كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

يَكُونَ مَالِكًا لِلْمَالِ ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ إذَا أُحْرِزَ لِلتَّمَوُّلِ ، وَأُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَحْرَزَهَا وَاسْتَوْلَدَهَا كَانَ إحْرَازُهُ لَهَا لِلنَّسَبِ لَا لِلتَّمَوُّلِ ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُ تَمَلُّكِهَا كَانَ لِلتَّمَوُّلِ لَكِنْ عِنْدَمَا اسْتَوْلَدَهَا تُحَوَّلُ صِفَتُهَا عَنْ الْمَالِيَّةِ إلَى مِلْكٍ مُجَرَّدٍ عَنْهَا فَصَارَتْ مُحْرَزَةً لِمَا ذَكَرْنَا انْتَهَى ( قَوْلُهُ لَكِنَّهُ تَقَاعَدَ عَنْ إفَادَةِ الْحُرِّيَّةِ إجْمَاعًا ) وَلَا إجْمَاعَ فِي زَوَالِ التَّقَوُّمِ فَيَثْبُتُ انْتَهَى كَافِيٌّ ( قَوْلُهُ فَكَانَتْ مُحَرَّزَةً إحْرَازَ الْمَنْكُوحَاتِ ) أَيْ لَا إحْرَازَ الْمَمْلُوكَاتِ فَصَارَ كَأَنَّ الْإِحْرَازَ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا فِي الْمَالِيَّةِ انْتَهَى كَافِي قَوْلُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ يَعْتَقِدُ تَقَوُّمَهَا ) أَيْ وَجَوَازَ بَيْعِهَا انْتَهَى ( قَوْلُهُ دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْهُمَا ) لِأَنَّ فِي إبْقَائِهَا فِي مِلْكِ الْكَافِرِ إضْرَارًا بِهَا ، وَإِبْطَالُ حَقِّ النَّصْرَانِيِّ مَجَّانًا إضْرَارٌ بِهِ انْتَهَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَا يَضْمَنُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِعْتَاقِهَا ) يَعْنِي إذَا كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا عَتَقَتْ ، وَلَا يَضْمَنُ الْمُعْتِقُ لِلسَّاكِتِ شَيْئًا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَا يَضْمَنُ إذَا كَانَ مُوسِرًا ، وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ أَمْ لَا ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَذْهَبَيْنِ ، وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ عِدَّةُ مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ ، وَمِنْهَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا يَعْتِقُ ، وَلَا يَسْعَى لِلْحَيِّ فِي شَيْءٍ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لَهُ ، وَمِنْهَا إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ ، وَصَارَتْ كُلُّهَا لَهُ ، وَلَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ شَيْئًا ، وَمِنْهَا إذَا بَاعَ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ ، وَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْوَلَدَ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ ، وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ ، وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كُلَّهُ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ ، وَلَا يَرُدَّ حِصَّةَ الْأُمِّ ، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ ، وَعَتَقَ ، وَلَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَهُ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ كَأُمِّهِ فَلَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا ، وَيَسْعَى لَهُ الْوَلَدُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ السَّبَبَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ ، وَهَكَذَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ فِي الْقِنَّةِ فَضْلًا أَنْ تَكُونَ أُمُّ وَلَدٍ قَبْلَهُ حَتَّى قَالَ لَا تَغْرَمُ قِيمَةَ وَلَدِهَا ، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ خِلَافًا فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ سُقُوطُ الضَّمَانِ لِأَجْلِ أَنَّهُ كَأُمِّهِ عِنْدَهُ ،

وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ ، وَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّعْوَى إعْتَاقٌ كَانَ مُسْتَقِيمًا ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِي الرُّقَيَّاتِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى نَحْوِ مَا يُضْمَنُ بِهِ الصَّبِيُّ الْحُرُّ حَتَّى لَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا لَمْ يُضْمَنْ ، وَلَوْ قَرَّبَهَا إلَى مَسْبَعَةٍ فَافْتَرَسَهَا السَّبْعُ يَضْمَنُ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ ، وَلِهَذَا يُضْمَنُ الصَّبِيُّ الْحُرُّ بِمِثْلِهِ .( قَوْلُهُ يَعْنِي إذَا كَانَتْ أُمُّ وَلَدٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ انْتَهَى فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فَأَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا ) أَيْ ، وَهُوَ مُوسِرٌ انْتَهَى هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَا يَضْمَنُ ) أَيْ نِصْفَ قِيمَتِهَا انْتَهَى هِدَايَةٌ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا ) وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَتْ لِلسَّاكِتِ فِيهِ انْتَهَى كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ ) أَيْ يَضْمَنُ عِنْدَهُمَا لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَيَسْعَى لَهُ ) أَيْ لِلشَّرِيكِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ ) وَكَمَا لَوْ قَتَلَهَا حَيْثُ يَضْمَنُ بِالِاتِّفَاقِ انْتَهَى فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَهُ أَعْبُدٌ قَالَ لِاثْنَيْنِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ وَاحِدٌ ، وَدَخَلَ آخَرُ ، وَكَرَّرَ ، وَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ عَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّابِتِ ، وَنِصْفُ كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ ) أَيْ رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرُّ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ عَتَقَ مَنْ الَّذِي أُعِيدَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى ثَابِتًا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ، وَنِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ ، وَهُوَ الْخَارِجُ وَالدَّاخِلُ ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا فِي الدَّاخِلِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ رُبُعُهُ أَمَّا الْخَارِجُ فَلِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ أَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ ، وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الثَّابِتِ وَالْخَارِجِ فَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا ، وَالْإِيجَابُ الثَّانِي كَذَلِكَ ، وَهُوَ دَائِرٌ بَيْنَ الثَّابِتِ وَالدَّاخِلِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَفَادَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ نِصْفًا فَكَانَ مَا أَصَابَهُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي ، وَهُوَ النِّصْفُ شَائِعًا فِي نِصْفَيْهِ فَمَا أَصَابَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْأَوَّلِ لَغَا ، وَمَا أَصَابَ الْفَارِغَ ثَبَتَ فَحَصَلَ لَهُ الرُّبُعُ فَتَمَّ لَهُ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ ، وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالثَّانِي هُوَ يَعْتِقُ نِصْفُهُ ، وَإِنْ أُرِيدَ الدَّاخِلُ فَلَا يَعْتِقُ فَيَتَنَصَّفُ فَحَصَلَ لَهُ الرُّبُعُ بِالثَّانِي ، وَبِالْأَوَّلِ النِّصْفُ ، وَأَمَّا الدَّاخِلُ فَمُحَمَّدٌ يَقُولُ إنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي دَائِرٌ بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا لِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلُ الْخَارِجُ صَحَّ الْإِيجَابُ الثَّانِي لِكَوْنِهِ دَائِرًا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَأَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الثَّابِتُ بَطَلَ الْإِيجَابُ الثَّانِي لِكَوْنِهِ دَائِرًا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَدَارَ بَيْنَ أَنْ يُوجِبَ وَأَنْ لَا يُوجِبَ فَيَتَنَصَّفَ فَيَعْتِقَ

نِصْفُ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَيُصِيبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الرُّبُعَ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ تَحْتَهُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهِنَّ فَقَالَ لِثِنْتَيْنِ مِنْهُنَّ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَخَرَجَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا ، وَدَخَلَتْ الْأُخْرَى فَقَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ سَقَطَ مِنْ مَهْرِ الْخَارِجَةِ رُبُعُهُ ، وَمِنْ مَهْرِ الثَّابِتَةِ ثَلَاثَةُ أَثْمَانِهِ ، وَمِنْ مَهْرِ الدَّاخِلَةِ ثُمُنَهُ ، وَالثُّمُنُ فِي الطَّلَاقِ كَالرُّبُعِ فِي الْعَتَاقِ لِأَنَّ كُلَّ السَّاقِطِ فِيهِ النِّصْفُ كَمَا أَنَّ كُلَّ الْوَاجِبِ هُنَاكَ الرَّقَبَةُ ، وَلَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِي صَحِيحٌ فِي حَقِّ الدَّاخِلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ تَنَاوَلَ الْمُبْهَمَ مِنْهُمَا فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُعَلَّقِ بِالْبَيَانِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا ، وَلِهَذَا لَوْ جَنَى عَلَيْهِمَا بِأَنْ قَطَعَ وَاحِدٌ أَيْدِيَهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَرْشُ الْعَبِيدِ وَإِذَا صَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي فِي حَقِّ الدَّاخِلِ كَانَ الْكَلَامُ الثَّانِي فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ الْأَوَّلِ فِي حَقِّ الْخَارِجِ فَيَعْتِقُ نِصْفُهُ ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ مِنْ الثَّابِتِ رُبُعُهُ بِالْكَلَامِ الثَّانِي لِأَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ تَنْجِيزٌ فِي حَقِّهِ حَتَّى تَثْبُتُ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْبَيَانِ ، وَيَتَعَيَّنُ لِلْعِتْقِ إذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْمِلْكِ ، وَيَشِيعُ الْعِتْقُ فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى قَبْلُ بِالْبَيَانِ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدُكُمَا حُرٌّ نَكِرَةٌ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ الْعِتْقُ وَاقِعًا فِي حَقِّهِمَا وَلَمْ يُعْتَبَرْ تَعْلِيقًا ، فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنْ أُرِيدَ بِالْأَوَّلِ الْخَارِجُ صَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الثَّابِتُ لَمْ يَصِحَّ فَتَرَدَّدَ الْكَلَامُ الثَّانِي بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهِ فِي حَقِّهِ فَيَتَنَصَّفُ فَيَعْتِقُ رُبُعُهُ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ فَقِيلَ هُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَهْرِهَا ، وَيَسْقُطُ الرُّبُعُ ، وَلَئِنْ كَانَ قَوْلَ

الْكُلِّ فَالْفَرْقُ لَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ تَعْلِيقًا فِي حَقِّ الدَّاخِلِ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَأَمَّا فِي حَقِّ حُكْمٍ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ يَكُونُ تَنْجِيزًا فِي حَقِّهِ أَيْضًا فَالْبَرَاءَةُ مِنْ الْمَهْرِ لَا تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَيَكُونُ تَنْجِيزًا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَيَثْبُتُ التَّرَدُّدُ فِي الْكَلَامِ الثَّانِي بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهِ فِي حَقِّهِ فَيَتَنَصَّفُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ الثَّانِي مُتَرَدِّدًا فِي حَقِّهِ فَيَثْبُتُ كُلُّهُ أَوْ يَقُولُ هُوَ مُعْتَقُ الْبَعْضِ ، وَمُعْتَقُ الْبَعْضِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مُكَاتَبٌ فَلَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْكَلَامِ الثَّانِي ، وَوَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ فِيهِ هُنَا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ، وَلِهَذَا يَسْعَى عِنْدَهُمَا أَيْضًا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُ يَقَعُ بِجُزْءٍ مِنْهُ فَيَتَرَدَّدُ الْكَلَامُ الثَّانِي بَيْنَ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهِ فَيَصِحُّ إذَا أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْخَارِجَةَ ، وَإِلَّا فَلَا فَيُبَرَّآنِ عَنْ نِصْفِ النِّصْفِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ فِي الْمَرَضِ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى هَذَا ) يَعْنِي لَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى قَدْرِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنْ سِهَامِ الْعِتْقِ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ ، وَلَا مَزِيدَ لَهَا عَلَى الثُّلُثِ فَتُرَدُّ إلَى الثُّلُثِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ وَشَرْحُ ذَلِكَ أَنَّك تَنْظُرُ إلَى مَخْرَجِ أَقَلِّ جُزْءٍ مِنْ سِهَامِهِمْ ، وَهُوَ الرُّبُعُ ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَلِلثَّابِتِ ثَلَاثَةُ أَجْزَاءٍ مِنْهَا ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِينَ جُزْءَانِ فَبَلَغَ سِهَامُ الْعِتْقِ سَبْعَةً فَيُقَسَّمُ الثُّلُثُ عَلَيْهَا فَيَسْقُطُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ السِّعَايَةِ قَدْرُ مَا أَصَابَ سَهْمَهُ مِثَالَهُ لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قِيمَتُهُ سَبْعُمِائَةِ دِرْهَمٍ ، وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُمْ كَانَ جَمِيعُ مَالِهِ أَلْفَيْنِ وَمِائَةً ، وَثُلُثُهُ سَبْعَمِائَةٍ فَإِذَا قَسَّمْت

الثُّلُثَ عَلَى سَبْعَةٍ أَصَابَ كُلَّ وَاحِدٍ مِائَةٌ فَمَنْ كَانَ لَهُ سَهْمَانِ سَقَطَ عَنْهُ مَا أَصَابَهُمَا ، وَهُوَ مِائَتَانِ ، وَهُوَ الدَّاخِلُ وَالْخَارِجُ ، وَمَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَقَطَ عَنْهُ ثَلَاثُمِائَةٍ قَدْرُ مَا أَصَابَ سِهَامَهُ ، وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا بَقِيَ مِنْ قِيمَتِهِ فَيَسْعَى الْخَارِجُ فِي خَمْسِمِائَةٍ ، وَكَذَا الدَّاخِلُ ، وَالثَّابِتُ يَسْعَى فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يُجْعَلُ الثُّلُثُ أَسْدَاسًا لِأَجْلِ أَنَّ الدَّاخِلَ لَا يَسْتَحِقُّ سِوَى الرُّبُعَ عِنْدَهُ فَنَقَصَ سَهْمُهُ لِذَلِكَ ، وَبَاقِي الْعَمَلِ مَا ذَكَرْنَاهُ هَذَا إذَا مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْلَى بِالْحَيَاةِ أُجْبِرَ عَلَى الْبَيَانِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يَمُوتَ الْمَوْلَى ، وَالثَّانِي أَنْ تَمُوتَ الْعَبِيدُ ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونُوا بِالْحَيَاةِ فَالْأَوَّلُ قَدْ ذَكَرْنَا حُكْمَهُ ، وَالثَّانِي نَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ ، وَالثَّالِثُ حُكْمُهُ أَنْ يُجْبَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْبَيَانِ مَا دَامَ حَيًّا لِأَنَّهُ هُوَ الْمُبْهِمُ فَإِنْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَقَالَ عَنَيْت بِهِ الْخَارِجَ عَتَقَ ، وَصَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي لِأَنَّهُ يَبْقَى دَائِرًا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَيُؤْمَرُ بِبَيَانِهِ ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الثَّابِتَ عَتَقَ ، وَبَطَلَ الْإِيجَابُ الثَّانِي لِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فَيَكُونُ مُخْبِرًا صَادِقًا فِي قَوْلِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَإِنْ قِيلَ الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ يَتَعَلَّقُ بِشَرْطِ الْبَيَانِ ، وَلِهَذَا كَانَ لِلْبَيَانِ حُكْمُ الْإِنْشَاءِ حَتَّى كَانَ لَهُ اسْتِخْدَامُهُمَا قَبْلَهُ ، وَحَتَّى اُعْتُبِرَتْ الْعِدَّةُ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَوْ كَانَ الْإِبْهَامُ فِي الطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ دَائِرًا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ قُلْنَا الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ ، وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِشَرْطِ الْبَيَانِ إنْشَاءً مِنْ وَجْهٍ إظْهَارً مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَحَدُكُمَا لَا يَتَنَاوَلُ الْمُعَيَّنَ ، وَبَعْدَ الْبَيَانِ يَصِيرُ وَاقِعًا فِي الْمُعَيَّنِ فَكَانَ

الْبَيَانُ إنْشَاءً مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ إذَا خَاصَمَهُ الْعَبِيدُ كَانَ إظْهَارًا لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْشَاءِ فَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ إنْشَاءً صَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي ، وَعَتَقَ بِهِ الدَّاخِلُ وَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ إظْهَارًا لَا يَصِحُّ الْإِيجَابُ الثَّانِي فَلَا يَعْتِقُ ، وَالْعِتْقُ فِي الدَّاخِلِ غَيْرُ ثَابِتٍ فَلَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ ، وَإِنْ بَدَأَ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الدَّاخِلَ عَتَقَ ، وَيُؤْمَرُ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَيَعْتِقُ مَنْ يُبَيِّنُهُ فِيهِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَعْتِقَ الدَّاخِلُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُبَيِّنَ الْكَلَامَ الْأَوَّلَ فِي الثَّابِتِ فَيَكُونُ الْكَلَامُ الثَّانِي دَائِرًا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ فَيَكُونُ بَاطِلًا قُلْنَا الْكَلَامُ الْأَوَّلُ مُبْهَمٌ إذَا لَمْ يُصَادِفْ الْمُعَيَّنَ مِنْهُمَا فَهُوَ كَالْمُعَلَّقِ بِالْبَيَانِ عَلَى مَا بَيَّنَّا ، وَلَمْ يَتَّصِلْ بِالْمَحَلِّ فَكَانَ الْكَلَامُ الثَّانِي صَحِيحًا لِكَوْنِهِ دَائِرًا بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَإِذَا صَحَّ الْكَلَامُ الثَّانِي صَحَّ بَيَانُهُ فِي أَحَدِهِمَا أَيْضًا لِكَوْنِهِ رَقِيقًا وَقْتَ الْبَيَانِ ، وَإِنْ بَيَّنَ الْأَوَّلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الثَّابِتِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ، وَهُوَ مَا إذَا بَدَأَ بِبَيَانِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَبَيَّنَهُ فِي الثَّابِتِ حَيْثُ يَبْطُلُ الْكَلَامُ الثَّانِي لِأَنَّهُ دَائِرٌ السَّاعَةَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ وَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ تَنْجِيزٌ مِنْ وَجْهٍ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَيُرَجَّحُ جَانِبُهُ لِقِيَامِ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ ، وَفِي الْأُولَى يُرَجَّحُ جَانِبُ التَّعْلِيقِ لِكَوْنِهِ رَقِيقًا وَقْتَ الْبَيَانِ ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِالْكَلَامِ الثَّانِي الثَّابِتَ عَتَقَ بِهِ ، وَعَتَقَ الْخَارِجُ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَهُ أَعْبُدٌ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ هَذَا أَيْضًا مِنْ عِتْقِ الْبَعْضِ غَيْرَ أَنَّ الْأَوَّلَ بَعْضُ الْوَاحِدِ ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِي بَعْضِ الْمُتَعَدِّدِ فَنَزَلَ الْأَوَّلُ مِنْ هَذَا مَنْزِلَةَ الْجُزْءِ ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْكُلِّ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِي عِتْقِ بَعْضِ مَا هُوَ بَعْضٌ لِهَذَا ، وَهُوَ الْوَاحِدُ انْتَهَى ( قَوْلُهُ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ) وَذَلِكَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ إلَخْ فَمَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ انْتَهَى فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُبَيِّنَ الْعِتْقَ قَبْلَ الْمَوْتِ ، وَالثَّانِي أَنْ يَمُوتَ الْمَوْلَى قَبْلَ بَيَانِهِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْبَيَانِ ، وَحُكْمُ هَذَا الْقَوْلِ إذَا وَقَعَ مِنْهُ أَنْ يُؤْمَرَ الْمَوْلَى بِالْبَيَانِ ، وَلِلْعَبْدِ مُخَاصَمَتُهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا بَيَّنَ الْعِتْقَ فِي الثَّابِتِ ، وَهُوَ الْعَبْدُ لَمْ يَخْرُجْ بِالْكَلَامِ الْأَوَّلِ عِتْقٌ ، وَبَطَلَ الْكَلَامُ الثَّانِي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ ، وَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ إنْشَاءً فِي الْمُبْهَمِ الدَّائِرِ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَحَلًّا لِحُكْمِهِ ، وَالْحُرُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَبَطَلَ إنْشَائِيَّتُهُ ، وَصَارَ أَحَدُهُمَا حُرٌّ ، وَهُوَ الثَّابِتُ فَلَا يُفِيدُ فِي الْخَارِجِ عِتْقًا انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى ثَابِتًا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُمَا يَعْتِقُ النِّصْفُ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ مَعَ قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ تَجْزِئِ الْإِعْتَاقِ ، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُمَا بِعَدَمِ تَجْزِيهِ إذَا وَقَعَ فِي مَحَلٍّ مَعْلُومٍ أَمَّا إذَا كَانَ إنَّمَا هُوَ الْحُكْمُ بِثُبُوتِهِ بِالضَّرُورَةِ ، وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِانْقِسَامِهِ انْقَسَمَ ضَرُورَةً ، وَالْحَاصِلُ عَدَمُ التَّجْزِيءِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ ، وَالِانْقِسَامُ هُنَا ضَرُورِيٌّ ، وَرَدَّهُ بَعْضُ الطَّلَبَةِ بِمَنْعِ ضَرُورَةِ الِانْقِسَامِ لِأَنَّ

الْوَاقِعَ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَتَقَ مِنْهُ الْبَعْضُ الَّذِي ذُكِرَ لَا يُقَرُّ فِي الرِّقِّ بَلْ يَسْعَى فِي بَاقِيهِ حَتَّى يُخَلَّصَ كُلُّهُ حُرًّا فَيُمْكِنَ أَنْ نَقُولَ يَعْتِقُ جَمِيعُ كُلِّ وَاحِدٍ ، وَيَسْعَى فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ انْتَهَى قَوْلُهُ فَمَا أَصَابَ الْمُسْتَحَقَّ ) أَيْ النِّصْفَ الْمُعْتِقَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَمَا أَصَابَ الْفَارِغَ ) أَيْ مِنْ الْعِتْقِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ فَحَصَلَ لَهُ الرُّبُعُ ) فَإِنْ قِيلَ يَجِبُ أَنْ يَتَعَيَّنَ النِّصْفُ الْفَارِغُ تَصْحِيحًا لِلتَّصَرُّفِ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الصَّرْفِ وَغَيْرِهِ قُلْنَا إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ أَنْ لَوْ ثَبَتَ قَصْدًا أَمَّا إذَا ثَبَتَ ضِمْنًا فَلَا انْتَهَى كَافِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ بِالثَّانِي ) أَيْ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ الدَّاخِلُ فَلَا يَعْتِقُ ) فَإِذَنْ يَعْتِقُ مِنْ الثَّابِتِ نِصْفُهُ الْبَاقِي فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ انْتَهَى ( قَوْلُهُ فَمُحَمَّدٌ يَقُولُ إنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي دَائِرٌ ) أَيْ بَيْنَ الثَّابِتِ وَالدَّاخِلِ ، وَقَدْ أَصَابَ مِنْهُ الرُّبُعَ الثَّابِتَ بِالْإِنْفَاقِ فَيَنْبَغِي أَنَّ نَصِيبَ الدَّاخِلِ كَذَلِكَ ، وَلِأَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي دَائِرٌ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ بَعْضُهُ بِالْمَعْنَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ ) أَيْ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ دَائِرًا بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِهِ ، وَلِحُرٍّ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَيَلْغُوَا انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِي صَحِيحٌ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَوَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِي لَوْ أُرِيدَ بِهِ الدَّاخِلُ عَتَقَ ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الثَّابِتُ يَعْتِقُ الْبَاقِي مِنْهُ ، وَلَا يَعْتِقُ الدَّاخِلُ فَإِذَنْ عَتَقَ الدَّاخِلُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيُنَصَّفُ الْعِتْقُ بَيْنَهُمَا فَعَتَقَ نِصْفُ الدَّاخِلِ ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَعْتِقَ النِّصْفُ الْبَاقِي مِنْ الثَّابِتِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ النِّصْفَ الَّذِي أَصَابَهُ شَاعَ فِي نِصْفَيْهِ فَمَا أَصَابَ النِّصْفَ الْمُعْتَقَ لَغَا

، وَمَا أَصَابَ النِّصْفَ الْبَاقِي صَحَّ فَتُنَصَّفُ النِّصْفُ ، وَنِصْفُ النِّصْفِ الرُّبُعِ ( قَوْلُهُ إذَا زَالَتْ الْمُزَاحَمَةُ بِالْمَوْتِ ) أَيْ بِمَوْتِ الْخَارِجِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ ، وَلَوْ فِي الْمَرَضِ قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى هَذَا ) أَيْ سِهَامِ الْعِتْقِ ، وَهِيَ سَبْعَةٌ انْتَهَى ( قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ كَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ فِي الْمَرَضِ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ يُخْرَجُ قَدْرُ الْعِتْقِ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ يَكُنْ ، وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَالْجَوَابُ مَا ذَكَرْنَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ كَذَلِكَ ، وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ انْتَهَى رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ سِهَامِهِمْ ) أَيْ فَنَقُولُ حَقُّ الْخَارِجِ فِي النِّصْفِ ، وَحَقُّ الثَّابِتِ فِي ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ ، وَحَقُّ الدَّاخِلِ عِنْدَهُمَا فِي النِّصْفِ أَيْضًا فَنَحْتَاجُ إلَى مَخْرَجٍ لَهُ نِصْفٌ وَرُبُعٌ ، وَأَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ فَحَقُّ الْخَارِجِ فِي سَهْمَيْنِ ، وَحَقُّ الثَّابِتِ فِي ثَلَاثَةٍ ، وَحَقُّ الدَّاخِلِ فِي سَهْمَيْنِ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْعِتْقِ سَبْعَةً فَنَجْعَلُ ثُلُثَ الْمَالِ سَبْعَةً فَإِذَا صَارَ ثُلُثُ الْمَالِ سَبْعَةً صَارَ ثُلُثَا الْمَالِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ، وَهِيَ سِهَامُ السِّعَايَةِ ، وَسِهَامُ الْعِتْقِ سَبْعَةٌ ، وَيَصِيرُ كُلُّ عَبْدٍ سَبْعَةً فَيَعْتِقُ مِنْ الْخَارِجِ سَهْمَانِ ، وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ ، وَيَعْتِقُ مِنْ الدَّاخِلِ سَهْمَانِ ، وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ ، وَيَعْتِقُ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةٌ ، وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةٍ فَبَلَغَتْ سِهَامُ الْوَصَايَا سَبْعَةً ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَاسْتَقَامَ الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ حَقُّ الدَّاخِلِ فِي سَهْمٍ فَكَانَ سِهَامُ الْوَصَايَا سِتَّةً ، وَكُلُّ رَقَبَةٍ سِتَّةً ، وَسِهَامُ السِّعَايَةِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيَعْتِقُ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةٌ ، وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةٍ ، وَمِنْ الْخَارِجِ سَهْمَانِ ، وَيَسْعَى فِي أَرْبَعَةٍ ، وَمِنْ الدَّاخِلِ سَهْمٌ ، وَيَسْعَى فِي خَمْسَةٍ انْتَهَى رَازِيٌّ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْبَيْعُ وَالْمَوْتُ وَالتَّحْرِيرُ وَالتَّدْبِيرُ بَيَانٌ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ ) أَيْ إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدَهُمَا أَوْ مَاتَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ ، وَصَارَ بَيَانًا لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ أَوْجَبَ عِتْقًا مُتَرَدِّدًا بَيْنَهُمَا عِنْدَ قِيَامِ الْمَحَلِّيَّةِ فَكَانَا فِيهِ سَوَاءً فَإِذَا فَاتَتْ الْمَحَلِّيَّةُ تَعَيَّنَ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ لِزَوَالِ الْمُزَاحِمِ أَمَّا فِي الْمَوْتِ فَظَاهِرٌ ، وَكَذَا فِي الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ قَابِلًا لِلْإِعْتَاقِ مِنْ جِهَتِهِ ، وَكَذَا فِي الْإِعْتَاقِ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ لَا يَعْتِقُ ، وَكَذَا فِي التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ صَارَ حُرًّا مِنْ وَجْهٍ فَلَمْ يَبْقَ قَابِلًا لِلْإِعْتَاقِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَهُوَ الْوَاجِبُ بِهِ فَلَمْ يَبْقَ مَحَلًّا لَهُ وَلَا يُقَالُ يَرِدُ عَلَى هَذَا مَا إذَا قَالَ لِغُلَامَيْنِ أَحَدُهُمَا ابْنِي أَوْ قَالَ لِجَارِيَتَيْنِ لَهُ إحْدَاهُمَا أُمُّ وَلَدِي فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا لَا يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلْعِتْقِ وَلَا لِلِاسْتِيلَادِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ أَمْرٍ كَائِنٍ ، وَالْإِخْبَارُ يَصِحُّ فِي الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْبَيَانِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْإِنْشَاءِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ الْحَيُّ ، فَإِنْ قِيلَ لَوْ اشْتَرَى أَحَدٌ الْعَبْدَيْنِ وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَنًا ، وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ الْبَيْعُ فِي الْهَالِكِ ، وَهُنَا تَعَيَّنَ الْعِتْقُ فِي الْحَيِّ قُلْنَا قَالَ عَلِيٌّ الْقُمِّيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْهَالِكَ يَهْلِكُ عَلَى مِلْكِهِ فِي الْفَصْلَيْنِ لِأَنَّ الْهَالِكَ فِي الْبَيْعِ دَاخِلٌ فِي مِلْكِهِ حِينَ أَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ كَمَا قُبِضَ وَالْكِتَابَةُ وَتَعْلِيقُ عِتْقِ أَحَدِهِمَا بِالشَّرْطِ كَالتَّدْبِيرِ ، وَالرَّهْنُ ، وَالْإِيصَاءُ ، وَالْإِجَارَةُ ، وَالتَّزْوِيجُ ، وَالْعَرْضُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ لِأَنَّ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي

الْمِلْكِ فَصَارَ إقْدَامُهُ عَلَيْهَا بَيَانًا مِنْهُ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ تَعَيُّنُ الْآخَرِ لِلْعِتْقِ ، وَلَا يُقَالُ الْإِجَارَةُ لَا تَخْتَصُّ بِالْمِلْكِ لِجَوَازِ إجَارَةِ الْحُرِّ لِأَنَّا نَقُولُ الِاسْتِبْدَالُ بِإِجَارَةِ الْأَعْيَانِ عَلَى وَجْهٍ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْمِلْكِ فَيَكُونُ تَعْيِينًا دَلَالَةً ، وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْإِنْكَاحِ ، وَقَالَ فِي الْكَافِي ذِكْرُ التَّسْلِيمِ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فِي الْهِدَايَةِ وَقَعَ اتِّفَاقًا يَعْنِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ عَلَى إبْقَائِهِ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَلَا تَتَوَقَّفُ دَلَالَتُهُ عَلَى الْقَبْضِ ، وَلِهَذَا سَوَّى فِي الْبَيْعِ بَيْنَ الْمُطْلَقِ ، وَبَيْنَ مَا فِيهِ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا ، وَبَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْقَبْضَ فِي الْفَاسِدِ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُفِيدُ الْحُكْمَ إلَّا بِهِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْعَرْضَ عَلَى الْبَيْعِ كَالْبَيْعِ ، وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا حَتَّى تَكُونَ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتُ بَيَانًا فِيهِمَا حَتَّى إذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَحَدُكُمَا حُرٌّ فَتَصَرَّفَ فِي أَحَدِهِمَا شَيْئًا مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ عَتَقَ الْآخَرُ لِمَا بَيَّنَّا ، وَكَذَا إذَا اسْتَوْلَدَ إحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ الْأُخْرَى لِلْحُرِّيَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي التَّدْبِيرِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الْوَطْءِ ) أَيْ لَا يَكُونُ وَطْءُ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ فِي الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ بَيَانًا حَتَّى لَا تَعْتِقُ الْأُخْرَى ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَقَالَا تَعْتِقُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ فَصَارَ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ دَلِيلَ الِاسْتِبْقَاءِ فَصَارَ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ مِنْهُ ، وَكَمَا إذَا وَطِئَ إحْدَى الْمَرْأَتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ وَلَهُ أَنَّ الْمِلْكَ ثَابِتٌ فِيهِمَا ، وَلِهَذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُمَا ،

وَكَانَ لَهُ الْأَرْشُ إذَا جُنِيَ عَلَيْهِمَا ، وَالْمَهْرُ إذَا وُطِئَتَا بِشُبْهَةٍ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ مُعَلَّقٌ بِالْبَيَانِ ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ قَبْلَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ حُرَّةٌ أَوْ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ فَوَطِئَهُمَا أَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا قَبْلَ دُخُولِ الدَّارِ ، وَهَذَا لِأَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ لَا لِطَلَبِ الْوَلَدِ فَلَا يُرَادُ بِهِ الِاسْتِبْقَاءُ فَصَارَ كَالِاسْتِخْدَامِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَ إحْدَى أَمَتَيْهِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا أَوْ اشْتَرَى كَذَلِكَ ثُمَّ وَطِئَ إحْدَاهُمَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى غَيْرِ الْمَوْطُوءَةِ ، وَفِي الثَّانِيَةِ الْمَوْطُوءَةِ حَتَّى لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ أَنْ يُعَيِّنَ الْبَيْعَ فِي الْمَوْطُوءَةِ ، وَلَا لِلْمُشْتَرِي فِي غَيْرِهَا لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ غَيْرِهِ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْعَقْدِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَ غَيْرِهِ ، وَبِخِلَافِ وَطْءِ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْوَلَدُ فَيَكُونُ دَلِيلًا عَلَى الِاسْتِبْقَاءِ ثُمَّ يُقَالُ الْإِعْتَاقُ غَيْرُ نَازِلٍ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ الْبَيَانِ لِتَعَلُّقِهِ بِهِ ، وَلِهَذَا حَلَّ وَطْؤُهُمَا عِنْدَهُ ، وَلَكِنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فِي بَابِ الْحُرُمَاتِ أَوْ يُقَالُ هُوَ نَازِلٌ فِي الْمُنَكَّرَةِ فَيَظْهَرُ فِي حَقِّ حُكْمٍ يَقْبَلُهُ كَالْبَيْعِ فَإِنَّ الْمُنَكَّرَ يَقْبَلُهُ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدَ الْمُعَيَّنَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ وَالْمُنَكَّرَةُ لَا تَقْبَلُ الْوَطْءَ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ فَلَا يُتَصَوَّرُ وُقُوعُهُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَعْمَلُ الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ فِي الْمُعَيَّنَةِ أَوْ نَقُولُ إنَّ حِلَّ الْوَطْءِ يَنْبَنِي عَلَى مِلْكِ الْمُتْعَةِ ، وَالْعِتْقُ مَحَلُّهُ مِلْكُ الرَّقَبَةِ فَلَمْ يَتَّحِدْ مَحَلُّهُمَا فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُنَافَاةُ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْمُنَافَاةِ اتِّحَادَ الْمَحَلِّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهُوَ

وَالْمَوْتُ بَيَانٌ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ ) أَيْ الْوَطْءُ وَالْمَوْتُ يَكُونَانِ بَيَانًا فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ ، وَقَدْ بَيَّنَّا الْمَعْنَى فِيهِ ، وَالْفَرْقَ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي الْوَطْءِ .

قَوْلُهُ أَوْ دَبَّرَهُ ) بِأَنْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَتَقَ الْآخَرُ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَكَذَا فِي التَّدْبِيرِ ) قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْكَافِي لَوْ قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ أَوْ بَاعَهُ أَوْ دَبَّرَهُ عَتَقَ الْبَاقِي اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ أَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا أَوْ سَمَّاهُمَا فَقَالَ : سَالِمٌ حُرٌّ أَوْ مُبَارَكٌ يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِأَنَّهُ الْمُجْمِلُ فَيُصْرَفُ الْعِتْقُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ، ثُمَّ الْبَيَانُ يَثْبُتُ صَرِيحًا وَدَلَالَةً فَالْأَوَّلُ كَقَوْلِهِ اخْتَرْت أَنْ يَكُونَ هَذَا حُرًّا بِاللَّفْظِ الَّذِي قُلْت أَوْ يَقُولُ أَنْتَ حُرٌّ بِذَلِكَ الْعِتْقِ أَوْ يَقُولُ أَعْتَقْتُك بِالْعِتْقِ السَّابِقِ ، وَالثَّانِي كَمَا إذَا بَاعَ أَحَدَهُمَا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا ، وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَتُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَتَاوَى والْوَلْوَالِجِيِّ أَوْ كَاتَبَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَيَانًا فِي هَذَا كُلِّهِ ، وَلَوْ اسْتَخْدَمَ أَحَدَهُمَا أَوْ قَطَعَ يَدَ أَحَدِهِمَا أَوْ جَنَى عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يَكُونُ بَيَانًا فِي قَوْلِهِمْ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ، وَإِنْ عَتَقَ أَحَدَهُمَا عِتْقًا مُسْتَأْنَفًا يَعْتِقَانِ جَمِيعًا ، هَذَا بِإِعْتَاقِهِ ، وَذَاكَ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ ، وَإِنْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الْعِتْقَ بِاللَّفْظِ السَّابِقِ صُدِّقَ فِي الْقَضَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ إخْبَارٌ ) أَيْ بِصِيغَتِهِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا اسْتَوَى ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ انْتَهَى ، وَعِبَارَةُ الْكَافِي سَوَّى ( قَوْلُهُ وَبَيَّنَ مَا فِيهِ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا ، وَبَيَّنَ الصَّحِيحَ وَالْفَاسِدَ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ مَعَ الْقَبْضِ وَبِدُونِهِ وَالْمُطْلَقِ ، وَبِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ

الْمُتَعَاقِدَيْنِ لِإِطْلَاقِ جَوَابِ الْكِتَابِ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ أَرَادَ بِالْكِتَابِ الْجَامِعَ الصَّغِيرَ فَإِنَّ إطْلَاقَهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ بَاعَ أَحَدَهُمَا ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ انْتَهَى قَالَ الْكَمَالُ ، وَالْبَيَانُ يَقَعُ صَرِيحًا ثُمَّ قَالَ وَدَلَالَةً كَمَا إذَا بَاعَ مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا مَعَ الْقَبْضِ ، وَدُونَهُ فِي الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْبَيَانَ يَقَعُ بِتَصَرُّفٍ مُخْتَصٍّ بِالْمِلْكِ سَوَاءٌ كَانَ مُخْرِجًا لَهُ عَنْ الْمِلْكِ كَمَا لَوْ نَجَزَ عِتْقَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَاعَهُ أَوَّلًا ، وَلِذَا عَتَقَ الْآخَرُ بِالْمُسَاوَمَةِ فِي صَاحِبِهِ ، وَهَذَا لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ اسْتِبْقَاءَ مِلْكِهِ فِي الَّذِي تَصَرَّفَ فِيهِ فَيَقَعُ بَيَانًا لِعِتْقِ الْآخَرِ ، وَحُكْمًا كَمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُعْتِقُ الْآخَرَ ، وَلَيْسَ بَيَانًا مِنْ الْمُتَكَلِّمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ اخْتِيَارًا ، وَلِأَنَّ الْبَيَانَ إنْشَاءٌ مِنْ وَجْهٍ ، وَلَا إنْشَاءَ فِي الْآخَرِ بِمَوْتِ قَرِينِهِ لِأَنَّ الْإِنْشَاءَ صِفَةٌ لِلَّفْظِ بَلْ لَزِمَ مِنْ طَرِيقِ الْحُكْمِ ذَلِكَ بِسَبَبِ فَوَاتِ مَحَلِّيَّةِ الَّذِي مَاتَ لِنُزُولِ الْعِتْقِ فِيهِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ عِتْقِ أَحَدِهِمَا فَلَزِمَ لِذَلِكَ عِتْقُ الْحَيِّ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا سَاوَمَ أَحَدَهُمَا يَكُونُ بَيَانًا يَعْنِي أَنَّ الْآخَرَ يَتَعَيَّنُ لِلْعِتْقِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى مَا ذَكَرْنَا ) وَهُوَ أَنَّهُ قَصَدَ الْوُصُولَ إلَى الثَّمَنِ ، وَالْوُصُولُ إلَى الثَّمَنِ يُنَافِي الْعِتْقَ فَيَتَعَيَّنُ الْآخَرُ لِلْعِتْقِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ قَبْلَهُ ) فَقَبْلَ الْبَيَانِ الْمِلْكُ ثَابِتٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا انْتَهَى رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا حَلَّ وَطْؤُهُمَا ) أَيْ جَمِيعًا بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُمَا إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَلَكِنَّهُ لَا يُفْتَى بِهِ ) لِأَنَّ الْمُبْهَمَ

لَا يَعْدُوهُمَا انْتَهَى رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهُوَ وَالْمَوْتُ بَيَانٌ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ ) هَذَا التَّقْدِيرُ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوَطْءِ وَالْعِتْقِ الْمُبْهَمِ وَبَيْنَ الْوَطْءِ فِي الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ انْتَهَى ( قَوْلُهُ يَكُونَانِ بَيَانًا إلَخْ ) فَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَمَاتَتْ إحْدَاهُمَا أَوْ وَطِئَ إحْدَاهُمَا يَكُونُ بَيَانًا إجْمَاعًا لِأَنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْ وَطْءِ الْمَنْكُوحَةِ الْوَلَدُ ، وَقَصْدُ الْوَلَدِ بِالْوَطْءِ دَلِيلُ اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فِي الْمَوْطُوءَةِ صِيَانَةً لِلْوَلَدِ بِخِلَافِ الْأَمَةِ فَإِنَّ الْغَرَضَ الْأَصْلِيَّ مِنْ وَطْئِهَا قَضَاءُ الشَّهْوَةِ لَا الْوَلَدُ ، وَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْمِلْكِ فَلَا تَتَعَيَّنُ الْأُخْرَى لِلْعِتْقِ انْتَهَى رَازِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى ، وَلَمْ يَدْرِ الْأَوَّلَ رَقَّ الذَّكَرُ وَعَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ وَالْأُنْثَى ) أَيْ رَجُلٌ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ ذَكَرًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ إلَى آخِرِهِ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وُجُوهٍ أَحَدُهَا أَنْ يُوجَدَ التَّصَادُقُ بِعَدَمِ الْعِلْمِ وَجَوَابُهُ مَا ذُكِرَ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْغُلَامُ رَقِيقًا ، وَيَعْتِقَ نِصْفُ الْأُمِّ وَنِصْفُ الْجَارِيَةِ ، وَالْغُلَامُ عَبْدٌ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَعْتِقُ فِي حَالٍ ، وَهُوَ مَا إذَا وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَالْأُمُّ بِالشَّرْطِ ، وَالْجَارِيَةُ بِالتَّبَعِيَّةِ إذْ الْأُمُّ عَتَقَتْ بِوِلَادَتِهَا ، وَتَرِقُّ فِي حَالٍ ، وَهُوَ مَا إذَا وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا لِعَدَمِ الشَّرْطِ فَيَعْتِقُ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتَسْعَى فِي النِّصْفِ ، وَأَمَّا الْغُلَامُ فَيَرِقُّ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ شَرْطٌ لِحُرِّيَّةِ الْأُمِّ فَتَعْتِقُ بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَلَا يَتْبَعُهَا ، وَاعْتِبَارُ الْأَحْوَالِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا إذَا اشْتَبَهَ الْأَحْوَالُ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { بَعَثَ أُنَاسًا إلَى بَنِي حَنِيفَةَ لِلْقِتَالِ فَاعْتَصَمَ نَاسٌ مِنْهُمْ بِالسُّجُودِ فَقَتَلَهُمْ بَعْضُ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَلَغَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ذَلِكَ قَضَى بِنِصْفِ الْعَقْلِ } لِتَرَدُّدِ حَالِهِمْ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ سَجَدُوا لِلَّهِ ا هـ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ سَجَدُوا لِغَيْرِهِ فَصَارَ أَصْلًا فِي اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ ، وَالثَّانِي أَنْ تَدَّعِيَ الْأُمُّ أَنَّ الْغُلَامَ وَلَدَتْهُ أَوَّلًا ، وَأَنْكَرَ الْمَوْلَى ذَلِكَ ، وَالْجَارِيَةُ صَغِيرَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى لِأَنَّهُ يُنْكِرُ شَرْطَ الْعِتْقِ ، وَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ فَإِذَا حَلَفَ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ لِأَنَّ

دَعْوَى الْأُمِّ حُرِّيَّةَ الصَّغِيرَةِ مُعْتَبَرَةٌ لِأَنَّهَا نَفْعٌ مَحْضٌ ، وَلَهَا عَلَيْهَا وِلَايَةٌ لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهَا أَبٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً ، وَالثَّالِثُ أَنْ يُوجَدَ التَّصَادُقُ بِأَنَّ الْغُلَامَ هُوَ الْأَوَّلُ فَتَعْتِقُ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ دُونَ الْغُلَامِ ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُوجَدَ التَّصَادُقُ بِأَنَّ الْبِنْتَ هِيَ الْأُولَى فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَالْخَامِسُ أَنْ تَدَّعِيَ الْأُمُّ بِأَنَّ الْغُلَامَ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَلَمْ تَدَّعِ الْبِنْتُ ، وَهِيَ كَبِيرَةٌ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمَوْلَى فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَعْتِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ دُونَ الْبِنْتِ لِأَنَّ النُّكُولَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ فَلَا يَتَعَدَّى ، وَلَا ضَرُورَةَ فِي غَيْرِ الْمُدَّعِيَةِ هَكَذَا ذَكَرُوا ، وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهَا لَوْ أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ يَتَعَدَّى ، وَالسَّادِسُ أَنْ تَدَّعِيَ الْبِنْتُ ، وَهِيَ كَبِيرَةٌ أَنَّ الْغُلَامَ هُوَ الْأَوَّلُ ، وَلَمْ تَدَّعِ الْأُمُّ فَتَعْتِقُ الْبِنْتُ إذَا نَكَلَ دُونَ الْأُمِّ لِمَا ذَكَرْنَا هَكَذَا فَصَّلَهَا فِي الْكَافِي ، وَلَا يُقَالُ وَجَبَ أَنْ يَعْتِقَا إذَا نَكَلَ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عِنْدَهُمَا فَإِذَا أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ إحْدَاهُمَا صَارَ إقْرَارًا بِحُرِّيَّةِ الْأُخْرَى لِأَنَّا نَقُولُ إقْرَارٌ بِطَرِيقِ الضَّرُورَةِ ، وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ حَتَّى يَحْكُمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَنَا كَفِيلٌ بِكُلِّ مَا يُقِرُّ لَك بِهِ فُلَانٌ مِنْ الْمَالِ فَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ عَلَى فُلَانٍ مَالًا فَأَنْكَرَ فَحَلَفَ فَنَكَلَ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِالْمَالِ لَا يَصِيرُ كَفِيلًا بِهِ ، وَلَوْ كَانَ إقْرَارًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَصَارَ كَفِيلًا بِهِ ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ هَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَيْسَ بِجَوَابِ هَذَا الْفَصْلِ بَلْ فِي هَذَا الْفَصْلِ لَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ، وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَوْلَى

بِاَللَّهِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهَا وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَنُكُولُهُ كَإِقْرَارِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَهُمْ أَرِقَّاءُ ، وَأَمَّا جَوَابُ الْكِتَابِ فَفِي فَصْلٍ آخَرَ ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ الْمَوْلَى لِأَمَتِهِ إذَا كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَأَنْتِ حُرَّةٌ ، وَإِنْ كَانَ جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ فَوَلَدَتْهُمَا جَمِيعًا ، وَلَمْ يَدْرِ أَيَّهُمَا أَوَّلُ فَالْغُلَامُ رَقِيقٌ وَالْجَارِيَةُ حُرَّةٌ فَيَعْتِقُ نِصْفُ الْأَمَةِ لِأَنَّهَا إنْ وَلَدَتْ الْغُلَامَ أَوَّلًا فَهِيَ حُرَّةٌ ، وَالْغُلَامُ رَقِيقٌ ، وَإِنْ وَلَدَتْ الْجَارِيَةَ أَوَّلًا فَالْجَارِيَةُ حُرَّةٌ ، وَالْأَمَةُ وَالْغُلَامُ رَقِيقٌ فَالْأُمُّ تَعْتِقُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ فَيَعْتِقُ نِصْفُهَا ، وَالْغُلَامُ عَبْدٌ بِيَقِينٍ ، وَالْجَارِيَةُ حُرَّةٌ بِيَقِينٍ إمَّا بِعِتْقِ نَفْسِهَا أَوْ بِعِتْقِ أُمِّهَا تَبَعًا ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكَيْسَانِيَّاتِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ فِي طَرِيقٍ وَاحِدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُنْكِرُ وُجُودَهُ كَدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوِهِ ، وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ مَذْكُورًا فِي جَانِبِ الْوُجُودِ ، وَالْعَدَمِ كَانَ أَحَدُهُمَا مَوْجُودًا لَا مَحَالَةَ فَيُحْتَاجُ فِيهِ إلَى اعْتِبَارِ الْأَحْوَالِ .

قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ نِصْفُ الْأُمِّ وَنِصْفُ الْجَارِيَةِ ) وَتَسْعَى كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا فِي النِّصْفِ كَمَا سَيَأْتِي انْتَهَى ( قَوْلُهُ لِأَنَّ وِلَادَتَهُ شَرْطٌ لِحُرِّيَّةِ الْأُمِّ ) وَالْحُكْمُ يَعْقُبُ الشَّرْطَ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْغَيْرِ ) وَكُلُّ مَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ حَلَفَ عَلَى الْعِلْمِ أَصْلُهُ حَدِيثُ الْقَسَامَةِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ ) لِأَنَّ الْجَارِيَةَ صَغِيرَةٌ فَصَارَتْ الْأُمُّ خَصْمًا عَنْهَا لِكَوْنِ حُرِّيَّتِهَا نَفْعًا مَحْضًا فَعَتَقَا جَمِيعًا انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ خُصُومَةُ الْأُمِّ عَنْ الْبِنْتِ مَا دَامَتْ صَغِيرَةً ، وَإِنْ كَانَتْ كَبِيرَةً لَمْ تَصِحَّ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَتُعْتِقُ الْأُمُّ وَالْبِنْتُ دُونَ الْغُلَامِ ) لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ الْعِتْقِ ا هـ رَازِيٌّ لِأَنَّ الْغُلَامَ قَدْ زَالَ عَنْ الْأُمِّ فِي حَالِ الرِّقِّ فَلَمْ يَعْتِقْ تَبَعًا أَيْضًا انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ ) أَيْ لِانْعِدَامِ وُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْمَوْلَى ) أَيْ عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ عَتَقَتْ الْأُمُّ دُونَ الْبِنْتِ ) لِأَنَّ النُّكُولَ إنَّمَا صَارَ حُجَّةً بِاعْتِبَارِ الدَّعْوَى ، وَدَعْوَى الْإِنَابَةِ عَنْ الْجَارِيَةِ لَا تَصِحُّ لِعَدَمِ الْإِنَابَةِ ، وَلَمْ تُوجَدْ الْوِلَايَةُ عَلَى الْجَارِيَةِ أَيْضًا فَلَمْ تَصِحَّ دَعْوَاهَا عَنْهَا فَلَمْ يُعْتَبَرْ النُّكُولُ فِي حَقِّ الْجَارِيَةِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَمْ تَدَّعِ الْأُمُّ ) فَإِنْ حَلَفَ الْمَوْلَى لَا يَثْبُتُ عِتْقُ أَحَدٍ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ ) هَذَا الْفَرْعُ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْلِ سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى انْتَهَى .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ حَرَّرَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ أَوْ أَمَتَيْهِ لَغَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ أَوْ طَلَاقٍ مُبْهَمٍ ) أَيْ لَوْ شَهِدَ رَجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ مَمْلُوكَيْهِ لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي ، وَصِيَّةٍ اسْتِحْسَانًا ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَقَالَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ ، وَأَصْلُ هَذَا أَنَّ الشَّهَادَةَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى الْعَبْدِ لَا تُقْبَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَعِنْدَهُمَا تُقْبَلُ ، وَفِي الطَّلَاقِ تُقْبَلُ إجْمَاعًا لَهُمَا أَنَّ الْعِتْقَ حَقُّ الشَّرْعِ وَعَدَمُ الدَّعْوَى فِيهِ لَا يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ ، وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ بِهِ ، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ بِمَا هُوَ حَقُّ اللَّهِ ، وَيَجُوزُ إيجَابُهُ فِي الْمَجْهُولِ ، وَلَا يَصِحُّ إيجَابُ الْحَقِّ لِلْمَجْهُولِ ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ حُرْمَةُ اسْتِرْقَاقِهِ ، وَالْحُرْمَةُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ ، وَعَدَّ مِنْهَا مَنْ اسْتَرَقَ حُرًّا } ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ تَكْمِيلُ الْحُدُودِ ، وَوُجُوبُ الْجُمُعَةِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ ، وَتَثْبُتُ بِهِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ وَالْوِلَايَةِ ، وَلَا يُمْنَعُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ بِالتَّنَاقُضِ فِي دَعْوَى الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ ادَّعَى حُرِّيَّةَ الْأَصْلِ ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ ، وَلَوْ كَانَتْ الدَّعْوَى شَرْطًا لَكَانَ مَانِعًا لِأَنَّ التَّنَاقُضَ بِعَدَمِ الدَّعْوَى ، وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى فِي عِتْقِ الْأَمَةِ بِمَنْزِلَةِ طَلَاقِ الْمَرْأَةِ ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلِهَذَا كَانَ قُرْبَةً يَتَأَدَّى بِهِ بَعْضُ الْوَاجِبَاتِ فَإِنْ قِيلَ عَلَى

هَذَا وَجَبَ أَنْ تُقْبَلَ فِيهِ شَهَادَةُ الْفَرْدِ لِكَوْنِهِ أَمْرًا دِينِيًّا قُلْنَا فِيهِ إلْزَامٌ ، وَإِنْ كَانَ دِينِيًّا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِحُجَّةٍ تَامَّةٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ الْقُوَّةُ الْحُكْمِيَّةُ لِنَفْسِهِ وَالْقُوَّةُ الْحَقِيقِيَّةُ حَقُّهُ لِأَنَّهُ نَفْسُهُ بِجَمِيعِ مَعَانِيهِ وَأَوْصَافِهِ ، وَالْقُوَّةُ الْحُكْمِيَّةُ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِهَا مَالِكًا لِنَفْسِهِ وَأَكْسَابِهِ ، وَمَالِكِيَّةُ الْأَكْسَابِ حَقُّ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ اخْتِصَاصٍ يَتَمَكَّنُ بِهِ مِنْ إقَامَةِ الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهِ ، وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ ثَمَرَاتُ الْعِتْقِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِهِ ، وَإِنَّمَا الْعِبْرَةُ لِلْمَشْهُودِ بِهِ فَإِذَا كَانَ حَقُّ الْعَبْدِ يَتَوَقَّفُ قَبُولُ الْبَيِّنَةِ فِيهِ عَلَى دَعْوَاهُ ، وَحَقُّ الْعَبْدِ قَدْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهِ ، وَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ كَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ، وَالتَّنَاقُضُ فِيهِ عَفْوٌ لِخَفَائِهِ كَدَعْوَى النَّسَبِ بِخِلَافِ عِتْقِ الْأَمَةِ لِأَنَّهُ تَضَمَّنَ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ ، وَحُرْمَةُ الْفَرْجِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَصَارَ كَطَلَاقِ الْمَنْكُوحَةِ ، وَإِذَا كَانَ الدَّعْوَى شَرْطًا عِنْدَهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ فِي عَيْنِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ الدَّعْوَى مِنْ الْمَجْهُولِ لَا تَصِحُّ فَلَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ فِيهِ ، وَفِي عِتْقِ الْأَمَةِ إنَّمَا قُبِلَتْ لِتَضَمُّنِهَا تَحْرِيمَ الْفَرْجِ ، وَلَيْسَ فِي عِتْقِ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فَتَكُونُ الدَّعْوَى شَرْطًا فِيهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ الْمُبْهَمِ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ فَيَكُونُ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى إجْمَاعًا فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ سُقُوطُ الدَّعْوَى فِي عِتْقِ الْأَمَةِ لِثُبُوتِ حُرْمَةِ فَرْجِهَا عَلَى الْمُعْتِقِ لَمَّا قُبِلَتْ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ وَأُخْتِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَأَمْثَالِهِمَا ، وَعَلَى الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِعَدَمِ تَضَمُّنِ

الْحُرْمَةِ قُلْنَا لَا يَخْلُو عَنْ إثْبَاتِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَقَدْ انْعَقَدَ سَبَبًا لِلْحُرْمَةِ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ بِهِ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَيُنْتَقَصُ بِهِ الْعِدَدُ أَيْضًا ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْحُرْمَةِ وَالْأَمَةُ الْمَجُوسِيَّةُ لَا يُوجِبُ وَطْؤُهَا الْحَدَّ ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْإِحْصَانُ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِهِ ، وَبَعْدَ الْعِتْقِ يُوجِبُ الْحَدَّ ، وَيَسْقُطُ بِهِ إحْصَانُهُ ، وَكَذَا أُخْتُهُ مِنْ الرَّضَاعِ لَا يُوجِبُ وَطْؤُهَا الْحَدَّ مَا دَامَتْ فِي مِلْكِهِ ، وَبُضْعُهَا مَمْلُوكٌ لَهُ حَتَّى يَمْلِكُ تَمْلِيكَهُ ، وَيَمْلِكَ الْعُقْرَ إذَا وَطِئَتْ بِشُبْهَةٍ ، وَلِأَنَّ الْأَمَةَ مُتَّهَمَةٌ فِي تَرْكِهَا الدَّعْوَى أَوْ فِي إنْكَارِهَا لِمَا لَهَا مِنْ الْحَظِّ عِنْدَ الْمَوْلَى فَلَا يُعْتَبَرُ إنْكَارُهَا بِخِلَافِ الْعَبْدِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُتَّهَمًا بِأَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَدٌّ أَوْ قِصَاصٌ فِي طَرَفِهِ فَأَنْكَرَ الْعِتْقَ لَا يُلْتَفَتُ إلَى إنْكَارِهِ ، وَفِي حُزِّيَّةِ الْأَصْلِ قِيلَ لَا يُشْتَرَطُ الدَّعْوَى إجْمَاعًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَحْرِيمَ فَرْجِ الْأُمِّ ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ لِمَا ذَكَرْنَا ، وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ أَوْ شَهِدَا عَلَى تَدْبِيرِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي صِحَّتِهِ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تُقْبَلَ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْعِتْقَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ، وَصِيَّةٌ حَتَّى اُعْتُبِرَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَالتَّدْبِيرُ وَصِيَّةٌ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ ، وَالْخَصْمُ فِي تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ هُوَ الْمُوصِي لِأَنَّ وُجُوبَ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ لِحَقِّهِ ، وَنَفْعُهُ يَعُودُ إلَيْهِ ، وَإِنْكَارُهُ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ سَفَهٌ ، وَهُوَ مَعْلُومٌ ، وَلَهُ خُلْفٌ ، وَهُوَ الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ فَتَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى مِنْ الْخُلْفِ ، وَلِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ يَشِيعُ فِيهِمَا بِالْمَوْتِ حَتَّى يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَتَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَصَارَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَصْمًا مَعْنًى وَلَوْ شَهِدَا

بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي صِحَّتِهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَلَا نَصَّ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا لَا يُقْبَلُ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ لَيْسَ بِوَصِيَّةٍ ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ اعْتِبَارًا لِلشُّيُوعِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ حَرَّرَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ إلَخْ ) فُرُوعٌ شَهِدَ أَنَّهُ حَرَّرَ أَمَةً بِعَيْنِهَا ، وَسَمَّاهَا فَنَسِيَا اسْمَهَا لَا تُقْبَلْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَشْهَدَا بِمَا تَحَمَّلَاهُ ، وَهُوَ عِتْقُ مَعْلُومَةٍ بَلْ مَجْهُولَةٍ ، وَكَذَا الشَّهَادَةُ عَلَى طَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ، وَسَمَّاهَا فَنَسِيَاهَا ، وَعِنْدَ زُفَرَ تُقْبَلُ ، وَيُجْبَرُ عَلَى الْبَيَانِ ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا كَقَوْلِ زُفَرَ فِي هَذِهِ لِأَنَّهَا كَشَهَادَتِهِمَا عَلَى عِتْقِ إحْدَى أَمَتَيْهِ وَطَلَاقِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ، وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ سَالِمًا ، وَلَا يَعْرِفُونَ سَالِمًا ، وَلَهُ عَبْدٌ وَاحِدٌ اسْمُهُ سَالِمٌ عَتَقَ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَعَيِّنًا لِمَا أَوْجَبَهُ ، وَكَوْنُ الشُّهُودِ لَا يَعْرِفُونَ عَيْنَ الْمُسَمَّى لَا يَمْنَعُ قَبُولَ شَهَادَتِهِمْ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِالْعِتْقِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ ، وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْعَبْدَ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدُوا بِبَيْعِهِ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ عَبْدَانِ كُلُّ وَاحِدٍ اسْمُهُ سَالِمٌ ، وَالْمَوْلَى يَجْحَدُ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الدَّعْوَى لِقَبُولِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ ، وَلَا تَتَحَقَّقُ هُنَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا فَصَارَتْ كَمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ الْخِلَافِيَّةِ انْتَهَى قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَا إلَخْ ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ أَوْ طَلَاقٌ مُبْهَمٌ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ إحْدَاهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ ) وَهَذَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُتَضَمِّنٌ لِتَحْرِيمِ الْفَرْجِ ، وَهُوَ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى انْتَهَى ( قَوْلُهُ لَهُمَا أَنَّ الْعِتْقَ ) يَعْنِي حَقَّ اللَّهِ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ لَا تُسْتَرَقَّ الْأَحْرَارُ فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ انْتَهَى أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ الْفَرْجِ ) أَيْ عِنْدَهُ انْتَهَى رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا ) فَصَارَ كَالشَّهَادَةِ عَلَى

عِتْقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ انْتَهَى رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا ) إنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الدَّعْوَى ، وَالدَّعْوَى مِنْ الْمُبْهَمِ لَا تُتَصَوَّرُ انْتَهَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ إلَخْ ) هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا فِي وَصِيَّةٍ انْتَهَى ( قَوْلُهُ أَوْ فِي صِحَّتِهِ تُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا ) ذَكَرَ الِاسْتِحْسَانَ فِي عَتَاقِ الْأَصْلِ ، وَقَالَ لَوْ قَالَا أَيْ الشَّاهِدُ إنْ كَانَ هَذَا عِنْدَ الْمَوْتِ اسْتَحْسَنْت أَنْ أُعْتِقَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفَهُ ، وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُعَادَةِ ، وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ أَحَدُ عَبْدَيَّ هَذَيْنِ حُرٌّ ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ بِذَلِكَ قَالَ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي وَصِيَّةٍ ، وَيَمُوتُ الْقَائِلُ وَيَتْرُكُ وَرَثَةً فَيُنْكِرُونَ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ الشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ فِي الصِّحَّةِ ، وَيُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُوقِعَ الْعِتْقَ عَلَى أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ اعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عِتْقِ الْأَمَةِ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَكَذَا الشَّهَادَة عَلَى طَلَاقِ الْمَرْأَةِ ، وَعَلَى طَلَاقِ إحْدَى النِّسَاءِ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ ، وَالشَّهَادَةُ عَلَى عِتْقِ الْعَبْدِ بِلَا دَعْوَاهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَة خِلَافًا لَهُمَا ، وَكَذَا الْخِلَافُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى عِتْقِ إحْدَى الْأَمَتَيْنِ أَنْتَهَى

( بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمَئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُ بَعْدَهُ بِهِ ) أَيْ إذَا قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَوْمئِذٍ حُرٌّ عَتَقَ مَا يَمْلِكُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ بِدُخُولِ الدَّارِ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ يَوْمئِذٍ إذْ دَخَلْت الدَّارَ فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ وَعَوَّضَهُ التَّنْوِينَ فَاعْتُبِرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عَبْدٌ فَبَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ حَتَّى دَخَلَ عَتَقَ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ فَإِنْ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعْتَقَ بِهَذَا الْيَمِينِ مَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ لِأَنَّهُ مَا أَضَافَ الْعِتْقَ إلَى الْمِلْكِ وَلَا إلَى سَبَبِهِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَمْلِكُهُ قُلْنَا إنْ لَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ صَرِيحًا فَقَدْ وُجِدَتْ دَلَالَةً لِأَنَّ الْمَمْلُوكَ لَا يَكُونُ بِدُونِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَلَكْت مَمْلُوكًا فَهُوَ حُرٌّ وَقْتَ دُخُولِ الدَّارِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِعَبْدِ الْغَيْرِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ حَيْثُ لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّهُ لَمْ تُوجَدْ الْإِضَافَةُ إلَى الْمِلْكِ لَا صَرِيحًا وَلَا دَلَالَةً قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ لَمْ يَقُلْ يَوْمئِذٍ لَا ) أَيْ لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ يَوْمئِذٍ بَلْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ لَا يُعْتَقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ الشَّرْطُ عَلَيْهِ تَأَخَّرَ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ فَيُعْتَقُ إذَا بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُوَ الدُّخُولُ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ الْإِضَافَةِ إلَى الْمِلْكِ أَوْ إلَى سَبَبِهِ وَنَظِيرِهِ مَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ غَدًا لَا يُعْتَقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِمَا قُلْنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ

فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَمْلُوكِ لِلْحَالِ لِأَنَّ أَمْلِكُهُ لِلْحَالِ وَإِنْ قَالَ يَوْمَئِذٍ يَنْصَرِفُ إلَى مَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ دُخُولِ الدَّارِ مَعَ ذَلِكَ لِمَا ذَكَرْنَا

( بَابُ الْحَلِفِ بِالدُّخُولِ ) كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْعِتْقِ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ الرَّازِيّ وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ الْحَلِفُ بِالْكَسْرِ مَصْدَرٌ لَحَلَفَ سَمَاعِيٌّ وَلَهُ مَصْدَرٌ آخَرُ أَعْنِي حِلْفًا بِالْإِسْكَانِ يُقَالُ حَلَفَ حَلِفًا وَحِلْفًا وَتَدْخُلُهُ التَّاءُ لِلْمَرَّةِ كَقَوْلِ الْفَرَزْدَقِ عَلَى حِلْفَةٍ لَا أَشْتُمُ الدَّهْرَ مُسْلِمَا وَلَا خَارِجًا مِنْ فِي زُورُ كَلَامِ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ حَلَفْت لَهَا بِاَللَّهِ حِلْفَةَ فَاجِرٍ لَنَامُوا فَمَا إنْ مِنْ حَدِيثٍ وَلَا صَالِي وَالْمُرَادُ بِالْحَلِفِ بِالْعِتْقِ تَعْلِيقُهُ بِشَرْطٍ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ التَّعْلِيقِ بَعْدَ ذِكْرِ مَسَائِلِ التَّنْجِيزِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ قَاصِرٌ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِأَنَّهُ لَيْسَ سَبَبًا فِي الْحَالِ عِنْدَنَا ا هـ ( قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ قِيَامُ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ إلَى لَفْظِ وَقْتٍ عَنْ لَفْظِ يَوْمٍ فِي قَوْلِهِ فَكَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيَامَ الْمِلْكِ وَقْتَ الدُّخُولِ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ يَوْمٍ يُرَادُ بِهِ الْوَقْتُ لَوْ دَخَلَ لَيْلًا عَتَقَ لِأَنَّهُ أُضِيفَ إلَى فِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ وَهُوَ الدُّخُولُ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّفْظِ إنَّمَا أُضِيفَ إلَى لَفْظِ إذْ الْمُضَافَةِ لِلدُّخُولِ لَكِنَّ مَعْنَى إذْ غَيْرُ مُلَاحَظٍ وَإِلَّا كَانَ الْمُرَادُ بِهِ يَوْمَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَلَى مَعْنَى يَوْمِ الْوَقْتِ الَّذِي فِيهِ الدُّخُولُ تَقْيِيدًا لِلْيَوْمِ بِهِ لَكِنْ إذَا أُرِيدَ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ يَصِيرُ الْمَعْنَى وَقْتَ وَقْتِ الدُّخُولِ وَنَحْنُ نَعْلَمُ مِثْلَهُ كَثِيرًا فِي الِاسْتِعْمَالِ إذْ الْفَصِيحُ كَنَحْوِ { وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ } فَإِنَّهُ لَا يُلَاحَظُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَقْتُ وَقْتٍ يُغْلَبُونَ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ وَلَا يَوْمَ وَقْتِ يَغْلِبُونَ يَفْرَحُونَ وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ فَعُرِفَ أَنَّ لَفْظَةَ إذْ لَمْ تُذْكَرْ إلَّا تَكْثِيرًا لِلْعِوَضِ عَنْ الْجُمْلَةِ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ

عِمَادًا لَهُ أَعْنِي التَّنْوِينَ لِكَوْنِهِ حَرْفًا وَاحِدًا سَاكِنًا تَحْسِينًا وَلَمْ يُلَاحَظْ مَعْنَاهَا وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ فِي أَقْوَالِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ نَظَرٌ فِيهَا ا هـ ( قَوْلُهُ فَبَقِيَ إلَخْ ) وَلَوْ لَمْ يَبْقَ بَلْ بَاعَهُ وَتَجَدَّدَ لَهُ فِيهِ مِلْكٌ يَعْتِقُ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ لَا يَعْتِقُ مِنْ مِلْكِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ ) لِأَنَّهُ أَرْسَلَ الْمِلْكَ إرْسَالًا وَالْمِلْكُ الْمُرْسَلُ يُرَادُ بِهِ الْحَالُ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ مَوْهُومٌ فَلَا يُعْتَبَرُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فِي الْحَالِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ ) قَالَ الرَّازِيّ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ صُدُورِ الْكَلَامِ مِنْهُ لَا مَا يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَالْجَزَاءُ حُرِّيَّةُ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ ) وَوَجْهُ كَوْنِ كُلِّ مَمْلُوكٍ لِي حَالًا أَنَّ الْمُخْتَارَ فِي الْوَصْفِ مِنْ اسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ حَالَ التَّكَلُّمِ بِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ عَلَى وَجْهِ قِيَامِهِ بِهِ أَوْ وُقُوعِهِ عَلَيْهِ وَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِاخْتِصَاصِ مَنْ تَجُرُّ مَعْنَى مُتَعَلِّقِهَا إلَيْهِ بِهِ أَيْ بِمَعْنَى الْمُعْتَقِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ فَلَزِمَ مِنْ التَّرْكِيبِ اخْتِصَاصُ يَاءِ الْمُتَكَلِّمِ بِالْمُتَّصِفِ بِالْمَمْلُوكِيَّةِ لِلْحَالِ وَهِيَ أَثَرُ مِلْكِهِ فَلَزِمَ قِيَامُ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ ضَرُورَةَ اتِّصَافِهِ بِأَثَرِهَا فِي الْحَالِ وَإِلَّا ثَبَتَ الْأَثَرُ بِلَا مُؤَثِّرٍ هَذَا وَيَعْتِقُ بِقَوْلِ الْقَائِلِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ الْعَبِيدُ وَلَوْ مَرْهُونِينَ أَوْ مَأْذُونِينَ أَوْ مُؤَاجَرِينَ وَالْإِمَاءُ وَإِنْ كُنَّ حَوَامِلَ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَالْمُدَبَّرُونَ وَأَوْلَادُهُمْ وَلَا يَدْخُلُ الْمُكَاتَبُ خِلَافًا لِزُفَرَ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مِنْ وَجْهٍ إذْ هُوَ حُرٌّ يَدًا وَلَوْ نَوَى الذُّكُورَ فَقَطْ لَمْ يُصَدَّقْ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فِي عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً مَعَ أَنَّ طَائِفَةً

مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الذُّكُورِ يَعُمُّ النِّسَاءَ حَقِيقَةً وَضْعًا وَلَا يَدْخُلُ الْمَمْلُوكُ الْمُشْتَرَكُ وَلَا الْجَنِينُ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهُمْ وَلَا عَبِيدُ عَبْدِهِ التَّاجِرِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُمْ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَوْ لَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقُوا إذَا نَوَاهُمْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَعْتِقُوا وَلَوْ نَوَاهُمْ وَلَوْ قَالَ عَنَيْت مَا يُسْتَقْبَلُ عَتَقَ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ إذَا مَلَكَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ تَغْيِيرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ لَفْظِهِ فَلَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ فِي إبْطَالِ حُكْمِ الظَّاهِرِ وَاعْتَبَرْنَا اعْتِرَافَهُ لِإِثْبَاتِ الْعِتْقِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ عِتْقَ مَا هُوَ فِي مِلْكِهِ مَعَ هَذِهِ النِّيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَضَاءِ وَفِي الذَّخِيرَةِ قَالَ مَمَالِيكِي كُلُّهُمْ أَحْرَارٌ وَنَوَى الرِّجَالَ دُونَ النِّسَاءِ لَمْ يَذْكُرْهُ وَقَالُوا لَا يُصَدَّقُ دِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي وَنَوَى التَّخْصِيصَ يُصَدَّقُ دِيَانَةً ا هـ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ وَفِي الْوَجْهَيْنِ هُوَ تَخْصِيصُ الْعَامِّ فَالْجَوَابُ أَنَّ كُلَّهُمْ تَأْكِيدٌ لِلْعَامِّ قَبْلَهُ وَهُوَ مَمَالِيكِي لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ وَهُوَ يَرْفَعُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ غَالِبًا وَالتَّخْصِيصُ يُوجِبُ الْمَجَازَ فَلَا يَجُوزُ بِخِلَافِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَإِنَّ الثَّابِتَ بِهِ أَصْلُ الْعُمُومِ فَقَطْ فَقُبِلَ التَّخْصِيصُ ا هـ فَتْحٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْمَمْلُوكُ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ ) أَيْ لَفْظُ الْمَمْلُوكِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ الْحَمْلُ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَ الْمُطْلَقَ وَالْحَمْلُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِلْأُمِّ لَا مَقْصُودًا فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمُطْلَقِ وَلِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْ وَجْهٍ وَاسْمُ الْمَمْلُوكِ يَتَنَاوَلُ الْأَنْفُسَ دُونَ الْأَعْضَاءِ حَتَّى لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَكَانَ لَهُ حَمْلٌ مَمْلُوكٌ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِالْحَمْلِ فَقَطْ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٌ فَهُوَ حُرٌّ وَلَهُ جَارِيَةٌ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ يُعْتَقْ لِمَا ذَكَرْنَا وَكَذَا لَا يَدْخُلُ الْمُكَاتَبُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ حُرٌّ يَدًا وَخَرَجَ مِنْ يَدِ الْمَوْلَى حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْأَرْشَ عَلَى الْمَوْلَى إنْ جَنَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ رِقُّهُ كَامِلًا بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ لِأَنَّ مِلْكَهُمَا كَامِلٌ وَإِنْ كَانَ الرِّقُّ فِيهِمَا نَاقِصًا عَلَى مَا يَجِيءُ فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْمَمْلُوكُ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَمْلَ ) قَالَ الرَّازِيّ حَتَّى لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ غَيْرُك حُرٌّ لَمْ ي يَعْتِقْ حَمْلُهَا ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الْمَمْلُوكَ ) أَيْ بِالْأَصَالَةِ وَالِاسْتِقْلَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْحَمْلُ مَمْلُوكٌ تَبَعًا لِلْأُمِّ ) كَعُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا حَتَّى يَنْتَقِلَ بِانْتِقَالِهَا وَيَتَغَذَّى بِغِذَائِهَا كَمَا يَتَغَذَّى الْعُضْوُ بِهِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا بَلْ تَبَعًا لِلْحَامِلِ وَالدَّلِيلُ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ فِي الشَّرْعِ نَفْسًا مَمْلُوكَةً أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَلَا تَجِبُ صَدَقَةُ فِطْرِهِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي ذَكَرٍ ) قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفَائِدَةُ التَّقْيِيدِ بِالذُّكُورَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ وَلَمْ يَقُلْ ذَكَرٍ تَدْخُلُ الْأُنْثَى فَتَدْخُلُ الْحَامِلُ فَيَعْتِقُ حَمْلُهَا تَبَعًا وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ لَفْظَةَ مَمْلُوكٍ إمَّا لِذَاتٍ مُتَّصِفَةً بِالْمَمْلُوكِيَّةِ وَقَيْدُ التَّذْكِيرِ لَيْسَ جُزْءَ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ التَّأْنِيثُ جُزْءَ مَفْهُومِ مَمْلُوكَةٍ فَيَكُونُ مَمْلُوكٌ أَعَمَّ مِنْ مَمْلُوكَةٍ فَالثَّابِتُ فِيهِ عَدَمُ الدَّلَالَةِ عَلَى التَّأْنِيثِ لَا الدَّلَالَةُ عَلَى عَدَمِ التَّأْنِيثِ وَأَمَّا أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ اسْتَمَرَّ فِيهِ عَلَى الْأَعَمِّيَّةِ فَوَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَدْخُلُ الْمُكَاتَبُ ) يَعْنِي إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ يَعْتِقُ الْمُدَبَّرُونَ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِينَ فَإِنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يَنْوِهِ كَذَا نَصَّ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي ا هـ أَتْقَانِيٌّ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي يَتَنَاوَلُ مَنْ مَلَكَهُ مُنْذُ حَلَفَ فَقَطْ ) يَعْنِي إذَا قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ أَوْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِي فِيهِمَا يَتَنَاوَلُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ وَلَا يَتَنَاوَلُ مَا مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ حَتَّى يُعْتَقَ بَعْدَ غَدٍ أَوْ يَكُونَ مُدَبَّرًا فِي الْحَالِ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يُعْتَقُ وَلَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَكَذَا كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ وَلِهَذَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ وَلِلِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةٍ مِنْ سِينٍ أَوْ سَوْفَ فَيَنْصَرِفُ مُطْلَقُهُ إلَى الْحَالِ فَكَانَ الْجَزَاءُ حُرِّيَّةَ الْمَمْلُوكِ أَوْ تَدْبِيرَ الْمَمْلُوكِ فِي الْحَالِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا يَشْتَرِيه بَعْدَ الْيَمِينِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِمَوْتِهِ عَتَقَ مَنْ مَلَكَ بَعْدَهُ مِنْ ثُلُثِهِ أَيْضًا ) أَيْ يُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَيْضًا وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا يُعْتَقُ مَنْ مَلَكَهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَمْلِكُهُ وَلِهَذَا صَارَ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ مُدَبَّرًا وَلَا يَصِيرُ الْآخَرُ مُدَبَّرًا وَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ بَعْدَ غَدٍ إلَّا مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ الْيَمِينِ وَبِهِ اسْتَدَلَّ عِيسَى حِينَ طَعَنَ عَلَيْهِمَا وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا إيجَابُ عِتْقٍ بِطَرِيقِ الْوَصِيَّةِ حَتَّى اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَكُونُ حَالُ الْمَوْتِ فِيهِمَا مَقْصُودًا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَا يَمْلِكُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَاسْتَحْدَثَ غَيْرَهُ يَتَنَاوَلُهُمَا إذَا بَقِيَا فِي مِلْكِهِ إلَى الْمَوْتِ وَكَذَا

إذَا أَوْصَى لِأَوْلَادِ فُلَانٍ وَلَهُ أَوْلَادٌ وَوُلِدَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْلَادٌ دَخَلَ الْكُلُّ فِي الْوَصِيَّةِ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ قَوْلُهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ يَتَنَاوَلُ الْحَالَ لِمَا مَرَّ فَصَارَ إيجَابًا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَهُوَ أَيْضًا إيصَاءٌ لِمَا ذَكَرْنَا فَيَتَنَاوَلُ مَا يَمْلِكُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لِمَا مَرَّ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ حَالَةُ الْمَوْتِ فَعَمَلنَا بِمُوجِبِهِمَا فَأَعْمَلْنَا الْإِيجَابَ فِي الْمَمْلُوكِ لِلْحَالِ وَأَعْمَلْنَا الْوَصِيَّةَ فِيهِ وَفِي الْمُسْتَحْدَثِ فَإِذَا تَنَاوَلَهُمَا الْإِيجَابُ صَارَ الَّذِي يَمْلِكُهُ وَقْتَ التَّكَلُّمِ دَاخِلًا فِيهِ بِلَا احْتِمَالٍ فَصَارَ مُدَبَّرًا وَاَلَّذِي يَمْلِكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّهُ إنْ بَقِيَ إلَى مَوْتِهِ فِي مِلْكِهِ صَارَ دَاخِلًا فِيهِ بِاعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ وَإِلَّا فَلَا فَصَارَ كَالْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ فَجَازَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ مِلْكِهِ وَمَا بَيْنَهُمَا لَيْسَ حَالَ إيجَابِ الْعِتْقِ وَلَا حَالَ اعْتِبَارِ الْوَصِيَّةِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ لِأَنَّا إنَّمَا أَلْحَقْنَا الْمُسْتَقْبَلَ بِالْحَالِ إذَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِيصَاءُ وَلَمْ يَقُمْ الدَّلِيلُ فِي قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ فَإِنْ قِيلَ قَدْ جَمَعْتُمْ بَيْنَ الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ فَيَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ أَوْ تَعْمِيمُ الْمُشْتَرَكِ عَلَى مَا اخْتَلَفُوا فِي الْفِعْلِ الْمُضَارِعِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ قُلْنَا هَذَا الْكَلَامُ يَتَنَاوَلُ الْمَوْجُودَ حَالَةَ الْإِعْتَاقِ لَكِنَّ حَالَ الْإِعْتَاقِ هُوَ حَالُ التَّكَلُّمِ مِنْ وَجْهٍ وَمِنْ وَجْهٍ حَالُ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَثْبُتُ عِنْدَهُ لَكِنْ بِالْكَلَامِ السَّابِقِ فَصَارَ حَالَةُ الْمَوْتِ وَحَالَةُ التَّكَلُّمِ كَحَالَةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ حَالُ وُجُودِ الْعِلَّةِ فَيَتَنَاوَلُهَا بِاعْتِبَارِهَا أَوْ نَقُولُ هَذَا الْكَلَامُ إيجَابُ عِتْقٍ وَإِيصَاءُ الْإِيجَابِ وَالْإِيجَابُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا إلَى سَبَبِهِ

وَالْوَصِيَّةُ لَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْمَوْجُودِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ سَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا كَانَ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهَذَا كَاخْتِلَافِهِمْ فِي قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا وَنَوَى النَّذْرَ وَالْيَمِينَ فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ يَمْنَعُ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَأَمَّا إذَا نَوَى فَيَتَنَاوَلُ الْكُلَّ لِأَنَّهُ نَوَى التَّشْدِيدَ عَلَى نَفْسِهِ فَيُصَدَّقُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ بَعْدَ غَدٍ ) ظَرْفٌ لِحُرٍّ لَا لِأَمْلِكهُ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِي فِيهِمَا ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي وَفِي قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا سَيَمْلِكُهُ ) قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ ثُمَّ مَاتَ فَاَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ بَلْ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ وَلَوْ لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى مَاتَ عَتَقَا جَمِيعًا مِنْ الثُّلُثِ إنْ خَرَجَا مِنْهُ عَتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَإِنْ ضَاقَ عَنْهُمَا يُضْرَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِقِيمَتِهِ فِيهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَنْ الْكُلِّ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا اسْتَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا يَعْتِقُ مَا كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَبِهِ اسْتَدَلَّ عِيسَى حِينَ طَعَنَ عَلَيْهِمَا ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ وَبِهَذَا الْوَجْهِ طَعَنَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ وَأَوْجَبَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَلَهُ مَمْلُوكٌ فَاشْتَرَى آخَرَ فَاَلَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُدَبَّرٌ وَالْآخَرُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ وَهَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ الْمُعَادَةِ ذَكَرَهَا مُحَمَّدٌ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ قُبَيْلَ بَابِ الْأَشْرِبَةِ وَصُورَتُهَا فِيهِ مُحَمَّدٌ عَنْ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رَجُلٍ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَاشْتَرَى مَمْلُوكًا آخَرَ فَإِنَّ الْمَمْلُوكَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ مُدَبَّرٌ وَالْآخَرُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ وَيَعْتِقَانِ مِنْ الثُّلُثِ وَيَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الثُّلُثِ وَكَذَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي

وَذَكَرَ أَبُو طَاهِرٍ الدَّبَّاسُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا اسْتَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِيجَابِ وَلِهَذَا يَصِيرُ الْأَوَّلُ مُدَبَّرًا وَلَا يَصِيرُ الثَّانِي مُدَبَّرًا قَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْبَزْدَوِيُّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ طَعَنَ فِيهَا عِيسَى بْنُ أَبَانَ فَقَالَ قَوْلُهُ أَمْلِكُهُ يَتَنَاوَلُ الْحَالَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ وَاجِبًا بِهَذَا الْأَصْلِ وَجَبَ أَنْ لَا يَعْتِقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ فَيَكُونُ مَمْلُوكًا يُبَاعُ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ يَتَنَاوَلُ الِاسْتِقْبَالَ لِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِي وَجَبَ أَنْ يَصِيرَ مَا اشْتَرَاهُ مُدَبَّرًا ثُمَّ قَالَ عِيسَى بْنُ أَبَانَ فَالْجَوَابُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ مَنْ كَانَ فِي مِلْكِهِ يَوْمَ حَلَفَ عِنْدَ الْمَوْتِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَمَنْ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ جَازَ بَيْعُهُ وَلَمْ يَعْتِقْ عِنْدَ الْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ غَدًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَهُمَا أَنَّ هَذَا ) أَيْ قَوْلَهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَوْ قَوْلُهُ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ يَتَنَاوَلُ الْحَالَ ) أَيْ وَالْحَالُ نَوْعَانِ رَاهِنَةٌ وَمُتَرَبَّصَةٌ وَهِيَ حَالَةُ الْمَوْتِ وَالْكُلُّ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَصَارَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَمْلِكُهُ فِي الْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَمَا يَمْلِكُهُ حَالَ الْمَوْتِ فَإِذَا تَنَاوَلَهُمَا الْإِيجَابُ صَارَ الَّذِي يَمْلِكُهُ وَقْتَ التَّكَلُّمِ مُرَادًا بِهِ بِلَا احْتِمَالٍ فَصَارَ مُدَبَّرًا فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فَأَمَّا الَّذِي مَلَكَهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ فَإِنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُرَادًا بِهِ لِأَنَّ مَا بَيْنَ حَالِ التَّكَلُّمِ وَحَالِ الْمَوْتِ مُسْتَقْبَلٌ مَحْضٌ لَيْسَ مِنْ الْحَالِ فِي شَيْءٍ فَإِذَا بَاعَهُ فَقَدْ بَاعَهُ قَبْلَ وُجُوبِ حَقِّ الْعِتْقِ فَصَحَّ وَإِذَا لَمْ يَبِعْهُ حَتَّى بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ يَتَنَاوَلُهُ الْإِيجَابُ

حِينَئِذٍ لِكَوْنِهِ وَاقِعًا عَلَى حَالِ الْمَوْتِ فَوَجَبَ لَهُ الْعِتْقُ وَصَارَ مُوصَى لَهُ فَزَاحَمَ الْأَوَّلَ فِي الثُّلُثِ فَوَجَبَ أَنْ يُقْسَمَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي ذَلِكَ بِقِيمَتِهِ كَذَا فِي الْكَافِي قَالَ الْأَتْقَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدِي مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ فِي النَّوَادِرِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُمَا أَرَادَا بِقَوْلِهِ أَمْلِكُهُ الْحَالَةَ الرَّاهِنَةَ وَالْمَحْكِيَّةَ جَمِيعًا وَالْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ حَقِيقَةٌ وَالْمَحْكِيَّةُ مَجَازٌ لِأَنَّ فِي الْمَحْكِيَّةِ لَا يَكْذِبُ وَأَيْضًا لَا تُرَادُ بِلَا قَرِينَةٍ وَذَلِكَ أَمَارَةُ الْمَجَازِ ا هـ { فُرُوعٌ مِنْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ } قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ نُزُولَ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بَعْدَ الشَّرْطِ وَبَعْدَ الْبَيْعِ هُوَ لَيْسَ بِمَمْلُوكٍ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فَاسِدًا فَيَعْتِقُ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ بَعْدَ الْبَيْعِ بَاقٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِتَسْلِيمِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِيَ تَسَلَّمَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَحِينَئِذٍ يَزُولُ مِلْكُهُ بِنَفْسِ الْبَيْعِ فَلَا يَعْتِقُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَحَقِيقَةُ الْوَجْهِ أَنْ يُقَالَ وَقْتُ نُزُولِ الْعِتْقِ هُوَ وَقْتُ زَوَالِ الْمِلْكِ لِأَنَّهُمَا مَعًا يَتَعَقَّبَانِ الْبَيْعَ فَلَا يَثْبُتُ الْعِتْقُ فِي حَالِ زَوَالِ الْمِلْكِ كَمَا لَا يَثْبُتُ فِي حَالِ تَقَرُّرِ زَوَالِهِ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ فَدَخَلَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ الْيَمِينَ انْحَلَّتْ بِالدُّخُولِ الْأَوَّلِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ إذْ لَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ انْحِلَالِ الْيَمِينِ نُزُولُ الْجَزَاءِ وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بَعْدَ الْبَيْعُ حَتَّى اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ عَتَقَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ لِعَدَمِ بُطْلَانِ الْيَمِينِ عِنْدَنَا بِزَوَالِ الْمِلْكِ وَمِثْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ فَدَخَلَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ

اشْتَرَاهُ فَدَخَلَ الْأُخْرَى عَتَقَ لِأَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مَجْمُوعَ أَمْرَيْنِ كَانَ الشَّرْطُ وُجُودَ الْمِلْكِ عِنْدَ آخِرِهِمَا وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الشَّرْطِ مَجْمُوعَ أَمْرَيْنِ اعْتِرَاضُ الشَّرْطِ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا فَبَاعَهُ فَدَخَلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَكَلَّمَ فُلَانًا لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ شَرْطُ الْعِتْقِ لَيْسَ إلَّا الْكَلَامَ غَيْرَ أَنَّهُ عَلَّقَ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ مِنْ شَرْطِ الْكَلَامِ وَجَزَائِهِ الَّذِي هُوَ الْعِتْقُ بِالدُّخُولِ فَالدُّخُولُ شَرْطُ الْيَمِينِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ لَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ الْكَائِنِ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ أَنْتَ حُرٌّ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ كَالْمُنْجَزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَالْيَمِينِ لَا تَنْعَقِدُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَكَلَامُهُ غَيْرُ مَوْقِعٍ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتَى فَبَاعَهُ فَدَخَلَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَمَاتَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّهُ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ بِدُخُولِ الدَّارِ فَيَصِيرُ كَالْمُنْجَزِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ لَمْ يَكُنْ الْمِلْكُ قَائِمًا وَالتَّدْبِيرُ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي الْمِلْكِ أَوْ مُضَافًا وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ التَّدْبِيرُ لَمْ يَعْتِقْ بِمَوْتِهِ وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بَاقِيَهُ فَفَعَلَ مَا عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَيْهِ لَمْ يَعْتِقْ إلًّا نِصْفُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْزِلُ الْمُعَلِّقُ وَالْمُعَلَّقُ كَأَنْ عَتَقَ النِّصْفُ وَالْعِتْقُ يَتَجَزَّأُ عِنْدً أَبِي حَنِيفَةَ فَيَسْعَى فِي قِيمَةِ نِصْفِهِ لِسَيِّدِهِ وَعِنْدَهُمَا يَعْتِقُ كُلُّهُ فَلَا يَسْعَى وَلَوْ كَانَ بَاعَ النِّصْفَ الْأَوَّلَ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَ شَرِيكِهِ ثُمَّ دَخَلَ الدَّارَ لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ النِّصْفُ الْمُبْتَاعُ لَا الْمُسْتَحْدَثُ وَقَدْ وُجِدَ الشَّرْطُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَمَا لَا يَقَعُ فِيهِ الْعِتْقُ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ حِمَارٍ وَقَالَ أَحَدُكُمَا أَوْ قَالَ هَذَا أَوْ هَذَا عَتَقَ عَبْدُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَقَالَا لَا

يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ وَمِثْلُهُ وَأَصْلُهُ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَأُسْطُوَانَةٍ وَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ عَتَقَ عَبْدُهُ لِأَنَّ كَلَامَهُ إيجَابُ الْحُرِّيَّةِ لِلْجَزْمِ وَلَوْ قَالَ هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا لَمْ يَعْتِقْ عَبْدُهُ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَيْسَ بِإِيجَابٍ لَهَا كَقَوْلِهِ هَذَا حُرٌّ أَوْ لَا وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّرْطِ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَشَهِدَ فُلَانٌ وَآخَرُ أَنَّهُ قَدْ دَخَلَ عَتَقَ لِأَنَّ الدُّخُولَ فِعْلُ الْعَبْدِ وَصَاحِبُ الدَّارِ فِي شَهَادَتِهِ بِهِ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فَصَحَّتْ شَهَادَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْته فَشَهِدَ هُوَ وَآخَرُ أَنَّهُ كَلَّمَهُ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ فُلَانًا فِي هَذِهِ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَلَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى الشَّرْطِ فَلَوْ شَهِدَ ابْنَا فُلَانٍ أَنَّهُ كَلَّمَ أَبَاهُمَا فَإِنْ جَحَدَ الْأَبُ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّهَا عَلَى أَبِيهِمَا بِالْكَلَامِ وَعَلَى أَنْفُسِهِمَا بِوُجُودِ الشَّرْطِ وَإِنْ ادَّعَاهُ أَبُوهُمَا فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ هِيَ بَاطِلَةٌ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ هِيَ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمَشْهُودِ بِهِ لِأَبِيهِمَا فَمُحَمَّدٌ يَعْتَبِرُ الْمَنْفَعَةَ لِثُبُوتِ التُّهْمَةِ وَأَبُو يُوسُفَ يَعْتَبِرُ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى وَالْإِمْكَانِ لِأَنَّ بِشَهَادَتِهِمَا يُظْهِرَانِ صِدْقَهُ فِيمَا يَدَّعِيه وَتَقَدَّمَ مِثْلُ هَذِهِ فِي النِّكَاحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بَعْدَ غَدٍ ) حَيْثُ لَا يَدْخُلُ الْمُشْتَرِي تَحْتَ هَذَا اللَّفْظِ لِأَنَّهُ يَتَنَاوَلُ الرَّاهِنَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ سَبَبَيْنِ ) وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِلْعِرَاقِيِّينَ غَيْرُ مَرَضِيٍّ فِي الْأُصُولِ وَإِلَّا لَمْ يَمْتَنِعْ الْجَمْعُ مُطْلَقًا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ خِلَافٌ فِيهِ لِأَنَّ الْجَمْعَ قَطُّ لَا يَكُونُ إلَّا بِاعْتِبَارَيْنِ وَبِالنَّظَرِ إلَى شَيْئَيْنِ ا هـ

{ بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( حَرَّرَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ عَتَقَ ) أَيْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ فَقَبِلَ الْعَبْدُ عَتَقَ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا أَوْ عَلَى أَلْفٍ تُؤَدِّيهَا إلَيَّ أَوْ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا أَوْ عَلَى أَنْ تَجِيئَنِي بِأَلْفٍ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ بِقَبُولِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِقَبُولِ الْمَالِ وَلِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ وَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِقَبُولِ الْعِوَضِ فِي الْحَالِ كَمَا فِي الْبَيْعِ فَإِذَا قَبِلَهُ الْعَبْدُ صَارَ حُرًّا فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ بِقَبُولِهِ وَكَانَتْ ذِمَّتُهُ صَالِحَةً وَقَدْ تَأَكَّدَتْ بِالْعِتْقِ وَجَازَ أَنْ يَجِبَ الْمَالُ بِمِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ بِمُقَابَلَةِ مَا سَقَطَ مِنْ حَقِّ الْمَوْلَى شَيْئًا كَمَا يَجِبُ بِالْخُلْعِ وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا بِإِزَاءِ مَا سَقَطَ مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ وَكَمَا يَجِبُ بِالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَهُوَ دَيْنٌ وَجَبَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ حَتَّى صَحَّتْ الْكَفَالَةُ بِهِ فَلَا يُؤَدِّي إلَى التَّنَافِي بِخِلَافِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ وَجَبَ مَعَ الْمُنَافِي لِأَنَّهُ يَسْعَى وَهُوَ عَبْدٌ وَالْأَصْلُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَوْلَى عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ فَلَمْ يَكُنْ بَدَلُ الْكِتَابَةِ دَيْنًا مُطْلَقًا إذْ الدَّيْنُ مَا لَا يُمْكِنُ الْمَدِينَ الْخُرُوجُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ وَدَيْنُ الْكِتَابَةِ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ بِالْعَجْزِ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ أَنْوَاعَهُ حَتَّى الْحَيَوَانَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْجِنْسِ وَلَا يُبَالَى بِجَهَالَةِ الْوَصْفِ كَالْجُودَةِ وَالرَّدَاءَةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ وَلَا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةُ الْمَالِ بِغَيْرِ الْمَالِ فَشَابَهَ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَإِنَّمَا لَمْ تَمْنَعْ الْجَهَالَةُ الْيَسِيرَةُ مِنْ صِحَّةِ هَذِهِ الْعُقُودِ لِأَنَّهُ

يَجْرِي التَّسَامُحُ فِيهَا فَلَا تَكُونُ مَانِعَةً مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ وَالْفَسَادِ بِاعْتِبَارِهِ وَلِهَذَا لَوْ عَقَدَ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَلَمْ يُجِزْ صَاحِبُهُ تَجِبُ قِيمَتُهُ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ مَعَ أَنَّ الْقِيمَةَ مَجْهُولَةٌ بِخِلَافِ الْبَيْعِ

{ بَابُ الْعِتْقِ عَلَى جُعْلٍ } قَالَ الْكَمَالُ أَخَّرَ هَذَا الْبَابَ عَنْ أَبْوَابِ الْعِتْقِ مُنْجَزِهَا وَمُعَلَّقِهَا كَمَا أَخَّرَ الْخُلْعَ فِي الطَّلَاقِ لِأَنَّ الْمَالَ فِي هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ مِنْ الْإِسْقَاطِ غَيْرُ أَصْلٍ بَلْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ فَأَخَّرَ مَا لَيْسَ بِأَصْلٍ عَمَّا هُوَ أَصْلٌ وَالْجُعَلُ مَا يُجْعَلُ لِلْإِنْسَانِ عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ وَكَذَا الْجَعِيلَةُ وَيُقَالُ الْجَعَالَةُ ضَبْطُهَا بِالْكَسْرِ فِي الصِّحَاحِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ غَرِيبِ الْحَدِيثِ لِلْقِتْبَيَّ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ لِلْفَارَابِيِّ بِالْفَتْحِ فَيَكُونُ فِيهِ وَجْهَانِ ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ مَا لَمْ يُقْبَلْ وَيَقَعُ عَلَى مَجْلِسِهِ ذَلِكَ فَإِنْ قُبِلَ وَقَعَ الْعِتْقُ بِنَفْسِ الْقَبُولِ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا يَقَعُ بِمَجْلِسِ عِلْمِهِ فَإِنْ وُجِدَ الْقَبُولُ صَحَّ وَإِنْ رُدَّ أَوْ أَعْرَضَ عَنْ الْمَجْلِسِ بَطَلَ وَإِنَّمَا يَكُونُ الْإِعْرَاضُ عَنْ الْمَجْلِسِ إمَّا بِالْقِيَامِ أَوْ بِاشْتِغَالِهِ بِعَمَلٍ آخَرَ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَطْعٌ لِمَا قَبْلَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ ) وَلَا يُشْتَرَطُ الْأَدَاءُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَمِنْ قَضِيَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ بِقَبُولِ الْعِوَضِ ) لِأَنَّ الْمَوْلَى يَثْبُتُ مِلْكُهُ فِي الْعِوَضِ الْكَائِنِ مِنْ جِهَةِ الْعَبْدِ بِقَبُولِهِ فَيَلْزَمُ زَوَالُ مِلْكِهِ عَنْ الْمُعَوَّضِ وَإِلَّا اجْتَمَعَ الْعِوَضَانِ فِي مِلْكِهِ ا هـ فَتْحٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ مَا نَصُّهُ أَرَادَ بِهِ الْعِتْقَ هُنَا ا هـ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ ) يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْ الْمَبِيعِ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ قَبْلَ أَدَاءِ الثَّمَنِ ا هـ وَكَمَا إذَا طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْقَبُولِ قَبْلَ أَدَاءِ الْعِوَضِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ

أَنْوَاعَهُ ) أَيْ مِنْ النَّقْدِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَرْضِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلَا بِجَهَالَةِ النَّوْعِ ) لَا بُدَّ مِنْ مَعْلُومِيَّةِ النَّوْعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مِنْهُ الصِّنْفَ فَيَصِحُّ كَلَامُ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِأَدَائِهِ صَارَ مَأْذُونًا ) أَيْ لَوْ عَلَّقَ الْمَوْلَى عِتْقَ الْعَبْدِ بِأَدَاءِ الْعَبْدِ أَوْ بِأَدَاءِ الْمَالِ صَارَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِدَلَالَةِ حَالِهِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ حَثَّهُ عَلَى أَدَاءِ الْمَالِ وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالِاكْتِسَابِ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الِاكْتِسَابَ بِالتَّكَدِّي لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْخَسَاسَةِ فَتُعَيَّنُ التِّجَارَةُ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُعْتَادَةُ وَلَا يَصِيرُ مُكَاتَبًا لِأَنَّ صِيغَتَهُ التَّعْلِيقُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ نَحْوَهُ فَتَعْلِيقُ عِتْقِهِ بِأَدَاءِ الْمَالِ كَتَعْلِيقِهِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَا يَبْطُلُ بِالرَّدِّ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَبِيعَهُ وَالْكِتَابَةُ تُوجِبُ الْمَالَ عَلَى الْعَبْدِ بِالْقَبُولِ فَيَثْبُتُ الْمَالُ لَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لِلْمُكَاتَبِ مِنْ مِلْكِ الْيَدِ وَالْكَسْبِ وَهُنَا لَمْ يَجِبْ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ لِعَدَمِ مِلْكِ الْيَدِ وَالْكَسْبِ ثُمَّ إنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ حَتَّى لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَأَدَّى يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ وَيُعْتَقُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ كَمَا فِي التَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ وَكَمَا إذَا قَالَ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إذَا أَدَّيْت ، وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ الْعَبْدِ لِتَخَيُّرِهِ بَيْن الْأَدَاءِ وَالِامْتِنَاعِ وَلَوْ قَالَ إنْ شِئْت فَأَنْتَ حُرٌّ يَتَوَقَّفُ بِهِ فَكَذَا هَذَا بِخِلَافِ مَتَى وَإِذَا لِأَنَّهُمَا لِلْوَقْتِ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَتَقَ بِالتَّخْلِيَةِ ) وَمَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَحْضَرَ الْمَالَ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْمَوْلَى مِنْ قَبْضِهِ وَخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ وَنَزَّلَهُ قَابِضًا بِذَلِكَ وَحَكَمَ بِعِتْقِ الْعَبْدِ قَبَضَ أَوْ لَا وَهُوَ تَفْسِيرُ

الْإِجْبَارِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمَوْلَى الْقَبُولُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ وَلِهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِ الْعَبْدِ وَلَا يُحْتَمَلُ الْفَسْخُ وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ وَلَا يَصِيرُ الْعَبْدُ أَحَقَّ بِأَكْسَابِهِ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الْمَوْلَى لَا يُعْتَقُ وَلَا يُعْتَبَرُ إبْرَاؤُهُ وَلَوْ تَبَرَّعَ بِهِ غَيْرُهُ وَأَدَّى عَنْهُ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ حَطَّ عَنْهُ الْبَعْضَ بِطَلَبِهِ وَأَدَّى الْبَاقِيَ لَمْ يُعْتَقْ وَلَوْ مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِلْمَوْلَى وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى لَا يُعْتَبَرُ أَدَاؤُهُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَا يَتْبَعُهُ أَوْلَادُهُ فَإِذَا كَانَ تَعْلِيقًا فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْحِنْثِ كَمَا إذَا عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَوْلَى لَمْ يُعْتَقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ أَدَاءٌ مُتَّصِلٌ بِقَبُولِهِ لِمَكَانِ قَوْلِهِ إلَيَّ فَلَا يَتِمُّ بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَحْدَهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ مُعَاوَضَةٌ وَالْبَدَلَ فِيهَا وَاجِبٌ فَاحْتَجْنَا إلَى جَعْلِ الْمَوْلَى قَابِضًا لِيَتَخَلَّصَ عَنْ عُهْدَةِ الْوُجُوبِ وَلَنَا أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ تَعْلِيقٌ وَبِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ مُعَاوَضَةٌ لِأَنَّهُ حَثَّهُ عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالِ وَرَغَّبَهُ فِي الْأَدَاءِ بِمَا جَعَلَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْعِتْقِ وَهَذَا مَعْنَى الْكِتَابَةِ وَهَذَا الْمَالُ عِوَضٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ لَازِمًا وَكَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَمَا تَرَدَّدَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ يُوَفِّرُ حَظَّهُ عَلَيْهِمَا فَوَفَّرْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ التَّعْلِيقِ ابْتِدَاءً فِي حَقِّ تِلْكَ الْأَحْكَامِ رِعَايَةً لِلَّفْظِ وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى وَوَفَّرْنَا عَلَيْهِ حُكْمَ الْكِتَابَةِ فِي الْآخِرَةِ فَأَجْبَرْنَا الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْغُرُورِ عَنْ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَمَّلْ الْمَشَقَّةَ فِي اكْتِسَابِ الْمَالِ إلَّا لِيَنَالَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ نَظِيرَ الْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَإِنَّهُ جُعِلَ هِبَةَ

ابْتِدَاءٍ حَتَّى اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ فِي الْعِوَضَيْنِ وَبَطَلَ بِالشُّيُوعِ وَجُعِلَ تَبَعًا انْتِهَاءً حَتَّى يُرَدَّ بِخِيَارِ الْعَيْبِ وَالرُّؤْيَةِ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ لَكِنَّهُ لَمْ يُعْتَقْ مَا لَمْ يُؤَدِّ الْكُلَّ لِعَدَمِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ فَيُعْتَبَرُ فِيهَا الْإِبْرَاءُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مَبْسُوطِهِ أَنَّ الْمَوْلَى لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِ الْبَعْضِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْمُكَاتَبِ إذَا كَانَ يُعْتَقُ بِالْأَدَاءِ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يُجْعَلُ مُعَاوَضَةً وَكِلَاهُمَا مَالُ الْمَوْلَى لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا ثَبَتَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّهُ كَالْكِتَابَةِ ثَبَتَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ اقْتِضَاءً وَكَانَ أَحَقَّ بِإِكْسَابِهِ وَصَارَ كَمَا إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ الْمَالِ وَلَوْ أَدَّاهُ عَتَقَ ثُمَّ إذَا أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا بَعْدَ التَّعْلِيقِ عَتَقَ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ بِالْأَدَاءِ مِنْهُ وَإِنْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ وَإِنْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ أَدَّى مَغْصُوبًا فَاسْتَحَقَّ ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَالُ مَعْلُومًا وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا بِأَنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ دَرَاهِمَ فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ لِأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَهَالَةِ لَا تَكُونُ فِي الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ يَمِينًا مَحْضًا وَلَا جَبْرَ فِيهَا

قَوْلُهُ أَوْ بِأَدَاءِ الْمَالِ ) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَدَائِهِ يَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْعَبْدِ وَيَصِحُّ أَنْ يَرْجِعَ لِلْمَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ صَارَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ) وَإِنَّمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِأَدَاءِ الْمَالِ لِأَنَّ الْعِتْقَ إسْقَاطُ حَقِّ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ لَزِمَهُ السِّعَايَةُ وَمَا كَانَ فِيهِ مَعْنَى الْمَالِ جَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ عَنْهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ الِاكْتِسَابَ بِالتَّكَدِّي لِأَنَّهُ أَمَارَةُ الْخَسَاسَةِ ) أَيْ فَيَلْحَقُ الْمَوْلَى عَارُهَا لَكِنَّهُ لَوْ اكْتَسَبَ مِنْهُ فَأَدَّى عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَكَمَا إذَا قَالَ مَتَى أَدَّيْت أَوْ إذَا أَدَّيْت ) فَرْعٌ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي الشُّفْعَةِ فِي بَابِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ إذَا اخْتَلَفَ الْمَوْلَى مَعَ عَبْدِهِ فَقَالَ الْمَوْلَى قُلْت لَك إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَيْنِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَقَالَ الْعَبْدُ قُلْت إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَإِنَّ الْبَيِّنَةَ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ وَتَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا بَيَّنَّا فِي الطَّلَاقِ ) فَيَعُمَّانِ الْأَوْقَاتِ كُلَّهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَنَزَلَهُ قَابِضًا بِذَلِكَ ) أَيْ بِالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِحَيْثُ لَوْ مَدَّ يَدَهُ أَخَذَهُ وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى نِسْبَةِ الْإِجْبَارِ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهُ قَدْ قَبَضَ هَذَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ صَحِيحًا أَمَّا إذَا كَانَ خَمْرًا أَوْ مَجْهُولًا لَا جَهَالَةً فَاحِشَةً كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ كَذَا خَمْرًا أَوْ ثَوْبًا فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَدَّى ذَلِكَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِمَا أَيْ لَا يَنْزِلُ قَابِضًا إلَّا إنْ أَخَذَهُ مُخْتَارًا وَأَمَّا عَدَمُ الْعِتْقِ فِي قَوْلِهِ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَحَجَجْت بِهَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِشَيْئَيْنِ الْمَالِ وَالْحَجِّ فَلَا يَعْتِقُ بِمُجَرَّدِ الْمَالِ لِبُطْلَانِ مَعْنَى

الْمُعَاوَضَةِ وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا أَحُجُّ بِهَا يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّ الْأَدَاءَ تَمَامُ الشَّرْطِ وَالْحَجُّ وَقَعَ مَشُورَةً ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ تَفْسِيرُ الْإِجْبَارِ فِي سَائِرِ الْحُقُوقِ ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَبَدَلِ الْإِجَارَةِ وَغَيْرِهَا اِ هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمَعْنَى الْإِجْبَارِ فِيهِ وَفِي سَائِرِ الْحُقُوقِ أَنَّهُ يَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ) أَيْ لَا يَنْزِلُ قَابِضًا بِالتَّخْلِيَةِ بَلْ إنْ أَخَذَهُ كَانَ قَابِضًا وَعَتَقَ الْعَبْدُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ ) وَإِذَا كَانَ يَمِينًا فَلَا إجْبَارَ عَلَى مُبَاشَرَةِ شُرُوطِ الْأَيْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اسْتِحْقَاقَ قَبْلَ الشَّرْطِ بَلْ بِالشَّرْطِ وَلَا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى أَنْ يُبَاشِرَ سَبَبًا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ طَلَّقَهَا بِهَذِهِ الصِّفَةِ ) كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَأَنْتِ طَالِقٌ حَتَّى وَقَعَ بَائِنًا ا هـ ( قَوْلُهُ رِعَايَةً لِلَّفْظِ ) أَيْ لِلَفْظِ الْمَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ فَأَجْبَرْنَا الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ ) أَيْ إذَا أَدَّى الْعَبْدُ الْمَالَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى الْبَعْضَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ إلَخْ ) قَالَ فِي الزِّيَادَاتِ لَوْ قَالَ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَجَاءَ بِبَعْضِ الْأَلْفِ أُجْبِرَ الْمَوْلَى عَلَى قَبُولِهِ لِأَنَّ هَذَا جُزْءٌ مِنْ جُمْلَةٍ هِيَ عِوَضٌ عِنْدَ الْأَدَاءِ فَصَارَ لِلْبَعْضِ حُكْمُ الْأَعْوَاضِ أَيْضًا كَقَبْضِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ وَبَعْضِ الثَّمَنِ فَإِنَّ أَدَاءَ بَعْضِ الثَّمَنِ لَا يُوجِبُ قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَكَذَلِكَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نُجْبِرْهُ لَكَلَّفْنَا الْمُؤَدِّيَ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ وَهُوَ أَدَاءُ جَمِيعِ الْبَدَلِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَقَالَ فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَلَوْ أَتَى الْعَبْدُ بِخَمْسِمِائَةٍ فَالْقِيَاسُ عَلَى أَنْ لَا يُجْبَرَ لِأَنَّهُ لَا يَعْتِقُ بِقَبُولِ هَذَا وَهُوَ

قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُجْبَرُ عَلَى الْقَبُولِ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَدَّى أَلْفًا اكْتَسَبَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ ) أَيْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَعَتَقَ ا هـ هِدَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِأَلْفٍ فَالْقَبُولُ بَعْدَ مَوْتِهِ ) لِأَنَّ إيجَابَ الْعِتْقِ أُضِيفَ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَا يُعْتَبَرُ وُجُودُ الْقَبُولِ قَبْلَ وُجُودِ الْإِيجَابِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَشِيئَتُهَا قَبْلَ غَدٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ حَيْثُ يَكُونُ الْقَبُولُ إلَيْهِ فِي الْحَالِ لِأَنَّ إيجَابَ التَّدْبِيرِ فِي الْحَالِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ لِأَنَّ الرِّقَّ قَائِمٌ وَالْمَوْلَى لَا يَسْتَوْجِبُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مُكَاتَبًا فَسَقَطَ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ حَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الرِّقَّ قَدْ زَالَ فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَجِبْ الْمَالُ فَمَا فَائِدَةُ الْقَبُولِ قُلْنَا فَائِدَتُهُ أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا لِوُجُودِ الشَّرْطِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ مُعَلَّقٌ بِقَبُولِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مَا لَمْ يَقْبَلْ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَ مَوْتِي فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ فِيهِ فِي الْحَالِ فَإِذَا قَبِلَ صَارَ مُدَبَّرًا وَلَا يَجِبُ الْمَالُ لِمَا ذَكَرْنَا وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إنْ شِئْتِ فَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا فَالْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ غَدًا إنْ شِئْت حَيْثُ تَكُونُ الْمَشِيئَةُ فِيهِ فِي غَدٍ لِمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْغَدِ فِيهِمَا لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَوَقَّفَ عَلَى مَجِيءِ الْغَدِ فِيهِمَا فَكَذَا الْمَشِيئَةُ وَقَالَ زُفَرُ الْمَشِيئَةُ فِي الْحَالِ فِيهِمَا إذْ لَا فَرْقَ فِي الْأَيْمَانِ بَيْنَ تَقْدِيمِ الْمَشِيئَةِ وَتَأْخِيرِهَا وَلَوْ قَدَّمَ الْمَشِيئَةَ تُعْتَبَرُ الْمَشِيئَةَ فِي الْحَالِ إجْمَاعًا فَكَذَا إذَا أَخَّرَ ثُمَّ قَالُوا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا يُعْتَقُ وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَا لَمْ يَعْتِقْهُ الْوَارِثُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْعِتْقِ وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ

بِمُعَلَّقٍ بِالْمَوْتِ وَفِي مِثْلِهِ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِنَفْسِ الْمَوْتِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إعْتَاقُ أَحَدٍ فَإِنْ قِيلَ أَهْلِيَّةُ الْمُعَلَّقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ أَوْ الْعَتَاقَ بِشَرْطٍ ثُمَّ جُنَّ وَوُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُنَا مِثْلَهُ قُلْنَا نَعَمْ إذَا كَانَ مِلْكُ الْمُعَلَّقِ قَائِمًا وَقْتَ وُجُودِ الشَّرْطِ وَهُنَا خَرَجَ مِلْكُهُ وَبَقِيَ لِلْوَارِثِ وَمَتَى خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقَعُ بِوُجُودِ الشَّرْطِ مَعَ وُجُودِ الْأَهْلِيَّةِ فَمَا ظَنُّك عِنْدَ عَدَمِهَا وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَأَخَّرَ الْعِتْقُ عَنْ الْمَوْتِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُوصَى بِعِتْقِهِ وَذَلِكَ لَا يُعْتَقُ إلَّا بِإِعْتَاقِ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ أَوْ الْقَاضِي فَكَذَا هَذَا( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إيجَابٌ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ لِأَنَّ إيجَابَ إلَخْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ حَرَّرَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ سَنَةً فَقَبِلَ عَتَقَ ) يَعْنِي مِنْ سَاعَتِهِ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ عَلَى الشَّيْءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ وُجُودُ الْقَبُولِ لَا وُجُودُ الْمَقْبُولِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولُ لَهُ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ تَخْدُمَنِي وَأَمَّا إذَا قَالَ إنْ خَدَمْتنِي كَذَا مُدَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ لَا يُعْتَقُ حَتَّى يَخْدُمَهُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِشَرْطٍ وَالْأَوَّلُ مُعَاوَضَةٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَخَدَمَهُ ) لِأَنَّهُ سَلَّمَ لَهُ الْمُبْدَلَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْبَدَلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ مَاتَ تَجِبُ قِيمَتُهُ ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدُ تَجِبُ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ وَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْعَبْدَ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ قِيمَةُ الْخِدْمَةِ فِي الْمُدَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوَّلًا وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِيَّةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا إذَا بَاعَ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ بِجَارِيَةٍ أَوْ أَعْتَقَهُ عَلَيْهَا ثُمَّ هَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اسْتَحَقَّتْ يَرْجِعُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ بِقِيمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَبِقِيمَةِ الْجَارِيَةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى هَذَا لَوْ أَعْتَقَ ذِمِّيٌّ عَبْدَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي الذِّمَّةِ فَأَسْلَمَ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ لَهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِغَيْرِ مَالٍ لِأَنَّ نَفْسَ الْعَبْدِ لَيْسَتْ بِمَالٍ فِي حَقِّهِ إذْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لَا بِقِيمَةِ الْبِضْعِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَكَذَا الْمَنَافِعُ صَارَتْ مَالًا بِإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَصَارَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَبَاهُ بِأَمَةٍ فَهَلَكَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْأَبِ لَا بِقِيمَةِ الْأَمَةِ وَعَلَى

هَذَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا إلَى سَنَةٍ بِعَبْدٍ فَقَبَضَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ ثُمَّ انْهَدَمَتْ الدَّارُ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَكَذَا هَذَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَصِيرُ مَالًا بِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَلِهَذَا يَجُوزُ التَّزْوِيجُ عَلَى مَنَافِعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا وَسَوَّى هُنَا بَيْنَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَالْعَبْدِ وَطَعَنَ عِيسَى وَقَالَ هَذَا غَلَطٌ يَعْنِي فِيمَا إذَا مَاتَ الْمَوْلَى بَلْ تَأْخُذُهُ وَرَثَتُهُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ الْخِدْمَةِ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَيَخْلُفُهُ وَارِثُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَاسْتَوْفَى بَعْضَهَا وَمَاتَ وَلَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ تَقُولُ النَّاسُ يَتَفَاوَتُونَ فِي الْخِدْمَةِ وَكَانَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ خِدْمَةَ الْمَوْلَى فَيَفُوتُ ذَلِكَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى كَمَا يَفُوتُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ إنَّ هَذَا الْعُذْرَ لَيْسَ بِقَوِيٍّ فَإِنَّ الْخِدْمَةَ عِبَارَةٌ عَنْ خِدْمَةِ الْبَيْتِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بَيْنَ النَّاسِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا فَلَا تَفُوتُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنْ نَقُولَ الْخِدْمَةُ عِبَارَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ لَا تُورَثُ فَلَا يُمْكِنُ إبْقَاءُ عَيْنِ الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ نَفْسِهِ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ وَفِي قَوْلِهِ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهَا نَظَرٌ فَإِنَّ خِدْمَةَ الْفُقَرَاءِ أَسْهَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ وَخِدْمَةَ الشَّيْخِ أَصْعَبُ مِنْ خِدْمَةِ الشَّابِّ وَقَدْ يَكُونُونَ كَثِيرِينَ فَخِدْمَةُ الْوَاحِدِ أَسْهَلُ مِنْ خِدْمَةِ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا ظَاهِرٌ

( قَوْلُهُ لَوْ مَاتَ الْمَوْلَى أَوْ الْعَبْدُ ) أَيْ قَبْلَ الْخِدْمَةِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ لَهُ أَنَّهُ مُعَاوَضَةُ مَالٍ ) أَيْ وَهُوَ الْخِدْمَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ إذْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ ) أَيْ وَقَدْ حَصَلَ الْعَجْزُ عَنْ تَسْلِيمِ الْخِدْمَةِ بِمَوْتِهِ فَوَجَبَ تَسْلِيمُ قِيمَتِهَا ا هـ قَوْلُهُ وَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ قِيمَةَ نَفْسِهِ ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِمَا ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ ) أَيْ الَّتِي هِيَ الْخِدْمَةُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ قَالَ أَعْتِقْهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَفَعَلَ فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَتَقَتْ مَجَّانًا ) لِأَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَوَقَعَ الْعِتْقُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ حَقَّقْنَاهُ فِي عِتْقِ الْحَمْلِ وَقَوْلُهُ أَعْتِقْهَا بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ لَفْظَةِ عَلَيَّ قَبْلَ قَوْلِهِ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا وَهَكَذَا ذُكِرَ فِي عَامَّةِ نُسَخِ الْهِدَايَةِ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْحَقُّ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فِي الطَّلَاقِ جَائِزٌ وَفِي الْعَتَاقِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَكُونُ اشْتِرَاطًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ إلَّا إذَا قَالَ عَلَيَّ فَيَكُونُ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ أَعْتِقْ أَمَتَك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ زَادَ عَنِّي قَسَّمَ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَتِهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا وَيَجِبُ مَا أَصَابَ الْقِيمَةَ فَقَطْ ) أَيْ وَلَوْ زَادَ لَفْظَةَ عَنِّي وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا بِأَنْ قَالَ أَعْتِقْ أَمَتَك عَنِّي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ قُسِّمَتْ الْأَلْفُ عَلَى قِيمَتِهَا وَعَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ الْقِيمَةَ أَدَّاهُ الْآمِرُ وَمَا أَصَابَ الْمَهْرَ سَقَطَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ عَنِّي تَضَمَّنَ الشِّرَاءَ اقْتِضَاءً عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي آخِرِ بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالرَّقَبَةِ شِرَاءً وَبِالْبِضْعِ نِكَاحًا فَانْقَسَمَ عَلَيْهِمَا وَوَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّةُ مَا سُلِّمَ لَهُ وَهُوَ الرَّقَبَةُ وَبَطَلَ عَنْهُ حِصَّةُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ لَهُ وَهُوَ الْبِضْعُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِ النِّكَاحِ لِأَنَّهُ مُقْتَضٍ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ عَنْهُ فَيَكُونُ مُدْرَجًا فِيهِ فَلَا يُرَاعَى فِيهِ شَرَائِطُهُ بَلْ شَرَائِطُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ فَلِهَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْأَلْفِ

الْمُسَمَّى وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وَلَوْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا أَصَابَ قِيمَتَهَا سَقَطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ وَهُوَ لِلْمَوْلَى فِي الْوَجْهِ الثَّانِي وَمَا أَصَابَ مَهْرَ مِثْلِهَا كَانَ مَهْرًا لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالرَّقَبَةِ وَالْبِضْعِ فَيَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ عِوَضُ مَا سَلَّمَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ وَلَوْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَهُ نَفْسَهَا فَزَوَّجَتْهُ نَفْسَهَا كَانَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَيْسَ بِمَالٍ فَلَا يَصْلُحُ مَهْرًا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَجُوزُ جَعْلُ الْعِتْقِ صَدَاقًا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَعْتَقَ صَفِيَّةَ وَنَكَحَهَا وَجَعَلَ عِتْقَهَا مَهْرَهَا } قُلْنَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِالنِّكَاحِ بِغَيْرِ مَهْرٍ فَإِنْ أَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَعَلَيْهَا قِيمَتُهَا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَتْ الْمَرْأَةُ عَبْدًا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ فَعَلَ فَلَهَا مَهْرُهَا وَإِنْ أَبَى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَأَبَتْ الزَّوْجَةُ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ عَتَقَتْ مَجَّانًا ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ لَا تُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى التَّزْوِيجِ بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً مَالِكَةً أَمْرَ نَفْسِهَا ا هـ قَالَ الْكَمَالُ فَإِذَا أُعْتِقَ فَإِمَّا أَنْ تَتَزَوَّجَهُ أَوْ لَا وَلَا يَلْزَمُهَا تَزَوُّجُهُ لِأَنَّهَا مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ فَإِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ شَيْءٌ أَصْلًا لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَمْرُهُ الْمُخَاطَبِ بِإِعْتَاقِهِ أَمَتَهُ وَتَزْوِيجِهَا مِنْهُ عَلَى عِوَضِ أَلْفٍ مَشْرُوطَةٍ عَلَيْهِ عَنْهَا وَعَنْ مَهْرِهَا فَلَمَّا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ بَطَلَتْ عَنْهُ حِصَّةُ الْمَهْرِ مِنْهَا وَأَمَّا حِصَّتُهُ الْعِتْقُ فَبَاطِلَةٌ إذْ لَا يَصِحُّ اشْتِرَاطُ بَدَلِ الْعِتْقِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الْخُلْعِ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِيهِ كَالْمَرْأَةِ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا مِلْكٌ مَا لَمْ تَكُنْ تَمْلِكُهُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ فِيهِ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ هِيَ مِلْكُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْإِجَارَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الشَّهَادَاتِ وَالْقَضَاءِ وَلَا يَجِبُ الْعِوَضُ إلَّا عَلَى مَنْ حَصَلَ لَهُ الْمُعَوِّضُ فَإِنْ تَزَوَّجَتْهُ قَسَّمَتْ الْأَلْفَ عَلَى قِيمَتِهَا وَمَهْرِ مِثْلِهَا فَمَا أَصَابَ قِيمَتَهَا سَقَطَ عَنْهُ وَمَا أَصَابَ مَهْرَهَا وَجَبَ لَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ اسْتَوَيَا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَهْرُهَا مِائَةً أَوْ كَانَ قِيمَتُهَا أَلْفًا وَمَهْرُهَا أَلْفًا سَقَطَ عَنْهُ خَمْسُمِائَةٍ وَوَجَبَ لَهَا خَمْسُمِائَةٍ عَلَيْهِ وَإِنْ تَفَاوَتَا بِأَنْ كَانَ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ أَوْ أَلْفَيْنِ وَمَهْرُهَا مِائَةً أَوْ أَلْفًا سَقَطَ عَنْهُ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَوَجَبَ لَهَا ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ا هـ ( فَرْعٌ ) رَجُلٌ قَالَ لِآخَرَ أَعْتِقْ أَمَتَك هَذِهِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِيهَا فَأَعْتَقَهَا فَأَبَتْ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَالْعِتْقُ وَاقِعٌ مِنْ الْمَالِكِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَلَى أَلْفِ

دِرْهَمٍ عَلَيَّ فَفَعَلَ لَا شَيْءَ عَلَى الْآمِرِ وَيَقَعُ الْعِتْقُ عَنْ الْمَأْمُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقْ امْرَأَتَك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَيَّ فَفَعَلَ لَزِمَ الْأَلْفُ عَلَى الْآمِرِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْبَدَلِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ يَجُوزُ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الْعَتَاقِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي الطَّلَاقِ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي بَابِ الطَّلَاقِ كَالْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ لَهُمَا بِالطَّلَاقِ إذْ الثَّابِتُ بِهِ سُقُوطُ مِلْكِ الزَّوْجِ لَا غَيْرُ فَكَمَا جَازَ الْتِزَامُ الْمَرْأَةِ بِالْمَالِ فَكَذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ بِخِلَافِ الْعَتَاقِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْعَبْدِ بِالْإِعْتَاقِ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَانَ الْبَدَلُ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ وَلَيْسَ الْأَجْنَبِيُّ كَالْعَبْدِ حَتَّى لَا يَثْبُتَ لَهُ بِهِ شَيْءٌ أَصْلًا فَكَانَ اشْتِرَاطُ الْبَدَلِ عَلَيْهِ كَاشْتِرَاطِ الثَّمَنِ عَلَى غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ) أَيْ نُسَخِ الْهِدَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ عَنِّي تَضَمَّنَ الشِّرَاءُ اقْتِضَاءً ) لَكِنَّهُ ضَمَّ إلَى رَقَبَتِهَا تَزْوِيجَهَا وَقَابَلَ الْمَجْمُوعَ بِعِوَضِ أَلْفٍ فَانْقَسَمَتْ عَلَيْهَا بِالْحِصَّةِ وَكَانَ هَذَا كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ عَبْدِهِ وَمُدَبَّرِهِ فِي الْبَيْعِ بِأَلْفٍ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَنْقَسِمُ عَلَى قِيمَتِهِمَا فَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْمُدَبَّرِ سَقَطَ وَمَا أَصَابَ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَجَبَ ثَمَنًا بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِكَوْنِهِ مَالًا ثُمَّ خُرُوجِهِ بِاسْتِحْقَاقِهِ نَفْسَهُ وَمَانِعُ الْبِضْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا لَكِنْ أَخَذَتْ حُكْمَ الْمَالِ لِأَنَّهَا مُقَوَّمَةٌ حَالَةَ الدُّخُولِ وَإِيرَادِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ الْبَيْعُ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ فَإِنْ قِيلَ إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فَسَادُ الْبَيْعِ مِنْ جِهَةِ مَا لَيْسَ بِمَالٍ إلَى مَا هُوَ مَالٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ لِأَنَّهُ إدْخَالُ صَفْقَةٍ فِي

صَفْقَةٍ وَإِذَا فَسَدَ وَجَبَ إمَّا عَدَمُ وُقُوعِ الْعِتْقِ لِأَنَّهُ مِنْ جِهَةِ الْآمِرِ وَلَمْ يَقْبِضْهَا وَالْمَبِيعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا يُمْلَكُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَا عِتْقَ فِيمَا لَمْ يُمْلَكْ وَإِمَّا وُجُوبُ كُلِّ الْقِيمَةِ لِلْمَأْمُورِ إنْ اُعْتُبِرَ قَبْضُهَا نَفْسَهَا بِالْعِتْقِ قَبْضًا لِلْمَوْلَى وَإِنْ ضَعُفَ فَيُكْتَفَى بِهِ لِأَنَّ الْقِيمَةَ حَيْثُ وَجَبَتْ بِالْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَجَبَتْ كُلُّهَا أُجِيبَ بِأَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ وَالنِّكَاحُ وَقَعَ مُدْرَجًا فِي الْبَيْعِ ضِمْنَا لَهُ فَلَا يُرَاعَى مِنْ حَيْثُ هُوَ مُسْتَقِلًّا وَلَا يَفْسُدُ بِهِ وَلَا يَخْفَى إنَّهُ يُمْكِنُ ادِّعَاؤُهُ فِي كُلِّ صَفْقَةٍ فِي صَفْقَةٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمُفْسِدَاتِ ا هـ ( قَوْلُهُ بَلْ شَرَائِطُ الْمُقْتَضِي وَهُوَ الْعِتْقُ ) فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ سَقَطَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عَنِّي ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ لِلْمَوْلَى فِي الْوَجْهِ الثَّانِي ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا قَالَ عَنِّي ا هـ ( قَوْلُهُ كَانَ مَهْرًا لَهَا فِي الْوَجْهَيْنِ ) أَيْ فِيمَا إذَا قَالَ عَنِّي أَوْ لَمْ يَقُلْ ا هـ

{ بَابُ التَّدْبِيرِ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( هُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ ) أَيْ مَوْتِ الْمَوْلَى هَذَا فِي الشَّرِيعَةِ وَفِي الْمَبْسُوطِ التَّدْبِيرُ عِبَارَةٌ عَنْ الْعِتْقِ الْمُوَقَّعِ فِي الْمَمْلُوكِ بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ الْمُقَيَّدُ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ مَرَضِ كَذَا وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِمُطْلَقٍ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى وَالتَّدْبِيرُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُمِّ الْوَلَدِ { فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ } وَفِي اللُّغَةِ التَّدْبِيرُ هُوَ النَّظَرُ فِيمَا يَئُولُ إلَيْهِ عَاقِبَتُهُ وَدَبِرَ الرَّجُلُ إذَا وَلَّى فَكَأَنَّهُ مِنْ دُبُرِ الْحَيَاةِ أَوْ مِنْ التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ دَبَّرَ نَفْسَهُ فِيهِ حَيْثُ اسْتَخْدَمَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ وَفَاتِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ أَوْ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ دَبَرْتُك ) أَيْ كَقَوْلِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ إلَخْ وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِلتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عِتْقَهُ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ فَيَصِيرُ بِهِ مُدَبَّرًا لِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِ وَيَوْمٌ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا وَلَوْ نَوَى النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَمُوتَ بِاللَّيْلِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك بَعْدَ مَوْتِي أَوْ أَنْتَ عَتِيقٌ أَوْ مُعْتَقٌ أَوْ مُحَرَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَلْفَاظِ الْعِتْقِ وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ وَكَذَا إذَا قَالَ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ عَادَةً وَكَذَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ مَعَ مَوْتِي لِأَنَّ اقْتِرَانَ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ يَقْتَضِي وُجُودَهُ مَعَهُ

فَكَانَ إثْبَاتًا لِلْعِتْقِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَوْتِ وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي مَوْتِي لِأَنَّ حَرْفَ الظَّرْفِ إذَا دَخَلَ عَلَى الْفِعْلِ يَصِيرُ شَرْطًا كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ فِي دُخُولِك الدَّارَ وَكَذَا إذَا ذَكَرَ مَكَانَ الْمَوْتِ الْوَفَاةَ أَوْ الْهَلَاكَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَاهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِأَنَّهَا صَرَائِحُ فِيهِ وَتَكُونُ مُطْلَقَةً لِعَدَمِ تَقْيِيدِهِ عَلَى صِفَةٍ فَحَاصِلُهُ أَنَّ أَلْفَاظَهُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ أَحَدُهَا أَنْ يُصَرِّحَ بِالتَّدْبِيرِ بِأَنْ يَقُولَ دَبَّرْتُك أَوْ يُضِيفُ الْحُرِّيَّةَ إلَى مَا بَعْدَ مَوْتِهِ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنْتِ مُدَبَّرٌ بَعْدَ مَوْتِي يَصِيرُ مُدَبَّرًا لِلْحَالِ لِأَنَّ الْمُدَبَّرَ اسْمٌ لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَصَارَ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْقُرْآنِ بِالْمَوْتِ أَوْ التَّعْلِيقِ بِهِ ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك بِرَقَبَتِك أَوْ بِعِتْقِك لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَصِيَّةً بِالْعِتْقِ وَكَذَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ فَكَانَ مُوصٍ لَهُ بِثُلُثِ رَقَبَتِهِ وَهُوَ تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَمْلِيكُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ إعْتَاقٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي

لَمَّا فَرَغَ عَنْ الْعِتْقِ الْوَاقِعِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ شَرَعَ فِي الْعِتْقِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَتْلُو الْحَيَاةَ وَالتَّدْبِيرُ فِي اللُّغَةِ هُوَ النَّظَرُ فِي عَاقِبَةِ الْأَمْرِ وَكَأَنَّ الْمَوْلَى لَمَّا نَظَرَ فِي عَاقِبَةِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ عَاقِبَتِهِ أَخْرَجَ عَبْدَهُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بَعْدَهُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ ) أَيْ وَهُوَ تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ الشَّيْخُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى ) وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُوَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ تَعْرِيفًا لِلتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ فَقَطْ لَا لِلشَّامِلِ لَهُ وَلِلْمُقَيَّدِ كَمَا اقْتَضَتْهُ عِبَارَةُ الْمَبْسُوطِ لَكِنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ لِأَنَّ الثَّانِيَ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُدَبَّرُ الْمُقَيَّدُ لَعَلَّهُ يُرِيدُ بِهِ بَعْضَ أَفْرَادِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي فِي أَلْفَاظِ الْمُقَيَّدِ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْمَبْسُوطِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ وَقَدْ نُقِلَتْ عِبَارَتُهُ بِحُرُوفِهَا فِيمَا سَيَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالتَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ وَتَعْرِيفُ صَاحِبِ الْمَبْسُوطِ شَامِلٌ لِلْمُطْلَقِ وَلِبَعْضِ أَفْرَادِ الْمُقَيَّدِ لَا لِكُلِّ أَفْرَادِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ( قَوْلُهُ أَوْ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الدُّبُرُ بِضَمَّتَيْنِ وَسُكُونِ الْبَاءِ تَخْفِيفٌ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَمِنْهُ يُقَالُ لِآخِرِ الْأَمْرِ دُبُرٌ وَأَصْلُهُ مَا أَدْبَرَ عَنْهُ الْإِنْسَانُ وَمِنْهُ دَبَّرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ تَدْبِيرًا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأَعْتَقَ عَبْدَهُ عَنْ دُبُرٍ أَيْ بَعْدَ دُبُرٍ وَالدُّبُرُ الْفَرْجُ وَالْجَمْعُ أَدْبَارٌ وَوَلَّاهُ دُبُرَهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْهَزِيمَةِ وَأَدْبَرَ إذَا وَلَّى أَيْ صَارَ ذَا دُبُرٍ ا هـ قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت لَك

بِرَقَبَتِك ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٌ الْأَقْطَعُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَقَدْ قَالُوا لَوْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ إنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ لَمْ يَعْتِقْ رَوَاهُ بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ السَّهْمَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّدُسِ فَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ دَخَلَ سُدُسُ رَقَبَتِهِ فِي الْوَصِيَّةِ فَاسْتَحَقَّ عِتْقَ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِالْمَوْتِ فَكَانَ مُدَبَّرًا وَإِذَا أَوْصَى بِجُزْءٍ فَالْخِيَارُ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَهُمْ أَنْ يُعَيِّنُوا ذَلِكَ فِيمَا شَاءُوا فَلَمْ تَتَضَمَّنْ الْوَصِيَّةُ الرَّقَبَةَ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجُوزُ بَيْعُهُ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ { رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ فَاحْتَاجَ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إلَيْهِ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَفِيمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ { كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَبَاعَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَعْطَاهُ فَقَالَ لَهُ اقْضِ دَيْنَك وَأَنْفِقْ عَلَى عِيَالِكَ } وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالشَّرْطِ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْمَحَلِّ قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَلَا يُمْنَعُ جَوَازُ التَّمْلِيكِ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَكَالْمُدَبَّرِ الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَصِحَّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ وَيُعْتَبَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَالْوَصِيَّةُ لَا تَمْنَعُ الْمُوصِيَ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَنَا رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { إنَّ الْمُدَبَّرَ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَلَا يُورَثُ وَهُوَ حُرٌّ مِنْ الثُّلُثِ } احْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَرَوَى أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَدَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ فِي مَلَأِ خَيْرِ الْقُرُونِ وَهُمْ حُضُورٌ مُتَوَافِرُونَ وَهُوَ إجْمَاعٌ مِنْهُمْ أَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ لَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ سَبَبُ الْعِتْقِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ مَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَهَذَا لِأَنَّهُ يُعْتَقُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِهَذَا الْكَلَامِ لَا بِكَلَامٍ آخَرَ فَجَعْلُهُ سَبَبًا لِلْحَالِ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ سَبَبًا بَعْدَ الْمَوْتِ لِقِيَامِ الْأَهْلِيَّةِ فِي الْحَالِ وَزَوَالِهَا بِهَذَا الْمَوْتِ وَلَا يُقَالُ إنَّهَا مَوْجُودَةٌ حُكْمًا بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا قُلْنَا فِي رَجُلٍ عَلَّقَ طَلَاقَ امْرَأَتِهِ بِالشَّرْطِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ وَهُوَ مَجْنُونٌ

لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ مَوْجُودًا حُكْمًا إذَا أَمْكَنَ وُجُودُهُ حَقِيقَةً وَلَا إمْكَانَ هُنَا لِاسْتِحَالَةِ وُجُودِ الْفِعْلِ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إلَّا إذَا حَكَمَ الشَّرْعُ بِمَوْتِهِ وَمَتَى حَكَمَ بِمَوْتِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يُحْكَمَ بِحَيَاتِهِ لِإِفْضَائِهِ إلَى التَّنَاقُضِ بِخِلَافِ مَا إذَا جُنَّ لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْجُمْلَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ قَرِيبُهُ بِالْمِلْكِ وَيُمْكِنُ وُجُودُ الشَّرْطِ وَهُوَ أَهْلٌ أَيْضًا فَأَمْكَنَ اعْتِبَارُهُ حُكْمًا بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ سَبَبًا بَعْدَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ حَالَ زَوَالِ الْأَهْلِيَّةِ فَكَانَ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَأَخَّرْنَا الْحُكْمَ مَعَ انْعِقَادِ السَّبَبِ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ فِي سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ إلَّا أَنَّهُ وُجِدَ الْمَانِعُ مِنْ السَّبَبِيَّةِ وَهُوَ انْعِقَادُهُ يَمِينًا وَالْيَمِينُ تَصَرُّفٌ آخَرُ يَمْنَعُ الْحُكْمَ لِأَنَّهُ يُعْقَدُ لِلْمَنْعِ مِنْ مُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ وَالْمَانِعُ مِنْ الشَّرْطِ مَانِعٌ مِنْ الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ فَيُضَادُّ وُقُوعَ الْجَزَاءِ وَضِدُّ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ سَبَبًا لَهُ لِأَنَّ أَدْنَى دَرَجَاتِ السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ مُفْضِيًا إلَى الْمُسَبَّبِ فَمَا ظَنُّك إذَا كَانَ مُنَافِيًا لَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ سَبَبًا إذَا انْتَقَضَ الْيَمِينُ بِالْحِنْثِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ سَبَبًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ وَهَا هُنَا لَمْ يَنْعَقِدْ تَصَرُّفًا آخَرَ فِي الْحَالِ فَبَقِيَ سَبَبًا فِي الْحَالِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْعَبْدِ وَهَذَا لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْحُرِّيَّةِ لَا تَقْبَلُ الْإِبْطَالَ فَكَذَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ وَسَبَبُهَا كَالِاسْتِيلَادِ وَلِأَنَّهُ وَصِيَّةُ إثْبَاتِ الْخِلَافَةِ فِي مِلْكِهِ لِلْمُوصَى لَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَارِثِ فَاعْتُبِرَ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِإِثْبَاتِ الْخِلَافَةِ كَالْقَرَابَةِ وَمَا رَوَاهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ

مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَ مَنْفَعَتَهُ بِأَنْ آجَرَهُ وَالْإِجَارَةُ تُسَمَّى بَيْعًا بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِأَنَّ فِيهَا بَيْعَ الْمَنْفَعَةِ يُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ جَابِرٌ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { بَاعَ خِدْمَةَ الْمُدَبَّرِ } ذَكَرَهُ أَبُو الْوَلِيدِ الْمَالِكِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَهُ فِي وَقْتٍ كَانَ يُبَاعُ الْحُرُّ بِالدَّيْنِ كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { بَاعَ حُرًّا بِدَيْنِهِ } ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } ذَكَرَهُ فِي النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ مَحْضَةٌ بَلْ انْعَقَدَ السَّبَبُ فِيهِ لِلْحَالِ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ الْمُدَبَّرِ سَيِّدَهُ وَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الرُّجُوعَ عَنْهُ بِالْقَوْلِ وَلَوْ كَانَ التَّدْبِيرُ وَصِيَّةً مَحْضَةً لَبَطَلَ وَلَمَلَكَ الرُّجُوعَ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ ثُمَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا إخْرَاجُهُ عَنْ مِلْكِهِ إلَّا إلَى الْحُرِّيَّةِ كَمَا فِي الْكِتَابَةِ ا هـ ( اعْلَمْ ) أَنَّ الْمُدَبَّرَ الْمُقَيَّدَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالِاتِّفَاقِ أَمَّا الْمُدَبَّرُ الْمُطْلَقُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ عِنْدَنَا وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَمَذْهَبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ كَذَلِكَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهُ ) وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ إنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا ) وَاسْمُهُ يَعْقُوبُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) ابْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِمِائَةٍ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِسَبْعِمِائَةٍ أَوْ تِسْعِمِائَةٍ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَلَّقَهُ بِغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ ) كَدُخُولِ الدَّارِ وَمَجِيءُ رَأْسِ الشَّهْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَصِحَّ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ ) وَسَائِرُ الْوَصَايَا لَيْسَتْ بِلَازِمَةٍ حَتَّى يَجُوزَ الرُّجُوعُ عَنْهَا صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً فَكَذَا هَذِهِ الْوَصِيَّةُ يَجُوزُ الرُّجُوعُ عَنْهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَكَانَ سَبَبًا فِي الْحَالِ ) قَالَ الشَّيْخُ قِوَامُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قُبَيْلَ بَابِ عِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِقَوْلِهِ وَفِي الْمُدَبَّرِ يَنْعَقِدُ السَّبَبُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَذَاكَ تَنَاقُضٌ مِنْهُ لَا مَحَالَةَ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ فَإِنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ سَبَبًا فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ سَبَبًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَمُوتُ مِنْ ذَلِكَ الْوَجْهِ فَإِذَا مَاتَ فَحِينَئِذٍ يُجْعَلُ سَبَبًا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَاعَ مَنْفَعَتَهُ ) يَعْنِي لَا رَقَبَتَهُ تَوْفِيقًا بَيْنَ حَدِيثِنَا وَحَدِيثِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ

بَاعَهُ ) أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى الرُّجُوعَ عَنْهُ بِالْقَوْلِ ) وَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ ا هـ أَتْقَانِيٌّ بِخِلَافِ سَائِرِ الْوَصَايَا فَإِنَّهَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبُولُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَتَرْتَدُّ بِالرَّدِّ فَلَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ ا هـ أَتْقَانِيٌّ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُسْتَخْدَمُ وَيُؤَجَّرُ وَتُوطَأُ وَتُنْكَحُ ) أَيْ يُسْتَخْدَمُ الْمُدَبَّرُ وَيُؤَجَّرُ لِلنَّاسِ وَيَطَأُ الْمَوْلَى الْأَمَةَ الْمُدَبَّرَةَ وَيُزَوِّجُهَا مِنْ إنْسَانٍ لِأَنَّ مِلْكَهُ ثَابِتٌ فِيهِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ وَبِالْمِلْكِ تُسْتَفَادُ وِلَايَةُ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ وَهِيَ لَا تُبْطِلُ حَقَّ الْمُدَبَّرِ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُبْطِلُ حَقَّهُ فِيهِ فَلَا يَمْلِكُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ الْمَالِيَّةِ بِطَرِيقِ الْبَيْعِ وَهُوَ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَأُمِّ الْوَلَدِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبِمَوْتِهِ يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِهِ ) أَيْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ لِكَوْنِهِ تَبَرُّعًا مُضَافًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَيُنَفَّذُ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَعَى فِي ثُلُثَيْهِ لَوْ فَقِيرًا وَكَّلَهُ لَوْ مَدْيُونًا ) يَعْنِي سَعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ الْمَوْلَى فَقِيرًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهُ وَسَعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَمَحَلُّ نَفَاذِهِ الثُّلُثُ وَلَمْ يُسَلَّمْ لِلْمُوصَى لَهُ شَيْءٌ إلَّا إذَا أَسْلَمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفَهُ وَالدَّيْنُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَلَا يُمْكِنُ نَقْضُ الْعِتْقِ فَيَجِبُ نَقْضُهُ مَعْنًى بِرَدِّ قِيمَتِهِ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيُبَاعُ لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَيُعْتَقُ إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ ) يَعْنِي إنْ عَلَّقَ التَّدْبِيرَ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي إلَخْ يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ وَيُعْتَقُ إنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَوْتَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَيْسَ كَائِنًا لَا مَحَالَةَ فَلَمْ يَنْعَقِدْ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَإِذَا انْتَفَى مَعْنَى السَّبَبِيَّةِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْعَدَمِ بَقِيَ تَعْلِيقًا كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَلَمْ يَمْنَعْ الْبَيْعَ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ لِأَنَّ عِتْقَهُ مُعَلَّقٌ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ وَهُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ فَإِذَا عَتَقَ بِوُجُودِ الشَّرْطِ عَتَقَ كَمَا يُعْتَقُ الْمُدَبَّرُ أَعْنِي مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمَّا صَارَتْ مُتَيَقَّنَةً فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ أَخَذَ حُكْمَ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ لِزَوَالِ التَّرَدُّدِ وَلَوْ وَقَّتَهُ بِمُدَّةٍ لَا يَعِيشُ مِثْلُهُ إلَيْهَا بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلتَّوْقِيتِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى طُولِ الْمُدَّةِ أَوْ قِصَرِهَا كَمَا فِي التَّوْقِيتِ فِي النِّكَاحِ وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْغَالِبِ لَا يَعِيشُ إلَيْهِ صَارَ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ وَمِنْ الْمُفِيدِ أَنْ يَقُولَ إذَا مِتُّ وَغُسِّلْتُ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَوْتِ وَشَيْءٌ آخَرُ بَعْدَهُ وَإِنْ مَاتَ فَفِي الْقِيَاسِ أَنْ لَا يُعْتَقَ مَا لَمْ يُعْتَقْ وَإِنْ غُسِّلَ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ انْتَقَلَ إلَى الْوَارِثِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ وَدَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يُعْتَقُ لِأَنَّهُ يُغَسَّلُ عَقِيبَ مَوْتِهِ قَبْلَ

أَنْ يَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْوَارِثِ فِيهِ فَصَارَ نَظِيرُ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى صِفَةٍ بِخِلَافِ زِيَادَةِ دُخُولِ الدَّارِ لِأَنَّهُ لَا يَتَّصِلُ بِالْمَوْتِ فَيَتَقَرَّرُ مِلْكُ الْوَارِثِ فِيهِ قَبْلَهُ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُول أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَوْ بِيَوْمٍ وَمَضَى الشَّهْرُ أَوْ الْيَوْمُ فَهُوَ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَمْلِكَ بَيْعَهُ وَقَالَ زُفَرُ لَا يَمْلِكُ لِأَنَّهُ مُطْلَقٌ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ قُلْنَا احْتِمَالُ مَوْتِهِ قَبْلَ الشَّهْرِ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْيَمِينِ فَصَارَ مُقَيَّدًا فَلَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمُضِيِّ الشَّهْرِ أَوْ الْيَوْمِ وَلِأَنَّ الْمُدَبَّرِ هُوَ الَّذِي يُعْتَقُ بِمَوْتِ مَوْلَاهُ وَهَذَا يُعْتَقُ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا وَذُكِرَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَيَعْقُوبَ إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ إذَا مِتُّ أَوْ قُتِلْت فَأَنْتَ حُرٌّ فَعِنْدَ زُفَرَ يَكُونُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ عِتْقَهُ تَعَلَّقَ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ حَتَّى يُعْتَقَ إذَا مَاتَ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَّقَهُ بِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ فَلَمْ يَكُنْ عَزِيمَةً فِي أَحَدِهِمَا فَلَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُبَاعُ لَوْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَيْ وَمِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ الْعَشْرِ عَتَقَ مُدَبَّرًا وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى بَعْدَ السَّنَةِ أَوْ الْعَشْرِ لَا يَعْتِقُ وَمُقْتَضَى الْوَجْهِ كَوْنُهُ لَوْ مَاتَ فِي رَأْسِ السَّنَةِ يَعْتِقُ لِأَنَّ الْغَايَةَ لَوْلَاهَا تَنَاوَلَ الْكَلَامُ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ تَنْجِيزُ عِتْقِهِ فَيَصِير حُرًّا بَعْدَ السَّنَةِ وَالْعَشْرِ فَيَكُونُ لِلْإِسْقَاطِ ا هـ قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ وَلَوْ قَالَ إنْ حَدَثَ بِي حَدَثٌ فِي مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لِأَنَّهُ عُلِّقَ بِمَا لَيْسَ بِكَائِنٍ لَا مَحَالَةَ فَرُبَّمَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ وَيَبْرَأُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَفِقْهُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّا إنَّمَا نُوجِبُ حَقَّ الْحُرِّيَّةِ بِالتَّدْبِيرِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى قَصْدِهِ الْقُرْبَةَ بِطَرِيقِ الْخِلَافَةِ وَهَذَا الْقَصْدُ مِنْهُ يَنْعَدِمُ إذَا عَلَّقَ بِمَوْتِهِ بِصِفَةٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى الْقُرْبَةِ لَا يَخْتَلِفُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَمِنْ غَيْرِهِ فَلِانْعِدَامِ هَذَا الْقَصْدِ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِمُطْلَقِ الْمَوْتِ فَإِنَّ الْقَصْدَ إلَى إيجَابِ الْقُرْبَةِ مُتَحَقِّقٌ هُنَاكَ حِينَ عَلَّقَهُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ وَلَكِنْ إنْ مَاتَ كَمَا لَوْ قَالَ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالشَّرْطِ صَحِيحٌ مَعَ انْعِدَامِ الْقَصْدِ إلَى إيجَابِ الْقُرْبَةِ وَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَإِنْ بَرَأَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَعْتِقْ لِأَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ الْعِتْقَ قَدْ انْعَدَمَ فَإِذَا قَالَ أَنْتِ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا لِأَنَّ مَوْتَ فُلَانٍ لَيْسَ بِسَبَبِ الْخِلَافَةِ فِي حَقِّ هَذَا الْمَوْلَى وَوُجُوبُ حَقِّ الْعِتْقِ بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْخِلَافَةِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ لَمْ

يَكُنْ مُدَبَّرًا وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فَقَالَ أَلَا تَرَى أَنَّ فُلَانًا لَوْ مَاتَ وَالْمَوْلَى حَيٌّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَلَا خِلَافَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلَوْ مَاتَ الْمَوْلَى وَذَلِكَ الرَّجُلُ حَيٌّ صَارَ الْعَبْدُ مِيرَاثًا لِوَرَثَتِهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مُدَبَّرًا وَتَجْرِي فِيهِ سِهَامُ الْوَرَثَةِ ا هـ فَقَوْلُهُ فَإِذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ مُدَبَّرًا ا هـ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي خِزَانَتِهِ خَمْسَةُ أَلْفَاظٍ يَصِيرُ بِهَا الْعَبْدُ مُدَبَّرًا مُقَيَّدًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَوْلُهُ إنْ مِتُّ مِنْ سَفَرِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ ا هـ وَهُوَ كَمَا تَرَى صَرِيحٌ فِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ مَاتَ فُلَانٌ مِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ وَمَعْنَاهُ وَمَعْنَى قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ وَاحِدٌ فَلَا رَيْبَ يَكُونُ قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مِنْ التَّدْبِيرِ الْمُقَيَّدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّدْبِيرَ الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يُعَلِّقُهُ الْمَوْلَى بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ وَالتَّدْبِيرُ الْمُقَيَّدُ هُوَ الَّذِي يُعَلِّقُهُ الْمَوْلَى بِمَوْتِ نَفْسِهِ عَلَى صِفَةٍ كَإِنْ مِتُّ فِي سَفَرِي هَذَا أَوْ مَرَضِي هَذَا أَوْ بِمَوْتِ غَيْرِهِ كَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ أَوْ إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ هَذَا مَا ظَهَرَ لِكَاتِبِهِ وَبِاَللَّهِ الْمُسْتَعَانُ ا هـ قَالَ الْحَدَّادِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْجَوْهَرَةِ وَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِمُدَبَّرٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ لَا يَعْتِقُ إجْمَاعًا ا هـ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ أَيْ فَلَيْسَ بِمُدَبَّرٍ مُطْلَقٍ بَلْ هُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ وَقَوْلُهُ

فَإِذَا مَضَى شَهْرٌ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ مُدَبَّرٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُرِيدُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُطْلَقٌ عِنْدَهُ وَمُقَيَّدٌ عِنْدَهُمَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى قَوْلِهِمَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا قَوْلُهُ فِي دَلِيلِهِمَا لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْحُرِّيَّةَ بِالْمَوْتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَهَذَا كَمَا تَرَى يَنْفِي أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا وَلَا يَنْفِي أَصْلَ التَّدْبِيرِ وَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا عِنْدَ الْإِمَامِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ قَالَ قَاضِي خَانْ رَحِمَهُ اللَّهُ قُبَيْلَ بَابِ الْوَصِيِّ مَا نَصُّهُ وَقِيلَ الرُّجُوعُ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ مِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ جَمِيعًا نَحْوُ أَنْ يُوصِيَ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت كَانَ رُجُوعًا وَكَذَا لَوْ أَوْصَى بِعَيْنٍ ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ حَتَّى لَوْ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لَا تَكُونُ وَصِيَّةً وَمِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْفِعْلِ نَحْوُ أَنْ يُوصِيَ بِثُلُثِ مَالِهِ ثُمَّ قَالَ رَجَعْت صَحَّ رُجُوعُهُ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْفِعْلِ وَلَا يَكُونُ رُجُوعًا بِالْقَوْلِ نَحْوُ أَنْ يَقُولَ لِعَبْدِهِ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ لَوْ قَالَ رَجَعْت عَنْ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ وَلَوْ بَاعَ الْعَبْدَ جَازَ بَيْعُهُ وَتَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ وَمِنْهَا مَا لَا يَكُونُ رُجُوعًا لَا بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ نَحْوُ أَنْ يُدَبِّرَ عَبْدَهُ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْهُ لَا قَوْلًا وَلَا فِعْلًا ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الصِّفَةَ إلَخْ ) هَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي قَوْلِهِ إنْ مِتّ مِنْ سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لَا فِي قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ فَتَأَمَّلْ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ ) أَخَذَهُ مِنْ الِاخْتِيَارِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فِي الْغَالِبِ لَا يَعِيشُ

إلَيْهِ صَارَ كَالْكَائِنِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَمِنْ الْمُقَيَّدِ أَنْ يَقُولَ إنْ مِتّ إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ لِمَا ذَكَرْنَا بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إنْ مِتّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُنْتَقَى وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي نَوَازِلِهِ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هَذَا مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَقَالَ الْحَسَنُ هُوَ مُدَبَّرٌ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ إلَى تِلْكَ الْمُدَّةِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ إنْ مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ قَالَ الْفَقِيهُ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِلَافِ الَّذِي قَالُوا فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ قَالَ الْحَسَنُ جَازَ النِّكَاحُ لِأَنَّهُمَا لَا يَعِيشَانِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَفِي قَوْلِ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ إلَى هُنَا لَفْظُ النَّوَازِلِ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ رِوَايَةَ الْمُجَرَّدِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قُبَيْلَ بَابِ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَكْفَاءِ قَالَ إذَا ذَكَرَا مُدَّةً لَا يَعِيشُ إلَى مِثْلِهَا جَازَ النِّكَاحُ وَيَلْغُو ذِكْرُ الْمُدَّةِ وَاخْتَارَ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ مِتّ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ جَازَ بَيْعُهُ لِأَنَّهُ مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ لِأَنَّهُ يَتَصَوَّرُ أَنْ لَا يَمُوتَ إلَى مِائَتَيْ سَنَةٍ وَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً إلَى مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَجُوزُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ مُوَقَّتٌ لِأَنَّهُ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَعِيشَ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ إلَى مِائَةِ سَنَةٍ وَمِثْلُهُ لَا يَعِيشُ إلَيْهَا فِي الْغَالِبِ لِأَنَّهُ كَالْكَائِنِ لَا مَحَالَةَ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ قَاضِي

خَانْ عَلَى قَوْلِ أَصْحَابِنَا مُدَبَّرٌ مُقَيَّدٌ وَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الْيَنَابِيعِ وَجَوَامِعِ الْفِقْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ التَّعْيِينِ وَعَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ ذِكْرُ مَا لَا يَعِيشُ إلَيْهِ غَالِبًا تَأْبِيدٌ مَعْنًى وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي النِّكَاحِ الْمُؤَقَّتِ إذَا سَمَّيَا مُدَّةً لَا يَعِيشَانِ إلَيْهَا غَالِبًا صَحَّ النِّكَاحُ عِنْدَ الْحَسَنِ لِأَنَّهُ تَأْبِيدٌ مَعْنًى وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ تَوْقِيتٌ فَلَا يَصِحُّ وَالْمُصَنِّفُ كَالْمُنَاقِضِ فَإِنَّهُ فِي النِّكَاحِ اعْتَبَرَهُ تَوْقِيتًا وَأَبْطَلَ بِهِ النِّكَاحَ وَهُنَا جَعَلَهُ تَأْبِيدًا مُوجِبًا لِلتَّدْبِيرِ ا هـ مَا قَالَهُ الْكَمَالُ ( قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْتِقْ ) أَيْ تَعْتِقُهُ الْوَرَثَةُ ا هـ ( قَوْلُهُ قُلْنَا ) أَيْ قُلْنَا لَمْ يُوجَدْ تَعْلِيقُهُ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ قَبْلَ شَهْرٍ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِشَرْطٍ كَائِنٍ لَا مَحَالَةَ وَلَوْ مَاتَ بَعْدَ شَهْرٍ قِيلَ يَعْتِقُ مِنْ الثُّلُثِ وَقِيلَ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ لِأَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَسْتَنِدُ الْعِتْقُ إلَى أَوَّلِ الشَّهْرِ وَهُوَ كَانَ صَحِيحًا فَيَعْتِقُ مَنْ وَكَّلَهُ وَعَلَى قَوْلِهِمَا يَصِيرُ مُدَبَّرًا بَعْدَ مُضِيِّ الشَّهْرِ قَبْلَ مَوْتِهِ ا هـ فَتْحٌ

بَابُ الِاسْتِيلَادِ وَهُوَ طَلَبُ الْوَلَدِ لُغَةً وَفِي الشَّرْعِ طَلَبُ الْوَلَدِ مِنْ الْأَمَةِ وَأُمِّ الْوَلَدِ لِلْأَمَةِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَهُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي خُرِجَ بِهَا مِنْ الْعُمُومِ إلَى الْخُصُوصِ كَالتَّيَمُّمِ وَالْحَجِّ فَإِنَّهُ اسْمٌ لِمُطْلَقِ الْقَصْدِ لُغَةً وَقَدْ صَارَ فِي الْعُرْفِ لِقَصْدٍ مَخْصُوصٍ وَنَظِيرُهُ الْبَيْتُ وَالْكَعْبَةُ وَالنَّجْمُ وَالرِّبَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ السَّيِّدِ لَمْ تُمْلَكْ ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ أَمَةٌ مِنْ مَوْلَاهَا لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُهَا لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { مَنْ وَطِئَ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَعَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { ذُكِرَتْ أُمُّ إبْرَاهِيمَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَقَالَ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ يَسْتَمْتِعُ مِنْهَا السَّيِّدُ مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ وَلِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْمَاءَيْنِ قَدْ اخْتَلَطَا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ التَّمْيِيزُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ إلَّا أَنَّ بَعْدَ الِانْفِصَالِ تَبْقَى الْجُزْئِيَّةُ حُكْمًا لَا حَقِيقَةً فَضَعُفَ السَّبَبُ فَأَوْجَبَ حُكْمًا مُؤَجَّلًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَبَقَاءُ الْجُزْئِيَّةِ حُكْمًا بِاعْتِبَارِ السَّبَبِ وَهُوَ مِنْ جَانِبِ الرِّجَالِ فَكَذَا الْحُرِّيَّةُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ حَتَّى لَوْ مَلَكَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْد مَا وَلَدَتْ مِنْهُ جَازَ لَهَا بَيْعُهُ وَلَا يُعْتَقُ بِمَوْتِهَا وَبِثُبُوتِ عِتْقٍ مُؤَجَّلٍ يَثْبُتُ حَقُّ الْحُرِّيَّةِ فِي الْحَالِ وَيُوجِبُ

عِتْقُهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ بَعْضُهَا مَمْلُوكًا لَهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا أَمْكَنَ تَكْمِيلُهُ إذْ هُوَ فَرْعُ النَّسَبِ فَيُعْتَبَرُ بِأَصْلِهِ وَقَالَ بِشْرٌ وَدَاوُد الظَّاهِرِيُّ يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُجَوِّزُ بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِ الْجَمَاعَةِ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ شَيْخِ الْكَرْخِيِّ أَنَّهُ خَرَجَ حَاجًّا مِنْ بَرْذَعَةَ فَوَصَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَغْدَادَ فَرَأَى بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَوْمًا جَلَسُوا لِلنَّظَرِ وَفِيهِمْ دَاوُد فَسَأَلَهُ حَنَفِيٌّ عَنْ بَيْعِ أُمِّ الْوَلَدِ فَقَالَ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِأَنَّ بَيْعَهَا كَانَ جَائِزًا قَبْلَ الْعُلُوقِ بِالْإِجْمَاعِ فَنَحْنُ عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْيَقِينِ لَا يَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ مِثْلِهِ فَتَحَيَّرَ الْحَنَفِيُّ فَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ الْقِيَاسَ وَخَبَرُ الْوَاحِدِ لَا يُوجِبُ الْيَقِينَ فَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ أَجْمَعْنَا عَلَى عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهَا بَعْدَ الْعُلُوقِ فَإِنَّ فِي بَطْنِهَا وَلَدًا حُرًّا فَنَحْنُ عَلَى هَذَا الْإِجْمَاعِ حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ فَتَحَيَّرَ دَاوُد وَانْقَطَعَ فَلَمَّا رَأَى وَهَنَهُ وَوَهَنَ أَصْحَابِهِ فِي الْفِقْهِ تَرَكَ الْخُرُوجَ إلَى الْحَجِّ وَجَلَسَ لِلتَّدْرِيسِ فَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ دَاوُد عِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى سَمِعَ لَيْلَةً مُنَادِيًا يَقُولُ { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ } فَمَا لَبِثَ سَاعَةً أَنْ قَرَعَ إنْسَانٌ بَابَهُ وَأَخْبَرَهُ بِمَوْتِ دَاوُد فَاسْتَقَرَّ أَمْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ

( اعْلَمْ ) أَنَّ مُنَاسَبَةَ بَابِ الِاسْتِيلَادِ بِبَابِ التَّدْبِيرِ ظَاهِرَةٌ وَهِيَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا اسْتِحْقَاقَ الْعِتْقِ فِي الْحَالِ وَحَقِيقَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَلَمَّا كَانَ التَّدْبِيرُ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعِتْقَ بِإِيجَابِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ الِاسْتِيلَادِ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ وَالِاسْتِيلَادُ مَصْدَرُ اسْتَوْلَدَ أَيْ طَلَبَ الْوَلَدَ وَهُوَ عَامٌّ أُرِيدَ بِهِ خُصُوصٌ وَهُوَ طَلَبُ وَلَدِ أَمَتِهِ أَيْ اسْتِلْحَاقُهُ أَيْ بَابُ بَيَانِ أَحْكَامِ هَذَا الِاسْتِلْحَاقِ الثَّابِتَةِ فِي الْأُمِّ ا هـ مِنْ شَرْحِ الْأَتْقَانِيِّ وَالْكَمَالِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ قَوْلُهُ الِاسْتِيلَادُ قَالَ الْكَمَالُ أَصْلُهُ اسْتَوْلَدَ وَمِثْلُهُ يَجِبُ قَلْبُ وَاوِهِ يَاءً كَمِيعَادٍ وَمِيزَانٍ وَمِيقَاتٍ فَصَارَا اسْتِيلَادًا وَأُمُّ الْوَلَدِ تَصْدُقُ لُغَةً عَلَى الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّنْ لَهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ وَغَيْرُ ثَابِتِ النَّسَبِ وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ وَهِيَ الْأَمَةُ الَّتِي يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكِ كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ طَلَبُ الْوَلَدِ لُغَةً وَأُمُّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْغَالِبَةِ عَلَى بَعْضِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ كَالنَّجْمِ لَلثُّرَيَّا وَالصَّعِقِ لِخَالِدِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كِلَابٍ وَهَذَا فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِمَنْ أَصَابَتْهُ الصَّاعِقَةُ ثُمَّ غَلَبَ عَلَيْهِ وَفِي اصْطِلَاحِ أَهْلِ الشَّرْعِ أُمُّ الْوَلَدِ كُلُّ مَمْلُوكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْ مَالِكٍ لَهَا أَوْ مَالِكٍ لِبَعْضِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ تَابِعٌ لِثَبَاتِ النَّسَبِ فَإِذَا ثَبَتَ النَّسَبُ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ قَدْ حَصَلَتْ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ ) قَالَ الْكَمَالُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَا رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ قَارِبٍ قَالَ اشْتَرَى ابْنَيْ أَمَةٍ مِنْ رَجُلٍ قَدْ أُسْقِطَتْ مِنْهُ فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِرَدِّهَا وَقَالَ أَبَعْدَ مَا اخْتَلَطَتْ لُحُومُكُمْ بِلُحُومِهِنَّ

وَدِمَاؤُكُمْ بِدِمَائِهِنَّ ا هـ ( قَوْلُهُ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ ) أَيْ بِحَيْثُ يُضَافُ الْوَلَدُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا وَلِهَذَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فَصَارَتْ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ كَأُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا وَبِالْعَكْسِ فَلَمَّا كَانَ الْوَلَدُ مُضَافًا إلَى الْوَاطِئِ صَارَتْ الْجَارِيَةُ أَيْضًا مُضَافَةً إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ وَلَدٍ مُضَافٍ إلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ { أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا } أَيْ صَارَ الْوَلَدُ مُعْتِقًا لَهَا بِنَسَبِهِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَأَمَّا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا إخْرَاجُهَا مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَيَجُوزُ إعْتَاقُهَا وَتَدْبِيرُهَا وَكِتَابَتُهَا وَوَطْؤُهَا وَاسْتِخْدَامُهَا قَالَهُ الْأَتْقَانِيُّ قَالَ الْكَمَالُ وَإِذَا ثَبَتَ قَوْلُهُ أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ إلَى الْمَوْتِ إجْمَاعًا وَجَبَ تَأْوِيلُهُ عَلَى مَجَازِ الْأَوَّلِ فَثَبَتَ فِي الْحَالِ بَعْضُ مُوَاجَبِ الْعِتْقِ مِنْ امْتِنَاعِ تَمْلِيكِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ ) أَيْ فِي بَابِ حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَضَعُفَ السَّبَبُ ) أَعْنِي سَبَبَ الْعِتْقِ وَهُوَ الْجُزْئِيَّةُ بَيْنَهُمَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ فَأَوْجَبَ حُكْمًا مُؤَجَّلًا إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ) أَيْ وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَالِ وَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ الْعِتْقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الْحُرِّيَّةَ فَلَوْ جَازَ بَيْعُهَا لَبَطَلَ اسْتِحْقَاقُهَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ وَبَقَاءُ الْجُزْئِيَّةِ إلَخْ ) جَوَابُ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ الْجُزْئِيَّةُ حُكْمًا بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَكَذَا الْحُرِّيَّةُ ) بِالْحَاءِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْجُزْئِيَّةُ وَالْحُرِّيَّةُ بِالْحَاءِ أَصَحُّ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ كَمَا تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ كَذَلِكَ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِنَّ بَلْ فِي حَقِّهِنَّ أَوْلَى لِأَنَّ الْوَلَدَ يُقْرِضُ مِنْهُنَّ بِالْمِقْرَاضِ

وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ وَالْمَعْنَى عَلَى تَقْدِيرِ الْحَاءِ تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ النِّسَاءِ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَلَا تَثْبُتُ حُرِّيَّةُ الرِّجَالِ فِي حَقِّ النِّسَاءِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ فِي الْإِيضَاحِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْجِيمِ مَعْنَاهُ لِأَنَّ الْجُزْئِيَّةَ الْمُؤَكَّدَةَ بِالنَّسَبِ فِي حَقِّهِمْ لَا فِي حَقِّهِنَّ إذْ النَّسَبُ إلَى الْآبَاءِ ا هـ مِعْرَاجٌ ( قَوْلُهُ وَبِثُبُوتِ عِتْقٍ مُؤَجَّلٍ ) يَعْنِي قَدْ ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا عِتْقٌ مُؤَجَّلٌ وَيَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ عِتْقِهَا مُؤَجَّلًا أَنْ يَثْبُتَ لَهَا فِي الْحَالِ حَقُّ الْعِتْقِ فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا وَإِخْرَاجُهَا إلَّا إلَى الْحُرِّيَّةِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ ثُبُوتُ الْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ثَابِتٍ فِي قَوْلِهِ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَمْتَنِعْ الْبَيْعُ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَهُ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ ثُبُوتِ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومِ الْوُقُوعِ ثُبُوتُ اسْتِحْقَاقِهَا فِي الْحَالِ بَلْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْحَقُّ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهَا فِي الْحَالِ لِلْعِتْقِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ إلَّا حُكْمُ النَّصِّ حَيْثُ صَرَّحَ النَّصُّ بِأَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ لِمَعْنَى الْجُزْئِيَّةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ لَا يَتَجَزَّأُ إذَا أَمْكَنَ تَكْمِيلُهُ ) كَمَا فِي الْقِنَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَالَ بِشْرٌ ) الَّذِي فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِشْرٌ الْمَرِيسِيِّ وَاَلَّذِي فِي غَايَةِ الْبَيَانِ بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ وَهُمَا شَخْصٌ وَاحِدٌ لَا شَخْصَانِ كَمَا يُظَنُّ وَبِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ خَاصَّةً وَلَهُ تَصَانِيفُ وَرِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَكَانَ مُعْتَزِلِيًّا وَرَغَّبَ النَّاسَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَذُمُّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ ) تَفَقَّهَ عَلَى أَبِي الدَّقَّاقِ وَعَلِيِّ بْنِ مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ قَالَ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي طَبَقَاتِهِ فِي كِتَابِ

الْأَنْسَابِ الْبَرْذَعِيُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي آخِرِهَا الْعَيْنُ نِسْبَةٌ إلَى بَرْذَعَةَ قَرْيَةٌ بِأَقْصَى أَذْرَبِيجَانَ كَذَا قَيَّدَهُ السَّمْعَانِيُّ وَالذَّهَبِيُّ وَذَكَرَ الذَّهَبِيُّ أَنَّ بَعْضَهُمْ يُعْجِمُ الذَّالَ نِسْبَةٌ إلَى أَبِي سَعِيدٍ الْبَرْذَعِيِّ اسْمُهُ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ تَقَدَّمَ قُلْت وَالْبَرْذَعِيُّ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ نِسْبَةٌ إلَى بَرْذعَةِ الدَّابَّةِ وَهِيَ نِسْبَةُ الْحَسَنِ بْنِ صَفْوَانَ صَاحِبِ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا ا هـ ( قَوْلُهُ فَنَحْنُ عَلَى هَذَا حَتَّى يَنْعَقِدَ إجْمَاعٌ آخَرُ فَانْقَطَعَ دَاوُد ) وَكَانَ لَهُ أَنْ يُجِيبَ وَيَقُولُ الزَّوَالُ كَانَ بِمَانِعٍ عَرَضَ وَهُوَ قِيَامُ الْوَلَدِ الْحُرِّ فِي بَطْنِهَا وَزَالَ بِانْفِصَالِهِ فَعَادَ مَا كَانَ فَيَبْقَى إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْمُزِيلُ قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتُوطَأُ وَتُسْتَخْدَمُ وَتُؤَجَّرُ وَتُزَوَّجُ ) لِبَقَاءِ مِلْكِهِ وَوِلَايَةُ هَذَا التَّصَرُّفِ تُسْتَفَادُ بِهِ فَصَارَتْ كَالْمُدَبَّرِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا إذَا اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَإِنْ عَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا بَعْدَ وَطْئِهَا بِحَيْضَةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ النَّسَبُ بِالْعَقْدِ فَلَأَنْ يَثْبُتَ بِالْوَطْءِ وَأَنَّهُ أَقْوَى إفْضَاءً أَوْلَى وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ مَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَلَدِ وَهُوَ سُقُوطُ تَقَوُّمِهَا أَوْ نُقْصَانُ قِيمَتِهَا أَوْ الِاسْتِنْقَاصُ بِأَوْلَادِ الْأَمَةِ عَادَةً أَوْ خَسَاسَةُ الْمَحَلِّ فَإِنَّ النُّفُوسَ الْأَبِيَّةَ تَسْتَنْكِفُ عَنْ وَطْئِهِنَّ فَضْلًا عَنْ طَلَبِ الْوَلَدِ مِنْهُنَّ وَإِنَّمَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ لِبَعْضِ النَّاسِ لِغَلَبَةِ الشَّهْوَةِ وَالْقِيَاسُ عَلَى النِّكَاحِ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ النِّكَاحِ التَّوَالُدُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا لِوُجُودِ الْفِرَاشِ الْقَوِيِّ وَلِهَذَا لَا يَنْفَرِدُ بِالْعَزْلِ وَالِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ الْحَامِلَ تَحِيضُ عِنْدَهُ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي اشْتِرَاطِهِ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ لَهُ جَارِيَةٌ يَطَؤُهَا فَحَمَلَتْ فَقَالَ لَيْسَ مِنِّي إنِّي أَتَيْتهَا إتْيَانًا لَا أُرِيدُ بِهِ الْوَلَدَ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَعْزِلُ عَنْ جَارِيَتِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ أَسْوَدَ فَشَقَّ عَلَيْهِ فَقَالَ مِمَّنْ هُوَ فَقَالَتْ مِنْ رَاعِي الْإِبِلِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْحَمْلِ فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِلتَّيَقُّنِ بِوُجُودِهِ وَقْتَ الْإِقْرَارِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا بَعْد مَا اسْتَبَانَ خَلْقُهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ لَمْ

يَثْبُتْ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ بِلَا دَعْوَةٍ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ ) أَيْ إذَا وَلَدَتْ وَلَدًا بَعْدَ الْأَوَّلِ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِلَا دَعْوَةٍ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الْوَلَدَ الْأَوَّلَ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا مِنْهَا فَصَارَتْ فِرَاشًا لَهُ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ } وَصَارَتْ كَالْمَنْكُوحَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَعْتَقَهَا الْمَوْلَى أَوْ مَاتَ عَنْهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ هَذَا إذَا لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا حَرُمَتْ عَلَيْهِ بِوَطْءِ أُمِّهَا وَنَحْوِهِ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِالدَّعْوَةِ لِانْقِطَاعِ الْفِرَاشِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَانْتَفَى بِنَفْيِهِ ) أَيْ انْتَفَى نَسَبُ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ بَعْدَ مَا اعْتَرَفَ بِالْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ لِأَنَّ فِرَاشَهَا ضَعِيفٌ حَتَّى يَمْلِكَ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ بِخِلَافِ الْمَنْكُوحَةِ حَيْثُ لَا يَنْتَفِي نَسَبُ وَلَدِهَا إلَّا بِاللِّعَانِ لِتَأَكُّدِ الْفِرَاشِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ فَقَالَ إنَّمَا يَمْلِكُ نَفْيَهُ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِهِ أَوْ لَمْ يَتَطَاوَلْ ذَلِكَ فَأَمَّا إذَا قَضَى الْقَاضِي بِهِ فَقَدْ لَزِمَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَمْلِكُ إبْطَالَهُ وَكَذَا بَعْدَ التَّطَاوُلِ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ دَلِيلُ الْإِقْرَارِ مِنْ قَبُولِ التَّهْنِئَةِ وَنَحْوِهِ فَيَكُونُ كَالتَّصْرِيحِ بِالْإِقْرَارِ وَمُدَّةُ التَّطَاوُلِ مَا ذَكَرْنَا فِي بَابِ اللِّعَانِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ وَلَوْ أَعْتَقَهَا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ لَزِمَهُ وَلَا يَنْتَفِي بِنَفْيِهِ لِأَنَّ فِرَاشَهَا قَدْ تَأَكَّدَ بِالْحُرِّيَّةِ وَلِهَذَا لَا يَمْلِكُ نَقْلَهُ بِالتَّزْوِيجِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ ثَبَتَ وَلَزِمَ لِمَا قُلْنَا ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِنَسَبِ وَلَدِ الْجَارِيَةِ فِي

الْحُكْمِ لِمَا ذَكَرْنَا وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ وَطِئَهَا وَحَصَّنَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ عَنْهَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُقِرَّ بِهِ وَيَدَّعِيَ أَنَّهُ مِنْهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا لَا سِيَّمَا عِنْدَ التَّحْصِينِ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ حِفْظِهَا عَمَّا يُوجِبُ رِيبَةَ الزِّنَا وَعِنْدَ عَدَمِ الْعَزْلِ وَقَدْ وَلَدَتْهُ فِي مِلْكِهِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ وَاجِبٌ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُحَصِّنْهَا أَوْ عَزَلَ عَنْهَا فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ نَفْيُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ وَإِنْ كَانَ عَدَمُ الزِّنَا يُعَارِضُهُ ظَاهِرٌ آخَرُ وَهُوَ الْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَهُ عَزَلَ عَنْهَا أَوْ لَمْ يَعْزِلْ حَصَّنَهَا أَوْ لَمْ يُحَصِّنْهَا حَمْلًا لِأَمْرِهَا عَلَى الصَّلَاحِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ خِلَافُ ذَلِكَ لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ عَقِيبَ سَبَبٍ يُحَالُ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَفِي الْإِيضَاحِ ذُكِرَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ بِلَفْظِ الِاسْتِحْبَابِ وَفِي الْمَبْسُوطِ بِلَفْظِ الْوُجُوبِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ نَسَبَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِنْهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الْوَلَدَ وَيَسْتَمْتِعَ بِالْأُمِّ ثُمَّ يَعْتِقَهَا بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ نَسَبِ وَلَدٍ لَيْسَ مِنْهُ لَا يَحِلُّ شَرْعًا فَيُحْتَاطُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ مِنْ كُلِّ مَالِهِ وَلَمْ تَسَعْ لِغَرِيمٍ ) أَيْ عَتَقَتْ بِمَوْتِ الْمَوْلَى مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَلَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ لِغَرِيمٍ وَلَا لِوَارِثٍ لِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا مِنْ الْمَعْنَى وَلِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ لِمَا أَنَّ قِوَامَهُ بِالنَّسْلِ مَعْنًى كَمَا أَنَّ قِوَامَهُ بِالْأَكْلِ حَقِيقَةً وَحَاجَتُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ كَحَاجَتِهِ إلَى

التَّجْهِيزِ وَالتَّكْفِينِ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تَتَقَوَّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَحَقُّ الْغُرَمَاءِ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا لَا يَتَقَوَّمُ كَالْقِصَاصِ حَتَّى إذَا قُتِلَ الْمَدِينُ وَوَجَبَ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ أَوْ قُتِلَ لَهُ وَلِيٌّ وَوَجَبَ لَهُ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ ثُمَّ مَاتَ الْمَدِينُ قَبْلَ أَنْ يَقْتُلهُ أَوْ قَتَلَ هُوَ رَجُلًا فَوَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ فَلِأَوْلِيَائِهِ أَنْ يَقْتُلُوا الْقَاتِلَ أَوْ يَعْفُوا عَنْهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ وَكَذَا لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلُوا الْغَرِيمَ وَإِنْ أَدَّى إلَى بُطْلَانِ حَقِّهِمْ فِي هَذَا كُلِّهِ

( قَوْلُهُ وَتَزَوَّجَ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ إلَخْ ) وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا بِحَيْضَةٍ وَهَذَا الِاسْتِبْرَاءُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ مُسْتَحَبٌّ كَاسْتِبْرَاءِ الْبَائِعِ وَلَوْ زَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مِنْ الْمَوْلَى وَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ إلَخْ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَنَا أَنَّ وَطْءَ الْأَمَةِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ الْوَلَدُ وَقَدْ يُقْصَدُ بِهِ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ دُونَ الْوَلَدِ لِوُجُودِ الْمَانِعِ عَنْ طَلَبِ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَوْلَدَهَا يَسْقُطُ عَنْهَا التَّقَوُّمُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَتَنْتَقِصُ قِيمَتُهَا عِنْدَهُمَا فَلِمَا كَانَ وَطْءُ الْأَمَةِ مُحْتَمَلًا لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ دَلِيلًا عَلَى الْفِرَاشِ فَلَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ لِمُجَرَّدِ مِلْكِ الْيَمِينِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ سُقُوطُ تَقَوُّمِهَا ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ نُقْصَانُ قِيمَتِهَا ) أَيْ عِنْدَ صَاحِبَيْهِ لِأَنَّ قِيمَتَهَا ثُلُثُ قِيمَةِ الْقِنِّ لِزَوَالِ مَنْفَعَةِ السِّعَايَةِ وَالْبَيْعِ وَبَقَاءِ مَنْفَعَةِ الْوَطْءِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَهُ ثَبَتَ بِلَا دَعْوَةٍ ) أَيْ اعْتِرَافٍ مِنْهُ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمَوْلَى الْوِلَادَةَ فَشَهِدَتْ عَلَيْهَا امْرَأَةٌ جَازَ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ا هـ ( قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْوَلَدُ مَقْصُودًا ) أَيْ وَلَمْ يَبْقَ احْتِمَالُ قَضَاءِ الشَّهْوَةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مِنْهُ لِانْتِفَاءِ الزِّنَا ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِ الْمُسْلِمَةِ أَنْ لَا يَكُونَ وَلَدُهَا مِنْ الزِّنَا ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا عِنْدَ التَّحْصِينِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْ التَّحْصِينِ أَنْ يَمْنَعَهَا مِنْ الْخُرُوجِ وَالْبُرُوزِ وَعَنْ مَظَانِّ الرِّيبَةِ وَالْعَزْلُ أَنْ يَطَأَهَا وَلَا يَنْزِلُ فِي مَوْضِعِ الْمُجَامَعَةِ أَمَّا إذَا وَطِئَهَا وَعَزَلَ أَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ يَعْزِلْ لَكِنْ

لَمْ يُحَصِّنْهَا جَازَ لِلْمَوْلَى نَفْيُ الْوَلَدِ لِتَعَارُضِ الظَّاهِرَيْنِ وَذَلِكَ أَنَّ عَدَمَ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَالْعَزْلُ أَوْ عَدَمُ التَّحْصِينِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوَلَدَ مِنْ الزِّنَا فَوَقَعَ الشَّكُّ وَالِاحْتِمَالُ فِي كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ الْمَوْلَى فَلَمْ تَلْزَمْهُ الدَّعْوَةُ بِالشَّكِّ وَالِاحْتِمَالِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَعْتِقَ الْوَلَدَ ) يَعْنِي لِئَلَّا يَسْتَرِقَهُ بِالشَّكِّ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهَا السِّعَايَةُ لِغَرِيمٍ إلَخْ ) أَيْ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَدْيُونًا مُسْتَغْرِقًا ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَلَا لِوَارِثٍ لِمَا رَوَيْنَا ) وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَعْتَقَهَا وَلَدُهَا } ا هـ ( قَوْلُهُ كَالْقِصَاصِ ) يَعْنِي إذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَدْيُونٌ فَلَيْسَ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ أَخْذُ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِدَيْنِهِمْ لِاسْتِيفَاءِ دُيُونِهِمْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا ) وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهَا تَكُونُ مُكَاتَبَةً فَلَا تُؤَدِّي السِّعَايَةُ إلَى الْأَضْرَارِ بِالْمَوْلَى وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ تُعْتَقُ لِلْحَالِ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا وَهَذَا خِلَافٌ فِيمَا إذَا عَرَضَ عَلَى الْمَوْلَى الْإِسْلَامَ فَأَبَى لَهُ أَنْ فِي اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهَا ذُلًّا وَإِزَالَةُ ذُلِّ الْكَافِرِ عَنْ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَذَلِكَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ وَقَدْ تَعَذَّرَ الْأَوَّلُ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي وَلَنَا أَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَدِهِ وَتُعَدُّ إزَالَةُ مِلْكِ الذِّمِّيِّ مَجَّانًا لِأَنَّ مِلْكَهُ مُحْتَرَمٌ فَيَخْرُجُ إلَى الْحُرِّيَّةِ بِالسِّعَايَةِ كَمَا فِي مُعْتَقِ الْبَعْضِ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَهَذَا لِأَنَّ الذُّلَّ فِي الِاسْتِخْدَامِ قَهْرًا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَذَا يَزُولُ بِالِاسْتِسْعَاءِ لِأَنَّهَا تَخْرُجُ عَنْ يَدِهِ وَتَكُونُ حُرَّةً يَدًا أَوْ أَحَقَّ بِمَكَاسِبِهَا وَنَفْسِهَا ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الذِّمِّيِّ وَاجِبٌ أَيْضًا فَلَوْ قُلْنَا بِزَوَالِ مِلْكِهِ فِي الْحَالِ بِبَدَلٍ فِي ذِمَّةِ مُفْلِسِهِ وَالْمَالُ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ كَالتَّاوِي بَلْ هُوَ تَاوٍ لِأَنَّهَا تَتَوَانَى وَلَا تَنْشَطُ عَلَى الِاكْتِسَابِ بَعْدَ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُعْتَقْ لِأَنَّهَا تَنْشَطُ وَتَجْهَدُ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَالِ لِتَنَالَ شَرَفَ الْحُرِّيَّةِ فَكَانَ ضَرَرًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِلَا بَدَلٍ وَلَا يُقَالُ هِيَ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَيْفَ يَجِبُ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ لِأَنَّا نَقُولُ وُجُوبُ السِّعَايَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَوُّمُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يُتَقَوَّمُ وَمَعَ هَذَا لَوْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ انْقَلَبَ نَصِيبُ الْبَاقِينَ مَالًا لِلتَّعَذُّرِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمْ وَلِأَنَّهَا تَتَكَاتَبُ عَلَيْهِ وَكِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ جَائِزَةٌ لِتَعْجِيلِ عِتْقِهَا قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهَا

وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ مَالِيَّتَهَا فَيُتْرَكُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ وَلَوْ مَاتَ مَوْلَاهَا عَتَقَتْ بِلَا سِعَايَةٍ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ عَجَزَتْ لَا تُرَدُّ إلَى مَا كَانَتْ لِأَنَّهَا لَوْ رُدَّتْ لَأُعِيدَتْ مُكَاتَبَةً لِقِيَامِ الْمُوجِبِ مَا لَمْ يُسْلِمْ مَوْلَاهَا وَالْمُدَبَّرُ فِي هَذَا كَأُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى إذَا أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا ) قَالَ الرَّازِيّ وَهَذِهِ السِّعَايَةُ إنَّمَا تَجِبُ نَظَرًا إلَى اعْتِقَادِ الذِّمِّيِّ لِأَنَّهُ مَالٌ عِنْدَهُ كَالْخَمْرِ ا هـ وَهِيَ أَيْ أُمُّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ لَا تَعْتِقُ حَتَّى تُؤَدِّيَ السِّعَايَةَ ا هـ هِدَايَةٌ قَالَ الْكَمَالُ وَقَالَ زُفَرُ تَعْتِقُ لِلْحَالِ أَيْ لِحَالِ إبَاءِ مَوْلَاهَا الْإِسْلَامَ وَالسِّعَايَةُ دَيْنٌ عَلَيْهَا تُطَالَبُ بِهَا وَهِيَ حُرَّةٌ إنْ أَسْلَمَ عِنْدَ الْعَرْضِ فَهِيَ عَلَى حَالِهَا بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ سَعَتْ فِي قِيمَتِهَا مَا نَصُّهُ وَهِيَ ثُلُثَا قِيمَتِهَا قِنَّةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا عَرَضَ عَلَى الْمَوْلَى الْإِسْلَامَ ) فَإِنْ أَسْلَمَ تَبْقَى عَلَى حَالِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَذَلِكَ بِالْبَيْعِ أَوْ الْعِتْقِ ) الَّذِي فِي الْكَافِي وَتَبِعَهُ فِيهِ الرَّازِيّ فِي شَرْحِهِ وَذَا بِالْبَيْعِ أَوْ الْإِعْتَاقِ وَعَدَلَ الشَّارِحُ عَنْ لَفْظِ الْإِعْتَاقِ إلَى الْعِتْقِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَنَا أَنَّهُ تَعَذَّرَ إبْقَاؤُهَا فِي مِلْكِ الْمَوْلَى وَيَدِهِ ) يَعْنِي بَعْدَ إسْلَامِهَا وَإِصْرَارِهِ عَلَى الْكُفْرِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ كَانَ ) جَوَابُ قَوْلِهِ فَلَوْ قُلْنَا ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إزَالَتِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِلَا بَدَلٍ ) فَلِهَذَا لَا تَعْتِقُ مَا لَمْ تُؤَدِّ السِّعَايَةَ وَهَذَا إشْكَالٌ لَهُمَا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ فِي تَقَوُّمِ أُمِّ الْوَلَدِ حَيْثُ وَجَبَتْ السِّعَايَةُ وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُزَالُ بِلَا بَدَلٍ كَمَا لَوْ أَسْلَمَتْ امْرَأَتُهُ وَأَبَى أَنْ يُسْلِمَ وَالْعُذْرُ لَهُ أَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ فِيهَا الْمَالِيَّةَ وَالتَّقَوُّمَ وَيُحْرِزُهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ جَوَازَ يَبِعْهَا وَإِنَّمَا يُبْنَى الْحُكْمُ فِي حَقِّهِمْ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ كَمَا فِي مَالِيَّةِ الْخَمْرِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ فِيهَا مُحْتَرَمٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا وَقَدْ

احْتَبَسَ عِنْدَهُمَا لِمَعْنًى مِنْ جِهَتِهَا فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهَا عِنْدَ الِاحْتِبَاسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالًا مُتَقَوِّمًا كَالْقِصَاصِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ مُتَقَوِّمٍ ثُمَّ إذَا احْتَبَسَ نَصِيبُ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عِنْدَ الْقَاتِلِ بِعَفْوِ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْتَقِدُ مَالِيَّتَهَا ) أَيْ حَتَّى يَعْتَقِدَ جَوَازَ بَيْعِهَا ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ وَلَدَتْ بِنِكَاحٍ فَمَلَكَهَا فَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ ) أَيْ إذَا تَزَوَّجَ أَمَةً فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا بِمِلْكِ يَمِينٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ثُمَّ مَلَكَهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ عِنْدَنَا وَلَهُ فِيهَا قَوْلَانِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيُّمَا أَمَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَهِيَ حُرَّةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ } شَرَطَ لِثُبُوتِ الْعِتْقِ لَهَا أَنْ تَكُونَ الْوِلَادَةُ مِنْ سَيِّدِهَا وَهَذِهِ وَلَدَتْ مِنْ زَوْجِهَا لَا مِنْ سَيِّدِهَا وَلِأَنَّهَا عَلِقَتْ بِرَقِيقٍ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ كَمَا لَوْ عَلِقَتْ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ مَلَكَهَا الزَّانِي وَهَذَا لِأَنَّ ثُبُوتَ أُمُومِيَّةِ الْوَلَدِ بِاعْتِبَارِ عُلُوقِ الْوَلَدِ حُرًّا لِأَنَّهُ جُزْءُ الْأُمِّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَالْجُزْءُ لَا يُخَالِفُ الْكُلَّ وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْجُزْئِيَّةُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْجُزْئِيَّةُ تَثْبُتُ بَيْنَهُمَا بِنِسْبَةِ الْوَلَدِ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا وَقَدْ ثَبَتَ النَّسَبُ فَتَثْبُتُ الْجُزْئِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِوَاسِطَةِ انْتِسَابِ الْوَلَدِ إلَيْهِمَا بِخِلَافِ وَلَدِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا نِسْبَةَ لَهُ إلَى الزَّانِي نَظِيرُهُ مَنْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ مِنْ الزِّنَا حَيْثُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ بِوَاسِطَةِ نِسْبَتِهِ إلَى الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ وَهِيَ غَيْرُ ثَابِتَةٍ وَإِنَّمَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهُ مِنْ الزِّنَا بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ جُزْؤُهُ حَقِيقَةً بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ بِخِلَافِ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ قَبْلَ الْمِلْكِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَغْوٌ شَرْعًا إذْ لَا عِتْقَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ فَلَا يَظْهَرُ حُكْمُهُ بَعْدَ الْمِلْكِ وَهَذَا النَّسَبُ مُتَقَرِّرٌ شَرْعًا وَلَا مُعْتَبَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ جُزْئِيَّةِ الْجَنِينِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِهَا لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حَقُّ الْعِتْقِ وَلَا حَقِيقَتُهُ وَلَوْ كَانَ لِأَجْلِ الِاتِّصَالِ بِهَا لَثَبَتَتْ وَلَا حُجَّةَ

لَهُ بِمَا رُوِيَ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْعُلُوقَ وُجِدَ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ نَظِيرُ مِلْكِ الْقَرِيبِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِعِتْقِهِ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا فِي مِلْكِهِ وَفِيمَا إذَا وَلَدَتْ بِالزِّنَا خِلَافَ زُفَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَجَوَابُهُ مَا بَيَّنَّا وَلَوْ طَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَتْ بِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اشْتَرَاهَا وَأَوْلَادَهَا كُلَّهُمْ تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَيُعْتَقُ وَلَدُهَا مِنْهُ وَوَلَدُهَا مِنْ غَيْرِهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ خِلَافًا لِزُفَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ الْحَادِثِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ أُمِّهِ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةَ ابْنِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ الْأَبُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَلَا قِيمَةُ وَلَدِهَا وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي النِّكَاحِ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ دَعْوَةِ الْأَبِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وِلَايَةُ التَّمَلُّكِ مِنْ وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ حَتَّى لَوْ حَبِلَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِ الِابْنِ أَوْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا عَنْ مِلْكِهِ ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مِلْكِهِ أَوْ جُنَّ الْأَبُ أَوْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا فَأَفَاقَ أَوْ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ فَجَاءَتْ بِوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْأَبِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الِابْنُ فَإِنْ صَدَّقَهُ الِابْنُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا يَمْلِكُ الْجَارِيَةَ وَيُعْتَقُ الْوَلَدُ عَلَى الِابْنِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ مَلَكَ أَخَاهُ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدِ الِابْنِ أَوْ مُدَبَّرَتَهُ لَمْ تَصِحَّ دَعْوَةُ الْأَبِ لِعَدَمِ قَبُولِ النَّقْلِ إلَى مِلْكِ الْأَبِ وَلَوْ وَطِئَ أَبُ الْأَبِ مَعَ قِيَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْجَدِّ حَالَ قِيَامِ وِلَايَةِ الْأَبِ وَإِنْ زَالَتْ وِلَايَةُ الْأَبِ بِالْمَوْتِ أَوْ الرِّقِّ أَوْ الْكُفْرِ أَوْ الْجُنُونِ تَصِحُّ دَعْوَةُ الْجَدِّ لِأَنَّ الْمُصَحَّحَ ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِلْجَدِّ مِنْ

وَقْتِ الْعُلُوقِ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْأَبِ وَقَدْ وُجِدَ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ مِلْكُ الْحَافِدِ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْجَدُّ أَهْلًا لِلْوِلَايَةِ فِي بَعْضِهَا لَا تَصِحُّ دَعْوَتُهُقَوْلُهُ وَلَهُ فِيهَا قَوْلَانِ ) وَهُوَ وَلَدُ الْمَغْرُورِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَلَنَا ) يَعْنِي وَلَنَا أَنَّهَا عُلِّقَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدِهِ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ النَّسَبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُضَافُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْكَمَالِ وَذَا دَلِيلُ اتِّحَادِهِمَا وَالْجُزْئِيَّةُ مُوجِبَةٌ لِلْعِتْقِ ا هـ ( قَوْلُهُ نَظِيرُهُ مَنْ اشْتَرَى أَخَاهُ مِنْ أَبِيهِ ) وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ أُمِّهِ لَا تَنْقَطِعُ النِّسْبَةُ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ فِيمَا رُوِيَ ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ بِمَا رُوِيَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي النِّكَاحِ ) يَعْنِي تَقَدَّمَ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ حُكْمُ وَطْءِ الرَّجُلِ جَارِيَةَ وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَدَعْوَةِ نَسَبِ الْوَلَدِ ا هـ ( قَوْلُهُ إلَى وَقْتِ الدَّعْوَةِ ) وَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ صَاحِبَ وِلَايَةٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ وَلَا عَبْدًا ثُمَّ أُعْتِقَ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةٍ مُشْتَرَكَةٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ ) لِاحْتِيَاجِ الْوَلَدِ إلَى النَّسَبِ لِأَنَّهُ صَادَفَ مِلْكَهُ فِي النِّصْفِ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِيهِ وَيَثْبُتُ نَسَبُهُ فِيهِ فَإِذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ فِيهِ ثَبَتَ فِي الْبَاقِي ضَرُورَةَ أَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ لِمَا أَنَّ سَبَبَهُ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ الْعُلُوقُ إذْ الْوَاحِدُ لَا يُخْلَقُ مِنْ مَاءِ رَجُلَيْنِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّعْوَى فِي الْمَرَضِ أَوْ فِي الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ ) لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصِيرُ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ ثُمَّ يَتَمَلَّكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ إذْ هُوَ قَابِلٌ لِلتَّمَلُّكِ إذْ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ أَسْبَابِ الْحُرِّيَّةِ قَبْلُ كَالتَّدْبِيرِ وَغَيْرِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا ) لِأَنَّهُ تَمْلِكُ نَصِيبَ صَاحِبِهِ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الِاسْتِيلَادَ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعُلُوقِ لِأَنَّ أُمُومِيَّةَ الْوَلَدِ ثَبَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْعِتْقِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَنِصْفُ عَقْرِهَا ) أَيْ لَزِمَهُ نِصْفُ عُقْرِهَا لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً إذْ مِلْكُهُ ثَبَتَ بَعْدَ الْوَطْءِ حُكْمًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَعَقَّبُهُ الْمِلْكُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِخِلَافٍ الْأَبِ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ يَثْبُتُ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَالَهُ مِنْ الْحَقِّ لَا يَكْفِي لِلِاسْتِيلَادِ لِأَنَّهُ حَقُّ تَمَلُّكٍ لَا حَقِيقَةُ مِلْكٍ وَلَا حَقُّهُ فَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ الشَّرِيكِ فَإِنَّ لَهُ حَقِيقَةَ الْمِلْكِ فِي النِّصْفِ فَيَكْفِي لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ

فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّقْلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا قِيمَتُهُ ) أَيْ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ عَلِقَ حُرَّ الْأَصْلِ إذْ النَّسَبُ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ وَالضَّمَانِ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْت فَيَحْدُثُ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهِ وَلَمْ يَعْلَقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِ ) أَيْ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ إلَخْ ) فَإِذَا ثَبَتَ فِي نَصِيبِ الْمُسْتَوْلَدِ ثَبَتَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ إذْ الِاسْتِيلَادُ فَرْعُ النَّسَبِ وَهُوَ لَا يَتَجَزَّأُ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَةً مُشْتَرَكَةً ) أَيْ فَلَاقَى الْوَطْءُ مِلْكَهُ وَمِلْكَ شَرِيكِهِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَا يَخْلُو مِنْ الْحَدِّ أَوْ الْعُقْرِ فَسَقَطَ الْأَوَّلُ لِلشُّبْهَةِ فِي الْمَحَلِّ فَوَجَبَ الثَّانِي ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا ) وَمَعْنَاهُ إذَا حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِمَا وَكَذَا إذَا اشْتَرَيَاهَا حُبْلَى لَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ ثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُمَا وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ فِي حَقِّ وُجُوبِ الْعُقْرِ وَالْوَلَاءِ وَضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْعُقْرُ لِصَاحِبِهِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ فِي مِلْكِهِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ إنْ كَانَ الْمُدَّعِي وَاحِدًا وَيَثْبُتُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ الْوَلَاءُ لِأَنَّهُ تَحْرِيرٌ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَرْجِعُ إلَى قَوْلِ الْقَافَةِ لِأَنَّ إثْبَاتَ النَّسَبِ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعَ عِلْمِنَا أَنَّ الْوَلَدَ لَا يُخْلَقُ مِنْ مَاءَيْنِ مُتَعَذِّرٌ وَقَدْ { سُرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ فِي أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ } وَلِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الشَّرِكَةُ كَالنِّكَاحِ وَلَنَا كِتَابُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى شُرَيْحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بَيَّنَّا لَبُيِّنَ لَهُمَا هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلِأَنَّهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ الْغَيْبِ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَلِأَنَّ فِيهِ قَذْفًا لِلْمُحْصَنَاتِ وَلِهَذَا صَارَ قَذْفًا فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ إجْمَاعًا وَلِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ لَوْ كَانَ مُعْتَبَرًا شَرْعًا لَرَجَعَ إلَيْهِ فِي اللِّعَانِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَلَمْ يَنْفِ الْوَلَدَ بِالْجَهْلِ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَلِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ أَنْكِحَتُهُمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَنْحَاءٍ مِنْهَا أَنَّ رَهْطًا كَانُوا يَجْتَمِعُونَ عَلَى امْرَأَةٍ

فَإِذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ دَعُوا بِقَائِفٍ فَأَلْحَقهُ بِأَشْبَهِهِمْ وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِمَا تَلَوْنَا وَلِأَنَّ الْقَائِفَ فِي اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي يَقُولُ الْبَاطِلَ قَالَ الشَّاعِرُ وَطَالَ حَذَارِي خِيفَةَ الْبَيْنِ وَالنَّوَى وَمِنْ قَائِفٍ فِي قَوْلِهِ يَتَقَوَّلُ أَيْ يَقُولُ الْبَاطِلَ وَسُرُورُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لِقَطْعِ طَعْنِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لِاخْتِلَافِ لَوْنِهِمَا وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الْقَائِفَ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمَّا مَرَّ مُجَزِّزٌ الْمُدْلِجِيُّ عَلَيْهِمَا فَقَالَ هَذِهِ الْأَقْدَامُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ انْقَطَعَ طَعْنُهُمْ وَلَزِمَ الْحُجَّةَ عَلَى زَعْمِهِمْ فَسُرَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِذَلِكَ لَا لِأَنَّ قَوْلَ الْقَائِفِ حُجَّةٌ شَرْعًا وَلِأَنَّهُ حِكَايَةُ حَالٍ فَلَا يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي مَوْضِعِهِ يُحَقِّقُهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ بِهِ وَلَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ حُجَّةً فِيهِ لِأَنَّ نَسَبَهُ كَانَ ثَابِتًا قَبْلَ ذَلِكَ فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ عَلَى ثُبُوتِ النَّسَبِ وَهُوَ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ شَيْءٌ وَلِأَنَّ الشَّبَهَ لَا يُوجِبُ ثُبُوتَ النَّسَبِ وَلَا عَدَمَ الشَّبَهِ يُوجِبُ انْتِفَاءَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيَحْكُمُ مَا يُرِيدُ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ لَك إبِلٌ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ مَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ فَقَالَ إنَّ فِيهَا لَوُرْقًا فَقَالَ مِمَّ تَرَى ذَلِكَ جَاءَهَا قَالَ مِنْ عِرْقٍ نَزَعَهَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّ هَذَا عِرْقٌ نَزَعَهُ } رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَمْ يُرَخِّصْ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي نَفْيِهِ لِعَدَمِ الشَّبَهِ وَلَمْ يُعَوِّلْ عَلَيْهِ حُكْمًا مَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي

سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالنَّسَبِ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَجَزَّأُ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْحَضَانَةِ وَالتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَأَحْكَامٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ كَالنَّسَبِ وَوِلَايَةِ الْإِنْكَاحِ فَمَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ يَثْبُتُ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّجْزِئَةِ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْكَمَالِ كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ إلَّا إذَا وُجِدَ الْمُرَجِّحُ فِي حَقِّ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعَارِضُهُ الْمَرْجُوحُ كَمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا أَبَا الْآخَرِ لِأَنَّ لِلْأَبِ حَقًّا فِي مَالِ ابْنِهِ أَوْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ مُسْلِمًا لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى وَالْحُرُّ أَوْلَى مِنْ الْعَبْدِ وَالْمُرْتَدُّ أَوْلَى مِنْ الذِّمِّيِّ وَالْكِتَابِيُّ أَوْلَى مِنْ الْمَجُوسِيِّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا ) لِأَنَّ دَعْوَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ فِي الْوَلَدِ مُعْتَبَرَةٌ رَاجِحَةٌ عَلَى دَعْوَةِ صَاحِبِهِ لِقِيَامِ الْمُرَجِّحِ فَتَصِحُّ دَعْوَتُهُ فِيهِ فَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ فِيهَا أُمَّ الْوَلَدِ لَهُ تَبِعَا لِوَلَدِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ ) لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي الْمَحَلِّ الْمَعْصُومِ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ الْجَابِرِ أَوْ الْحَدِّ الزَّاجِرِ فَتَعَذَّرَ إيجَابُ الْحَدِّ لِلشُّبْهَةِ فَيَجِبُ الْعُقْرُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَقَاصَّا ) لِعَدَمِ فَائِدَةِ الِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا إذَا كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ إذْ الْمَهْرُ يَجِبُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ مِلْكِهِ فِيهَا بِخِلَافِ الْبُنُوَّةِ وَالْإِرْثِ مِنْهُ حَيْثُ يَكُونُ لَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَتَجَزَّأُ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَحَدِهِمَا فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَرِثَ مِنْ كُلِّ إرْثٍ ابْنٌ ) أَيْ يَرِثُ الِابْنُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ

كَامِلٍ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَرَّ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِبُنُوَّتِهِ عَلَى الْكَمَالِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ ) أَيْ يَرِثَانِ مِنْهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ أَحَدُهُمَا فَيَقْتَسِمَانِ نَصِيبَهُ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ كَمَا إذَا أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ أَوْ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لَهُقَوْلُهُ يَطْعَنُونَ ) مِنْ بَابِ قَتَلَ ا هـ ( قَوْلُهُ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَجَمَلٌ وَغَيْرُهُ أَوْرَقُ لَوْنُهُ كَلَوْنِ الرَّمَادِ وَحَمَامَةٌ وَرْقَاءُ ا هـ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ ) أَيْ بِالِاسْتِيلَادِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ ) قَالَ فِي الْكَافِي وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الْعُقْرِ قِصَاصًا بِمَا لَهُ عَلَى الْآخَرِ فَإِنْ قِيلَ لَا فَائِدَةَ فِي وُجُوبِ الْعُقْرِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قِصَاصًا قُلْنَا فِيهِ فَائِدَةٌ فَرُبَّمَا يُبْرِئُ أَحَدَهُمَا حَقُّهُ فَيَبْقَى حَقُّ الْآخَرِ فَتَتَوَجَّهُ الْمُطَالَبَةُ ا هـ وَقَالَ الْكَمَالُ وَفَائِدَةُ إيجَابِ الْعُقْرِ مَعَ التَّقَاصِّ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَبْرَأَ الْآخَرَ مِنْ حَقِّهِ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ وَأَيْضًا لَوْ قُوِّمَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرِ بِالذَّهَبِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذَ الذَّهَبَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ ) فَإِنْ وُهِبَ لِهَذَا الِابْنِ مَالٌ أَوْ وَرِثَهُ مِنْ أَخٍ لَهُ لِأُمِّهِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ بِالتَّصَرُّفِ فِي ذَلِكَ الْمَالِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا ا هـ وَصَايَا فَتَاوَى قَاضِي خَانْ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ ادَّعَى وَلَدَ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ لَزِمَ النَّسَبُ ) لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ فَصَارَ كَمَا لَوْ ادَّعَى نَسَبَ وَلَدِ جَارِيَةِ الْأَجْنَبِيِّ فَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْعُقْرُ ) أَيْ وَلَزِمَهُ الْعُقْرُ لِأَنَّهُ وَطِئَ بِغَيْرِ نِكَاحٍ وَلَا مِلْكِ يَمِينٍ وَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ فَصَارَ كَوَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِلْكُ الرَّقَبَةِ ثَابِتٌ لِلْمَوْلَى وَمَعَ هَذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْعُقْرُ بِوَطْئِهَا كَوُجُوبِ الْأَرْشِ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا صَارَتْ بِالْعَقْدِ كَالْأَجْنَبِيَّةِ عَنْهُ وَالْعُقْرُ مُلْحَقٌ بِالْأَرْشِ وَلَيْسَ لَهُ فِي جَارِيَةِ الْمُكَاتَبِ مِلْكٌ فَكَانَ أَوْلَى بِالْوُجُوبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقِيمَةُ الْوَلَدِ ) أَيْ لَزِمَهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَغْرُورِ حَيْثُ اُعْتُمِدَ دَلِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ كَسْبٌ كَسَبَهُ فَلَمْ يَرْضَ بِرِقِّهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتَ النَّسَبِ مِنْهُ كَمَا أَنَّ الْمَغْرُورَ اُعْتُمِدَ دَلِيلًا وَهُوَ الْمِلْكُ ظَاهِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِلْكٌ حَقِيقَةً قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدِهِ ) لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً وَمَالَهُ مِنْ الْحَقِّ كَافٍ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَلَا حَاجَةَ إلَى النَّقْلِ وَتَقْدِيمُ الْمِلْكِ بِخِلَافِ جَارِيَةِ الِابْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ فِيهَا حَقِيقَةُ الْمِلْكِ وَلَا حَقُّهُ وَإِنَّمَا لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَذَلِكَ غَيْرُ كَافٍ لِصِحَّةِ الِاسْتِيلَادِ فَاحْتَجْنَا إلَى نَقْلِهَا إلَى مِلْكِ الْأَبِ لِيَصِحَّ الِاسْتِيلَادُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِنْ كَذَّبَهُ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ ) أَيْ إنْ كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَثْبُتُ لِأَنَّ الْجَارِيَةَ كَسْبٌ كَسَبَهُ فَصَارَ كَجَارِيَةِ الِابْنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ لِلْمَوْلَى فِي الْمُكَاتَبِ مِلْكَ الرَّقَبَةِ وَلِهَذَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَيُمْنَعُ الْمُكَاتَبُ مِنْ التَّصَرُّفِ غَيْرُ

الِاكْتِسَابِ بِخِلَافِ الِابْنِ وَحَقُّهُ أَيْضًا فِي مَالِ الْمُكَاتَبِ أَقْوَى وَلِهَذَا مُنِعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّنْفِيذِ مِنْ غَيْرِ تَصْدِيقٍ وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْأَبَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ ابْنِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَلَا قِيمَةُ الْوَلَدِ وَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَيْسَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَمَلَّكَ مَالَ مُكَاتَبِهِ لِأَنَّهُ بِالْعَقْدِ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَلْحَقَ نَفْسَهُ بِالْأَجْنَبِيِّ وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا وَلَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ فَيُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْمُكَاتَبُ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ حَيْثُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهَا لِأَنَّ رَقَبَتَهَا مَمْلُوكَةٌ لَهُ بِخِلَافِ كَسْبِهَا وَلَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا بَعْدَ مَا كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ مَلَكَهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ بَاقٍ وَهُوَ الْمُوجِبُ وَزَالَ حَقُّ الْمُكَاتَبِ وَهُوَ الْمَانِعُ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ جَارِيَةُ غَيْرِهِ وَقَالَ أَحِلْهَا إلَى مَوْلَاهَا وَالْوَلَدُ وَلَدِي فَصَدَّقَهُ الْمَوْلَى فِي الْإِحْلَالِ وَكَذَّبَهُ فِي الْوَلَدِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ وَإِنْ مَلَكَهُمَا يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَوْ صَدَّقَهُ فِي الْوَلَدِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَلَوْ اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ امْرَأَتِهِ وَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهَا تَحِلُّ لِي لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ مَلَكَهُ يَوْمًا عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ مَلَكَ أُمَّهُ لَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَقِيقَةً ) فَإِنْ مَلَكَهَا يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا وَلَهُ مِنْهَا وَلَدٌ ثَابِتُ النَّسَبِ ا هـ كِفَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مَلَكَهُ ) أَيْ الْوَلَدَ عَلَى تَقْدِيرِ تَكْذِيبِ الْمُكَاتَبِ ا هـ

{ كِتَابُ الْأَيْمَانِ } الْيَمِينُ الْقُوَّةُ لُغَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَأَخَذْنَا بِالْيَمِينِ وَقَالَ الشَّمَّاخُ رَأَيْت عَرَابَةَ الْأَوْسِيَّ يَسْمُو إلَى الْخَيْرَاتِ مُنْقَطِعَ الْقَرِينِ إذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَتْ لِمَجْدٍ تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ وَفِي الشَّرْعِ عِبَارَةٌ عَنْ عَقْدٍ قَوِيٍّ بِهَا عَزْمُ الْحَالِفِ عَلَى الْفِعْلِ أَوْ التَّرْكِ وَسُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ بِهَا لِأَنَّ الْعَزِيمَةَ تَتَقَوَّى بِهَا وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَقْسَمَ وَأَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقَسَمِ فَقَالَ تَعَالَى { قُلْ إي وَرَبِّي إنَّهُ لَحَقٌّ } وَلِأَنَّ فِيهَا تَعْظِيمَ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَصِفَاتِهِ لِأَنَّ مَنْ أَقْسَمَ بِشَيْءٍ فَقَدْ عَظَّمَهُ { وَأَقْسَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَيَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا } وَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يُقْسِمُونَ فَكَانَتْ ثَابِتَةً بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْضًا مَشْرُوعٌ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْجَزَاءِ بِالشَّرْطِ وَهُوَ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَضْعًا وَإِنَّمَا سُمِّيَ يَمِينًا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ لِحُصُولِ مَعْنَى الْيَمِينِ بِاَللَّهِ وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى لَا يُكْرَهُ وَتَقْلِيلُهُ أَوْلَى مِنْ تَكْثِيرِهِ وَالْيَمِينُ بِغَيْرِهِ مَكْرُوهَةٌ عِنْدَ الْبَعْضِ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ فِيهِ وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْوَثِيقَةُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَثِيقَةِ كَقَوْلِهِمْ بِأَبِيك وَلَعَمْرُك وَنَحْوِهِ ، وَرُكْنُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ اسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ وَبِغَيْرِهِ ذِكْرُ شَرْطٍ صَالِحٍ وَجَزَاءٍ صَالِحٍ وَصَلَاحِيَّةُ الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَصَلَاحِيَّةُ الْجَزَاءِ أَنْ يَكُونَ غَالِبَ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِيَتَحَقَّقَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ وَقَدْ يَكُونُ مُتَحَقِّقَ الْوُجُودِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبُهُ

وَحُكْمُهَا وُجُوبُ الْبِرِّ أَصْلًا وَالْكَفَّارَةِ خَلَفًا وَشَرْطُ انْعِقَادِهَا تَصَوُّرُ الْبِرِّ فِي الْمُسْتَقْبَلِ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ غَمُوسٌ وَلَغْوٌ وَمُنْعَقِدَةٌ عَلَى مَا يَجِيءُ بَيَانُهُ وَدَلِيلُ الْحَصْرِ عَلَيْهِ أَنَّهَا لَا تَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ فِيهَا مُؤَاخَذَةٌ أَوْ لَا فَالثَّانِي لَغْوٌ وَالْأَوَّلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمُؤَاخَذَةُ دُنْيَوِيَّةً أَوْ عُقُوبَةً فَالْأَوَّلُ الْمُنْعَقِدَةُ وَالثَّانِي الْغَمُوسُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( حَلِفُهُ عَلَى مَاضٍ كَذِبًا عَمَدًا غَمُوسٌ وَظَنًّا لَغْوٌ ) أَيْ إذَا حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ قَدْ مَضَى وَهُوَ كَاذِبٌ فِيهِ فَإِنْ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ فَهُوَ غَمُوسٌ وَإِنْ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا قَالَ فَهُوَ لَغْوٌ وَيَتَأَتَّيَانِ فِي الْحَالِ أَيْضًا سُمِّيَتْ الْأُولَى غَمُوسًا لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الذَّنْبِ ثُمَّ فِي النَّارِ وَسُمِّيَتْ الثَّانِيَةُ لَغْوًا لِأَنَّهَا لَا اعْتِبَارَ بِهَا وَاللَّغْوُ اسْمٌ لِمَا لَا يُفِيدُ يُقَالُ لَغَا إذَا أَتَى بِشَيْءٍ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَكِلَاهُمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي الْيَمِينِ بِغَيْرِهِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنُّذُورِ بِأَمْرٍ كَائِنٍ فِي الْمَاضِي لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ اللَّغْوُ وَلَا الْغَمُوسُ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِهِ وَكَذَا الْعَتَاقُ وَالنُّذُورُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا وَقْتَ الْيَمِينِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَثِمَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ ) يَعْنِي يَأْثَمُ فِي الْغَمُوسِ وَلَا يَأْثَمُ فِي اللَّغْوِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْكَبَائِرُ الْإِشْرَاكُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَقَتْلُ النَّفْسِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَحْمَدُ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ

فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا قَالَ وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْيَمِينُ الْفَاجِرَةُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلَاقِعَ } أَيْ خَالِيَةً وَلَا تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إلَّا التَّوْبَةُ وَالِاسْتِغْفَارُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ } وَالْمُرَادُ الْقَصْدُ لِأَنَّهُ فِعْلُ الْقَلْبِ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤَاخَذَةِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهُ تَعَالَى فَسَّرَهَا بِهَا فِي آيَةٍ أُخْرَى بِقَوْلِهِ { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } الْآيَةَ وَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْقَصْدُ أَيْضًا وَفِيهِ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ شُرِعَتْ لِرَفْعِ ذَنْبِ هَتْكِ حُرْمَةِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ تَحَقَّقَ بِالِاسْتِشْهَادِ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَاذِبًا فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَ وَلَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خَمْسٌ مِنْ الْكَبَائِرِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِنَّ وَعَدَّ مِنْهَا الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ } وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كُنَّا نَعُدُّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ مِنْ الْكَبَائِرِ الَّتِي لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الصَّحَابَةِ وَحِكَايَةٌ لِإِجْمَاعِهِمْ وَلِأَنَّهَا كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ وَالْكَفَّارَةُ عِبَادَةٌ فَلَا تُنَاطُ بِهَا كَسَائِرِ الْكَبَائِرِ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَشْرُوعَاتِ اللَّازِمَةَ لِلْعِبَادِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ وَسَبَبُهَا مُبَاحٌ وَعُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ وَسَبَبُهَا مَحْظُورٌ مَحْضٌ وَمُتَرَدَّدٌ بَيْنَ الْعِبَادَةِ وَالْعُقُوبَةِ وَهِيَ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ حَتَّى تَتَأَدَّى بِالصَّوْمِ وَيُشْتَرَطُ فِيهَا النِّيَّةُ وَعُقُوبَةٌ مِنْ وَجْهٍ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ أَجْزِيَةً زَاجِرَةً كَالْحُدُودِ فَيَكُونُ سَبَبُهَا أَيْضًا مُتَرَدِّدًا بَيْنَ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ لِتَكُونَ الْعِبَادَةُ مُتَعَلِّقَةً

بِالْمُبَاحِ وَالْعُقُوبَةُ بِالْمَحْظُورِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ مِثْلُ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْمُنْكَرِ مِنْ الْقَوْلِ الزُّورِ ، وَالْعَوْدُ وَكَفَّارَةُ الْقَتْلِ تَجِبُ بِالْخَطَأِ وَهُوَ بِالتَّقْصِيرِ فِي التَّثَبُّتِ وَهُوَ مَحْظُورٌ وَبِالْحَرَكَةِ الْمُبَاحَةِ مِثْلِ الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ وَكَذَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ تَجِبُ بِالْحَلِفِ وَالْحِنْثِ وَالْأَوَّلُ مُبَاحٌ وَالثَّانِي مَحْظُورٌ وَأَمَّا الْغَمُوسُ فَمَحْظُورٌ مَحْضٌ لِأَنَّ الْكَذِبَ بِدُونِ الِاسْتِشْهَادِ بِاَللَّهِ تَعَالَى حَرَامٌ فَمَعَهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى لِتَرْوِيجِ الْكَذِبِ وَهُوَ فِي نِهَايَةِ الْحَظْرِ فَلَا يَصْلُحُ سَبَبًا لِلْكَفَّارَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ اللِّعَانَ اسْتِشْهَادٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَأَحَدُهُمَا كَاذِبٌ بِيَقِينٍ وَلَمْ يُوجِبْ الشَّارِعُ عَلَى الْكَاذِبِ مِنْهُمَا كَفَّارَةً وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ أَوْجَبَهُ فِي الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ صَارَ مُخَالِفًا لِلنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَهَذَا لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَخْبَرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا كَاذِبٌ فَقَالَ هَلْ فِيكُمَا مِنْ تَائِبٍ فَبَيَّنَ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكَاذِبِ مِنْهُمَا فِي يَمِينِهِ التَّوْبَةُ لَا غَيْرُ وَلَوْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ تَجِبُ بِهَا لَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَ كَفَّارَاتٍ وَلَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا تَلَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْمَعْقُودَةُ وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ بِحِفْظِ الْأَيْمَانِ بَعْدَ مَا شَرَعَ الْكَفَّارَةَ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } وَالْحِفْظُ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْمُسْتَقْبِلِ الَّذِي يَقْبَلُ التَّضْيِيعَ وَالْغَمُوسُ لَا يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيهَا فَلَا تَتَنَاوَلُهَا الْآيَةُ وَكَذَلِكَ الْعَقْدُ لَا يَكُونُ إلَّا فِيمَا يَقْبَلُ الْحِلَّ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ قَالَ قَائِلُهُمْ خَطَرَاتُ الْهَوَى تَرُوحُ وَتَغْدُو وَلِقَلْبِ الْمُحِبِّ حِلٌّ وَعَقْدُ وَالْمُؤَاخَذَةُ الْمُطْلَقَةُ يُرَادُ بِهَا الْمُؤَاخَذَةُ فِي الْآخِرَةِ لِأَنَّهَا دَارُ الْجَزَاءِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهَا وَقِيَاسُهُ عَلَى

الْمَعْقُودِ فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمَعْقُودَةَ مُبَاحَةٌ فَلَا يَأْثَمُ بِمُبَاشَرَتِهَا وَلَوْ كَانَ فِيهَا ذَنْبٌ فَهُوَ مُتَأَخِّرٌ مُتَعَلِّقٌ بِاخْتِيَارِهِ الْحِنْثَ ابْتِدَاءً فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْإِثْمُ فِي الْغَمُوسِ مُلَازِمٌ وَهُوَ أَعْظَمُ جُرْمًا فَامْتَنَعَ الْإِلْحَاقُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي اللَّغْوِ فَهَذِهِ يَمِينٌ نَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهَا صَاحِبَهَا مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْمُؤَاخَذَةِ مَقْطُوعٌ بِهِ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِالْكِتَابِ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ فِي صُورَتِهَا اخْتِلَافًا فَمَذْهَبُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا اللَّغْوُ مَا يَجْرِي عَلَى اللِّسَانُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَاضِي أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُهُ وَمَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُ مَذْهَبِنَا وَهُوَ الْحَلِفُ عَلَى يَمِينٍ كَاذِبَةٍ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ وَهَذَا يَكُونُ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ صُورَتُهَا خِلَافَ ذَلِكَ عَلَّقَهُ بِالرَّجَاءِ يَعْنِي نَرْجُو أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي لَا يُؤَاخَذُ بِهَا أَوْ قَالَ ذَلِكَ تَعْظِيمًا لِلْأَمْرِ وَإِظْهَارًا لِلتَّوَاضُعِ لِأَنَّهُ يُذْكَرُ لِذَلِكَ كَمَا يُذْكَرُ لِلطَّمَعِ

{ كِتَابُ الْأَيْمَانِ } اشْتَرَكَ كُلٌّ مِنْ الْيَمِينِ وَالْعَتَاقِ وَالطَّلَاقِ وَالنِّكَاحِ فِي أَنَّ الْهَزْلَ وَالْإِكْرَاهَ لَا يُؤَثِّرُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ عَلَى الْكُلِّ النِّكَاحَ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْعِبَادَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالطَّلَاقُ رَفْعُهُ بَعْدَ تَحَقُّقِهِ فَإِيلَاؤُهُ إيَّاهُ أَوْجَهُ وَاخْتَصَّ الْإِعْتَاقُ عَنْ الْيَمِينِ بِزِيَادَةٍ مُنَاسِبَةٍ بِالطَّلَاقِ مِنْ جِهَةِ مُشَارَكَتِهِ إيَّاهُ فِي تَمَامِ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ الْإِسْقَاطُ وَفِي لَازِمِهِ الشَّرْعِيِّ الَّذِي هُوَ فِي السِّرَايَةِ فَقَدَّمَهُ عَلَى الْيَمِينِ ا هـ كَمَالٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَيَمِينُ الْحَلِفِ أُنْثَى وَتُجْمَعُ عَلَى أَيْمُنٍ وَأَيْمَانٍ قِيلَ سُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا ضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينِهِ عَلَى يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا مَجَازًا ا هـ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَالْحَلِفُ وَالْيَمِينُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَرَادِفَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ الْيَمِينُ ) أَيْ الْيَمِينُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْجَارِحَةِ وَالْقَسَمِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّمَّاخُ ) كَذَا عَزَاهُ الْأَتْقَانِيُّ وَعَزَاهُ فِي الصِّحَاحِ لِلْحَطِيئَةِ وَاقْتُصِرَ عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ رَأَيْت عَرَابَةَ ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ لِلصَّاغَانِيِّ وَقَوْلُهُ عَرَابَةَ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارُ مِنْ الْأَوْسِ قَالَ الْحَطَبَةُ لَيْسَ الْبَيْتُ لِلْحُطَيْئَةِ وَإِنَّمَا هُوَ لِلشَّمَّاخِ وَذَكَرَ الْمُبَرَّدُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ أَنَّ الشَّمَّاخَ خَرَجَ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَهُ عَرَابَةُ بْنُ أَوْسٍ فَسَأَلَهُ عَمَّا أَقْدَمهُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ أَرَدْت أَنْ أَمْتَارَ لِأَهْلِي وَكَانَ مَعَهُ بَعِيرَانِ فَأَوْقَرَهُمَا عَرَابَةُ تَمْرًا وَبُرًّا وَكَسَاهُ وَأَكْرَمَهُ فَخَرَجَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَامْتَدَحَهُ بِالْقَصِيدَةِ الَّتِي يَقُولُ فِيهَا رَأَيْت عَرَابَةَ ا هـ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَعَرَابَةُ بِالْفَتْحِ اسْمُ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارُ مِنْ الْأَوْسِ قَالَ الْحُطَيْئَةُ إذَا مَا رَايَةٌ الْبَيْتُ ا هـ ( قَوْلُهُ

تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ بِالْيَمِينِ ) أَيْ الْقُوَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ) نَحْوُ قَوْلِك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْحَمْلُ أَوْ الْمَنْعُ ) أَيْ عَلَى الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ بِغَيْرِهِ مَكْرُوهٌ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ يُكْرَهُ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ } الْحَدِيثُ وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ لِمَنْعِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَمَحَلُّ الْحَدِيثِ غَيْرُ التَّعْلِيقِ مِمَّا هُوَ بِحَرْفِ الْقَسَمِ ا هـ ( قَوْلُهُ لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا ) أَيْ فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُصَدَّقُ وَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِقِلَّةِ مُبَالَاةٍ ظَهَرَتْ فِي النَّاسِ فَتَمَسُّ الْحَاجَةُ إلَى الْوَثِيقَةِ بِالطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ { عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ كَالتَّعْلِيقِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ ) وَأَمَّا شُرُوطُهَا فَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ ا هـ كَمَالٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ حَلِفُهُ عَلَى مَاضٍ ) قَالَ الْكَمَالُ وَلَيْسَ هَذَا بِقَيْدِ الْحَلِفِ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا كَوَاللَّهِ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دَيْنٌ وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَهُ وَقَالَ الْأَتْقَانِيُّ اعْلَمْ أَنَّ يَمِينَ الْغَمُوسِ مَا يُتَعَمَّدُ فِيهِ الْكَذِبُ عَلَى إثْبَاتِ شَيْءٍ أَوْ نَفْيِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَاضِيًا أَوْ حَالًا نَظِيرُ الْمَاضِي قَوْلُ الرَّجُلِ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْت ذَلِكَ الْأَمْرَ وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَنَظِيرُ الْحَالِ قَوْلُهُ وَاَللَّهُ إنَّهُ زَيْدٌ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهُ عَمْرٌو وَمَا شَابَهَ ذَلِكَ وَمَا وَقَعَ فِي تَفْسِيرِ الْغَمُوسِ فِي مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ بِأَنَّهُ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ مَاضٍ يُتَعَمَّدُ فِيهِ الْكَذِبُ فَهُوَ

بِنَاءٌ عَلَى الْغَالِبِ لَا أَنَّ الْمَاضِيَ شَرْطُهُ وَلِهَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْغَمُوسَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ أَيْضًا وَقَالَ فِي شَرْحِ الْكَافِي الْيَمِينُ لَيْسَتْ مِنْهُنَّ عَلَى الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَقْدٌ مَشْرُوعٌ وَهَذِهِ كَبِيرَةٌ مَحْضَةٌ وَالْكَبِيرَةُ ضِدُّ الْمَشْرُوعِ وَلَكِنْ سَمَّاهُ يَمِينًا مَجَازًا لِأَنَّ ارْتِكَابَ هَذِهِ الْكَبِيرَةُ بِاسْتِعْمَالِ صُورَةِ الْيَمِينِ كَمَا سَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْعَ الْحُرِّ بَيْعًا مَجَازًا لِأَنَّ ارْتِكَابَ تِلْكَ الْكَبِيرَةِ بِاسْتِعْمَالِ صُورَةِ الْبَيْعِ ثُمَّ إيمَانًا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ لِأَنَّهَا كَبِيرَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ غَمُوسٌ ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ بِفَتْحِ الْغَيْنِ اسْمُ فَاعِلٍ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ لِأَنَّهُ حَلَفَ كَاذِبًا عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَغْوٌ ) قَالَ الرَّازِيّ وَلَغْوٌ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُضِيِّ أَوْ الْحَالِ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ فَعَلْت كَذَلِكَ وَمَا فَعَلَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ فَعَلَ أَوْ رَأَى شَخْصًا مِنْ بَعِيدٍ فَقَالَ وَاَللَّهِ إنَّهُ لَزَيْدٌ يَظُنُّهُ زَيْدًا وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ ا هـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَمِينُ اللَّغْوِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى أَمْرٍ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ فَهَذَا الْيَمِينُ يَرْجُو أَنْ لَا يُؤَاخِذَ اللَّهُ بِهَا صَاحِبَهَا قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِثْلُ مَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ مُتَوَهِّمًا أَنَّهُ فِيهِ صَادِقٌ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَقَدْ دَخَلْت الدَّارَ وَاَللَّهِ مَا كَلَّمْت زَيْدًا وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ أَوْ رَأَى طَائِرًا مِنْ بَعِيدٍ فَظَنَّهُ غُرَابًا فَقَالَ وَاَللَّهِ إنَّهُ غُرَابٌ فَإِذَا هُوَ حَمَامٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يَأْثَمُ فِي اللَّغْوِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ ثُمَّ يَمِينُ اللَّغْوِ لَا حُكْمَ لَهَا أَصْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } أَيْ لَا يُؤَاخِذُكُمْ

بِلَغْوِ الْيَمِينِ الَّذِي يَحْلِفُهُ أَحَدُكُمْ بِالظَّنِّ هَذَا عَلَى مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ وَمَعْنَاهُ عَلَى مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُكُمْ الْكَفَّارَةُ بِلَغْوِ الْيَمِينِ الَّذِي لَا قَصْدَ مَعَهُ ا هـ قَوْلُهُ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْيَمِينُ ) الَّذِي فِي خَطِّ الشَّارِحِ بِلَا أَلِفٍ وَلَامٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَى آتٍ مُنْعَقِدَةٌ وَفِيهِ كَفَّارَةٌ فَقَطْ ) أَيْ الْيَمِينُ عَلَى شَيْءٍ سَيَأْتِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ مُنْعَقِدَةٌ وَحُكْمُ هَذِهِ الْيَمِينِ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ } الْآيَةَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْيَمِينُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ } وَلَا يُتَصَوَّرُ الْحِفْظُ عَنْ الْحِنْثِ وَالْهَتْكُ إلَّا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ بِمَا عَقَدْتُمْ الْأَيْمَانَ وَالْعَقْدُ يَقْتَضِي ارْتِبَاطَ الْكَلَامِ بِالْكَلَامِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا حُكْمٌ فَيَصِيرُ عَقْدًا شَرْعِيًّا كَسَائِرِ الْعُقُودِ الشَّرْعِيَّةِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ { وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } وَالنَّقْضُ يَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْعَقْدِ وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقَوْلُهُ وَفِيهِ كَفَّارَةٌ فَقَطْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَقَطْ لِأَنَّ فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ إثْمًا أَيْضًا وَلَفْظُ الْكَفَّارَةِ يُنْبِئُ عَنْهُ لِأَنَّ مَعْنَاهَا السَّتَّارَةُ وَهِيَ لَا تَجِبُ إلَّا لِرَفْعِ الْمَأْثَمِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا ) يَعْنِي تَجِبُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ وَلَوْ كَانَ حَلَفَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ وَعَدَّ مِنْهَا الْيَمِينَ } وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ وَالْمُرَادُ بِالنَّاسِي الْمُخْطِئُ كَمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُولَ اسْقِنِي الْمَاءَ فَقَالَ وَاَللَّهِ لَا أَشْرَبُ الْمَاءَ وَذَكَرَ فِي الْكَافِي أَنَّهُ الْمَذْهُولُ عَنْ التَّلَفُّظِ بِهِ كَأَنْ قِيلَ لَهُ أَلَا تَأْتِينَا فَقَالَ بَلَى وَاَللَّهِ غَيْرَ قَاصِدٍ لِلْيَمِينِ وَإِنَّمَا أَلْجَأَنَا إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّسْيَانِ فِي الْيَمِينِ لَا تُتَصَوَّرُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ حَنِثَ كَذَلِكَ ) أَيْ أَوْ حَنِثَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا تَقْدِيرُهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ كَانَ حَلَفَ مُكْرَهًا أَوْ

نَاسِيًا أَوْ حَنِثَ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا بِأَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مُكْرَهًا أَوْ نَاسِيًا لِأَنَّ الْفِعْلَ حَقِيقَةً لَا يَنْعَدِمُ بِالْإِكْرَاهِ وَالنِّسْيَانِ وَتَحَقُّقُ الْفِعْلِ مِنْهُ هُوَ الشَّرْطُ وَالْحِنْثُ نَاسِيًا مُتَصَوَّرٌ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّأْوِيلِ وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ وَهُوَ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مَجْنُونٌ لِتَحَقُّقِ الشَّرْطِ حَقِيقَةً وَلَوْ كَانَتْ الْحِكْمَةُ رَفْعَ الذَّنْبِ فَالْحُكْمُ يُدَارُ عَلَى دَلِيلِهِ وَهُوَ الْحِنْثُ لَا عَلَى حَقِيقَةِ الذَّنْبِ كَمَا أُدِيرَ الْحُكْمُ عَلَى السَّفَرِ لَا حَقِيقَةِ الْمَشَقَّةِ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَعَلَى آتٍ مُنْعَقِدَةٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَالْمُنْعَقِدَةُ مَا يَحْلِفُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَنْ يَفْعَلَهُ أَوْ لَا يَفْعَلَهُ قَالَ الْكَمَالُ وَمَا فِي قَوْلِهِ مَا يَحْلِفُ مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ الْحَلِفُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى مَاضٍ صَادِقًا فِيهِ كَوَاللَّهِ لَقَدْ قَدِمَ زَيْدٌ لَا تُسَمَّى مُنْعَقِدَةً وَيَقْتَضِي أَنَّهَا إمَّا لَيْسَتْ بِيَمِينٍ وَهُوَ بَعِيدٌ أَوْ زِيَادَةُ أَقْسَامِ الْيَمِينِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَهُوَ مُبْطِلٌ لِحَصْرِهِمْ السَّابِقِ وَفِي كَلَامِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ مَا يُفِيدُ إنَّهَا مِنْ قَبِيلِ اللَّغْوِ فَإِنْ أَرَادَ لُغَةً فَمَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ مَا لَا فَائِدَةَ لَهُ وَفِي هَذِهِ الْيَمِينِ فَائِدَةُ تَأْكِيدِ صِدْقِهِ فِي خَبَرِهِ عِنْدَ السَّامِعِ وَإِنْ أَرَادَ دُخُولَهَا فِي اللَّغْوِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ بِحَسَبِ الْإِرَادَةِ فَقَدْ فَسَّرَهُ السَّلَفُ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِذَلِكَ فَكَانَ خَارِجًا عَنْ أَقْوَالِ السَّلَفِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِيمَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ لَا فِي مُطْلَقِ الْيَمِينِ ا هـ قَوْلُهُ { ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالْيَمِينُ } ا هـ هِدَايَةٌ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَأُقْسِمُ وَأَحْلِفُ وَأَشْهَدُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ وَلَعَمْرُ اللَّه وَأَيْمِ اللَّهِ وَعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَعَلَيَّ نَذْرٌ وَنَذْرُ اللَّهِ وَإِنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ ) أَيْ الْيَمِينُ تَكُونُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِأَنَّ الْحَلِفَ بِهَا مُتَعَارَفٌ وَمَعْنَى الْيَمِينِ هُوَ الْقُوَّةُ حَاصِلٌ بِهَا أَمَّا الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ الرَّحْمَنِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فَظَاهِرٌ لِأَنَّهُ يَعْتَقِدُ تَعْظِيمَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَصَلَحَ ذِكْرُهُ حَامِلًا أَوْ مَانِعًا سَوَاءٌ تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهِ أَوْ لَمْ يَتَعَارَفُوا فِي الظَّاهِرِ مِنْ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى ثَبَتَ نَصًّا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْحَلِفُ بِسَائِرِ أَسْمَائِهِ حَلِفٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ أَوْ بِدَلَالَتِهِ لَا يُرَاعَى فِيهِ الْعُرْفُ وَكَذَا لَا يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى النِّيَّةِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْحَقَّ أَوْ غَيْرَهُ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا كُلُّ اسْمٍ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فَهُوَ يَمِينٌ مُطْلَقًا وَمَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَكِيمِ وَالْحَلِيمِ وَالْعَلِيمِ وَالْقَادِرِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ كَانَ يَمِينًا وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْيَمِينَ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ لَأَنْ أَحْلِفَ بِاَللَّهِ كَاذِبًا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَحْلِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ صَادِقًا وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ الْمُحَرَّمَ وَأَنَّ مَنْ قَصَدَهُ يَمِينًا صَحِيحَةً فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ مَا

لَمْ يَنْوِ خِلَافَ ذَلِكَ فَإِنْ نَوَى خِلَافَهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ نَوَى مُحْتَمَلَ كَلَامِهِ فَيَصِحُّ ، هَذَا إذَا حَلَفَ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بِصِفَاتِهِ كَعِزَّةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُتَعَارَفًا بِأَنْ كَانَ يَحْلِفُ بِهِ عَادَةً يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا فَلَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ حَلَفَ بِصِفَاتِ الذَّاتِ يَكُونُ يَمِينًا وَإِنْ حَلَفَ بِصِفَاتِ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَصْفٍ جَازَ أَنْ يُوصَفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَبِضِدِّهِ فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ كَالرِّضَا وَالْغَضَبِ وَالسَّخَطِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمَنْعِ وَالْإِعْطَاءِ وَكُلِّ مَا جَازَ أَنْ يُوصَفَ بِهِ لَا بِضِدِّهِ فَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ كَعِزَّةِ اللَّهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَجَلَالِهِ وَقُدْرَتِهِ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى كُلَّهَا صِفَاتٌ لِلذَّاتِ وَكُلُّهَا قَدِيمَةٌ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْفَرْقُ وَالْأَيْمَانُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ فَمَا تَعَارَفَ النَّاسُ الْحَلِفَ بِهِ يَكُونُ يَمِينًا وَمَا لَا فَلَا ، وَلَوْ قَالَ وَعِلْمِ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ الْحَلِفُ بِهِ وَلَوْ نَوَى الْعِلْمَ الْحَقِيقِيَّ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِعَدَمِ الْعُرْفِ ، وَقُدْرَةُ اللَّهِ تَكُونُ يَمِينًا لِلْعُرْفِ وَقَوْلُهُ أُقْسِمُ أَوْ أَحْلِفُ أَوْ أَشْهَدُ إنَّمَا كَانَ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي الْحَلِفِ عُرْفًا وَهَذِهِ الصِّيَغُ لِلْحَالِ حَقِيقَةً وَتُسْتَعْمَلُ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِقَرِينَةِ السِّينِ أَوْ سَوْفَ أَوْ إذَا أَوْ لَنْ أَوْ عَلَى أَوْ أَنْ فَجُعِلَ حَالِفًا بِهَا لِلْحَالِ أَلَا تَرَى إلَى قَوْله تَعَالَى { قَالُوا نَشْهَدُ إنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ } ثُمَّ قَالَ { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } فَسَمَّاهُ يَمِينًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرُوا الِاسْمَ فَدَلَّ أَنَّ الشَّهَادَةَ يَمِينٌ وَأَنَّ ذِكْرَ الِاسْمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ زُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا قَالَ

بِاَللَّهِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْحَلِفَ بِاَللَّهِ وَبِغَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ الْوَعْدَ وَلَنَا مَا بَيَّنَّا وَلِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى هُوَ الْمَعْهُودُ الْمَشْرُوعُ وَبِغَيْرِهِ مَحْظُورٌ فَيَنْصَرِفُ إلَى الْأَوَّلِ بِلَا نِيَّةٍ فِي الصَّحِيحِ لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ كَانَ وَعْدًا لَكَانَ مَعَ اسْمِ اللَّهِ أَيْضًا وَعْدًا وَلَوْ قَالَ سوكندمي خورم بخدي يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ لِلْحَالِ وَلَوْ قَالَ سوكند خورم قِيلَ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَلَوْ قَالَ سوكند خورم بِطَلَاقِ زنم لَا يَكُونُ يَمِينًا لِعَدَمِ التَّعَارُفِ وَإِنَّمَا كَانَ حَالِفًا بِقَوْلِهِ لَعَمْرُ اللَّهِ وَأَيْمُ اللَّهِ وَعَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَعَلَيَّ نَذْرٌ وَنَذْرُ اللَّهِ لِأَنَّ عَمْرَ اللَّهِ بَقَاؤُهُ فَكَانَ صِفَةً لَهُ وَقَدْ ذَكَرْنَا الْحَلِفَ بِالصِّفَاتِ وَأَيْمٌ أَصْلُهُ أَيْمُنٌ وَهُوَ جَمْعُ يَمِينٍ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ وَحَذْفُ الْهَمْزَةِ فِي الْوَصْلِ تَخْفِيفٌ وَكَذَا حَذَفُوا النُّونَ تَخْفِيفًا فَقَالُوا أَيْمُ اللَّهِ وَإِيمُ اللَّهِ بِالْكَسْرِ أَيْضًا وَرُبَّمَا حَذَفُوا الْيَاءَ أَيْضًا فَقَالُوا أَمُّ اللَّهِ وَرُبَّمَا أَبْقَوْا الْمِيمَ وَحْدَهَا مَضْمُومَةً وَمَكْسُورَةً فَقَالُوا مُ اللَّهِ وَرُبَّمَا قَالُوا مُنُ اللَّهِ وَمَنُ اللَّهِ وَمُنْ اللَّهِ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ لَيْسَتْ جَمْعًا وَالْهَمْزَةُ لِلْوَصْلِ وَالْجَمْعُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَفَّفَ حَتَّى يَبْقَى عَلَى حَرْفٍ وَاخْتَارَ الزَّجَّاجُ وَابْنُ كَيْسَانَ قَوْلَ الْكُوفِيِّينَ وَقَالَا إنَّمَا خُفِّفَتْ هَمْزَتُهَا وَطُرِحَتْ فِي الْوَصْلِ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ وَالْمُفْرَدُ لَا يَأْتِي عَلَى أَفْعُلٍ وَقَلَّ آنُكُ وَأَسْنِمَةٌ وَأَنْمُلَةٌ لُغَيَّةٌ وَالْعَهْدُ يَمِينٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدْتُمْ } ثُمَّ قَالَ { وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } وَالْمِيثَاقُ بِمَعْنَى الْعَهْدِ وَكَذَا الذِّمَّةُ وَلِهَذَا سُمِّيَ الْمُعَاهَدُ ذِمِّيًّا وَالنَّذْرُ إذَا لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَفَّارَةُ

النَّذْرِ إذَا لَمْ يُسَمِّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ مُطْلَقًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا أَوْ لَا فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُعَلَّقِ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَكِنْ فِي الْمُطْلَقِ تَجِبُ لِلْحَالِ وَفِي الْمُعَلَّقِ إذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَإِنْ سَمَّى شَيْئًا فَفِي الْمُطْلَقِ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهِ وَكَذَا فِي الْمُعَلَّقِ إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ يُرَادُ كَوْنُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَادُ كَوْنُهُ قِيلَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ وَقِيلَ يُجْزِيهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ أَوْفَى بِالْمَنْذُورِ وَهُوَ الصَّحِيحُ رَجَعَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَقِيلَ بِسَبْعَةٍ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ يَمِينٌ يَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِأَنَّ مَعْنَاهُ عَلَيَّ مُوجِبُ الْيَمِينِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ قَوْلُهُ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ يَمِينًا لِأَنَّ حُرْمَةَ الْكُفْرِ كَحُرْمَةِ هَتْكِ الِاسْمِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ نَسْخُهُ عَقْلًا فَإِذَا جَعَلَهُ عَلَمًا عَلَى الْكُفْرِ فَقَدْ اعْتَقَدَهُ وَاجِبَ الِامْتِنَاعِ وَقَدْ أَمْكَنَ الْقَوْلُ بِوُجُوبِهِ بِغَيْرِهِ بِجَعْلِهِ يَمِينًا كَمَا يَقُولُ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ وَإِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لِشَيْءٍ قَدْ فَعَلَهُ فِي الْمَاضِي فَإِنْ كَانَ صَادِقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ صَادِقٌ عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ يُكَفِّرُ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ مُقَاتِلٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْكُفْرَ بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَوْجُودِ تَنْجِيزٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ هُوَ كَافِرٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ اعْتِبَارًا لِلْمَاضِي بِالْمُسْتَقْبَلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ يَمِينٌ لَا يُكَفِّرُ فِي الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ عِنْدَهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالْحَلِفِ

فِي الْغَمُوسِ أَوْ بِمُبَاشَرَةِ الشَّرْطِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يُكَفِّرُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَمَّا أَقْدَمَ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ فَقَدْ رَضِيَ بِالْكُفْرِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْمَعْصِيَةِ بِالشَّرْطِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ فَعَلَ كَذَا فَهُوَ زَانٍ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ وَنَحْوُهُ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ حَلَفَ بِالتَّهَوُّدِ فَهُوَ يَمِينٌ وَلِأَنَّ حُرْمَتَهُ كَحُرْمَةِ هَتْكِ الِاسْمِ إذْ لَا يَحْتَمِلُ التَّبْدِيلَ عَلَى مَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ الزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ التَّبْدِيلَ عَقْلًا فَلَا يَكُونُ كَالْكُفْرِ فِي الْحُرْمَةِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَالْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) { فَرْعٌ } رَجُلٌ قَالَ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ فِي الرِّوَايَاتِ الظَّاهِرَةِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ وَيَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ بِتَعَدُّدِ الِاسْمِ إذَا لَمْ يَجْعَلْ الثَّانِيَ نَعْتًا لِلْأَوَّلِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَبِهِ أَخَذَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ لِأَنَّ الْوَاوَ بَيْنَ الِاسْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَاوُ الْقَسَمِ لَا وَاوُ الْعَطْفِ فَلَمْ يَتَّصِلْ الثَّانِي بِالْأَوَّلِ وَلَا الثَّانِي بِالثَّالِثِ وَإِذَا ذَكَرَ الْخَبَرَ عَقِيبَ الثَّالِثِ اقْتَصَرَ الْخَبَرُ عَلَى الثَّالِثِ وَكَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ لَا أَفْعَلُ كَذَا فَفَعَلَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ فِي قَوْلِهِمْ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا تَعَدَّدَ الْيَمِينُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَرَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ فِي الِاسْمِ الْوَاحِدِ لَا تَتَعَدَّدُ الْيَمِينُ وَيُحْمَلُ الثَّانِي عَلَى التَّأْكِيدِ وَالتَّكْرَارُ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا مَرَّةً يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك ثُمَّ قَالَ فِي مَجْلِسِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَقَرِبَهَا مَرَّةً يَلْزَمُهُ كَفَّارَتَانِ وَحُكِيَ عَنْ الشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ أَنَّهُ قَالَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا فَكَلَّمَهُ مَرَّةً إنْ نَوَى بِالثَّانِي التَّكْرَارَ وَالتَّأْكِيدَ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ جَعَلَ الِاسْمَ الثَّانِيَ نَعْتًا لِلْأَوَّلِ فَكَانَتْ يَمِينًا وَاحِدَةً كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ الْعَزِيزِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَلَوْ قَالَ بِاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَسَكَّنَ الْهَاءَ أَوْ نَصَبَهَا أَوْ رَفَعَهَا يَكُونُ يَمِينًا

لِأَنَّهُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى بِحَرْفِ الْقَسَمِ وَالْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْيَمِينِ وَلَوْ قَالَ اللَّهَ لَا أَفْعَلُ كَذَا وَسَكَّنَ الْهَاءَ أَوْ نَصَبَهَا لَا يَكُونُ يَمِينًا لِانْعِدَامِ حَرْفِ الْقَسَمِ إلَّا أَنْ يُعَرِّبَهَا بِالْكَسْرِ فَيَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْكَسْرَ يَقْتَضِي سَبْقَ حَرْفِ الْخَافِضِ وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ ا هـ قَاضِي خَانْ ( قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ بِصِفَاتِ الْفِعْلِ لَا يَكُونُ يَمِينًا ) وَالْمُرَادُ بِالِاسْمِ هَاهُنَا لَفْظٌ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ الْمَوْصُوفَةِ بِصِفَةٍ كَالرَّحْمَنِ وَالرَّحِيمِ وَبِالصِّفَةِ الْمَصَادِرُ الَّتِي تَحْصُلُ عَنْ وَصْفِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَسْمَاءِ فَاعِلِهَا كَالرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالْعِزَّةِ ا هـ قَوْلُهُ سُوكِنْدِمِي ) الْيَمِينُ ( قَوْلُهُ خورم ) أَحْلِفُ ( قَوْلُهُ بخدي ) بِاَللَّهِ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَأَنْمُلَةٌ ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَالْأُنْمُلَةُ بِالْفَتْحِ وَاحِدَةُ الْأَنَامِلِ وَهِيَ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ ا هـ وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الْأُنْمُلَةُ الْعُقْدَةُ مِنْ الْأَصَابِعِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الْأَنَامِلُ رُءُوسُ الْأَصَابِعِ قَالَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْأَزْهَرِيُّ الْأُنْمُلَةُ الْمَفْصِلُ الَّذِي فِيهِ الظُّفْرُ وَهِيَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُ الْمِيمِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا وَابْنُ قُتَيْبَةَ يَجْعَلُ الضَّمَّ مِنْ لَحْنِ الْعَوَامّ ا هـ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ السَّنَامُ وَاحِدُ أَسْنِمَةِ الْإِبِلِ وَأَسْنِمَةٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ النُّونِ أَكِمَّةٌ مَعْرُوفَةٌ بِقُرْبِ طِخْفَةَ ا هـ وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ الْآنُكُ الْأُسْرُبُّ وَفِي الْحَدِيثِ { مَنْ اسْتَمَعَ إلَى قَيْنَةٍ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ } وَأَفْعُلٌ مِنْ أَبْنِيَةِ الْجَمْعِ وَلَمْ يَجِئْ عَلَيْهِ الْوَاحِدُ إلَّا الْآنُكُ وَأَشُدَّ ا هـ وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فِي بَابِ الدَّالِ وقَوْله تَعَالَى { حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } أَيْ قُوَّتَهُ وَهُوَ مَا بَيْنَ ثَمَانِي عَشْرَةَ إلَى ثَلَاثِينَ وَهُوَ وَاحِدٌ جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْجَمْعِ مِثْلُ آنُكِ وَهُوَ الْأُسْرُبُّ وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا وَيُقَالُ هُوَ جَمْعٌ

لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ مِثْلُ آسَالٍ وَأَبَابِيلَ وَعَبَادِيدَ وَمَذَاكِيرَ وَكَانَ سِيبَوَيْهِ يَقُولُ وَاحِدُهُ شِدَّةٌ وَهُوَ حَسَنٌ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُقَالُ بَلَغَ الْغُلَامُ شِدَّتَهُ وَلَا تُجْمَعُ فَعِلَةٌ عَلَى أَفْعُلٍ وَأَمَّا أَنْعُمٍ فَهُوَ جَمْعُ نَعَمٍ مِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمٌ بُؤْسٌ وَيَوْمٌ نَعَمٌ ا هـ قَوْلُهُ وَأَشَدُّ أَصْلُهُ أَشْدُدٌ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الدَّالِ الْأُولَى إلَى مَا قَبْلَهَا ثُمَّ أُدْغِمَ ا هـ ( قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ النَّذْرُ مُطْلَقًا ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ نَذْرُ اللَّهِ عَلَيَّ أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ صَوْمُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَهَذَا كُلُّهُ مُطْلَقٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْهُ بِشَرْطٍ لَمْ يَقُلْ إذَا جَاءَ فُلَانٌ وَنَحْوُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يُسَمِّي شَيْئًا ) كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ حَجٌّ ا هـ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ فَهُوَ عَلَى رَقَبَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ صَوْمٌ فَعَلَيْهِ صَوْمُ يَوْمٍ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِهِ شَرْعًا وَأَدْنَى مَا يَجِبُ بِالْأَمْرِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ فِي الْأَمَالِي لَوْ قَالَ عَلَيَّ صِيَامٌ يَلْزَمُهُ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقَلُّ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ } ا هـ ( قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْمُعَلَّقِ ) إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِشَرْطٍ يُرَادُ كَوْنُهُ كَالشِّفَاءِ مِنْ الْمَرَضِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرَادُ كَوْنُهُ ) كَشُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ كَلَامِ زَيْدٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ يُكَفِّرُ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي فَصْلِ النُّذُورِ مِنْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ مَا نَصُّهُ أَلَا تَرَى مَا ذُكِرَ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ إذَا أَضَافَ النَّذْرَ إلَى سَائِرِ الْمَعَاصِي وَعَنَى بِهِ الْيَمِينَ بِأَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَقْتُلَ فُلَانًا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يَمِينًا وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ ا هـ (

قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ ) اعْتِبَارًا لِلْمَاضِي بِالْمُسْتَقْبِلِ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ الْإِسْلَامِ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ إنْ فَعَلَ كَذَا عِنْدَنَا يَكُونُ يَمِينًا وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ الْفِعْلَ هَلْ يَصِيرُ كَافِرًا فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَعَلَّقَ الْكُفْرَ بِأَمْرٍ مَاضٍ وَقَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ لَوْ كَانَ فَعَلَ كَذَا وَقَدْ كَانَ فَعَلَ وَهُوَ عَالِمٌ وَقْتَ الْيَمِينِ أَنَّهُ كَاذِبٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَصِيرُ كَافِرًا لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمَاضِي يُتَنَجَّزُ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكَفِّرُ وَلَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا غَمُوسٌ وَإِنْ حَلَفَ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ثُمَّ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ لَا يُكَفِّرُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ إنْ كَانَ فِي اعْتِقَادِ الْحَالِفِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمَاضِي يَصِيرُ كَافِرًا فِي الْحَالِ فَيَصِيرُ كَافِرًا وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ يَصِيرُ كَافِرًا فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ يَصِيرُ كَافِرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي اعْتِقَادِهِ ذَلِكَ لَا يَكْفُرُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ فِي الْمَاضِي ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا بِعِلْمِهِ وَغَضَبِهِ وَسَخَطِهِ وَرَحْمَتِهِ وَالنَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ وَالْكَعْبَةِ وَحَقِّ اللَّهِ وَإِنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ وَسَخَطُهُ أَوْ أَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِلُ رِبًا ) أَيْ الْحَلِفُ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا قَوْلَهُ وَسَخَطِهِ وَغَضَبِهِ وَرَحْمَتِهِ وَالْقُرْآنِ وَالْكَعْبَةِ وَالنَّبِيِّ وَحَقِّ اللَّهِ فَلِمَا رَوَيْنَا وَبَيَّنَّا أَنَّ الْيَمِينَ لَا يَكُونُ بِغَيْرِ اللَّهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ يُرَادُ بِهِ الْمَعْلُومُ وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ يُرَادُ بِهِ أَثَرُهُ وَهُوَ النَّارُ وَكَذَا الرَّحْمَةُ يُرَاد بِهَا أَثَرُهَا وَهِيَ الْجَنَّةُ وَالْقُرْآنُ يُرَادُ بِهِ الْحُرُوفُ الَّتِي فِي اللَّهَوَاتِ وَالنُّقُوشُ الَّتِي فِي الْمَصَاحِفِ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ وَنَحْوَهُ دُعَاءٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ وَكَذَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالتَّحَالُفِ بِهِ وَكَذَا إذَا قَالَ وَالنَّبِيِّ وَالْقُرْآنِ وَالْكَعْبَةِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَأَمَّا إذَا قَالَ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ التَّبَرِّي مِنْهُ كُفْرٌ وَالْحَقُّ الْمُضَافُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى طَاعَتُهُ فَقِيلَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ فَقَالَ أَنْ لَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَيَعْبُدُوهُ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ } وَالْحَلِفُ بِالطَّاعَةِ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّهُ حَلِفٌ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ وَالْحَقُّ لِأَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْحَقَّ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ قَالَ حَقًّا لَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْمُنَكَّرَ مِنْهُ يُرَادُ بِهِ تَحْقِيقُ الْوَعْدِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَفْعَلُ كَذَا حَقِيقَةً لَا مَحَالَةَ وَلَوْ قَالَ وَوَجْهِ اللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ الْوَجْهَ يُذْكَرُ بِمَعْنَى الذَّاتِ قَالَ اللَّهُ

تَعَالَى { وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ } وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِ الذَّاتُ وَيُرَادُ بِهِ الثَّوَابُ يُقَالُ افْعَلْ هَذَا لِابْتِغَاءِ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ ثَوَابِهِ وَلَوْ قَالَ وَأَمَانَةِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ وَلَمَّا سُئِلَ عَنْ مَعْنَاهُ فَقَالَ لَا أَدْرِي كَأَنَّهُ وَجَدَ النَّاسَ يَحْلِفُونَ بِهِ فَجَعَلَهُ يَمِينًا وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْفَرَائِضَ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ وَسَخَطُهُ أَوْ أَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ أَوْ شَارِبُ خَمْرٍ أَوْ آكِلُ رِبًا فَلِعَدَمِ التَّعَارُفِ بِالْحَلِفِ بِهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ هُوَ كَافِرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِالْحَلِفِ وَبِهِ قَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى( قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّبَرِّي مِنْهُ كُفْرٌ ) وَتَعْلِيقُ الْكُفْرِ بِالشَّرْطِ يَمِينٌ ا هـ كَافِي وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُصْحَفِ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَوْ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا فِي الْمُصْحَفِ يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ مَا فِي الْمُصْحَفِ قُرْآنٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْقُرْآنِ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ أَيْ ثَوَابُهُ ) أَيْ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا بِالشَّكِّ ا هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ وَأَمَانَةِ اللَّهِ يَكُونُ يَمِينًا ) فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ كَأَنَّهُ وَاَللَّهِ الْأَمِينِ ا هـ كَافِي وَحَكَى الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الطَّاعَاتِ اِ هـ كَافِي ( قَوْلُهُ وَقَدْ بَيَّنَّا الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى ) أَيْ قَبْلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ اِ هـ

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَحُرُوفُهُ الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ ) أَيْ حُرُوفُ الْقَسَمِ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَقَوْلِهِ بِاَللَّهِ وَوَاللَّهِ وَتَاللَّهِ لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَعْهُودٌ فِي الْكَلَامِ وَمَذْكُورٌ فِي الْقُرْآنِ وَالْبَاءُ هِيَ الْأَصْلُ وَهِيَ أُمُّ الْبَابِ تَدْخُلُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُضْمَرِ كَقَوْلِهِ بِاَللَّهِ وَبِهِ وَيَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا تَقُولُ حَلَفْت بِاَللَّهِ وَالْوَاوُ بَدَلٌ عَنْ الْبَاءِ تَدْخُلُ عَلَى الْمُظَهَّرِ كَقَوْلِك وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ وَلَا تَدْخُلُ عَلَى الْمُضْمَرِ لَا يُقَالُ وَكَ وَلَا وَهْ مِثْلُ مَا يُقَالُ بِك وَبِهِ وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا لَا تَقُولُ أَحْلِفُ وَاَللَّهِ كَمَا تَقُولُ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ وَالتَّاءُ بَدَلٌ مِنْ الْوَاوِ وَهِيَ تَدْخُلُ عَلَى لَفْظَةِ اللَّهِ خَاصَّةً تَقُولُ تَاللَّهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ } وَلَا تَقُولُ تَالرَّحْمَنِ وَلَا تَالرَّحِيمِ وَأَلْحَقَ الْأَخْفَشُ بِتَاللَّهِ تَرَبِّ الْكَعْبَةِ وَهُوَ شَاذٌّ وَلَا يَجُوزُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَهَا لَا تَقُولُ أَحْلِفُ تَاللَّهِ وَلَا أُقْسِمُ تَاللَّهِ وَلَهُ حُرُوفٌ أُخَرُ وَهِيَ لَامُ الْقَسَمِ وَحُرُوفُ التَّنْبِيهِ وَهَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَقَطْعُ أَلْفِ الْوَصْلِ وَالْمِيمُ الْمَكْسُورَةُ وَالْمَضْمُومَةُ فِي الْقِسْمِ وَمَنْ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ وَهَا اللَّهِ وَآللَّهِ وَمُ اللَّهِ وَمُنُ اللَّهِ ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى التَّاءِ وَيَدْخُلُهُمَا مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَرُبَّمَا جَاءَتْ التَّاءُ لِغَيْرِ التَّعَجُّبِ دُونَ اللَّامِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَدْ تُضْمَرُ ) أَيْ وَقَدْ تُضْمَرُ حُرُوفُ الْقَسَمِ فَيَكُونُ حَالِفًا كَقَوْلِهِ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا لِأَنَّ حَذْفَ الْحَرْفِ مُتَعَارَفٌ بَيْنَهُمْ اخْتِصَارًا ثُمَّ إذَا حُذِفَ الْحَرْفُ وَلَمْ تُعَوَّضْ مِنْهُ هَا التَّنْبِيهُ وَلَا هَمْزَةُ الِاسْتِفْهَامِ وَلَا قَطْعُ أَلْفِ الْوَصْلِ لَمْ يَجُزْ الْخَفْضُ إلَّا فِي اسْمِ اللَّهِ بَلْ يُنْصَبُ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَوْ يُرْفَعْ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ ابْتِدَاءٍ مُضْمَرٌ إلَّا فِي اسْمَيْنِ فَإِنَّهُ الْتَزَمَ فِيهِمَا الرَّفْعَ

وَهُمَا أَيْمُنُ اللَّهِ وَلَعَمْرُ اللَّهِ .( قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بِاَللَّهِ ) قَالَ فِي الْكَافِي فَالْبَاءُ تَدْخُلُ عَلَى الْمَظْهَرِ وَالْمُضْمَرِ وَالْوَاوُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْمَظْهَرِ وَالتَّاءُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى مَظْهَرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ اسْمُ اللَّهِ لِأَنَّ الْبَاءَ أَصْلٌ وَالْوَاوُ مُلْحَقٌ بِهِ لِأَنَّ فِي الْإِلْصَاقِ مَعْنَى الْجَمْعِ وَلِهَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَ الْوَاوِ وَالتَّاءُ مُلْحَقٌ بِالْوَاوِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ وَتُبْدَلُ بِهَا فِي نَحْوِ تُجَاهٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَ كَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أَوْ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كَهُمَا فِي الظِّهَارِ أَوْ كِسْوَتُهُمْ بِمَا يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ } الْآيَةَ وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَقَوْلُهُ كَهُمَا فِي الظِّهَارِ أَيْ كَالْإِطْعَامِ وَالتَّحْرِيرِ فِي الظِّهَارِ وَقَدْ بَيَّنَّاهُمَا هُنَاكَ وَقَوْلُهُ { أَوْ كِسْوَتُهُمْ } بِمَا يَسْتُرُ عَامَّةَ الْبَدَنِ أَيْ كِسْوَةُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ بِثَوْبٍ يَسْتُرُ عَامَّةَ الْجَسَدِ وَهُوَ بَيَانُ أَدْنَى الْكِسْوَةِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَالْمَرْوِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ أَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ حَتَّى يَجُوزَ السَّرَاوِيلُ عِنْدَهُ لِأَنَّهُ لَابِسٌ شَرْعًا إذْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَقَدْ أَقَامَهُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إنْ أَعْطَى الْمَرْأَةَ ذَلِكَ الْقَدْرَ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانًا فِي الْعُرْفِ وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الْمُطْلَقَاتِ وَذَلِكَ قَمِيصٌ أَوْ إزَارٌ أَوْ رِدَاءٌ وَلَكِنَّ مَا لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكِسْوَةِ يُجْزِيهِ عَنْ الطَّعَامِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْكِسْوَةِ وَالْإِطْعَامِ بِخِلَافِ جَزَاءِ الصَّيْدِ حَيْثُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصَّوْمِ وَالْهَدْيِ عَلَى مَا بَيَّنَّا مِنْ قَبْلُ فِي الْمَنَاسِكِ وَأَجَازُوا هُنَا اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ فِي الْمَنْصُوصِ لِاخْتِلَافِ الْمَقْصُودِ وَلَمْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فِي الْإِطْعَامِ حَتَّى لَا يَجُوزَ إقَامَةُ الْبُرِّ مُقَامَ التَّمْرِ لِاتِّحَادِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِطْعَامُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ جَعْلُهُ عَنْ الْإِطْعَامِ فِي الظَّاهِرِ خِلَافًا لِمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَجُوزُ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

مُتَتَابِعَةً ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يَتَخَيَّرُ لِإِطْلَاقِ النَّصِّ وَلَا يَلْزَمُ حَمْلُ هَذَا الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ بِالتَّتَابُعِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَكَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَعَارِضٍ بَيْنَ التَّقْيِيدَيْنِ وَأَمَّا إذَا تَعَارَضَا فَلَا لِأَنَّ حَمْلَهُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَيْسَ بِأَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْآخَرِ وَهُنَا تَعَارَضَا لِأَنَّ كَفَّارَةَ الظِّهَارِ مُقَيَّدَةٌ بِالتَّتَابُعِ وَكَذَا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَصَوْمُ الْمُتْعَةِ مُقَيَّدٌ بِالتَّفْرِيقِ فَتَعَارَضَا فَبَقِيَ الْمُطْلَقُ عَلَى إطْلَاقِهِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَلَنَا قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَجَازَ التَّقْيِيدُ بِهَا لِأَنَّهَا مَشْهُورَةٌ فَصَارَتْ كَخَبَرِهِ الْمَشْهُورِ وَلَا يَلْزَمُنَا أَنَّا لَا نَحْمِلُ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لِأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَا فِي السَّبَبِ أَوْ فِي حُكْمَيْنِ وَأَمَّا إذَا كَانَا فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ فَنَحْمِلُهُ وَقَوْلُهُ صَوْمُ الْمُتْعَةِ مُقَيَّدٌ بِالتَّفْرِيقِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ وَإِنَّمَا لَا يَجُوزُ صَوْمُ السَّبْعَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّ وَقْتَهُ لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالرُّجُوعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ صَامَهُ فِيهَا مُتَفَرِّقًا لَا يَجُوزُ أَيْضًا ثُمَّ الْفَقْرُ وَالْيَسَارُ يُعْتَبَرُ وَقْتَ التَّكْفِيرِ عِنْدَنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْحِنْثِ حَتَّى لَوْ حَنِثَ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ أَعْسَرَ جَازَ لَهُ التَّكْفِيرُ بِالصَّوْمِ عِنْدَنَا وَبِعَكْسِهِ لَا يَجُوزُ وَعِنْدَهُ عَلَى الْعَكْسِ هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْحَدِّ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّنْصِيفُ بِالرِّقِّ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَلَنَا أَنَّ الصَّوْمَ بَدَلٌ عَنْ التَّكْفِيرِ بِالْمَالِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ وَقْتُ الْأَدَاءِ كَالتَّيَمُّمِ بَدَلٌ عَنْ الْمَاءِ فَيُصَارُ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَقْتَ الِاسْتِعْمَالِ وَالشَّرْطُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَدَمُ الْأَصْلِ بِالنَّصِّ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّ حَدَّ الْعَبِيدِ لَيْسَ بِبَدَلٍ عَلَى حَدِّ الْأَحْرَارِ

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكَفَّارَتُهُ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ إلَخْ ) شَرَعَ فِي الْكَفَّارَةِ بَعْدَ بَيَانِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ وَمَا لَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهَا تَكُونُ بَعْدَ الْيَمِينِ لِوُجُوبِهَا بِالْحِنْثِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ الْكَفَّارَةُ فَعَّالَةٌ مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ وَبِهِ سُمِّيَ اللَّيْلُ كَافِرًا قَالَ فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمَامُهَا وَتَكَفَّرَ بِثَوْبِهِ اشْتَمَلَ بِهِ وَإِضَافَتُهَا إلَى الْيَمِينِ فِي قَوْلِنَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ إضَافَةٌ إلَى الشَّرْطِ مَجَازًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ إضَافَةٌ إلَى السَّبَبِ فَالْيَمِينُ هِيَ السَّبَبُ ا هـ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ عِتْقُ رَقَبَةٍ قَالَ الْكَمَالُ أَيْ إعْتَاقُهَا لَا نَفْسَ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَوْ وَرِثَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَنَوَى عَنْ الْكَفَّارَةِ لَا يَجُوزُ وَيُجْزِئُ فِيهَا مَا يُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ وَتَقَدَّمَ الْمُجْزِئُ فِي الظِّهَارِ مِنْ أَنَّهَا الْمُسْلِمَةُ وَالْكَافِرَةُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَلَا يُجْزِئُ فَائِتُ جِنْسِ الْمَنْفَعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَتُجْزِئُ الْعَوْرَاءُ لَا الْعَمْيَاءُ وَمَقْطُوعُ إحْدَى الْيَدَيْنِ وَإِحْدَى الرِّجْلَيْنِ مِنْ خِلَافِ وَلَا يَجُوزُ مَقْطُوعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَفِي الْأَصَمِّ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ بِحَيْثُ إذَا صِيحَ عَلَيْهِ يَسْمَعُ جَازَ وَلَا يَجُوزُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَا يُفِيقُ وَمَنْ يُفِيقُ وَيُجَنُّ يَجُوزُ وَلَا الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ لِأَنَّهُمَا لِاسْتِحْقَاقِهِمَا الْحُرِّيَّةَ نَقَصَ الرِّقُّ فِيهِمَا بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ الَّذِي لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا يَجُوزُ بِخِلَافِ الَّذِي أَدَّى بَعْضَ شَيْءٍ لِأَنَّهُ كَالْمَعْتُوقِ بِعِوَضٍ وَإِنْ شَاءَ كَسَا عَشْرَةَ مَسَاكِينَ كُلَّ وَاحِدٍ ثَوْبًا فَمَا زَادَ يَعْنِي إنْ كَسَاهُ ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَهُوَ أَفْضَلُ وَأَدْنَاهُ مَا يَجُوزُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَإِنْ شَاءَ أَطْعَمَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ كَالْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَهِيَ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ

أَوْ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ ذَكَرَهُ الْكَرْخِيُّ بِإِسْنَادِهِ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ نِصْفُهُ مِنْ بُرٍّ وَبِإِسْنَادِهِ إلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ حِنْطَةٍ وَبِسَنَدِهِ إلَى الْحَسَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ وَبِإِسْنَادِهِ إلَى مُجَاهِدٍ قَالَ كُلُّ كَفَّارَةٍ فِي الْقُرْآنِ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَلَوْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ وَفِيهِمْ فَطِيمٌ أَوْ فَوْقَهُ قَرِيبًا لَمْ يَجُزْ عَنْ إطْعَامِ مِسْكِينٍ وَيَجُوزُ أَنْ يُغَدِّيَهُمْ وَيُعَشِّيَهُمْ بِخُبْزٍ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ بُرًّا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِدَامُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَبِإِدَامٍ وَيُجْزِئُ فِي الْإِطْعَامِ كُلٌّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَالْإِبَاحَةِ وَتَقَدَّمَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى { فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشْرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } وَكَلِمَةُ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَحَدَ الْأَشْيَاءِ الثَّلَاثَةِ وَلِلْعَبْدِ الْخِيَارُ فِي تَعْيِينِ أَيِّهِمَا شَاءَ وَيَتَعَيَّنُ الْوَاجِبُ عَيْنًا بِفِعْلِ الْعَبْدِ وَالْمَسْأَلَةُ طَوِيلَةٌ فِي الْأُصُولِ ا هـ قَوْلُهُ وَالصَّغِيرَةُ إلَخْ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَلَمْ يُقَيِّدْ فَجَازَ هُنَا مَا جَازَ ثَمَّةَ ا هـ أَتْقَانِيٌّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ مَقْطُوعُهُمَا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ أَيْ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْمَشْيِ مُتَعَذِّرَةٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَمِيصٌ أَوْ إزَارٌ ) أَوْ قَبَاءٌ أَوْ كِسَاءٌ أَوْ جُبَّةٌ أَوْ مِلْحَفَةٌ لِأَنَّ لَابِسَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يُسَمَّى مُكْتَسِيًا فَيُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا وَفِي السَّرَاوِيلِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَةِ قَالَ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ لَا يَجُوزُ فِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ يَجُوزُ كَذَا فِي الْأَجْنَاسِ وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ لَا يُجْزِئُ فِي ذَلِكَ الْعِمَامَةُ وَلَا الْقَلَنْسُوَةُ وَلَا السَّرَاوِيلُ وَرَوَى ذَلِكَ ابْنُ سِمَاعَةَ وَبِشْرٌ وَعَلِيُّ

بْنُ الْجَعْدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ إمْلَاءِ مُحَمَّدٍ عَنْهُ كَذَلِكَ أَنَّ لَابِسَهُ يُسَمَّى عُرْيَانَا وَقَالَ فِي خُلَاصَةِ الْفَتَاوَى وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَعْطَى الْمَرْأَةَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ أَعْطَى الرَّجُلَ يَجُوزُ لِجَوَازِ صَلَاتِهِ فِيهِ كَالْقَمِيصِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَذَكَرَ ابْنُ شُجَاعٍ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ مِنْ تَصْنِيفِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ كَانَ الْعِمَامَةُ قَدْرُهَا قَدْرُ الْإِزَارِ السَّابِغِ أَوْ مَا يُقْطَعُ قَمِيصًا يُجْزَى وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَسَا رَجُلًا فَأَمَّا إذَا كَسَا امْرَأَةً قَالَ الطَّحَاوِيُّ يَزِيدُ فِيهِ الْخِمَارَ لِأَنَّ رَأْسَهَا عَوْرَةٌ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إذَا كَانَتْ مَكْشُوفَةً ا هـ قَالَ الْكَمَالُ وَهَذَا يُشَابِهُ الرِّوَايَةَ الَّتِي عَنْ مُحَمَّدٍ فِي دَفْعِ السَّرَاوِيلِ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ لَا يَكْفِي وَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرُ الْجَوَابِ وَإِنَّمَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مَا ثَبَتَ بِهِ اسْمُ الْمُكْتَسِي وَيَنْتَفِي عَنْهُ اسْمُ الْعُرْيَانِ وَعَلَيْهِ بُنِيَ عَدَمُ إجْزَاءِ السَّرَاوِيلِ لَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا فَإِنَّهُ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْأَمْرِ بِالْكِسْوَةِ إذْ لَيْسَ مَعْنَاهُ إلَّا جَعْلَ الْفَقِيرِ مُكْتَسِيًا عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَتْ لَابِسَةً قَمِيصًا سَابِلًا وَإِزَارًا وَخِمَارًا غَطَّى رَأْسَهَا وَأُذُنَيْهَا دُونَ عُنُقِهَا لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِ اسْمِ أَنَّهَا مُكْتَسِيَةٌ لَا عُرْيَانَةٌ وَمَعَ هَذَا لَا تَصِحُّ صَلَاتُهَا فَالْعِبْرَةُ لِثُبُوتِ ذَلِكَ الِاسْمِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ أَوْ لَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَكِنَّ مَا لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْكِسْوَةِ إلَخْ ) قَالَ الْكَمَالُ ثُمَّ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِلْإِجْزَاءِ عَنْ الْإِطْعَامِ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ عَنْ الْإِطْعَامِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُجْزِيهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ عَنْ الْإِطْعَامِ ا هـ قَوْلُهُ يُجْزِيهِ عَنْ الطَّعَامِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ ) قَالَ الْأَتْقَانِيُّ وَلَوْ أَعْطَى عَشْرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا بَيْنَهُمْ وَهُوَ ثَوْبٌ كَثِيرُ الْقِيمَةِ

يُصِيبُ كُلَّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ ثَوْبٍ لَمْ يُجْزِهِ مِنْ الْكِسْوَةِ وَأَجْزَأَهُ مِنْ الْإِطْعَامِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ أَحَدِهِمَا ) يَعْنِي إذَا حَنِثَ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ لَا يَجِدُ مَا يَعْتِقُ أَوْ يَكْسُو أَوْ يُطْعِمُ فَعَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّنْصِيفُ بِالرِّقِّ وَقْتَ الْوُجُوبِ ) فَلَوْ زَنَى الْعَبْدُ ثُمَّ أُعْتِقَ يُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ الْعَبِيدِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالشَّرْطُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَدَمُ الْأَصْلِ بِالنَّصِّ ) قَالَ تَعَالَى { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ } وَقَالَ تَعَالَى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } ا هـ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62