعْقِلُ الْأَدْيَانَ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ ) أَيْ بَائِنٌ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إبَاؤُهُ أَيْضًا لَا يَكُونُ طَلَاقًا ) أَيْ بَلْ فَسْخًا لَا يُنْقِصُ شَيْئًا مِنْ عَدَدِ الطَّلَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمَحْرَمِيَّةُ ) أَيْ بِالرَّضَاعِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ

الْمَحْرَمِيَّةَ مَا نَصُّهُ : وَلَكِنْ لَا يَبْطُلُ هَذَا بِالْخُلْعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( فَرْعٌ ) يَقَعُ طَلَاقُ زَوْجِ الْمُرْتَدَّةِ وَزَوْجِ الْمُسْلِمَةِ الْآبِي بَعْدَ التَّفْرِيقِ عَلَيْهِمَا مَا دَامَتَا فِي الْعِدَّةِ ، أَمَّا فِي الْإِبَاءِ فَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِالطَّلَاقِ ، وَأَمَّا فِي الرِّدَّةِ فَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ غَيْرُ مُتَأَبِّدَةٍ فَإِنَّهَا تُرْفَعُ بِإِسْلَامٍ فَيَقَعُ طَلَاقُهُ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ مُسْتَتْبِعًا فَائِدَتَهُ مِنْ حُرْمَتِهَا عَلَيْهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ حُرْمَةٌ مُغَيَّاةٌ بِوَطْءِ زَوْجٍ آخَرَ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الْمَحْرَمِيَّةِ فَإِنَّهَا مُتَأَبِّدَةٌ لَا غَايَةَ لَهَا فَلَا يُفِيدُ لُحُوقُ الطَّلَاقِ فَائِدَةً قَالَهُ الْكَمَالُ ( قَوْلُهُ : وَلَهُمَا أَنَّهُ فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ ) أَيْ فِي الْمُسَاعَدَةِ عَلَى الْإِيمَانِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ ) أَيْ وَهُوَ الطَّلَاقُ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ طَلَّقَ ) أَيْ فَبِهَا وَنِعْمَتْ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ ) فَإِنْ قُلْت هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِبَاءَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ إنَّمَا الطَّلَاقُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي بَعْدَ الْإِبَاءِ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الزَّوْجِ طَلَاقٌ فَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِبَاؤُهُ طَلَاقٌ قُلْت لَمَّا كَانَ الْإِبَاءُ سَبَبًا لِتَفْرِيقِ الْقَاضِي أُطْلِقَ عَلَيْهِ طَلَاقًا مِنْ بَابِ إطْلَاقِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ وَهُوَ سَائِغٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي أَوَانَ إلْقَاءِ الدَّرْسِ مِنْ الْجَوَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهُ مَا نَصُّهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ طَلَاقًا إذْ كَانَ نَائِبًا عَمَّنْ إلَيْهِ الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنُوبُ عَنْهُ فِيمَا إلَيْهِ التَّفْرِيقُ بِهِ وَاَلَّذِي إلَيْهِ الطَّلَاقُ ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَاَلَّذِي إلَيْهَا عِنْدَ قُدْرَتِهَا عَلَى الْفُرْقَةِ شَرْعًا الْفَسْخُ فَإِذَا أَبَتْ نَابَ الْقَاضِي مَنَابَهَا فِيمَا إلَيْهَا التَّفْرِيقُ بِهِ فَلَا تَكُونُ الْفُرْقَةُ إلَّا فَسْخًا فَالْقَاضِي نَابَ مَنَابَهُمَا فِيهِمَا

ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّ الْفُرْقَةَ فِيهِمَا إلَخْ ) أَيْ فَإِنَّ الْفُرْقَةَ فِي الْمِلْكِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ لِلتَّنَافِي ، وَأَمَّا خِيَارُ الْبُلُوغِ فَإِنَّ مِلْكَ الْفُرْقَةِ فِيهِ لِتَطَرُّقِ الْخَلَلِ إلَى الْمَقَاصِدِ بِسَبَبِ قُصُورِ شَفَقَةِ الْعَاقِدِ لِقُصُورِ قَرَابَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ تَحَقُّقِ هَذَا التَّطَرُّقِ لَا يَكُونُ لِلنِّكَاحِ انْعِقَادٌ مِنْ الْأَصْلِ فَالْوَجْهُ فِي الْفُرْقَةِ الْكَائِنَةِ عَنْهُ كَوْنُهَا فَسْخًا ا هـ فَتْحٌ بَعْضُهُ بِمَعْنَاهُ ( قَوْلُهُ : وَنَظِيرُهُ إذَا كَانَا مَجْنُونَيْنِ إلَخْ ) ذَكَرَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ أَنَّ الْمَجْنُونَ لَوْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ مَجْبُوبًا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَيُجْعَلُ طَلَاقًا ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ وَعُرِضَ الْإِسْلَامُ عَلَى أَبَوَيْهِ وَأَبَيَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ بِإِبَائِهَا فَلَا مَهْرَ لَهَا ) أَيْ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ حَصَلَتْ بِسَبَبٍ مِنْ قِبَلِهَا فَلَا يَكُونُ لَهَا مَهْرٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَأَشْبَهَ الرِّدَّةَ ) أَيْ رِدَّتَهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمُطَاوَعَةُ ) أَيْ مُطَاوَعَةُ ابْنِ زَوْجِهَا مِنْ نَفْسِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا ) أَيْ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ قَبْلَ انْقِضَاءِ هَذِهِ الْمُدَّةِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : مَقَامَ السَّبَبِ ) أَيْ سَبَبِ الْفُرْقَةِ ا هـ وَقَوْلُهُ : سَبَبَ الْفُرْقَةِ كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ سَبَبٌ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ هُوَ الْإِبَاءُ ا هـ أَكْمَلُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ ) يَعْنِي فِي قِيَامِ الشَّرْطِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصْلَ إضَافَةُ التَّلَفِ إلَى ثِقَلِ الْوَاقِعِ فِي الْبِئْرِ الَّتِي حُفِرَتْ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْعِلَّةُ لَكِنَّهُ تَعَذَّرَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ طَبْعِيًّا وَلَا تَعَدِّيَ فِيهِ ، ثُمَّ إضَافَتُهُ إلَى السَّبَبِ وَهُوَ الْمَشْيُ ، وَقَدْ تَعَذَّرَ ؛ لِأَنَّ الْمَشْيَ فِي الطَّرِيقِ مُبَاحٌ لَا

مَحَالَةَ فَأُضِيفَ إلَى الشَّرْطِ وَهُوَ حَفْرُ الْبِئْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُعَارِضْهُ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ وَلَهُ شَبَهٌ بِالْعِلَّةِ مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهِ وُجُودًا وَفِيهِ تَعَدٍّ ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مِلْكِ الْحَافِرِ وَمَوْضِعُهُ أُصُولُ الْفِقْهِ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : فَأَقَمْنَا شَرْطَ الْبَيْنُونَةِ ) أَيْ وَهُوَ مُضِيُّ ثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ( قَوْلُهُ : وَهَذِهِ الْحِيَضُ لَا تَكُونُ عِدَّةً ) أَيْ بَلْ لِأَجْلِ الْفُرْقَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا يَسْتَوِي إلَخْ ) ، وَهَذَا لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ بَاشَرَ سَبَبَ الْفُرْقَةِ وَهُوَ الطَّلَاقُ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ السَّبَبُ فِي الْحَالِ إذَا كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مُضِيِّ الْحَيْضِ ، وَأَمَّا هَهُنَا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يُبَاشِرْهُ فَاحْتَاجَ إلَى مُضِيِّهَا لِلْفُرْقَةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهَا ا هـ أَكْمَلُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهَا ) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا ابْتِدَاءً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشَّهَادَةُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الْبَقَاءِ ، وَكَذَا حَقُّ الْمِلْكِ يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ دُونَ الْبَقَاءِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَةَ مَوْلَاهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ ، وَلَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا ابْتِدَاءً لَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمُكَاتَبُ بِنْتَ سَيِّدِهِ فَمَاتَ سَيِّدُهُ لَا يَفْسُدُ نِكَاحُهُ ، وَلَوْ تَزَوَّجَ بِهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لَمَا جَازَ ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِيهِ يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ دُونَ الْبَقَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفَرْقِ لَا السَّبْيِ ) حَتَّى لَوْ خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ أَسْلَمَ أَوْ عَقَدَ عَقْدَ الذِّمَّةِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا وَكَذَا إذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَدُخِلَ بِهِ دَارَ الْإِسْلَامِ ، وَلَوْ سُبِيَا مَعًا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ سَبَبُ الْفُرْقَةِ السَّبْيُ دُونَ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حَتَّى تَقَعَ الْفُرْقَةُ عِنْدَهُ بِالسَّبْيِ ، وَلَوْ سُبِيَا مَعًا وَلَا تَقَعُ بِالتَّبَايُنِ ؛ لِأَنَّ السَّبْيَ يَقْتَضِي صَفَاءَ الْمَسْبِيِّ لِلسَّابِي وَلِهَذَا لَا يَبْقَى الدَّيْنُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَسْبِيِّ ، وَلَوْ بَقِيَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا لَامْتَنَعَ الصَّفَاءُ أَمَّا تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ فَتَأْثِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ الْوَلَايَةِ ، وَانْقِطَاعُ الْوَلَايَةِ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي إبْطَالِ النِّكَاحِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ الْمُسْتَأْمِنَ أَوْ الْمُسْلِمَ الْمُسْتَأْمِنَ لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ دَارُهُمْ حَقِيقَةً ، وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنَعَةِ أَهْلِ الْبَغْيِ إلَى مَنَعَةِ أَهْلِ الْعَدْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا تَقَعُ بِهِ الْفُرْقَةُ وَلِهَذَا { رَدَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

بِنْتَه زَيْنَبَ إلَى زَوْجِهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ } وَذَلِكَ أَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَحَرَّجُوا فِي وَطْئِهِنَّ لِأَجْلِ أَزْوَاجِهِنَّ فَنَزَلَ قَوْله تَعَالَى { : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } ، أَيْ ذَوَاتُ الْأَزْوَاجِ حُرِّمْنَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ تِلْكَ السَّبَايَا وَأَبَاحَ وَطْءَ سَبَايَا أَوْطَاسٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ ، وَقَدْ سُبِينَ مَعَ أَزْوَاجِهِنَّ وَهَذَا لِأَنَّ السَّبْيَ سَبَبٌ لِمِلْكِ مَا يَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ وَمَحَلُّ النِّكَاحِ مُحْتَمِلٌ لِلتَّمَلُّكِ ، فَيَكُونُ مَمْلُوكًا كَالسَّابِي ، وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ لِحَقِّ الزَّوْجِ وَهُوَ لَيْسَ بِذِي حَقٍّ مُحْتَرَمٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُسْقِطُ مَالِكِيَّتَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلِهَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَسْبِيَّةُ مَنْكُوحَةً لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لَا يَبْطُلُ بِهِ النِّكَاحُ لِكَوْنِ الْمَالِكِ لِلنِّكَاحِ مُحْتَرَمًا وَلَنَا أَنَّهُ مَعَ التَّبَايُنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لَا تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ ، وَالنِّكَاحُ شُرِعَ لِمَصَالِحِهِ لَا لِعَيْنِهِ فَلَا يَبْقَى عِنْدَ عَدَمِهَا كَالْمَحْرَمِيَّةِ إذَا اُعْتُرِضَتْ عَلَيْهِ ، وَهَذَا لِأَنَّ أَهْلَ الْحَرْبِ كَالْمَوْتَى وَلِهَذَا لَوْ الْتَحَقَ بِهِمْ الْمُرْتَدُّ تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمَوْتَى فَلَا يُشْرَعُ النِّكَاحُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمِنِ ؛ لِأَنَّ تَبَايُنَ الدَّارِ فِيهِ لَمْ يُوجَدْ حُكْمًا لِقَصْدِهِ الرُّجُوعَ إلَى دَارِهِ إذْ هُوَ لَمْ يَدْخُلْهَا لِلْقَرَارِ وَلِهَذَا يُمَكَّنُ الذِّمِّيُّ مِنْ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ بِهَذَا الطَّرِيقِ وَأَمَّا مَنَعَةُ أَهْلِ الْبَغْيِ فَهِيَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَمْ تَخْتَلِفْ الدَّارُ وَالسَّبْيُ سَبَبٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ مَآلًا ، وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ ثَبَتَ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِلنِّكَاحِ كَالشِّرَاءِ ، وَهَذَا لِأَنَّ مِلْكَ الْبُضْعِ مَقْصُودًا يَخْتَصُّ بِشَرْطِهِ كَالشُّهُودِ وَفِي السَّبْيِ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ

فِيهِ تَبَعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ إذَا كَانَ فَارِغًا وَلِهَذَا لَوْ كَانَ مَالِكُ النِّكَاحِ مُحْتَرَمًا بِأَنْ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ ، وَلَوْ كَانَ السَّبْيُ يُوجِبُهُ لَمَا اخْتَلَفَ بَيْنَ الْمُحْتَرَمِ وَغَيْرِهِ ؛ وَلِأَنَّ السَّبْيَ لَا يُنَافِي ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ فَلَا يُنَافِي الْبَقَاءَ كَسَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَأَمَّا الدَّيْنُ فَإِنْ كَانَ عَلَى عَبْدٍ لَمْ يَسْقُطْ وَإِنْ كَانَ عَلَى حُرٍّ يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ كَانَ دَيْنُهُ ثَابِتًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ السَّبْيِ لَوَجَبَ فِي رَقَبَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ دَيْنَ الْعَبْدِ حَتَّى يُبَاعَ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاؤُهُ بِالصِّفَةِ الَّتِي وَجَبَتْ بِخِلَافِ دَيْنِ الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ صِفَتَهُ لَا تَخْتَلِفُ ، وَأَمَّا { رَدُّ زَيْنَبَ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَدَّهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ } فَكَانَ الْمُثْبِتُ أَوْلَى مِنْ النَّافِي عَلَى أَنَّ مَا رَوَاهُ غَيْرُ صَحِيحٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ فَلَا يُعَارِضُ مَا رَوَيْنَا لِصِحَّتِهِ وَمَا رُوِيَ أَنَّ فِيمَا رَوَيْنَا حِجَاجًا وَهُوَ مُتَكَلَّمٌ فِيهِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ جَرْحٌ مُبْهَمٌ ، وَقَدْ وَثَّقَهُ أَهْلُ النَّقْلِ حَتَّى خَرَّجَ لَهُ مُسْلِمٌ ؛ وَلِأَنَّ مَا رَوَاهُ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ إسْلَامَهَا كَانَ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِسِتِّ سِنِينَ وَقِيلَ بِسَنَتَيْنِ وَهُوَ لَا يَرَى بَقَاءَ النِّكَاحِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ إسْلَامِ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا ، وَأَمَّا سَبَايَا أَوْطَاسٍ فَلَا يَلْزَمُنَا حُجَّةٌ ؛ لِأَنَّهُنَّ سُبِينَ وَحْدَهُنَّ ؛ لِأَنَّ رِجَالَهُنَّ قُتِلُوا وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَهُنَّ كَانُوا مَعَهُنَّ فَلَا يَلْزَمُنَا حُجَّةٌ .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّ عِلَّةَ وُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عِنْدَنَا هُوَ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَوَاءٌ وُجِدَ السَّبْيُ أَوْ لَمْ يُوجَدُ ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْعِلَّةُ السَّبْيُ سَوَاءٌ وُجِدَ التَّبَايُنُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَمْ لَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : ثُمَّ فَائِدَةُ وُقُوعِ الْبَيْنُونَةِ حِلُّ وَطْءِ الْأَمَةِ لِمَنْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ وَأَنَّ الْخَارِجَ هُوَ الرَّجُلُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا أَوْ أُخْتَهَا إنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّهَا لَا عِدَّةَ عَلَى الَّتِي بَقِيَتْ فِي دَارِ الْحَرْبِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : يَقْتَضِي صَفَاءَ الْمَسْبِيِّ ) قَالَ الْكَمَالُ وَالصَّفَاءُ هُنَا بِالْمَدِّ أَيْ الْخُلُوصُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا ) أَيْ لِثُبُوتِ الصَّفَاءِ بِالْمَسْبِيِّ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلِهَذَا يَعْنِي لَوْ سُبِيَ الْحَرْبِيُّ وَفِي ذِمَّتِهِ دَيْنٌ لِحَرْبِيٍّ آخَرَ بَطَلَ الدَّيْنُ فِي السَّبْيِ ، ذَكَرَهُ فِي الْأَسْرَارِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَا يَبْقَى الدَّيْنُ الَّذِي كَانَ عَلَى الْمَسْبِيِّ ) أَيْ إنْ كَانَ لِكَافِرٍ بِعَدَمِ احْتِرَامِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : فَتَأْثِيرُهُ فِي انْقِطَاعِ الْوَلَايَةِ ) أَيْ وَلَايَةِ مَنْ فِي دَارِ الْحَرْبِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ خَارِجًا إلَيْنَا وَوَلَايَةُ مَنْ فِي دَارِنَا إنْ كَانَ لَاحِقًا بِدَارِ الْحَرْبِ بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ الْإِلْزَامُ عَلَيْهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَلَنَا أَنَّهُ مَعَ التَّبَايُنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا ) الْمُرَادُ بِالتَّبَايُنِ حَقِيقَةُ تَبَاعُدُهُمَا شَخْصًا وَبِالْحُكْمِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الدَّارِ الَّتِي دَخَلَهَا عَلَى سَبِيلِ الرُّجُوعِ ، بَلْ يَكُونُ عَلَى سَبِيلِ الْقَرَارِ وَالسُّكْنَى ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ رِجَالَهُنَّ قُتِلُوا إلَخْ ) فِي الْكَاكِيِّ الْمَرْوِيُّ أَنَّ الرِّجَالَ هَرَبُوا مِنْ حُصُونِهِمْ وَإِنَّمَا سُبِيَ النِّسَاءُ وَحْدَهُنَّ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَأَمَّا سَبَايَا أَوْطَاسٍ فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النِّسَاءَ

سُبِينَ وَحْدَهُنَّ وَرِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ تُفِيدُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ { : أَصَبْنَا سَبَايَا أَوْطَاسٍ وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي قَوْمِهِنَّ فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَزَلَتْ { : وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } } لَكِنْ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْعِبْرَةَ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ وَمُقْتَضَى اللَّفْظِ حِلُّ الْمَمْلُوكَةِ مُطْلَقًا سَوَاءً سُبِيَتْ وَحْدَهَا أَمْ مَعَ زَوْجٍ ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَاةُ مُتَزَوِّجَةً فَخَارِجَةٌ بِالْإِجْمَاعِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْقَى مَا سِوَاهَا دَاخِلًا تَحْتَ الْعُمُومِ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَسْبِيَّةَ مَعَ زَوْجِهَا تَخُصُّ أَيْضًا بِدَلِيلِنَا وَبِمَا نَذْكُرُ وَتَبْقَى الْمَسْبِيَّةُ وَحْدَهَا ذَاتَ بَعْلٍ وَبِلَا بَعْلٍ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَتَنْكِحُ الْمُهَاجِرَةُ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ حُكْمٌ آخَرُ زَائِدٌ عَلَى حُكْمِ بَعْضِ مَا تَضَمَّنَهُ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ إذَا خَرَجَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ مُهَاجِرًا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ وَهَذِهِ إذَا كَانَ الْخَارِجُ مِنْهُمَا الْمَرْأَةَ وَوَقَعَتْ الْفُرْقَةُ اتِّفَاقًا هَلْ عَلَيْهَا عِدَّةٌ فِيهَا خِلَافٌ ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتُنْكَحُ الْمُهَاجِرَةُ الْحَائِلُ بِلَا عِدَّةٍ ) أَيْ يَجُوزُ تَزَوُّجُ مَنْ خَرَجَتْ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ صَارَتْ ذِمِّيَّةً وَقَيَّدَهُ بِكَوْنِهَا حَائِلًا ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ لَا يَجُوزُ تَزَوُّجُهَا حَتَّى تَضَعَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ فَارَقَتْ زَوْجَهَا بَعْدَ الْإِصَابَةِ وَفُرْقَتُهَا وَقَعَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ كَالْمُطَلَّقَةِ فِي دَارِنَا ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقُّ الشَّرْعِ كَيْ لَا يَجْتَمِعَ مَاءُ رَجُلَيْنِ فِي رَحِمِهَا وَذَلِكَ مُحْتَرَمٌ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُهُ إلَى سَنَتَيْنِ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَهِيَ حَرْبِيَّةٌ ، ثُمَّ خَرَجَتْ إلَيْنَا حَيْثُ لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ غَيْرَ مُوجِبٍ لِلْعِدَّةِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُخَاطَبَةٍ فَلَا يَنْقَلِبُ مُوجِبًا بِخِلَافِ الْمَسْبِيَّةِ ؛ لِأَنَّ حِلَّهَا لِلسَّابِي دَلِيلٌ عَلَى فَرَاغِ رَحِمِهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } فَأَبَاحَ نِكَاحَ الْمُهَاجِرَةِ مُطْلَقًا فَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ زِيَادَةٌ وَالزِّيَادَةُ عَلَى النَّصِّ نَسْخٌ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } فَمَنْ مَنَعَ فَقَدْ أَمْسَكَ ؛ وَلِأَنَّهَا فُرْقَةٌ وَقَعَتْ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ فَلَا تُوجِبُ الْعِدَّةَ كَمَا فِي الْمَسْبِيَّةِ ، وَهَذَا لِأَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ ، فَيَكُونُ مُنَافِيًا لِأَثَرِهِ وَالْعِدَّةُ مِنْ أَثَرِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ لَوَجَبَ حَقًّا لِلزَّوْجِ وَلَا حُرْمَةَ لِلْحَرْبِيِّ حَتَّى أُلْحِقَ بِالْجَمَادِ وَصَارَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ فَكَيْفَ يَكُونُ لِمِلْكِهِ حُرْمَةٌ وَهُوَ كَمَنْ اشْتَرَى امْرَأَتَهُ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ الثَّابِتَ بِالْمِلْكِ حَقُّهُ لَا حَقُّ الشَّرْعِ لِوُجُودِ الْمُنَافِي ، وَأَمَّا

إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَلَا نَقُولُ بِوُجُوبِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ؛ لِأَنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ النِّكَاحَ كَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا حَبِلَتْ مِنْ مَوْلَاهَا لَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَكِنْ لَا يَقْرَبُهَا حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَاءِ الْحَرْبِيِّ فَكَانَ كَالزَّانِي وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ فَكَانَ الرَّحِمُ مَشْغُولًا بِحَقِّ الْغَيْرِ بِخِلَافِ الْحَمْلِ مِنْ الزِّنَا فَإِنْ قِيلَ أَبْلَغُ مَا فِي الْبَابِ أَنْ يَكُونَ سُقُوطُ الْحُرْمَةِ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ فِي حُكْمِ السُّقُوطِ بِالْمَوْتِ وَبِالْمَوْتِ لَا تَسْقُطُ الْعِدَّةُ فَكَذَا بِالتَّبَايُنِ قُلْنَا إنَّ الْمَوْتَ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ الْحُرُمَاتِ أَصْلًا فَإِنَّ التَّرِكَةَ مُبْقَاةٌ عَلَى أَصْلِ مِلْكِهِ وَإِنَّمَا أَسْقَطَ بِالْمَوْتِ الْحُرْمَةَ فِي حَقِيقَةِ صِفَةِ مَالِكِيَّتِهِ وَذَلِكَ مُنْقَطِعٌ بِالْمَوْتِ حَتَّى لَا تَصِحَّ إضَافَةُ الطَّلَاقِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَكِنْ لَمَّا بَقِيَتْ الْمَحَالُّ الْمَمْلُوكَةُ مَمْلُوكَةً عَلَى حُكْمِ مِلْكِهِ لِبَقَاءِ الْحُرْمَةِ حُكْمًا لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بِحُكْمِ الْمِلْكِ لَا بِحَقِيقَتِهِ وَبِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ أُسْقِطَتْ الْحُرْمَةُ حَقِيقَةً وَحُكْمًا حَتَّى إنَّ الْمُرْتَدَّ الَّذِي يَلْتَحِقُ بِدَارِ الْحَرْبِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ حُكْمًا فَتُورَثُ أَمْلَاكُهُ وَيُعْتَقُ مُدَبَّرُوهُ فَأَوْجَبَ الزَّوَالَ لَا إلَى أَثَرِ مِلْكِهِ قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ عَلَّلُوا لِعَدَمِ وُجُوبِ الْعِدَّةِ بِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَمَا كَانُوا يَحْتَاجُونَ إلَى هَذَا التَّعْلِيلِ فَإِنَّ عِنْدَهُ الذِّمِّيَّ إذَا طَلَّقَ الذِّمِّيَّةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ إلَّا إذَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ فِي الصَّحِيحِ ، وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ تَجِبُ لَكِنْ لَا تَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ لِضَعْفِهَا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَصَارَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ

الْعِدَّةِ كَوْنُهَا تَحْتَ كَافِرٍ لَا غَيْرُ .

( قَوْلُهُ : وَتَنْكِحُ الْمُهَاجِرَةُ ) أَيْ تَارِكَةُ الدَّارِ إلَى أُخْرَى عَلَى عَزْمِ عَدَمِ الْعَوْدِ بِأَنْ تَخْرُجَ مُسْلِمَةً أَوْ ذِمِّيَّةً ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إلَخْ ) ، ثُمَّ اخْتَلَفَا لَوْ خَرَجَ بَعْدَهَا وَهِيَ بَعْدُ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ فَطَلَّقَهَا هَلْ يَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ ، قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَقَعُ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْفُرْقَةَ إذَا وَقَعَتْ بِالتَّنَافِي لَا تَصِيرُ الْمَرْأَةُ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَصِيرُ وَهُوَ أَوْجَهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَحْرَمِيَّةً لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَثَمَرَتُهُ تَظْهَرُ فِيمَا لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا لَا يَحْتَاجُ زَوْجُهَا فِي تَزَوُّجِهَا إذَا أَسْلَمَ إلَى زَوْجٍ آخَرَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي أَنَّ الْحَرْبِيَّةَ إذَا دَخَلَتْ دَارَ الْإِسْلَامِ لَمْ يَلْزَمْ الْحَرْبِيَّ وَلَدُهَا عِنْدَهُ لِعَدَمِ الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ إلَى سَنَتَيْنِ لِقِيَامِ الْعِدَّةِ قَيَّدَ بِالْمُهَاجِرَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَاجَرَ زَوْجُهَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ اتِّفَاقًا حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَأَرْبَعًا سِوَاهَا فِي الْحَالِ اتِّفَاقًا مِنْ الْحَقَائِقِ ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ : وَفُرْقَتُهَا وَقَعَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَخْ ) احْتِرَازٌ عَمَّا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا ( قَوْلُهُ : فَتَلْزَمُهَا الْعِدَّةُ ) أَيْ حَقُّهَا لِلشَّرْعِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : كَالْمُطَلَّقَةِ فِي دَارِنَا ) أَيْ مِنْ الْمُسْلِمَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُهُ إلَى سَنَتَيْنِ ) أَيْ عِنْدَهُمَا ، وَعِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَّا أَنْ تَأْتِيَ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ حِلَّهَا لِلسَّابِي دَلِيلٌ عَلَى فَرَاغِ رَحِمِهَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ

الْمَسْبِيَّةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِحُرَّةٍ وَتَأْثِيرُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحِلُّ لِلسَّابِي وَحِلُّ الْوَطْءِ دَلِيلُ فَرَاغِ الرَّحِمِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ عَلَيْهَا بِحَيْضَةٍ ، وَفَرَاغُ الرَّحِمِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْعِدَّةِ يَحْصُلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إيجَابِ الْعِدَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } ) جَمْعُ كَافِرَةٍ فَلَوْ شُرِطَتْ الْعِدَّةُ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِعُقْدَةِ نِكَاحِهِنَّ الْمَوْجُودَةِ فِي حَالِ كُفْرِهِنَّ وَبِهَذَا يَبْطُلُ قَوْلُهُمَا : وَجَبَتْ لِحَقِّ الشَّرْعِ كَيْ لَا تَخْتَلِطَ الْمِيَاهُ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْحَمْلِ مِنْ الزِّنَا ) وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الْغَيْرِ يَمْنَعُ الْوَطْءَ مُطْلَقًا وَثَابِتُ النَّسَبِ مُحْتَرَمٌ فَيَمْنَعُ النِّكَاحَ أَيْضًا دُونَ غَيْرِهِ ا هـ ا ك قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ } إلَى قَوْلِهِ { فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ } ، ثُمَّ قَالَ { : وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } فَأَوْجَبَ قَطْعَ الْعِصْمَةِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِخُرُوجِهَا إلَيْنَا ، وَالْعِصْمَةُ الْمَنْعُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ } أَيْ لَا مَانِعَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَمْتَنِعَ مِنْ الْأَزْوَاجِ لِأَجْلِ الزَّوْجِ الَّذِي كَانَ لَهَا فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَأَمَّا نَفْيُ الْعِدَّةِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ نِكَاحَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْعِدَّةِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ } فَوَجَبَ عَلَيْنَا بِظَاهِرِ الْآيَةِ أَنْ لَا نَمْنَعَ نِكَاحَهَا لِأَجْلِ زَوْجِهَا الَّذِي فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَوْ اُشْتُرِطَتْ الْعِدَّةَ يَلْزَمُ

التَّمَسُّكُ بِعَقْدِ نِكَاحِهِنَّ حَالَ كُفْرِهِنَّ فَلَا يَجُوزُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَارْتِدَادُ أَحَدِهِمَا فَسْخٌ فِي الْحَالِ ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الزَّوْجِ فَهِيَ فُرْقَةٌ بِطَلَاقٍ هُوَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْإِبَاءِ ، وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ وَعِلَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا بَيَّنَّاهُ هُنَاكَ وَأَبُو حَنِيفَةَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَوَافَقَ أَبُو يُوسُفَ فِي الرِّدَّةِ وَوَافَقَ مُحَمَّدًا فِي الْإِبَاءِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّ الرِّدَّةَ مُنَافِيَةٌ لِلنِّكَاحِ لِكَوْنِهَا مُنَافِيَةً لِلْعِصْمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْقُطُ بِهِ عِصْمَةُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَلَمْ يَبْقَ لِمِلْكِهِ حُرْمَةٌ وَالطَّلَاقُ مِنْهُ يَسْتَدْعِي قِيَامَ النِّكَاحِ فَتَعَذَّرَ جَعْلُهُ طَلَاقًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ الْإِبَاءِ فَإِنَّهُ تَفْوِيتُ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ بِالْإِبَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ وَفُرِّقَ أَيْضًا بَيْنَ الْفُرْقَةِ بِالْإِبَاءِ وَبَيْنَ الْفُرْقَةِ بِخِيَارِ الْبُلُوغِ أَنَّ الْفُرْقَةَ بِالْخِيَارِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ ، وَالْعَقْدُ إذَا انْفَسَخَ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَالْأَحْكَامُ بِهِ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْمَهْرِ إذَا كَانَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِخِلَافِ الْإِبَاءِ وَفَرَّقَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَ الْفُرْقَةِ بِإِبَاءٍ وَرِدَّةٍ وَبَيْنَ الْفُرْقَةِ بِمِلْكِ أَحَدِهِمَا صَاحِبَهُ وبالْمَحْرَمِيَّةِ فَقَالَ : إنَّ الْفُرْقَةَ بِالْإِبَاءِ وَالرِّدَّةِ قَوْلِيَّةٌ كَالطَّلَاقِ وَبِالْمِلْكِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ حُكْمِيَّةٌ كَالْمَوْتِ ، وَلَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ عَرْضِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْآخَرِ انْفَسَخَ النِّكَاحُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بَاقِيًا إلَى أَنْ يُحْكَمَ بِالْفُرْقَةِ فَتُنَافِيهِ الرِّدَّةُ ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ فَسْخٌ فِي الْحَالِ احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّ عِنْدَهُ إنْ كَانَتْ الرِّدَّةُ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا تَبِينُ مِنْهُ حَتَّى تَمْضِيَ ثَلَاثَةُ

قُرُوءٍ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ تَبِينُ فِي الْحَالِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا وَلَكِنْ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ وَجَعَلَهُ كَالْإِبَاءِ وَنَحْنُ نَقُولُ الِارْتِدَادُ مُنَافِيهِ وَاعْتِرَاضُ الْمُنَافِي يُوجِبُ الْفُرْقَةَ كَالْمَحْرَمِيَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِ ، بَلْخٍ وَسَمَرْقَنْدَ كَانُوا يُفْتُونَ بِعَدَمِ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِالرِّدَّةِ حَسْمًا لِبَابِ الْمَعْصِيَةِ وَعَامَّتُهُمْ يَقُولُونَ يَقَعُ الْفَسْخُ وَلَكِنْ تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ لِزَوْجِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَمَشَايِخُ بُخَارَى كَانُوا عَلَى هَذَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلِلْمَوْطُوءَةِ الْمَهْرُ ) أَيْ لِلْمُرْتَدَّةِ الْمَدْخُولِ بِهَا الْمَهْرُ كُلُّهُ ، سَوَاءٌ كَانَتْ الرِّدَّةُ مِنْهَا أَوْ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ بِالدُّخُولِ فَلَا يُتَصَوَّرُ سُقُوطُهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِغَيْرِهَا النِّصْفُ إنْ ارْتَدَّ ) أَيْ وَلِغَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ نِصْفُ الْمَهْرِ إنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الزَّوْجُ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ تُوجِبُ نِصْفَ الْمَهْرِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ ارْتَدَّتْ لَا وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْمُرْتَدَّةُ قَبْلَ الدُّخُولِ هِيَ الْمَرْأَةُ لَا يَجِبُ لَهَا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِمَعْصِيَةٍ تُوجِبُ سُقُوطَهُ لِحُصُولِ التَّفْوِيتِ مِنْهَا قَوْلُهُ وَالْإِبَاءُ نَظِيرُهُ أَيْ نَظِيرُ الِارْتِدَادِ حَتَّى إذَا كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ مِنْ أَيُّهُمَا كَانَ يَجِبُ الْمَهْرُ كُلُّهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ كَانَ مِنْهُ يَجِبُ النِّصْفُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا فِي ارْتِدَادِهَا .

قَوْلُهُ : لِكَوْنِهَا مُنَافِيَةً لِلْعِصْمَةِ ) أَيْ وَالْمُنَافِي لَا يَحْتَمِلُ التَّرَاخِيَ بِخِلَافِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنَافٍ لِلْعِصْمَةِ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ ) وَاعْتَرَضَ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُنَافِي مِلْكَ الْعَيْنِ ، بَلْ يَصِيرُ مَوْقُوفًا فَمَا بَالُ مِلْكِ النِّكَاحِ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ ، وَالثَّانِي أَنَّ الرِّدَّةَ لَوْ كَانَتْ مُنَافِيَةً لَمَا وَقَعَ طَلَاقُ الْمُرْتَدِّ عَلَى امْرَأَتِهِ بَعْدَ الرِّدَّةِ كَمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ لَكِنَّهُ يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ إنَّمَا يَرْجِعُ إلَى الْمَحَلِّ ، فَالِابْتِدَاءُ وَالْبَقَاءُ فِيهِ سَوَاءٌ وَالرِّدَّةُ تُنَافِي النِّكَاحَ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً وَتَوَقَّفَ تَحْصِيلُ مِلْكِ الْعَيْنِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءً فَكَذَا بَقَاءً وَعَنْ الثَّانِي أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ تَابِعٌ لِإِمْكَانِ ظُهُورِ أَثَرِهِ وَحَيْثُ كَانَتْ الْمَحَلِّيَّةُ مُتَصَوَّرَةَ الْعَوْدِ بِالتَّوْبَةِ أَمْكَنَ ظُهُورُ أَثَرِهِ ، وَعَنْ هَذَا قَالُوا إذَا ارْتَدَّ الرَّجُلُ وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ عَلَى الْمَرْأَةِ طَلَاقُهُ ؛ لِأَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ مُنَافٍ لِلنِّكَاحِ فَكَانَ مُنَافِيًا لِلطَّلَاقِ الَّذِي هُوَ مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ فَإِنْ عَادَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّ الْمُنَافِيَ وَهُوَ تَبَايُنُ الدَّارَيْنِ قَدْ ارْتَفَعَ وَمَحَلِّيَّةُ الطَّلَاقِ بِالْعِدَّةِ وَهِيَ قَائِمَةٌ فَيَقَعُ ، وَإِذَا ارْتَدَّتْ الْمَرْأَةُ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الزَّوْجِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ سَقَطَتْ عَنْهَا عِنْدَهُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ كَالْمَيِّتِ فِي حَقِّهَا وَبَقَاءُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ مُسْتَحِيلٌ وَالْعِدَّةُ مَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ إلَّا بِعَوْدِ سَبَبِهَا بِخِلَافِ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ هُنَاكَ بَاقِيَةٌ بِبَقَاءِ مَحَلِّهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنَّ تَبَايُنَ الدَّارَيْنِ كَانَ مَانِعًا

مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِذَا ارْتَفَعَ الْمَانِعُ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ وَقَعَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَقَعُ الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ بَاقِيَةٌ عِنْدَهُ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا تَتَوَقَّفُ الْفُرْقَةُ ) تَوْضِيحٌ لِكَوْنِ الرِّدَّةِ مُنَافِيَةً لِلطَّلَاقِ دُونَ الْإِبَاءِ ا هـ ا ك ( قَوْلُهُ : وَلَكِنْ تُجْبَرُ عَلَى النِّكَاحِ لِزَوْجِهَا إلَخْ ) وَلِكُلِّ قَاضٍ أَنْ يُجَدِّدَ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا بِمَهْرٍ يَسِيرٍ ، وَلَوْ بِدِينَارٍ رَضِيَتْ أَمْ لَا وَتَعَزُّرٍ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فَلِلْمَوْطُوءَةِ الْمَهْرُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : ثُمَّ إنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرْتَدُّ فَلَهَا كُلُّ الْمَهْرِ إنْ دَخَلَ بِهَا وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ أَيْضًا وَنِصْفُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ هِيَ الْمُرْتَدَّةُ فَلَهَا الْكُلُّ إنْ دَخَلَ بِهَا وَلَا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا مَهْرَ وَلَا نَفَقَةَ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ ارْتَدَّ أَوْ أَسْلَمَا مَعًا لَمْ تَبِنْ ) قَالَ زُفَرُ تَبِينُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ رِدَّةَ أَحَدِهِمَا مُنَافِيَةٌ وَفِي رِدَّتِهِمَا رِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَزِيَادَةً فَكَانَ أَوْلَى بِالْبَيْنُونَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ مُنَافٍ ابْتِدَاءً ، فَيَكُونُ مُنَافِيًا بَقَاءً كَرِدَّةِ أَحَدِهِمَا وكالمحرمية ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ بَنِي حَنِيفَةَ ارْتَدُّوا ، ثُمَّ أَسْلَمُوا وَلَمْ تَأْمُرْهُمْ الصَّحَابَةُ بِتَجْدِيدِ الْأَنْكِحَةِ وَارْتِدَادُهُمْ وَإِسْلَامُهُمْ وَاقِعٌ مَعًا لِجَهَالَةِ التَّارِيخِ فَتَرَكْنَا الْقِيَاسَ بِإِجْمَاعِهِمْ وَلَا يُقَالُ إنَّ ارْتِدَادَهُمْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقَعَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فَأَنَّى يَسْتَقِيمُ الِاسْتِدْلَال بِهِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عِنْدَ جَهَالَةِ التَّارِيخِ يُجْعَلُ كَأَنَّ الْكُلَّ وُجِدَ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَمَوْتِ الْغَرْقَى وَالْحَرْقَى وَالْهَدْمَى حَتَّى لَا يَرِثَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ؛ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ بِهِمَا دَيْنٌ وَلَا دَارٌ فَيَبْقَى مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ كَمَا إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجَانِ مَعًا وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ ارْتِدَادَهُمَا مَعًا وَإِسْلَامَهُمَا دَلِيلُ الْمُوَافَقَةِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى النِّكَاحِ بِخِلَافِ ارْتِدَادِ أَحَدِهِمَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ بِرِدَّةِ أَحَدِهِمَا لِظُهُورِ الْخُبْثِ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ بِالطَّيِّبِ وَهَذَا الْمَعْنَى مُنْتَفٍ هُنَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الِابْتِدَاءِ مَنْعُ الْبَقَاءِ كَعِدَّةِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الِابْتِدَاءَ دُونَ الْبَقَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَانَتْ لَوْ أَسْلَمَا مُتَعَاقِبًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَقَدَّمَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا بَقِيَ الْآخَرُ عَلَى رِدَّتِهِ فَتَحَقَّقَ الِاخْتِلَافُ ، وَهَذَا لِأَنَّ إصْرَارَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَإِنْشَائِهِ فِيهَا فَتُضَافُ الْفُرْقَةُ إلَيْهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ الْمُتَأَخِّرَةُ هِيَ الْمَرْأَةُ قُبَيْلَ الدُّخُولِ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَإِنْ تَأَخَّرَ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَلَوْ كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً تَحْتَ مُسْلِمٍ فَتَمَجَّسَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62