كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

الْأُجْرَةِ الْعَيْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَيْنَ لَوْ هَلَكَتْ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَيَجُوزُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ تَمَكُّنَ الْغَرَرِ فِيهِ لَا يَمْنَعُ جَوَازَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ الْآبِقَةَ جَازَ وَإِنْ تَمَكَّنَ الْغَرَرُ فِيهِ فَإِنَّهَا لَا يُدْرَى أَحَيَّةٌ هِيَ أَمْ مَيِّتَةٌ وَلَوْ وَهَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَقَبِلَهُ الْبَائِعُ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ لَمْ يَصِحَّ هَذَا الْبَيْعُ وَلَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْهِبَةَ مَجَازٌ عَنْ الْإِقَالَةِ يُقَالُ هَبْ لِي ذَنْبِي وَأَقِلْنِي عَثْرَتِي بِخِلَافِ الْبَيْعِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَا بَيْعُ الْمَنْقُولِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِأَنَّ فِي الْمَنْقُولِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ عَلَى اعْتِبَارِ هَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَتَبَيَّنُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَقَدْ رُوِيَ فِي السُّنَنِ مُسْنَدًا إلَى الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ } وَالْغُرُورِ مَا طُوِيَ عَنْك عِلْمُهُ وَجُمْلَةُ الْقَوْلِ فِيهِ مَا قَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ أَنَّ كُلَّ عِوَضٍ مُلِكَ بِعَقْدٍ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ فِيهِ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ كَالْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةُ إذَا كَانَتْ عَيْنًا وَبَدَلُ الصُّلْحِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَمَا لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ كَالْمَهْرِ وَبَدَلِ الْخُلْعِ وَالْعِتْقِ عَلَى مَالٍ وَبَدَلِ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَعَلَّلَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ هَلَاكَهُ لَا يَنْقُضُ الْعَقْدَ وَيَكُونُ عَلَى الَّذِي بَذَلَهُ قِيمَتُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ ) أَيْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَفَسَّرَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ بِقَوْلِهِ أَيْ الْعَقْدُ الثَّانِي وَكَأَنَّهُ سَهْوُ الْقَلَمِ أَوْ غَلَطٌ فِي الْأَصْلِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَفَسَّرَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ ) أَرَادَ بِهِ صَاحِبَ النِّهَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ بَاعَ غَيْرَ الْمَنْقُولِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا صَلَاحُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي حَوَاشِي ابْنِ فِرِشْتَا بَعْدَ أَنْ سَاقَ مَا نَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْمُحِيطِ مَا نَصُّهُ الظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَةَ غَيْرِ فِي قَوْلِهِ لَوْ بَاعَ غَيْرَ الْمَنْقُولِ زَائِدَةٌ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمُحِيطِ قَالَ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ ثُمَّ قَالَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ نَقَدَ الثَّمَنَ فَالْبَيْعُ الثَّانِي نَافِذٌ إلَخْ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْمَنْقُولِ إذْ بَيْعُ الْعَقَارِ جَائِزٌ مِنْ

غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى نَقْدِ الثَّمَنِ لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَهُ عَقِيبَ تَفْرِيغِ الْعَقَارِ تَوَهَّمَ الشَّارِحُ أَنَّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ وَهَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ صَحَّتْ الْوَصِيَّةُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ يَكُونُ مَوْرُوثًا لِلْوَرَثَةِ فَكَذَلِكَ الْوَصِيَّةُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ وَهَبَ الْمَبِيعَ مِنْ الْبَائِعِ إلَخْ ) وَلَوْ رَهَنَهُ مِنْ الْبَائِعِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَصْلُحُ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ ا هـ مُحِيطٌ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْبَيْعِ ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْمَجَازَ عَنْ الْإِقَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ ضِدُّهَا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ اشْتَرَى مَكِيلًا كَيْلًا حَرُمَ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ حَتَّى يَكِيلَهُ وَمِثْلُهُ الْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ ) أَيْ لَوْ اشْتَرَى الْمَكِيلَ بِشَرْطِ الْكَيْلِ أَوْ الْمَوْزُونَ بِشَرْطِ الْوَزْنِ أَوْ الْمَعْدُودَ بِشَرْطِ الْعَدِّ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِقَوْلِ جَابِرٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ قَالَ { كُنْت أَبْتَاعُ التَّمْرَ مِنْ بَطْنٍ مِنْ الْيَهُودِ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو قَيْنُقَاعَ وَأَبِيعُهُ بِرِبْحٍ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا عُثْمَانُ إذَا ابْتَعْت فَاكْتَلْ وَإِذَا بِعْت فَكِلْ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَالْعَدَّ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ فَأَصْلُ الْقَبْضِ شَرْطٌ لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ فِيهِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَكَذَا تَمَامُهُ وَلِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْمَشْرُوطِ وَذَلِكَ لِلْبَائِعِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ وَالتَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ حَرَامٌ فَيَجِبُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذَا وَجَدَهُ أَكْثَرَ مِنْ كَيْلِ الْبَائِعِ بِأَنْ كَانَ كَالَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ الثَّوْبَ مُذَارَعَةً وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَهُ إذْ الذَّرْعُ وَصْفٌ فِيهِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَيَّنَ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْتَحَقَ بِالْقَدْرِ فِي حَقِّ ازْدِيَادِ الثَّمَنِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَصَارَ الْمَبِيعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الثَّوْبُ الْمُقَدَّرُ وَذَلِكَ يَظْهَرُ بِالذَّرْعِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ مَعْقُودٌ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدَّرَاتِ حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ رَدُّ الزِّيَادَةِ فِيمَا لَا يَضُرُّهُ التَّبْعِيضُ وَتَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ مِنْ الثَّمَنِ فِيمَا يَضُرُّهُ وَيَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهِ عِنْدَ انْتِقَاضِهِ

هَذَا إذَا كَانَ الْمَوْزُونُ غَيْرَ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ، وَأَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْوَزْنِ ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِيهِمَا أَخْذُ مَعْنَى تَعْيِينِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ وَفِي غَيْرِهِمْ لَمْ يَأْخُذْهُ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ ثَمَنًا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ مِنْ تَمَامِ الْقَبْضِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَأَنْ يَجُوزَ قَبْلَ تَمَامِهِ أَوْلَى فَصَارَ كَالْمَهْرِ الْمَكِيلِ فَإِذَا كَانَ كَيْلُ الْمَبِيعِ شَرْطًا لِجَوَازِ التَّصَرُّفِ لَا يُعْتَبَرُ كَيْلُ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكَيْلِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَهُوَ الشَّرْطُ وَلَا كَيْلُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِهِ يَصِيرُ مَعْلُومًا وَلَا تَسْلِيمَ إلَّا بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ كَالَهُ الْبَائِعُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْبَيْعِ قِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهِ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ فِيهِ صَاعَيْنِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ صَارَ مَعْلُومًا بِكَيْلٍ وَاحِدٍ وَتَحَقَّقَ مَعْنَى التَّسْلِيمِ وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اجْتَمَعَتْ الصَّفْقَتَانِ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ فِي بَابِ السَّلَمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَ فِي الْمُخْتَصَرِ الْمَعْدُودَ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَاخْتَارَهُ الْكَرْخِيُّ وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْمَذْرُوعِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُقَدَّرٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا كَالْمَذْرُوعِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَعْدُودَ الْمُتَقَارِبَ يُسَاوِي الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ الْفَسَادُ وَهُوَ جَهَالَةُ الْمَبِيعِ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى جَوْزًا عَلَى أَنَّهُ أَلْفٌ فَوَجَدَهُ أَكْثَرَ يَرُدُّ الزَّائِدَ

وَإِنْ وَجَدَهُ أَنْقَصَ سَقَطَ عَنْهُ الثَّمَنُ بِحِصَّتِهِ بِخِلَافِ الرِّبَا ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُمَاثَلَةِ بِدَلِيلٍ يُوجِبُهَا وَهَذَا أَظْهَرُ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَكِيلَ أَوْ الْمَوْزُونَ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَبَضَهُ ثُمَّ بَاعَهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ فَالْبَيْعُ الثَّانِي جَائِزٌ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يَثْبُتُ بِالْقَبْضِ فَصَارَ الْمَمْلُوكُ قَدْرَ الْمَقْبُوضِ لَا قَدْرَ الْمَذْكُورِ فِيهِ فَصَارَ نَظِيرَ مَنْ اسْتَقْرَضَ طَعَامًا بِكَيْلٍ ثُمَّ بَاعَهُ مُكَايَلَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ الْكَيْلِ كَذَا فِي الْإِيضَاحِ وَهَذَا الِاسْتِشْهَادُ يَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ مَنْ شَرَطَ الْكَيْلَ مَرَّتَيْنِ فِي الْمَبِيعِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ اشْتَرَى مَكِيلًا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ إذَا اشْتَرَيْت شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ فَاشْتَرَيْت مَا يُكَالُ كَيْلًا أَوْ مَا يُوزَنُ وَزْنًا أَوْ مَا يُعَدُّ عَدًّا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَكِيلَهُ أَوْ تَزِنَهُ أَوْ تَعُدَّهُ فَإِنْ بِعْته قَبْلَ أَنْ تَفْعَلَ وَقَدْ قَبَضْته فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِنْ اشْتَرَيْت مُذَارَعَةً وَقَبَضْته ثُمَّ بِعْته قَبْلَ أَنْ تَذْرَعَهُ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدٍ فِي أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَبِيعُ الْعَدَدِيَّ إذَا اشْتَرَاهُ عَدَدًا حَتَّى يَعُدَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ قَبْلَ الْعَدِّ مَا حُكْمُهُ ، وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي فَقَالَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجُوزُ وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ وَأَبُو حَنِيفَةَ جَعَلَ ذِكْرَ الْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَأَبُو يُوسُفَ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الذَّرْعِ وَهَكَذَا ذُكِرَ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ ثُمَّ ذَكَرَ الْفَقِيهُ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ وَهَكَذَا ذَكَرَ عَامَّةُ مَشَايِخِنَا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَلَكِنْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَمْوَالَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مُقَدَّرَاتٍ كَالْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَعَدَدِيَّاتٍ وَمَذْرُوعَاتٍ فَفِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مُجَازَفَةً وَقَبَضَهُ جَازَ تَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَبِيعٌ فَيَكُونُ بَائِعًا مِلْكَ نَفْسِهِ فَجَازَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ مُجَازَفَةً وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ بِأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت عَلَى أَنَّهَا عَشَرَةُ أَقْفِزَةٍ

أَوْ عَلَى أَنَّهُ كَذَا مَنًّا لَمْ يَجُزْ تَصَرُّفُهُ حَتَّى يُعِيدَ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ وَذَلِكَ لِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ صَاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي } فَلَمَّا ثَبَتَ بِهَذَا الْحَدِيثِ حُكْمُ الْكَيْلِ ثَبَتَ حُكْمُ الْوَزْنِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُمَا يَجْرِيَانِ مَجْرًى وَاحِدًا ؛ لِأَنَّهُمَا شَطْرُ عِلَّةِ الرِّبَا وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْبَيْعِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ إذَا كَانَ لِمَعْنًى فِي الْمَبِيعِ وَهُوَ جَهَالَتُهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَيْعَ تَنَاوَلَ مَا يَحْوِيهِ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ وَهُوَ مَجْهُولٌ لِاحْتِمَالِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَإِنْ زَادَ رَدَّ الزِّيَادَةَ وَإِنْ نَقَصَ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَنْ يَكُونُ فِيهِ احْتِمَالُ خَلْطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ الْبَيْعِ وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مِثْلِهِ وَاجِبٌ فَلَمْ يَجُزْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَإِنْ كَالَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْبَتِهِ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَاعَ الْبَائِعِ وَلَا صَاعَ الْمُشْتَرِي وَالشَّرْطُ أَنْ يُوجَدَ الصَّاعَانِ مِنْهُمَا بِالْحَدِيثِ وَإِنْ كَالَهُ أَوْ وَزَنَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي مَرَّةً فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ قَالَ عَامَّتُهُمْ كَفَاهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ثَانِيًا ، وَعِنْدَ الْبَعْضِ لَا بُدَّ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ مَرَّتَيْنِ احْتِجَاجًا بِالْحَدِيثِ وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْعَامَّةِ ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ إعْلَامُ الْمَبِيعِ وَإِفْرَازُهُ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْوَاحِدِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْإِعَادَةِ قَالُوا الْحَدِيثُ وَرَدَ فِيمَا إذَا وُجِدَ عَقْدَانِ بِشَرْطِ الْكَيْلِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا مِثْلَ كُرِّ السَّلَمِ وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ بِقَبْضِهِ اقْتِضَاءً عَنْ السَّلَمِ ، فَإِنَّ ثَمَّةَ يُشْتَرَطُ صَاعَانِ صَاعٌ لِلْمُسْلِمِ وَصَاعٌ لِرَبِّ

السَّلَمِ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكِيلُهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوَّلًا ثُمَّ يَكِيلُهُ لِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ هَاهُنَا وُجِدَ عَقْدَانِ بِشَرْطِ الْكَيْلِ فَيَشْتَرِطُ لِكُلِّ عَقْدٍ كَيْلٌ عَلَى حِدَةٍ قُلْنَا إذَا كَالَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ بِغَيْبَةِ الْمُشْتَرِي فَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِ ذَلِكَ الْبَعْضِ بِلَا شَكٍّ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ حَتَّى يُوجَدَ كَيْلٌ آخَرُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ مِنْ جُمْلَةِ التَّسْلِيمِ ؛ لِأَنَّ بِهِ يَمْتَازُ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ وَالتَّسْلِيمُ مِنْ الْغَائِبِ لَا يَتَحَقَّقُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى بَاعَهُ بَعْدَمَا قَبَضَهُ فَسَدَ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَزِيدَ فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ وَاسْتَدَلُّوا بِمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ فِي بَيْعِ قَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ إذَا كَالَ الْبَائِعُ مِنْهُ قَفِيزًا بِغَيْرِ حَضْرَةِ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ أَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ يَتَعَيَّنُ فِيمَا بَقِيَ وَلَا يُقْطَعُ بِهِ الْإِفْرَازُ وَمَسْأَلَتُنَا وَتِلْكَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى السَّوَاءِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَإِنْ اشْتَرَى مُكَايَلَةً وَبَاعَ مُجَازَفَةً قَبْلَ الْكَيْلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ وَذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ ا هـ قَوْلُهُ : وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ كَانَ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ ثَمَنًا ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ شَيْئًا بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فِي الذِّمَّةِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَا مُشَارًا إلَيْهِمَا فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَالْحَدِيثُ مَحْمُولٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ اجْتِمَاعُ الصَّفْقَتَيْنِ بِشَرْطِ الْكَيْلِ وَصُورَتُهُ رَجُلٌ أَسْلَمَ فِي كُرٍّ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ اشْتَرَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا وَأَمَرَ رَبَّ السَّلَمِ أَنْ يَقْبِضَهُ قَضَاءً لَمْ يَكُنْ قَضَاءً وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَقْبِضَهُ لَهُ ثُمَّ يَقْبِضُهُ لِنَفْسِهِ فَاكْتَالَهُ ثُمَّ اكْتَالَ لِنَفْسِهِ جَازَ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالْمَبْسُوطِ ا هـ (

فَرْعٌ ) اسْتَقْرَضَ ثُمَّ قَضَاهُ فَقَبَضَ الْمُقْرِضُ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ حَلَّ لَهُ التَّصَرُّفُ بِلَا كَيْلٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ا هـ مُنْيَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الْمَذْرُوعُ ) أَيْ لَا يَحْرُمُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ الْمَذْرُوعِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَبْلَ الذَّرْعِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الذَّرْعِ ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ وَصْفٌ لَهُ وَلَيْسَ بِقَدْرٍ فَيَكُونُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا زِيَادَةِ ثَمَنٍ وَلَا نُقْصَانٍ إنْ وَجَدَهُ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ ذِرَاعٍ ثَمَنًا وَإِنْ سَمَّى فَلَا يَحِلُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ حَتَّى يَذْرَعَ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَا الْمَذْرُوعُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَأَمَّا الْمَذْرُوعَاتُ كَالثَّوْبِ وَالْعَقَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنْ اشْتَرَى مُجَازَفَةً أَوْ بِشَرْطِ الذَّرْعِ بِأَنْ اشْتَرَى عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ مَثَلًا فَقَبَضَهُ يَجُوزُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْلَ الذَّرْعِ ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ خَلْطِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ لَيْسَ بِثَابِتٍ ؛ لِأَنَّ الذَّرْعَ صِفَةٌ يُمْلِكُ بِمِلْكِ الْأَصْلِ لَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ لِلتَّصَرُّفِ الْمِلْكُ وَقَدْ ثَبَتَ لَهُ فِيهِ الْمِلْكُ وَالنَّهْيُ وَرَدَ فِي الْمَبِيعِ لِاحْتِمَالِ غَرَرِ الِانْفِسَاخِ وَلَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ فِي الذِّمَّةِ وَلَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ وَالْقَبْضُ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا يَقْبِضُ غَيْرَهُ مِثْلَهُ عَيْنًا فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ فَيَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا وَهَذَا تَصَرُّفٌ فِيهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ خِلَافُ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِنْ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ إذْ الْكُلُّ مُعَاوَضَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ { كُنَّا نَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ فَنَأْخُذُ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ الدَّنَانِيرَ وَمَكَانَ الدَّنَانِيرِ الدَّرَاهِمَ فَكَانَ يُجَوِّزُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } بِخِلَافِ السَّلَمِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ خِلَافَ جِنْسِهِ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا جَعَلَهُ الشَّرْعُ كَالْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ فِي حَقِّ التَّصَرُّفِ ، وَكَذَا بَدَلُ الصَّرْفِ لِمَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَالْمُرَادُ بِالتَّصَرُّفِ فِي الثَّمَنِ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ أَنْ يَمْلِكَهُ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَصَحَّ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّ التَّصَرُّفَ فِي الْأَثْمَانِ وَسَائِرِ الدُّيُونِ مِنْ الْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ وَضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ وَنَحْوِهَا سِوَى الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ مُطْلَقٌ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَيْضًا ذَلِكَ فِي الْمَبِيعِ الْمَنْقُولِ إلَّا أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ لِلْحَدِيثِ وَهُوَ مَعْلُولٌ بِغَرَرِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ هَذَا الْمَعْنَى فِي الْأَثْمَانِ وَالدُّيُونِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ قَالَ ، وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَالتَّصَرُّفُ فِيهِ جَائِزٌ قَبْلَ الْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَخْلُفُ الْمَوْرُوثَ فِي الْمِلْكِ ، وَكَذَا الْمُوصَى لَهُ ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أُخْتُ الْمِيرَاثِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالزِّيَادَةُ فِيهِ وَالْحَطُّ مِنْهُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ بِكُلِّهِ ) أَيْ يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ وَيَجُوزُ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَنْ يَزِيدَ فِي الْمَبِيعِ وَيَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَيَتَعَلَّقُ الِاسْتِحْقَاقُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُطَالِبَ بِالْمَبِيعِ حَتَّى يَدْفَعَ الزِّيَادَةَ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الزِّيَادَةَ وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْمُطَالَبَةَ بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ بِتَسْلِيمِ مَا بَقِيَ مِنْ الْحَطِّ ، وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَصِحَّانِ عَلَى اعْتِبَارِ الِالْتِحَاقِ بَلْ عَلَى اعْتِبَارِ ابْتِدَاءِ الصِّلَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُ الزِّيَادَةِ ثَمَنًا إذْ بِهِ يَصِيرُ مِلْكُهُ عِوَضَ مِلْكِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَبِيعَ ، وَكَذَا الْحَطُّ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ صَارَ مُقَابَلًا بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ فَلَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ فَصَارَ بِرًّا مُبْتَدَأً ، أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْمَهْرِ لَا تَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ حَتَّى لَا يَنْتَصِفَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَلِهَذَا حَطُّ الْكُلِّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ بَلْ هُوَ بِرٌّ مُبْتَدَأً فَكَذَا الْبَعْضُ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ وَلَنَا أَنَّهُمَا بِالْحَطِّ وَالزِّيَادَةِ يُغَيِّرَانِ الْعَقْدَ مِنْ وَصْفٍ مَشْرُوعٍ إلَى وَصْفٍ مَشْرُوعٍ وَهُوَ كَوْنُهُ خَاسِرًا أَوْ رَابِحًا أَوْ عَدْلًا وَلَهُمَا وِلَايَةُ ذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَاهُ لَازِمًا بِإِسْقَاطِ الْخِيَارِ أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ بِاشْتِرَاطِهِ بَعْدَ أَنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى خِلَافِهِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ لَهُمَا وِلَايَةَ الرَّفْعِ بِالْكُلِّيَّةِ بِالتَّقَايُلِ فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةُ التَّغْيِيرِ ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُ لِكَوْنِهِ وَصْفًا لَهُ فَإِذَا صَحَّ الْتَحَقَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ وَلَزِمَ كَلُزُومِهِ ؛ لِأَنَّ وَصْفَ الشَّيْءِ يَقُومُ بِهِ لَا بِنَفْسِهِ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ

بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ } أَيْ فِي فَرِيضَةٍ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الزِّيَادَةِ الْمَفْرُوضَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَحُكْمِ الْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ إلَّا مَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَصَّفُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَّا مَا كَانَ مُسَمًّى عِنْدَ الْعَقْدِ ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يُسَمِّ فِي الْعَقْدِ شَيْئًا ثُمَّ اتَّفَقَا عَلَى تَسْمِيَةٍ لَا يَنْتَصِفُ بِهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا وَعَلَى اعْتِبَارِ الِالْتِحَاقِ لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ عِوَضًا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا الْمَحْطُوطُ ثَمَنًا غَيْرَ خَارِجٍ عَنْ الْعَقْدِ بِخِلَافِ حَطِّ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ تَبْدِيلٌ لِأَصْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْقَلِبُ هِبَةً أَوْ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ فَيَفْسُدُ وَقَدْ كَانَ مِنْ قَصْدِهِمَا التِّجَارَةُ بِعَقْدٍ مَشْرُوعٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَالِالْتِحَاقُ فِيهِ يُؤَدِّي إلَى تَبْدِيلِهِ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ ثُمَّ فَائِدَةُ الِالْتِحَاقِ تَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْمُرَابَحَةِ حَتَّى يَجُوزَ عَلَى الْكُلِّ فِي الزِّيَادَةِ وَيُبَاشِرُ عَلَى الْبَاقِي فِي الْحَطِّ وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِي الشُّفْعَةِ حَتَّى يَأْخُذَ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ ، وَإِنَّمَا لَا يَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ حَقِّهِ الثَّابِتِ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَهُمَا لَا يَمْلِكَانِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُنْتَقَضُ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِ الْمُشْتَرِي حَتَّى الْفَسْخُ وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ بِالزِّيَادَةِ وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِي حَقِّ الْفَسَادِ فِي الصَّرْفِ حَتَّى لَوْ بَاعَ الدَّرَاهِمَ بِالدَّرَاهِمِ مُتَسَاوِيَةً ثُمَّ زَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ حَطَّ وَرَدَّ الْمَحْطُوطَ وَقَبِلَ الْآخَرُ وَقَبَضَ الْمَزِيدَ فِي الزِّيَادَةِ أَوْ الْمَرْدُودَ فِي الْحَطِّ فَسَدَ الْعَقْدُ كَأَنَّهُمَا عَقَدَاهُ كَذَلِكَ مِنْ الِابْتِدَاءِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ وَلَا تَصِيرُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً وَكَذَلِكَ

الْحَطُّ لَا يَصِحُّ وَلَا يَصِيرُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً حَتَّى يَجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ الْمَحْطُوطَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي الزِّيَادَةِ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الْحَطِّ يَكُونُ هِبَةً مُبْتَدَأَةً وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا زَادَ عَلَى الْمَبِيعِ حَتَّى يَصِيرَ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ لِلْحَالِّ حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ الْقَبْضِ تَسْقُطُ حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَبِيعِ حَيْثُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِهَلَاكِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمَشْرُوطَةَ صَارَتْ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِي حَقِّ الثُّبُوتِ ضَرُورَةَ الصِّحَّةِ فَإِذَا صَحَّتْ زَالَتْ الضَّرُورَةُ فَزَالَتْ التَّبَعِيَّةُ وَبَقِيَتْ الْأَصَالَةُ فِي حَقِّ الِالْتِحَاقِ بِأَصْلِ الْعَقْدِ كَأَنَّهَا كَانَتْ مَوْجُودَةً وَقْتَ الْعَقْدِ فَأَمْكَنَ تَقْدِيرُ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى الْأَصْلِ وَعَلَى الزِّيَادَةِ جَمِيعًا وَأَمَّا الزِّيَادَةُ الْمُتَوَلِّدَةُ فَمَعْدُومَةٌ وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يُمْكِنُ إلْحَاقُهَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَصَارَتْ مَمْلُوكَةً بِمِلْكِ الْأَصْلِ لَا بِالْعَقْدِ فَإِذَا قَبَضَهَا صَارَتْ أَصْلًا بِالْقَبْضِ ؛ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ شَبَهًا بِالْعَقْدِ فَيَصِيرُ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا رَدَّهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ يَوْمَ الْعَقْدِ وَعَلَى قِيمَةِ الزِّيَادَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَيَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا ثُمَّ زَادَ الزَّوْجُ عَلَى مَهْرِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْلَى ثُمَّ الزِّيَادَةُ لَا تَصِحُّ بَعْدَ هَلَاكِ الْمَبِيعِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَمْ يَبْقَ عَلَى حَالٍ يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَالشَّيْءُ يَثْبُتُ ثُمَّ يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْحَطِّ ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ قِيَامُ الْعَقْدِ ، وَقَالَ فِي الْمُحِيطِ وَفِي رِوَايَةِ النَّوَادِرِ وَتَجُوزُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْهَلَاكِ بِمَنْزِلَةِ الْحَطِّ

؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ حَالَ ثُبُوتِهَا لَمْ يُقَابِلْهَا عِوَضٌ ، وَإِنَّمَا يُقَابِلُهَا بَعْدَ الْتِحَاقِهَا بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَيُعْتَبَرُ قِيَامُ الْمَبِيعِ حَالَةَ الِالْتِحَاقِ لَا حَالَةَ الثُّبُوتِ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الْمُنْتَقَى لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا فَمَاتَتْ فَزَادَهُ الْبَائِعُ جَارِيَةً أُخْرَى جَازَ لِأَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ تَثْبُتُ مُقَابَلَةً بِالثَّمَنِ وَالثَّمَنُ قَائِمٌ وَلَوْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ فِي جَانِبِهِ تَثْبُتُ مُقَابَلَةً بِالْمَبِيعِ وَالْمَبِيعُ هَالِكٌ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ يَمْنَعُ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَالْهَلَاكُ الْحُكْمِيُّ مُلْحَقٌ بِالْهَلَاكِ الْحَقِيقِيِّ وَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ الْمَبِيعَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ثُمَّ زَادَ فِي الثَّمَنِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ بِتَبَدُّلِ سَبَبِ الْمِلْكِ ارْتَفَعَ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ وَصَارَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ هَالِكًا حُكْمًا وَلَوْ أَعْتَقَ الْمَبِيعَ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ اسْتَوْلَدَ الْأَمَةَ أَوْ تَخَمَّرَ الْعَصِيرُ أَوْ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهِ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا ، وَإِنَّمَا يَلْحَقُ الْحَطُّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحْطُوطُ تَبَعًا وَوَصْفًا أَمَّا إذَا كَانَ تَبَعًا فَلَا يَلْحَقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ حَتَّى لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِأَلْفٍ جِيَادٍ فَنَقَدَ زُيُوفًا أَوْ نَبَهْرَجَةً وَرَضِيَ الْبَائِعُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِالْجِيَادِ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا بِعَبْدٍ فَاعْوَرَّ وَرَضِيَ بِهِ الْبَائِعُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الدَّارَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ صَحِيحًا وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مَوْجُودًا فِي الذِّمَّةِ لِحَاجَةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا تَدْفَعُ حَاجَتَهُ بَلْ تَزِيدُ فِي حَاجَتِهِ فَلَا يَجُوزُ ، وَكَذَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ فِي الْمَنْكُوحَةِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ مَا وَرَدَ بِتَمَلُّكِ

الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الْمَمْلُوكَةِ بِالنِّكَاحِ تَبَعًا لِلْمَنْكُوحَةِ .قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ وَالْحَطُّ مِنْهُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيعِ ) ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ الزِّيَادَةَ فِي الثَّمَنِ وَالْحَطِّ مِنْهُ وَالزِّيَادَةَ فِي الْمَبِيعِ وَسَكَتَ عَنْ الْحَطِّ مِنْهُ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ الشَّارِحِينَ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُحِيطِ اشْتَرَى قَفِيزَ حِنْطَةٍ بِعَيْنِهِ فَحَطَّ عَنْ الْبَائِعِ رُبُعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَإِسْقَاطُ الْعَيْنِ لَا يَصِحُّ وَلَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا مِنْ صُبْرَةٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ رُبُعَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ جَازَ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَإِسْقَاطُ الدَّيْنِ يَصِحُّ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ فِي مَجْلِسِ الزِّيَادَةِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ حَتَّى افْتَرَقَا بَطَلَتْ ، وَكَذَا الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ ا هـ طَرْسُوسِيٌّ ( قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ مَا بَقِيَ مِنْهُ ) أَيْ الثَّمَنِ بَعْدُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ وَكَذَا إذَا اسْتَحَقَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ ا هـ مُسْتَصْفَى قَوْلُهُ ثُمَّ الزِّيَادَةُ لَا تَصِحُّ إلَخْ ) وَالنَّصْرَانِيَّانِ إذَا تَبَايَعَا خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا لَمْ تَجُزْ الزِّيَادَةُ فِي الثَّمَنِ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : يَثْبُتُ ثُمَّ يَسْتَنِدُ ) أَيْ وَلَمْ تَثْبُتْ الزِّيَادَةُ لِعَدَمِ مَا يُقَابِلُهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى مَهْرِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِهَا ) أَيْ وَكَذَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ا هـ أَنْفَعُ الْوَسَائِلِ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ غَيْرَ الْقَرْضِ ) أَيْ يَجُوزُ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ غَيْرَ دَيْنِ الْقَرْضِ ؛ لِأَنَّ الْمُطَالَبَةَ حَقُّهُ فَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَمْلِكُ إسْقَاطَهَا بِالْإِبْرَاءِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْلِكَ إسْقَاطَهَا مُؤَقَّتًا بِالتَّأْجِيلِ وَلَوْ أَجَّلَهُ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً كَالتَّأْجِيلِ إلَى الْحَصَادِ جَازَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَفِي دَيْنِ الْقَرْضِ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ خِلَافًا لِمَالِكٍ هُوَ يَقُولُ أَنَّهُ حَقُّهُ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْمُطَالَبَةِ فِيهِ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ وَلَنَا أَنَّ الْقَرْضَ إعَارَةٌ وَصِلَةُ ابْتِدَاءٍ ، وَلِهَذَا يَصِحُّ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالصَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَمُعَاوَضَة انْتِهَاءٍ حَتَّى يَلْزَمَهُ رَدُّ مِثْلِهِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ فِيهِ كَالْإِعَارَةِ فَإِنَّ الْمُعِيرَ إذَا وَقَّتَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَجُوزُ التَّأْجِيلُ ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ لَا سِيَّمَا إذَا كَمُلَتْ الْعِلَّةُ وَحَرُمَ التَّفَاضُلُ بِهَا وَلِأَنَّ الْأَجَلَ لَوْ لَزِمَ فِيهَا لَصَارَ التَّبَرُّعُ مُلْزَمًا عَلَى الْمُتَبَرِّعِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ } ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى بِأَنْ يُقْرَضَ فُلَانٌ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ إلَى سَنَةٍ حَيْثُ يَجُوزُ مِنْ الثُّلُثِ وَيَلْزَمُ وَلَا يُطَالِبُ حَتَّى تَمْضِيَ الْمُدَّةُ ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ وَالْوَصِيَّةُ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي غَيْرِهَا نَظَرًا لِلْمُوصِي ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجُوزُ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى وَتَلْزَمُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَتَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ غَيْرَ الْقَرْضِ ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ وِلَايَةُ الْمُطَالَبَةِ فِي الْحَالِ إذَا أَجَّلَهُ عِنْدَ الْإِقْرَاضِ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ بَعْدَهُ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ فِي بَابِ الْمُضَارَبَةِ وَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ فَأَخَّرَهُ إلَى أَجَلٍ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِهِ مُؤَجِّلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ حَالًّا ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ قَالَ زُفَرُ لَا يَلْتَحِقُ الْأَجَلُ بِالْعَقْدِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ حَالٌّ فَلَا يَتَأَجَّلُ كَالْقَرْضِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ فَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ ) أَيْ وَمَجِيءِ الْحَاجِّ وَقُدُومِ رَجُلٍ مِنْ سَفَرِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : جَازَ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ ) أَيْ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْجُذَاذِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ لِإِفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَقَدْ ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّ الْمُعِيرَ إذَا وَقَّتَ ) أَيْ إلَى سَنَةٍ ا هـ مُسْتَصْفَى ( قَوْلُهُ : لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ ) أَيْ مِنْ سَاعَتِهِ ا هـ مُسْتَصْفَى وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَالْحِيلَةُ فِي صِحَّةِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ عَلَى آخَرَ بِدَيْنِهِ وَيُؤَجِّلُ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ الرَّجُلَ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَإِنَّهُ يَصِحُّ ا هـ فُصُولُ الْعِمَادِيَّةِ وَذَكَرَ هَذَا الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ أَنَّهُ إذَا تَكَفَّلَ بِالْمَالِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا إلَى شَهْرٍ يَتَأَجَّلُ عَلَى الْأَصْلِ أَيْضًا ا هـ وَمِثْلُهُ فِي الْكَافِي وَلَكِنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَذْكُرْهُ حِيلَةً فِي تَأْجِيلِ الْقَرْضِ ، وَكَذَا فِي الْكَافِي ا هـ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ

لَا يَجُوزُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَالتَّأْجِيلُ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ فَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَوْ يُقَالُ إنَّ بَدَلَ الْقَرْضَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ عَيْنُ الْمَقْبُوضِ إذْ لَوْ لَمْ يُجْعَلْ كَذَلِكَ كَانَ مُبَادَلَةُ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ نَسِيئَةً وَأَنَّهُ حَرَامٌ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَكُونُ عَارِيَّةً ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً وَالتَّوْقِيتُ فِي الْعَوَارِيِّ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَذَا الْأَجَلُ فِي الْقَرْضِ ، وَلَوْ صَحَّحْنَا عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَصِيرُ لَازِمًا لَأَخْرَجْنَاهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَارِيَّةً وَمِنْ أَنْ يَكُونَ بَدَلَ الْقَرْضِ فِي حُكْمِ عَيْنِهِ فَيَكُونُ مُبَادَلَةَ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ نَسِيئَةً وَأَنَّهُ حَرَامٌ وَهَذَا الْوَجْهُ أَوْجَهُ ا هـ

بَابُ الرِّبَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ فَضْلُ مَالٍ بِلَا عِوَضٍ فِي مُعَاوَضَةِ مَالٍ بِمَالٍ ) هَذَا فِي الشَّرْعِ وَفِي اللُّغَةِ هُوَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا } إلَى قَوْلِهِ { فَلَا يَرْبُوَ عِنْدَ اللَّهِ } وَسُمِّيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ رَبْوَةً لِزِيَادَتِهِ عَلَى سَائِرِ الْأَمَاكِنِ ارْتِفَاعًا وَالرِّبَا مُحَرَّمٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوَكِّلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ غَسِيلِ الْمَلَائِكَةِ أَنَّهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { : دِرْهَمُ رِبًا يَأْكُلُهُ الرَّجُلُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَشَدُّ مِنْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ زَنْيَةً } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى تَحْرِيمِهِ حَتَّى يُكَفَّرُ جَاحِدُهُ .

بَابُ الرِّبَا الرِّبَا اسْمٌ مِنْ رَبَا الشَّيْءُ يَرْبُو إذَا زَادَ وَالْمَصْدَرُ رِبًا ا هـ عَيْنِيٌّ ذَكَرَ الرِّبَا وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا } بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَبْوَابَ الْبَيْعِ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْفُو الْأَمْرَ ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ الْإِيجَادِ وَالنَّهْيُ طَلَبُ الْإِعْدَامِ وَإِعْدَامُ الشَّيْءِ يَقْتَضِي سَابِقَةَ وُجُودِهِ لَا مَحَالَةَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ : اعْلَمْ أَنَّ الرِّبَا نَوْعَانِ : رِبَا الْفَضْلِ وَرِبَا النَّسَاءِ فَالْأَوَّلُ فَضْلُ مَالٍ عَلَى الْمُقَدَّرِ الشَّرْعِيِّ وَهُوَ الْكَيْلُ وَالْوَزْنُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَالثَّانِي فَضْلُ الْحُلُولِ عَلَى الْأَجَلِ وَفَضْلُ الْعَيْنِ عَلَى الدَّيْنِ فِي الْمَكِيلَيْنِ وَالْمَوْزُونَيْنِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَوْ فِي الْجِنْسِ غَيْرِ الْمَكِيلَيْنِ وَالْمَوْزُونَيْنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ بَابُ الرِّبَا مَا نَصُّهُ هُوَ مِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيَّةِ قَطْعًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا } بِسَبَبِ زِيَادَةٍ فِيهِ فَمُنَاسَبَتُهُ بِالْمُرَابَحَةِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا زِيَادَةً إلَّا أَنَّ تِلْكَ حَلَالٌ وَهَذِهِ مَنْهِيَّةٌ وَالْحِلُّ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْأَشْيَاءِ فَقَدَّمَ مَا يَتَعَلَّقُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ وَالرِّبَا بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحُهَا خَطَأٌ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَسُمِّيَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ رُبْوَةً ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالرُّبْوَةُ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ بِضَمِّ الرَّاءِ فِي الْأَكْثَرِ وَالْفَتْحُ لُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ وَالْكَسْرُ لُغَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ { وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ } ) وَتَخْصِيصُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ بِالذِّكْرِ ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الْمُعَامَلَاتِ الْكَائِنَةِ يَوْمئِذٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ فِيهَا ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعِلَّتُهُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ ) يَعْنِي بِالْقَدْرِ الْكَيْلَ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنَ فِي الْمَوْزُونِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْعِلَّةُ الطَّعْمُ بِانْفِرَادِهِ فِي الْمَطْعُومَاتِ وَالثَّمَنِيَّةِ بِانْفِرَادِهَا فِي الْأَثْمَانِ وَالْجِنْسُ شَرْطٌ عِنْدَهُ لِحَدِيثِ مَعْمَرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : كُنْت أَسْمَعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { الطَّعَامُ بِالطَّعَامِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَانَ طَعَامُنَا يَوْمئِذٍ الشَّعِيرَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ الطَّعَامَ مُشْتَقٌّ مِنْ الطُّعْمِ فَذِكْرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ إذْ تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَأْخَذَ الِاشْتِقَاقِ عِلَّةٌ لَهُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ } فَعِلَّةُ الْقَطْعِ وَالْجَلْدِ السَّرِقَةُ وَالزِّنَا وَلِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ { لَا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ } الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَضْيِيقِ تَحْصِيلِهِ ؛ لِأَنَّ الِابْتِدَاءَ بِالنَّهْيِ مُشْعِرٌ بِأَنَّ حُرْمَةَ الْبَيْعِ أَصْلٌ فِيهِ وَالْجَوَازُ مُعَارِضٌ وَهُوَ التَّقَابُضُ وَالْمُسَاوَاةُ مُخَلِّصٌ إذْ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ { لَا تَبِيعُوا } لَمَا جَازَ بَيْعُهُ وَتَعْلِيقُ جَوَازِهِ بِشَرْطَيْنِ يَدُلُّ عَلَى عِزَّتِهِ وَخَطَرِهِ كَمِلْكِ الْبُضْعِ ضُيِّقَ تَحْصِيلُهُ بِاشْتِرَاطِ الشُّهُودِ وَالْمَهْرِ لِعِزَّتِهِ وَخَطَرِهِ فَيُعَلَّلُ بِعِلَّةٍ تُنَاسِبُ الْعِزَّةَ وَهِيَ الطُّعْمُ فِي الْمَطْعُومَاتِ لِبَقَاءِ الْأَنْفُسِ بِهِ وَالثَّمَنِيَّةُ فِي الْأَثْمَانِ لِبَقَاءِ الْأَمْوَالِ الَّتِي هِيَ مَنَاطُ مَصَالِحِهَا بِهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجِنْسِيَّةِ وَالْقَدْرِ فِي زِيَادَةِ الْعِزَّةِ وَالْخَطَرِ لِوُجُودِهِمَا فِي خَطِيرٍ وَحَقِيرٍ ، لَكِنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ فَجَعَلْنَاهُ شَرْطًا

وَالْحُكْمُ يَدُورُ مَعَ الشَّرْطِ كَالرَّجْمِ مَعَ الْإِحْصَانِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرْطِ وَالْعِلَّةِ أَنَّ الْعِلَّةَ مُؤَثِّرَةٌ فِي الْحُكْمِ دُونَ الشَّرْطِ فَإِنَّهُ يُضَافُ وُجُودُهُ إلَى الْعِلَّةِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لَا إلَى الشَّرْطِ وَقَالَ مَالِكٌ : الْعِلَّةُ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ خَصَّ بِالذِّكْرِ فِيمَا رَوَيْنَا كُلَّ مُقْتَاتٍ وَمُدَّخَرٍ وَلِأَنَّ الْعِزَّةَ وَالْخَطَرَ بِهِ أَكْمَلُ فَكَانَ أَنْسَبَ وَأَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ وَأَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَا وُزِنَ مِثْلٌ بِمِثْلٍ إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا وَمَا كِيلَ فَمِثْلُ ذَلِكَ فَإِذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَلَا بَأْسَ بِهِ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَتَّبَ الْحُكْمَ عَلَى الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَهَذَا نَصٌّ عَلَى أَنَّهُمَا عِلَّةُ الْحُكْمِ لِمَا عُرِفَ أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الِاسْمِ الْمُشْتَقِّ يُنْبِئُ عَنْ عِلِّيَّةِ مَأْخَذِ الِاشْتِقَاقِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيَكُونُ تَقْدِيرُهُ الْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ مِثْلًا بِمِثْلٍ بِسَبَبِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ مَعَ الْجِنْسِ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَهُمْ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ : أَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا فَقَالَ : إنَّا نَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا وَقَالَ فِي الْمِيزَانِ مِثْلُ ذَلِكَ } أَيْ فِي الْمَوْزُونِ إذْ نَفْسُ الْمِيزَانِ لَيْسَ مِنْ أَمْوَالِ الرِّبَا وَهُوَ أَقْوَى حُجَّةً فِي عِلِّيَّةِ الْقَدْرِ وَهُوَ بِعُمُومِهِ يَتَنَاوَلُ الْمَوْزُونَ كُلَّهُ الثَّمَنَ وَالْمَطْعُومَ وَغَيْرَهُمَا فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمَا فِي مَنْعِهِمَا ذَلِكَ وَكَذَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ

الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { : لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَلَا الصَّاعَ بِالصَّاعَيْنِ } الْمُرَادُ مَا يَحِلُّ الصَّاعَ إذْ لَا يَجْرِي الرِّبَا فِي نَفْسِ الصَّاعِ وَهُوَ عَامٌّ فِيمَا يَحِلُّهُ فَيَتَنَاوَلُ الْمَطْعُومَ وَغَيْرَهُ فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِمَا وَلَا يُقَالُ : إنَّهُ مَجَازٌ فَلَا عُمُومَ لَهُ لِكَوْنِهِ ضَرُورِيًّا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَهُ عُمُومٌ كَالْحَقِيقَةِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إنَّمَا تَعُمُّ لِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهَا لَا لِكَوْنِهَا حَقِيقَةً وَالْمَجَازُ يُشَارِكُهَا فِي هَذَا الْمَعْنَى فَيَعُمُّ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ التَّمَاثُلُ إذْ الْبَيْعُ يُنْبِئُ عَنْ التَّقَابُلِ وَذَلِكَ بِالتَّمَاثُلِ وَاعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فَأَوْجَبَهُ صِيَانَةً لِأَمْوَالِهِمْ عَنْ التَّوَى وَتَتْمِيمًا لِلْفَائِدَةِ بِالتَّسْلِيمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فَيَكُونُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ قَدْرًا تَاوِيًا عَلَى صَاحِبِهِ بِلَا عِوَضٍ وَكَذَا الْحَالُّ خَيْرٌ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَتَفُوتُ بِهِ التَّسْوِيَةُ وَفَائِدَةُ الْمُبَايَعَةِ لِفَوَاتِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمُؤَجَّلِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مِثْلًا بِمِثْلٍ } فَعِنْدَ فَوَاتِهِ تَلْزَمُ الْحُرْمَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفَضْلُ رِبًا فَيُعَلَّلُ بِعِلَّةٍ تُؤَثِّرُ فِي إيجَابِ التَّمَاثُلِ فَيَتَعَيَّنُ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُمَا يُوجِبَانِهِ إذْ التَّمَاثُلُ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى ؛ لِأَنَّ كُلَّ مُحْدَثٍ مَوْجُودٌ بِاعْتِبَارِهِمَا فَالْمِعْيَارُ يُسَوِّي الذَّاتَ وَالْجِنْسِيَّةُ تُسَوِّي الْمَعْنَى لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَقْصِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ كَيْلًا مِنْ بُرٍّ يُسَاوِي كَيْلًا مِنْ أُرْزٍ أَوْ شَعِيرٍ فِي الصُّورَةِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِهِ لِعَدَمِ مَا قُلْنَا وَلَا مُعْتَبَرَ بِالتَّفَاوُتِ فِي الْوَصْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا فِي الْعَادَةِ وَلِأَنَّهُ قَلَّمَا يُوجَدُ فِيهِ غَيْرَ مُتَفَاوِتٍ فَاشْتِرَاطُ التَّسَاوِي فِيهِ يُؤَدِّي إلَى سَدِّ بَابِ الْبِيَاعَاتِ وَهُوَ مَفْتُوحٌ وَالطَّعْمُ

وَالِاقْتِيَاتُ وَالثَّمَنِيَّةُ وَالِادِّخَارُ مِنْ أَعْظَمِ وُجُوهِ الْمَنَافِعِ وَالْحَاجَةُ إلَيْهَا مِنْ أَشَدِّ الْحَاجَاتِ وَأَهَمِّهَا فَسُنَّةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي مِثْلِهِ التَّوْسِعَةُ وَالْإِطْلَاقُ دُونَ التَّضْيِيقِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَيْتَةَ أَبَاحَهَا عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ لِلْحَاجَةِ وَكَذَا أَجَازَ الِانْتِفَاعَ بِالْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِمَظِنَّةِ الْحَاجَةِ عَادَةً بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ وَلَمَّا كَانَتْ حَاجَةُ الْحَيَوَانِ إلَى الْهَوَاءِ وَالْمَاءِ وَالتُّرَابِ وَالنَّفَسِ أَشَدَّ جَعَلَهُ اللَّهُ أَوْسَعَ مِنْ غَيْرِهَا وَكُلُّ مَا اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَانَتْ التَّوْسِعَةُ فِيهِ أَكْثَرَ فَتَعْلِيلُهُ بِمَا يُوجِبُ التَّوْسِعَةَ عَلَى التَّضْيِيقِ مِنْ فَسَادِ الْوَضْعِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى فَسَادِ الْوَضْعِ أَنْ يَفْسُدَ وَضْعُ ذَلِكَ الْحُكْمِ عَلَى ذَلِكَ الدَّلِيلِ لِكَوْنِهِ يَقْتَضِي خِلَافَ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَيُضَادَّهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ حُرْمَةَ الْبَيْعِ أَصْلٌ بَلْ الْأَصْلُ هُوَ الْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ إذَا ثَبَتَتْ إنَّمَا تَثْبُتُ بِالدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لَهَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْأَمْوَالَ خُلِقَتْ لِلِابْتِذَالِ فَيَكُونُ بَابُ تَحْصِيلِهَا مَفْتُوحًا فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ عَلَى مَنْعِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يُرَدُّ عَلَى الْبِضْعِ وَهُوَ مُحْتَرَمٌ فَيُنَاسِبُ التَّضْيِيقَ إعْزَازًا لَهُ لِشَرَفِ الْآدَمِيِّ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ الْمُسَاوَاةَ مُخَلِّصٌ بَاطِلٌ وَلَئِنْ كَانَ مُخَلِّصًا فَهَلْ مُخَلِّصٌ فِي حَالَةِ التَّسَاوِي وَعِلَّةُ الْحُرْمَةِ فِي حَالَةِ التَّفَاضُلِ وَالشَّيْءُ الْوَاحِدُ يَتَضَمَّنُ حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فِي مَحِلَّيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَالنِّكَاحِ يُثْبِتُ الْحِلَّ فِي الْمَنْكُوحَةِ وَالْحُرْمَةَ فِي أُمِّهَا فَكَذَا الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ يُوجِبَانِ الْحُرْمَةَ عِنْدَ التَّفَاضُلِ وَالْحِلَّ عِنْدَ التَّسَاوِي وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا هُمَا عِلَّةُ الرِّبَا وَالْقَاطِعُ لِلشَّغَبِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرَطُ التَّمَاثُلَ بِقَوْلِهِ { مِثْلًا بِمِثْلٍ }

وَالتَّمَاثُلُ يَكُونُ بِالْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ لَا غَيْرَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ لَا يَكُونُ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ وَأَنَّ الْأَمْوَالَ الرِّبَوِيَّةَ هِيَ الَّتِي تَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَمَا لَا يَكُونُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ لَيْسَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ إذْ الْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ مَحِلِّهِ وَلِهَذَا قَالُوا : لَا يَجْرِي الرِّبَا فِيمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمِعْيَارِ كَالْحَفْنَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَكَالذَّرَّةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِعَدَمِ مَا قُلْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَحَرُمَ الْفَضْلُ وَالنَّسَاءُ بِهِمَا ) أَيْ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّهُمَا عِلَّةُ الرِّبَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالنَّسَاءُ فَقَطْ بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ حَرُمَ النَّسَاءُ وَحَلَّ التَّفَاضُلُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا إمَّا الْقَدْرُ دُونَ الْجِنْسِ كَالْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ أَوْ الْجِنْسُ دُونَ الْقَدْرِ كَالْهَرَوِيِّ بِالْهَرَوِيِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا حَقِيقَةُ الْعِلَّةِ فَيَكُونُ لِأَحَدِهِمَا شُبْهَةُ الْعِلَّةِ فَيَحْرُمُ بِحَقِيقَةِ الْعِلَّةِ حَقِيقَةُ الْفَضْلِ وَهُوَ الْقَدْرُ ؛ لِأَنَّهُ تَفَاضُلٌ حَقِيقَةً وَيَحْرُمُ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ شُبْهَةُ الْفَضْلِ وَهُوَ النَّسَاءُ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفَضْلَ فَلَيْسَ بِتَفَاضُلٍ حَقِيقَةً إعْمَالًا لِلدَّلِيلِ بِقَدْرِهِ وَلَا يُقَالُ أَحَدُهُمَا جُزْءُ الْعِلَّةِ وَبِهِ لَا يَثْبُتُ الْحُكْمُ وَلَا شَيْءٌ مِنْهُ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِأَحَدِهِمَا حُرْمَةُ النَّسَاءِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : أَحَدُهُمَا عِلَّةٌ تَامَّةٌ لِهَذَا الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ النَّسَاءِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْعِلَّةِ فِي حَقِّ رِبَا الْفَضْلِ

حَقِيقَةً فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْظُورُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَجْمَعَهُمَا الْوَزْنُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنْ لَمْ يَجْمَعْهُمَا جَازَ النَّسَاءُ أَيْضًا كَالنَّقْدَيْنِ مَعَ الْقُطْنِ وَنَحْوِهِ ؛ لِأَنَّ صِفَةَ وَزْنِهِمَا مُخْتَلِفٌ إذْ النَّقْدَانِ يُوزَنَانِ بِالصَّنَجَاتِ وَلَا يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ قَبْلَ الْوَزْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَوْزُونَاتِ فَكَانَا مُخْتَلِفَيْنِ صُورَةً وَمَعْنًى وَحُكْمًا فَلَا يَحْرُمُ النَّسَاءُ وَاَلَّذِي يَدُلُّك عَلَيْهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ } الْحَدِيثُ أَجَازَ السَّلَمَ بِالْوَزْنِ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ الدَّرَاهِمَ هُوَ الْغَالِبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَكَانَ رَدًّا لَهُ بِالرَّأْيِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَحَلَّا بِعَدَمِهِمَا ) أَيْ حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ بِعَدَمِ الْجِنْسِ وَالْقَدْرِ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحُرْمَةِ إذْ الْأَصْلُ الْجَوَازُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْحُرْمَةُ تُعَارِضُ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ الْبَيْعَ بِقَوْلِهِ { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِيمَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ دَلِيلُ الْحُرْمَةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعِلَّتُهُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ فَالْعِلَّةُ الْكَيْلُ مَعَ الْجِنْسِ أَوْ الْوَزْنُ مَعَ الْجِنْسِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَيُقَالُ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ وَهُوَ أَشْمَلُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ وَقَدْ يُقَالُ بَدَلُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ الْقَدْرُ وَهُوَ أَشْمَلُ وَأَخْصَرُ ، لَكِنَّهُ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ إذْ يَشْمَلُ الذَّرْعَ وَالْعَدَّ وَلَيْسَا مِنْ أَحْوَالِ الرِّبَا ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْخَبَرَ الْمَرْوِيَّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَعُبَادَةَ مَعْلُولٌ أَمْ لَا قَالَ الْقَائِسُونَ بِأَجْمَعِهِمْ : إنَّهُ مَعْلُولٌ ، لَكِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ فَقَالَ أَصْحَابُنَا : الْعِلَّةُ الْقَدْرُ مَعَ الْجِنْسِ وَعَدُّوا هَذَا الْحُكْمَ إلَى كُلِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ قُوبِلَ بِجِنْسِهِ حَتَّى أَثْبَتُوا هَذَا الْحُكْمَ فِي الْجِصِّ وَالنُّورَةِ وَنَحْوِهِمَا لِوُجُودِ الْكَيْلِ وَأَثْبَتُوهُ فِي الْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِوُجُودِ الْوَزْنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَكَتَبَ أَيْضًا مَا نَصُّهُ وَقَالَ دَاوُد بْنُ عَلِيٍّ وَمَنْ تَابَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ الظَّوَاهِرِ : إنَّ الْخَبَرَ غَيْرُ مَعْلُولٍ وَلَا يَجْرِي الرِّبَا إلَّا فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخَبَرِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ : قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ يَعْنِي حُرْمَةَ الرِّبَا أَوْ وُجُوبَ التَّسْوِيَةِ مَعْلُولٌ بِإِجْمَاعِ الْقَائِسِينَ بِوُجُوبِ الْقِيَاسِ عِنْدَ شَرْطِهِ بِخِلَافِ الظَّاهِرِيَّةِ وَكَذَا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فَإِنَّ عِنْدَهُمْ حُكْمُ الرِّبَا مُقْتَصِرٌ عَلَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا أَمَّا الظَّاهِرِيَّةُ فَلِأَنَّهُمْ يَنْفُونَ الْقِيَاسَ وَأَمَّا عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فَلِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ فِي الْقِيَاسِ أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ فِي كُلِّ أَصْلٍ أَنَّهُ مَعْلُولٌ وَلَمْ يَظْهَرْ هُنَا وَلِأَنَّهُ يَبْطُلُ الْعَدَدُ وَلَا يَجُوزُ كَمَا فِي قَوْلِهِ { خَمْسٌ مِنْ الْفَوَاسِقِ } ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ الْعِلَّةُ الطَّعْمُ بِانْفِرَادِهِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ

رَحِمَهُ اللَّهُ : ثُمَّ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْفَضْلِ عَلَى مَا قَالَ فِي التُّحْفَةِ تَظْهَرُ فِي مَوْضِعَيْنِ : أَحَدُهُمَا فِي بَيْعِ مَطْعُومٍ بِجِنْسٍ غَيْرِ مُقَدَّرٍ كَبَيْعِ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالسَّفَرْجَلَةِ بالسفرجلتين وَنَحْوِهِمَا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ الْقَدْرِ وَلَا يَجُوزُ عِنْدَهُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الطُّعْمُ وَالثَّانِي فِي بَيْعِ مُقَدَّرٍ غَيْرِ مَطْعُومٍ كَبَيْعِ قَفِيزِ جِصٍّ بِقَفِيزَيْ جِصٍّ أَوْ مَنِّ حَدِيدٍ بِمَنَوَيْ حَدِيدٍ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا فِي الْجِصِّ لِوُجُودِ عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ وَهِيَ الْكَيْلُ وَالْجِنْسُ وَعِنْدَهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الطَّعْمُ وَفِي الْحَدِيدِ لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا لِوُجُودِ الْجِنْسِ وَالْوَزْنِ وَعِنْدَهُ يَجُوزُ لِعَدَمِ الثَّمَنِيَّةِ وَالطُّعْمِ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا بَاعَ قَفِيزَ أُرْزٍ بِقَفِيزَيْ أُرْزٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْكَيْلِ وَالْجِنْسِ عِنْدَنَا وَلِوُجُودِ الطُّعْمِ وَالْجِنْسِ عِنْدَهُ وَكَذَا أَجْمَعُوا أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَنَّ زَعْفَرَانٍ بِمَنَوَيْ زَعْفَرَانٍ أَوْ مَنَّ سُكَّرٍ بِمَنَوَيْ سُكَّرٍ لَا يَجُوزُ لِوُجُودِ الْوَزْنِ وَالْجِنْسِ عِنْدَنَا وَلِوُجُودِ الْجِنْسِ وَالطُّعْمِ عِنْدَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْجِنْسُ شَرْطٌ عِنْدَهُ ) أَيْ لِعَمَلِ الْعِلَّةِ عَمَلَهَا ؛ لِأَنَّ الطُّعْمَ وَالثَّمَنِيَّةَ لَا تَعْمَلُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ ا هـ قَوْلُهُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ) لَفْظُ الْخُدْرِيِّ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا ) يُقَالُ لَهُ سَوَادُ بْنُ غَزِيَّةَ ا هـ ( قَوْلُهُ فَقَالَ : { لَا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ } ) قَالَ فِي الْمُغْرِبِ وَالْجَمْعُ الدَّقَلُ ؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ وَيُخْلَطُ مِنْ تَمْرِ خَمْسِينَ نَخْلَةً وَقِيلَ كُلُّ لَوْنٍ مِنْ النَّخْلِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ فَهُوَ جَمْعٌ ، ثُمَّ غَلَبَ عَلَى التَّمْرِ الرَّدِيءِ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ { بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا } وَالْجَنِيبُ مِنْ أَجْوَدِ التَّمْرِ ا هـ وَقَالَ فِي الْمُغْرِبِ أَيْضًا : الدَّقَلُ مِنْ أَرْدَأِ التَّمْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ

قَالَ : { لَا تَبِيعُوا الدِّرْهَمَ بِالدِّرْهَمَيْنِ } ) أَيْ وَلَا الدِّينَارَ بِالدِّينَارَيْنِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ الْمُرَادُ مَا يَحِلُّ الصَّاعِ ) أَيْ وَيُجَاوِرُهُ مَجَازًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ إذْ لَا يَجْرِي الرِّبَا فِي نَفْسِ الصَّاعِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمِكْيَالِ بِمِكْيَالَيْنِ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيَتَنَاوَلُ الْمَطْعُومَ وَغَيْرَهُ ) وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ عِلَّتِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا مَعَ وُجُودِ الطُّعْمِ وَيَجُوزُ عِنْدَهُمْ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى رَأْسِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوَسْقَ وَإِنْ كَانَ مَطْعُومًا مُتَفَاضِلًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إنَّمَا تَعُمُّ لِأَمْرٍ زَائِدٍ ) وَذَلِكَ إمَّا الْأَلْفُ وَاللَّامُ أَوْ لَفْظُ الْجَمْعِ أَوْ الْجِنْسِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ ) أَيْ الْمَقْصُودَ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ } إيجَابُ التَّمَاثُلِ لَا إيجَابُ الْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ صِيَانَةً لِأَمْوَالِهِمْ عَنْ التَّوَى ) ؛ لِأَنَّ أَحَدَ الْبَدَلَيْنِ إذَا كَانَ أَنْقَصَ مِنْ الْآخَرِ يَكُونُ الزَّائِدُ خَالِيًا عَنْ الْعِوَضِ وَفِيهِ تَلَفُ الزَّائِدِ فَاشْتَرَطَ الْمُمَاثَلَةَ حَتَّى تُصَانَ أَمْوَالُ النَّاسِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ { وَالْفَضْلُ رِبًا } أَيْ الْفَضْلُ عَلَى الْمُتَمَاثِلِ رِبًا أَيْ إنَّ الَّذِي نَطَقَ بِهِ الْقُرْآنُ بِقَوْلِهِ { وَحَرَّمَ الرِّبَا } الْمُرَادُ بِهِ هَذَا الْفَضْلُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالطُّعْمُ وَالِاقْتِيَاتُ ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ مُتَمَسَّكِ الشَّافِعِيِّ ا هـ قَوْلُهُ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ حُرْمَةَ الْبَيْعِ أَصْلٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا عُدِمَ الْوَصْفَانِ الْجِنْسُ وَالْمَعْنَى الْمَضْمُومُ إلَيْهِ حَلَّ التَّفَاضُلُ وَالنَّسَاءُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْحِلُّ { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ } وَإِنَّمَا

الْحُرْمَةُ بِعَارِضِ عِلَّةِ الرِّبَا وَهِيَ الْقَدْرُ وَالْجِنْسُ فَإِذَا انْعَدَمَتْ عِلَّةُ الْحُرْمَةِ كَانَ حَلَالًا بِالْحِلِّ الْأَصْلِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ كَالْحَفْنَةِ مِنْ الْحِنْطَةِ إلَخْ ) وَالْخَمْسُ حَفَنَاتٍ لَيْسَتْ حَفَنَاتٍ إذَا لَمْ تَبْلُغْ نِصْفَ الصَّاعِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَحَرَّمَ الْفَضْلَ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَسَائِرُ الْمَوْزُونَاتِ خِلَافَ النَّقْدِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ فِي الْمَوْزُونَاتِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا كَإِسْلَامِ حَدِيدٍ فِي قُطْنٍ أَوْ زَيْتٍ فِي جُبْنٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا إذَا خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَزْنِيًّا بِالصَّنْعَةِ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَلَوْ أَسْلَمَ سَيْفًا فِيمَا يُوزَنُ جَازَ إلَّا فِي الْحَدِيدِ ؛ لِأَنَّ السَّيْفَ خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَوْزُونًا وَمَنْعُهُ فِي الْحَدِيدِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ إنَاءٍ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ يَدًا بِيَدٍ نُحَاسًا كَانَ أَوْ حَدِيدًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَثْقَلَ مِنْ الْآخَرِ بِخِلَافِهِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهَا رِبَا الْفَضْلِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَاعُ وَزْنًا ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْوَزْنِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِيهِمَا فَلَا تَتَغَيَّرُ بِالصَّنْعَةِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْوَزْنِ بِالْعَادَةِ وَأُورِدَ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ حِينَئِذٍ إسْلَامُ الْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِاخْتِلَافِ طَرِيقَةِ الْوَزْنِ أُجِيبَ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ لِامْتِنَاعِ كَوْنِ النَّقْدِ مُسْلَمًا فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ وَهُمَا مُتَعَيِّنَانِ لِلثَّمَنِيَّةِ وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعًا قِيلَ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ يَجُوزُ بَيْعًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ السَّلَمِ فَقَدْ قِيلَ : لَا يَجُوزُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْعًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ اِ هـ ( قَوْلُهُ وَالنَّسَاء ) بِالْمَدِّ لَيْسَ غَيْرُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ كَالْهَرَوِيِّ بِالْهَرَوِيِّ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَكَذَا إذَا بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ إلَى أَجَلٍ لِوُجُودِ الْجِنْسِيَّةِ وَلَوْ

بَاعَ الْعَبْدَ بِعَبْدَيْنِ أَوْ الْهَرَوِيَّ بِهَرَوِيَّيْنِ حَاضِرًا جَازَ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ : إنَّهُ إذَا بَاعَ ثَوْبًا هَرَوِيًّا بِثَوْبٍ هَرَوِيٌّ أَوْ مَرْوِيًّا بِمَرْوِيٍّ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ عِنْدَنَا وَيَجُوزُ عِنْدَهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ حَيَوَانًا بِحَيَوَانٍ فَهُوَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ التَّفَاضُلَ يَحِلُّ وَكَذَلِكَ إسْلَامُ الْمَكِيلَاتِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ فِي الْمَوْزُونَاتِ نَحْوُ الْحَدِيدِ وَالرَّصَاصِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَجُوزُ عِنْدَهُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْمَطْعُومُ فِي الْمَطْعُومِ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ كَالْحِنْطَةِ فِي الشَّعِيرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّقَابُضَ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ شَرْطٌ عِنْدِي وَلَمْ يُوجَدْ التَّقَابُضُ فَفَسَدَ الْعَقْدُ بِهَذَا لَا لِكَوْنِهِ نَسَاءً قَالَ صَاحِبُ الْإِيضَاحِ : وَهَذَا خَرْقٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُمْ اتَّفَقُوا عَلَى حُرْمَةِ النَّسَاءِ وَجْهُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ الْجِنْسَ بِانْفِرَادِهِ لَا يُحَرِّمُ النَّسَاءَ مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَّزَ جَيْشًا فَأَمَرَنِي أَنْ أَشْتَرِيَ بَعِيرًا بِبَعِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ } وَلِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَضْلِ لَا تَحْرُمُ بِالْإِجْمَاعِ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَاحِدِ بِالِاثْنَيْنِ كَالْهَرَوِيِّ بِالْهَرَوِيَّيْنِ وَالْمَرْوِيِّ بِالْمَرْوِيَّيْنِ فَلَأَنْ لَا تَحْرُمَ شُبْهَةُ الْفَضْلِ وَهِيَ فَضْلُ الْحُلُولِ عَلَى النَّسِيئَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَلَنَا مَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي السُّنَنِ وَقَالَ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ : حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً } وَلِأَنَّ الْجِنْسَ أَحَدُ وَصْفَيْ عِلَّةِ الرِّبَا فَيُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ النَّسَاءِ كَالْوَصْفِ الْآخَرِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِالشَّعِيرِ نَسِيئَةً بِالِاتِّفَاقِ وَلِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِقَدْرِ ثُبُوتِ

الْعِلَّةِ فَإِذَا وُجِدَتْ عِلَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِوُجُودِ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرِّبَا حَقِيقَةً وَإِذَا وُجِدَتْ شُبْهَةُ الْعِلَّةِ بِوُجُودِ أَحَدِ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ تَثْبُتُ شُبْهَةُ الرِّبَا وَالِاحْتِرَازُ عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا وَاجِبٌ كَالِاحْتِرَازِ عَنْ حَقِيقَةِ الرِّبَا ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ بِحَقِيقَةِ أَنَّ أَحَدَ وَصْفَيْ عِلَّةِ الرِّبَا مِنْ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ إذَا وُجِدَ كَانَ ذَلِكَ مَالَ الرِّبَا مِنْ وَجْهٍ لِحُصُولِ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهٍ إمَّا ذَاتًا بِالْكَيْلِ أَوْ مَعْنًى بِالْجِنْسِ وَالْفَضْلُ مِنْ حَيْثُ الْحُلُولُ فَضْلٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى فَيَثْبُتُ بِهِ الرِّبَا مِنْ وَجْهٍ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَيُحْتَرَزُ عَنْهُ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ قِيلَ : إنَّهُ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَقَدْ أَخَذَهُ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ وَلَا رِبَا بَيْنَهُمَا عِنْدَنَا وَقِيلَ : إنَّهُ كَانَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الرِّبَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا حَقِيقَةٌ ) أَيْ الْقَدْرِ وَالْجِنْسِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ بِحَقِيقَةِ الْعِلَّةِ ) وَذَلِكَ بِوُجُودِ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ بِشُبْهَةِ الْعِلَّةِ ) وَهِيَ أَحَدُ وَصْفَيْ الْعِلَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْظُورُ ) أَيْ وَهُوَ تَوْزِيعُ أَجْزَاءِ الْحُكْمِ عَلَى أَجْزَاءِ الْعِلَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ إذْ النَّقْدَانِ يُوزَنَانِ بِالصَّنْجَاتِ ) أَيْ وَالْمَثَاقِيلِ وَالزَّعْفَرَانِ وَأَمْثَالُهُ بِالْأَمْنَاءِ وَالْقَبَّانِ وَهَذَا اخْتِلَافُ الْوَزْنِ بَيْنَهُمَا صُورَةٍ النُّقُودُ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَالزَّعْفَرَانُ وَنَحْوُهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا مَعْنًى وَالتَّصَرُّفُ فِي النُّقُودِ قَبْلَ الْقَبْضِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ وَلِهَذَا إذَا اشْتَرَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مَوْزُونَةً وَقَبَضَ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مُوَازَنَةً بِدُونِ إعَادَةِ الْوَزْنِ وَفِي الزَّعْفَرَانِ وَنَحْوِهِ يُشْتَرَطُ إعَادَةُ الْوَزْنِ إذَا

اشْتَرَى مُوَازَنَةً وَهَذَا اخْتِلَافٌ بَيْنَهُمَا حُكْمًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَكَانَا مُخْتَلِفَيْنِ صُورَةً وَمَعْنًى وَحُكْمًا ) هَذَا عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ فَقَوْلُهُ صُورَةً يَرْجِعُ إلَى أَنَّ الْقُطْنَ يُوزَنُ بِالْأَمْنَاءِ وَالنَّقْدَيْنِ بِالصَّنْجَاتِ وَقَوْلُهُ وَمَعْنًى يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ يَتَعَيَّنَانِ بِالتَّعْيِينِ وَقَوْلُهُ وَحُكْمًا يَرْجِعُ إلَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِمَا قَبْلَ الْوَزْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَحَلَّا بِعَدَمِهِمَا ) كَمَا إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ مِمَّا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ حَيْثُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بِأَنْ يُبَاعَ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ كَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ بِالْمَرْوِيِّ وَالْجَوْزِ بِالْبَيْضِ وَالْحَيَوَانِ بِالثِّيَابِ وَيَجُوزُ نَسِيئَةً أَيْضًا ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَالْمَوْزُونِ كَالنَّقْدَيْنِ وَمَا يُنْسَبُ إلَى الرَّطْلِ بِجِنْسِهِ مُتَسَاوِيًا لَا مُتَفَاضِلًا ) أَمَّا بَيْعُ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ غَيْرِ الْمَنْسُوبِ إلَى الرَّطْلِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ وَبَيَّنَّا أَحْكَامَهُ وَأَمَّا مَا يُنْسَبُ إلَى الرَّطْلِ مِنْهُ فَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ شَيْءٍ وَقَعَ عَلَيْهِ كَيْلُ الرَّطْلِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَوْزُونًا ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِطَرِيقِ الْوَزْنِ وَذَلِكَ مِثْلُ الْأَدْهَانِ فَإِنَّهُ مَوْزُونٌ غَيْرَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَمْسِكْ إلَّا فِي وِعَاءٍ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَزْنُهُ بِالْأَمْنَاءِ وَالصَّنْجَاتِ فِي كُلِّ وَقْتٍ بِالْوِعَاءِ فَقُدِّرَ الْوِعَاءُ بِالْأَرْطَالِ وَالْأَمْنَاءِ فَاكْتُفِيَ بِهِ دَفْعًا لِلْحَرَجِ فَبَقِيَ مَوْزُونًا عَلَى حَالِهِ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَإِذَا كَانَ مَوْزُونًا فَلَوْ بِيعَ بِمِكْيَالٍ لَا يُعْرَفُ وَزْنُهُ بِمِكْيَالٍ مِثْلِهِ لَا يَجُوزُ لِتَوَهُّمِ الْفَضْلِ فِي الْوَزْنِ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَازَفَةِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ بِكَيْلٍ غَيْرِ أَوَاقٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ الْمَوْزُونَ بِجِنْسِهِ بِكَيْلٍ لَمْ يُقَدَّرْ بِالْأَوَاقِيِ فَيَكُونُ مُجَازَفَةً فَيَبْطُلُ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ بِالْوَزْنِ وَهَذَا مُشْكِلٌ ؛ لِأَنَّ الشَّيْئَيْنِ إذَا اسْتَوَيَا فِي كَيْلٍ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي كَيْلٍ آخَرَ أَيْضًا وَلَا تَأْثِيرَ لِكَوْنِ الْمَكِيلِ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا فِي ذَلِكَ إذْ لَا يَخْتَلِفُ ثِقَلُهُ فِيهِمَا وَفِي النِّهَايَةِ قَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ : فَائِدَةُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا فِي الْكَيْلِ مُتَسَاوِيًا فِي الْوَزْنِ يَجُوزُ وَهَذَا حَسَنٌ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَوْزُونَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ إلَّا الْوَزْنُ غَيْرَ أَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بِالْأَوَاقِيِ أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَيْلٍ وَكَيْلٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَا يَنْدَفِعُ هَذَا الْإِشْكَالُ إلَّا إذَا مُنِعَ الْجَوَازُ فِي الْكُلِّ .

S

( قَوْلُهُ وَصَحَّ بَيْعُ الْمَكِيلِ كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّ مَا كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُغَيَّرُ أَبَدًا عَنْ ذَلِكَ بَلْ يُعْتَبَرُ مَا كَانَ مَكِيلًا فِي عَهْدِهِ مَكِيلًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ التَّسَاوِي بِالْكَيْلِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ دُونَ الْكَيْلِ حَتَّى لَوْ تَسَاوَى الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَزْنًا لَا كَيْلًا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ الشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ وَمَا كَانَ مَوْزُونًا فِي عَهْدِهِ يُعْتَبَرُ مَوْزُونًا أَبَدًا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ دُونَ الْوَزْنِ حَتَّى لَوْ تَسَاوَى الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ كَيْلًا لَا وَزْنًا لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ الْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ طَاعَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبَةٌ عَلَيْنَا وَلِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِالنَّصِّ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ } قَالَ الْقُدُورِيُّ وَمَا لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَادَاتِ النَّاسِ وَهَذَا لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْعُرْفَ يُعْتَبَرُ عَلَى خِلَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِالْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَلِكَ وَإِذَا تَبَدَّلَتْ الْعَادَةُ يُؤْخَذُ بِهَا وَتُتْرَكُ تِلْكَ الْعَادَةُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ دُونَ الْكَيْلِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لَهُ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ مَعَ التَّسَاوِي فِي الْكَيْلِ دُونَ الْوَزْنِ لَمْ يَجُزْ عِنْدَهُمَا وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ يَجْرِي بِوَزْنِ الْحِنْطَةِ وَكَيْلِ الذَّهَبِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ وَلِأَنَّ النَّصَّ أَقْوَى مِنْ الْعُرْفِ قَالَ الْكَمَالُ : لِأَنَّ الْعُرْفَ جَازَ أَنْ

يَكُونَ عَلَى بَاطِلٍ كَتَعَارُفِ أَهْلِ زَمَانِنَا فِي إخْرَاجِ الشُّمُوعِ وَالسُّرُجِ إلَى الْمَقَابِرِ لَيَالِي الْعِيدِ وَالنَّصُّ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى بَاطِلٍ وَلِأَنَّ حُجِّيَّةَ الْعُرْفِ عَلَى الَّذِينَ تَعَارَفُوهُ وَالْتَزَمُوهُ فَقَطْ وَالنَّصُّ حُجَّةٌ عَلَى الْكُلِّ فَهُوَ أَقْوَى وَلِأَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا صَارَ حُجَّةً بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ } وَفِي الْمُجْتَبَى ثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ مَا يَعْتَادُهُ أَهْلُ خُوَارِزْمَ مِنْ بَيْعِ الْحِنْطَةِ الرَّبِيعِيَّةِ بِالْخَرِيفِيَّةِ مَوْزُونًا مُتَسَاوِيًا لَا يَجُوزُ ا هـ وَقَوْلُهُ وَلِأَنَّ حُجِّيَّةَ الْعُرْفِ إلَخْ فِيهِ تَأَمُّلٌ يَجِبُ تَحْرِيرُهُ ا هـ ا ق ( قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكُلُّ مَا يُنْسَبُ إلَى الرِّطْلِ فَهُوَ وَزْنِيٌّ مَعْنَاهُ مَا يُبَاعُ بِالْأَوَاقِيِ ؛ لِأَنَّهَا قُدِّرَتْ بِطَرِيقِ الْوَزْنِ حَتَّى يَحْسِبَ مَا يُبَاعُ بِهَا وَزْنًا بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَكَايِيلِ ا هـ قَوْلُهُ فَيَكُونُ مُجَازَفَةً فَيَبْطُلُ ) أَيْ الْمُسَاوَاةُ فِي الْأَمْوَالِ الرِّبَوِيَّةِ شَرْطُ جَوَازِ الْعَقْدِ فَإِذَا عُدِمَتْ الْمُسَاوَاةُ يَثْبُتُ الْعَقْدُ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ ا هـ كَافِي فِي الْإِكْرَاهِ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ بِالْأَوَاقِيِ ) أَيْ الْمُقَدَّرُ بِالْأَوَاقِيِ ا هـ ا ق وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِالْأَوَاقِيِ أَيْ بِالْكَيْلِ الْأَوَاقِي ا هـ ( قَوْلُهُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَيْلٍ وَكَيْلٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا ) وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَازَ بِالْكَيْلِ الْأَوَاقِي دَفْعًا لِلْحَرَجِ فَتَوَهُّمُ الْفَضْلِ بِالْوَزْنِ لَا يُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْكَيْلِ الْمَجْهُولِ فَإِنَّهُ لَا ضَرُورَةَ فِيهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَيِّدُهُ كَرَدِيئِهِ ) يَعْنِي جَيِّدُ مَالِ الرِّبَا وَرَدِيئُهُ سَوَاءٌ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فِيمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ { حِينَ قَالَ لَهُ الرَّجُلُ : إنَّا نَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ بِقَوْلِهِ لَا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ } الْحَدِيثَ وَلِأَنَّ تَفَاوُتَ الْوَصْفِ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا عَادَةً وَلَوْ اُعْتُبِرَ لَانْسَدَّ بَابُ الْبِيَاعَاتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا .( قَوْلُهُ وَلَوْ اُعْتُبِرَ لَانْسَدَّ بَابُ الْبِيَاعَاتِ ) وَهُوَ مَفْتُوحٌ ؛ لِأَنَّ الْحِنْطَةَ لَا تَكُونُ مِثْلًا لِحِنْطَةٍ أُخْرَى مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَيُعْتَبَرُ التَّعْيِينُ دُونَ التَّقَابُضِ فِي غَيْرِ الصَّرْفِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يُعْتَبَرُ التَّقَابُضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ كَالنَّقْدِ بِالنَّقْدِ لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَإِنَّهُ شَرَطَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَلِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَالَ : الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ رِبًا إلَّا هَاءَ وَهَاءَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ لَا تَجُوزُ إلَّا إذَا قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ هَاءَ أَيْ خُذْ وَالْمُرَادُ بِهِ وَبِقَوْلِهِ { يَدًا بِيَدٍ } فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الْقَبْضُ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالْإِشَارَةِ كَالْمَصُوغِ مِنْهُمَا وَلِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يَدًا بِيَدٍ } لَفْظٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْقَبْضُ فِي حَقِّ النَّقْدَيْنِ وَالتَّعْيِينُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ إمَّا حَقِيقَةٌ فِيهِمَا أَوْ حَقِيقَةٌ فِي أَحَدِهِمَا وَمَجَازٌ فِي الْآخَرِ وَأَيُّهُمَا كَانَ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا عُمُومَ لَهُ وَأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَعَاقُبِ الْقَبْضِ بِأَنْ يَقْبِضَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَأَشْبَهَ التَّأْجِيلَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ لِلْمَقْبُوضِ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ فَيَفُوتُ بِهِ التَّسَاوِي وَهُوَ الشَّرْطُ وَلَنَا أَنَّهُ مَبِيعٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَبْضُ كَالثَّوْبِ وَنَحْوِهِ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ أَوْ بِخِلَافِ جِنْسِهِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ التَّمَكُّنُ مِنْ التَّصَرُّفِ بِخِلَافِ الصَّرْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا

بِالْقَبْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ لِيَتَعَيَّنَ وَتَعَاقُبُ الْقَبْضِ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا فِي الْمُتَعَيَّنِ بِخِلَافِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَالْمُرَادُ بِمَا رَوَى التَّعْيِينُ غَيْرَ أَنَّ مَا يَتَعَيَّنُ بِهِ مُخْتَلِفٌ فَالنَّقْدَانِ يَتَعَيَّنَانِ بِالْقَبْضِ وَغَيْرُهُمَا بِالتَّعْيِينِ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَعْنَيَيْ الْمُشْتَرَكِ وَلَا بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَإِنَّمَا شُرِطَ الْقَبْضُ فِي الْمَصُوغِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِاعْتِبَارِ أَصْلِ خِلْقَتِهِ وَهُوَ الثَّمَنِيَّةُ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنِيَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيُشْتَرَطُ قَبْضُهُ وَلَا يَسْقُطُ اشْتِرَاطُ الْقَبْضِ بِالصَّنْعَةِ لِبَقَاءِ شُبْهَةِ عَدَمِ التَّعَيُّنِ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ إذْ الشُّبْهَةُ فِي الْحُرُمَاتِ مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ .

( قَوْلُهُ { إلَّا هَاءَ وَهَاءَ } ) عَلَى وَزْنِ هَاعَ بِمَعْنَى خُذْ مِنْهُ وَالْقَصْرُ خَطَأٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَهَاءُ مَمْدُودٌ مِنْ هَا وَأَلِفٌ وَهَمْزَةٌ بِوَزْنِ هَاعَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ وَمَعْنَاهُ خُذْ يَعْنِي هُوَ رِبًا إلَّا فِيمَا يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ خُذْ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّرْفِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ لِيَتَعَيَّنَ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { يَدًا بِيَدٍ } عَيْنًا بِعَيْنٍ بِدَلِيلِ مَا رَوَى الطَّحَاوِيُّ مُسْنَدًا إلَى عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَا تَبِعْ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ وَلَا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ وَلَا الْبُرَّ بِالْبُرِّ وَلَا الشَّعِيرَ بِالشَّعِيرِ وَلَا التَّمْرَ بِالتَّمْرِ وَلَا الْمِلْحَ بِالْمِلْحِ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ عَيْنًا بِعَيْنٍ } فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْيَدِ بِالْيَدِ التَّعَيُّنُ إلَّا أَنَّ التَّعَيُّنَ فِي الصَّرْفِ لَا يَتَحَقَّقُ قَبْلَ التَّقَابُضِ لِمَا مَرَّ آنِفًا فَلِهَذَا اُشْتُرِطَ التَّقَابُضُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَتَعَاقُبُ الْقَبْضِ لَا يُعَدُّ تَفَاوُتًا فِي الْمُتَعَيَّنِ ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ قَوْلِ الْخَصْمِ وَلِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَضْ فِي الْمَجْلِسِ يَتَعَاقَبُ فَأَجَابَ بِأَنَّ التُّجَّارَ لَا يُفَاضِلُونَ فِي الْمَالِيَّةِ بَيْنَ الْمَقْبُوضِ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِ الْمَقْبُوضِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ حَالًّا بِخِلَافِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ وَإِذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ فَضْلٌ خَالٍ عَنْ الْمُعَامَلَةِ كَانَ الْعَقْدُ جَائِزًا كَمَا فِي بَيْعِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ بِجِنْسِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَالْبَيْضَةِ بِالْبَيْضَتَيْنِ وَالْجَوْزَةِ بِالْجَوْزَتَيْنِ وَالتَّمْرَةِ بِالتَّمْرَتَيْنِ ) ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ بِمَكِيلٍ وَلَا مَوْزُونٍ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْمِعْيَارِ فَانْعَدَمَتْ الْعِلَّةُ بِانْعِدَامِ أَحَدِ شَطْرَيْهَا وَهُوَ الْقَدْرُ وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدِ الْإِتْلَافِ عِنْدَنَا وَمَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ بِمَنْزِلَةِ الْحَفْنَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ هَذَا إذَا بَاعَ مَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ بِمَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ وَإِنْ بَاعَ مَا دُونَ نِصْفِ الصَّاعِ بِنِصْفِ صَاعٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِوُجُودِ الْمِعْيَارِ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ فَتَحَقَّقَتْ الشُّبْهَةُ وَعَلَى هَذَا لَوْ بَاعَ مَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ كَالذَّرَّةِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ بِمَا لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ جَازَ لِعَدَمِ التَّقْدِيرِ شَرْعًا إذْ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوَزْنِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ جَمِيعُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ عِنْدَهُ الطُّعْمُ أَوْ الثَّمَنِيَّةُ وَقَدْ وُجِدَتْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَصَحَّ بَيْعُ الْحَفْنَةِ ) أَيْ وَهِيَ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ ا هـ مِصْبَاحٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ لِوُجُودِ الطُّعْمِ وَعَدَمِ الْمُخَلِّصِ وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ بِمَعْنَاهُ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْحَفْنَةُ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ الْحَفْنَةُ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ وَمِنْهُ { إنَّمَا نَحْنُ حَفْنَةٌ مِنْ حَفَنَاتِ اللَّهِ } أَيْ يُشِيرُ بِالْإِضَافَةِ إلَى مُلْكِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحَفَنْت الشَّيْءَ إذَا جَرَفْتَهُ بِكِلْتَا يَدَيْك وَلَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الشَّيْءِ الْيَابِسِ كَالدَّقِيقِ وَالرَّمْلِ وَنَحْوِهِ ا هـ وَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { إنَّمَا نَحْنُ حَفْنَةٌ مِنْ حَفَنَاتِ اللَّهِ } أَرَادَ إنَّا عَلَى كَثْرَتِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَلِيلٌ عِنْدَ اللَّهِ كَالْحَفْنَةِ وَهِيَ مِلْءُ الْكَفِّ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ الْحَفْنَةُ مِلْءُ الْكَفِّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ ) هَذَا إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ إلَخْ ا هـ يَعْنِي أَنَّ الْحَفْنَةَ وَالْحَفْنَتَيْنِ وَالتُّفَّاحَةَ وَالتُّفَّاحَتَيْنِ لَوْ كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الْمِعْيَارِ كَانَ مَضْمُونًا بِالْمِثْلِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ كَمَا فِي سَائِرِ الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ ، وَلَكِنَّهُ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ الْمِعْيَارِ وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْعَدَدِيِّ الْمُتَفَاوِتِ لَا فِي الْمُتَقَارِبِ أَلَا تَرَى أَنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ قَالَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّ الْجَوْزَةَ مِثْلُ الْجَوْزَةِ فِي ضَمَانِ الْعُدْوَانِ وَكَذَا سَائِرُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ يَعْنِي أَنَّ التَّمْرَةَ مِثْلُ التَّمْرَةِ وَالْبَيْضَةَ مِثْلُ الْبَيْضَةِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَذَلِكَ فِي حُكْمِ الرِّبَا ؛ لِأَنَّ الْجَوْزَةَ لَيْسَتْ مِثْلَ الْجَوْزَةِ لِعَدَمِ دَلِيلِ الْمُمَاثَلَةِ لِلتَّفَاوُتِ إلَّا أَنَّ النَّاسَ اصْطَلَحُوا عَلَى إهْدَارِ التَّفَاوُتِ فَقُبِلَ

ذَلِكَ فِي حَقِّهِمْ وَهُوَ ضَمَانُ الْعُدْوَانِ فَأَمَّا فِي حَقِّ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ وَحُرْمَةِ الْفَضْلِ فَلَا ا هـ غَايَةُ الْبَيَانِ قَوْلُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِهَذَا يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ عِنْدَنَا قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِنْ فُرُوعِ ضَمَانِ مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ بِالْقِيمَةِ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ حَفْنَةً فَعَفِنَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهَا فَإِنْ أَبَى إلَّا أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَهَا أَخَذَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَسَادِ الَّذِي حَصَلَ لَهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَمَّا كَانَتْ عِلَّةُ الرِّبَا الطُّعْمَ حَرَّمَ الْحَفْنَةَ وَالتُّفَّاحَةَ بِثِنْتَيْنِ وَقَالُوا : مَا دُونَ نِصْفِ صَاعٍ فِي حُكْمِ الْحَفْنَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ فَعُرِفَ أَنَّهُ لَوْ وُضِعَتْ مَكَايِيلُ أَصْغَرُ مِنْ نِصْفِ الصَّاعِ لَا يُعْتَبَرُ التَّفَاضُلُ بِهَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَدَلَيْنِ نِصْفَ صَاعٍ فَإِنْ بَلَغَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ صَاعٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ نِصْفِ صَاعٍ فَصَاعِدًا بِحَفْنَةٍ وَفِي جَمْعِ التَّفَارِيقِ قِيلَ لَا رِوَايَةَ فِي الْحَفْنَةِ بِالْقَفِيزِ وَاللُّبِّ بِالْجَوْزِ وَالصَّحِيحُ ثُبُوتُ الرِّبَا وَلَا يَسْكُنُ الْخَاطِرُ إلَى هَذَا بَلْ يَجِبُ بَعْدَ التَّعْلِيلِ بِالْقَصْدِ إلَى صِيَانَةِ أَمْوَالِ النَّاسِ تَحْرِيمُ التُّفَّاحَةِ بِالتُّفَّاحَتَيْنِ وَالْحَفْنَةِ بِالْحَفْنَتَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَتْ مَكَايِيلُ أَصْغَرَ مِنْهَا كَمَا فِي دِيَارِنَا مِنْ وَضْعِ رُبْعِ الْقَدَحِ وَثُمُنِ الْقَدَحِ الْمِصْرِيِّ فَلَا شَكَّ وَكَوْنُ الشَّرْعِ لَمْ يُقَدِّرْ بَعْضَ الْمُقَدَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْوَاجِبَاتِ الْمَالِيَّةِ كَالْكَفَّارَاتِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ بِأَقَلَّ مِنْهُ لَا يَسْتَلْزِمُ إهْدَارَ التَّفَاوُتِ الْمُتَيَقَّنِ بَلْ لَا يَحِلُّ بَعْدَ تَيَقُّنِ التَّفَاضُلِ مَعَ تَيَقُّنِ تَحْرِيمِ إهْدَارِهِ وَلَقَدْ أَعْجَبُ غَايَةَ الْعَجَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ هَذَا وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ ا هـ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ فِي الشَّرْعِ بِمَا دُونَهُ وَجَاءَ التَّقْدِيرُ بِنِصْفِ صَاعٍ فِي

صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَدْنَى مَا يَكُونُ مَالُ الرِّبَا مِنْ الْحِنْطَةِ نِصْفُ الْقَفِيزِ وَالْمُرَادُ مِنْ الْقَفِيزِ صَاعٌ ا هـ غَايَةٌ .

( وَالْفَلْسُ بِالْفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا ) أَيْ الْبَدَلَانِ بِأَعْيَانِهِمَا بِأَنْ كَانَ الْفَلْسُ مُعَيَّنًا وَالْفَلْسَانِ مُعَيَّنَيْنِ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْفُلُوسَ الرَّائِجَةَ أَثْمَانٌ وَالثَّمَنُ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَلِهَذَا إذَا قَابَلَ الْفُلُوسَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ غَيْرَهَا وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهَا تَثْبُتُ بِاصْطِلَاحِ الْكُلِّ فَلَا تَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا أَوْ يَحْتَمِلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ بَائِعُ الْفَلْسِ الْفَلْسَيْنِ أَوَّلًا فَيَرُدَّ أَحَدَهُمَا قَضَاءً بِدَيْنِهِ وَيَأْخُذَ الْآخَرَ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوْ يَأْخُذَ بَائِعُ الْفَلْسَيْنِ الْفَلْسَ أَوَّلًا ، ثُمَّ يَضُمَّ إلَيْهِ فَلْسًا آخَرَ فَيَرُدَّهُمَا عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَلْسُهُ مَعَ فَلْسٍ آخَرَ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَهُوَ رِبًا فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِعَيْنِهِ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ عَيْنِهِ وَلَهُمَا أَنَّ الْفُلُوسَ لَيْسَتْ بِأَثْمَانٍ خِلْقَةً وَإِنَّمَا كَانَ ثَمَنًا بِالِاصْطِلَاحِ وَقَدْ اصْطَلَحَا بِإِبْطَالِ الثَّمَنِيَّةِ فَتَبْطُلُ وَإِنْ كَانَتْ ثَمَنًا عِنْدَ غَيْرِهِمَا مِنْ النَّاسِ لِبَقَاءِ اصْطِلَاحِهِمْ عَلَى ثَمَنِيَّتِهَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْغَيْرِ عَلَيْهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُمَا اصْطِلَاحُهُمْ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ؛ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ فَلَا تَبْطُلُ بِالِاصْطِلَاحِ فَإِذَا بَطَلَتْ الثَّمَنِيَّةُ تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا عَلَى مَا بَيَّنَّا فَإِنْ قِيلَ : إذَا بَطَلَتْ الثَّمَنِيَّةُ وَجَبَ أَنْ لَا يَجُوزَ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا ؛ لِأَنَّ النُّحَاسَ مَوْزُونٌ وَإِنَّمَا صَارَ مَعْدُودًا بِالِاصْطِلَاحِ عَلَى

الثَّمَنِيَّةِ فَإِذَا بَطَلَتْ الثَّمَنِيَّةُ عَادَ إلَى أَصْلِهِ مَوْزُونًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا قُلْنَا لَا يَعُودُ مَوْزُونًا ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُمَا عَلَى الْعَدِّ بَاقٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الثَّمَنِيَّةِ بُطْلَانُ الْعَدِّ وَكَمْ مِنْ شَيْءٍ مَعْدُودٍ لَا يَكُونُ ثَمَنًا أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَوَانِيَ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَتْ فِي اصْطِلَاحِهِمْ مَعْدُودَةً وَهَذَا لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِهِ مَوْزُونًا أَوْ مَكِيلًا فِي غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ الْعُرْفُ بِخِلَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ كَالْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِالنَّصِّ وَلِهَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُسْتَنْبَطَةُ قَاصِرَةً لَا تُعْتَبَرُ أَصْلًا بِخِلَافِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا فَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ اصْطِلَاحُهُمَا عَلَى الْعَدِّ لَمْ يَعُدْ وَزْنِيًّا فَجَازَ مُتَفَاضِلًا وَلَا يُقَالُ إذَا كَسَدَتْ الْفُلُوسُ بِاتِّفَاقِ الْكُلِّ لَا تَكُونُ ثَمَنًا بِاصْطِلَاحِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ حَتَّى لَا تَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُ الْأَثْمَانِ فِي حَقِّهِمَا فَكَذَا إلَّا تَكُونُ عُرُوضًا أَيْضًا بِاصْطِلَاحِهِمَا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْأَصْلُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ عُرُوضًا فَاصْطِلَاحُهُمَا عَلَى الثَّمَنِيَّةِ بَعْدَ الْكَسَادِ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ وَلِرَأْيِ الْجَمَاعَةِ فَلَا يَصِحُّ بِخِلَافِ اصْطِلَاحِهِمَا عَلَى جَعْلِهَا عُرُوضًا ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْأَصْلِ فَيَصِحُّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلَافُ رَأْيِ الْكُلِّ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْفَلْسُ بِالْفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا ) قِيلَ : الضَّمِيرُ يَرْجِعُ إلَى الْفَلْسَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْفَلْسَ الْوَاحِدَ مَبِيعٌ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ ضَرُورَةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَأَصْلُهُ أَنَّ الْفَلْسَ لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ مَا دَامَ رَابِحًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعِنْدَهُمَا يَتَعَيَّنُ حَتَّى لَوْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ جِنْسِهَا ) كَمَا إذَا اشْتَرَى فَاكِهَةً بِفُلُوسٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا يَتَعَيَّنُ كَالدَّرَاهِمِ ) فَكَذَا إذَا قُوبِلَ بِجِنْسِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ بِهَلَاكِهَا ) هَذَا لَا يَلْزَمُ أَبَا حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ ا هـ شَيْخُنَا ( قَوْلُهُ فَلَا تَبْطُلُ بِاصْطِلَاحِهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُ نَسْخٌ لِلْإِجْمَاعِ بِالْآحَادِ فَلَا يَجُوزُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَلْسُهُ مَعَ فَلْسٍ آخَرَ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ ) وَهَذَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَرْضَى بِتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْفُلُوسَ لَيْسَتْ بِأَثْمَانٍ ) وَالْأَصْلُ فِي الْفَلْسِ أَنْ يَكُونَ مُثَمَّنًا ؛ لِأَنَّهُ نُحَاسٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ) ؛ لِأَنَّ ثَمَنِيَّتَهُمَا بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَمَّا بَيْعُ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ إمَّا إنْ كَانَا دَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا دَيْنًا فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا دَيْنًا لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا دَيْنَيْنِ لِهَذَا الْمَعْنَى وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهْي عَنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَيْنًا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ اسْتِحْسَانًا وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ قَالُوا هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ هَلْ

تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمْ لَا فَعِنْدَهُمَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ يَنْتَقِضُ الْعَقْدُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُعْطِي غَيْرَهُ لَا يَجُوزُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَتَعَيَّنُ ا هـ وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ الْفَلْسِ بِالْفَلْسَيْنِ أَرْبَعٌ : الْأُولَى أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا الثَّانِيَةُ أَنْ يَبِيعَ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا الثَّالِثَةُ أَنْ يَبِيعَ فَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا بِفَلْسٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ الرَّابِعَةُ أَنْ يَبِيعِ فَلْسًا بِعَيْنِهِ بِفَلْسَيْنِ بِعَيْنِهِمَا وَهَذِهِ الصُّورَةُ فِيهَا خِلَافٌ وَالصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ جَوَازِهَا وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا غَيْرَ مُتَعَيِّنَيْنِ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْوَاحِدِ بِالِاثْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ كَالِئٌ بِكَالِئٍ وَهُوَ حَرَامٌ لِنَهْيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ عَيْنٍ ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يُحَرِّمُ النَّسَاءَ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ اصْطِلَاحَهُمَا عَلَى الْعَدِّ بَاقٍ ) إذْ فِي نَقْضِهِ فِي حَقِّ الْعَدِّ فَسَادُ الْعَقْدِ وَهُمَا قَصَدَا صِحَّةَ الْعَقْدِ لَا فَسَادَهُ وَلَا صِحَّةَ لِلْعَقْدِ إلَّا بَعْدَ بُطْلَانِ الثَّمَنِيَّةِ فَكَانَ لَهُمَا نَقْضُهَا فَإِذَا عَادَ مُثَمَّنًا جَازَ بَيْعُ الْوَاحِدِ بِالِاثْنَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْعَدَدِيَّ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَنًا جَازَ بَيْعُهُ كَذَلِكَ كَالثَّوْبِ بِالثَّوْبَيْنِ وَالْجَوْزَةِ بِالْجَوْزَتَيْنِ ا هـ هِدَايَةٌ وَشَرْحُهَا لِلْأَتْقَانِيِّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُسْتَنْبَطَةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي مَحَلِّ النَّصِّ ) ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ صِيرَ إلَيْهِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْعَمَلِ بِالْمَنْقُولِ إلَى شُبْهَتِهِ فِي الْفَرْعِ وَلَا حُجَّةَ إلَيْهِ فِي الْأَصْلِ لِوُجُودِ النَّصِّ فِيهِ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمُسْتَنْبَطَةُ قَاصِرَةً ) وَمَعْنَى

الْقَاصِرَةِ أَنْ لَا تَتَعَدَّى الْعِلَّةُ إلَى الْفَرْعِ بِأَنْ لَا تُوجَدَ تِلْكَ الْعِلَّةُ إلَّا فِي الْأَصْلِ كَتَعْلِيلِ الشَّافِعِيِّ بِالثَّمَنِيَّةِ مَثَلًا ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاللَّحْمُ بِالْحَيَوَانِ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ اللَّحْمُ الْمُفْرَزُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْحَيَوَانِ لِيَكُونَ قَدْرُهُ مُقَابَلًا بِاللَّحْمِ وَالزَّائِدُ بِالسَّقَطِ لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ رَوَاهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَلِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً فَكَذَا : مُتَفَاضِلًا كَالزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ وَلَهُمَا أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُودِ بِالْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ مُتَفَاضِلًا لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ لَيْسَتْ فِيهِ مَالِيَّةُ اللَّحْمِ إذْ هِيَ مُعَلَّقَةٌ بِفِعْلٍ شَرْعِيٍّ وَهُوَ الذَّكَاةُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعُ اللَّحْمِ فَصَارَ جِنْسًا آخَرَ غَيْرَ اللَّحْمِ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ، ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ } أَيْ بِنَفْخِ الرُّوحِ فَإِذَا كَانَ جِنْسًا آخَرَ جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا بِخِلَافِ الزَّيْتِ مَعَ الزَّيْتُونِ ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ إذْ الزَّيْتُ مَوْجُودٌ فِيهِ لِلْحَالِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَتِرٌ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي بَابِ السَّلَمِ لَا لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا بِيعَ بِغَيْرِهِ مِنْ خِلَافِ الْجِنْسِ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْمَذْبُوحُ غَيْرَ مَسْلُوخٍ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ عِنْدَهُ أَيْضًا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُجْعَلَ لَحْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِجِلْدِ الْآخَرِ كَمَا قَالُوا فِي شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ غَيْرَ مَسْلُوخَتَيْنِ بِيعَتْ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى .

( قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَيَوَانِ مِنْ جِنْسِهِ ) بِأَنْ بَاعَ لَحْمَ الشَّاةِ بِالشَّاةِ ا هـ أَمَّا إذَا كَانَ بِلَحْمٍ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ جَازَ كَيْفَمَا كَانَ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا بِعَيْنٍ عِنْدَنَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ بِأَنْ بَاعَ لَحْمَ الْبَقَرِ بِالشَّاةِ وَمَا أَشْبَهَهُ ا هـ وَقَوْلُهُ جَازَ أَيْ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ بِالسَّقَطِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَالْمُرَادُ بِالسَّقَطِ مَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّحْمِ كَالْكَرِشِ وَالْمِعْلَاقِ وَالْجِلْدِ وَالْأَكَارِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ ) فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ مُطْلَقًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخِرِ نَسِيئَةً ) لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِهِ نَسِيئَةً أَنْ لَا يَجُوزَ مُتَفَاضِلًا كَالْبُرِّ وَالشَّعِيرِ ا هـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ قَالَ الْكَمَالُ : سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْمُ مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ أَوْ لَا مُسَاوِيًا لِمَا فِي الْحَيَوَانِ أَمْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ أَمَّا بِالنَّسِيئَةِ فَلَا لِامْتِنَاعِ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ وَاللَّحْمِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّهُ بَيْعُ الْمَعْدُودِ إلَخْ ) قَالَ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَلَنَا أَنَّهُ بَاعَ مَوْزُونًا بِغَيْرِ مَوْزُونٍ فَيَصِحُّ كَيْفَمَا كَانَ وَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا نَسِيئَةً وَلِهَذَا قُيِّدَ بِهِ فِي رِوَايَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ، ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ } ) فَعُلِمَ أَنَّ الْحَيَّ مَعَ الْجَمَادِ جِنْسَانِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْهُمَا لَا يُمْكِنُ ضَبْطُهُ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اللَّحْمُ أَوْ الْحَيَوَانُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَذْبُوحُ غَيْرَ مَسْلُوخٍ إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ كَانَتْ الشَّاةُ مَذْبُوحَةً غَيْرَ

مَسْلُوخَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِلَحْمِ الشَّاةِ فَالْجَوَابُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا كَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ وَأَرَادَ بِالْمَذْبُوحَةِ غَيْرَ الْمَفْصُولَةِ مِنْ السَّقَطِ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً حَيَّةً بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ يَجُوزُ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا أَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا لَا يُشْكِلُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا بِاللَّحْمِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ فَكَذَلِكَ إذَا اشْتَرَاهَا بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَإِنَّمَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِلَحْمٍ وَزِيَادَةُ اللَّحْمِ فِي أَحَدِهِمَا مَعَ سَقَطِهَا بِإِزَاءِ سَقَطِ الْأُخْرَى فَلَا يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا فَيَجُوزُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْكِرْبَاسُ بِالْقُطْنِ ) وَكَذَا بِالْغَزْلِ كَيْفَمَا كَانَ لِاخْتِلَافِهِمَا جِنْسًا ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ لَا يُنْقَضُ فَيَعُودُ غَزْلًا أَوْ قُطْنًا وَكَذَا الْقُطْنُ وَالْغَزْلُ مَوْزُونَانِ وَالثَّوْبُ لَيْسَ بِمَوْزُونٍ وَلَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بِغَزْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ : جَازَ كَيْفَمَا كَانَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْغَزْلَ لَا يُنْقَضُ فَيَعُودُ قُطْنًا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا يَجُوزُ إلَّا مُتَسَاوِيًا ؛ لِأَنَّ غَزْلَ الْقُطْنِ قُطْنٌ ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ غَزْلُ دِقَاقٍ وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ أَظْهَرُ وَلَوْ بَاعَ الْمَحْلُوجَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوجِ جَازَ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي لَا يَجُوزُ وَلَوْ بَاعَ الْقُطْنَ غَيْرَ الْمَحْلُوجِ بِحَبِّ الْقُطْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْحَبُّ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الْحَبِّ الَّذِي فِي الْقُطْنِ حَتَّى يَكُونَ قَدْرَهُ مُتَقَابِلًا بِهِ وَالزَّائِدُ بِالْقُطْنِ وَكَذَا لَوْ بَاعَ شَاةً عَلَى ظَهْرِهَا صُوفٌ أَوْ فِي ضَرْعِهَا لَبَنٌ بِصُوفٍ أَوْ بِلَبَنٍ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصُّوفُ أَوْ اللَّبَنُ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى الشَّاةِ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَعْنَى وَهُوَ نَظِيرُ بَيْعِ الزَّيْتِ بِالزَّيْتُونِ عَلَى مَا يَجِيءُ .( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بِغَزْلِهِ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُطْنِ بِغَزْلِهِ وَالْكِرْبَاسُ بِالْقُطْنِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِالْإِجْمَاعِ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقُطْنِ بِغَزْلِهِ أَيْ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي بَيْعِ الْقُطْنِ بِغَزْلِ الْقُطْنِ مُتَسَاوِيًا وَزْنًا قَالَ بَعْضُهُمْ : يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُمَا وَاحِدٌ وَكِلَاهُمَا مَوْزُونٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يَجُوزُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ صَاحِبُ خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى ؛ لِأَنَّ الْقُطْنَ يَنْقُصُ إذَا غُزِلَ فَصَارَ كَالْحِنْطَةِ مَعَ الدَّقِيقِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الْمَحْلُوجَ بِغَيْرِ الْمَحْلُوجِ جَازَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي الْآخَرِ ) لِيَكُونَ الزَّائِدُ مُقَابِلَ الْحَبِّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( : وَالرُّطَبُ بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ مُتَمَاثِلًا وَالْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ ) يَعْنِي مُتَمَاثِلًا أَيْضًا أَمَّا الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَا : لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ سُئِلَ عَنْهُ أَيَنْقُصُ إذَا جَفَّ فَقِيلَ : نَعَمْ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إذًا فَأَفْسَدَ الْبَيْعَ وَأَشَارَ إلَى الْعِلَّةِ وَهِيَ النُّقْصَانُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْعَقْدِ الْمُمَاثَلَةُ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْجَفَافِ لَا فِي الْحَالِ فَصَارَ نَظِيرَ بَيْعِ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلتَّفَاوُتِ بَعْدَ الطَّحْنِ وَلَهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ { التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ } وَالرُّطَبُ تَمْرٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُتَمَاثِلًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ تَمْرٌ مَا رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ رُطَبٌ قَالَ أَوَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا } وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يُزْهِي فَقِيلَ : وَمَا يُزْهِي قَالَ : يَحْمَرُّ } وَهُوَ اسْمٌ لَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَنْعَقِدُ إلَى أَنْ يُدْرِكَ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَمْرًا جَازَ بَيْعُهُ بِهِ بِأَوَّلِ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { التَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ } وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَمْرٍ فَبِآخِرِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ } وَلِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَتَفَاوَتَانِ فِي الْمَالِ لِذَهَابِ جُزْءٍ مِنْهُ وَهُوَ الرُّطُوبَةُ بِخِلَافِ بَيْعِ الْحِنْطَةِ بِالدَّقِيقِ ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَفَاوِتَانِ فِي الْحَالِ وَيَظْهَرُ ذَلِكَ بِالطَّحْنِ إذْ الطَّحْنُ لَا يَزِيدُ فِيهِ شَيْئًا وَمَا رَوَيَاهُ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ مَدَارَهُ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ النَّقَلَةِ وَلَئِنْ صَحَّ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ

السَّائِلَ كَانَ وَصِيًّا فِي مَالِ يَتِيمٍ أَوْ وَلِيًّا لِصَغِيرٍ فَلَمْ يَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا التَّصَرُّفِ نَظَرًا لَهُ إذْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِالنَّظَرِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْجَيِّدِ بِالرَّدِيءِ مِنْ مَالِ الرِّبَا لِمَا ذَكَرْنَا وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ وَالْوَجْهُ مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ كَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ النَّصَّ الْوَارِدَ بِلَفْظِ التَّمْرِ هُنَاكَ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبَ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ هُنَا فَبَقِيَ مُحَرَّمًا حَتَّى يَعْتَدِلَ وَأَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ فَلِمَا رَوَيْنَا ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يَتَنَاوَلُهُ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَذَلِكَ وَلَوْ بَاعَ الْبُسْرَ بِالتَّمْرِ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ تَمْرٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ الْكُفُرَّى حَيْثُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا شَاءَ مِنْ التَّمْرِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْرٍ ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ مَا تَنْعَقِدُ صُورَتُهُ لَا قَبْلَهُ وَهُوَ عَدَدِيٌّ مُتَفَاوِتٌ وَهُوَ أَوَّلُ مَا يَنْشَقُّ عَنْهُ النَّخْلُ سُمِّيَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ مَا فِي جَوْفِهِ وَلِتَفَاوُتِهِ فَاحِشًا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَلَوْ بَاعَ حِنْطَةً رَطْبَةً أَوْ مَبْلُولَةً بِحِنْطَةٍ رَطْبَةٍ أَوْ مَبْلُولَةٍ أَوْ يَابِسَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ تَمْرًا مُنَقَّعًا أَوْ زَبِيبًا مُنَقَّعًا بِتَمْرٍ مِثْلِهِ أَوْ بِزَبِيبٍ مِثْلِهِ أَوْ بِالْيَابِسِ مِنْهُمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ بَعْدَ الْيُبْسِ وَالْفَرْقُ لَهُ بَيْنَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَبَيْنَ بَيْعِ الْمَبْلُولِ وَنَحْوِهِ بِمِثْلِهِ حَيْثُ أَجَازَ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَمَنَعَ غَيْرَهُ جَمِيعَهُ أَنَّ التَّفَاوُتَ فِيهَا يَظْهَرُ

مَعَ بَقَاءِ الْبَدَلَيْنِ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَفِي الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مَعَ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ فَيَكُونُ تَفَاوُتًا فِي عَيْنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَفِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ يَكُونُ التَّفَاوُتُ بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الِاسْمِ فَلَمْ يَكُنْ تَفَاوُتًا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي الْحَالِ وَكَذَا أَبُو يُوسُفَ لِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ } الْحَدِيثُ وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْحِنْطَةَ وَالتَّمْرَ وَالشَّعِيرَ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ تَرَكَ هَذَا الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ حَتَّى مَنَعَهُ بِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ .

( قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ إلَخْ ) وَأَمَّا الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ فَيَجُوزُ مُتَمَاثِلًا كَيْلًا وَكَذَا الْعِنَبُ بِالْعِنَبِ يَجُوزُ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَالْمُزَنِيِّ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ) وَقَدْ تَفَرَّدَ أَبُو حَنِيفَةَ بِالْقَوْلِ بِالْجَوَازِ ا هـ فَتْحٌ قَالَ عَلَاءُ الدِّينِ : الْعَالِمُ فِي طَرِيقَتِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُتَسَاوِيًا كَيْلًا يَجُوزُ وَقَالَ الْبَاقُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : لَا يَجُوزُ وَأَجْمَعُوا أَنَّ بَيْعَ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُتَفَاضِلًا لَا يَجُوزُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقَالَا : لَا يَجُوزُ ) وَالشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ وَأَحْمَدُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْجَفَافِ ) وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالرُّطَبُ تَمْرٌ ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَيْلًا بِكَيْلٍ جَائِزٌ وَكَذَا الرُّطَبُ بِالتَّمْرِ إلَّا أَنَّ الرُّطَبَ اخْتَصَّ بِاسْمٍ خَاصٍّ كَالْبَرْنِيِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ حِينَ أُهْدِيَ إلَيْهِ رُطَبٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْهَدِيَّةَ كَانَتْ تَمْرًا أَلَا تَرَى إلَى مَا حَدَّثَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ بْنِ سُهَيْلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى خَيْبَرَ فَجَاءَ بِتَمْرٍ جَنِيبٍ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَوَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا ؟ فَقَالَ : لَا ، وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا لَنَأْخُذُ الصَّاعَ مِنْ هَذَا بِالصَّاعَيْنِ وَالصَّاعَيْنِ بِالثَّلَاثَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَلَا تَفْعَلْ بِعْ الْجَمْعَ بِالدَّرَاهِمِ ، ثُمَّ ابْتَعْ بِالدَّرَاهِمِ جَنِيبًا } قَالَ صَاحِبُ الْفَائِقِ : الْجَمْعُ صُنُوفٌ مِنْ التَّمْرِ تُجْمَعُ وَالْجَنِيبُ لَوْنٌ

مِنْهُ جَيِّدٌ وَكَانُوا يَبْتَاعُونَ صَاعَيْنِ مِنْ الْجَمْعِ بِصَاعٍ مِنْ الْجَنِيبِ فَقَالَ ذَلِكَ تَنْبِيهًا لَهُمْ عَلَى الرِّبَا ا هـ ( قَوْلُهُ { قَالَ : أَوَكُلُّ تَمْرِ خَيْبَرَ هَكَذَا } ) فَسَمَّاهُ أَيْ الرُّطَبَ تَمْرًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الثَّمَرَةُ أَعَمُّ مِنْ التَّمْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ تَمْرًا إلَخْ ) هَذَا اللَّفْظُ يُحْكَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ دَخَلَ بَغْدَادَ وَكَانُوا أَشِدَّاءَ عَلَيْهِ لِمُخَالَفَةِ الْخَبَرِ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ الرُّطَبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ تَمْرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فَإِنْ كَانَ تَمْرًا جَازَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { التَّمْرُ بِالتَّمْرِ } وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَازَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا اخْتَلَفَ النَّوْعَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ } فَأُورِدَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَقَالَ : هَذَا الْحَدِيثُ دَارَ عَلَى زَيْدِ بْنِ عَيَّاشٍ وَزَيْدُ بْنُ عَيَّاشٍ مِمَّنْ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ وَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ضَعِيفٌ عِنْدَ النَّقَلَةِ ا هـ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ تَمْرٍ فَبِآخِرِهِ ) وَهَذَا التَّرْدِيدُ حَسَنٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ لِدَفْعِ شَغَبِ الْخَصْمِ ، لَكِنَّ الْحُجَّةَ لَا تَتِمُّ بِهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ ثَمَّ قِسْمٌ آخَرَ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ ) أَيْ الْوَصِيَّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَجُوزُ مَعَ التَّسَاوِي كَيْلًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ ا هـ كَمَالٌ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ : وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ يَعْنِي عَلَى هَذَا الْخِلَافِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : يَعْنِي كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ مُتَمَاثِلًا كَيْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ عِنْدَهُ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا كَمَا قَالَا فِي الرُّطَبِ وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ قَبْلَ هَذَا عَلَى

هَذَا الِاخْتِلَافِ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ ) كَالْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ وَذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ أَنَّهُ يَجُوزُ اتِّفَاقًا ا هـ ابْنُ فِرِشْتَا ( قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَأَمَّا الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ فَيَجُوزُ عِنْدَنَا كَيْلًا مُتَمَاثِلًا ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ التَّقْرِيبِ : وَأَمَّا الْعِنَبُ بِالْعِنَبِ فَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِمْ كَمَا فِي الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَأَمَّا الْبُسْرُ بِالرُّطَبِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَقَالَا : لَا يَجُوزُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلِمَا رَوَيْنَا أَنَّ اسْمَ التَّمْرِ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّمْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكُفْرِيِّ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ الْكُفْرِيُّ مَقْصُورٌ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وِعَاءُ الطَّلْعِ وَيُسَمَّى كَافُورًا وَكُفَرَّى كَذَا قَالَهُ ابْنُ دُرَيْدٍ وَقِيلَ إنَّمَا سُمِّيَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَسْتُرُ مَا فِي جَوْفِهِ ا هـ ذَكَرَ الْبَدْرُ بْنُ مَالِكٍ فِي شَرْحِ الْخُلَاصَةِ فِي الْكُفْرِيِّ وَجْهَيْنِ فَتْحَ الْفَاءِ وَضَمَّهَا وَتَبِعَهُ الْمُرَادِيُّ وَحَكَى الْبَصْرِيُّ تَثْلِيثَ الْفَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَمْرٍ ؛ لِأَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَهَذَا الِاسْمُ أَعْنِي التَّمْرَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يَنْعَقِدُ صُورَتُهُ لَا قَبْلَهُ وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ لِأَبِي حَنِيفَةَ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا لَا يَحْنَثُ فَكَانَ غَيْرَهُ فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ بَلْ يَحْنَثُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ الْمَسْأَلَةُ مَسْطُورَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَكَذَا ادَّعَى أَنَّهُ يَحْنَثُ فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ بُسْرًا وَلَمْ يَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَى هَذَا إذْ يَكْفِيهِ أَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَكَلَامُنَا فِيهِ لُغَةٌ وَهُمْ

بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبُونَ بِتَصْحِيحِ أَنَّ اسْمَ التَّمْرِ يَلْزَمُ الْخَارِجَ مِنْ حِينِ يَنْعَقِدُ إلَى أَنْ يَطِيبَ ثُمَّ يَجِفَّ مِنْ اللُّغَةِ ، وَلَا يُنْكَرُ صِحَّةُ الْإِطْلَاقِ بِاعْتِبَارِ مَجَازِ الْأَوَّلِ ا هـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ مِنْ أَوَّلِ مَا تَنْعَقِدُ صُورَتُهُ لَا قَبْلَهُ ) وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ مَعَ أَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ ذَكَرَهُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَكَلَ طَلْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَلَمْ يَحْنَثْ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ قُلْت : لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ بُسْرًا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّمْرَ لَيْسَ بِاسْمٍ لِتَمْرِ النَّخْلِ مِنْ حِينِ مَا يَبْدُو صَلَاحُهَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ قُلْت : مَنَعَهُ عَلَاءُ الدِّينِ الْعَالِمُ فِي طَرِيقَةِ الْخِلَافِ وَقَالَ : بَلْ يَحْنَثُ عِنْدَنَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ : وَمَا ادَّعَاهُ بَعْضُ الْخِلَافِيِّينَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا أَنَّهُ يَحْنَثُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ تَمْرًا مُنْقَعًا ) قَالُوا : إنَّهُ بِفَتْحِ الْقَافِ مُخَفَّفًا مِنْ أَنْقَعَ الزَّبِيبَ فِي الْخَابِيَةِ إذَا أَلْقَاهُ فِيهَا لِيَبْتَلَّ وَتَخْرُجُ مِنْهُ الْحَلَاوَةُ ، وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ مُنَقَّعٌ بِالتَّشْدِيدِ وَعَلَيْهِ بُنِيَتْ الْمَنْظُومَةُ فِي بَابِ مُحَمَّدٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ) أَيْ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ : الرِّوَايَةُ مَحْفُوظَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ بَيْعَ الْحِنْطَةِ الْيَابِسَةِ بِالْمَبْلُولَةِ إنَّمَا لَا يَجُوزُ إذَا انْتَفَخَتْ أَمَّا إذَا بُلَّتْ مِنْ سَاعَتِهَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالْيَابِسَةِ ا هـ (

قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ ) وَهُوَ بَعْدَ الْيُبْسِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِحَدِيثِ سَعْدٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَعْتَبِرُ الْمُسَاوَاةَ فِي أَعْدَلِ الْأَحْوَالِ وَهُوَ حَالَةُ الْجَفَافِ إلَّا أَنَّ فِي بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ اعْتَبَرَ الْمُسَاوَاةَ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ التَّفَاوُتَ ثَمَّةَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَمَا يَكُونُ الرُّطَبُ شَيْئًا آخَرَ وَهُوَ التَّمْرُ فَلَا يَكُونُ التَّفَاوُتُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْحِنْطَةُ الْمَبْلُولَةُ أَوْ الزَّبِيبُ الْمُنَقَّعُ أَوْ التَّمْرُ الْمُنَقَّعُ بَعْدَ الْجَفَافِ لَا يَزُولُ عَنْهُ اسْمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَكَانَ التَّفَاوُتُ فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى الِاسْمِ الَّذِي عُقِدَ عَلَيْهِ ) أَرَادَ بِهِ بَقَاءَ اسْمِ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ وَالتَّمْرِ بَعْدَ الْجَفَافِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاللُّحُومُ الْمُخْتَلِفَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَلَبَنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَخَلُّ الدَّقَلِ بِخَلِّ الْعِنَبِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَقْصُودِ وَلَنَا أَنَّ أُصُولَهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا يُضَمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ كَدَقِيقِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالْمَقْصُودُ أَيْضًا مُخْتَلِفٌ فَبَعْضُ النَّاسِ يَرْغَبُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ وَقَدْ يَضُرُّهُ الْبَعْضُ وَيَنْفَعُهُ غَيْرُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الِاتِّحَادِ فِي الْمَعْنَى الْخَاصِّ دُونَ الْعَامِّ وَلَوْ اُعْتُبِرَ الْعَامُّ لَمَا جَازَ بَيْعُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا بِخِلَافِ لَحْمِ الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْمَعْزِ وَالضَّأْنِ أَوْ لَبَنِهِمَا أَوْ لَحْمِ الْعَرَّابِ وَالْبَخَاتِيِّ حَيْثُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى يُضَمَّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ فِي الزَّكَاةِ فَكَذَا أَجْزَاؤُهُمَا مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ أَوْ لَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ ؛ لِأَنَّ بِالتَّبَدُّلِ تَخْتَلِفُ الْمَقَاصِدُ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ الْخُبْزِ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا وَكَذَا بَيْعُ الزَّيْتِ الْمَطْبُوخِ بِغَيْرِ الْمَطْبُوخِ أَوْ الدُّهْنِ الْمُرْبِي بِالْبَنَفْسَجِ بِغَيْرِ الْمُرْبِي مِنْهُ مُتَفَاضِلًا وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَتَبَدَّلْ بِالصَّنْعَةِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مَوْزُونٍ عَادَةً فَلَمْ يَكُنْ مُقَدَّرًا فَلَمْ تُوجَدْ الْعِلَّةُ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِاخْتِلَافِ الْأَصْلِ أَوْ الْمَقْصُودُ أَوْ بِتَبَدُّلِ الصَّنْعَةِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَاللُّحُومُ الْمُخْتَلِفَةُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا ) وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَبَنُ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ) أَيْ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا نَقْدًا لَا نَسِيئَةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَخَلُّ الدَّقَلِ ) بِفَتْحَتَيْنِ ا هـ وَإِنَّمَا خَصَّ خَلَّ الدَّقَلِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ أَرْدَأِ التَّمْرِ إجْرَاءً لِلْكَلَامِ مَجْرَى الْعَادَةِ ؛ لِأَنَّهُمْ اعْتَادُوا اتِّخَاذَ الْخَلِّ مِنْ الدَّقَلِ وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِي كُلِّ تَمْرٍ كَذَلِكَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ بِخَلِّ الْعِنَبِ ) كَيْفَ كَانَ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ جَمَعَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي وَجِيزِهِمْ وَفِي لُحُومِ الْحَيَوَانَاتِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهَا مُخْتَلِفَةٌ لِتَفَاوُتِ الْمَعْنَى وَإِنْ اتَّحَدَ الِاسْمُ ا هـ ( قَوْلُهُ لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَقْصُودُ ) وَهُوَ التَّغَذِّي وَالتَّقَوِّي ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَأَسْمَاؤُهَا أَيْضًا مُخْتَلِفَةٌ بِاعْتِبَارِ الْإِضَافَةِ ) كَقَوْلِك لَحْمُ الْبَقَرِ وَلَحْمُ الضَّأْنِ وَلَحْمُ الْإِبِلِ وَلَحْمِ الدَّجَاجِ ا هـ ( قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ كَشَعْرِ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ ) فَشَعْرُ الْمَعْزِ وَصُوفِ الضَّأْنِ جِنْسَانِ بِخِلَافِ لَحْمِهِمَا وَلَبَنِهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الشَّعْرُ وَالصُّوفُ جِنْسَيْنِ ) وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَهُوَ الْمَعْزُ وَالضَّأْنُ جِنْسًا وَاحِدًا لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِدِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ وَلِهَذَا يُتَّخَذُ مِنْ الصُّوفِ اللِّفَافَةُ وَاللَّبْدُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمِنْ الشَّعْرِ الْمِسْحُ وَالْحَبْلُ الْغَلِيظُ وَنَحْوُ ذَلِكَ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَأَمَّا صُوفُ الشَّاةِ مَعَ شَعْرِ الْمَعْزِ جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمَا مُخْتَلِفَةٌ وَلَوْ بَاعَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ

مُتَفَاضِلًا يَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ يَجْمَعُهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِالتَّبَدُّلِ تَخْتَلِفُ الْمَقَاصِدُ ) قَالَ الْكَمَالُ وَمِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَوَازِ بَيْعِ إنَاءَيْ صُفْرٍ أَوْ حَدِيدٍ أَحَدُهُمَا أَثْقَلُ مِنْ الْآخَرِ وَكَذَلِكَ قَمْقَمَةٍ بِقَمْقَمَتَيْنِ وَإِبْرَةٍ بِإِبْرَتَيْنِ وَخُوذَةٍ بِخُوذَتَيْنِ وَسَيْفٍ بِسَيْفَيْنِ وَدَوَاةٍ بِدَوَاتَيْنِ مَا لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَيَمْتَنِعُ التَّفَاضُلُ وَإِنْ اصْطَلَحُوا بَعْدَ الصِّيَاغَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَزْنِ وَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْعَدِّ وَالصُّورَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ الدُّهْنُ الْمَرْبِيُّ بِالْبَنَفْسَجِ بِغَيْرِ الْمَرْبِيِّ مِنْهُ مُتَفَاضِلًا ) قَالَ الْكَمَالُ : وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُجَانَسَةَ تَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا فِي الضِّمْنِ فَيَمْنَعُ النَّسِيئَةَ كَمَا فِي الْمُجَانَسَةِ الْعَيْنِيَّةِ وَذَلِكَ كَالزَّيْتِ مَعَ الزَّيْتُونِ وَالشَّيْرَجِ مَعَ السِّمْسِمِ وَتَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا أُضِيفَتْ إلَيْهِ فَيَخْتَلِفُ الْجِنْسُ مَعَ اتِّحَادِ الْأَصْلِ حَتَّى يَجُوزَ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ مَعَ دُهْنِ الْوَرْدِ أَصْلُهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الزَّيْتُ أَوْ الشَّيْرَجُ فَصَارَ جِنْسَيْنِ بِاخْتِلَافِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ مِنْ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ نَظَرًا إلَى اخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَالْغَرَضِ وَلَمْ يُبَالِ بِاتِّحَادِ الْأَصْلِ وَعَلَى هَذَا دُهْنُ الزَّهْرِ فِي دِيَارِنَا وَدُهْنُ الْبَانِ أَصْلُهُمَا اللَّوْزُ يُطْبَقُ بِالزَّهْرِ وَالْخِلَافِ مُدَّةً ، ثُمَّ يُعْصَرُ اللَّوْزُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ دُهْنٌ مُخْتَلِفُ الرَّائِحَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ الدُّهْنَيْنِ بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَعَلَى هَذَا قَالُوا : لَوْ ضَمَّ إلَى الْأَصْلِ مَا طَيَّبَهُ دُونَ الْآخَرِ جَازَ مُتَفَاضِلًا حَتَّى أَجَازُوا بَيْعَ قَفِيزِ سِمْسِمٍ مُطَيَّبٍ بِقَفِيزَيْنِ غَيْرِ مُطَيَّبٍ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ بَيْعُ رِطْلِ لَوْزٍ مُطْبَقٍ بِرِطْلَيْ لَوْزٍ غَيْرِ مُطْبَقٍ وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ دُهْنٍ مُطْبَقٍ بِزَهْرِ النَّارِنْجِ بِرِطْلَيْ دُهْنِ اللَّوْزِ الْخَالِصِ

وَكَذَا رِطْلُ زَيْتٍ مُطَيَّبٍ بِرِطْلَيْنِ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يُطَيَّبْ فَجَعَلُوا الرَّائِحَةَ فِيهَا بِإِزَاءِ الزِّيَادَةِ عَلَى الرِّطْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الطَّيْرِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ لَحْمِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْ الطُّيُورِ كَالسِّمَانِ مَثَلًا وَالْعَصَافِيرِ مُتَفَاضِلًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالِ الرِّبَا إذْ لَا بِوَزْنِ لَحْمِ الطَّيْرِ وَلَا يُكَالُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ لُحُومِ الطَّيْرِ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ ؛ لِأَنَّهُ يُوزَنُ عَادَةً فِي دِيَارِ مِصْرَ بِعَظْمِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَشَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ ) يَعْنِي يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا وَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا مِنْ الضَّأْنِ ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ لِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَالصُّوَرِ وَالْمَقَاصِدِ .قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَشَحْمُ الْبَطْنِ بِالْأَلْيَةِ أَوْ بِاللَّحْمِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ نَقْلًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ بَاعَ لُحُومَ الشَّاةِ بِشُحُومِهَا أَوْ بِأَلْيَتِهَا أَوْ لَحْمِهَا بِصُوفِهَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَيْفَمَا كَانَ وَلَا يَجُوزُ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ يَجْمَعُهُمَا ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَأَمَّا الرُّءُوس وَالْأَكَارِعُ وَالْجُلُودُ فَيَجُوزُ يَدًا بِيَدٍ كَيْفَمَا كَانَ لَا نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضْبَطْ بِالْوَصْفِ حَتَّى أَنَّ السَّلَمَ فِيهِ لَا يَجُوزُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْخُبْزُ بِالْبُرِّ أَوْ الدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ أَصْلًا ؛ لِأَنَّ بَيْنَهُمَا شُبْهَةَ الْمُجَانَسَةِ فِي الْحَالِ وَلَا يُعْرَفُ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا فَصَارَ كَبَيْعِ الْمَقْلِيَّةِ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ أَوْ الدَّقِيقِ بِالْحِنْطَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّ الْخُبْزَ بِالصَّنْعَةِ صَارَ جِنْسًا آخَرَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا وَالْبُرُّ وَالدَّقِيقُ مَكِيلٌ فَلَمْ يَجْمَعْهُمَا الْقَدْرُ وَلَا الْجِنْسُ حَتَّى جَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ هِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ لِإِمْكَانِ ضَبْطِهَا وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ هُوَ الْمُتَأَخِّرُ أَوْ السَّلَمُ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهُ يَتَفَاوَتُ بِالطَّحْنِ وَالْعَجْنِ وَالنُّضْجِ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَقَدْ ذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَا يَحْفَظُ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ لَا يَجُوزُ عِنْدَهُمَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ يَجُوزُ عَلَى قِيَاسِ السَّلَمِ بِاللَّحْمِ وَبِهِ يُفْتَى لِلتَّعَامُلِ وَفِي الْكَافِي أَنَّ ابْنَ رُسْتُمَ ذَكَرَ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِي الْخُبْزِ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَصِحُّ وَزْنًا وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَلَا عَدَدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِمَا ذَكَرْنَا فِي السَّلَمِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ بَابَ السَّلَمِ أَوْسَعُ حَتَّى جَازَ السَّلَمُ فِي الثِّيَابِ دُونَ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : يَجُوزُ بِالْوَزْنِ وَالْعَدَدِ جَمِيعًا لِلتَّعَامُلِ وَبِهِ يُتْرَكُ الْقِيَاسُ كَالِاسْتِصْنَاعِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَجُوزُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْعَدَدِ ؛ لِأَنَّ أُحَادَهُ تَتَفَاوَتُ بِالْعَدِّ دُونَ الْوَزْنِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْخُبْزُ بِالْبُرِّ أَوْ الدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا ) أَيْ نَقْدًا لَا نَسِيئَةً إلَّا إذَا كَانَتْ الْحِنْطَةُ أَوْ الدَّقِيقُ نَسِيئَةً فَإِنَّهُ يَجُوزُ حِينَئِذٍ ا هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَكِيلًا ) أَيْ وَصَارَ وَزْنِيًّا أَوْ عَدَدِيًّا ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ وَزْنِيًّا أَيْ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدَدِيًّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ هُوَ الْمُتَأَخِّرُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَإِنْ كَانَ الْخُبْزُ نَسِيئَةً يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اسْتِقْرَاضُهُ وَزْنًا وَلَا عَدَدًا ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ : يَجُوزُ بِهِمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِتَعَامُلِ النَّاسِ بِهِ وَحَاجَتِهِمْ إلَيْهِ ا هـ وَقَالَ ابْنُ فِرِشْتَا : وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَجُوزُ وَزْنًا وَعَدَدًا وَقَالَ : ثَلَاثٌ مِنْ الدَّنَاءَةِ اسْتِقْرَاضُ الْخُبْزِ وَزْنًا وَالْجُلُوسُ فِي دُكَّانِ الْحَجَّامِ وَالنَّظَرُ فِي مِرْآتِهِ ا هـ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بَعْدَ أَوْرَاقٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ عَدَدًا وَوَزْنًا كَذَا ذَكَرَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمُخْتَلَفِ وَالْحَصْرِ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَذَكَرَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَصَاحِبُ الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ عَدَدًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَزْنَ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ السَّلَمُ عِنْدَهُ لَا وَزْنًا وَلَا عَدَدًا قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ وَكَأَنَّ مُحَمَّدًا تَرَكَ الْقِيَاسَ فِي جَوَازِ اسْتِقْرَاضِهِ عَدَدًا لِتَعَارُفِ النَّاسِ كَمَا تَرَكَ الْقِيَاسَ بِالْعُرْفِ فِي جَوَازِ الِاسْتِصْنَاعِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : يَجُوزُ بِالْوَزْنِ دُونَ الْعَدَدِ ؛ لِأَنَّ أُحَادَهُ تَتَفَاوَتُ ) قَالَ الْكَمَالُ وَمُحَمَّدٌ : يَقُولُ قَدْ أَهْدَرَ الْجِيرَانُ تَفَاوُتَهُ وَعَنْهُمْ يَكُونُ اقْتِرَاضُهُ غَالِبًا وَالْقِيَاسُ يُتْرَكُ بِالتَّعَامُلِ وَجَعَلَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَنَا أَرَى

أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ أَحْسَنُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ أَوْ بِالسَّوِيقِ ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِأَحَدِهِمَا لَا مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَسَاوِيًا ؛ لِأَنَّهُ جِنْسُهُ مِنْ وَجْهٍ وَإِنْ اخْتَصَّ بِاسْمٍ آخَرَ فَيَحْرُمُ لِشُبْهَةِ الرِّبَا ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا بُرٌّ وَالْآخَرَ أَجْزَاؤُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا دَقِيقٌ وَالْآخَرُ أَجْزَاؤُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ بِالطَّحْنِ لَمْ يُوجَدْ إلَّا تَفْرِيقُ الْأَجْزَاءِ وَالْمُجْتَمِعُ بِالتَّفْرِيقِ لَا يَصِيرُ جِنْسًا آخَرَ فَبَقِيَتْ شُبْهَةُ الْمُجَانَسَةِ وَثُبُوتُ الشُّبْهَةِ تَكْفِي لِثُبُوتِ حُرْمَةِ الرِّبَا كَمَا فِي دُهْنِ السِّمْسِمِ مَعَ السِّمْسِمِ غَيْرَ أَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْكَيْلُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوِّ لَهُمَا أَلَا تَرَى أَنَّ الْبُرَّ إذَا طُحِنَ يَزِيدُ عَلَيْهِ وَتِلْكَ الزِّيَادَةُ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِي الْحَالِ وَظَهَرَتْ بِالطَّحْنِ بِخِلَافِ بَيْعِ دُهْنِ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ حَيْثُ يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْوَزْنُ وَهُوَ مُسَوَّ لَهُمَا فَأَمْكَنَ التَّسَاوِي بَيْنَهُمَا وَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا لِاتِّحَادِ الِاسْمِ وَالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَبِهِ تَثْبُتُ الْمُجَانَسَةُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَا يُعْتَبَرُ احْتِمَالُ التَّفَاضُلِ كَمَا فِي الْبُرِّ بِالْبُرِّ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ : إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مَكْبُوسَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ وَإِنْ بَاعَ الدَّقِيقَ بِالدَّقِيقِ مُوَازَنَةً فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ مُتَفَاضِلًا وَلَا مُتَسَاوِيًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ : لَا يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ وَالْمَقْصُودُ أَلَا تَرَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَصْلُحُ لِمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ الْآخَرُ وَهُوَ آيَةُ الِاخْتِلَافِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ نَسِيئَةً ؛ لِأَنَّ الْقَدْرَ يَجْمَعُهُمَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ مِنْ وَجْهٍ ؛

لِأَنَّهُمَا مِنْ أَجْزَاءِ الْحِنْطَةِ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَا بِالْحِنْطَةِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ وَعَدَمِ الْمُسَوِّي وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا بِأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْلِيَّةُ بِغَيْرِ الْمَقْلِيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا الْجُزْءَانِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إذْ الْجُزْءُ لَا يُخَالِفُ الْكُلَّ وَبِفَوَاتِ بَعْضِ الْمَقَاصِدِ لَا يَخْرُجُ مِنْ أَنْ يَكُونَ جِنْسًا لَهُ كَأَصْلِ أَحَدِهِمَا مَعَ أَصْلِ الْآخَرِ أَوْ مَعَهُمَا عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَالْبُرِّ الْعَلِكِ مَعَ الْمُسَوَّسِ حَتَّى لَا يَجُوزَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ إلَّا مُتَسَاوِيًا وَمُجَرَّدُ اخْتِلَافِ الِاسْمِ لَا يَدُلُّ عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ أَلَا تَرَى أَنَّ بَعْضَ الْإِنْسَانِ يَخْتَصُّ بِاسْمٍ كَالشَّابِّ وَالشَّيْخِ وَالطِّفْلِ وَنَحْوِهِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَبَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ وَالسَّوِيقِ بِالسَّوِيقِ مُتَسَاوِيًا جَائِزٌ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالزَّيْتُونُ بِالزَّيْتِ وَالسِّمْسِمِ بِالشَّيْرَجِ حَتَّى يَكُونَ الزَّيْتُ وَالشَّيْرَجُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الزَّيْتُونِ وَالسِّمْسِمِ ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ حَتَّى يَكُونَ الدُّهْنُ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي الْآخَرِ لِيَكُونَ قَدْرُهُ بِمِثْلِهِ وَالزَّائِدُ بِالثَّجِيرِ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ بَيْنَهُمَا مَعْنًى بِاعْتِبَارِ مَا فِي ضِمْنِهِمَا وَإِنْ اخْتَلَفَا صُورَةً فَيَثْبُتُ بِذَلِكَ شُبْهَةُ الْمُجَانَسَةِ وَالرِّبَا يَثْبُتُ بِالشُّبْهَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الدُّهْنُ الْخَالِصُ أَكْثَرَ مِنْ الَّذِي فِي الْآخَرِ كَانَ الثَّجِيرُ بِلَا عِوَضٍ يُقَابِلُهُ فَيَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْخَالِصَ أَكْثَرُ لَا يَجُوزُ خِلَافًا لِزُفَرَ هُوَ يَقُولُ : إنَّ الْأَصْلَ هُوَ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ طَارِئٌ عِنْدَ وُجُودِ الْفَضْلِ الْخَالِي عَنْ الْعِوَضِ فَلَا يَفْسُدُ مَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ قُلْنَا : الْمُتَوَهَّمُ فِي الرِّبَا كَالْمُتَحَقِّقِ أَلَا تَرَى إلَى مَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنْ التَّمْرِ لَا يُعْلَمُ

كَيْلُهَا بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنْ التَّمْرِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ { نَهَى عَنْ الرِّبَا وَالرُّبْيَةِ وَهِيَ شُبْهَةُ الرِّبَا } وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : كُنَّا نَدَعُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْحَلَالِ مَخَافَةَ الْحَرَامِ وَعَلَى ذَلِكَ كَانَ السَّلَفُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَلَا يُقَالُ : إنَّ السِّمْسِمَ مَكِيلٌ وَالدُّهْنَ مَوْزُونٌ فَكَيْفَ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : الْمَقْصُودُ مِنْهُ دُهْنُهُ وَهُوَ مَوْزُونٌ وَالْحُرْمَةُ بِاعْتِبَارِهِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ بَيْعُ السِّمْسِمِ بِالسِّمْسِمِ مُتَفَاضِلًا كَيْلًا عَلَى وَجْهِ الِاعْتِبَارِ بِأَنْ يُصْرَفَ كُلُّ جِنْسٍ إلَى خِلَافِ جِنْسِهِ قُلْنَا ذَلِكَ يَتَأَتَّى فِي الْمُنْفَصِلِ خِلْقَةً دُونَ الْمُتَّصِلِ وَكَذَا بَيْعُ الْجَوْزِ بِدُهْنِهِ وَاللَّبَنِ بِسَمْنِهِ وَالتَّمْرِ بِنَوَاهُ وَكُلُّ شَيْءٍ لِثِقَلِهِ قِيمَةٌ إذَا بِيعَ بِالْخَالِصِ مِنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْخَالِصُ أَكْثَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِثِقَلِهِ قِيمَةٌ كَتُرَابِ الذَّهَبِ إذَا بِيعَ بِالذَّهَبِ أَوْ تُرَابِ الْفِضَّةِ إذَا بِيعَ بِالْفِضَّةِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ مِمَّا فِي التُّرَابِ ؛ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ بِإِزَائِهِ شَيْءٌ حَتَّى لَوْ جُعِلَ فَسَدَ لِرِبَا الْفَضْلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُسْتَقْرَضُ الْخُبْزُ وَزْنًا لَا عَدَدًا ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُسْتَقْرَضُ بِهِمَا وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا بَيْعُ الْبُرِّ بِالدَّقِيقِ ) أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ بِدَقِيقِ الْحِنْطَةِ وَلَا بِسَوِيقِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ وَلَا بِسَوِيقِهَا أَمَّا بِسَوِيقِ الشَّعِيرِ فَيَجُوزُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالْآخَرُ أَجْزَاؤُهُ ) عِبَارَةُ الْكَافِي وَفِي الْآخَرِ أَجْزَاؤُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْمِعْيَارَ فِيهِمَا الْكَيْلُ وَهُوَ غَيْرُ مُسَوٍّ لَهُمَا ) قَالَ الْكَمَالُ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُسَاوَاةُ : بَيْنَهُمَا كَيْلًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ فَصَارَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ كَيْلًا كَبَيْعِ الْجُزَافِ لِذَلِكَ الِاحْتِمَالِ وَحُرْمَةُ الرِّبَا إنَّمَا كَانَتْ مُنْتَهِيَةً بِالْعِلْمِ بِالْمُسَاوَاةِ إلَّا فِيمَا لَا اعْتِبَارَ بِهِ مِثْلُ أَنْ يَتَّفِقَ كَبْسٌ فِي كَيْلِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَتَّفِقْ قَدْرُهُ سَوَاءٌ فِي الْحِنْطَةِ الْأُخْرَى فَإِذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ الْعِلْمُ بِهَا صَارَتْ مُؤَبَّدَةً بِالضَّرُورَةِ فَلَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ كَيْلًا بِكَيْلٍ مُسَاوٍ ، ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ : وَقَوْلُنَا الْمِعْيَارُ فِي الْحِنْطَةِ وَالدَّقِيقِ الْكَيْلُ لَا يُرَادُ بِهِ إلَّا فِيمَا إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ أَمَّا بِالدَّرَاهِمِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ وَكَذَا الدَّقِيقُ وَغَيْرُ ذَلِكَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَيَحُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ مُتَسَاوِيًا وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا ) قَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا أَخْشَنَ أَوْ أَدَقَّ وَكَذَا بَيْعُ النُّخَالَةِ بِالنُّخَالَةِ وَقَالَ فِي شَرْحِ أَبِي نَصْرٍ : يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ النُّعُومَةِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَجُمْلَةُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ عَلَى مَا قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فِي وَجْهٍ يَجُوزُ الْبَيْعُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ وَفِي وَجْهٍ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ أَوْ تَفَاضَلَا وَفِي وَجْهٍ اخْتَلَفُوا فِيهِ أَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ إذَا تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا حِنْطَةً بِحِنْطَةٍ

وَهُمَا عَتِيقَتَانِ أَوْ حَدِيثَتَانِ أَوْ إحْدَاهُمَا عَتِيقَةٌ وَالْأُخْرَى حَدِيثَةٌ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا حِنْطَةً مَقْلِيَّةً بِمَقْلِيَّةٍ أَوْ دَقِيقَ حِنْطَةٍ بِدَقِيقِ حِنْطَةٍ أَوْ سَوِيقَ حِنْطَةٍ بِسَوِيقِ حِنْطَةٍ وَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَكَذَلِكَ حُكْمُ الشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ عَلَى هَذَا وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا تَمْرًا بِتَمْرٍ كِلَاهُمَا عَتِيقٌ أَوْ كِلَاهُمَا حَدِيثٌ أَوْ أَحَدُهُمَا حَدِيثٌ وَالْآخَرُ عَتِيقٌ وَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا عِنَبًا بِعِنَبٍ أَوْ زَبِيبًا بِزَبِيبٍ وَكَذَلِكَ حُكْمُ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَكِيلَاتِ إذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ أَوْ تَفَاضَلَا فَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا حِنْطَةً مَقْلِيَّةً بِغَيْرِ مَقْلِيَّةٍ أَوْ بَاعَ الْحِنْطَةَ بِالدَّقِيقِ أَوْ الْحِنْطَةَ بِسَوِيقِ الْحِنْطَةِ أَوْ تَمْرًا مَطْبُوخًا بِتَمْرٍ غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَوْ حِنْطَةً مَطْبُوخَةً بِحِنْطَةٍ غَيْرِ مَطْبُوخَةٍ فَلَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا وَأَمَّا الْوَجْهُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا تَبَايَعَا تَمْرًا بِرُطَبٍ أَوْ رُطَبًا بِبُسْرٍ أَوْ عِنَبًا بِزَبِيبٍ فَتَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاضَلَا وَبَيْعُ الْكُفْرِيِّ بِالْبُسْرِ أَوْ الرُّطَبِ أَوْ التَّمْرِ يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْكُفْرِيَّ عَدَدِيٌّ ا هـ مَعَ حَذْفٍ ( قَوْلُهُ إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالدَّقِيقِ إذَا كَانَا مَكْبُوسَيْنِ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَهُوَ حَسَنٌ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّقِيقِ بِالسَّوِيقِ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ دَقِيقُ الْحِنْطَةِ بِسَوِيقِهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَأَمَّا دَقِيقُ الْحِنْطَةِ بِسَوِيقِ الشَّعِيرِ وَعَكْسُهُ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَا : يَجُوزُ كَيْفَمَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ ) أَيْ دَقِيقُ الْحِنْطَةِ وَسَوِيقُهَا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ مُخْتَلِفَانِ ) أَيْ وَإِنْ رَجَعَا

إلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الِاسْمِ ) أَيْ الْهَيْئَةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ أَصْلِ أَحَدِهِمَا بِأَصْلِ الْآخَرِ وَهُوَ الْمَقْلِيَّةُ ) أَيْ فَإِنَّ الْمَقْلِيَّةَ لَا تَصْلُحُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا لِلْهَرِيسَةِ وَلَا تُطْحَنُ فَيُتَّخَذُ مِنْهَا خُبْزٌ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَكَالْبُرِّ الْعَلِكِ مَعَ الْمُسَوَّسِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْحِنْطَةُ الْعَلِكَةُ الْجَيِّدَةُ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ طَعَامٌ عَلِكٌ مَتِينُ الْمَضْغَةِ وَالْحِنْطَةُ الْمُسَوِّسَةُ أَيْ الْمُدَوِّدَةُ يُقَالُ سَوَّسَ الطَّعَامُ إذَا دَوَّدَ مِنْ السُّوسِ وَهُوَ الدُّودُ وَقَالَ الْكَمَالُ الْعَلِكَةُ أَيْ الْجَيِّدَةُ السَّالِمَةُ مِنْ السُّوسِ وَمُسَوِّسَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ كَأَنَّهَا هِيَ سَوَّسَتْ أَيْ أَدْخَلَتْ السُّوسَ فِيهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ ) قَالَ الْكَمَالُ فَأَمَّا بَيْعُ الْحِنْطَةِ الْمَقْلِيَّةِ بِالْمَقْلِيَّةِ فَاخْتَلَفُوا قِيلَ : يَجُوزُ إذَا تَسَاوَيَا كَيْلًا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَقِيلَ : لَا وَعَلَيْهِ عَوَّلَ فِي الْمَبْسُوطِ وَوَجْهُهُ أَنَّ النَّارَ قَدْ تَأْخُذُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : يُقَالُ حِنْطَةٌ مَقْلِيَّةٌ مِنْ قَلَى يَقْلِي وَمَقْلُوَّةٌ مِنْ قَلَا يَقْلُو فَهُمَا إذَنْ لُغَتَانِ ذَكَرَهُمَا أَهْلُ اللُّغَةِ كَصَاحِبِ الْمُجْمَلِ وَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا عُدَّ مَنْ طَعَنَ عَلَى أَصْحَابِنَا فِي اسْتِعْمَالِهِمْ بِالْيَاءِ مُخْطِئًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا رِبَا بَيْنَ الْمَوْلَى وَعَبْدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ وَمَا فِي يَدِهِ مِلْكُهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ الرِّبَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ بِرَقَبَتِهِ وَمَا فِي يَدِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ لَيْسَ بِمِلْكٍ لِلْمَوْلَى عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَصَارَ كَالْمُكَاتَبِ وَعِنْدَهُمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَعْرَى عَنْ الشُّبْهَةِ وَفِي الْمُحِيطِ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ كَسْبَ عَبْدِهِ الْمَدِينِ بِعِوَضٍ يَعْدِلَهُ اسْتِخْلَاصًا بِغَيْرِ شِرَاءٍ فَجُعِلَ أَخْذًا بِهَذَا الطَّرِيقِ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ يُرَدُّ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَا لِلرِّبَا حَتَّى لَوْ أَخَذَ مِنْهُ دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الرَّدُّ عَلَى الْمَوْلَى بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَوْلَى لَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ كَسْبِ الْمُكَاتَبِ وَالْمُتَفَاوِضَانِ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مَا لَهُمَا وَكَذَا شَرِيكَا الْعِنَانِ إذَا تَبَايَعَا مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ .قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَجُوزُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ مُتَفَاضِلًا فِيمَا فِيهِ الرِّبَا إذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدَيْنِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا ) وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى يَمْلِكُ مَا فِي يَدِهِ وَلَكِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ إذَا أَخَذَ ) أَيْ السَّيِّدُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَيْنَ الْحَرْبِيِّ وَالْمُسْلِمِ ثَمَّةَ ) أَيْ لَا رِبَا بَيْنَهُمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا بَيْعًا فَاسِدًا فِي دَارِ الْحَرْبِ فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيُّ : لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ الْتَزَمَ بِالْأَمَانِ أَنْ لَا يَتَمَلَّكَ أَمْوَالَهُمْ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهَذَا الْعَقْدُ وَقَعَ فَاسِدًا فَلَا يُفِيدُ الْمِلْكَ الْحَلَالَ فَصَارَ كَمَا إذَا وَقَعَ مَعَ الْمُسْتَأْمِنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا وَلَهُمَا { قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رِبَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ } وَلِأَنَّ مَا لَهُمْ مُبَاحٌ وَبِعَقْدِ الْأَمَانِ لَمْ يَصِرْ مَعْصُومًا إلَّا أَنَّهُ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَغْدِرَهُمْ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِمَا فِي أَيْدِيهِمْ بِدُونِ رِضَاهُمْ فَإِذَا أَخَذَهُ بِرِضَاهُمْ فَقَدْ أَخَذَ مَالًا مُبَاحًا بِلَا غَدْرٍ فَيَمْلِكُهُ بِحُكْمِ الْإِبَاحَةِ السَّابِقَةِ إذْ تَأْثِيرُ الْأَمَانِ فِي تَحْصِيلِ التَّرَاضِي دُونَ التَّمَلُّكِ فَكَانَ الْمِلْكُ فِي حَقِّ الْحَرْبِيِّ زَائِلًا بِالتِّجَارَةِ كَمَا رَضِيَ بِهِ وَفِي حَقِّ الْمُسْلِمِ ثَابِتًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَى مَالٍ مُبَاحٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَأْمَنِ مِنْهُمْ فِي دَارِنَا ؛ لِأَنَّ مَالَهُ صَارَ مَحْظُورًا بِعَقْدِ الْأَمَانِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَلَمْ يُهَاجِرْ إلَيْنَا فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ مَالَهُ غَيْرَ مَعْصُومٍ عِنْدَهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ .( قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ إذَا تَبَايَعَا بَيْعًا فَاسِدًا ) الْمُسْلِمُ الَّذِي دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ إذَا بَاعَ دِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ أَوْ بَاعَ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً أَوْ قَامَرَهُمْ وَأَخَذَ الْمَالَ يَحِلُّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مَالَهُمْ مُبَاحٌ ) أَيْ أَهْلِ الْحَرْبِ ا هـ .

بَابُ الْحُقُوقِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَدَخَلَ بِشِرَاءِ دَارٍ كَالْكَنِيفِ ) أَيْ لَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ وَإِنْ قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَبِشِرَاءِ مَنْزِلٍ لَا يَدْخُلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَبِشِرَاءِ الدَّارِ يَدْخُلُ الْعُلْوُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ وَالْعُلْوُ مِثْلُهُ وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ وَلَا يَكُونُ مِنْ حُقُوقِهِ فَلَا يَدْخُلُ بِدُونِ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَالدَّارُ اسْمٌ لِمَا أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ مِنْ الْحَائِطِ وَيَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَنَازِلَ وَصَحْنٍ غَيْرِ مُسْقَفٍ وَالْعُلْوُ مِنْ أَجْزَائِهِ وَتَوَابِعِهِ فَيَدْخُلُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى بُيُوتٍ وَصَحْنٍ مُسْقَفٍ وَمَطْبَخٍ يَسْكُنُهُ الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ مَعَ ضَرْبِ قُصُورٍ فِيهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إصْطَبْلٌ فَكَانَ لَهُ شَبَهٌ بِهِمَا فَلِشَبَهِهِ بِالدَّارِ يَدْخُلُ تَبَعًا عِنْدَ ذِكْرِ التَّوَابِعِ وَلِشَبَهِهِ بِالْبَيْتِ لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ تَوْفِيرًا عَلَى الشَّبَهَيْنِ حَظَّهُمَا وَذُكِرَ فِي الْكَافِي أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ بِنَاءً عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي الْكُلِّ سَوَاءٌ بَاعَ بِاسْمِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الدَّارِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْزِلٍ يُسَمَّى خَانَةً سَوَاءٌ كَانَ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَكَأَنَّهُ يَقُولُ : يَتَنَاوَلُ الْعُلْوَ وَالسُّفْلَ وَالْأَحْكَامُ فِي مِثْلِ هَذَا تُبْنَى عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْتَبَرُ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ وَفِي كُلِّ عَصْرٍ عُرْفُ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ لِمَا

أُدِيرَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ وَالْكَنِيفُ مِنْهُ فَيَدْخُلُ بِذِكْرِ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ إفْرَادِهِ بِالذِّكْرِ كَالْعُلْوِ وَلَوْ كَانَ خَارِجَ الدَّارِ مَبْنِيًّا عَلَى الظُّلَّةِ يَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ عَادَةً وَيَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ خَارِجَ الدَّارِ إنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْهَا أَوْ مِثْلَهَا لَا يَدْخُلُ إلَّا بِشَرْطٍ ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ حُدُودِهَا وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ مِنْهَا يَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ مِنْ الدَّارِ عُرْفًا فَصَارَ تَبَعًا لَهَا .

( بَابُ الْحُقُوقِ ) أَيْ حُقُوقِ الْمَبِيعِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : مَحَلُّ هَذَا الْبَابِ عَقِيبَ كِتَابِ الْبُيُوعِ قَبْلَ الْخِيَارِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمَّا اتَّبَعَ وَضْعَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُرَتَّبَ وَفِيهِ وَقَعَ الْوَضْعُ هَكَذَا بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ وَضَعَ هَكَذَا أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْعُلْوُ لَا يَدْخُلُ بِشِرَاءِ بَيْتٍ بِكُلِّ حَقٍّ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَنْ اشْتَرَى مَنْزِلًا فَوْقَهُ مَنْزِلٌ فَلَيْسَ لَهُ الْأَعْلَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ لَهُ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فَوْقَهُ بَيْتٌ بِكُلِّ حَقٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْأَعْلَى وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا بِحُدُودِهَا فَلَهُ الْعُلْوُ وَالْكَنِيفُ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ : الْمَنْزِلُ فَوْقَ الْبَيْتِ وَدُونَ الدَّارِ وَالْبَيْتُ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ لَهُ دِهْلِيزٌ وَالدَّارُ اسْمٌ لِمَا يَشْتَمِلُ عَلَى الصَّحْنِ وَالْبُيُوتِ وَالصُّفَّةِ وَالْمَطْبَخِ وَالْإِصْطَبْلِ وَالْمَنْزِلُ اسْمٌ لِمَا يَشْمَلُ عَلَى بُيُوتٍ وَمَطْبَخٍ وَمَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَلَكِنْ لَا يَكُونُ فِيهِ صَحْنٌ إلَى هُنَا لَفْظُ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْعُلْوَ لَا يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْبَيْتِ وَإِنْ ذَكَرَ الْحُقُوقَ إلَّا إذَا ذَكَرَ اسْمَ الْعُلْوِ صَرِيحًا ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِخَاصٍّ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يُبَاتُ فِيهِ وَالْعُلْوُ فِي ذَلِكَ مِثْلُ السُّفْلِ وَالشَّيْءُ يَسْتَتْبِعُ دُونَهُ لَا مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ وَالْعُلْوُ يَدْخُلُ فِي شِرَاءِ الْمَنْزِلِ إذَا ذَكَرَ الْحُقُوقَ أَوْ الْمَرَافِقَ أَوْ كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ أَوْ اسْمَهُ الْخَاصَّ وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ اسْمٌ لِبَيْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ يَنْزِلُ فِيهَا لَيْلًا وَنَهَارًا وَالْعُلْوُ فِي النُّزُولِ كَالسُّفْلِ إلَّا أَنَّهُ دُونَهُ فِي احْتِمَالِ السُّكْنَى فَكَانَ أَصْلًا مِنْ وَجْهٍ تَابِعًا مِنْ وَجْهٍ فَإِنْ ذَكَرَهُ أَوْ ذَكَرَ اسْمَ

التَّبَعِ دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا وَعُلْوُ الدَّارِ يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ بِاسْمِهِ الْخَاصِّ وَمِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّ الْعُلْوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أُدِيرَ الْحَوَائِطُ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَّا إلَخْ ) أَيْ إلَّا بِإِحْدَى عِبَارَاتٍ ثَلَاثٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ إلَخْ ) هَذِهِ إحْدَى الْعِبَارَاتِ الثَّلَاثِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ اسْمٌ لِمُسَقَّفٍ وَاحِدٍ يَصْلُحُ لِلْبَيْتُوتَةِ ) فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى هَذَا وَمِنْهُمْ مَنْ يَزِيدُ لَهُ دِهْلِيزًا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَالشَّيْءُ لَا يَكُونُ تَبَعًا لِمِثْلِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ : أَوْ مَا هُوَ دُونَهُ وَأُورِدَ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ أَنْ يُعِيرَ مَا لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِ وَالْمُكَاتَبُ يُكَاتِبُ عَبْدَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِطَرِيقِ الِاسْتِتْبَاعِ بَلْ لَمَّا مَلَكَ الْمُسْتَعِيرُ الْمَنْفَعَةَ كَانَ لَهُ أَنْ يُمَلِّكَ مَا مَلَكَ وَالْمُكَاتَبُ يَعْقِدُ الْكِتَابَةَ لَمَّا صَارَ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ كِتَابَةَ عَبْدِهِ مِنْ اكْتِسَابِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمَنْزِلُ بَيْنَ الدَّارِ وَالْبَيْتِ ) مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ وَهِيَ الدَّوْرَةُ الصَّغِيرَةُ فِيهَا بَيْتَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَهُوَ يَشْمَلُ عَلَى مَرَافِقِ السُّكْنَى ، وَلَكِنَّهُ قَاصِرٌ لَيْسَ فِيهِ مَنْزِلُ الدَّوَابِّ وَلَا مَا يَجْرِي مَجْرَى ذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَفِي عُرْفِنَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ ) أَيْ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا ؛ لِأَنَّ فِي عُرْفِنَا الدَّارُ وَالْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ كُلُّهُ وَاحِدٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الْكَنِيفُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَمَا يَدْخُلُ الْعُلْوُ فِي اسْمِ الدَّارِ يَدْخُلُ الْكَنِيفُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : الْكَنِيفُ هُوَ الْمُسْتَرَاحُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ بِئْرُ الْمَاءِ وَالْأَشْجَارُ فِي صَحْنِهَا وَالْبُسْتَانُ فِيهَا لِمَا ذَكَرْنَا ) قَالَ قَاضِي خَانْ : وَلَوْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا بُسْتَانٌ دَخَلَ الْبُسْتَانُ فِي الْبَيْعِ صَغِيرًا كَانَ الْبُسْتَانُ أَوْ

كَبِيرًا وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ خَارِجًا مِنْ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ الْبُسْتَانُ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَابٌ فِي الدَّارِ كَذَا قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ : إنْ كَانَ الْبُسْتَانُ أَصْغَرَ مِنْ الدَّارِ وَمِفْتَحُهَا إلَى الدَّارِ يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَإِنْ كَانَ الْبُسْتَانُ أَكْبَرَ مِنْ الدَّارِ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ وَالْمَسْأَلَةُ مَرَّتْ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الْخُرُوجِ وَالدُّخُولِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الظُّلَّةُ إلَّا بِكُلِّ حَقٍّ ) أَيْ لَا تَدْخُلُ الظُّلَّةُ فِي بَيْعِ الدَّارِ إذَا قَالَ بِكُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّارِ كَالْعُلُوِّ وَالْكَنِيفِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْحُدُودِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى هَوَاءِ الطَّرِيقِ فَصَارَتْ كَالطَّرِيقِ وَلِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلدَّارِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ أَحَدِ طَرَفَيْهَا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بِتَابِعَةٍ لَهَا مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ طَرَفِهَا الْآخَرِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ فَصَارَتْ تَابِعَةً مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَتَدْخُلُ أَنْ ذُكِرَ الْحُقُوقُ وَنَحْوُهُ وَإِلَّا فَلَا عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا الظُّلَّةُ إلَخْ ) وَالظُّلَّةُ هِيَ السَّابَاطُ الَّذِي أَحَدُ طَرَفَيْهِ عَلَى الدَّارِ وَالطَّرَفُ الْآخَرُ عَلَى دَارٍ أُخْرَى أَوْ عَلَى الْأُسْطُوَانَاتِ فِي السِّكَّةِ وَمِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَمَالٌ ( قَوْلُهُ إذَا كَانَ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِفْتَحُهَا فِي الدَّارِ لَا تَدْخُلُ الظُّلَّةُ فِي بَيْعِ الدَّارِ فِي قَوْلِهِمْ إلَّا بِذِكْرِ الظُّلَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ الدَّارِ كَالْعُلُوِّ وَالْكَنِيفِ ) وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَدَخَلَهَا يَحْنَثُ ا هـ مُحِيطٌ ( قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَرَارَ طَرَفِهَا الْآخَرِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ ) إمَّا جِدَارُ الْجَارِ أَوْ أُسْطُوَانَاتٌ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ ) أَيْ لَا تَدْخُلُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ أَوْ الْمَسْكَنِ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَدْخُلُ فِيهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَابِعَةٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُقْصَدُ لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ دُونَ عَيْنِهَا أَصْلٌ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُتَصَوَّرُ وُجُودُهَا بِدُونِ الْمَبِيعِ فَكَانَتْ تَابِعَةً لِلْمَبِيعِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَالْمَرَافِقِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي لِلْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الشِّرَاءُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَقَدْ يَشْتَرِي الطَّرِيقَ بَعْدَمَا اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلِانْتِفَاعِ لَا غَيْرَ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ وَلَوْ بَطَلَ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ وَكَذَا لَوْ اسْتَثْنَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عَنْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ تَبْطُلُ إذْ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِالْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ إلَّا بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَوَجَبَ دُخُولُهَا فِيهَا تَصْحِيحًا لَهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ الطَّرِيقَ مِنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ لَا يَجُوزُ فَتَعَيَّنَ الدُّخُولُ فِيهَا وَلَا يَدْخُلُ مَسِيلُ مَاءِ الْمِيزَابِ إذَا كَانَ فِي مِلْكٍ خَاصٍّ وَلَا مَسْقِطِ الثَّلْجِ فِيهِ وَقَدْرُ الْحَمَّامِ يَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ بِالْبِنَاءِ وَلَوْ اشْتَرَى رَحًى يَدْخُلُ الْحَجَرُ الْأَسْفَلُ ؛ لِأَنَّهُ مُرَكَّبٌ بِالْبِنَاءِ وَكَذَا الْأَعْلَى اسْتِحْسَانًا وَالْآلَاتُ الْمُلْصَقَةُ بِالْبَيْتِ ؛ لِأَنَّ الرَّحَا اسْمٌ لِبَيْتٍ فِيهِ حَجَرٌ دَوَّارٌ وَالْحَجَرُ الْأَعْلَى هُوَ الدَّوَّارُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَا يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ : وَهُوَ مَوْضِعُ جَرْيِ الْمَاءِ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ وَالشِّرْبُ بِكَسْرِ الشِّينِ وَهُوَ النَّصِيبُ مِنْ الْمَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَّا بِنَحْوِ كُلِّ حَقٍّ إلَخْ ) أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَّا بِذِكْرِ كُلِّ حَقٍّ أَوْ نَحْوِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَصْلِ مِنْهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهَا عَيْنًا بَلْ إمَّا لِذَلِكَ أَوْ لِيَتَّجِرَ فِيهَا أَوْ يَأْخُذَ بَعْضَهَا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فَائِدَةٌ لِلْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ وَلِهَذَا جَازَ بَيْعُ الْجَحْشِ كَمَا وُلِدَ وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فِي الْحَالِ وَكَذَا الْأَرْضُ السَّبْخَةُ وَلَا يَصِحُّ إجَارَةُ ذَلِكَ وَفِي الْكَافِي وَلِهَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ عُلْوًا وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى عُلْوًا وَاسْتَثْنَى الطَّرِيقَ يَصِحُّ ا هـ قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ يَشْتَرِي الْبَيْتَ فِي الدَّارِ أَوْ الْمَنْزِلَ فِي الدَّارِ أَوْ الْمَسْكَنَ فِي الدَّارِ قَالَ : لَا يَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَّا أَنْ يَقُولَ بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ مَرَافِقِهِ أَوْ يَقُولَ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ أَوْ مِنْهُ فَيَكُونُ لَهُ الطَّرِيقُ إلَى هُنَا لَفْظُ أَصْلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الطَّرِيقَ خَارِجٌ عَنْ الْمَحْدُودِ إلَّا أَنَّهُ مِنْ التَّوَابِعِ فَلَا جَرَمَ لَمْ يَدْخُلْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ وَكَذَلِكَ الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ وَهَذَا بِخِلَافِ إجَارَةِ الْبَيْتِ أَوْ الْمَنْزِلِ أَوْ الْمَسْكَنِ أَوْ الْأَرْضِ حَيْثُ يَدْخُلُ الطَّرِيقُ وَالْمَسِيلُ وَالشِّرْبُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْإِجَارَةِ هُوَ الِانْتِفَاعُ وَلَا انْتِفَاعَ بِدُونِ أَنْ تَدْخُلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَالْبَيْعُ لَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَمَلُّكُ الرَّقَبَةِ لَا الِانْتِفَاعُ بِعَيْنِهَا وَالِانْتِفَاعُ مِنْ ثَمَرَاتِهِ وَلِهَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْجَحْشِ

الصَّغِيرِ الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْحَالِ وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ السَّبْخَةِ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ : وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلُ مَائِهَا فِي دَارٍ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ، وَلَكِنَّهُ مِنْ حُقُوقِ هَذِهِ الدَّارِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ وَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ : لَيْسَ لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ فِي دَارٍ أُخْرَى فَالْمُشْتَرِي لَا يَسْتَحِقُّ الطَّرِيقَ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَلَكِنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ جُذُوعُ دَارٍ أُخْرَى عَلَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ فَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ يُؤْمَرُ بِرَفْعِهَا وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ وَكَذَلِكَ لَوْ ظَهَرَ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ طَرِيقٌ لِدَارٍ أُخْرَى أَوْ مَسِيلُ مَاءٍ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الدَّارُ لِلْبَائِعِ فَلَا طَرِيقَ لَهُ فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَإِنْ كَانَتْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ الْعَيْبِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى بَيْتًا فِي دَارِ أَوْ مَنْزِلًا فِيهَا أَوْ مَسْكَنًا فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ الطَّرِيقُ فِي هَذِهِ الدَّارِ إلَى ذَلِكَ الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِكُلِّ حَقٍّ أَوْ بِمَرَافِقِهِ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَكَذَلِكَ الشِّرْبُ وَالْمَسِيلُ ؛ لِأَنَّهُ خَارِجُ الْحُدُودِ لَا أَنَّهُ مِنْ التَّوَابِعِ فَيَدْخُلُ بِذِكْرِ التَّوَابِعِ وَفِي الْمُحِيطِ الْمُرَادُ الطَّرِيقُ الْخَاصُّ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ فَأَمَّا طَرِيقُهَا إلَى سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَإِلَى الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَيَدْخُلُ وَكَذَا مَا كَانَ لَهُ مِنْ حَقِّ تَسْيِيلِ الْمَاءِ أَوْ إلْقَاءِ الثَّلْجِ فِي مِلْكِ إنْسَانٍ خَاصَّةً وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ : وَإِذَا كَانَ طَرِيقُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَوْ مَسِيلُ مَائِهَا فِي دَارِ أُخْرَى لَا يَدْخُلُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْحُقُوقِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ فَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِذِكْرِ الْحُقُوقِ إلَّا أَنَّ

تَعْلِيلَهُ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّرِيقَ الَّذِي فِي هَذِهِ الدَّارِ يَدْخُلُ وَهُوَ غَيْرُ مَا فِي الْكِتَابِ فَالْحَقُّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْخُلُ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَلَمْ يَشْتَرِ جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ إنَّمَا اشْتَرَى شَيْئًا مُعَيَّنًا مِنْهَا فَلَا يَدْخُلُ مِلْكَ الْبَائِعِ أَوْ مِلْكَ الْأَجْنَبِيِّ إلَّا بِذِكْرِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ حَيْثُ تَدْخُلُ فِيهَا ) أَيْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ أَرْضًا ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ ) كَالْمَهْرِ وَالْأَرْضِ السَّبْخَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى رَحًى ) وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى بَيْتَ الرَّحَى بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهُ أَوْ بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ فِيهِ ا هـ قَاضِي خَانْ .

بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ لَا الْإِقْرَارُ ) ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَصِيرُ حُجَّةً إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلِلْقَاضِي وِلَايَةٌ عَامَّةٌ فَيَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي حَقِّ الْكَافَّةِ وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ بِنَفْسِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ وَلِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ عَلَى نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ وَالطَّلَاقِ ) ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْكَلَامِ الْمُتَنَاقِضِ إذْ أَحَدُهُمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَسَقَطَا غَيْرَ أَنَّ الْحُرِّيَّةَ وَالطَّلَاقَ وَالنَّسَبَ مَبْنَاهُ عَلَى الْخَفَاءِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَنْبَنِي عَلَى الْعُلُوقِ وَالطَّلَاقُ وَالْحُرِّيَّةُ يَنْفَرِدُ بِهِمَا الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى فَيَخْفَى عَلَيْهِمْ .

( بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ ) هُوَ طَلَبُ الْحَقِّ ا هـ ع قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ذُكِرَ هَذَا الْبَابُ عَقِيبَ بَابِ الْحُقُوقِ لِظُهُورِ التَّنَاسُبِ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَمَعْنًى ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : حَقُّ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَ تَمَامِ أَبْوَابِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ ظُهُورُ عَدَمِ الصِّحَّةِ بَعْدَ التَّمَامِ ظَاهِرًا وَلَكِنْ لَمَّا نَاسَبَ الْحُقُوقَ لَفْظًا وَمَعْنًى ذُكِرَ عَقِيبَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ الْبَيِّنَةُ حُجَّةٌ مُتَعَدِّيَةٌ إلَخْ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ : وَهَذَا أَصْلٌ لِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ مَبِيعَةٌ إلَخْ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مُسْتَحِقٌّ بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ فَيَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ وَلَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي لِرَجُلٍ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ قَاصِرٌ عَلَيْهِ فَيَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْخَبَرِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِإِثْبَاتِهِ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ دَعْوَى الْمِلْكِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ : وَهَذَا أَيْضًا أَصْلٌ لِفُرُوعٍ كَثِيرَةٍ وَمَوْضِعُهَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مِقْدَارًا مَعْلُومًا بِأَنَّهُ دَيْنٌ لَهُ عَلَيْهِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ الْمِقْدَارَ عِنْدَهُ مِنْ جِهَةِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ تُسْمَعُ لِإِمْكَانِ التَّوْفِيقِ ؛ لِأَنَّ مَالَ الشَّرِكَةِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا بِالْجُحُودِ وَالدَّيْنُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَصِيرَ مَالَ الشَّرِكَةِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَيْضًا رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ أَخُوهُ وَادَّعَى عَلَيْهِ النَّفَقَةَ فَقَالَ الْمُدَّعَى

عَلَيْهِ : لَيْسَ هُوَ بِأَخِي ، ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي وَخَلَّفَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً فَجَاءَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَطَلَبَ مِيرَاثَهُ وَقَالَ : هُوَ أَخِي لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ وَلَا يُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَنَاقِضٌ وَلَوْ كَانَ مَكَانَ دَعْوَى الْأُخُوَّةِ دَعْوَى الْبُنُوَّةِ أَوْ الْأُبُوَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُقْضَى لَهُ بِالْمِيرَاثِ وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِيهَا ادَّعَى عَيْنًا فِي يَدَيْ إنْسَانٍ أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَكَّلَنِي بِالْخُصُومَةِ فِيهَا ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا لَهُ ، ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فِيهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ وَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالتَّنَاقُضُ يَمْنَعُ إلَخْ ) إنَّمَا يُعْفَى التَّنَاقُضُ فِي دَعْوَى الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ مِنْ قِبَلِ الْعَتِيقِ أَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْمَوْلَى بِأَنْ بَاعَ عَبْدَهُ ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا يُعْفَى ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ فِعْلُهُ وَيَأْتِي فِي بَابِ دَعْوَى النَّسَبِ ا هـ يَحْيَى ( قَوْلُهُ لَا الْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبُ ) أَيْ لَا يَمْنَعُ التَّنَاقُضُ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ قَالَ الْعَيْنِيُّ : كَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ فَالتَّنَاقُضُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فِي الْعِتْقِ ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَجْرِي فِيهِ الْخَفَاءُ ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ يَنْفَرِدُ بِهِ الْمَوْلَى فَرُبَّمَا لَا يَعْلَمُ الْعَبْدُ إعْتَاقَهُ ، ثُمَّ يَعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَمْنَعُ أَيْضًا دَعْوَى الطَّلَاقِ كَالْمَرْأَةِ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا ، ثُمَّ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا وَلَهَا أَنْ تَسْتَرِدَّ بَدَلَ الْخُلْعِ وَإِنْ كَانَتْ مُتَنَاقِضَةً لِاسْتِقْلَالِ

الزَّوْجِ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهَا عِلْمٌ بِذَلِكَ وَقَاسَ عَلَى هَذَا فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مَسْأَلَةً وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا لِابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا فَكَبِرَ الِابْنُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ ، ثُمَّ أَنَّ الْأَبَ بَاعَ الدَّارَ مِنْ رَجُلٍ وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ ، ثُمَّ أَنَّ الِابْنَ اسْتَأْجَرَ الدَّارَ مِنْ الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ عَلِمَ بِمَا صَنَعَ الْأَبُ فَادَّعَى الدَّارَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ : إنَّ أَبِي اشْتَرَى هَذِهِ الدَّارَ لِي مِنْ نَفْسِهِ فِي صِغَرِي وَهِيَ مِلْكِي وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَفْعِ دَعْوَى الْمُدَّعِي إنَّكَ مُتَنَاقِضٌ فِي هَذِهِ الدَّعْوَى ؛ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَك الدَّارَ مِنِّي اعْتِرَافٌ مِنْك أَنَّ الدَّارَ لَيْسَتْ لَك فَدَعْوَاك الدَّارَ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْك تَنَاقُضًا قَالَ : الصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ دَفْعًا لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ هَذَا تَنَاقُضًا ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ فَإِنَّ الْأَبَ يَسْتَقِلُّ بِالشِّرَاءِ لِلصَّغِيرِ وَمِنْ الصَّغِيرِ لِنَفْسِهِ وَالِابْنُ لَا عِلْمَ لَهُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا إلَى آخِرِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَلَا يَمْنَعُ دَعْوَى النَّسَبِ كَالرَّجُلِ بَاعَ عَبْدًا وُلِدَ عِنْدَهُ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ ، ثُمَّ ادَّعَاهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنَّهُ ابْنُهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَبْطُلُ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَنْبَنِي عَلَى الْعُلُوقِ فَيَخْفَى عَلَيْهِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ ا هـ مَا قَالَهُ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ بِبَيِّنَةٍ تَبِعَهَا وَلَدُهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ مُبَيِّنَةٌ كَاسْمِهَا فَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ بِالْبَيِّنَةِ ، وَالْإِقْرَارُ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَثْبُتُ بِهِ الْمِلْكُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ ضَرُورَةَ صِحَّةِ الْخَبَرِ وَقَدْ انْدَفَعَتْ الضَّرُورَةُ بِإِثْبَاتِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ بِالْإِقْرَارِ ؛ وَلِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْدِرُ عَلَى إنْشَاءِ الْمِلْكِ لِلْحَالِ فَيُحْمَلُ إقْرَارُهُ بِهِ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ بِشَهَادَتِهِمْ بِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَكُونُ إظْهَارًا لِمِلْكِهِ مِنْ الْأَصْلِ فَيَسْتَحِقُّهُ بِزَوَائِدِهِ ، ثُمَّ قِيلَ : يَدْخُلُ الْوَلَدُ فِي الْقَضَاءِ بِالْأُمِّ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهَا فَيُكْتَفَى بِهِ وَقِيلَ : يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ لَهُ بِالْوَلَدِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالْأَصْلِ وَلَمْ يَعْرِفْ بِالزَّوَائِدِ لَمْ تَدْخُلْ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْحُكْمِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ وَقْتَ الْقَضَاءِ وَذُكِرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا لَا يَتْبَعُهَا فِي الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ الْمُقَرُّ لَهُ أَمَّا إذَا ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ مَبِيعَةٌ وَلَدَتْ فَاسْتُحِقَّتْ ) هَذَا هُوَ الثَّابِتُ فِي نُسَخِ الْمَتْنِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ مَبِيعَةٌ اُسْتُحِقَّتْ ا هـ وَقَوْلُهُ وَلَدَتْ أَيْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا مِنْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِرَجُلٍ لَا ) فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِذَلِكَ الرُّجُوعَ بِالثَّمَنِ هَلْ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ يُنْظَرُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ نَقْلًا عَنْ الزِّيَادَاتِ فَلْيُرَاجَعْ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ حُجَّةٌ مُطْلَقَةٌ ) أَيْ ثَابِتَةٌ فِي حَقِّ جَمِيعِ النَّاسِ غَيْرُ مُقْتَصِرَةٍ عَلَى الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ مُبِينَةٌ ) أَيْ لِمَا كَانَ ثَابِتًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَبْلَ الشَّهَادَةِ بِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهَا الْمِلْكُ مِنْ الْأَصْلِ ) قَالَ الْكَمَالُ : فَالْوَلَدُ كَانَ مُتَّصِلًا فِي الزَّمَانِ الَّذِي يَنْسَحِبُ عَلَيْهِ إظْهَارًا لِبَيِّنَةِ الْمِلْكَ فَيَكُونُ لَهُ أَمَّا الْإِقْرَارُ فَحُجَّةٌ قَاصِرَةٌ عَلَى الْمُقِرِّ حَتَّى لَا يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ بِالْإِقْرَارِ وَإِنَّمَا جُعِلَ حُجَّةً لِضَرُورَةِ تَصْحِيحِ خَبَرِهِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِإِثْبَاتِهِ فِي الْحَالِ وَالْوَلَدُ فِي الْحَالِ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا وَالْإِقْرَارُ إنَّمَا هُوَ بِهَا فَقَطْ فَلَا يَتَعَدَّى إلَيْهِ وَهَذَا التَّوْجِيهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يَكُونُ لَهُ وَذَكَرَ التُّمُرْتَاشِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذَا لَمْ يَدَّعِهِ فَلَوْ ادَّعَاهُ كَانَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَهُ ا هـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ) وَتَرْجِعُ الْبَاعَةُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى وَاحِدٌ مِنْ آخَرَ وَاشْتَرَى مِنْ الْآخَرِ آخَرُ

وَهَكَذَا ، ثُمَّ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمْ أَنَّهُ مَلَكَهُ ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ صَارُوا مَقْضِيًّا عَلَيْهِمْ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَخِيرِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ عَلَى الْأَخِيرِ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ حَيْثُ يَرْجِعُونَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فَلَا يَظْهَرُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي حَقِّهِ ) أَيْ فِي حَقِّ الْوَلَدِ ا هـ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ قِيلَ ) أَيْ فِي صُورَةِ الِاسْتِحْقَاقِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْوَلَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ بِالْبَيِّنَةِ فَقَضَى الْقَاضِي بِالْأُمِّ هَلْ يَدْخُلُ فِي الْقَضَاءِ فَيَصِيرُ هُوَ مَقْضِيًّا بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ لَمْ تَدْخُلْ الزَّوَائِدُ تَحْتَ الْحُكْمِ ) وَكَذَا لَوْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ رَجُلٍ آخَرَ غَائِبٍ فَالْقَضَاءُ بِالْأُمِّ لَا يَكُونُ قَضَاءً بِالْوَلَدِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الزَّوَائِدُ فِي يَدِ غَائِبٍ لَمْ تَدْخُلْ فَحَيْثُ لَمْ يَدْخُلْ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ فِي ضِمْنِ الْقَضَاءِ عَلَى الْحَاضِرِ وَهُوَ أَمْرٌ جَائِزٌ عُرِفَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَضَاءُ بِالْوَلَدِ بِخُصُوصِهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ : اشْتَرِنِي فَأَنَا عَبْدٌ فَاشْتَرَاهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ وَإِلَّا رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعَبْدِ وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ) يَعْنِي إذَا قَالَ : ارْتَهِنِّي فَإِنِّي عَبْدٌ فَارْتَهَنَهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ حَيْثُ لَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْعَبْدِ بِحَالٍ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ بِالْمُعَاوَضَةِ أَوْ الْكَفَالَةِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَصَارَ كَمَسْأَلَةِ الرَّهْنِ وَكَمَا إذَا قَالَ : اشْتَرِنِي أَوْ قَالَ : أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا كَالرَّهْنِ يُحَقِّقُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إلَّا الْإِخْبَارُ كَاذِبًا وَالْأَمْرُ بِالشِّرَاءِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا قُلْنَا فِيمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ : اُسْلُكْ هَذَا الطَّرِيقَ فَإِنَّهُ آمِنٌ أَوْ قَالَ لَهُ : كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَكَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ مَا عَطِبَ بِسَبَبِ ذَلِكَ لِمَا قُلْنَا وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْعُبُودِيَّةِ ضَمِنَ سَلَامَةَ نَفْسِهِ أَوْ سَلَامَةَ الثَّمَنِ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنْ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقْدَمَ عَلَى الشِّرَاءِ مُعْتَمِدًا عَلَى كَلَامِهِ فَصَارَ بِذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْغُرُورِ مِنْ جِهَتِهِ وَالْغُرُورُ فِي الْمُعَاوَضَةِ يُجْعَلُ سَبَبًا لِلضَّمَانِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ؛ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ تَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ فَإِذَا ظَهَرَتْ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ وَأَهْلِيَّةُ الضَّمَانِ وَتَعَذَّرَ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يُؤْخَذُ هُوَ بِذَلِكَ كَالْمَوْلَى إذَا قَالَ لِأَهْلِ السُّوقِ : هَذَا عَبْدِي وَقَدْ أَذِنْت لَهُ فِي

التِّجَارَةِ فَبَايِعُوهُ فَلَحِقَهُ دُيُونٌ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ اسْتَحَقَّ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ بِحُكْمِ الْغُرُورِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْغُرَمَاءِ فَجُعِلَ الْمَوْلَى كَأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُمْ سَلَامَةَ الْمَالِيَّةِ مِنْهُ وَالْبَيْعُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَأَمْكَنَ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بَلْ هُوَ حَبْسٌ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ يُقَابِلُهُ وَيَصِيرُ بِعَاقِبَتِهِ اسْتِيفَاءً لِعَيْنِ حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجْعَلَ مُبَادَلَةً أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّهْنَ يَجُوزُ فِي مَوْضِعٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ كَثَمَنِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ الْأَمْرُ بِهِ ضَمَانًا لِلسَّلَامَةِ إذْ هُوَ فِي ضِمْنِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ وَبِخِلَافِ الْمُسْتَشْهَدِ بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِالْأَكْلِ وَالسُّلُوكِ أَوْ كَانَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَأَمْرُ الْأَجْنَبِيِّ لَا يُعْبَأُ بِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ : اشْتَرِنِي أَوْ قَالَ : أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يُشْتَرَى تَخْلِيصًا كَالْأَسِيرِ وَقَدْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَبْدِ كَالْمُكَاتَبِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الضَّمَانِ ، ثُمَّ إذَا ضَمِنَ الْمُقِرُّ بِالْعُبُودِيَّةِ يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ قَضَى دَيْنًا عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَرٌّ فِيهِ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا كَمُعِيرِ الرَّهْنِ إذَا قَضَى الدَّيْنَ لِتَخْلِيصِ الرَّهْنِ فَإِنْ قِيلَ لَا تُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الدَّعْوَى شَرْطٌ عِنْدَهُ لِقَبُولِ الشَّهَادَةِ بِالْحُرِّيَّةِ لِكَوْنِ الْعِتْقِ حَقَّ الْعَبْدِ وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى فَكَيْفَ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَ إقْرَارِهِ بِالرِّقِّ قُلْنَا قَدْ أَجَابَ عَنْهُ بَعْضُ مَشَايِخِنَا بِأَنَّ الْوَضْعَ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ وَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ لِتَضَمُّنِهَا تَحْرِيمَ الْفَرْجِ ؛

لِأَنَّ الشُّهُودَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ تَعْيِينُ أُمِّهِ فِي حُرِّيَّةِ الْأَصْلِ فَتَحْرُمُ عَلَى الْمَوْلَى وَحُرْمَةُ الْفَرْجِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَفِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ كَمَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ فَلَا يَكُونُ التَّنَاقُضُ مَانِعًا حَتَّى لَوْ خَلَتْ حُرِّيَّةُ الْأَصْلِ عَنْ تَحْرِيمِ الْفَرْجِ كَوَلَدِ الْمَغْرُورِ تَكُونُ الدَّعْوَى فِيهِ شَرْطًا وَالتَّنَاقُضُ مَانِعٌ مِنْ صِحَّتِهَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَعْدَمُ الدَّعْوَى وَعَامَّتُهُمْ عَلَى أَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ شَرْطٌ عِنْدَهُ فِي الْحُرِّيَّةِ الْأَصْلِيَّةِ وَالطَّارِئَةِ ؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الْعَبْدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، لَكِنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى وَقَبُولَ الشَّهَادَةِ فِيهِمَا لِخَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِ فَيُعْفَى التَّنَاقُضُ فِيهِ أَمَّا الْحُرِّيَّةُ الْأَصْلِيَّةُ فَلِأَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يُجْلَبُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ وَلَا يَعْلَمُ بِحُرِّيَّةِ أَبَوَيْهِ أَوْ بِحُرِّيَّةِ أَحَدِهِمَا بِإِسْلَامِهِمَا أَوْ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا فِيهَا وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ رَقِيقٌ فَيُقِرُّ بِالرِّقِّ ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَالُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ وَأَمَّا فِي الْعِتْقِ الطَّارِئِ فَلِأَنَّ الْمَوْلَى يَسْتَبِدُّ بِهِ وَيُخْفِي عَلَى الْعَبْدِ فَيُعْذَرُ فِي التَّنَاقُضِ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ : الْخُلْعِ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ قَالَ عَبْدٌ لِمُشْتَرٍ ) أَيْ لِرَجُلٍ يَطْلُبُ شِرَاءَ عَبْدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ فَأَنَا عَبْدٌ ) أَيْ لِفُلَانٍ ا هـ ( قَوْلُهُ فَاشْتَرَاهُ ) أَيْ بِنَاءً عَلَى كَلَامِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا ا هـ كَمَالٌ وَقَوْلُهُ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : غَيْرُ مُنَوَّنٍ ؛ لِأَنَّهَا إذَا الْمُفَاجَأَةُ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ وُجِدَ حُرَّ الْأَصْلِ بِبَيِّنَةٍ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ غَائِبًا غَيْبَةً مَعْرُوفَةً ) يَعْنِي يُدْرَى أَيْنَ هُوَ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ ) أَيْ لِوُجُودِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَهُوَ الْبَائِعُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ الْبَائِعُ أَيْنَ هُوَ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ عَلَى الْبَائِعِ ) وَإِنَّمَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ إذَا كَانَ الْمَوْلَى حَاضِرًا لِلتَّمَكُّنِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْقَابِضِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ) أَيْ فِي غَيْرِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ ضَمَانَ الثَّمَنِ بِالْمُعَاوَضَةِ ) أَيْ بِالْمُبَايَعَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ : أَنَا عَبْدٌ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ) فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْعَبْدِ كَذَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَالرُّجُوعُ مُفَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ قَوْلُهُ اشْتَرِنِي وَقَوْلُهُ إنِّي عَبْدٌ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا ) أَيْ الْمَضْمُونُ بِمَا عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ ا هـ ( قَوْلُهُ كَمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ) بِأَنْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ : اشْتَرِهِ فَإِنَّهُ عَبْدٌ فَظَهَرَ حُرًّا لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ شَيْءٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا قُلْنَا ) أَيْ لِأَجْلِ أَنَّ الْإِخْبَارَ كَاذِبًا لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ ا هـ ( قَوْلُهُ رَجَعُوا عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ ) أَيْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ ) أَيْ فَلَمْ يَقْتَضِ سَلَامَةَ

الْعِوَضِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ : بِخِلَافِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ بَلْ عَقْدَ وَثِيقَةٍ لِاسْتِيفَاءِ عَيْنِ حَقِّهِ حَتَّى جَازَ الرَّهْنُ بِبَدَلِ الصَّرْفِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ فَلَوْ هَلَكَ يَقَعُ اسْتِيفَاءً لِلدَّيْنِ وَلَوْ كَانَ مُعَاوَضَةً كَانَ اسْتِبْدَالًا بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ حَرَامٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ لَا بِجَعْلِ الْأَمْرِ بِهِ ضَمَانًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَقْدِيرًا فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ وَلِهَذَا قَالُوا : لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ أَمْنِ هَذَا الطَّرِيقِ فَقَالَ : اُسْلُكْهُ فَإِنَّهُ آمِنٌ فَسَلَكَهُ فَنُهِبَ مَالُهُ لَا يَضْمَنُ وَكَذَا لَوْ قَالَ لَهُ : كُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَسْمُومٍ فَأَكَلَهُ فَمَاتَ غَيْرَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عِنْدَ اللَّهِ عَذَابًا لَا يُطَاقُ ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ ) هُوَ الصَّوَابُ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ عَلَى الْآمِرِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ مُتَبَرِّعًا إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ بِخِلَافِ مِنْ أَدَّى عَنْ آخَرَ دَيْنًا أَوْ حَقًّا عَلَيْهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَلَيْسَ مُضْطَرًّا فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ يَمْنَعُ صِحَّةَ الدَّعْوَى ) وَقَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ بَعْدَ قَوْلِهِ أَنَا عَبْدٌ تَنَاقُضٌ لَا مَحَالَةَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَضْعَ ) أَيْ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالدَّعْوَى فِيهَا لَيْسَتْ بِشَرْطٍ عِنْدَهُ ) أَيْ كَقَوْلِهِمَا فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مُطْلَقًا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ لِتَضَمُّنِهَا ) أَيْ الدَّعْوَى ا هـ قَوْلُهُ كَالْمُخْتَلِعَةِ تُقِيمُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ الْخُلْعِ ) يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَرُبَّمَا لَا تَعْلَمُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ تَعْلَمْ ا هـ غَايَةٌ وَقَوْلُهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنَّمَا قَيَّدَ بِالثَّلَاثِ لِأَنَّ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ يُمْكِنُ أَنْ يُقِيمَ الزَّوْجُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ قَدْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الَّذِي أَثْبَتَتْهُ الْمَرْأَةُ

بِبَيِّنَتِهَا قَبْلَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ وَأَمَّا فِي الثَّلَاثِ فَلَا يُمْكِنُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَالْمُكَاتَبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ ) أَيْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى سُؤَالِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ إقْرَارٌ بِقِيَامِ الْعِصْمَةِ وَالرِّقِّ وَلَمْ يَضُرَّهُمَا التَّنَاقُضُ لِلْخَفَاءِ فَتَرْجِعُ الْمَرْأَةُ وَالْمُكَاتَبُ بِبَدَلِ الْخُلْعِ وَمَالِ الْكِتَابَةِ وَذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ وَهِيَ أَصْلٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ رَجُلٌ اشْتَرَى مِنْ آخَرَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا وَخَاطَهُ وَجَاءَ مُسْتَحِقٌّ قَالَ : هَذَا الْقَمِيصُ لِي وَأَثْبَتَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَالْمُشْتَرِي لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مِلْكَهُ فِي الْأَصْلِ انْقَطَعَ بِالْقَطْعِ وَالْخِيَاطَةِ كَمَنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ وَخَاطَهُ يَنْتَقِلُ مِلْكُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الثَّوْبُ إلَى الضَّمَانِ فَالْأَصْلُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ إذَا وَرَدَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ الْكَائِنِ مِنْ الْأَصْلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ وَرَدَ عَلَى الْمُشْتَرَى بَعْدَمَا صَارَ إلَى حَالٍ لَوْ كَانَ غَصْبًا مَلَكَهُ بِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَيَقَّنُ الْكَذِبِ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُنْذُ شَهْرَيْنِ فَأَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ مُنْذُ شَهْرَيْنِ يَقْضِي لَهُ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى بَائِعِهِ وَعُرِفَ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْ يَسْتَحِقَّهُ بِاسْمِ الْقَمِيصِ وَلَوْ كَانَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ قَبْلَ هَذِهِ الصِّفَةَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ وَعَلَى هَذَا الْجَوَابِ إذَا اشْتَرَى حِنْطَةً فَطَحَنَهَا ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الدَّقِيقُ وَلَوْ قَالَ : كَانَتْ قَبْلَ الطَّحْنِ لِي يَرْجِعُ وَكَذَا إذَا اشْتَرَى لَحْمًا فَشَوَاهُ وَلَوْ اشْتَرَى شَاةً فَذَبَحَهَا وَسَلَخَهَا فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ آخَرُ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْأَطْرَافَ وَاللَّحْمَ وَالْجِلْدَ لَهُ فَقَضَى بِهَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِحْقَاقُ عَيْنِ الشَّاةِ ا هـ .

كَمَالٌ قَالَ النَّاطِفِيُّ فِي كِتَابِ الْأَجْنَاسِ رَجُلٌ بَاعَ غُلَامًا وَهُوَ سَاكِتٌ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ الْبَيْعِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ أَنَا حُرٌّ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَهُوَ عَبْدٌ ذَكَرَهُ فِي إقْرَارِ الْأَصْلِ وَقَدْ زَادَ فِي مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ وَقِيلَ لَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ : قُمْ مَعَ مَوْلَاك فَقَامَ فَذَاكَ إقْرَارٌ مِنْهُ بِالرِّقِّ إلَى هُنَا لَفْظُ الْأَجْنَاسِ فِي الْبُيُوعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ رَجُلٌ اشْتَرَى جَارِيَةً وَبَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي فَادَّعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الرَّابِعِ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَرَدَّهَا الرَّابِعُ عَلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهَا وَالثَّالِثُ عَلَى الثَّانِي وَأَبَى الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَنْ يَقْبَلَهَا قَالُوا : إنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ ادَّعَتْ الْعِتْقَ فَلَهُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْ الْجَارِيَةِ قَوْلَهَا وَإِنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةُ الْأَصْلِ وَقَدْ انْقَادَتْ لِلْبَيْعِ وَالتَّسْلِيمِ بِأَنْ بِيعَتْ وَسُلِّمَتْ لِلْمُشْتَرِي وَهِيَ سَاكِتَةٌ فَلِلْبَائِعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَقْبَلَهَا ؛ لِأَنَّ انْقِيَادَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ وَلَوْ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ ، ثُمَّ ادَّعَتْ الْعِتْقَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْبَيْعَ وَالتَّسْلِيمَ لَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ لَا يَقْبَلَ ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُقِرَّ بِالرِّقِّ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ كَمَا ثَبَتَتْ الْحُرِّيَّةُ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ بِقَوْلِهَا لَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا حَتَّى يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا إمَّا بِمِلْكِ الْيَمِينِ إنْ كَانَتْ أَمَةً أَوْ بِمِلْكِ النِّكَاحِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَكَذَا كُلُّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا احْتِيَاطًا ا هـ قَاضِي خَانْ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ ) أَيْ مَجْهُولًا ( فَصُولِحَ عَلَى مَالِهِ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِيمَا بَقِيَ وَإِنْ قَلَّ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُحِقَّ كُلَّهَا ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا أَنَّهُ أَخَذَ عِوَضَ مَا لَا يَمْلِكُ فَيَرُدُّ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ جَائِزٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ وَالْمَنْعُ بِاعْتِبَارِهِ فَإِذَا خَلَا عَنْهُ جَازَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ كُلِّ عَيْبٍ وَذَكَرْنَا الْخِلَافَ فِيهِ وَدَلَّتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ صِحَّةَ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِصِحَّةِ الصُّلْحِ ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْحَقِّ فِي الدَّارِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِجَهَالَةِ الْمُدَّعَى حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ إلَّا إذَا ادَّعَى إقْرَارَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ فَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمَجْهُولِ صَحِيحٌ بِخِلَافِ الْبَيِّنَةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَّا فِي دَعْوَى الْإِقْرَارِ أَوْ دَعْوَى الْمُقَدَّرِ مِنْ الدَّارِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ أَوْ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَجُوزُ فِي الْمَجْهُولِ وَكَذَا الْيَمِينُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَجَّهُ إلَّا بَعْدَ صِحَّةِ الدَّعْوَى قُلْنَا : قَدْ تَكُونُ لِدَفْعِ الشَّغَبِ وَالْخُصُومَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِهِ وَهَذَا إذَا لَمْ يُقَدِّرْ الْحَقَّ بِشَيْءٍ وَإِنْ قَدَّرَهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ بِرُبْعٍ مَثَلًا أَوْ نِصْفٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ مَا دَامَ فِي يَدِهِ ذَلِكَ الْقَدْرُ وَإِنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( : وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِقِسْطِهِ ) ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى مِائَةٍ وَقَعَ عَنْ كُلِّ الدَّارِ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ مِنْهَا شَيْءٌ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُدَّعِي لَا يَمْلِكُ ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَرُدُّ بِحِسَابِهِ مِنْ الْعِوَضِ .

( قَوْلُهُ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا ) أَيْ بَعْضُ الدَّارِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ) أَيْ لَا يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي ا هـ ( قَوْلُهُ فَمَا دَامَ فِي يَدِهِ ) أَيْ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى مَعْلُومٍ عَنْ مَجْهُولٍ ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ عَنْ مَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ اِ هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ) أَيْ فِيمَا إذَا ادَّعَى حَقًّا مَجْهُولًا فِي دَارٍ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ ادَّعَى كُلَّهَا رَجَعَ عَلَيْهِ ) عَلَيْهِ ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمُتُونِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجِيزَهُ إنْ بَقِيَ الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَلَهُ وَبِهِ لَوْ عَرَضًا ) أَيْ لِلْمَالِكِ أَنْ يُجِيزَ الْعَقْدَ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالْمَعْقُودُ لَهُ وَهُوَ الْمَالِكُ بِحَالِهِمْ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ انْعَقَدَ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجَازَةِ عِنْدَنَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ لَا يَتَوَقَّفُ وَيَقَعُ بَاطِلًا وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ إذَا وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْعَاقِدِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا يَتَوَقَّفُ كَشِرَاءِ الْعَبْدِ وَالصَّغِيرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ أَصْلًا وَلَا تَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَاطِلَةً لِخُلُوِّهَا عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ إذْ هِيَ بِالْمِلْكِ أَوْ بِتَوْكِيلِ الْمَالِكِ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَتَلْغُو ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَاتِ الشَّرْعِيَّةِ تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوِلَايَةِ كَمَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْأَهْلِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ وَلَنَا حَدِيثُ عُرْوَةَ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ الْبَارِقِيِّ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَاةً فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ فَجَاءَ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَحَدِيثُ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَأَرْبَحَ فِيهَا دِينَارًا فَاشْتَرَى أُخْرَى مَكَانَهَا فَجَاءَ بِالْأُضْحِيَّةِ وَالدِّينَارِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ضَحِّ بِالشَّاةِ وَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ بَيْعَهُ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا لَرَدَّهُ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ رُكْنَ التَّصَرُّفِ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحِلِّهِ وَلَا ضَرَرَ فِي انْعِقَادِهِ مَوْقُوفًا فَيَنْعَقِدُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْمَحَلِّيَّةَ بِكَوْنِ الْمَالِ مُتَقَوِّمًا وَقَدْ وُجِدَا وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَإِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهِ نَفَذَهُ وَإِلَّا فَسَخَهُ بَلْ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ حَيْثُ يَسْقُطُ عَنْهُ مُؤْنَةُ طَلَبِ الْمُشْتَرِي وَقَرَارُ الثَّمَنِ وَسُقُوطُ رُجُوعِ حُقُوقِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ لِصَوْنِ كَلَامِهِمَا عَنْ الْإِلْغَاءِ فَتَثْبُتُ الْقُدْرَةُ الشَّرْعِيَّةُ إحْرَازًا لِهَذِهِ الْمَنَافِعِ عَلَى أَنَّ الْإِذْنَ ثَابِتٌ دَلَالَةً ؛ لِأَنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَرْضَى بِتَصَرُّفٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ النَّفْعُ إذْ لَا يُوجَدُ مِثْلُ هَذَا التَّصَرُّفِ النَّافِعِ فِي حَالِ غَيْبَتِهِ عَادَةً إلَّا مِنْ صَدِيقٍ مُتَفَضِّلٍ نَصُوحٍ يَرَى لِأَخِيهِ مِثْلَ مَا يَرَى لِنَفْسِهِ فَإِنْ قِيلَ : الْمَقْصُودُ بِوَضْعِ الْأَسْبَابِ الشَّرْعِيَّةِ أَحْكَامُهَا لَا مُجَرَّدُ السَّبَبِ فَإِذَا لَمْ تُفِدْ الْحُكْمَ لَا تُعْتَبَرُ وَحُكْمُهَا وَهُوَ التَّمْلِيكُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ فَيَلْغُو قُلْنَا : لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ بَلْ يُفِيدُ مِلْكًا مَوْقُوفًا ؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالسَّبَبِ الْمَوْقُوفِ كَمَا يُفِيدُ السَّبَبُ الْبَاتُّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ اللَّائِقُ بِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ نَفَذَ عِتْقُهُ وَلِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يَلْغُو إذَا خَلَا حُكْمُهُ عَنْهُ شَرْعًا وَأَمَّا إذَا تَأَخَّرَ فَلَا ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ قَدْ يَتَأَخَّرُ حُكْمُهَا لِعَارِضٍ كَالْبَيْعِ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَكَالرَّاهِنَيْنِ إذَا تَبَايَعَا رَهْنًا بِرَهْنٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنَيْنِ انْعَقَدَ وَتَوَقَّفَ الْحُكْمُ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنَيْنِ وَكَذَا الطَّلَاقُ الْمُضَافُ إلَى شَهْرٍ يَثْبُتُ

لِلْحَالِ وَيَتَأَخَّرُ حُكْمُهُ وَكَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الصَّوْمِ وَيَتَأَخَّرُ الْوُجُوبُ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إعْتَاقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ وَهِبَتُهُ وَبَيْعُهُ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ حَيْثُ لَا تَجُوزُ لَوْ أَجَازَهَا الْوَلِيُّ أَوْ هُوَ بِنَفْسِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لَا مُجِيزَ لَهَا حَالَ وُقُوعِهَا لِتَمَحُّضِهَا ضَرَرًا عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلِيَّ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهَا فَبَطَلَتْ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا تَعُودُ صَحِيحَةً لَوْ بَاشَرَ الصَّبِيُّ عَقْدًا يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ كَالنِّكَاحِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ غَبْنٍ تَوَقَّفَ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ أَوْ هُوَ بَعْدَ بُلُوغِهِ جَازَ فَإِنْ قِيلَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ أَيْ مَا لَا يَمْلِكُهُ كَمَا نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَعَنْ بَيْعِ الْآبِقِ ، ثُمَّ إذَا بَاعَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْآبِقَ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ فَكَذَا هَذَا بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْآبِقَ وَالْمَبِيعَ مِلْكُهُ وَهُوَ مَعَ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمِلْكِ أَوْلَى قُلْنَا : كَلَامُنَا فِي انْعِقَادِ الْعَقْدِ وَبَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَنْعَقِدُ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا وَكَذَا الْآبِقُ فِي رِوَايَةٍ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ صَحَّ فَلَا يَلْزَمُنَا وَالْمُرَادُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا لَا يَمْلِكُهُ ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ وَيُسَلِّمُهُ بِدَلِيلِ قِصَّةِ الْحَدِيثِ فَإِنَّ { حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيَنِي فَيَطْلُبُ مِنِّي سِلْعَةً لَيْسَتْ عِنْدِي فَأَبِيعُهَا مِنْهُ ، ثُمَّ أَدْخُلُ السُّوقَ فَأَشْتَرِيهَا فَأُسَلِّمَهَا إلَيْهِ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَك } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَإِنَّمَا شُرِطَ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بَقَاءُ

الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ وَالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَصَرُّفٌ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ قِيَامِهِ وَذَلِكَ بِقِيَامِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ عَرَضًا ؛ لِأَنَّ الْعَرَضَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ فَيُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَانَ الثَّمَنُ مَمْلُوكًا لَهُ أَمَانَةً فِي يَدِ الْفُضُولِيِّ بِمَنْزِلَةِ الْوَكِيلِ حَتَّى لَا يَضْمَنُ بِالْهَلَاكِ فِي يَدِهِ سَوَاءٌ هَلَكَ بَعْدَ الْإِجَازَةِ أَوْ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ دَفْعًا لِلُحُوقِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ فَلَا تَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِي النِّكَاحِ بَقَاءُ الْعَاقِدِ الْفُضُولِيِّ عِنْدَ الْإِجَازَةِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ بَعْدَمَا هَلَكَ الْعَاقِدُ جَازَ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ الثَّمَنَ يَكُونُ لِلْمَالِكِ فِيمَا إذَا كَانَ دَيْنًا وَإِنْ كَانَ عَرَضًا مُعَيَّنًا كَانَ الثَّمَنُ الْعَرَضُ لِلْفُضُولِيِّ مِلْكًا لَهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إجَازَةُ نَقْدٍ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْعَرَضُ مُتَعَيِّنًا كَانَ شِرَاءً مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ بَلْ يَنْفُذُ عَلَى الْمُبَاشِرِ إنْ وَجَدَ نَفَاذًا فَيَكُونُ مَالِكًا لَهُ وَبِإِجَازَةِ الْمَالِكِ لَا يَنْتَقِلُ إلَيْهِ بَلْ تَأْثِيرُ إجَازَتِهِ فِي النَّقْدِ لَا فِي الْعَقْدِ ، ثُمَّ يَجِبُ عَلَى الْفُضُولِيِّ مِثْلُ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْبَدَلُ لَهُ صَارَ مُشْتَرِيًا لِنَفْسِهِ بِمَالِ الْغَيْرِ مُسْتَقْرِضًا لَهُ فِي ضِمْنِ الشِّرَاءِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَمَا لَوْ قَضَى دَيْنَهُ بِمَالِ الْغَيْرِ وَاسْتِقْرَاضُ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ ضِمْنًا وَإِنْ لَمْ يَجُزْ قَصْدًا أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ صَحَّ وَتَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ عَلَى الْعَبْدِ مَشْرُوعٌ

فَيَنْفُذُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ يَصِيرُ قَرْضًا فَكَذَا هُنَا وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ يُوَافِقُ الْأَصْلَ لِنَفَاذِ تَصَرُّفِ الْعَاقِلِ عَلَيْهِ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الْبَيْعِ يَقْتَضِي التَّوَقُّفَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ شِرَاءً لَمَا مَلَكَهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : إطْلَاقُ الْوَكَالَةِ بِالْبَيْعِ يَتَنَاوَلُ الْبَيْعَ بِالْعَيْنِ وَالدَّيْنَ فَيَجْرِي عَلَى إطْلَاقِهِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَرِّثِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ أَوْ الْأَبِ إذَا تَوَقَّفَ عَلَى إجَازَتِهِمَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ ، ثُمَّ بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الِابْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى إجَازَتِهِمَا لِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَوَقَّفُ لَهُ فَيَنْتَقِلُ إلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهَا وَكَانَ قَدْ وَطِئَهَا ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الِانْتِقَالِ إلَى الْوَارِثِ كَانَ لِمَعْنًى وَهُوَ حُدُوثُ حِلٍّ بَاتَ عَلَى مَوْقُوفٍ فَأَبْطَلَهُ وَقَدْ عُدِمَ ذَلِكَ هُنَا بِوَطْءِ أَبِيهِ فَلَا يَبْطُلُ حَتَّى لَوْ قُدِّرَ فِي الشِّرَاءِ أَيْضًا مِثْلُ ذَلِكَ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى مِمَّنْ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَالنِّكَاحُ مَوْقُوفٌ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَوْ أَجَازَ الْمِلْكَ فِي حَيَاتِهِ وَلَا يَعْلَمُ حَالَ الْمَبِيعِ جَازَ الْبَيْعُ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ : لَا يَصِحُّ حَتَّى يَعْلَمَ قِيَامَهُ عِنْدَ الْإِجَازَةِ لِوُقُوعِ الشَّكِّ فِي شَرْطِ الْإِجَازَةِ فَلَا يَثْبُتُ مَعَ الشَّكِّ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمَنْ بَاعَ مِلْكَ إلَخْ ) فِي بَعْضِ نُسَخِ الْمَتْنِ هُنَا فَصْلٌ وَوَقَعَ ذَلِكَ لِلْعَيْنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَتَرْجَمَ لَهُ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ : مُنَاسَبَةُ هَذَا الْفَصْلِ مَعَ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرَةٌ ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحْقَاقِ تَتَضَمَّنُ دَعْوَى الْفُضُولِيِّ عَلَى أَحْسَنِ الْوُجُوهِ ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ إمَّا دَعْوَاهُ أَنَّ بَائِعَك بَاعَ مِلْكِي بِغَيْرِ إذْنِي لِغَصْبِهِ أَوْ فُضُولِهِ وَأَحْسَنُ الْمَخَارِجِ الْمُلْتَمَسَةِ فِيهِ فُضُولُهُ وَالْفُضُولُ جَمْعُ فَضْلٍ غَلَبَ فِي الِاشْتِغَالِ بِمَا لَا يَعْنِيهِ وَمَا لَا وِلَايَةَ لَهُ فِيهِ فَقَوْلُ بَعْضِ الْجَهَلَةِ لِمَنْ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ أَنْتَ فُضُولِيٌّ يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : مُنَاسَبَةُ هَذَا الْفَصْلِ بِبَابِ الِاسْتِحْقَاقِ ظَاهِرَةٌ جِدًّا فَإِنَّ الْمَالَ فِي الصُّورَتَيْنِ جَمِيعًا فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ بِلَا إذْنِ الْمَالِكِ ، ثُمَّ تَرْجَمَةُ الْفَصْلِ بِبَيْعِ الْفُضُولِيِّ لِكَوْنِهِ أَبْيَنَ أَحْسَنُ مِنْ تَرْجَمَتِهِ بِبَابِ بَيْعِ عَبْدِ الْغَيْرِ كَمَا وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُرَتَّبُ ، ثُمَّ الْفُضُولِيِّ بِضَمِّ الْفَاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ خَطَأٌ وَهِيَ نِسْبَةٌ لِفُضُولٍ جَمْعُ الْفَضْلِ بِمَعْنَى الزِّيَادَةِ وَقَدْ غَلَبَ جَمْعُهُ عَلَى مَا لَا خَيْرَ فِيهِ حَتَّى قِيلَ : فُضُولٌ بِلَا فَضْلٍ وَسِنٌّ بِلَا سَنَا وَطُولٌ بِلَا طَوْلٍ وَعُرْضٌ بِلَا عِرْضٍ ا هـ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَيُسَمَّى مَنْ يَشْتَغِلُ بِمَا لَا يَعْنِيهِ فُضُولِيًّا وَفِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ هُوَ مَنْ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ بِلَا إذْنٍ شَرْعِيٍّ كَالْأَجْنَبِيِّ يُزَوِّجُ أَوْ يَبِيعُ وَلَمْ يَرِدْ فِي النِّسْبَةِ إلَى الْوَاحِدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَلَبَةِ كَالْعَلَمِ لِهَذَا الْمَعْنَى فَصَارَ كَالْأَنْصَارِيِّ وَالْأَعْرَابِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُجِيزَهُ ) وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَبْقَى الْمُتَعَاقِدَانِ ) وَهُمَا

الْبَائِعُ الْفُضُولِيُّ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَالْمَعْقُودُ لَهُ ) أَيْ وَالْمَعْقُودُ بِهِ لَوْ عَرَضًا ا هـ مَتْنٌ وَالْمَعْقُودُ بِهِ هُوَ الثَّمَنُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ كُلَّ تَصَرُّفٍ صَدَرَ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَلَهُ مُجِيزٌ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَنَحْوِهِمَا يَنْعَقِدُ مِنْ الْفُضُولِيِّ وَيَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَإِنْ أَجَازَهُ ثَبَتَ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ وَإِلَّا يَبْطُلُ التَّصَرُّفُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُجِيزٌ حَالَةَ الْعَقْدِ ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ تَأَمَّلْ تَدْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا تَنْعَقِدُ تَصَرُّفَاتُ الْفُضُولِيِّ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : لَا يَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْ وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَقَدْ فُقِدَا وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَنَا أَنَّهُ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ وَقَدْ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحِلِّهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِانْعِقَادِهِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ لِلْمَالِكِ مَعَ تَخَيُّرٍ قَالَ الْكَمَالُ : وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ تَصَرُّفُ تَمْلِيكٍ مِنْ إضَافَةِ الْعَامِ إلَى الْخَاصِّ كَحَرَكَةِ الْإِعْرَابِ وَالْإِضَافَةُ فِي مِثْلِهِ بَيَانِيَّةٌ أَيْ تَصَرُّفٌ هُوَ تَمْلِيكٌ وَحَرَكَةٌ هِيَ إعْرَابٌ وَلَا حَاجَةَ إلَى هَذَا الْقَيْدِ هُنَا ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْفُضُولِيِّ تَتَوَقَّفُ عِنْدَنَا إذَا صَدَرَتْ وَالْمُتَصَرِّفُ مُجِيزٌ أَيْ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ كَانَ تَمْلِيكًا كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَالتَّزَوُّجِ أَوْ إسْقَاطًا حَتَّى لَوْ طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَةَ غَيْرِهِ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَأَجَازَ طَلُقَتْ وَانْعَتَقَ وَكَذَا سَائِرُ الْإِسْقَاطَاتِ لِلدُّيُونِ وَغَيْرِهَا فَكَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ : تَصَرُّفٌ شَرْعِيٌّ ا هـ وَقَوْلُهُ وَلَا انْعِقَادَ إلَّا بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ الْكَمَالُ : وَقَوْلُك وَلَا انْعِقَادَ إلَّا

بِالْقُدْرَةِ الشَّرْعِيَّةِ إنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ سَلَّمْنَاهُ وَلَا يَضُرُّ وَإِنْ أَرَدْت لَا انْعِقَادَ عَلَى وَجْهِ التَّوَقُّفِ إلَى أَنْ يَرَى الْمَالِكُ مَصْلَحَتَهُ فِي الْإِجَازَةِ فَيُجِيزُ فِعْلَهُ أَوْ عَدَمَهَا فَيُبْطِلَهُ مَمْنُوعٌ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ بَلْ الدَّلِيلُ دَلَّ عَلَى ثُبُوتِهِ وَهُوَ تَحَقُّقُ الْحَاجَةِ وَالْمَصْلَحَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدِ وَالْمَالِكِ وَالْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ وَلَا مَانِعٍ شَرْعِيٍّ فَيَدْخُلُ ثُبُوتُهُ فِي الْعُمُومَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَقَالَ ) أَيْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { بَارَكَ اللَّهُ فِي صَفْقَتِك } ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ بِالْعَقْلِ وَالتَّمْيِيزِ وَالْمَحَلِّيَّةَ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ : لِأَنَّ مَحَلَّ الْبَيْعِ بِكَوْنِهِ مَالًا مُتَقَوِّمًا لَا بِكَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ لَهُ فَعُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ الْبَيْعِ هُوَ الْمَالُ الْمُتَقَوِّمُ لَا الْمَالُ الْمَمْلُوكُ وَقَدْ وُجِدَ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ لَهُ مُجِيزٌ حَالَ وُقُوعِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَصِحَّ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِجَمِيعِ مَالِهِ أَوْ أَوْصَى لِوَارِثِهِ ، ثُمَّ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَرَارُ الثَّمَنِ ) أَيْ وَنَفَاقُ سِلْعَتِهِ وَرَاحَتُهُ فِيهَا وَوُصُولُهُ إلَى الْبَدَلِ الْمَطْلُوبِ لَهُ الْمَحْبُوبِ وَالْمُشْتَرِي وُصُولُهُ إلَى حَاجَةِ نَفْسِهِ وَدَفْعُهَا بِالْمَبِيعِ وَارْتِفَاعُ أَلَمِ فَقْدِهَا إذَا كَانَ مُهِمًّا لَهُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَسُقُوطٌ ) ثَابِتٌ فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي إسْقَاطُهُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ ) الْعَاقِدُ بِصَوْنِ كَلَامِهِ عَنْ الْإِلْغَاءِ وَالْإِهْدَارِ بَلْ وَحُصُولُ الثَّوَابِ لَهُ إذَا نَوَى الْخَيْرَ لِلَّهِ تَعَالَى مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَى حُصُولِ الرِّفْقِ لِأَخِيهِ الْمُسْلِمِ ا هـ كَمَالٌ قَوْلُهُ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : قُلْنَا : لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَرَتُّبِهِ فِي

الْحَالِ عَدَمُهُ مُطْلَقًا بَلْ هُوَ مَرْجُوٌّ فَلَا يَلْزَمُ عَدَمُهُ وَكَوْنُ مُتَعَلِّقِ الْعَقْدِ مَرْجُوًّا كَافٍ فِي صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَعَنْ هَذَا صَحَّ تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ بِالشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَا وُقُوعَ فِي الْحَالِ وَلَا يُقْطَعُ بِوُقُوعِهِ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُلْغَى لَكِنْ لَمَّا كَانَ بِحَيْثُ يُرْجَى صَحَّ وَانْعَقَدَ سَبَبًا فِي الْحَالِ مُضَافًا أَوْ عِنْدَ الشَّرْطِ كَقَوْلِنَا هَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا يَلْغُو إلَخْ ) إذَا أُجِيزَ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ يَسْتَحِقُّ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ وَالْمُتَّصِلَةَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ حَيْثُ يَمْلِكُ الْمُتَّصِلَةَ لَا الْمُنْفَصِلَةَ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا إعْتَاقُ الصَّبِيِّ وَطَلَاقُهُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَعَدَمُ تَوَقُّفِ طَلَاقِ الصَّبِيِّ وَلَوْ بِمَالٍ لِحَقِّ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ أَنْزَلَهُ كَالْمَجْنُونِ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ أَهْلًا إذْ صَحَّ تَوْكِيلُهُ بِذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ وَطَلَاقُ الْمَرْأَةِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ فَإِنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ شُرِعَ لِلتَّرَاحُمِ وَالتَّعَاوُنِ وَانْتِظَامِ الْمَصَالِحِ فَلِذَا لَمْ يَتَوَقَّفْ ذَلِكَ مِنْهُ لَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَلَا عَلَى إجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى أَوْ تَزَوَّجَ أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَإِنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ تَتَوَقَّفُ مِنْهُ عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِ وَإِجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ ا هـ ( فَرْعٌ ) قَالَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ : إذَا بِيعَ مَتَاعُ إنْسَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ يَنْظُرُ لَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يَحْتَمِلُ الرِّضَا وَيَحْتَمِلُ السُّخْطَ وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى : سُكُوتُهُ يَكُونُ إجَازَةً قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي مَسَائِلَ آخِرَ الْكِتَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ بَاعَ عَقَارًا إلَخْ ا هـ ( فَرْعٌ ) رَجُلٌ بَاعَ جَارِيَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَزَوَّجَهَا رَجُلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَأَعْتَقَهَا فُضُولِيٌّ فَأَخْبَرَ الْمَوْلَى قَالَ : أَجَزْت جَمِيعَ ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ الْمَوْلَى أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ

الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ : نَفَذَ الْعِتْقُ وَيَبْطُلُ مَا سِوَاهُ ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شُرِطَ لِصِحَّةِ الْإِجَازَةِ بَقَاءُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَالْمَعْقُودِ لَهُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْإِيضَاحِ عَقْدُ الْفُضُولِيِّ فِي حَقِّ وَصْفِ الْجَوَازِ مَوْقُوفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ فَأَخَذَتْ الْإِجَازَةُ حُكْمَ الْإِنْشَاءِ وَلَا بُدَّ فِي الْإِنْشَاءِ مِنْ قِيَامِ الْأَرْبَعَةِ وَبِالتَّفْصِيلِ شُرِطَ بَقَاءُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ فِيهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَقِلَ بَعْدَ الْهَلَاكِ وَالْمُشْتَرِي لِيَلْزَمَهُ الثَّمَنُ وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَلْزَمُهُ مَا لَمْ يَكُنْ لَزِمَهُ حَالَ أَهْلِيَّتِهِ وَالْبَائِعُ ؛ لِأَنَّهُ تَلْزَمُهُ حُقُوقُ الْعَقْدِ بِالْإِجَازَةِ وَلَا تَلْزَمُ إلَّا حَيًّا وَالْمَالِكُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ تَكُونُ مِنْهُ لَا مِنْ وَارِثِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ الثَّمَنِ إلَّا إذَا كَانَ عَرَضًا ) فَحِينَئِذٍ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ خَمْسَةٍ الْأَرْبَعَةُ السَّابِقَةُ وَالْخَامِسُ قِيَامُ الْعَرَضِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْإِجَازَةَ اللَّاحِقَةَ كَالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ صَارَ بِهَا تَصَرُّفُهُ نَافِذًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ لَا يَنْفُذُ بَلْ يَبْطُلُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَهَذَا بِسَبَبِ أَنَّ الْمِلْكَ الْبَاتَّ إذَا طَرَأَ عَلَى الْمَوْقُوفِ وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ يَبْطُلُ الْمَوْقُوفُ وَلِهَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ أَمَةٌ وَطِئَهَا مَوْلَاهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ تَوَقَّفَ النِّكَاحُ عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْرَأْ مِلْكٌ بَاتٌّ لِلْوَارِثِ فِي الْبُضْعِ فَيَبْطُلُ وَهَذَا يُوجِبُ تَقْيِيدَ الْوَارِثِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْوِلَادِ بِخِلَافِ نَحْوِ ابْنِ الْعَمِّ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَيْ فِي

الْبَيْعِ أَنْ يَفْسَخَ إجَازَةَ الْمَالِكِ حَتَّى لَوْ أَجَازَهُ لَا يَنْفُذُ لِزَوَالِ الْعَقْدِ الْمَوْقُوفِ وَإِنَّمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ لِيَدْفَعَ الْحُقُوقَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ الْإِجَازَةِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ فَتَرْجِعُ حُقُوقُ الْعَقْدِ إلَيْهِ فَيُطَالَبُ بِالتَّسْلِيمِ وَيُخَاصَمُ فِي الْعَيْبِ وَفِي ذَلِكَ ضَرَرٌ بِهِ فَلَهُ دَفْعُهُ عَنْ نَفْسِهِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ ا هـ وَقَوْلُهُ وَلِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَفْسَخَ إلَخْ وَكَذَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ أَنْ يَفْسَخَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ ا هـ مَبْسُوطٌ بِمَعْنَاهُ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ بِخِلَافِ الْفُضُولِيِّ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَبِّرٌ مَحْضٌ أَيْ كَنَاقِلِ عِبَارَةٍ فَبِالْإِجَازَةِ تَنْتَقِلُ الْعِبَارَةُ إلَى الْمَالِكِ فَتَصِيرُ الْحُقُوقُ مَنُوطَةً بِهِ لَا بِالْفُضُولِيِّ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالْإِجَازَةِ ضَرَرُ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْمَالِكِ وَالْوَلِيِّ حَقُّ أَنْ يُجِيزَ وَكَذَا بِالْفِعْلِ كَأَنْ زَوَّجَ امْرَأَةً بِرِضَاهَا مِنْ غَائِبٍ فَقَبْلَ أَنْ يُجِيزَ زَوَّجَهُ أُخْتَهَا تَوَقَّفَ الْعَقْدُ الثَّانِي أَيْضًا بِخِلَافِ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بَعْدَ عَقْدِهِ فُضُولًا أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَزَوَّجَهُ أُخْتَهَا فَإِنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ يَبْطُلُ لِطُرُوءِ الْبَاتِّ عَلَى الْمَوْقُوفِ ا هـ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَفِي بَابِ النِّكَاحِ : لَوْ أَنَّ فُضُولِيًّا خَطَبَ امْرَأَةً لِرَجُلٍ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَإِنَّ النِّكَاحَ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِ فَإِنْ فَسَخَ هَذَا الْفُضُولِيُّ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَفَسْخُهُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ وَهُوَ فِيهِ مُعَبِّرٌ فَإِذَا عَبَّرَ فَقَدْ انْتَهَى فَصَارَ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَلَوْ فَسَخَتْ الْمَرْأَةُ النِّكَاحَ قَبْلَ الْإِجَازَةِ انْفَسَخَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِجَازَةُ الْمَالِكِ إلَخْ ) أَيْ الْإِجَازَةُ مِنْ الْمَالِكِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا

إجَازَةُ نَقْدٍ أَيْ إجَازَةُ أَنْ يَنْقُدَ الْفُضُولِيُّ ثَمَنَ الْعَرَضِ مِنْ مَالِ الْمَالِكِ لَا إجَازَةُ عَقْدٍ مَوْقُوفٍ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ عَلَى الْفُضُولِيِّ نَافِذٌ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ شِرَاءً فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْعَقْدِ قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ وَقَالَ الْكَمَالُ : فَإِنْ كَانَ أَيْ الثَّمَنُ عَيْنًا بِأَنْ بَاعَ الْفُضُولِيُّ مِلْكَ غَيْرِهِ بِعَرَضٍ مُعَيَّنٍ بَيْعَ مُقَابَضَةٍ اُشْتُرِطَ قِيَامُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَخَامِسٌ وَهُوَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْعَرَضُ وَإِذَا أَجَازَ مَالِكُ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنُ عَرَضٌ فَالْفُضُولِيُّ يَكُونُ بِبَيْعِ مَالِ الْغَيْرِ مُشْتَرِيًا لِلْعَرَضِ مِنْ وَجْهٍ وَالشِّرَاءُ لَا يَتَوَقَّفُ إلَّا إذَا وَجَدَ نَفَاذًا فَيَنْفُذُ عَلَى الْفُضُولِيِّ فَيَصِيرُ مَالِكًا لِلْعَرَضِ وَاَلَّذِي تُفِيدُهُ الْإِجَازَةُ أَنَّهُ أَجَازَ لِلْفُضُولِيِّ أَنْ يَنْقُدَ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ مِنْ مَالِهِ كَأَنَّهُ قَالَ : اشْتَرِ هَذَا الْعَرَضَ لِنَفْسِك وَانْقُدْ ثَمَنَهُ مِنْ مَالِي هَذَا قَرْضًا عَلَيْك فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ وَإِنْ كَانَ قِيَمِيًّا كَثَوْبٍ أَوْ جَارِيَةٍ يَصِيرُ مُسْتَقْرِضًا لِلْجَارِيَةِ أَوْ الثَّوْبِ وَالْقَرْضُ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ فِي الْقِيَمِيَّاتِ ، لَكِنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ قَصْدًا وَهُنَا إنَّمَا يَثْبُتُ ضِمْنًا مُقْتَضًى لِصِحَّةِ الشِّرَاءِ فَتُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُ صِحَّةِ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الشِّرَاءُ لَا غَيْرَ كَالْكَفِيلِ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَدَّاهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ يَصِيرُ مُقْرِضًا حَتَّى رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ ثَوْبًا ؛ لِأَنَّ الثَّوْبَ مِثْلِيٌّ فِي بَابِ السَّلَمِ فَكَذَا فِيمَا جُعِلَ تَبَعًا لَهُ فَكَذَا هَهُنَا إذْ لَا صِحَّةَ لِشِرَاءِ الْعَبْدِ إلَّا بِقَرْضِ الْجَارِيَةِ وَالشِّرَاءُ مَشْرُوعٌ فَمَا فِي ضِمْنِهِ يَكُونُ مَشْرُوعًا هَذَا وَإِنَّمَا يَنْفُذُ الشِّرَاءُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُضِفْهُ إلَى آخَرَ وَوَجَدَ الشِّرَاءُ النَّفَاذَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسْبَقْ بِتَوْكِيلٍ لِلْمُشْتَرِي مِنْ آخَرَ فَأَمَّا إنْ كَانَ كَذَلِكَ فَالشِّرَاءُ يَتَوَقَّفُ وَفِي الْوَكَالَةِ يَنْفُذُ عَلَى

الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ ذُكِرَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ لِرَجُلٍ شَيْئًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ أَجَازَهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهُ أَوْ لَمْ يُجِزْهُ أَمَّا إذَا أَضَافَهُ إلَى آخَرَ بِأَنْ قَالَ لِلْبَائِعِ : بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَقَالَ : بِعْتُ وَقَبِلَ الْمُشْتَرِي هَذَا الْبَيْعَ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى الشِّرَاءِ فَنَقُولُ فِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا فَإِنْ قَالَ الْفُضُولِيُّ : بِعْ هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ : بِعْت وَقَالَ الْفُضُولِيُّ : اشْتَرَيْت لِأَجْلِهِ أَوْ قَالَ الْمَالِكُ ابْتِدَاءً : بِعْت هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ وَقَالَ الْفُضُولِيُّ : قَبِلْت لِأَجْلِهِ فَهُوَ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ أَمَّا إذَا قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ الْمَالِكُ : بِعْت أَوْ قَالَ الْمَالِكُ : بِعْت مِنْك هَذَا الْعَيْنَ لِأَجْلِ فُلَانٍ فَقَالَ : اشْتَرَيْت فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ فُلَانٍ ؛ لِأَنَّهُ وَجَدَ نَفَاذًا عَلَى الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَيْهِ ظَاهِرًا وَلَا حَاجَةَ بِنَا إلَى إيقَافِهِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ وَقَوْلُهُ لِأَجْلِ فُلَانٍ مُحْتَمِلٌ لِأَجْلِ رِضَاهُ وَشَفَاعَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ نَفَاذًا عَلَى غَيْرِ الْمَالِكِ وَلَمْ يَنْفُذْ فِي حَقِّ الْبَائِعِ فَاحْتِيجَ إلَى إيقَافِهِ عَلَى رِضَا الْغَيْرِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ : وَأَمَّا الْقِيَاسُ عَلَى الْفُضُولِيِّ فَفِي شِرَاءِ الْفُضُولِيِّ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَطَرِيقَةُ الْخِلَافِ وَهُوَ أَنَّ الْفُضُولِيَّ لَوْ قَالَ : بِعْ هَذَا الْعَيْنَ لِفُلَانٍ إلَى آخَرَ مَا ذَكَرَهُ الْأَتْقَانِيُّ ا هـ وَقَوْلُهُ وَاعْتِبَارُ جَانِبِ الشِّرَاءِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ جَانِبِ الْبَيْعِ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ بِأَنْ يُقَالَ لِمَ جُعِلَ شِرَاءً وَلَمْ يُجْعَلْ بَيْعًا مَعَ

أَنَّ بَيْعَ الْمُقَايَضَةِ شِرَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَأَجَابَ إلَخْ ( قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ فِي الْفَصْلَيْنِ ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا أَوْ دَيْنًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى حَيْثُ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى ابْنِهِ ) أَيْ فَإِنْ أَجَازَ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَهَذِهِ فُضُولِيَّةٌ وَتَوَقَّفَ عَمَلُهَا عَلَى إجَازَةِ الْوَارِثِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِأَنْ بَاعَهَا الْمَوْلَى ) أَيْ الْأَمَةَ الَّتِي تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ ) أَيْ تَنْتَقِلُ الْإِجَازَةُ إلَى الْمُشْتَرِي .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ عِتْقُ مُشْتَرٍ مِنْ غَاصِبٍ بِإِجَازَةِ بَيْعِهِ لَا بَيْعُهُ ) مَعْنَاهُ لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ عَبْدًا وَبَاعَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَأَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ جَازَ عِتْقُهُ وَلَوْ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَكِنْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ مُحَمَّدٌ : لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ أَيْضًا وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَقَدْ قَالَ : عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ } وَهَذَا ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَالْمَوْقُوفُ لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ إذْ لَا نَفَاذَ فِيهِ وَعِنْدَ الْإِجَازَةِ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَهُوَ ثَابِتٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَلَا يَصْلُحُ شَرْطًا لِلْإِعْتَاقِ ؛ لِأَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْإِعْتَاقِ مِلْكٌ كَامِلٌ لِمَا رَوَيْنَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فِيهِ الْمِلْكَ مُطْلَقًا وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْغَاصِبُ ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَصِحُّ الْعِتْقُ مَعَ أَنَّ الْمِلْكَ الثَّابِتَ لَهُ بِالضَّمَانِ أَقْوَى مِنْ الْمِلْكِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ وَلَا يَنْفُذُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي إذَا أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ، ثُمَّ أَجَازَ الْبَيْعَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ، ثُمَّ بَاعَهُ ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ لَمْ يَنْفُذْ الثَّانِي مَعَ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ حَتَّى صَحَّ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ لَهُ دُونَ عِتْقِهِمَا وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ نَفَذَ بَيْعُهُ وَلَوْ أَعْتَقَهُ ، ثُمَّ أَدَّى الضَّمَانَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ فَأَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ، ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ صَحَّ بَيْعُ الْغَاصِبِ وَبَطَلَ عِتْقُهُ لِمَا بَيَّنَّا

وَلَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ مَوْقُوفًا بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ مُفِيدٍ لِلْمِلْكِ بِالْوَضْعِ وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ فَيَتَوَقَّفُ الْإِعْتَاقُ مُرَتَّبًا عَلَيْهِ وَيَنْفُذُ بِنَفَاذِهِ وَصَارَ كَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الرَّاهِنِ فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْمَبِيعَ وَكَإِعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَارِثِ وَالتَّرِكَةُ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَأَجَازَتْ الْغُرَمَاءُ الْبَيْعَ أَوْ إعْتَاقَ الْوَارِثِ عَبْدًا مِنْ التَّرِكَةِ وَهِيَ مُسْتَغْرَقَةٌ بِالدَّيْنِ فَقَضَى الدَّيْنَ أَوْ أَبْرَأَ الْغُرَمَاءُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ مِنْ حُقُوقِ الْمِلْكِ وَالشَّيْءُ إذَا تَوَقَّفَ تَوَقَّفَ بِحُقُوقِهِ وَإِذَا نَفَذَ نَفَذَ بِحُقُوقِهِ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْغَاصِبِ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَمْ يُوضَعْ لِإِفَادَةِ الْمِلْكِ لِكَوْنِهِ عُدْوَانًا مَحْضًا وَإِنَّمَا يَمْلِكُ ضَرُورَةَ أَدَاءِ الضَّمَانِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْبَدَلَانِ فِي مِلْكِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَكُنْ الْغَصْبُ مُثْبِتًا لِلْمِلْكِ فِي الْحَالِ وَلَا سَبَبًا لَهُ لِيَتَوَقَّفَ هُوَ وَيَتَوَقَّفَ الْعِتْقُ بِتَوَقُّفِهِ حُكْمًا لَهُ بَلْ هُوَ سَبَبٌ لَهُ ضَرُورَةً عِنْدَ أَدَاءِ الضَّمَانِ وَالْعِتْقُ وُجِدَ قَبْلَهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ خِيَارٌ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَالْكَلَامُ فِيهِ وَشَرْطُ الْخِيَارِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ أَصْلًا فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ غَيْرَ مَوْجُودٍ لِوُجُودِ الْخِيَارِ الْمَانِعِ مِنْهُ فَلَمْ يُصَادِفْ الْإِعْتَاقُ مَحَلَّهُ وَهُوَ الْمِلْكُ وَهُنَا الْبَيْعُ مُطْلَقٌ وَالْأَصْلُ فِي الْأَسْبَابِ الْمُطْلَقَةِ أَنْ تَعْمَلَ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بِلَا تَرَاخٍ وَالتَّرَاخِي إنَّمَا ثَبَتَ هُنَا ضَرُورَةَ دَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا ضَرَرَ فِي تَوَقُّفِ الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِإِظْهَارِ السَّبَبِ فِي حَقِّهِ وَنَعْنِي بِتَوَقُّفِ الْمِلْكِ أَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ الَّتِي لَا يَتَضَرَّرُ الْمَالِكُ بِهَا وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَعْتَقَ ، ثُمَّ مَلَكَ

الْمَغْصُوبَ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ لَا يَنْفُذُ إعْتَاقُهُ عِنْدَ الْبَعْضِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى مِلْكِ الْغَاصِبِ وَمِلْكُ الْغَاصِبِ لَا يَكْفِي لِصِحَّةِ الْإِعْتَاقِ فَكَذَا مَا ثَبَتَ بِنَاءً عَلَيْهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمُشْتَرِي ثَبَتَ مُطْلَقًا بِسَبَبٍ مُطْلَقٍ وَهُوَ الشِّرَاءُ فَاحْتَمَلَ الْعِتْقَ عِنْدَ الْإِجَازَةِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْغَصْبِ وَهُوَ سَبَبٌ ضَرُورِيٌّ لَا مُطْلَقٌ لِمَا مَرَّ فَكَانَ الْمِلْكُ فِيهِ نَاقِصًا وَالنَّاقِصُ لَا يَكْفِي لِلْإِعْتَاقِ وَيَكْفِي لِجَوَازِ الْبَيْعِ أَلَا تَرَى أَنَّ مِلْكَ الْمُكَاتَبِ يَكْفِي لِجَوَازِ الْبَيْعِ دُونَ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ عِنْدَ إجَازَةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي مِلْكٌ بَاتٌّ فَإِذَا طَرَأَ عَلَى مِلْكٍ مَوْقُوفٍ لِغَيْرِهِ أَبْطَلَهُ لِاسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ وَالْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ هَذَا مَانِعًا لَمَا ثَبَتَ الْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْفُضُولِيِّ لِوُجُودِ الْمِلْكِ الْبَاتِّ فِيهِ لِمَالِكِهِ بَلْ كَانَ هَذَا أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ ؛ لِأَنَّ الْبَاتَّ فِيهِ مَوْجُودٌ عِنْدَ ثُبُوتِ الْمَوْقُوفِ فَإِذَا كَانَ يَرْفَعُهُ بَعْدَ ثُبُوتِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الثُّبُوتِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ أَسْهَلُ مَنْ الرَّفْعِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمَنْعُ وَالرَّفْعُ إنَّمَا يَكُونَانِ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ ، ثُمَّ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ لَمْ يَظْهَرْ فِي حَقِّ الْمَالِكِ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ قَائِمٌ بِهِمَا فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ يَثْبُتُ لِلْفُضُولِيِّ وَالْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ ظَاهِرٌ فِي حَقِّهِ ؛ لِأَنَّ الْفُضُولِيَّ عَاقِدٌ فَوَقَعَ التَّعَارُضُ فَيَرْفَعُ الْبَاتُّ الْمَوْقُوفَ وَلَا يُقَالُ : إنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَدَّى ضَمَانَ الْمَغْصُوبِ بَعْدَمَا

بَاعَهُ يَنْفُذُ بَيْعُهُ وَقَدْ طَرَأَ عَلَى الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ الْمِلْكُ الْبَاتُّ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : مِلْكُ الْغَاصِبِ ثَابِتٌ ضَرُورَةً إذْ لَيْسَ الْغَصْبُ بِسَبَبٍ مَوْضُوعٍ لِلْمِلْكِ فَلَا يُجْعَلُ ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ لَيْسَ فِيهِ ضَرُورَةٌ فَلَا يَظْهَرُ فِي إبْطَالِ التَّوَقُّفِ وَحَاصِلُ الْخِلَافِ رَاجِعٌ إلَى أَنَّ عِنْدَ مُحَمَّدٍ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ وَلَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَكَانَ الْإِعْتَاقُ حَاصِلًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ وَعِنْدَهُمَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ وَيُوجِبُ الْمِلْكَ عَلَى سَبِيلِ التَّوَقُّفِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ الْمُنْعَقِدِ تَعْجِيلُ الْحُكْمِ وَالتَّرَاخِي إلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالضَّرَرُ فِي النَّفَاذِ لَا فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ عَلَى وَجْهٍ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي التَّصَرُّفَاتِ الضَّارَّةِ .

( قَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ ) قَالَ الْكَمَالُ كَذَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافًا ، لَكِنَّهُمْ أَثْبَتُوا خِلَافَهُ مَعَ زُفَرَ فِي بُطْلَانِ الْعِتْقِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي جَرَتْ الْمُحَاوَرَةُ فِيهَا بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ هَذَا الْكِتَابَ فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : مَا رَوَيْت لَك عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِنَّمَا رَوَيْت أَنَّ الْعِتْقَ بَاطِلٌ وَقَالَ مُحَمَّدٌ : بَلْ رَوَيْت لِي أَنَّ الْعِتْقَ جَائِزٌ وَإِثْبَاتُ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي صِحَّةِ الْعِتْقِ بِهَذَا لَا يَجُوزُ لِتَكْذِيبِ الْأَصْلِ الْفَرْعَ صَرِيحًا وَأَقَلُّ مَا هُنَا أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ هُنَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ : إنَّ هَذِهِ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَنَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِتْقُهُ وَسَيَجِيءُ ا هـ وَقَوْلُهُ جَازَ عِتْقُهُ أَيْ اسْتِحْسَانًا ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ ) وَاسْتَوْضَحَ عَلَى ذَلِكَ بِفُرُوعٍ أَرْبَعَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَنْفُذَ بَيْعُ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ ) هَذَا إذَا أَدَّى قِيمَتَهُ يَوْمَ الْغَصْبِ أَمَّا إذَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَنْفُذُ بَيْعُهُ ا هـ عِمَادِيَّةٌ فِي آخِرِ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ( قَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا مِنْ الْعِتْقِ ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ لَمْ يَنْفُذْ إعْتَاقُهُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ ) اسْتِيضَاحٌ ثَانٍ لِكَوْنِ الْبَيْعِ أَسْرَعَ نَفَاذًا ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ لِمَا ذَكَرْنَا ) أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ أَسْرَعُ نَفَاذًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ الْغَاصِبُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَكَذَا لَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَلَا الطَّلَاقُ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ حَتَّى لَوْ أُجِيزَ لَا يَقَعُ عَلَى الْمَرْأَةِ وَكُلٌّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي الْحَاجَةِ إلَى الْمِلْكِ عَلَى

السَّوَاءِ وَلِذَا إذَا جَعَلَ فُضُولِيٌّ أَمْرَ امْرَأَةٍ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا ، ثُمَّ أَجَازَ الزَّوْجُ لَا تَطْلُقُ بَلْ يَثْبُتُ التَّفْوِيضُ فَإِنْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا الْآنَ طَلُقَتْ وَإِلَّا لَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَبَطَلَ عِتْقُهُ ) أَيْ بَطَلَ عِتْقُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا أَدَّى الْغَاصِبُ الضَّمَانَ وَهَذَا قَوْلُ الْبَعْضِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ ا هـ كَمَا سَيَجِيءُ بَعْدَ أَسْطُرٍ ا هـ ( قَوْلُهُ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَمُطْلَقٌ بِفَتْحِ اللَّامِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَخَرَجَ جَوَابُ قَوْلِهِ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِتَصَرُّفٍ مُطْلَقٍ إذْ الْخِيَارُ بِمَنْعِ ثُبُوتِهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ بَاتًّا وَمَوْقُوفًا وَقَدْ يُقْرَأُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْمُرْتَهِنِ الْبَيْعَ ) وَالْجَامِعُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إعْتَاقٌ فِي بَيْعٍ مَوْقُوفٍ ا هـ فَتْحٌ وَقَوْلُهُ الْمُرْتَهِنُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَلَكِنَّ الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ الْمُشْتَرِي ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ إعْتَاقِ الْغَاصِبِ بِنَفْسِهِ ) جَوَابٌ عَنْ الْأَوَّلِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ إلَخْ ) جَوَابٌ عَنْ الثَّانِي ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ ) جَوَابٌ عَنْ الرَّابِعِ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ مَلَكَ ) أَيْ الْغَاصِبُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَنْفُذُ ) كَذَا ذَكَرَهُ هِلَالُ الرَّأْيِ ابْنُ يَحْيَى الْبَصْرِيُّ فِي وَقْفِهِ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَبَاعَهَا فَوَقَفَهَا الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ أَدَّى الْغَاصِبُ ضَمَانَهَا حَتَّى مَلَكَهَا قَالَ : يَنْفُذُ وَقْفُهُ عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِحْسَانِ فَالْعِتْقُ أَوْلَى ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي ) جَوَابٌ عَنْ الثَّالِثِ ا هـ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ بَيْعُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إلَخْ وَكَذَا لَوْ وَهَبَهُ مَوْلَاهُ لِلْغَاصِبِ أَوْ

تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مَاتَ فَوَرِثَهُ فَهَذَا كُلُّهُ يُبْطِلُ الْمِلْكَ الْمَوْقُوفَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُ الْبَاتِّ مَعَ الْمَوْقُوفِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ عَلَى وَجْهٍ يَطْرَأُ فِيهِ الْبَاتُّ وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ فِيهِ مِلْكٌ بَاتٌّ وَعَرَضَ مَعَهُ الْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ بِالْإِجَازَةِ ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَفَرَّقَ الزَّاهِدُ الْعَتَّابِيُّ بَيْنَ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ حَيْثُ يَنْفُذُ بِالْإِجَازَةِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ الثَّانِي حَيْثُ لَا يَنْفُذُ بِإِجَازَةِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَقَالَ : إنَّ بِالْعِتْقِ يَنْتَهِي الْمِلْكُ وَالْمُنْتَهِي مُتَقَرِّرٌ حُكْمًا وَمَا كَانَ مُقَرِّرًا لِلشَّيْءِ كَانَ مِنْ حُقُوقِهِ فَيَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُقَرِّرٍ لِلْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إنْهَاءُ الْمِلْكِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ حُقُوقِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِهِ وَحَقِيقَةُ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ أَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ ضِدُّ الْمِلْكِ وَالشَّيْءُ لَا يَتَوَقَّفُ بِتَوَقُّفِ ضِدِّهِ أَمَّا الْعِتْقُ فَمُقَرِّرٌ لِلْمِلْكِ وَمُقَرِّرُ الشَّيْءِ جَازَ أَنْ يَتَوَقَّفَ بِتَوَقُّفِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ أَعْتَقَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ وَلَوْ بَاعَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ الْمَوْقُوفُ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ ) وَفِي صُورَةِ إعْتَاقِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَمْ يَطْرَأْ الْمِلْكُ الْبَاتُّ عَلَى الْمِلْكِ الْمَوْقُوفِ فَنَفَذَ إعْتَاقُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ الْوَلَاءُ لَهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْبَاتَّ فِيهِ مَوْجُودٌ إلَخْ ) هَذِهِ مُغَالَطَةٌ بَيَانُهَا فِي الْعِنَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ ) أَيْ فِي الْمُغَالَطَةِ الْمَذْكُورَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِذَا أَجَازَ الْمَالِكُ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ ) أَيْ بَيْعَ الْغَاصِبِ لِلْفُضُولِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ يَثْبُتُ لِلْفُضُولِيِّ ) وَهُوَ

الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذْ هُوَ فُضُولِيٌّ أَيْضًا لِبَيْعِهِ مِلْكَ غَيْرِهِ ا هـ وَقَوْلُهُ فَالْمِلْكُ الْبَاتُّ الَّذِي بِخَطِّهِ فَالْمِلْكُ الثَّابِتُ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ ) أَيْ وَهُوَ الْمِلْكُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَبَعْدُ فَالْمُقَدِّمَةُ الْقَائِلَةُ فِي كَلَامِ مُحَمَّدٍ الْمُصَحِّحُ لِلْإِعْتَاقِ الْمِلْكُ الْكَامِلُ لَمْ يُصَرَّحْ فِيهَا بِدَفْعٍ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَخْرَجَ مِنْ الدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ مَنْعُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مِلْكٍ كَامِلٍ وَقْتَ ثُبُوتِهِ بَلْ وَقْتَ نَفَاذِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ا هـ قَوْلُهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ ) أَيْ عَنْ الْمَالِكِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالضَّرَرُ فِي النَّفَاذِ ) أَيْ لَا فِي تَوَقُّفِهِ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأُجِيزَ فَأَرْشُهُ لِمُشْتَرِيهِ ) أَيْ لَوْ قُطِعَتْ يَدُ عَبْدٍ بَاعَهُ الْفُضُولِيُّ ، ثُمَّ أَجَازَ مَالِكُهُ الْبَيْعَ يَكُونُ أَرْشُ الْيَدِ لِلْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْقَطْعَ وَرَدَ عَلَى مِلْكِهِ وَعَلَى هَذَا كُلُّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ كَسْبٍ أَوْ وَلَدٍ أَوْ عُقْرٍ قَبْلَ الْإِجَازَةِ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذَكَرْنَا وَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى مُحَمَّدٍ وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الْمِلْكَ مِنْ وَجْهٍ يَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِ الزَّوَائِدِ كَالْمُكَاتَبِ إذَا قُطِعَتْ يَدُهُ فَأَخَذَ الْأَرْشَ ، ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمَوْلَى وَكَذَا إذَا قُطِعَتْ يَدُ الْمَبِيعِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَأَجَازَ الْبَيْعَ يَكُونُ الْأَرْشُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ اسْتِنَادِ مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ لِافْتِقَارِهِ إلَى الْمِلْكِ الْكَامِلِ وَمَعَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي وَبِخِلَافِ مَا إذَا غَصَبَ عَبْدًا فَقُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَهُ ، ثُمَّ ضَمِنَ قِيمَتَهُ حَيْثُ لَا يَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْغَصْبَ لَيْسَ بِسَبَبٍ مَوْضُوعٍ لِلْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ضَرُورَةً عَلَى مَا بَيَّنَّا فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الزَّوَائِدِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ ) ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ حَقِيقَةً وَقْتَ الْقَطْعِ وَإِنَّمَا ثَبَتَ بِطَرِيقِ الِاسْتِنَادِ فَكَانَ ثَابِتًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَلِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِهِ فَيَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ وَيَطِيبُ لَهُ قَدْرُ نِصْفِ الثَّمَنِ ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدِ قَامَ مَقَامَ نِصْفِ الثَّمَنِ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ أَرْشَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ فِي الْحُرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي الْعَبْدِ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَاَلَّذِي دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ مَا هُوَ كَائِنٌ بِمُقَابَلَةِ الثَّمَنِ فَمَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الثَّمَنِ يَكُونُ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ أَوْ

فِيهِ شُبْهَةُ عَدَمِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَا يَثْبُتُ لَهُ يَوْمَ قَطْعِ الْيَدِ حَقِيقَةً .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَأُجِيزَ إلَخْ ) عُلِمَ أَنَّ قَطْعَ الْيَدِ لَا يَمْنَعُ الْإِجَازَةَ لِقِيَامِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ الْعَبْدُ أَوْ قُتِلَ بَطَلَتْ الْإِجَازَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ ضَرُورَةً ) أَيْ فِي الْمُتَّصِلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ شُبْهَةَ عَدَمِ الْمِلْكِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِشُبْهَةِ الْعَدَمِ اعْتِبَارٌ يَنْبَغِي أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ الْأَرْشِ لَا بِالْفَضْلِ وَحْدَهُ قَالَ فَخْرُ الدِّينِ قَاضِي خَانْ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَ الْعَبْدَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ ، ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى بَيْعَ الْغَاصِبِ كَانَ الْأَرْشُ لِلْعَبْدِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ) فَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ وَأَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ لَمْ يُقْبَلْ لِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بِالتَّنَاقُضِ إذْ إقْدَامُهُمَا عَلَى الْعَقْدِ وَهُمَا عَاقِلَانِ اعْتِرَافٌ مِنْهُمَا بِصِحَّتِهِ وَنَفَاذِهِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْعَاقِلِ الْمُسْلِمِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ النَّافِذِ وَالْبَيِّنَةُ لَا تَنْبَنِي إلَّا عَلَى دَعْوَى صَحِيحَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ الدَّعْوَى لَا تُقْبَلُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا ادَّعَاهُ رَجُلٌ فَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ فَأَخَذَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِإِقْرَارِهِ ، ثُمَّ أَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لِلْمُسْتَحِقِّ يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ حَقَّ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَفِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ وَشَرْطُ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ أَنْ لَا تَكُونَ الْعَيْنُ سَالِمَةً لِلْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَرَجَعَ فِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ وَقِيلَ : اخْتَلَفَ الْجَوَابُ لِاخْتِلَافِ الْوَضْعِ فَمَوْضُوعُ مَا ذُكِرَ هُنَا فِيمَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ قَبْلَ الْبَيْعِ بِأَنَّ الْمَبِيعَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَإِقْدَامُهُ عَلَى الشِّرَاءِ يَنْفِي ذَلِكَ فَيَكُونُ مُتَنَاقِضًا فَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَمَوْضُوعُ مَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ فِيمَا إذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ أَقَرَّ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَصِيرُ مُتَنَاقِضًا فَتُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ قَوْلُهُ ( وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِذَلِكَ ) فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ ( عِنْدَ الْقَاضِي ) بِأَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ ( بَطَلَ الْبَيْعُ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ) ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ

التُّهْمَةِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَاعِدَهُ فِيهِ فَيَتَحَقَّقُ الِاتِّفَاق بَيْنَهُمَا فَيُنْتَقَضُ فِي حَقِّهِمَا لَا فِي حَقِّ رَبِّ الْعَبْدِ إنْ كَذَّبَهُمَا وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَمَرَهُ فَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ فِي حَقِّهِ يُطَالَبُ الْبَائِعُ بِالثَّمَنِ عِنْدَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ بِالتَّصَادُقِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَهُ أَنْ يُطَالِبَهُ فَإِذَا أَدَّى رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ إبْرَاءَ الْوَكِيلِ الْمُشْتَرِيَ عَنْ الثَّمَنِ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا وَيَضْمَنُ لِلْمُوَكِّلِ وَعِنْدَهُ لَا يَصِحُّ وَلَوْ كَانَ بِالْعَكْسِ بِأَنْ أَنْكَرَ الْمَالِكُ التَّوْكِيلَ وَتَصَادَقَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ الْبَيِّنَةَ لَزِمَهُ وَإِلَّا اُسْتُحْلِفَ الْمَالِكُ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ ؛ لِأَنَّ النُّكُولَ كَالْإِقْرَارِ وَلَوْ غَابَ الْمَالِكُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ فَسَخَ الْقَاضِي الْبَيْعَ بَيْنَهُمَا ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ مَوْقُوفًا فَإِنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي تَأْخِيرَ الْفَسْخِ لِيُحَلِّفَ الْمَالِكَ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ يُؤَخَّرْ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ قَدْ تَحَقَّقَ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ لِأَجْلِ الْيَمِينِ فَلَوْ حَضَرَ الْمَالِكُ وَحَلَفَ أَخَذَ الْعَبْدَ وَإِنْ نَكَلَ عَادَ الْبَيْعُ وَلَوْ كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا وَغَابَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَأْخُذْ الْعَبْدَ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحَّ ظَاهِرًا فَلَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ عَلَى الْغَائِبِ بِفَسْخِهِ وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْعَبْدِ أَنَّهُ مَا أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ أَمْرُهُ وَإِنْ حَلَفَ ضَمِنَ الْبَائِعُ وَنَفَذَ بَيْعُهُ كَالْغَاصِبِ إذَا بَاعَ الْمَغْصُوبَ ، ثُمَّ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ وَلَوْ مَاتَ الْمَالِكُ قَبْلَ حُضُورِهِ فَوَرِثَهُ الْبَائِعُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمَالِكِ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ لَمْ تُقْبَلْ لِمَا بَيَّنَّا مِنْ التَّنَاقُضِ وَلَوْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ مُشْتَرِيهِ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ تُقْبَلُ

بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَامَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ حَالَ حَيَاةِ الْمَالِكِ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ أَصْلٌ فِيهِ فَيَمْتَنِعُ بِالتَّنَاقُضِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ نَائِبٌ عَنْ الْمَيِّتِ وَالْمَيِّتُ لَوْ ادَّعَى بِنَفْسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَا يَكُونُ مُنَاقِضًا فَكَذَا نَائِبُهُ وَلَوْ وَرِثَهُ الْبَائِعُ وَغَيْرُهُ فَإِنْ ادَّعَى غَيْرُهُ جُحُودَ الْمَالِكِ تُسْمَعُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ مَا يُجْعَلُ مُنَاقِضًا بِخِلَافِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ حَيْثُ يَكُونُ مُنَاقِضًا وَلِمُشْتَرِيهِ أَنْ يُحَلِّفَهُ بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمَوْلَى أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الْأَمْرُ وَإِنْ حَلَفَ أَخَذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ وَخُيِّرَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا أَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْعَبْدَ مَلَكَ الْأَمْرَ وَلَوْ أَنْكَرَ لَغَا قَوْلُ الْآمِرِ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مِلْكِهِ وَلَغَا تَوْكِيلُ بَائِعِهِ فِي خُصُومَتِهِ كَيْ لَا يَصِيرَ الْبَائِعُ سَاعِيًا فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ : وَإِنْ وَقَعَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلَيْسَ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ مِنْ رَجُلٍ فَأَقَامَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ مَالِكُهُ بِبَيْعِهِ أَوْ أَقَامَ عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ ذَلِكَ وَأَرَادَ بِذَلِكَ رَدَّ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذِهِ الْبَيِّنَةَ لَا تُقْبَلُ لِلتَّنَاقُضِ عَلَى الدَّعْوَى إذْ الْإِقْدَامُ عَلَى الشِّرَاءِ دَلِيلُ دَعْوَاهُ صِحَّتَهُ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ بَيْعَهُ وَدَعْوَاهُ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الْأَمْرِ تُنَاقِضُهُ إذْ هُوَ دَلِيلٌ أَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَمْلِكْ الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَقَبُولُ الْبَيِّنَةِ يَنْبَنِي عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى فَحَيْثُ لَمْ تَصِحَّ لَمْ تُقْبَلْ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ بَلْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِبَيْعِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي : أَمَرَك أَوْ ادَّعَى عَدَمَ الْأَمْرِ فَادَّعَى الْبَائِعُ الْأَمْرَ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الْأَمْرَ ؛ لِأَنَّ الْآخَرَ مُنَاقِضٌ إذْ إقْدَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ دَلِيلُ اعْتِرَافِهِ بِالصِّحَّةِ وَقَدْ نَاقَضَ بِدَعْوَاهُ عَدَمَ الْأَمْرِ بِخِلَافِ الْآخَرِ وَلِذَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْلَافَ يَتَرَتَّبُ عَلَى الدَّعْوَى الصَّحِيحَةِ لَا الْبَاطِلَةِ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الزِّيَادَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَبَرْهَنَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ا هـ ع ( قَوْلُهُ أَوْ رَبُّ الْعَبْدِ ) أَيْ أَوْ بَرْهَنَ الْمُشْتَرِي عَلَى إقْرَارِ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ الْبَائِعَ بِالْبَيْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهَذَا يُشْكِلُ بِمَا ذُكِرَ فِي الزِّيَادَاتِ إلَخْ ) صُورَةُ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ اشْتَرَى جَارِيَةً وَقَبَضَهَا وَنَقَدَ الثَّمَنَ ، ثُمَّ ادَّعَاهَا مُسْتَحِقٌّ كَانَ الْمُشْتَرِي خَصْمًا ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِيهَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي أُمِرَ بِتَسْلِيمِهَا وَلَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا لَهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا

لَوْ جَحَدَ دَعْوَاهُ فَخُلِّفَ فَنَكَلَ فَقَضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ لَيْسَ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَإِقْرَارِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : أَيْ فَرَّقَ الْمَشَايِخُ بَيْنَ رِوَايَتَيْ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَالزِّيَادَاتِ فَقَالُوا : إنَّ الْعَبْدَ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْعَبْدِ أَنَّ الْبَيْعَ كَانَ بِغَيْرِ أَمْرٍ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَشَرْطُ الرُّجُوعِ عَدَمُ سَلَامَةِ الْعَيْنِ لِلْمُشْتَرِي وَالْعَيْنُ سَالِمَةٌ لَهُ ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَوُجِدَ شَرْطُ الرُّجُوعِ فَقُبِلَتْ الْبَيِّنَةُ وَلَنَا فِي هَذَا الْفَرْقِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْعَبْدَ فِي يَدِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ حِينَئِذٍ ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ فِي الدَّعْوَى مَوْجُودٌ لَا مَحَالَةَ كَمَا بَيَّنَّا وَمَبْنَى الْبَيِّنَةِ عَلَى صِحَّةِ الدَّعْوَى فَلَمْ تَصِحَّ فَلَا تَصِحُّ الْبَيِّنَةُ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : إنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَلِهَذَا لَمْ تُقْبَلْ الْبَيِّنَةُ لِلتَّنَاقُضِ وَفِي مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَلْزَمْ التَّنَاقُضُ وَهَذَا مَحْمَلٌ صَحِيحٌ وَلِهَذَا لَمْ يَقْبَلْ الْبَيِّنَةَ فِي الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَهُ بَابٌ إلَى تَمَامِ الْكِتَابِ عَلَى تَرْتِيبِ مُحَمَّدٍ حَيْثُ قَالَ : رَجُلٌ بَاعَ شَيْئًا لِرَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ : إنَّ صَاحِبَهُ لَمْ يَأْمُرْنِي بِهِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي : بَلْ أَمَرَ بِهِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي يَدَّعِي الْأَمْرَ ؛

لِأَنَّ الْمُعَاقَدَةَ بَيْنَهُمَا دَلِيلٌ عَلَى نَفَاذِهِ وَصِحَّتِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا خِلَافَ ذَلِكَ بَطَلَ لِلتَّنَاقُضِ وَلِأَنَّهُ سَعَى فِي نَقْضِ مَا أَوْجَبَهُ فَبَطَلَ فَإِنْ أَرَادَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا الْفَسْخَ بِأَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ صَاحِبِهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ لَمْ يَأْمُرْ بِالْبَيْعِ أَوْ أَرَادَ يَمِينَ صَاحِبِهِ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى بَطَلَتْ لِمَا قُلْنَا فَبَطَلَ مَا يَبْتَنِي عَلَى ذَلِكَ ا هـ وَقَوْلُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا إلَخْ هَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا هُوَ فَرْقُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَنْظُورٌ فِيهِ بِأَنَّ وَضْعَ مَسْأَلَةِ الزِّيَادَاتِ أَيْضًا فِي أَنَّ الْجَارِيَةَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَسْمَعْتُك وَالْأَوْلَى مَا ذُكِرَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْجَامِعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَمَّا إذَا أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ أَنَّ رَبَّ الْعَبْدِ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْبَيْعِ فَتُقْبَلُ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّرَاءِ يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ إقْرَارَ الْبَائِعِ بَعْدَ الْأَمْرِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَا يُنَاقِضُ دَعْوَاهُ إقْرَارَهُ بِعَدَمِ الْأَمْرِ بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ : وَمَسْأَلَةُ الزِّيَادَاتِ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذَا أَيْضًا فَتَقَعُ الْغُنْيَةُ عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ا هـ وَقِيلَ : مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ مَحْمُولَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْبَائِعِ أَوْ رَبِّ الْعَبْدِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَمْ تُقْبَلْ لِلتَّنَاقُضِ وَالزِّيَادَاتِ عَلَى الْإِقْرَارِ بَعْدَ الْبَيْعِ فَلَمْ يَلْزَمْ التَّنَاقُضُ فَقُبِلَتْ وَمِمَّا يُنَاسِبُ الْمَسْأَلَةَ بَاعَ عَبْدَ غَيْرِهِ بِلَا أَمْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْ مَوْلَاهُ ، ثُمَّ أَقَامَ الْبَائِعُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ مَوْلَاهُ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ وَرِثَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ مُحَمَّدٌ : تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيَبْطُلُ

الْبَيْعُ الْأَوَّلُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ) أَيْ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ ) قَالَ الْكَمَالُ : بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ الْبَائِعُ عِنْدَ الْقَاضِي بِذَلِكَ حَيْثُ يَحْكُمُ بِالْبُطْلَانِ وَالرَّدِّ إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ التَّنَاقُضَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ وَلِهَذَا صَحَّ إقْرَارُهُ بِالشَّيْءِ بَعْدَ إنْكَارِهِ إيَّاهُ إلَّا أَنَّ الْإِقْرَارَ حُجَّةٌ قَاصِرَةٌ يَعْنِي إنَّمَا يَنْفُذُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ خَاصَّةً فَإِذَا وَافَقَهُ الْمُشْتَرِي نَفَذَ عَلَيْهِمَا فَلِذَا شُرِطَ طَلَبُ الْمُشْتَرِي حَتَّى يَكُونَ نَقْضًا بِاتِّفَاقِهِمَا لَا بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ مِنْ فَسْخِ الْقَاضِي أَنَّهُ يَمْضِي إقْرَارُهُمَا أَمَّا أَنَّ الْفَسْخَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَضَاءِ فَلَا ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِقْرَارِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ إلَخْ ) فَإِنَّ مَنْ أَنْكَرَ شَيْئًا ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ صَحَّ إقْرَارُهُ بِخِلَافِ الدَّعْوَى ا هـ ( قَوْلُهُ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يُسَاعِدَهُ ) أَيْ يُوَافِقَهُ فِيهِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَيَتَحَقَّقُ ) أَيْ بُطْلَانُ الْبَيْعِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فَيُنْتَقَضُ فِي حَقِّهِمَا لَا فِي حَقِّ رَبِّ الْعَبْدِ إنْ كَذَّبَهُمَا ) قَالَ الْكَمَالُ : وَفُرُوعُهَا أَنَّ صَاحِبَ الْعَبْدِ لَوْ حَضَرَ وَصَدَّقَهُمَا نَفَذَ الْفَسْخُ فِي حَقِّهِ وَتَقَرَّرَ وَإِنْ كَذَّبَهُمَا وَقَالَ : كُنْت أَمَرْتُهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ إقْدَامَهُمَا إقْرَارٌ مِنْهُمَا بِالْأَمْرِ فَلَا يَعْمَلُ رُجُوعُهُمَا فِي حَقِّهِ وَيَغْرَمُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لَهُ وَيَكُونُ الْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ لَا لَهُ وَيَبْطُلُ عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْآمِرِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ بِالْبَيْعِ يَمْلِكُ إبْرَاءَ الْمُشْتَرِي عَنْ الثَّمَنِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62