كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

الْمُقْتَدِي بِهِ فِيهِ لِاتِّفَاقِ صَلَاتِهِمَا فِي الْقَضَاءِ حَقِيقَةً وَثَمَرَةُ الْأَدَاءِ الْحُكْمِيِّ رَفْعُ الْإِثْمِ فَقَطْ وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ قَدَّاحٍ وَالْحَطّ وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَاللَّخْمِيُّ : إنَّهُ أَقْيَسُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ أَصْبَغَ وَشَهَّرَهُ اللَّخْمِيُّ .
( وَ ) تُدْرَكُ ( الظُّهْرَانِ وَالْعِشَاءَانِ بِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ ) الصَّلَاةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ الظُّهْرِ فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ وَالْمَغْرِبِ فِي الثَّانِي أَيْ بِزَوَالِ الْعُذْرِ وَالْبَاقِي مِنْ الضَّرُورِيِّ مَا يَسَعُ الْأُولَى وَرَكْعَةً مِنْ الثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " لِوُجُوبِ تَقْدِيمِهَا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الثَّانِيَةِ .
( لَا ) يَفْضُلُهَا عَنْ الصَّلَاةِ ( الْأَخِيرَةِ ) مِنْ الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ وَمَنْ وَافَقَهُمَا لِاخْتِصَاصِهَا بِقَدْرِهَا مِنْ آخِرِهِ وَسُقُوطِ الْأُولَى اتِّفَاقًا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْهُ عِنْدَ زَوَالِهِ إلَّا مَا يَسَعُ الْأَخِيرَةَ وَلِلْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى هَؤُلَاءِ صَرَّحَ بِقَوْلِهِ " لَا الْأَخِيرَةِ " وَإِنْ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ عَنْ الْأُولَى وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ التَّقْدِيرِ بِالْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فِي مُسَافِرَةٍ زَالَ عُذْرُهَا قُبَيْلَ الْفَجْرِ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَثَلَاثِ رَكَعَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ سَقَطَتْ الْمَغْرِبُ وَأَدْرَكَتْ الْعِشَاءَ وَعَلَى الثَّانِي وَجَبَتَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْعِشَاءِ الْمَقْصُورَةِ وَفِي مُقِيمَةٍ زَالَ عُذْرُهَا قُبَيْلَهُ بِقَدْرِ الطُّهْرِ وَأَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ وَجَبَتَا لِفَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ الْمَغْرِبِ وَعَلَى الثَّانِي سَقَطَتْ الْمَغْرِبُ إذْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْعِشَاءِ رَكْعَةٌ .
وَشَبَّهَ قَصْرَ الرُّبَاعِيَّةِ وَإِتْمَامَهَا بِالْإِدْرَاكِ فِي اشْتِرَاطِ فَضْلِ رَكْعَةٍ عَنْ إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ لِلْأُخْرَى فَقَالَ ( كَ ) شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) أَيْ مُقِيمٍ ( سَافَرَ ) سَفَرَ قَصْرٍ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ فَإِنْ بَقِيَ لَهُ قَدْرُ

ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ قَصَرَ الظُّهْرَيْنِ ، وَأَقَلُّ أَتَمَّ الظُّهْرَ وَقَصَرَ الْعَصْرَ ( وَ ) كَشَخْصٍ ( قَادِمٍ ) مِنْ سَفَرِ قَصْرٍ قُرْبَهُ بِقَدْرِ خَمْسِ رَكَعَاتٍ فَيُتِمُّهُمَا وَبِأَقَلَّ يَقْصُرُ الظُّهْرَ وَيُتِمُّ الْعَصْرَ .

وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ بِكُفْرٍ ، وَإِنْ بِرِدَّةٍ ، وَصِبًا وَإِغْمَاءٍ ، وَجُنُونٍ ، وَنَوْمٍ ، وَغَفْلَةٍ .
كَحَيْضٍ لَا سُكْرٍ ، وَالْمَعْذُورُ .
وَغَيْرُ كَافِرٍ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ .

( وَأَثِمَ ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ عَصَى مَنْ صَلَّى الصَّلَاةَ كُلَّهَا فِي وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً ( إلَّا ) أَنْ يُؤَخِّرَهَا إلَيْهِ ( لِعُذْرٍ ) مُصَوَّرٍ ( بِكُفْرٍ ) أَصْلِيٍّ بَلْ ( وَإِنْ بِرِدَّةٍ ) عَنْ الْإِسْلَامِ بَعْد تَقَرُّرِهِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ عَدَمُ إثْمِهِ لِإِسْلَامِهِ .
( وَصِبًا ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَقْصُورًا أَيْ عَدَمِ بُلُوغٍ فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَتَجِبُ وَلَوْ صَلَّاهَا صَبِيًّا لِأَنَّهَا نَافِلَةٌ وَلَوْ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ ( وَإِغْمَاءٍ ) أَفَاقَ مِنْهُ فِي الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ ( وَجُنُونٍ ) كَذَلِكَ ( وَنَوْمٍ ) قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ فِيهِ أَفَاقَ مِنْهُ فِيهِ ، وَصَلَّى فِيهِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ النَّوْمُ بَعْدَ دُخُولِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ إلَّا إذَا عَلِمَ تَيَقُّظَهُ مِنْهُ فِي الِاخْتِيَارِيِّ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يُوقِظُهُ فِيهِ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ .
( وَغَفْلَةٍ ) عَنْ الصَّلَاةِ زَالَتْ فِي الضَّرُورِيِّ فَلَا إثْمَ بِالصَّلَاةِ فِيهِ عَقِبَ زَوَالِهَا وَشَبَّهَ الْعُذْرَ الْخَاصَّ بِالنِّسَاءِ بِالْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ فِي إسْقَاطِ الْإِثْمِ فَقَالَ ( كَحَيْضٍ ) وَنِفَاسٍ فَإِذَا طَهُرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّتْ فِيهِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهَا وَعَطَفَ بِلَا عَلَى " كُفْرٍ " فَقَالَ ( لَا سُكْرٍ ) حَرَامٍ أَفَاقَ مِنْهُ فِي الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ وَصَلَّى فِيهِ فَهُوَ آثِمٌ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعُذِرَ الْكَافِرُ لِأَنَّ إسْلَامَهُ جَبَّ مَا قَبْلَهُ ، وَالسُّكْرُ غَيْرُ الْحَرَامِ كَالْجُنُونِ .
( وَ ) الشَّخْصُ ( الْمَعْذُورُ ) بِعُذْرٍ مِمَّا ذُكِرَ حَالَ كَوْنِهِ ( غَيْرَ ) شَخْصٍ ( كَافِرٍ يُقَدَّرُ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الدَّالِ ( لَهُ ) أَيْ الْمَعْذُورِ وَنَائِبُ فَاعِلِ " يُقَدَّرُ " ( الطُّهْرُ ) أَيْ زَمَنٌ يَسَعُ الْوُضُوءَ إنْ

كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَوْ الْغُسْلَ إنْ كَانَ جُنُبًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ ، أَوْ التَّيَمُّمَ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الطَّهَارَةِ الصَّعِيدِيَّةِ ، زِيَادَةً عَلَى زَمَنِ الرَّكْعَةِ فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الضَّرُورِيِّ عَقِبَ زَوَالِ الْعُذْرِ مَا يَسَعُ ذَلِكَ وَرَكْعَةً وَجَبَتْ الصَّلَاةُ وَإِلَّا فَلَا وَفِي الْمُشْتَرِكَيْنِ مَا يَسَعُ ذَلِكَ وَأَحَدَهُمَا وَرَكْعَةً مِنْ الْأُخْرَى وَإِنْ ضَاقَ عَنْ هَذَا سَقَطَتْ أُولَاهُمَا ، وَالْكَافِرُ لَا يُقَدَّرُ لَهُ زَمَنٌ لِلطُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَا يُصَلِّي إلَّا بِهِ وَلَوْ يَخْرُجُ الْوَقْتُ فَمَتَى أَسْلَمَ وَالْبَاقِي يَسَعُ رَكْعَةً لَزِمَتْهُ الصَّلَاةُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ إزَالَةِ كُفْرِهِ بِالْإِسْلَامِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِتَأْخِيرِهِ وَيُرَاعَى طُهْرُ شَخْصٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مُوَسْوَسٍ وَلَا مُسْرِعٍ جِدًّا وَلَا يُقَدَّرُ زَمَنٌ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَلَا لِسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَلَا لِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَلَا لِلِاسْتِبْرَاءِ إنْ احْتَاجَ لَهُ .

وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُمَا فَرَكَعَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ قَضَى الْأَخِيرَةَ .
( وَإِنْ ظَنَّ ) أَيْ مَنْ زَالَ عُذْرُهُ الْمُسْقِطُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يُقَدَّرُ لَهُ الطُّهْرُ أَوْ لَا ( إدْرَاكَهُمَا ) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمُشْتَرَكَتَيْنِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الضَّرُورِيِّ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ ( فَرَكَعَ ) رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الظُّهْرِ أَوْ الْمَغْرِبِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا .
( فَخَرَجَ الْوَقْتُ ) بِغُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ ضَمَّ لِلرَّكْعَةِ أُخْرَى وَسَلَّمَ مِنْ شَفْعٍ نَدْبًا وَإِنْ خَرَجَ وَهُوَ فِي الثَّالِثَةِ رَجَعَ لِجُلُوسِ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَ التَّشَهُّدَ وَسَلَّمَ وَإِنْ خَرَجَ وَهُوَ فِي الرَّابِعَةِ أَتَمَّهَا نَافِلَةً وَ ( قَضَى ) وُجُوبًا الصَّلَاةَ ( الْأَخِيرَةَ ) لِاخْتِصَاصِهَا بِآخِرِ الْوَقْتِ وَسَقَطَتْ الْأُولَى بِالْعُذْرِ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ قَبْلَ عَقْدِ الرُّكُوعِ بِرَفْعِ رَأْسِهِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَطَعَ وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ إدْرَاكُ الْأَخِيرَةِ فَقَطْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ شَفَعَ إنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَهُ قَبْلَ إدْرَاكِهِ بِرَكْعَةٍ مِنْهَا وَإِلَّا قَطَعَ وَأَدْرَكَهُ .
وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ الْأَخِيرِ فَقَطْ وَصَلَّاهَا وَبَقِيَتْ رَكْعَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَيُصَلِّي الْأُولَى لِتَبَيُّنِ بَقَاءِ وَقْتِهَا وَهَلْ يُعِيدُ الثَّانِيَةَ بَعْدَهَا أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ يُدْرِكُهُمَا أَوْ الْأَخِيرَةَ فَقَطْ أَوْ لَا يُدْرِكُ شَيْئًا فَلَا يُصَلِّي مَعَ الشَّكِّ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ يَسَعُ أَحَدَهُمَا وَرَكْعَةً مِنْ الْأُخْرَى قَضَاهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ أَوْ أَقَلَّ إلَى رَكْعَةٍ سَقَطَتْ الْأُولَى وَيَقْضِي الْأَخِيرَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ أَيْضًا وَإِنْ ظَنَّ إدْرَاكَ الْأَخِيرَةِ وَشَكَّ فِي إدْرَاكِ الْأُولَى صَلَّى الْأَخِيرَةَ ثُمَّ إنْ بَانَ لَهُ إدْرَاكُ الْأُولَى قَضَاهَا وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ .

وَإِنْ تَطَهَّرَ فَأَحْدَثَ .
أَوْ تَبَيَّنَ عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ .
أَوْ ذَكَرَ مَا يُرَتَّبُ .
فَالْقَضَاءُ .
وَأَسْقَطَ عُذْرٌ حَصَلَ .
غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ : الْمُدْرَكَ .

( وَإِنْ تَطَهَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَنْ زَالَ عُذْرُهُ فِي آخِرِ الضَّرُورِيِّ وَظَنَّ إدْرَاكَهُ بِرَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ مُشْتَرِكَةٍ أَوْ فَضَلَ رَكْعَةٌ عَنْ إحْدَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ ( فَأَحْدَثَ ) عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ نِسْيَانًا قَبْلَ كَمَالِ الصَّلَاةِ فَتَطَهَّرَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِمَا أَدْرَكَهُ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِلْمَازِرِيِّ فِي عَدَمِهِ لِتَقْدِيرِ طُهْرٍ ثَانٍ .
( أَوْ تَبَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لَهُ ( عَدَمُ طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ ) الَّذِي تَطَهَّرَ بِهِ فَتَطَهَّرَ بِآخَرَ فَخَرَجَ الْوَقْتُ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عِنْدَ سَحْنُونٍ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي إسْقَاطِهِ بِتَقْدِيرِ طُهْرٍ ثَانٍ ( أَوْ ذَكَرَ ) أَيْ تَذَكَّرَ عَقِبَ تَطَهُّرِهِ ( مَا ) أَيْ الْيَسِيرَ مِنْ الْفَوَائِتِ الَّذِي ( يُرَتَّبُ ) أَيْ يُقَدَّمُ قَضَاؤُهُ عَلَى الْحَاضِرِ وَإِنْ خَرَجَ وَقْتُهَا فَقَضَاءٌ فَخَرَجَ الْوَقْتُ .
( فَالْقَضَاءُ ) لِلْحَاضِرِ وَاجِبٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَمَلًا بِالتَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ وَلَا يُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْوَقْتِ بِقَضَاءِ الْفَوَائِتِ ( وَأَسْقَطَ عُذْرٌ ) مِنْ الْأَعْذَارِ السَّابِقَةِ ( حَصَلَ ) أَيْ حَدَثَ فِي آخِرِ الضَّرُورِيِّ ( غَيْرُ نَوْمٍ وَنِسْيَانٍ ) وَمَفْعُولُ " أَسْقَطَ " قَوْلُهُ الْفَرْضَ ( الْمُدْرَكَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ الَّذِي يُحْكَمُ بِإِدْرَاكِهِ عِنْدَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَوْ كَانَ وَزَالَ فَإِنْ حَصَلَ الْعُذْرُ وَالْبَاقِي لِطُلُوعِ الشَّمْسِ رَكْعَةٌ أَسْقَطَ الصُّبْحَ ، وَإِنْ حَصَلَ وَالْبَاقِي لِلْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَا يَسَعُ أُولَى الْمُشْتَرَكَتَيْنِ وَرَكْعَةً مِنْ ثَانِيَتِهِمَا أَسْقَطَهُمَا وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ هَذَا إلَى رَكْعَةٍ أَسْقَطَ الثَّانِيَةَ فَقَطْ .
وَلَا يُقَدَّرُ زَمَنُ الطُّهْرِ فِي الْإِسْقَاطِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَإِنْ اخْتَارَهُ عج وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ فَقَدْ تَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ الْمُوَضِّحَ قَالَ : لَمْ أَرَ اعْتِبَارَ الطُّهْرِ فِي الْإِسْقَاطِ لِغَيْرِ

اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَيْفَ يَكُونُ الْمَذْهَبُ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَحْدَهُ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارَاتٌ خَرَجَ بِكَثِيرٍ مِنْهَا عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَمَّا النَّوْمُ وَالنِّسْيَانُ فَلَا يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ .

وَأُمِرَ صَبِيٌّ بِهَا لِسَبْعٍ وَضُرِبَ لِعَشْرٍ .
( وَأُمِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَدْبًا ( صَبِيٌّ ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ( بِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ مِنْ الشَّارِعِ فَيُثَابُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْأَمْرِ بِشَيْءٍ أَمْرٌ بِالشَّيْءِ فَالْوَلِيُّ مَأْمُورٌ مِنْ الشَّارِعِ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالصَّبِيُّ مَأْمُورٌ بِهَا مِنْ الشَّارِعِ أَيْضًا نَدْبًا وَقِيلَ : الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِشَيْءٍ لَيْسَ أَمْرًا بِهِ فَالصَّبِيُّ لَيْسَ مَأْمُورًا مِنْ الشَّارِعِ فَلَا ثَوَابَ لَهُ ، وَثَوَابُ عَمَلِهِ لِوَالِدَيْهِ لِأُمِّهِ الثُّلُثَانِ وَلِأَبِيهِ الثُّلُثُ وَقِيلَ : عَلَى السَّوَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَيُخَاطَبُ الصَّبِيُّ بِالْمَكْرُوهِ وَالْمُبَاحِ أَيْضًا فَالْمَرْفُوعُ عَنْهُ الْإِيجَابُ وَالتَّحْرِيمُ فَقَطْ وَصِلَةُ " أُمِرَ " ( لِسَبْعٍ ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ أَيْ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ وَإِنْ لَمْ تُظَنَّ إفَادَتُهُ وَلَا يُضْرَبُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ .
( وَضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الصَّبِيُّ نَدْبًا ضَرْبًا مُؤْلِمًا غَيْرَ كَاسِرٍ لِعَظْمٍ وَلَا مُشِينٍ لِجَارِحَةٍ إنْ ظُنَّ إفَادَتُهُ وَإِلَّا فَلَا يُشْرَعُ إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ بِالْقَوْلِ وَصِلَةُ " ضُرِبَ " ( لِعَشْرٍ ) أَيْ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي السَّنَةِ الْعَاشِرَةِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا فِي النَّوْمِ نَدْبًا وَيَكْفِي ثَوْبٌ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقِيلَ : لَا يَكْفِي وَالْأَحْسَنُ إفْرَادُ كُلٍّ بِفَرْشٍ وَغِطَاءٍ إنْ تَيَسَّرَ ، وَيُكْرَهُ تَلَاصُقُهُمْ وَإِنْ بِالْعَوْرَةِ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذُوا وَإِلَّا حَرُمَ عَلَى وَلِيِّهِمْ إقْرَارُهُمْ وَوَجَبَ عَلَيْهِ مَنْعُهُمْ مِنْهَا كَمَنْعِهِمْ مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ عَلَى الْبَالِغِ .

وَمُنِعَ نَفْلٌ وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا .
وَخُطْبَةِ جُمُعَةٍ .
( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( نَفْلٌ ) أَيْ غَيْرُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَشَمِلَ الْجِنَازَةَ ، وَالنَّفَلَ الْمَنْذُورَ ، وَقَضَاءَ النَّفْلِ الْمُفْسَدِ ، وَسُجُودَ السَّهْوِ الْبَعْدِيِّ أَيُّ تَنَفُّلٍ ( وَقْتَ طُلُوعِ شَمْسٍ ) مِنْ ابْتِدَاءِ طُلُوعِ طَرَفِهَا الْأَعْلَى إلَى طُلُوعِ طَرَفِهَا الْأَسْفَلِ ( وَ ) وَقْتَ ( غُرُوبِهَا ) أَيْ اسْتِتَارِ طَرَفِهَا الْأَسْفَلِ إلَى ذَهَابِ طَرَفِهَا الْأَعْلَى .
وَ ) وَقْتَ ( خُطْبَةِ جُمُعَةٍ ) مِنْ حَالِ شُرُوعِهِ فِيهَا إلَى فَرَاغِهَا وَيَحْرُمُ أَيْضًا قَبْلَهَا مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِ الْخَطِيبِ مِنْ خَلْوَتِهِ وَتَوَجُّهِهِ لَهَا وَحَالَ صُعُودِ الْمِنْبَرِ وَجُلُوسِهِ عَلَيْهِ قَبْلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَمُنِعَ أَيْضًا عِنْدَ إقَامَةٍ لِصَلَاةِ الرَّاتِبِ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَضِيقِ وَقْتِ حَاضِرَةٍ ، وَتَذَكُّرِ فَائِتَةٍ ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ النَّفَلُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ فَإِنْ نَسِيَ صَلَاةَ الْعَصْرِ أَوْ الصُّبْحِ وَشَرَعَ فِيهَا وَقْتَ غُرُوبِ الشَّمْسِ أَوْ طُلُوعِهَا وَعَقَدَ رُكُوعَهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَيَشْفَعُهَا نَدْبًا لِعَدَمِ دُخُولِهِ عَلَى النَّفْلِ .

وَكُرِهَ بَعْدَ فَجْرٍ .
وَفَرْضِ عَصْرٍ ، إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ ، وَتُصَلَّى الْمَغْرِبُ إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ، وَالْوِرْدَ قَبْلَ الْفَرْضِ لِنَائِمٍ عَنْهُ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النَّفَلُ ( بَعْدَ ) طُلُوعِ ( فَجْرٍ ) وَلَوْ لِدَاخِلِ مَسْجِدٍ بَعْدَ صَلَاةِ الرَّغِيبَةِ فِي غَيْرِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : لَا بَأْسَ بِالنَّفْلِ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ ( وَ ) كُرِهَ بَعْدَ أَدَاءِ ( فَرْضِ عَصْرٍ ) وَيُنْدَبُ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا وَقَبْلَ صَلَاتِهَا وَتَسْتَمِرُّ كَرَاهَتُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ( إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ ) الشَّمْسُ عَنْ الْأَرْضِ ( قِيدَ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ قَدْرَ ( رُمْحٍ ) عَرَبِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ شِبْرًا مُتَوَسِّطًا .
( وَ ) بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ ( تُصَلَّى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( الْمَغْرِبُ ) فَإِنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ إقَامَتِهَا جَلَسَ بِلَا صَلَاةٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْتَيْ الْكَرَاهَةِ وَقْتَيْ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ اتِّكَالًا عَلَى عِلْمِهِ مِمَّا سَبَقَ ( إلَّا رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ ) وَالشَّفْعِ وَالْوِتْرِ بِلَا شَرْطٍ ( وَ ) إلَّا ( الْوِرْدَ ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ النَّفَلَ الَّذِي اعْتَادَ صَلَاتَهُ بِلَيْلٍ وَنَامَ عَنْهُ لَيْلَةً فَيُصَلِّيهِ ( قَبْلَ ) صَلَاةِ ( الْفَرْضِ ) أَيْ الصُّبْحِ ( لِنَائِمٍ عَنْهُ ) غَلَبَةً وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَ الْجَمَاعَةِ وَلَا تَأْخِيرَ الصُّبْحِ إلَى الْإِسْفَارِ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ لِفِعْلِ الْوَرْدِ بَعْدَ الْفَجْرِ .

وَجِنَازَةً وَسُجُودَ تِلَاوَةٍ قَبْلَ إسْفَارٍ وَاصْفِرَارٍ ، وَقَطَعَ مُحْرِمٌ بِوَقْتِ نَهْيٍ

( وَ ) إلَّا ( جِنَازَةً وَسُجُودَ تِلَاوَةٍ ) بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَ ( قَبْلَ إسْفَارٍ وَ ) بَعْدَ صَلَاةِ عَصْرٍ وَقَبْلَ ( اصْفِرَارٍ ) فَيُكْرَهَانِ فِي الْإِسْفَارِ وَ الِاصْفِرَارِ فَإِنْ صُلِّيَ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي وَقْتِ كَرَاهَةٍ فَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا وَإِنْ صُلِّيَ عَلَيْهَا فِي وَقْتِ مَنْعٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُعَادُ مَا لَمْ تُوضَعْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ وُضِعَتْ فِيهِ فَلَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ يُسَوَّ عَلَيْهَا التُّرَابُ وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا تُعَادُ وَإِنْ لَمْ تُوضَعْ فِيهِ وَهَذَا إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا التَّغَيُّرُ بِتَأْخِيرِهَا لِوَقْتِ الْجَوَازِ وَإِلَّا فَيُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَوْ وَقْتَ الْمَنْعِ وَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا وَاقْتَصَرَ سَنَدٌ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَالَ : إنَّهُ أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
( وَقَطَعَ ) النَّفَلَ شَخْصٌ ( مُحْرِمٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ أَيْ بِهِ ( بِوَقْتِ نَهْيٍ ) أَيْ فِيهِ وُجُوبًا إنْ كَانَ وَقْتَ تَحْرِيمٍ وَنَدْبًا إنْ كَانَ وَقْتَ كَرَاهَةٍ إذْ لَا يُتَقَرَّبُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْهِيٍّ عَنْهُ وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِهِ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا إلَّا الدَّاخِلَ وَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَأَحْرَمَ بِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا فَلَا يَقْطَعُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ وَلَا يَقْضِيهِ وَظَاهِرُهُ قَطْعُهُ وَلَوْ بَعْدَ رَكْعَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَأَمَّا بَعْدَ تَمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ فَيُتِمُّهُ بِالسَّلَامِ وَالْأَمْرُ بِالْقَطْعِ مُشْعِرٌ بِانْعِقَادِهِ لِأَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِذَاتِ الْوَقْتِ بَلْ لِخَارِجٍ وَهُوَ كَوْنُ السَّاجِدِ وَقْتَ الطُّلُوعِ وَالْغُرُوبِ شَبِيهًا بِالسَّاجِدِ لِلشَّيْطَانِ ، وَالِاشْتِغَالُ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَقَدْ يُقَالُ : هَذَا الْخَارِجُ لَازِمٌ لِلْوَقْتِ فَكَأَنَّ النَّهْيَ لِذَاتِ الْوَقْتِ فَيَقْتَضِي عَدَمَ الِانْعِقَادِ كَصَوْمِ الْعِيدِ الْمُعَلَّلِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاسْتَظْهَرَ هَذَا الشَّاوِيُّ وَالْعَدَوِيُّ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الِانْصِرَافُ عَنْ الْفَاسِدِ .

وَجَازَتْ بِمَرْبِضِ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ كَمَقْبَرَةٍ وَلَوْ لِمُشْرِكٍ ، وَمَزْبَلَةٍ وَمَحَجَّةٍ وَمَجْزَرَةٍ إنْ أُمِنَتْ مِنْ النَّجِسِ ، وَإِلَّا فَلَا إعَادَةَ عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ لَمْ تَتَحَقَّقْ .

( وَجَازَتْ ) الصَّلَاةُ ( بِمَرْبِضِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا أَيْ بِمَحَلِّ رُبُوضِ أَيْ بُرُوكِ ( بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ : ( كَ ) الصَّلَاةِ ب ( مَقْبَرَةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَلَوْ عَلَى قَبْرٍ غَيْرِ مُسَنَّمٍ وَبِلَا حَائِلٍ ، عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً مَنْبُوشَةً أَمْ لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( لِمُشْرِكٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِعَدَمِ جَوَازِهَا فِي مَقْبَرَةِ مُشْرِكٍ لِأَنَّهُ مَحَلُّ عَذَابٍ وَحُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ وَرَجَّحَهُ الْمَوَّاقُ ( وَمَزْبَلَةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْمُوَحَّدَةِ أَوْ ضَمِّهَا أَيْ مَوْضِعِ طَرْحِ الزِّبْلِ .
( وَمَحَجَّةٍ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَسَطِ طَرِيقٍ ( وَمَجْزَرَةٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مَحَلِّ تَذْكِيَةِ الْحَيَوَانِ ( إنْ أُمِنَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ تُيُقِّنَ أَوْ ظُنَّ خُلُوُّ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ ( مِنْ النَّجِسِ ) بِأَنْ صَلَّى فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا مُنْقَطِعٍ عَنْ النَّجَاسَةِ أَوْ فَرَشَ شَيْئًا طَاهِرًا صَلَّى عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُؤْمَنْ مِنْ النَّجِسِ ( فَلَا إعَادَةَ ) أَيْ وَاجِبَةٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ الْخِلَافِ .
( إنْ لَمْ تُحَقَّقْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ الْأُولَى مُثَقَّلًا أَيْ النَّجَاسَةُ بِأَنْ شُكَّ فِيهَا وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ عَلَى الْغَالِبِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : يُعِيدُ أَبَدًا وُجُوبًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ فَإِنْ تَحَقَّقَتْ أَوْ ظُنَّتْ أُعِيدَتْ أَبَدًا وُجُوبًا اتِّفَاقًا .

وَكُرِهَتْ بِكَنِيسَةٍ .
وَلَمْ تُعَدْ
( وَكُرِهَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الصَّلَاةُ ( بِكَنِيسَةٍ ) أَيْ مَعْبَدِ كَافِرٍ فَشَمِلَتْ الْبِيعَةَ وَبَيْتَ النَّارِ عَامِرَةً كَانَتْ أَوْ دَارِسَةً مَا لَمْ يَدْخُلْهَا لِضَرُورَةٍ أَوْ خَوْفٍ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ وَلَوْ عَامِرَةً ( وَلَمْ تُعَدْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُخَفِّفًا الصَّلَاةَ بِهَا بِوَقْتٍ إنْ كَانَتْ دَارِسَةً مُطْلَقًا أَوْ عَامِرَةً دَخَلَهَا لِضَرُورَةٍ أَوْ طَائِعًا وَصَلَّى عَلَى طَاهِرٍ وَإِلَّا أَعَادَ بِوَقْتٍ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْغَالِبِ عَلَى الْأَصْلِ وَقِيلَ : لَا يُعِيدُ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بِنَاءً عَلَى تَرْجِيحِ الْأَصْلِ كَقَوْلِ الْإِمَامِ .

وَبِمَعْطِنِ إبِلٍ وَلَوْ أَمِنَ وَفِي الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ .
( وَ ) كُرِهَتْ ( بِمَعْطِنِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ( إبِلٍ ) أَيْ مَحَلِّ بُرُوكِهَا بَيْنَ شِرْبَيْهَا نَهَلًا ثُمَّ عَلَلًا فَإِنْ صَلَّى بِهِ أَعَادَ ( وَلَوْ أَمِنَ ) النَّجَاسَةَ أَوْ فَرَشَ طَاهِرًا تَعَبُّدًا ( وَفِي ) كَيْفِيَّةِ ( الْإِعَادَةِ قَوْلَانِ ) قِيلَ فِي الْوَقْتِ مُطْلَقًا وَقِيلَ : يُعِيدُ النَّاسِي فِي الْوَقْتِ وَالْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ أَبَدًا نَدْبًا وَأَمَّا مَوْضِعُ مَبِيتِهَا ، وَقَيْلُولَتِهَا فَلَيْسَ بِمَعْطِنٍ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهِ إنْ أَمِنَ مِنْ مَنِيِّهَا أَوْ صَلَّى عَلَى فَرْشٍ طَاهِرٍ هَذَا الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطَّابُ فَأَفَادَ اعْتِمَادَهُ ، وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ : تُكْرَهُ فِي مَحَلِّ مَبِيتِهَا وَقَيْلُولَتِهَا أَيْضًا وَاعْتَمَدَهُ شب .

وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا أُخِّرَ لِبَقَاءِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا مِنْ الضَّرُورِيِّ ، وَقُتِلَ بِالسَّيْفِ حَدًّا وَلَوْ قَالَ : أَنَا أَفْعَلُ ، وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ .
لَا فَائِتَةً عَلَى الْأَصَحِّ .

( وَمَنْ تَرَكَ فَرْضًا ) مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كَسَلًا فَلَا يُقَرُّ عَلَى تَرْكِهِ وَيُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ وَيُكَرَّرُ أَمْرُهُ بِهِ وَيُهَدَّدُ بِالضَّرْبِ ثُمَّ يُضْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَمْتَثِلْ ( أُخِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْحَضَرِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ فِي السَّفَرِ وَيُهَدَّدُ بِالْقَتْلِ ( لِبَقَاءِ ) زَمَنِ ( رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا ) وَمُجَرَّدُ الْفَرَائِضِ ( مِنْ ) الْوَقْتِ ( الضَّرُورِيِّ ) إنْ كَانَ فَرْضًا وَاحِدًا فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِكَيْنِ أُخِّرَ لِخَمْسٍ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِأَرْبَعٍ فِي الْعِشَاءَيْنِ بِحَضَرٍ وَلِثَلَاثٍ بِسَفَرٍ وَيُقَدَّرُ هُنَا بِالْأَخِيرَةِ صَوْنًا لِلدَّمِ وَتُعْتَبَرُ الرَّكْعَةُ بِلَا فَاتِحَةٍ وَلَا طُمَأْنِينَةٍ وَاعْتِدَالٍ وَيُقَدَّرُ لَهُ زَمَنُ طَهَارَةٍ مَائِيَّةٍ بِمُجَرَّدِ الْفَرَائِضِ إنْ كَانَ أَهَلَّهَا بِدُونِ دَلْكٍ وَمَسَحَ بَعْضِ الرَّأْسِ صَوْنًا لِلدَّمِ ، وَإِلَّا فَزَمَنُ تَيَمُّمٍ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَسْحِ يَدَيْهِ لِلْكُوعِ وَرُجِّحَ عَدَمُ تَقْدِيرِ زَمَنٍ لِلطُّهْرِ صَوْنًا لِلدَّمِ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتُظْهِرَ .
( وَقُتِلَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ ( بِالسَّيْفِ ) بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِهِ لَا بِنَخْسِهِ بِهِ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ كَمَا قِيلَ وَلَوْ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنْ لَمْ يُطْلَبْ ، وَالْوَقْتُ وَاسِعٌ فَلَا يُقْتَلُ وَكَذَا إنْ لَمْ يُكَرَّرْ أَمْرُهُ بِهِ قَتْلًا ( حَدًّا ) لَا كُفْرًا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ وَافَقَهُ إنْ قَالَ : لَا أَفْعَلُ بَلْ ( وَلَوْ قَالَ ) بَعْدَ الْحُكْمِ بِقَتْلِهِ ( أَنَا أَفْعَلُ ) وَلَمْ يَفْعَلْ وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُقْتَلُ إنْ قَالَ : أَنَا أَفْعَلُ وَيُبَالَغُ فِي أَدَبِهِ وَمَنْ صَلَّى مُكْرَهًا يُعِيدُهَا وَاسْتُظْهِرَ أَنَّهُ يُدَيَّنُ .
وَأَوْرَدَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَتْلُهُ حَدًّا لَمَا سَقَطَ بِشُرُوعِهِ فِي الصَّلَاةِ كَسَائِرِ الْحُدُودِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّرْكَ الْمُوجِبَ لِقَتْلِهِ حَدًّا إنَّمَا هُوَ التَّرْكُ الْجَازِمُ وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ

إلَّا بَعْدَ قَتْلِهِ فَهُوَ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي لَا يُعْلَمُ وُقُوعُهَا إلَّا بَعْدَ وُقُوعِ مُسَبَّبَاتِهَا وَلَا يُقَالُ : يَلْزَمُ قَتْلُهُ قَبْلَ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ : بِالشُّرُوعِ فِي قَتْلِهِ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ تَحَقَّقَ التَّرْكُ الْجَازِمُ قَبْلَ قَتْلِهِ .
( وَصَلَّى عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَقْتُولِ لِتَرْكِ الْفَرْضِ شَخْصٌ ( غَيْرُ فَاضِلٍ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْفَضْلِ بِإِمَامَةٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ وَكُرِهَتْ مِنْ الْفَاضِلِ رَدْعًا لِمِثْلِهِ .
( وَلَا يُطْمَسُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْمِيمِ ( قَبْرُهُ ) أَيْ يُكْرَهُ إخْفَاؤُهُ وَعَدَمُ تَسْنِيمِهِ فَيُسَنَّمُ كَقَبْرِ مَنْ لَمْ يَتْرُكْ فَرْضًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَعَطَفَ بِلَا عَلَى نَعْتِ فَرْضًا مَحْذُوفًا لِدَلَالَةِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ حَاضِرًا أَوْ عَلَى فَرْضًا مُؤَوَّلًا بِحَاضِرًا فَقَالَ ( لَا فَائِتَةً ) امْتَنَعَ مِنْ قَضَائِهَا فَلَا يُقْتَلُ إنْ لَمْ يُطْلَبْ بِفِعْلِهَا فِي وَقْتِهَا الْمُتَّسِعِ طَلَبًا مُتَكَرِّرًا فَلَا يُقْتَلُ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَصَحِّ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ شَيْخٍ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ قِيلَ : الْأَوْلَى الْمَقُولُ ؛ لِأَنَّ التَّصْحِيحَ لِلْمَازِرِيِّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّصْحِيحَ هُنَا لِلْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ لِتَصْحِيحِ غَيْرِ الْمَازِرِيِّ وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَبِالْقَوْلِ لِلْمَازِرِيِّ إلَخْ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِي كَلَامِي فَهُوَ إشَارَةٌ لَا أَنَّهُ مَتَى صَحَّحَ الْمَازِرِيُّ أُشِيرُ إلَيْهِ .
وَمَنْ قَالَ : لَا أَتَوَضَّأُ أَوْ لَا أَغْتَسِلُ مِنْ جَنَابَةٍ كَمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ بِخِلَافِ مَنْ تَرَكَ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ أَوْ سَتْرَ الْعَوْرَةِ لِلْخِلَافِ فِيهِمَا ، وَالْحَدُّ يُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّوْمِ كَسَلًا يُؤَخَّرُ لِقُرْبِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ النِّيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُتَعَرَّضُ لِتَارِكِ الْحَجِّ ، وَلَوْ عَلَى فَوْرِيَّتِهِ لِأَنَّ شَرْطَهُ الِاسْتِطَاعَةُ وَرُبَّ عُذْرٍ بَاطِنِيٍّ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهِ فَيُؤْمَرُ وَيُدَيَّنُ

وَتَارِكُ الزَّكَاةِ تُؤْخَذُ مِنْهُ كَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ قُتِلَ فَهَدَرٌ ، وَلَكِنْ لَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ الْمُكْرَهِ لَهُ .

وَالْجَاحِدُ كَافِرٌ .
( وَالْجَاحِدُ ) أَيْ الْمُنْكِرُ وُجُوبَ الصَّلَاةِ أَوْ رُكُوعَهَا أَوْ سُجُودَهَا ( كَافِرٌ ) أَيْ مُرْتَدٌّ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يَكُنْ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَيُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنْ تَمَّتْ وَلَمْ يَتُبْ فَيُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كُفْرًا فَلَا يُغَسَّلُ ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُتْرَكُ لِلْكَافِرِينَ إلَّا أَنْ تُخَافَ ضَيْعَتُهُ فَيُوَارَى لَا لِقِبْلَتِنَا وَلَا لِقِبْلَتِهِمْ وَلَا يُورَثُ مَالُهُ فَهُوَ فَيْءٌ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَكَذَا كُلُّ مَنْ جَحَدَ حُكْمًا شَرْعِيًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ مَعْلُومًا لِعَامَّةِ النَّاسِ كَأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ لِقَدْحِهِ فِي الدِّينِ ، سَوَاءٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ الْحَدِيثُ أَوْ الْإِجْمَاعُ أَوْ الْقِيَاسُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) سُنَّ الْأَذَانُ لِجَمَاعَةٍ طَلَبَتْ غَيْرَهَا : فِي فَرْضٍ وَقْتِيٍّ ، وَلَوْ جُمُعَةً وَهُوَ مُثَنًّى ، وَلَوْ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ .
مُرَجَّعُ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَرْفَعَ مِنْ صَوْتِهِ أَوَّلًا .
مَجْزُومٌ بِلَا فَصْلٍ ، وَلَوْ بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ وَبَنَى إنْ لَمْ يَطُلْ ، غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ ، إلَّا الصُّبْحَ فَبِسُدُسِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ .

( فَصْلٌ ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا .
وَهُوَ لُغَةً مُطْلَقُ إعْلَامٍ بِشَيْءٍ وَشَرْعًا إعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ أَوْ قُرْبِهِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ أَيْضًا .
( سُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( الْأَذَانُ ) أَيْ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ تَلَاصَقَتْ أَوْ عَلَا بَعْضُهَا بَعْضًا وَبِكُلِّ مَحَلٍّ جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَيَجِبُ فِي كُلِّ بَلَدٍ كِفَايَةً ، وَإِنْ تَرَكُوهُ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ هَذَا الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي كُلِّ بَلَدٍ .
وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ وَصِلَةُ سُنَّ ( لِجَمَاعَةٍ ) أَيْ مِنْهَا كِفَايَةً لَا لِمُنْفَرِدٍ وَنَعَتَهَا بِجُمْلَةِ ( طَلَبَتْ ) أَيْ جَمَاعَةٌ ( غَيْرَهَا ) لِلصَّلَاةِ مَعَهَا لَا لِجَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ غَيْرِ طَالِبَةٍ غَيْرَهَا وَصِلَةُ " سُنَّ " ( فِي فَرْضٍ ) لَا فِي سُنَّةٍ كَعِيدٍ ( وَقْتِيٍّ ) بِشَدِّ الْيَاءِ أَيْ لَهُ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ فِي جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ الزَّمَانِ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ ، مُخْرِجٌ الْفَائِتَةَ إذْ وَقْتُهَا وَقْتُ تَذَكُّرِهَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَالْجِنَازَةَ إذْ وَقْتُهَا الْفَرَاغُ مِنْ تَكْفِينِهَا كَذَلِكَ ، وَالْمُنَاسِبُ زِيَادَةُ " اخْتِيَارِيٍّ " وَلَوْ حُكْمًا لِتَخْرُجَ الصَّلَاةُ الْمُؤَدَّاةُ فِي الضَّرُورِيِّ لِغَيْرِ جَمْعٍ وَتَدْخُلَ الْمَجْمُوعَةُ فِيهِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا إنْ كَانَ الْفَرْضُ الْوَقْتِيُّ غَيْرَ جُمُعَةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( جُمُعَةً ) فَأَذَانُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ عَقِبَ الزَّوَالِ وَقَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ سُنَّةٌ لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَيْهِ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ فِي حَيَاةِ

رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ وَلَا فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَذَا الثَّانِي الَّذِي هُوَ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَقَبْلَ الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَوْكَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ بِوُجُوبِ الثَّانِي ، وَفِعْلُهُ فِي الْمَسْجِدِ بِدْعَةٌ مُضَيِّعَةٌ لِثَمَرَتِهِ مِنْ إسْمَاعِ النَّاسِ الْخَارِجِينَ عَنْ الْمَسْجِدِ لِيَسْعَوْا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَيَذَرُوا الْبَيْعَ وَكُلَّ مَا يَشْغَلُهُمْ عَنْهُ وَالْحَاضِرُونَ فِي الْمَسْجِدِ لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِالْأَذَانِ فَالصَّوَابُ فِعْلُهُ فِي مَحَلِّ الْأَذَانِ الْمُعْتَادِ لِلْإِسْمَاعِ لِمَنْ لَيْسَ فِي الْجَامِعِ كَمَا كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَغْرِبِ إلَى الْآنَ .
( وَهُوَ ) أَيْ الْأَذَانُ بِمَعْنَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ ، وَهُوَ ذِكْرُ الِاسْمِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى ، وَاعَادَةُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ بِمَعْنًى آخَرَ ( مُثَنًّى ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ التَّثْنِيَةِ أَيْ كُلُّ جُمْلَةٍ تُثَنَّى أَيْ تُذْكَرُ مَرَّتَيْنِ لَا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا مَعْدُولًا عَنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ كُلَّ جُمْلَةٍ تُذْكَرُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وعبق وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ لِلْأَذَانِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ جُمْلَةٍ عَلَى حِدَتِهَا وَهَذَا غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ رُجُوعِهِ لَهُ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ جُمَلِهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ جُمَلَ الْأَذَانِ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ كَمَا يُقَالُ جَاءَ الرِّجَالُ مَثْنَى أَيْ اثْنَيْنِ بَعْدَ اثْنَيْنِ

وَيُشْتَرَطُ فِي الْأَذَانِ تَرْتِيبُ جُمَلِهِ فَإِنْ نَكَّسَ شَيْئًا مِنْهَا ابْتَدَأَهُ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ : يُعِيدُ الْمُنَكَّسَ وَحْدَهُ وَبَالَغَ فِي تَثْنِيَةِ الْجُمَلِ فَقَالَ ( وَلَوْ ) كَانَتْ الْجُمْلَةُ ( الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ ) الَّذِي فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بَيْنَ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَالتَّكْبِيرِ الْأَخِيرِ وَيَقُولُهَا الْمُؤَذِّنُ وَلَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا بِفَلَاةٍ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إنْسَانٌ يَنْشَطُ لِلصَّلَاةِ وَقِيلَ : يُسْقِطُهَا حِينَئِذٍ وَرَدَّهُ سَنَدٌ بِأَنَّ الْأَذَانَ سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ : حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ إنْسَانًا ، وَجُعِلَ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فِي أَذَانِ الصُّبْحِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا { أَتَاهُ بِلَالٌ يُؤْذِنُهُ بِالصُّبْحِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا يَا بِلَالُ اجْعَلْهُ فِي أَذَانِكَ إذَا أَذَّنْتَ لِلصُّبْحِ } .
وَأَمَّا قَوْلُ عُمَرَ لِلْمُؤَذِّنِ الَّذِي جَاءَ يُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ فَوَجَدَهُ نَائِمًا فَقَالَ : الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ اجْعَلْهَا فِي نِدَاءِ الصُّبْحِ فَهُوَ إنْكَارٌ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ شَيْئًا مِنْ أَلْفَاظِ الْأَذَانِ فِي غَيْرِهِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ الْأَذَانِ فَبِدْعَةٌ حَدَثَتْ فِي آخِرِ الْقَرْنِ الثَّامِنِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِإِفْرَادِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " وَهُوَ مُثَنًّى " جُمْلَةُ " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " فَلَا تُثَنَّى اتِّفَاقًا وَلَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ كُلَّهُ أَوْ جُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ فَلَا يَكْفِي فِي الْمَطْلُوبِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مَنْدُوبًا وَإِنْ أَوْتَرَ أَقَلَّهُ كَفَى ( مُرَجَّعُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا خَبَرٌ ثَانٍ لِهُوَ أَيْ مُكَرَّرُ ( الشَّهَادَتَيْنِ ) أَيْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ بَعْدَ

تَثْنِيَتِهِمَا مَعًا قِيلَ الْأَوْلَى " الشَّهَادَاتِ " لِيُفِيدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَجِّعُهَا بَعْدَ جَمْعِهَا .
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ فَيَصْدُقُ بِتَرْجِيعِ مَرَّتَيْ الْأُولَى قَبْلَ مَرَّتَيْ الثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ يَذْكُرُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ عَنْ صَوْتِ التَّكْبِيرِ ثُمَّ يُرَجِّعُهَا ( بِأَرْفَعَ ) أَيْ أَعْلَى ( مِنْ صَوْتِهِ ) بِهِمَا ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا عَقِبَ تَكْبِيرِهِ بِأَعْلَى صَوْتِهِ لِخَفْضِهِ صَوْتَهُ بِهِمَا عَنْ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ لَكِنْ بِشَرْطِ الْإِسْمَاعِ فَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ وَيَكُونُ صَوْتُهُ فِي التَّرْجِيعِ مُسَاوِيًا لِصَوْتِهِ فِي التَّكْبِيرِ ( مَجْزُومٌ ) أَيْ سَاكِنٌ آخِرُ الْجُمَلِ نَدْبًا لِمَدِّ الصَّوْتِ لِلْإِسْمَاعِ .
الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ شُيُوخُ صِقِلِّيَّةَ جَزْمَهُ وَشُيُوخُ الْقَرَوِيِّينَ إعْرَابَهُ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ ابْنُ رَاشِدٍ : الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا مِنْ أَلْفَاظِهِ حَتَّى " اللَّهُ أَكْبَرُ " الْأَخِيرِ فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ أَنَّهُ نَطَقَ بِهِ مُعْرَبًا فَجَزْمُ مَا عَدَا التَّكْبِيرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ وَعِيَاضٍ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رَاشِدٍ الْفَاكِهَانِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَيُكْرَهُ اللَّحْنُ فِيهِ وَيُسْتَحَبُّ سَلَامَتُهُ مِنْهُ لِخُرُوجِهِ عَنْ كَوْنِهِ حَدِيثًا إلَى مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ بِالْوَقْتِ .
( بِلَا فَصْلٍ ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ وَجُمَلِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ غَيْرِ وَاجِبٍ فَإِنْ وَجَبَ لِكَإِنْقَاذِ أَعْمَى فَصَلَ وَبَنَى مَا لَمْ يَطُلْ وَيُكْرَهُ الْفَصْلُ ( وَلَوْ ) كَانَ ( بِإِشَارَةٍ لِكَسَلَامٍ ) وَرَدِّهِ وَتَشْمِيتِ عَاطِسٍ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلٍ فِي الْمَذْهَبِ بِجَوَازِ إشَارَتِهِ لِكَسَلَامٍ كَالْمُصَلِّي ، وَفُرِّقَ بِأَنَّ الصَّلَاةَ لَهَا مَهَابَةٌ عَظِيمَةٌ فِي الْقَلْبِ فَالْإِشَارَةُ فِيهَا لَا تَجُرُّ إلَى الْكَلَامِ ، وَالْأَذَانَ لَيْسَ كَذَلِكَ

فَالْإِشَارَةُ فِيهِ لِذَلِكَ تُؤَدِّي لِلْكَلَامِ فِيهِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ وَعَبَّرَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ بِالْمَنْعِ فَحَمَلَهُ عج عَلَى الْكَرَاهَةِ وَأَبْقَاهُ الْحَطَّابُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَيُؤَيِّدُ كَلَامَ زَرُّوقٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْأَذَانَ لَمْ يُعَدَّ مِمَّا يَلْزَمُ إتْمَامُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ فَكُرِهَتْ لَكِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ كَرَاهَتَهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْفَصْلِ بِهَا وَأَنَّهَا لَا تُكْرَهُ إنْ لَمْ يَفْصِلْ بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ا هـ .
وَيَرُدُّ الْمُؤَذِّنُ السَّلَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِ وُجُوبًا وَإِنْ ذَهَبَ الْمُسَلِّمُ وَيُسْمِعُهُ إنْ حَضَرَ وَالْمُلَبِّي كَالْمُؤَذِّنِ ، وَكَذَا قَاضِي الْحَاجَةِ ، وَالْوَاطِئُ وَلَكِنْ لَا يُؤْمَرَانِ بِالرَّدِّ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَإِنْ حَضَرَ الْمُسَلِّمُ لِأَنَّ حَالَهُمَا يُنَافِي الذِّكْرَ ( وَبَنَى ) الْمُؤَذِّنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ أَذَانَهُ إنْ فَصَلَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ( إنْ لَمْ يَطُلْ ) فَصْلُهُ وَإِلَّا ابْتَدَأَهُ ( غَيْرُ مُقَدَّمٍ عَلَى الْوَقْتِ ) شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ فَفِعْلُهُ فِي الْوَقْتِ وَاجِبٌ شَرْطٌ وَتَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ مُحَرَّمٌ لِأَنَّهُ كَذِبٌ وَمُضَيِّعٌ لِفَائِدَتِهِ وَتَجِبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ إنْ عَلِمُوا تَقْدِيمَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنْ عَلِمُوهُ بَعْدَهَا فَلَا يُعِيدُونَهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَبَيَّنَ تَقَدُّمُ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ مِنْ الْوَقْتِ أَعَادَهُمَا وُجُوبًا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ .
( إلَّا الصُّبْحَ فَ ) يُؤَذَّنُ لَهَا ( بِ ) أَوَّلِ ( سُدُسِ اللَّيْلِ ) الْأَخِيرِ لِأَنَّهَا تَأْتِي النَّاسَ وَهُمْ نَائِمُونَ فَاحْتِيجَ لِتَقْدِيمِ الْأَذَانِ عَلَى دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَنَبَّهُوا أَوْ يَتَأَهَّبُوا لَهَا بِقَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْ الْجَنَابَةِ إنْ كَانَتْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُعَادُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَهُوَ قَوْلُ سَنَدٍ وَاخْتَارَهُ اللَّقَانِيُّ وَبَعْضُ مُحَقِّقِي الْمَغَارِبَةِ وَالرَّاجِحُ إعَادَتُهُ فَقِيلَ : نَدْبًا ،

وَالسُّنَّةُ الْأَوَّلُ ، وَتَقْدِيمُهُ مَنْدُوبٌ وَالرَّاجِحُ اسْتِنَانًا ، وَقِيلَ : مَنْدُوبٌ كَتَقْدِيمِهِ وَاخْتَارَ عج أَنَّهُمَا مَسْنُونَانِ وَأَيَّدَهُ الْبُنَانِيُّ بِالنُّقُولِ وَيَحْرُمُ الْأَذَانُ لِلصُّبْحِ قَبْلَ السُّدُسِ الْأَخِيرِ وَمَبْدَأُ اللَّيْلِ الْغُرُوبُ .

وَصِحَّتُهُ بِإِسْلَامٍ ، وَعَقْلٍ ، وَذُكُورَةٍ ، وَبُلُوغٍ

( وَصِحَّتُهُ ) أَيْ الْأَذَانِ مَشْرُوطَةٌ ( بِإِسْلَامٍ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَوْ بَعْدَ عَزْمِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ لِوُقُوعِ بَعْضِهِ حَالَ كُفْرِهِ ، وَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِإِسْلَامٍ فَإِنْ رَجَعَ فَمُرْتَدٌّ إنْ عَلِمَ أَرْكَانَ الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَذَانِهِ وَإِلَّا فَيُؤَدَّبُ وَيُتْرَكُ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ بِخَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِقَرِينَةٍ صَدَّقَتْهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ وَقَفَ عَلَى الدَّعَائِمِ .
الْحَطَّابُ : لَمْ أَعْلَمْ فِي إسْلَامِهِ بِأَذَانِهِ خِلَافًا عج لَوْ أَذَّنَ الْكَافِرُ كَانَ بِأَذَانِهِ مُسْلِمًا عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُؤَذِّنُ بَعْدَ أَذَانِهِ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ : إنْ أَعَادُوهُ فَحَسَنٌ وَإِنْ اجْتَزَءُوا بِهِ أَجْزَأَهُمْ ا هـ وَقَالَ عج : يُعَادُ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ .
ا هـ .
وَهُوَ الظَّاهِرُ لِبُطْلَانِ أَذَانِهِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِي الْبَلَدِ ، وَسُنَّةٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَلَوْ عُلِمَ دُخُولُ الْوَقْتِ بِدُونِهِ .
( وَعَقْلٍ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَصَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَسَكْرَانَ طَافِحٍ ( وَبُلُوغٍ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ لَمْ يُعْتَمَدْ فِيهِ وَلَا فِي دُخُولِ الْوَقْتِ عَلَى بَالِغٍ عَدْلٍ فَإِنْ اُعْتُمِدَ عَلَيْهِ صَحَّ أَذَانُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ كِفَايَتُهُ الْبَالِغِينَ عَنْ الْوَاجِبِ أَوْ السُّنَّةِ تَنْزِيلًا لِإِقْرَارِهِمْ لَهُ مَنْزِلَةَ فِعْلِهِمْ .
( وَذُكُورَةٍ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أُنْثَى وَلَا خُنْثَى مُشْكِلٍ لِأَنَّهُ مِنْ مَنَاصِبِ الذُّكُورِ كَالْإِمَامَةِ وَالْقَضَاءِ وَأَذَانُهَا مُحَرَّمٌ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ ، وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَسَنَدٍ وَالْقَرَافِيِّ يُكْرَهُ أَذَانُهَا قَالَ الْحَطَّابُ : يَنْبَغِي حَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى الْمَنْعِ ؛ لِأَنَّ صَوْتَهَا عَوْرَةٌ وَقَدْ يُقَالُ : صَوْتُهَا لَيْسَ عَوْرَةً حَقِيقَةً بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ عَنْ النِّسَاءِ وَمُعَامَلَتِهِنَّ وَإِنَّمَا هُوَ كَالْعَوْرَةِ فِي حُرْمَةِ التَّلَذُّذِ بِكُلٍّ فَإِبْقَاءُ

الْكَرَاهَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا وَجِيهٌ .

وَنُدِبَ .
مُتَطَهِّرٌ ، صَيِّتٌ ، مُرْتَفِعٌ ، قَائِمٌ إلَّا لِعُذْرٍ ، مُسْتَقْبِلٌ إلَّا لِإِسْمَاعٍ وَحِكَايَتُهُ لِسَامِعِهِ لِمُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ مَثْنَى ، وَلَوْ مُتَنَفِّلًا ، لَا مُفْتَرِضًا ، وَأَذَانُ فَذٍّ إنْ سَافَرَ ، لَا جَمَاعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا عَلَى الْمُخْتَارِ .

( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يُؤَذِّنَ شَخْصٌ ( مُتَطَهِّرٌ ) مِنْ الْحَدَثَيْنِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ مُحْدِثٌ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَكَرَاهَتُهُ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَكْبَرُ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَتِهِ مِمَّنْ حَدَثُهُ أَصْغَرُ ( صَيِّتٌ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْيَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ حَسَنُ الصَّوْتِ وَمُرْتَفِعُهُ وَكُرِهَ أَذَانُ قَبِيحِ الصَّوْتِ ، وَالتَّطْرِيبُ لِمُنَافَاتِهِ الْخُشُوعَ وَالْوَقَارَ مَا لَمْ يَتَفَاحَشْ فَيَحْرُمُ لِاسْتِخْفَافِهِ بِالسُّنَّةِ وَفَسَّرَ الْحَطَّابُ الصَّيِّتَ بِالْمُرْتَفِعِ وَجَعَلَ الْحُسْنَ زَائِدًا عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
( مُرْتَفِعٌ ) بِمَكَانٍ عَالٍ إنْ أَمْكَنَ كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ أَوْ دَابَّةٍ عُلُوًّا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ إذْ الْمُتَفَاحِشُ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ إسْمَاعِهِ فَيَفُوتُ الْمَقْصُودُ مِنْ نَدْبِ ارْتِفَاعِهِ ( قَائِمٌ ) وَيُكْرَهُ أَذَانُ الْجَالِسِ ( إلَّا لِعُذْرٍ ) كَمَرَضٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَذَّنَ لِغَيْرِهِ وَاَلَّذِي فِيهَا يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ لَا لِغَيْرِهِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يُكْرَهُ أَذَانُ الْقَاعِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ عُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ لَا لِلنَّاسِ ( مُسْتَقْبِلٌ ) الْقِبْلَةَ فَيُكْرَهُ اسْتِدْبَارُهُ ( إلَّا لِإِسْمَاعٍ ) فَيَجُوزُ الِاسْتِدْبَارُ وَلَوْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَدُورُ حَوْلَ الْمَنَارِ لِلْإِسْمَاعِ وَظَاهِرُهُ حَالَةَ الْأَذَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَقِيلَ : لَا يَدُورُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْجُمْلَةِ وَقِيلَ : إنْ كَانَ الدَّوَرَانُ لَا يَنْقُصُ مِنْ صَوْتِهِ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي ، وَرَابِعُهَا لَا يَدُورُ إلَّا عِنْدَ الْحَيْعَلَةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ ، وَيُنْدَبُ ابْتِدَاؤُهُ لِلْقِبْلَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( حِكَايَتُهُ ) أَيْ الْأَذَانِ ( لِ ) شَخْصٍ ( سَامِعِهِ ) أَيْ الْأَذَانِ بِأَنْ يَقُولَ السَّامِعُ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ سَمِعَ حِكَايَتَهُ مِثْلَ قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ إلَّا الْمَكْرُوهَ فَلَا يَحْكِي فَأَوْلَى الْمُحَرَّمُ ، وَمَفْهُومُ سَامِعِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لَا تُنْدَبُ لَهُ حِكَايَتُهُ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ

بِرُؤْيَتِهِ أَوْ إخْبَارٍ وَهَلْ يَحْكِي الْمُؤَذِّنُ أَذَانَ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ سَمِعَهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : إذَا انْتَهَى الْمُؤَذِّنُ لِآخِرِ أَذَانِهِ فَيَحْكِيهِ إنْ شَاءَ ا هـ .
فَلَا يَحْكِيهِ قَبْلَ فَرَاغِهِ لِفَصْلِهِ بِالْحِكَايَةِ وَهَلْ يَحْكِي مُؤَذِّنٌ أَذَانَ مُؤَذِّنٍ آخَرَ إنْ سَمِعَهُ أَوْ لَا ؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَحْكِيهِ بَعْدَ فَرَاغِ أَذَانِ نَفْسِهِ وَإِذَا أَذَّنَ جَمَاعَةٌ وَاحِدٌ عَقِبَ وَاحِدٍ فَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ تَكْرِيرَ الْحِكَايَةِ وَقِيلَ : يَكْفِيهِ حِكَايَةُ الْأَوَّلِ عبق : إنْ سَمِعَ بَعْضَهُ اقْتَصَرَ عَلَى حِكَايَتِهِ الْعَدَوِيُّ : الظَّاهِرُ حِكَايَةُ الْأَذَانِ كُلِّهِ لِلْحَدِيثِ { إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ } إذْ الْمُتَبَادَرُ إذَا سَمِعْتُمْ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ خُصُوصًا ، وَقَدْ قَالَ : { فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ } لَا مَا قَالَ .
( لِمُنْتَهَى ) بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ آخِرِ ( الشَّهَادَتَيْنِ ) وَتُكْرَهُ حِكَايَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا كَمَا فِي كَبِيرِ الْخَرَشِيِّ هَذَا الْمَشْهُورُ فَلَا يُحْكَى التَّكْبِيرُ وَالتَّهْلِيلُ الْأَخِيرُ وَقِيلَ : يُخَيَّرُ فِي حِكَايَتِهِمَا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ وَإِبْدَالُ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ وَرَجَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إنْ قُلْت هَذَا الْحَدِيثُ حِكَايَتُهُ لِآخِرِهِ فَمَا وَجْهُ الْمَشْهُورِ قُلْت : الْمِثْلِيَّةُ تَصْدُقُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْكُلِّ وَبِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْبَعْضِ فَصَاحِبُ الْمَشْهُورِ حَمَلَهَا فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْأَدْنَى تَيْسِيرًا ، وَالْمُقَابِلُ حَمَلَهَا عَلَى الْأَكْمَلِ وَيُنْدَبُ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ .
( مَثْنَى ) فَلَا يَحْكِي التَّرْجِيعَ اتِّفَاقًا إلَّا إذَا لَمْ يَسْمَعْ الْأَوَّلَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ اقْتِصَارُ الْحَاكِي عَلَى تَكْبِيرَتَيْنِ وَلَوْ كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ أَرْبَعًا وَلَا يَحْكِي " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " وَلَا يُبْدِلُهَا بِ صَدَقْتَ وَبَرَرْتَ وَقِيلَ : يُبْدِلُهَا بِهِ وَقِيلَ : يَقُولُ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ وَيَحْكِيهِ سَامِعُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَنَفِّلًا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مُتَنَفِّلًا ) أَيْ مُصَلِّيًا نَفْلًا وَيَقْتَصِرُ عَلَى مُنْتَهَى الشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ حَكَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا بِلَفْظِ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " بَطَلَتْ وَإِنْ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِحَوْقَلَتَيْنِ فَلَا تَبْطُلُ وَإِنْ حَكَى " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " بَطَلَتْ أَبْدَلَهَا أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لَا يَحْكِيهِ الْمُتَنَفِّلُ .
( لَا ) يَحْكِي الْمُصَلِّي الْأَذَانَ إنْ كَانَ ( مُفْتَرِضًا ) أَيْ مُصَلِّيًا فَرْضًا فَتُكْرَهُ حِكَايَتُهُ فِي الْفَرْضِ وَتُنْدَبُ بَعْدَ فَرَاغِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ يَحْكِيهِ الْمُفْتَرِضُ فَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْمَشْهُورِ فِي الْفَرْعَيْنِ وَفِي عَطْفِ لَا مُفْتَرِضًا عَلَى مُتَنَفِّلًا رَكَاكَةٌ وَلَكِنْ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ .
( وَ ) نُدِبَ ( أَذَانُ فَذٍّ سَافَرَ ) سَفَرًا لُغَوِيًّا فَشَمِلَ مَنْ خَرَجَ مِنْ مَدِينَةٍ لِمَزَارِعِهَا لِنَزَاهَةٍ أَوْ مَقْبَرَتِهَا لِزِيَارَةٍ ، وَمِثْلُهُ جَمَاعَةٌ مُسَافِرَةٌ لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا ( لَا ) يُنْدَبُ الْأَذَانُ لِ ( جَمَاعَةٍ ) غَيْرِ مُسَافِرَةٍ ( لَمْ تَطْلُبْ غَيْرَهَا ) فَيُكْرَهُ لَهَا كَفَذٍّ غَيْرِ مُسَافِرٍ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ : لَا أُحِبُّ الْأَذَانَ لِلْفَذِّ الْحَاضِرِ وَالْجَمَاعَةِ الْمُنْفَرِدَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمُقَابِلُهُ الِاسْتِحْبَابُ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَرَّةً أُخْرَى : وَإِنْ أَذَّنُوا فَحَسَنٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ وَلَا يُنْهَى عَنْهُ مَنْ أَرَادَهُ وَحُمِلَ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ عَلَى مَعْنَى لَا يُؤْمَرُونَ بِهِ كَمَا يُؤْمَرُ بِهِ الْأَئِمَّةُ فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ عَلَى جِهَةِ السُّنِّيَّةِ .

وَجَازَ أَعْمَى ، وَتَعَدُّدُهُ وَتَرَتُّبُهُمْ ، إلَّا الْمَغْرِبَ وَجَمْعُهُمْ كُلٌّ عَلَى أَذَانِهِ ، وَإِقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ ، وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةٍ .

( وَجَازَ أَعْمَى ) أَيْ أَذَانُهُ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ إنْ كَانَ تَابِعًا فِيهِ أَوْ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لِبَصِيرٍ عَدْلٍ ( وَ ) جَازَ ( تَعَدُّدُهُ ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ أَيْ تَأْذِينٌ مُتَعَدِّدٌ فِي مَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ حَضَرٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ يَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْأَذَانِ لَكِنْ يُقَيَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمَكَانِ كَمَسَاجِدَ أَوْ أَرْكَانِ مَسْجِدٍ وَاحِدٍ وَيُكْرَهُ تَعَدُّدُهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ نَصَّ عَلَيْهِ سَنَدٌ لِأَنَّهُ يُشَكِّكُ السَّامِعَ .
( وَ ) جَازَ ( تَرَتُّبُهُمْ ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ بِأَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَيُمْنَعُ ( إلَّا لِمَغْرِبٍ ) فَيُكْرَهُ تَرَتُّبُهُمْ فِي أَذَانِهَا الضَّيِّقِ وَقْتُهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِخُرُوجِ مُخْتَارِهَا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ .
( وَ ) جَازَ ( جَمْعُهُمْ ) أَيْ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْأَذَانِ بِأَنْ يُؤَذِّنُوا دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ فِي الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهَا ( كُلٌّ ) مِنْهُمْ يَبْنِي ( عَلَى أَذَانِهِ ) غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِأَذَانِ غَيْرِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَقْطِيعِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَحْرُمُ قَالَهُ عج وَتَلَامِذَتُهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ فَإِنَّ الِاسْمَ إذَا تَقَطَّعَ لِتَنَفُّسٍ وَنَحْوِهِ عَلَى نِيَّةِ تَكْمِيلِهِ فَلَا يُمْنَعُ وَقَدْ عَلَّلُوا النَّهْيَ عَنْ قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ بِالتَّقْطِيعِ وَمَعَ ذَلِكَ قَالُوا بِالْكَرَاهَةِ لَا بِالْمَنْعِ وَاسْتَظْهَرَ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ مَا لعج وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ عَنْ بَحْثِ أَبِي عَلِيٍّ بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ التَّقْطِيعِ فِي الْقِرَاءَةِ مَحْمُولٌ عَلَى تَقْطِيعِ الْجُمَلِ فَلَا يُنَافِي حُرْمَةَ تَقْطِيعِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ .
( وَ ) جَازَ ( إقَامَةُ غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ ) وَالْأَفْضَلُ إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ ( وَ ) جَازَ ( حِكَايَتُهُ ) أَيْ الْأَذَانِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ بِأَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ فَيَحْكِيهِ وَيَسْبِقُ الْمُؤَذِّنَ فِي ذِكْرِ

بَاقِيهِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا لِحَاجَةٍ أَوْ لَا ، وَمَعْنَى الْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى إذْ الْمُسْتَحَبُّ مُتَابَعَةُ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ فَإِنْ قُلْت : الْحِكَايَةُ الْمُمَاثَلَةُ فِيمَا حَصَلَ فَمَا وَجْهُ تَسْمِيَتِهَا فِيمَا لَمْ يَحْصُلْ حِكَايَةً قُلْت التَّجَوُّزُ بِاسْتِعْمَالِ اسْمِ الْجُزْءِ فِي الْكُلِّ أَوْ اسْمِ الْمُجَاوِرِ فِي مُجَاوِرِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْحَاكِي الْمُؤَذِّنَ بِأَوَّلِ الْأَذَانِ فَلَيْسَ حَاكِيًا وَفَاتَهُ الْمَنْدُوبُ قَالَهُ عبق وَلَا تَفُوتُ بِفَرَاغِ الْأَذَانِ فَيَحْكِي بَعْدَهُ قَالَهُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ .
( وَ ) جَازَ لِلْمُؤَذِّنِ ( أُجْرَةٌ عَلَيْهِ ) أَيْ أَخْذُهَا عَلَى الْأَذَانِ وَحْدَهُ ( أَوْ مَعَ صَلَاةٍ ) إمَامًا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَكَذَا عَلَى إقَامَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ صَلَاةٍ أَوْ مَعَ أَذَانٍ مَعَ إقَامَةٍ أَوْ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ النَّاسِ الْمُصَلِّينَ

وَكُرِهَ عَلَيْهَا ، وَسَلَامٌ عَلَيْهِ .
كَمُلَبٍّ وَإِقَامَةُ رَاكِبٍ ، أَوْ مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ .
كَأَذَانِهِ .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْأَجْرُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا مِنْ الْمُصَلِّينَ لَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ وَقْفِ الْمَسْجِدِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ لَا إجَارَةٌ إذْ لِلْأَئِمَّةِ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْوَقْفِ الْعَامِّ ، وَلَوْ لَمْ يَؤُمُّوا وَأَمَّا وَقْفٌ لِيُسْتَأْجَرَ مِنْ رِيعِهِ مَنْ يَؤُمُّ النَّاسَ فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ فَهَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ .
وَ ) كُرِهَ ( سَلَامٌ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَدِّهِ الْفَاصِلِ بَيْنَ جُمَلِ أَذَانِهِ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَ ) سَلَامٍ عَلَى ( مُلَبٍّ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِذَلِكَ ، وَقَاضِي حَاجَةٍ ، وَمُجَامِعٍ لِأَنَّهُمَا فِي حَالَةٍ تُنَافِي الذِّكْرَ وَيُسْتَحَى مِنْ ظُهُورِهَا وَذِي بِدْعَةٍ وَمُشْتَغِلٍ بِلَهْوٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ كَشِطْرَنْجٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ ، وَمَنْ شَأْنُهُمْ الْمَعَاصِي فِي حَالِ إقْلَاعِهِمْ ، وَشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَإِلَّا حَرُمَ فِيهِمَا لَا عَلَى مُصَلٍّ وَمُتَطَهِّرٍ وَآكِلٍ وَقَارِئِ قُرْآنٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ عج الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ اقْتَصَرَ الْحَطّ عَلَى كَرَاهَتِهِ عَلَى آكِلٍ وَقَارِئٍ قَائِلًا : لَمْ يَقِفْ ابْنُ نَاجِي وَشَيْخُهُ أَبُو مَهْدِيٍّ عَلَى جَوَازِهِ عَلَيْهِمَا .
( وَ ) كُرِهَتْ ( إقَامَةُ ) شَخْصٍ ( رَاكِبٍ ) لِفَصْلِهَا مِنْ الصَّلَاةِ بِنُزُولِهِ وَعَقْلِ دَابَّتِهِ وَإِصْلَاحِ مَتَاعِهِ غَالِبًا ( أَوْ ) إقَامَةُ رَجُلٍ ( مُعِيدٍ لِصَلَاتِهِ ) لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاتِهَا فَذًّا بِخِلَافِ مُعِيدِهَا لِفَسَادِهَا وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَأَذَانِهِ ) أَيْ الْمُعِيدِ لِلْفَضْلِ وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يُرِدْ الْإِعَادَةَ فِيهِمَا وَسَوَاءٌ أَذَّنَ لَهَا قَبْلَ صَلَاتِهَا أَوْ لَا ، وَمَنْ أَذَّنَ وَلَمْ يُصَلِّ فَلَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ .

وَتُسَنُّ إقَامَةٌ مُفْرَدَةٌ ، وَثُنِّيَ تَكْبِيرُهَا لِفَرْضٍ ، وَإِنْ قَضَاءً .
وَصَحَّتْ وَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا .

( وَتُسَنُّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( إقَامَةٌ ) الْبُنَانِيُّ : لَمْ أَعْلَمْ خِلَافًا فِي سُنِّيَّتِهَا ، وَالْقَوْلُ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهَا لَيْسَ لِوُجُوبِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بَلْ لِتَرْكِ السُّنَّةِ عَيْنًا عَلَى كُلِّ ذَكَرٍ بَالِغٍ يُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا لِنِسَاءٍ وَحْدَهُنَّ وَكِفَايَةً لِذُكُورٍ بَالِغِينَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ : لَا يُقِيمُ أَحَدٌ لِنَفْسِهِ ، وَمَنْ فَعَلَهُ خَالَفَ السُّنَّةَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهَا إقَامَةُ الْمُؤَذِّنِ دُونَ الْإِمَامِ وَالنَّاسِ وَكَانَ السُّيُورِيُّ يُقِيمُ لِنَفْسِهِ وَيَقُولُ : إنَّهَا تَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ وَالْعَامِّيُّ يَغْفُلُ عَنْهَا وَلَا يَعْرِفُهَا .
الْمَازِرِيُّ : وَكَذَلِكَ أَنَا أَفْعَلُ فَأُقِيمُ لِنَفْسِي الْعَدَوِيُّ : الْحَقُّ أَنَّهَا تَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ الْفِعْلِ كَالْأَذَانِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ مِنْ الْعَامِّيِّ فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى نِيَّةِ الْقُرْبَةِ الَّتِي يَغْفُلُ عَنْهَا الْعَامِّيُّ .
وَمَا فَعَلَهُ السُّيُورِيُّ وَالْمَازِرِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْقُرْبَةِ ( مُفْرَدَةٌ ) جُمَلُهَا وَلَوْ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ، وَتَبْطُلُ بِشَفْعِهَا كُلِّهَا أَوْ جُلِّهَا أَوْ نِصْفِهَا لَا أَقَلِّهَا وَلَوْ نِسْيَانًا لَا إنْ رَآهُ مَذْهَبًا كَحَنَفِيٍّ .
( وَثُنِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( تَكْبِيرُهَا ) أَيْ الْإِقَامَةِ الْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ " مُفْرَدَةٌ " وَصِلَةُ " تُسَنُّ " ( لِفَرْضٍ ) وَتُكْرَهُ لِنَفْلٍ إذَا كَانَ الْفَرْضُ أَدَاءً بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( قَضَاءً ) وَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ وَمَحَلُّ سُنِّيَّتِهَا لِلْأَدَاءِ إذَا لَمْ يَخَفْ خُرُوجَ وَقْتِهِ بِهَا وَإِلَّا وَجَبَ تَرْكُهَا كَسَائِرِ السُّنَنِ مُحَافَظَةً عَلَى إدْرَاكِ الْوَقْتِ وَنُدِبَ لِإِمَامٍ تَأْخِيرُ إحْرَامِهِ عَنْهَا بِقَدْرِ تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ وَالِاشْتِغَالِ بِدُعَاءٍ مِنْهُ وَمِنْ الْمَأْمُومِينَ وَأَنْ لَا يَدْخُلَ الْمِحْرَابَ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِهَا وَهَذَا مِنْ عَلَامَاتِ فِقْهِهِ كَتَخْفِيفِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ وَالْجُلُوسِ لِغَيْرِ السَّلَامِ ، وَفِي

الْحَطّ وَغَيْرِهِ هِيَ ثَلَاثٌ يُعْرَفُ بِهَا فِقْهُ الْإِمَامِ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا فَقِيهٌ ، وَزِيدَ تَأْخِيرُ تَكْبِيرِ الْقِيَامِ مِنْ اثْنَتَيْنِ عَنْ الِاعْتِدَالِ فِيهِ .
( وَصَحَّتْ ) صَلَاةُ تَارِكِهَا إنْ تُرِكَتْ سَهْوًا بَلْ ( وَلَوْ تُرِكَتْ ) الْإِقَامَةُ تَرْكًا ( عَمْدًا ) وَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ فَإِنْ سَجَدَ لِتَرْكِهَا قَبْلَ السَّلَامِ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ تَرْكُهَا عَمْدًا مُبْطِلٌ .

وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ سِرًّا فَحَسَنٌ ، وَلْيُقَمْ مَعَهَا أَوْ بَعْدَهَا بِقَدْرِ الطَّاقَةِ .
( وَإِنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ ) الْمُصَلِّيَةُ وَحْدَهَا إقَامَةً ( سِرًّا فَحَسَنٌ ) أَيْ مَنْدُوبٌ وَإِنْ صَلَّتْ مُقْتَدِيَةً بِرَجُلٍ اكْتَفَتْ بِإِقَامَتِهِ وَسَقَطَ طَلَبُهَا بِهَا ، وَلَا تَجُوزُ إقَامَتُهَا لَهُ وَلَا تَحْصُلُ السُّنَّةُ بِهَا لِأَنَّ شُرُوطَهَا شُرُوطُ الْأَذَانِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا بِوَصْفِ السِّرِّيَّةِ مَنْدُوبٌ وَاحِدٌ وَعَلَيْهِ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَقِيلَ : الْإِسْرَارُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
وَيُنْدَبُ لِلْفَذِّ إسْرَارُهَا وَلِصَبِيٍّ صَلَّى مُنْفَرِدًا وَلَا تَكْفِي إقَامَتُهُ الْبَالِغَ لِأَنَّ الْمَنْدُوبَ لَا يَكْفِي عَنْ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بِهَا مَعَ اقْتِدَائِهِ بِالْبَالِغِ الْحَطّ يُنْدَبُ لِلْمُقِيمِ طَهَارَةُ حَدَثٍ أَصْغَرَ وَقِيَامٌ وَاسْتِقْبَالٌ ابْنُ عَرَفَةَ : الْوُضُوءُ شَرْطٌ فِيهَا بِخِلَافِ الْأَذَانِ لِأَنَّهَا كَجُزْءِ الصَّلَاةِ وَأَوْكَدُ مِنْ الْأَذَانِ أَلَا تَرَى سُنِّيَّتَهَا لِلْفَذِّ دُونَ الْأَذَانِ عبق الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْحَطّ الْبُنَانِيُّ : مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
( وَلْيَقُمْ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ مِنْ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مُرِيدُهَا غَيْرُ الْمُقِيمِ وَأَمَّا هُوَ فَيُنْدَبُ قِيَامُهُ قَبْلَهَا وَلَا تَبْطُلُ بِجُلُوسِهِ حَالَهَا وَإِنْ خَالَفَ الْمَنْدُوبَ ( مَعَهَا ) أَيْ الْإِقَامَةِ أَوَّلَهَا أَوْ أَثْنَاءَهَا وَآخِرَهَا .
( أَوْ بَعْدَهَا ) أَيْ فَرَاغِ الْإِقَامَةِ فَلَا يُحَدُّ الْقِيَامُ بِحَدٍّ بَلْ ( بِقَدْرِ الطَّاقَةِ ) خِلَافًا لِمَنْ حَدَّهُ بِقَارِنَةِ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " وَمَنْ حَدَّهُ بِالتَّكْبِيرِ الْأَوَّلِ .

( فَصْلٌ ) شُرِطَ لِصَلَاةٍ طَهَارَةُ حَدَثٍ وَخَبَثٍ

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ شَرْطَيْنِ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُمَا طَهَارَةُ الْحَدَثِ وَالْخَبَثِ وَمَا يُنَاسِبُ الثَّانِيَ مِنْ أَحْكَامِ الرُّعَافِ ، وَشُرُوطُهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شُرُوطُ وُجُوبٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ صِحَّةٍ فَقَطْ وَشُرُوطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا وَالْمُرَادُ بِشَرْطِ الْوُجُوبِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَمِنْ شَرْطِ الصِّحَّةِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَمِنْ شَرْطِهِمَا مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُمَا فَشَرْطُ الْوُجُوبِ فَقَطْ اثْنَانِ الْبُلُوغُ وَعَدَمُ الْإِكْرَاهِ قَالَهُ عبق وَالْحَطّ وَنَظَرَ فِيهِ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ عَدَمِ الْإِكْرَاهِ عَدَمُ وُجُوبِهَا فَتَجِبُ عَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى تَرْكِهَا بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَلَوْ النِّيَّةُ بِإِجْرَائِهَا عَلَى قَلْبِهِ .
وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ نَفْسُهُ أَوَّلَ فَصْلٍ يَجِبُ بِفَرْضِ قِيَامٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْقَبَّابِ وَسَلَّمَهُ أَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى تَرْكِهَا سَقَطَ عَنْهُ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ وَيَفْعَلُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ إحْرَامٍ وَقِرَاءَةٍ وَإِيمَاءٍ كَمَا يَفْعَلُ الْمَرِيضُ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا سِوَاهُ فَالْإِكْرَاهُ كَالْمَرَضِ الْمُسْقِطِ لِبَعْضِ أَرْكَانِهَا وَلَا يَسْقُطُ بِهِ وُجُوبُهَا الْعَدَوِيُّ قَدْ يُقَالُ الشَّرْطِيَّةُ بِاعْتِبَارِ الْهَيْئَةِ الْخَارِجِيَّةِ وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَهَا عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ فَلَا اعْتِرَاضَ .
وَشُرُوطُ صِحَّتهَا فَقَطْ خَمْسَةٌ الطَّهَارَتَانِ وَقَدْ اسْتَوْفَى الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهِمَا فِي بَابِ الطَّهَارَةِ وَبَيَّنَ هُنَا شَرْطِيَّتَهُمَا ، وَالِاسْتِقْبَالُ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْإِسْلَامُ وَشُرُوطُهُمَا مَعًا سِتَّةٌ بُلُوغُ الدَّعْوَةِ وَالْعَقْلُ وَدُخُولُ الْوَقْتِ وَوُجُودُ الطَّهُورِ وَعَدَمُ النَّوْمِ وَالْغَفْلَةِ وَعَدَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَلَكِنَّ الْحَقَّ أَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ سَبَبٌ فِي الْوُجُوبِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهُ وَمِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ وَشَرْطٌ فِي الصِّحَّةِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُهَا

وَلَا عَدَمُهَا وَعَدَّ الْإِسْلَامَ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ خِطَابِ الْكَافِرِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِهِمَا مَعًا .
( شُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِ ) صِحَّةِ ( صَلَاةٍ ) وَلَوْ نَفْلًا أَوْ جِنَازَةً أَوْ سَجْدَةَ تِلَاوَةٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ ( طَهَارَةُ حَدَثٍ ) أَكْبَرَ وَأَصْغَرَ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ذَكَرَ وَقَدَرَ أَوَّلًا فَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ مُحْدِثٍ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ وَلَا مَنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْحَدَثُ فِيهَا وَلَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً ( وَ ) طَهَارَةُ ( خَبَثٍ ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا لِجَسَدٍ وَمَحْمُولٍ وَمَكَانٍ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ فَسُقُوطُ النَّجَاسَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي مُبْطِلٌ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ أَوْ اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَا يُزِيلُهَا بِهِ أَوْ ثَوْبًا آخَرَ كَذِكْرِهَا فِيهَا .

وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهَا وَدَامَ ؛ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ وَصَلَّى
وَلَمَّا كَانَ الرُّعَافُ مِنْ الْخَبَثِ وَلَهُ أَحْكَامٌ خَاصَّةٌ بِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ رَعَفَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَضَمِّهَا وَكَذَا مُضَارِعُهُ وَيُبْنَى لِلْمَفْعُولِ كَزُكِمَ أَيْ خَرَجَ دَمٌ مِنْ أَنْفِ مَرِيدِ الصَّلَاةِ سَائِلًا كَالْخَيْطِ أَوْ قَاطِرًا كَالْمَطَرِ أَوْ رَاشِحًا كَالْعَرَقِ وَصِلَةُ رَعَفَ ( قَبْلَهَا ) أَيْ دُخُولِ الصَّلَاةِ ( وَدَامَ ) أَيْ اسْتَمَرَّ الدَّمُ خَارِجًا مِنْ الْأَنْفِ وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ أَوْ شَكَّ فِيهِ ( أَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الصَّلَاةَ وُجُوبًا فِي هَذِهِ التِّسْعِ صُوَرٍ ( لِآخِرِ ) الْوَقْتِ ( الِاخْتِيَارِيِّ ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَإِنْ انْقَطَعَ غَسَلَهُ وَصَلَّى .
( وَ ) إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ ( صَلَّى ) بِالدَّمِ فِي آخِرِ الْمُخْتَارِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهِ بِحَيْثُ يُصَلِّيهَا كُلَّهَا أَوْ رَكْعَةً مِنْهَا فِيهِ وَيَحْرُمُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ آخِرِهِ لِعَدَمِ صِحَّتِهَا بِالدَّمِ مَعَ تَحَقُّقِهِ أَوْ ظَنِّهِ أَوْ شَكِّهِ فِي انْقِطَاعِهِ فِي الْوَقْتِ وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فَلَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ لِتَفْوِيتِهِ فَضِيلَتَهُ بِلَا فَائِدَةٍ وَإِنْ صَلَّى بِهِ وَانْقَطَعَ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ بَقِيَّةٌ فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا وَلَا تُنْدَبُ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ تَمَامُ الْخَمْسَ عَشْرَةَ صُورَةً لِلرُّعَافِ قَبْلَ الصَّلَاةِ .

أَوْ فِيهَا وَإِنْ عِيدًا أَوْ جِنَازَةً وَظَنَّ دَوَامَهُ لَهُ أَتَمَّهَا ، إنْ لَمْ يُلَطِّخْ فَرْشَ مَسْجِدٍ ، وَأَوْمَأَ لِخَوْفِ تَأَذِّيه أَوْ تَلَطَّخَ ثَوْبُهُ لَا جَسَدُهُ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ وَرَشَحَ فَتَلَهُ بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ ، فَإِنْ زَادَ عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ .
كَأَنْ لَطَّخَهُ ، أَوْ خَشِيَ تَلَوُّثَ مَسْجِدٍ ، وَإِلَّا فَلَهُ الْقَطْعُ .

( أَوْ ) رَعَفَ ( فِيهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ وَهِيَ إحْدَى الْخَمْسِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( عِيدًا ) لِفِطْرٍ أَوْ أَضْحًى ( أَوْ جِنَازَةً وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ ( ظَنَّ ) وَأَوْلَى تَحَقُّقُ الْمُصَلِّي ( دَوَامَهُ ) أَيْ الدَّمِ ( لَهُ ) أَيْ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ فِي صَلَاةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَلِفَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَلَمْ يُدْرِكْ مَعَهُ رَكْعَةً مِنْ الْعِيدِ وَلَا تَكْبِيرَةً غَيْرَ الْأُولَى مِنْ الْجِنَازَةِ إنْ صَلَّاهُمَا فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ صَلَّاهُمَا مُنْفَرِدًا فَإِلَى الزَّوَالِ فِي الْعِيدِ وَإِلَى الرَّفْعِ فِي الْجِنَازَةِ .
( أَتَمَّهَا ) أَيْ الصَّلَاةَ الَّتِي رَعَفَ فِيهَا عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى أَدَاءِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتِهَا بِالنَّجَاسَةِ مُقَدَّمَةٌ وُجُوبًا عَلَى قَضَائِهَا بِطَهَارَةٍ بَعْدَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا فِيهِ وَشَرْطُ إتْمَامِهَا بِالدَّمِ ( إنْ لَمْ يُلَطِّخْ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُثَقَّلَةً وَإِعْجَامِ الْخَاءِ الرُّعَافُ ( فَرْشَ مَسْجِدٍ ) أَيْ إنْ لَمْ يَخَفْ تَلْطِيخَهُ فَإِنْ خَافَهُ وَلَوْ بِيَسِيرٍ قَطَعَ الصَّلَاةَ وَلَوْ ضَاقَ وَقْتُهَا وَخَرَجَ مِنْهُ صِيَانَةً لَهُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَابْتَدَأَهَا خَارِجَهُ وَمَفْهُومُ فَرْشَ أَنَّ خَوْفَ تَلْطِيخِ تُرَابِهِ أَوْ حَصْبَائِهِ أَوْ بَلَاطِهِ لَا يُوجِبُ قَطْعَهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فَيُتِمُّهَا فِيهِ لِأَنَّ الْحَصْبَاءَ أَوْ التُّرَابَ يَشْرَبُ الدَّمَ فَلَا يَلْزَمُ تَقْذِيرُهُ وَالْبَلَاطَ يَسْهُلُ غَسْلُهُ .
( وَأَوْمَأَ ) الرَّاعِفُ لِرُكُوعٍ مِنْ قِيَامٍ وَلِسُجُودِ مِنْ جُلُوسٍ ( لِخَوْفِ تَأَذِّيهِ ) بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَخُّرِ بُرْءٍ إنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ بِسَبَبِ انْعِكَاسِ الدِّمَاءِ حَالَهُمَا مُسْتَنِدًا لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةً فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارَ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالطِّبِّ وُجُوبًا إنْ ظَنَّ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَنَدْبًا إنْ خَافَ مَرَضًا خَفِيفًا أَوْ شَكَّ وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ إنْ انْقَطَعَ رُعَافُهُ بَعْدَ صَلَاتِهِ بِهِ مُومِئًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ

وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
( أَوْ ) لِخَوْفِ ( تَلَطُّخِ ثَوْبِهِ ) وَلَوْ بِدُونِ دِرْهَمٍ الَّذِي يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ حِفْظًا لِلْمَالِ فَإِنْ كَانَ لَا يُفْسِدُهُ الْغَسْلُ وَجَبَ إتْمَامُهَا بِرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَلَوْ تَلَطَّخَ بِالْفِعْلِ بِأَكْثَرَ مِنْ دِرْهَمٍ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا وَالْمُحَافَظَةُ عَلَى الْأَرْكَانِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى عَدَمِ حَمْلِ النَّجَاسَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ إزَالَتِهَا ( لَا ) يُومِئُ لِخَوْفِ تَلَطُّخِ ( جَسَدِهِ ) بِمَا زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ فَيَرْكَعُ وَيَسْجُدُ إذْ الْجَسَدُ لَا يَفْسُدُ بِغَسْلِهِ وَإِزَالَةُ النَّجَاسَةِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ عَنْهَا ( وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ) دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ بِأَنْ تَيَقَّنَ أَوْ ظَنَّ انْقِطَاعَهُ فِيهِ أَوْ شَكَّ فِيهِ .
( وَرَشَحَ ) أَوْ قَطَرَ أَوْ سَالَ الدَّمُ وَأَمْكَنَ فَتْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَكْثُرْ وَجَبَ تَمَادِيهِ فِيهَا وَ ( فَتَلَهُ ) أَيْ مَسَحَ الدَّمَ وُجُوبًا وَنُدِبَ كَوْنُهُ ( بِأَنَامِلِ يُسْرَاهُ ) بِأَنْ يُدْخِلَ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ فِي طَاقَةِ الْأَنْفِ وَيَمْسَحَ بِهَا الدَّمَ مِنْ جَوَانِبِهِ ثُمَّ يُخْرِجَهَا وَيَمْسَحَهَا فِي أُنْمُلَةِ السَّبَّابَةِ الْعُلْيَا ثُمَّ يُدْخِلُهَا كَذَلِكَ وَيَمْسَحَهَا فِي أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى الْعُلْيَا ثُمَّ فِي أُنْمُلَةِ الْبِنْصِرِ ثُمَّ فِي أُنْمُلَةِ الْخِنْصَرِ وَقِيلَ لَا يُدْخِلُ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ فِي أَنْفِهِ لِأَنَّهُ يَزِيدُ الدَّمَ وَيَمْسَحُ جَوَانِبَ طَاقَةِ أَنْفِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَيَفْتِلُهَا فِي أَنَامِلِهِ فَإِنْ أَذْهَبَ الْفَتْلُ الدَّمَ تَمَادَى فِي صَلَاتِهِ وَلَوْ زَادَ الدَّمُ الَّذِي فِي أَنَامِلِهِ الْعُلْيَا عَلَى دِرْهَمٍ وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْهُ الْفَتْلُ فِيهَا فَتَلَهُ فِي أَنَامِلِهِ الْوُسْطَى وَأَتَمَّ صَلَاتَهُ إنْ لَمْ يَزِدْ الدَّمُ فِيهَا عَلَى دِرْهَمٍ .
( فَإِنْ زَادَ ) الدَّمُ الَّذِي فِي الْوُسْطَى ( عَنْ دِرْهَمٍ قَطَعَ ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا وَشَبَّهَ فِي الْقَطْعِ فَقَالَ ( كَأَنْ لَطَّخَهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي مَا زَادَ عَلَى دِرْهَمٍ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ وَوَجَدَ مَاءً يَغْسِلُ الدَّمَ بِهِ ( أَوْ خَشِيَ ) الرَّاعِفُ وَلَوْ

وَهْمًا ( تَلَوُّثَ ) فَرْشِ ( مَسْجِدٍ ) فَيَقْطَعُ وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْشَحْ بِأَنْ سَالَ أَوْ قَطَرَ وَكَانَ رَقِيقًا لَا يُمْكِنُ فَتْلُهُ أَوْ رَشَحَ وَلَمْ يُمْكِنْ فَتْلُهُ لِكَثْرَتِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يَظُنَّ دَوَامَهُ لِآخِرِ الْمُخْتَارِ ( فَلَهُ ) أَيْ الرَّاعِفِ الْمُصَلِّي ( الْقَطْعُ ) لِلصَّلَاةِ بِسَلَامٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ مُنَافٍ وَغَسْلُ الدَّمِ وَابْتِدَاؤُهَا بِإِقَامَتِهِ وَإِحْرَامٍ وَلَهُ التَّمَادِي فِيهَا اتِّفَاقًا .

وَنُدِبَ الْبِنَاءُ ، فَيَخْرُجُ مُمْسِكَ أَنْفِهِ لِيَغْسِلَ ، إنْ لَمْ يُجَاوِزْ أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ قَرُبَ ، وَيَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ ، وَيَطَأْ نَجَسًا ، وَيَتَكَلَّمْ وَلَوْ سَهْوًا وَإِنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ .
وَاسْتَحْلَفَ الْإِمَامُ ، وَفِي بِنَاءِ الْفَذِّ خِلَافٌ .

( وَنُدِبَ الْبِنَاءُ ) عِنْدَ جُمْهُورِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِلْعَمَلِ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَطْعَ لِأَنَّ شَأْنَ الصَّلَاةِ اتِّصَالُ عَمَلِهَا وَعَدَمُ تَخَلُّلِهَا بِشُغْلٍ وَانْصِرَافٍ عَنْ مَحَلِّهَا زَرُّوقٌ وَهُوَ أَوْلَى بِمَنْ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ بِالْعِلْمِ وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ وَمَحَلُّهَا إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا وَجَبَ الْبِنَاءُ اتِّفَاقًا وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ مَا يُفِيدُ وُجُوبَهُ مُطْلَقًا حَيْثُ قَالَ إنْ تَكَلَّمَ الْإِمَامُ لِلِاسْتِخْلَافِ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ وَإِنْ أَرَادَ الْبِنَاءَ .
( فَيَخْرُجُ ) الرَّاعِفُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ هَيْئَتِهِ الْأَوْلَى أَوْ مِنْ مَكَانِهِ إنْ احْتَاجَ لَهُ وَلَوْ مُتَيَمِّمًا لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ مُلْحَقٌ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَبْطُلُ مُوَالَاتُهُ وَلِذَا لَا يُكَبِّرُ إحْرَامًا لِإِتْمَامِهِ بَعْدَ غَسْلِ الدَّمِ وَسَبَقَ أَنَّ تَيَسُّرَ الْمَائِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا إنْ لَمْ يُنْسِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( مُمْسِكَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ( أَنْفَهُ ) إرْشَادٌ لِأَحْسَنِ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُعِينَةِ عَلَى تَقْلِيلِ النَّجَاسَةِ إذْ كَثْرَتُهَا مَانِعَةٌ مِنْ الْبِنَاءِ وَلَيْسَ شَرْطًا فِيهِ إذْ هُوَ التَّحَفُّظُ مِنْهَا وَلَوْ بِغَيْرِ إمْسَاكِهِ قَالَهُ الْحَطّ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَى هَذَا فَإِمْسَاكُهُ مَنْدُوبٌ .
وَجَعَلَهُ ابْنُ هَارُونَ شَرْطًا فِيهِ لِأَنَّ دَاخِلَ الْأَنْفِ مِنْ الظَّاهِرِ فِي طَهَارَةِ الْخَبَثِ فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهُ أَوْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ تَلَوَّثَ دَاخِلُ أَنْفِهِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ فَيُنَاسِبُهُ التَّخْفِيفُ وَالْعَفْوُ عَنْ بَاطِنِ الْأَنْفِ فَمَسْكُ الْأَنْفِ إنَّمَا طَلَبٌ لِلتَّحَفُّظِ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا لِخُصُوصِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى التَّحَفُّظِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَمْسَكَهُ أَوْ لَمْ يُمْسِكْهُ وَيُمْسِكُهُ مِنْ أَعْلَاهُ لِيُنَجِّسَ الدَّمَ فِي عُرُوقِهِ وَمَقَرِّهِ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ نَجِسٌ وَإِنْ أَمْسَكَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ

نَزَلَ الدَّمُ إلَى أَنْفِهِ وَصَارَ حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَعْفُوًّا عَنْهَا وَصِلَةُ يَخْرُجُ ( لِيَغْسِلَ ) الدَّمَ وَيَبْنِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ صَلَاتِهِ بَعْدَ غَسْلِهِ وَلَا يَشْتَغِلُ بِشَيْءٍ غَيْرَ الْغُسْلِ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَتَصِحُّ صَلَاتُهُ ( إنْ لَمْ يُجَاوِزْ ) بِجِيمٍ وَزَايٍ أَيْ يَتَعَدَّى حَالَ ذَهَابِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ ( أَقْرَبَ مَكَان مُمْكِنٍ ) الْغَسْلُ فِيهِ إلَى مَكَان غَيْرِهِ قَرِيبٍ فَإِنْ تَجَاوَزَ الْأَقْرَبَ الْمُمْكِنَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَمَفْهُومُ مُمْكِنٍ أَنَّ مَا لَا يُمْكِنُ الْغَسْلُ فِيهِ لَا تَضُرُّ مُجَاوَزَتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ وَإِنْ ( قَرُبَ ) الْمَكَانُ الَّذِي غَسَلَ الدَّمَ فِيهِ فَإِنْ بَعُدَ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَوْ لَمْ يَتَجَاوَزْ مَكَانًا قَرِيبًا يُمْكِنُ الْغَسْلُ فِيهِ .
( وَ ) إنْ لَمْ ( يَسْتَدْبِرْ قِبْلَةً بِلَا عُذْرٍ ) فَإِنْ اسْتَدْبَرَهَا لِغَيْرِهِ بَطَلَتْ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّ اسْتِدْبَارَهَا لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ وَجَمَاعَةٌ يَخْرُجُ كَيْفَمَا يُمْكِنُهُ وَاسْتَبْعَدُوا اشْتِرَاطَ الِاسْتِقْبَالِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ غَالِبًا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يُقَدَّمُ اسْتِدْبَارٌ أَلَّا يُلَابِسَ فِيهِ نَجِسًا عَلَى اسْتِقْبَالٍ مَعَ وَطْءِ نَجِسٍ لَا يُغْتَفَرُ لِأَنَّهُ عَهِدَ عَدَمَ الِاسْتِقْبَالِ لِعُذْرٍ وَلِلْخِلَافِ فِيهِ قَالَهُ عبق وَفِي الْمَجْمُوعِ الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ قَرِيبٍ مَعَ مُلَابَسَةِ نَجَاسَةٍ عَلَى بَعِيدٍ خَلِيٍّ عَنْهَا لِأَنَّ عَدَمَ الْأَفْعَالِ الْكَثِيرِ مُتَّفَقٌ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ وَتَقْدِيمَ مَا قَلَّتْ مُنَافِيَاتُهُ كَبَعِيدٍ مَعَ اسْتِقْبَالٍ بِلَا نَجَاسَةٍ عَلَى قَرِيبٍ مَعَ اسْتِدْبَارٍ وَنَجَاسَةٍ .
( وَ ) إنْ لَمْ ( يَطَأْ ) بِقَدَمِهِ حَالَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ مَيِّتًا ( نَجِسًا ) عَامِدًا مُخْتَارًا فَإِنْ وَطِئَهُ عَامِدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَإِنْ وَطِئَهُ نَاسِيًا أَوْ عَامِدًا مُضْطَرًّا فَلَا يَضُرُّ فَقَيْدُ بِلَا عُذْرٍ مُعْتَبَرٌ فِي هَذَا أَيْضًا وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ أَرْوَاثِ

الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا رَطْبَةً أَوْ يَابِسَةً وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ الَّذِي فِي الْحَطَّابِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ أَرْوَاثَ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالَهَا لَا تُبْطِلُ إنْ وَطِئَهَا نَاسِيًا أَوْ مُضْطَرًّا لِكَثْرَتِهَا فِي الطُّرُقَاتِ وَإِنْ وَطِئَهَا عَامِدًا مُخْتَارًا بَطَلَتْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا وَأَمَّا الْعَذِرَةُ وَنَحْوُهَا فَيُبْطِلُ وَطْؤُهَا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إنْ كَانَتْ رَطْبَةً وَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَيُبْطِلُ إنْ تَعَمَّدَ مُخْتَارًا وَإِنْ نَسِيَ أَوْ اُضْطُرَّ فَالْبُطْلَانُ لِابْنِ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَعَدَمُهُ لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَسَوَاءٌ عَلِمَ النَّاسِي أَوْ الْمُضْطَرُّ بِهَا وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالنَّجِسِ الْعَذِرَةُ وَنَحْوُهَا دُونَ أَرْوَاثِ الدَّوَابِّ وَأَبْوَالِهَا وَهُوَ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِنَفْيِ الْعُذْرِ وَلِهَذَا قَدَّمَهُ عَلَيْهِ .
( وَ ) إنْ لَمْ ( يَتَكَلَّمْ ) فَإِنْ تَكَلَّمَ ( وَلَوْ سَهْوًا ) وَإِنْ قَلَّ بَطَلَتْ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ تَكَلَّمَ حَالَ انْصِرَافِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ أَوْ حَالَ رُجُوعِهِ لِإِكْمَالِ الصَّلَاةِ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ إنْ تَكَلَّمَ سَوَاءٌ حَالَ رُجُوعِهِ صَحَّتْ اتِّفَاقًا وَإِنْ أَدْرَكَ بَقِيَّةَ صَلَاةِ الْإِمَامِ حَمَلَهُ عَنْهُ وَإِلَّا فَيَسْجُدُ بَعْدَ سَلَامِهِ وَإِنْ تَكَلَّمَ سَاهِيًا حَالَ انْصِرَافِهِ فَقَالَ سَحْنُونٌ تَصِحُّ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَبْطُلُ كَتَكَلُّمِهِ عَمْدًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رَجَّحَ أَنَّ الْكَلَامَ سَهْوًا لَا يُبْطِلُهَا مُطْلَقًا .
وَاعْتَمَدَهُ الْعَدَوِيُّ تَبَعًا لِشَيْخِهِ الصَّغِيرِ وَالْكَلَامُ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهَا قَالَهُ الْحَطَّابُ وَغَيْرُهُ وَ ( إنْ كَانَ ) مُصَلِّيًا ( بِجَمَاعَةٍ ) إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا ( وَاسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ ) بِغَيْرِ الْكَلَامِ فَإِنْ تَكَلَّمَ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَعَوْا عَلَيْهِ دُونَهُمْ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّهُ يَرَى وُجُوبَ الْبِنَاءِ وَاَلَّذِي فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ

اسْتَخْلَفَ بِالْكَلَامِ فَلَا تَبْطُلُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ مُطْلَقًا وَتَبْطُلُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ الْحَطَّابُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِأَنَّ لَهُ الْقَطْعُ فَكَيْفَ تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِهِ مَنْدُوبًا نَدْبًا عَلَى مَأْمُومِيهِ مَنْ يُتِمُّ الصَّلَاةَ بِهِمْ نِيَابَةً عَنْهُ فَإِنْ تَرَكَهُ وَجَبَ عَلَيْهِمْ فِي الْجُمُعَةِ وَنُدِبَ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ غَسَلَ الدَّمَ وَأَدْرَكَ خَلِيفَتَهُ أَتَمَّ خَلْفَهُ .
( وَفِي ) صِحَّةِ ( بِنَاءِ الْفَذِّ ) وَعَدَمِهَا ( خِلَافٌ ) الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ وَشَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَلِاخْتِيَارِهِ الْمُصَنِّفَ قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ الَّذِي مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْفَذَّ لَا يَبْنِي ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَنْشَؤُهُ هَلْ رُخْصَةُ الْبِنَاءِ لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ لِلْمَنْعِ مِنْ إبْطَالِ الْعَمَلِ أَوْ لِتَحْصِيلِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ فَيَبْنِي الْفَذُّ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَالْمَسْبُوقُ حَيْثُ لَا يُدْرِكُ الْإِمَامَ كَالْفَذِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَيُمْكِنُ تَرْجِيحُ بِنَائِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ حُكْمِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ كَجَمَاعَةٍ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقِيلَ كَالْمُنْفَرِدِ .

وَإِذَا بَنَى لَمْ يَعْتَدَّ إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ ، وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ .
وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ ، أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا لِأَوَّلِ الْجَامِعِ ، وَإِلَّا بَطَلَتَا ، وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ، ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ وَسَلَّمَ وَانْصَرَفَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ لَا قَبْلَهُ ، وَلَا يَبْنِي بِغَيْرِهِ كَظَنِّهِ فَخَرَجَ فَظَهَرَ نَفْيُهُ

( وَإِذَا بَنَى ) الْإِمَامُ أَوْ الْمَأْمُومُ أَوْ الْفَذُّ ( لَمْ يَعْتَدَّ ) مُشَدَّدُ الدَّالِ بِشَيْءٍ فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ ( إلَّا بِرَكْعَةٍ كَمُلَتْ ) بِسَجْدَتَيْهَا بِأَنْ ذَهَبَ لِلْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ بَعْدَ قِيَامِهِ مُعْتَدِلًا فِي ثَانِيَةٍ أَوْ رَابِعَةٍ فَإِنْ غَسَلَ الدَّمَ فَيَرْجِعُ جَالِسًا إنْ كَانَ رَعَفَ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَائِمًا إنْ كَانَ رَعَفَ وَهُوَ قَائِمٌ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ وَلَوْ كَانَ أَتَمَّهَا قَبْلَ رُعَافِهِ وَمَفْهُومُ إلَّا بِرَكْعَةٍ أَنَّهُ لَا يَعْتَدُّ بِبَعْضِهَا فَإِنْ رَعَفَ فِي رُكُوعٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُ أَوْ سُجُودٍ أَوْ رَفْعٍ مِنْهُ قَبْلَ اعْتِدَالِهِ جَالِسًا لِتَشَهُّدٍ أَوْ قَائِمًا لِقِرَاءَةٍ فَيُلْغِي مَا فَعَلَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَيَبْنِي عَلَى الرَّكْعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَإِنْ رَعَفَ فِي الْأُولَى فَيَبْنِي عَلَى تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَيَسْتَأْنِفُ الْقِرَاءَةَ وَأَمَّا فِي الْجُمُعَةِ فَيَقْطَعُهَا أَوْ يَبْتَدِئُ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ الْبِنَاءِ وَبَيْنَ الِاعْتِدَادِ وَالْأَوَّلُ لَازِمٌ لِلثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ رُعَافِهِ وَلَوْ بَعْضَ رَكْعَةٍ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا يَعْتَدُّ إلَّا بِرَكْعَةٍ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَ كَمَالِ الْأُولَى فَيَبْتَدِئُ بِإِحْرَامٍ جَدِيدٍ وَلَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ الْأَوَّلِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا .
( وَأَتَمَّ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ أَكْمَلَ الْبَانِي صَلَاتَهُ الَّتِي رَعَفَ فِيهَا ( مَكَانَهُ ) أَيْ الْغَسْلِ ( إنْ ظَنَّ ) أَيْ الْبَانِي وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ ( فَرَاغَ إمَامِهِ ) مِنْ الصَّلَاةِ حَقِيقَةً بِالسَّلَامِ أَوْ حُكْمًا بِأَنْ عَلِمَ بَقَاءَهُ فِيهَا وَلَكِنْ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ يُسَلِّمُ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى أَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ فِيهِ ( وَأَمْكَنَ ) إتْمَامُهَا فِيهِ وَكَانَتْ غَيْرَ جُمُعَةٍ وُجُوبًا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إتْمَامُهَا فِي مَكَان الْغَسْلِ لِنَجَاسَتِهِ

أَوْ ضِيقِهِ ( فِ ) الْمَكَانِ ( الْأَقْرَبِ إلَيْهِ ) أَيْ مَكَانِ الْغَسْلِ يَجِبُ إتْمَامُهَا فِيهِ فَإِنْ أَتَمَّهَا فِي مَكَان الْغَسْلِ أَوْ فِي أَقْرَبِ مَكَان إلَيْهِ وَتَبَيَّنَ خَطَأُ ظَنِّهِ بِبَقَاءِ إمَامِهِ فِي الصَّلَاةِ صَحَّتْ وَلَوْ سَلَّمَ قَبْلَ إمَامِهِ بِنَاءً عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ خُرُوجِهِ عَنْ حُكْمِ إمَامِهِ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِ فَلَا يَسْرِي إلَيْهِ سَهْوُهُ وَقِيلَ هُوَ فِي حُكْمِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ هُوَ فِي حُكْمِهِ إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً قَبْلَ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ فِي مَكَانِ الْغَسْلِ الْمُمْكِنِ أَوْ فِي الْأَقْرَبِ إلَى غَيْرِ الْمُمْكِنِ ( بَطَلَتْ ) أَيْ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَخْطَأَ ظَنُّهُ وَوَجَدَ إمَامَهُ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بِمُجَاوَزَةِ الْمَكَانِ الْمُمْكِنِ أَوْ الْأَقْرَبِ إلَى غَيْرِ الْمُمْكِنِ صَارَ كَمُتَعَمِّدِ زِيَادَةٍ فِيهَا ( وَرَجَعَ ) أَيْ الْبَانِي وُجُوبًا لِأَقْرَبِ مَكَان يُمْكِنُهُ الِاقْتِدَاءُ فِيهِ بِإِمَامِهِ لَا إلَى مَكَانِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي الصَّلَاةِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ ( إنْ ظَنَّ ) أَيْ الْبَانِي ( بَقَاءَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ ( أَوْ شَكَّ ) الْبَانِي فِي بَقَائِهِ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَهُ فِي رَكْعَةٍ أَوْ أَكْثَرَ بَلْ ( وَلَوْ ) ظَنَّ إدْرَاكَهُ ( بِتَشَهُّدٍ ) بِحَيْثُ يُدْرِكُ مَعَهُ وَلَوْ السَّلَامَ فَإِنْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ وَوَجَدَهُ فَرَغَ مِنْهَا صَحَّتْ وَأَشَارَ بِ " وَلَوْ " إلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا إذَا ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مَعَهُ وَإِلَّا أَتَمَّ مَكَانَهُ .
( وَ ) رَجَعَ ( فِي الْجُمُعَةِ ) وُجُوبًا شَرْطًا إنْ كَانَ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رُعَافِهِ رُجُوعًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِظَنِّهِ بَقَاءَ إمَامِهِ أَوْ شَكِّهِ فِيهِ فَيَرْجِعُ وَلَوْ عَلِمَ فَرَاغَهُ ( لِأَوَّلِ ) جُزْءٍ مِنْ ( الْجَامِعِ ) الَّذِي ابْتَدَأَهَا بِهِ لَا إلَى غَيْرِهِ فَإِنْ مَنَعَهُ مَانِعٌ صَلَّى ثَانِيَةً وَسَلَّمَ مُتَنَفِّلًا وَابْتَدَأَ ظُهْرًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ لِإِمَامِهِ وَهُوَ

ظَانٌّ بَقَاءَهُ أَوْ شَاكٌّ فِيهِ فِي الْأُولَى وَفِي الْجُمُعَةِ لِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ الْجَامِعِ بِأَنْ أَتَمَّهَا مَكَانَهُ أَوْ رَجَعَ لِجَامِعٍ آخَرَ أَوْ لِرَحْبَةِ أَوْ طَرِيقِ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ أَوْ تَعَدَّى أَوَّلَ جُزْءٍ مِنْ الْجَامِعِ الْأَوَّلِ ( بَطَلَتْ ) أَيْ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا جُمُعَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا .
( وَإِنْ لَمْ يُتِمَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَوْقِيَّةِ أَيْ يُكْمِلُ الرَّاعِفُ ( رَكْعَةً فِي الْجُمُعَةِ ) أَيْ مِنْهَا قَبْلَ رُعَافِهِ وَخَرَجَ لِغَسْلِهِ وَظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ الْإِمَامِ أَوْ تَخَلَّفَ ظَنُّهُ قَطَعَهَا وَ ( ابْتَدَأَ ظُهْرًا بِإِحْرَامٍ ) جَدِيدٍ فِي أَيِّ مَكَان شَاءَ فَلَا يَبْنِي الظُّهْرَ عَلَى إحْرَامِهِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَبْنِي عَلَى إحْرَامِهِ وَيُصَلِّي ظُهْرًا بِنَاءً عَلَى إجْزَاءِ نِيَّةِ الْجُمُعَةِ عَنْ نِيَّةِ الظُّهْرِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ لَوْ بَنَى عَلَى إحْرَامِهِ وَصَلَّى ظُهْرًا صَحَّتْ عَلَى الظَّاهِرِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَقَدَّمَ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يَبْنِي وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ الرُّعَافِ وَلَوْ الْإِحْرَامُ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ ضَعَّفَهُ أَشْيَاخُنَا .
( وَسَلَّمَ ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَأْمُومُ الرَّاعِفُ وُجُوبًا ( وَانْصَرَفَ ) إلَى مَا يُرِيدُهُ وَلَا يَرْجِعُ لِإِعَادَةِ التَّشَهُّدِ وَالسَّلَامُ ( إنْ رَعَفَ ) الْمَأْمُومُ ( بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ ) لِأَنَّ سَلَامَهُ حَامِلًا النَّجَاسَةَ أَخَفُّ مِنْ خُرُوجِهِ لِغَسْلِ الدَّمِ وَعَوْدِهِ لِلْإِتْمَامِ إنْ قُلْت لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِهِ وَانْصَرَفَ وَلَوْ قَالَ وَسَلَّمَ إنْ رَعَفَ بَعْدَ سَلَامِ إمَامِهِ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَكَفَى قُلْت قَصَدَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِ الرَّدَّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ فِي قَوْلِهِ يُسَلِّمُ وَيَذْهَبُ لِغَسْلِ الدَّمِ ثُمَّ يَرْجِعُ لِلصَّلَاةِ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمُ .
( لَا ) يُسَلِّمُ

الْمَأْمُومُ الَّذِي رَعَفَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ سَلَامِ إمَامِهِ وَعَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ تَشَهُّدِهِ فَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَبْنِي مَا لَمْ يُسَلِّمْ الْإِمَامُ قَبْلَ انْصِرَافِهِ لَهُ وَإِلَّا سَلَّمَ وَانْصَرَفَ أَحْمَدُ بَابَا السُّودَانِيِّ لَوْ انْصَرَفَ لِغَسْلِهِ وَجَاوَزَ صَفَّيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَسَمِعَ سَلَامَ الْإِمَامِ فَيَجْلِسُ وَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَإِنْ سَمِعَ سَلَامَهُ بَعْدَ مُجَاوَزَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ صُفُوفٍ فَلَا يُسَلِّمُ وَيَغْسِلُ الدَّمَ وَيُعِيدُ التَّشَهُّدَ وَيُسَلِّمُ وَهَذَا حُكْمُ الْمَأْمُومِ وَأَمَّا الْإِمَامُ إنْ رَعَفَ قَبْلَ سَلَامِهِ فَقَالَ الْحَطَّابُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ رَعَفَ عَقِبَ تَمَامِ التَّشَهُّدِ أَوْ بَعْضِهِ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَيُسَلِّمُ وَيَنْصَرِفُ وَإِنْ رَعَفَ قَبْلَهُ فَيَسْتَخْلِفُ وَيَخْرُجُ لِغَسْلِ الدَّمِ وَيَصِيرُ مَأْمُومًا وَكَذَا الْفَذُّ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ .
( وَلَا يَبْنِي ) أَيْ الْمُصَلِّي عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ صَلَاتِهِ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ الرُّعَافِ مِنْ سَبْقِ حَدَثٍ أَوْ ذِكْرِهِ أَوْ سُقُوطِ نَجَاسَةٍ أَوْ ذِكْرِهَا أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ فَيَسْتَأْنِفُهَا لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَهُوَ الرُّعَافُ وَلَا يَبْنِ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى وَلَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ لِكَثْرَةِ الْمُنَافِي نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ قَالَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ صَرِيحًا لِغَيْرِهِ إلَّا مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي مَسَائِلِ اجْتِمَاعِ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ يُفِيدُ عَدَمَ الْبُطْلَانِ فِي قَوْلٍ إذَا أَدْرَكَ الْأُولَى وَرَعَفَ فِي الثَّانِيَةِ وَأَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ إلَخْ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبِنَاءِ فَقَالَ ( كَظَنِّهِ ) أَيْ الرُّعَافِ ( فَخَرَجَ ) مِنْ هَيْئَتِهِ لِغَسْلِهِ ( فَظَهَرَ ) لَهُ ( فَفِيهِ ) أَيْ الرُّعَافِ فَقَدْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَفْرِيطِهِ وَعَدَمِ تَثْنِيَتِهِ فَلَا يَبْنِي هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ إمَامًا بَطَلَتْ صَلَاةُ مَأْمُومِهِ مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ وَالثَّانِي لَا

تَبْطُلُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثُ إنْ كَانُوا بِلَيْلٍ لَمْ تَبْطُلْ لِعُذْرِ الْإِمَامِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَبْطُلْ صَلَاةُ مَنْ ظَنَّهُ فَخَرَجَ فَظَهَرَ غَيْرُهُ لِفِعْلِهِ مَا جَازَ لَهُ .

وَمَنْ ذَرَعَهُ قَيْءٌ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ
( وَمَنْ ذَرَعَهُ ) أَيْ غَلَبَهُ وَسَبَقَهُ ( قَيْءٌ ) طَاهِرٌ يَسِيرٌ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا مِنْهُ ( لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ ) فَإِنْ كَانَ نَجِسًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ ازْدَرَدَ شَيْئًا مِنْهُ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَنِسْيَانًا لَمْ تَبْطُلْ وَيَسْجُدُ لِلنِّسْيَانِ بَعْدَ السَّلَامِ وَغَلَبَةً فِيهِ قَوْلَانِ وَالْقَلْسُ كَالْقَيْءِ .

وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ لِرَاعِفٍ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا ، أَوْ لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ مُسَافِرٍ ، أَوْ خَوْفٍ بِحَضَرٍ ، قَدَّمَ الْبِنَاءَ وَجَلَسَ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ ، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ .

( وَإِذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ ) وَهُوَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَأْمُومُ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ مَعَ إمَامِهِ وَقَبْلَ مَا يَأْتِي بِهِ الْمَأْمُومُ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ إمَامِهِ بَعْدَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَقَبْلَ تَعْوِيضِهِ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَهُ بَعْدَهُ ( وَقَضَاءٌ ) وَهُوَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ الْمَأْمُومُ مَعَهُ قَبْلَهُ وَقَبْلَ عِوَضِهِ وَقَبْلَ تَعْوِيضِهِ وَصِلَةُ اجْتَمَعَ ( لِ ) شَخْصٍ ( رَاعِفٍ ) وَنَحْوِهِ كَنَاعِسٍ وَغَافِلٍ وَمَزْحُومٍ فَالْأَوْلَى لِكَرَاعِفٍ فِي رَبَاعِيَةٍ كَعِشَاءٍ .
( أَدْرَكَ ) الرَّاعِفُ مِنْهَا مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ ( الْوُسْطَيَيْنِ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَسُكُونِ السِّينِ مُثَنَّى وُسْطَى كَذَلِكَ وَسَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَرَعَفَ فِي الرَّابِعَةِ وَخَرَجَ لِغَسْلِ الدَّمِ فَفَاتَتْهُ فَهِيَ بِنَاءٌ وَالْأُولَى قَضَاءٌ فَيُقَدِّمُ الْبِنَاءَ فَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِالْفَاتِحَةِ فَقَطْ سِرًّا وَيَجْلِسُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهَا قَضَاءُ الْأُولَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقَدِّمُ الْقَضَاءَ فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ .
( أَوْ ) أَدْرَكَ مَعَهُ ( إحْدَاهُمَا ) أَيْ الْوُسْطَيَيْنِ وَهَذَا صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَسْبِقَ الْإِمَامَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَعَهُ وَيُصَلِّي مَعَهُ الثَّالِثَةَ وَتَفُوتُهُ الرَّابِعَةُ بِنَحْوِ رُعَافٍ فَهَذِهِ بِنَاءٌ وَالْأُولَيَانِ قَضَاءٌ فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ سِرًّا وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَآخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِسُورَتَيْنِ جَهْرًا إنْ كَانَتْ الْعِشَاءُ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَتَشَهَّدُ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ

وَيُسَلِّمُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَسْبِقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَيُصَلِّي مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَتَفُوتُهُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ بِكَرُعَافٍ فَهَاتَانِ بِنَاءٌ وَالْأُولَى قَضَاءٌ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَةً كَذَلِكَ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ ثُمَّ رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ سِرًّا وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ .
( أَوْ ) اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ ( لِ ) شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) أَيْ مُقِيمٍ يُتِمُّ الرَّبَاعِيَةَ ( أَدْرَكَ ) الْحَاضِرُ ( ثَانِيَةَ صَلَاةِ ) إمَامٍ ( مُسَافِرٍ ) سَبَقَ الْحَاضِرَ بِالرَّكْعَةِ الْأُولَى وَهِيَ الْقَضَاءُ وَالرَّكْعَتَانِ الْأَخِيرَتَانِ السَّاقِطَتَانِ عَنْ الْإِمَامِ بِالْقَصْرِ بِنَاءٌ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَقَطْ وَيَجْلِسُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ ثُمَّ رَكْعَةً كَذَلِكَ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ لَوْ فَعَلَهَا ثُمَّ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ عِشَاءً وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ .
( أَوْ ) لِحَاضِرٍ أَدْرَكَ ثَانِيَةَ صَلَاةِ ( خَوْفٍ بِحَضَرٍ ) وَسَبَقَ بِالْأُولَى وَهِيَ الْقَضَاءُ وَلَمْ يُصَلِّ الْأَخِيرَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ وَهُمَا الْبِنَاءُ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا ثَانِيَتُهُ وَرَكْعَةً كَذَلِكَ وَيَتَشَهَّدُ لِأَنَّهَا أَخِيرَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَرَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَجَوَابُ إذَا اجْتَمَعَ بِنَاءٌ وَقَضَاءٌ .
( قَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ ( لِلْبِنَاءِ ) فِي الْخَمْسِ صُوَرٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِانْسِحَابِ حُكْمِ

الْمَأْمُومِيَّةِ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ الْقَضَاءَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إتْمَامِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقَدِّمُ الْقَضَاءَ لِسَبْقِهِ فِي الْفَوَاتِ وَلِأَنَّ شَأْنَهُ أَنْ يَعْقُبَ سَلَامَ الْإِمَامِ .
( وَجَلَسَ ) أَيْ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ الْبِنَاءُ وَالْقَضَاءُ ( فِي ) الرَّكْعَةِ ( آخِرَةِ الْإِمَامِ ) أَيْ عَقِبَهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ الْمَأْمُومِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُورَتَيْ أَوْ إحْدَاهُمَا بَلْ ( وَلَوْ لَمْ تَكُنْ ) آخِرَةُ الْإِمَامِ ( ثَانِيَتَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومِ بَلْ ثَالِثَتَهُ كَمَا فِي صُورَةِ مَنْ أَدْرَكَ الْوُسْطَيَيْنِ وَأَشَارَ بِ " وَلَوْ " إلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجْلِسُ عَلَى آخِرَةِ الْإِمَامِ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَانِيَتَهُ وَإِنْ وَافَقَ ابْنُ حَبِيبٍ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ فَفِي جُلُوسِهِ فِي آخِرَةِ الْإِمَامِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ .

وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الْأُولَى وَفَاتَهُ الْوَسِيطَانِ بِنَحْوِ رُعَافٍ وَأَدْرَاكٍ الرَّابِعَةَ فَجَعَلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْوُسْطَيَيْنِ قَضَاءً نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ الْمُدْرَكَةِ عَقِبَهُمَا وَعَلَيْهِ فَيَقْضِي أُولَاهُمَا بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَلَا يَجْلِسُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ فِي الْفِعْلِ وَثَانِيَتُهُمَا بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَجَعَلَهُمَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ بِنَاءً نَظَرًا لِلْأُولَى الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهُمَا وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَمَنْ سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِالْأُولَى وَصَلَّى مَعَهُ الثَّانِيَةَ وَفَاتَتْهُ الثَّالِثَةُ بِكَرُعَافٍ وَأَدْرَكَهُ فِي الرَّابِعَةِ فَالْأُولَى قَضَاءٌ اتِّفَاقًا .
وَكَذَا الثَّالِثَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ نَظَرًا لِلرَّابِعَةِ وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَلَا يَجْلِسُ ثُمَّ رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَالثَّالِثُ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ بِنَاءً نَظَرًا لِلثَّانِيَةِ الْمُدْرَكَةِ قَبْلَهَا اجْتَمَعَ لَهُ قَضَاءٌ وَبِنَاءٌ فَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ بِلَا جُلُوسٍ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا ثَالِثَتُهُ وَثَالِثَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ قَضَاءً عَنْ الْأُولَى وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يُقَدِّمُ رَكْعَةَ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ .

وَمَنْ أَدْرَكَ الْأُولَى وَفَاتَتْهُ الثَّانِيَةُ بِكَرُعَافٍ وَأَدْرَكَ الثَّالِثَةَ وَفَاتَتْهُ الرَّابِعَةُ بِكَرُعَافٍ فَالرَّابِعَةُ بِنَاءٌ بِلَا خِلَافٍ وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ قَضَاءٌ وَبِنَاءٌ فَعَلَى تَقْدِيمِ الْبِنَاءِ يُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهَا آخِرَةُ إمَامِهِ وَرَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ وَعَلَى تَقْدِيمِ الْقَضَاءِ يُقَدِّمُ رَكْعَةَ السُّورَةِ وَلَا يَجْلِسُ عَقِبَهَا وَبِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَعَلَيْهِ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) هَلْ سَتْرُ عَوْرَتِهِ بِكَثِيفٍ وَإِنْ بِإِعَارَةٍ ، أَوْ طَلَبٍ ، أَوْ نَجَسٍ وَحْدَهُ ، كَحَرِيرٍ ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ وَقَدَرَ ، وَإِنْ بِخَلْوَةٍ لِلصَّلَاةِ ؟ خِلَافٌ .

( فَصْلٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ ) ( هَلْ سَتْرُ ) بِفَتْحِ السِّينِ أَيْ تَغْطِيَةُ ( عَوْرَتِهِ ) أَيْ مَرِيدِ الصَّلَاةِ الْبَالِغِ كُلِّهَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَبَعْضِهَا إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَالصَّبِيُّ إنْ صَلَّى عُرْيَانًا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَصِلَةُ سَتْرُ ( بِ ) سَاتِرٍ ( كَثِيفٍ ) أَيْ صَفِيقٍ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ اللَّوْنُ بِلَا تَأَمُّلٍ بِأَنْ كَانَ لَا يَظْهَرُ اللَّوْنُ مِنْهُ دَائِمًا أَوْ يَظْهَرُ مِنْهُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ لَكِنَّ السَّتْرَ بِهَذَا مَكْرُوهٌ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِيهِ فِي الْوَقْتِ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الشَّفَّافِ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهُ بِلَا تَأَمُّلٍ فَالسَّتْرُ بِهِ مُحَرَّمٌ وَتُعَادُ الصَّلَاةُ فِيهِ أَبَدًا .
هَذَا مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ كَلَامُ عج وَارْتَضَاهُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَا مَا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ مِنْ أَنَّ السَّتْرَ بِمُبْدِيهِ بِتَأَمُّلٍ مُحَرَّمٌ وَإِعَادَةُ الصَّلَاةِ فِيهِ أَبَدِيَّةٌ وَلَا مَا نَقَلَهُ الْعَدَوِيُّ عَنْ عبق وَاعْتَمَدَهُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الشَّفَّافِ وَإِعَادَتِهَا فِي الْوَقْتِ إنْ كَانَ السَّتْرُ بِمِلْكِ الْكَثِيفِ الطَّاهِرِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِإِعَارَةٍ ) لِلْكَثِيفِ مِنْ مَالِكِهِ لِمُرِيدِ الصَّلَاةِ بِلَا طَلَبٍ ( أَوْ ) كَانَتْ بِ ( طَلَبٍ ) مِنْ مُرِيدِ الصَّلَاةِ إنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ الْإِعَارَةَ أَوْ شَكَّ فِيهَا لَا إنْ تَوَهَّمَهَا .
( أَوْ ) كَانَ بِ ( نَجِسٍ وَحْدَهُ ) أَيْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ أَوْ ثَوْبٍ مُتَنَجِّسٍ بِغَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهُ وَشَبَّهَ فِي شَرْطِيَّةِ السَّتْرِ فَقَالَ ( كَحَرِيرٍ ) لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ الذَّكَرُ الْبَالِغُ ( وَهُوَ ) أَيْ الْحَرِيرُ ( مُقَدَّمٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُشَدَّدَةً فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ بِهِ عَلَى النَّجَسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا وَعَدَمِ غَيْرِهِمَا لِأَنَّ الْحَرِيرَ لَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِي شَرْطَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّجِسِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ أَصْبَغُ النَّجِسُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَرِيرِ لِمَنْعِ لُبْسِ الْحَرِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَالنَّجِسُ يُمْنَعُ لُبْسُهُ فِيهَا

فَقَطْ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ عَارِضِ النَّجَاسَةِ عَلَى نَجِسِ الذَّاتِ عِنْدَ عَدَمِ غَيْرِهِمَا .
وَخَبَرُ سَتْرُ ( شَرْطٌ إنْ ذَكَرَ ) أَيْ تَذَكَّرَ ( وَقَدَرَ ) أَيْ مُرِيدُ الصَّلَاةِ الْبَالِغُ فَإِنْ نَسِيَ أَوْ عَجَزَ فَلَيْسَ سَتْرُ عَوْرَتِهِ شَرْطًا اتِّفَاقًا .
الرَّمَاصِيُّ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ ابْنَ عَطَاءِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ لَمْ يُقَيِّدْ بِالذَّكَرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَيُعِيدُ أَبَدًا مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا نَاسِيًا قَادِرًا وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِأَنَّهُ شَرْطٌ مَعَ الْقُدْرَةِ ذَاكِرًا كَانَ أَوْ نَاسِيًا وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ الْبُنَانِيُّ فِي الْحَطَّابِ عَنْ الطِّرَازِ مَا نَصُّهُ قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مِنْ شَرَائِطِ الصَّلَاةِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ هُوَ فَرْضٌ وَلَيْسَ بِشَرْطِ صِحَّةٍ حَتَّى إذَا صَلَّى مَكْشُوفًا مَعَ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وَإِنْ كَانَ عَاصِيًا آثِمًا ا هـ .
فَتَعَقَّبَ مُصْطَفَى قُصُورَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِخَلْوَةٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِخَلْوَةٍ ) وَتَنَازَعَ سَتْرٌ وَشَرْطٌ ( لِ ) صِحَّةِ ( الصَّلَاةِ ) فَتَبْطُلُ بِتَرْكِهِ مَعَ الذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ لَهَا وَلَيْسَ مُقَيَّدًا بِالذِّكْرِ وَالْقُدْرَةِ فَتَصِحُّ صَلَاةُ تَارِكِهِ ذَاكِرًا قَادِرًا وَيَأْثَمُ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ كَالنَّاسِي أَوْ الْعَاجِزِ بِلَا إثْمٍ فِيهِ ( خِلَافٌ ) شَهَرَ الْأَوَّلَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَائِلًا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ وَابْنُ بُكَيْر وَالْأَبْهَرِيُّ سُنَّةٌ لَهَا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْدُوبٌ لَهَا وَلَمْ يُشْهَرَا .

وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ وَأَمَةٍ ، وَإِنْ بِشَائِبَةٍ وَحُرَّةٍ مَعَ امْرَأَةٍ ، مَا بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ، وَمَعَ أَجْنَبِيٍّ - غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ - وَأَعَادَتْ لِصَدْرِهَا ، وَأَطْرَافِهَا ، بِوَقْتٍ ، كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخْذًا ، لَا رَجُلَ ، وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ ، وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ ، وَمِنْ الْمُحْرِمِ كَرَجُلٍ مَعَ مِثْلِهِ

وَالْخِلَافُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ وَهِيَ مِنْ رَجُلٍ سَوْأَتَاهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَانِ وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مَا بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ وَمِنْ الْأَمَةِ مِنْ الْمُقَدَّمِ قُبُلُهَا وَعَانَتُهَا وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ أَلْيَتَاهَا وَمِنْ الْحُرَّةِ مِنْ الْمُقَدَّمِ مِنْ تَحْتِ صَدْرِهَا إلَى رُكْبَتِهَا وَمِنْ الْمُؤَخَّرِ مِنْ مُحَاذِي سُرَّتِهَا إلَى رُكْبَتِهَا وَسَتْرُ الْمُخَفَّفَةِ لَيْسَ شَرْطًا اتِّفَاقًا وَهِيَ مِنْ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ سِوَى السَّوْأَتَيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ كَذَلِكَ سِوَى مَا تَقَدَّمَ وَمِنْ الْحُرَّةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ إلَّا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ .
وَعَوْرَةُ الرَّجُلِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مَحْرَمٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ وَمِنْ أَجْنَبِيَّةٍ جَمِيعُ بَدَنِهِ إلَّا أَطْرَافَهُ وَعَوْرَةُ الْأَمَةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ كُلِّ رَاءٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَعَوْرَةُ الْحُرَّةِ لِلرُّؤْيَةِ مِنْ مَرْأَةٍ مَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا وَمِنْ مَحْرَمِهَا مَا زَادَ عَلَى أَطْرَافِهَا وَمِنْ أَجْنَبِيٍّ مَا زَادَ عَلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا .
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْعَوْرَةَ الشَّامِلَةَ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَالرُّؤْيَةِ فَقَالَ ( وَهِيَ ) أَيْ الْعَوْرَةُ ( مِنْ رَجُلٍ ) الشَّامِلَةُ لِلْمُغَلَّظَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ وَلِلرُّؤْيَةِ مِنْ مِثْلِهِ أَوْ مَحْرَمَةٍ ( وَ ) مِنْ ( أَمَةٍ ) بِالنِّسْبَةِ لِلصَّلَاةِ الشَّامِلَةِ لَهُمَا وَلِلرُّؤْيَةِ وَلَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ قِنًّا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( بِشَائِبَةٍ ) مِنْ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ ( وَ ) مِنْ ( حُرَّةٍ ) بِالنِّسْبَةِ لِلرُّؤْيَةِ ( مَعَ امْرَأَةٍ ) حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ مُسْلِمَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ مَا ( بَيْنَ سُرَّةٍ وَرُكْبَةٍ ) رَاجِعٌ لِلرَّجُلِ وَالْأَمَةِ وَالْحُرَّةِ وَإِنْ خِيفَ مِنْ رُؤْيَةِ مَا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ أَمَةٍ فِتْنَةٌ حَرُمَتْ رُؤْيَتُهُ لِخَوْفِ الْفِتْنَةِ لَا لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ

وَكَذَا وَجْهُ الْحُرَّةِ وَكَفَّاهَا وَالْعَوْرَةُ نَظَرُهَا مُحَرَّمٌ وَلَوْ لَمْ تُخْشَ فِتْنَةٌ شب يَحْرُمُ عَلَى الْحُرَّةِ تَمْكِينُ الْكَافِرَةِ مِنْ نَظَرِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهَا لِئَلَّا تَصِفَهَا لِكَافِرٍ .
( وَ ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ ( مَعَ ) رَجُلٍ ( أَجْنَبِيٍّ ) مُسْلِمٍ جَمِيعُ جَسَدِهَا ( غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ ) ظَهْرًا وَبَطْنًا فَالْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ لَيْسَا عَوْرَةً فَيَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُمَا لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَهُ نَظَرُهُمَا إنْ لَمْ تُخْشَ الْفِتْنَةُ فَإِنْ خِيفَتْ الْفِتْنَةُ بِهِ فَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ سَتْرِهِمَا وَقَالَ عِيَاضٌ لَا يَجِبُ سَتْرُهُمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ غَضُّ بَصَرِهِ وَقَالَ زَرُّوقٌ يَجِبُ السَّتْرُ عَلَى الْجَمِيلَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيِّ لَمْسُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا كَفَّيْهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا وَضْعُ كَفِّهِ عَلَى كَفِّهَا بِلَا حَائِلٍ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { مَا بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً بِصَفْحَةِ الْيَدِ قَطُّ إنَّمَا كَانَتْ مُبَايَعَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ بِالْكَلَامِ } وَفِي رِوَايَةٍ { مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ وَإِنَّمَا كَانَ يُبَايِعُهُنَّ بِالْكَلَامِ } وَأَمَّا الْأَجْنَبِيُّ الْكَافِرُ فَجَمِيعُ جَسَدِهَا حَتَّى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عَوْرَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَمِنْ الضَّلَالِ الْمُبِينِ تَسَاهُلُ النِّسَاءِ لِلْيَهُودِيِّ وَالْبَدْوِيِّ .
( وَأَعَادَتْ ) أَيْ الْحُرَّةُ الصَّلَاةَ ( لِ ) كَشْفِ ( صَدْرِهَا وَ ) كَشْفِ ( أَطْرَافِهَا ) مِنْ عُنُقِهَا وَرَأْسِهَا وَذِرَاعِهَا وَظَهْرِ قَدَمِهَا وَمُحَاذِي صَدْرِهَا مِنْ ظَهْرِهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَصِلَةُ أَعَادَتْ ( بِوَقْتٍ ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا وَتُعِيدُ لِكَشْفِ مَا عَدَا ذَلِكَ أَبَدًا وَلَا تُعِيدُ لِكَشْفِ بَطْنِ قَدَمِهَا وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ بِوَقْتٍ فَقَالَ ( كَكَشْفِ أَمَةٍ ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ ( فَخِذًا ) أَوْ فَخِذَيْنِ فِي الصَّلَاةِ ( لَا ) كَشْفِ (

رَجُلٍ ) فَخِذًا أَوْ فَخِذَيْنِ فَلَا يُعِيدُ وَإِنْ كَانَ عَوْرَةً وَيُعِيدُ لِكَشْفِ أَلْيَتَيْهِ أَوْ بَعْضِهِمَا بِوَقْتٍ وَلِسَوْأَتَيْهِ أَبَدًا وَتُعِيدُ الْأَمَةُ لِكَشْفِ أَلْيَتَيْهَا أَوْ بَعْضِهِمَا أَبَدًا .
( وَ ) هِيَ مِنْ حُرَّةٍ ( مَعَ ) رَجُلٍ ( مَحْرَمٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ جَمِيعُ جَسَدِهَا ( غَيْرُ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ ) مِنْ عُنُقٍ وَرَأْسٍ وَذِرَاعٍ وَقُدِّمَ لَا ظَهْرٍ وَصَدْرٍ وَثَدْيٍ وَسَاقٍ وَيَجُوزُ لَمْسُهُ وَجْهَهَا وَأَطْرَافَهَا إنْ لَمْ يَخْشَ اللَّذَّةَ ( وَتَرَى ) أَيْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً ( مِنْ ) الرَّجُلِ ( الْأَجْنَبِيِّ ) وَمَفْعُولُ تَرَى ( مَا يَرَاهُ ) أَيْ الرَّجُلُ ( مِنْ ) الْمَرْأَةِ ( مَحْرَمِهِ ) أَيْ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ .
( وَ ) تَرَى الْمَرْأَةُ الْمَحْرَمُ ( مِنْ ) الرَّجُلِ ( الْمَحْرَمِ ) لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ ( كَ ) رُؤْيَةِ ( رَجُلٍ مَعَ ) رَجُلٍ ( مِثْلِهِ ) أَيْ مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَيَجُوزُ لَهَا لَمْسُهُ فَيَجُوزُ لَهُمَا وَضْعُ كَفِّهِ عَلَى كَفِّهَا بِلَا حَائِلٍ وَفِي الصَّحِيحِ { كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقَبِّلُ بِنْتَه فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا } { وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ قَبَّلَ أُمَّهُ بَيْنَ عَيْنَيْهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ } .

وَلَا تُطْلَبُ أَمَةٌ بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ .
( وَلَا تُطْلَبُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( أَمَةٌ ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ إلَّا أُمُّ الْوَلَدِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي ( بِتَغْطِيَةِ رَأْسٍ ) لَهَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا لَا وُجُوبًا وَلَا نَدْبًا وَمَفْهُومُ رَأْسٍ طَلَبُهَا بِتَغْطِيَةِ غَيْرِهِ مِنْ جَسَدِهَا فَتُطْلَبُ بِتَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا نَدْبًا فَمَا بَيْنَ سُرَّتِهَا وَرُكْبَتِهَا يَجِبُ عَلَيْهَا سَتْرُهُ وَمَا عَدَاهُ غَيْرُ الرَّأْسِ يُنْدَبُ لَهَا سَتْرُهُ فَيَجُوزُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَتَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ التَّهْذِيبِ وَنَصُّهُ وَلِلْأَمَةِ وَمَنْ لَمْ تَلِدْ مِنْ السَّرَارِيِّ وَالْمُكَاتَبَةِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقِ بَعْضِهَا الصَّلَاةُ بِغَيْرِ قِنَاعٍ وَقِيلَ يُنْدَبُ لَهَا كَشْفُ رَأْسِهَا وَعَدَمُ تَغْطِيَتِهِ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْجَلَّابِ فَقَالَ يُسْتَحَبُّ لَهَا أَنْ تَكْشِفَ رَأْسَهَا فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى هَذَا فَتَغْطِيَتُهُ فِي الصَّلَاةِ إمَّا مَكْرُوهَةٌ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ يُنْدَبُ كَشْفُ رَأْسِهَا بِغَيْرِ صَلَاةٍ وَتُنْدَبُ تَغْطِيَتُهُ بِهَا لِأَنَّهَا أَوْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَيَدُلُّ لِنَدْبِ الْكَشْفِ بِغَيْرِ الصَّلَاةِ مَا وَرَدَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ يَضْرِبُ الْإِمَاءَ اللَّاتِي كُنَّ يَخْرُجْنَ إلَى السُّوقِ مُغَطَّيَاتِ الرُّءُوسِ وَيَقُولُ لَهُنَّ تَتَشَبَّهِينَ بِالْحَرَائِرِ يَا لَكَاعِ وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْفَسَادِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْإِمَاءِ فَبِالتَّغْطِيَةِ يَجْسُرُونَ عَلَى الْحَرَائِرِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } نَعَمْ حَيْثُ كَثُرَ الْفَسَادُ كَمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ فَلَا يَنْبَغِي الْكَشْفُ لَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا فِي غَيْرِهَا بَلْ يَنْبَغِي سَتْرُهَا بِوَجْهٍ يُمَيِّزُهَا عَنْ الْحُرَّةِ .

وَنُدِبَ سَتْرُهَا بِخَلْوَةٍ
( وَنُدِبَ ) لِغَيْرِ مُصَلٍّ مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( سَتْرُهَا ) أَيْ الْعَوْرَةِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا السَّوْأَتَانِ وَمَا قَارَبَهُمَا مِنْ كُلِّ شَخْصٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً فَيُكْرَهُ كَشْفُهَا فِي الْخَلْوَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ لِكُلِّ شَخْصٍ وَيَجُوزُ كَشْفُ مَا زَادَ عَلَيْهَا فِيهَا كَذَلِكَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا خُصُوصُ الْمُغَلَّظَةِ وَلَا مَا يَشْمَلُ جَمِيعَ الْمُخَفَّفَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُغَلَّظَةُ الْمُخْتَلِفَةُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَصِلَةُ سَتْرُهَا ( بِخَلْوَةٍ ) أَيْ فِي مَحَلٍّ خَالٍ مِنْ النَّاسِ حَيَاءً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَمَلَائِكَتِهِ .

وَلِأُمِّ وَلَدٍ ، وَصَغِيرَةٍ ، سَتْرٌ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ ، وَأَعَادَتْ إنْ رَاهَقَتْ لِلِاصْفِرَارِ ، كَكَبِيرَةٍ ، إنْ تَرَكَا الْقِنَاعَ ، كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ ، وَإِنْ انْفَرَدَ أَوْ بِنَجِسٍ بِغَيْرٍ أَوْ بِوُجُودِ مُطَهِّرٍ ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ وَصَلَّى بِطَاهِرٍ ، لَا عَاجِزٍ صَلَّى عُرْيَانًا ، كَفَائِتَةٍ

( وَ ) نُدِبَ ( لِأُمِّ وَلَدٍ ) حُرٍّ مِنْ وَطْءِ مَالِكِهَا الْحُرِّ جَبْرًا عَلَيْهِ لَا لِغَيْرِهَا مِنْ ذَوَاتِ شَائِبَةِ الْحُرِّيَّةِ ( وَ ) لِحُرَّةٍ ( صَغِيرَةٍ ) مَأْمُورَةٍ بِالصَّلَاةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( سَتْرُ ) لِلصَّلَاةِ ( وَجَبَ عَلَى الْحُرَّةِ ) أَيْ الْبَالِغَةِ وَالصَّغِيرُ يُنْدَبُ لَهُ سَتْرٌ لِلصَّلَاةِ وَاجِبٌ عَلَى الْبَالِغِ ( وَأَعَادَتْ ) الصَّغِيرَةُ نَدْبًا ( إنْ رَاهَقَتْ ) أَيْ قَارَبَتْ الْبُلُوغَ الظُّهْرَيْنِ ( لِلِاصْفِرَارِ ) وَالْعِشَاءَيْنِ وَالصُّبْحَ لِلطُّلُوعِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَالَ ( كَكَبِيرَةٍ ) حُرَّةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَلَوْ قَالَ كَأُمِّ وَلَدٍ أَوْ لَوْ قَالَ وَأَعَادَتَا بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِنَدْبِ الْإِعَادَةِ لِأُمِّ الْوَلَدِ وَتَقْدِيمِ نُدِبَ إعَادَةُ الْحُرَّةِ الْكَبِيرَةِ لِكَشْفِ صَدْرِهَا وَأَطْرَافِهَا بِوَقْتٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَرَادَ الْكَبِيرَةَ مَا يَعُمُّ الْحُرَّةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَالتَّشْبِيهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرَّةِ فِي كَوْنِ الْإِعَادَةِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَطْ وَهَذَا لَمْ يُعْلَمْ مِمَّا تَقَدَّمَ .
( إنْ تَرَكَا ) أَيْ الْمُرَاهِقَةُ وَالْكَبِيرَةُ وَأَسْقَطَ التَّاءَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا شَخْصَيْنِ ( الْقِنَاعَ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَخِفَّةِ النُّونِ أَيْ تَغْطِيَةَ الرَّأْسِ وَصَلَّتَا وَكَتَرْكِ الْقِنَاعِ تَرْكُ سَتْرِ كُلِّ مَا سَتْرُهُ وَاجِبٌ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ مِمَّا زَادَ عَلَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ فَيَدْخُلُ كَشْفُ الصَّدْرِ وَالْأَطْرَافِ وَمَا فَوْقَ مُحَاذِي السُّرَّةِ مِنْ الظَّهْرِ وَالسَّاقِ وَتَعَقَّبَ عج الْمُصَنِّفَ فِي تَقْيِيدِ نَدْبِ الْإِعَادَةِ لِتَرْكِ الْقِنَاعِ بِالْمُرَاهِقَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبَ عَلَى نَدْبِ سَتْرِ مَا يَجِبُ سَتْرُهُ عَلَى الْحُرَّةِ الْبَالِغَةِ لِلْحُرَّةِ الصَّغِيرَةِ سَوَاءٌ رَاهَقَتْ أَمْ لَا وَزِيَادَةُ أَشْهَبَ الْإِعَادَةَ لِتَرْكِهِ مُطْلَقًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَشْهَبَ قَيَّدَهَا بِالْمُرَاهِقَةِ .
وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرَّجْرَاجِيُّ فِي مِنْهَاجِ التَّحْصِيلِ وَكَفَى بِهِ حُجَّةً وَنَصُّهُ وَأَمَّا الْحَرَائِرُ غَيْرُ

الْبَوَالِغِ فَلَا يَحِلُّونَ مِنْ كَوْنِهِنَّ مُرَاهِقَاتٍ أَوْ غَيْرِهِنَّ فَإِنْ كَانَتْ مُرَاهِقَةً وَصَلَّتْ بِغَيْرِ قِنَاعٍ فَهَلْ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ أَوْ لَا إعَادَةَ عَلَيْهَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُرَاهِقَةِ كَبِنْتِ ثَمَانِ سِنِينَ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْمَرُ بِأَنْ تَسْتُرَ فِي نَفْسِهَا مَا تَسْتُرُهُ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهَا إنْ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ أَوْ بَادِيَةَ الصَّدْرِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ لِلِاصْفِرَارِ فَقَالَ ( كَمُصَلٍّ بِحَرِيرٍ ) لَا يَسْأَلُهُ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ وَلَبِسَهُ أَيْضًا بَلْ ( وَإِنْ انْفَرَدَ ) الْحَرِيرُ بِالْوُجُودِ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُعِيدُ حِينَئِذٍ أَوْ بِاللُّبْسِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُعِيدُ أَبَدًا حِينَئِذٍ ( أَوْ ) مُصَلٍّ ( بِ ) سَاتِرٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان ( نَجِسٍ ) عَاجِزًا أَوْ نَاسِيًا فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ( بِ ) سَاتِرٍ ( غَيْرِ ) أَيْ لَيْسَ حَرِيرًا وَلَا نَجَسًا ( أَوْ ) يُعِيدُ فِيهِ ( بِ ) سَبَبِ ( وُجُودِ ) مَاءٍ ( مُطَهِّرٍ ) لِبَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ أَوْ مَكَانِهِ الْمُتَنَجِّسِ إنْ وَسِعَ الْوَقْتُ التَّطْهِيرَ إنْ كَانَ لَمْ يُعِدْهَا لِظَنِّهِ عَدَمَ صَلَاتِهَا أَوَّلًا بَلْ ( وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ صَلَاتِهِ ) الَّتِي صَلَّاهَا ( أَوَّلًا ) بِالْحَرِيرِ أَوْ النَّجِسِ إنْ نَسِيَهَا .
( وَصَلَّى ) ثَانِيًا ( بِ ) سَاتِرٍ ( طَاهِرٍ ) غَيْرِ حَرِيرٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهُ أَوَّلًا بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَلَا تَكْفِيهِ الْإِعَادَةُ الْأُولَى لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ بِنِيَّةِ الْجَبْرِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُصَلِّي بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ بِهَذَا الْحُكْمِ بَلْ كُلُّ مَنْ صَلَّى صَلَاةً صَحِيحَةً تُعَادُ فِي الْوَقْتِ فَنَسِيَهَا وَصَلَّى بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ثُمَّ تَذَّكَّرَهَا فَلَا تَسْقُطُ الْإِعَادَةُ الْوَقْتِيَّةُ عَنْهُ وَأَمَّا مَنْ صَلَّى صَلَاةً فَاسِدَةً وَلَزِمَتْهُ إعَادَتُهَا أَبَدًا فَنَسِيَ وَصَلَّاهَا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ فَتَسْقُطُ الْإِعَادَةُ عَنْهُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ الْجَبْرِ بِهَا .
( لَا ) يُؤْمَرُ

بِالْإِعَادَةِ فِي الْوَقْتِ شَخْصٌ ( عَاجِزٌ ) عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ ( صَلَّى ) حَالَ كَوْنِهِ عُرْيَانًا ) مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ الْمُغَلَّظَةِ لِعَجْزِهِ عَنْ سَتْرِهَا ثُمَّ وَجَدَ مَا يَسْتُرُهَا بِهِ فِي الْوَقْتِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّعَرِّي مُقَدَّمٌ عَلَى السَّتْرِ بِحَرِيرٍ أَوْ نَجِسٍ وَكِلَاهُمَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَهُوَ تَقْدِيمُ السَّتْرِ بِالْحَرِيرِ أَوْ النَّجِسِ عَلَى التَّعَرِّي وَإِعَادَةُ مَنْ صَلَّى عُرْيَانًا إنْ وَجَدَ سَاتِرًا فِي الْوَقْتِ وَهَذَا قَوْلُهُ فِيهَا الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ ( كَفَائِتَةٍ ) قَضَاهَا بِنَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ نَاسِيًا أَوْ عَاجِزًا فَلَا يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهَا بِغَيْرٍ لِأَنَّهَا مُقَيَّدَةٌ بِالْوَقْتِ وَالْفَائِتَةُ يَخْرُجُ وَقْتُهَا بِفَرَاغِهَا .

وَكُرِهَ مُحَدِّدٌ ، لَا بِرِيحٍ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِبَاسٌ ( مُحَدِّدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً أَيْ مُظْهِرٌ حَدَّ الْعَوْرَةِ لِرِقَّتِهِ أَوْ ضِيقِهِ وَإِحَاطَتِهِ أَوْ بِاحْتِزَامٍ عَلَيْهِ وَلَوْ بِغَيْرِ صَلَاةٍ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَمُخَالَفَتِهِ لِزِيِّ السَّلَفِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِهَا خُصُوصُ الْمُغَلَّظَةِ فَلَا يُكْرَهُ الِاحْتِزَامُ عَلَى نَحْوِ الْقُفْطَانِ وَالثَّوْبِ الْغَلِيظِ الْمُحَدِّدِ لِلْعَوْرَةِ الْمُخَفَّفَةِ كَالْأَلْيَتَيْنِ أَوْ مَا يَعُمُّ الْمُخَفَّفَةَ فَيُكْرَهُ مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةَ قَوْمٍ أَوْ لِشُغْلٍ وَقُيِّدَتْ كَرَاهَةُ لُبْسِ الْمُحَدِّدِ بِعَدَمِ لُبْسٍ شَيْءٍ آخَرَ عَلَيْهِ مَانِعٍ مِنْ ظُهُورِ حَدِّهَا كَقَمِيصٍ أَوْ قَبَاءٍ أَوْ بُرْنُسٍ أَوْ نَحْوِهَا ( لَا ) يُكْرِهُ لُبْسُ مُحَدِّدٍ ( بِ ) إلْصَاقِ ( رِيحٍ ) أَوْ بَلَلِ الثَّوْبِ عَلَى الْعَوْرَةِ وَتُكْرَهُ الصَّلَاةُ بِثَوْبٍ لَيْسَ عَلَى كَتِفَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى سَتْرِهِمَا .

وَانْتِقَابُ امْرَأَةٍ كَكَفِّ كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ وَتَلَثُّمٍ كَكَشْفِ مُشْتَرٍ صَدْرًا أَوْ سَاقًا

( وَ ) كُرِهَ ( انْتِقَابُ امْرَأَةٍ ) أَيْ تَغْطِيَةُ وَجْهِهَا إلَى عَيْنَيْهَا فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا وَالرَّجُلُ أَوْلَى مَا لَمْ يَكُنْ عَادَةُ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَيُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ الْغُلُوِّ فِي الدَّيْنِ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَكَفِّ ) أَيْ ضَمِّ وَتَشْمِيرِ ( كُمٍّ وَشَعْرٍ لِصَلَاةٍ ) رَاجِعٌ لِلْكَفِّ فَالنِّقَابُ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ ( وَتَلَثُّمٌ ) أَيْ تَغْطِيَةُ الشَّفَةِ السُّفْلَى وَمَا تَحْتَهَا مِنْ الْوَجْهِ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ لِصَلَاةٍ لِأَنَّهُ غُلُوٌّ فِي الدِّينِ وَقَالَ الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ إنَّ اللِّثَامَ يُكْرَهُ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا سَوَاءٌ فَعَلَ فِيهَا لِأَجْلِهَا أَوْ لَا وَهُوَ أَوْلَى مِنْ النِّقَابِ بِالْكَرَاهَةِ ا هـ وَانْظُرْ مَا وَجْهُهُ مَعَ مَنْعِ النِّقَابِ مُبَاشَرَةُ الْأَرْضِ بِالْأَنْفِ دُونَ اللِّثَامِ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَكَشْفِ ) رَجُلٍ ( مُشْتَرٍ ) أَمَةً ( صَدْرًا أَوْ سَاقًا ) أَوْ مِعْصَمًا مِنْهَا حَالَ تَقْلِيبِهَا لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ فَيُقْتَصَرُ عَلَى نَظَرِ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ وَحَرُمَ مَسَّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَبِالْوَجْهِ يَظْهَرُ الْجَمَالُ أَوْ ضِدُّهُ وَبِالْكَفَّيْنِ يَظْهَرُ خَصِبُ الْبَدَنِ أَوْ ضِدُّهُ الْبُنَانِيُّ لَمْ يَعْرِفْهُ الْمَوَّاقُ وَلَا غَيْرُهُ كَرَاهَةُ كَشْفِ الْمُشْتَرِي صَدْرَ الْأَمَةِ أَوْ سَاقَهَا إلَّا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهٍ يُفِيدُ أَنَّهُ مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُ نَظَرِ الرَّجُلِ لِمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مِنْ الْأَمَةِ بِلَا شَهْوَةٍ .
وَقَوْلُهُ خَشْيَةَ التَّلَذُّذِ يُقَالُ عَلَيْهِ الْغَالِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِالْكَشْفِ التَّقْلِيبَ لَا اللَّذَّةَ فَهِيَ عِلَّةٌ ضَعِيفَةٌ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْحُكْمَ بِالْكَرَاهَةِ لَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِالنَّظَرِ بَلْ بِالْكَشْفِ وَهُوَ مَظِنَّةُ اللَّذَّةِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ نَظَرِ الْمَكْشُوفِ وَتَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِجَوَازِهِ بِشَرْطٍ

فَقَدْ قَصَدَ اللَّذَّةَ وَالتَّعْلِيلُ بِالْمَظِنَّةِ لَا يُنْظَرُ فِيهِ لِلْمَئِنَّةِ فَهِيَ عِلَّةٌ قَوِيَّةٌ لَا ضَعِيفَةٌ .

وَصَمَّاءُ بِسِتْرٍ وَإِلَّا مُنِعَتْ كَاحْتِبَاءٍ لَا سَتْرَ مَعَهُ وَعَصَى .
وَصَحَّتْ إنْ لَبِسَ حَرِيرًا ، أَوْ ذَهَبًا ، أَوْ سَرَقَ ، أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمَا فِيهَا

( وَ ) كُرِهَ ( صَمَّاءُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً مَمْدُودًا وَهِيَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ حَاشِيَةِ الرِّدَاءِ الْعُلْيَا عَلَى حَدِّ كَتِفَيْهِ وَيُدِيرَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ، وَكَتِفُهُ الْآخَرُ وَيَدُهُ الْأُخْرَى مَسْدُولَةٌ مِنْ دَاخِلِهِ وَعَلَى صَدْرِهِ وَيَضَعَ طَرَفَهُ الْآخَرَ عَلَى كَتِفِهِ الْأَوَّلِ ، وَيَدُهُ الَّتِي عَلَى كَتِفِهَا الطَّرَفَانِ خَارِجَةٌ مِنْ تَحْتِهِمَا مَكْشُوفَةٌ هِيَ وَجَنْبُهَا وَيَصِيرُ الرِّدَاءُ مُحِيطًا بِهِ مِنْ ثَلَاثِ جِهَاتٍ أَمَامَهُ وَخَلْفَهُ وَأَحَدِ جَانِبَيْهِ وَكُرِهَ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ مِنْ جَانِبِ الْيَدِ الدَّاخِلَةِ فِي الرِّدَاءِ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَمْكِينِهَا مِنْ رُكْبَتِهِ فِي الرُّكُوعِ وَلَا مِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ بِهَا فِي السُّجُودِ وَلِأَنَّ أَحَدَ جَانِبَيْهِ مَكْشُوفٌ هَذَا مَعْنَاهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَأَوْلَى مِنْهُ بِالْكَرَاهَةِ مَعْنَاهَا عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ وَهُوَ أَنْ يَضَعَ طَرَفَ الرِّدَاءِ عَلَى أَحَدِ كَتِفَيْهِ وَيُدِيرَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَعَلَى كَتِفِهِ الْأُخْرَى وَيَدُهُ مِنْ دَاخِلِهِ وَعَلَى صَدْرِهِ وَعَلَى كَتِفِهِ الْأَوَّلِ وَيَدُهُ مِنْ دَاخِلِهِ أَيْضًا فَيُحِيطَ بِهِ الرِّدَاءُ مِنْ جَمِيعِ جِهَاتِهِ وَيَصِيرَ فِي مَعْنَى الْمَرْبُوطِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيَمْتَنِعَ مِنْ تَمْكِينِ الْيَدَيْنِ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَمِنْ مُبَاشَرَةِ الْأَرْضِ بِهِمَا فِي السُّجُودِ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الصَّمَّاءِ إذَا كَانَتْ ( بِسِتْرٍ ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ مَعَهَا شَيْءٌ سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ كَإِزَارٍ وَسَرَاوِيلَ تَحْتَهَا .
وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا سَاتِرٌ لِلْعَوْرَةِ ( مُنِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَتْ الصَّمَّاءُ لِانْكِشَافِ الْعَوْرَةِ مِنْ الْجَانِبِ الَّذِي عَلَى كَتِفِهِ طَرَفَا الرِّدَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْفُقَهَاءِ الصَّمَّاءَ لَا عَلَى تَفْسِيرِ اللُّغَوِيِّينَ نَعَمْ إذَا أَخْرَجَ يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِ الرِّدَاءِ وَبَاشَرَ الْأَرْضَ بِهِمَا فِي سُجُودِهِ انْكَشَفَتْ عَوْرَتُهُ عَلَى اللُّغَوِيِّ أَيْضًا .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَاحْتِبَاءٍ )

بِثَوْبٍ ( لَا سِتْرَ مَعَهُ ) لِلْعَوْرَةِ مِنْ الْجِهَةِ الْعُلْيَا لِضِيقِ الثَّوْبِ الْمُحْتَبَى بِهِ وَعَدَمِ نَحْوِ مِئْزَرٍ تَحْتَهُ وَهُوَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ وَيَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ وَيُقِيمَ سَاقَيْهِ وَفَخِذَيْهِ وَيُدِيرَ الثَّوْبَ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَاقَيْهِ مُعْتَمَدًا عَلَيْهِ فَتَصِيرَ عَوْرَتُهُ مَكْشُوفَةً مِنْ أَعْلَى فَيُمْنَعَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُ عَوْرَتِهِ وَكَذَا فِيهَا فِي حَالِ جُلُوسِهِ لِلتَّشَهُّدِ أَوْ لِصَلَاةِ النَّفْلِ أَوْ الْفَرْضِ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْقِيَامِ فَإِنْ كَانَ بِسِتْرٍ جَازَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَمُنِعَ فِيهَا لِقُبْحِ الْهَيْئَةِ كَجِلْسَةِ الْكَلْبِ وَالْبَدْوِيِّ الْمُصْطَلِي .
( وَعَصَى ) الرَّجُلُ ( وَصَحَّتْ ) صَلَاتُهُ ( إنْ لَبِسَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( حَرِيرًا ) خَالِصًا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى سَتْرِ عَوْرَتِهِ بِطَاهِرٍ غَيْرِهِ وَأَعَادَهَا بِوَقْتٍ وَكَذَا لُبْسُهُ بِغَيْرِهَا وَالْتِحَافُهُ بِهِ وَرُكُوبُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَائِلٍ وَنَوْمُهُ عَلَيْهِ وَتَغَطِّيهِ بِهِ وَلَوْ تَبَعًا لِامْرَأَتِهِ أَوْ فِي جِهَادٍ أَوْ لِحَكَّةٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلتَّدَاوِي مِنْهَا وَيَجُوزُ سَتْرُ السَّقْفِ وَالْحَائِطِ بِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَسْتَنِدَ إلَيْهِ رَجُلٌ وَالْخِيَاطَةُ بِهِ وَرَايَةُ الْجِهَادِ وَعَلَمُ الثَّوْبِ وَسِلْكُ السَّبْحَةِ وَالْأَرْجَحُ كَرَاهَةُ الْخَزِّ وَهُوَ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلَحْمَتُهُ وَبَرٌّ وَمِثْلُهُ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ مَا سُدَاهُ حَرِيرٌ وَلَحْمَتُهُ قُطْنٌ أَوْ كَتَّانٌ أَوْ صُوفٌ أَوْ غَيْرُهَا وَقِيلَ بِحُرْمَتِهَا وَقِيلَ بِجَوَازِهَا وَقِيلَ بِجَوَازِ الْخَزِّ وَحُرْمَةِ مَا فِي مَعْنَاهُ .
( أَوْ ) لَبِسَ ( ذَهَبًا ) وَلَوْ خَاتَمًا لَا إنْ حَمَلَ الْحَرِيرَ أَوْ الذَّهَبَ بِجَيْبٍ أَوْ كُمٍّ ( أَوْ سَرَقَ أَوْ نَظَرَ مُحَرَّمًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلَةً ( فِيهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ تَنَازَعَ فِيهِ لَبِسَ وَسَرَقَ وَنَظَرَ وَشَمِلَ الْمُحَرَّمَ عَوْرَةُ الْإِمَامِ وَعَوْرَةُ نَفْسِ الْمُصَلِّي فَلَا تَبْطُلُ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ بِتَعَمُّدِ

نَظَرِهَا قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَبْطُلُ بِتَعَمُّدِ نَظَرِ عَوْرَةِ النَّفْسِ أَوْ الْإِمَامِ وَلَوْ نَسِيَ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ فِيهِمَا عَلَى تَحْقِيقِ الْمِسْنَاوِيِّ .

وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا سِتْرًا لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ فَثَالِثُهَا يُخَيَّرُ
( وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ الْبَالِغُ ( إلَّا سِتْرًا ) بِكَسْرِ السِّينِ أَيْ سَاتِرًا ( لِأَحَدِ فَرْجَيْهِ ) أَيْ قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ ( فَ ) قِيلَ يَسْتُرُ بِهِ دُبُرَهُ وَقِيلَ يَسْتُرُ بِهِ قُبُلَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِظُهُورِهِ دَائِمًا وَالدُّبُرُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ .
( ثَالِثُهَا ) أَيْ الْأَقْوَالِ ( يُخَيَّرُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا فِي سَتْرِ أَيِّهِمَا شَاءَ بِهِ الْبِسَاطِيُّ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَرَاءَهُ نَحْوُ حَائِطٍ وَإِلَّا سَتَرَ دُبُرَهُ بِهِ وَقُبُلَهُ بِالثَّوْبِ أَوْ أَمَامَهُ نَحْوُهُ وَإِلَّا سَتَرَ بِهِ قُبُلَهُ وَسَتَرَ دُبُرَهُ بِالْخِرْقَةِ وَتَعَقَّبَهُ تت بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِهِمْ مِنْ جَرَيَانِهِ وَلَوْ فِي لَيْلٍ مُظْلِمٍ أَوْ فِي خَلْوَةٍ أَوْ صَلَّى خَلْفَ حَائِطٍ أَوْ إلَى شَجَرَةٍ .

وَمَنْ عَجَزَ صَلَّى عُرْيَانًا ؛ فَإِنْ اجْتَمَعُوا بِظَلَّامٍ فَكَالْمَسْتُورِينَ ، وَإِلَّا تَفَرَّقُوا ؛ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صَلُّوا قِيَامًا ، غَاضِّينَ إمَامُهُمْ وَسَطُهُمْ
( وَمَنْ عَجَزَ ) عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ الْمُغَلَّظَةِ ( صَلَّى ) وُجُوبًا حَالَ كَوْنِهِ ( عُرْيَانًا ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ سَتْرِهَا فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْقُدْرَةِ ( فَإِنْ اجْتَمَعُوا ) أَيْ الْعُرَاةُ الْعَاجِزُونَ عَنْ سَتْرِ عَوْرَاتِهِمْ ( بِظَلَامٍ ) لِلَّيْلِ أَوْ غَارًا وَجَبَ ( فَ ) يُصَلُّونَ جَمَاعَةً ( كَالْمَسْتُورِينَ ) فِي تَقْدِيمِ إمَامِهِمْ وَاصْطِفَافِهِمْ خَلْفَهُ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالْقِيَامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ تَحْصِيلُهُ بِطَفْءِ الْمِصْبَاحِ أَوْ الدُّخُولِ فِي نَحْوِ غَارٍ إلَّا لِضَرَرٍ وَإِلَّا أَعَادُوا بِوَقْتٍ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا بِظَلَامٍ ( تَفَرَّقُوا ) لِلصَّلَاةِ وُجُوبًا وَصَلَّوْا فُرَادَى وَإِلَّا أَعَادُوا بِوَقْتٍ وَقِيلَ أَبَدًا وَاسْتُبْعِدَ ( فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ) تَفَرُّقُهُمْ لِخَوْفٍ عَلَى نَفْسٍ مِنْ كَسَبْعٍ أَوْ مَالٍ أَوْ لِضِيقِ مَكَان كَسَفِينَةٍ ( صَلَّوْا ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلًا جَمَاعَةً اسْتِنَانًا حَالَ كَوْنِهِمْ ( قِيَامًا ) أَيْ قَائِمِينَ رَاكِعِينَ سَاجِدِينَ صَفًّا وَاحِدًا .
( غَاضِّينَ ) بِغَيْنٍ وَضَادٍ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ كَافِّينَ أَبْصَارَهُمْ عَنْ عَوْرَةِ إمَامِهِمْ وَبَعْضِهِمْ وَنَفْسِهِمْ وُجُوبًا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ يُصَلُّونَ جُلُوسًا بِإِيمَاءٍ حَالَ كَوْنِهِمْ ( إمَامُهُمْ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ ( وَسْطَهُمْ ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ أَيْ بَيْنَهُمْ فِي الصَّفِّ غَيْرَ مُتَقَدِّمٍ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ فَقَالَ عج يُعِيدُونَ أَبَدًا وَقَالَ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ يُعِيدُونَ فِي الْوَقْتِ وَلَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ التُّونُسِيِّ بِصِحَّةِ صَلَاةِ مَنْ تَعَمَّدَ نَظَرَ عَوْرَةَ إمَامِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .

وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ أَوْ وَجَدَ عُرْيَانُ ثَوْبًا اسْتَتَرَا ، إنْ قَرُبَ ، وَإِلَّا أَعَادَا بِوَقْتٍ ،
( وَإِنْ عَلِمَتْ فِي صَلَاةٍ بِعِتْقٍ ) سَابِقٍ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا وَفَاعِلُ عَلِمَتْ أَمَةٌ ( مَكْشُوفَةُ رَأْسٍ ) مَثَلًا أَوْ صَدْرٍ أَوْ سَاقٍ أَوْ عُنُقٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يَجُوزُ لَهَا كَشْفُهُ وَيَجِبُ عَلَى الْحُرَّةِ سَتْرُهُ ( أَوْ وَجَدَ ) شَخْصٌ ( عُرْيَانُ ) عَاجِزٌ عَنْ سَتْرِ عَوْرَتِهِ فِيهَا ( ثَوْبًا ) يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ ( اسْتَتَرَا ) أَيْ الْأَمَةُ وَالْعُرْيَانُ وُجُوبًا ( إنْ قَرُبَ ) السَّاتِرُ مِنْ مَكَانِ الْأَمَةِ وَالْعُرْيَانِ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ صُفُوفٍ غَيْرُ مَا فِيهِ الْمُصَلِّي وَمَا فِيهِ السَّاتِرُ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَتِرَا وَكَمَّلَا صَلَاتَهُمَا بِحَالِهِمَا ( أَعَادَا ) أَيْ الْأَمَةُ وَالْعُرْيَانُ صَلَاتَهُمَا نَدْبًا ( بِوَقْتٍ ) الظُّهْرَانِ لِلِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ وَالصُّبْحُ لِلطُّلُوعِ لِدُخُولِهِمَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَمَفْهُومُ إنْ قَرُبَ أَنَّهُ إنْ بَعُدَ فَلَا يَسْتَتِرَانِ وَيُكْمِلَانِ صَلَاتَهُمَا بِحَالِهِمَا وَيُعِيدَانِهَا بِوَقْتٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى لَا يُعِيدَانِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ وَجَدَ الْعُرْيَانُ ثَوْبًا فِي الصَّلَاةِ فَيَقْطَعُهَا قَرُبَ أَوْ بَعُدَ .

وَإِنْ كَانَ لِعُرَاةٍ ثَوْبٌ صَلُّوا أَفْذَاذًا ، وَلِأَحَدِهِمْ ، نُدِبَ لَهُ إعَارَتُهُمْ .
( وَإِنْ كَانَ لِ ) جَمَاعَةٍ ( عُرَاةٍ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَارٍ بِمَعْنَى عُرْيَانَ ( ثَوْبٌ ) وَاحِدٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةً ( صَلَّوْا ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُثَقَّلًا مُسْتَتِرِينَ بِهِ وُجُوبًا شَرْطًا حَالَ كَوْنِهِمْ ( أَفْذَاذًا ) مُتَعَاقِبِينَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ فَإِنْ ضَاقَ أَوْ تَنَازَعُوا فِي التَّقَدُّمِ اقْتَرَعُوا وَلَا يَجُوزُ التَّسْلِيمُ لِلْغَيْرِ بِدُونِهَا إنْ وَسِعَهَا وَإِلَّا صَلَّوْا عُرَاةً .
( وَ ) إنْ كَانَ الثَّوْبُ ( لِأَحَدِهِمْ ) أَيْ الْعُرَاةِ وَلَا فَضْلَ فِيهِ عَنْهُ ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهُ ) أَيْ مَالِكِ الثَّوْبِ ( إعَارَتُ ) هـ لَ ( هُمْ ) بَعْدَ صَلَاةٍ بِهِ وَلَمْ تَجِبْ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَشْفُ عَوْرَتِهِ لِسِتْرِ عَوْرَةِ غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ سَتْرِ مَالِكِهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى قَسَمِهِ إتْلَافٌ كَذِي فِلْقَتَيْنِ أَوْ طَوِيلٍ يَكْفِي كُلُّ طَرَفٍ مِنْهُ شَخْصًا وَجَبَ إعَارَتُهُمْ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُنْدَبُ وَضَعُفَ .

( فَصْلٌ ) وَمَعَ الْأَمْنِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ بِمَكَّةَ ؛ فَإِنْ شَقَّ فَفِي الِاجْتِهَادِ نَظَرٌ وَإِلَّا فَالْأَظْهَرُ جِهَتُهَا اجْتِهَادًا كَأَنْ نُقِضَتْ ، وَبَطَلَتْ إنْ خَالَفَهَا ، وَإِنْ صَادَفَ .

( فَصْلٌ فِي اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ ) ( وَ ) شُرِطَ لِصِحَّةِ صَلَاةٍ ( مَعَ الْأَمْنِ ) مِنْ نَحْوِ عَدُوٍّ وَسَبُعٍ وَالْقُدْرَةِ قِيلَ الْأَوْلَى ذِكْرُهَا بَدَلَ الْأَمْنِ لِاسْتِلْزَامِهَا إيَّاهُ دُونَ الْعَكْسِ وَالذِّكْرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ وَنَائِبُ فَاعِلِ شُرِطَ الْمُقَدَّرُ ( اسْتِقْبَالُ ) أَيْ مُقَابَلَةُ ( عَيْنِ ) أَيْ ذَاتِ ( الْكَعْبَةِ ) بِجَمِيعِ الْبَدَنِ يَقِينًا ( لِمَنْ ) يُصَلِّي ( بِمَكَّةَ ) وَمَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا كَالْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِهَا وَالْأَوْدِيَةِ وَالطُّرُقِ الْقَرِيبَةِ مِنْهَا فَلَا يَكْفِيهِمْ اسْتِقْبَالُ جِهَتِهَا وَلَا اجْتِهَادٌ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ وَالْيَقِينَ تَمْنَعُ اسْتِقْبَالَ الْجِهَةِ وَالِاجْتِهَادَ فِي اسْتِقْبَالِ الْعَيْنِ الْمُعَرَّضَيْنِ لِلْخَطَأِ فَإِنْ صَلَّوْا صَفًّا مُسْتَقِيمًا مُقَابِلَهَا زَائِدًا عَلَى عَرْضِهَا كَصَفٍّ مُعْتَدِلٍ مِنْ أَوَّلِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى آخِرِهِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهَا الْأَرْبَعِ فَصَلَاةُ الَّذِي لَمْ يُقَابِلْ بَدَنُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ الْكَعْبَةَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقْبِلْ عَيْنَهَا وَإِنَّمَا اسْتَقْبَلَ جِهَتَهَا .
وَهَذَا وَاقِعٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كُلَّ يَوْمٍ وَالنَّاسُ غَافِلُونَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَعْتَنُونَ بِاعْتِدَالِ الصُّفُوفِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهُمْ دَائِرَةً مُحِيطَةً بِالْكَعْبَةِ بِحَيْثُ يُقَابِلُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ أَوْ قَوْسًا مُحِيطًا بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ طُولُ الصَّفِّ قَدْرَ عَرْضِ الْكَعْبَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا يَحْتَاجُونَ إلَى تَقْوِيسِهِ وَكَيْفِيَّةُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ لِمَنْ يُصَلِّي بِمَكَّةَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ يَصْعَدَ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ كَجَبَلٍ أَوْ سَطْحٍ حَتَّى يَرَى الْكَعْبَةَ وَيُقَابِلَهَا بِبَدَنِهِ وَيُصَلِّيَ أَوْ يُرْسِلَ شَيْئًا ثَقِيلًا فِي حَبْلٍ إلَى الْأَرْضِ فَكُلَّمَا قَابَلَهُ مِنْ حَائِطِ السَّقْفِ الَّذِي هُوَ وَاقِفٌ

عَلَيْهِ فَهُوَ مُسَامِتٌ لَهَا فَيَعْلَمُهُ وَيُصَلِّي إلَيْهِ هُوَ وَغَيْرُهُ كُلَّمَا أَرَادَ الصَّلَاةَ وَلَا يَنْحَرِفُ عَنْهُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا .
فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الصُّعُودِ أَوْ كَانَ بِلَيْلٍ أَوْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ عَالٍ اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَاتِهَا الْيَقِينِيَّةِ بِحَيْثُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ وَجَدَ نَفْسَهُ مُسَامِتًا لَهَا وَيُصَلِّي إلَيْهَا وَحَيْثُ عَرَفَ مُسَامِتَهَا مِنْ بَيْتِهِ فَيُصَلِّي إلَيْهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِاسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا خُصُوصُ رُؤْيَتِهَا وَمُشَاهَدَتِهَا بِحَيْثُ لَا تُحْجَبُ عَنْهُ وَلَا يَحُولُ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ وَاحْتَرَزَ بِالْأَمْنِ مِنْ الْخَوْفِ مِنْ عَدُوٍّ أَوْ سَبْعٍ أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ وَبِالْقُدْرَةِ مِنْ الْعَجْزِ عَنْهُ كَمَنْ تَحْتَ هَدْمٍ وَمَرْبُوطٍ وَزَمَنٍ عَاجِزٍ عَنْ التَّحَوُّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ مَعَهُ أَيْضًا وَبِالذِّكْرِ مِنْ النِّسْيَانِ فَيَسْقُطُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ .
( فَإِنْ ) أَمْكَنَ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا يَقِينًا وَ ( شَقَّ ) عَلَيْهِ لِمَرَضٍ أَوْ هِرَمٍ ( فَفِي ) جَوَازِ ( الِاجْتِهَادِ ) فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا لِبِنَاءِ الدِّينِ عَلَى التَّيْسِيرِ وَمَنْعِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْيَقِينِ تَمْنَعُ الِاجْتِهَادَ ( نَظَرٌ ) أَيْ تَرَدُّدٌ لِلْمُتَأَخِّرَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَصَوَّبَ ابْنُ رَاشِدٍ مَنْعَ الِاجْتِهَادِ وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا يَقِينًا بِوَجْهٍ كَشَدِيدِ مَرَضٍ أَوْ زَمِنٍ أَوْ مَرْبُوطٍ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا .
وَأَمَّا مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِ جِهَتِهَا مَعَ عِلْمِهَا لِمَرَضٍ أَوْ هَدْمٍ عَلَيْهِ أَوْ رَبْطٍ فَيُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا لِعَجْزِهِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهَا أَقْسَامٌ .
الْأَوَّلُ صَحِيحٌ آمِنٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ اسْتِقْبَالِ

عَيْنِهَا يَقِينًا إمَّا بِصَلَاتِهِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ بِالصُّعُودِ عَلَى مُرْتَفَعٍ وَرُؤْيَتِهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا اسْتَدَلَّ عَلَى عَيْنِهَا بِعَلَامَةٍ يَقِينِيَّةٍ يَقْطَعُ بِهَا قَطْعًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ أَنَّهُ لَوْ أُزِيلَ الْحَائِلُ لَكَانَ مُسَامِتًا لَهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَلَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ حَيْثُ يَرَاهَا .
الثَّانِي مَرِيضٌ مَثَلًا يُمْكِنُهُ مَا يُمْكِنُ الصَّحِيحَ لَكِنْ بِجُهْدٍ وَمَشَقَّةٍ فَتَرَدَّدُوا فِي جَوَازِ اجْتِهَادِهِ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ .
الثَّالِثُ مَرِيضٌ مَثَلًا لَا يُمْكِنُهُ ذَلِكَ فَهَذَا يَجْتَهِدُ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِهَا اتِّفَاقًا .
الرَّابِعُ مَرِيضٌ مَثَلًا عَالَمٌ جِهَتَهَا يَقِينًا وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ لِغَيْرِهَا وَلَا يَقْدِرُ عَلَى التَّحَوُّلِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يُحَوِّلُهُ لَهَا فَهَذَا يُصَلِّي لِغَيْرِ جِهَتِهَا كَالْخَائِفِ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ وَعَدُوٍّ لِأَنَّ شَرْطَ الِاسْتِقْبَالِ الْأَمْنُ وَالْقُدْرَةُ سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَيَأْتِي هُنَا فَالْآيِسُ أَوَّلُ الْمُخْتَارِ وَالرَّاجِي آخِرُهُ وَالْمُتَرَدِّدُ وَسَطُهُ .
( وَإِلَّا ) إي وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ وَلَا بِمَا أُلْحِقَ بِهَا ( فَالْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الَّذِي يَشْتَرِطُ اسْتِقْبَالُهُ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ( جِهَتُهَا ) أَيْ الْكَعْبَةِ لَا عَيْنِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ عَيْنُهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ وَمُرَادُهُمْ تَقْدِيرُ الْمُصَلِّي ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهَا فِي الْوَاقِعِ كَمَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا لِأَنَّ هَذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَيَلْزَمُهُ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَنْ صَلَّى مُقْتَدِيًا بِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ زَائِدٌ عَلَى عَرْضِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا غَيْرُ مُسْتَقْبِلٍ عَيْنَهَا وَيَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْإِمَامِ بُطْلَانُ صَلَاةِ مَأْمُومِهِ إلَّا فِيمَا اسْتَثْنَى وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ .
وَأُجِيبَ عَنْ هَذَا أَيْضًا بِأَنَّ الْجِسْمَ يُقَابَلُ بِأَكْبَرَ مِنْهُ مَعَ الْبُعْدِ وَكُلَّمَا زَادَ الْبُعْدُ عَظُمَ

الْمُقَابَلُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ وَقُطْبِ الدَّائِرَةِ وَبُحِثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِتَقَوُّسِ الْمُقَابِلِ كَالدَّائِرَةِ حَوْلَ قُطْبِهَا وَإِلَّا لَزِمَ فِي صَفٍّ مُعْتَدِلٍ وَلَا تَقَوُّسَ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ وَإِنْ أُرِيدَ إمْكَانُ الْوَصْلِ بَيْنَهُمَا بِخَطٍّ وَلَوْ مَالَ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا رَجَعَ الْخِلَافُ لَفْظِيًّا عبق وَيَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَنْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَعَلَى الْمَذْهَبِ يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يُعِيدُ أَبَدًا الْبُنَانِيُّ الْحَقُّ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَازِرِيُّ وَأَنَّهُ لَوْ اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَإِنَّمَا يُعِيدُ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّهَا قِبْلَةُ اجْتِهَادٍ عَلَيْهِمَا وَالْأَبَدِيَّةُ عِنْدَنَا إنَّمَا هِيَ فِي قِبْلَةُ الْقَطْعِ .
وَلَعَلَّ عبق أَخَذَ ذَلِكَ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِزِّ الدِّينِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ شَافِعِيُّ الْمَذْهَبِ ( اجْتِهَادًا ) فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ جَامِعِ عَمْرٍو بِمِصْرَ الْعَتِيقَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاجْتِهَادُ الْمُؤَدِّي لِمُخَالَفَةِ مِحْرَابِهِمَا وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَقْلِيدُ مِحْرَابِهِمَا لِأَنَّ مِحْرَابَ الْمَدِينَةِ بِالْوَحْيِ وَمِحْرَابَ جَامِعِ عَمْرٍو بِإِجْمَاعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَإِنْ انْحَرَفَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ يَسِيرًا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَلَكِنْ بَحْثٌ بِالنِّسْبَةِ لِجَامِعِ عَمْرٍو بِأَنَّ الَّذِينَ حَضَرُوهُ نَحْوَ الثَّمَانِينَ وَذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْإِجْمَاعِ .
وَلِذَا رُوِيَ أَنَّ اللَّيْثَ وَابْنَ لَهِيعَةَ كَانَا يَتَيَامَنَانِ فِيهِ قِيلَ وَتَيَامَنَ بِهِ قُرَّةٌ لَمَّا بَنَاهُ عَلَى عَهْدِ بَنِي أُمَيَّةَ وَمِثْلُ جَامِعِ عَمْرٍو وَجَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ بِالشَّامِ وَجَامِعِ الْقَيْرَوَانِ لِاجْتِمَاعٍ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِمَا أَيْضًا ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَجِدْ فِي الْبَيَانِ وَلَا فِي الْوَقْتِ اسْتِظْهَارًا لِابْنِ رُشْدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ لِابْنِ عَبْدِ

السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ، فَالْمُنَاسِبُ فَالْأَصَحُّ أَوْ الْأَحْسَنُ .
وَأَجَابَ تت بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اقْتَصَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ عِنْدَهُ وَالْخَرَشِيُّ بِأَنَّ الِاسْتِظْهَارَ وَقَعَ لِابْنِ رُشْدٍ فِي قَوَاعِدِهِ الْكُبْرَى .
وَشَبَّهَ فِي الِاجْتِهَادِ فِي اسْتِقْبَالِ الْجِهَةِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( نُقِضَتْ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَاءِ التَّأْنِيثِ ، أَيْ هُدِمَتْ الْكَعْبَةُ وَنُقِلَ حَجَرُهَا وَنُسِيَ مَحَلُّهَا ، حَمَاهَا اللَّهُ تَعَالَى بِفَضْلِهِ مِنْ ذَلِكَ فَالْوَاجِبُ إذْ ذَاكَ الِاجْتِهَادُ فِي اسْتِقْبَالِ جِهَتِهَا اتِّفَاقًا لِانْعِدَامِ عَيْنِهَا وَجَهْلِ مَحَلِّهَا سَوَاءٌ كَانَ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرِهَا وَفِي عبق إنْ كَانَ بِمَكَّةَ اجْتَهَدَ فِي اسْتِقْبَالِ عَيْنِ مَحَلِّهَا .
( وَبَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ ( إنْ ) أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى جِهَةٍ وَ ( خَالَفَهَا ) بِصَلَاتِهِ لِغَيْرِهَا عَامِدًا إنْ لَمْ يُصَادِفْ الْقِبْلَةَ فِي الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا بَلْ ( وَإِنْ صَادَفَ ) هَا فِي الْجِهَةِ الَّتِي صَلَّى إلَيْهَا فَيُعِيدُهَا أَبَدًا لِدُخُولِهِ عَلَى الْفَسَادِ وَتَعَمُّدِهِ إيَّاهُ فَلَمْ يَنْوِ مَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ بِهَا فَإِنْ صَلَّى لِغَيْرِهَا نِسْيَانًا فَصَادَفَ فَالظَّاهِرُ الْجَزْمُ بِصِحَّتِهَا وَبَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِهَا لِجَزْمِهِ النِّيَّةَ وَتَبَيُّنِ الْمُوَافَقَةِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنْ صَلَّى لِجِهَةِ اجْتِهَادِهِ فَتَبَيَّنَ خَطَؤُهُ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ إنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ أَوْ اسْتَدْبَرَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا إنْ انْحَرَفَ يَسِيرًا .
وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ إعَادَتَهُ فِيهِ بِظُهُورِ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ .
قَالَ فَإِنْ خَفِيَتْ فَلَا يُعِيدُ لِأَنَّهُ مُجْتَهِدٌ تَحَيَّرَ وَاخْتَارَ جِهَةً صَلَّى إلَيْهَا كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ .

وَصَوَّبَ سَفَرِ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ .
وَإِنْ بِمَحْمَلٍ بَدَلٌ فِي نَفْلٍ ، وَإِنْ وَتْرًا .
وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا ، لَا سَفِينَةٍ فَيَدُورُ مَعَهَا إنْ أَمْكَنَ ، وَهَلْ إنْ أَوْمَأَ أَوْ مُطْلَقًا ؟ تَأْوِيلَانِ

( وَصَوْبُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ جِهَةُ ( سَفَرِ قَصْرٍ ) لِلرُّبَاعِيَّةِ بِأَنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ مَقْصُودَةٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا ( لِرَاكِبِ دَابَّةٍ ) رُكُوبًا مُعْتَادًا ( فَقَطْ ) رَاجِعٌ لِسَفَرٍ وَمَا بَعْدَهُ ، أَيْ لَا حَضَرٍ وَلَا سَفَرٍ غَيْرِ قَصْرِهِ لِنَقْصِهِ عَنْهَا أَوْ عِصْيَانٍ أَوْ لَهْوٍ بِهِ وَلَا لِمَاشٍ وَلَا لِرَاكِبٍ غَيْرِ دَابَّةٍ كَسَفِينَةٍ وَلَا لِرَاكِبِ دَابَّةٍ رُكُوبًا غَيْرَ مُعْتَادٍ بِجَعْلِ وَجْهِهِ لِذَنَبِهَا أَوْ جَنْبِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحْمِلٍ بَلْ .
( وَإِنْ ) كَانَ ( بِمَحْمِلٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ أَيْ مَا يَرْكَبُ فِيهِ مِنْ نَحْوِ شُقْدُفٍ وَيَتَرَبَّعُ حَالَ إحْرَامِهِ وَقِرَاءَتِهِ وَرُكُوعِهِ وَيُغَيِّرُ جِلْسَتَهُ لِسُجُودِهِ عَلَى خَشَبِ الْمَحْمِلِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَحَالَ التَّشَهُّدِ وَخَبَرُ صَوْبُ ( بَدَلٌ ) أَيْ عِوَضٌ عَنْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ ( فِي ) صَلَاةِ ( نَفْلٍ ) فَقَطْ لَا فِي فَرْضٍ وَلَوْ كِفَائِيًّا كَجِنَازَةٍ إنْ كَانَ النَّفَلُ غَيْرَ سُنَّةٍ بَلْ .
( وَإِنْ ) كَانَ ( وَتْرًا ) إنْ عَسُرَ ابْتِدَاؤُهُ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ بَلْ ( وَإِنْ سَهُلَ الِابْتِدَاءُ لَهَا ) أَيْ جِهَةِ الْكَعْبَةِ بِأَنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ وَاقِفَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجِبُ ابْتِدَاؤُهُ لَهَا إنْ سَهُلَ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ حَالَ صَلَاتِهِ عَلَيْهَا مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ مِنْ إمْسَاكِ عَنَانِهَا وَتَحْرِيكِ رِجْلِهِ بِجَنْبِهَا وَضَرْبِهَا بِنَحْوِ سَوْطٍ ، وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا لِقَرَبُوسِ الدَّابَّةِ ، وَيُشْتَرَطُ رَفْعُ عِمَامَتِهِ عَنْ جَبْهَتِهِ حَالَ إيمَائِهِ بِهَا لَا طَهَارَةَ الْأَرْضِ ، فَإِنْ انْحَرَفَ لِغَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا انْحِرَافًا كَثِيرًا اخْتِيَارًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ إلَّا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ .
( لَا ) يَكُونُ صَوْبُ سَفَرِ الْقَصْرِ بَدَلًا لِرَاكِبِ ( سَفِينَةٍ ) لِسُهُولَةِ اسْتِقْبَالِهِ جِهَةَ الْكَعْبَةِ فِيهَا وَإِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ فِي السَّفِينَةِ لِجِهَةِ الْكَعْبَةِ فَدَارَتْ السَّفِينَةُ إلَى غَيْرِ

جِهَتِهَا ( فَيَدُورُ ) الْمُصَلِّي ( مَعَهَا ) أَيْ الْقِبْلَةِ أَوْ السَّفِينَةِ ، أَيْ يَدُورُ لِلْقِبْلَةِ مَعَ دَوْرَانِ السَّفِينَةِ لِغَيْرِهَا ( إنْ أَمْكَنَ ) دَوَرَانُهُ وَإِلَّا فَيُصَلِّي حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ .
( وَهَلْ ) مَنْعُ النَّفْلِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ ( إنْ أَوْمَأَ ) الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا فَإِنْ رَكَعَ وَسَجَدَ فَيَجُوزُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ دَوَرَانٍ ، وَلَوْ أَمْكَنَهُ وَهُوَ فَهْمُ ابْنِ التَّبَّانِ وَأَبِي إبْرَاهِيمَ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ الْإِيمَاءُ ( أَوْ ) مَنْعُهُ فِيهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالْإِيمَاءِ ، وَهَذَا فَهْمُ أَبِي مُحَمَّدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّتَهُ عَدَمُ اسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَهِيَ رُخْصَةٌ يَقْتَصِرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا وَهُوَ سَفَرُ قَصْرٍ لِرَاكِبِ دَابَّةٍ فَقَطْ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ اخْتِلَافٌ مِنْ شَارِحِيهَا فِي فَهْمِ قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ إيمَاءً حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ مِثْلَ الدَّابَّةِ فَفَهِمَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَابْنُ التَّبَّانِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَوْلِهَا لَا يَنْتَقِلُ فِي السَّفِينَةِ قَوْلُهَا إيمَاءً ، وَفَهِمَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّهَا قَوْلُهَا حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ وَعِبَارَتُهَا مُحْتَمَلَةٌ لَهُمَا .

وَلَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدٌ غَيْرَهُ وَلَا مِحْرَابًا إلَّا لِمِصْرٍ ، وَإِنْ أَعْمَى وَسَأَلَ عَنْ الْأَدِلَّةِ وَقَلَّدَ غَيْرَهُ مُكَلَّفًا عَارِفًا أَوْ مِحْرَابًا

( وَلَا يُقَلِّدُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً ، وَفَاعِلُهُ شَخْصٌ ( مُجْتَهِدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِلِاجْتِهَادِ فِي مَعْرِفَةِ جِهَةِ الْكَعْبَةِ لِمَعْرِفَتِهِ أَدَاتَهَا وَكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا شَخْصًا ( غَيْرَهُ ) مُجْتَهِدًا فَالِاجْتِهَادُ وَاجِبٌ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ مَانِعَةٌ مِنْ التَّقْلِيدِ .
( وَ ) لَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ ( مِحْرَابًا ) مَنْصُوبًا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) مِحْرَابًا ( لِمَصْرٍ ) بِالتَّنْوِينِ أَيْ بَلَدٍ كَبِيرٍ حَضَرٍ نَصَبَ مِحْرَابَهُ إلَيْهَا الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ كَبَغْدَادَ وَمِصْرَ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّة ، وَلَوْ خَرِبَ فَيَجُوزُ تَقْلِيدُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ قَوْلُهُ لَا لِمِصْرٍ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إنَّمَا يُفِيدُ الْجَوَازَ .
وَصَرَّحَ فِي الْمِعْيَارِ بِالْجَوَازِ وَنَفْيِ الْوُجُوبِ قَائِلًا وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي جُهِلَ حَالُ نَاصِبِهَا دَاخِلَةٌ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَالْمَحَارِيبُ الَّتِي قَطَعَ الْعَارِفُونَ بِخَطَئِهَا كَمَحَارِيبَ رَشِيدٍ وَقَرَافَةِ مِصْرَ الْعَتِيقَةِ وَمُنْيَةِ ابْنِ خَصِيبٍ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إلَيْهَا لَا لِلْمُجْتَهِدِ وَلَا لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ الْمُجْتَهِدُ بَصِيرًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( أَعْمَى وَسَأَلَ ) أَيْ الْأَعْمَى ( عَنْ الْأَدِلَّةِ ) لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ .
( وَقَلَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا وَفَاعِلُهُ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ الْجَاهِلُ بِأَدِلَّتِهَا أَوْ بِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا وُجُوبًا شَخْصًا ( مُكَلَّفًا ) أَيْ بَالِغًا عَاقِلًا تَنَازَعَ فِيهِ سَأَلَ وَقَلَّدَ عَدْلًا فِي الرِّوَايَةِ ( عَارِفًا ) بِالْأَدِلَّةِ وَبِكَيْفِيَّةِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَا ( أَوْ ) قَلَّدَ ( مِحْرَابًا ) وَلَوْ لِغَيْرِ مِصْرٍ لَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ ظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ تَقْدِيمُ تَقْلِيدِ مِحْرَابِ الْمِصْرِ عَلَى تَقْلِيدِ

الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ عَلَى مِحْرَابِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ .

فَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَوْ تَحَيَّرَ مُجْتَهِدٌ تَخَيَّرَ ، وَلَوْ صَلَّى أَرْبَعًا لَحَسُنَ وَاخْتِيرَ .
( فَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) أَيْ غَيْرُ الْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ ( أَوْ تَحَيَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مُهْمَلُ الْحَاءِ فَاعِلُهُ ( مُجْتَهِدٌ ) بِخَفَاءِ أَدِلَّتِهَا عَلَيْهِ لِحَبْسٍ أَوْ غَيْمٍ وَلَمْ يَجِدْ مُجْتَهِدًا وَلَا مِحْرَابًا يُقَلِّدُهُ أَوْ الْتِبَاسِهَا عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِهَا لَهُ بِأَنْ تَعَارَضَتْ عِنْدَهُ ( تَخَيَّرَ ) كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ اخْتَارَ كُلٌّ مِنْ الْمُقَلِّدِ الَّذِي لَمْ يَجِدْ مِحْرَابًا وَلَا مُجْتَهِدًا يُقَلِّدُهُ وَالْمُجْتَهِدِ الْمُتَحَيِّرِ جِهَةً وَصَلَّى إلَيْهَا وَبَرِئَتْ ذِمَّتُهُ .
( وَلَوْ صَلَّى ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( أَرْبَعًا ) مِنْ الصَّلَوَاتِ لِكُلِّ جِهَةٍ صَلَاةً ( لَحَسُنَ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ( وَاخْتِيرَ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ، وَهَذَا إذَا كَانَ تَحَيُّرُهُ وَشَكُّهُ فِي الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِلَّا تَرَكَ مَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ قِبْلَةً ، وَصَلَّى صَلَاةً وَاحِدَةً عَلَى الْأَوَّلِ لِلْجِهَةِ الَّتِي يَخْتَارُهَا ، وَعَدَدُهَا بِقَدْرِ مَا شَكَّ فِيهِ عَلَى الثَّانِي وَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ مَسْلَمَةَ مُخَالِفًا بِهِ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاللَّخْمِيُّ .

وَإِنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ بِصَلَاةٍ قَطَعَ .
غَيْرُ أَعْمَى وَمُنْحَرِفٍ يَسِيرًا فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا ، وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ ؛ وَهَلْ يُعِيدُ النَّاسِي أَبَدًا ؟ خِلَافٌ

( وَإِنْ تَبَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ظَهَرَ يَقِينًا أَوْ ظَنًّا لِمُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ أَوْ مُتَحَيِّرٍ بِقِسْمَيْهِ وَفَاعِلُ تَبَيَّنَ ( خَطَأٌ ) فِي الْقِبْلَةِ الَّتِي هُوَ مُسْتَقْبِلُهَا وَصِلَةُ تَبَيَّنَ ( بِصَلَاةٍ ) أَيْ فِيهَا ( قَطَعَ ) صَلَاتَهُ وُجُوبًا شَخْصٌ ( غَيْرُ أَعْمَى وَ ) غَيْرُ ( مُنْحَرِفٍ ) عَنْ الْقِبْلَةِ انْحِرَافًا ( يَسِيرًا ) وَغَيْرُهُمَا هُوَ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا بِأَنْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَوْلَى الْمُسْتَدْبِرُ وَمَفْهُومُ غَيْرُ أَعْمَى أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَقْطَعُ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ وَغَيْرُ مُنْحَرِفٍ يَسِيرًا أَنَّ الْبَصِيرَ الْمُنْحَرِفَ يَسِيرًا لَا يَقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَالْأَوْضَحُ الْمُخْتَصَرُ بَصِيرًا انْحَرَفَ كَثِيرًا ( فَيَسْتَقْبِلَانِهِ ا ) أَيْ الْقِبْلَةَ وَيَبْنِيَانِ عَلَى مَا صَلَّيَاهُ إلَى غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَقْبِلَا وَأَتَمَّاهَا إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَبَيَّنَ خَطَؤُهَا بَطَلَتْ صَلَاةُ الْأَعْمَى الْمُنْحَرِفِ كَثِيرًا وَصَحَّتْ صَلَاةُ الْمُنْحَرِفِ يَسِيرًا بَصِيرًا كَانَ أَوْ أَعْمَى مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِمَا .
( وَ ) إنْ تَبَيَّنَ خَطَأٌ ( بَعْدَ ) فَرَاغٍ ( بِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( أَعَادَ ) أَيْ الْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا ( فِي الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ ) ظَاهِرٌ فِي الْعَصْرِ خَاصَّةً إذَا الظُّهْرُ تُعَادُ إلَى الِاصْفِرَارِ وَالْعِشَاءَانِ وَالصُّبْحُ إلَى الطُّلُوعِ وَأَمَّا الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَالْبَصِيرُ الْمُنْحَرِفُ يَسِيرًا فَلَا تُنْدَبُ لَهُمَا الْإِعَادَةُ فِيهِ الْوَقْتِ إذَا تَبَيَّنَ لَهُمَا الْخَطَأُ بَعْدَهَا وَهَذَا فِي قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ .
وَأَمَّا قِبْلَةُ الْقَطْعِ كَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَجَامِعِ عَمْرٍو وَنَحْوِهِ فَإِنْ تَبَيَّنَ فِيهَا فِي الصَّلَاةِ وَجَبَ قَطْعُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ أَعْمَى مُنْحَرِفًا يَسِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ فَيُعِيدُهَا أَبَدًا .
( وَهَلْ يُعِيدُ ) الشَّخْصُ ( النَّاسِي ) شَرْطِيَّةُ الِاسْتِقْبَالِ أَوْ جِهَةُ قِبْلَةِ الِاجْتِهَادِ أَوْ التَّقْلِيدِ الْمُنْحَرِفُ كَثِيرًا ، وَتَذَكَّرَ بَعْدَ

فَرَاغِ الصَّلَاةِ صَلَاتَهُ ( أَبَدًا ) وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَحْدَهُ أَوْ فِي الْوَقْتِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فِيهِ ( خِلَافٌ ) وَأَمَّا الْجَاهِلُ وُجُوبَ الِاسْتِقْبَالِ وَصَلَّى لِغَيْرِهَا عَمْدًا فَيُعِيدُ أَبَدًا اتِّفَاقًا كَمَنْ تَذَكَّرَ فِيهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ فِي مُجْتَهِدٍ أَوْ مُقَلِّدٍ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَظَهَرَ خَطَؤُهُ فَلَا تَقْصِيرَ عِنْدَهُ ، وَمَا هُنَا فِي عَالِمِ الْقِبْلَةِ وَنَسِيَ حُكْمَهَا وَتَعَمَّدَ اسْتِقْبَالَ غَيْرِهَا أَوْ نَسِيَهَا نَفْسَهَا وَاسْتَقْبَلَ غَيْرَهَا فَهُوَ مُقَصِّرٌ .
فَإِنْ عَلِمَ فِيهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَعْمَى وَمَحَلُّهُ فِي الِانْحِرَافِ الْكَثِيرِ الْمُتَبَيِّنِ بَعْدَ الْفَرَاغِ ، وَأَمَّا الْيَسِيرُ فَلَا إعَادَةَ بِهِ اتِّفَاقًا .

وَجَازَتْ سُنَّةٌ فِيهَا ، وَفِي الْحَجْرِ لِأَيِّ جِهَةٍ لَا فَرْضٌ فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَأُوِّلَ بِالنِّسْيَانِ وَبِالْإِطْلَاقِ

( وَجَازَتْ سُنَّةٌ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ كَوَتْرٍ أَيْ صَلَاتُهَا ( فِيهَا ) أَيْ الْكَعْبَةِ ( وَفِي الْحِجْرِ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ ، أَيْ الْبِنَاءِ الْمُقَابِلِ لِرُكْنَيْ الْكَعْبَةِ الْعِرَاقِيِّينَ الْمُخْتَلَفِ فِي كَوْنِهِ مِنْهَا كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ وَمِنْهَا رَكْعَتَا الطَّوَافِ الْوَاجِبِ أَوْ الرُّكْنِ وَأَوْلَى رَكْعَتَا الْفَجْرِ وَالْمَنْدُوبِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قِيَاسًا عَلَى النَّفْلِ الْمُطْلَقِ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُعْتَمَدُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مَنْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ ، قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةُ وَالرَّاجِحُ الْكَرَاهَةُ .
وَالْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ يُجَازَ مُضِيٌّ بَعْد الْوُقُوعِ فَلَا يُنَافِي كَرَاهَةَ الْقُدُومِ عَلَيْهِ بَعِيدٌ .
وَأَمَّا النَّفَلُ الْمُطْلَقُ وَالرَّوَاتِبُ وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ الْمَنْدُوبِ فَتُنْدَبُ فِيهَا .
( لِأَيِّ جِهَةٍ ) أَيْ مِنْ الْكَعْبَةِ فَقَطْ وَلَوْ لِبَابِهَا مَفْتُوحًا .
وَأَمَّا الْحِجْرُ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ إلَّا إلَى الْكَعْبَةِ فَلَوْ شَرَّقَ أَوْ غَرَّبَ اسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ قَالَهُ الْحَطّ الرَّمَاصِيُّ قَدْ يُقَالُ لَا وَجْهَ لِعَدَمِ جَوَازِهِ فِي الْحِجْرِ لِأَنَّهُ جِهَةٌ مِنْهُ لِنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الصَّلَاةِ فِيهِ كَحُكْمِ الصَّلَاةِ فِي الْبَيْتِ ، وَقَدْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِهَا فِي الْبَيْتِ وَلَوْ لِبَابِهِ مَفْتُوحًا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرَ مُسْتَقْبِلٍ شَيْئًا مِنْ بِنَائِهِ ، فَكَذَا يُقَالُ فِي الْحِجْرِ عَلَى مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ الْبُنَانِيُّ مِمَّا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ نَظَرٌ ، إذْ كَلَامُ عِيَاضٍ وَالْقَرَافِيِّ صَرِيحٌ فِي مَنْعِ اسْتِقْبَالِ الْحِجْرِ مِنْ خَارِجِهِ ، وَصَرَّحَ ابْنُ جَمَاعَةَ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ فَالصَّلَاةُ فِيهِ لِغَيْرِ الْكَعْبَةِ أَوْلَى بِالْمَنْعِ ، وَهَذَا لَا يَدْفَعُ بِظَاهِرِ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ظُهُورِ التَّخْصِيصِ .
( لَا ) يَجُوزُ فِيهَا وَفِي الْحِجْرِ ( فَرْضٌ ) عَيْنِيٌّ أَوْ كِفَائِيٌّ

كَالْجِنَازَةِ وَإِذَا صَلَّى عَلَى الْفَرْضِ فِي أَحَدِهِمَا ( فَيُعَادُ فِي الْوَقْتِ ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَالطُّلُوعِ فِي غَيْرِهِمَا ، وَتُعَادُ الْجِنَازَةُ عَلَى فَرْضِيَّتِهَا لَا عَلَى سُنِّيَّتِهَا وَإِنْ مُنِعَتْ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيهِمَا .
( وَأُوِّلَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاو مُثَقَّلًا ، أَيْ فُهِمَ قَوْلُهَا يُعَادُ الْفَرْضُ فِيهِمَا فِي وَقْتِهِ ( بِالنِّسْيَانِ ) مِنْ الْمُصَلِّي لَهُ فِيهِمَا ، وَأَمَّا الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فَيُعِيدَانِ أَبَدًا وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ ( وَ ) أُوِّلَ ( بِالْإِطْلَاقِ ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالنِّسْيَانِ فَيُعِيدُ الْعَامِدُ وَالْجَاهِلُ فِي الْوَقْتِ كَالنَّاسِي وَهَذَا لِلَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .

وَبَطَل فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِهَا كَالرَّاكِبِ إلَّا لِالْتِحَامٍ ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ كَسَبُعٍ ، وَإِنْ لِغَيْرِهَا

( وَبَطَلَ فَرْضٌ ) صُلِّيَ ( عَلَى ظَهْرِهَا ) أَيْ سَطْحِ الْكَعْبَةِ فَيُعَادُ أَبَدًا ، وَمَفْهُومُ " فَرْضٌ " عَدَمُ بُطْلَانِ النَّفْلِ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَلَّابِ ، قَالَ لَا بَأْسَ بِهِ لَكِنْ إنْ أَرَادَ مَا شَمِلَ السُّنَنَ وَالْفَجْرَ فَمَمْنُوعٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا كَالْفَرْضِ فِي عَدَمِ جَوَازِهَا فِيهَا عَلَى الرَّاجِحِ ، وَالصَّلَاةُ فِيهَا أَخَفُّ مِنْهَا عَلَيْهَا وَقَدْ نَصَّ تَقِيُّ الدِّينِ الْفَاسِيُّ عَلَى بُطْلَانِ السُّنَّةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا عَلَى ظَهْرِهَا فَيُخَصُّ كَلَامُ الْجَلَّابِ بِغَيْرِهَا مِنْ النَّفْلِ وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ حَبِيبٍ مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَالصَّلَاةُ تَحْتَ الْكَعْبَةِ بَاطِلَةٌ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا لِأَنَّ مَا تَحْتَ الْمَسْجِدِ لَيْسَ لَهُ حُكْمُهُ بِحَالٍ بِخِلَافِ مَا فَوْقَهُ فَيَجُوزُ لَلْجُنُبِ الْمُكْثُ تَحْتَهُ لَا الطَّيَرَانُ فَوْقَهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) صَلَاةِ الشَّيْخِ ( الرَّاكِبِ ) عَلَى دَابَّةٍ إنْ كَانَتْ فَرْضًا لِتَرْكِهِ كَثِيرًا مِنْ أَرْكَانِهَا كَالْقِيَامِ وَالسُّجُودِ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، فَإِنْ صَلَّى عَلَيْهَا قَائِمًا رَاكِعًا سَاجِدًا مُسْتَقْبِلًا فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَصِحُّ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ .
وَقَالَ سَنَدٌ تَصِحُّ وَاعْتُمِدَ ( إلَّا ) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَيْهَا ( لِالْتِحَامٍ ) أَيْ اخْتِلَاطٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي الْقِتَالِ لِإِعْلَاءِ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بَيْنَ الدَّافِعِينَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَوْ أَمْوَالِهِمْ وَالزَّاحِفِينَ عَلَيْهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَيْنَ الطَّائِعِينَ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَتِهِ .
( أَوْ ) لِ ( خَوْفِهِ مِنْ كَسَبُعٍ ) أَوْ لِصٍّ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ إنْ نَزَلَ عَنْهَا فَيُصَلِّي إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ فِيهِمَا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَيْهَا ( لِغَيْرِهَا ) أَيْ الْقِبْلَةِ مِنْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُهُ التَّوَجُّهُ إلَيْهَا وَإِلَّا تَعَيَّنَ وَاحْتَرَزَ بِالِالْتِحَامِ مِنْ صَلَاةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ لِإِمْكَانِ النُّزُولِ عَنْهَا .

وَإِنْ أَمِنَ أَعَادَ الْخَائِفُ بِوَقْتٍ ، وَإِلَّا لِخَضْخَاضٍ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ ، أَوْ لِمَرَضٍ ، وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا كَالْأَرْضِ فَلَهَا ، وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ .

( وَإِنْ أَمِنَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَصَلَ الْأَمْنُ لِمَنْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ لِالْتِحَامٍ أَوْ خَوْفًا مِنْ كَسَبُعٍ ( أَعَادَ الْخَائِفُ ) مِنْ كَسَبُعٍ الصَّلَاةَ ( بِوَقْتٍ ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ إنْ تَبَيَّنَ عَدَمَ مَا خَافَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يُعِيدُ وَمَفْهُومُ الْخَائِفِ أَنَّ الْمُلْتَحِمَ لَا يُعِيدُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِقُوَّتِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ عَلَيْهِ .
( وَإِلَّا ) صَلَاتُهُ فَرْضًا عَلَى الدَّابَّةِ ( لِخَضْخَاضٍ ) أَيْ فِيهِ وَنَعَتَهُ بِجُمْلَةِ ( لَا يُطِيقُ ) أَيْ الرَّاكِبُ ( النُّزُولَ بِهِ ) أَيْ فِي الْخَضْخَاضِ لِخَوْفِ غَرَقِهِ أَوْ تَلَوُّثِ ثِيَابِهِ ، وَلَوْ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا الْغَسْلُ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ يُطِيقُ النُّزُولَ فِيهِ لَزِمَهُ تَأْدِيَتُهَا عَلَى الْأَرْضِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ ( أَوْ ) إلَّا صَلَاتُهُ عَلَى الدَّابَّةِ ( لِمَرَضٍ ) يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ إلَى الْأَرْضِ .
( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( يُؤَدِّيهَا ) أَيْ يُصَلِّي الْفَرْضَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ بِإِيمَاءٍ ( كَ ) تَأْدِيَتِهَا عَلَى ( الْأَرْضِ ) بِإِيمَاءٍ .
وَإِنْ كَانَ الْإِيمَاءُ بِالْأَرْضِ أَتَمَّ مِنْ الْإِيمَاءِ عَلَى الدَّابَّةِ وَهَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ عَلَى حَدِّ : وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ وَجْهُ الْخَلِيفَةِ حِين يُمْتَدَحُ وَالْأَصْلُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ ( فَلَهَا ) أَيْ الْقِبْلَةِ يُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ بَعْدَ إيقَافِهَا لَهُ فِي صُورَتَيْ الْخَضْخَاضِ وَالْمَرَضِ وَيُومِئُ بِسُجُودِهِ لِلْأَرْضِ لَا إلَى كَوْرِ رَاحِلَتِهِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى السُّجُودِ بِالْأَرْضِ وَلَوْ مِنْ جُلُوسٍ فَلَا تَصِحُّ عَلَى الدَّابَّةِ .
وَأَمَّا مَنْ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ عَلَى الدَّابَّةِ كَوْنُهُ يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَتَأْدِيَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ لِعَجْزِهِ عَنْ النُّزُولِ .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( كَرَاهَةُ ) الصَّلَاةِ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْفَرْعِ ( الْأَخِيرِ ) أَيْ الْمَرِيضِ الَّذِي يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ كَالدَّابَّةِ ،

وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهَا لَمْ تُصَرِّحْ بِكَرَاهَتِهَا عَلَى الدَّابَّةِ بَلْ قَالَتْ لَا يُعْجِبُنِي فَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمَنْعِ ، فَالْمُنَاسِبُ وَفِيهَا فِي الْأَخِيرِ لَا يُعْجِبُنِي وَهَلْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَوْ عَلَى الْمَنْعِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ تَأْوِيلَانِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ هِيَ الْمُتَبَادَرَةُ مِنْ لَا يُعْجِبُنِي فَنَزَّلَهَا مَنْزِلَتَهُ فِي النَّصِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) فَرَائِضُ الصَّلَاةِ .
تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ
( فَصْلٌ ) فِي فَرَائِضِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا ( فَرَائِضُ الصَّلَاةِ ) أَيْ أَرْكَانُهَا وَأَجْزَاؤُهَا الَّتِي تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهَا عَلَيْهَا خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً أَوَّلُهَا ( تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ ) عَلَى كُلِّ مُصَلٍّ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَلَا يَحْمِلُهَا عَنْهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ حَمْلِهِ الْفَرْضَ وَلَكِنْ جَاءَتْ السُّنَّةُ بِحَمْلِهِ الْفَاتِحَةَ فَعُمِلَ بِهَا فِيهَا وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ وَالْإِحْرَامُ لُغَةً الدُّخُولُ فِي الْحُرْمَةِ ثُمَّ نُقِلَ إلَى مَا يَدْخُلُ بِهِ فِيهَا وَهُوَ مَجْمُوعُ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ فَإِضَافَةُ التَّكْبِيرَةِ إلَيْهِ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِكُلِّهِ .
وَقِيلَ هُوَ النِّيَّةُ وَحْدَهَا فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ شَيْءٍ إلَى مُصَاحِبِهِ وَقِيلَ هُوَ التَّكْبِيرُ وَحْدَهُ فَهِيَ لِلْبَيَانِ .
فَإِنْ شَكَّ فِيهَا غَيْرُ الْمُسْتَنْكِحِ قَبْلَ رُكُوعِهِ أَتَى بِهَا وَابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَبَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُ وَيَبْتَدِئُ إنْ كَانَ فَذًّا وَإِنْ كَانَ إمَامًا فَقَالَ سَحْنُونٌ يَتَمَادَى فِي صَلَاتِهِ فَإِذَا سَلَّمَ سَأَلَهُمْ ، فَإِنْ قَالُوا لَهُ أَحْرَمْت رَجَعَ لِقَوْلِهِمْ وَإِنْ شَكُّوا أَعَادُوهَا جَمِيعًا ، وَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا تَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وُجُوبًا قِيلَ عَلَى صَحِيحَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَالزُّهْرِيُّ مِنْ شُيُوخِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَيُعِيدُهَا فِي الْوَقْتِ .
وَقِيلَ عَلَى بَاطِلَةٍ مُرَاعَاةً لِقَوْلِهِمَا وَيُعِيدُهَا أَبَدًا .

وَقِيَامٌ لَهَا ، إلَّا لِمَسْبُوقٍ فَتَأْوِيلَانِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ : اللَّهُ أَكْبَرُ ، فَإِنْ عَجَزَ سَقَطَ ،

( وَ ) ثَانِيهَا ( قِيَامٌ ) بِلَا اسْتِنَادٍ ( لَهَا ) أَيْ لِأَجْلِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ غَيْرَ مَسْبُوقٍ فَلَا يُجْزِئُ تَكْبِيرُهَا حَالَ اسْتِنَادٍ لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ أَوْ أَنْحَاءٍ أَوْ جُلُوسٍ ( إلَّا لِ ) شَخْصٍ ( مَسْبُوقٍ ) بِمَا قَبْلَ رُكُوعِ الْإِمَامِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا وَوَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَخَافَ رَفْعَهُ مِنْهُ قَبْلَ رُكُوعِهِ مَعَهُ فَابْتَدَأَهَا حَالَ قِيَامِهِ وَأَتَمَّهَا حَالَ انْحِطَاطِهِ أَوْ رُكُوعِهِ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ .
( فَتَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي اعْتِدَادِهِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِتَكْبِيرِهِ الْعَقْدَ أَوْ هُوَ وَالرُّكُوعَ أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا لِانْصِرَافِهِ ، لِلْإِحْرَامِ لَا فِيمَنْ نَوَى بِهِ الرُّكُوعَ وَحْدَهُ ، لِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ بِتَرْكِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَإِنْ وَجَبَ تَمَادِيهِ عَلَيْهَا لَحِقَ الْإِمَامَ فَإِنْ ابْتَدَأَهُ حَالَ انْحِطَاطِهِ وَأَتَمَّهُ فِيهِ أَوْ وَهُوَ رَاكِعٌ بِلَا فَصْلٍ كَثِيرٍ بَطَلَتْ الرَّكْعَةُ اتِّفَاقًا وَصَحَّتْ الصَّلَاةُ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُولَى وَبَطَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ ، لِذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ فَصْلٌ كَثِيرٌ بَطَلَتْ فِي الْقِسْمَيْنِ وَنَصُّهَا .
قَالَ مَالِكٌ إنْ كَبَّرَ الْمَأْمُومُ لِلرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الْإِحْرَامِ أَجْزَأَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ رُشْدٍ وَإِنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ يَصِحُّ وَإِنْ كَبَّرَ وَهُوَ رَاكِعٌ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لِلرُّكُوعِ إنَّمَا يَكُونُ فِي حَالِ الِانْحِطَاطِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجِبُ الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمَسْبُوقِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَعَلَى الثَّانِي يَسْقُطُ عَنْهُ .
وَجَعَلَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ثَمَرَتَهُمَا رَاجِعَةً لِلِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ مَعَ الْجَزْمِ بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِمَّا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَازِرِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَجَعَلَ الْحَطّ ثَمَرَتَهُمَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَعَدَمُهَا وَهُوَ

الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ .
لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ عج أَقْوَى مُسْتَنَدًا وَعَلَيْهِ فَوَجْهُ صِحَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ بُطْلَانِ الرَّكْعَةِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ مَعَ إنَّهُ لِلْخَلَلِ فِي الْإِحْرَامِ بِتَرْكِ الْقِيَامِ لَهُ وَهُوَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ ، فَمُقْتَضَاهُ بُطْلَانُهَا أَيْضًا أَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ الْقِيَامُ فِي الرَّكْعَةِ التَّالِيَةِ فَكَانَ الْإِحْرَامُ حَصَلَ حَالَ قِيَامِهَا فَهِيَ أَوْ صَلَاتُهُ فَالْقِيَامُ مُقَارِنٌ لِلتَّكْبِيرِ حُكْمًا وَالرَّكْعَةُ الْأُولَى لَمْ يُقَارِنْ التَّكْبِيرُ الْقِيَامَ فِيهَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لِعَدَمِ وُجُودِهِ فِيهَا فَلِذَا أُلْغِيَتْ أَفَادَهُ الْمَازِرِيُّ الْمِسْنَاوِيُّ لَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَأَقْرَبُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ حَكَمُوا بِصِحَّةِ الصَّلَاةِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ قِيَامَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْمَسْبُوقِ وَبِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالرَّكْعَةِ لِلْخَلَلِ فِي رُكُوعِهَا بِادِّمَاجِ الْإِحْرَامِ فِيهِ ، فَالْقِيَامُ لَهَا إنَّمَا وَجَبَ لِصِحَّةِ الرُّكُوعِ فَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ .
( وَإِنَّمَا يُجْزِئُ ) فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( اللَّهُ أَكْبَرُ ) بِتَقْدِيمِ لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَمَدِّهِ مَدًّا طَبِيعِيًّا بِلَفْظٍ عَرَبِيٍّ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا فَلَا يُجْزِئُ أَكْبَرُ اللَّهُ وَاَللَّهُ الْعَظِيمُ أَكْبَرُ وَلَا مُرَادِفُهُ بِعَرَبِيَّةٍ أَوْ عَجَمِيَّةٍ اتِّبَاعًا لِلْإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ وَلِلتَّوْقِيفِ وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ وَلَا بِهَا بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِسَائِرِ اللُّغَاتِ .
( فَإِنْ عَجَزَ ) مُرِيدُ الصَّلَاةِ عَنْ النُّطْقِ بِاَللَّهِ أَكْبَرُ لِخَرَسٍ أَوْ عُجْمَةٍ ( سَقَطَ ) التَّكْبِيرُ عَنْهُ وَالْقِيَامُ لَهُ وَيُحْرِمُ بِالنِّيَّةِ كَسَائِرِ الْفَرَائِضِ الْمَعْجُوزِ عَنْهَا ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ أَتَى بِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَعْنًى صَحِيحٌ كَاللَّهُ أَوْ أَكْبَرُ

أَوْ بَرٌّ ، قَالَهُ عج وَاعْتُمِدَ وَقَالَ سَالِمٌ لَا يَأْتِي بِالْبَعْضِ مُطْلَقًا .

وَنِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ ، وَلَفْظُهُ وَاسِعٌ ، وَإِنْ تَخَالَفَا فَالْعَقْدُ ، وَالرَّفْضُ مُبْطِلٌ ، كَسَلَامٍ أَوْ ظَنِّهِ فَأَتَمَّ بِنَفْلٍ إنْ طَالَتْ أَوْ رَكَعَ ، وَإِلَّا فَلَا كَأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ أَوْ عَزُبَتْ ؛ أَوْ لَمْ يَنْوِ الرَّكَعَاتِ ، أَوْ الْأَدَاءَ أَوْ ضِدَّهُ

( وَ ) ثَالِثُهَا ( نِيَّةُ الصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ ) بِأَنْ يَقْصِدَ فَرْضَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَهُوَ شَرْطٌ فِي الْفَرْضِ وَالسُّنَّةِ وَالرَّغِيبَةِ لَا فِي الْمَنْدُوبِ فَيَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ النَّفْلِ ، وَالْوَقْتُ يَصْرِفُهُ لِمَا طُلِبَ فِيهِ مِنْ ضُحًى وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ وَتَهَجُّدٍ وَشَفْعٍ وَرَاتِبَةِ فَرْضٍ قِبْلِيَّةٍ أَوْ بَعْدِيَّةٍ ( وَلَفْظُهُ ) أَيْ تَلَفُّظُ الْمُصَلِّي بِمَا يَدُلُّ عَلَى النِّيَّةِ ( وَاسِعٌ ) أَيْ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا الْمُوَسْوَسُ فَيُنْدَبُ لَهُ اللَّفْظُ لِإِذْهَابِ اللَّبْسِ عَنْ نَفْسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمُصَنِّفُ وَبَهْرَامُ وَقِيلَ مُبَاحٌ وَقِيلَ غَيْرُ مُضَيَّقٍ فَإِنْ شَاءَ قَالَ أُصَلِّي فَرْضَ الظُّهْرِ أَوْ أُصَلِّي الظُّهْرَ أَوْ نَوَيْت أَوْ نَحْوَهَا .
( وَإِنْ ) تَلَفَّظَ و ( تَخَالَفَا ) أَيْ لَفْظُهُ وَنِيَّتُهُ ( فَالْعَقْدُ ) أَيْ الْقَصْدُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَا اللَّفْظُ إنْ كَانَ سَاهِيًا فَإِنْ كَانَ مُتَعَمِّدًا فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ لِتَلَاعُبِهِ بِلَصْقِهَا فَكَأَنَّهُ بِهَا وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ إلْحَاقَ الْجَاهِلِ بِالْعَامِدِ ( وَالرَّفْضُ ) أَيْ نِيَّةُ الْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ وَإِبْطَالُهَا فِيهَا ( مُبْطِلٌ ) لَهَا اتِّفَاقًا لَا بَعْدَهَا عَلَى الْأَرْجَحِ كَالصَّوْمِ قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ إنْ رَفَضَهَا فِيهَا يُبْطِلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِبْطَالِ فَقَالَ ( كَسَلَامٍ ) عَقِبَ رَكْعَتَيْنِ مَثَلًا مِنْ رُبَاعِيَةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ لِظَنِّهِ إتْمَامَهَا ( أَوْ ظَنِّهِ ) أَيْ السَّلَامِ مِنْ ظَنِّ الْإِتْمَامِ وَلَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْهُمَا ( فَأَتَمَّ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ أَحْرَمَ فِي الصُّورَتَيْنِ ( بِنَفْلٍ ) أَوْ فَرْضٍ فَالْأَوْلَى فَشَرَعَ فِي صَلَاةٍ فَتَبْطُلُ الَّتِي سَلَّمَ مِنْهَا يَقِينًا أَوْ ظَنًّا ( إنْ طَالَتْ ) الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا بِشُرُوعِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ وَقِيلَ بِفَرَاغِ الْفَاتِحَةِ .
( أَوْ ) لَمْ تَطُلْ الْقِرَاءَةُ وَ ( رَكَعَ ) أَيْ انْحَنَى لِلرُّكُوعِ وَلَوْ لَمْ يَطْمَئِنَّ بِأَنْ كَانَ مَسْبُوقًا أَوْ عَاجِزًا

عَنْ الْقِرَاءَةِ فَيُتِمُّ النَّفَلَ الَّذِي شَرَعَ فِيهِ إنْ اتَّسَعَ وَقْتُ الْفَرْضِ الَّذِي بَطَلَ ، أَوْ عَقَدَ مِنْ النَّفْلِ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا وَيَقْطَعُ الْفَرْضَ الَّذِي شَرَعَ فِيهَا وَيَنْدُبُ شَفْعُهُ إنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهُ وَوَجَبَ إتْمَامُ النَّفْلِ الَّذِي عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً أَوْ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ دُونَ الْفَرْضِ وَلَوْ عَقَدَ مِنْهُ رَكْعَةً لِأَنَّ النَّفَلَ إذَا لَمْ يُتِمَّ يَفُوتُ إذْ لَا يُقْضَى ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَرْكَعْ فِيمَا شَرَعَ فِيهِ ( فَلَا ) تَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي سَلَّمَ أَوْ ظَنَّ السَّلَامَ مِنْهَا قَبْلَ إتْمَامِهِمْ فَيَرْجِعُ لِلْحَالَةِ الَّتِي فَارَقَهَا مِنْهَا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا فَيَجْلِسُ ثُمَّ يَقُومُ وَيُعِيدُ الْقِرَاءَةَ وَيَأْتِي بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِ وَيَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ نَقْصٌ وَإِلَّا غَلَبَهُ وَسَجَدَ قَبْلَهُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْبُطْلَانِ خَمْسَ مَسَائِلَ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافٍ تَشْبِيهٍ صِلَتُهُ ( لَمْ يَظُنَّهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي السَّلَامَ مِنْ الصَّلَاةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَنَسِيَهَا وَظَنَّ أَنَّهُ فِي نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ آخَرَ وَصَلَّى رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ تَذَكَّرَ صَلَاتَهُ الْأُولَى ، فَلَا تَبْطُلُ وَيَعْتَدُّ فِيهَا بِمَا فَعَلَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ .
أَوْ فَرْضٍ آخَرَ هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ( أَوْ عَزُبَتْ ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ فَزَايٍ ، أَيْ ذَهَبَتْ نِيَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ وَنَسِيَهَا بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِاشْتِغَالِ قَلْبِهِ بِأَمْرٍ آخَرَ أُخْرَوِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ وَصَلَّى وَهُوَ كَذَلِكَ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَيَعْتَدُّ بِمَا فَعَلَهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْهَا لِمَشَقَّةِ اسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ .
( أَوْ ) لَمْ يَنْوِ عَدَدَ ( الرَّكَعَاتِ ) لِلصَّلَاةِ الْمُعَيَّنَةِ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَكُلُّ صَلَاةٍ تَتَضَمَّنُ عَدَدَ

رَكَعَاتِهَا ( أَوْ ) لَمْ يَنْوِ ( الْأَدَاءَ ) فِي الَّتِي حَضَرَ وَقْتَهَا ( أَوْ ) لَمْ يَنْوِ ( ضِدَّهُ ) أَيْ الْقَضَاءَ فِي الَّتِي خَرَجَ وَقْتُهَا فَلَا تَبْطُلُ .
وَالْوَقْتُ يَسْتَلْزِمُ الْأَدَاءَ وَخُرُوجُهُ يَسْتَلْزِمُ الْقَضَاءَ ، وَتَصِحُّ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ ، وَعَكْسِهِ إنْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَلَمْ يَتَعَمَّدْ بِأَنْ اعْتَقَدَ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَنَوَى الْأَدَاءَ وَتَبَيَّنَ خُرُوجُهُ أَوْ اعْتَقَدَ خُرُوجَهُ فَنَوَى الْقَضَاءَ وَتَبَيَّنَ بَقَاؤُهُ فَإِنْ تَعَمَّدَ فَلَا تَصِحُّ ، وَكَذَا إنْ تَعَدَّدَتْ الصَّلَاةُ كَمَنْ صَلَّى صَلَاةً قَبْلَ وَقْتِهَا أَيَّامًا نَاوِيًا الْأَدَاءَ فَلَا تَكُونُ صَلَاةُ يَوْمٍ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ .

وَنِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ ، وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ ، وَبَطَلَتْ بِسَبْقِهَا إنْ كَثُرَ ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ

( وَ ) رَابِعُهَا ( نِيَّةُ اقْتِدَاءِ الْمَأْمُومِ ) بِإِمَامِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ وَاقْتَدَى بِالْإِمَامِ تَارِكًا الْفَاتِحَةَ وَنَحْوَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَسَيَعُدُّهَا الْمُصَنِّفُ شَرْطًا فِي الِاقْتِدَاءِ بِقَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ أَوَّلًا فَلَا تَنَافِيَ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، فَإِنَّ الِاقْتِدَاءَ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَيَلْزَمُ جَعْلُهَا شَرْطًا لِنَفْسِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْطٌ لِصِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مَاهِيَّتِهَا فَفِي عَدِّهَا رُكْنًا تَسَامُحٌ .
( وَجَازَ لَهُ ) أَيْ لِلْمَأْمُومِ ( دُخُولٌ ) مَعَ الْإِمَامِ فِي صَلَاةٍ ( عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ ) مِنْ إتْمَامٍ أَوْ قَصْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ ظُهْرٍ وَيَكْفِيهِ مَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْرَمَ بِهِ مِنْهُمَا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى إحْدَى صُورَتَيْنِ فَقَطْ عَلَى التَّحْقِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يَجِدَ الْإِمَامُ فِي صَلَاةٍ عَقِبَ الزَّوَالِ ، وَلَا يَدْرِي هَلْ هِيَ ظُهْرٌ أَوْ جُمُعَةٌ وَخَشِيَ إنْ عَيَّنَ إحْدَاهُمَا تَتَبَيَّنُ الْأُخْرَى فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ ظُهْرًا كَانَ أَوْ جُمُعَةً وَيَكْفِيهِ مَا يَتَبَيَّنُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَجِدَ مُسَافِرًا إمَامًا فِي رُبَاعِيَةٍ وَلَا يَدْرِي هَلْ الْإِمَامُ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْقَصْرَ فَيَنْوِيَهُ أَوْ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ وَالْإِتْمَامُ فَيَنْوِيه تَبَعًا وَخَشَى إنْ عَيَّنَ أَحَدَهُمَا أَنْ يَظْهَرَ خِلَافُهُ فَلَهُ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ .
ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْإِمَامَ مُسَافِرٌ نَوَى الْقَصْرَ قَصَرَ مَعَهُ وَأَجْزَأْته ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ نَاوٍ الْإِتْمَامَ أَتَمَّ مَعَهُ وَأَجْزَأَتْهُ وَهَذَا تَقْرِيرُ ابْنِ غَازِيٍّ وَالْحَطّ وَسَالِمٍ ، وَجَعَلَهُ بَهْرَامُ وتت شَامِلًا لِصُورَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ شَخْصٌ عَلَيْهِ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ ، وَوَجَدَ إمَامًا يُصَلِّي بِجَمَاعَةٍ وَلَمْ يَدْرِ هَلْ هُوَ فِي الظُّهْرِ أَوْ فِي الْعَصْرِ فَيُحْرِمُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ فَإِنْ تَبَيَّنَتْ

الظُّهْرُ أَجْزَأَتْ وَيُصَلِّي الْعَصْرَ فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى ، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرُ وَلَوْ فِي الْأَثْنَاءِ صَحَّتْ ، وَيُصَلِّي الظُّهْرَ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ وَتُسْتَثْنَى ، هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ شَرْطِيَّةِ تَرْتِيبِ الْحَاضِرَتَيْنِ ، وَهَذَا خِلَافُ النَّفْلِ وَهُوَ إنْ تَبَيَّنَتْ الْعَصْرَ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ وَيَتَمَادَى عَلَى بَاطِلَةٍ لِحَقِّ الْإِمَامِ وَيُعِيدُ الْعَصْرَ بَعْدَ الظُّهْرِ أَبَدًا .
( وَبَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ اتِّفَاقًا ( بِسَبْقِهَا ) أَيْ النِّيَّةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ ( وَإِنْ كَثُرَ ) أَيْ طَالَ الزَّمَانُ الَّذِي بَيْنَ النِّيَّةِ وَالتَّكْبِيرِ بِالْعُرْفِ كَتَأَخُّرِ النِّيَّةِ عَنْ التَّكْبِيرِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ بَيْنَهُمَا وَسَبَقَتْ النِّيَّةُ التَّكْبِيرَ بِيَسِيرٍ عُرْفًا كَنِيَّتِهِ فِي مَحَلٍّ قَرِيبٍ مِنْ الْمَسْجِدِ وَتَكْبِيرِهِ فِي الْمَسْجِدِ نَاسِيًا لَهَا ( فَخِلَافٌ ) فِي تَشْهِيرِ الصِّحَّةِ وَعَدَمِهَا فَقَالَ بِالْبُطْلَانِ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَالَ بِالصِّحَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ .
وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ .

وَفَاتِحَةٌ بِحَرَكَةِ لِسَانٍ عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ ، وَإِنْ لَمْ يُسْمِعْ نَفْسَهُ
( وَ ) خَامِسُهَا ( فَاتِحَةٌ ) أَيْ قِرَاءَتُهَا ( بِحَرَكَةِ لِسَانٍ ) فَلَا يَكْفِي إجْرَاؤُهَا عَلَى الْقَلْبِ بِدُونِ حَرَكَةِ لِسَانٍ ( عَلَى إمَامٍ وَفَذٍّ ) لَا عَلَى مَأْمُومٍ وَتَكْفِي إنْ أَسْمَعَ بِهَا نَفْسُهُ بَلْ ( وَإِنْ لَمْ ) يُسْمِعْ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ بِهَا ( نَفْسَهُ ) فَيَكْفِي فِي أَدَاءِ الْوَاجِبِ وَالْأَوْلَى إسْمَاعُ نَفْسِهِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ .

وَقِيَامٌ لَهَا فَيَجِبُ تَعَلُّمُهَا إنْ أَمْكَنَ ، وَإِلَّا أَتَمَّ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا فَالْمُخْتَارُ سُقُوطُهُمَا ، وَنُدِبَ فَصْلٌ بَيْنَ تَكْبِيرِهِ وَرُكُوعِهِ

( وَ ) سَادِسُهَا ( قِيَامٌ ) اسْتِقْلَالًا ( لَهَا ) أَيْ لِأَجْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي فَرْضٍ لِقَادِرٍ عَلَيْهِ وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ فَلَيْسَ فَرْضًا لِنَفْسِهِ مُسْتَقِلًّا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا سَقَطَ الْقِيَامُ لَهَا .
وَقِيلَ إنَّهُ فَرْضٌ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْعَاجِزِ عَنْهَا فَيَقُومُ بِقَدْرِهَا .
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ لَهَا لَكِنْ إنْ جَلَسَ وَرَكَعَ مِنْهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ هُوِيَّ الرُّكُوعِ مِنْ قِيَامٍ وَهُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ .
وَإِنْ جَلَسَ وَقَامَ لِلرُّكُوعِ بَطَلَتْ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا نَعَمْ إنْ اسْتَنَدَ حَالُهَا لِمَا لَوْ أُزِيلَ لَسَقَطَ وَاسْتَقَلَّ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَفِي هَذَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ عَدَمِ فَرْضِيَّةِ الْقِيَامِ لَهَا عَلَيْهِ .
وَإِنْ قَدَرَ الْإِمَامُ وَالْمُنْفَرِدُ لِبَعْضِ الْقِيَامِ لِبَعْضِ الْفَاتِحَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
( فَيَجِبُ ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ ( تَعَلُّمُهَا ) أَيْ حِفْظُ الْفَاتِحَةِ ( إنْ أَمْكَنَ ) تَعَلُّمُهَا الْمُكَلَّفَ بِأَنْ قَبِلَهُ وَلَوْ فِي زَمَانٍ طَوِيلٍ وَوَجَدَ مُعَلِّمًا وَلَوْ بِأَجْرٍ وَاتَّسَعَ وَقْتُ الصَّلَاةِ ، وَيَجِبُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِيهِ إنْ كَانَ عُسْرُ الْحِفْظِ فِي جَمِيعِ أَوْقَاتِهِ الْفَاضِلَةِ عَنْ أَوْقَاتِ ضَرُورِيَّاتِهِ ( إلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ تَعَلُّمُهَا بِعَدَمِ قَبُولِهِ أَوْ بِعَدَمِ مُعَلِّمٍ أَوْ بِضِيقِ وَقْتِ الصَّلَاةِ ( ائْتَمَّ ) أَيْ اقْتَدَى وَصَلَّى مَأْمُومًا وُجُوبًا شَرْطًا بِمَنْ يَحْفَظُهَا إنْ وَجَدَهُ فَإِنْ صَلَّى فَذًّا مَعَ وُجُودِهِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ .
( فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ التَّعَلُّمُ وَالِائْتِمَامُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ أَلِفِ التَّثْنِيَةِ وَعُودُ الضَّمِيرِ عَلَى الِائْتِمَامِ الْمُتَرَتِّبِ وُجُوبُهُ عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ التَّعَلُّمِ ( فَالْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ( سُقُوطُهُمَا ) أَيْ الْفَاتِحَةِ وَالْقِيَامِ لَهَا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ خِلَافًا

لِمُحَمَّدِ بْنِ سَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ إنْ عَجَزَ عَنْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ إبْدَالُهَا بِمَا ذُكِرَ وَلَا الْقِيَامُ بِقَدْرِهَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ مَسْلَمَةَ فِي قَوْلِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْهَا .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ( فَصْلٌ ) بِسُكُوتٍ أَوْ ذِكْرٍ أَوْ سُورَةٍ أُخْرَى وَهُمَا أَوْلَى مِنْ السُّكُوتِ وَالثَّالِثُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي ( بَيْنَ تَكْبِيرِهِ ) لِلْإِحْرَامِ أَوْ الْقِيَامِ ( وَ ) تَكْبِيرِ ( رُكُوعِهِ ) لِئَلَّا يَشْتَبِهَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ .

وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلّ رَكْعَة أَوْ الْجُلِّ ، خِلَافٌ ، وَإِنْ تَرَكَ آيَةً مِنْهَا سَجَدَ

( وَهَلْ تَجِبُ الْفَاتِحَةُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْأَرْجَحُ ( أَوْ ) تَجِبُ فِي ( الْجُلِّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ الْأَكْثَرِ كَثَلَاثٍ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاثْنَتَيْنِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ ، وَتُسَنُّ فِي رَكْعَةٍ مِنْهُمَا .
وَقِيلَ تَجِبُ فِي النِّصْفِ وَقِيلَ تَجِبُ فِي رَكْعَةٍ .
وَقِيلَ لَا تَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ الرَّكَعَاتِ وَتُسَنُّ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فِيهِ ( خِلَافٌ ) فِي تَشْهِيرِ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَالْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ .
وَالثَّانِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي الْإِرْشَادِ ، وَقَالَ الْقَرَافِيُّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ .
( وَإِنْ تَرَكَ ) إمَامٌ أَوْ فَذٌّ ( آيَةً مِنْهَا ) أَيْ الْفَاتِحَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ تَرَكَهَا مِنْ رَكْعَةٍ أَكْثَرَ وَلَوْ جَلَّ الرَّكَعَاتِ وَفَاتَ تَدَارُكُهَا بِانْحِنَائِهِ لِلرُّكُوعِ اعْتَدَّ بِمَا تَرَكَهَا مِنْهَا وَ ( سَجَدَ ) قَبْلَ سَلَامِهِ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ ، فَيَحْتَاطُ لِلصَّلَاةِ بِتَرْقِيعِهَا وَجَبْرِهَا بِالسُّجُودِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَتُهَا احْتِيَاطًا لِمُرَاعَاةِ الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ .
الْأَرْجَحُ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَيَجْمَعُ بَيْنَ السُّجُودِ وَالْإِعَادَةِ احْتِيَاطًا لِلصَّلَاةِ وَلِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ .
هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ فِيمَنْ تَرَكَهَا فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِ الصُّبْحِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ وَابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ وَنَصُّ الرِّسَالَةِ .
وَاخْتَلَفَ فِي السَّهْوِ عَنْ الْقِرَاءَةِ فِي رَكْعَةٍ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ الصُّبْحِ فَقِيلَ يُجْزِئُ عَنْهَا سُجُودُ السَّهْوِ قَبْلَ السَّلَامِ ، وَقِيلَ يُلْغِيهَا وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ وَقِيلَ يَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ و لَا يَأْتِي

بِرَكْعَةٍ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ احْتِيَاطًا : وَهُوَ أَحْسَنُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ا هـ .
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ النِّصْفِ أَيْضًا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ وَاحِدَةٍ مِنْ ثُنَائِيَّةٍ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ ، وَفِيمَنْ تَرَكَهَا مِنْ الْجُلِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ سَالِمٌ وَالرَّمَاصِيُّ يُعِيدُ أَبَدًا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَيَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ بِوُجُوبِهَا فِي رَكْعَةٍ .

وَرُكُوع تَقْرَب رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ ، وَنَدَبَ تَمْكِينهمَا .
وَنُصِبْهُمَا ، وَرَفَعَ مِنْهُ
( وَ ) سَابِعُهَا ( رُكُوعٌ ) وَأَقَلُّهُ الِانْحِنَاءُ الَّذِي ( تَقْرُبُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ ( رَاحَتَاهُ ) مُثَنَّى رَاحَةٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ وَجَمْعُهَا رَاحٍ أَيْ بَاطِنَا كَفَّيْ الْمُصَلِّي ( فِيهِ ) أَيْ الرُّكُوعِ ( مِنْ رُكْبَتَيْهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي إنْ وَضَعَهُمَا عَلَى فَخِذَيْهِ فَإِنْ انْحَنَى إنْحَاءً لَمْ تَقْرُبْ رَاحَتَاهُ فِيهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ فَلَيْسَ رُكُوعًا بَلْ إيمَاءً وَأَكْمَلُهُ انْحِنَاءٌ يُسَوِّي فِيهِ ظَهْرَهُ وَرَأْسَهُ فَلَا يُنَكِّسُهُ وَلَا يَرْفَعُهُ وَاَلَّذِي فَهِمَهُ سَنَدٌ وَأَبُو الْحَسَنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنَّ وَضْعَ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ فِي الرُّكُوعِ مُسْتَحَبٌّ وَفَهِمَ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ مِنْهَا وُجُوبَهُ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( تَمْكِينُهُمَا ) أَيْ الرَّاحَتَيْنِ ( مِنْهُمَا ) أَيْ الرُّكْبَتَيْنِ وَرَأَى مَالِكٌ التَّحْدِيدَ فِي تَفْرِيقِ الْأَصَابِعِ وَضَمَّهَا بِدْعَةٌ ( وَ ) نُدِبَ ( نَصْبُهُمَا ) أَيْ إقَامَةُ الرُّكْبَتَيْنِ بِلَا إبْرَازٍ .
( وَ ) ثَامِنُهَا ( رَفْعٌ مِنْهُ ) أَيْ الرُّكُوعِ

وَسُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ .
وَأَعَادَ لِتَرْكِ أَنْفِهِ بِوَقْتٍ ، وَسُنَّ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ ، وَرُكْبَتَيْهِ كَيَدَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَرَفْعٌ : مِنْهُ

( وَ ) وَتَاسِعُهَا ( سُجُودٌ عَلَى جَبْهَتِهِ ) أَيْ مَسُّ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ ثَابِتٍ بِجُزْءٍ يَسِيرٍ مِنْ مُسْتَدِيرِ مَا بَيْنَ الْحَاجِبَيْنِ إلَى النَّاصِيَةِ ، وَنُدِبَ بَسْطُهَا كُلُّهَا عَلَى الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا مَا ثَابِتٌ .
وَكُرِهَ الِاتِّكَاءُ بِهَا عَلَيْهَا بِحَيْثُ يَظْهَرُ فِيهَا الْأَثَرُ فَلَا يَصِحُّ عَلَى قُطْنٍ مَنْدُوفٍ أَوْ تَبْنِ مَنْفُوشٍ أَوْ بِزْرِ كَتَّانٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ تَحْتَهَا وَلَا تَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ .
وَلَا يُشْتَرَطُ ارْتِفَاعُ الْعَجُزِ عَنْ الرَّأْسِ وَيَنُوبُ ( وَأَعَادَ ) الصَّلَاةَ نَدْبًا ( لِتَرْكِ ) السُّجُودِ عَلَى ( أَنْفِهِ بِوَقْتٍ ) لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلَوْ فِي سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ وَالرَّاجِحُ نَدْبُهُ .
( وَسُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ السُّجُودُ ( عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ ) يَجْعَلُ بُطُونَ أَصَابِعِهِ وَمَا قَرُبَ مِنْهَا لِلْأَرْضِ ( وَ ) عَلَى ( رُكْبَتَيْهِ ) وَشَبَّهَ فِي السُّنِّيَّةِ فَقَالَ ( كَ ) السُّجُودِ عَلَى ( يَدَيْهِ ) أَيْ بَطْنِ كَفَّيْهِ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ قَدَّمَهُمْ الْمُصَنِّفُ ، وَتَبِعَ فِي التَّعْبِيرِ بِالسُّنِّيَّةِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ : كَوْنُ السُّجُودِ عَلَى أَطْرَافِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ لَيْسَ بِصَرِيحِ الْمَذْهَبِ .
غَايَتُهُ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ قَالَ الَّذِي يُقَوِّي فِي نَفْسِي أَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الْمَذْهَبِ .
وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءٍ } الشَّارِحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ هُنَا ابْنُ الْحَاجِبِ سَحْنُونٌ إنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ فَقَوْلَانِ خَلِيلٌ يَتَخَرَّجُ فِي وُجُوبِ السُّجُودِ عَلَى الْيَدَيْنِ قَوْلَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا سَحْنُونٌ فِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْهُمَا عَنْ الْأَرْضِ فَعَلَى الْبُطْلَانِ فَالسُّجُودُ عَلَيْهِمَا وَاجِبٌ ، وَعَلَى عَدَمِهِ

لَيْسَ وَاجِبًا .
وَصَحَّحَ سَنَدٌ الثَّانِي فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأَكْثَرِيَّةِ إشَارَةً لِتَصْحِيحِ سَنَدٍ وَرَجَّعَهُ تت لِمَا قَبْلَهَا أَيْضًا إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ فِيمَا قَبْلَهَا .
( وَ ) عَاشِرُهَا ( رَفْعٌ مِنْهُ ) أَيْ السُّجُودِ الْمَازِرِيُّ الْفَصْلُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَاجِبٌ اتِّفَاقًا لِأَنَّ السَّجْدَةَ وَإِنْ طَالَتْ لَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهَا سَجْدَتَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْفَصْلِ حَتَّى يَكُونَا سَجْدَتَيْنِ ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِ الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً خِلَافٌ لِأَنَّهُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا فِي أَصْلِ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ بَيْنَهُمَا حَيْثُ اعْتَدَلَ .

وَجُلُوسٌ لِسَلَامٍ وَسَلَامٌ ، عُرِّفَ بِأَلْ ، وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ بِهِ خِلَافٌ .
وَأَجْزَأَ فِي تَسْلِيمَةُ الرَّدِّ : سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ، وَعَلَيْك السَّلَامُ
( وَ ) حَادِيَ عَشَرَتِهَا ( جُلُوسٌ لِسَلَامٍ ) فَلَوْ سَلَّمَ قَائِمًا أَوْ سَاجِدًا أَوْ رَاكِعًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ( وَ ) ثَانِيَ عَشَرَتِهَا ( سَلَامٌ عُرِّفَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً ( بِ ) لَفْظِ ( الـ ) فَإِنْ نَكَّرَ كَسَلَامٍ عَلَيْكُمْ أَوْ عَرَّفَ بِإِضَافَةٍ كَسَلَامِي عَلَيْكُمْ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ ، وَإِنَّمَا يُجْزِئُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِتَأْخِيرِ الْخَبَرِ وَمِيمِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا تَعَبَّدَ أَوْ لِأَنَّهُ يَخْلُو مِنْ جَمْعٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَقَلُّهُمْ الْحَفَظَةُ .
( وَفِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْخُرُوجِ ) مِنْ الصَّلَاةِ ( بِهِ ) أَيْ السَّلَامِ وَعَدَمِهِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ اشْتِرَاطُهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْمَشْهُورُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفِيدُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَتُنْدَبُ ( وَأَجْزَأَ ) أَيْ كَفَى ( فِي تَسْلِيمَةِ الرَّدِّ ) مِنْ الْمَأْمُومِ عَلَى إمَامِهِ وَعَلَى مَنْ عَلَى يَسَارِهِ ( سَلَامٌ عَلَيْكُمْ ) بِالتَّنْكِيرِ ( وَعَلَيْك السَّلَامُ ) بِتَقْدِيمِ الْخَبَرِ وَحَذْفِ الْمِيمِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَأَجْزَأَ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُهُ كَسَلَامِ التَّحْلِيلِ وَهُوَ كَذَلِكَ .

وَطُمَأْنِينَتُهُ
( وَ ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ ( طُمَأْنِينَةُ ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ أَيْ تَمَهُّلٍ وَتَأَنٍّ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا حَتَّى تَذْهَبَ حَرَكَةُ الْأَعْضَاءِ زَمَنًا يَسِيرًا صَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَرْضِيَّتَهَا أَوْ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ سُنِّيَّتُهَا زَرُّوقٌ مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ أَعَادَ فِي الْوَقْتِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ فَضِيلَةٌ .

وَتَرْتِيبُ أَدَاء
( وَ ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ ( تَرْتِيبُ الْأَدَاءِ ) أَيْ فَرَائِضُهَا الْمُؤَادَةِ بِأَنْ يُقَدِّمَ النِّيَّةَ عَلَى التَّكْبِيرِ وَهُوَ عَلَى الْقِرَاءَةِ وَهِيَ عَلَى الرُّكُوعِ وَهُوَ عَلَى السُّجُودِ ، وَهَكَذَا إلَى السَّلَامِ وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّنَنِ فِي نَفْسِهَا أَوْ مَعَ الْفَرَائِضِ فَهُوَ سُنَّةٌ .

وَاعْتِدَالٌ عَلَى الْأَصَحِّ .
وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ
( وَ ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ ( اعْتِدَالٌ ) لِلْبَدَنِ فِي الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُنْحَنِيًا ( عَلَى الْأَصَحِّ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرُ الْأَرْبَعَةِ ( وَالْأَكْثَرُ ) مِنْ عُلَمَاءِ الْمَذْهَبِ الْمَالِكِيِّ ( عَلَى نَفْيِ ) وُجُوبِ ( هـ ) أَيْ الِاعْتِدَالِ وَأَنَّهُ سُنَّةٌ ، وَرَجَّحَهُ الْعَدَوِيُّ وَضَعَّفَهُ شب وَهَذَا ظَاهِرُ صَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَتَرَك الْمُصَنِّفُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَهُوَ فَرْضٌ وَلَا يُقَالُ يُغْنِي عَنْهُ الرَّفْعُ مَعَ الطُّمَأْنِينَةِ وَالِاعْتِدَالِ مِنْ السَّجْدَةِ الْأُولَى لِتَحَقُّقِهَا بِرَفْعِهِ مِنْهَا قَائِمًا مُطْمَئِنًّا مُعْتَدِلًا .

وَسُنَنُهَا : سُورَةٌ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، وَقِيَامٌ لَهَا ، وَجَهْرٌ أَقَلُّهُ أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيه ، وَسِرٌّ بِمَحِلِّهِمَا

( وَسُنَنُهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ الْفَرْضُ أَوْ النَّفَلُ إلَّا السُّورَةُ وَالْقِيَامُ لَهَا وَالسِّرُّ وَالْجَهْرُ فَمَنْدُوبَاتٌ فِي النَّفْلِ خَمْسَ عَشْرَةَ سُنَّةً السُّنَّةُ الْأُولَى ( سُورَةٌ ) أَيْ قِرَاءَتُهَا ( بَعْدَ ) أَيْ عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ فِي ) الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ) فَلَوْ قَدَّمَ السُّورَةَ عَلَى الْفَاتِحَةِ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ وَتُسَنُّ إعَادَتُهَا عَقِبَ الْفَاتِحَةِ إنْ لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ .
وَالْمُرَادُ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ مِنْ الْقُرْآنِ وَلَوْ آيَةً قَصِيرُهُ كَ { مُدْهَامَّتَانِ } .
وَبَعْضُ آيَةٍ لَهُ بَالٌ وَيُنْدَبُ إتْمَامُ السُّورَةِ .
وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى بَعْضِهَا عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ وَقِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ أَوْ سُورَةً وَبَعْضَ أُخْرَى فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ الْفَرْضِ إلَّا لِمَأْمُومِ أَتَمَّ سُورَةً وَلَمْ يَرْكَعْ إمَامُهُ وَخَشِيَ التَّفْكِيرَ فِي دُنْيَوِيٍّ وَإِنَّمَا تُسَنُّ فِي فَرْضٍ مُتَّسَعٍ وَقْتُهُ وَتُنْدَبُ فِي النَّفْلِ وَتَحْرُمُ فِي فَرْضٍ ضَاقَ وَقْتُهُ .
( وَ ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ ( قِيَامُ ) مُسْتَقِلٍّ ( لَهَا ) أَيْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ لِذَاتِهِ فَلَا يَقُومُ بِقَدْرِهَا مَنْ عَجَزَ عَنْهَا .
فَإِنْ اسْتَنَدَ حَالَ قِرَاءَتِهَا وَاسْتَقَلَّ حَالَ الْإِحْرَامِ وَهَوَى لِلرُّكُوعِ صَحَّتْ الصَّلَاةُ لَا إنْ جَلَسَ حَالَهَا فَتَبْطُلُ سَوَاءٌ قَامَ لِلرُّكُوعِ أَوْ هَوَى لَهُ مِنْ جُلُوسٍ .
( وَ ) الثَّالِثَةُ ( جَهْرٌ ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ ( أَنْ يُسْمِعَ نَفْسَهُ وَمَنْ يَلِيهِ ) أَيْ يَقْرُبُ مِنْهُ إنْ أَنْصَتَ لَهُ وَجَهْرُ الْمَرْأَةِ إسْمَاعُهَا نَفْسِهَا فَقَطْ كَرَجُلٍ يَلْزَمُ عَلَى إسْمَاعِ مَنْ يَلِيهِ التَّخْلِيطُ عَلَيْهِ فِي قِرَاءَتِهِ كَفَذَّيْنِ أَوْ مَسْبُوقَيْنِ قَامَا لِلْقَضَاءِ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِمَا فَيَقْتَصِرُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ .
( وَ ) الرَّابِعَةُ ( سِرٌّ ) أَقَلُّهُ لِرَجُلٍ حَرَكَةُ لِسَانٍ بِدُونِ إسْمَاعِ نَفْسِهِ وَأَعْلَاهُ إسْمَاعُ نَفْسِهِ فَقَطْ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الصَّوَابَ عَكْسُهُ لِأَنَّ أَعْلَى الشَّيْءِ مِمَّا يُجْعَلُ بِالْمُبَالَغَةِ فِيهِ وَأَقَلُّهُ مَا

يَحْصُلُ بِدُونِهَا وَاجِبٌ بِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ لَا مُشَاحَّةَ فِيهِ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ أَقَلُّ الْقِرَاءَةِ السَّرِيَّةِ الَّتِي إذْ نَقَصَ عَنْهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْقَلْبِيَّةِ لَمْ يَكُنْ قَارِئًا بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْلَى الْقِرَاءَةِ الَّتِي إنْ زَادَ عَلَيْهَا صَارَ تَارِكًا لِلسِّرِّ وَمُبَدِّلًا لَهُ بِالْجَهْرِ ( بِمَحِلِّهِمَا ) أَيْ الْجَهْرِ وَالسِّرِّ ، أَيْ الْجَهْرُ سُنَّةٌ فِي مَحَلِّهِ وَهِيَ الصُّبْحُ وَالْجُمُعَةُ وَأَوَّلَتَا الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالسِّرُّ سُنَّةٌ فِي مَحِلِّهِ وَهِيَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ وَأَخِيرَةُ الْمَغْرِبِ وَأَخِيرَتَا الْعِشَاءِ .

وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ إلَّا الْإِحْرَامَ وَسَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ
( وَ ) الْخَامِسَةُ ( كُلُّ تَكْبِيرَةٍ ) سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ ( إلَّا الْإِحْرَامَ ) فَإِنَّهُ فَرْضٌ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ وَالْأَبْهَرِيِّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّكْبِيرَاتِ سِوَى الْإِحْرَامِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ وَيَنْبَنِي عَلَى الْأَوَّلِ السُّجُودُ لِتَرْكِ تَكْبِيرَتَيْنِ سَهْوًا وَبُطْلَانُ الصَّلَاةِ بِتَرْكِ السُّجُودِ لِلسَّهْوِ عَنْ ثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ دُونَ الثَّانِي .
( وَ ) السَّادِسَةُ ( سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ) أَيْ كُلِّ وَاحِدَةٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَجْمُوعُهَا عِنْدَ أَشْهَبَ ( لِإِمَامٍ وَفَذٍّ ) حَالَ رَفْعِهِمَا مِنْ الرُّكُوعِ .

وَكُلُّ تَشَهُّدٍ ، وَالْجُلُوسُ الْأَوَّلُ ، وَالزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ الثَّانِي وَعَلَى الطُّمَأْنِينَةِ

( وَ ) السَّابِعَةُ ( كُلُّ تَشَهُّدٍ ) وَلَوْ الَّذِي يَلِي سَجْدَتَيْ السَّهْوِ هُوَ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ وَقِيلَ بِوُجُوبِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ .
وَحَكَى اللَّخْمِيُّ قَوْلًا بِوُجُوبِ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَشَهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَلْشَانِيُّ أَنَّ مَجْمُوعَ التَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ .
وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُصَلِّي فَذًّا أَوْ إمَامًا أَنَّ مَأْمُومًا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمَأْمُومِ إذَا نَسِيَهُ حَتَّى قَامَ الْإِمَامُ مِنْ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ .
وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَسِيَ الْمَأْمُومُ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ حَتَّى سَلَّمَ إمَامَهُ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَلَا يَدْعُو سَوَاءٌ بَقِيَ إمَامُهُ أَوْ انْصَرَفَ وَلَا تَحْصُلْ السُّنَّةُ إلَّا بِجَمِيعِهِ وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ .
( وَ ) الثَّامِنَةُ ( الْجُلُوسُ الْأَوَّلُ ) أَيْ الَّذِي لَا يُسَلِّمُ عَقِبَهُ .
( وَ ) التَّاسِعَةُ ( الزَّائِدُ عَلَى قَدْرِ السَّلَامِ مِنْ ) الْجُلُوسِ ( الثَّانِي ) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ السَّلَامُ مِنْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إلَى رَسُولِهِ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الصَّلَاةِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ مَنْدُوبٌ .
وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ الدُّعَاءِ بَعْدَهَا مَنْدُوبٌ وَالْجُلُوسُ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَكْرُوهٌ وَالْجُلُوسُ بِقَدْرِ السَّلَامِ وَاجِبٌ فَحُكْمُ الْجُلُوسِ حُكْمُ مَا يَحْصُلْ فِيهِ .
( وَ ) الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ الزَّائِدَةُ ( عَلَى الطُّمَأْنِينَةِ ) الْفَرْضِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالرَّفْعِ مِنْهُمَا .
وَيُنْدَبُ تَطْوِيلُهَا فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَتَقْصِيرُهَا فِي الرَّفْعِ مِنْهُمَا الْبُنَانِيُّ نَظَرٌ مَنْ نَصَّ عَلَى أَنَّ زَائِدَ الطُّمَأْنِينَةِ سُنَّةٌ .
وَنَصَّ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الزَّائِدِ عَلَى أَقَلِّ مَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الطُّمَأْنِينَةِ فَقِيلَ فَرْضٌ مُوَسَّعٌ ، وَقِيلَ نَافِلَةٌ وَهُوَ الْأَحْسَنُ .
وَهَكَذَا عِبَارَاتُهُمْ فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا ا هـ .
قُلْت لَا وَجْهَ لِلتَّوَقُّفِ فِي أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ الزَّائِدَةَ سُنَّةٌ وَحَدُّ السُّنَّةِ

مُنْطَبِقٌ عَلَيْهَا وَالْأُمَّةُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مُنْتَهَى الْإِسْلَامِ مُجْمِعَةٌ عَلَيْهَا ، فَهِيَ مِنْ الْمُتَوَاتِرَاتِ الظَّاهِرَاتِ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِمْ فَرْضٌ سَنَةٌ مُؤَكَّدَةٌ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِمْ مُوَسَّعٌ وَمُقَابِلَتُهُ بِنَافِلَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَرَدُّ مُقْتَدٍ عَلَى إمَامِهِ ، ثُمَّ يَسَارِهِ ، وَبِهِ أَحَدٌ
( وَ ) الْحَادِيَةَ عَشَرَ ( رَدُّ مُقْتَدٍ ) أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ السَّلَامَ ( عَلَى إمَامِهِ ) مُشِيرًا لَهُ بِقَلْبِهِ لَا بِرَأْسِهِ وَلَوْ كَانَ أَمَامَهُ .
( ثُمَّ ) رَدُّهُ السَّلَامَ عَلَى مُقْتَدٍ آخَرَ بِإِمَامِهِ مِنْ جِهَةِ ( يَسَارِهِ وَبِهِ ) أَيْ الْيَسَارِ ( أَحَدٌ ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ أَدْرَكَ مَعَ إمَامِهِ رَكْعَةً أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ انْصَرَفَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ عَلَى الْيَسَارِ ، رَوَاهُ لِلْحَالِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يُقَدِّمُ الرَّدَّ عَلَى يَسَارِهِ عَلَى الرَّدِّ عَلَى إمَامِهِ وَهَذِهِ السُّنَّةُ الثَّانِيَةَ عَشَرَ .

وَجَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ فَقَطْ ، وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى الْيَسَارِ ثُمَّ تَكَلَّمَ لَمْ تَبْطُلْ

( وَ ) الثَّالِثَةَ عَشَرَ ( جَهْرٌ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ ) مِنْ مَمْنُوعَاتِ الصَّلَاةِ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ تَسْلِيمِ الرَّدِّ فَيُنْدَبُ إسْرَارُهُ لِأَنَّ التَّسْلِيمَةَ الْأُولَى تَسْتَدْعِي الرَّدَّ وَتَسْلِيمَ الرَّدِّ لَا يَسْتَدْعِيهِ .
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَذَّ لَا يُسَنُّ جَهْرُهُ بِتَسْلِيمَةِ التَّحْلِيلِ وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ لِكُلِّ مُصَلٍّ وَلَمْ يُسَنُّ لِقُوَّتِهَا بِاقْتِرَانِهَا بِالنِّيَّةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالِاسْتِقْبَالِ ، وَيُنْدَبُ الْجَهْرُ بِبَاقِي التَّكْبِيرِ لِلْإِمَامِ فَقَطْ وَالْإِسْرَارُ بِهِ لِغَيْرِهِ كَذَا قَالُوا .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ جَهْرَ الْإِمَامِ بِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَغَيْرِهَا سُنَّةٌ لِانْطِبَاقِ حَدِّهَا عَلَيْهِ وَإِنَّهُ بِالْإِحْرَامِ أَوْكَدُ .
( وَإِنْ سَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ ابْتَدَأَ بِالسَّلَامِ ( عَلَى الْيَسَارِ ) نَاوِيًا التَّحْلِيلَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا ( ثُمَّ تَكَلَّمَ ) مَثَلًا ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ تَرَكَ مَنْدُوبَ التَّيَامُنِ بِالسَّلَامِ .
وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهُوَ إمَامٌ أَوْ فَذٌّ أَوْ مَأْمُومٌ لَيْسَ عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ لِحَمْلِهِ عَلَى نِيَّةِ التَّحْلِيلِ لِغَلَبَتِهِ .
فَإِنْ نَوَى الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ ، فَإِنْ كَانَ مَأْمُومًا عَلَى يَسَارِهِ أَحَدٌ وَنَوَى الْفَضِيلَةَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ، فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَوْ تَكَلَّمَ سَهْوًا وَسَلَّمَ التَّحْلِيلَ عَنْ قُرْبٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَيَسْجُدُ بَعْدَهُ لِعَدَمِ تَلَاعُبِهِ .
وَإِنْ طَالَ قَبْلَ سَلَامِ التَّحْلِيلِ أَوْ تَكَلَّمَ عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ .
وَهَذَا التَّفْصِيلُ لِلَّخْمِيِّ جَمَعَ بِهِ بَيْنَ قَوْلِ الزَّاهِيِّ بِالْبُطْلَانِ وَمُطَرِّفٍ بِعَدَمِهِ فِيمَنْ سَلَّمَ عَلَى يَسَارِهِ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَقْصِدْ تَحْلِيلًا وَلَا فَضِيلَةً ، وَتَكَلَّمَ قَبْلَ سَلَامِهِ عَنْ يَمِينِهِ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ اعْتِمَادُ تَفْصِيلِ اللَّخْمِيِّ .
وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ إذَا سَلَّمَ

عَلَى يَسَارِهِ أَوَّلًا نَاوِيًا الْفَضِيلَةَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ سَلَامِهِ .
وَلَوْ كَانَ نَوَى الْعَوْدَ لِلتَّحْلِيلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَاخْتَارَهُ عج قَائِلًا الْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ .

وَسُتْرَةٌ لِإِمَامٍ وَفَذٍّ ، إنْ خَشِيَا مُرُورًا : بِظَاهِرٍ ثَابِتٍ ، غَيْرُ مُشْغِلٍ ، فِي غِلَظِ رُمْحٍ ، وَطُولِ ذِرَاعٍ ، لَا دَابَّةٍ وَحَجَرٍ وَاحِدٍ وَخَطٍّ ، وَأَجْنَبِيَّةٍ ، وَفِي الْمَحْرَمِ قَوْلَانِ .
وَأَثِمَ مَارٌّ لَهُ مَنْدُوحَةٌ ، وَمُصَلٍّ تَعَرَّضَ

( وَ ) الرَّابِعَةَ عَشَرَ ( سُتْرَةٌ ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ نَصَبَهَا أَمَامَهُ لِمَنْعِ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ لِمُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاسْتِتَارِ بِالْعَنَزَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ الرُّمْحِ الصَّغِيرِ الَّذِي فِي طَرَفِهِ حَرْبَةٌ وَغَيْرِهَا فِي السَّفَرِ .
وَخَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَهَا مِنْ إثْمِ الْمُتَعَرِّضِ بِالْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقِيلَ مَنْدُوبَةٌ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ السُّنَّةُ وَسَطُهَا ( الْإِمَام وَفَذّ ) لَا الْمَأْمُومُ لِأَنَّ إمَامَهُ سُتْرَةٌ لَهُ أَوْ لِأَنَّ سُتْرَةَ الْإِمَامِ سُتْرَةٌ لَهُ ، الْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْوَهَّابِ .
وَاخْتَلَفَ هَلْ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ ، وَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فَفِي كَلَامِ الْإِمَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَوْ مَعْنَاهُمَا مُخْتَلِفٌ وَالْخِلَافُ حَقِيقِيٌّ وَكَلَامُ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ الْمُرُورُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنَّهُ مُرُورٌ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَسُتْرَتِهِ الَّتِي لَمْ يُحِلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلٌ .
وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَيَجُوزُ الْمُرُورُ بَيْنَ سَائِرِ الصُّفُوفِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْإِمَامَ سُتْرَةٌ لِلصَّفِّ الْأَوَّلِ حِسًّا وَحُكْمًا وَلِبَاقِي الصُّفُوفِ حُكْمًا لَا حِسًّا وَاَلَّذِي يَمْنَعُ الْمُرُورَ الْأَوَّلُ لَا الثَّانِي .
( إنْ خَشِيَا ) أَيْ الْإِمَامُ وَالْفَذُّ وَلَوْ شَكًّا ( مُرُورًا ) بَيْنَ يَدَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَخْشَيَا مُرُورًا فَلَا تُسَنُّ السُّتْرَةُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَفِيهَا ، وَيُصَلِّي فِي مَوْضِعٍ يَأْمَنُ فِيهِ مِنْ مُرُورِ شَيْءٍ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى غَيْرِ سُتْرَةٍ ابْنِ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ يُؤْمَرُ بِهَا مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَشَارَ لِصِفَتِهَا بِقَوْلِهِ ( بِطَاهِرٍ ) لَا نَجِسٍ ( ثَابِتٍ ) لَا نَحْوِ حَبْلٍ مُعَلَّقٍ بِسَقْفٍ غَيْرِ حَجَرٍ وَاحِدٍ ( غَيْرُ

مُشْغِلٍ ) لِلْمُصَلِّي عَنْ الْخُشُوعِ الْمَطْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ .
وَأَشَارَ لِقَدْرِهَا بِقَوْلِهِ ( فِي غِلَظِ رُمْحٍ ) فَلَا يَكْفِي أَرَقُّ مِنْهُ ( وَطُولِ ذِرَاعٍ ) مِنْ طَرَفِ الْوُسْطَى إلَى الْمِرْفَقِ ( لَا دَابَّةٍ ) إمَّا لِنَجَاسَةِ فَضْلَتِهَا كَالْبَغْلِ وَإِمَّا لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا كَالشَّاةِ وَإِمَّا لَهُمَا مَعًا كَالْفَرَسِ فَهُوَ مُحْتَرَزٌ طَاهِرٌ أَوْ ثَابِتٌ أَوْ هُمَا ، فَإِنْ كَانَتْ فَضْلَتُهَا طَاهِرَةً وَرُبِطَتْ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهَا ( وَ ) لَا ( حَجَرٍ وَاحِدٍ ) فَيُكْرَهُ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ لِشَبَهِهِ بِعِبَادَةِ الصَّنَمِ .
فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ جَازَ الِاسْتِتَارُ بِهِ مَائِلًا عَنْهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا .
وَكَذَا سَائِرُ السِّتْرِ وَمَفْهُومُ وَاحِدٍ جَوَازُهُ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَ ) لَا ( خَطٍّ ) يَخُطُّهُ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ إلَى الْجِهَةِ الَّتِي تَقَابُلُهَا .
وَكَذَا حُفْرَةٌ وَمَاءٌ وَنَارٌ وَلَا مُشْغِلٍ كَنَائِمٍ وَحَلْقَةِ عِلْمٍ أَوْ ذِكْرٍ وَلَا بِكَافِرٍ أَوْ مَأْبُونٍ أَوْ مَنْ يُوَاجِهُ الْمُصَلِّي فَيُكْرَهُ فِي الْجَمِيعِ ( وَ ) لَا لِظَهْرِ امْرَأَةٍ ( أَجْنَبِيَّةٍ ) أَيْ غَيْرِ مَحْرَمٍ .
( وَفِي ) جَوَازِ وَكَرَاهَةِ الِاسْتِتَارِ بِالْمَرْأَةِ ( الْمَحْرَمِ ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا .
وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْجَوَازَ .
وَاخْتَلَفَ فِي حَرِيمِ الْمُصَلِّي الَّذِي يُمْنَعُ الْمُرُورُ فِيهِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ مَا يُشَوِّشُ الْمُرُورُ فِيهِ عَلَى الْمُصَلِّي وَذَلِكَ نَحْوُ عِشْرِينَ ذِرَاعًا ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مِقْدَارُ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هِلَالٍ .
وَقِيلَ قَدْرُ رَمْيَةٍ بِحَجَرٍ ، وَقِيلَ بِسَهْمٍ وَقِيلَ قَدْرُ مَكَانِ الْمُضَارَبَةِ بِسَيْفٍ .
( وَأَثِمَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ شَخْصٌ ( مَارٌّ ) فِي حَرَمِ الْمُصَلِّي .
وَكَذَا مُنَاوِلٌ فِيهِ آخَرَ شَيْئًا مِنْكُمْ مَعَ آخَرَ وَالْمُصَلِّي بَيْنَهُمَا وَنُعِتَ مَارٌّ

بِجُمْلَةِ ( لَهُ ) أَيْ الْمَارِّ وَكَذَا مَنْ أَلْحَقَ بِهِ ( مَنْدُوحَةً ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ سَعَةً فِي تَرْكِ الْمُرُورِ ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ صَلَّى الْمُصَلِّي لِسُتْرَةٍ أَمْ لَا إلَّا طَائِفًا فَيَجُوزُ مُرُورُهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي بِلَا سُتْرَةٍ .
وَيُكْرَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُصَلِّي إلَى سُتْرَةٍ وَمُصَلِّيًا مَرَّ لِسُتْرَةٍ أَوْ فُرْجَةٍ فِي صِفَةٍ أَوْ لِغَسْلِ رُعَافٍ وَمَفْهُومُ الصِّفَةِ عَنْ إثْمِ مَارٍّ لَا مَنْدُوحَةَ لَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَ ) أَثِمَ مُصَلٍّ ( تَعَرَّضَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ ، أَيْ جَعَلَ نَفْسَهُ عُرْضَةً لِلْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِصَلَاتِهِ فِي مَحَلٍّ خَشِيَ الْمُرُورَ فِيهِ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلَا سُتْرَةٍ وَيَحُثُّ فِيهِ بِأَنَّ الْمُرُورَ فِعْلُ الْمَارِّ فَكَيْفَ يَأْثَمُ الْمُصَلِّي بِهِ وَلَمْ يَتْرُكْ وَاجِبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ سَدُّ طَرِيقِ الْإِثْمِ فَتَرَكَهُ فَمِنْ هَذَا خَرَّجَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وُجُوبَ الِاسْتِتَارِ وَبَحَثَ الْبُنَانِيُّ فِيهِ بِأَنَّ سَدَّ طَرِيقِ الْإِثْمِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِتَارِ لِحُصُولِهِ بِالْعُدُولِ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْشَى الْمُرُورَ بِهِ ، وَأَيْضًا لَوْ وَجَبَ لَأَثِمَ بِتَرْكِهِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مُرُورٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَفْهُومُ تَعَرَّضَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَا يَأْثَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَأْثَمَانِ وَقَدْ لَا يَأْثَمَانِ وَقَدْ يَأْثَمُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ .

وَإِنْصَاتُ مُقْتَدٍ ، وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ
( وَ ) الْخَامِسَةَ عَشَرَ ( إنْصَاتٌ ) أَيْ تَرْكُ قِرَاءَةِ شَخْصٍ ( مُقْتَدٍ ) فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ إنْ قَرَأَ إمَامُهُ بَلْ ( وَلَوْ سَكَتَ إمَامُهُ ) بَيْنَ تَكْبِيرٍ وَفَاتِحَةٍ أَوْ بَيْنَ فَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ أَوْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رُكُوعٍ أَوْ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِعَارِضٍ أَوْ بَعُدَ فَتُكْرَهُ قِرَاءَتُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْمَعْهُ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الْمَأْمُومَ يَقْرَأُ إذَا سَكَتَ إمَامُهُ فِي مَحَلِّ الْجَهْرِ .
قَالَ سَنَدٌ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ إمَامُهُ لَا يَقْرَأُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يَجِبُ إنْصَاتُ الْمُقْتَدِي كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .

وَنُدِبَتْ إنْ أَسَرَّ كَرَفْعِ يَدَيْهِ مَعَ إحْرَامِهِ حِينَ شُرُوعِهِ وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ ، وَالظُّهْرُ تَلِيهَا ، وَتَقْصِيرُهَا بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ ، كَتَوَسُّطٍ بِعِشَاءٍ ، وَثَانِيَةٍ عَنْ أَوْلَى ، وَجُلُوسٍ أَوَّلَ

( وَنُدِبَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قِرَاءَةُ مُقْتَدٍ ( إنْ أَسَرَّ ) إمَامُهُ الْقِرَاءَةَ بِمَحَلِّهِ لَا مُطْلَقًا وَلَوْ جَهَرَ الْإِمَامُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ شَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ ( كَرَفْعِ ) الْمُصَلِّي ( يَدَيْهِ ) إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا حِذَاءَ مَنْكِبَيْهِ مَبْسُوطَتَيْنِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاهِبٍ ، قَالَهُ سَحْنُونٌ ، وَرَجَّحَهُ عج .
وَقَالَ عِيَاضٌ بُطُونُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ بِهَيْئَةِ رَاغِبٍ .
وَقَالَ زَرُّوقٌ الظَّاهِرُ جَعْلُهُمَا قَائِمَتَيْنِ أَصَابِعِهِمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ وَكَفَّاهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ وَبُطُونُهُمَا إلَى خَلْفِهِ وَظُهُورُهُمَا إلَى إمَامِهِ بِهَيْئَةِ النَّابِذِ .
صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ بِتَشْهِيرِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَرَجَّحَهَا اللَّقَانِيُّ .
( مَعَ إحْرَامِهِ ) فَقَطْ لَا مَعَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ وَلَا مَعَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ قِيَامُهُ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَصِلَةُ رَفَعَ ( حِينَ شُرُوعِهِ ) فِي التَّكْبِيرِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَ فَرَاغِهِ فَيُكْرَهُ وَنُدِبَ كَشْفُهُمَا وَإِرْسَالُهُمَا بِوَقَارٍ وَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا إمَامَهُ ، هَذِهِ أَشْهُرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهِيَ الَّتِي عَمِلَ بِهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ .
وَإِنْ اسْتَظْهَرَ فِي التَّوْضِيحِ رَفْعَهُمَا مَعَ الرُّكُوعِ وَرَفْعُهُ وَالْقِيَامُ مِنْ اثْنَتَيْنِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِهِ ، وَلَكِنَّ قَاعِدَةَ الْمَذْهَبِ تَقْدِيمُ الْعَمَلِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى النَّسْخِ .
( وَتَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ إلَّا لِضَرُورَةٍ أَوْ ضِيقِ وَقْتٍ ( وَالظُّهْرُ تَلِيهَا ) أَيْ الصُّبْحِ فِي تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ ، وَهَذَا فِي الْفَذِّ وَإِمَامِ جَمَاعَةٍ مَحْصُورَةٍ طَلَبَتْ مِنْهُ التَّطْوِيلَ وَعَلِمَ إطَاقَتَهُمْ لَهُ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ تَقْصِيرُهُ لِاحْتِمَالِ السَّقِيمِ وَالضَّعِيفِ وَذِي الْحَاجَةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ( وَتَقْصِيرُهَا ) أَيْ الْقِرَاءَةِ (

بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهِمَا مِنْ قِصَارِهِ وَأَوَّلُهُ وَالضُّحَى ، وَهُمَا سِيَّانِ وَقِيلَ الْمَغْرِبُ أَقْصَرُ وَقِيلَ بِالْعَكْسِ .
وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ ( كَتَوَسُّطٍ ) فِي الْقِرَاءَةِ ( بِعِشَاءٍ ) بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ وَسَطُهُ وَأَوَّلِهِ عَبَسَ ، وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ بَيْنَ سُوَرِهِ بِالْبَسْمَلَةِ ( وَ ) نُدِبَ تَقْصِيرُ قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ ( ثَانِيَةٍ عَنْ ) قِرَاءَةِ رَكْعَةٍ ( أُولَى ) فِي فَرْضٍ فَلَوْ قَرَأَ فِي الثَّانِيَةِ سُورَةً قَصِيرَةً عَنْ سُورَةِ الْأُولَى وَرَتَّلَ حَتَّى طَالَ زَمَنَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فَقَدْ أَتَى بِالْمَنْدُوبِ .
وَقِيلَ الْمَنْدُوبُ تَقْصِيرُ زَمَنِ الثَّانِيَةِ عَنْ زَمَنِ الْأُولَى .
وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا أَطْوَلَ مِنْ الْأُولَى وَاسْتَظْهَرَ وَيَدُلُّ لَهُ صَلَاةُ الْكُسُوفِ وَيَحْصُلُ الْمَنْدُوبُ بِنَقْصِ نَحْوِ الرُّبُعِ .
وَتُكْرَهُ الْمُبَالَغَةُ فِي التَّقْصِيرِ سَوَاءٌ اُعْتُبِرَ فِي الْقِرَاءَةِ أَوْ فِي الزَّمَنِ وَكَوْنِ الثَّانِيَةِ أَطْوَلَ وَالتَّسْوِيَةُ خِلَافُ الْأَوْلَى .
( وَ ) تَقْصِيرُ ( جُلُوسٍ أَوَّلَ ) أَيْ الَّذِي يَلِيهِ الْقِيَامُ لَا السَّلَامُ بِالِاقْتِصَارِ فِيهِ عَلَى التَّشَهُّدِ .
وَكَذَا جُلُوسُ تَشَهُّدِ سُجُودِ السَّهْوِ .

وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ، وَتَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ ، وَتَأْمِينُ فَذٍّ مُطْلَقًا ، وَإِمَامٍ بِسِرٍّ ، وَمَأْمُومٍ بِسِرٍّ ، أَوْ جَهْرٍ إنْ سَمِعَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَإِسْرَارُهُمْ بِهِ

( وَقَوْلُ مُقْتَدٍ وَفَذٍّ ) بَعْدَ قَوْلِهِ أَوْ قَوْلِ الْإِمَامِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ الْمَسْنُونُ ، وَمَفْعُولُ الْقَوْلِ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ ) وَلَا يَقُولُهَا الْإِمَامُ فَالْفَذُّ مُخَاطَبٌ بِسُنَّةِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حَالَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَنْدُوبٌ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ ، وَالْإِمَامُ بِالسُّنَّةِ حَالَ رَفْعِهِ مِنْهُ ، وَالْمَأْمُومُ بِالْمَنْدُوبِ فَقَطْ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَسْبِيحٌ بِرُكُوعٍ ) بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ( وَسُجُودٍ ) كَذَلِكَ وَالْأَوْلَى سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى وَبِحَمْدِهِ وَدُعَاءٌ بِسُجُودٍ فَقَطْ .
( وَتَأْمِينُ فَذٍّ ) أَيْ قَوْلُهُ آمِينَ عَقِبَ وَلَا الضَّالِّينَ تَأْمِينًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْقِرَاءَةِ سَرِيَّةٌ ( وَ ) تَأْمِينُ ( إمَامٍ بِسِرٍّ ) أَيْ فِي قِرَاءَةٍ سِرِّيَّةٍ لَا فِي قِرَاءَةٍ جَهْرِيَّةٍ ( وَمَأْمُومٍ بِسِرِّ ) عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَا الضَّالِّينَ ( أَوْ جَهْرٍ ) عِنْدَ قَوْلِ إمَامِهِ وَلَا الضَّالِّينَ ( إنْ سَمِعَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومُ قَوْلَ الْإِمَامِ وَلَا الضَّالِّينَ ، وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَبْلَهُ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ وَإِنْ سَمِعَ مَا قَبْلَهُ وَلَا يَتَحَرَّاهُ ( عَلَى الْأَظْهَرِ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لِئَلَّا يُوقِعَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَرُبَّمَا يُصَادِفُ آيَةَ عَذَابٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْقُرْآنِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِي مُصَادِفَتِهِ بِالتَّأْمِينِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ يَتَحَرَّى فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لَا لِمَنْطُوقِهِ إذْ لَا خِلَافَ فِيهِ كَذَا قِيلَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ مَنْ قَالَ بِالتَّحَرِّي لَمْ يَشْتَرِطْ السَّمَاعَ وَمَنْ نَفَاهُ اشْتَرَطَهُ فَشَرْطُ السَّمَاعِ فِيهِ الْخِلَافُ ، فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لَهُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ .
( وَ ) نُدِبَ ( إسْرَارُهُمْ ) أَيْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْمَأْمُومِ ( بِهِ ) أَيْ التَّأْمِينِ

لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَالْمَنْدُوبُ فِيهِ الْإِسْرَارُ وَالْعَمَلُ

وَقُنُوتٌ سِرًّا بِصُبْحٍ فَقَطْ ، وَقَبْلَ الرُّكُوعِ ، وَلَفْظُهُ وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك إلَى آخِرِهِ

( وَ ) نُدِبَ ( قُنُوتٌ ) أَيْ دُعَاءٌ ( سِرًّا ) الْأَوْلَى وَإِسْرَارُهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَابَ ( بِصُبْحٍ فَقَطْ ) فَلَا يُنْدَبُ فِي وَتْرٍ فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ لِحَاجَةٍ كَغَلَاءٍ وَوَبَاءٍ ، بَلْ يُكْرَهُ فِيهِمَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ سُنَّةٌ .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ .
وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ مَنْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( قَبْلَ الرُّكُوعِ ) عَقِبَ الْقِرَاءَةِ بِلَا تَكْبِيرَةٍ قَبْلَهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ الْقُنُوتِ فِي الصَّلَاةِ فَقَالَ نَعَمْ ، فَقُلْت كَانَ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ .
قُلْت فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْك أَنَّك قُلْت بَعْدَهُ ، قَالَ كَذَبَ { إنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أَنَّهُ كَانَ بَعَثَ نَاسًا يُقَال لَهُمْ الْقُرَّاءُ وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا إلَى نَاسٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ قَبْلَهُمْ فَظَهَرَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ } انْتَهَى .
( وَ ) نُدِبَ ( لَفْظُهُ ) أَيْ الْقُنُوتِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي قِيلَ كَانَ سُورَتَيْنِ مِنْ الْقُرْآنِ وَنُسِخَتَا ( وَهُوَ ) أَيْ لَفْظُهُ الْمَنْدُوبُ ( اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك ) ( إلَخْ ) أَيْ وَنَسْتَغْفِرُك وَنُؤْمِنُ بِك وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك ، وَنَخْنَعُ وَنَخْلَعُ لَك ، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك ، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ ، وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ ، نَرْجُو رَحْمَتَك ، وَنَخَافُ عَذَابَك الْجَدَّ ، إنَّ عَذَابَك بِالْكَافِرِينَ مُلْحِقٌ .
وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَنُثْنَى عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ ، نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك ، وَنَخْنَعُ بِالنُّونِ مُضَارِعُ خَنِعَ بِكَسْرِهَا بِمَعْنَى

ذُلَّ وَخَضَعَ ، وَنَخْلَعُ أَيْ نُزِيلُ رِبْقَةَ الْكُفْرِ مِنْ أَعْنَاقِنَا ، وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرَك أَيْ لَا نُحِبُّ دِينَهُ وَلَا نَتَّخِذُ وَلِيًّا وَنَحْفِدُ أَيْ نَخْدُمُ ، وَمُلْحِقٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَاحِقٌ وَبِفَتْحِهَا أَيْ اللَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِمْ .

وَتَكْبِيرُهُ فِي الشُّرُوعِ ، إلَّا فِي قِيَامِهِ مِنْ اثْنَتَيْنِ ، فَلِاسْتِقْلَالِهِ
( وَ ) نُدِبَ ( تَكْبِيرُهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي مُطْلَقًا ( فِي ) حِينِ ( الشُّرُوعِ ) فِي الْحَرَكَةِ لِلرُّكْنِ هَوِيًّا أَوْ نُهُوضًا وَمَدُّهُ فِيهَا مِنْ أَوَّلِهَا لِآخِرِ هَا وَكَذَا التَّسْمِيعُ ( إلَّا ) تَكْبِيرُهُ ( فِي ) حَالِ ( قِيَامِهِ مِنْ اثْنَيْنِ ) عَقِبَ فَرَاغِ التَّشَهُّدِ ( فَ ) يُؤَخِّرُهُ نَدْبًا ( لِاسْتِقْلَالِهِ ) قَائِمًا وَيُؤَخِّرُ الْمَأْمُومُ قِيَامَهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ إمَامَهُ وَيُكَبِّرُ لِلْعَمَلِ وَلِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحِ صَلَاةٍ وَحُمِلَ قِيَامُ الثُّلَاثِيَّةِ عَلَى قِيَامِ الرَّبَاعِيَةِ فَلَوْ كَبَّرَ قَبْلَ اسْتِقْلَالِهِ فَفِي إعَادَتُهُ بَعْدَهُ قَوْلَانِ .

وَالْجُلُوسُ كُلُّهُ بِإِفْضَاءِ الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ ، وَالْيُمْنَى عَلَيْهَا وَإِبْهَامُهَا لِلْأَرْضِ
( وَ ) نُدِبَ ( الْجُلُوسُ كُلُّهُ ) وَاجِبًا كَانَ أَوْ سُنَّةً أَوْ مُسْتَحَبًّا وَمَحَطُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ ( بِإِفْضَاءِ ) أَلْيَةِ وَوِرْكِ وَسَاقِ الرِّجْلِ ( الْيُسْرَى لِلْأَرْضِ وَ ) نَصْبِ الرِّجْلِ ( الْيُمْنَى عَلَيْهَا ) أَيْ الْيُسْرَى ( وَ ) بَاطِنِ ( إبْهَامِهَا ) أَيْ الْيُمْنَى ( لِلْأَرْضِ ) فَتَصِيرُ رِجْلَاهُ مَعًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ مُفَرِّجًا فَخِذَيْهِ .

وَوَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعِهِ ، وَوَضْعُهُمَا حَذْوَ أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا بِسُجُودٍ
( وَ ) نُدِبَ ( وَضْعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ بِرُكُوعٍ ) الْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُ فِي بَيَانِ صِفَةِ الرُّكُوعِ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ حَذَفَ بِرُكُوعٍ وَجَرَّ لَفْظَ وَضْعِ عَطْفًا عَلَى إفْضَاءٍ فَهُوَ مُتَمِّمٌ لِصِفَةِ الْجُلُوسِ وَقَوْلُهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَيْ عَلَى قُرْبِهِمَا ( وَ ) نُدِبَ ( وَضْعُهُمَا ) أَيْ الْيَدَيْنِ ( حَذْوَ ) أَيْ قُبَالَةَ ( أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا ) مُتَوَجِّهَتَيْنِ إلَى الْقِبْلَةِ ( بِسُجُودٍ ) ظَاهِرُ الْمَتْنِ أَوْ لِلتَّخْيِيرِ كَالرِّسَالَةِ وَنَصُّهَا تَجْعَلُ يَدَيْك حَذْوَ أُذُنَيْك أَوْ دُونَ ذَلِكَ .
وَاَلَّذِي فِي شب وَكَبِيرِ الْخَرَشِيِّ أَنَّهَا لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ .

وَمُجَافَاةُ رَجُلٍ فِيهِ بَطْنَهُ فَخِذَيْهِ ، وَمِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ ، وَالرِّدَاءُ
( وَ ) نُدِبَ ( مُجَافَاةُ ) أَيْ مُبَاعَدَةُ ( رَجُلٍ فِيهِ ) أَيْ السُّجُودِ ( بَطْنَهُ ) عَنْ ( فَخِذَيْهِ وَ ) مُجَافَاةُ ( مِرْفَقَيْهِ ) عَنْ ( رُكْبَتَيْهِ ) مُجَافِيًا لَهُمَا عَنْ جَنْبَيْهِ مُجَنِّحًا بِهِمَا تَجْنِيحًا وَسَطًا .
وَنُدِبَ تَفْرِيقُ رُكْبَتَيْهِ وَذِرَاعَيْهِ عَنْ فَخِذَيْهِ وَرَفْعُ ذِرَاعَيْهِ عَنْ الْأَرْضِ .
وَهَذَا فِي فَرْضٍ كَنَفْلٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهِ ، فَإِنْ طَوَّلَ فِيهِ فَلَهُ وَضْعُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ فِيهِ .
وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُنْدَبُ لَهَا كَوْنُهَا مُنْضَمَّةً فِي رُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا فَتُلْصِقُ بَطْنَهَا بِفَخِذَيْهَا وَمِرْفَقَيْهَا بِرُكْبَتَيْهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( الرِّدَاءُ ) لِكُلِّ مُصَلٍّ إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا فَرْضًا أَوْ نَفْلًا إلَّا الْمُسَافِرُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الرِّدَاءُ أَيْ ثَوْبٌ يُلْقِيه الْمُصَلِّي عَلَى كَتِفَيْهِ وَظَهْرِهِ فَوْقَ مَلْبُوسِهِ ، وَلَا يُغَطِّي بِهِ رَأْسَهُ فَإِنْ غَطَّاهُ بِهِ وَرَدَّ طَرَفَهُ عَلَى كَتِفِهِ الْآخَرَ صَارَ قِنَاعًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ ، إلَّا مِنْ ضَرُورَةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ يَكُونُ شِعَارُ قَوْمٍ فَلَا يُكْرَهُ ، وَطُولُهُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ وَعَرْضُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَأَكَّدَ لِإِمَامِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ فَإِمَامِ غَيْرِ الْمَسْجِدِ فَمَأْمُومِهِ فَفَذِّهِ .

وَسَدْلُ يَدَيْهِ ، وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ فِي النَّفْلِ ، أَوْ إنْ طَوَّلَ ؟ وَهَلْ كَرَاهَتُهُ فِي الْفَرْضِ لِلِاعْتِمَادِ ، أَوْ خِيفَةَ أَعْتِقَاد وُجُوبِهِ ، أَوْ إظْهَارِ خُشُوعٍ ؟ تَأْوِيلَاتٌ ، وَتَقْدِيمُ يَدَيْهِ فِي سُجُودِهِ ، وَتَأْخِيرهمَا عِنْدَ الْقِيَامِ ، وَعَقْدُهُ يُمْنَاهُ فِي تَشَهُّدَيْهِ الثَّلَاثَ ، مَادًّا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ ، وَتَحْرِيكُهُمَا دَائِمًا

( وَ ) نُدِبَ لِكُلِّ مُصَلٍّ ( سَدْلُ ) أَيْ إرْسَالُ ( يَدَيْهِ ) لِجَنْبَيْهِ مِنْ حِينِ تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ وَكُرِهَ قَبْضُهُمَا بِفَرْضٍ بِأَيِّ هَيْئَةٍ كَانَ .
( وَهَلْ يَجُوزُ الْقَبْضُ ) لِكُوعِ الْيُسْرَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى وَاضِعًا لَهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَفَوْقَ سُرَّتِهِ ( فِي النَّفْلِ ) طَوَّلَ أَوْ لَا ( أَوْ ) يَجُوزُ ( إنْ طَوَّلَ ) الْمُصَلِّي فِيهِ وَيُكْرَهُ إنْ قَصَّرَ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ بِلَا عُذْرٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ ( وَهَلْ كَرَاهَتُهُ ) أَيْ الْقَبْضِ ( فِي الْفَرْضِ ) الَّتِي فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ وَضْعُ يُمْنَاهُ عَلَى يُسْرَاهُ فِي الْفَرْضِ لَا النَّفْلِ لِطُولِ الْقِيَامِ ا هـ .
بِأَيِّ صِفَةٍ كَانَ فَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُقَابِلُ السَّدْلِ لَا مَا سَبَقَ فَقَطْ ( ل ) قَصْدُ ( الِاعْتِمَادِ ) أَيْ الِاسْتِنَادِ بِهِ وَهَذَا تَأْوِيلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ ، فَلَوْ فَعَلَهُ لِلِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ .
وَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا عُذْرٍ ( أَوْ ) كَرَاهَتُهُ فِيهِ ( خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ ) مِنْ الْعَوَامّ وَهَذَا تَأْوِيلُ الْبَاجِيَّ وَاسْتَبْعَدَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَةَ جَمِيعِ الْمَنْدُوبَاتِ خَيْفَهُ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ فِي الْكَرَاهَةِ وَقَدْ فَرَّقَ الْإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَأَجَازَهُ فِي النَّفْلِ وَكَرِهَهُ فِي الْفَرْضِ .
( أَوْ ) كَرَاهَتَهُ فِيهِ خِيفَةٌ ( إظْهَارُ الْخُشُوعِ ) وَلَيْسَ خَاشِعًا فِي الْبَاطِنِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ خُشُوعِ النِّفَاقِ ، قِيلَ وَمَا هُوَ ، قَالَ أَنْ يُرَى الْجَسَدُ خَاشِعًا وَالْقَلْبُ غَيْرُ خَاشِعٍ وَهَذَا تَأْوِيلُ عِيَاضٍ وَضَعَّفَ بِاقْتِضَائِهِ كَرَاهَتَهُ فِي النَّفْلِ أَيْضًا وَقَدْ أَجَازَهُ الْإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى

عَنْهُ فِيهِ فِي ذَلِكَ ( تَأْوِيلَات ) لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ خَمْسَةٌ ، اثْنَانِ فِي الْأُولَى ، وَثَلَاثَةٌ فِي الثَّانِيَةِ ، وَبَقِيَ مِنْ تَأْوِيلَاتِ كَرَاهَةِ الْقَبْضِ مُخَالَفَتُهُ لِعَمَلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى نَسْخِهِ وَإِنْ صَحَّ بِهِ الْحَدِيثُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَقْدِيمُ يَدَيْهِ ) فِي وَضْعِهِمَا عَلَى الْأَرْضِ عَلَى وَضْعِ رُكْبَتَيْهِ عَلَيْهَا ( فِي ) هَوِيِّهِ لِ ( سُجُودِهِ وَتَأْخِيرِهِمَا ) أَيْ الْيَدَيْنِ فِي رَفْعِهِمَا عَنْ الْأَرْضِ عَنْ رَفْعِ رُكْبَتَيْهِ عَنْهَا ( عِنْدَ الْقِيَامِ ) مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا أَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ لِمَا فِي أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَبْرُكَنَّ أَحَدُكُمْ كَمَا يَبْرُكُ الْبَعِيرُ ، وَلَكِنْ يَضَعُ يَدَيْهِ ثُمَّ رُكْبَتَيْهِ } .
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ لَا يُقَدِّمُ رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ انْحِطَاطِهِ لِسُجُودِهِ كَمَا يُقَدِّمُهُمَا الْبَعِيرُ عِنْدَ بُرُوكِهِ ، وَلَا يُؤَخِّرُهُمَا فِي الْقِيَامِ لِعُسْرِهِ غَالِبًا قَالَ مَالِكٌ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا يُطِيقُ هَذَا إلَّا الشَّابُّ الْقَلِيلُ اللَّحْمُ كَمَا يُؤَخِّرُهُمَا الْبَعِيرُ فِي قِيَامِهِ ، وَالْمُرَادُ رُكْبَتَا الْبَعِيرِ اللَّتَانِ فِي يَدَيْهِ لِأَنَّهُ يُقَدِّمُهُمَا فِي بُرُوكِهِ وَيُؤَخِّرُهُمَا فِي قِيَامِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( عَقْدُهُ ) أَيْ ضَمُّ الْمُصَلِّي ( يُمْنَاهُ ) عَلَى اللَّحْمَةِ الَّتِي تَحْتَ إبْهَامِهِ ( فِي ) حَالِ ( تَشَهُّدَيْهِ ) أَيْ تَشَهُّدِ الْقِيَامِ وَتَشَهُّدِ السَّلَامِ وَأَبْدَلَ مِنْ يُمْنَاهُ أَصَابِعَهُ ( الثَّلَاثَ ) بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ مُقَدَّرُ الضَّمِيرِ الرَّابِطِ لَهُ بِهَا أَيْ مِنْهَا أَيْ الْوُسْطَى وَالْبِنْصِرِ وَالْخِنْصَرِ وَأَطْرَافِهَا عَلَى لَحْمَةِ الْإِبْهَامِ حَالَ كَوْنِهِ ( مَادًّا ) أُصْبُعَهُ ( السَّبَّابَةَ ) جَاعِلًا جَنْبَهَا الْأَعْلَى لِجِهَةِ السَّمَاءِ ( وَ ) مَادًّا أُصْبُعَهُ ( الْإِبْهَامَ ) بِجَنْبِهَا عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى السُّفْلَى هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ .
وَقِيلَ يَجْعَلُ رُءُوسَ الثَّلَاتِ

وَسَطَ كَفِّهِ ، وَيَمُدُّ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ كَمَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ يَجْعَلُهَا كَذَلِكَ وَيَجْعَلُ طَرَفَ إبْهَامِهِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَالسُّفْلَى .
وَحَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِنْ احْتَمَلَ الْأَخِيرَيْنِ أَيْضًا .
( وَ ) نُدِبَ ( تَحْرِيكُهَا ) أَيْ السَّبَّابَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا تَحْرِيكًا ( دَائِمًا ) تت أَيْ فِي تَشَهُّدِهِ وَآخِرُهُ وَرَسُولُهُ عبق هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحَرِّكُهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالدُّعَاءِ عَقِبَهُ إلَى السَّلَامِ ، وَاَلَّذِي شَاهَدْت عُلَمَاءَ عَصْرِنَا عَلَيْهِ تَحْرِيكُهَا لِلسَّلَامِ وَلَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الدُّعَاءِ وَانْتِظَارِ سَلَامِ الْإِمَامِ ، وَهَذَا مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا مُقْمِعَةٌ لِلشَّيْطَانِ لِتَذَكُّرِ الْمُصَلِّي بِهِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ السَّهْوِ فِي صَلَاتِهِ وَالشُّغْلِ عَنْهَا ، وَخُصَّتْ السَّبَّابَةُ بِهِ لِاتِّصَالِ عُرْوَتِهَا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَإِذَا تَحَرَّكَتْ انْزَعَجَ فَتَنَبَّهَ لِذَلِكَ وَقِيلَ يَقْصِدُ بِتَحْرِيكِهَا الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ اللَّهَ إلَهٌ وَاحِدٌ .
ابْنُ نَاجِي لَوْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى لَا يُحَرِّكُ الْيُسْرَى لِأَنَّ شَأْنَهَا الْبَسْطُ عَلَى الْفَخِذِ مَقْرُونَةَ الْأَصَابِعِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ ، التَّادَلِي فِيهِ مَجَالُ الْبَحْثِ إذْ قَدْ يُقَالُ إنَّمَا شَأْنُهَا الْبَسْطُ مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لَا مَعَ فَقْدِهَا .

وَتَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ ، وَدُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَةٌ ؟ خِلَافٌ

( وَ ) نُدِبَ ( تَيَامُنٌ بِالسَّلَامِ ) عِنْدَ نُطْقِهِ بِالْكَافِ وَالْمِيمِ بِحَيْثُ يَرَى مَنْ خَلْفَهُ صَفْحَةَ وَجْهِهِ وَيَنْطِقُ بِمَا قَبْلَهُمَا قُبَالَةَ وَجْهِهِ وَهَذَا فِي الْإِمَامِ وَالْفَذِّ ، وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَيَتَيَامَنُ بِجَمِيعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَقِيلَ كَالْإِمَامِ .
( وَ ) نُدِبَ ( دُعَاءٌ بِتَشَهُّدٍ ثَانٍ ) أَيْ تَشَهُّدِ السَّلَامِ بِمَا يَتَيَسَّرُ ( وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ ) الَّذِي عَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " رَضٍ " لِلنَّاسِ عَلَى الْمِنْبَرِ بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ ، فَجَرَى مَجْرَى الْخَيْرِ الْمُتَوَاتِرِ ، وَلِذَا اخْتَارَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضٍ " وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ، الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الطَّيِّبَاتُ ، الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ ، السَّلَامُ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيِّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ .
وَرَسُولُهُ .
( وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) عَقِبَ التَّشَهُّدِ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَالْأَفْضَلُ فِيهَا مَا فِي حَدِيثِ قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا صَلَّيْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا بَارَكْت عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ ، فِي الْعَالَمِينَ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ ( سُنَّةٌ أَوْ فَضِيلَة خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي خُصُوصِ اللَّفْظِ الْوَارِدِ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ " وَإِنَّ أَصْلَهُ بِأَيِّ لَفْظٍ كَانَ سُنَّةً وَبِهَذَا شَرَحَ الْبِسَاطِيُّ وَالْحَطَّابِ وَسَالِمٍ وَبُنِيَ عَلَيْهِ مَا اشْتَهَرَ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَرَكَ سُجُودَ السَّهْوِ عَنْهُ .
وَشَرَحَ بَهْرَامَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ ، فَقَالَ وَهَلْ لَفْظُ التَّشَهُّدِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ كَانَ وَأَمَّا اللَّفْظُ الْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ " رَضٍ

" فَمَنْدُوبٌ قَطْعًا فَالْمُصَنِّفُ جَزَمَ سَابِقًا بِالسُّنِّيَّةِ ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ فِي أَصْلِهِ الرَّمَاصِيُّ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْبُنَانِيُّ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى تَشْهِيرِ الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهُ فَضِيلَةٌ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَبِالْجُمْلَةِ فَأَصْلُ التَّشَهُّدِ سُنَّةٌ قَطْعًا أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ وَخُصُوصُ اللَّفْظِ مَنْدُوبٌ قَطْعًا ، أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ مَا اُشْتُهِرَ مِنْ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ لِتَرْكِ سُجُودِ السَّهْوِ عَنْهُ لَيْسَ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ .

وَلَا بَسْمَلَةٌ فِيهِ وَجَازَتْ كَتَعَوُّذٍ بِنَفْلٍ ، وَكُرِهَا بِفَرْضٍ : كَدُعَاءٍ قَبْلَ قِرَاءَةٍ ، وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ ، وَأَثْنَاءَهَا وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ ، وَرُكُوعٍ ، وَقَبْلَ تَشَهُّدٍ ، وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ ، وَتَشَهُّدٍ أَوَّلَ ، لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ ، وَدَعَا بِمَا أَحَبَّ ، وَإِنْ لِدُنْيَا ، وَسَمَّى مِنْ أَحَبَّ .
وَلَوْ قَالَ : يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا ، لَمْ تَبْطُلْ

( وَلَا بَسْمَلَةٌ ) مَشْرُوعَةٌ ( فِيهِ ) أَيْ التَّشَهُّدِ فَهِيَ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَوْ تَشَهُّدُ نَفْلٍ ( وَجَازَتْ ) أَيْ الْبَسْمَلَةُ أَيْ لَا تُكْرَهُ وَإِنْ كَانَتْ خِلَافُ الْأَوْلَى قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَفِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْخَرَشِيِّ أَيْ أُبِيحَتْ فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَتَعَوُّذٍ ) فِي الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَصِلَةُ جَازَتْ ( بِنَفْلٍ وَكُرِهَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْبَسْمَلَةُ وَالتَّعَوُّذُ ( بِفَرْضٍ ) لِكُلِّ مُصَلٍّ سِرًّا وَجَهْرًا فِي الْفَاتِحَةِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ " رَضٍ " وَمُحَصِّلُ مَذْهَبِهِ عِنْدَ أَصْحَابِهِ لِلْعَمَلِ .
{ قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّيْت خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فَكَانُوا يَفْتَتِحُونَ الْقِرَاءَةَ بِالْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَلَمْ أَسْمَعْهُمْ يُبَسْمِلُونَ } فَلَيْسَتْ مِنْ الْقُرْآنِ إلَّا الَّتِي فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ النَّمْلِ .
وَقِيلَ بِإِبَاحَتِهَا وَقِيلَ بِنَدْبِهَا .
وَقِيلَ بِوُجُوبِهَا الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ الْوَرَعُ الْبَسْمَلَةُ أَوَّلُ الْفَاتِحَةِ لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ .
وَكَانَ الْمَازِرِيُّ يُبَسْمِلُ سِرًّا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَذْهَبُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَنْ بَسْمَلَ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ مَنْ تَرَكَهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ انْتَهَى ، وَصَلَاةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا خَيْرٌ مِنْ صَلَاةٍ قَالَ أَحَدُهُمَا بِبُطْلَانِهَا .
وَكَذَا الْقِرَاءَةُ خَلْفَ الْإِمَامِ فِي الْجَهْرِ وَإِسْمَاعِ نَفْسِهِ قِرَاءَتَهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْبَسْمَلَةِ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَصِحُّ بِتَرْكِهَا وَلَمْ يَقْصِدْ الْخُرُوجَ مِنْ الْخِلَافِ ، فَإِنْ قَصَدَهُ فَلَا تُكْرَهُ سَوَاءٌ نَوَى بِهَا الْفَرْضَ أَوْ لَمْ يَنْوِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا فَلَا يُشْتَرَطُ نِيَّةُ أَحَدِهِمَا فِي الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ ، وَلَا

نِيَّةَ الْفَرْضِيَّةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّمَا الشَّرْطُ عِنْدَهُ عَدَمُ نِيَّةِ النَّفْلِ وَعَدَمُ النِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مُمْكِنٌ لَا يُنَافِي اعْتِقَادُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ بِفَرْضِيَّتِهَا إذْ فَرَّقَ بَيْنَ النِّيَّةِ وَالِاعْتِقَادِ أَفَادَهُ عبق .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَدُعَاءٍ ) عَقِبَ إحْرَامٍ وَ ( قَبْلَ قِرَاءَةٍ ) فَيُكْرَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلْعَمَلِ وَإِنْ صَحَّ الْحَدِيثُ بِهِ .
وَعَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " نُدِبَ قَوْلُهُ قَبْلَهَا : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك وَتَبَارَكَ اسْمُك ، وَتَعَالَى جَدُّك ، وَلَا إلَهَ غَيْرُك " وَجَّهْت وَجْهِي " .
اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْت بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَنَقِّنِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الْأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ ، وَاغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ .
ابْنُ حَبِيبٍ يَقُولُهُ بَعْدَ الْإِقَامَةِ وَقَبْلَ الْإِحْرَامِ ، قَالَ فِي الْبَيَانِ وَذَلِكَ حَسَنٌ زَرُّوقٌ وَفِيهِ بَحْثٌ انْتَهَى ، أَيْ لِأَنَّ فِعْلَهُ قَبْلَهَا لِأَجْلِهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ أَيْضًا ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى كَقَوْلِهِ بَعْدُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرَكَاتُهُ أَفَادَهُ عبق .
( وَبَعْدَ فَاتِحَةٍ ) لِاشْتِغَالِهِ عَنْ قِرَاءَةِ السُّورَةِ وَهِيَ سُنَّةٌ وَقِيسَ الْمَأْمُومُ وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ طَرْدُ اللُّبَابِ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ وَالطِّرَازِ جَوَازُهُ و اسْتَظْهَرَهُ الْحَطَّابُ ( وَأَثْنَائِهَا ) أَيْ الْفَاتِحَةِ بِأَنْ يُخَلِّلَهَا بِهِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الدُّعَاءِ فَهُوَ أَوْلَى .
وَقَيَّدَهُ فِي الطِّرَازِ بِالْفَرْضِ فَلَا يُكْرَهُ فِي النَّفْلِ .
( وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ ) لِمَنْ يَقْرَأهَا مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ .
وَجَازَ لِمَأْمُومٍ سِرًّا حَالَ قِرَاءَتِهَا الْإِمَام جَهْرًا إنْ سَمِعَ سَبَبَهُ وَقَلَّ كَالْخُطْبَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَتَعَوَّذُ الْمَأْمُومُ إذَا سَمِعَ ذِكْرَ النَّارِ ، وَإِنْ فَعَلَ فَسِرًّا فِي نَفْسِهِ انْتَهَى .
وَفِي الشَّامِلِ مَالِكٌ رَضِيَ

اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ سَمِعَ مَأْمُومٌ ذِكْرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَصَلَّى عَلَيْهِ أَوْ ذِكْرَ الْجَنَّةِ فَسَأَلَهَا أَوْ النَّارِ فَاسْتَعَاذَ مِنْهَا فَلَا بَأْسَ وَيُخْفِيهِ ، وَلَا يُكْثِرُ كَسَامِعِ خُطْبَةٍ الْحَطّ وَفِيهَا لَا يُكْرَهُ قَوْلُ الْإِمَامِ عِنْدَ قِرَاءَتِهِ { أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى } بَلَى إنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ .
وَقَوْلُ الْمَأْمُومِ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ كَذَلِكَ انْتَهَى عبق .
هَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَأَثْنَاءَ سُورَةٍ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَسُؤَالُ الْجَنَّةِ وَالِاسْتِعَاذَةُ مِنْ النَّارِ عِنْدَ ذِكْرِهِمَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنَّ قَوْلَ الْمَأْمُومِ بَلَى أَنَّهُ أَحْكُمُ أَوْ قَادِرٌ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْإِمَامِ { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } ، أَوْ الْآيَةُ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا يَبْطُلُ انْتَهَى .
( وَ ) أَثْنَاءُ ( رُكُوعٍ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا شُرِعَ فِيهِ التَّسْبِيحُ ، وَنُدِبَ بَعْدَ رَفْعٍ مِنْهُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ ، فَقَالَ عج الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ لِأَنَّ الْحَامِدَ لِرَبِّهِ طَالِبٌ لِلْمَزِيدِ مِنْهُ وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ الْمُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ دُعَاءٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُنُوتٍ بِصُبْحٍ فَقَطْ .
( وَ ) كُرِهَ ( قَبْلَ تَشَهُّدِ ) أَوَّلٍ أَوْ ثَانٍ ( وَبَعْدَ سَلَامِ إمَامٍ ) وَلَوْ بَقِيَ فِي مَكَانِهِ ( وَبَعْدَ تَشَهُّدٍ أَوَّلٍ ) أَيْ غَيْرِ تَشَهُّدِ السَّلَامِ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُكْرَهُ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، خِلَافًا لِمَا فِي عب .
عَنْ الرَّصَّاعِ مِنْ تَأَكُّدِهَا فِيهِ قَالَهُ النَّفْرَاوِيُّ وَالْعَدَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( لَا ) يُكْرَهُ الدُّعَاءُ ( بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ بَيْنَهُمَا اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاسْتُرْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاعْفُ عَنِّي وَعَافَنِي .

وَيُنْدَبُ فِي السُّجُودِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ .
( وَدَعَا ) الْمُصَلِّي جَوَازًا فِي سُجُودِهِ وَبَيْنَ سَجْدَتَيْهِ وَعَقِبَ تَشَهُّدِ السَّلَامِ ( بِمَا أَحَبَّ ) مِنْ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً وَيَحْرُمُ بِمُمْتَنِعٍ شَرْعًا نَحْوَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى قَتْلِ فُلَانٍ عُدْوَانًا أَوْ الزِّنَا بِحَلِيلَتِهِ أَوْ عَقْلًا كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ ، أَوْ عَادَةً كَالسَّلْطَنَةِ لِمَنْ لَيْسَ أَهْلُهَا وَلَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ لِدُنْيَا بَلْ : ( وَإِنْ ) كَانَ ( لِ ) طَلَبِ ( دُنْيَا ) كَسَعَةِ رِزْقٍ وَزَوْجَةٍ حَسَنَةٍ ( وَسَمَّى ) بِفَتْحِ السِّينِ وَالْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَيْ ذَكَرَ الدَّاعِي فِي صَلَاتِهِ اسْمَ ( مَنْ أَحَبَّ ) أَنْ يَدْعُوَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ .
( وَلَوْ قَالَ ) الْمُصَلِّي فِي دُعَائِهِ ( يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا ) مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ إنْ كَانَ فُلَانٌ غَائِبًا مُطْلَقًا أَوْ حَاضِرًا وَلَمْ يَقْصِدْ خِطَابَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ .

وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ لَا حَصِيرٍ ، وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ ) أَوْ بِسَاطٍ لَمْ يُفْرَشْ فِي الْمَسْجِدِ دَائِمًا فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَانَ مِنْ وَاقِفِ الْمَسْجِدِ ، أَوْ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَقَفَهُ لِيَفْرِشَ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ وَقْفِهِ وَاتِّبَاعِهِ إنْ جَازَ أَوْ كُرِهَ لِطَلْعِ الْمُزَاحَمَةِ عَلَى الصَّفِّ الْأَوَّلِ لِنَدْبِ صَلَاةِ الْفَرْضِ بِهِ أَفَادَهُ عب ، وَتَنْتَفِي الْكَرَاهَةُ بِالضَّرُورَةِ كَشِدَّةِ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَخُشُونَةِ أَرْضٍ وَجَرْحٍ بِجَبْهَةٍ ( لَا ) يُكْرَهُ السُّجُودُ عَلَى ( حَصِيرٍ ) خَشِنٍ كَالْحَلْفَاءِ وَيُكْرَهُ عَلَى الْحَصِيرِ النَّاعِمِ كَحُصْرِ السَّمَرِ ( وَتَرْكُهُ ) أَيْ السُّجُودِ عَلَى الْحَصِيرِ الْخَشِنِ ( أَحْسَنُ ) فَالسُّجُودُ عَلَيْهِ خِلَافُ الْأَوْلَى .

وَرَفْعُ مُومِئٍ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ
( وَ ) كُرِهَ ( رَفْعُ ) شَخْصٍ ( مُومٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ مُصَلٍّ بِالْإِيمَاءِ لِلسُّجُودِ لِعَجْزِهِ عَنْهُ ( مَا ) أَيْ شَيْئًا مَفْعُولُ رَفَعَ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ عَنْ ، الْأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْهِ إلَى جَبْهَتِهِ ( يَسْجُدُ عَلَيْهِ ) بِجِهَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا كَكُرْسِيٍّ أَوَّلًا كَشَيْءٍ رَفَعَهُ بِيَدِهِ وَسَجَدَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ وَلَا يُعِيدُ ، وَهَذَا إذَا انْحَطَّ لَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فِي الْإِيمَاءِ ، فَإِنْ رَفَعَهُ لِجَبْهَتِهِ بِدُونِ انْحِطَاطٍ بِهَا فَلَا يَجْزِيهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ أَشْهَبَ وَمَحَلُّ الْإِجْزَاءِ إذَا نَوَى حِينَ إيمَائِهِ الْأَرْضَ فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِيمَاءَ إلَى مَا رَفَعَ لَهُ دُونَ الْأَرْضِ فَلَا يُجْزِيهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ ، وَمَفْهُومُ مُومٍ مَنَعَ رَفَعَ الصَّحِيحَ مَا يَسْجُدُ عَلَيْهِ ، إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّصِلًا بِالْأَرْضِ وَهُوَ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ .
وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا فَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ يَسِيرًا كَسَبْحَةِ وَمِفْتَاحٍ وَمِحْفَظَةٍ فَالصَّلَاةُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ ارْتِفَاعُهُ كَثِيرًا كَكُرْسِيٍّ فَالصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ ، وَتَعْرِيفُ السُّجُودِ بِأَنَّهُ مَسُّ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ سَطْحِ مَحَلِّ الْمُصَلِّي خِلَافًا لِمَنْ قَالَ مَكْرُوهٌ .

وَسُجُودٌ عَلَى كَوْرِ عِمَامَتِهِ أَوْ طَرَفِ كُمٍّ
وَ ) كُرِهَ ( سُجُودٌ عَلَى كَوْرِ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ، أَيْ مَجْمُوعِ لَفَّاتِ ( عِمَامَتِهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي الْمَشْدُودِ عَلَى جَبْهَتِهِ إنْ كَانَ لَفَّتَيْنِ مِنْ شَالٍ رَقِيقٍ كَشَاشٍ أَوْ بَفْتَةٍ وَلَا يُعِيدُهَا ، فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ لَفَّتَيْنِ وَاسْتَقَرَّتْ الْجَبْهَةُ عَلَيْهِ فَيُعِيدُ فِي الْوَقْتِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْعِمَامَةُ مُشَدَّدَةً عَلَى الرَّأْسِ وَسَجَدَ عَلَى كَوْرِهَا وَلَمْ تَمَسَّ جَبْهَتُهُ الْأَرْضَ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ يُعِيدُهَا أَبَدًا وُجُوبًا ، وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَلَى الْجَبْهَةِ وَمَنَعَتْ اسْتِقْرَارَهَا لِكَثَافَتِهَا وَفَشْوَلَتِهَا كَشَالِ الصُّوفِ الْمَنْفُوشِ .
( أَوْ ) عَلَى ( طَرَفِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ حَاشِيَةِ ( كُمٍّ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ مَلْبُوسِهِ ، إلَّا لِشِدَّةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ خُشُونَةِ أَرْضٍ ( فَرْعٌ ) جَمَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " يُكْرَهُ أَنْ يُرَوِّحَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَكْتُوبَةِ وَخَفَّفَهُ فِي النَّافِلَةِ وَأَنْ يُرَوِّحَ فِي الْمَسْجِدِ بِالْمَرَاوِحِ .

وَنَقْلُ حَصْبَاءَ مِنْ ظِلٍّ لَهُ بِمَسْجِدٍ ، وَقِرَاءَةٌ بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ
( وَ ) كُرِهَ ( نَقْلُ حَصْبَاءَ ) أَوْ تُرَابٍ ( مِنْ ظِلٍّ ) فِي الصَّيْفِ أَوْ شَمْسٍ فِي الشِّتَاءِ ( لَهُ ) أَيْ السُّجُودِ عَلَيْهَا وَصِلَةُ نَقْلُ ( بِمَسْجِدٍ ) أَيْ فِيهِ لِتَحْفِيرِهِ وَأَوْلَى نَقْلُهُ لِغَيْرِ السُّجُودِ ، فَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِتَحْفِيرِهِ فَلَا يُكْرَهُ لِلسُّجُودِ وَلَا لِغَيْرِهِ ، وَ مَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ جَوَازُهُ بِغَيْرِهِ لِلسُّجُودِ وَلِغَيْرِهِ .
وَلَوْ أَدَّى لِتَحْفِيرِهِ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بِالْحَصْبَاءِ فِي يَدِهِ نَاسِيًا أَوْ فِي نَعْلِهِ ، فَإِنْ رَدَّهَا لَهُ فَحَسَنٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ .
( وَ ) كُرِهَ ( قِرَاءَةٌ ) مِنْ قُرْآنٍ عَزِيزٍ ( بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ ) لِحَدِيثٍ { نُهِيت أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَادْعُوَا فِيهِ فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ } لِأَنَّهُمَا حَالَتَا ذُلٍّ وَانْخِفَاضٍ فِي الظَّاهِرِ .
وَالْمَطْلُوبُ مِنْ الْقَارِئِ التَّلَبُّسُ بِحَالَةِ الرِّفْعَةِ وَالْعَظَمَةِ ظَاهِرًا تَعْظِيمًا لِلْقُرْآنِ وَمِنْ تَعْظِيمِهِ تَدَبُّرِهِ وَاسْتِحْضَارِ مَعَانِيهِ وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَخُشُوعِ الْقَلْبِ وَاسْتِحْضَارِهِ عَظَمَةَ الرَّبِّ حَالَ قِرَاءَتِهِ .

وَدُعَاءٌ خَاصٌّ أَوْ بِعَجَمِيَّةٍ لِقَادِرٍ
( وَ ) كُرِهَ ( دُعَاءٌ خَاصٌّ ) أَيْ الْتِزَامُهُ الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ لِإِيهَامِهِ قَصْرَ كَرْمِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ فِي غَيْرِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا صَادَفَ غَيْرَهُ قَدَرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ فَلَا يُجَابُ فَيُسِيءُ ظَنُّهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَيَيْأَسُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْخَاصُّ عَامًّا الْمَعْنَى وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ ، نَحْوُ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنِي سَعَادَةَ الدَّارَيْنِ وَاكْفِنِي هَمَّهُمَا .
وَقَدْ أَنْكَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " التَّحْدِيدَ فِي صِيَغِ الدُّعَاءِ وَعَدَدِ التَّسْبِيحَاتِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَفِي تَعْيِينِ لَفْظِهَا لِاخْتِلَافِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ .
( أَوْ ) دُعَاءٌ ( بِ ) لُغَةٍ ( عَجَمِيَّةٍ ) أَيْ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ بِصَلَاةٍ ( لِقَادِرٍ ) عَلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَالْكَلَامُ بِهَا مَكْرُوهٌ فِي الْمَسْجِدِ فَقَطْ لِقَادِرٍ لِنَهْيِ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ رَطَانَةِ الْأَعَاجِمِ فِي الْمَسْجِدِ وَقَالَ إنَّهَا خَبٌّ وَخَدِيعَةٌ وَقِيلَ إنَّمَا هُوَ بِحَضْرَةِ مَنْ لَا يَفْهَمُهَا لِأَنَّهُ مِنْ تَنَاجَى اثْنَيْنِ دُونَ وَاحِدٍ وَتُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُمْ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِذَلِكَ وَمَفْهُومٌ لِقَادِرِ عَدَمُ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِهَا لِعَاجِزٍ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فِي الصَّلَاةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَفِي الطِّرَازِ مَنْ دَعَّى أَوْ سَبَّحَ أَوْ كَبَّرَ بِالْعَجَمِيَّةِ وَلَوْ غَيْرَ قَادِرٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا ا هـ .

وَالْتِفَاتٌ بِلَا حَاجَةٍ ، وَتَشْبِيكُ أَصَابِعَ ، وَفَرْقَعَتُهَا ، وَإِقْعَاءٌ ، وَتَخَصُّرٌ ، وَتَغْمِيضُ بَصَرِهِ

( وَ ) كُرِهَ ( الْتِفَاتٌ ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَوْ بِجَمِيعِ جَسَدِهِ بِشَرْطِ بَقَاءِ رِجْلَيْهِ لِلْقِبْلَةِ ( بِلَا حَاجَةٍ ) وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ كَالتَّصَفُّحِ يَمِينًا وَشِمَالًا بِالْخَدِّ فَفِي الْجَلَّابِ لَا بَأْسَ بِهِ ، لَكِنْ قَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ التَّصَفُّحَ بِالْحَدِّ إنَّمَا يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْعُنُقِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الصَّدْرِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ لَيِّ الْبَدَنِ كُلِّهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَشْبِيكُ أَصَابِعِهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي فَقَطْ وَلَا يُكْرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَفَاؤُلٌ بِاشْتِبَاكِ الْأَمْرِ وَصُعُوبَتِهِ عَلَى الْإِنْسَانِ ( وَ ) كُرِهَ ( فَرُقْعَتُهَا ) أَيْ الْأَصَابِعِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تُكْرَهُ فِي غَيْرِهَا وَلَوْ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرِهَهَا مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَسْجِدِ دُونَ غَيْرِهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( إقْعَاءٌ ) بِجُلُوسٍ لِتَشَهُّدٍ أَوْ بَيْنَ سَجْدَتَيْنِ أَوَّلًا حَرَامٌ وَقِرَاءَةٌ وَرُكُوعٌ لِمَنْ صَلَّى جَالِسًا وَهُوَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَدْرِ قَدَمَيْهِ وَأَلْيَتَاهُ عَلَى عَقِبَيْهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَبْيَنُ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ بِأَنَّهُ جُلُوسُ الرَّجُلِ عَلَى أَلْيَتَيْهِ نَاصِبًا فَخِذَيْهِ وَاضِعًا يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ كَإِقْعَاءِ الْكَلْبِ .
أَبُو الْحَسَنِ صِفَةُ أَبِي عُبَيْدَةَ مَمْنُوعَةً لَا مَكْرُوهَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ تَفْسِير الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ جُلُوسُهُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَى الْأَرْض وَظُهُورُهُمَا لِلْأَرْضِ أَيْضًا وَجُلُوسُهُ بَيْنَهُمَا وَأَلْيَتَاهُ عَلَيْهَا وَرِجْلَاهُ قَائِمَتَانِ عَلَى بُطُونِ أَصَابِعِهِمَا .
فَالْإِقْعَاءُ الْمَكْرُوهُ أَرْبَعٌ ، وَالْمَمْنُوعُ وَاحِدٌ ا هـ عبق .
( وَ ) كُرِهَ ( تَخَصُّرٌ ) بِفَتْحِ

الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً بِصَلَاةٍ بِأَنْ يَضَعَ يَدَهُ فِي خَصْرِهِ فِي قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ وَهُوَ مِنْ فِعْلِ الْيَهُودِ ( وَ ) كُرِهَ ( تَغْمِيضُ بَصَرِهِ ) أَيْ عَيْنِ الْمُصَلِّي خَوْفَ اعْتِقَادِ فَرْضِيَّتَهُ إلَّا لِخَوْفِ نَظَرٍ لِمُحَرَّمٍ أَوْ مَا يَشْغَلُهُ عَنْهَا وَيَجْعَلُ بَصَرَهُ أَمَامَهُ وَكُرِهَ وَضْعُهُ مَوْضِعَ سُجُودِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِانْحِنَائِهِ بِرَأْسِهِ .
وَعَدَّهُ عِيَاضٌ فِي قَوَاعِدِهِ مِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ وَكُرِهَ قِيَامُهُ مُنَكَّسَ الرَّأْسِ .
قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلْمُنَكِّسِ رَأْسَهُ ارْفَعْ رَأْسَك فَإِنَّمَا الْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ ، وَالْبَصَرُ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ فَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهَا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الشَّيْءِ عَلَى آلَتِهِ عَكْسُ { وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخَرِينَ } اللَّخْمِيُّ يُكْرَهُ رَفْعُهُ لِلسَّمَاءِ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثٍ { لَيَنْتَهِيَنَّ قَوْمٌ عَنْ رَفْعِ أَعْيُنِهِمْ إلَى السَّمَاءِ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ } .
ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَفَعَ لِغَيْرِ الِاعْتِبَارِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لَهُ وَلَا يَلْحَقُهُ الْوَعِيدُ .

وَرَفْعُهُ رِجْلًا ، وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى ، وَإِقْرَانُهُمَا
( وَ ) كُرِهَ ( رَفْعُهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي ( رِجْلًا ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْجِيمِ عَنْ الْأَرْضِ إلَّا لِعُذْرٍ كَطُولِ قِيَامٍ ( وَوَضْعُ قَدَمٍ عَلَى أُخْرَى ) لِأَنَّهُ عَبَثٌ ( وَإِقْرَانُهُمَا ) أَيْ ضَمُّ الرِّجْلَيْنِ مَعًا كَالْمُقَيَّدِ سَوَاءٌ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا دَائِمًا أَوْ رَوَّحَ بِهِمَا بِأَنْ صَارَ يَعْتَمِدُ عَلَى هَذِهِ تَارَةً وَعَلَى هَذِهِ الْأُخْرَى تَارَةً أُخْرَى أَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا دَائِمًا .
وَقِيلَ جَعَلَ حَظَّهُمَا مِنْ الِاعْتِمَادِ سَوَاءً دَائِمًا سَوَاءٌ فَرَّقَهُمَا أَوْ ضَمَّهُمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّهُ مَطْبُوبٌ فِي الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ .
وَعِلَّةُ كَرَاهَتِهِ اشْتِغَالُهُ بِهِ عَنْ خُشُوعِ الصَّلَاةِ تت .
وَأَشْعَرَ اقْتِصَارُهُ عَلَى كَرَاهَةِ إقْرَانِهِمَا بِجَوَازِ تَفْرِيقِهِمَا وَمُرَادُهُ تَفْرِيقًا مُعْتَادًا لِقَوْلِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَفْرِيقُهُمَا عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَادِ قِلَّةَ وَقَارٍ كَإِقْرَانِهِمَا وَإِلْصَاقِهِمَا زِيَادَةَ تَنَطُّعٍ .

وَتَفَكُّرٌ بِدُنْيَوِيٍّ ، وَحَمْلُ شَيْءٍ بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ ، وَتَزْوِيقُ قِبْلَةٍ ، وَتَعَمُّدُ مُصْحَفٍ فِيهِ لِيُصَلِّيَ لَهُ

( وَ ) كُرِهَ ( تَفَكُّرٌ ) فِيهَا ( بِدُنْيَوِيٍّ ) لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْهَا ، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى أَعَادَهَا أَبَدًا عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ قَالَهُ الْحَطّ .
وَلَا يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ لِأَنَّ تَفَكُّرَهُ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ الْكَثِيرِ ، فَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا شُغْلًا زَائِدًا عَلَى الْمُعْتَادِ وَعَلَى مَا صَلَّى فَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ فِي الْوَقْتِ وَمَفْهُومُ دُنْيَوِيٍّ أَنَّ تَفَكُّرَهُ بِأُخْرَوِيٍّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ لَا يُكْرَهُ ، بِدَلِيلِ تَجْهِيزِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ جَيْشًا وَهُوَ يُصَلِّي وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِعَدَمِ إشْغَالِهِ عَنْهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَا يُكْرَهُ الْمُتَعَلِّقُ بِهَا مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى يَبْنِي عَلَى الْإِحْرَامِ ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يُكْرَهُ الْأُخْرَوِيُّ مُطْلَقًا وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَدْرِ مَا صَلَّى بَنَى عَلَى الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِهَا أَمْ لَا وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ .
( وَ ) كُرِهَ ( حَمْلُ شَيْءٍ ) فِي الصَّلَاةِ ( بِكُمٍّ أَوْ فَمٍ ) لَا يَمْنَعُهُ عَنْ رُكْنٍ وَإِخْرَاجِ حُرُوفِ قِرَاءَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خُبْزًا مَخْبُوزًا بِرَوْثٍ نَجَسٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِحَمْلِهِ ، وَلَا بِتَرْكِ الْمَضْمَضَةِ مِنْهُ أَفْتَى بِهِ جَدُّ عج عَنْ اللَّقَانِيِّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَمَالَ لَهُ السَّنْهُورِيُّ مَا لَمْ تُرَ النَّجَاسَةُ فِيهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَزْوِيقُ قِبْلَةٍ ) بِذَهَبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا الْكِتَابَةُ فِيهَا وَتَزْوِيقُ مَسْجِدٍ بِذَهَبٍ أَوْ شَبَهِهِ لَا اتَّقَانِ بِنَائِهِ وَتَجْصِيصِهِ فَيُنْدَبَانِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ التَّصَدُّقُ بِثَمَنِ مَا يُجْمَرُ بِهِ الْمَسْجِدُ أَوْ يُخْلَقُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَجْمِيرِهِ وَتَخَلُّقِهِ أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْوَاقِفُ فَيَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَعَمُّدُ ) وَضْعِ ( مُصْحَفٍ فِيهِ ) أَيْ الْمِحْرَابِ ( لِيُصَلِّيَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً ( لَهُ ) أَيْ الْمُصْحَفِ وَمَفْهُومُ تَعَمُّدُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَوْضِعُهُ الَّذِي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57