كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَمْ يُسِئْ فَهَذَا فِي الْمَكْتُوبَةِ فَمَا ظَنُّك فِي غَيْرِهَا ا هـ زَاهِدِي ( قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا فِي زَمَانِهِمْ فَأَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ الْإِمَامُ عَلَى حَسَبِ حَالِ الْقَوْمِ مِنْ الرَّغْبَةِ وَالْكَسَلِ فَيَقْرَأُ قَدْرَ مَا لَا يُوجِبُ تَنْفِيرَ الْقَوْمِ عَنْ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّ تَكْثِيرَ الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَالْأَفْضَلُ تَعْدِيلُ الْقِرَاءَةِ فِي التَّرْوِيحَاتِ كُلِّهَا فَإِنْ لَمْ يَعْدِلْ فَلَا بَأْسَ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ الْخَتْمُ فِيهَا مَرَّةً إلَى آخِرِهِ ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ كَانَ يَخْتِمُ إحْدَى وَسِتِّينَ خَتْمَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ خَتْمَةً وَفِي كُلِّ لَيْلَةٍ خَتْمَةً وَفِي كُلِّ التَّرَاوِيحِ خَتْمَةً ا هـ فَتْحٌ وَكَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ وَشَيْءٍ ) قَالَ صَاحِبُ الْكَشَّافِ جَمِيعُ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافٍ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ آيَةً أَلْفٌ وَعْدٌ وَأَلْفٌ وَعِيدٌ وَأَلْفٌ أَمْرٌ وَأَلْفٌ نَهْيٌ وَأَلْفٌ قَصَصٌ وَأَلْفٌ خَبَرٌ وَخَمْسُمِائَةٍ حَلَالٌ وَحَرَامٌ وَمِائَةٌ دُعَاءٌ وَتَسْبِيحٌ وَسِتَّةُ وَسِتُّونَ نَاسِخٌ وَمَنْسُوخٌ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّعَوَاتِ فِي التَّشَهُّدِ ) حَيْثُ يَتْرُكُ إذَا عَرَفَ مِنْهُمْ الْمَلَلَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لَا يَتْرُكُهَا ؛ لِأَنَّهَا فَرْضٌ أَوْ سُنَّةٌ وَلَا يَتْرُكُ السُّنَنَ لِلْجَمَاعَاتِ كَالتَّسْبِيحَاتِ وَالثَّنَاءِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ فِي الْجِلْسَةِ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْ سُنَنِهَا أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ رَكْعَتَيْنِ بِتَسْلِيمَةِ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ صَلَّى تَرْوِيحَةً بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَدَ فِي الثَّانِيَةِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَا شَكَّ أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى أَصْلِ عُلَمَائِنَا أَنَّ صَلَوَاتٍ كَثِيرَةً تَتَأَدَّى بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَةَ شَرْطٌ وَلَيْسَتْ بِرُكْنٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لَكِنْ اخْتَلَفَ

الْمَشَايِخُ هَلْ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ السُّنَّةَ الْمُتَوَارَثَةَ بِتَرْكِ التَّسْلِيمَةِ وَالتَّحْرِيمَةِ وَالثَّنَاءِ وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ عَامَّتُهُمْ إنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى التَّرَاوِيحَ كُلَّهَا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَعَدَ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يَجُوزُ عَنْ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِجَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ وَشَرَائِطِهَا ؛ لِأَنَّ تَجْدِيدَ التَّحْرِيمَةِ لِكُلِّ رَكْعَتَيْنِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عِنْدَنَا هَذَا إذَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ ثُمَّ إذَا جَازَ عِنْدَهُمَا هَلْ يَجُوزُ عَنْ تَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا عَنْ تَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَكُونَ الشَّفْعُ الْأَوَّلُ كَامِلًا ، وَكَمَالُهُ بِالْقَعْدَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْكَامِلُ لَا يَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ ) عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْأَفْضَلِ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ وَقَالَ الْآخَرُونَ أَنْ يُوتِرَ فِي مَنْزِلِهِ مُنْفَرِدًا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى الْوِتْرِ بِجَمَاعَةٍ كَإِجْمَاعِهِمْ عَلَى التَّرَاوِيحِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَيُوتَرُ بِجَمَاعَةٍ إلَى آخِرِهِ ) يُوتَرُ عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُوتِرُ الْإِمَامُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ عَلَيْهِ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ إلَى آخِرِهِ ) يَعْنِي عَمَلًا ، وَإِلَّا فَقَدْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ فِي الْوِتْرِ خَارِجَ رَمَضَانَ جَائِزٌ وَفِي الْحَوَاشِي قَالَ وَيَجُوزُ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوتِرَ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَالْجَمَاعَةُ فِي النَّفْلِ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ فَالِاحْتِيَاطُ تَرْكُهَا فِيهِ وَفِي بَعْضِ الْحَوَاشِي قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ صَلَّاهَا بِجَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَهُ ذَلِكَ وَعَدَمُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا فِي غَيْرِ رَمَضَانَ لَيْسَ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ بَلْ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى وَقْتٍ يَتَعَذَّرُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ فَإِنْ صَحَّ هَذَا قَدَحَ فِي نَقْلِ الْإِجْمَاعِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ ، وَأَمَّا فِي رَمَضَانَ فَأَدَاؤُهَا فِي جَمَاعَةٍ أَفْضَلُ مِنْ أَدَائِهَا فِي مَنْزِلِهِ ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْوِتْرِ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ يَؤُمُّهُمْ فِي الْفَرِيضَةِ وَالْوِتْرِ وَكَانَ أُبَيٍّ يَؤُمُّهُمْ فِي التَّرَاوِيحِ ا هـ قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ نَفْلٌ أَيْ الْوِتْرُ ا هـ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ مَكْرُوهَةٌ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْوَلْوَالِجِيِّ وَصَلَاةُ النَّفْلِ بِالْجَمَاعَةِ مَكْرُوهٌ مَا خَلَا قِيَامَ رَمَضَانَ وَصَلَاةَ الْكُسُوفِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا الصَّحَابَةُ ا هـ .

( بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الظُّهْرِ فَأُقِيمَ يُتِمُّ شَفْعًا ) أَيْ لَوْ صَلَّى رَجُلٌ مِنْ الظُّهْرِ رَكْعَةً بِأَنْ قَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ ، ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ أَيْ دَخَلَ فِيهَا الْإِمَامُ يَضُمُّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَقْتَدِي ) إحْرَازُ الْفَضِيلَةِ الْجَمَاعَةُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ يَقْطَعُ وَيَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ ، وَالْقَطْعُ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ أُقِيمَتْ وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ ضَمَّ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ وَلَوْ أُقِيمَتْ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي فِي الْبَيْتِ مَثَلًا فَأُقِيمَتْ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ كَانَ يُصَلِّي فِي مَسْجِدٍ فَأُقِيمَتْ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْإِكْمَالِ وَلَوْ كَانَ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ أَوْ الْجُمُعَةِ فَأُقِيمَ أَوْ خَطَبَ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ فِي النَّوَافِلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ صَلَّى ثَلَاثًا يُتِمُّ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا ) أَيْ لَوْ صَلَّى مِنْ الظُّهْرِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ أُقِيمَتْ يُتِمُّ الظُّهْرَ مُنْفَرِدًا عَلَى حَالِهِ ، ثُمَّ يَقْتَدِي بِالْإِمَامِ إحْرَازًا لِلْفَضْلِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُتِمُّهَا قَاعِدًا لِتَنْقَلِبَ صَلَاتُهُ نَفْلًا ، ثُمَّ يُصَلِّي مَعَ الْجَمَاعَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ ثَوَابِ النَّفْلِ وَثَوَابِ الْجَمَاعَةِ فِي الْفَرْضِ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنْ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ فَلَا يَحْتَمِلُ النَّقْصُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ بُعْدٌ ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ حَيْثُ يَقْطَعُهَا وَيَتَخَيَّرُ إنْ شَاءَ عَادَ إلَى الْقُعُودِ لِيُسَلِّمَ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ

قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ فِي صَلَاةِ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ قَائِمًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ وَقِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ وَلَيْسَ بِتَحَلُّلِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ حَتْمٌ لِأَنَّ الْخُرُوجَ عَنْ صَلَاةِ مُعْتَدٍ بِهَا لَمْ يُشْرَعْ إلَّا قَاعِدًا ، ثُمَّ إذَا قَعَدَ قِيلَ يُعِيدُ التَّشَهُّدَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ قُعُودَ خَتْمٍ وَقِيلَ يَكْفِيه التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَعَدَ ارْتَفَضَ الْقِيَامُ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ، ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا أَيْ بَعْدَ فَرَاغِ الْفَرْضِ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ لَا يَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُ الْعِشَاءِ كَالظُّهْرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَكَذَا الْعَصْرُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَتَمَّهَا وَحْدَهُ لَا يَشْرَعُ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ .

( بَابُ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَنْوَاعِ الصَّلَاةِ فَرْضَهَا وَوَاجِبَهَا وَنَفْلَهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ ا هـ وَحَقِيقَةُ هَذَا الْبَابِ مَسَائِلُ شَتَّى تَتَعَلَّقُ بِالْفَرَائِضِ فِي الْأَدَاءِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ فِي بَيَانِ الْأَدَاءِ الْكَامِلِ أَيْ وَهُوَ الْأَدَاءُ بِالْجَمَاعَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ أُقِيمَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ أَرَادَ بِالْإِقَامَةِ شُرُوعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ لَا إقَامَةَ الْمُؤَذِّنِ فَإِنَّهُ لَوْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ وَالرَّجُلُ لَمْ يُقَيِّدْ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا ا هـ ( قَوْلُهُ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ هَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُ إذَا بَطَلَتْ صِفَةُ الْفَرْضِيَّةِ بَطَلَ أَصْلُ الصَّلَاةِ فَلَمْ يَكُنْ الْمُؤَدَّى مَصُونًا عَنْ الْبُطْلَانِ عِنْدَهُ قِيلَ فِي جَوَابِهِ لَيْسَ هَذَا مَذْهَبُ مُحَمَّدٍ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ إنَّمَا هُوَ مَذْهَبُهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا كَمَا إذَا قَيَّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْعُدْ فِي الرَّابِعَةِ وَهَا هُنَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إخْرَاجِ نَفْسِهِ بِالْمُضِيِّ فِيهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إبْطَالَ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ لِإِحْرَازِ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ بِإِطْلَاقٍ مِنْ الشَّرْعِ وَإِبْطَالَ صِفَتِهَا هُنَاكَ لَيْسَ بِإِطْلَاقٍ مِنْ جِهَتِهِ فَجَازَ أَنْ يَنْتَفِلَ نَفْلًا هَاهُنَا وَصَارَ كَالْمُكَفِّرِ بِالصَّوْمِ إذَا أَيْسَرَ فِي خِلَالِ الصَّوْمِ حَيْثُ يُبْطِلُ جِهَةَ كَوْنِهِ كَفَّارَةً لَا أَصْلَ الصَّوْمِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ صِيَانَةً لِلْمُؤَدَّى عَنْ الْبُطْلَانِ أَيْ وَلِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْأُولَى بِالسَّجْدَةِ إلَى آخِرِهِ ) احْتِرَازًا عَمَّا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيِّ وَبَعْضِ

الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَقْطَعُ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا بِمَحِلِّ الرَّفْضِ وَالْقَطْعِ لِلْإِكْمَالِ ) أَيْ يَعْنِي هُوَ تَفْوِيتُ وَصْفِ الْفَرْضِيَّةِ لِتَحْصِيلِهِ بِوَجْهٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَهَدْمِ الْمَسْجِدِ لِتَجْدِيدِهِ ، وَإِذَا كَانَ الْقَطْعُ ، ثُمَّ الْإِعَادَةُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ إحْسَانٍ جَائِزًا لِحُطَامِ الدُّنْيَا إذَا فَارَ قَدْرُهَا وَالْمُسَافِرُ إذَا نَدَّتْ دَابَّتُهُ أَوْ خَافَ فَوْتَ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِهِ فَجَوَازُهُ لِتَحْصِيلِ نَفْسِهِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ ا هـ فَتْحٌ وَلِهَذَا لَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سَبَقَ وَسَجَدَ الْإِمَامُ لِلسَّهْوِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَ إمَامَهُ وَيَرْفُضَ تِلْكَ الرَّكْعَةَ وَلَوْ سَجَدَ الْإِمَامُ بَعْدَمَا قَيَّدَ بِالسَّجْدَةِ لَا يُتَابَعُ إمَامُهُ حَتَّى لَوْ تَابَعَهُ وَسَجَدَ مَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَكَذَا لَوْ قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ لَهُ أَنْ يَرْفُضَ الْقِيَامَ وَيَعُودَ إلَى الْقُعُودِ وَيُسَلِّمَ ، وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي لَا يَحْنَثُ بِمَا دُونَ الرَّكْعَةِ فَعَلِمَ أَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ لَهُ وِلَايَةَ الرَّفْضِ قَبْلَ التَّقْيِيدِ بِالسَّجْدَةِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَكِنْ فِيهِ أَنَّهُ وَقَعَ قُرْبَةً فَوَجَبَ صِيَانَتُهُ مَا أَمْكَنَ بِالنَّصِّ وَاسْتِئْنَافُ الْفَرْضِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ لَا يَسْلُبُ قُدْرَةَ صَوْنِهِ عَنْ الْبُطْلَانِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ مَعَ تَحْصِيلِ فَضِيلَةِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ ، وَإِنْ فَاتَهُ رَكْعَةٌ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ الْإِبْطَالُ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَتَيْنِ نَعَمْ غَايَةُ الْأَكْمَلِيَّةِ فِي أَنْ لَا يَفُوتَهُ شَيْءٌ مَعَ الْإِمَامِ وَيُعَارِضُهُ حُرْمَةُ الْإِبْطَالِ بِخِلَافِ إتْمَامِ رَكْعَتَيْنِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِبْطَالٍ لِلصَّلَاةِ بَلْ لِوَصْفِهَا إلَى وَصْفٍ أَكْمَلَ فَصَارَ كَالنَّفْلِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَيَّدَهَا

بِالسَّجْدَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَرَعَ فِي النَّفْلِ فَحَضَرَتْ جِنَازَةٌ خَافَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا تَفُوتُهُ فَإِنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْمَصْلَحَتَيْنِ مَعًا وَقَطْعُ النَّفْلِ مُعْقِبٌ لِلْقَضَاءِ بِخِلَافِ الْجِنَازَةِ لَوْ اخْتَارَ تَفْوِيتَهَا كَانَ لَا إلَى خَلَفٍ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ فِيهِ إحْرَازُ فَضِيلَةِ الْجَمَاعَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُخَالَفَةُ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ فِي النَّفْلِ لَا يَقْطَعُ ) أَيْ بَلْ يُتِمُّ شَفْعًا ، ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الْفَرْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ قِيلَ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ ) أَيْ وَإِلَيْهِ مَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ والإسبيجابي وَالْبَقَّالِيُّ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا ) قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ اخْتِيَارُ حُسَامِ الدِّينِ الشَّهِيدِ قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ لَفْظُ مُحَمَّدٍ إذَا خَرَجَ الْإِمَامُ يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا فَحَمَلَ بَعْضُهُمْ لَفْظَ الْفَرَاغِ عَلَى الْقَطْعِ وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْإِتْمَامِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ فِي قَضَائِهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَلَا إبْطَالَ فِي التَّسْلِيمِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَلَا يَفُوتُ فَرْضُ الِاسْتِمْتَاعِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ بِلَا سَبَبٍ ا هـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَرَوَى الْحَلْوَانِيُّ عَنْ أُسْتَاذِهِ الْقَاضِي أَبِي عَلِيٍّ النَّسَفِيِّ قَالَ كُنْت أُفْتِي زَمَانًا أَنَّهُ يُتِمُّهَا أَرْبَعًا ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ عَلَى حِدَةٍ حَتَّى وُجِدَتْ رِوَايَةٌ فِي النَّوَادِرِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْطَعُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ ا هـ قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْغَايَةِ فَإِذَا أَتَمَّهَا وَدَخَلَ مَعَ الْإِمَامِ يَكُونُ مَا يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ نَافِلَةً وَيَنْوِي النَّفَلَ وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تُعَادُ الصَّلَوَاتُ بِالْجَمَاعَةِ إلَّا الْمَغْرِبَ ؛ لِأَنَّهَا وِتْرٌ وَلَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ ذَكَرَهُ

أَبُو دَاوُد وَهَلْ يُعِيدُهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ أَوْ النَّفْلِ أَوْ إكْمَالِ الْفَضِيلَةِ أَوْ تَفْوِيضِ الْأَمْرِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ا هـ قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ أَيْ وَهُوَ الْقَطْعُ ا هـ ( قَوْلُهُ حَيْثُ يَقْطَعُهَا إلَى آخِرِهِ ) هَذَا بِخِلَافِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ اخْتِيَارِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ عَدَمَ قَطْعِ الْأُولَى قَبْلَ السُّجُودِ وَضَمِّ ثَانِيَةٍ ؛ لِأَنَّ ضَمَّهَا هُنَا مُفَوِّتٌ لِاسْتِدْرَاكِ مَصْلَحَةِ الْفَرْضِ بِجَمَاعَةٍ فَيَفُوتُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُصْلَحَتَيْنِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ كَبَّرَ قَائِمًا يَنْوِي الشُّرُوعَ ) أَيْ بِقَلْبِهِ فَإِذَا دَخَلَ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ تَبْطُلُ صَلَاةُ نَفْسِهِ ضِمْنًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَرْفَعْ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْعَوْدَ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ إلَى الْقُعُودِ ا هـ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ قِيلَ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ) أَيْ ؛ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ لِلتَّحَلُّلِ ، وَهَذَا قَطْعٌ مِنْ وَجْهٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ تَسْلِيمَتَيْنِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ تَحَلُّلٌ مِنْ الْقُرْبَةِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيَقْتَدِي مُتَطَوِّعًا ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ فَإِنْ قِيلَ التَّنَفُّلُ بِالْجَمَاعَةِ خَارِجَ رَمَضَانَ مَكْرُوهٌ قُلْنَا ذَاكَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ ، وَالْقَوْمُ يُؤَدُّونَ النَّفَلَ أَمَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ يُؤَدِّي الْفَرْضَ ، وَالْقَوْمُ النَّفَلَ لَا بَأْسَ بِهِ لِمَا رَوَيْنَا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَأُقِيمَ يَقْطَعُ وَيَقْتَدِي ) لِأَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى تَفُوتُهُ الْجَمَاعَةُ لِإِتْيَانِهِ بِالْكُلِّ أَوْ الْأَكْثَرُ ، وَكَذَا يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ وَإِذَا قَيَّدَهَا بِهَا لَمْ يَقْطَعْهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِذَا أَتَمَّهَا لَمْ يَشْرَعْ مَعَ الْإِمَامِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ أَوْ مُخَالَفَةِ إمَامِهِ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْمَغْرِبِ أَتَمَّهَا أَرْبَعًا لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَقَضَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِالِاقْتِدَاءِ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا فَيَلْزَمُهُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِهَا وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَام وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ .

( قَوْلُهُ أَوْ الْأَكْثَرُ ) وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ الْمَغْرِبِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِتَأْخِيرِ فَرْضِ الْمَغْرِبِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِالْوِتْرِ ) أَيْ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِلسُّنَّةِ إذْ التَّنَفُّلُ بِالثَّلَاثِ حَرَامٌ قَالَهُ قَاضِي خَانْ قُلْت الْوِتْرُ ثَلَاثٌ وَهُوَ نَفْلٌ عِنْدَهُمَا وَذَلِكَ مَشْرُوعٌ فَكَيْفَ يَكُونُ مِثْلُهُ حَرَامًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَوْ مُخَالَفَةَ إمَامِهِ ) أَيْ فِيمَا لَوْ صَلَّى أَرْبَعًا وَهِيَ حَرَامٌ أَيْضًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ إلَخْ ) لِأَنَّهَا مُخَالَفَةٌ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَيَصِيرُ كَالْمُقِيمِ إذَا اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ يَصِحُّ وَكَالْمَسْبُوقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَجَامِعِ قَاضِي خَانْ وَالْفَرْقُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى عَرْضِيَّةِ أَنْ تَصِيرَ أَرْبَعًا فَبِالنَّظَرِ إلَيْهِ لَا تَكُونُ مُخَالَفَةً وَلَا كَذَلِكَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ ، وَأَمَّا الْمَسْبُوقُ فَقَدْ عُرِفَ جَوَازُهُ بِالْحَدِيثِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا } وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ أَضَافَ إلَيْهَا رَكْعَةً أُخْرَى يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بِأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ وَقَدْ قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ مَعَ الْإِمَامِ قِيلَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَوْ صَلَّى الْإِمَامُ أَرْبَعًا سَاهِيًا بَعْدَمَا قَعَدَ عَلَى رَأْسِ الثَّلَاثِ وَقَدْ اقْتَدَى بِهِ الرَّجُلُ مُتَطَوِّعًا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ وَجَبَتْ عَلَى الْمُقْتَدِي بِالشُّرُوعِ وَعَلَى الْإِمَامِ بِالْقِيَامِ إلَيْهَا فَصَارَ كَرَجُلٍ أَوْجَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بِالنَّذْرِ فَاقْتَدَى فِيهِنَّ بِغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي كَذَا هَذَا ا هـ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ

: وَفِيهِ تَأَمُّلٌ وَقَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ الصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ الْتَزَمَ الْمُتَابَعَةَ عَلَى الِانْفِرَادِ فَإِذَا اقْتَدَى فِي مَوْضِعِ الِانْفِرَادِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ حَتَّى لَوْ سَهَا الْإِمَامُ عَنْ الْقَعْدَةِ عَلَى رَأْسِ الثَّالِثَةِ وَصَلَّى الرَّابِعَةَ وَصَلَّى الْمُقْتَدِي مَعَهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعَنْ بِشْرٍ أَنَّهُ يُسَلِّمُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ) وَوَجْهُهُ مَا قَالَهُ فِي الْفَتْحِ أَنَّ هَذَا نَقْصٌ وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ فِي الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّاهَا وَتَرَكَ الْإِمَامُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي مَعَ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَهُوَ نَقْصٌ فِي صَلَاةِ الْمُقْتَدِي وَلَمْ يُكْرَهْ لِمَجِيئِهِ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِمَنْعِ خُلُوِّهِمَا عَنْ الْقِرَاءَةِ حُكْمًا ا هـ ( قَوْلُهُ مَعَ الْإِمَامِ ) أَيْ فِي الثَّالِثَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ إلَى آخِرِهِ ) وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ ؛ لِأَنَّ بِالْقِيَامِ إلَى الثَّالِثَةِ صَارَ مُلْتَزِمًا لِلرَّكْعَتَيْنِ إذْ الرَّكْعَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَكُونُ صَلَاةً لِلنَّهْيِ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ وَقَالَ فِيهِ نَوْعُ تَغْيِيرٍ إلَّا أَنَّ هَذَا التَّغْيِيرَ إنَّمَا وَقَعَ بِسَبَبِ الِاقْتِدَاءِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ يَسْجُدُ مَعَهُ وَإِنْ كَانَ السُّجُودُ قَبْلَ الرُّكُوعِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَكَمَنْ أَدْرَكَهُ فِي الْقَعْدَةِ فَإِنَّهُ يُتَابِعُهُ فِيهَا وَهِيَ قَبْلَ الْأَرْكَانِ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ ا هـ كَاكِيٌّ وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَدْخُلُ فَإِنْ دَخَلَ يَفْعَلُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ خُرُوجُهُ مِنْ مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ حَتَّى يُصَلِّيَ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ النِّدَاءِ إلَّا مُنَافِقٌ أَوْ رَجُلٌ يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ يُرِيدُ الرُّجُوعَ } وَقَالُوا إذَا كَانَ يَنْتَظِمُ بِهِ أَمْرُ جَمَاعَتِهِ بِأَنْ كَانَ مُؤَذِّنًا أَوَإِمَامًا فِي مَسْجِدٍ آخَرَ تَتَفَرَّقُ الْجَمَاعَةُ بِغَيْبَتِهِ يَخْرُجُ بَعْدَ النِّدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ صُورَةً تَكْمِيلٌ مَعْنًى وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعْنَى ، وَفِي النِّهَايَةِ إنْ خَرَجَ لِيُصَلِّيَ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ صَلَّى لَا ) أَيْ وَإِنْ صَلَّى فَرْضَ الْوَقْتِ لَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ بَعْدَ النِّدَاءِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَجَابَ دَاعِيَ اللَّهِ مَرَّةً فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ثَانِيًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( إلَّا فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ إنْ شُرِعَ فِي الْإِقَامَةِ ) لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ بِمُخَالَفَةِ الْجَمَاعَةِ عِيَانًا وَرُبَّمَا يُظَنُّ أَنَّهُ لَا يَرَى جَوَازَ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا تَزْعُمُ الْخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّلَوَاتِ فَيَخْرُجُ ، وَإِنْ أَخَذَ الْمُؤَذِّنُ فِي الْإِقَامَةِ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا عَلَى مَا بَيَّنَّا .( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَسْجِدِ } إلَى آخِرِهِ ) قَالَ سَبْط ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ النَّسَائِيّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي مَسْجِدِ حَيِّهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَلَا بَأْسَ إلَى آخِرِهِ ) وَالْأَفْضَلُ عَدَمُ الْخُرُوجِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ إلَى حَاجَةٍ لِعَزْمِ أَنْ يَعُودَ فَيُدْرِكَ ا هـ زَادُ الْفَقِيرِ ( قَوْلُهُ وَالْعِشَاءُ إنْ شَرَعَ فِي الْإِقَامَةِ إلَى آخِرِهِ ) أَمَّا قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ ا هـ ( قَوْلُهُ لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا إلَى آخِرِهِ ) أَمَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ فَلِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بِالثَّلَاثِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ خَافَ فَوَاتَ الْفَجْرِ إنْ أَدَّى سُنَّتَهُ ائْتَمَّ وَتَرَكَهَا ) لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ وَالْوَعِيدَ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ فَكَانَ إحْرَازُ فَضِيلَتِهَا أَوْلَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا لَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ أَنْ تَفُوتَهُ الرَّكْعَتَانِ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ سُنَّةَ الْفَجْرِ فَإِنْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَ إحْدَاهُمَا لَا يَتْرُكُهَا ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ وَهَذَا لِأَنَّ إدْرَاكَ الرَّكْعَةِ كَإِدْرَاكِ الْجَمِيعِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْفَجْرِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا } وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ يُصَلِّيهَا فِي الشَّتْوِيِّ إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ كَانَ فِي الشَّتْوِيِّ صَلَّاهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَوْضِعَانِ صَلَّاهَا خَلْفَ الصُّفُوفِ عِنْدَ سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ وَيَبْعُدُ عَنْ الصُّفُوفِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ لِيَنْفِيَ التُّهْمَةَ عَنْ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ يَرْجُو أَنْ يُدْرِكَهُ فِي التَّشَهُّدِ قِيلَ هُوَ كَإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ عِنْدَهُمَا كَمَا فِي الْجُمُعَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ ، وَأَمَّا بَقِيَّةُ السُّنَنِ إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ أَتَى بِهَا خَارِجَ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ شَرَعَ فِي الْفَرْضِ مَعَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ إحْرَازُ الْفَضِيلَتَيْنِ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ رَكْعَةٍ شَرَعَ مَعَهُ بِخِلَافِ سُنَّةِ الْفَجْرِ عَلَى مَا مَرَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ تُقْضَ إلَّا تَبَعًا ) أَيْ لَمْ تُقْضَ سُنَّةُ الْفَجْرِ إلَّا تَبَعًا لِلْفَرْضِ إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ وَقَضَاهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ أَوْ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ لَا تُقْضَى لِاخْتِصَاصِ الْقَضَاءِ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِقَضَائِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ تَبَعًا لِلْفَرْضِ وَهُوَ مَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَضَاهَا مَعَ الْفَرْضِ غَدَاةَ لَيْلَةِ التَّعْرِيسِ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ } فَيَبْقَى مَا رَوَاهُ عَلَى الْأَصْلِ وَفِيمَا

بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ ، وَأَمَّا إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرْضٍ عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا تُقْضَى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بِالْإِجْمَاعِ لِكَرَاهِيَةِ النَّفْلِ بَعْدَ الصُّبْحِ ، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ فَلَا تُقْضَى وَحْدَهَا بَعْدَ الْوَقْتِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَضَائِهَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ .

( قَوْلُهُ : لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ ) أَيْ مِنْ فَضِيلَةِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهَا تَفْضُلُ الْفَرْضَ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفًا لَا تَبْلُغُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ضِعْفًا وَاحِدًا مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا أَضْعَافُ الْفَرْضِ كَذَا فِي الْفَتْحِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ أَعْظَمُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهَا مُكَمِّلَةٌ ذَاتِيَّةٌ لِلْفَرَائِضِ وَالسُّنَّةُ مُكَمِّلَةٌ خَارِجِيَّةٌ عَنْهَا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْوَعِيدُ بِتَرْكِهَا أَلْزَمُ ) أَيْ مِنْهُ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِمَامِ مِنْ قَوْلِ أَبِي مَسْعُودٍ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إلَّا مُنَافِقٌ وَمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ هَمِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَحْرِيقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ وَمِنْ رِوَايَةِ الْحَاكِمِ { مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ } الْحَدِيثَ ، فَارْجِعْ إلَيْهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَيُصَلِّيهَا عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ ) التَّقْيِيدُ بِالْأَدَاءِ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ يَدُلُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا صَلَاةَ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُخَالَفَةَ لِلْجَمَاعَةِ وَالِانْتِبَاذَ عَنْهُمْ وَلِهَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ إذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِد مَكَانٌ ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الْمَكْرُوهِ مُقَدَّمٌ عَلَى فِعْلِ السُّنَّةِ غَيْرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَتَفَاوَتُ فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ فِي الصَّيْفِيِّ فَصَلَاتُهُ إيَّاهَا فِي الشَّتْوِيِّ أَخَفُّ مِنْ صَلَاتِهَا فِي الصَّيْفِيِّ وَقَلْبِهِ ، وَأَشَدُّ مَا يَكُونُ كَرَاهَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا مُخَالِطًا لِلصَّفِّ كَمَا يَفْعَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ الْجَهَلَةِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا اعْتِبَارَ بِهِ ) أَيْ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ بَلْ يَدْخُلُ مَعَ الْإِمَامِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْوَجْهُ اتِّفَاقُهُمْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ وَمَا عَنْ الْفَقِيهِ إسْمَاعِيلَ

الزَّاهِدِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُشْرَعَ فِي رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ، ثُمَّ يُطِعْهُمَا فَيَجِبُ الْقَضَاءُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ الْقَضَاءِ بَعْدَ الصَّلَاةِ دَفَعَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ بِأَنَّ مَا وَجَبَ مِنْ الشُّرُوعِ لَيْسَ بِأَقْوَى مِمَّا وَجَبَ بِالنَّذْرِ وَنَصَّ مُحَمَّدٌ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا يُؤَدَّى بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الطُّلُوعِ وَأَيْضًا شُرُوعٌ فِي الْعِبَادَةِ لِقَصْدِ الْإِفْسَادِ فَإِنْ قِيلَ لِيُؤَدِّيَهَا مَرَّةً أُخْرَى قُلْنَا إبْطَالُ الْعَمَلِ قَصْدًا مَنْهِيٌّ وَدَرْءُ الْمَفْسَدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ ا هـ وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّفْعَ الثَّانِيَ أَوْلَى مِنْ الدَّفْعِ الْأَوَّلِ فَقَدْ قَالَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا نَصُّهُ قِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ مِنْ التَّنْظِيرِ نَظَرٌ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ هُنَا وَجَبَتَا عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِي هَذَا الزَّمَانِ فَجَازَ أَدَاؤُهُمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّظِيرِ فَإِنَّهُ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالزَّمَانِ فَيَجِبُ الْمَنْذُورُ بِصِفَةِ الْكَمَالِ فَلَا يَتَأَدَّى بِصِفَةِ النُّقْصَانِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ قَضَائِهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ قَبْلَ الزَّوَالِ قَضَاؤُهَا بِتَبَعِيَّةِ الْفَرْضِ بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا هُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ ؛ لِأَنَّ اخْتِصَاصَ تَبَعِيَّتِهِ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ لَا مَعْنَى لَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَهَا إلَى الزَّوَالِ ) قَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَالْفَضْلِيُّ وَمَنْ تَابَعَهُمَا لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّ مُحَمَّدًا يَقُولُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُمَا يَقُولَانِ ؛ لِأَنَّ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْضِيَ وَإِنْ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ حَقَّقَ الْخِلَافَ وَقَالَ الْخِلَافُ فِي أَنَّهُ لَوْ قَضَى يَكُونُ نَفْلًا مُبْتَدَأً أَوْ سُنَّةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ لِمَا

رَوَيْنَا ) لَا يُسَاعِدُهُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَضَاهَا مَعَ الصُّبْحِ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَلْ يَسْتَدِلُّ لَهُ لِمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ فَلْيُصَلِّهِمَا بَعْدَمَا تَطْلُعُ الشَّمْسُ } وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ مَالِكٍ بَلَغَهُ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَاتَتْهُ رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَقَضَاهُمَا بَعْدَ أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ السُّنَنِ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي قَاضِي خَانْ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا وَحْدَهَا لَا تُقْضَى وَإِنْ فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ لَا تُقْضَى عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَشَايِخِ تُقْضَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَفِي الْمُحِيطِ وَبَقِيَّةُ السُّنَنِ إذَا خَرَجَ الْوَقْتُ لَا تُقْضَى وَحْدَهَا وَلَا تَبَعًا لِلْفَرْضِ ا هـ غَايَةٌ وَفِي الْبَدَائِعِ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِنَا فِي سَائِرِ السُّنَنِ سِوَى الْفَجْرِ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ أَوْقَاتِهَا لَا تُقْضَى سَوَاءٌ فَاتَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الْفَرِيضَةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضِي قِيَاسًا عَلَى الْوِتْرِ ا هـ وَفِي الْكَافِي وَفِيمَا بَعْدَ الزَّوَالِ لَا يَقْضِيهَا ؛ لِأَنَّ النَّصَّ وَرَدَ فِي الْوَقْتِ الْمُهْمَلِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَاسَ عَلَيْهِ فَرْضُ وَقْتٍ آخَرَ مَعَ أَنَّ وَقْتَهُ كَالْمَشْغُولِ بِهِ وَقِيلَ يَقْضِيهَا تَبَعًا أَيْضًا وَلَا يَقْضِيهَا مَقْصُودًا إجْمَاعًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَضَى الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ فِي وَقْتِهِ ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ ( قَبْلَ شَفْعِهِ ) أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْفَرْضِ وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا يَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ يَقْضِي الْأَرْبَعَ ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا فَاتَ مَحَلُّهَا صَارَتْ نَفْلًا مُبْتَدَأً فَيَبْدَأُ بِالرَّكْعَتَيْنِ كَيْ لَا يَفُوتَ مَحَلُّهَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ سُنَّةٌ عَلَى حَالِهَا فَيَبْدَأُ بِهَا ، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ إذَا فَاتَتْهُ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهَا بَعْدَهُ } أَطْلَقْت عَلَيْهِ اسْمَ الْقَضَاءِ وَهُوَ اسْمٌ لِمَا يُقَامُ مَقَامَ الْفَائِتِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ جَمَاعَةً بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ ) لِأَنَّهُ فَاتَهُ الْأَكْثَرُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ انْفَرَدَ عَنْهُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ وَإِنْ أَدْرَكَ مَعَهُ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ وَفَاتَهُ رَكْعَةٌ فَعَلَى ظَاهِرِ الْجَوَابِ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِبَعْضِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ اللَّاحِقِ فَإِنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ حُكْمًا وَلِهَذَا لَا يَقْرَأُ فِيمَا سُبِقَ بِهِ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ لِأَنَّ لِلْأَكْثَرِ حُكْمَ الْكُلِّ وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ أَنَّ اللَّاحِقَ أَيْضًا لَا يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَقُولَ إنْ صَلَّيْت بِصَلَاةِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالْأَوَّلُ اسْتِحْسَانٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا ) أَيْ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ لِأَنَّ مَنْ أَدْرَكَ آخِرَ الشَّيْءِ فَقَدْ أَدْرَكَهُ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ يَحْنَثُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَلَوْ فِي التَّشَهُّدِ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ } وَمِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مَنْ قَالَ إنَّ الْمَسْبُوقَ لَا

يَكُونُ مُدْرِكًا فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ لَمْ تُشْرَعْ إلَّا لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ .

( قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ الرَّكْعَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الرَّكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَ فَاتَتْ عَنْ الْمَوْضِعِ الْمَسْنُونِ فَلَا تَفُوتُ الرَّكْعَتَانِ أَيْضًا عَنْ مَوْضِعِهِمَا قَصْدًا بِلَا ضَرُورَةٍ وَفِي الْمُصَفَّى وَتَبِعَهُ شَارِحُ الْكَنْزِ جَعَلَ قَوْلَهُمَا بِتَأْخِيرِ الْأَرْبَعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَقَعُ سُنَّةً بَلْ نَفْلًا مُطْلَقًا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَقَعُ سُنَّةً فَيُقَدِّمُهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَاَلَّذِي يَقَعُ عِنْدِي أَنَّهُ تَصَرُّفٌ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ فَإِنَّ الْمَذْكُورَ فِي وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ الِاتِّفَاقُ عَلَى قَضَاءِ الْأَرْبَعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي تَقْدِيمِهَا عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْهُمَا وَالِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهَا تُقْضَى اتِّفَاقٌ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ لَمَّا اخْتَلَفُوا فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ هَلْ تَقَعُ بَعْدَ الْفَجْرِ سُنَّةً أَوْ نَفْلًا مُبْتَدَأً حَكَوْا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا تُقْضَى أَوَّلًا فَلَوْ كَانَا يَقُولَانِ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ إنَّهَا تَكُونُ نَفْلًا مُطْلَقًا لَجَعَلُوهَا خِلَافِيَّةً فِي أَصْلِ الْقَضَاءِ فَاَلَّذِي لَا يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُمْ إذَا قَالُوا وَقَضَى أَوَّلًا يَعْنِي أَنَّهَا تُفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَتَقَعُ سُنَّةً كَمَا هِيَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لَا تَقَعُ سُنَّةً وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ هَذَا مَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ فِي بَابِ التَّرَاوِيحِ إذَا فَاتَتْ التَّرَاوِيحُ لَا تُقْضَى بِجَمَاعَةٍ وَهَلْ تُقْضَى بِلَا جَمَاعَةٍ قِيلَ نَعَمْ مَا لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ تَرَاوِيحَ أُخْرَى وَقِيلَ مَا لَمْ يَمْضِ رَمَضَانُ وَقِيلَ لَا تُقْضَى قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهَا دُونَ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَتِلْكَ لَا تُقْضَى إذَا فَاتَتْ بِلَا فَرِيضَةٍ فَكَذَا التَّرَاوِيحُ ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قَضَاهَا وَحْدَهُ كَانَ نَفْلًا مُسْتَحَبًّا وَلَا يَكُونُ تَرَاوِيحَ ا هـ دَلَّ أَنَّهُ عَلَى اعْتِبَارِ جَعْلِهِ قَضَاءً يَقَعُ تَرَاوِيحَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ إذَا فَاتَتْ

الْأَرْبَعُ قَبْلَ الظُّهْرِ قَضَاهَا بَعْدَ الرَّكْعَتَيْنِ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ فَلِذَا اتَّفَقُوا عَلَى قَضَائِهَا كَذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ جَمَاعَةً إلَى آخِرِهِ ) وَقَدْ ذَكَرَ فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ فَائِدَةَ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ بِجَمَاعَةٍ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَعَبْدُهُ حُرٌّ فَأَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَلَمْ يُدْرِكْ الثَّلَاثَ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ وَقَدْ صَلَّى رَكَعَاتٍ بِدُونِهِ وَالْمَسْبُوقُ فِيمَا يَقْضِي كَالْمُنْفَرِدِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ بَلْ أَدْرَكَ فَضْلَهَا إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ حَنِثَ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَتَطَوَّعُ قَبْلَ الْفَرْضِ إنْ أَمِنَ فَوْتَ الْوَقْتِ ، وَإِلَّا لَا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ لَا يَتَطَوَّعُ وَهَذَا الْكَلَامُ مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَفْصِيلِ فَنَقُولُ إنَّ التَّطَوُّعَ عَلَى وَجْهَيْنِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهِيَ السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ وَغَيْرُ مُؤَكَّدَةٍ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَيْهَا وَالْمُصَلِّي لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ الْفَرْضَ بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدٍ فَإِنْ كَانَ يُؤَدِّيه بِجَمَاعَةٍ فَإِنَّهُ يُصَلِّي السُّنَنَ الرَّوَاتِبَ قَطْعًا وَلَا يَتَخَيَّرُ فِيهَا مَعَ الْإِمْكَانِ لِكَوْنِهَا مُؤَكَّدَةً وَإِنْ كَانَ يُؤَدِّيه مُنْفَرِدًا فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ فِي رِوَايَةٍ وَقِيلَ يَتَخَيَّرُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَاظَبَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَدَاءِ الْمَكْتُوبَةِ بِالْجَمَاعَةِ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَاظَبَ عَلَيْهَا وَهُوَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا فَلَا يَكُونُ سُنَّةً بِدُونِ الْمُوَاظَبَةِ وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ قَبْلَ الْفَرْضِ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْمُصَلِّي وَبَعْدَهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ يُمْكِنُ فِي الْفَرْضِ وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ وَالنَّصُّ الْوَارِدُ فِيهَا لَمْ يُفَرِّقْ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ إلَّا إذَا خَافَ الْفَوْتَ لِأَنَّ أَدَاءَ الْفَرْضِ فِي وَقْتِهِ وَاجِبٌ ، وَأَمَّا مَا زَادَ عَلَى السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ مِنْ التَّطَوُّعِ يَتَخَيَّرُ الْمُصَلِّي فِيهِ مُطْلَقًا : قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَدْرَكَ إمَامَهُ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ لَمْ يُدْرِكْ الرَّكْعَةَ ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يَصِيرُ مُدْرِكًا لَهَا لِأَنَّهُ أَدْرَكَهُ فِيمَا لَهُ حُكْمُ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فِيهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ قَائِمًا فَرَكَعَ وَلَمْ يَرْكَعْ الْمُؤْتَمُّ مَعَهُ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مِنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ } وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَكَعَ مَعَهُ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ إذَا أَدْرَكْت الْإِمَامَ رَاكِعًا

فَرَكَعْت مَعَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ فَقَدْ أَدْرَكْت الرَّكْعَةَ وَإِنْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ فَقَدْ فَاتَتْك تِلْكَ الرَّكْعَةُ فَهَذَا الْأَثَرُ نَصٌّ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ فَيَكُونُ تَفْسِيرًا لِلْخَبَرِ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ هُوَ الْمُشَارَكَةُ لِلْإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَلَمْ تُوجَدْ لَا فِي الْقِيَامِ وَلَا فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ فَإِنَّهُ شَارَكَهُ فِي الْقِيَامِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ لَمْ يَقِفْ حَتَّى انْحَطَّ لِلرُّكُوعِ فَرَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ رَكَعَ مُقْتَدٍ ) أَيْ قَبْلَ الْإِمَامِ ( فَأَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِيهِ صَحَّ ) وَقَالَ زُفَرُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إذَا لَمْ يُعِدْ الرُّكُوعَ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ يُعْتَدُّ بِهِ فَكَذَا مَا يَبْنِيه عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ وَلَنَا أَنَّ الشَّرْطَ الْمُشَارَكَةُ فِي جُزْءٍ مِنْ الرُّكْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الرُّكُوعِ فَيَقَعُ مَوْقِعَهُ كَمَا لَوْ شَارَكَهُ فِي الطَّرَفِ الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ بِأَنْ رَكَعَ مَعَهُ وَرَفَعَ قَبْلَهُ فَيُجْعَلُ مُبْتَدِئًا لِلْقَدْرِ الَّذِي شَارَكَهُ فِيهِ لَا بَانِيًا بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ وَلَا الْمُتَابَعَةُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَأَدْرَكَهُ فِي السُّجُودِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا لَا يُجْزِيه ؛ لِأَنَّهُ سَجَدَ قَبْلَ أَوَانِهِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَكَذَا فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ وَلَوْ أَطَالَ الْإِمَامُ السُّجُودَ فَرَفَعَ الْمُقْتَدِي رَأْسَهُ فَظَنَّ أَنَّهُ سَجَدَ ثَانِيًا فَسَجَدَ مَعَهُ إنْ نَوَى الْأُولَى أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَكُونُ عَنْ الْأُولَى ، وَكَذَا إنْ نَوَى الثَّانِيَةَ وَالْمُتَابَعَةَ لِرُجْحَانِ الْمُتَابَعَةِ وَتَلْغُو نِيَّتُهُ

لِلْمُخَالَفَةِ وَإِنْ نَوَى الثَّانِيَةَ لَا غَيْرُ كَانَتْ عَنْ الثَّانِيَةِ فَإِنْ شَارَكَهُ الْإِمَامُ فِيهَا جَازَتْ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَعَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا إذَا سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ ؛ لِأَنَّهُ سَجَدَ قَبْلَ أَوَانِهِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( قَوْلُهُ لِقَطْعِ طَمَعِ الشَّيْطَانِ عَنْ الْمُصَلِّي إلَى آخِرِهِ ) لِأَنَّهُ يَقُولُ إذَا لَمْ يُطِعْنِي فِي تَرْكِ مَا لَمْ يَكْتُبْ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يُطِيعُنِي فِي تَرْكِ مَا كُتِبَ عَلَيْهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ إلَى آخِرِهِ ) وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ النَّوَافِلَ شُرِعَتْ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ يُمْكِنُ فِي الْفَرَائِضِ صَاحَبَ النَّافِعِ وَالْإِمَامُ أَبُو زَيْدٍ قَالَ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَإِنْ عَلَتْ رُتْبَتُهُ لَا يَخْلُو عَنْ تَقْصِيرٍ حَتَّى أَنَّ وَاحِدًا لَوْ قَدَرَ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرَائِضَ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ لَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِ السُّنَنِ قَالَ السُّرُوجِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَايَةِ الْكَمَالِ وَلَا نَقْصَ فِيهَا وَقَدْ وَاظَبَ عَلَى هَذِهِ السُّنَنَ فَنَحْنُ نَأْتِي بِهَا تَأَسِّيًا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مَعْنَى الْجُبْرَانِ فَإِنْ حَصَلَ بِهَا الْجُبْرَانُ أَيْضًا هُوَ مِنْ فَضْلِهِ الْعَمِيمِ وَقَدْ أَكَّدَ بَعْضَ السُّنَنِ وَأَمَرَ بِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لِمَعْنَى الْجُبْرَانِ لَاسْتَوَتْ السُّنَنُ كُلُّهَا إذْ لَيْسَ بَعْضُ الْفَرَائِضِ بِأَوْلَى بِدُخُولِ النَّقْصِ فِيهَا ؛ وَلِأَنَّهُ أَصْلٌ لِمَنْ يُخَفِّفُ فِي صَلَاتِهِ وَيُصَلِّي صَلَاةً أُخْرَى جَابِرَةً لِمَا أُدْخِلَ فِيهَا مِنْ النَّقْصِ بَلْ الْجُبْرَانُ بِسُجُودِ السَّهْوِ إذَا تَرَكَ وَاجِبًا سَهْوًا لَا عَمْدًا وَقِيلَ النَّوَافِلُ جَوَابِرٌ لِمَا فَاتَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ ا هـ غَايَةٌ فِي بَابِ النَّوَافِلِ قَوْلُهُ لِمَا فَاتَ الْعَبْدَ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ عَلَى مَا وَرَدَ أَنَّ الْعَبْدَ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ عَلَى الصَّلَوَاتِ فَإِنْ كَانَ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا يُقَالُ اُنْظُرُوا إلَى عَبْدِي هَلْ تَجِدُونَ لَهُ نَافِلَةً فَإِنْ وُجِدَتْ كَمُلَتْ الْفَرَائِضُ مِنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْغَابَةِ فِي فَصْلِ الْقِرَاءَةِ ( قَوْلُهُ وَالْمُنْفَرِدُ أَحْوَجُ إلَى ذَلِكَ ) أَيْ لِنُقْصَانِ صَلَاتِهِ مِنْ وَجْهٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ يَتَخَيَّرُ الْمُصَلِّي فِيهِ مُطْلَقًا ) يَعْنِي بِجَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا ا هـ ( قَوْلُهُ

فِي الْمَتْنِ : وَوَقَفَ حَتَّى رَفَعَ رَأْسَهُ ) يَعْنِي سَوَاءٌ تَمَكَّنَ مِنْ الرُّكُوعِ أَوَّلًا ا هـ كَاكِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَنَّ عِنْدَهُ هُوَ لَاحِقٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَذِهِ الرَّكْعَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَعِنْدَنَا هُوَ مَسْبُوقٌ حَتَّى يَأْتِيَ بِهَا بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ ا هـ قَوْلُهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ أَيْ إذْ الْوَاجِبُ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ وَلَكِنَّهُ لَوْ صَلَّاهَا بَعْدَ فَرَاغِهِ جَازَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ } إلَى آخِرِهِ ) يُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إذَا جِئْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْنُ سُجُودٌ فَاسْجُدُوا وَلَا تَعُدُّوهَا شَيْئًا } ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمُدْرِكُ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَكْبِيرَتَيْنِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَلَوْ نَوَى بِتِلْكَ التَّكْبِيرَةِ الْوَاحِدَةِ الرُّكُوعَ لَا الِافْتِتَاحَ جَازَ وَلَغَتْ نِيَّتُهُ ا هـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَقَالَ الْمَحْبُوبِيُّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَمَالِكٌ يَنْبَغِي أَنْ يُكَبِّرَ وَيَرْكَعَ ، ثُمَّ يَمْشِي حَتَّى يَلْتَحِقَ بِالصَّفِّ كَيْ لَا يَفُوتَهُ الرُّكُوعُ كَمَا فَعَلَهُ أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { زَادَك اللَّهُ حِرْصًا وَلَا تَعُدْ } وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَأَكْثَرُ مَشَايِخِنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ لِكَيْ لَا يَحْتَاجَ إلَى الْمَشْيِ فِي الصَّلَاةِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ أَحْمَدُ إنْ عَلِمَ بِالنَّهْيِ وَمَشَى بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَعِنْدَنَا لَوْ مَشَى ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ تَبْطُلُ ، وَإِلَّا يُكْرَهُ فَمَنْ اخْتَارَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ قَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا تَعُدْ لَا تُؤَخِّرْ الْمَجِيءَ إلَى هَذِهِ

الْحَالَةِ وَمَنْ اخْتَارَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ قَالَ مَعْنَاهُ لَا تَعُدْ إلَى مِثْلِ هَذَا الصَّنِيعِ وَهُوَ التَّكْبِيرُ قَبْلَ الِاتِّصَالِ بِالصَّفِّ وَالْمَشْيِ فِي الرُّكُوعِ وَإِنَّمَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِعَادَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتٍ كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ ، ثُمَّ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالثَّنَاءِ لَا يَفُوتُهُ الرُّكُوعُ يُثْنِي ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَفُوتُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ يُثْنِي ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ يَفُوتُ إلَى خَلَفٍ وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالثَّنَاءُ يَفُوتُ أَصْلًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُثْنِي ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَفُوتُهُ فَسُنَّةُ الْجَمَاعَةِ فِيهَا تَفُوتُهُ وَفَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ أَكْثَرُ مِنْ فَضِيلَةِ الثَّنَاءِ وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ الرُّكُوعِ يُكَبِّرُ لِلِافْتِتَاحِ وَيُثْنِي ، ثُمَّ يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي أَيِّ حَالٍ كَانَ لِمَا رَوَى مُعَاذٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْإِمَامَ عَلَى حَالٍ فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الْإِمَامُ وَمَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ فَقَدْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْعِلْمِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَأَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِيهِ صَحَّ ) أَيْ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَحَرَامٌ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَمَّا يَخْشَى أَحَدُكُمْ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ أَوْ يَجْعَلَ صُورَتَهُ صُورَةَ حِمَارٍ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ بِأَنْ رَكَعَ مَعَهُ وَرَفَعَ قَبْلَهُ إلَى آخِرِهِ ) حَيْثُ يَجُوزُ وَيُكْرَهُ كَذَا هَذَا يَجُوزُ وَيُكْرَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لَا بَانِيًا ) وَهَذَا مَنْعٌ لِقَوْلِهِ إنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى فَاسِدٍ بَلْ هُوَ ابْتِدَاءُ وَمَا قَبْلَهُ لَغْوٌ كَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْأُولَى أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ إلَى آخِرِهِ )

وَإِنْ أَطَالَ الْمُؤْتَمُّ سُجُودَهُ فَسَجَدَ الْإِمَامُ الثَّانِيَةَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَظَنَّ الْإِمَامُ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى فَسَجَدَ ثَانِيًا يَكُونُ عَنْ الثَّانِيَةِ وَإِنْ نَوَى الْأُولَى لَا غَيْرُ ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَمْ تُصَادِفْ مَحَلَّهَا إلَّا بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِ بِاعْتِبَارِ فِعْلِ الْإِمَامِ فَلَغَتْ نِيَّتُهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إذْ النِّيَّةُ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا بِاعْتِبَارِ فِعْلِهِ فَإِنَّهَا ثَانِيَةٌ فِي حَقِّهِ فَصَحَّتْ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ فِي الْمُحِيطِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ سَجَدَ قَبْلَ أَوَانِهِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ ) فَكَذَا فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ ا هـ .

( بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ) الْقَضَاءُ تَسْلِيمُ مِثْلِ الْوَاجِبِ بِسَبَبِهِ ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِ نَفْسِ الْوَاجِبِ ، وَهُوَ الْأَدَاء ، وَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنْ الصَّلَاةِ أَوْ غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ { أَقِمْ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي } } أَيْ لِذِكْرِ صَلَاتِي فَيَكُونُ مِنْ مَجَازِ الْحَذْفِ أَوْ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَ إلَيْهَا ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَاخْتَلَفُوا فِي سَبَبِ وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَجِبُ بِالسَّبَبِ الَّذِي يَجِبُ بِهِ الْأَدَاءُ ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ أَصْلِ الْوَاجِبِ لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَسُقُوطَ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ فَضِيلَةُ الْوَقْتِ أَمْرٌ مَعْقُولٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَجِبُ بِنَصٍّ مَقْصُودٍ ؛ لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ لَا تَكُونُ عِبَادَةً إلَّا بِمُوَافَقَةِ الْأَمْرِ وَمَا لَا يُؤْمَرُ بِهِ خَارِجَ الْوَقْتِ لَا يُعْرَفُ كَوْنُهُ عِبَادَةً ؛ وَلِهَذَا لَا يَقْضِي رَمْيَ الْجِمَارِ بَعْدَ أَيَّامِهِ ، وَكَذَا الْجُمُعَةَ وَصَلَاةَ الْعِيدَيْنِ .( بَابُ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ) قَالَ فِي الْمَنَافِعِ : اعْلَمْ أَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ نَوْعَانِ أَدَاءٌ وَقَضَاءٌ وَقَدْ فَرَغَ مِنْ الْأَدَاءِ فَشَرَعَ فِي الْقَضَاءِ قُلْت يَبْقَى عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ ) أَيْ لِلْفَائِتَةِ تَرَكَهَا نَاسِيًا أَوْ لِعُذْرٍ غَيْرِ النِّسْيَانِ أَوْ عَامِدًا ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ حَبِيبٍ لَا تُقْضَى الْمُتَعَمَّدَةُ فِي التَّرْكِ ؛ لِأَنَّ تَارِكَهَا مُرْتَدٌّ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْفَائِتَةِ وَالْوَقْتِيَّةِ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ ) ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُسْتَحَبٌّ ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَرْضٍ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ شَرْطًا لِغَيْرِهِ وَلَنَا قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ مِنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا إلَّا ، وَهُوَ مَعَ الْإِمَامِ فَلْيُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلْيُصَلِّ الَّتِي نَسِيَ ثُمَّ لِيُعِدْ صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ ، وَالْأَثَرُ فِي مِثْلِهِ كَالْخَبَرِ وَقَدْ رَفَعَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى الْعَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ صَلَّى الْمَغْرِبَ بَعْدَهَا } دَلَّ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ مُسْتَحَقٌّ إذْ لَوْ كَانَ مُسْتَحَبًّا لَمَا أَخَّرَ الْمَغْرِبَ الَّتِي يُكْرَهُ تَأْخِيرُهَا لِأَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ وَكَوْنُهُ أَصْلًا بِنَفْسِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ شَرْطًا لِغَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ فَإِنَّهُ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ وَلَيْسَ بِتَبَعٍ لِشَيْءٍ ، وَمَعَ هَذَا هُوَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنَّ تَقَدُّمَ الظُّهْرِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْعَصْرِ فِي الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ فَكَذَا هَاهُنَا .

( قَوْلُهُ وَبَيْنَ الْفَوَائِتِ مُسْتَحَقٌّ ) أَيْ وَاجِبٌ ا هـ كَاكِيٌّ وَعَيْنِيٌّ وَالْمُرَادُ بِالْفَوَائِتِ الثَّلَاثَةُ أَوْ الْأَرْبَعَةُ أَوْ الْخَمْسَةُ أَوْ السِّتَّةُ ا هـ عَيْنِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَالْجَهْلُ بِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ لَا يُسْقِطُهُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ خِلَافًا لِزُفَرَ ا هـ وَفِي الْبِدَايَةِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّةَ التَّرْتِيبِ لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ كَالنَّاسِي رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ بَلْخٍ ا هـ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ : صَلَّى الْمَغْرِبَ أَرْبَعًا وَلَمْ يَعْقِدْ عِنْدَ الثَّالِثَةِ ، وَهُوَ يَظُنّ أَنَّهُ يُجْزِيهِ ، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ صَلَوَاتٍ أَرْبَعٍ فَسَادَهَا فَالْجَاهِلُ كَالنَّاسِي فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا صَلَّاهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثُ يَصْلُحُ حُجَّةً عَلَى مُحَمَّدٍ فِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ صِفَةِ الْفَرْضِيَّةِ بُطْلَانُ أَصْلِ الصَّلَاةِ حَيْثُ أَمَرَهُ بِالْمُضِيِّ وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَعَلَّهُ مَا بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ وَإِلَّا لَمَا خَالَفَهُ ا هـ كَاكِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَسْقُطُ ) أَيْ التَّرْتِيبُ ( بِضِيقِ الْوَقْتِ وَالنِّسْيَانِ وَصَيْرُورَتِهَا سِتًّا ) أَيْ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا وَبِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَمَّا سُقُوطُهُ بِضِيقِ الْوَقْتِ ؛ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحِكْمَةِ تَفْوِيتُ الْوَقْتِيَّةِ لِتَدَارُكِ الْفَائِتَةِ وَلِأَنَّهُ وَقْتَ لِلْوَقْتِيَّةِ بِالْكِتَابِ وَوُقِّتَ لِلْفَائِتَةِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَالْكِتَابُ مُقَدَّمٌ عَلَى خَبَرِ الْوَاحِدِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا بِدَلِيلِ حُرْمَةِ الِاشْتِغَالِ بِغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْغَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ وَقَدَّمَ الْوَقْتِيَّةَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا قَبْلَ وَقْتِهَا الثَّابِتِ بِالْخَبَرِ مَعَ إمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تَفْسِيرُ ضِيقِ الْوَقْتِ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ الْوَقْتِ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الْوَقْتِيَّةَ وَالْفَائِتَةَ جَمِيعًا حَتَّى لَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْعِشَاءِ مَثَلًا وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِقَضَائِهِ ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ بَعْدَهُ تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِيهِ صَلَّى الْفَجْرَ فِي الْوَقْتِ وَقَضَى الْعِشَاءَ بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ وَقْتَ الْفَجْرِ قَدْ ضَاقَ فَصَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ بَطَلَ الْفَجْرُ فَإِذَا بَطَلَ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يُصَلِّي الْعِشَاءَ ثُمَّ يُعِيدُ الْفَجْرَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ سَعَةٌ يُعِيدُ الْفَجْرَ فَقَطْ فَإِنْ أَعَادَ الْفَجْرَ فَتَبَيَّنَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ فِي الْوَقْتِ سَعَةٌ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ يَسَعُهُمَا صَلَّاهُمَا وَإِلَّا أَعَادَ الْفَجْرَ وَهَكَذَا يَفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ، وَلَوْ اشْتَغَلَ بِالْعِشَاءِ وَلَمْ يُعِدْ الْفَجْرَ فَطَلَعَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَعْقِدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فِي الْعِشَاءِ جَازَ فَجْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ

الْوَقْتَ كَانَ ضَيِّقًا ثُمَّ ضِيقُ الْوَقْتِ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الشُّرُوعِ حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الْوَقْتِيَّةِ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ وَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيهَا حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ إلَّا أَنْ يَقْطَعَهَا وَيَشْرَعَ فِيهَا ، وَلَوْ شَرَعَ نَاسِيًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ ذَكَرَهَا عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقَطْعُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَتْ جَائِزَةً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ كَثِيرَةً وَلَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ فِيهَا بَعْدُ ، وَالْوَقْتُ لَا يَسَعُ فِيهِ الْمَتْرُوكَاتِ كُلَّهَا مَعَ الْوَقْتِيَّةِ لَكِنْ يَسَعُ فِيهِ بَعْضَهَا مَعَهَا لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَا لَمْ يَقْضِ ذَلِكَ الْبَعْضَ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الصَّرْفُ إلَى هَذَا الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ الصَّرْفِ إلَى الْبَعْضِ الْآخَرِ ، وَالْعِبْرَةُ فِي الْعَصْرِ لِأَصْلِ الْوَقْتِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ الْحَسَنِ : الْعِبْرَةُ لِلْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ مِثْلُهُ حَتَّى لَوْ تَذَكَّرَ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الظُّهْرِ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالظُّهْرِ يَقَعُ الْعَصْرُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ عِنْدَهُمَا فَيُصَلِّي الظُّهْرَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَالْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ وَعِنْدَ الْحَسَنِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ فَيُصَلِّي الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ وَيُؤَخِّرُ الظُّهْرَ إلَى بَعْدَ الْغُرُوبِ ، وَلَوْ كَانَ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ قَدْرُ مَا لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ جَوَازِ الظُّهْرِ فِيهِ وَلَوْ دَخَلَ فِي الْعَصْرِ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ فَأَطَالَ الْقِرَاءَةَ فِيهِ حَتَّى ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ لَمْ يَجُزْ الْعَصْرُ إلَّا إذَا قَطَعَ وَاسْتَقْبَلَ ، وَلَوْ تَذَكَّرَ بَعْدَ مَا ضَاقَ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ بِحَيْثُ لَا يَسَعُ فِيهِ الظُّهْرَ قَبْلَ تَغَيُّرِ

الشَّمْسِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَانَ جَائِزًا فَكَذَا لَا يُمْنَعُ الْبَقَاءُ ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ عَلَى مَا مَرَّ لَوْ شَرَعَ فِي الْعَصْرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ ، وَالشَّمْسُ حَمْرَاءُ وَغَرَبَتْ ، وَهُوَ فِيهَا أَتَمَّهَا طَعَنَ عِيسَى فِيهِ فَقَالَ الصَّحِيحُ يَقْطَعُهَا ثُمَّ يَبْدَأُ بِالظُّهْرِ ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْغُرُوبِ وَقْتٌ مُسْتَحَبٌّ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَهَا يَكُونُ كُلُّهَا قَضَاءً ، وَلَوْ مَضَى فِيهَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ فَكَانَ أَوْلَى ؛ وَلِأَنَّهُ حِينَ شَرَعَ فِيهَا كَانَ مَأْمُورًا بِهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْكُلَّ لَا يَقَعُ فِي الْوَقْتِ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى مَانِعًا لَمَا أُمِرَ بِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ صَلَّى رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ ثُمَّ غَرَبَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْعَصْرَ اسْتِحْسَانًا وَيَجْزِيهِ وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِالنِّسْيَانِ فَلِلتَّعَذُّرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِالْفَائِتَةِ مَعَ النِّسْيَانِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا وَلِأَنَّ الْوَقْتَ إنَّمَا يَصِيرُ وَقْتًا لِلْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ وَمَا لَمْ يَتَذَكَّرْ لَا يَكُونُ وَقْتًا لَهَا فَلَا اجْتِمَاعَ بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا فَلِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ التَّرْتِيبُ فِيهَا لَوَقَعُوا فِي حَرَجٍ عَظِيمٍ ، وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ وَلِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا عِنْدَ كَثْرَتِهَا قَدْ يُؤَدِّي إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ اعْتَبَرَ الدُّخُولَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلِّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً ، وَإِنْ أَدَّى مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا وَقِيلَ : الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ

الْفَوَائِتُ سِتًّا ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ مِنْ يَوْمٍ ، وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهَا أُولَى فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّلَةَ بَيْنَ الْفَوَائِتِ كَثِيرَةٌ ، وَعَلَى الثَّانِي لَا يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَّمَ الْفَائِتَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَازَ ) يَعْنِي يَصِحُّ لَا أَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالنَّافِلَةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ يَكُونُ آثِمًا بِتَفْوِيتِ الْفَرْضِ بِهَا وَيُحْكَمُ بِصِحَّتِهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ تَقْدِيمِهَا إلَى آخِرِهِ ) قِيلَ الْمُرَادُ مِنْ النَّهْيِ قَوْله تَعَالَى { أَقِمْ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْإِجْمَاعُ لَا نَهْيُ الشَّارِعِ فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى تَقْدِيمِ الْوَقْتِيَّةِ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا ) أَيْ فِي غَيْرِ الْفَائِتَةِ ، وَهُوَ كَوْنُ الِاشْتِغَالِ بِهَا يُفَوِّتُ الْوَقْتِيَّةَ ، وَهَذَا يُوجِبُ كَوْنَهُ عَاصِيًا فِي ذَلِكَ أَمَّا هِيَ فِي نَفْسِهَا فَلَا مَعْصِيَةَ فِي ذَاتِهَا ا هـ فَتْحٌ وَفِي الْمَبْسُوطِ إذَا كَانَ الْوَقْتُ قَابِلًا لِلْفَائِتَةِ ، وَعِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ عَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِالْفَائِتَةِ ، وَلَوْ بَدَأَ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لَمْ يُجْزِهِ ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ النَّهْيُ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ لَمْ يَكُنْ لِمَعْنًى فِيهَا ؛ بَلْ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْوِيتِ فَرْضِ الْوَقْتِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ كَمَا يُنْهَى عَنْ الْبُدَاءَةِ بِالْفَائِتَةِ يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ وَالنَّهْيُ مَتَى كَانَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ لَا يَكُونُ مُفْسِدًا كَالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَعِنْدَ سَعَةِ الْوَقْتِ النَّهْيُ عَنْ الْبُدَاءَةِ بِفَرْضِ الْوَقْتِ لِمَعْنًى فِيهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُنْهَى عَنْ الِاشْتِغَالِ بِالتَّطَوُّعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَالنَّهْيُ مَتَى كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ كَانَ مُفْسِدًا لَهُ فَإِنْ افْتَتَحَ الْعَصْرَ فِي آخِرِ وَقْتِهَا ، وَهُوَ نَاسٍ لِلظُّهْرِ فَصَلَّى مِنْهَا رَكْعَةً فَاحْمَرَّتْ الشَّمْسُ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِي صَلَاتِهِ ؛ لِأَنَّ تَذَكُّرَ الظُّهْرِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ

افْتِتَاحَ الْعَصْرِ فَلَا يَمْنَعُ الْمُضِيَّ فِيهَا بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ وَهَكَذَا يُفْعَلُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ) أَيْ وَفَرْضُهُ مَا يَلِي الطُّلُوعَ وَمَا قَبْلَهُ تَطَوُّعٌ ا هـ زَاهِدِيٌّ { فَرْعٌ } افْتَتَحَ الْعَصْرَ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْعَصْرِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ ضَحِكَ فَقَهْقَهَ لَا يَلْزَمُهُ الْوُضُوءُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ وَيَجُوزُ عَنْ التَّطَوُّعِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ عَنْ التَّطَوُّعِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِلصَّلَاةِ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا أُفْسِدَتْ صَارَ خَارِجًا عَنْ الصَّلَاةِ ، وَعِنْدَهُمَا بِفَسَادِ الْجِهَةِ لَا يَفْسُدُ أَصْلُ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَا اعْتَرَضَ مُنَافِيًا لِأَصْلِ الصَّلَاةِ وَتَذَكُّرُ الظُّهْرِ لَا يُنَافِي أَصْلَ الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ أَدَاءَ الْعَصْرِ فَيَفْسُدُ الْعَصْرُ ا هـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ ) أَيْ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَدَثَ يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ الصَّلَاةِ وَلَا يَمْنَعُ بَقَاءَهَا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَطَعَ وَاسْتَقْبَلَ إلَى آخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي الْعَصْرِ مَعَ تَرْكِ الظُّهْرِ فَيَقْطَعُ ، ثُمَّ يَفْتَتِحُهَا ثَانِيًا ، ثُمَّ يُصَلِّي الظُّهْرَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، وَلَوْ افْتَتَحَهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ الظُّهْرَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَالْقِرَاءَةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتٌ مَكْرُوهٌ ثُمَّ تَذَكَّرَ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلتَّرْتِيبِ وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ وَاخْتِتَامِهَا وَهُوَ النِّسْيَانُ وَضِيقُ الْوَقْتِ ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ فَقَالَ الصَّحِيحُ يَقْطَعُهَا ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ قَدْ زَالَ ، وَهُوَ ضِيقُ الْوَقْتِ فَعَادَ التَّرْتِيبُ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَمْضِي فِيهَا ، ثُمَّ يَقْضِي الظُّهْرَ ، ثُمَّ

يُصَلِّي الْمَغْرِبَ ذَكَرَهُ فِي نَوَادِرِ الصَّلَاةِ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مَضَى فِيهَا كَانَ بَعْضُهَا فِي الْوَقْتِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ ، وَلَوْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِضِيقِ الْوَقْتِ ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ لَا يَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ حَتَّى لَوْ خَرَجَ فِي خِلَالِ الْوَقْتِيَّةِ لَا يَفْسُدُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَهُوَ مُؤَدٍّ عَلَى الْأَصَحِّ لَا قَاضٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا سُقُوطُهُ بِصَيْرُورَةِ الْفَوَائِتِ سِتًّا إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْمَبْسُوطِ كَانَ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ يَقُولُ : مَنْ تَرَكَ صَلَاةً لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ فِي عُمُرِهِ مَا لَمْ يَقْضِهَا إذَا كَانَ ذَاكِرًا لَهَا ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْفَوَائِتِ تَكُونُ عَنْ كَثْرَةِ تَفْرِيطٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّخْفِيفَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةِ سِتَّةٌ فَجَعَلَ حَدَّ الْكَثْرَةِ مَا زَادَ عَلَى سِتَّةٍ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ إلَّا بِمُضِيِّ شَهْرٍ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ قَلِيلٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ إلَى أَجَلٍ دُونَ الشَّهْرِ وَمَا فَوْقَ الشَّهْرِ كَثِيرٌ فَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِهِ وَعَنْهُ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قُلْت الْفَوَائِتُ أَوْ كَثُرَتْ ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ شَرْطًا يَسْتَوِي فِيهِ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ ا هـ كَاكِيٌّ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ إذَا كَثُرَتْ الْفَوَائِتُ حَتَّى سَقَطَ التَّرْتِيبُ لِأَجْلِهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِي نَفْسِهَا أَيْضًا حَتَّى قَالَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ شَهْرٍ فَصَلَّى ثَلَاثِينَ فَجْرًا ، ثُمَّ صَلَّى ثَلَاثِينَ ظُهْرًا هَكَذَا إلَى آخِرِهِ أَجْزَأَهُ ، وَلَمْ يُوجَدْ هَاهُنَا التَّرْتِيبُ فِي نَفْسِهَا ؛ لِأَنَّ فَجْرَ الْيَوْمِ الثَّانِي حَصَلَ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ، وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَصْحَابِنَا بِخِلَافِ مَا يَقُولُ الْعَوَامُّ أَنَّهُ يُرَاعَى التَّرْتِيبُ فِي الْفَوَائِتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا أَنَّ الْفَوَائِتَ لَمَّا كَثُرَتْ أُسْقِطَ التَّرْتِيبُ عَنْ أَغْيَارِهَا ؛ فَلَأَنْ يَسْقُطَ فِي نَفْسِهَا كَانَ أَوْلَى ، وَشَبَّهَهُ

الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ الْكُرْدِيُّ بِالضَّرْبِ لِمَا أَثَّرَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الضَّرْبِ إيلَامًا فَلَأَنْ يُؤَثِّرَ فِي مَوْضِعِ الضَّرْبِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الِاشْتِغَالَ بِهَا عِنْدَ كَثْرَتِهَا ) أَيْ مَعَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ الْحَاجَاتِ ا هـ فَتْحٌ وَذَكَرَ فِي الدِّرَايَةِ أَنَّ الْكَثْرَةَ الْمُسْقِطَةَ صَيْرُورَةُ الْفَوَائِتِ خَمْسًا فِي رَاوِيَةِ ابْنِ شُجَاعٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ دُخُولُ وَقْتِ السَّادِسَةِ مَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ أَوْ صَيْرُورَتُهَا سِتًّا بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مُحَمَّدٍ ا هـ وَذَكَرَ فِي الدِّرَايَةِ أَيْضًا أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْفَوَائِتِ فِي بَابِ الْكَثْرَةِ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُ فَلِأَنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ فَرْضًا لَا تَحْصُلُ بِهِ الْكَثْرَةُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ ، وَالْكَثْرَةُ لَا تَحْصُلُ إلَّا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ أَوْ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ وَلَا مَدْخَلَ لِلْوِتْرِ فِي ذَلِكَ بِوَجْهٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْفَوَائِتِ الصَّلَوَاتِ الْمُؤَقَّتَةَ ا هـ فَرْعٌ } عَنْ أَبِي نَصْرٍ فِيمَنْ يَقْضِي صَلَوَاتِ عُمُرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَاتَهُ شَيْءٌ فَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ نُقْصَانٍ دَخَلَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ لِكَرَاهَةٍ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَفْعَلُ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ وَلَا سُجُودَهُ يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لَا بَعْدَهُ وَقَالَ بُرْهَانُ الدِّينِ التَّرْجُمَانِيُّ : الْقَضَاءُ أَوْلَى فِي الْحَالَيْنِ ا هـ غَايَةٌ وَفِي الذَّخِيرَةِ إذَا أَرَادَ قَضَاءَ الْفَوَائِتِ قِيلَ يَنْوِي أَوَّلَ ظُهْرٍ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى الظُّهْرَ الْأَوَّلَ صَارَ الظُّهْرُ الثَّانِي أَوَّلَ ظُهْرٍ مَتْرُوكٍ فِي ذِمَّتِهِ وَقِيلَ يَنْوِي آخِرَ ظُهْرٍ لِلَّهِ عَلَيْهِ قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَضَى الْآخِرَ صَارَ

الَّذِي قَبْلَهُ آخِرًا ، وَلَوْ نَوَى الْفَائِتَةَ وَلَمْ يَنْوِ أَوَّلًا وَلَا آخِرًا جَازَ ، وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْحِكْمَةِ إلَى آخِرِهِ ) احْتَجَّ بِأَنَّ كَثْرَةَ الشَّيْءِ هُوَ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَاهُ وَأَقْصَى الصَّلَوَاتِ خَمْسٌ فَشُبِّهَ بِالصَّوْمِ حَتَّى قَالُوا : إنَّ الْجُنُونَ الْكَثِيرَ مُفْسِدٌ بِاسْتِغْرَاقِ الشَّهْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي سُقُوطِ التَّرْتِيبِ خُرُوجُ وَقْتِ الصَّلَاةِ السَّادِسَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ لَا تَدْخُلُ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَإِنَّمَا تَدْخُلُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ ؛ لِأَنَّ وَاحِدَةً مِنْهَا تَصِيرُ مُكَرَّرَةً ، وَلَوْ تَرَكَ صَلَاةً ، ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا خَمْسًا ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَإِنَّهُ يَقْضِيهِنَّ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَقْضِي الْمَتْرُوكَةَ وَأَرْبَعَةً بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ السَّادِسَةَ جَائِزَةٌ ، وَلَوْ لَمْ يَقْضِهَا حَتَّى صَلَّى السَّابِعَةَ فَالسَّابِعَةُ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ ثُمَّ إذَا صَلَّى السَّابِعَةَ تَعُودُ الْمُؤَدَّيَاتُ الْخَمْسُ إلَى الْجَوَازِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ وَحْدَهَا اسْتِحْسَانًا وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَقْضِي الْفَائِتَةَ وَخَمْسًا بَعْدَهَا قِيَاسًا وَعَلَى هَذَا إذَا تَرَكَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، ثُمَّ صَلَّى السَّادِسَةَ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَوَائِتِ فَالسَّادِسَةُ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ حَتَّى لَوْ صَلَّى السَّابِعَةَ تَنْقَلِبُ السَّادِسَةُ إلَى الْجَوَازِ عِنْدَهُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْخَمْسِ وَعِنْدَهُمَا لَا تَنْقَلِبُ وَعَلَيْهِ قَضَاءُ السِّتِّ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةً ، ثُمَّ صَلَّى شَهْرًا ، وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلْفَائِتَةِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا لَا غَيْرُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا عَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ ، وَخَمْسٌ بَعْدَهَا إلَّا عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ أَنَّ عَلَيْهِ قَضَاءَ الْفَائِتَةِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا ، وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ يُعِيدُ الْفَائِتَةَ وَجَمِيعَ مَا صَلَّى بَعْدَهَا مِنْ صَلَاةِ الشَّهْرِ ا هـ مِنْ الْبَدَائِعِ مُلَخَّصًا ا هـ (

قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْخَمْسِ ، وَهُوَ صَلَاةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ كَانَ فِيهِ شِيمَةُ الِاتِّحَادِ مِنْ حَيْثُ الْجِنْسِيَّةُ فَشَرَطَ الدُّخُولَ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ لِتَثْبُتَ الْكَثْرَةُ بِخِلَافِ الصَّوْمِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ شَرَطَ التَّكْرَارَ ثَمَّ لَزَادَتْ الزِّيَادَةُ الْمُؤَكَّدَةُ عَلَى الْأَصْلِ الْمُؤَكَّدِ إذَا لَا يَدْخُلُ وَقْتُ وَظِيفَةٍ أُخْرَى مَا لَمْ يَمْضِ أَحَدَ عَشَرَ شَهْرًا ا هـ سَيِّدٌ ( قَوْلُهُ ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ تَبْلَعَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ مُذْ فَاتَهُ سِتَّةً إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْأَوْقَاتُ الْمُتَخَلَّلَةُ سِتَّةً مُذْ فَاتَتْهُ الْفَائِتَةُ ، وَإِنْ أَدِّي مَا بَعْدَهَا فِي أَوْقَاتِهَا ، وَقِيلَ : يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ الْفَوَائِتُ سِتًّا ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَنْ تَرَكَ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ مَثَلًا الظُّهْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْعَصْرَ مِنْ يَوْمٍ وَالْمَغْرِبَ مِنْ يَوْمٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ يَعْنِي بَيْنَ الْمَتْرُوكَاتِ وَعَلَى الثَّانِي لَا ؛ لِأَنَّ الْفَوَائِتَ بِنَفْسِهَا يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ سِتًّا وَمِثْلُ هَذَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُصَفَّى فِي وَجْهِ اقْتِصَارِ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِيمَا إذَا تَرَكَ ظُهْرًا وَعَصْرًا مِنْ يَوْمَيْنِ دُونَ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا قَالَ لِلْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَعِنْدَ بَعْضِهِمْ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ ؛ لِأَنَّ مَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ يَزِيدُ عَلَى سِتٍّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُ الْفَوَائِتِ بِنَفْسِهَا سِتًّا يَعْنِي فَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ثُبُوتِ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ فِي الزَّائِدِ عَلَى الصَّلَاتَيْنِ اقْتَصَرَ فِي الْمَنْظُومَةِ عَلَى نَقْلِ الْخِلَافِ فِيهِمَا وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ عَلِمَ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ

الْوَقْتِيَّةَ الْمُؤَادَةَ مَعَ تَذَكُّرِ الْفَائِتَةِ تَفْسُدُ فَسَادًا مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يُصَلِّيَ كَمَالَ خَمْسِ وَقْتِيَّاتٍ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ شَيْئًا مِنْهَا حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ السَّادِسَةِ صَارَتْ كُلُّهَا صَحِيحَةً أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ عَلَى قَوْلِهِ كَوْنُ الْمُتَخَلَّلَاتِ سِتَّ فَوَائِتَ ؛ لِأَنَّهُ مَعَ دُخُولِ وَقْتِهَا تَثْبُتُ الصِّحَّةُ فَلَا يَتَحَقَّقُ فَائِتًا سِوَى الْمَتْرُوكَةِ إذْ ذَاكَ ، وَالْمُسْقَطُ هُوَ سِتُّ فَوَائِتَ لَا مُجَرَّدُ أَوْقَاتٍ لَا فَوَائِتَ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ إذْ السُّقُوطُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلْزَامُ الِاشْتِغَالِ بِأَدَائِهَا إلَى تَفْوِيتِ الْوَقْتِيَّةِ فَمُجَرَّدُ الْأَوْقَاتِ بِلَا فَوَائِتَ لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فَإِنْ قُلْت إنَّمَا ذَكَرَ مَنْ رَأَيْت فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ أَنَّهُ إذَا صَلَّى السَّادِسَةَ مِنْ الْمُؤَدَّيَاتِ ، وَهِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ صَارَتْ الْخَمْسُ صَحِيحَةً وَلَمْ يَحْكُمُوا بِالصِّحَّةِ عَلَى قَوْلِهِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِهَا فَالْجَوَابُ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْهُمْ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي السَّادِسَةَ فِي وَقْتِهَا لَا بَعْدَ خُرُوجِهِ فَأُقِيمَ أَدَاؤُهَا مَقَامَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِمَا سَنَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّ تَعْلِيلَهُ لِصِحَّةِ الْخَمْسِ يَقْطَعُ بِثُبُوتِ الصِّحَّةِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَدَّاهَا أَوْ لَا وَعَلَى هَذَا يَجِبُ أَنْ يُحْكَمَ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ بِالْخَطَأِ ، وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ خِلَافَ الْمَشَايِخِ فِي الثَّلَاثِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحُكْمِ بِأَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ هُوَ بِالِاتِّفَاقِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ عَلَى الْخِلَافِ كَمَا فِي الثِّنْتَيْنِ ابْتِدَاءً كَمَا نُحَقِّقُهُ بِذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ بِشُعَبِهَا وَبِهِ يَتَبَيَّنُ مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ إذْ قَدْ صَيَّرْنَا إلَيْهَا إحْرَازًا لِفَائِدَتِهَا فَإِنَّهَا مُهِمَّةٌ وَلَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْهِدَايَةِ ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِيهَا إلْحَاقُ نَاسِي التَّرْتِيبَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْفَائِتَتَيْنِ بِنَاسِي الْفَائِتَةِ فَيَسْقُطُ

التَّرْتِيبُ بِهِ وَهُوَ أَلْحَقَهُ بِنَاسِي التَّعْيِينِ وَهُوَ مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَا هِيَ وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ يُعِيدُ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِجَامِعِ تَحَقُّقِ طَرِيقٍ يَخْرُجُ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ فَيَجِبُ سُلُوكُهَا ، وَهَذَا الْوَجْهُ يُصَرِّحُ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ فِي الْقَضَاءِ فَيَجِبُ الطَّرِيقُ الَّتِي تَعَيَّنَهَا كَمَا قِيلَ إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ صُورَةُ قَضَاءِ الصَّلَاتَيْنِ عِنْدَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ، ثُمَّ الظُّهْرَ فَإِنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَوَّلًا هُوَ الظُّهْرَ فَالظُّهْرُ الْأَخِيرَةُ تَقَعُ نَفْلًا ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْعَصْرَ فَالظُّهْرُ الْأَوَّلُ يَقَعُ نَفْلًا وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالظُّهْرِ يَجُوزُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعَصْرِ فَيُصَلِّي الْعَصْرَ ، ثُمَّ الظُّهْرَ ثُمَّ الْعَصْرَ ، وَلَوْ كَانَتْ الْفَوَائِتُ ثَلَاثًا ظُهْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَعَصْرٌ مِنْ يَوْمٍ وَمَغْرِبٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَا يَدْرِي تَرْتِيبَهَا وَلَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ صَلَّى الظُّهْرَ ، ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ ، ثُمَّ الْمَغْرِبَ ثُمَّ الظُّهْرَ ، ثُمَّ الْعَصْرَ ثُمَّ الظُّهْرَ سَبْعَ صَلَوَاتٍ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثِ يَحْتَمِلُ أَنَّ كَوْنَهَا أُولَى أَوْ أَخِيرَةً أَوْ مُتَوَسِّطَةً تَجِيءُ تِسْعًا الثَّابِتُ فِي الْخَارِجِ سِتٌّ لِلتَّدَاخُلِ ؛ لِأَنَّ تَوَسُّطَ الظُّهْرِ يَصْدُقُ فِي الْخَارِجِ أَمَّا مَعَ تَقَدُّمِ الْعَصْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ فَلَا يَكُونُ كُلٌّ قِسْمًا بِرَأْسِهِ ، وَكَذَا هُمَا فَخَرَجَ بِوَاسِطَةِ كُلٍّ وَاحِدَةٌ يَبْقَى الثَّابِتُ الظُّهْرُ ، ثُمَّ الْعَصْرُ ، ثُمَّ الْمَغْرِبُ أَوْ الظُّهْرُ ثُمَّ الْمَغْرِبُ ، ثُمَّ الْعَصْرُ فَهَذَانِ قِسْمَا تَقَدُّمِ الظُّهْرِ وَلِتَقَدُّمِ الْعَصْرِ مِثْلُهُمَا وَلِلْمَغْرِبِ كَذَلِكَ فَإِنْ فَاتَتْهُ الْعِشَاءُ مِنْ يَوْمٍ آخَرَ مَعَ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ يُصَلِّي تِلْكَ السَّبْعَ ، ثُمَّ يُصَلَّى الرَّابِعَةَ وَهِيَ الْعِشَاءُ فَصَارَتْ ثَمَانِيَةً ، ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ السَّبْعَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَ عَشَرَةَ فَلَوْ كَانَتْ خَمْسًا

مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ بِأَنْ تَرَكَ الْفَجْرَ أَيْضًا يُصَلِّي إحْدَى وَثَلَاثِينَ صَلَاةً تِلْكَ الْخَمْسَ عَشَرَةَ عَلَى ذَلِكَ النَّحْوِ ، ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ أَعْنِي الْفَجْرَ ، ثُمَّ يُعِيدُ تِلْكَ الْخَمْسَ عَشَرَةَ فَالضَّابِطُ أَنَّ الْمَتْرُوكَةَ وَإِنْ كَانَتَا ثِنْتَيْنِ يُصَلِّيهِمَا ، ثُمَّ يُعِيدُ أَوَّلَهُمَا ، وَإِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةً صَلَّى تِلْكَ الثَّلَاثَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ ، ثُمَّ أَعَادَ تِلْكَ الثَّلَاثِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً صَلَّى قَضَاءً الثَّلَاثَ كَمَا قُلْنَا ، ثُمَّ الرَّابِعَةَ ، ثُمَّ أَعَادَ مَا يَلْزَمُهُ فِي قَضَاءِ الثَّلَاثِ ، وَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةً فَعَلَ مَا لَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ أَرْبَعًا ثُمَّ يُصَلِّي الْخَامِسَةَ ، ثُمَّ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ فِي أَرْبَعٍ وَإِنَّمَا أَطْنَبْنَا لِكَثْرَةِ سُؤَالِ السُّؤَالِ عَنْهُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا كَأَنَّهُ تَخْفِيفًا عَلَى النَّاسِ لِكَسَلِهِمْ وَإِلَّا فَدَلِيلُهُمَا لَا يَتَرَجَّحُ عَلَى دَلِيلِهِ ، وَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيمَا وَرَاءَ الصَّلَاتَيْنِ فَذَهَبَ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَةِ الْأُولَى فِي قَوْلِ الْكُلِّ قَالَ فِي الْحَقَائِقِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ إعَادَةَ ثَلَاثِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتِ الْوَقْتِيَّةِ لِأَجْلِ التَّرْتِيبِ مُسْتَقِيمٌ أَمَّا إيجَابُ سَبْعِ صَلَوَاتٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لَا يَسْتَقِيمُ لِتَضَمُّنِهِ تَفْوِيتَ الْوَقْتِيَّةِ ا هـ فَهَذَا يُوَضِّحُ لَك أَنَّ خِلَافَ هَؤُلَاءِ فِيمَا وَرَاءَ الثِّنْتَيْنِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ إيجَابِ سَبْعٍ بِإِيجَابِ التَّرْتِيبِ ، وَهُوَ كَسَبْعِ فَوَائِتَ مَعْنًى لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ إيجَابَ التَّرْتِيبِ فِي قَضَائِهَا يُوجِبُ سَبْعَ صَلَوَاتٍ فَإِذَا كَانَ التَّرْتِيبُ يَسْقُطُ بِسِتٍّ فَأَوْلَى أَنْ يَسْقُطَ بِسَبْعٍ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى لَمْ يَعْتَبِرُوا إلَّا تَحَقُّقَ فَوَاتِ سِتٍّ وَالْأَوَّلُونَ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالسِّتِّ مَوْجُودٌ فِي إيجَابِ سَبْعٍ فَظَهَرَ بِهَذَا مَبْنَى الْخِلَافِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ لَا كَمَا

ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ قَوْلُهُ خَمْسُ وَقْتِيَّاتٍ أَيْ بِالْمُؤَدَّاةِ الْأُوَلِ ا هـ وَقَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ الْوَقْتِ أَيْ وَقْتِ السَّادِسَةِ ا هـ وَقَوْلُهُ ابْتِدَاءً أَيْ لَا مَبْنًى عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَوْقَاتٌ مُتَخَلَّلَةٌ لَا فَوَائِتَ فِيهَا ا هـ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَيْ أَبُو حَنِيفَةَ ا هـ وَقَوْلُهُ وَهَذَا أَيْ ، وَهُوَ قِيَاسُهُ عَلَى نَاسِي التَّعْيِينِ ا هـ مِنْهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَعَادَ مَا يَلْزَمُهُ فِي قَضَاءٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ وَهُوَ سَبْعُ صَلَوَاتٍ ا هـ وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَفْعَلُ مَا يَلْزَمُهُ فِي أَرْبَعٍ هَذَا وَإِنَّمَا وَجَبَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّ مِنْ تِلْكَ الصَّلَوَاتِ مَا هُوَ نَفْلٌ بِلَا شَكٍّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْمَكْتُوبَةِ ، وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ عُهْدَتِهَا بِيَقِينٍ عَلَى الْوَجْهِ الْمَطْلُوبِ فَوَجَبَ لِوُجُوبِهَا فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّتْ النِّيَّةُ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي وُجُوبِ كُلِّ وَاحِدٍ ؟ ( أُجِيبُ ) بِإِنَّمَا صَحَّتْ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ كُلِّ وَاحِدَةٍ فِي ذِمَّتِهِ فَصَحَّتْ لِذَلِكَ لِظَنِّهِ بَقَاءَهَا فِي ذِمَّتِهِ فَأَشْبَهَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مُعَيَّنَةٌ فَشَكَّ فِي أَدَائِهَا فَإِنَّهَا تَجْزِيهِ مَعَ شَكِّهِ لِاسْتِنَادِ نِيَّتِهِ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهَا فِي ذِمَّتِهِ ا هـ وَقَوْلُهُ كَأَنَّهُ خَبَرُ كَأَنَّهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَأَنَّهُ قِيلَ ذَلِكَ تَخْفِيفًا ا هـ مِنْهُ ( قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَ التَّرْتِيبُ ) أَيْ فَيُصَلِّي أَيَّ صَلَاةٍ شَاءَ مِنْ الثَّلَاثِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَيُصَلِّي سَبْعَ صَلَوَاتٍ ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ا هـ .

وَلَوْ اجْتَمَعَتْ الْفَوَائِتُ الْقَدِيمَةُ وَالْحَدِيثَةُ قِيلَ تَجُوزُ الْوَقْتِيَّةُ مَعَ تَذَكُّرِ الْحَدِيثَةِ لِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ وَقِيلَ : لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي كَأَنْ لَمْ يَكُنْ زَجْرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ( قَوْلُهُ وَقِيلَ : لَا تَجُوزُ وَيُجْعَلُ الْمَاضِي إلَى آخِرِهِ وَالْفَتْوَى عَلَى الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْكَافِي وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا تَرْجِيحٌ بِلَا مُرَجِّحٍ وَمَا قَالُوا يُؤَدِّي إلَى التَّهَاوُنِ لَا إلَى الزَّجْرِ عَنْهُ فَإِنَّ مَنْ اعْتَادَ تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ وَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهِ التَّكَاسُلُ لَوْ أُفْتِيَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ يُفَوِّتُ أُخْرَى وَهَلُمَّ جَرَّا حَتَّى تَبْلُغَ حَدَّ الْكَثْرَةِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ زَاجِرًا لَهُ عَنْ التَّهَاوُنِ ) أَيْ وَأَنْ لَا تَصِيرَ الْمَعْصِيَةُ سَبَبًا لِلتَّخْفِيفِ ا هـ كَاكِيٌّ .

وَيَسْقُطُ التَّرْتِيبُ أَيْضًا بِالظَّنِّ الْمُعْتَبَرِ كَمَا إذَا صَلَّى الظُّهْرَ ، وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ الْفَجْرَ فَسَدَ ظُهْرُهُ ثُمَّ قَضَى الْفَجْرَ وَصَلَّى الْعَصْرَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلظُّهْرِ يَجُوزُ الْعَصْرُ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَاءِ الْعَصْرِ ، وَهُوَ ظَنّ مُعْتَبَرٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ يُعِدْ بِعَوْدِهَا إلَى الْقِلَّةِ ) أَيْ لَمْ يُعِدْ التَّرْتِيبَ بِعَوْدِ الْفَوَائِتِ إلَى الْقِلَّةِ بِقَضَاءِ بَعْضِهَا ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ قَدْ تَلَاشَى فَلَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ قَالَ أَبُو حَفْصٍ الْكَبِيرُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ : يَعُودُ التَّرْتِيبُ ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ الْكَثْرَةُ وَقَدْ زَالَتْ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَنْ تَرَكَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَجَعَلَ يَقْضِي مِنْ الْغَدِ مَعَ كُلِّ وَقْتِيَّةٍ فَائِتَةً فَالْفَوَائِتُ جَائِزَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْوَقْتِيَّاتُ فَاسِدَةٌ إنْ قَدَّمَهَا لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ ، وَإِنْ أَخَّرَهَا فَكَذَلِكَ إلَّا الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ حَالَ أَدَائِهَا ( قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ الْكَرِيمِ ) لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى عَوْدِ التَّرْتِيبِ بَعْدَ سُقُوطِهِ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ سَقَطَ لَجَازَتْ الْوَقْتِيَّةُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ فَاتَهُ أَكْثَرُ مِنْ صَلَاةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَجْزَأَتْهُ الَّتِي بَدَأَ بِهَا ؛ وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ إنَّمَا يَسْقُطُ بِخُرُوجِ وَقْتِ السَّادِسَةِ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا وَلَا يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِدُخُولِ وَقْتِ السَّادِسَةِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِفَسَادِ الْوَقْتِيَّةِ الَّتِي بَدَأَ بِهَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ إذْ لَوْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى تِلْكَ الرِّوَايَةِ لَمَا فَسَدَتْ الَّتِي بَدَأَ بِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ .

( قَوْلُهُ قَالَ أَبُو حَفْصٍ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْكَافِي وَالْأَصَحُّ أَنَّ التَّرْتِيبَ إذَا سَقَطَ لَا يَعُودُ ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ لَا يَحْتَمِلُ الْعَوْدَ كَمَاءٍ قَلِيلٍ نَجَسٍ دَخَلَ عَلَيْهِ مَاءٌ جَارٍ حَتَّى سَالَ فَعَادَ قَلِيلًا لَمْ يَعُدْ نَجَسًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ إلَى آخِرِهِ ) فَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَكَ صَلَاةَ شَهْرٍ مَثَلًا ، ثُمَّ قَضَاهَا إلَّا صَلَاةً ، ثُمَّ قَضَى الْوَقْتِيَّةَ ذَاكِرًا لَهَا لَمْ يَجُزْ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ ا هـ ع قَوْلُهُ لِدُخُولِ الْفَوَائِتِ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ إلَى آخِرِهِ ) فَإِنَّهُ مَتَى أَدَّى صَلَاةً مِنْ الْوَقْتِيَّاتِ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةَ الْمَتْرُوكَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا قَضَى مَتْرُوكَةً بَعْدَهَا عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ خَمْسًا ، ثُمَّ لَا يَزَالُ هَكَذَا فَلَا يَعُودُ إلَى الْجَوَازِ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ صَارَتْ هِيَ سَادِسَةَ الْمَتْرُوكَاتِ فَسَقَطَ التَّرْتِيبُ فَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يَعُودَ كَانَ يَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا قَضَى بَعْدَهَا فَائِتَةً حَتَّى عَادَتْ الْمَتْرُوكَاتُ إلَى خَمْسٍ أَنْ تَجُوزَ الْوَقْتِيَّةُ الثَّانِيَةُ قَدَّمَهَا أَوْ أَخَّرَهَا ، وَإِنْ وَقَعَتْ بَعْدَ عِدَّةٍ لَا تُوجِبُ سُقُوطَ التَّرْتِيبِ أَعْنِي خَمْسًا أَوْ أَرْبَعًا لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ إلَى الْخَمْسِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِتَةَ عَلَيْهِ فِي ظَنِّهِ إلَى آخِرِهِ ) فَكَانَ فِي مَعْنَى النَّاسِي قَالُوا هَذَا إذَا ظَنَّ أَنَّ صَلَاةَ يَوْمِهِ جَائِزَةٌ ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الْعِشَاءُ الْأَخِيرَةُ أَيْضًا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ وَالْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالشَّهِيدُ فِي عُدَّةِ الْمُفْتِي ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ حَالَ أَدَائِهَا ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَلَّى وَقْتِيَّةً أَوَّلًا فَقَدْ صَلَّاهَا قَبْلَ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَلَمْ تَجُزْ وَصَارَتْ مِنْ الْفَوَائِتِ فَصَارَتْ سِتًّا فَإِذَا قَضَى فَائِتَةً بَعْدَهَا عَادَتْ الْفَوَائِتُ خَمْسًا فَلَمْ يَزَلْ كَذَا أَمَّا إذَا قَدَّمَ الْفَوَائِتَ لَا تَجُوزُ الْوَقْتِيَّاتُ إلَّا الْعِشَاءُ الْآخِرَةُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّاهَا

وَفِي زَعْمِهِ أَنَّهُ أَعَادَ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ فَلَا يَصِيرُ الْوَقْتُ وَقْتًا لِلْفَائِتَةِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ أَنَّ عَلَيْهِ الْفَائِتَةَ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَلَا ا هـ وَبِهَذَا سَقَطَ إشْكَالُ الشَّارِحِ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْرُجْ هُنَا ) أَيْ حَتَّى صَارَتْ خَمْسًا بِقَضَاءِ الْفَائِتَةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى تِلْكَ الرَّاوِيَةِ لَمَا فَسَدَتْ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الَّتِي يُقَالُ فِيهَا وَاحِدَةٌ تُصَحِّحُ الْخَمْسَ وَوَاحِدَةٌ تُفْسِدُ الْخَمْسَ فَالْمُصَحِّحَةُ هِيَ السَّادِسَةُ وَالْمُفْسِدَةُ هِيَ الْمَتْرُوكَةُ تُقْضَى قَبْلَ السَّادِسَةِ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ صَلَّى فَرْضًا ذَاكِرًا فَائِتَةً ، وَلَوْ وِتْرًا فَسَدَ فَرْضُهُ مَوْقُوفًا ) حَتَّى لَوْ صَلَّى سِتَّ صَلَوَاتٍ مَا لَمْ يَقْضِ الْفَائِتَةَ انْقَلَبَ الْكُلُّ جَائِزًا ، وَلَوْ قَضَى الْفَائِتَةَ قَبْلَ أَنْ يَمْضِيَ سِتَّةُ أَوْقَاتٍ بَطَلَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ ، وَانْقَلَبَ نَفْلًا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الْوِتْرُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْفَرْضِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ نَفْلٌ عِنْدَهُمَا ، وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الْفَرَائِضِ ، وَالنَّوَافِلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا إذَا صَلَّى الْفَرْضَ ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَبْطُلُ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ وَتَنْقَلِبُ نَفْلًا ، وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ مَا حُكِمَ بِفَسَادِهِ لِمُرَاعَاةِ التَّرْتِيبِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إذَا سَقَطَ التَّرْتِيبُ فِيهِ كَمَنْ افْتَتَحَ الْفَرْضَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ ذَاكِرًا لِلْفَائِتَةِ ثُمَّ ضَاقَ الْوَقْتُ لَمْ يُحْكَمْ بِجَوَازِهَا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ عِلَّةُ سُقُوطِ التَّرْتِيبِ فَيَثْبُتُ الْحُكْمُ بِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي حَقِّ مَا بَعْدَهَا لَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا كَمَا لَوْ رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ ثَبَتَ الْإِذْنُ دَلَالَةً فِي حَقِّ مَا بَعْدَ ذَلِكَ التَّصَرُّفِ لَا فِي حَقِّهِ ، وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا صَارَ مُعَلَّمًا بِتَرْكِ الْأَكْلِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثَبَتَ الْحِلُّ فِيمَا بَعْدَهَا لَا فِيهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ لَا تَبْقَى التَّحْرِيمَةُ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلْفَرْضِ فَإِذَا بَطَلَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ بَطَلَتْ التَّحْرِيمَةُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّرْتِيبَ يَسْقُطُ بِالْكَثْرَةِ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِالْكُلِّ فَوَجَبَ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي السُّقُوطِ ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَعَادَهَا غَيْرَ مُرَتَّبَةٍ جَازَتْ عِنْدَهُمَا أَيْضًا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْجَوَازِ قِلَّتُهَا وَقَدْ زَالَتْ فَلَا يَبْقَى الْمَانِعُ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَتَوَقَّفَ حُكْمٌ عَلَى أَمْرٍ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهُ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ إلَى الْفَقِيرِ يَتَوَقَّفُ فَإِنْ بَقِيَ النِّصَابُ

إلَى تَمَامِ الْحَوْلِ صَارَ فَرْضًا ، وَإِنْ نَقَصَ وَتَمَّ الْحَوْلُ عَلَى النُّقْصَانِ صَارَ نَفْلًا وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي طَرِيقِ الْمُزْدَلِفَةِ يَتَوَقَّفُ وَكَذَا ظُهْرَ الْجُمُعَةِ إذَا صَلَّاهُ فِي الْبَيْتِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ يَتَوَقَّفُ ، وَكَذَا أَصْحَابُ الْأَعْذَارِ إذَا انْقَطَعَ عُذْرُهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ عَادَ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي صَحَّتْ صَلَاتُهُمْ وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا صَاحِبَةُ الْعَادَةِ لَوْ جَاوَزَ الدَّمُ عَادَتَهَا فَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ يَتَوَقَّفُ فَإِنْ جَاوَزَ الدَّمُ الْعَشَرَةَ جَازَتْ وَكَذَا صَوْمُهَا إنْ صَامَتْ ، وَإِنْ لَمْ تُجَاوِزْهَا نُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ ، وَكَذَا لَوْ انْقَطَعَ دَمُهَا قَبْلَ الْعَادَةِ فَاغْتَسَلَتْ وَصَلَّتْ أَوْ صَامَتْ يَتَوَقَّفُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ صَحَّ ، وَإِنْ عَادَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ ضِيقِ الْوَقْتِ فَإِنَّ ضِيقَ الْوَقْتِ لَا يُسْقِطُ التَّرْتِيبَ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنَّمَا قُدِّمْت الْوَقْتِيَّةُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ؛ لِقُوَّتِهَا مَعَ بَقَاءِ التَّرْتِيبِ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ فِيمَا بَيْنَ الْفَوَائِتِ حَتَّى لَوْ قَدَّمَ الْمُتَأَخِّرَةَ مِنْ الْفَوَائِتِ لَا تَجُوزُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ وِتْرًا ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ نُسَخِ الْمَتْنِ ، وَلَوْ وِتْرًا ا هـ { فَرْعٌ } وَفِي الْحَاوِي لَا يَدْرِي كَمِيَّةَ الْفَوَائِتِ يَعْمَلُ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ يَقْضِي حَتَّى يَسْتَيْقِنَ وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَقْضِي احْتِيَاطًا فَقِيلَ يَقْرَأُ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ ، وَقِيلَ لَا يَقْرَأُ ، وَلَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي أَيُّهَا هِيَ يَقْضِي الْخَمْسَ احْتِيَاطًا وَفِي صَلَاةِ الْجَلَّابِيِّ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا يَدْرِي أَيَّتَهَا هِيَ يَتَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ أَعَادَ صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالثَّوْرِيُّ يُعِيدُ ثَلَاثَ صَلَوَاتٍ رَكْعَتَانِ يَنْوِي بِهِمَا الْفَجْرَ إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَأَرْبَعًا يَنْوِي ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا أَوْ عِشَاءً إنْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَثَلَاثًا بِنِيَّةِ الْمَغْرِبِ وَقَالَ زُفَرُ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَالْمُزَنِيِّ يُصَلِّي أَرْبَعًا يَقْعُدُ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ يَنْوِي الصَّلَاةَ الَّتِي عَلَيْهِ ، وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَبِي عَمْرٍو : سَأَلْت مُحَمَّدًا عَمَّنْ نَسِيَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهَا مِنْ أَيَّةِ صَلَاةٍ قَالَ يُعِيدُ الْخَمْسَ قُلْت فَإِنْ نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ أَكْثَرَ يُعِيدُ صَلَاةَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالرَّازِيِّ وَالنَّسَفِيِّ مَعَ الثَّوْرِيِّ وَفِي جَامِعِ الْكُرْدِيِّ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ رُكْنًا مِنْ صَلَاةٍ لَا يَدْرِي أَيَّتُهَا يَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ شَرْطٌ وَأَنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِجَهْلِهِ بِهَا فَيَقْضِي صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِيَقِينٍ وَبِهِ ظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَالْمَرِيسِيِّ وَالْمُزَنِيِّ وَلَوْ نَسِيَ خَمْسَ صَلَوَاتٍ مِنْ خَمْسَةِ أَيَّامٍ أَوْ سِتًّا مِنْ سِتَّةِ

أَيَّامٍ أَوْ سَبْعًا مِنْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ أَوْ ثَمَانِيًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ قَضَى صَلَوَاتِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ أَوْ سَبْعَةٍ أَوْ سِتَّةٍ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ تَعْيِينِ نِيَّةِ الْقَضَاءِ ، وَقِيلَ هَذَا عَلَى قَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَلَا ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ إذَا صَارَتْ سِتًّا عَادَتْ الْمَفْعُولَاتُ صَحِيحَةً كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَنَظَرَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ هُوَ فِيمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِالْفَائِتَةِ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ صَلَاةٍ وَتَعْيِينُ النِّيَّةِ وَاجِبٌ وَلَا طَرِيقَ إلَى قَضَاءِ الْفَوَائِتِ عَيْنًا إلَّا بِقَضَاءِ جَمِيعِ صَلَوَاتِ الْأَيَّامِ عِنْدَ الْكُلِّ وَلَا يَخْفَى حُسْنُ هَذَا النَّظَرِ ا هـ قَوْلُهُ فَإِذَا بَطَلَ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ بَطَلَتْ إلَى آخِرِهِ ) حَتَّى لَوْ قَهْقَهَ بَعْدَ التَّذَكُّرِ لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ ا هـ فَتْحٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ يَنْبَنِي مَا إذَا خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْجُمُعَةِ فَقَهْقَهَ لَا تُنْتَقَضُ طَهَارَتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ خِلَافًا لَهُمَا ، وَلَوْ اقْتَدِي بِهِ رَجُلٌ صَحَّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ هَذَا الِاخْتِلَافَ هَكَذَا عَامَّةُ الْمَشَايِخِ ، وَقِيلَ لَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ ؛ لِأَنَّ مَنْ شَرَعَ فِي صَوْمِ الْكَفَّارَةِ ، ثُمَّ أَيْسَرَ بَقِيَ نَفْلًا إجْمَاعًا فَكَذَا فِي الصَّلَاةِ وَبَقَاءِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ لِكَوْنِ الصَّلَاةِ مَظْنُونَةً كَذَا قَالَهُ فِي الْكَافِي ( قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّرْتِيبَ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى عَلَى مُتَأَمِّلٍ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يُوجِبُ ثُبُوتَ صِحَّةِ الْمُؤَدَّيَاتِ بِمُجَرَّدِ دُخُولِ وَقْتِ سَادِسَتِهَا الَّتِي هِيَ سَابِعَةُ الْمَتْرُوكَةِ ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَثْبُتُ حِينَئِذٍ وَهِيَ الْمُسْقِطَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى أَدَائِهَا كَمَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي التَّصْوِيرِ فِي سَائِرِ الْكُتُبِ وَأَنَّهُ لَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَى مَا إذَا كَانَ ظَانًّا عَدَمَ وُجُوبِ التَّرْتِيبِ عِنْدَهُ

بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمُحِيطِ عَنْ مَشَايِخِهِمْ فَإِنَّ التَّعْلِيلَ الْمَذْكُورَ يَقْطَعُ بِإِطْلَاقِ الْجَوَابِ ظَنَّ عَدَمَ الْوُجُوبِ أَوْ لَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي طَرِيقِ الْمُزْدَلِفَةِ إلَخْ ) فَإِنْ أَفَاضَ إلَى الْمُزْدَلِفَةِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ تَنْقَلِبُ نَفْلًا ، وَيَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا مَعَ الْعِشَاءِ فِي الْمُزْدَلِفَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُزْدَلِفَةَ وَتَوَجَّهَ إلَى مَكَّةَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى إلَى الْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ مَا أَصْبَحَ جَازَ الْمَغْرِبُ ا هـ كَاكِيٌّ

( بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( يَجِبُ بَعْدَ السَّلَامِ سَجْدَتَانِ بِتَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ بِتَرْكِ وَاجِبٍ ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ) أَيْ ، وَإِنْ تَكَرَّرَ تَرْكُ الْوَاجِبِ حَتَّى لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ سَجْدَتَيْنِ اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فِي مَوَاضِعَ : الْأَوَّلِ فِي صِفَتِهِ ، وَهُوَ وَاجِبٌ عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ إذَا سَهَا الْإِمَامُ وَجَبَ عَلَى الْمُؤْتَمِّ السُّجُودُ نَصَّ عَلَى وُجُوبِهِ وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فَصَارَ كَالدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ الْعِبَادَةِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ وَاجِبٌ وَذَلِكَ يَجْبُرُ النُّقْصَانَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّهُ سُنَّةٌ اسْتِدْلَالًا بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّ الْعَوْدَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ لَا يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْقَعْدَةَ وَقَالُوا لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَرَفَعَهُ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَالصُّلْبِيَّةِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِمَا ذَكَرْنَا ؛ وَلِهَذَا يَرْفَعُ التَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ ، وَلَوْلَا أَنَّهُ وَاجِبٌ لَمَا رَفَعَهُمَا وَإِنَّمَا لَا يَرْفَعُ الْقَعْدَةَ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْهُ لِكَوْنِهَا فَرْضًا بِخِلَافِ السَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْقَعْدَةِ لِكَوْنِهَا رُكْنًا وَبِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَثَرُ الْقِرَاءَةِ وَهِيَ رُكْنٌ فَيُعْطَى لَهَا حُكْمُهَا وَلِأَنَّ السَّجْدَةَ الصُّلْبِيَّةَ وَسَجْدَةَ التِّلَاوَةِ مَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْقَعْدَةِ فَإِذَا عَادَ إلَى السُّجُودِ عَادَ إلَى شَيْءٍ مَحَلُّهُ قَبْلَهَا فَيَرْفَعُهَا بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَهَا فَلَا يَرْفَعُهَا وَقِيلَ : إنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَا تَرْفَعُ الْقَعْدَةَ ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فَلَا تَرْفَعُ الْفَرْضَ وَاخْتَارَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَالثَّانِي فِي مَحَلِّهِ ، وَهُوَ بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ قَبْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ

الْمَذْهَبَيْنِ قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ .

( بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ ) ( قَوْلُهُ سُجُودُ السَّهْوِ ) إضَافَةُ السُّجُودِ إلَى السَّهْوِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْحُكْمِ إلَى السَّبَبِ وَهُوَ الْأَصْلُ فِي الْإِضَافَةِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ سَجْدَتَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ إذَا اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تَدَاخَلَ وَإِلَّا فَلَا كَمَحْظُورَاتِ الْحَجِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ } وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَتَكَرَّرُ السُّجُودُ بَعْدَ السَّهْوِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ بِعِلَّةِ السَّهْوِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا سَهَا أَحَدُكُمْ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ } وَتَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يُوجِبُ عِلِّيَّةَ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ مِثْلَ زَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ وَسَرَقَ صَفْوَانُ فَقُطِعَ ، وَإِذَا كَانَ السَّهْوُ هُوَ الْعِلَّةُ انْدَرَجَتْ أَفْرَادُهُ تَحْتَ السَّجْدَتَيْنِ وَعَنْ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ لِكُلِّ سَهْوٍ صَلَاةٌ سَجْدَتَانِ فَعَمَّ أَفْرَادَ سَهْوِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ سَاهِيًا وَقَامَ وَهُوَ سَهْوٌ آخَرُ } ، وَغَيْرَ ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ مَعْنَاهُ يَكْفِي لِكُلِّ سَهْوٍ سَجْدَتَانِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { سَجْدَتَا السَّهْوِ يَجْزِيَانِ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ وَزِيَادَةٍ } رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ عَدِيٍّ وَفِيهِ حَكِيمُ بْنُ نَافِعٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ ، وَضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ فَالْجَرْحُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ سَبَبِهِ لَا يُسْمَعُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّ السُّجُودَ لَا يَخْتَصُّ بِنَوْعٍ مِنْ السَّهْوِ كَقَوْلِهِمْ لِكُلِّ ذَنْبٍ تَوْبَةٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا فَرْضًا إلَى آخِرِهِ ) وَعَلَى هَذَا لَوْ سَلَّمَ بِمُجَرَّدِ رَفْعِهِ مِنْ سَجْدَةِ السَّهْوِ يَكُونُ تَارِكًا

لِلْوَاجِبِ وَلَا يَفْسُدُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ بَعْدَ تَيْنِكَ السَّجْدَتَيْنِ حَيْثُ تَفْسُدُ لِتَرْكِ الْفَرْضِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْقَعْدَةِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ الْقَعْدَةُ بَعْدَ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ لَيْسَتْ بِرُكْنٍ وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِهَا لِيَقَعَ خَتْمُ الصَّلَاةِ بِهَا فَيُوَافِقُ مَوْضُوعَ الصَّلَاةِ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ السَّهْوَ وَانْصَرَفَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَإِذَا انْصَرَفَ بَعْدَ السُّجُودِ أَوْلَى ا هـ غَايَةٌ وَفِي الْوَاقِعَاتِ لَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ وَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي مَكَانِهِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَعْدَهَا قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَإِنْ لَمْ يَقْعُدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِرَفْضِ الْقَعْدَةِ بِالْعَوْدِ إلَى السَّجْدَةِ وَجَازَتْ صَلَاةُ الْقَوْمِ ؛ لِأَنَّ ارْتِفَاضَ الْقَعْدَةِ حَصَلَ بَعْدَ انْقِطَاعِ الشَّرِكَةِ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْقَوْمِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَهَا فَلَا يَرْفَعُهَا إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْحَوَاشِي إذَا سَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ فَإِصَابَةُ لَفْظَةِ السَّلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ ا هـ غَايَةٌ ( فَرْعٌ ) شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَتَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ حَتَّى اسْتَيْقَنَ أَنَّهُ شَكَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَطَالَ بِأَنْ كَانَ مِقْدَارَ مَا يُؤَدَّى فِيهِ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ لَا يَسْجُدُ ، وَكَذَا إنْ كَانَ تَفَكُّرُهُ فِي صَلَاةٍ غَيْرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلسَّهْوِ سَهْوٌ وَهَذِهِ الصَّلَاةُ لَا سَهْوَ صَلَاةٍ أُخْرَى ، وَلَوْ شَكَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ يَتَحَرَّى وَلَا يَسْجُدُ لِهَذَا السَّهْوِ ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ سُجُودِ السَّهْوِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ا هـ لُخِّصَ مِنْ الْبَدَائِعِ .

وَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ قَبْلَ السَّلَامِ وَبَعْدَهُ لِصِحَّةِ الْحَدِيثِ فِيهِمَا وَالتَّرْجِيحُ لِمَا قُلْنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ السَّلَامَ مِنْ الْوَاجِبَاتِ فَيُقَدَّمُ عَلَى سُجُودِ السَّهْوِ قِيَاسًا عَلَى غَيْرِهِ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ ، وَلِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ مِمَّا لَا يَتَكَرَّرُ فَيُؤَخَّرُ عَنْ السَّلَامِ حَتَّى لَوْ سَهَا عَنْ السَّلَامِ يَنْجَبِرُ بِهِ .( قَوْلُهُ فَيُؤَخَّرُ عَنْ السَّلَامِ ) أَيْ لِيَكُونَ جَبْرًا لِكُلِّ سَهْوٍ يَقَعُ فِي الصَّلَاةِ وَمَا لَمْ يُسَلِّمْ فَتَوَهُّمُ السَّهْوِ ثَابِتٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ ثُمَّ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَشَغَلَهُ ذَلِكَ حَتَّى أَخَّرَ السَّلَامَ ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَإِنَّهُ لَوْ سَجَدَ لِهَذَا النَّقْصِ بِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ تَكَرَّرَ ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ بَقِيَ نَقْصًا لَازِمًا غَيْرَ مَجْبُورٍ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يُؤَخَّرَ بَعْدَ السَّلَامِ لِهَذَا الْمُجَوَّزِ ، وَهَذَا دَلِيلُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِي الْخُلَاصَةِ لَوْ سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ لَا يَجِبُ إعَادَتُهُمَا بَعْدَ السَّلَامِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ بِتَأْخِيرِ الْوَاجِبِ أَيْ ، وَهُوَ السَّلَامُ ا هـ .

وَالثَّالِثُ فِي بَيَانِ مَا يُفْعَلُ بَعْدَ السُّجُودِ قَالَ فِي الْكِتَابِ بِتَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ أَيْ يَأْتِي بِهِمَا بَعْدَ السُّجُودِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ تَشَهَّدَ ثُمَّ سَلَّمَ } وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْلِيمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ صَرْفًا لِلسَّلَامِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ إلَى الْمَعْهُودِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْ الْقِبْلَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِمَعْنَى التَّحِيَّةِ دُونَ التَّحْلِيلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ لَا يَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ بَعْدَ تَسْلِيمَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ .( قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ التَّسْلِيمِ ) أَيْ التَّسْلِيمِ الَّذِي قَبْلَ سُجُودِ السَّهْوِ ا هـ ( قَوْلُهُ تَسْلِيمَتَيْنِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ) وَفِي الْيَنَابِيعِ التَّسْلِيمَتَانِ أَصَحُّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ هُوَ اخْتِيَارُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ ) أَيْ وَأَبِي الْيُسْرِ وَالْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيِّ حَتَّى قَالَ الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ حِينَ سُئِلَ عَنْ هَذَا لَمْ يُجِزْ مَالِكٌ الشِّمَالَ حَتَّى يَتْرُكَ السَّلَامَ عَلَيْهِ ، وَنَسَبَ أَبُو الْيُسْرِ الْقَائِلُ بِالتَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ إلَى الْبِدْعَةِ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ إنَّمَا اخْتَرْنَا مَا اخْتَرْنَاهُ بِإِشَارَةِ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فَتَقَصَّيْنَا عَنْ عُهْدَةِ الْبِدْعَةِ وَإِنَّمَا الْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ يُسَلِّمُ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً عَنْ يَمِينِهِ ) وَهُوَ قَوْلُ الْكَرْخِيِّ ، وَهُوَ الْأَصْوَبُ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيّ ا هـ غَايَةٌ .

وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَهُمَا آخِرُ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْكَرْخِيِّ وَقِيلَ : يَأْتِي بِهِمَا فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ كُلُّ قَعْدَةٍ فِي آخِرِهَا سَلَامٌ فَفِيهَا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَأْتِي بِهِمَا فِي الْقَعْدَتَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يُصَلِّي فِي الْأُولَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُصَلِّي فِي الْأَخِيرَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْهَا عِنْدَهُمَا فَكَانَتْ الْأُولَى هِيَ الْقَعْدَةُ لِلْخَتْمِ فَيُصَلِّي فِيهَا وَيَدْعُو لِيَكُونَ خُرُوجُهُ مِنْهَا بَعْدَ الْأَرْكَانِ وَالسُّنَنِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ وَالْآدَابِ قَالَ فِي الْمُفِيدِ هُوَ الصَّحِيحُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُخْرِجُهُ مِنْهَا فَيُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ إلَى قَعْدَةِ السَّهْوِ فَإِنَّهَا هِيَ الْأَخِيرَةُ

( قَوْلُهُ وَقَالَ الطَّحْطَاوِيُّ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَوْلُ الطَّحَاوِيِّ أَحْوَطُ ا هـ ( فَائِدَةٌ ) شَرَعَ فِي الظُّهْرِ ، ثُمَّ تَوَهَّمَ أَنَّهُ فِي الْعَصْرِ فَصَلَّى عَلَى ذَلِكَ الْوَهْمِ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ شَرْطُ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ لَا شَرْطُ بَقَائِهَا كَأَصْلِ النِّيَّةِ فَلَمْ يُوجَدْ تَغْيِيرُ فَرْضٍ ، وَلَا تَرْكُ وَاجِبٍ ، وَإِنْ تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ تَفَكُّرًا شَغَلَهُ عَنْ رُكْنٍ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ اسْتِحْسَانًا عَلَى مَا مَرَّ ا هـ بَدَائِعُ وَلَوْ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَقَرَأَ ، ثُمَّ شَكَّ فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ وَإِعَادَةِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ كَبَّرَ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّهُ بِزِيَادَةِ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ أَخَّرَ رُكْنًا ، وَهُوَ الرُّكُوعُ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا شَكَّ فِي خِلَالِ صَلَاتِهِ فَتَفَكَّرَ حَتَّى اسْتَيْقَنَ وَبَيْنَ مَا إذَا شَكَّ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ، ثُمَّ اسْتَيْقَنَ فِي حَقِّ وُجُوبِ السَّجْدَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ ، وَهُوَ السَّلَامُ ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ مَا سَلَّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً ثُمَّ اسْتَيْقَنَ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ بِالتَّسْلِيمَةِ الْأُولَى خَرَجَ عَنْ الصَّلَاةِ وَانْعَدَمَتْ الصَّلَاةُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَنْقِيصُهَا بِتَفْوِيتِ وَاجِبٍ مِنْهَا فَاسْتَحَالَ إيجَابُ الْجَابِرِ ، وَكَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي الصَّلَاةِ فَعَادَ إلَى الْوُضُوءِ ، ثُمَّ شَكَّ قَبْلَ أَنْ يَعُودَ إلَى الصَّلَاةِ فَتَفَكَّرَ ، ثُمَّ اسْتَيْقَنَ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ السَّهْوُ فِي الْحَالَيْنِ جَمِيعًا إذَا طَالَ تَفَكُّرُهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُؤَدٍّ لَهَا ا هـ بَدَائِعُ وَقَالُوا : لَوْ افْتَتَحَ فَشَكَّ أَنَّهُ هَلْ كَبَّرَ لِلِافْتِتَاحِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَبَّرَ إنْ شَغَلَهُ التَّفَكُّرُ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ مِنْ الصَّلَاةِ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِلَّا

فَلَا وَكَذَا لَوْ شَكَّ أَنَّهُ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعَصْرِ أَوْ سَهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ إنْ تَفَكَّرَ قَدْرَ رُكْنٍ كَالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا لَا يَجِبُ ، وَإِنْ شَكَّ فِي هَذِهِ فِي صَلَاةٍ صَلَّاهَا قَبْلَهَا لَا سُجُودَ عَلَيْهِ وَإِنْ طَالَ تَفَكُّرُهُ ، وَلَوْ انْصَرَفَ لِسَبْقِ حَدَثٍ فَشَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا ، ثُمَّ عَلِمَ وَشَغَلَهُ ذَلِكَ عَنْ وُضُوئِهِ سَاعَةً ، ثُمَّ أَتَمَّ وُضُوءَهُ كَانَ عَلَيْهِ السَّهْوُ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُرْمَتِهَا ا هـ فَتْحٌ .

وَالرَّابِعُ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِسُجُودِ السَّهْوِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ تَغْيِيرِهِ أَوْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ تَقْدِيمِهِ أَوْ تَكْرَارِهِ أَوْ تَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيمَا شَرَعَ مُكَرَّرًا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ لَا غَيْرُ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَيْ يَجِبُ سَجْدَتَانِ بِسَبَبِ تَرْكِ وَاجِبٍ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ فِي التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ وَالتَّغْيِيرِ تَرْكَ الْوَاجِبِ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَلِكَ فَإِذَا فَعَلَ فَقَدْ تَرَكَ الْوَاجِبَ فَصَارَ تَرْكُ الْوَاجِبِ شَامِلًا لِلْكُلِّ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ ذَلِكَ فَنَقُولُ : وَاجِبَاتُ الصَّلَاةِ أَنْوَاعٌ مِنْهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ فَلَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ أَكْثَرَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَرَكَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فِيهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ ، وَلَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُولَيَيْنِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ وَاجِبًا ، وَهُوَ السُّورَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَعَادَهَا بَعْدَ السُّورَةِ أَوْ كَرَّرَهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ ، وَلَوْ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا وَتَرَكَ السُّورَةَ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ مَعَ الْفَاتِحَةِ آيَةً قَصِيرَةً ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ مَعَ الْفَاتِحَةِ وَاجِبَةٌ ، وَلَوْ أَخَّرَ الْفَاتِحَةَ عَنْ السُّورَةِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ آيَةً فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ الْقَوْمَةِ أَوْ الْقُعُودِ فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ الْقِرَاءَةِ وَلَوْ قَرَأَ السُّورَةَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمَا مَحَلُّ الذِّكْرِ وَمِنْهَا التَّشَهُّدُ فَإِذَا تَرَكَهُ فِي الْقُعُودِ الْأَوَّلِ أَوْ الْأَخِيرِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَا إذَا تَرَكَ بَعْضَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ ، وَلَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ أَوْ رُكُوعِهِ أَوْ

سُجُودِهِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَحَلُّ الثَّنَاءِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ تَشَهَّدَ فِي قِيَامِهِ قَبْلَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ مَحَلَّ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فَإِذَا تَشَهَّدَ فِيهِ فَقَدْ أَخَّرَ الْوَاجِبَ وَقَبْلَهَا مَحَلُّ الثَّنَاءِ ، وَلَوْ كَرَّرَ التَّشَهُّدَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَا إذَا زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ رُكْنًا ، وَهُوَ الْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِقَوْلِهِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ آخَرُونَ لَا يَجِبُ حَتَّى يَقُولَ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَلَوْ كَرَّرَهُ فِي الْقَعْدَةِ الثَّانِيَةِ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَمِنْهَا الْقُنُوتُ فَإِذَا تَرَكَهُ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَتَرْكُهُ يَتَحَقَّقُ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْ الرُّكُوعِ ، وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَنَّهُ تَرَكَ الْقُنُوتَ فَفِي عَوْدِهِ إلَى الْقِيَامِ رِوَايَتَانِ ، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَةَ الَّتِي بَعْدَ الْقِرَاءَةِ قَبْلَ الْقُنُوتِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَةِ الْعِيدِ وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ فَإِذَا تَرَكَهَا أَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً مِنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ الثَّانِي مِنْ صَلَاةِ الْعِيدِ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ تَبَعًا لِتَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مُلْحَقَةً بِهَا وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ فَإِذَا تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَقِيلَ : لَا يَجِبُ ، وَقِيلَ إنْ تَرَكَهَا قَبْلَ الْفَاتِحَةِ يَجِبُ ، وَإِنْ تَرَكَهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ لَا يَجِبُ ، وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ حَتَّى لَوْ

جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَوْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَجِبُ بِهِ السَّهْوُ مِنْهُمَا فَقِيلَ إنْ جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، وَإِنْ خَافَتَ فِيمَا يَجْهَرُ يَنْظُرُ فَإِنْ خَافَتَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَوْ أَكْثَرِهَا فَعَلَيْهِ السَّهْوُ وَإِنْ خَافَتَ فِي أَقَلِّهَا فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ سُورَةٍ أُخْرَى فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَهْرِ فِيمَا يُخَافِتُ أَقْبَحُ مِنْ الْمُخَافَتَةِ فِيمَا يَجْهَرُ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ بِالْمَنْسُوخِ فَغُلِّظَ حُكْمُهُ ، وَلِأَنَّ لِصَلَاةِ الْجَهْرِ حَظًّا مِنْ الْمُخَافَتَةِ كَالْفَاتِحَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَكَذَا الْمُنْفَرِد يَتَخَيَّرُ فِيمَا بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ وَلَا حَظَّ لِصَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ مِنْ الْجَهْرِ فَأَوْجَبْنَا السُّجُودَ فِي الْجَهْرِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَشَرَطْنَا الْكَثْرَةَ فِي الْمُخَافَتَةِ وَفِي الْفَاتِحَةِ أَكْثَرَهَا ؛ لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ كُلَّهَا ثَنَاءٌ وَدُعَاءٌ ؛ وَلِهَذَا شُرِعَتْ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى سَبِيلِ الدُّعَاءِ فَأُعْطِيَ لَهَا حُكْمُ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ مِنْ وَجْهٍ ، وَإِنْ كَانَتْ تِلَاوَةً حَقِيقَةً وَالْجَهْرُ بِالثَّنَاءِ لَا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ وَبِالتِّلَاوَةِ يُوجِبُ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْأَكْثَرُ ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ قَدْرُ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَعَنْ الْكَثِيرِ يُمْكِنُ ، وَمَا تَصِحُّ بِهِ الصَّلَاةُ كَثِيرٌ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ آيَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَالْمُنْفَرِدُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ وَمِنْهَا الْقَعْدَةُ الْأُولَى حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَكَذَا تَأْخِير الرُّكْنِ يُوجِبُ السَّهْوَ حَتَّى لَوْ أَخَّرَ

سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ الصَّلَاةِ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَا تَكْرَارُهُ كَرُكُوعَيْنِ أَوْ ثَلَاثِ سَجَدَاتٍ ، وَفِي الْبَدَائِعِ اخْتَلَفُوا فِي تَرْكِ تَعْدِيلِ الْأَرْكَانِ وَالْقَوْمَةِ وَالْقَعْدَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ آيَةً فِي الرُّكُوعِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ : وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي رُكُوعِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ أَوْ فِي قِيَامِهِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ ثَنَاءٌ وَهَذِهِ الْأَرْكَانُ مَوَاضِعُ الثَّنَاءِ ا هـ ، وَهُوَ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ا هـ وَلَوْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فِي الْقَعْدَةِ إنَّمَا يَجِبُ السَّهْوُ إذَا لَمْ يَفْرُغْ مِنْ التَّشَهُّدِ أَمَّا إذَا فَرَغَ فَلَا يَجِبُ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ مَحَلُّ الثَّنَاءِ أَيْ بِخِلَافِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِيهِمَا فَإِنَّ فِيهِ السَّهْوَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَقَبْلَهَا مَحَلُّ الثَّنَاءِ إلَى آخِرِهِ ) ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا زَادَ عَلَى التَّشَهُّدِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ : وَلَوْ زَادَ عَلَى قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِي أَمَالِي الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجِبُ لَهُمَا أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لَوَجَبَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ ؛ لِأَنَّهُ شَرْعٌ وَلَا يُعْقَلُ تَمَكُّنُ النُّقْصَانِ فِي الصَّلَاةِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ بِتَأْخِيرِ الْفَرْضِ ، وَهُوَ الْقِيَامُ إلَّا أَنَّ التَّأْخِيرَ حَصَلَ بِالصَّلَاةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَنَّهَا تَأْخِيرٌ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ا هـ وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا ، وَلَوْ تَلَا سَجْدَةً فَنَسِيَ أَنْ يَسْجُدَهَا ، ثُمَّ تَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَهَا وَيَسْجُدَ بِهَا لِلسَّهْوِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ الْوَاجِبَ عَنْ وَقْتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ ) ، وَلَوْ زَادَ حَرْفًا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ مُقَدَّمًا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ وَلَمْ يُصَحِّحْ مِنْ الْأَقْوَالِ شَيْئًا لَكِنْ تَقْدِيمُهُ هَذَا الْقَوْلَ عَلَى غَيْرِهِ يُرْشِدُ إلَى أَنَّهُ أَصَحُّ وَهَكَذَا قَدَّمَهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَهُنَاكَ عِبَارَتُهُ فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْمُحِيطِ زَادَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ حَرْفًا يَجِبُ السَّهْوُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ ابْنُ شُجَاعٍ وَإِنَّمَا يَجِبُ إذَا قَالَ : اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ إنَّمَا يَجِبُ إذَا قَالَ مَعَهُ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ آخَرُونَ إلَى آخِرِهِ ) وَعَنْ الصَّفَّارِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ فِي هَذَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَسْتَقْبِحُ إذْ أُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْت قَدْ : أَوْجَبَ سُجُودَ السَّهْوِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا فَكَذَا بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَوْنِهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا ا هـ سَرُوجِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إلَى آخِرِهِ ) ، وَكَذَا قِرَاءَةُ التَّشَهُّدِ إذَا سَهَا عَنْهَا فِي الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَهَا قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَ مَا سَلَّمَ سَاهِيًا قَرَأَهَا وَسَلَّمَ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ ا هـ وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ قَبْلَ يَمِينِهِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي السَّلَامِ مِنْ بَابِ السُّنَّةِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ السَّهْوِ ، وَلَوْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ فَفِي عَوْدِهِ إلَى الْقُنُوتِ رِوَايَتَانِ إلَى آخِرِهِ ) أَحَدُهُمَا يَعُودُ وَيَقْنُتُ وَيُعِيدُ الرُّكُوعَ وَقَدْ تَقَدَّمَ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ الرُّكُوعَ وَالْأَوَّلُ الْأَوْجَهُ إذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْقُنُوتِ ، وَهُوَ

قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَنْهُمَا أَنَّهُ سُنَّةٌ ، ثُمَّ رَجَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى رِوَايَةَ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى الْقُنُوتِ وَجَعَلَهَا ظَاهِرَ الرَّاوِيَةِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ فِي بَابِ الْقُنُوتِ ، وَأَمَّا حُكْمُ الْقُنُوتِ إذَا فَاتَ عَنْ مَحَلِّهِ فَيَقُولُ إذَا نَسِيَ الْقُنُوتَ حَتَّى رَكَعَ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَا يَعُودُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقُنُوتُ وَإِنْ كَانَ فِي الرُّكُوعِ فَكَذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْقُنُوتِ ؛ لِأَنَّ لَهُ شَبَهًا بِالْقُرْآنِ فَيَعُودُ كَمَا لَوْ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ ، وَلَوْ تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ أَنَّهُ تَرَكَ الْفَاتِحَةَ أَوْ السُّورَةَ يَعُودُ وَيُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ كَذَا هَذَا وَوَجْهُ الْفَرْقِ عَلَى ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ أَنَّ الرُّكُوعَ يَتَكَامَلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ لَا يُعْتَبَرُ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ أَصْلًا فَيَتَكَامَلُ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ عَلَى التَّعْيِينِ وَاجِبَةٌ فَيُنْتَقَضُ الرُّكُوعُ بِتَرْكِهَا فَكَانَ نَقْضُ الرُّكُوعِ لِلْأَدَاءِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَالْأَحْسَنِ وَكَانَ مَشْرُوعًا وَأَمَّا الْقُنُوتُ فَلَيْسَ مِمَّا يَتَكَامَلُ بِهِ الرُّكُوعُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا قُنُوتَ فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَالرُّكُوعُ يُعْتَبَرُ بِدُونِهِ فَلَمْ يَكُنْ النَّقْضُ لِلتَّكْمِيلِ لِكَمَالِهِ فِي نَفْسِهِ فَلَوْ نَقَضَ كَانَ النَّقْضُ لِأَدَاءِ الْوَاجِبِ وَلَا يَجُوزُ نَقْضُ الْفَرْضِ لِتَحْصِيلِ الْوَاجِبِ فَهُوَ الْفَرْقُ وَلَا يَقْنُتُ فِي الرُّجُوعِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ إذَا تَذَكَّرَهَا فِي حَالِ الرُّكُوعِ حَيْثُ يُكَبِّرُ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ لَمْ تَخْتَصَّ بِالْقِيَامِ الْمَحْضِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ يُؤْتَى بِهَا فِي حَالَةِ الِانْحِطَاطِ وَهِيَ مَحْسُوبَةٌ مِنْ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَإِذَا جَازَ أَدَاءُ

وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ مَحْضِ الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ جَازَ أَدَاءُ الْبَاقِي مَعَ قِيَامِ الْعُذْرِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى فَأَمَّا الْقُنُوتُ فَلَمْ يُشْرَعْ إلَّا فِي مَحَلِّ الثَّنَاءِ غَيْرِ مَعْقُولِ الْمَعْنَى فَلَا يَتَعَدَّى إلَى الرُّكُوعِ الَّذِي هُوَ قِيَامٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَلَوْ أَنَّهُ عَادَ إلَى الْقِيَامِ وَقَنَتَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْتَقَضَ رُكُوعُهُ عَلَى قِيَاسِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَى قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ رُكُوعُهُ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَمِنْهَا تَكْبِيرَاتُ الْعِيدَيْنِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ : وَلَوْ تَرَكَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ فَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ قَضَاهَا فِي الرُّكُوعِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ إذَا تَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ حَيْثُ يَسْقُطُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ ) ، وَكَذَا إذَا سَهَا عَنْهَا أَوْ أَتَى بِهَا فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ تَغْيِيرُ فَرْضٍ أَوْ وَاجِبٍ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْبَسْمَلَةُ ) قَالَ فِي الْقُنْيَةِ نَقْلًا عَنْ أَجْنَاسِ النَّاطِفِيِّ وَلَا يَتَعَلَّقُ السَّهْوُ بِتَرْكِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ وَتَكْبِيرَاتِ الصَّلَاةِ وَقَوْلُهُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَكُلُّ ذِكْرٍ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ ، وَهُوَ مَا يُجْعَلُ عَلَامَةً لِغَيْرِهِ فَتَرْكُهُ لَا يُلْزِمُ السَّهْوَ وَمَا هُوَ مَقْصُودٌ وَهُوَ أَنْ لَا يُجْعَلَ عَلَامَةً لِغَيْرِهِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يَجِبُ ) وَفِي الْمُفِيدِ لَا يَجِبُ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ وَالتَّأْمِينِ شَيْءٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَهَا بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ لَا يَجِبُ ) وَأَوْجَبَ عَيْنُ الْأَئِمَّةِ الْكَرَابِيسِيُّ السَّهْوَ بِتَرْكِ التَّسْمِيَةِ بَيْنَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْجَهْرُ وَالْإِخْفَاءُ إلَى آخِرِهِ ) فِي الْمُنْتَقَى وَغَرِيبِ الرَّاوِيَةِ فِي النَّفْلِ يَجْهَرُ فَإِنْ

خَافَتْ فَعَلَيْهِ السَّهْوُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ فِي الْفَصْلَيْنِ إلَخْ ) ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ الْقَاضِي التَّمِيمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ السَّهْوُ بِالْجَهْرِ وَالْإِخْفَاءِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ كَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَقَدْ يُقَالُ كَوْنُهُ مُخَيَّرًا فِي الْجَهْرِيَّةِ مُسَلَّمٌ أَمَّا فِي السَّرِيَّةِ قُلْنَا أَنْ نَمْنَعَ تَجْوِيزَ الْجَهْرِيَّةِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي يُخَافِتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ لَا يُخَيِّرُ الْمُنْفَرِدُ بَيْنَ الْجَهْرِيَّةِ وَالْمُخَافَتَةِ بَلْ يُخَافِتُ ا هـ وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَيُخْفِي فِيمَا يُخْفِي الْإِمَامُ وَيَتَخَيَّرُ فِيمَا يَجْهَرُ فِيهَا ا هـ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ خَصَائِصِ الْجَمَاعَةِ إلَى آخِرِهِ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ الْأَكْمَلُ وَأَمَّا كَوْنُ وُجُوبِ الْمُخَافَتَةِ مِنْ خَصَائِصِهَا فَمَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةُ فَيَجِبُ السَّهْوُ بِتَرْكِهَا أُجِيبُ بِأَنَّ ذَلِكَ وَجْهُ رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُنْفَرِدِ إذَا جَهَرَ فِيمَا يُخَافِتُ أَنَّ عَلَيْهِ السَّهْوَ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عَلَى ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُخَافَتَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ لِنَفْيِ الْمُغَالَطَةِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ فِي صُورَةٍ تُؤَدَّى عَلَى الشُّهْرَةِ وَالْمُنْفَرِدُ لَمْ يُؤَدِّ كَذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ الْمُخَافَتَةُ وَاجِبَةً عَلَيْهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِسَهْوِ إمَامِهِ ) أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ بِسَهْوِ إمَامِهِ لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ وَسَجَدَ الْقَوْمُ مَعَهُ } وَلِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ ؛ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُ الْأَرْبَعُ بِاقْتِدَائِهِ بِالْإِمَامِ الْمُقِيمِ أَوْ نَوَى إمَامُهُ الْإِقَامَةَ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ حَتَّى لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَمَا سَهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْجُدَ مَعَ الْإِمَامِ تَبَعًا لَهُ ، وَلَوْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَ مَا سَجَدَ سَجْدَةَ السَّهْوِ يُتَابِعُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا يَقْضِي الْأُولَى ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ بَعْدَمَا سَجَدَهُمَا لَا يَقْضِيهِمَا ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ الْإِمَامُ لَا يَسْجُدْ الْمُؤْتَمُّ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ وَمَا الْتَزَمَ الْأَدَاءَ إلَّا تَبَعًا لَهُ بِخِلَافِ تَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ حَيْثُ يَأْتِي بِهِ الْمُؤْتَمُّ ، وَإِنْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَلَا يَكُونُ الْإِمَامُ فِيهِ حَتْمًا وَسُجُودُ السَّهْوِ يُؤَدَّى فِي حُرْمَتِهَا ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِسَهْوِ إمَامِهِ ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَيْ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهِ وَاجِبًا إنْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَوْ بِتَرْكِ إمَامِهِ الْوَاجِبَ إنْ كَانَ مُقْتَدِيًا كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِشَرْطِ أَنْ يَسْجُدَ الْإِمَامُ حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا الْإِمَامُ يَتْرُكُهَا الْمُقْتَدِي أَيْضًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ تَبَعًا لِلْإِمَامِ ) حَتَّى قَالُوا لَوْ تَرَكَ بَعْضُ مَنْ خَلْفَ الْإِمَامِ التَّشَهُّدَ حَتَّى قَامُوا مَعَهُ بَعْدَ مَا تَشَهَّدَ كَانَ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَشَهَّدْ أَنْ يَعُودَ فَيَتَشَهَّدَ وَيَلْحَقُهُ ، وَإِنْ خَافَ أَنْ يَفُوتَهُ الرَّكْعَةُ الثَّالِثَةُ بِخِلَافِ الْمُنْفَرِدِ حَيْثُ لَا يَعُودُ ؛ لِأَنَّ التَّشَهُّدَ هُنَا فَرْضٌ بِحُكْمِ الْمُتَابَعَةِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي السُّجُودِ فَلَمْ يَسْجُدْ مَعَهُ السَّجْدَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَقْضِي السَّجْدَةَ الثَّانِيَةَ مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَ رَكْعَةٍ فَإِنْ خَافَ ذَلِكَ تَرَكَهَا ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ هُوَ يَقْضِي هَاتَيْنِ السَّجْدَتَيْنِ ضَمِنَ قَضَاءِ الرَّكْعَةِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِإِحْرَازِ الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى إذَا خَافَ فَوْتَهَا ، وَهُنَا لَا يَقْضِي التَّشَهُّدَ بَعْدَ هَذَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ ثُمَّ يَتْبَعُ كَاَلَّذِي نَامَ خَلْفَ إمَامِهِ ، ثُمَّ انْتَبَهَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَدِيًا بِهِ وَقْتَ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ اللَّاحِقُ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَ إمَامِهِ لَا يَعْتَدُّ بِهِ وَيَسْجُدُ فِي آخِرِ صَلَاتِهِ ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ لَيْسَ بِآخِرِ صَلَاتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ مَا أَدْرَكَهُ مَعَهُ آخِرُ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ آخِرًا تَحْقِيقًا لِلْمُتَابَعَةِ ، وَلَوْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ إمَامَهُ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ سَهْوٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ اقْتَدَى فِي مَوْضِعٍ يَجِبُ انْفِرَادُهُ وَفِي الْفَتَاوَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَسْبُوقُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ

عَلَيْهِ سَهْوٌ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ عَلِمَ فَسَدَتْ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَاللَّاحِقُ لَا يُتَابِعُ الْإِمَامَ فِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ خَلْفَ الْإِمَامِ فَيَأْتِي بِهِمَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَتَى بِهِ الْإِمَامُ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ إلَى آخِرِهِ ) وَقَدْ أُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ إشْكَالٌ ، وَهُوَ مَا إذَا قَامَ الْمَسْبُوقُ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَالْمُقِيمُ إذَا اقْتَدَى بِالْمُسَافِرِ يُتِمُّ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ ، عُلِمَ بِهَا أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَعْدَ الْفَرَاغِ لَا تُعَدُّ مُخَالَفَةً وَفِي النِّهَايَةِ جَوَابُهُ أَنَّ هَاهُنَا يَصِيرُ مُخَالِفًا وَهُنَاكَ لَا وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَوْ سَجَدَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْجُدَ فِي الْحَالَةِ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهَا فَفِي الْأَوَّلِ مُخَالَفَةٌ صُورَةً وَمَعْنًى ، وَفِي الثَّانِي مَعْنًى لَا صُورَةً ؛ لِأَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فِي صَلَاةٍ أَدَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ هَاهُنَا فَصَارَ كَأَنَّهُ سَجَدَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ الَّتِي مَعَ الْإِمَامِ فَكَانَتْ مُخَالَفَةً مَعْنًى بِخِلَافِ تَيْنِكَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَقَّقَانِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَتَعَلَّقَا بِصَلَاةِ الْإِمَامِ فَلَا تَكُونُ مُخَالَفَةً صُورَةً وَلَا مَعْنًى ا هـ كَاكِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بِسَهْوِهِ ) أَيْ لَا يَجِبُ بِسَهْوِ نَفْسِهِ يَعْنِي الْمُقْتَدِيَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ وَحْدَهُ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ ، وَلَوْ تَابَعَهُ الْإِمَامُ يَنْقَلِبُ التَّبَعُ أَصْلًا ، وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا فَسَهَا بَعْدَ مَا قَامَ لِقَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِيهِ ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ يَنْظُرُ فَإِنْ سَلَّمَ مُقَارِنًا لِسَلَامِ الْإِمَامِ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا سَهْوَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ بِهِ ، وَإِنْ سَلَّمَ بَعْدَهُ يَلْزَمُهُ السَّهْوُ ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى ذَكَرَهُ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ .( قَوْلُهُ ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا إذَا سَلَّمَ سَاهِيًا أَمَّا إذَا سَلَّمَ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ مَسْبُوقٌ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ سَلَامَ الْعَمْدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَلَامِ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ ، وَلَوْ سَلَّمَ الْمَسْبُوقُ مَعَ الْإِمَامِ فَعَلَيْهِ سَجْدَتَا السَّهْوِ فِي التَّسْلِيمَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِي الثَّانِيَةِ اِ هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ وَهُوَ إلَيْهِ أَقْرَبُ عَادَ ) ؛ لِأَنَّ مَا يَقْرُبُ إلَى الشَّيْءِ يَأْخُذُ حُكْمَهُ ثُمَّ ، قِيلَ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ لِلتَّأْخِيرِ ؛ لِأَنَّهُ بِقَدْرِ مَا اشْتَغَلَ بِالْقِيَامِ أَخَّرَ وَاجِبًا وَجَبَ وَصْلُهُ بِمَا قَبْلَهُ وَقِيلَ : لَا يَسْجُدُ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ الْقِيَامِ وَمَعْنَى الْقُرْبِ إلَى الْقُعُودِ أَنْ يَرْفَعَ أَلْيَتَيْهِ مِنْ الْأَرْضِ وَرُكْبَتَاهُ عَلَيْهَا وَقِيلَ : مَا لَمْ يَنْتَصِبْ النِّصْفُ الْأَسْفَلُ فَهُوَ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبُ ، وَإِنْ انْتَصَبَ فَهُوَ إلَى الْقِيَامِ أَقْرَبُ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالنِّصْفِ الْأَعْلَى وَقِيلَ : يَعُودُ إلَى الْقُعُودِ مَا لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا لَا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَى الْقُعُودِ أَقْرَبُ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ كَالْقَائِمِ مَعْنًى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْوَاجِبَ وَهُوَ الْقُعُودُ الْأَوَّلُ ، وَلَوْ عَادَ إلَى الْقُعُودِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ لِتَكَامُلِ الْجِنَايَةِ بِرَفْضِ الْفَرْضِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ لِأَجْلِ مَا هُوَ لَيْسَ بِفَرْضٍ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَإِنْ سَهَا عَنْ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ ) أَيْ فِي ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ أَوْ الثَّلَاثِ مِنْ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ وَضَعَ الْمَسْأَلَةَ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُحِيطِ فِي الظُّهْرِ ؛ وَلِأَنَّ الْقَعْدَةَ الْأُولَى فِي التَّطَوُّعِ فَرْضٌ فَكَانَتْ كَالْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهَا لَا مَحَالَةَ وَإِنْ اسْتَوَى قَائِمًا ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَسْتَتِمَّ قَائِمًا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ) قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ، ثُمَّ قِيلَ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ اخْتَارَهَا مَشَايِخُ بُخَارَى وَأَمَّا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ فَمَا لَمْ يَسْتَوِ قَائِمًا يَعُودُ ا هـ ( قَوْلُهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِخِلَافِ تَرْكِ الْقِيَامِ بِسُجُودِ التِّلَاوَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ لِإِظْهَارِ مُخَالَفَةِ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ الْكَفَرَةِ وَلَيْسَ فِيمَا نَحْنُ مَعْنَاهُ أَصْلًا عَلَى أَنَّا نَقُولُ : الْجِنَايَةُ هُنَا بِالرَّفْضِ وَلَيْسَ تَرْكُ الْقِيَامِ لِلسُّجُودِ رَفْضًا لَهُ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُمْ بَعْدَهَا قَدْرَ فَرْضِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى رَكَعَ صَحَّتْ هَذَا وَفِي النَّفْسِ مِنْ التَّصْحِيحِ شَيْءٌ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ فِي الرُّجُوعِ إلَى الْقَعْدَةِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ زِيَادَةَ قِيَامِ مَا فِي الصَّلَاةِ ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ لَكِنَّهُ بِالصِّحَّةِ لَا يَحِلُّ فَاعْرِفْ أَنَّ زِيَادَةَ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ لَا تَفْسُدُ إلَّا أَنْ يُفَرِّقَ بِاقْتِرَانِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بِالرَّفْضِ لَكِنْ يُقَالُ الْمُتَحَقَّقُ لُزُومُ الْإِثْمِ أَيْضًا بِالرَّفْضِ أَمَّا الْفَسَادُ فَلَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ اسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ فَيَتَرَجَّحُ بِهَذَا الْبَحْثِ الْقَوْلُ الْمُقَابِلُ لِلْمُصَحَّحِ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ سَهَا عَنْ الْأَخِيرِ ) أَيْ عَنْ الْقُعُودِ الْأَخِيرِ ( عَادَ مَا لَمْ يَسْجُدْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحْكِمْ خُرُوجُهُ عَنْ الْفَرْضِ وَفِي الْقُعُودِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ وَقَدْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِرَفْضِ مَا أَتَى بِهِ إذْ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ فَرْضًا ، وَهُوَ الْقُعُودُ الْأَخِيرُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ سَجَدَ بَطَلَ فَرْضُهُ بِرَفْعِهِ ) أَيْ بِرَفْعِ الرَّأْسِ مِنْ السُّجُودِ ؛ لِأَنَّ الْخَامِسَةَ قَدْ انْعَقَدَتْ وَاسْتَحْكَمَ دُخُولُهُ فِي النَّفْلِ قَبْلَ إكْمَالِ الْفَرْضِ ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ خُرُوجُهُ مِنْ الْفَرْضِ وَقَوْلُهُ بِرَفْعِهِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَبْطُلُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ سُجُودٌ كَامِلٌ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ تَمَامَ الرُّكْنِ بِالِانْتِقَالِ عَنْهُ ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَبَقَهُ الْحَدَثُ يَنْتَقِضُ الرُّكْنُ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ إعَادَتُهُ إذَا بَنَى ، وَلَوْ تَمَّ بِالْوَضْعِ لَمَا انْتَقَضَ بِالْحَدَثِ ، وَكَذَا لَوْ سَجَدَ الْمُؤْتَمُّ قَبْلَ إمَامِهِ فَأَدْرَكَهُ إمَامُهُ فِي السُّجُودِ أَجْزَأَهُ ، وَلَوْ تَمَّ بِنَفْسِ الْوَضْعِ لَمَا جَازَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ كُلَّ رُكْنٍ سَبَقَ بِهِ الْمُؤْتَمُّ إمَامَهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَبْنِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُ لَا يَبْنِي قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَارَتْ نَفْلًا ) أَيْ انْقَلَبَتْ صَلَاتُهُ نَفْلًا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا تَنْقَلِبُ بِنَاءً عَلَى أَصْلَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ صِفَةَ الْفَرْضِيَّةِ إذَا بَطَلَتْ لَا تَبْطُلُ التَّحْرِيمَةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ تَبْطُلُ وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَالثَّانِي - أَنَّ تَرْكَ الْقُعُودِ عَلَى رَأْسِ رَكْعَتَيْ النَّفْلِ لَا يَبْطُلُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ يَبْطُلُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي النَّوَافِلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ (

فَيَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً ) ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ بِالْوِتْرِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ، وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ إلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ ظَانٌّ ثُمَّ قِيلَ : يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ ؛ لِأَنَّ النُّقْصَانَ بِالْفَسَادِ لَا يَنْجَبِرُ بِالسُّجُودِ ، وَلَوْ اقْتَدِي بِهِ إنْسَانٌ يَلْزَمُهُ سِتُّ رَكَعَاتٍ ؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَدَّى بِهَذِهِ التَّحْرِيمَةِ وَسُقُوطُهُ عَنْ الْإِمَامِ لِلظَّنِّ وَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ الْإِمَامُ إلَى الْقُعُودِ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ جُعِلَ كَأَنْ لَمْ يَقُمْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ ، ثُمَّ قَامَ يَظُنُّهَا الْقَعْدَةَ الْأُولَى عَادَ وَسَلَّمَ ) ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ وَالتَّسْلِيمُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَعُودُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ سَجَدَ لِلْخَامِسَةِ تَمَّ فَرْضَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا إصَابَةَ لَفْظِ السَّلَامِ ، وَهِيَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ عِنْدَنَا عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً ) لِتَصِيرَ الرَّكْعَتَانِ لَهُ نَفْلًا ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ الْوَاحِدَةَ لَا تُجْزِيهِ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبُتَيْرَاءِ ، ثُمَّ لَا يَنُوبَانِ عَنْ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ بَعْدَ الْفَرْضِ هُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا بِتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ مَقْصُودَةٍ قَالُوا وَفِي الْعَصْرِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً لِكَرَاهَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا وَقِيلَ : يَضُمُّ إلَيْهَا ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَقْصُودٍ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعَصْرِ يَتَنَاوَلُ الْمَقْصُودَ فَلَا يُكْرَهُ بِدُونِهِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْفَجْرِ إذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ وَقَيَّدَهَا بِالسَّجْدَةِ لَا يَضُمُّ إلَيْهَا رَابِعَةً لِكَرَاهِيَةِ التَّنَفُّلِ بَعْدَهَا ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ

؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ بَطَلَ بِتَرْكِ الْقُعُودِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَالتَّنَفُّلُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ مَا إذَا قَامَ إلَى الْخَامِسَةِ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّابِعَةِ وَقَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ حَيْثُ يَضُمُّ إلَيْهَا سَادِسَةً ؛ لِأَنَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَ الْعَصْرِ غَيْرُ مَكْرُوهٍ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَإِنْ سَهَا عَنْ الْأَخِيرِ إلَى آخِرِهِ ) يَشْمَلُ قَعْدَةَ الصُّبْحِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ بِمَحَلِّ الرَّفْضِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الصَّلَاةِ ؛ وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي يَمِينِهِ لَا يُصَلِّي فَرِيضَةً ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ) ؛ لِأَنَّهُ أَرْفَقُ وَأَقْيَسُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي هَذِهِ السَّجْدَةِ ) أَيْ سَجْدَةِ الْخَامِسَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْنِي عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَى آخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يُتِمُّ السَّجْدَةَ بِالرَّفْعِ وَالرَّفْعُ وُجِدَ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يُعْتَبَرُ فَبَطَلَتْ السَّجْدَةُ فِي نَفْسِهَا فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يَسْجُدْ ، وَلَوْ لَمْ يَسْجُدْ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي بِالِاتِّفَاقِ ا هـ كَاكِيٌّ وَقَدْ سُئِلَ أَبُو يُوسُفَ فَقَالَ بَطَلَتْ وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا فَأُخْبِرَ بِجَوَابِ مُحَمَّدٍ فَقَالَ زِهْ صَلَاةٌ فَسَدَتْ يُصْلِحُهَا الْحَدَثُ وَزِهْ بِمُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا هَاءٌ كَلِمَةُ تَعَجُّبٍ ، وَهُوَ هُنَا عَلَى وَجْهِ التَّهَكُّمِ قِيلَ قَالَهُ لِغَيْظٍ لَحِقَهُ مِنْ مُحَمَّدٍ بِسَبَبِ مَا بَلَغَهُ مِنْ عَيْبِهِ قَوْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ إذَا خَرِبَ إنَّهُ لَا يَعُودُ إلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَسْجِدًا وَإِنْ صَارَ مَأْوَى الْكِلَابِ وَالدَّوَابِّ ا هـ فَتْحٌ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَبْنِي أَيْ عَلَى الْفَرْضِ أَيْ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْحَدَثِ أَمْكَنَهُ إصْلَاحُ فَرْضِهِ بِأَنْ يَتَوَضَّأَ وَيَأْتِيَ فَيَقْعُدَ وَيَتَشَهَّدَ وَيُسَلِّمَ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ حَصَلَ مَعَ الْحَدَثِ فَلَا يَكُونُ مُكَمِّلًا لِلسَّجْدَةِ لِيَفْسُدَ الْفَرْضُ بِهِ وَهُوَ أَعْنِي صِحَّةَ الْبِنَاءِ بِسَبَبِ سَبْقِ الْحَدَثِ إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ فِي السُّجُودِ أَنَّهُ تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً مِنْ صَلَاتِهِ فَإِنْ تَذَكَّرَ ذَلِكَ فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِمَا سَنَذْكُرُ فِي تَتِمَّةٍ يَعْقِدُهَا فِي السَّجَدَاتِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُ لَا يَبْنِي ) أَيْ وَيَنْقَلِبُ فَرْضُهُ نَفْلًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَضُمَّ إلَيْهَا فَلَا شَيْءَ

عَلَيْهِ إلَى آخِرِهِ ) ، وَإِنْ كَانَ الضَّمُّ وَاجِبًا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَصْلِ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّنَفُّلِ بِالْوِتْرِ ؛ لِأَنَّهُ مَظْنُونُ الْوُجُوبِ خِلَافًا لِزُفَرَ وَاللُّزُومُ إنَّمَا يَثْبُتُ شَرْعًا بِالِالْتِزَامِ أَوْ إلْزَامِ الرَّبِّ تَعَالَى ابْتِدَاءً وَشُرُوعُهُ لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بَلْ يَقْصِدُ الْإِسْقَاطَ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنْ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَقَطَ أَصْلًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ ) أَيْ فِي الْخَامِسَةِ ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ سِتُّ رَكَعَاتٍ ) عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يُتَصَوَّرُ الْقَضَاءُ ا هـ كَذَا فِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمُ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ إلَى آخِرِهِ ) ، وَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، ثُمَّ إذَا عَادَ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ ، وَكَذَا لَوْ قَامَ عَامِدًا قَالَ النَّاطِفِيُّ يُعِيدُ ، ثُمَّ قِيلَ الْقَوْمُ يَتْبَعُونَهُ فَإِنْ عَادَ عَادُوا مَعَهُ ، وَإِنْ مَضَى فِي النَّافِلَةِ اتَّبَعُوهُ ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُمْ تَمَّتْ بِالْقَعْدَةِ وَالصَّحِيحُ مَا ذَكَرَهُ الْبَلْخِيّ عَنْ عُلَمَائِنَا أَنَّهُمْ لَا يَتْبَعُونَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا اتِّبَاعَ فِي الْبِدْعَةِ لَكِنْ يَنْتَظِرُونَهُ قُعُودًا فَإِنْ عَادَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَ الْخَامِسَةَ بِالسَّجْدَةِ اتَّبَعُوهُ بِالسَّلَامِ فَإِنْ قَيَّدَ سَلَّمُوا فِي الْحَالِ ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُحِيطِ والتمرتاشي ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَا يَخْفَى عَدَمُ مُتَابَعَتِهِمْ لَهُ فِيمَا إذَا قَامَ قَبْلَ الْقَعْدَةِ ا هـ قَوْلُهُ لَا يُعِيدُ التَّشَهُّدَ أَيْ بَلْ يَقْعُدُ وَيُسَلِّمُ ا هـ وَقَوْلُهُ فِيمَا إذَا قَامَ أَيْ إلَى الْخَامِسَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِيَأْتِيَ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ ) أَيْ كَمَا لَوْ أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ ، وَهُوَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِالسَّجْدَةِ فَإِنَّهُ يَرْفُضُهَا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَضَمَّ إلَيْهَا سَادِسَةً إلَى آخِرِهِ ) هَذَا لَفْظُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ عَلَى

مَعْنَى التَّخْيِيرِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ أَوْ الْإِيجَابِ وَفِي الْمَبْسُوطِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ فَإِنَّهُ قَالَ عَلَيْهِ أَنْ يُضِيفَ وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الضَّمُّ لِلنَّهْيِ عَنْ التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَنُوبَانِ عَنْ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ ) قَالَ فِي الْمُحِيطِ ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فَلَا تَنُوبُ عَنْ الْكَامِلَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَضُمُّ إلَيْهَا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ فِي الْعَصْرِ أَعْنِي صَلَّاهَا خَمْسًا بَعْدَ مَا قَعَدَ الثَّانِيَةَ أَوْ فِي الْفَجْرِ سَجَدَ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْقَعْدَةِ قَالُوا : لَا يَضُمُّ سَادِسَةً ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا بِرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَضُمَّ وَالنَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّلِ الْقَصْدِيِّ بَعْدَهُمَا ، وَكَذَا إذَا تَطَوَّعَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً طَلَعَ الْفَجْرُ الْأَوْلَى أَنْ يُتِمَّهَا ، ثُمَّ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَنَفَّلْ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ قَصْدًا ا هـ ( فَرْعٌ ) تَرَكَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً مِنْ رَكْعَةٍ فَتَذَكَّرَهَا فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَضَاهَا وَتَمَّتْ صَلَاتُهُ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْضِيهَا وَيَقْضِي مَا بَعْدَهَا ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بَعْدَ الْمَتْرُوكِ حَصَلَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ شُرِعَتْ مُرَتَّبَةً كَمَا لَوْ قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ قُلْنَا : الرَّكْعَةُ الثَّانِيَةُ صَادَفَتْ مَحَلَّهَا ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَقَدْ وُجِدْت الْأَوْلَى ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَةَ تَتَقَيَّدُ بِسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا الثَّانِيَةُ تَكْرَارٌ فَكَانَ أَدَاءُ الثَّانِيَةِ مُعْتَبَرًا فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ الْمَتْرُوكُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدَّمَ السُّجُودَ عَلَى الرُّكُوعِ ؛

لِأَنَّ السُّجُودَ مَحَلُّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ لِتَقْيِيدِ الرَّكْعَةِ ، وَالرَّكْعَةُ بِدُونِ الرُّكُوعِ لَا تَتَحَقَّقُ ، وَكَذَا لَوْ ذَكَرَ سَجْدَةً مِنْ رَكْعَتَيْنِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ قَضَاهُمَا وَيَبْدَأُ بِالْأُولَى مِنْهُمَا ، وَلَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ تَرَكَهَا مِنْ الْأُولَى وَالْأُخْرَى صُلْبِيَّةً تَرَكَهَا مِنْ الثَّانِيَةِ يُرَتِّبُ أَيْضًا وَقَالَ زُفَرُ يَبْدَأُ بِالثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى قُلْنَا : الْقَضَاءُ مُعْتَبَرٌ بِالْأَدَاءِ ، وَلَوْ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً ، وَهُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ خَرَّ لَهَا مِنْ رُكُوعِهِ وَرَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ سُجُودِهِ فَسَجَدَ لَهَا الْأَفْضَلُ أَنْ يُعِيدَ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لِيَكُونَ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَسْنُونَةِ وَهُوَ التَّرْتِيبُ ، وَأَنَّ التَّرْتِيبَ ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يُجْزِيهِ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَالْتُحِقَتْ السَّجْدَةُ بِمَحَلِّهَا فَبَطَلَ مَا أَدَّى مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ وَعِنْدَنَا التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَاحِدَةٌ لَيْسَ بِفَرْضٍ ؛ وَلِهَذَا يَبْدَأُ الْمَسْبُوقُ بِمَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِيهِ وَلَئِنْ كَانَ فَرْضًا فَقَدْ سَقَطَ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ عَلَيْهِ إعَادَةَ الرُّكُوعِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْقَوْمَةَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَرْضٌ ا هـ وَلَوْ تَرَكَ رُكُوعًا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْقَضَاءُ ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَتَيْنِ مِنْ رَكْعَةٍ بِأَنْ قَرَأَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ ، ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ فَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ هَذَا الرُّكُوعُ قَضَاءً عَنْ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْكَعْ لَا يَعْتَدَّ بِالسُّجُودِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ إذْ مَحَلُّهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ ، وَكَذَا إذَا افْتَتَحَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَلَا يَكُونُ هَذَا السُّجُودُ قَضَاءً عَنْ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ

رُكُوعَهُ مُعْتَبَرٌ لِمُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ إلَّا أَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى أَنْ يُقَيِّدَ بِسَجْدَةٍ فَقِيَامُهُ وَقِرَاءَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ لِعَدَمِ مُصَادَفَتِهِ مَحَلَّهُ ، وَسُجُودُهُ بَعْدُ فِي مَحَلِّهِ ، وَكَذَا إذَا قَرَأَ أَوْ رَكَعَ ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَسَجَدَ صَلَّى رَكْعَةً ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ رُكُوعَانِ وَسُجُودُهُ بَعْدَهُ فَيُلْحَقُ بِأَحَدِهِمَا وَيَلْغُو الْآخَرُ فَفِي بَابِ الْحَدَثِ اعْتَبَرَ الْأَوَّلَ وَفِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ اعْتَبَرَ الثَّانِيَ ، وَالْأُولَى هِيَ الصَّحِيحَةُ فَمُدْرِكُهَا مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ ، ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَرَكَعَ وَلَمْ يَسْجُدْ ثُمَّ قَامَ فَقَرَأَ وَلَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ قَائِمًا صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً وَكَذَا إنْ رَكَعَ فِي الْأَوَّلِ فَلَمْ يَسْجُدْ ، ثُمَّ رَكَعَ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يَسْجُدْ وَسَجَدَ فِي الثَّالِثَةِ وَلَمْ يَرْكَعْ فَإِنَّمَا صَلَّى رَكْعَةً وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ وَفِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ زِيَادَةَ السَّجْدَةِ الْوَاحِدَةِ كَزِيَادَةِ الرَّكْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ السَّجْدَةَ الْوَاحِدَةَ قُرْبَةٌ وَهِيَ سَجْدَةُ الشُّكْرِ ، وَعِنْدَهُمَا السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ إلَّا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا زَادَ رَكْعَةً كَامِلَةً ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ صَلَاةً كَامِلَةً فَانْعَقَدَ نَفْلًا فَصَارَ مُنْتَقِلًا إلَيْهَا فَلَا يَبْقَى فِي الْفَرْضِ ضَرُورَةٌ ا هـ مُلَخَّصًا مِنْ الْبَدَائِعِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) جَبْرًا لِلنُّقْصَانِ ، وَهُوَ النُّقْصَانُ الْمُتَمَكِّنُ فِي النَّفْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَسْنُونِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَأَنْ يَجِبَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فِي الْفَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَقَلَ مِنْهُ إلَى النَّفْلِ وَمَنْ سَهَا فِي صَلَاةٍ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هُوَ لِجَبْرِ نُقْصَانٍ تَمَكَّنَ فِي الْفَرْضِ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ وَهُوَ السَّلَامُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْفَرْضِ بَاقِيَةٌ ؛ لِأَنَّهَا اشْتَمَلَتْ عَلَى أَصْلِ الصَّلَاةِ وَوَصْفِهَا وَبِالِانْتِقَالِ إلَى النَّفْلِ انْقَطَعَ الْوَصْفُ لَا غَيْرُ وَبَقِيَتْ التَّحْرِيمَةُ فِي حَقِّ الْجَبْرِ كَمَا بَقِيَتْ فِي حَقِّ الِاقْتِدَاءِ فَصَارَتْ الصَّلَاةُ وَاحِدَةً كَمَنْ صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ تَطَوُّعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَدْ سَهَا فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ شَفْعٍ مِنْ التَّطَوُّعِ صَلَاةً عَلَى حِدَةٍ لَكِنْ كُلُّهَا فِي حَقِّ التَّحْرِيمَةِ صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ وَقَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ : الْأَصَحُّ أَنْ يُجْعَلَ سُجُودُ السَّهْوِ جَابِرًا لِلنُّقْصَانِ الْمُتَمَكِّنِ فِي الْإِحْرَامِ فَيَنْجَبِرُ بِهِ النَّقْصُ الْمُتَمَكِّنُ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ جَمِيعًا وَلَوْ اقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُصَلِّي سِتًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ الْمُؤَدَّى بِهَذِهِ التَّحْرِيمَةِ وَالصَّلَاةُ وَاحِدَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَعِنْدَهُمَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ اسْتَحْكَمَ خُرُوجَهُ عَنْ الْفَرْضِ فَصَارَ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ ، وَلَوْ أَفْسَدَ الْمُقْتَدِي لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ اعْتِبَارًا بِالْإِمَامِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَارَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُقْتَدَى لَصَارَ بِمَنْزِلَةِ اقْتِدَاءِ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَهُمَا يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِعَارِضٍ يَخُصُّ الْإِمَامَ ، وَهُوَ الظَّنُّ فَلَا يَتَعَدَّاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقْعُدْ فِي

الرَّابِعَةِ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُقْتَدِي سِتُّ رَكَعَاتٍ ؛ لِأَنَّ صَلَاتَهُ لَمَّا انْقَلَبَتْ نَفْلًا صَارَتْ التَّحْرِيمَةُ كَأَنَّهَا عُقِدَتْ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ مِنْ النَّفْلِ ابْتِدَاءً وَهُنَا لَمَّا قَعَدَ فِي الرَّابِعَةِ تَمَّ فَرْضُهُ فَصَارَ شَارِعًا فِي النَّفْلِ بِالْقِيَامِ لَهُ فَصَارَ كَتَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ لِانْفِصَالِهِ عَمَّا قَبْلَهُ فَيَلْزَمُهُ رَكْعَتَانِ وَمِمَّا يَتَّصِلُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اقْتِدَاءُ الْبَالِغِ بِالصَّبِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ مِنْ أَهْلِ التَّطَوُّعِ لَكِنْ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى الْمُؤْتَمِّ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الِاقْتِدَاءَ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ اللُّزُومِ فِي الصَّبِيِّ أَصْلِيٌّ بِخِلَافِ الظَّانِّ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِمَامَةِ .قَوْلُهُ اقْتِدَاءُ الْبَالِغِ بِالصَّبِيِّ ) أَيْ فِي التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الْمُطْلَقَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ) أَيْ مَسْأَلَةِ الظَّانِّ فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَمَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَهَذَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِهِمَا وَلَا يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الْمُؤْتَمَّ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ عِنْدَهُ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ فِي شَفْعِ التَّطَوُّعِ ) ( لَمْ يَبْنِ شَفْعًا آخَرَ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَنَى لَبَطَلَ سُجُودُهُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ إذَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ ، ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ حَيْثُ يَبْنِي ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَبْنِ لَبَطَلَ جَمِيعُ صَلَاتِهِ وَمَعَ هَذَا لَوْ بَنَى صَحَّ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ فِي الْمُخْتَارِ ؛ لِأَنَّ مَا أَتَى بِهِ مِنْ السُّجُودِ وَقَعَ وَفِي وَسَطِ الصَّلَاةِ فَلَا يَعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ لَا يُعِيدُ ؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ حَصَلَ بِالْأَوَّلِ ، وَكَذَا الْمُسَافِرُ إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ مَا سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَيَلْزَمُهُ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ وَيُعِيدُ سُجُودَ السَّهْوِ لِمَا ذَكَرْنَا .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ سَلَّمَ السَّاهِي فَاقْتَدَى بِهِ غَيْرُهُ فَإِنْ سَجَدَ صَحَّ وَإِلَّا لَا ) أَيْ لَوْ سَلَّمَ مَنْ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ فَاقْتَدَى بِهِ إنْسَانٌ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ فَإِنْ سَجَدَ الْإِمَامُ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ لَا يَصِحُّ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ وَلِأَنَّ عِنْدَهُمَا سَلَامُ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ أَصْلًا ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ وَجَبَ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي إحْرَامِ الصَّلَاةِ لِيَتَحَقَّقَ الْجَبْرُ وَعِنْدَهُمَا يُخْرِجُهُ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ مُحَلِّلٌ فِي نَفْسِهِ وَإِنَّمَا لَا يُحَلِّلُ هَذَا لِحَاجَتِهِ إلَى أَدَاءِ السُّجُودِ وَلَا يَظْهَرُ الْمَنْعُ عَنْ عَمَلِهِ دُونَ السُّجُودِ إذْ لَا حَاجَةَ لَهُ عَلَى اعْتِبَارِ عَدَمِ الْعَوْدِ إلَى السُّجُودِ ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ بِالسَّلَامِ بَلْ يَتَوَقَّفُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ عَادَ إلَى السُّجُودِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ ، وَإِنْ لَمْ يُعِدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ حِينِ سَلَّمَ ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ يَخْرُجُ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ حِينِ سَلَّمَ وَتَنْقَطِعُ بِهِ التَّحْرِيمَةُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِهِمَا ، وَإِنَّمَا التَّوَقُّفُ فِي عَوْدِ التَّحْرِيمَةِ ثَانِيًا بِمَعْنَى أَنَّهُ إنْ عَادَ إلَى سُجُودِ السَّهْوِ تَعُودُ التَّحْرِيمَةُ وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا أَسْهَلُ لِتَخْرِيجِ الْمَسَائِلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ إذَا بَطَلَتْ لَا تَعُودُ إلَّا بِإِعَادَتِهَا وَلَمْ تُوجَدْ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ ، وَهُوَ الِاقْتِدَاءُ وَفِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِالْقَهْقَهَةِ وَتَغَيُّرِ الْفَرْضِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، ثُمَّ لَا يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ بَلْ يَتْرُكُهُ وَيَقُومُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ لَبَطَلَ سُجُودُهُ لِوُقُوعِهِ فِي وَسَطِ الصَّلَاةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِشَيْءٍ إذَا كَانَ فِي أَدَائِهِ إبْطَالُهُ .

S( قَوْلُهُ وَفِي انْتِقَاضِ الطَّهَارَةِ بِالْقَهْقَهَةِ ) أَيْ فَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُنْتَقَضُ وَعِنْدَهُمَا لَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَتَغَيَّرَ الْفَرْضُ إلَخْ ) يَعْنِي إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَنَوَى الْإِقَامَةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَتَحَوَّلُ فَرْضُهُ إلَى الْأَرْبَعِ عِنْدَهُمَا وَيَسْقُطُ عَنْهُ سُجُودُ السَّهْوِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَتَحَوَّلُ رُبَاعِيَّةً وَيَأْتِي بِسُجُودِ السَّهْوِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ سَلَّمَ لِلْقَطْعِ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِالتَّسْلِيمِ قَطْعَ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ تُغَيِّرُ الْمَشْرُوعَ فَتَلْغُو كَمَا لَوْ نَوَى الظُّهْرَ سِتًّا أَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ الظُّهْرَ أَرْبَعًا بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ وَهُوَ ذَاكِرٌ لِلسَّجْدَةِ الصُّلْبِيَّةِ حَيْثُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يُؤْتَى بِهِ فِي حُرْمَةِ الصَّلَاةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَالصُّلْبِيَّةُ يُؤْتَى بِهَا فِي حَقِيقَتِهَا وَقَدْ بَطَلَتْ بِالسَّلَامِ الْعَمْدِ .قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ إلَخْ ) أَيْ فِي مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ أَوْ يَتَكَلَّمَ وَفِي رِوَايَةٍ قَبْلَ أَنْ يَتَكَلَّمَ أَوْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَهَذِهِ تُفِيدُ أَنَّ الِانْحِرَافَ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُ مَانِعٍ عَنْ السُّجُودِ ا هـ ا ك .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى أَوَّلَ مَرَّةٍ اسْتَأْنَفَ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { : وَإِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى فَلْيَسْتَقْبِلْ الصَّلَاةَ } وَلِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إسْقَاطِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْفَرْضِ بِيَقِينٍ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى أَوْ لَمْ يُصَلِّ وَالْوَقْتُ بَاقٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ لِمَا قُلْنَا فَكَذَا هَذَا وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ أَوَّلَ ، فَقِيلَ أَوَّلَ مَا عُرِضَ لَهُ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّ السَّهْوَ لَمْ يَكُنْ عَادَةً لَا أَنَّهُ لَمْ يَسْهُ قَطُّ ، وَقِيلَ أَوَّلَ سَهْوٍ وَقَعَ لَهُ فِي عُمُرِهِ وَلَمْ يَكُنْ سَهَا فِي صَلَاةٍ قَطُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ ، ثُمَّ الِاسْتِقْبَالُ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِالْخُرُوجِ عَنْ الْأُولَى ، وَذَلِكَ بِالسَّلَامِ أَوْ الْكَلَامِ أَوْ عَمَلٍ آخَرَ مِمَّا يُنَافِي الصَّلَاةَ ، وَالسَّلَامُ قَاعِدًا أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ مُحَلِّلًا شَرْعًا وَمُجَرَّدُ النِّيَّةِ يَلْغُو ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْ الصَّلَاةِ .

( قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي زَادِ الْفَقِيرِ وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ ، وَلَوْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ أَنَّهُ كَمْ صَلَّى ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا عَرَضَ لَهُ مِنْ الشَّكِّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى خِلَافٍ بَيْنَ الْمَشَايِخِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَحَرَّى فَإِنْ لَمْ يَقَعْ تَحَرِّيهِ عَلَى شَيْءٍ أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ ، وَإِنْ وَقَعَ أَخَذَ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ وَإِذَا أَخَذَ بِالْمُتَيَقَّنِ يَقْعُدُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ مَوْضِعُ جُلُوسٍ مِثَالُهُ شَكَّ فِي الظُّهْرِ ، وَهُوَ قَائِمٌ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ يُتِمُّ الرَّكْعَةَ وَيَقْعُدُ ، ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ ثُمَّ يَأْتِي بِأُخْرَى وَيَقْعُدُ وَلَا تَأْثِيرَ لِلشَّكِّ بَعْدَ السَّلَامِ ، وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ التَّشَهُّدِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُتِمُّ صَلَاتَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي الْوُضُوءِ كَأَنْ شَكَّ فِي مَسْحِ رَأْسِهِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرَاغِ يَمْسَحُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ أَنَّهُ نَقَصَ مِنْ صَلَاتِهِ رَكْعَةً وَعِنْدَ الْمُصَلِّي أَنَّهُ أَتَمَّ لَا يَلْتَفِتُ إلَى إخْبَارِهِ وَإِنْ شَكَّ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ فَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُعِيدُ احْتِيَاطًا ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ لَا يُعْتَبَرُ شَكُّهُ وَيَجِبُ الْأَخْذُ بِقَوْلِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخْبِرُ عَدْلَيْنِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْإِمَامُ وَالْمَأْمُومُونَ فَقَالُوا ثَلَاثًا وَقَالَ أَرْبَعًا إنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ لَا يَأْخُذُ بِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا أَخَذَ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْقَوْمُ وَالْإِمَامُ مَعَ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ أَخَذَ بِقَوْلِهِ ، وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَاحِدٌ ، وَلَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ بِالتَّمَامِ وَآخَرُ بِالنُّقْصَانِ وَشَكَّ الْإِمَامُ وَالْقَوْمُ ، لَا إعَادَةَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى مُسْتَيْقِنِ النُّقْصَانَ أَمَّا لَوْ اسْتَيْقَنَ وَاحِدٌ بِالنُّقْصَانِ وَلَمْ يَسْتَيْقِنْ أَحَدٌ بِالتَّمَامِ بَلْ

هُمْ وَاقِفُونَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ أَعَادُوهَا احْتِيَاطًا لِعَدَمِ الْمُعَارَضَةِ هُنَا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهَا وَهَذِهِ الْإِعَادَةُ عَلَى وَجْهِ الْأَوْلَى ا هـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ كَثُرَ تَحَرَّى ) أَيْ إنْ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى وَأَخَذَ بِأَكْبَرِ رَأْيِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ } وَالتَّحَرِّي طَلَبُ الْأَحْرَى وَلِأَنَّهُ يُحْرَجُ بِالْإِعَادَةِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ مُوَسْوِسًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ فَتَعَيَّنَ التَّحَرِّي قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا أَخَذَ بِالْأَقَلِّ ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَأْيٌ بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ شَكَّ فِي صَلَاتِهِ فَلَمْ يَدْرِ أَثَلَاثًا صَلَّى أَمْ أَرْبَعًا بَنَى عَلَى الْأَقَلِّ } ؛ وَلِأَنَّ فِي الْإِعَادَةِ حَرَجًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ انْعَدَمَ التَّرْجِيحُ بِالرَّأْيِ فَتَعَيَّنَ الْبِنَاءُ عَلَى الْيَقِينِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ وَيَقْعُدَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ آخِرُ صَلَاتِهِ كَيْ لَا تَبْطُلَ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْقَعْدَةِ ، مِثَالُهُ لَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا أَمْ أَرْبَعًا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا فَيُتِمُّ بِالْقُعُودِ ثُمَّ زَادَ رَكْعَةً أُخْرَى لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثًا ، وَلَوْ شَكَّ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ لَمْ يُصَلِّ شَيْئًا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا ، ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَقْعُدُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُنَّ مِقْدَارَ التَّشَهُّدِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الِاحْتِمَالِ .

( قَوْلُهُ كَثُرَ شَكُّهُ تَحَرَّى إلَخْ ) وَأَمَّا الشَّكُّ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ ذَكَرَ الْجَصَّاصُ أَنَّهُ يَتَحَرَّى كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا يُؤَدِّي ثَانِيًا ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الرُّكْنِ وَالزِّيَادَةَ عَلَيْهِ لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَزِيَادَةَ الرَّكْعَةِ تُفْسِدُ الصَّلَاةَ فَكَانَ التَّحَرِّي فِي بَابِ الصَّلَاةِ أَحْوَطَ ا هـ مُحِيطُ أَبِي الْقَاسِمِ السَّرَخْسِيِّ ( قَوْلُهُ فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ إلَخْ ) وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ لَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهَذَا عَلَى مَا إذَا وَقَعَ لَهُ غَيْرُ مَرَّةٍ وَلَمْ يَحْصُلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ تَرْكَ الْعَمَلِ بِأَحَدِهِمَا فَافْهَمْ ا هـ عَيْنِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( تَوَهَّمَ مُصَلِّي الظُّهْرَ أَنَّهُ أَتَمَّهَا فَسَلَّمَ ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَتَمَّهَا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ ) أَيْ أَتَمَّ الظُّهْرَ أَرْبَعًا وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَلِأَنَّ السَّلَامَ سَاهِيًا لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُ لِكَوْنِهِ دُعَاءً مِنْ وَجْهٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ ، وَعَلَى ظَنِّ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ كَانَ قَرِيبَ الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ فَظَنَّ أَنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ رَكْعَتَانِ أَوْ كَانَ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ حَيْثُ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ عَامِدًا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - .

( بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْقِيَامُ أَوْ خَافَ زِيَادَةَ الْمَرَضِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ ) ، وَكَذَا إذَا خَافَ إبْطَاءَ الْبُرْءِ بِالْقِيَامِ أَوْ دَوَرَانِ الرَّأْسِ أَوْ كَانَ يَجِدُ لِلْقِيَامِ أَلَمًا شَدِيدًا يُصَلِّي قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ { لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِك } وَلِأَنَّ فِي الْقِيَامِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ حَرَجًا بَيِّنًا وَهُوَ مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا قَالَ الْحَلْوَانِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُصَلِّي قَائِمًا مُتَّكِئًا وَلَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَكَذَا لَوْ قَدَرَ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَصًا أَوْ عَلَى خَادِمٍ لَهُ فَإِنَّهُ يَقُومُ وَيَتَّكِئُ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا قُدْرَتُهُ عَلَى الْوُضُوءِ بِغَيْرِهِ كَقُدْرَتِهِ بِنَفْسِهِ ، وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى التَّكْبِيرِ قَائِمًا أَوْ عَلَى التَّكْبِيرِ وَبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ وَيَأْتِي بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقْعُدُ إذَا عَجَزَ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ .

( بَابُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ) ذَكَرَهَا عَقِيبَ سُجُودِ السَّهْوِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ أَكْثَرُ وُقُوعًا وَأَعَمُّ مَوْقِعًا ؛ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ صَلَاةَ الْمَرِيضِ وَالصَّحِيحِ فَقَدَّمَهُ لِشِدَّةِ مِسَاسِ الْحَاجَةِ إلَى بَيَانِهِ وَإِمَّا ؛ لِأَنَّ السَّهْوَ تَقْصِيرٌ وَلَهُ جَبْرٌ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَأَتْبَعَهُ صَلَاةَ الْمَرِيضِ ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ مَعَ قُصُورٍ شُرِعَتْ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَذَا فِي الدِّرَايَةِ وَفِي الْغَايَةِ وَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى فَاعِلِهِ كَدَقِّ الْقَصَّارِ أَوْ إلَى مَحَلِّهِ وَأَنَّهُ سَائِغٌ كَقَوْلِهِمْ : جُرْحُ زَيْدٍ لَا يَنْدَمِلُ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ بَدْرُ الدِّينِ قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الصَّلَاةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْمَرِيضِ فَالْمَرِيضُ فَاعِلُهَا وَمُوجِدُهَا أَمَّا قَوْلُهُمْ جُرْحُ زَيْدٍ لَا يَنْدَمِلُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ زَيْدًا مَجْرُوحٌ فَلَا يَكُونُ نَظِيرُ صَلَاةِ الْمَرِيضِ ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ ا هـ ( قَوْلُهُ أَلَمًا شَدِيدًا إلَى آخِرِهِ ) فَإِنْ لَحِقَهُ نَوْعُ مَشَقَّةٍ لَمْ يَجُزْ تَرْكُ الْقِيَامِ بِسَبَبِهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ { كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا إلَى آخِرِهِ } ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى لِابْنِ تَيْمِيَّةَ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَسَبْطُ بْنُ الْجَوْزِيِّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَزَادَ النَّسَائِيّ { فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَلَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِ الْقِيَامِ دُونَ تَمَامِهِ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ يُؤْمَرُ أَنْ يَقُومَ مِقْدَارَ مَا يَقْدِرُ فَإِنْ عَجَزَ قَعَدَ حَتَّى لَوْ قَدَرَ أَنْ يُكَبِّرَ

قَائِمًا وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقِيَامِ لِلْقِرَاءَةِ أَوْ يَقْدِرَ لِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ دُونَ تَمَامِهَا لَزِمَهُ الْقِيَامُ فِيمَا يَقْدِرُ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ فِي التَّكْبِيرِ وَفِي قَاضِي خَانْ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ خِفْت أَنْ لَا تُجْزِيَهُ صَلَاتُهُ وَيَقْعُدُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ أَخَذَ الْحَلْوَانِيُّ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ أَبُو جَعْفَرٍ أَيْ الْهِنْدُوَانِيُّ ا هـ زَاهِدِيٌّ وَقَوْلُهُ خِفْت أَنْ لَا تُجْزِيَهُ قَالَ الزَّاهِدِيُّ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا يُرْوَى عَنْ أَصْحَابِنَا خِلَافُهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ مُومِيًا إنْ تَعَذَّرَ ) أَيْ يُصَلِّي مُومِيًا ، وَهُوَ قَاعِدٌ إنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا إنْ اسْتَطَاعَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَسْجُدَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ } الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ الطَّاعَةَ تَجِبُ بِحَسَبِ الطَّاقَةِ فَلَا يُكَلَّفُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ ) أَيْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ الْإِيمَاءَ قَائِمٌ مَقَامَهُمَا فَيَأْخُذُ حُكْمَهُمَا .

( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ } إلَى آخِرِهِ ) تَمَامُهُ { فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُصَلَّى عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ صَلَّى مُسْتَلْقِيًا رِجْلَاهُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ النَّوَوِيُّ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى كَيْفِيَّةُ الِانْحِنَاءِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مُشْتَبَهٌ عَلَيَّ فِي أَنَّهُ يَكْفِي بَعْضُ الِانْحِنَاء أَمْ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ فَظَفِرْت عَلَى الرِّوَايَةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ إذَا خَفَضَ رَأْسَهُ لِلرُّكُوعِ شَيْئًا ، ثُمَّ لِلسُّجُودِ جَازَ ، وَلَوْ وَضَعَ بَيْنَ يَدَيْهِ وِسَادَةً فَأَلْصَقَ جَبْهَتَهُ فَإِنْ وَجَدَ أَدْنَى الِانْحِنَاء جَازَ وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا فِي التُّحْفَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ لَوْ كَانَتْ الْوِسَادَةُ عَلَى الْأَرْضِ وَسَجَدَ عَلَيْهَا جَازَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ فَعَلَتْ هَكَذَا وَلَمْ يَمْنَعْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إذَا كَانَ بِجَبْهَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ عُذْرٌ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا يَلْزَمُهُ تَقْرِيبُ الْجَبْهَةِ إلَى الْأَرْضِ بِأَقْصَى مَا يُمْكِنُهُ ، وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ ا هـ ( مَسْأَلَةٌ ) ذَكَرَهَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا إذَا كَانَ فِي جَبْهَتِهِ جُرْحٌ لَا يَسْتَطِيعُ السُّجُودَ عَلَيْهَا لَا يُجْزِيهِ الْإِيمَاءُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَى أَنْفِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْضَاءِ السُّجُودِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَرْفَعُ إلَى وَجْهِهِ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ فَاسْجُدْ ؛ وَإِلَّا فَأَوْمِ بِرَأْسِك } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ فَعَلَ ) أَيْ رَفَعَ شَيْئًا يَسْجُدُ عَلَيْهِ ( وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ ) لِوُجُودِ الْإِيمَاءِ وَقِيلَ : هُوَ سُجُودٌ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ : لَوْ كَانَ الشَّيْءُ الْمَوْضُوعُ بِحَالٍ لَوْ سَجَدَ عَلَيْهِ الصَّحِيحُ تَجُوزُ جَازَ لِلْمَرِيضِ عَلَى أَنَّهُ سُجُودٌ ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِلصَّحِيحِ أَنْ يَسْجُدَ عَلَيْهِ فَهُوَ إيمَاءٌ فَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا لَا ) ، وَإِنْ لَمْ يَخْفِضْ رَأْسَهُ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْإِيمَاءِ وَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ مُسْتَوِيًا وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ مُتَّكِئًا أَوْ مُسْتَنِدًا إلَى حَائِطٍ أَوْ إنْسَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُضْطَجِعًا عَلَى الْمُخْتَارِ .

( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنْ قَدَرْت أَنْ تَسْجُدَ عَلَى الْأَرْضِ } إلَى آخِرِهِ ) هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ فِي الْفَتْحِ رَوَى الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْحَنَفِيِّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ مَرِيضًا فَرَآهُ يُصَلِّي عَلَى وِسَادَةٍ فَأَخَذَهَا فَرَمَى بِهَا فَأَخَذَ عُودًا لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَأَخَذَهُ فَرَمَى بِهِ وَقَالَ صَلِّ عَلَى الْأَرْضِ إنْ اسْتَطَعْت وَإِلَّا فَأَوْمِ إيمَاءً وَاجْعَلْ سُجُودَك أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِكَ } قَالَ الْبَزَّارُ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ إلَّا أَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَعَطَاءٌ عَنْ الثَّوْرِيِّ ا هـ وَأَبُو بَكْرٍ الْحَنَفِيُّ ثِقَةٌ وَرُوِيَ نَحْوُهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ يَخْفِضُ رَأْسَهُ صَحَّ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْأَصْلِ يُكْرَهُ لِلْمُومِي أَنْ يَرْفَعَ عُودًا أَوْ وِسَادَةً يَسْجُدُ عَلَيْهَا وَفِي الْيَنَابِيعِ يَكُونُ مُسِيئًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ هُوَ سُجُودٌ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ يُعَدُّ هَذَا سُجُودًا أَوْ إيمَاءً قِيلَ : هُوَ إيمَاءٌ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَفِي الْمَبْسُوطِ جَازَتْ صَلَاتُهُ بِالْإِيمَاءِ لَا بِوَضْعِ الرَّأْسِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ الْقُعُودُ أَوْمَأَ مُسْتَلْقِيًا أَوْ عَلَى جَنْبِهِ ) وَالِاسْتِلْقَاءُ أَنْ يُلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ وَيُجْعَلَ رِجْلَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَتَحْتَ رَأْسِهِ مِخَدَّةٌ لِيَرْتَفِعَ فَيَصِيرُ شِبْهَ الْقَاعِدِ وَيَصِيرُ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ لَا إلَى السَّمَاءِ ، وَهُوَ أَفْضَلُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ } وَلِأَنَّ إشَارَةَ الْمُسْتَلْقِي تَقَعُ إلَى هَوَاءِ الْكَعْبَةِ وَهُوَ قِبْلَةٌ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ وَإِشَارَةُ الْمُضْطَجِعِ عَلَى الْجَنْبِ إلَى جَانِبِ قَدَمَيْهِ وَبِهِ لَا تَتَأَدَّى الصَّلَاةُ إذْ هُوَ لَيْسَ بِقِبْلَةٍ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُومِي عَلَى الْجَنْبِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ وَلَنَا مَا بَيَّنَّا ، وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { عَلَى جَنْبِك } أَيْ سَاقِطًا ؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ يُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهِ السُّقُوطَ يُقَالُ بَقِيَ فُلَانٌ شَهْرًا عَلَى جَنْبِهِ إذَا طَالَ مَرَضُهُ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَلْقِيًا ؛ وَلِأَنَّ الْمَرَضَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَإِذَا زَالَ فَقَعَدَ أَوْ قَامَ كَانَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْجَنْبِ وَقِيلَ : كَانَ عِمْرَانُ يَمْنَعُهُ مَرَضُهُ مِنْ الِاسْتِلْقَاءِ ؛ وَلِذَلِكَ أُمِرَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى الْجَنْبِ .

قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى قَفَاهُ ) تَمَامُ الْحَدِيثِ { يُومِئُ إيمَاءً فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ مِنْهُ } ا هـ هِدَايَةٌ قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَوَى أَصْحَابُنَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ { يُصَلِّي الْمَرِيضُ } وَسَاقَ الْحَدِيثَ إلَى آخِرِهِ وَلَمْ يُخَرِّجْهُ مَعَ أَنَّ دَأْبَهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّهُ غَرِيبٌ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - ( قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُومِئُ عَلَى الْجَنْبِ ) أَيْ الْأَيْمَنِ وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ بِوَجْهِهِ وَمُقَدَّمِ بَدَنِهِ كَالْمَيِّتِ فِي لَحْدِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْجَنْبَ يَذْكُرُ وَيُرَادُ بِهِ السُّقُوطُ إلَخْ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا أُخِّرَتْ ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ أُخِّرَتْ الصَّلَاةُ ( وَلَمْ يُومِئْ بِعَيْنَيْهِ وَقَلْبِهِ وَحَاجِبَيْهِ ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ : يُومِئُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ نَقُولُ : نَصْبُ الْأَبْدَالِ بِالرَّأْيِ مُمْتَنِعٌ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَأَدَّى بِهِ رُكْنُ الصَّلَاةِ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَقَوْلُهُ : وَإِلَّا أُخِّرَتْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ ، وَهَذَا إذَا كَانَ قَلِيلًا دُونَ سِتِّ صَلَوَاتٍ فَظَاهِرٌ ، وَكَذَا إذَا كَانَ كَثِيرًا وَكَانَ مُفِيقًا يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فِي رِوَايَةٍ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ هُوَ الصَّحِيحُ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَسْقُطُ عَنْهُ إذَا كَثُرَ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إذَا كَثُرَ ، وَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَضْمُونَ الْخِطَابِ فِي الْأَصَحِّ فَجَعَلَهُ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ عَلَيْهِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ وَرِجْلَاهُ مِنْ السَّاقَيْنِ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ فَثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْعَقْلِ لَا يَكْفِي لِتَوَجُّهِ الْخِطَابِ ذَكَرَهُ مُسْتَشْهِدًا بِهِ ( قَالَ الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ ) لَا دَلِيلَ فِيمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ عَلَى سُقُوطِ الْقَضَاءِ ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ الْعَجْزَ مُتَّصِلٌ بِالْمَوْتِ ، وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا صَحَّ الْمَرِيضُ حَتَّى لَوْ مَاتَ الْمَرِيضُ أَيْضًا مِنْ ذَلِكَ الْوَجَعِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الصَّلَاةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ الْإِيصَاءُ بِهِ ، وَإِنْ قُلْت فَصَارَ كَالْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ إذَا أَفْطَرَا فِي رَمَضَانَ وَمَاتَا قَبْلَ الْإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ .

( قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ إلَى آخِرِهِ ) يُومِئُ بِحَاجِبَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِعَيْنِهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ لِوُجُودِ فَهْمِ الْخِطَابِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ وَصَلَاحِيَّةِ الذِّمَّةِ ، وَهُوَ وُسْعُ مِثْلِهِ وَقَالَ الْحَسَنُ بِحَاجِبَيْهِ وَقَلْبِهِ ؛ لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ فَإِنْ عَجَزَ فَبِقَلْبِهِ ؛ لِأَنَّهُ وُسْعُ مِثْلِهِ وَلِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْقُعُودَ أَوْمَأَ وَجَعَلَ سُجُودَهُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَوْمَأَ بِطَرَفِهِ } وَيُعِيدُ إذَا صَحَّ فِي قَوْلِ الْكُلِّ ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَعِنْدَ زُفَرَ يُومِئُ بِحَاجِبَيْهِ وَعَيْنَيْهِ وَإِذَا صَحَّ أَعَادَ وَفِي التُّحْفَةِ وَالْقُنْيَةِ عَنْ الْحَسَنِ يُومِئُ بِقَلْبِهِ وَحَاجِبَيْهِ وَيُعِيدُ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ) وَفِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْحَاوِي عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ الْإِيمَاءَ بِالْقَلْبِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَلَسْت أَحْفَظُ قَوْلَهُ فِي الْإِيمَاءِ بِالْعَيْنَيْنِ وَالْحَاجِبَيْنِ ا هـ وَفِي الدِّرَايَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُومِئُ بِعَيْنَيْهِ عِنْدَ عَجْزِهِ وَلَا يُومِئُ بِقَلْبِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ دُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ ) وَلَئِنْ قَالَ يَتَأَدَّى بِالْقَلْبِ فَرْضُ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ النِّيَّةُ قُلْنَا هِيَ شَرْطٌ وَالسَّجْدَةُ رُكْنٌ فَلَا يَنْقَاسَانِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ دُونَ سِتِّ صَلَوَاتٍ ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ) ، وَكَذَا قَالَ فِي الْمَنَافِعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَسْقُطُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَاخْتَارَهُ السَّرَخْسِيُّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ إلَخْ ) وَفِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرَّاوِيَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ كَاكِيٌّ فَعَلَى هَذَا

مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ } أَيْ عُذْرِ السُّقُوطِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ لِوُجُودِ فَهْمِ الْخِطَابِ وَسَبَبِ الْوُجُوبِ وَصَلَاحِيَّةِ الذِّمَّةِ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ فَقَالَ هُوَ الصَّحِيحُ فَعَلَى هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَحَقُّ بِقَبُولِ الْعُذْرِ } أَيْ عُذْرِ التَّأْخِيرِ وَفِي مَسْأَلَةِ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ فِي ظَاهِرِ الرَّاوِيَةِ تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَيَجِبُ فِي الْوُضُوءِ غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ كَذَا فِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ ا هـ مِعْرَاجُ الدِّرَايَةِ ( قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ فِي الْمُحِيطِ ) وَمُنْيَةِ الْمُفْتِي ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ قَاضِي خَانْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ مِنْ الْمِرْفَقَيْنِ إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْكَرْخِيِّ أَنَّ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ وَلَا يَتَيَمَّمُ وَلَا يُعِيدُ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ ا هـ ظَهِيرِيَّةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ أَوْمَأَ قَاعِدًا ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ يُصَلِّي قَائِمًا بِالْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ رُكْنٌ فَلَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ عَنْ أَدَاءِ رُكْنٍ آخَرَ وَلَنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، وَالْقِيَامُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَجِبُ بِدُونِهِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ التَّوَاضُعَ يُوجَدُ فِي الرُّكُوعِ وَنِهَايَتُهُ تُوجَدُ فِي السُّجُودِ ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَكْفُرُ وَالْقِيَامُ وَسِيلَةٌ إلَى السُّجُودِ فَصَارَ تَبَعًا لَهُ فَسَقَطَ بِسُقُوطِهِ ؛ وَلِهَذَا شُرِعَ السُّجُودُ بِدُونِ الْقِيَامِ كَسَجْدَةِ التِّلَاوَةِ وَلَمْ يُشْرَعْ الْقِيَامُ بِدُونِ السُّجُودِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَقَّبْهُ السُّجُودُ لَا يَكُونُ رُكْنًا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْإِيمَاءِ قَاعِدًا وَبَيْنَ الْإِيمَاءِ قَائِمًا ، وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا إلَّا أَنَّهُ أَشْبَهُ بِالسُّجُودِ لِكَوْنِ رَأْسِهِ فِيهِ أَخْفَضَ وَأَقْرَبَ إلَى الْأَرْضِ ، وَهُوَ الْمَقْصُود وَقَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ يُومِئُ لِلرُّكُوعِ قَائِمًا وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ لَا الْقِيَامُ أَوْمَأَ قَاعِدًا ) قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ الْمُصَلِّي قَاعِدًا تَطَوُّعًا أَوْ فَرِيضَةً بِعُذْرٍ كَيْفَ يَقْعُدُ ؟ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ إجْمَاعًا أَمَّا فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ شَاءَ قَعَدَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ ، وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ مُحْتَبِيًا ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ عَنْهُ الرُّكْنُ لِلتَّخْفِيفِ فَالتَّخْفِيفُ فِي هَيْئَةِ الْقُعُودِ أَوْلَى ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ وَالْمُفِيدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ يَقْعُدُ كَيْفَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ قُلْت : وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْإِقْعَاءُ الْمَكْرُوهُ وَمَدُّ الرِّجْلَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَحْتَبِي وَعَنْهُ يَتَرَبَّعُ ، وَفِي الْمُفِيدِ عَنْهُ يَتَرَبَّعُ فِي الِابْتِدَاءِ فَإِذَا رَكَعَ افْتَرَشَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَجَلَسَ عَلَيْهَا وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ وَعِنْدَ زُفَرَ يَفْتَرِشُ فِي الصَّلَاةِ كُلِّهَا قَالَ أَبُو اللَّيْثِ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ زُفَرَ ؛ لِأَنَّهُ مَعْهُودٌ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّخْيِيرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ قَالَ فِي الْمُفِيدِ وَالتُّحْفَةِ وَالْقُنْيَةِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ الْإِيمَاءُ بَعْضُ السُّجُودِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ وَلَا خَلَفٍ عَنْهُ هَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْحَوَاشِي وَخَيْرُ مَطْلُوبٍ ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَالْإِيمَاءُ بِالسُّجُودِ لَيْسَ مِنْ السُّجُودِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ السُّجُودِ لَوَجَبَ اسْتِيفَاءُ الْقِرَاءَةِ ا هـ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ رُكْنُ الدِّينِ الصَّيَّادِيُّ أَنَّ بِكْرًا لَوْ حَشَتْ فَرْجَهَا تَذْهَبُ عُذْرَتُهَا ، وَإِنْ لَمْ تَحْشُ يَسِيلُ مِنْهُ الدَّمُ قَالَ تُصَلِّي مَعَ الدَّمِ ؛ لِأَنَّ ذَهَابَ عُذْرَتِهَا ذَهَابُ جُزْءٍ مِنْهَا رَجُلٌ بِهِ وَجَعُ السِّنِّ إنْ أَمْسَكَ فِي فَمِهِ مَاءً بَارِدًا أَوْ دَوَاءً بَيْنَ أَسْنَانِهِ يَسْكُنُ وَقَدْ ضَاقَ الْوَقْتُ يَقْتَدِي بِغَيْرِهِ فَإِنْ

لَمْ يَجِدْ يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ ، وَكَذَا فِي تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ لَوْ كَبَّرَ يَسِيلُ جُرْحُهُ يَشْرَعُ فِيهَا بِغَيْرِ تَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ ، وَكَذَا مَنْ يَلْحَنُ فِي قِرَاءَتِهِ لَحْنًا مُفْسِدًا يُصَلِّي بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ كَالْأُمِّيِّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يُشْرَعُ الْقِيَامُ بِدُونِ السُّجُودِ إلَى آخِرِهِ ) لَا يُقَالُ يَرِدُ عَلَيْكُمْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَمْ يَلْزَمْ ثَمَّةَ سُقُوطُ الْقِيَامِ بِسَبَبِ سُقُوطِ السُّجُودِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ لَيْسَتْ بِصَلَاةٍ حَقِيقَةً بَلْ هِيَ دُعَاءٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ هُوَ الْإِيمَاءُ قَاعِدًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْمُجْتَبَى وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا يَجُوزُ ، وَلَوْ أَوْمَأَ بِالسُّجُودِ قَائِمًا لَا يَجُوزُ قُلْت ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقْيَسُ كَمَا لَوْ أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ جَالِسًا لَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَاهُنَا أَقْوَالًا لَا يَجُوزُ الْإِيمَاءُ بِهِمَا إلَّا قَائِمًا وَبِهِ قَالَ زُفَرُ يَجُوزُ الْإِيمَاءُ بِهِمَا قَائِمًا إنْ شَاءَ أَوْ قَاعِدًا إنْ شَاءَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ قَائِمًا بِالسُّجُودِ جَالِسًا لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِلسُّجُودِ قَاعِدًا ) أَيْ اعْتِبَارًا لِأَصْلِهِمَا ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ مَرِضَ فِي صَلَاتِهِ يُتِمُّ بِمَا قَدَرَ ) مَعْنَاهُ صَحِيحٌ شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ قَائِمًا فَحَدَثَ بِهِ مَرَضٌ يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِيَامِ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُومِيًا قَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَمُضْطَجِعًا ؛ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَدْنَى عَلَى الْأَعْلَى فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا صَارَ إلَى الْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ بِدُونِهِمَا وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ أَدَاءَ بَعْضِ صَلَاتِهِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ وَبَعْضِهَا بِالْإِيمَاءِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُؤَدِّيَ الْكُلَّ بِالْإِيمَاءِ( قَوْلُهُ فَصَارَ كَالِاقْتِدَاءِ ) أَيْ صَارَ بِنَاءُ الْمَرِيضِ عَلَى أَوَّلِ صَلَاتِهِ كَالِاقْتِدَاءِ أَيْ يَجُوزُ هَذَا كَمَا يَجُوزُ ذَاكَ إذْ يَصِحُّ اقْتِدَاءُ الْقَاعِدِ بِالْقَائِمِ وَالْمُومِئِ بِالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَتَهُ انْعَقَدَتْ مُوجِبَةً لِلرُّكُوعِ إلَى آخِرِهِ ) قُلْنَا لَا بَلْ لِلْمَقْدُورِ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ إذْ ذَاكَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَلَزِمَا فَإِذَا صَارَ الْمَقْدُورُ الْإِيمَاءَ لَزِمَ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَصَحَّ بَنَى ) أَيْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ قَاعِدًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ فَصَحَّ بَنَى ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ .( قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاقْتِدَاءِ ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاءُ الْقَائِمِ بِالْقَاعِدِ وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ كَانَ مُومِيًا لَا ) أَيْ لَوْ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ مُومِيًا فَصَحَّ حَتَّى قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لَا يَبْنِي وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ لِلرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ عِنْدَهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِمَامَةِ ، وَلَوْ كَانَ يُومِئُ مُضْطَجِعًا ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ اسْتَأْنَفَ عَلَى الْمُخْتَارِ ؛ لِأَنَّ حَالَةَ الْقُعُودِ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الضَّعِيفِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ افْتَتَحَهَا بِالْإِيمَاءِ ثُمَّ قَدَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْإِيمَاءِ جَازَ لَهُ أَنْ يُتِمَّهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .

( قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْإِمَامَةِ إلَى آخِرِهِ ) الذَّاكِرُ لِخِلَافِ زُفَرَ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ لَا هَذَا الشَّارِحُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ ) أَيْ فِي بَابِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَمُومِئٌ بِمِثْلِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِالْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَحْرِيمَةٍ فَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَخْ ) مَعْنَاهُ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَيَسْجُدَ بِالْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُؤَدِّ رُكْنًا بِالْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ تَحْرِيمَةٍ فَلَا يَكُونُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ ا هـ مِنْ خَطّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْمُفِيدِ أَصْلُهُ أَنَّ الْمُنْفَرِدَ يَبْنِي آخِرَ صَلَاتِهِ عَلَى أَوَّلِهَا كَمَا أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَبْنِي صَلَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ إمَامِهِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الِاقْتِدَاءُ ثَمَّةَ جَازَ الْبِنَاءُ هُنَا وَمَا لَا فَلَا ، وَفِي الْحَوَاشِي لَا يَلْزَمُ بِنَاءُ الرَّاكِبِ عَلَى الْإِيمَاءِ إذَا نَزَلَ ؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا تَقْدِيرًا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ الْمُومِئِ ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُمَا فَيَكُونُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ مَعْدُومَيْنِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْمَعْدُومِ مُحَالٌ ا هـ غَايَةٌ { فُرُوعٌ } مِنْ الدِّرَايَةِ عَبْدٌ مَرِيضٌ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَوَضَّأَ يَجِبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَنْ يُوَضِّئَهُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ الْمَرِيضَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُوَضِّئَهَا مَرِيضٌ إنْ صَامَ فِي رَمَضَانَ صَلَّى قَاعِدًا وَإِنْ أَفْطَرَ صَلَّى قَائِمًا يُصَلِّي قَاعِدًا مَرِيضٌ تَحْتَهُ ثِيَابٌ نَجِسَةٌ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُبْسَطُ تَحْتَهُ شَيْءٌ إلَّا وَيَتَنَجَّسُ مِنْ سَاعَتِهِ يُصَلِّي عَلَى حَالِهِ ، وَكَذَا إنْ لَمْ

يَتَنَجَّسْ وَلَكِنْ يَزْدَادُ مَرَضُهُ وَيَلْحَقُهُ بِالتَّحْوِيلِ مَشَقَّةٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ أَعْيَا ) أَيْ إنْ تَعِبَ ؛ لِأَنَّهُ عُذْرٌ وَكَذَا لَهُ أَنْ يَقْعُدَ إنْ أَعْيَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ إلَّا إذَا عَجَزَ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ بِغَيْرِ عُذْرٍ ؛ لِأَنَّهُ إسَاءَةٌ فِي الْأَدَبِ وَقِيلَ : لَا يُكْرَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَيَجُوزُ الِاتِّكَاءُ بِلَا كَرَاهَةٍ ؛ لِأَنَّهُ فَوْقَهُ ؛ وَلِهَذَا إذَا قَدَرَ الْمَرِيضُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَّكِئًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْقُعُودُ وَيُكْرَهُ عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقُعُودُ عِنْدَهُمَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ وَقِيلَ : لَا يُكْرَهُ الْقُعُودُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ فَكَذَا لَا يُكْرَهُ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَ الِافْتِتَاحِ ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ أَنَّ الِاتِّكَاءَ يُكْرَهُ وَالْقُعُودَ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَشْرُوعٌ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَالْإِتْكَاءُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ ابْتِدَاءً ؛ وَلِهَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ التَّطَوُّعَ مُتَّكِئًا وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يَفْتَتِحَ قَاعِدًا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِلْمُتَطَوِّعِ أَنْ يَتَّكِئَ عَلَى شَيْءٍ إنْ أَعْيَا ) ، وَفِي الصِّحَاحِ الْإِعْيَاءُ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ يُقَالُ أَعْيَا الرَّجُلُ فِي الْمَشْيِ إذَا تَعِبَ وَأَعْيَاهُ اللَّهُ كِلَاهُمَا بِالْأَلِفِ وَالْمُرَادُ هُنَا اللَّازِمُ ا هـ دِرَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَيُكْرَهُ الِاتِّكَاءُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ قِيَامٌ فِيهِ قُصُورٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا يُكْرَهُ الْقُعُودُ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ إلَى آخِره ) ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالْمُجْتَبَى لَوْ تَكَلَّفَ الْمَرِيضُ الْخُرُوجَ إلَى الْجَمَاعَةِ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ قِيلَ لَا يَخْرُجُ مَخَافَةَ فَوْتِ الرُّكْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْرُجُ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْقُدْرَةُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا } الْآيَةَ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَجَابِرٌ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الصَّلَاةِ أَيْ قِيَامًا أَيْ إنْ قَدَرُوا وَقُعُودًا إنْ عَجَزُوا عَنْهُ ، وَعَلَى جَنُوبِهِمْ إنْ عَجَزُوا عَنْ الْقُعُودِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ { صَلِّ قَائِمًا } الْحَدِيثَ ا هـ دِرَايَةٌ ، وَفِي الْغَايَةِ ، وَلَوْ كَانَ يُطِيقُ الْقِيَامَ إذَا صَلَّى وَحْدَهُ وَلَا يُطِيقُهُ مَعَ الْإِمَامِ يُصَلِّي وَحْدَهُ عِنْدَنَا ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ فَرْضٌ وَالْجَمَاعَةُ سُنَّةٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَقِيلَ يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ قَاعِدًا ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عِنْدَهُ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ ا هـ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ هَذَا بِأَوْرَاقٍ مَا نَصُّهُ : وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لِعَجْزٍ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ ، وَإِنْ قَاعِدًا يَقْدِرُ عَلَيْهَا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقْعُدُ ا هـ فَهَذَا مُشْكَلٌ عَلَى تَعْلِيلِهِ السَّابِقِ فَلْيُتَأَمَّلْ ا هـ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْبَزْدَوِيُّ ) أَيْ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ) فِي الصَّحِيحِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ

مَشْرُوعٌ ابْتِدَاءً ) إذْ { صَلَاةُ الْقَاعِدَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ } كَمَا وَرَدَ الْحَدِيثُ بِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّ ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا لَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ عُذْرٍ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ ، وَلَهُ أَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ دَوَرَانُ الرَّأْسِ ، وَهُوَ كَالْمُتَحَقِّقِ لَكِنَّ الْقِيَامَ أَفْضَلُ ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ شُبْهَةِ الْخِلَافِ ، وَالْخُرُوجُ أَفْضَلُ إنْ أَمْكَنَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَسْكَنُ لِقَلْبِهِ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى الشَّطِّ كَالشَّطِّ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَكَذَا إذَا كَانَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ ، وَإِنْ كَانَ مَرْبُوطًا فِي الْبَحْرِ وَهُوَ يَضْطَرِبُ اضْطِرَابًا شَدِيدًا فَهُوَ كَالسَّائِرِ ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرُ فَهُوَ كَالْوَاقِفِ وَفِي الْإِيضَاحِ فَإِنْ كَانَتْ مَرْبُوطَةً يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ فِيهَا ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَسْتَقِرَّ عَلَى الْأَرْضِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَرْبُوطَةٍ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِرَةً ؛ لِأَنَّ سَيْرَهَا غَيْرُ مُضَافٍ إلَيْهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى فِي فُلْكٍ قَاعِدًا بِلَا عُذْرٍ صَحَّ ) أَيْ وَيَدُورُ إلَى الْقِبْلَةِ كَيْفَمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ لِلتَّعَذُّرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْتَمَّ رَجُلٌ مِنْ السَّفِينَةِ بِإِمَامٍ فِي سَفِينَةٍ أُخْرَى إلَّا أَنْ تَكُونَا مَقْرُونَتَيْنِ مَرْبُوطَتَيْنِ ، وَكَذَا لَوْ اقْتَدَى مَنْ عَلَى الْبَرِّ بِإِمَامٍ فِي السَّفِينَةِ لَمْ يَجُزْ اقْتِدَاؤُهُ إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ أَوْ طَائِفَةٌ مِنْ النَّهْرِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَيَنْبَغِي لِلْمُصَلِّي فِيهَا أَنْ يَتَوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ كَيْفَمَا دَارَتْ السَّفِينَةُ ؛ لِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَى الْقِبْلَةِ فِيهَا فَرْضٌ بِالنَّصِّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ ، وَهَذَا قَادِرٌ بِخِلَافِ رَاكِبِ الدَّابَّةِ ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ اسْتِقْبَالِهَا حَتَّى أَنَّ الرَّاكِبَ يَسِيرُ نَحْوَ الْقِبْلَةِ فَأَعْرَضَ عَنْ الْقِبْلَةِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ إلَى آخِرِهِ ) قَيَّدَ بِقَوْلِهِ قَاعِدًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَلَّى مُسَافِرٌ فِيهَا بِالْإِيمَاءِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ كَانَتْ مَكْتُوبَةً أَوْ نَافِلَةً ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَ فِيهَا فَلَا يُعْذَرُ وَالْإِيمَاءُ شُرِعَ عِنْدَ الْعَجْزِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْمَرْبُوطُ عَلَى الشَّطِّ كَالشَّطِّ هُوَ الصَّحِيحُ ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ إنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الدَّابَّةِ ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَقَرَّتْ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ كَالسَّرِيرِ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ قَضَى ، وَلَوْ أَكْثَرَ لَا ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَقْضِي إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقْتَ صَلَاةٍ كَامِلًا ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَنْبَنِي عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِخِلَافِ النَّوْمِ ؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلَنَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ فَقَضَاهُنَّ وَابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ فَلَمْ يَقْضِ وَلِأَنَّ الْمُدَّةَ إذَا قَصُرَتْ لَا يُحْرَجُ فِي الْقَضَاءِ فَيَجِبُ كَالنَّائِمِ ، وَإِذَا طَالَتْ يُحْرَجُ فَيَسْقُطُ كَالْحَائِضِ وَالْجُنُونُ كَالْأَغْمَاءِ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو سُلَيْمَانَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ الْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ الْأَوْقَاتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَسْقُطُ الْقَضَاءُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ سِتَّ صَلَوَاتٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ بِالدُّخُولِ فِي حَدِّ التَّكْرَارِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الزَّوَالِ فَأَفَاقَ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ اسْتَوْعَبَ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجِبُ إذَا أَفَاقَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الظُّهْرِ ؛ لِأَنَّ التَّكْرَارَ بِاسْتِيعَابِ سِتَّةِ أَوْقَاتٍ وَلَمْ يُوجَدْ ، وَهَذَا إذَا دَامَ الْإِغْمَاءُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفِقْ فِي الْمُدَّةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يُفِيقُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ مِثْلُ أَنْ يَخِفَّ عَنْهُ الْمَرَضُ عِنْدَ الصُّبْحِ مَثَلًا فَيُفِيقُ قَلِيلًا ، ثُمَّ يُعَاوِدُهُ فَيُغْمَى عَلَيْهِ تُعْتَبَرُ هَذِهِ الْإِفَاقَةُ فَيَبْطُلُ مَا قَبْلَهَا مِنْ حُكْمِ الْإِغْمَاءِ إذَا كَانَ أَقَلَّ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِإِفَاقَتِهِ وَقْتٌ مَعْلُومٌ لَكِنَّهُ يُفِيقُ بَغْتَةً فَيَتَكَلَّمُ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ ، ثُمَّ يُغْمَى عَلَيْهِ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ

الْإِفَاقَةِ ، وَلَوْ زَالَ عَقْلُهُ بِالْخَمْرِ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَإِنْ طَالَ ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِمَا هُوَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُوجِبُ التَّخْفِيفَ ؛ وَلِهَذَا يَقَعُ طَلَاقُهُ ، وَكَذَا إذَا ذَهَبَ عَقْلُهُ بِالْبَنْجِ أَوْ الدَّوَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَضَاءِ عُرِفَ بِالْأَثَرِ إذَا حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ مَا حَصَلَ بِفِعْلِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَسْقُطُ ؛ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَصَارَ كَالْمَرَضِ ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ بِسَبَبِ ضَعْفِ قَلْبِهِ ، وَهُوَ مَرَض وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ جُنَّ إلَخْ قَضَى ، وَلَوْ أَكْثَرَ لَا ) أَيْ وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ عِنْدَنَا وَقَالَ بِشْرٌ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِنْ طَالَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يُعْذَرُ إلَى آخِرِهِ ) ذَكَرَ فِي الْمَنَافِعِ أَنَّ الْأَعْذَارَ أَنْوَاعٌ : مُمْتَدٌّ جِدًّا كَالصِّبَا يَمْنَعُ ، قَاصِرٌ جِدًّا كَالنَّوْمِ لَا يُسْقِطُ شَيْئًا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَمَا يَكُونُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَإِنْ امْتَدَّ أُلْحِقَ بِالْمُمْتَدِّ جِدًّا حَتَّى سَقَطَ عَنْهُ الْقَضَاءُ ، وَإِنْ قَصُرَ أُلْحِقَ بِالنَّوْمِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ا هـ غَايَةٌ ( فَائِدَةٌ ) قَالَ فِي الْكُنُوزِ مُعْتَقَلُ اللِّسَانِ كَالْأَخْرَسِ فَإِنْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَعَادَ وَإِلَّا فَلَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُعْتَبَرُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعِنْدَهُمَا مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ا هـ ( قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ السَّاعَاتُ إلَى آخِرِهِ ) فَإِنْ زَادَ عَلَى الدَّوْرَةِ سَاعَةً سَقَطَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ إلَى آخِرِهِ ) تَخْرِيجًا عَلَى مَا مَرَّ فِي قَضَاءِ الْفَوَائِتِ ، وَإِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَالَ هُنَاكَ بِقَوْلِهِمَا فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطَالَبٌ بِالْفَرْقِ إلَّا أَنَّهُمَا مُجِيبَانِ هُنَا بِالتَّمَسُّكِ بِالْأَثَرِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ مُطَالَبٌ إلَى آخِرِهِ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِأَنَّ الرِّوَايَةَ قَدْ اخْتَلَفَتْ فِي كِلَا الْبَابَيْنِ وَاتَّفَقَ الْمَشَايِخُ عَلَى أَنَّ ظَاهِرَ الرَّاوِيَةِ وَالصَّحِيحَ فِي الْبَابَيْنِ وَاحِدٌ ، وَهُوَ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَدَدِ الصَّلَوَاتِ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْبَدَائِعِ وَالْفَتَاوَى الصُّغْرَى وَغَيْرِهَا فَلَا احْتِيَاجَ إلَى طَلَبِ الْفَرْقِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهَذِهِ الْإِفَاقَةِ إلَى آخِرِهِ ) أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَجْنُونَ قَدْ يَتَكَلَّمُ فِي

جُنُونِهِ بِكَلَامِ الْأَصِحَّاءِ وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إفَاقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ ) قُلْت يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ الِاتِّفَاقَ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الْبَنْجِ الْمُتَقَدِّمَةِ ذُكِرَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَهُمَا وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الِاتِّفَاقِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا اسْتَوْعَبَ الْإِغْمَاءُ سِتَّ صَلَوَاتٍ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِغْمَاءِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ ، فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِغْمَاءِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَتْنِ فَمَا فَائِدَةُ ذِكْرِهَا بَعْدَهَا قُلْت لَعَلَّهُ ذَكَرَهَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْإِغْمَاءِ بَيْنَ السَّمَاوِيِّ الْمَحْضِ وَبَيْنَ مَا حَصَلَ سَبَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ وَلَيْسَ لَهُ فِيهِ صُنْعٌ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حَالِ الْمُطَالَعَةِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ - ثُمَّ رَأَيْت بَعْدَ هَذَا صَاحِبَ الْمَنْبَعِ قَالَ فِيهِ مَا نَصُّهُ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ : وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بِفَزَعٍ مِنْ سَبُعٍ أَوْ آدَمِيٍّ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ؛ لِأَنَّ الْخَوْفَ وَالْفَزَعَ إنَّمَا يَجِيءُ لِضَعْفِ قَلْبِهِ فَيَكُونُ بِمَعْنَى الْمَرَضِ ا هـ .

( بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( يَجِبُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً مِنْهَا أُولَى الْحَجِّ وَصِّ عَلَى مَنْ تَلَا ، وَلَوْ إمَامًا أَوْ سَمِعَ ، وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ أَوْ مُؤْتَمًّا لَا بِتِلَاوَتِهِ ) أَمَّا الْوُجُوبُ فَمَذْهَبُنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجِبُ لِمَا رُوِيَ { أَنَّ رَجُلًا تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَسْجُدْهَا وَلَمْ يَسْجُدْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا مَعَك } ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَسَجَدَ ، وَلَنَا أَنَّ آيَاتِ السَّجْدَةِ كُلَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ أَمْرٌ صَرِيحٌ ، وَهُوَ لِلْوُجُوبِ ، وَقِسْمٌ فِيهِ ذِكْرُ فِعْلِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَاجِبٌ وَقِسْمٌ فِيهِ ذِكْرُ اسْتِنْكَافِ الْكُفَّارِ ، وَمُخَالَفَتُهُمْ وَاجِبَةٌ ؛ وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ لَمْ يَسْجُدْ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ وَتَأْوِيلُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِلْحَالِ ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ إذْ هِيَ لَا تَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ وَقَوْلُهُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً أَيْ بِتِلَاوَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً وَهِيَ فِي آخِرِ الْأَعْرَافِ وَفِي الرَّعْدِ وَالنَّحْلِ وَبَنِي إسْرَائِيلَ وَمَرْيَمَ وَالْأُولَى مِنْ الْحَجِّ وَالْفُرْقَانِ وَالنَّمْلِ و { أَلَمْ تَنْزِيلُ } وَ { صَ } وَ { حم } السَّجْدَةِ وَالنَّجْمِ وَ { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } وَ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك } كَذَلِكَ كُتِبَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَوْلُهُ مِنْهَا أُولَى الْحَجِّ خَصَّهَا بِالذِّكْرِ احْتِرَازًا عَنْ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ مِنْ السَّجْدَةِ لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ { قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفُضِّلَتْ سُورَةُ الْحَجِّ بِأَنَّ فِيهَا سَجْدَتَيْنِ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَمَنْ لَمْ يَسْجُدْهُمَا لَا يَقْرَأْهُمَا } وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ فِي الْحَجِّ هِيَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ سَجْدَةُ الصَّلَاةِ وَقِرَانُهَا بِالرُّكُوعِ يُؤَيِّدُ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا وَمَا رَوَاهُ لَمْ يَثْبُتْ ، ذَكَرَ ضَعْفَهُ فِي الْغَايَةِ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَالْمُرَادُ بِإِحْدَاهُمَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَبِالْأُخْرَى سَجْدَةُ الصَّلَاةِ وَذَمُّ تَارِكِهَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ خُصُوصًا عَلَى مَذْهَبِهِ فَإِنَّ سَجْدَةَ التِّلَاوَةِ لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ عِنْدَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ بِتَرْكِهَا وَخَصَّ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ ص أَيْضًا بِالذِّكْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ ، وَإِنَّمَا هِيَ سَجْدَةُ شُكْرٍ حَتَّى لَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ لَا يَسْجُدُهَا عِنْدَهُ لَهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ فِي ص وَقَالَ سَجَدَهَا دَاوُد تَوْبَةً وَنَحْنُ نَسْجُدُهَا شُكْرًا وَلَنَا مَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ فِي ص وَمَا رَوَاهُ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَلَئِنْ صَحَّ فَمَعْنَى قَوْلِهِ شُكْرًا أَيْ لِأَجْلِ الشُّكْرِ فَلَا يُنَافِي الْوُجُوبَ ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا وَجَبَتْ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى وَقَالَ مَالِكٌ لَا سُجُودَ فِي الْمُفَصَّلِ لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَسْجُدْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ مُذْ تَحَوَّلَ إلَى الْمَدِينَةِ } وَلِمَا رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ { قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُورَةَ النَّجْمِ فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا } وَلَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَجَدَ فِي النَّجْمِ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ } الْحَدِيثَ ، وَعَنْ أَبِي رَافِعٍ الصَّائِغِ قَالَ صَلَّيْت خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ فَقَرَأَ { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فَسَجَدَ فِيهَا فَقُلْتُ مَا هَذِهِ ؟ فَقَالَ { سَجَدْت بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

فَمَا أَزَالَ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ { سَجَدْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي انْشَقَّتْ وَ { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك } } وَمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ضَعَّفَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ إسْلَامَهُ مُتَأَخِّرٌ فِي سَابِعِ سَنَةٍ مِنْ الْهِجْرَةِ وَلَئِنْ صَحَّ فَهُوَ نَافٍ فَلَا يُعَارِضُ الْمُثْبِتَ وَحَدِيثُ زَيْدٍ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ قَرَأَهَا فِي وَقْتٍ مَكْرُوهٍ أَوْ أَنَّهُ كَانَ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لِيُبَيِّنَ أَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَسْجُدْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ ؛ لِأَنَّ زَيْدًا لَمْ يَسْجُدْهَا فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْقَارِئَ كَالْإِمَامِ فَلَا يَصْلُحُ حُجَّةً بِالِاحْتِمَالِ فَلَا يُعَارِضُ غَيْرَ الْمُحْتَمَلِ .

( بَابُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ ) وَهُوَ مَصْدَرٌ مِنْ تَلَا يَتْلُو بِمَعْنَى قَرَأَ وَتَلَا بِمَعْنَى تَبِعَ مَصْدَرُهُ تُلُوٌّ ا هـ عَيْنِيٌّ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ مِنْ حَقِّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقْرَنَ بِبَابِ سُجُودِ السَّهْوِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعٌ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ وَالتَّتِمَّةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهَا بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيَانُ السَّجْدَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ بَيَانَ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بَعْدَ السَّهْوِ لِمَا قُلْنَا إنَّهُمَا مِنْ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ أَلْحَقَ هَذَا الْبَابَ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إلْحَاقٌ بِبَابِ سُجُودِ السَّهْوِ أَوْ بِمُنَاسَبَةِ أَنَّ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ سُقُوطَ بَعْضِ الْأَرْكَانِ رُخْصَةً لِلْحَرَجِ ، وَفِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ يَثْبُتُ التَّدَاخُلُ رُخْصَةً لِلْحَرَجِ أَيْضًا ا هـ وَسُجُودُ التِّلَاوَةِ مِنْ قَبِيلِ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ إلَى السَّبَبِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ وَخِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَأَقْوَى وُجُوهِ الِاخْتِصَاصِ اخْتِصَاصُ الْمُسَبَّبِ بِسَبَبِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمَنَافِعِ ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ بِهِ وَقَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ فَإِنَّ حُدُوثَ صَلَاةِ الظُّهْرِ بِفِعْلِ الْمُصَلِّي إذَا فَرَغَ مِنْهَا ، وَوُجُوبُهَا بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَذَا الْحَجُّ حُدُوثُهُ بِفِعْلِ الْحَاجِّ وَوُجُوبُهُ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخِيَارُ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ حُدُوثُهُمَا بِالشَّرْعِ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنْ قُلْت التِّلَاوَةُ سَبَبٌ فِي حَقِّ التَّالِي وَالسَّمَاعُ سَبَبٌ فِي حَقِّ السَّامِعِ فَلِمَ لَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ بَابٌ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ السَّمَاعَ سَبَبٌ فِي حَقِّ السَّامِعِ بَلْ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ التِّلَاوَةُ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ بَعْض مَشَايِخِنَا وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ سَبَبٌ فِي حَقِّهِ لَكِنْ إنَّمَا لَمْ يُذْكَرْ لِكَوْنِ التِّلَاوَةِ أَصْلًا فِي الْبَابِ ؛ لِأَنَّ التِّلَاوَةَ إذَا لَمْ تُوجَدْ لَا يُوجَدُ السَّمَاعُ ا هـ قَالَ الْوَبَرِيُّ وَسَبَبُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ

التِّلَاوَةُ لِلسَّجْدَةِ وَسَمَاعُهَا وَالِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ يَجِبُ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِتِلَاوَتِهَا فَتَكُونُ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الظَّرْفِ أَيْ يَجِبُ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ آيَةً ا هـ ع قَالَ فِي الْكُنُوزِ وَمَنْ قَرَأَ آيَاتِ السُّجُودِ كُلَّهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَسَجَدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ كَفَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالِاقْتِدَاءُ بِهِمْ وَاجِبٌ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهْ } ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهَا عِنْدَهُ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ أَيْ لَيْسَتْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ ا هـ غَايَةٌ وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ عَزَائِمُ السُّجُودِ أَرْبَعَةٌ الم تَنْزِيلُ ، وحم ، وَالنَّجْمُ ، { وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَسَجَدَ مَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ ) أَيْ { وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي انْشَقَّتْ { وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيَّ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي رِوَايَتِهِ { وَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّك } ا هـ غَايَةٌ .

قَوْلُهُ عَلَى مَنْ تَلَا ، وَلَوْ إمَامًا أَيْ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلَا ، وَلَوْ كَانَ التَّالِي إمَامًا قَوْلُهُ أَوْ سَمِعَ ، وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ أَوْجَبُوا عَلَى التَّالِي وَالسَّامِعِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً وَقَالَ تَعَالَى { فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } ذَمَّ السَّامِعِينَ عَلَى تَرْكِ السُّجُودِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُؤْتَمًّا أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّامِعُ مُؤْتَمًّا ، وَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُ الْمُؤْتَمِّ قِرَاءَةَ إمَامِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَبَعًا لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ ، وَإِنْ قَرَأَ سِرًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقْتَ الْقِرَاءَةِ وَاقْتَدَى بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ لَهَا ، وَقَوْلُهُ لَا بِتِلَاوَتِهِ أَيْ لَا يَجِبُ بِتِلَاوَةِ الْمُقْتَدِي عَلَيْهِ وَلَا عَلَى مَنْ سَمِعَهُ مِنْ الْمُصَلِّينَ بِصَلَاةِ إمَامِهِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَيَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ ، وَهُوَ التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَلَا مَانِعَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِخِلَافِ حَالَةِ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَلْبِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ أَوْ التِّلَاوَةِ وَلَا كَذَلِكَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا ؛ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا ، وَلَيْسَ هُوَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَهُمَا أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَحَمَّلَ عَنْ الْمُقْتَدِي فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا حُكْمَ لِقِرَاءَتِهِ كَسَهْوِهِ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا حُكْمَ لِتَصَرُّفِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ ؛ لِأَنَّهُمَا مَنْهِيَّانِ عَنْ الْقِرَاءَةِ وَلَيْسَا بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا فَتُعْتَبَرُ قِرَاءَتُهُمَا غَيْرَ أَنَّ الْحَائِضَ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِقِرَاءَتِهَا ، وَلَا بِسَمَاعِهَا فَإِنَّ السَّجْدَةَ رُكْنُ الصَّلَاةِ وَهِيَ لَيْسَتْ بِأَهْلٍ لَهَا وَبِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ فَلَا يَعْدُوهُمْ وَلَا

وَجْهَ لِمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُمْ يَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَهَا تِلَاوَةُ مَنْ يُشَارِكُهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَتَكُونُ صَلَاتِيَّةً ضَرُورَةً وَالصَّلَاتِيَّةُ لَا تُقْضَى خَارِجَ الصَّلَاةِ كَمَا لَوْ تَلَاهَا الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْجُدْهَا حَتَّى فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعُوهَا مِمَّنْ هُوَ لَيْسَ مَعَهُمْ فِي الصَّلَاةِ حَيْثُ يَسْجُدُونَهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ ؛ لِأَنَّ السَّمَاعَ مُسْتَنِدٌ إلَى التِّلَاوَةِ وَهِيَ خَارِجَ الصَّلَاةِ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ قَاصِدٍ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ سَمِعَهَا السَّجْدَةُ عَلَى مَنْ تَلَاهَا } وَكَلِمَةُ عَلَى لِلْإِيجَابِ حَتَّى لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَنَّهُ دَيْنٌ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْوَدِيعَةَ وَقَدْ ذَكَرَهُ مُطْلَقًا فَيَتَنَاوَلُ الْقَاصِدَ وَغَيْرَهُ وَلِأَنَّ السَّبَبَ يَعْمَلُ عَمَلَهُ قَصَدَ بِهِ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهُ مَجْعُولٌ لِلْحُكْمِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ إلَى قَلْبِ مَوْضُوعِ الْإِمَامَةِ ) أَيْ إنْ سَجَدَ الْمَأْمُومُ وَتَابَعَهُ الْإِمَامُ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ التِّلَاوَةِ ) أَيْ إنْ سَجَدَهَا الْإِمَامُ وَتَابَعَهُ التَّالِي الْمَأْمُومُ ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَ التِّلَاوَةِ أَنْ يَسْجُدَ التَّالِي وَيُتَابِعُهُ السَّامِعُ وَلِذَلِكَ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّالِي الَّذِي لَمْ يَسْجُدْ كُنْت إمَامَنَا لَوْ سَجَدْت لَسَجَدْنَا } وَلِذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يَتَقَدَّمَ التَّالِي وَيُصَفُّ الْقَوْمُ خَلْفَهُ فَيَسْجُدُونَ ، وَفِي الْخُلَاصَةِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَرْفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ عَنْ الْقِرَاءَةِ ) فَخَرَجَ مِنْ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْقِرَاءَةِ حُكْمًا ؛ وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَلَيْسَا بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِمَا ) أَيْ حَتَّى لَا تَنْفُذَ قِرَاءَةُ الْغَيْرِ عَلَيْهِمَا ؛ وَلِهَذَا يُبَاحُ لَهُمَا قِرَاءَةُ مَا دُونَ الْآيَةِ ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ ا هـ كَافِي قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ أَثَرُ الْحَجْرِ عَدَمُ اعْتِبَارِ فِعْلِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَتَصَرُّفِهِ وَأَثَرُ النَّهْيِ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ لَا تَرْكُ الِاعْتِبَارِ ؛ لِأَنَّهُ مُطْلَقًا لَا يَعْدَمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ فَالْمَحْجُورُ هُوَ الْمَمْنُوعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفُذُ فِعْلُ الْغَيْرِ عَلَيْهِ شَاءَ أَوْ أَبَى كَمَا لَوْ فَعَلَهُ هُوَ فِي حَالِ أَهْلِيَّتِهِ ، وَالْمَأْمُومُ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْقِرَاءَةُ حَتَّى تُعَدَّ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ عَلَيْهِ وَصَارَتْ قِرَاءَةً لَهُ كَتَصَرُّفِ وَلِيِّ الْمَحْجُورِ كَأَنَّهُ

تَصَرَّفَ فَكَأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَلَا يُعْتَبَرُ قِرَاءَتُهُ فَكَانَتْ كَعَدَمِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فَإِنَّهُمَا مَنْهِيَّانِ فَكَانَتْ مَمْنُوعَةً لَا أَنَّهُ يُعْتَبَرُ وُجُودُهَا بِعَدَمِهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يَتَأَتَّى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي السِّرِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَسْتَحْسِنُ قِرَاءَةَ الْمُؤْتَمِّ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ الِاحْتِيَاطُ فَلَيْسَ عِنْدَهُ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ بَلْ مُجَوِّزًا لَهُ التَّرْكَ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ أَعْنِي اسْتِحْسَانَ الْقِرَاءَةِ فِي السِّرِّيَّةِ عَنْ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ وَالْحَقُّ عَنْهُ خِلَافُهُ عَلَى مَا أَسْلَفْنَا وَلَمَّا كَانَ مُقْتَضَى هَذَا الْوُجُوبِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمَا وَعَلَيْهِمَا بِتِلَاوَتِهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ بِتِلَاوَتِهَا اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ بِسَمَاعِهَا مِنْ غَيْرِ حَائِضٍ ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ السَّبَبِ لِلصَّلَاةِ لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّهَا وَالسَّجْدَةُ جُزْءُ الصَّلَاةِ لَا بِقَيْدِ الْجُزْئِيَّةِ بَلْ نَظَرًا إلَى ذَاتِهَا اُعْتُبِرَتْ مُسْتَقِلَّةً فَلَا فَرْقَ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا بِسَبَبِهَا كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهَا الصَّلَاةُ بِسَبَبِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَلَا قَضَاؤُهَا كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لَيْسَ عَلَيْهِمْ بِالتِّلَاوَةِ وَالسَّمَاعِ سُجُودٌ وَيَجِبُ عَلَى السَّامِعِ مِنْهُمْ إذَا كَانَ أَهْلًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ ثَبَتَ فِي حَقِّهِمْ ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُقْتَدِينَ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ فَلَا يَعْدُوهُمْ ) إذْ عِلَّةُ الْحَجْرِ الِاقْتِدَاءُ وَهُوَ وُجِدَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَتَثْبُتُ تِلْكَ الْعِلَّةُ ، وَهُوَ الْحَجْرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ا هـ كَافِي .

، وَلَوْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ التَّشَهُّدِ لَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ لِلْحَجْرِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِيهِ وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَعِنْدِي أَنَّهَا تَجِبُ وَتَتَأَدَّى فِيهِ( قَوْلُهُ وَلَوْ تَلَا ) أَيْ مَنْ يَكُونُ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا أَوْ فِي حُكْمِهِ ا هـ .

، وَلَوْ سَمِعَهَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ لِكُفْرٍ أَوْ لِصِغَرٍ أَوْ لِجُنُونٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ تَجِبُ عَلَيْهِ لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ وَقِيلَ : لَا تَجِبُ بِقِرَاءَةِ الْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ الَّذِي لَا يَعْقِلُ ، وَكَذَا لَا تَجِبُ بِقِرَاءَةِ النَّائِمِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي رِوَايَةٍ ، وَلَوْ سَمِعَهَا مِنْ طُوطِيٍّ لَا تَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ .( قَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ الَّذِي لَا يَعْقِلُ إلَى آخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ سَمَاعُ تِلَاوَةٍ صَحِيحَةٍ ، وَصِحَّةُ التِّلَاوَةِ بِالتَّمْيِيزِ وَلَمْ يُوجَدْ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْمَنْبَعِ ، وَفِي الْوَبَرِيِّ سَبَبُ وُجُوبِهَا ثَلَاثَةٌ : التِّلَاوَةُ وَالسَّمَاعُ وَالِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَمْ يَقْرَأْهَا ، ثُمَّ التِّلَاوَةُ تُوجِبُ التِّلَاوَةَ عَلَى التَّالِي بِشَرْطَيْنِ : أَحَدِهِمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ حَتَّى لَوْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مَجْنُونًا جُنُونًا مُمْتَدًّا أَوْ صَبِيًّا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ عَقِيبَ طُهْرٍ دُونَ الْعَشَرَةِ وَالْأَرْبَعِينَ لَمْ يَلْزَمْهُمْ وَالتَّالِي إذَا كَانَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ سَكْرَانًا أَوْ مَجْنُونًا قَاصِرًا بِأَنْ كَانَ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، أَوْ بِأَقَلَّ لَزِمَتْهُ تَلَاهَا أَوْ سَمِعَهَا وَالصَّبِيُّ يُؤْمَرُ بِالسَّجْدَةِ فَإِنْ فَعَلَ ، وَإِلَّا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ تَلَتْهَا الْمَرْأَةُ فِي صَلَاتِهَا فَحَاضَتْ قَبْلَ السُّجُودِ سَقَطَ وَالشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ التَّالِي مُؤْتَمًّا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ سَمِعَهَا الْمُصَلِّي مِنْ غَيْرِهِ سَجَدَ بَعْدَ الصَّلَاةِ ) لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ ، وَهُوَ السَّمَاعُ وَلَا يَسْجُدُهَا فِيهَا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَلَاتِيَّةٍ ؛ لِأَنَّ سَمَاعَهُ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ سَجَدَ فِيهَا أَعَادَهَا ) أَيْ أَعَادَ السَّجْدَةَ لَا الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ لِمَكَانِ النَّهْيِ فَلَا يَتَأَدَّى بِهَا الْكَامِلُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ حُكْمَ هَذِهِ التِّلَاوَةِ مُؤَخَّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِيرُ سَبَبًا إلَّا بَعْدَهُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى سَبَبِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلَاهَا فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ حَيْثُ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا فِيهَا ، وَإِنْ كَانَتْ نَاقِصَةً لِتَحَقُّقِ السَّبَبِ لِلْحَالِ وَإِنَّمَا لَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ بَعْدَ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ سَجَدَ مَعَهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِهَا وَلَا تَبْطُلُ تَحْرِيمَتُهُ بِذَلِكَ وَقِيلَ : يُعِيدُ الصَّلَاةَ وَهِيَ رِوَايَةُ النَّوَادِرِ ؛ لِأَنَّهَا مُؤَخَّرَةٌ عَنْ الصَّلَاةِ فَإِذَا سَجَدَ فِيهَا صَارَ رَافِضًا لَهَا كَمَنْ صَلَّى النَّفَلَ فِي خِلَالِ الْفَرْضِ وَقِيلَ : هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يُعِيدُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ السَّجْدَةَ الْوَاحِدَةَ قُرْبَةٌ عِنْدَهُ كَسَجْدَةِ الشُّكْرِ فَيَتَحَقَّقُ الِانْتِقَالُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ سَمِعَ مِنْ إمَامٍ فَأَتَمَّ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْجُدَ سَجَدَ مَعَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا سَجَدَهَا مَعَهُ تَبَعًا لَهُ فَهَاهُنَا أَوْلَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَعْدَهُ لَا ) أَيْ لَوْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ مَا سَجَدَهَا الْإِمَامُ لَا يَسْجُدُهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا ، وَهَذَا إذَا أَدْرَكَهُ فِي تِلْكَ الرَّكْعَةِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُدْرِكًا لِلسَّجْدَةِ بِإِدْرَاكِ تِلْكَ الرَّكْعَةِ فَيَصِيرُ مُؤَدِّيًا لَهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَسْجُدَهَا فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ مُخَالَفَةِ الْإِمَامِ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهَا صَلَاتِيَّةٌ فَلَا تُقْضَى خَارِجَهَا فَصَارَ كَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ الْوِتْرِ حَيْثُ لَا يَقْنُتُ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَيْثُ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرَاتِ رَاكِعًا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفُتْ مَحَلُّهُ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوعَ مَحَلُّ التَّكْبِيرِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهِ تَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلْإِمَامِ وَلَا فَاتَ مَحَلُّهُ ، وَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ لَا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا لِلسَّجْدَةِ وَلَا تَصِيرُ هِيَ صَلَاتِيَّةً فَيُؤَدِّيهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ وَقِيلَ : لَا يَصِيرُ مُؤَدِّيًا لَهَا وَلَكِنْ تَصِيرُ صَلَاتِيَّةً فَلَا يُؤَدِّيهَا .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْتَدِ بِالْإِمَامِ ( سَجَدَهَا ) لِتَقَرُّرِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَعَدَمِ الْمَانِعِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ تُقْضَ الصَّلَاتِيَّةُ خَارِجَهَا ) أَيْ خَارِجَ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيَّةً فَلَا تَتَأَدَّى بِالنَّاقِصِ وَلِأَنَّهَا صَارَتْ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَأَفْعَالُهَا لَا تَتَأَدَّى خَارِجَهَا

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ تَلَا خَارِجَ الصَّلَاةِ فَسَجَدَ وَأَعَادَهَا فِيهَا ) أَيْ أَعَادَ تِلَاوَتَهَا فِي الصَّلَاةِ ( سَجَدَ أُخْرَى ) ؛ لِأَنَّ الصَّلَاتِيَّةَ أَقْوَى فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ أَوَّلًا كَفَتْهُ وَاحِدَةٌ ) أَيْ إنْ لَمْ يَسْجُدْهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَتَلَاهَا فَسَجَدَ لَهَا أَجْزَأَتْهُ الصَّلَاتِيَّةُ عَنْ التِّلَاوَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُتَّحِدٌ ، وَالصَّلَاتِيَّةُ أَقْوَى فَصَارَتْ الْأُولَى تَبَعًا لَهَا وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ يَسْجُدُ لِلْأُولَى إذَا فَرَغَ مِنْ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ السَّابِقَ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِلَّاحِقِ أَوْ ؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ قَدْ تَبَدَّلَ بِالِاشْتِغَالِ بِالصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَبَدَّلَ بِعَمَلٍ آخَرَ ؛ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ لِلْأُولَى ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ أُخْرَى لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَلِأَنَّ لِلْأُولَى قُوَّةَ السَّبَقِ فَاسْتَوَيَا فَلَا تَسْتَتْبِعُ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَبِمِثْلِهِ لَا يَخْتَلِفُ الْمَجْلِسُ وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ بِالْأُولَى ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا أَكْمَلَ فَلَا تَكُونُ تَبَعًا لِلْأَضْعَفِ لَا لِاخْتِلَافِ الْمَكَانِ وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ السَّابِقُ تَبَعًا لِلَّاحِقِ كَالسُّنَنِ لِلْفَرَائِضِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَلَاهَا فِي صَلَاةٍ بَعْدَ مَا سَمِعَهَا مِنْ غَيْرِهِ تَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ لِمَا ذَكَرْنَا وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ لَا تَكْفِيهِ وَفِي الْوَبَرِيِّ لَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي آيَةَ السَّجْدَةِ مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ مِنْ رَجُلٍ ، ثُمَّ تَلَاهَا أَجْزَأَتْهُ وَاحِدَةٌ عَنْ الْكُلِّ ، وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْهَا سَقَطَ الْكُلُّ ، وَلَوْ لَمْ يَقْرَأْ الَّتِي سَمِعَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَتَانِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَلَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ ، ثُمَّ سَلَّمَ وَأَعَادَهَا يَجِبُ عَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ النَّوَادِرِ وَقِيلَ : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَقَالَ رَحِمَهُ

اللَّهُ ( كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ لَا فِي مَجْلِسَيْنِ ) أَيْ أَجْزَأَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ الصَّلَاتِيَّةُ كَمَا تُجْزِئُ مَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَا يُجْعَلُ كَمَنْ كَرَّرَهَا فِي مَجْلِسَيْنِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَدَاخَلُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَبْنَى السُّجُودِ عَلَى التَّدَاخُلِ مَا أَمْكَنَ وَإِمْكَانُهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ لِكَوْنِهِ جَامِعًا لِلْمُتَفَرِّقَاتِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ لِلْحَاجَةِ كَمَا فِي الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَغَيْرِهِ وَالْقَارِئُ مُحْتَاجٌ إلَى التَّكْرَارِ لِلْحِفْظِ وَالتَّعْلِيمِ وَالِاعْتِبَارِ ، وَهُوَ تَدَاخُلٌ فِي السَّبَبِ دُونَ الْحُكْمِ وَمَعْنَاهُ أَنْ تُجْعَلَ التِّلَاوَاتُ كُلُّهَا كَتِلَاوَةٍ وَاحِدَةٍ تَكُونُ الْوَاحِدَةُ مِنْهَا سَبَبًا وَالْبَاقِي تَبَعًا لَهَا وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعِبَادَاتِ إذْ السَّبَبُ مَتَى تَحَقَّقَ لَا يَجُوزُ تَرْكُ حُكْمِهِ ؛ وَلِهَذَا يُحْكَمُ بِوُجُوبِهَا فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ حَتَّى تَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ وَالتَّدَاخُلُ فِي الْحُكْمِ أَلْيَقُ فِي الْعُقُوبَاتِ ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِلزَّجْرِ فَهُوَ يَنْزَجِرُ بِوَاحِدَةٍ فَيَحْصُلُ الْمَقْصُودُ فَلَا حَاجَةَ إلَى الثَّانِيَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ التَّدَاخُلَ فِي السَّبَبِ تَنُوبُ فِيهِ الْوَاحِدَةُ عَمَّا قَبْلَهَا وَعَمَّا بَعْدَهَا وَفِي التَّدَاخُلِ فِي الْحُكْمِ لَا تَنُوبُ إلَّا عَمَّا قَبْلَهَا حَتَّى لَوْ زَنَى فَحُدَّ ، ثُمَّ زَنَى فِي الْمَجْلِسِ يُحَدُّ ثَانِيًا لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ الْمَجْلِسُ لَا يَخْتَلِفُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَلَا بِخُطْوَةٍ وَخُطْوَتَيْنِ ، وَلَا بِالِانْتِقَالِ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى زَاوِيَةٍ فِي بَيْتٍ أَوْ مَسْجِدٍ وَقِيلَ : إذَا كَانَ الْمَجْلِسُ كَبِيرًا يَخْتَلِفُ وَالسَّفِينَةُ كَالْبَيْتِ وَفِي الدَّوْسِ وَتَسْدِيَةِ الثَّوْبِ وَالِانْتِقَالِ مِنْ غُصْنٍ إلَى غُصْنٍ وَالسَّجِّ فِي نَهْرٍ أَوْ حَوْضٍ يَتَكَرَّرُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَوْ كَرَّرَهَا رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ تَتَكَرَّرُ إلَّا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ لِلْأَمَاكِنِ إذْ الْحُكْمُ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى

اتِّحَادِ الْمَكَانِ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَحْدَثَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ مَا قَرَأَهَا فَذَهَبَ لِلْوُضُوءِ ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْعَوْدِ لَا تَتَكَرَّرُ لِمَا قُلْنَا وَلَا تَقْطَعُ الْكَلِمَةُ وَلَا الْكَلِمَتَانِ وَلَا اللُّقْمَةُ وَلَا اللُّقْمَتَانِ ، وَالْكَثِيرُ قَاطِعٌ ، وَلَوْ تَلَاهَا فَسَجَدَ ثُمَّ أَطَالَ الْجُلُوسَ أَوْ الْقِرَاءَةَ فَأَعَادَهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أُخْرَى لِاتِّحَادِ الْمَجْلِسِ ، وَلَوْ تَبَدَّلَ مَجْلِسُ السَّامِعِ دُونَ التَّالِي تَتَكَرَّرُ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ فِي حَقِّهِ السَّمَاعُ ، وَكَذَا إذَا تَبَدَّلَ مَجْلِسُ التَّالِي دُونَ السَّامِعِ عَلَى مَا قِيلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ لِمَا قُلْنَا .

قَوْلُهُ : وَلَوْ تَلَاهَا فِي الصَّلَاةِ فَسَجَدَ ، ثُمَّ سَلَّمَ وَأَعَادَهَا إلَى آخِرِهِ ) ، وَإِنْ قَرَأَهَا فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَسَجَدَ ثُمَّ افْتَتَحَ الصَّلَاةَ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَعَلَيْهِ سَجْدَةٌ أُخْرَى ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجَدَ أَوَّلًا حَتَّى شَرَعَ فِي الصَّلَاةِ فِي مَكَانِهِ فَقَرَأَهَا فَسَجَدَ لَهُمَا جَمِيعًا أَجْزَأَتْهُ عَنْهُمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ مِنْ نَوَادِرِ الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْهُمَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْجُدَ الَّتِي تَلَاهَا خَارِجَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ : وَلَوْ تَلَاهَا ، ثُمَّ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ فَتَلَاهَا وَلَمْ يَسْجُدْ حَتَّى فَرَغَ سَقَطَتْ إحْدَاهُمَا وَبَقِيَتْ الْأُخْرَى ا هـ تَتَارْخَانْ قَوْلُهُ وَلَا بِالِانْتِقَالِ مِنْ زَاوِيَةٍ إلَى زَاوِيَةٍ إلَى آخِرِهِ ) ، وَلَوْ قَرَأَهَا فِي زَوَايَا الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ يَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْبَيْتِ وَالدَّارِ وَقِيلَ فِي الدَّارِ إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً كَبَيْتِ السُّلْطَانِ فَتَلَا فِي دَارٍ مِنْهَا ، ثُمَّ تَلَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَلْزَمُهُ سَجْدَةٌ أُخْرَى ، وَأَمَّا فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إذَا تَلَا فِي دَارٍ ، ثُمَّ تَلَا فِي دَارٍ أُخْرَى يَكْفِيهِ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَفِي الْحُجَّةِ إذَا قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَتَحَوَّلَ عَنْ مَكَانِهِ كَثِيرًا فَأَعَادَ التِّلَاوَةَ يَجِبُ إعَادَةُ السُّجُودِ ا هـ تَتَارْخَانِيَّةٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَرَّرَهَا رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ الَّذِي عَقَدَهُ آخِرَهَا فِيمَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ رَجُلٌ تَلَا آيَةَ سَجْدَةٍ عَلَى غُصْنِ شَجَرَةٍ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى غُصْنٍ آخَرَ فَأَعَادَهَا إنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ بِدُونِ نُزُولٍ مِنْ الْأَوَّلِ كَفَتْهُ سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ مُتَّحِدٍ ، وَإِنْ كَانَ لَا

يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ إلَّا بِالنُّزُولِ مِنْ الْأَوَّلِ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَجْلِسَ غَيْرُ مُتَّحِدٍ ا هـ وَفِي الْخُلَاصَةِ فَإِنْ تَلَا آيَةَ السَّجْدَةِ فِي الصَّلَاةِ مِرَارًا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ فَسَمِعَهَا رَجُلٌ يَسُوقُ الدَّابَّةَ خَلْفَهُ وَجَبَ عَلَى التَّالِي سَجْدَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَى سَائِقِ الدَّابَّةِ بِكُلِّ تِلَاوَةٍ سَجْدَةٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَيْفِيَّتُهُ ) أَيْ وَكَيْفِيَّةُ السُّجُودِ ( أَنْ يَسْجُدَ بِشَرَائِطِ الصَّلَاةِ بَيْنَ تَكْبِيرَتَيْنِ بِلَا رَفْعِ يَدٍ وَتَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ ) أَيْ بِلَا تَشَهُّدٍ وَتَسْلِيمٍ ، وَالْمُرَادُ بِالتَّكْبِيرَتَيْنِ تَكْبِيرَةٌ عِنْدَ الْوَضْعِ وَالْأُخْرَى عِنْدَ الرَّفْعِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ عِنْدَ الِانْحِطَاطِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُكَبِّرُ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ ، وَقِيلَ : يُكَبِّرُ فِي الِابْتِدَاءِ بِلَا خِلَافٍ وَفِي الِانْتِهَاءِ خِلَافٌ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يُكَبِّرُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُكَبِّرُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلِانْتِقَالِ فَيَأْتِي بِهِ فِيهِمَا اعْتِبَارًا بِسَجْدَةِ الصَّلَاةِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ وَقَوْلُهُ بِلَا رَفْعِ يَدٍ لِمَا رُوِيَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَا يَفْعَلُ فِي السَّجْدَةِ يَعْنِي لَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ } وَلَا تَشَهُّدَ عَلَيْهِ وَلَا سَلَامَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِلتَّحْلِيلِ ، وَهُوَ يَسْتَدْعِي سَبْقَ التَّحْرِيمَةِ ، وَهُوَ مَعْدُومٌ هُنَا ، ثُمَّ إذَا أَرَادَ السُّجُودَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ فَيَسْجُدَ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلِأَنَّ الْخُرُورَ فِيهِ أَكْمَلُ فَكَانَ أَوْلَى وَيَقُولُ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ فِي سُجُودِ الصَّلَاةِ عَلَى الْأَصَحِّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً وَيَدَعَ آيَةَ السَّجْدَةِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِنْكَافَ عَنْهَا وَيُوهِمُ الْفِرَارَ مِنْ لُزُومِ السَّجْدَةِ وَهِجْرَانَ بَعْضِ الْقُرْآنِ ، وَكُلُّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ عَكْسُهُ ، وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ وَيَدَعَ مَا سِوَاهَا ؛ لِأَنَّهُ مُبَادِرٌ إلَيْهَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَقْرَأَ قَبْلَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ لِدَفْعِ وَهْمِ التَّفْضِيلِ وَقَالَ قَاضِي خَانْ إنْ قَرَأَ مَعَهَا آيَةً أَوْ آيَتَيْنِ فَهُوَ أَحَبُّ ، وَهَذَا أَعَمُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا كَانَ أَعَمَّ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَعَهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَلَا كَذَلِكَ الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا وَاسْتَحْسَنُوا إخْفَاءَهَا شَفَقَةً عَلَى السَّامِعِينَ وَقِيلَ : إنْ وَقَعَ بِقَلْبِهِ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ جَهَرَ بِهَا لِيَكُونَ حَثًّا لَهُمْ عَلَى الطَّاعَةِ .

وَمَوْضِعُ السُّجُودِ فِي حم السَّجْدَةِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ } وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِ { إنْ كُنْتُمْ إيَّاهُ تَعْبُدُونَ } وَفِي النَّمْلِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ } وَشَذَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } وَقِيلَ : عَلَى قِرَاءَةِ الْكِسَائِيّ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { أَلَّا يَسْجُدُوا } بِالتَّخْفِيفِ وَفِي ص عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ } عِنْدَنَا وَعِنْدَ بَعْضِهِمْ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { وَحُسْنَ مَآبٍ } وَفِي الِانْشِقَاقِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ } وَعِنْدَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ فِي آخِرِ السُّورَةِ .

، وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ إلَّا الْحَرْفَ الَّذِي فِي آخِرِهَا لَا يَسْجُدُ ، وَلَوْ قَرَأَ الْحَرْفَ الَّذِي يَسْجُدُ فِيهِ وَحْدَهُ لَا يَسْجُدُ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ أَكْثَرَ آيَةِ السَّجْدَةِ بِحَرْفِ السَّجْدَةِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ لَوْ قَرَأَ { وَاسْجُدْ } وَسَكَتَ وَلَمْ يَقُلْ { وَاقْتَرِبْ } تَلْزَمُهُ السَّجْدَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

( بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( مَنْ جَاوَزَ بُيُوتَ مِصْرِهِ مُرِيدًا سَيْرًا وَسَطًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) أَيْ قَدْرُهُ مَسِيرَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَا حَقِيقَةَ السَّيْرِ فِيهَا حَتَّى لَوْ قَطَعَهُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ قَصَرَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ جَبَلٍ قَصَرَ الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ ) قَوْلُهُ وَسَطًا صِفَةً لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ وَالْعَامِلُ فِيهِ السَّيْرُ الْمَذْكُورُ ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِأَنْ وَالْفِعْلِ ، تَقْدِيرُهُ مُرِيدًا أَنْ يَسِيرَ سَيْرًا وَسَطًا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَمُرَادُهُ التَّقْدِيرُ لَا أَنْ يَسِيرَ فِيهَا سَيْرًا وَسَطًا وَلَا أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ السَّيْرَ وَإِنَّمَا يُرِيدُ قَدْرَ تِلْكَ الْمَسَافَةِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ مُرِيدًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ سَيْرًا وَسَطًا فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَيْ مُرِيدًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَسَطًا أَيْ بِسَيْرٍ وَسَطٍ أَوْ نَقُولُ فِي كَلَامِهِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَذْفٌ تَقْدِيرُهُ مُرِيدًا مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ سَيْرًا وَسَطًا أَيْ بِسَيْرٍ وَسَطٍ ، وَهُوَ سَيْرُ الْإِبِلِ وَنَحْوِهِ ، ثُمَّ كَلَامُهُ يَتَضَمَّنُ أَشْيَاءَ أَحَدَهَا - بَيَانُ مَوْضِعٍ يُبْتَدَأُ فِيهِ بِالْقَصَرِ وَالثَّانِيَ - بَيَانُ اشْتِرَاطِ قَصْرِ السَّفَرِ ، وَالثَّالِثَ - بَيَانُ قَدْرِ مَسَافَتِهِ وَالرَّابِعَ - تَحَتُّمُ الْقَصْرِ فِيهِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ الْمِصْرِ لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَصَرَ الْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ } وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَوْ جَاوَزْنَا هَذَا الْخُصَّ لَقَصَرْنَا ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ الْمُجَاوَزَةُ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى لَوْ جَاوَزَ عُمْرَانَ الْمِصْرِ قَصَرَ ، وَإِنْ كَانَ بِحِذَائِهِ مِنْ جَانِبٍ آخَرَ أَبْنِيَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ قَرْيَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِرُبَضِ الْمِصْرِ يُعْتَبَرُ مُجَاوَزَتُهَا هُوَ الصَّحِيحُ .

( بَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ ) وَهُوَ مُفَاعِلٌ مِنْ سَافَرَ بِمَعْنَى سَفَرَ ؛ لِأَنَّ الْمُفَاعَلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ ا هـ عَيْنِيٌّ السَّفَرُ عَارِضٌ مُكْتَسَبٌ كَالتِّلَاوَةِ إلَّا أَنَّ التِّلَاوَةَ عَارِضٌ هُوَ عِبَادَةٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا بِعَارِضٍ بِخِلَافِ السَّفَرِ إلَّا بِعَارِضٍ فَلِذَا أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ ذَلِكَ ا هـ كَمَالٌ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَى آخِرِهِ ) فِي الْيَنَابِيعِ الْمُرَادُ بِالْأَيَّامِ فِي الْكِتَابِ النُّهُرُ دُونَ اللَّيَالِيِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فِي بَرٍّ أَوْ بَحْرٍ أَوْ جَبَلٍ إلَى آخِرِهِ ) تَفْصِيلٌ لِلسَّيْرِ الْمُتَّصَفِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالتَّقْدِيرُ سَيْرًا مُتَّصَفًا بِكَوْنِهِ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَاصِلًا أَوْ وَاقِعًا فِي بَحْرٍ أَوْ فِي بَرٍّ أَوْ فِي جَبَلٍ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ قَصَرَ الْفَرْضَ الرُّبَاعِيَّ إلَخْ ) قَيَّدَ بِالْفَرْضِ لِيَخْرُجَ عَنْ السُّنَنِ فَإِنَّهَا لَا تُقْصَرُ وَقَيَّدَ بِالرُّبَاعِيِّ لِيَخْرُجَ الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ ا هـ دِرَايَةٌ ، ثُمَّ الْأَصْلُ فِي الْقَصْرِ قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ الصَّلَاةِ } الْآيَةَ وَقَدْ انْتَسَخَ التَّعْلِيقُ بِخَوْفِ الْفِتْنَةِ بِالْإِجْمَاعِ فَبَقِيَ عَامًّا وَبِعُمُومِهِ أَخَذَ نُفَاةُ الْقِيَاسِ فَلَمْ يُقَدِّرُوهُ بِمُدَّةٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ دَاوُد وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِهِ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ الضَّرْبِ فِي غَيْرِ الْأَرْضِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ أَوْ نَقُولُ فِي كَلَامِهِ تَقْدِيمٌ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُحْتَاجُ إلَى هَذَا التَّكَلُّفِ وَلَيْسَ فِي التَّرْكِيبِ مَا ذَكَرَهُ بَلْ قَوْلُهُ سَيْرًا هُوَ مَفْعُولُ قَوْلِهِ مُرِيدًا ، ثُمَّ إنَّ هَذَا السَّيْرَ مُتَّصِفٌ بِشَيْئَيْنِ : الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ وَسَطًا وَالثَّانِي - أَنْ يَكُونَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّهُ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ مُرِيدًا سَيْرًا وَلَكِنَّهُ بِمُجَرَّدِ إرَادَةِ السَّيْرِ مُطْلَقًا لَا يُرَخَّصُ لَهُ بَلْ حِينَ

أَرَادَ السَّيْرَ الْوَسَطَ الْمُقَدَّرَ بِثَلَاثَةٍ فَحِينَئِذٍ انْتِصَابُ سَيْرًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَانْتِصَابُ وَسَطًا وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ سَيْرًا بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَيَكُونُ قَوْلُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مَفْعُولًا لِقَوْلِهِ مُرِيدًا فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ مُرِيدًا بِسَيْرٍ وَسَطٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ا هـ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ الْمُسَافِرُ إذَا بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَمَشَى إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ حَتَّى بَلَغَ الْمَرْحَلَةَ فَنَزَلَ فِيهَا لِلِاسْتِرَاحَةِ وَبَاتَ فِيهَا ثُمَّ بَكَّرَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَمَشَى حَتَّى بَلَغَ الْمَقْصِدَ وَقْتَ الزَّوَالِ هَلْ يَصِيرُ مُسَافِرًا بِهَذَا أَوْ هَلْ يُبَاحُ لَهُ الْقَصْرُ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَصِيرُ مُسَافِرًا ا هـ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62