كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَسْبُ أَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا ) يَعْنِي إذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْعَامِلِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْآخَرُ فَلِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْعَمَلُ بِالتَّقَبُّلِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لَهُ فَيَسْتَحِقُّهُ بِالضَّمَانِ وَهُوَ لُزُومُ الْعَمَلِ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ وَالْمَالَ أَثْلَاثًا جَازَ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ فَالزِّيَادَةُ عَلَى مَا ضَمِنَ مِنْ الْعَمَلِ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزُ كَشِرْكَةِ الْوُجُوهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَمَلَ لَا يَتَقَوَّمُ إلَّا بِالْعَقْدِ أَوْ شِبْهِ الْعَقْدِ فَلِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقَوِّمَ عَمَلَهُ بِمَا شَاءَ فَإِذَا قَوَّمَا عَمَلَ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ وَعَمَلَ الْآخَرِ بِأَنْقَصَ مِنْهُ أَوْ أَزْيَدَ لَا يُمْتَنَعُ كَثَمَنِ الْعَيْنِ فَيَكُونُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بَدَلَ عَمَلِهِ ابْتِدَاءً لَا رِبْحًا لِأَنَّ الرِّبْحَ يَكُونُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ لِأَنَّ الْعَمَلَ غَيْرُ الْمَالِ بِخِلَافِ شِرْكَةِ الْوُجُوهِ لِأَنَّ مَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الثَّمَنِ مُتَقَوِّمٌ وَكَذَا الْمُشْتَرَى مُتَقَوِّمٌ فَيَسْتَحِقَّانِ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا ضَمِنَا

( قَوْلُهُ كَانَتْ الْأُجْرَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إذَا عَمِلَا فَكُلُّ وَاحِدٍ يَسْتَحِقُّ فَائِدَةَ عَمَلِهِ وَهُوَ كَسْبُهُ وَإِذَا عَمِلَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْعَامِلُ مُعِينًا لِشَرِيكِهِ فِيمَا لَزِمَهُ بِالتَّقَبُّلِ فَوَقَعَ عَمَلُهُ لَهُ فَكَأَنَّ الشَّرِيكَ اسْتَعَانَ بِأَجْنَبِيٍّ حَتَّى عَمِلَ وَهَذَا جَائِزٌ لِأَنَّ الْمَشْرُوطَ مُطْلَقُ الْعَمَلِ لَا عَمَلُ الصَّانِعِ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْقَصَّارَ إذَا اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرَهُ حَتَّى عَمِلَ اسْتَحَقَّ الْقَصَّارُ الْأَجْرَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالُوا جَوَازُ اشْتِرَاطِ التَّفَاضُلِ فِي الرِّبْحِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْعَمَلِ فِي شِرْكَةِ التَّقَبُّلِ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ عِنَانًا أَمَّا فِي الْمُفَاوَضَةِ فَلَا يَجُوزُ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ شَرَطَا الْعَمَلَ نِصْفَيْنِ مَا نَصُّهُ وَلَوْ شَرَطَا الْأَكْثَرَ لِأَدْنَاهُمَا عَمَلًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ قَالَ فِي الْغَايَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ حَكَاهُ الْعَيْنِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ ا هـ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْغَايَةِ إلَخْ عِبَارَةُ الْأَتْقَانِيِّ فِي الْغَايَةِ قُلْت الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَيْضًا لِأَنَّ الرِّبْحَ بِقَدْرِ ضَمَانِ الْعَمَلِ لَا بِحَقِيقَةِ الْعَمَلِ أَلَا تَرَى إلَى مَا نَصَّ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي فَإِنْ غَابَ أَحَدُهُمَا أَوْ مَرِضَ وَلَمْ يَعْمَلْ وَعَمِلَ الْآخَرُ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَجْلَسَ عَلَى دُكَّانِهِ رَجُلًا يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَجُوزَ هَذِهِ الشِّرْكَةُ لِأَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ وَمِنْ أَحَدِهِمَا الْحَانُوتَ فَتَكُونُ هَذِهِ شِرْكَةً بِالْعُرُوضِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ تَجُوزُ لِأَنَّ هَذِهِ شِرْكَةُ التَّقَبُّلِ لِأَنَّ تَقَبُّلَ الْعَمَلِ مِنْ صَاحِبِ الْحَانُوتِ عَمَلٌ فَصَارَتْ شِرْكَةً بِالْأَعْمَالِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوُجُوهٍ إنْ اشْتَرَكَا بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِوُجُوهِهِمَا وَيَبِيعَا ) أَيْ هَذِهِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ يَعْنِي شِرْكَةُ الْعَقْدِ شِرْكَةُ وُجُوهٍ وَتَفْسِيرُهُ مَا نُبَيِّنُهُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِي بِالنَّسِيئَةِ إلَّا مَنْ لَهُ وَجَاهَةٌ عِنْدَ النَّاسِ وَقِيلَ لِأَنَّهُمَا يَشْتَرِيَانِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ وَقِيلَ لِأَنَّهُمَا إذَا جَلَسَا لِيُدَبِّرَا أَمْرَهُمَا يَنْظُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى وَجْهِ صَاحِبِهِ وَيَكُونُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشِّرْكَةِ عِنَانًا وَمُفَاوَضَةً كَشِرْكَةِ التَّقَبُّلِ وَإِذَا نَصَّا عَلَى الْمُفَاوَضَةِ أَوْ ذَكَرَا جَمِيعَ مَا تَقْتَضِيهِ الْمُفَاوَضَةُ وَاجْتَمَعَتْ فِيهِمَا شَرَائِطُهَا صَارَتْ مُفَاوَضَةً فِيهِمَا وَإِلَّا فَعِنَانٌ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا النَّوْعُ مِنْ الشِّرْكَةِ لِأَنَّ خَلْطَ الْمَالِ شَرْطٌ عِنْدَهُ وَلَا تَجُوزُ بِغَيْرِ مَالٍ وَعِنْدَنَا تَجُوزُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الشِّرْكَةِ التَّحْصِيلُ بِالْوَكَالَةِ وَقَدْ أَمْكَنَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ مِمَّا يَقْبَلُ الْوَكَالَةَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي شِرْكَةِ التَّقَبُّلِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلَ الْآخَرِ فِيمَا يَشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا بِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّحْصِيلِ لِصَاحِبِهِ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَلِهَذَا تَضَمَّنَهَا جَمِيعُ أَنْوَاعِ شِرْكَةِ الْعُقُودِ وَتَتَضَمَّنُ الْكَفَالَةَ أَيْضًا مَعَ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ مُفَاوَضَةً لِمَا بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَوُجُوهٌ إنْ اشْتَرَكَا إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَأَمَّا الشِّرْكَةُ بِالْوُجُوهِ فَهُوَ أَنْ يَشْتَرِكَ الرَّجُلَانِ وَلَيْسَ لَهُمَا مَالٌ وَلَا عَمَلٌ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا بِالنَّسِيئَةِ وَيَبِيعَاهَا بِالنَّقْدِ فَمَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا فَهَذَا جَائِزٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُوهٌ إنْ اشْتَرَكَا مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ فِي شِرْكَةِ الْوُجُوهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُشْتَرَطَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الضَّمَانِ وَإِنْ شَرَطَا الرِّبْحَ بِخِلَافِ الضَّمَانِ بَيْنَهُمَا فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ضَمَانِهِمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُوهٌ إنْ اشْتَرَكَا مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ تَكُونُ هَذِهِ الشِّرْكَةُ مُفَاوَضَةً وَقَدْ تَكُونُ عِنَانًا فَالْمُفَاوَضَةُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْكَفَالَةِ وَأَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الْمُشْتَرَى عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَأَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْمُفَاوَضَةِ وَأَمَّا الْعِنَانُ مِنْهُمَا فَهُوَ أَنْ يَجُوزَ التَّفَاضُلُ فِي ضَمَانِ ثَمَنِ الْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ صَارَتْ مُفَاوَضَةً فِيهِمَا ) أَيْ فِي التَّقَبُّلِ وَالْوُجُوهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ شَرَطَا مُنَاصَفَةَ الْمُشْتَرَى أَوْ مُثَالَثَتُهُ فَالرِّبْحُ كَذَلِكَ وَبَطَلَ شَرْطُ الْفَضْلِ ) لِأَنَّ الرِّبْحَ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالْعَمَلِ كَالْمُضَارِبِ أَوْ بِالْمَالِ كَرَبِّ الْمَالِ أَوْ بِالضَّمَانِ كَالْأُسْتَاذِ الَّذِي يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ مِنْ النَّاسِ وَيُلْقِيهِ عَلَى التِّلْمِيذِ بِأَقَلَّ مِمَّا أَخَذَهُ فَيَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ بِالضَّمَانِ وَلَا يَسْتَحِقُّ بِغَيْرِهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ تَصَرَّفْ فِي مَالِكَ عَلَى أَنَّ لِي بَعْضَ رِبْحِهِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِعَدَمِ هَذِهِ الْمَعَانِي وَاسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شِرْكَةِ الْوُجُوهِ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ فِي الْمُشْتَرَى فَكَانَ الرِّبْحُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ وَفِي الْمُضَارَبَةِ جَازَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا إذْ لَا يَعْمَلُ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ وَتَعْيِينُ الْمَالِ هُوَ الْمُجَوِّزُ لِلْمُضَارَبَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَالَ لَمَّا كَانَ مُعَيَّنًا فِي غَيْرِ شِرْكَةِ الْوُجُوهِ جَازَ أَيْضًا اشْتِرَاطُ التَّفَاضُلِ بِشَرْطِ الْعَمَلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ

( قَوْلُهُ فَكَانَ الرِّبْحُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُهُ إلَّا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْوُجُوهُ لَيْسَتْ فِي مَعْنَاهَا بِخِلَافِ الْعِنَانِ لِأَنَّهُ هـ فِي مَعْنَاهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْمَلُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ فَيُلْحَقُ بِهَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَكَانَ الرِّبْحُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ مَا نَصُّهُ قَالَ الْإِمَامُ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ فَضْلِ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ الضَّمَانِ لَا يَجُوزُ فَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلُ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ الشَّرْطُ وَكَانَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ ضَمَانِهِمَا وَهَذَا لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ إذَا كَانَ أَثْلَاثًا بَيْنَهُمَا مَثَلًا وَقَدْ شَرَطَا أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ نِصْفَيْنِ كَانَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ رِبْحُ مَا ضَمَانُهُ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ السُّدُسُ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ رِبْحُ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَهُوَ السُّدُسُ وَهُوَ حَرَامٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ تَحْقِيقُهُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الرِّبْحِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَالِ كَرَبِّ الْمَالِ فِي الْمُضَارَبَةِ أَوْ بِالْعَمَلِ كَالْمُضَارِبِ أَوْ بِالضَّمَانِ كَرَجُلٍ يُجْلِسُ عَلَى دُكَّانِهِ تِلْمِيذًا يَطْرَحُ عَلَيْهِ الْعَمَلَ بِالنِّصْفِ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ نِصْفَ الرِّبْحِ وَلَا يَسْتَحِقُّ الرِّبْحَ فِي الشَّرْعِ بِلَا وَاحِدٍ مِنْ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ الرِّبْحِ فِي شِرْكَةِ الْوُجُوهِ بِضَمَانِ الثَّمَنِ فَإِذَا كَانَ الضَّمَانُ نِصْفَيْنِ يَكُونُ اشْتِرَاطُ فَضْلِ الرِّبْحِ عَلَى النِّصْفِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ لَا مَحَالَةَ فَلَا يَجُوزُ ا هـ

( فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا تَصِحُّ شِرْكَةٌ فِي احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَاسْتِقَاءٍ ) وَكَذَا فِي أَخْذِ كُلِّ مُبَاحٍ كَالِاحْتِشَاشِ وَاجْتِنَاءِ الثِّمَارِ مِنْ الْجِبَالِ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ إثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِيمَا هُوَ ثَابِتٌ لِلْمُوَكِّلِ وَلَا يُمْكِنُ تَحْقِيقُ هَذَا الْمَعْنَى هُنَا لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَا يَمْلِكُ إقَامَةَ غَيْرِهِ مَقَامَهُ وَلِأَنَّ الْمُبَاحَ لِمَنْ أَخَذَهُ فَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُ الْحُكْمِ فِيهِ لِغَيْرِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْكَسْبُ لِلْعَامِلِ ) لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ مَا لِلْآخَرِ ) لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى مَنْفَعَةَ غَيْرِهِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِهِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَكَا وَلِأَحَدِهِمَا بَغْلٌ وَلِلْآخَرِ رَاوِيَةٌ لِيَسْتَقِيَا عَلَيْهَا الْمَاءَ فَأَيُّهُمَا اسْتَقَى فَهُوَ لَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ آلَةِ الْآخَرِ بَالِغًا مَا بَلَغَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجَاوِزُ بِهِ الْمُسَمَّى وَأَصْلُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا فَسَدَتْ يَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا لَا يُزَادُ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُسَمَّى وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا كَمَا إذَا جَعَلَ الْأَجْرَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَمَّامًا عَلَى أَنَّ الْعِمَارَةَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ إذْ لَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ كَالْجُزْءِ الشَّائِعِ مِثْلَ النِّصْفِ وَالرُّبْعِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ بَالِغًا مَا بَلَغَ لِأَنَّ النِّصْفَ مَجْهُولٌ لِأَنَّهُ يَكْثُرُ بِكَثْرَةِ مَا يَحْصُلُ وَيَنْقُصُ عِنْدَ قِلَّتِهِ فَلَا يَتِمُّ رِضَاهُ إلَّا بِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يُزَادُ عَلَى الْمُسَمَّى لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كُلِّ مَا يَحْصُلُ بِعَمَلِهِ فَتَمَّ رِضَاهُ بِهِ وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ هَذَا فِي الْمُضَارَبَةِ وَالْمُزَارَعَةِ فَمُحَمَّدٌ مَالَ إلَى كَوْنِهِ مَجْهُولًا وَهُمَا إلَى كَوْنِهِ

مَعْلُومًا فَإِذَا كَانَ الْمُبَاحُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِمَنْ أَخَذَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِلْآخَرِ أَجْرُ الْمِثْلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَإِنْ أَخَذَاهُ مَعًا يَكُونُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا ثُمَّ إنْ عُلِمَ مَا أَخَذَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِثْلُ الثَّمَرَةِ وَنَحْوِهَا أَوْ بِالْقِيمَةِ فِي الْقِيَمِيِّ فَلَا كَلَامَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ فَدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا تَصْدُقُ إلَى النِّصْفِ وَلَا تَصْدُقُ فِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْكَسْبِ وَفِي كَوْنِهِ فِي أَيْدِيهِمَا فَكَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ ظَاهِرًا فَلَا يَصْدُقُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ

( فَصْلٌ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ ) شَرَعَ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الشِّرْكَةِ الصَّحِيحَةِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مَوْجُودٌ أَصْلًا وَوَصْفًا وَالْفَاسِدُ مَوْجُودٌ أَصْلًا لَا وَصْفًا فَكَانَ تَقْدِيمُ مَا هُوَ مَوْجُودٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا تَصِحُّ شِرْكَةٌ فِي احْتِطَابٍ إلَخْ ) وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ الشِّرْكَةُ فِي الْأَشْيَاءِ الْمُبَاحَةِ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَشَرْطُ تَحَقُّقِ الْوَكَالَةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ بِهِ حَيْثُ لَا يَمْلِكُهَا الْوَكِيلُ بِدُونِ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَفِي الْمُبَاحَاتِ يَمْلِكُهَا الْوَكِيلُ بِلَا تَوْكِيلٍ فَلَمْ تَصِحَّ الشِّرْكَةُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ وَسَبَبُ تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ الْحِيَازَةُ فَكُلُّ مَنْ فَازَ بِالسَّبَبِ فَازَ بِهَا وَعَلَى هَذَا سُؤَالُ النَّاسِ وَالتَّكَدِّي قَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَخَذَ مِلْكًا لَهُ وَثَمَنُهُ لَهُ وَرِبْحُهُ وَوَضِيعَتُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ أَعَانَهُ فِي عَمَلِهِ وَجَمْعِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ لَا يُجَاوِزُ بِهِ نِصْفَ ثَمَنِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَبْلُغُ أَجْرَ مِثْلِهِ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانٌ إلَى هُنَا لَفْظُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَاجْتِنَاءُ الثِّمَارِ مِنْ الْجِبَالِ ) أَيْ وَالْبَرَارِيِ كَالْفُسْتُقِ وَالْجَوْزِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلٍ ) مِثْلٌ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ ( قَوْلُهُ وَلِلْآخَرِ رَاوِيَةٌ ) رَوَيْت لِلْقَوْمِ إذَا اسْتَقَيْت لَهُمْ وَالْبَعِيرُ الَّذِي يُحْمَلُ عَلَيْهِ الْمَاءُ الرَّاوِيَةُ وَكَثُرَ ذَلِكَ حَتَّى سَمَّوْا الْمَزَادَةَ رَاوِيَةً كَذَا قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَزَادَةُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَزَادَةُ لَا تَكُونُ إلَّا مِنْ جِلْدَيْنِ تُفْأَمُ بِجِلْدٍ ثَالِثٍ لِتَتَّسِعَ وَالْجَمْعُ مَزَادٌ وَمَزَايِدُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالرِّبْحُ فِي الشِّرْكَةِ الْفَاسِدَةِ بِقَدْرِ الْمَالِ وَإِنْ شَرَطَ الْفَضْلَ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الرِّبْحَ تَبَعٌ لِلْمَالِ كَالرِّيعِ وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْهُ عِنْدَ صِحَّةِ التَّسْمِيَةِ وَلَمْ تَصِحَّ فَيَبْطُلُ شَرْطُ التَّفَاضُلِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بِالْعَقْدِ فَيَكُونُ فِيهِ تَقْرِيرُ الْفَسَادِ وَهُوَ وَاجِبُ الرَّفْعِ( قَوْلُهُ إنَّ الرِّبْحَ تَبَعٌ لِلْمَالِ كَالرِّيعِ ) أَيْ فَإِنَّهُ تَابِعٌ لِلْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ ا هـ هِدَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَالرِّيعِ مَا نَصُّهُ الرِّيعُ النَّمَاءُ وَالزِّيَادَةُ كَذَا فِي الْمُجْمَلِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَبْطُلُ الشِّرْكَةُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ حُكْمًا ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَوْتُ حُكْمًا بِأَنْ ارْتَدَّ أَحَدُهُمَا وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحُكِمَ بِلَحَاقِهِ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ فَيَكُونُ لِدَوَامِهَا حُكْمُ ابْتِدَائِهَا وَهَذَا لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ وَلَا بُدَّ مِنْهَا لِتَحَقُّقِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الشِّرْكَةُ فِي الْمُشْتَرَى عَلَى مَا مَرَّ وَالْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَاللَّحَاقِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ مَوْتَ صَاحِبِهِ أَوْ لَا يَعْلَمَ لِأَنَّهُ عَزْلٌ حُكْمِيٌّ فَإِذَا بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ بَطَلَتْ الشِّرْكَةُ يَعْنِي شِرْكَةَ الْعَقْدِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ لِثُبُوتِهِ ضِمْنًا بِخِلَافِ مَا إذَا فَسَخَ أَحَدُهُمَا الشِّرْكَةَ فِي حَالَةٍ يَكُونُ لَهُ الْفَسْخُ فِيهَا بِأَنْ كَانَ الْمَالُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ عَزْلًا قَصْدِيًّا

( قَوْلُهُ وَهَذَا لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ الْوَكَالَةَ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُفَاوَضَةً أَوْ عِنَانًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ تَبْطُلُ بِالْمَوْتِ وَاللِّحَاقِ إلَخْ ) ثُمَّ لَمَّا ثَبَتَ بُطْلَانُ الشِّرْكَةِ بِالْمَوْتِ ثَبَتَ بُطْلَانُهَا بِالِارْتِدَادِ إذَا لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَقَضَى الْقَاضِي بِلَحَاقِهِ لِأَنَّهُ مَوْتٌ حُكْمِيٌّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقْسَمُ مَالُهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ حَيْثُ يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِ الْآخَرِ لِكَوْنِهِ عَزْلًا قَصْدِيًّا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ الشِّرْكَةُ فِي الْعَزْلِ الْقَصْدِيِّ تَنْفَسِخُ إذَا كَانَ مَالُ الشِّرْكَةِ عَيْنًا يَعْنِي دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَلَوْ كَانَ مَالُ الشِّرْكَةِ عُرُوضًا وَضَاقَتْ الْفَسْخُ فَقَدْ ذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ لَا تَنْفَسِخُ وَجَعْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارَبَةِ وَقَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَا رِوَايَةَ عَنْ أَصْحَابِنَا فِي الشِّرْكَةِ وَإِنَّمَا الرِّوَايَةُ فِي الْمُضَارَبَةِ وَهِيَ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ إذَا نَهَى الْمُضَارِبَ عَنْ التَّصَرُّفِ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَقْتَ النَّهْيِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ صَحَّ النَّهْيُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمَ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الدَّنَانِيرَ إلَى الدَّرَاهِمِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ دَنَانِيرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَ الدَّرَاهِمَ إلَى الدَّنَانِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَرَضًا وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عُرُوضًا وَقْتَ النَّهْيِ فَلَا يَصِحُّ نَهْيُهُ وَجَعَلَ الطَّحَاوِيُّ الشِّرْكَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضَارَبَةِ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا فَرَّقُوا بَيْنَ الْمُضَارَبَةِ وَالشِّرْكَةِ وَقَالُوا يَجُوزُ فَسْخُ الشِّرْكَةِ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ مَالَ الشِّرْكَةِ فِي أَيْدِيهِمَا جَمِيعًا وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ إلَيْهِمَا فَيَمْلِكُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَهْيَ صَاحِبِهِ عَيْنًا كَانَ الْمَالُ أَوْ عَرَضًا وَأَمَّا مَالُ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ فِي يَدِ الْمُضَارِبِ

وَوِلَايَةُ التَّصَرُّفِ إلَيْهِ لَا إلَى رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَمْلِكُ رَبُّ الْمَالِ نَهْيَهُ بَعْدَ مَا صَارَ الْمَالُ عَرَضًا كَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ وَقْتَ النَّهْيِ دَرَاهِمَ قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ كَانَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ صَحَّ نَهْيُهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَصْرِفُ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ بِأَنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ الشِّرْكَةِ دَنَانِيرَ وَعَكْسُهُ فَقَطْ ا هـ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا قَالَ الْكَمَالُ وَبَعْضُ مَشَايِخِنَا قَالُوا تَنْفَسِخُ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ يُزَكِّ مَالَ الْآخَرِ ) أَيْ لَا يُزَكِّي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا لِأَنَّ الْإِذْنَ بَيْنَهُمَا وَقَعَ فِي التِّجَارَةِ وَالزَّكَاةُ لَيْسَتْ مِنْهَا

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ أَذِنَ كُلٌّ ) أَيْ أَذِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ عَنْهُ ( وَأَدَّيَا مَعًا ضَمِنَا وَلَوْ مُتَعَاقِبًا ضَمِنَ الثَّانِي ) أَيْ لَوْ أَدَّيَا مُتَعَاقِبًا ضَمِنَ الثَّانِي عَلِمَ بِأَدَاءِ صَاحِبِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا إنْ عَلِمَ يَضْمَنُ وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَشَارَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ وَفِي الزِّيَادَاتِ لَا يَضْمَنُ عَلِمَ بِأَدَاءِ شَرِيكِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ الْوَكِيلُ بِأَدَاءِ الزَّكَاةِ أَوْ الْكَفَّارَاتِ إذَا أَدَّى الْآمِرُ بِنَفْسِهِ مَعَ الْمَأْمُورِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ أَعْتَقَ لَهُمَا أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْأَدَاءِ وَقَدْ أَتَى بِهِ وَلَيْسَ فِي وُسْعِهِ إيقَاعُهُ زَكَاةً أَوْ كَفَّارَةً لِتَعَلُّقِهِ بِنِيَّةِ الْآمِرِ فَصَارَ كَالْمَأْمُورِ بِذَبْحِ دَمِ الْإِحْصَارِ إذَا ذَبَحَهُ بَعْدَ مَا زَالَ الْإِحْصَارُ وَحَجِّ الْآمِرِ وَلَهُ أَنَّهُ أَتَى بِغَيْرِ الْمَأْمُورِ بِهِ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ إسْقَاطُ الْفَرْضِ عَنْهُ وَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْفَرْضُ إذْ لَا يَلْتَزِمُ الضَّرَرَ إلَّا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ فَصَارَ مُخَالِفًا فَيَضْمَنُ عَلِمَ بِذَلِكَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إذْ هُوَ صَارَ مَعْزُولًا بِأَدَاءِ الْآمِرِ وَهُوَ حُكْمِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُهُ بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ حَيْثُ لَا يَضْمَنُ بِقَضَائِهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ بَعْدَ قَضَاءِ الْآمِرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ جَعَلَ الْمَقْبُوضَ مَضْمُونًا عَلَى الْقَابِضِ وَقَدْ وُجِدَ لِأَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا فَأَمْكَنَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ عَلَى الْهَلَاكِ وَبِخِلَافِ دَمِ الْإِحْصَارِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَزُولَ فَيَتَحَلَّلَ بِأَفْعَالِ النُّسُكِ وَكَذَا لَهُ أَنْ لَا يَتَحَلَّلَ بَعْدَ الذَّبْحِ بَلْ يَتَحَلَّلَ بِأَدَاءِ النُّسُكِ وَقَدْ أَتَى بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْمُورِ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ فَلَا يَضْمَنُ وَقِيلَ هُوَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا فَلَا يَرُدُّ إشْكَالًا

قَوْلُهُ وَأَدَّيَا مَعًا ضَمِنَا ) أَيْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ ا هـ وَذَكَرَ الْقَاضِي الْغَنِيُّ فِيمَا لَوْ أَدَّيَا مَعًا حَيْثُ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَوَجْهُهُ أَنَّ أَدَاءَ الْمُوَكِّلِ سَابِقٌ عَلَى أَدَائِهِ وَإِنْ أَدَّيَا مَعًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ وَالِاعْتِبَارُ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَتَصَرَّفُ عَلَى نَفْسِهِ بِالْأَدَاءِ وَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَتَصَرُّفُهُ عَلَى نَفْسِهِ أَقْرَبُ مِنْ تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ سَابِقًا مَعْنًى كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَبَاعَ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُوَكِّلِ ا هـ كَيْ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَذِنَ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ بِشِرَاءِ أَمَةٍ لِيَطَأَ فَفَعَلَ فَهِيَ لَهُ بِلَا شَيْءٍ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَقَعَ لَهُ خَاصَّةً حَتَّى حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالثَّمَنُ بِمُقَابَلَةِ الْمِلْكِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ خَاصَّةً وَقَدْ قَضَاهُ مِنْ مَالٍ مُشْتَرَكٍ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِحِصَّتِهِ كَمَا فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَلَهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ تَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمَا جَرْيًا عَلَى مُقْتَضَى الشِّرْكَةِ إذْ لَا يَمْلِكَانِ تَغْيِيرَهُ ثُمَّ الْإِذْنُ يَتَضَمَّنُ هِبَةَ نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالْمِلْكِ فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَيَاهَا ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اقْبِضْهَا لَك كَانَتْ هِبَةً وَكَمَا إذَا قَالَ لِشَخْصٍ اقْبِضْ دَيْنِي عَلَى فُلَانٍ لِنَفْسِك فَقَبَضَهُ كَانَ هِبَةً لَهُ وَكَمَا إذَا قَالَ لِشَخْصٍ أَدِّ عَنِّي الزَّكَاةَ فَأَدَّى عَنْهُ كَانَ تَمْلِيكًا مِنْهُ فِي ضِمْنِ قَبْضِ الْفَقِيرِ بِخِلَافِ طَعَامِ الْأَهْلِ وَكِسْوَتِهِمْ لِأَنَّ ذَاكَ مُسْتَثْنًى مِنْ الشِّرْكَةِ لِلضَّرُورَةِ فَيَقَعُ الْمِلْكُ لَهُ خَاصَّةً بِنَفْسِ الْعَقْدِ فَكَانَ مُؤَدِّيًا دَيْنًا عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي مَسْأَلَتِنَا فَلَا تُسْتَثْنَى فَيَدْخُلُ فِي مِلْكِهِمَا فَيَكُونُ قَاضِيًا دَيْنًا عَلَيْهِمَا وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ أَيَّهمَا شَاءَ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لِمَا بَيَّنَّا فِي الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ بِحِصَّتِهِ كَمَا فِي ثَمَنِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ ) تَحْقِيقُهُ أَنَّ الْحَاجَةَ إلَى الْوَطْءِ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ إلَّا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ كَالطَّعَامِ فَلَمْ تَكُنْ مُسْتَثْنَاةً مِنْ عَقْدِ الشِّرْكَةِ بِلَا شَرْطٍ ثُمَّ لَمَّا جَاءَ التَّصْرِيحُ بِالْحَاجَةِ إلَى الْوَطْءِ أُلْحِقَتْ بِحَاجَةِ الطَّعَامِ فَوَقَعَ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ لَلشَّرِيك الْمُشْتَرِي خَاصَّةً ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكَانِ تَغْيِيرَهُ ) أَيْ مَعَ بَقَاءِ الشِّرْكَةِ ا هـ كَيْ

( كِتَابُ الْوَقْفِ ) الْوَقْفُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ وَقَفَهُ إذَا حَبَسَهُ وَقْفًا وَوَقَفَ بِنَفْسِهِ وُقُوفًا يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَمِنْهُ وَقَفَ عَقَارَهُ عَلَى كَذَا أَيْ حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَسُمِّيَ بِهِ الْمَفْعُولُ مُبَالَغَةً كَقَوْلِهِمْ نَسْجُ الْيَمَنِ وَضَرْبُ الْأَمِيرِ لِلْمَنْسُوجِ وَالْمَضْرُوبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ ) وَهَذَا فِي الشَّرْعِ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمِلْكُ يَزُولُ بِالْقَضَاءِ لَا إلَى مَالِكٍ ) أَيْ بِقَضَاءِ الْقَاضِي لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا يَزُولُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ وَأَصْلُ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَقْفَ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَصْلًا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ وَقِيلَ يَجُوزُ عِنْدَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ فِيهِ أَيَّ وَقْتٍ شَاءَ وَيُورَثُ عَنْهُ إذَا مَاتَ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ وَيَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْهُ غَيْرَ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَزُولُ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْوَقْفِ وَلِيًّا وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ لَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ { عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْت أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَنْفَسَ عِنْدِي مِنْهُ فَمَا تَأْمُرُنِي قَالَ إنْ شِئْت حَبَسْت أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْت بِهَا فَتَصَدَّقَ بِهَا عُمَرُ عَلَى أَنْ لَا تُبَاعَ وَلَا تُوهَبَ وَلَا تُورَثَ فِي الْفُقَرَاءِ وَذَوِي الْقُرْبَى وَالضَّيْفِ وَابْنِ السَّبِيلِ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ وَيُطْعِمَ غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ

ثَلَاثٍ صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ أَوْ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمْ وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إلَى يَوْمِنَا هَذَا قَدْ تَعَامَلُوهُ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ إلَى أَنْ يَلْزَمَ الْوَقْفُ لِيَصِلَ ثَوَابُهُ إلَيْهِ عَلَى الدَّوَامِ وَقَدْ أَمْكَنَ دَفْعُ هَذِهِ الْحَاجَةِ بِإِسْقَاطِ الْمِلْكِ وَجَعْلِهِ لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا فِي الْمَسْجِدِ وَيَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ كَمَا يَخْرُجُ الْمَسْجِدُ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَزُولُ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ مِلْكَهُ لِلَّهِ تَعَالَى فَصَارَ كَالْعِتْقِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَزُولُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ إلَى الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ فَيَكُونُ التَّسْلِيمُ مِنْ شَرْطِهِ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ وَلِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَتَحَقَّقُ قَصْدٌ لِأَنَّهُ مَالِكُ الْأَشْيَاءِ وَلَكِنَّهُ يَثْبُتُ فِي ضِمْنِ التَّسْلِيمِ إلَى الْعَبْدِ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الصَّدَقَاتِ الْمُنَفَّذَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا حَبْسَ عَنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى } وَقَالَ شُرَيْحٌ بُعِثَ مُحَمَّدٌ بِبَيْعِ الْحَبْسِ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ بَاقٍ لِأَنَّ غَرَضَهُ التَّصَدُّقُ بِغَلَّتِهِ وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا إذَا بَقِيَ الْأَصْلُ عَلَى مِلْكِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعُمَرَ فِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا أَيْ احْبِسْهُ عَلَى مِلْكِك وَتَصَدَّقْ بِثَمَرَتِهَا وَإِلَّا لَكَانَ مُسَبَّلًا جَمِيعَهَا وَهَذَا لِأَنَّ خُرُوجَ الْمِلْكِ لَا إلَى مَالِكٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَهَانَا عَنْ السَّائِبَةِ وَهِيَ الَّتِي يُسَيِّبُهَا مَالِكُهَا وَيُخْرِجُهَا عَنْ مِلْكِهِ بِزَعْمِهِمْ وَلَا يَتَنَاوَلُ مِنْهَا إلَّا الْفُقَرَاءُ أَوْ الضُّيُوفُ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ يُحْرَزُ عَنْ حَقِّ الْعَبْدِ حَتَّى لَا يَجُوزَ لَهُ أَنْ

يَنْتَفِعَ بِهِ وَلِهَذَا لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ حَقُّ الْعَبْدِ حَتَّى كَانَ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِصَرْفِ غَلَّاتِهِ إلَى مَصَارِفِهِ وَنَصْبِ الْقَيِّمِ وَلِأَنَّهُ تَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ أَوْ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَعْدُومَةِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ وَمَا رَوَيَاهُ لَا يَدُلُّ عَلَى لُزُومِهِ وَلِهَذَا أَرَادَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَبِيعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ كَرِهَ أَنْ يَنْقُضَ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَرَكَهُ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَلَوْ كَانَ لَازِمًا لَمَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى لُزُومَهُ يَلْزَمُ لِأَنَّهُ فَصْلٌ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَسَائِرِ الْمُجْتَهَدَاتِ وَطَرِيقُ الْحُكْمِ فِيهِ أَنْ يُسَلِّمَ الْوَقْفَ إلَى الْمُتَوَلِّي ثُمَّ يَرْجِعَ فِيهِ الْوَاقِفُ بِحُكْمِ أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَإِذَا تَرَافَعَا إلَى الْحَاكِمِ وَحَكَمَ بِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْ الْوَقْفِ لَزِمَ بِالْإِجْمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَا هَذَا إذَا حَكَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَأَمَّا الْمُحَكِّمُ فَلَا يَلْزَمُ بِحُكْمِهِ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَنْقُضَ حُكْمَهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَوْ عَلَّقَ الْوَقْفَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتَّ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي عَلَى كَذَا ثُمَّ مَاتَ صَحَّ وَلَزِمَ إذَا خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَعْدُومِ جَائِزَةٌ كَالْوَصِيَّةِ بِالْمَنَافِعِ وَيَكُونُ مِلْكُ الْمَيِّتِ بَاقِيًا فِيهِ حُكْمًا فَيَتَصَدَّقُ عَنْهُ دَائِمًا وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ يَجُوزُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَيَبْقَى الْبَاقِي إلَى أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ آخَرُ أَوْ تُجِيزَ الْوَرَثَةُ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ تُقْسَمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهُ لِلْوَقْفِ وَالثُّلُثَانِ لِلْوَرَثَةِ وَلَوْ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَإِنْ نَجَّزَ الْوَقْفَ فِي

الْمَرَضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ فِيمَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَجَّزِ فِي الصِّحَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا يَلْزَمُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ تَعَلَّقَ بِمَالِهِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إلَّا مِنْ الثُّلُثِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ فِي الصِّحَّةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَتِمُّ حَتَّى يَقْبِضَ ) أَيْ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُتَوَلِّي وَفِيهِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَفْرِزَ ) أَيْ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَفْرِزَ يُحْتَرَزُ بِهِ مِنْ الْمُشَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَقْفُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَبْضِ وَأَصْلُ الْقَبْضِ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَكَذَا تَتِمَّتُهُ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَقْفَ عِنْدَهُ إسْقَاطُ الْمِلْكِ كَالْإِعْتَاقِ وَالشُّيُوعُ لَا يَمْنَعُهُ كَمَا لَا يَمْنَعُ الْإِعْتَاقَ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلَا يَتِمُّ الْوَقْفُ مَعَ الشُّيُوعِ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ لِأَنَّ أَصْلَ الْقَبْضِ عِنْدَهُ شَرْطٌ فَكَذَا مَا يَتِمُّ بِهِ الْقَبْضُ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَضُرُّهُ الشُّيُوعُ كَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ مَعَ الشُّيُوعِ مُطْلَقًا بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ بَقَاءَ الشِّرْكَةِ فِيهِ يَمْنَعُ الْخُلُوصَ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِيهِمَا مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ بِأَنْ يُدْفَنَ فِيهَا الْمَوْتَى سَنَةً وَتُنْزَعَ سَنَةً وَيُصَلَّى فِي الْمَسْجِدِ فِي وَقْتٍ وَيُتَّخَذُ إصْطَبْلًا فِي وَقْتٍ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِغْلَالُ وَقِسْمَةُ الْغَلَّةِ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْوَقْفِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا فِيمَا يَحْتَمِلُهَا أَيْضًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُ الْوَقْفِ شَائِعًا بَطَلَ فِي الْكُلِّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْوَقْفَ كَانَ شَائِعًا فَيَعُودُ الْكُلُّ إلَيْهِ أَوْ إلَى

وَرَثَتِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَفَ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الثُّلُثِ وَرَجَعَتْ الْوَرَثَةُ فِي الْبَعْضِ شَائِعًا أَوْ رَجَعَ هُوَ فِي الْهِبَةِ كَذَلِكَ حَيْثُ لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَلَا الْهِبَةُ لِأَنَّ الشُّيُوعَ طَارِئٌ بَعْدَ صِحَّتِهِ فِي الْكُلِّ لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَقْتَ التَّصَرُّفِ وَإِنَّمَا طَرَأَ بَعْدَهُ فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْبَاقِي لِعَدَمِ الشُّيُوعِ وَلِهَذَا جَازَ فِي الِابْتِدَاءِ بِدُونِ ذَلِكَ الْجُزْءِ وَعَلَى هَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ الْمُنَفَّذَةُ وَلَوْ وَقَفَ رَجُلَانِ أَرْضًا بَيْنَهُمَا مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبًا جَازَ إذَا سَلَّمَاهُ مَعًا وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْجِهَةُ لِأَنَّ وَقْتَ الْقَبْضِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ وَلَا شُيُوعَ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الصَّدَقَةِ وَاخْتِلَافُ الْجِهَةِ لَا يَضُرُّ كَاخْتِلَافِ الْجِهَةِ فِي الْهَدْيِ

( كِتَابُ الْوَقْفِ ) قَالَ الْكَمَالُ أَمَّا تَفْسِيرُهُ لُغَةً فَالْحَبْسُ مَصْدَرُ وَقَفْت أَقِفُ حَبَسْت قَالَ عَنْتَرَةُ وَوَقَفَتْ فِيهَا نَاقَتِي فَكَأَنَّهَا فَدَنٌ لِأَقْضِيَ حَاجَةَ الْمُتَلَوَّمِ وَهُوَ أَحَدُ مَا جَاءَ عَلَى فَعَلْته فَفَعَلَ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى وَيَجْتَمِعَانِ فِي قَوْلِك وَقَفْت زَيْدًا أَوْ الْحِمَارَ فَوَقَفَ وَأَمَّا أَوْقَفْته بِالْهَمْزَةِ فَلُغَةٌ رَدِيئَةٌ وَأَمَّا شَرْعًا فَحَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقِ بِمَنْفَعَتِهَا أَوْ صَرْفِ مَنْفَعَتِهَا إلَى مَنْ أَحَبَّ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُهَا لَا عَلَى مِلْكِ أَحَدٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا قُلْنَا أَوْ صَرْفُ مَنْفَعَتِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ لِمَنْ يُحِبُّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا قَصْدِ الْقُرْبَةِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فِي آخِرِهِ مِنْ الْقُرْبَةِ بِشَرْطِ التَّأْبِيدِ وَهُوَ بِذَلِكَ كَالْفُقَرَاءِ وَمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ لَكِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا قَبْلَ انْقِرَاضِ الْأَغْنِيَاءِ بِلَا قَصْدٍ وَسَبَبُهُ إرَادَةُ مَحْبُوبِ النَّفْسِ فِي الدُّنْيَا بِبِرِّ الْأَحْيَاءِ وَفِي الْآخِرَةِ بِالتَّقَرُّبِ إلَى رَبِّ الْأَرْبَابِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ الشَّرْطُ فِي سَائِرِ التَّبَرُّعَاتِ مِنْ كَوْنِهِ حُرًّا عَاقِلًا بَالِغًا وَأَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ وَقَفَ الذِّمِّيُّ عَلَى وَلَدِهِ وَنَسْلِهِ وَجَعَلَ آخِرَهُ لِلْمَسَاكِينِ جَازَ وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ الْمَسَاكِينَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلَ الذِّمَّةِ وَإِنْ خَصَّ فِي وَقْفِهِ مَسَاكِينَ أَهْلِ الذِّمَّةِ جَازَ وَتُفَرَّقُ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوس مِنْهُمْ إلَّا إنْ خَصَّ صِنْفًا مِنْهُمْ فَلَوْ دَفَعَ الْقَيِّمُ إلَى غَيْرِهِمْ كَانَ ضَامِنًا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى لَفْظِ كِتَابِ الْوَقْفِ مَا نَصُّهُ مُنَاسَبَتُهُ بِالشِّرْكَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُرَادُ لِاسْتِبْقَاءِ الْأَصْلِ مَعَ الِانْتِفَاعِ

بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الشِّرْكَةِ مُسْتَبْقًى فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ وَفِي الْوَقْفِ مُخَرَّجٌ عَنْهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِ قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ هُوَ حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى فَيَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهٍ تَعُودُ مَنْفَعَتُهُ إلَى الْعِبَادِ وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا حَاجَةَ سِوَى إلَى قَوْلِنَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَلَى وَجْهٍ يُحْبَسُ عَلَى مَنْفَعَةِ الْعِبَادِ لِأَنَّ مِلْكَ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَشْيَاءِ لَمْ يَزُلْ قَطُّ وَلَا يُزَالُ فَالْعِبَارَةُ الْجَيِّدَةُ قَوْلُ قَاضِي خَانْ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ إذَا صَحَّ الْوَقْفُ يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ لَا إلَى مَالِكٍ فَيَلْزَمُ وَلَا يَمْلِكُ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ حَبْسُ الْعَيْنِ إلَخْ مَا نَصُّهُ هَذَا التَّعْرِيفُ الَّذِي ذَكَرَهُ لِلْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهِ أَمَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا خِلَافَ فِي خُرُوجِهِ عَنْ الْمِلْكِ وَمِثْلُهُ التَّعْلِيقُ بِالْمَوْتِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ وَالْمُعَوَّلُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا ا هـ حَقَائِقُ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْمِلْكُ يَزُولُ بِالْقَضَاءِ لَا إلَى مَالِكٍ ) قَالَ الْكَمَالُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَزُولُ مِلْكُ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ أَيْ يُخْرِجُهُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ يُعَلِّقُهُ أَيْ يُعَلِّقُ الْوَقْفَ بِمَوْتِهِ فَيَقُولُ إذَا مِتَّ فَقَدْ وَقَفْت دَارِي عَلَى كَذَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَزُولُ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ الَّذِي قَدَّمْنَا صِحَّةَ الْوَقْفِ بِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَزُولُ حَتَّى يَجْعَلَ لِلْوَقْفِ مُتَوَلِّيًا وَيُسَلِّمَهُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ بُخَارَى وَإِذَا لَمْ يَزُلْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ الْحُكْمِ يَكُونُ مُوجَبُ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ حَبْسُ

الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَالتَّصَدُّقِ بِالْمَنْفَعَةِ وَحَقِيقَتُهُ لَيْسَ إلَّا التَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَفْظُ حَبَسَ إلَخْ لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ لَهُ بَيْعَهُ مَتَى شَاءَ وَمِلْكُهُ مُسْتَمِرٌّ فِيهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِمَنْفَعَتِهِ فَلَمْ يَحْدُثْ الْوَقْفُ إلَّا مَشِيئَةَ التَّصَدُّقِ بِمَنْفَعَتِهِ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ مَتَى شَاءَ وَهَذَا الْقَوْلُ كَانَ ثَابِتًا لَهُ قَبْلَ الْوَقْفِ بِلَا ذِكْرِ الْوَقْفِ فَلَمْ يُفِدْ لَفْظُ الْوَقْفِ شَيْئًا وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ مِنْ قَوْلِهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجِيزُ الْوَقْفَ وَهُوَ مَا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَهُوَ الْمَلْفُوظُ فِي الْأَصْلِ يَعْنِي الْمَبْسُوطَ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ مَنْ أَخَذَ بِظَاهِرِ هَذَا اللَّفْظِ فَقَالَ الْوَقْفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ حُكْمٌ لَمْ يَكُنْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا كَانَ قَبْلَهُ كَانَ كَالْمَعْدُومِ وَالْجَوَازُ وَالنَّفَاذُ وَالصِّحَّةُ فَرْعُ اعْتِبَارِ الْوُجُودِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يُجِيزُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّلَفُّظَ بِلَفْظِ الْوَقْفِ بَلْ لَا يُجِيزُ الْأَحْكَامَ الَّتِي ذَكَرَ غَيْرُهُ أَنَّهَا أَحْكَامُ ذِكْرِ الْوَقْفِ فَلَا خِلَافَ إذًا فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يُجِيزُ الْوَقْفَ أَيْ لَا يُثْبِتُ الْأَحْكَامَ الَّتِي ذُكِرَتْ لَهُ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا حَاكِمٌ وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَقِيقَةُ الْعَارِيَّةِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَى غَيْرِهِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَخْرَجَهُ إلَى غَيْرِهِ فَذَلِكَ الْغَيْرُ لَيْسَ هُوَ الْمُسْتَوْفِي لِمَنَافِعِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ) أَيْ مِنْ قَوْلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ ) أَيْ الْمُنَجَّزَةِ فِي الْحَالِ ا هـ قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ يَرَى لُزُومَهُ يَلْزَمُ ) قَالَ الْكَمَالُ وَصُورَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ الَّذِي يَزُولُ بِهِ الْمِلْكُ عِنْدَهُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَى مُتَوَلٍّ ثُمَّ يُظْهِرُ الرُّجُوعَ فَيُخَاصِمُهُ إلَى

الْقَاضِي فَيَقْضِي الْقَاضِي بِلُزُومِهِ قَالُوا فَإِنْ خَافَ الْوَاقِفُ أَنْ يَبِيعَهُ قَاضٍ قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ يَكْتُبُ فِي صَكٍّ فَإِنْ أَبْطَلَهُ أَوْ غَيَّرَهُ قَاضٍ فَهَذِهِ الْأَرْضُ بِأَصْلِهَا وَجَمِيعُ مَا فِيهَا وَصِيَّةٌ مِنْ فُلَانٍ الْوَاقِفِ تُبَاعُ وَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِهَا لِأَنَّهُ إذَا كَتَبَ هَذَا لَا يُخَاصِمُ أَحَدٌ فِي إبْطَالِهِ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ لَهُ فِي ذَلِكَ وَالْوَصِيَّةُ تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَإِذَا أَبْطَلَهُ قَاضٍ لِيَصِيرَ وَصِيَّةً يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا وَقَفَ فِي صِحَّتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَقَدْ يَكُونُ فِي بَيْعِهِ وَنَقْضِهِ فَائِدَةٌ لِلْوَرَثَةِ فَحُمِلَ مَا ذُكِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَ فِيهِ لَكِنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ الثُّلُثِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَذَا مَا يَتِمُّ بِهِ الْقَبْضُ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ ) أَيْ الْمُنَجَّزَةِ فِي الْحَالِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ مُشَاعًا فَكَذَا الصَّدَقَةُ الْمُسْتَمِرَّةُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالْحَمَّامِ وَنَحْوِهِ فَلَا يَضُرُّهُ إلَخْ ) وَإِنَّمَا أَسْقَطَ أَيْ مُحَمَّدٌ اعْتِبَارَ تَمَامِ الْقَبْضِ عِنْدَ عَدَمِ الْإِمْكَانِ وَذَلِكَ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَ قَبْلَ الْوَقْفِ فَاتَ الِانْتِفَاعُ كَالْبَيْتِ الصَّغِيرِ وَالْحَمَّامِ فَاكْتَفَى تَحْقِيقُ التَّسْلِيمِ فِي الْجُمْلَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَتُنْزَعُ ) أَيْ وَتُزْرَعُ ا هـ هِدَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَجْعَلُ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ حَتَّى يَجْعَلَ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا سَمَّى فِيهِ جِهَةً تَنْقَطِعُ جَازَ وَصَارَ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِمْ لَهُمَا أَنَّ حُكْمَ الْوَقْفِ زَوَالُ الْمِلْكِ بِغَيْرِ التَّمْلِيكِ وَأَنَّهُ بِالتَّأْبِيدِ كَالْعِتْقِ وَلِهَذَا كَانَ التَّوْقِيتُ مُبْطِلًا لَهُ كَالتَّوْقِيتِ فِي الْبَيْعِ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ هُوَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِجِهَةٍ تَنْقَطِعُ كَمَا يَحْصُلُ بِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ ثُمَّ يَصِيرُ بَعْدَهَا لِلْفُقَرَاءِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّأْبِيدَ شَرْطٌ عِنْدَهُ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ لَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِالتَّصْرِيحِ بِذِكْرِهِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ يَحْتَمِلُ التَّوْقِيتَ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ بَيْدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ أَوْ مُحَرَّمَةٌ أَوْ مَحْبُوسَةٌ وَلَمْ يَذْكُرْ التَّأْبِيدَ يَصِحُّ الْوَقْفُ عِنْدَ الْكُلِّ إلَّا عِنْدَ يُوسُفَ بْنِ خَالِدٍ السَّمْتِيِّ الْبَصْرِيِّ وَهُوَ تِلْمِيذُ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ ذِكْرَ التَّأْبِيدِ عِنْدَهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَذَكَرَ أَنَّ لَفْظَ الصَّدَقَةِ وَنَحْوَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْفُقَرَاءَ دُونَ الْوَرَثَةِ وَفِيهِ مَوْضِعٌ آخَرُ لَوْ قَالَ أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى وَلَدِي وَنَحْوِهِ جَازَ الْوَقْفُ عِنْدَهُمَا وَالْغَلَّةُ لَهُ مَا دَامَ حَيًّا وَبَعْدَهُ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَهِيَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْفُقَرَاءِ انْصَرَفَ إلَيْهِمْ وَذِكْرُ فُلَانٍ لِتَخْصِيصِهِ بِالْبُدَاءَةِ بِالْغَلَّةِ مَا دَامَ حَيًّا وَجَعَلَ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ بَيْنَهُمْ فِيمَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الصَّدَقَةِ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى فُلَانٍ أَوْ وَلَدِي أَوْ قَرَابَتِي وَنَحْوِ ذَلِكَ

وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ لَفْظَ الصَّدَقَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ وَأَبُو يُوسُفَ كَانَ ضَيَّقَ فِي أَمْرِ الْوَقْفِ غَايَةَ التَّضْيِيقِ أَوَّلًا مِثْلَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ رَجَعَ وَوَسَّعَ غَايَةَ التَّوْسِعَةِ حَتَّى لَمْ يَشْتَرِطْ الْقَبْضَ وَالْإِفْرَازَ وَمُحَمَّدٌ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا وَلِهَذَا أَفْتَى بِهِ عَامَّتُهُمْ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُجْعَلُ آخِرُهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ ) أَيْ أَبَدًا كَالْمَسَاكِينِ وَمَصَالِحِ الْحَرَمِ وَالْمَسَاجِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَجْعَلْ آخِرَهُ لِجِهَةٍ لَا تَنْقَطِعُ لَا يَصِحُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُجَرِّبَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ ا هـ كَمَالٌ قَوْلُهُ أَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَالصَّوَابُ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّ عَلَى الصَّدَقَةِ فَتَأَمَّلْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ وَأُكْرَتِهِ ) وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّ التَّأْبِيدَ مِنْ شَرْطِهِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ تَبَعًا وَلِهَذَا دَخَلَ الْبِنَاءُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ وَعَلَى هَذَا سَائِرُ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَصَحَّ وَقْفُ الْعَقَارِ بِبَقَرِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ أَمَّا لَوْ وَقَفَ ضَيْعَةً فِيهَا بَقَرٌ وَعَبِيدٌ لَهُ لَمْ يَذْكُرْهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِنْ الْآلَاتِ الْبَقَرُ وَالْعَبِيدُ فِي الْوَقْفِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَقْفُ الْمَنْقُولِ تَبَعًا لِلْعَقَارِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَأُكْرَتُهُ ) الْأُكَرُ جَمْعُ الْأَكَّارِ وَهُوَ الْفَلَّاحُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَالْأُكْرَةُ الْحَرَّاثُونَ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَكَذَا سَائِرُ آلَاتِ الْحِرَاثَةِ إذَا كَانَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ يَجُوزُ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْأَرْضِ فِي تَحْصِيلِ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمُشَاعٌ قَضَى بِجَوَازِهِ ) أَيْ بِجَوَازِ الْوَقْفِ فِيهِ فَإِنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي يَقْطَعُ الْخِلَافَ فِي الْمُجْتَهِدَاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ فِيهِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْقُولٌ فِيهِ تَعَامُلٌ ) كَالْكُرَاعِ وَالْخُفِّ وَالسِّلَاحِ وَالْفَأْسِ وَالْمَرْوِ وَالْقِدْرِ وَالْقُدُومِ وَالْمِنْشَارِ وَالْجِنَازَةِ وَثِيَابِهَا وَالْمَصَاحِفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُعُورِفَ وَقْفُهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ فِي الْمَنْقُولِ أَصْلًا إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَرَكَ ذَلِكَ بِالنَّصِّ وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا كَانَ شِبَعُهُ وَرَوْثُهُ وَبَوْلُهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَسَنَاتٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ وَقَدْ صَحَّ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ فِي حَقِّ خَالِدٍ قَدْ حَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى } وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالنَّصِّ وَمُحَمَّدٌ تَرَكَهُ بِالتَّعَامُلِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يُتْرَكُ بِهِ كَمَا فِي الِاسْتِصْنَاعِ وَفِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي عَدَدْنَاهَا جَرَى التَّعَامُلُ وَعَنْ نُصَيْرِ بْنِ يَحْيَى أَنَّهُ وَقَفَ كُتُبَهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْمُصْحَفِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُمْسَكُ لِلدِّينِ تَعْلِيمًا وَتَعَلُّمًا وَقِرَاءَةً وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ أَخَذُوا بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ وَقْفُ كُلِّ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ قِيَاسًا عَلَى الْكُرَاعِ وَالسِّلَاحِ قُلْنَا الْأَصْلُ عَدَمُ جَوَازِ الْوَقْفِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَوْرِدِ الشَّرْعِ وَهُوَ الْعَقَارُ وَالْكُرَاعُ وَالسِّلَاحُ فَبَقِيَ مَا وَرَاءَهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ إلَّا مَا جَرَى التَّعَامُلُ فِيهِ فَصَارَ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَيَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَى تَجْهِيزِ الْجَيْشِ بِالْكُرَاعِ

وَالسِّلَاحِ وَالنَّفَقَاتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى وَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ مَا كَانَ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ دُونَ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ( قَوْلُهُ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ فِي حَقِّ خَالِدٍ قَدْ حَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ ) الْأَعْتَادُ آلَاتُ الْحَرْبِ مِنْ السِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَاحِدَةُ عَتَادٍ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَقِيلَ عَتَدٌ بِفَتْحَتَيْنِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فَرَسٌ عَتَدٌ وَعَتِدٌ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا الْمُعَدُّ لِلْحَرْبِ وَالْعَتَادُ الْعُدَّةُ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ مَا كَانَ دَاخِلًا فِي الْبَيْعِ مِنْ الْأَشْجَارِ وَالْبِنَاءِ دُونَ الزَّرْعِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا تَدْخُلُ الزُّرُوعُ كُلُّهَا إلَّا مَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ لَا يُقْطَعُ فِي سَنَتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ شَجَرٍ يُقْطَعُ فِي سَنَتِهِ فَهُوَ لِلْوَاقِفِ وَمَا لَا يُقْطَعُ فِي سَنَتِهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْوَقْفِ فَيَدْخُلُ فِي وَقْفِ الْأَرْضِ أُصُولُ الْبَاذِنْجَانِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالثِّمَارُ ) أَيْ وَلَا تَدْخُلُ الثَّمَرَةُ الْقَائِمَةُ وَقْتَ الْوَقْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَلُ أَوْ لَا كَالْوَرْدِ وَالرَّيَاحِينِ وَلَوْ قَالَ وَقَفْتهَا بِحُقُوقِهَا وَجَمِيعِ مَا فِيهَا وَمِنْهَا قَالَ هِلَالٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ أَيْضًا وَلَكِنْ فِي الِاسْتِحْسَانِ يَلْزَمُ التَّصَدُّقُ بِهَا عَلَى وَجْهِ النَّذْرِ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ صَدَقَةٌ مَفْهُومُهُ بِجَمِيعِ مَا فِيهَا وَمِنْهَا فَقَدْ تَكَلَّمَ بِمَا يُوجِبُ التَّصَدُّقَ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَمْلِكُ الْوَقْفَ وَلَا يَقْسِمُ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ) لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي الْعَيْنِ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْغَلَّةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَقْفِ أَنْ يَبْقَى عَلَى حُكْمِ مِلْكِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّصَدُّقِ بِالْغَلَّةِ وَالتَّمَلُّكِ وَالْقِسْمَةِ بَيْنَ مُسْتَحَقِّي الْوَقْفِ يُنَافِيَانِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ بِعِمَارَتِهِ بِلَا شَرْطٍ ) لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ صَرْفُ الْغَلَّةِ دَائِمًا وَلَا يَبْقَى دَائِمًا إلَّا بِالْعِمَارَةِ فَيَثْبُتُ اقْتِضَاءً مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ دَارًا فَعِمَارَتُهُ عَلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى ) أَيْ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى سُكْنَى شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنَّ الْعِمَارَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُنْتَفِعُ بِهَا وَالْغُرْمُ بِالْغُنْمِ فَصَارَ كَنَفَقَةِ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِخِدْمَتِهِ فَإِنَّهَا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَبَى أَوْ عَجَزَ عَمَّرَ الْحَاكِمُ بِأُجْرَتِهَا ) لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الْوَقْفِ عَلَى مَا قَصَدَهُ الْوَاقِفُ فَإِذَا عَمَّرَهَا رَدَّهَا إلَى مَنْ لَهُ السُّكْنَى رِعَايَةً لِحَقِّهِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْعِمَارَةِ لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ مَالِهِ فَصَارَ نَظِيرَ صَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ وَلَا يَكُونُ امْتِنَاعُهُ رِضًا مِنْهُ بِبُطْلَانِ حَقِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ لِعَدَمِ الرِّضَا بِصَرْفِ مَالِهِ إلَى الْعِمَارَةِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَى الرِّضَا بِبُطْلَانِ حَقِّهِ بِالشَّكِّ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لِأَنَّهُ غَيْرُ نَاظِرٍ وَلَا مَالِكٍ لَكِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَيُعَمِّرُهَا بِأُجْرَتِهَا قَدْرَ مَا تَبْقَى عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي وَقَفَهَا الْوَاقِفُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَا مَنْ لَهُ السُّكْنَى لِأَنَّهَا بِصِفَتِهَا صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لَهُ فَتُرَدُّ إلَى مَا كَانَتْ وَإِنْ كَانَتْ وَقْفًا عَلَى الْفُقَرَاءِ فَكَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ حَتَّى لَا تَزِيدَ عَلَى مَا كَانَتْ وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ وَالْأُولَى أَصَحُّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَصْرِفُ نَقْضَهُ إلَى عِمَارَتِهِ إنْ احْتَاجَ وَإِلَّا حَفِظَهُ لِلِاحْتِيَاجِ ) أَيْ إلَى الِاحْتِيَاجِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعِمَارَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْقَى فَلَا يَحْصُلُ صَرْفُ الْغَلَّةِ إلَى الْمَصْرِفِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَيَبْطُلُ غَرَضُ الْوَاقِفِ فَيَصْرِفُهُ لِلْحَالِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِلَّا يُمْسِكْهُ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَيْهِ كَيْ لَا يَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَوَانُ الْحَاجَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَقْسِمُهُ بَيْنَ مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ ) أَيْ لَا يَقْسِمُ النَّقْضَ بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْعَيْنِ

وَلَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ وَإِنَّمَا حَقُّهُمْ فِي الْمَنَافِعِ فَلَا يُصْرَفُ إلَيْهِمْ غَيْرُ حَقِّهِمْ وَإِنْ تَعَذَّرَ إعَادَةُ عَيْنِهِ بِيعَ وَصُرِفَ ثَمَنُهُ إلَى الْعِمَارَةِ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَقُومُ مَقَامَ الْمُبْدَلِ فَيُصْرَفُ مَصْرِفَ الْبَدَلِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَبَى أَوْ عَجَزَ ) أَيْ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا ( قَوْلُهُ عَمَّرَ الْحَاكِمُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْمُرْهَا يَبْطُلُ الْحَقَّانِ حَقُّ الْوَاقِفِ وَهُوَ التَّصَدُّقُ بِالْمَنْفَعَةِ وَحَقُّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى فَإِذَا عُمِّرَتْ يَبْقَى الْحَقَّانِ جَمِيعًا غَايَةُ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ فِي الْعِمَارَةِ تَأْخِيرَ حَقِّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَتَأْخِيرُ الْحَقِّ أَوْلَى مِنْ إبْطَالِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ السُّكْنَى بِالْعِمَارَةِ وَلَمْ يَجِدْ الْقَاضِي مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا لَمْ أَرَ حُكْمَ هَذِهِ فِي الْمَنْقُولِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالْحَالُ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَصِيرَ نَقْضُهَا عَلَى الْأَرْضِ كَوْمًا تَسْقِيهِ الرِّيَاحُ وَخَطَرَ لِي أَنَّهُ يُخَيِّرُهُ الْقَاضِي بَيْنَ أَنْ يَعْمُرَهَا فَيَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهَا إلَى وَرَثَةِ الْوَاقِفِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَصَارَ نَظِيرَ صَاحِبِ الْبَذْرِ فِي الْمُزَارَعَةِ ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَقْدَ الْمُزَارَعَةِ وَبَيَّنَّا مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ ثُمَّ امْتَنَعَ مَنْ عَلَيْهِ الْبَذْرُ مِنْ الْعَمَلِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الضَّرَرُ وَهُوَ إتْلَافُ مَالِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الِامْتِنَاعَ لِعَدَمِ الرِّضَا بِصَرْفِ مَالِهِ إلَى الْعِمَارَةِ إلَخْ ) أَوْ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْعِمَارَةِ أَوْ لِرَجَائِهِ إصْلَاحَ الْقَاضِي وَعِمَارَتَهُ ثُمَّ رَدَّهَا إلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لِأَنَّهُ غَيْرُ نَاظِرٍ ) قَالَ الْكَمَالُ وَإِنَّمَا قَالَ آجَرَهَا الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَنْ لَهُ السُّكْنَى وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَفِي تَقْرِيرِهِ طَرِيقَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْمَنْفَعَةِ بَلْ أُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعُ وَهَذَا ضَعِيفٌ فَإِنَّ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ السُّكْنَى أَنْ يُعِيرَ الدَّارَ وَالْإِعَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ بِلَا عِوَضٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي وَقْفِ

الْخَصَّافِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِكٍ لِلْعَيْنِ وَالْإِجَارَةُ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا بَيْعُ الْمَنَافِعِ وَالْمَنَافِعُ مَعْدُومَةٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ مِلْكُهَا لِيَمْلِكَهَا فَأُقِيمَتْ الْعَيْنُ مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ لِيَرِدَ عَلَيْهَا الْعَقْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا مَمْلُوكَةً وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ لَا تَصِحَّ إجَارَةُ الْمُسْتَأْجِرِ فِيمَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَنْ لَا يَصِحَّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ السُّكْنَى الْإِعَارَةُ لَكِنَّهُ يَصِحُّ كَمَا ذَكَرْنَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ لِأَنَّهُ تُمْلَكُ الْمَنَافِعُ بِلَا بَدَلٍ فَلَمْ يَمْلِكْ تَمْلِيكَهَا بِبَدَلٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَإِلَّا لَمَلَكَا أَكْثَرَ مِمَّا مَلَكَ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ ) أَيْ عَدَمُ جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْبِنَاءِ أَصَحُّ مِمَّا قَالَ الْبَعْضُ مِنْ جَوَازِهَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى الْفُقَرَاءِ لَا عَلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَصْرِفُ نُقْضَهُ ) النُّقْضُ بِضَمِّ النُّونِ اسْمٌ لِلْبِنَاءِ الْمَنْقُوضِ كَذَا فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا يُمْسِكْهُ حَتَّى يَحْتَاجَ ) قَالَ الْكَمَالُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ بِالِانْهِدَامِ تَتَحَقَّقُ الْحَاجَةُ إلَى عِمَارَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَلَا مَعْنَى لِلشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَمْسَكَهُ حَتَّى يَحْتَاجَ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ كَانَ التَّهَيُّؤُ لِلْعِمَارَةِ ثَابِتًا فِي الْحَالِ صَرَفَهُ إلَيْهَا وَإِلَّا حَفِظَهُ حَتَّى يَتَهَيَّأَ ذَلِكَ وَتَتَحَقَّقَ الْحَاجَةُ فَإِنَّ الْمُنْهَدِمَ قَدْ يَكُونُ قَلِيلًا جِدًّا لَا يَحِلُّ بِالِانْتِفَاعِ بِالْوَقْفِ وَلَا يَقْرَبُهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَتُؤَخَّرُ حَتَّى تُحْسِنَ أَوْ تَجِبَ الْعِمَارَةُ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ إعَادَتُهُ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ الصَّلَاحِيَّةِ فَذَلِكَ لِضَعْفِهِ وَنَحْوِهِ بَاعَهُ وَصَرَفَ ثَمَنَهُ فِي ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يَقْسِمُهُ بَيْنَ

مُسْتَحِقِّي الْوَقْفِ ) بِلَفْظِ الْجَمْعِ وَقَدْ سَقَطَتْ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَيْسَ لَهُمْ حَقٌّ فِي الْعَيْنِ ) أَيْ الْمَوْقُوفَةِ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ أَوْ جَعَلَ الْوِلَايَةَ إلَيْهِ صَحَّ ) أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَا إذَا جَعَلَ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لِأَبِي يُوسُفَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يَأْكُلُ مِنْ وَقْفِهِ } وَلَا يَحِلُّ ذَلِكَ إلَّا بِالشَّرْطِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى جَوَازِهِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ إزَالَةُ الْمِلْكِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ أَصْلِهِمَا فَإِذَا شَرَطَ الْبَعْضَ أَوْ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ فَقَدْ شَرَطَ مَا صَارَ لِلَّهِ تَعَالَى لِنَفْسِهِ وَهُوَ جَائِزٌ لَا أَنْ يَجْعَلَ مِلْكَ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا بَنَى خَانًا أَوْ سِقَايَةً أَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ مَقْبَرَةً وَشَرَطَ أَنْ يَنْزِلَهُ أَوْ يَشْرَبَ مِنْهَا أَوْ يُدْفَنَ فِيهَا وَلِأَنَّ مَقْصُودَهُ الْقُرْبَةُ وَفِي الصَّرْفِ إلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نَفَقَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ صَدَقَةٌ } وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ وَاشْتِرَاطِ الْغَلَّةِ أَوْ بَعْضِهَا لِنَفْسِهِ يَمْنَعُ ذَلِكَ فَكَانَ بَاطِلًا كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ لَيْسَ فِي هَذَا عَنْ مُحَمَّدٍ رِوَايَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَّا شَيْءٌ ذَكَرَهُ فِي الْوَقْفِ فَقَالَ إذَا وَقَفَ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ جَازَ فَقَالَ هَذَا الْوَقْفُ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بِمَنْزِلَةِ الْوَقْفِ عَلَى نَفْسِهِ لِأَنَّ مَا يَكُونُ لِأُمِّ الْوَلَدِ حَالَ حَيَاةِ الْمَوْلَى يَكُونُ لِلْمَوْلَى وَقِيلَ إنَّهُ فِي الصَّحِيحِ عَلَى الْخِلَافِ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُنَّ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُنَّ يُعْتَقْنَ بِمَوْتِهِ فَيَصِرْنَ أَجْنَبِيَّاتٍ فَيَصِيرُ اشْتِرَاطُهُ لَهُنَّ كَاشْتِرَاطِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ ثُمَّ فِي حَالِ حَيَاتِهِ يَجُوزُ أَيْضًا تَبَعًا لِمَا بَعْدَ مَمَاتِهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَسْتَبْدِلَ بِهِ أَرْضًا أُخْرَى إذَا شَاءَ وَتَكُونُ وَقْفًا

مَكَانَهُ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ التَّقَرُّبَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ وَاشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ يُمْنَعُ مِنْهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ لَهُ أَوْ يَتَصَدَّقَ بِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ أَصْلًا وَكَذَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ وَهُوَ مَجْهُولٌ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ يَجُوزُ الْوَقْفُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ فَصْلُ اشْتِرَاطِ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ شَرْطَ الْوَاقِفِ مُعْتَبَرٌ فَيُرَاعَى كَالنُّصُوصِ غَيْرَ أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسَلِّمُهُ ثُمَّ تَكُونُ لَهُ الْوِلَايَةُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ شَرْطٌ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهَا لِأَحَدٍ فَالْوِلَايَةُ لَهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَكُونُ لَهُ الْوِلَايَةُ لِأَنَّهُ لَمَّا تَرَكَ الشَّرْطَ فِي ابْتِدَاءِ الْوَقْفِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهِ فَصَارَ أَجْنَبِيًّا عَنْهُ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ إنَّمَا يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْ جِهَتِهِ بِشَرْطِهِ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ الْوِلَايَةُ وَغَيْرُهُ يَسْتَفِيدُهَا مِنْهُ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ فَيَكُونُ أَوْلَى بِوِلَايَتِهِ كَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا يَكُونُ أَوْلَى بِعِمَارَتِهِ وَنَصَّبَ الْقَيِّمَ فِيهِ وَكَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ وَذَكَرَ هِلَالٌ فِي وَقْفِهِ فَقَالَ قَالَ أَقْوَامٌ إنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ كَانَتْ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ لَا تَكُونُ لَهُ وِلَايَةٌ يَعْنِي بَعْضَ الْمَشَايِخِ قَالُوا ذَلِكَ قَالَ مَشَايِخُنَا الْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَكُونُ هَذَا قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَالتَّسْلِيمُ شَرْطٌ عِنْدَهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا لَا يُنَافِي التَّسْلِيمَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ يَأْخُذَهُ مِنْهُ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَسْقُطَ التَّسْلِيمُ عِنْدَهُ إذَا شَرَطَ الْوِلَايَةَ

لِنَفْسِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ يُرَاعَى

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ جَعَلَ الْوَاقِفُ غَلَّةَ الْوَقْفِ لِنَفْسِهِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَجِّ لِعِيسَى بْنِ أَبَانَ إذَا وَقَفَ عَلَى نَفْسِهِ لَا يَجُوزُ فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَجُوزُ وَنَقَلَ فِي الْأَجْنَاسِ أَيْضًا عَنْ وَقْفِ هِلَالِ بْنِ يَحْيَى الْبَصْرِيِّ لَوْ قَالَ أَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى نَفْسِي كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا وَكَذَا لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى أَنَّ غَلَّتَهَا إلَى مَا عِشْت لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ وَكَذَا لَوْ قَالَ صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَنَسْلِي الْوَقْفُ بَاطِلٌ وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ وَمَشَايِخُ بَلْخٍ أَخَذُوا بِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَانَ يُفْتِي بِهِ أَيْضًا تَرْغِيبًا لِلنَّاسِ فِي الْوَقْفِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ ) فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ لِاشْتِرَاطِهِ التَّسْلِيمَ إلَى الْمُتَوَلِّي ا هـ قَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ قِيلَ إنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا بِنَاءٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اشْتِرَاطِ الْقَبْضِ أَيْ قَبْضِ الْمُتَوَلِّي فَلَمَّا شَرَطَهُ مُحَمَّدٌ مَنَعَ اشْتِرَاطَ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يَنْقَطِعُ حَقُّهُ فِيهِ وَمَا شَرَطَ الْقَبْضَ إلَّا لِيَنْقَطِعَ حَقُّهُ وَلَمَّا لَمْ يَشْتَرِطْهُ أَبُو يُوسُفَ لَمْ يَمْنَعْهُ وَقِيلَ مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ وَهَذَا أَوْجَهُ ا هـ قَوْلُهُ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْوَقْفَ تَبَرُّعٌ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ لِلْغَلَّةِ أَوْ السُّكْنَى فَاشْتِرَاطُ الْبَعْضِ أَوْ الْكُلِّ لِنَفْسِهِ يُبْطِلُهُ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ مِنْ نَفْسِهِ لَا يَتَحَقَّقُ فَصَارَ كَالصَّدَقَةِ الْمُنَفَّذَةِ بِأَنْ تَصَدَّقَ عَلَى فَقِيرٍ بِمَالٍ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُ لِي لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُمَلَّكًا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ إلَّا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ الْقَدْرِ فَكَذَا فِي الصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَكَشَرْطِ بَعْضِ

بُقْعَةِ الْمَسْجِدِ لِنَفْسِهِ بَيْتًا ا هـ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ ) وَهُوَ مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَالتَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَفَتَاوَى قَاضِي خَانْ فَإِنَّ فِي تِلْكَ الرِّوَايَاتِ جَعَلَ جَوَازَ الْوَقْفِ عَلَيْهِنَّ بِالِاتِّفَاقِ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا الثَّانِي إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي وَهُوَ شَرْطُ الْوِلَايَةِ لِنَفْسِهِ فَقَدْ نَصَّ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى جَوَازِهِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَهُوَ قَوْلُ هِلَالٍ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ وَقْفِ هِلَالٍ إذَا جَعَلَ أَرْضَهُ صَدَقَةً مَوْقُوفَةً لِلَّهِ أَبَدًا وَلَمْ يَشْرِطْ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ فَالْوِلَايَةُ لِلْوَاقِفِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ثُمَّ قَالَ النَّاطِفِيُّ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لَا وِلَايَةَ لِلْوَاقِفِ إلَّا أَنْ يَشْرِطَهُ لِنَفْسِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ كِتَابِ النَّاطِفِيِّ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّسْلِيمَ إلَى الْقَيِّمِ شَرْطُ صِحَّةِ الْوَقْفِ فَبَعْدَ التَّسْلِيمِ إلَيْهِ لَا يَبْقَى لَهُ وِلَايَةٌ إلَّا بِالشَّرْطِ السَّابِقِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَهُ يُرَاعَى ) وَمِنْ ضَرُورَتِهِ سُقُوطُ التَّسْلِيمِ ا هـ كَمَالٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَنْزِعُ لَوْ خَائِنًا كَالْوَصِيِّ وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَنْزِعَ ) مَعْنَاهُ أَنَّ الْوَاقِفَ لَوْ شَرَطَ الْوِلَايَةَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ هُوَ غَيْرَ مَأْمُونٍ عَلَى الْوَقْفِ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْهُ وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ لَيْسَ لِلْقَاضِي وَلَا لِلسُّلْطَانِ نَزْعُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ الشَّرْعِ فَيَبْطُلُ وَنَظِيرُ هَذَا الْوَصِيُّ إذَا كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ يُنْزَعُ مِنْهُ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ بَنَى مَسْجِدًا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَفْرِزَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِطَرِيقِهِ وَيَأْذَنَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَإِذَا صَلَّى فِيهِ وَاحِدٌ زَالَ مِلْكُهُ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا الْإِفْرَازُ فَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُصُ لِلَّهِ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَقُّ الْعَبْدِ مُتَعَلِّقًا بِهِ لَمْ يَتَحَرَّرْ لِلَّهِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فِيهِ فَلِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِذَا تَعَذَّرَ يُقَامُ تَحَقُّقُ الْمَقْصُودِ مَقَامَهُ أَوْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْلِيمُ نَوْعِهِ وَذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَضَاءُ الْقَاضِي وَلَا التَّعْلِيقُ بِالْمَوْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَقْفِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْغَلَّةِ وَيَحْبِسَ الْأَصْلَ وَلَفْظُهُ يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ وَالتَّصَدُّقُ بِالْمَعْدُومِ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ فَيَجِبُ تَعْلِيقُهُ بِالْمَوْتِ لِيَكُونَ وَصِيَّةً بِهِ أَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ وَلِذَا سَقَطَ التَّسْلِيمُ إلَى الْقَيِّمِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يَجُوزُ فِي الْمُشَاعِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِمَا بَيَّنَّا فَصَارَ الْمَسْجِدُ مُخَالِفًا لِلْوَقْفِ عِنْدَ الْكُلِّ ثُمَّ يَكْتَفِي بِصَلَاةِ الْوَاحِدِ فِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّ فِعْلَ الْجِنْسِ كُلُّهُ مُتَعَذَّرٌ فَيُشْتَرَطُ أَدْنَاهُ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ جَهْرًا بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ حَتَّى لَوْ كَانَ سِرًّا بِأَنْ كَانَ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ لَا يَصِيرُ مَسْجِدًا وَلَوْ جَعَلَ لَهُ إمَامًا وَمُؤَذِّنًا وَهُوَ رَجُلٌ وَاحِدٌ فَصَلَّى فِيهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ صَارَ مَسْجِدًا اتِّفَاقًا لِأَنَّ أَدَاءَ الصَّلَاةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ كَالْجَمَاعَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُؤَذِّنَ لَوْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ لَيْسَ لِمَنْ يَجِيءُ بَعْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِالْجَمَاعَةِ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الصَّحِيحَةُ لِأَنَّ

الْمَسَاجِدَ تُبْنَى لِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا بِالْجَمَاعَةِ فَلَا يَصِيرُ مَسْجِدًا قَبْلَ حُصُولِ هَذَا الْمَقْصُودِ وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْجِدَ إلَى مُتَوَلٍّ نَصَّبَهُ لِيَقُومَ بِمَصَالِحِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَدْ يَكُونُ لَهُ خَادِمٌ يَكْنُسُ وَيُغْلِقُ الْبَابَ وَنَحْوَهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَزُولُ مِلْكُهُ بِقَوْلِهِ جَعَلْته مَسْجِدًا لِأَنَّ التَّسْلِيمَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمِلْكِ الْعَبْدِ فَيَصِيرُ خَالِصًا لِلَّهِ بِسُقُوطِ حَقِّ الْعَبْدِ وَصَارَ كَالْإِعْتَاقِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَإِذَا صَارَ مَسْجِدًا عَلَى اخْتِلَافِهِمْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ وَحَرُمَ بَيْعُهُ فَلَا يُورَثُ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ لِأَنَّهُ صَارَ لِلَّهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } وَلَا رُجُوعَ فِيمَا صَارَ لِلَّهِ تَعَالَى كَالصَّدَقَةِ( فَصْلٌ ) لَمَّا اخْتَصَّ الْمَسْجِدُ بِأَحْكَامٍ تُخَالِفُ أَحْكَامُ مُطْلَقِ الْوَقْفِ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُشْتَرَطُ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ عَنْ الْمَسْجِدِ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَلَا الْإِيصَاءُ بِهِ وَلَا يَجُوزُ مُشَاعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسْلِيمُ إلَى الْمُتَوَلِّي عِنْدَ مُحَمَّدٍ أَفْرَدَهُ بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ وَأَخَّرَهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ أَوْ اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا وَأَذِنَ لِلنَّاسِ بِالدُّخُولِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ لِبَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ فِيهِ وَالْمَسْجِدُ لَا يَكُونُ إلَّا خَالِصًا لِلَّهِ لِمَا تَلَوْنَا وَمَعَ بَقَاءِ حَقِّ الْعَبْدِ فِي أَسْفَلِهِ أَوْ فِي أَعْلَاهُ أَوْ فِي جَوَانِبِهِ مُحِيطًا بِهِ لَا يَتَحَقَّقُ الْخُلُوصُ كُلُّهُ أَمَّا إذَا كَانَ السُّفْلُ مَسْجِدًا فَلِأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلُوِّ حَقًّا فِي السُّفْلِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِ الْعُلُوِّ وَأَمَّا إذَا جَعَلَ الْعُلُوَّ مَسْجِدًا فَلِأَنَّ أَرْضَ الْعُلُوِّ مِلْكٌ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ رِضَا صَاحِبِ السُّفْلِ كَالْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَإِنَّ السِّرْدَابَ فِيهِ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لِأَحَدٍ بَلْ هُوَ لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ حَتَّى لَوْ كَانَ غَيْرُهُ مِثْلَهُ نَقُولُ بِأَنَّهُ صَارَ مَسْجِدًا وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا فَلِأَنَّ مِلْكَهُ مُحِيطٌ بِجَوَانِبِهِ فَكَانَ لَهُ حَقُّ الْمَنْعِ مِنْ الدُّخُولِ وَالْمَسْجِدُ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَكُونَ لِأَحَدٍ فِيهِ حَقُّ الْمَنْعِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } وَلِأَنَّهُ لَمْ يَفْرِزْهُ حِينَ أَبْقَى الطَّرِيقَ لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَخْلُصْ لِلَّهِ حَتَّى لَوْ عَزَلَ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ صَارَ مَسْجِدًا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَجَازَ أَنْ يَكُونَ الْأَسْفَلُ مَسْجِدًا وَالْأَعْلَى مِلْكًا لِأَنَّ الْأَسْفَلَ أَصْلٌ وَهُوَ يَتَأَبَّدُ وَلَمْ يَجُزْ عَكْسُهُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ عَكْسُهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مُعَظَّمٌ وَلَا تَعْظِيمَ إذَا كَانَ فَوْقَهُ مُسْتَعْلٍ أَوْ مَسْكَنٌ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَجَازَ الْوَجْهَيْنِ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ وَرَأَى ضِيقَ الْأَمَاكِنِ

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ حِينَ قَدِمَ الرَّيَّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ اتَّخَذَ وَسَطَ دَارِهِ مَسْجِدًا صَارَ مَسْجِدًا وَإِنْ لَمْ يَعْزِلْ بَابَهُ إلَى الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِكَوْنِهِ مَسْجِدًا وَلَا مَسْجِدَ إلَّا بِطَرِيقٍ دَخَلَ فِيهِ الطَّرِيقُ ضَرُورَةً كَمَا يَدْخُلُ فِي الْإِجَارَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ إلَّا بِالطَّرِيقِ وَالِانْتِفَاعُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلَوْ اتَّخَذَ أَرْضَهُ مَسْجِدًا لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَا بَيْعُهُ وَكَذَا لَا يُورَثُ عَنْهُ لِتَحَرُّرِهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْوَقْفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ يَرْجِعُ فِيهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ الْحَاكِمُ وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّاهُ وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَاسْتُغْنِيَ عَنْهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِمِلْكِهِ فَلَا يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ كَالْإِعْتَاقِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ اسْتَغْنَى عَنْهُ أَهْلُهُ فِي زَمَنِ الْفَتْرَةِ وَلَمْ يَعُدْ إلَى وَرَثَةِ الْبَانِي وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ أَوْ إلَى وَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ عَيَّنَهُ لِجِهَةٍ وَقَدْ انْقَطَعَتْ كَالْكَفَنِ إذَا خَرَجَ يَرْجِعُ إلَى مَالِكِهِ وَعَلَى هَذَا حَصِيرُ الْمَسْجِدِ وَحَشِيشُهُ إذَا اُسْتُغْنِيَ عَنْهُمَا يَرْجِعُ إلَى مَالِكِهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَنْتَقِلُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الرِّبَاطُ وَالْبِئْرُ إذَا لَمْ يُنْتَفَعْ بِهِمَا

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ جَعَلَ مَسْجِدًا تَحْتَهُ سِرْدَابٌ أَوْ فَوْقَهُ بَيْتٌ وَجَعَلَ بَابَ الْمَسْجِدِ إلَى الطَّرِيقِ وَعَزَلَهُ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ مَاتَ يُورَثُ عَنْهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمَسْجِدُ لَا يَكُونُ إلَّا خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى إلَخْ ) وَلِأَنَّ اتِّخَاذَ الْمَسْجِدِ عُرِفَ بِالشَّرِيعَةِ وَفِي الشَّرِيعَةِ لَمْ يَكُنْ الْمَسْجِدُ إلَّا وَمَا فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ لِلَّهِ أَلَا تَرَى إلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي بَنَاهُ بِالْمَدِينَةِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي بَنَاهُ إبْرَاهِيمُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ وَإِلَى مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي بَنَاهُ دَاوُد النَّبِيُّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ بِالرُّخَامِ وَالْمَرْمَرِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ قُبَّةً مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَجَعَلَ فَوْقَ ذَلِكَ جَوْهَرًا يُضِيءُ فَرَاسِخَ تَغْزِلُ بِضَوْئِهَا النِّسَاءُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيَالِيِ فَكُلُّ مَسْجِدٍ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بِأَنْ لَا يَكُونَ خَالِصًا لِلَّهِ لَمْ يَجُزْ أَوْرَدَ أَبُو اللَّيْثِ هُنَا سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ تَحْتَهُ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ وَالنَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِهِ قِيلَ إذَا كَانَ تَحْتَهُ شَيْءٌ يَنْتَفِعُ بِهِ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ يَجُوزُ لِأَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِهِ عَامَّةُ الْمُسْلِمِينَ صَارَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْضًا وَأَمَّا الَّذِي اتَّخَذَ بَيْتًا لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ خَالِصًا لِلَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ لَوْ جَعَلَ تَحْتَهُ حَانُوتًا وَجَعَلَهُ وَقْفًا عَلَى الْمَسْجِدِ قِيلَ لَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ لَوْ جَعَلَ فِي الِابْتِدَاءِ هَكَذَا صَارَ مَسْجِدًا وَمَا تَحْتَهُ صَارَ وَقْفًا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الْمَسْجِدُ وَالْوَقْفُ الَّذِي تَحْتَهُ وَلَوْ أَنَّهُ بَنَى الْمَسْجِدَ أَوَّلًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ تَحْتَهُ حَانُوتًا لِلْمَسْجِدِ فَهُوَ مَرْدُودٌ بَاطِلٌ وَيَنْبَغِي

أَنْ يُرَدَّ إلَى حَالِهِ إلَى هُنَا لَفْظُ الْفَقِيهِ وَالسِّرْدَابُ بِكَسْرِ السِّينِ كَذَا فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ وَهُوَ بَيْتٌ تَحْتَ الْأَرْضِ لِلتَّبْرِيدِ ا هـ مُغْرِبٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَجَازَ الْوَجْهَيْنِ ) يَعْنِي فِيمَا إذَا كَانَ تَحْتَهُ سِرْدَابٌ وَفَوْقَهُ بَيْتٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ حِينَ قَدِمَ الرَّيَّ ) قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا تَعْلِيلٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالضَّرُورَةِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مِثْلَهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ خَرِبَ مَا حَوْلَ الْمَسْجِدِ إلَخْ ) قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ إذَا خَرِبَ الْمَسْجِدُ حَتَّى لَا يُصَلَّى فِيهِ فَاَلَّذِي بَنَاهُ إنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ دَارِهِ وَإِنْ شَاءَ بَاعَهُ وَكَذَلِكَ الْفَرَسُ إذَا جَعَلَهُ حَبِيسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَصَارَ لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُرْكَبَ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيَصِيرُ ثَمَنُهَا لِصَاحِبِهَا أَوْ لِوَرَثَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لِلْمَسْجِدِ بَانٍ فَخَرِبَ وَبَنَى أَهْلُ الْمَسْجِدِ مَسْجِدًا آخَرَ ثُمَّ أَجْمَعُوا عَلَى بَيْعِهِ وَاسْتَعَانُوا فِي ثَمَنِ الْمَسْجِدِ الْآخَرِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ثُمَّ نَقَلَ النَّاطِفِيُّ عَنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ إمْلَاءً مَسْجِدٌ بَادَ وَعُطِّلَتْ الصَّلَوَاتُ فِيهِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَهْدِمَهُ وَلَا يَتَّخِذَهُ مَنْزِلًا وَلَا بَيْعَهُ ذَلِكَ قَالَ النَّاطِفِيُّ هَذَا عِنْدِي قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ثُمَّ قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ إنْ خَرِبَتْ الْقَرْيَةُ الَّتِي فِيهَا الْمَسْجِدُ وَجُعِلَتْ مَزَارِعَ وَخَرِبَ الْمَسْجِدُ وَلَا يُصَلِّي فِيهِ أَحَدٌ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْخُذَهُ صَاحِبُهُ وَيَبِيعَهُ لِمَنْ يَجْعَلُهُ مَزْرَعَةً وَيَأْخُذَ ثَمَنَهُ فَيَأْكُلَهُ أَوْ يَجْعَلَهُ مَزْرَعَتَهُ إلَى هُنَا لَفْظُ رِوَايَةِ الْأَجْنَاسِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ يَبْقَى مَسْجِدًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَعَنْ أَحْمَدَ يُبَاعُ

نَقْضُهُ وَيُصْرَفُ إلَى مَسْجِدٍ آخَرَ ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ بَنِي سِقَايَةً أَوْ خَانًا أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَقْبَرَةً لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ عَنْهُ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ حَاكِمٌ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَزُولُ مِلْكُهُ بِالْقَوْلِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ إذَا اسْتَقَى النَّاسُ مِنْ السِّقَايَةِ وَسَكَنُوا الْخَانَ وَالرِّبَاطَ وَدَفَنُوا فِي الْمَقْبَرَةِ زَالَ الْمِلْكُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ اشْتِرَاطِ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ التَّسْلِيمِ أَوْ مُجَرَّدِ الْقَوْلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَوْ سَلَّمَ إلَى الْمُتَوَلِّي صَحَّ التَّسْلِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى أَنَّهُ شَرْطٌ وَلَوْ جَعَلَ أَرْضَهُ طَرِيقًا فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي الِانْتِفَاعِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَيْنَ الْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ حَتَّى جَازَ لِلْكُلِّ النُّزُولُ فِي الْخَانِ وَالرِّبَاطِ وَالشُّرْبِ مِنْ السِّقَايَةِ وَالدَّفْنِ فِي الْمَقْبَرَةِ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ إلَّا لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْغَنِيَّ مُسْتَغْنٍ بِمَالِهِ عَنْ الصَّدَقَةِ وَلَا يَسْتَغْنِي عَمَّا ذَكَرْنَا عَادَةً وَهِيَ الْفَارِقَةُ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَصْحِبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَادَةً فَكَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهَا كَالْفَقِيرِ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْغَلَّةِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا بِمَالِهِ وَعَلَى هَذَا الْوَقْفِ حَتَّى لَوْ وَقَفَ أَرْضًا لِيَصْرِفَ غَلَّتَهَا إلَى الْحَاجِّ أَوْ إلَى الْغُزَاةِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ لَا يُصْرَفُ إلَى الْغَنِيِّ مِنْهُمْ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ تَسْلِيمِ الْوَقْفِ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَعَلَ دَارِهِ مَسْكَنًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ يَسْتَوِي فِيهِ الْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْفَرْقِ وَرَوَى فِي الْخَبَرِ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ يُسْتَعْذَبُ غَيْرَ بِئْرِ رُومَةَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلُ فِيهَا دَلْوَهُ مَعَ وَلَاءِ الْمُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ فَاشْتَرَيْتهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي } رَوَاهُ

النَّسَائِيّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ فَإِذَا جَازَ لِلْوَاقِفِ أَنْ يَشْرَبَ مِنْهُ فَمَا ظَنُّك بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ( قَوْلُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ حُكْمِ الْحَاكِمِ أَوْ التَّسْلِيمِ إلَخْ ) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا بُدَّ مِنْ التَّسْلِيمِ وَلَكِنْ فِي كُلِّ بَابٍ يُعْتَبَرُ مَا يَلِيقُ بِهِ فَفِي الْخَانِ يَحْصُلُ التَّسْلِيمُ بِالسُّكْنَى وَفِي الرِّبَاطِ بِالنُّزُولِ وَفِي السِّقَايَةِ بِشُرْبِ النَّاسِ وَفِي الْمَقْبَرَةِ بِدَفْنِهِمْ وَيَكْتَفِي إذَا وَجَدَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ وَاحِدٍ لِتَعَذُّرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ جُعِلَ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا صَحَّ كَعَكْسِهِ ) مَعْنَاهُ إذَا بَنَى قَوْمٌ مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَان لِيَتَّسِعَ فَأَدْخَلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّرِيقِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ جَازَ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كُرْهًا لِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ لَمَّا ضَاقَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ أَخَذُوا أَرْضِينَ بِكُرْهٍ مِنْ أَصْحَابِهَا بِالْقِيمَةِ وَزَادُوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ كَمَا جَازَ عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مَمَرٌّ لِتَعَارُفِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ فِي الْجَوَامِعِ وَجَازَ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَمُرَّ فِيهِ حَتَّى الْكَافِرُ إلَّا الْجُنُبَ وَالْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا فِيهِ الدَّوَابَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ جُعِلَ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا إلَخْ ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتَاوَاهُ مَسْجِدٌ أَرَادَ أَهْلُهُ أَنْ يَجْعَلُوا الرَّحْبَةَ مَسْجِدًا أَوْ الْمَسْجِدَ رَحْبَةً أَوْ أَرَادُوا أَنْ يُحْدِثُوا لَهُ بَابًا أَوْ أَرَادُوا أَنْ يُحَوِّلُوا الْبَابَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَلَهُمْ ذَلِكَ فَإِنْ اخْتَلَفُوا يُنْظَرُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وَأَفْضَلُ فَلَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا تَعَارُضَ لِانْعِدَامِ التَّسَاوِي ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَفِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ مِنْ الْخُلَاصَةِ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ هُشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مِنْ الطَّرِيقِ مَسْجِدًا أَوْ يُجْعَلَ شَيْءٌ مِنْ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا لِلْعَامَّةِ ا هـ يَعْنِي إذَا احْتَاجُوا إلَى ذَلِكَ وَلِأَهْلِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَجْعَلُوا الرَّحْبَةَ مَسْجِدًا وَكَذَا عَلَى الْقَلْبِ وَيُحَوِّلُوا الْبَابَ أَوْ يُحْدِثُوا لَهُ بَابًا وَلَوْ اخْتَلَفُوا يُنْظَرُ أَيُّهُمْ أَكْثَرُ وِلَايَةً لَهُ ذَلِكَ وَلَهُمْ أَنْ يَهْدِمُوهُ لِيُجَدِّدُوهُ وَلَيْسَ لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ ذَلِكَ وَكَذَا لَهُمْ أَنْ يَضَعُوا الْحَبَّاب وَيُعَلِّقُوا الْقَنَادِيلَ وَيَفْرِشُوا الْحُصْرَ كُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَالِ أَنْفُسِهِمْ وَأَمَّا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَلَا يَفْعَلُ غَيْرُ الْمُتَوَلِّي إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي الْكُلُّ مِنْ الْخُلَاصَةِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الْقَلْبِ يَقْتَضِي جَعْلَ الْمَسْجِدِ رَحْبَةً وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي عَلَامَةِ النُّونِ مِنْ كِتَابِ التَّجْنِيسِ قَيِّمُ الْمَسْجِدِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَبْنِيَ حَوَانِيتَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِنَائِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ الْمَسْجِدَ مَسْكَنًا تَسْقُطُ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَأَمَّا الْفِنَاءُ فَلِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْمَسْجِدِ ا هـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَرْعٌ ) طَرِيقٌ لِلْعَامَّةِ وَهِيَ وَاسِعَةٌ فَبَنَى فِيهِ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ مَسْجِدًا لِلْعَامَّةِ وَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ بِالطَّرِيقِ قَالُوا لَا بَأْسَ بِهِ وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ

رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الطَّرِيقَ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمَسْجِدَ لَهُمْ أَيْضًا وَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الْمَحَلَّةِ أَنْ يُدْخِلُوا شَيْئًا مِنْ الطَّرِيقِ فِي دُورِهِمْ وَذَاكَ لَا يَضُرُّ بِالطَّرِيقِ لَا يَكُونُ لَهُمْ ذَلِكَ وَلِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ تَحْوِيلُ بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ مَوْضِعٍ إلَى مَوْضِعِ قَوْمٍ بَنَوْا مَسْجِدًا وَاحْتَاجُوا إلَى مَكَان لِيَتَّسِعَ الْمَسْجِدُ فَأَخَذُوا مِنْ الطَّرِيقِ فَأَدْخَلُوهُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَضُرُّ بِأَصْحَابِ الطَّرِيقِ لَا يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ عَلَى النَّاسِ وَبِجَنْبِهِ أَرْضٌ لِرَجُلٍ تُؤْخَذُ أَرْضُهُ بِالْقِيمَةِ كُرْهًا وَلَوْ كَانَ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ أَرْضُ وَقْفٍ عَلَى الْمَسْجِدِ فَأَرَادُوا أَنْ يُزِيدُوا شَيْئًا فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَرْضِ جَازَ ذَلِكَ بِأَمْرِ الْقَاضِي ا هـ قَوْلُهُ وَهُوَ مَا إذَا جَعَلَ فِي الْمَسْجِدِ مَمَرٌّ ) يُوهَمُ التَّخْصِيصَ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ شَامِلَةٌ لَهَا وَلِغَيْرِهَا وَانْظُرْ إلَى الْحَاشِيَةِ الَّتِي كَتَبْتهَا عِنْدَ قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ ا هـ .

( كِتَابُ الْبُيُوعِ ) وَهُوَ مِنْ الْأَضْدَادِ يُقَالُ : بَاعَ كَذَا إذَا أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ أَوْ أَدْخَلَهُ فِيهِ ، وَفِي الْخَبَرِ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَا يَخْطُبُ الرَّجُلُ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ وَلَا يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ } أَيْ لَا يَشْتَرِ عَلَى شِرَاءِ أَخِيهِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ هُوَ الشِّرَاءُ لَا الْبَيْعُ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ إنَّ الشَّبَابَ لَرَابِحٌ مَنْ بَاعَهُ وَالشَّيْبُ لَيْسَ لِبَائِعِيهِ تِجَارُ وَيَقَعُ فِي الْغَالِبِ عَلَى إخْرَاجِ الْمَبِيعِ عَنْ الْمِلْكِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ بِالتَّرَاضِي ) وَهَذَا فِي الشَّرْعِ ، وَفِي اللُّغَةِ هُوَ مُطْلَقُ الْمُبَادَلَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالتَّرَاضِي ، وَكَوْنُهُ مُقَيَّدًا بِهِ ثَبَتَ شَرْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ } وَهُوَ جَائِزٌ ثَبَتَ جَوَازُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ، أَمَّا الْكِتَابُ فَمَا تَلَوْنَا وقَوْله تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } ، وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { بَاعَ قَدَحًا وَحِلْسًا وَكَانُوا يَتَبَايَعُونَ فَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ } ، وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى جَوَازِهِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَاب الْمِلْكِ ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَلْزَمُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَلْزَمُ بِهِ بَلْ لَهُمَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } إذْ هُمَا مُتَبَايِعَانِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَهُ مُتَسَاوِمَانِ ، وَلَنَا أَنَّ الْعَقْدَ تَمَّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَدَخَلَ الْمَبِيعُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْفَسْخُ بَعْدَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّرَاضِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْآخَرِ بِإِبْطَالِ حَقِّهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى خِيَارِ الْقَبُولِ فَإِنَّهُ إذَا أَوْجَبَ أَحَدَهُمَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْخِيَارُ مَا دَامَا فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَأْخُذَا فِي عَمَلٍ آخَرَ وَفِي لَفْظِهِ إشَارَةٌ إلَيْهِ فَإِنَّهُمَا

مُتَبَايِعَانِ حَالَةَ الْبَيْعِ حَقِيقَةً ، وَمَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ مَجَازًا كَسَائِرِ أَسْمَاءِ الْفَاعِلِينَ مِثْلُ الْمُتَجَاذِبِينَ وَالْمُتَضَارَبِينَ فَيَكُونُ التَّفَرُّقُ عَلَى هَذَا بِالْأَقْوَالِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ } لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِقَبُولِهَا هَذَا تَأْوِيلُ مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : هُوَ التَّفَرُّقُ بِالْأَبْدَانِ بَعْدَ الْإِيجَابِ قَبْلَ الْقَبُولِ وَقَالَ عِيسَى هَذَا أَوْلَى لِمَا عَهِدْنَا فِي الشَّرْعِ أَنَّ الْفُرْقَةَ مُوجِبَةٌ لِلْفَسَادِ كَمَا فِي الصَّرْفِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَمَا ذَكَرُوهُ يُوجِبُ التَّمَامَ وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَكَانَ مَا ذَكَرْنَا أَوْلَى لِكَوْنِهِ مُرَادًا ، وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَبِيعُ وَيُفَارِقُهُ خُطُوَاتٌ خَشْيَةَ التَّرَادِّ تَأْوِيلٌ مِنْهُ ، وَتَأْوِيلُ الصَّحَابِيِّ عِنْدَنَا لَا يَكُونُ حُجَّةً أَوْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ لِقَطْعِ الِاحْتِمَالِ حَتَّى لَا يَحْتَجَّ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِذَلِكَ فَيَقْطَعُ الِاحْتِمَالَ بِيَقِينٍ احْتِيَاطًا ؛ لِئَلَّا يَحْمِلَهُ مُخَالِفُهُ عَلَيْهِ لَا ؛ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَالَ مَا أَدْرَكْت الصَّفْقَةَ حَيًّا فَهُوَ مِنْ مَالِ الْمُبْتَاعِ أَيْ إذَا هَلَكَ بَعْدَهَا ، وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ } مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ : إذْ هُمَا مُتَبَايِعَانِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَقِيقَةَ فِيهِ حَالَةُ الْبَيْعِ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَمَّاهُمَا مُتَبَايِعَيْنِ لِقُرْبِهِمَا مِنْ الْبَيْعِ كَمَا سَمَّى الْعَصِيرَ خَمْرًا وَإِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَبِيحًا وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ خِيَارُ الْقَبُولِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْخِيَارُ لَلَزِمَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الْآخَرِ وَلَدَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي وُسْعِ الْمُوجِبِ وَلِلْمُوجِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ

إبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَضَى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ لِلْكَفِيلِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْكَفِيلُ أَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى السَّاعِي قَبْلَ الْحَوْلِ حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُمَا أَنْ يَرْجِعَا فِيهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْكَفِيلِ وَالْفَقِيرِ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَقْضِيَ الدَّيْنَ وَأَنْ يَتِمَّ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ تَامٌّ فَلَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّحْقِيقِ كَبِعْتُ أَوْ اشْتَرَيْت أَوْ رَضِيت أَوْ أَعْطَيْتُك أَوْ خُذْهُ بِكَذَا وَالْإِرْسَالُ وَالْكِتَابُ كَالْخِطَابِ حَتَّى يُعْتَبَرَ مَجْلِسُ أَدَائِهِمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَعْضَ الْمَبِيعِ دُونَ الْبَعْضِ وَإِنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ إلَّا إذَا كَرَّرَ الْبَائِعُ لَفْظَةَ بِعْت مَعَ ذِكْرِ الثَّمَنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَهُ ذَلِكَ إنْ فَصَّلَ الثَّمَنَ بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذَيْنِ كُلَّ وَاحِدٍ بِكَذَا أَوْ بِعْتُك هَذِهِ الْعَشَرَةَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِكَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتَعَدَّدُ بِتَكْرَارِ لَفْظَةِ بِعْت عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ ، وَكَذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ فِي الْقَبْضِ عِنْدَ اتِّحَادِ الْعَقْدِ بِإِيفَاءِ ثَمَنِ الْبَعْضِ أَوْ إبْرَائِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِتَعَاطٍ ) أَيْ يَلْزَمُ بِالتَّعَاطِي أَيْضًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ خَسِيسًا أَوْ نَفِيسًا ، وَزَعَمَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي شَيْءٍ خَسِيسٍ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ وَلَا يَنْعَقِدُ فِي النَّفِيسِ لِعَدَمِهَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ جَوَازَ الْبَيْعِ بِاعْتِبَارِ الرِّضَا لَا بِصُورَةِ اللَّفْظِ وَقَدْ وُجِدَ التَّرَاضِي مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِيمَا يَتِمُّ بِهِ بَيْعُ التَّعَاطِي قِيلَ يَتِمُّ بِالدَّفْعِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ .

كِتَابُ الْبَيْعِ ) وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ الْبُيُوعِ ا هـ وَمُنَاسَبَةُ الْبَيْعِ بِالْوَقْفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إزَالَةَ الْمِلْكِ فَفِي الْوَقْفِ يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْوَاقِفِ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَفِي الْبَيْعِ يَزُولُ الْمِلْكُ عَنْ الْبَائِعِ وَيَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَكَانَ الْوَقْفُ كَالْمُفْرَدِ وَالْبَيْعُ كَالْمُرَكَّبِ مِنْ أَنَّ الْوَقْفَ فِيهِ زَوَالٌ بِلَا دُخُولٍ وَالْبَيْعُ فِيهِ زَوَالٌ وَدُخُولٌ وَالْمُفْرَدُ سَابِقٌ عَلَى الْمُرَكَّبِ فَلِذَا أَخَّرَ ذِكْرَ الْبَيْعِ عَنْهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ثُمَّ الْبَيْعُ مَصْدَرٌ فَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَفْعُولُ فَيَجْمَعُ بِاعْتِبَارِهِ كَمَا يُجْمَعُ الْمَبِيعُ وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى وَهُوَ الْأَصْلُ فَجَمْعُهُ بِاعْتِبَارِ أَنْوَاعِهِ ، فَإِنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ سَلَمًا وَهُوَ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ وَقَلْبُهُ وَهُوَ الْبَيْعُ الْمُطْلَقُ وَصَرْفًا وَهُوَ بَيْعُ الثَّمَنِ بِالثَّمَنِ وَمُقَايَضَةً بَيْعُ الْعَيْنِ بِالْعَيْنِ وَبِخِيَارٍ وَمُنَجَّزًا وَمُؤَجَّلَ الثَّمَنِ وَمُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً وَوَضِيعَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ الْكَمَالُ : وَأَمَّا مَفْهُومُهُ لُغَةً وَشَرْعًا فَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَيْعُ لُغَةً مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ ، وَكَذَا فِي الشَّرْعِ لَكِنْ زِيدَ فِيهِ قَيْدُ التَّرَاضِي ا هـ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّرَاضِيَ لَا بُدَّ مِنْهُ لُغَةً أَيْضًا فَإِنَّهُ لَا يُفْهَمُ مِنْ بَاعَهُ وَبَاعَ زَيْدٌ عَبْدَهُ إلَّا أَنَّهُ اُسْتُبْدِلَ بِهِ بِالتَّرَاضِي وَأَنَّ الْأَخْذَ غَصْبًا وَإِعْطَاءَ شَيْءٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ تَرَاضٍ لَا يَقُولُ فِيهِ أَهْلُ اللُّغَةِ بَاعَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ يُقَالُ بَاعَ كَذَا ) وَيَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ بَاعَ زَيْدٌ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ مِنْهُ قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ كَتَبْت عَلَى هَامِشِ الْمَجْمَعِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ حَاشِيَةً مِنْ الْمِصْبَاحِ نَافِعَةً هُنَا ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ ؛

لِأَنَّهُمَا يَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْحُكْمُ ، وَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَتَّى لَا يَنْعَقِدَ مِنْ غَيْرِ أَهْلٍ وَمَحَلُّهُ الْمَالُ وَلَا يُنْبِئُ عَنْهُ شَرْعًا وَحُكْمُهُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ وَلِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ إذَا كَانَ بَاتًّا وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا ا هـ اخْتِيَارٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : بِالتَّرَاضِي ) وَهَذَا التَّعْرِيفُ يَتَنَاوَلُ الْقَرْضَ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي اللُّغَةِ هُوَ مُطْلَقُ الْمُبَادَلَةِ ) ، وَكَذَا الشِّرَاءُ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ } ، وَقَالَ { أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ } وَفِي الشَّرْعِ مُبَادَلَةُ الْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ بِالْمَالِ الْمُتَقَوِّمِ تَمْلِيكًا وَتَمَلُّكًا فَإِنْ وُجِدَ تَمْلِيكُ الْمَالِ بِالْمَنَافِعِ فَهُوَ إجَارَةٌ أَوْ نِكَاحٌ ، وَإِنْ وُجِدَ مَجَّانًا فَهُوَ هِبَةٌ ا هـ اخْتِيَارٌ وَفِي مُشْكِلَاتِ خُوَاهَرْ زَادَهْ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَيْعُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَالِ بِالْمَالِ وَفِي الشَّرْعِ هَكَذَا أَيْضًا ، وَكَذَا الشِّرَاءُ وَالِاشْتِرَاءُ وَالِابْتِيَاعُ وَبِاعْتِبَارِ حَقِيقَةِ اللُّغَةِ تَقَعُ هَذِهِ الْأَلْفَاظُ عَلَى فِعْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى سَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ قَالَ تَعَالَى { وَشَرَوْهُ } أَيْ بَاعُوهُ إلَّا أَنَّ فِي الْعُرْفِ اخْتَصَّ لَفْظُ الْبَيْعِ بِالْبَائِعِ وَلَفْظُ الشِّرَاءِ وَالِاشْتِرَاءِ وَالِابْتِيَاعِ بِالْمُشْتَرِي ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِأَمْرِ الْبَائِعِ وَكُلٌّ مِنْ عِوَضَيْهِ مَالٌ مَلَكَ الْمَبِيعَ بِقِيمَتِهِ قَالَ الشَّارِحُ وَشَرْطٌ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَقْدِ عِوَضَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا مَالٌ لِيَتَحَقَّقَ رُكْنُ الْبَيْعِ وَهُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ لِيَخْرُجَ عَنْهُ الْبَيْعُ

بِالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهِ وَالْبَيْعُ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ فِي رِوَايَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ ) فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { يَا مَعْشَرَ التُّجَّارِ إنَّ الْبَيْعَ يَحْضُرُهُ اللَّغْوُ وَالْحَلِفُ فَشُوبُوهُ بِالصَّدَقَةِ } ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيَلْزَمُ ) أَيْ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ انْعِقَادًا لَازِمًا ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : بِإِيجَابٍ ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْإِثْبَاتُ وَفِي الْفِقْهِ مَا يُذْكَرُ أَوَّلًا مِنْ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ خِيَارُ الْقَبُولِ لِلْآخَرِ انْتَهَى شُمُنِّيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِإِيجَابٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْإِيجَابُ عِبَارَةٌ عَمَّا صَدَرَ عَنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوَّلًا سُمِّيَ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِيجَابَ نَقِيضُ السَّلْبِ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ وَالْمُتَكَلِّمُ مِنْهُمَا أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت يُرِيدُ إثْبَاتَ الْعَقْدِ بِشَرْطِ أَنْ يَضُمَّ إلَيْهِ قَوْلَ الْآخَرِ أَوْ سُمِّيَ بِهِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِعْت وَاشْتَرَيْت فِعْلٌ وَالْفِعْلُ صَرْفُ الْمُمْكِنِ مِنْ الْإِمْكَانِ إلَى الْوُجُودِ فَكَانَ قَوْلُهُ بِعْت أَوْ اشْتَرَيْت إيجَابًا ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ كَانَ فِي حَيِّزِ الْإِمْكَانِ فَصَارَ بَعْدَ التَّلَفُّظِ وَاجِبَ الْوُجُودِ لِغَيْرِهِ ثُمَّ سُمِّيَ كَلَامُ الْآخَرِ قَبُولًا لِمَا أَوْجَبَهُ الْآخَرُ وَإِنْ كَانَ هُوَ إيجَابًا فِي الْحَقِيقَةِ حَتَّى يَمْتَازَ السَّابِقُ مِنْ كَلَامِ الْعَاقِدِ مِنْ اللَّاحِقِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَيْضًا قَالَ الْكَمَالُ وَالْإِيجَابُ لُغَةً الْإِثْبَاتُ لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَالْمُرَادُ هُنَا إثْبَاتُ الْفِعْلِ الْخَاصِّ الدَّالِّ عَلَى الرِّضَا الْوَاقِعِ أَوَّلًا سَوَاءٌ وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ كَبِعْتُ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي كَأَنْ يَبْتَدِئَ الْمُشْتَرِي فَيَقُولُ : اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِأَلْفٍ وَالْقَبُولُ الْفِعْلُ الثَّانِي وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْهُمَا إيجَابٌ أَيْ إثْبَاتٌ فَسُمِّيَ الْإِثْبَاتُ الثَّانِي بِالْقَبُولِ تَمْيِيزًا لَهُ عَنْ الْإِثْبَاتِ

الْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ يَقَعُ قَبُولًا وَرِضًا بِفِعْلِ الْأَوَّلِ وَحَيْثُ لَمْ يَصِحَّ إرَادَةُ اللَّفْظَيْنِ بِالْبَيْعِ بَلْ حُكْمُهُمَا وَهُوَ الْمِلْكُ فِي الْبَدَلَيْنِ وَجَبَ أَنْ يُرَادَ بِقَوْلِهِ يَنْعَقِدُ يَثْبُتُ أَيْ الْحُكْمُ فَإِنَّ الِانْعِقَادَ إنَّمَا هُوَ لِلَّفْظَيْنِ لَا لِلْمِلْكِ أَيْ انْضِمَامُ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ عَلَى وَجْهٍ يَثْبُتُ أَثَرُهُ الشَّرْعِيُّ ، وَقَوْلُهُ فِي الْقَبُولِ : إنَّهُ الْفِعْلُ الثَّانِي يُفِيدُ كَوْنَهُ أَعَمَّ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ مِنْ الْفُرُوعِ مَا لَوْ قَالَ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ بِدِرْهَمٍ فَأَكَلَهُ تَمَّ الْبَيْعُ وَأَكْلُهُ حَلَالٌ وَالرُّكُوبُ وَاللُّبْسُ بَعْدَ قَوْلِ الْبَائِعِ ارْكَبْهَا بِمِائَةٍ وَالْبَسْهُ بِكَذَا رِضًا بِالْبَيْعِ ، وَكَذَا إذَا قَالَ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ فَقَبَضَهُ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا كَانَ قَبْضُهُ قَبُولًا بِخِلَافِ بَيْعِ التَّعَاطِي فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إيجَابُ قَبْضٍ بَعْدَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي مِثْلُهُ فَفِي جَعْلِهِ مَسْأَلَةَ الْقَبْضِ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُكَهُ بِأَلْفٍ مِنْ صُوَرِ التَّعَاطِي كَمَا فَعَلَهُ بَعْضُهُمْ نَظَرٌ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا بِكَذَا فَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَى هَؤُلَاءِ فَفَعَلَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا جَازَ وَكَذَلِكَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا فَاقْطَعْهُ لِي قَمِيصًا فَقَطَعَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ انْتَهَى مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَقَبُولُ ) أَيْ وَهُوَ مَا يُذْكَرُ آخِرًا مِنْ كَلَامِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ ا هـ شُمُنِّيٌّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِقَبُولِهَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا بِالْأَبْدَانِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : وَمَا ذَكَرُوهُ يُوجِبُ التَّمَامَ ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ التَّفَرُّقُ بِالْأَقْوَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يُنْبِئُ عَنْ التَّحْقِيقِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ الْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ إذَا كَانَا بِلَفْظِ الْمَاضِي قَالَ

الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِأَنْ يَكُونَا بِلَفْظِ الْمَاضِي إذَا لَمْ يُوجَدْ نِيَّةُ الْحَالِ مِنْ لَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ فَإِذَا وُجِدَتْ تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا ، أَلَا تَرَى إلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ثُمَّ عَقْدُ الْبَيْعِ تَارَةً يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ وَتَارَةً يَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ ، فَأَمَّا الَّذِي يَنْعَقِدُ بِلَفْظَيْنِ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى الْمَاضِي أَوْ عَلَى الْإِيجَابِ فِي الْحَالِ أَمَّا الْمَاضِي فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ : بِعْتُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ : أَخَذْت أَوْ قَبِلْت تَمَّ الْبَيْعُ وَلَوْ بَدَأَ الْمُشْتَرِي فَقَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت أَوْ قَالَ هُوَ لَك تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا بِلَفْظَيْنِ ، وَأَمَّا الْإِيجَابُ فَنَحْوُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ أَبِيعُ مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرَادَ بِهِ إيجَابَ الْبَيْعِ فِي الْحَالِ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت أَوْ اشْتَرَيْت أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرَادَ بِهِ الْإِيجَابَ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت تَمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا الَّذِي يَنْعَقِدُ بِثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ نَحْوُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا بِلَفْظِ الْأَمْرِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ بِعْت أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ بِعْت فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَقُلْ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى سَبِيلِ السُّؤَالِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت فَلَا يَتِمُّ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَقُلْ الْبَائِعُ بِعْت أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَتَبِيعُ مِنِّي هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْت فَلَا

يَتِمُّ الْبَيْعُ مَا لَمْ يَقُلْ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا اشْتَرَيْتُ إلَى هُنَا لَفْظُ رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ( قَوْلُهُ : أَوْ خُذْهُ بِكَذَا ) قَالَ الْكَمَالُ ، وَكَذَا لَفْظُ خُذْهُ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا قَبِلَ بِأَنْ قَالَ أَخَذْته وَنَحْوَهُ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُسْتَقْبَلًا لَكِنَّ خُصُوصَ مَادَّتِهِ أَعْنِي الْأَمْرَ بِالْأَخْذِ يَسْتَدْعِي سَابِقُهُ الْبَيْعَ فَكَانَ كَالْمَاضِي إلَّا أَنَّ اسْتِدْعَاءَ الْمَاضِي سَبَقَ الْبَيْعَ بِحَسَبِ الْوَضْعِ وَاسْتِدْعَاءَ خُذْهُ سَبَقَهُ بِطَرِيقِ الِاقْتِضَاءِ فَهُوَ كَمَا إذَا قَالَ بِعْتُك عَبْدِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ فَهُوَ حُرٌّ عَتَقَ وَيَثْبُتُ اشْتَرَيْتُ اقْتِضَاءً ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ بِلَا فَاءٍ لَا يُعْتَقُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : حَتَّى يُعْتَبَرَ مَجْلِسُ أَدَائِهِمَا ) أَيْ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ ذَلِكَ بَعْدَمَا كَتَبَ وَبَعْدَمَا أَرْسَلَ قَبْلَ قَبُولِ الْآخَرِ سَوَاءٌ عَلِمَ الرَّسُولُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِخِلَافِ مَا إذَا عُزِلَ الْوَكِيلُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : يَلْزَمُ بِالتَّعَاطِي ) أَيْ وَهُوَ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ خَسِيسًا أَوْ نَفِيسًا ) قِيلَ النَّفِيسُ نِصَابُ السَّرِقَةِ فَصَاعِدًا وَالْخَسِيسُ مَا دُونَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَزَعَمَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِهِ فِي شَيْءٍ خَسِيسٍ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَأَرَادَ بِالْخَسِيسِ الْأَشْيَاءَ الْمُحَقَّرَةَ كَالْبَقْلِ وَالرَّغِيفِ وَالْبَيْضِ وَالْجَوْزِ اسْتِحْسَانًا لِلْعَادَةِ قَالَ أَبُو مُعَاذٍ رَأَيْت سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ جَاءَ إلَى صَاحِبِ الرُّمَّانِ فَوَضَعَ عِنْدَهُ فَلْسًا وَأَخَذَ رُمَّانَةً وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَمَضَى ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَيٌّ قَامَ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ ) مَعْنَاهُ إذَا أَوْجَبَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ ثُمَّ قَامَ أَحَدُهُمَا الْمُوجِبُ أَوْ الْآخَرُ قَبْلَ الْقَبُولِ بَطَلَ الْإِيجَابُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ وَالرُّجُوعِ فَيَبْطُلُ بِهِ كَسَائِرِ عُقُودِ الْمُبَادَلَةِ ، بِخِلَافِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ حَيْثُ لَا يَبْطُلَ بِقِيَامِ الزَّوْجِ وَالْمَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِمَا وَالْقَبُولُ شَرْطٌ وَالْأَيْمَانُ لَا تَبْطُلُ بِالْقِيَامِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ خِيَارُ الْقَبُولِ لَا يَمْتَدُّ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ بَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَنَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى التَّرَوِّي وَالْفِكْرِ وَالتَّأَمُّلِ فَجَعَلَ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ إذْ هُوَ جَامِعٌ لِلْمُتَفَرِّقَاتِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الْحَرَجُ وَفِيمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ حَرَجٌ بَيِّنٌ وَهُوَ مُنْتَفٍ بِالنَّصِّ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ } وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا } .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ ) قَالَ الْكَمَالُ إلَّا أَنَّ لِلْمَجْلِسِ أَثَرًا فِي جَمْعِ الْمُتَفَرِّقَاتِ وَبِالْقِيَامِ لَا يَبْقَى الْمَجْلِسُ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مَا دَامَ الْمَجْلِسُ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى اخْتَلَفَ الْمَجْلِسُ لَا يَنْعَقِدُ وَاخْتِلَافُهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ مِنْ الِاشْتِغَالِ بِعَمَلٍ آخَرَ وَنَحْوِهِ ، أَمَّا لَوْ قَامَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يَذْهَبْ فَظَاهِرُ الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى جَمْعٌ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَبُولُ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ قَاضِي خَانْ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ قَامَ أَحَدُهُمَا بَطَلَ الْإِيجَابُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ إذَا قَامَ الْبَائِعُ وَلَمْ يَذْهَبْ عَنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي صَحَّ ، وَإِلَيْهِ أُشِيرَ فِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ ا هـ .

وَقَالَ ( وَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ قَدْرِ وَوَصْفِ ثَمَنٍ غَيْرِ مُشَارٍ ) ؛ لِأَنَّ جَهَالَتَهُمَا تُفْضِي إلَى النِّزَاعِ الْمَانِعِ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَيَخْلُو الْعَقْدُ عَنْ الْفَائِدَةِ وَكُلُّ جَهَالَةٍ تُفْضِي إلَيْهِ يَكُونُ مُفْسِدًا قَالَ ( لَا مُشَارَ ) أَيْ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ أَبْلَغُ أَسْبَابِ التَّعْرِيفِ وَجَهَالَةُ وَصْفِهِ وَقَدْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ ؛ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ حَاضِرَانِ بِخِلَافِ الرِّبَوِيِّ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ جُزَافًا لِاحْتِمَالِ الرِّبَا وَبِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ إذَا كَانَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ الْقَدْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ ( وَصَحَّ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَبِأَجَلٍ مَعْلُومٍ ) مَعْنَاهُ إذَا بِيعَ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَلَمْ يَجْمَعْهُمَا قَدْرٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَعَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ إلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعَهُ } وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا ؛ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ قَالَ ( وَمُطْلَقُهُ عَلَى النَّقْدِ الْغَالِبِ ) أَيْ مُطْلَقُ الثَّمَنِ يَقَعُ عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَمُرَادُهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ هُنَا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الْبَلَدِ وَعَنْ قَيْدِ وَصْفِ الثَّمَنِ بَعْدَ أَنْ سُمِّيَ قَدْرُهُ بِأَنْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَثَلًا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَامَلِ بِهِ فِي بَلَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَعْلُومَ بِالْعُرْفِ كَالْمَعْلُومِ بِالنَّصِّ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَصْحِيحُ تَصَرُّفِهِ قَالَ .

قَوْلُهُ : تَكُونُ مُفْسِدَةً ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَيَكُونُ مُفْسِدًا ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ تَكُونُ مُفْسِدَةً مَا نَصُّهُ كَمَا فِي السَّلَمِ فَإِنَّ مَعْرِفَةَ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ شَرْطٌ لِجَوَازِ الْعَقْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِعْرَاضَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُشَارٍ إلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا يُشْتَرَطُ فِيهَا مَعْرِفَةُ الْمِقْدَارِ فِي الْمَبِيعِ وَمَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَوَصْفُهُ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَا مُشَارُ ) بِالرَّفْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ صَنِيعُ الْعَيْنِيِّ فِي شَرْحِهِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ لَا مُشَارَ مَا نَصُّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرٍ وَوَصْفٍ مُشَارٍ فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ مُشَارًا مَقَامَهُ ا هـ .

( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ النُّقُودُ فَسَدَ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ ) وَهَذَا إذَا كَانَ الْكُلُّ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً وَفِي الْمَالِيَّةِ مُخْتَلِفَةً ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَتَفْسُدُ إلَى أَنْ تُرْفَعَ بِالْبَيَانِ فَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّوَاجِ مُخْتَلِفَةً يَنْصَرِفُ إلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِنْ كَانَتْ فِي الْمَالِيَّةِ سَوَاءً جَازَ الْبَيْعُ كَيْفَمَا كَانَ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَرْوَجَ انْصَرَفَ إلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَتْ فِي الرَّوَاجِ سَوَاءً كَالْأُحَادِيِّ وَالثُّنَائِيِّ وَالثُّلَاثِيِّ جَازَ ؛ لِأَنَّ مَالِيَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَالثَّانِي كُلُّ اثْنَيْنِ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَالثَّالِثُ كُلُّ ثَلَاثَةٍ مِنْهُ دِرْهَمٌ وَنَظِيرُهُ الْكَامِلِيُّ وَالْعَادِلِيُّ وَالظَّاهِرِيُّ وَالْمَنْصُورِيُّ وَالنَّاصِرِيُّ الْيَوْمَ بِمِصْرَ فَإِذَا اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ فَأُعْطِيَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُنَازَعَةَ فِيهَا وَلَا اخْتِلَافَ فِي الْمَالِيَّةِ .( قَوْلُهُ : وَالنَّاصِرِيُّ ) مَاتَ النَّاصِرِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ قَلَاوُونَ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ وَإِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَمَاتَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ سَنَةَ سَبْعمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ ا هـ .

قَالَ ( وَيُبَاعُ الطَّعَامُ كَيْلًا وَجُزَافًا ) ؛ لِأَنَّهُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَصِيرُ مَعْلُومًا أَمَّا الْمُكَايَلَةُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الْجُزَافُ فَلِمَا بَيَّنَّا فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ وَمُرَادُهُ بِالْجُزَافِ إذَا بَاعَهُ بِخِلَافِ جِنْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ وَبِجِنْسِهِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ قَلِيلًا وَهُوَ مَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ قَالَ ( وَبِإِنَاءٍ أَوْ حَجَرٍ بِعَيْنِهِ لَا يُعْرَفُ قَدْرُهُ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَهِيَ الْمَانِعَةُ لَا مُجَرَّدًا لِجَهَالَةِ فَصَارَ كَالْمُجَازَفَةِ وَكَبَيْعِ شَيْءٍ لَا يُعْرَفُ وَصْفُهُ بِالْإِشَارَةِ وَلَا يُتَوَهَّمُ هَلَاكُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ يَجِبُ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ السَّلَمِ ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِيهِ مُتَأَخِّرٌ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فَيُحْتَمَلُ هَلَاكُهُ وَالِاحْتِمَالُ فِيهِ مُلْحَقٌ بِالْحَقِيقَةِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْإِنَاءُ لَا يَنْكَبِسُ بِالتَّكْبِيسِ وَلَا يَنْقَبِضُ وَلَا يَنْبَسِطُ كَالْقَصْعَةِ وَالْخَزَفِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْكَبِسُ كَالزِّنْبِيلِ وَالْقُفَّةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا فِي قِرَبِ الْمَاءِ اسْتِحْسَانًا لِلتَّعَامُلِ فِيهِ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَجَرُ يَتَفَتَّتُ وَكَذَا إذَا بَاعَهُ بِوَزْنِ شَيْءٍ يَخِفُّ إذَا جَفَّ كَالْخِيَارِ وَالْبِطِّيخِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ لَا يَجُوزُ بِوَزْنِ حَجَرٍ وَلَا بِإِنَاءٍ لَا يُعْرَفُ مِقْدَارُهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا جُزَافٌ وَشَرْطُ جَوَازِ الْجُزَافِ أَنْ يَكُونَ مُمَيَّزًا مُشَارًا إلَيْهِ وَلَوْ كَالَهُ بِهِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُمَيَّزًا مُشَارًا إلَيْهِ وَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ الْكَيْلَ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مُجَازَفَةً فَكَانَ الْمُسْتَحَقُّ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَيُبَاعُ الطَّعَامُ كَيْلًا ) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْكَيْلِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْجُزَافُ فَلِمَا بَيَّنَّاهُ ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ بِالْإِشَارَةِ تَرْتَفِعُ الْجَهَالَةُ ا هـ .

قَالَ ( وَمَنْ بَاعَ صُبْرَةً كُلَّ صَاعٍ بِدِرْهَمِ صَحَّ فِي صَاعٍ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا جَازَ فِي الْكُلِّ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُشَارَ إلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ لِجَوَازِ الْبَيْعِ وَجَهَالَةِ الثَّمَنِ بِأَيْدِيهِمَا رَفَعَهُمَا فَيَجُوزُ ، كَمَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا مِنْ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ ، بِخِلَافِ مَا إذَا آجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ حَيْثُ لَا يَجُوزُ إلَّا فِي شَهْرٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ الشُّهُورَ لَا نِهَايَةَ لَهَا فَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ الْجَهَالَةِ فِيهَا فَيُصْرَفُ إلَى الْأَقَلِّ ، كَمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى كُلِّ دِرْهَمٍ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ حَيْثُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الثَّمَنَ مَجْهُولٌ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ غَيْرَ أَنَّ الْأَقَلَّ مَعْلُومٌ فَيَصِحُّ فِيهِ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ وَمَا عَدَاهُ مَجْهُولٌ فَيَفْسُدُ كَمَا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ بِرَقْمِهِ ، بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَا بِهِ ؛ لِأَنَّ الرَّافِعَ لِلْجَهَالَةِ هُنَا وَهُوَ الْكَيْلُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْعَقْدِ وَفِي تِلْكَ مُقَارِنٌ ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ مَوْجُودٌ حَالَةَ التَّبَايُعِ ، ثُمَّ إذَا جَاءَ فِي قَفِيزٍ وَاحِدٍ عِنْدَهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ كَالَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ بِالْإِجْمَاعِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ تَقَرُّرِ الْفَسَادِ وَكَذَا إذَا سَمَّى جُمْلَةَ الْقُفْزَانِ وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَصَارَ كَمَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ بِالْإِيجَابِ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا لَمْ يَرَهُ فَرَآهُ وَإِنْ افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَعْرِفَ فَسَدَ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بَعْدَ الْمَجْلِسِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ حَيْثُ يَعُودُ صَحِيحًا بِإِزَالَةِ الْمُفْسِدِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ فِيهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ بِاعْتِبَارِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَيَعُودُ صَحِيحًا

قَبْلَ مَجِيئِهِ وَهُنَا تَمَكَّنَ فِيهِ فَيَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ .( قَوْلُهُ : فِي الْمَتْنِ وَمَنْ بَاعَ صُبْرَةً ) هِيَ اسْمٌ لِكَوْمٍ مِنْ الْحَبِّ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : كُلَّ صَاعٍ ) بِالنَّصْبِ بَدَلٌ مِنْ صُبْرَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ ) أَيْ إلَى الْجُمْلَةِ وَالثَّمَنُ مَعْلُومٌ بِالْعَدِّ وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَهُ الْخِيَارُ فِيهِمَا ) أَمَّا قَبْلَ التَّسْمِيَةِ وَالْكَيْلِ فَفِي صَاعٍ ، وَأَمَّا بَعْدَهُمَا فَفِي الْكُلِّ ا هـ عَيْنِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ بَاعَ ثَلَّةً ) أَيْ جَمَاعَةً وَمُرَادُهُ مِنْ الْغَنَمِ ( أَوْ ثَوْبًا كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَسَدَ فِي الْكُلِّ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ فِي الْكُلِّ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ رَفْعَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ بِأَيْدِيهِمَا لِمَا أَنَّ لَهَا نِهَايَةً ، وَلَهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْجَهَالَةِ إلَّا أَنَّ الْوَاحِدَ مُتَيَقَّنٌ بِهِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ أَفْرَادَ الشِّيَاهِ مُتَفَاوِتَةٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعٌ وَاحِدٌ مِنْهَا فَيَفْسُدُ وَقَطْعُ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَكُونُ ضَرَرًا عَلَى الْبَاقِي فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ جَذَعًا مِنْ سَقْفٍ وَعَلَى هَذَا كُلُّ عَدَدِيٍّ مُتَفَاوِتٌ قَالَ ( وَلَوْ سَمَّى الْكُلَّ صَحَّ فِي الْكُلِّ ) يَعْنِي لَوْ سَمَّى جُمْلَتَهُ فِي الْعَقْدِ جَازَ فِي الْكُلِّ فِي الْفَصْلَيْنِ فِي فَصْلِ الصُّبْرَةِ وَفِي فَصْلِ الشِّيَاهِ وَنَحْوِهِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَكَذَا إذَا سَمَّى بَعْدَ الْعَقْدِ فِي الْمَجْلِسِ لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِهِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا لَا يَتَأَتَّى لِجَوَازِهِ بِدُونِهِ قَالَ ( وَلَوْ نَقَصَ كَيْلٌ أُخِذَ بِحِصَّتِهِ أَوْ فُسِخَ وَإِنْ زَادَ فَلِلْبَائِعِ ) يَعْنِي لَوْ بَاعَ صُبْرَةً وَسَمَّى جُمْلَتَهَا بِأَنْ قَالَ بِعْتُكهَا عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَجَدَهَا نَاقِصَةً أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ إلَى آخِرِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ فَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِقَدْرِهَا وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ قِسْطَ كُلِّ قَفِيزٍ فَإِذَا تَعَلَّقَ بِقَدْرِهَا فَإِنْ وَجَدَهَا نَاقِصَةً فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَهَا زَائِدَةً فَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ إلَّا الْقَدْرُ الْمُسَمَّى فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إذْ الْقَدْرُ لَيْسَ بِوَصْفٍ قَالَ ( وَلَوْ نَقَصَ ذِرَاعٌ أُخِذَ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تُرِكَ وَإِنْ زَادَ فَلِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ ) مَعْنَاهُ إذَا بَاعَ مَذْرُوعًا وَسَمَّى جُمْلَةَ

الذُّرْعَانِ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا ثُمَّ وَجَدَهُ نَاقِصًا أَخَذَهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ وَصْفٌ لِلْمَذْرُوعِ فَلَا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ عَلَى الْأَوْصَافِ فَيَكُونُ كُلُّ الثَّمَنِ مُقَابَلًا بِالْعَيْنِ كُلِّهَا بِخِلَافِ الْأَوَّلِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ نَاقِصًا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ وَصْفٍ مَرْغُوبٍ فِيهِ مَشْرُوطًا فِي الْعَقْدِ وَإِنْ وَجَدَهُ زَائِدًا فَهُوَ لَهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ كَمَا إذَا شَرَطَ مَعِيبًا فَوَجَدَهُ سَلِيمًا وَبِالْعَكْسِ وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ سَلِيمًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ وَصْفٌ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَيَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَبِيعَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ أَنْ يَذْرَعَهُ وَلَوْ كَانَ قَدْرًا لَمَا جَازَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَزِيدَ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ كَمَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَالَ ( وَلَوْ قَالَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا وَنَقَصَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ أَوْ تَرَكَ وَإِنْ زَادَ أَخَذَ كُلَّهُ كُلَّ ذِرَاعٍ بِكَذَا أَوْ فَسَخَ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ بِعْتُكَهُ عَلَى أَنَّهُ عَشْرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا فَوَجَدَهُ نَاقِصًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَإِنْ وَجَدَهُ زَائِدًا أَخَذَهُ كُلَّهُ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ فَسَخَ ؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ وَإِنْ كَانَ وَصْفًا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ يُنْتَفَعُ بِهِ بِانْفِرَادِهِ فَإِذَا سَمَّى لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا جُعِلَ أَصْلًا وَإِلَّا فَهُوَ وَصْفٌ فَإِذَا صَارَ أَصْلًا فَإِنْ وَجَدَهُ نَاقِصًا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَدَهُ زَائِدًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ أَيْضًا إنْ شَاءَ أَخَذَهُ كُلَّهُ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ فَكَانَ فِيهِ نَفْعٌ يَشُوبُهُ

ضَرَرٌ فَيُخَيَّرُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْقَدْرَ الْمُسَمَّى وَيَتْرُكَ الزَّائِدَ ؛ لِأَنَّ التَّبْعِيضَ يَضُرُّ الْبَائِعَ بِخِلَافِ الصُّبْرَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ الْمَذْرُوعِ ابْتِدَاءً وَفِي الصُّبْرَةِ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْلُومٌ وَلَمَّا كَانَ الذِّرَاعُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ أَصْلًا اُعْتُبِرَ أَصْلًا فِي حَقِّ انْقِسَامِ الثَّمَنِ عَلَى الذُّرْعَانِ وَبَقِيَ وَصْفًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ كَدُخُولِ الْفَاضِلِ فِي الْمَبِيعِ وَإِنْ سَمَّى لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ بَاعَ ثَلَّةً ) بِفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ وَهِيَ الْقَطِيعُ مِنْ الْغَنَمِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ سُمِّيَ الْكُلُّ صَحَّ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ مِائَةُ شَاةٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ مِائَةُ ذِرَاعٍ بِمِائَةٍ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَخَذَ الْمَوْجُودَ بِحِصَّتِهِ ) أَيْ لِأَنَّ الثَّمَنَ يَنْقَسِمُ بِالْأَجْزَاءِ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ الْمِثْلِيِّ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ كَيْلِيًّا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِمَا سُمِّيَ مِنْ الْكَيْلِ مِثْلُ إنْ قَالَ بِعْت هَذِهِ الصُّبْرَةَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ قَفِيزٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَا يَتَفَاوَتُ الْحُكْمُ بَيْن أَنْ يُسَمِّيَ لِكُلِّ قَفِيزٍ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ كُلُّ قَفِيزٍ بِكَذَا أَوْ لَمْ يُسَمِّ فَأَوْجَدَ الْمُسَمَّى كَمَا قُدِّرَ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي بِلَا خِيَارٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ وَجَدَهَا نَاقِصَةً ) أَيْ عَنْ الْمِائَةِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : إنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِحِصَّتِهَا ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ وَطَرَحَ حِصَّةَ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّ الْقُفْزَانَ لَمَّا كَانَتْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا انْقَسَمَ الثَّمَنُ عَلَيْهَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْكَيْلِيَّاتِ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْوَزْنِيَّاتِ الَّتِي لَيْسَ فِي تَبْعِيضِهَا مَضَرَّةٌ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى جُمْلَةٍ مَعْلُومَةٍ فَإِذَا نَقَصَتْ يَلْزَمُ تَفَرُّقُ الصِّفَةِ لَا مَحَالَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : إلَّا الْقَدْرُ الْمُسَمَّى ) أَيْ وَهُوَ مِائَةُ قَفِيزٍ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَى الْمِائَةِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : إذْ الْقَدْرُ لَيْسَ بِوَصْفٍ ) أَيْ الْقَدْرُ الزَّائِدُ لَيْسَ وَصْفًا بَلْ هُوَ الْأَصْلُ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : وَلَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ ) اعْلَمْ أَنَّ الذَّرْعِيَّاتِ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ فِيهَا بَيْنَ أَنْ

يُسَمَّى لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا وَبَيْنَ أَنْ لَا يُسَمِّيَ لَمْ يَكْتُبْ الْمُحَشِّي ( قَوْلُهُ : مَعْنَاهُ إذَا بَاعَ ) أَيْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ بِعَشَرَةٍ أَوْ أَرْضًا عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ بِمِائَةٍ انْتَهَى غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : كَمَا إذَا شَرَطَ مَعِيبًا فَوَجَدَهُ سَلِيمًا ) أَيْ كَمَا إذَا بَاعَ عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ أَعْمَى فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي بَصِيرًا حَيْثُ لَا خِيَارَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَخَذَ بِحِصَّتِهِ أَوْ تَرَكَ ) أَيْ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ وَجَدَهُ زَائِدًا أَخَذَهُ كُلَّهُ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ فَسَخَ ) وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الذِّرَاعَ فِي الْمَذْرُوعَاتِ وَصْفٌ ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ طُولٍ فِيهِ لَكِنَّهُ وَصْفٌ يَسْتَلْزِمُ زِيَادَةَ أَجْزَاءٍ فَإِنْ لَمْ يُفْرَدْ بِثَمَنٍ كَانَ تَابِعًا مَحْضًا فَلَا يُقَابَلُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ، وَإِذَا كَانَ تَابِعًا مَحْضًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَالتَّوَابِعُ لَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ حَتَّى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَأَعْوَرَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَا يَنْقُصُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَعْوَرَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَازَ لَهُ أَنْ يُرَابِحَ عَلَى ثَمَنِهَا بِلَا بَيَانٍ فَعَلَيْهِ تَمَامُ الثَّمَنِ فِي صُورَةِ النَّقْصِ ، وَإِنَّمَا يَتَخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَشْرُوطِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ كَاتِبٌ فَوَجَدَهُ لَا يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ وَلَهُ الزِّيَادَةُ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ كَمَا إذَا بَاعَهُ عَلَى أَنَّهُ بِعَيْبٍ فَوَجَدَهُ سَلِيمًا هَذَا إنْ لَمْ يُفْرِدْ بِالثَّمَنِ فَإِنْ أَفْرَدَ بِالثَّمَنِ وَهُوَ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّهَا مِائَةٌ بِمِائَةٍ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَارَ أَصْلًا وَارْتَفَعَ عَنْ التَّبَعِيَّةِ فَنَزَّلَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِمَنْزِلَةِ ثَوْبٍ وَلَوْ بَاعَهُ هَذِهِ الرِّزْمَةَ مِنْ الثِّيَابِ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ثَوْبٍ كُلَّ

ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ فَوَجَدَهَا نَاقِصَةً يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الْأَثْوَابَ الْمَوْجُودَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ فَكَذَا إذَا وَجَدَ الذُّرْعَانَ نَاقِصَةً فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَهَذَا لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهَا بِكُلِّ الثَّمَنِ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُ كُلِّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَلَوْ وَجَدَهَا زَائِدَةً لَمْ تُسْلَمْ لَهُ الزِّيَادَةُ لِصَيْرُورَتِهِ أَصْلًا كَمَا لَمْ يُسْلَمْ لَهُ الثَّوْبُ الْمُفْرَدُ فِيمَا إذَا زَادَ عَدَدُ الثِّيَابِ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ فَإِنَّ عَدَدَ الثِّيَابِ إذَا زَادَ فَسَدَ الْبَيْعُ لِلُزُومِ جَهَالَةِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ الْمُنَازَعَةَ تَجْرِي فِي تَعْيِينِ الثَّوْبِ الَّذِي يُرَدُّ إلَى الْبَائِعِ بِسَبَبِ أَنَّهُ أَصْلٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِيَفْسُدَ فَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ الزَّائِدَ بِحِصَّتِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ لَهُ أَخْذُ الزَّائِدِ لَكِنَّهُ بِضَرَرٍ يَلْحَقُهُ وَهُوَ زِيَادَةُ الثَّمَنِ وَلَمْ يَكُنْ يَلْتَزِمُ هَذِهِ الزِّيَادَةَ بِعَقْدِ الْبَيْعِ فَكَانَ لَهُ الْخِيَارُ وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا الطُّولَ وَصْفًا تَارَةً وَأَصْلًا أُخْرَى وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْقَدْرَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ إلَّا أَصْلًا دَائِمًا مَعَ أَنَّ الطُّولَ وَالْعَرْضَ أَيْضًا يَرْجِعُ إلَى الْقَدْرِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْقَدْرُ وَصْفًا اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ فَقِيلَ : لِأَنَّ الْمِثْلَ لَا يَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِنُقْصَانِ الْقَدْرِ فَإِنَّ الصُّبْرَةَ الْكَائِنَةَ مِائَةُ قَفِيزٍ لَوْ صَارَتْ قَفِيزَيْنِ فِي الْغَلَّةِ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَةُ الْقَفِيزِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَالْأَرْضِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الثَّوْبَ الَّذِي عَادَتُهُ عَشَرَةً وَهُوَ قَدْرُ مَا يُفَصَّلُ قَبَاءً أَوْ فَرَجِيَّةً كَانَ بِثَمَنٍ إذَا قُسِّمَ عَلَى أَجْزَائِهِ يُصِيبُ كُلَّ ذِرَاعٍ مِنْهُ مِقْدَارٌ وَلَوْ أَفْرَدَ الذِّرَاعَ وَبِيعَ بِمُفْرَدِهِ لَمْ يُسَاوِ فِي الْأَسْوَاقِ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ بِأَقَلَّ مِنْهُ بِكَثِيرٍ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْغَرَضَ الَّذِي يُصْنَعُ بِالثَّوْبِ الْكَامِلِ فَعَلِمْنَا

أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ كَثَوْبٍ كَامِلٍ مُفْرَدٍ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ ( وَفَسَدَ بَيْعُ عَشْرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ لَا أَسْهُمَ ) أَيْ لَا يَفْسُدُ بَيْعُ عَشْرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ دَارٍ وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ لَوْ بَاعَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ دَارٍ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ وَنَحْوِهِ يَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ لَا تُعْرَفُ نِسْبَتُهُ إلَى جَمِيعِ الدَّارِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ عَشْرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ أَوْ مِنْ ثَلَاثِينَ مَثَلًا حَيْثُ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ ، عُشْرٌ أَوْ ثُلُثٌ وَلَعَلَّ الشَّيْخَ قَصَدَ هَذَا وَلَكِنَّ إجْحَافَهُ فِي الِاخْتِصَارِ أَدَّاهُ إلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ وَفَسَدَ بَيْعُ عَشْرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ عَلَى قَوْلِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا لِلْجَهَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَهْمًا مِنْهَا أَوْ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْهَا وَلَمْ يَقُلْ مِنْ كَذَا سَهْمًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ يُمْكِنُ رَفْعُهَا بِالذَّرْعِ فَتُعْرَفُ فَلَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَهْمًا مِنْهَا أَوْ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ إذْ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْجَهَالَةِ فِيهِ وَلَوْ بَاعَ عَشْرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ فَسَدَ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الدَّارُ مِائَةَ ذِرَاعٍ لِأَنَّهُ عُشْرُهَا فَأَشْبَهَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ ، وَلَهُ أَنَّ الذِّرَاعَ اسْمٌ لِآلَةٍ يُذْرَعُ بِهَا وَاسْتُعِيرَ لِمَا يَحُلُّهُ الذِّرَاعُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَا مُشَاعَ ثُمَّ لَا يُعْلَمُ مَحَلُّهُ مِنْ أَيِّ الْجَوَانِبِ هُوَ عَلَى التَّعْيِينِ فَلَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ ؛ لِأَنَّهُ شَائِعٌ فَلَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ ، وَذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْفَسَادَ عِنْدَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ جُمْلَةَ الذُّرْعَانِ ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ جُمْلَتَهَا فَيَجُوزُ عِنْدَهُ فَجَعَلَهَا نَظِيرَ بَيْعِ شِيَاهٍ مِنْ الْقَطِيعِ كُلُّ شَاةٍ بِدِينَارٍ فَإِنَّهُ إنْ عَلِمَ عَدَدَهَا جُمْلَةً يَجُوزُ عِنْدَهُ وَإِلَّا فَلَا

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ مُطْلَقًا لِمَا ذَكَرْنَا .

( قَوْلُهُ : وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَجُوزُ ) أَيْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ انْتَهَى ابْنُ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْجَهَالَةَ يُمْكِنُ رَفْعُهَا بِالذَّرْعِ ) أَيْ بِأَنْ يُذْرَعَ جَمِيعُ الدَّارِ فَيُعْرَفُ أَنَّ الْمَبِيعَ عُشْرُهَا أَوْ خُمُسُهَا انْتَهَى ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَهْمًا مِنْهَا أَوْ عَشَرَةً ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ كَذَا سَهْمًا انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : إذْ لَا يُمْكِنُ رَفْعُ الْجَهَالَةِ فِيهِ ) أَيْ فَكَانَتْ مُفْسِدَةً لِلْعَقْدِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بَاعَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ : وَمَنْ بَاعَ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ دَارٍ أَوْ حَمَّامٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا هُوَ جَائِزٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ اشْتَرَى عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ جَازَ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَمَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمُؤَدَّى مِنْ بَيْعِ عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شَائِعٍ فَعِنْدَهُمَا شَائِعٌ كَأَنَّهُ بَاعَ عُشْرَ مِائَةٍ وَبَيْعُ الشَّائِعِ جَائِزٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي بَيْعِ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ وَعِنْدَهُ مُؤَدَّاهُ قَدْرٌ مُعَيَّنٌ وَالْجَوَانِبُ مُخْتَلِفَةُ الْحُدُودِ فَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي تَعْيِينِ مَكَانِ الْعَشَرَةِ فَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مُؤَدَّى عَشَرَةِ أَذْرُعٍ مِنْ مِائَةٍ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ شَائِعٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا ، وَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ مُتَعَيِّنٌ لَمْ يَخْتَلِفُوا فَهُوَ نَظِيرُ اخْتِلَافِهِمْ فِي نِكَاحِ الصَّابِئَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمْ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَلَا كِتَابَ لَهُمْ أَوْ لَهُمْ كِتَابٌ فَلَوْ اتَّفَقُوا عَلَى الثَّانِي اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِهِ أَوْ عَلَى الْأَوَّلِ اتَّفَقُوا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ فَالشَّأْنُ فِي تَرْجِيحِ الْمَبْنِيِّ انْتَهَى ( قَوْلُهُ : إذَا كَانَتْ الدَّارُ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ ، وَقَالَا هُوَ جَائِزٌ إذَا كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا مِائَةَ ذِرَاعٍ هَكَذَا ذَكَرَ

الصَّدْرُ الشَّهِيدُ وَالْإِمَامُ الزَّاهِدُ الْعَتَّابِيُّ فِي شَرْحَيْهِمَا وَيُفْهَمُ هَذَا الْقَيْدُ مِنْ تَعْلِيلِهِمَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ إنَّمَا تَكُونُ عُشْرَ الدَّارِ إذَا كَانَ كُلُّهَا مِائَةً أَمَّا إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ بَيْعَ عُشْرِ الدَّارِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ وَالْعَشَرَةُ الْأَذْرُعُ مِنْ الْمِائَةِ عَشْرٌ فَجَازَ ، وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْهَا إجْمَاعًا وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى قَدْرٍ مِنْ الدَّارِ مُعَيَّنٍ لَا عَنْ شَائِعٍ وَذَلِكَ الْقَدْرُ مَجْهُولٌ فِي نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُ لَا يُعْلَمُ أَمِنْ جَانِبٍ شَرْقِيٍّ هُوَ أَوْ مِنْ جَانِبٍ غَرْبِيٍّ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا فَيَصِيرُ هُوَ تَابِعًا فِي الْحَقِيقَةِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ عَيْنًا مِنْ الدَّارِ وَتِلْكَ الْأَذْرُعُ مَجْهُولَةٌ فِي نَفْسِهَا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَجْهُولِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِ الدَّارِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْبَيْتَ أَوْ بَاعَ قِسْمًا مِنْ الْأَقْسَامِ مِنْ الدَّارِ الْمَقْسُومَةِ عَلَى ثَلَاثٍ وَهَذَا لِأَنَّ الْقِسْمَ لَيْسَ بِاسْمٍ لِلشَّائِعِ بَلْ هُوَ اسْمٌ لِجُزْءٍ مُقَدَّرٍ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَجْهُولًا فِي نَفْسِهِ لِجَهَالَةِ مَوْضِعِهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ بِخِلَافِ عُشْرِ الدَّارِ أَوْ بَيْعِ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ مِنْ الدَّارِ ؛ لِأَنَّ الْعُشْرَ اسْمٌ آخَرُ لِشَائِعٍ مَعْلُومٍ فِي نَفْسِهِ وَكَذَلِكَ عَشَرَةُ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ فَإِنَّهَا عَشْرٌ أَيْضًا وَالسَّهْمُ لَا يُشْبِهُ الذِّرَاعَ ، أَلَا تَرَى أَنَّ ذِرَاعًا مِنْ مِائَةِ ذِرَاعٍ مِثْلُ ذِرَاعٍ مِنْ عَشَرَةٍ فَظَهَرَ الْفَرْقُ وَبَيَانُ مَا قُلْنَا أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الدَّارِ لَا عَلَى شَائِعٍ إذْ الذِّرَاعُ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِخَشَبَةٍ يُذْرَعُ بِهَا الْمَمْسُوحُ وَلَيْسَتْ هِيَ بِمُرَادَةٍ مِنْ الْبَيْعِ بَلْ الْمُرَادُ مَا يَحِلُّهُ الذِّرَاعُ وَيُجَاوِرُهُ مَجَازًا بِإِطْلَاقِ اسْمِ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ وَمَا يَحِلُّهُ الذِّرَاعُ مُعَيَّنٌ لَا

شَائِعٌ ؛ لِأَنَّ الشَّائِعَ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُذْرَعَ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يُسْتَعَارَ الذِّرَاعُ لِلشَّائِعِ ؛ لِأَنَّ الشَّائِعَ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلذِّرَاعِ فَلَمَّا أُرِيدَ مِنْ الذِّرَاعِ مَا يَحِلُّهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ لَكِنَّهُ مَجْهُولُ الْوَضْعِ بَطَلَ الْعَقْدُ وَقَوْلُهُمَا اسْتِحْسَانٌ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ قِيَاسٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَأَشْبَهَ عَشَرَةَ أَسْهُمٍ مِنْ مِائَةِ سَهْمٍ ) وَبِهِ قَالَتْ الثَّلَاثَةُ ا هـ .

قَالَ ( وَإِنْ اشْتَرَى عِدْلًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فَنَقَصَ أَوْ زَادَ فَسَدَ ) يَعْنِي إذَا اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مَثَلًا وَلَمْ يُبَيِّنْ ثَمَنَ كُلِّ ثَوْبٍ ثُمَّ إذَا وَجَدَهُ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا فَسَدَ الْبَيْعُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ فِي الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَرُدَّ الثَّوْبَ الزَّائِدَ فَيَتَنَازَعَانِ فِي الْمَرْدُودِ وَلِجَهَالَةِ الثَّمَنِ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُسْقِطَ حِصَّةَ ثَمَنِ الْمَعْدُومِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَيُؤَدِّيَ إلَى النِّزَاعِ ، قَالَ ( وَلَوْ بَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ ثَوْبٍ وَنَقَصَ صَحَّ بِقَدْرِهِ وَخُيِّرَ وَإِنْ زَادَ فَسَدَ ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ زَائِدًا تَبْقَى الْجَهَالَةُ فِي الْمَرْدُودِ فَيُؤَدِّي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَفِي فَصْلِ النُّقْصَانِ ثَمَنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثِّيَابِ مَعْلُومٌ فَالْمَوْجُودُ يَصِحُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَبْطُلُ فِي الْمَعْدُومِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مَعْدُومٍ وَمَوْجُودٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَصَارَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ شَرْطًا لِقَبُولِهِ فِي الْمَوْجُودِ فَكَانَ فَاسِدًا كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَبَيْنَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ بَاعَ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا هَرَوِيَّانِ وَبَيَّنَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِذَا أَحَدُهُمَا مَرْوِيٌّ فَإِنَّ الْعَقْدَ عِنْدَهُ فَاسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ فَكَذَا هَذَا وَعِنْدَهُمَا جَائِزٌ فَكَذَا هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَيْعَ يَتَعَدَّدُ بِتَفْصِيلِ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَتَعَدَّدُ لَفْظَةُ الْبَيْعِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي فَصْلِ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ شَرْطًا لِقَبُولِهِ فِي الْمَوْجُودِ بَلْ قَصَدَ بَيْعَ الْمَوْجُودِ إلَّا أَنَّهُ غَلَطٌ فِي الْعَدَدِ ، بِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ فَإِنَّهُ قَصَدَ الْإِيجَابَ فِيهِمَا فَجَعَلَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطًا لِقَبُولِهِ فِي الْآخَرِ وَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ يُحَقِّقُهُ أَنَّ

الشَّيْئَيْنِ الْمَوْصُوفَيْنِ بِوَصْفٍ إذَا دَخَلَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ كَانَ قَبُولُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ بِذَلِكَ الْوَصْفِ ، إذْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُقْبَلَ الْعَقْدُ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِذَا انْعَدَمَ ذَلِكَ الْوَصْفُ فِي أَحَدِهِمَا كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فَاسِدًا فِي الْآخَرِ فَبِالنَّظَرِ إلَى وُجُودِ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَانَ شَرْطًا وَبِالنَّظَرِ إلَى انْعِدَامِ ذَلِكَ الْوَصْفِ كَانَ فَاسِدًا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَعْدُومًا بِذَاتِهِ وَوَصْفِهِ لَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ حَتَّى يَكُونَ قَبُولُهُ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَبُولُ بَلْ هُوَ غَلَطٌ مَحْضٌ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِنْ اشْتَرَى عَدْلًا ) صُورَتُهَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُك مَا فِي هَذَا الْعَدْلِ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَثْوَابٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَلَمْ يُفَصِّلْ لِكُلِّ ثَوْبٍ ثَمَنًا بَلْ قَابَلَ الْمَجْمُوعَ بِالْمَجْمُوعِ فَإِذَا هُوَ تِسْعَةٌ أَوْ أَحَدَ عَشَرَ فَسَدَ الْبَيْعُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ مَعْدُومٍ وَمَوْجُودٍ ) أَيْ وَلَمْ يَجُزْ فِي الْمَعْدُومِ فَتَعَدَّى إلَى الْمَوْجُودِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ ( وَمَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ أَخَذَهُ بِعَشَرَةٍ فِي عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ بِلَا خِيَارٍ وَبِتِسْعَةٍ فِي تِسْعَةٍ وَنِصْفٍ بِخِيَارٍ ) مَعْنَاهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ كُلُّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ فَإِذَا هُوَ عَشَرَةٌ وَنِصْفٌ أَوْ تِسْعَةٌ وَنِصْفٌ يَأْخُذُهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَأْخُذُهُ بِتِسْعَةٍ إنْ شَاءَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَفِي الثَّانِي يَأْخُذُهُ بِعَشَرَةٍ وَيُخَيَّرُ فِي الْوَجْهَيْنِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي بِعَشْرَةٍ لَا نِصْفًا وَيُخَيَّرُ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّى لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا عَلَى حِدَةٍ الْتَحَقَ بِالْقَدْرِ وَمِنْ ضَرُورَةِ مُقَابَلَةِ الذِّرَاعِ بِالدِّرْهَمِ مُقَابَلَةُ النِّصْفِ بِالنِّصْفِ كَالْمَكِيلِ ، وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ازْدَادَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ بِزِيَادَةِ نِصْفِ ذِرَاعٍ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي انْتَقَصَ الثَّوْبُ عَمَّا شُرِطَ فَيُخَيَّرُ كَيْ لَا يَتَضَرَّرَ وَلِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ صَارَ كُلُّ ذِرَاعٍ كَثَوْبٍ عَلَى حِدَةٍ بِيعَ عَلَى أَنَّهُ ذِرَاعٌ بِدِرْهَمٍ فَإِذَا وَجَدَهُ نَاقِصًا لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَصْفٌ وَتَغَيُّرُ الْأَوْصَافِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ ، ثُمَّ يُخَيَّرُ فِيهِمَا ؛ لِأَنَّهُ ازْدَادَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا وَجَدَهُ زَائِدًا وَانْتَقَصَ الْمَبِيعُ فِي الْآخَرِ فَلَمْ يَتِمَّ رِضَاهُ بِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الذِّرَاعَ فِيهِ وَصْفٌ فِي الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا أَخَذَ حُكْمَ الْمِقْدَارِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالذِّرَاعِ وَبِكَوْنِهِ مُقَابَلًا بِالدَّرَاهِمِ فَعِنْدَ عَدَمِهِمَا عَادَ الْحُكْمُ إلَى الْأَصْلِ ، ثُمَّ لَا يُخَيَّرُ فِي فَصْلِ الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ مُخَالَفَةٌ إلَى خَيْرٍ وَفِي

النُّقْصَانِ يُخَيَّرُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ قِيلَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي ثِيَابٍ يَضُرُّهَا الْقَطْعُ أَوْ تَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهَا كَالْعَمَائِمِ وَالْقُمْصَانِ وَالْأَقْبِيَةِ ، وَأَمَّا الثِّيَابُ الَّتِي لَا تَتَفَاوَتُ جَوَانِبُهَا كَالْبَطَائِنِ وَنَحْوِهَا فَلَا تُسْلَمُ لَهُ الزِّيَادَةُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ ذِرَاعٍ مِنْهُ كَبَيْعِ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ إذْ لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ .

( قَوْلُهُ : يَأْخُذُهُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ) أَيْ وَسَلَّمَ لَهُ النِّصْفَ مَجَّانًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي يَأْخُذُهُ بِعَشَرَةٍ ) فَأَبُو يُوسُفَ جَعَلَ نِصْفَ ذِرَاعٍ بِمَنْزِلَةِ ذِرَاعٍ كَامِلٍ فَلِهَذَا يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّل بِأَحَدَ عَشَرَ وَفِي الثَّانِي بِعَشَرَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ وَفِي الثَّانِي بِتِسْعَةٍ وَنِصْفٍ وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ ؛ لِأَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ لَوْ قُوبِلَ بِدِرْهَمٍ يَكُونُ كُلُّ نِصْفِ ذِرَاعٍ مُقَابَلًا بِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَا مَحَالَةَ وَهَذَا ظَاهِرٌ ثُمَّ إذَا زَادَ الذِّرَاعُ الْكَامِلُ يَأْخُذُهُ بِأَحَدَ عَشَرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْخُذَ بِعَشَرَةٍ وَنِصْفٍ إذَا زَادَ نِصْفُ ذِرَاعٍ لَكِنْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْوَجْهَيْنِ فَفِي الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ يَشُوبُهُ ضَرَرٌ وَفِي النُّقْصَانِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ كُلَّ ذِرَاعٍ لَمَّا أُفْرِدَ بِذِكْرِ بَدَلٍ كَانَ كُلُّ ذِرَاعٍ كَثَوْبٍ بِيعَ عَلَى أَنَّهُ ذِرَاعٌ فَإِذَا انْتَقَصَ الثَّوْبُ مِنْ الذِّرَاعِ لَمْ يُنْتَقَصْ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فَكَذَا هَذَا لَكِنَّ الْخِيَارَ فِي الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ نَفْعٌ يَشُوبُهُ مَضَرَّةٌ وَفِي النُّقْصَانِ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الذِّرَاعَ يُعْتَبَرُ وَصْفًا فِي الْأَصْلِ ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُ حُكْمَ الْأَصْلِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ ثُمَّ الشَّرْطُ وُجِدَ فِي الذِّرَاعِ لَا فِيمَا دُونَهَا فَكَانَ الْحُكْمُ فِيمَا دُونَ الذِّرَاعِ بَاقِيًا عَلَى الْأَصْلِ فَكَانَ وَصْفًا وَالْوَصْفُ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ فِي صُورَةِ الزِّيَادَةِ ؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ وَالنِّصْفَ بِمَنْزِلَةِ الْعَشَرَةِ الْجَيِّدَةِ فَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ مَعِيبٌ فَوَجَدَهُ سَلِيمًا

يَأْخُذُهُ بِلَا خِيَارٍ فَكَذَا هُنَا وَفِي صُورَةِ النُّقْصَانِ يَأْخُذُهُ بِتِسْعَةٍ إنْ شَاءَ ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ الزَّائِدَ عَلَى التِّسْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لَكِنْ لَهُ الْخِيَارُ لِفَوَاتِ الْوَصْفِ الْمَرْغُوبِ فِيهِ وَهُوَ النِّصْفُ النَّاقِصُ عَنْ الْعَشَرَةِ وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ نَأْخُذُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ مِنْ الشَّارِحِينَ مَنْ اخْتَارَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَصَحُّ وَذَكَرَ حَاصِلَ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَهُ وَفِي قَوْلِهِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ ذِرَاعًا إشَارَةٌ إلَى الْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَنْقَسِمُ أَجْزَاءُ الدِّرْهَمِ عَلَى أَجْزَاءِ الذِّرَاعِ فَقَالَ هَذَا إذَا كَانَ تَمَامُ الذِّرَاعِ مَوْجُودًا وَالْمَوْجُودُ هُنَا بَعْضُهُ وَبَعْضُهُ لَيْسَ كُلَّهُ فَكَانَ لِلْبَعْضِ مِنْهُ حُكْمُ الْوَصْفِ لِانْعِدَامِ الْمُقَابَلَةِ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : قِيلَ هَذَا الِاخْتِلَافُ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الزَّاهِدُ الْعَتَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَتَعَيَّبُ بِقَطْعِ بَعْضِهِ كَالْقَمِيصِ وَالسَّرَاوِيلِ وَالْعِمَامَةِ وَنَحْوِهَا فَأَمَّا إذَا كَانَ كِرْبَاسًا لَا يَضُرُّهُ الْقَطْعُ فَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ فَوَجَدَهُ إحْدَى عَشَرَةَ لَا تُسْلَمُ لَهُ الزِّيَادَةُ بَلْ تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ كَمَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَعَلَى هَذَا قَالُوا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الْكِرْبَاسِ يَجُوزُ كَمَا لَوْ بَاعَ قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ وَالتَّمْيِيزَ لَا يَضُرُّ بِالْبَاقِي وَلَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ هَذَا الْقَمِيصِ أَوْ مِنْ هَذِهِ الْعِمَامَةِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ يَضُرُّهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَ جَذَعًا فِي السَّقْفِ أَوْ حِلْيَةً فِي السَّيْفِ لَا يَجُوزُ لِمَا قُلْنَا كَذَا هُنَا إلَّا إذَا قَطَعَهُ وَسَلَّمَهُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بِطَرِيقِ الِابْتِدَاءِ إلَى هُنَا لَفْظُ كِتَابِ الْعَتَّابِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُسْلَمُ لَهُ

الزِّيَادَةُ ) أَيْ لَا يَطِيبُ لِلْمُشْتَرِي مَا زَادَ عَلَى الْمَشْرُوطِ ا هـ هِدَايَةٌ .

( فَصْلٌ ) قَالَ ( يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْمَفَاتِيحُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالشَّجَرُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا ذِكْرٍ ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ لِلْعَرْصَةِ فِي الْأَصْلِ وَفِي الْعُرْفِ يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ تَبَعًا لِكَوْنِهِ مُتَّصِلًا بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ ، وَكَذَا الشَّجَرُ مُتَّصِلٌ بِالْأَرْضِ لِلْقَرَارِ فَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا تَبَعًا لَهَا وَاخْتَلَفُوا فِي شَجَرٍ غَيْرِ مُثْمِرٍ وَفِي شَجَرٍ صَغِيرٍ قِيلَ لَا يَدْخُلَانِ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُثْمِرَةِ تُقْلَعُ لِلْحَطَبِ وَالْخَشَبِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهَا وَالصَّغِيرَةُ تُنْقَلُ مِنْ مَكَانِهَا فَصَارَا كَالزَّرْعِ وَقِيلَ يَدْخُلَانِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ نِهَايَتَهُمَا لَيْسَ لَهَا حَدٌّ مَعْلُومٌ بِخِلَافِ الزَّرْعِ ، وَالْمُرَادُ بِالْمَفَاتِيحِ إذَا كَانَ غَلْقُهَا مُتَّصِلًا بِالدَّارِ مُرَكَّبَةً فِيهَا مِثْلُ الْكَيْلُونِ وَالضَّبَّةِ ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ حِينَئِذٍ تَبَعًا لَهَا فَيَدْخُلُ الْمَفَاتِيحُ تَبَعًا لِلْإِغْرَاقِ إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِدُونِ الْآخَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْغَلْقُ مُرَكَّبًا فِيهَا كَالْقُفْلِ لَا يَدْخُلُ الْغَلْقُ لِعَدَمِ الِاتِّصَالِ وَلَا الْمِفْتَاحُ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقِيَاسِ لَا يَدْخُلُ أَصْلًا إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا ذَلِكَ فِيمَا إذَا دَخَلَ الْغَلْقُ تَبَعًا لَهُ فَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ ثُمَّ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الشَّيْءَ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا بِالْمَبِيعِ اتِّصَالَ قَرَارٍ دَخَلَ فِي الْمَبِيعِ تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا ، إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالدُّخُولِ فِيهِ كَالْمِفْتَاحِ وَالسُّلَّمِ الْمُتَّصِلِ بِالْبِنَاءِ يَدْخُلُ وَلَوْ كَانَ مِنْ خَشَبٍ وَغَيْرُ الْمُتَّصِلِ لَا يَدْخُلُ وَالسَّرِيرُ كَالسُّلَّمِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي وَهَذَا فِي عُرْفِهِمْ وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ السُّلَّمُ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا وَالظُّلَّةُ لَا تَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَدْخُلُ إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا مِنْ دَاخِلٍ وَثِيَابُ الْغُلَامِ وَالْجَارِيَةِ تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ

لِلْعُرْفِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ثِيَابًا مُرْتَفِعَةً تُلْبَسُ لِلْعَرْضِ فَلَا تَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ إذْ الْعُرْفُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَالْمِهْنَةِ ، ثُمَّ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَى الَّذِي عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى غَيْرَهُ ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ بِحُكْمِ الْعُرْفِ كِسْوَةٌ مِثْلُهَا لَا بِعَيْنِهَا ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ اُسْتُحِقَّ ثَوْبٌ مِنْهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ، وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا وَلَوْ وَجَدَ بِالْجَارِيَةِ عَيْبًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِدُونِ تِلْكَ الثِّيَابِ وَخِطَامُ الْبَعِيرِ وَالْحَبْلُ الْمَشْدُودُ فِي عُنُقِ الْحِمَارِ وَالْعِذَارُ وَالْبَرْذعَةُ وَالْإِكَافُ يَدْخُلُ لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ سَرْجِ الدَّابَّةِ وَلِجَامِهَا وَالْحَبْلِ الْمَشْدُودِ عَلَى قَرْنِ الْبَقَرِ وَالْجَمَلِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ الْعُرْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِخِلَافِهِ وَفَصِيلُ النَّاقَةِ وَفَلُوُّ الرَّمَكَةِ وَجَحْشُ الْأَتَانِ وَالْعُجُولُ وَالْحَمْلُ إنْ ذُهِبَ بِهِ مَعَ الْأُمِّ إلَى مَوْضِعِ الْبَيْعِ دَخَلَ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَإِلَّا فَلَا .

( فَصْلٌ ) لَمَّا ذَكَرَ قَبْلَ هَذَا مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ مَعَ لَوَاحِقِهِمَا شَرَعَ يُبَيِّنُ فِي هَذَا الْفَصْلِ مَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَمَا لَا يَدْخُلُ وَاسْتَتْبَعَ مَا يَخْرُجُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ا هـ مُلَخَّصًا مِنْ الْأَتْقَانِيُّ وَالْكَمَالِ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْعُرْفِ يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ فِي الْعُرْفِ يَتَنَاوَلُ الْبِنَاءَ وَالْعَرْصَةَ جَمِيعًا فَيَدْخُلُ الْبِنَاءُ كَالْعَرْصَةِ وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْأَلْفَاظِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَفَاهِمِ فِي الْعُرْفِ وَلَا يُفْهَمُ فِي الْعُرْفِ مِنْ بَيْعِ الدَّارِ بَيْعُ عَرْصَتِهَا لَا بِنَاؤُهَا بَلْ بَيْعُهُمَا جَمِيعًا قَالَ الْكَمَالُ وَاسْتَدَلَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى دُخُولِ الْبِنَاءِ بِأَنَّ اسْمَ الدَّارِ يَتَنَاوَلُ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ وَبِأَنَّهُ مُتَّصِلٌ بِهَا اتِّصَالَ قَرَارٍ وَاسْتُشْكِلَ الْأَوَّلُ بِمَسْأَلَةِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا بَعْدَمَا انْهَدَمَتْ يَحْنَثُ فَلَوْ كَانَ مِنْ مُسَمَّى لَفْظِ الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ وَهَذَا لَوْ أَبْطَلَ التَّعْلِيلَ الْأَوَّلَ لَا يَضُرُّ بِالْمَقْصُودِ مِنْ الْحُكْمِ لِثُبُوتِ الْعِلَّةِ الْأُخْرَى ثُمَّ أُجِيبَ بِأَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ فِيهَا وَهُوَ لَغْوٌ فِي الْمُعَيَّنَةِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الدُّخُولِ فِي هَذَا الْمَكَانِ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الَّتِي تُسَمَّى الْآنَ دَارًا فَلَا يَتَقَيَّدُ الدُّخُولُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهَا دَارًا وَقْتَ الدُّخُولِ وَتَدْخُلُ الْبِئْرُ الْكَائِنَةُ فِي الدَّارِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهَا بَكَرَةٌ تَدْخُلُ وَلَا يَدْخُلُ الدَّلْوُ وَالْحَبْلُ الْمُعَلَّقَانِ عَلَيْهَا إلَّا إنْ كَانَ قَالَ بِمَرَافِقِهَا وَيَدْخُلُ الْبُسْتَانُ الَّذِي فِي الدَّارِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا وَإِنْ كَانَ خَارِجَ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ قَالَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ ، وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : إنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ وَمِفْتَحُهُ فِيهَا يَدْخُلُ وَإِنْ كَانَ

أَكْبَرَ أَوْ مِثْلَهَا لَا يَدْخُلُ وَقِيلَ إنْ صَغُرَ دَخَلَ وَإِلَّا لَا وَقِيلَ يَحْكُمُ الثَّمَنُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَاخْتَلَفُوا فِي شَجَرٍ غَيْرِ مُثْمِرٍ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَفْصِلْ مُحَمَّدٌ بَيْنَ الشَّجَرَةِ الْمُثْمِرَةِ وَغَيْرِ الْمُثْمِرَةِ وَلَا بَيْنَ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ فَكَانَ الْحَقُّ دُخُولَ الْكُلِّ ثُمَّ قَالَ نَعَمْ الشَّجَرَةُ الْيَابِسَةُ لَا تَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى شَرَفِ الْقَطْعِ فَهِيَ كَحَطَبٍ مَوْضُوعٍ فِيهَا ا هـ قَوْلُهُ : فَيَدْخُلُ الْمَفَاتِيحُ تَبَعًا لِلْإِغْلَاقِ ) وَالْإِغْلَاقُ جَمْعُ غَلَقٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ مَا يُغْلَقُ وَيُفْتَحُ بِالْمِفْتَاحِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : كَالْمِفْتَاحِ وَالسُّلَّمِ الْمُتَّصِلِ ) قَالَ الْكَمَالُ فِي الْمُحِيطِ الْأَصْلُ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِي الدَّارِ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ مُتَّصِلًا بِالْبِنَاءِ تَبَعٌ لَهَا فَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا كَالسُّلَّمِ الْمُتَّصِلِ وَالسُّرَرِ وَالدَّرَجِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْحَجَرِ الْأَسْفَلِ مِنْ الرَّحَى وَيَدْخُلُ الْحَجَرُ الْأَعْلَى عِنْدَنَا اسْتِحْسَانًا وَالْمُرَادُ بِالْحَجَرِ الرَّحَى الْمَبْنِيَّةُ فِي الدَّارِ وَهَذَا مُتَعَارَفٌ أَمَّا فِي دِيَارِ مِصْرَ فَلَا تَدْخُلُ رَحَى الْيَدِ ؛ لِأَنَّهَا بِحَجَرَيْهَا تُنْقَلُ وَتُحَوَّلُ وَلَا تُبْنَى فَهِيَ كَالْبَابِ الْمَوْضُوعِ وَالْبَابُ الْمَوْضُوعُ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ بِالِاتِّفَاقِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ هَذَا مِلْكِي وَضَعْتُهُ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَفِي الْمُنْتَقَى اشْتَرَى حَائِطًا يَدْخُلُ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْأَرْضِ ، وَكَذَا ذَكَرَ فِي التُّحْفَةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ وَفِي الْمُحِيطِ جَعَلَهُ قَوْلَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَقَوْلَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَدْخُلُ ، وَأَمَّا أَسَاسُهُ فَقِيلَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ وَلِأَنَّهُ جُزْءُ الْحَائِطِ حَقِيقَةً وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْحَمَّامِ الْقُدُورُ دُونَ

قِصَاعِهِ ، وَأَمَّا قَدْرُ الْقَصَّارِينَ وَالصَّبَّاغِينَ وَأَجَاجِينِ الْغَسَّالِينَ وَخَوَابِي الزَّيَّاتِينَ وَحَبَّابِهِمْ وَدِنَانِهِمْ وَجِذْعِ الْقَصَّارِ الَّذِي يَدُقُّ عَلَيْهِ الْمُثَبَّتِ ، كُلُّ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَدْخُلُ وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا قُلْت يَنْبَغِي أَنْ تَدْخُلَ كَمَا إذَا قَالَ بِمَرَافِقِهَا ، وَأَمَّا الطَّرِيقُ وَنَحْوُهُ فَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْحُقُوقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى غَيْرَهُ ) أَيْ مِنْ ثِيَابِ مِثْلِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ اُسْتُحِقَّ ثَوْبٌ مِنْهَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ) هَذَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ ا هـ عِمَادِيَّةٌ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا إذَا وَجَدَ بِهَا عَيْبًا ) أَيْ بِالثِّيَابِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بِدُونِ تِلْكَ الثِّيَابِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَوْ هَلَكَتْ الثِّيَابُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَوْ تَعَيَّبَتْ ثُمَّ رَدَّ الْجَارِيَةَ بِعَيْبٍ رَدَّهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ الثَّوْبَ بِالْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ لَهُ قِسْطٌ مِنْ الثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْكَافِي مِنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْضٌ وَفِيهَا نَخْلٌ لِغَيْرِهِ فَبَاعَهُمَا رَبُّ الْأَرْضِ بِإِذْنِ الْآخَرِ بِأَلْفٍ وَقِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ فَالثَّمَنُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهِ فَلَوْ هَلَكَ النَّخْلُ قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّرْكِ وَأَخْذِ الْأَرْضِ بِكُلِّ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ دَخَلَ تَبَعًا فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ الثَّمَنُ كُلُّهُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ فِي حَقِّ النَّخْلِ وَالثَّمَنُ كُلُّهُ بِمُقَابَلَةِ الْأَصْلِ وَهُوَ لَهُ دُونَ التَّبَعِ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ فِي بَعْضِ جُذُوعِهَا مَالًا إنْ قَالَ الْبَائِعُ هُوَ لِي فَهُوَ لَهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا وَصَلَتْ إلَى

الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَإِنْ قَالَ لَيْسَ لِي كَانَ كَاللُّقَطَةِ وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ عُلُوٍّ وَسُفْلٍ لِآخَرَ بِعْت مِنْك عُلُوَّ هَذَا بِكَذَا جَازَ وَيَكُونُ سَطْحُ السُّفْلِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْقَرَارِ عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْإِكَافُ يَدْخُلُ لِلْعُرْفِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ إذَا بَاعَ فَرَسًا وَعَلَيْهِ سَرْجٌ قِيلَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ وَيَحْكُمُ الثَّمَنُ وَلَوْ بَاعَ حِمَارًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ لَا يَدْخُلُ الْإِكَافُ بِلَا شَرْطٍ وَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ مُوكَفًا أَوْ غَيْرَ مُوكَفٍ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَالْإِكَافُ فِيهِ كَالسَّرْجِ فِي الْفَرَسِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ يَدْخُلُ الْإِكَافُ وَالْبَرْذعَةُ تَحْتَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُوكَفٍ وَقْتَ الْبَيْعِ وَإِذَا دَخَلَا بِلَا ذِكْرٍ كَانَ الْكَلَامُ فِيهِ مَا قُلْنَا فِي ثَوْبِ الْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفَلُوُّ ) الْفَلُوُّ الْمُهْرُ وَالْجَمْعُ أَفْلَاءُ كَعَدُوٍّ وَأَعْدَاءٍ ا هـ مُغْرِبٌ .

قَالَ ( وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ بِلَا تَسْمِيَةٍ وَلَا الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ ) لِأَنَّهُمَا مُتَّصِلَانِ بِهِمَا لِلْفَصْلِ فَصَارَ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهِمَا وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا نَخْلٌ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْحَمْلُ حَيْثُ يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَإِنْ كَانَ لِلْفَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ جُزْءُ الْجَارِيَةِ فَيَكُونُ تَبَعًا لَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى فَصْلِهِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يُعْتَبَرُ مُنْفَصِلًا فِي تَأَوُّلِ الْحَالِ مَعَ وُجُودِ الْجُزْئِيَّةِ فِي الْحَالِ قَالَ ( وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ : اقْطَعْهَا وَسَلِّمْ الْمَبِيعَ ) لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي مَشْغُولٌ بِمِلْكِ الْبَائِعِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَفْرِيغُهُ وَتَسْلِيمُهُ كَمَا إذَا كَانَ فِيهِ مَتَاعٌ مَوْضُوعٌ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُتْرَكُ حَتَّى يَظْهَرَ صَلَاحُ الثَّمَرِ وَيُسْتَحْصَدُ الزَّرْعُ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّسْلِيمُ الْمُعْتَادُ وَفِي الْعَادَةِ لَا يُقْطَعُ كَذَلِكَ فَصَارَ كَمَا إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْإِجَارَةِ وَفِي الْأَرْضِ زَرْعٌ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا وَفِي الْإِجَارَةِ التَّسْلِيمُ وَاجِبٌ أَيْضًا حَتَّى يُتْرَكَ بِأَجْرٍ وَتَسْلِيمُ الْعِوَضِ كَتَسْلِيمِ الْمُعَوَّضِ ، وَإِنَّمَا لَا يُقْلَعُ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ لِلِانْتِفَاعِ وَذَلِكَ بِالتَّرْكِ دُونَ الْقَلْعِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ إمْكَانُ الِانْتِفَاعِ أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى أَرْضًا لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَّا بِالشَّرْطِ وَفِي الْإِجَارَةِ يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلثَّمَرِ أَوْ الزَّرْعِ قِيمَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا قِيمَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَتَكُونُ فِي الْحَالَيْنِ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُمَا مُنْفَرِدًا يَجُوزُ فِي الْحَالَيْنِ وَفِي الْأَصَحِّ فَكَذَا لَا يَدْخُلَانِ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ تَبَعًا ، وَأَمَّا إذَا بَذَرَ فِي

الْأَرْضِ وَلَمْ يَنْبُتْ حَتَّى بَاعَ الْأَرْضَ فَلَا يَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا فَصَارَ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْهَا وَلَوْ قَالَ بِعْتُكهَا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا أَوْ فِيهَا أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ مَرَافِقِهَا لَا يَدْخُلَانِ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ حُقُوقِهَا أَوْ مِنْ مَرَافِقِهَا دَخَلَا فِيهِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الَّذِي لَهُ فِيهَا أَوْ مِنْهَا لِلِاتِّصَالِ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ الثَّمَرِ الْمَجْذُوذِ أَوْ الزَّرْعِ الْمَحْصُودِ حَيْثُ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لِلِانْفِصَالِ فِي الْحَالِ وَوَرَقُ التُّوتِ وَالْآسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْدِ بِمَنْزِلَةِ الثِّمَارِ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَأَشْجَارُهَا بِمَنْزِلَةِ النَّخْلِ وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ فَكُلُّ مَوْضِعٍ يَدْخُلُ فِيهِ الثِّمَارُ وَالزَّرْعُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ الطَّرِيقُ وَالشِّرْبُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَا يَدْخُلَانِ فِيهِ يَدْخُلُ فِيهِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ ؛ لِأَنَّ الشِّرْبَ وَالطَّرِيقَ لَيْسَا مِنْهَا وَلَا فِيهَا لَكِنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِهَا وَالثَّمَرُ وَالزَّرْعُ مَوْجُودَانِ فِيهَا وَهُمَا مِنْهَا وَلَيْسَا مِنْ حُقُوقِهَا فَتَعَاكَسَا .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ ) قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْقُنْيَةِ الزَّرْعُ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالْإِقْرَارِ وَالْفَيْءِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ ا هـ نَقْلًا عَنْ رُكْنِ الدِّينِ الصَّبَّاغِيِّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَالْقُطْنُ كَالزَّرْعِ لَا يَدْخُلُ ، وَأَمَّا أَصْلُ الْقُطْنِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَمَّا الْكُرَّاثُ إذَا كَانَ ظَاهِرًا فَلَا يَدْخُلُ وَمَا كَانَ مُغَيَّبًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَدْخُلُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا الثَّمَرُ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الشَّجَرِ ثِمَارٌ فَشَرَطَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ سَقَطَتْ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الصَّحِيحِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً بِعَشَرَةٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُسَاوِي خَمْسَةً فَأَكَلَهُ الْبَائِعُ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَلْزَمُهُ الشَّاةُ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَالْفَرْقُ غَيْرُ خَافٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّصِلَانِ بِهِمَا لِلْفَصْلِ ) أَيْ لِفَصْلِ الْآدَمِيِّ إيَّاهُ لِانْتِفَاعِهِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْعِ الْجَارِيَةِ الْحَامِلِ وَنَحْوِ الْبَقَرِ الْحَامِلِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ حَمْلُهَا فِي الْبَيْعِ مَعَ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ لِلْفَصْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا الْمَعْنَى مُتَبَادَرٌ فَتَرَكَ التَّقْيِيدَ بِهِ وَأَيْضًا الْأُمُّ وَمَا فِي بَطْنِهَا مُجَانِسٌ مُتَّصِلٌ فَيَدْخُلُ بِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ لَيْسَ مُجَانِسًا لِلْأَرْضِ فَلَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُ الْجُزْئِيَّةِ لِيَدْخُلَ بِذِكْرِ الْأَصْلِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ جُزْءُ الْجَارِيَةِ ) أَيْ حُكْمًا

وَحَقِيقَةً أَمَّا حُكْمًا فَإِنَّهُ يُعْتَقُ بِعِتْقِ الْأُمِّ ، وَأَمَّا حَقِيقَةً فَإِنَّهُ يَتَغَذَّى بِغِذَاءِ الْأُمِّ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ لِلثَّمَرِ إلَخْ ) يَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ وَلَا تَسْمِيَةَ وَلَا الثَّمَرَ فِي بَيْعِ الشَّجَرِ إلَّا بِالشَّرْطِ ا هـ اُنْظُرْ إلَى الْحَاشِيَةِ الَّتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إلَخْ مَا نَصُّهُ ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا إنَّمَا يَجُوزُ بَعْدَ الطُّلُوعِ إذَا كَانَ الثَّمَرُ بِحَالٍ يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَإِذَا كَانَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنَّ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي بَابِ الْعُشْرِ لَوْ بَاعَ الثِّمَارَ فِي أَوَّلِ مَا تَطْلُعُ وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ حَتَّى أَدْرَكَ فَالْعُشْرُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الشِّرَاءُ جَائِزًا حِينَ طَلَعَ لَمَا وَجَبَ عُشْرُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى هُنَا لَفْظُ رِوَايَةِ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَدْخُلُ ) أَيْ إنَّمَا لَا يَدْخُلُ قَبْلَ النَّبَاتِ وَبَعْدَ التَّقَوُّمِ أَمَّا إذَا نَبَتَ وَلَمْ يَصِرْ مُتَقَوِّمًا يَدْخُلُ قِيلَ ، وَكَذَا الْبَذْرُ الْعَفَنُ ا هـ مُجْتَبَى ( قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّهُ مُودَعٌ فِيهَا ) أَيْ وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْمَشَايِخِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : الْمَجْذُوذِ ) تَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ أَوْ مُعْجَمَتَيْنِ وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الْمَقْطُوعُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَوْلَى مِنْ حَيْثُ اللَّفْظِ لِتَنَاسُبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَحْصُودِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَعَكْسُ الثِّمَارِ فِي الْحُكْمِ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ رَجُلٌ اشْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا لَا يَدْخُلُ الشِّرْبُ وَالطَّرِيقُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْحُقُوقِ فَلَا

يَدْخُلَانِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ ، وَكَذَا فِي الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَالصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَيَدْخُلَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْقِسْمَةِ وَالرَّهْنِ وَالصَّدَقَةِ الْمَوْقُوفَةِ ، وَقَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَإِذَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْبَيْعِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّ وَيَقُولَ ظَنَنْت أَنَّ لِي مِفْتَحًا إلَى الطَّرِيقِ الْأَعْظَمِ وَفِيهِمَا رَجُلٌ بَاعَ دَارًا وَكَانَ لَهَا طَرِيقٌ قَدْ سَدَّهُ صَاحِبُهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَجَعَلَ لَهَا طَرِيقًا غَيْرَ ذَلِكَ ثُمَّ بَاعَهَا بِحُقُوقِهَا لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ الْأَوَّلُ وَلَهُ الطَّرِيقُ الثَّانِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ ( وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا أَوْ لَا صَحَّ ) لِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْحَالِ أَوْ فِي الْمَالِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَبْلَ أَنْ يَصِيرَ مُنْتَفَعًا بِهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ أَنْ تَتَنَاوَلَهُ الْمَشَافِرُ وَالْمَنَاجِلُ وَالْأَصَحُّ الْجَوَازُ ؛ لِأَنَّهُ مُنْتَفَعٌ بِهِ فِي الْمَالِ فَصَارَ كَالْأَطْفَالِ وَالْجَحْشِ قَالَ ( وَيَقْطَعُهَا الْمُشْتَرِي ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِ الْبَائِعِ هَذَا إذَا اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ قَالَ ( وَإِنْ شَرَطَ تَرْكَهَا عَلَى النَّخْلِ فَسَدَ ) أَيْ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَهُوَ شُغْلُ مِلْكِ الْغَيْرِ أَوْ نَقُولُ إنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَةٍ ؛ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ كَانَ لِلْمَنْفَعَةِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ إعَارَةٌ فِي بَيْعٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ } ، وَكَذَا بَيْعُ الزَّرْعِ بِشَرْطِ التَّرْكِ لِمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَا إذَا تَنَاهَى عِظَمُهَا عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَفْسُدُ اسْتَحْسَنَهُ لِلْعَادَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ الْجُزْءُ الْمَعْدُومُ وَهُوَ مَا يُزَادُ لِمَعْنًى فِي الْأَرْضِ وَالشَّجَرِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا وَتَرَكَهَا بِإِذْنِ الْبَائِعِ طَابَ لَهُ الْفَضْلُ وَإِنْ تَرَكَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ تَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ذَاتِهِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَغَيُّرُ أَحْوَالٍ فَإِنَّ الشَّمْسَ تُنْضِجُهُ وَيَأْخُذُ اللَّوْنَ مِنْ الْقَمَرِ وَالطَّعْمَ مِنْ الْكَوَاكِبِ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ اسْتَأْجَرَ النَّخْلَ إلَى وَقْتِ الْإِدْرَاكِ فَتَرَكَهَا طَابَ لَهُ الْفَضْلُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَاطِلَةٌ لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَالْحَاجَةِ فَبَقِيَ الْإِذْنُ مُعْتَبَرًا بِمُجَرَّدِهِ

، بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى الزَّرْعَ وَاسْتَأْجَرَ الْأَرْضَ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَتَرَكَهُ حَيْثُ لَا يَطِيبُ لَهُ الْفَضْلُ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ وَعَلَى مَا غَرِمَ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ فَأَوْرَثَتْ خَبَثًا وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا فَأَثْمَرَتْ ثَمَرًا آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ وَلَوْ أَثْمَرَ بَعْدَ الْقَبْضِ يَشْتَرِكَانِ فِيهِ لِلِاخْتِلَاطِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فِي مِقْدَارِهِ ؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ ، وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ ، وَالْمُخَلَّصُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ لِتَحْصُلَ الزِّيَادَةُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ يَبِيعَ الْأُصُولَ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ شَاءَ وَقِيلَ : الْمُخَلَّصُ فِيهِ أَنْ يَشْتَرِيَ الثِّمَارَ الْمَوْجُودَةَ وَالْمَعْدُومَةَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ أَكْثَرَ فَحَاصِلُهُ أَنَّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ : أَحَدُهَا - إذَا خَرَجَ الثَّمَرُ كُلُّهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَحُكْمُهُ مَا مَضَى ثَانِيهَا - أَنْ لَا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ اتِّفَاقًا ثَالِثُهَا أَنْ يَخْرُجَ بَعْضُهَا دُونَ الْبَعْضِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ : يَجُوزُ إذَا كَانَ الْخَارِجُ أَكْثَرَ وَيُجْعَلُ الْمَعْدُومُ تَبَعًا لِلْمَوْجُودِ اسْتِحْسَانًا لِتَعَامُلِ النَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ وَكَانَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ يُفْتِيَانِ بِهِ ، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمَصِيرَ إلَى مِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَ الْأُصُولَ عَلَى مَا بَيَّنَّا أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِبَعْضِ الثَّمَنِ وَيُؤَخِّرَ الْعَقْدَ فِي الْبَاقِي إلَى وَقْتِ وُجُودِهِ أَوْ يَشْتَرِيَ الْمَوْجُودَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيُبِيحَ لَهُ الِانْتِفَاعَ بِمَا يَحْدُثُ مِنْهُ فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا بِهَذَا الطَّرِيقِ

فَلَا ضَرُورَةَ إلَى تَجْوِيزِ الْعَقْدِ فِي الْمَعْدُومِ مُصَادِمًا لِلنَّصِّ وَهُوَ مَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَرَخَّصَ فِي السَّلَمِ } قَالَ ( وَلَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا أَرْطَالًا مَعْلُومَةً صَحَّ كَبَيْعِ بُرٍّ فِي سُنْبُلِهِ وَبَاقِلَّى فِي قِشْرِهِ ) أَيْ لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ الْمَجْذُوذَةَ أَوْ غَيْرَ الْمَجْذُوذَةِ جَازَ الْبَيْعُ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبُرِّ فِي سُنْبُلِهِ وَالْبَاقِلَّا فِي قِشْرِهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَعْلُومًا بِالْإِشَارَةِ وَالْمُسْتَثْنَى مَعْلُومٌ بِالْعِبَارَةِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مَجْهُولٌ وَرُبَّمَا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ فَيَخْلُو عَنْ الْفَائِدَةِ أَوْ يَكُونُ رُجُوعًا عَنْ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبُولِ فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى نَخْلًا مُعَيَّنًا ؛ لِأَنَّ الْبَاقِيَ مَعْلُومٌ بِالْمُشَاهَدَةِ قُلْنَا هَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَعْلُومٌ بِالْإِشَارَةِ وَجَهَالَةُ قَدْرِهِ لَا تَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَهُ مُجَازَفَةً جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ وَهَذَا هُوَ بِعَيْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ جُزَافٌ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ الثُّنْيَا وَلِأَنَّ كُلَّ مَا جَازَ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بِانْفِرَادِهِ جَازَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الْعَقْدِ وَمَا لَا فَلَا وَبَيْعُ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ الثِّمَارِ جَائِزٌ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهَا ، وَنَظِيرُهُ بَيْعُ شَاةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ الْقَطِيعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهَا وَلَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً بِأَنْ بَاعَ شَاةً مِنْهَا بِغَيْرِ عَيْنِهَا لَا يَجُوزُ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهَا وَعَلَى هَذَا أَطْرَافُ الْحَيَوَانِ وَأَوْصَافُ الْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ وَرُبَّمَا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ شَيْءٌ إلَى آخِرِهِ قُلْنَا الِاسْتِثْنَاءُ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ صِحَّةُ

الْكَلَامِ فَإِذَا صَحَّ تَمَّ الْكَلَامُ وَصَارَ مُفِيدًا وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا وَلَوْ خَرَجَ الْكُلُّ بِذَلِكَ الطَّرِيقِ ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ الْبَقَاءُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا فُلَانَةَ وَفُلَانَةَ أَوْ قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا حَتَّى لَوْ أَخْرَجَ الْكُلَّ بِهَذَا الطَّرِيقِ صَحَّ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا ، وَإِنَّمَا يَكُونُ رُجُوعًا إذَا كَانَ بِلَفْظِهِ بِأَنْ قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي حَيْثُ لَا يَصِحُّ هَذَا الْكَلَامُ وَيَلْغُوا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ عَلَى الْجَمِيعِ فَكَذَا هُنَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا إلَّا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الثِّمَارَ إلَّا هَذِهِ الثِّمَارَ ، وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بُرًّا فِي سُنْبُلِهِ إلَخْ فَلِأَنَّهُ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ مُنْتَفَعٌ بِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ كَالشَّعِيرِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ مَسْتُورٌ غَائِبٌ عَنْ الْبَصَرِ وَلَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَبِزْرِ الْبِطِّيخِ وَحَبِّ الْقُطْنِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ وَالزَّيْتِ فِي الزَّيْتُونِ قَبْلَ الِاسْتِخْرَاجِ ، قُلْنَا : الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْغَالِبَ فِي السُّنْبُلَةِ الْحِنْطَةُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ وَهِيَ فِي سُنْبُلِهَا وَلَا يُقَالُ هَذَا حَبٌّ وَلَا هَذَا لَبَنٌ وَلَا زَيْتٌ وَلَا قُطْنٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْفُسْتُقُ وَالْبُنْدُقُ وَالْجَوْزُ وَالْحِمَّصُ الْأَخْضَرُ وَسَائِرُ الْحُبُوبِ الْمُغَلَّفَةِ ، وَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّخْلِ حَتَّى يَزْهُوَ وَعَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ وَيَأْمَنُ الْعَاهَةَ } الْمُرَادُ بِهَا السَّلَمُ يَعْنِي لَا يَجُوزُ الْإِسْلَامُ فِيهِ حَتَّى يُوجَدَ بَيْنَ النَّاسِ أَلَا تَرَى إلَى مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إذَا مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ } فَيَكُونُ حُجَّةً لَنَا فِي

اشْتِرَاطِ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ إلَى حِينِ الْمَحَلِّ وَلَوْ أُجْرِيَ عَلَى إطْلَاقِهِ كَانَ حُجَّةً لَنَا أَيْضًا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي جَوَازَ بَيْعِهِ بَعْدَمَا ابْيَضَّ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْفَرْكِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَقَالَ حَتَّى يُفْرَكَ .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ بَاعَ ثَمَرَةً بَدَا صَلَاحُهَا ) أَيْ وَبُدُوُّ صَلَاحِهَا عِنْدَنَا أَنْ تَأْمَنَ الْعَاهَةَ وَالْفَسَادَ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ هُوَ ظُهُورُ النُّضْجِ وَبُدُوُّ الْحَلَاوَةِ وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي بَيْعِهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْخِلَافِ فِي مَعْنَاهُ لَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فِي الْحَالِ ) لَفْظَةُ فِي الْحَالِ لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اشْتَرَاهَا مُطْلَقًا ) هَذَا إذَا لَمْ يَتَنَاهَ عِظَمُهَا بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِحُصُولِهِ بِجِهَةٍ مَحْظُورَةٍ ) أَيْ مِنْ أَصْلٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَرَكَهَا بَعْدَمَا تَنَاهَى عِظَمُهَا لَمْ يَتَصَدَّقْ بِشَيْءٍ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّرْكُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ الِازْدِيَادُ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا ، وَإِنَّمَا تَغَيَّرَ حَالُ الْمَبِيعِ مِنْ حَيْثُ النُّضْجِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّ الشَّمْسَ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ بِأَنَّ الشَّمْسَ ا هـ ( قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ لِلْجَهَالَةِ إلَخْ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِذْنِ الثَّابِتِ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ وَبَيْنَهُ فِي ضِمْنِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْإِجَارَةِ الْبَاطِلَةِ صَارَ أَصْلًا مَقْصُودًا بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا وُجُودَ لَهُ وَالْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمَّنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِجَارَةُ الْفَاسِدَةُ ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ فَائِتُ الْوَصْفِ دُونَ الْأَصْلِ فَلَمْ يَكُنْ مَعْدُومًا وَبِأَصْلِهِ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ مُتَضَمَّنًا فَإِذَا فَسَدَ الْمُتَضَمَّنُ فَسَدَ الْمُتَضَمِّنُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : ، وَكَذَا فِي الْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا مَا يُوجَدُ مِنْ الزَّرْعِ بَعْضُهُ بَعْدَ وُجُودِ بَعْضٍ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْبِطِّيخِ وَالْكُرَّاثِ وَنَحْوِهَا قَالَ

أَصْحَابُنَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْمُخَلِّصُ ) أَيْ مِنْ فَسَادِ الْبَيْعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُصُولَ ) أَيْ وَيَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ وَيُقَدِّمَ الشِّرَاءَ عَلَى الْإِجَارَةِ فَإِنْ قَدَّمَ الْإِجَارَةَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ مَشْغُولَةً بِمِلْكِ الْآجِرِ ا هـ فُصُولٌ ( قَوْلُهُ : جَازَ الْبَيْعُ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَّا أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ أَقْيَسُ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ صُبْرَةِ طَعَامِ كُلِّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّهُ أَفْسَدَ الْبَيْعَ بِجَهَالَةِ قَدْرِ الْمَبِيعِ وَقْتَ الْعَقْدِ وَهُوَ لَازِمٌ فِي اسْتِثْنَاءِ أَرْطَالٍ مَعْلُومَةٍ مِمَّا عَلَى الْأَشْجَارِ وَإِنْ لَمْ يُفْضِ إلَى الْمُنَازَعَةِ ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ جَهَالَةٍ مُفْضِيَةٌ إلَى الْمُنَازَعَةِ مُبْطِلَةٌ فَلَيْسَ يَلْزَمُ أَنَّ مَا لَمْ يُفْضِ إلَيْهَا يَصِحُّ مَعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ الْمُفْضِيَةِ إلَى الْمُنَازَعَةِ فِي الصِّحَّةِ مِنْ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَلَى حُدُودِ الشَّرْعِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ قَدْ يَتَرَاضَيَانِ عَلَى شَرْطٍ لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَعَلَى الْبَيْعِ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ كَقُدُومِ الْحَاجِّ وَنَحْوِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ مُصَحِّحًا ، وَأَمَّا مَا قِيلَ فِي تَوْجِيهِ الْمَنْعِ بَعْدَ الْمَبِيعِ لَا يَبْلُغُ إلَّا تِلْكَ الْأَرْطَالَ فَبَعِيدٌ إذْ الْمُشَاهَدَةُ تُفِيدُ كَوْنَ تِلْكَ الْأَرْطَالِ تَسْتَغْرِقُ الْكُلَّ أَوَّلًا فَلَا يَرْضَى الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ بِذَلِكَ الِاسْتِثْنَاءِ ا هـ كَلَامُ الْكَمَالِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ : وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ ا هـ هِدَايَةٌ قَوْلُهُ : وَهُوَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ أَيْ ، وَكَذَا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَرَوَى الْحَسَنُ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَمَشَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ وَالنُّقَايَةِ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ : فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهَا ) أَيْ بِخِلَافِ اسْتِثْنَاءِ الْحَمْلِ وَأَطْرَافِ الْحَيَوَانِ ؛ لِأَنَّهُ لَا

يَجُوزُ بَيْعُهُ فَكَذَا اسْتِثْنَاؤُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ : وَأَطْرَافُ الْحَيَوَانِ أَيْ كَمَا إذَا بَاعَ هَذِهِ الشَّاةَ إلَّا أَلْيَتَهَا أَوْ هَذَا الْعَبْدَ إلَّا يَدَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَفُلَانَةُ ) لَفْظُ فُلَانَةَ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِلَفْظِهِ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ : فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي قِشْرِهِ كَالشَّعِيرِ ) أَيْ وَأُجْرَةُ الدَّوْسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ الْمُخْتَارُ ا هـ خُلَاصَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَاقِلَّى فِي الْقِشْرِ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ فِي الْقِشْرِ الْأَعْلَى ، وَقَالَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَبَيْعُ الْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا لَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الْأَرُزُّ وَالسِّمْسِمُ فِي كُمِّهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ فِي سُنْبُلِهِ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا زَيْتَ وَلَا قُطْنَ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَوْرَدَ الْمُطَالَبَةَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا بَاعَ حَبَّ قُطْنٍ فِي قُطْنٍ بِعَيْنِهِ أَوْ نَوَى تَمْرٍ فِي تَمْرٍ بِعَيْنِهِ أَيْ بَاعَ مَا فِي هَذَا الْقُطْنِ مِنْ الْحَبِّ أَوْ مَا فِي هَذَا التَّمْرِ مِنْ النَّوَى فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مَعَ أَنَّهُ أَيْضًا فِي غِلَافِهِ أَشَارَ أَبُو يُوسُفَ إلَى الْفَرْقِ بِأَنَّ النَّوَى هُنَاكَ مُعْتَبَرٌ عَدَمًا هَالِكًا فِي الْعُرْفِ فَإِنَّهُ يُقَالُ هَذَا تَمْرٌ وَقُطْنٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا نَوًى فِي تَمْرٍ وَلَا حَبٌّ فِي قُطْنِهِ وَيُقَالُ هَذِهِ حِنْطَةٌ فِي سُنْبُلِهَا وَهَذَا لَوْزٌ وَفُسْتُقٌ وَلَا يُقَالُ هَذِهِ قُشُورٌ فِيهَا لَوْزٌ وَلَا يَذْهَبُ إلَيْهِ وَهْمٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَسَائِرُ الْحُبُوبِ الْمُغَلَّفَةِ ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَجْهَ يَقْتَضِي ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الِاسْتِخْرَاجِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ ( وَأُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ ) مُرَادُهُ فِيمَا إذَا بِيعَ مُكَايَلَةً ، وَكَذَا أُجْرَةُ وَزْنِ الْمَبِيعِ وَذَرْعِهِ وَعَدِّهِ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَالذَّرْعَ وَالْعَدَّ فِيمَا بِيعَ مُكَايَلَةً أَوْ مُوَازَنَةً أَوْ مُذَارَعَةً أَوْ مُعَادَّةً مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الْمَبِيعِ عَلَى الْبَائِعِ فَكَذَا تَمَامُهُ قَالَ ( وَأُجْرَةُ نَقْدِ الثَّمَنِ وَوَزْنِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَزْنَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَتَسْلِيمُ الثَّمَنِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَذَا مَا يَكُونُ مِنْ تَمَامِهِ ، وَكَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْجَيِّدِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْبَائِعِ تَعَلَّقَ بِهِ فَيَكُونُ أُجْرَةُ مَنْ يُمَيِّزُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إذْ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ رُسْتُمَ عَنْ أُجْرَةِ نَقْدِ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ يَكُونُ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَالْوَزْنِ لِيُعْرَفَ الْمَعِيبُ مِنْ غَيْرِهِ فَكَانَ هُوَ الْمُحْتَاجُ إلَيْهِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ عَلَيْهِ وَبِالْأَوَّلِ كَانَ يُفْتِي الصَّدْرُ الشَّهِيدُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ أُجْرَةَ النَّقْدِ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ وَقَبْلَهُ عَلَى الْمَدِينِ ؛ لِأَنَّ عَلَى الْمَدِينِ إيفَاءَ حَقِّهِ فَتَكُونُ أُجْرَةُ التَّمْيِيزِ عَلَيْهِ وَبَعْدَ الْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِ رَبِّ الدَّيْنِ وَيَدَّعِي أَنَّهُ خِلَافُ حَقِّهِ فَيَكُونُ تَمْيِيزُ حَقِّهِ عَلَيْهِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَأُجْرَةُ الْكَيْلِ عَلَى الْبَائِعِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَقَالَ فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَفِي بَابِ الْعَيْنِ لَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً مُكَايَلَةً فَالْكَيْلُ عَلَى الْبَائِعِ وَصَبُّهَا فِي وِعَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ أَيْضًا هُوَ الْمُخْتَارُ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَفِي الْمُنْتَقَى إخْرَاجُ الطَّعَامِ مِنْ السُّفُنِ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ أَيْضًا وَلَوْ اشْتَرَى حِنْطَةً فِي سُنْبُلِهَا فَعَلَى الْبَائِعِ تَحْصِيلُهَا بِالدَّوْسِ وَالتَّذْرِيَةِ وَدَفْعُهَا إلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ هُوَ الْمُخْتَارُ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَفِي بَابِ السِّينِ رَجُلٌ اشْتَرَى عِنَبًا جُزَافًا فَقَطَعَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا كُلُّ شَيْءٍ بَاعَهُ كَالثُّومِ وَالْجَزَرِ وَالْبَصَلِ إذَا خَلَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا قَطْعُ الثَّمَرِ عَلَى الْمُشْتَرِي ا هـ .

قَالَ ( وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ سَلَّمَهُ أَوَّلًا ) أَيْ سَلَّمَ الثَّمَنَ أَوَّلًا ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ وَحَقُّ الْمُشْتَرِي قَدْ تَعَيَّنَ فِي الْمَبِيعِ فَيُسَلِّمُ هُوَ الثَّمَنَ أَوَّلًا لِيَتَعَيَّنَ حَقُّ الْبَائِعِ فِيهِ كَمَا تَعَيَّنَ حَقُّهُ فِي الْمَبِيعِ إذْ الثَّمَنُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَصُورَةُ هَذَا أَنْ يُقَالَ لِلْبَائِعِ أَحْضِرْ الْمَبِيعَ لِيَعْلَمَ أَنَّهُ قَائِمٌ فَإِذَا أُحْضِرَ قِيلَ لِلْمُشْتَرِي سَلِّمْ الثَّمَنَ أَوَّلًا لِمَا ذَكَرْنَا ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْضُرَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ عَلَى مِثَالِ الرَّاهِنِ مَعَ الْمُرْتَهِنِ قَالَ ( وَإِلَّا مَعًا ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سِلْعَةٌ بِثَمَنٍ سُلِّمَا مَعًا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّعْيِينِ أَوْ فِي عَدَمِ التَّعْيِينِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بِثَمَنٍ أَوْ سِلْعَةٍ بِسِلْعَةٍ فَالْأَوَّلُ كِلَاهُمَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ وَالثَّانِي مُتَعَيِّنٌ

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا إذْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّأْجِيلِ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الْحَبْسِ ، وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُ الثَّمَنِ حَالًّا وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلًا فَلَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِيفَاءِ الْحَالِّ ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمُشْتَرِي جَمِيعَ الثَّمَنِ إلَّا دِرْهَمًا فَلَهُ حَقُّ حَبْسِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ لَا يَتَجَزَّأُ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَلَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ رَهْنًا أَوْ تَكَفَّلَ بِهِ كَفِيلٌ لَا يَسْقُطُ حَقُّ الْحَبْسِ ؛ لِأَنَّ هَذَا وَثِيقَةٌ بِالثَّمَنِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ عَنْ حَبْسِ الْمَبِيعِ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَوْ أَحَالَ الْبَائِعُ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَقِيلَ سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ ، وَكَذَا إذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى رَجُلٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ فِي رِوَايَةٍ إذَا أَحَالَ رَجُلًا عَلَى الْمُشْتَرِي سَقَطَ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِذَا أَحَالَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ عَلَى رَجُلٍ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْحَبْسِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْبَائِعِ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ قَضِيَّةَ الْعَقْدِ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ فَإِنْ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ هَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِهِ أَمْ لَا يُجْبَرُ قَدْ ذَكَرَ الْحُكْمَ فِيهِ فِي حَاشِيَةٍ كَتَبْتهَا مِنْ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادَاتِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ فَرَاجِعْهَا ا هـ .

بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَحَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ أَقَلُّ ) أَيْ جَازَ خِيَارُ الشَّرْطِ لَهُمَا جُمْلَةً أَوْ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ يُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ { إذَا بَايَعْت فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } قَالَ ( وَلَوْ أَكْثَرَ لَا ) أَيْ لَوْ شَرَطَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا يَجُوزُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِهِ قَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ ، وَقَالَا : يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرَيْنِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي لِدَفْعِ الْغَبْنِ وَقَدْ تَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْأَكْثَرِ فَشَابَهُ التَّأْجِيلَ فِي الثَّمَنِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَهُوَ اللُّزُومُ ، وَإِنَّمَا جَوَّزْنَاهُ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ بِمَا رَوَيْنَاهُ مِنْ النَّصِّ فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ فَتَنْتِفِي الزِّيَادَةُ بِخِلَافِ اشْتِرَاطِ الْأَجَلِ ؛ لِأَنَّهُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ وَذَلِكَ بِتَطَاوُلِ الْمُدَّةِ وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ لَيْسَ بِنَصٍّ فِيهِ فَرُوِيَ أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ أَوْ الْعَيْبِ فَإِذَا انْتَفَتْ الزِّيَادَةُ فَسَدَ الْعَقْدُ بِهَا قَالَ ( فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ خِلَافًا لِزُفَرَ ) هُوَ يَقُولُ : إنَّ الْعَقْدَ انْعَقَدَ فَاسِدًا فَلَا يَعُودُ صَحِيحًا كَالنِّكَاحِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَلَهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ قَدْ زَالَ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ فَيَنْقَلِبُ صَحِيحًا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ وَأَعْلَمَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَهَذَا عِنْدَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّ عِنْدَهُمْ يَنْعَقِدُ فَاسِدًا وَيَرْتَفِعُ الْفَسَادُ بِحَذْفِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ اتِّصَالُ الْيَوْمِ الرَّابِعِ بِهَذِهِ الْمُدَّةِ ، فَإِذَا حَذَفَهُ قَبْلَ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَقَدْ مَنَعَ

اتِّصَالَ الْمُفْسِدِ بِالْعَقْدِ فَصَارَ كَأَنَّ الْخِيَارَ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ ، وَأَمَّا عِنْدَ مَشَايِخِ خُرَاسَانَ فَعِنْدَهُمْ الْعَقْدُ مَوْقُوفٌ عَلَى إسْقَاطِ الشَّرْطِ فَبِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ فَسَدَ الْعَقْدُ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا بِخِلَافِ فَسَادِ النِّكَاحِ لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ فِيهِ لِعَدَمِ شَرْطِ الْجَوَازِ فَلَا يُمْكِنُ إزَالَتُهُ وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ .

( بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ ) ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : صَحَّ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ ) أَيْ وَعَلَى قَوْلِ سُفْيَانَ وَابْنِ شُبْرُمَةَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي جَازَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا فِي التُّحْفَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَيْضًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ أَيْ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ا هـ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَدَّرَ مُدَّتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِحِبَّانَ ) وَحَبَّانُ هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمَنْقُوطَةِ بِنُقْطَةٍ تَحْتَانِيَّةٍ شَهِدَ أُحُدًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَكَانَ يُغْبَنُ ) أَيْ يُخْدَعُ يُقَالُ غَبَنَهُ فِي الْبَيْعِ غَبْنًا وَهُوَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَغَبِنَ رَأْيُهُ غَبْنًا ضَعُفَ وَهُوَ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَيُقَالُ إنَّهُ مَغْبُونٌ فِي الْبَيْعِ وَغَبِينٌ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لَا خِلَابَةَ ) الْخِلَابَةُ الْخَدِيعَةُ كَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا بِالْإِجْمَاعِ بِهَذَا الْحَدِيثِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَا يَجُوزُ إذَا سَمَّى مُدَّةً مَعْلُومَةً ) أَيْ وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ أَبَدًا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَفِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ أَيْ أَبَا يُوسُفَ يُوَافِقُ الْإِمَامَ ا هـ كَيْ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ لِلتَّرَوِّي ) يَعْنِي إلَى النَّظَرِ وَالتَّفَكُّرِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَشَابَهَ التَّأْجِيلَ فِي الثَّمَنِ ) وَالْجَامِعُ أَنَّهَا مُدَّةٌ مُلْحَقَةٌ بِالْعَقْدِ لِمِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّحْصِيلِ ) أَيْ بِالْكَسْبِ أَوْ تَدْخُلُ غَلَّاتُهُ وَهِيَ لَا تَتَحَقَّقُ غَالِبًا وَظَاهِرًا فِي أَدْنَى مُدَّةٍ ، وَلِهَذَا جَازَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى

الثَّلَاثِ بِخِلَافِ شَرْطِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لِإِبْلَاءِ الْعُذْرِ وَالنَّظَرِ فِي أَنَّ الْبَيْعَ رَابِحٌ أَوْ خَاسِرٌ وَمُدَّةُ الثَّلَاثِ تَامَّةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلَا حَاجَةَ إلَى الزِّيَادَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ ) أَيْ بَعْدَمَا كَانَ شَرَطَ أَكْثَرَ مِنْهَا ا هـ عَيْنِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَإِذَا أَجَازَ فِي الثَّلَاثِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إذَا بَطَلَ خِيَارُهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا فَلَا يَنْقَلِبُ الْعَقْدُ جَائِزًا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ مُؤَبَّدًا ثُمَّ أَسْقَطَ الْخِيَارَ بَعْدَ الثَّلَاثِ جَازَ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ جَائِزٌ عِنْدَهُمَا وَلَا يَنْقَلِبُ جَائِزًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ إلَى هَذِهِ الْمُدَّةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ إبْطَالُ الْخِيَارِ قَبْلَ الثَّلَاثَةِ أَوْ سَقَطَ الْخِيَارُ بِمَوْتِهِ أَوْ بِمَوْتِ الْعَبْدِ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ حَدَثَ فِي الْمَبِيعِ مَا يُوجِبُ لُزُومَ الْعَقْدِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا عِنْدَنَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : خِلَافًا لِزُفَرَ ) أَيْ وَالشَّافِعِيِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَهُ أَنَّ الْمُفْسِدَ إلَخْ ) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : قَدْ زَالَ قَبْلَ تَقَرُّرِهِ ) أَيْ لُزُومُهُ وَثُبُوتُهُ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَهُ بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ا هـ كَيْ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ ) أَيْ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ ا هـ وَالرَّقْمُ الْكِتَابَةُ وَرَقَمَ التَّاجِرُ الثَّوْبَ مِنْ هَذَا وَهُوَ إعْلَامُ ثَمَنِهِ بِنَوْعِ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ بِأَنَّ ثَمَنَهُ كَذَا دِرْهَمًا ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِالرَّقْمِ مَا نَصُّهُ وَكَمَا لَوْ بَاعَ جَذَعًا فِي سَقْفٍ ثُمَّ نَزَعَهُ فَسَلَّمَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا عِنْدَ مَشَايِخِ أَهْلِ الْعِرَاقِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ نَصَّ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ

الْبَيْعَ فَاسِدٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ جَازَ وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلِ الْعِرَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا ) أَيْ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ عُلَمَاءِ مَا وَرَاءِ النَّهْرِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا مَا نَصُّهُ وَبِالْإِسْقَاطِ يَنْعَقِدُ صَحِيحًا ا هـ كَيْ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ ) أَيْ الْوَجْهُ الثَّانِي الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مَشَايِخُ خُرَاسَانَ وَهُوَ قَوْلُهُ : ؛ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ إلَخْ ا هـ .

قَالَ ( وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ صَحَّ وَإِلَى أَرْبَعَةٍ لَا ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجُوزُ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَأَكْثَرَ ، وَقَالَ زُفَرُ : لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ لِتَعَلُّقِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ النَّقْدِ وَلَوْ شَرَطَ فِيهِ الصَّحِيحَةَ مِنْهَا فَسَدَ فَهَذَا أَوْلَى ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ فِي مَعْنَى شَرْطِ الْخِيَارِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِمْضَاءِ غَيْرَ أَنَّ تَرْكَ النَّقْدِ جَعَلَ أَمَارَةَ الْفَسْخِ وَالنَّقْدِ أَمَارَةَ الْإِمْضَاءِ وَهَذَا الشَّرْطُ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْمُمَاطَلَةِ كَمَا أَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِدَفْعِ الْغَبْنِ غَيْرَ أَنَّهُ هُنَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مَعَ عَدَمِ النَّقْدِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ وَفِي تِلْكَ يَتِمُّ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْحُكْمِ إذْ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَسْخٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَإِجَازَةٌ عَلَى تَقْدِيرٍ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْفَسْخُ وَالْإِجَازَةُ لَا فِي نَفْسِ الْفَسْخِ عِنْدَ إرَادَةِ الْفَسْخِ وَلَا فِي نَفْسِ الْإِجَازَةِ عِنْدَ إرَادَةِ الْإِجَازَةِ فَلَا يُعَدُّ اخْتِلَافًا ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مَرَّا عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْمُلْحَقِ بِهِ وَهُوَ شَرْطُ الْخِيَارِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَأَبُو يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي هَذَا وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أَخَذَ بِالنَّصِّ فِي هَذَا وَبِالْأَثَرِ فِي ذَلِكَ قَالَ ( فَإِنْ نَقَدَ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ ) يَعْنِي فِيمَا إذَا شَرَطَا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، وَإِنَّمَا صَحَّ لِزَوَالِ الْمُفْسِدِ وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا أَنْ لَا يُبَيِّنَا الْوَقْتَ أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَجْهُولًا بِأَنْ يَقُولَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ أَيَّامًا أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَعْلُومًا وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ

ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَهُوَ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا فَاسِدٌ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ فِي الثَّلَاثِ لِمَا قُلْنَا أَوْ بَيَّنَّا وَقْتًا مَعْلُومًا وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَيَّامٍ أَوْ دُونَهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمَا بَيَّنَّا قَالَ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ بَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَخْ ) هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ كَمَا تَرَى وَكَذَلِكَ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ الْأَوَّلُ وَرَوَى الْحَسَنُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ هَذَا الْقَوْلِ ، وَقَالَ يَجُوزُ الْبَيْعُ كَمَا هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ كَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَلِهَذَا الْمَعْنَى قَالَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ وَاضْطَرَبَ الْأَوْسَطُ فِيهِ فَاعْقِلْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ ) صَرَّحَ فِي الْمَجْمَعِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ زُفَرُ : لَا يَجُوزُ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا ) مِنْ قَوْلِهِ هَذَا الشَّرْطُ أَصْلًا إلَى قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ اشْتَرَيَا عَلَى أَنَّهُمَا بِالْخِيَارِ مَفْقُودٌ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ فِي الثَّلَاثَةِ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ أَيْضًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْمُخْتَلَفِ ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَلَوْ مَضَى الثَّلَاثَةُ وَلَمْ يَنْعَقِدْ الثَّمَنُ فَسَدَ الْبَيْعُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ نَفَذَ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا ، وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْبَيْعُ بِهَذَا الشَّرْطِ لِلْبَائِعِ كَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إنْ رَدَّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا فَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ بِهَذَا الشَّرْطِ عِنْدَنَا خِلَافًا

لِزُفَرَ قَالَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَفَائِدَتُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى بِقَوْلِهِ إنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ صَحَّ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي لَا وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يَنْقُدْهُ الثَّمَنَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَا بَيْعَ بَيْنَنَا فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَفِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ الْبَيْعُ جَائِزٌ كَذَا ذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ : آخِرًا كَقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَقَدْ مَرَّ ، ثُمَّ أَبُو حَنِيفَةَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَكَذَا مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ إلَّا إذَا نَقَدَ الثَّمَنَ فِي الثَّلَاثِ فَكَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا لِانْقِطَاعِ الْمُفْسِدِ وَمُحَمَّدٌ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ يَجُوزُ شَرْطُ الْخِيَارِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ مَعْلُومَةً فَكَذَا مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُ ، وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ مَرَّ عَلَى أَصْلِهِ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَلَكِنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ شَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ حَيْثُ جَوَّزَ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُجَوِّزْ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ اتَّبَعَ أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ إذْ هُوَ أَجَازَ فِيهِ الزِّيَادَةَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَجَازَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَدْ مَرَّ ذَلِكَ قَبْلَ هَذَا فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَجَاوَزْ أَبُو يُوسُفَ حَدَّ السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ وَأَخَذَ بِهِمَا وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ أُخِذَ بِالْقِيَاسِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يَصِحَّ هَذَا الْبَيْعُ أَصْلًا كَمَا قَالَ زُفَرُ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ شَرْطٍ فِيهِ إقَالَةٌ فَاسِدَةٌ وَهِيَ إقَالَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِالشَّرْطِ وَالْبَيْعُ بِشَرْطِ الْإِقَالَةِ الصَّحِيحَةِ بَاطِلٌ فَشَرْطُ الْإِقَالَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْلَى ا هـ أَتْقَانِيٌّ

وَكَتَبَ عَلَى يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ هَهُنَا مَسْأَلَةٌ لَا بُدَّ مِنْ حِفْظِهَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ الثَّمَنَ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَفْسُدُ الْعَقْدُ وَلَا يَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ فِي يَدِهِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَا يَنْفُذُ ا هـ خَبَّازِيَّةٌ ( قَوْلُهُ : وَمَعَ مُحَمَّدٍ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ أُخِذَ بِالنَّصِّ ) أَيْ بِدَلَالَةِ النَّصِّ وَهُوَ { قَوْلُهُ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَلْأَنْصَارِيِّ إذَا بَايَعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } ا هـ ا ق وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِالنَّصِّ نُسْخَةً بِالْقِيَاسِ ا هـ .

( وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِهِ ) لِأَنَّ تَمَامَ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّرَاضِي وَلَا يَتِمُّ الرِّضَا مَعَ الْخِيَارِ ، وَلِهَذَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْبَائِعِ وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ قَبَضَهُ بِإِذْنِ الْبَائِعِ قَالَ ( وَبِقَبْضِ الْمُشْتَرِي يَهْلَكُ بِالْقِيمَةِ ) يَعْنِي إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَهَلَكَ فِي يَدِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَوْقُوفًا وَلَا نَفَاذَ بِدُونِ الْمَحَلِّ وَكَانَ مَقْبُوضًا فِي يَدِهِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الْمُطْلَقِ وَلَوْ تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَلْزَمَ الْبَيْعَ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَضَمَّنَهُ النُّقْصَانَ ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ لَا يَمْنَعُ الْفَسْخَ وَإِذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ بِجَمِيعِ أَجْزَائِهِ كَالْمَغْصُوبِ وَلَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ ؛ لِأَنَّ مَا انْتَقَصَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَلَكِنَّ الْمُشْتَرِي يَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ وَإِذَا كَانَ الْعَيْبُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ بِقَدْرِهِ ؛ لِأَنَّ مَا يَحْدُثُ بِفِعْلِهِ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ وَتَسْقُطُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ قَالَ ( وَخِيَارُ الْمُشْتَرِي لَا يُمْنَعُ وَلَا يَمْلِكُهُ ) أَيْ لَا يَمْنَعُ خُرُوجَ الْمَبِيعِ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ لَازِمٌ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ نَظَرًا لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَيَعْمَلُ فِي حَقِّهِ دُونَ الْآخَرِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْهُ الْمُشْتَرِي كَيْ لَا يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا :

يَمْلِكُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكَانَ زَائِلًا لَا إلَى مَالِكٍ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ وَلَهُ أَنَّ الثَّمَنَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يَعْمَلُ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ، وَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ لَدَخَلَ بِلَا عِوَضٍ وَاجْتَمَعَ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ الْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَلَا عَهْدَ لَنَا بِهِ فِي الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ شُرِعَ نَظَرًا لَهُ لِيَنْظُرَ فِيهِ هَلْ هُوَ مُوَافِقٌ أَمْ لَا ؟ فَلَوْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ يَفُوتُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى قَرِيبَهُ ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَيَعُودُ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْضِ وَجَازَ أَنْ يُوجَدَ خُرُوجُ مِلْكِهِ بِلَا دُخُولٍ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ كَعَبِيدِ الْكَعْبَةِ يَخْرُجُونَ عَنْ مِلْكِ مُلَّاكِهِمْ وَلَا يَدْخُلُونَ فِي مِلْكِ أَحَدٍ عِنْدَ الشِّرَاءِ لِلْكَعْبَةِ ، وَكَذَا التَّرِكَةُ الْمُسْتَغْرَقَةُ بِالدَّيْنِ تَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ وَلَا تَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْوَرَثَةِ وَلَا يُقَالُ عَلَى هَذَا تَكُونُ سَائِبَةً وَهِيَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : الْحَالُ مَوْقُوفٌ إنْ أُجِيزَ الْبَيْعُ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الزَّوَائِدُ وَإِنْ فَسَخَ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ زَائِلٍ عَنْ مِلْكِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مِنْ السَّائِبَةِ مَعَ وُجُودِ سَبَبِ الِانْتِقَالِ وَمَعَ تَوَقُّعِ حُكْمِهِ قَالَ ( وَبِقَبْضِهِ يَهْلَكُ بِالثَّمَنِ كَتَعَيُّبِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ قَبْضِهِ يَضْمَنُ ثَمَنَهُ إذَا هَلَكَ كَمَا يَضْمَنُ إذَا تَعَيَّبَ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْبِ عَيْبٌ لَا يَرْتَفِعُ كَقَطْعِ الْيَدِ فَإِنْ كَانَ يَرْتَفِعُ كَالْمَرَضِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ فَإِنْ ارْتَفَعَ فِي الْمُدَّةِ لَا يَلْزَمُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الْعَيْبِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ لِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ كَمَا قَبَضَهُ وَالْهَلَاكُ لَا يُعَرَّى عَنْ مُقَدِّمَةِ عَيْبٍ فَيَهْلَكُ بَعْد مَا انْبَرَمَ الْعَقْدُ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ

الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ الْعَيْبِ فِيهِ لَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ إذْ لَا يَعْجِزُ عَنْ التَّصَرُّفِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ فَلَوْ لَزِمَ الْبَيْعُ فِيهِ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ضَرُورَةً .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَخِيَارُ الْبَائِعِ يَمْنَعُ إلَخْ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْمُجْتَبَى فِي الْمُحِيطِ يَخْرُجُ الثَّمَنُ عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ إجْمَاعًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي ) أَيْ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ الْقِيمَةُ ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلِيًّا وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ ا هـ كَيْ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ) إنَّمَا ذَكَرَ الصَّحِيحَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْفَاسِدِ كَذَلِكَ حَمْلًا لِحَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصَّلَاحِ ا هـ ( قَوْلُهُ : يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِ الْمَيِّتِ ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هِيَ مُبْقَاةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِحَاجَتِهِ كَذَا ذُكِرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِهَذَا كَانَ لَهُ الزَّوَائِدُ ) أَيْ إذْ الْحُكْمُ عِنْدَ تَمَامِ السَّبَبِ يَثْبُتُ مِنْ أَوَّلِ السَّبَبِ ا هـ وَكُتِبَ عَلَى قَوْلِهِ الزَّوَائِدُ مَا نَصُّهُ الْحَاصِلَةُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ، وَأَمَّا الْكَسْبُ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ وَيُنْظَرُ فِي آخِرِ غَصْبٍ فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ ا هـ ( فَرْعٌ ) الْوَلَدُ وَالْعَقْرُ وَالثَّمَرَةُ وَاللَّبَنُ يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْإِجْمَاعِ وَغَيْرُ الْمُتَوَلِّدَةِ كَالْكَسْبِ وَالْغَلَّةِ لَا يُمْنَعُ بِالْإِجْمَاعِ فَإِنْ أَجَازَ الْبَيْعَ فَالْغَلَّةُ وَالْكَسْبُ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ فُسِخَ فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِلْبَائِعِ ا هـ عِمَادِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَبِقَبْضِهِ ) أَيْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهُ ا هـ .

قَالَ ( فَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بِالْخِيَارِ بَقِيَ النِّكَاحُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ ( فَإِنْ وَطِئَهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهَا ) ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ بِحُكْمِ النِّكَاحِ لَا بِحُكْمِ مِلْكِ الْيَمِينِ إذْ لَا يَمْلِكُهَا بِهَذَا الشِّرَاءِ إلَّا إذَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّبُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ بَعْدَمَا تَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ انْفَسَخَ بِمِلْكِهِ إيَّاهَا فَيَكُونُ الْوَطْءُ بِحُكْمِ مِلْكِ الْيَمِينِ فَيَمْتَنِعُ الرَّدُّ كَمَا إذَا اشْتَرَى غَيْرَ زَوْجَتِهِ فَوَطِئَهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَظْهَرُ فِيهَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَلَهَا نَظَائِرُ مِنْهَا عِتْقُ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ قَرِيبًا لَهُ وَمِنْهَا عِتْقُهُ إذَا كَانَ قَدْ حَلَفَ بِعِتْقِهِ بِأَنْ قَالَ إنْ مَلَكْت عَبْدًا فَهُوَ حُرٌّ ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَالْمُنْشِئِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فِي حَقِّ تَصْحِيحِ الْجَزَاءِ لَا غَيْرَ حَتَّى لَا يُجْزِئُهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ إذَا نَوَاهُ بِخِلَافِ شِرَاءِ الْقَرِيبِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَمِنْهَا أَنَّ الْأَمَةَ الْمُشْتَرَاةَ لَوْ حَاضَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُجْتَزَأُ بِهِ عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَعِنْدَهُمَا يُجْتَزَأُ بِهِ لِوُجُودِهِ وَلَوْ رَجَعَتْ إلَى الْبَائِعِ بِالْفَسْخِ بِحُكْمِ الْخِيَارِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ لِعَدَمِ دُخُولِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَجِبُ إذَا رَجَعَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ رَجَعَتْ إلَى مِلْكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ اسْتِحْسَانًا كَمَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا ثُمَّ تَفَاسَخَا بِإِقَالَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ الْقَبْضِ قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا وَقَبْلَ الْقَبْضِ يَجِبُ قِيَاسًا وَفِي

الِاسْتِحْسَانِ لَا يَجِبُ إجْمَاعًا وَمِنْهَا مَا إذَا اشْتَرَى مَنْكُوحَتَهُ وَقَدْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَوْ حُبْلَى مِنْهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خِلَافًا لَهُمَا وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَيْعُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَيَّبُ بِالْوِلَادَةِ وَلَا يَمْلِكُ رَدَّهَا بَعْدَ التَّعَيُّبِ فِي يَدِهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا اشْتَرَى حُبْلَى مِنْ غَيْرِهِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَقَبَضَهَا فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَلْزَمُ الْبَيْعُ لِمَا ذَكَرْنَا وَمِنْهَا مَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ هَلَكَ مِنْ مَالِ الْبَائِعِ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ يَرْتَفِعُ بِالرَّدِّ لِعَدَمِ الْمِلْكِ فَهَلَاكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي يَدِ الْبَائِعِ إنْ كَانَ فِي الْمُدَّةِ فَهُوَ هَلَاكٌ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَبْلَ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ مُضِيِّهَا فَهُوَ هَلَاكٌ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَكُونُ مِنْ مَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ وَعِنْدَهُمَا مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ الْإِيدَاعِ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ الْمِلْكِ لَهُ فَصَارَ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ أَوْ الْعَيْبِ وَالْفَرْقُ لَهُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ وُقُوعَ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ الْإِيدَاعُ صَحِيحًا بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَمِنْهَا مَا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى بِالْخِيَارِ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَقِيَ خِيَارُهُ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ كَانَ الرَّدُّ امْتِنَاعًا عَنْ التَّمَلُّكِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ يَمْلِكُ الرَّدَّ ، وَإِنْ كَانَ التَّمْلِيكُ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَمَا إذَا وُهِبَ لَهُ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْقَبُولِ وَعِنْدَهُمَا بَطَلَ خِيَارُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَلَكَهُ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ تَمْلِيكًا بِلَا عِوَضٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ بِخِلَافِ

الْحُرِّ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَةٍ أَوْ عَيْبٍ فِي الْبَيْعِ الْبَاتِّ فَأَبْرَأَهُ الْبَائِعُ عَنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْقَبْضِ بِالْإِجْمَاعِ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا لَا يَمْنَعَانِ الْوُقُوعَ فِي الْمِلْكِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ إلَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمُشْتَرِي يَمْنَعُ خُرُوجَ الثَّمَنِ عَنْ مِلْكِهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إبْرَاءٌ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ فَيَصِحُّ وَمِنْهَا مَا لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بَطَلَ الْخِيَارُ عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا فَلَا يَمْلِكُ تَمْلِيكَهَا بِالرَّدِّ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهَا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَلَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بَقِيَ عَلَى خِيَارِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جَانِبِ الْبَائِعِ بَاتٌّ فَإِنْ أَجَازَهُ صَارَ لَهُ ، وَإِنْ فَسَخَ صَارَ الْخَمْرُ لِلْبَائِعِ وَالْمُسْلِمُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَتَمَلَّكَ الْخَمْرَ حُكْمًا كَمَا فِي الْإِرْثِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَسْلَمَ هُوَ بَطَلَ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَالْمُسْلِمُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ وَلَوْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَالْبَائِعُ عَلَى خِيَارِهِ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي بَاتٌّ فَإِنْ أَجَازَ الْعَقْدَ صَارَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَمْلِكَ الْخَمْرَ حُكْمًا ، وَإِنْ فَسَخَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَالْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا ، وَإِنْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا ؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ

شَبَهًا بِالْعَقْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فَلَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَانَ الْبَيْعُ بَاتًّا لَا يَبْطُلُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالْقَبْضِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْهَا مُسْلِمٌ اشْتَرَى مِنْ مُسْلِمٍ عَصِيرًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَتَخَمَّرَ الْعَصِيرُ فِي الْمُدَّةِ فَسَدَ الْبَيْعُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا تَمَّ وَمِنْهَا حَلَالٌ اشْتَرَى صَيْدًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَقَبَضَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ وَالصَّيْدُ فِي يَدِهِ يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّهُ إلَى الْبَائِعِ عِنْدَهُ ، وَقَالَا : يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ يُنْتَقَضُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَأَحْرَمَ الْبَائِعُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ ، وَمِنْهَا مَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا هُوَ سَاكِنُهَا بِإِجَارَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ فَاسْتَدَامَ السُّكْنَى بَعْدَ الشِّرَاءِ لَا يَكُونُ اخْتِيَارًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا اخْتِيَارٌ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْعَيْنِ فَكَانَ سُكْنَاهُ بِحُكْمِ مِلْكِ الْعَيْنِ ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ابْتِدَاءُ السُّكْنَى اخْتِيَارٌ ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُمْتَحَنُ بِالسُّكْنَى بِخِلَافِ الِاسْتِمْرَارِ قَالَ .

قَوْلُهُ : إذَا كَانَ قَرِيبًا ) أَيْ قَرَابَةً مَحْرَمَةً عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ لَا يُعْتَقُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُفْسَخْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَمِنْهَا عِتْقُهُ ) أَيْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ بِسَبَبِ الْخِيَارِ فَلَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَعِنْدَهُمَا وُجِدَ فَعَتَقَ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْته ) أَيْ حَيْثُ يُعْتَقُ اتِّفَاقًا ا هـ ( قَوْلُهُ : فِيمَا إذَا وَلَدَتْ مِنْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي يَدِ الْبَائِعِ ) أَيْ فَعِنْدَهُمَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ خِلَافًا لِلْإِمَامِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي عَادَتْ ) لَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ رَدَّهَا الْمُشْتَرِي فَائِدَةٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَإِنْ فُسِخَ إلَخْ يُغْنِي عَنْهُ ا هـ .

( فَإِنْ أَجَازَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فِي غَيْبَةِ صَاحِبِهِ صَحَّ ، وَإِنْ فَسَخَ لَا ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ أَيْضًا مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ كَانَ بِمُسَاعَدَتِهِ فَصَارَ مُسَلِّطًا لَهُ عَلَى الْفَسْخِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عِلْمِهِ كَالْفَسْخِ بِالْفِعْلِ مِثْلُ إعْتَاقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ بَيْعُهُ أَوْ وَطْؤُهُ أَوْ تَقْبِيلُهُ بِشَهْوَةٍ وَكَالْإِجَارَةِ فَإِنَّ عِلْمَ الْآخَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا فَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَاهُ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ ، وَلَهُمَا أَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ الضَّرَرُ إذْ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجِبِ الْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ كَالِامْتِنَاعِ مِنْ التَّصَرُّفِ وَالْوَطْءِ وَالِاسْتِخْدَامِ بَلْ يُقَدَّمُ عَلَى هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْبَيْعِ فَتَلْزَمُهُ الْغَرَامَةُ ، وَكَذَا لَا يُطْلَبُ لِسِلْعَتِهِ مُشْتَرِيًا لِمَا قُلْنَا فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَحَجْرِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ عَنْ التَّصَرُّفِ وَفِرَاقِ الشَّرِيكِ وَنَهْيِ الْمُضَارِبِ عَنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى صَاحِبِهِ إذْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فِيهَا وَبِخِلَافِ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهُ حُكْمِيٌّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ فِي الْحُكْمِيِّ كَعَزْلِ الْوَكِيلِ وَالْمُضَارِبِ وَالشَّرِيكِ وَحَجْرِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ حُكْمًا كَارْتِدَادِهِ وَلِحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ مُرْتَدًّا وَكَجُنُونِهِ مُطْبِقًا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الْفَسْخِ مِنْ جِهَةِ صَاحِبِهِ وَكَيْفَ يُسَلِّطُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِنَفْسِهِ لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ ، وَإِنَّمَا يُفْسَخُ لِكَوْنِ الْعَقْدِ غَيْرَ لَازِمٍ فِي حَقِّهِ لَا بِتَسْلِيطٍ مِنْهُ فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ مِنْ جِهَتِهِ ، وَكَذَا الْمُضَارِبُ

وَلَوْ فُسِخَ حَالَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ وَبَلَغَهُ فِي الْمُدَّةِ صَحَّ وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ تَمَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ وَالْحِيلَةُ فِيهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ وَكِيلًا حَتَّى إذَا بَدَا لَهُ الْفَسْخُ رَدَّهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ لَوْ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ وَأَعْلَمَهُ بِذَلِكَ وَنَصَبَ مَنْ يُخَاصِمُ عَنْهُ صَحَّ الرَّدُّ عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَضَاءِ قَالَ ( وَتَمَّ الْعَقْدُ بِمَوْتِهِ وَبِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَالْإِعْتَاقِ وَتَوَابِعِهِ وَالْأَخْذِ بِشُفْعَةٍ ) يَعْنِي يَتِمُّ الْعَقْدُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْجُمْلَةِ ، أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَوْتُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلِأَنَّ الْخِيَارَ بِمَوْتِهِ يَبْطُلُ وَلَا يَنْتَقِلُ إلَى الْوَرَثَةِ عِنْدَنَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُورَثُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ ثَابِتٌ لَهُ فِي الْبَيْعِ فَيَجْرِي فِيهِ الْإِرْثُ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ وَلَنَا أَنَّ الْخِيَارَ صِفَةٌ لِلْمَيِّتِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهُ كَسَائِرِ أَوْصَافِهِ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّهُ صِفَةٌ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إلَّا مَشِيئَةٌ وَإِرَادَةٌ فَصَارَ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ عِنْدَهُ بِخِلَافِ خِيَارِ الْعَيْبِ ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ سَلِيمًا فَكَذَا الْوَارِثُ ؛ لِأَنَّهُ وَرَّثَ خِيَارَهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَيْبِ فَاتَ الْجُزْءُ السَّلِيمُ فَلِلْمُوَرِّثِ أَنْ يُطَالِبَ بِذَلِكَ الْجُزْءِ فَيَقُومُ الْوَارِثُ مَقَامَهُ فِيهِ ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِيمَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَرِّثِ ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمُوَرِّثِ وَخِيَارُ التَّعْيِينِ يَثْبُتُ لِلْوَارِثِ ابْتِدَاءً لِاخْتِلَاطِ مِلْكِهِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ يُورَثُ فَإِذَا بَطَلَ الْخِيَارُ لَزِمَ الْبَيْعُ وَتَمَّ وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَلِأَنَّهُ بِمُضِيِّهَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ إذَا لَمْ

يَثْبُتْ لَهُ الْخِيَارُ إلَّا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ كَالْمُخَيَّرَةِ فِي وَقْتٍ مُقَدَّرٍ لَمْ يَبْقَ لَهَا الْخِيَارُ بَعْدَ مُضِيِّهِ وَمِنْ ضَرُورَةِ بُطْلَانِ الْخِيَارِ تَمَامُ الْعَقْدِ وَلُزُومُهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ وَتَوَابِعُهُ فَلِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ ؛ لِأَنَّهَا تَعْتَمِدُ الْمِلْكَ وَالْمُرَادُ بِتَوَابِعِ الْعِتْقِ التَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ وَكَذَلِكَ كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَالْوَطْءِ وَالتَّقْبِيلِ وَاللَّمْسِ بِشَهْوَةٍ يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَوُجِدَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَفَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي الْمُدَّةِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ وَلَوْ كَانَ الْفِعْلُ يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَتِمُّ بِهِ الْبَيْعُ كَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِلِامْتِحَانِ وَالتَّجْرِبَةِ فَلَا يَكُونُ دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ ، وَأَمَّا الرَّابِعُ : وَهُوَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ دَارًا بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ تُبَاعُ دَارٌ أُخْرَى بِجَنْبِهَا فَيَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي بِشَرْطِ الْخِيَارِ بِالشُّفْعَةِ فَلِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمِلْكِ فَكَانَ دَلِيلَ الْإِجَازَةِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ شُرِعَتْ نَظَرًا لِلْمُلَّاكِ لِدَفْعِ ضَرَرٍ يَلْزَمُهُمْ عَلَى الدَّوَامِ فَكَانَ الْأَخْذُ بِهَا دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ فَيَتَضَمَّنُ سُقُوطُ الْخِيَارِ سَابِقًا عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِيهَا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَيَظْهَرُ أَنَّ الْجَوَازَ كَانَ سَابِقًا وَلِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا فَكَانَ أَوْلَى بِالشُّفْعَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهَا كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَهَذَا التَّقْدِيرُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَإِنَّ

الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ يَمْلِكُ الدَّارَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِسُقُوطِ الْخِيَارِ لَا غَيْرَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ خِيَارَهُ يَسْقُطُ بِهِ إجْمَاعًا بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا بِيعَتْ دَارٌ بِجَنْبِهَا فَأَخَذَهَا بِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالصَّرِيحِ فَكَذَا بِالدَّلَالَةِ .

قَوْلُهُ : فَصَارَ مُسَلِّطًا لَهُ عَلَى الْفَسْخِ ) أَيْ وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّسْلِيطِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رِضَا صَاحِبِهِ فِي الْفَسْخِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : مِثْلُ إعْتَاقِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ) يَعْنِي إذَا صَدَرَ الْإِعْتَاقُ وَالْبَيْعُ وَالْوَطْءُ أَوْ التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ يَعْنِي الْبَائِعَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فَسْخًا أَمَّا لَوْ صَدَرَتْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تَكُونُ إجَازَةً ا هـ ك ( قَوْلُهُ : فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الْمُوَكِّلِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَهُمَا أَنَّهُ بِالْفَسْخِ يَلْزَمُ صَاحِبَهُ ) يَعْنِي إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَفُسِخَ بِلَا عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ اعْتِمَادًا عَلَى الْبَيْعِ السَّابِقِ وَعَلَى أَنَّ الْعَقْدَ تَمَّ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ فَتَلْزَمُهُ الْغَرَامَةُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِذَا فَسَخَ الْبَائِعُ بِلَا عِلْمِ الْمُشْتَرِي يَتَصَرَّفُ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ اعْتِمَادًا عَلَى الْبَيْعِ السَّابِقِ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ إذَا هَلَكَ وَرُبَّمَا تَكُونُ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَفِيهِ الضَّرَرُ وَالْغَرَرُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا لَا يُطْلَبُ إلَخْ ) أَيْ ، وَكَذَا يَلْزَمُ الضَّرَرُ عَلَى الْبَائِعِ فِيمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَفُسِخَ بِلَا عِلْمِ الْبَائِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ : تَمَّ الْعَقْدُ وَلَزِمَ ) أَيْ لِأَنَّ تَمَامَ الْمُدَّةِ دَلَالَةُ لُزُومِ الْبَيْعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَا يَصِحُّ فَسْخُهُ بِغَيْرِ عِلْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ ) وَفِي جَامِعِ الْمَحْبُوبِ لَوْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْفَسْخُ بِغَيْبَةِ الْآخَرِ ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ : أَمَّا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَوْتُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا أَوْ مُشْتَرِيًا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُورَثُ عَنْهُ ) وَالْمُرَادُ بِنَفْيِ التَّوْرِيثِ عِنْدَنَا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْوَارِثِ كَمَا كَانَ

يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْمُوَرِّثِ حَالَ حَيَاتِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَالتَّعْيِينِ ) أَيْ كَمَا إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَيُرَدُّ الْآخَرُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً ) بِنَصْبِهِمَا بَدَلٌ مِنْ خَبَرِ لَيْسَ أَيْ لَيْسَ الْخِيَارُ شَيْئًا إلَّا مَشِيئَةً وَإِرَادَةً ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِرَادَةُ مَا نَصُّهُ أَيْ إرَادَتُهُ الْفَسْخَ أَوْ الْإِجَازَةَ وَإِرَادَتُهُ قَدْ انْقَطَعَتْ بِمَوْتِهِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ ا هـ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِرْثَ إنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ لَا فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ وَالْخِيَارُ لَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّ الْإِرْثَ فِيمَا يُتَصَوَّرُ انْتِقَالُهُ ؛ لِأَنَّ سَائِرَ تَصَرُّفَاتِ الْمُوَرِّثِ مِنْ الْقُدْرَةِ وَالْعِلْمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا تُورَثُ ، وَكَذَا مَنْكُوحَتُهُ لَا تُورَثُ ا هـ ( قَوْلُهُ : يَبْطُلُ خِيَارُهُ ) أَيْ خِيَارُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرَاهُ ( قَوْلُهُ : فَلَا يَكُونُ دَلِيلُ الِاسْتِبْقَاءِ ) وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِالنِّسْبَةِ إلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي أَمَّا فِي جَانِبِ الْبَائِعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِامْتِحَانِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ اسْتِخْدَامُهُ دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ : كَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ) أَيْ فَإِنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الشُّفْعَةَ وَأَنْ يَمْلِكَا رَقَبَةَ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَالْمُشْتَرِي هُنَا لَمْ يَصِرْ أَحَقَّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهَا ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَا نَصُّهُ أَيْ الْمُسْتَغْرِقُ بِالدَّيْنِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا التَّقْدِيرُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ ) أَيْ لِأَنَّهُ الْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ لَا يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَشْفَعُ بِهَا وَقَدْ قَالَ

يَشْفَعُ بِهَا فَاحْتَاجَ إلَى جَعْلِهِ فِعْلًا يُفِيدُ الرِّضَا بِالْبَيْعِ فَيَنْبَرِمُ الْبَيْعُ فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْخِيَارِ فَيَكُونُ سَابِقًا عَلَى شِرَاءِ مَا فِيهِ الشُّفْعَةُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا ) قَالَ الْكَمَالُ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا حَاجَةَ ؛ لِأَنَّهُمَا قَائِلَانِ بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ مَلَكَهَا فَيُتَّجَهُ لَهُ الشُّفْعَةُ بِهَا وَالْوَجْهُ أَنَّهُمَا أَيْضًا يَحْتَاجَانِ إلَى زِيَادَةِ ضَمِيمَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا عِنْدَهُمَا فَلَهُ رَفْعُهُ فَهُوَ مُزَلْزَلٌ وَالشُّفْعَةُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْمُسْتَمِرِّ فَحِينَ شَفَعَ دَلَّ عَلَى قَصْدِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ فَيَسْقُطُ خِيَارُهُ فَلَا يُفْسَخُ بَعْدَ ذَلِكَ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ : حَيْثُ لَا يَسْقُطُ بِأَخْذِ الشُّفْعَةِ ) أَيْ حَتَّى إذَا رَآهَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَمَا شَفَعَ بِهَا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ صَرِيحًا لَا يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالرُّؤْيَةِ فَقَبِلَهَا هُوَ عَدَمٌ فَحَقِيقَةُ قَوْلِنَا ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ أَنَّهُ إذَا رَآهَا ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ ، وَكَذَا لَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْعَيْبِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ ( وَلَوْ شَرَطَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ صَحَّ وَأَيُّهُمَا أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ ) أَيْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ نَقَضَهُ جَازَ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مِنْ مُوَاجَبِ الْعَقْدِ وَمِنْ أَحْكَامِهِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ مَا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ مُفْسِدٌ وَفِيهِ ذَلِكَ فَيَفْسُدُ وَلَنَا أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ اشْتِرَاطٌ لِلْعَاقِدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَاقِدِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَيُمْكِنُ إثْبَاتُهُ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْعَاقِدِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ شَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ وَجَعَلَ الْأَجْنَبِيَّ نَائِبًا عَنْ نَفْسِهِ اقْتِضَاءً تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِ وَزُفَرُ لَا يَقُولُ بِالِاقْتِضَاءِ وَلَا بِالِاسْتِحْسَانِ فَإِذَا كَانَ نَائِبًا عَنْهُ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ فَأَيُّهُمَا أَجَازَ أَوْ نَقَضَ صَحَّ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَلَكَ التَّصَرُّفَ أَصَالَةً أَوْ نِيَابَةً قَالَ ( فَإِنْ أَجَازَ أَحَدُهُمَا وَنَقَضَ الْآخَرُ فَالْأَسْبَقُ أَحَقُّ ) لِوُجُودِهِ فِي زَمَانٍ لَا يُزَاحِمُهُ فِيهِ أَحَدٌ وَتَصَرُّفُ الْآخَرِ بَعْدَهُ يَلْغُو ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ إنْ كَانَ فَسْخًا فَالْمَفْسُوخُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ ، وَإِنْ كَانَ إجَازَةً فَقَدْ انْبَرَمَ الْعَقْدُ وَبَعْدَ انْبِرَامِهِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِفَسْخِهِ قَالَ ( وَإِنْ كَانَا مَعًا فَالْفَسْخُ ) أَيْ لَوْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا وَأَجَازَ الْآخَرُ وَخَرَجَ الْكَلَامَانِ مِنْهُمَا مَعًا كَانَ الْفَسْخُ أَوْلَى مِنْ الْإِجَازَةِ مِنْ أَيِّهِمَا كَانَ وَهُوَ رِوَايَةُ كِتَابِ الْمَأْذُونِ مِنْ الْمَبْسُوطِ وَفِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْهُ تَصَرُّفُ الْمَالِكِ أَوْلَى فَسْخًا كَانَ أَوْ إجَازَةً ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَقْوَى إذْ النَّائِبُ يَسْتَفِيدُ الْوِلَايَةَ مِنْهُ فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُعَارِضًا

لِلْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَى التَّصَرُّفِ كَانَ عَزْلًا لَهُ مِنْهُ بِالْفِعْلِ حُكْمًا وَهُوَ يَمْلِكُ ذَلِكَ صَرِيحًا بِالْقَوْلِ فَكَذَا دَلَالَةً بِالْفِعْلِ وَهَذَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ النَّائِبِ إنَّمَا جَازَ لِلْحَاجَةِ وَلَا حَاجَةَ عِنْدَ مُبَاشَرَةِ الْمُتَصَرِّفِ بِنَفْسِهِ فَيَلْغُو ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ حَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَا يُقَدَّمُ تَصَرُّفُ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي بَابِ الطَّلَاقِ سَفِيرٌ وَمُعَبِّرٌ فَكَانَ الْمَوْجُودُ مِنْ الْوَكِيلِ مَنْسُوبًا إلَيْهِ ، وَلِهَذَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يُطَلِّقَ فَكَانَ الصَّادِرُ عَنْ الْوَكِيلِ صَادِرًا عَنْ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي الْبَيْعِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُعَارَضَةَ مِنْ جِهَةِ الْمُتَصَرِّفِ مُتَحَقِّقَةٌ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالِكٌ لِلتَّصَرُّفِ وَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهِمَا لِلِاسْتِحَالَةِ فَوَجَبَ التَّرْجِيحُ بِحَالِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخُ أَقْوَى ؛ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَى الْمَجَازِ دُونَ الْعَكْسِ فَكَانَ أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ كَنِكَاحِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إذَا وُجِدَا مَعًا يَنْفُذُ نِكَاحُ الْحُرَّةِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى لِوُرُودِهِ عَلَى نِكَاحِ الْأَمَةِ دُونَ الْعَكْسِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا وَفُسِخَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ هَلَكَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْبَائِعِ عَادَ الْحَالُ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ كَمَا إذَا هَلَكَ فِي يَدِهِ قَبْلَ الْفَسْخِ لِأَنَّا نَقُولُ : هَذَا لَا يَلْزَمُنَا ؛ لِأَنَّ كَلَامَنَا فِي إجَازَةٍ تَرِدُ عَلَى الْمَفْسُوخِ وَلَا إجَازَةَ هُنَا فَلَا يَرِدُ عَلَيْنَا وَقِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بَلْ يَسْتَوِيَانِ

عِنْدَهُ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبُيُوعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ عَلَى تَصَرُّفِ النَّائِبِ عِنْدَهُ وَاسْتَخْرَجَ ذَلِكَ مِمَّا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ مِنْ شَخْصٍ وَبَاعَ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِهِ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمَالِكِ تَقْدِيمًا لِتَصَرُّفِ الْمَالِكِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَسْتَوِيَانِ فَيَكُونُ بَيْنَ الْمُشْتَرِيَيْنِ نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ التَّصَرُّفِ فِي عَدَمِ تَقْدِيمِ الْمُتَصَرِّفِ بِالْمِلْكِ عِنْدَهُ وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِمَا .قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ ) أَنْ يُطَلِّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ أَرَادَ بِهِ الثَّلَاثَ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُقَالُ الْمَفْسُوخُ ) الَّذِي فِي النُّسَخِ وَلَا يُقَالُ الْمَجَازُ يَلْحَقُهُ الْفَسْخُ فَلْيُتَأَمَّلْ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْخِيَارُ ) أَيْ إنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَنَقَضَ الْبَيْعَ ا هـ .

قَالَ ( وَلَوْ بَاعَ عَبْدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا إنْ فَصَّلَ وَعَيَّنَ صَحَّ وَإِلَّا لَا ) أَيْ صَحَّ إنْ فَصَّلَ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَيَّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ الدَّاخِلُ فِي الْعَقْدِ غَيْرَهُ فَمَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ مَعْلُومًا وَثَمَنُهُ مَعْلُومًا لَا يَجُوزُ إذْ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مُفْسِدَةٌ لِلْعَقْدِ وَلَنْ يَكُونَا مَعْلُومَيْنِ إلَّا بِالتَّفْصِيلِ وَالتَّعْيِينِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا - أَنْ يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَيُبَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَالثَّانِي - أَنْ لَا يُبَيِّنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَالثَّالِثُ - أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ وَالرَّابِعُ - بِالْعَكْسِ وَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْكُلِّ إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ لِجَهَالَتِهِمَا إلَّا فِي الْأُولَى لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا فَإِنْ قِيلَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَجْعَلَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا فَإِنْ جَعَلْته دَاخِلًا فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ يُفَصِّلْ إذْ لَيْسَ بَيَانُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَبِيعِ وَلَا بَيَانُ ثَمَنِهِ شَرْطًا لِجَوَازِ الْبَيْعِ ، وَإِنْ كَانَ جَعَلْته غَيْرَ دَاخِلٍ فِيهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ ، وَإِنْ بَيَّنَ وَفَصَّلَ ؛ لِأَنَّك جَعَلْت قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ شَرْطًا لِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ فَاسِدٌ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ أَوْ شَاةٍ ذَكِيَّةٍ وَمَيِّتَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ بَيَّنَهُمَا قُلْنَا هُوَ دَاخِلٌ صِيغَةً غَيْرُ دَاخِلٍ حُكْمًا فَإِذَا كَانَ دَاخِلًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا اعْتَبَرْنَاهُ دَاخِلًا فَيَجُوزُ وَإِلَّا فَغَيْرُ دَاخِلٍ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ مَعَ الْقِنِّ حَيْثُ يَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ صِيغَةً

وَحُكْمًا إذْ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ ، وَلِهَذَا لَوْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِجَوَازِ بَيْعِهِمَا صَحَّ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْخِيَارُ يَمْنَعُ انْعِقَادَهُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصْلًا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ لَا يَجُوزُ حَتَّى يُبَيِّنَ الثَّمَنَ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ اشْتَرَى كَيْلِيًّا أَوْ وَزْنِيًّا أَوْ عَبْدًا وَاحِدًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي نِصْفِهِ جَازَ فَصَّلَ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يُفَصِّلْ ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ مِنْ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ لَا يَتَفَاوَتُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَعَيَّنَ صَحَّ إلَخْ ) بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ لِجَهَالَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ ) أَيْ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ ) إلَخْ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا فَسَدَ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ جَمِيعًا وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ فِي حَقِّ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ سُقُوطِ الْخِيَارِ فَيَنْعَقِدُ حِينَئِذٍ لِمَا أَنَّ الْخِيَارَ دَاخِلٌ فِي الْحُكْمِ دُونَ السَّبَبِ فَيُمْنَعُ الْحُكْمُ بَعْدَ السَّبَبِ ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ كَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ وَالْبَيْعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ ثُمَّ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَجْهُولٌ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالثَّالِثُ أَنْ يُبَيِّنَ الثَّمَنَ دُونَ الْآخَرِ ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ دُونَ الْآخَرِ مَا نَصُّهُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالرَّابِعُ بِالْعَكْسِ ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَا يُفَصِّلُ الثَّمَنَ ا هـ ( قَوْلُهُ : إمَّا لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ ) أَيْ لِمَا أَنَّ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَثَمَنُهُ مَجْهُولٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ، وَقَالَ الْكَمَالُ : لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا يَتَعَيَّنُ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مَجْهُولٌ لِمَا قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا

بِالسَّوِيَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ ) وَهَذَا لِمَا قُلْنَا إنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ فَيَبْقَى الْآخَرُ مُفْرَدًا وَهُوَ مَجْهُولٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ مَا نَصُّهُ بِسَبَبِ جَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ : لِانْتِفَاءِ الْجَهَالَةِ عَنْهُمَا ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّك جَعَلْتَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي غَيْرِ الْمَبِيعِ ) أَيْ وَغَيْرُ الْمَبِيعِ هُوَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ ا هـ ( قَوْلُهُ : قُلْنَا إلَخْ ) قَدْ أَجَابَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ السُّؤَالِ الْمَذْكُورِ بَعْدَ أَنْ أَشَارَ إلَى السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ وَقَبُولُ الْعَبْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ إنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ لَكِنْ هَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ لِكَوْنِهِ أَيْ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ ، فَهُوَ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَبَاعَهُمَا بِأَلْفٍ حَيْثُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْمُدَبَّرِ شَرْطًا فِيهِ وَذَلِكَ لِدُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِمَحَلِّيَّتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ ، وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ وَكَانَ الْقَبُولُ شَرْطًا صَحِيحًا فَكَذَا فِيمَا نَحْنُ فِيهِ بِخِلَافِ مَاشِيهِ بِهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِحَالٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ اشْتِرَاطَ شَرْطٍ فَاسِدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : هُوَ دَاخِلٌ ) أَيْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ ا هـ ( قَوْلُهُ : صِيغَةً ) أَيْ فِي الْعَقْدِ ا هـ .

قَالَ ( وَصَحَّ خِيَارُ التَّعْيِينِ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ ) وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ الثَّوْبَيْنِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ أَوْ يَبِيعَ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهَا شَاءَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْأَرْبَعَةِ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَجُوزُ هَذَا أَصْلًا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ شَرْعَ الْخِيَارِ لِلْحَاجَةِ إلَى دَفْعِ الْغَبْنِ لِيَخْتَارَ مَا هُوَ الْأَرْفَقُ وَالْأَوْفَقُ وَالْحَاجَةُ إلَى هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْبَيْعِ مُتَحَقِّقَةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِ مَنْ يَثِقُ بِرَأْيِهِ أَوْ اخْتِيَارِ مَنْ يَشْتَرِيهِ لِأَجْلِهِ وَلَا يُمَكِّنُهُ الْبَائِعُ مِنْ الْحَمْلِ إلَيْهِ إلَّا بِالشِّرَاءِ كَيْ لَا يَبْقَى أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَكَانَ فِي مَعْنَى خِيَارِ الشَّرْطِ وَهَذِهِ الْجَهَالَةُ لَا تُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ لِتَعَيُّنِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَا يُمْنَعُ الْجَوَازُ غَيْرَ أَنَّ هَذِهِ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالثَّلَاثَةِ لِوُجُودِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالْوَسَطِ فِيهَا فَلَا حَاجَةَ إلَى الْأَرْبَعَةِ وَثُبُوتُ الرُّخْصَةِ لِلْحَاجَةِ وَكَوْنُ الْجَهَالَةِ غَيْرَ مُفْضِيَةٍ إلَى الْمُنَازَعَةِ فَلَا يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا ثُمَّ قِيلَ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِي هَذَا الْعَقْدِ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَيَكُونُ ذِكْرُهُ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ اتِّفَاقًا لَا شَرْطًا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى قَوْلِ هَذَا الْقَائِلِ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ الشَّرْطِ يَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي أَحَدِهِمَا حَتَّى لَا يُرَدَّ إلَّا أَحَدُهُمَا وَعَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُمَا ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِيَارَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الشَّرْطِ ، وَقَالَ قَاضِي خَانْ وَضَعَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ هَهُنَا يَعْنِي فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِيمَا إذَا

بَيَّنَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَقَالَ يَأْخُذُ أَيَّهُمَا شَاءَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَوَضَعَهُ كَذَا فِي الْمَأْذُونِ وَوَضَعَهَا فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَلَمْ يَذْكُرْ الزِّيَادَةَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِالثَّلَاثِ فَمَا دُونَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ أَيَّتَهَا كَانَتْ عِنْدَهُمَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْمَشَايِخِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ يَأْبَى جَوَازَ هَذَا الْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا جَازَ اسْتِحْسَانًا بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِهِ فَإِنْ شُرِطَ ذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ مَعَ خِيَارِ التَّعْيِينِ فَإِذَا رَدَّهُمَا بِخِيَارِ الشَّرْطِ فِي الْمُدَّةِ أَوْ رَدَّ أَحَدَهُمَا بِخِيَارِ التَّعْيِينِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ بَطَلَ خِيَارُ الشَّرْطِ فَلَا يَمْلِكُ رَدَّهُمَا جَمِيعًا وَيَبْقَى لَهُ خِيَارُ التَّعْيِينِ فَيَرُدُّ أَحَدَهُمَا ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ يَبْطُلُ خِيَارُ الشَّرْطِ وَيَبْقَى خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْوَارِثِ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا رَدُّ أَحَدِهِمَا قَالَ الْعَبْدُ الضَّعِيفُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ إذَا لَمْ يَذْكُرْ خِيَارَ الشَّرْطِ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيتِ خِيَارِ التَّعْيِينِ بِخِلَافِ خِيَارِ الشَّرْطِ فَإِنَّ التَّوْقِيتَ فِيهِ يُفِيدُ لُزُومَ الْعَقْدِ عِنْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي أَحَدِهِمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَلَا يُمْكِنُ تَعْيِينُهُ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ بِدُونِ تَعْيِينِهِ فَلَا فَائِدَةَ لِشَرْطِ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ التَّوْقِيتَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ، وَلَوْ شُرِطَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْبَائِعِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا قَالُوا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الزِّيَادَاتِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ خِيَارٌ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْمُشْتَرِي فَكَذَا لَهُ قِيَاسًا عَلَيْهِ وَذَكَرَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَا

يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ جَوَّزَ لِلْمُشْتَرِي لِلْحَاجَةِ مُخَالِفًا لِلْقِيَاسِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْبَائِعِ ثُمَّ إذَا كَانَ خِيَارُ التَّعْيِينِ لِلْمُشْتَرِي وَقَبَضَهُمَا فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا أَوْ تَعَيَّبَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِيهِ بِثَمَنِهِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَتَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْأَمَانَةِ ؛ لِأَنَّ الدَّاخِلَ تَحْتَ الْعَقْدِ أَحَدُهُمَا وَاَلَّذِي لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْعَقْدِ قَبَضَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ لَا عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَلَا بِطَرِيقِ الْوَثِيقَةِ فَكَانَ أَمَانَةً فِي يَدِهِ وَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لِلْأَمَانَةِ لِمَا ذَكَرْنَا ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ فَلَا يَعْجِزُ عَنْ الْإِيقَاعِ عَلَيْهِ قَبْلَ الْهَلَاكِ وَبَعْدَ الْهَلَاكِ لَمْ يَبْقَ الْهَالِكُ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي لَهُ لِبَقَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَهُوَ قَابِلٌ لِلْبَيْعِ وَلَمْ تَبْطُلْ مَحَلِّيَّتُهُ فَتَعَيَّنَ لَهُ وَهَذَا الْفَرْقُ يَرْجِعُ إلَى أَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي بَقَاءِ الْمَحَلِّيَّةِ قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ عَجَزَ عَنْ رَدِّهِ فَتَعَيَّنَ هُوَ لِلْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ قَابِلٌ لَهُ وَفِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ كَذَلِكَ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْإِيقَاعِ قَبْلَ الْمَوْتِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ فَبَقِيَ مُخَيَّرًا إلَى الْهَلَاكِ فَإِذَا هَلَكَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لَهُ فَلَوْ وَقَعَ عَلَيْهِ لَوَقَعَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَهُمَا لَا يَقَعَانِ بَعْدَهُ فَتَعَيَّنَ الْبَاقِي ضَرُورَةً هَذَا إذَا هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ ، وَإِنْ هَلَكَا مَعًا يَلْزَمُهُ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِشُيُوعِ الْبَيْعِ وَالْأَمَانَةِ فِيهِمَا لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِجَعْلِ أَحَدِهِمَا مَبِيعًا أَوْ أَمَانَةً وَلَا فَرْقَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62