كتاب : تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق
المؤلف : فخر الدين عثمان بن علي الزيلعي

التَّشَهُّدِ ا هـ رَازِيٌّ وَسَوَاءٌ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مُقِيمًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِدًا لَهُ لَا تَبْطُلُ ) قَالَ الشَّارِحُ فِي بَابِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَدْ قَالُوا إذَا انْتَقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ وَمِنْ الْمَشَايِخِ مَنْ قَالَ تَفْسُدُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الرَّجُلِ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ السِّرَايَةَ ، ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لَهُ وَيُصَلِّي كَمَا لَوْ بَقِيَ فِي أَعْضَائِهِ لَمْعَةٌ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُهَا بِهِ فَإِنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَكَذَا هَذَا ا هـ قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ يَمْضِي عَلَى صَلَاتِهِ قَالَ قَاضِي خَانْ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الزَّاهِدِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَمْضِي فِيهَا بِلَا تَيَمُّمٍ قَالَ الْكَمَالُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ هَذَا الْقَوْلِ وَتَتِمَّةُ كَلَامِهِ نَقَلْته فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَانْظُرْهُ إنْ أَرَدْته ا هـ ، وَكَذَا لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ مَنِيعٌ ( قَوْلُهُ أَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ ) أَيْ أَوْ أَحَدَهُمَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ تَعَلَّمَ أُمِّيٌّ سُورَةً إلَى آخِرِهِ ) اقْتَدَى الْأُمِّيُّ بِقَارِئٍ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً إلَى آخِرِهِ ، فَلَمَّا فَرَغَ الْإِمَامُ قَالَ الْأُمِّيُّ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ فِي الْقِيَاسِ وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُهُمَا وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ بِالِاقْتِدَاءِ بِالْقَارِئِ الْتَزَمَ أَدَاءَ هَذِهِ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ حِينَ قَامَ لِلْقَضَاءِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ فِيمَا يَقْضِي فَلَا تَكُونُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ الْقِرَاءَةَ ضِمْنًا لِلِاقْتِدَاءِ وَهُوَ مُقْتَدٍ فِيمَا بَقِيَ عَلَى الْإِمَامِ لَا فِيمَا سَبَقَهُ بِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ بَنَى كَانَ مُؤَدِّيًا بَعْضَ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ وَبَعْضَهَا بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ كَانَ مُؤَدِّيًا كُلَّهَا بِغَيْرِ

قِرَاءَةٍ ا هـ بَدَائِعُ وَفِي الْبَدَائِعِ أُمِّيٌّ صَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ ، ثُمَّ تَعَلَّمَ سُورَةً فَقَرَأَهَا فِيمَا بَقِيَ فَصَلَاتُهُ فَاسِدَةٌ مِثْلُ الْأَخْرَسِ يَزُولُ خَرَسُهُ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَصَلَّى بَعْضَ صَلَاتِهِ بِقِرَاءَةٍ ، ثُمَّ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فَصَارَ أُمِّيًّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْهُذَيْلِ لَا تَفْسُدُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تَفْسُدُ فِي الْأَوَّلِ وَلَا تَفْسُدُ فِي الثَّانِي اسْتِحْسَانًا وَجْهُ قَوْلِ زُفَرَ أَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَقَطْ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَارِئَ لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ أَجْزَأَهُ فَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَعَجْزُهُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ كَمَا لَوْ تَرَكَ مَعَ الْقُدْرَةِ وَإِذَا تَعَلَّمَ وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَدْ أَدَّى فَرْضَ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَضُرُّ عَجْزُهُ عَنْهَا فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا لَا يَضُرُّ تَرْكُهَا وَجْهُ قَوْلِهِمَا إنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَ الصَّلَاةَ فِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ الْأَدَاءُ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ فَأَمَرَ بِالِاسْتِقْبَالِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَهَا فِي الثَّانِي لَأَدَّى كُلَّ الصَّلَاةِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ فَكَانَ الْبِنَاءُ أَوْلَى لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا الْبَعْضَ بِقِرَاءَةٍ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَلَا تَسْقُطُ إلَّا بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْهَا فِي كُلِّ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ فِي بَعْضِهَا فَاتَ الشَّرْطُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمُؤَدَّى لَمْ يَقَعْ صَلَاةً ؛ وَلِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْأُمِّيِّ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقِرَاءَةِ بَلْ انْعَقَدَتْ لِأَفْعَالِ صَلَاتِهِ ، فَإِذَا قَدَرَ صَارَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ فَلَا يَصِحُّ أَدَاؤُهَا بِلَا تَحْرِيمَةٍ كَأَدَاءِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالصَّلَاةُ لَا تُوجَدُ بِدُونِ أَرْكَانِهَا فَفَسَدَتْ وَلِأَنَّ الْأَسَاسَ الضَّعِيفَ لَا يَحْتَمِلُ بِنَاءَ الْقَوِيِّ عَلَيْهِ وَالصَّلَاةُ

بِقِرَاءَةٍ أَقْوَى فَلَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا عَلَى الضَّعِيفِ كَالْعَارِي إذَا وَجَدَ ثَوْبًا وَالْمُتَيَمِّمِ إذَا وَجَدَ الْمَاءَ وَإِذَا كَانَ قَارِئًا فِي الِابْتِدَاءِ فَقَدْ عَقَدَ تَحْرِيمَتَهُ لِأَدَاءِ كُلِّ الصَّلَاةِ بِقِرَاءَةٍ ، وَقَدْ عَجَزَ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ ا هـ ( قَوْلُهُ فَقَدْ قِيلَ : إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَبْطُلُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ فِي الْغَايَةِ بِالِاتِّفَاقِ ا هـ غَايَةٌ وَقَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِالْإِجْمَاعِ قَوْلُهُ وَعِنْدَ عَامَّتِهِمْ أَنَّهَا تَفْسُدُ ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لَهُمَا ا هـ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أُمِّيًّا فَتَعَلَّمَ سُورَةً يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ يُصَلِّي وَحْدَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ صَلَاتَهُ جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَبِهِ نَأْخُذُ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْن أَوْ اسْتَخْلَفَ أُمِّيًّا ) أَيْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ ) أَيْ فِي كِتَابِ كَشْفِ الْغَوَامِضِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : إنَّ صَلَاتَهُ لَا تَفْسُدُ ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ فِي الْفَجْرِ ) أَيْ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ ا هـ عِ ( قَوْلُهُ : أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ إلَى آخِرِهِ ) قِيلَ كَيْفَ يَتَحَقَّقُ هَذَا الْخِلَافُ وَدُخُولُ الْعَصْرِ عِنْدَهُ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ وَعِنْدَهُمَا إذَا صَارَ مِثْلَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَقْتًا مُهْمَلًا فَإِذَا صَارَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ يَتَحَقَّقُ الْخُرُوجُ عِنْدَهُمْ وَتَمَّتْ الصَّلَاةُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ بَاطِلَةٌ وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ وَقِيلَ يُمْكِنُ أَنْ يَقْعُدَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إلَى أَنْ يَصِيرَ

الظِّلُّ مِثْلَيْهِ فَحِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا تَرَى وَلَكِنْ يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ عَلَى الْمَرْوِيِّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْخُرُوجَ وَالدُّخُولَ بِكَوْنِ ظِلِّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُمَا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَحَقَّقُ الْخِلَافُ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْيَنَابِيعِ : هَذِهِ لَا تُتَصَوَّرُ إلَّا عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ كَقَوْلِهِمَا يَعْنِي حَتَّى يَتَحَقَّقَ الْخِلَافُ وَفِي الْمَنَافِعِ هَذَا عَلَى اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَهُمَا إذَا صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ وَعِنْدَهُ إذَا صَارَ مِثْلَيْهِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَقِيلَ تَخْصِيصُ الْجُمُعَةِ اتِّفَاقِيٌّ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الظُّهْرِ كَذَلِكَ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ الْعَصْرِ فِي الظُّهْرِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فِي الْجُمُعَةِ ) يَعْنِي أَوَّلًا لِذَلِكَ كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُقَالَ أَوْ خَرَجَ وَقْتُ الظُّهْرِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ زَالَ عُذْرُ الْمَعْذُورِ ) أَيْ بِأَنْ تَوَضَّأَتْ مُسْتَحَاضَةٌ مَعَ السَّيَلَانِ وَشُرِعَتْ فِي الظُّهْرِ وَقَعَدَتْ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَانْقَطَعَ الدَّمُ وَدَامَ الِانْقِطَاعُ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ تُعِيدُ الظُّهْرَ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ إذَا اسْتَوْعَبَ الِانْقِطَاعُ وَقْتًا كَامِلًا ) أَيْ بَعْدَ الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ وَوُقُوعُ الِانْقِطَاعِ فِيهِ ، فَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ أَنَّهُ انْقِطَاعٌ مُؤَثِّرٌ فَيَظْهَرُ الْفَسَادُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَقْضِيهَا ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَى الْمَرْكَبِ ) أَيْ إلَّا أَنْ يُسَمَّى بِهِ فَيُنْسَبُ إلَى صَدْرِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ سَلَّمَ وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ فَعَادَ إلَيْهِمَا فَلَمَّا سَجَدَ سَجْدَةً تَعَلَّمَ سُورَةً تَفْسُدُ صَلَاتُهُ

عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَادَ إلَى حُرْمَةِ الصَّلَاةِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَعَلَّمَ قَبْلَ السَّلَامِ بَعْدَ مَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَيَصِيرُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً وَلَوْ سَلَّمَ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ أَوْ قِرَاءَةَ تَشَهُّدٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي الْكِتَابِ قَالَ : وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشْرَةَ ؛ لِأَنَّهُ سَلَّمَ سَاهِيًا فَيُجْعَلُ كَالْعَدَمِ أَمَّا لَوْ سَلَّمَ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّمَ سُورَةً وَعَلَيْهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ بِفِعْلِ الْمُصَلِّي فَرْضٌ عِنْدَهُ ) أَيْ فَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَتَفْسُدُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَهُمَا لَيْسَ بِفَرْضٍ ) أَيْ فَاعْتِرَاضُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاعْتِرَاضِهَا بَعْدَ السَّلَامِ عِنْدَهُمَا ا هـ ( قَوْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ ) أَيْ إذَا قُلْت هَذَا أَوْ فَعَلْت هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُك ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ مَا يُغَيِّرُ فِي أَثْنَائِهَا يُغَيِّرُ فِي آخِرِهَا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَيُحْمَلُ اعْتِرَاضُ الْمُغَيِّرِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاعْتِرَاضِهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ لِبَقَاءِ التَّحْرِيمَةِ بِخِلَافِ الْكَلَامِ وَالْقَهْقَهَةِ وَالْحَدَثِ الْعَمْدِ وَمُحَاذَاةِ الْمَرْأَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّهَا قَاطِعَةٌ لِلصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهَا بِصُنْعِهِ لَا أَنَّهَا بِغَيْرِهِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ صَاحِبُ التَّأْسِيسِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي الْمُجْتَبَى وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا ا هـ دِرَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَصَحَّ اسْتِخْلَافُ الْمَسْبُوقِ ) أَيْ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمَسْبُوقَ بِرَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِي الصَّلَاةِ وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُنْفَرِدًا فِيمَا يَقْضِي بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمُدْرِكَ لِمَا رَوَيْنَا وَلِكَوْنِهِ أَقْدَرُ عَلَى الْإِتْمَامِ وَأَعْلَمُ بِحَالِ الْإِمَامِ وَيَنْبَغِي لِهَذَا الْمَسْبُوقِ أَنْ لَا يَقْبَلَ وَأَنْ لَا يَتَقَدَّمَ لِعَجْزِهِ عَنْ التَّسْلِيمِ فَإِنْ تَقَدَّمَ جَازَ وَيَسْتَخْلِفُ مُدْرِكًا عِنْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ إمَامِهِ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ وَيَسْجُدَ لِلسَّهْوِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْإِمَامِ سَهْوٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ الْإِمَامُ مُسَافِرًا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يُقَدِّمَ مُقِيمًا لِعَجْزِهِ عَنْ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَلْتَزِمُوا مُتَابَعَتَهُ فِيمَا زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إذْ لَا يَلْزَمُهُمْ الْإِتْمَامُ بِاسْتِخْلَافِهِ كَمَا لَا يَلْزَمُهُمْ بِنِيَّةِ الْمُسْتَخْلِفِ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ بِنِيَّةِ خَلِيفَتِهِ وَلَوْ قَدَّمَهُ أَيْ قَدَّمَ الْمُقِيمَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ لِمَا قُلْنَا وَإِنْ تَقَدَّمَ جَازَ لِوُجُودِ الْمُشَارَكَةِ فِيهَا فَإِذَا أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ قُدِّمَ مُسَافِرٌ لِيُسَلِّمَ بِهِمْ ، ثُمَّ يُصَلِّي كُلُّ مُقِيمٍ رَكْعَتَيْنِ مُنْفَرِدًا لِأَنَّ اقْتِدَاءَهُمْ انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلْمُتَابَعَةِ إلَى هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَوْ قَامَ فَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ ، وَكَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَقَامَ فَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمُقِيمِينَ دُونَ الْمُسَافِرِينَ الْمُدْرِكِينَ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ مَسْبُوقًا فَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَتَابَعُوهُ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِينَ وَاللَّاحِقِينَ دُونَ الْمُدْرِكِينَ وَلَوْ قَدَّمَ لَاحِقًا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ لِلْحَالِ إلَّا بِارْتِكَابِ مَكْرُوهٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ أَوَّلًا بِمَا فَاتَهُ مَعَ

الْإِمَامِ فَإِنْ قَدَّمَهُ فَلَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ وَيُقَدِّمَ مُدْرِكًا فَإِنْ تَقَدَّمَ أَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ لَا يُتَابِعُوهُ حَتَّى يَفْرُغَ مَا عَلَيْهِ فَيَقَعَ الْأَدَاءُ مُرَتَّبًا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَأَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ ، ثُمَّ تَأَخَّرَ وَقَدَّمَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ جَازَ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي الْمَسْبُوقُ أَوَّلًا مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ فَإِذَا قَامَ يَقْضِي فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( فَلَوْ أَتَمَّ صَلَاةَ الْإِمَامِ تَفْسُدُ بِالْمُنَافِي صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ ) أَيْ لَوْ أَتَمَّ الْمَسْبُوقُ الْمُسْتَخْلَفُ صَلَاةَ الْإِمَامِ فَأَتَى بِمَا يُنَافِي الصَّلَاةَ مِنْ ضَحِكٍ وَكَلَامٍ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ دُونَ صَلَاةِ الْقَوْمِ لِأَنَّ الْمُفْسِدَ وُجِدَ فِي حَقِّهِ فِي خِلَالِ الصَّلَاةِ وَفِي حَقِّهِمْ بَعْدَ تَمَامِ أَرْكَانِهَا وَكَذَا تَفْسُدُ صَلَاةُ مَنْ هُوَ مِثْلُ حَالِهِ وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ فَرَغَ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ تَفْسُدْ وَقِيلَ : لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مُقْتَدِيًا بِالْخَلِيفَةِ قَصْدًا وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِفَسَادِ صَلَاةِ إمَامِهِ وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ فِي مَنْزِلِهِ قَبْلَ فَرَاغِ هَذَا الْمُسْتَخْلَفِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّ انْفِرَادَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كَمَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ لَدَى اخْتِتَامِهِ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ ) أَيْ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِقَهْقَهَةِ إمَامِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْدِثْ الْإِمَامُ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا لَكِنْ وُجِدَ مِنْهُ الْقَهْقَهَةُ حِينَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ فَإِنَّ صَلَاةَ الْمَسْبُوقِ تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ أَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا بِكَلَامِهِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ

التَّشَهُّدِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا تَفْسُدُ بِقَهْقَهَتِهِ أَيْضًا وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْحَدَثُ الْعَمْدُ لَهُمَا أَنَّ صَلَاةَ الْمُقْتَدِي مَبْنِيَّةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ صِحَّةً وَفَسَادًا وَلَمْ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَكَذَا صَلَاتُهُ كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَهُ أَنَّ الْقَهْقَهَةَ وَالْحَدَثَ الْعَمْدَ مُفْسِدَانِ لِلْجُزْءِ الَّذِي يُلَاقِيَانِهِ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيُفْسِدَانِ مِثْلَهُ مِنْ صَلَاةِ الْمَأْمُورِ غَيْرَ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْمُدْرِكَ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى الْبِنَاءِ وَالْمَسْبُوقَ وَمَنْ حَالُهُ مِثْلُ حَالِهِ يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَالْبِنَاءُ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ بِخِلَافِ السَّلَامِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ } فَصَارَ مِنْ وَاجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي مَعْنَاهُ لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ لِوُجُودِ كَافِ الْخِطَابِ فِيهِ وَلِهَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ فُلَانًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ سَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ فَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يُسَلِّمُوا وَلَوْ قَهْقَهُوا بَعْدَمَا سَلَّمَ يَبْطُلُ وُضُوءُهُمْ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ لَمْ يُسَلِّمُوا وَلَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهُمْ بِالْقَهْقَهَةِ فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُمْ لَا يَخْرُجُونَ مِنْ الصَّلَاةِ بِسَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِهِ وَبِحَدَثِهِ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَتِهِ يَخْرُجُونَ ، وَكَذَا الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ لِكَوْنِهِ مَأْمُورًا بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ } وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ بَعْدَمَا قَعَدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ الْإِمَامُ ، ثُمَّ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَأَكَّدَ انْفِرَادُهُ فِي هَذِهِ

الْحَالَةِ حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ أَنْ يُقَيِّدَهَا بِالسَّجْدَةِ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَكَّدْ انْفِرَادِهِ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُتَابِعَهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَإِنْ لَمْ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْمُتَابَعَةِ .

( قَوْلُهُ : وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتَخْلِفَ الْمُدْرِكَ لِمَا رَوَيْنَا ) أَيْ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَيُقَدَّمُ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِشَيْءٍ } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ مِنْهُ فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَجَمَاعَةَ الْمُؤْمِنِينَ } ا هـ نِهَايَةٌ وَالْمُقْتَدُونَ بِمَنْزِلَةِ الرَّعَايَا ا هـ كَاكِيٌّ وَلَوْ اسْتَخْلَفَ جُنُبًا أَوْ مُحْدِثًا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْقَوْمِ ، كَذَا ذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ فَاشْتِغَالُهُ بِاسْتِخْلَافِهِ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ أَنَّهُ صَحِيحٌ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ، وَكَذَا لَوْ قَدَّمَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً تَفْسُدُ صَلَاةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَقَالَ زُفَرُ صَلَاةُ الْمَرْأَةِ وَالنِّسَاءِ صَحِيحَةٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا قَدَّمَ أُمِّيًّا أَوْ عَارِيًّا ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَدَّمَ جَازَ إلَى آخِرِهِ ) وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْقَوْمِ مَنْ أَدْرَكَ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقُومُوا إلَى الْقَضَاءِ فَيَقْضُوا وُحْدَانًا وَيَسْجُدُونَ لِلسَّهْوِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْقَضَاءِ وَالتَّسْلِيمِ ا هـ شَرْحُ الطَّحَاوِيِّ ( قَوْلُهُ أَوْ بِنِيَّةِ خَلِيفَتِهِ ) أَيْ لَوْ كَانَ مُسَافِرًا فِي الْأَصْلِ وَعِنْدَ زُفَرَ يَنْقَلِبُ فَرْضُهُمْ أَرْبَعًا لِلِاقْتِدَاءِ بِالْمُقِيمِ ، قُلْنَا : لَيْسَ هُوَ إمَامًا إلَّا ضَرُورَةً عَجَزَ الْأَوَّلُ عَنْ الْإِتْمَامِ لَمَّا شَرَعَ فِيهِ فَيَصِيرُ قَائِمًا مَقَامَهُ فِيمَا هُوَ قَدْرُ صَلَاتِهِ إذْ الْخُلْفُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْأَصْلِ كَأَنَّهُ هُوَ فَكَانُوا مُقْتَدِينَ بِالْمُسَافِرِ مَعْنًى وَصَارَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضًا عَلَى الْخَلِيفَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ ، أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِمَامُ أَوَّلًا الْإِقَامَةَ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْمُقِيمِينَ وَهَذَا إذَا عَلِمَ بِنِيَّةِ الْإِمَامِ بِأَنْ أَشَارَ الْإِمَامُ إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِخْلَافِ

فَأَفْهَمَهُ قَصْدَ الْإِقَامَةِ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ وَصَارَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضًا حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْعُدْ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ مِنْ الْمُسَافِرِينَ وَالْمُقِيمِينَ ا هـ فَتْحٌ فِي بَابِ الْمُسَافِرِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَامَ فَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ إلَى آخِرِهِ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ قَامَ أَيْ قَامَ الْمُقِيمُ الْمُسْتَخْلَفُ فَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ ، وَكَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ مُسَافِرًا فَقَامَ وَهَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَهُوَ حَاشِيَةٌ ا هـ فَلْيُتَأَمَّلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي رَكَعَاتِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِفَرْضٍ ) عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ يُصَلِّي إلَى آخِرِهِ ) وَقَالَ زُفَرُ لَا يَجْزِيه ، وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْبُدَاءَةِ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ فَقَدْ تَرَكَ التَّرْتِيبَ الْمَأْمُورَ بِهِ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ كَالْمَسْبُوقِ إذَا بَدَأَ بِقَضَاءِ مَا فَاتَهُ قَبْلَ أَنْ يُتَابِعَ فِيمَا أَدْرَكَ مَعَهُ وَلَنَا أَنَّهُ أَتَى بِجَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا تَرْكَ التَّرْتِيبِ فِي أَفْعَالِهَا وَالتَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ بِفَرْضٍ ؛ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ لَوْ ثَبَتَ افْتِرَاضُهُ لَكَانَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى الْأَرْكَانِ وَالْفَرَائِضِ وَذَا لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ جَارٍ مَجْرَى النَّسْخِ وَلَا يَثْبُتُ نَسْخٌ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ مَقْطُوعٍ بِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ مِثْلِهِ وَلَا دَلِيلَ لِمَنْ جَعَلَ التَّرْتِيبَ يُسَاوِي دَلِيلَ افْتِرَاضِ سَائِرِ الْأَرْكَانِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَى آخِرِ صَلَاتِهِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ ، وَلَوْ كَانَ التَّرْتِيبُ فِي أَفْعَالِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فَرْضًا لَفَسَدَتْ ، وَكَذَا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ مِنْ السُّجُودِ يُتَابِعُهُ فِيهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَاعَاةَ التَّرْتِيبِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ بِفَرْضٍ فَتَرْكُهَا لَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ خِلَافَ الْمَسْبُوقِ

فَإِنَّ هُنَاكَ لَيْسَ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ بَلْ لِلْعَمَلِ بِالْمَنْسُوخِ أَوْ لِلِانْفِرَادِ عِنْدَ وُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ : فَهُوَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ ) أَيْ فَقَدْ قَدَّمَ آخِرَهَا عَلَى أَوَّلِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ : صَلَاتُهُ دُونَ الْقَوْمِ إلَى آخِرِهِ ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْقَوْمِ أَيْضًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ : وَالْإِمَامُ الْأَوَّلُ إنْ فَرَغَ ) أَيْ مِنْ صَلَاتِهِ خَلْفَ الثَّانِي مَعَ الْقَوْمِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ) أَيْ كَغَيْرِهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ لَا تَفْسُدُ ) أَيْ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَفْصٍ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَخْلَفَهُ صَارَ مُقْتَدِيًا بِهِ إلَى آخِرِهِ ) وَلِذَا قَالُوا : لَوْ تَذَكَّرَ الْخَلِيفَةُ فَائِتَةً فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقَوْمِ وَلَوْ تَذَكَّرَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَمَا خَرَجَ تَذَكَّرَهَا الْأَوَّلُ بَعْدَمَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ خَاصَّةً أَوْ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ الْخَلِيفَةِ وَالْقَوْمِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ ) أَيْ عِنْدَنَا وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمَأْمُومَ إذَا نَوَى مُفَارَقَةَ الْإِمَامِ وَأَتَمَّ لِنَفْسِهِ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ فِيهِ قَوْلَانِ وَأَصَحُّهُمَا الْجَوَازُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لَا بِخُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَكَلَامِهِ ) قَالَ الرَّازِيّ يَعْنِي إذَا قَهْقَهَ الْإِمَامُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ، وَأَمَّا لَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ وَالْخُرُوجَ مِنْ الْمَسْجِدِ قَاطِعَانِ الصَّلَاةَ لَا مُفْسِدَانِ فَإِذَا صَادَفَا جُزْءًا لَمْ يُفْسِدَاهُ فَلَمْ يُؤَثِّرْ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْمَسْبُوقِ لَكِنَّهُ يَقْطَعُهَا فِي أَوَانِهِ وَلَا يَقْطَعُهَا فِي غَيْرِ أَوَانِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَيْ كَمَا تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمَسْبُوقِ إلَى آخِرِهِ ) قَيَّدَ بِالْمَسْبُوقِ ؛ لِأَنَّ

صَلَاةَ الْمُدْرِكِ لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِقِ رِوَايَتَانِ قِيلَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَفْسُدُ ا هـ قُنْيَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَفِي صَلَاةِ اللَّاحِق رِوَايَتَانِ وَقَبْلَ التَّشَهُّدِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْجَمِيعِ وَبَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا ا هـ ( قَوْلُهُ كَالسَّلَامِ وَالْكَلَامِ وَالْخُرُوجِ إلَى آخِرِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ وُجِدَتْ مِنْهُ هَذِهِ الْجِنَايَةُ أَوْلَى بِفَسَادِ صَلَاتِهِ فَإِذَا لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَيَفْسُدَانِ إلَى آخِرِهِ ) وَهُوَ اللَّاحِقُ وَالْمُقِيمُ خَلْفَ الْمُسَافِرِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْهُ ) أَيْ مُتَمِّمٌ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمَ ) أَيْ وَهُوَ أَمْرٌ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ ) أَيْ مِنْ وَجْهٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لِوُجُودِ كَافِ الْخِطَابِ فِيهِ إلَى آخِرِهِ ) حَتَّى كَانَ مُفْسِدًا أَيْ خِلَالَ الصَّلَاةِ وَيُفَارِقُهُ مِنْ وَجْهٍ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّلَامَ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ فِي مَوْضِعِهِ دُونَ الْكَلَامِ فَعَمِلْنَا بِالشَّبَهَيْنِ فَأَظْهَرْنَا شُبْهَةَ الْإِنْهَاءِ فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ لِمَكَانِ الِافْتِقَارِ إلَى الْبِنَاءِ وَأَظْهَرْنَا شُبْهَةَ الْقَطْعِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْبِنَاءِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ يُوَضِّحُهُ ) أَيْ الْفَرْقُ ا هـ ( وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا أَوْ قَهْقَهَ لَمْ يُسَلِّمُوا ) أَيْ بَلْ يَقُومُونَ وَيَذْهَبُونَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ وُضُوءُهُمْ بِالْقَهْقَهَةِ ) أَيْ بَعْدَ أَنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ قَهْقَهَ ا هـ وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ لَوْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُقْتَدِي مِنْ التَّشَهُّدِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ التَّشَهُّدَ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السَّلَامِ وَلَوْ أَحْدَثَ مُتَعَمِّدًا لَا يُتِمُّ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ مِنْ مُوجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ ) أَيْ وَاجِبَاتِ التَّحْرِيمَةِ ا هـ كَذَا بِخَطِّ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ

إلَى آخِرِهِ ) بِأَنْ قَامَ الْمَسْبُوقُ لِلْقَضَاءِ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ تَارِكًا لِلْوَاجِبِ وَهُوَ أَنْ لَا يَقُومَ إلَّا بَعْدَ سَلَامِهِ ا هـ فَتْحٌ وَلَوْ قَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا سُبِقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَشَهَّدَ الْإِمَامُ وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِرَكْعَةٍ أَوْ بِرَكْعَتَيْنِ فَإِنَّ قِيَامَهُ وَقِرَاءَتَهُ إلَى أَنْ يَقْعُدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَغْوٌ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَمَا قَعَدَ الْإِمَامُ قَدْرَ التَّشَهُّدِ قِيَامٌ وَقِرَاءَةٌ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ مَسْبُوقًا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَالْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِنْهُمَا فَرْضٌ وَفِي رَكْعَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ بَعْدَمَا تَشَهَّدَ الْإِمَامُ قِيَامٌ وَإِنْ قَلَّ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَعَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ا هـ وَإِنْ وُجِدَ مِنْهُ قِيَامٌ بَعْدَ قُعُودِ الْإِمَامِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ ا هـ مِنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ ، وَقَالَ فِي الْبَدَائِعِ : وَأَمَّا إذَا أَقَامَ الْمَسْبُوقُ إلَى قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَضَاهُ أَجُزْأَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ أَمَّا الْجَوَازُ فَلِأَنَّ قِيَامَهُ حَصَلَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ، وَأَمَّا الْإِسَاءَةُ فَلِتَرْكِهِ انْتِظَارَ سَلَامِ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ أَوَانَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ بَعْدَ خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤَخِّرَ الْقِيَامَ عَنْ السَّلَامِ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سُجُودَ سَهْوٍ فَسَجَدَ إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الْمَسْبُوقُ رَكْعَتَهُ بِسَجْدَةٍ يَسْجُدُ مَعَ الْإِمَامِ وَيَبْطُلُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ لَا يَعُودُ لِاسْتِحْكَامِ الِانْفِرَادِ وَلَوْ عَادَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ لِاقْتِدَائِهِ بَعْدَ الِانْفِرَادِ وَلَوْ تَذَكَّرَ الْإِمَامُ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ فَسَجَدَهَا إنْ لَمْ يُقَيِّدْ

الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ بِالسَّجْدَةِ عَادَ وَسَجَدَ لِلسَّهْوِ مَعَهُ أَيْضًا ، ثُمَّ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا أَتَى بِهِ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ لَمْ يُعِدْ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَوْدُ الْإِمَامِ إلَى سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ بِرَفْضِ الْقَعْدَةِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ فَتَرْتَفِضُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا وَإِنْ قَيَّدَهَا بِسَجْدَةٍ فَإِنْ تَابَعَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً وَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَرِوَايَتَانِ رِوَايَةُ الْأَصْلِ الْفَسَادُ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَدَمُهُ وَلَوْ ذَكَرَ الْإِمَامُ سَجْدَةً صَلَاتِيَّةً تَابَعَهُ الْمَسْبُوقُ وَإِنْ لَمْ يَسْجُدْ فَإِنْ لَمْ يُتَابِعْهُ فَسَدَتْ وَإِنْ سَجَدَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ تَابَعَ الْإِمَامَ أَوْ لَمْ يُتَابِعْهُ ا هـ قَوْلُهُ : لَمْ تَجُزْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ قِيَامٌ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي هَذِهِ الرَّكْعَةِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْقِيَامُ بَعْدَ تَشَهُّدِ الْإِمَامِ وَلَمْ يُوجَدْ فَلِهَذَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ، وَأَمَّا إذَا قَامَ بَعْدَمَا فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ التَّشَهُّدِ قَبْلَ السَّلَامِ فَقَضَى أَجْزَأَهُ وَهُوَ مُسِيءٌ ا هـ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَا يَلْزَمُهُ مُتَابَعَةُ إمَامِهِ ) أَيْ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ بَعْدَ سُجُودِهِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي الْقَوْمِ لَاحِقٌ إنْ فَعَلَ الْإِمَامُ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ قَامَ يَقْضِي مَا فَاتَهُ مَعَ الْإِمَامِ لَا تَفْسُدُ ، وَإِلَّا تَفْسُدُ عِنْدَهُ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي سُجُودِ السَّهْوِ ) أَيْ وَلَوْ تَابَعَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ا هـ دِرَايَةٌ بِمَعْنَاهَا .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ تَوَضَّأَ وَبَنَى وَأَعَادَهُمَا ) أَمَّا الْوُضُوءُ وَالْبِنَاءُ فَلِمَا بَيَّنَّاهُ ، وَأَمَّا إعَادَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلِأَنَّ إتْمَامَ الرُّكْنِ بِالِانْتِقَالِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَمَعَ الْحَدَثِ لَا يَتَحَقَّقُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَإِنْ تَمَّ قَبْلَ الِانْتِقَالِ لَكِنَّ الْجِلْسَةَ وَالْقَوْمَةَ فَرْضٌ عِنْدَهُ فَلَا تَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ عَلَى الْمَذْهَبَيْنِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُعِدْهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ كَانَ إمَامًا فَقَدَّمَ غَيْرَهُ دَامَ الْمُقَدَّمُ عَلَى رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ الْإِتْمَامُ بِالِاسْتِدَامَةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ لِلْمُدَاوَمَةِ فِيمَا لَهُ امْتِدَادُ حُكْمِ الِابْتِدَاءِ وَلِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ امْتِدَادٌ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ ابْتِدَاءً وَلِهَذَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَلْبَسُ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ لَا يَرْكَبُ هَذِهِ الدَّابَّةَ وَهُوَ لَابِسُهُ أَوْ رَاكِبُهَا بِالِاسْتِدَامَةِ عَلَى اللُّبْسِ أَوْ عَلَى الرُّكُوبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ ذَكَرَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا سَجْدَةً فَسَجَدَهَا لَمْ يُعِدْهُمَا ) يَعْنِي لَوْ ذَكَرَ فِي رُكُوعِهِ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً فَانْحَطَّ مِنْ رُكُوعِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ أَوْ ذَكَرَهَا وَهُوَ سَاجِدٌ فَرَفَعَ رَأْسه مِنْ السُّجُودِ فَسَجَدَهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ الَّذِي كَانَ فِيهِ لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْوَاجِبَاتِ وَقَدْ حَصَلَ الِانْتِقَالُ مَعَ الطَّهَارَةِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَ لِتَقَعَ الْأَفْعَالُ مُرَتَّبَةً بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الرُّكُوعِ لِأَنَّ الْقَوْمَةَ فَرْضٌ عِنْدَهُ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَوْ أَحْدَثَ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ ) فِي خَطِّ الشَّارِحِ وَسُجُودِهِ بِالْوَاوِ وَكَتَبَ حَاشِيَةً بِخَطِّهِ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ وَنَصُّهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَسُجُودِهِ بِمَعْنَى أَوْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنْ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ } أَيْ أَوْ ثُلَاثَ أَوْ رُبَاعَ ا هـ ( قَوْلُهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ رَكَعَ وَسَجَدَ ابْتِدَاءً ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ الرُّكُوعِ ا هـ عِنَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِ سَجْدَةً صُلْبِيَّةً ) أَيْ أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ ا هـ ا ك وَنِهَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ التَّرْتِيبَ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ إلَى آخِرِهِ ) بَقِيَ أَنَّ انْتِفَاءَ الِافْتِرَاضِ لَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْأَوْلَوِيَّةِ لِجَوَازِ الْوُجُوبِ ، ثُمَّ الْوُجُوبُ هُوَ الثَّابِتُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَّلِ صِفَةِ الصَّلَاةِ عِنْدَ عَدِّ الْوَاجِبَاتِ حَيْثُ قَالَ : وَمُرَاعَاةُ التَّرْتِيبِ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا مِنْ الْأَفْعَالِ فَأَشَارَ فِي الْكَافِي إلَى الْجَوَابِ حَيْثُ قَالَ وَلَئِنْ كَانَ التَّرْتِيبُ وَاجِبًا فَقَدْ سَقَطَ بِالنِّسْيَانِ وَلَكِنْ لَا يَدْفَعُ الْوَارِدَ عَلَى الْعِبَارَةِ أَعْنِي تَعْلِيلَ الْأَوْلَوِيَّةِ بِانْتِفَاءِ الِافْتِرَاضِ فِي الْمُتَكَرِّرِ بَلْ تَعْلِيلُهُ إنَّمَا هُوَ لِسُقُوطِ الْوُجُوبِ بِالنِّسْيَانِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ مَرْتَبَةٌ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ ) يَعْنِي أَنَّهُ يَقَعُ مُرَتَّبًا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَوَّلُ مَحْسُوبًا لَهُ أَوْ يُرِيدُ بِهِ تَقْرِيبَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إلَى مَحَلِّهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَةَ فَرْضٌ عِنْدَهُ ) أَيْ فَحَيْثُ انْحَطَّ مِنْ الرُّكُوعِ وَلَوْ بِرَفْعِ رَأْسِهِ فَقَدْ تَرَكَ الْفَرْضَ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ا هـ ا ك .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَعَيَّنَ الْمَأْمُومُ الْوَاحِدُ لِلِاسْتِخْلَافِ بِلَا نِيَّةٍ ) أَيْ إذَا كَانَ خَلْفَ الْإِمَامِ شَخْصٌ وَاحِدٌ فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ تَعَيَّنَ ذَلِكَ الْوَاحِدُ لِلْإِمَامَةِ عَيَّنَهُ الْإِمَامُ بِالنِّيَّةِ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ صِيَانَةِ الصَّلَاةِ ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى التَّعْيِينِ الْأَوَّلِ لِقَطْعِ الْمُزَاحَمَةِ وَلَا مُزَاحَمَةَ هُنَا وَصَارَ الْإِمَامُ مُؤْتَمًّا إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ عَلَى إمَامَتِهِ حَتَّى يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَكَذَا لَوْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ يَسْتَمِرُّ عَلَى إمَامَتِهِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُتَابِعُ الَّذِي خَلْفَهُ وَإِنْ تَوَضَّأَ فِي الْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خَلْفَهُ إلَّا هُوَ تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَلْفَهُ جَمَاعَةٌ ، وَقَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ الْوَاحِدُ لِلِاسْتِخْلَافِ يَشْمَلُ مَنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَقَدْ بَيَّنَّا حُكْمَهُ وَمِنْ لَا يَصْلُحُ مِثْلَ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَالْخُنْثَى وَالْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ وَالْمُتَنَفِّلِ خَلْفَ الْمُفْتَرِضِ وَالْمُقِيمِ خَلْفَ الْمُسَافِرِ فِي الْقَضَاءِ فَحُكْمُهُ أَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَعَيَّنُ لِلْإِمَامَةِ ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى إصْلَاحِ صَلَاتِهِ كَمَا يَحْتَاجُ مِنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ إلَيْهَا ، ثُمَّ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَهُ قَصْدًا وَلَا تَبْطُلُ فِي أُخْرَى ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ انْتَقَلَتْ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ صُنْعِهِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِمَامَةِ ؛ لِأَنَّ التَّعْيِينَ كَانَ لِلْإِصْلَاحِ وَلَوْ تَعَيَّنَ هُنَا لَزِمَ الْفَسَادُ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ، ثُمَّ إذَا تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فِي رِوَايَةٍ وَالْمُقْتَدِي إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ لِخُلُوِّ مَوْضِعِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْإِمَامَةِ وَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي دُونَ صَلَاةِ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مُنْفَرِدٌ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الْحَدَثِ

وَالْمُقْتَدِي يَكُونُ مُقْتَدِيًا بِمَنْ هُوَ خَارِجُ الْمَسْجِدِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِذَلِكَ وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ ، وَأَمَّا إذَا اسْتَخْلَفَهُ فَبِالْإِجْمَاعِ تَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُسْتَخْلَفُ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ خَلْفَهُ جَمَاعَةٌ فَلَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَوْمِ أَوْ يَتَعَيَّنُ هُوَ بِالتَّقَدُّمِ وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ لِعَدَمِ الْأَوْلَوِيَّةِ وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ لِلسِّغْنَاقِيِّ لَوْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ رَجُلَيْنِ أَوْ هُوَ رَجُلًا وَالْقَوْمُ رَجُلًا أَوْ الْقَوْمُ رَجُلَيْنِ أَوْ بَعْضُهُمْ رَجُلًا وَبَعْضُهُمْ رَجُلًا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْكُلِّ وَفِي الْغَايَةِ لَوْ قَدَّمَ الْإِمَامُ رَجُلًا وَالْقَوْمُ رَجُلًا فَالْإِمَامُ مَنْ قَدَّمَهُ الْإِمَامُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْقَوْمُ أَنْ يَأْتَمُّوا بِالْآخَرِ قَبْلَ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ وَلَوْ قَدَّمَ كُلُّ طَائِفَةٍ رَجُلًا فَالْعِبْرَةُ لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَإِنْ تَقَدَّمَ رَجُلَانِ فَالسَّابِقُ إلَى مَكَانِ الْإِمَامِ يَتَعَيَّنُ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي التَّقَدُّمِ وَاقْتَدَى بَعْضُهُمْ بِهَذَا وَبَعْضُهُمْ بِهَذَا فَصَلَاةُ الَّذِي ائْتَمَّ بِهِ الْأَكْثَرُ صَحِيحَةً وَصَلَاةُ الْأَقَلِّ فَاسِدَةٌ وَعِنْدَ الِاسْتِوَاءِ لَا يُمْكِنُ التَّرْجِيحُ فَتَفْسُدُ صَلَاةُ الطَّائِفَتَيْنِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .( قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَتَعَيَّنُ لِلْإِمَامَةِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الرَّازِيّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي دُونَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ إمَامًا فَلَمْ تَنْتَقِلْ الْإِمَامَةُ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُقْتَدِي مُقْتَدِيًا بِلَا إمَامٍ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَأَمَّا الْإِمَامُ فَبَاقٍ عَلَى إمَامَتِهِ فَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْمُسْتَخْلَفُ ) لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ .

( بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( يُفْسِدُ الصَّلَاةَ التَّكَلُّمُ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامُ النَّاسِي وَالْمُخْطِئِ لَا يُبْطِلُهَا إلَّا إذَا طَالَ وَيُعْرَفُ الطُّولُ بِالْعُرْفِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } وَلِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَلَّمَ نَاسِيًا فِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ وَلَمْ يُعِدْ صَلَاتَهُ } وَلَوْ كَانَ كَلَامُ النَّاسِي مُفْسِدًا لَأَعَادَ وَلِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ فَكَذَا الْكَلَامُ الْقَلِيلُ وَلَنَا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَالَ : كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ وَهُوَ إلَى جَنْبِهِ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ { وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ } فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ وَأَنَّهُ قَدْ أَحْدَثَ مِنْ أَمْرِهِ أَنْ لَا نَتَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ } وَلِأَنَّ مُبَاشَرَةَ مَا لَا يَصْلُحُ فِي الصَّلَاةِ مُفْسِدٌ عَامِدًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ، وَإِنَّمَا عُفِيَ عَنْ الْقَلِيلِ مِنْ الْعَمَلِ لِأَنَّ أَصْلَهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ ؛ لِأَنَّ فِي الْحَيِّ حَرَكَاتٍ لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَاةِ طَبْعًا فَعُفِيَ مَا لَمْ يُكْثِرْ وَيَدْخُلْ فِي حَدِّ مَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهِ الْعَمْدُ وَالنِّسْيَانُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ طَبْعِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ فَلَا يُعْفَى وَلَا يَجُوزُ قِيَاسُهُ عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ مُذَكِّرَةٌ لِكَوْنِهَا عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ تُخَالِفُ الْعَادَةَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَلَا يَكْثُرُ النِّسْيَانُ فِيهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ

وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ رَفْعُ الْحُكْمِ إذْ ذَاتُ الْخَطَأِ وَأُخْتَاهُ لَيْسَ بِمَرْفُوعٍ وَحُكْمُهُ نَوْعَانِ الْجَوَازُ وَالْفَسَادُ فِي الدُّنْيَا وَمَبْنَاهُمَا عَلَى وُجُودِ السَّبَبِ وَالثَّانِي فِي الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَمَبْنَاهُمَا عَلَى وُجُودِ الْعَزِيمَةِ فَصَارَ مُشْتَرَكًا وَهُوَ لَا عُمُومَ لَهُ وَقَدْ أُرِيدَ حُكْمُ الْآخِرَةِ فَانْتَفَى الْآخَرُ أَوْ نَقُولُ إنَّ الْحُكْمَ مُقْتَضًى إذْ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُهُ وَهُوَ أَيْضًا لَا عُمُومَ لَهُ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بِمَا تَلَوْنَا وَمَا رَوَيْنَا ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا عَمْدًا كَلَامًا كَثِيرًا فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ { يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيت قَالَ لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ قَالَ بَلْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ فَقَالَ أَصْدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ فَأَوْمَئُوا } إي نَعَمْ وَعِنْدَهُ الْكَلَامُ الْكَثِيرُ مُفْسِدٌ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا وَكَذَا كَلَامُ الْعَامِدِ وَإِنْ قَلَّ فَكَيْفَ يُمْكِنُهُ الِاحْتِجَاجُ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ عَلَى السَّلَامِ ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ مِنْ وَجْهٍ فَبِاعْتِبَارِهِ لَا تَبْطُلُ إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا كَلَامٌ مِنْ وَجْهٍ فَبِاعْتِبَارِهِ تَبْطُلُ إذَا تَعَمَّدَ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ فَإِنْ قِيلَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ لَا وَجْهَ لِدَعْوَى النَّسْخِ فِيهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ وَرَاوِي حَدِيثِ ذِي الْيَدَيْنِ ؛ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَيْفَ يَصِحُّ دَعْوَى النَّسْخِ قُلْنَا : الْآيَةُ نَاسِخَةٌ مَدَنِيَّةٌ ؛ لِأَنَّهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ إجْمَاعًا فَمِنْ أَيْنَ لِلْخَطَّابِيِّ أَنَّ تَحْرِيمَ الْكَلَامِ كَانَ بِمَكَّةَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَأَخُّرِ إسْلَامِهِ أَنْ تَتَقَدَّمَ الْآيَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَلَئِنْ صَحَّ تَقَدُّمُ الْآيَةِ عَلَى إسْلَامِهِ لَا يَلْزَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْآيَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ

غَيْرِهِ وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ صَلَّى بِنَا أَيْ صَلَّى بِأَصْحَابِنَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْمَعْنَى مَا نَقَلَهُ الزُّهْرِيُّ أَنَّ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَهُوَ قَبْلَ خَيْبَرَ بِزَمَانٍ طَوِيلٍ ، وَإِسْلَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ فِي عَامِ خَيْبَرَ وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ وَلَمْ يَصْحَبْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا أَرْبَعَ سِنِينَ فَلَا تَصِحُّ دَعْوَى الْخَطَّابِيِّ حَتَّى يَتَبَيَّنَ فِي كُلِّ فَصْلٍ صَرِيحًا بِلَا احْتِمَالٍ مَعَ تَحَقُّقِنَا نَسْخَ الْكَلَامِ بِالْآيَةِ الْمَدَنِيَّةِ وَمَعَ عِلْمِنَا بِأَنَّ صُحْبَةَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ تَكُنْ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ الَّذِي رَوَى النَّسْخَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا ) وَقَدْ بَيَّنَّاهُ مِنْ قَبْلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَارْتِفَاعُ بُكَائِهِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ لَا مِنْ ذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ ) لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ التَّأَسُّفِ وَالْجَزَعُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَعِينُونِي فَإِنِّي مُتَوَجِّعٌ وَإِنْ كَانَ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْخُشُوعِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ فِي الصَّلَاةِ فَكَانَ بِمَعْنَى التَّسْبِيحِ أَوْ الدُّعَاءِ ، وَهَذَا لِأَنَّ الْأَنِينَ وَالتَّأَوُّهَ وَالْبُكَاءَ قَدْ يَنْشَأُ مِنْ مَعْرِفَةِ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَعَظَمَتِهِ وَغِنَاهُ عَنْ خَلْقِهِ وَكِبْرِيَائِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالرَّغْبَةِ فَيَكُونُ كَالتَّقْدِيسِ وَالدُّعَاءِ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ حَرْفَيْنِ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ أَصْلِيَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَى حَرْفَيْنِ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ وَالْآخَرُ أَصْلِيٌّ لَا تَفْسُدُ فِي الْوَجْهَيْنِ مَعًا وَحُرُوفُ الزِّيَادَةِ عَشْرَةٌ يَجْمَعُهَا قَوْلُك أَمَانٌ وَتَسْهِيلٌ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْبُكَاءُ يَقْطَعُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إذَا حَصَلَ مِنْهُ حَرْفَانِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَلَهُ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ مِنْ الْبُكَاءِ } وَالْمَعْنَى مَا بَيَّنَّاهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّنَحْنُحُ بِلَا عُذْرٍ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ وَقَدْ حَصَلَ بِهِ حُرُوفٌ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ لَا تَفْسُدُ لِعَدَمِ إمْكَانِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ ، وَكَذَا الْأَنِينُ وَالتَّأَوُّهُ إذَا كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَرِيضًا لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَصَارَ كَالْعُطَاسِ وَالْجَشَّا إذَا حَصَلَ بِهِمَا حُرُوفٌ ، وَلَوْ تَنَحْنَحَ لِإِصْلَاحِ صَوْتِهِ وَتَحْسِينِهِ لَا تَفْسُدُ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَكَذَا لَوْ أَخْطَأَ الْإِمَامُ فَتَنَحْنَحَ الْمُقْتَدِي لِيَهْتَدِيَ الْإِمَامُ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ التَّنَحْنُحَ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَفْسُدُ وَلَوْ نَفَخَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا تَبْطُلُ ، وَإِلَّا فَلَا وَالْمَسْمُوعُ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ نَحْوُ أُفٍّ وَتُفٍّ وَغَيْرُ الْمَسْمُوعِ بِخِلَافِهِ ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَلْوَانِيُّ وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ فِي النَّفْخِ الْمَسْمُوعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ ، وَعَلَى هَذَا إذَا نَفَرَ طَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَعَاهُ بِمَا هُوَ مَسْمُوعٌ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَجَوَابُ عَاطِسٍ بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ ) لِأَنَّهُ يَجْرِي فِي مُخَاطَبَاتِ النَّاسِ فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَك فَكَانَ مِنْ كَلَامِهِمْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْعَاطِسُ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ لِنَفْسِهِ أَوْ قَالَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ جَوَابًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفَتْحُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ ) لِأَنَّهُ تَعْلِيمٌ وَتَعَلُّمٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ فَكَانَ مِنْ

كَلَامِ النَّاسِ ، ثُمَّ شُرِطَ فِي الْأَصْلِ التَّكْرَارُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَيُعْفَى الْقَلِيلُ مِنْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْكَلَامِ فَلَا يُعْفَى الْقَلِيلُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْعَمَلِ وَالْفَرْقُ قَدْ تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ يَشْمَلُ فَتْحَ الْمُقْتَدِي عَلَى الْمُقْتَدَى وَعَلَى غَيْرِ الْمُصَلِّي وَعَلَى الْمُصَلِّي وَحْدَهُ وَفَتْحَ الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ عَلَى أَيِّ شَخْصٍ كَانَ وَكُلُّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ إلَّا إذَا قَصَدَ بِهِ التِّلَاوَةَ دُونَ الْفَتْحِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ مَا مَالُك فَقَالَ الْخَيْلُ وَالْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ صَلَاتَهُ إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابًا ، وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ فَتَحَ عَلَى إمَامِهِ لَا تَفْسُدُ اسْتِحْسَانًا وَقِيلَ إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى فَفَتَحَ عَلَيْهِ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْفَاتِحِ وَكَذَا صَلَاةُ الْإِمَامِ إنْ أَخَذَ بِقَوْلِهِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ، وَجْهُ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا اسْتَطْعَمَك الْإِمَامُ فَأَطْعِمْهُ } مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَيَنْوِي الْفَتْحَ عَلَى إمَامِهِ دُونَ الْقِرَاءَةِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْفَتْحَ مُرَخَّصٌ فِيهِ وَالْقِرَاءَةَ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَيَنْبَغِي لِلْمُقْتَدِي أَنْ لَا يُعَجِّلَ بِالْفَتْحِ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَذَكَّرُ الْإِمَامُ فَيَكُونُ التَّلْقِينُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ بَلْ يَرْكَعُ إذَا قَرَأَ قَدْرَ الْفَرْضِ ، وَإِلَّا انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ أُخْرَى ، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ) وَكَذَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنَّ فُلَانًا قَدِمَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ وَصَفَ اللَّهَ تَعَالَى بَيْنَ يَدَيْهِ بِصِفَةٍ لَا تَلِيقُ بِهِ تَعَالَى ، فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ يُرِيدُ بِهِ الرَّدَّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ : لَا تَفْسُدُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ لَهُ أَنَّهُ ثَنَاءٌ

بِصِيغَتِهِ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ مَبْنِيٌّ عَلَى قَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ فَإِنَّ مَنْ قَالَ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَأَرَادَ بِهِ خِطَابَهُ يَكُونُ كَلَامًا مُفْسِدًا لَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْمُهُ يَحْيَى { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } وَأَرَادَ بِهِ الْخِطَابَ ، وَلِهَذَا لَوْ قَرَأَ الْجُنُبُ الْفَاتِحَةَ عَلَى نِيَّةِ الثَّنَاءِ وَالدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ يَجُوزُ ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَهَا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى نِيَّةِ الدُّعَاءِ دُونَ الْقِرَاءَةِ تَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تُشْرَعْ فِيهَا الْقِرَاءَةُ لِمَا قُلْنَا وَلِأَنَّ الْجَوَابَ يَنْتَظِمُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ فَيَكُونُ كَأَنَّهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى قُدُومِهِ فَتَفْسُدُ وَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَفْسُدَ صَلَاتُهُ فِيمَا إذَا أَرَادَ بِهِ الْإِعْلَامَ أَيْضًا لَكِنَّا تَرَكْنَاهُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ فَلْيُسَبِّحْ } فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَالِاسْتِرْجَاعُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ فِي الصَّحِيحِ .

( بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْعَوَارِضِ السَّمَاوِيَّةِ شَرَعَ فِي الْعَوَارِضِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْمُكْتَسَبَةِ وَقَدَّمَ السَّمَاوِيَّةَ ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَقُ فِي الْعَارِضِيَّةِ لِعَدَمِ قُدْرَةِ الْعَبْدِ عَلَى دَفْعِهَا لَا يُقَالُ النِّسْيَانُ مِنْ قَبِيلِ السَّمَاوِيَّةِ فَكَيْفَ عَدَّ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ كَلَامَ النَّاسِي فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ قَبِيلِ الْمُكْتَسَبَةِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : لَا نُسَلِّمُ عَدَّهُ مِنْ الْعَوَارِضِ الْمُكْتَسَبَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْبَابِ لِمُنَاسِبَةٍ بَيْنَ كَلَامِ النَّاسِي وَالْعَامِدِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ ا هـ أَتْقَانِيٌّ ( قَوْلُهُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ إلَى آخِرِهِ ) أَمَّا الْفَسَادُ يَرْجِعُ إلَى ذَاتِ الصَّلَاةِ وَالْكَرَاهَةُ إلَى وَصْفِهَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : يُفْسِدُ الصَّلَاةَ التَّكَلُّمُ ) أَيْ أَيَّ صَلَاةٍ كَانَتْ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ قِيَاسًا عَلَى السَّلَامِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ الْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَا يُوجَدُ بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ بَلْ { إنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا ا هـ و قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَى آخِرِهِ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ) إنَّمَا هِيَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَ أَبُو دَاوُد لَا يَحِلُّ مَكَانٌ لَا يَصْلُحُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ إنَّ اللَّهَ

يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ إلَخْ ) رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَأَحْمَدُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَقَالَ ذُو الْيَدَيْنِ ) وَاسْمُهُ الْخِرْبَاقُ بْنُ عَمْرٍو مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ وَكَانَ فِي يَدَيْهِ طُولٌ وَذَكَرَ نَجْمُ الدِّينِ بْنُ الرِّفْعَةِ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ كَانَ فِي إحْدَى يَدَيْهِ طُولٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ ) يُرْوَى بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَبِفَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّ الصَّادِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ دُعَاءٌ مِنْ وَجْهٍ ) أَيْ وَهَذَا شُرِحَ فِي التَّشَهُّدِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَبِاعْتِبَارِهِ لَا تَبْطُلُ إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي زَادِ الْفَقِيرِ يُفْسِدُهَا الْكَلَامُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ قَدْرَ التَّشَهُّدِ إلَّا السَّلَامَ سَاهِيًا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ السَّلَامُ عَلَى إنْسَانٍ إذْ صَرَّحُوا أَنَّهُ إذَا سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ سَاهِيًا فَقَالَ السَّلَامُ ، ثُمَّ عَلِمَ فَسَكَتَ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بَلْ الْمُرَادُ الْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ سَاهِيًا قَبْلَ إتْمَامِهَا وَمَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ أَكْمَلُ أَمَّا إذَا سَلَّمَ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا سَاهِيًا بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ فَلْيُحْفَظْ هَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ : إذَا سَلَّمَ نَاسِيًا كَلَامٌ مِنْ وَجْهٍ ) أَيْ لِوُجُودِ كَافِ الْخِطَابِ ا هـ ( قَوْلُهُ ذَا الْيَدَيْنِ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ لَكِنْ غَلَّطُوا الزُّهْرِيَّ فِي ذَلِكَ وَقَالُوا عَاشَ ذُو الْيَدَيْنِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ وَقِيلَ إلَى أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ وَقَالُوا : الَّذِي قُتِلَ بِبَدْرٍ ذُو الشِّمَالَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي عَامِ خَيْبَرَ ) أَيْ سَنَةَ سَبْعٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْأَنِينُ ) وَهُوَ الصَّوْتُ الْحَاصِلُ مِنْ قَوْلِهِ آهْ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالتَّأَوُّهُ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ أَوَّاهُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : مِنْ وَجَعٍ )

أَيْ فِي بَدَنِهِ ا هـ عِ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : أَوْ مُصِيبَةٌ ) أَصَابَتْهُ فِي النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ ا هـ عِ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : لَا مِنْ ذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لَا يُفْسِدُهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إذَا كَانَتْ مِنْ ذِكْرِ الْجَنَّةِ أَوْ مِنْ أَجْلِ ذِكْرِ نَارٍ ا هـ ع ؛ وَلِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ كَأَنَّهُ قَالَ أَنَا مُصَابٌ فَعَزُّونِي وَلَوْ أَفْصَحَ بِهِ تَفْسُدُ فَكَذَا هَذَا وَفِي الثَّانِي كَأَنَّهُ قَالَهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ ا هـ رَازِيٌّ وَلَوْ مَرَّ الْمُصَلِّي بِآيَةِ رَحْمَةٍ أَوْ آيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ فَوَقَفَ عِنْدَهَا وَسَأَلَ اللَّهَ الْجَنَّةَ أَوْ بِآيَةِ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ فَوَقَفَ وَسَأَلَ اللَّهَ النَّجَاةَ مِنْ النَّارِ إنْ كَانَ فِي التَّطَوُّعِ فَهُوَ حَسَنٌ إذَا كَانَ وَحْدَهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ حُذَيْفَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ فَمَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ الْجَنَّةِ إلَّا وَقَفَ وَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى وَمَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا ذِكْرُ النَّارِ إلَّا وَقَفَ وَتَعَوَّذَ وَمَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا مَثَلٌ إلَّا وَقَفَ وَتَفَكَّرَ } وَالْإِمَامُ فِي الْفَرَائِضِ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْهُ فِي الْمَكْتُوبَاتِ ، وَكَذَا الْأَئِمَّةُ بَعْدَهُ إلَى يَوْمِنَا هَذَا فَكَانَ مِنْ الْمُحْدَثَاتِ ؛ وَلِأَنَّهُ تَثْقِيلٌ عَلَى الْقَوْمِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ وَلَكِنْ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي خُشُوعِهِ وَالْخُشُوعُ زِينَةُ الصَّلَاةِ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ وَلَهُ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ الْمِرْجَلِ ) أَيْ وَهُوَ الْقِدْرُ وَبِأَزِيزِ الْمِرْجَلِ يَحْصُلُ الْحُرُوفُ لِمَنْ يَصْغَى ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالتَّنَحْنُحِ بِلَا عُذْرٍ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِاجْتِمَاعِ الْبُزَاقِ فِي حَلْقِهِ ا هـ وَكَذَا التَّثَاؤُبُ إذَا ظَهَرَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ ا هـ كَاكِيٌّ

( قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا ) أَيْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا إلَيْهِ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِعُذْرٍ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا ) أَيْ وَمَدْفُوعَ الطَّبْعِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ لَا يَفْسُدُ ) وَلَا يُكْرَهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهْ إلَى آخِرِهِ ) وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُصَفَّى قَالَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَرَادَ بِهِ التَّأْفِيفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك إلَى آخِرِهِ ) لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ يَرْحَمُنِي اللَّهُ وَبِهَذَا لَا تَفْسُدُ ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ بِالْمَغْفِرَةِ وَالرَّحْمَةِ وَهُمَا مُتَمَسِّكَانِ بِحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السَّابِقِ أَوَّلَ الْبَابِ فَإِنَّهُ فِي عَيْنِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ مَوْرِدَهُ كَانَ فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ وَبِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفَتْحُهُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَفَتْحٍ الْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَفَتْحٍ الصِّغَارُ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ ا هـ غَايَةٌ وَفِي الْخُلَاصَةِ إذَا فَتَحَ عَلَى الْمُصَلِّي رَجُلٌ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَأَخَذَ الْمُصَلِّي بِفَتْحِهِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَتَحَ الْمُصَلِّي عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ إنْ أَرَادَ بِهِ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ تَعْلِيمَ ذَلِكَ الرَّجُلِ تَفْسُدُ ا هـ ( قَوْلُهُ إنْ أَرَادَ بِهِ جَوَابًا ، وَإِلَّا فَلَا ) أَيْ وَكَذَا لَوْ كَانَ أَمَامَهُ كِتَابٌ وَخَلْفَهُ رَجُلٌ يُسَمَّى يَحْيَى فَقَالَ { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ } وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي السَّفِينَةِ وَابْنُهُ خَارِجَهَا فَقَالَ { يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا } فَهُوَ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ

أَرَادَ بِذَلِكَ تَعْلِيمَهُ أَوْ لَمْ يُرِدْ وَأَرَادَ جَوَابَ السَّائِلِ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّ مَا كَانَ قُرْآنًا أَوْ ثَنَاءً لَا يَتَغَيَّرُ بِالنِّيَّةِ ، كَذَا فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ ا هـ كَاكِيٌّ وَسَيَأْتِي مَعْنَى هَذِهِ الْحَاشِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ : إنْ قَرَأَ قَدْرَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إلَخْ ) وَفِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ وَفَتَاوَاهُ وَجَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ لَوْ اسْتَفْتَحَ بَعْدَمَا قَرَأَ مِقْدَارَ مَا تَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ فَفَتَحَ عَلَيْهِ اخْتَلَفُوا فِيهِ قِيلَ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخَذَ الْإِمَامُ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْكُلِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ أَحَدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْتَحْ رُبَّمَا يَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ مَا يَكُونُ مُفْسِدًا فَكَانَ فِيهِ إصْلَاحُ صَلَاتِهِ ا هـ دِرَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ إنْ انْتَقَلَ إلَى آيَةٍ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا الْقِيلُ اعْتَمَدَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ) أَيْ وَوُجُودِ التَّعْلِيمِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذَا اسْتَطْعَمَك إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَمِثْلُهُ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي سُنَنِهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَنْوِي الْقِرَاءَةَ قَالَ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَهُوَ سَهْوٌ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ الْمَأْمُومِ خَلْفَ إمَامِهِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا وَالْفَتْحُ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُ وَإِنَّمَا هَذَا إذَا أَرَادَ الْفَتْحَ عَلَى غَيْرِ إمَامِهِ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ التِّلَاوَةَ دُونَ التَّعْلِيمِ ، قَالَ السُّرُوجِيُّ نَمْنَعُ أَنْ تَكُونَ التِّلَاوَةُ فِي ضِمْنِهَا الْفَتْحُ مَمْنُوعَةً بَلْ الْمَمْنُوعَةُ التِّلَاوَةُ الْمُجَرَّدَةُ عَنْ الْفَتْحِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلِلْإِمَامِ أَنْ لَا يُلْجِئَهُمْ إلَيْهِ ) وَتَفْسِيرُ الْإِلْجَاءِ أَنْ يُرَدِّدَ الْآيَةَ أَوْ يَقِفَ سَاكِتًا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ

) بِأَنْ قِيلَ لَهُ أَمَعَ اللَّهِ إلَهٌ آخَرُ فَقَالَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهَ ا هـ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ ثَنَاءٌ بِصِيغَتِهِ ) أَيْ بِأَصْلِهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ بِعَزِيمَتِهِ ) أَيْ بِإِرَادَتِهِ غَيْرَ الثَّنَاءِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَالِاسْتِرْجَاعُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَذَكَرَ فِي الْمُفِيدِ أَنَّ فِي الِاسْتِرْجَاعِ وَفِي { يَا يَحْيَى خُذْ الْكِتَابَ } تَفْسُدُ بِالْإِجْمَاعِ وَقَالَ فِي الْمَبْسُوطِ لَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ أَبِي يُوسُفَ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِرْجَاعِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكُلَّ عَلَى الْخِلَافِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالسَّلَامُ وَرَدُّهُ ) لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ وَلَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ السَّلَامِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مَعْنًى وَلَا يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَرُدَّ بِالْإِشَارَةِ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ وَلَا عَلَى جَابِرٍ مَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِ صُهَيْبٍ { سَلَّمْت عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَرَدَّ عَلَيَّ بِالْإِشَارَةِ } يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ نَهْيًا لَهُ عَنْ السَّلَامِ أَوْ كَانَ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ وَهُوَ يُشِيرُ فَظَنَّهُ رَدًّا ، وَلَوْ أَشَارَ يُرِيدُ بِهِ رَدَّ السَّلَامِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَكَذَا لَوْ طَلَبَ مِنْ الْمُصَلِّي شَيْءٌ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَوْ بِرَأْسِهِ بِنَعَمْ أَوْ بِلَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ فِي فَصْلِ مَا يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ وَالْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ أَوْ لِلْبَحْثِ فِي الْفِقْهِ أَوْ لِلتَّخَلِّي وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ وَلَوْ سَمِعَ الْأَذَانَ فَأَجَابَ وَأَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ تَفْسُدُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْجَوَابَ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ لَا تَفْسُدُ ، وَكَذَا لَوْ أَذَّنَ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ إذَا قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ تَفْسُدُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَافْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعِ ) أَيْ يَفْسُدُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعِ وَتَفْسِيرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ مَثَلًا فَافْتَتَحَ الْعَصْرَ أَوْ التَّطَوُّعَ تَكْبِيرَةً جَدِيدَةً فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ صَحَّ شُرُوعُهُ فِي غَيْرِ مَا هُوَ فِيهِ وَهُوَ التَّطَوُّعُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ وَكَانَ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ أَوْ فِي الْعَصْرِ إنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ التَّرْتِيبِ بِأَنْ سَقَطَ التَّرْتِيبُ بِكَثْرَةِ الْفَوَائِتِ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ فَيَخْرُجُ عَمَّا

هُوَ فِيهِ ضَرُورَةً وَكَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي التَّطَوُّعَ فَافْتَتَحَ الْفَرْضَ أَوْ كَانَ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ فَافْتَتَحَ الظُّهْرَ أَوْ بِالْعَكْسِ يَخْرُجُ عَمَّا هُوَ فِيهِ لِمَا ذَكَرْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الظُّهْرُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ ) يَعْنِي لَا يَفْسُدُ افْتِتَاحُ الظُّهْرِ بَعْدَمَا صَلَّى مِنْهُ رَكْعَةً بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُجْتَزَأَ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَغَتْ نِيَّتُهُ إلَّا إذَا كَبَّرَ يَنْوِي إمَامَةَ النِّسَاءِ أَوْ الِاقْتِدَاءَ بِالْإِمَامِ أَوْ كَانَ مُقْتَدِيًا فَكَبَّرَ يَنْوِي الِانْفِرَادَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ شَارِعًا فِيمَا كَبَّرَ لَهُ وَيَبْطُلُ مَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ لِلتَّغَايُرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ إذَا كَبَّرَ يَنْوِي الِاسْتِئْنَافَ يَتَطَرَّفَانِ كَانَتْ الثَّانِيَةُ الَّتِي نَوَى الشُّرُوعَ فِيهَا هِيَ الْأُولَى بِعَيْنِهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَلَمْ تُخَالِفْهَا فِي شَيْءٍ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُجْتَزَأُ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنْ خَالَفْتهَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيُسْتَأْنَفُ نَظِيرُهُ مَا لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ ، ثُمَّ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ الْأَوَّلَ يَبْطُلُ بِهِ وَيَنْعَقِدُ ثَانِيًا وَإِنْ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ بَقِيَ الْأَوَّلُ عَلَى حَالِهِ لِعَدَمِ الْمُغَايِرَةِ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ فَجِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَكَبَّرَ يَنْوِي الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ بَطَلَ مَا مَضَى وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الصَّلَاةَ عَلَى الثَّانِيَةِ أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ وَيُجْتَزَأُ بِمَا مَضَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقِرَاءَتُهُ مِنْ مُصْحَفٍ ) يَعْنِي تَفْسُدُ الصَّلَاةُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ تُكْرَهُ وَلَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِمَا رُوِيَ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ عِبَادَةٌ انْضَافَتْ إلَى عِبَادَةٍ

أُخْرَى وَهُوَ النَّظَرُ إلَى الْمُصْحَفِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْقِرَاءَةُ مِنْ الْمُصْحَفِ أَفْضَلَ مِنْ الْقِرَاءَةِ غَائِبًا إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِفِعْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ وَوَضْعَهُ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرَفْعَهُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَتَقْلِيبَ أَوْرَاقِهِ وَالنَّظَرَ إلَيْهِ وَفَهْمَهُ عَمَلُ كَثِيرٍ وَيَقْطَعُ مَنْ رَآهُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ ؛ وَلِأَنَّهُ يَتَلَقَّنُ مِنْ الْمُصْحَفِ فَأَشْبَهَ التَّلَقُّنَ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَحْمُولِ وَالْمَوْضُوعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَفْتَرِقَانِ وَأَثَرُ ذَكْوَانَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ ، ثُمَّ يَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ غَائِبًا وَلَوْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَقَرَأَهُ مِنْ مَكْتُوبٍ مِنْ غَيْرِ حَمْلِ الْمُصْحَفِ قَالُوا : لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ الْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَيْنَهُمَا إذَا قَرَأَ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا مِنْ الْمُصْحَفِ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ : إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ آيَةٍ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَإِلَّا فَلَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ قَرَأَ مِقْدَارَ الْفَاتِحَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ، وَإِلَّا فَلَا .

( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَشَارَ إلَى آخِرِهِ ) بِرَأْسِهِ أَوْ بِيَدِهِ أَوْ بِأُصْبُعِهِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْحَلْوَانِيِّ وَبُرْهَانِ الدِّينِ صَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ الْمُصَلِّي وَيُجِيبُ هُوَ بِرَأْسِهِ ا هـ وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا بَأْسَ لِلْمُصَلِّي أَنْ يُجِيبَ الْمُتَكَلِّمُ بِرَأْسِهِ بِهِ وَرَدَ الْأَثَرُ عَنْ عَائِشَةَ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَكَلَّمَ الرَّجُلُ مَعَ الْمُصَلِّي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ } ا هـ زَاهِدِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ ) أَيْ وَالذَّاكِرِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : فَصَلَّى عَلَيْهِ تَفْسُدُ ) أَيْ وَإِنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَمْ يَسْمَعْ اسْمَهُ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ جَرَى عَلَى لِسَانِهِ نَعَمْ إذَا كَانَ ذَلِكَ عَادَةً لَهُ تَفْسُدُ ، وَإِلَّا لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَرَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا تُفْسِدُ الصَّلَاةَ بِالِاتِّفَاقِ وَلَوْ دَعَا أَوْ سَبَّحَ بِالْفَارِسِيَّةِ فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تَفْسُدُ ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ سَمِعَ الْمُصَلِّي قَوْلَهُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَرَفَعَ رَأْسَهُ وَقَالَ لَبَّيْكَ يَا سَيِّدِي فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَفْعَلَ وَلَوْ فَعَلَ قِيلَ لَا تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ وَقِيلَ تَفْسُدُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْقُرْآنِ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ ، وَلَوْ سَمِعَ اسْمَ الشَّيْطَانِ فَقَالَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَفْسُدُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَفْسُدُ وَلَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ آيَةَ الرَّحْمَةِ أَوْ الْعَذَابِ فَقَالَ الْمُقْتَدِي صَدَقَ اللَّهُ لَا تَفْسُدُ وَقَدْ أَسَاءَ وَلَوْ وَسْوَسَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ إنْ كَانَ فِي الْآخِرَةِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ كَانَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا تَفْسُدُ وَفِي

الْوَاقِعَاتِ الْمَرِيضُ يَقُولُ عِنْدَ الْقِيَامِ وَالِانْحِطَاطِ بِاسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَلَوْ عَوَّدَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ لِلْحُمَّى وَنَحْوِهَا تَفْسُدُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَالَ عِنْدَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ : رَبِّي وَرَبُّك اللَّهُ ، تَفْسُدُ ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْمَرْغِينَانِيُّ وَلَوْ قَالَ فِي الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا تَفْسُدُ الْإِمَامُ إذَا قَرَأَ آيَةَ الرَّحْمَةِ يُكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ الرَّحْمَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّطْوِيلِ وَالتَّثْقِيلِ عَلَى الْقَوْمِ وَقَدْ أَمَرَ الشَّارِعُ بِالتَّخْفِيفِ ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمُقْتَدِي ؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالِاسْتِمَاعِ وَلَا بَأْسَ لِلْمُنْفَرِدِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { افْتَتَحَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ فَمَا مَرَّ بِآيَةِ الرَّحْمَةِ إلَّا وَقَفَ عِنْدَهَا وَسَأَلَ أَوْ آيَةِ عَذَابٍ إلَّا اسْتَعَاذَ } وَفِي الذَّخِيرَةِ لَوْ أَمَّنَ بِدُعَاءِ رَجُلٍ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ تَفْسُدُ ا هـ غَايَةٌ وَفِي الْفَتْحِ وَلَوْ لَدَغَتْهُ عَقْرَبٌ فَقَالَ بِاسْمِ اللَّهِ تَفْسُدُ خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ ا هـ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ قَرَأَ ذِكْرَ الشَّيْطَانِ فَلَعَنَهُ لَا تَفْسُدُ ا هـ قَوْلُهُ يُفْسِدُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ فَهِيَ هِيَ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى تَحْصِيلَ مَا هُوَ بِحَاصِلٍ فَإِنْ قِيلَ الْإِمَامُ إذَا تَحَرَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ ، ثُمَّ جِيءَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى فَنَوَى الصَّلَاةَ عَلَى الْجِنَازَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَيُحْرِمُ بَقِيَ فِي الْأُولَى وَإِنْ نَوَى تَحْصِيلَ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَالْمَسْأَلَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قِيلَ لَهُ فِيمَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ نَوَى الْإِعْرَاضَ عَنْ الْأُولَى وَالْإِقْبَالَ عَلَى الثَّانِيَةِ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِارْتِفَاضِ الْأُولَى وَانْتِقَاضِهَا أَمَّا هَاهُنَا فَلَمْ يَنْوِ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْأُولَى فَبَقِيَ فِيهَا كَمَا كَانَ إذْ لَا تَصِحُّ الثَّانِيَةُ مَعَ بَقَاءِ الْأُولَى فَافْتَرَقَا ا هـ فَوَائِدُ الظَّهِيرِيَّةِ

( قَوْلُهُ بِتَكْبِيرَةٍ جَدِيدَةٍ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَفْسُدُ ) أَيْ صَلَاةُ الظُّهْرِ تَفْسُدُ ا هـ وَلَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ فَلَمَّا قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ نَوَى أَنَّهَا الْعَصْرُ فَلَمَّا صَلَّى رَكْعَةً نَوَى أَنَّهَا الْعِشَاءُ فَصَلَاتُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ ا هـ خُلَاصَةٌ ( قَوْلُهُ فِيمَا إذَا نَوَاهُ أَوْ نَوَى الْعَصْرَ ) لِأَنَّ صَاحِبَ التَّرْتِيبِ إذَا انْتَقَلَ مِنْ الظُّهْرِ إلَى الْعَصْرِ لَا يَصِيرُ مُنْتَقِلًا إلَى الْعَصْرِ بَلْ إلَى النَّفْلِ ؛ لِأَنَّ الْعَصْرَ لَا يَنْعَقِدُ عَصْرًا قَبْلَ أَدَاءِ الظُّهْرِ فِي حَقِّهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ أَوْ بِضِيقِ الْوَقْتِ ) أَوْ بِالنِّسْيَانِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لَا الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ ظَرْفٌ لِشَيْئَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ افْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعُ وَقَوْلُهُ لَا الظُّهْرِ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَافْتِتَاحُ الْعَصْرِ أَوْ التَّطَوُّعُ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ لَا افْتِتَاحُ الظُّهْرِ بَعْدَ رَكْعَةِ الظُّهْرِ فَافْهَمْ ا هـ ( قَوْلُهُ يَعْنِي لَا يُفْسِدُ ) أَيْ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الرَّكْعَةِ فَمَا دُونَهَا وَمَا فَوْقَهَا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ حَتَّى يُجْتَزَأَ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ ) هَذَا إذَا نَوَى بِقَلْبِهِ ، أَمَّا إذَا نَوَى بِلِسَانِهِ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ أُصَلِّيَ الظُّهْرَ انْتَقَضَ ظُهْرُهُ وَلَا يُجْتَزَأُ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ ا هـ خُلَاصَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ نَوَى الشُّرُوعَ فِي عَيْنِ مَا هُوَ فِيهِ إلَى آخِرِهِ ) وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْأُولَى انْتَقَضَتْ وَلَمْ يَقْعُدْ فِي الثَّالِثَةِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْقَعْدَةَ الْأَخِيرَةِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ جَدَّدَاهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ إلَى آخِرِهِ ) أَوْ جَدَّدَاهُ بِأَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ ا هـ فَوَائِدُ الظَّهِيرِيَّةِ ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الثَّانِي بِمِائَةِ دِينَارٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ يَبْطُلُ الْأَوَّلُ ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ

الْمُغَايِرَةِ ) وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الشُّفْعَةِ بِسَبَبِ الْبَيْعِ الثَّانِي إذَا سَلَّمَ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ ا هـ بَاكِيرٌ وَغَايَةٌ وَكَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَيَصِيرُ شَارِعًا فِي الثَّانِيَةِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ نَوَى مَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَصَحَّتْ نِيَّتُهُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ أَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَلَيْهِمَا فَهُوَ عَلَى حَالِهِ ) لِأَنَّهُ نَوَى اتِّحَادَ الْمَوْجُودِ وَهُوَ لَغْوٌ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقِرَاءَتُهُ ) أَيْ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ التَّكَلُّمُ ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ ) أَيْ وَالشَّافِعِيُّ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ النَّظَرُ إلَى الْمُصْحَفِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَعْطُوا أَعْيُنَكُمْ حَظَّهَا مِنْ الْعِبَادَةِ قِيلَ وَمَا حَظُّهَا قَالَ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ } ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ إلَى آخِرِهِ ) وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قِرَاءَتَهُ مَكْرُوهَةٌ وَلَا يُظَنُّ بِعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَرْضَى بِالْمَكْرُوهِ وَتُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي صَلَاةً مَكْرُوهَةً ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ حَمْلَ الْمُصْحَفِ إلَى آخِرِهِ ) مَأْخَذَانِ لِلْأَصْحَابِ فِي الْبُطْلَانِ ذَكَرَهُمَا الْأَصْحَابُ أَحَدُهُمَا الْبُطْلَانُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَأَشْبَهَ التَّلَقُّنَ مِنْ غَيْرِهِ إلَى آخِرِهِ ) وَجَعَلَ السَّرَخْسِيُّ فِي مَبْسُوطِهِ هَذَا التَّعْلِيلَ أَصَحَّ ا هـ كَاكِيٌّ قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَفْتَرِقَانِ إلَى آخِرِهِ ) فَيُحْمَلُ مَا رُوِيَ عَنْ ذَكْوَانَ مَوْلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ يَؤُمُّهَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَكَانَ يَقْرَأُ مِنْ الْمُصْحَفِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَوْضُوعًا وَعَلَى الثَّانِي كَوْنُ تِلْكَ مُرَاجَعَةً كَانَتْ قُبَيْلَ الصَّلَاةِ لِيَكُونَ بِذِكْرِهِ أَقْرَبَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي دَفْعِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ بِلَا كَرَاهَةٍ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى حَامِلًا أُمَامَةَ

بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا فَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا } فَإِنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ لَيْسَ فِيهَا تَلَقُّنٌ وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ قِيَاسُ مَا يَتَعَلَّمُهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ مُعَلِّمٍ حَيٍّ عَلَيْهَا مِنْ مُعَلِّمٍ حَيٍّ بِجَامِعٍ أَنَّهُ تَلَقَّنَ مِنْ خَارِجٍ وَهُوَ الْمَنَاطُ فِي الْأَصْلِ فَقَطْ فَإِنْ فَعَلَ الْخَارِجَ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْفَسَادِ بَلْ الْمُؤَثِّرُ فِعْلُ مَنْ فِي الصَّلَاةِ وَلَيْسَ مِنْهُ إلَّا التَّلَقُّنُ ا هـ فَتْحٌ قَالَ الْأَكْمَلُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مِقْدَارَ مَا يُقْرَأُ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مِنْ يَقُولُ إذَا قَرَأَ مِقْدَارَ آيَةٍ تَامَّةٍ ؛ لِأَنَّ مَا دُونَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ قِرَاءَةً وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مِقْدَارَ الْفَاتِحَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ عِنْدَهُ فِي الْإِفْسَادِ وَعِنْدَهُمَا فِي عَدَمِهِ سَوَاءٌ فَلِهَذَا أَطْلَقَهُ فِي الْكِتَابِ ( قَوْلُهُ قَالُوا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ) أَيْ لِأَنَّ قِرَاءَتَهُ هَذِهِ مُضَافَةٌ إلَى حِفْظِهِ لَا إلَى تَلَقُّنِهِ مِنْ الْمُصْحَفِ ا هـ غَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ ) لِأَنَّهُمَا مُنَافِيَانِ لِلصَّلَاةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالنِّسْيَانِ لِأَنَّ حَالَةَ الصَّلَاةِ مُذَكِّرَةٌ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى هَيْئَةٍ تُخَالِفُ الْعَادَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ لُزُومِ الطَّهَارَةِ وَالْإِحْرَامِ وَالْخُشُوعِ وَاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَالِانْتِقَالَاتِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ مَعَ تَرْكِ النُّطْقِ الَّذِي هُوَ كَالنَّفْسِ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ فَيَكُونُ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهَا فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَلَا يُعْذَرُ فَصَارَ كَالْحَدَثِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ ؛ لِأَنَّ هَيْئَتَهُ لَا تُخَالِفُ الْعَادَةَ وَزَمَنُهُ طَوِيلٌ فَيَكْثُرُ فِيهِ النِّسْيَانُ فَيُعْذَرُ ، ثُمَّ أَطْلَقَ الْأَكْلَ وَمُرَادُهُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَمَا لَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ لَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ وَفَهِمَهُ أَوْ أَكَلَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ أَوْ مَرَّ مَارٌّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ لَا تَفْسُدُ وَإِنْ أَثِمَ ) أَيْ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَمَّا النَّظَرُ إلَى الْمَكْتُوبِ وَفَهْمُهُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْتَفْهِمِ وَغَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ لِعَدَمِ الْفِعْلِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ مُسْتَفْهِمًا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ الْمَكْتُوبُ غَيْرَ قُرْآنٍ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا حَلَفَ لَا يَقْرَأُ كِتَابَ فُلَانٍ فَنَظَرَ إلَيْهِ وَفَهِمَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عِنْدَهُ فَكَذَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْفَرْقُ لَهُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ الْفَهْمُ وَقَدْ وُجِدَ وَلَا كَذَلِكَ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَمَلِ الْكَثِيرِ وَلَمْ يُوجَدْ ، وَأَمَّا أَكْلُ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الصَّوْمُ فَصَارَ كَالرِّيقِ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا فَتَفْسُدُ بِهِ صَلَاتُهُ كَمَا يَفْسُدُ بِهِ صَوْمُهُ وَالْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا مِقْدَارُ الْحِمَّصَةِ ، وَأَمَّا

الْمُرُورُ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَلِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ شَيْءٌ وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ } ، وَأَمَّا إثْمُ الْمَارِّ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَأَنْ يَقِفَ أَحَدُكُمْ مِائَةَ عَامٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْ أَخِيهِ وَهُوَ يُصَلِّي } وَتَكَلَّمُوا فِي الْمَوْضِع الَّذِي يُكْرَهُ الْمُرُورُ فِيهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ وَهُوَ مِنْ قَدَمِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَيَنْبَغِي لِمَنْ يُصَلِّي فِي الصَّحْرَاءِ أَنْ يَتَّخِذَ أَمَامَهُ سُتْرَةً لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لِيَسْتَتِرَ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ بِسَهْمٍ } وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولُهَا ذِرَاعًا وَغِلَظُهَا غِلَظَ الْأُصْبُعِ لِمَا رَوَيْنَاهُ وَلِأَنَّ مَا دُونَ ذَلِكَ لَا يَبْدُو لِلنَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْغَرَضُ وَيَقْرُبُ مِنْ السُّتْرَةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعُ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ وَيَجْعَلُ السُّتْرَةَ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ ، وَالْأَيْمَنُ أَفْضَلُ } لِحَدِيثِ الْمِقْدَادِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ { مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إلَى عُودٍ وَلَا عَمُودٍ وَلَا شَجَرَةٍ إلَّا جَعَلَهُ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ وَلَا يَصْمُدُ إلَيْهِ صَمَدًا } أَيْ لَا يُقَابِلُهُ مُسْتَوِيًا مُسْتَقِيمًا بَلْ كَانَ يَمِيلُ عَنْهُ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الْغَرَزُ لِصَلَابَةِ الْأَرْضِ لَا يَضَعُهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ وَيَضَعُهَا عِنْدَ الْآخَرِينَ لِوُرُودِ الْخَبَرِ فِيهَا لَكِنْ يَضَعُهَا طُولًا لَا عَرْضًا وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَطِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَغْرِزُهُ أَوْ يَضَعُهُ حَسْبَ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْوَضْعِ وَالْوَجْهُ مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السُّتْرَةِ إذَا أَمِنَ الْمُرُورَ وَلَمْ يُوَاجِهْ الطَّرِيقَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ

رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ } وَسُتْرَةُ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لِلْقَوْمِ ؛ لِأَنَّهُ { عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى بِالْأَبْطَحِ إلَى عَنَزَةَ رُكِّزَتْ لَهُ } وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ وَيَدْرَأُ الْمَارَّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ سُتْرَةً أَوْ مَرَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا كَانَ أَحَدُكُمْ يُصَلِّي فَلَا يَدَعُ أَحَدًا يَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَلْيَدْرَأْهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتِلْهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ } وَالدَّرْءُ مُبَاحٌ وَرُخْصَةٌ مِنْ غَيْرِ اشْتِغَالٍ بِالْمُعَالَجَةِ وَمَا وَرَدَ فِيهِ مِنْ الْمُقَاتَلَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ حِينَ كَانَ الْعَمَلُ فِيهَا مُبَاحًا قَالَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُغْلِظَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَقِيلَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قَاتَلَهُمْ اللَّهُ } وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الدَّرْءِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدْرَأُ بِالْإِشَارَةِ لِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي حُجْرَتِهِ فَمَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَرَجَعَ فَمَرَّتْ زَيْنَبُ بِنْتُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ هَكَذَا فَمَضَتْ فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ هُنَّ أَغْلَبُ } وَلَمْ يُسَبِّحْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدْرَأُ بِالتَّسْبِيحِ لِمَا رَوَيْنَا وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ بِأَحَدِهِمَا كِفَايَةً وَقِيلَ يَدْفَعُهُ بِيَدِهِ مَرَّةً إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ بِالتَّسْبِيحِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ عِلَاجٌ عَلَى مَا مَرَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ .

( قَوْلُهُ : ثُمَّ أَطْلَقَ الْأَكْلَ إلَى آخِرِهِ ) أَقُولُ : هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا إذَا أَكَلَ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْأَكْلُ أَكْلُ شَيْءٍ مِنْ خَارِجٍ وَالْحُكْمُ فِيهِ فَسَادُ الصَّوْمِ قَلِيلًا كَانَ الْمَأْكُولُ كَسِمْسِمَةٍ أَوْ كَثِيرًا ، وَأَمَّا أَكْلُ مَا بَيْنَ أَسْنَانِهِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَأَمَّلْ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ ) أَيْ مَكْتُوبٍ غَيْرِ الْقُرْآنِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى مَكْتُوبٍ هُوَ قُرْآنٌ وَفَهِمَهُ لَا خِلَافَ لِأَحَدٍ فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إلَى آخِرِهِ ) وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ عِنْدَهُ أَيْضًا وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْهُ نَصًّا ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ إذْ الْفَسَادُ بِالْكَلَامِ وَلَمْ يُوجَدْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَكَذَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ ) أَيْ وَلِهَذَا قَالُوا : يَجِبُ أَنْ لَا يَضَعَ الْمُعَلِّمُ الْجُزْءَ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَكُونُ مَكْتُوبًا فِيهِ الْجُزْءَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ وَيُفْهَمُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ شُبْهَةُ الِاخْتِلَافِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْيَمِينِ إنَّمَا هُوَ الْفَهْمُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْغَايَةِ قِيلَ تَحْنِيثُ مُحَمَّدٍ فِي الْيَمِينِ عَلَى قِرَاءَةِ كِتَابِ فُلَانٍ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ مُشْكِلٌ مَعَ التَّسْلِيمِ أَنَّ الْغَرَضَ وَالْمَقْصُودَ أَنْ لَا يَطَّلِعَ عَلَى سِرِّهِ وَبِالْفَهْمِ لِكِتَابِهِ فَاتَ الْغَرَضُ لَكِنْ بِفَوَاتِ الْغَرَضِ يَبَرُّ فِي يَمِينِهِ وَلَا يَحْنَثُ فِيهَا إذْ لَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقِرَاءَةُ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ بِعَشْرَةٍ لَا شَكَّ أَنَّ غَرَضَهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ الثَّوْبُ عَنْ مِلْكِهِ بِالْبَيْعِ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ بَاعَهُ بِتِسْعَةٍ لَا يَحْنَثُ وَإِنْ فَاتَ غَرَضُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ لَفْظِ الْمَحْلُوفِ

عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ : إنْ اشْتَرَيْت لَهَا شَيْئًا بِفَلْسٍ فَاشْتَرَى بِدِينَارٍ لَا يَحْنَثُ وَمِنْ امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِ الشَّيْءِ الْحَقِيرِ وَهُوَ الْفَلْسُ كَأَنْ أَمْنَعَ مِنْ بَذْلِ الشَّيْءِ النَّفِيسِ وَهَذَا هُوَ الْغَرَضُ وَالسِّيَاقُ وَمَعَ هَذَا لَا يَحْنَثُ لِمَا ذَكَرْنَا وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنْ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الْفَهْمُ ؛ لِأَنَّ قِرَاءَةَ كِتَابِهِ سَبَبٌ لِفَهْمِ مَا فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ دَخَلْت دَارَ فُلَانٍ وَدَخَلَ فُلَانٌ دَارَك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ دَارِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ دَارَهَا يَقَعْ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ ذِكْرَ دُخُولِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَارَ الْآخَرِ كِنَايَةً عَنْ الِاجْتِمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبَ الِاجْتِمَاعِ كَذَا هَاهُنَا عِنْدَهُ ا هـ قِيلَ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَمَّا كَانَ الْمُرَادُ مِنْ قِرَاءَتِهِ كِتَابِ فُلَانٍ فَهْمَ مَا فِيهِ عِنْدَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ إذَا فَهِمَهُ بِقِرَاءَةِ غَيْرِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ أَوْ مَرَّ مَارٌّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي جَامِعِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ أَهْلِ الظَّاهِرِ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِمُرُورِ الْمَرْأَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { تَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْمَرْأَةُ وَالْكَلْبُ وَالْحِمَارُ } وَفِي الْكَاتِي عِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ تَفْسُدُ بِمُرُورِ الْكَلْبِ وَالْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَفِي الْحِلْيَةِ قَالَ أَحْمَدُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ وَفِي قَلْبِي مِنْ الْحِمَارِ وَالْمَرْأَةِ شَيْءٌ وَإِنَّمَا قَالَ : الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { الْكَلْبُ الْأَسْوَدُ شَيْطَانٌ } حِينَ سَأَلَهُ رَاوِي الْحَدِيثِ أَبُو ذَرٍّ وَقُلْنَا أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ هَذَا الْحَدِيث وَحِينَ بَلَغَهَا قَالَتْ يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ يَا أَهْلَ الشِّقَاقِ وَالنِّفَاقِ قَرَنْتُمُونَا بِالْكِلَابِ وَالْحُمُرِ { وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ اعْتِرَاضَ الْجِنَازَةِ فَإِذَا سَجَدَ خَنَسْت رِجْلَيَّ وَإِذَا

قَامَ مَدَدْتهَا } وَحَدِيثُ وَلَدِ أُمِّ سَلَمَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرُورَ لَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ كَمَا سَيَجِيءُ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ { قَالَ زُرْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى حِمَارٍ فَوَجَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إلَى غَيْرِ جِدَارٍ فَصَلَّيْنَا مَعَهُ وَالْحِمَارُ يَرْبَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ } ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ ، ثُمَّ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيَّ الْمُصَلِّي آثِمٌ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْوَسِيطَةِ يُكْرَهُ الْمُرُورُ وَصَرَّحَ الْعِجْلِيّ بِتَحْرِيمِهِ وَوَافَقَهُ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالتَّتِمَّةِ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَأَصْحَابُنَا نَصُّوا عَلَى كَرَاهِيَتِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ والمرغيناني ا هـ ( قَوْلُهُ { وَادْرَءُوا مَا اسْتَطَعْتُمْ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ؛ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ ) أَيْ مَعَهُ شَيْطَانٍ بِدَلِيلِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ { فَإِنَّ مَعَهُ الْقَرِينَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ؛ وَأَحْمَدُ وَقِيلَ مِنْ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ وَقِيلَ فِعْلُهُ فِعْلُ الشَّيْطَانِ وَالشَّيْطَانُ فِي اللُّغَةِ كُلُّ مُتَمَرِّدٍ عَاتٍ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَوْ الدَّوَابِّ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ { لَأَنْ يَقِفَ أَحَدُكُمْ مِائَةَ عَامٍ } ) وَفِي مُسْنَدِ الدَّارَقُطْنِيّ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مَوْضِعُ صَلَاتِهِ إلَى آخِرِهِ ) هُوَ مُخْتَارُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ ا هـ قَالَ فِي الدِّرَايَةِ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ هَذَا إذَا كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ أَوْ فِي الْجَامِعِ الَّذِي لَهُ حُكْمُ الصَّحْرَاءِ أَمَّا فِي الْمَسْجِدِ فَالْحَدُّ هُوَ الْمَسْجِدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَارِّ أُسْطُوَانَةٌ أَوْ غَيْرُهَا وَفِي الْكَافِي أَوْ رَجُلٌ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ ظَهْرُهُ إلَى الْمُصَلِّي ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُكْرَهُ فِيهِ الْمُرُورُ قِيلَ يُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَقِيلَ بِخَمْسَةِ وَقِيلَ بِأَرْبَعِينَ وَقِيلَ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ وَقِيلَ

بِقَدْرِ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ قَالَ التُّمُرْتَاشِيُّ وَالْأَصَحُّ إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ صَلَّى صَلَاةَ خَاشِعٍ لَا يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى الْمَارِّ فَلَا يُكْرَهُ نَحْوُهُ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهَى بَصَرِهِ فِي قِيَامِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَفِي رُكُوعِهِ إلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَفِي سُجُودِهِ إلَى أَرْنَبَةِ أَنْفِهِ وَفِي قُعُودِهِ إلَى حِجْرِهِ وَفِي السَّلَامِ إلَى مَنْكِبَيْهِ وَهُوَ اخْتِيَارُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَقَالَ لَوْ صَلَّى رَامِيًا بِبَصَرِهِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهُ عَلَيْهِ لَمْ يُكْرَهْ وَهَذَا حَسَنٌ وَاخْتَارَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَالَ شَيْخُ شَيْخِي مَا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ والتمرتاشي أَشْبَهُ إلَى الصَّوَابِ ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّي إذَا صَلَّى عَلَى الدُّكَّانِ وَيُحَاذِي أَعْضَاؤُهُ أَعْضَاءَ الْمَارِّ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَمُرُّ أَسْفَلَهُ وَأَسْفَلُهُ لَيْسَ بِمَوْضِعِ سُجُودِهِ ا هـ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ سُجُودِهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى الدُّكَّانِ فَكَانَ مَوْضِعُ النِّيَّةِ دُونَ مَحَلِّ الْمُرُورِ لَوْ كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَمَعَ ذَلِكَ تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ اتِّفَاقًا فَكَانَ ذَلِكَ نَقْضًا لِمَا اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِ مُخْتَارِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَمْشِي فِي كُلِّ الصُّوَرِ غَيْرَ مَنْصُوصٍ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْغَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ السُّتْرَةَ مِنْ مَحَاسِنِ الصَّلَاةِ ، وَقَائِدَتُهَا قَبْضُ الْخَوَاطِرِ مِنْ الِانْتِشَارِ وَكَفُّ الْبَصَرِ مِنْ الِاسْتِرْسَالِ حَتَّى يَكُونَ الْمُصَلِّي مُجْتَمَعًا لِمُنَاجَاةِ رَبِّهِ وَمَحْضِ عُبُودِيَّتِهِ وَلِهَذَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ إلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ مَعَ الصَّمْتِ وَتَرْكِ الْأَفْعَالِ الْعَادِيَةِ وَمَنْعِ الْعَدْوِ وَالْإِسْرَاعِ فِي الطَّرِيقِ وَإِنْ فَاتَتْ الْجَمَاعَةُ وَفَضِيلَةُ الِاقْتِدَاءِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتِ زَيْنَبَ

بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ أَبِي الْعَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا } مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا فَوْقَ حَمْلِ الْمُصْحَفِ وَتَقْلِيبِ أَوْرَاقِهِ وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ هَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَقَالَ كَانَ فِعْلُهُ لِذَلِكَ فِي بَيْتِهِ قُلْت قَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ وَحَكَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا كَانَ فِي النَّافِلَةِ وَمِثْلُهُ لَا يَجُوزُ فِي الْفَرِيضَةِ وَذَكَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْفَرْضِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ إنِّي لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّ مِثْلَ هَذَا مَكْرُوهٌ فَيَكُونُ إمَّا فِي النَّافِلَةِ وَإِمَّا مَنْسُوخًا قَالَ وَرَوَى أَشْهَبُ ؛ وَابْنُ نَافِعٍ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ فِي حَالِ الضَّرُورَةِ فَحُمِلَ عَلَى الضَّرُورَةِ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ قَالَ وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أُمَامَةَ كَانَ عَلَيْهَا أَثِيَابٌ طَاهِرَةٌ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَرَ مِنْهَا مَا يَحْدُثُ مِنْ الصِّبْيَانِ مِنْ الْبَوْلِ وَكَانَ رَءُوفًا رَحِيمًا بِالْأَطْفَالِ حَتَّى إذَا سَمِعَ بُكَاءَ الصَّبِيِّ خَفَّفَ فِي صَلَاتِهِ كَيْ لَا يَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ خَلْفَهُ وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَإِذَا فَعَلَتْ الْمَرْأَةُ بِوَلَدِهَا مِثْلَ هَذَا تَكُونُ مُسِيئَةً ؛ لِأَنَّهَا شَغَلَتْ نَفْسَهَا بِمَا لَيْسَ مِنْ عَمَلِ صَلَاتِهَا وَفِيهِ تَرْكُ سُنَّةِ الِاعْتِمَادِ وَفِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي وَقْتٍ كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا فِي الصَّلَاةِ أَوْ لَمْ يَكُنْ الِاعْتِمَادُ سُنَّةً فِيهَا ا هـ سَرُوجِيٌّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ ادَّهَنَ أَوْ سَرَّحَ رَأْسَهُ أَوْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ صَبِيَّهَا فَأَرْضَعَتْهُ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ فَأَمَّا حَمْلُ الصَّبِيِّ بِدُونِ الْإِرْضَاعِ فَلَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ وَقَدْ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا فَإِذَا

قَامَ رَفَعَهَا } ، ثُمَّ هَذَا الصَّنِيعُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا فِي ذَلِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُهَا وَلِبَيَانِهِ الشَّرْعَ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُوجِبِ فَسَادِ الصَّلَاةِ وَمِثْلُ هَذَا أَيْضًا فِي زَمَانِنَا لَا يُكْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لَوْ فَعَلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَمَّا بِدُونِ الْحَاجَةِ فَيُكْرَهُ ا هـ قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ طُولُهَا ذِرَاعًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَاخْتَلَفَ مَشَايِخُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ السُّتْرَةُ أَقَلَّ مِنْ ذِرَاعٍ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ لَوْ وَضَعَ قَبَاءَهُ أَوْ خُفَّيْهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَارْتَفَعَ قَدْرَ ذِرَاعٍ كَانَ سُتْرَةً بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَفِيهِ خِلَافٌ وَفِي غَرِيبِ الرِّوَايَةِ النَّهْرُ الْكَبِيرُ لَيْسَ بِسُتْرَةٍ كَالطَّرِيقِ ، وَكَذَا الْحَوْضُ الْكَبِيرُ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَضَعُهَا طُولًا ) أَيْ لِيَكُونَ عَلَى مِثَالِ الْغَرْزِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْخَطِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يَغْرِزُهُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَغْرِزُهُ أَوْ يَضَعُهُ هَلْ يَخُطُّ بَيْنَ يَدَيْهِ خَطًّا فَالْمَنْعُ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَمِنْ غَيْرِهِمْ وَفِي الْمَبْسُوطِ حَكَى أَبُو عِصْمَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَخُطُّ وَالْخَطُّ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ لَا نَأْخُذُ بِالْخَطِّ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْمُحِيطِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَفِي الْوَاقِعَاتِ هُوَ الْمُخْتَارُ فَكَذَا لَا يُعْتَبَرُ الْإِلْقَاءُ هُوَ الْمُخْتَارُ ا هـ قَالَ الْكَمَالُ وَإِنْ اسْتَتَرَ بِظَهْرِ جَالِسٍ كَانَ سُتْرَةً ، وَكَذَا الدَّابَّةُ وَاخْتَلَفُوا فِي الْقَائِمِ وَقَالُوا حِيلَةُ الرَّاكِبِ أَنْ يَنْزِلَ فَيَجْعَلَ الدَّابَّةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي فَتَصِيرُ هِيَ سُتْرَةٌ فَيَمُرُّ وَلَوْ مَرَّ رَجُلَانِ مُتَحَاذِيَانِ فَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ يَلِي الْمُصَلِّي ا هـ وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ لَوْ كَانَ الْمَارُّ اثْنَيْنِ

يَقُومُ الْوَاحِدُ أَمَامَهُ وَيَمُرُّ الْآخَرُ وَيَفْعَلُ هَكَذَا ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ فِي الْغَايَةِ : الثَّالِثُ : أَنَّ الْمُرُورَ مَكْرُوهٌ وَالْمَارَّ أَثِمٌ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ هَذَا إذَا كَانَ مَنْدُوحَةً عَنْ الْمُرُورِ ، وَإِلَّا يَأْثَمُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ فَالْحَالُ أَرْبَعٌ يَأْثَمَانِ لَا يَأْثَمَانِ يَأْثَمُ الْمَارُّ وَحْدَهُ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ ا هـ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَّخِذَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً وَيَمُرُّ الْمَارُّ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ مَعَ إمْكَانِ الْمُرُورِ مِنْ غَيْرِهِ الثَّانِيَةُ أَنْ يَتَّخِذَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً وَيَمُرُّ الْمَارُّ مِنْ وَرَائِهَا الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَّخِذَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً وَيَمُرُّ الْمَارُّ مِنْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ مَعَ إمْكَانِ الْمُرُورِ مِنْ غَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَّخِذَ الْمُصَلِّي سُتْرَةً أَوْ يَقِفَ فِي بَابِ الْمَسْجِدِ وَلَا يَجِدُ الْمَارُّ بُدًّا مِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ وَقَدْ جَمَعَ هَذِهِ الْحَالَاتِ الْأَرْبَعَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيَأْتَمُّ الْمُصَلِّي إنْ تَعَرَّضَ وَالْمَارُّ وَلَهُ مَنْدُوحَةٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ مَا بَيَّنَّاهُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ) أَيْ فَالْمَانِعُ يَقُولُ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ بِهِ إذْ لَا يَظْهَرُ مِنْ بَعِيدٍ وَالْمُجِيزُ يَقُولُ وَرَدَ الْأَثَرُ بِهِ وَهُوَ مَا فِي أَبِي دَاوُد { إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَجْعَلْ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَنْصِبْ عَصًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ عَصًا فَلْيَخُطَّ خَطًّا } وَلَا يَضُرُّهُ مَا مَرَّ أَمَامُهُ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ وَالسُّنَّةُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مَعَ أَنَّهُ يَظْهَرُ فِي الْجُمْلَةِ أَنَّ الْمَقْصُودَ جَمْعُ الْخَاطِرِ بِرَبْطِ الْخَيَالِ بِهِ كَيْ لَا يَنْشُرُ قَالَ أَبُو دَاوُد وَقَالُوا الْخَطُّ بِالطُّولِ وَقَالُوا الْخَطُّ بِالْعَرْضِ مِثْل الْهِلَالُ ا هـ فَتْحٌ قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيُعْتَبَرُ الْغَرْزُ دُونَ الْإِلْقَاءِ وَالْخَطِّ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَا يَحْصُلُ بِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ

السُّتْرَةِ إذَا أَمِنَ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَدْ فَعَلَهُ مُحَمَّدٌ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ غَيْرَ مَرَّةٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ { إنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى فِي فَضَاءٍ لَيْسَ بَيْنَ يَدَيْهِ شَيْءٌ } ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ إلَى عَنَزَةٍ ) بِالتَّنْوِينِ ؛ لِأَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ نَكِرَةٌ وَهِيَ شِبْهُ الْعُكَّازَةِ وَهِيَ عَصًا ذَاتُ زَجٍّ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَالزَّجُّ الْحَدِيدَةُ الَّتِي فِي أَسْفَلِ الرُّمْحِ وَفِي الْكَاتِي لَوْ أُرِيدَ عَنَزَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ غَيْرَ مُنْصَرِفٍ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعِلْمِيَّةِ فَيَجُوزُ بِالنَّصْبِ وَبِالْجَرِّ ا هـ كَاكِيٌّ وَقَوْل الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ سُتْرَةٌ مِنْ كَلَامِهِ لَا مِنْ الْحَدِيثِ ا هـ كَمَالٌ وَالْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ هَكَذَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِهِمْ بِالْبَطْحَاءِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ وَالْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ يَمُرُّونَ مِنْ وَرَائِهَا } ا هـ فَتْحٌ وَيَمُرُّونَ ضَمِيرُ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ الْعَاقِلِ اعْتِبَارًا لِلرَّاكِبِ مَعَ الْمَرْأَةِ وَالْحِمَارِ وَتَغْلِيبًا عَلَيْهِمَا ا هـ شُمُنِّيٌّ ( قَوْلُهُ حِينَ كَانَ الْعَمَلُ فِيهَا مُبَاحًا ) وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الثَّابِتُ أَنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ هُنَّ أُغْلَبُ إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَدْرَأُ ) أَيْ الرَّجُلُ قَالَ الشُّمُنِّيُّ قَيَّدْنَا بِالرَّجُلِ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَدْرَأُ بِالتَّسْبِيحِ بَلْ بِالتَّصْفِيقِ ؛ لِأَنَّ فِي صَوْتِهَا فِتْنَةً ، وَكَيْفِيَّةُ تَصْفِيقِهَا أَنْ تَضْرِبَ بِظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى عَلَى صَفْحَةِ الْكَفِّ الْيُسْرَى ا هـ قَوْلُهُ بِالتَّسْبِيحِ لِمَا رَوَيْنَا ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ ، وَالْجَوَابُ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ لِمَا رَوَيْنَا ) وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ نَابَهُ شَيْءٌ فِي صَلَاتِهِ

فَلْيُسَبِّحْ } ا هـ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَدْفَعُهُ بِيَدِهِ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي الْمُفِيدِ يَدْرَأُ بِالتَّسْبِيحِ فَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ دَفَعَهُ بِيَدِهِ وَفِي الْمَبْسُوطِ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْأَخْذِ بِطَرَفِ ثَوْبِهِ عَلَى وَجْهٍ لَيْسَ فِيهِ مَشْيٌ وَلَا عِلَاجٌ ا هـ غَايَةٌ .

( وَكُرِهَ عَبَثُهُ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ ) أَيْ عَبَثُ الْمُصَلِّي بِثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ وَالْهَاءُ فِيهِمَا وَفِيمَا قَبْلَهُمَا مِنْ الْكَلِمَاتِ رَاجِعَةٌ إلَى الْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ الْعَبَثُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا الْعَبَثَ فِي الصَّلَاةِ وَالرَّفَثَ فِي الصِّيَامِ وَالضَّحِكَ فِي الْمَقَابِرِ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغْلًا } { وَرَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَعْبَثُ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَلْبُ الْحَصَى إلَّا لِلسُّجُودِ مَرَّةً ) أَيْ كُرِهَ قَلْبُ الْحَصَى إلَّا لِعَدَمِ إمْكَانِ السُّجُودِ فَيُسَوِّيهِ مَرَّةً { لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ فَذَرْ } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يَمْسَحُ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ } { وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الرَّجُلِ يُسَوِّي التُّرَابَ حَيْثُ يَسْجُدُ إنْ كُنْت فَاعِلًا فَوَاحِدَةً مَعْنَاهُ لَا تَمْسَحُ وَإِنْ مَسَحْت فَلَا تَزِدْ عَلَى وَاحِدَةٍ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك } ، وَكَذَا يُكْرَهُ تَشْبِيكُ الْأَصَابِعِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ تِلْكَ صَلَاةُ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ { وَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَفَرَّجَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّخَصُّرُ ) لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّرًا وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ الْوَضْعِ الْمُسِنُّونَ وَالتَّخَصُّرُ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {

الِاخْتِصَارُ فِي الصَّلَاةِ رَاحَةُ أَهْلِ النَّارِ } مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ فِعْلُ الْيَهُودِ فِي صَلَاتِهِمْ ، وَهُمْ أَهْلُ النَّارِ لَا أَنَّ لَهُمْ رَاحَةً فِيهَا وَقِيلَ هُوَ التَّوَكُّؤُ عَلَى الْعَصَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمِخْصَرَةِ وَهِيَ السَّوْطُ وَالْعَصَا وَنَحْوُهُمَا وَمِنْهُ { قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِابْنِ أُنَيْسٌ وَقَدْ أَعْطَاهُ عَصًا تَخَصَّرَ بِهَا فَإِنَّ الْمُتَخَصِّرِينَ فِي الْجَنَّةِ وَقِيلَ أَنْ يَخْتَصِرَ السُّورَةَ فَيَقْرَأَ آخِرَهَا وَقِيلَ هُوَ أَنْ لَا يُتِمَّ صَلَاتَهُ فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَحُدُودِهَا } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالِالْتِفَاتُ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ } وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : { سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ لَا يُكْرَهُ } ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ } ، ثُمَّ الِالْتِفَاتُ ثَلَاثَةٌ مَكْرُوهٌ ، وَهُوَ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَهُ وَمُبَاحٌ ، وَهُوَ أَنْ يَنْظُرَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنَيْهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْوِيَ عُنُقَهُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ بِمَوْقِ عَيْنَيْهِ وَمُبْطِلٌ وَهُوَ أَنْ يُحَوِّلَ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ التَّوَجُّهِ إلَى الْقِبْلَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يَرْفَعَ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إلَى السَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لَيَنْتَهُنَّ أَوْ لَتُخْطَفُنَّ أَبْصَارَهُمْ } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْإِقْعَاءُ ) لِقَوْلِ أَبِي ذَرٍّ { نَهَانِي خَلِيلِي عَنْ ثَلَاثٍ أَنْ أَنْقُرَ نَقْرَ

الدِّيكِ وَأَنْ أُقْعِيَ إقْعَاءَ الْكَلْبِ وَأَنْ أَفْتَرِشَ افْتِرَاشَ الثَّعْلَبِ } وَالْإِقْعَاءُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ أَنْ يَقْعُدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَنْصِبَ فَخِذَيْهِ وَيَضُمَّ رُكْبَتَيْهِ إلَى صَدْرِهِ وَيَضَعَ يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَعِنْدَ الْكَرْخِيِّ هُوَ أَنْ يَنْصِبَ قَدَمَيْهِ وَيَقْعُدَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِإِقْعَاءِ الْكَلْبِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَافْتِرَاشُ ذِرَاعَيْهِ ) لِمَا رَوَيْنَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَرِدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ ، وَلَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ، وَأَمَّا الْمُصَافَحَةُ فَمُفْسِدَةٌ لِلصَّلَاةِ وَقَدْ بَيَّنَّاهَا مِنْ قَبْلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّرَبُّعُ بِلَا عُذْرٍ ) لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْجُلُوسِ فِي التَّشَهُّدِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَقْصُ شَعْرِهِ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُصَلِّي وَرَأْسُهُ مَعْقُوصٌ مِنْ وَرَائِهِ فَقَامَ فَجَعَلَ يَحُلُّهُ فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ مَالَك وَرَأْسِي فَقَالَ سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { إنَّمَا مِثْلُ هَذَا مِثْلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ } وَالْعَقْصُ هُوَ جَمْعُ الشَّعْرِ عَلَى الرَّأْسِ وَشَدُّهُ بِشَيْءٍ حَتَّى لَا يَنْحَلَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكَفُّ ثَوْبِهِ ) لِأَنَّهُ نَوْعُ تَجَبُّرٍ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسَدْلُهُ ) لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْهُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفَيْهِ وَيُرْسِلَ جَوَانِبَهُ وَلِأَنَّ فِيهَا تَشَبُّهًا بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَيُكْرَهُ وَمِنْ السَّدْلِ أَنْ يَجْعَلَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ وَيُكْرَهُ الصَّمَّاءُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْهَا وَهُوَ أَنْ يَشْمَلَ بِثَوْبِهِ فَيُجَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ وَلَا يَرْفَعُ جَانِبًا يُخْرِجُ يَدَيْهِ مِنْهُ سَمَّى بِهِ لِعَدَمِ مَنْفَذٍ يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَيْهِ كَالصَّخْرَةِ

الصَّمَّاءِ ، وَقِيلَ أَنْ يَشْمَلَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إزَارٌ وَقَالَ هِشَامٌ سَأَلَتْ مُحَمَّدًا عَنْ الِاضْطِبَاعِ فَأَرَانِي الصَّمَّاءَ فَقُلْت هَذِهِ الصَّمَّاءُ فَقَالَ إنَّمَا تَكُونُ الصَّمَّاءُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْك إزَارٌ وَهُوَ اشْتِمَالُ الْيَهُودِ وَيُكْرَهُ الِاعْتِجَارُ وَهُوَ أَنْ يُكَوِّرَ عِمَامَتَهُ وَيَتْرُكَ وَسَطَ رَأْسِهِ مَكْشُوفًا وَقِيلَ أَنْ يَنْتَقِبَ بِعِمَامَتِهِ فَيُغَطِّيَ أَنْفَهُ إمَّا لِلْحَرِّ أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِلتَّكَبُّرِ وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْمَجُوسِ حَالَ عِبَادَتِهِمْ النِّيرَانَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالتَّثَاؤُبُ ) لِأَنَّهُ مِنْ التَّكَاسُلِ وَالِامْتِلَاءِ فَإِنْ غَلَبَهُ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ فَإِنْ غَلَبَهُ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ كُمَّهُ عَلَى فِيهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّ مَا اسْتَطَاعَ وَلَا يَقُلْ هَاءَ هَاءَ فَإِنَّمَا ذَلِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ يَضْحَكُ مِنْهُ } وَفِي رَاوِيَةٍ { إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فَمِهِ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ فِيهِ } وَيُكْرَهُ التَّمَطِّي فَإِنَّهُ مِنْ التَّكَاسُلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا يُغْمِضْ عَيْنَيْهِ } ؛ وَلِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوعَ وَفِيهِ نَوْعُ عَبَثٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثِينَ وَإِنْ شَغَلَهُ قَطَعَهَا ، وَكَذَا الرِّيحُ وَإِنْ مَضَى عَلَيْهَا أَجْزَأَهُ وَقَدْ أَسَاءَ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ وَلَا صَلَاةَ وَهُوَ يُدَافِعُ الْأَخْبَثِينَ } مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَنَفْيِ الْفَضِيلَةِ حَتَّى لَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ تَفُوتُهُ يُصَلِّي لِأَنَّ الْأَدَاءَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ ، وَيُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ

بِمِرْوَحَةِ أَوْ بِكُمِّهِ وَلَا تَفْسُدُ بِهِ الصَّلَاةُ مَا لَمْ يَكْثُرْ ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الْقَلِيلَ غَيْرُ مُفْسِدٍ اتِّفَاقًا وَالْكَثِيرَ مُفْسِدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ مَا يُقَامُ بِالْيَدَيْنِ عَادَةً كَثِيرٌ ، وَإِنْ فَعَلَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ كَالتَّعْمِيمِ وَلُبْسِ الْقَمِيصِ وَشَدِّ السَّرَاوِيلِ وَالرَّمْيِ عَنْ الْقَوْسِ وَمَا يُقَامُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ قَلِيلٌ وَإِنْ فَعَلَهُ بِيَدَيْنِ كَنَزْعِ الْقَمِيصِ وَحَلِّ السَّرَاوِيلِ وَلِبْسِ الْقَلَنْسُوَةِ وَنَزْعِهَا وَنَزْعِ اللِّجَامِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالثَّانِي أَنَّ الثَّلَاثَ الْمُتَوَالِيَاتِ كَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ قَلِيلٌ حَتَّى لَوْ رَوَّحَ عَلَى نَفْسِهِ بِمِرْوَحَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ حَكَّ مَوْضِعًا مِنْ جَسَدِهِ أَوْ رَمَى ثَلَاثَةَ أَحْجَارٍ أَوْ نَتَفَ ثَلَاثَ شَعَرَاتٍ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْوَلَاءِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ فَصَلَ لَا تَفْسُدُ ، وَإِنْ كَثُرَ وَعَلَى هَذَا قَتْلُ الْقُمَّلِ وَالثَّالِثُ أَنَّ الْكَثِيرَ مَا يَكُونُ مَقْصُودًا لِلْفَاعِلِ وَالْقَلِيلُ بِخِلَافِهِ وَالرَّابِعُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ وَهُوَ الْمُصَلِّي فَإِنْ اسْتَكْثَرَهُ كَانَ كَثِيرًا وَإِنْ اسْتَقَلَّهُ كَانَ قَلِيلًا وَهَذَا أَقْرَبُ الْأَقْوَالِ إلَى دَأْبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ مِنْ دَأْبِهِ أَنْ لَا يُقَدَّرَ فِي جِنْسٍ مِثْلَ هَذَا بِشَيْءٍ بَلْ يُفَوِّضُهُ إلَى رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ وَالْخَامِسُ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ نَاظِرٌ مِنْ بَعِيدٍ إنْ كَانَ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَهُوَ كَثِيرٌ مُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ وَإِنْ شَكَّ فَلَيْسَ بِمُفْسِدٍ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقِيَامُ الْإِمَامِ لَا سُجُودُهُ فِي الطَّاقِ ) أَيْ يُكْرَهُ قِيَامُ الْإِمَامِ فِي الطَّاقِ وَهُوَ الْمِحْرَابُ وَلَا يُكْرَهُ سُجُودُهُ فِيهِ إذَا كَانَ قَائِمًا خَارِجَ الْمِحْرَابِ وَإِنَّمَا كُرِهَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِأَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ تَخْصِيصُ الْإِمَامِ بِالْمَكَانِ وَحْدَهُ وَهَذَا ؛ لِأَنَّ الْمِحْرَابَ يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ ،

وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْقِدَمُ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَقِيلَ إذَا كَانَ الْمِحْرَابُ مَكْشُوفًا بِحَيْثُ لَا يَشْتَبِهُ حَالُ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ هُوَ فِي الْجَوَانِبِ لَا يُكْرَهُ لِلضَّرُورَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَانْفِرَادُ الْإِمَامِ عَلَى الدُّكَّانِ وَعَكْسُهُ ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نَهَى أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ فَوْقَ شَيْءٍ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ } يَعْنِي أَسْفَلَ مِنْهُ وَلِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { إذَا أَمَّ الرَّجُلُ الْقَوْمَ فَلَا يَؤُمَّنَّ فِي مَقَامٍ أَرْفَعَ مِنْ مَقَامِهِمْ } وَلِأَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَرْفَعُونَ مَقَامَ إمَامِهِمْ فَيَكُونُ تَشْبِيهًا بِهِمْ ، وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ أَعْلَى مِنْ الْإِمَامِ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا يُكْرَهُ لِزَوَالِ الْمَعْنَى وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ، وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يُشْبِهُ اخْتِلَافَ الْمَكَانَيْنِ فَكَانَ تَشْبِيهًا بِهِمْ وَلِأَنَّ فِيهِ ازْدِرَاءً بِالْإِمَامِ ، ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ وَلَا بَأْسَ بِمَا دُونَهَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقِيلَ إنَّهُ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِامْتِيَازُ وَقِيلَ مُقَدَّرٌ بِقَدْرِ ذِرَاعٍ اعْتِبَارًا بِالسُّتْرَةِ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ بَعْضُ الْقَوْمِ لَا يُكْرَهُ فِي الصَّحِيحِ لِزَوَالِ الْمَعْنَى الْمُوجِبِ لِلْكَرَاهَةِ وَهُوَ انْفِرَادُ الْإِمَامِ بِالْمَكَانِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلُبْسُ ثَوْبٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ حَامِلَ الصَّنَمِ فَيُكْرَهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَنْ يَكُونَ فَوْقَ رَأْسِهِ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ بِحِذَائِهِ صُورَةً ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَتَهَا فَيُكْرَهُ وَأَشَدُّهَا كَرَاهَةً أَنْ تَكُونَ أَمَامَ الْمُصَلِّي ثُمَّ فَوْقَ رَأْسِهِ ، ثُمَّ عَلَى يَمِينِهِ ، ثُمَّ عَلَى يَسَارِهِ ، ثُمَّ خَلْفَهُ وَفِي

الْغَايَةِ إنْ كَانَ التِّمْثَالُ فِي مُؤَخَّرِ الظَّهْرِ وَالْقِبْلَةِ لَا يُكْرَه ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُ عِبَادَتَهُ ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( إلَّا أَنْ تَكُونَ صَغِيرَةً ) لِأَنَّهَا لَا تُعْبَدُ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً بِحَيْثُ لَا تَبْدُو لِلنَّاظِرِ وَالْكَرَاهَةُ بِاعْتِبَارِ الْعِبَادَةِ فَإِذَا لَمْ يُعْبَدْ مِثْلُهَا لَا يُكْرَهُ رُوِيَ أَنَّ خَاتَمَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَلَيْهِ ذُبَابَتَانِ وَخَاتَمَ دَانْيَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ عَلَيْهِ أَسَدٌ وَلَبْوَةُ وَبَيْنَهُمَا رَجُلٌ يَلْحَسَانِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ مَقْطُوعَةَ الرَّأْسِ ) أَيْ مَمْحُوَّةَ الرَّأْسِ بِخَيْطٍ يَخِيطُهُ عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لِلرَّأْسِ أَثَرٌ أَوْ يَطْلِيهِ بِمَغْرَةٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ يَنْحِتُهُ فَبَعْدَ ذَلِكَ لَا يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْبَدُ بِدُونِ الرَّأْسِ عَادَةً وَلَا اعْتِبَارَ بِالْخَيْطِ بَيْنَ الرَّأْسِ وَالْجَسَدِ لِأَنَّ مِنْ الطُّيُورِ مَا هُوَ مُطَوَّقٌ وَلَا بِإِزَالَةِ الْحَاجِبَيْنِ أَوْ الْعَيْنَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا تُعْبَدُ بِدُونِهِمَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ لِغَيْرِ ذِي رُوحٍ ) أَيْ أَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ غَيْرَ ذِي الرُّوحِ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ صُورَةُ النَّخْلِ وَغَيْرُهَا مِنْ الْأَشْجَارِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعْبَدُ عَادَةً وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَخَّصَ فِي تِمْثَالِ الْأَشْجَارِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحِ ) أَيْ يُكْرَهُ عَدُّ الْآيِ وَالتَّسْبِيحِ بِالْيَدِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ لَا عَلَى مَا يَلِيه مِمَّا هُوَ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ فِي الْفَرَائِضِ وَالنَّوَافِلِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ لَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُدُّ الْآيَ فِي الصَّلَاةِ } وَلِأَنَّ فِيهِ مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَالتَّسْبِيحِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْعَدَّ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ فِي الصَّلَاةِ

لَشُغْلًا } وَمَا رَوَيَاهُ ضَعِيفٌ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَحِينَ كَانَ الْعَمَلُ مُبَاحًا فِيهَا وَمُرَاعَاةُ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ مُمْكِنَةٌ بِدُونِهِ بِأَنْ ، يُنْظَرَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَمُرَاعَاةُ سُنَّةِ التَّسْبِيحِ مُمْكِنَةٌ أَيْضًا بِأَنْ يَحْفَظَ بِقَلْبِهِ وَيَضُمَّ الْأَنَامِلَ فِي مَوْضِعِهَا لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ هُوَ الْعَدُّ بِالْأَصَابِعِ وَبِسُبْحَةٍ يُمْسِكُهَا بِيَدِهِ دُونَ الْغَمْزِ بِهَا وَالْحِفْظُ بِقَلْبِهِ ، ثُمَّ قِيلَ الْخِلَافُ فِي الْفَرَائِضِ وَيَجُوزُ فِي النَّوَافِلِ بِالْإِجْمَاعِ وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي النَّوَافِلِ وَلَا يَجُوزُ فِي الْفَرَائِضِ بِالْإِجْمَاعِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْكُلِّ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدِّ التَّسْبِيحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ لِيَكُونَ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَقْرَبَ مِنْ الْإِقْرَارِ بِالتَّقْصِيرِ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَفْعَلُ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ عُدَّ ذُنُوبَك لِتَسْتَغْفِرَ مِنْهَا وَقَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى : لَا يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ فِي الصَّحِيحِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ قَتْلُ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ } وَلِأَنَّ فِي قَتْلِهِمَا دَفْعَ الشُّغْلِ وَإِزَالَةَ الْأَذَى فَأَشْبَهَ دَرْءَ الْمَارِّ وَتَسْوِيَةَ الْحَصَى لِلسُّجُودِ وَمَسْحَ الْعَرَقِ ، ثُمَّ قِيلَ إنَّمَا تُقْتَلُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَتْلِهَا بِفِعْلٍ يَسِيرٍ كَالْعَقْرَبِ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْمُعَالَجَةِ وَالْمَشْيِ فَمُفْسِدٌ لِلصَّلَاةِ ، وَذَكَرَ فِي الْمَبْسُوطِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَفْصِيلَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ كَالْمَشْيِ فِي الْحَدَثِ وَالِاسْتِقَاءِ مِنْ الْبِئْرِ وَالتَّوَضُّؤِ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَخَفْ أَذَاهُمَا لَا يَجُوزُ لَهُ قَتْلُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ النَّخَعِيّ وَمَالِكٍ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ

وَالسَّلَامُ { إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا } وَقَالُوا لَا يَنْبَغِي أَنْ تُقْتَلَ الْحَيَّةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تَمْشِي مُسْتَوِيَةً ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْجَانِّ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { اُقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ وَإِيَّاكُمْ وَالْحَيَّةَ الْبَيْضَاءَ فَإِنَّهَا مِنْ الْجِنِّ } وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ لَا بَأْسَ بِقَتْلِ الْكُلِّ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَاهَدَ الْجِنَّ أَنْ لَا يَدْخُلُوا بُيُوتَ أُمَّتِهِ وَلَا يُظْهِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَإِذَا خَالَفُوا فَقَدْ نَقَضُوا عَهْدَهُمْ فَلَا حُرْمَةَ لَهُمْ ، وَالْأَوْلَى هُوَ الْإِنْذَارُ وَالْإِعْذَارُ فَيُقَالُ لَهَا ارْجِعِي بِإِذْنِ اللَّهِ أَوْ خَلِّي طَرِيقَ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَبَتْ قَتَلَهَا وَلَكِنَّ الْإِنْذَارَ إنَّمَا يَكُونُ خَارِجَ الصَّلَاةِ ، وَعَلَى هَذَا قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَتْلُ الْقَمْلَةِ فِي الصَّلَاةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ دَفْنِهَا وَاخْتَارَ أَبُو حَنِيفَةَ دَفْنَهَا تَحْتَ الْحَصَى رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَرِهَهُمَا أَبُو يُوسُفَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخَافُ مِنْهَا الْأَذَى وَكَانَ عُمَرُ وَأَنَسٌ يَقْتُلَانِ الْقَمْلَ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالصَّلَاةُ إلَى ظَهْرِ قَاعِدٍ يَتَحَدَّثُ ) وَمِنْ النَّاسُ مَنْ كَرِهَ الصَّلَاةَ إلَى قَوْمٍ يَتَحَدَّثُونَ أَوْ نَائِمِينَ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَلَنَا مَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الصَّحْرَاءِ أَمَرَ عِكْرِمَةَ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُصَلِّيَ } وَعَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إذَا لَمْ يَجِدْ سَبِيلًا إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ قَالَ لِي وَلِّ ظَهْرَك وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِحَيْثُ يُشَوِّشُونَ عَلَى الْمُصَلِّي وَيَقَعُ الْغَلَطُ فِي صَلَاتِهِ وَفِي النَّائِمِ إذَا كَانَ يَظْهَرُ مِنْهُ صَوْتٌ فَيَضْحَكُ مَنْ هُوَ فِي صَلَاتِهِ أَوْ يَخْجَلُ النَّائِمُ إذَا انْتَبَهَ فَإِذَا أَمِنَ ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهَا ، أَلَا تَرَى إلَى مَا

صَحَّ مِنْ حَدِيثِ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي } ، وَكَذَا أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَبَعْضُهُمْ يَتَذَاكَرُونَ الْعِلْمَ وَالْمَوَاعِظَ وَبَعْضُهُمْ يُصَلُّونَ وَلَمْ يَنْهَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مَكْرُوهًا لَنَهَاهُمْ عَنْهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَإِلَى مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ مُعَلَّقٍ ) وَمِنْ النَّاسِ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيْفُ مَوْضُوعًا عَلَى الْأَرْضِ لِأَنَّ السَّيْفَ آلَةُ الْحَرْبِ وَفِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ فَلَا يَلِيقُ تَقْدِيمُهُ فِي حَالِ الِابْتِهَالِ وَفِي اسْتِقْبَالِ الْمُصْحَفِ تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ الْكِتَابِ ؛ وَلِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَتَهُ فَيُكْرَهُ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَبِاعْتِبَارِهَا تَثْبُتُ الْكَرَاهَةُ وَفِي اسْتِقْبَالِ الْمُصْحَفِ تَعْظِيمُهُ وَقَدْ أُمِرْنَا بِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ مَوْضُوعًا وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِلْقِرَاءَةِ وَهُوَ مَكْرُوهًا عِنْدَنَا بَلْ مُفْسِدٌ وَكَلَامُنَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقِرَاءَةِ فَلَا يَكُونُ تَشَبُّهًا بِهِمْ وَفِي السَّيْفِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ } وَإِذَا كَانَ مُعَلَّقًا بَيْنَ يَدَيْهِ كَانَ أَمْكَنَ لِأَخْذِهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ فَلَا يُوجِبُ الْكَرَاهَةَ وَقَدْ { كَانَتْ الْعَنَزَةُ تُرْكَزُ بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلِّي إلَيْهَا } قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ ) لِأَنَّهُمَا لَا يُعْبَدَانِ وَالْكَرَاهَةُ بِاعْتِبَارِهَا وَإِنَّمَا تَعَبَّدَهَا الْمَجُوسُ إذَا كَانَتْ فِي الْكَانُونِ وَفِيهَا الْجَمْرُ أَوْ فِي التَّنُّورِ فَلَا يُكْرَهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَعَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا ) لِأَنَّهُ اسْتِهَانَةٌ بِالصُّورَةِ فَلَا يُكْرَهُ وَالسُّجُودُ عَلَيْهَا يُشْبِهُ عِبَادَتَهَا فَيُكْرَهُ وَأَطْلَقَ الْكَرَاهَةَ

فِي الْأَصْلِ لِمَا رَوَيْنَا وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الصَّلَاةِ مُعَظَّمٌ فَيَكُونُ فِيهِ نَوْعُ تَعْظِيمٍ لِلصُّورَةِ بِتَعْظِيمِ ذَلِكَ الْبِسَاطِ فَيُكْرَهُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى وِسَادَةٍ مُلْقَاةٍ أَوْ بِسَاطٍ مَفْرُوشٍ لَا يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهَا تُدَاسُ وَتُوطَأُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْوِسَادَةُ مَنْصُوبَةً أَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ عَلَى السِّتْرِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهَا .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَكُرِهَ عَبَثُهُ بِثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ ) قَالَ فِي الْفَتْحِ الْعَبَثُ الْفِعْلُ لِغَرَضٍ غَيْرُ صَحِيحٍ فَلَوْ كَانَ لِنَفْعٍ كَسَلْتِ الْعَرَقِ عَنْ وَجْهِهِ وَالتُّرَابِ فَلَيْسَ بِهِ ا هـ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْمُجْتَبَى وَتُكْرَهُ فِي ثِيَابِ الْبِذْلَةِ وَفِي الْغَايَةِ قَالَ فِي الْحَاوِي وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَلْبَسَ مِنْ أَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَصَالِحِهَا عِنْدَ الصَّلَاةِ وَيَتَعَمَّمَ ، وَكَذَا عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلْيَسْتَقْبِلْ بِهَا الْقِبْلَةَ وَفِي التُّحْفَةِ وَغَيْرِهَا اللِّبْسُ فِي الصَّلَاةِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ مُسْتَحَبٌّ وَجَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ فَالْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ قَمِيصٌ وَإِزَارٌ وَرِدَاءٌ وَعِمَامَةٌ هَكَذَا حَكَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ عَنْ أَصْحَابِنَا وَعَنْ مُحَمَّدٍ الْمُسْتَحَبُّ ثَوْبَانِ إزَارٌ وَرِدَاءٌ وَالْجَائِزُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا بِهِ أَوْ قَمِيصٍ ضَيِّقٍ لِوُجُودِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَأَصْلِ الزِّينَةِ وَالْمَكْرُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ أَوْ إزَارٍ لَا غَيْرُ وَفِي حَقِّ الْمَرْأَةِ الْمُسْتَحَبُّ ثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ فِي الرِّوَايَاتِ كُلِّهَا وَهِيَ إزَارٌ وَدِرْعٌ وَخِمَارٌ وَالدَّلِيلُ عَلَى كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ فِي السَّرَاوِيلِ وَحْدَهَا وَعِنْدَهُ قَمِيصٌ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لِبْسَتَيْنِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي لِحَافٍ لَا يَتَوَشَّحُ بِهِ وَالْأُخْرَى أَنْ يُصَلِّيَ فِي سَرَاوِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ } أَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد ا هـ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا } ) الْحَدِيثَ ، قَالَ الْكَمَالُ رَوَاهُ الْقُضَاعِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي بَكْرٍ مُرْسَلًا قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ هَذَا مِنْ مُنْكَرَاتِ ابْنِ عَبَّاسٍ ( قَوْلُهُ لَخَشَعَتْ جَوَارِحُهُ ) ذَكَرَهُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي ا هـ غَايَةٌ (

قَوْلُهُ يَا أَبَا ذَرٍّ مَرَّةً أَوْ فَذَرْ ) هَكَذَا هُوَ فِي الْهِدَايَةِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ بِغَيْرِ فَاءٍ ا هـ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فَذَرْ أَيْضًا مَا نَصُّهُ غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْهُ { سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى سَأَلْته عَنْ مَسْحِ الْحَصَا فَقَالَ وَاحِدَةً أَوْ دَعْ } ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَرُوِيَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَهُوَ أَصَحُّ ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ { فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ا هـ غَايَةٌ وَمَعْنَاهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الرَّحْمَةِ وَتَرْكُ الِاشْتِغَالِ عَنْهَا بِالْحَصَى وَغَيْرِهِ ا هـ وَقَدْ أُخْرِجَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ مُعَيْقِيبٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا تَمْسَحْ الْحَصَى وَأَنْتَ تُصَلِّي فَإِنْ كُنْت لَا بُدَّ فَاعِلًا فَوَاحِدَةٌ } ا هـ فَتْحٌ ( قَوْلُهُ وَفَرْقَعَةُ الْأَصَابِعِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الدِّرَايَةِ وَالْفَرْقَعَةُ وَالتَّشْبِيكُ فِي الصَّلَاةِ مَكْرُوهٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَتَكُونُ فِيهِ إجْمَاعًا وَفِي الْمُجْتَبَى وَلَا يُشَبِّكُ أَصَابِعَهُ ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الْوَضْعُ أَوْ الْأَخْذُ الْمَسْنُونُ ا هـ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ كَرِهَ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ الْفَرْقَعَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَلْقِينُ الشَّيْطَانِ ا هـ كَاكِيٌّ وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك فِي الصَّلَاةِ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ا هـ غَايَةٌ وَقَالَ الْكَمَالُ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ فِي الصَّلَاةِ } وَهُوَ مَعْلُولٌ بِالْحَارِثِ ا هـ وَرُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { قَالَ لِعَلِيٍّ إنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي لَا تُفَرْقِعْ أَصَابِعَك وَأَنْتَ

تُصَلِّي } ا هـ دِرَايَةٌ ( قَوْلُهُ { وَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا قَدْ شَبَّكَ أَصَابِعَهُ فِي الصَّلَاةِ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالتَّخَصُّرِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْمَبْسُوطِ يُكْرَهُ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا فَإِنَّ إبْلِيسَ أُخْرِجَ مِنْ الْجَنَّةِ مُتَخَصِّرًا ا هـ كَاكِيٌّ قَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ التَّخَصُّرِ أَخْرَجُوهُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مُتَخَصِّرًا } وَفِي لَفْظٍ { نَهَى عَنْ الِاخْتِصَارِ فِي الصَّلَاةِ } ا هـ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالِالْتِفَاتِ إلَى آخِرِهِ ) هُوَ مَكْرُوهٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ { فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ } ) فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ لَا فِي الْفَرَائِضِ ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ { وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَأَحْمَدُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُلَاحِظُ أَصْحَابَهُ بِمُؤْقِ عَيْنَيْهِ } ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ بِمُؤْقِ عَيْنَيْهِ ) الْمُؤْقُ مَهْمُوزُ الْعَيْنِ مُؤَخَّرُ الْعَيْنِ وَالْمَأَقُ مُقَدِّمُهَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَكْتَحِلُ مِنْ قِبَلِ مُؤْقِهِ مَرَّةً وَمِنْ قِبَلِ مَأْقِهِ أُخْرَى } قَالَ الزُّهْرِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأَجْمَعَ أَهْلُ الْفَنِّ أَنَّهُمَا بِمَعْنَى الْمُؤَخَّرِ ، وَكَذَا الْمَأَقِي ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ مَهْمُوزُ الْعَيْنِ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةُ وَاوًا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يُحَوَّلَ صَدْرُهُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَرْعٌ : الْمُصَلِّي

إذَا حَوَّلَ صَدْرَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ حَوَّلَ وَجْهَهُ دُونَ صَدْرِهِ لَا تَفْسُدُ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَفِي الْمَرْغِينَانِيُّ إنْ أَدَّى رُكْنًا مَعَ تَحْوِيلِ صَدْرِهِ قِيلَ هَذَا الْجَوَابُ أَلْيَقُ بِقَوْلِهِمَا أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا تَفْسُدَ فِي الْوَجْهَيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِدْبَارَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى قَصْدِ الْإِصْلَاحِ يُفْسِدُ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِقَصْدِ تَرْكِ الصَّلَاةِ لَا تَفْسُدُ مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ أَصْلُهُ انْصَرَفَ عَنْ الْقِبْلَةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ صَلَاتَهُ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا لَمْ تَتِمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يَبْنِي مَا دَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَبْنِي ا هـ ( قَوْلُهُ { مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ } إلَى آخِرِهِ ) قَالَ النَّوَوِيُّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَالَ ابْنُ شَدَّادٍ فِي أَحْكَامِهِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ { نَهَانِي خَلِيلِي } إلَى آخِرِهِ ) قَدْ عَابَ بَعْضُ النَّاسِ قَوْلَهُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلِيلِي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَّخِذْهُ وَلَا أَحَدًا مِنْ الْخَلْقِ خَلِيلًا وَهَذَا إنَّمَا وَقَعَ فِيهِ قَائِلُهُ لِظَنِّهِ أَنَّ خَلِيلًا بِمَعْنَى مُخَالِلٍ مِنْ الْمُخَالَلَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِنَّ خَلِيلًا مِثْلُ حَبِيبٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ شَيْءٌ إذْ قَدْ يَجِبُ الْكَارِهُ ا هـ شَرْحُ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ فِي بَابِ الضُّحَى ا هـ وَهَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْهِدَايَةِ قَالَ السُّرُوجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْغَايَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْكَمَالُ وَحَدِيثُ الْإِقْعَاءِ وَالِافْتِرَاشِ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ نَقْرَةٍ كَنَقْرَةِ الدِّيكِ وَإِقْعَاءٍ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ وَالْتِفَاتٍ كَالْتِفَاتِ

الثَّعْلَبِ } وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ تَعْنِيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ وَأَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ ، وَعُقْبَةُ الشَّيْطَانِ الْإِقْعَاءُ } ا هـ ( قَوْلُهُ أَمَّا الْمُصَافَحَةُ فَمُفْسِدَةٌ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَلَّامَةُ كَمَالُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ شَارِحُ الْكَنْزِ إنَّهُ بِالْإِشَارَةِ مَكْرُوهٌ وَبِالْمُصَافَحَةِ مُفْسِدٌ وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ الْآخَرُ فِي تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الْكِتَابِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْمَذْكُورَ هُنَا قُلْت أَجَازَ الْبَاقُونَ رَدَّ السَّلَامِ بِالْإِشَارَةِ وَلَنَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ أَشَارَ فِي الصَّلَاةِ إشَارَةً تُفْهِمُ أَوْ تُفَقِّهُ فَقَدْ قَطَعَ الصَّلَاةَ } وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بِابْنِ إِسْحَاقَ وَأَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنْ أَبَا غَطَفَانَ هُوَ ابْنُ طَرِيفٍ وَيُقَالُ ابْنُ مَالِكٍ الْمُرِّيِّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَمَا عَنْ الدَّارَقُطْنِيّ قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد وَأَبُو غَطَفَانَ مَجْهُولٌ لَا يُقْبَلُ وَابْنُ إِسْحَاقَ ثِقَةٌ عَلَى مَا هُوَ الْحَقُّ وَقَدَّمْنَاهُ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ ، ثُمَّ أَخْرَجَ لِلْخَصْمِ حَدِيثَ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ { مَرَرْت بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَسَلَّمْت عَلَيْهِ فَرَدَّ عَلَيَّ إشَارَةً وَقَالَ لَا أَعْلَمُ إلَّا أَنَّهُ رَدَّ عَلَيَّ إشَارَةً بِأُصْبُعِهِ } صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَعِدَّةُ أَحَادِيثَ تُفِيدُ هَذَا الْمَعْنَى وَالْجَوَابُ أَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِشَارَةِ ، وَلَنَا أَنْ لَا نَقُولَ بِهِ فَإِنَّ مَا فِي الْغَايَةِ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ وَصَاحِبِ الْمُحِيطِ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَكَلَّمَ مَعَ الْمُصَلِّي وَيُجِيبُ هُوَ بِرَأْسِهِ يُفِيدُ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا

إذَا كَانَ لِضَرُورَةٍ دَفْعًا لِلْخِلَافِ فَالْجَوَابُ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِمَا يُوجِبُهُ مِنْ الشَّتِّ وَالشُّغْلِ وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَيَّدٌ عَنْ أَنْ يَتَأَثَّرَ عَنْ ذَلِكَ فَلِذَا مَنَعَ وَفَعَلَهُ هُوَ وَلَوْ تَعَارَضَا قُدِّمَ الْمَانِعُ ا هـ وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَشْرِيعٌ عَامٌّ أَمَّا فِعْلُهُ فَرُبَّمَا يَكُونُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ ا هـ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ سُنَّةِ الْجُلُوسِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ التَّرَبُّعُ جُلُوسُ الْجَبَابِرَةِ فَلِذَا كُرِهَ فِي الصَّلَاةِ قَالَ السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ هَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ { فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَرَبَّعُ فِي جُلُوسِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ } ، وَكَذَا جُلُوسُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَرَبِّعًا ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ { إنَّمَا مِثْلُ هَذَا مِثْلُ الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ ا هـ غَايَةٌ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ أَنَّ الشَّعْرَ يَسْجُدُ مَعَهُ وَلِهَذَا مِثْلُهُ بِاَلَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مَكْتُوفٌ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لِرَجُلٍ رَآهُ يَسْجُدُ وَهُوَ مَعْقُوصٌ شَعْرُهُ أَرْسِلْهُ يَسْجُدُ مَعَك ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكَفُّ ثَوْبِهِ ) أَيْ وَهُوَ رَفْعُهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَوْ مِنْ خَلْفِهِ عِنْدَ السُّجُودِ كَمَا يَفْعَلُهُ تُرْكُ هَذَا الزَّمَانِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَكَفُّ ثَوْبِهِ ) وَهُوَ أَنْ يَضُمَّ أَطْرَافَهُ اتِّقَاءَ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ ا هـ شَرْحُ وِقَايَةٍ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَسَدْلُهُ إلَى آخِرِهِ ) وَذَكَرَ فِي الصِّحَاحِ وَدِيوَانِ الْأَدَبِ لِلْفَارَابِيِّ السَّدْلُ بِسُكُونِ الدَّالِ وَفِي الْمُغْرِبِ بِفَتْحِهَا وَقَالَ هُوَ مِنْ بَابِ طَلَبَ طَلَبًا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ لِنَهْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إلَى آخِرِهِ ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ السَّدْلِ فِي الصَّلَاةِ وَأَنْ يُغَطِّيَ

الرَّجُلُ فَاهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ا هـ فَتْحٌ وَفِي الدِّرَايَةِ وَاخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي كَرَاهَةِ السَّدْلِ خَارِجَ الصَّلَاةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَجْعَلَ ثَوْبَهُ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ كَتِفَيْهِ وَيُرْسِلَ جَوَانِبَهُ ) يَصْدُقُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمِنْدِيلُ مُرْسَلًا مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ كَمَا يَعْتَادُهُ كَثِيرٌ فَيَنْبَغِي لِمَنْ عَلَى عُنُقِهِ مِنْدِيلٌ أَنْ يَضَعَهُ عِنْدَ الصَّلَاةِ قَالَهُ الْكَمَالُ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ الْقَبَاءَ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ يَدَيْهِ ) أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْ بَعْضُهُ ا هـ جَوْهَرَةٌ ( قَوْلُهُ وَيَتْرُكُ وَسَطَ رَأْسِهِ مَكْشُوفًا ) تَشْبِيهًا بِالشُّطَّارِ أَهْلَ الْفَسَادِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّلَثُّمُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْفَرَّاءُ اللِّثَامُ مَا كَانَ عَلَى الْفَمِ مِنْ النِّقَابِ وَاللِّقَامُ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْنَبَةِ ا هـ مَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْمَجُوسِ إلَى آخِرِهِ ) وَفِي فَتَاوَى الْعَتَّابِيِّ وَيُكْرَهُ لَهُ شَدُّ وَسَطِهِ ؛ لِأَنَّهُ صَنِيعُ أَهْلِ الْكِتَابِ ا هـ كَاكِيٌّ وَلَوْ صَلَّى وَقَدْ شَمَّرَ كُمَّيْهِ لِعَمَلٍ أَوْ هَيْئَةٍ ذَلِكَ يُكْرَهُ وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالتَّثَاؤُبُ ) هُوَ تَفَاعُلٌ مِنْ الثَّوْبَاءَ وَهِيَ مَهْمُوزَةٌ فَتْرَةٌ مِنْ ثَقْلَةِ النُّعَاسِ يَفْتَحُ فَاهُ وَمِنْهُ إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُغَطِّ فَاهُ وَتَثَاوُبٌ غَلَطٌ ذَكَرَهُ فِي الْمُغْرِبِ ا هـ غَايَةٌ وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ وَالتَّثَاؤُبُ قَالَ سَلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مَا تَثَاءَبَ نَبِيٌّ قَطُّ وَأَنَّهَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ ا هـ زَرْكَشِيٌّ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ } إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِشَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَفِي رِوَايَةٍ { إذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ } آلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَتَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ ) أَيْ ؛

لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالْيَهُودِ ذَكَرَهُ فِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْأَدَاءَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْلَى مِنْ الْقَضَاءِ ) ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ الْمُحِيطِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ فِي زَادِ الْفَقِيرِ وَتُكْرَهُ فِي قَوَارِعِ الطَّرِيقِ وَمَعَاطِنِ الْإِبِلِ وَالْمَزْبَلَةِ وَالْمَجْزَرَةِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُغْتَسَلِ وَالْحَمَّامِ فَإِنْ غَسَلَ فِي الْحَمَّامِ مَكَانًا وَصَلَّى فِيهِ لَا بَأْسَ بِهِ ، وَكَذَا مَوْضِعُ جُلُوسِ الْحَمَّامِيِّ وَيُكْرَهُ أَيْضًا فِي الْمَقْبَرَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا مَوْضِعٍ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ لَا نَجَاسَةَ فِيهِ وَلَا قَبْرَ فِيهِ ا هـ زَادَ الْفَقِيرُ ا هـ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ صَلَّى وَفِي فَمِهِ شَيْءٌ يُمْسِكُهُ إنْ كَانَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنْ يُخِلُّ بِهَا كَدِرْهَمٍ أَوْ دِينَارٍ أَوْ لُؤْلُؤَةٍ لَا يُفْسِدُ صَلَاتَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ شَيْءٌ مِنْ الرُّكْنِ وَلَكِنْ يُكْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ الرُّكْنِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ الرُّكْنُ وَإِنْ كَانَ فِي فِيهِ سَكْرَةٌ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَكْلٌ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ شَيْءٌ يُمْسِكُهُ جَازَتْ صَلَاتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ يَمْنَعُهُ عَنْ الْأَخْذِ بِالرَّكْبِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الرَّاحَتَيْنِ عِنْدَ السُّجُودِ يُكْرَهُ لِمَنْعِهِ عَنْ تَحْصِيلِ السُّنَّةِ ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ رَمَى طَائِرًا بِحَجَرٍ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ قَلِيلٌ وَيُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَعْمَالِ الصَّلَاةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْخَامِسُ أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَلَوْ مَضَغَ الْعِلْكَ فِي الصَّلَاةِ إلَى آخِرِهِ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ كَذَا ذَكَرَ مُحَمَّدٌ ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ إلَيْهِ مِنْ بُعْدٍ لَا يَشُكُّ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ التَّحْدِيدِ هُوَ هَذَا حَيْثُ حُكِمَ بِفَسَادِ الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اسْتِعْمَالِ الْيَدِ رَأْسًا فَضْلًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْيَدَيْنِ ا هـ وَلَوْ ادَّهَنَ أَوْ

سَرَّحَ لِحْيَتَهُ أَوْ حَمَلَتْ امْرَأَةٌ صَبِيَّهَا وَأَرْضَعَتْهُ فَسَدَتْ الصَّلَاةُ فَأَمَّا حَمْلُ الصَّبِيِّ بِدُونِ الْإِرْضَاعِ فَلَا يُوجِبُ فَسَادَ الصَّلَاةِ لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي فِي بَيْتِهِ وَقَدْ حَمَلَ أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى عَاتِقِهِ فَكَانَ إذَا سَجَدَ وَضَعَهَا وَإِذَا قَامَ رَفَعَهَا ، ثُمَّ هَذَا الصَّنِيعُ لَمْ يُكْرَهْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إلَى ذَلِكَ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُهَا أَوْ لِبَيَانِهِ الشَّرْعَ بِالْفِعْلِ أَنْ هَذَا غَيْرُ مُوجِبٍ فَسَادَ الصَّلَاةِ وَمِثْلُ هَذَا نَصًّا فِي زَمَانِنَا لَا يُكْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَّا لَوْ فَعَلَ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَمَّا بِدُونِ الْحَاجَةِ فَيُكْرَهُ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ يُكْرَهُ قِيَامُ الْإِمَامِ فِي الطَّاقِ ) إلَّا لِعُذْرٍ كَكَثْرَةِ الْقَوْمِ ا هـ زَادُ الْفَقِيرِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ سُجُودُهُ فِيهِ إذَا كَانَ قَائِمًا ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَكُونَ مَقَامُ الْإِمَامِ فِي الْمَسْجِدِ وَسُجُودُهُ فِي الطَّاقَ وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ فِي الطَّاقِ قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَهَذَا عَلَى عُرْفٍ فِي دِيَارِهِمْ ؛ لِأَنَّ عَامَّةَ الْأَبْنِيَةِ فِيهَا مِنْ الْآجُرِّ فَيَتَّخِذُونَ طَاقَاتٍ فِي الْمَحَارِيبِ وَلَمْ يَرِدْ بِهَذَا التَّفْصِيلِ أَنَّ الطَّاقَ لَيْسَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَكِنْ أَرَادُوا بِالْمَسْجِدِ مَوْضِعَ السُّجُودِ أَيْ الصَّلَاةَ وَلَمَّا لَمْ يَتَعَوَّدْ الصَّلَاةَ فِي الطَّاقِ حَسُنَ الْفَصْلُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَسْجِدِ فَإِطْلَاقُ لَفْظِ الْمَسْجِدِ فِي قَوْلِك الْمَسْجِدُ بَيْتُ اللَّهِ يُفِيدُ غَيْرَ مَا يُفِيدُ قَوْلُك هَذَا مَسْجِدِي أَيْ مَوْضِعُ صَلَاتِي ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يُجَامِعُ الْمِلْكَ وَالثَّانِي يُجَامِعُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَمُرَادُهُ فِي الْكِتَابِ هَذَا الثَّانِي وَإِنَّمَا كَشَفْت لَك عَنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الِاسْتِعْمَالَيْنِ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ زَعَمُوا أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ لَمْ يَجْعَلْ الطَّاقَ مِنْ الْمَسْجِدِ حَيْثُ قَسَّمَ وَفَصَّلَ فَعَابُوا أَبَا حَنِيفَةَ عَمَّا

ذَكَرَ مِنْ الصَّوَابِ فَقَعَدُوا تَحْتَ الْمَعَابِ ا هـ نِهَايَةُ الْكِفَايَةِ لِدِرَايَةِ الْهِدَايَةِ لِتَاجِ الشَّرِيعَةِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْقَدَمُ كَمَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْأَحْكَامِ ) أَلَا تَرَى أَنَّ مَوْضِعَ الْقَدَمِ طَهَارَتُهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ دُونَ طَهَارَةِ مَوْضِعِ الْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَلَوْ اقْتَدَى بِرَجُلٍ وَقَدَمُهُ بِعَقِبِ قَدَمِ الْإِمَامِ وَرَأْسُهُ مُقَدَّمٌ عَلَى رَأْسِ الْإِمَامِ لِطُولِهِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ بِوَضْعِ قَدَمِهِ دُونَ جَسَدِهِ وَلَوْ كَانَ قَدَمَا الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ وَجَسَدُهُ فِي الْحِلِّ فَهُوَ مِنْ صَيْدِ الْحَرَمِ ا هـ ( قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَشْتَبِهُ حَالُ الْإِمَامِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي جَانِبِ الطَّاقِ عَمُودَانِ وَوَرَاءَ ذَلِكَ فُرْجَةٌ يَطَّلِعُ مِنْهَا مِنْ عَلَى يَمِينِهِ وَمِنْ عَلَى يَسَارِهِ عَلَى حَالِهِ ( قَوْلُهُ ، ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةٌ ) أَيْ قَامَةُ الرَّجُلِ الْوَسَطِ ا هـ بِأَكْبَرَ قَالَ الرَّازِيّ ، ثُمَّ قَدْرُ الِارْتِفَاعِ قَامَةُ رَجُلٍ هُوَ الصَّحِيحُ ا هـ قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا } إلَى آخِرِهِ ) الْمُرَادُ بِهِمْ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالْبَرَكَةِ لَا الْحَفَظَةُ وَعَدَمُ دُخُولِهِمْ لِزَجْرِ صَاحِبِ الْبَيْتِ عَنْ اتِّخَاذِ الصُّوَرِ فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ وَأَجَازَ سُلَيْمَانُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّصَاوِيرَ كَمَا قَالَ تَعَالَى { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ } وَالتَّمَاثِيلُ صُوَرُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصُّلَحَاءِ كَانَتْ تُعْمَلُ فِي الْمَسَاجِدِ مِنْ نُحَاسٍ وَرُخَامٍ لِيَرَاهَا النَّاسَ ، فَيَعْبُدُوا نَحْوَ عِبَادَتِهِمْ أُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالتَّمَاثِيلِ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى صُورَةِ الْحَيَوَانِ ؛ لِأَنَّ التِّمْثَالَ أَعَمُّ ، مِنْ ذَلِكَ ا هـ شَرْحُ مَشَارِقَ ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ أَنَّ خَاتَمَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ عَلَيْهِ ذُبَابَتَانِ

) الْمَذْكُورَةُ فِي النِّهَايَةِ وَالْعِنَايَةِ أَنَّ الذُّبَابَتَيْنِ كَانَتَا عَلَى خَاتَمِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ( قَوْلُهُ وَخَاتَمُ دَانْيَالَ كَانَ عَلَيْهِ أَسَدٌ إلَى آخِرِهِ ) وَسَبَبُ تَصْوِيرِ دَانْيَالَ ذَلِكَ عَلَى خَاتَمِهِ هُوَ أَنْ بُخْتَ نَصَّرَ لَمَّا أَخَذَ بِتَتَبُّعِ الصَّبِيَّانِ ، وَيَقْتُلُهُمْ وَوُلِدَ دَانْيَالَ ، أَلْقَتْهُ أُمُّهُ فِي غَيْضَةٍ رَجَاءَ أَنْ يَنْجُوَ فَقَيَّضَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَسَدًا يَحْفَظُهُ وَلَبْوَة تُرْضِعُهُ وَهُمَا يَلْحَسَانِهِ فَلَمَّا كَبِرَ صَوَّرَ ذَلِكَ فِي خَاتَمِهِ حَتَّى لَا يَنْسَى نِعْمَةَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ ا هـ مُغْرِبٌ فِي دنل وَوُجِدَ هَذَا الْخَاتَمُ فِي عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ا هـ مُغْرِبٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَا تُعْبَدُ بِدُونِ الرَّأْسِ ) أَيْ وَلِهَذَا لَوْ صَلَّى إلَى تَنُّورٍ أَوْ كَانُونٍ فِيهِ نَارٌ كُرِهَ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَتَهَا وَإِلَى قِنْدِيلٍ أَوْ شَمْعٍ أَوْ سِرَاجٍ لَا لِعَدَمِ التَّشَبُّهِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ الْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ ) وَالْأَمْرُ لِلْإِبَاحَةِ ؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ لَنَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ { اُقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ } إلَى آخِرِهِ ) الطُّفْيَةُ خُوصَةُ الْمُقْلِ وَالْأَسْوَدُ الْعَظِيمُ مِنْ الْحَيَّاتِ وَهُوَ أَخْبَثُهَا وَفِيهِ سَوَادٌ كَأَنَّهُ شَبَهُ ، الْخَطَّيْنِ عَلَى ظَهْرِهِ بِطُفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرُ الْقَصِيرُ الذَّنَبِ ا هـ مِنْ خَطِّ الشَّارِحِ قَوْلُهُ لِمَا رُوِيَ إلَى آخِرِهِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا تُصَلُّوا خَلْفَ النَّائِمِ وَلَا الْمُتَحَدِّثِ } أَخْرَجَهُ بِإِسْنَادٍ مُنْقَطِعٍ وَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ أَيْضًا ا هـ عَبْدُ الْحَقِّ ( قَوْلُهُ وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّهْيِ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي الْحَجَّاجِ وَالطَّارِئُ رَفَعَهُ قَالَ { نَهَى أَنْ يَتَحَدَّثَ الرَّجُلَانِ وَبَيْنَهُمَا أَحَدٌ يُصَلِّي } ذَكَرَهُ فِي الْمَرَاسِيلِ ا هـ .

( فَصْلٌ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( كُرِهَ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ فِي الْخَلَاءِ وَاسْتِدْبَارُهَا ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا بِبَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا } وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا فِي الْمَدِينَةِ وَمَا حَوْلَهَا مِنْ الْبِلَادِ لِأَنَّ قِبْلَتَهُمْ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَفِي الِاسْتِدْبَارِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ يُكْرَهُ لِمَا رَوَيْنَا ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ تَرْكَ التَّعْظِيمِ وَفِي رِوَايَةٍ لَا يُكْرَهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ { رَقَيْت يَوْمًا عَلَى بَيْتِ أُخْتِي حَفْصَةَ فَرَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا لِحَاجَتِهِ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْكَعْبَةِ } ؛ وَلِأَنَّ فَرْجَهُ غَيْرُ مُوَازٍ لَهَا وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ إلَى الْأَرْضِ بِخِلَافِ الْمُسْتَقْبِلِ ؛ لِأَنَّ فَرْجَهُ مُوَازٍ لَهَا وَمَا يَنْحَطُّ مِنْهُ يَنْحَطُّ إلَيْهَا وَالْأَحْوَطُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْقَوْلَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْفِعْلِ إذْ الْفِعْلُ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ الْإِعْذَارُ بِخِلَافِ الْقَوْلِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُمَا ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَجُوزُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ فِي الْبُنْيَانِ دُونَ الصَّحْرَاءِ وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا ، وَكَذَا يُكْرَهُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تُوَجِّهَ وَلَدَهَا نَحْوَ الْقِبْلَةِ لِيَبُولَ لِمَا ذَكَرْنَا وَإِنْ غَفَلَ وَقَعَدَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي الْخَلَاءِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَنْحَرِفَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مِنْ جَلَسَ يَبُولُ قُبَالَةَ الْقِبْلَةِ فَذَكَرَ وَانْحَرَفَ عَنْهَا إجْلَالًا لَهَا لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى يُغْفَرَ لَهُ } وَيُسْتَحَبُّ لَهُ عِنْدَ الدُّخُولِ فِي الْخَلَاءِ أَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ وَيُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَعِنْدَ الْخُرُوجِ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَلَا يَتَنَحْنَحَ وَلَا يَبْزُقَ وَلَا يَمْتَخِطَ وَيَسْكُتَ إذَا عَطَسَ وَيَقُولَ إذَا

خَرَجَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَخْرَجَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي وَأَبْقَى مَا يَنْفَعُنِي ، وَيُكْرَهُ مَدُّ الرِّجْلِ إلَى الْقِبْلَةِ وَإِلَى الْمُصْحَفِ وَإِلَى كُتُبِ الْفِقْهِ فِي النَّوْمِ وَغَيْرِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَغَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ ) لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مِنْ الصَّلَاةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ } وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ } وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِالْغَلْقِ فِي زَمَانِنَا فِي غَيْرِ أَوَانِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لِمَتَاعِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ كَمَا قُلْنَا فِي مَنْعِ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فِي زَمَانِنَا لِفَسَادِ أَحْوَالِ النَّاسِ وَقِيلَ إذَا تَقَارَبَ الْوَقْتَانِ لَا يُغْلَقُ كَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيُغْلَقُ بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَمِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الظُّهْرِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْوَطْءُ فَوْقَهُ ) أَيْ فَوْقَ الْمَسْجِدِ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي لِأَنَّ سَطْحَ الْمَسْجِدِ مَسْجِدٌ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ وَلِهَذَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ بِمِنْ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالصُّعُودِ إلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا يَحْنَثُ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ سَطْحَ الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَحْرُمُ مُبَاشَرَةُ النِّسَاءِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } وَلِأَنَّ تَطْهِيرَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَنْ طَهِّرَا بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ } وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ } الْحَدِيثَ ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ

الْمَسْجِدَ لَيَنْزَوِي مِنْ النُّخَامَةِ كَمَا يَنْزَوِي الْجِلْدُ مِنْ النَّارِ } فَإِذَا كُرِهَ التَّنَخُّمُ فِيهِ مَعَ طَهَارَتِهِ فَالْبَوْلُ أَحْرَى قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ ) يَعْنِي لَا يُكْرَهُ الْوَطْءُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي فَوْقَ بَيْتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ وَالْمُرَادُ مَا أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ نَدَبْنَا إلَيْهِ حَتَّى لَا يَصِحَّ الِاعْتِكَافُ فِيهِ إلَّا لِلنِّسَاءِ وَاخْتَلَفُوا فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ كَالْمَسْجِدِ لِكَوْنِهِ مَكَانًا وَاحِدًا وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الِاقْتِدَاءِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَا نَقْشُهُ بِالْجِصِّ وَمَاءِ الذَّهَبِ ) أَيْ لَا يُكْرَهُ نَقْشُ الْمَسْجِدِ بِهِمَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُؤْجَرُ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ تَزْيِينُ الْمَسَاجِدِ } الْحَدِيثُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَذِهِ الْكَلِمَاتُ حِين مَرَّ بِهِ رَسُولُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِينَارٍ لِتَزْيِينِ مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسَاكِينُ أَحْوَجُ مِنْ الْأَسَاطِينِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إنَّهُ قُرْبَةٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ الْمَسْجِدِ وَإِجْلَالِ الدِّينِ وَقَدْ زُخْرِفَتْ الْكَعْبَةُ بِمَاءِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَسُتِرَتْ بِأَلْوَانِ الدِّيبَاجِ تَعْظِيمًا لَهَا وَعِنْدَنَا لَا بَأْسَ بِهِ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَصَرْفُهُ إلَى الْمَسَاكِينِ أَحَبُّ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتَكَلَّفَ لِدَقَائِقِ النَّقْشِ فِي الْمِحْرَابِ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ ؛ لِأَنَّهُ يُلْهِي الْمُصَلِّي وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ النَّهْيُ الْوَارِدُ عَنْ التَّزْيِينِ أَوْ عَلَى التَّزْيِينِ مَعَ تَرْكِ الصَّلَاةِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { وَقُلُوبُهُمْ خَاوِيَةٌ عَنْ الْإِيمَانِ } هَذَا إذَا فَعَلَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّي فَلَيْسَ لَهُ

أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ فَإِنْ فَعَلَهُ ضَمِنَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُضِيعَ مَالَ الْوَقْفِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُ مَا يَرْجِعُ إلَى إحْكَامِ الْبِنَاءِ حَتَّى لَوْ جَعَلَ الْبَيَاضَ فَوْقَ السَّوَادِ لِلْبَقَاءِ ضَمِنَ ، ذَكَرَهُ فِي الْغَايَةِ وَعَلَى هَذَا تَحْلِيَةُ الْمُصْحَفِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا بَأْسَ بِهِ وَكَانَ الْمُتَقَدِّمُونَ يَكْرَهُونَ شَدَّ الْمَصَاحِفِ وَاِتِّخَاذَ الشَّدِّ لَهَا كَيْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ فِي صُورَةِ الْمَنْعِ فَأَشْبَهَ غَلْقَ بَابِ الْمَسْجِدِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( قَوْلُهُ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ رَقَيْت يَوْمًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ رَقَيْته أَرْقِيه مِنْ بَابِ رَمَى رُقِيَا عَوَّذْته بِاَللَّهِ وَالِاسْمُ الرُّقْيَا عَلَى فُعْلَى وَالْمَرَّةُ رُقْيَةٌ وَالْجَمْعُ رُقَى مِثْلُ مُدْيَةٍ وَمُدَى وَرَقِيت فِي السُّلَّمِ وَغَيْرِهِ أَرْقَى مِنْ بَابِ تَعِبَ رُقِيًّا عَلَى فُعُولٍ ا هـ ( قَوْلُهُ مُسْتَقْبِلَ الشَّامِ مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ ) وَفِي رِوَايَةٍ مُسْتَدْبِرًا بَيْتَ الْمَقْدِسِ ا هـ قَوْلُهُ وَصَلَّى فِي أَيِّ سَاعَةٍ شَاءَ إلَى آخِرِهِ ) هِيَ بِالْوَاوِ وَفِي خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الشُّرَّاحِ بِأَوْ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالتَّخَلِّي ) أَيْ التَّغَوُّطُ ا هـ بَاكِيرٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حُكْمَ الْمَسْجِدِ ) أَيْ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَإِنْ نَدَبْنَا إلَيْهِ إلَى آخِرِهِ ) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَنْدُوبٌ لَأَنْ يَتَّخِذَ فِي بَيْتِهِ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ السُّنَنَ وَالنَّوَافِلَ لَكِنْ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ ا هـ خُلَاصَةٌ فِي الْفَصْلِ ( قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ حُكْمَ الْمَسْجِدِ ) أَيْ مُصَلَّى الْعِيدِ وَالْجَنَائِزِ ا هـ وَقَالَ قَاضِي خَانْ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي فَتْوَاهُ فِي بَابِ الرَّجُلِ يَجْعَلُ دَارِهِ مَسْجِدًا مَا نَصُّهُ : مَسْجِدٌ اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ هَلْ يَكُونُ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهِ قَالَ بَعْضُهُمْ يَكُونُ مَسْجِدًا حَتَّى لَوْ مَاتَ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَهُوَ مَسْجِدٌ لَا يُورَثُ عَنْهُ وَمَا اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا مُطْلَقًا وَإِنَّمَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْ الصُّفُوفِ أَمَّا فِيمَا سِوَى ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ حَالَ أَدَاءِ الصَّلَاةِ لَا غَيْرُ وَهُوَ وَالْجَبَّانَةُ سَوَاءٌ وَيُجَنَّبُ هَذَا الْمَكَانُ كَمَا

يُجَنَّبُ الْمُجَسَّدُ احْتِيَاطًا ا هـ وَقَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَقْفِ مَسْجِدٌ اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ أَوْ لِصَلَاةِ الْعِيدِ يُجَنَّبُ كَمَا يُجَنَّبُ الْمَسَاجِدُ ؛ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِيهَا وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ الْجَوَابُ فِيهِ يَجْرِي عَلَى الْإِطْلَاقِ وَاَلَّذِي اُتُّخِذَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ ، وَإِنْ انْفَصَلَ الصُّفُوفُ أَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ لَا رِفْقًا بِالنَّاسِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَهُ ضَمِنَ إلَى آخِرِهِ ) إلَّا إذَا خَافَ طَمَعَ الظَّلَمَةِ فِيمَا اجْتَمَعَ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ حِينَئِذٍ ا هـ كُنُوزٌ .

( بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ ) قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( الْوِتْرُ وَاجِبٌ ) وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ رَوَاهُ عَنْهُ يُوسُفُ بْنُ خَالِدٍ السَّمْتِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِهِ وَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ فَرِيضَةٌ وَرَوَى نُوحُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْهُ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَقِيلَ بِالتَّوْفِيقِ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ سُنَّةٌ طَرِيقَةً أَوْ ثَبَتَ وُجُوبُهُ بِالسُّنَّةِ وَبِقَوْلِهِ فَرْضُ لُزُومِهِ عَمَلًا لَا عِلْمًا لِأَنَّ الْوَاجِبَ فَرْضٌ فِي حَقِّ الْعَمَلِ دُونَ الِاعْتِقَادِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمُ اللَّهُ هُوَ سُنَّةٌ لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ { قَالَ هَلْ عَلَيَّ غَيْرَهُنَّ قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ } وَهَذَا يَنْفِي الْفَرْضِيَّةَ وَالْوُجُوبَ ؛ وَلِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { صَلَّى الْوِتْرَ عَلَى الرَّاحِلَةِ } وَالْفَرْضُ لَا يُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَفِي قَوْله تَعَالَى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } إشَارَةٌ إلَيْهِ لِأَنَّ الْوُسْطَى لَا تَتَحَقَّقُ فِي الشَّفْعِ وَإِنَّمَا تَتَحَقَّقُ إذَا كَانَتْ الصَّلَوَاتُ وِتْرًا فَتَكُونُ الْوُسْطَى بَيْنَ شَفْعَيْنِ وَلِهَذَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ وَلَا يُؤْذَنُ لَهُ وَلَا يُقَامُ وَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي كُلِّهَا وَلِأَبِي حَنِيفَةَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ الْحَاكِمُ هُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { اجْعَلُوا آخَرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا } اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالْأَمْرُ وَكَلِمَةُ عَلَى وَحَقٌّ لِلْوُجُوبِ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ } وَالزِّيَادَةُ تَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ وَلَا جَائِزَ أَنْ تَكُونَ زَائِدَةً عَلَى النَّفْلِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْصُورٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ

الْفَرْضُ لِكَوْنِهِ مَحْصُورًا وَهَذَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا عَلَى الْمُقَدَّرَاتِ وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { الْوِتْرُ حَقٌّ فَمَنْ لَمْ يُوتِرْ فَلَيْسَ مِنَّا } قَالَهُ ثَلَاثًا قَالَ الْحَاكِمُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَقَدْ وَثَّقَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ إسْنَادَ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مِنْ نَامَ عَنْ وِتْرٍ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيَقْضِهِ إذَا ذَكَرَهُ } وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ فَرْعُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَقَدْ ظَهَرَ فِيهِ آثَارُ الْوُجُوبِ حَيْثُ يُقْضَى وَلَا يُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَلَا يَجُوزُ بِدُونِ نِيَّةِ الْوِتْرِ بِخِلَافِ التَّرَاوِيحِ وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ؛ وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ وَلَوْ كَانَ سُنَّةً تَبَعًا لِلْعِشَاءِ لَكُرِهَ تَأْخِيرُهُ كَمَا يُكْرَهُ تَأْخِيرُ سُنَّتِهَا تَبَعًا لَهَا وَالْجَوَابُ عَنْ تَمَسُّكِهِمْ بِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِ الْوِتْرِ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ زَادَكُمْ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مُتَأَخِّرٌ عَنْ وُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى { قُلْ لَا أَجِد فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ } وَقَدْ حَرَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْلَ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَغَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى تَأْخِيرِهِ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ { لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَفْلَحَ إنْ صَدَقَ } وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ وُجُوبِ الْحَجِّ فَكَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ وُجُوبِ الْوِتْرِ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً ، وَكَذَا قَوْله تَعَالَى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } يَجُوزُ أَنَّهَا نَزَلَتْ قَبْلَ وُجُوبِ الْوِتْرِ فَتَكُونُ وُسْطَى فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُمْ بِفِعْلِهِ

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فَغَيْرُ مُسْتَقِيمٍ عَلَى أَصْلِهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْوِتْرَ فَرْضًا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ الْعَجَبِ أَنَّهُمْ يَدَّعُونَ جَوَازَ هَذَا الْفَرْضِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ، ثُمَّ يَقُولُونَ فِي حَقِّ إلْزَامِ خَصْمِهِمْ إنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَمَا جَازَ عَلَى الرَّاحِلَةِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْفَرَائِضِ وَهَذَا تَحَكُّمٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَنَحْنُ نَقُولُ إنَّ فِعْلَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْهِ أَوْ لِأَجْلِ الْعُذْرِ فَلَا يُعَارِضُ الْقَوْلَ وَإِنَّمَا لَا يَكْفُرُ جَاحِدُهُ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فَلَا يُعَرَّى عَنْ شُبْهَةٍ وَهُوَ يُؤَدَّى فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فَيَكْتَفِي بِآذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَإِنَّمَا تَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي جَمِيعِهِ لِقُصُورِ دَلِيلِهِ فَتُرَاعَى جِهَةُ النَّفْلِيَّةِ فِيهِ احْتِيَاطًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَهُوَ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ بِتَسْلِيمَةٍ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ وَإِنْ شَاءَ بِثَلَاثٍ وَإِنْ شَاءَ بِخَمْسٍ إلَى إحْدَى عَشْرَةَ أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِرَكْعَةٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ } الْحَدِيثَ ، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُوتِرُ بِسَبْعٍ أَوْ بِخَمْسٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمَةٍ } وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي الْأُولَى بِ { سَبِّحْ اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى } وَفِي الثَّانِيَةِ بِ { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } وَفِي الثَّالِثَةِ بِ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ } الْحَدِيثَ ، وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ } وَعَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا

تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا } فَلَوْ كَانَ يَفْصِلُ لَقَالَتْ ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ وَاحِدَةً وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { نَهَى عَنْ الْبُتَيْرَاءِ } وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ الْوِتْرُ ثَلَاثٌ كَوِتْرِ النَّهَارِ ثَلَاثُ رَكَعَاتٍ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ وَعَنْهُ مَا أَجْزَأَتْ رَكْعَةٌ قَطُّ وَحَكَى الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إجْمَاعَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ ثَلَاثٌ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْوِتْرِ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { لَا تُوَتِّرُوا بِثَلَاثٍ أَوْتَرُوا بِسَبْعٍ أَوْ خَمْسٍ } الْحَدِيثَ وَالْإِيتَارُ بِالثَّلَاثِ جَائِزٌ إجْمَاعًا ، وَكَذَا مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا فِي آخِرِهَا } وَأَجْمَعْنَا عَلَى أَنَّهُ يَجْلِسُ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ أَمْرِ الْوِتْرِ ؛ لِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْمُسْتَقِرَّةَ لَا يُخَيَّرُ فِي أَعْدَادِ رَكَعَاتِهَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَنَتَ فِي ثَالِثَتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ ) لِمَا رَوَيْنَا وَهُوَ بِإِطْلَاقِهِ حُجَّةً عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ ، وَكَذَا { قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْحَسَنِ حِينَ عَلَّمَهُ الْقُنُوتَ اجْعَلْ هَذَا فِي وِتْرِك مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ } فَيَكُونُ حُجَّةً عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ ، هَكَذَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَالذَّخِيرَةِ يَعْنِي غَيْرَ قَوْلِهِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ اللَّهُمَّ أَهْدِنَا إلَى آخِرِهِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَرَأَ فِي

كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً ) لِمَا رَوَيْنَا .

( قَوْلُهُ بَابُ الْوِتْرِ وَالنَّوَافِلِ ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَاتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ بَيَانِ أَوْقَاتِهَا وَكَيْفِيَّةِ أَدَائِهَا وَالْأَدَاءِ الْكَامِلِ وَالْقَاصِرِ فِيهَا شَرَعَ فِي بَيَانِ صَلَاةٍ هِيَ دُونَ الْفَرَائِضِ وَفَوْقَ النَّوَافِلِ وَهِيَ صَلَاةُ الْوِتْرِ وَدَلَالَةُ أَنَّهَا قَصَدَتْ هَذِهِ الْمُنَاسَبَةُ إيرَادَ النَّوَافِلِ بَعْدَهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ الْوَاجِبُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ كَمَا هُوَ حَقُّهُ ا هـ نِهَايَةٌ وَالنَّوَافِلُ جَمْعُ نَافِلَةٍ وَهِيَ فِي اللُّغَةِ الزِّيَادَةُ وَمِنْهُ سُمِّيَ النَّفَلُ لِلْغَنِيمَةِ ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا وُضِعَ الْجِهَادُ لَهُ وَهُوَ إعْلَاءُ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِنْهُ سُمِّيَ وَلَدُ الْوَلَدِ نَافِلَةً وَسُمِّيَتْ صَلَاةُ النَّفْلِ نَفْلًا ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ عَلَى الْفَرَائِضِ ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْهُ أَنَّهُ فَرِيضَةٌ ) أَيْ وَبِهِ أَخَذَ زُفَرُ ا هـ نِهَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَالشَّافِعِيُّ هُوَ سُنَّةٌ إلَى آخِرِهِ ) وَهِيَ عِنْدَهُمَا أَعْلَى رُتْبَةً مِنْ جَمِيعِ السُّنَنِ حَتَّى لَا تَجُوزُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ، وَلَا عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَتُقْضَى ، ذَكَرَهُ فِي الْمُحِيطِ ا هـ اخْتِيَارٌ ( قَوْلُهُ وَفِي قَوْله تَعَالَى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى } إشَارَةٌ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى نَفْيِ الْفَرِيضَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَا يُؤَذَّنُ لَهُ وَلَا يُقَامُ إلَى آخِرِهِ ) وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فَيَخْتَصُّ بِالْفَرَائِضِ الْمُطْلَقَةِ وَلِهَذَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ ا هـ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَمِنْ خَطِّهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إنَّ اللَّهَ زَادَكُمْ صَلَاةً } إلَى آخِرِهِ ) فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ وُجُوبَ الْوِتْرِ كَانَ بَعْدَ سَائِرِ الْمَكْتُوبَاتِ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ زَادَكُمْ فَأَضَافَ إلَى اللَّهِ لَا إلَى نَفْسِهِ وَالسُّنَنُ تُضَافُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ ا هـ نِهَايَةٌ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَتَحَقَّقُ عَلَى الشَّيْءِ إذَا كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ لَا يُقَالُ زَادَ فِي ثَمَنِهِ إذَا وَهَبَ هِبَةً مُبْتَدَأَةً وَلَا يُقَالُ زَادَ عَلَى الْهِبَةِ إذَا بَاعَ وَالْمَزِيدُ عَلَيْهِ وَاجِبٌ فَكَذَا الزِّيَادَةُ وَالثَّانِي أَنَّهُ قَالَ أَلَا وَهِيَ الْوِتْرُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْرِيفِ فَكَانَ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَعْلُومًا عِنْدَهُمْ وَزِيَادَةُ التَّعْرِيفِ زِيَادَةُ وَصْفٍ لَا أَصْلٌ وَهُوَ الْوُجُوبُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ أَمَرَ بِأَدَائِهَا وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ا هـ نِهَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَمِنْ الْعَجَبِ إلَى آخِره ) وَقَدْ ادَّعَى النَّوَوِيُّ أَنَّ جَوَازَ فِعْلِ هَذَا الْوَاجِبِ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي بَابِ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَفِي هَذِهِ الدَّعْوَى تَوَقُّفٌ فَإِنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ خَاصٍّ وَلَمْ يُنْقَلْ ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ مَذْهَبُنَا أَنَّهُ جَائِزٌ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ كَسَائِرِ النَّوَافِلِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عُذْرٌ أَمْ لَا وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَصَاحِبَاهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِعُذْرٍ وَدَلِيلُنَا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ } أَخْرَجَاهُ فَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ يَجْعَلُ أَوَّلًا فِعْلَهُ عَلَى الرَّاحِلَةِ مِنْ الْخَصَائِصِ ، ثُمَّ يَجْعَلُهُ هُنَا دَلِيلًا لِلْجَوَازِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمَّةِ وَمَا بِالْعَهْدِ مِنْ قِدَمٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ إلَى آخِرِهِ ) النَّسَائِيّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى آخِرِهِ فَإِذَا فَرَغَ قَالَ عِنْدَ فَرَاغِهِ سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ } وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ

فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا { وَفِي الثَّالِثَةِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَبِالْمُعَوِّذَتَيْنِ } وَحَدِيثُ النَّسَائِيّ أَصَحُّ إسْنَادًا وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ يَقْرَأُ فِيهِنَّ بِتِسْعِ سُوَرٍ مِنْ الْمُفَصَّلِ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِثَلَاثِ سُوَرٍ آخِرُهُنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } ا هـ عَبْدُ الْحَقِّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَقَنَتَ فِي ثَالِثَتِهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَبَدًا بَعْدَ أَنْ كَبَّرَ ) أَيْ رَافِعًا يَدَيْهِ ا هـ ع وَهَذِهِ التَّكْبِيرَةُ وَاجِبَةٌ يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي هَذَا الشَّرْحِ فِي بَابِ سُجُودِ السَّهْوِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِي الْقُنُوتِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ فِي الْوِتْرِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ رُبَّمَا يَكُونُ جَاهِلًا فَيَأْتِي بِدُعَاءٍ يُشْبِهُ كَلَامَ النَّاسِ فَيُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ التَّوْقِيتَ فِي الدُّعَاءِ يُذْهِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ مَحْمُولٌ عَلَى أَدْعِيَةِ الْمَنَاسِكِ دُونَ الصَّلَاةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يُذْهِبُ بِرِقَّةِ الْقَلْبِ ) أَيْ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَكَذَا فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَقَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهُ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ إلَى آخِرِهِ ) وَلَكِنْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ سُورَةً مُعَيَّنَةً عَلَى الدَّوَامِ ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ هُوَ مُطْلَقُ الْقِرَاءَةِ بِقَوْلِهِ { فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } وَالتَّعْيِينُ عَلَى الدَّوَامِ يُفْضِي إلَى أَنْ يَعْتَقِدَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ وَاجِبٌ أَوْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَكِنْ لَوْ قَرَأَ بِمَا وَرَدَ بِهِ الْأَثَرُ أَحْيَانًا يَكُونُ حَسَنًا وَلَكِنْ لَا يُوَاظِبُ عَلَيْهِ لِمَا ذَكَرْنَا كَذَا فِي تُحْفَةِ الْفُقَهَاءِ ا هـ .

نِهَايَةٌ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ ) أَيْ فِي غَيْرِ الْوِتْرِ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ { صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَزَلْ يَقْنُتُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا } ، وَكَذَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَلَنَا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْعَرَبِ ، ثُمَّ تَرَكَهُ } وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ { صَلَّيْت خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فَلَمْ يَقْنُتُوا } وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ الْقُنُوتُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ بِدْعَةٌ وَرُوِيَ فِي الْخَبَرِ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَنَتَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى مُعَاتِبًا لَهُ { لَيْسَ لَك مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } فَتَرَكَ } وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الثِّقَاتِ أَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَتْبَعُ الْمُؤْتَمُّ قَانِتَ الْوِتْرِ ) أَيْ يَتْبَعُ الْمُقْتَدِي الْإِمَامَ الْقَانِتَ فِي الْوِتْرِ فِي قُنُوتِهِ وَيُخْفِي هُوَ وَالْقَوْمُ ؛ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَقِيلَ يَجْهَرُ الْإِمَامُ ، ذَكَرَهُ فِي الْمُفِيدِ وَقِيلَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْنُتُ الْإِمَامُ دُونَ الْمُؤْتَمِّ كَمَا لَا يَقْرَأُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِي الْفَجْرِ مَعَ كَوْنِهِ مَنْسُوخًا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يُتَابِعُهُ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ لِكَوْنِهِ ثَابِتًا بِيَقِينِ فَصَارَ كَالثَّنَاءِ وَالتَّشَهُّدِ وَالدُّعَاءِ بَعْدَهُ وَتَسْبِيحَاتِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ رَفْعُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ صَوْتَهُمَا فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( لَا الْفَجْرِ ) أَيْ لَا يُتَابِعُ الْمُؤْتَمُّ الْإِمَامَ الْقَانِتَ فِي الْفَجْرِ فِي الْقُنُوتِ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي

حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ يُتَابِعُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ وَالْقُنُوتُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ فَصَارَ كَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ ، وَالْقُنُوتُ فِي الْوِتْرِ بَعْدَ الرُّكُوعِ وَلَهُمَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَبَّرَ خَمْسًا فِي الْجِنَازَةِ حَيْثُ لَا يُتَابِعُهُ فِي الْخَامِسَةِ لِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا ، ثُمَّ قِيلَ يَسْكُتُ وَاقِفًا لِيُتَابِعَهُ فِيمَا يَجِبُ مُتَابَعَتُهُ ، وَقِيلَ يَقْعُدُ تَحْقِيقًا لِلْمُخَالَفَةِ لِأَنَّ السَّاكِتَ شَرِيكُ الدَّاعِي بِدَلِيلِ مُشَارَكَتِهِ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِوُجُوبِ الْمُتَابَعَةِ فِي غَيْرِ الْقُنُوتِ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيَّةِ إذَا كَانَ يُحْتَاطُ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ بِأَنْ كَانَ يُجَدِّدُ الْوُضُوءَ مِنْ الْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَيَغْسِلُ ثَوْبَهُ مِنْ الْمَنِيِّ وَلَا يَكُونُ شَاكًّا فِي إيمَانِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَلَا مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ وَلَا يَقْطَعُ وِتْرَهُ بِالسَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ وَذَكَرَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيّ اقْتِدَاءَ الْحَنَفِيِّ بِمَنْ يُسَلِّمُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ فِي الْوِتْرِ يَجُوزُ وَيُصَلِّي مَعَهُ بَقِيَّةَ الْوِتْرِ لِأَنَّ إمَامَهُ لَمْ يَخْرُجْ بِسَلَامِهِ عِنْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ إذَا صَحَّتْ عَلَى زَعْمِ الْإِمَامِ وَإِنْ لَمْ تَصِحَّ عَلَى زَعْمِ الْمُقْتَدِي وَقِيلَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ قَامَ الْمُقْتَدِي وَأَتَمَّ الْوِتْرَ وَحْدَهُ وَقَالَ صَاحِبُ الْإِرْشَادِ لَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّافِعِيَّةِ فِي الْوِتْرِ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا ؛ لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْوُجُوبِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ وَلَوْ عَلِمَ الْمُقْتَدِي مِنْ الْإِمَامِ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ عَلَى زَعْمِ الْإِمَامِ كَمَسِّ الْمَرْأَةِ وَالذَّكَرِ ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَا يَدْرِي بِذَلِكَ تَجُوزُ صَلَاتُهُ عَلَى رَأْيِ الْأَكْثَرِ ،

وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ الْهِنْدُوَانِيُّ لِأَنَّ الْإِمَامَ يَرَى بُطْلَانَ هَذِهِ الصَّلَاةِ فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي تَبَعًا لَهُ وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَنَّ الْمُقْتَدِيَ يَرَى جَوَازَ صَلَاةِ إمَامِهِ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي حَقِّهِ رَأْيُ نَفْسِهِ فَوَجَبَ الْقَوْلُ بِجَوَازِهَا .

( قَوْلُهُ وَلَا يَقْنُتُ لِغَيْرِهِ إلَى آخِرِهِ ) ( فَرْعٌ ) إنْ نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ نَازِلَةٌ قَنَتَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ إنَّمَا لَا يَقْنُتُ عِنْدَنَا فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ بَلِيَّةٍ فَإِنْ وَقَعَتْ فِتْنَةٌ أَوْ بَلِيَّةٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ فَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَهُ السَّيِّدُ الشَّرِيفُ صَاحِبُ النَّافِعِ فِي مَجْمُوعِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ سُنَّةٌ فِي الْفَجْرِ وَيَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا عِنْدَ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَى الدُّعَاءِ قَالَ لَمْ يَقُلْ هَذَا أَحَدٌ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَزَلْ مُحَارِبًا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَمْ يَقْنُتْ فِي الصَّلَوَاتِ قُلْت رَوَى مُسْلِمٌ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَنَتَ فِي الظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ الْآخِرَةِ } وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ كُلُّ شَيْءٍ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُنُوتِ إنَّمَا هُوَ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ وَلَا يَقْنُتُ فِي الصَّلَوَاتِ إلَّا فِي الْوِتْرِ وَالْغَدَاةِ إذَا كَانَ يَسْتَنْصِرُ وَيَدْعُو لِلْمُسْلِمِينَ وَعَنْ عُمَرَ فِي الْقُنُوتِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَانْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّك وَعَدُوِّهِمْ اللَّهُمَّ الْعَنْ كَفَرَةَ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رَسُولَك وَيُقَاتِلُونَ أَوْلِيَاءَك اللَّهُمَّ خَالِفْ بَيْنَ كَلِمَتِهِمْ وَزَلْزِلْ أَقْدَامَهُمْ وَأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ بَأْسَك الَّذِي لَا يُرَدُّ عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك ا هـ سَرُوجِيٌّ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجْهَرُ الْإِمَامُ ) أَيْ دُونَ الْمُقْتَدِي ا هـ وَاخْتَارَ مَشَايِخُنَا بِمَا وَرَاءَ النَّهْرِ الْإِخْفَاءَ فِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ فِي حَقِّ

الْإِمَامِ وَالْقَوْمِ جَمِيعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { اُدْعُوَا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { خَيْرُ الذِّكْرِ الْخَفِيُّ } ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ وَفِي نَوَادِرِ إلَى آخِرِهِ ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ بِالشَّافِعِيَّةِ إذَا كَانَ يُحْتَاطُ إلَى آخِرِهِ ) لَا كَمَا قِيلَ إنَّ رَفْعَ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلَا مُنْحَرِفًا عَنْ الْقِبْلَةِ ) أَيْ انْحِرَافًا فَاحِشًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا جَاوَزَ الْمَغَارِبَ كَانَ فَاحِشًا ا هـ قَاضِي خَانْ ( قَوْلُهُ بِالسَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ قَدْ رَعَفَ إلَى آخِرِهِ ) وَرَأَى الْإِمَامُ أَنَّهُ لَا يُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ بِهِ صَحَّ الِاقْتِدَاءُ ؛ لِأَنَّ طَهَارَةَ الْإِمَامِ صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ وَهُوَ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ فِي فَصْلِ الرُّعَافِ وَالْحِجَامَةِ وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُ إلَّا إذَا رَآهُ احْتَجَمَ ، ثُمَّ غَابَ عَنْهُ فَالْأَصَحُّ صِحَّةُ الِاقْتِدَاءِ لِجَوَازِ أَنَّهُ تَوَضَّأَ احْتِيَاطًا وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ فَإِنْ شَهِدَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ مَسَّ امْرَأَةً ، ثُمَّ صَلَّى قَبْلَ الْوُضُوءِ قَالَ مَشَايِخُنَا صَحَّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَجَمَاعَةٌ لَا يَجُوزُ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي جِهَةِ التَّحَرِّي بِمَنْعِ الِاقْتِدَاءِ ا هـ قُنْيَةٌ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الْوُجُوبَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْحَنَفِيِّ ) عِبَارَةُ بَاكِيرٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ ا هـ ( فَرْعٌ ) إذَا كَانَ عَلَى الرَّجُلِ فَائِتَةٌ حَدِيثَةٌ فَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ وَنَسِيَ الْفَائِتَةَ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَاقْتَدَى بِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً حَدِيثَةً فَصَلَاةُ الْإِمَامِ تَامَّةٌ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي فَاسِدَةٌ ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُ أَنَّ إمَامَهُ عَلَى الْخَطَأِ ا هـ .

وَلْوَالَجِيُّ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ آدَابِ الْقَضَاءِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالسُّنَّةُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ رَكْعَتَانِ وَقَبْلَ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعٌ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَبَعْدَهُ رَكْعَتَيْنِ وَبَعْدَ الْمَغْرِبِ ثِنْتَيْنِ وَبَعْدَ الْعِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ وَقَبْلَ الْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ حَنْبَلٍ وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بَعْدَ الزَّوَالِ أَرْبَعَ رَكَعَاتِ فَقُلْت مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي تُدَاوِمُ عَلَيْهَا فَقَالَ هَذِهِ سَاعَةٌ تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ فِيهَا فَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ فَقُلْت أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ قَالَ نَعَمْ فَقُلْت أَبِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ بِتَسْلِيمَتَيْنِ فَقَالَ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ } رَوَاهُ الطَّحَاوِيِّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالظُّهْرِ فَيَكُونُ سُنَّةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَرْبَعًا وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْكَعُ قَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ } وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { مِنْ كَانَ مِنْكُمْ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ فَلِيُصَلِّ أَرْبَعًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعُ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَنَا حَتَّى لَوْ صَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا عَنْ السُّنَّةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَا وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِتَسْلِيمٍ وَرَوَى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا وَقَبْلَ الْجُمُعَةِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا

الْفَجْرِ ، ثُمَّ سُنَّةُ الْمَغْرِبِ فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَدَعْهُمَا فِي سَفَرٍ وَلَا حَضَرٍ ، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ فَإِنَّهَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَقِيلَ هِيَ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ، ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الْعِشَاءِ ، ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ وَذَكَرَ الْحَسَنُ أَنَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ آكَدُ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ، وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ أَدَاؤُهَا فِي الْمَنْزِلِ إلَّا التَّرَاوِيحَ وَقِيلَ : إنَّ الْفَضِيلَةَ لَا تَخْتَصُّ بِوَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ لَكِنْ كُلَّمَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الرِّيَاءِ وَأَجْمَعَ لِلْخُشُوعِ وَالْإِخْلَاصِ فَهُوَ أَفْضَلُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَنُدِبَ الْأَرْبَعُ قَبْلَ الْعَصْرِ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَإِنْ شَاءَ رَكْعَتَيْنِ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَلَا يَعْتَدُّونَهَا مِنْ السُّنَّةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْعِشَاءُ وَبَعْدَهُ ) أَيْ نَدَبَ الْأَرْبَعَ قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ لِأَنَّ الْعِشَاءَ كَالظُّهْرِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ وَقِيلَ هُوَ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَإِنْ شَاءَ صَلَّى أَرْبَعًا وَقِيلَ الْأَرْبَعُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالرَّكْعَتَانِ قَوْلُهُمَا بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي نَوَافِلِ اللَّيْلِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالسِّتُّ بَعْدَ الْمَغْرِبِ ) لِمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { مَنْ صَلَّى بَعْدَ الْمَغْرِبِ سِتَّ رَكَعَاتٍ كُتِبَ مِنْ الْأَوَّابِينَ وَتَلَا قَوْله تَعَالَى { إنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا } } .

قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ أَقْوَى السُّنَنِ رَكْعَتَا الْفَجْرِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلُّوهُمَا وَلَوْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ } وَقَالَ { رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا } ا هـ زَاهِدِيٌّ قَوْلُهُ وَلَوْ طَرَدَتْكُمْ الْخَيْلُ وَالْمُرَادُ بِالْخَيْلِ جَيْشُ الْعَدُوِّ ا هـ كَاكِيٌّ فِي إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ الَّتِي بَعْدَ الظُّهْرِ ) حَتَّى لَوْ أَنْكَرَهَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْكُفْرُ ا هـ مُسْتَصْفَى ( قَوْلُهُ : ثُمَّ الَّتِي قَبْلَ الظُّهْرِ ) ثُمَّ التَّطَوُّعُ قَبْلَ الْعَصْرِ ، ثُمَّ التَّطَوُّعُ قَبْلَ الْعِشَاءِ ا هـ قُنْيَةٌ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْحَسَنُ ) هَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الشَّارِحِ رَحِمَهُ اللَّهُ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِي السُّنَنِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ وَالنَّوَافِلِ ا هـ كَمَا فِي وَعَزَى فِي الْغَايَةِ لِلْحَلْوَانِيِّ ( قَوْلُهُ إلَّا التَّرَاوِيحَ ) ؛ لِأَنَّ فِي التَّرَاوِيحِ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ ا هـ نِهَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَنَدَبَ الْأَرْبَعَ ) أَيْ اسْتَحَبَّ ا هـ ع .

قَالَ : رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ فِي نَفْلِ النَّهَارِ وَعَلَى ثَمَانٍ لَيْلًا ) أَيْ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ وَلَوْلَا الْكَرَاهَةُ لَزَادَ تَعْلِيمًا لِلْجَوَازِ وَقَدْ جَاءَ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ إلَى ثَمَانٍ فَإِنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي خَمْسًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَسَبْعًا وَتِسْعًا وَإِحْدَى عَشْرَةَ } وَتَأْوِيلُهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي خَمْسًا رَكْعَتَانِ مِنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي السَّبْعِ أَرْبَعٌ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي التِّسْعِ سِتٌّ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي إحْدَى عَشْرَةَ ثَمَانٍ قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَفِي رِوَايَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ قِيلَ تَأْوِيلُهُ ثَمَانٍ مِنْهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَثَلَاثٌ وِتْرٌ وَرَكْعَتَانِ سُنَّةُ الْفَجْرِ وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تُكْرَهُ لِمَا فِيهَا مِنْ وَصْلِ الْعِبَادَةِ وَهُوَ أَفْضَلُ ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ : لَا يَزِيدُ بِاللَّيْلِ بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى رَكْعَتَيْنِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ ) أَيْ الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا الْأَفْضَلُ فِي اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَفِي النَّهَارِ أَرْبَعٌ أَرْبَعٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ فِيهِمَا مَثْنَى مَثْنَى لِحَدِيثِ الْبَارِقِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى } وَلَهُمَا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا لَا تَسْأَلُ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ

وَالْبُخَارِيُّ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ إنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِسَلَامٍ } وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ وَغَيْرِهِ فِي سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَدْوَمُ تَحْرِيمَةً فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَشَقَّةٍ وَأَزْيَدَ فَضِيلَةً وَلِهَذَا لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ لَا يَخْرُجُ عَنْهُ بِتَسْلِيمَتَيْنِ وَعَلَى الْعَكْسِ يَخْرُجُ وَحَدِيثُ الْبَارِقِيِّ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَلَئِنْ ثَبَتَ فَمَعْنَاهُ شَفْعٌ لَا وِتْرٌ ؛ وَلِأَنَّ رَاوِيَهُ ابْنُ عُمَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ وَاحِدَةٍ وَالرَّاوِي إذَا فَعَلَ بِخِلَافِ مَا رُوِيَ لَا تَلْزَمُ رِوَايَتُهُ حُجَّةً ، وَلَا يُمْكِنُ الِاعْتِبَارُ بِالتَّرَاوِيحِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدَّى بِجَمَاعَةٍ فَيُرَاعَى فِيهِ جِهَةُ التَّخْفِيفِ تَيْسِيرًا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَطُولُ الْقِيَامِ أَحَبُّ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ } أَيْ الْقِيَامُ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ تَكْثُرُ بِطُولِ الْقِيَامِ وَبِكَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ يَكْثُرُ التَّسْبِيحَ وَالْقِرَاءَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ ؛ وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ فَكَانَ اجْتِمَاعُ أَجْزَائِهِ أَوْلَى وَأَفْضَلُ مِنْ اجْتِمَاعِ رُكْنٍ وَسُنَّةٍ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ وَهِيَ رَكْعَتَانِ قَبْلَ أَنْ يَقْعُدَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ } وَأَدَاءُ الْفَرْضِ يَنُوبُ عَنْ التَّحِيَّةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُتَوَضِّئِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ عَقِيبَ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الْوُضُوءَ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ عَلَيْهِمَا إلَّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ } وَصَلَاةُ الضُّحَى مُسْتَحَبَّةٌ وَهِيَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَصَاعِدًا لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ } .

( قَوْلُهُ وَكُرِهَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ بِتَسْلِيمَةٍ ) قَوْلُهُ بِتَسْلِيمَةٍ لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا رُبَاعُ ) أَيْ أَرْبَعَةٌ أَرْبَعَةٌ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِلْوَصْفِ وَالْعَدْلِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُولٌ عَنْ أَرْبَعَةٍ أَرْبَعَةٍ كَثَلَاثٍ مَعْدُولٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ ثَلَاثَةٍ قَالَهُ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ ( قَوْلُهُ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثْنَى مَثْنَى مَعْنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَلَى كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَسَمَّاهُ مَثْنَى لِوُقُوعِ الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ بِتَشَهُّدٍ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا قَبْلَ الْعَصْرِ يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُؤْمِنِينَ } قَالَ التِّرْمِذِيُّ مَعْنَاهُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالتَّشَهُّدِ ا هـ قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَطُولُ الْقِيَامِ أَحَبُّ مِنْ كَثْرَةِ السُّجُودِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ طُولُ الْقِيَامِ أَشَقُّ عَلَى الْبَدَنِ مِنْ كَثْرَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَقَدْ سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ فَقَالَ أَحْمَزُهَا أَيْ أَشَقُّهَا عَلَى الْبَدَنِ قُلْت ذَكَرَ فِي الزِّيَادَاتِ أَنَّ السُّجُودَ أَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِيَامَ وَسِيلَةٌ لِأَجْلِ الْخُرُورِ لِلسُّجُودِ مِنْ الْقِيَامِ حَتَّى قَالُوا إذَا عَجَزَ عَنْ السُّجُودِ يَسْقُطُ الْقِيَامُ فَيَقْعُدُ وَيُومِئُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ إذْ السُّجُودُ غَايَةُ إظْهَارِ الْخُضُوعِ لِلَّهِ تَعَالَى بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ وَلِهَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى الْأَرْضِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى يَكْفُرُ وَلَوْ قَامَ أَوْ رَكَعَ لَا يَكْفُرُ وَكَيْفَ يَكُونُ الْوَسِيلَةُ أَفْضَلَ مِنْ الْأَصْلِ ، وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ بِالْأَشَقِّ كَمَا عَلَّلَ بِهِ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ فَالرُّكُوعُ الطَّوِيلُ أَشَقُّ مِنْ الْقِيَامِ وَالسُّجُودِ ا هـ غَايَةٌ وَأَمَّا كَوْنُ تَطْوِيلِ السُّجُودِ

أَفْضَلُ مِنْ تَطْوِيلِ الرُّكُوعِ فَلِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَالَ { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَإِنَّمَا رَجَّحَ الْقِيَامَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ وَهُمَا الْقِيَامُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ ا هـ غَايَةٌ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إنْ كَانَ لَهُ وِرْدٌ مِنْ الْقُرْآنِ يَقْرَؤُهُ فِي الصَّلَاةِ فَكَثْرَةُ السُّجُودِ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ ، وَإِلَّا فَطُولُ الْقِيَامِ ا هـ غَايَةٌ وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ طُولَ الْقِيَامِ أَفْضَلُ مِنْ طُولِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَكَثْرَتِهِمَا ، ثُمَّ إطَالَةُ السُّجُودِ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ تَطْوِيلُ السُّجُودِ وَتَكْثِيرُ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ أَفْضَلُ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَقَوْمٌ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَنْبَلٍ فِيهِمَا ا هـ غَايَةٌ مَعَ حَذْفٍ ( قَوْلُهُ وَتَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ سُنَّةٌ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ قَاضِي خَانْ فِي الْفَصْلِ الَّذِي عَقَدَهُ فِي الْمَسْجِدِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَيُصَلِّي فِي كُلِّ يَوْمٍ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَرَّةً وَاحِدَةً لَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَالْقِرَاءَةُ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْ الْفَرْضِ ) لِمَا لَمْ يُعَيِّنْ مَحَلَّ الْقِرَاءَةِ عَبَّرَ عَنْهَا بِالْفَرْضِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فَرْضٌ فِي رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا غَيْرَ مُتَعَيِّنَتَيْنِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِي الْكُلِّ أَوْ قَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا لَا غَيْرُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَهِيَ وَاجِبَةٌ فِي الْأُولَيَيْنِ حَتَّى لَوْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا وَقَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هِيَ فَرْضٌ فِي الرَّكَعَاتِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا صَلَاةَ إلَّا بِقِرَاءَةٍ وَكُلُّ رَكْعَةٍ صَلَاةٌ } وَقَالَ مَالِكٌ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا إقَامَةٌ لِلْأَكْثَرِ مَقَامَ الْكُلِّ تَيْسِيرًا وَقَالَ زُفَرَ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قُلْنَا نَعَمْ لَكِنْ إنَّمَا أَوْجَبْنَاهَا فِي الثَّانِيَةِ اسْتِدْلَالًا بِالْأُولَى ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَشَاكَلَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، وَأَمَّا الْأُخْرَيَانِ فَيُفَارِقَانِهِمَا فِي حَقِّ السُّقُوطِ فِي السَّفَرِ وَفِي صِفَةِ الْقِرَاءَةِ وَقَدْرِهَا فَلَا يَلْحَقَانِ بِهِمَا وَفِيهِ أَثَرُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا اقْرَأْ فِي الْأُولَيَيْنِ وَسَبِّحْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَكَفَى بِهِمَا قُدْوَةً وَالصَّلَاةُ فِيمَا رُوِيَ مَذْكُورَةٌ صَرِيحًا فَيَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلَةِ مِنْهَا وَهِيَ الرَّكْعَتَانِ عَادَةً كَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي صَلَاةً بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ لَا يُصَلِّي وَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْأُخْرَيَيْنِ إنْ شَاءَ سَبَّحَ ثَلَاثَ تَسْبِيحَاتٍ وَإِنْ شَاءَ سَكَتَ قَدْرَهَا وَإِنْ شَاءَ قَرَأَ الْفَاتِحَةَ إلَّا أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقْرَأَ ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا وَلِهَذَا لَا يَجِبُ سُجُودُ السَّهْوِ بِتَرْكِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَكُلِّ النَّفْلِ وَالْوِتْرِ ) أَيْ الْقِرَاءَةُ وَاجِبَةٌ فِي جَمِيعِ رَكَعَاتِ النَّفْلِ وَفِي جَمِيعِ الْوِتْرِ أَمَّا النَّفَلُ فَلِأَنَّ

كُلَّ شَفْعٍ مِنْهُ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ ؛ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ بِالتَّحْرِيمَةِ الْأُولَى إلَّا رَكْعَتَانِ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ أَصْحَابِنَا وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ قَعْدَةٍ مِنْهُ وَيَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ وَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادُ الشَّفْعِ الثَّانِي فِي فَسَادِ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَتَفْسُدُ صَلَاتُهُ بِتَرْكِ الْقُعُودِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ وَهُوَ الْقِيَاسُ فَصَارَ كُلُّ شَفْعٍ بِمَنْزِلَةِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ فِيمَا إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْعُدْ إلَّا فِي آخِرِهَا حَيْثُ قَالَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَكَذَا السِّتُّ وَالثَّمَانِي فِي الصَّحِيحِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْقَعْدَةَ صَارَتْ فَرْضًا لَغَيْرهَا وَهُوَ الْخَتْمُ وَالْخُرُوجُ مِنْ الصَّلَاةِ وَلِهَذَا لَمْ تَكُنْ فَرْضًا فِي الْفَرَائِضِ إلَّا فِي آخِرِهَا فَإِذَا قَامَ إلَى الثَّالِثَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ أَوَانَ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَمْ تَبْقَ الْقَعْدَةُ فَرِيضَةً بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ مَقْصُودٌ بِنَفْسِهِ فَإِذَا تَرَكَهُ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ، وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلِلِاحْتِيَاطِ عَلَى مَا بَيَّنَّا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَلَزِمَ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ وَلَا لُزُومَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ وَلَنَا أَنَّ الْمُؤَدَّى قُرْبَةٌ فَتَجِبُ صِيَانَتُهُ عَنْ الْبُطْلَانِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } وَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بِلُزُومِ الْمُضِيِّ فِيهِ فَصَارَ كَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَإِذَا لَزِمَهُ الْمُضِيُّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ عَلَى مَا يَأْتِي تَمَامُهُ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَوْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ الْغُرُوبِ وَالطُّلُوعِ أَيْ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ كَانَ الشُّرُوعُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي

حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ بِالْإِفْسَادِ وَجْهُ الظَّاهِرِ وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا بِنَفْسِ الشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ حَتَّى يَحْنَثَ بِهِ الْحَالِفُ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يَصُومَ فَيَصِيرَ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ بِهِ فَيَجِبُ إبْطَالُهُ وَلَا يَصِيرُ مُرْتَكِبًا لِلنَّهْيِ بِنَفْسِ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُصَلِّيًا حَتَّى يُتِمَّ رَكْعَةً وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي يَمِينِهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ وَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ هُوَ الصَّلَاةُ وَلَمْ تُوجَدْ قَبْلَ تَمَامِ الرَّكْعَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا نَذَرَ أَنْ يَصُومَ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ أَوْ يُصَلِّيَ فِيهَا وَهَذَا ؛ لِأَنَّهُ لَا كَرَاهِيَةَ فِي الِالْتِزَامِ قَوْلًا فَيَجِبُ صِيَانَتُهُ .

( قَوْلُهُ وَقَالَ زُفَرُ فِي رَكْعَةٍ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ إلَى آخِرِهِ ) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَصَمِّ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ أَصْلًا وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِوُرُودِ الْأَمْرِ ا هـ عَيْنِيٌّ قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ إلَى آخِرِهِ أَيْ وَإِنَّمَا هِيَ سُنَّةٌ كَسَائِرِ الْأَذْكَارِ ؛ وَ لِأَنَّ مَبْنَى الصَّلَاةِ عَلَى الْأَفْعَالِ دُونَ الْأَقْوَالِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْعَاجِزَ عَنْ الْأَفْعَالِ كَلَا وَالْقَادِرُ عَلَى الْأَقْوَالِ لَا يُخَاطَبُ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَإِنَّهَا لَا يُؤْتَى بِهَا فِي الصَّلَاةِ ا هـ نِهَايَةٌ ( قَوْلُهُ لَكِنْ إنَّمَا أَوْجَبْنَاهَا ) لَفْظَةً إنَّمَا لَيْسَتْ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ وَلِهَذَا لَا يَجِبُ فِي التَّحْرِيمَةِ الْأُولَى إلَّا رَكْعَتَانِ فِي الْمَشْهُورِ هَذَا إذَا نَوَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتَّى يَحْتَاجَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشْهُورِ فَأَمَّا إذَا شَرَعَ فِي التَّطَوُّعِ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَتَيْنِ بِالِاتِّفَاقِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ ا هـ نِهَايَةٌ وَمِثْلُهُ فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ ا هـ قَوْلُهُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْمَشْهُورِ احْتِرَازٌ عَمَّا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعٌ وَقَدْ جَعَلَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ غَيْرَ مَذْهَبِ أَبِي يُوسُفَ ا هـ قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْوِتْرُ فَلِلِاحْتِيَاطِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ عِنْدَهُمَا فَتَجِبُ الْقِرَاءَةُ فِي الْكُلِّ نَظَرًا إلَيْهِ وَبِالنَّظَرِ إلَى مَذْهَبِهِ لَا يَجِبُ فَتَجِبُ احْتِيَاطًا ا هـ رَازِيٌّ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَلَزِمَ النَّفَلُ بِالشُّرُوعِ ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ الْعَيْنِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَالَ زُفَرُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ اعْتِبَارًا بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ يَوْمَ الْعِيدِ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ أَوْ قَبْلَهُ ) لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَالْقِيَامُ إلَى الثَّالِثَةِ بِمَنْزِلَةِ تَحْرِيمَةٍ مُبْتَدَأَةٍ فَيَلْزَمُهُ بِهِ فَفَسَادُهُ لَا يُوجِبُ فَسَادَ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ بِالْقُعُودِ وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ الشَّفْعِ الثَّانِي لِصِحَّةِ شُرُوعِهِ فِيهِ وَإِنْ أَفْسَدَهُ قَبْلَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لِصِحَّةِ شُرُوعِهِ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الثَّانِي لِعَدَمِ شُرُوعِهِ فِيهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأَرْبَعِ اعْتِبَارًا لِلشُّرُوعِ بِالنَّذْرِ وَلَوْ قَعَدَ فِي الْأَوَّلِ وَسَلَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ بِالْقُعُودِ وَالثَّانِي لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ قَارَنَتْ سَبَبَ الْوُجُوبِ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَى اعْتِبَارًا بِالنَّذْرِ فَإِنْ مِنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ وَنَوَى الْأَرْبَعَ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى لِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِالسَّبَبِ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ مَا شَرَعَ فِيهِ وَمَا لَا صِحَّةَ لَهُ إلَّا بِهِ وَلَا تَعَلُّقَ لِأَحَدِ الشَّفْعَيْنِ بِالْآخِرِ وَهَذَا لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الشُّرُوعُ وَلَمْ يُوجَدْ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي مَا لَمْ يَقُمْ إلَى الثَّالِثَةِ فَلَمْ تَقْتَرِنْ النِّيَّةُ بِالسَّبَبِ وَإِنَّمَا هِيَ مُجَرَّدُ النِّيَّةِ وَهِيَ لَمْ تُؤَثِّرْ فِي الْإِيجَابِ بِخِلَافِ مَا ذُكِرَ مِنْ النَّذْرِ لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ النَّذْرُ فَاقْتِرَانُ النِّيَّةِ بِهِ مُؤَثِّرٌ وَسُنَّةُ الظُّهْرِ مِثْلُهَا ؛ لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَقِيلَ يَقْضِي أَرْبَعًا ؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ وَلِهَذَا لَا يُصَلِّي فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى وَلَا يَسْتَفْتِحُ فِي الثَّالِثَةِ وَلَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ بِالِانْتِقَالِ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُ الْمُخَيَّرَةِ بِهِ ، وَكَذَا

الْخَلْوَةُ لَا تَصِحُّ مَا لَمْ يَفْرُغْ الْأَرْبَعَ حَتَّى لَوْ دَخَلَتْ امْرَأَتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي سُنَّةَ الظُّهْرِ فَانْتَقَلَ إلَى الشَّفْعِ الثَّانِي بَعْدَ دُخُولِهَا لَا يَلْزَمُهُ كَمَالُ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ وَاحِدَةٌ كَالظُّهْرِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( أَوْ لَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ الْأُخْرَيَيْنِ ) أَيْ قَضَى رَكْعَتَيْنِ إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَلَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا أَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَوْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لَا غَيْرُ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِيهِنَّ شَيْئًا فَلِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ فَسَدَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فَيَقْضِيه وَلَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِفَسَادِ الْأَوَّلِ فَلَا يَقْضِيه ، وَأَمَّا إذَا قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَمْ يَقْرَأْ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَلِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ وَصَحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي ، ثُمَّ فَسَدَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ فَيَقْضِيه ، وَأَمَّا إذَا قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَقَطْ فَلِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ فَسَدَ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِ فَيَقْضِيه وَلَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي عِنْدَهُمَا قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَأَرْبَعًا لَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ) أَيْ قَضَى أَرْبَعًا إذَا صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَقَرَأَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ كُلِّ شَفْعٍ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْقَسِمُ إلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ فِي إحْدَاهُمَا يُبْطِلُ التَّحْرِيمَةَ إذَا قَيَّدَ الرَّكْعَةَ بِسَجْدَةٍ فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرْكَ الْقِرَاءَةِ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ زَائِدٌ بِدَلِيلِ وُجُودِ الصَّلَاةِ بِدُونِهَا فِي الْجُمْلَةِ كَصَلَاةِ الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ

وَالْمُقْتَدِي وَلِهَذَا مِنْ عَجَزَ عَنْ الْقِرَاءَةِ دُونَ الْأَفْعَالِ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ وَعَلَى الْعَكْسِ لَا تَلْزَمُهُ لَكِنْ يُوجِبُ فَسَادَ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى تَرْكِهِ فَلَا تَبْطُلُ التَّحْرِيمَةُ فَيَصِحُّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَرْكُ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ يُوجِبُ بُطْلَانَ التَّحْرِيمَةِ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى وُجُوبِهَا فَلَا يَصِحُّ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَفِي إحْدَاهُمَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَحَكَمْنَا بِبُطْلَانِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الْقَضَاءِ وَبِبَقَائِهَا فِي حَقِّ لُزُومِ الشَّفْعِ الثَّانِي احْتِيَاطًا فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ إذَا لَمْ يَقْرَأْ فِي الْأَرْبَعِ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ عِنْدَهُمَا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ بَطَلَتْ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ فَلَمْ يَصِحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ فَصَحَّ شُرُوعُهُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَيَقْضِي الْكُلَّ وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ يَقْضِي الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ لِصِحَّةِ الْأُولَيَيْنِ وَفَسَادِ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِمَا وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ التَّحْرِيمَةَ قَدْ بَطَلَتْ بِتَرْكِ الْقِرَاءَةِ فِيهِمَا فَلَمْ يَصِحَّ الشُّرُوعُ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُف يَصِحُّ شُرُوعُهُ فِيهِ لَكِنْ لَمَّا قَرَأَ فِيهِمَا صَحَّتَا وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ فَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ بِالْإِجْمَاعِ وَقَدْ مَرَّ وَجْهُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا رَوَاهَا مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَنْكَرَ أَبُو يُوسُفَ الرِّوَايَةَ عَنْهُ وَلَمْ يَرْجِعْ مُحَمَّدٌ عَنْهَا وَاعْتَمَدَ الْمَشَايِخُ

قَوْلَ مُحَمَّدٍ ، وَكَذَا لَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَقْضِي الْأُولَيَيْنِ فِيهِمَا لِمَا قُلْنَا وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ عِنْدَهُمَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا وَلَوْ نَوَى أَنْ يَكُونَ الشَّفْعُ الثَّانِي قَضَاءً عَنْ الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَقَرَأَ فِيهِ لَا يَكُونُ قَضَاءً ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى الْكُلَّ بِتَحْرِيمَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ الْبَعْضُ قَضَاءً عَنْ الْبَعْضِ .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَفْسَدَهُ ) أَيْ الْأَرْبَعَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ ا هـ ع ( قَوْلُهُ بَعْدَ الْقُعُودِ الْأَوَّلِ ) أَيْ وَبَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي فَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الشَّفْعِ الثَّانِي بِالِاتِّفَاقِ ؛ لِأَنَّ الشَّفْعَ الْأَوَّلَ قَدْ تَمَّ بِالْقُعُودِ وَكُلُّ شَفْعٍ مِنْ النَّفْلِ صَلَاةٌ عَلَى حِدَةٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَفْعٍ إلَى آخِرِهِ ا هـ قَوْلُهُ بِالِاتِّفَاقِ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ خِلَافًا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا تَرَى إذْ لَا وَجْهَ لَهُ وَسَاقَ الْخِلَافَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ، وَهِيَ مَا إذَا أَفْسَدَهُ قَبْلَ الْقُعُودِ وَوَجْهُ الْخِلَافِ ظَاهِرٌ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُخْرَيَيْنِ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ رَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ فِيمَنْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ يَنْوِي أَرْبَعًا ، ثُمَّ أَفْسَدَهَا قَضَى أَرْبَعًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ يَقْضِي رَكْعَتَيْنِ وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْأَزْهَرِيِّ النَّيْسَابُورِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ افْتَتَحَ النَّافِلَةَ يَنْوِي عَدَدًا يَلْزَمُهُ بِالِافْتِتَاحِ ذَلِكَ الْعَدَدُ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ رَكْعَةٍ وَرَوَى غَسَّانُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ إنْ نَوَى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ لَزِمَهُ وَإِنْ نَوَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِالنَّذْرِ مَا تَنَاوَلَهُ وَإِنْ كَثُرَ ا هـ ( قَوْلُهُ أَيْ قَضَى رَكْعَتَيْنِ ) هَكَذَا هُوَ بِخَطِّ الشَّارِحِ وَاَلَّذِي فِي غَالِبِ نُسَخِ هَذَا الشَّرْحِ قَضَى رَكْعَتَيْنِ أَيْ إذَا صَلَّى إلَى آخِرِهِ وَهُوَ تَصَرُّفٌ مِنْ النُّسَّاخِ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَقَضَى رَكْعَتَيْنِ شَامِلٌ لِخَمْسِ مَسَائِلَ ا هـ قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ) يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي الْأُخْرَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ ) يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ أَيْضًا ا هـ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى

الْأُولَيَيْنِ وَإِحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ) يَشْمَلُ أَرْبَعَ صُوَرٍ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُولَيَيْنِ لَا غَيْرُ ) يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ فِي إحْدَى الْأُخْرَيَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ قَضَاءُ الْأُولَيَيْنِ عِنْدَهُمَا ) ؛ لِأَنَّ شُرُوعَهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَصْلُحْ لِتَرْكِهِ الْقِرَاءَةَ فِي الْأُولَيَيْنِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَقْضِي أَرْبَعًا ) أَيْ لِعَدَمِ بُطْلَانِ التَّحْرِيمَةِ عِنْدَهُ ا هـ .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ : ( وَلَا يُصَلِّي بَعْدَ صَلَاةٍ مِثْلَهَا ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { لَا يُصَلَّى بَعْدَ صَلَاةٍ مِثْلُهَا } وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ فَقِيلَ مَعْنَاهُ لَا يُصَلِّي رَكْعَتَانِ بِقِرَاءَةٍ وَرَكْعَتَانِ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ فَيَكُونُ بَيَانًا لِفَرْضِ الْقِرَاءَةِ فِي رَكَعَاتِ النَّفْلِ كُلِّهَا وَقِيلَ كَانُوا يُصَلُّونَ الْفَرِيضَةَ ، ثُمَّ يُصَلُّونَ بَعْدَهَا مِثْلَهَا يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ زِيَادَةَ الْأَجْرِ فَنُهُوا عَنْ ذَلِكَ وَقِيلَ هُوَ نَهْيٌ عَنْ إعَادَةِ الْمَكْتُوبَةِ بِمُجَرَّدِ تَوَهُّمِ الْفَسَادِ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَسْلِيطِ الْوَسْوَسَةِ عَلَى الْقَلْبِ .( قَوْلُهُ وَلَا يُصَلِّي إلَى آخِرِهِ ) هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ ا هـ عَيْنِيٌّ ( قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ لِمَا فِيهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ بَابَ النَّفْلِ أَوْسَعُ ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ابْتِدَاءً وَبِنَاءً ) أَمَّا الِابْتِدَاءُ فَلِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ صَلَّى قَائِمًا فَهُوَ أَفْضَلُ وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ } وَالْمُرَادُ بِهِ النَّفَلُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعُذْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ } وَالْفَرْضُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَلَّى قَاعِدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بِدَلِيلِ { قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا } الْحَدِيثَ ، فَتَعَيَّنَ النَّفَلُ مُرَادًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَرُبَّمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فَجَازَ تَرْكُهُ كَيْ لَا يَتْرُكَهُ أَصْلًا وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ فِي غَيْرِ حَالَةِ التَّشَهُّدِ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ احْتَبَى وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ وَإِنْ شَاءَ قَعَدَ كَمَا يَقْعُدُ فِي التَّشَهُّدِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَحْتَبِي لِمَا رُوِيَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُصَلِّي فِي آخِرِ عُمْرِهِ مُحْتَبِيًا } وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَرَبَّعُ وَعَنْ زُفَرَ أَنَّهُ يَقْعُدُ كَمَا يَقْعُدُ فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ ؛ لِأَنَّهُ عُهِدَ مَشْرُوعًا فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ قَائِمًا فَلِأَنَّ الْقِيَامَ لَيْسَ بِرُكْنٍ فِي النَّفْلِ فَجَازَ تَرْكُهُ وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ؛ لِأَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ عِنْدَنَا فَأَشْبَهَ النَّذْرَ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْوَاجِبَ بِالتَّحْرِيمَةِ صِيَانَةُ مَا مَضَى فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا يُصَحِّحُ التَّحْرِيمَةَ وَتَحْرِيمَةُ التَّطَوُّعِ تَصِحُّ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ إذْ هُوَ لَيْسَ بِرُكْنٍ فِيهِ وَلِأَنَّ تَرْكَ الْقِيَامِ يَجُوزُ فِي الِابْتِدَاءِ فَالْبَقَاءُ أَسْهَلُ كَمَا فِي كَثِيرِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَا

فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْعُدَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ دَلَّ عَلَيْهِ إطْلَاقُهُ فِي الْكِتَابِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ أَنَّ الْوُجُوبَ فِي النَّذْرِ بِاسْمِ الصَّلَاةِ وَهُوَ يَنْصَرِفُ إلَى هَذِهِ الْأَرْكَانِ مِنْ الْقِيَامِ وَالْقِرَاءَةِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ الْإِخْلَالُ بِهَا وَفِي الشُّرُوعِ وَجَبَ بِالتَّحْرِيمَةِ وَهِيَ لَا تُوجِبُ الْقِيَامَ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَرَاكِبًا خَارِجَ الْمِصْرِ مُومِيًا إلَى أَيْ جِهَةِ تَوَجَّهَتْ دَابَّتُهُ ) أَيْ وَيَتَنَفَّلُ رَاكِبًا لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ { رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ النَّوَافِلَ فِي كُلِّ جِهَةٍ } لَكِنْ يَخْفِضُ السُّجُودَ مِنْ الرُّكُوعِ وَيُومِئُ إيمَاءً وَلِأَنَّ النَّوَافِلَ غَيْرَ مُخْتَصَّةٍ بِوَقْتٍ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ النُّزُولَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ تَنْقَطِعُ عَنْهُ النَّافِلَةُ أَوْ يَنْقَطِعُ هُوَ عَنْ الْقَافِلَةِ ، وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَمُخْتَصَّةٌ بِوَقْتٍ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ عَلَى مَا مَرَّ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ، وَكَذَا الْوَاجِبَاتُ مِنْ الْوِتْرِ وَالْمَنْذُورِ وَمَا شَرَعَ فِيهِ فَأَفْسَدَهُ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالسَّجْدَةِ الَّتِي تُلِيَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَنَوَافِلُ حَتَّى تَجُوزَ عَلَى الدَّابَّةِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَدَاؤُهَا قَاعِدًا وَالتَّقْيِيدُ بِخَارِجِ الْمِصْرِ يَنْفِي اشْتِرَاطَ السَّفَرِ وَالْجَوَازَ فِي الْمِصْرِ وَاخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمِصْرِ فَقِيلَ إذَا خَرَجَ قَدْرَ فَرْسَخَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ يَجُوزُ ، وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ إذَا خَرَجَ قَدْرَ الْمِيلِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يَقْصُرَ الصَّلَاةَ فِيهِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ النَّصَّ وَرَدَ خَارِجَ

الْمِصْرِ فَلَا يَجُوزُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ فِيهِ إلَى الرُّكُوبِ أَغْلَبُ وَلَا تَضُرُّهُ النَّجَاسَةُ عَلَى الدَّابَّةِ عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِهِمْ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ عَلَى السَّرْجِ أَوْ الرِّكَابَيْنِ تَمْنَعُ وَقِيلَ إنْ كَانَتْ عَلَى الرِّكَابَيْنِ لَا تَمْنَعُ وَإِنْ كَانَتْ فِي مَوْضِعِ جُلُوسِهِ تَمْنَعُ وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ فِيهَا ضَرُورَةً فَسَقَطَ اعْتِبَارُهَا كَمَا تَسْقُطُ الْأَرْكَانُ وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ ، وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى الْعَجَلَةِ فَإِنْ كَانَ طَرَفُهَا عَلَى الدَّابَّةِ وَهِيَ تَسِيرُ أَوْ لَا تَسِيرُ فَهِيَ صَلَاةٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَقَدْ مَرَّ حُكْمُهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ السَّرِيرِ ، وَكَذَا لَوْ رَكَّزَ تَحْتَ الْمَحْمَلِ خَشَبَةً حَتَّى بَقِيَ قَرَارُهُ عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الدَّابَّةِ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَبَنَى بِنُزُولِهِ لَا بِعَكْسِهِ ) أَيْ إذَا افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ رَاكِبًا ، ثُمَّ نَزَلَ يَبْنِي وَلَا يَبْنِي بِعَكْسِهِ وَهُوَ مَا إذَا افْتَتَحَ نَازِلًا ، ثُمَّ رَكِبَ وَالْفَرْقُ أَنَّ إحْرَامَ الرَّاكِبِ انْعَقَدَ مُجَوِّزًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِوَاسِطَةِ النُّزُولِ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْإِيمَاءِ رُخْصَةً أَوْ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ عَزِيمَةً ، وَإِحْرَامُ النَّازِلِ انْعَقَدَ مُوجِبًا لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُ مَا لَزِمَهُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ إذَا نَزَلَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ أَوَّلَ صَلَاتِهِ بِالْإِيمَاءِ وَآخِرَهَا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ فَصَارَ كَالْمَرِيضِ إذَا كَانَ يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ ، ثُمَّ قَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا نَزَلَ بَعْدَمَا صَلَّى رَكْعَةً اسْتَقْبَلَ لِأَنَّ قَبْلَ أَدَاءِ الرَّكْعَةِ مُجَرَّدَ تَحْرِيمَةٍ ، وَهِيَ شَرْطٌ فَالشَّرْطُ الْمُنْعَقِدُ لِلضَّعِيفِ كَانَ شَرْطًا لِلْقَوِيِّ كَالطَّهَارَةِ ، وَأَمَّا إذَا صَلَّى رَكْعَةً فَقَدْ تَأَكَّدَ فِعْلُ الضَّعِيفِ فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ الْقَوِيَّ كَمَا فِي الِاقْتِدَاءِ وَعَنْ

مُحَمَّدٍ أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا نَزَلَ اسْتَقْبَلَ وَالنَّازِلَ إذَا رَكِبَ يَبْنِي ؛ لِأَنَّهُ إذَا افْتَتَحَ رَاكِبًا كَانَ أَوَّلُ صَلَاتِهِ بِالْإِيمَاءِ فَإِذَا نَزَلَ لَزِمَهُ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءُ الْقَوِيِّ عَلَى الضَّعِيفِ ، وَإِذَا افْتَتَحَ نَازِلًا صَارَ أَوَّلَ صَلَاتِهِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فَإِذَا رَكِبَ صَارَتْ بِالْإِيمَاءِ وَهُوَ أَضْعَفُ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الضَّعِيفِ عَلَى الْقَوِيِّ .

( قَوْلُهُ وَيَتَنَفَّلُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ مَعَ قُدْرَةِ الْقِيَامِ ا هـ ( قَوْلُهُ ابْتِدَاءً وَبِنَاءً ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا حَالَيْنِ بِمَعْنَى مُبْتَدِئًا وَبَانِيًا وَيَجُوزُ أَنْ يَنْتَصِبَا عَلَى الظَّرْفِيَّةِ أَيْ فِي حَالِ الِابْتِدَاءِ وَحَالَةِ الْبِنَاءِ ا هـ ع وَكَتَبَ مَا نَصُّهُ ، وَكَذَا فِي النَّذْرِ إذَا لَمْ يَنُصَّ عَلَى صِفَةِ الْقِيَامِ فِي الصَّحِيحِ ا هـ كُنُوزٌ ( قَوْلُهُ { وَمَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَاعِدِ } قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ هَذَا فِي النَّافِلَةِ أَمَّا الْفَرِيضَةُ فَلَا يَجُوزُ الْقُعُودُ فَإِنْ عَجَزَ لَمْ يَنْقُصْ مِنْ أَجْرِهِ ا هـ وَاسْتَدَلُّوا لَهُ بِحَدِيثِ الْبُخَارِيِّ فِي الْجِهَادِ { إذَا مَرِضَ الْعَبْدُ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مُقِيمًا صَحِيحًا } ، ثُمَّ هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصٌ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ حُدِّثْت أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا نِصْفُ صَلَاةِ الْقَائِمِ فَأَتَيْته فَوَجَدْته يُصَلِّي جَالِسًا قَالَ حُدِّثْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَّك قُلْت صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ وَأَنْتَ تُصَلِّي قَاعِدًا قَالَ أَجَلْ وَلَكِنْ لَسْت كَأَحَدِكُمْ } هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ صَلَاةُ النَّائِمِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَلَا نَعْلَمُ الصَّلَاةَ نَائِمًا تَسُوغُ إلَّا فِي الْفَرْضِ حَالَةَ الْعَجْزِ عَنْ الْقُعُودِ وَهَذَا حِينَئِذٍ يُعَكِّرُ عَلَى حَمْلِهِمْ الْحَدِيثَ عَلَى النَّفْلِ وَعَلَى كَوْنِهِ فِي الْفَرْضِ لَا يَسْقُطُ مِنْ أَجْرِ الْقَائِمِ شَيْءٌ وَالْحَدِيثُ الَّذِي اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ إنَّمَا يُفِيدُ كِتَابَةَ مِثْلِ مَا كَانَ يَعْمَلُهُ مُقِيمًا صَحِيحًا وَإِنَّمَا عَاقَهُ الْمَرَضُ عَنْ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا أَصْلًا وَذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ احْتِسَابَ مَا صَلَّى قَاعِدًا بِالصَّلَاةِ قَائِمًا لِجَوَازِ احْتِسَابِهِ نِصْفًا ، ثُمَّ يُكْمِلُ لَهُ كُلَّ عَمَلِهِ مِنْ

ذَلِكَ وَغَيْرِهِ فَضْلًا ، وَإِلَّا فَالْمُعَارَضَةُ قَائِمَةٌ لَا تَجُوزُ إلَّا بِتَجْوِيزِ النَّافِلَةِ نَائِمًا وَلَا أَعْلَمُهُ فِي فِقْهِنَا ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ { فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ الْقَائِمِ } ) قَالَ فِي الْمُنْتَقَى رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْعُذْرِ ) أَيْ إذْ فِي حَالَةِ الْعُذْرِ تُسَاوِي صَلَاةُ الْقَاعِدِ صَلَاةَ الْقَائِمِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { صَلَاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ } ) رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي سُنَنِهِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ الْقُعُودِ فِي غَيْرِ حَالَةِ التَّشَهُّدِ إلَخْ ) أَمَّا فِي حَالَةِ التَّشَهُّدِ فَيَقْعُدُ كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ إجْمَاعًا نَقَلَهُ فِي الْغَايَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ عَنْ الذَّخِيرَةِ ا هـ ( قَوْلُهُ فَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيهِ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ قَائِمًا حَيْثُ لَا تَجُوزُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ ؛ لِأَنَّ الْقُعُودَ قِيَامٌ حَيْثُ جَوَّزْنَا اقْتِدَاءَ الْقَائِمِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُومِئِ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ احْتَبَى وَإِنْ شَاءَ تَرَبَّعَ إلَى آخِرِهِ وَوَجْهُ التَّرَبُّعِ وَالِاحْتِبَاءِ فِي حَالَةِ الْقِرَاءَةِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ حَالَةِ الْقِرَاءَةِ وَحَالَةِ التَّشَهُّدِ ا هـ غَايَةٌ وَوَجْهُ مَنْ قَالَ يَجْلِسُ كَيْفَ شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا سَقَطَ الْقِيَامُ سَقَطَتْ هَيْئَتُهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ عَهِدَ مَشْرُوعًا فِي الصَّلَاةِ ) دُونَ غَيْرِهَا فَكَانَتْ أَوْلَى ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَقْعُدَ بَعْدَمَا أَحْرَمَ قَائِمًا إلَى آخِرِهِ ) أَيْ يَشْرَعَ قَائِمًا وَصَلَّى بَعْضَهَا ، ثُمَّ كَمَّلَهَا قَاعِدًا ا هـ ع وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ قَائِمًا وَأَتَمَّهُ قَاعِدًا بِعُذْرٍ جَازَ وَكَذَا بِغَيْرِ عُذْرٍ عِنْدَهُ وَلَوْ تَوَكَّأَ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يُكْرَهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ فِي

النَّذْرِ الْمُطْلَقِ كَالتَّتَابُعِ فِي الصَّوْمِ قَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَوْ نَذَرَ صَلَاةً وَهُوَ رَاكِبٌ فَقَدْ ذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَدَاؤُهَا رَاكِبًا وَفِي الْأَصْلِ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فَصَلَّى رَاكِبًا وَفِي الْأَصْلِ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فَصَلَّى رَاكِبًا لَمْ يُجْزِهِ ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ النَّاذِرُ رَاكِبًا عَلَى الدَّابَّةِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ قَالَ إذْ مُطْلَقُ الصَّلَاةِ يَنْصَرِفُ إلَى الصَّلَاةِ الْمَعْهُودَةِ الْكَامِلَةِ وَالصَّلَاةُ بِالْإِيمَاءِ نَاقِصَةٌ وَهَذَا دَلِيلٌ بِأَنَّ الْمَنْعَ لِأَجْلِ الْإِيمَاءِ بِخِلَافِ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ أَوْ السَّمَاعِ وَقَدْ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ مِنْهُ رَاكِبًا فَيَلْزَمُهُ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ سَبَبُ وُجُوبِ الْمَنْذُورِ أَيْضًا النَّذْرَ وَقَدْ كَانَ عَلَى الدَّابَّةِ كَالتِّلَاوَةِ قُلْت النَّذْرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَأَدَّاهُ فِيهَا لَا يُجْزِيه كَقَضَاءِ الْعَصْرِ عِنْدَ الْغُرُوبِ ا هـ غَايَةٌ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَدْ مَنَعَ فِي النَّوَادِرِ أَنْ يَتَنَفَّلَ عَلَى جَنْبِهِ قُلْت وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَلَا يَتَنَفَّلُ قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ ذَكَرَهُمَا فِي الزِّيَادَاتِ ا هـ غَايَةٌ وَلَوْ افْتَتَحَهَا قَاعِدًا ، ثُمَّ قَامَ يَجُوزُ اتِّفَاقًا لِمَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَانَ يَفْتَتِحُ التَّطَوُّعَ قَاعِدًا فَيَقْرَأُ وِرْدَهُ حَتَّى إذَا بَقِيَ عَشْرُ آيَاتٍ وَنَحْوُهَا قَامَ } الْحَدِيثَ ، وَهَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ وَمُحَمَّدٌ وَإِنْ قَالَ إنَّ التَّحْرِيمَةَ الْمُنْعَقِدَةَ لِلْقُعُودِ لَا تَكُونُ مُنْعَقِدَةً لِلْقِيَامِ حَتَّى أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَسَدَتْ عِنْدَهُ فَلَا يُتِمُّهَا قَائِمًا لَمْ يُخَالِفْ فِي الْجَوَازِ هُنَا ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَةَ الْمُتَطَوِّعِ لَمْ تَنْعَقِدْ لِلْقُعُودِ أَلْبَتَّةَ بَلْ لِلْقِيَامِ ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ هُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ ، ثُمَّ جَازَ لَهُ شَرْعًا تَرْكُهُ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ

عَلَى الْقِيَامِ فَمَا انْعَقَدَتْ إلَّا لِلْمَقْدُورِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ السَّابِقُ يَدُلُّ عَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ ا هـ فَتْحُ الْقَدِيرِ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّذْرِ إلَى آخِرِهِ ) إذَا نَصَّ عَلَى صِفَةِ الْقِيَامِ أَمَّا إذَا لَمْ يَنُصَّ فَهُوَ كَالنَّفْلِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْكُنُوزِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْكَافِي ا هـ ( قَوْلُهُ فَلَوْ أَلْزَمْنَاهُ النُّزُولَ وَاسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ تَنْقَطِعُ عَنْهُ النَّافِلَةُ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ لِمَشَقَّةِ النُّزُولِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ أَوْ يَنْقَطِعُ هُوَ عَنْ الْقَافِلَةِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَنْتَظِرُونَهُ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْفَرَائِضُ فَمُخْتَصَّةٌ بِوَقْتٍ ) أَيْ فَيَنْزِلُونَ كُلَّهُمْ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ فَلَا تَجُوزُ عَلَى الدَّابَّةِ إلَّا لِلضَّرُورَةِ إلَى آخِرِهِ ) وَهِيَ أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ نُزُولِهِ أَوْ عَلَى الدَّابَّةِ مِنْ سَبُعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ كَانَ فِي طِينٍ وَرَدْغَةٍ قَالَ فِي الْمُحِيطِ يَغِيبُ وَجْهُهُ فِيهَا لَا يَجِدُ مَكَانًا جَافًّا أَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ جُمُوحًا لَوْ نَزَلَ لَا يُمْكِنُهُ رُكُوبُهَا إلَّا بِعَنَاءٍ أَوْ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا لَوْ نَزَلَ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْكَبَ فَلَا يَجِدُ مَنْ يُعِينُهُ عَلَى الرُّكُوبِ فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ بَعْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ قَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ فَكَمَا تَسْقُطُ الْأَرْكَانُ عَنْ الرَّاكِبِ يَسْقُطُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ قُلْت الْأَرْكَانُ تَسْقُطُ إلَى بَدَلٍ بِخِلَافِ الِاسْتِقْبَالِ وَلِهَذَا إذَا عَجَزَ عَنْ الْبَدَلِ يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَدَاءُ ا هـ غَايَةٌ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ أَيْ إذَا كَانَتْ وَاقِفَةً لَا سَائِرَةً ا هـ ( قَوْلُهُ وَمَا شَرَعَ فِيهِ فَأَفْسَدَهُ ) الْمُرَادُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ فِي الَّذِي شَرَعَ فِيهِ ، ثُمَّ أَفْسَدَهُ الْكَرَاهَةُ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ بِالشُّرُوعِ إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ الصِّيَانَةِ وَلِذَا لَا يُشْتَرَطُ الْكَمَالُ فِي الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ ا هـ يَحْيَى وَكَتَبَ عَلَى

قَوْلِهِ وَمَا شَرَعَ أَيْ عَلَى الْأَرْضِ ا هـ ( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ الْمَرْغِينَانِيُّ لَوْ افْتَتَحَ التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ خَارِجَ الْمِصْرِ ، ثُمَّ دَخَلَ الْمِصْرِ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْهَا ذَكَرَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ يُتِمُّهَا وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ قِيلَ يُتِمُّهَا قَاعِدًا عَلَى الدَّابَّةِ مَا لَمْ يَبْلُغْ مَنْزِلَهُ وَقِيلَ يُتِمُّهَا بِالنُّزُولِ عَلَى الْأَرْضِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَنْزِلُ لِسُنَّةِ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ غَيْرِهَا ) أَيْ حَتَّى يَجُوزَ لِلْعَالِمِ أَنْ يَتْرُكَ سَائِرَ السُّنَنِ لِتَحْصِيلِ الْعِلْمِ دُونَ سُنَّةِ الْفَجْرِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ أَدَاؤُهَا قَاعِدًا ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَفِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا قَاعِدًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ا هـ ( قَوْلُهُ وَالتَّقْيِيدُ بِخَارِجِ الْمِصْرِ يَنْفِي اشْتِرَاطَ السَّفَرِ ) أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهَا تَجُوزُ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا إلَى آخِرِهِ ) قَالَ فِي الْغَايَةِ وَقَوْلُ صَاحِبِ الْكِتَابِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْمِصْرِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَجْهُ الظَّاهِرِ يَدُلَّانِ أَنَّ هَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُ صَاحِب الْمَبْسُوطِ وَالْمُحِيطِ وَقَاضِي خَانْ لَا يُوَافِقُ ذَلِكَ ا هـ وَفِي الْهَارُونِيَّاتِ قَالَ مَنَعَهَا أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمِصْرِ وَجَوَّزَهَا أَبُو يُوسُفَ وَكَرِهَهَا مُحَمَّدٌ وَكَانَ أَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مُحْتَسِبُ بَغْدَادَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ يُصَلِّي فِي بَغْدَادَ عَلَى دَابَّتِهِ فِي أَزِقَّتِهَا يُومِئُ إيمَاءً وَذَكَرَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ صَلَّى عَلَى حِمَارٍ فِي أَزِقَّةِ الْمَدِينَةِ يُومِئُ إيمَاءً } وَفِي الْمَبْسُوطِ رَوَى أَبُو يُوسُفَ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَكِبَ حِمَارًا فِي الْمَدِينَةِ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَكَانَ يُصَلِّي وَهُوَ رَاكِبٌ } فَلَمْ يَرْفَعْ أَبُو حَنِيفَةَ رَأْسَهُ قِيلَ إنَّمَا لَمْ

يَرْفَعْ رَأْسَهُ ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ لِلْحَدِيثِ وَقِيلَ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فَتَرَكَهُ وَأَبُو يُوسُفَ أَخَذَ بِهِ ، وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مُحَمَّدٌ لِكَثْرَةِ اللَّغَطِ وَالشَّغَبِ فِي الْمِصْرِ فَرُبَّمَا اُبْتُلِيَ بِالْغَلَطِ فِي قِرَاءَتِهِ ا هـ غَايَةٌ وَذَكَرَ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ لَوْ حَرَّكَ رِجْلَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُتَدَارِكًا أَوْ ضَرَبَهَا بِخَشَبَةٍ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ بِخِلَافِ النَّخْسِ إذَا لَمْ تَسِرْ ، وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ كَانَتْ تَنْسَاقُ بِنَفْسِهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْسَاقُ فَرَفَعَ صَوْتَهُ فَهَيَّبَهَا بِهِ وَنَخَسَهَا لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ ا هـ غَايَةٌ ( فَرْعٌ ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَى الدَّابَّةِ لِخَوْفِ الْعَدُوِّ وَكَيْفَمَا كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّيْرِ فَأَمَّا لِعُذْرِ الطِّينِ وَالرَّدْغَةِ فَلَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ سَائِرَةً ؛ لِأَنَّ السَّيْرَ مُنَافٍ لِلصَّلَاةِ فِي الْأَصْلِ فَلَا يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ إلَّا لِضَرُورَةِ وَلَمْ تُوجَدْ وَلَوْ اسْتَطَاعَ النُّزُولَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْقُعُودِ لِلطِّينِ وَالرَّدْغَةِ يَنْزِلُ وَيُومِئُ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْقُعُودِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى السُّجُودِ يَنْزِلُ وَيُصَلِّي قَاعِدًا بِالْإِيمَاءِ ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ ا هـ قَالَ الْوَلْوَالِجِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قَوْمٌ يُصِيبُهُمْ الْمَطَرُ فَيَكْثُرُ الْمَطَرُ إنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا أَنْ يَنْزِلُوا أَوْمَئُوا عَلَى الدَّابَّةِ ؛ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ خَلَفٌ ، وَالْمَصِيرُ إلَى الْخَلَفِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ جَائِزٌ وَإِنْ أَوْمَئُوا وَالدَّوَابُّ تَسِيرُ لَمْ يُجْزِهِمْ إنْ كَانُوا يَقْدِرُونَ عَلَى إيقَافِ الدَّابَّةِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرُوا جَازَ وَإِنْ قَدَرُوا عَلَى النُّزُولِ وَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الِانْحِرَافِ إلَى الْقِبْلَةِ أَجْزَأَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ ا هـ وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْخَائِفُ يُصَلِّي إلَى أَيِّ جِهَةٍ قَدَرَ (

قَوْلُهُ وَهُوَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ ) أَيْ مَعَ إمْكَانِ النُّزُولِ وَالْأَدَاءِ عَلَى الْأَرْضِ لِلضَّرُورَةِ وَالْأَرْكَانُ أَقْوَى مِنْ الشَّرَائِطِ فَإِذَا سَقَطَتْ فَشَرْطُ طَهَارَةِ الْمَكَانِ أَوْلَى ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ نَزَلَ يَبْنِي ) أَيْ ؛ لِأَنَّ النُّزُولَ عَمَلٌ يَسِيرٌ ا هـ ع قَوْلُهُ وَهُوَ مَا إذَا افْتَتَحَ نَازِلًا ، ثُمَّ رَكِبَ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ الرُّكُوبَ عَمَلٌ كَثِيرٌ وَعَنْ زُفَرَ يَبْنِي أَيْضًا ا هـ ع .

قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ( وَسُنَّ فِي رَمَضَانَ عِشْرُونَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ بَعْدَ الْعِشَاءِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ بِجَمَاعَةٍ وَالْخَتْمُ مَرَّةً وَبِجِلْسَةٍ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ بِقَدْرِهَا ) أَيْ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ بِقَدْرِ الْأَرْبَعَةِ الْكَلَامُ فِي التَّرَاوِيحِ فِي مَوَاضِعَ الْأَوَّلُ فِي صِفَتِهَا وَهِيَ سُنَّةٌ عِنْدَنَا رَوَاهُ الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ نَصًّا وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ؛ لِأَنَّهَا وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالثَّانِي فِي عَدَدِ رَكَعَاتِهَا وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً وَعِنْدَ مَالِكٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ رَكْعَةً وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَلَنَا مَا رَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُومُونَ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِعِشْرِينَ رَكْعَةً وَعَلَى عَهْدِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ مِثْلَهُ فَصَارَ إجْمَاعًا وَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ غَيْرُ مَشْهُورٍ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ مِقْدَارَ تَرْوِيحَةٍ فُرَادَى كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالثَّالِثُ فِي وَقْتِهَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ إنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتٌ لَهَا قَبْلَ الْعِشَاءِ وَبَعْدَهُ وَقَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهَا قِيَامُ اللَّيْلِ وَقَالَ عَامَّةُ مَشَايِخِ بُخَارَى وَقْتُهَا مَا بَيْنَ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ وَقْتَهَا مَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ مَا بَعْدَ الْعِشَاءِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَبَعْدَهُ كَمَا ذُكِرَ فِي الْمُخْتَصَرِ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْعِشَاءَ صَلَّوْهَا بِلَا طَهَارَةٍ دُونَ التَّرَاوِيحِ وَالْوِتْرِ أَعَادُوا التَّرَاوِيحَ مَعَ الْعِشَاءِ دُونَ الْوِتْرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفَهُ وَاخْتَلَفُوا فِي أَدَائِهَا بَعْدَ النِّصْفِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ فَصَارَ

كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهَا صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا آخِرُهُ وَالرَّابِعُ فِي أَدَائِهَا بِجَمَاعَةٍ وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَهُ أَدَاؤُهَا فِي بَيْتِهِ مَعَ مُرَاعَاةِ سُنَّةِ الْقِرَاءَةِ وَأَشْبَاهِهَا فَلْيُصَلِّهَا فِي بَيْتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا كَبِيرًا يُقْتَدَى بِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَعَلَيْكُمْ بِالصَّلَاةِ فِي بُيُوتِكُمْ فَإِنَّ خَيْرَ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلَّا الْمَكْتُوبَةَ } وَجْهُ الظَّاهِرِ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ الْعُذْرَ فِي تَرْكِ الْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا بِالْجَمَاعَةِ وَهُوَ خَشْيَةُ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا سُنَّةٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَلِهَذَا يُرْوَى التَّخَلُّفُ عَنْ بَعْضِهِمْ كَابْنِ عُمَرَ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَإِبْرَاهِيمَ وَنَافِعٍ وَنَفْسُ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَالْخَامِسُ فِي قَدْرِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ تَخْفِيفًا لِأَنَّ النَّوَافِلَ تُبْنَى عَلَى التَّخْفِيفِ فَيَكُونُ مِثْلُ أَخَفِّ الْفَرَائِضِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْرَأُ فِيهَا مِقْدَارُ مَا يُقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَفْضَلُ أَنْ يُقْرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثِينَ آيَةً لِأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِذَلِكَ فَيَقَعُ عِنْدَ قَائِلِ هَذَا فِيهَا ثَلَاثُ خَتْمٍ وَلِأَنَّ كُلَّ عُشْرٍ مَخْصُوصٍ بِفَضِيلَةٍ عَلَى حِدَةٍ كَمَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ أَنَّهُ { شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنْ النَّارِ } وَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَحَبَّ الْخَتْمَ فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ رَجَاءَ أَنْ يَنَالُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَضَافَرَتْ عَلَيْهَا وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرَ آيَاتٍ وَنَحْوِهَا وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا

الْخَتْمُ مَرَّةً وَهُوَ يَحْصُلُ بِذَلِكَ مَعَ التَّخْفِيفِ لِأَنَّ عَدَدَ رَكَعَاتِ التَّرَاوِيحِ فِي الشَّهْرِ سِتُّمِائَةِ رَكْعَةٍ وَعَدَدُ آيِ الْقُرْآنِ سِتَّةُ آلَافِ آيَةٍ وَشَيْءٌ فَإِذَا قَرَأَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ عَشْرًا يَحْصُلُ الْخَتْمُ وَلَا يَتْرُكُ الْخَتْمَ مَرَّةً لِكَسَلِ الْقَوْمِ بِخِلَافِ الدَّعَوَاتِ فِي التَّشَهُّدِ حَيْثُ يَتْرُكُ إذَا عَرَفَ مِنْهُمْ الْمَلَلَ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ يَخْتِمُ قَبْلَ تَمَامِ الشَّهْرِ فَقِيلَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فِي بَقِيَّةِ الشَّهْرِ مِنْ غَيْرِ تَرَاوِيحَ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِأَجْلِ خَتْمِ الْقُرْآنِ وَقَدْ حَصَلَ مَرَّةً وَقِيلَ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ وَيَقْرَأُ فِيهَا مَا يَشَاءُ وَالسَّادِسُ فِي الْجِلْسَةِ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ بَيْنَ كُلِّ تَرْوِيحَتَيْنِ مِقْدَارَ تَرْوِيحَةٍ ، وَكَذَا بَيْنَ الْخَامِسَةِ وَالْوِتْرِ وَقَوْلُهُ وَبِجِلْسَةٍ بَعْدَ كُلِّ أَرْبَعٍ يَشْمَلُ ذَلِكَ لَكِنَّهُ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ سُنَّةً حَيْثُ عَطَفَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ السُّنَنِ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلتَّوَارُثِ عَنْ السَّلَفِ وَلِأَنَّ اسْمَ التَّرَاوِيحِ يُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِاسْتِرَاحَةِ ، ثُمَّ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ إنْ شَاءُوا سَبَّحُوا وَإِنْ شَاءُوا قَرَءُوا الْقُرْآنَ وَإِنْ شَاءُوا صَلُّوا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى وَإِنْ شَاءُوا قَعَدُوا سَاكِتِينَ ، وَأَهْلُ مَكَّةَ يَطُوفُونَ أُسْبُوعًا وَيُصَلُّونَ رَكْعَتَيْنِ وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يُصَلُّونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فُرَادَى .

( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ ) لَيْسَ فِي خَطِّ الشَّارِحِ ا هـ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَمِنْ سُنَنِهَا أَنْ يُصَلِّيَ كُلَّ تَرْوِيحَتَيْنِ إمَامٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ ، وَعَمَلُ السَّلَفِ وَلَا يُصَلِّي التَّرْوِيحَةَ الْوَاحِدَةَ إمَامَانِ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ السَّلَفِ وَلَا يُصَلِّي إمَامٌ وَاحِدٌ التَّرَاوِيحَ فِي مَسْجِدَيْنِ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ عَلَى الْكَمَالِ وَلَوْ فَعَلَ لَا يُحْتَسَبُ الثَّانِي مِنْ التَّرَاوِيحِ وَعَلَى الْقَوْمِ أَنْ يُعِيدُوا ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ إمَامِهِمْ نَافِلَةً وَصَلَاتُهُمْ سُنَّةٌ وَالسُّنَّةُ أَقْوَى فَلَمْ يَصِحَّ الِاقْتِدَاءُ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَكَرَّرُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَمَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ مَحْسُوبٌ وَلَا بَأْسَ لِغَيْرِ الْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ فِي مَسْجِدَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ اقْتِدَاءُ الْمُتَطَوِّعِ بِمَنْ يُصَلِّي السُّنَّةَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ ا هـ ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَبَعْدَهُ بِجَمَاعَةٍ ) يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ سُنَّ ا هـ ع ( قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ : وَالْخَتْمِ إلَخْ ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى بِجَمَاعَةٍ أَيْ يُسَنُّ بِخَتْمِ الْقُرْآنِ فِيهَا ا هـ ع ( قَوْلُهُ وَهِيَ سُنَّةٌ ) أَيْ فِي حَقِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : وَاظَبَ عَلَيْهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ إلَخْ ) هُوَ تَغْلِيبٌ إذَا لَمْ يَرِدْ كُلُّهُمْ بَلْ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيًّا وَهَذَا ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ أَنَّ مَبْدَأَهَا مِنْ زَمَنِ عُمَرَ ا هـ فَتْحٌ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ الْقِيَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا ا هـ وَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِسُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتْرُكْهُ إلَّا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وَاظَبَ عَلَيْهَا بَلْ أَقَامَهَا فِي بَعْضِ اللَّيَالِي رُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّاهَا لَيْلَتَيْنِ بِجَمَاعَةٍ ، ثُمَّ

تَرَكَ وَقَالَ أَخْشَى أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْكُمْ } لَكِنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَاظَبُوا عَلَيْهَا فَكَانَتْ سُنَّةَ الصَّحَابَةِ ا هـ وَفِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا اقْتَدَى مَنْ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ بِمَنْ يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ أَوْ النَّافِلَةَ قِيلَ يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَيَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلتَّرَاوِيحِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِعَمَلِ السَّلَفِ وَلَوْ اقْتَدَى مَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى بِمَنْ يُصَلِّي التَّسْلِيمَةَ الثَّانِيَةَ قِيلَ لَا يَجُوزُ اقْتِدَاؤُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مُتَّحِدَةٌ فَكَانَ نِيَّةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَغْوًا وَلِهَذَا صَحَّ اقْتِدَاءُ مُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ بِمُصَلِّي الْأَرْبَعِ قَبْلَهُ فَهَذَا أَوْلَى ا هـ ( قَوْلُهُ وَهِيَ عِشْرُونَ رَكْعَةً ) أَيْ عِنْدَنَا وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَنَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ا هـ غَايَةٌ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِي التَّقْدِيرِ بِعِشْرِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِيُوَافِقَ الْفَرَائِضَ الِاعْتِقَادِيَّةَ وَالْعَمَلِيَّةَ كَالْوِتْرِ فَإِنَّهَا عِشْرُونَ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ : عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ إلَى آخِرِهِ ) الظَّرْفُ يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِ دُونَ الْوِتْرِ ا هـ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا تَبَعٌ لِلْعِشَاءِ إلَى آخِرِهِ ) أَيْ حَتَّى أَنَّ مَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْإِمَامُ يُصَلِّي التَّرَاوِيحَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ أَوَّلًا ، ثُمَّ يَتْبَعُ إمَامَهُ وَالْأَصَحُّ أَنْ يَتْرُكَ السُّنَّةَ ا هـ كَاكِيٌّ ( قَوْلُهُ وَالْمُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُهَا ) الَّذِي بِخَطِّ الشَّارِحِ فِعْلُهَا ا هـ ( قَوْلُهُ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا آخِرُهُ إلَى آخِرِهِ ) قُلْت لَوْ كَانَتْ صَلَاةُ اللَّيْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّأْخِيرُ مُسْتَحَبًّا ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَالرَّابِعُ فِي أَدَائِهَا بِجَمَاعَةٍ ) أَيْ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الدِّرَايَةِ نَقْلًا عَنْ الْبَدْرِيَّةِ أَنَّ نَفْسَ التَّرَاوِيحِ سُنَّةٌ وَأَدَاؤُهَا بِجَمَاعَةٍ مُسْتَحَبٌّ ا هـ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ إذَا صَلَّوْا التَّرَاوِيحَ ، ثُمَّ

أَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوهَا ثَانِيًا يُصَلُّونَ فُرَادَى لَا بِجَمَاعَةٍ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَطَوُّعٌ مُطْلَقٌ وَالتَّطَوُّعُ الْمُطْلَقُ بِجَمَاعَةٍ مَكْرُوهٌ وَيَجُوزُ التَّرَاوِيحُ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ؛ لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ الْمُتَوَارَثَةِ ا هـ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إذَا فَاتَتْ عَنْ وَقْتِهَا لَا تُقْضَى ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ آكَدُ مِنْ سُنَّةِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَتِلْكَ لَا تُقْضَى فَكَذَا هَذِهِ ا هـ بَدَائِعُ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا كَبِيرًا يُقْتَدَى بِهِ ) أَيْ فَيَكُونُ فِي حُضُورِهِ الْمَسْجِدَ تَرْغِيبُ النَّاسِ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ خَشْيَةَ أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا ) أَوْرَدَ بَعْضُهُمْ هُنَا إشْكَالًا فَقَالَ كَيْفَ يَخْشَى أَنْ تُكْتَبَ عَلَيْنَا وَهُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمِنَ مِنْ الزِّيَادَةِ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ هُنَّ خَمْسٌ وَهُنَّ خَمْسُونَ لَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ ؟ وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِأَنَّ الْمَمْنُوعَ زِيَادَةُ الْأَوْقَاتِ وَنُقْصَانِهَا لَا زِيَادَةُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَنُقْصَانِهَا ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ { فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فَأُقِرَّتْ فِي السَّفَرِ وَزِيدَتْ فِي الْحَضَرِ } ( قَوْلُهُ فَيَكُونُ مِثْلُ أَخَفِّ الْفَرَائِضِ إلَى آخِرِهِ ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ هَذَا غَيْرُ مُسْتَحْسَنٍ وَقَالَ الشَّهِيدُ هَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْخَتْمِ وَهُوَ سُنَّةٌ ا هـ غَايَةٌ ( قَوْلُهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقْرَأُ فِيهَا مِقْدَارُ مَا يُقْرَأُ فِي الْعِشَاءِ إلَى آخِرِهِ ) وَقِيلَ ثَلَاثُ آيَاتٍ قِصَارٌ أَوْ آيَةٌ طَوِيلَةٌ أَوْ آيَتَانِ مُتَوَسِّطَتَانِ وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ آيَتَانِ قُلْت وَالْمُتَأَخِّرُونَ كَانُوا يُفْتُونَ فِي زَمَانِنَا بِثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ أَوْ آيَةٍ طَوِيلَةٍ حَتَّى لَا يَمَلَّ الْقَوْمُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْطِيلُهَا ، وَهَذَا حَسَنٌ فَإِنَّ الْحَسَنَ رَوَى عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الْمَكْتُوبَةِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ ثَلَاثَ آيَاتٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62