كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

الصَّوْمِ وَشَرْطِهِ أَمَّا رُكْنُهُ فَهُوَ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرَاتِ الثَّلَاثِ نَهَارًا وَأَمَّا شَرْطُهُ فَهُوَ النِّيَّةُ وَالطَّهَارَةُ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يَدُلُّ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ انْتِهَاؤُهُ وَقَوْلُهُ إذَا صُمْت يَوْمًا نَظِيرُ قَوْلِهِ إنْ حِضْت حَيْضَةً وَقَوْلُهُ إذَا صُمْت نَظِيرَ قَوْلِهِ إنْ حِضْت ا هـ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَنَظِيرُ إذَا صُمْت يَوْمًا إذَا صُمْت صَوْمًا لَا يَقَعُ إلَّا بِتَمَامِ يَوْمٍ ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِمِعْيَارٍ وَفِي إذَا صَلَّيْت صَلَاةً يَقَعُ بِرَكْعَتَيْنِ وَفِي إذَا صَلَّيْت يَقَعُ بِرَكْعَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ إنْ صُمْت يَوْمًا ) الَّذِي فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي إذَا صُمْت يَوْمًا ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ حِضْت ) فَإِنَّهُ يَكُونُ بِدْعِيًّا لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ ا هـ وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفِي إنْ وَلَدْت وَلَدًا ذَكَرًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت أُنْثَى فَثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْهُمَا وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا وَمَضَتْ الْعِدَّةُ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ وَلَدْت غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ وَلَدْت جَارِيَةً فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً وَلَمْ يُدْرَ الْأَوَّلُ تَلْزَمُهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ قَضَاءً وَفِي الِاحْتِيَاطِ ثِنْتَانِ تَنَزُّهًا وَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ لِأَنَّهُ يَمِينَانِ فَأَيَّهُمَا وَلَدَتْ أَوَّلًا يَحْنَثُ بِهِ وَيَقَعُ جَزَاؤُهُ فَتَكُونُ مُعْتَدَّةً وَانْقِضَاؤُهَا بِوَضْعِ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِهِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ الْأُخْرَى بِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَارِنَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْغُلَامُ أَوَّلًا وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ آخِرًا فَثِنْتَانِ فَالْوَاحِدَةُ مُتَيَقَّنٌ بِهَا فَتَلْزَمُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِالشَّكِّ وَالتَّنَزُّهُ أَنْ يَقَعَ ثِنْتَانِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهِمَا بِتَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهُمَا وَاحِدَةً غَيْرَهَا أَوْ كَانَتْ أَمَةً لَا يَرُدُّهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ وِلَادَةً وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ بِيَقِينٍ هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمَا أَيَّهُمَا الْأَوَّلَ وَإِنْ عَلِمَا الْأَوَّلَ مِنْهُمَا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَإِنْ وَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَتَيْنِ وَلَا يَدْرِي الْأَوَّلَ مِنْهُمْ يَقَعُ ثِنْتَانِ فِي الْقَضَاءِ وَفِي التَّنَزُّهِ ثَلَاثٌ لِأَنَّ الْغُلَامَ إنْ كَانَ أَوَّلًا أَوْ وَسَطًا تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَاحِدَةٌ بِالْغُلَامِ وَثِنْتَانِ بِالْجَارِيَةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَنْقَضِي مَا بَقِيَ فِي الْبَطْنِ وَلَدٌ وَإِنْ كَانَ الْغُلَامُ آخِرًا يَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْجَارِيَةِ الْأُولَى وَلَا يَقَعُ بِالثَّانِيَةِ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِهَا قَدْ

انْحَلَّتْ بِالْأُولَى وَلَا يَقَعُ بِوِلَادَةِ الْغُلَامِ أَيْضًا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَتَرَدَّدَ بَيْنَ ثَلَاثٍ وَثِنْتَيْنِ فَيُحْكَمُ بِالْأَقَلِّ قَضَاءً وَبِالْأَكْثَرِ تَنَزُّهًا وَلَوْ وَلَدَتْ غُلَامَيْنِ وَجَارِيَةً لَزِمَهُ وَاحِدَةٌ فِي الْقَضَاءِ وَثَلَاثٌ فِي التَّنَزُّهِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْغُلَامَانِ أَوَّلًا وَقَعَتْ بِالْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ وَلَا يَقَعُ بِالثَّانِي شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِهِ قَدْ انْحَلَّتْ وَلَا يَقَعُ بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ أَيْضًا شَيْءٌ ؛ لِأَنَّهُ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أَوَّلًا أَوْ وَسَطًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَاحِدَةٌ بِوِلَادَةِ أَوَّلِ الْغُلَامَيْنِ وَثِنْتَانِ بِوِلَادَةِ الْجَارِيَةِ فَتَرَدَّدَ بَيْنَ وَاحِدَةٍ وَثَلَاثٍ فَيَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ قَضَاءً وَالْأَكْثَرُ تَنَزُّهًا ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا وَجَارِيَةً لَمْ تَطْلُقْ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِلْكُلِّ فَمَا لَمْ يَكُنْ الْكُلُّ جَارِيَةً أَوْ غُلَامًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك غُلَامًا وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ مَا عَامَّةٌ ، وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي بَطْنِك وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَقَعَ ثَلَاثٌ .

( قَوْلُهُ تَطْلُقُ وَاحِدَةً قَضَاءً وَثِنْتَيْنِ تَنَزُّهًا ) قَالَ الْكَمَالُ وَمَا عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ مَعًا قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَوَّلَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً غَيْرَ أَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ وِلَادَتَهُمَا مَعًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ الْوِلَادَةُ لَيْلًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَفِي الِاحْتِيَاطِ ثِنْتَانِ تَنَزُّهًا ) قَالَ الْعَلَّامَةُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُقَالُ تَنَزَّهَ الْقَوْمُ إذَا بَعُدُوا مِنْ الرِّيفِ إلَى الْبَدْوِ فَأَمَّا النُّزْهَةُ فِي كَلَامِ الْعَامَّةِ فَإِنَّهَا مَوْضُوعَةٌ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا ؛ لِأَنَّهُمْ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ النُّزْهَةَ حُضُورُ الْأَرْيَافِ وَالْمِيَاهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَذَا فِي الْجَمْهَرَةِ وَالْمُرَادُ هُنَا التَّبَاعُدُ عَنْ السُّوءِ وَعَنْ مَظَانِّ الْحُرْمَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَارِنَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لَا يَقَعُ ) ؛ لِأَنَّهُ حَالَ الزَّوَالِ وَالْمُزِيلُ لَا يَعْمَلُ حِينَ الزَّوَالِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَلَا تَلْزَمُهُ الزِّيَادَةُ بِالشَّكِّ ) قَالَ فِي الشَّامِلِ وَلَا رَجْعَةَ وَلَا تَوَارُثَ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ تَنْقَضِي بِوَضْعِ الثَّانِي مِنْهَا فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ وَالْإِرْثُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ تَقَدُّمِ الْجَارِيَةِ وِلَادَةً وَالْعِدَّةُ مُنْقَضِيَةٌ بِيَقِينٍ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْجَارِيَةِ وَلَوْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْغُلَامِ ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عِدَّتُهَا وَضْعُ الْحَمْلِ بِالنَّصِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُك غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَثِنْتَيْنِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْجَامِعِ لَوْ قَالَ إنْ وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فَوَلَدَتْ غُلَامًا يَقَعُ الثَّلَاثُ لِوُجُودِ

الشَّرْطَيْنِ لِأَنَّ الْمُطْلَقَ مَوْجُودٌ فِي الْمُقَيَّدِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك غُلَامًا إلَخْ ) ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ كَانَ مَا فِي هَذَا الْعِدْلِ حِنْطَةً فَهِيَ طَالِقٌ أَوْ دَقِيقًا فَطَالِقٌ فَإِذَا فِيهِ حِنْطَةٌ وَدَقِيقٌ لَا تَطْلُقُ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمِلْكُ يُشْتَرَطُ لِآخِرِ الشَّرْطَيْنِ ) يَعْنِي إذَا كَانَ الشَّرْطُ ذَا وَصْفَيْنِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت دَارَ زَيْدٍ وَدَارَ عَمْرٍو أَوْ قَالَ لَهَا إنْ كَلَّمْت أَبَا عَمْرٍو وَأَبَا يُوسُفَ فَأَنْتِ طَالِقٌ يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ يَكُونَ آخِرُهُمَا فِي الْمِلْكِ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطَيْنِ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ وُجِدَ أَحَدُ الشَّرْطَيْنِ وَهِيَ مُبَانَةٌ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَ الشَّرْطَ الْآخَرَ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَطْلُقُ حَتَّى يُوجَدَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الْمِلْكِ اعْتِبَارًا لَهُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي ، وَهَذَا لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِهِمَا ثُمَّ الْمِلْكُ يُشْتَرَطُ عِنْدَ وُجُودِ الثَّانِي فَكَذَا عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَنَا أَنَّ حَالَ وُجُودِ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ حَالُ الْبَقَاءِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمِلْكُ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَقْتَ التَّعْلِيقِ لِيَكُونَ الْجَزَاءُ غَالِبَ الْوُجُوبِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَيُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِيَنْزِلَ الْجَزَاءُ وَفِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ حَالُ الْبَقَاءِ وَبَقَاءُ الْيَمِينِ بِذِمَّةِ الْحَالِفِ بِإِيجَابِ الْبِرِّ عَلَى نَفْسِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمِلْكُ ، وَهَذَا كَالنِّصَابِ يُشْتَرَطُ عِنْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ وَعِنْدَ الْوُجُودِ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَتَنْقَسِمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَقْلًا إلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ إمَّا أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطَانِ فِي الْمِلْكِ فَيَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يُوجَدَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ يُوجَدَ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ إلَّا عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى أَوْ يُوجَدَ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي الْمِلْكِ وَهِيَ الْخِلَافِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ .

( قَوْلُهُ حَتَّى يُوجَدَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الْمِلْكِ اعْتِبَارًا لَهُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي إلَخْ ) فَإِنَّ الْمِلْكَ شَرْطٌ فِيهِ حَتَّى لَوْ وُجِدَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ لَا يَنْزِلُ الْجَزَاءُ فَكَذَا إذَا وُجِدَ الْأَوَّلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَنْزِلَ الْجَزَاءُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبَقَاءُ الْيَمِينِ بِذِمَّةِ الْحَالِفِ إلَخْ ) وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْمِلْكُ وَزَمَانُ نُزُولِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَتِنَا زَمَانُ وُجُودِ الشَّرْطِ الثَّانِي فَيُشْتَرَطُ الْمِلْكُ عِنْدَهُ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُوجَدَ الشَّرْطَانِ ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ ؛ لِأَنَّ كَلَامَ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ كَلَامُهُمَا جَمِيعًا فَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَلَامَيْنِ شَرْطًا تَامًّا لَوَقَعَ الطَّلَاقُ إذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَلَا يَنْزِلُ الْجَزَاءُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطُ فِي الْمِلْكِ فَعُلِمَ أَنَّ تَمَامَ الشَّرْطِ كَلَامُهُمَا جَمِيعًا فَافْهَمْ كَذَا قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعْلُهُ فِي الْكَنْزِ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ مِنْ تَعَدُّدِ الشَّرْطِ لَيْسَ بِذَاكَ لِأَنَّ تَعَدُّدَهُ بِتَعَدُّدِ فِعْلِ الشَّرْطِ وَلَا تَعَدُّدَ فِي الْفِعْلِ هُنَا بَلْ فِي مُتَعَلِّقِهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ تَعَدُّدُهُ تَعَدُّدَهُ فَإِنَّهَا لَوْ كَلَّمَتْهُمَا مَعًا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَغَايَتُهُ تَعَدُّدٌ بِالْقُوَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ يُوجَدَا فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ ) أَيْ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ وَالْجَزَاءُ لَا يَنْزِلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ بِالِاتِّفَاقِ ) أَيْ لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ وَالْجَزَاءُ لَا يَنْزِلُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ ) قَالَ فِي الْكَافِي أَوْ وُجِدَ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ إجْمَاعًا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ وَهُوَ الطَّلَاقُ لَا

يَقَعُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا عِنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ) قَالَ فِي الْكَافِي أَوْ وُجِدَ الْأَوَّلُ فِي الْمِلْكِ وَالثَّانِي فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَلَا يَقَعُ إجْمَاعًا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْجَزَاءَ وَهُوَ الطَّلَاقُ لَا يَقَعُ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُبْطِلُ تَنْجِيزُ الثَّلَاثِ تَعْلِيقَهُ ) أَيْ يُبْطِلُ تَنْجِيزُ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ تَعْلِيقًا كَانَ عَلَّقَهُ مِنْ قَبْلُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ثُمَّ يُنَجِّزُ الثَّلَاثَ بَطَلَ الْمُعَلَّقُ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ فَدَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ خِلَافًا لِزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ يَقُولُ إنَّ الْمُعَلَّقَ مُطْلَقُ الطَّلَاقِ لَا طَلَاقُ اللَّفْظِ وَقَدْ بَقِيَ احْتِمَالُ الْوُقُوعِ بَعْدَ تَنْجِيزِ الثَّلَاثِ فَبَقِيَ الْيَمِينُ فَيَنْزِلُ الْجَزَاءُ عِنْدَ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ وُجِدَ فِي الْمِلْكِ بَعْدَ صِحَّةِ الْيَمِينِ وَتَخَلُّلُ زَوَالِ الْمَحَلِّ لَا يُخِلُّ كَمَا لَا يُخِلُّ تَخَلُّلُ زَوَالِ الْمِلْكِ وَكَيْفَ يُقَالُ يُبْطِلُ التَّنْجِيزُ التَّعْلِيقَ وَمَا صَادَفَهُ التَّنْجِيزُ غَيْرُ مَا صَادَفَهُ التَّعْلِيقُ ؛ لِأَنَّ مَا صَادَفَهُ التَّنْجِيزُ طَلَاقٌ وَمَا صَادَفَهُ التَّعْلِيقُ مَا سَيَصِيرُ طَلَاقًا وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ وَلَا سَبَبٍ لَهُ فِي الْحَالِ وَلِهَذَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالْمِلْكِ فِي الْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ وَإِنْ عَدِمَ الْحِلَّ فَلَأَنْ يَبْقَى أَوْلَى وَلَنَا أَنَّ الْجَزَاءَ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يُعْقَدُ لِطَلَاقٍ يَصْلُحُ جَزَاءً وَاَلَّذِي يَصْلُحُ جَزَاءً طَلَاقٌ يَحْصُلُ بِهِ مَقْصُودُ الْحَالِفِ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الْمَنْعُ عَنْ تَحْصِيلِ الشَّرْطِ أَوْ الْحَمْلُ عَلَى إعْدَامِ الشَّرْطِ ، وَهَذَا الْمَقْصُودُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ وَطَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ اتَّصَفَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ لِكَوْنِهَا مَوْجُودَةً وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهَا عِنْدَ الشَّرْطِ فَيَحْصُلُ مَعْنَى التَّخْوِيفِ فَيَقَعُ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ أَمَّا طَلْقَاتُ مِلْكٍ سَيُوجَدُ يَنْدُرُ وُجُودُهُ عِنْدَ الشَّرْطِ فَلَا يَصْلُحُ جَزَاءً فِي يَمِينِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُهَا مُطْلَقُ التَّعْلِيقِ ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَ التَّعْلِيقِ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَصْلُحُ جَزَاءً لَا فِيمَا لَا يَصْلُحُ فَإِذَا ثَبَتَ

تَقْيِيدُ الْجَزَاءِ بِطَلْقَاتِ هَذَا الْمِلْكِ وَقَدْ فَاتَتْ بِالتَّنْجِيزِ فَيَبْطُلُ الْيَمِينُ ضَرُورَةً ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ الْيَمِينِ بِالشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ، وَلِأَنَّهَا بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ عَلَيْهَا خَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ وَفَوْتُ مَحَلِّ الْجَزَاءِ يُبْطِلُ الْيَمِينَ كَفَوْتِ مَحَلِّ الشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ جُعِلَتْ الدَّارُ بُسْتَانًا أَوْ حَمَّامًا لَا تَبْقَى الْيَمِينُ فَهَذَا مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ قُلْنَا لَهُ شُبْهَةُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَمِينٌ مُوجِبُهُ الْبِرُّ وَعِنْدَ فَوَاتِهِ مَضْمُونٌ بِالطَّلَاقِ فَلَا تَتَحَقَّقُ الشُّبْهَةُ إلَّا فِي مَحَلِّهِ كَالْحَقِيقَةِ ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا تَنْعَقِدُ ، وَلِأَنَّ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافَةً إلَى الْمِلْكِ وَلَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ هُنَا فَكَذَا انْعِقَادُهَا بِاعْتِبَارِ التَّطْلِيقَاتِ الْمَمْلُوكَاتِ لَهُ وَهِيَ مَحْصُورَةٌ بِالثَّلَاثِ وَقَدْ أُوقِعَ كُلُّهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَهُ مَا يَكُونُ مُخِيفًا لَهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فَإِنْ قِيلَ يَشْكُلُ هَذَا بِمَا إذَا طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ فَدَخَلَتْ حَيْثُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا وَبِمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ لَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ لَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لِيَمِينِهِ وَبِمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بَعْدَ مَا ظَاهَرَ مِنْهَا حَيْثُ يَبْقَى الظِّهَارُ وَإِنْ فَاتَ مَحَلُّهُ وَكَذَا إذَا قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ثُمَّ نَجَّزَ الثَّلَاثَ تَبْقَى الْيَمِينُ بِالظِّهَارِ وَإِنْ فَاتَ الْمَحَلُّ حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَدَخَلَتْ الدَّارَ صَارَ مُظَاهِرًا لَهَا قُلْنَا أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمَحَلَّ بَاقٍ بَعْدَ الثِّنْتَيْنِ إذْ الْمَحَلِّيَّةُ بِاعْتِبَارِ صِفَةِ الْحِلِّ وَهِيَ قَائِمَةٌ بَعْدَ الطَّلْقَتَيْنِ فَيَبْقَى الْيَمِينُ وَقَدْ اسْتَفَادَ مِنْ جِنْسِ

مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَيَسْرِي إلَيْهِ حُكْمُ الْيَمِينِ تَبَعًا وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ الْيَمِينُ عَلَيْهَا قَصْدًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْعَبْدَ بِصِفَةِ الرِّقِّ مَحَلٌّ لِلْعِتْقِ وَبِالْبَيْعِ لَمْ تَفُتْ تِلْكَ الصِّفَةُ حَتَّى لَوْ فَاتَتْ بِالْعِتْقِ لَمْ يَبْقَ الْيَمِينُ وَأَمَّا الثَّالِثُ فَلِأَنَّ الظِّهَارَ تَحْرِيمُ الْفِعْلِ لَا تَحْرِيمُ الْحِلِّ الْأَصْلِيِّ إلَّا أَنَّ قِيَامَ النِّكَاحِ مِنْ شَرْطِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ بَقَاؤُهُ لِبَقَاءِ الْمَشْرُوطِ كَالشُّهُودِ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ تَحْرِيمٌ لِلْحِلِّ الْأَصْلِيِّ وَقَدْ فَاتَ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ فَيَفُوتُ بِفَوَاتِ مَحَلِّهِ فَافْتَرَقَا وَلَوْ أَبَانَهَا بِطَلْقَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ الدَّارَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ طَلُقَتْ ثَلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَطْلُقُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ هَلْ يَهْدِمُ الطَّلْقَةَ وَالطَّلْقَتَيْنِ أَمْ لَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الرَّجْعَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ لَا تَظْهَرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ الْغَلِيظَةَ تَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الرَّدِّ طَلْقَةً وَاحِدَةً فَعِنْدَهُمَا لَا تَحْرُمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ تَحْرُمُ ، وَكَذَا تَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَدَخَلَتْ الدَّارَ بَعْدَ مَا رَدَّهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ تَطْلُقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً وَلَا تَثْبُتُ الْغَلِيظَةُ عِنْدَهُمَا وَتَثْبُتُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ لَهَا كُلَّمَا دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ مَرَّتَيْنِ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ ثُمَّ رَدَّهَا الْأَوَّلُ تَطْلُقُ كُلَّمَا دَخَلَتْ الدَّارَ إلَى أَنْ تَبِينَ

بِثَلَاثِ طَلْقَاتٍ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَطْلُقُ وَاحِدَةً وَتَبِينُ بِهِ وَكَذَا إذَا آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَبَانَتْ مِنْهُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ تَطْلُقُ كُلَّمَا رَدَّهَا وَمُضِيُّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَتَّى تَبِينَ بِثَلَاثٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَوْ وَقَعَتْ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ رَدَّهَا بَعْدَ زَوْجٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا يَقَعُ شَيْءٌ خِلَافًا لِزُفَرَ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ التَّنْجِيزِ عَلَى مَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ إلَخْ ) الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَعْلِيقُهُ رَاجِعٌ لِلزَّوْجِ وَلِذَا شَمِلَ تَعْلِيقَ الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ وَرَجَّعَهُ الْعَيْنِيُّ لِلثَّلَاثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ شَرْحِ الرَّازِيّ وَحِينَئِذٍ لَا يَشْمَلُ الْوَاحِدَةَ وَالثِّنْتَيْنِ وَصَنِيعُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَحْسَنُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ ا هـ قَوْلُهُ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ) الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَعْلِيقُهُ رَاجِعٌ لِلزَّوْجِ وَلِذَا شَمِلَ تَعْلِيقَ الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ وَرَجَّعَهُ الْعَيْنِيُّ لِلثَّلَاثِ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ شَرْحِ الرَّازِيّ وَحِينَئِذٍ لَا يَشْمَلُ تَعْلِيقَ الْوَاحِدَةِ وَالثِّنْتَيْنِ فَصَنِيعُ الشَّارِحِ أَحْسَنُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ الْجَزَاءَ طَلْقَاتُ هَذَا الْمِلْكِ ) لِمَا قَدَّمْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بِكَوْنِ الْجَزَاءِ غَالِبَ الْوُقُوعِ لِتَحَقُّقِ الْإِخَافَةِ وَالظَّاهِرُ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ عَدَمُ الْعَوْدِ ؛ لِأَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى التَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ عِنْدَ التَّزَوُّجِ بِهِ عَدَمُ فِرَاقِهَا وَعَوْدُهَا إلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ يُعْقَدُ لِلْعُمُرِ فَلَا يَكُونُ غَيْرُ الْمِلْكِ الْقَائِمِ مُرَادًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ تَقْيِيدِ الْإِطْلَاقِ بِهِ بِدَلَالَةِ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ أَعْنِي إرَادَةَ الْيَمِينِ وَأَيْضًا بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ خَرَجَتْ عَنْ الْمَحَلِّيَّةِ لَهُ وَإِنَّمَا تَحْدُثُ مَحَلِّيَّتُهَا بَعْدَ الثَّانِي فَصَارَ كَالْمُرْتَدَّةِ تَحْدُثُ مَحَلِّيَّتُهَا بِالْإِسْلَامِ وَبُطْلَانُ الْمَحَلِّيَّةِ لِلْجَزَاءِ يُبْطِلُ الْيَمِينَ كَفَوَاتِ مَحَلِّ الشَّرْطِ بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ فَجُعِلَتْ بُسْتَانًا أَوْ حَمَّامًا لَا يَبْقَى الْيَمِينُ فَهَذَا كَذَلِكَ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (

قَوْلُهُ لَا يُبْطِلُ الْيَمِينَ ) حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ بَعْدَ هَذَا فَدَخَلَ الدَّارَ عَتَقَ ا هـ ابْنُ فُرْشَتَا ( قَوْلُهُ وَبِالْبَيْعِ لَمْ تَفُتْ تِلْكَ الصِّفَةُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ زَوَالَ الْمِلْكِ بِعَرَضِيَّةِ الزَّوَالِ يَشْتَرِيهِ ثَانِيًا مِنْ مَالِكِهِ فَيُجْعَلُ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ ا هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ ) أَيْ ، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثَ بِالْجِمَاعِ بِأَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَجَامَعَهَا وَوَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ ثُمَّ لَبِثَ بَعْدَ الْإِدْخَالِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ بَعْدَ وُق وَعِ الثَّلَاثِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ ، وَكَذَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ بِأَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ جَامَعْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَجَامَعَهَا عَتَقَتْ إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ ثُمَّ إذَا لَبِثَ سَاعَةً لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْعُقْرُ ، وَلَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ أَوْلَجَهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ يَجِبُ الْعُقْرُ عَلَيْهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ بِاللُّبْثِ فِيهِمَا لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مَعْنًى بَعْدَ ثُبُوتِ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَالْحُرْمَةِ إذْ مَعْنَى الْجِمَاعِ حُصُولُ الِالْتِذَاذِ بِمُمَاسَّةِ الْفَرْجَيْنِ وَقَدْ وُجِدَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَاحِدٌ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فَكَانَ الْجِمَاعُ وَاحِدًا مِنْ وَجْهٍ وَأَوَّلُهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْحَدِّ فَامْتَنَعَ وُجُوبُهُ فَوَجَبَ الْعُقْرُ إذْ الْبُضْعُ الْمُحْتَرَمُ لَا يُصَانُ إلَّا بِضَمَانٍ جَابِرٍ أَوْ بِحَدٍّ زَاجِرٍ فَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ تَعَيَّنَ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ مَعَ الشُّبْهَةِ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْجِمَاعَ إدْخَالُ الْفَرْجِ فِي الْفَرْجِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ وَالْعِتْقِ ؛ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ لَا دَوَامَ لَهُ حَتَّى يَكُونَ لِدَوَامِهِ حُكْمُ الِابْتِدَاءِ ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُدْخِلُ دَابَّتَهُ الْإِصْطَبْلَ وَهِيَ فِيهِ لَا يَحْنَثُ بِإِمْسَاكِهَا فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْجِمَاعُ فِيهِ حَقِيقَةً بَعْدَ ثُبُوتِ الْحُرْمَةِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْحَدُّ نَظَرًا إلَى اتِّحَادِ الْمَجْلِسِ وَالْمَقْصُودِ وَهُوَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ فَإِذَا امْتَنَعَ الْحَدُّ وَجَبَ الْمَهْرُ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ

يَصِرْ بِهِ مُرَاجِعًا فِي الرَّجْعِيِّ إلَّا إذَا أَوْلَجَ ثَانِيًا ) أَيْ لَمْ يَصِرْ مُرَاجِعًا بِاللُّبْثِ إذَا كَانَ الْمُعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا إلَّا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ ثَانِيًا ، وَهَذَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِيرُ مُرَاجِعًا لِوُجُودِ الْمِسَاسِ بِشَهْوَةٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ يَتَعَرَّضُ لِلْبُضْعِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَخْرَجَ ثُمَّ أَوْلَجَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا زَنَى بِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَإِنْ لَبِثَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِعْ وَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرَانِ مَهْرٌ بِالْوَطْءِ وَمَهْرٌ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الْفِعْلَ ؛ لِأَنَّ دَوَامَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ فَوْقَ الْخَلْوَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ .( قَوْلُهُ ، وَلَوْ عَلَّقَ الثَّلَاثَ أَوْ الْعِتْقَ بِالْوَطْءِ لَمْ يَجِبْ الْعُقْرُ ) قَالَ فِي دِيوَانِ الْأَدَبِ الْعُقْرُ مَهْرُ الْمَرْأَةِ إذَا وُطِئَتْ عَنْ شُبْهَةٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَبِهِ فَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَتَّابِيُّ الْعُقْرَ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ، وَلِهَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَفْظَ مَهْرِ الْمِثْلِ ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُخْتَلِفِ الْعُقْرَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْعُقْرِ هُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ) أَيْ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا تَطْلُقُ فِي إنْ نَكَحْتُهَا عَلَيْكِ فَهِيَ طَالِقٌ فَنَكَحَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْبَائِنِ ) أَيْ لَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ الْجَدِيدَةُ فِيمَا إذَا قَالَ لِلَّتِي تَحْتَهُ إنْ تَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ امْرَأَةً فَالَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَطَلَّقَ الَّتِي مَعَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَزَوَّجَ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَمْ يُوجَدْ ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّجَ عَلَيْهَا أَنْ يُدْخِلَ عَلَيْهَا مَنْ يُنَازِعُهَا فِي الْفِرَاشِ وَيُزَاحِمُهَا فِي الْقَسْمِ وَلَمْ يُوجَدْ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا فِي أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا وَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ ) أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ ، وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَدْ اسْتَثْنَى } رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا وَلَفْظُهُ { لَمْ يَحْنَثْ } ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مُتَّصِلًا وَلِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهَا فَكَانَ إعْدَامًا لِلْجَزَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ } وَمِثْلُهُ إذَا شَابَ الْغُرَابُ أَتَيْت أَهْلِي وَعَادَ الْقَارُ كَاللَّبَنِ الْحَلِيبِ ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا } وَلَمْ يَصْبِرْ وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ مُخْلِفَ الْوَعْدِ لِتَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ مَالِكٌ يَقَعُ الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَمَا أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِهِ ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا وَمَا جَرَى عَلَى لِسَانِهِ تَعْلِيقٌ لَا تَطْلِيقٌ وَمَوْتُهَا لَا يُنَافِي التَّعْلِيقَ ؛ لِأَنَّهُ مُبْطِلٌ وَالْمَوْتُ أَيْضًا مُبْطِلٌ فَلَا يَتَنَافَيَانِ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ صَحِيحًا فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَمَاتَتْ قَبْلَ قَوْلِهِ وَاحِدَةً حَيْثُ يَبْطُلُ الْإِيجَابُ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ يُبْطِلُ الْمُوجِبَ لَا الْمُبْطِلَ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْوَقْعَ بِالْعَدَدِ إذْ ذَكَرَ الْعَدَدَ وَالْمَوْتَ أَيْضًا قَبْلَهُ يُنَافِيهِ فَلَا يَقَعُ الْمُوجِبُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ مُتَّصِلًا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُنْفَصِلًا لَا يَصِحُّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَوَّزَهُ فِي الْمَجْلِسِ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ جَوَازُهُ إلَى سَنَةٍ وَعَنْهُ جَوَازُهُ أَبَدًا ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

قَالَ { وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثًا ثُمَّ سَكَتَ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى } وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } الْآيَةَ وَلَوْ جَازَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْفَصِلًا لَمَا كَانَ لِإِيجَابِهَا مَعْنًى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَثْنِي فِي يَمِينِهِ ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَلَوْ جَازَ مُنْفَصِلًا لَمَا كَانَ لِهَذَا مَعْنًى وَلَكَانُوا يَسْتَثْنُونَ إذَا طَلَّقُوا نِسَاءَهُمْ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَلْ بَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ وَوَلَدَتْ وَلَا كَانَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَقَالَ نَادِمًا بَيْعَتَهُ } الْحَدِيثَ مَعْنًى ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَثْنِي إذَا نَدِمَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى رِضَا الْآخَرِ وَكَذَا قَالَ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ } ، وَلَوْ جَازَ مُنْفَصِلًا لَأَمَرَهُ بِهِ وَلَمَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ أَبَدًا وَرُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً أَنْكَرَتْ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ ، وَقَالَتْ لَوْ كَانَ مَا قَالَهُ جَائِزًا لَمْ يَكُنْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَخُذْ بِيَدِك ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ } مَعْنًى وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ دَعَا أَبَا حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ لِمَ خَالَفْت جَدِّي فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ لَهُ لِحِفْظِ الْخِلَافَةِ عَلَيْك فَإِنَّك تَأْخُذُ عَقْدَ الْبَيْعَةِ بِالْأَيْمَانِ وَالْعُهُودِ الْمُوَثَّقَةِ عَلَى وُجُوهِ الْعَرَبِ وَسَائِرِ النَّاسِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ عِنْدِك وَيَسْتَثْنُونَ فَيَخْرُجُونَ عَلَيْك فَقَالَ أَحْسَنْت فَاسْتُرْ عَلَيَّ وَخَلَّى سَبِيلَهُ ثُمَّ إذَا سَكَتَ قَدْرَ مَا يَتَنَفَّسُ أَوْ تَجَشَّأَ أَوْ كَانَ بِلِسَانِهِ ثِقَلٌ وَطَالَ فِي تَرَدُّدِهِ ثُمَّ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ فَسَدَّ إنْسَانٌ فَمَهُ فَمَنَعَهُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَهُ عَنْهُ وَاسْتَثْنَى مُتَّصِلًا بِرَفْعِهِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَلَوْ جَرَى عَلَى

لِسَانِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ وُجِدَ حَقِيقَةً وَهُوَ صَرِيحٌ فِي بَابِهِ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إعْدَامٌ وَإِبْطَالٌ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ تَعْلِيقٌ بِشَرْطٍ إلَّا أَنَّ الشَّرْطَ لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ غَائِبٍ إذَا بَلَغَهُ وَشَاءَ فِي مَجْلِسِهِ يَقَعُ ، وَلِهَذَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ مُتَّصِلًا كَسَائِرِ الشُّرُوطِ لَهُمَا أَنَّ مَعْنَاهُ رَفْعُ الْحُكْمِ وَإِعْدَامُهُ مِنْ الْأَصْلِ ، وَهَذَا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ وَإِنْ كَانَ إعْدَامًا لِلْحَالِ لَكِنْ لَهُ عَرْضِيَّةُ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهَذَا إعْدَامٌ لِحُكْمِ الْكَلَامِ أَصْلًا إذْ لَا طَرِيقَ لِلْوُصُولِ إلَى مَعْرِفَةِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَكَانَ إبْطَالًا فَأَبُو يُوسُفَ اعْتَبَرَ الصِّيغَةَ وَهُمَا اعْتَبَرَا الْمَعْنَى وَقِيلَ الْخِلَافُ بِالْعَكْسِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا إذَا قَدَّمَ الشَّرْطَ وَلَمْ يَأْتِ بِالْفَاءِ فِي الْجَوَابِ بِأَنْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ فَعِنْدَهُمَا لَا يَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ فَلَا يَخْتَلِفُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالرَّابِطَةِ وَهِيَ الْفَاءُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا إنْ دَخَلْت الدَّارَ أَنْتِ طَالِقٌ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ كُنْت طَلَّقْتُك أَمْسِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَقَعُ عِنْدَهُمَا لِلْإِبْطَالِ وَيَقَعُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ وَمِنْهَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ يَمِينَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ كَالشَّرْطِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّرْطِ إذَا دَخَلَ عَلَى جُمْلَتَيْنِ مُعَلَّقَتَيْنِ بِشَرْطَيْنِ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا وَعِنْدَهُمَا

يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ وَلَوْ أَدْخَلَهُ فِي الْإِيقَاعَيْنِ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكُلِّ بِالْإِجْمَاعِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَلِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فَلِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ عِنْدَهُ وَهُوَ إذَا دَخَلَ عَلَى إيقَاعَيْنِ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ ، وَقَالَ فِي الْغَايَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينَيْنِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَعَزَاهُ إلَى أَيْمَانِ الْجَامِعِ وَمِنْهَا أَنَّهُ إذَا حَلَفَ لَا يَحْلِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْيَمِينِ يَحْنَثُ بِذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِلشَّرْطِ وَلَا يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا .

قَوْلُهُ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ جَوَّزَهُ فِي الْمَجْلِسِ ) أَيْ وَقَاسُوا عَلَى التَّخْصِيصِ الْمُتَرَاخِيَ فَقَالَ ذَلِكَ جَائِزٌ بِطَرِيقِ الْبَيَانِ فَكَذَا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الرِّوَايَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ صَحِيحَةٌ فَكَيْفَ يُقَالُ هَذَا وَهُوَ مِنْ أَفْصَحِ أَهْلِ اللِّسَانِ وَهُمْ لَمْ يَسْتَعْمِلُوا مِثْلَ هَذَا قَطُّ حَتَّى لَوْ قَالَ أَحَدٌ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْهُ قَدْرًا مَعْلُومًا بَعْدَ يَوْمٍ يَسْخَرُ مِنْهُ وَيَضْحَكُ بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ الْمُتَرَاخِي فَإِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَهُمْ أَنْ يَذْكُرَ اللَّفْظَ عَامًّا ثُمَّ يَقُولَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ بَعْدَ زَمَانٍ إنَّ مُرَادِيَ كَانَ بِهِ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْخَاصُّ فَبَطَلَ الْقِيَاسُ لِلْفَرْقِ وَأَيْضًا التَّخْصِيصُ إنَّمَا يَكُونُ بِالنَّصِّ الْمُنْفَصِلِ الْقَائِمِ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ لَا صِحَّةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا يُقَالُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ سَنَةٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى } ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَلَئِنْ صَحَّ فَنَقُولُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ { لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا } الَّذِي سَبَقَ قَبْلَ سَنَةٍ ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ كَانَ مِنْ كَلَامٍ آخَرَ مُتَّصِلٍ بِهِ وَلَئِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ كَانَ مِنْهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَصْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ إلَى اسْتِدْرَاكِ الْمَأْمُورِ بِهِ الْفَائِتِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ، وَاذْكُرْ رَبَّكَ إذَا نَسِيتَ } ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ حَتَّى لَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَا يَقَعُ وَحُكِيَ فِيهِ عِنْدَنَا خِلَافٌ ، قَالَ خَلَفٌ يَقَعُ ، وَقَالَ شَدَّادٌ لَا يَقَعُ وَهُوَ

الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَيْسَ طَلَاقًا ، وَقَالَ رَأَيْت أَبَا يُوسُفَ فِي النَّوْمِ فَسَأَلْته فَقَالَ لَا يَقَعُ فَقُلْت لِمَ قَالَ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ أَوْ غَيْرُ طَالِقٍ أَكَانَ يَقَعُ قُلْت لَا قَالَ كَذَا هُنَا ، وَكَذَا لَمْ يَرِدْ مَا هُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِمَا ذَكَرْنَا وَصَارَ كَسُكُوتِ الْبِكْرِ إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا فَسَكَتَتْ وَلَا تَدْرِي أَنَّ السُّكُوتَ رِضًا يَمْضِي بِهِ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَفِي خَارِجِ الْمَذْهَبِ خِلَافٌ فِي النِّيَّةِ قِيلَ يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ وَقِيلَ قَبْلَ فَرَاغِهِ وَقِيلَ ، وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِهِ وَقِيلَ وَلَوْ بِالْقُرْبِ مِنْ الْكَلَامِ وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهَا بِهِ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ لَا يَقَعُ ) وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ الْحُسَامُ الشَّهِيدُ فِي الْوَقَعَاتِ وَصَاحِبُ الْغَايَةِ وَصَاحِبُ الِاخْتِيَارِ وَغَيْرُهُ ا هـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قَوْلُهُ ثُمَّ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إعْدَامٌ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ فَيَكُونُ إعْدَامًا مِنْ الْأَصْلِ أَيْ يَكُونُ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إعْدَامًا مِنْ الِابْتِدَاءِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمَشِيئَةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنْتِ طَالِقٌ أَصْلًا ا هـ ثُمَّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ كَوْنَهُ إعْدَامًا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَهُ وَكَوْنَهُ شَرْطًا عَلَى مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَهُوَ يَمِينٌ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ حَلَفْت بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْنَثُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ يَمِينًا حَتَّى لَا يَحْنَثَ بِهِ عِنْدَهُ ا هـ وَظَاهِرُهُ أَنْ لَا قَوْلَ لِلْإِمَامِ فِي كَوْنِهِ إبْطَالًا أَوْ تَعْلِيقًا وَالْأَكْمَلُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ

يَنْصِبْ الْخِلَافَ إلَّا بَيْنَ الصَّاحِبَيْنِ فَقَطْ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْأَتْقَانِيُّ وَقَدْ حَكَى الْكَمَالُ الْخِلَافَ كَمَا هُنَا ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ تَعْلِيقٌ إلَخْ ) مُلَاحَظَةٌ لِلصِّيغَةِ وَهُمَا لَاحَظَا الْمَعْنَى وَهُوَ أَوْلَى وَقَدْ نُقِلَ الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ عَلَى عَكْسِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ غَائِبٍ ) يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ بِمَشِيئَةِ غَائِبٍ إذَا بَلَغَهُ وَشَاءَ فِي مَجْلِسِهِ يَقَعُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَانَ إبْطَالًا ) قَالَ الْكَمَالُ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنَّهُ عَزَى إلَيْهِ الْإِبْطَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ إبْطَالٌ ا هـ ( قَوْلُهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ ) أَيْ فَلَوْ كَلَّمَتْ زَيْدًا لَا يَقَعُ ، وَلَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ يَقَعُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ فَلَوْ كَلَّمَتْ زَيْدًا أَوْ دَخَلَتْ الدَّارَ لَا يَقَعُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَلِمَا ذَكَرْنَا ) أَيْ مِنْ عَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ بِالْإِبْطَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَحِقَهُ الِاسْتِثْنَاءُ فَلَمْ يَقَعْ بِهِ وَالثَّانِيَ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِهِ لَشَاءَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَكَانَ فِي تَصْحِيحِهِ إبْطَالُهُ ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً الْيَوْمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ فَثِنْتَيْنِ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا وَقَعَ ثِنْتَانِ لِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ اللَّهُ الْوَاحِدَةَ فِي الْيَوْمِ لَطَلَّقَهَا فِيهِ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ الْوَاحِدَةَ فَتَحَقَّقَ شَرْطُ وُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ وَهُوَ عَدَمُ مَشِيئَةِ الْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُقُوعِ الثِّنْتَيْنِ فِيهَا عَدَمُ مَشِيئَتِهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُمَا مَعَ عَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُمَا لِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ كُلَّهَا بِمَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي الْيَوْمِ وَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ تَطْلُقُ ثَلَاثًا ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِعَدَمِ مَشِيئَةِ الثِّنْتَيْنِ وَقَدْ تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَشِيئَةِ إذْ لَوْ شَاءَهُمَا لَوَقَعَتَا وَكَمَا يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ يَبْطُلُ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا تَظْهَرُ مَشِيئَتُهُ لَنَا كَالْجِنِّ وَكَالْحَائِطِ وَالْمَلَائِكَةِ يَكُونُ تَعْلِيقًا أَوْ إبْطَالًا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي مَضَى وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ الْعِتْقُ وَالثَّلَاثُ فِي الْحَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَمْ يَقَعَانِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ صَحِيحٌ لُغَةً فَصَحَّ فَعَمِلَ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ سِتًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَهُ أَنَّ ذِكْرَ الثَّلَاثِ الثَّانِي لَغْوٌ شَرْعًا فَصَارَ فَاصِلًا بِكَلَامٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ

قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَوَاحِدَةً إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَثَلَاثًا إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ إجْمَاعًا لِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ لَيْسَ بِلَغْوٍ بَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَهُوَ تَكْمِيلُ الثَّلَاثِ مِنْهَا ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا بَوَائِنَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَيَقَعُ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ وَصْفٌ لَا يُفِيدُ فَصَارَ لَغْوًا لِعَدَمِ احْتِمَالِ خِلَافِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً بَائِنَةٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ حَيْثُ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَمْ يَقَعْ بِهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ فَصَارَ الْوَصْفُ مُفِيدًا فَلَا يَلْغُو ، وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ بِمَحَبَّتِهِ أَوْ بِرِضَاهُ لَا يَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ إبْطَالٌ أَوْ تَعْلِيقٌ بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْبَاءِ لِلْإِلْصَاقِ وَفِي التَّعْلِيقِ إلْصَاقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا مِنْهُ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَإِنْ قَالَ بِأَمْرِهِ أَوْ بِحُكْمِهِ أَوْ بِقَضَائِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ أَوْ بِعَمَلِهِ أَوْ بِقُدْرَتِهِ يَقَعُ فِي الْحَالِ سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ فِي مِثْلِهِ التَّنْجِيزُ عُرْفًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ بِحُكْمِ الْقَاضِي وَإِنْ قَالَ بِحَرْفِ اللَّامِ يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا سَوَاءٌ أَضَافَهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ ؛ لِأَنَّهُ لِلتَّعْلِيلِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ وَعَلَّلَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ لِدُخُولِك الدَّارَ وَإِنْ ذَكَرَ بِحَرْفِ فِي إنْ أَضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهِ لِلْحَالِ ؛ لِأَنَّ فِي بِمَعْنَى الشَّرْطِ فَيَكُونُ تَعْلِيقًا بِمَا لَا يُوقَفُ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ إلَّا فِي الْعِلْمِ ؛

لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِلْمَعْلُومِ وَهُوَ وَاقِعٌ ، وَلِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُهُ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى بِحَالٍ ؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مَا كَانَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فَكَانَ تَعْلِيقًا بِأَمْرٍ مَوْجُودٍ فَيَكُونُ إيقَاعًا وَلَا يَلْزَمُ الْقُدْرَةُ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُدْرَةِ هُنَا التَّقْدِيرُ وَيُقَدِّرُ شَيْئًا وَقَدْ لَا يُقَدِّرُهُ حَتَّى لَوْ أَرَادَ بِهِ حَقِيقَةَ قُدْرَتِهِ تَعَالَى يَقَعُ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَضَافَهُ إلَى الْعَبْدِ كَانَ تَمْلِيكًا فِي الْأَرْبَعِ الْأُوَلِ تَعْلِيقًا فِي غَيْرِهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ عَشَرَةٌ أَرْبَعَةٌ مِنْهَا لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ الْمَشِيئَةُ وَأَخَوَاتُهَا وَسِتَّةٌ لَيْسَتْ لِلتَّمْلِيكِ وَهِيَ الْأَمْرُ وَأَخَوَاتُهُ وَالْكُلُّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُضَافَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَوْ إلَى الْعَبْدِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالْبَاءِ أَوْ بِاللَّامِ أَوْ بَقِيَ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَتَأَمَّلْهُ .( قَوْلُهُ وَكَالْحَائِطِ ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ الْمَلَكُ أَوْ الْجِنُّ أَوْ الْحَائِطُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَحُرٌّ إلَخْ ) وَلَوْ قَالَ حُرٌّ حُرٌّ بِلَا وَاوٍ وَاسْتَثْنَى لَا يُعْتَبَرُ فَاصِلًا بِلَا خِلَافٍ لِظُهُورِ التَّأْكِيدِ وَقِيَاسُهُ إذَا كَرَّرَ ثَلَاثًا بِلَا وَاوٍ يَكُونُ مِثْلَهُ ، وَلَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ وَعَتِيقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ فَلَا يَعْتِقُ بِخِلَافِ حُرٌّ وَحُرٌّ ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ التَّفْسِيرِيَّ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ ، وَحُرٌّ لِقَوْلِهِ " حُرٌّ " تَفْسِيرٌ فَكَانَ فَاصِلًا بِخِلَافِ " حُرٌّ عَتِيقٌ " ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لَا يَقَعُ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا إلَّا فِي الْعِلْمِ ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفِي أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ وَفِي الِاثْنَتَيْنِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَفِي إلَّا ثَلَاثًا ثَلَاثٌ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً يَقَعُ ثِنْتَانِ وَفِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ يَقَعُ وَاحِدَةٌ وَفِيمَا إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا يَقَعُ ثَلَاثٌ وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلَّمَ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّ عِنْدَهُ الِاسْتِثْنَاءَ يَمْنَعُ الْحُكْمَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ كَدَلِيلِ الْخُصُوصِ فَإِذَا قَالَ عَلَى عَشْرَةٍ إلَّا خَمْسَةً فَهَذَا اللَّفْظُ عِبَارَةٌ عَنْ الْخَمْسَةِ عِنْدَنَا وَصَارَ اسْمًا لَهَا كَمَا صَارَ قَوْلُهُ مُسْلِمُونَ اسْمًا لِلْجَمْعِ وَلَا دَلَالَةَ لَهُ عَلَى الْمُفْرَدِ بَعْدَ أَنْ كَانَ جُزْأَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ مُسْلِمٌ اسْمًا لِلْمُفْرَدِ قَبْلَ التَّرْكِيبِ فَزَالَ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِالزِّيَادَةِ فَكَذَا هَذَا وَعِنْدَهُ دَخَلَتْ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا ثُمَّ خَرَجَتْ الْخَمْسَةُ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ كَأَنَّهُ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا خَمْسَةً فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيَّ ، وَلِهَذَا جَازَ إظْهَارُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إلَّا إبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ } ، وَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَمِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إخْرَاجٌ لِلْبَعْضِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَنَحْنُ نَقُولُ هَذَا فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ أَنْ يُخْرِجَ بَعْضَ الْحُكْمِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ لَاسْتَوَى فِيهِ الْكُلُّ وَالْبَعْضُ كَالنَّسْخِ وَلَكَانَ مُسْتَقِلًّا أَيْضًا وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا صَحَّ ذَلِكَ فِي الْأَخْبَارِ ؛ لِأَنَّ التَّعَارُضَ فِيهَا يُؤَدِّي إلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا كَذِبٌ أَوْ يُشْبِهُ الْكَذِبَ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْله

تَعَالَى { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ } عِبَارَةٌ عَنْ تِسْعِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ لَا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَخْبَرَ بِأَنَّهُ لَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَكَذَا قَوْله تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ { إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي } يَكُونُ تَبَرَّأَ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ لَا أَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعَارُضَ تَنَاقُضٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْ الصَّادِقِ وَقَوْلُ أَهْلِ اللُّغَةِ الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَمِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ تَسَامُحٌ ؛ لِأَنَّهُ لَوْلَا الِاسْتِثْنَاءُ لَدَخَلَ فَمَنَعَهُ مِنْ الدُّخُولِ فَصَارَ كَالْمُخْرَجِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَلْفٍ إلَّا مِائَةً أَوْ خَمْسِينَ يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ لِلشَّكِّ فِي الدُّخُولِ وَعِنْدَهُ يَلْزَمُهُ تِسْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ عِنْدَهُ بِيَقِينٍ وَالشَّكُّ فِي الْمُخْرَجِ فَيَخْرُجُ الْأَقَلُّ بِيَقِينٍ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَوْصُولًا بِخِلَافِ الْعَطْفِ حَيْثُ يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُغَيِّرٍ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا نَقُولُ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْبَعْضِ مِنْ الْجَمِيعِ سَوَاءٌ اسْتَثْنَى الْأَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ إلَّا الْفَرَّاءَ مِنْهُمْ ، وَقَالَ ابْنُ مَالِكٍ هُوَ الصَّحِيحُ ثُمَّ قَالَ وَمِمَّنْ وَافَقَهُمْ ابْنُ خَرُوفٍ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ شَيْءٌ يَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ وَصَارَ فَاللَّفْظُ إلَيْهِ ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَمْ تَتَكَلَّمْ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَمِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مَنْ اشْتَرَطَ الْأَقَلَّ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ اسْتِثْنَاءُ النِّصْفِ جَائِزٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْأَكْثَرِ لَا يَجُوزُ وَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَوْله تَعَالَى { إنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَك عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إلَّا مَنْ اتَّبَعَك مِنْ

الْغَاوِينَ } فَالْغَاوُونَ أَكْثَرُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ } فَإِنَّ الْمُرَادَ بِمَنْ سَفِهَ الْمُخَالِفُونَ لِمِلَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ اتَّبَعَهَا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ } إذْ هُمْ أَكْثَرُ مِنْ الرَّابِحِينَ ، وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَمَّا صَارَ عِبَارَةً عَنْ الْبَاقِي يُشْتَرَطُ لِصِحَّتِهِ أَنْ يَبْقَى شَيْءٌ يَصِيرُ مُتَكَلِّمًا بِهِ بَعْدَ الثَّنِيَّا وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَقَلِّ فَيَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَوْلُهُ إلَّا ثِنْتَيْنِ اسْتِثْنَاءٌ لِلْأَكْثَرِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ عَلَى الْخِلَافِ وَقَوْلُهُ إلَّا ثَلَاثًا اسْتِثْنَاءٌ لِلْكُلِّ فَلَا يَصِحُّ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ بَقَاءِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ الثَّنِيَّا وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ إنَّمَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ ، وَهَذَا فَاسِدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيمَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ أَيْضًا كَالْوَصِيَّةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّمَا لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِأَنْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي وَأَمَّا إذَا كَانَ بِغَيْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ فَصَحِيحٌ ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَهِنْدَ وَعَمْرَةَ وَبَكْرَةَ ، وَلَوْ أَتَى عَلَى الْكُلِّ حَتَّى لَا تَطْلُقَ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا ثُلُثَ مَالِي لَا يَصِحُّ ، وَلَوْ قَالَ ثُلُثُ مَالِي لِزَيْدٍ إلَّا أَلْفًا وَثُلُثُ مَالِهِ أَلْفٌ صَحَّ وَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ لَا مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ حَتَّى لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ عَشْرًا إلَّا تِسْعًا صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الْكَلَامِ حُكْمًا ،

وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَقَعَ ثَلَاثٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ لِلِاشْتِرَاكِ فَكَأَنَّهُ قَالَ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا وَقَالَ زُفَرُ يَقَعُ ثِنْتَانِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاثْنَيْنِ لَكَانَ صَحِيحًا وَلَوَقَعَتْ الثِّنْتَانِ وَإِنَّمَا يَبْطُلُ زِيَادَةُ الثَّالِثَةِ فَتَبْطُلُ هِيَ وَحْدَهَا فَيَقَعُ مَا قَبْلَهَا وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلَّمَ بِالْحَاصِلِ بَعْدَ الثَّنِيَّا فَيَكُونُ عِبَارَةً عَنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَيَصِيرُ ثَلَاثًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقَعُ ثِنْتَانِ ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ كَمَا لَا تَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً ) ( فَرْعٌ ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ وَهُوَ شَرْحُ الْكَافِي وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ أَيْ فِي الْكَافِي إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ لَمْ يَقَعْ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ تَطْلُقُ ثِنْتَيْنِ ؛ لِأَنَّ التَّطْلِيقَةَ كَمَا لَا تَتَجَزَّأُ فِي الْإِيقَاعِ لَا تَتَجَزَّأُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تَطْلُقُ ثَلَاثًا ؛ لِأَنَّ فِي الْإِيقَاعِ إنَّمَا لَا يَتَجَزَّأُ لِمَعْنَى الْمُوقِعِ وَذَلِكَ لَا يُوجَدُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَيَتَجَزَّأُ فِيهِ وَإِذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ صَارَ كَلَامُهُ عِبَارَةً عَنْ تَطْلِيقَتَيْنِ وَنِصْفٍ فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ الْكَمَالُ فَرْعٌ ، إخْرَاجُ بَعْضِ التَّطْلِيقَةِ لَغْوٌ بِخِلَافِ إيقَاعِهِ فَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ تَطْلِيقَةٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَقِيلَ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ ثِنْتَانِ ( قَوْلُهُ بَعْدَ الثَّنِيَّا ) أَيْ وَالثَّنِيَّا اسْمٌ بِمَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَمَعْنَاهُ إنْ صَدَرَ الْكَلَامُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ يَصِيرُ عِبَارَةً عَمَّا وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إلَّا خَمْسِينَ عَامًا } مَعْنَاهُ لَبِثَ فِيهِمْ تِسْعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَامًا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَكَذَا إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ ، وَقَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ إلَّا تِسْعًا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ فَكَأَنَّهُ بِمَا حَصَلَ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهُوَ الدِّرْهَمُ الْوَاحِدُ فَإِنْ ثَبَتَ هَذَا قُلْنَا تَقَعُ الطَّلْقَتَانِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّ الطَّلْقَتَيْنِ هُمَا الْحَاصِلَتَانِ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِهِمَا ابْتِدَاءً ، وَقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ وَتَقَعُ الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ ؛

لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الْوَاحِدَةَ هِيَ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالْوَاحِدَةِ ابْتِدَاءً ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فَتَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْإِجْمَاعِ ) قَالَ الْكَمَالُ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَمَا حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ مِنْ تَجْوِيزِهِ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى كَوْنِ الْكُلِّ مُخْرَجًا بِغَيْرِ لَفْظِ الصَّدْرِ أَوْ مُسَاوِيهِ كَعَبِيدِي إلَّا مَمَالِيكِي فَيَعْتِقُونَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَاضِي خَانْ وَزِيَادَاتِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ قَالَ الْكَمَالُ وَفِي الْبَقَّالِي لَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ لِي طَالِقٌ إلَّا هَذِهِ وَلَيْسَ لَهُ امْرَأَةٌ غَيْرُهَا لَا تَطْلُقُ ا هـ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ يَعْنِي الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْكُلِّ لِأَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ وَرَاءَ الْمُسْتَثْنَى شَيْءٌ يَكُونُ الْكَلَامُ عِبَارَةً عَنْهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي الْكَلَامِ لَا فِي الْحُكْمِ بَيَانُهُ إذَا قَالَ عَبِيدِي أَحْرَارٌ إلَّا عَبِيدِي لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَؤُلَاءِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا نِسَائِي لَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَلَوْ قَالَ إلَّا هَؤُلَاءِ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ بَقَاءُ شَيْءٍ يَكُونُ الْكَلَامُ عِبَارَةً عَنْهُ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ عَبِيدٌ مُعْتَقُونَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَنِسَاءٌ طَوَالِقُ غَيْرُ هَؤُلَاءِ وَلَا يُتَوَهَّمُ هَذَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ا هـ وَقَالَ الْأَكْمَلُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ إلَّا زَيْنَبَ وَعَمْرَةَ وَبَكْرَةَ وَسَلْمَى لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ كَانَ هُوَ اسْتِثْنَاءَ الْكُلِّ مِنْ الْكُلِّ وَهَذَا لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَصَرُّفٌ لَفْظِيٌّ فَيَصِحُّ فِيمَا يَصِحُّ فِيهِ اللَّفْظُ فَلَمَّا اسْتَثْنَى الْجَزَاءَ مِنْ الْكُلِّ صَحَّ لَفْظًا فَكَذَا فِيمَا بَقِيَ إذْ لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ يَتْبَعُ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ لَمَا صَحَّ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ عَشَرَةً إلَّا

تِسْعَةً لِمَا أَنَّهُ لَا مَزِيدَ عَلَى الثَّلَاثِ شَرْعًا وَهُوَ صَحِيحٌ بِلَا خِلَافٍ ا هـ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ بَقَاءِ مَا يَصِيرُ بِهِ مُتَكَلِّمًا إلَخْ ) وَتَرْكِيبُ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُوضَعْ إلَّا لِلْمُتَكَلِّمِ بِالْبَاقِي بَعْدَ الثَّنِيَّا لَا لِنَفْيِ الْكُلِّ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَقَاءُ مَعَ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لِنَفْيِ الْكُلِّ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهُ أَيْضًا ) كَالْوَصِيَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَوْصَيْت لِفُلَانٍ بِثُلُثِ مَالِي إلَّا ثُلُثَ مَالِي كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَتَقَعُ وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَ لَا صِحَّةَ لِهَذَا الْكَلَامِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ، وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثَةٍ أَنْتُمْ أَحْرَارٌ إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا عَتَقُوا جَمِيعًا وَبَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَذَكَرَ فِي الطَّلَاقِ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَتَقَعُ الثَّلَاثَةُ وَيَبْطُلُ اسْتِثْنَاؤُهَا فَعَلَى قِيَاسِ تِلْكَ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَجَبَ أَنْ لَا يَعْتِقَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ، وَيَعْتِقُ الثَّالِثُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ وَوَقَعَ الثَّلَاثُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَاحِدَةٌ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ فَكَأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى تَوَقُّفَ صِحَّةِ الْأُولَى إلَى أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَوَّلًا وَهُمَا يَرَيَانِ اقْتِصَارَ صِحَّتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَبُو يُوسُفَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى عَنْهُ وَزُفَرُ يَرَيَانِ اقْتِصَارَ صِحَّتِهِ عَلَى الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْجَهُ ؛ لِأَنَّ الصَّدْرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِخْرَاجِ وَلَوْ قَالَ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا ثَلَاثًا بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ تَعَدُّدٍ يَصِحُّ مَعَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ ا هـ (

قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَزِدْ عَلَى الِاثْنَتَيْنِ لَكَانَ صَحِيحًا ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ إلَّا وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً كَانَ مُسْتَثْنِيًا لِلثِّنْتَيْنِ فَكَانَ صَحِيحًا وَإِنَّمَا بَطَلَ اسْتِثْنَاءُ الثَّالِثَةِ فَقَطْ ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ ) فِي نُسْخَةٍ الثِّنْتَانِ أَيْ مُسْتَثْنَاةً فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ ( قَوْلُهُ فَتَقَعُ الثِّنْتَانِ ) أَيْ مُسْتَثْنَاةً فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ وَقَوْلُهُ فَتَقَعُ الثِّنْتَانِ كَذَا هُوَ فِي نُسَخٍ عَدِيدَةٍ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابُ الْمَرِيضِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فِي مَرَضِهِ وَمَاتَ فِي عِدَّتِهَا وَرِثَتْ وَبَعْدَهَا لَا ) أَيْ إذَا مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لَا تَرِثُ وَقَوْلُهُ فِي مَرَضِهِ تَقْيِيدٌ لِلْبَائِنِ وَأَمَّا فِي الرَّجْعِيِّ فَتَرِثُ مِنْهُ مُطْلَقًا إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا ، وَلِهَذَا يَرِثُهَا هُوَ إذَا مَاتَتْ بِخِلَافِ الْبَائِنِ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ وَهُوَ النِّكَاحُ قَدْ زَالَ فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَرِثَهُ كَمَا لَا يَرِثُهَا هُوَ لَكِنْ إذَا صَارَ فَارًّا بِأَنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَكَانَتْ وَقْتَ الطَّلَاقِ مِمَّنْ تَرِثُهُ بِأَنْ كَانَا حُرَّيْنِ مُتَّحِدِي الدِّينَ رُدَّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ عَلَى مَا نُبَيِّنُهُ مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَافِرَةً وَهُوَ مُسْلِمٌ أَوْ كَانَا مَمْلُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَقْتَ الطَّلَاقِ ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ حَيْثُ لَا تَرِثُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ وَقْتَ الطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ فَارًّا وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ بِإِسْلَامِهَا بِأَنْ قَالَ إنْ أَسْلَمْت فَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنًا تَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ زَمَانُ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَرِثُ الْمُبَانَةُ مُطْلَقًا وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ قَدْ ارْتَفَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ فَصَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا ، وَهَذَا لِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ شَيْئَانِ إمَّا السَّبَبُ أَوْ النَّسَبُ وَقَدْ انْعَدَمَا فَصَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا فِي صِحَّتِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا زَوْجَةَ لَهُ لَا يَحْنَثُ بِهَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ وَرَّثَ تُمَاضِرَ بِنْتَ الْأَصْبَغِ امْرَأَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَكَانَ قَدْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَصَارَ إجْمَاعًا وَلَا يَقْدَحُ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي خِلَافَتِهِ لَوْ كُنْت أَنَا لَمْ أَقُلْ بِتَوْرِيثِهَا ؛ لِأَنَّهُ

بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَاهُ لَمْ أَقُلْ بِتَوْرِيثِهَا لِجَهْلِي بِالْحُكْمِ ، وَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ سَبَبُ إرْثِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَالزَّوْجُ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ بِتَأْخِيرِ عَمَلِهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ كَمَا رُدَّ تَبَرُّعَاتُهُ فِي حَقِّ الْغَرِيمِ وَالْوَارِثِ وَكَمَا رُدَّ قَصْدُ الْقَاتِلِ حَتَّى بَطَلَ إرْثُهُ مِنْ الْمَقْتُولِ بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَتْ هِيَ حَيْثُ لَا يَرِثُهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَيْسَتْ بِسَبَبٍ لِإِرْثِهِ مِنْهَا لَا سِيَّمَا إذَا رَضِيَ بِهِ هُوَ وَبِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا وَلَا يُمْكِنُ إبْقَاءُ السَّبَبِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَوْرِيثِهَا مِنْ زَوْجَيْنِ وَإِلَى تَوْرِيثِ ثَمَانِي نِسْوَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَبِهَذَا يُعْلَمُ فَسَادُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهَا تَرِثُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَوْ تَزَوَّجَتْ بِعَشَرَةِ أَزْوَاجٍ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ فِي الشَّرْعِ وَلَمْ يُجْعَلْ الْإِرْثُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا دَامَ بِهِ الْمَرَضُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا تَرِثُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَرِثُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ أَنَّ الْمُبَانَةَ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ حَادِثٌ فِي الْعِدَّةِ مِنْ زِنَا ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنْ تَيَقَّنَّا بَرَاءَةَ الرَّحِمِ بَعْدَ وَضْعِهِ فَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَعِنْدَهُمَا يُحْمَلُ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ زَوْجٍ تَزَوَّجَتْهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الزِّنَا إضْرَارًا بِالْوَلَدِ فَلَا يُحْمَلُ

عَلَيْهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ عِدَّتَهَا قَدْ انْقَضَتْ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا تَرِثُ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

( بَابُ الْمَرِيضِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَلَاقِ الصَّحِيحِ بِأَقْسَامِهِ مِنْ التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ وَالصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ كُلًّا وَجُزْءًا شَرَعَ فِي بَيَانِ طَلَاقِ الْمَرِيضِ إذْ الْمَرَضُ مِنْ الْعَوَارِضِ وَتَصَوُّرُ مَفْهُومِهِ ضَرُورِيٌّ إذْ لَا شَكَّ أَنَّ فَهْمَ الْمُرَادِ مِنْ لَفْظِ الْمَرَضِ أَجْلَى مِنْ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِنَا مَعْنًى يَزُولُ بِحُلُولِهِ فِي بَدَنِ الْحَيِّ اعْتِدَالُ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعِ بَلْ ذَلِكَ يَجْرِي مَجْرَى التَّعْرِيفِ بِالْأَخْفَى فَتْحٌ قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الرَّجْعِيِّ فَتَرِثُ مِنْهُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ بِرِضَاهَا أَمْ بِغَيْرِ رِضَاهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً مُسْلِمَةً وَقْتَ الطَّلَاقِ أَمْ مَمْلُوكَةً أَمْ كِتَابِيَّةً ثُمَّ أُعْتِقَتْ أَمْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ ا هـ بَدَائِعُ قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا فِي الصِّحَّةِ فِي كُلِّ طُهْرٍ وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَا يَرِثُهُ الْآخَرُ ( قَوْلُهُ فَلَا يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تَرِثَهُ إلَخْ ) يَعْنِي لَوْ أَبَانَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ قَدْ بَطَلَتْ بِهَذَا الْعَارِضِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَافِرَةً إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ كَوْنِهِمَا مِمَّا يَتَوَارَثَانِ حَالَ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهَا بِمَالِهِ إذَا مَرِضَ هُوَ إذْ ذَاكَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً أَوْ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا وَقْتَ الطَّلَاقِ لَا يَرِثُ وَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ عَتَقَ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ ) أَيْ وَهُوَ النِّكَاحُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ قَدْ ارْتَفَعَ قَبْلَ الْمَوْتِ ) أَيْ بِالطَّلَاقِ الْبَائِنِ أَوْ الثَّلَاثِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَثْبُتَ الْحُكْمُ بِلَا سَبَبٍ كَمَا بَعْدَ الْعِدَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ تُمَاضِرَ ) هُوَ بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الضَّادِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ

بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ ) أَيْ وَالْخِلَافُ الْمُتَأَخِّرُ لَا يَرْفَعُ الْإِجْمَاعَ السَّابِقَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ الْفُقَهَاءِ ) أَيْ إذْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَتْوَى وَلَا شُهْرَةٌ بِفِقْهٍ ، وَالْحُكْمُ بِذَلِكَ يَتْبَعُ ظُهُورَ ذَلِكَ فَخِلَافُهُ كَخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَوْلِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ قَصَدَ إبْطَالَهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ ) أَيْ وَيُجْعَلُ كَأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ فِي حَقِّ الْإِرْثِ حُكْمًا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا يُؤَيِّدُهُ أَنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ زَمَانَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَارِثِ بِمَالِ الْمُوَرِّثِ ، وَلِهَذَا يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَبَقِيَ النِّكَاحُ فِي حَقِّ الْإِرْثِ كَمَا لَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنْ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ أَصْلًا ، وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إذَا وَطِئَهَا وَلَا تَرِثُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ بِرِضَاهَا ، وَكَذَلِكَ لَا تَرِثُ إذَا كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَكَذَا لَا تَرِثُ إذَا مَاتَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَكَذَا لَا تَرِثُ إذَا بَرَأَ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَصَارَ كَمَا إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ حَيْثُ لَا إرْثَ لَهُ مِنْهَا قُلْت أَمَّا الْجَوَابُ عَنْ وُجُوبِ الْحَدِّ فَنَقُولُ ذَاكَ بِاعْتِبَارِ ارْتِفَاعِ الْحِلِّ وَلَمْ يَقُلْ يَدُلُّ عَلَى ارْتِفَاعِ النِّكَاحِ أَصْلًا وَهُوَ قَائِمٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ لِلْمُعْتَدَّةِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ فَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا مِنْ وَجْهٍ فِي حَقِّ بَعْضِ الْآثَارِ جُعِلَ قَائِمًا أَيْضًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهَا وَالْجَوَابُ عَنْ الطَّلَاقِ بِرِضَاهَا فَنَقُولُ رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا فَلَا تَرِثُ بِعَدَمِ الْفِرَارِ مِنْ الزَّوْجِ وَالْجَوَابُ عَنْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَنَقُولُ لَمَّا لَمْ تَجِبْ الْعِدَّةُ لَمْ يَكُنْ إبْقَاءُ النِّكَاحِ حُكْمًا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ وَإِنْ قَصَدَ إبْطَالَ حَقِّهَا قَصَدَ إلَى خَلَفٍ ؛ لِأَنَّهُ مَكَّنَهَا مِنْ

التَّزَوُّجِ بِآخَرَ وَتَحْصِيلِ الْمَهْرِ مِنْهُ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إبْطَالًا وَالْجَوَابُ عَنْ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَنَّهَا لَمَّا تَمَكَّنَتْ مِنْ التَّزَوُّجِ بِزَوْجٍ آخَرَ وَحَلَّ لَهَا ذَلِكَ وُجِدَ الْمُنَافِي لِلنِّكَاحِ الْأَوَّلِ فَلَمْ يُجْعَلْ قَائِمًا وَالْجَوَابُ عَمَّا إذَا بَرَأَ ثُمَّ مَاتَ ( قَوْلُهُ لِبَقَاءِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ ) أَيْ ، وَلِهَذَا يَجِبُ لَهَا السُّكْنَى وَلَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَوُّجُ بِآخَرَ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَوْرِيثِهَا مِنْ زَوْجَيْنِ ) وَصُورَةُ إرْثِهَا مِنْ زَوْجَيْنِ أَنْ تَتَزَوَّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي وَصُورَةُ إرْثِ الثَّمَانِيَةِ أَنْ يُطَلِّقَ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ فَتَنْقَضِيَ عِدَّتُهُنَّ ثُمَّ يَتَزَوَّجَ بِأَرْبَعٍ أُخَرَ ثُمَّ يَمُوتَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبِهَذَا يُعْلَمُ فَسَادُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهَا تَرِثُ ) قَالَ الرَّازِيّ ، وَقَالَ مَالِكٌ امْرَأَةُ الْفَارِّ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ قَبْلَ أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ تَرِثَ كَقَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهَا تَرِثُ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ا هـ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَالِكٍ كَقَوْلِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى ا هـ قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ أَيْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَإِنْ انْقَضَتْ الْعِدَّةُ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا أَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ لَمْ تَرِثْ ) ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا لِرِضَاهَا بِالْمُبْطِلِ فَيَكُونُ رِضًا بِبُطْلَانِهِ وَهُوَ قَابِلٌ لَهُ فَيَنْعَدِمُ التَّعَدِّي وَالتَّأْخِيرُ لِحَقِّهَا إذَا كَانَ مُتَعَدِّيًا بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَتْ نَفْسَهَا ثَلَاثًا فَأَجَازَ حَيْثُ تَرِثُ ؛ لِأَنَّ الْمُبْطِلَ لِلْإِرْثِ إجَازَتُهُ وَبِخِلَافِ النَّسَبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْإِبْطَالَ ، وَقَالَ مَالِكٌ لَهَا الْمِيرَاثُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ قَالَ لِتُمَاضِرَ إذَا طَهُرْت فَآذِنِينِي فَطَهُرَتْ فَأَعْلَمَتْهُ فَطَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ فَوَرَّثَهَا عُثْمَانُ وَلَمْ يَعْتَبِرْ رِضَاهَا بِهِ مُبْطِلًا قُلْنَا لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى رِضَاهَا بِالطَّلَاقِ الْمُبْطِلِ لِلْإِرْثِ وَإِنَّمَا فِيهِ إعْلَامٌ بِطَهَارَتِهَا عَنْ الْحَيْضِ وَبِمِثْلِهِ لَا يَبْطُلُ إرْثُهَا ، وَلَوْ فَارَقَتْهُ بِسَبَبِ الْجُبِّ وَالْعُنَّةِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ لَمْ تَرِثْ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ قِبَلِهَا فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِالْبُطْلَانِ ، وَكَذَا لَوْ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالتَّمْكِينِ مِنْ ابْنِ زَوْجِهَا لِمَا قُلْنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ فَقَرُبَهَا الِابْنُ مُكْرَهَةً ؛ لِأَنَّهُ بِالْأَمْرِ انْتَقَلَ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْأَبُ كَالْمُبَاشِرِ لَهُ ، وَلَوْ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْهَا وَهِيَ مَرِيضَةٌ وَرِثَهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفِي طَلِّقْنِي رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرِثَتْ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا تَرِثُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ ، وَلِهَذَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا وَلَا يَحْرُمُ بِهِ الْمِيرَاثُ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا إيَّاهُ رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا ، وَكَذَا لَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً بَائِنَةً لِمَا قُلْنَا ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا

وَرِثَتْ اسْتِحْسَانًا وَلَمْ يَذْكُرْ الرَّجْعَةَ فِي سُؤَالِهَا ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ قَوْلَهَا طَلِّقْنِي يَنْصَرِفُ إلَى الْوَاحِدِ الرَّجْعِيِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَلِهَذَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فِي الْوَكَالَةِ وَالتَّفْوِيضِ وَالْإِنْشَاءِ فَلَمْ تَكُنْ بِسُؤَالِهَا رَاضِيَةً بِبُطْلَانِ حَقِّهَا .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ اخْتَارَتْ نَفْسَهَا بِتَفْوِيضِهِ ) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ اخْتَارِي فَقَالَتْ اخْتَرْتُ نَفْسِي ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا ) إمَّا بِالرِّضَا بِالْعِلَّةِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ كَمَا فِي الْخُلْعِ أَوْ بِمُبَاشَرَةِ الْعِلَّةِ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ وَالْإِرْثُ إنَّمَا يَجِبُ بِكَوْنِهِ مُتَعَدِّيًا وَلَا تَعَدِّيَ مَعَ الرِّضَا فَثَبَتَ حُكْمُ الْقَاطِعِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْإِبْطَالَ ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِإِبْطَالِ حَقِّهَا وَهُوَ قَابِلٌ لَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِرْثَ حَقُّهَا وَهُوَ قَابِلٌ لِلْإِبْطَالِ بِخِلَافِ النَّسَبِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ لَا يَقْبَلُ الْإِبْطَالَ أَصْلًا ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِالْبُطْلَانِ ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرَّةً ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الِاضْطِرَارِ لَيْسَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ فَلَمْ يَكُنْ جَانِيًا فِي الْفُرْقَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ ) سَتَأْتِي مَعَ زِيَادَةٍ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَلِهَذَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الرَّجْعِيِّ وَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا سُؤَالِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ بِهَا لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ إذْ هُوَ فَارٌّ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهَا فِي الصِّحَّةِ وَمُضِيِّ الْعِدَّةِ فَأَقَرَّ أَوْ أَوْصَى لَهَا فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْ إرْثِهَا ) أَيْ إذَا طَلَّقَهَا بَائِنًا فِي مَرَضِهِ بِسُؤَالِهَا أَوْ قَالَ لَهَا فِي مَرَضِهِ كُنْت طَلَّقْتُك وَأَنَا صَحِيحٌ فَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَصَدَّقَتْهُ ثُمَّ أَوْصَى لَهَا بِمَالٍ أَوْ أَقَرَّ لَهَا بِهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ وَمِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهَا بِهِ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِهِ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَهَا جَمِيعُ مَا أَقَرَّ لَهَا بِهِ وَمَا أَوْصَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَعَ زُفَرَ فِي الْأُولَى وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الثَّانِيَةِ لِزُفَرَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْإِرْثَ بَطَلَ بِسُؤَالِهَا أَوْ إقْرَارِهَا فَزَالَ الْمَانِعُ مِنْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ وَلَهُمَا أَنَّ دَلِيلَ التُّهْمَةِ وَهِيَ الْعِدَّةُ قَائِمَةٌ فِي الْأُولَى فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ وَلَا عِدَّةَ فِي الثَّانِيَةِ فَانْعَدَمَتْ التُّهْمَةُ ، وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا وَدَفْعُ الزَّكَاةِ إلَيْهَا وَالشَّهَادَةُ لَهَا ، وَهَذَا لِأَنَّ التُّهْمَةَ أَمْرٌ بَاطِنٌ لَا يُوقَفُ عَلَيْهَا فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى دَلِيلِهَا وَهِيَ الْعِدَّةُ كَمَا أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى النِّكَاحِ وَالْقَرَابَةِ حَتَّى امْتَنَعَتْ بِهِمَا هَذِهِ الْأَحْكَامُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَمَّا مَرِضَ وَالنِّكَاحُ قَائِمٌ حَقِيقَةً أَوْ ظَاهِرًا صَارَ مُتَّهَمًا بِالْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ لَهَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ قَدْ يَتَّفِقَانِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَعَلَى سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ لِيَنْفَتِحَ بَابُ الْإِقْرَارِ وَالْوَصِيَّةِ لِيَحْصُلَ لَهَا بِهِ أَكْثَرُ مِنْ الْإِرْثِ فَتَرُدُّ الزِّيَادَةُ لِهَذِهِ التُّهْمَةِ وَلَا تُهْمَةَ فِي قَدْرِ الْمِيرَاثِ فَيَصِحُّ وَكَذَا لَا تُهْمَةَ فِي حَقِّ الزَّكَاةِ وَالتَّزَوُّجِ وَالشَّهَادَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَوَاضَعَانِ عَادَةً لِهَذِهِ الْأَحْكَامِ أَوْ نَقُولُ

إنَّ التُّهْمَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ فِي حَقِّ الْوَرَثَةِ فَلَا تَتَعَدَّاهُمْ وَهَذِهِ الْأَحْكَامُ حَقُّ الشَّرْعِ وَلَا تُهْمَةَ فِي حَقِّهِ ثُمَّ مَا تَأْخُذُهُ لَهُ حُكْمُ الْمِيرَاثِ حَتَّى إذَا تَوَى بَعْضُ التَّرِكَةِ يَتْوِي عَلَى الْكُلِّ وَلَهُ حُكْمُ الدَّيْنِ حَتَّى كَانَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يُعْطُوهَا مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ اعْتِبَارًا لِزَعْمِهَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِنْ أَبَانَهَا بِأَمْرِهَا فِي مَرَضِهِ أَوْ تَصَادَقَا إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ قَدْ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا فِي صِحَّتِي وَانْقَضَتْ عِدَّتُك فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بِذَلِكَ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالتَّصَادُقِ كَالثَّابِتِ بِالْبَيِّنَةِ فِي حَقِّهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَعَ زُفَرَ إلَخْ ) هَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَصَوَابُهُ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأَوَّلِ وَمَعَ زُفَرَ فِي الثَّانِيَةِ لِمَا عُرِفَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كُتُبِ الْمَذْهَبِ قَالَ شَيْخُنَا رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَعَلَّ السَّهْوَ إنَّمَا وَرَدَ عَلَى الشَّارِحِ حَيْثُ اسْتَمَدَّ مِنْ الْهِدَايَةِ وَفِيهَا مَسْأَلَةُ التَّصَادُقِ قَبْلَ مَسْأَلَةِ الْإِبَانَةِ فِي الْمَرَضِ بِعَكْسِ مَا فِي الْكَنْزِ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَأَرَادَ بِهَا مَسْأَلَةَ التَّصَادُقِ وَهِيَ الثَّانِيَةُ فِي الْكَنْزِ ثُمَّ قَالَ فِيهَا بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَرَادَ بِهَا مَسْأَلَةَ الْإِبَانَةِ فِي مَرَضِهِ وَهَذِهِ هِيَ الْأُولَى فِي الْكَنْزِ فَجَاءَهُ الِاشْتِبَاهُ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إلَخْ هَكَذَا فِي شَرْحِ الرَّازِيّ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ تَحْتَ خَطِّهِ هَكَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ بِخَطِّهِ وَكَتَبَ عَلَى الْهَامِشِ صَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مَعَ زُفَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْأُولَى ا هـ أَقُولُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَهُمَا أَنَّ دَلِيلَ التُّهْمَةِ وَهِيَ الْعِدَّةُ قَائِمَةٌ فِي الْأُولَى يُؤَيِّدُ وَجْهَ الصَّوَابِ ا هـ فَتَنَبَّهْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ دَلِيلَ التُّهْمَةِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْفَرْقُ لَهُمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ التُّهْمَةَ أَمْرٌ بَاطِنٌ فَيُدَارُ الْحُكْمُ عَلَى السَّبَبِ الظَّاهِرِ الدَّاعِي إلَيْهَا

وَذَلِكَ قِيَامُ الْعِدَّةِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ دَلِيلَ التُّهْمَةِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالتُّهْمَةُ مَعْرُوفَةٌ وَيَجُوزُ فِي عَيْنِهَا السُّكُونُ وَالْفَتْحُ وَالْأَكْثَرُ الْفَتْحُ وَالسُّكُونُ حَسَنٌ كَذَا قَالَ عَبْدُ الْقَاهِرِ فِي الْمُقْتَصَدِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَا لَا يَتَوَاضَعَانِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُوَاضَعَةُ عِبَارَةٌ عَنْ وَضْعِ الشَّخْصَيْنِ رَأْيَهُمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا أَوْ قَدِمَ لِيَقْتُلَ بِقَوَدٍ أَوْ رَجْمٍ فَأَبَانَهَا وَرِثَتْ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قُتِلَ ، وَلَوْ مَحْصُورًا أَوْ فِي صَفِّ الْقِتَالِ لَا ) وَأَصْلُهُ مَا مَرَّ أَنَّ امْرَأَةَ الْفَارِّ تَرِثُ إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ اسْتِحْسَانًا بِأَنْ تَجْعَلَ الْبَيْنُونَةَ مَعْدُومَةً حُكْمًا كَمَا جُعِلَتْ الْقَرَابَةُ الثَّابِتَةُ مَعْدُومَةً حُكْمًا بِالْقَتْلِ جَزَاءً لِظُلْمِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْفِرَارِ إذَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهَا بِهِ بِمَرَضٍ يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ غَالِبًا بِأَنْ يَكُونَ صَاحِبَ فِرَاشٍ وَهُوَ الَّذِي لَا يَقُومُ بِحَوَائِجِهِ فِي الْبَيْتِ كَمَا يَعْتَادُهُ الْأَصِحَّاءُ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ بِتَكْلِيفٍ وَاَلَّذِي يَقْضِي حَوَائِجَهُ فِي الْبَيْتِ وَهُوَ يَشْتَكِي لَا يَكُونُ فَارًّا ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّ مَا يَخْلُو عَنْهُ وَقِيلَ إذَا كَانَ يَخْطُو ثَلَاثَ خُطُوَاتٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ صَحِيحٌ حُكْمًا وَإِلَّا فَهُوَ مَرِيضٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنْ قَضَاءِ حَوَائِجِهِ خَارِجَ الْبَيْتِ فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ بِهَا فِي الْبَيْتِ إذْ لَيْسَ كُلُّ مَرِيضٍ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ بِهَا فِي الْبَيْتِ كَالْقِيَامِ لِلْبَوْلِ وَالْغَائِطِ وَقِيلَ الْمَرِيضُ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ جَالِسًا وَقِيلَ مَنْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَقُومَ إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ غَيْرُهُ وَقِيلَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ إلَّا أَنْ يُهَادَى بَيْنَ اثْنَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْمَسْلُولِ وَالْمَفْلُوجِ وَأَمْثَالِهِمَا قِيلَ مَا دَامَ يَزْدَادُ مَا بِهِ فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ وَذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ إنْ كَانَ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ بِالتَّدَاوِي فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ ، وَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ إنْ كَانَ يَزْدَادُ أَبَدًا فَهُوَ مَرِيضٌ وَإِنْ كَانَ يَزْدَادُ مَرَّةً وَيَقِلُّ أُخْرَى فَهُوَ صَحِيحٌ وَقَدْ يَثْبُتُ هَذَا الْمَعْنَى وَهُوَ تَوَجُّهُ حَرْفِ الْهَلَاكِ فِي غَيْرِ الْمَرِيضِ

فَيَكُونُ فَارًّا إذَا أَبَانَهَا فِيهِ وَهُوَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُبَارَزَةِ وَالتَّقْدِيمِ لِلْقَتْلِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ الْهَلَاكُ وَالْمَحْصُورُ وَاَلَّذِي فِي صَفِّ الْقِتَالِ الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةُ ؛ لِأَنَّ الْحَصْرَ لِدَفْعِ بَأْسِ الْعَدُوِّ وَكَذَا الْمَنَعَةُ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمُ الْفِرَارِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ طَلَاقَ الْمُبَارِزِ كَطَلَاقِ الصَّحِيحِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ إذَا قَدِمَ لِلْقِصَاصِ لَا يَكُونُ فَارًّا ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَدِمَ لِلرَّجْمِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الِاعْتِمَادُ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ أَوْ قُتِلَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا مَاتَ بِذَلِكَ السَّبَبِ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْمَرِيضِ إذَا قُتِلَ وَفِيهِ خِلَافٌ عِيسَى بْنِ أَبَانَ هُوَ يَقُولُ إنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِلْمَوْتِ وَلَمَّا مَاتَ بِسَبَبٍ آخَرَ عَلِمْنَا أَنَّ مَرَضَهُ لَمْ يَكُنْ مَرَضَ الْمَوْتِ قُلْنَا الْمَوْتُ اتِّصَالٌ بِمَرَضِهِ حَيْثُ لَمْ يَصِحَّ حَتَّى مَاتَ وَقَدْ يَكُونُ لِلْمَوْتِ سَبَبَانِ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّ مَرَضَهُ لَمْ يَكُنْ الْمَوْتَ وَأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ ، وَلِهَذِهِ الْمَسَائِلِ أَخَوَاتٌ تَخْرُجُ عَلَى هَذَا الْحَرْفِ فَمَنْ لَا يَكُونُ فَارًّا رَاكِبُ السَّفِينَةِ وَالنَّازِلُ فِي الْمَسْبَعَةِ أَوْ فِي الْمُخِيفِ مِنْ عَدُوِّهِ وَالْمَحْبُوسُ لِيُقْتَلَ فِي حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ وَمِمَّنْ يَكُونُ فَارًّا رَاكِبُ السَّفِينَةِ إذَا انْكَسَرَتْ وَبَقِيَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ افْتَرَسَهُ السَّبُعُ وَبَقِيَ فِي فَمِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا كَالرَّجُلِ حَتَّى لَوْ بَاشَرَتْ سَبَبَ الْفِرَاقِ مِنْ خِيَارِ الْبُلُوغِ وَالْعِتْقِ وَالتَّمْكِينِ مِنْ ابْنِ الزَّوْجِ وَالِارْتِدَادِ وَنَحْوِ ذَلِكَ بَعْدَمَا حَصَلَ لَهَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ يَرِثُهَا الزَّوْجُ لِكَوْنِهَا فَارَّةً وَالْحَامِلُ لَا تَكُونُ فَارَّةً إلَّا إذَا جَاءَهَا الطَّلْقُ خِلَافًا لِمَالِكٍ بَعْدَ مَا تَمَّ لَهَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ هُوَ يَقُولُ تَتَوَقَّعُ الْوِلَادَةَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ قُلْنَا

لَا يُخَافُ مِنْهُ الْهَلَاكُ قَبْلَ الطَّلْقِ فَلَا يُعْتَبَرُ كَمَا لَا يُعْتَبَرُ قَبْلَهُ احْتِمَالُ الْإِسْقَاطِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ .( قَوْلُهُ وَمَنْ بَارَزَ رَجُلًا إلَخْ ) هَذَا لِبَيَانِ أَنَّ حُكْمَ الْفِرَارِ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي الْمَرَضِ بَلْ كُلُّ شَيْءٍ يُقَرِّبُهُ إلَى الْهَلَاكِ غَالِبًا فَهُوَ فِي مَعْنَى مَرَضِ الْمَوْتِ ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَلَوْ مَحْصُورًا ) وَالْمَحْصُورُ الْمَحْبُوسُ يُقَالُ حَصَرْته أَحْصُرُهُ حَصْرًا إذَا حَبَسْته ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْفِرَارِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَرَضَ الْمَوْتِ زَمَانَ تَعَلُّقِ حُكْمِ حَقِّ الْوَارِثِ بِمَالِ الْمُوَرِّثِ فَتَرِثُهُ إذَا مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ دَفْعًا لِلظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ ثُمَّ كُلُّ سَبَبٍ يَكُونُ الْهَلَاكُ فِيهِ غَالِبًا يَثْبُتُ حُكْمُ الْفِرَارِ فَيَكُونُ ذَلِكَ السَّبَبُ فِي حُكْمِ مَرَضِ الْمَوْتِ وَمَا كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ السَّلَامَةَ وَإِنْ كَانَ يُخَافُ الْهَلَاكُ مِنْهُ فَلَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْمَرَضِ ( قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْمَرِيضِ إذَا قُتِلَ ) ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ قُلْنَا الْمَوْتُ اتَّصَلَ بِمَرَضِهِ ) إنَّمَا أَطْلَقَ عَلَيْهِ مَرَضًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَرَضٌ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَتْنِ نَزَلَتْ مَنْزِلَةَ الْمَرَضِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَعْنُونَ بِهِ كُلَّ سَبَبٍ يَكُونُ الْهَلَاكُ فِيهِ غَالِبًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ وَهُمَا فِي مَرَضِهِ أَوْ الشَّرْطُ فَقَطْ أَوْ بِفِعْلِهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطُ وَرِثَتْ وَفِي غَيْرِهَا لَا ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ إمَّا أَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ نَفْسِهِ أَوْ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَا فِي الْمَرَضِ أَمَّا الْوَجْهَانِ الْأَوَّلَانِ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ وَرِثَتْ لِلْفِرَارِ وَإِنْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ لَمْ تَرِثْ وَقَالَ زُفَرُ تَرِثُ ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَانَ تَطْلِيقًا بَعْدَ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ وَلَنَا أَنَّهُ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَهُ حُكْمًا لَا قَصْدًا ، وَلِهَذَا لَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ يَقَعُ ، وَلَوْ كَانَ قَصْدًا لَمَا وَقَعَ لِعَدَمِ الْقَصْدِ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُطَلِّقَ بَعْدَ مَا عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِشَرْطٍ ثُمَّ وُجِدَ الشَّرْطُ لَا يَحْنَثُ وَلَوْ كَانَ قَصْدًا لَحَنِثَ ، وَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ صُنْعٌ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَلَا هُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَنْعِ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَجِيءِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَعَدِّيًا وَالْفِرَارُ بِالتَّعَدِّي ، وَلِهَذَا شَرَطَ فِي الْمُخْتَصَرِ أَنْ يَكُونَا فِي الْمَرَضِ بِقَوْلِهِ وَالتَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي مَرَضِهِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ فَتَرِثُ كَيْفَمَا كَانَ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ فِي الْمَرَضِ وَكَانَ الْفِعْلُ مِمَّا لَهُ مِنْهُ بُدٌّ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قَاصِدًا إبْطَالَ حَقِّهَا

بِالتَّعْلِيقِ وَالشَّرْطِ أَوْ بِالشَّرْطِ وَحْدَهُ ؛ لِأَنَّ لِلشَّرْطِ شَبَهًا بِالْعِلَلِ لِمَا أَنَّ الْوُجُودَ عِنْدَهُ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا مِنْ وَجْهٍ صِيَانَةً لِحَقِّهَا وَاضْطِرَارُهُ لَا يُبْطِلُ حَقَّ غَيْرِهِ كَإِتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ حَالَةَ الِاضْطِرَارِ أَوْ النَّوْمِ وَأَمَّا الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَهُوَ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ لَمْ تَرِثْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِالشَّرْطِ وَالرِّضَا بِهِ يَكُونُ رِضًا بِالْمَشْرُوطِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا مَا لَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ إنْ ضَرَبْت هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ فَضَرَبَهُ كَانَ لِلضَّارِبِ أَنْ يُضَمِّنَ الْحَالِفَ مَعَ رِضَاهُ بِالشَّرْطِ ؛ لِأَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ وَبَعْدَ التَّسْلِيمِ الْإِرْثُ يُثْبِتُ بِمَالِهِ شُبْهَةَ الْعُدْوَانِ فَيُبْطِلُ بِمَالِهِ شُبْهَةً بِالرِّضَا كَذَلِكَ الضَّمَانُ ، وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ الرِّضَا بِالشَّرْطِ إنَّمَا يَكُونُ رِضًا بِالْمَشْرُوطِ إذَا كَانَ الْإِقْدَامُ عَلَى الشَّرْطِ بِاخْتِيَارِهِ وَمَسْأَلَةُ الضَّرْبِ مَوْضُوعَةٌ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ لَمْ أَضْرِبْهُ الْيَوْمَ فَهُوَ حُرٌّ ، وَقَالَ شَرِيكُهُ إنْ ضَرَبْته فَهُوَ حُرٌّ فَكَانَ مُضْطَرًّا فِي الضَّرْبِ فَلَا يَكُونُ الرِّضَا بِهِ رِضًا بِالْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مِنْهُ بُدٌّ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَكَلَامِ الْأَبَوَيْنِ وَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَاسْتِيفَائِهِ تَرِثُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَا فِي الْمَرَضِ أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ هُوَ يَقُولُ إنَّ الزَّوْجَ لَمْ يُبَاشِرْ الْعِلَّةَ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا بِمَالِهِ وَلَا الشَّرْطَ فَلَا يَكُونُ مُتَعَدِّيًا وَبِهِ يَثْبُتُ الْفِرَارُ وَأَقْصَى مَا فِي الْبَابِ أَنَّ رِضَاهَا قَدْ انْعَدَمَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا لَا تَجِدُ مِنْهُ بُدًّا وَذَلِكَ لَا يَجْعَلُهُ فَارًّا إذَا كَانَ

التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ كَمَا قُلْنَا فِي التَّعْلِيقِ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَجِيءِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الْمَرَضِ لِوُجُودِ التَّعَدِّي مِنْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ وَهُمَا يَقُولَانِ أَنَّهَا مُضْطَرَّةٌ فِي تَحْصِيلِ الشَّرْطِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهَا إنْ لَمْ تُقْدِمْ يَخَافُ عَلَى دِينِهَا أَوْ نَفْسِهَا وَإِنْ أَقْدَمَتْ يَسْقُطُ حَقُّهَا وَهَذَا الِاضْطِرَارُ مِنْ جِهَتِهِ فَيُنْقَلُ إلَيْهِ كَمَا يُنْقَلُ إلَى الْمُكْرَهِ وَإِلَى الشَّاهِدِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى الْقَاضِي شَيْءٌ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ وَلَا عَلَى الْمُكْرَهِ فَإِنْ قِيلَ الضَّرُورَةُ الَّتِي تُوجِبُ نَقْلَ الْفِعْلِ هِيَ الضَّرُورَةُ الْحَامِلَةُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ مَانِعَةٌ ؛ لِأَنَّ غَرَضَهُ الْمَنْعُ مِنْ تَحْصِيلِ الطَّلَاقِ فَكَيْفَ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ قُلْنَا لَمَّا ثَبَتَتْ الضَّرُورَةُ ثَبَتَتْ شُبْهَةُ النَّقْلِ ، وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ لِهَذَا الْحُكْمِ لِثُبُوتِهِ بِشُبْهَةِ الْعُدْوَانِ ، وَذَكَرَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ مَتَى عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الزَّمَانِ أَوْ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يُشْتَرَطُ فِيهِ لِإِرْثِهَا أَنْ يُوجَدَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَرَضِ كَمَا شَرَطَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يُوجَدَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ أَوْ الشَّرْطُ وَحْدَهُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْمُخْتَصَرِ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ فَقَطْ وَإِنْ عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ وَأَنْ يَكُونَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ أَوْ الشَّرْطُ وَحْدَهُ فِي الْمَرَضِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَهُمَا فِي الْمَرَضِ أَوْ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهَا لَا أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَا تَرِثُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ التَّعْلِيقُ وَالشَّرْطُ فِي الصِّحَّةِ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا أَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ فِي الصِّحَّةِ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِمَجِيءِ

الْوَقْتِ أَوْ كَيْفَمَا كَانَ إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَهَا مِنْهُ بُدٌّ فَإِنَّهَا لَا تَرِثُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا .

قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِفِعْلِ أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إذَا دَخَلَ فُلَانٌ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ أَوْ إذَا صَلَّى فُلَانٌ الظُّهْرَ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَوْ بِمَجِيءِ الْوَقْتِ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتِ طَالِقٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ كَالْمُنَجَّزِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَنَا أَنَّ التَّعْلِيقَ السَّابِقَ يَصِيرُ تَعْلِيقًا عِنْدَ الشَّرْطِ حُكْمًا لَا قَصْدًا وَلَا ظُلْمَ إلَّا عَنْ قَصْدٍ فَلَا يُرَدُّ تَصَرُّفُهُ ، وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ الْفِرَارُ فَلَا تَرِثُ بَيَانُهُ أَنَّهُ حِينَ عَلَّقَ كَانَ صَحِيحًا وَلَمْ يَكُنْ حَقُّ الْمَرْأَةِ مُتَعَلِّقًا بِمَالِهِ فَلَمْ يُوجَدْ الْفِرَارُ وَحِينَ وُجِدَ الشَّرْطُ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ مِنْ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَمْرٌ سَمَاوِيٌّ ، أَوْ فِعْلُ الْأَجْنَبِيِّ وَالزَّوْجُ لَيْسَ بِقَادِرٍ عَلَى إبْطَالِ التَّعْلِيقِ وَلَا عَلَى مَنْعِ الْفِعْلِ السَّمَاوِيِّ وَلَا عَلَى مَنْعِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ إيجَادِ الشَّرْطِ فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا فَلَا تَرِثُ لِعَدَمِ قَصْدِ الْعُدْوَانِ مِنْ الزَّوْجِ ا هـ ( قَوْلُهُ حُكْمًا ) أَيْ ضَرُورَةَ تَحَقُّقِ الْمَشْرُوطِ لَا أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيقَاعَ عِنْدَ الشَّرْطِ حَتَّى يَكُونَ فَارًّا ا هـ ( قَوْلُهُ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ حَقُّهَا إلَخْ ) لَفْظَةُ مَا لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِعْلًا لَهَا مِنْهُ بُدٌّ ) أَيْ كَكَلَامِ زَيْدٍ وَنَحْوِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ) أَيْ وَصَلَاةِ الظُّهْرِ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبِهِ يَثْبُتُ ) أَيْ بِالتَّعَدِّي ا هـ ( قَوْلُهُ فَيُنْقَلُ إلَيْهِ ) أَيْ فَصَارَ كَأَنَّ الْفِعْلَ وُجِدَ مِنْ الزَّوْجِ فَتَرِثُ ا هـ ( قَوْلُهُ كَمَا يُنْقَلُ إلَى الْمُكْرَهِ ) أَيْ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ فَصَحَّ فَمَاتَ أَوْ أَبَانَهَا فَارْتَدَّتْ فَأَسْلَمَتْ فَمَاتَ لَمْ تَرِثْ ) أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ بِالْبُرْءِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ وَأَنَّ حَقَّهَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِمَالِهِ إذْ مَرَضُ الْمَوْتِ هُوَ الَّذِي يَتَّصِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَمَا بَرِئَ مِنْهُ لَيْسَ بِمَرَضِ الْمَوْتِ ، وَلِهَذَا تُعْتَبَرُ تَبَرُّعَاتُهُ فِيهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَكَذَا إذَا أَقَرَّ بِالدَّيْنِ لَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ ، وَقَالَ زُفَرُ تَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُتَّهَمًا بِالْفِرَارِ حِينَ طَلَّقَهَا ظَانًّا أَنَّهُ مَرَضُ الْمَوْتِ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبُرْءِ الْمُتَخَلِّلِ بَعْدَ ذَلِكَ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّاهُ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِأَنَّهَا بِالِارْتِدَادِ أَبْطَلَتْ أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا ، وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَرِثُ بِتَقْدِيرِ بَقَاءِ النِّكَاحِ فِي حَقِّ اسْتِحْقَاقِ الْإِرْثِ فَلَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ فِي حَقِّهَا فَبَطَلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ عَوْدُ السَّبَبِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ حَيْثُ تَعُودُ إذَا أَسْلَمَتْ لِأَنَّ سُقُوطَهَا لِفَوَاتِ الِاحْتِبَاسِ بِحَبْسِ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا تَكُونُ مَحْبُوسَةً بِحَبْسِ الْقَاضِي فَإِذَا أَسْلَمَتْ عَادَتْ إلَى حَبْسِهِ فَتَعُودُ النَّفَقَةُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ طَاوَعَتْ ابْنَ الزَّوْجِ أَوْ لَاعَنَ أَوْ آلَى مَرِيضًا وَرِثَتْ ) أَمَّا الْمُطَاوَعَةُ فَالْمُرَادُ بِهَا الْمُطَاوَعَةُ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمُطَاوَعَةِ لَا تَرِثُ ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ مِنْ جِهَتِهَا فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا ، وَكَذَا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ طَاوَعَتْ لَا تَرِثُ لِمَا قُلْنَا ؛ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّ لَا يُزِيلُ النِّكَاحَ فَتَكُونُ الْحُرْمَةُ مُضَافَةً إلَى الْمُطَاوَعَةِ وَهُوَ فِعْلُهَا بِاخْتِيَارِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا ؛ لِأَنَّ الْحُرْمَةَ ثَبَتَتْ بِفِعْلِهِ فَصَارَ بِهِ فَارًّا لِتَعَلُّقِ

حَقِّهَا بِمَالِهِ وَلَا يَبْطُلُ بِثُبُوتِ الْمَحْرَمِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْإِرْثَ بِخِلَافِ الرِّدَّةِ بَعْدَ الْإِبَانَةِ ؛ لِأَنَّهَا تُنَافِي أَهْلِيَّةَ الْإِرْثِ إذْ الْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ أَحَدًا وَأَمَّا اللِّعَانُ فَلِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ بِسَبَبِ قَذْفٍ وُجِدَ مِنْهُ فَكَانَ فَارًّا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ إذَا قَذَفَهَا فِي الصِّحَّةِ وَلَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ ، وَهَذَا مُلْحَقٌ بِفِعْلِهَا الَّذِي لَا بُدَّ لَهَا مِنْهُ إذْ هِيَ مُلْجَأَةٌ إلَى اللِّعَانِ لِدَفْعِ عَارِ الزِّنَا عَنْ نَفْسِهَا وَقَدْ بَيَّنَّا الْوَجْهَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بَيَانَ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِلِعَانِهَا وَهُوَ آخِرُ اللِّعَانَيْنِ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَيْهِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْفُرْقَةَ تَقَعُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَكَيْفَ يُضَافُ إلَى فِعْلِهَا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ اللِّعَانُ شَهَادَةٌ عِنْدَنَا وَالْحُكْمُ بِهَا لَا بِالْقَضَاءِ ؛ لِأَنَّهُ مَلْجَأٌ فَكَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهَا وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ فِيهِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهَا بِهِ وَأَمَّا الْإِيلَاءُ فَالْمُرَادُ بِهِ إذَا آلَى فِي الْمَرَضِ وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَأَمَّا إذَا آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا وَنَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَاعَنَ أَوْ آلَى مَرِيضًا وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا إذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ بَائِنٌ وَقَدْ بَيَّنَّا الْحُكْمَ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ فِي الْإِيلَاءِ فِي الصِّحَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَارًّا لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إبْطَالِهِ بِالْفَيْءِ فَإِذَا لَمْ يَفِئْ حَتَّى بَانَتْ كَانَ قَاصِدًا لِإِبْطَالِ حَقِّهَا فَيُرَدُّ عَلَيْهِ قَصْدُهُ فَتَرِثُ كَمَا إذَا وَكَّلَ وَكِيلًا فِي الصِّحَّةِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ فِي مَرَضِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهَا تَرِثُ ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ مُبَاشِرًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْعَزْلِ قُلْنَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْفَيْءِ إلَّا بِضَرَرٍ وَهُوَ

وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ مُتَمَكِّنًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ عَزْلِهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى عَزْلِهِ حَتَّى أَبَانَهَا لَمْ تَرِثْ ذَكَرَهُ فِي الْمُنْتَقَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ آلَى فِي صِحَّتِهِ وَبَانَتْ بِهِ فِي مَرَضِهِ لَا ) أَيْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ فِي مَرَضِهِ لَا تَرِثُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ

قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ النِّكَاحُ سَبَبًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ ) أَيْ إذْ بِارْتِدَادِهَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِذَا أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ بَعْدَ مَا بَطَلَ النِّكَاحُ ا هـ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ ) أَيْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بِالْمُطَاوَعَةِ لَا تَرِثُ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ بِخِلَافِ مَا إذَا طَاوَعَتْ ابْنَ زَوْجِهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ أَكْرَهَهَا ابْنُ زَوْجِهَا فَغَلَبَ عَلَى نَفْسِهَا حَيْثُ لَا يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ إذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا طَاوَعَتْ فَظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهَا رَضِيَتْ بِبُطْلَانِ حَقِّهَا بِمُبَاشَرَةِ سَبَبِ الْفُرْقَةِ ، وَكَذَا إذَا أَكْرَهَهَا ابْنُ زَوْجِهَا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ لَمَّا بَطَلَ بِالْمَحْرَمِيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ لَمْ يُصَادِفْ طَلَاقُ الزَّوْجِ مَحَلًّا فَلَمْ يَكُنْ فَارًّا إلَّا إذَا أَمَرَ ابْنَهُ بِذَلِكَ فَأَكْرَهَهَا حَيْثُ يَكُونُ لَهَا الْمِيرَاثُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَمَرَ صَارَ قَاصِدًا إلَى إسْقَاطِ حَقِّهَا فَصَارَ فَارًّا وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُرِيدُ بَعْدَ مَا أَبَانَهَا فَلَا يَبْطُلُ مِيرَاثُهَا ؛ لِأَنَّ الْمُسْقِطَ لِلْإِرْثِ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهَا وَإِنَّمَا تَكَرَّرَ سَبَبُ الْفِرَارِ مِنْ الزَّوْجِ أَعْنِي الرِّدَّةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَبِهِ يَتَقَرَّرُ حَقُّهَا وَلَا يَبْطُلُ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنَافِي الْإِرْثَ ) أَيْ ، وَلِهَذَا يَرِثُ الْمَحْرَمُ مِنْ الْمَحْرَمِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْقَذْفُ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ ) أَيْ وَلَاعَنَ فِي الْمَرَضِ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَرِثَتْ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ ) أَيْ وَزُفَرُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَاعَنَهَا فِي الْمَرَضِ لَا تَرِثُ ) أَيْ لِعَدَمِ الْفِرَارِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْفُرْقَةِ قَذْفُ الرَّجُلِ وَلَمْ يَكُنْ قَذْفُهُ فِي زَمَانِ تَعَلُّقِ حَقِّهَا بِمَالِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا آلَى وَهُوَ صَحِيحٌ ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي حَالِ

صِحَّتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ مَرِضَ ثُمَّ مَضَتْ الْمُدَّةُ فِي الْمَرَضِ وَحَصَلَتْ الْبَيْنُونَةُ لَمْ تَرِثْ ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ تُضَافُ إلَى الْإِيلَاءِ وَقَدْ وُجِدَ الْإِيلَاءُ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَصْنَعْ الزَّوْجُ فِي الْمَرَضِ شَيْئًا مِنْ مُبَاشَرَةِ عِلَّةٍ أَوْ شَرْطٍ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا مِيرَاثَ لَهَا ) أَيْ اتِّفَاقًا وَيَحْتَاجُ الشَّيْخَانِ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَا إذَا قَذَفَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَاعَنَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ حَيْثُ قَالَا لَهَا الْمِيرَاثُ وَفَرَّقَ لَهُمَا بِأَنَّ الْقَذْفَ مَحْظُورٌ فَجُوزِيَ بِرَدِّ قَصْدِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ فَإِنَّهُ مَشْرُوعٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَمْ يَرْتَكِبْ بِهِ مَحْظُورًا فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ ا هـ .

( بَابُ الرَّجْعَةِ ) وَقَدْ بَيَّنَّا فِي أَوَّلِ الطَّلَاقِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَرَعَ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَجَعَلَهُ غَيْرَ قَاطِعٍ لِلْحَالِ تَكْمِيلًا لِلْمَصْلَحَةِ بِحِكْمَتِهِ وَلُطْفِهِ بِعِبَادِهِ وَجَعَلَهُمْ مُتَمَكِّنِينَ مِنْ إبْطَالِ عَمَلِ الطَّلَاقِ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُمَا فَالْآنَ نَشْرَعُ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ وَوَقْتِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هِيَ اسْتِدَامَةُ الْقَائِمِ فِي الْعِدَّةِ ) أَيْ الرَّجْعَةِ إبْقَاءَ النِّكَاحِ عَلَى مَا كَانَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } أَيْ لَهُمْ حَقُّ الرَّجْعَةِ لَا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَوْ لِلْأَجْنَبِيِّ حَقٌّ فَيَكُونُ الْبَعْلُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تَمْتَنِعَ أَلْبَتَّةَ وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا مَا دَامَ حَقُّهُ بَاقِيًا وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَعَدَمِ رِضَاهَا بِهَا وَاشْتِرَاطِ الْعِدَّةِ لِأَنَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا لَا يُسَمَّى بَعْدُ وَلَا لَهُ حَقٌّ بَلْ هُوَ وَالْأَجْنَبِيُّ فِيهَا سَوَاءٌ وَلَا دَلَالَةَ فِي قَوْله تَعَالَى { أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } عَلَى أَنَّ مِلْكَهُ قَدْ زَالَ لِأَنَّ الرَّدَّ يُسْتَعْمَلُ لِلِاسْتِدَامَةِ يُقَالُ رَدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ إذَا بَاعَهُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ثُمَّ فَسَخَ وَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ بِعَرْضِيَّةِ أَنْ يَخْرُجَ لَوْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ سُمِّيَ رَدًّا فَكَذَا هُنَا ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَامْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } وَالْإِمْسَاكُ هُوَ الْإِبْقَاءُ فَيَكُونُ أَقْوَى دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ اسْتِدَامَةٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَصِحُّ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا ، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ بِرَاجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْت امْرَأَتِي وَبِمَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ ) أَيْ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ ثَلَاثًا بِغَيْرِ رِضَاهَا بِقَوْلِهِ رَاجَعْتُك أَوْ رَاجَعْت امْرَأَتِي أَوْ بِفِعْلٍ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ

كَالْوَطْءِ وَالْقُبْلَةِ وَاللَّمْسِ وَالنَّظَرِ إلَى دَاخِلِ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ أَمَّا صِحَّتُهَا فَثَابِتٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَأَمَّا كَوْنُ الطَّلَاقِ غَيْرَ ثَلَاثٍ فَمِنْ شَرَائِطِهَا لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا تَحْرُمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً غَلِيظَةً فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الْمُرَاجَعَةُ ، وَالطَّلْقَتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ وَمِنْ شَرَائِطِهَا أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ صَرِيحًا لَفْظًا أَوْ اقْتِضَاءً وَأَنْ لَا يَكُونَ اسْتَرَقَّهَا بِمَالٍ وَأَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ فِي الْعِدَّةِ ، وَلِهَذَا لَمْ تُشْرَعْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا صِحَّتُهَا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ فَلِأَنَّ اللَّفْظَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ صَرِيحَانِ فِيهَا ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا } وَقَدْ أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى صِحَّتِهَا بِهِمَا وَمِنْ الصَّرِيحِ قَوْلُهُ ارْتَجَعْتُك أَوْ رَجَعْتُك أَوْ رَدَدْتُك أَوْ أَمْسَكْتُك وَمِنْ الْكِنَايَاتِ أَنْتِ عِنْدِي كَمَا كُنْت أَوْ قَالَ أَنْتِ امْرَأَتِي وَمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَفْعَالِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهَا أَفْعَالٌ تَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ فَيَكُونُ مُسْتَدِيمًا لِلْمِلْكِ كَمَا إذَا بَاعَ جَارِيَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ وَطِئَهَا يَكُونُ رَدًّا لِلْبَيْعِ وَمُسْتَبْقِيًا لَهَا عَلَى مِلْكِهِ ، وَكَذَا وَطْءُ الْمَوْلَى جُعِلَ اسْتِبْقَاءً ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَطَأْهَا كَانَتْ تَبِينُ مِنْهُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ إلَّا بِالْقَوْلِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ أَخْرَسَ أَوْ مُعْتَقَلَ اللِّسَانِ ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُحَرِّمُ الْوَطْءَ عِنْدَهُ فَيَكُونُ مُثْبِتًا لِلْحِلِّ كَمَا هُوَ أَصْلُهُ وَعِنْدَنَا لَا يُحَرِّمُ فَيَكُونُ اسْتِدَامَةً عَلَى مَا يَجِيءُ مِنْ قَرِيبٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَكُلُّ فِعْلٍ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ تَكُونُ بِهِ رَجْعِيَّةً وَهُوَ فِعْلٌ يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ بِخِلَافِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ بِغَيْرِ

شَهْوَةٍ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحِلُّ لِلطَّبِيبِ وَالْقَابِلَةِ وَالْخَافِضَةِ وَتَحَمُّلِ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي الزِّنَا وَلَا يَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا سِوَى الْفَرْجِ رَجْعَةً حَتَّى الدُّبُرَ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَرَجِ فَلَوْ كَانَتْ رَجْعَةً لَطَلَّقَهَا وَطَالَ عِدَّتُهَا عَلَيْهَا وَاخْتَلَفُوا فِي الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ قِيلَ أَنَّهُ لَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْقُدُورِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ رَجْعَةٌ ، وَلَوْ قَبَّلَتْهُ أَوْ لَمَسَتْهُ أَوْ نَظَرَتْ إلَى فَرْجِهِ بِشَهْوَةٍ وَعَلِمَ الزَّوْجُ ذَلِكَ وَتَرَكَهَا حَتَّى فَعَلَتْ ذَلِكَ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ اخْتِلَاسًا مِنْهَا لَا بِتَمْكِينِهِ فَكَذَلِكَ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ رَجْعَةً وَجْهُ الْأَوَّلِ الِاعْتِبَارُ بِالْمُصَاهَرَةِ ، وَلِهَذَا لَوْ أَدْخَلَتْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا وَهُوَ نَائِمٌ كَانَتْ رَجْعَةً فَصَارَ كَالْجَارِيَةِ الْمَبِيعَةِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ لَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ بِالْبَائِعِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ حَتَّى صَارَ فَسْخًا لِلْبَيْعِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا تَكُونُ رَجْعَةً عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّ إنْشَاءَ النِّكَاحِ فِي الْمَنْكُوحَةِ بَاطِلٌ لَغْوٌ فَلَا يَثْبُتُ مَا فِي ضِمْنِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ رَجْعَةً وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَتَانِ وَاخْتَارَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ قَوْلَ مُحَمَّدٍ وَبِهِ يُفْتَى وَرَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ وَلَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ وَقِيلَ بِهِمَا .

بَابُ الرَّجْعَةِ ) هِيَ مَصْدَرٌ مِنْ رَجَعَ يَرْجِعُ ا هـ ع لَمَّا ذَكَرَ أَنْوَاعَ الطَّلَاقِ ، وَذَكَرَ صِفَةَ مَوْقِعَهُ صِحَّةً وَمَرَضًا شَرَعَ فِي بَيَانِ الرَّجْعَةِ لِلْمُنَاسَبَةِ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ تَقْتَضِي سَابِقَةَ الطَّلَاقِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ الزَّوْجُ امْرَأَتَهُ الْحُرَّةَ ثَلَاثًا بِغَيْرِ رِضَاهَا ) أَيْ ؛ لِأَنَّ النَّصَّ مُطْلَقٌ ا هـ رَازِيٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَإِنَّمَا لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا ، وَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ رِضَا الْوَلِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } مُطْلَقًا عَنْ قَيْدِ الرِّضَا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } فَلَوْ كَانَ رِضَاهَا مُعْتَبَرًا لَمْ يَكُنْ الْبَعْلُ أَحَقَّ بِالرَّدِّ ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا لَا تَرْضَى بِالرَّجْعَةِ ، وَلِأَنَّ الرَّجْعَةَ وُضِعَتْ لِاسْتِدْرَاكِ الزَّوْجِ حَقَّهُ مِنْ النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَرْأَةِ وَالْوَلِيِّ كَالْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَفْعَالِ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ ) سَيَأْتِي فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ أَنَّ الْمُرَاجَعَةَ بِالْفِعْلِ خِلَافُ السُّنَّةِ ا هـ ( فَرْعٌ ) التَّقْبِيلُ بِالشَّهْوَةِ وَنَحْوِهِ يَكُونُ رَجْعَةً وَإِنْ نَادَى الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ الرَّجْعَةِ ا هـ كَمَالٌ قُبَيْلَ مَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ا هـ قَوْلُهُ وَرَجْعَةُ الْمَجْنُونِ بِالْفِعْلِ ) وَيُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا وَهُوَ مُفِيقٌ ثُمَّ جُنَّ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْإِشْهَادُ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا ) أَيْ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا احْتِرَازًا عَنْ التَّجَاحُدِ وَعَنْ الْوُقُوفِ فِي مَوَاضِعِ التُّهَمِ ؛ لِأَنَّ النَّاسَ عَرَفُوهُ مُطْلَقًا فَيُتَّهَمُ بِالْقُعُودِ مَعَهَا وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى رَجْعَتِهَا صَحَّتْ ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لَا تَصِحُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } أَمَرَ بِهِ وَهُوَ لِلْوُجُوبِ وَلَنَا النُّصُوصُ الْمُطْلَقَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَأَمْسِكُوهُنَّ } ، { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } وَكَقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مُرْ ابْنَك فَلْيُرَاجِعْهَا } مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالْإِشْهَادِ وَاشْتِرَاطُهَا زِيَادَةٌ وَهِيَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِمِثْلِهِ ، وَلِأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ فِيهَا وَالرَّجْعَةُ اسْتِدَامَةٌ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَلِهَذَا كَانَ بَاقِيًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ وَتَنَاوَلَهَا قَوْلُهُ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ وَجَوَازُ الِاعْتِيَاضِ بِالْخُلْعِ وَمُرَاجَعَةُ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ وَعَدَمُ اشْتِرَاطِ رِضَاهَا وَلَفْظَةُ الْإِنْكَاحِ وَالْوَلِيِّ وَالشَّهَادَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فِي حَالَةِ الْبَقَاءِ كَمَا فِي الْفَيْءِ فِي الْإِيلَاءِ وَالْأَمْرُ فِي الْآيَةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ يَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَرَنَهَا بِالْمُفَارَقَةِ وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَكَذَا فِي الرَّجْعَةِ لِاسْتِحَالَةِ إرَادَةِ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَحْتَمِلُ النَّدْبَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ } وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ } ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ عِنْدَنَا وَالْعَجَبُ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يَشْتَرِطُونَ الْإِشْهَادَ فِي الرَّجْعَةِ اعْتِبَارًا بِابْتِدَاءِ النِّكَاحِ وَلَا يَشْتَرِطُونَ رِضَاهَا وَلَا تَجْدِيدَ الْمَهْرِ وَلَا الْوَلِيَّ ، وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنَّ مَالِكًا يَشْتَرِطُ فِيهَا الْإِشْهَادَ وَلَا

يَشْتَرِطُهُ فِي ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ ، وَقَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعْلِمَهَا بِالْمُرَاجَعَةِ كَيْ لَا تَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ يَعْنِي بِالتَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ وَفِيهِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَكُونُ بِدُونِ الْعِلْمِ وَفِي الْغَايَةِ لَا تَتَحَقَّقُ الْمَعْصِيَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ بِغَيْرِهِ حَتَّى تَسْأَلَ عَنْ ارْتِجَاعِهِ لِانْفِرَادِهِ بِهِ فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ سُؤَالٍ وَقَعَتْ فِي الْمَعْصِيَةِ ، وَهَذَا مُشْكِلٌ أَيْضًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهَا السُّؤَالَ ، وَالْمَعْصِيَةُ بِالْعَمَلِ بِمَا ظَهَرَ عِنْدَهَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْإِشْهَادُ مَنْدُوبٌ ) أَيْ مُسْتَحَبٌّ ا هـ ع وَصُورَةُ الْإِشْهَادِ أَنْ يَقُولَ لِاثْنَيْنِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ رَاجَعْت امْرَأَتِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَصِحُّ ) أَيْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } ( قَوْلُهُ وَلَنَا النُّصُوصُ الْمُطْلَقَةُ إلَخْ ) ، وَهَذَا لَوْ دَلَّ عَلَى الْوُجُوبِ لَلَزِمَ التَّعَارُضُ وَالتَّدَافُعُ ، وَالتَّعَارُضُ خِلَافُ الْأَصْلِ فَيُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ تَوْفِيقًا بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِئَلَّا يَلْزَمَ بُطْلَانُ صِفَةِ الْإِطْلَاقِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَجْرِي عَلَى سَنَنِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَهِيَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالثَّانِي أَنَّ الْإِشْهَادَ مَقْرُونٌ بِالْمُفَارَقَةِ وَالرَّجْعَةِ جَمِيعًا ثُمَّ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ مُسْتَحَبٌّ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْوُجُوبُ عِنْدَ الرَّجْعَةِ لِلُزُومِ خَرْقِ الْإِجْمَاعِ وَذَاكَ ؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ اخْتَلَفُوا فِي مُوجِبِ الْأَمْرِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِالْوُجُوبِ وَبَعْضُهُمْ بِالنَّدْبِ وَبَعْضُهُمْ بِالْإِبَاحَةِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ مُوجِبَهُ الْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ جَمِيعًا وَكَانَ مِنْهُمْ إجْمَاعًا عَلَى أَنَّ إرَادَةَ الْآخَرَيْنِ جَمِيعًا عَلَى الْوُجُوبِ ، وَالنَّدْبُ لَا يَجُوزُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُعْلِمَهَا بِالْمُرَاجَعَةِ كَيْ لَا تَقَعَ فِي الْمَعْصِيَةِ ) أَيْ وَذَاكَ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَعْلَمْ الرَّجْعَةَ رُبَّمَا تَتَزَوَّجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعِدَّةِ رَجُلًا بِنَاءً عَلَى الطَّلَاقِ السَّابِقِ فَتَقَعُ فِي الْحَرَامِ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قُبَيْلَ بَابِ صَرِيحِ الطَّلَاقِ الرَّجْعَةُ عَلَى ضَرْبَيْنِ سُنِّيٍّ وَبِدْعِيٍّ فَالسُّنِّيُّ هُوَ أَنْ يُرَاجِعَهَا بِالْقَوْلِ وَيُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا وَيُعْلِمَهَا

وَلَوْ رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يُعْلِمْهَا كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ ، وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ وَإِذَا كَتَمَهَا الطَّلَاقَ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَكَتَمَهَا الرَّجْعَةَ فَهِيَ امْرَأَتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِيمَا صَنَعَ وَإِنَّمَا قَالَ أَسَاءَ لِتَرْكِ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْإِشْهَادُ وَالْإِعْلَامُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْتُك فِيهَا فَصَدَّقَتْهُ تَصِحُّ وَإِلَّا لَا كَرَاجَعْتُكِ فَقَالَتْ مُجِيبَةً مَضَتْ عِدَّتِي ) أَيْ لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتُك فِي الْعِدَّةِ فَإِنْ صَدَّقَتْهُ تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَا تَصِحُّ كَمَا لَا تَصِحُّ فِي قَوْلِهِ لَهَا رَاجَعْتُك يُرِيدُ بِهِ الْإِنْشَاءَ فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّهُ مُدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ وَهِيَ مُنْكِرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ وَإِنْ صَدَّقَتْهُ تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهُ بِتَصَادُقِ الزَّوْجَيْنِ يَثْبُتُ النِّكَاحُ فَالرَّجْعَةُ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَمَّا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ فَلَا يَكُونُ مُتَّهَمًا فِيهِ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْته مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ قَبْلَ الْعَزْلِ لَا بَعْدَهُ لِمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا وَهِيَ مَسْأَلَةُ الِاسْتِحْلَافِ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا بَاقِيَةٌ ظَاهِرًا مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَائِهَا وَسَقَطَتْ بِالرَّجْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَا تَبْقَى مَعَهَا وَإِخْبَارُهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا مِنْ قَبِيلِ الْمُحَالِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَجَابَتْهُ بَعْدَ سَكْتَةٍ ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ لَهَا طَلَّقْتُك فَقَالَتْ مُجِيبَةً لَهُ قَدْ انْقَضَتْ عِدَّتِي يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَهُ أَنَّ هَذِهِ الرَّجْعَةَ صَادَقَتْ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ ، وَهَذَا لِأَنَّهَا أَمِينَةٌ فِي الْإِخْبَارِ فَوَجَبَ قَبُولُ قَوْلِهَا فَإِذَا أَخْبَرَتْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ وَأَقْرَبُ أَحْوَالِهِ حَالَ قَوْلِ الزَّوْجِ رَاجَعْتُك فَتَكُونُ مُقَارِنَةً

لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ بِخِلَافِ مَا إذَا سَكَتَتْ ثُمَّ أَخْبَرَتْ بِالِانْقِضَاءِ ؛ لِأَنَّ أَقْرَبَ الْأَحْوَالِ فِيهَا حَالُ السَّكْتَةِ فَيُضَافُ إلَيْهِ وَلِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَ مُتَّصِلًا بِكَلَامِهِ لَوْ كَانَ الِانْقِضَاءُ ثَابِتًا وَالتَّأْخِيرُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ فَتَكُونُ مُتَّهَمَةً بِالْإِخْبَارِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ عَزَلْتُك فَقَالَ الْوَكِيلُ بِعْته مِنْ فُلَانٍ حَيْثُ لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مُقَارِنًا لِعَزْلِهِ غَيْرُ مُمْكِنٍ فَلَا يُصَدَّقُ وَمَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ لِإِقْرَارِهِ بِالْوُقُوعِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت طَلَّقْتُك فِي الْعِدَّةِ وَلَا يُقَالُ كَانَ قَوْلُهَا يَقْتَضِي سَبْقَ الِانْقِضَاءِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا يَقْتَضِي سَبْقَ الرَّجْعَةِ فَلَا يَكُونُ مُقَارِنًا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ رَاجَعْتُك إنْشَاءٌ وَهُوَ إثْبَاتُ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ الرَّجْعَةِ وَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ وَهُوَ إظْهَارُ أَمْرٍ قَدْ كَانَ فَيَقْتَضِي سَبْقَ الِانْقِضَاءِ ضَرُورَةً وَتَسْتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ أَنَّ الْيَمِينَ فَائِدَتُهَا النُّكُولُ وَهُوَ بَذْلٌ عِنْدَهُ وَبَذْلُ الِامْتِنَاعِ مِنْ التَّزَوُّجِ وَالِاحْتِبَاسِ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ جَائِزٌ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ فَإِنَّ بَذْلَهَا لَا يَجُوزُ فِيهَا ثُمَّ إذَا نَكَلَتْ ثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِنُكُولِهَا ضَرُورَةً بِمَنْزِلَةِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ بِنَاءً عَلَى شَهَادَتِهَا بِالْوِلَادَةِ .

( قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ ) أَيْ فَكَانَ مُتَّهَمًا إلَّا أَنَّ بِالتَّصْدِيقِ تَرْتَفِعُ التُّهْمَةُ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بَاقِيَةً ) أَيْ ، وَقَالَ كُنْت رَاجَعْتُك أَمْسِ وَأَنْكَرَتْ الْمَرْأَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَخْ ) أَيْ إنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى الرَّجْعَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ الْإِمَامِ بِلَا يَمِينٍ وَعِنْدَهُمَا مَعَ الْيَمِينِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ الْعِدَّةَ ا هـ هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا بَاقِيَةٌ ظَاهِرًا ) أَيْ عَمَلًا بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَوْلُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى سَبْقِ الِانْقِضَاءِ ) أَيْ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَا دَلِيلَ عَلَى مِقْدَارٍ مُعَيَّنٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ ) هَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الرَّجْعَةَ صَحَّتْ عَلَى قَوْلِهِمَا فَعَلَامَ تَحْلِفُ وَفِي فَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا مَعَ الْيَمِينِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَقْطَعُ فِي شَرْحِهِ وَالْأَتْقَانِيُّ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْقَوْلُ قَوْلُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مَعَ الْيَمِينِ نَصَّ عَلَيْهِ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِ أَبِي نَصْرٍ وَخُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَفَتَاوَى الْوَلْوَالِجِيِّ ؛ لِأَنَّهَا بِنُكُولِهَا تَبْذُلُ الِامْتِنَاعَ مِنْ الِانْتِقَالِ مِنْ مَنْزِلِ الزَّوْجِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى يَصِحُّ بَذْلُهُ وَأَوْرَدَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ سُؤَالًا وَجَوَابًا فَقَالَ فَإِنْ قِيلَ إذَا نَكَلَتْ صَحَّتْ الرَّجْعَةُ وَالرَّجْعَةُ لَا يَصِحُّ بَذْلُهَا قِيلَ الرَّجْعَةُ لَا تَثْبُتُ بِنُكُولِهَا وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِنُكُولِهَا الْعِدَّةُ وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ لَا بِبَذْلِهَا كَمَا نَقُولُ إنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ بِالْفِرَاشِ عِنْدَ شَهَادَةِ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِالْوِلَادَةِ وَإِنْ

لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِشَهَادَتِهَا ثُمَّ إنَّمَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا وَبِهِ صَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ وَتُسْتَحْلَفُ مَا نَصُّهُ قَالَ الْكَمَالُ وَتُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ هُنَا بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عِدَّتَهَا كَانَتْ مُنْقَضِيَةً حَالَ إخْبَارِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ لِأَبِي حَنِيفَةَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ الرَّجْعَةِ ) أَيْ حَيْثُ لَمْ تُسْتَحْلَفْ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَمْ يُرَاجِعْهَا فِي الْعِدَّةِ ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْت فِيهَا فَصَدَّقَهُ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ أَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي وَأَنْكَرَا فَالْقَوْلُ لَهَا ) أَيْ لَوْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِي الْعِدَّةِ فَصَدَّقَهُ مَوْلَاهَا وَكَذَّبَتْهُ الْأَمَةُ أَوْ اخْتَلَفُوا فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَقَالَتْ انْقَضَتْ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ وَالْمَوْلَى انْقِضَاءَهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مِلْكُهُ وَهُوَ خَالِصُ حَقِّهِ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ فَيُصَدَّقُ كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ وَهِيَ تُنْكِرُ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنْ الِابْتِدَاءِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ تَصَرُّفٌ فِي الْبُضْعِ فَيَسْتَبِدُّ بِهِ الْمَوْلَى كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ وَلَهُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تُبْتَنَى عَلَى قِيَامِ الْعِدَّةِ وَالْقَوْلُ فِي الْعِدَّةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِيمَا يَبْتَنِي عَلَيْهَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَمْلِكُ الْبُضْعَ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ بَلْ هُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَالْإِنْشَاءِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهِ ثَابِتٌ عِنْدَ التَّصَرُّفِ فَيَنْفُذُ وَلَوْ كَانَ عَلَى الْقَلْبِ بِأَنْ كَذَّبَهُ الْمَوْلَى وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى وَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ إجْمَاعًا فِي الصَّحِيحِ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فِي الْحَالِ فَظَهَرَ مِلْكُ الْمَوْلَى فِي الْبُضْعِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي إبْطَالِهِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى بِالتَّصْدِيقِ فِي الرَّجْعَةِ مُقِرٌّ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ عِنْدَهَا وَلَا يَظْهَرُ مِلْكُهُ مَعَ الْعِدَّةِ ، وَقِيلَ هِيَ أَيْضًا عَلَى الْخِلَافِ وَقِيلَ لَا يَقْضِي بِشَيْءٍ مَا حَتَّى يَتَّفِقَ الْمَوْلَى وَالْأَمَةُ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِحَالِهَا وَهِيَ أَمِينَةٌ فِيهِ

فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيهِ دُونَ الْمَوْلَى وَالزَّوْجِ ، وَلِهَذَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنِّي حَائِضٌ فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْوَطْءِ عَلَيْهِمَا وَفِي حَقِّ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ .( قَوْلُهُ فَالْمَذْكُورُ هُنَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ) أَيْ وَقَوْلُ زُفَرَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ كَذَا فِي شَرْحِ الْأَقْطَعِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ أَمَّا عِنْدَهُمَا فَظَاهِرٌ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ بُضْعِهَا مَمْلُوكَةٌ لِلْمَوْلَى ، وَالزَّوْجُ مُتَّهَمٌ فِي الرَّجْعَةِ ؛ لِأَنَّهَا مُنْقَضِيَةُ الْعِدَّةِ فَلَا تَثْبُتُ الرَّجْعَةُ بِلَا تَصْدِيقِ الْمَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ ) يَعْنِي أَنَّ الْغَالِبَ فِيمَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا الِاغْتِسَالُ عَادَةً ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ إلَخْ ) أَقُولُ هَذَا تَقْدِيرٌ ثَانٍ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُغَايِرٌ لِمَا قَدَّمَهُ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الثَّانِي يَكُونُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِعَشَرَةٍ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لِتَمَامِ عَشَرَةٍ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ عَلَى هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِطَهُرَتْ وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ لَيْسَ فِيهِ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ بِعَشَرَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ بِالِانْقِطَاعِ وَذَلِكَ الْمَحْذُوفُ مُتَعَلِّقٌ بِطَهُرَتْ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي حَالَ الْمُطَالَعَةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَنْقَطِعُ إنْ طَهُرَتْ مِنْ الْحَيْضِ الْآخَرِ لِعَشَرَةٍ وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ وَلِأَقَلَّ لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ وَقْتُ صَلَاةٍ ) أَيْ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ بِانْقِطَاعِ الدَّمِ مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ لِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَلَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تَغْتَسِلَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقَلَّ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَ لَا مَزِيدَ لَهُ عَلَى الْعَشَرَةِ فَبِتَمَامِهَا يُحْكَمُ بِطَهَارَتِهَا وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ طَهُرَتْ أَوْ لَمْ تَطْهُرْ وَإِنَّمَا شُرِطَتْ الطَّهَارَةُ فِيهِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ طَهُرَتْ لِتَمَامِ الْعَشَرَةِ أَيْ لِأَجْلِ أَنَّهَا تَمَّتْ لَا لِانْقِطَاعِ الدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الِانْقِطَاعُ ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَيْهَا اسْتِحَاضَةٌ فَوُجُودُ الِانْقِطَاعِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَشَرَةِ كَعَدَمِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ لِعَشَرَةٍ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَنْقَطِعْ وَكَانَ لَهَا عَادَةٌ تُرَدُّ إلَى عَادَتِهَا فَيَتَبَيَّنُ أَنَّ الرَّجْعَةَ انْقَطَعَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ يُحْتَمَلُ عَوْدُ الدَّمِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَضَّدَ الِانْقِطَاعُ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَحْكَامِ الطِّهَارَاتِ وَذَلِكَ بِالِاغْتِسَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهَا بِهِ الْقِرَاءَةُ وَدُخُولُ الْمَسْجِدِ وَالصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا أَوْ يَمْضِي عَلَيْهَا أَدْنَى وَقْتِ صَلَاةٍ وَهُوَ قَدْرُ مَا تَقْدِرُ عَلَى الِاغْتِسَالِ وَالتَّحْرِيمَةِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ مُلْحَقٌ بِمُدَّةِ الْحَيْضِ ، وَقَالَ زُفَرُ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَغْتَسِلْ ؛ لِأَنَّ دَمَهَا يُتَوَهَّمُ عَوْدُهُ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الزَّوْجُ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا مَا لَمْ تَغْتَسِلْ قُلْنَا الْمَوْهُومُ لَا يُعَارِضُ الْمُحَقَّقَ كَمَا إذَا اغْتَسَلَتْ ، وَهَذَا لِأَنَّ الِاغْتِسَالَ إنَّمَا انْقَطَعَتْ بِهِ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ تَجِبُ عَلَيْهَا وَهِيَ مِنْ أَحْكَامِ

الطَّاهِرَاتِ فَيَتَعَدَّى إلَيْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كِتَابِيَّةً حَيْثُ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الدَّمِ وَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَيَحِلُّ قُرْبَانُهَا وَإِنْ تَوَهَّمَ عَوْدَ الدَّمِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ أَنْ لَا يُعْتَبَرَ الْمَوْهُومُ أَصْلًا وَلَا يُعَارِضُ الْمُحَقَّقَ إلَّا أَنَّا تَرَكْنَاهُ فِي الْمُسْلِمَةِ بِالْأَثَرِ فَبَقِيَ فِي حَقِّ الْكَافِرَةِ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ الْأَمَارَةَ الزَّائِدَةَ مُتَعَذِّرَةٌ فِي حَقِّهَا فَلَا تُعْتَبَرُ بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ ، وَلَوْ اغْتَسَلَتْ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ الْمُطْلَقِ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ لَكِنَّهَا لَا تُصَلِّي حَتَّى تَغْتَسِلَ بِمَاءٍ آخَرَ أَوْ تَتَيَمَّمَ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَةِ ذَلِكَ الْمَاءِ احْتِيَاطًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ تَتَيَمَّمَ وَتُصَلِّيَ ) أَيْ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ حَتَّى تَتَيَمَّمَ وَتُصَلِّيَ بِهِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَلِأَقَلَّ لَا حَتَّى تَغْتَسِلَ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فَرْضًا أَوْ تَطَوُّعًا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ بِمُجَرَّدِ التَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الِاغْتِسَالِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الصَّلَاةِ وَجَوَازِ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ بِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحُكْمِ بِجَوَازِ صَلَاةٍ أُدِّيَتْ وَبَيْنَ الْحُكْمِ بِجَوَازِ الْإِقْدَامِ عَلَى أَدَائِهَا إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ فَإِذَا كَانَ كَالِاغْتِسَالِ فِي حَقِّ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ يُؤْخَذُ فِيهِ بِالِاحْتِيَاطِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ فِي جَسَدِهَا لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ أَوْ اغْتَسَلَتْ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَدَاءُ الصَّلَاةِ وَلَهُمَا أَنَّهُ طَهَارَةٌ ضَرُورِيَّةٌ لِكَوْنِهِ تَلْوِيثًا حَقِيقَةً وَهَذَا لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ بِيَقِينٍ حَتَّى لَوْ وُجِدَ الْمَاءُ كَانَ مُحْدِثًا

بِالْحَدَثِ السَّابِقِ وَإِنَّمَا جُعِلَ طَهَارَةً ضَرُورَةَ الْحَاجَةِ إلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ كَيْ لَا تَتَضَاعَفَ الْوَاجِبَاتُ عَلَيْهَا ، وَالثَّابِتُ ضَرُورَةً يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا وَهِيَ أَدَاءُ الصَّلَاةِ وَتَوَابِعِهَا مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَكَانَ فِي حَقِّ الرَّجْعَةِ عَدَمًا إلَّا إذَا حَكَمْنَا بِجَوَازِ الصَّلَاةِ بِالْأَدَاءِ فَيَلْزَمُهُ الْحُكْمُ بِطَهَارَتِهَا ضَرُورَةً صِحَّةَ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ الطَّاهِرَاتِ فَيَلْزَمُهُ انْقِطَاعُ الرَّجْعَةِ ضَرُورَةً حَكَمْنَا بِهَا وَقَبْلَ الْأَدَاءِ لَا يُحْكَمُ لَهَا بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْإِقْدَامِ عَلَى الْأَدَاءِ مَشْرُوطٌ بِاسْتِمْرَارِ الْعَجْزِ ، وَلِهَذَا تُعِيدُ الصَّلَاةَ إذَا وَجَدَتْ الْمَاءَ فِي خِلَالِ الْأَدَاءِ وَقَوْلُهُمْ حَلَّ لَهَا الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ كَقَوْلِهِمْ حَلَّ لَهَا الصَّلَاةُ إذَا طَهُرَتْ فَلَا يُنَافِي شَرْطًا آخَرَ بِخِلَافِ مَا إذَا اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَ فِي جَسَدِهَا لُمْعَةٌ لِأَنَّ انْقِطَاعَ الرَّجْعَةِ هُنَا لِتَوَهُّمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَسُرْعَةِ الْجَفَافِ فَكَانَتْ طَهَارَةً مُطْلَقَةً قَوِيَّةً حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَتْ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ بِأَنْ تَرَكَتْهُ عَمْدًا لَا تَنْقَطِعُ أَيْضًا بِخِلَافِ الِاغْتِسَالِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ حَقِيقَةً فَيَكُونُ مُطَهِّرًا مُطْلَقًا لَكِنَّهَا تُؤْمَرُ بِضَمِّ التَّيَمُّمِ إلَيْهِ فِي حَقِّ الصَّلَاةِ احْتِيَاطًا لِاشْتِبَاهِ الْحَالِ فِيهِ ثُمَّ قِيلَ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ بِنَفْسِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ حَتَّى تَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ الْحَالَ بَعْدَ شُرُوعِهَا فِي الصَّلَاةِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَبْطُلُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا ، وَلَوْ قَرَأَتْ بَعْدَ التَّيَمُّمِ أَوْ مَسَّتْ الْمُصْحَفَ أَوْ دَخَلَتْ الْمَسْجِدَ قَالَ الْكَرْخِيُّ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْقِرَاءَةِ وَجَوَازَ مَسِّ الْمُصْحَفِ حُكْمٌ مِنْ أَحْكَامِ الطَّاهِرَاتِ كَجَوَازِ الصَّلَاةِ ، وَقَالَ

أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا أَتْبَاعٌ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُعْطَى لَهَا حُكْمُهَا .( قَوْلُهُ فَيَتَعَدَّى إلَيْهَا ) أَيْ يَتَعَدَّى الرَّجْعَةَ حِينَ يَنْقَطِعُ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ حَيْثُ تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ عَنْهَا بِمُجَرَّدِ انْقِطَاعِ الدَّمِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَ عَلَيْهَا غُسْلٌ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمَةِ إذَا اغْتَسَلَتْ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ انْقَطَعَتْ الرَّجْعَةُ ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَكِنَّهَا لَا تُصَلِّي بِهِ ) أَيْ وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ نَجَاسَةِ ذَلِكَ إلَخْ ) أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْقَوْلُ بِاحْتِمَالِ النَّجَاسَةِ مُشْكِلٌ وَغَايَةُ مَا يُقَالُ فِيهِ إنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ ، أَمَّا النَّجَاسَةُ فَلَا فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَقَالَةِ الْآتِيَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ الِاغْتِسَالِ بِسُؤْرِ الْحِمَارِ ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ حَقِيقَةً فَيَكُونُ مُطَهِّرًا مُطْلَقًا فَإِنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ يُنَافِي احْتِمَالَ النَّجَاسَةِ كَمَا لَا يَخْفَى ا هـ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ ) أَيْ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ وَبَقِيَتْ لُمْعَةٌ إلَخْ ) وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ مَا لَمْ تُصَلِّ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ أَوْ يَمْضِ عَلَيْهَا وَقْتُ صَلَاةِ أَدْنَى الصَّلَوَاتِ إلَيْهَا ا هـ شَرْحُ الطَّحَاوِيِّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ اغْتَسَلَتْ وَنَسِيَتْ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ تَنْقَطِعُ ، وَلَوْ عُضْوًا لَا ) ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ فِي الْعُضْوِ الْكَامِلِ أَنْ تَنْقَطِعَ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّهَا غَسَلَتْ الْأَكْثَرَ وَلَهُ حُكْمُ الْكُلِّ وَفِيهِ قِيَاسٌ آخَرُ أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَبْقَى فِيمَا دُونَ الْعُضْوِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَدَثِ لَا يَتَجَزَّأُ زَوَالًا كَمَا لَا يَتَجَزَّأُ ثُبُوتًا فَبَقِيَتْ عَلَى مَا كَانَتْ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ لَهَا مِنْ الْأَحْكَامِ مَا لَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ وَفِي الْمَبْسُوطِ الْعُضْوُ وَمَا دُونَهُ سَوَاءٌ غَيْرَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ اسْتَحْسَنَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَوْضِعَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ وَقِيلَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ فِي الْعُضْوِ الْكَامِلِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِيمَا دُونَ الْعُضْوِ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُضْوِ وَمَا دُونَهُ أَنَّ مَا دُونَ الْعُضْوِ يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ لِقِلَّتِهِ فَلَا يُتَيَقَّنُ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ فَقُلْنَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ احْتِيَاطًا وَلَا يَحِلُّ لَهَا التَّزَوُّجُ بِزَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تَغْسِلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ احْتِيَاطًا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ الْعُضْوِ الْكَامِلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْفَلُ عَنْهُ عَادَةً وَلَا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْجَفَافُ غَالِبًا فَبَقِيَتْ عَلَى مَا كَانَتْ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِيمَا دُونَ الْعُضْوِ لِمَا قُلْنَا إلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ عَدَمِ التَّيَقُّنِ حَتَّى لَوْ تَيَقَّنَتْ بِعَدَمِ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى مَا دُونَ الْعُضْوِ بِأَنْ تَرَكَتْهُ عَمْدًا لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ ، وَلَوْ اغْتَسَلَتْ وَتَرَكَتْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ لَا تَنْقَطِعُ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِبَقَاءِ عُضْوٍ كَامِلٍ وَعَنْهُ أَنَّهَا تَنْقَطِعُ وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ احْتِيَاطًا لِشُبْهَةِ الِاخْتِلَافِ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ فِي الِاغْتِسَالِ عِنْدَ الْبَعْضِ فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الِانْقِطَاعِ .

S( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَلَوْ اغْتَسَلَتْ وَنَسِيَتْ أَقَلَّ مِنْ عُضْوٍ ) وَالْعُضْوُ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَأَقَلُّ مِنْهُ كَالْأُصْبُعِ ا هـ مُسْتَصْفَى قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُرَادُ بِمَا دُونَ الْعُضْوِ أَنْ يَبْقَى لُمْعَةٌ يَسِيرَةٌ نَحْوُ أُصْبُعٍ وَأُصْبُعَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ قَوْلُهُ وَتَرَكَتْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ ) الْوَاوُ هُنَا بِمَعْنَى أَوْ إذَا حَكَمَ فِي تَرْكِ أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ قَالَهُ الْأَكْمَلُ وَالْأَتْقَانِيُّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا سُنَّتَانِ ) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ طَلَّقَ ذَاتَ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ، وَقَالَ لَمْ أَطَأْهَا رَاجَعَ ) أَيْ ، وَلَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ فِي عِصْمَتِهِ ، وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا فَلَهُ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّ الْحَبَلَ مَتَى ظَهَرَ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ التَّزَوُّجِ جُعِلَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ } فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلَ الْوَطْءِ مِنْهُ ، وَكَذَا إذَا وَلَدَتْ فِي عِصْمَتِهِ فِي مُدَّةٍ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ يَوْمِ التَّزَوُّجِ جَعَلَ مِنْهُ حَتَّى ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَتَأَكَّدَ الْمِلْكُ وَالطَّلَاقُ فِي الْمِلْكِ الْمُتَأَكِّدِ بِعَقِبِ الرَّجْعَةِ وَبَطَلَ زَعْمُهُ بِتَكْذِيبِ الشَّرْعِ ، وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِهِ الْإِحْصَانُ مَعَ ثُبُوتِ تَغَلُّظِ الْعُقُوبَةِ عِنْدَهُ فَهَذَا أَوْلَى وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ الْوِلَادَةُ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ ذَاتَ حَمْلٍ أَوْ وَلَدٍ ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ فَتَسْتَحِيلُ الرَّجْعَةُ فَإِنْ قِيلَ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ حَقُّ الرَّجْعَةِ لِإِنْكَارِهِ ذَلِكَ وَكَوْنِهِ مُكَذَّبًا شَرْعًا ضَرُورَةَ ثُبُوتِ النَّسَبِ فَلَا يُوجَدُ بَقَاءُ حَقِّهِ كَرَجُلٍ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِ غَيْرِهِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ وَصَلَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ يُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِهَا إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِالْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ ثُمَّ بِصِحَّةِ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ قُلْنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِإِقْرَارِهِ هُنَا حَقُّ الْغَيْرِ وَالْمُوجِبُ لِلرَّجْعَةِ ثَابِتٌ وَهُوَ الطَّلَاقُ بَعْدَ الدُّخُولِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِرَدِّ زَعْمِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَالِمٌ وَلَهَا أَخَوَاتٌ كُلُّهَا تَخْرُجُ عَلَى هَذَا

الْفَرْقِ مِنْهَا إذَا أَقَرَّ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ قَالَ هُوَ حُرُّ الْأَصْلِ وَكَذَّبَهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ اشْتَرَى الْمُقِرُّ الْعَبْدَ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِنْ صَارَ مُكَذَّبًا شَرْعًا بِالْحُكْمِ بِصِحَّةِ شِرَائِهِ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ لَمْ أُجَامِعْهَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْجِمَاعِ وَثُبُوتُ النَّسَبِ دَلَالَةُ الْجِمَاعِ وَالصَّرِيحُ يَفُوقُهَا فَكَانَ أَوْلَى قُلْنَا الدَّلَالَةُ مِنْ الشَّارِعِ أَقْوَى مِنْ الصَّرِيحِ الصَّادِرِ مِنْ الْعَبْدِ لِاحْتِمَالِ الْكَذِبِ مِنْهُ دُونَ الشَّارِعِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ خَلَا بِهَا ، وَقَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَا ) أَيْ لَا يَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ تَثْبُتُ فِي الْمِلْكِ الْمُتَأَكِّدِ بِالْوَطْءِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ فَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُكَذَّبًا شَرْعًا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ أَنْ يَكُونَ مُكَذَّبًا شَرْعًا ؛ لِأَنَّ تَأَكُّدَ الْمَهْرِ يَنْبَنِي عَلَى تَسْلِيمِ الْمُبْدَلِ وَهُوَ التَّخْلِيَةُ وَرَفْعُ الْمَوَانِعِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ وُسْعَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حَقِيقَةُ الْقَبْضِ لِعَجْزٍ عَنْهُ وَلَوْ شُرِطَ لَتَضَرَّرَتْ وَالْعِدَّةُ تَجِبُ احْتِيَاطًا لِاحْتِمَالِ الْوَطْءِ فَلَمْ يَكُنْ الْقَضَاءُ بِهِمَا قَضَاءً بِالدُّخُولِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ الْمِلْكُ وَالرَّجْعَةُ لَا تُمْلَكُ إلَّا فِي الْمِلْكِ الْمُتَأَكِّدِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِثُبُوتِ النَّسَبِ قَضَاءٌ بِالدُّخُولِ فَيَكُونُ الْمِلْكُ مُتَأَكِّدًا فَيَمْلِكُ الرَّجْعَةَ ضَرُورَةَ تَأَكُّدِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهُ لِكَوْنِهِ مُكَذَّبًا شَرْعًا عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ أَوْ وَلَدٍ ) أَيْ مَعَهَا وَلَدٌ مَوْلُودٌ ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَانَ ذَلِكَ ) أَيْ جَعْلُ الْحَمْلِ مِنْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَمَا قَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا ) أَيْ ثُمَّ رَاجَعَهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهَا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ رَاجَعَهَا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَهَا لِأَقَلَّ مِنْ عَامَيْنِ صَحَّتْ تِلْكَ الرَّجْعَةُ ) أَيْ رَاجَعَهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا خَلَا بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ مَا قَالَ لَمْ أُجَامِعْهَا ثُمَّ وَلَدَتْ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ صَحَّتْ تِلْكَ الرَّجْعَةُ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لَمَّا وَجَبَتْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَظَهَرَ أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ فَنَزَلَ وَاطِئًا فَيَكُونُ بِهِ مُكَذَّبًا شَرْعًا فَصَارَ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ فَهِيَ رَجْعَةٌ ) أَيْ ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا آخَرَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ الْأُولَى وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ صَارَتْ مُرَاجَعَةً ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوِلَادَةِ الْأُولَى لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ الثَّانِي مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ لِوُجُودِ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَمْلِ فَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ انْتِفَاءُ الزِّنَا فَتَكُونُ مُرَاجَعَةً بِالْوَطْءِ الْحَادِثِ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَا تَكُونُ مُرَاجَعَةً ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَيْسَ بِحَادِثٍ بَعْدَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ عَلَيْهَا بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ وَهِيَ حَامِلٌ بِالثَّانِي فَتَنْقَضِي بِوَضْعِهِ الْعِدَّةُ نَظِيرُهُ مَا إذَا طَلَّقَهَا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَنَظِيرُ الْأَوَّلِ مَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثَةً فِي بُطُونٍ فَالْوَلَدُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ رَجْعَةٌ ) لِأَنَّهَا بِوِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ لِوُجُودِ

الشَّرْطِ فَصَارَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ آخَرَ مِنْ بَطْنٍ آخَرَ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَلَوْ كَانَ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ عُلُوقٍ حَدَثَ فَتَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ وَتَقَعُ طَلْقَةٌ أُخْرَى بِوِلَادَتِهِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَتَكُونُ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِالثَّالِثِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا بِوُقُوعِ الثَّانِيَةِ لِمَا قُلْنَا وَتَقَعُ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ بِوِلَادَتِهِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً غَلِيظَةً وَتَكُونُ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ، وَلَوْ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ بِوَلَدٍ فِي بَطْنٍ آخَرَ لَا تَثْبُتُ الْمُرَاجَعَةُ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ وَطْأَهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا ادَّعَاهُ عَلَى مَا يَجِيءُ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ الْقَوْلُ بِالرَّجْعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثِ يُؤَدِّي إلَى حَمْلِ فِعْلِهِمَا عَلَى الْحَرَامِ عَلَى بَعْضِ وُجُوهِهِ وَهُوَ مَا إذَا وَلَدَتْ بَعْدَ النِّفَاسِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ لِأَكْثَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ وَطِئَهَا فِي النِّفَاسِ وَهُوَ حَرَامٌ وَالْمُسْلِمُ لَا يَفْعَلُ الْحَرَامَ قُلْنَا لَمْ يَتَعَيَّنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ دَمَ النِّفَاسِ قَدْ لَا يَمْتَدُّ وَقَدْ لَا يُوجَدُ أَصْلًا فَيُمْكِنُ وَطْؤُهَا وَالدَّمُ مُنْقَطِعٌ بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا قُلْنَا وَرِعَايَةُ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَاجِبَةٌ فَلَا يَعْرِضُ عَنْهَا بِالِاحْتِمَالِ ، وَلِأَنَّ فِي قَطْعِهِ عَنْهُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَهُوَ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ فِي بُطُونٍ يَحْتَرِزُ مَا إذَا كَانُوا فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّهَا بِوَضْعِ الْأَوَّلِ تَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهِيَ حَامِلٌ بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ فَتَكُونُ عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ يَقَعُ عَلَيْهَا طَلْقَةٌ أُخْرَى

لِمَا قُلْنَا وَعِدَّتُهَا بَاقِيَةٌ عَلَى حَالِهَا ؛ لِأَنَّهَا حَامِلٌ بِالثَّالِثِ ثُمَّ إذَا وَضَعَتْ الثَّالِثَ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِوِلَادَتِهِ وَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَإِنْ وُجِدَ الشَّرْطُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ مُقَارِنًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَلِهَذَا لَوْ لَمْ تَلِدْ الثَّالِثَ لَمْ تَقَعْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالثَّانِي فَلَا يَقَعُ مُقَارِنًا لِانْقِضَائِهَا وَإِنَّمَا يَقَعُ إذَا كَانَتْ حَامِلًا بِالثَّالِثِ لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ إلَى وَضْعِ الثَّالِثِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ هُنَا أَيْضًا حَامِلًا بِالرَّابِعِ تَقَعُ الثَّالِثَةُ لِمَا ذَكَرْنَا .قَوْلُهُ فَنَزَلَ وَاطِئًا ) أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ فَهِيَ ) أَيْ الْوِلَادَةُ الثَّانِيَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ عُلُوقٍ حَدَثَ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِالْوَطْءِ فِي النِّفَاسِ وَهُوَ مُحَرَّمٌ ؛ لِأَنَّ النِّفَاسَ لَا يَلْزَمُ لَهُ كَمِّيَّةٌ خَاصَّةٌ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مَجَّةً وَجَازَ أَنْ لَا تَرَى شَيْئًا أَصْلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ ا هـ ( قَوْلُهُ تَقَعُ بِالثَّالِثِ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَصَوَابُهُ بِالثَّانِي ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَتَزَيَّنُ ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ وَالتَّزَيُّنُ لِلْأَزْوَاجِ مُسْتَحَبٌّ ، وَلِأَنَّهُ حَامِلٌ عَلَى الرَّجْعَةِ وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ أَيْضًا ، وَقَالَ الْقُدُورِيُّ تَتَزَيَّنُ وَتَتَشَوَّفُ التَّزَيُّنُ عَامٌّ فِي الْبَدَنِ وَالتَّشَوُّفُ فِي الْوَجْهِ خَاصَّةً وَهُوَ مِنْ شُفْت الشَّيْءَ أَيْ جَلَوْته وَدِينَارٌ مُشَوَّفٌ أَيْ مَجْلُوٌّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَنُدِبَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا ) أَيْ يُعْلِمَهَا بِخَفْقِ النَّعْلِ أَوْ التَّنَحْنُحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ قَصْدِهِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَيَخَافُ أَنْ يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى مَوْضِعٍ يَصِيرُ بِهِ مُرَاجِعًا فَيَحْتَاجُ إلَى طَلَاقِهَا فَتَطُولُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ فَيَلْزَمُهَا الضَّرَرُ بِذَلِكَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا يُسَافِرُ بِهَا ) ، وَقَالَ زُفَرُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا لِأَنَّ النِّكَاحَ بَيْنَهُمَا قَائِمٌ فَصَارَ كَأَنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا ، وَلِأَنَّ الْمُسَافَرَةَ تَكُونُ رَجْعَةً دَلَالَةً لِكَوْنِهَا حَرَامًا بِدُونِهَا لِلنَّهْيِ عَنْ الْإِخْرَاجِ وَالْخُرُوجِ فَظَاهِرُ حَالِهِ اجْتِنَابُ الْمُحَرَّمِ فَصَارَ الْإِخْرَاجُ كَالْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْمَوْقُوفِ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ } الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ بِدَلِيلِ سِيَاقِهِ وَسِبَاقِهِ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ } وقَوْله تَعَالَى { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } فَلَوْ كَانَتْ الْمُسَافَرَةُ رَجْعَةً لِمَا نَهَى عَنْهَا لِكَوْنِهَا مَنْدُوبًا إلَيْهَا ، وَلِأَنَّهُمَا ضِدَّانِ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَالْآخَرَ مَأْمُورٌ بِهِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَتَعْلِيلُهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فَيَكُونُ مَرْدُودًا وَقَوْلُهُ تَكُونُ رَجْعَةً دَلَالَةً لِكَوْنِهَا حَرَامًا بِدُونِهَا إلَخْ يَبْطُلُ بِإِخْرَاجِهَا إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ لِلنَّهْيِ أَيْضًا وَمَعَ هَذَا لَا تَكُونُ رَجْعَةً وَالدَّلَالَةُ فِعْلٌ يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ

وَالْمُسَافَرَةِ لَا تَخْتَصُّ بِهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَجُوزُ لَهَا مَعَ الْمَحْرَمِ فَصَارَتْ كَالْخَلْوَةِ وَالْخُرُوجِ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ ، وَلِأَنَّ تَرَاخِيَ عَمَلِ الْمُبْطِلِ وَهُوَ الطَّلَاقُ لِلْحَاجَةِ إلَى الْمُرَاجَعَةِ فَإِذَا لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ إلَيْهَا وَظَهَرَ أَنَّ الْمُبْطِلَ عَمِلَ عَمَلَهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ ، وَلِهَذَا تُحْتَسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ الْعِدَّةِ ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ بَاقِيًا لَمَا اُحْتُسِبَتْ إذْ الْعِدَّةُ لِصِيَانَةِ الْمَاءِ وَصَوْنِ الْمَاءِ بِالنِّكَاحِ أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْعِدَّةِ فَصَارَ كَالْمَبِيعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ حَيْثُ تَأَخَّرَ عَمَلُهُ لِحَاجَتِهِ إلَى الْفَسْخِ فَإِذَا لَمْ يُفْسَخْ حَتَّى مَضَتْ الْمُدَّةُ عَمِلَ الْبَيْعُ عَمَلَهُ مِنْ وَقْتِ وُجُودِهِ حَتَّى اسْتَحَقَّهُ الْمُشْتَرِي بِزَوَائِدِهِ الْحَاصِلَةِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَا يَلْزَمُنَا إسْنَادُ عَمَلِهِ فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْخَلْوَةِ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْخَلْوَةَ مِنْ ضَرُورَاتِ السُّكْنَى فَلَا يُمْكِنُ إبَاحَتُهَا بِدُونِ حِلِّهَا مُطْلَقًا ، وَهَذَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخَلْوَةَ بِهَا لَا تُكْرَهُ إلَّا إذَا خَافَ أَنْ يُرَاجِعَهَا بِغَيْرِ إشْهَادٍ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَغَيْرُهُ أَطْلَقَ الْكَرَاهِيَةَ فِيهَا فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ لَا يُحَرِّمُ الْوَطْءَ ) ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُحَرِّمُهُ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ زَائِلَةٌ لِوُجُودِ الْقَاطِعِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْقَيْدِ وَبَقَاءُ الزَّوْجِيَّةِ يَدُلُّ عَلَى بَقَاءِ الْقَيْدِ وَبَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ فَانْعَدَمَتْ الزَّوْجِيَّةُ ضَرُورَةً ، وَلِهَذَا تُحْتَسَبُ الْأَقْرَاءُ مِنْ الْعِدَّةِ وَمَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ لَا تُحْتَسَبُ وَلَنَا قَوْله تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } سَمَّاهُ بَعْلًا وَهُوَ الزَّوْجُ وَجَعَلَهُ أَحَقَّ بِرَدِّهَا فَدَلَّ عَلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ أَحَدًا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَمَلُّكِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا

وَالرَّدُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الزَّوَالِ وَإِنَّمَا هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ رَدِّهَا إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِحَيْثُ لَا تَبِينُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ فَبِالطَّلَاقِ حَصَلَ لَهَا ذَلِكَ ثُمَّ بِالرَّجْعَةِ رَدَّهَا إلَى حَالَتِهَا الْأُولَى كَرَدِّ الْمَبِيعِ بِخِيَارِ الْبَائِعِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى { فَأَمْسِكُوهُنَّ } يَدُلُّ عَلَى بَقَائِهِ إذْ الْإِمْسَاكُ هُوَ الِاسْتِدَامَةُ ، وَلِهَذَا تَنَاوَلَهَا لَفْظُ الْأَزْوَاجِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ وَاللِّعَانِ وَفِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ حَتَّى جَرَى التَّوَارُثُ وَاللِّعَانُ بَيْنَهُمَا وَوُجُوبُ عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَلَيْهَا ، وَكَذَا لَفْظَةُ نِسَائِهِمْ تَنَاوَلَهَا فِي آيَةِ الظِّهَارِ وَالْإِيلَاءِ وَالطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ آلَى صَحَّ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُهَا لِعِدَّتِهَا فَكَذَا تَنَاوَلَهَا قَوْله تَعَالَى { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَعْنَى مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ لِرَفْعِ الْقَيْدِ إلَخْ لَا يَسْتَقِيمُ ؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقَاطِعِ مُؤَخَّرٌ بِالْإِجْمَاعِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرَهُ لَمَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ وَكَانَ يُشْتَرَطُ رِضَاهَا وَالْوَلِيُّ وَالْمَهْرُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا لَا يُنَافِي الْحِلَّ كَمَا بَعْدَ الرَّجْعَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ لَا يَرْتَفِعُ بِهَا وَإِنَّمَا أَثَرُهَا فِي إبْطَالِ الْعِدَّةِ وَالْحِلُّ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ .

( قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ } ) ذَكَرَهُ بَعْدَ صَرِيحِ الطَّلَاقِ وَهُوَ مُعَقِّبٌ لِلرَّجْعَةِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ { لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا } ) أَيْ يُحْدِثُ الْمُرَاجَعَةَ بِأَنْ تَبْدُوَ لَهُ الْمُرَاجَعَةُ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ قَوْلُهُ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَصَارَتْ كَالْخَلْوَةِ وَالْخُرُوجِ إلَى مَا دُونَ السَّفَرِ ) أَيْ فَإِنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ رَجْعَةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ طَلَاقُهَا لِعِدَّتِهَا ) أَيْ لَوْلَا تَنَاوُلُهَا قَوْله تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } لَمَا رُوعِيَ لَهَا وَقْتُ السُّنَّةِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ .

( فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَنْكِحُ مُبَانَتَهُ فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَهَا ) أَيْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الَّتِي أَبَانَهَا بِمَا دُونَ الثَّلَاثِ إذَا كَانَتْ حُرَّةً وَبِالْوَاحِدَةِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ وَبَعْدَ انْقِضَائِهَا ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ الْأَصْلِيَّ بَاقٍ مَا لَمْ يَتَكَامَلْ الْعَدَدُ وَالْمَنْعُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ لِئَلَّا يُشْتَبَهَ النَّسَبُ وَلَا اشْتِبَاهَ فِي إبَاحَتِهِ لَهُ فَيُبَاحُ لَهُ مُطْلَقًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الْمُبَانَةُ بِالثَّلَاثِ لَوْ حُرَّةً وَبِالثِّنْتَيْنِ لَوْ أَمَةً حَتَّى يَطَأَهَا غَيْرُهُ ، وَلَوْ مُرَاهِقًا بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَمْضِي عِدَّتُهُ لَا بِمِلْكِ يَمِينٍ ) أَيْ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الَّتِي أَبَانَهَا بِالثَّلَاثِ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ حُرَّةً وَبِالثِّنْتَيْنِ إنْ كَانَتْ أَمَةً حَتَّى يَطَأَهَا زَوْجٌ غَيْرُهُ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَمْضِي عِدَّتُهَا مِنْهُ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الزَّوْجُ صَبِيًّا مُرَاهِقًا وَلَا تَحِلُّ لَهُ إذَا وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِمِلْكِ يَمِينٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } وَالْمُرَادُ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ إذْ الرِّقُّ مُنَصِّفٌ لِحِلِّ الْمَحَلِّيَّةِ وَإِنَّمَا شَرَطَ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ نِكَاحُ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَالزَّوْجِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ بِالصَّحِيحِ خُصُوصًا فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى الْمُسْتَقْبَلِ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِعْفَافُ وَالتَّحْصِينُ وَذَلِكَ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ ، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَتَزَوَّجُ إلَّا بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَوَّجْ فِيمَا مَضَى حَيْثُ يَحْنَثُ بِالْفَاسِدِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ مُجَرَّدُ صِحَّةِ الْإِخْبَارِ فَيَتَنَاوَلهُمَا وَشَرَطَ أَنْ يَطَأَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِإِشَارَةِ الْكِتَابِ وَبِالسُّنَّةِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ أَمَّا الْكِتَابُ فَإِنَّ النِّكَاحَ الْمَذْكُورَ

فِيهِ يُحْمَلُ عَلَى الْوَطْءِ حَمْلًا لِلْكَلَامِ عَلَى الْإِفَادَةِ دُونَ الْإِعَادَةِ إذْ الْعَقْدُ اُسْتُفِيدَ بِإِطْلَاقِ اسْمِ الزَّوْجِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ النِّكَاحَ الْمَنْسُوبَ إلَى الْمَرْأَةِ يُرَادُ بِهِ الْعَقْدُ لِتَصَوُّرِهِ مِنْهَا دُونَ الْوَطْءِ لِاسْتِحَالَتِهِ مِنْهَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إلَيْهَا مَجَازًا كَمَا تُسَمَّى زَانِيَةً مَجَازًا بِالتَّمْكِينِ مِنْهُ ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْعَقْدِ ؛ لِأَنَّ فِي حَمْلِهِ عَلَى الْعَقْدِ مَجَازَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّ النِّكَاحَ حَقِيقَةٌ لِلْوَطْءِ وَمَجَازٌ لِلْعَقْدِ وَفِيهِ حَمْلُهُ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَ أَنَّ فِيهِ تَسْمِيَةَ الْأَجْنَبِيِّ زَوْجًا بِاعْتِبَارِ مَا سَيَئُولُ إلَيْهِ وَفِيهِ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى الْإِعَادَةِ أَيْضًا وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْوَطْءِ مَجَازٌ وَاحِدٌ وَهُوَ نِسْبَةُ الْوَطْءِ إلَيْهَا فَكَانَ أَوْلَى وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ الْقُرَظِيّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَبَتَّ طَلَاقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَنَّهُ وَاَللَّهِ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا مِثْلُ هَذِهِ الْهُدْبَةِ وَأَخَذَتْ بِهُدْبَةٍ مِنْ جِلْبَابِهَا قَالَتْ { فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَاحِكًا ، وَقَالَ لَعَلَّك تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إلَى رِفَاعَةَ لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَك وَتَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سُئِلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ فَيُغْلِقُ الْبَابَ وَيُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ قَالَ { لَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ حَتَّى يُجَامِعَهَا } وَيُرْوَى { لَا حَتَّى تَذُوقَ

عُسَيْلَتَهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { الْعُسَيْلَةُ هِيَ الْجِمَاعُ } وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ مَشْهُورَةٌ فَجَازَتْ الزِّيَادَةُ بِهَا عَلَى الْكِتَابِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يُرَادَ بِالنِّكَاحِ فِي الْآيَةِ الْعَقْدُ وَعَلَى تَقْدِيرِ إرَادَةِ الْوَطْءِ تَكُونُ مُوَافِقَةً لَهُ فَلَا إشْكَالَ وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَإِنَّ الْأُمَّةَ أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ الدُّخُولَ بِهَا شَرْطُ الْحِلِّ لِلْأَوَّلِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِي ذَلِكَ إلَّا سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَالْخَوَارِجُ وَالشِّيعَةُ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ وَبِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَذَلِكَ خِلَافٌ لَا اخْتِلَافٌ لِعَدَمِ اسْتِنَادِهِ إلَى دَلِيلٍ ، وَلِهَذَا لَوْ قَضَى بِهِ الْقَاضِي لَا يَنْفُذُ وَالشَّرْطُ الْإِيلَاجُ دُونَ الْإِنْزَالِ ؛ لِأَنَّهُ كَمَالٌ فِيهِ وَنِهَايَةٌ فَكَانَ قَيْدًا وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ وَهُوَ الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ وَشَذَّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِي اشْتِرَاطِ الْإِنْزَالِ قَالَ الْعُسَيْلَةُ الْإِنْزَالُ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا وَلَيْسَ فِي الْعُسَيْلَةِ دَلَالَةٌ عَلَى الْإِنْزَالِ وَإِنَّمَا هِيَ كِنَايَةٌ عَنْ لَذَّةِ الْجِمَاعِ وَالصَّبِيُّ الْمُرَاهِقُ وَهُوَ الدَّانِي مِنْ الْبُلُوغِ فِيهِ كَالْبَالِغِ وَقِيلَ الَّذِي تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ وَيَشْتَهِي الْجِمَاعَ وَإِنَّمَا شَرَطَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ شَرَطَ اللَّذَّةَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ وَفَسَّرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ فَقَالَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ وَمِثْلُهُ يُجَامِعُ جَامَعَ امْرَأَتَهُ وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَأَحَلَّهَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَهُوَ سَبَبٌ لِنُزُولِ مَائِهَا وَلَا غُسْلَ عَلَى الصَّبِيِّ لِعَدَمِ الْخِطَابِ وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِهِ تَخَلُّقًا لِيَتَعَوَّدَ بِهِ وَيَصِيرَ لَهُ سَجِيَّةٌ قَبْلَ بُلُوغِهِ حَتَّى لَا يَشُقَّ عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُوبِهِ وَالْمَجْنُونُ فِيهِ كَالْعَاقِلِ وَالْخَصِيُّ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ ، وَذَكَرَ

فِي الْغَايَةِ إنْ تَزَوَّجَتْ بِمَجْبُوبٍ وَحَمَلَتْ مِنْهُ حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ وَثَبَتَ بِهِ الْإِحْصَانُ خِلَافًا لِزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ إنْ كَانَ الْمَجْبُوبُ لَا يُنْزِلُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَفَّ مَاؤُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ أَوْ دُونَهُ ، وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُفْضَاةً وَحَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ لِوُجُودِ الْوِقَاعِ فِي قُبُلِهَا وَلَوْ وَطِئَهَا فِي الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْإِحْرَامِ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا حَلَّتْ لِلْأَوَّلِ خِلَافًا لِمَالِكٍ ، وَلَوْ لَفَّ قَضِيبَهُ بِخِرْقَةٍ فَجَامَعَهَا وَهِيَ لَا تَمْنَعُ مِنْ وُصُولِ حَرَارَةِ فَرْجِهَا إلَى ذَكَرِهِ يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ وَفِي فَتَاوَى الْوَبَرِيِّ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ لَوْ أَوْلَجَ بِمُسَاعَدَةِ يَدِهِ لَا يُحِلُّهَا وَمِنْ لَطَائِفِ الْحِيَلِ فِيهِ أَنْ تُزَوَّجَ الْمُطَلَّقَةُ مِنْ عَبْدٍ صَغِيرٍ تَتَحَرَّكُ آلَتُهُ ثُمَّ تَمْلِكُهُ بِسَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ بَعْدَ مَا وَطِئَهَا فَيَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا وَطْءُ الْمَوْلَى لَا يُحِلُّهَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ وَهُوَ الشَّرْطُ بِالنَّصِّ ، وَكَذَا لَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ بِزَوْجٍ آخَرَ حَتَّى لَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ أَمَةٌ فَطَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ كَانَتْ تَحْتَهُ حُرَّةٌ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اسْتَرَقَّهَا لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَتَزَوَّجَ بِزَوْجٍ آخَرَ وَيَدْخُلُ بِهَا لِمَا تَلَوْنَا نَظِيرُهُ إذَا ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ أَوْ لَاعَنَهَا وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ وَلَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّتْ وَمَلَكَهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ أَبَدًا .

( فَصْلٌ فِيمَا تَحِلُّ بِهِ الْمُطَلَّقَةُ ) لَمَّا ذَكَرَ التَّدَارُكَ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَهُوَ بِالرَّجْعَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ التَّدَارُكِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الطَّلْقَاتِ فَفِي الْحُرَّةِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثِ التَّدَارُكُ نِكَاحٌ جَدِيدٌ وَفِي الثَّلَاثِ بِإِصَابَةِ زَوْجٍ آخَرَ بَعْدَ نِكَاحِهِ ، وَكَذَا التَّدَارُكُ فِي الْأَمَةِ فِي الثِّنْتَيْنِ بِإِصَابَةِ زَوْجٍ آخَرَ ا هـ غَايَةُ الْبَيَانِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْحِلَّ الْأَصْلِيَّ بَاقٍ إلَخْ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ النِّكَاحِ أُنْثَى مِنْ بَنَاتِ آدَمَ مَعَ انْعِدَامِ الْمَحْرَمِيَّةِ وَالشِّرْكِ وَالْعِدَّةِ عَنْ الْغَيْرِ وَهُوَ حَاصِلٌ ؛ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْله تَعَالَى { وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ } وَإِنَّمَا يَزُولُ حِلُّ الْمَحَلِّيَّةِ بِالطَّلْقَةِ الثَّالِثَةِ وَلَمْ تُوجَدْ فَجَازَ التَّزَوُّجُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَتَمْضِي عِدَّتُهُ ) وَإِنَّمَا أَضَافَ الْعِدَّةَ إلَى الزَّوْجِ لِلتَّسَبُّبِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ قَوْلُهُ وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْوَطْءِ مَجَازٌ وَاحِدٌ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالزَّوْجُ حِينَئِذٍ حَقِيقَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ رِفَاعَةَ بْنِ سَمَوْأَلٍ ) قَالَ فِي الْإِصَابَةِ لِلْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا نَصُّهُ رِفَاعَةُ بْنُ سَمَوْأَلٍ الْقُرَظِيّ لَهُ ذِكْرٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْت عِنْدَ رِفَاعَةَ فَطَلَّقَنِي فَبَتَّ طَلَاقِي ، وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سَمَوْأَلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ مُرْسَلٌ عِنْدَ جُمْهُورِ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ وَوَصَلَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ وَأَبُو عَلِيٍّ الْحَيْفِيُّ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فَقَالُوا فِيهِ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَالزَّبِيرُ الْأَعْلَى بِفَتْحِ الزَّاي وَالْأَدْنَى بِالتَّصْغِيرِ ، وَرَوَى ابْنُ

شَاهِينِ مِنْ طَرِيقِ تَفْسِيرِ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ فِي قَوْله تَعَالَى { فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } نَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ الْبَدْرِيِّ كَانَتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ بْنِ وَهْبِ بْنِ عَتِيكٍ وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ مُطَوَّلَةً قَالَ أَبُو مُوسَى الظَّاهِرُ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ قُلْت وَظَاهِرُ السِّيَاقَيْنِ أَنَّهُمَا اثْنَانِ لَكِنَّ الْمُشْكِلَ اتِّحَادُ اسْمِ الزَّوْجِ الثَّانِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَفِي اسْمِهَا اخْتِلَافٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي النِّسَاءِ ا هـ ثُمَّ قَالَ فِي الْإِصَابَةِ رِفَاعَةُ بْنُ وَهْبٍ الْقُرَظِيّ تَقَدَّمَ فِي رِفَاعَةَ بْنِ سَمَوْأَلٍ ا هـ قُلْت وَعَلَى هَذَا فَسَمَوْأَلٌ هُوَ لَقَبُ وَهْبِ بْنِ عَتِيكٍ ثُمَّ ذَكَرَ فِي الْإِصَابَةِ فِي كِتَابِ النِّسَاءِ فِي حَرْفِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ تَمِيمَةُ بِنْتُ وَهْبٍ لَا أَعْلَمُ لَهَا غَيْرَ قِصَّتِهَا مَعَ رِفَاعَةَ بْنِ سَمَوْأَلٍ حَدِيثَ الْعُسَيْلَةِ ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ اسْمُهَا سُهَيْمَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَقِيلَ عَائِشَةُ ا هـ ثُمَّ قَالَ فِي حَرْفِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ سُهَيْمَةُ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي تَمِيمَةَ ثُمَّ قَالَ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ النَّضْرِيَّةُ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي تَرْجَمَةِ زَوْجِهَا رِفَاعَةَ قَالَهُ أَبُو مُوسَى ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ابْنُ سَمَوْأَلٍ بِكَسْرِ السِّينِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الْمِيمِ هَكَذَا شَاهَدْته فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ بِخَطِّهِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ تَمِيمَةُ بِنْتُ وَهْبٍ ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ رَوَى فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عَائِشَةَ بِنْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتِيكٍ الْقُرَظِيِّ كَانَتْ تَحْتَ ابْنِ عَمِّهَا رِفَاعَةَ بْنِ وَهْبٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَجَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي كُنْت تَحْتَ رِفَاعَةَ وَسَاقَ الْحَدِيثَ ا

هـ ( قَوْلُهُ فَقَالَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ ) قَالَ فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ غُلَامٌ ابْنُ عَشْرِ سِنِينَ لَهُ امْرَأَةٌ يُجَامِعُهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ بَالِغًا كَانَ الْجَوَابُ عَلَى الْعَكْسِ ؛ لِأَنَّ جِمَاعَ الْغُلَامِ لَيْسَ بِسَبَبٍ لِنُزُولِ مَائِهِ لَكِنْ يُؤْمَرُ بِالْغُسْلِ اعْتِيَادًا كَمَا يُؤْمَرُ بِالصَّلَاةِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ لِلْأَوَّلِ ) أَيْ يُكْرَهُ التَّزَوُّجُ بِشَرْطِ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ يُرِيدُ بِهِ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ بِالْقَوْلِ بِأَنْ قَالَ تَزَوَّجْتُك عَلَى أَنْ أُحِلَّك لَهُ أَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ نَوَيَا ذَلِكَ فِي قَلْبِهِمَا وَلَمْ يَشْتَرِطَاهُ بِالْقَوْلِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَيَكُونُ الرَّجُلُ مَأْجُورًا بِذَلِكَ لِقَصْدِهِ الْإِصْلَاحَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِشَرْطِ التَّحْلِيلِ لِلْأَوَّلِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي مَعْنَى شَرْطِ التَّوْقِيتِ فَيَكُونُ فِي مَعْنَى الْمُتْعَةِ فَيَبْطُلُ ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلَةً إلَّا رَجَمْتُهُمَا ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ ، وَلَوْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ذَلِكَ السِّفَاحُ ، وَلِهَذَا لَعَنَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَصِحُّ النِّكَاحُ وَلَا تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَوْقِيتٍ لِلنِّكَاحِ وَلَكِنَّهُ اسْتَعْجَلَ بِالْمَحْظُورِ مَا هُوَ مُؤَخَّرٌ شَرْعًا فَيُعَاقَبُ بِالْحِرْمَانِ كَقَتْلِ الْمُوَرِّثِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ } ، وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي صِحَّةَ النِّكَاحِ وَالْحِلَّ لِلْأَوَّلِ وَالْكَرَاهِيَةَ ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فَيَصِحُّ وَتُحَلَّلُ لِلْأَوَّلِ ضَرُورَةَ صِحَّتَهُ وَلَا مَعْنَى لِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا لُعِنَ مَعَ حُصُولِ الْحِلِّ ؛ لِأَنَّ الْتِمَاسَ ذَلِكَ وَاشْتِرَاطَهُ فِي الْعَقْدِ هَتْكٌ لِلْمُرُوءَةِ وَإِعَارَةُ النَّفْسِ فِي الْوَطْءِ لِغَرَضِ الْغَيْرِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَطَؤُهَا لِيَعْرِضَهَا لِوَطْءِ الْغَيْرِ وَهُوَ قِلَّةُ حَمِيَّةٍ ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { هُوَ التَّيْسُ الْمُسْتَعَارُ } وَإِنَّمَا كَانَ مُسْتَعَارًا إذَا سَبَقَ الْتِمَاسٌ مِنْ الْمُطَلِّقِ وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ وَقِيلَ

أَرَادَ بِهِ طَالِبَ الْحِلِّ مِنْ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُؤَقَّتِ وَسَمَّاهُ مُحَلِّلًا وَإِنْ لَمْ يُحَلِّلْ ؛ لِأَنَّهُ يَعْقِدُهُ وَيَطْلُبُ الْحِلَّ مِنْهُ وَأَمَّا طَالِبُ الْحِلِّ مِنْ طَرِيقِهِ لَا يَسْتَوْجِبُ اللَّعْنَ وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ دُخُولَ الْمُحَلِّلِ صُدِّقَتْ وَإِنْ أَنْكَرَ هُوَ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْعَكْسِ ، وَلَوْ خَافَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا الْمُحَلِّلُ فَقَالَتْ زَوَّجْتُك نَفْسِي عَلَى أَنَّ أَمْرِي بِيَدِي أُطَلِّقُ نَفْسِي كُلَّمَا أَرَدْت فَقَبِلَ جَازَ النِّكَاحُ وَصَارَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَهْدِمُ الزَّوْجُ الثَّانِي مَا دُونَ الثَّلَاثِ ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا يَهْدِمُ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ غَايَةٌ لِلْحُرْمَةِ الْحَاصِلَةِ بِالثَّلَاثِ بِالنَّصِّ ؛ لِأَنَّ كَلِمَةَ حَتَّى لِلْغَايَةِ حَقِيقَةً وَلَمْ يُوجَدْ الْمُغَيَّا وَهُوَ الْحُرْمَةُ الْغَلِيظَةُ ؛ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالثَّلَاثِ وَبِبَعْضِ أَرْكَانِ الْعِلَّةِ لَا يَثْبُتُ بِهِ شَيْءٌ مِنْ الْحُكْمِ فَلَا يَصِيرُ الزَّوْجُ الثَّانِي غَايَةً قَبْلَ وُجُودِهَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ الْغَايَةِ وَلَا مُغَيَّا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا حَتَّى أَسْتَشِيرُ أَبِي فَاسْتَشَارَهُ قَبْلَ مَجِيءِ رَأْسِ الشَّهْرِ لَا يُعْتَبَرُ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِشَارَةَ غَايَةٌ لِلْحُرْمَةِ الثَّابِتَةِ بِالْيَمِينِ فَلَا يُعْتَبَرُ قَبْلَ الْيَمِينِ ؛ لِأَنَّ الْغَايَةَ لِلْإِنْهَاءِ وَلَا إنْهَاءَ قَبْلَ وُجُودِهِ وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ } وَهُوَ الْمُثْبِتُ لِلْحِلِّ فَصَارَ رَافِعًا لِلْحُرْمَةِ لَا غَايَةً مُنْهِيَةً ؛ لِأَنَّ الْمُنْتَهَى يَكُونُ مُتَقَرِّرًا فِي نَفْسِهِ وَهُنَا لَا حُرْمَةَ بَعْدَ إصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ رَافِعٌ لِلْحُرْمَةِ بَيَانُهُ أَنَّهَا تَصِيرُ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثِ وَتَصِيرُ

مُطَلَّقَةً وَبِإِصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي يَرْتَفِعُ الْوَصْفَانِ جَمِيعًا وَتَلْحَقُ بِالْأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي لَمْ يُطَلِّقْهَا قَطُّ وَبِالتَّطْلِيقَةِ الْوَاحِدَة أَيْضًا تَصِيرُ مَوْصُوفَةً بِأَنَّهَا مُطَلَّقَةٌ فَيَرْتَفِعُ ذَلِكَ بِإِصَابَةِ الزَّوْجِ الثَّانِي كَمَا تَرْتَفِعُ الثَّلَاثُ ؛ لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ كَلِمَةَ حَتَّى هُنَا لَيْسَتْ لِلْغَايَةِ حَقِيقَةً ، وَإِنَّمَا هِيَ مَجَازٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا } فَالِاغْتِسَالُ مُوجِبٌ لِلطَّهَارَةِ رَافِعٌ لِحَدَثِ الْجَنَابَةِ لَا أَنْ يَكُونَ غَايَةً لِلْجَنَابَةِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ ثَبَتَتْ مُؤَبَّدَةً لَا إلَى غَايَةٍ كَحُكْمِ زَوَالِ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ مُؤَقَّتًا وَلَكِنْ يَرْتَفِعُ بِوُجُودِ مَا يَرْفَعُهُ وَهُوَ النِّكَاحُ وَكَذَا مِلْكُ الْيَمِينِ وَمِلْكُ النِّكَاحِ يَثْبُتُ مُتَأَبِّدًا وَيَرْتَفِعُ بِرَافِعٍ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْحِلِّ فَإِنَّمَا يُوجِبُ حِلًّا لَا يَرْتَفِعُ إلَّا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بَعْدَ الطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ فَيُثْبِتُهُ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ تَكْمِيلَ الْوَصْفِ أَسْهَلُ مِنْ إثْبَاتِ الْأَصْلِ ، وَكَذَا رَفْعُ مَا تَعَرَّضَ لِلثُّبُوتِ أَوْلَى مِنْ رَفْعِ الثَّابِتِ فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا سَمَّاهُ مُحَلِّلًا لِكَوْنِهِ شَرْطُ الْحِلِّ لَا ؛ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لَهُ قُلْنَا ذَلِكَ مَجَازٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ فَإِنْ قِيلَ قَدْ قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمَجَازَ هُوَ الْمُرَادُ إذْ الْحِلُّ ثَابِتٌ فِيمَا قُلْتُمْ وَتَحْصِيلُ الْحَاصِلِ مُحَالٌ قُلْنَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ الْمَحَلُّ إثْبَاتَ أَصْلِ الْحِلِّ يَقْبَلُ إثْبَاتَ وَصْفِهِ وَهُوَ التَّكْمِيلُ فِي الْحِلِّ ؛ لِأَنَّهُ نَاقِصٌ بِالطَّلْقَةِ وَالطَّلْقَتَيْنِ وَمَا صَلُحَ مُثْبِتًا لِأَصْلِ الشَّيْءِ صَلُحَ مُثْبِتًا لِوَصْفِهِ بَلْ أَوْلَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ نَقُولُ إنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ مُثْبِتٌ لِلْحِلِّ الْجَدِيدِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْحِلِّ ثَابِتًا فِي الْمَحَلِّ وَلَا يُقَالُ لَوْ كَانَ رَافِعًا

لِلْحُرْمَةِ وَمُثْبِتًا لِلْحِلِّ لَعَادَتْ مَنْكُوحَةً وَحَلَّتْ لَهُ بَعْدَ إصَابَةِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدِ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَوْ كَانَ غَايَةً أَيْضًا يَلْزَمُ ذَلِكَ ثُمَّ نَقُولُ الْمُرَادُ بِإِثْبَاتِ الْحِلِّ إنَّمَا هُوَ الْحِلُّ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ جَوَازُ إيرَادِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا ، وَكَذَا الْمُرَادُ بِرَفْعِ الْحُرْمَةِ إنَّمَا هِيَ الْحُرْمَةُ الَّتِي تَثْبُتُ بِالطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ لَا الْحُرْمَةُ الَّتِي تَثْبُتُ لِأَجْلِ عَدَمِ التَّزَوُّجِ .( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ مُسْتَعَارًا إذَا سَبَقَ الْتِمَاسٌ مِنْ الْمُطَلِّقِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ عُمُومَ الْمُحَلِّلِ مُطْلَقًا غَيْرُ مُرَادٍ إجْمَاعًا وَإِلَّا شَمِلَ الْمُتَزَوِّجَ تَزْوِيجَ رَغْبَةٍ ؛ لِأَنَّهُ أَيْضًا يُحِلُّهَا لِمُطَلِّقِهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّحْلِيلَ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَخْبَرَتْ مُطَلَّقَةُ الثَّلَاثِ بِمُضِيِّ عِدَّتِهِ وَعِدَّةِ الزَّوْجِ الثَّانِي وَالْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ لَهُ أَنْ يُصَدِّقَهَا إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ صِدْقُهَا ) ؛ لِأَنَّهُ مُعَامَلَةٌ أَوْ أَمْرٌ دِينِيٌّ لِتَعَلُّقِ الْحِلِّ بِهِ وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِيهِمَا مَقْبُولٌ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ إذَا كَانَتْ الْمُدَّةُ تَحْتَمِلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي أَدْنَى هَذِهِ الْمُدَّةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ شَهْرَانِ فِي الْعِدَّةِ الْأُولَى يُجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ احْتِرَازًا عَنْ إيقَاعِ الطَّلَاقِ فِي الطُّهْرِ بَعْدَ الْوِقَاعِ فَيَجْعَلُ طُهْرَهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِأَكْثَرِهِ فَيُؤْخَذُ لَهَا بِالْأَقَلِّ وَحَيْضُهَا خَمْسَةٌ ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ أَقَلِّهِمَا فِي امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ نَادِرٌ فَيُؤْخَذُ لَهَا بِالْوَسَطِ فَثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ تَكُونُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَثَلَاثُ حِيَضٍ تَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَارَتْ سِتِّينَ ، وَهَذَا عَلَى تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعَلَى تَخْرِيجِ الْحَسَنِ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ احْتِرَازًا عَنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ فَيُجْعَلُ حَيْضُهَا عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّا لَمَّا قَدَّرْنَا طُهْرَهَا بِالْأَقَلِّ قَدَّرْنَا حَيْضَهَا بِالْأَكْثَرِ لِيَعْتَدِلَا فَفِيهَا طُهْرَانِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا وَثَلَاثُ حِيَضٍ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا فَصَارَتْ سِتِّينَ يَوْمًا فَهَذَا مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ فَيُحْتَاجُ إلَى مِثْلِهِ مِنْ الزَّوْجِ الثَّانِي وَزِيَادَةِ طُهْرٍ عَلَى تَخْرِيجِ الْحَسَنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ أَدْنَى مُدَّةٍ تُصَدَّقُ فِيهَا تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا يُجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ فَيُجْعَلُ حَيْضُهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَطُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَخْذًا بِالْأَقَلِّ فِيهِمَا لِلتَّيَقُّنِ بِهِ فَفِيهَا طُهْرَانِ بِثَلَاثِينَ يَوْمًا وَثَلَاثُ حِيَضٍ بِتِسْعَةِ أَيَّامٍ وَيُحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ

الثَّانِي وَزِيَادَةِ طُهْرٍ بَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَأَمَّا فِي حَقِّ الْأَمَةِ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ أَدْنَاهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَعَلَى تَخْرِيجِ الْحَسَنِ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا ثُمَّ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا فِي حَقِّ الثَّانِي وَزِيَادَةٍ طُهْرٍ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ وَعِنْدَهُمَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا لِلْأَوَّلِ وَمِثْلُهُ لِلثَّانِي وَزِيَادَةُ طُهْرٍ وَاحِدٍ تَأَمَّلْهُ تَدْرِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ هَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْمُدَّةِ لِيُقْبَلَ قَوْلُهَا ؛ لِأَنَّهَا إذَا ادَّعَتْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فِي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ كَذَّبَهَا الْعَادَةُ وَالْمُكَذَّبُ عَادَةً كَالْمُكَذَّبِ حَقِيقَةً أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا قَالَ أَنْفَقْت عَلَى الْيَتِيمِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي يَوْمٍ لَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ صِدْقُهُ مُحْتَمَلًا بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ نَفَقَةً فَتَهْلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ لَهُ فَتَهْلِكَ ثُمَّ يَشْتَرِيَ فَتَهْلِكَ ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى بِغَرَقٍ فِي الْمَاءِ أَوْ احْتِرَاقٍ بِالنَّارِ ، وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ بِأَنْ قَالَ إنْ وَلَدْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ لَمْ تُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ يَوْمًا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ وَعَلَى تَخْرِيجِ الْحَسَنِ لَمْ تُصَدَّقْ فِي أَقَلَّ مِنْ مِائَةِ يَوْمٍ لِأَنَّ أَقْصَى مَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ نِفَاسُهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ طُهْرُهَا خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بَعْدَ ذَلِكَ ثُمَّ فِيهَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَطُهْرَانِ عَلَى التَّخْرِيجَيْنِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَا تَرَى مِنْ الدَّمِ فِي الْأَرْبَعِينَ لَا يَكُونُ حَيْضًا وَإِنَّمَا هُوَ نِفَاسٌ ؛ لِأَنَّهُ فِي مُدَّتِهِ وَمَا تَرَاهُ بَعْدَ تَمَامِ الْأَرْبَعِينَ يَكُونُ حَيْضًا إنْ تَقَدَّمَهُ طُهْرٌ صَحِيحٌ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَا هَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ الثَّانِي يَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى ثَلَاثِ حِيَضٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ عَلَى

التَّخْرِيجَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تُصَدَّقُ فِي خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّ نِفَاسَهَا يُقَدَّرُ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ النِّفَاسِ أَكْثَرُ مِنْ مُدَّةِ الْحَيْضِ فَيُقَدَّرُ بِأَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِ الْحَيْضِ بِيَوْمٍ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا ثَلَاثُ حِيَضٍ وَثَلَاثَةُ أَطْهَارٍ هَذَا فِي حَقِّ الْأَوَّلِ وَفِي حَقِّ الثَّانِي يَحْتَاجُ بَعْدَ هَذَا إلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ وَثَلَاثِ حِيَضٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُصَدَّقُ فِي أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا وَسَاعَةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا غَايَةَ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ فَإِذَا قَالَتْ كَانَ سَاعَةً وَجَبَ تَصْدِيقُهَا لِلِاحْتِمَالِ ثُمَّ الطُّهْرُ بَعْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ثُمَّ ثَلَاثُ حِيَضٍ وَطُهْرَانِ هَذَا لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى أَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ يَوْمًا ثَلَاثِ حِيَضٍ وَثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ هَذَا فِي حَقِّ الْحُرَّةِ وَفِي حَقِّ الْأَمَةِ التَّخْرِيجُ ظَاهِرٌ عَلَى الْمَذَاهِبِ كُلِّهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .( قَوْلُهُ عَلَى تَخْرِيجِ مُحَمَّدٍ أَدْنَاهُ أَرْبَعُونَ يَوْمًا ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ كَأَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي أَوَّلِ الطُّهْرِ فَالطُّهْرَانِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَالْحَيْضَتَانِ عَشَرَةُ أَيَّامٍ ا هـ قَوْلُهُ وَفِي حَقِّ الْأَمَةِ التَّخْرِيجُ ظَاهِرٌ إلَخْ ) فَعَلَى رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ عَنْ الْإِمَامِ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ يَوْمًا وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا تُصَدَّقُ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَسَاعَةٍ ا هـ بَدَائِعُ .

( بَابُ الْإِيلَاءِ ) الْإِيلَاءُ الْيَمِينُ لُغَةً قَالَ قَائِلُهُمْ قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ وَإِنْ بَدَرَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتْ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلِذَلِكَ قَالُوا الْمُولِي مَنْ لَا يَخْلُو عَنْ أَحَدِ الْمَكْرُوهَيْنِ إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْكَفَّارَةُ ، وَقِيلَ الْمُولِي مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ أَشْبَهُ ؛ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَفَّارَةَ وَالنَّذْرَ وَغَيْرَهُ تَحْتَهُ غَيْرَ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْتِزَامُ مَا لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ وَالْغَزْوِ فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ وَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ الْإِيلَاءُ فِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْعِ النَّفْسِ عَنْ قُرْبَانِ الْمَنْكُوحَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مَنْعًا مُؤَكَّدًا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَرُكْنُهُ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَنَحْوَهُ وَشَرْطُهُ الْمَحَلُّ وَالْأَهْلُ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مَنْكُوحَةً وَالْحَالِفُ أَهْلًا لِلطَّلَاقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَهُمَا وَأَنْ لَا تَكُونَ الْمُدَّةُ مَنْقُوصَةً عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْبِرِّ وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ أَوْ نَحْوُهُ عِنْدَ الْحِنْثِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ ) أَيْ الْإِيلَاءُ هُوَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ الزَّوْجَةِ هَذِهِ الْمُدَّةَ وَقَدْ أَشَرْنَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِهِ لَا يَكُونُ إيلَاءً حَتَّى يَكُونَ الْمَنْعُ بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُوَ يَشُقُّ عَلَيْهِ ، وَذَكَرْنَا الْأَوْجُهَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } الْآيَةَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا حَلَفَ لَا

يَقْرَبُهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى تَزِيدَ مُدَّةُ الْمُطَالَبَةِ وَاشْتَرَطَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ زِيَادَةَ يَوْمٍ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِمَا مَا تَلَوْنَا ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى التَّرَبُّصِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا كَمَا لَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى التَّرَبُّصِ الْمَذْكُورِ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالطَّلَاقِ فِي قَوْله تَعَالَى { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَفِي قَوْله تَعَالَى { أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ إلَّا بِحِنْثٍ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَحْلِفَ بِهِ فِي الدَّعَاوَى فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ وَعِنْدَهُمَا لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا بِلَا كَفَّارَةٍ تَلْزَمُهُ فَصَارَ كَالْحَلِفِ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَأَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ إنَّهُ أَهْلٌ لِلْيَمِينِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا يَلْزَمُهُ الظِّهَارُ حَيْثُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنَّا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ } وَهُوَ لَيْسَ مِنَّا ، وَلِأَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الظِّهَارِ تَنْتَهِي بِالْكَفَّارَةِ وَفِي الْيَمِينِ بِالْحِنْثِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْكَفَّارَةِ لِكَوْنِهِ عِبَادَةً فَلَوْ شُرِعَ الظِّهَارُ فِي حَقِّهِ لَكَانَتْ الْحُرْمَةُ مُطْلَقَةً لَا مُغَيَّاةً بِهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ فَيَكُونُ تَغْيِيرًا لِلْحُكْمِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْحِنْثِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ الظُّلْمُ عَنْهَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَصِحُّ ظِهَارُهُ أَيْضًا وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ لَا أَقْرَبُك ، الْقُرْبَانُ كِنَايَةٌ عَنْ الْجِمَاعِ وَمِنْ الْكِنَايَةِ الْوَطْءُ وَالْمُبَاضَعَةُ وَالِافْتِضَاضُ فِي الْبِكْرِ وَالِاغْتِسَالُ مِنْهَا يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ

وَالْإِتْيَانُ وَالْإِصَابَةُ وَالْغَشَيَانُ وَالْمُضَاجَعَةُ وَالدُّنُوُّ وَالْمَسُّ كِنَايَاتٌ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا تَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَك وِسَادَةٌ أَوْ لَا يَجْتَمِعَانِ أَوْ لَا أَبِيتُ مَعَك فِي فِرَاشٍ أَوْ لَا أَقْرَبُ فِرَاشَك لَا يَكُونُ بِهَا مُولِيًا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَفِي الْبَدَائِعِ الصَّرِيحُ الْمُجَامَعَةُ وَالنَّيْكُ .

( بَابُ الْإِيلَاءِ ) وَجْهُ مُنَاسَبَةِ الْإِيلَاءِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَارِيمَ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ الطَّلَاقُ وَالْإِيلَاءُ وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الطَّلَاقِ شَرَعَ فِي الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ فِي الْإِيلَاءِ لَا يَثْبُتُ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ مُؤَجَّلًا إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يَذْكُرَ الْخُلْعَ قَبْلَ الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ نَوْعٌ مِنْ الطَّلَاقِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِعِوَضٍ تَبَاعَدَ عَنْ الطَّلَاقِ فَأُخِّرَ عَنْ الْإِيلَاءِ وَقُدِّمَ الْخُلْعُ عَلَى الظِّهَارِ ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَلَيْسَ الْخُلْعُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ قُدِّمَ الظِّهَارُ عَلَى اللِّعَانِ ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ أَقْرَبُ إلَى الْإِبَاحَةِ مِنْ اللِّعَانِ بِدَلِيلِ أَنَّ سَبَبَ اللِّعَانِ وَهُوَ الْقَذْفُ بِالزِّنَا لَوْ أُضِيفَ إلَى غَيْرِ الزَّوْجَةِ يُوجِبُ الْحَدَّ وَالْمُوجِبُ لِلْحَدِّ مَعْصِيَةٌ مَحْضَةٌ بِلَا شَائِبَةِ الْإِبَاحَةِ فَافْهَمْ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَالْإِيلَاءُ فِعْلُهُ آلَى يُولِي إيلَاءً كَتَصَرُّفِ أَعْطَى ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ قَالَ قَائِلُهُمْ قَلِيلُ الْأَلَايَا إلَخْ ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْأَلِيَّةُ الْحَلِفُ وَالْجَمْعُ أَلَايَا ، مِثْلُ عَطِيَّةٍ وَعَطَايَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ بَدَرَتْ ) هُوَ بِالْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ بَدَرَ مِنْهُ كَلَامٌ سَبَقَ وَالْبَيَانُ الْبَدِيهَةُ ا هـ مُغْرِبٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ نَدَرَتْ مَا نَصُّهُ هُوَ بِالنُّونِ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ قَرِبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ إلَخْ ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ بِالْتِزَامِ الصَّلَاةِ يَصِيرُ مُولِيًا ذَكَرَهُ فِي الْمَنْظُومَةِ وَالْجَمْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ هُوَ الْحَلِفُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي الشَّرْعِ هُوَ الْيَمِينُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِ الزَّوْجَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا بِاَللَّهِ أَوْ بِتَعْلِيقِ مَا يَسْتَشِقُّهُ عَلَى الْقُرْبَانِ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ قُرْبَانِهَا

أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْحَلِفِ يَتَحَقَّقُ فِي إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَغْزُوَ وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ تَعَلَّقَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ فِيهِ سَوَاءٌ ) أَيْ نَظَرًا إلَى إطْلَاقِ الْآيَةِ إلَّا أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا قَرُبَ يَحْنَثُ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ ا هـ رَازِيٌّ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ ) أَيْ بِشَيْءٍ لَا يَلْزَمُ قُرْبَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ ) أَيْ كَحَلِفِ الذِّمِّيِّ بِالْحَجِّ ا هـ وَكَقَوْلِهِ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا اتِّفَاقًا ا هـ ( قَوْلُهُ فَصَارَ كَالْحَلِفِ بِالْحَجِّ وَالصَّوْمِ ) كَإِنْ قَرِبْتُك فَعَلَيَّ حَجٌّ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ فَإِنَّهُ لَا يَصِيرُ مُولِيًا اتِّفَاقًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ إنَّهُ أَهْلٌ لِلْيَمِينِ ) حَتَّى يَحْلِفَ بِهِ فِي الدَّعَاوَى وَإِذَا صَحَّ يَمِينُهُ يَحْنَثُ فِيهِ بِالْقُرْبَانِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَمِنْ الْكِنَايَةِ الْوَطْءُ وَالْمُبَاضَعَةُ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَلْفَاظُهُ صَرِيحٌ وَكِنَايَةٌ فَالصَّرِيحُ نَحْوُ لَا أَقْرَبُك لَا أُجَامِعُك لَا أَطَؤُك لَا أُبَاضِعُكِ لَا أَغْتَسِلُ مِنْك مِنْ جَنَابَةٍ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ الْجِمَاعَ لَمْ يُدَيَّنَ فِي الْقَضَاءِ وَالْكِنَايَةُ نَحْوُ لَا أَمَسُّك لَا آتِيك لَا أَغْشَاك لَا أَلْمِسُك لَأَغِيظَنَّكِ لَا أَشُوفَكِ لَا أَدْخُلُ عَلَيْك لَا أَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَك لَا أُضَاجِعُك لَا أَقْرَبُ فِرَاشَك فَلَا تَكُونُ إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ وَيُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ وَقِيلَ الصَّرِيحُ لَفْظَانِ لَا أُجَامِعُك لَا أَنِيكُك وَهَذِهِ كِنَايَاتٌ تَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ وَالْأَوْلَى الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الصَّرَاحَةَ مَنُوطَةٌ بِتَبَادُرِ الْمَعْنَى لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا لَا بِالْحَقِيقَةِ وَإِلَّا لَأَوْجَبَ كَوْنَ الصَّرِيحِ لَفْظًا وَاحِدًا وَهُوَ ثَانِي مَا ذَكَرَ ا هـ (

قَوْلُهُ وَالِاغْتِسَالُ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ الْمُولَى مِنْهَا ا هـ ( قَوْلُهُ يَجْرِي مَجْرَى الصَّرِيحِ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ا هـ ( قَوْلُهُ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ ) أَيْ لِوُجُودِ شَرْطِ الْحِنْثِ ا هـ كَافِي .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ كَفَّرَ ) أَيْ إنْ وَطِئَهَا الْمُولِي فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ وَكَفَّرَ ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مُوجِبُ الْحِنْثِ ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } قُلْنَا الْمُرَادُ بِهِ إسْقَاطُ عُقُوبَةِ الْآخِرَةِ بِسَبَبِ قَصْدِهِ الْإِضْرَارَ بِهَا لَا إسْقَاطَ الْكَفَّارَةِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الْأَيْمَانِ الْمُنْعَقِدَةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَإِنْ وُعِدَ الْمَغْفِرَةَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ ) لِأَنَّ الْأَيْمَانَ تَنْحَلُّ بِالْحِنْثِ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ انْحِلَالِهَا وَلَا إيلَاءَ بِدُونِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَّا بَانَتْ ) أَيْ إنْ لَمْ يَطَأْهَا فِي الْمُدَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ مِنْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ التَّابِعِينَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَبِينُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَكِنْ يُوقَفُ عَلَى أَنْ يَفِيءَ إلَيْهَا أَوْ يُفَارِقَهَا فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا فَصَارَ الْخِلَافُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْفَيْءَ عِنْدَهُ يَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَعِنْدَنَا فِي الْمُدَّةِ وَالثَّانِي أَنَّ الْفُرْقَةَ لَا تَقَعُ إلَّا بِتَطْلِيقِ الزَّوْجِ أَوْ تَفْرِيقِ الْقَاضِي عِنْدَهُ وَعِنْدَنَا تَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } فَإِنَّ الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ فَاقْتَضَى جَوَازَ الْفَيْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَجَوَازَ التَّفْرِيقِ ، وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ } فَلَوْ وَقَعَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَا يُتَصَوَّرُ الْعَزْمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ النَّصَّ يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَزْمَهُ الطَّلَاقَ مِمَّا هُوَ مَسْمُوعٌ وَذَلِكَ بِتَطْلِيقَةٍ أَوْ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي ، وَلِأَنَّ التَّفْرِيقَ

بَيْنَهُمَا لِرَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهَا فَيَكُونُ بِتَطْلِيقَةٍ أَوْ تَفْرِيقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا كَالتَّفْرِيقِ بِالْجَبِّ أَوْ الْعُنَّةِ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ مِنْ غَيْرِ تَطْلِيقِ أَحَدٍ فَأَشْبَهَ الْعُنَّةَ حَيْثُ لَا يَقَعُ بِمُضِيِّ أَجَلِهِ وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا عَنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ وَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ { فَإِنْ فَاءُوا فِيهِنَّ } فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْفَيْءُ فِي الْمُدَّةِ فَيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُمَا لَا تَنْزِلُ عَنْ رِوَايَتِهِمَا ، وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ كَانَ طَلَاقًا لِلْحَالِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ مُؤَجَّلًا فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ ، وَلِأَنَّ هَذِهِ مُدَّةُ تَرَبُّصٍ بَعْدَمَا أَظْهَرَ الزَّوْجُ الرَّغْبَةَ عَنْهَا فَتَبِينُ بِمُضِيِّهَا كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَلَا تَمَسُّكَ لَهُ بِمَا ذَكَرَ فِي الْآيَةِ فَإِنَّ الْفَاءَ فِيهَا لِتَعْقِيبِ الْفَيْءِ عَلَى الْإِيلَاءِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الْقِرَاءَةِ وَبِدَلِيلِ جَوَازِ الْفَيْءِ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَشْهُرِ وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَمَا جَازَ وَعَزْمُهُ الطَّلَاقَ تَرْكُهُ لَهَا إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ أَيْ وَإِنْ عَزَمُوا أَنْ يُصَيِّرُوا الْإِيلَاءَ طَلَاقًا فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بِالْإِيلَاءِ عَلِيمٌ بِالْعَزِيمَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرَ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَقَعُ مِنْ غَيْرِ إيقَاعٍ بَلْ بِإِيقَاعِ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقَرَّرَ الشَّرْعُ أَصْلَهُ وَجَعَلَهُ مُتَأَخِّرًا إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْعِنِّينِ شَيْءٌ يُجْعَلُ طَلَاقًا فَافْتَرَقَا ، وَلِأَنَّ الْعِنِّينَ لَيْسَ بِظَالِمٍ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ ، وَلِهَذَا كَانَ أَجَلُهُ أَكْثَرَ وَالْمُولِي ظَالِمٌ بِمَنْعِ حَقِّهَا فَيُجَازَى بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ فَإِنْ قِيلَ إذَا وَطِئَهَا مَرَّةً لَمْ يَبْقَ لَهَا حَقٌّ فِي الْوَطْءِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ تَأَكُّدِ الْمَهْرِ وَالْإِحْصَانِ وَغَيْرِهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا بِالْعُنَّةِ بَعْدَمَا وَطِئَهَا مَرَّةً فَكَيْفَ يَكُونُ

ظَالِمًا بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ قُلْنَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ حُكْمًا فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ دِيَانَةً فَيَكُونُ ظَالِمًا بِالِامْتِنَاعِ أَوْ نَقُولُ ظَلَمَهَا بِجَعْلِ الْوَطْءِ حَرَامًا عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْيَمِينُ فَيَفُوتُ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ فَيَجِبُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ جَزَاءً لِظُلْمِهِ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْ جِهَتِهِ صُنْعٌ يَصِيرُ بِهِ مَانِعًا حَقَّهَا فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا .

( قَوْلُهُ وَكَفَّرَ ) أَيْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ } جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُوجَبَ الْحَلِفِ الْكَفَّارَةَ عِنْدَ الْحِنْثِ وَالْإِيلَاءُ حَلِفٌ ، وَقَدْ حَنِثَ فِيهِ فَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ لَا تَجِبُ ) قَالَ قَتَادَةُ الْحَسَنُ خَالَفَ النَّاسَ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وُعِدَ الْمَغْفِرَةَ ) الْمَغْفِرَةُ تَقْتَضِي نَفْيَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ لَا غَيْرُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ ) أَيْ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا يَقَعُ طَلَاقٌ آخَرُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَإِلَّا بَانَتْ إلَخْ ) فَإِنْ قُلْت سَلَّمْنَا أَنَّ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ بَائِنٌ وَلَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ عَلَى الْبَائِنِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَجْعِيًّا كَمَا رُوِيَ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ إنَّمَا وَقَعَ بَائِنًا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ ظَلَمَهَا حَيْثُ مَنَعَهَا حَقَّهَا الْمُسْتَحَقَّ عَلَيْهِ وَهُوَ الْوَطْءُ فِي الْمُدَّةِ فَجَازَاهُ الشَّرْعُ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ تَخْلِيصًا عَنْ ضَرَرِ التَّعْلِيقِ وَلَا يَحْصُلُ التَّخَلُّصُ بِالرَّجْعِيِّ فَوَقَعَ بَائِنًا ، وَلِأَنَّ الْإِيلَاءَ كَانَ طَلَاقًا بَائِنًا عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَا يَقْرَبُهَا الشَّخْصُ بَعْدَ الْإِيلَاءِ أَبَدًا فَجَعَلَهُ الشَّرْعُ مُؤَجَّلًا بِقَوْلِهِ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فَحَصَلَتْ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ الْوَاقِعَ بِالْإِيلَاءِ بَائِنٌ لَكِنَّهُ مُؤَجَّلٌ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ ، وَقَالَ

الشَّافِعِيُّ لَا تَبِينُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ تَبِينُ بِتَفْرِيقِ الْحَاكِمِ قَالَ الْكَمَالُ لَمْ يَقُلْ الشَّافِعِيُّ تَبِينُ بَلْ قَالَ يَقَعُ رَجْعِيًّا سَوَاءٌ طَلَّقَ الزَّوْجُ بِنَفْسِهِ أَوْ الْحَاكِمُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا } إلَخْ ) قَالَ الرَّازِيّ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ } الْفَاءَ لِلتَّعْقِيبِ فَاقْتَضَى جَوَازَ الْفَيْءِ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ } فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّفْرِيقَ بِتَطْلِيقِ الزَّوْجِ أَوْ بِتَفْرِيقِ الْقَاضِي ا هـ قَوْلُهُ وَلَنَا مَا ذَكَرْنَا عَنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْأَقْطَعُ رَحِمَهُ اللَّهُ دَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَزِيمَةُ الطَّلَاقِ انْقِضَاءُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا فَيْءَ فِيهَا فَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ فَهُوَ حُجَّةٌ فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَيَّنَ هَذَا الِاسْمَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَأَسْمَاءُ الشَّرْعِ إنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ فَكَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الْأَقْطَعُ وَإِذَا ثَبَتَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَأَنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ وَالْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ تَكُونُ بَائِنَةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ مُتَأَخِّرًا إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ ) أَيْ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ا هـ كَافِي .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَقَطَ الْيَمِينُ لَوْ حَلَفَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ فَلَا تَبْقَى بَعْدَ مُضِيِّهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَقِيَتْ لَوْ عَلَى الْأَبَدِ ) أَيْ بَقِيَتْ الْيَمِينُ لَوْ كَانَ حَلَفَ عَلَى الْأَبَدِ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَبَدًا أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَلَمْ يَقُلْ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ مُطْلَقَهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْأَبَدِ كَمَا فِي الْيَمِينِ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَلَا تَبْطُلُ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِعَدَمِ مَا يُبْطِلُهَا مِنْ حِنْثٍ أَوْ مُضِيِّ وَقْتِهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ الطَّلَاقُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا لِعَدَمِ مَنْعِ حَقِّهَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالتُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْإِسْبِيجَابِيِّ وَالْجَامِعِ وَذَكَرَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَصَاحِبُ الْمُحِيطِ أَنَّهَا لَوْ بَانَتْ بِمُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِالْإِيلَاءِ ثُمَّ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَتْ أُخْرَى فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَعَتْ أُخْرَى وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَلَيْسَ لِلْمُبَانَةِ حَقٌّ فَلَا يَكُونُ ظَالِمًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبَانَهَا بِتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ حَيْثُ تَقَعُ أُخْرَى بِالْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَالْمُعَلَّقُ لَا يَبْطُلُ بِتَنْجِيزِ مَا دُونَ الثَّلَاثِ وَبِهِ يَبْطُلُ وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَبَقِيَتْ لَوْ عَلَى الْأَبَدِ ) قَالَ الْكَمَالُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَائِضًا فَلَيْسَ بِمُولٍ أَصْلًا ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ بِالْحَيْضِ فَلَا يُضَافُ الْمَنْعُ إلَى الْيَمِينِ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَبَقِيَتْ لَوْ عَلَى الْأَبَدِ فَإِنَّهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّهُ تَقَعُ أُخْرَى عِنْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى إذَا كَانَتْ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا بَعْدُ ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ نَكَحَهَا ثَانِيًا وَثَالِثًا وَمَضَتْ الْمُدَّتَانِ بِلَا فَيْءٍ بَانَتْ بِأُخْرَيَيْنِ ) يَعْنِي لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَا بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثُمَّ مَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَعْدَ التَّزَوُّجِ الثَّانِي بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ أُخْرَى ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَالِثًا وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ثَالِثَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا ثَبَتَ حَقُّهَا فِي الْجِمَاعِ وَبِامْتِنَاعِهِ عَنْهُ يَصِيرُ ظَالِمًا فَيُجَازَى بِإِزَالَةِ نِعْمَةِ النِّكَاحِ بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالْهِدَايَةِ أَنَّ مُدَّةَ هَذَا الْإِيلَاءِ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ ، وَقَالَ فِي الْغَايَةِ إنْ تَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ يُعْتَبَرُ ابْتِدَاءُ الثَّانِيَةِ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا ، وَمِثْلُهُ فِي النِّهَايَةِ ، وَهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الطَّلَاقَ يَتَكَرَّرُ قَبْلَ التَّزَوُّجِ وَقَدْ بَيَّنَّا ضَعْفَهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَبَانَهَا بِتَنْجِيزِ طَلْقَةٍ أَوْ طَلْقَتَيْنِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا حَيْثُ يَكُونُ مُولِيًا وَتُعْتَبَرُ الْمُدَّةُ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ كَانَ مُنْعَقِدًا قَبْلُ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ تَطْلُقُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ نَكَحَهَا بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ لَمْ تَطْلُقْ ) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ مَا بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَبَعْدَ مَا تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ لَا تَطْلُقُ بِالْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ كَأَنَّهُ قَالَ كُلَّمَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَا يَبْقَى بَعْدَ اسْتِيفَاءِ هَذَا الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهُ بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمِلْكِ فِيهِ خِلَافُ زُفَرَ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ نَجَّزَ

الثَّلَاثَ فِي الْحَالِ وَهِيَ فَرْعُ مَسْأَلَةِ التَّنْجِيزِ الْخِلَافِيَّةِ وَقَدْ مَرَّتْ مِنْ قَبْلُ ، وَلَوْ بَانَتْ بِالْإِيلَاءِ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَتَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ آخَرَ وَعَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ عَادَتْ إلَيْهِ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ وَتَطْلُقُ كُلَّمَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى تَبِينَ مِنْهُ بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ ، وَكَذَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إلَى مَا لَا يَتَنَاهَى وَفِيهِ خِلَافُ مُحَمَّدٍ وَهِيَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى مَسْأَلَةِ الْهَدْمِ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا مِنْ قَبْلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ ) أَيْ لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ مَا عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّ التَّكْفِيرِ وَإِنْ لَمْ تَبْقَ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَيَتَحَقَّقُ الْحِنْثُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَتَزَوَّجَهَا لَا يَكُونُ بِذَلِكَ مُولِيًا وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ إذَا قَرُبَهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا إيلَاءَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) يَعْنِي فِي الْحُرَّةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى لَوْ حَلَفَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا يَكُونُ مُولِيًا وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ إلَى مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ حِينَ بَلَغَهُ فَتْوَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُولِيَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا فِي الْمُدَّةِ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ فَيَكُونُ امْتِنَاعُهُ فِيهَا لِأَجْلِ ذَلِكَ الْمَانِعِ وَهُنَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ شَيْءٍ فَكَانَ الِامْتِنَاعُ فِي بَعْضِهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ فَصَارَ كَمَا إذَا امْتَنَعَ فِي الْمُدَّةِ كُلِّهَا بِلَا مَانِعٍ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ إيلَاءٌ ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ إيلَاءٌ فَيَكُونُ بِهِ مُولِيًا ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ كَالْجَمْعِ بِلَفْظِهِ ، وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ إلَى شَهْرٍ وَشَهْرٍ كَانَ الْأَجَلُ شَهْرَيْنِ ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ

فُلَانًا يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ كَانَ كَقَوْلِهِ لَا أُكَلِّمُهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَيْنِ الشَّهْرَيْنِ وَقَعَ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ شَهْرَيْنِ وَشَهْرَيْنِ كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْأَصْلُ فِي جِنْسِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ مَتَى عَطَفَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ وَلَا تَكْرَارَ اسْمِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا وَاحِدًا وَلَوْ أَعَادَ حَرْفَ النَّفْيِ أَوْ كَرَّرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى يَكُونُ يَمِينَيْنِ وَتَتَدَاخَلُ مُدَّتُهُمَا بَيَانُهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ وَلَا يَوْمَيْنِ يَكُونُ يَمِينَيْنِ وَمُدَّتُهُمَا وَاحِدَةٌ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي يَحْنَثُ فِيهِمَا وَتَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَإِنْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَحْنَثُ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا ، وَكَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا يَوْمَيْنِ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَلَوْ قَالَ اللَّهُ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ وَيَوْمَيْنِ كَانَ يَمِينًا وَاحِدًا وَمُدَّتُهُ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِيهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ كَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِيهَا تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ يَكُونُ يَمِينَيْنِ فَمُدَّةُ الْأُولَى يَوْمٌ وَمُدَّةُ الثَّانِيَةِ يَوْمَانِ حَتَّى لَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَا يَحْنَثُ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَلَا شَهْرَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ لَا يَكُونُ مُولِيًا ؛ لِأَنَّهُمَا يَمِينَانِ فَتَتَدَاخَلُ مُدَّتُهُمَا حَتَّى لَوْ

قَرُبَهَا قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرَيْنِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ ، وَلَوْ قَرُبَهَا بَعْدَ مُضِيِّهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِانْقِضَاءِ مُدَّتِهِمَا .( قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا ضَعْفَهُ ) فَالْأَوْلَى اعْتِبَارُ الْإِطْلَاقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ ) يَعْنِي طَلْقَاتِ هَذَا الْمِلْكِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ ) كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ صِيَانَةً لِحَرْفِ النَّفْيِ عَنْ الْإِلْغَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمَيْنِ تَدَاخَلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ فَانْتَهَتْ الْيَمِينُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ بِالْيَوْمَيْنِ وَلَمْ يَحْنَثْ بِالْكَلَامِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَصَارَ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ تَمَامَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الْأُولَى وَنِصْفَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا لَا يَحْنَثُ مَا لَمْ يُكَلِّمْهُمَا جَمِيعًا فَافْهَمْ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَلَوْ مَكَثَ يَوْمًا ) لَفْظُ يَوْمًا لَيْسَ بِقَيْدٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُكْثِهِ يَوْمًا أَوْ سَاعَةً ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ مَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَوْ قَالَ بِالْبَصْرَةِ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ مَكَّةَ وَهِيَ بِهَا لَا ) أَيْ لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا أَمَّا الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ وَمَكَثَ يَوْمًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك شَهْرَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلِأَنَّ الثَّانِيَ إيجَابٌ مُبْتَدَأٌ وَقَدْ صَارَ مَمْنُوعًا بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى شَهْرَيْنِ وَبَعْدَ الثَّانِيَةِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ إلَّا يَوْمًا مَكَثَ فِيهِ فَلَمْ تَتَكَامَلْ الْمُدَّةُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ هُنَا يُفِيدُ تَعْيِينَ مُدَّةِ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ بَعْدَ الشَّهْرَيْنِ كَانَتْ مُدَّتُهُمَا وَاحِدَةً لِمَا ذَكَرْنَا وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ تَتَأَخَّرُ عَنْ الْأُولَى انْقِضَاءً بِيَوْمٍ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ بَعْدَ سَاعَةٍ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك كَانَ إيلَاءَيْنِ ، وَلَوْ قَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كَانَتْ ثَلَاثَ إيلَاءَاتٍ فَبِتَمَامِ الْمُدَّةِ الْأُولَى يَقَعُ وَاحِدَةٌ ثُمَّ يَقَعُ بِالثَّانِيَةِ أُخْرَى إذَا كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ مُولِيًا مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ فَإِذَا مَضَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ انْعَقَدَ عَلَيْهَا ثَلَاثُ أَيْمَانٍ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ يَنْعَقِدُ بِعَقْدِ التَّزَوُّجِ فَاتَّحَدَتْ مُدَّةُ انْعِقَادِ الثَّلَاثِ فَلَا يَنْعَقِدُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِيرُ طَلَاقًا بِمَعْنَاهُ وَهُوَ الظُّلْمُ فَإِذَا اتَّحَدَتْ الْمُدَّةُ لَمْ يَتَحَقَّقْ إلَّا مَعْنًى وَاحِدٌ فَلَا يَتَعَدَّدُ الطَّلَاقُ لَكِنْ لَوْ قَرُبَهَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا فَلِأَنَّ الْمُولِيَ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ فِي أَرْبَعَةِ

أَشْهُرٍ إلَّا بِشَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَهُنَا يُمْكِنُهُ الْقُرْبَانُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى يَوْمٌ مُنَكَّرٌ فَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ أَيَّ يَوْمٍ شَاءَ فَلَا يَمُرُّ عَلَيْهِ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ السَّنَةِ إلَّا وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَجْعَلَهُ هُوَ الْمُسْتَثْنَى وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ هُوَ يَصْرِفُ الِاسْتِثْنَاءَ إلَى آخِرِ السَّنَةِ اعْتِبَارًا بِالْإِجَارَةِ وَبِمَا إذَا قَالَ سَنَةً إلَّا نُقْصَانَ يَوْمٍ وَبِمَا إذَا أَدْخَلَ الدَّيْنَ إلَى سَنَةٍ إلَّا يَوْمًا قُلْنَا الْإِجَارَةُ تَبْطُلُ بِالْجَهَالَةِ فَوَجَبَ صَرْفُهُ إلَى الْأَخِيرِ احْتِرَازًا عَنْهُ بِخِلَافِ الْيَمِينِ فَإِنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِالْجَهَالَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَرْكِ الْحَقِيقَةِ وَالنُّقْصَانُ يَكُونُ مِنْ الْآخَرِ وَالْمَقْصُودُ مِنْ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ التَّأْخِيرُ فَلَوْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَى الْآخَرِ لَمَا حَصَلَ الْمَقْصُودُ وَأَوْرَدَ فِي النِّهَايَةِ عَلَى هَذَا فَقَالَ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا سَنَةً إلَّا يَوْمًا يَنْصَرِفُ إلَى آخِرِ السَّنَةِ مَعَ كَوْنِهِ مُسْتَثْنًى مُنَكَّرًا فِي الْيَمِينِ ثُمَّ أَجَابَ بِجَوَابٍ غَيْرِ شَافٍ فَقَالَ إنَّ الْحَامِلَ عَلَى الْيَمِينِ الْمُغَايَظَةُ وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْحَالِ فَيَنْصَرِفُ الْمُسْتَثْنَى إلَى آخِرِ السَّنَةِ ، وَهَذَا غَيْرُ مُخَلِّصٍ ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ عَلَى الْيَمِينِ فِي الْإِيلَاءِ أَيْضًا غَيْظٌ قَائِمٌ فِي الْحَالِ فَبَطَلَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفَرْقِ فَإِنْ قَرُبَهَا يُنْظَرُ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرُ صَارَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إلَّا يَوْمًا لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَقْرَبَهَا فَإِنْ قَرُبَهَا صَارَ مُولِيًا وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا أَقْرَبُك فِيهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَبَدًا ؛ لِأَنَّهُ اسْتَثْنَى كُلَّ يَوْمٍ يَقْرَبُهَا فِيهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا أَبَدًا فَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ فِي الْبَصْرَةِ

وَامْرَأَتُهُ فِي مَكَّةَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ مَكَّةَ فَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقْرَبَهَا فِي الْمُدَّةِ بِغَيْرِ شَيْءٍ يُلْزِمُهُ بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مَكَّةَ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا فِي النِّهَايَةِ مَا لَوْ قَالَ لِنِسْوَتِهِ الْأَرْبَعِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُنَّ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ جَمِيعِهِنَّ فِي الْحَالِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ قُرْبَانُ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِقُرْبَانِ جَمِيعِهِنَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا حَيْثُ لَا يَحْنَثُ إلَّا إذَا كَلَّمَهُمْ كُلَّهُمْ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْحَالِفَ مُتَعَنِّتٌ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِمَنْعِ حَقِّهَا فَكَأَنَّهُ عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَيْهَا وَحْدَهَا إلَّا أَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ بِقُرْبَانِ بَعْضِهِنَّ ؛ لِأَنَّهَا مُوجِبُ الْحِنْثِ وَلَمْ يَحْنَثْ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ بِالْبِرِّ فِي الْمُدَّةِ وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَتَطْلُقُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَكُونُ مُولِيًا حَتَّى يَطَأَ الثَّلَاثَ مِنْهُنَّ فَيَكُونُ مُولِيًا مِنْ الرَّابِعَةِ وَحْدَهَا وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ ثَلَاثٍ مِنْهُنَّ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَأَمَّا الرَّابِعَةُ فَلَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا إلَّا بِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ فَوُجِدَ شَرْطُ الْإِيلَاءِ فِيهَا وَوَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ مَا بَيَّنَّاهُ .

( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا يَوْمًا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا أَيْ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إذَا قَرُبَهَا يَوْمًا وَمَضَى ذَلِكَ الْيَوْمُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ وَبَقِيَ بَعْدَهُ إلَى تَمَامِ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنْ لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا ، وَكَذَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا إذَا قَرُبَهَا مَرَّةً فَبَقِيَ بَعْدَ الْقُرْبَانِ مِنْ السَّنَةِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا وَعَلَى ذَلِكَ نَصَّ فِي الْمَبْسُوطِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ا هـ قَوْلُهُ بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ مَكَّةَ ) أَيْ بِوَكِيلِهِ أَوْ نَائِبِهِ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَيَقْرَبُهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْإِيلَاءِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ حَلَفَ بِحَجٍّ أَوْ صَوْمٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهُوَ مُولٍ ) وَصُورَةُ الْيَمِينِ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يَقُولَ إنْ قَرَبْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ حَجَّةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ عِتْقُ عَبْدٍ أَوْ عَبْدُهُ الْمُعَيَّنُ حُرٌّ أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا وَإِنَّمَا صَارَ مُولِيًا بِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ بِالْيَمِينِ قَدْ تَحَقَّقَ وَهُوَ ذِكْرُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَهَذِهِ الْأَجْزِيَةُ مَانِعَةٌ مِنْ الْوَطْءِ فَصَارَ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِالصَّلَاةِ وَالْغَزْوِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ يَسْهُلُ إيجَادُهُمَا فَلَا يَصْلُحَانِ مَانِعَيْنِ وَفِي عِتْقِ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ خِلَافُ أَبِي يُوسُفَ هُوَ يَقُولُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ ثُمَّ يَقْرَبَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّ الْبَيْعَ مَوْهُومٌ فَلَا يَمْنَعُ الْمَانِعِيَّةُ فِي الْإِيلَاءِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا يَتِمُّ بِهِ وَحْدَهُ فَرُبَّمَا لَا يَجِدُ فِي الْمُدَّةِ مَنْ يَشْتَرِيهِ ، وَلَوْ بَاعَهُ سَقَطَ الْإِيلَاءُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَالٍ يَقْدِرُ عَلَى قُرْبَانِهَا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ صَارَ مُولِيًا مِنْ وَقْتِ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ جَامَعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى قُرْبَانِهَا إلَّا بِعِتْقٍ يَلْزَمُهُ ، وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْبَيْعِ سَقَطَ الْإِيلَاءُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى قُرْبَانِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْزَمَهُ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ مَوْتُ الْمَرْأَةِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا بِالْقُرْبَانِ أَوْ إبَانَتُهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهُوَ مُولٍ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ فَيَتَنَاوَلُهَا قَوْله تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } الْآيَةَ فَإِنْ قِيلَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ

بِالْإِيلَاءِ بِطَرِيقِ الْمُجَازَاةِ لِكَوْنِهِ ظَلَمَهَا بِمَنْعِهَا حَقَّهَا فِي الْجِمَاعِ وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ لَيْسَ لَهَا حَقٌّ فِيهِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قُرْبَانُهَا لَا قَضَاءً وَلَا دِيَانَةً ، وَلِهَذَا لَا تَمْلِكُ مُطَالَبَتَهُ بِهِ فَكَيْفَ يَتَحَقَّقُ جَزَاءُ الظُّلْمِ فِي حَقِّهَا قُلْنَا إنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَنْصُوصِ مُضَافٌ إلَى النَّصِّ لَا إلَى الْمَعْنَى وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ مِنْ نِسَائِنَا بِالنَّصِّ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } وَالْبَعْلُ هُوَ الزَّوْجُ فَكَانَ الْحُكْمُ الْمُرَتَّبُ عَلَى نِسَاءِ الْأَزْوَاجِ شَامِلًا لَهَا فَلَوْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ بَطَلَ الْإِيلَاءُ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمِنْ الْمُبَانَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ لَا ) أَيْ لَوْ آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ الْبَائِنَةِ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ لَا يَكُونُ مُولِيًا ؛ لِأَنَّ مَحَلَّ الْإِيلَاءِ مَنْ يَكُونُ مِنْ نِسَائِنَا بِالنَّصِّ وَهِيَ لَيْسَتْ مِنْهَا فَلَمْ يَنْعَقِدْ مُوجِبًا لِلطَّلَاقِ أَصْلًا حَتَّى لَوْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي مَخْرَجِهِ وَقَعَ بَاطِلًا لِعَدَمِ الْمَحَلِّيَّةِ فَلَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ بِمَنْزِلَةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى الْمِلْكِ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك وَلَمْ يُوجَدْ ، وَلَوْ وَطِئَهَا كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَمِدُ التَّصَوُّرَ دُونَ الْحِلِّ ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَدُ لِلْمَنْعِ عَنْ الْحَرَامِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَإِنْ حَلَفَ بِحَجٍّ إلَخْ ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْيَمِينِ بِغَيْرِ اللَّهِ فَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ ا هـ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِالصَّلَاةِ وَالْغَزْوِ إلَخْ ) صُورَةُ الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ أَنْ يُعَلِّقَهُمَا بِقُرْبَانِهَا ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ : عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ إلَخْ ) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَكُونُ مُولِيًا ؛ لِأَنَّهُ مَا لَا يَخْلُوَانِ عَنْ نَوْعِ مَشَقَّةٍ فَيَكُونَانِ مَانِعَيْنِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَهُمَا يَقُولَانِ أَنَّ الْبَيْعَ مَوْهُومٌ ) يَعْنِي : الْأَصْلُ عَدَمُ مَا يَحْدُثُ ا هـ قَوْلُهُ : أَوْ آلَى مِنْ الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهُوَ مُولٍ ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالْبَعْلُ هُوَ الزَّوْجُ ) أَيْ حَقِيقَةً فَكَانَتْ مِنْ نِسَائِهِ فَيَشْمَلُهَا نَصُّ الْإِيلَاءِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَثْبُتُ الْإِيلَاءُ وَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فِي الْجِمَاعِ لِحَقِّ الْغَيْلِ عَلَى وَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ فَعُلِمَ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالظُّلْمِ بِاعْتِبَارِ بِنَاءِ الْأَحْكَامِ عَلَى الْغَالِبِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَمِنْ الْمُبَانَةِ إلَخْ ) وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا مِنْ الْمُبَانَةِ الْمُعْتَدَّةِ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ طَلَاقٌ بَائِنٌ مُعَلَّقٌ وَبَعْدَ الْإِبَانَةِ لَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ الْبَائِنَ ؛ لِأَنَّهُ لَهَا وَلَا تَنْجِيزًا ؛ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الْبَائِنَ لِانْتِقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك إلَخْ ) إلَّا أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ إلَّا عَقِيبَ التَّزَوُّجِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا إذْ ذَاكَ تَصِيرُ مَحَلًّا لَا قَبْلَهُ ا هـ كَمَالٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ شَهْرَانِ ) لِأَنَّهَا ضَرَبَتْ أَجَلًا لِلْبَيْنُونَةِ فَتَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ مُدَّتُهَا كَمُدَّةِ إيلَاءِ الْحُرَّةِ ، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ ضُرِبَتْ لِإِظْهَارِ الظُّلْمِ بِمَنْعِ الْحَقِّ فِي الْجِمَاعِ عِنْدَهُ وَالْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَعِنْدَنَا ضَرَبَتْ أَجَلًا لِلْبَيْنُونَةِ فَشَابَهَتْ مُدَّةَ الْعِدَّةِ فَتَتَنَصَّفُ بِالرِّقِّ لِكَوْنِهَا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ .( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَمُدَّةُ إيلَاءِ الْأَمَةِ إلَخْ ) وَعَنَى بِالْأَمَةِ الْمَنْكُوحَةَ ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مِنْ أَمَتِهِ لَا يَصِحُّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَنَا ضُرِبَتْ أَجَلًا إلَخْ ) لَنَا أَنَّ هَذِهِ مُدَّةٌ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا بِلَفْظِ التَّرَبُّصِ كَمُدَّةِ الْعِدَّةِ قَالَ تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ } ، وَقَالَ تَعَالَى { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ عَجَزَ الْمُولِي عَنْ وَطْئِهَا بِمَرَضِهِ أَوْ مَرَضِهَا أَوْ بِالرَّتَقِ أَوْ بِالصِّغَرِ أَوْ بِبُعْدِ مَسَافَةٍ فَفَيْؤُهُ أَنْ يَقُولَ فِئْت إلَيْهَا ) هَذَا إذَا كَانَ عَاجِزًا مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى أَنْ تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ حَتَّى لَوْ آلَى مِنْهَا وَهُوَ قَادِرٌ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَرَضٍ أَوْ بُعْدِ مَسَافَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ جَبٍّ أَوْ أَسْرِ عَدُوٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ كَانَ عَاجِزًا حِينَ آلَى وَزَالَ الْعَجْزُ فِي الْمُدَّةِ لَمْ يَصِحَّ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ ؛ لِأَنَّهُ خَلَفٌ عَنْ الْجِمَاعِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَجْزُ الْمُسْتَوْعِبُ لِلْمُدَّةِ ، وَلَوْ آلَى مِنْهَا وَهُوَ مَرِيضٌ وَبَانَتْ بِمُضِيِّ مُدَّةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ صَحَّ وَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ مَرِيضٌ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَصَحَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ الْأَصَحُّ عَلَى مَا قَالُوا ؛ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ وُجِدَ مِنْهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَعَادَ حُكْمُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ وَفِي زَمَانِ الصِّحَّةِ هِيَ مُبَانَةٌ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ فَلَا يَعُودُ فِيهِ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَهُمَا يَقُولَانِ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الْفَيْءُ بِاللِّسَانِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَلَا تَبِينُ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَصِحُّ الْفَيْءُ بِاللِّسَانِ أَصْلًا وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الطَّحَاوِيُّ ؛ لِأَنَّهُ ظَلَمَهَا بِمَنْعِ حَقِّهَا وَهُوَ الْوَطْءُ فَيَكُونُ إيفَاؤُهُ بِهِ ، وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْفَيْءِ حُكْمَانِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَامْتِنَاعُ حُكْمِ الْفُرْقَةِ وَالْفَيْءُ بِاللِّسَانِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ فَكَذَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ الْآخَرِ وَمَذْهَبُنَا مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَكَفَى بِهِمَا قُدْوَةً ، وَلِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بِاعْتِبَارِ التَّعَنُّتِ وَالْإِضْرَارِ بِهَا وَذَلِكَ يَنْعَدِمُ بِالْفَيْءِ بِاللِّسَانِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَكَانَ الْفَيْءُ بِالْجِمَاعِ أَصْلًا وَبِاللِّسَانِ

خَلَفًا ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ عِبَارَةٌ عَنْ الرُّجُوعِ وَذَلِكَ يُوجَدُ بِهِمَا وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي الْجِمَاعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ حَالَةُ الْعَجْزِ بَلْ نَقُولُ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْجِمَاعِ فَحَقُّهَا فِيهِ فَكَانَ قَصْدُهُ الْإِضْرَارَ بِهَا بِمَنْعِهِ نَفْسَهُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ فِي الْجِمَاعِ وَإِنَّمَا قَصَدَ إيحَاشَهَا وَإِضْرَارَهَا بِهِ فَيَكُونُ فَيْؤُهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِإِزَالَةِ مَا قَصَدَ لِأَنَّ التَّوْبَةَ بِحَسَبِ الْجِنَايَةِ ، وَلَوْ كَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِاعْتِبَارِ مَنْعِ حَقِّهَا فِي الْجِمَاعِ فَقَطْ لَمَا كَانَ مُولِيًا فِي حَالَةِ الْعَجْزِ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، وَلِهَذَا لَمْ تَمْلِكْ مُطَالَبَتَهُ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ بِامْتِنَاعِهِ عَنْهُ ظَالِمًا وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ الْإِيلَاءَ مِنْ الْمَجْبُوبِ وَكَذَا مِنْ امْرَأَتِهِ الْقَرْنَاءِ وَالرَّتْقَاءِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِمَاعُ فَلَا يَكُونُ ظَالِمًا بِامْتِنَاعِهِ وَالطَّلَاقُ جَزَاءُ الظُّلْمِ وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَا ، وَلِأَنَّ النَّصَّ يَقْتَضِي صِحَّةَ الْإِيلَاءِ مِنْ النِّسَاءِ مُطْلَقًا غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِوَصْفِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْجِمَاعِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ إمَّا لِأَنَّ فِيهِ تَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ وَهُوَ نَسْخٌ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِمِثْلِهِ أَوْ ؛ لِأَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ فِيهِ إبْطَالُ حُكْمِ النَّصِّ وَالتَّعْلِيلُ عَلَى وَجْهٍ يُبْطِلُ حُكْمَ النَّصِّ بَاطِلٌ بَلْ لَا يَجُوزُ تَعْلِيلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُبْطِلًا لَهُ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمَنْصُوصِ ثَابِتٌ بِالنَّصِّ لَا بِالتَّعْلِيلِ وَإِنَّمَا التَّعْلِيلُ لِإِلْحَاقِ غَيْرِهِ بِهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ التَّعْلِيلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي ، وَلَوْ قَرُبَهَا بَعْدَ مَا فَاءَ بِلِسَانِهِ كَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ بِهِ لِأَنَّ يَمِينَهُ بَاقِيَةٌ فِي حَقِّ الْحِنْثِ وَإِنْ بَطَلَتْ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ فَفَيْؤُهُ الْوَطْءُ ) أَيْ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِمَاعِ فِي مُدَّةِ

الْإِيلَاءِ بَعْدَمَا فَاءَ إلَيْهَا بِاللِّسَانِ بَطَلَ ذَلِكَ الْفَيْءُ وَكَانَ فَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْفَيْءَ بِاللِّسَانِ خَلَفٌ عَنْ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ بَطَلَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ .( قَوْلُهُ وَلَوْ آلَى مِنْهَا وَهُوَ مَرِيضٌ ) أَيْ إيلَاءً مُؤَبَّدًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَالْفَيْءُ بِاللِّسَانِ لَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ ) أَيْ : وَهُوَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَكَذَا فِي حَقِّ الْحُكْمِ الْآخَرِ ) أَيْ : وَهُوَ امْتِنَاعُ وُقُوعِ الْفُرْقَةِ ا هـ ( فَرْعٌ ) لَوْ كَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا بَانَ الْحُكْمُ مُحَرَّمًا وَآلَى وَقْتَ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَالْفَيْءُ بِالْجِمَاعِ وَعِنْدَ زُفَرَ بِاللِّسَانِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ مَانِعٌ مِنْ الْجِمَاعِ شَرْعًا فَثَبَتَ الْعَجْزُ فَكَانَ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ وَهُمْ اعْتَبَرُوا الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ مُنْتَفٍ ، وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ بِاخْتِيَارِهِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ فِيمَا لَزِمَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَخْفِيفًا ا هـ فَتْحٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ وَكَذِبٌ إنْ نَوَى الْكَذِبَ وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهُ ) ، وَهَذَا مُجْمَلٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّفْصِيلِ فَنَقُولُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ سُئِلَ عَنْ نِيَّتِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَلٌ فَكَانَ بَيَانُهُ إلَى الْمُجْمَلِ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت بِهِ التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ أُرِدْ بِهِ شَيْئًا فَهُوَ يَمِينٌ يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك } ثُمَّ قَالَ { قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ فِيهِ حُرْمَةٌ فَإِذَا نَوَاهُ صَحَّ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ ظِهَارًا لِعَدَمِ رُكْنِهِ وَهُوَ تَشْبِيهُ الْمُحَلَّلَةِ بِالْمُحَرَّمَةِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْكَذِبَ فَهُوَ كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّهُ وَصَفَ الْمُحَلَّلَةَ بِالْحُرْمَةِ فَكَانَ كَذِبًا حَقِيقَةً فَإِذَا نَوَاهُ صُدِّقَ لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ كَلَامِهِ وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ ظَاهِرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي الصَّرْفِ إلَى غَيْرِهِ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الطَّلَاقَ فَهُوَ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الثَّلَاثَ وَقَدْ مَرَّ فِي الْكِنَايَاتِ وَقِيلَ يُصْرَفُ التَّحْرِيمُ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لِلْعُرْفِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا ، وَذَكَرَ فِي الْفَتَاوَى إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ طَلَاقٌ وَلَكِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا وَقَعَ الطَّلَاقُ ، وَهَذَا يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِلْعُرْفِ وَعُرْفُ النَّاسِ الْيَوْمَ إطْلَاقُهُ عَلَى الطَّلَاقِ ، وَلِهَذَا لَا يَحْلِفُ بِهِ إلَّا الرِّجَالُ وَعَنْ هَذَا قَالُوا لَوْ نَوَى غَيْرَهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً ، وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا يَقَعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ

وَالْأَشْبَهُ .قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى الظِّهَارَ فَهُوَ ظِهَارٌ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ وَهِيَ أَنْوَاعٌ وَالظِّهَارُ مِنْهَا فَإِذَا نَوَاهُ بِهَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مِنْ مُحْتَمِلِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ إذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَالْحَرَامُ عِنْدَهُ ) أَيْ عِنْدَ الْقَائِلِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ ) قَالَ فِي الْكَافِي فِي أَثْنَاءِ مَا يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا يَكُونُ يَمِينًا ، وَلَوْ قَالَ حَلَالُ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَإِلَيْهِ الْبَيَانُ فِي الْأَظْهَرِ كَقَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَلَهُ امْرَأَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ غُمُوضٌ فِي تَصْوِيرِهَا ا هـ .

( بَابُ الْخُلْعِ ) الْخُلْعُ النَّزْعُ وَالْفَصْلُ لُغَةً يُقَالُ خَلَعَ نَعْلَهُ خُلْعًا وَخَلَعَ ثَوْبَهُ أَيْ نَزَعَهُ وَخَالَعَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا إذَا افْتَدَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ وَخَالَعَهَا وَتَخَالَعَا تَشْبِيهًا لِفِرَاقِهِمَا بِنَزْعِ الثِّيَابِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِبَاسُ الْآخَرِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِ بِإِزَاءِ مِلْكِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْخُلْعِ وَشَرْطُهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ وَحُكْمُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ وَصِفَتُهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ مَشْرُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ } وَقَدْ أَجْمَعَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى ذَلِكَ ، وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ حَقُّهُ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ كَالْقِصَاصِ ، وَقَالَ الْمُزَنِيّ الْخُلْعُ غَيْرُ جَائِزٍ وَزَعَمَ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ } الْآيَةَ قُلْنَا شَرْطُ النَّسْخِ الْعِلْمُ بِتَأَخُّرِ النَّاسِخِ وَتَعَذُّرِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَمْ يُوجَدَا ، وَلِأَنَّ النَّهْيَ مُقَيَّدٌ بِإِرَادَةِ الزَّوْجِ اسْتِبْدَالَ غَيْرِهَا مَكَانَهَا وَالْآيَةُ الْأُولَى مُطْلَقَةٌ فَلَا يَصِحُّ دَعْوَى نَسْخِهَا بِهَا مُطْلَقًا ، وَلِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ فِي الْأَفْعَالِ الشَّرْعِيَّةِ فَلَا نُسَلِّمُ نَسْخَهَا ، وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إلَّا إذَا كَرِهَتْهُ الْمَرْأَةُ وَخَافَتْ أَنْ لَا تُوَفِّيَهُ حَقَّهُ أَوْ لَا يُوَفِّيَهَا حَقَّهَا وَمَنَعُوا إذَا كَرِهَهَا الزَّوْجُ لِمَا تَلَوْنَا وَجَوَابُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إذَا تَشَاقَّ الزَّوْجَانِ وَخَافَا أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا بَأْسَ بِأَنْ تَفْتَدِيَ نَفْسَهَا مِنْهُ بِمَالٍ يَخْلَعُهَا بِهِ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْعَادَةِ أَوْ

الْأَوْلَوِيَّةِ لَا مَخْرَجَ الشَّرْطِ وَأَرَادَ بِالْخَوْفِ الْعِلْمَ وَالتَّيَقُّنَ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْعِلْمُ قَالَ الشَّاعِرُ إذَا مِتَّ فَادْفِنِي إلَى جَنْبِي كَرْمَةً تُرْوِي عِظَامِي بَعْدَ مَوْتِي عُرُوقُهَا وَلَا تَدْفِنَنِّي فِي الْفَلَاةِ فَإِنَّنِي أَخَافُ إذَا مَا مِتَّ أَنْ لَا أَذُوقَهَا أَيْ أَعْلَمُ وَأَتَيَقَّنُ ، وَلِهَذَا رَفَعَهُ وَالتَّشَاقُّ الِاخْتِلَافُ وَالتَّخَاصُمُ مُشْتَقٌّ مِنْ الشَّقِّ وَهُوَ الْجَانِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَأْخُذُ شَقًّا خِلَافَ شَقِّ صَاحِبِهِ وَحُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى مَا يَلْزَمُهُمَا مِنْ مُوَاجَبِ الزَّوْجِيَّةِ .

( بَابُ الْخُلْعِ ) قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة : التَّجْرِيدُ وَمُطْلَقُ لَفْظِ الْخُلْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الطَّلَاقِ بِعِوَضٍ حَتَّى لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اخْلَعْ امْرَأَتِي فَخَلَعَهَا بِغَيْرِ عِوَضٍ لَمْ يَصِحَّ ا هـ وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ السِّرَاجِيَّةِ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْخُلْعِ عَلَى مَالٍ طَلُقَتْ وَلَمْ يَجِبْ الْمَالُ ا هـ قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ وَهُوَ فِي إزَالَةِ الزَّوْجِيَّةِ بِضَمِّ الْخَاءِ وَإِزَالَةِ غَيْرِهَا بِفَتْحِهَا كَمَا اخْتَصَّ إزَالَةَ قَيْدِ النِّكَاحِ بِالطَّلَاقِ وَفِي غَيْرِهِ بِالْإِطْلَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَخَالَعَهَا وَتَخَالَعَا تَشْبِيهًا ) قَالَ الْكَمَالُ صِيغَ مِنْهَا الْمُفَاعَلَةُ مُلَاحَظَةً لِمُلَابَسَةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ كَالثَّوْبِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ شَرْطُ الطَّلَاقِ ) أَيْ وَهُوَ الْأَهْلُ وَالْمَحَلُّ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ : وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ ) أَيْ : عِنْدَنَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَصِفَتُهُ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جِهَتِهَا إلَخْ ) فَتُرَاعَى أَحْكَامُ الْيَمِينِ مِنْ جَانِبِهِ وَأَحْكَامُ الْمُعَاوَضَةِ مِنْ جَانِبِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا هُوَ يَمِينٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَسَيَأْتِي ثَمَرَةُ الْخِلَافِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ ) أَيْ : وَالْمَعْقُولُ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ : أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ } إلَخْ ) وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي ثَابِتٍ وَامْرَأَتِهِ وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْكَشَّافِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ إلَخْ ) وَسَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْمُبَارَأَةِ أَوْ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ أَوْ بَارَأْتُك أَوْ بِعْت نَفْسَك أَوْ طَلَاقُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَفِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِقَبُولِهَا فِي الْمَجْلِسِ ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ وَالْمُعَاوَضَةُ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ وَتَمَلُّكٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ

وَلَزِمَهَا الْمَالُ لِالْتِزَامِهَا وَهِيَ مِنْ أَهْلِهِ لِوِلَايَتِهَا عَلَى نَفْسِهَا ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ هُوَ الْفَصْلُ مِنْ النِّكَاحِ ) لَيْسَ هَذَا فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي بِخَطِّ الرَّازِيّ هُوَ الْفَصْلُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( الْوَاقِعُ بِهِ وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ ) يَعْنِي الْوَاقِعُ بِالْخُلْعِ وَبِالطَّلَاقِ الصَّرِيحِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ يَكُونُ بَائِنًا ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ مَلَكَ الْعِوَضَ فَوَجَبَ أَنْ تَمْلِكَ هِيَ الْمُعَوَّضَ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ وَذَلِكَ بِالْبَائِنِ ، وَكَذَا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ الْمُبَارَأَةِ كَانَ بَائِنًا ؛ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فِي الْمَجْلِسِ وَهِيَ تَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَلَوْ قَالَ لَمْ أَعْنِ الطَّلَاقَ لَمْ يُصَدَّقْ ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْعِوَضِ أَمَارَةٌ صَادِقَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الطَّلَاقُ ، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ يُصَدَّقُ فِي لَفْظِ الْخُلْعِ وَالْمُبَارَأَةِ ؛ لِأَنَّهُمَا كِنَايَتَانِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ الْخُلْعُ فَسْخٌ وَلَيْسَ بِطَلَاقٍ يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } بَعْدَ قَوْله تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } إلَى أَنْ قَالَ { فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } فَلَوْ كَانَ الْخُلْعُ طَلَاقًا لَصَارَتْ التَّطْلِيقَاتُ أَرْبَعًا ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ عَقْدٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ حَتَّى يُفْسَخَ بِخِيَارِ الْعِتْقِ وَعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَالْبُلُوغِ فَكَذَا بِالتَّرَاضِي وَلَنَا مَا رَوَيْنَا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ ، وَلِهَذَا لَا يَنْفَسِخُ بِالْهَلَاكِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَبِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ الصُّوَرِ ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ وَالْكَلَامُ فِيمَا بَعْدَهُ ، وَلِأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ ثَابِتٌ ضَرُورَةً فَلَا يَظْهَرُ إلَّا فِي حَقِّ الِاسْتِيفَاءِ وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِهِ فِي حَقِّ الْفَسْخِ ، وَلِأَنَّ لَفْظَ الْخُلْعِ كِنَايَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ طَلَاقًا كَمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ مَالًا

وَقَدْ رَجَعَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَنَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَ الطَّلْقَتَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } الْآيَةَ ثُمَّ ذَكَرَ الِافْتِدَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ فِعْلِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِعْلَ الزَّوْجِ فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ فِعْلَهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ لَكِنَّهُ بِعِوَضٍ ثُمَّ حَرَّمَهَا عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَكَأَنَّهُ شَرَعَ طَلْقَتَيْنِ بِغَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ نَفَى الْجُنَاحَ عَنْ أَخْذِ الْعِوَضِ عَنْهُمَا ، وَلِهَذَا اكْتَفَى بِذِكْرِ فِعْلِهَا فِي الِافْتِدَاءِ وَإِلَّا لَذَكَرَ فِعْلَهُ ؛ لِأَنَّ الِافْتِدَاءَ لَا يَتِمُّ بِفِعْلِهَا وَحْدَهَا أَوْ نَقُولُ ذَكَرَ الطَّلْقَتَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ طَلْقَةً بِعِوَضٍ وَبِغَيْرِ عِوَضٍ فَتَكُونُ الْآيَةُ حُجَّةً عَلَيْهِ فِي هَذَا وَفِي قَوْلِهِ الْمُخْتَلِعَةُ لَا يَلْحَقُهَا صَرِيحُ الطَّلَاقِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَزِمَهَا الْمَالُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِخُرُوجِ الْبُضْعِ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا بِهِ وَهُوَ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا كَحَقِّ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ بِالْتِزَامِهَا لَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ إنْ نَشَزَ ) يَعْنِي يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا إنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } ، وَلِأَنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالْفِرَاقِ فَلَا يَزِيدُ عَلَى إيحَاشِهَا بِأَخْذِ الْمَالِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ نَشَزَتْ لَا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْ قِبَلِهَا لَا يُكْرَهُ لَهُ الْأَخْذُ ، وَهَذَا بِإِطْلَاقِهِ يَتَنَاوَلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } ، وَقَالَ الْقُدُورِيُّ إنْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا كُرِهَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ

مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْأَصْلِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لِامْرَأَةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ أَرَادَتْ الْفُرْقَةَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا } وَقَدْ كَانَ النُّشُوزُ مِنْهَا ، وَلَوْ أَخَذَ الزِّيَادَةَ جَازَ قَضَاءً وَكَذَا إذَا أَخَذَ شَيْئًا وَالنُّشُوزُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى قَوْله تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } الْجَوَازُ حُكْمًا وَالْإِبَاحَةُ وَقَدْ تَرَكَ الْعَمَلَ بِهِ فِي حَقِّ الْإِبَاحَةِ لِمُعَارِضٍ وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا } وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا } فَبَقِيَ مَعْمُولًا بِهِ فِي الْبَاقِي وَهُوَ الصِّحَّةُ فَإِنْ قِيلَ النَّهْيُ عَنْ الْأَفْعَالِ الْحِسِّيَّةِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْمَشْرُوعِيَّةِ فَكَيْفَ يَصِحُّ أَخْذٌ بَعْدَ النَّهْيِ قُلْنَا النَّهْيُ وَرَدَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ وَهُوَ زِيَادَةُ الْإِيحَاشِ فَلَا يُنَافِي الْمَشْرُوعِيَّةَ كَالْبَيْعِ عِنْدَ النِّدَاءِ ، وَهَذَا لِأَنَّهَا تَصَرَّفَتْ فِي خَالِصِ حَقِّهَا بِاخْتِيَارِهَا فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِصِحَّتِهِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِ الْعَاقِلِ وَتَوْفِيقًا بَيْنَ النُّصُوصِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ ) ؛ لِأَنَّ مَا صَلُحَ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا لِلْمُتَقَوِّمِ أَوْلَى أَنْ يَصْلُحَ عِوَضًا لِغَيْرِ الْمُتَقَوِّمِ وَهَذَا لِأَنَّ الْبُضْعَ حَالَةَ الدُّخُولِ مُتَقَوِّمٌ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ ، وَلِهَذَا جَازَ تَزْوِيجُ الْأَبِ ابْنَهُ الصَّغِيرَ عَلَى مَالِ الصَّغِيرِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْلَعَ ابْنَتَهُ الصَّغِيرَةَ بِمَالِهَا ، وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ الْمَرِيضُ بِمَهْرِ مِثْلِهَا يُعْتَبَرُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ الْمَرِيضَةُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ الْأَقَلُّ مِنْ مِيرَاثِهِ مِنْهَا وَمِنْ بَدَلِ الْخُلْعِ إذَا كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ الْإِرْثِ وَمِنْ الثُّلُثِ

إذَا مَاتَتْ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا فَلَهُ بَدَلُ الْخُلْعِ إنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ لَا قِيمَةَ لَهُ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَيُعْتَبَرُ بِالتَّبَرُّعِ ، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ لَوْ أَخْرَجَتْهُ عَنْ مِلْكِهِ بِرِدَّتِهَا أَوْ تَقْبِيلِهَا ابْنَهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَوْ قَتَلَتْ نَفْسَهَا أَوْ قَتَلَهَا أَجْنَبِيٌّ لَمْ يَجِبْ لِلزَّوْجِ شَيْءٌ عَلَى الْمُتْلِفِ ، وَلَوْ كَانَ مُتَقَوِّمًا لَوَجَبَ وَقَوْلُهُ وَمَا صَلُحَ مَهْرًا صَلُحَ بَدَلَ الْخُلْعِ لَا يُنَافِي الْعَكْسَ حَتَّى جَازَ مَا لَا يَصْلُحُ مَهْرًا أَيْضًا كَالْأَقَلِّ مِنْ الْعَشَرَةِ وَكَمَا فِي يَدِهَا وَبَطْنِ غَنَمِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ .

قَوْلُهُ ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فِي الْمَجْلِسِ ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ قَدْ خَلَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بَارَأْتُك أَوْ طَلَّقْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْقَبُولُ إلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ فَإِنْ قَامَتْ قَبْلَ أَنْ تَقُولَ شَيْئًا بَطَلَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ إنْ بَدَأَتْ هِيَ فَقَالَتْ اخْلَعْنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بَارِئْنِي أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَبِلَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ فَطَلَّقَهَا كَمَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ فَالْمَالُ لَهَا لَازِمٌ وَإِنْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ شَيْئًا فَهِيَ امْرَأَتُهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ، وَقَالَ الرَّازِيّ وَلَكِنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إذَا كَانَ بِقَبُولِهَا الْمَالَ فِي الْمَجْلِسِ ؛ لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ لَا تَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فَإِذَا قَبِلَتْ لَزِمَهَا الْمَالُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ ا هـ وَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِ الْكَافِي : وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً ، وَكَذَا كُلٌّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ مَعَ حَذْفٍ ( قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ الْقَدِيمِ الْخُلْعُ فَسْخٌ ) قَالَ فِي الْكَافِي وَأَصَحُّ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ طَلَاقٌ ا هـ ( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى أَبِي اللَّيْثِ أَنَّ مَنْ خَلَعَ امْرَأَتَهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ زَادَتْ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ زِيَادَةً أَنَّ الزِّيَادَةَ بَاطِلَةٌ ا هـ تَتَارْخَانِيَّةُ ( قَوْلُهُ ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ التَّمَامِ إلَخْ ) وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ فِي الْحَالِ فَجَعَلَ لَفْظَ الْخُلْعِ عِبَارَةً عَنْ رَفْعِ الْقَيْدِ فِي الْحَالِ وَذَا إنَّمَا يَكُونُ بِالطَّلَاقِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ التَّمَامِ إلَخْ ) فَكَانَ فِي مَعْنَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِتْمَامِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَالْآيَةُ تَشْهَدُ لَنَا ) قَالَ فِي الْكَافِي وَأَمَّا الْآيَةُ فَاَللَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ التَّطْلِيقَةَ الثَّالِثَةَ

بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ ، وَلِهَذَا لَا يَصِيرُ أَرْبَعًا ا هـ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } ) أَيْ التَّطْلِيقُ الشَّرْعِيُّ تَطْلِيقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى التَّفْرِيقِ دُونَ الْجَمْعِ وَالْإِرْسَالِ دُفْعَةً فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَةَ التَّثْنِيَةِ بَلْ التَّكْرِيرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { ثُمَّ ارْجِعْ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ } وَنَحْوَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَقَوْلُهُ { فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } تَخْيِيرٌ لِلْأَزْوَاجِ بَعْدَ أَنْ عَلَّمَهُمْ كَيْفَ يُطَلِّقُونَ بَيْنَ إمْسَاكِهِنَّ بِحُسْنِ الْعِشْرَةِ وَالْقِيَامِ بِوَاجِبِهِنَّ وَبَيْنَ التَّسْرِيحِ بِالْجَمِيلِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّهَا وَيُخَلِّيَ سَبِيلَهَا ا هـ ش بِالْمَعْنَى لِلْهِنْدِيِّ قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِامْرَأَةِ ثَابِتٍ إلَخْ ) رُوِيَ { أَنَّ جَمِيلَةَ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ فَجَاءَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ لَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ وَلَكِنْ أَخْشَى الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ لِشِدَّةِ بُغْضِي إيَّاهُ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ فَقَالَتْ نَعَمْ وَزِيَادَةً فَقَالَ أَمَّا الزِّيَادَةُ فَلَا } ا هـ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62