كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

اخْتَلَفَا جِنْسًا رَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا قَبَضَ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِقَبْضِ الثَّمَنِ لَا يَتَأَتَّى الْقِصَاصُ عِنْدَهُمَا لِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَأَتَّى لِوُجُوبِهِ عِنْدَهُ وَلَوْ شَهِدَ الْفَرِيقَانِ بِالْبَيْعِ وَقُبِضَ الْمَبِيعُ تَهَاتَرَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِالِاتِّفَاقِ لِتَعَذُّرِ التَّوْفِيقِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّ الْبَيْعَيْنِ وَإِنْ كَانَا جَائِزَيْنِ لِوُجُودِهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِمَا ذِكْرُ التَّارِيخِ وَلَا دَلَالَتُهُ حَتَّى يُجْعَلَ أَحَدُهُمَا سَابِقًا وَالْآخَرُ لَاحِقًا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرَا قَبْضَ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ هُنَاكَ أَنْ يُجْعَلَ شِرَاءُ ذِي الْيَدِ مُتَقَدِّمًا لِدَلَالَةِ الْيَدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُمَا عِنْدَهُ فَيُجْعَلُ الْقَبْضُ الْمُعَايَنُ آخِرَ الْقَبْضَيْنِ وَيُجْعَلُ ذُو الْيَدِ آخِرَ الْمُشْتَرِيَيْنِ كَأَنَّ الْخَارِجَ اشْتَرَى وَقَبَضَ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ ذِي الْيَدِ وَقَبَضَ فَيُقْضَى بِالدَّارِ لَهُ وَمِثْلُهُ فِي الْجَامِعِ وَشَرْحِ الْكَرْخِيِّ وَالْمَبْسُوطِ وَالْمُخْتَلَفِ وَإِنْ وُقِّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَقَارِ وَلَمْ تُثْبِتَا قَبْضًا فَإِنْ كَانَ وَقْتُ الْخَارِجِ أَسْبَقَ يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ عِنْدَهُمَا فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْخَارِجَ اشْتَرَى أَوَّلًا ثُمَّ بَاعَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْعَقَارِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقْضَى لِلْخَارِجِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ عِنْدَهُ أَيْضًا فَيُجْعَلُ الْخَارِجُ كَأَنَّهُ قَبَضَهَا ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَائِعِهِ وَهُوَ ذُو الْيَدِ تَصْحِيحًا لِلْعَقْدِ وَإِنْ أَثْبَتَا قَبْضًا يُقْضَى بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ الْبَيْعَيْنِ جَائِزَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ

الْخَارِجَ بَاعَهَا مِنْ بَائِعِهِ بَعْدَ مَا قَبَضَهَا وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ وَقْتُ صَاحِبِ الْيَدِ أَسْبَقَ يُقْضَى بِهَا لِلْخَارِجِ سَوَاءٌ شَهِدُوا بِالْقَبْضِ أَوْ لَمْ يَشْهَدُوا لِأَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَابِضٌ وَقَدْ أَثْبَتَ شِرَاءَهُ سَابِقًا فَيُجْعَلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى أَوَّلًا كَمَا شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَائِعِهِ وَهُوَ الْخَارِجُ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ إلَيْهِ إنْ لَمْ يَشْهَدُوا بِالْقَبْضِ أَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ إنْ شَهِدُوا بِالْقَبْضِقَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ ) أَيْ وَفِي الْكَافِي هَذَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمَا ا هـ قَوْلُهُ هَذَا أَيْ مَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وُقِّتَتْ الْبَيِّنَتَانِ فِي الْعَقَارِ ) قُيِّدَ بِالْعَقَارِ لِيَظْهَرَ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ كَمَا ذَكَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ عَدَدِ الشُّهُودِ ) مَعْنَاهُ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إذَا أَقَامَ شَاهِدَيْنِ وَالْآخَرُ أَكْثَرَ لَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ شُهُودِهِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِقُوَّةٍ فِي الْعِلَّةِ لَا بِكَثْرَةِ الْعِلَلِ لِأَنَّ مَا يَصْلُحُ دَلِيلًا مُسْتَقِلًّا لَا يَصْلُحُ لِلتَّرْجِيحِ وَإِنَّمَا يُرَجَّحُ بِالْوَصْفِ وَلِهَذَا لَا تُرَجَّحُ الْآيَةُ بِآيَةٍ أُخْرَى وَلَا الْخَبَرُ بِالْخَبَرِ وَإِنَّمَا يُرَجَّحُ بِقُوَّةٍ فِيهَا بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَوَاتِرًا وَالْآخَرُ مِنْ الْآحَادِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُفَسَّرًا وَالْآخَرُ مُجْمَلًا فَيُرَجَّحُ الْمُفَسَّرُ عَلَى الْمُجْمَلِ وَالْمُتَوَاتِرُ عَلَى الْآحَادِ لِقُوَّةِ وَصَفٍّ فِيهِ وَكَذَا لَا يُرَجَّحُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ بِالْقِيَاسِ لِمَا ذَكَرْنَا

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( دَارٌ فِي يَدِ آخَرَ ادَّعَى رَجُلٌ نِصْفَهَا وَآخَرُ كُلَّهَا وَبَرْهَنَا فَلِلْأَوَّلِ رُبْعُهَا وَالْبَاقِي لِلْآخَرِ ) لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْكُلِّ لَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ فِي النِّصْفِ فَسُلِّمَ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُنَازَعَةٍ ثُمَّ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فَسُلِّمَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ سُلِّمَ لَهُ الرُّبْعُ وَهَذَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا تُقْسَمُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا فَالثُّلُثَانِ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَالثُّلُثُ لِمُدَّعِي النِّصْفِ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْكُلِّ يَدَّعِي النِّصْفَيْنِ وَالْآخَرَ النِّصْفَ الْوَاحِدَ وَلَيْسَ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَنْصَافٍ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عَلَى قَدْرِ حَقِّهِمَا وَهَذَا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ وَلَهَا نَظَائِرُ وَأَضْدَادٌ نُبَيِّنُهَا مُخْتَصَرًا فَنَقُولُ إنَّ جِنْسَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ : نَوْعٍ مِنْهَا يُقْسَمُ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ إجْمَاعًا وَهِيَ ثَمَانِ مَسَائِلَ الْمِيرَاثُ وَالدُّيُونُ وَالْوَصِيَّةُ بِمَا دُونَ الثُّلُثِ إذَا اجْتَمَعَتْ وَزَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالْمُحَابَاةُ وَالدَّرَاهِمُ الْمُرْسَلَةُ وَالسِّعَايَةُ وَالْعَبْدُ إذَا قَلَعَ عَيْنَ رَجُلٍ وَقَتَلَ آخَرَ خَطَأً فَدُفِعَ بِهِمَا وَالْمُدَبِّرُ إذَا جَنَى عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَدُفِعَتْ قِيمَتُهُ بِهِمَا وَنَوْعٍ مِنْهَا مَا يُقْسَمُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ إجْمَاعًا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ فُضُولِيٌّ بَاعَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ مِنْ رَجُلٍ وَفُضُولِيٌّ آخَرُ بَاعَ نِصْفَهُ مِنْ آخَرَ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَيْنِ فَاخْتَارَ الْمُشْتَرِيَانِ الْأَخْذَ يَكُونُ لِمُشْتَرِي الْكُلَّ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلِمَنْ اشْتَرَى النِّصْفَ الرُّبْعُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَنَوْعٍ مِنْهَا مَا يُقْسَمُ بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ وَهِيَ ثَلَاثُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا نِصْفَ الدَّارِ وَالْآخَرُ كُلَّهَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ ،

وَالثَّانِيَةُ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِجَمِيعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ ، وَالثَّالِثَةُ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَلَآخِرَ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَمِنْهَا مَا يُقْسَمُ بِطَرِيقِ الْعَوْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعِنْدَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ وَهِيَ خَمْسُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا عَبْدٌ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَدَانَهُ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَأَدَانَهُ أَجْنَبِيٌّ مِائَةً فَدَيْنُ الْمَوْلَى سَقَطَ نِصْفُهُ لِاسْتِحَالَةِ وُجُوبِ الدَّيْنِ عَلَى عَبْدِهِ وَثَبَتَ نِصْفُهُ الَّذِي فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَإِذَا بِيعَ بِالدَّيْنِ يَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَالثَّانِيَةُ إذَا أَدَانَهُ أَجْنَبِيَّانِ أَحَدُهُمَا مِائَةً وَالْآخَرُ مِائَتَيْنِ يَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ عَلَى هَذَا ، وَالثَّالِثَةُ عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَآخَرَ عَمْدًا وَلِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُهُمَا فَدُفِعَ بِهِمَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ كَانَ الْجَانِي مُدَبَّرًا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَدُفِعَتْ قِيمَتُهُ كَانَتْ بَيْنَهُمَا كَذَلِكَ ، وَالْخَامِسَةُ أُمُّ وَلَدٍ قَتَلَتْ مَوْلَاهَا وَأَجْنَبِيًّا عَمْدًا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنَّهَا تَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهَا فَتُقَسَّمُ بَيْنَ السَّاكِتَيْنِ فَيُعْطَى الرُّبْعُ لِشَرِيكِ الْعَافِي آخِرًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِ الْعَافِي أَوَّلًا أَثْلَاثًا ثُلُثَاهُ لِشَرِيكِ الْعَافِي أَوَّلًا وَالثُّلُثُ لِشَرِيكِ الْعَافِي آخِرًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا ثُمَّ الْأَصْلُ عِنْدَهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ مَتَى وَجَبَتْ لِحَقٍّ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ لِحَقٍّ ثَابِتٍ فِي الْعَيْنِ عَلَى وَجْهِ الشُّيُوعِ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْكُلِّ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَوْلِيَّةً وَمَتَى وَجَبَتْ الْقِسْمَةُ لِحَقٍّ ثَابِتٍ عَلَى وَجْهِ التَّمْيِيزِ أَوْ كَانَ حَقُّ أَحَدِهِمَا فِي الْبَعْضِ الشَّائِعِ وَحَقُّ الْآخَرِ فِي

الْكُلِّ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْأَصْلُ عِنْدَهُمَا أَنَّ الْحَقَّيْنِ مَتَى ثَبَتَا عَلَى الشُّيُوعِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْعَوْلِ وَإِنْ ثَبَتَا عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ فِي وَقْتَيْنِ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمُنَازَعَةِ وَبَيَانِ طُرُقِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَتَخْرِيجِهَا عَلَى هَذِهِ الْأُصُولِ وَتَمَامُ تَفْرِيعِهَا مَذْكُورٌ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ لِقَاضِي خَانْ

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ادَّعَى رَجُلٌ ) لَفْظُ رَجُلٍ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي الْمَتْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهَذَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ إذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ رَجُلٍ ثَالِثٍ إنْ لَمْ يُقِمْ لَهُمَا بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَحْلِفُ ذُو الْيَدِ فَإِذَا حَلَفَ تُرِكَ الدَّارُ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا حَلَفَ انْقَطَعَ دَعْوَاهُمَا فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مَسْمُوعَةٌ عَلَى مَا ادَّعَى لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا ادَّعَى لِنَفْسِهِ خَارِجٌ وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ مَسْمُوعَةٌ عَلَى ذِي الْيَدِ وَإِذَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قُسِمَتْ الدَّارُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَرْبَاعًا أَصْلُهُ مِنْ سَهْمَيْنِ لِحَاجَتِك إلَى النِّصْفِ فَمُدَّعِي الْجَمِيعِ يَدَّعِي الْجَمِيعَ وَمُدَّعِي النِّصْفِ لَا يَدَّعِي إلَّا سَهْمًا فَقَدْ تَفَرَّدَ مُدَّعِي الْجَمِيعِ بِدَعْوَى سَهْمٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ لَهُ بِلَا مُنَازَعَةٍ فَبَقِيَ سَهْمٌ وَاحِدٌ اسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا فَيَنْكَسِرُ فَيُضَعَّفُ فَيَصِيرُ أَرْبَعَةً وَإِنْ شِئْت قُلْت إنَّا نَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ صَحِيحٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَهَا نَظَائِرُ ) أَيْ فَمِنْ نَظَائِرِهَا رَجُلٌ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِكُلِّ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِنِصْفِ مَالِهِ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا بِطَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ أَرْبَاعًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدَهُمَا أَثْلَاثًا بِطَرِيقِ الْعَوْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَأَضْدَادٌ ) يَعْنِي بِهِ الْخِلَافُ عَلَى الْعَكْسِ كَمُدَبَّرٍ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَآخَرَ عَمْدًا وَلَهُ وَلِيَّانِ فَعَفَا أَحَدُ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ وَدَفَعَ الْمَوْلَى الْقِيمَةَ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ وَلِيَّيْ الْخَطَأِ وَاَلَّذِي لَمْ يَعْفُ مِنْ وَلِيَّيْ الْعَمْدِ عِنْدَهُ أَثْلَاثًا عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ وَعِنْدَهُمَا

أَرْبَاعًا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَصُورَةُ الْمُنَازَعَةِ أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ فَرْعٌ مِنْ دَعْوَى قَوْمٍ سُلِّمَ لِلْآخَرِ بِلَا مُنَازَعَةٍ فَهَاهُنَا صَاحِبُ النِّصْفِ يَدَّعِي النِّصْفَ فَالنِّصْفُ خَلَا مِنْ دَعْوَاهُ وَسُلِّمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ اسْتَوْعَبَ مُنَازَعَتَهُمَا فِيهِ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا وَلِصَاحِبِ النِّصْفِ الرُّبْعُ وَصُورَةُ الْعَوْلِ أَنْ يَضْرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِسَهْمِهِ فَتُجْمَعُ السِّهَامُ كُلُّهَا وَتُقْسَمُ الْعَيْنُ عَلَى مَبْلَغِ السِّهَامِ فَهَاهُنَا صَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي الْجَمِيعَ وَصَاحِبُ النِّصْفِ يَدَّعِي النِّصْفَ فَيَحْتَاجُ إلَى حِسَابٍ لَهُ نِصْفٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ سَهْمَانِ فَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي سَهْمَيْنِ وَصَاحِبُ النِّصْفِ يَدَّعِي سَهْمًا فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ الْمِيرَاثُ ) كَمَا فِي امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةً لِلثُّلُثَيْنِ فَتَعُولُ الْفَرِيضَةُ إلَى سَبْعَةٍ وَكَانَتْ فِي الْأَصْلِ مِنْ سِتَّةٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالدُّيُونُ ) إذَا اجْتَمَعَتْ وَضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْهَا ا هـ كَرَجُلٍ مَاتَ وَتَرَكَ أَلْفًا وَلِرَجُلٍ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ خَمْسُمِائَةٍ فَالْأَلْفُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ لِأَنَّ حَقَّهُمْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى الْعَيْنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ إذَا اجْتَمَعَتْ وَزَادَتْ عَلَى الثُّلُثِ ) أَيْ بِأَنْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ وَلَآخِرَ بِرُبْعِ مَالِهِ وَلِآخَرَ بِسُدُسِ مَالِهِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ حَتَّى عَادَتْ إلَى الثُّلُثِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ ) أَيْ إذَا أَوْصَى بِأَنْ يَعْتِقَ مِنْ هَذَا الْعَبْدِ وَمِنْ الْآخَرِ نِصْفُهُ وَلَا يَخْرُجُ ذَلِكَ مِنْ الثُّلُثِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَأَجَازَ الْمَوْلَى الْبَيْعَيْنِ ) يُخَيَّرُ

الْمُشْتَرِيَانِ فَإِنْ اخْتَارَا الرَّدَّ فَلَا كَلَامَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ) أَيْ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ أَوْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا ) أَيْ فَيَأْخُذُ الْمَوْلَى ثُلُثَ الثَّمَنِ وَالْأَجْنَبِيُّ ثُلُثَيْهِ ا هـ قَوْلُهُ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ ) أَيْ عِنْدَهُ أَثْلَاثًا وَعِنْدَهُمَا أَرْبَاعًا وَإِنْ فَدَاهُ الْمَوْلَى يَفْدِيهِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا خَمْسَةِ آلَافٍ لِشَرِيكِ الْعَافِي وَعَشْرَةِ آلَافٍ لِوَلِيِّ الْخَطَأِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا فَهِيَ لِلثَّانِي ) أَيْ لَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِي الْمُدَّعِيَيْنِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا كَانَتْ كُلُّهَا لِمُدَّعِي الْكُلِّ لِأَنَّ مُدَّعِيَ النِّصْفِ تَنْصَرِفُ دَعْوَاهُ إلَى مَا فِي يَدِهِ لِتَكُونَ يَدُهُ يَدًا مُحِقَّةً لِأَنَّ حَمْلَ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ ظَالِمًا بِالْإِمْسَاكِ فَاقْتَصَرَتْ دَعْوَاهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ وَلَا يَدَّعِي شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَمُدَّعِي الْكُلِّ يَدَّعِي مَا فِي يَدِ نَفْسِهِ وَمَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَلَا يُنَازِعُهُ أَحَدٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَاسْتَوَتْ مُنَازَعَتُهُمَا فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَكَانَتْ بَيِّنَتُهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ خَارِجٌ فِيهِ فَيُقْضَى لَهُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ فَسُلِّمَ لَهُ الْكُلُّ نِصْفُهَا بِالتَّرْكِ لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِالْقَضَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ بَرْهَنَا عَلَى نِتَاجِ دَابَّةٍ وَأَرَّخَا قُضِيَ لِمَنْ وَافَقَ سِنَّهَا تَارِيخُهُ ) لِأَنَّ عَلَامَةَ الصِّدْقِ ظَهَرَتْ فِيمَنْ وَافَقَ تَارِيخُهُ سِنَّهَا فَتَرَجَّحَتْ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ وَفِي الْأُخْرَى ظَهَرَتْ عَلَامَةُ الْكَذِبِ فَيَجِبُ رَدُّهَا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الدَّابَّةُ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي النِّتَاجِ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ حَيْثُ يُحْكَمُ بِهَا لِذِي الْيَدِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا إنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا أَوْ فِي يَدِ ثَالِثٍ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا ) سَلَّمَ لِصَاحِبِ الْجَمِيعِ نِصْفَهَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَنِصْفَهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ وَهَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّارَ فِي أَيْدِيهِمَا وَالْيَدُ مِنْ أَسْبَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّسَاوِي فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ يُوجِبُ التَّسَاوِي فِي نَفْسِ الِاسْتِحْقَاقِ فَصَارَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ ثُمَّ دَعْوَى مُدَّعِي النِّصْفِ تَنْصَرِفُ إلَى النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا فِي إمْسَاكِ النِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَأُمُورُ الْمُسْلِمِينَ يَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى الصَّلَاح مَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَقَامَ الْخَارِجُ وَذُو الْيَدِ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ النِّصْفِ فَكَانَ الْخَارِجُ أَوْلَى وَهُوَ مُدَّعِي الْكُلِّ وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي الْجَمِيعِ سُلِّمَ لَهُ لَا عَلَى طَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مُدَّعِي النِّصْفِ لِمُدَّعِي الْجَمِيع وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الْجَمِيعِ لِمُدَّعِي النِّصْفِ لِأَنَّ مُدَّعِي النِّصْفِ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا فِي يَدِ صَاحِبِ الْجَمِيعِ وَصَاحِبُ الْجَمِيعِ يَدَّعِي النِّصْفَ الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِ النِّصْفِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَيَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ انْقَطَعَ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَصَارَ الْحَالُ بَعْدَ الْحَلْفِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ وَقَبْلَ الْحَلْفِ كَانَتْ الدَّارُ فِي أَيْدِيهِمَا نِصْفَيْنِ فَبَعْدَ الْحَلْفِ كَذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَشْكَلَ ذَلِكَ فَلَهُمَا ) أَيْ إنْ أَشْكَلَ سِنُّ الدَّابَّةِ فِي مُوَافَقَةِ أَحَدِ التَّارِيخَيْنِ يُقْضَى لَهُمَا بِهَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى بِهَا مِنْ الْآخَرِ وَهَذَا إذَا كَانَا خَارِجَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَكَذَا إذَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَشْكَلَ الْأَمْرُ سَقَطَ التَّارِيخَانِ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا لَمْ يُؤَرِّخَا وَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُ الْفَرِيقَيْنِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ مَنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بَلْ يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا إنْ كَانَا خَارِجَيْنِ أَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا يُقْضَى بِهَا لِذِي الْيَدِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ ذِكْرِ الْوَقْتِ لِحَقِّهِمَا وَحَقُّهُمَا هُنَا فِي إسْقَاطِ اعْتِبَارِهِ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهِ إسْقَاطَ حَقِّهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُمَا ذَكَرَا النِّتَاجَ مِنْ غَيْرِ تَارِيخٍ وَفِيهِ صَاحِبُ الْيَدِ أَوْلَى إنْ كَانَتْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَهِيَ بَيْنَهُمَا كَمَا إذَا أَشْكَلَ فِي مُوَافَقَةِ سِنِّهَا أَحَدَ التَّارِيخَيْنِ وَهَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْمَشَايِخِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ أَشْكَلَ ) أَيْ إنْ لَمْ يَظْهَرْ سِنُّ الدَّابَّةِ ا هـ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ التَّارِيخَيْنِ ) أَيْ فِي دَعْوَى الْخَارِجَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ ) أَيْ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا بَطَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ ا هـ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ فَإِنْ خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ الْوَقْتَيْنِ قُضِيَ بِهَا لِصَاحِبِ الْيَدِ ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ الصَّحِيحُ أَنْ تَبْطُلَ الْبَيِّنَتَانِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً قَضَيْت بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ الْوَقْتُ فَصَارَا كَأَنَّهُمَا لَمْ يُوَقِّتَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي اللَّيْثِ الْخُوَارِزْمِيَّ إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَالْبَيِّنَتَانِ بَاطِلَتَانِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ كَذِبُهُمَا إلَى هُنَا لَفْظُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ الْمَذْكُورُ وَقَدْ مَرَّ مَرَّةً وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده فِي مَبْسُوطِهِ فَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً فَإِنِّي أَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ثُمَّ قَالَ هَكَذَا ذَكَرَ أَيْ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ ثُمَّ قَالَ قَالُوا مَا ذَكَرَ مِنْ الْجَوَابِ يَسْتَقِيمُ جَوَابًا لِإِحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً لِأَنَّهَا مَتَى كَانَتْ مُشْكِلَةً يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُوَافِقًا لِوَقْتِ كُلِّ وَاحِدٍ وَمُخَالِفًا فَلَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِ أَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الدَّعْوَى وَالْحُجَّةِ فَيَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَأَمَّا مَتَى كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْقَاضِيَ تَيَقَّنَ بِكَذِبِ شَهَادَةِ كُلِّ فَرِيقٍ وَهَذَا مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ حَالَةَ الِانْفِرَادِ فَيَمْتَنِعُ حَالَةَ الِاجْتِمَاعِ أَيْضًا ثُمَّ قَالَ خُوَاهَرْزَادَهْ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا مَا رَوَى أَبُو اللَّيْثِ الْجَوَابَ عَنْ

مُحَمَّدٍ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ إذَا كَانَ سِنُّ الدَّابَّةِ مُشْكِلًا يَقْضِي بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْوَقْتَيْنِ لَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ وَيَتْرُكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ قَضَاءَ تَرْكٍ فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْأَلِفَ فِي قَوْلِهِ : أَوْ كَانَتْ مُشْكِلَةً زِيَادَةٌ وَقَعَتْ غَلَطًا مِنْ الْكَاتِبِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْوَقْتَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الشَّكِّ لَا عَلَى سَبِيلِ الْيَقِينِ يَعْنِي يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِلْوَقْتَيْنِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا فَأَمَّا مَتَى كَانَ مُخَالِفًا لِلْوَقْتَيْنِ بِيَقِينٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُمَا بِشَيْءٍ وَيُتْرَكُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ كَمَا فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ إذَا خَالَفَ سِنُّ الدَّابَّةِ الْوَقْتَ بِيَقِينٍ فَيُحْمَلُ مَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ كَذَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ بَرْهَنَ أَحَدُ الْخَارِجَيْنِ عَلَى الْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى الْوَدِيعَةِ اسْتَوَيَا ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ عَيْنٌ فِي يَدِ رَجُلٍ فَأَقَامَ رَجُلَانِ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ وَالْآخَرُ الْوَدِيعَةِ اسْتَوَتْ دَعْوَاهُمَا حَتَّى يُقْضَى بِهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ وَلَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ إلَى الْوِفَاقِ بِخِلَافِ مَا إذَا خَالَفَ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ جُحُودٍ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصِيرُ غَصْبًا بِالْجُحُودِ ) أَيْ فَصَارَ دَعْوَى الْوَدِيعَةِ وَالْغَصْبِ سَوَاءً ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَحَقُّ مِنْ آخِذِ اللِّجَامِ وَالْكُمِّ ) مَعْنَاهُ إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا أَوْ تَنَازَعَا فِي قَمِيصٍ أَحَدُهُمَا لَابِسُهُ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِكُمِّهِ كَانَ الرَّاكِبُ وَاللَّابِسُ أَوْلَى مِنْ الْمُتَعَلِّقِ بِاللِّجَامِ وَالْكُمِّ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُمَا أَظْهَرُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ فَكَانَا صَاحِبَيْ يَدٍ وَالْمُتَعَلِّقُ خَارِجٌ فَكَانَا أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ حَيْثُ تَكُونُ بَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى لِأَنَّهَا حُجَّةٌ مُطْلَقًا وَبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَكْثَرُ إثْبَاتًا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَأَمَّا التَّعَلُّقُ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ وَكَذَا التَّصَرُّفُ لَكِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِالتَّمَكُّنِ مِنْ التَّصَرُّفِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي يَدِهِ وَالْيَدُ دَلِيلُ الْمِلْكِ حَتَّى جَازَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ حَتَّى تَقُومَ الْحُجَجُ وَالتَّرَاجِيحُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا عَلَى السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفًا لَهُ كَانَ الرَّاكِبُ أَوْلَى لِأَنَّ تَمَكُّنَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا رَاكِبَيْنِ عَلَى السَّرْجِ حَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُتَعَلِّقًا بِذَنَبِهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكًا بِلِجَامِهَا قَالُوا يَنْبَغِي أَنْ يُقْضَى بِهَا لِمَنْ يُمْسِكُ لِجَامَهَا لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِاللِّجَامِ غَالِبًا إلَّا الْمَالِكُ بِخِلَافِ التَّعَلُّقِ بِالذَّنَبِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي بِسَاطٍ أَحَدُهُمَا قَاعِدٌ عَلَيْهِ وَالْآخَرُ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ بِحُكْمِ الِاسْتِوَاءِ بَيْنَهُمَا لَا بِطَرِيقِ الْقَضَاءِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِيرُ بِهِمَا غَاصِبًا لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَصِيرُ غَاصِبًا بِالْقُعُودِ عَلَى الْبِسَاطِ وَكَذَا إذَا كَانَا جَالِسَيْنِ عَلَيْهِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا جَالِسَيْنِ فِي دَارٍ وَتَنَازَعَا فِيهَا

حَيْثُ لَا يُحْكَمُ لَهُمَا بِهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَهُنَا عُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي يَدِ غَيْرِهِمَا

( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ ) أَيْ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي الدَّارِ أَحَدُهُمَا سَاكِنُهَا وَالْآخَرُ آخِذٌ بِحَلْقَةِ الْبَابِ إنَّ السَّاكِنَ أَوْلَى وَكَذَلِكَ إذَا تَنَازَعَا فِي بَعِيرٍ وَعَلَيْهِ حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا كَانَ صَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ يَدًا ظَاهِرَةً وَتَصَرُّفًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ حَتَّى جَازَتْ الشَّهَادَةُ لَهُ ) أَيْ لِصَاحِبِ الْيَدِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا إلَخْ ) قَالَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَا جَمِيعًا رَاكِبَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ خَارِجَ السَّرْجِ قُضِيَ بِالدَّابَّةِ بَيْنَهُمَا بِالْإِجْمَاعِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ يُقْضَى بِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ فِي السَّرْجِ إلَى هُنَا لَفْظُهُ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَنَقَلَ النَّاطِفِيُّ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ الْمُعَلَّى رَجُلَانِ عَلَى دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبٌ فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفٌ فَادَّعَيَا الدَّابَّةَ فَهِيَ لِرَاكِبِ السَّرْجِ فَإِنْ كَانَا فِي السَّرْجِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَعُلِمَ بِمَا ذَكَرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْأَجْنَاسِ أَنَّ الدَّابَّةَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا رَاكِبًا فِي السَّرْجِ وَالْآخَرُ رَدِيفَهُ فَالرَّاكِبُ أَوْلَى مِنْ الرَّدِيفِ فَذَاكَ عَلَى رِوَايَةِ النَّوَادِرِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ يَدِهِ ) أَيْ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّ الْمُلَّاكَ يَرْكَبُونَ فِي السَّرْجِ وَغَيْرُهُمْ يَكُونُ رَدِيفًا ا هـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّعَلُّقِ بِالذَّنْبِ ) أَيْ فَإِنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ غَيْرُ الْمَالِكِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُلُوسَ لَيْسَ بِيَدٍ عَلَيْهِ ) وَكَذَا النَّوْمُ عَلَى الْبِسَاطِ لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى الْيَدِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَاحِبُ الْحِمْلِ وَالْجُذُوعِ وَالِاتِّصَالِ أَحَقُّ مِنْ الْغَيْرِ ) فَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَتَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَعَلَيْهَا حِمْلٌ لِأَحَدِهِمَا كَانَ صَاحِبُ الْحِمْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ فَكَانَتْ فِي يَدِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى جَمَاعَةٌ سَفِينَةً وَكَانَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ رَاكِبَهَا وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِسُكَّانِهَا وَآخَرُ يُجَدِّفُ فِيهَا وَآخَرُ يَمُدُّهَا فَهِيَ بَيْنَهُمْ إلَّا مَنْ يَمُدُّهَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يَدَ لَهُ فِيهَا لِأَنَّ الْبَاقِينَ هُمْ الْمُتَصَرِّفُونَ فِيهَا التَّصَرُّفَ الْمُعْتَادَ وَلَوْ كَانَ الْحِمْلُ لَهُمَا كَانَتْ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا وَلَا يُرَجَّحُ بِكَثْرَةِ مَا فِي الْحِمْلِ لِأَحَدِهِمَا لِأَنَّ التَّرْجِيحَ يَقَعُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَمَعْنَى الثَّانِي أَنْ يَكُونَ حَائِطٌ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ لِرَجُلٍ وَلِآخَرَ عَلَيْهِ جُذُوعٌ أَوْ مُتَّصِلٌ بِبِنَائِهِ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ وَالِاتِّصَالِ دُونَ الْهَرَادِيِّ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُذُوعِ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ وَصَاحِبَ الْهَرَادِيِّ مُتَعَلِّقٌ وَالْبِنَاءُ يُبْنَى لِلْجُذُوعِ عَادَةً لَا لِوَضْعِ الْهَرَادِيِّ فَصَارَ نَظِيرَ دَابَّةٍ تَنَازَعَا فِيهَا وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ أَوْ مِخْلَاةٌ مُعَلَّقَةٌ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِصَاحِبِ الْحِمْلِ دُونَ صَاحِبِ الْكُوزِ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّصَالِ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ وَهُوَ أَنْ يَتَدَاخَلَ لَبِنُ الْبِنَاءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فِي لَبِنِ جِدَارِهِ وَلَبِنُ جِدَارِهِ فِي لَبِنِ الْبِنَاءِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَسَاجُ أَحَدِهِمَا مُرَكَّبٌ عَلَى سَاجِ الْآخَرِ لِأَنَّ الِاتِّصَالَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْبِنَاءِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ بَانِيَهُمَا وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَتَرَجَّحَ بِهِ وَكَانَ الْكَرْخِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ صِفَةُ هَذَا الِاتِّصَالِ أَنْ يَكُونَ الْحَائِطُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مُتَّصِلًا بِحَائِطَيْنِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْجَانِبَيْنِ جَمِيعًا وَالْحَائِطَانِ مُتَّصِلَانِ

بِحَائِطٍ لَهُ بِمُقَابَلَةِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ حَتَّى يَصِيرَ مُرَبَّعًا شِبْهَ الْقُبَّةِ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْكُلُّ فِي حُكْمِ شَيْءٍ وَاحِدٍ وَالْمُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ اتِّصَالَ جَانِبَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بِحَائِطَيْنِ لِأَحَدِهِمَا يَكْفِي وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُ الْحَائِطَيْنِ بِحَائِطٍ لَهُ بِمُقَابَلَةِ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مَشَايِخِنَا رَحِمَهُمُ اللَّهُ لِأَنَّ الرُّجْحَانَ يَقَعُ بِكَوْنِ مِلْكِهِ مُحِيطًا بِالْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَذَلِكَ يَتِمُّ بِالِاتِّصَالِ بِجَانِبَيْ الْحَائِطِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِنْ خَشَبٍ فَالتَّرْبِيعُ أَنْ يَكُونَ سَاجُ أَحَدِهِمَا مُرَكَّبًا فِي الْآخَرِ وَأَمَّا إذَا نُقِّبَ وَأُدْخِلَ فَلَا يَكُونُ مُرَبَّعًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا بِاتِّصَالِ الْمُلَازَقَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْبِيعٍ لِعَدَمِ الْمُدَاخَلَةِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا بُنِيَا مَعًا وَلَا بِوَضْعِ الْهَرَادِيِّ وَلَا الْبَوَارِي لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لِأَجْلِهِ عَادَةً فَلَا يَكُونُ تَصَرُّفًا فِيهِ فَلَا يُعْتَبَرُ أَصْلًا كَوَضْعِ الثَّوْبِ عَلَى الْجِدَارِ حَتَّى لَوْ تَنَازَعَا فِي حَائِطٍ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ هَرَادِيُّ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَا يُرَجَّحُ صَاحِبُ الْهَرَادِيِّ لِعَدَمِ الِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ اتِّصَالِ التَّرْبِيعِ لِأَنَّ الِاسْتِعْمَالَ فِيهِ مَوْجُودٌ مِنْ وَجْهٍ وَلِأَنَّ الْبِنَاءَ لِلتَّسْقِيفِ وَهُوَ بِالْجُذُوعِ دُونَ الْهَرَادِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يُرَجَّحُ بِوَضْعِ الْجُذُوعِ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَارِيَّةٌ وَغَصْبٌ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً مَعَ الِاحْتِمَالِ قُلْنَا صَاحِبُ الْجُذُوعِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ فَكَانَ فِي يَدِهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ فَصَارَ نَظِيرَ الْحِمْلِ عَلَى الدَّابَّةِ وَلِأَنَّ الْحَائِطَ يُبْنَى لِلْجُذُوعِ فَوَضْعُهُ عَلَامَةُ مِلْكِهِ وَمِثْلُ هَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ عَلَامَةً كَمَا إذَا اخْتَلَفَ

الزَّوْجَانِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ حَتَّى جُعِلَ التَّرْجِيحُ بِالصَّلَاحِيَّةِ وَلَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ ثَلَاثَةٌ فَهُوَ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي أَصْلِ الْعِلَّةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْكَثْرَةِ وَالْقِلَّةِ بَعْدَ أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثًا لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَإِنَّمَا اشْتَرَطْنَا أَنْ يَبْلُغَ ثَلَاثًا لِأَنَّ الْحَائِطَ تُبْنَى لِلتَّسْقِيفِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ غَالِبًا فَصَارَ الثَّلَاثُ كَالنِّصَابِ لَهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ جُذُوعٌ لِأَحَدِهِمَا ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ فَهُوَ لِصَاحِبِ الثَّلَاثَةِ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْقِيَاسُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ لَا يَكُونُ بِالْكَثْرَةِ بَلْ بِالْقُوَّةِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُمَا حِمْلٌ عَلَى دَابَّةٍ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ مَنٍّ وَلِلْآخَرِ مَنٌّ أَوْ مَنَوَانِ فَإِنَّهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَا دُونَ الثَّلَاثِ حُجَّةٌ نَاقِصَةٌ إذْ لَا يُبْنَى الْحَائِطُ لِأَجَلِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ عَادَةً وَالْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ لَا تَظْهَرُ بِمُقَابَلَةِ الْكَامِلَةِ ثُمَّ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ الْوَاحِدِ أَوْ الِاثْنَيْنِ حَقُّ الْوَضْعِ بِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِالْحَائِطِ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ بِالظَّاهِرِ وَهُوَ يَصْلُحُ لِلدَّفْعِ لَا لِلِاسْتِحْقَاقِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَثْبَتَ الْحَائِطَ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ تَصْلُحُ لِلدَّفْعِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ نَظِيرُ الشُّفْعَةِ حَتَّى لَا يَسْتَحِقَّ بِمَا ثَبَتَ مِلْكُهُ بِالْيَدِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَلِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلِلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ أَوْ نَحْوُهُ حَيْثُ يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ وَإِنْ كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ بِالْيَدِ وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ وَضْعَ الْكُوزِ لَا يُمْكِنُ اسْتِحْقَاقُهُ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ ابْتِدَاءً

مُؤَبَّدًا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ مُؤَقَّتًا مِنْ جِهَةِ الْمَالِكِ فَإِذَا ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ أُمِرَ بِالْإِزَالَةِ وَأَمَّا وَضْعُ الْخَشَبِ فَمُمْكِنٌ اسْتِحْقَاقُهُ بِأَنْ وَقَعَتْ الْقِسْمَةُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ ثُمَّ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي أَنَّهُ يَمْلِكُ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ أَمْ لَا فَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّ الْحَائِطَ كُلَّهُ لِصَاحِبِ الْأَجْذَاعِ وَلِصَاحِبِ الْقَلِيلِ مَا تَحْتَ جِذْعَيْهِ يُرِيدُ بِهِ حَقَّ الْوَضْعِ لِأَنَّ الْحَائِطَ لَا يُبْنَى لِأَجَلِ جِذْعٍ وَاحِدٍ أَوْ جِذْعَيْنِ عَادَةً وَإِنَّمَا يُنْصَبُ لَهُ أُسْطُوَانَةٌ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِالْمِلْكِ كَمَسْأَلَةِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ وَلَلْآخَرِ كُوزٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى أَنَّ الْحَائِطَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَجْذَاعِ لِأَنَّ مَوْضِعَ جِذْعِهِ مَشْغُولٌ بِجِذْعِهِ فَيَكُونُ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً بِاعْتِبَارِ الِاسْتِعْمَالِ فَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْمِلْكُ فِيمَا تَحْتَ خَشَبِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ يُحْكَمُ بِمَا بَيْنَ الْخَشَبَاتِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْأَخْشَابِ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ صَاحِبُ الْخَشَبَةِ أَوْ الْخَشَبَتَيْنِ إلَّا مَوْضِعَ خَشَبَتِهِ وَمِنْهُمْ مِنْ قَالَ يَكُونُ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يُقَسَّمُ جَمِيعُ الْحَائِطِ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَخْشَابِهِمَا اعْتِبَارًا لِقَدْرِ الِاسْتِعْمَالِ وَجَعَلَ فِي الْمُحِيطِ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَصَحَّ وَقَالَ قَاضِيخَانْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ يَكُونُ مِلْكًا لِصَاحِبِ الْخَشَبَةِ كَمَا ذَكَرَ فِي الدَّعْوَى وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلِلْآخَرِ اتِّصَالُ تَرْبِيعٍ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ أَوْلَى لِأَنَّ لَهُ تَصَرُّفًا فِي الْحَائِطِ وَلِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَرَجَّحَ السَّرَخْسِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ أَوْلَى لِأَنَّ

الْحَائِطَيْنِ بِهَذَا الِاتِّصَالِ يَصِيرَانِ كَبِنَاءٍ وَاحِدٍ فَالْقَضَاءُ بِبَعْضِهِ يَصِيرُ قَضَاءً بِكُلِّهِ ثُمَّ يَبْقَى لِلْآخَرِ حَقُّ وَضْعِ جُذُوعِهِ لِمَا بَيَّنَّا وَصَحَّحَ الْجُرْجَانِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ وَرَجَّحَهَا بِالسَّبْقِ لِأَنَّ التَّرْبِيعَ يَكُونُ حَالَةَ الْبِنَاءِ وَهُوَ سَابِقٌ عَلَى وَضْعِ الْجُذُوعِ فَكَانَ يَدُهُ ثَابِتًا فِيهِ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ الْجُذُوعَ فَصَارَ نَظِيرَ سَبْقِ التَّارِيخِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ جُذُوعَ الْآخَرِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّصَالُ مِنْ جَانِبٍ أَوْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الْمُحِيطِ الْأَيْدِي فِي الْحَائِطِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ اتِّصَالِ تَرْبِيعٍ وَاتِّصَالِ مُلَازَقَةٍ وَمُجَاوَرَةٍ وَوَضْعِ جُذُوعٍ وَمُحَاذَاةِ بِنَاءٍ وَلَا عَلَامَةَ لِلْيَدِ فِي الْحَائِطِ سِوَى هَذَا فَأَوَّلَاهُمْ صَاحِبُ التَّرْبِيعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَصَاحِبُ الْجُذُوعِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَصَاحِبُ الْمُحَاذَاةِ وَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قِيلَ هُمَا فِيهِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَقِيلَ صَاحِبُ الْجِذْعِ أَوْلَى لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ يُبْنَى بِجِذْعٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ غَيْرَ غَالِبٍ وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ هَرَادِيُّ أَوْ بَوَارِيُّ وَلَا شَيْءَ لِلْآخَرِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَالْهَرَادِيُّ لَا تُعْتَبَرُ وَلَا الْبَوَارِي وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جِذْعٌ وَاحِدٌ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ أَوْ بَوَارِيُّ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجِذْعِ

( قَوْلُهُ وَالْآخَرُ مُمْسِكٌ بِسُكَّانِهَا ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَالسُّكَّانُ ذَنَبُ السَّفِينَةِ لِأَنَّهَا بِهِ تَقُومُ وَتَسْكُنُ ا هـ مُغْرِبٌ قَوْلُهُ الْهَرَادِيُّ ) الْهَرَادِيُّ جَمْعُ الْهُرْدِيَّةِ قَصَبَاتٌ تُضَمُّ مَلْوِيَّةً بِطَاقَاتٍ مِنْ الْكَرْمِ فَتُرْسَلُ عَلَيْهَا قُضْبَانُ الْكَرْمِ كَذَا فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي الدِّيوَانِ الْهَاءَ وَالْحَاءَ جَمِيعًا وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ الْحُرْدِيُّ الْقَصَبُ نَبَطِيٌّ مُعَرَّبٌ وَلَا يُقَالُ الْهَرْدِيُّ وَرَأَيْت فِي نُسْخَةٍ عَتِيقَةٍ مِنْ نُسَخِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ الْحَرَادِيُّ بِالْحَاءِ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَمْهَرَةِ فِي بَابِ الْحَاءِ وَالدَّالِ وَالرَّاءِ أَمَّا الَّذِي يُسَمِّيهِ الْبَصْرِيُّونَ الْحُرْدِيَّ مِنْ الْقَصَبِ فَهُوَ نَبَطِيٌّ مُعَرَّبٌ وَكَذَا قَالَ صَاحِبُ الدِّيوَانِ أَيْضًا الْحُرْدِيُّ وَاحِدُ حَرَادِيِّ الْقَصَبِ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِالْهَاءِ وَالْحَاءِ جَمِيعًا وَالرِّوَايَةُ فِي الْأَصْلِ وَالْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ بِالْحَاءِ وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَشَرْحِ الْكَافِي وَقَعَتْ بِالْهَاءِ لَا غَيْرُ قَالَ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ بَيْنَ دَارَيْنِ فَادَّعَاهُ صَاحِبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدَّارَيْنِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا عَلَيْهِ جُذُوعٌ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ لِأَنَّهُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْجُذُوعِ يَعْنِي بِهَا الْيَدَ الْمُسْتَعْمَلَةَ وَالْيَدُ الْمُسْتَعْمَلَةُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ لِأَنَّ الْحَائِطَ مَا بُنِيَ إلَّا لَهُ وَصَارَ كَاثْنَيْنِ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ أَحَدُهُمَا رَاكِبُهَا وَالْآخَرُ آخِذٌ بِلِجَامِهَا يُقْضَى بِهَا لِلرَّاكِبِ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَلِلْآخَرِ بِهَا نَوْعُ تَعَلُّقٍ كَذَا هُنَا فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ هَرَادِيُّ أَوْ بَوَارِيُّ لَمْ يَسْتَحِقَّ بِهَا شَيْئًا وَكَانَ الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَعْمِلُ لِلْحَائِطِ اسْتِعْمَالَ مَيْلِهِ لِأَنَّهُ بُنِيَ لِوَضْعِ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ وَالتَّسْقِيفُ دُونَ

الْهَرَادِيِّ لَكِنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الْهَرَادِيِّ وَالْبَوَارِيِّ لِأَنَّ الْقَضَاءَ وَقَعَ لَهُ بِالْحَائِطِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ دُونَ إبْطَالِ الِاسْتِحْقَاقِ الثَّابِتِ لِلْغَيْرِ ظَاهِرًا وَإِنْ كَانَ الْحَائِطُ مُتَّصِلًا بِبِنَاءِ أَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ جُذُوعٌ فَهُوَ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ فَكَانَ فِي يَدِهِ وَثُبُوتُ الْيَدِ عَلَى مَا جَاوَرَهُ وَقَرُبَ لَا يَكُونُ ثُبُوتًا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اتِّصَالًا بِتَرْبِيعٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ أَحَدُ طَرَفَيْ الْآجُرِّ فِي هَذَا الْحَائِطِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ فِي الْحَائِطِ الْآخَرِ حَتَّى يَصِيرَ فِي مَعْنَى حَائِطٍ وَاحِدٍ وَبِنَاءٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ ثُبُوتُ الْيَدِ عَلَى الْبَعْضِ ثُبُوتًا عَلَى الْكُلِّ فَيَكُونُ الْحَائِطُ لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ مَوْضِعُ جِذْعِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُتَّخَذًا مِنْ الْخَشَبِ فَتَكُونُ الْخَشَبَةُ الَّتِي فِي هَذَا الْحَائِطِ مُرَكَّبَةً بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِي ذَلِكَ الْحَائِطِ وَلِأَنَّ اتِّصَالَ التَّرْبِيعِ أَدَلُّ عَلَى سَبْقِ الْيَدِ مِنْ وَضْعِ الْخَشَبِ عَلَى الْجِدَارِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُوضَعُ عَلَيْهِ بَعْدَ تَمَامِهِ وَصَيْرُورَتِهِ حَائِطًا فَمَتَى عَرَفْنَا سَبْقَ يَدِ أَحَدِهِمَا قَضَيْنَا لَهُ بِهِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ صَاحِبُ الْجُذُوعِ بِرَفْعِ جُذُوعِهِ لِأَنَّا قَضَيْنَا لِصَاحِبِ الِاتِّصَالِ وَالتَّرْبِيعِ بِالْجِدَارِ بِنَاءً عَلَى الظَّاهِرِ وَالظَّاهِرُ يَصْلُحُ حُجَّةً لِلدَّفْعِ دُونَ إبْطَالِ الثَّابِتِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْجُذُوعِ حَقُّ وَضْعِ الْجُذُوعِ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا فِي الْوَضْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ الْوَضْعَ مَعَ كَوْنِ الْحَائِطِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ فِي حُكْمِ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ قَالَ

بَعْضُهُمْ هُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لِأَنَّهُ لَا يَدَ لِأَحَدِهِمَا فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ كَرَجُلَيْنِ تَنَازَعَا فِي دَارٍ وَفِي يَدِ أَحَدِهِمَا بَيْتٌ مِنْهَا وَفِي يَدِ الْآخَرِ بَيْتَانِ أَنَّ الْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَذَلِكَ مَا بَيْنَ الْخَشَبِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ خَشَبِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ صَاحِبَ الْخَشَبِ الْكَثِيرِ مُسْتَعْمِلٌ لِلْحَائِطِ أَكْثَرَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْآخَرِ فَاعْتُبِرَ مُسْتَعْمِلًا لِمَا يَلِي الْجُذُوعَ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ عَلَى قَدْرِ خَشَبِهِمَا حَتَّى يَكُونَ لِصَاحِبِ الْجِذْعَيْنِ خُمُسَانِ وَلِصَاحِبِ الْجُذُوعِ الثَّلَاثَةِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ ا هـ ( قَوْلُهُ ثُمَّ مِنْ أَصْحَابِنَا ) أَيْ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ ذَلِكَ ا هـ قَوْلُهُ الْقَائِلِينَ بِهَذَا الْقَوْلِ إلَخْ أَعْنِي الْقَوْلَ بِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا تَحْتَ خَشَبَتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالتَّصَرُّفُ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمِلْكِ ) أَيْ كَمَا لَوْ تَنَازَعَ الدَّابَّةَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا وَمُتَعَلِّقٌ بِلِجَامِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ صَاحِبَ الِاتِّصَالِ إلَخْ ) وَكَوْنُ صَاحِبِ الِاتِّصَالِ أَوْلَى مِنْ صَاحِبِ الْجُذُوعِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْأَتْقَانِيُّ وَلَمْ يَحْكِ قَوْلًا آخَرَ غَيْرَهُ وَقَدْ نَقَلْت عِبَارَتَهُ أَوَّلَ الْمَقَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ لِوُجُودِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِ فَرَاجِعْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا إلَى قَوْلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ ) أَلْحَقَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ وَلَمْ يَكْتُبْ آخِرَهَا لَفْظَةَ صَحَّ ا هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ثَوْبٌ فِي يَدِهِ وَطَرْفُهُ فِي يَدِ آخَرَ نُصِّفَ ) يَعْنِي لَوْ تَنَازَعَ الشَّخْصَانِ فِي ثَوْبٍ فِي يَدِ إحْدَاهُمَا وَطَرَفُهُ فِي يَدِ الْآخَرِ كَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِأَنَّ يَدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي الثَّوْبِ إلَّا أَنَّ إحْدَاهُمَا ثَابِتَةٌ فِي الْأَكْثَرِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ التَّرْجِيحَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الرُّجْحَانَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي دَابَّةٍ وَلَهُمَا عَلَيْهَا حِمْلٌ عَلَى التَّفَاوُتِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ تَفَاوُتُ الْحِمْلِ حَتَّى إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا مَنٌّ وَلِلْآخَرِ مِائَةُ مَنٍّ كَانَتْ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا الْهُدَّابَةُ وَالْبَاقِي فِي يَدِ الْآخَرِ لِأَنَّ الْهُدَّابَةَ لَيْسَتْ بِثَوْبٍ إذْ هِيَ غَيْرُ مَنْسُوجَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ الثَّوْبِ فَلَا يُزَاحِمُ الْآخَرَ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَبِيٌّ يُعَبِّرُ فَقَالَ أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ لَهُ ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي يَدِ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ دَعْوَى أَحَدٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ عِنْدَ إنْكَارِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَالْبَالِغِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ أَوْ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَهُوَ عَبْدٌ لِمَنْ فِي يَدِهِ ) أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا يَدَ لَهُ حَيْثُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ فَكَانَ مِلْكًا لِمَنْ فِي يَدِهِ كَالْقُمَاشِ وَلَا يُقَالُ الْإِقْرَارُ بِالرِّقِّ مِنْ الْمَضَارِّ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ الصَّبِيِّ فَكَيْفَ يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهِ هُنَا لِأَنَّا نَقُولُ الرِّقُّ لَمْ يَثْبُتْ بِقَوْلِ الصَّبِيِّ بَلْ بِدَعْوَى ذِي الْيَدِ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ بِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ فِي يَدِ الْمُدَّعِي بَقِيَ كَالْقُمَاشِ فِي يَدِهِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالرِّقِّ مِنْ الْمَضَارِّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ بَعْدَهُ بِدَعْوَى الْحُرِّيَّةِ إذْ التَّنَاقُضُ فِيهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ وَلَا يُقَالُ الْأَصْلُ فِي الْآدَمِيِّ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ وَلَدُ آدَمَ وَحَوَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ وَهُمَا حُرَّانِ فَوَجَبَ أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَى الرِّقِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَكَوْنُهُ فِي يَدِهِ لَا يُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ كَاللَّقِيطِ حَيْثُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُلْتَقِطِ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ إذَا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ يَبْطُلُ وَثُبُوتُ الْيَدِ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْمِلْكِ فَيَبْطُلُ بِهِ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ اللَّقِيطَ إذَا أَقَرَّ بِالرِّقِّ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُعَبِّرًا عَنْ نَفْسِهِ يُخَالِفُهُ فِي الْحُكْمِ فَلَا يَلْزَمُنَا وَإِنْ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَالْأَمِينُ يَدُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَ يَدِ غَيْرِهِ فَكَانَتْ غَيْرَ

ثَابِتَةٍ حُكْمًا وَأَمَّا الثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَتَاعِ فَيَكُونُ مِلْكًا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ إنْ ادَّعَاهُ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ مِنْ يَدٍ عَلَى نَفْسِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَهَذَا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْآدَمِيِّ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدُ غَيْرِهِ إكْرَامًا لَهُ حَتَّى لَا يَكُونَ مُهَانًا كَالْقُمَاشِ وَالْبَهَائِمِ لَكِنْ ذَلِكَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ بِأَنْ يَكُونَ مُعَبِّرًا عَنْ نَفْسِهِ لَا عِنْدَ الْعَجْزِ وَالْعَجْزُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ إمَّا بِالصِّغَرِ حَقِيقَةً أَوْ بِالرِّقِّ حُكْمًا فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَوْ كَبُرَ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ عَلَيْهِ الرِّقُّ فَلَا يُنْقَضُ ذَلِكَ إلَّا بِالْبَيِّنَةِقَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ ) أَيْ يَتَكَلَّمُ وَيَعْقِلُ مَا يَقُولُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ مِنْ الصَّبِيِّ ) أَيْ كَإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ كَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ ) أَيْ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَانَتْ غَيْرَ ثَابِتَةٍ حُكْمًا ) أَيْ فَلَمْ تَصِحَّ الدَّعْوَى مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ لِأَنَّ يَدَهُ لَيْسَتْ يَدَ غَيْرِهِ فَتَكُونُ الْيَدُ ثَابِتَةً عَلَيْهِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا فَتَصِحُّ الدَّعْوَى مِنْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا تَثْبُتُ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ وَإِنْ كَانَ لَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ يَدُ غَيْرِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( عَشْرَةُ أَبْيَاتٍ فِي دَارٍ فِي يَدِهِ وَبَيْتٌ فِي يَدِ آخَرَ فَالسَّاحَةُ نِصْفَانِ ) لِأَنَّ السَّاحَةَ يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمُلَّاكُ لِاسْتِعْمَالِهَا فِي أَنْوَاعِ الْمَرَافِقِ مِنْ الْمُرُورِ فِيهَا وَالتَّوَضُّؤِ وَكَسْرِ الْحَطَبِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَافِعِ وَهُمَا فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَتُنَصَّفُ بَيْنَهُمَا فَصَارَتْ نَظِيرَ الطَّرِيقِ وَلِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا غَيْرَ مَرَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي الشُّرْبِ حَيْثُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ أَرَاضِيهِمَا لِأَنَّ الشُّرْبَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَجْلِ سَقْيِ الْأَرْضِ فَعِنْدَ كَثْرَةِ الْأَرَاضِي تَكْثُرُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الْأَرَاضِي بِخِلَافِ الِانْتِفَاعِ بِالسَّاحَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَمْلَاكِ كَالْمُرُورِ فِي الطَّرِيقِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَالسَّاحَةُ نِصْفَانِ ) بِالْحَاءِ وَهِيَ عَرْصَةٌ فِي الدَّارِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهَا ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ مِنْ خَطِّهِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ فَالسَّاحَةُ نِصْفَانِ مَا نَصُّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي اسْتِعْمَالِ السَّاحَةِ فِي الْمُرُورِ وَوَضْعِ الْأَمْتِعَةِ وَكَسْرِ الْحَطَبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ كَالطَّرِيقِ يَسْتَوِي فِيهِ صَاحِبُ الدَّارِ وَصَاحِبُ الْمَنْزِلِ وَصَاحِبُ الْبَيْتِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَ الْعُلْوُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَالسُّفْلُ فِي يَدِ الْآخَرِ وَالسَّاحَةُ فِي أَيْدِيهِمَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَدَّعِي الْجَمِيعَ يُتْرَكُ السُّفْلُ فِي يَدِ صَاحِبِ السُّفْلِ وَالْعُلْو فِي يَدِ صَاحِبِ الْعُلْوِ وَالسَّاحَةَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ حَقُّ الْمُرُورِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى السَّاحَةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ يُقْضَى بِالسُّفْلِ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ وَبِالْعُلْوِ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَالسَّاحَةُ لِلَّذِي قُضِيَ لَهُ بِالسُّفْلِ عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ السَّاحَةُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ وَعَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي قَالَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا يُقْضَى بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ وَبِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ لِهَذَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( ادَّعَى كُلٌّ أَرْضًا أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَلَبِنُ أَحَدِهِمَا فِيهَا أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ فَهِيَ فِي يَدِهِ كَمَا لَوْ بَرْهَنَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ ) لِأَنَّ الْيَدَ فِي الْأَرْضِ غَيْرُ مُشَاهَدَةٍ وَهِيَ مَقْصُودَةٌ فَلَا يَثْبُتُ عِنْدَ الْقَاضِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُمَا أَنَّهَا فِي يَدِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ أَنَّهَا فِي يَدِهِ أَوْ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا كَالتَّلْبِينِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ الْحَفْرِ لِأَنَّ التَّمَكُّنَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي يَدِهِ ثُمَّ إنْ ادَّعَيَا أَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمَا لَمْ يَقْضِ بِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا فِي يَدِ غَيْرِهِمَا وَإِنْ ادَّعَيَا أَنَّهَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُمَا تَوَاضَعَا عَلَى ذَلِكَ لَكِنْ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُنَازِعَهُ فِي الْيَدِ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَإِقْرَارُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ مَقْبُولٌ وَكَذَا لَوْ حَلَفَا أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي يَدِ صَاحِبِهِ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا وَلَوْ نَكَلَا جَعَلَ فِي يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهَا الَّذِي فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَا جَمِيعًا لَمْ يَقْضِ بِالْيَدِ لَهُمَا فِيهَا وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا فِي يَدِهِ قَضَى لَهُ بِالْيَدِ فِيهَا وَيَكُونُ الْآخَرُ خَارِجًا وَكَذَا إنْ لَبَّنَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْيَدِ قَضَى بِهَا لَهُمَا فَإِنْ طَلَبَا الْقِسْمَةَ لَا يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ قِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا نُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا كَانَتْ دَارٌ فِي أَيْدِيهِمْ قَسَّمَهَا بِقَوْلِهِمْ إنَّهَا مِيرَاثٌ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُقَسِّمُهَا حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ادَّعَى كُلٌّ أَرْضًا أَنَّهَا فِي يَدِهِ وَلَبِنُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ لَبَّنَ فِي الْأَرْضِ أَوْ بَنَى أَوْ حَفَرَ فَهِيَ فِي يَدِهِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَرْضٍ صَحْرَاءَ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي أَنَّهَا فِي يَدَيْهِ وَأَحَدُهُمَا لَبَّنَ فِيهَا لَبِنًا وَهُوَ فِيهَا أَوْ حَفَرَ فِيهَا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً قَالَ هِيَ فِي يَدِ الَّذِي أَحْدَثَ فِيهَا اللَّبِنَ أَوْ الْحَفْرَ أَوْ الْبِنَاءَ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا الْفِعْلَ اسْتِعْمَالٌ مِنْهُ لِلْأَرْضِ وَمِنْ ضَرُورَةِ الِاسْتِعْمَالِ إثْبَاتُ الْيَدِ كَالرُّكُوبِ عَلَى الدَّوَابِّ وَاللُّبْسِ فِي الثِّيَابِ كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ فَنَكَلَ أَحَدُهُمَا ) يُقْضَى عَلَيْهِ بِكُلِّهَا لِلْحَالِفِ بَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ وَبَعْضُهَا الَّذِي كَانَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ لِنُكُولِهِ وَلَوْ كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدِ ثَالِثٍ لَمْ تُنْزَعْ مِنْ يَدِهِ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي حَقِّ الثَّالِثِ ا هـ كَيٌّ ( قَوْلُهُ وَبَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ ) أَيْ وَتَوَقَّفَ الدَّارُ إلَى أَنْ تَظْهَرَ حَقِيقَةُ الْحَالِ ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ ) فَكُلُّ شَيْءٍ فِي أَيْدِيهِمَا سِوَى الْعَقَارِ إذَا طَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْسِمُهُ مِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ مَا ذَكَرَ هَاهُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فِي الْعَقَارِ أَيْضًا يُقْسَمُ وَإِنْ لَمْ يُقِيمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَجَعَلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَرْعًا لِمَسْأَلَةٍ ذَكَرَهَا فِي الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَ الْوَرَثَةُ مِنْ الْقَاضِي قِسْمَةَ الْعَقَارِ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ حَتَّى يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِيرَاثِ وَعِنْدَهُمَا يَقْسِمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَاةً بِأَنْ قَالَا اشْتَرَيْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَطَلَبَا الْقِسْمَةَ فَإِنَّهُ

يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمْ عِنْدَ الْكُلِّ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ فَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا الْبَيِّنَةَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إذَا كَانَ لَا يُقْسَمُ فِي الْمِيرَاثِ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ وَهَذَا الْعَقَارُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَوْرُوثًا بَيْنَهُمَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَوْرُوثٍ لَا يُقْسَمُ احْتِيَاطًا وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ فَهَاهُنَا أَوْلَى وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ مَا ذُكِرَ هَاهُنَا قَوْلُ الْكُلِّ فَلَا يُقْسَمُ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ نَوْعَانِ قِسْمَةٌ بِحَقِّ الْمِلْكِ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَقِسْمَةٌ بِحَقِّ الْيَدِ لِأَجَلِ الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ وَالْعَقَارُ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى الْحِفْظِ فَمَا لَمْ يَثْبُتْ الْمِلْكُ لَا يُقَسَّمُ حَتَّى لَوْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا شَيْءٌ سِوَى الْعَقَارِ يُقَسَّمُ مِنْ غَيْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ مَا سِوَى الْعَقَارِ يَحْتَاجُ إلَى الْحِفْظِ وَالصِّيَانَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ قِيلَ هَذَا ) أَيْ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَذَا فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ

( بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَدَتْ مَبِيعَةٌ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ بِيعَتْ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُوَ ابْنُهُ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ ) وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْهُ إذْ هُوَ اعْتِرَافٌ مِنْهُ بِجَوَازِهِ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُبَاشِرُ الْبَاطِلَ ظَاهِرًا فَصَارَ فِي دَعْوَاهُ مُنَاقِضًا وَسَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا تَمَّ مِنْ جِهَتِهِ وَهُوَ الْبَيْعُ فَلَا يُقْبَلُ إذْ التَّنَاقُضُ يُبْطِلُ الدَّعْوَى فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَاهُ أَبُو الْبَائِعِ أَوْ ادَّعَى هُوَ اعْتَاقَهَا أَوْ تَدْبِيرَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَبْنَى النَّسَبِ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْفَى فِيهِ التَّنَاقُضُ فَتُقْبَلُ دَعْوَتُهُ إذَا تَيَقَّنَ بِالْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِالْوِلَادَةِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بَلْ فَوْقَهَا وَهَذَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ لَا يَعْلَمُ الْعُلُوقَ بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ يَظْهَرُ لَهُ أَوْ قَدْ يَظُنُّ أَنَّ الْعُلُوقَ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَعْلَمُ أَنَّهُ مِنْهُ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالزَّوْجِ إذَا كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِنَفْيِ النَّسَبِ كَاللِّعَانِ وَكَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الزَّوْجَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّ بَيِّنَتَهُمَا تُقْبَلُ مَعَ التَّنَاقُضِ فِي الدَّعْوَى لِلْخَفَاءِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الزَّوْجَ وَالْمَوْلَى يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالطَّلَاقِ وَالْإِعْتَاقِ فَيُعْذَرَانِ فِيهِ بِخِلَافِ دَعْوَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ بَعْدَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ فِعْلُ نَفْسِهِ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ فَلَا يُعْذَرُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِهِ فِي الْكَلَامِ الْأَوَّلِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ فِي الثَّانِي فَلَا يُنْتَقَضُ

الْبَيْعُ بِالِاحْتِمَالِ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ بِالْإِعْتَاقِ أَوْ التَّدْبِيرِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ لِتَيَقُّنِنَا كَذِبَهُ بِثُبُوتِ الْحُرِّيَّةِ أَوْ التَّدْبِيرِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ دَعْوَى الْبَائِعِ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ دَعْوَاهُ ثُبُوتُ وِلَايَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يُوجَدْ وَإِذَا صَحَّتْ الدَّعْوَى مِنْ الْبَائِعِ اسْتَنَدَتْ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ لِكَوْنِهَا دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَيَكُونُ بَاطِلًا وَيُرَدُّ الثَّمَنُ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ إلَيْهِ إلَّا لِيُسَلِّمَ لَهُ الْمَبِيعَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ رَجَعَ بِهِ وَلَا تُعْتَبَرُ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي مَعَ دَعْوَةِ الْبَائِعِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ أَسْبَقُ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْعُلُوقِ لِكَوْنِهَا دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ لِوُجُودِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَدَعْوَةُ الْمُشْتَرِي دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ إذْ الْعُلُوقُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ فَيُقْتَصَرُ فَكَانَتْ الْأُولَى أَقْوَى فَلَا تُعْتَبَرُ الثَّانِيَةُ مَعَهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ الْبَائِعِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بَاطِلًا فَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَصَارَ الْمُشْتَرِي كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَجَانِبِ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّ الْوَلَدَ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِثُبُوتِهِ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ عَمَّا إذَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَهُ لِأَنَّهُ إذَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِوُجُودِ الْمُجَوِّزِ لِلدَّعْوَةِ وَهُوَ الْمِلْكُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ إعْتَاقُهُ وَإِعْتَاقُ أُمِّهِ فَكَذَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ أَيْضًا لِحَاجَتِهِ إلَى النَّسَبِ وَإِلَى الْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لَهَا أُمُومِيَّةُ الْوَلَدِ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ

الْبَائِعِ بَعْدَهُ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِثُبُوتِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ فَيَبْطُلُ بِهِ حَقُّ اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ لِلْبَائِعِ ضَرُورَةً( بَابٌ دَعْوَى النَّسَبِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَمَّا فَرَغَ عَنْ بَيَانِ دَعْوَى الْمَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَعْوَى النَّسَبِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَوْنِهِ أَهَمُّ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ ا هـ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالدَّعْوَةُ إلَى الطَّعَامِ بِفَتْحِ الدَّالِ وَالدَّعْوَةُ فِي النَّسَبِ بِالْكَسْرِ هَذَا أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ فَأَمَّا عَدِيُّ الرِّبَابِ فَيَفْتَحُونَ فِي النَّسَبِ وَيَكْسِرُونَ فِي الطَّعَامِ كَذَا رَأَيْت فِي أَمَالِي ثَعْلَبٍ وَكَذَا ذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ ) لَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ عِلْمِهَا ا هـ عِمَادِيٌّ قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ ) وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ بِتَأْوِيلِ الِادِّعَاءِ أَوْ بِحَذْفِ الْمُضَافِ وَإِقَامَةِ الْمُضَافِ إلَيْهِ مَقَامَهُ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَذَا إنْ مَاتَتْ الْأُمُّ بِخِلَافِ مَوْتِ الْوَلَدِ ) يَعْنِي إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْوَلَدَ وَقَدْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ مِثْلَ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ حَيْثُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ وَالْأُمَّ تَبَعٌ لَهُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُضَافُ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ أَوَّلًا فَيَعْتِقُ فَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ فَيَثْبُتُ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ بِسَبَبِهِ { لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ وَطِئَ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ } رَوَاهُمَا ابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الدَّعْوَةِ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ وَهِيَ تَدْخُلُ تَبَعًا فَكَانَ الثَّابِتُ أَقْوَى وَالْأَدْنَى يَتْبَعُ الْأَقْوَى فَإِذَا كَانَ الْوَلَدُ هُوَ الْأَصْلُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ بَقَاءَهُ لِحَاجَتِهِ إلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا يَضُرُّهُ فَوَاتُ التَّبَعِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ مَا إذَا مَاتَ الْوَلَدُ دُونَ الْأُمِّ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي الْأُمِّ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ فِي التَّبَعِ ابْتِدَاءً بِدُونِ مَتْبُوعِهِ وَالْوَلَدُ قَدْ اسْتَغْنَى عَنْ النَّسَبِ بِالْمَوْتِ فَتَعَذَّرَ إثْبَاتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ بَعْدَ مَوْتِهَا فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كُلَّهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَبَيْعُهَا بَاطِلٌ وَلَا يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي لِأَنَّ مَالِيَّتَهَا غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَهُ كَالْحُرِّ وَلِهَذَا لَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ وَلَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْأُمِّ لِأَنَّ مَالِيَّتَهَا مُتَقَوِّمَةٌ عِنْدَهُمَا فَتُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَالْغَصْبِ فَتَكُونُ مَضْمُونَةً عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِذَا رَدَّ الْوَلَدَ دُونَهَا يَجِبُ عَلَى الْبَائِعِ رَدُّ حِصَّةِ مَا سَلَّمَ لَهُ وَهُوَ الْوَلَدُ لِئَلَّا

يَجْتَمِعَ الْبَدَلُ وَالْمُبْدَلُ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ حِصَّةِ مَا لَمْ يُسَلَّمْ لَهُ وَهِيَ الْأُمُّ هَكَذَا ذَكَرُوا الْحُكْمَ عَلَى قَوْلِهِمَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِنْدَهُمَا أَيْضًا ثُمَّ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْأُمِّ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَبَيْعُ أُمِّ الْوَلَدِ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجِبُ فِيهِ الثَّمَنُ فَلَا يَكُونُ لِأَجْزَاءِ الْمَبِيعِ مِنْهُ حِصَّةٌ بَلْ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ رَدُّ مَا قَبَضَهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَإِلَّا فَبَدَلِهِ

( قَوْلُهُ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِي الْأُمِّ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ النَّسَبِ فِيهِ لِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا تَثْبُتُ ابْتِدَاءً لِلْمَيِّتِ وَلَا عَلَيْهِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لَمْ يَثْبُتْ الِاسْتِيلَادُ لِأَنَّهُ فَرْعُ النَّسَبِ وَكَانَتْ الْأُمُّ بِحَالِهَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي أَعْتَقَ الْوَلَدَ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ فَأَخَذَ قِيمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ مَحَلِّيَّةُ الدَّعْوَى بِالْهَلَاكِ إذْ النَّسَبُ لَيْسَ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ تَصَرُّفٌ لَازِمٌ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَتَعَذَّرَ تَصْحِيحُ الدَّعْوَةِ فِي الْوَلَدِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْوَلَدِ لَمْ يَصِحَّ فِي حَقِّ الْأُمِّ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ فَيُقْبَلُ وَيَصِيرُ كَالْأَمْرِ الظَّاهِرِ وَلَوْ لَمْ يُقْتَلْ الْوَلَدُ وَلَكِنَّهُ قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ الْمُشْتَرِي نِصْفَ قِيمَتِهِ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُصَدِّقُ عَلَى الدَّعْوَةِ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ مَا قَبَضَ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا حِصَّةَ الْيَدِ لِأَنَّهَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْقَطْعِ فَانْتَفَى حُكْمُ التَّبَعِيَّةِ عَنْهَا فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهَا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْقَطْعُ فِي الْأُمِّ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ رَجُلٌ فَقَأَ عَيْنَيْ الْوَلَدِ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي وَأَخَذَ قِيمَتَهُ ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَدَعْوَتُهُ جَائِزَةٌ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْقِيمَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا وَلَا يَكُونُ لِلْعَيْنَيْنِ أَرْشٌ عَلَى الْجَانِي وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ عَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الضَّمَانَ يَجِبُ فِي مُقَابَلَةِ الْجُثَّةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيُشْتَرَطُ سَلَامَتُهَا لِلْجَانِي وَقَدْ تَعَذَّرَ وَعِنْدَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ النُّقْصَانِ وَالنُّقْصَانُ مُتَحَقِّقٌ عِنْدَهُمَا فَيُجْبَرُ

بِالضَّمَانِ وَكَذَلِكَ لَوْ فَقَأَ عَيْنَ الْأُمِّ ا هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعِتْقُهُمَا كَمَوْتِهِمَا ) أَيْ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ وَالْوَلَدَ كَمَوْتِهِمَا حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْأُمَّ دُونَ الْوَلَدِ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ ابْنُهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ دُونَ الْأُمِّ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَلَدَ هُوَ الْأَصْلُ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمَانِعِ بِهِ حَتَّى تَمْتَنِعَ الدَّعْوَى دُونَ الْأُمِّ كَمَا قُلْنَا فِي الْمَوْتِ وَإِنَّمَا كَانَ الْإِعْتَاقُ مَانِعًا لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ كَالنَّسَبِ فَصَارَ إعْتَاقُهُ كَدَعْوَتِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ وَلِأَنَّ الْإِعْتَاقَ يُثْبِتُ الْوَلَاءَ وَهُوَ كَالنَّسَبِ فَلَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ كَمَا لَا يُمْكِنُ إبْطَالُ نَسَبِهِ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ لِلْبَائِعِ حَقًّا وَهُوَ حَقُّ دَعْوَةِ النَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ وَمَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي حَقِيقَةً وَالْحَقُّ لَا يُعَارِضُ الْحَقِيقَةَ وَالتَّدْبِيرُ كَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لَمَّا ظَهَرَ فِيهِ بَعْضُ آثَارِ الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ امْتِنَاعُ التَّمْلِيكِ فَصَارَ كَالِاسْتِيلَادِ ثُمَّ إنْ قَامَ هَذَا الْمَانِعُ بِالْوَلَدِ امْتَنَعَتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ لِمَا بَيَّنَّا وَإِنْ قَامَ بِالْأُمِّ لَا يَمْتَنِعُ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا تَصِيرُ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهَا لَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَبْطُلَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ فَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُشْتَرِي فَيَبْطُلُ الْإِعْتَاقُ كَمَا لَوْ وَلَدَتْ الْمَبِيعَةُ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ فَأَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَحَدَهُمَا ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الْآخَرَ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ ضَرُورَةَ أَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ وَلِهَذَا تَبْطُلُ سَائِرُ تَصَرُّفَاتِهِ مِثْلِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ فَكَذَا الْعِتْقُ وَتَوَابِعُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ثُبُوتُ

أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَلَا مِنْ ضَرُورَاتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ وَفِي وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةِ وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ بِخِلَافِ التَّوْأَمَيْنِ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَمَا ثَبَتَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ لِلْآخَرِ ضَرُورَةً ثُمَّ إذَا لَمْ يَبْطُلْ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِي الْأُمِّ قَبْلَ الْبَيْعِ يَرُدُّ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ خَاصَّةً وَلَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْجَارِيَةَ بِالْإِجْمَاعِ هُنَا وَذَكَرَ الْفَرْقَ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا مَاتَتْ الْأُمُّ فَإِنَّ الْبَائِعَ فِيهَا يَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ عِنْدَهُ وَهُنَا يَرُدُّ مَا يَخُصُّ الْوَلَدَ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي الْإِعْتَاقِ الْقَاضِي كَذَّبَ الْبَائِعَ فِيمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ حَيْثُ جَعَلَهَا مُعْتَقَةَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُفْسَخْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا فَبَقِيَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ ثَمَنُهَا بِخِلَافِ فَصْلِ الْمَوْتِ فَإِنَّ زَعْمَ الْبَائِعِ فِيهِ لَمْ يَبْطُلْ بِشَيْءٍ فَبَقِيَ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَيَرُدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَفِي الْإِعْتَاقِ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ ثُمَّ جَعَلَ هُنَا لِلْمَوْلُودِ بَعْدَ الْقَبْضِ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ كَالْمَوْلُودِ قَبْلَهُ لِكَوْنِ الْبَائِعِ بِسَبِيلٍ مِنْ فَسْخِ هَذَا الْبَيْعِ بِالدَّعْوَةِ فَصَارَ كَالْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَعْنَى وَفِي الْحَادِثِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا اسْتَهْلَكَهُ الْبَائِعُ وَقَدْ اسْتَهْلَكَهُ هُنَا بِالدَّعْوَةِ أَوْ لِكَوْنِهِ مُسْتَخْرَجًا مِنْ الْعَقْدِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ يَرُدُّ الْبَائِعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ هُنَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا فِي فَصْلِ الْمَوْتِ لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا قِيمَةَ لَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ فَيُؤَاخَذُ بِزَعْمِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَصَحَّحَهُ وَهُوَ يُخَالِفُ الرِّوَايَةَ وَكَيْفَ يُقَالُ يَسْتَرِدُّ جَمِيعَ

الثَّمَنِ وَالْبَيْعُ لَمْ يَبْطُلْ فِي الْجَارِيَةِ حَيْثُ لَمْ يَبْطُلْ إعْتَاقُهُ بَلْ يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ فَقَطْ بِأَنْ يَقْسِمَ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَتِهِمَا بِأَنْ يَعْتَبِرَ قِيمَةَ الْأُمِّ يَوْمَ الْقَبْضِ لِأَنَّهَا دَخَلَتْ فِي ضَمَانِهِ بِالْقَبْضِ وَقِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُ صَارَ لَهُ الْقِيمَةُ بِالْوِلَادَةِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ( قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ قَامَ هَذَا الْمَانِعُ ) أَيْ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ أَوْ التَّدْبِيرُ ا هـ قَوْلُهُ فَكَذَا الْعِتْقُ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَلَوْ كَاتَبَ الْأُمَّ أَوْ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ رَهَنَهَا أَوْ آجَرَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَبْطَلْت جَمِيعَ ذَلِكَ وَرَدَدْتهَا إلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ مِمَّا يَحْمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ صِحَّتِهَا فَلَأَنْ يُنْقَضَ عِنْدَ ظُهُورِ عَدَمِ الصِّحَّةِ أَصْلًا أَوْلَى ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّسَبَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ عَدَمُ ثَبَاتِ النَّسَبِ لِجَوَازِ الِانْفِصَالِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمُغَرَّرِ فَإِنَّهُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْمُسْتَوْلَدِ وَأُمُّهُ أَمَةٌ تُبَاعُ فِي الْأَسْوَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي هَذَا إلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَسَمَّاهُ الصَّحِيحَ وَلَكِنْ هَذَا عَلَى خِلَافِ مَا نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ وَقَدْ مَرَّ آنِفًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ رُدَّتْ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي ) وَهَذَا الْكَلَامُ يَشْمَلُ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ بِيَقِينٍ وَهُوَ الْمُصَحِّحُ إلَّا إذَا صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَيُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِيلَادِ بِالنِّكَاحِ لِتَيَقُّنِنَا أَنَّ الْعُلُوقَ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّ الْعُلُوقَ حَادِثٌ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَا يُسْتَنَدُ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ حَتَّى يَبْطُلَ فَكَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَةُ دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ فَلَا يَنْفُذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ إذْ لَا يَقْدِرُ غَيْرُ الْمَالِكِ عَلَى التَّحْرِيرِ ، وَالثَّانِي أَنْ تَلِدَ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْهُ فَحُكْمُهُ أَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يُوجَدْ الْمُصَحِّحُ فِيهِ بِيَقِينٍ فَلَمْ يَصِحَّ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي فَحِينَئِذٍ يَثْبُتُ نَسَبُهُ لِتَصَادُقِهِمَا فِيهِ وَتَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَبَعًا لِلْوَلَدِ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ لِاسْتِنَادِ الْعُلُوقِ إلَى مَا قَبْلَ الْبَيْعِ لِإِمْكَانِهِ فَيَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ وَلَدِهِ وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتُسْتَنَدُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ تَحْرِيرٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ كَالْأَبِ يَدَّعِي جَارِيَةَ ابْنِهِ وَحُكْمُ كُلِّ قِسْمٍ وَشَرْطُهُ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ وَصُورَةُ كُلِّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ تَلِدَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا وَقَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَ كُلٍّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى فَاحْفَظْهُ

( قَوْلُهُ وَلَا تَصِيرُ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ) أَيْ لِأَنَّ بِتَصَادُقِهِمَا أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الْبَائِعِ لَا يُثْبِتُ كَوْنَ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَدَّعِي ذَلِكَ وَكَيْفَ يَدَّعِي وَالْوَلَدُ لَا يَبْقَى فِي الْبَطْنِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَانَ حَادِثًا بَعْدَ زَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ تَكُونُ دَعْوَاهُ هُنَا دَعْوَةَ تَحْرِيرٍ وَغَيْرُ الْمَالِكِ لَيْسَ بِأَهْلِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يُنَفِّذُ إلَّا فِي الْمِلْكِ ) أَيْ فَلَمْ يُعْتِقْ الْوَلَدَ ا هـ ( قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ هُنَا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الدَّعْوَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ دَعْوَةِ اسْتِيلَادٍ وَدَعْوَةِ مِلْكٍ وَدَعْوَةِ شُبْهَةٍ أَمَّا دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ قَوِيَّةٌ تُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَغَيْرِ الْمِلْكِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَتُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى مِنْ الْعُقُودِ إذَا كَانَ مَحِلًّا لِلْفَسْخِ وَيَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةِ الْمِلْكِ أَنْ لَا يَكُونَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ وَتُنَفَّذُ فِي الْمِلْكِ وَلَا تُنَفَّذُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ تَقْتَصِرُ عَلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ وَلَا تُوجِبُ هَذِهِ الدَّعْوَةُ فَسْخَ مَا جَرَى فِي الْعُقُودِ وَلَا يَنْتَظِمُ الِاعْتِرَافُ بِالْوَطْءِ وَدَعْوَةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ كَدَعْوَةِ الْأَبِ وَلَدَ جَارِيَةِ ابْنِهِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكُ الِابْنِ قَائِمًا فِي الْجَارِيَةِ وَالْوَلَدُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لِأَنَّ حَقَّ التَّمَلُّكِ ثَبَتَ لَهُ بِحُكْمِ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْأَبِ حَقِيقَةً وَلَا حَقُّ مِلْكٍ بَلْ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَصَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِحَقٍّ ثَبَتَ لَهُ فِي مَالِ الِابْنِ مُقْتَضَى الدَّعْوَةِ سَابِقًا عَلَيْهِ ثُمَّ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ كَمَا فِي حَقِيقَةِ

الِاسْتِيلَادِ يَثْبُتُ لَهُ الْمِلْكُ فِي مَالِ ابْنِهِ سَابِقًا عَلَى الِاسْتِيلَادِ تَصْحِيحًا لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ مِلْكِ الِابْنِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ لِيَثْبُتَ لَهُ الْحَقُّ فِي مَالِهِ تَصْحِيحًا لِدَعْوَتِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى وَلَدَ الْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ وَكُلُّ وَجْهٍ مِنْ الْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَمَّا إنْ ادَّعَى الْبَائِعُ وَحْدَهُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ هُمَا جَمِيعًا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ فَإِنْ جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ اسْتِحْسَانًا وَهُوَ قَوْلُ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ حَتَّى يَثْبُتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الثَّمَنُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ نَقَدَ وَقَالَ زُفَرُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ إذَا كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْقِيَاسُ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَذَا ذَكَرَ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ الْوَلَدَ دَعْوَى مِنْهُ إبْطَالُ مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقِهِ وَلِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى الْبَيْعِ اعْتِرَافٌ بِأَنَّ الْوَلَدَ عَبْدٌ فَصَارَ مُنَاقِضًا فِي دَعْوَتِهِ وَدَعْوَى الْمُنَاقِضِ مَرْدُودَةٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا لَا يَصِحُّ وَكَذَا لَوْ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ فِي مِلْكِ الْمُدَّعِي بِيَقِينٍ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ حُكْمًا فِي حَقِّ ثَبَاتِ النَّسَبِ وَحُرْمَةِ الْوَلَدِ مِنْ الْأَصْلِ وَصَيْرُورَةِ

الْجَارِيَةِ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ اسْتِدْلَالًا بِالْأَبِ ادَّعَى جَارِيَةَ وَلَدِ ابْنِهِ صَحَّ دَعْوَتُهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ الِابْنُ إذَا عُلِمَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِ الِابْنِ فَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّ الْأَبَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ فِي مَالِ الِابْنِ وَلِلْبَائِعِ حَقِيقَةُ مِلْكٍ وَالتَّنَاقُضُ مَعْفُوٌّ لِمَكَانِ الْخَفَاءِ فِي النَّسَبِ وَإِذَا صَحَّ دَعْوَةُ الِاسْتِيلَادِ يُرَدُّ الْبَيْعُ لِأَنَّهَا تَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ بَاعَ أُمَّ الْوَلَدِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَيُفْسَخُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي أَوْ ادَّعَاهُ حَيْثُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ وَالنَّسَبَ حَقٌّ لَازِمٌ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَلَا يَلْزَمُ مَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهَا أَوْ دَبَّرَهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى هَذِهِ الدَّعْوَى بَيِّنَةٌ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ بِيَقِينٍ صَارَ كَالْبَيِّنَةِ حُكْمًا وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ الْبَيِّنَةُ حَقِيقَةً وَلَا يَلْزَمُ مَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ إقْرَارًا مَحْضًا عَلَى الْغَيْرِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ هَذَا إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ لَا غَيْرُ فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْمُشْتَرِي دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ حَتَّى كَانَ لِلْمُشْتَرِي وَلَاءٌ عَلَى الْوَلَدِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ وَالْمُشْتَرِي يَصِحُّ مِنْهُ التَّحْرِيرُ فَيَصِحُّ مِنْهُ دَعْوَةُ التَّحْرِيرِ فَإِنْ ادَّعَيَا جَمِيعًا إنْ خَرَجَ الْكَلَامَانِ مَعًا فَدَعْوَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى لِأَنَّهُ سَابِقٌ مَعْنًى فَيُعْتَبَرُ كَمَا لَوْ كَانَ سَابِقًا حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَ سَابِقًا حَقِيقَةً بِأَنْ ادَّعَى أَوَّلًا ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي صَحَّ دَعْوَةُ الْبَائِعِ وَلَمْ يَصِحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي فَكَذَا هَذَا وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ سَابِقٌ لِأَنَّهُ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ وَدَعْوَةُ التَّحْرِيرِ يَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا

صَاحِبَهُ فَالسَّابِقُ أَوْلَى فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ هُوَ الْبَائِعُ فَلِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ هَذَا كُلُّهُ إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَرْبَعَةٍ فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا غَيْرُ فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ لَمَّا لَمْ يُتَيَقَّنْ فِي مِلْكِهِ صَارَتْ دَعْوَتُهُ وَدَعْوَةُ أَجْنَبِيٍّ آخَرَ سَوَاءً إلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا صَدَّقَ الْأَجْنَبِيَّ يَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَكِنْ يَبْقَى الْوَلَدُ عَبْدًا وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عُلُوقُ الْوَلَدِ فِي مِلْكِهِ بِتَصَادُقِهِمَا وَفِيمَا إذَا صَدَقَ الْبَائِعُ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ وَيُنْتَقَضُ الْبَيْعُ لِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ دَعْوَتُهُ لِأَنَّ دَعْوَتَهُ صَحِيحَةٌ حَالَ الِانْفِرَادِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِهِ فَفِيمَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ أَوْلَى وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ دَعْوَةَ اسْتِيلَادٍ حَتَّى يَكُونَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ وَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَاءٌ عَلَى الْوَلَدِ لِأَنَّ الْعُلُوقَ فِي مِلْكِهِ مُمْكِنٌ وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ سَبَقَ دَعْوَةُ أَحَدِهِمَا صَحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ فَأَمَّا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَقَدْ عُلِمَ ذَلِكَ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ لَوْ ادَّعَى فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَصِحُّ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ مَعَ احْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَهُنَا أَوْلَى أَنْ لَا يَصِحَّ بِدُونِ تَصْدِيقِهِ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْعُلُوقَ

فِي مِلْكِهِ أَصْلًا وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ الدَّعْوَةُ وَثَبَتَ النَّسَبُ كَمَا فِي الْأَجْنَبِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَا تَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيَبْقَى الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ صَحَّ دَعْوَةُ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْبَائِعَ كَالْأَجْنَبِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُلِمَ مُدَّةُ الْوِلَادَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَنَتَيْنِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا فَإِنْ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ تَيَقُّنِ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي صَحَّ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْبَابِ أَنَّ عُلُوقَ الْوَلَدِ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَكِنْ هَذَا لَا يَمْنَعُ دَعْوَةَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الدَّعْوَى إنْ سَبَقَ الْمُشْتَرِي صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَإِنْ سَبَقَ الْبَائِعُ ثُمَّ ادَّعَى الْمُشْتَرِي لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَإِنْ ادَّعَيَاهُ مَعًا فَإِنَّهُ لَا تَصِحُّ دَعْوَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثَبَاتِ النَّسَبِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لِأَقَلِّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَثْبُتُ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ يَثْبُتُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ الشَّكُّ كَانَ الْإِثْبَاتُ أَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ الِاحْتِيَاطِ هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي

مَبْسُوطِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ ) لِمَا بَيَّنَّا وَإِنَّمَا يُعْرَفُ أَنَّهُمَا تَوْأَمَانِ إذَا كَانَ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَلَيْسَا بِتَوْأَمَيْنِ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يُعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ إذْ لَا يُمْكِنُ عُلُوقُ الثَّانِي بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَا يُمْكِنُ عُلُوقُهُ وَهِيَ حُبْلَى بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ فَمَ الرَّحِمِ مَسْدُودٌ لَا يَنْفَتِحُ وَهِيَ حُبْلَى إلَّا لِخُرُوجِ الْوَلَدِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ ادَّعَى نَسَبَ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ التَّوْأَمُ اسْمٌ لِلْوَلَدِ إذَا كَانَ مَعَهُ آخَرُ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَيُقَالُ هُمَا تَوْأَمَانِ كَمَا يُقَالُ هُمَا زَوْجَانِ وَقَوْلُهُمْ هُوَ تَوْأَمُ وَهُمَا زَوْجٌ خَطَأٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ بَاعَ أَحَدَهُمَا فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي ) مَعْنَاهُ إذَا بَاعَ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَى الْبَائِعُ الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ أَنَّهُ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُمَا مِنْهُ وَبَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي فِيهِ لِأَنَّ دَعْوَةَ الْبَائِعِ صَحَّتْ فِي الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ لِمُصَادَفَتِهِ الْعُلُوقَ وَالدَّعْوَى مِلْكَهُ فِيهِ فَثَبَتَ نَسَبُهُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ ثُبُوتُ نَسَبِ الْآخَرِ مِنْهُ لِأَنَّهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ مِنْهُ بُطْلَانُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لِكَوْنِهِمَا حُرَّيْ الْأَصْلِ إذْ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا حُرَّ الْأَصْلِ وَالْآخَرُ رَقِيقًا وَهُمَا مِنْ مَاءٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ نَقْضُ الْعِتْقِ بِمَا هُوَ فَوْقَهُ وَهِيَ الْحُرِّيَّةُ الثَّابِتَةُ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَاحِدًا حَيْثُ لَا يَبْطُلُ فِيهِ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي بِدَعْوَى الْبَائِعِ نَسَبَهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِيهِ لَوْ بَطَلَ لَبَطَلَ مَقْصُودًا لِأَجْلِ حَقِّ الدَّعْوَةِ لِلْبَائِعِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَجْهَهُ وَهُنَا تَثْبُتُ الْحُرِّيَّةُ فِي الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْآخَرِ ضِمْنًا وَتَبَعًا وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ يَثْبُتُ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ مَقْصُودًا هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ فِي مِلْكِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ اشْتَرَاهُمَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ اشْتَرَى أُمَّهُمَا وَهِيَ حُبْلَى بِهِمَا أَوْ بَاعَهَا فَجَاءَتْ بِهِمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَيَثْبُتُ نَسَبُهُمَا أَيْضًا لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا لَكِنْ لَا يَعْتِقُ الَّذِي لَيْسَ فِي مِلْكِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ أَعْتَقَهُ لَا يَبْطُلُ عِتْقُهُ لِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَةَ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ لِعَدَمِ الْعُلُوقِ فِي الْمِلْكِ فَلَا يَمْلِكُهُ إلَّا مَنْ يَمْلِكُ الْإِنْشَاءَ فَلِهَذَا شَرَطَ لِنُزُولِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ يَعْتِقَانِ

جَمِيعًا لِأَنَّهَا دَعْوَةُ اسْتِيلَادٍ فَتُسْتَنَدُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ عِتْقُهُمَا بِطَرِيقِ أَنَّهُمَا حُرَّا الْأَصْلِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ حُرًّا

( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ ) مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَالْمَالُ مَحِلُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَتْنِ عَلَيَّ وَقَبْلِي إقْرَارٌ بِدَيْنٍ مَخْرُومٌ مِنْ نُسْخَةِ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ هَذَا إذَا كَانَ أَصْلُ الْعُلُوقِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ وَإِذَا وَلَدَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْحَبَلِ عِنْدَهُ فَبَاعَ أَحَدَهُمَا وَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَهُمَا ابْنَاهُ وَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَلَا عِتْقُ الْمُشْتَرِي أَمَّا ثَبَاتُ النَّسَبِ فَلِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُ أَحَدِهِمَا ثَبَتَ نَسَبُ الثَّانِي ضَرُورَةَ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَا يَقْبَلُ الْفَصْلَ عَنْ الْآخَرِ وَأَمَّا عَدَمُ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ فَلِأَنَّهُ حَدَثَ فِي الْمَحِلِّ مَا يَمْنَعُ الِانْتِقَاضَ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ إثْبَاتُ الْحُرِّيَّةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ فِيهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا لَا يَفْتَرِقَانِ ) فَكَانَ قَوْلُهُ هَذَا ابْنِي مَجَازًا عَنْ قَوْلِهِ هَذَا حُرٌّ وَإِعْتَاقُ أَحَدِ التَّوْأَمَيْنِ يَنْفَصِلُ عَنْ عِتْقِ الْآخَرِ فَيَقْتَصِرُ هَذَا الْعِتْقُ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ وَصَارَ كَأَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَهُمَا فَيُعْتِقُ مَنْ فِي مِلْكِهِ فَحَسْبُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ وَاشْتَرَى أَبُو الْمُشْتَرِي الْآخَرَ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا نَسَبَهُ حَيْثُ يَعْتِقُ كِلَاهُمَا وَهَذِهِ دَعْوَةُ تَحْرِيرٍ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَحَلِّ وِلَايَتِهِ لِمَا أَنَّ أَحَدَهُمَا إمَّا إنْ كَانَ أَبَا الْمُشْتَرِي أَوْ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ أَبَا الْمُشْتَرِي فَالِابْنُ مَلَكَ أَخَاهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي هُوَ الِابْنُ فَالْأَبُ مَلَكَ حَافِدَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ نَقَلَهُ الشَّيْخُ الشَّلَبِيُّ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَبِيٌّ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ هُوَ ابْنُ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ وَإِنْ جَحَدَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ ) مَعْنَاهُ إذَا كَانَ صَبِيٌّ عِنْدَ رَجُلٍ فَقَالَ الرَّجُلُ الَّذِي عِنْدَهُ الصَّبِيُّ هَذَا الصَّبِيُّ ابْنُ فُلَانِ الْغَائِبِ ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ أَبَدًا وَإِنْ جَحَدَ فُلَانٌ الْغَائِبُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ ابْنَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ لِهَذَا الْحُكْمِ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ فِي يَدِهِ وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكِتَابِ وَقَعَ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْغَيْرِ وَذَلِكَ يَمْنَعُ ثُبُوتَ نَسَبِهِ مِنْهُ بِدَعْوَتِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا تَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ بَعْدَ جُحُودِ الْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بَطَلَ بِجُحُودِ الْمُقَرِّ لَهُ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يُقِرَّ وَلِهَذَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِدَعْوَتِهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا لَهُ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مِمَّا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إذْ الْإِقْرَارُ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ مُلْحَقٌ بِالْإِقْرَارِ بِمَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ وَلِهَذَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْهَزْلُ وَالْإِكْرَاهُ حَتَّى لَا يَصِحَّ مَعَهُمَا وَإِنْ كَانَا لَا يُؤَثِّرَانِ فِيمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِإِعْتَاقِ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَكَذَّبَهُ الْبَائِعُ ثُمَّ قَالَ الْمُشْتَرِي أَنَا أَعْتَقْتُهُ فَإِنَّ الْوَلَاءَ يَتَحَوَّلُ إلَيْهِ فَكَذَا هَذَا وَلِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهُ بِالنَّسَبِ نَفْيٌ لِلنَّسَبِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ إنْكَارٌ لِوُجُوبِ الْحُقُوقِ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْإِقْرَارَ بِهِ بَعْدَهُ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ هُوَ بِابْنِي ثُمَّ قَالَ هُوَ ابْنِي فَكَذَا هَذَا وَلِهَذَا يَصِحُّ إكْذَابُ الْمُلَاعِنِ نَفْسَهُ بَعْدَ نَفْيِ النَّسَبِ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي نَسَبًا ثَابِتًا مِنْ غَيْرِهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ

لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ عَلَى اعْتِبَارِ تَصْدِيقِهِ كَوَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُلَاعِنِ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ بِتَكْذِيبِ نَفْسِهِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَالْإِقْرَارَ بِمِثْلِهِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَيَبْقَى فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي حَقِّ الْمُقِرِّ حُرًّا وَلَا يَرْتَدُّ بِإِقْرَارِهِ حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ لِإِقْرَارِهِ بِذَلِكَ وَكَمَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ بِنَسَبٍ صَغِيرٍ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِتُهْمَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ الشَّاهِدُ لِنَفْسِهِ فَإِنَّ دَعْوَاهُ لَا تُقْبَلُ لِإِقْرَارِهِ بِهِ لِلْغَيْرِ وَهَذَا لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْمُقَرِّ لَهُ حَتَّى لَوْ صَدَّقَهُ بَعْدَ التَّكْذِيبِ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَصَارَ كَدَعْوَاهُ قَبْلَ الرَّدِّ وَلِأَنَّ مُوجَبَ إقْرَارِهِ شَيْئَانِ ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ وَإِبْطَالُ حَقِّ نَفْسِهِ فِي الدَّعْوَةِ وَإِذَا ارْتَدَّ الْأَوَّلُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَرْتَدُّ الثَّانِي لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مَسْأَلَةُ الْوَلَاءِ لِأَنَّهَا عَلَى الْخِلَافِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ وَلَئِنْ سُلِّمَ فَالنَّسَبُ أَلْزَمُ مِنْ الْوَلَاءِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّحَوُّلَ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إلَى جَانِبِ الْأَبِ عِنْدَ إعْتَاقِ الْأَبِ وَكَذَا إذَا ارْتَدَّتْ مُعْتَقَةٌ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ وَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى الثَّانِي كَانَ الْوَلَاءُ لَهُ وَالنَّسَبُ لَا يَقْبَلُهُ كَمَا مَرَّ فِي وَلَدِ الْمُلَاعَنَةِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَاهُ لِإِقْرَارِهِ بِهِ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ الثَّابِتِ نَسَبُهُ مِنْ غَيْرِهِ هُوَ ابْنِي وَهَذَا يَصْلُحُ حِيلَةً فِيمَنْ يَبِيعُ عَبْدًا أَصْلُ عُلُوقِهِ

عِنْدَهُ وَيَخَافُ عَلَيْهِ الدَّعْوَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْبَائِعِ فَيَبْطُلُ دَعْوَاهُ بِنَسَبِهِ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَرُدَّ الْمُقَرُّ لَهُ النَّسَبَ بِأَنْ يَسْكُتَ أَوْ يُقِرَّ بِهِ لِمَيِّتٍ أَوْ لِغَائِبٍ لَا يُعْرَفُ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ جَحَدَ ) أَيْ الْغَائِبُ ا هـ ( قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ ابْنَهُ ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الصَّبِيِّ يَكُونُ فِي يَدَيْ الرَّجُلِ قَالَ هُوَ ابْنُ عَبْدِي الْغَائِبِ ثُمَّ يَقُولُ هُوَ ابْنِي قَالَ لَا يَكُونُ ابْنَهُ أَبَدًا وَقَالَ يَعْقُوبُ وَمُحَمَّدٌ إذَا جَحَدَ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ كَانَ ابْنَ الْمَوْلَى إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ ( قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُهُ فِي الْكِتَابِ ) أَيْ بِقَوْلِهِ عِنْدَ رَجُلٍ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ ) أَيْ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ ا هـ قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ النَّسَبَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالنَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ إقْرَارٌ بِمَا لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَةُ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ لِأَنَّ فِي زَعْمِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْ الْغَيْرِ وَالنَّسَبُ إذَا ثَبَتَ لَا يُنْتَقَضُ بِالْجُحُودِ وَالتَّكْذِيبِ وَلِهَذَا لَوْ عَادَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِهِ جَازَ وَثَبَتَ النَّسَبُ مِنْهُ وَصَارَ كَاَلَّذِي لَمْ يُصَدِّقْهُ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ ا هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ ابْنِي وَقَالَ الْمُسْلِمُ عَبْدِي فَهُوَ حُرٌّ ابْنُ النَّصْرَانِيِّ ) أَيْ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ فِي أَيْدِيهِمَا فَادَّعَى النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ ابْنُهُ وَالْمُسْلِمُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَادَّعَيَاهُ مَعًا كَانَ حُرًّا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهُ يَنَالُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَالْإِسْلَامِ فِي الْمَآلِ إذْ دَلَائِلُ الْوَحْدَانِيَّةِ ظَاهِرَةٌ فَكَانَ فِيهِ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَفِي عَكْسِهِ فَوَاتُ شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ إذْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى اكْتِسَابِهَا فَكَانَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَوْلَى وَلَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجَّحٌ لِأَنَّا نَقُولُ التَّرْجِيحُ يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَهُوَ الِاسْتِوَاءُ وَلَا تَعَارُضَ هُنَا لِأَنَّ النَّظَرَ لَهُ فِيمَا قُلْنَا أَوْفَرُ فَانْتَفَى الِاسْتِوَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ ابْنُهُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ فِيهِ أَوْلَى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي دَعْوَى الْبُنُوَّةِ فَيُرَجَّحُ الْمُسْلِمُ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ أَوْفَرُ لِلصَّبِيِّ لِحُصُولِ الْإِسْلَامِ لَهُ فِي الْحَالِ تَبَعًا لِأَبِيهِ( قَوْلُهُ وَادَّعَيَاهُ مَعًا ) وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ دَعْوَةَ الْمُسْلِمِ لَوْ سَبَقَتْ يَكُونُ عَبْدًا لِلْمُسْلِمِ ا هـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ مُرَجِّحٌ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ا هـ ( قَوْلُهُ حَيْثُ يَكُونُ الْمُسْلِمُ فِيهِ أَوْلَى ) وَهَذَا عِنْدَنَا وَقَالَ زُفَرُ يَسْتَوِيَانِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُحَكَّمُ الْقَائِفُ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْزَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ زَوْجَيْنِ فَزَعَمَ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْ غَيْرِهَا وَزَعَمَتْ أَنَّهُ ابْنُهَا مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ ابْنُهُمَا ) لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ لِلْوَلَدِ بِالنَّسَبِ وَادَّعَى مَا يُبْطِلُ حَقَّ صَاحِبِهِ فَصَحَّ إقْرَارُهُمَا لَهُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ صَاحِبِهِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ وَلَا يَتَرَجَّحُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَاءِ أَيْدِيهِمَا فِيهِ وَقِيَامِ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ وَقِيَامُ الْفِرَاشِ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُمَا كَثَوْبٍ فِي يَدِ رَجُلَيْنِ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ هَذَا الثَّوْبُ لِي وَلِفُلَانٍ آخَرَ غَيْرِك وَلَيْسَ لَك أَنْتَ فِيهِ شَيْءٌ كَانَ الثَّوْبُ بَيْنَهُمَا وَلَا يُصَدَّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِهِ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ يُشَارِكُ الْمُقِرَّ فِي نَصِيبِهِ لِأَنَّ الْمَحِلَّ يَحْتَمِلُ الشَّرِكَةَ وَفِي النَّسَبِ لَا يُشَارِكُ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهَا هَذَا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ فَالْقَوْلُ لَهُ أَيُّهُمَا صَدَقَ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ كَانَ صَبِيٌّ فِي يَدِ زَوْجَيْنِ إلَخْ ) قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ التَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ دَعْوَى النَّسَبِ حَتَّى لَوْ قَالَ رَجُلٌ هُوَ ابْنِي مِنْك مِنْ زِنًا وَقَالَتْ مِنْ نِكَاحٍ ثُمَّ قَالَ الرَّجُلُ مِنْ نِكَاحٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ فَلَوْ قَالَتْ ابْنِي مِنْك مِنْ نِكَاحٍ وَقَالَ مِنْ زِنًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُمَا لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا فِي النِّكَاحِ فَلَوْ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنِي مِنْك مِنْ نِكَاحٍ ثَبَتَ لِمَا قُلْنَا ا هـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يُعَبِّرُ ) أَيْ وَلَيْسَ هُنَاكَ رِقٌّ ظَاهِرٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَدَتْ مُشْتَرَاتُهُ فَاسْتُحِقَّتْ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ وَهُوَ حُرٌّ ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا مُسْتَحِقٌّ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْوَلَدِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَكَذَا إذَا مَلَكَهَا بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الشِّرَاءِ أَيِّ سَبَبٍ كَانَ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي النِّكَاحِ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَكَانَ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ النَّظَرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَاجِبٌ إذْ الْمَغْرُورُ مَعْذُورٌ لِأَنَّهُ بَنَى الْأَمْرَ عَلَى سَبَبٍ صَحِيحٍ شَرْعًا وَالْأَمَةُ مِلْكُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْوَلَدُ جُزْؤُهَا فَاسْتَوْجَبَ الْآخَرُ النَّظَرَ فَوَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَهْمَا أَمْكَنَ مُرَاعَاةً لِحَقِّهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ يُجْعَلَ الْوَلَدُ حُرَّ الْأَصْلِ فِي حَقِّ الْأَبِ وَرَقِيقًا فِي حَقِّ الْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَصْلِ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِ الْجُزْءِ فَيَضْمَنُ الْأَبُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْخُصُومَةِ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْمَنْعِ وَالتَّحَوُّلِ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِقَ رَقِيقًا فِي حَقِّ الْمَوْلَى كَانَ حَقُّهُ فِي عَيْنِ الْوَلَدِ وَإِنَّمَا يَتَحَوَّلُ إلَى الْقِيمَةِ بِالْقَضَاءِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ وَقْتَ التَّحَوُّلِ وَتَجِبُ هَذِهِ الْقِيمَةُ عَلَى الْأَبِ دُونَ الْوَلَدِ حَتَّى إذَا كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا يُؤْخَذُ مِنْ تِرْكَتِهِ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الدَّفْعِ ثُبُوتُ النَّسَبِ وَهُوَ مِنْ الْأَبِ دُونَهُ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ حُرَّ الْأَصْلِ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الرِّقَّ ضَرُورَةَ الْقَضَاءِ بِالْقِيمَةِ فَلَا تَعْدُ مَوْضِعَهَا ثُمَّ هَذَا الْغُرُورُ إنْ كَانَ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِلْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ إقَامَةِ الْمُسْتَحِقِّ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا لَهُ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا

لِلْمُسْتَحِقِّ وَفَرْعُهَا يَتْبَعُهَا إلَّا إذَا أَثْبَتَ الزَّوْجُ أَنَّهُ مَغْرُورٌ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَيَثْبُتُ بِهِ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ لِلْأَوْلَادِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَدَتْ مُشْتَرَاتُهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا عِنْدَهُ فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ غَرِمَ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ يُخَاصَمُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَيْ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَالَ يَغْرَمُ الْأَبُ لِلْمَوْلَى قِيمَةَ الْوَلَدِ يَوْمَ تَخَاصَمَ إنْ جَاءَ وَالْوَلَدُ حَيٌّ وَإِنْ جَاءَ وَالْوَلَدُ قَدْ مَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَإِنْ جَاءَ وَقَدْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَك عَشَرَةَ آلَافِ دِرْهَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَإِنْ قُتِلَ الْوَلَدُ فَأَخَذَ الْوَالِدُ دِيَتَهُ فَعَلَى الْأَبِ قِيمَتُهُ إلَى هُنَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُغَرَّرُ مَنْ يَسْتَوْلِدُ امْرَأَةً مُعْتَمِدًا عَلَى مِلْكِ يَمِينٍ أَوْ نِكَاحٍ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَلَدُهَا حُرٌّ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ وَلَدَ الْمُغَرَّرِ إنَّمَا يَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ إذَا كَانَ الْمُغَرَّرُ حُرًّا أَمَّا إذَا كَانَ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّزْوِيجِ يَكُونُ وَلَدُهُ عَبْدًا لِلْمُسْتَحِقِّ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَسَيَجِيءُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمَكَاتِبِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا وَلَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْوَلَدِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ قِيمَتَهُ ) يَعْنِي لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَبِ شَيْءٌ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَوْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلْمُسْتَحِقِّ حَقِيقَةً لَمْ يَكُنْ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَإِنَّ الْوَلَدَ الْمَغْصُوبَ أَمَانَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْمِلْكِ حَقِيقَةً وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا لِأَنَّ الْإِرْثَ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْهُ فَلَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَلَمْ يَجْعَلْ سَلَامَةَ الْإِرْثِ كَسَلَامَةِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ قَاتِلٌ وَقَبَضَ الْأَبُ مِنْ دِيَتِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ سَلَامَةَ بَدَلِهِ كَسَلَامَتِهِ وَمَنْعَ بَدَلِهِ كَمَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَنْعَ لَا يَتَحَقَّقُ فِيمَا لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَتَلَهُ الْأَبُ لِأَنَّ الْمَنْعَ تَحَقَّقَ بِقَتْلِهِ كَمَا فِي وَلَدِ الْمَغْصُوبِ إذَا أَتْلَفَهُ الْغَاصِبُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ وَقِيمَتِهِ عَلَى بَائِعِهِ لَا بِالْعُقْرِ ) أَيْ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِ الْجَارِيَةِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْعُقْرِ بِوَطْئِهَا لِأَنَّ الْبَائِعَ صَارَ كَفِيلًا بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَلِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مَبْنِيٌّ عَلَى مُسَاوَاةِ الْبَدَلَيْنِ فِي حُكْمِ الضَّمَانِ فَلَمَّا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جَانِبِ الْمُشْتَرِي سَالِمًا لِلْبَائِعِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ سَالِمًا لِلْمُشْتَرِي وَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ الْبَائِعَ كَفِيلًا بِسَبَبِ تَمَلُّكِ الْبَدَلِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُشْتَرِي إنَّ الْحُكْمَ قَدْ ثَبَتَ لَك فَإِنْ ضَمِنَك أَحَدٌ بِدَعْوَى بَاطِلٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَك بِمَا ضَمِنَك وَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْتَزَمَ سَلَامَتَهَا عَنْ الْعَيْبِ إذْ الْمُعَاوَضَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ وَلَا عَيْبَ فَوْقَ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَرْجِعُ

عَلَيْهِ وَكَذَا إنْ هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَضَمَّنَهُ الْمُسْتَحِقُّ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ الْأَوْلَادِ يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ وَبِمَا ضَمِنَ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ لِمَا بَيَّنَّا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِأَنَّ أَخْذَ قِيمَتِهَا مِنْهُ كَأَخْذِ عَيْنِهَا وَفِيهِ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِالثَّمَنِ فَكَذَا هَذَا وَكَذَا إذَا زَوَّجَهُ رَجُلٌ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ يَرْجِعُ الْأَبُ عَلَى الْمُزَوِّجِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذْ الِاسْتِيلَادُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّزْوِيجِ وَشَرْطُ الْحُرِّيَّةِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ اللَّازِمِ لِهَذَا التَّزْوِيجِ فَيَكُونُ الِاسْتِيلَادُ بِنَاءً عَلَى التَّزْوِيجِ وَشَرْطِ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ الشَّارِطُ صَاحِبَ عِلَّةٍ فَنَزَلَ كَالْقَائِلِ أَنَا كَفِيلٌ بِمَا لَحِقَك بِسَبَبِ هَذَا الْعَقْدِ أَوْ يُقَالُ مَا لَزِمَهُ مِنْ الضَّمَانِ إنَّمَا لَزِمَهُ بِالِاسْتِيلَادِ وَالِاسْتِيلَادُ حُكْمُ التَّزْوِيجِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لَهُ فَكَانَ الْمُزَوِّجُ صَاحِبَ عِلَّةٍ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ أَخْبَرَتْهُ هِيَ وَتَزَوَّجَهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْحُرِّيَّةِ حَيْثُ يَكُونُ الْوَلَدُ رَقِيقًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْإِخْبَارَ سَبَبٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ حَصَلَ بِاخْتِيَارِ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْعِلَّةِ بِالْغَرَرِ وَذَلِكَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ بِالشَّرْطِ أَوْ بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا لَزِمَهُ مِنْ الْعُقْرِ عَلَى الْبَائِعِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ قُلْنَا الْعُقْرُ عِوَضٌ عَمَّا اسْتَوْفَى مِنْ مَنَافِعِ الْبُضْعِ فَلَوْ رَجَعَ بِهِ سُلِّمَ لَهُ الْمُسْتَوْفَى مَجَّانًا وَالْوَطْءُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ لَهُ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ وَالْمُوصِي بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْأَوْلَادِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّ الْغَرَرَ قَدْ تَحَقَّقَ لَهُ مِنْهُ بِإِيجَابِهِ

الْمِلْكَ لَهُ فِيهَا وَإِخْبَارِهِ أَنَّهَا مَمْلُوكَتُهُ قُلْنَا مُجَرَّدُ الْغَرَرِ لَا يَكْفِي لِلرُّجُوعِ فَإِنَّ مَنْ أَخْبَرَ إنْسَانًا أَنَّ هَذَا الطَّرِيقَ آمِنٌ فَسَلَكَهَا فَأَخَذَ اللُّصُوصُ مَالَهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُخْبِرِ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةِ يُوجِبُ السَّلَامَةَ أَوْ الضَّمَانَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهَذَا تَبَرَّعَ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَلَيْسَ عَلَى الْمُحْسِنِ مِنْ سَبِيلٍ وَبِخِلَافِ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلِاسْتِيلَادِ وَطَلَبِ النَّسْلِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { تَنَاكَحُوا تَوَالَدُوا تَكْثُرُوا } الْحَدِيثَ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَرَّهُ وَالْمَقْصُودُ بِوَضْعِ الْهِبَةِ إظْهَارُ الْجُودِ وَالسَّمَاحَةِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ وَهَذَا الْمَقْصُودُ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الِاسْتِيلَادِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَاسْتَوْلَدَهَا الثَّانِي ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي عَلَى الْبَائِعِ الثَّانِي بِالثَّمَنِ وَبِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ أَيْضًا لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلثَّانِي سَلَامَةَ الْوَلَدِ فِي ضِمْنِ الْبَيْعِ وَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ حَيْثُ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الثَّمَنِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي سَلَامَةَ أَوْلَادِهِ دُونَ سَلَامَةِ أَوْلَادِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِأَنَّ ضَمَانَ السَّلَامَةِ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالْبَيْعِ وَالْبَيْعُ الثَّانِي لَا يُضَافُ إلَيْهِ وَإِنَّمَا يُضَافُ إلَى الْبَائِعِ الثَّانِي لِمُبَاشَرَتِهِ بِاخْتِيَارِهِ فَيَنْقَطِعُ بِهِ تَسَبُّبُ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ضَمِنَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي سَلَامَةَ الْمَبِيعِ فَلَمْ يُسَلِّمْ لَهُ فَلَا يُسَلَّمُ لِبَائِعِهِ الثَّمَنُ وَبِخِلَافِ

الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ اسْتَحَقَّهُ سَلِيمًا وَلَمْ يُوجَدْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ م

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ لَمْ يَضْمَنْ الْأَبُ ) أَيْ وَهُوَ الْمُشْتَرِي ا هـ ( قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ الْخُصُومَةِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ إنْ جَاءَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ مَا مَاتَ الْوَلَدُ وَتَرَك عَشَرَةَ آلَافٍ وَرِثَهُ أَبُوهُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ عُلِّقَ حُرًّا فِي حَقِّ الْمُسْتَوْلِدِ وَلَا يَغْرَمُ الْأَبُ قِيمَةَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الْوَلَدَ وَالْمِيرَاثُ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَنْ الْوَلَدِ حَتَّى يَكُونَ مَنْعُهُ كَمَنْعِ الْوَلَدِ وَلَوْ قَتَلَ الْأَبُ الْوَلَدَ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ وَأَخَذَ دِيَتَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِأَنَّ سَلَامَةَ الْبَدَلِ كَسَلَامَةِ الْوَلَدِ وَمَنْعُهُ كَمَنْعِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَمْنَعْ الْوَلَدَ أَصْلًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا كَذَا ذَكَرَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِيخَانْ وَغَيْرُهُ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَيَغْرَمُ الْوَاطِئُ الْعُقْرَ لِلْمُسْتَحِقِّ لِأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَرْجِعُ بِالْعُقْرِ عَلَى الْغَارِّ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ جُزْءٍ أَتْلَفَهُ مِنْهَا وَتَنَاوَلَهُ لِنَفْسِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي قَالَ وَإِذَا أَبَقَتْ الْأَمَةُ فَأَتَتْ رَجُلًا فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَتَزَوَّجَهَا عَلَى ذَلِكَ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فَاسِدٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ أَقَامَ مَوْلَاهَا الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَضَى بِهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي بِالْوَلَدِ أَيْضًا لِمَوْلَى الْجَارِيَةِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ جَعَلَتْ الْوَلَدَ حُرًّا وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَضْعُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إذَا لَمْ

يَتَزَوَّجْهَا عَلَى هَذَا الشَّرْطِ فَيَكُونُ هَذَا اغْتِرَارًا مِنْهُ حَيْثُ بَنَى أَمْرَهُ عَلَى مُطْلَقِ خَبَرِهَا فَأَمَّا إذَا شَرَطَ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ يَصِيرُ الزَّوْجُ مَغْرُورًا فَيَكُونُ وَلَدُهُ حُرًّا وَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ وَجُعِلَتْ عَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ قُضِيَ بِهِ لَهُ دَيْنًا فِي مَالِهِ دُونَ مَالِ الْوَلَدِ ا هـ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ لَزِمَهُ بِفَوْتِ السَّلَامَةِ ) أَيْ الْمُسْتَحَقَّةِ فِي الْعَقْدِ كَمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ ا هـ

( فَرْعٌ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ خَتَمَ كِتَابَ الدَّعْوَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بِقَوْلِهِ وَإِذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ أَنَا أُمُّ وَلَدِ هَذَا الرَّجُلِ وَأَرَادَتْ اسْتِحْلَافَ الرَّجُلِ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ خَاصَّةً لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ تَابِعَةٌ لِلنَّسَبِ وَلَا يُرَى الْيَمِينُ فِي النَّسَبِ ا هـ .

( كِتَابُ الْإِقْرَارِ ) وَهُوَ فِي اللُّغَةِ : الْإِثْبَاتُ يُقَالُ قَرَّ الشَّيْءُ إذَا ثَبَتَ وَأَقَرَّهُ غَيْرُهُ إذَا أَثْبَتَهُ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِخْبَارِ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحُقُوقِ وَهُوَ ضِدُّ الْجُحُودِ وَشَرْطُ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بَالِغًا عَاقِلًا طَائِعًا وَكَوْنُهُ حُرًّا لَيْسَ بِشَرْطٍ حَتَّى يَصِحَّ إقْرَارُ الْعَبْدِ وَيَنْفُذَ فِي الْحَالِ فِيمَا لَا تُهْمَةَ فِيهِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ، وَفِيمَا فِيهِ تُهْمَةٌ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ وَهُوَ الْمَوْلَى وَيُؤَاخَذُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا أَقَرَّ الْحُرُّ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِهِ لَا يَنْفُذُ لِلْحَالِ وَإِذَا مَلَكَهَا يَوْمًا يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُقِرِّ لَهُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَالْإِخْبَارُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ صَحِيحٌ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْإِنْشَاءِ ؛ وَلِهَذَا لَوْ أَقَرَّ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مُكْرَهًا لَا يَصِحُّ ، وَلَوْ كَانَ إنْشَاءً لَصَحَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ إخْبَارٌ عَنْ ثُبُوتِ حَقِّ الْغَيْرِ عَلَى نَفْسِهِ ) هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ وَقَيَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ عَلَى نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ يَكُونُ شَهَادَةً وَلِنَفْسِهِ يَكُونُ دَعْوَى .

قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ الْكُتُبَ أَعْنِي كِتَابَ الْإِقْرَارِ وَكِتَابَ الصُّلْحِ وَكِتَابَ الْمُضَارَبَةِ وَكِتَابَ الْوَدِيعَةِ عَقِيبَ كِتَابِ الدَّعْوَى لِلْمُنَاسَبَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إمَّا أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ فَإِنْ أَقَرَّ فَبَابُهُ الْإِقْرَارُ ، وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْإِنْكَارُ مُنَازَعَةٌ وَخُصُومَةٌ وَالْخُصُومَةُ تَسْتَدْعِي الصُّلْحَ فَبَعْدَ مَا ثَبَتَ لَهُ الْمَالُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ بِالصُّلْحِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَسْتَرْبِحَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِنَفْسِهِ بِالْبَيْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَابُهُ وَالِاسْتِرْبَاحُ بِغَيْرِهِ هُوَ الْمُضَارَبَةُ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ الِاسْتِرْبَاحَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَحْفَظَ الْمَالَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَحِفْظُهُ بِنَفْسِهِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَبَقِيَ حِفْظُهُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَدِيعَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ ) قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ أَقَرَّ رَجُلٌ آخَرُ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ قَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ ، وَلَوْ بَدَأَ وَقَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْحُرِّ لِغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ ا هـ قَالَ الْإِمَامُ نَجْمُ الدِّينِ الزَّاهِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ أَدَبِ الْقَاضِي فِي بَابِ مَنْ يُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ مَا نَصُّهُ : وَقَدْ يَكُونُ خَصْمًا فِي الْيَمِينِ وَلَا يَكُونُ خَصْمًا فِي الْبَيِّنَةِ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَقَبَضَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِ الْبَائِعِ فُلَانٌ وَدَفَعَهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْبَائِعَ بِاَللَّهِ مَا كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ فَإِنْ نَكَلَ رَدَّ الثَّمَنَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ نَظِيرُ مَا إذَا

أَقَرَّ الْحُرُّ لِإِنْسَانٍ إلَخْ ) هَذَا الْفَرْعُ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ ا هـ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلُ فِي الشَّارِحِ بِوَرَقَةٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِ الْغَيْرِ فَكَذَّبَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ مَلَكَهُ الْمُقِرُّ يَوْمًا عَتَقَ فَرَاجِعْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ) ، وَلَوْ أَقَرَّ بِهَذِهِ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ فُلَانٍ وَقْفٌ عَلَى مَسْجِدِ كَذَا ثُمَّ مَلَكَهَا الْمُقِرُّ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُتَوَلِّي هَكَذَا أَفْتَيْتُ فِي سُؤَالٍ رُفِعَ إلَيَّ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْفَصْلِ الثَّالِثِ وَالْعِشْرِينَ مَعْزِيًّا إلَى أَوَّلِ إقْرَارِ فَتَاوَى صَاحِبِ الْمُحِيطِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثُمَّ رَدَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ الرَّدُّ ا هـ وَسَيَأْتِي هَذَا الْفَرْعُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي الصَّفْحَةِ الْآتِيَةِ زِيَادَةَ فَائِدَةٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( إذَا أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِحَقٍّ صَحَّ وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ وَحَقٍّ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ شَرْعِيَّةٌ ثَبَتَتْ حُجِّيَّتُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْمَعْقُولِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ } أَمَرَهُ بِالْإِمْلَالِ فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ إقْرَارَهُ لَمَا كَانَ لِإِمْلَالِهِ مَعْنًى ، وَقَدْ نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَيْضًا عَنْ كِتْمَانِ الْحَقِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا } فَصَارَ نَظِيرَ أَمْرِهِ بِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَنَهْيِهِ عَنْ كِتْمَانِهَا وقَوْله تَعَالَى { بَلْ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } أَيْ شَاهِدٌ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وقَوْله تَعَالَى { كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ } وَالْمُرَادُ بِهِ الْإِقْرَارُ وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ بِإِقْرَارِهِمَا } فَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ فَالْمَالُ أَوْلَى أَنْ يَجِبَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَلِأَنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ حَتَّى أَوْجَبُوا عَلَيْهِ الْحُدُودَ وَالْقِصَاصَ بِإِقْرَارِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً فِي حَقِّ غَيْرِهِ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَالْمَالُ أَوْلَى وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَلِأَنَّ الْعَاقِلَ لَا يُقِرُّ عَلَى نَفْسِهِ كَاذِبًا بِمَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَتَرَجَّحَتْ جِهَةُ الصِّدْقِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ وَكَمَالِ الْوِلَايَةِ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ جَازَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَلَا يَصْدُقُ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَمُدَبَّرِيهِ وَمُكَاتَبِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ إنَّمَا تَصِيرُ حُجَّةً بِالْقَضَاءِ وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ فِي حَقِّ الْكُلِّ ، أَمَّا الْإِقْرَارُ فَحُجَّةٌ بِنَفْسِهِ

وَلَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَضَاءِ فَيَنْفُذُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا إلَّا إذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ، وَلَوْ صَدَّقَهُ ثُمَّ رَدَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ وَلَكِنْ إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُهُ عَنْ كُرْهٍ مِنْهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إلَّا إذَا سَلَّمَهُ لَهُ بِطِيبٍ مِنْ نَفْسِهِ حَلَّ فَيَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً مِنْهُ وَشَرْطُ الْحُرِّيَّةِ لِيَصِحَّ إقْرَارُهُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَكَذَا الْمَأْذُونُ لَهُ يَتَأَخَّرُ إقْرَارُهُ بِمَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَإِقْرَارِهِ بِالْمَهْرِ بِوَطْءِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةٍ مُوجِبَةٍ لِلْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَمْ يَتَنَاوَلْ إلَّا التِّجَارَةَ فَلَمْ يَكُنْ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ فِي حَقِّهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّ إقْرَارَ الْمَوْلَى لَا يَصِحُّ عَلَيْهِ فِيهِ وَشَرْطُ التَّكْلِيفِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ وَالْمَجْنُونِ لَا يَصِحُّ لِانْعِدَامِ أَهْلِيَّةِ الِالْتِزَامِ إلَّا إذَا كَانَ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَعْتُوهُ مَأْذُونًا لَهُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ لِكَوْنِهِ مِنْ ضَرُورَاتِ التِّجَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَا يُعَامِلُهُ أَحَدٌ فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْهُ فَدَخَلَ فِي الْإِذْنِ كُلُّ مَا كَانَ طَرِيقُهُ التِّجَارَةَ كَالدُّيُونِ وَالْوَدَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْغُصُوبِ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ فِيهَا لِالْتِحَاقِهِ فِي حَقِّهَا بِالْبَالِغِ الْعَاقِلِ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ يَدُلُّ عَلَى عَقْلِهِ بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنْ بَابِ التِّجَارَةِ كَالْمَهْرِ وَالْجِنَايَةِ وَالْكَفَالَةِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِهَا ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ وَالْمَهْرَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ وَالْجِنَايَةَ لَيْسَتْ بِمُبَادَلَةٍ وَالْكَفَالَةَ

تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً فَلَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْإِذْنِ وَالنَّائِمُ وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ التَّمْيِيزِ وَإِقْرَارُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ مُطْلَقًا إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْخِطَابَ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِمَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ كَالْحُدُودِ الْخَالِصَةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَكَادُ يَثْبُتُ عَلَى شَيْءٍ فَأُقِيمَ السُّكْرُ مَقَامَهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَإِنْ سَكِرَ بِطَرِيقٍ مُبَاحٍ كَالشُّرْبِ مُكْرَهًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، وَكَذَا شُرْبُ الْمُتَّخَذِ مِنْ الْحُبُوبِ أَوْ الْعَسَلِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَقَوْلُهُ ، وَلَوْ مَجْهُولًا كَشَيْءٍ وَحَقٍّ أَيْ ، وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ قَدْ يَلْزَمُهُ مَجْهُولًا بِأَنْ يُتْلِفَ مَالًا أَوْ يَجْرَحَ جِرَاحَةً أَوْ يَبْقَى عَلَيْهِ بَاقِيَةُ حِسَابٍ لَا يَعْرِفُ قِيمَتَهُ وَلَا أَرْشَهَا وَلَا قَدْرَهَا وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ لِإِبْرَاءِ ذِمَّتِهِ بِالْإِيفَاءِ أَوْ التَّرَاضِي فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْعِلْمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وَقَالَ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذَا عَلِمْتَ مِثْلَ الشَّمْسِ فَاشْهَدْ وَإِلَّا فَدَعْ } ؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُوجَبُ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَا يُمْكِنُهُ الْقَضَاءُ بِالْمَجْهُولِ فَيَبْطُلُ إذْ لَا حَاجَةَ لِلشُّهُودِ بِدُونِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِمْ وَبِخِلَافِ الْجَهَالَةِ فِي الْمُقَرِّ لَهُ سَوَاءٌ تَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ لَمْ تَتَفَاحَشْ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ لِأَحَدِ هَذَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْمَجْهُولَ لَا يَصْلُحُ مُسْتَحَقًّا إذْ لَا يُمْكِنُ جَبْرُهُ عَلَى الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْمُدَّعَى فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ هَكَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي

مَبْسُوطِهِ وَالنَّاطِفِيُّ فِي وَاقِعَاتِهِ أَنَّهَا إذَا تَفَاحَشَتْ لَا يَجُوزُ ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ جَازَ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ لَا يَعْدُو مَنْ ذَكَرَهُ وَفِي مِثْلِهِ يُؤْمَرُ بِالتَّذَكُّرِ ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ قَدْ يَنْسَى صَاحِبَ الْحَقِّ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْحَقِّ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَالْقَاضِي نُصِبَ لِإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَا لِإِبْطَالِهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ ثُمَّ نَسِيَهُ بِخِلَافِ جَهَالَةِ الْمُقَرِّ بِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِجْبَارَ عَلَى الْبَيَانِ لَا يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ حَقِّهِ وَبِخِلَافِ إعْتَاقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَمْ يَنْزِلْ فِي الْمَحَلِّ فَلَا يُؤَدِّي الْإِجْبَارُ إلَى إبْطَالِ حَقِّهِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُقَرَّ لَهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُقِرِّ وَاصْطَلَحَا بَيْنَهُمَا أَمْكَنَ دَعْوَاهُمَا فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ وَقَالَ فِي الْكَافِي وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلَوْ كَانَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ لَك عَلَى أَحَدِنَا : أَلْفُ دِرْهَمٍ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَجْهُولٌ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُجْبَرُ عَلَى بَيَانِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ بِالْإِقْرَارِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأَسْبَابِ يَتَحَقَّقُ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَغْصِبُ مَا يُصَادِفُ وَيُودِعُ مَا عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ فِي قَدْرِهِ وَجِنْسِهِ وَوَصْفِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يُفَسِّرْ السَّبَبَ فَيَصِحُّ حَتَّى لَوْ فَسَّرَهُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا تَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى أَقَرَّ بِمَجْهُولٍ ، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِسَبَبٍ يَصِحُّ مَعَ الْجَهَالَةِ كَالْغَصْبِ وَنَحْوِهِ ، وَإِنْ بَيَّنَ السَّبَبَ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ سَبَبًا لَا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ فَكَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ

سَبَبًا تَضُرُّهُ الْجَهَالَةُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا يَصِحُّ وَلَا يُجْبَرُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ رَأَى إنْسَانًا يَبِيعُ شَيْئًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ يَشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرِ ثَمَنٍ لَا يُجْبِرُهُ عَلَى الْأَدَاءِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ ، وَلَوْ عَايَنَهُ يَغْصِبُ شَيْئًا لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ أَوْ يُودِعُهُ يَأْمُرُهُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى صَاحِبِهِ فَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُبَيِّنُ مَا لَهُ قِيمَةٌ ) ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ الْوَاجِبِ فِي ذِمَّتِهِ وَمَا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجِبُ فِيهَا فَإِذَا بَيَّنَهُ فِيهِ يَكُونُ رُجُوعًا فَلَا يُقْبَلُ ، وَذَلِكَ مِثْلُ حَبَّةِ حِنْطَةٍ أَوْ قَطْرَةِ مَاءٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ عَادَةً وَلَا يَجْرِي فِيهِ التَّمَانُعُ ، وَلَوْ بَيَّنَ فِي الصَّبِيِّ الْحُرِّ أَوْ الزَّوْجَةِ لَا يَصِحُّ وَقِيلَ : يَصِحُّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ بَيَّنَهُ بِجِلْدِ الْمَيْتَةِ ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِغَصْبِ شَيْءٍ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ إلَّا إذَا بَيَّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْغَصْبِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ التَّمَانُعُ وَهُوَ الْمُتَقَوِّمُ وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَرَدْت بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا وَعَلَيْهِ التَّعْوِيلُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ إذَا أَقَرَّ حُرٌّ مُكَلَّفٌ بِحَقٍّ ) لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِلَفْظِ الْحَقِّ بَلْ بِدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ غَيْرَ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْحَقِّ كَقَوْلِ الرَّجُلِ جَاءَنِي فُلَانٌ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مُنْكَرٍ فِي حَقِّ الْقَائِلِ فَعَبَّرَ عَنْ الْمُعَرَّفِ الَّذِي عِنْدَهُ بِالْمُنْكَرِ ا هـ مُسْتَصْفَى ( قَوْلُهُ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى أَوْلَادِهِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِقْرَارِ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ مَجْهُولَانِ لَهُمَا ابْنٌ صَغِيرٌ لَا يَتَكَلَّمُ أَقَرَّا بِالرِّقِّ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَعَلَى ابْنِهِمَا جَازَ فَإِنْ كَانَ الِابْنُ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ : أَنَا حُرٌّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ وَالْمُدَبَّرُونَ فَإِقْرَارُهُ بِالرِّقِّ لَا يَعْمَلُ فِي حَقِّهِمْ ا هـ ( قَوْلُهُ فَيَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَنَا عَبْدٌ لَك فَقَالَ الْآخَرُ : لَا ثُمَّ قَالَ بَلَى أَنْتَ عَبْدٌ لِي فَإِنَّهُ عَبْدُهُ وَلَا يَكُونُ نَفْيُهُ شَيْئًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ لَا يَبْطُلُ بِجُحُودِ الْمَوْلَى أَمَّا الْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ وَالْعَيْنِ يَبْطُلُ بِالتَّكْذِيبِ ا هـ خُلَاصَةٌ فِي آخِرِ الْفَصْلِ الثَّانِي مِنْ الْإِقْرَارِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ مُبْقًى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ ) أَيْ فِيمَا هُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْعُقُوبَةِ بِنَاءً عَلَى الْجِنَايَةِ وَالْجِنَايَةُ بِنَاءً عَلَى كَوْنِهِ مُكَلَّفًا وَكَوْنُهُ مُكَلَّفًا مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ مَا فِي يَدِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ مَتَاعٍ لِفُلَانٍ صَحَّ إقْرَارُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ وَلَيْسَ بِمَجْهُولٍ فَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ لِيَأْخُذَ عَبْدًا مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ وَاخْتَلَفَا فَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ : كَانَ فِي يَدِك وَقْتَ الْإِقْرَارِ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُقِرُّ : لَا بَلْ مَلَكْتُ هَذَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُقَرُّ لَهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ

كَانَ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَقْتَ الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْمُنْكِرَ يُنْكِرُ دُخُولَ هَذَا الْعَبْدِ فِي الْإِقْرَارِ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَذُكِرَ فِي الْإِقْرَارِ مَا يُوَافِقُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ رَجُلٌ قَالَ مَا فِي حَانُوتِي لِفُلَانٍ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ ادَّعَى شَيْئًا مِمَّا فِي الْحَانُوتِ لَهُ وَوَضَعَهُ فِي الْحَانُوتِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ صُدِّقَ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْجَامِعِ قَالُوا تَأْوِيلُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْإِقْرَارِ فِي مُدَّةٍ لَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُهُ فِي الْحَانُوتِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ بِيَقِينٍ ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ حُدُوثَ الْمِلْكِ فِي زَمَانٍ لَا يُتَصَوَّرُ حُدُوثُهُ فِيهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنِّي مَلَكْتُهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ ا هـ قَاضِيخَانْ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فِي بَابِ مَا يُبْطِلُ دَعْوَى الْمُدَّعِي ( فَرْعٌ آخَرُ ) قَالَ قَاضِيخَانْ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ رَجُلٌ قَالَ : جَمِيعُ مَا فِي يَدِي لِفُلَانٍ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ يُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ وَلَا يُعْلَمُ قَبْلَ الْبَيَانِ ا هـ قَوْلُهُ وَلَوْ مَجْهُولًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ قَوْلُهُ بِحَقٍّ يُرِيدُ بِهِ أَنْ يَقُولَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ حَقٌّ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَنْ يُبَيِّنَ مَا لَهُ قِيمَةٌ ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْتُ بِهِ حَقَّ الْإِسْلَامِ لَمْ يُصَدَّقْ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيَانِ مَا لَهُ قِيمَةٌ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا مِثْلَ الْجَوْزَةِ وَالْحَفْنَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَغَيْرِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْأَبْزَارِ وَغَيْرِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِوَاحِدٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ جَهَالَةِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ ؛ لِأَنَّ زَيْدًا فِي الدُّنْيَا كَثِيرٌ إلَّا إذَا عَيَّنَ ، كَذَا فِي شَرْحِ

الطَّحَاوِيِّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَفَاحِشَةً فَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ فَلَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِعَلَامَةِ الْوَاوِ مِنْ الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ : جَارِيَةٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَقَالَ : إنَّ هَذِهِ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ جَازَ وَيَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا ادَّعَيَاهَا ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِوَاحِدٍ مِنْ النَّاسِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ هَذَا إقْرَارٌ لِلْمَجْهُولِ جَهَالَةً مُتَفَاحِشَةً ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُ فَائِدَتَهُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ فَائِدَتَهُ الْجَبْرُ عَلَى الْبَيَانِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ هُنَا ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ جَازَ ) أَيْ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ : هَذَا الْعَبْدُ لِأَحَدِ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَإِنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ كَانَ لَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ كَذَا فِي مَبْسُوطِ أَبِي الْيُسْرِ ا هـ مُسْتَصْفَى وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَتَفَاحَشْ مَا نَصُّهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ إذْ فَائِدَتُهُ وُصُولُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَطَرِيقُ الْوُصُولِ بَابٌ ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَخْذِهِ فَلَهُمَا حَقُّ الْأَخْذِ قَالَهُ الْكَاكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ ) هَذَا التَّصْحِيحُ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلْتُهُ عَنْ الْكَاكِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُبَيِّنُ مَا لَهُ قِيمَةٌ ) أَيْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ نَحْوُ حَبَّةٍ أَوْ فَلْسٍ أَوْ جَوْزَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ، وَلَا يُعْلَمُ فِيهِ خِلَافٌ قَالَهُ الْكَاكِيُّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ يَعْنِي إذَا لَزِمَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مَجْهُولًا لَا يُقَالُ لَهُ بَيِّنْ الْمَجْهُولَ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ وَقَعَ مِنْ جِهَتِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَكِنْ يُبَيِّنُ شَيْئًا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ ، نَحْوُ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ حَبَّةً أَوْ فَلْسًا أَوْ جَوْزَةً أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا بَيَّنَ شَيْئًا لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ :

عَنَيْتُ حَقَّ الْإِسْلَامِ أَوْ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ نَحْوَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ ) قَالَ الْكَاكِيُّ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْكَلْبِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي وَجْهٍ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَمَالِكٌ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ ) يَعْنِي لَوْ بَيَّنَ فِي الْغَصْبِ بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ زَوْجَتُهُ أَوْ وَلَدُهُ قِيلَ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَعَلَى الْوَلَدِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ا هـ كِفَايَةٌ قَوْلُهُ ، وَلَوْ قَالَ فِي قَوْلِهِ عَلَيَّ حَقٌّ إلَخْ ) وَذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ وَالْمُسْتَزَادِ أَنَّهُ إنْ قَالَ ذَلِكَ مَوْصُولًا صُدِّقَ ، وَإِنْ قَالَ مَفْصُولًا لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ تَغَيَّرَ بِاعْتِبَارِ الْعُرْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ فِي الْعُرْفِ حَقُّ الْإِسْلَامِ ا هـ كِفَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ بِهِ ذَلِكَ عُرْفًا ) أَيْ إنَّمَا يُرَادُ بِهِ حُقُوقٌ مَالِيَّةٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْهُ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفِي مَالٍ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ ) يَعْنِي إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ مِنْ الْكُسُورِ لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَالِ عَادَةً وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَالٍ مَوْصُوفٍ بِالْعِظَمِ فَيُعْتَبَرُ هَذَا الْوَصْفُ وَالنِّصَابُ عَظِيمٌ فِي الشَّرْعِ حَتَّى اُعْتُبِرَ صَاحِبُهُ غَنِيًّا وَأَوْجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةَ الْفُقَرَاءِ ، وَكَذَا عُرْفًا حَتَّى يُعَدَّ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ عَادَةً وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ وَهُوَ عَظِيمٌ حَيْثُ تُقْطَعُ بِهِ الْيَدُ الْمُحْتَرَمَةُ وَيُسْتَبَاحُ بِهِ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ ، وَعَنْهُ مِثْلُ جَوَابِ الْكِتَابِ وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ يُعْتَبَرُ أَنْ يَبْلُغَ نِصَابًا يُؤْخَذُ مِنْ جِنْسِهِ الزَّكَاةُ مِنْ الْمَالِ الَّذِي بَيَّنَهُ فِيهِ حَتَّى إذَا بَيَّنَهُ فِي الْإِبِلِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ قَلِيلٌ حَيْثُ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ جِنْسِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يَبْنِي عَلَى حَالِ الْمُقِرِّ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى فَإِنَّ الْقَلِيلَ عِنْدَ الْفَقِيرِ عَظِيمٌ وَأَضْعَافُ ذَلِكَ عِنْدَ الْغَنِيِّ لَيْسَ بِعَظِيمٍ وَهُوَ الشَّرْعُ مُتَعَارِضٌ فَإِنَّ الْمِائَتَيْنِ فِي الزَّكَاةِ عَظِيمٌ وَفِي السَّرِقَةِ وَالْمَهْرِ الْعَشَرَةُ عَظِيمَةٌ فَيُرْجَعُ إلَى حَالِهِ ، ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَحَوَاشِي الْهِدَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى مَبْسُوطِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَمْوَالٌ عِظَامٌ ثَلَاثَةُ نُصُبٍ ) يَعْنِي مِنْ أَيِّ مَالٍ فَسَّرَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ فَلَا يَصْدُقُ فِي أَقَلَّ مِنْهُ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ ، وَإِنْ بَيَّنَهُ بِغَيْرِ مَالِ الزَّكَاةِ يُعْتَبَرُ أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ قَدْرَ

ثَلَاثَةِ نُصُبٍ وَيُعْتَبَرُ الْأَدْنَى فِي ذَلِكَ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يُعْتَبَرَ فِيهِ حَالُ الْمُقِرِّ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَدَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ عَشَرَةٌ ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا : لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ النِّصَابِ مُكْثِرٌ ؛ وَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ مُوَاسَاةُ غَيْرِهِ وَلَهُ أَنَّ الْعَشَرَةَ أَقْصَى مَا يُذْكَرُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ فَكَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ : عَلَيَّ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ عِنْدَهُمَا يَنْصَرِفُ إلَى النِّصَابِ وَعِنْدَهُ إلَى الْعَشَرَةِ وَعَلَى هَذَا إذَا قَالَ عَلَيَّ ثِيَابٌ كَثِيرَةٌ أَوْ وَصَائِفُ كَثِيرَةٌ فَعِنْدَهُ عَشَرَةٌ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ مَا يُسَاوِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ، وَإِنْ قَالَ غَصَبْتُ إبِلًا كَثِيرَةً أَوْ بَقَرًا كَثِيرَةً أَوْ غَنَمًا كَثِيرَةً أَوْ حِنْطَةً كَثِيرَةً يَنْصَرِفُ إلَى أَقَلِّ نِصَابٍ يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَالثَّلَاثُونَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْأَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ وَخَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ الْحِنْطَةِ وَعِنْدَهُ يُرْجَعُ إلَى بَيَانِ الْمُقِرِّ ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ يَلْزَمُهُ مِائَتَانِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَالٌ عَظِيمٌ نِصَابٌ ) قَالَ فِي الشَّامِلِ فِي قِسْمِ الْمَبْسُوطِ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَوْ قَالَ : دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فَيَكُونُ الْعِظَمُ صِفَةً لِعَرَضِهِ وَذَكَرَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ نَاقِلًا عَنْ الْمُنْتَقَى فِي الْمَالِ الْقَلِيلِ أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَنُقِلَ فِي الْأَجْنَاسِ عَنْ نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَالٌ لَا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ لَا قَلِيلٌ لَزِمَهُ الْكَثِيرُ وَالْمَالُ الْكَثِيرُ فِي الشَّرْعِ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِفَايَتِهِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ يَلْزَمُهُ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ الدَّرَاهِمِ ثَلَاثَةٌ وَالتَّضْعِيفُ أَقَلُّهُ مَرَّةٌ فَيُضَعَّفُ مَرَّةً قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً أَوْ قَالَ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّ الْأَضْعَافَ جَمْعُ الضِّعْفِ فَتُضَاعَفُ ثَلَاثَةَ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَكَانَ تِسْعَةً ، وَقَوْلُهُ مُضَاعَفَةً يَقْتَضِي ضِعْفَ ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ الدَّرَاهِمُ الْمُضَاعَفَةُ سِتَّةٌ وَأَضْعَافُهَا ثَلَاثُ مَرَّاتٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَأَضْعَافُهَا مُضَاعَفَةً عَلَيْهِ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ أَضْعَافَ الْعَشَرَةِ ثَلَاثُونَ فَإِذَا ضُمَّتْ إلَى الْعَشَرَةِ كَانَ أَرْبَعِينَ فَأَوْجَبَهَا مُضَاعَفَةً فَتَكُونُ ثَمَانِينَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكِفَايَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَالَ مَالٌ عَظِيمٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنْ الدَّرَاهِمِ صُدِّقَ فِي أَيِّ جِنْسٍ ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا نِصَابَ لَهُ صُدِّقَ يَبْلُغُ قِيمَةَ النِّصَابِ وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى لَوْ قَالَ مَالٌ نَفِيسٌ أَوْ كَرِيمٌ أَوْ خَطِيرٌ أَوْ جَلِيلٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ لَمْ أَجِدْهُ

مَنْصُوصًا وَكَانَ الْجُرْجَانِيُّ يَقُولُ مِائَتَانِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ سَيَأْتِي هَذَا الْفَرْعُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ يُبْنَى إلَخْ ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ حَالُ الْمُقِرِّ إنْ كَانَ غَنِيًّا يَقَعْ عَلَى مَا يُسْتَعْظَمُ عِنْدَ الْأَغْنِيَاءِ ، وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَقَعْ عَلَى النِّصَابِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَا لَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَتَيْنِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يُصَدَّقُ فِي ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيُصْرَفُ إلَيْهِ ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَالٌ عَظِيمٌ أَنَّ الدَّرَاهِمَ تُفِيدُ الْعَدَدَ ؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تَكُونُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ فَاعْتُبِرَ الْكَثْرَةُ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى الْعَدَدِ وَقَوْلُهُ عَظِيمٌ لَا يَتَضَمَّنُ عَدَدًا فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْمُسْتَعْظَمِ لَا مِنْ حَيْثُ الْعَدَدُ الْعَظِيمُ فِي الشَّرْعِ مَا يَصِيرُ بِهِ غَنِيًّا فَتَجِبُ الزَّكَاةُ بِنَفْسِهِ فَاعْتُبِرَ ذَلِكَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَوْ وَصَائِفُ ) الْوَصِيفُ الْغُلَامُ دُونَ الْمُرَاهِقِ ، وَالْوَصِيفَةُ الْجَارِيَةُ كَذَلِكَ وَالْجَمْعُ وُصَفَاءُ وَوَصَائِفُ مِثْلُ كَرِيمٍ وَكُرَمَاءَ وَكَرِيمَةٍ وَكَرَائِمَ ا هـ مِصْبَاحٌ فِي الْأَصْلِ وَقَالَ الْإِمَامُ شَرَفُ الدِّينِ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الْأَنْصَارِيُّ الْعُقَيْلِيُّ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْمِنْهَاجِ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ مَا بَيَّنَهُ أَقُولُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ فِي هَذَا أَحَدَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الَّذِي يَقَعُ مُمَيَّزُهُ مَنْصُوبًا هَكَذَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُصَدَّقَ فِي بَيَانِهِ بِدِرْهَمٍ وَالْقِيَاسُ فِيهِ مَا قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عِشْرُونَ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ

جُمْلَةً وَفَسَّرَهَا بِدِرْهَمٍ مَنْصُوبٍ ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْ عِشْرِينَ إلَى تِسْعِينَ فَيَجِبُ الْأَقَلُّ وَهُوَ عِشْرُونَ ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَدَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ ) يَعْنِي إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ الْجَمْعِ الصَّحِيحِ فَصَارَ مُتَيَقَّنًا بِهِ وَالزَّائِدُ عَلَى ذَلِكَ مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةٌ فَعَلَيْهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّ أَدْنَى الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ وَضِعْفَهَا سِتَّةٌ ، وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا ؛ لِأَنَّ أَضْعَافًا لَفْظُ جَمْعٍ وَأَقَلَّهُ ثَلَاثَةٌ فَتَصِيرُ تِسْعَةً ثُمَّ بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ ، وَكَذَا إذَا عَكَسَ بِأَنْ قَالَ : عَلَيَّ دَرَاهِمُ مُضَاعَفَةً أَضْعَافًا ؛ لِأَنَّهَا بِالْمُضَاعَفَةِ تَصِيرُ الثَّلَاثَةُ سِتَّةً ثُمَّ بِالْأَضْعَافِ وَهُوَ جَمْعٌ تَصِيرُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ) ؛ لِأَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْمُبْهَمِ ، وَذُكِرَ فِي التَّتِمَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الْعَدَدِ وَأَقَلَّ الْعَدَدِ اثْنَانِ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُعَدُّ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَفِي شَرْحِ الْمُخْتَارِ قِيلَ : يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ كَذَا يُذْكَرُ لِلْعَدَدِ عُرْفًا وَأَقَلُّ عَدَدٍ غَيْرِ مُرَكَّبٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالنَّصْبِ عِشْرُونَ ، وَلَوْ ذُكِرَ بِالْخَفْضِ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ عَدَدٍ يُذْكَرُ بَعْدَهُ الدِّرْهَمُ بِالْخَفْضِ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ : دِرْهَمٌ عَظِيمٌ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ مَعْلُومُ الْقَدْرِ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَزْدَادُ قَدْرُهُ بِقَوْلِهِ عَظِيمٌ ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَهُ ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ تَامٌّ ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ فَلَا يُنْقِصُ عَنْ الْوَزْنِ ، وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ الْمُعْتَادُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ ، وَكَذَا فِي الدَّنَانِيرِ ؛ لِأَنَّ التَّعَامُلَ يَجْرِي عَلَى

الْمُعْتَادِ عَادَةً فَلَا يُعْرَضُ عَنْهُ إلَّا بِحُجَّةٍ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ ) مُحَالًا إلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ قِيلَ يَلْزَمُهُ عِشْرُونَ ) وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَكَمِ الْمَالِكِيُّ ا هـ ( قَوْلُهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ ) أَيْ ، وَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ بَيْنَهُمَا وَاوَ الْعَطْفِ وَذَكَرَ الدِّرْهَمَ عَقِيبَهُمَا بِالْخَفْضِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ مِنْ الْعَدَدِ الْمُصَرَّحِ ثَلَاثُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ ثَلَاثًا عَدَدٌ وَمِائَةً عَدَدٌ لَيْسَ بَيْنَهُمَا حَرْفُ الْعَطْفِ وَيَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ بِالْخَفْضِ عَقِيبَهُمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْوَزْنُ إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَيَنْصَرِفُ إلَى الْوَزْنِ الْمُعْتَادِ أَيْ بَيْنَ النَّاسِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مِنْ الْأَلْفَاظِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ وَهُوَ غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ عَمَّا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ قَالَ فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ أَهْلُ الْبَلَدِ مِنْ الْأَوْزَانِ أَوْ الْعَدَدِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مُتَعَارَفًا فَيُحْمَلُ عَلَى وَزْنِ سَبْعَةٍ فَإِنَّهُ الْوَزْنُ الْمُعْتَبَرُ فِي الشَّرْعِ ، وَكَذَلِكَ فِي الدِّينَارِ يَعْتَبِرُونَ الْمَثَاقِيلَ إلَّا فِي مَوْضِعٍ مُتَعَارَفٍ فِيهِ بِخِلَافِهِ ، وَلَوْ قَالَ : لِفُلَانٍ عَلَيَّ دُرَيْهِمٍ أَوْ دُنَيْنِيرٌ فَعَلَيْهِ الْإِتْمَامُ ؛ لِأَنَّ التَّصْغِيرَ قَدْ يُذْكَرُ لِصِغَرِ الْحَجْمِ وَقَدْ يَكُونُ لِاسْتِحْقَارِ الدِّرْهَمِ وَقَدْ يَكُونُ لِخِفَّةِ الْوَزْنِ فَلَا يَنْقُصُ الْوَزْنُ بِالشَّكِّ ، إلَى هُنَا لَفْظُ التُّحْفَةِ ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي : وَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَدًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هِيَ وَزْنُ خَمْسَةٍ أَوْ وَزْنُ سِتَّةٍ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْهُ بِالْكُوفَةِ فَعَلَيْهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَزْنُ سَبْعَةٍ وَلَا يُصَدَّقُ عَلَى النُّقْصَانِ

إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَزْنَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهِ ، وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ ، وَإِنْ كَانُوا فِي بِلَادٍ يَتَبَايَعُونَ عَلَى دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَالْوَزْنُ بَيْنَهُمْ يَنْقُصُ عَنْ سَبْعَةٍ صُدِّقَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ هُوَ عَلَى وَزْنِهِمْ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى وَزْنًا دُونَ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ مُخْتَلِفًا فَهُوَ عَلَى الْأَقَلِّ مِنْ ذَلِكَ إلَى هُنَا لَفْظُ الْكَافِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

( كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ كَذَا ، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِالْوَاوِ يُزَادُ مِائَةٌ ، وَلَوْ رَبَّعَ زِيدَ أَلْفٌ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مُبْهَمَةٌ فَيَجِبُ حَمْلُهَا عَلَى نَظِيرِهَا مِنْ الْمُفَسَّرِ فَأَقَلُّ عَدَدَيْنِ يُذْكَرَانِ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَثَلَاثَةُ أَعْدَادٍ بِحَرْفَيْ الْعَطْفِ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَرْبَعَةُ أَعْدَادٍ بِثَلَاثَةِ حُرُوفٍ أَلْفٌ وَمِائَةٌ وَأَحَدٌ وَعِشْرُونَ ، وَلَوْ ثَلَّثَ بِلَا وَاوٍ يَجِبُ أَحَدَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُ لَا نَظِيرَ لَهُ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَلَوْ خَمَّسَ بِالْوَاوِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَشْرَةُ آلَافٍ ، وَلَوْ سَدَّسَ يُزَادُ مِائَةُ أَلْفٍ ، وَلَوْ سَبَّعَ يُزَادُ أَلْفُ أَلْفٍ وَعَلَى هَذَا كُلَّمَا زَادَ عَدَدًا مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ زِيدَ عَلَيْهِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى ، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا وَدِينَارًا فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدًا مُبْهَمًا وَأَشْرَكَ فِيهِ جِنْسَيْنِ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا ، وَكَذَا كَذَا دِينَارًا حَيْثُ يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَدَدَيْنِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ وَعَلَى هَذَا فِي الْمُفَسَّرِ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَدِينَارًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَأَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَحَدَ عَشَرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مِقْدَارًا وَأَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ مِنْ الْمَالِ يَجِبُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا إذَا أَقَرَّ لِرَجُلَيْنِ يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ ، مِثَالُهُ إذَا قَالَ : عَلَيَّ مِائَةُ مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ أَوْ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ

عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٌ فَالْبَيَانُ فِي النَّيِّفِ إلَيْهِ فَإِنْ فَسَّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ جَازَ ؛ لِأَنَّ النَّيِّفَ عِبَارَةٌ عَنْ الزِّيَادَةِ يُقَالُ : جَبَلٌ مُنِيفٌ إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْجِبَالِ ، وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَةَ أَوْتَارُ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعَةٌ وَتِسْعَةٌ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدَ عَشَرَ ) وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ كَذَا كَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ) وَالزِّيَادَةُ مَوْقُوفَةٌ عَلَى بَيَانِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ حَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدَ عَشَرَ ) أَيْ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يُقَالُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا إلَى تِسْعَةَ عَشَرَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَبِحَرْفِ عَطْفٍ بَيْنَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا فَقَدْ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ مَعْطُوفًا أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ فَيُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ عَدَدَيْنِ مُصَرَّحَيْنِ بَيْنَهُمَا وَاوُ الْعَطْفِ يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ عَقِيبَهُمَا بِالنَّصْبِ وَأَقَلُّ ذَلِكَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَأَكْثَرُهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ إلَّا أَنَّ الْأَقَلَّ يَلْزَمُهُ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ وَالزِّيَادَةُ تَقِفُ عَلَى بَيَانِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ " كَذَا " عِبَارَةٌ عَنْ الدِّرْهَمِ الْوَاحِدِ ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ عَقِيبَ الْوَاحِدِ لَا يُذْكَرُ بِالنَّصْبِ وَإِنَّمَا يُذْكَرُ بِالرَّفْعِ فَيُقَالُ وَاحِدٌ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ا هـ قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا كَانَ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعَدَدَيْنِ مِنْ جِنْسَيْنِ فَوَجَبَا مِنْهُمَا جَمِيعًا ، وَكَيْفَ يُقْسَمُ الْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ خَمْسَةً وَنِصْفَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةً وَنِصْفَ مِنْ الدَّنَانِيرِ إلَّا أَنَّا نَقُولُ لَوْ فَعَلْنَا ذَلِكَ أَدَّى إلَى الْكَسْرِ ، وَلَيْسَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْكَسْرِ فَيُجْعَلُ سِتَّةً مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَمْسَةً مِنْ الدَّنَانِيرِ فَصَرَفْنَاهُ إلَيْهَا احْتِيَاطًا كَذَا ذَكَرَ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي ا هـ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ

الشَّارِحِ فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ مِنْهُمَا بِالسَّوِيَّةِ - وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ وَفِي فَتَاوَى قَاضِيخَانْ ، وَلَوْ قَالَ كَذَا كَذَا دِينَارًا وَدِرْهَمًا لَزِمَهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ أَحَدَ عَشَرَ ا هـ .

( عَلَيَّ وَقِبَلِي إقْرَارٌ بِالدَّيْنِ ) ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ لِلْوُجُوبِ وَاشْتِقَاقُهَا مِنْ الْعُلُوِّ وَإِنَّمَا يَعْلُوهُ إذَا كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ بِحَيْثُ لَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ قَضَائِهِ لِيَخْرُجَ عَنْهُ ، وَكَلِمَةُ قِبَلٍ تُنْبِئُ عَنْ الضَّمَانِ يُقَالُ قَبَلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَيْ ضَمِنَ وَسُمِّيَ الْكَفِيلُ قَبِيلًا ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ وَسُمِّيَ الصَّكُّ الَّذِي هُوَ حُجَّةُ الدَّيْنِ قَبَالَةً ؛ لِأَنَّهُ يَحْفَظُهُ كَالضَّامِنِ ، وَلَوْ قَالَ الْمُقِرُّ فِيهِمَا أَرَدْتُ بِهِ وَدِيعَةً وَوَصَلَ صُدِّقَ ؛ لِأَنَّهُمَا يُنْبِئَانِ عَنْ الْوُجُوبِ ، وَالْحِفْظُ وَاجِبٌ عَلَى الْمُودَعِ ، وَالْمَالُ مَحَلُّهُ فَجَازَ ذِكْرُ الْمَحَلِّ وَإِرَادَةُ الْحَالِّ مَجَازًا وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَيَجُوزُ تَفْسِيرُهُ بِهِ مُتَّصِلًا ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ مَجَازًا وَلَا يَجُوزُ مُنْفَصِلًا ؛ لِأَنَّهُ تَقَرَّرَ حُكْمُهُ بِالسُّكُوتِ فَلَا يَجُوزُ تَغْيِيرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَسَائِرِ الْمُغَيِّرَاتِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ وَالشَّرْطِ ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ فِي قَوْلِهِ قِبَلِي أَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْأَمَانَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَتَنَاوَلُهُمَا يُقَالُ لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ دَيْنٌ وَلَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ وَدِيعَةٌ ، وَكَذَا إذَا قَالَ لَيْسَ لِي قِبَلَ فُلَانٍ حَقٌّ يَكُونُ إبْرَاءً عَنْ الدَّيْنِ وَالْأَمَانَةِ جَمِيعًا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ حَقِيقَتَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الْجِهَةِ فَيَتَنَاوَلُهُمَا ، وَالْأَمَانَةُ أَدْنَاهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الدُّيُونِ أَغْلَبُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( عِنْدِي مَعِي فِي بَيْتِي فِي صُنْدُوقِي فِي كِيسِي أَمَانَةٌ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ مَحَلٌّ لِلْعَيْنِ لَا لِلدَّيْنِ إذْ الدَّيْنُ مَحَلُّهُ الذِّمَّةُ وَالْعَيْنُ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً وَأَمَانَةً ، وَالْأَمَانَةُ أَدْنَاهُمَا فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا لِلتَّيَقُّنِ بِهِ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عِنْدَ لِلْقُرْبِ وَمَعَ لِلْقِرَانِ وَمَا عَدَاهُمَا

لِمَكَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَكُونُ مِنْ خَصَائِصِ الْعَيْنِ ، وَلَا يَحْتَمِلُ الدَّيْنَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ فَإِذَا كَانَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْعَيْنِ تَعَيَّنَتْ الْأَمَانَةُ لِمَا ذَكَرْنَا ؛ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ تُسْتَعْمَلُ فِي الْأَمَانَاتِ ، وَمُطْلَقُ الْكَلَامِ يُحْمَلُ عَلَى الْعُرْفِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ عَلَيَّ وَقِبَلِي إقْرَارٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَمَّا قَوْلُهُ عَلَيَّ فَإِنَّمَا كَانَ إقْرَارًا بِالدَّيْنِ بِسَبِيلِ الِاقْتِضَاءِ ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الدَّيْنَ صَرِيحًا ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ } وَمَحَلُّ الْإِيجَابِ الذِّمَّةُ ، وَالثَّابِتُ فِي الذِّمَّةِ الدَّيْنُ لَا الْعَيْنُ فَصَارَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ مُقْتَضَى قَوْلِهِ عَلَيَّ ، وَالثَّابِتُ اقْتِضَاءً كَالثَّابِتِ نَصًّا ، وَلَوْ نَصَّ فَقَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ كَانَ مُقِرًّا بِالدَّيْنِ لَا بِالْعَيْنِ فَكَذَلِكَ هَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ قَبَالَةً ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَتَقَبَّلْت الْعَمَلَ مِنْ صَاحِبِهِ إذَا الْتَزَمْته بِعَقْدٍ وَالْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ اسْمُ الْمَكْتُوبِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا يَلْتَزِمُهُ الْإِنْسَانُ مِنْ عَمَلٍ وَدَيْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ كُلُّ مَنْ تَقَبَّلَ بِشَيْءٍ مُقَاطَعَةً وَكَتَبَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ كِتَابًا فَالْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ هُوَ الْقَبَالَةُ بِالْفَتْحِ وَالْعَمَلُ قِبَالَةً بِالْكَسْرِ ؛ لِأَنَّهُ صِنَاعَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِرَادَةُ الْحَالِ ) إلَى هُنَا آخِرُ الْخَرْمِ الَّذِي فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ إلَخْ وَقَدْ نَبَّهْنَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمُجَرَّدِ فِي مَحَلِّهِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي الدُّيُونِ أَغْلَبُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ؛ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ قِبَلِي ، وَإِنْ كَانَ يُسْتَعْمَلُ فِي الْإِيجَابَاتِ وَالْأَمَانَاتِ ؛ وَلِهَذَا يُقَالُ لِفُلَانٍ قِبَلِي وَدِيعَةٌ وَقِبَلِي أَمَانَةٌ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْإِيجَابَاتِ وَالْمُطْلَقُ مِنْ الْكَلَامِ يَنْصَرِفُ إلَى مَا هُوَ الْغَالِبُ فِي الِاسْتِعْمَالِ كَالدَّرَاهِمِ الْمُطْلَقَةِ تَنْصَرِفُ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ ا هـ ( فَرْعٌ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ :

وَإِنْ قَالَ لَهُ فِي مَالِي مِائَةُ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ فِي دَرَاهِمِي هَذِهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَهَذَا إقْرَارٌ بِالشَّرِكَةِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَطَ مَالُهُ بِمَالِهِ كَانَ شَرِيكًا لَهُ فِيهِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَوْ قَالَ لِي عَلَيْكَ أَلْفٌ فَقَالَ : اتَّزِنْهُ أَوْ انْتَقِدْهُ أَوْ أَجِّلْنِي بِهِ أَوْ قَضَيْتُكَهُ أَوْ أَحَلْتُكَ بِهِ فَهُوَ إقْرَارٌ وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا ) ؛ لِأَنَّ الْهَاءَ كِنَايَةٌ عَنْ الْمَذْكُورِ فِي الدَّعْوَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَصَارَ كَأَنَّهُ أَعَادَ الْمُدَّعَى فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَمِيرُ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَى انْصِرَافِهِ إلَى الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ كَلَامًا مُبْتَدَأً فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا كِنَايَةٍ لَا ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إعَادَةَ الْخِطَابِ لِيُفِيدَ الْكَلَامُ فَكُلُّ مَا يَصْلُحُ جَوَابًا وَلَا يَصْلُحُ ابْتِدَاءً يُجْعَلُ جَوَابًا وَمَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ لَا لِلْبِنَاءِ أَوْ يَصْلُحُ لَهُمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ ابْتِدَاءً لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي كَوْنِهِ جَوَابًا لِئَلَّا يَلْزَمَهُ الْمَالُ بِالشَّكِّ فَإِنَّ ذِكْرَ هَاءِ الْكِنَايَةِ يَصْلُحُ جَوَابًا لَا ابْتِدَاءً وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ الْهَاءَ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا أَوْ يَصْلُحُ ابْتِدَاءً وَجَوَابًا فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَوَابُ مُسْتَقِلًّا ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ كَقَوْلِهِ نَعَمْ يَكُونُ إقْرَارًا مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ جَوَابًا وَهُوَ صَالِحٌ لَهُ فَصَارَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِطَابِ كَالْمُعَادِ فِيهِ ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَبْرَأَهُ مِنْهَا أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِهَا أَوْ وَهَبَهُ إيَّاهَا كَانَ إقْرَارًا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَتْلُو الْوُجُوبَ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِهَا ، وَكَذَا دَعْوَى الْإِحَالَةِ بِهَا يَكُونُ إقْرَارًا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ : وَاَللَّهِ لَا أَقْضِيكَهَا أَوْ لَا أَزِنُهَا لَك الْيَوْمَ ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْقَضَاءَ وَالْوَزْنَ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ وُجُوبِ أَصْلِ الْمَالِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ أَصْلُ الْمَالِ وَاجِبًا عَلَيْهِ فَالْقَضَاءُ يَكُونُ مُنْتَفِيًا أَبَدًا ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ : أَعْطِنِي ثَوْبَ عَبْدِي هَذَا فَقَالَ : نَعَمْ

كَانَ إقْرَارًا مِنْهُ بِالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ لَهُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ افْتَحْ بَابَ دَارِي هَذِهِ أَوْ جَصِّصْ دَارِي هَذِهِ أَوْ أَسْرِجْ دَابَّتِي هَذِهِ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا أَوْ لِجَامَهَا فَقَالَ نَعَمْ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ إقْرَارًا مِنْهُ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ كَلِمَةَ نَعَمْ لَا تَسْتَقِلُّ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْجَوَابِ كَيْ لَا يَصِيرَ لَغْوًا ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ : هَلْ لِفُلَانٍ عَلَيْكَ كَذَا ؟ فَأَوْمَأَ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ مِنْ الْأَخْرَسِ قَائِمَةٌ مَقَامَ النُّطْقِ لَا مِنْ غَيْرِهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَافِي .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ اتَّزِنْهُ أَوْ انْتَقِدْهُ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ فِي قَوْلِهِ اتَّزِنْ وَانْتَقِدْ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْهَاءِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْتِزَامٍ وَقَدْ يُوجَدُ مِثْلُ ذَلِكَ مِمَّنْ يَسْتَهْزِئُ وَيُبَالِغُ فِي الْجُحُودِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالشَّكِّ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إذَا كَانَ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ يَكُونُ إقْرَارًا كَقَوْلِنَا وَقَالَ سَحْنُونٌ الْمَالِكِيُّ يَكُونُ إقْرَارًا فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا إذَا قَالَ اتَّزِنْ أَوْ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَك مِنْ ذَلِكَ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ أَوْ أَعْطِنِي سَرْجَهَا إلَخْ ) ، وَلَوْ قَالَ لَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ يَكُونُ إقْرَارًا أَيْضًا ، وَفِي بَعْضِ نُسَخِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِذِكْرِ لَا أَمَّا لَوْ قَالَ لَا أُعْطِيكَ الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا فَهُوَ إقْرَارٌ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْكِنَايَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا أُعْطِيَكَ سَرْجَ بَغْلِك الْيَوْمَ أَوْ أَبَدًا وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا كَانَ إقْرَارًا فَكَذَا فِي الْكِنَايَةِ ا هـ مِنْ خَطِّ قَارِئِ الْهِدَايَةِ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ حَالٌّ لَزِمَهُ حَالًّا ) ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِحَقٍّ عَلَى نَفْسِهِ وَادَّعَى حَقًّا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ فَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَبْدٍ فِي يَدِهِ لِرَجُلٍ وَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ إلَّا بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّرَاهِمِ السُّودِ فَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْأَصْلِ وَكَذَّبَهُ فِي الصِّفَةِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ السُّودُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهِ ؛ لِأَنَّ السُّودَ نَوْعٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي النَّوْعِ ، وَالْأَجَلُ عَارِضٌ لَا يَثْبُتُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بَلْ بِالشَّرْطِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ فِي الْعَوَارِضِ وَبِخِلَافِ إقْرَارِ الْكَفِيلِ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي الْأَجَلِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكَفَالَةِ نَوْعٌ حَيْثُ يَثْبُتُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بِأَنْ كَفَلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَقَدْ ذَكَرْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي الْكَفَالَةِ وَخِلَافَ أَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ فِيهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَحَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ عَلَى الْأَجَلِ ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُنْكِرُ لِلْأَجَلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( عَلَيَّ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ فَهِيَ دَرَاهِمُ وَمِائَةٌ وَثَوْبٌ يُفَسِّرُ الْمِائَةَ ) يَعْنِي يُرْجَعُ إلَيْهِ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ ( وَكَذَا مِائَةٌ وَثَوْبَانِ بِخِلَافِ مِائَةٍ وَثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ ) حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ يُرْجَعَ فِي تَفْسِيرِ الْمِائَةِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ عَطَفَ مُفَسَّرًا عَلَى مُبْهَمٍ فِي الْفَصْلَيْنِ وَالْمَعْطُوفُ غَيْرُ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَلَمْ يُوضَعْ لِلْبَيَانِ فَبَقِيَتْ الْمِائَةُ عَلَى إبْهَامِهَا كَمَا فِي عَطْفِ الثَّوْبِ عَلَيْهَا ، وَجْهُ

الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ عَطْفَ الْمَوْزُونِ وَالْمَكِيلِ عَلَى عَدَدٍ مُبْهَمٍ يَكُونُ بَيَانًا لِلْمُبْهَمِ عَادَةً ؛ لِأَنَّ النَّاسَ اسْتَثْقَلُوا تَكْرَارَ التَّفْسِيرِ عِنْدَ كَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ ، وَذَلِكَ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّعَامُلُ ، وَهُوَ مَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَهُوَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهِ مَرَّةً لِكَثْرَةِ أَسْبَابِهِ وَدَوَرَانِهِ فِي الْكَلَامِ بِخِلَافِ الثِّيَابِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مِنْ الْمُقَدَّرَاتِ ؛ لِأَنَّهَا لَا يَكْثُرُ التَّعَامُلُ بِهَا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَمْ يَسْتَثْقِلُوا ذِكْرَهَا لِقِلَّةِ دَوَرَانِهَا فِي الْكَلَامِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالثَّانِي لِلْكَثْرَةِ ، وَلَمْ تُوجَدْ فَبَقِيَ عَلَى الْقِيَاسِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا لِلْمِائَةِ أَيْضًا وَيَسْتَوِي فِيهِ الْمُقَدَّرَاتُ وَغَيْرُهَا ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ عَدَدَيْنِ مُبْهَمَيْنِ وَأَعْقَبَهُمَا تَفْسِيرًا فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَكُونُ بَيَانًا لَهُمَا ، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ عَادَتَهُمْ جَرَتْ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ثَوْبًا وَثَلَاثَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَيَنْصَرِفُ التَّفْسِيرُ إلَيْهِمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي النِّهَايَةِ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَنَّ الْكُلَّ مِنْ الثِّيَابِ ، وَكَذَا فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَشَاةٌ وَوَجْهُهُ أَنَّ الثِّيَابَ وَالْغَنَمَ تُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِخِلَافِ الْعَبِيدِ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْسَمُونَ قِسْمَةً وَاحِدَةً وَمَا يُقْسَمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً تَتَحَقَّقُ فِي أَعْدَادِهَا الْمُجَانَسَةُ فَيُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْمُفَسَّرُ مِنْهُ تَفْسِيرًا لِلْمُبْهَمِ ، وَهَذَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ عِنْدَهُمَا تُقْسَمُ الْعَبِيدُ كَالْغَنَمِ وَلَا يُقْسَمُونَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَثَوْبٌ فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَكَذَا لَوْ قَالَ نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَنِصْفُ هَذِهِ

الْجَارِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كُلَّهُ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ فَيَنْصَرِفُ النِّصْفُ إلَى الْكُلِّ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا وَنِصْفُ هَذَا إلَخْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَعْضُهُ مُعَيَّنًا ، وَبَعْضُهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ قَالَ : نِصْفُ هَذَا الدِّينَارِ وَدِرْهَمٌ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّينَارِ وَيَجِبُ الدِّرْهَمُ كُلُّهُ ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَدَانِقٌ وَقِيرَاطٌ فَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ ؛ لِأَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ شَائِعٌ عِنْدَهُمْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَمِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا } يَعْنِي مِنْ السِّنِينَ

( قَوْلُهُ لَزِمَهُ حَالًا ) أَمَّا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي التَّأْجِيلِ أَيْضًا لَكِنَّهُ ادَّعَى مُضِيَّ الْأَجَلِ وَأَنْكَرَهُ الْمُقِرُّ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حُلُولَ الدَّيْنِ وَاسْتِحْقَاقَهُ عَلَيْهِ ا هـ شَرْحُ تَكْمِلَةٍ فِي الْبُيُوعِ ( قَوْلُهُ حَيْثُ تَكُونُ الْأَثْوَابُ تَفْسِيرًا إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ مِائَةٌ وَدِينَارٌ أَوْ قَالَ مِائَةٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ مِائَةٌ وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ أَوْ مِائَةٌ وَفَلْسٌ أَوْ مِائَةٌ وَمَنُّ زَعْفَرَانٍ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْمَعْطُوفُ وَيُرْجَعَ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَى الْمُقِرِّ وَبِالْقِيَاسِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَلَكِنْ اسْتَحْسَنَ عُلَمَاؤُنَا فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبَ وَجَعَلُوا الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ الْمَعْطُوفِ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَصَاحِبُ الْأَسْرَارِ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَثَوْبٌ أَوْ مِائَةٌ وَشَاةٌ أَوْ مِائَةٌ وَعَبْدٌ يَلْزَمُهُ الْمَعْطُوفُ وَالْمَرْجِعُ فِي بَيَانِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ إلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ قَالَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَوْ قَالَ وَثَلَاثُ شِيَاهٍ أَوْ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ يَكُونُ الْبَيَانُ فِي الْمَعْطُوفِ بَيَانًا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِالِاتِّفَاقِ وَالْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبَانِ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ مِائَةٌ وَثَوْبٌ ، وَإِنْ قَالَ ثَوْبَانِ لَا رِوَايَةَ فِيهِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْأَسْرَارِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي الذِّمَّةِ فِي جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ ) أَيْ فَإِنَّهَا لَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا فِي السَّلَمِ وَالنِّكَاحِ وَذَا لَا يَكْثُرُ فَبَقِيَ عَلَى الْحَقِيقَةِ ا هـ قَوْلُهُ ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ إلَخْ ) أَيْ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرٌّ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ الثُّلُثُ ؛ لِأَنَّهُ فَسَّرَ الْكُلَّ الْوَاجِبَ بِهَذِهِ الْأَجْنَاسِ الثَّلَاثَةِ فَيَقْضِي الْإِبْهَامُ بِالسَّوِيَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ لَزِمَاهُ ) يَعْنِي التَّمْرَ وَالْقَوْصَرَّةَ وَفُسِّرَ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ غَصَبْتُ تَمْرًا فِي قَوْصَرَّةٍ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِ تَمْرٍ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا ، وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ بِدُونِ ظَرْفِهِ فَلَزِمَاهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ تَمْرًا مِنْ قَوْصَرَّةٍ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ ، وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْجُوَالِقِ أَوْ فِي السَّفِينَةِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَوْ أَقَرَّ بِتَمْرٍ فِي قَوْصَرَّةٍ ) الْقَوْصَرَّةُ وِعَاءُ التَّمْرِ مَنْسُوجٌ مِنْ قَصَبٍ قَالَ صَاحِبُ الْجَمْهَرَةِ أَمَّا الْقَوْصَرَّةُ فَأَحْسَبُهَا دَخِيلًا وَقَدْ رُوِيَ : أَفْلَحَ مَنْ كَانَتْ لَهُ قَوْصَرَّهْ يَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ يَوْمٍ مَرَّهْ ثُمَّ قَالَ : وَلَا أَدْرِي صِحَّةَ هَذَا الْبَيْتِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَزِمَاهُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ ، وَالْإِقْرَارُ بِالْغَصْبِ إخْبَارٌ عَنْ نَقْلِهِ إذْ الْغَصْبُ نَقْلٌ وَنَقْلُ الْمَظْرُوفِ لَا يُتَصَوَّرُ حَالَ كَوْنِهِ مَظْرُوفًا إلَّا بِنَقْلِ الظَّرْفِ فَصَارَ إقْرَارًا بِغَصْبِهِمَا ضَرُورَةً كَذَا فِي كُتُبِ أَصْحَابِنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَأَمُّلٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مِنْ لِلِانْتِزَاعِ ) أَيْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ فَيَكُونُ إقْرَارًا بِأَنَّ مَبْدَأَ الْغَصْبِ مِنْ قَوْصَرَّةٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُقِرًّا بِالْمَنْزُوعِ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ كَذَا وَكَذَا أَوْ كَذَا مَعَ كَذَا أَوْ كَذَا بِكَذَا أَوْ كَذَا عَلَيْهِ كَذَا لَزِمَاهُ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَقْتَضِي إلْصَاقَ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ وَضَمَّهُ إلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَيْهِمَا الْغَصْبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً وَلَوْ قَالَ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ كَذَا عَلَى كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي الِانْفِصَالَ وَالتَّمْيِيزَ لَا الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا فِي حَقِّ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الثَّانِي ظَرْفًا لِلْأَوَّلِ وَوِعَاءً لَهُ لَزِمَاهُ ، نَحْوُ : ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ ، وَطَعَامٌ فِي سَفِينَةٍ وَحِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ وَتَمْرٌ فِي قَوْصَرَّةٍ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي مِمَّا لَا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ نَحْوُ غَصَبْتُكَ دِرْهَمًا فِي دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِلظَّرْفِيَّةِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا طَعَامٌ فِي الْجُوَالِقَ ) كَمَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ الطَّعَامَ

فِي الْجُوَالِقِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ فِي السَّفِينَةِ ) حَيْثُ يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَالْمَظْرُوفُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيّْ ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُك كَذَا فِي كَذَا وَالثَّانِي مِمَّا يَكُونُ وِعَاءً لِلْأَوَّلِ لَزِمَاهُ نَحْوُ ثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ وَطَعَامٍ فِي سَفِينَةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَظْرُوفُهُ فِي حَالِ وُرُودِ الْغَصْبِ عَلَيْهِ فَيَرِدُ عَلَى ظَرْفِهِ ضَرُورَةً ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِدَابَّةٍ فِي إصْطَبْلٍ لَزِمَتْهُ الدَّابَّةُ فَقَطْ ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَنْقُولِ لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَضْمَنُهُمَا وَعَلَى هَذَا - الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ ، وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ الظَّرْفَ إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً يُنْظَرْ فَإِنْ أَمْكَنَ نَقْلُهُ لَزِمَاهُ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَقْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ خَاصَّةً عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ الْمُوجِبَ لِلضَّمَانِ لَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَنْتَقِلْ الْمَظْرُوفُ لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبٍ تَامٍّ إذْ هُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْكَمَالِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَزِمَاهُ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّ غَصْبَ الْمَنْقُولِ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يُجْعَلَ ظَرْفًا حَقِيقَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا الْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ وَلَمْ يَلْزَمْهُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .( قَوْلُهُ : وَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ فِي الْبَيْتِ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي : وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُكَ مِائَةَ كُرٍّ حِنْطَةً فِي بَيْتٍ ضَمِنَ الطَّعَامَ وَالْبَيْتَ فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ يَرَى الْغَصْبَ فِي الْبَيْتِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ لَا يَرَيَانِهِ فَيَضْمَنُ الطَّعَامَ لَا غَيْرُ وَلَوْ قَالَ : غَصَبْتُكَ الْبَيْتَ بِالطَّعَامِ وَلَمْ أُحَوِّلْهُ لَمْ يُصَدَّقْ وَأُخِذَ بِهِمَا جَمِيعًا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْغَصْبِ فِي الْحِنْطَةِ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالنَّقْلِ فَإِذَا قَالَ لَمْ أُحَوِّلْ الطَّعَامَ فَقَدْ أَنْكَرَ بَعْدَمَا أَقَرَّ فَلَا يُصَدَّقُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

( وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ وَالْجَفْنُ وَالْحَمَائِلُ ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ السَّيْفِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْكُلِّ النَّصْلُ حَدِيدَتُهُ وَالْجَفْنُ غِمْدِهِ وَالْحَمَائِلُ غِمْدُهُ وَالْحَمَائِلُ جَمْعُ الْحِمَالَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَهِيَ عَلَاقَتُهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِحَجْلَةٍ لَهُ الْعِيدَانُ وَالْكِسْوَةُ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ عَادَةً ، وَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْبَابِ وَالْحَجْلَةُ بَيْتٌ مُزَيَّنٌ بِالثِّيَابِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْعِيدَانُ جَمْعُ عُودٍ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِخَاتَمٍ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالْفَصُّ ) وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ، وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ لِرَجُلٍ يَدْخُلُ الْبِنَاءُ وَالْأَشْجَارُ إذَا كَانَا فِيهِمَا حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُقِرُّ بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الْبِنَاءَ وَالْأَشْجَارَ لِي ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْفَصُّ لِي لَمْ يُصَدَّقْ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ كَذَا نَقَلْتُهُ مِنْ خَطِّ الْعَلَّامَةِ قَارِئِ الْهِدَايَةِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَشْمَلُهُمَا ) ؛ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْفَصُّ فِي بَيْعِ الْخَاتَمِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ فَإِذَا تَنَاوَلَهُمَا الِاسْمُ لَزِمَاهُ جَمِيعًا بِالْإِقْرَارِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِسَيْفٍ لَهُ النَّصْلُ إلَخْ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْخَاتَمُ لِي وَفَصُّهُ لَك هَذَا السَّيْفُ لِي وَحِلْيَتُهُ لَك هَذِهِ الْجُبَّةُ لِي وَبِطَانَتُهَا لَك وَقَالَ الْمُقَرُّ لَهُ الْكُلُّ لِي فَالْقَوْلُ لِلْمُقِرِّ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَزْعِ الْمُقَرِّ بِهِ ضَرَرٌ يُؤْمَرُ الْمُقِرُّ بِالنَّزْعِ وَالدَّفْعِ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّزْعِ ضَرَرٌ فَوَاجِبٌ عَلَى الْمُقِرِّ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ مَا أَقَرَّ بِهِ ا هـ قَوْلُهُ كَالدِّيدَانِ فِي جَمْعِ دُودٍ ) قَالَ فِي الصِّحَاحِ الدُّودُ جَمْعُ دُودَةٍ وَجَمْعُ الدُّودِ دِيدَانٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ لَزِمَاهُ ) ؛ لِأَنَّهُ ظَرْفٌ لَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ حَقِيقَةً فَيَدْخُلُ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ غَصَبْتُ إكَافًا عَلَى حِمَارٍ حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْإِكَافُ خَاصَّةً دُونَ الْحِمَارِ ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ مَذْكُورٌ لِبَيَانِ مَحَلِّ الْمَغْصُوبِ حِينَ أَخَذَهُ وَغَصْبُ الشَّيْءِ مِنْ مَحَلٍّ لَا يَكُونُ مُقْتَضِيًا غَصْبَ الْمَحَلِّ كَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِثَوْبٍ فِي عَشَرَةٍ لَهُ ثَوْبٌ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا ؛ لِأَنَّ النَّفِيسَ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةٍ فَأَمْكَنَ جَعْلُهُ ظَرْفًا كَقَوْلِهِ حِنْطَةٌ فِي جَوَالِقَ أَوْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ : عَشَرَةُ أَثْوَابٍ فِي ثَوْبٍ لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوَّلًا أَنَّ الْعَشَرَةَ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً وَالْمُمْتَنِعُ عَادَةً كَالْمُمْتَنِعِ حَقِيقَةً إذْ التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا ؛ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لُفَّ فِي ثِيَابٍ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مَظْرُوفًا فِي حَقِّ مَا وَرَاءَهُ فَلَا يَكُونُ ظَرْفًا إلَّا الثَّوْبُ الَّذِي هُوَ ظَاهِرٌ فَلَا يَتَحَقَّقُ أَنْ يَكُونَ الْكُلُّ ظَرْفًا لِوَاحِدٍ فَلَغَا آخِرُ كَلَامِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لَا يُمْكِنُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ احْتِيَالًا لِإِيجَابِ الْمَالِ مَعَ الِاحْتِمَالِ ؛ لِأَنَّ " فِي " قَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } أَيْ بَيْنَ عِبَادِي فَلَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَقَوْلُهُ النَّفِيسُ مِنْ الثِّيَابِ قَدْ يُلَفُّ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَنْقُوضٌ بِمَا إذَا قَالَ غَصَبْت مِنْهُ كِرْبَاسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِ حَرِيرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْكُلُّ عِنْدَهُ مَعَ أَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عُرْفًا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبِثَوْبٍ فِي مِنْدِيلٍ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ ، وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ كَانَ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي لِلظُّرُوفِ يُقَالُ جَعَلْت الدُّرَّةَ فِي الْحِقَّةِ وَالْحِنْطَةَ فِي الْجُوَالِقِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِحَقِيقَتِهِ عَلَى تَوَافُقِ الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِيمَا بَيْنَ النَّاسِ ؛ لِأَنَّهُ فِي غَالِبِ الْعَادَةِ يُجْعَلُ الْمِنْدِيلُ ظَرْفًا لِلثَّوْبِ وَإِذَا أَمْكَنَ بِحَقِيقَتِهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَإِذَا وَجَبَ اعْتِبَارُهُ فَهَذَا أَقَرَّ بِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ غَصْبُ ثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي مِنْدِيلٍ إلَّا بِغَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ مَتَى غَصَبَ الثَّوْبَ دُونَ الْمِنْدِيلِ لَا يَكُونُ غَاصِبًا لِثَوْبٍ مَظْرُوفٍ فِي الْمِنْدِيلِ فَصَارَ مُقِرًّا بِغَصْبِ ثَوْبٍ وَمِنْدِيلٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْ الثَّوْبَ وَالْمِنْدِيلَ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : غَصَبْتُكَ عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فِي عَيْبَةٍ كَانَ مُقِرًّا بِغَصْبِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَعَيْبَةٍ فَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي غَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ ) أَيْ كَلِمَةُ فِي حَقِيقَتُهَا لِلظَّرْفِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِالْحَقِيقَةِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِثَوْبٍ وَاحِدٍ عَادَةً ) أَيْ فَتُتْرَكُ الْحَقِيقَةُ بِدَلَالَةِ الْعَادَةِ وَتُحْمَلُ كَلِمَةُ فِي عَلَى الْمَجَازِ وَيُجْعَلُ بِمَعْنَى الْبَيْنِ وَالْوَسَطِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْتُ ثَوْبًا مِنْ وَسَطِ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا وَاحِدٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } أَيْ بَيْنَ عِبَادِي ) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْمَتْنِ وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ أَنَّ " فِي " فِي الْآيَةِ بِمَعْنَى مَعَ ا هـ

( قَوْلُهُ مَنْقُوضٌ ) مِثْلُ هَذَا عَلَى عَادَةِ الْفُقَهَاءِ ؛ لِأَنَّ النَّقْضَ حَقِيقَةً يَكُونُ بِتَخَلُّفِ الْحُكْمِ مَعَ وُجُودِ الْعِلَّةِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ وَعُنِيَ الضَّرْبُ خَمْسَةً ) وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِعُرْفِ الْحِسَابِ ؛ لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِهِ ارْتِفَاعَ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْعَدَدِ الْآخَرِ وَلِزُفَرَ أَنَّ حَرْفَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } أَيْ مَعَهُمْ وَهُوَ الْفَاشِي بَيْنَ الْكَافَّةِ ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ ارْتِفَاعُ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ بِقَدْرِ الْآخَرِ عِنْدَ الْخَوَاصِّ مِنْ النَّاسِ وَهُمْ الْحُسَّابُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ فِي أَنْ تَكُونَ لِلظَّرْفِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ فَتَعَيَّنَ الْمَجَازُ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ اللَّفْظَيْنِ اتِّصَالٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ فَصَحَّتْ الِاسْتِعَارَةُ قُلْنَا : لَمَّا تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ لَغَا وَلَا يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ ؛ لِأَنَّ الْمَجَازَ مُتَعَارِضٌ ؛ لِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الْوَاوِ لِاتِّصَالٍ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْجَمْعِ وَبِمَعْنَى " مَعَ " عَلَى مَا بَيَّنَّا وَبِمَعْنَى " عَلَى " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ فِرْعَوْنَ { وَلِأَصْلُبَنكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ } أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ وَإِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى لَا تَقْتَضِي وُجُوبَ الثَّانِي عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَيْسَ حَمْلُهَا عَلَى الْبَعْضِ أَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ فَلَغَتْ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الظَّرْفِيَّةَ إذَا تَعَذَّرَتْ تَلْغُو فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فِي خَمْسَةِ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلْإِلْغَاءِ فِيهِ هُوَ تَعَذُّرُ الظَّرْفِيَّةِ وَهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ وَمَا ذَكَرَ الْحَسَنُ لَا يَسْتَقِيمُ فِي الْمَوْزُونِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمَسْمُوحِ عَلَى أَنَّ الِارْتِفَاعَ الَّذِي ذَكَرَهُ يُرَادُ بِهِ تَكْثِيرُ الْأَجْزَاءِ لَا تَكْثِيرُ الْأَعْدَادِ صَحِيحَةً

وَتَكْثِيرُ الْأَجْزَاءِ لَا يُوجِبُ تَكْثِيرَ الْعَدَدِ وَهُوَ الْمُتَعَارَفُ عِنْدَ الْحِسَابِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَشَرَةٌ إنْ عَنَى مَعَ ) أَيْ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ إنْ أَرَادَ بِهِ مَعْنَى مَعَ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ وَهُوَ حَرْفُ " فِي " يَحْتَمِلُهُ مَجَازًا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَإِذَا نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ صَحَّتْ نِيَّتُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ .

( قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَقَالَ الْحَسَنُ يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَرَادَ بِهِ الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ صَاحِبَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَمَذْهَبُ زُفَرَ مِثْلُ قَوْلِ الْحَسَنِ كَذَا فِي التَّقْرِيبِ ا هـ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَوْ بِخَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ بِمَعْنَى مَعَ لَزِمَتْهُ عَشَرَةٌ ، وَإِنْ أَرَادَ الْحِسَابَ أَلْزَمْنَاهُ بِخَمْسَةٍ لَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ ا هـ وَهُوَ كَمَا تَرَى مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ زُفَرَ فَلَعَلَّ عَنْ زُفَرَ رِوَايَتَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ تَكُونَ الدَّرَاهِمُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ ) قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ : عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَعَلَيْهِ الْعَشَرَةُ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ " فِي " تُسْتَعْمَلُ لِلظَّرْفِ وَالْعَشَرَةُ لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا لِعَشَرَةٍ أُخْرَى فَلَغَا قَوْلُهُ فِي عَشَرَةٍ وَبَقِيَ قَوْلُهُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنَيْتُ هَذِهِ وَهَذِهِ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ فِي تُذْكَرُ وَيُرَادُ بِهَا مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَادْخُلِي فِي عِبَادِي } أَيْ مَعَ عِبَادِي وَلَكِنَّهَا خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُنْصَرَفُ إلَيْهَا إلَّا بِالنِّيَّةِ ، وَلَوْ قَالَ : عَلَيَّ دِرْهَمٌ فِي قَفِيزِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ وَالْقَفِيزُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ ، وَإِنْ صَلَحَ ظَرْفًا لِلدِّرْهَمِ لَكِنَّهُ الْتِزَامُ الْمَظْرُوفِ دُونَ الظَّرْفِ فَلَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ وَبَيَانُهُ مَا قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ : إنَّهُ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ فِي الذِّمَّةِ وَمَا فِي الذِّمَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَظْرُوفًا فِي شَيْءٍ آخَرَ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ قَفِيزُ حِنْطَةٍ فِي دِرْهَمٍ لَزِمَهُ الْقَفِيزُ وَبَطَل الدِّرْهَمُ ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا لَهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ فَرْقُ زَيْتٍ فِي عَشَرَةِ

مَخَاتِيمِ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الزَّيْتُ ، وَالْحِنْطَةُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ ظَرْفًا كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي فِي لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ مَعَهُ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَعَ لِلْجَمْعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمَانِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَبْلَهُ دِرْهَمٌ أَوْ بَعْدَهُ دِرْهَمٌ ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَالَةِ الْوُجُوبِ فَقَدْ أَقَرَّ بِوُجُوبِ دِرْهَمٍ آخَرَ سَابِقًا عَلَيْهِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ فَيُؤْخَذُ بِهِ ، وَإِنْ قَالَ دِرْهَمٌ فَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ لَزِمَاهُ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي الْجَمْعَ وَالْمُقَارَنَةَ فِي الْوُجُوبِ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ حَيْثُ يَقَعُ ثِنْتَانِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ فَيُجْعَلُ الثَّانِي مُؤَكِّدًا لِلْأَوَّلِ وَالطَّلَاقُ إنْشَاءٌ وَالتَّأْكِيدُ لَا يَدْخُلُ فِي الْإِنْشَاءِ فَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ فَاقْتَضَى وُقُوعَ طَلَاقٍ آخَرَ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ ؛ لِأَنَّ الْبَاءَ لِلْبَدَلِيَّةِ يَعْنِي عَوَّضَهُ دِرْهَمٌ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ الْوُجُوبَ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَاوَضَةِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْأَوَّلَ بِالْوُجُوبِ وَالثَّانِي بِكَوْنِهِ مَوْضِعًا لَهُ فَلَا يَتَّصِفُ الثَّانِي بِالْوُجُوبِ فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِوُجُوبِ الدِّرْهَمِ سَابِقًا عَلَى وُجُوبِ الدِّرْهَمَيْنِ فَيَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَهِيَ الظَّرْفِيَّةُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَشَرَةٌ إنْ عَنَى مَعَ ) أَيْ بِلَا خِلَافٍ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي الْمَبْسُوطِ إذَا أَرَادَ

بِفِي مَعْنَى عَلَى مَا حُكْمُهُ عِنْدَنَا وَلَكِنْ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ يَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِيهِ تَشْدِيدٌ عَلَى نَفْسِهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ ذَاكَ يُصَدَّقُ فِي الْقَضَاءِ أَيْضًا ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَهُ تِسْعَةٌ ) ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَا يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخَرَ حَدًّا وَالْحَدُّ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَحْدُودِ فَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ أَوْ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ فَإِنَّ الْحَائِطَيْنِ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْإِقْرَارِ فَكَذَا هَذَا وَلِأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً إذْ الْمَعْدُومُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِلْمَوْجُودِ وَوُجُودُهُ بِوُجُوبِهِ فَتَدْخُلُ الْغَايَتَانِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَحْسُوسِ ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فَيَصْلُحُ حَدًّا فَلَا يَدْخُلَانِ وَلَهُ أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ فَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ كَمَا قَالَ زُفَرُ لَكِنْ هُنَا لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِ الْغَايَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِي وَالثَّالِثَ لَا يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْأَوَّلِ إذْ لَا يُعْقَلُ ثَانٍ بِدُونِ الْأَوَّلِ فَدَخَلَتْ الْغَايَةُ الْأُولَى ضَرُورَةً وَلَا ضَرُورَةَ فِي إدْخَالِ الثَّانِيَةِ فَأَخَذْنَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ فَلَا تَدْخُلُ ؛ وَلِأَنَّ الْعَدَدَ يَقْتَضِي ابْتِدَاءً فَإِذَا أَخْرَجْنَا الْأَوَّلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً صَارَ الثَّانِي هُوَ الِابْتِدَاءُ فَيَخْرُجُ هُوَ أَيْضًا مِنْ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءً كَالْأَوَّلِ ، وَكَذَا الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ إلَى آخِرِهِ فَيُؤَدِّي إلَى خُرُوجِ الْكُلِّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا فَكَانَ بَاطِلًا ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَى كُرِّ شَعِيرٍ فَعَلَيْهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ كُرُّ حِنْطَةٍ وَكُرُّ شَعِيرٍ إلَّا قَفِيزًا ؛ لِأَنَّ الْقَفِيزَ الْآخَرَ مِنْ الشَّعِيرِ هُوَ الْغَايَةُ الثَّانِيَةُ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ الْكُرَّانِ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ

عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَى عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّرَاهِمُ وَتِسْعَةُ دَنَانِيرَ وَعِنْدَهُمَا يَلْزَمُهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ ذَكَرَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي النِّهَايَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَهُ مِنْ دَارَى مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ لَهُ مَا بَيْنَهُمَا فَقَطْ ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْغَايَةَ لَا تَدْخُلُ فِي الْمُغَيَّا( قَوْلُهُ فَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ ) وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ وَعِنْدَ زُفَرَ يَقَعُ وَاحِدَةٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ كُرُّ حِنْطَةٍ إلَخْ ) قَالَ الْقُدُورِيُّ فِي التَّقْرِيبِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مَا بَيْنَ كُرِّ شَعِيرٍ إلَى كُرِّ حِنْطَةٍ لَزِمَهُ كُرُّ شَعِيرٍ وَكُرُّ حِنْطَةٍ إلَّا قَفِيزًا وَلَمْ يَجْعَلْ الْغَايَةَ جَمِيعَ الْكُرِّ ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ الشَّيْءِ وَلَا نِصْفَهُ وَالْكُرُّ عِبَارَةٌ عَنْ جُمْلَةٍ مِنْ الْقُفْزَانِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِيرَ الِانْتِهَاءُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى دِينَارٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الدِّينَارُ ، وَهَذَا يُوجِبُ أَنَّ الْغَايَةَ أَكْثَرُ الشَّيْءِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ وَلِلْحَمْلِ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا وَإِلَّا فَلَا ) وَقَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا يَتَعَلَّقُ بِالْإِقْرَارِ لِلْحَمْلِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لِلْحَمْلِ هُوَ الَّذِي يُشْتَرَطُ فِيهِ بَيَانُ السَّبَبِ الصَّالِحِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَيَّنَ فِيهِ سَبَبًا صَالِحًا بِأَنْ قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فُلَانٌ يَجُوزُ وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِالْحَمْلِ فَجَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْخِلَافِيَّةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُوجِبَةٌ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ ، وَقَدْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى السَّبَبِ الصَّالِحِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ وَرِثَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَلَا يُصَارُ إلَى الْإِبْطَالِ مَعَ الْإِمْكَانِ فَصَارَ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ أَوْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِإِمْكَانِ الْجَوَازِ وَإِنْ احْتَمَلَ الْفَسَادَ بِأَنْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَيْسَ مِنْ التِّجَارَةِ ؛ وَلِهَذَا جَازَ إقْرَارُهُ بِالْحَمْلِ مَعَ احْتِمَالِ الْفَسَادِ وَلِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ لِجَوَازِهِ طَرِيقَيْنِ الْإِرْثُ وَالْوَصِيَّةُ ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ بَاعَهُ وَعَبْدًا آخَرَ مَعَهُ مِنْ الْبَائِعِ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَى ، وَإِنْ أَمْكَنَ جَوَازُهُ بِأَنْ يُجْعَلَ الْأَلْفُ أَوْ أَكْثَرُ حِصَّةَ الْمُشْتَرِي وَالْبَاقِي حِصَّةُ الْآخَرِ بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ؛ لِأَنَّ لِصِحَّتِهِ جِهَةً وَاحِدَةً وَهِيَ التِّجَارَةُ وَبِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْحَمْلِ ؛ لِأَنَّ لِصِحَّتِهِ جِهَةً وَاحِدَةً وَهِيَ الْوَصِيَّةُ عَلَى مَا قَالُوا لِأَنَّ الْحَمْلَ وَحْدَهُ لَا يُمْلَكُ بِالْوَصِيَّةِ فَتَعَيَّنَتْ سَبَبًا ؛ وَلِأَنَّ مُطْلَقَ الْإِقْرَارِ يَنْصَرِفُ إلَى

الْإِقْرَارِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ إقْرَارُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ وَيَنْفُذُ إقْرَارُ أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ عَلَى شَرِيكِهِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَا جَازَ وَلَا نَفَذَ فَصَارَ كَمَا إذَا صَرَّحَ بِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْبَيْعُ مِنْ الْجَنِينِ وَلَا يَلِي عَلَيْهِ أَحَدٌ فَيَبْطُلُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَ صُوَرٍ إمَّا أَنْ يُبْهِمَ الْإِقْرَارَ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا صَالِحًا فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ إقْرَارِهِ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَكَيْفَ يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بِبَيَانِ سَبَبٍ غَيْرِ صَالِحٍ وَالْإِبْطَالُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِقْرَارِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ بِرُجُوعٍ وَإِنَّمَا هُوَ بَيَانُ سَبَبٍ مُحْتَمَلٍ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِهِ بَائِعُهُ عَنْهُ فَيَحْسَبُ أَنَّ ذَلِكَ صَحِيحٌ فَيُقِرُّ بِهِ وَيُضِيفُهُ إلَى الْجَنِينِ أَيْضًا مَجَازًا كَمَا يُقَالُ بَنَى فُلَانٌ دَارًا ، وَإِنْ كَانَ الْبَانِي غَيْرَهُ وَهُمْ الْأُجَرَاءُ ثُمَّ إذَا صَحَّ الْإِقْرَارُ لِلْحَمْلِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ يُحْتَمَلُ ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إذَا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْفِرَاقِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً ثُمَّ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا كَانَ لَهُ مَا أَقَرَّ بِهِ ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ مَيِّتًا يُرَدُّ إلَى وَرَثَةِ الْمُوصِي أَوْ وَرَثَةِ أَبِيهِ ، وَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فَإِنْ كَانَا ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ وَفِي الْإِرْثِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْحَمْلِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَإِنْ أُبْهِمْ وَلَمْ يُبَيَّنْ السَّبَبُ وَذَكَرْنَا الْفَرْقَ لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِقْرَارِ لَهُ ثُمَّ

إنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ حَمَلَ جَارِيَةً فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ لَهُ إذَا عَلِمَ وُجُودَهُ وَقْتَ الْإِقْرَارِ أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا ، وَإِنْ كَانَ حَمَلَ بَهَائِمَ يُقَدَّرْ بِأَدْنَى مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُمْ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلِلْحَمْلِ إنْ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا إلَخْ ) كَمَا إذَا قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ عَلَيَّ مِنْ جِهَةِ وَصِيَّةٍ أَوْصَى بِهَا لَهُ فُلَانٌ بِعَيْنِهَا أَوْ مِيرَاثٍ وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتَهْلَكَتْهَا عَلَيْهِ وَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا لِلْجَنِينِ عَلَيَّ أَوْ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَوْصَى بِهَا لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ وَمَاتَ أَوْ كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ قَرِيبٍ لَهُ آخَرَ مَاتَ وَتَرَكَهَا مِيرَاثًا لَهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ فَيَجِبُ إعْمَالُهُ مَا أَمْكَنَ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كَلَامِ الْعَاقِلِ أَنْ يُصَحَّحَ مَهْمَا أَمْكَنَ وَقَدْ أَمْكَنَ بِالْحَمْلِ عَلَى أَنَّهُ اسْتَهْلَكَ مَالَ الْجَنِينِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا غَيْرَ صَالِحٍ فَلَا يَجُوزُ ) أَيْ إقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِأَنْ قَالَ لِمَا فِي بَطْنِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَوْ الِاقْتِرَاضِ فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَمْ يُضَفْ إلَى مَحَلِّهِ فَإِنَّ الْجَنِينَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ دَيْنًا بِالتِّجَارَةِ عَلَى أَحَدٍ ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ لَا يَتَّجِرُ وَلَا يُتَّجَرُ لَهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْجَنِينُ أَهْلًا لِاسْتِحْقَاقِ الدَّيْنِ بِالسَّبَبِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ كَانَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِلْجَنِينِ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ كَذِبًا بِيَقِينٍ وَالْكَذِبُ بِيَقِينٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ فَيَكُونُ وُجُودُهُ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ فَكَانَ كَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأٍ أَوْ يَدَ فُلَانٍ صَحِيحَةً لَا يَلْزَمُهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ بِيَقِينٍ فَكَذَلِكَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ لِرَضِيعٍ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِجَارَةِ ؛ لِأَنَّ الرَّضِيعَ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَسْتَحِقَّ الدَّيْنَ لِهَذَا السَّبَبِ بِتِجَارَةِ وَلِيِّهِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَّجِرُ لَهُ إنْ كَانَ لَا يَتَّجِرُ هُوَ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الْجَنِينِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ أَوْ وَرَثَةُ أَبِيهِ ) أَيْ فِيمَا

إذَا قَالَ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ أُبْهِمَ وَلَمْ يُبَيَّنْ السَّبَبُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا صَحِيحًا بِأَنْ أَوْصَى رَجُلٌ بِالْحَمْلِ لِآخَرَ وَمَاتَ فَأَقَرَّ وَارِثُهُ بِأَنَّ هَذَا الْحَمْلَ لِفُلَانٍ وَلَا وَجْهَ لِتَصْحِيحِهِ غَيْرَهُ فَتَعَيَّنَ طَرِيقُ التَّصْحِيحِ فَيَصِحُّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ عَلَيَّ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ أَوْ غَصْبٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةٌ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَإِنَّمَا لَزِمَهُ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ مُلْزِمَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ الْكَائِنِ وَلَيْسَ بِإِنْشَاءٍ وَالْإِخْبَارُ لَا يَقْبَلُ الْخِيَارَ ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لِيَتَغَيَّرَ بِهِ صِفَةُ الْعَقْدِ وَيَتَخَيَّرَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَإِمْضَائِهِ ، وَالْخَبَرُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ صَادِقًا فَهُوَ صِدْقٌ اخْتَارَ أَوْ لَمْ يَخْتَرْ ، وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا لَمْ يَتَغَيَّرْ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا بِعَدَمِ اخْتِيَارِهِ فَتَعَيَّنَ الْإِلْغَاءُ ؛ وَلِأَنَّ الْخِيَارَ فِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ وَالْخَبَرُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ لِعَدَمِ حُكْمِهِ وَهُوَ الْإِعْدَامُ وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بِعْتُهُ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ صَحَّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إذَا صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْ أَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ عَقْدٌ يَقْبَلُ الْخِيَارَ فَيَصِحُّ إذَا ثَبَتَ بِحُجَّةٍ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَثْبُتْ الْخِيَارُ وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَوَارِضِ كَالْأَجَلِ وَالْقَوْلُ فِي الْعَوَارِضِ قَوْلُ الْمُنْكِرِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالدَّيْنِ بِسَبَبِ كَفَالَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ طَوِيلَةٍ أَوْ قَصِيرَةٍ جَازَ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ عَقْدٌ يَصِحُّ فِيهِ خِيَارُ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ لَا تَقْبَلُ الْخِيَارَ فَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهَا - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِقْرَارِ هُوَ الْفَسْخُ فَلَمَّا لَمْ يَحْتَمِلْ الْإِقْرَارُ الْفَسْخَ لَمْ يَجُزْ شَرْطُ الْخِيَارِ وَلَزِمَهُ الْمَالُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ فَسْخِ الْإِقْرَارِ فَسْخُ الْمُقَرِّ بِهِ وَالْمُقَرُّ بِهِ لَا يَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ وُجُوبُ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَوُجُوبُهُ مَا كَانَ بِالْإِقْرَارِ حَتَّى يَنْفَسِخَ بِفَسْخِ الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ ، وَلَيْسَ بِإِيجَابٍ مُبْتَدَأً وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْمَقْصُودُ مِنْ فَسْخِ الْإِقْرَارِ بِفَسْخِهِ لَمْ يَكُنْ الْإِقْرَارُ مُحْتَمِلًا لِلْفَسْخِ كَمَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لَمَّا لَمْ يُمْكِنْ فَسْخُ مَا هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْإِعْتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ مَا سَقَطَ بِهِمَا لَمْ يَكُونَا مُحْتَمِلَيْنِ لِلْفَسْخِ فَكَذَلِكَ هَذَا وَأَوْرَدَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ فِي هَذَا الْمَقَامِ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ الْإِقْرَارُ مِمَّا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ وُقُوعِهِ فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ بِرَدِّ الْمُقَرِّ لَهُ فَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ لَيْسَ بِفَسْخٍ لِلْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ رَفْعُ الشَّيْءِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَتَكْذِيبُ الْمُقَرِّ لَهُ الْمُقِرَّ فِي إقْرَارِهِ لَيْسَ بِرَفْعِ الْإِقْرَارِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّهِ بَلْ بَيَانٌ أَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي حَقِّهِ أَصْلًا ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ فَإِذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ثَبَتَ الْكَذِبُ فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ وَإِذَا صَحَّ التَّكْذِيبُ فِي حَقِّهِ ظَهَرَ أَنَّ الْإِقْرَارَ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا مِنْ الْأَصْلِ لَا أَنَّهُ انْفَسَخَ فِي حَقِّهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ ا هـ قَوْلُهُ وَالْإِخْبَارُ لَا يَقْبَلُ الْخِيَارَ ) أَيْ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ صَاحِبُهُ أَوْ كَذَّبَهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الْكَافِي لِلْإِسْبِيجَابِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ

الْخِيَارَ لِيَتَغَيَّرَ ) أَيْ شُرِعَ لَأَنْ يَتَغَيَّرَ إلَخْ ( قَوْلُهُ جَازَ إنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ) أَيْ وَالْخِيَارُ لَهُ آخِرَ الْمُدَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ تُلَائِمُ اشْتِرَاطَ الْخِيَارِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ مِنْ الْجَهَالَةِ وَالْخَطَرِ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ عَقْدُ الْبَيْعِ فَإِذَا جَازَ اشْتِرَاطُهُ فِي الْبَيْعِ فَفِي الْكَفَالَةِ أَوْلَى ثُمَّ قُدِّرَ الْخِيَارُ فِي الْبَيْعِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُقَدَّرْ الْخِيَارُ فِي الْكَفَالَةِ بِمُدَّةٍ ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْخِيَارِ يُنَافِي حُكْمَ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ الْمِلْكُ الْمُطْلَقُ وَحُكْمَ الْخِيَارِ مَنْعُ السَّبَبِ مِنْ الْعَمَلِ وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ هَاهُنَا لُزُومُ الدَّيْنِ وَأَنْ يَصِحَّ مُطْلَقًا وَمُقَيَّدًا فَلَا يَكُونُ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مُنَافِيًا ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْخِيَارِ لَزِمَهُ الْمَالُ وَلَمْ يُصَدَّقْ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي عَلَيْهِ التَّأْخِيرَ وَهُوَ يُنْكِرُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

( بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ ) الِاسْتِثْنَاءُ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا عِنْدَنَا وَإِخْرَاجٌ بَعْدَ الدُّخُولِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ ، وَهَذَا مُشْكِلٌ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزٌ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ، وَلَوْ كَانَ إخْرَاجًا لِمَا صَحَّ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَحْتَمِلَانِ الرُّجُوعَ وَالرَّفْعَ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ فَعِنْدَنَا يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَكَلُّمًا بِالْبَاقِي وَكَانَ مَانِعًا مِنْ الدُّخُولِ شَكَكْنَا فِي الْمُتَكَلَّمِ بِهِ وَالْأَصْلُ فَرَاغُ الذِّمَمِ فَلَا يَلْزَمُهُ الزَّائِدُ بِالشَّكِّ وَصَارَ نَظِيرَ مَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ وَعِنْدَهُ لَمَّا دَخَلَ الْأَلْفُ كُلُّهُ صَارَ الشَّكُّ فِي الْمُخْرِجِ فَيَخْرُجُ الْأَقَلُّ وَهُوَ خَمْسُونَ وَالْبَاقِي عَلَى حَالِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( صَحَّ اسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ مُتَّصِلًا وَلَزِمَهُ الْبَاقِي ) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثُّنْيَا وَصَارَ اسْمًا لَهُ فَيَلْزَمُهُ كَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي ابْتِدَاءً ثُمَّ إطْلَاقُ لَفْظَةِ الْبَعْضِ فِي الْكِتَابِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ بِشَيْءٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَكْثَرَ جَائِزٌ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْفَرَّاءُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ قُلْنَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الْعَرَبُ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ } ثُمَّ قَالَ { إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَك عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْغَاوِينَ } فَاسْتَثْنَى الْمُخْلَصِينَ تَارَةً وَالْغَاوِينَ أُخْرَى فَأَيُّهُمَا كَانَ أَكْثَرَ لَزِمَهُ وَقَالَ الشَّاعِرُ أَدُّوا الَّتِي نَقَصْت تِسْعِينَ مِنْ مِائَةٍ ثُمَّ ابْعَثُوا حَكَمًا بِالْعَدْلِ حُكَّامًا اسْتَثْنَى تِسْعِينَ مِنْ مِائَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِأَدَاتِهِ ؛ لِأَنَّهُ فِي

مَعْنَاهُ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ ، وَإِنْ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ الْعَرَبُ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ إذَا كَانَ مُوَافِقًا لِطَرِيقِهِمْ كَاسْتِثْنَاءِ الْكُسُورِ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ الْعَرَبُ ، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِثْنَاءُ مِمَّا لَا يُقْسَمُ أَوْ مِمَّا يُقْسَمُ حَتَّى إذَا قَالَ : هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ إلَّا ثُلُثَهُ أَوْ قَالَ إلَّا ثُلُثَيْهِ صَحَّ .

( بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ ) لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ الْإِقْرَارِ بِلَا تَغْيِيرٍ شَرَعَ فِي مُوجِبِهِ مَعَ الْمُغَيِّرِ وَهُوَ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّغْيِيرِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ ) قَالَ الْكَاكِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ كَلِمَةَ الشَّكِّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَثْبُتُ أَقَلُّهُمَا كَمَا لَوْ ذَكَرَ كَلِمَةَ الشَّكِّ فِي الْإِقْرَارِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ أَقَلُّهُمَا فَكَذَا هَذَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي الْإِقْرَارِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ تِسْعُمِائَةٍ أَوْ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ فَيَثْبُتُ الْأَقَلُّ قَالُوا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ حَصَلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ ظَاهِرًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَصَارَ اسْمًا لَهُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاسْتَثْنَى فَقَالَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزٌ وَعَلَيْهِ تِسْعُمِائَةٍ أَمَّا جَوَازُ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ اسْتَثْنَى بَعْضَ مَا دَخَلَ تَحْتَ اللَّفْظِ مَقْصُودًا وَاسْتِثْنَاءُ بَعْضِ مَا دَخَلَ تَحْتَ اللَّفْظِ مَقْصُودًا جَائِزٌ إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا فَإِذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ صَارَ مُقِرًّا بِمَا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى وَذَلِكَ تِسْعُمِائَةٍ كَأَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ تِسْعُمِائَةٍ فَأَمَّا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَيْهِ خَمْسُونَ دِرْهَمًا ، وَهَذَا عِنْدَنَا وَعِنْدَ مَالِكٍ وَالْفَرَّاءِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى أَكْثَرُ مِنْ

الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ كَذَا ذَكَرَ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَوَجْهُهُ أَنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ بِالِاسْتِثْنَاءِ إخْرَاجَ الْأَقَلِّ دُونَ الْأَكْثَرِ وَنَحْنُ نَقُولُ إذَا عُرِفَ عَمَلُ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يَفْتَرِقْ الْحَالُ بَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ الْأَقَلُّ أَوْ الْأَكْثَرُ ا هـ ( قَوْلُهُ لَزِمَهُ ) أَيْ لَزِمَ الْفَرَّاءَ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ ) أَيْ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْحَاصِلِ بَعْدَهُ ، وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ لِيَصِيرَ مُتَكَلَّمًا بِهِ فَيَكُونُ رُجُوعًا فَلَا يَصِحُّ ، وَهَذَا إذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بِلَفْظِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا عَشَرَةً أَوْ يَقُولُ هَؤُلَاءِ أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِخِلَافِ لَفْظِهِ يَجُوزُ ، وَإِنْ أَتَى عَلَى الْكُلِّ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا هَؤُلَاءِ ، أَوْ يَقُولَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا هَؤُلَاءِ أَوْ يَقُولَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا مُبَارَكًا وَسَالِمًا وَبَزِيعًا أَوْ يَقُولَ : نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَعَمْرَةَ وَفَاطِمَةَ ولِ يس لَهُ عَبِيدٌ وَلَا نِسَاءٌ غَيْرَ الْمُسْتَثْنَى صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَا يُعْتَقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ إذْ اللَّفْظُ صَالِحٌ لَهُ ، وَذَلِكَ يَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ حَقِيقَةُ الْبَقَاءِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَتْبَعُ صِحَّةَ الْكَلَامِ لَفْظًا لَا تَحَقُّقَ مَا دَخَلَ تَحْتَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ : أَنْتِ طَالِقٌ أَلْفًا إلَّا تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ يَصِحُّ حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةٌ ، وَلَوْ كَانَ يَتْبَعُ صِحَّةَ الْحُكْمِ لَوَقَعَ الثَّلَاثُ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَلْفًا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي إلَّا ثُلُثَ مَالِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ ثُلُثَ مَالِهِ ، وَلَوْ قَالَ أَوْصَيْت لَهُ بِثُلُثِ مَالِي إلَّا أَلْفًا وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ لَا غَيْرَ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْمُوصَى لَهُ شَيْئًا لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَتْبَعُ صِحَّةَ اللَّفْظِ ؛ لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَيَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ اللَّفْظِ لَا عَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَ الِاسْتِثْنَاءُ بِعَيْنِ ذَلِكَ اللَّفْظِ ؛ لِأَنَّهُ

يَصْلُحُ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ وَلَا لِلتَّكَلُّمِ بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الثُّنْيَا فَلَمْ يَصِحَّ اللَّفْظُ ، وَلَا الِاسْتِثْنَاءُ .

قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَلْفًا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَكَذَا إذَا اسْتَثْنَى أَكْثَرَ مِنْ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَجُزْ اسْتِثْنَاءُ الْأَلْفِ مِنْ الْأَلْفِ فَلَأَنْ لَا يَجُوزَ اسْتِثْنَاءُ الْأَلْفِ وَزِيَادَةٍ أَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ ا هـ ( فَرْعٌ ) قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَعْرُوفُ بالإسبيجابي فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا سَبْعَةَ دَرَاهِمَ إلَّا خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إلَّا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى الْمُسْتَثْنَى الْأَخِيرِ وَهُوَ دِرْهَمٌ فَيَسْتَثْنِيهِ مِنْ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَيَبْقَى دِرْهَمَانِ فَيَسْتَثْنِيهِمَا مِنْ الَّذِي يَلِيهِمَا وَهُوَ خَمْسَةٌ فَيَبْقَى ثَلَاثَةٌ ثُمَّ يَسْتَثْنِي الْبَاقِيَ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الَّذِي يَلِيهِ وَهُوَ سَبْعَةٌ فَيَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعَةٌ ثُمَّ يَسْتَثْنِي الْبَاقِي وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ مِنْ الَّذِي يَلِيه وَهُوَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَيَبْقَى سِتَّةٌ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ إذَا دَخَلَ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قِيرَاطًا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْأَخِيرِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ أَنْ يَنْصَرِفَ إلَى الَّذِي يَلِيهِ ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِفُلَانٍ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا مِنْ الْأَلْفِ كَانَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى الْمَحَلِّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَيَنْصَرِفُ الِاسْتِثْنَاءُ إلَيْهِ ، وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ مِنْ الْأَلْفِ جَعَلْتَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى مَا يَلِيهِ وَاَلَّذِي يَلِيهِ الدَّنَانِيرُ وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ أَلْفِ دِرْهَمٍ

وَمِائَةُ دِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا جَعَلْتَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الدِّرْهَمِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يُصْرَفَ الِاسْتِثْنَاءُ إلَى مَا هُوَ جِنْسٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ إلَّا عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلَا تَعَذُّرَ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَدِرْهَمٌ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ فَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ وَاحِدًا جَعَلْتَ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ نَوْعِهِ اسْتِحْسَانًا ؛ لِأَنَّ الصَّرْفَ إلَيْهِ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لَيْسَ مِنْ نَسَقِ الْكَلَامِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ لَا يُلَائِمُ الْإِخْبَارَ وَالْإِقْرَارَ فَصَارَ فَاصِلًا وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ فَاصِلًا ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْعُرْفِ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ غَلِطْتُ إلَّا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَلَا يُعَدُّ فَاصِلًا فَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ سُبْحَانَ اللَّهِ إلَّا خَمْسِينَ دِرْهَمًا لَمْ يَكُنْ اسْتِثْنَاءً ؛ لِأَنَّ التَّسْبِيحَ لَا يُذْكَرُ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَلَطِ فِي مَجْرَى الْعَادَةِ فَكَانَ نَسَقًا آخَرَ فَعُدَّ فَاصِلًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَا فُلَانُ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ جَائِزًا ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْإِخْبَارِ لِشَخْصٍ خَاصٍّ ، وَهَذَا صِيغَتُهُ فَلَا يُعَدُّ فَاصِلًا ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَا إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاشْهَدُوا عَلَيَّ بِهَا حَشْوٌ لَا يُحْتَاجُ الْإِقْرَارُ إلَيْهِ فَعُدَّ فَاصِلًا بِخِلَافِ قَوْلِهِ يَا فُلَانُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ حَشْوًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَا غَيْرِهِمَا ) حَتَّى إذَا قَالَ : عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا قَفِيزَ حِنْطَةٍ أَوْ دِينَارًا صَحَّ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا قَفِيزَ شَعِيرٍ أَوْ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صَحَّ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا يَصِحُّ ، وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا لَا يَصِحُّ بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَصِحُّ فِيهِمَا يَعْنِي فِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِثْنَاءِ امْتِنَاعُ ثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْمُسْتَثْنَى لِقِيَامِ الدَّلِيلِ الْمُعَارِضِ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ دَلِيلِ الْخُصُوصِ مِنْ الْعُمُومِ فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا خَمْسَةً فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيَّ فَإِذَا كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ يَجِبُ الْعَمَلُ بِالدَّلِيلِ الْمُعَارِضِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَإِذَا كَانَ الْمُعَارِضُ مِنْ جِنْسِهِ يَجِبُ إخْرَاجُ قَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ يَجِبُ إخْرَاجُ قِيمَتِهِ عَمَلًا بِالدَّلِيلِ الْمُعَارِضِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ لَكَانَ دَاخِلًا تَحْتَ اللَّفْظِ ، وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي خِلَافِ الْجِنْسِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ تَحْتَ اللَّفْظِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ أَنَّ الْقِيَاسَ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِمَا بَيَّنَّا إلَّا أَنَّهُمَا اسْتَحْسَنَا فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَهِيَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الْمَعْنَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ حَالًا وَمُؤَجَّلًا وَيَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهَا ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صُورَتُهَا فَإِذَا كَانَتْ فِي الْمَعْنَى جِنْسًا وَاحِدًا جَازَ اسْتِثْنَاؤُهَا بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اسْتِخْرَاجٌ بِطَرِيقِ الْمَعْنَى عَلَى

أَنْ يَصِيرَ الْكَلَامُ بِهِ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ لَا مَعْنَى لَهُ ؛ لِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ لَا تَثْبُتُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْمَحَلِّ ؛ لِأَنَّ انْتِقَاءَ أَحَدِهِمَا لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الْآخَرِ فَلَا يَتَعَارَضَانِ ؛ وَلِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَنْفِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْوَاجِبِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ فَإِنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْتَفِيَ بَعْدَ ذَلِكَ بِإِنْكَارِهِ ، وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ لَاسْتَوَى فِيهِ الْبَعْضُ وَالْكُلُّ كَالنَّسْخِ وَكَذَا كَانَ يَسْتَوِي فِي الِاتِّصَالِ وَالِانْفِصَالِ ؛ لِأَنَّ الْمُعَارِضَ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُقَارِنًا وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْمُغَيِّرِ ؛ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ ، وَلَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ لَكَانَ أَحَدُهُمَا كَذِبًا ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْقُرْآنِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا } ، وَلَوْ كَانَ هَذَا إخْبَارٌ عَنْ لُبْثِهِ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَلْبَثْ فِيهِمْ خَمْسِينَ عَامًا مِنْهَا لَكَانَ كَذِبًا - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا - وَإِنَّمَا هُوَ اسْمٌ لِلْبَاقِي بَعْدَ الثِّنْيَا كَأَنَّهُ قَالَ فَلَبِثَ فِيهِمْ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَامًا ؛ لِأَنَّك إذَا قُلْت عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَذَلِكَ اسْمٌ لِلْخَمْسَةِ كَأَنَّك قُلْتَ عَلَيَّ خَمْسَةٌ لَا أَنَّكَ أَقْرَرْتَ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ أَسْقَطْت الْخَمْسَةَ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَلَامٍ مُعَارِضٍ وَالْمَعْدُودُ الَّذِي لَا تَتَفَاوَتُ آحَادُهُ كَالْفُلُوسِ مِثْلُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ حَتَّى يَجُوزَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَصَحَّ اسْتِثْنَاءُ الْكَيْلِيِّ ) قَالَ الْكَاكِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ وَإِذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ يُطْرَحُ قَدْرُ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى عَنْ الْمُقِرِّ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمُسْتَثْنَى تَسْتَغْرِقُ مَا أَقَرَّ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ثُمَّ مَا ذُكِرَ أَنَّ جَهَالَةَ الْمُسْتَثْنَى تَلْزَمُ جَهَالَةَ الْمُقَرِّ بِهِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ مُحَالًا إلَى الْمُنْتَقَى فَقَالَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا قَلِيلًا فَعَلَيْهِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا ، وَكَذَا فِي نَظَائِرِهَا نَحْوِ قَوْلِهِ إلَّا شَيْئًا ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الشَّيْءِ اسْتِثْنَاءُ الْأَقَلِّ عُرْفًا فَأَوْجَبْنَا النِّصْفَ وَزِيَادَةَ دِرْهَمٍ فَقَدْ اسْتَثْنَى الْأَقَلَّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا بَعْضَهَا فَعَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْوَزْنِيُّ مِنْ الدَّرَاهِمِ ) يَعْنِي أَوْ مِنْ الدَّنَانِيرِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ بَعْدَ قَوْلِهِ قَرِيبًا مِنْ هَذَا الْمَتْنِ أَوْ إلَّا دِينَارًا صَحَّ بِقَوْلِهِ ، وَكَذَا إلَخْ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ فَفِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءُ الْمُقَدَّرِ مِنْ الْمُقَدَّرِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا وَيُطْرَحُ قَدْرُ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى مِمَّا أَقَرَّ بِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ ، وَإِنْ كَانَ اسْتِثْنَاءُ غَيْرِ الْمُقَدَّرِ مِنْ الْمُقَدَّرِ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ عِنْدَنَا كَمَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا ثَوْبًا قِيَاسًا وَاسْتِحْسَانًا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ كَلَامٌ آخَرُ يُعَارِضُ الصَّدْرَ بِحُكْمِهِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الْمُجَانَسَةُ ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ وَبَلْدَةٍ لَيْسَ بِهَا أَنِيسُ إلَّا الْيَعَافِيرُ وَإِلَّا الْعِيسُ قَدْ اسْتَثْنَى مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ وَلَنَا أَنَّ

الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجٌ وَتَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثِّنْيَا وَعَلَيْهِ أَهْلُ اللُّغَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُجَانَسَةِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَنْ يَكُونَ الْمُسْتَثْنَى دَاخِلًا تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَالدُّخُولُ تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ لَا يَكُونُ إذَا لَمْ تُوجَدْ الْمُجَانَسَةُ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ لِبَيَانِ أَنَّ الْمُسْتَثْنَى لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّدْرِ ، وَجْهُ مَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ جِنْسٍ مِنْ خِلَافِ جِنْسٍ لَا يَصِحُّ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اسْتَثْنَى مِنْ الْمُقَدَّرِ ثَوْبًا أَوْ حَيَوَانًا فِي الْحُجَّةِ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ اسْتَثْنَى كَلْبًا فِي الْحُجَّةِ عَلَى الشَّافِعِيِّ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ فِي خِلَافِ الْجِنْسِ فَلَا يُطْرَحُ قِيمَةُ قَدْرِ الْمُسْتَثْنَى وَوَجْهُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا دَخَلَ تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ وَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ صَدْرِ الْكَلَامِ فِي حَقِّ التَّكَلُّمِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ لَا مَرَدَّ لَهَا وَيُمْكِنُ إخْرَاجُهُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْوُجُوبُ ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَاتِ كُلَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي حَقِّ الْوُجُوبِ بِالْعَقْدِ ؛ وَلِهَذَا يَصِحُّ إيجَابُهَا فِي الذِّمَّةِ كَالدَّرَاهِمِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا فَيَصِيرُ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ : لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إلَّا قَدْرَ قِيمَةِ الْمُسْتَثْنَى فَيَصِيرُ صَدْرُ الْكَلَامِ عَدَمًا فِي قَدْرِهِ فِي حَقِّ الْوُجُوبِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَثْنَى غَيْرَ الْمُقَدَّرِ حَيْثُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ مَالِيَّتَهُ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لِكَوْنِهِ مُتَفَاوِتًا فِي نَفْسِهِ فَيَكُونُ اسْتِثْنَاءَ الْمَجْهُولِ مِنْ الْمَعْلُومِ فَيَفْسُدُ ؛ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُجَانِسُ الدَّرَاهِمَ لَا صُورَةً وَلَا وُجُوبًا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ الثَّوْبَ لَا يَجِبُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا سَلَمًا أَوْ هُوَ فِي مَعْنَى السَّلَمِ

كَالْبَيْعِ بِثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ وَالدَّرَاهِمُ تَجِبُ مُطْلَقًا ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ لَا يَجِبُ بِمُطْلَقِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَضُمَّ إلَى إقْرَارِهِ مَا لَمْ يَتَضَمَّنْهُ إقْرَارُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( فَرْعٌ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي أَيْضًا ، وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَقَالَ فُلَانٌ قَدْ شِئْتُ فَهَذَا الْإِقْرَارُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ وَمَا نَجَّزَ ، وَاللُّزُومُ حُكْمُ التَّنْجِيزِ لَا حُكْمُ التَّعْلِيقِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ إقْرَارٍ عُلِّقَ بِخَطَرٍ أَوْ شَرْطٍ نَحْوُ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ إنْ مَطَرَتْ السَّمَاءُ أَوْ إنْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ أَوْ إنْ أَرَادَهُ أَوْ إنْ رَضِيَهُ أَوْ إنْ أَحَبَّهُ أَوْ إنْ أَصَبْتُ مَالًا أَوْ إنْ كَانَ كَذَلِكَ أَوْ إنْ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا فِي الْحَالِ وَلَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ إقْرَارًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ؛ لِأَنَّا أَبْقَيْنَاهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَمِينٌ وَلَهُ حُكْمٌ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ ثُمَّ إذَا جَاءَ الشَّرْطُ انْحَلَّ التَّرْكِيبُ فَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَهَاهُنَا الْحُكْمُ بِخِلَافِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

( وَلَوْ وَصَلَ إقْرَارَهُ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَلَ إقْرَارُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَقَدْ بَطَلَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَكَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ حَتَّى إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ فُلَانٌ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا ، وَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ فِي وُجُودِهِ خَطَرٌ وَالْإِقْرَارُ لَا يَحْتَمِلُهُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَمِينٌ ، وَالْإِقْرَارُ لَا يُحْلَفُ بِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِنْ كَانَ صِدْقًا لَا يَصِيرُ كَذِبًا بِفَوَاتِ الشَّرْطِ ، وَإِنْ كَانَ كَذِبًا لَا يَصِيرُ صِدْقًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا يَلِيقُ بِهِ أَصْلًا ، وَإِنَّمَا التَّعْلِيقُ فِيمَا هُوَ إيجَابٌ لِيَتَبَيَّنَ بِالتَّعْلِيقِ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِيقَاعٍ مَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ وَكَذَلِكَ كُلُّ إقْرَارٍ عُلِّقَ بِالشَّرْطِ نَحْوُ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَوْ أَمْطَرَتْ السَّمَاءُ أَوْ هَبَّتْ الرِّيحُ أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى أَوْ أَرَادَهُ أَوْ رَضِيَهُ أَوْ أَحَبَّهُ أَوْ قَدَّرَهُ أَوْ يَسَّرَهُ أَوْ إنْ بُشِّرْت بِذَلِكَ فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا شَاكَلَهُ مُبْطِلٌ لِلْإِقْرَارِ إذَا كَانَ مَوْصُولًا لِلْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا أَنَّ لَهُ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ إنْ مِتُّ فَهُوَ عَلَيْهِ إنْ مَاتَ أَوْ عَاشَ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ فَإِنَّ مَوْتَهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَمُرَادُهُ أَنْ يُشْهِدَهُمْ عَلَى الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ حَتَّى لَا تَبْقَى ذِمَّتُهُ مُرْتَهَنَةً لِيَشْهَدُوا بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا جَحَدَتْ الْوَرَثَةُ فَيَكُونُ رَاجِعًا إلَى تَأْكِيدِ الْإِقْرَارِ فَيَلْزَمُهُ الْمَالُ عَاشَ أَوْ مَاتَ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا أَفْطَرَ النَّاسُ أَوْ إلَى الْفِطْرِ أَوْ إلَى الْأَضْحَى ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى الْأَجَلِ إلَى الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ مَقْبُولًا وَدَعْوَاهُ الْأَجَلَ لَا

يُقْبَلُ إلَّا بِحُجَّةٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي بَابِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَقَالَ : أَصْلُهُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ بَاطِلٌ وَالْمَالُ لَازِمٌ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ كَائِنٍ سَابِقٍ وَالْكَائِنُ لَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ وَإِنَّمَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ غَيْرِ الْكَائِنِ لِيَصِيرَ كَائِنًا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ ؛ وَلِأَنَّهُ إخْبَارٌ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَإِنْ كَانَ صِدْقًا لَا يَصِيرُ كَذِبًا بِفَوَاتِ الشَّرْطِ ، وَإِنْ كَانَ كَذِبًا لَا يَصِيرُ صِدْقًا بِوُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ فَلَغَا تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ إلَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ سَبَبًا كَحُلُولِ الْأَجَلِ وَالْمَوْتِ وَمَجِيءِ الْغَدِ فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْإِخْبَارُ عَنْ مَحَلِّ الْأَجَلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ الْمَبْسُوطِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ فِي أَوَائِلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ فَقَالَ لَوْ قَالَ غَصَبْتُ مِنْكَ هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَلْزَمُهُ شَيْءٌ اسْتِحْسَانًا وَالْقِيَاسُ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِ الشَّرْطِ ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَصِحُّ فِي الْإِنْشَاءَاتِ دُونَ الْإِخْبَارَاتِ وَلَكِنَّهُ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ الِاسْتِثْنَاءُ مُخْرِجٌ لِلْكَلَامِ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَزِيمَةً لَا أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يُعَاتَبْ عَلَى تَرْكِ الصَّبْرِ ، وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ لَعُوتِبَ ؛ لِأَنَّ الْوَعْدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَالْعَهْدِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَالْإِقْرَارُ لَا يَكُونُ إلَّا بِكَلَامٍ هُوَ عَزِيمَةٌ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى مَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَشَرَطَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَفْصُولًا لَا يُؤَثِّرُ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ هُوَ اسْتَدَلَّ بِمَا رُوِيَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ {

وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَنَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ } قُلْنَا هُوَ مُغَيَّرٌ وَالْمُغَيَّرُ لَا يَصِحُّ إلَّا مُتَّصِلًا كَالشَّرْطِ وَاسْتِثْنَاءُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ لِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ لَا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ هَلْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ لَا يُعْلَمُ وُجُودُهُ أَوْ إبْطَالٌ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَلَا نُعِيدُهُ .

( قَوْلُهُ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا ، وَإِنْ شَاءَ فُلَانٌ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ فُلَانٍ لَا تُوجِبُ الْمِلْكَ ا هـ اخْتِيَارٌ ( قَوْلُهُ أَوْ إلَى الْأَضْحَى ) فَهَذَا كُلُّهُ إقْرَارٌ وَهُوَ حَالٌّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُقِرَّ الطَّالِبُ بِالْأَجَلِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ فَيَلْزَمُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَشَرَطَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ أَقَرَّ بِحَقٍّ وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِقْرَارُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ، وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ تَمْنَعُ مِنْ لُزُومِ مَا يَلْزَمُ عِنْدَ عَدَمِهَا قَالَ تَعَالَى { سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا } بَيَانُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَصْبِرْ كَانَ خُلْفًا فِي الْوَعْدِ فَلَمَّا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَصِرْ مُخْلِفًا لِلْوَعْدِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَشِيئَةَ إذَا عُلِّقَ بِهَا تَمْنَعُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَلْزَمَهُ الْمَالُ ذَكَرَ الِاسْتِحْسَانَ وَالْقِيَاسَ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي مَبْسُوطِهِ وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّ فَائِدَةَ التَّعْلِيقِ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ إلَى أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطُ وَتَأْخِيرُ مَا كَانَ مُتَحَقِّقًا فِي الْمَاضِي لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ فِي ذِمَّتِهِ فِي الْمَاضِي وَلَيْسَ بِإِيجَابٍ مُبْتَدَأٍ فِي الْحَالِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ تَعْلِيقُ أَمْرٍ ثَابِتٍ فِي الْحَالِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُتَحَقِّقٍ لَا يُعْرَفُ وُجُودُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ إذَا عُلِّقَا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ا هـ ( قَوْلُهُ هَلْ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إلَخْ ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ اسْتَثْنَى الْبِنَاءَ مِنْ الدَّارِ فَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ دَخَلَ فِي الْإِقْرَارِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا فَصَارَ وَصْفًا ، وَالِاسْتِثْنَاءُ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْمَلْفُوظِ ، وَلِكَوْنِ الْبِنَاءِ وَصْفًا لَا يَسْقُطُ بِاسْتِحْقَاقِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ كَفَوَاتِ سَائِرِ الْأَوْصَافِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا ؛ لِأَنَّ أَجْزَاءَ الدَّارِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ لَفْظِ الدَّارِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهَا ؛ وَلِهَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ هَذَا الْجُزْءُ أَوْ فَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَسْقُطُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَالطَّوْقُ فِي الْجَارِيَةِ وَالْفَصُّ فِي الْخَاتَمِ وَالنَّخْلَةُ فِي الْبُسْتَانِ نَظِيرُ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ قَالَ بِنَاؤُهَا لِي وَالْعَرْصَةُ لِفُلَانٍ فَهُوَ كَمَا قَالَ ) ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُقْعَةِ دُونَ الْبِنَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بَيَاضُ هَذِهِ الْأَرْضِ دُونَ الْبِنَاءِ لِفُلَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَكَانَ الْعَرْصَةِ الْأَرْضَ بِأَنْ قَالَ : بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الْبِنَاءُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ كَالدَّارِ فَيَتْبَعُهَا الْبِنَاءُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ وَالْأَرْضُ لِعَمْرٍو حَيْثُ يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْبِنَاءِ لِزَيْدٍ صَارَ مِلْكًا لَهُ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِإِقْرَارِهِ لِعَمْرٍو بِالْأَرْضِ إذْ لَا يَصْدُقُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ الْبِنَاءَ مَمْلُوكٌ لَهُ فَإِذَا أَقَرَّ بِالْأَرْضِ لِغَيْرِهِ يَتْبَعُهَا ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ مَقْبُولٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ، وَلَوْ قَالَ أَرْضُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ لِفُلَانٍ كَانَ الْكُلُّ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَرْضِ لَهُ مَلَكَ الْبِنَاءَ تَبَعًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ

لِغَيْرِهِ ، وَلَوْ قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِفُلَانٍ وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لِقِيَامِ مِلْكِهِ عِنْدَ الْإِقْرَارِ لَهُمَا فَيَنْفُذُ ، وَتَخْرِيجُ جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَعْوَاهُ لِنَفْسِهِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ بِهِ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْبِنَاءَ مِنْ الدَّارِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي وَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَرَّ أَنَّهَا لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مِنْهَا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لِي فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ إلَّا ثُلُثَهَا أَوْ إلَّا تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا لِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا سِوَى الْمُسْتَثْنَى ؛ لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي ، وَلَوْ قَالَ الدَّارُ لِفُلَانٍ ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِي كَانَتْ الدَّارُ كُلُّهَا لِفُلَانٍ ، وَكَذَا قَالَ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلَكِنَّ هَذَا الْبَيْتَ لِي ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ وَنَخْلُهَا لِي أَوْ قَالَ النَّخْلُ بِأُصُولِهِ لِفُلَانٍ وَثَمَرَتُهُ لِي ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كُلَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى شَيْئًا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِحُجَّةٍ ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا فَإِنَّهُ لِي لَمْ يُصَدَّقْ أَيْضًا عَلَى الْبِنَاءِ ، وَالْبِنَاءُ تَابِعٌ وَلَيْسَ هَذَا بِاسْتِثْنَاءٍ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ وَالْبِنَاءُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ وَإِنَّمَا دَخَلَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ وَالْأَتْبَاعُ لَا يَتَنَاوَلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ كَمَا لَوْ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ لِفُلَانٍ إلَّا بَيَاضَهَا أَوْ جَمَالَهَا فَإِنَّهُ لِي أَلَيْسَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ كَذَا هُنَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ إلَّا نَخِيلَهُ بِغَيْرِ أُصُولِهِ فَإِنَّهُ لِي أَوْ قَالَ هَذِهِ الْجُبَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا بِطَانَتَهَا فَإِنَّهَا لِي أَوْ قَالَ هَذَا السَّيْفُ لِفُلَانٍ إلَّا حِلْيَتَهُ فَإِنَّهَا لِي لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ لِلتَّوَابِعِ وَأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ صَدْرِ الْكَلَامِ كَذَا فِي شَرْحِ الْكَافِي وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ

فِي الدَّارِ مِنْ مَبْسُوطِهِ وَلَوْ أَقَرَّ فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا بِنَاءَهَا فَإِنَّهُ لِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ وَتَكُونُ الْأَرْضُ مَعَ الْبِنَاء لِلْمُقِرِّ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا أَقَرَّ فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا وَكَانَ مَا عَدَا الْبَيْتَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَا هُوَ أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مُرَكَّبٌ لَا مَقْصُودًا كَمَا دَخَلَ الْبِنَاءُ تَحْتَ بَيْعِ الدَّارِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا حَتَّى إذَا احْتَرَقَ الْبِنَاءُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَلَكِنْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَدَلَّ أَنَّ الْبِنَاءَ إنَّمَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ بِالدَّارِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ تَبَعًا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْعَبْدِ وَاسْتَثْنَى يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ أَوْ صِفَةً مِنْ أَوْصَافِهِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ تَبَعًا فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ اسْتِخْرَاجٌ لِلْمُسْتَثْنَى مَقْصُودًا مِنْ اللَّفْظِ فَلَا يَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ تَبَعًا كَالْإِقَالَةِ لَا يَجُوزُ إضَافَتُهَا إلَى مَا دَخَلَ تَحْتَ الْبَيْعِ تَبَعًا ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ مَقْصُودًا وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْبِنَاءَ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْأَرْضُ لِلْمُقِرِّ فَكَذَلِكَ هَذَا بِخِلَافِ الْبَيْتِ فَإِنَّهُ دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ مَقْصُودًا كَمَا فِي الْبَيْعِ يَدْخُلُ تَحْتَ الْبَيْعِ مَقْصُودًا حَتَّى لَوْ اسْتَحَقَّ الْبَيْتَ سَقَطَ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَاسْتِثْنَاءُ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ مَقْصُودًا صَحِيحٌ وَإِذَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ جُعِلَ مُقِرًّا لَهُ بِمَا وَرَاءَ الْبَيْتِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا الْبُسْتَانُ لِفُلَانٍ إلَّا نَخِيلَهُ بِغَيْرِ أُصُولِهِ فَإِنَّهُ لِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّ النَّخْلَ إنَّمَا

دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ بِالْبُسْتَانِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا كَمَا فِي الْبَيْعِ وَكَانَ الْبِنَاءُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَاسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ لَا يَصِحُّ فَكَذَلِكَ هَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَثْنَى نَخِيلَهُ بِأُصُولِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ دَخَلَ تَحْتَ الْإِقْرَارِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا فَكَانَ كَالْبَيْتِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : هَذِهِ الْجُبَّةُ لِفُلَانٍ إلَّا بِطَانَتَهَا ؛ لِأَنَّ الْبِطَانَةَ دَخَلَتْ تَحْتَ الْإِقْرَارِ بِالْجُبَّةِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا كَمَا فِي الْبَيْعِ تَدْخُلُ الْبِطَانَةُ تَحْتَ بَيْعِ الْجُبَّةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَبَعًا فَكَانَتْ كَالْبِنَاءِ قَالَ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَقَدْ ذَكَرَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا نَفَلَ فَقَالَ مَنْ أَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ فَهِيَ لَهُ فَأَصَابَ جُبَّةَ خَزٍّ كَانَ لَهُ الظِّهَارَةُ دُونَ الْبِطَانَةِ فَلَمْ تُجْعَلْ الْبِطَانَةُ فِي التَّنْفِيلِ تَبَعًا لِلْجُبَّةِ وَاعْتُبِرَ هَاهُنَا تَبَعًا لِلظِّهَارَةِ حَتَّى لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَتَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا قَالَ فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ مَحْمُولٌ عَلَى جُبَّةِ خَزٍّ بِطَانَتُهَا مِثْلُ ظِهَارَتِهَا فِي النَّفَاسَةِ فَلَا تَكُونُ الْبِطَانَةُ تَبَعًا لِلظِّهَارَةِ فَكَانَتَا بِمَنْزِلَةِ جُبَّتَيْنِ وَمَا ذُكِرَ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى جُبَّةٍ بِطَانَتُهَا فِي النَّفَاسَةِ دُونَ الظِّهَارَةِ فَتَكُونُ تَبَعًا لِلظِّهَارَةِ وَلَا تَكُونُ بِمَعْنَى جُبَّتَيْنِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْبِطَانَةُ مِثْلَ الظِّهَارَةِ فِي النَّفَاسَةِ بِأَنْ كَانَتْ جُبَّةَ خَزٍّ ظِهَارَتُهَا وَبِطَانَتُهَا مِنْ خَزٍّ أَوْ مِنْ غَيْرِ خَزٍّ لَكِنَّهَا فِي النَّفَاسَةِ مِثْلُهَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْبِطَانَةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ الْإِقْرَارِ مَقْصُودًا لَا تَبَعًا فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ أَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ حِينَئِذٍ قَالَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذَا السَّيْفُ لِفُلَانٍ إلَّا حِلْيَتَهُ فَإِنَّهُ لِي فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّ الْحِلْيَةَ دَخَلَتْ الْإِقْرَارَ بِالسَّيْفِ تَبَعًا فِي الْبَيْعِ ؛ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِفَوَاتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ شَيْءٌ مِنْ

الثَّمَنِ فَكَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْبِنَاءِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالنَّخْلَةُ فِي الْبُسْتَانِ نَظِيرُ الْبِنَاءِ فِي الدَّارِ ) يَعْنِي كَمَا لَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ لَا يَصِحَّ اسْتِثْنَاءُ الْفَصِّ وَالنَّخْلَةِ ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الصَّدْرِ تَبَعًا لَا لَفْظًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ تَبَعًا أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَإِنْ قَالَ ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ عِبَارَةٌ عَنْ الْبُقْعَةِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنْ كُلِّ بُقْعَةٍ لَيْسَ فِيهَا بِنَاءٌ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ بِالْأَصْلِ إقْرَارًا بِالتَّبَعِ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي ، وَلَوْ بَدَأَ فَقَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِي وَأَرْضُهَا لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِفُلَانٍ ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَرْضُ لِفُلَانٍ كَانَتْ الْأَرْضُ وَالْبِنَاءُ لِفُلَانٍ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بِنَاءُ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ وَالْأَرْضُ لِعَمْرٍو وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَعَادَهَا لِيُقَابِلَ بِهَا مَا ذَكَرَهُ قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَرْضُ هَذِهِ إلَخْ ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ لَمْ أَقْبِضْهُ فَإِنْ عَيَّنَ الْعَبْدَ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَإِلَّا فَلَا ) أَيْ إنْ عَيَّنَ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ وَسَلَّمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى الْمُقِرِّ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الثَّمَنُ بِهَذَا الْقَيْدِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِأَلْفٍ عَلَى صِفَةٍ فَيَلْزَمُهُ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ مَا إذَا صَدَّقَهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِتَصَادُقِهِمَا يَكُونُ كَالثَّابِتِ عِيَانًا وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ الْعَبْدُ عَبْدُكَ مَا بِعْتُكَهُ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا آخَرَ وَسَلَّمْتُهُ إلَيْك وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ مَا أَقَرَّ بِهِ غَيْرَ أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَلَا يُبَالَى بِاخْتِلَافِهِمَا وَلَا بِاخْتِلَافِ السَّبَبِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَاتِّحَادِ الْحُكْمِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّ لَهُ بِغَصْبِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ : الْمُقَرُّ لَهُ هِيَ قَرْضٌ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ عَبْدِي مَا بِعْتُكَهُ وَحُكْمُهُ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْمُقِرَّ شَيْءٌ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ عَلَى صِفَةٍ وَهِيَ سَلَامَةُ الْعَبْدِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بِدُونِهَا وَالرَّابِعُ أَنْ يَقُولَ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ أَبِعْكَ هَذَا الْعَبْدَ وَإِنَّمَا بِعْتُكَ عَبْدًا آخَرَ فَحُكْمُهُ أَنْ يَتَحَالَفَا ؛ لِأَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ يُوجِبُ التَّحَالُفَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ لَزِمَهُ الْأَلْفُ كَقَوْلِهِ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ الْعَبْدَ لَزِمَهُ الْأَلْفُ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ وَلَا تَفْسِيرُهُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ وَصَلَ أَمْ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62