كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

قَالَ ( وَشَعْرِ الْإِنْسَانِ ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ شَعْرِ الْإِنْسَانِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ مُكَرَّمٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جُزْؤُهُ مُهَانًا ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ } ، وَإِنَّمَا لُعِنَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إهَانَةِ الْمُكَرَّمِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ أَجَازَ الِانْتِفَاعَ بِشَعْرِ الْآدَمِيِّ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ حَلَقَ رَأْسَهُ قَسَمَ شَعْرَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ فَكَانُوا يَتَبَرَّكُونَ بِهِ } وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا فَعَلَ فَإِنَّهُ لَا يُتَبَرَّكُ بِالنَّجَسِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ { أَبَا طَيْبَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ شَرِبَ دَمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَصْدِ التَّبَرُّكِ بِهِ نَهَاهُ أَنْ يَعُودَ إلَى مِثْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ } قُلْنَا : حُرْمَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ لِكَرَامَتِهِ لَا لِنَجَاسَتِهِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ فَبَطَلَ الِاسْتِدْلَال بِهَا وَيُرَخَّصُ فِيمَا يُتَّخَذُ مِنْ الْوَبَرِ فَيُزَادُ عَلَى قُرُونِ النِّسَاءِ وَذَوَائِبِهِنَّ .

قَالَ ( وَجِلْدِ الْمَيْتَةِ قَبْلَ الدَّبْغِ ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا } فِيمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَصَارَ كَلَحْمِ الْمَيْتَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ النَّجِسِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّ نَجَاسَتَهُ لَيْسَتْ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ قَالَ ( وَبَعْدَهُ يُبَاعُ وَيُنْتَفَعُ بِهِ كَعَظْمِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا وَصُوفِهَا وَقَرْنِهَا وَوَبَرِهَا ) يَعْنِي بَعْدَ الدِّبَاغِ يَجُوزُ بَيْعُهُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ عَظْمِ الْمَيْتَةِ إلَى آخِرِهِ ؛ لِأَنَّهُ طَهُرَ بِالدِّبَاغِ وَالْعَظْمُ وَنَحْوُهُ طَاهِرٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَجَازَ بَيْعُهُ وَلُحُومُ السِّبَاعِ وَشُحُومُهَا وَجُلُودُهَا بَعْدَ الذَّكَاةِ كَجُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا غَيْرُ الْأَكْلِ لِطَهَارَتِهَا بِالذَّكَاةِ إلَّا جِلْدَ الْخِنْزِيرِ فَإِنَّهُ نَجِسُ الْعَيْنِ فَلَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ وَيَجُوزُ بَيْعُ عَظْمِ الْفِيلِ وَالِانْتِفَاعُ بِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَالْخِنْزِيرِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا كَالسِّبَاعِ .

( قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ الِانْتِفَاعِ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ وَعَصَبِهَا } ) مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ وَعِظَامِهَا إذَا دُبِغَ وَعَصَبِهَا وَعَقِبِهَا وَصُوفِهَا وَوَبَرِهَا وَقَرْنِهَا قَالَ : لَا بَأْسَ بِالِانْتِفَاعِ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَبَيْعِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ نَجَاسَتَهُ مِنْ الرُّطُوبَاتِ الْمُتَّصِلَةِ ) فَإِنْ قِيلَ نَجَاسَتُهَا أَيْ جُلُودِ الْمَيْتَةِ لَيْسَ إلَّا لِمَا يُجَاوِرُهَا مِنْ الرُّطُوبَاتِ النَّجِسَةِ فَهِيَ مُتَنَجِّسَةٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُهَا كَالثَّوْبِ النَّجِسِ أُجِيبَ بِأَنَّ النَّجَسَ مِنْهَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ الْخِلْقَةِ فَمَا لَمْ يُزَايِلْهُ فَهِيَ كَعَيْنِ الْجِلْدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْجِلْدُ نَجِسَ الْعَيْنِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَالدُّهْنِ النَّجِسِ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ فِيهِ عَارِضَةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُ الثَّوْبِ بِهَا فِيهِ وَهَذَا السُّؤَالُ لَيْسَ فِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَوَّلًا لِيَحْتَاجَ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ فَإِنَّهُ مَا عَلَّلَ الْمَنْعَ إلَّا بِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ ، وَإِنَّمَا يَرُدُّ عَلَى مَنْ عَلَّلَ النَّجَاسَةَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَلَّلَ بِهَا بُطْلَانَ بَيْعٍ أَصْلًا فَإِنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ دَائِرٌ مَعَ حُرْمَةِ الِانْتِفَاعِ وَهِيَ عَدَمُ الْمَالِيَّةِ فَإِنَّ بَيْعَ السِّرْقِينِ جَائِزٌ وَهُوَ نَجِسُ الْعَيْنِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَأَمَّا جَوَازُ بَيْعِهَا بَعْدَ الدِّبَاغَةِ لِحِلِّ الِانْتِفَاعِ بِهَا شَرْعًا وَالْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا زِيَادَةٌ ثَبَتَتْ شَرْعًا عَلَى خِلَافِ قَوْلِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ لِطَهَارَتِهَا ) أَيْ لِطَهَارَتِهَا بِالذَّكَاةِ قَدَّمَ الشَّارِحُ فِي الْأَسْآرِ أَنْ الصَّحِيحَ أَنَّ اللَّحْمَ لَا يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ فَرَاجِعْهُ ا هـ .

قَالَ ( وَعُلُوٍّ سَقَطَ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ عُلُوٍّ بَعْدَمَا سَقَطَ ؛ لِأَنَّ لَهُ حَقُّ التَّعَلِّي لَا غَيْرَ وَهُوَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمَحِلُّ الْبَيْعِ الْمَالُ وَهُوَ مَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ وَقَبْضُهُ وَالْهَوَاءُ لَا يُمْكِنُ إحْرَازُهُ وَقَبْضُهُ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ الِانْهِدَامِ بِاعْتِبَارِ الْبِنَاءِ الْقَائِمِ وَلَمْ يَبْقَ بِخِلَافِ الشُّرْبِ حَيْثُ يَصِحُّ بَيْعُهُ تَبَعًا بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَمَقْصُودًا فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ ؛ لِأَنَّهُ نَصِيبٌ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ مَالٌ ، وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ حَتَّى لَوْ سَقَى بِهِ رَجُلٌ أَرْضَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ، وَكَذَا لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ شِرَاءَ أَرْضٍ بِشِرْبِهَا بِأَلْفٍ فَشَهِدَ شَاهِدٌ بِذَلِكَ وَسَكَتَ الْآخَرُ عَنْ الشِّرْبِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي ثَمَنِ الْأَرْضِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ وَإِنْ سَقَطَ الْعُلُوُّ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَهُ حَقُّ التَّعَلِّي ) وَقَدْ صَرَّحَ الْأَتْقَانِيُّ وَالزَّيْلَعِيُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي بِأَنَّ حَقَّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الشِّرْبِ ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنَّ الشِّرْبَ حَقُّ الْأَرْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ فَأَجَابَ بِهَذَا ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ جَوَازُ بَيْعِ الشِّرْبِ مَعَ الْأَرْضِ اتِّفَاقُ الرِّوَايَاتِ فِيمَا إذَا كَانَ الشِّرْبُ شِرْبَ تِلْكَ الْأَرْضِ ، أَمَّا إذَا بَاعَ الْأَرْضَ مَعَ شِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ا هـ غَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ : أَمَّا إذَا بَاعَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِ غَيْرِهَا فَفِي صِحَّتِهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُفْرَدًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَزْدَادَ نَوْبَتُهُ ا هـ قَوْلُهُ : وَمَقْصُودًا ) أَيْ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ ) أَيْ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بَلْخٍ ) أَيْ كَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلْخٍ تَعَامَلُوا ذَلِكَ لِحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ لِلتَّعَامُلِ كَمَا جُوِّزَ السَّلَمُ لِلضَّرُورَةِ وَالِاسْتِصْنَاعُ لِلتَّعَامُلِ ا هـ كَمَالٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ مَشَايِخُ بَلْخٍ كَأَبِي بَكْرٍ الْإِسْكَافِ وَمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ يُجَوِّزُونَ بَيْعَ الشِّرْبِ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَزْدَادَ نَوْبَةُ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ أَهْلَ بَلْخٍ تَعَامَلُوا ذَلِكَ لِحَاجَتِهِمْ إلَى ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ سَقَى بِهِ رَجُلٌ أَرْضَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ) أَيْ وَكَذَا إذَا اسْتَحَقَّ الشِّرْبَ يَبْطُلُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ ، وَأَمَّا ضَمَانُهُ بِالْإِتْلَافِ فَهُوَ بِأَنْ يَسْقِيَ أَرْضَهُ بِشِرْبِ غَيْرِهِ فَهُوَ رِوَايَةُ الْبَزْدَوِيِّ وَعَلَى رِوَايَةِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ لَا يَضْمَنُ

وَقِيلَ يَضْمَنُ إذَا جَمَعَ الْمَاءَ ثُمَّ أَتْلَفَهُ وَلَا يَضْمَنُ قَبْلَ الْجَمْعِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِلْزَامُ بِهِ مِنْ رَدِّ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ إلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُخَالِفُ وَعَنْ الشَّيْخِ جَلَالِ الدِّينِ ابْنِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَصَرَ ضَمَانَهُ بِالْإِتْلَافِ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَشْهَدَ بِهِ لِآخَرَ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ الْقَضَاءِ ، وَقَالَ لَا وَجْهَ لِلضَّمَانِ بِالِاتِّفَاقِ إلَّا بِهَذِهِ الصُّورَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ بِغَيْرِهَا فَإِمَّا بِالسَّقْيِ أَوْ بِمَنْعِ حَقِّ الشِّرْبِ لَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَدِيثِ وَلَا إلَى الثَّانِي ؛ لِأَنَّ مَنْعَ حَقِّ الْغَيْرِ لَيْسَ سَبَبًا لِلضَّمَانِ بَلْ السَّبَبُ مَنْعُ مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يُوجَدْ ، وَأَمَّا أَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ وَهُوَ عَيْنٌ أَوْ شَيْءٌ يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَيْنًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ وَهُوَ بِعَرَضِيَّةِ وُجُودِهِ كَالسَّلَمِ وَالِاسْتِصْنَاعِ ثُمَّ بِتَقْدِيرِ أَنَّهُ حَظٌّ مِنْ الْمَاءِ فَهُوَ مَجْهُولُ الْمِقْدَارِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذَا وَجْهٌ مَنْعِ مَشَايِخِ بُخَارَى بَيْعَهُ مُفْرَدًا قَالُوا وَتَعَامُلُ أَهْلِ بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ هُوَ التَّعَامُلُ الَّذِي يُتْرَكُ بِهِ الْقِيَاسُ بَلْ ذَلِكَ تَعَامُلُ أَهْلِ الْبِلَادِ لِيَصِيرَ إجْمَاعًا كَالِاسْتِصْنَاعِ وَالسَّلَمُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ وَالضَّرُورَةُ فِي بَيْعِ الشِّرْبِ مُفْرَدًا عَلَى الْعُمُومِ مُنْتَفِيَةٌ بَلْ إنْ تَحَقَّقَ فَحَاجَةُ بَعْضِ النَّاسِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَبِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِاخْتِلَافِهِمَا فِي ثَمَنِ الْأَرْضِ ) أَيْ لِأَنَّ بَعْضَ الثَّمَنِ يُقَابِلُ الشِّرْبَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ اخْتِيَارُ مَشَايِخِ بُخَارَى لِلْجَهَالَةِ ) أَيْ لَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ مَعَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْجَهَالَةِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ .

وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَسِيلِ وَهِبَتُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ وَالْمَسْأَلَةُ تَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا بَيْعُ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ وَالثَّانِي بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ وَحَقِّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلَ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ رَقَبَةَ الطَّرِيقِ مَعْلُومُ الطُّولِ وَالْعَرْضِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ ، وَأَمَّا رَقَبَةُ الْمَسِيلِ فَمَجْهُولٌ ؛ لِأَنَّ مِقْدَارَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ مِنْ الْأَرْضِ مُخْتَلِفٌ يَخْتَلِفُ بِقِلَّةِ الْمَاءِ وَكَثْرَتِهِ حَتَّى لَوْ بَيَّنَ حُدُودَهُ جَازَ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ رَقَبَةَ النَّهْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْمَسِيلِ أَوْ بَاعَ جُزْءًا شَائِعًا مِنْهُ جَازَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الثَّانِي فَفِي بَيْعِ حَقِّ الْمُرُورِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ يَجُوزُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسْيِيلِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ مَعْلُومٌ وَهُوَ الطَّرِيقُ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَمَّا التَّسْيِيلُ فَمُتَعَلِّقٌ بِمَجْهُولٍ ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْمَسِيلِ وَهُوَ مَجْهُولٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَ حَقِّ التَّعَلِّي حَيْثُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَبَيْنَ حَقِّ الْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ سِمَاعَةَ أَنَّ حَقَّ الْمُرُورِ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْأَرْضِ وَرَقَبَةُ الْأَرْضِ مَالٌ وَهُوَ عَيْنٌ فَمَا تَعَلَّقَ بِهِ كَانَ لَهُ حُكْمُ الْمَالِ وَحَقُّ التَّعَلِّي مُتَعَلِّقٌ بِالْهَوَاءِ وَالْهَوَاءُ لَيْسَ بِعَيْنِ مَالٍ وَلَا لَهُ حُكْمُ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ .

( قَوْلُهُ وَالثَّانِي بَيْعُ حَقِّ الْمُرُورِ ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّطَرُّقُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَوَّلَ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ وَهُوَ بَيْعُ رَقَبَةِ الطَّرِيقِ وَالْمَسِيلِ أَيْ مَعَ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الطَّرِيقَ مَعْلُومٌ ؛ لِأَنَّ لَهُ طُولًا وَعَرْضًا مَعْلُومًا فَإِنْ بَيَّنَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ جَازَ أَيْضًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْمَسِيلَةِ هُنَا فَإِنَّهُ يَجْعَلُ مِقْدَارَ بَابِ الدَّارِ الْعُظْمَى وَطُولَهُ إلَى السِّكَّةِ النَّافِذَةِ أَمَّا الْمَسِيلُ فَمَجْهُولٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ وَمِنْ هُنَا عُرِفَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسِيلَةِ مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ مِقْدَارَ الطَّرِيقِ وَالتَّسْيِيلِ ، أَمَّا لَوْ بَيَّنَ حَدَّا مَا يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ أَوْ بَاعَ الْأَرْضَ الْمَسِيلَ مِنْ نَهْرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ حَقِّ التَّسْيِيلِ فَهُوَ جَائِزٌ بَعْدَ أَنْ يُبَيِّنَ حُدُودَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُ الطَّرِيقِ وَهِبَتُهُ دُونَ الْمَسِيلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ الزِّيَادَاتِ لَا يَجُوزُ ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ مِنْ الْحُقُوقِ وَبَيْعُ الْحُقُوقِ بِالِانْفِرَادِ لَا يَجُوزُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : أَمَّا التَّسْيِيلُ ) أَيْ فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّطْحِ فَهُوَ نَظِيرُ حَقِّ التَّعَلِّي وَبَيْعُ حَقِّ التَّعَلِّي لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ وَإِنْ كَانَ عَلَى رَقَبَةِ الْأَرْضِ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِجَهَالَةِ قَدْرِ مَا يَشْغَلُهُ الْمَاءُ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ ( وَأَمَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ ، وَكَذَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ شَخْصًا عَلَى أَنَّهُ أَمَةٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَمَةٌ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ اخْتِلَافُ الْوَصْفِ إذْ الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ وَصْفٌ فِي الْحَيَوَانِ وَهُوَ يُوجِبُ الْخِيَارَ لَا الْفَسَادَ كَمَا فِي الْبَهَائِمِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى كَبْشًا مَثَلًا فَإِذَا هُوَ نَعْجَةٌ أَوْ بِالْعَكْسِ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ خَبَّازٌ أَوْ كَاتِبٌ فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِتَفَاحُشِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَقَاصِدِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الِاسْتِخْدَامُ خَارِجَ الدَّارِ وَمِنْ الْأَمَةِ الِاسْتِخْدَامُ دَاخِلَ الدَّارِ كَالطَّبْخِ وَالْكَنْسِ وَالِاسْتِفْرَاشِ وَالِاسْتِيلَادِ فَصَارَتْ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ الذُّكُورَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِتَقَارُبِ الْمَقْصُودِ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اللَّحْمُ وَالْحَمْلُ وَالرُّكُوبُ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ الْحَيَوَانِ يَصْلُحَانِ لِذَلِكَ فَكَانَا جِنْسًا وَاحِدًا وَاخْتِلَافُ الْجِنْسِ يَكُونُ بِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْخَلَّ وَالدِّبْسَ جِنْسَانِ لِمَا قُلْنَا وَإِنْ اتَّحَدَ أَصْلُهُمَا ثُمَّ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالْمُسَمَّى إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُسَمَّى وَالْمُشَارُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ مِنْ الْإِشَارَةِ ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا صَارَ الذَّاتُ مُعَيَّنًا وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَالتَّسْمِيَةُ لِإِعْلَامِ الْمَاهِيَّةِ وَهُوَ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى أَصْلِ الذَّاتِ فَكَانَ أَبْلَغَ فِي التَّعْرِيفِ وَيَحْتَاجُ فِي مَقَامِ التَّعْرِيفِ إلَى مَا هُوَ أَبْلَغُ فِيهِ فَكَانَتْ

الْإِشَارَةُ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ فِي مُتَّحِدِي الْجِنْسِ ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ ذَاتًا وَالْوَصْفُ يَتْبَعُهُ فَأَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ تُجْعَلَ الْإِشَارَةُ لِلتَّعْرِيفِ وَالتَّسْمِيَةُ لِلتَّرْغِيبِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ فَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ بِخِلَافِ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فِيهِ مِثْلُ الْمُشَارِ إلَيْهِ وَلَيْسَ بِتَابِعٍ لَهُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ فَيُعْتَبَرُ الْأَعْرَفُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْعُقُودِ كُلِّهَا كَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَالْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ يَقَعُ الْبَيْعُ بَاطِلًا عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي السَّلَمِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ فَاسِدٌ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْمُسَمَّى وَأَشَارَ إلَى غَيْرِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّمَ غَيْرَهُ وَذَلِكَ فَاسِدٌ وَالْإِجَارَةُ مِثْلُ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهَا تَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَالنِّكَاحُ وَأَشْبَاهُهُ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَلَكِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى يُمْكِنُ ضَبْطُهُ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ الْمَوْصُوفَةِ أَوْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ يَجِبُ الْمُسَمَّى وَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ سَمَّاهُ وَلَمْ يُشِرْ إلَى شَيْءٍ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ضَبْطُهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ فِي الذِّمَّةِ .

( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَأَمَةٍ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدٌ ، وَكَذَا عَكْسُهُ ) قَالَ الْكَمَالُ إذَا اشْتَرَى هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفٍ فَظَهَرَتْ غُلَامًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِعَدَمِ الْمَبِيعِ وَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا تَبْتَنِي عَلَى الْأَصْلِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْمَهْرِ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ تَسْمِيَةٌ وَإِشَارَةٌ إلَى شَيْءٍ كَمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْجَارِيَةِ حَيْثُ أَشَارَ إلَى ذَاتٍ وَسَمَّاهَا جَارِيَةً ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْأُنُوثَةُ وَصْفٌ فِي الْحَيَوَانِ ) أَيْ فَلَا يَتَبَدَّلُ بِهَا مَعْنَى الذَّاتِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَبْدِ الِاسْتِخْدَامُ خَارِجَ الدَّارِ ) أَيْ كَالزِّرَاعَةِ وَالتِّجَارَةِ وَالْحِرَاثَةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَمِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ بَنِي آدَمَ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْمُسَمَّى وَالْمُشَارُ إلَيْهِ ) أَيْ وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ لِانْعِدَامِ الْمُسَمَّى ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لِتَعْرِيفِ الذَّاتِ ) أَيْ الْحَاضِرَةِ وَالتَّسْمِيَةُ تُعَرِّفُ الْحَقِيقَةَ الْمُنْدَرِجَةَ فِيهَا تِلْكَ الذَّاتُ وَغَيْرُهَا مِنْ ذَوَاتٍ لَا تُحْصَى مَعْرُوفَةٍ عِنْدَ الْعَقْلِ بِأَشْبَاهِهَا لِتِلْكَ الذَّاتِ وَغَيْرِهَا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ فَكَانَتْ الْإِشَارَةُ ) أَيْ فَإِذَا عَلِمَ ذَلِكَ كَانَتْ الْإِشَارَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ إذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِي الْغَايَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِي شَرْحِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا الْبَيْعِ قَالَ بَعْضُهُمْ بَاطِلٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ فَاسِدٌ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ ، وَقَالَ كَذَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ أَقُولُ هَذَا اخْتِلَافٌ عَجِيبٌ وَنُقِلَ عَنْ الْكَرْخِيِّ عَجِيبٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ تَنْصِيصًا عَلَى الْبُطْلَانِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا النَّفْيِ يَدُلُّ عَلَى الْبَاطِلِ لَا الْفَاسِدِ فَكَيْفَ يَصِحُّ بَعْدَ

هَذَا قَوْلُهُ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ بَاطِلٌ أَوْ فَاسِدٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَرْخِيَّ صَرَّحَ فِي مُخْتَصَرِهِ بِأَنَّ اخْتِلَافَ الصِّفَةِ إذَا أَوْجَبَ اخْتِلَافًا فَاحِشًا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ ثُمَّ فِي اخْتِلَافِ الْجِنْسِ إذَا بَاعَ فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَكَانَ زُجَاجًا أَوْ بَاعَ هَذَا الثَّوْبَ عَلَى أَنَّهُ خَزٌّ فَإِذَا هُوَ مَرْعَزِيٌّ قَالَ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ا هـ وَالْعَجَبُ مِنْ هَذَا التَّعْجِيبِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا يَحْتَمِلُ نَفْيَ الصَّحِيحِ وَيَحْتَمِلُ النَّفْيَ مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْأَتْقَانِيِّ إنَّ هَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى الْبُطْلَانِ مَمْنُوعٌ وَتَعْلِيلُهُ مُصَادَرَةٌ فَجَعْلُ الْبَيْعَ فَاسِدًا لَهُ وَجْهٌ عَلَى تَقْدِيرِ الِاحْتِمَالِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا عَلَى وَجْهِ التَّسْلِيمِ ، وَأَمَّا تَصْرِيحُ الْكَرْخِيِّ بِأَنَّهُ مِثْلُ مُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ فَهُوَ مِثْلُهُ فِي الِاخْتِلَافِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الصِّحَّةِ لَا فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَاطِلٌ وَيَكُونُ الْوُقُوفُ عَلَى كَلَامِ الْكَرْخِيِّ بِأَنَّهُ فَاسِدٌ قَرِينَةُ هَذَا الْحَمْلِ تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلَامَيْهِ وَلَا يُظَنُّ بِصَاحِبِ النِّهَايَةِ نَقْلُ مَا لَا يُوجَدُ فِي كَلَامِ الْكَرْخِيِّ غَايَتُهُ عَدَمُ وُقُوفِ الْأَتْقَانِيِّ عَلَى ذَلِكَ ، هَذِهِ الْحَاشِيَةُ مِنْ فَوَائِدِ الشَّيْخِ مُحِبِّ الدِّينِ الْأَقْصِرَائِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ ا هـ .

قَالَ ( وَشِرَاءُ مَا بَاعَ بِالْأَقَلِّ قَبْلَ النَّقْدِ ) وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا يَجُوزُ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَيِّ قَدْرٍ كَانَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا إذَا بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ أَوْ مِنْهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ بِأَقَلَّ بَعْدَ النَّقْدِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَتِهِ أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَدَخَلَتْ مَعَهَا أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقَالَتْ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنِّي بِعْت غُلَامًا مِنْ زَيْدٍ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَإِنِّي ابْتَعْته مِنْهُ بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ بِئْسَمَا شَرَيْت وَبِئْسَمَا شَرَى إنَّ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ بَطَلَ إلَّا أَنْ يَتُوبَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ فَهَذَا الْوَعِيدُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعَقْدَ فَاسِدٌ وَهُوَ لَا يُدْرَكُ بِالرَّأْيِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَالَتْهُ سَمَاعًا وَلَا يُقَالُ قَدْ رُوِيَ أَنَّهَا قَالَتْ إنِّي بِعْته إلَى الْعَطَاءِ فَلَعَلَّهَا أَنْكَرَتْ عَلَيْهَا لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَرَى الْبَيْعَ إلَى الْعَطَاءِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِذَا عَادَ إلَيْهِ عَيْنُ مَالِهِ بِالصِّفَةِ الَّتِي خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ وَصَارَ بَعْضُ الثَّمَنِ قِصَاصًا بِبَعْضٍ بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلٌ بِلَا عِوَضٍ فَكَانَ ذَلِكَ رِبْحَ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَهُوَ حَرَامٌ بِالنَّصِّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهِ حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَمَا دَخَلَ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لَهُ كَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَعَبْدِهِ وَمُكَاتَبِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ

شِرَاءِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَبَايِنَةٌ بِخِلَافِ الْمَمْلُوكِ لِأَنَّ كَسْبَهُ لِسَيِّدِهِ وَلَهُ فِي كَسْبِ مُكَاتَبِهِ حَقُّ الْمِلْكِ فَكَانَ تَصَرُّفُهُ كَتَصَرُّفِهِ وَلَهُ أَنَّ شِرَاءَ هَؤُلَاءِ كَشِرَاءِ الْبَائِعِ بِنَفْسِهِ لِاتِّصَالِ مَنَافِعِ الْمَالِ بَيْنَهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ إذَا عَقَدَ مَعَ هَؤُلَاءِ وَلَوْ اشْتَرَى مَا بِيعَ لَهُ بِأَنْ بَاعَ وَكِيلُهُ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا بَاعَ بِإِذْنِهِ صَارَ كَبَيْعِهِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْأَقَلِّ ، وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ رَجُلًا بِبَيْعِ عَبْدِهِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ أَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِأَمْرِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ ، أَمَّا شِرَاؤُهُ لِنَفْسِهِ فَلِأَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ بَائِعٌ لِنَفْسِهِ فِي حَقِّ الْحُقُوقِ فَكَانَ هَذَا شِرَاءَ الْبَائِعِ مِنْ وَجْهٍ وَالثَّابِتُ مِنْ وَجْهٍ كَالثَّابِتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ ، وَأَمَّا لِغَيْرِهِ فَلِأَنَّ شِرَاءَ الْمَأْمُورِ وَاقِعٌ لَهُ مِنْ حَيْثُ الْحُقُوقُ فَكَانَ هَذَا شِرَاءَ مَا بَاعَ لِنَفْسِهِ مِنْ وَجْهٍ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ وَارِثٍ مُشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ الْمُوَرِّثُ لَمْ يَجُزْ لِقِيَامِ الْوَارِثِ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى وَارِثُ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ بِهِ مُوَرِّثُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَالْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِيمَا يَرِثُ لَا فِيمَا لَا يَرِثُ وَوَارِثُ الْبَائِعِ لَمْ يَقُمْ مَقَامَ الْبَائِعِ فِي هَذَا الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الشِّرَاءَ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَمْلِكُ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي ذَلِكَ ، وَأَمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي فَقَائِمٌ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فِي هَذَا الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ

الْبَيْعِ لَهُ مِنْ أَحْكَامِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ فَإِنَّهُ مَا كَانَ يَمْلِكُ الْبَيْعَ حَالَ حَيَاةِ مُوَرِّثِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ مُوَرِّثِهِ وَلَمَّا قَامَ وَارِثُ الْمُشْتَرِي مَقَامَهُ فِي بَيْعِ هَذِهِ الْعَيْنِ بِحُكْمِ الْإِرْثِ صَارَ بَيْعُ الْوَارِثِ وَبَيْعُ الْمُوَرِّثِ سَوَاءً وَكَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ وَارِثِهِ وَشَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَجُلٍ أَوْ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ أَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ سَبَبِ الْمِلْكِ كَاخْتِلَافِ الْعَيْنِ أَصْلُهُ حَدِيثُ بَرِيرَةَ حَيْثُ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ } وَشَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ عَلَى حَالِهِ لَمْ يُنْتَقَصْ ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَبَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ رِبْحٌ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ الرِّبْحُ إذَا صَارَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ كَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَإِذَا لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ كَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ جُعِلَ النُّقْصَانُ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَكَانَ مُشْتَرِيًا مَا بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعْنَى وَشَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَ السِّعْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ كَمَا فِي حَقِّ الْغَاصِبِ وَغَيْرِهِ فَعَادَ إلَيْهِ الْمَبِيعُ كَمَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَيَظْهَرُ الرِّبْحُ وَشَرَطْنَا اتِّحَادَ الثَّمَنَيْنِ جِنْسًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِجِنْسٍ آخَرَ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يَظْهَرُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَالدَّنَانِيرُ جِنْسُ الدَّرَاهِمِ هُنَا حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ بِالدَّرَاهِمِ فَاشْتَرَاهُ بِالدَّنَانِيرِ وَقِيمَتُهَا

أَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا وَجَازَ قِيَاسًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ حَتَّى لَا يَجْرِي رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا وَلَنَا أَنَّهُمَا جِنْسَانِ صُورَةً وَجِنْسٌ وَاحِدٌ مَعْنًى ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الثَّمَنِيَّةُ فَبِالنَّظَرِ إلَى الْأَوَّلِ يَصِحُّ وَبِالنَّظَرِ إلَى الثَّانِي لَا يَصِحُّ فَغَلَّبْنَا الْمُحَرِّمَ عَلَى الْمُبِيحِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَمَا اجْتَمَعَ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ إلَّا وَقَدْ غَلَبَ الْحَرَامَ الْحَلَالُ } رَجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا بَيْنَهُمَا بِأَلْفٍ فَقَالَا بِعْنَاكَهُ بِأَلْفٍ كُلُّ نِصْفٍ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ قَبْلَ النَّقْدِ فَسَدَ فِي نِصْفِهِ ؛ لِأَنَّهُ شِرَاءُ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ وَصَحَّ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ خَمْسِمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا بِيعَ لَهُ وَلَوْ قَالَا بِعْنَاك نَصِيبَ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَا بِعْنَاك نَصِيبَ فُلَانٍ بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا كُلَّهُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَسَدَ فِي نَصِيبِهِ ؛ لِأَنَّ نِصْفَهُ وَهُوَ الرُّبُعُ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ وَنِصْفُهُ وَهُوَ الرُّبُعُ بَيْعٌ لَهُ ، وَأَمَّا نَصِيبُ صَاحِبِهِ فَيَفْسُدُ فِي نِصْفِهِ وَهُوَ الرُّبُعُ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ وَصَحَّ فِي الرُّبُعِ الْآخَرِ فَيَدْفَعُ ثَمَنَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا بِيعَ لَهُ وَإِنْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ صَحَّ شِرَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ثَمَنِهِ بِثُمُنِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ شِرَاؤُهُ فِي الرُّبُعِ فَإِذَا اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفًا شَائِعًا صَحَّ شِرَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نِصْفِ ذَلِكَ وَهُوَ الثُّمُنُ ضَرُورَةً وَلَوْ بَاعَاهُ بِأَلْفٍ ثُمَّ اشْتَرَيَاهُ بِخَمْسِمِائَةٍ صَحَّ شِرَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي رُبُعِهِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتَرَى نِصْفًا شَائِعًا نِصْفُهُ فِيمَا بَاعَ فَيَفْسُدُ وَنِصْفُهُ فِيمَا بَاعَ شَرِيكُهُ فَيَصِحُّ فِي نِصْفِهِ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ لَهُ بَلْ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ

بَاعَهُ مَعَ وَكِيلِهِ بِأَلْفٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْمُوَكِّلُ بِخَمْسِمِائَةٍ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ أَحَدَ النِّصْفَيْنِ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِيعَ لَهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ فَسَدَ فِي النِّصْفِ الَّذِي بَاعَهُ هُوَ وَصَحَّ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا بِيعَ لَهُ وَلَوْ بَاعَ الْوَكِيلُ كُلَّهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَحَدُهُمَا لَا يَصِحُّ أَمَّا الْوَكِيلُ فَلِأَنَّهُ بَاعَ ، وَأَمَّا الْمُوَكِّلُ فَلِأَنَّهُ بِيعَ لَهُ .

( قَوْلُهُ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ) اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ يَرْوِي عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ا هـ ( قَوْلُهُ : أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ بْنِ قَيْسِ بْنِ نُعْمَانَ بْنِ مَالِكِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْخَزْرَجِ الْأَنْصَارِيُّ مِنْ مَشَاهِيرِ الصَّحَابَةِ وَفِي كُنْيَتِهِ اخْتِلَافٌ ، قِيلَ أَبُو عَمْرٍو وَقِيلَ أَبُو عَامِرٍ وَقِيلَ أَبُو أُنَيْسَةَ وَقِيلَ أَبُو أُنَيْسٌ وَتُوُفِّيَ بِالْكُوفَةِ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسِتِّينَ وَهَذَا وَاَلَّذِي أَخَذَ الرَّايَةَ يَوْمَ مَوْتِهِ حِينَ اُسْتُشْهِدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاهِينِ فِي كِتَابِهِ الْمُعْجَمِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ابْتَعْته ) أَيْ بِعْته ، وَكَذَا هُوَ فِي الْهِدَايَةِ ا هـ قَوْلُهُ فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ بِئْسَمَا مَا شَرَيْت وَبِئْسَمَا مَا شَرَى ) مَا مَعْنَى ذَمِّ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا إنَّمَا ذَمَّتْهُ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْبَيْعِ الْمَحْظُورِ كَالسَّفَرِ لِقَطْعِ الطَّرِيقِ مَحْظُورٌ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ فِي نَفْسِهِ مُبَاحًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ بِاخْتِصَارٍ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَدْخُلْ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ خَرَجَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِالتَّسْلِيمِ وَالثَّمَنُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ فَإِذَا اشْتَرَى بِالْأَقَلِّ لَزِمَ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ لَا مَحَالَةَ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِمَا حَدَّثَ صَاحِبُ السُّنَنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ } فَإِنْ قُلْت يُحْتَمَلُ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إنَّمَا أَغْلَظَتْ الْقَوْلَ هَكَذَا ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ إلَى الْعَطَاءِ وَهُوَ أَجَلٌ مَجْهُولٌ لَا لِأَنَّ فِيهِ رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ قُلْت كَانَ مِنْ مَذْهَبِ عَائِشَةَ جَوَازُ الْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ وَهُوَ

مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَجَمَاعَةٍ كَذَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ فِي الْأَسْرَارِ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ سَلَفٌ ) صُورَةُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ مَنْفَعَةِ الْقَرْضِ أَوْ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَصُورَةُ الشَّرْطَيْنِ فِي بَيْعٍ أَنْ يَبِيعَ عَبِيدَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ أَوْ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى سَنَتَيْنِ وَلَمْ يُبَيِّنَا الْعَقْدَ عَلَى أَحَدِهِمَا كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اشْتَرَاهُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ اشْتَرَى وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ أَوْ زَوْجَتُهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ لِتَبَايُنِ الْأَمْلَاكِ وَكَانَ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ آخَرُ وَهُوَ يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْآخَرِ وَلِذَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ يَجُوزُ فِي غَيْرِ الْعَبْدِ ) قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ وَكِيلُ الْبَائِعِ وَلَا مُضَارِبٌ وَلَا شَرِيكٌ فِي تِلْكَ التِّجَارَةِ وَلَا مُدَبَّرٌ لِلْبَائِعِ وَلَا مُكَاتَبٌ وَلَا عَبْدٌ لِلْبَائِعِ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا فَإِنْ اشْتَرَاهُ وَالِدٌ لِلْبَائِعِ أَوْ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ عَلَا أَوْ سَفَلَ أَوْ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِلْبَائِعِ وَلَا شَهَادَةُ الْبَائِعِ لَهُ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ذَلِكَ جَائِزٌ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ مُكَاتَبُهُ وَلَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ وَلَا مُضَارِبُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعُوهُ فَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ مَنْ يَشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَاشْتَرَاهُ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لِلْآمِرِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِمَا لَوْ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ يَكُونُ

فَاسِدًا وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ الْعَقْدُ لَهُ زِيَادَةُ فَسَادٍ بِدَلِيلِ إبْطَالِ الْجِهَادِ فَلَمْ يَجُزْ التَّوْكِيلُ بِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ فِي الْمَعْنَى مُشْتَرٍ مِنْ الْوَكِيلِ قَاصِدًا كَمَا إذَا اشْتَرَى مِنْ غَيْرِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ وَارِثِ مُشْتَرِيهِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْوَارِثِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ فِي الرَّدِّ وَلَوْ لَمْ يَمُتْ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ مَاتَ الْبَائِعُ فَاشْتَرَاهُ وَارِثُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي جَازَ الشِّرَاءُ إذَا كَانَ الْوَارِثُ مِمَّنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِلْبَائِعِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَقَرَابَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ لَا تَمْنَعُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ وَارِثَ الْمُشْتَرِي قَائِمٌ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ مِنْهُ ، وَأَمَّا وَارِثُ الْبَائِعِ يَقُومُ مَقَامَ الْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ وَالثَّمَنُ الَّذِي يَثْبُتُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي قَوْلُهُ : ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ يَجُوزُ ) أَيْ وَلَوْ عَادَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ جَازَ لِبَائِعِهِ شِرَاؤُهُ مِنْهُ بِأَقَلَّ مَا كَانَ بَاعَهُ لَهُ أَوَّلًا ا هـ مُبْتَغَى وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَجُوزُ إذَا اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا مِنْ وَارِثِهِ ؛ لِأَنَّ بِتَبَدُّلِ الْعَاقِدِ تَتَبَدَّلُ الْعَيْنُ حُكْمًا فَأَمَّا وَارِثُهُ فَبِمَنْزِلَتِهِ فَإِنَّهُ خَلَفُهُ فَصَارَ شُبْهَةً وَالشُّبْهَةُ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : جَعَلَ النُّقْصَانَ بِمُقَابَلَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبْحُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النُّقْصَانُ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ دُونَهُ ا هـ .

فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ تَغَيُّرَ السِّعْرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ ) أَيْ لِأَنَّهُ فُتُورٌ فِي رَغَبَاتِ النَّاسِ فِيهِ وَلَيْسَ مِنْهُ فَوَاتُ جُزْءٍ مِنْ الْعَيْنِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ اسْتِحْسَانًا ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمَا ثَمَنًا وَمِنْ حَيْثُ وَجَبَ ضَمُّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي الزَّكَاةِ فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ احْتِيَاطًا وَأَلْزَمَ أَنَّ اعْتِبَارَهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا يُوجِبُ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا احْتِيَاطًا وَالْجَوَابُ أَنَّ مُقْتَضَى الْوَجْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّ فِي التَّفَاضُلِ عِنْدَ بَيْعِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إجْمَاعٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَا يَجْرِي رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَهُمَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُمَا مِنْ حَيْثُ الثَّمَنِيَّةُ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ فَتَثْبُتُ شُبْهَةُ الرِّبْحِ ا هـ .

قَالَ ( وَصَحَّ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ ) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا ضُمَّ إلَى الْمُشْتَرَى بِأَنْ اشْتَرَى مَثَلًا جَارِيَةً بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهَا وَأُخْرَى مَعَهَا بِأَلْفٍ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْ الْبَائِعِ وَيَفْسُدُ فِي الْأُخْرَى ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَجْعَلَ الثَّمَنَ بِمُقَابَلَةِ الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا مِنْهُ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْأُخْرَى بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَهُوَ فَاسِدٌ وَلَا يَشِيعُ الْفَسَادُ ؛ لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فِيهَا لِكَوْنِهِ مُجْتَهِدًا فِيهِ حَتَّى لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِهِ صَحَّ أَوْ ؛ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَلِأَنَّهُ طَارِئٌ ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ بِانْقِسَامِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُقَاصَّةِ فَلَا يَسْرِي إلَى غَيْرِهَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَصَحَّ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ ) وَهَذِهِ فَرْعُ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَهِيَ أَنَّ شِرَاءَ مَا بَاعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهُ بِهِ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : إلَى الْمُشْتَرَى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : جَازَ الْبَيْعُ فِي الَّتِي لَمْ يَشْتَرِهَا ) أَيْ بِحِصَّتِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا لِلْآخَرِ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ وَهُوَ فَاسِدٌ ) أَيْ وَلَا إشْكَالَ هُنَا عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَالُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا فَسَدَ بَعْضُهُ فَسَدَ كُلُّهُ إذَا كَانَ الْفَسَادُ مُقَارِنًا وَحِلُّهُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْفَسَادَ فِيمَا بِيعَتْ أَوَّلًا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فَسَادِهَا فَلَمْ يَسْرِ لِضَعْفِ الْفَسَادِ إلَى صَاحِبَتِهَا كَمَا إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا مُدَبَّرٌ حَيْثُ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَكَذَا هُنَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْمَضْمُومَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا ) أَيْ سَلَامَةِ الْفَضْلِ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ وَلَا ضَمَانٍ يُقَابِلُهُ احْتِيَاطًا لِأَمْرِ الرِّبَا فَلَمْ يَسْرِ إلَى الْمَضْمُومَةِ لِقُصُورِ سَبَبِ الْفَسَادِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ ) أَيْ لَيْسَ بِمُقَارِنٍ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ إلَخْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : طَارِئٌ ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِي الْبَيْعِ مَا يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ ، وَإِنَّمَا الْفَسَادُ بِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الرِّبَا وَهِيَ أَمْرٌ خَفِيٌّ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ إمَّا بِانْقِسَامِ الثَّمَنِ عَلَى قِيمَتِهِمَا أَوْ بِالْمُقَاصَّةِ أَعْنِي مُقَاصَّةَ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي بِمِقْدَارِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَيَبْقَى مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَضْلٌ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَابِلَهُ عِوَضٌ فَكَيْفَمَا كَانَ

يَظْهَرُ الْفَضْلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ مُشْتَرِيًا مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَالْفَسَادُ الطَّارِئُ لَا يَسْرِي كَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُمَّ أَلْحَقَا الْأَجَلَ إلَى وَقْتِ الْحَصَادِ فِي ثَمَنِ أَحَدِهِمَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يَتَعَدَّى إلَى الْآخَرِ فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ ( وَزَيْتٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ وَيَطْرَحَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا وَصَحَّ لَوْ شَرَطَ أَنْ يَطْرَحَ بِوَزْنِ الظَّرْفِ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتِ كُلِّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظَرْفِهِ وَيَطْرَحَ عَنْ الزَّيْتِ الْمَوْزُونِ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا وَيَجُوزُ إنْ شَرَطَ أَنْ يَطْرَحَ بِوَزْنِ الظَّرْفِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَالثَّانِي يَقْتَضِيهِ وَهَذَا لِأَنَّ مُقْتَضَى الْعَقْدِ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهُ وَزْنُ الظَّرْفِ فَإِذَا طَرَحَ خَمْسِينَ مَثَلًا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ إلَّا إذَا عَرَفَ أَنَّ وَزْنَهُ خَمْسُونَ رِطْلًا فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَزَيْتٍ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ هَذِهِ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ هَذَا الزَّيْتَ وَهُوَ أَلْفُ رِطْلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ بِظُرُوفِهِ فَيَطْرَحَ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ ظَرْفٍ خَمْسِينَ رِطْلًا قَالَ هَذَا فَاسِدٌ فَإِنْ قَالَ عَلَى أَنْ يَطْرَحَ عَنِّي وَزْنَ الظَّرْفِ فَهُوَ جَائِزٌ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مَجْهُولٌ وَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الْبَيْعَ ؛ لِأَنَّ وَزْنَ الظَّرْفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ يَخْرُجُ بَعْضُ الزَّيْتِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا وَذَلِكَ مَجْهُولٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ يَلْزَمُ الْجَهَالَةُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى الْخَمْسِينَ مِنْ الظَّرْفِ لَيْسَ بِمَبِيعٍ فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ طَرْحُ الْخَمْسِينَ بِوَزْنِ كُلِّ ظَرْفٍ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَأَفْسَدَهُ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ حَيْثُ جَازَ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ طَرْحَ قَدْرِ الْوَزْنِ شَرْطٌ يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ الظَّرْفَ لَيْسَ بِمَبِيعٍ فَيَخْرُجُ بِوَزْنِهِ وَالشَّرْطُ لَا يَزِيدُ إلَّا تَأْكِيدًا لِحُكْمِ الْعَقْدِ وَوَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا بَاعَ كُلَّ رِطْلٍ مِنْهُ بِكَذَا قَالُوا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَطْرَحُ عَنْهُ ) أَيْ يَطْرَحُ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ الظَّرْفِ أَوْ أَقَلَّ ) أَيْ فَيَكُونُ الْمَبِيعُ مَجْهُولًا وَجَهَالَتُهُ تُفْسِدُ الْبَيْعَ ا هـ .

قَالَ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ ، بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى سَمْنًا فِي زِقٍّ فَرَدَّ الْمُشْتَرِي الزِّقَّ وَهُوَ عَشَرَةُ أَرْطَالٍ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ كَانَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ ؛ لِأَنَّهُ إنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي الزِّقِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْقَابِضِ ضَمِينًا كَانَ أَوْ أَمِينًا كَالْغَاصِبِ وَالْمُودَعِ وَإِنْ اُعْتُبِرَ اخْتِلَافًا فِي السَّمْنِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ اخْتِلَافٌ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ الزِّيَادَةَ وَلَا يَتَحَالَفَانِ وَإِنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الثَّمَنِ يَثْبُتُ تَبَعًا لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الظَّرْفِ وَالِاخْتِلَافُ فِي الظَّرْفِ لَا يُوجِبُ التَّحَالُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ وَلَا مَعْقُودٍ عَلَيْهِ أَصْلًا فَكَذَا فِيمَا يَثْبُتُ تَبَعًا لَهُ إذْ التَّبَعُ لَا يُخَالِفُ الْأَصْلَ وَلِأَنَّ التَّحَالُفَ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِيمَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي مُوجِبِ الْعَقْدِ قَصْدًا ضَرُورَةً أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي عَقْدًا غَيْرَ الَّذِي يَدَّعِيهِ صَاحِبُهُ وَالِاخْتِلَافُ فِي الزِّقِّ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الزِّقِّ إلَخْ ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَصُورَتُهُ فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ السَّمْنَ الَّذِي فِي هَذَا الزِّقِّ كُلَّ رِطْلٍ بِدِرْهَمٍ فَوَزَنَ لَهُ السَّمْنَ وَالزِّقَّ فَبَلَغَ مِائَةَ رِطْلٍ وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ وَجَدْت السَّمْنَ تِسْعِينَ رِطْلًا ، وَالزِّقُّ هَذَا وَزْنُهُ أَرْطَالٌ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَمَسْأَلَةُ الِاخْتِلَافِ فِي الزِّقِّ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي الدَّعْوَى فَرَاجِعْ الْحَاشِيَةَ الَّتِي فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمُشْتَرِي لَوْ فِي الرُّؤْيَةِ فَإِنَّهَا تَلِيقُ بِهَذَا الْمَحِلِّ وَهِيَ نَقْلًا عَنْ الْكَمَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَقَالَ الْبَائِعُ الزِّقُّ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ كَانَ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ ) أَيْ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ ا هـ .

قَالَ ( وَلَوْ أَمَرَ ذِمِّيًّا بِشِرَاءِ خَمْرٍ أَوْ بَيْعِهَا صَحَّ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَا لَا يَجُوزُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِ الْخِنْزِيرِ وَعَلَى هَذَا تَوْكِيلُ الْمُحْرِمِ الْحَلَالَ بِبَيْعِ صَيْدِهِ لَهُمَا أَنَّ الْوَكِيلَ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَلَا وِلَايَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ فَكَذَا وَكِيلُهُ كَمُسْلِمٍ وَكَّلَ مَجُوسِيًّا بِأَنْ يُزَوِّجَهُ مَجُوسِيَّةً حَيْثُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ مَا يَثْبُتُ لَهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاشَرَهُ بِنَفْسِهِ وَلِأَنَّهُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ يَجْرِي حُكْمُ الْمُبَادَلَةِ حَتَّى يُجْعَلَ الْوَكِيلُ بِمَنْزِلَةِ الْبَائِعِ وَالْمُوَكِّلُ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَحْبِسُ الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَيَجْرِي التَّحَالُفُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ التَّجَاحُدِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْوَكِيلَ أَصْلٌ لِنَفْسِ التَّصَرُّفِ وَالْمُوَكِّلَ لِحُكْمِ التَّصَرُّفِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ بِالْإِرْثِ بِأَنْ كَانَا لِذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُسَيِّبَ الْخِنْزِيرَ وَيُخَلِّلَ الْخَمْرَ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ ، وَكَذَا إذَا تَخَمَّرَ عَصِيرُهُ يَبْقَى عَلَى مِلْكِهِ بِخِلَافِ تَوْكِيلِ الْمُسْلِمِ الْمَجُوسِيِّ أَنْ يُزَوِّجَهُ الْمَجُوسِيَّةَ ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فِيهِ فَيَكُونُ مُضَافًا إلَى الْمُوَكِّلِ ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا اتَّهَبَ كَافِرٌ لِمُسْلِمٍ خَمْرًا ؛ لِأَنَّهُ سَفِيرٌ كَالتَّزْوِيجِ فَيَقَعُ الْمِلْكُ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ ابْتِدَاءً وَحُقُوقُهُ رَاجِعَةٌ إلَيْهِ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ إنْ بَاعَهَا الْوَكِيلُ لَهُ لِتَمَكُّنِ الْخَبَثِ فِيهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إنَّ الَّذِي حَرَّمَ بَيْعَهَا حَرَّمَ شِرَاءَهَا وَأَكْلَ ثَمَنِهَا } وَفِي التَّوْكِيلِ بِشِرَاءِ الْخَمْرِ يَمْلِكُهَا حُكْمًا فَيُخَلِّلُهَا ؛ لِأَنَّهُ مُنِعَ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِعَيْنِهَا وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا عَلَى وَجْهٍ

يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى الِانْتِفَاعِ بِهَا كَمَا إذَا وَرِثَهَا أَوْ تَخَمَّرَ عَصِيرُهُ وَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ يَدْفَعُهُ إلَى الْوَكِيلِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْ جِهَتِهِ حُكْمًا فَيَلْزَمُهُ الْبَدَلُ وَإِنْ كَانَ خِنْزِيرًا يُسَيِّبُهُ وَقَوْلُهُمَا لَا وِلَايَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذَا التَّصَرُّفِ فَكَذَا وَكِيلُهُ مَنْقُوضٌ بِمَسَائِلَ مِنْهَا أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ لَا يَمْلِكُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ لِنَفْسِهِ فَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِيهِ لَهُ فَاشْتَرَاهُ لَهُ مَلَكَهُ وَمِنْهَا إذَا مَاتَ ذِمِّيٌّ وَخَلَفَ خَمْرًا يَأْمُرُ الْقَاضِي ذِمِّيًّا بِبَيْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بَيْعَهَا هُوَ وَمِنْهَا لَوْ كَانَ مُسْلِمٌ وَصِيًّا لِذِمِّيٍّ وَلِلْمَيِّتِ خَمْرٌ يَأْمُرُ الْوَصِيُّ الْمُسْلِمُ ذِمِّيًّا بِبَيْعِهَا وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ هُوَ ، وَأَمَّا نِكَاحُ الْمَجُوسِيَّةِ فَلِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَمْلِكُهُ ابْتِدَاءً وَلَا بَقَاءً فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ لَهُ حُكْمًا لِتَصَرُّفِهِ ، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ الْمِلْكُ وَالْمُسْلِمُ أَهْلٌ لِمِلْكِهِمَا وَالْمَقْصُودُ مِنْ النِّكَاحِ الْحِلُّ وَلَا يُفِيدُ الْحِلُّ فَيَلْغُو .

( قَوْلُهُ : وَقَالَا : لَا يَجُوزُ ) أَيْ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَكِيلَ أَصْلٌ إلَخْ ) وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ وُجِدَا مِنْ النَّصْرَانِيِّ وَهُوَ أَهْلٌ لِمُبَاشَرَةِ ذَلِكَ غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ حُكْمَ التَّصَرُّفِ وَهُوَ مِلْكُ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ يَثْبُتُ لِلْمُوَكِّلِ حُكْمًا لِتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ لَا قَصْدًا ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ بِالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ إلَخْ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي قَوْلُهُ : ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ إنْ بَاعَهَا الْوَكِيلُ لَهُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ الْوَكَالَةَ تُكْرَهُ أَشَدَّ مَا يَكُونُ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ لَيْسَ إلَّا كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي الصِّحَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ مِنْهَا أَنَّ رَجُلًا لَوْ تَوَكَّلَ عَنْ غَيْرِهِ بِشِرَاءِ عَبْدٍ إلَخْ ) وَفِي الْخَبَّازِيَّةِ الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ لَوْ بَاعَهُ بِمَا يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ لَا يَجُوزُ وَمِنْ وَصِيَّتِهِ يَجُوزُ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ ، وَكَذَا لَا تَبِيعُ الْأُمُّ عُرُوضَ الْوَلَدِ وَصِيُّهَا يَبِيعُ الْعُرُوضَ الَّتِي هِيَ مِنْ مِيرَاثِهَا ا هـ دِرَايَةٌ وَقَدْ قَالُوا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِهِ ا هـ سِرَاجٌ وَهَّاجٌ وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ التَّوْكِيلُ بِبَيْعِهِ وَلَا يَبِيعُهُ الْوَكِيلُ إلَّا بِشَرْطٍ ا هـ .

قَالَ ( وَأَمَةٍ عَلَى أَنْ يُعْتِقَ الْمُشْتَرِي أَوْ يُدَبِّرَ أَوْ يُكَاتِبَ أَوْ يَسْتَوْلِدَ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَمَتِهِ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ بِهَا الْمُشْتَرِي شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ { لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ } وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ غَيْرُ مُلَائِمٍ لَهُ وَلَمْ يَرِدْ الشَّرْعُ بِجَوَازِهِ وَلَمْ يَجُزْ التَّعَامُلُ فِيهِ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ مُفْسِدٌ لِمَا رَوَيْنَا فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَشَرْطِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي أَوْ شُرِطَ فِيهِ الْمُلَائِمُ لِلْعَقْدِ كَالرَّهْنِ وَالْكَفَالَةِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُمَا لِلتَّوْثِقَةِ وَالتَّأْكِيدُ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ وَالْمُطَالَبَةِ ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَ الثَّمَنِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُؤَكِّدُهُ مُلَائِمٌ لَهُ إذَا كَانَ مَعْلُومًا بِأَنْ كَانَ الرَّهْنُ وَالْكَفَالَةُ مُعَيَّنَيْنِ أَوْ شَرَطَا فِيهِ مَا وَرَدَ الشَّرْعُ بِجَوَازِهِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ أَوْ شَرَطَ فِيهِ مَا جَرَى التَّعَامُلُ بَيْنَ النَّاسِ كَشِرَاءِ النَّعْلِ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا لِلْبَائِعِ أَوْ يُشْرِكَهَا أَوْ شَرَطَ فِيهِ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِأَهْلِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَهْلُ الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي وَالْمَبِيعُ الْآدَمِيُّ وَالْأَجْنَبِيُّ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ أَوْ التَّعَامُلِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُلَائِمًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ مُفْسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ عَرِيَّةٍ عَنْ الْعِوَضِ فَيُفْضِي إلَى الرِّبَا وَلِأَنَّهُ يَقَعُ بِسَبَبِهِ الْمُنَازَعَةُ فَيُعَرِّي الْعَقْدَ عَنْ مَقْصُودِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ شَرْعِ الْأَسْبَابِ فِي الْمُعَامَلَاتِ قَطْعُ النِّزَاعِ لِيَخْتَصَّ بِهِ الْمُبَاشِرُ لِلسَّبَبِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْإِعْتَاقِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَبْدِ نَسَمَةً مُتَعَارَفٌ فِي الْوَصَايَا وَتَفْسِيرُهُ مَا قُلْنَا وَلَنَا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إذْ هُوَ يَقْتَضِي الْإِطْلَاقَ وَأَيَّ تَصَرُّفٍ شَاءَ لَا

تَصَرُّفًا مُعَيَّنًا فَاشْتِرَاطُ مِثْلِهِ فِيهِ مُفْسِدٌ لَهُ كَاشْتِرَاطِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْكِتَابَةِ فِيهِ وَتَفْسِيرُ بَيْعِ النَّسَمَةِ أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهُ يُعْتِقُهُ كَمَا إذَا بَاعَهُ مِمَّنْ يَطْلُبُ رَقَبَةً لِلْإِعْتَاقِ عَنْ كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَقِيلَ تَفْسِيرُهُ أَنْ يَعِدَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الشِّرَاءِ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي الْعَقْدِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الثَّمَنُ ، وَقَالَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْإِعْتَاقِ مُفْسِدٌ فَتَحْقِيقُهُ تَقْرِيرٌ لِلْفَسَادِ لَا رَفْعٌ لَهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الْمُفْسِدَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَتْلَفَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِعْتَاقِ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ لَا يُلَائِمُ الْعَقْدَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَكِنْ مِنْ حَيْثُ حُكْمِهِ يُلَائِمُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ لِمِلْكِهِ وَالشَّيْءُ بِانْتِهَائِهِ يَتَقَرَّرُ فَلِوُجُودِ صُورَةِ الشَّرْطِ قُلْنَا يَفْسُدُ فَإِذَا تَحَقَّقَ الْعِتْقُ حَكَمْنَا بِجَوَازِهِ لِتَحَقُّقِ الْمُلَاءَمَةِ وَهُوَ الْإِنْهَاءُ فَكَانَ الْحَالُ قَبْلَهُ مَوْقُوفًا بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ وَالتَّدْبِيرِ حَيْثُ لَا يَعُودُ صَحِيحًا بِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا بِمَنْهِيَّيْنِ لِلْمِلْكِ ، وَكَذَا إذَا أَتْلَفَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ ، وَلَوْ بَاعَ جَارِيَةً بِشَرْطِ أَنْ يَطَأَهَا الْمُشْتَرِي أَوْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَطَأَهَا فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَقْتَضِيهِمَا ؛ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ إطْلَاقُ الِانْتِفَاعِ لَا الْحَجْرُ مِنْهُ وَلَا الْإِلْزَامُ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ صَحَّ فِي الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِيهِ وَفَسَدَ فِي الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِيهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ صَحَّ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ إنْ لَمْ يَقْتَضِهِ الْعَقْدُ فَلَا يَرْجِعُ نَفْعُهُ إلَى أَحَدٍ فَكَانَ هَذَا شَرْطًا لَا مُطَالِبَ لَهُ فَلَا يُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ فَلَا يَفْسُدُ .

( قَوْلُهُ كَاشْتِرَاطِ التَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا كَانَ فِي الشَّرْطِ مَنْفَعَةٌ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْخُصُومَةِ نَحْوَ أَنْ يَبِيعَ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ وَلَا يُخْرِجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنَّ هَذَا الشَّرْطَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ تَدَاوُلَ الْأَيْدِي يَشُقُّ عَلَى الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَطَ التَّدْبِيرَ وَالِاسْتِيلَادَ أَوْ شَرَطَ الْعِتْقَ فَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِي لَوْ أَعْتَقَهُ لَزِمَهُ الثَّمَنُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ تَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْإِعْتَاقِ لَزِمَهُ الْقِيمَةُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ مِنْ رَجُلٍ أَوْ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ ثُمَّ وُجُوبُ الثَّمَنِ عَلَامَةُ الْجَوَازِ وَوُجُوبُ الْقِيمَةِ عَلَامَةُ الْفَسَادِ وَالْحَاصِلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَقْدَ فِي الِابْتِدَاءِ يَنْعَقِدُ عَلَى الْفَسَادِ ثُمَّ يَنْقَلِبُ إلَى الْجَوَازِ بِالْعِتْقِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَلِبُ وَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ إلَى هُنَا لَفْظُ الْإِمَامِ الْإِسْبِيجَابِيِّ ، وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ لَوْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ عَتَقَ فَانْقَلَبَ الْبَيْعُ جَائِزًا اسْتِحْسَانًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا إذَا أَعْتَقَهُ حَتَّى تَجِبَ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ مِثْلُ قَوْلِهِمَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي جَازَ الْبَيْعُ ) يَعْنِي لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي لَا يَجُوزُ فَلَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي يَنْقَلِبُ الْبَيْعُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ .

قَالَ ( أَوْ إلَّا حَمْلَهَا ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَمَةٍ إلَّا حَمْلَهَا ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْهُ وَالْحَمْلُ لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَطْرَافِ فَكَانَ شَرْطًا فَاسِدًا وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِلْبَائِعِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ ثُمَّ اسْتِثْنَاءُ الْحَمْلِ فِي الْعُقُودِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي وَجْهٍ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْكِتَابَةِ وَالرَّهْنِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ تُبْطِلُهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ غَيْرَ أَنَّ الْمُفْسِدَ فِي الْكِتَابَةِ مَا يَتَمَكَّنُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ مِنْ الشُّرُوطِ أَيْ مَا يَقُومُ بِهِ الْعَقْدُ حَتَّى لَوْ كَاتَبَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْبَلَدِ لَا يَفْسُدُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُشْبِهُ الْبَيْعَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَتُشْبِهُ النِّكَاحَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَعَلِمْنَا بِالشَّبَهَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ وَفِي وَجْهٍ الْعَقْدُ جَائِزٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَكُونُ الْحَمْلُ تَابِعًا لِلْأُمِّ فِي هَذِهِ الْعُقُودِ وَيَصِيرُ هُوَ حَيْثُ صَارَتْ هِيَ وَفِي وَجْهٍ يَجُوزُ الْعَقْدُ وَالِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِإِنْسَانٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّ ، وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِحَمْلِهَا لِآخَرَ صَحَّ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِيهِ فَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ وَفِي الْعِتْقِ يَتْبَعُهَا الْحَمْلُ وَلَوْ أَعْتَقَ الْحَمْلَ وَحْدَهُ لَصَحَّ .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ إلَّا حَمْلَهَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْأَصْلُ هُنَا مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ جَازَ الْبَيْعُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَإِذَا اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْعَقْدُ مُفْرَدًا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْت مِنْك هَذِهِ الصُّبْرَةَ إلَّا قَفِيزًا مِنْهَا بِدِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ الصُّبْرَةِ إلَّا قَفِيزًا فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى مَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ الصُّبْرَةِ يَجُوزُ وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْقَطِيعَ مِنْ الْغَنَمِ إلَّا شَاةً مِنْهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَ شَاةً مِنْ الْجُمْلَةِ بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْقَطِيعَ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ بِعَيْنِهَا بِمِائَةٍ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا يَجُوزُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ وَالْعَدَدِيِّ غَيْرِ الْمُتَقَارِبِ وَلِذَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا وَاسْتَثْنَى مَا فِي بَطْنِهَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى مَا لَا يَجُوزُ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا فِي الْبَطْنِ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ إفْرَادُ الْعَقْدِ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ ؛ لِأَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَبَلِ } وَقَدْ مَرَّ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْأَطْرَافِ ) أَيْ لِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِالْأُمِّ جُمْلَةً ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا وَيَنْقَلِبُ بِانْقِلَابِهَا كَسَائِرِ الْأَطْرَافِ فَكَانَ تَبَعًا فِي الدُّخُولِ تَحْتَ الْعَقْدِ كَالْأَطْرَافِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالِاسْتِثْنَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ ) أَيْ كَمَنْ آجَرَ دَارِهِ عَلَى جَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا ا هـ ( قَوْلُهُ :

وَالْكِتَابَةُ ) أَيْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى جَارِيَةٍ إلَّا حَمْلَهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالرَّهْنُ ) أَيْ رَهَنَ جَارِيَتَهُ إلَّا حَمْلَهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : مَا يَتَمَكَّنُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ ) صُلْبُ الْعَقْدِ مَا كَانَ رَاجِعًا إلَى الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ ؛ لِأَنَّ صُلْبَ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَقِيَامُ الْبَيْعِ بِالْعِوَضَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيَبْطُلُ الِاسْتِثْنَاءُ ) أَيْ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ أَوْصَى بِجَارِيَةٍ لِإِنْسَانٍ إلَّا حَمْلَهَا صَحَّ ) أَيْ وَكَانَ الْحَمْلُ مِيرَاثًا وَالْجَارِيَةُ وَصِيَّةً لِلْمُوصَى لَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ ) يَعْنِي إذَا قَالَ أَوْصَيْت بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ لِفُلَانٍ إلَّا خِدْمَتَهَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْخِدْمَةِ بَلْ يَبْطُلُ حَتَّى تَكُونَ الْجَارِيَةُ وَخِدْمَتُهَا جَمِيعًا لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ قُلْت يَصِحُّ إفْرَادُ الْخِدْمَةِ بِالْعَقْدِ بِأَنْ أَوْصَى بِخِدْمَةِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا أَيْضًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا عَكْسٌ لِلْقَاعِدَةِ لَا طَرْدٌ لَهَا فَلَا يَلْزَمُنَا وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالْوَصِيَّةُ غَيْرُ عَقْدٍ ا هـ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَبُولَ يَصِحُّ مِنْ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَوْ كَانَتْ عَقْدًا لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَصِحُّ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ الْمُوصِي بِهِ فِي مِلْكِ وَرَثَةِ الْمُوصَى لَهُ بِلَا قَبُولٍ إذَا مَاتَ الْمُوصِي ثُمَّ مَاتَ الْمُوصَى لَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى خِدْمَتَهَا ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَجْرِي فِيهَا لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْإِرْثُ فِي الْأَعْيَانِ ا هـ .

قَالَ ( أَوْ يَسْتَخْدِمُ الْبَائِعَ شَهْرًا أَوْ دَارًا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُقْرِضَ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا أَوْ يُهْدِي لَهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ إلَى كَذَا أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا ) لِأَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِهِمَا فَيَفْسُدُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ فَهُوَ إجَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِي بَيْعٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَتِهِ شَيْءٌ فَهُوَ إعَارَةٌ مَشْرُوطَةٌ فِيهِ { وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ } وَلِأَنَّ الْأَجَلَ يَخْتَصُّ بِالدُّيُونِ ؛ لِأَنَّهُ شُرِعَ لِلتَّرْفِيهِ حَتَّى يُتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ بِهِ دُونَ الْأَعْيَانِ إذْ هِيَ حَاصِلَةٌ مُتَعَيِّنَةٌ بِالْعَقْدِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى التَّأْجِيلِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُهُ مُفْسِدًا لَهُ .

( قَوْلُهُ : أَوْ يُقْرِضُ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ يُقْرِضَنِي فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَبِلَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْبَيْعَ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْعَشَرَةَ الْأَجْنَبِيُّ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ إنَّمَا تَلْزَمُهُ إمَّا بِطَرِيقِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ بِطَرِيقِ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ لَا وَجْهَ إلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يَتَحَمَّلُهَا الْكَفِيلُ وَلَا وَجْهَ إلَى الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَإِذَا لَمْ تَلْزَمْ الْأَجْنَبِيَّ لَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَوْ ثَبَتَ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُنَا قَدْ سَلَّمَ لَهُ مَا شُرِطَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْمُشْتَرِي ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ ) قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ الْبَائِعُ وَيَخِيطَهُ قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ بِإِجْمَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ امْتِنَاعِ الصَّفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ إلَّا أَنَّ هَذَا عَلَى تَقْدِيرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ كَوْنُ الْخِيَاطَةِ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ شَرْطُ إجَارَةٍ فِي بَيْعٍ وَمَا تَقَدَّمَ كَانَ كَذَلِكَ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُقَابَلَةِ يَكُونُ إعَارَةً فِي بَيْعٍ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا قَالَ لِآخَرَ بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ عَلَيَّ وَالْعَبْدَ لِفُلَانٍ حُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَكِنَّ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَاسْتَبْعَدَهُ أَبُو بَكْرٍ الْجَصَّاصُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَعْضُ

الثَّمَنِ بِمُقَابَلَةِ الْعَمَلِ الْمَشْرُوطِ ) أَيْ وَهُوَ اسْتِخْدَامُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ وَسُكْنَاهُ فِيهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْأَجَلَ يَخْتَصُّ بِالدُّيُونِ ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ يُسَلِّمُ إلَيَّ كَذَا يَعْنِي لَوْ بَاعَ عَيْنًا عَلَى أَنْ لَا يُسَلِّمَهُ إيَّاهَا إلَى رَأْسِ الشَّهْرِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاحْتَرَزَ بِالْعَيْنِ عَنْ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ دَيْنًا كَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّ الْأَجَلَ فِيهِ صَحِيحٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ التَّحْصِيلِ ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ حَاضِرٌ فَلَا فَائِدَةَ فِي إلْزَامِهِ تَأْخِيرَ تَسْلِيمِهِ إذْ فَائِدَتُهُ الِاسْتِحْصَالُ بِهِ وَهُوَ حَاصِلٌ فَيَكُونُ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ لِلْمُشْتَرِي ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ ( وَصَحَّ بَيْعُ نَعْلٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُ أَوْ يُشْرِكَهُ ) وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ النَّاسَ تَعَامَلُوهُ وَبِمِثْلِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ ، وَلِهَذَا أَجَزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ وَاسْتِئْجَارَ الصَّبَّاغِ وَالظِّئْرِ وَالْحَمَّامِ وَإِنْ كَانَتْ إجَارَةً عَلَى اسْتِهْلَاكِ الْأَعْيَانِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَصَحَّ بَيْعُ نَعْلٍ إلَخْ ) قَدْ مَشَى الْقُدُورِيُّ عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ فَاسِدٌ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مَا ذَكَرَهُ يَعْنِي الْقُدُورِيَّ جَوَابُ الْقِيَاسِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ الْمُرَادُ اشْتَرَى أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُ الْبَائِعُ نَعْلًا لَهُ فَأَطْلَقَ عَلَيْهِ اسْمَ النَّعْلِ بِاعْتِبَارِ أَوَّلِهِ إلَيْهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ حَقِيقَتُهُ أَيْ نَعْلُ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا أَيْ يَجْعَلَ مَعَهَا مِثَالًا آخَرَ لِيُتِمَّ نَعْلًا لِلرِّجْلَيْنِ وَمِنْهُ حَذَوْت النَّعْلَ بِالنَّعْلِ أَيْ قَدَّرْته بِمِثَالِ قَطَعْته وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَوْ يُشْرِكَهُ فَجَعَلَهُ مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ نَعْلًا وَلَا مَعْنَى لَأَنْ يَشْتَرِيَ أَدِيمًا عَلَى أَنْ يَجْعَلَ لَهُ شِرَاكًا فَلَا بُدَّ أَنْ يُرِيدَ حَقِيقَةَ النَّعْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا أَجَزْنَا الِاسْتِصْنَاعَ ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُومِ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ ( لَا الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَصَوْمِ النَّصَارَى وَفِطْرِ الْيَهُودِ إنْ لَمْ يَدْرِ الْمُتَعَاقِدَانِ ذَلِكَ ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ فَتُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ ، وَقَالُوا : إذَا بَاعَ إلَى فِطْرِ النَّصَارَى بَعْدَ مَا شَرَعُوا فِي صَوْمِهِمْ جَازَ ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ صَوْمِهِمْ بِالْأَيَّامِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَا الْبَيْعُ إلَى النَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ ) قَالَ الْكَمَالُ هُوَ يَوْمٌ فِي طَرَفِ الرَّبِيعِ وَأَصْلُهُ نَوْرُوز عُرِّبَ وَقَدْ تَكَلَّمَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ كُلُّ يَوْمٍ لَنَا نَوْرُوزٌ حِينَ كَانَ الْكُفَّارُ يَبْتَهِجُونَ بِهِ وَالْمِهْرَجَانُ يَوْمٌ فِي طَرَفِ الْخَرِيفِ مُعَرَّبُ مَهْر كَانَ وَقِيلَ هُمَا عِيدَانِ لِلْمَجُوسِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ ؛ لِأَنَّهَا مَجْهُولَةٌ ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَمَعْرِفَةُ غَيْرِهِمَا لَا تُعْتَبَرُ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لَهُمَا فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ جَازَ لِارْتِفَاعِ الْجَهَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهِيَ مَعْلُومَةٌ ) أَيْ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ ( وَإِلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَالْحَصَادِ وَالْقِطَافِ وَالدِّيَاسِ ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ ؛ لِأَنَّهَا تَتَقَدَّمُ وَتَتَأَخَّرُ فَتَكُونُ مَجْهُولَةً وَهَذَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ أَفْعَالُ الْعِبَادِ فَتَثْبُتُ بِحَسَبِ مَا يَبْدُو لَهُمْ وَالْآجَالُ شُرِعَتْ بِالْأَوْقَاتِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ } وَكَذَا إلَى الْجِزَازِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ جَزُّ الصُّوفِ ، وَكَذَا إلَى الْجُذَاذِ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَامٌّ فِي قَطْعِ الثِّمَارِ وَبِالْمُهْمَلَةِ خَاصٌّ فِي النَّخْلِ وَالْحَصَادُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا قَطْعُ الزَّرْعِ وَمِثْلُهُ الْقِطَافُ وَقُرِئَ بِهِمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } وَالْقِطَافُ قَطْعُ الْعِنَبِ مِنْ الْكَرْمِ وَالدِّيَاسِ أَنْ يُوطِئَ الطَّعَامَ الدَّوَابُّ .( قَوْلُهُ : لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ ) أَيْ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ وَعُلِمَ بِهَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُؤَجَّلِ هُنَا هُوَ الثَّمَنُ لَا الْمَبِيعُ ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ مُفْسِدٌ وَلَوْ كَانَ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ فَلَا يُنَاسِبُ تَعْلِيلُ فَسَادِ تَأْجِيلِ الْمَبِيعِ لِجَهَالَةِ الْأَجَلِ قَالَهُ الْكَمَالُ ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ التَّأْجِيلِ فِي الثَّمَنِ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا هُوَ فِي الثَّمَنِ الدَّيْنُ أَمَّا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِالْأَجَلِ لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُفْسِدًا لِتَأْجِيلِ الْمَبِيعِ ا هـ وَالدِّيَاسُ وَأَصْلُهُ الدِّوَاسُ بِالْوَاوِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوْسِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهَا ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ ( وَلَوْ كَفَلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ صَحَّ ) لِأَنَّ هَذِهِ جَهَالَةٌ يَسِيرَةٌ وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ فِي الْكَفَالَةِ لِكَوْنِهَا تَبَرُّعًا فَيَجْرِي التَّسَامُحُ فِيهَا بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ فَيَكُونُ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُمَاكَسَةِ وَالْمُضَايَقَةِ فَإِذَا كَانَتْ يَسِيرَةً أَمْكَنَ دَفْعُهَا بِأَقْصَاهَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَالْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تُشْبِهُ النَّذْرَ ابْتِدَاءً لِكَوْنِهَا الْتِزَامًا مَحْضًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَابِلَهُ شَيْءٌ وَفِي النَّذْرِ تُتَحَمَّلُ الْجَهَالَةُ وَإِنْ كَانَتْ فَاحِشَةً وَهِيَ مُعَاوَضَةٌ انْتِهَاءً بِاعْتِبَارِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَا تُتَحَمَّلُ الْجَهَالَةُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ فِي الْحَالَيْنِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْجَهَالَةَ فِي الْكَفَالَةِ تُتَحَمَّلُ فِي أَصْلِ الدَّيْنِ حَتَّى لَوْ تَكَفَّلَ بِمَا ذَابَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ صَحَّ فَبِالْوَصْفِ وَهُوَ الْأَجَلُ أَوْلَى بِخِلَافِ الْبَيْعِ حَتَّى لَا يَصِحَّ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ أَصْلًا فَكَذَا فِي وَصْفِهِ .( قَوْلُهُ الْمُمَاكَسَةُ ) الْمُمَاكَسَةُ اسْتِنْقَاصُ الثَّمَنِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ فَاحِشَةً كَالْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ ) قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَوْ كَفَلَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ وَمَبْنَى التَّبَرُّعِ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ ، وَلِهَذَا صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِالْمَجْهُولِ بِأَنْ قَالَ مَا ذَابَ لَك عَلَى فُلَانٍ فَعَلَيَّ فَجَهَالَةُ الْأَجَلِ فِيهَا إذَا كَانَتْ يَسِيرَةً مُسْتَدْرَكَةً لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْأَجَلِ وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مُسْتَدْرَكَةٍ كَالْكَفَالَةِ إلَى هُبُوبِ الرِّيحِ أَوْ إلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ وَلَا يَصِحُّ الْأَجَلُ وَيَكُونُ حَالًّا ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ ( وَلَوْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ صَحَّ ) أَيْ لَوْ بَاعَ إلَى هَذِهِ الْآجَالِ ثُمَّ أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الْآجَالَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ النَّاسُ فِي الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَقَبْلَ قُدُومِ الْحَاجِّ جَازَ الْبَيْعُ ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِإِسْقَاطِ الْمُفْسِدِ كَمَا إذَا أَسْقَطَ الدِّرْهَمَ الزَّائِدَ عَنْ بَيْعِ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَكَمَا إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ أَسْقَطَ الْأَجَلَ وَلَنَا أَنَّ الْمُفْسِدَ شَرْطٌ خَارِجٌ عَنْ صُلْبِ الْعَقْدِ وَهُوَ يَسِيرٌ ، وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيهِ فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا عِنْدَ إزَالَتِهِ أَوْ نَقُولُ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا فَبِالْإِسْقَاطِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ جَائِزًا عَلَى مَا قَالَهُ مَشَايِخُنَا هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ فَسَادَهُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَقَبْلَ مَجِيئِهِ لَا مُنَازَعَةَ فَلَا يَفْسُدُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ عَقْدٍ يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِإِزَالَةِ الْمُفْسِدِ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا عِنْدَهُمْ وَمَوْقُوفًا عِنْدَ مَشَايِخِنَا بِخِلَافِ الدِّرْهَمِ الزَّائِدِ ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهُ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَبِخِلَافِ الْأَجَلِ فِي النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ غَيْرُ النِّكَاحِ وَهُوَ الْمُتْعَةُ وَالْعَقْدُ لَا يَنْقَلِبُ عَقْدًا آخَرَ ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ حُلُولِهِ أَيْ لَوْ أَسْقَطَهُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ فِيهِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهُ فَيَنْفَرِدُ بِإِسْقَاطِهِ وَلَا يَشْتَرِطُ فِيهِ التَّرَاضِي وَقَوْلُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ تَرَاضَيَا بِإِسْقَاطِ الْأَجَلِ وَقَعَ اتِّفَاقًا مَخْرَجُ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ رِضَا مَنْ لَهُ الْحَقُّ يَكْفِي وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ تَأْجِيلُ الدَّيْنِ وَالْجَهَالَةُ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ مُحْتَمَلَةٌ لِخُلُوِّ الْعَقْدِ عَنْ الْمُفْسِدِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا

كَانَتْ فِي الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ مُقَارِنَةٌ لَهُ فَيَفْسُدُ .( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ ) وَرَوَى عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ أَنَّ بَيْعَ الدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَالْقَفِيزِ بِالْقَفِيزَيْنِ فَاسِدٌ مُفِيدٌ لِلْمِلْكِ عِنْدَ اتِّصَالِ الْقَبْضِ بِهِ كَالْبَيْعِ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْبَيْعِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ جَازَ ) قَالَ الْكَمَالُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا أَيْ عَنْ ذِكْرِ الْأَجَلِ حَتَّى انْعَقَدَ صَحِيحًا ثُمَّ أَجَّلَ الثَّمَنَ إلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّأْجِيلُ بَعْدَ الصِّحَّةِ كَالْكَفَالَةِ بِتَحَمُّلِ الْجَهَالَةِ الْيَسِيرَةِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَأْجِيلُ دَيْنٍ مِنْ الدُّيُونِ بِخِلَافِهِ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ وَقَبُولُ هَذِهِ الْآجَالِ شَرْطٌ فَاسِدٌ ا هـ .

قَالَ ( وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ بَيْنَ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَإِنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ أَوْ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ أَوْ بَيْنَ مِلْكٍ وَوَقْفٍ صَحَّ فِي الْقِنِّ وَعَبْدِهِ وَالْمِلْك ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَالْمَذْكُورُ عَلَى إطْلَاقِهِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا إنْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَازَ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَيَّنَ ثَمَنَهُمَا صَارَا صَفْقَتَيْنِ فَيَتَقَدَّرُ الْفَسَادُ بِقَدْرِ الْمُفْسِدِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَمَنًا ؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَلَهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ فَلَا يُمْكِنُ وَصْفُهَا بِالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَتَبْطُلُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ وَالْمَيِّتَةَ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْعَقْدِ لِعَدَمِ شَرْطِهِ وَهُوَ الْمَالِيَّةُ فَيَكُونُ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْحُرِّ وَالْمَيِّتَةِ شَرْطًا لِجَوَازِ الْعَقْدِ فِي الْعَبْدِ وَالذَّكِيَّةِ فَيَبْطُلُ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ قَوْلُ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْعَقْدِ الْمَجْمُوعُ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ فِي الْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَقَدْ جَعَلَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِيهِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْمَالِ فَيَفْسُدُ كَالْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَصْلَيْنِ لِأَبِي حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَلَهُمَا إذَا لَمْ يُفَصِّلْ الثَّمَنَ أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَنَحْوَهُ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ ثُمَّ يُنْقَضُ فِي حَقِّهِ فَيَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَيْهِمَا حَالَةَ الْبَقَاءِ وَهُوَ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَفِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ الْحُرُّ وَنَحْوُهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ أَصْلًا فَلَوْ جَازَ الْبَيْعُ فِيمَا ضَمَّ إلَيْهِ لَكَانَ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْعَقْدِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَجُوزُ نِكَاحُ الْمُحَلَّلَةِ فِيمَا إذَا ضَمَّ إلَيْهَا الْمُحَرَّمَةَ فَعَقَدَ عَلَيْهِمَا جُمْلَةً ؛ لِأَنَّ

النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَا بِجَهَالَةِ الْمَهْرِ فَيَكُونُ صَحِيحًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ وَعَبْدَ الْغَيْرِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ قَضَى بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ يَنْفُذُ وَفِي الْمُكَاتَبِ يَنْفُذُ بِرِضَاهُ فِي الْأَصَحِّ وَفِي عَبْدِ الْغَيْرِ بِإِجَازَةِ مَوْلَاهُ وَلَوْلَا أَنَّهُمْ مَالٌ وَلَمْ يَدْخُلُوا فِي الْعَقْدِ لَمَا نَفَذَ كَمَا فِي الْحُرِّ وَالْمَيِّتَةِ ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُونَ مِنْ الْعَقْدِ بَعْدَ الدُّخُولِ لِاسْتِحْقَاقِهِمْ أَنْفُسَهُمْ فِي الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ وَفِي عَبْدِ الْغَيْرِ لِأَجْلِ مَوْلَاهُ فَلَا يَكُونُ بَيْعًا بِالْحِصَّةِ ابْتِدَاءً بَلْ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ فَلَا يَفْسُدُ وَفِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ مِلْكٍ وَوَقْفٍ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَفْسُدُ فِي الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَنْعَقِدُ عَلَى الْوَقْفِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحَرَّرًا عَنْ الْمِلْكِ وَالتَّمَلُّكِ فَصَارَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرَهُ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ مَالٌ ، وَلِهَذَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعَ الْأَمْوَالِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ لِأَجْلِ حَقٍّ تَعَلَّقَ بِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ كَالْمُدَبَّرِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ حَيْثُ يَبْطُلُ الْعَقْدُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ ، وَلِهَذَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعَ الْأَمْوَالِ فَصَارَ كَالْحُرِّ وَلَوْ بَاعَ قَرْيَةً وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمَسَاجِدَ وَالْمَقَابِرَ لَمْ يَصِحَّ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ قِيلَ يَصِحُّ فِي الْمِلْكِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْعَقِدُ عَلَى الْوَقْفِ ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَسْجِدَ كَالْحُرِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَكَيْفَ يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيمَا ضُمَّ إلَيْهِ وَلَا سَبِيلَ لِهَذَا إلَّا إذَا جُعِلَ اسْتِثْنَاءً لِلْمَسَاجِدِ فَيَكُونُ

كَأَنَّهُ بَاعَهُ غَيْرَ مَوَاضِعِ الْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ بَيْنَ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَمَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا كَالْمَيِّتَةِ ا هـ فَإِنْ قُلْت مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ عَامِدًا مُجْتَهَدٌ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ كَالْمُدَبَّرِ قُلْت ذَلِكَ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ اجْتِهَادًا لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِنَصِّ كِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } فَكَانَ مَتْرُوكُ التَّسْمِيَةِ كَالْمَيِّتَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَهُ أَنَّ الصَّفْقَةَ مُتَّحِدَةٌ ) أَيْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَبْضَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الثَّانِي إلَخْ ) يُرِيدُ بِالثَّانِي مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدٍ وَمُدَبَّرٍ لَا مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ لِزُفَرَ فِيهِ فَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يُفَصِّلَ لَكِنَّهُ أَخَذَ عِبَارَةَ الْهِدَايَةِ وَفِيهَا مَا فِيهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبَ وَعَبْدَ الْغَيْرِ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ ) اعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ أَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ نَفَذَ قَضَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يَنْفُذُ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ بِخِلَافِهِ أَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَهَلْ يَنْفُذُ أَمْ لَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَانَتْ مُخْتَلَفًا فِيهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا يُجِيزُ بَيْعَهَا وَكَانَ عَلِيٌّ يُجِيزُ بَيْعَهَا ثُمَّ أَجْمَعَ التَّابِعُونَ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ فِيهَا فَإِذَا قَضَى الْقَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ بِجَوَازِ بَيْعِهَا هَلْ يَقَعُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ أَوْ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ الْمُتَأَخِّرَ هَلْ يَرْفَعُ

الْخِلَافَ السَّابِقَ أَمْ لَا فَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا يَرْفَعُ الْخِلَافَ السَّابِقَ وَلَا يَنْعَقِدُ هَذَا الْإِجْمَاعُ وَعِنْدَنَا يَنْعَقِدُ هَذَا الْإِجْمَاعُ وَيَرْتَفِعُ الْخِلَافَ السَّابِقَ وَقَدْ اسْتَدَلَّ صَاحِبُ التَّقْوِيمِ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُمْ جَمِيعًا أَنَّ الْقَاضِي إذَا قَضَى بِبَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ يَجُزْ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْخَلَفَ بَعْدَهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَقِيَ قَوْلُ الْمَاضِي مُعْتَبَرًا كَأَنَّهُ حَيٌّ لَنَفَذَ قَضَاءُ الْقَاضِي بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ إلَى هُنَا لَفْظُ التَّقْوِيمِ ، وَقَالَ فِي فُصُولِ الْأُسْرُوشَنِي وَفِي الْقَضَاءِ بِجَوَازِ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ رِوَايَاتٌ وَأَظْهَرُهَا أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَفِي قَضَاءِ الْجَامِعِ أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءِ قَاضٍ آخَرَ إنْ أَمْضَى ذَلِكَ الْقَاضِي نَفَذَ وَإِنْ أَبْطَلَ بَطَلَ وَهَذَا أَوْجَهُ الْأَقَاوِيلِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفُصُولِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ عَنْهُمْ ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ا هـ .

( فَصْلٌ ) ( قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا قَبَضَهُ مَلَكَهُ وَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ إذَا كَانَ الْقَبْضُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَفِي الْعَقْدِ عِوَضَانِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ ذُكِرَ فِي الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَذَكَرَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ احْتِرَازًا عَنْ الْبَاطِلِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْقَبْضُ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ بِهِ إذْنُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ عَلَى مَا عُرِفَ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إذْنٍ صَرِيحٍ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ ، وَقَبْلَهُ فِي الْمَجْلِسِ يَكْتَفِي بِالدَّلَالَةِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَسْلِيطٌ مِنْهُ عَلَى الْقَبْضِ إذْ مُرَادُهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْمُشْتَرِي وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِالْقَبْضِ فَكَانَ ذَلِكَ تَسْلِيطًا مِنْهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْهِبَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَإِنَّ الْإِيجَابَ فِيهِ لَا يَكُونُ تَسْلِيطًا مِنْهُ عَلَى الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ وَهُوَ التَّمْلِيكُ يَحْصُلُ بِدُونِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ قَبَضَهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْلَكُ بِهِ وَقَبَضَهُ كَانَ إذْنًا مِنْهُ بِالْقَبْضِ دَلَالَةً فَلَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْمَجْلِسِ وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَقْدِ عِوَضَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ لِيَتَحَقَّقَ رُكْنُ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِيَخْرُجَ عَنْهُ الْبَيْعُ بِالْمَيِّتَةِ وَنَحْوِهِ وَالْبَيْعُ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ فِي رِوَايَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مَعَ السُّكُوتِ حَيْثُ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَقَوْلُهُ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ يَعْنِي قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَتْلَفَهُ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَتَقَرَّرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ وَإِنْ كَانَ مِنْ

ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ مَلَكَهُ بِمِثْلِهِ إذْ هُوَ الْأَعْدَلُ لِكَوْنِهِ مِثْلًا لَهُ صُورَةً وَمَعْنًى فَلَا يَعْدِلُ عَنْهُ مَعَ إمْكَانِهِ كَمَا فِي الْغَصْبِ وَهَذَا عَلَى قَوْلِ مَشَايِخِ بَلْخٍ ، وَقَالَ مَشَايِخُ الْعِرَاقِ لَا يَمْلِكُ الْعَيْنَ ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُ فِيهَا التَّصَرُّفَ خَاصَّةً بِحُكْمِ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ اسْتِدْلَالًا بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَالَ أَيْضًا مَنْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا ، وَلَوْ مَلَكَهَا الْمُشْتَرِي لَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَوْ وَطِئَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ إذَا رَفَعَ الْفَسَادَ وَرَدَّهَا إلَى الْبَائِعِ وَلَوْ مَلَكَهَا لَحَلَّ وَلَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ لِمُصَادَفَتِهِ مِلْكَهُ كَالْأَمَةِ الْمَوْهُوبَةِ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ إذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِيهَا ، وَكَذَا لَوْ رَبِحَ الْمُشْتَرِي فِيهَا لَا يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ وَلَوْ مَلَكَهَا لَطَابَ ، وَكَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ أَكْلُ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا وَلَوْ مَلَكَهُ لَحَلَّ ، وَجْهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْأَبَ أَوْ وَصِيَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا لِلصَّغِيرِ بَيْعًا فَاسِدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عِتْقُهُ وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهُ لَمَا نَفَذَ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ لَا يَمْلِكَانِ الْإِعْتَاقَ وَلَا التَّسْلِيطَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا فَبِيعَتْ بِجَنْبِهَا دَارٌ أَخَذَهَا الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْهَا لَمَا اسْتَحَقَّ الشُّفْعَةَ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَرَدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ لَمَا وَجَبَ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْأَكْلِ وَلَمْ تَجِبْ الشُّفْعَةُ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْوَطْءِ وَنَحْوِهِ إعْرَاضٌ عَنْ الرَّدِّ وَهُوَ وَاجِبٌ شَرْعًا وَفِي قَضَاءِ الْقَاضِي

بِالشُّفْعَةِ تَأْكِيدُ الْفَسَادِ وَتَقْرِيرُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ مِنْ التَّسْلِيطِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إذْ الْمُشْتَرِي يَتَصَرَّفُ فِي الْمَبِيعِ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ بِسَبَبِ تَمْلِيكِهِ إيَّاهُ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَمْلِكُ بِالْفَاسِدِ الْعَيْنَ وَلَا التَّصَرُّفَ وَإِنْ قَبَضَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَحْظُورٌ لِكَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْمِلْكُ نِعْمَةٌ لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إلَى قَضَاءِ الْمَآرِبِ وَوَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ الْمَطَالِبِ فَلَا يُنَاطُ بِهِ إذْ لَا يُلَائِمُهُ وَالْمُلَاءَمَةُ شَرْطٌ بَيْنَ الْأَثَرِ وَالْمُؤَثِّرِ وَلِأَنَّ النَّهْيَ نُسِخَ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ لِلتَّضَادِّ بَيْنَ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي قُبْحَهُ وَالْمَشْرُوعِيَّةَ تَقْتَضِي حُسْنَهُ وَبَيْنَهُمَا تَنَافٍ فَكَانَ بَاطِلًا ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَيِّدُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبِهِ تَزْدَادُ الْحُرْمَةُ وَالْفَسَادُ فَأَنَّى يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِيهِ فَصَارَ كَالْمَيِّتَةِ وَبَيْعِ الْخَمْرِ بِالدَّرَاهِمِ وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ وَلَا خَفَاءَ فِي الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ وَرُكْنُهُ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَفِيهِ الْكَلَامُ وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يُقَرِّرُ الْمَشْرُوعِيَّةَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ النَّهْيِ عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي التَّصَوُّرَ ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ لِلْأَعْمَى لَا تُبْصِرُ وَلَا لِلْإِنْسَانِ لَا تَنْظُرُ لِعَدَمِ التَّصَوُّرِ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ شُرُوطِهِ التَّصَوُّرُ فَتَصَوُّرُ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ بِالشَّرْعِ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ مَشْرُوعَةً لَمْ تَكُنْ مُتَصَوَّرَةً فَيَبْطُلُ النَّهْيُ إذْ حَقِيقَةُ النَّهْيِ تُصْرَفُ فِي الْمُكَلَّفِ بِالْمَنْعِ مَعَ قِيَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَهُوَ الْمَحِلُّ عَلَى حَالِهِ فَاقْتَضَى وُجُودَهُ وَوُجُودُهُ بِالشَّرْعِ فَصَارَتْ مَشْرُوعَةً ضَرُورَةَ صِحَّةِ النَّهْيِ

وَالْأَفْعَالُ الْحِسِّيَّةُ مُتَصَوَّرَةٌ بِذَاتِهَا فَلَا ضَرُورَةَ إلَى جَعْلِهَا مَشْرُوعَةً وَهَذَا بِخِلَافِ النَّسْخِ فَإِنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْمَحِلِّ بِإِزَالَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلْمُكَلَّفِ فَكَانَا فِي طَرَفَيْ نَقِيضٍ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يُخْرِجُهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَشْرُوعَةً وَإِنَّمَا يَحْرُمُ مُبَاشَرَتُهَا وَتَحْصِيلُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ السَّبَبِ مَعَ بَقَائِهِ سَبَبًا لَهُ عِنْدَنَا كَمَا إذَا كَانَ النَّهْيُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ كَالْبَيْعِ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ عَلَى حَالِهِ مُفِيدٌ لِحُكْمِهِ غَيْرَ أَنَّهُ مَحْظُورٌ وَلَا يُقَالُ الْبَيْعُ عِنْدَ الْأَذَانِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : النَّهْيُ فِيهِمَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ لَكِنَّ ذَلِكَ الْغَيْرَ فِي الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ مُجَاوِرٌ لَهُ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ مُتَّصِلٌ بِهِ وَصْفًا فَكَانَ النَّهْيُ فِيهِمَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْلَا الشَّرْطُ لَجَازَ الْعَقْدُ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْوَصْفَ أَقْوَى اتِّصَالًا مِنْ الْمُجَاوَرَةِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَكَانَ مَشْرُوعًا بِذَاتِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ بِوَصْفِهِ وَظَهَرَ أَثَرُ الْقُوَّةِ فِي انْعِقَادِهِ فَاسِدًا لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ أَوْجَبَ الْمِلْكَ قَبْلَهُ لَثَبَتَ بِلَا عِوَضٍ إذْ الْمُسَمَّى لَا يَجِبُ لِلْفَسَادِ وَضَمَانُ الْقِيمَةِ لَا يَجِبُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلِأَنَّهُ وَاجِبُ الرَّفْعِ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلْفَسَادِ الْمُتَّصِلِ بِهِ فَوُجُوبُ الِامْتِنَاعِ عَنْ الْمُطَالَبَةِ أَوْلَى وَذَلِكَ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَلِأَنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ بِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ يُؤَدِّي إلَى تَقْرِيرِ الْفَسَادِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِلْكِ غَيْرِهِ وَبِالْقَبْضِ يَتَقَرَّرُ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ قُلْنَا لَا تَنَافِي إذَا جُعِلَ

مَشْرُوعًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْمَيِّتَةُ لَيْسَتْ بِمَالٍ فِي حَقِّ أَحَدٍ فَانْعَدَمَ الشَّرْطُ وَإِذَا بَاعَ الْخَمْرَ بِالدَّرَاهِمِ فَقَدْ جَعَلَهَا مُثَمَّنًا وَهِيَ لَا تَجِبُ بِالْعَقْدِ فَلَوْ انْعَقَدَ لَوَجَبَتْ قِيمَتُهَا لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهَا وَالْقِيمَةُ لَا تَصْلُحُ مُثَمَّنًا ، وَإِنَّمَا تَكُونُ ثَمَنًا إذْ لَا عَهْدَ لَنَا فِي الشَّرْعِ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ مَبِيعًا فِي صُورَةٍ مِنْ الْبِيَاعَاتِ .

( فَصْلٌ ) لَمَّا ذَكَرَ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ ذَكَرَ حُكْمَهُ عَقِيبَهُ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ أَثَرُهُ وَأَثَرُ الشَّيْءِ يَتْبَعُهُ وُجُودًا فَكَذَا تَبِعَهُ ذِكْرًا طَلَبًا لِلْمُنَاسَبَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ مِلْكُ الْمَبِيعِ إلَخْ ) وَمَعْلُومٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خِيَارُ شَرْطٍ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الصَّحِيحِ لَا يُمْلَكُ بِالْقَبْضِ فَكَيْفَ بِالْفَاسِدِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ لُزُومَ الْقِيمَةِ عَيْنًا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ فِي يَدِهِ أَمَّا مَعَ قِيَامِهِ فِي يَدِهِ فَالْوَاجِبُ رَدُّهُ بِعَيْنِهِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ قَبْلَهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَالْمُرَادُ بِهِ إذْنُهُ ) ثُمَّ الْإِذْنُ قَدْ يَكُونُ صَرِيحًا وَقَدْ يَكُونُ دَلَالَةً فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ صَرِيحًا بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ سَوَاءٌ قَبَضَهُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَالثَّانِي كَمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي عَقِيبَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُوجَدْ النَّهْيُ مِنْ الْبَائِعِ فَيَمْلِكُهُ أَيْضًا كَمَا إذَا وَجَدَ الْإِذْنَ صَرِيحًا اسْتِحْسَانًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالْبَيْعُ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ ) فِي رِوَايَةٍ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ إذَا بَاعَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يَنْعَقِدُ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا سَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ يَنْعَقِدُ إلَى هُنَا لَفْظُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ فِي الْإِيضَاحِ لَوْ بَاعَهُ وَسَكَتَ عَنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُعَاوَضَةَ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا سَكَتَ عَنْ الثَّمَنِ كَانَ عِوَضُهُ قِيمَتَهُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْت بِالْقِيمَةِ وَهَكَذَا جَمِيعُ الْبَيْعَاتِ الْفَاسِدَةِ تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْقِيمَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِعْت بِغَيْرِ ثَمَنٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَفَى الثَّمَنَ لَمْ يُمْكِنْ إثْبَاتُ الْمُعَاوَضَةِ بِمُقْتَضَى الْبَيْعِ ؛

لِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ لِلْمُقْتَضَى مَعَ التَّصْرِيحِ بِخِلَافِهِ وَإِذَا لَمْ تَثْبُتْ الْمُعَاوَضَةُ لَمْ يَكُنْ بَيْعًا ، وَقَالَ فِي التُّحْفَةِ لَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّمَنَ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ وَلَوْ قَالَ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِقِيمَتِهِ فَكَذَلِكَ ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ لَوْ قَالَ : أَبِيعُك بِالْكَعْبَةِ أَوْ بِالرِّيحِ لَمْ يَمْلِكْ بِالْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ مَالًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ إلَخْ ) وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فِي يَدِهِ فَأَتْلَفَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ فَلَا يَتَغَيَّرُ كَالْغَصْبِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ مَلَكَهُ بِمِثْلِهِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَمِنْهَا أَيْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ الْعَدَدِيَّاتُ الْمُتَقَارِبَةُ ثُمَّ قَالَ وَالْقَوْلُ فِي الْقِيمَةِ وَالْمِثْلِ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ الضَّامِنُ فَالْقَوْلُ فِي الْقَدْرِ وَالْبَيِّنَةُ فِيهِ بَيِّنَةُ الْبَائِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الْغَصْبِ ) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الثَّمَنُ حَتَّى لَا يَلْزَمَ تَقْرِيرُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا ) عَزَاهُ الْأَتْقَانِيُّ إلَى شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ يُكْرَهُ الْوَطْءُ وَلَا يَحْرُمُ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الطِّيبِ مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ مِنْ عَدَمِ الْحِلِّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَهُ لَحَلَّ ) قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ الْمُشْتَرِي يَمْلِكُ عَيْنَ الْمَبِيعِ فِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا شِرَاءً فَاسِدًا ) أَيْ وَقَبَضَهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً ) أَيْ فَقَبَضَهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ التَّصَرُّفَاتُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْأَكْلِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ

الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَطَأَهَا ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهَا كَيْ لَا يَكُونَ مُصِرًّا عَلَى الْمَعْصِيَةِ فَاشْتِغَالُهُ بِالْوَطْءِ إعْرَاضٌ عَنْ الرَّدِّ فَلِهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ وَطْؤُهَا لَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَجِبْ فِيهَا الشُّفْعَةُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ لَمْ يَنْقَطِعْ عَنْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ وَالْمِلْكُ نِعْمَةٌ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ نِعْمَةُ الْمِلْكِ لَا تُنَالُ بِالْمَحْظُورِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ بَلْ مَا وَضَعَهُ الشَّرْعُ سَبَبًا بِحُكْمٍ إذَا نَهَى عَنْهُ عَلَى وَضْعٍ خَاصٍّ فَفَعَلَ مَعَ ذَلِكَ الْوَضْعِ رَأَيْنَا مِنْ الشَّرْعِ أَنَّهُ أَثْبَتَ حُكْمَهُ وَإِثْمَهُ أَصْلُهُ الطَّلَاقُ وَضَعَهُ لِإِزَالَةِ الْعِصْمَةِ وَنَهَى عَنْهُ بِوَضْعٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ حَائِضًا ثُمَّ رَأَيْنَاهُ أَثْبَتَ حُكْمَ طَلَاقِ الْحَائِضِ فَأَزَالَ بِهِ الْعِصْمَةَ حَتَّى أَمَرَ ابْنَ عُمَرَ بِالْمُرَاجَعَةِ دَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَأَثِمَ الْمُطَلِّقُ فَصَارَ هَذَا أَصْلًا فِي كُلِّ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ نَهَى عَنْ مُبَاشَرَتِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْفُلَانِيِّ إذَا بُوشِرَ مَعَهُ يَثْبُتُ حُكْمُهُ وَيُقْضَى بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ النَّهْيَ نَسْخٌ لِلْمَشْرُوعِيَّةِ ) يَعْنِي يُفِيدُ انْتِفَاءَهَا مَعَ الْوَصْفِ فَنَقُولُ مَا نُرِيدُ بِانْتِفَاءِ مَشْرُوعِيَّةِ السَّبَبِ كَوْنَهُ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ الْوَصْفِ أَوْ كَوْنَهُ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ إنْ أَرَدْت الْأَوَّلَ سَلَّمْنَاهُ وَمَنَعْنَا أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ حُكْمَهُ مَعَ الْوَصْفِ الْمُقْتَضِي لِلنَّهْيِ كَمَا أَرَيْنَاك مِنْ الشَّرْعِ وَإِنْ أَرَدْت الثَّانِي فَهُوَ مَحَلُّ النِّزَاعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ مُصَادَرَةٌ حَيْثُ جَعَلْت مَحَلَّ النِّزَاعِ جُزْءَ الدَّلِيلِ لَا يُقَالُ فَلَا فَائِدَةَ لِلنَّهْيِ حِينَئِذٍ ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ التَّحْرِيمُ وَالتَّأْثِيمُ وَهُوَ مَوْضِعٌ لِلنَّهْيِ فَإِنَّهُ لِلتَّحْرِيمِ أَوْ لِكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ إذَا كَانَ ظَنِّيَّ الثُّبُوتِ وَهَذَا ،

بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّابِتُ رُكْنَ الْعَقْدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا بِأَنْ عَقَدَ عَلَى الْخَمْرِ أَوْ الْمَيْتَةِ لِعَدَمِ الرُّكْنِ فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ أَصْلًا فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ فَوَضَعْنَا الِاصْطِلَاحَ عَلَى الْفَاسِدِ وَالْبَاطِلِ بِاعْتِبَارِ اخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا تَمْيِيزًا فَسَمَّيْنَا مَا لَا يُفِيدُ حُكْمُهُ بَاطِلًا وَمَا يُفِيدُهُ فَاسِدًا أَخْذًا مِنْ مُنَاسَبَةٍ لُغَوِيَّةٍ تَقَدَّمَتْ أَوَّلَ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَلَا خَفَاءَ فِي حُسْنِ هَذَا التَّقْرِيرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكِفَايَتِهِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ النَّهْيَ يَتَضَمَّنُ انْتِفَاءَ الْمَشْرُوعِيَّةِ ، وَلِهَذَا أَيْ كَوْنِهِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ كَانَ مَشْرُوعًا لَثَبَتَ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْمَيْتَةِ ) أَيْ الْبَيْعُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ كَالْبَيْعِ بِالْمَيْتَةِ أَوْ الدَّمِ أَوْ بَيْعِ الْخَمْرِ بِالدَّرَاهِمِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ إلَخْ ) وَلَنَا أَنَّ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ وَشَرَطَتْ الْوَلَاءَ لِمَوْلَاهَا وَقَبَضَتْهَا فَأَعْتَقَتْهَا فَأَجَازَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْضَى الْبَيْعَ } فَلَوْ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ لَمْ يُجِزْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إعْتَاقَهَا وَلِأَنَّ الْبَيْعَ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مُنْعَقِدٌ لِوُجُودِ الرُّكْنِ مِنْ الْأَهْلِ مُضَافًا إلَى الْمَحِلِّ أَمَّا الرُّكْنُ فَقَدْ حَصَلَ لِوُجُودِ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ ، وَأَمَّا الْأَهْلُ فَلِأَنَّ الْعَاقِدَ حُرٌّ عَاقِلٌ بَالِغٌ ، وَأَمَّا الْمَحِلُّ فَلِأَنَّ الْمَبِيعَ وَالثَّمَنَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ لِمَيَلَانِ طِبَاعِ النَّاسِ إلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لِإِهَانَةِ الشَّرْعِ فَلَمَّا كَانَ الثَّمَنُ مَالًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ لَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بَلْ فَسَدَ فَكَانَ أَصْلُ الْبَيْعِ مُنْعَقِدًا وَاشْتَرَطَ الْقَبْضَ لِإِثْبَاتِ

الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وُجِدَ ضَعِيفًا فَصَارَ كَالْهِبَةِ ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ وَرَدَ لَا لِمَعْنًى فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بَلْ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ مُجَاوِرٍ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ الْكَلَامُ ) أَيْ الْكَلَامُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الْعَقْدِ عِوَضَانِ هُمَا مَالَانِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَالنَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ يُقَرِّرُ الْمَشْرُوعِيَّةَ عِنْدَنَا ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَّا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَشَايِخِ النَّهْيُ يُقَرِّرُ الْمَشْرُوعِيَّةَ لِاقْتِضَاءِ التَّصَوُّرِ يُرِيدُونَ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ يُقَرِّرُ مَشْرُوعِيَّتَهُ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَقْتَضِي تَصَوَّرَ الْمَنْهِيّ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْيِ فَائِدَةٌ فَلَيْسَ بِذَاكَ ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلنَّهْيِ فَائِدَةٌ فَلَيْسَ بِذَاكَ يَقْتَضِي تَصَوُّرَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ يَعْنِي إمْكَانَ فِعْلِهِ مَعَ الْوَصْفِ الْمُثِيرِ لِلنَّهْيِ لَا يُفِيدُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ هَذَا الْمُتَصَوَّرَ يَقَعُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَإِنْ أَرَادُوا تَصَوُّرًا شَرْعِيًّا أَيْ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا فَمَمْنُوعٌ ، فَإِنْ قَالُوا نُرِيدُ تَصَوُّرَهُ مَشْرُوعًا بِأَصْلِهِ لَا مَعَ هَذَا الْوَصْفِ الَّذِي هُوَ مُثِيرُ النَّهْيِ قُلْنَا سَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ الثَّابِتَ فِي صُورَةِ النَّهْيِ هُوَ الْمَقْرُونُ بِالْوَصْفِ فَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ مَعَهُ وَالْمَشْرُوعُ وَهُوَ أَصْلُهُ بِمَعْنَى الْبَيْعِ مُطْلَقًا عَنْ ذَاكَ الْوَصْفِ غَيْرِ الثَّابِتِ هُنَا فَلَا فَائِدَةَ فِي هَذَا الْكَلَامِ أَصْلًا إذْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ أَعْنِي مَا لَمْ يُقْرَنْ بِالْوَصْفِ وَهُوَ مَفْقُودٌ فَلَا يُجْدِي شَيْئًا وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ فَنَفْسُ الْبَيْعِ مَشْرُوعٌ وَبِهِ تُنَالُ نِعْمَةُ الْمِلْكِ يُقَالُ عَلَيْهِ مَا تُرِيدُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْوَصْفُ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ النَّهْيِ أَوْ مَا فِيهِ إنْ قُلْت الَّذِي لَيْسَ فِيهِ سَلَّمْنَا وَبِهِ تُنَالُ نِعْمَةُ

الْمِلْكِ لَكِنَّ الثَّابِتَ الْبَيْعُ الَّذِي لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ مَا فِيهِ الْوَصْفُ الْمُثِيرُ لِلنَّهْيِ فَلَا تُنَالُ بِهِ نِعْمَةُ الْمِلْكِ فَيَحْتَاجُ إلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَنْعِ أَنَّ السَّبَبَ إذَا كَانَ مَعَ النَّهْيِ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا قَوْلُهُ إنَّمَا الْمَحْظُورُ مَا يُجَاوِرُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فَالْمُرَادُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ عِنْدَ عَدَمِ كَوْنِ النَّهْيِ لِعَيْنِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، كَمَا إذَا كَانَ مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ الرُّكْنِ وَإِلَّا فَالنَّهْيُ لِلْمُجَاوِرِ يُفِيدُ الْكَرَاهَةَ لَا الْحَظْرَ وَالنَّهْيُ لِلْوَصْفِ اللَّازِمِ كَمَا نَحْنُ فِيهِ يُفِيدُ الْحَظْرَ ، إلَّا أَنِّي أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ مَعَ ذَلِكَ إنَّ الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ لَيْسَا بِمَالٍ فِي شَرِيعَتِنَا فَإِنَّ الشَّارِعَ أَهَانَهُمَا بِكُلِّ وَجْهٍ حَتَّى لَعَنَ حَامِلَهَا وَمُعْتَصِرَهَا مَعَ أَنَّهَا مَفْقُودَةٌ حَالَ الِاعْتِصَارِ بَلْ الْمَوْجُودُ حِينَئِذٍ نِيَّةُ أَنْ يَصِيرَ خَمْرًا وَبَائِعَهَا وَآكِلَ ثَمَنِهَا وَهِيَ مَالٌ فِي شَرْعِ أَهْلِ الْكِتَابِ عَلَى زَعْمِهِمْ وَحَيْثُ أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَقَدْ أُمِرْنَا بِاعْتِبَارِ بَيْعِهِمْ إيَّاهَا وَبَيْعِهِمْ بِهَا فَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْعِوَضَيْنِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا فِي بَيْعِ الْمُسْلِمِ فَهُوَ بَاطِلٌ لَا يُفِيدَ الْمِلْك فِي الْبَدَلِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ ثَمَنًا وَإِنْ كَانَ فِي بَيْعِهِمْ فَصَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَظَهَرَ أَثَرُ الْقُوَّةِ ) أَيْ أَثَرُ قُوَّةِ الِاتِّصَالِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ ) يَعْنِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخُهُ ؛ لِأَنَّ رَفْعَ الْفَسَادِ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا وَاللَّامُ تَكُونُ بِمَعْنَى عَلَى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } أَيْ فَعَلَيْهَا وَيَتَمَكَّنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْفَسْخِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِهِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْآخَرِ لَكِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ لِأَنَّ فِيهِ إلْزَامَ الْفَسْخِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِدُونِ عِلْمِهِ ، وَأَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بِأَنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ كَالْبَيْعِ بِالْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ فَكَذَلِكَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْفَسْخِ لِقُوَّةِ الْفَسَادِ وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ لِشَرْطٍ زَائِدٍ بِأَنْ بَاعَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ يَكُونُ لِمَنْ لَهُ مَنْفَعَةُ الشَّرْطِ الْفَسْخُ دُونَ الْآخَرِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الشَّرْطِ إذَا كَانَتْ عَائِدَةً إلَيْهِ كَانَ قَادِرًا عَلَى تَصْحِيحِهِ بِحَذْفِ الشَّرْطِ فَكَانَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ فَلَوْ فَسَخَ الْآخَرُ لَأَبْطَلَ حَقَّهُ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَسْخُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ النَّقْضَ حَقًّا لِلشَّرْعِ فَانْتَفَى اللُّزُومُ عَنْ الْعَقْدِ وَمَنْ لَهُ النَّفْعُ قَادِرٌ عَلَى تَصْحِيحِهِ بِالْحَذْفِ أَوْ الْكَلَامِ عَلَى مَا قَبْلَ التَّصْحِيحِ فَيَفْسَخُهُ بِعِلْمِ صَاحِبِهِ فِي الْكُلِّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ قَالَ ( إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي أَوْ يَهَبَ أَوْ يُحَرِّرَ أَوْ يَبْنِيَ ) أَيْ إذَا تَصَرَّفَ فِيهِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَفْسَخَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِالْقَبْضِ فَيَنْفُذُ فِيهِ تَصَرُّفَاتُهُ كُلُّهَا وَيَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي

الِاسْتِرْدَادِ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفًا يَقْبَلُ الْفَسْخَ أَوْ لَا يَقْبَلُهُ إلَّا الْإِجَارَةَ وَالنِّكَاحَ فَإِنَّهُمَا لَا يَقْطَعَانِ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ ضَعِيفٌ يُفْسَخُ بِالْأَعْذَارِ وَفَسَادُ الشِّرَاءِ عُذْرٌ فَيُفْسَخُ وَالنِّكَاحُ لَا يَمْنَعُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ وَيُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ وَالنِّكَاحُ عَلَى حَالِهِ وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ يَقْطَعُ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَالْفَسْخُ حَقُّ الشَّرْعِ وَمَا اجْتَمَعَ حَقُّ اللَّهِ وَحَقُّ الْعَبْدِ إلَّا وَقَدْ غَلَبَ حَقُّ الْعَبْدِ لِحَاجَتِهِ وَغَنَاءُ اللَّهِ بِخِلَافِ حَقِّ الشُّفْعَةِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ فِيهِ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَكَانَ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ وَلِأَنَّهُ بِالْعِتْقِ قَدْ هَلَكَ فَيَجِبُ قِيمَتُهُ وَالْبَيْعُ الثَّانِي مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ وَوَصْفِهِ وَالْأَوَّلُ مَشْرُوعٌ بِأَصْلِهِ دُونَ وَصْفِهِ فَكَانَ الثَّانِي أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ ، وَكَذَا الْهِبَةُ مَشْرُوعَةٌ بِأَصْلِهَا وَوَصْفِهَا فَكَانَتْ أَوْلَى وَلِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي قَدْ حَصَلَ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ حَيْثُ يُنْقَضُ تَصَرُّفُ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ التَّسْلِيطِ مِنْهُ وَالْكِتَابَةُ وَالرَّهْنُ نَظِيرُ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَازِمَانِ إلَّا أَنَّهُ إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ أَوْ فَكَّ الرَّهْنَ يَعُودُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَكَذَا لَوْ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ عَادَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ سَوَاءٌ كَانَ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِ قَضَاءٍ ؛ لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ وَبِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَعُودُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عَادَ الْمَبِيعُ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِمَا يَكُونُ فَسْخًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَعُودُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ لُزُومُ الْقِيمَةِ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَلَا يُنْتَقَضُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَالْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَبَقَ ثُمَّ عَادَ

بَعْدَ مَا قَضَى عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْوَارِثِ بِهِ لَا يَمْنَعُ حَقَّ الِاسْتِرْدَادِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْوَارِثِ خِلَافُهُ فَكَانَ فِي حُكْمِ عَيْنِ مَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ ، وَلِهَذَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ فِيمَا إذَا اشْتَرَاهُ الْمُوَرِّثُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُوصَى لَهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَبْنِي أَيْ يَنْقَطِعُ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بِبِنَاءِ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَنْقَطِعُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْغَرْسُ لَهُمَا أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الشَّفِيعِ فِي الْأَخْذِ حَتَّى يَحْتَاجَ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَى الْقَضَاءِ وَتَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ وَلَا تُورَثُ بِخِلَافِ حَقِّ الْبَائِعِ ثُمَّ حَقُّ الشُّفْعَةِ مَعَ ضَعْفِهِ لَا يَبْطُلُ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَهَذَا أَوْلَى وَلَهُ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ حَصَلَ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ وَهُوَ مِمَّا يُقْصَدُ بِهِ الدَّوَامُ فَيَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِي الِاسْتِرْدَادِ كَالْبَيْعِ بِخِلَافِ حَقِّ الشَّفِيعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ التَّسْلِيطُ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِبَيْعِ الْمُشْتَرِي وَهِبَتِهِ فَكَذَا بِنَاؤُهُ وَشَكَّ يَعْقُوبُ فِي حِفْظِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَنَصُّ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْعَقَارَ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا بِالشُّفْعَةِ إذَا بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهِ عِنْدَهُ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا يَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ مَا دَامَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ بَاقِيًا فَلَمَّا وَجَبَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ عِنْدَهُ عُلِمَ أَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ قَدْ انْقَطَعَ عِنْدَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ كَمَا إذَا بَاعَهُ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْقِيمَةِ إنْ اخْتَارَ الْأَخْذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَنَقَضَ الثَّانِي وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ الثَّانِي بِثَمَنِهِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَأَمْكَنَ إيجَابُ ثَمَنِهِ فَإِذَا أَخَذَهُ هُنَا بِالشُّفْعَةِ نَقَضَ

الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ كَمَا يُفْعَلُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَا يُقَالُ إذَا نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ عَادَ حَقُّ الِاسْتِرْدَادِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَنْقُضُهُ بَعْدَمَا دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَمِلْكُهُ مَانِعٌ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ ثُمَّ الْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَتَى فَعَلَ بِالْمَبِيعِ فِعْلًا يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْمَالِكِ فِي الْغَصْبِ يَنْقَطِعُ بِهِ حَقُّ الْبَائِعِ فِي الِاسْتِرْدَادِ كَمَا إذَا كَانَ حِنْطَةً فَطَحَنَهَا وَلَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْبَائِعَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ وَأَعْطَى مَا زَادَ فِيهِ الصَّبْغُ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ كَمَا فِي الْغَصْبِ .

قَوْلُهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إلَّا بِالْقَبْضِ ) صِفَةٌ لِلنَّكِرَةِ قَبْلَهُ وَهُوَ فَاسِدٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ ) أَيْ فَيَكُونُ الْفَسْخُ قَبْلَ الْقَبْضِ امْتِنَاعًا مِنْ الْحُكْمِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : بِأَنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى أَحَدِ الْبَدَلَيْنِ ) إذْ صِلَةُ الشَّيْءِ مَا يَقُومُ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ وَقِيَامُ الْبَيْعِ هُوَ بِالْعِوَضَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَكَذَلِكَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا بِالْفَسْخِ ) أَيْ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْفَسِخُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ وَبِغَيْرِ حَضْرَتِهِ نَظِيرُهُ بَيْعُ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ وَبَيْعُ ثَوْبٍ بِخَمْرٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ ) أَيْ غَيْرَ قَوِيٍّ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ إلَخْ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : إلَّا أَنْ يَبِيعَ الْمُشْتَرِي أَوْ يَهَبَ إلَخْ ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ بَاعَ الْمَقْبُوضَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا نَفَذَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الِاسْتِرْدَادُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فَإِنْ أَخْرَجَهُ بِبَيْعٍ أَوْ تَمْلِيكٍ مِنْهُ إيَّاهُ غَيْرُهُ جَازَ مَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ وَكَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِبَائِعِهِ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِيهِ مَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُشْتَرِي بِبَيْعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ أَخْرَجَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ صَحَّ تَصَرُّفُهُ إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ وَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ أَوْ الْمِثْلُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَيَطِيبُ ذَلِكَ الْمِلْكُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَلَا يَطِيبُ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ، بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَأَخَذَ مَالَ حَرْبِيٍّ بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِهِ فَأَخْرَجَهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ

مَلَكَهُ وَلَكِنْ لَا يَطِيبُ لَهُ وَيُفْتَى بِالرَّدِّ وَلَا يُقْضَى بِهِ وَلَوْ بَاعَهُ صَحَّ بَيْعُهُ وَلَا يَطِيبُ أَيْضًا لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَا يَطِيبُ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ دَبَّرَهُ صَحَّ عِتْقُهُ وَتَدْبِيرُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جَارِيَةٌ وَاسْتَوْلَدَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ وَلَا يَغْرَمُ الْعُقْرَ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي كِتَابِ الشِّرْبِ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي كِتَابِ الشِّرْبِ عَلَيْهِ الْعُقْرُ وَلَوْ كَاتَبَ صَحَّتْ الْكِتَابَةُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ وَلَكِنَّهُ إذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ وَتَقَرَّرَ عَلَى الْمُشْتَرِي ضَمَانُ الْقِيمَةِ فَإِنْ عَجَزَ وَرَدَّ رَقِيقًا يَنْظُرُ إنْ كَانَ الْعَجْزُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي يَرُدُّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَلَا سَبِيلَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْعَبْدِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَهَنَ الْمَبِيعَ صَحَّ الرَّهْنُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إبْطَالُهُ وَإِنْ فَكَّهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ فَكَّهُ بَعْدَمَا قَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الْإِجَارَةُ غَيْرَ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُبْطِلَ الْإِجَارَةَ وَيَسْتَرِدَّ الْمَبِيعَ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مِمَّا تُفْسَخُ بِالْعُذْرِ وَفَسَادُ الْبَيْعِ صَارَ عُذْرًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَيَنْبَغِي لَك أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ نَافِذًا يُكْرَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفَسْخَ مُسْتَحَقٌّ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْفَسَادِ وَاجِبٌ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ تَقْرِيرُ الْفَسَادِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالنِّكَاحُ لَا يَمْنَعُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَيُفْسَخُ وَيُرَدُّ عَلَى

الْبَائِعِ ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ زَوَّجَهَا مِنْ إنْسَانٍ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ وَالنِّكَاحُ بِحَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ زَوَّجَهَا وَهِيَ مَمْلُوكَةٌ لَهُ ثُمَّ قَالَ فِيهِ وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبْدِ الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا فَإِنَّهُ يُفْسَخُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ مِمَّا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ وَلَوْ مَاتَ الْمُوصِي قَبْلَ الْفَسْخِ يَسْقُطُ الْفَسْخُ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ انْتَقَلَ إلَى الْمُوصَى لَهُ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا فَوَرِثَهُ الْبَائِعُ فَلِلْبَائِعِ حَقُّ الْفَسْخِ ، وَكَذَا لِلْوَرَثَةِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُوَرِّثِ فِي حَقِّ الْفَسْخِ ، وَلِهَذَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ الْمُوصَى لَهُ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي قَدْ حَصَلَ بِتَسْلِيطِ الْبَائِعِ فَلَا يُنْتَقَضُ ) فَإِنْ قُلْت هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ التَّسْلِيطُ وُجِدَ قَبْلَ بَيْعِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا وَمَعَ هَذَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُهُ إعْدَامًا لِلْفَسَادِ فَانْتَقَضَتْ الْعِلَّةُ إذَا قُلْت مَعْنَاهُ حَصَلَ بِتَسْلِيطٍ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الثَّالِثِ فَبَطَلَ السُّؤَالُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهِ قَدِيمُ مِلْكِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ ) أَيْ وَعَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ ؛ لِأَنَّ بِالرُّجُوعِ وَالْقَبْضِ اسْتَحْدَثَ مِلْكَ الْوَطْءِ ا هـ آخِرَ بُيُوعِ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيُّ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَبِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ) أَيْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بِقَضَاءٍ ؛ لِأَنَّ بِهِ يَعُودُ قَدِيمُ الْمِلْكِ لَا بِغَيْرِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ يَبْنِي ) لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ بَاعَ رَجُلًا دَارًا بَيْعًا فَاسِدًا فَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَبَنَى فِيهَا قَالَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَخْذُهَا وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا ثُمَّ شَكَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ يُنْقَضُ الْبِنَاءُ وَتُرَدُّ الدَّارُ عَلَى صَاحِبِهَا إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ قَالَ

الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ أَرْضًا فَبَنَى فِيهَا الْمُشْتَرِي فَهَذَا اسْتِهْلَاكٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ نَقْضُ الْبَيْعِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : لِلْبَائِعِ نَقْضُ الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَقْوَى مِنْ حَقِّ الشَّفِيعِ ) أَيْ فِي الشِّرَاءِ الصَّحِيحِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَشَكَّ يَعْقُوبُ فِي حِفْظِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ) قَالُوا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَأَمَّا شَكُّ يَعْقُوبَ فِي الرِّوَايَةِ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْهُ أَمْ لَا حَتَّى قَالَ مَشَايِخُنَا لَا خِلَافَ فِيهِ وَلَكِنْ ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ فِيهَا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا ، وَإِنَّمَا رَوَيْت لَك أَنْ يُنْقَضَ الْبِنَاءُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ ( وَلَهُ أَنْ يَمْنَعَ الْمَبِيعَ عَنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْهُ ) يَعْنِي إذَا تَفَاسَخَا بَعْدَ قَبْضِ الْعِوَضَيْنِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَرُدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مُقَابَلٌ بِهِ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِهِ كَالرَّهْنِ وَأَقْرَبُ مِنْهُ الْمَبِيعُ وَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ فَكَذَا يُقَدَّمُ عَلَى تَجْهِيزِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ وَعَلَى هَذَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَالْوَرَثَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ إجَارَةً فَاسِدَةً وَنَقَدَ الْأُجْرَةَ أَوْ ارْتَهَنَ رَهْنًا فَاسِدًا أَوْ أَقْرَضَ قَرْضًا فَاسِدًا وَأَخَذَ بِهِ رَهْنًا لَهُ أَنْ يَحْبِسَ مَا اسْتَأْجَرَ وَمَا ارْتَهَنَ حَتَّى يَقْبِضَ مَا نَقَدَ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ الْجَائِزِ إذَا تَفَاسَخَا ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَتُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْبَدَلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْمُؤَجِّرُ أَوْ الرَّاهِنُ أَوْ الْمُسْتَقْرِضُ فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ الْمَقْبُوضِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدِينِهِ عَبْدًا بِدَيْنٍ سَابِقٍ لَهُ عَلَيْهِ شِرَاءً فَاسِدًا وَقَبَضَ الْعَبْدَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَأَرَادَ الْبَائِعُ اسْتِرْدَادَ الْعَبْدِ بِحُكْمِ الْفَسَادِ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْعَبْدَ لِاسْتِيفَاءِ مَالِهِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِدَيْنٍ سَابِقٍ عَلَيْهَا وَقَبَضَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَبْدَ ثُمَّ فَسَخَ الْمُؤَجِّرُ الْإِجَارَةَ بِحُكْمِ الْفَسَادِ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَبْدَ قَبْلَ إيفَاءِ الْأُجْرَةِ وَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ الْحَبْسُ بِالْأُجْرَةِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ ، وَكَذَا الرَّهْنُ الْفَاسِدُ لَوْ كَانَ بِدَيْنٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ .

( قَوْلُهُ فَيَصِيرُ مَحْبُوسًا بِهِ كَالرَّهْنِ ) أَيْ لَكِنَّهُ يُفَارِقُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الرَّهْنَ مَضْمُونٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لَا غَيْرُ وَهُنَا الْمَبِيعُ مَضْمُونٌ بِجَمِيعِ قِيمَتِهِ كَمَا فِي الْعِصْمَةِ ا هـ أَكْمَلُ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهِ ) أَيْ الَّذِي الْجَارِيَةُ فِي يَدِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَالَ حَيَاتِهِ ) أَيْ وَلَوْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِمَالِيَّةِ الْمَبِيعِ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ يُصْرَفُ إلَى الْغُرَمَاءِ ا هـ خُلَاصَةٌ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى هَذَا أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَالْوَرَثَةُ ) أَيْ يُقَدَّمُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ا هـ قَوْلُهُ : فَهُوَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَأَخَوَاهُ ا هـ ( قَوْلُهُ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْعَبْدَ قَبْلَ إيفَاءِ الْأُجْرَةِ ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي جَعَلَهُ أُجْرَةً ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ ) يَعْنِي لَوْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا أَوْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ ا هـ عِمَادِيٌّ .

قَالَ ( وَطَابَ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ لَا لِلْمُشْتَرِي ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَرَبِحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا طَابَ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ وَلَمْ يَطِبْ لِلْمُشْتَرِي مَا رَبِحَ فِي الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَلَّقُ بِمَا يَتَعَيَّنُ فَيَتَمَكَّنُ الْخَبَثُ فِيهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ الثَّانِي بِمَا لَا يَتَعَيَّنُ بَلْ يَجِبُ مِثْلُهُ فِي الذِّمَّةِ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ الْخَبَثُ فِيهِ فَلَا يَجِبُ التَّصْدِيقُ بِهِ هَذَا فِي الْخَبَثِ لِفَسَادِ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ الْخَبَثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْأَمَانَاتِ إذَا خَانَ فِيهَا الْمُؤْتَمَنُ فَإِنَّهُ يَشْمَلُ مَا يَتَعَيَّنُ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ حَقِيقَةً وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ شُبْهَةً مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ وَتَقْرِيرُ الثَّمَنِ وَعِنْدَ فَسَادِ الْمِلْكِ تَنْقَلِبُ الْحَقِيقَةُ شُبْهَةً فَتُعْتَبَرُ وَالشُّبْهَةُ تَنْزِلُ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ قَضَاءً فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْوَالَ نَوْعَانِ مَا يَتَعَيَّنُ بِالْعَقْدِ وَمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَالْحُرْمَةُ نَوْعَانِ حُرْمَةٌ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَحُرْمَةٌ لِفَسَادِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُمَا فَتَأَمَّلْهُ وَهَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ مِنْ الثَّمَنِ بِعَيْنِهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَمْ لَا قِيلَ يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّهُ قَبْضٌ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ فَصَارَ كَالْغَصْبِ وَقِيلَ لَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ كَمَا لَوْ مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ وَالثَّانِي رِوَايَةُ أَبِي حَفْصٍ وَقِيلَ عَلَى هَذَا لَا يَطِيبُ لَهُ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَطَابَ لِلْبَائِعِ مَا رَبِحَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً بَيْعًا فَاسِدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَتَقَابَضَا وَرَبِحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِيمَا قَبَضَ قَالَ يَتَصَدَّقُ الَّذِي قَبَضَ الْجَارِيَةَ بِالرِّبْحِ وَيَطِيبُ الرِّبْحُ لِلَّذِي قَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَهُوَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْمَالَ نَوْعَانِ نَوْعٌ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْعُقُودِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَنَوْعٌ يَتَعَيَّنُ كَغَيْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمُرَادُ مِنْ عَدَمِ التَّعَيُّنِ فِي حَقِّ الِاسْتِحْقَاقِ أَمَّا فِي حَقِّ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ وَالْوَصْفِ فَيُعَيَّنَانِ وَالْخَبَثُ وَهُوَ عَدَمُ الطِّيبِ أَيْضًا نَوْعَانِ أَحَدُهُمَا بِاعْتِبَارِ عَدَمِ الْمِلْكِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ الْوَدِيعَةِ يُوجِبُ حَقِيقَةَ الْخَبَثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ وَيُوجِبُ شُبْهَةَ الْخَبَثِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ لَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِهِ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَسِيلَةٌ مِنْ وَجْهٍ فَيُوجِبُ شُبْهَةَ الْخَبَثِ وَالشُّبْهَةُ مُعْتَبَرَةٌ فَلَا جَرَمَ أَنَّ عَدَمَ الطِّيبِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فِي الْمَالَيْنِ جَمِيعًا أَعْنِي فِيمَا يَتَعَيَّنُ وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَالْخَبَثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ يُورِثُ الشُّبْهَةَ فِيمَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّ الْخَبَثَ لِفَسَادِ الْمِلْكِ أَدْنَى مِنْ الْخَبَثِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَيُورِثُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَشُبْهَةُ الشُّبْهَةِ لَيْسَتْ بِمُعْتَبَرَةٍ فَلِهَذَا يَتَصَدَّقُ الَّذِي أَخَذَ الْجَارِيَةَ بِالرِّبْحِ لِوُجُودِ شُبْهَةِ الْخَبَثِ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ الَّذِي أَخَذَ الدَّرَاهِمَ بِالرِّبْحِ لِعَدَمِ الْخَبَثِ حَقِيقَةً وَشُبْهَةً ، وَإِنَّمَا هِيَ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ ( قَوْلُهُ : لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ ) كَالْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ وَالْفَرَسِ ا هـ ( قَوْلُهُ :

كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ) أَيْ وَتَقَابَضَا فَبَاعَ الْمُشْتَرِي الْجَارِيَةَ وَاشْتَرَى الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ شَيْئًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ الثَّانِي ) أَيْ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ الْخَبَثُ لِعَدَمِ الْمِلْكِ كَالْمَغْصُوبِ ) أَيْ بِأَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَبَاعَهُ بَعْدَ ضَمَانِ قِيمَتِهِ فَرَبِحَ فِيهِ أَوْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَأَدَّى ضَمَانَهَا وَاشْتَرَى بِهَا شَيْئًا وَبَاعَهُ وَرَبِحَ فِيهِ ا هـ أ ك ( قَوْلُهُ : لِتَعَلُّقِ الْعَقْدِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ حَقِيقَةً ) أَيْ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ حَقِيقَةُ الْخَبَثِ وَفِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ تَتَمَكَّنُ شُبْهَةُ الْخَبَثِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ بِأَنْ نَقَدَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ أَوْ تَقْدِيرُ الثَّمَنِ بِأَنْ أَشَارَ إلَى الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَقَدَ مِنْ غَيْرِهَا فَصَارَ مِلْكُ الْغَيْرِ وَسِيلَةً إلَى الرِّبْحِ مِنْ وَجْهٍ فَيَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْخَبَثِ أَمَّا الْخَبَثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ فَيَعْمَلُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ لَا فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْمِلْكِ دُونَ عَدَمِ الْمِلْكِ فَتَنْقَلِبُ حَقِيقَةُ الْخَبَثِ فِيمَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ شُبْهَةً هُنَا فَتُعْتَبَرُ وَشُبْهَةُ الْخَبَثِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ثَمَّةَ يَنْقَلِبُ شُبْهَةَ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَا تُعْتَبَرُ بِالْحَدِيثِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نَهَى عَنْ الرِّبَا وَالرِّيبَةِ } أَيْ الشُّبْهَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ وَتَقْدِيرُ الثَّمَنِ ) أَيْ بِأَنْ يُشِيرَ إلَى الدَّرَاهِمِ الْمَغْصُوبَةِ وَيَنْقُدَ مِنْ غَيْرِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالشُّبْهَةُ تَنْزِلُ إلَى شُبْهَةِ الشُّبْهَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ ) إذْ لَوْ اُعْتُبِرَتْ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ لَاعْتُبِرَ مَا دُونَهَا فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى سَدِّ بَابِ التِّجَارَةِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي سُلَيْمَانَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ

فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ لِلْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ اسْتَهْلَكَ الثَّمَنَ يَرُدُّ مِثْلَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ قَائِمًا فَهَلْ يَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الصَّرْفِ يَتَعَيَّنُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فِي حُكْمِ النَّقْضِ وَالِاسْتِرْدَادُ كَالْغَصْبِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَتَعَيَّنُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْجَائِزِ قَالَ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ التَّعْيِينِ يَعْنِي فِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ ا هـ فَقَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ دَمُ التَّعْيِينِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ التَّصْحِيحِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى هَذَا لَا يَطِيبُ لَهُ مَا رَبِحَ فِي الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا ) قَالَ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ قَالَ مُحَمَّدٌ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ كُلُّ مَالٍ يَأْخُذُهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِطِيبَةٍ مِنْ نَفْسِهِ بِحُكْمِ عَقْدٍ فَاسِدٍ وَرَبِحَ فِيهِ يَطِيبُ لَهُ الرِّبْحُ يُرِيدُ بِهِ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ لِلرَّدِّ بِحُكْمِ الْفَسَادِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِثَالُهُ إذَا اشْتَرَى أَلْفَ دِرْهَمٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى سَنَةٍ حَتَّى فَسَدَ الصَّرْفُ فَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَرَبِحَ فِيهَا طَابَ لَهُ الرِّبْحُ وَلَوْ كَانَ الْأَلْفُ غَصْبًا لَمْ يَطِبْ لِانْعِدَامِ الْمِلْكِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَطِيبُ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ شَرْطَ الطِّيبِ الضَّمَانُ وَقَدْ وُجِدَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ ( وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ فَقَضَاهُ إيَّاهَا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ طَابَ رِبْحُهُ ) أَيْ رِبْحُهُ فِي الدَّرَاهِمِ ؛ لِأَنَّ الْخَبَثَ لِفَسَادِ الْمِلْكِ هُنَا ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ بِتَصَادُقِهِمَا أَوَّلًا فَمَلَكَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ بِالتَّصَادُقِ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَبَدَلُ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ لَا يَبْطُلُ الْعِتْقُ فِي الْعَبْدِ وَلَوْلَا أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَبَطَلَ ؛ لِأَنَّهُ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُفَارِقُ غَرِيمَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ دَيْنَهُ فَبَاعَهُ عَبْدَ الْغَيْرِ بِالدَّيْنِ فَقَبَضَهُ الْحَالِفُ وَفَارَقَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ ؛ لِأَنَّ الْمَدِينَ مَلَكَ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِالْبَيْعِ وَهُوَ بَدَلُ الْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَإِذَا كَانَ مَمْلُوكًا وَهُوَ بِسَبَبٍ خَبِيثٍ لِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا بِمِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَعْمَلُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ وَيَعْمَلُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ إلَخْ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ لِي عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَاقْضِهَا فَقَضَاهَا ثُمَّ تَصَادَقَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ تَصَرَّفَ فِيهَا وَرَبِحَ فَالرِّبْحُ يَطِيبُ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَثْبُتُ مِنْ حَيْثُ التَّسْمِيَةُ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِي ادَّعَاهُ فَقَضَاهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَكَانَ الرِّبْحُ حَاصِلًا فِي مِلْكِهِ فَإِذَا تَصَادَقَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ الدَّيْنِ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمَقْبُوضَةُ بِمَنْزِلَةِ بَدَلِ الْمُسْتَحَقِّ وَبَدَلُ الْمُسْتَحَقِّ مَمْلُوكٌ مِلْكًا فَاسِدًا وَالْخَبَثُ لِفَسَادِ الْمِلْكِ لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ ؛ لِأَنَّهُ شُبْهَةُ الشُّبْهَةِ فَلِهَذَا طَابَ لَهُ الرِّبْحُ وَلَمْ يَجِبْ التَّصَدُّقُ بِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَبَدَلُ الْمُسْتَحَقِّ ) أَيْ وَالْمُسْتَحَقُّ هُوَ الدَّيْنُ وَالْبَدَلُ الدَّرَاهِمُ الْمَقْبُوضَةُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : مَمْلُوكًا ) أَيْ مِلْكًا فَاسِدًا ا هـ .

قَالَ ( وَكُرِهَ النَّجْشُ وَالسَّوْمُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ ) وَالنَّجَشُ بِفَتْحَتَيْنِ وَيُرْوَى بِالسُّكُونِ وَهُوَ أَنْ يَسْتَامَ السِّلْعَةَ بِأَزْيَدَ مِنْ ثَمَنِهَا وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا بَلْ لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَقَعُ فِيهِ ، وَإِنَّمَا كُرِهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ النَّجْشِ } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَأَنْ يَتَنَاجَشُوا } رَوَاهُمَا أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا يَخْطِبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَسُومُ عَلَى سَوْمِ غَيْرِهِ } وَفِي لَفْظٍ { لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْبَيْعِ الشِّرَاءُ وَرَوَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { لَا يَبِيعُ أَحَدُكُمْ وَلَا يَخْطِبُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ } وَرَوَى النَّسَائِيّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { لَا يَبِيعُ أَحَدُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ حَتَّى يَبْتَاعَ أَوْ يَذَرَ } وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ إيحَاشًا وَإِضْرَارًا بِهِ فَيُكْرَهُ ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ النَّجْشُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاغِبُ فِي السِّلْعَةِ يَطْلُبُهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا ، وَأَمَّا إذَا طَلَبَهَا بِدُونِ ثَمَنِهَا فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَزِيدَ إلَى أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتَهَا ، وَكَذَا السَّوْمُ إنَّمَا يُكْرَهُ فِيمَا إذَا جَنَحَ قَلْبُ الْبَائِعِ إلَى الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُشْتَرِي ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَجْنَحْ قَلْبُهُ وَلَمْ يَرْضَهُ فَلَا بَأْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِأَزْيَدَ ؛ لِأَنَّ هَذَا بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ وَقَدْ قَالَ أَنَسٌ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا فِيمَنْ يَزِيدُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَلِأَنَّهُ بَيْعُ الْفُقَرَاءِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهِ ، وَكَذَا النَّهْيُ عَنْ الْخِطْبَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا بَعْدَ الِاتِّفَاقِ وَالتَّرَاضِي .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَكُرِهَ النَّجْشُ وَالسَّوْمُ إلَخْ ) قِيلَ لَمَّا كَانَ الْمَكْرُوهُ أَدْنَى دَرَجَةً مِنْ الْفَسَادِ وَلَكِنَّهُ شُعْبَةٌ مِنْ شُعَبِ الْفَسَادِ أَلْحَقَهُ بِالْفَسَادِ وَأَخَّرَهُ عَنْهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمَعْنَى فِي كَرَاهِيَةِ النَّجْشِ الْغُرُورُ وَالْخِدَاعُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا بَلْ لِيَرَاهُ غَيْرُهُ ) قَالَ فِي شَرْحِ الصَّحِيحِ النَّجْشُ أَنْ يَزِيدَ الرَّجُلُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا وَلَكِنْ لِيَسْمَعَهُ غَيْرُهُ فَيَزِيدَ لِزِيَادَتِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ } إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يَسْتَامُ { وَلَا يَخْطُبُ } نَفْيٌ أُرِيدَ بِهِ النَّهْيُ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي دَلَالَتِهِمَا عَلَى الْعَدَمِ وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَةَ النَّفْيِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ حِسًّا فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُ الْخَلَفُ فِي خَبَرِ الشَّارِعِ وَاخْتِيَارُ صِيغَةِ النَّفْيِ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ مِنْ النَّهْيِ كَمَا أَنَّ إخْبَارَ الشَّارِعِ أَبْلَغُ مِنْ الْأَمْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَزِيدَ إلَى أَنْ يَبْلُغَ قِيمَتَهَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَغْبَةٌ فِيهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا ) قَالَ فِي الْجَمْهَرَةِ الْحِلْسُ كِسَاءٌ يُطْرَحُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ أَوْ الْحِمَارِ وَالْجَمْعُ أَحْلَاسٌ وَحُلُوسٌ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { أَتَى رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا فِي بَيْتِك شَيْءٌ قَالَ بَلَى حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ الْمَاءَ فَقَالَ ائْتِنِي بِهِمَا فَأَتَاهُ بِهِمَا فَأَخَذَهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا قَالَ رَجُلٌ أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إيَّاهُ وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا الرَّجُلَ ، وَقَالَ اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إلَى أَهْلِك وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ فَأَتَى بِهِ فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَفَعَلَ ثُمَّ جَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا خَيْرٌ لَك مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِك يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إلَّا لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ أَوْ ذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ } ا هـ تَجْرِيدُ الْأُصُولِ لِلْبَارِزِيِّ قَوْلُهُ قَعْبٌ الْقَعْبُ الْقَصْعَةُ ا هـ .

قَالَ ( وَتَلَقِّي الْجَلَبِ ) أَيْ كُرِهَ تَلَقِّي الْمَجْلُوبِ وَصُورَتُهُ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ يَتَلَقَّى الْمِيرَةَ فَيَشْتَرِي مِنْهُمْ ثُمَّ يَبِيعُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنَّمَا كُرِهَ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ تَلَقِّي الْبُيُوعِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى أَنْ يَتَلَقَّى الْجَلَبَ } الْحَدِيثُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ هَذَا إذَا كَانَ يَضُرُّ بِأَهْلِ الْبَلَدِ بِأَنْ كَانُوا فِي قَحْطٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَضُرُّهُمْ فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا إذَا لَبَسَ السِّعْرُ عَلَى الْوَارِدِينَ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَتَلَقِّي الْجَلَبِ ) بِمَعْنَى الْمَجْلُوبِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي بَيَانِ تَلَقِّي الْجَلَبِ وَصُورَتُهُ أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْمِصْرِ أُخْبِرَ بِمَجِيءِ قَافِلَةٍ عَظِيمَةٍ وَأَهْلُ الْمِصْرِ فِي قَحْطٍ وَجَدْبٍ فَتَلَقَّى ذَلِكَ الْوَاحِدُ وَيَشْتَرِي مِنْهُمْ جَمِيعَ مَا يَمْتَارُونَ وَيَدْخُلُ الْمِصْرَ وَيَبِيعُهُ عَلَى مَا يُرِيدُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ تَرَكَهُمْ فَأَدْخَلُوا مِيرَتَهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ وَبَاعُوهَا مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ بِتَفْرِقَةٍ تَوَسَّعَ أَهْلُ الْمِصْرِ بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَمَا وَصَفْنَا فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ لَا يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ فَلَا يُكْرَهُ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ صُورَتُهُ أَنْ يَلْتَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ فَيَشْتَرِي مِنْهُمْ بِأَرْخَصَ مِنْ سِعْرِ الْمِصْرِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ سِعْرَ الْمِصْرِ فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ سَوَاءٌ اسْتَضَرَّ بِهِ أَهْلُ الْمِصْرِ أَوْ لَمْ يَسْتَضِرُّوا بِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَيْعُ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تَلْقَوْا الرُّكْبَانَ وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } فَقِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ : مَا قَوْلُهُ : لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ؟ قَالَ : لَا يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ { لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ ، وَقَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { نُهِينَا أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَتَفْسِيرُهُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَفِي الْهِدَايَةِ هَذَا إذَا كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ فِي قَحْطٍ وَعَوَزٍ وَهُوَ يَبِيعُ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ طَمَعًا فِي الثَّمَنِ الْغَالِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِهِمْ ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِانْعِدَامِ الضَّرَرِ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ هُوَ أَنْ يَجْلِبَ الْبَادِي السِّلْعَةَ فَيَأْخُذَهَا الْحَاضِرُ لِيَبِيعَهَا لَهُ بَعْدَ وَقْتٍ بِأَغْلَى مِنْ السِّعْرِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْجَلْبِ .

( قَوْلُهُ : { وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } ) الْحَاضِرُ الْمُقِيمُ فِي الْمُدُنِ وَالْقُرَى وَالْبَادِي الْمُقِيمُ بِالْبَادِيَةِ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ أَنْ يَأْتِيَ الْبَدْوِيُّ الْبَلْدَةَ وَمَعَهُ قُوتٌ يَبْغِي التَّسَارُعَ إلَى بَيْعِهِ رَخِيصًا فَيَقُولُ لَهُ الْحَضَرِيُّ اُتْرُكْهُ عِنْدِي لِأُغَالِيَ فِي بَيْعِهِ فَهَذَا الصَّنِيعُ مُحَرَّمٌ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْغَيْرِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ مِمَّا تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهَا كَالْأَقْوَاتِ فَإِنْ كَانَتْ لَا تَعُمُّ أَوْ أَكْثَرَ الْقُوتِ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ فَفِي التَّحْرِيمِ تَرَدُّدٌ ا هـ ابْنُ الْأَثِيرِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَتَفْسِيرُهُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ لَهُ طَعَامٌ وَأَهْلُ الْمِصْرِ فِي قَحْطٍ وَهُوَ لَا يَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْمِصْرِ حَتَّى يَتَوَسَّعُوا وَلَكِنْ يَبِيعُهُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ بِثَمَنٍ غَالٍ وَأَهْلُ الْمِصْرِ يَتَضَرَّرُونَ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَضَرَّرُونَ فَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهِ مِنْهُمْ ، وَإِلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقِيلَ أَنْ يَتَوَكَّلَ الْمِصْرِيُّ مِنْ الْبَدْوِيِّ لِمُغَالَاةِ السِّعْرِ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ أَهْلُ الْمِصْرِ يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيَأْخُذُهَا الْحَاضِرُ لِيَبِيعَهَا لَهُ بَعْدَ وَقْتٍ بِأَغْلَى مِنْ السِّعْرِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْجَلْبِ ) أَيْ وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ا هـ .

قَالَ ( وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَذَرُوا الْبَيْعَ } وَلِأَنَّ فِيهِ إخْلَالًا بِالْوَاجِبِ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ وَهُوَ السَّعْيُ بِأَنْ قَعَدَا لِلْبَيْعِ أَوْ وَقَفَا لَهُ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا وَهُمَا يَمْشِيَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَعَزَاهُ إلَى أُصُولِ الْفِقْهِ لِأَبِي الْيُسْرِ وَهَذَا مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَهَى عَنْ الْبَيْعِ مُطْلَقًا فَمَنْ أَطْلَقَهُ فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ يَكُونُ تَخْصِيصًا وَهُوَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ بِالرَّأْيِ وَالْأَذَانُ الْمُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ الْبَيْعِ هُوَ الْأَوَّلُ إذَا وَقَعَ بَعْدَ الزَّوَالِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ قَالَ ( لَا بَيْعَ مَنْ يَزِيدُ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ بَيْعُ مَنْ يَزِيدُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْبَيْعُ عِنْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ إلَخْ ) نُهِيَ عَنْ الْبَيْعِ عِنْدَ الْأَذَانِ وَأَقَلُّ أَحْوَالِ النَّهْيِ الْكَرَاهَةُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ صَغِيرٍ وَذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ ) سَوَاءٌ كَانَ الْآخَرُ صَغِيرًا مِثْلَهُ أَوْ كَبِيرًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ { أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَبِيعَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْتهمَا وَفَرَّقْت بَيْنَهُمَا فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَدْرِكْهُمَا فَارْتَجِعْهُمَا وَلَا تَبِعْهُمَا إلَّا جَمِيعًا } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَفِي رِوَايَةٍ { وَهَبَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُلَامَيْنِ أَخَوَيْنِ فَبِعْت أَحَدَهُمَا فَقَالَ لِي مَا فَعَلَ غُلَامَاك فَأَخْبَرْته فَقَالَ لِي رُدَّهُ رُدَّهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ { لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَالِدِ وَوَلَدِهِ وَبَيْنَ الْأَخِ وَأَخِيهِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ جَارِيَةٍ وَوَلَدِهَا فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَرَدَّ الْبَيْعَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَلِأَنَّ الصَّغِيرَ يَسْتَأْنِسُ بِالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرُ يَتَعَاهَدُهُ وَيُشْفِقُ عَلَيْهِ وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ بِاعْتِبَارِ الشَّفَقَةِ النَّاشِئَةِ مِنْ قُرْبِ الْقَرَابَةِ وَفِي التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا إيحَاشُ الصَّغِيرِ وَتَرْكُ الْمَرْحَمَةِ عَلَيْهِ وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَلَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا فَلَيْسَ مِنَّا } وَلَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا فِي مِلْكِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ وَالْآخَرُ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا لِأَنَّ الْمِلْكَ مُتَفَرِّقٌ فَلَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ عَنْ التَّفْرِيقِ ثُمَّ الْمَنْعُ بِالْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِيهِ قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ وَلَا مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ وَلَوْ كَانَ

التَّفْرِيقُ بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ كَدَفْعِ أَحَدِهِمَا بِالْجِنَايَةِ وَبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ وَرَدِّهِ بِالْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ عَنْ التَّفْرِيقِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الصَّغِيرِ فَلَا يُمْكِنُ مِنْ دَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُ عَلَى وَجْهٍ يَلْحَقُ الضَّرَرُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَوْلَى وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِإِلْزَامِهِ الْفِدَاءَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ وَإِلْزَامِهِ الْقِيمَةَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِلْزَامِهِ الْمَعِيبَ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ ، وَكَذَا لَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ إذَا تَعَذَّرَ إخْرَاجُ أَحَدِهِمَا بِالتَّدْبِيرِ أَوْ الِاسْتِيلَادِ أَوْ الْكِتَابَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَهُ أَنْ يَعْتِقَ أَحَدَهُمَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقٌ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ لَهُ مِنْ إبْقَائِهِ عَلَى الرِّقِّ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَفْرِيقٍ مَعْنًى ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يَقْدِرُ أَنْ يَدُورَ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ ، وَكَذَا لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا مِمَّنْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ إنْ اشْتَرَاهُ أَوْ مَلَكَهُ لِمَا ذَكَرْنَا فِي الْإِعْتَاقِ وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا وَأُمُّهُ كَافِرَةً بِأَنْ أَسْلَمَ أَبُوهُ وَتَبِعَهُ فِيهِ وَمَوْلَاهُمَا كَافِرٌ يُؤْمَرُ بِبَيْعِ الْوَلَدِ وَحْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ إبْقَائِهِ فِي ذُلِّ الْكَافِرِ وَفِي النِّهَايَةِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُسْلِمًا حُرًّا كَانَ أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ كَافِرًا فَلَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ مِنْ الْكُفْرِ أَعْظَمُ وَالْكُفَّارُ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالشَّرَائِعِ وَلَوْ كَانَ لِلصَّغِيرِ قَرِيبَانِ مُسْتَوِيَانِ فِي الْقُرْبِ فَإِنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ قَرَابَتِهِمَا لَهُ لَا يُفَرَّقُ وَلَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دُونَهُمَا وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَبِ وَالْأُمِّ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُخْتٍ لِأُمٍّ أَوْ لِأَبَوَيْنِ بِأَنْ ادَّعَاهُ رَجُلَانِ مَعًا أَوْ عَمُّهُ وَخَالُهُ ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَفَقَةً لَيْسَ لِلْآخَرِ وَلَهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتِئْنَاسٌ خِلَافُ الِاسْتِئْنَاسِ بِالْآخَرِ وَإِنْ اتَّحَدَتْ جِهَةُ قَرَابَتِهِمَا كَالْأَخَوَيْنِ أَوْ الْخَالَيْنِ

أَوْ الْعَمَّيْنِ لِأَبٍ وَأُمِّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا مَعَهُ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الصَّغِيرِ مَرْعِيٌّ بِهِ فَيَبِيعُهُ أَوْ يَتْرُكُهُ مَعَ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَأْنِسُ بِهِ وَيَقُومُ بِحَوَائِجِهِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ مِنْ الْآخَرِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَ الْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ عَمُّهِ أَوْ خَالُهُ أَوْ أَحَدُ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ أَوْ كَانَ مَعَ الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمِّ أُخْتٍ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ لَا يُعْتَدُّ بِالْأَبْعَدِ ؛ لِأَنَّ شَفَقَتَهُ مَعَ شَفَقَةِ الْأَقْرَبِ كَالْمَعْدُومِ وَنَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا فِيهِ مِنْ إيحَاشِ الصَّغِيرِ أَوْ الْإِضْرَارِ بِأَهْلِ الْبَلَدِ أَوْ بِالْوَارِدِينَ إذَا لَبِسَ السِّعْرُ عَلَيْهِمْ وَنَحْوُ ذَلِكَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ فِي قَرَابَةِ الْوِلَادِ وَيَجُوزُ فِي غَيْرِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ يُفْسِدُ فِي الْجَمِيعِ لِمَا رَوَيْنَا { أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَدَّ الْبَيْعَ فِي الْوِلَادِ وَأَمَرَ بِالرَّدِّ فِي غَيْرِهِ } وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْفَاسِدِ وَلَهُمَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَيَنْفَدُ وَالنَّهْيُ لِمَعْنًى مُجَاوِرٍ لَهُ غَيْرِ مُتَّصِلٍ بِهِ فَلَا يُوجِبُ الْفَسَادَ كَالْبَيْعِ عِنْدَ الْأَذَانِ وَكَشِرَاءِ مَا اسْتَامَهُ غَيْرُهُ وَالْمَرْوِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِقَالَةِ أَوْ عَلَى بَيْعِ الْآخَرِ مِمَّنْ بَاعَ مِنْهُ أَحَدُهُمَا قَالَ ( بِخِلَافِ الْكَبِيرَيْنِ وَالزَّوْجَيْنِ ) حَيْثُ يَجُوزُ تَفْرِيقُهُمَا ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فِي الْقَرَابَةِ الْمُحَرِّمَةِ لِلنِّكَاحِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ الْكَبِيرَيْنِ أَوْ الزَّوْجَيْنِ وَإِنْ كَانَا صَغِيرَيْنِ لَيْسَا فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَذَكَرَ سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّهُمْ أَصَابُوا مِنْ فَزَارَةَ سَبْيًا وَفِيهِ امْرَأَةٌ وَمَعَهَا بِنْتُهَا فَنَفَلَهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنَتَهَا وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَمِيرًا فَلَمَّا

قَدِمُوا الْمَدِينَةَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا سَلَمَةُ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ فَذَكَرَ أَنَّهَا أَعْجَبَتْهُ وَلَمْ يَكْشِفْ لَهَا ثَوْبًا ثُمَّ قَالَ هِيَ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبَعَثَ بِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ إلَى أَهْلِ مَكَّةَ وَفِي أَيْدِيهِمْ أَسَارَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَفَدَاهُمْ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ } وَالْحَدِيثُ فِيهِ طُولٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ { وَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ مَارِيَةَ وَسِيرِينَ } وَكَانَتَا أَمَتَيْنِ أُخْتَيْنِ وَلَوْ كَانَ مَعَ امْرَأَةٍ مَسْبِيَّةٍ صَبِيٌّ ادَّعَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا تَحْمِلُ النَّسَبَ عَلَى الْغَيْرِ وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْوَاحِدِ مَقْبُولٌ فِي الدَّيَّانَاتِ لَا سِيَّمَا فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ وَقَدْ وَجَدَ فِيهِ أَمَارَةَ الصِّدْقِ وَلَوْ بَاعَ الْأُمَّ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ اشْتَرَى الْوَلَدَ يُكْرَهُ التَّنْفِيذُ ؛ لِأَنَّهُمَا اجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ فَيُعْتَبَرُ مُفَرِّقًا بِالتَّنْفِيذِ وَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ صَبِيٌّ وَاشْتَرَى أُمَّهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِالِاتِّفَاقِ ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ مُفَرِّقًا ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ لَتَضَرَّرَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ حَقُّهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَوْلُهُ : لَا يَدْخُلُ فِيهِ قَرِيبٌ غَيْرُ مَحْرَمٍ ) أَيْ كَأَوْلَادِ الْأَعْمَامِ وَالْعَمَّاتِ وَالْأَخْوَالِ وَالْخَالَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا مَحْرَمٌ غَيْرُ قَرِيبٍ ) أَيْ كَالْأَخِ وَالْأُخْتِ مِنْ الرَّضَاعِ وَامْرَأَةِ الْأَبِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْكُفَّارُ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِالشَّرَائِعِ ) الصَّحِيحُ أَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْمُحَرَّمَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَنَفَذَ الْبَيْعُ فِي الْكُلِّ ) أَيْ فِي كُلِّ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَكُرِهَ النَّجْشُ إلَى هُنَا ا هـ قَوْلُهُ : { وَفَرَّقَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ مَارِيَةَ وَسِيرِينَ أَهْدَاهُمَا لَهُ الْمُقَوْقَسُ مَلِكُ الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَمِصْرَ وَكَانَتْ مَارِيَةُ بَيْضَاءَ جَعْدَةً جَمِيلَةً فَوَطِئَهَا بِالْمِلْكِ فَوَلَدَتْ لَهُ إبْرَاهِيمُ فَتُوُفِّيَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَوَهَبَ أُخْتَهَا سِيرِينَ لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ وَلَمْ يَكُنْ بِمِصْرَ أَحْسَنُ وَلَا أَجْمَلُ مِنْهُمَا وَهُمَا مِنْ أَهْلِ حَفْنٍ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا فَلَمَّا رَآهُمَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْجَبَتَاهُ وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا تُشْبِهُ الْأُخْرَى فَقَالَ اللَّهُمَّ اخْتَرْ لِنَبِيِّك فَاخْتَارَ اللَّهُ لَهُ مَارِيَةَ وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمَا قُولَا نَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَبَدَرَتْ مَارِيَةُ فَتَشَهَّدَتْ قَبْلَ أُخْتِهَا وَمَكَثَتْ أُخْتُهَا سَاعَةً ثُمَّ تَشَهَّدَتْ ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ بَقِيَ إبْرَاهِيمُ مَا تَرَكْت قِبْطِيًّا إلَّا وَضَعْت عَنْهُ الْجِزْيَةَ } وَقَدْ انْقَطَعَ أَهْلُهَا وَأَقَارِبُهَا إلَّا بَيْتًا وَاحِدًا ، مَاتَتْ مَارِيَةُ سَنَةَ ( 15 ) وَصَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ وَدُفِنَتْ بِالْبَقِيعِ ا هـ مِنْ الْمِصْبَاحِ الْمُضِيءِ ( قَوْلُهُ : يُكْرَهُ التَّنْفِيذُ ) أَيْ تَنْفِيذُ الْبَيْعِ فِي الْأُمِّ ا هـ .

( بَابُ الْإِقَالَةِ ) قِيلَ الْإِقَالَةُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْقَوْلِ وَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ أَيْ إزَالَةُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا جَرَى بَيْنَهُمَا مِنْ الْبَيْعِ كَأَشْكَى إذَا أَزَالَ شَكْوَاهُ وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ هَذَا ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا قُلْتُهُ الْبَيْعَ بِالْكَسْرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عَيْنَهُ يَاءٌ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْقَوْلِ لَقِيلَ قُلْته بِالضَّمِّ وَقَدْ قَالُوا قَالَهُ الْبَيْعَ قَيْلًا وَهَذَا أَدَلُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهَا فَسْخًا بِأَنْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ أَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي غَيْرِ الْمُقَايَضَةِ فَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ عَلَى حَالِهِ لِتَعَذُّرِ الْفَسْخِ إذْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْمَبِيعِ تَمْنَعُ الْفَسْخَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْفَسْخُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ عَلَى مَا نُبَيِّنُ فَيَبْطُلُ هَذَا إذَا تَقَايَلَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهِيَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْكُلِّ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ لِتَعَذُّرِ جَعْلِهَا بَيْعًا ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هِيَ بَيْعٌ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ جَعْلُهَا بَيْعًا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَنْقُولِ أَوْ كَانَتْ بَعْدَ هَلَاكِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمُقَايَضَةِ فَيُجْعَلُ فَسْخًا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ جَعْلُهَا بَيْعًا وَلَا فَسْخًا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَنْقُولِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ أَوْ بَعْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ فِي غَيْرِ الْمُقَايَضَةِ فَتَبْطُلُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ وَالْفَسْخُ يَكُونُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَقَدْ سَمَّيَا خِلَافَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ

هِيَ فَسْخٌ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ جَعْلُهَا فَسْخًا بِأَنْ تَقَايَلَا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهِ أَوْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَيُجْعَلُ بَيْعًا جَدِيدًا إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ جَعْلُهُ فَسْخًا وَلَا بَيْعًا بِأَنْ كَانَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِجِنْسٍ آخَرَ فَيَبْطُلُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَا يَكُونُ عَلَى خِلَافِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ يَكُونُ فَسْخًا عِنْدَهُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ سُكُوتٌ عَنْ بَعْضِ الثَّمَنِ وَهُوَ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْكُلِّ كَانَ فَسْخًا فَكَذَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْبَعْضِ لِمُحَمَّدٍ أَنَّ اللَّفْظَ مَوْضُوعٌ لِلْفَسْخِ وَالرَّفْعِ يُقَالُ اللَّهُمَّ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهُ وَإِذَا تَعَذَّرَ يُحْمَلُ عَلَى مُحْتَمَلِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ ، وَلِهَذَا صَارَ بَيْعًا فِي حَقِّ ثَالِثٍ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ بِالتَّرَاضِي وَهُوَ الْبَيْعُ وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي دُونَ الْأَلْفَاظِ الْمُجَرَّدَةِ كَالْكَفَالَةِ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ حَوَالَةً وَبِالْعَكْسِ كَفَالَةً ، وَلِهَذَا يَبْطُلُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيَتَجَدَّدُ بِهَا حَقُّ الشُّفْعَةِ لِلشَّفِيعِ وَهَذِهِ أَحْكَامُ الْبَيْعِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ فَيُجْعَلُ فَسْخًا ؛ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لَهُ أَوْ تَحْتَمِلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ الْفَسْخِ وَالرَّفْعِ وَالْأَصْلُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَا يَحْتَمِلُ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ أَصْلًا لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلِهَذَا لَوْ أَرَادَ بِهِ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُ لَصَحَّ ، وَإِنَّمَا لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ وَاللَّفْظُ لَا يَحْتَمِلُ ضِدَّهُ فَصَارَ بَاطِلًا وَكَوْنُهُ بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ مِثْلَ حُكْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ الْمِلْكُ

لَا مُقْتَضَى الصِّيغَةِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَيْهِ .

( بَابُ الْإِقَالَةِ ) مُنَاسَبَةُ الْبَابِ بِبَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا يَرْجِعُ الْمَبِيعُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ نَقُولُ لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَهُوَ يَقْتَضِي سَابِقَةَ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الْفَاسِدُ بَيْعٌ نَاسَبَ أَنْ يَذْكُرَ الْإِقَالَةَ عَقِيبَهُ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ ، وَقَالَ الْكَمَالُ مُنَاسَبَتُهُ الْخَاصَّةُ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَكْرُوهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ مَكْرُوهًا وَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ الرُّجُوعُ إلَى مَا كَانَ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ صَوْنًا لَهُمَا عَنْ الْمَحْظُورِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِالْإِقَالَةِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِوُجُوبِ التَّفَاسُخِ فِي الْعُقُودِ الْمَكْرُوهَةِ السَّابِقَةِ وَهُوَ حَقٌّ لِأَنَّ رَفْعَ الْمَعْصِيَةِ وَاجِبٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَأَيْضًا الْإِقَالَةُ بَيَانُ كَيْفَ يُرْفَعُ الْعَقْدُ وَهُوَ يَقْتَضِي سَابِقَةَ ثُبُوتِهِ وَأَبْوَابُ الْبِيَاعَاتِ السَّابِقَةِ كُلِّهَا مَعَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَكْرُوهُ بَيَانُ كَيْفَ يَثْبُتُ فَأَعْقَبَ الرَّفْعَ مُعْظَمَ أَبْوَابِ الْإِثْبَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ مِنْ الْقَوْلِ لَقِيلَ قُلْته بِالضَّمِّ ) وَلِأَنَّهُ ذَكَرَ الْإِقَالَةَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ الْقَافِ مَعَ الْيَاءِ لَا مَعَ الْوَاوِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ قَالُوا قَالَهُ الْبَيْعُ قَيْلًا ) أَيْ وَأَقَالَهُ فَسَخَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ } إلَخْ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا بَيْعَتَهُ أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ } زَادَ ابْنُ مَاجَهْ { يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ ، وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ ، وَأَمَّا لَفْظُ نَادِمًا فَعِنْدَ الْبَيْهَقِيّ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَلِأَنَّ

الْإِقَالَةَ رَفْعُ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَقَدْ انْعَقَدَ بِتَرَاضِيهِمَا فَكَانَ لَهُمَا رَفْعُهُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ دَفْعًا لِلْحَاجَةِ أَيْ الَّتِي لَهَا شُرِّعَ الْبَيْعُ وَغَيْرُهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : بِأَنْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ حَيْثُ تَكُونُ الْإِقَالَةُ صَحِيحَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ إذَا ازْدَادَتْ ثُمَّ تَقَايَلَا فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ وَالْجَمَالِ أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ وَالْأَرْشِ وَالْعُقْرِ إلَّا أَنَّ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ مُنْفَصِلَةً كَانَتْ أَوْ مُتَّصِلَةً وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً فَالْإِقَالَةُ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَصْحِيحُهَا فَسْخًا بِسَبَبِ الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ مَانِعَةٌ فَسْخَ الْعَقْدِ حَقًّا لِلشَّرْعِ وَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُصَحِّحُ الْإِقَالَةَ إلَّا بِطَرِيقِ الْفَسْخِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ عِنْدَهُ لَا تَمْنَعُ الْفَسْخَ مَتَى وُجِدَ الرِّضَا مِمَّنْ لَهُ الْحَقُّ فِي الزِّيَادَةِ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ فِي الزِّيَادَةِ وَقَدْ وُجِدَ الرِّضَا بِمَا تَقَايَلَا فَأَمْكَنَ تَصْحِيحُهَا فَسْخًا عِنْدَهُ كَذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ا هـ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَةَ إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَالْإِقَالَةُ حِينَئِذٍ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْإِمَامِ كَمَا ذُكِرَ ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَصَحِيحَةٌ وَتُجْعَلُ بَيْعًا جَدِيدًا ، أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ عِنْدَهُ بَيْعٌ ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّهُ تَعَذَّرَ جَعْلُهَا هَاهُنَا فَسْخًا فَتُجْعَلُ بَيْعًا جَدِيدًا فَتَنَبَّهْ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذْ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ مِنْ الْبَيْعِ تَمْنَعُ الْفَسْخَ إلَخْ ) فَإِنْ قُلْت

إذَا تَعَذَّرَ الْفَسْخُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْبَيْعِ الْمُبْتَدَأِ مَجَازًا ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ ، وَلِهَذَا جُعِلَتْ الْإِقَالَةُ بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ قُلْت إنَّمَا لَمْ يُحْمَلْ اللَّفْظُ عَلَى الْمَجَازِ لِلتَّعَذُّرِ لِمُضَادَّةٍ بَيْنَ الْعَقْدِ وَرَفْعِهِ وَاللَّفْظُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ مَجَازًا لِضِدِّهِ وَفِي حَقِّ الثَّالِثِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْبَيْعِ لَا بِاعْتِبَارِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ مَجَازًا بَلْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْبَيْعِ وَهُوَ حُصُولُ الْمِلْكِ بِبَدَلٍ فَأَظْهَرْنَا هَذَا الْمُوجِبَ فِي حَقِّ الثَّالِثِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِمَا عَلَى غَيْرِهِمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : هَذَا إذَا تَقَايَلَا بَعْدَ الْقَبْضِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ الْإِقَالَةَ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ مَنْقُولًا كَانَ الْمَبِيعُ أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا حَتَّى لَا تَصِحَّ الزِّيَادَةُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَلَا النُّقْصَانُ عَنْهُ وَلَا خِلَافُ الْجِنْسِ وَلَا الْأَجَلُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ جَعْلُهَا فَسْخًا فَحِينَئِذٍ تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ وَلَا تُجْعَلُ بَيْعًا كَمَا إذَا وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَالَ الْأَقْطَعُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهَا بَيْعٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَفَسْخٌ قَبْلَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِتَعَذُّرِ جَعْلِهَا بَيْعًا ) أَيْ إذْ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هِيَ بَيْعٌ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ جَعْلُهَا بَيْعًا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ إلَّا أَنَّ فِي الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَوْ حَمَلَتْ عَلَى الْبَيْعِ كَانَ فَاسِدًا فَحَمَلَتْ عَلَى الْفَسْخِ حَمْلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الصِّحَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ دَارًا وَتَقَايَلَا قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ بَيْعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَأَبِي حَنِيفَةَ ا هـ قَوْلُهُ

: أَوْ بَعْدَ هَلَاكِ السِّلْعَةِ فِي غَيْرِ الْمُقَايَضَةِ ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَرْضًا بِالدَّرَاهِمِ فَهَلَكَ الْعَرْضُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ فَسْخٌ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مَنْقُولًا أَوْ غَيْرَ مَنْقُولٍ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَاطِلٌ عِنْدَهُ فِي الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ فَلَمَّا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ حُمِلَ عَلَى الْفَسْخِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ هِيَ فَسْخٌ مَا نَصُّهُ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَذَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْبَعْضِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِالنُّقْصَانِ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ تُجْعَلُ فَسْخًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْإِقَالَةِ جَمِيعَ الثَّمَنِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ الْبَعْضَ ، وَكَذَا إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى تَأْجِيلِ الثَّمَنِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَبَطَلَ الْأَجَلُ ا هـ ( قَوْلُهُ : يُقَالُ اللَّهُمَّ أَقِلْنِي عَثَرَاتِي ) أَيْ ارْفَعْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِذَا تَعَذَّرَ ) أَيْ حَمْلُهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ يُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ مَجَازًا ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلُهُ ، وَلِهَذَا كَانَتْ بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ صِيَانَةً لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ الْإِلْغَاءِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَمْلِيكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَكِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ تَسْمِيَةُ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ كَبَيْعِ التَّوْلِيَةِ وَأَخْذِ الدَّارِ بِالشُّفْعَةِ ، وَلِهَذَا جُعِلَ بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ حَيْثُ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ وَبَطَلَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَوَجَبَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَيُجْعَلُ فَسْخًا ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، وَأَمَّا فِي حَقِّ الثَّالِثِ فَبَيْعٌ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ الْفَسْخِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ

وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِقَالَةَ رَفْعُ الْعَقْدِ وَبَيْنَ الْعَقْدِ وَرَفْعِهِ مُضَادَّةٌ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ وَاحِدًا فَكَانَتْ فَسْخًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَكَوْنُهُ بَيْعًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجَعَلَهَا بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الثَّالِثِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّيغَةِ بَلْ لِضَرُورَةِ وُقُوعِ الْحُكْمِ فَإِنَّ حُكْمَ الْإِقَالَةِ وُقُوعُ الْمِلْكِ بِبَدَلٍ وَهَذَا لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةً عَلَى أَنْفُسِهِمَا لَا عَلَى غَيْرِهِمَا فَاعْتُبِرَ الْحُكْمُ فِي حَقِّ الثَّالِثِ لَا الصِّيغَةُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَشَرْطُ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ بِلَا تَعَيُّبٍ وَجِنْسٍ آخَرَ لَغْوٌ وَلَزِمَهُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْإِقَالَةُ عِنْدَهُ فَسْخًا وَالْفَسْخُ يُرَدُّ عَلَى غَيْرِ مَا يُرَدُّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ كَانَ اشْتِرَاطُ خِلَافِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بَاطِلًا وَشُرِطَ لِعَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْأَقَلِّ عَدَمُ التَّعَيُّبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، وَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَ عِنْدَهُ فَيَجُوزُ بِالْأَقَلِّ فَيُجْعَلُ الْحَطُّ بِإِزَاءِ مَا فَاتَ بِالْعَيْبِ ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ النُّقْصَانُ بِقَدْرِ حِصَّةِ مَا فَاتَ بِالْعَيْبِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْقُصَ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ إلَّا بِلَفْظَيْنِ يُعَبَّرُ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَالْآخَرِ عَنْ الْمُسْتَقْبَلِ كَالنِّكَاحِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَبَّرَ بِهِمَا عَنْ الْمَاضِي وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا تَكُونُ فَسْخًا ثُمَّ فَائِدَةُ كَوْنِ الْإِقَالَةِ فَسْخًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ تَظْهَرُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَمَا سَمَّيَا بِخِلَافِهِ يَكُونُ بَاطِلًا وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْإِقَالَةَ لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا فِي حَقِّهِمَا لَفَسَدَتْ ، وَالثَّالِثَةُ إذَا تَقَايَلَا وَلَمْ يَرُدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ ثَانِيًا جَازَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَفَسَدَ لِكَوْنِهِ بَاعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا وَالرَّابِعَةُ إذَا وَهَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِقَالَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَانْفَسَخَ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ بِهِبَةِ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْخَامِسَةُ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ثُمَّ تَقَايَلَا

وَاسْتَرَدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ جَازَ قَبْضُهُ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ثُمَّ تَقَايَلَا يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّهِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَالثَّانِيَةُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فِي حَقِّهِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ الْمُشْتَرِي ، وَالثَّالِثَةُ إذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَقَبَضَهُ وَلَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ حَتَّى بَاعَهُ مِنْ آخَرَ ثُمَّ تَقَايَلَا وَعَادَ إلَى الْمُشْتَرِي فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ نَقْدِ ثَمَنِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ كَالْمَمْلُوكِ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ، وَالرَّابِعَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْهُوبًا فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا لَيْسَ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ فِي حَقِّ الْوَاهِبِ بِمَنْزِلَةِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى مِنْهُ ، وَالْخَامِسَةُ إذَا اشْتَرَى بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ عَبْدًا لِلْخِدْمَةِ بَعْدَمَا حَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ وَاسْتَرَدَّ الْعُرُوضَ فَهَلَكَتْ فِي يَدِهِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفَقِيرُ ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ إقَالَةٌ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ فِي حَقِّ ثَالِثٍ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَوْلُهُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ غَيْرُ مُجْرًى عَلَى إطْلَاقِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فَسْخًا فِيمَا هُوَ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ وَهُوَ مَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ مُوجِبَاتِ الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ بِشَرْطٍ زَائِدٍ فَالْإِقَالَةُ فِيهِ تُعْتَبَرُ بَيْعًا جَدِيدًا فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ

أَيْضًا كَمَا إذَا اشْتَرَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ عَيْنًا قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ ثُمَّ تَقَايَلَا يَعُودُ الدَّيْنُ حَالًّا كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ وَكَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَأَنَّهُ هُوَ الَّذِي بَاعَهُ ثُمَّ شَهِدَ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَتْ فَسْخًا لَقُبِلَتْ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَادَّعَى الْمَبِيعَ رَجُلٌ وَشَهِدَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِالْفَسْخِ عَادَ مِلْكُهُ الْقَدِيمُ فَلَمْ يَكُنْ مُتَلَقِّيًا مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِطَعَامٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَقَبَضَ ثُمَّ تَقَايَلَا لَا يَتَعَيَّنُ الطَّعَامُ الْمَقْبُوضُ لِلرَّدِّ كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِطَعَامٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ ، وَكَذَا لَوْ قَبَضَ أَرْدَأَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ يَجِبُ رَدُّ مِثْلِ الْمَشْرُوطِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مِثْلِ الْمَقْبُوضِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ مِثْلُ الْمَشْرُوطِ لَلَزِمَهُ زِيَادَةُ ضَرَرٍ بِسَبَبِ تَبَرُّعِهِ وَلَوْ كَانَ الْفَسْخُ بِخِيَارِ رُؤْيَةٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ تَعَيَّبَ بِقَضَاءٍ يَجِبُ رَدُّ الْمَقْبُوضِ إجْمَاعًا ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِغَيْرِ قَضَاءٍ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَشَرْطُ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ بِلَا تَعَيُّبٍ وَجِنْسٍ ) أَيْ وَشَرْطُ جِنْسٍ ( آخَرَ ) خِلَافُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( لَغْوٌ ) أَيْ بَاطِلٌ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي شَرْطِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ وَالْجِنْسِ الْآخَرِ بَطَلَ الشَّرْطُ وَلَمْ تَبْطُلْ الْإِقَالَةُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي مَعْنَى الرِّبَا وَالزِّيَادَةُ يُمْكِنُ إثْبَاتُهَا فِي الْبَيْعِ فَيَتَحَقَّقُ الرِّبَا بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ فَإِنَّهَا رَفْعُ مَا كَانَ وَرَفْعُ مَا كَانَ زَائِدًا عَلَى مَا كَانَ لَا يُتَصَوَّرُ فَلِهَذَا لَمْ يُؤَثِّرْ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ فِي الْإِقَالَةِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجْعَلُهَا بَيْعًا جَدِيدًا تَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَمَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَصِحُّ شَرْطُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَتَقَعُ الْإِقَالَةُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ إلَّا إذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَصِحُّ شَرْطُ الْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَتُجْعَلُ الزِّيَادَةُ بِإِزَاءِ الْجُزْءِ الْمُحْتَبِسِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا شَرَطَ الزِّيَادَةَ يَكُونُ بَيْعًا أَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ هُوَ الْأَصْلُ عِنْدَهُ ، وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ الْفَسْخَ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ حُمِلَ عَلَى الْبَيْعِ لِإِمْكَانِهِ وَإِذَا شَرَطَ الْأَقَلَّ يَكُونُ بَيْعًا أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَا قُلْنَا مِنْ الْأَصْلِ عِنْدَهُ وَيَكُونُ فَسْخًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِقَالَةِ عَنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ كَانَ فَسْخًا فَكَذَا إذَا سَكَتَ عَنْ الْبَعْضِ وَعِنْدَ زُفَرَ الْإِقَالَةُ فَسْخٌ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا ا هـ ( فَرْعٌ ) لَوْ بَاعَ صَابُونًا رَطْبًا ثُمَّ تَقَايَلَا بَعْدَمَا جَفَّ فَنَقَصَ وَزْنُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْمَبِيعِ بَاقٍ

قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِلَفْظِ الْمُفَاسَخَةِ أَوْ الرَّدِّ أَوْ الْمُتَارَكَةِ لَا تَكُونُ ) إلَى هُنَا لَفْظُ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ بَيْعًا وَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهَا بَيْعًا بَلْ تَكُونُ إلَخْ هَذَا الْمُلْحَقُ لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَصِحَّ قَوْلُهُ فَسْخًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَمْ يُرِدْ ) لَعَلَّهُ يَسْتَرِدَّ وَوُجِدَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ كَذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ا هـ وَفِي شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَغَيْرِهِ يَسْتَرِدُّ ا هـ لَكِنَّ الَّذِي وُجِدَ بِخَطِّ الشَّارِحِ يَرُدُّ ا هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى بَاعَهُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ بَيْعٌ جَدِيدٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَنْقُولٍ جَازَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ جَازَ قَبْضُهُ ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَيْعًا لَمَا جَازَ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ ا هـ ( قَوْلُهُ : تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي خَمْسِ مَسَائِلَ ) سَاقَهَا الْقِوَامُ الْأَتْقَانِيُّ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ أَرْبَعَةً فَأَسْقَطَا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ الثَّانِيَةَ وَالْخَامِسَةَ وَزَادَا مَسْأَلَةَ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ صَرْفًا الَّتِي نَقَلْتهَا فِيمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَالرَّابِعَةُ إلَخْ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا فَسَلَّمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ ) أَيْ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ تَقَايَلَا ) أَيْ فَعَادَ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ : جَازَ وَكَانَ فِي حَقِّ الْبَائِعِ كَالْمَمْلُوكِ بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ إلَخْ ) وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَ قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ : وَالرَّابِعَةُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَوْهُوبًا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَثَمَرَةُ كَوْنِهَا بَيْعًا فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ وَسَاقَهَا أَرْبَعَةً وَذَكَرَ مِنْهَا أَنَّ الْبَيْعَ لَوْ كَانَ صَرْفًا فَالتَّقَابُضُ فِي كِلَا الْجَانِبَيْنِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ

الْإِقَالَةِ فَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الشَّرِيعَةِ كَبَيْعٍ جَدِيدٍ وَتَبِعَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ذِكْرِهَا أَرْبَعَةٌ مِنْهَا مَسْأَلَةُ الصَّرْفِ الْمَذْكُورَةُ آنِفًا وَإِذَا زِيدَتْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَكُونُ الْمَسَائِلُ سِتًّا فَتَنَبَّهْ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ ) أَيْ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْإِقَالَةِ قِيَامُ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّهَا رَفْعُ الْعَقْدِ وَالْعَقْدُ يَقُومُ بِهِ وَهُوَ مَحَلٌّ لَهُ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ هَلَاكِهِ بِخِلَافِ هَلَاكِ الثَّمَنِ حَيْثُ لَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّتِهَا ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ بِمَحِلٍّ لِلْعَقْدِ فَلَا يُشْتَرَطُ قِيَامُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْوُجُودِ فِي الذِّمَّةِ بِالْعَقْدِ فَكَانَ حُكْمًا لِلْعَقْدِ وَحُكْمُ الشَّيْءِ يَعْقُبُهُ فَلَا يَكُونُ مَحِلًّا لَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَحِلَّ شَرْطٌ وَالشَّرْطُ يَسْبِقُ فَكَانَ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ ، وَلِهَذَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بِهَلَاكِ الثَّمَنِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ إلَخْ وَهَلَاكُ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الْإِقَالَةَ ) هُوَ مِنْ الْمَتْنِ وَقَدْ أَسْقَطَهُ الشَّارِحُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهَلَاكُ بَعْضِهِ بِقَدْرِهِ ) أَيْ هَلَاكُ بَعْضِ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقَالَةِ بِقَدْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ مُعْتَبَرٌ بِالْكُلِّ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ وَلَوْ تَقَايَضَا عَبْدًا بِجَارِيَةٍ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا صَحَّتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَاقِي مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَبِيعٌ فَكَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا ، بِخِلَافِ مَا لَوْ هَلَكَا جَمِيعًا حَيْثُ لَا يَجُوزُ لِعَدَمِ مَحِلِّهِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ هَلَكَ الْبَدَلَانِ فِي الصَّرْفِ حَيْثُ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ بَعْدَ هَلَاكِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الصَّرْفِ مَا وَجَبَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذِمَّةِ صَاحِبِهِ وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ هَلَاكُهُ وَالْمَقْبُوضُ غَيْرُهُ فَلَا يَمْنَعُ هَلَاكَهُ صِحَّةُ الْإِقَالَةِ ، وَلِهَذَا لَوْ كَانَا قَائِمَيْنِ وَتَقَايَلَا لَا يَلْزَمُهُمَا رَدُّ الْمَقْبُوضِ بِعَيْنِهِ بَلْ لَهُمَا أَنْ يَرُدَّا مِثْلَ الْمَقْبُوضِ مِنْ جِنْسِهِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْمَقْبُوضِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمَا لَوْ تَقَايَلَا فِيهِ فَهَلَكَ الْبَدَلَانِ لَا تَبْطُلُ الْإِقَالَةُ فَكَذَا لَوْ تَقَايَلَا بَعْدَ هَلَاكِهِمَا بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُقَايَضَةِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ تَتَعَلَّقُ بِأَعْيَانِهِمَا كَالْبَيْعِ فَتَبْطُلُ بِهَلَاكِهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ لِتَعَيُّنِ الْبَدَلَيْنِ فِيهِمَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( بَابُ التَّوْلِيَةِ ) وَهِيَ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَهُ وَالِيًا فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجْعَلُ الْمُشْتَرَى مِنْهُ وَالِيًا بِمَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ أَنْوَاعُ الْبِيَاعَاتِ بِحَسَبِ الثَّمَنِ الَّذِي يُذْكَرُ بِمُقَابَلَةِ السِّلْعَةِ أَنْوَاعٌ أَرْبَعَةٌ الْمُسَاوَمَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا يُلْتَفَتُ فِيهَا إلَى الثَّمَنِ السَّابِقِ وَالْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْوَضِيعَةِ وَهِيَ الْبَيْعُ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ .

( بَابُ التَّوْلِيَةِ ) لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ إيقَاعِ الْبُيُوعِ اللَّازِمَةِ وَغَيْرِ اللَّازِمَةِ كَالْبَيْعِ لِشَرْطِ الْخِيَارِ وَكَانَتْ هِيَ بِالنَّظَرِ إلَى جَانِبِ الْمَبِيعِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِهَا بِالنَّظَرِ إلَى جَانِبِ الثَّمَنِ كَالْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالرِّبَا وَالصَّرْفِ وَتَقْدِيمِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي لِأَصَالَةِ الْمَبِيعِ دُونَ الثَّمَنِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْعَيْنِيُّ وَهِيَ مَصْدَرُ وَلَّى غَيْرَهُ أَيْ جَعَلَهُ وَالِيًا وَفِي الشَّرْعِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ا هـ قَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ الْبَيْعُ فِي حَقِّ الْبَدَلِ يَنْقَسِمُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ بَيْعُ الْمُسَاوَمَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ بِأَيِّ ثَمَنٍ اتَّفَقَ وَهُوَ الْمُعْتَادُ وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَزِيَادَةُ رِبْحٍ وَالثَّالِثُ بَيْعُ التَّوْلِيَةِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ وَالرَّابِعُ الِاشْتِرَاكُ وَهُوَ بَيْعُ التَّوْلِيَةِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ مِنْ النِّصْفِ وَنَحْوِهِ وَالْخَامِسُ بَيْعُ الْوَضِيعَةِ وَهُوَ تَمْلِيكُ الْمَبِيعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ نُقْصَانٍ مِنْهُ يَسِيرٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ ) أَيْ لَمْ يُفَسِّرْهُمَا اكْتِفَاءً بِمَا فِي الْمَتْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْوَضِيعَةُ ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِسْمَ الثَّانِيَ فِي هَذَا الْكِتَابِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقَعُ إلَّا نَادِرًا ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْمُبَايَعَاتِ الِاسْتِرْبَاحُ ا هـ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقِسْمَ الثَّانِيَ الْمُرَادُ مِنْهُ بَيْعُ الْوَضِيعَةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هِيَ ) أَيْ التَّوْلِيَةُ ( بَيْعٌ بِثَمَنٍ سَابِقٍ وَالْمُرَابَحَةُ بِهِ وَبِزِيَادَةٍ ) وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ هُمَا نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مَعَ زِيَادَةِ رِبْحٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ رِبْحٍ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَنْقُلَ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ حَتَّى لَوْ ضَاعَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَ الْغَاصِبِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً عَلَى مَا ضَمِنَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ نَقْلُ مَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ وَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ شَرْعًا لِاجْتِمَاعِ شَرَائِطِ الْبَيْعِ وَلِتَعَامُلِ النَّاسِ بِهِمَا إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَلِأَنَّ مَنْ لَا يَهْتَدِي إلَى التِّجَارَةِ يَحْتَاجُ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى فِعْلِ الذَّكِيِّ الْمُهْتَدِي فِيهَا وَتَطِيبُ نَفْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا اشْتَرَاهُ ، وَلِهَذَا كَانَ مَبْنَاهُمَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَالِاحْتِرَازِ عَنْ الْخِيَانَةِ وَشُبْهَتِهَا وَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبِيَاعَاتِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِمَا { وَلَمَّا أَرَادَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْهِجْرَةَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ بَعِيرَيْنِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلِّنِي أَحَدَهُمَا فَقَالَ لَهُ هُوَ لَك بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَالَ أَمَّا بِغَيْرِ شَيْءٍ فَلَا } .

( قَوْلُهُ : التَّوْلِيَةُ بَيْعٌ بِثَمَنٍ سَابِقٍ ) أَيْ وَهُوَ الْبَيْعُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ ) مِنْهُمْ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَالْقُدُورِيُّ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالِاحْتِرَازُ عَنْ الْخِيَانَةِ وَشُبْهَتِهَا ) أَيْ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مُؤَجَّلًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً إلَّا إذَا بَيَّنَ التَّأْجِيلَ ا هـ غَايَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مَعْنًى يُزَادُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْأَجَلِ فَلَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً يَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ بِثَمَنٍ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ فَكَانَ فِيهِ شُبْهَةُ الْخِيَانَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَمَّا أَرَادَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْهِجْرَةَ إلَخْ ) أَخَذَهُ مِنْ الْهِدَايَةِ قَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ أَنَّ { أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالثَّمَنِ } أَخْرَجَهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَخَذْتهَا بِالثَّمَنِ } وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدٍ { وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي قُشَيْرٍ فَأَخَذَ إحْدَاهُمَا وَهِيَ الْقَصْوَى } فَمَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُ يَصِحُّ بِالْمَعْنَى وَتَفْصِيلُهُ قَرِيبٌ مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ قَالَ فِيهَا { فَلَمَّا قَرَّبَ أَبُو بَكْرٍ الرَّاحِلَتَيْنِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدَّمَ أَفْضَلَهُمَا ثُمَّ قَالَ لَهُ ارْكَبْ فِدَاك أَبِي وَأُمِّي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَرْكَبُ بَعِيرًا لَيْسَ لِي قَالَ فَهِيَ لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا وَلَكِنْ مَا الثَّمَنُ الَّذِي ابْتَعْتهَا بِهِ قَالَ كَذَا وَكَذَا ، قَالَ قَدْ أَخَذْتهَا بِذَلِكَ قَالَ هِيَ

لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَرَكِبَا وَانْطَلَقَا } ذَكَرَ السُّهَيْلِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ { سُئِلَ لِمَ لَمْ يَقْبَلْهَا إلَّا بِالثَّمَنِ وَقَدْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ أَضْعَافَ ذَلِكَ وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ حِينَ بَنَى بِعَائِشَةَ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ أُوقِيَّةً حِينَ قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ أَلَا تَبْنِي بِأَهْلِك يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَوْلَا الصَّدَاقُ فَدَفَعَ إلَيْهِ ثِنْتَيْ عَشَرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا } وَالنَّشُّ هُنَا عِشْرُونَ دِرْهَمًا فَقَالَ إنَّمَا فَعَلَ لِتَكُونَ الْهِجْرَةُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ رَغْبَةً مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِكْمَالِ فَضْلِ الْهِجْرَةِ إلَى اللَّهِ وَأَنْ تَكُونَ عَلَى أَتَمِّ أَحْوَالِهَا وَهُوَ جَوَابٌ حَسَنٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَشَرْطُهُمَا كَوْنُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِثْلِيًّا ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا لَمْ يُعْرَفْ قَدْرُهُ فَلَا تَتَحَقَّقُ التَّوْلِيَةُ وَلَا الْمُرَابَحَةُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا بَاعَهُ بِذَلِكَ الْبَدَلِ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ أَوْ بِهِ وَبِزِيَادَةِ رِبْحٍ مَعْلُومٍ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ وَلَوْ بَاعَهُ بِهِ وَبِعُشْرِ قِيمَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهُ بِذَلِكَ وَبِبَعْضِ قِيمَةِ ذَلِكَ الْبَدَلِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ كَانَ الْبَدَلُ مِثْلِيًّا فَبَاعَهُ بِهِ وَبِعُشْرِهِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي يَعْلَمُ جُمْلَةَ الثَّمَنِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ فَإِنْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَلَهُ الْخِيَارُ وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا لَوْ بَاعَ الثَّوْبَ بِرَقْمِهِ وَمِنْ شَرْطِهِمَا أَنْ لَا يَكُونَ صَرْفًا حَتَّى لَوْ بَاعَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُرَابَحَةُ وَلَا التَّوْلِيَةُ لِأَنَّهُمَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ وَالْمَقْبُوضُ غَيْرُ مَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَشَرْطُهُمَا كَوْنُ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِثْلِيًّا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَجُمْلَةُ الْبَيَانِ فِيهِ مَا قَالَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ إذَا بَاعَ شَيْئًا مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ أَوْ يَكُونَ مِثْلَ الْعَدَدِيَّاتِ الْمُتَفَاوِتَةِ مِثْلَ الْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَالدُّورِ وَالْبَطَاطِيخِ وَالرُّمَّانِ وَنَحْوِهَا ، أَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ مِثْلِيًّا فَبَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِزِيَادَةِ رِبْحٍ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ لَمْ يَكُنْ يَعْنِي أَنْ يَكُونَ شَيْئًا مُقَدَّرًا مَعْلُومًا نَحْوَ الدِّرْهَمِ وَالثَّوْبِ مُشَارًا إلَيْهِ أَوْ دِينَارًا ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ مَعْلُومٌ وَالرِّبْحُ مَعْلُومٌ ، فَأَمَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ لَا مِثْلَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً عَلَيْهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ مِمَّنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ وَمِلْكِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَيَدِهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِذَلِكَ الْعِوَضِ أَوْ بِقِيمَتِهِ وَلَا وَجْهَ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَ لَيْسَ فِي مِلْكِ مَنْ يَبِيعُهُ مِنْهُ وَلَا وَجْهَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً بِقِيمَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ تُعْرَفُ بِالْحَزْرِ وَالظَّنِّ فَتَتَمَكَّنُ فِيهِ شُبْهَةُ الْخِيَانَةِ وَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِمَّنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ قَالَ أَبِيعُك مُرَابَحَةً بِالثَّمَنِ الَّذِي فِي يَدِك وَبِرِبْحِ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الرِّبْحَ عَلَى الثَّوْبِ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ وَإِنْ قَالَ أَبِيعُك ده يازده فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ تَسْمِيَةَ ده يازده أَوْ أَحَدَ عَشَرَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ أَحَدَ عَشَرَ

إلَّا وَأَنْ يَكُونَ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ جِنْسِ الْعَشَرَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الثَّوْبُ وَبِجُزْءٍ مِنْ جِنْسِ الْأَوَّلِ وَالثَّوْبُ لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ جِنْسِهِ ثُمَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ يُعْتَبَرُ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَلَكَ الْمَبِيعَ بِهِ وَوَجَبَ بِالْعَقْدِ دُونَ مَا نَقَدَهُ بَدَلًا عَنْ الْأَوَّلِ بَيَانُهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ ثُمَّ أَعْطَى عَنْهَا دِينَارًا أَوْ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَإِنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُوَ الْعَشَرَةُ الْمُسَمَّاةُ فِي الْعَقْدِ دُونَ الدِّينَارِ وَالثَّوْبِ ؛ لِأَنَّ هَذَا يَجِبُ بِعَقْدٍ آخَرَ وَهُوَ الِاسْتِبْدَالُ كَذَا فِي التُّحْفَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا بَاعَهُ بِذَلِكَ الْبَدَلِ مِمَّنْ يَمْلِكُهُ ) صُورَتُهُ رَجُلٌ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَمَلَكَ ذَلِكَ الثَّوْبَ غَيْرُهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ وَذَلِكَ الْغَيْرُ الَّذِي فِي يَدِهِ الثَّوْبُ يَشْتَرِي هَذَا الْعَبْدَ بِذَلِكَ الثَّوْبِ وَبِرِبْحِ دِرْهَمٍ جَازَ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَهُ أَنْ يَضُمَّ إلَى رَأْسِ الْمَالِ أَجْرَ الْقَصَّارِ وَالصَّبْغِ وَالطِّرَازِ وَالْفَتْلِ وَحَمْلِ الطَّعَامِ وَسَوْقِ الْغَنَمِ ) ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ جَرَى بِإِلْحَاقِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ ، وَلِهَذَا لَا يُعَدُّ ذَلِكَ خِيَانَةً إذَا تَبَيَّنَ لَهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ مَا يَزِيدُ فِي الْمَبِيعِ أَوْ فِي قِيمَتِهِ يَلْحَقُ بِهِ فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ وَمَا ذَكَرْنَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ ؛ لِأَنَّ الصَّبْغَ وَالْفَتْلَ وَالْقِصَارَةَ وَالطِّرَازَ يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَالْحَمْلَ وَالسَّوْقَ يَزِيدَانِ فِي الْقِيمَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ وَعَلَى هَذَا لَهُ أَنْ يُضِيفَ إلَيْهِ أُجْرَةَ الْغَسْلِ وَالْخِيَاطَةِ وَنَفَقَةَ تَجْصِيصِ الدَّارِ وَطَيِّ الْبِئْرِ وَكَرْيِ الْأَنْهَارِ وَالْقَنَاةِ وَالْمُسَنَّاةِ وَالْكِرَابِ وَكَسْحِ الْكُرُومِ وَسَقْيِهَا وَالزَّرْعِ وَغَرْسِ الْأَشْجَارِ فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ لَا يَضُمُّهُ ، وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَضُمُّ طَعَامَ الْمَبِيعِ وَكِسْوَتَهُ وَكِرَاءَهُ وَأُجْرَةَ السِّمْسَارِ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا فَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهَا لَا تُضَمُّ وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الدَّلَّالِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَكَذَا مَا هُوَ سَبَبٌ لِبَقَائِهِ إلَى وَقْتٍ كَالطَّعَامِ وَفِي الْمَخْزَنِ يَضُمُّ ؛ لِأَنَّهُ يَزْدَادُ قِيمَتُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَدْفَعُ عَنْهُ ضَرَرَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالصَّبْغِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَسْوَدَ كَانَ الصَّبْغُ أَوْ غَيْرَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَحَمْلِ الطَّعَامِ ) أَيْ بَرًّا أَوْ بَحْرًا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمَاكِنِ ) قَالَ فِي الْإِيضَاحِ هَذَا الْمَعْنَى ظَاهِرٌ وَلَكِنْ لَا يَتَمَشَّى فِي بَعْضِ مَوَاضِعَ وَالْمَعْنَى الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهِ عَادَةُ التُّجَّارِ حَتَّى يَعُمَّ الْمَوَاضِعَ كُلَّهَا ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِيَدِهِ لَا يَضُمُّهُ ) أَيْ وَكَذَلِكَ لَوْ تَطَوَّعَ مُتَطَوِّعٌ بِهَذِهِ الْأَعْمَالِ أَوْ بِإِعَارَةٍ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يَضُمُّ طَعَامَ الْمَبِيعِ وَكِسْوَتَهُ إلَخْ ) لَا نَفَقَةَ الْمُشْتَرِي عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُضَارِبًا أَنْفَقَ عَلَى الرَّقِيقِ فِي طَعَامِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ وَمَا لَا بُدَّ لَهُمْ مِنْهُ إذَا كَانَ مَا أَنْفَقَ مِنْ ذَلِكَ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَانَ أَسْرَفَ لَمْ يَضُمَّ الْفَضْلَ وَضَمَّ مَا بَقِيَ وَلَا يَضُمُّ مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ فِي سَفَرِهِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ وَمَرْكَبِهِ وَدُهْنِهِ وَغَسْلِ ثِيَابِهِ وَلَا يَضُمُّ أَيْضًا مَا أَنْفَقَ عَلَى مَرْضَى الرَّقِيقِ فِي أُجْرَةِ طَبِيبٍ أَوْ حَجَّامٍ أَوْ دَوَاءٍ وَيَضُمُّ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْغَنَمِ فِي سِيَاقِهَا وَلَا يَضُمُّ أَجْرَ الرَّاعِي وَلَا جُعْلَ آبِقٍ وَلَا يَضُمُّ التَّاجِرُ أَيْضًا مَا أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يَضُمُّ مَا أَنْفَقَ فِي تَعْلِيمِ صِنَاعَةٍ وَلَا قُرْآنٍ وَلَا شِعْرٍ وَلَا فِي تَعْلِيمِ غَيْرِ ذَلِكَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَرْخِيِّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَأُجْرَةُ السِّمْسَارِ إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَتُضَمُّ أُجْرَةُ السِّمْسَارِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَفِي جَامِعِ الْبَرَامِكَةِ لَا تُضَمُّ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الشِّرَاءِ لَا تَصِحُّ إلَّا بِبَيَانِ الْمُدَّةِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الْعُرْفُ فِيهِ وَقِيلَ : إنْ كَانَتْ مَشْرُوطَةً

فِي الْعَقْدِ تُضَمُّ وَقِيلَ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ لَا تُضَمُّ كُلُّ هَذَا مَا لَمْ تَجْرِ عَادَةُ التُّجَّارِ وَلَا يُضَمُّ ثَمَنُ الْجِلَالِ وَنَحْوِهَا فِي الدَّوَابِّ وَتُضَمُّ الثِّيَابُ فِي الرَّقِيقِ وَطَعَامُهُمْ إلَّا مَا كَانَ سَرَفًا وَزِيَادَةً وَيُضَمُّ عَلَفُ الدَّوَابِّ إلَّا أَنْ يَعُودَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مُتَوَلِّدٌ كَأَلْبَانِهَا وَصُوفِهَا وَسَمْنِهَا فَيَسْقُطُ قَدْرُ مَا نَالَ وَيَضُمُّ مَا زَادَ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَجَّرَ الدَّابَّةَ أَوْ الْعَبْدَ أَوْ الدَّارَ فَأَخَذَ أُجْرَتَهُ فَإِنَّهُ يُرَابِحُ مَعَ ضَمِّ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ مُتَوَلِّدَةً مِنْ الْعَيْنِ ، وَكَذَا دَجَاجَةٌ أَصَابَ مِنْ بَيْضِهَا يَحْتَسِبُ مَا نَالَهُ وَبِمَا أَنْفَقَ وَيَضُمُّ الْبَاقِيَ ا هـ مَا قَالَ الْكَمَالُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا ) وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا تَحَرُّزًا عَنْ الْكَذِبِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته بِكَذَا إلَخْ ) وَهَذَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مَتَاعًا ثُمَّ رَقَّمَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى رَقْمِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْأَصْلِ حَيْثُ لَا يَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَا اشْتَرَيْته بِكَذَا ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ ، وَإِنَّمَا يَقُولُ رَقْمُهُ كَذَا وَكَذَا فَأَنَا أَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَصْلُهُ مِيرَاثًا أَوْ هِبَةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ وَصِيَّةً فَقَوَّمَهُ قِيمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً عَلَى تِلْكَ الْقِيمَةِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الرَّاعِي وَالتَّعْلِيمِ وَكِرَاءِ بَيْتِ الْحِفْظِ ) لِعَدَمِ الْعُرْفِ بِإِلْحَاقِهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّ الرَّعْيَ حِفْظٌ وَهُوَ لَا يَزِيدُ فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ شَيْئًا وَثُبُوتُ الزِّيَادَةِ فِي التَّعْلِيمِ لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ وَهُوَ ذَكَاؤُهُ وَذِهْنُهُ وَلَا يَضُمُّ حَفْرَ الْبِئْرِ وَيَضُمُّ أُجْرَةَ مَنْ يَذْبَحُ الْحَيَوَانَ وَيَسْلُخُهَا وَاِتِّخَاذُ الْخَشَبِ أَبْوَابًا وَثَقْبُ اللُّؤْلُؤِ وَلَوْ زَوَّجَ الْعَبْدَ لَا يَضُمُّ الْمَهْرَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلَا يَحُطُّ مَهْرَ الْأَمَةِ لِزَوْجِهَا وَلَا يَضُمُّ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالرَّائِضِ وَالْبَيْطَارِ وَالْحِجَامَةِ وَجُعْلَ الْآبِقِ وَنَفَقَةَ نَفْسِهِ وَكِرَائِهِ وَأُجْرَةَ الْخِتَانِ وَالْفِدَاءِ فِي الْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّ التُّجَّارَ لَا يَضُمُّونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَى رَأْسِ الْمَالِ وَلِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ شَيْئًا فِي الْعَيْنِ وَلَا فِي الْقِيمَةِ فَلَا يَجُوزُ إلْحَاقُهَا بِرَأْسِ الْمَالِ وَاَلَّذِي يُؤْخَذُ فِي الطُّرُقِ مِنْ الظُّلْمِ لَا يُضَمُّ إلَّا فِي مَوْضِعٍ جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بَيْنَهُمْ بِالضَّمِّ .

( قَوْلُهُ : وَكَذَا بَيْتُ الْحِفْظِ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي نَسْخِ الْمَتْنِ : وَكَرْيُ بَيْتِ الْحِفْظِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِمَعْنًى فِي نَفْسِهِ ) أَيْ فِي نَفْسِ الْمُعَلِّمِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ ذَكَاؤُهُ وَذِهْنُهُ ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى الْمُعَلِّمِ مُوجِبًا لِلزِّيَادَةِ فِي الْمَالِيَّةِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ لَا شَكَّ فِي حُصُولِ الزِّيَادَةِ بِالتَّعَلُّمِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنْ التَّعْلِيمِ عَادَةً وَكَوْنُهُ بِمُسَاعَدَةِ الْقَابِلِيَّةِ فِي الْمُتَعَلِّمِ فَهُوَ كَقَابِلِيَّةِ الثَّوْبِ لِلصَّبْغِ فَلَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى التَّعْلِيمِ كَمَا لَا تَمْنَعُ نِسْبَتَهُ إلَى الصَّبْغِ فَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ وَالتَّعْلِيمُ عِلَّةٌ عَادِيَةٌ فَكَيْفَ لَا يُضَمُّ وَفِي الْمَبْسُوطِ أَضَافَ نَفْيَ ضَمِّ الْمُنْفِقِ فِي التَّعْلِيلِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ عُرْفٌ قَالَ ، وَكَذَا فِي تَعْلِيمِ الْغِنَاءِ وَالْعَرَبِيَّةِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ عُرْفٌ ظَاهِرٌ يُلْحِقُهُ بِرَأْسِ الْمَالِ ، وَكَذَا لَا يُلْحِقُ أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَالرَّائِضِ وَالْبَيْطَارِ وَجَعْلَ الْآبِقَ ؛ لِأَنَّهُ نَادِرٌ فَلَا يُلْحَقُ بِالسَّابِقِ ؛ لِأَنَّهُ لَا عُرْفَ فِي النَّادِرِ ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ خَانَ فِي مُرَابَحَةٍ أَخَذَهُ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ رَدَّهُ وَحَطَّ فِي التَّوْلِيَةِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحُطُّ فِيهِمَا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُخَيِّرُ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا بَاشَرَا عَقْدًا بِاخْتِيَارِهِمَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ فَيَنْعَقِدُ بِالْمُسَمَّى فِيهِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مُسَاوَمَةً ، وَكَذَا الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ لِلتَّرْوِيجِ وَالتَّرْغِيبِ فَجَرَى مَجْرَى الْوَصْفِ فَإِذَا فَاتَ الْوَصْفُ الْمَرْغُوبُ فِيهِ يَتَخَيَّرُ كَمَا فِي سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَكَمَا إذَا وَجَدَهُ مَعِيبًا وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ هُوَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ ، وَلِهَذَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَلَّيْتُك بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ بِعْتُك مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَالرِّبْحُ مَعْلُومَيْنِ وَذِكْرُ الثَّمَنِ جَارٍ مَجْرَى التَّفْسِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ بِنَاءِ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِي حَقِّ الثَّمَنِ وَقَدْرُ الْخِيَانَةِ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُهُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي فَيَحُطُّ ضَرُورَةً غَيْرَ أَنَّهُ فِي التَّوْلِيَةِ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ مِنْ الثَّمَنِ لَا غَيْرُ وَفِي الْمُرَابَحَةِ يَحُطُّ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيَحُطُّ مِنْ الرِّبْحِ أَيْضًا بِحِسَابِهِ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا فَمَا أَصَابَ الْخِيَانَةَ سَقَطَ مَعَهُ وَمَا أَصَابَ غَيْرَهُ ثَبَتَ مَعَهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّوْلِيَةَ بِنَاءً عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِهِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَالْمُرَابَحَةُ عَقْدٌ مُبْتَدَأٌ بَاشَرَاهُ بِاخْتِيَارِهِمَا وَلَيْسَ بِمَبْنِيٍّ عَلَى الْأَوَّلِ فَيَنْعَقِدُ بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى فِيهِ ، وَلِهَذَا لَا يَحْتَاجُ فِي التَّوْلِيَةِ إلَى ذِكْرِ الثَّمَنِ وَفِي الْمُرَابَحَةِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الثَّمَنِ لِيَتَبَيَّنَ قَدْرَ الرِّبْحِ فَيَنْعَقِدُ بِمَا سَمَّيَا

وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحُطَّ فِي التَّوْلِيَةِ لَمْ يَبْقَ تَوْلِيَةً ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَيَصِيرُ مُرَابَحَةً فَيَتَغَيَّرُ بِهِ التَّصَرُّفُ وَلَوْ لَمْ يَحُطَّ فِي الْمُرَابَحَةِ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ إلَّا أَنَّ الرِّبْحَ أَكْثَرُ مِمَّا ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَتَغَيَّرْ التَّصَرُّفُ فِيهِ فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُ التَّسْمِيَةِ فِيهِ وَثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الرِّضَا وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ لَزِمَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَسَقَطَ خِيَارُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ خِيَارٍ فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي الْجُزْءُ الْفَائِتُ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرُدُّ قِيمَةَ الْمَبِيعِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ فِي إقَامَةِ الْقِيمَةِ مَقَامَ الْمَبِيعِ فِي التَّحَالُفِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَحُطُّ كَيْفَمَا كَانَ ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي التَّوْلِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ جَازَ الرَّدُّ وَالْأَخْذُ بِهِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَلَوْ وَجَدَ الْمَوْلَى بِالْمَبِيعِ عَيْبًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عِنْدَهُ عَيْبٌ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ يَصِيرُ الثَّمَنُ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ وَقَضِيَّةُ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مِثْلَ الْأَوَّلِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فَإِنْ خَانَ إلَخْ ) ثُمَّ ظُهُورُ الْخِيَانَةِ إمَّا بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالنُّكُولِ عَنْ الْيَمِينِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ خَانَ إلَى آخِرِهِ مَا نَصُّهُ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ اشْتَرَى بِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ شَيْئًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ قَالَ لِرَجُلٍ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ فَوَلَّيْتُك بِمَا اشْتَرَيْته أَوْ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِرِبْحِ زِيَادَةِ دِرْهَمٍ ا هـ مُشْكِلَاتٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَحُطُّ فِيهِمَا ) أَيْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ا هـ غَايَةٌ ، وَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ ) أَيْ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : هُوَ الْمُرَابَحَةُ وَالتَّوْلِيَةُ ) أَيْ لَا التَّسْمِيَةُ كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ بِعْتُك مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَمَا أَصَابَ غَيْرَهُ ثَبَتَ مَعَهُ ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ عَلَى رِبْحِ خَمْسَةٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ الْبَائِعَ اشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ يَحُطُّ قَدْرَ الْخِيَانَةِ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَيَحُطُّ مِنْ الرِّبْحِ دِرْهَمًا وَيَأْخُذُ الثَّوْبَ بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ لِمُحَمَّدٍ إنَّ الِاعْتِبَارَ فِيهِمَا لَيْسَ إلَّا لِلتَّسْمِيَةِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ بِهِ يَصِيرُ مَعْلُومًا وَبِهِ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ وَالْإِخْبَارُ بِأَنَّ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ لَا يَتَعَلَّقُ الِانْعِقَادُ بِهِ إنَّمَا هُوَ تَرْوِيجٌ وَتَرْغِيبٌ فَيَكُونُ وَصْفًا مَرْغُوبًا فِيهِ كَوَصْفِ الْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ فَبِفَوَاتِهِ بِظُهُورِ أَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ ذَاكَ يَتَخَيَّرُ ا هـ كَمَالٌ قَوْلُهُ وَلَوْ هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ ) أَيْ أَوْ اُسْتُهْلِكَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ أَوْ حَدَثَ بِهِ مَا يَمْنَعُ الرَّدَّ ) أَيْ عِنْدَ ظُهُورِ الْخِيَانَةِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ

يَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ ) أَيْ يَسْقُطُ مَا قَابَلَ الْعَيْبَ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَ عَجْزِ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ أَوْ بِحُدُوثِ مَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي ا هـ ا ك .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنْ بَاعَهُ بِرِبْحٍ طَرَحَ عَنْهُ كُلَّ رِبْحٍ قَبْلَهُ وَإِنْ أَحَاطَ بِثَمَنِهِ لَمْ يُرَابِحْ ) يَعْنِي إذَا بَاعَهُ بِرِبْحٍ ثَانِيًا بَعْدَمَا اشْتَرَاهُ ثَانِيًا طَرَحَ عَنْهُ كُلَّ رِبْحٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ إذَا بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحَ الثَّمَنُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ مِثَالُهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهُ مُرَابَحَةً بِثَلَاثِينَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ وَبَاعَهُ بِأَرْبَعِينَ مُرَابَحَةً ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً أَصْلًا وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الْعِشْرِينَ فِي الْفَصْلَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَخِيرَ عَقْدٌ مُتَجَدِّدٌ مُنْقَطِعُ الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ كَمَا إذَا تَخَلَّلَ ثَالِثٌ بِأَنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ وَلَهُ أَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَكَّدُ بِهِ بَعْدَمَا كَانَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ بِالظُّهُورِ عَلَى عَيْبٍ وَالشُّبْهَةُ كَالْحَقِيقَةِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ احْتِيَاطًا ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ فِيمَا أَخَذَهُ بِالصُّلْحِ لِشُبْهَةِ الْحَطِيطَةِ فِيهِ ، وَكَذَا فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ أُصُولِهِ أَوْ فُرُوعِهِ لِمَا لَهُ مِنْ التَّوَسُّعِ فِيمَا لَهُمْ أُلْحِقَ بِمِلْكِهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى عَشَرَةً وَثَوْبًا بِعِشْرِينَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فَيَطْرَحُ عَشَرَةً ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ الثَّانِي تَأَكَّدَ وَأَمِنَ بُطْلَانَهُ وَلِلتَّأَكُّدِ حُكْمُ الْأُصُولِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا يَضْمَنُونَ نِصْفَ الْمَهْرِ

لِتَأَكُّدِهِمْ مَا كَانَ عَلَى شَرَفِ السُّقُوطِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَخَلَّلَ ثَالِثٌ ؛ لِأَنَّ التَّأَكُّدَ حَصَلَ بِغَيْرِهِ وَيَصِيرُ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي كَأَنَّهُ اشْتَرَى ثَوْبًا وَعِشْرِينَ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَصَارَ الْعِشْرُونَ بِالْعِشْرِينَ وَلَمْ يَبْقَ فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ شَيْءٌ فَلَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا وَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُ الثَّوْبَ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الرِّبْحُ الْأَوَّلُ لَمْ يَصِرْ مُقَابَلًا بِالثَّمَنِ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا أَعْطَى لَهُ حُكْمَ الْمُقَابَلَةِ احْتِرَازًا عَنْ الْخِيَانَةِ فِيمَا بُنِيَ عَلَى الْأَمَانَةِ وَهُوَ حَقُّ الْعَبْدِ وَلَا يَنْهَضُ ذَلِكَ لِإِفْسَادِ الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ لِحَقِّ الْعَبْدِ لَا لِحَقِّ الشَّرْعِ وَلَا يَلْزَمُ مَا إذَا بَاعَ مُسَاوَمَةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا حَيْثُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَبْنِيَّةٍ عَلَى الْأَمَانَةِ .( قَوْلُهُ : وَإِنْ اسْتَغْرَقَ الرِّبْحَ الثَّمَنُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ) أَيْ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَهُمَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً ) أَيْ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِهِمَا كَذَا فِي الْأَسْرَارِ وَغَيْرِهِ وَأَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِقَوْلِهِمَا ا هـ غَايَةٌ وَأَيْضًا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ ) أَيْ مِمَّنْ بَاعَهُ مِنْهُ بَعْدَ التَّقَابُضِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ ) أَيْ وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْته لِئَلَّا يَصِيرَ كَاذِبًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي بَابِ الْمُرَابَحَةِ لِحَقِّ الْعَبْدِ ) وَأَيْضًا الْخِيَانَةُ حَقُّ الشَّرْعِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ اشْتَرَى مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَ مِنْ سَيِّدِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ ، وَكَذَا الْعَكْسُ ) أَيْ وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى الْمَوْلَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ الْمُسْتَغْرِقِ بِالدَّيْنِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ يَبِيعُهُ الْعَبْدُ مُرَابَحَةً عَلَى عَشَرَةٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الَّذِي جَرَى بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لِإِفَادَتِهِ مِلْكَ الْعَيْنِ أَوْ التَّصَرُّفَ لَهُ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَهُ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِّهِ فَاعْتُبِرَ عَدَمًا فِي حَقِّ الْمُرَابَحَةِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الْأَمَانَةِ فَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ لِلشِّرَاءِ الْأَوَّلِ فَصَارَ كَأَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهُ لِلْمَوْلَى بِعَشَرَةٍ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِلْمَوْلَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَيُعْتَبَرُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ لَا غَيْرُ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَيْهِ دَائِرٌ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ فَلَمْ يَتِمَّ خُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِ مَنْ كَانَ لَهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمُرَابَحَةَ بَيْعُ أَمَانَةٍ لِقَبُولِ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ فَتَنْتَفِي عَنْهُمَا كُلُّ تُهْمَةٍ وَشُبْهَةِ خِيَانَةٍ وَالْمُسَامَحَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ فَيَكُونُ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ خَارِجًا هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ سَيِّدِهِ جَازَ لِزَوَالِ التُّهْمَةِ وَاشْتِرَاطُ الدَّيْنِ عَلَى الْعَبْدِ كَأَنَّهُ وَقَعَ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ مَعَ الدَّيْنِ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً فَمَعَ عَدَمِ الدَّيْنِ أَوْلَى لِوُجُودِ مِلْكِ الْمَوْلَى فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِدَيْنِ الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبُ فِي هَذَا كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ بَيْنَهُمَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ اشْتَرَى مَأْذُونٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ أَوْ مُكَاتَبِهِ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ عَبْدٍ مِنْ مَوَالِيهِ أَوْ مُكَاتَبٍ مِنْ مَوَالِيهِ مَتَاعًا بِثَمَنٍ قَدْ قَامَ عَلَى الْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً إلَّا بِاَلَّذِي قَامَ عَلَى الْبَائِعِ لِلتُّهْمَةِ هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الدَّيْنِ عَلَى الْعَبْدِ كَأَنَّهُ وَقَعَ اتِّفَاقًا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ اخْتَلَفَتْ نُسَخُ شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَدْ قَيَّدَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ دَيْنَ الْعَبْدِ بِالْمُسْتَغْرِقِ ، وَقَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ عَبْدٌ مَأْذُونٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِرَقَبَتِهِ أَوْ غَيْرُ مُحِيطٍ وَقَاضِي خَانْ قَيَّدَ بِالْمُحِيطِ أَيْضًا وَالْعَتَّابِيُّ قَيَّدَ بِالْمَأْذُونِ فَحَسْبُ وَلَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ أَصْلًا ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَمَالِيكِهِ وَعَبْدُهُ الْمَأْذُونُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَمُكَاتَبُهُ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى أَقَلِّ الضَّمَانَيْنِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ ، وَلَكِنْ فَسَّرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالشِّرَاءُ الثَّانِي بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ فَإِذَا اشْتَرَى مِنْهُ الْمَوْلَى صَارَ كَأَنَّ الْمَوْلَى اشْتَرَى مَالَ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ فِي هَذَا الشِّرَاءِ فَائِدَةٌ وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَ شِرَاءُ الْمَوْلَى مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِهَذَا الشِّرَاءِ يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ وَلَكِنْ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً إلَّا بِعَشَرَةٍ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ مِنْ وَجْهٍ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِ مَالِهِ لِنَفْسِهِ لَوْ قَضَى دَيْنَ الْعَبْدِ فَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَشِرَاءُ الْمَوْلَى مِنْهُ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ وَلَيْسَ بِشِرَاءٍ مِنْ وَجْهٍ

وَبَيْعُ الْمُرَابَحَةِ بَيْعُ الْأَمَانَةِ فَيُؤْخَذُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ فَيَبِيعُهُ عَلَى أَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقْدَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدْيُونِ وَالْمُكَاتَبِ جَائِزٌ لِإِفَادَةِ مِلْكِ الْيَدِ وَلَكِنْ لَهُ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ لِلْعَبْدِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِّ الْمَوْلَى ، وَلِهَذَا كَانَ لِلْمَوْلَى قَضَاءُ دَيْنِ الْعَبْدِ وَاسْتِخْلَاصُ أَكْسَابِهِ وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا عَجَزَ وَرَدَّ فِي الرِّقِّ تُسَلَّمُ أَكْسَابُهُ لِلْمَوْلَى فَكَانَ الْمِلْكُ لِلْعَبْدِ وَاقِعًا لِلْمَوْلَى فَإِذَا بَاعَ الْمَوْلَى مِنْ عَبْدِهِ يُجْعَلُ الْعَقْدُ كَالْعَدَمِ لِلشُّبْهَةِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي كَالْوَكِيلِ عَنْ مَوْلَاهُ فَلَوْ ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ حَقِيقَةً لَمْ يَبِعْهُ إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ فَلِذَا تَمَكَّنَتْ شُبْهَةُ الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ وَإِذَا اشْتَرَى مِنْ مَوْلَاهُ يُجْعَلُ الْعَبْدُ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ عَنْ مَوْلَاهُ فَلَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ ثَابِتَةً حَقِيقَةً لَمْ يَبِعْ الْمَوْلَى إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ فَكَذَا إذَا تَمَكَّنَتْ شُبْهَةُ الْوَكَالَةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ كَانَ مُضَارِبًا يَبِيعُ مُرَابَحَةً رَبَّ الْمَالِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ ) أَيْ لَوْ كَانَ مَنْ عَمِلَ هَذَا الْعَمَلَ مُضَارِبًا بِأَنْ كَانَ مَعَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ ؛ لِأَنَّ نِصْفَ الرِّبْحِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ سُلِّمَ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فَيَحُطُّ عَنْ الثَّمَنِ فَيَبْقَى اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ خَارِجَةً عَنْ مِلْكِهِ عَشَرَةٌ مِنْهَا دَفَعَهَا الْمُضَارِبُ إلَى بَائِعِهِ وَدِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ نَصِيبُ الْمُضَارِبِ مِنْ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ بِحُكْمِ أَنَّهُ الثَّمَنُ فَتَمَّ مَا خَرَجَ مِنْهُ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الثَّوْبِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفٌ فَيَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَيْهَا ، وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجُوزُ هَذَا الْبَيْعُ مِنْ رَبِّ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَالِهِ بِمَالِهِ قُلْنَا يَسْتَفِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَذَا الْعَقْدِ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ فَكَانَ صَحِيحًا لِإِفَادَتِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ إفَادَةُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكَاتَب تَجُوزُ تَصَرُّفَاتُهُ وَلَا يُفِيدُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ يَتْبَعُ الْفَائِدَةَ لَا الْمِلْكَ عَيْنًا وَقَدْ وُجِدَتْ الْفَائِدَةُ هُنَا أَمَّا فِي حَقِّ الْمُضَارِبِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا فِي حَقِّ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِالشِّرَاءِ وَلَا يَمْلِكُهُ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ مِلْكَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ تَعَلَّقَ لَهُ بِهِ حَقٌّ ، وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ وَطْءَ الْجَارِيَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمُضَارِبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهَا رِبْحٌ ، وَكَذَا لَا يَمْلِكُ نَهْيَهُ عَنْ بَيْعِ الْعُرُوضِ وَالْكَلَامِ فِيهِ لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ

فَاعْتُبِرَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ كَانَ مُضَارِبًا يَبِيعُ مُرَابَحَةً رَبَّ الْمَالِ إلَخْ ) سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ مَا يُخَالِفُ هَذَا قُبَيْلَ قَوْلِهِ مَعَهُ أَلْفٌ بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهِ عَبْدًا قِيمَتُهُ أَلْفَانِ إلَخْ وَالْمَذْهَبُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَتْنِ فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى رَبُّ الْمَالِ سِلْعَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَخَمْسَمِائَةٍ وَبَاعَهَا مِنْ الْمُضَارِبِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَبِيعُهَا بِأَلْفٍ وَمِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا إذَا بَيَّنَ الْأَمْرَ عَلَى وَجْهِهِ وَهَذَا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ بَيْعُ أَمَانَةٍ يَجِبُ صَوْنُهَا عَنْ الْخِيَانَةِ وَعَنْ شُبْهَتِهَا مَا أَمْكَنَ وَفِي بَيْعِ هَؤُلَاءِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ شُبْهَةٌ وَتُهْمَةٌ إلَى هُنَا لَفْظُ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : قُلْنَا يَسْتَفِيدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِهَذَا الْعَقْدِ مِلْكَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ ) أَيْ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ انْقَطَعَتْ عَنْ رَبِّ الْمَالِ بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَى الْمُضَارِبِ ثُمَّ لَمَّا اشْتَرَى مِنْ الْمُضَارِبِ اسْتَفَادَ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُضَارِبَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ جَائِزٌ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَفِيدُ وِلَايَةَ التَّصَرُّفِ خِلَافًا لِزُفَرَ ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْإِنْسَانِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ ) أَيْ عَدَمِ الْجَوَازِ لِمَا قُلْنَا مِنْ جِهَةِ زُفَرَ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْهُ ) أَيْ ، وَلِهَذَا تَبْطُلُ الْمُضَارَبَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ ) أَيْ لِأَنَّ رَقَبَةَ الْمَالِ لِرَبِّ الْمَالِ وَمِنْ وَجْهٍ لِلْمُضَارِبِ ، وَلِهَذَا إذَا اشْتَرَى لَا يَجُوزُ حَجْرُ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْمُضَارِبِ

فِي الْبَيْعِ فَلَمَّا كَانَ كَذَلِكَ يَبِيعُهُ عَلَى أَقَلِّ الثَّمَنَيْنِ لِلِاحْتِيَاطِ وَحِصَّةُ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ ؛ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَاعْتُبِرَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ ) أَيْ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ رَبِّ الْمَالِ يُسَلِّمُ ذَلِكَ لِرَبِّ الْمَالِ فَيَحُطُّ عَنْ الثَّمَنِ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَهُوَ عَشَرَةٌ وَلَا فِي نَصِيبِ الْمُضَارِبِ مِنْ الرِّبْحِ وَهُوَ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ فَلِذَلِكَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَنِصْفٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُرَابِحُ بِلَا بَيَانٍ بِالتَّعَيُّبِ وَوَطْءِ الثَّيِّبِ ) أَيْ إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ أَوْ وَطِئَ الثَّيِّبَ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْتَبَسْ عِنْدَهُ شَيْءٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْفَائِتَ وَصْفٌ وَهُوَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ لِكَوْنِهِ تَبَعًا ، وَلِهَذَا لَوْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ غَيْرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكِهِ ، وَكَذَا مَنَافِعُ الْبُضْعِ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ إذَا لَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ وَمَعْنَى أَدَاءِ الْأَمَانَةِ بِالصِّدْقِ وَهُوَ صَادِقٌ إذَا بَقِيَ جَمِيعُ مَا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي التَّعَيُّبِ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ كَمَا إذَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ عَلَى اخْتِلَافِ تَخْرِيجِهِمَا فَإِنَّ زُفَرَ يُوجِبُ الْبَيَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ مَعِيبٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ بِذَلِكَ الثَّمَنِ بَعْدَمَا دَخَلَهُ الْعَيْبُ وَالشَّافِعِيُّ يُوجِبُ الْبَيَانَ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْأَوْصَافَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَلَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَنْ يَحْصُلَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَنَحْنُ نَقُولُ مَا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ كُلُّهُ قَائِمٌ فَلَا يُبَالِي بِذَهَابِ مَا لَا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَوَسَّخَ الثَّوْبُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا نَقَصَ بِتَغَيُّرِ السِّعْرِ وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ هَذَا إذَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ شَيْئًا يَسِيرًا وَإِنْ نَقَصَهُ قَدْرَ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً .

قَوْلُهُ : إذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَاعْوَرَّتْ مَثَلًا ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَمْ يُحْتَبَسْ عِنْدَهُ شَيْءٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ ) أَيْ لِأَنَّ الْمُسْتَوْفَى لَيْسَ بِمَالٍ فَلَمْ يُقَابِلْهُ الْبَدَلُ فَكَانَ كَالِاسْتِخْدَامِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَزُفَرَ إلَخْ ) وَفِي قَوْلِ زُفَرَ إذَا اعْوَرَّتْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَغَيَّرَتْ عَنْ حَالِهَا الَّتِي اشْتَرَاهَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَقَوْلُ زُفَرَ أَجْوَدُ ثُمَّ قَالَ وَبِهِ نَأْخُذُ ا هـ غَايَةُ الْبَيَانِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِبَيَانٍ بِالتَّعْيِيبِ وَوَطْءِ الْبِكْرِ ) أَيْ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ إذَا كَانَ حَادِثًا بِالتَّعْيِيبِ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَأَخَذَ أَرْشَهُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَوَطْءُ الْبِكْرِ تَعْيِيبٌ ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَةَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ فَإِزَالَتُهَا تَعْيِيبٌ لَهَا فَيُقَابِلُهُ الثَّمَنُ وَإِنْ تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْمَبِيعِ فِي نَفْسِهِ كَمَا إذَا فَقَأَ عَيْنَ نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَجَازَ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ فِي نَفْسِهِ هَدَرٌ فَلَا يُعْتَبَرُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِمْ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ أَصَابَهُ الْعَيْبُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَأَمَّا بَيَانُ نَفْسِ الْعَيْبِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ بِأَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ وَالثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ الْعَيْبُ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ بَيَانَ مَا فِيهِ مِنْ الْعَيْبِ وَاجِبٌ شَرْعًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } فَلَا يَجُوزُ إخْفَاؤُهُ ثُمَّ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُرَابَحَةً إلَّا بِبَيَانٍ فَلَمْ يُبَيِّنْ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيْهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَتَهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا فَأَصَابَهُ قَرْضُ فَأْرٍ أَوْ حَرْقُ نَارٍ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَلَوْ تَكَسَّرَ بِنَشْرِهِ وَطَيِّهِ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى .

( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ غَيْرِهِ وَأَخَذَ أَرْشَهُ ) هَذَا وَقَعَ اتِّفَاقًا إذْ يَجِبُ الْبَيَانُ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْأَرْشَ ، وَلِهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ أَخْذِ الْأَرْشِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ ) أَيْ وَلِهَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ حَبَسَ جُزْءًا صَارَ مَقْصُودًا أَوْ حَبَسَ بَدَلَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَاقِي مُرَابَحَةً عَلَى ذَلِكَ الثَّمَنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِزَالَتُهَا تَعْيِيبٌ لَهَا فَيُقَابِلُهُ الثَّمَنُ ) أَيْ وَكَذَا لَوْ حُبِسَ نَمَاؤُهُ كَالثَّمَرَةِ وَالْوَلَدِ وَالصُّوفِ أَوْ هَلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِنْ هَلَكَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ جَازَ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ ا هـ زَاهِدِيٌّ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ عُيُونِ الْمَسَائِلِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً وَلَهَا لَبَنٌ فَآجَرَهَا لِتُرْضِعَ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مُرَابَحَةً ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَا وَرَدَ عَلَى الْعَيْنِ ، وَإِنَّمَا وَرَدَ عَلَى الْمَنَافِعِ فَلَمْ يَأْخُذْ الْعِوَضَ عَنْ عَيْنٍ مَلَكَهَا بِالشِّرَاءِ ، وَإِنَّمَا أَخَذَ الْعِوَضَ عَنْ الْمَنَافِعِ الْحَادِثَةِ عَلَى مِلْكِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ قَرْضُ فَأْرٍ ) الْقَرْضُ بِالْقَافِ وَالْفَاءِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ ) أَيْ لِأَنَّ الْأَوْصَافَ تَابِعَةٌ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ) أَيْ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفٍ نَسِيئَةً وَبَاعَ بِرِبْحٍ مِائَةً وَلَمْ يُبَيِّنْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ فَكَانَ لَهُ شُبْهَةٌ بِالْمَبِيعِ وَالشُّبْهَةُ فِي هَذَا الْبَابِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى ثَمَنِهِمَا فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ أَوْ نَقُولُ : إنَّ الثَّمَنَ الْمُؤَجَّلَ أَنْقَصُ فِي الْمَالِيَّةِ مِنْ الْحَالِّ ، وَلِهَذَا حَرَّمَ الشَّرْعُ النَّسَاءَ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَكُونُ مَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَزْيَدَ فِي الْحُكْمِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ ، وَكَذَا فِي التَّوْلِيَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ مُؤَجَّلًا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ فِي التَّوْلِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْمُرَابَحَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ .( قَوْلُهُ : وَلَمْ يُبَيِّنْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً عَلَى ثَمَنِهِمَا ) أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ يَجِبُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَكَذَا هَذَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ عِنْدَ عِلْمِهِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ ) أَيْ كَمَا فِي الْعَيْبِ ا هـ هِدَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ أَتْلَفَ فَعَلِمَ لَزِمَ بِأَلْفٍ وَمِائَةٍ ) أَيْ إذَا أَتْلَفَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ كَانَ مُؤَجَّلًا لَزِمَهُ أَلْفٌ وَمِائَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنَّمَا فِيهِ تَرَفُّهٌ فَيَزْدَادُ الثَّمَنُ لِأَجْلِهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا نَظَرًا لِهَذَا الْجَانِبِ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْمُرَابَحَةِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ الْخِيَانَةِ فَإِذَا هَلَكَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَبْقَ لَهُ الْخِيَارُ نَظَرًا لِجَانِبِ عَدَمِ الْمَالِيَّةِ فِي الْأَجَلِ حَقِيقَةً أَوْ نَقُولُ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِالْهَلَاكِ فَبَطَلَ خِيَارُهُ كَسَائِرِ الْخِيَارَاتِ مِنْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الرُّؤْيَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَذَا التَّوْلِيَةُ ) أَيْ التَّوْلِيَةُ مِثْلُ الْمُرَابَحَةِ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْخِيَارِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَبَعْدَ الْهَلَاكِ أَوْ الِاسْتِهْلَاكِ لَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِمَا ذَكَرْنَا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْهَالِكِ وَيَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ كَمَا قَالَ فِيمَا إذَا اسْتَوْفَى عَشَرَةً زُيُوفًا مَكَانَ عَشَرَةٍ جِيَادٍ وَعَلِمَ بَعْدَ الْإِنْفَاقِ يَرُدُّ مِثْلَ الزُّيُوفِ وَيَرْجِعُ بِالْجِيَادِ ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنْ يُقَوِّمَ الْمَبِيعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَبِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا لِلتَّعَارُفِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْأَجَلُ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِيهِ وَلَكِنَّهُ مَعْنَاهُ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ قَدْرٌ مَعْلُومٌ قِيلَ : لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ كَالْمَشْرُوطِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ ، وَإِنَّمَا سَامَحَهُ الْبَائِعُ وَاسْتَوْفَى مِنْهُ الثَّمَنَ مُنَجَّمًا وَقَدْ قَالُوا فِي الْمَغْبُونِ غَبْنًا فَاحِشًا لَهُ أَنْ

يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِحُكْمِ الْغَبْنِ ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النَّسَفِيُّ فِيهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَيُفْتَى بِرِوَايَةِ الرَّدِّ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَكَانَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ أَبُو الْيُسْرِ يُفْتِي بِأَنَّ الْبَائِعَ إنْ قَالَ لِلْمُشْتَرِي : قِيمَةُ مَتَاعِي كَذَا أَوْ قَالَ مَتَاعِي يُسَاوِي كَذَا فَاشْتَرَى بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ وَظَهَرَ بِخِلَافِهِ لَهُ الرَّدُّ بِحُكْمِ أَنَّهُ غَرَّهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَرُدُّ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَالصَّحِيحُ أَنْ يُفْتَى بِالرَّدِّ إنْ غَرَّهُ وَإِلَّا فَلَا .

( قَوْلُهُ فَإِذَا هَلَكَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ الْمُشْتَرِي ) أَيْ بِوَجْهٍ بِأَنْ بَاعَهُ أَوْ بِوَجْهٍ آخَرَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَبْقَ لَهُ الْخِيَارُ ) أَيْ وَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ : نَظَرًا لِجَانِبِ عَدَمِ الْمَالِيَّةِ فِي الْأَجَلِ حَقِيقَةً ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْأَجَلُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ حَقِيقَةً وَلَكِنْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمُقَابَلَةِ فَبِاعْتِبَارِ شُبْهَةِ الْخِيَانَةِ كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا فَأَمَّا أَنْ يَسْقُطَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْهَلَاكِ بِمُقَابَلَةِ الْأَجَلِ فَلَا ا هـ ( قَوْلُهُ : بَلْ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الثَّمَنِ ) أَيْ حَالًّا كَمَا فِي الْمُرَابَحَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْهَالِكِ وَيَسْتَرِدُّ كُلَّ الثَّمَنِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ : لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ قِيمَتَهُ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَامَتْ مَقَامَهُ وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ مُسْتَقِيمٌ كَمَا فِي التَّحَالُفِ وَالتَّرَادِّ أَنَّ الْقِيمَةَ قَامَتْ مَقَامَهُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ قَالَ يَرُدُّ قِيمَةَ الْعَيْنِ وَيَسْتَرِدُّ الثَّمَنَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا قَالَ فِيمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى آخَرَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ جِيَادٍ فَاسْتَوْفَى زُيُوفًا وَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى أَنْفَقَهَا يَرُدُّ زُيُوفًا مِثْلَهَا وَيَأْخُذُ الْجِيَادَ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ وَلَّى رَجُلًا شَيْئًا بِمَا قَامَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِكَمْ قَامَ عَلَيْهِ فَسَدَ الْبَيْعُ ) لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ جَهَالَةً تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَةَ الثَّمَنِ فَسَادٌ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ إلَّا أَنَّهُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ غَيْرُ مُتَقَرِّرٍ ؛ لِأَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ دَفْعًا لِلْعُسْرِ وَتَحْقِيقًا لِلْيُسْرِ فَصَارَ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ عَفْوًا كَتَأْخِيرِ الْقَبُولِ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ يَرْتَبِطُ بِالْإِيجَابِ وَإِنْ تَخَلَّلَتْ بَيْنَهُمَا سَاعَاتٌ فَكَذَا الْعِلْمُ الْحَاصِلُ فِي آخِرِ الْمَجْلِسِ كَالْعِلْمِ الْحَاصِلِ فِي أَوَّلِهِ فَيَصِحُّ عَلَى تَقْدِيرِ الِابْتِدَاءِ ، وَأَمَّا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ فَإِصْلَاحٌ لَا ابْتِدَاءٌ لِتَقَرُّرِ الْفَسَادِ بِالِافْتِرَاقِ وَهَذَا فَسَادٌ لَا يَحْتَمِلُ الْإِصْلَاحَ وَنَظِيرُهُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ فَإِنَّ الْبَيْعَ فِيهِ فَاسِدٌ فَإِنْ أَعْلَمَهُ الْبَائِعُ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ لِخَلَلٍ فِي رِضَاهُ ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ لَا يَتِمُّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ وَلَّى ) أَيْ بَاعَ لَهُ بِالتَّوْلِيَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ إلَخْ ) الْمُرَادُ بِمَا قَامَ عَلَيْهِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ مَعَ مَا لَحِقَهُ مِنْ الْمُؤَنِ نَحْوَ الصَّبْغِ وَالْفَتْلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ عَلِمَ فِي الْمَجْلِسِ خُيِّرَ إلَخْ ) إنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَنَظِيرُهُ بَيْعُ الشَّيْءِ بِرَقْمِهِ ) أَيْ بِعَلَامَةٍ أَعْلَمَهَا الْبَائِعُ عَلَى الثَّوْبِ أَنَّ ثَمَنَهُ كَذَا فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْبَائِعِ وَمَجْهُولٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ لِخَلَلٍ فِي رِضَاهُ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَإِنَّمَا وَجَبَ الْخِيَارُ لِخَلَلٍ فِي الرِّضَا ؛ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ الرُّؤْيَةِ لِلْجَهْلِ بِالصَّوَابِ وَقَدْ وَرَدَ الشَّرْعُ فِي خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ فَكَانَ مُلْحَقًا بِهِ ا هـ .

( فَصْلٌ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَحَّ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا اشْتَرَيْت شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْمَنْقُولِ ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِيهِ بِالْهَلَاكِ وَهُوَ مَقْدُورُ التَّسْلِيمِ فَصَارَ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْعَقَارِ نَادِرٌ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِيبُهُ لِيَصِيرَ هَالِكًا حُكْمًا حَتَّى لَوْ تُصُوِّرَ هَلَاكُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالُوا : لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَنَحْوِهِ وَمَا رَوَاهُ مَعْلُولٌ بِغَرَرِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ إلَّا نَادِرًا وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ فَصَارَ كَاحْتِمَالِ غَرَرِ الِانْفِسَاخِ بِالِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ الْقَبْضِ فِيهِ وَفِي الْمَنْقُولِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مَعْلُولٌ بِهِ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ وَكَذَلِكَ التَّصَرُّفُ فِي الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا أَمِنَ مِنْهُ وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ الْمُطْلَقَ لِلتَّصَرُّفِ وَهُوَ الْمِلْكُ قَدْ وُجِدَ لَكِنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْغَرَرِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ وَذَلِكَ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْغَرَرُ وَالْإِجَارَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ قِيلَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَلَنَا أَنْ نَمْنَعَ وَقِيلَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ الْمَنَافِعُ وَهَلَاكُهَا غَيْرُ نَادِرٍ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَنْقُولِ .

( فَصْلٌ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَسَائِلُ هَذَا الْفَصْلِ لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ فِيهَا مُقَيَّدًا بِوَصْفٍ زَائِدٍ أَشْبَهَتْ الْمُرَابَحَةَ وَالتَّوْلِيَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِيهِمَا قَيْدًا زَائِدًا عَلَى أَصْلِ الْبَيْعِ وَلَكِنَّهَا لَيْسَتْ بِمُرَابَحَةٍ وَلَا تَوْلِيَةٍ فَجِيءَ بِالْفَصْلِ لِهَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهُوَ الِاسْتِحْسَانُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَ الشَّافِعِيِّ كَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَصِحَّةُ الْقَبْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ وَغَيْرِهِ أَوْ بِحَقِيقَةِ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ عُمُومُ النَّهْيِ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَمَّا لَمْ يُقْبَضْ } وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَشْمَلُ الْمَنْقُولَ وَالْعَقَارَ جَمِيعًا وَلِأَنَّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجُوزُ فَكَذَا غَيْرُ الْمَنْقُولِ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَبْضِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا جَمِيعًا وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْبَيْعِ الرِّبْحُ وَرِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ مَنْهِيٌّ شَرْعًا وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ فَاسِدًا قَبْلَ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْمَنْقُولِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ إجَارَتُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ فِيهِ ) وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ مَا لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ بِالْهَلَاكِ فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَعَلَّلَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ لَا يَنْقُضُ الْعَقْدَ وَيَكُونُ عَلَى الَّذِي بَدَّلَهُ قِيمَتُهُ ا هـ قَوْلُهُ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ ) أَيْ فَإِنَّ التَّصَرُّفَ فِيهَا جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا ؛ لِأَنَّ هَلَاكَ الْعَقَارِ نَادِرٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا أَنَّ رُكْنَ الْبَيْعِ صَدَرَ

مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ فَجَازَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَهُ لِتَوَهُّمِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِهَلَاكِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يُوجَدُ فِي الْعَقَارِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ إلَّا نَادِرًا بِغَلَبَةِ الْمَاءِ وَالرَّمْلِ أَوْ تَخْرِيبِ الْفَأْرِ وَالنَّادِرُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِأَنْ كَانَ عَلَى شَطِّ النَّهْرِ وَنَحْوِهِ ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَلَى طَرَفِ الْمَغَارَةِ الْغَالِبِ عَلَيْهَا الرَّمْلُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عُلُوًّا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَصَوُّرِ هَلَاكِهِ ا هـ مُحِيطٌ ( قَوْلُهُ : وَمَا رَوَاهُ مَعْلُولٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ فَنَقُولُ الْمُرَادُ مِنْهُ بَيْعُ الْمَنْقُولِ وَمَا يُمْكِنُ قَبْضُهُ بِالْبَرَاجِمِ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْقَبْضُ فِي الْحَقِيقَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ أَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تُبَاعُ حَتَّى تَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهَا } ؛ لِأَنَّ الْحَوْزَ إلَى الرَّحْلِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْمَنْقُولِ وَلِأَنَّهُ عَامٌّ مَخْصُوصٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْإِعْتَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْوَصِيَّةُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَخْتَصُّ بِالْمَنْقُولِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُرَادُ إجْمَاعًا وَفِي غَيْرِهِ خِلَافٌ وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَيْضًا لِدَلَائِلِ جَوَازِ الْبَيْعِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ الْقِيَاسَ بِالْحَدِيثِ فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَلَّلَ الْحَدِيثَ بِغَرَرِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِهَلَاكِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ الْعَامَّ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إجْرَاؤُهُ عَلَى الْعُمُومِ حُمِلَ عَلَى أَخَصِّ الْخُصُوصِ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : فَإِنْ قُلْت فِي الْعَقَارِ أَيْضًا يُتَوَهَّمُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ بِأَنْ يُرَدَّ بِالْعَيْبِ قُلْت لَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ حِينَ جَازَ الْبَيْعُ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِيرُ الْمَبِيعُ مِلْكًا

لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى رَدِّهِ بِالْعَيْبِ فَزَالَ تَوَهُّمُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فَإِنْ قُلْت غَرَرُ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ مَوْجُودٌ بَعْدَ الْقَبْضِ أَيْضًا بِظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكَيْفَ لَمْ يُلْتَفَت إلَيْهِ قُلْت : لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَعْلُولٌ بِغَرَرِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ فِيمَا قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَخَصُّ الْخُصُوصِ لِمَا قُلْنَا عَلَى أَنَّا نَقُولُ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ بَابُ الْبَيْعِ مَسْدُودًا وَهُوَ مَفْتُوحٌ بِدَلِيلٍ جَوَازِ الْبَيْعِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بَيْعُ الْمَنْقُولِ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا ابْتَعْت طَعَامًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَسْتَوْفِيَهُ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ عَلَى اعْتِبَارِ الْهَلَاكِ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ بَاعَ مَا لَا يَمْلِكُ وَالْغَرَرُ حَرَامٌ لِمَا رَوَيْنَا وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ بَاعَ غَيْرَ الْمَنْقُولِ قَبْلَ الْقَبْضِ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ نَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ الثَّانِي نَافِذٌ ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى التَّسْلِيمِ إذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ مَنْعُ الْمَبِيعِ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ الثَّانِي مَوْقُوفٌ وَهُوَ الْأَصْلُ كَبَيْعِ الْمَرْهُونِ وَلَوْ كَاتَبَ الْعَبْدَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ تَوَقَّفَتْ كِتَابَتُهُ وَكَانَ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْفَسْخِ فَلَمْ تَنْفُذْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ نَظَرًا لَهُ وَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ نَفَذَتْ الْكِتَابَةُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَلَوْ وَهَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَقْرَضَهُ أَوْ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدُ تَمْلِيكٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَيَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ الْقَبْضِ وَغَيْرُ الْبَائِعِ يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ فَيَصِيرُ قَبْضُ الْمَأْمُورِ قَبْضًا لَهُ أَوَّلًا بِحُكْمِ النِّيَابَةِ ثُمَّ يَصِيرُ قَابِضًا لِنَفْسِهِ بِالتَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَتَمْلِيكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَاسِدٌ وَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ ؛ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنْفَعَةِ فَلَا تَجُوزُ كَبَيْعِ الْعَيْنِ لِتَمَكُّنِ غَرَرِ الِانْفِسَاخِ فِيهَا بِهَلَاكِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62