كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

مَكَّةَ أَوْ ) يَسْتَمِرُّ يُلَبِّي لِلشُّرُوعِ فِي ( الطَّوَافِ ) وَلِابْنِ الْحَاجِبِ لِرُؤْيَةِ الْبَيْتِ وَقِيلَ : إلَى بُيُوتِ مَكَّةَ وَقِيلَ : إلَى الْحَرَمِ فِي التَّوْضِيحِ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ الْمَشْهُورَ يُلَبِّي إلَى رُؤْيَةِ الْبَيْتِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْخِلَافُ فِي أَمْرٍ مُسْتَحَبٍّ ( خِلَافٌ ) الْأَوَّلُ مَذْهَبُ الرِّسَالَةِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
لِقَوْلِهَا يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ حِينَ يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ .
( وَإِنْ تُرِكَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : التَّلْبِيَةُ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا ( أَوَّلَهُ ) أَيْ الْإِحْرَامِ ( فَدَمٌ ) وَاجِبٌ بِتَرْكِهَا ( إنْ طَالَ ) زَمَنُ تَرْكِهَا وَلَوْ رَجَعَ وَلَبَّى فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ أَوَّلِهِ أَنَّهَا إنْ تُرِكَتْ أَثْنَاءَهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ، وَصَرَّحَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَالتُّونُسِيُّ وَصَاحِبُ التَّلْقِينِ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ قَالُوا أَقَلُّهَا مَرَّةً ، فَإِنْ قَالَهَا ثُمَّ تَرَكَ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ الْحَطّ .
وَشَهَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ وُجُوبَهُ ، وَنَصُّهُ فَإِنْ لَبَّى حِينَ أَحْرَمَ وَتَرَكَ فَفِي الدَّمِ ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُعَوِّضْهَا بِتَكْبِيرٍ وَتَهْلِيلٍ لِلْمَشْهُورِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ ، وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَإِنْ ابْتَدَأَهَا وَلَمْ يَعُدَّهَا فَدَمٌ فِي أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ ظَاهِرٌ .

وَتَوَسُّطٌ فِي عُلُوِّ صَوْتِهِ ، وَفِيهَا .
وَعَاوَدَهَا بَعْدَ سَعْيٍ وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ لِرَوَاجِ مُصَلَّى عَرَفَةَ .

( وَ ) نُدِبَ ( تَوَسُّطٌ فِي عُلُوٍّ ) أَيْ : رَفْعِ ( صَوْتِهِ ) أَيْ : الْمُلَبِّي بِالتَّلْبِيَةِ فَلَا يُسِرُّهَا وَلَا يُبَالِغُ فِي رَفْعِهِ حَتَّى يَعْقِرَهُ ( وَ ) نُدِبَ تَوَسُّطٌ ( فِيهَا ) أَيْ التَّلْبِيَةِ فَلَا يُكْثِرُهَا جِدًّا حَتَّى يَمَلَّهَا وَلَا يُقَلِّلُهَا ، وَجَعَلَهُمَا تت سُنَّتَيْنِ .
طفي اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ السُّنِّيَّةَ فِيهِمَا .
وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا إلَّا لِنِسَاءٍ وَلَا يُسْرِفُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ وَفِيهِمَا كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يُلَبِّيَ مَنْ لَمْ يُرِدْ الْحَجَّ وَرَآهُ خَرْقًا لِمَنْ فَعَلَهُ ا هـ .
وَمَعْنَاهَا أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك إلَخْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْجَلَّابِ مَنْ نَادَى رَجُلًا فَأَجَابَهُ بِالتَّلْبِيَةِ سَبْعًا فَقَدْ أَسَاءَ ، أَيْ : قَالَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ إلَخْ ، هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَلْبِيَتُهُ الضَّمِيرُ لِلْإِحْرَامِ وَإِضَافَتُهَا إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا تُذْكَرُ مَعَهُ وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا بِسَبَبِهِ ، وَاسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ النُّسُكِ جَهْلٌ وَمَكْرُوهٌ .
فِي الشِّفَاءِ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ نَادَى رَجُلًا بِاسْمِهِ فَأَجَابَهُ لَبَّيْكَ فَقَالَ إنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ سَفَهٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
قَالَ الْقَاضِي يَعْنِي نَفْسَهُ وَشَرَحَ قَوْلَهُ إنَّهُ لَا قَتْلَ عَلَيْهِ وَالْجَاهِلُ يُزْجَرُ وَيُعَلَّمُ وَالسَّفِيهُ يُؤَدَّبُ وَلَوْ قَالَهَا عَلَى اعْتِقَادِ إنْزَالِهِ مَنْزِلَةَ رَبِّهِ كَفَرَ هَذَا مُقْتَضَى قَوْلِهِ ا هـ .
أَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الرَّجُلِ لَبَّيْكَ لِمَنْ نَادَاهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ بَلَى هُوَ حُسْنُ أَدَبٍ وَاسْتَعْمَلَتْهُ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَعَهُمْ ، وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ بِقَوْلِهِ بَابُ مَنْ أَجَابَ بِلَبَّيْكَ وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَقَوْلُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَذَلِكَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِقْهَ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي تَرَاجِمِهِ : وَفِي الشِّفَاءِ عَنْ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا مَا دَعَاهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَهْلِهِ إلَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَبَّيْكَ } ا هـ .
السُّيُوطِيّ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ بِسَنَدٍ وَاهٍ ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَهَا الْمُتَقَدِّمَ بِقَوْلِهِ كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا وَقَدْ كَانَتْ الصَّحَابَةُ تُجِيبُ بِالتَّلْبِيَةِ ؟ وَلَعَلَّهُ كَرِهَهُ إذَا كَانَ يُلَبِّي غَيْرَ مُجِيبٍ لِأَحَدٍ ا هـ .
لَكِنَّ اعْتِرَاضَهُ مُنْدَفَعٌ بِمَا حَمَلْنَاهَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَادُهَا غَابَ عَنْهُ فَاعْتُرِضَ ، وَأَجَابَ بِجَوَابٍ فِيهِ نَظَرٌ ، فَلَوْلَا أَنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ مُقَرَّرَةٌ عِنْدَهُمْ بِالْإِبَاحَةِ مَا اُعْتُرِضَ .
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ عِنْدَ كَلَامِهِ عَلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَوْلُهُ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ الْإِجَابَةَ بِلَبَّيْكَ خَاصَّةٌ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَقَدْ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ جَوَابَ الرَّجُلِ لِمَنْ نَادَاهُ لَبَّيْكَ مِنْ السَّفَهِ وَأَنَّهُ جَهْلٌ بِالسُّنَّةِ ، وَاسْتِدْلَالُهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبِكَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مَعَهُمْ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ ، وَإِنْ سَلَّمَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَى الْخُصُوصِيَّةِ دَلِيلٌ .
وَتَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ تَدُلُّ عَلَى نَفْيِهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا ، وَقَدْ عَلِمْت سَابِقًا أَنَّ السَّفَهَ لَيْسَ فِي الْإِجَابَةِ بِلَبَّيْكَ فَقَطْ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْهُ مَعَ أَصْحَابِهِ خِلَافُ مَا لِعِيَاضٍ ، وَمَا ذَكَرَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا .
( وَعَاوَدَهَا ) أَيْ : الْحَاجُّ التَّلْبِيَةَ

وُجُوبًا قَالَهُ عج .
عب وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي أَوَّلِهِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ مُعَاوَدَتَهَا ( بَعْدَ ) فَرَاغِ ( سَعْيٍ ) كَتَجْدِيدِ إحْرَامٍ وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَإِنْ بِالْمَسْجِدِ ) الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدِ مِنًى وَلَا يَزَالُ يُلَبِّي ( لِرَوَاحِ مُصَلَّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ أَيْ : مَسْجِدِ ( عَرَفَةَ ) بَعْدَ الزَّوَالِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ لَفْظُ رَوَاحٍ ، فَإِنْ ذَهَبَ لَهُ قَبْلَ الزَّوَالِ لَبَّى إلَيْهِ .
قَالَ الْحَطّ فَإِنْ أَحْرَمَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَبَّى بِهَا ثُمَّ قَطَعَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ بِشَرْحِ الْجَلَّابِ ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ يُلَبِّي إلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ ، وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَإِنَّهُ يُلَبِّي إلَيْهِ وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا مُصَلَّى إبْرَاهِيمَ وَمَسْجِدِ عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَمَسْجِدِ نَمِرَةَ ، فَهِيَ أَسْمَاءٌ لِمُسَمًّى وَاحِدٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى عَرَفَةَ .
.

وَمُحْرِمُ مَكَّةَ يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ وَمُعْتَمِرُ الْمِيقَاتِ ، وَفَائِتِ الْحَجِّ لِلْحَرَمِ ، وَمِنْ الْجِعْرَانَةِ وَالتَّنْعِيمِ لِلْبُيُوتِ .
( وَمُحْرِمُ مَكَّةَ ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ مُقِيمًا بِهَا وَلَا يَكُونُ إلَّا بِحَجٍّ مُفْرِدٍ ( يُلَبِّي بِالْمَسْجِدِ ) الْحَرَامِ أَيْ : يَبْتَدِئُهَا فِيهِ ( وَ ) يُلَبِّي ( مُعْتَمِرُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ( الْمِيقَاتِ ) أَيْ : الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ مِنْهُ ( وَ ) مُعْتَمِرُ ( فَائِتِ الْحَجِّ ) بِحَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ مَرَضٍ وَلَمْ يَتَمَادَ عَلَيْهِ ، وَتَحَلَّلَ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ الْحِلِّ يُلَبِّيَانِ ( لِلْحَرَمِ ) الْمُحَدَّدِ بِالْإِعْلَامِ الَّذِي يَحْرُمُ الصَّيْدُ فِيهِ ، وَقَطْعُ النَّابِتِ فِيهِ بِنَفْسِهِ أَيْ : مَنْ اعْتَمَرَ لِفَوَاتِ حَجِّهِ ، أَيْ : تَحَلَّلَ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ لَا أَنَّهُ يُنْشِئُ لَهَا إحْرَامًا .
وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ وَفَاته الْحَجُّ قَبْلَ وُصُولِهِ الْحَرَمَ ، وَقُلْنَا يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ يَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ إذَا وَصَلَ الْحَرَمَ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ .
( وَ ) يُلَبِّي الْمُعْتَمِرُ ( مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَ ) مِنْ ( التَّنْعِيمِ ) لِدُخُولِهِ ( لِلْبُيُوتِ ) لِقَوْلِهَا يَقْطَعُ إذَا دَخَلَ مَكَّةَ أَوْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَكُلّ ذَلِكَ وَاسِعٌ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَغَيْرُهُ طفي .
اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْبُيُوتِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسْخَتِهِ أَوْ الْمَسْجِدِ .

وَلِلطَّوَافِ الْمَشْيُ ، وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ ، وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ بِفَمٍ أَوَّلَهُ ، وَفِي الصَّوْتِ قَوْلَانِ ، وَلِلزَّحْمَةِ لَمْسٌ بِيَدٍ ، ثُمَّ عُودٌ وَوُضِعَا عَلَى فِيهِ ثُمَّ كَبَّرَ وَالدُّعَاءُ بِلَا حَدٍّ ، وَرَمَلُ رَجُلٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ، وَلَوْ مَرِيضًا ، وَصَبِيًّا حُمِلَا ، وَلِلزَّحْمَةِ الطَّاقَةُ .

( وَ ) السُّنَنُ ( لِلطَّوَافِ ) كَانَ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا أَوْ نَفْلًا ( الْمَشْيُ ) فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ هُوَ وَاجِبٌ يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ قَالَهُ عب .
طفي كَوْنُهُ سُنَّةً نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي مُحَمَّدٍ إنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا كُرِهَ ، وَقَبْلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَمُنَاقَشَةُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يَأْتِي فِي السُّنَّةِ ، وَاسْتِظْهَارُهَا الْحَطّ مَدْفُوعَانِ بِتَخَالُفِ الِاصْطِلَاحِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَمْشِ فِي الطَّوَافِ وَطَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا ( فَدَمٌ ) وَاجِبٌ ( لِقَادِرٍ ) عَلَى الْمَشْيِ فِيهِ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا وَ ( لَمْ يُعِدْهُ ) أَيْ : الطَّوَافَ مَاشِيًا ، فَإِنْ أَعَادَهُ مَاشِيًا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ مَكَّةَ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِ لَهُ مِنْ بَلَدِهِ فَلَا دَمَ وَمَا دَامَ بِمَكَّةَ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إعَادَتِهِ ، وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ وَلَا يَكْفِيهِ الدَّمُ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا فَدَمٌ لِقَادِرٍ لَمْ يُعِدْهُ .
وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ لَكَانَ أَوْلَى .
وَمَفْهُومُ لِقَادِرٍ أَنَّ الْعَاجِزَ لَا دَمَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَّا أَنْ يُطِيقَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِيدَ وَالسَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي الْمَشْيِ ، وَإِنْ تَرَكَ الْقَادِرُ الْمَشْيَ فِيهِمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَاحِدًا لِلتَّدَاخُلِ قَالَهُ الْحَطّ .
( وَتَقْبِيلُ حَجَرٍ ) أَسْوَدَ ( بِفَمٍ ) صِفَةٌ كَاشِفَةٌ ؛ إذْ التَّقْبِيلُ لَا يَكُونُ إلَّا بِهِ ( أَوَّلَهُ ) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ : الطَّوَافُ وَمِنْ سُنَنِهِ الطَّهَارَةُ ؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْ الطَّوَافِ الَّذِي شَرْطُ الطَّهَارَةِ ، وَيُسَنُّ اسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ بِيَدِهِ أَوَّلَهُ وَيَضَعُهَا عَلَى فِيهِ بِلَا تَقْبِيلٍ ، وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَاسْتِلَامُ الْيَمَانِيِّ فِي أَوَّلِ كُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ وَالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ مِنْ الْجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنْ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ الْكُفَّارِ لَا الْمُسْلِمِينَ ، فَفِي الْبُدُورِ السَّافِرَةِ عَنْ

ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنْ يَوَاقِيتِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّمَا سَوَّدَتْهُ خَطَايَا الْمُشْرِكِينَ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِثْلُ أُحُدٍ يَشْهَدُ لِمَنْ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا } .
وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ يُحْشَرُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ وَلِسَانٌ يَشْهَدُ عَلَى مَنْ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ .
( وَفِي ) كَرَاهَةِ ( الصَّوْتِ ) فِي تَقْبِيلِ الْحَجَرِ وَإِبَاحَتِهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَرَجَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْجَوَازَ وَكَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ السُّجُودَ عَلَيْهِ وَتَمْرِيغُ الْوَجْهِ عَلَيْهِ ( وَلِلزَّحْمَةِ ) عَلَى الْحَجَرِ ( لَمْسٌ ) لِلْحَجَرِ ( بِيَدٍ ) إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ( ثُمَّ ) إنْ عَجَزَ عَنْ مَسِّهِ بِهَا مَسَّهُ بِ ( عُودٍ ) حَيْثُ لَمْ يُؤْذِ أَحَدًا ( وَوُضِعَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْعُودِ وَالْيَدِ ( عَلَى فِيهِ ) مِنْ غَيْرِ تَقَبُّلٍ .
( ثُمَّ ) إنْ تَعَذَّرَ الْمَسُّ ( كَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ : قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ بِدُونِ إشَارَةٍ إلَيْهِ بِيَدِهِ وَلَا رَفْعٍ لَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ مَعَ تَقْبِيلِهِ بِفِيهِ وَوَضْعِ يَدِهِ أَوْ الْعُودِ عَلَيْهِ .
وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا أَنَّ التَّكْبِيرَ بَعْدَ التَّقْبِيلِ أَوْ الْوَضْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا وَظَاهِرُ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ قَبَّلَهُ .
وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ وَالْخُبْزِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ امْتِهَانَ الْخُبْزِ مَكْرُوهٌ وَلَوْ بِوَضْعِ الرِّجْلِ عَلَيْهِ أَوْ وَضْعِهِ عَلَيْهَا ا هـ عب .
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ سُنِّيَّةَ التَّقْبِيلِ عَنْ تَقْيِيدِهَا بِالطَّوَافِ الْوَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَقَيَّدَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْوَاجِبِ .
وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ الْخِلَافَ فِي هَذَا فَقَالَ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ بِفِيهِ فِي ابْتِدَائِهِ وَفِي اخْتِصَاصِهِ بِوَاجِبِهِ ،

وَعُمُومُهُ فِي كُلِّ طَوَافٍ قَوْلُهَا لَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِلَامُهُ فِي ابْتِدَائِهِ إلَّا فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ، وَلَا يَدَعَ التَّكْبِيرَ كُلُّ مَا حَاذَاهُ فِي كُلِّ طَوَافٍ حَتَّى التَّطَوُّعَ وَقَوْلُ التَّلْقِينِ بَعْدَ ذِكْرِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ فِي ابْتِدَائِهِ صِفَةُ كُلِّ الطَّوَافِ وَاحِدَةٌ ، مَعَ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْ طَافَ تَطَوُّعًا ابْتَدَأَهُ بِالِاسْتِلَامِ .
( وَ ) ثَالِثُ السُّنَنِ لِلطَّوَافِ مُطْلَقًا ( الدُّعَاءُ ) فِيهِ ( بِلَا حَدٍّ ) أَيْ : يُكْرَهَ تَحْدِيدُهُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي الدُّعَاءِ وَالْمَدْعُوِّ بِهِ ( وَ ) رَابِعُهَا وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهُوَ لِلْحَجِّ طَوَافُ الْقُدُومِ وَلِلْعُمْرَةِ طَوَافُهَا ( رَمَلُ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ أَيْ : إسْرَاعُ ( رَجُلٍ فِي ) الْأَشْوَاطِ ( الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَخِفَّةِ الْوَاوِ فَلَا رَمَلَ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ ، وَلَوْ تَرَكَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ كَتَارِكِ سُورَةٍ مِنْ الْأُولَيَيْنِ فَلَا يَقْرَأهَا فِي الْآخِرَيْنِ .
وَيُسَنُّ الرَّمَلُ فِيهَا إنْ كَانَ كَبِيرًا صَحِيحًا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الطَّائِفُ ( مَرِيضًا أَوْ صَبِيًّا حُمِلَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَيَرْمُلُ الْحَامِلُ وَتُحَرَّكُ الدَّابَّةُ كَمَا تُحَرَّكُ فِي بَطْنِ مُحَسَّرٍ وَفِي السَّعْيِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ وَالرَّمَلُ أَنْ يَثِبَ فِي مَشْيِهِ وَثْبًا خَفِيفًا هَازًّا مَنْكِبَيْهِ .
( وَلِلزَّحْمَةِ ) فِي الطَّوَافِ الْمَسْنُونِ فِيهِ الرَّمَلُ ( الطَّاقَةُ ) فَلَا يُكَلَّفُ فَوْقَهَا وَمَفْهُومُ رَجُلٍ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُسَنُّ رَمَلُهَا ؛ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ .

وَلِلسَّعْيِ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ وَرُقِيُّهُ عَلَيْهِمَا : كَامْرَأَةٍ إنْ خَلَا وَإِسْرَاعٌ بَيْنَ الْأَخْضَرَيْنِ فَوْقَ الرَّمَلِ ، وَدُعَاءٌ وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَوُجُوبِهِمَا : تَرَدُّدٌ .

( وَ ) السُّنَّةُ ( لِلسَّعْيِ ) وَلَا يَكُونُ إلَّا رُكْنًا لِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( تَقْبِيلُ الْحَجَرِ ) الْأَسْوَدِ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ وَالِالْتِزَامُ إذَا كَانَ مُتَوَضِّئًا ؛ إذْ لَا يُقَبِّلُهُ إلَّا مُتَوَضِّئٌ ، وَيُجْزِئُ فِيهِ تَفْصِيلُ الزَّحْمَةِ مِنْ اللَّمْسِ بِيَدٍ ثُمَّ عُودٍ ثُمَّ التَّكْبِيرُ وَيَخْرُجُ لِلسَّعْيِ مِنْ أَيِّ بَابٍ شَاءَ ، وَالْمُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ مِنْ بَابِ بَنِي مَخْزُومٍ الْمُسَمَّى بَابَ الصَّفَا لِقُرْبِهِ مِنْهُ بَعْدَ شُرْبِهِ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ .
( وَ ) السُّنَّةُ الثَّانِيَةُ ( رُقِيُّهُ ) أَيْ : الرَّجُلِ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ : الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ كُلَّمَا يَصِلُ إلَى أَحَدِهِمَا وَفِيهَا يُنْدَبُ أَنْ يَصْعَدَ أَعْلَاهُمَا بِحَيْثُ يَرَى الْكَعْبَةَ مِنْهُ .
ا هـ .
وَهَذَا مُسْتَحَبٌّ زَائِدٌ عَلَى السُّنَّةِ .
وَشَبَّهَ فِي السُّنِّيَّةِ فَقَالَ ( كَ ) رُقِيِّ ( مَرْأَةٍ ) عَلَيْهِمَا فَيُسَنُّ ( إنْ خَلَا ) الْمَوْضِعُ مِنْ مُزَاحِمَةِ الرِّجَالِ وَإِلَّا وَقَفَتْ أَسْفَلَهُ .
ابْنُ فَرْحُونٍ السُّنَّةُ الْقِيَامُ عَلَيْهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ فَإِنْ جَلَسَ فِي الْأَعْلَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَلَوْ عَبَّرَ بِقَامَهُ لَكَانَ أَوْلَى ؛ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرُّقِيِّ الْقِيَامُ .
وَقِيلَ الْقِيَامُ مَنْدُوبٌ زَائِدٌ عَلَى سُنَّةِ الرُّقِيِّ .
( وَ ) السُّنَّةُ الثَّالِثَةُ لِلرِّجَالِ فَقَطْ ( إسْرَاعٌ بَيْنَ ) الْعَمُودَيْنِ ( الْأَخْضَرَيْنِ ) أَوَّلُهُمَا فِي رُكْنِ الْمَسْجِدِ تَحْتَ مَنَارَةٍ بَابِ عَلِيٍّ وَالثَّانِي بَعْدَهُ فِي جِدَارِ الْمَسْجِدِ قُبَالَةَ رِبَاطِ الْعَبَّاسِ وَفِي مُقَابِلَتِهِمَا عَمُودَانِ أَخْضَرَانِ أَيْضًا عَلَى يَمِينِ الذَّاهِبِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ وَالْإِسْرَاعُ فِي حَالِ الذَّهَابِ مِنْ الصَّفَا لِلْمَرْوَةِ لَا فِي الْعَوْدِ مِنْهَا إلَيْهِ ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ وَالْمَوَّاقِ ، وَلَا يُقَالُ سَبَبُهُ إسْرَاعُ هَاجَرَ بَيْنَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فِي الْعَوْدِ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ أَنَّ إسْرَاعَهَا كَانَ فِي حَالِ ذَهَابِهَا إلَى الْمَرْوَةِ فَقَطْ .
الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْإِسْرَاعِ

يَكُونُ قَبْلَ الْعَمُودِ الْأَوَّلِ بِنَحْوِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ لِتَأْخِيرِهِ عَنْ مَحَلِّهِ الْأَصْلِيِّ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ ، وَقَوْلُهُ فِي حَالِ الذَّهَابِ لِلْمَرْوَةِ فَقَطْ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَعَزْوُهُ لِظَاهِرِ سَنَدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِنَّمَا فِيهِ كَمَا نَقَلَ الْحَطّ عَنْهُ أَنَّهُ صَدَّرَ بِالْبَدْءِ مِنْ الصَّفَا وَسَكَتَ عَنْ بَيَانِ الْعَوْدِ إلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِثْلُهُ وَإِلَّا لَنُبِّهَ عَلَيْهِ .
وَكَذَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْمُرْشِدِ بِهِمَا فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ حُكْمِ الْبَدْءِ بِالصَّفَا مَا نَصُّهُ " ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الْمَرْوَةِ وَيَفْعَلُ كَمَا وَصَفْنَا مِنْ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَبَبِ " وَيُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ ( فَوْقَ ) أَيْ : أَشَدُّ مِنْ ( الرَّمَلِ ) .
( وَ ) السُّنَّةُ الرَّابِعَةُ ( دُعَاءٌ ) فِي السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالرُّقِيِّ عَلَيْهِمَا .
( وَفِي سُنِّيَّةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ) الرُّكْنُ وَالْوَاجِبُ وَالنَّفَلُ ( وَوُجُوبُهُمَا ) فِيهَا وَوُجُوبُهُمَا فِي الرُّكْنِ وَالْوَاجِبِ وَنَدْبُهُمَا فِي الْمَنْدُوبِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ الْأَوَّلُ اخْتَارَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ ، وَالثَّانِي اخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ ، وَقَالَ سَنَدٌ إنَّهُ الْمَذْهَبُ ، وَالثَّالِثُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ بَشِيرٍ فِي التَّنْبِيهِ ، قَالَ الْحَطّ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَ فِيهَا فَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ قَبْلَ أَنْ يَرْكَعَ وَكَانَ طَوَافُهُ وَاجِبًا رَجَعَ وَابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَ ؛ لِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ يُوَصِّلَانِ بِهِ إلَّا أَنْ يَتَبَاعَدَ فَلْيَرْكَعْهُمَا وَيُهْدِي وَلَا يَرْجِعُ .
وَإِنْ كَانَ غَيْرَ وَاجِبٍ فَلْيَرْكَعْهُمَا وَلَا يُهْدِي وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا وَقَوْلُهُ الْآتِي وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَقُّلِهِ أَنَّ الْفَرْضَ لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَلَعَلَّهُ لِلْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا ،

وَيُكْرَهُ جَمْعُ أَسَابِيعَ وَإِنْ فَعَلَ صَلَّى لِكُلِّ أُسْبُوعٍ رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ .

وَنُدِبَا كَالْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ وَالْإِخْلَاصِ ، وَبِالْمَقَامِ ، وَدُعَاءٌ بِالْمُلْتَزَمِ وَاسْتِلَامُ الْحَجَرِ الْيَمَانِيِّ بَعْدَ الْأَوَّلِ ، وَاقْتِصَارٌ عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَدُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا .

وَنُدِبَا ) أَيْ رَكْعَتَا الطَّوَافِ وَالصَّوَابُ وَنُدِبَتَا بِتَاءِ التَّأْنِيثِ لِإِسْنَادِ الْفِعْلِ لِضَمِيرٍ مُؤَنَّثٍ فَتَلْزَمُهُ التَّاءُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ بَارِزًا عَلَى الصَّوَابِ .
نَعَمْ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ يَجُوزُ تَرْكُ التَّاءِ فِي فِعْلِ الْمُؤَنَّثِ الْمَجَازِيِّ سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ ظَاهِرًا أَوْ ضَمِيرًا فَيَخْرُجُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ .
وَمَصَبُّ النَّدْبِ قَوْلُهُ بِالْكَافِرُونَ إلَخْ .
وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ ( كَ ) رَكْعَتَيْ ( الْإِحْرَامِ بِالْكَافِرُونَ ) بِوَاوِ الْحِكَايَةِ ( وَالْإِخْلَاصِ وَ ) نَدْبِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ( بِالْمَقَامِ ) أَيْ : خَلْفَ مَقَامِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ : الْحَجَرِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ حِينَ أَذَّنَ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَيُقَالُ مَنْ أَجَابَهُ حَجَّ بِعَدَدِ مَرَّاتِ إجَابَتِهِ .
وَقِيلَ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ حِينَ غَسَلَتْ لَهُ زَوْجَةُ ابْنِهِ إسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَأْسَهُ .
وَقِيلَ الَّذِي عَلَيْهِ لِبِنَاءِ الْبَيْتِ وَكَانَ ابْنُهُ إسْمَاعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُنَاوِلُهُ الْحِجَارَةَ .
( وَ ) نُدِبَ ( دُعَاءٌ ) بَعْدَ الطَّوَافِ وَرَكْعَتَيْهِ ( بِالْمُلْتَزَمِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَالْحِجْرِ مِنْ حَائِطِ الْكَعْبَةِ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ مِنْ الْمَطَافِ .
أَبُو عُمَرَ { كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ بِالْمُلْتَزَمِ } .
زَرُّوقٌ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَدْعُوَ فِي طَوَافِهِ بِمَا تَيَسَّرَ ، وَكَذَا فِي الْمَقَامِ وَالْحَطِيمِ وَالْمُلْتَزَمِ وَعِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ ، وَفِي الْمُسْتَجَارِ أَيْ : مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْبَابِ الْمُغْلَقِ الَّذِي كَانَ فَتَحَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَفِي الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِيزَابِ وَلَا حَدَّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِلَامُ ) أَيْ : تَقْبِيلُ ( الْحَجَرِ ) الْأَسْوَدِ بِكُلِّ شَوْطٍ غَيْرِ الْأَوَّلِ ( وَ ) نُدِبَ لَمْسُ الرُّكْنِ ( الْيَمَانِيِّ ) بِآخِرِ

كُلِّ شَوْطٍ ( بَعْدَ ) الشَّوْطِ ( الْأَوَّلِ ) بَعْدَ مُرُورِ الطَّائِفِ عَلَى الرُّكْنَيْنِ الشَّامِيَّيْنِ الْمُقَابِلَيْنِ الْحِجْرَ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( وَ ) نُدِبَ ( اقْتِصَارٌ ) فِي صِيغَةِ التَّلْبِيَةِ ( عَلَى تَلْبِيَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) وَهِيَ لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَك لَبَّيْكَ إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَك وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَك وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الزِّيَادَةَ عَلَيْهَا ، وَمَعْنَى لَبَّيْكَ إجَابَةٌ بَعْدَ إجَابَةٍ وَالْإِجَابَةُ الْأُولَى إجَابَةُ { أَلَسْت بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } أَيْ أَنْتَ رَبُّنَا ، وَالثَّانِيَةُ لِتَأْذِينِ إبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ فَأَجَابُوهُ فِي أَصْلَابِ آبَائِهِمْ ، فَمَنْ أَجَابَهُ مَرَّةً حَجَّ مَرَّةً وَمَنْ زَادَ فِي الْإِجَابَةِ زَادَ فِي الْحَجِّ فَالْمَعْنَى أَجَبْتُك فِي هَذَا الْإِحْرَامِ كَمَا أَجَبْتُك فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبَّى الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَكَذَا أَوَّلُ مَنْ طَافَ وَفِي مَشْرُوعِيَّتِهَا تَنْبِيهٌ عَلَى إكْرَامِ اللَّهِ تَعَالَى عِبَادَهُ بِأَنَّ وُفُودَهُمْ عَلَى بَيْتِهِ إنَّمَا كَانَ بِاسْتِدْعَاءٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .
( وَ ) نُدِبَ ( دُخُولُ مَكَّةَ نَهَارًا ) أَيْ : ضُحًى ، قَالَ زَرُّوقٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَتَى مَكَّةَ أَرْبَعٌ : نُزُولُهُ بِذِي طُوًى وَهُوَ الْوَادِي الَّذِي تَحْتَ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا وَيُسَمَّى الزَّاهِرَ ، وَاغْتِسَالٌ فِيهِ ، وَنُزُولُ مَكَّةَ مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا ، وَمَبِيتُهُ بِالْوَادِي الْمَذْكُورِ فَيَأْتِي مَكَّةَ ضُحًى .

وَالْبَيْتِ ، وَمِنْ كَدَاءَ : لِمَدَنِيٍّ ، وَالْمَسْجِدِ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ، وَخُرُوجُهُ مِنْ كُدَى .
( وَ ) نُدِبَ دُخُولُ ( الْبَيْتِ ) أَيْ : الْكَعْبَةِ لِزِيَارَتِهَا وَالتَّبَرُّكِ بِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَمَا فِي النَّقْلِ ، وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ الظَّرْفِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْحَذْفِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَّالِهِ الْأَوَّلِ ، وَمُقْتَضَى كَوْنِ سِتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ مِنْ الْبَيْتِ أَنَّ مَنْ دَخَلَهَا أَتَى بِهَذَا الْمُسْتَحَبِّ .
( وَ ) نُدِبَ دُخُولُ مَكَّةَ ( مِنْ كَدَاءَ ) بِفَتْحِ الْكَافِ مَمْدُودًا مُنَوَّنًا إنْ لَمْ يُؤَدِّ لِازْدِحَامٍ وَأَذِيَّةٍ وَإِلَّا تَعَيَّنَ تَرْكُ الدُّخُولِ مِنْهُ ( لِمَدَنِيٍّ ) أَيْ : آتٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا لِآتٍ مِنْ غَيْرِهَا وَإِنْ مَدَنِيًّا .
الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ نَدْبُهُ لِكُلِّ مُحْرِمٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ طَرِيقُهُ لِاسْتِقْبَالِ الدَّاخِلِ وَجْهَ الْكَعْبَةِ .
وَلِأَنَّهُ الْمَوْضِعُ الَّذِي دَعَا إبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ رَبَّهُ تَعَالَى فِيهِ بِأَنْ يَجْعَلَ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ فَقِيلَ أَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ، وَلِذَا قَالَ يَأْتُوك دُونَ يَأْتُونِي .
( وَ ) نُدِبَ دُخُولُ ( الْمَسْجِدِ ) الْحَرَامِ ( مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ) الْمُسَمَّى بَابَ السَّلَامِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي طَرِيقِ الدَّاخِلِ .
( وَ ) نُدِبَ ( خُرُوجُهُ ) أَيْ الْمَدَنِيِّ أَيْضًا وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا مِنْ مَكَّةَ لِلسَّفَرِ ( مِنْ كُدَى ) بِضَمِّ الْكَافِ مَقْصُورًا وَفِي فَتْحٍ وَمَدٍّ مَوْضِعُ الدُّخُولِ وَضَمٍّ وَقَصْرٍ مَوْضِعُ الْخُرُوجِ إشَارَةٌ لَطِيفَةٌ إلَى أَنَّ الدَّاخِلَ يَفْتَحُ بَابَ الرَّجَاءِ ، وَالْخَارِجُ يَضُمُّ عَلَى مَا حَصَلَ وَيَقْصُرُ أَمَلَهُ عَنْ تَعَلُّقِهِ بِغَيْرِهِ .

وَرُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ تَنَفُّلِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ ) بَعْدَ فَرْضِ الْعَصْرِ حِينَ دُخُولِهِ مَكَّةَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مُخَالِفًا لِلْأَوْلَى مِنْ إقَامَتِهِ لِلْغُرُوبِ بِذِي طُوًى قَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ ، وَكَذَا كُلُّ مَنْ طَافَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصِلَةُ رُكُوعِهِ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( الْمَغْرِبِ ) وَمَصَبُّ النَّدْبِ كَوْنُ رُكُوعِهِ ( قَبْلَ تَنَفُّلِهِ ) وَلِابْنِ رُشْدٍ الْأَظْهَرُ تَقْدِيمُهُمَا عَلَى صَلَاةِ الْمَغْرِبِ لِاتِّصَالِهِمَا حِينَئِذٍ بِالطَّوَافِ وَلَا يَفُوتَانِهِ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ لِخِفَّتِهِمَا .
( وَ ) نُدِبَ لِمَنْ طَافَ بَعْدَ الصُّبْحِ رُكُوعُهُ لِلطَّوَافِ ( بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ) قَبْلَ تَنَفُّلِهِ وَتَأْخِيرُ دُخُولِ مَكَّةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَهُ طَافَ حِينَ دُخُولِهِ ، وَأَخَّرَهُمَا لِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِمَا مُرَاعَاةً لِسُنِّيَّتِهِمَا .
وَعُلِمَ مِمَّا هُنَا أَنَّ الطَّوَافَ وَلَوْ فَرْضًا أَوْ وَاجِبًا كَصَلَاةِ النَّفْلِ فِي كَرَاهَتِهِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَفَرْضِ الْعَصْرِ إلَى أَنْ تَرْتَفِعَ قِيدَ رُمْحٍ وَتُصَلِّي الْمَغْرِبَ .

بِالْمَسْجِدِ وَرَمَلُ مُحْرِمٍ مِنْ كَالتَّنْعِيمِ أَوْ بِالْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ ؛ لَا تَطَوُّعٍ وَوَدَاعٍ .
( وَ ) نُدِبَ صَلَاةُ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ( بِالْمَسْجِدِ ) الْحَرَامِ وَخَلْفَ الْمَقَامِ .
( وَ ) نُدِبَ ( رَمَلُ ) رَجُلٍ ( مُحْرِمٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( مِنْ كَالتَّنْعِيمِ ) وَالْجِعْرَانَةِ ( أَوْ ) رَمَلٍ ( بِ ) طَوَافِ ( الْإِفَاضَةِ لِمُرَاهِقٍ ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَمْ يَطُفْ الْقُدُومَ لِضِيقِ الْوَقْتِ عَنْ فِعْلِهِ لِخَشْيَةِ فَوَاتِ وُقُوفِ عَرَفَةَ أَوْ لِنِسْيَانِهِ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُرَاهِقٍ وَطَافَ الْقُدُومَ وَرَمَلَ فِيهِ أَوْ تَرَكَهُ وَلَوْ عَمْدًا فَلَا يَرْمُلُ بِالْإِفَاضَةِ ( لَا ) يُنْدَبُ الرَّمَلُ فِي طَوَافِ ( تَطَوُّعٍ وَ ) لَا فِي طَوَافِ ( وَدَاعٍ ) وَالظَّاهِرُ كَرَاهَتُهُ فِيهِمَا عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ .

وَكَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ ، وَنَقْلُهُ .
( وَ ) نُدِبَ لِكُلِّ مَنْ بِمَكَّةَ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا ( كَثْرَةُ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ ) ابْنُ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ الْإِكْثَارُ مِنْ شُرْبِ مَاءِ زَمْزَمَ وَالْوُضُوءُ مِنْهُ مَا أَقَامَ بِهَا .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك عِلْمًا نَافِعًا وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ ، وَقَالَ وَهُوَ لِمَا شُرِبَ لَهُ فَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِسْمَاعِيلَ وَأُمِّهِ هَاجَرَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ طَعَامًا وَشَرَابًا .
( وَ ) نُدِبَ ( نَقْلُهُ ) أَيْ : مَاءُ زَمْزَمَ مِنْ مَكَّةَ لِغَيْرِهَا مِنْ الْبِلَادِ وَخُصُوصِيَّتُهُ بَاقِيَةٌ فِيهِ بَعْدَ نَقْلِهِ الْحَطّ .
وَصَرَّحَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ بِاسْتِحْبَابِ نَقْلِهِ قَالَ فِي مُخْتَصَرِهَا اُسْتُحِبَّ لِمَنْ حَجَّ أَنْ يَتَزَوَّدَ مِنْهُ إلَى بَلَدِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءٌ لِمَنْ اسْتَشْفَى ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُعَلَّى وَالتَّادَلِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
.

وَلِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ ، وَخُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرِ السَّابِعِ بِمَكَّةَ وَاحِدَةٌ : يُخْبِرُ فِيهَا بِالْمَنَاسِكِ وَخُرُوجُهُ لِمِنًى قَدْرَ مَا يُدْرِكُ بِهَا الظُّهْرَ ، وَبَيَاتُهُ بِهَا ، وَسَيْرُهُ لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ ، وَنُزُولُهُ بِنَمِرَةَ ، وَخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ ، ثُمَّ أُذِّنَ ، وَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ إثْرَ الزَّوَالِ ، وَدُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ ، وَوُقُوفُهُ بِوُضُوءٍ ، وَرُكُوبُهُ بِهِ ، ثُمَّ قِيَامٌ إلَّا لِتَعَبٍ .

( وَ ) نُدِبَ ( لِلسَّعْيِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ ) الْمُمْكِنَةِ فِيهِ فَلَا يُنْدَبُ فِيهِ اسْتِقْبَالٌ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ فِيهِ وَلَوْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ ذَكَرَ خُبْثًا أَوْ أَصَابَهُ حَقْنٌ أَوْ جَنَابَةٌ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَتَطَهَّرَ وَيَبْنِيَ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُخِلًّا بِالْمُوَالَاةِ الْوَاجِبَةِ فِيهِ لِيَسَارَتِهِ وَتُتَصَوَّرُ الْجَنَابَةُ مَعَ صِحَّةِ النُّسُكِ وَالِاتِّصَالِ بِرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ بِالِاحْتِلَامِ فِي نَوْمٍ خَفِيفٍ عَقِبَ سَلَامِهِ مِنْهُمَا .
( وَ ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ ( خُطْبَةٌ بَعْدَ ظُهْرٍ ) الْيَوْمِ ( السَّابِعِ ) مِنْ ذِي الْحِجَّةِ ذَكَرَ الْحَطّ أَنَّ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَدُعَاءٍ وَتَضَرُّعٍ بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ مِنْ السُّنَنِ لَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ ، قَالَ وَهَلْ يَفْتَتِحُ أُولَاهُمَا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ بِالتَّلْبِيَةِ ؟ قَوْلَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُمَا إنْ كَانَ الْخَطِيبُ مُحْرِمًا وَإِنْ كَانَ الْأَوْلَى الْقَوْلَ بِالتَّلْبِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ الْآنَ وَهِيَ شِعَارُ الْمُحْرِمِ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْرِمٍ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ فِي تَحْصِيلِ الْمَنْدُوبِ التَّكْبِيرُ وَتَعَقَّبَهُ عج بِقَوْلِ سَنَدٍ النُّزُولُ بِنَمِرَةَ مُسْتَحَبٌّ ، وَبِأَنَّ الْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ سُنَّةٌ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي سُنِّيَّةَ الْأَوَّلِ وَنُدِبَ الثَّانِي ( بِمَكَّةَ ) أَيْ : فِي حَرَمِ مَكَّةَ زَادَهَا اللَّهُ تَعَالَى تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا .
( وَاحِدَةٌ ) تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ .
وَلِابْنِ حَبِيبٍ وَالْأَخَوَيْنِ خُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ وَنَسَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَهُ قَالَهُ طفي ( يُخْبِرُ ) الْإِمَامُ النَّاسَ تَذْكِيرًا لِلْعَالِمِ وَتَعْلِيمًا لِلْجَاهِلِ ( فِيهَا ) أَيْ : الْخُطْبَةِ ( بِالْمَنَاسِكِ ) الَّتِي تُفْعَلُ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ وَلَيْلَةِ التَّاسِعِ إلَى زَوَالِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( خُرُوجُهُ ) أَيْ : الْحَاجِّ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ مَكَّةَ ( لِمِنًى قَدْرَ مَا )

أَيْ : زَمَانِ ( يُدْرِكُ ) الْحَاجُّ إذَا خَرَجَ فِيهِ ( بِهَا ) أَيْ : مِنًى ( الظُّهْرَ ) مَقْصُورَةٌ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَالْقَوِيُّ يَخْرُجُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَمَنْ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ ضَعْفٌ بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُ الظُّهْرَ بِمِنًى آخِرَ الْمُخْتَارِ إذَا خَرَجَ لَهَا بَعْدَهُ يَخْرُجُ قَبْلَهُ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الظُّهْرَ بِهَا فِي مُخْتَارِهَا ؛ إذْ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا عَنْهُ ، وَصَلَاتُهَا فِي غَيْرِ مِنًى بِدْعَةٌ وَلَوْ وَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ؛ إذْ الظُّهْرُ بِمِنًى أَفْضَلُ مِنْ الْجُمُعَةِ بِمَكَّةَ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ ، وَيُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالصُّبْحَ وَيُكْرَهُ الْخُرُوجُ لَهَا قَبْلَ الثَّامِنِ ( وَ ) نُدِبَ ( بَيَاتُهُ بِهَا ) أَيْ : مِنًى لَيْلَةَ التَّاسِعِ .
( وَ ) نُدِبَ ( سَيْرُهُ ) مِنْ مِنًى ( لِعَرَفَةَ بَعْدَ الطُّلُوعِ ) لِلشَّمْسِ وَلَا يُجَاوِزُ بَطْنَ مُحَسِّرٍ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ مِنًى ( وَ ) نُدِبَ ( نُزُولُهُ بِنَمِرَةَ ) وَادٍ بَيْنَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ وَيُسَمَّى أَيْضًا عُرَنَةَ بِالنُّونِ وَضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ لِنُزُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ ، وَيَضْرِبُ خَيْمَتَهُ بِهَا حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ فَإِذَا زَالَتْ اغْتَسَلَ وَدَخَلَ عَرَفَةَ لِجَمْعِ الصَّلَاتَيْنِ فِي مَسْجِدِ إبْرَاهِيمَ .
( وَ ) نُدِبَ ( خُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ ) مِنْ الْيَوْمِ التَّاسِعِ بِجَامِعِ نَمِرَةَ وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي خُطْبَةِ عَرَفَةَ هِيَ سُنَّةٌ فِي قَوْلِ الْمَدَنِيِّينَ وَالْمَغَارِبَةِ ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَيْسَ عَرَفَةُ بِمَوْضِعِ خُطْبَةٍ وَهُوَ قَوْلُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِنَا يُعَلَّمُ النَّاسُ فِيهِمَا الْمَنَاسِكَ مِنْ جَمْعِهِمْ الظُّهْرَيْنِ بِعَرَفَةَ وَوُقُوفِهِمْ بِهَا إلَى الْغُرُوبِ لِلتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ ، وَدَفْعِهِمْ مِنْهَا عَقِبَ الْغُرُوبِ بِدُونِ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ إلَى مُزْدَلِفَةَ وَنُزُولِهِمْ بِهَا ، وَجَمْعِهِمْ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا وَمَبِيتِهِمْ بِهَا وَصَلَاتِهِمْ الصُّبْحَ بِهَا بِغَلَسٍ ،

وَوُقُوفِهِمْ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ إلَى الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ وَدَفْعِهِمْ إلَى مِنًى قَبْلَ شُرُوقِ الشَّمْسِ ، وَإِسْرَاعِهِمْ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ وَرَمْيِهِمْ الْعَقَبَةَ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ إلَى مِنًى ، وَتَذْكِيَتِهِمْ هَدَايَاهُمْ وَحَلْقِهِمْ أَوْ تَقْصِيرِهِمْ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ وَالْمُبَادَرَةِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَرُجُوعِهِمْ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ .
( ثُمَّ ) بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَتَيْنِ أَوْ قَبْلَهُ بِيَسِيرٍ ( أُذِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَأُقِيمَ لِلظُّهْرِ وَالْإِمَامُ جَالِسٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فِيهَا ، وَيُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ إنْ شَاءَ فِي الْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِهَا ا هـ .
وَلَفْظُ الْأُمَّهَاتِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنْ الْمُؤَذِّنِ مَتَى يُؤَذِّنُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْ خُطْبَتِهِ ، أَوْ وَهُوَ يَخْطُبُ قَالَ ذَلِكَ وَاسِعٌ إنْ شَاءَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ وَإِنْ شَاءَ بَعْدَمَا يَفْرُغُ مِنْ خُطْبَتِهِ .
( وَجَمَعَ ) الْإِمَامُ إذَا نَزَلَ ( بَيْنَ الظُّهْرَيْنِ ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ بِأَذَانٍ ثَانٍ وَإِقَامَةٍ لِلْعَصْرِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ الْجَلَّابِ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَقِيلَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ الْمَوَّازِ ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِإِطْلَاقِهِ الْأَذَانَ ( إثْرَ الزَّوَالِ ) وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَذَّنَ إلَخْ يُفِيدُ تَأْخِيرَ الْأَذَانِ وَالْجَمْعَ عَنْ الْخُطْبَتَيْنِ ، وَلَوْ قَالَ : إثْرَ النُّزُولِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَمَنْ فَاتَهُ جَمْعُهُمَا مَعَ الْإِمَامِ جَمَعَهُمَا وَحْدَهُ ، فَإِنْ تَرَكَهُ جُمْلَةً فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي اللُّمَعِ .
الْبَدْرُ هَذَا غَرِيبٌ أَنَّ الدَّمَ فِي تَرْكِ سُنَّةٍ فَلَعَلَّهُ ضَعِيفٌ .
( وَ ) نُدِبَ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ ( دُعَاءٌ وَتَضَرُّعٌ لِلْغُرُوبِ ) بِعَرَفَةَ ( وَ ) نُدِبَ ( وُقُوفٌ ) هـ أَيْ : حُضُورُهُ فِي عَرَفَةَ ( بِوُضُوءٍ ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ ( وَ ) نُدِبَ ( رُكُوبُهُ بِهِ ) أَيْ : فِي حَالِ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ

وَالتَّضَرُّعِ وَالِاقْتِدَاءِ بِالرَّسُولِ الْأَعْظَمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ النَّهْيِ عَنْ اتِّخَاذِ ظُهُورِ الدَّوَابِّ مَسَاطِبَ كَمَا فِي الْخَبَرِ ( ثُمَّ ) يَلِي الرُّكُوبَ فِي النَّدْبِ ( قِيَامٌ ) لِلرِّجَالِ وَكُرِهَ لِلنِّسَاءِ ( إلَّا لِتَعَبٍ ) لِلدَّابَّةِ أَوْ رَاكِبِهَا أَوْ الْقَائِمِ أَوْ مُدِيمِ الْوُضُوءِ فَيَكُونُ النُّزُولُ وَالْجُلُوسُ وَنَقْضُ الْوُضُوءِ أَفْضَلَ .

وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ ، وَبَيَاتُهُ بِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ فَالدَّمُ ، وَجَمَعَ وَقَصَرَ ، إلَّا أَهْلَهَا : كَمِنًى وَعَرَفَةَ ، وَإِنْ عَجَزَ فَبَعْدَ الشَّفَقِ ، وَإِنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ ، وَإِلَّا فَكُلٌّ لِوَقْتِهِ ، وَإِنْ قُدِّمَتَا عَلَيْهِ أَعَادَهُمَا ، وَارْتِحَالُهُ بَعْدَ الصُّبْحِ ، مُغَلِّسًا ، .
وَوُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ يُكَبِّرُ وَيَدْعُو لِلْإِسْفَارِ ، وَاسْتِقْبَالُهُ بِهِ ، وَلَا وُقُوفَ بَعْدَهُ وَلَا قَبْلَ الصُّبْحِ ، وَإِسْرَاعٌ بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ .

( وَ ) نُدِبَ ( صَلَاتُهُ ) أَيْ : الْحَاجِّ ( بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ ) مَجْمُوعَتَيْنِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ وَقَصْرُ الْعِشَاءِ وَتُسَمَّى مُزْدَلِفَةَ جَمْعًا بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ أَوْ آدَمَ وَحَوَّاءَ أَوْ الصَّلَاتَيْنِ بِهَا .
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ سُنَّةٌ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ مَعَهُ بِأَنْ لَمْ يَقِفْ أَصْلًا أَوْ وَقَفَ وَحْدَهُ فَلَا يَجْمَعُ لَا بِالْمُزْدَلِفَةِ وَلَا بِغَيْرِهَا ، وَيُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ مُخْتَارَهَا لَا يُقَالُ كَلَامُهُ لَا يُفِيدُ نَدْبَ جَمْعِهِمَا ؛ إذْ هُوَ صَادِقٌ يَجْمَعُهُمَا وَعَدَمُهُ وَإِنَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَجَمْعٌ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ عَدَمُ جَمْعِهِمَا مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ فَلَا يَكُونُ مَنْدُوبًا .
( وَ ) نُدِبَ ( بَيَاتُهُ بِهَا ) أَيْ : مُزْدَلِفَةَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَالنُّزُولِ بِهَا بِقَدْرِ حَطِّ الرِّحَالِ سَوَاءٌ حُطَّتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لِتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ وَاجِبٌ ( وَإِنْ لَمْ يَنْزِلْ ) بِهَا بِلَا عُذْرٍ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ ( فَالدَّمُ ) وَاجِبٌ وَإِنْ تَرَكَهُ لِعُذْرٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ جَاءَ بَعْدَ الشَّمْسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ إنَاخَةِ الْبَعِيرِ ( وَجَمَعَ ) الْإِمَامُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِمُزْدَلِفَةَ اسْتِنَانًا ( وَقَصَرَ ) الْإِمَامُ الْعِشَاءَ كَذَلِكَ وَهَذَا كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ آنِفًا وَصَلَاتُهُ بِمُزْدَلِفَةَ الْعِشَاءَيْنِ وَكُلُّ الْحُجَّاجِ يَجْمَعُونَ وَيَقْصِرُونَ بِمُزْدَلِفَةَ ( إلَّا أَهْلَهَا ) أَيْ : مُزْدَلِفَةَ فَيُتِمُّونَ الْعِشَاءَ وَيَجْمَعُونَهَا مَعَ الْمَغْرِبِ .
وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْأَهْلَ مِنْ الْقَصْرِ فَقَالَ ( كَ ) أَهْلِ ( مِنًى وَ ) أَهْلِ ( عَرَفَةَ ) وَأَهْلِ الْمُحَصَّبِ فَيُتِمُّونَ الرُّبَاعِيَّةَ فِي بِلَادِهِمْ وَفِي حَالِ رُجُوعِهِمْ إلَيْهَا إنْ كَانَ النُّسُكُ يُتَمُّ بِهَا ، فَإِنْ لَمْ يُتَمَّ بِهَا قَصَرَ حَالَ رُجُوعِهِ إلَيْهَا كَمَكِّيٍّ يَنْزِلُ الْمُحَصَّبِ قَبْلَ دُخُولِهِ مَكَّةَ فَيَقْصِرُ فِيهِ وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي السَّفَرِ إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ

وَرُجُوعِهِ .
( وَإِنْ عَجَزَ ) مَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ مَعَ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ عَنْ السَّيْرِ مَعَهُمْ لِضَعْفِهِ أَوْ ضَعْفِ دَابَّتِهِ ( فَ ) يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا ( بَعْدَ ) مَغِيبِ ( الشَّفَقِ ) الْأَحْمَرِ فِي مُزْدَلِفَةَ أَوْ قَبْلَهَا ( إنْ ) كَانَ وَقَفَ بِعَرَفَةَ وَ ( نَفَرَ ) أَيْ : سَارَ مِنْهَا ( مَعَ الْإِمَامِ ) وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِعُذْرٍ بِهِ أَوْ بِدَابَّتِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقِفْ وَيَنْفِرْ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ وَقَفَ وَحْدَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ بِعَرَفَةَ ( فَكُلٌّ ) مِنْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ يُصَلِّيهِ ( لِوَقْتِهِ ) مِنْ غَيْرِ جَمْعٍ وَمَفْهُومُ عَجَزَ أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَنَفَرَ مَعَهُ وَتَأَخَّرَ عَنْهُ لِغَيْرِ عَجْزٍ فَإِنَّهُ يَجْمَعُ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَكِنْ فِي مُزْدَلِفَةَ فَقَطْ أَفَادَهُ عبق الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ إنْ نَفَرَ مَعَ الْإِمَامِ الصَّوَابُ إنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي الْمَنَاسِكِ ؛ إذْ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ وَقَفَ بَعْدَ الْإِمَامِ فَلَا يَجْمَعُ ا هـ .
وَهَكَذَا النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِمَا ، زَادَ الْبُنَانِيُّ وَمِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي تَقْرِيرِ ( ز ) ( وَإِنْ قُدِّمَتَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْعِشَاءَانِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الشَّفَقِ أَوْ النُّزُولُ بِمُزْدَلِفَةَ لِمَنْ يَجْمَعُ بِهَا وَهُوَ مَنْ وَقَفَ مَعَ الْإِمَامِ وَسَارَ مَعَهُ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ ( أَعَادَهُمَا ) أَيْ : الْعِشَاءَيْنِ نَدْبًا إنْ كَانَ صَلَّاهُمَا بَعْدَ الشَّفَقِ قَبْلَ وُصُولِهِ مُزْدَلِفَةَ ، وَإِنْ كَانَ قَدَّمَهُمَا عَلَى الشَّفَقِ أَعَادَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا لِبُطْلَانِهَا لِصَلَاتِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا وَالْمَغْرِبِ نَدْبًا إنْ بَقِيَ وَقْتُهَا فِيهَا .
قِيلَ لِلْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَإِنْ أَدْرَكَ الْإِمَامُ الْمُزْدَلِفَةَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ فَقَالَ هَذَا مِمَّا لَا أَظُنُّهُ يَكُونُ ابْنُ حَبِيبٍ إذَا صَلَّى فِي الْمُزْدَلِفَةِ

فَلَا يُعِيدُ وَإِنَّمَا الْإِعَادَةُ عِنْدَهُ إذَا صَلَّى قَبْلَ الْمُزْدَلِفَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ أَمَامَك وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ الشَّفَقِ وَيُصَلِّيهِمَا بِالْمُزْدَلِفَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( ارْتِحَالُهُ ) أَيْ : الْحَاجِّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( الصُّبْحِ ) أَوَّلَ وَقْتِهَا حَالَ كَوْنِهِ ( مُغَلِّسًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَالْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُصَلِّيًا فِي وَقْتِ الْغَلَسِ أَيْ الظَّلَامِ .
وَ ) نُدِبَ ( وُقُوفُهُ بِالْمَشْعَرِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا شِينٌ سَاكِنَةٌ أَيْ : مَحَلِّ الْعَشَائِرِ وَمَعَالِمِ الدِّينِ وَالطَّاعَةِ ( الْحَرَامِ ) الَّذِي يَحْرُمُ الصَّيْدُ وَقَطْعُ النَّابِتِ بِنَفْسِهِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَرَمِ وَهُوَ مَا بَيْنَ جَبَلِ الْمُزْدَلِفَةِ .
وَقُزَحٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الزَّايِ آخِرُهُ حَاءٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُ جَبَلٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إلَى مِنًى وَمَا أَحَاطَ بِهِ مِنْ الْفَضَاءِ وَالنَّدْبُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وُقُوفُ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ مِنْ مَنَاسِكِ الْحَجِّ وَسُنَّتِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْوُقُوفَ بِهِ سُنَّةٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فَرِيضَةٌ ا هـ .
وَالسُّنِّيَّةُ هِيَ الَّتِي تُفْهَمُ مِنْ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ ، وَلِذَا جَعَلَ الْبِسَاطِيُّ الِاسْتِحْبَابَ مُتَعَلِّقًا بِالْقَيْدِ حَالَ كَوْنِهِ ( يُكَبِّرُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَيُهَلِّلُ ( وَيَدْعُو ) فِي حَالِ وُقُوفِهِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَصِلَةُ وُقُوفِهِ ( لِلْإِسْفَارِ ) أَيْ : الضَّوْءِ الْأَعْلَى بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ قَالَهُ أَحْمَدُ .
( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِقْبَالُهُ ) أَيْ الْوَاقِفِ بِالْمَشْعَرِ الْقِبْلَةَ ( بِهِ ) أَيْ عِنْدَ الْمَشْعَرِ جَاعِلًا لَهُ عَنْ يَسَارِهِ ( وَلَا وُقُوفَ ) مَشْرُوعٌ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : الْإِسْفَارِ فَيَفُوتُ بِهِ وَصَرَّحَ

بِهَذَا ، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لِلْإِسْفَارِ لِمُخَالَفَةِ الْجَاهِلِيَّةِ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَقِفُونَ بِهِ لِطُلُوعِ الشَّمْسِ ( وَلَا ) وُقُوفَ مَشْرُوعٌ ( قَبْلَ ) صَلَاةِ ( الصُّبْحِ ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( إسْرَاعٌ ) بِدَابَّتِهِ وَالْمَاشِي بِخُطْوَتِهِ ذَهَابًا لِعَرَفَةَ وَإِيَابًا لِمِنًى ( بِبَطْنِ مُحَسِّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَيْنِ مُشَدَّدَةً وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَالطَّبَرِيُّ .
وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ مِنًى وَنَقَلَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ مِنًى وَبَعْضَهُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَصَوَّبَهُ .

وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ وَإِنْ رَاكِبًا ، وَالْمَشْيُ فِي غَيْرِهَا ، وَحَلَّ بِهَا غَيْرُ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ .
( وَ ) نُدِبَ ( رَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ ) مِنًى قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ ؛ لِأَنَّهَا تَحِيَّةُ الْحَرَمِ فَالنَّدْبُ مُنَصَّبٌ عَلَى كَوْنِهِ حِينَهُ ، وَإِنْ كَانَ رَمْيُهَا وَاجِبًا إنْ وَصَلَ مَاشِيًا بَلْ ( وَإِنْ ) وَصَلَ ( رَاكِبًا ) وَيَدْخُلُ وَقْتُ رَمْيِهَا بِطُلُوعِ الْفَجْرِ فَمَنْ رُخِّصَ لَهُ فِي التَّقْدِيمِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَتَقَدَّمَ وَوَصَلَ مِنًى لَيْلًا فَلَا يَرْمِيهَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ .
وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلَا يَصِحُّ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيُكْرَهُ بَعْدَهُ إلَى طُلُوعِهَا .
وَاعْتَرَضَ قَوْلُهُ وَإِنْ رَاكِبًا بِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ رُكُوبَهُ بِهِ حَالَ رَمْيِهَا مَرْجُوحٌ وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهَا الشَّأْنُ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ ضَحْوَةً رَاكِبًا وَإِنْ مَشَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رَمْيُهَا عَلَى الْحَالِ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ مِنْ رُكُوبٍ أَوْ مَشْيٍ فَلَا يَشْتَغِلُ الرَّاكِبُ بِالنُّزُولِ قَبْلَ رَمْيِهَا وَلَا الْمَاشِي بِالرُّكُوبِ لِرَمْيِهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( الْمَشْيُ فِي ) حَالِ رَمْيِ ( غَيْرِهَا ) أَيْ الْعَقَبَةِ فِي يَوْمِ الْعِيدِ فَيَصْدُقُ بِغَيْرِهَا وَبِهَا فِي غَيْرِهِ ( وَحَلَّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدًا أَيْ : جَازَ ( بِرَمْيِهَا ) أَيْ : الْعَقَبَةَ أَوْ بِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهِ وَفَاعِلُ حَلَّ ( غَيْرُ ) قُرْبَانِ ( نِسَاءٍ ) بِجِمَاعٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ أَوْ عَقْدُ نِكَاحٍ ( وَ ) غَيْرُ ( صَيْدٍ ) فَلَا يَحِلَّانِ بِهَا .

وَكُرِهَ الطِّيبُ ، وَتَكْبِيرُهُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ ، وَتَتَابُعُهَا ، وَلَقْطُهَا ، وَذَبْحٌ قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ لَهُ لِيَحْلِقَ ، ثُمَّ حَلْقُهُ وَلَوْ بِنُورَةٍ ، وَإِنْ عَمَّ رَأْسَهُ ، وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ وَهُوَ سُنَّةُ الْمَرْأَةِ : تَأْخُذُ قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ ، وَالرَّجُلُ مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ .
.

( وَكُرِهَ الطِّيبُ ) أَيْ : اسْتِعْمَالُهُ لِمَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ ، فَهَذَا هُوَ التَّحَلُّلُ الْأَصْغَرُ .
وَيَحِلُّ بِهِ لِلْمَرْأَةِ غَيْرُ رِجَالٍ وَصَيْدٍ وَيُكْرَهُ لَهَا الطِّيبُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَكْبِيرُهُ مَعَ ) رَمْيِ ( كُلِّ حَصَاةٍ ) تَكْبِيرَةً وَاحِدَةً وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ سُنَّةٌ وَافْهَمْ قَوْلَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقَدِّمُهُ وَلَا يُؤَخِّرُهُ عَنْ الرَّمْيِ وَيُفَوِّتُ الْمَنْدُوبُ بِمُفَارَقَةِ الْحَصَاةِ يَدَهُ قَبْلَ نُطْقِهِ بِهِ ، وَلَوْ نَطَقَ بِهِ قَبْلَ وُصُولِهَا مَحَلَّهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( تَتَابُعُهَا ) أَيْ : تَوَالِي الْحَصَيَاتِ بِأَنْ يَرْمِيَ الثَّانِيَةَ عَقِبَ رَمْيِ الْأُولَى وَهَكَذَا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ إلَّا بِمِقْدَارٍ يَتَمَيَّزُ بِهِ كَوْنُهُمَا رَمْيَتَيْنِ ( وَ ) نُدِبَ ( لَقْطُهَا ) أَيْ : الْحَصَيَاتِ الَّتِي تُرْمَى فِي يَوْمِ الْعِيدِ وَمَا بَعْدَهُ فَكَسْرُهَا خِلَافُ الْمَنْدُوبِ مِنْ مِنًى أَوْ مِنْ حَيْثُ شَاءَ إلَّا جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ فَيُنْدَبُ لَقْطُهَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( ذَبْحٌ ) أَوْ نَحْرٌ لِهَدْيٍ بِمِنًى ( قَبْلَ الزَّوَالِ ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ وَيَصِحُّ بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ .
سَنَدٌ بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ لِتَعَلُّقِهَا بِالصَّلَاةِ وَلَا صَلَاةَ عِيدٍ عَلَى أَهْلِ مِنًى ( وَطَلَبُ بَدَنَتِهِ ) الضَّالَّةِ مِنْهُ ( لَهُ ) أَيْ : الزَّوَالِ أَيْ : قُرْبِهِ بِقَدْرِ حَلْقِهِ قَبْلَهُ ( لِيَحْلِقَ ) رَأْسَهُ قَبْلَهُ بَعْدَ نَحْرِهَا فَكِلَاهُمَا مَنْدُوبٌ قَبْلَهُ مَكْرُوهٌ بَعْدَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحُدَّهَا وَخَشِيَ الزَّوَالَ حَلَقَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْفَضِيلَتَانِ ، وَالْأَصْلُ فِي تَقْدِيمِ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } وَدَلَّ { قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ الْحَلْقِ قَبْلَ الذَّبْحِ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ } ، عَلَى أَنَّ النَّهْيَ فِي الْآيَةِ لِلتَّنْزِيهِ .
( ثُمَّ نَدَبَ حَلْقَهُ ) يُحْتَمَلُ أَنَّ النَّدْبَ مُنْصَبٌّ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى التَّقْصِيرِ وَيُحْتَمَلُ

أَنَّهُ مُنَصَّبٌ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَلْقِ عَنْ النَّحْرِ وَتَقْدِيمِهِ عَلَى الْإِفَاضَةِ ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا يُنَافِي كَوْنَ الْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ وَاجِبًا .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفْرِدِ وَالْقَارِنِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ الْمَكِّيِّ الْقَارِنُ لَا يَحْلِقُ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى وَيَلْزَمُهُ هَذَا فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ أَخَّرَ السَّعْيَ إلَى طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَالصَّبِيُّ كَالْبَالِغِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ بِرَأْسِهِ وَجَعٌ لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْحَلْقِ يُهْدِي .
قَالَ بَعْضٌ : فَإِنْ صَحَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ وَيَبْدَأُ بِالشِّقِّ الْأَيْمَنِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ بِهَذَا وَالنَّدْبُ لِلْمَحْلُوقِ عَلَى الظَّاهِرِ .
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَلْقَ عَلَى مُطْلَقِ الْإِزَالَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( وَلَوْ بِنُورَةِ ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ : شَيْءٍ مَخْلُوطٍ مِنْ جِيرٍ وَزِرْنِيخٍ يُزَالُ بِهِ الشَّعْرُ إذْ الْحَلْقُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْمُوسَى وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُجْزِئُ الْحَلْقُ بِهَا تَعَبُّدًا ، وَضَمِيرُ حَلْقِهِ لِلذَّكَرِ وَمِثْلُهُ الْبِنْتُ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ فَيَجُوزُ لَهَا الْحَلْقُ وَالتَّقْصِيرُ ، وَذَكَرَ الْبَدْر أَنَّ حَلْقُهَا أَفْضَلُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ حَلْقَ الصَّغِيرَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ تَقْصِيرِهَا وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ التَّخْيِيرَ .
اللَّخْمِيُّ بِنْتُ تِسْعٍ كَكَبِيرَةٍ وَيَجُوزُ فِي الصَّغِيرَةِ الْأَمْرَانِ وَالْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ لَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ كَتُرَابٍ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَلَوْ نُقِلَ ( إنْ عَمَّ ) الْحَلْقُ الْمَذْكُورُ سَوَاءٌ كَانَ بِمُوسَى أَوْ نُورَةٍ ( رَأْسَهُ ) فَلَا يَكْفِي حَلْقُ بَعْضِهِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ .
( وَالتَّقْصِيرُ مُجْزٍ ) وَالْحَلْقُ أَفْضَلُ إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ تَحَلَّلَ مِنْ عُمْرَتِهِ وَنَوَى الْحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَتَقْصِيرُهُ أَفْضَلُ لِبَقَاءِ شَعَثِهِ لِلْحَجِّ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَعْرِهِ عَقْصٌ وَلَا ضَفْرٌ وَلَا تَلْبِيدٌ وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُهُ التَّقْصِيرُ .
وَلَزِمَهُ الْحَلْقُ كَمَا

فِيهَا لِلسُّنَّةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ضَفَّرَ أَوْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ ضَفَّرَ فَلْيَحْلِقْ أَوْ يُقَصِّرْ ، وَمَنْ عَقَصَ أَوْ لَبَّدَ فَعَلَيْهِ الْحِلَاقُ .
وَيُحَقِّقُ كَوْنَ الْحَلْقِ حِينَئِذٍ لِلسُّنَّةِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ لَبَّدَتْ رَأْسَهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّقْصِيرُ .
وَفِي الْمُنْتَقَى وَذَلِكَ أَيْ : تَعَيَّنَ حَلْقُ الْمُلَبِّدِ وَنَحْوِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَمَتَّعُوا بِهِ مِنْ مُبَاعَدَةِ الشَّعَثِ .
وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَكَادُ مَعَ التَّلْبِيدِ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَرْأَةُ الْمُلَبِّدَةُ لَيْسَ عَلَيْهَا إلَّا التَّقْصِيرُ انْتَهَى وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ؛ إذْ لَوْ كَانَ لِامْتِنَاعِ التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ الشَّعْرِ لَكَانَتْ الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ التَّقْصِيرِ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا وَلَا يُمْكِنُ هَذَا مَعَ التَّلْبِيدِ .
( وَهُوَ ) أَيْ : التَّقْصِيرُ ( سُنَّةُ ) أَيْ : طَرِيقَةُ ( الْمَرْأَةِ ) أَيْ : بِنْتِ تِسْعٍ فَأَعْلَى اللَّخْمِيُّ لَا يَجُوزُ لَهُمَا حَلْقُ ؛ لِأَنَّهُ مِثْلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِرَأْسِهَا أَذًى ( تَأْخُذُ ) أَيْ : تَقُصُّ الْمَرْأَةُ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهَا .
ابْنُ فَرْحُونٍ لَا بُدَّ أَنْ تَعُمَّ الْمَرْأَةُ الشَّعْرَ كُلَّهُ طَوِيلَةً وَقَصِيرَةً بِالتَّقْصِيرِ نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ ( قَدْرَ الْأُنْمُلَةِ ) أَوْ أَزَيْدُ أَوْ أَنْقَصُ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَتْ الْأُنْمُلَةُ تَحْدِيدًا لَا بُدَّ مِنْهُ ( وَ ) يَأْخُذُ ( الرَّجُلُ ) الْمُقَصِّرُ ( مِنْ قُرْبِ أَصْلِهِ ) نَدْبًا فَإِنْ أَخَذَ مِنْ أَطْرَافِهِ أَخْطَأَ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، أَيْ : خَالَفَ الْمَنْدُوبَ وَأَجْزَأَ كَمَا فِيهَا أَيْضًا .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهَا وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ وَمَنْ يَحْلِقُ بَعْضَ رَأْسِهِ وَيُبْقِي بَعْضَهُ كَشُبَّانِ مِصْرَ وَنَحْوِهِمْ فَلَهُ حَلْقُ مَا يَحْلِقُهُ وَتَقْصِيرُ مَا يُبْقِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ، هَذَا الَّذِي يُفِيدُهُ

ابْنُ عَرَفَةَ وَلَعَلَّهُ إذَا كَانَ إبْقَاؤُهُ لِغَيْرِ غَرَضٍ قَبِيحٍ وَالْأَوْجَبُ حَلْقُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ النُّسُكِ .
( ثُمَّ يُفِيضُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَكَسْرِ الْفَاءِ آخِرَهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ : يَطُوفُ لِلْإِفَاضَةِ بَعْدَ الرَّمْيِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَيُنْدَبُ فِعْلُهُ فِي ثَوْبَيْ إحْرَامِهِ وَعَقِبَ حَلْقِهِ ، وَلَا يُؤَخِّرُ إلَّا قَدْرَ مَا يَقْضِي حَوَائِجَهُ وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِطُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ ، وَلَكِنْ يَطْلُبُ تَأْخِيرَهُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنْ قَدَّمَهُ فَسَيَأْتِي .

وَحَلَّ بِهِ مَا بَقِيَ ، وَإِنْ حَلَقَ ، وَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَدَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ : كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ لِبَلَدِهِ ، أَوْ الْإِضَافَةِ لِلْمُحْرِمِ ، وَرَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ أَوْ الْجَمِيعِ لِلَّيْلِ ، وَإِنْ لِصَغِيرٍ لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ أَوْ عَاجِزٍ ، وَيَسْتَنِيبُ فَيَتَحَرَّى وَقْتَ الرَّمْيِ ؛ وَيُكَبِّرُ ، وَأَعَادَ إنْ صَحَّ قَبْلَ الْفَوَاتِ بِالْغُرُوبِ مِنْ الرَّابِعِ ، وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ ، وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ ، وَحُمِلَ مُطِيقٌ ، وَرَمَى ، وَلَا يَرْمِي فِي كَفِّ غَيْرِهِ وَتَقْدِيمِ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ لَا إنْ خَالَفَ فِي غَيْرٍ .

( وَحَلَّ بِهِ ) أَيْ : طَوَافِ الْإِفَاضَةِ ( مَا بَقِيَ ) أَيْ : النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ ( إنْ ) كَانَ ( حَلَقَ ) أَوْ قَصَّرَ وَكَانَ قَدَّمَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ مَا بَقِيَ إلَّا بِسَعْيِهِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ وَذَكَرَ إنْ حَلَقَ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ حَلَقَ ثُمَّ يَفِيضُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ التَّرْتِيبَ وَاجِبًا فَلَوْ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى تَوَقُّفِ الْحِلِّ عَلَى تَقَدُّمِ الْحَلْقِ لَشَمِلَ تَأَخُّرَهُ عَنْ الْإِفَاضَةِ .
( وَإِنْ ) طَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَ ( وَطِئَ قَبْلَهُ ) أَيْ الْحَلْقِ ( فَ ) عَلَيْهِ ( دَمٌ بِخِلَافِ الصَّيْدِ ) فِي الْحِلِّ قَبْلَ الْحَلْقِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَلَا دَمَ فِيهِ وَأَوْلَى الطِّيبِ وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ السَّعْيِ فَعَلَيْهِ دَمٌ ، وَإِنْ اصْطَادَ كَذَلِكَ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَكَذَا إنْ وَطِئَ وَاصْطَادَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الدَّمِ فَقَالَ ( كَتَأْخِيرِ الْحَلْقِ ) عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا أَوْ جَهْلًا ( لِبَلَدِهِ ) وَلَوْ قَرُبَتْ وَلَوْ فَعَلَهُ بِذِي الْحِجَّةِ وَكَذَا تَأْخِيرُهُ طَوِيلًا بِأَنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى الثَّلَاثَةِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ قَالَهُ عج .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُدَوَّنَةُ تُفِيدُ خِلَافَهُ ، وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَالْحِلَاقُ يَوْمَا النَّحْرِ بِمِنًى أَحَبُّ إلَيَّ وَأَفْضَلُ وَإِنْ حَلَقَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ حَلَقَ فِي الْحِلِّ فِي أَيَّامِ مِنًى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَخَّرَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ وَأَهْدَى ا هـ .
التُّونُسِيُّ قَوْلُهُ إنْ أَخَّرَهُ حَتَّى بَلَغَ بَلَدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ يُرِيدُ أَوْ طَالَ ذَلِكَ وَقِيلَ : إنْ خَرَجَتْ أَيَّامُ مِنًى وَلَمْ يَحْلِقْ فَعَلَيْهِ دَمٌ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَقِيلَ إنْ خَرَجَتْ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ بِأَنْ يَحْلِقَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا قَبْلَهُ

كَالْخَرَشِيِّ لَأَفَادَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَتَقْيِيدُ التُّونُسِيِّ .
( أَوْ ) تَأْخِيرُ طَوَافِ ( الْإِفَاضَةِ ) وَحْدَهُ أَوْ مَعَ السَّعْيِ أَوْ السَّعْيِ وَحْدَهُ ( لِلْمُحْرِمِ ) فَيُفِيضُ فِي الْأُولَى وَيُفِيضُ وَيَسْعَى فِي الْآخِرَيْنِ وَيُهْدِي هَدْيًا وَاحِدًا فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ سَنَدٌ فِي تَأْخِيرِهِمَا ، فَأَحْرَى فِي تَأْخِيرِ أَحَدِهِمَا وَمَفْهُومُ لِلْمُحْرِمِ أَنَّهُ لَوْ أَفَاضَ قُبَيْلَ غُرُوبِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ الْحِجَّةِ وَصَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِهِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ .
وَ ) كَتَأْخِيرِ ( رَمْيِ كُلِّ حَصَاةٍ ) وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَقَبَةِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ كُلٍّ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الصُّورَةُ الْأُولَى عَيْنَ مَا بَعْدَهَا .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ كُلَّ بِمَعْنَى أَيِّ ( أَوْ ) تَأْخِيرُ جَمِيعِ حَصَيَاتِ جَمْرَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ جَمِيعِ حَصَيَاتِ الْجِمَارِ ( الْجَمِيعِ ) عَنْ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَهُوَ النَّهَارُ ( لِلَّيْلِ ) وَهُوَ وَقْتُ الْقَضَاءِ فَأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِ الْقَضَاءِ أَيْضًا فَدَمٌ وَاحِدٌ لِتَأْخِيرِ حَصَاةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ التَّأْخِيرُ لِبَالِغٍ عَاقِلٍ قَادِرٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ التَّأْخِيرُ ( لِ ) رَمْيِ شَخْصٍ ( صَغِيرٍ ) يُحْسِنُ الرَّمْيَ وَلَمْ يَرْمِ أَوْ ( لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ ) أَوْ مَجْنُونٍ أَخَّرَ وَلِيُّهُمَا الرَّمْيَ عَنْهُمَا وَالدَّمُ عَلَى مَنْ أَحَجَّهُمْ ، وَإِنْ رَمَى عَنْهُمَا فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ فَلَا دَمَ .
( أَوْ ) تَأْخِيرُ رَمْيِ ( عَاجِزٍ ) بِنَفْسِهِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ لِإِغْمَاءٍ طَرَأَ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْمِلُهُ وَالدَّمُ فِي مَالِهِ ( وَيَسْتَنِيبُ ) الْعَاجِزُ مَنْ يَرْمِيَ عَنْهُ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ وَعَلَيْهِ دَمٌ ، وَفَائِدَةُ الِاسْتِنَابَةِ عَدَمُ الْإِثْمِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّغِيرِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ الَّذِينَ رَمَى عَنْهُمْ وَلِيُّهُمْ فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ أَنَّ الْعَاجِزَ هُوَ الْمُخَاطَبُ بِسَائِرِ الْمَنَاسِكِ وَالصَّغِيرُ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِ لَمْ يُخَاطَبَا بِهَا وَالْمُخَاطَبُ بِهَا هُوَ الْوَلِيُّ وَقَدْ رَمَى فِي وَقْتِ الْأَدَاءِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ ، وَإِنْ أَخَّرَ نَائِبُ

الْعَاجِزِ لِوَقْتِ الْقَضَاءِ لَزِمَهُ دَمَانِ وَاحِدٌ لِلنِّيَابَةِ وَوَاحِدٌ لِلتَّأْخِيرِ إنْ كَانَ لِعُذْرٍ وَإِلَّا فَدَمُ التَّأْخِيرِ عَلَى النَّائِبِ .
( فَيَتَحَرَّى ) الْعَاجِزُ ( وَقْتَ الرَّمْيِ ) عَنْهُ ( وَيُكَبِّرُ ) الْعَاجِزُ كُلَّ حَصَاةٍ يَرْمِيهَا نَائِبُهُ تَكْبِيرَةً ، وَيَتَحَرَّى أَيْضًا وَقْتَ وُقُوفِ نَائِبِهِ لِلدُّعَاءِ عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَيَدْعُو قَالَهُ فِيهَا .
( وَأَعَادَ ) الْعَاجِزُ الرَّمْيَ وُجُوبًا فِيمَا قَالَهُ الْحَطّ ( إنْ ) صَحَّ الْعَاجِزُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ إغْمَائِهِ ( قَبْلَ الْفَوَاتِ ) لِوَقْتِ الرَّمْيِ ( بِالْغُرُوبِ ) مِنْ الْيَوْمِ الرَّابِعِ ، فَإِنْ أَعَادَ قَبْلَ غُرُوبِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ لِلنِّيَابَةِ ؛ لِأَنَّهَا جُزْءُ عِلَّةٍ وَالْآخَرُ عَدَمُ حُصُولِهِ مِنْ وَقْتِ أَدَائِهِ وَإِنْ صَحَّ لَيْلَةَ الثَّانِي أَوْ مَا بَعْدَهَا أَعَادَ وَعَلَيْهِ دَمُ التَّأْخِيرِ .
( وَقَضَاءُ ) رَمْيِ ( كُلٍّ ) مِنْ الْجَمَرَاتِ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ كُلِّ يَوْمٍ يَنْتَهِي ( إلَيْهِ ) أَيْ : غُرُوبِ الرَّابِعِ وَلَا قَضَاءَ لِرَمْيِ الرَّابِعِ لِخُرُوجِ وَقْتِ الرَّمْيِ بِغُرُوبِهِ وَوَجَبَ الدَّمُ ( وَاللَّيْلُ ) عَقِبَ كُلِّ يَوْمٍ ( قَضَاءٌ ) لِذَلِكَ الْيَوْمِ وَلِمَا قَبْلَهُ لَا يُقَالُ هَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَقَضَاءُ كُلٍّ إلَيْهِ لِدُخُولِ اللَّيْلِ فِيهِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ النَّهَارُ وَقْتًا لِأَدَاءِ الرَّمْيِ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَا يُقْضَى إلَّا فِي النَّهَارِ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يُقْضَى فِي اللَّيْلِ أَوْ ذَكَرَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ اللَّيْلُ أَدَاءٌ ، وَدَلَّ قَوْلُهُ وَاللَّيْلُ قَضَاءٌ عَلَى أَنَّ الْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهِ قَضَاءٌ إلَى غُرُوبِ الرَّابِعِ .
( وَحُمِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرِيضٌ عَاجِزٌ عَنْ الْمَشْيِ لِلْجَمْرَةِ ( مُطِيقٌ ) لِلرَّمْيِ عَلَى دَابَّةٍ أَوْ آدَمِيٌّ ( وَرَمَى ) بِنَفْسِهِ وُجُوبًا ( وَلَا يَرْمِ ) الْحَصَاةَ ( فِي كَفِّ غَيْرِهِ ) لِيَرْمِيَهَا عَنْهُ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهُ إنْ وَقَعَ ( وَ ) كَ ( تَقْدِيمِ الْحَلْقِ ) عَلَى رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَفِيهِ فِدْيَةٌ لِوُقُوعِهِ قَبْلَ

التَّحَلُّلِ لَا هَدْيٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ ؛ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لَهُ فَإِذَا رَمَى الْعَقَبَةَ أَمَرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ ؛ لِأَنَّ حَلْقَهُ الْأَوَّلَ وَقَعَ قَبْلَ مَحِلِّهِ أَوْ تَقْدِيمِ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ هَدْيٌ ، فَلَوْ قَدَّمَهُمَا مَعًا عَلَى الرَّمْيِ فَفِيهِ فِدْيَةٌ وَهَدْيٌ وَلَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ أَوْ الْإِفَاضَةُ بِتَقْدِيمِهَا عَلَى يَوْمِ النَّحْرِ ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَهُ كَعَدَمِهَا ؛ لِأَنَّهَا قَبْلَ وَقْتِهَا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يَفِيضُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ الْإِفَاضَةُ عَلَى الرَّمْيِ وُجُوبُ الدَّمِ وَلَوْ أَعَادَهَا بَعْدَهُ .
وَاسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ قَالَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الطِّرَازِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا صَرِيحًا .
عج ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ بِإِعَادَتِهَا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِجَعْلِهِ قَوْلَ أَصْبَغَ بِإِعَادَتِهَا مُقَابِلًا لَهُ وَفِي ( ق ) مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إعَادَتُهَا بَعْدَهُ وَلَا دَمَ وَإِنَّهَا قَبْلَهُ كَعَدَمِهَا لِكَوْنِهَا قَبْلَ مَحَلِّهَا ، وَفَهِمَ عج أَنَّ قَوْلَ الْحَطّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَعْنَاهُ فِي غَيْرِهَا فَلَا يُقَدَّمُ عَلَى مَا فِي ( ق ) عَنْهَا مَعَ أَنَّ فِي الْحَطّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مَذْهَبُهَا ا هـ عب الرَّمَاصِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَدَمُ إجْزَائِهَا قَبْلَهُ أَيْضًا .
وَتَوَرَّكَ الْمَوَّاقُ عَلَى الْمُصَنِّفِ ؛ إذْ نَسَبَ عَدَمَ الْإِجْزَاءِ لَهَا .
وَنَقَلَ عج كَلَامَهُ مُقَلِّدًا لَهُ وَبَنَى عَلَى ذَلِكَ مَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا نَسَبَهُ لَهَا غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَاللَّفْظُ الَّذِي نَقَلَهُ لَيْسَ لَفْظَهَا وَلَمْ أَرَ أَحَدًا نَسَبَ لَهَا عَدَمَ الْإِجْزَاءِ ، وَكَيْفَ يَصِحُّ وَقَدْ قَالَتْ وَلَوْ وَطِئَ فِي يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَبَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ هَدْيٌ وَحَجُّهُ تَامٌّ ، وَقَدْ جَعَلَ الْحَطّ عَدَمَ

الْإِجْزَاءِ مُخَالِفًا لَهَا .
ا هـ .
وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ ( لَا ) يَلْزَمُهُ دَمٌ ( إنْ خَالَفَ ) التَّرْتِيبَ السَّابِقَ ( فِي غَيْرِ ) الصُّورَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ وَهُمَا تَقْدِيمُ الْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ عَلَى الرَّمْيِ كَحَلْقِهِ قَبْلَ النَّحْرِ وَنَحَرَهُ قَبْلَ الرَّمْيِ وَإِفَاضَتُهُ قَبْلَ النَّحْرِ أَوْ الْحَلْقِ أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ فِي صُورَةٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسِ عَلَى الْأَصَحِّ لِخَبَرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ { جَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ فَقَالَ رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْت قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ فَقَالَ : اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ ، وَقَالَ آخَرُ : لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْت قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ فَقَالَ : ارْمِ وَلَا حَرَجَ ، فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قَدَّمَ أَوْ أَخَّرَ إلَّا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ } وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اذْبَحْ وَارْمِ أَيْ : اعْتَدَّ بِفِعْلِك ، فَصِيغَةُ افْعَلْ هُنَا بِمَعْنَى اعْتَدَّ بِفِعْلِك ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ السَّائِلَ فَعَلَ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدَّمَ ثَانِيَهُمَا عَلَى أَوَّلِهِمَا .
وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ عَلَى عَدَمِ الدَّمِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الْخَبَرِ مَعَ أَنَّ مَا مَرَّ خَاصٌّ بِالْأُولَيَيْنِ مِنْ الْخَمْسِ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ فَمَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ إلَخْ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ ، فَيَشْمَلُ غَيْرَ مَا يَشْمَلُهُ مِنْ السُّؤَالَيْنِ لَكِنَّهُ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِيهِمَا الدَّمُ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ الطَّبَرِيِّ فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي حَمْلِهِ نَفْيَ الْحَرَجِ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ مَعَ لُزُومِ الدَّمِ فِيهِمَا وَعَلَى نَفْيِ الدَّمِ وَالْإِثْمِ فِيمَا عَدَاهُمَا ، مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَا حَرَجَ ظَاهِرٌ فِي نَفْيِ الْإِثْمِ وَالدَّمِ ؛ إذْ الْحَرَجُ يَشْمَلُهُمَا ، وَالتَّخْصِيصُ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ .
وَأَجَابَ الْأَبِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِأَنَّ الدَّمَ أَيْ الْفِدْيَةَ فِي

الْأُولَى تُخَصِّصُ عُمُومَ الْخَبَرِ الْمَارِّ لِقَاعِدَةٍ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْحَلْقِ عَلَى الرَّمْيِ إلْقَاءُ التَّفَثِ عَنْ الْمُحْرِمِ .
وَأَجَابَ الْقَسْطَلَّانِيُّ عَنْ الصُّورَتَيْنِ بِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ وَمَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا تَأَوَّلَا الْحَدِيثَ عَلَى نَفْيِ الْإِثْمِ لِعُذْرِهِمْ بِجَهْلِهِمْ وَنِسْيَانِهِمْ بِدَلِيلِ قَوْلِ السَّائِلِ لَمْ أَشْعُرْ ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ بِلَفْظِ رَمَيْت وَحَلَقْت وَنَسِيت أَنْ أَنْحَرَ ، وَأَمَّا الدَّمُ فَأَخَذَا وُجُوبَهُ مِمَّا رَوَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَدَّمَ شَيْئًا فِي حَجِّهِ أَوْ أَخَّرَهُ فَلْيُهْرِقْ لِذَلِكَ دَمًا ا هـ .
لَكِنْ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي السَّنَدِ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ضَعِيفٌ وَهُوَ إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ قَالَ وَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ يَلْزَمُ مَنْ أَخَذَ بِرِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنْ يُوجِبَ الدَّمَ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا يَخُصُّهُ بِالْحَلْقِ أَوْ الْإِفَاضَةِ قَبْلَ الرَّمْيِ .

وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى فَوْقَ الْعَقَبَةِ ثَلَاثًا ، وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ ، وَلَوْ بَاتَ بِمَكَّةَ أَوْ مَكِّيًّا قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ الثَّانِي : فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ الثَّالِثِ .

( وَعَادَ ) الْحَاجُّ وُجُوبًا بَعْدَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعِيدِ ( لِلْمَبِيتِ بِمِنًى ) أَيْ : فِيهَا فَلَا يَجِبُ الْعَوْدُ بِمِنًى فَوْرًا وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ نَهَارًا وَلَكِنَّ الْفَوْرَ أَفْضَلُ ، وَلَا يَرْجِعُ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْعِيدِ وَيَلْزَمُ مَسْجِدَ الْخَيْفِ بِمِنًى لِلصَّلَوَاتِ فَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَالْأَفْضَلُ عَوْدُهُ إلَى مِنًى قَبْلَ صَلَاتِهَا ( فَوْقَ الْعَقَبَةِ ) بَيَانٌ لِمِنًى فَحَدُّهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْعَقَبَةُ وَمِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ وَادِي مُحَسِّرٍ ، وَاحْتُرِزَ بِفَوْقِ الْعَقَبَةِ عَنْ أَسْفَلِهَا مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ فَلَيْسَ مِنْ مِنًى وَصِلَةُ الْمَبِيتِ قَوْلُهُ ( ثَلَاثًا ) مِنْ اللَّيَالِيِ إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ .
( وَإِنْ تَرَكَ ) الْمَبِيتَ بِهَا وَبَاتَ أَسْفَلَ الْعَقَبَةِ جِهَةَ مَكَّةَ أَوْ بِوَادِي مُحَسِّرٍ جِهَةَ عَرَفَةَ أَوْ عَنْ يَمِينِ مِنًى أَوْ شِمَالِهَا ( جُلَّ لَيْلَةٍ فَ ) عَلَيْهِ ( دَمٌ ) وَأَوْلَى لَيْلَةً كَامِلَةً فَأَكْثَرَ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِهِ عَلَى مَتَاعِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ حَبَسَهُ مَرَضٌ فَبَاتَ بِمَكَّةَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا وَإِنْ لَمْ يَأْثَمْ .
( أَوْ ) لِلْمَبِيتِ بِهَا ( لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ ) وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَإِنْ تَرَكَ جُلَّ لَيْلَةٍ فَدَمٌ وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَبِيتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِغَيْرِ مَكَّةَ بَلْ ( وَلَوْ بَاتَ ) الْمُتَعَجِّلُ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ ( بِمَكَّةَ ) وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ مَنْ بَاتَ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ بِمَكَّةَ فَقَدْ خَرَجَ عَنْ سُنَّةِ التَّعْجِيلِ وَلَزِمَهُ الرُّجُوعُ إلَى مِنًى لِرَمْيِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهَدْيٍ لِمَبِيتِهِ بِمَكَّةَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَعَجِّلُ آفَاقِيًّا ( أَوْ مَكِّيًّا ) وَهَذَا فِي غَيْرِ الْإِمَامِ وَأَمَّا هُوَ فَيُكْرَهُ لَهُ التَّعْجِيلُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ

تَعَالَى عَنْهُمَا لَا أَرَى التَّعْجِيلَ لِأَهْلِ مَكَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عُذْرٌ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ مَرَضٍ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ كَانَ قَالَ لِي قَبْلَ ذَلِكَ لَا بَأْسَ بِهِ لَهُمْ وَهُمْ كَأَهْلِ الْآفَاقِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ ، وَدَلِيلُهُ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ } .
وَشَرْطُ التَّعْجِيلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مِنًى لِجِهَةِ مَكَّةَ أَوْ لِجِهَةِ عَرَفَةَ أَوْ لِجِهَةِ الْيَمِينِ أَوْ الشِّمَالِ ( قَبْلَ الْغُرُوبِ ) لِلشَّمْسِ ( مِنْ ) الْيَوْمِ ( الثَّانِي ) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِمِنًى فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ ، وَلَزِمَهُ الْمَبِيتُ بِمِنًى وَرَمْيُ الثَّالِثِ ؛ إذْ لَمْ يَصْدُقْ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى { فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ } وَبَيَّنَ ثَمَرَةَ التَّعْجِيلِ بِقَوْلِهِ ( فَيَسْقُطُ عَنْهُ رَمْيُ ) الْيَوْمِ ( الثَّالِثِ ) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ وَمَبِيتُ لَيْلَتِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاتَ بِغَيْرِ مِنًى لَيْلَةَ الْحَادِي عَشَرَ وَلَيْلَةَ الثَّانِي عَشَرَ كَمَا قَالَ .

وَرُخِّصَ لِرَاعٍ بَعْدَ الْعَقَبَةِ أَنْ يَنْصَرِفَ ، وَيَأْتِيَ الثَّالِثَ فَيَرْمِيَ لِلْيَوْمَيْنِ .

( وَرُخِّصَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا جَوَازٌ ( لِ ) شَخْصٍ ( رَاعٍ ) لِلدَّوَابِّ ( بَعْدَ ) رَمْيِ جَمْرَةِ ( الْعَقَبَةِ ) يَوْمَ الْعِيدِ صِلَةُ يَنْصَرِفُ ( أَنْ يَنْصَرِفَ ) عَنْ مِنًى لِجِهَةِ رَعْيِهِ ( وَ ) لَا يَعُودُ لَهَا لِلْمَبِيتِ بِهَا وَلَا لِرَمْيِ الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ لِمِنًى الْيَوْمَ ( الثَّالِثَ ) مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ( فَيَرْمِي ) فِيهِ ( لِلْيَوْمَيْنِ ) الْيَوْمِ الثَّانِي الَّذِي مَضَى وَهُوَ فِي رَعْيِهِ ، وَالثَّالِثِ الَّذِي حَضَرَ فِيهِ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَقَامَ بِمِنًى لِمَبِيتِ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَرَمْيِهِ وَإِنْ شَاءَ تَعَجَّلَ قَبْلَ غُرُوبِ الثَّانِي ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَبِيتُ لَيْلَةِ الثَّالِثِ وَرَمْيُهُ ، وَحَمَلْنَا الثَّالِثَ عَلَى ثَالِثِ النَّحْرِ وَهُوَ ثَانِي أَيَّامِ الرَّمْيِ ؛ لِأَنَّهُ الرُّخْصَةُ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إتْيَانَ مِنًى إلَى ثَالِثِ أَيَّامِ الرَّمْيِ ، فَإِنْ أَخَّرَهُ إلَيْهِ وَأَتَى فِيهِ رَمَى لِلْيَوْمَيْنِ قَبْلَهُ ثُمَّ رَمَى لَهُ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِتَأْخِيرِ رَمْيِ الْيَوْمَيْنِ إلَيْهِ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَ رَاعِيَ إبِلٍ لِحَاجٍّ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ رَاعِيَ غَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي نَصِّ عِبَارَةِ رُعَاةِ إبِلٍ حُجَّاجٍ ، ثُمَّ كَلَامُهُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَعَادَ لِلْمَبِيتِ بِمِنًى .
إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوْ لَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ ، وَأَمَّا أَهْلُ السِّقَايَةِ فَيُرَخَّصُ لَهُمْ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لَا فِي تَرْكِ رَمْيِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ فَيَبِيتُونَ بِمَكَّةَ لِنَزْعِ الْمَاءِ مِنْ زَمْزَمَ لِلْحُجَّاجِ وَيَأْتُونَ مِنًى نَهَارًا لِلرَّمْيِ وَيَعُودُونَ لِلْمَبِيتِ بِمَكَّةَ لِذَلِكَ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ فَلَيْسُوا كَالرُّعَاةِ فِي تَأْخِيرِ الرَّمْيِ يَوْمًا .
وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُمَا سَوَاءٌ ، وَلَكِنَّهُ مُعْتَرِضٌ بِأَنَّ الرُّخْصَةَ وَرَدَتْ فِي حَقِّهِمْ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي تَرْكِ الْمَبِيتِ بِمِنًى فَقَطْ لِلسِّقَايَةِ لِنَزْعِهِمْ الْمَاءَ مِنْ زَمْزَمَ لَيْلًا وَتَفْرِيغُهُ فِي الْحِيَاضِ تَهْيِئَةً لِشُرْبِ الْحُجَّاجِ

نَهَارًا وَيَجُوزُ لِلرُّعَاةِ إتْيَانُ مِنًى لَيْلًا وَيَرْمُونَ مَا فَاتَهُمْ رَمْيُهُ نَهَارًا قَالَهُ مُحَمَّدٌ .
الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَخَّصَ لَهُمْ فِي تَأْخِيرِهِ لِلْيَوْمِ الثَّانِي فَرَمْيُهُمْ لَيْلًا أَوْلَى ا هـ عب .
الرَّمَاصِيُّ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الرَّاعِيَ كَصَاحِبِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَعَ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فَقَالَ الْبَاجِيَّ لِلرُّعَاةِ عُذِرَ فِي الْكَوْنِ مَعَ الظُّهْرِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاتِهِ وَالرَّعْيِ لَهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي الِانْصِرَافِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إلَى بَلَدٍ } الْآيَةَ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْإِبِلِ لَا سِيَّمَا الرُّخْصَةُ لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا وَفِي الْقِيَاسِ عَلَيْهَا نِزَاعٌ وَاعْتَرَضَ طفي قَوْلَ الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ وِفَاقٌ وَنَقَلَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فَانْظُرْهُ .

وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ فِي الرَّدِّ لِلْمُزْدَلِفَةِ ، وَتَرْكِ التَّحْصِيبِ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ ، وَرَمْيِ كُلَّ يَوْمٍ الثَّلَاثَ ؛ وَخَتَمَ بِالْعَقَبَةِ مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ .

وَ ) رُخِّصَ نَدْبًا ( تَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ ) أَيْ النِّسَاءِ وَالْمَرْضَى وَالصِّبْيَانِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ تَلْحَقُهُ مَشَقَّةٌ عَظِيمَةٌ بِالْبَيَاتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالسَّيْرِ مَعَ النَّاسِ غُدْوَةَ يَوْمِ الْعِيدِ إلَى مِنًى فَيُرَخِّصُ لَهُمْ بَعْدَ النُّزُولِ بِمُزْدَلِفَةَ وَجَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ بِهَا وَإِقَامَتِهِمْ بَعْضَ اللَّيْلِ ( فِي الرَّدِّ ) أَيْ : الرُّجُوعِ ( لِلْمُزْدَلِفَةِ ) اللَّامِ بِمَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ : إلَى مِنًى لَيْلًا وَيَسْقُطُ عَنْهُمْ الْوُقُوفُ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَيُرَخَّصُ لَهُمْ فِي التَّأَخُّرِ بِمُزْدَلِفَةَ إنْ بَاتُوا بِهَا إلَى ذَهَابِ زَحْمَةِ النَّاسِ فَلَوْ قَالَ وَتَقْدِيمُ الضَّعَفَةِ أَوْ تَأْخِيرُهُمْ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ لِمِنًى لَكَانَ أَحْسَنَ .
( وَ ) رُخِّصَ ( تَرْكُ التَّحْصِيبِ ) أَيْ : النُّزُولِ بِالْمُحَصَّبِ حِينَ وُصُولِهِ حَالَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ عَشِيَّةَ ثَالِثِ أَيَّامِ الرَّمْيِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِهِ ( لِ ) حَاجٍّ ( غَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَهَذِهِ الرُّخْصَةُ خِلَافُ الْأُولَى وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ مُقْتَدًى بِهِ عَدَمُ التَّرْخِيصِ فِي تَرْكِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ وَنَحْوِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَ ) إذَا عَادَ الْحَاجُّ مِنْ مَكَّةَ عَقِبَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَبِيتِ مِنًى ( رَمَى ) وُجُوبًا كُلَّ ( يَوْمٍ ) بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ الْجِمَارَ ( الثَّلَاثَ ) كُلَّ وَاحِدَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ مُبْتَدِئًا بِالْأُولَى مِنْ جِهَةِ مُزْدَلِفَةَ وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ بِمِنًى وَيَتْبَعُهَا بِرَمْيِ الْوُسْطَى الَّتِي بِسُوقِ مِنًى .
( وَخَتَمَ ) الرَّمْيَ ( بِ ) رَمْيِ جَمْرَةِ ( الْعَقَبَةِ ) وَهَذَا التَّرْتِيبُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الرَّمْيِ كَمَا يَأْتِي وَصِلَةُ رَمَى ( مِنْ الزَّوَالِ لِلْغُرُوبِ ) هَذَا وَقْتُ الْأَدَاءِ وَهُوَ قِسْمَانِ اخْتِيَارِيٌّ وَضَرُورِيٌّ فَالِاخْتِيَارِيُّ لِلِاصْفِرَارِ وَالضَّرُورِيُّ مِنْ مَبْدَأِ الِاصْفِرَارِ لِلْغُرُوبِ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ الرَّمْيِ بِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا دَمَ فِيهِ أَفَادَهُ

مِنْ الْحَطّ .

وَصِحَّتُهُ بِحَجَرٍ كَحَصَى الْخَذْفِ ، وَرَمَى وَإِنْ بِمُتَنَجِّسٍ عَلَى الْجَمْرَةِ ، وَإِنْ أَصَابَتْ غَيْرَهَا ، وَإِنْ ذَهَبَتْ بِقُوَّةٍ ، لَا دُونَهَا وَإِنْ أَطَارَتْ غَيْرَهَا لَهَا ، وَلَا طِينٍ وَمَعْدِنٍ ، وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ ، وَبِتَرَتُّبِهِنَّ .
وَأَعَادَ مَا حَضَرَ بَعْدَ الْمَنْسِيَّةِ ، وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا فَقَطْ وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ .

( وَصِحَّتُهُ ) أَيْ : الرَّمْيِ مُطْلَقًا مَشْرُوطَةٌ ( بِحَجَرِ ) فَلَا يَصِحُّ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ وَلَا بِطِينٍ وَلَا بِفُخَّارٍ وَلَا بِجِصٍّ وَجِبْسٍ وَقَدْرُ الْحَجَرِ ( كَحَصَى الْخَذْفِ ) بِخَاءٍ وَذَالٍ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ الرَّمْيُ بِالْحَصَى بِالْأَصَابِعِ وَذَلِكَ فَوْقَ الْفُسْتُقِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ وَلَا يَجْزِي الصَّغِيرُ كَالْقَمْحَةِ أَوْ الْحِمَّصَةِ ، وَيُكْرَهُ الْكَبِيرُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ وَخَوْفَ إيذَائِهِ ، وَيَجْزِي إنْ رَمَى وَشَمِلَ الْحَجَرُ الزَّلَطَ وَالرُّخَامَ .
طفي هَكَذَا فِي الرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهَكَذَا فِي الصَّحِيحِ ، وَتَرَكَ قَوْلَ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي مُدَوَّنَتِهِ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَكُونَ حَصَى الْجِمَارِ أَكْبَرَ مِنْ حَصَى الْخَذْفِ قَلِيلًا وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الصَّحِيحِ كَحَصَى الْخَذْفِ .
الْبَاجِيَّ لَعَلَّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ مَا اسْتَحَبَّ مَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ .
( وَ ) صِحَّتُهُ بِ ( رَمْيٍ ) لَا وَضْعٍ أَوْ طَرْحٍ فَلَا يُجْزِئُ قَالَهُ فِيهَا ، وَالْمُرَادُ رَمْيُ كُلِّ حَصَاةٍ وَحْدَهَا فَإِنْ رَمَى السَّبْعَ رَمْيَةً وَاحِدَةً عَدَّهَا حَصَاةً وَاحِدَةً وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ كَوْنِهِ بِيَدٍ لَا بِفَمٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ قَوْسٍ ، وَمِنْ مُسْتَحَبَّاتِهِ كَوْنُهُ بِالْأَصَابِعِ لَا بِالْقَبْضَةِ ، وَكَوْنُهُ بِالْيُمْنَى إلَّا الْأَعْسَرَ الَّذِي لَا يُحْسِنُ الرَّمْيَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى .
فَإِنْ قُلْت شَرْطُ الرَّمْيِ فِي الرَّمْيِ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ .
قُلْت الْمُرَادُ بِالرَّمْيِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ مُطْلَقُ الْإِيصَالِ ، وَبِالرَّمْيِ الْمَشْرُوطِ الدَّفْعُ وَيَصِحُّ الرَّمْيُ بِحَجَرٍ طَاهِرٍ بَلْ ( وَإِنْ بِ ) حَجَرٍ ( مُتَنَجِّسٍ ) مَعَ الْكَرَاهَةِ وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ بِطَاهِرٍ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَصِلَةُ رَمْيٍ ( عَلَى الْجَمْرَةِ ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْبِنَاءِ وَمَا حَوْلَهُ وَالْمَطْلُوبُ الرَّمْيُ عَلَى مَا حَوْلَهُ ؛ إذْ الْبِنَاءُ مُجَرَّدُ عَلَامَةٍ عَلَى الْمَحَلِّ لِئَلَّا

يَنْسَى .
قَالَ فِي مَنْسَكِهِ وَلَا تَرْمِ عَلَى الْبِنَاءِ بَلْ ارْمِ أَسْفَلَهُ بِمَوْضِعِ الْحَصَى ، وَسَيَقُولُ وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ بِالْبِنَاءِ تَرَدُّدٌ فَإِنْ رَمَى الْبِنَاءَ فَإِنْ نَزَلَ الْحَصَى أَسْفَلَهُ أَجْزَأَ وَإِنْ وَقَفَ فِي شَقِّ الْبِنَاءِ فَفِي إجْزَائِهِ تَرَدُّدٌ ، وَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ عَلَى ظَهْرِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ قَطْعًا ، وَعِبَارَةُ ابْنِ فَرْحُونٍ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَمْرَةِ الْبِنَاءُ الْقَائِمُ فَإِنَّهُ عَلَامَةُ مَوْضِعِهَا .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ الْجَمْرَةُ اسْمٌ لِمَوْضِعِ الرَّمْيِ سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَا يُرْمَى فِيهَا وَهِيَ الْحِجَارَةُ وَتُجْزِئُ الْحَصَاةُ الْمَرْمِيَّةُ فِي الْمَوْضِعِ الْمَخْصُوصِ إنْ لَمْ تُصِبْ غَيْرَهُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ بَلْ ( وَإِنْ أَصَابَتْ ) الْحَصَاةُ ( غَيْرَهَا ) أَيْ : الْجَمْرَةَ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَهَبَتْ لَهَا ( إنْ ذَهَبَتْ ) لَهَا ( بِقُوَّةِ ) الرَّمْيِ ( لَا ) تُجْزِئُ إنْ وَقَعَتْ ( دُونَهَا ) أَيْ الْجَمْرَةِ وَلَمْ تَصِلْ لَهَا أَوْ وَصَلَتْ لَهَا لَا بِقُوَّةِ الرَّمْيِ بِأَنْ وَقَعَتْ عَلَى مَحَلٍّ عَالٍ ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ مِنْ عَلَيْهِ وَوَصَلَتْ الْجَمْرَةَ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ سَنَدٌ وَلَوْ تَدَحْرَجَتْ مِنْ مَكَان عَالٍ فَرَجَعَتْ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَمَفْهُومُ دُونَهَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ بِأَنْ رَمَاهَا فَتَجَاوَزَتْهَا وَوَقَعَتْ بِالْبُعْدِ عَنْهَا .
قَالَ ؛ لِأَنَّ رَمْيَهُ لَمْ يَتَّصِلْ بِهَا وَلَا تُجْزِئُ الْوَاقِعَةُ دُونَهَا إنْ لَمْ تَطِرْ حَصَاةٌ غَيْرُهَا لَهَا بَلْ ( وَإِنْ أَطَارَتْ ) الْحَصَاةُ الْوَاقِعَةُ دُونَهَا حَصَاةً ( غَيْرَهَا ) فَوَصَلَتْ الْحَصَاةَ الْمُطَارَ ( لَهَا ) أَيْ : الْجَمْرَةِ ( وَلَا ) يُجْزِئُ ( طِينٌ ) وَمِثْلُهُ طَفْلٌ أَوْ هُوَ مِنْهُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مُحْتَرَزُ حَجَرٍ .
( وَ ) لَا يُجْزِئُ ( مَعْدِنٌ ) مُسْتَطْرَقٌ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَرَصَاصٍ وَحَدِيدٍ وَنُحَاسٍ وَقَزْدِيرٍ أَوْ غَيْرِ مُسْتَطْرَقٍ كَزِرْنِيخٍ وَزُمُرُّدٍ .
( وَفِي إجْزَاءِ مَا وَقَفَ ) مِنْ الْحَصَيَاتِ ( بِالْبِنَاءِ ) الَّذِي بِالْجَمْرَةِ وَلَمْ يَنْزِلْ

أَسْفَلَهَا مِمَّا يَلِي مَمَرَّ النَّاسِ وَهُوَ الَّذِي كَانَ يَمِيلُ إلَيْهِ الْمَنُوفِيُّ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِتَفْسِيرِ الْجَمْرَةِ بِالْبِنَاءِ وَمَا تَحْتَهُ وَعَدَمُ إجْزَائِهِ ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ يُفْتِي بِهِ سَيِّدِي خَلِيلٌ شَيْخُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ أَيْضًا ، وَلَعَلَّ الْجَمْرَةَ عِنْدَهُ اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُجْتَمَعِ فِيهِ الْحَصَى فَقَطْ ( تَرَدُّدٌ ) لِلشَّيْخَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمَيْنِ الْحَطّ الظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ ( وَ ) صِحَّتُهُ فِيمَا بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ بِ ( تَرَتُّبِهِنَّ ) أَيْ : الْجَمَرَاتِ بِأَنْ يَبْدَأَ بِالْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى وَيُثَنِّي بِالْوُسْطَى وَيَخْتِمُ بِالْعَقَبَةِ ، فَإِنْ نَكَسَ أَوْ تَرَكَ الْأُولَى أَوْ بَعْضَهَا أَوْ الثَّانِيَةَ كَذَلِكَ وَلَوْ سَاهِيًا فَلَا يُجْزِيهِ ، فَإِنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهَا أَعَادَهُ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ ( وَ ) إنْ خَرَجَ يَوْمَهَا وَرَمَى لِلْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ تَذَكَّرَ ( أَعَادَ مَا حَضَرَ ) وَقْتُهُ نَدْبًا ( بَعْدَ ) رَمْيِ ( الْمَنْسِيَّةِ ) مِنْ الْيَوْمِ الَّذِي مَضَى وُجُوبًا .
( وَ ) إعَادَةُ رَمْيِ ( مَا بَعْدَهَا ) أَيْ : الْمَنْسِيَّةِ وُجُوبًا أَيْضًا لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فِي رَمْيِ مَا هُوَ ( فِي يَوْمِهَا ) أَيْ : الْمَنْسِيَّةِ ( فَقَطْ ) لَا مَا بَعْدَهَا فِي يَوْمٍ آخَرَ فَلَا يُعِيدُهُ ، فَإِذَا نَسِيَ فِي ثَانِي الْعِيدِ الْجَمْرَةَ الْأُولَى وَرَمَى فِيهِ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ وَرَمَى فِي ثَالِثِهِ جَمَرَاتِهِ كُلَّهَا أَوْ رَمَى فِي رَابِعِهِ جَمَرَاتِهِ كُلَّهَا ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ غُرُوبِهِ جَمْرَةَ الثَّانِي الْأُولَى الَّتِي نَسِيَهَا فَيَرْمِيهَا وَمَا بَعْدَهَا فِي يَوْمِهَا وُجُوبًا ، وَيُعِيدُ رَمْيَ جَمَرَاتِ الْيَوْمِ الرَّابِعِ نَدْبًا ، وَلَا يُعِيدُ رَمْيَ جَمَرَاتٍ الثَّالِثِ لِخُرُوجِ وَقْتِ أَدَائِهِ .
( وَنُدِبَ تَتَابُعُهُ ) أَيْ : رَمْيِ الْجَمَرَاتِ فَإِذَا رَمَى الْأُولَى أَرْدَفَهَا بِالثَّانِيَةِ وَلَا يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ الدُّعَاءِ الْمَطْلُوبِ ، وَإِذَا رَمَى الثَّانِيَةَ عَقَّبَهَا بِالثَّالِثَةِ إلَّا بِقَدْرِ ذَلِكَ وَمَا

تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا فَهُوَ فِي تَتَابُعِ حَصَيَاتِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ الْعِيدِ قَالَهُ أَحْمَدُ وعج أَوْ أَنَّ مَا هُنَا فِي تَتَابُعِ رَمْيِ الْجَمَرَاتِ وَمَا مَرَّ فِي تَتَابُعِ حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ ، وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِقَوْلِهِ وَلَفْظُهَا وَلِذَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ هُنَا وَفَرَّعَ عَلَى أَنْ تَرْتِيبَ الْجَمَرَاتِ شَرْطُ صِحَّةٍ وَأَنَّ تَتَابُعَهَا وَتَتَابُعَ الْحَصَيَاتِ مَنْدُوبٌ .

فَإِنْ رَمَى بِخَمْسٍ خَمْسٍ ؛ اعْتَدَّ بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ ؛ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْ الْأُولَى وَأَجْزَأَ عَنْهُ وَعَنْ صَبِيٍّ وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً ، وَرَمْيُ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ طُلُوعَ الشَّمْسِ ، وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَوُقُوفِهِ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ إسْرَاعِ الْبَقَرَةِ ، وَتَيَاسُرِهِ فِي الثَّانِيَةِ .

قَوْلُهُ ( فَإِنْ رَمَى ) الْجِمَارَ الثَّلَاثَ فِي ثَانِي الْعِيدِ أَوْ مَا بَعْدَهُ كُلَّ جَمْرَةٍ ( بِخَمْسٍ خَمْسٍ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ فِيهِمَا وَتَرَكَ مِنْ كُلِّ جَمْرَةٍ حَصَاتَيْنِ ثُمَّ تَذَكَّرَ فِي يَوْمِهِ أَوْ مَا بَعْدَهُ مِنْ وَقْتِ الرَّمْيِ ( اعْتَدَّ ) أَيْ احْتَسَبَ وَاكْتَفَى ( بِالْخَمْسِ الْأُوَلِ ) مِنْ الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَكَمَّلَهَا بِحَصَاتَيْنِ ، وَرَمَى الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ سَهْوًا أَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ إنْ ذَكَرَ فِي يَوْمِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ إنْ ذَكَرَ فِي وَقْتِ الْقَضَاءِ قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ ، وَلَمْ يَعْتَدَّ بِخَمْسٍ مَا بَعْدَ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَمِّلْ الْأُولَى فَلَمْ يَحْصُلْ التَّرْتِيبُ فَبَطَلَ رَمْيُ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ ، وَلِكَوْنِ الْفَوْرِ مَنْدُوبًا بُنِيَ عَلَى خَمْسِ الْأُولَى .
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَدْبِ تَتَابُعِهِ شَهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ رَاشِدٍ وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ سَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ أَنَّهُ وَاجِبٌ شُرِطَ مَعَ الذِّكْرِ اتِّفَاقًا وَمَعَ النِّسْيَانِ فِيهِ قَوْلَانِ وَعَلَيْهِ فَلَا يُعْتَدُّ بِخَمْسِ الْأُولَى أَيْضًا .
( وَإِنْ ) رَمَى الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثَ ثُمَّ وَجَدَ حَصَاةً فِي جَيْبِهِ مَثَلًا وَ ( لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاةٍ ) تَرَكَ رَمْيَهَا تَحْقِيقًا أَوْ شَكًّا مِنْ أَيْ الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ ( اعْتَدَّ بِسِتٍّ ) مِنْ الْحَصَيَاتِ ( مِنْ ) الْجَمْرَةِ ( الْأُولَى ) فَيَرْمِي عَلَيْهَا حَصَاةً وَيُعِيدُ رَمْيَ مَا بَعْدَهَا بِسَبْعٍ سَبْعٍ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ إتْمَامُ سَبْعِ الْأُولَى وَشَكَّ فِي الثَّانِيَةِ اعْتَدَّ بِسِتٍّ مِنْهَا وَرَمَاهَا بِحَصَاةٍ ، وَرَمْي الثَّالِثَةَ بِسَبْعٍ وَإِنْ شَكَّ فِي الثَّالِثَةِ رَمَاهَا بِحَصَاةٍ فَقَطْ ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَ حَصَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا عَلَى نَدْبِ التَّتَابُعِ أَيْضًا وَلَا يَعْتَدُّ بِشَيْءٍ عَلَى شَرْطِيَّتِهِ .
وَإِنْ شَكَّ فِي رَمْيِ

حَصَاةٍ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِهِ حَصَاةٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا ، وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِشَيْءٍ وَيَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ ، لَكِنَّ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ هُوَ الَّذِي فِي الْمَتْنِ .
وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَصَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَمَنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ لَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهَا ، فَحَكَى فِيهِ الْأَبْهَرِيُّ الْقَوْلَيْنِ أَيْضًا فِيهَا .
وَإِنْ ذَكَرَ أَنَّهُ نَسِيَ حَصَاةً مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ لَا يَدْرِي مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَرْمِي الْأُولَى بِحَصَاةٍ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَالْعَقَبَةَ بِسَبْعٍ سَبْعٍ ، وَفِي كِتَابِ الْأَبْهَرِيِّ وَمَنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ حَصَاةٌ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ هِيَ فَلْيَرْمِ بِهَا الْأُولَى ثُمَّ يَرْمِي الْبَاقِيَتَيْنِ بِسَبْعٍ سَبْعٍ ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ يَسْتَأْنِفُ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيْنَا .
( وَأَجْزَأَ ) الرَّمْيُ الْمُتَفَرِّقُ كَرَمْيِهِ ( عَنْهُ ) أَيْ : الرَّامِي سَبْعَ حَصَيَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ عَلَى جَمْرَةٍ وَسَبْعِ حَصَيَاتٍ أُخْرَى عَنْ صَبِيٍّ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ يَرْمِي عَنْهُ نِيَابَةً عَلَى تِلْكَ الْجَمْرَةِ ، وَهَكَذَا الْجَمْرَةُ الثَّانِيَةُ وَالْجَمْرَةُ الثَّالِثَةُ ، بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ فِي حَصَيَاتِ كُلِّ جَمْرَةٍ بِأَنْ يَرْمِيَ حَصَاةً عَنْ نَفْسِهِ وَحَصَاةً عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَكْسُهُ إلَى تَمَامِ السَّبْعِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ غَيْرِهِ فِي كُلِّ جَمْرَةٍ ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِجْزَاءِ يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْدُوبِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يُنَافِي نَدْبَ تَتَابُعِهَا .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ بَعِيدٌ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُعْتَدُّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِحَصَاةٍ وَاحِدَةٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقٌ يَسِيرٌ وَنُدِبَ رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ النَّحْرِ ، وَمَصَبُّ النَّدْبِ كَوْنُ الرَّمْيِ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَيْ بَعْدَهُ وَعِبَارَتُهَا ضَحْوَةً وَيَمْتَدُّ وَقْتُ الْفَضِيلَةِ لِلزَّوَالِ ، وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ

بَعْدَهُ وَقَبْلَ الشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ أَدَاءً فِيهِمَا أَيْضًا .
ابْنُ الْحَاجِبِ أَدَاءُ جَمْرَةِ يَوْمِ النَّحْرِ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَأَفْضَلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ رَمَاهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، أَوْ بَعْدَ زَوَالِهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ أَسَاءَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ بِأَنْ كَانَ ثَانِيَهُ أَوْ ثَالِثَهُ أَوْ رَابِعَهُ نُدِبَ ( إثْرَ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ : عَقِبَ ( الزَّوَالِ قَبْلَ ) صَلَاةِ ( الظُّهْرِ وَنُدِبَ وُقُوفُهُ ) أَيْ : مُكْثُ الرَّامِي وَلَوْ جَالِسًا ( إثْرَ ) رَمْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجَمْرَتَيْنِ ( الْأُولَيَيْنِ ) لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ بِدُونِ رَفْعِ يَدَيْهِ ( قَدْرَ إسْرَاعِ ) قِرَاءَةِ سُورَةِ ( الْبَقَرَةِ ) لَا إثْرَ الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ وَهَذَا كَالِاسْتِدْرَاكِ عَلَى قَوْلِهِ وَتَتَابُعُهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( تَيَاسُرُهُ فِي ) وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ عَقِبَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ ( الثَّانِيَةِ ) ابْنُ الْمَوَّازِ ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ مِنْهَا إلَى الشِّمَالِ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ فَيَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ يَرْمِي الْوُسْطَى وَيَنْصَرِفُ عَنْهَا ذَاتَ الشِّمَالِ بِبَطْنِ الْمَسِيلِ يَقِفُ أَمَامَهَا مِمَّا يَلِي يَسَارَهَا وَمِثْلُهُ فِي عِبَارَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَسَنَدٍ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ الِاتِّبَاعُ ، فَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا { ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى فَيَأْخُذُ بِذَاتِ الشِّمَالِ فَيَسْهُلُ } قَوْلُهُ فَيُسْهِلُ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ : يَأْتِي الْمَكَانَ السَّهْلَ ، هَكَذَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثِ ابْنِ حَجَرٍ ، أَيْ : يَمْشِي إلَى جِهَةِ شِمَالِهِ لِيَقِفَ دَاعِيًا فِي مَكَان لَا يُصِيبُهُ فِيهِ الرَّمْيُ .
ا هـ .
وَيَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ فِي جِهَةِ يَسَارِهَا كَوْنُهَا فِي جِهَةِ يَمِينِهِ وَفِيهَا تَرْكُ الرَّفْعِ أَحَبُّ إلَيَّ .
مَالِكٌ

رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُمَا فِي الْمَقَامَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَضَعَّفَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ ، هَذَا وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ { ثُبُوتُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
} ابْنُ الْمُنْذِرِ لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا أَنْكَرَ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاءِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ إلَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَيَسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ فِي وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ صِفَةَ وُقُوفِهِ لِرَمْيِهِمَا وَهُوَ أَنْ يَقِفَ مِمَّا يَلِي الْمَسْجِدَ فِي رَمْيِ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَفِيهَا وَيَرْمِي الْجَمْرَتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ فَوْقِهِمَا وَالْعَقَبَةَ مِنْ أَسْفَلِهَا .

وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَحْصِيبُ ) الشَّخْصِ ( الرَّاجِعِ ) مِنْ مِنًى لِمَكَّةَ أَيْ نُزُولُهُ بِالْمُحَصَّبِ وَهُوَ مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ وَمُنْتَهَاهُ الْمَقْبَرَةُ الَّتِي بِأَعْلَى مَكَّةَ سُمِّيَ بِهِ لِكَثْرَةِ الْحَصْبَاءِ فِيهِ مِنْ السَّيْلِ وَيُسَمَّى الْأَبْطُحَ أَيْضًا لِانْبِطَاحِهِ ( لِيُصَلِّيَ ) الرَّاجِعُ ( فِيهِ ) أَيْ : الْمُحَصَّبِ ( أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ ) أَيْ : الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ اقْتِدَاءً بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ ، أَمَّا هُوَ فَلَا يُنْدَبُ تَحْصِيبُهُ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ وَفِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَإِلَّا تَرَكَهُ وَدَخَلَ مَكَّةَ لِصَلَاتِهَا .
فِي الذَّخِيرَةِ التَّحْصِيبُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَلَيْسَ بِنُسُكٍ وَفِي الْإِكْمَالِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ مِنْ الْمَنَاسِكِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَاعْتَرَضَهُ الْأَبِيُّ بِقَوْلِ مُسْلِمٍ كَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَرَى التَّحْصِيبَ سُنَّةً فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مِنْ النُّسُكِ فَيُنَاقِضُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ ، فَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ لَيْسَ مِنْ النُّسُكِ أَيْ الْمُتَأَكِّدُ أَوْ الْوَاجِبُ حَتَّى يَلْزَمَ بِتَرْكِهِ دَمٌ .

وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ .
( وَ ) نُدِبَ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا أَوْ آفَاقِيًّا قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ طَوَافُ الْوَدَاعِ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا ( إنْ خَرَجَ ) أَيْ : أَرَادَ الْخُرُوجَ ( لِ ) مِيقَاتٍ ( كَالْجُحْفَةِ ) أَرَادَ الْعَوْدَ أَمْ لَا إلَّا لِقَصْدِهِ التَّرَدُّدَ لَهَا بِنَحْوِ حَطَبٍ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ ، وَلَوْ خَرَجَ لِمَكَانٍ بَعِيدٍ وَكَذَا الْمُتَعَجِّلُ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ نَحْوُهُ وَقَوْلُ الْخَرَشِيِّ ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُتَعَجِّلُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِمَا ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ إذْ لَا تَعَلُّقَ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ بِالْحَجِّ وَلَا هُوَ مِنْ مَنَاسِكِهِ حَتَّى يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُتَعَجِّلِ وَغَيْرِهِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ مَنْ قَصَدَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ لَا يُؤْمَرُ بِهِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْآمِرِ بِهِ كَوْنُهُ مَعَ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ ، بَلْ يُؤْمَرُ بِهِ كُلُّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا مِنْ مَكَّةَ مَكِّيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَفِي الصَّحِيحِ { لَا يَنْفِرُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ } .

لَا كَالتَّنْعِيمِ ، وَإِنْ صَغِيرًا ، وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ .
( لَا ) يُنْدَبُ طَوَافُ الْوَدَاعِ لِمَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمَحَلٍّ قَرِيبٍ ( كَالتَّنْعِيمِ ) وَالْجِعْرَانَةِ مِمَّا دُونَ الْمِيقَاتِ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَسْكَنُهُ أَوْ يُرِيدَ الْإِقَامَةَ بِهِ طَوِيلًا فَيُنْدَبُ لَهُ الْوَدَاعُ إنْ كَانَ بَالِغًا .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( صَغِيرًا ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ابْنُ فَرْحُونٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا تَقْبِيلَ الْحَجَرِ عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَنَحْوُهُ لِسَنَدٍ .
وَفِي الْوَاضِحَةِ يُنْدَبُ تَقْبِيلُ الْحَجَرِ عَقِبَ طَوَافِ الْوَدَاعِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ .
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوهُ مَعَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ مَكَّةَ إنْ قَصَدَ التَّرَدُّدَ لَهَا فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ قَصَدَ مَسْكَنَهُ أَوْ إقَامَةً طَوِيلَةً فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ مُطْلَقًا وَإِنْ خَرَجَ لِاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ زِيَارَةِ أَهْلٍ نَظَرَ فَإِنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ وَدَّعَ ، وَإِنْ خَرَجَ لِدُونِهَا كَالتَّنْعِيمِ فَلَا وَدَاعَ .
( وَتَأَدَّى ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : حَصَلَ طَوَافُ الْوَدَاعِ ( بِالْإِفَاضَةِ وَ ) بِطَوَافِ ( الْعُمْرَةِ ) وَلَا يَكُونُ السَّعْيُ عَقِبَهُ طُولًا حَيْثُ لَمْ يَقُمْ بَعْدَهُمَا إقَامَةٌ تُبْطِلُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ وَيَحْصُلُ بِهِمَا ثَوَابُهُ إنْ نَوَاهُ بِهِمَا قِيَاسًا عَلَى تَأَدِّي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ بِالْفَرْضِ .

وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى .
( وَلَا يَرْجِعُ ) الْمُوَدِّعُ حَالَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ( الْقَهْقَرَى ) أَيْ : يُكْرَهُ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى لِعَدَمِ وُرُودِهِ فَيُقَبِّلُ الْحَجَرَ وَيَجْعَلُ ظَهْرَهُ لِلْبَيْتِ وَيَمْشِي مِشْيَةَ الْمُعْتَادِ وَالْأَدَبُ وَالْخُشُوعُ فِي الْقَلْبِ ، وَكَذَا فِي خُرُوجِهِ مِنْ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ .
.

وَتَبْطُلُ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ بِمَكَّةَ لَا بِشُغْلٍ خَفَّ ، وَرَجَعَ لَهُ ، إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ ، وَحُبِسَ الْكَرِيُّ ، وَالْوَلِيُّ : لِحَيْضٍ ، أَوْ نِفَاسٍ ، قَدْرَهُ ، وَقُيِّدَ إنْ أَمِنَ ، وَالرُّفْقَةُ فِي كَيَوْمَيْنِ .

( وَبَطَلَ ) طَوَافُ الْوَدَاعِ بِمَعْنَى طَلَبِهِ بِغَيْرِهِ وَإِنْ صَحَّ فِي نَفْسِهِ وَثَبَتَ ثَوَابُهُ بِفَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى ( بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ ) لَهُ بَالٌ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى سَاعَةٍ فَلَكِيَّةٍ ( بِمَكَّةَ ) فَإِنْ أَقَامَ خَارِجَهَا كَالْأَبْطَحِ وَذِي طُوًى فَلَا يَبْطُلُ ( لَا ) يَبْطُلُ إقَامَةٌ بِمَكَّةَ ( لِشُغْلٍ خَفَّ وَ ) إنْ تَرَكَهُ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ بَطَلَ حُكْمُهُ كَمَنْ أَتَى بِهِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ أَوْ لَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْهِ حَتَّى انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْ بَطَلَ كَوْنُهُ وَدَاعًا بِالْإِقَامَةِ بِمَكَّةَ وَخَرَجَ مِنْهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يَبْعُدْ ( رَجَعَ ) نَدْبًا ( لَهُ ) أَيْ : طَوَافُ الْوَدَاعِ ( إنْ لَمْ يَخَفْ فَوَاتَ أَصْحَابِهِ وَحُبِسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : مُنِعَ مِنْ السَّفَرِ ( الْكَرِيُّ ) أَيْ : الشَّخْصُ الَّذِي أَكْرَى دَابَّتَهُ لِمَرْأَةٍ .
( وَالْوَلِيُّ ) أَيْ : زَوْجُ الْمَرْأَةِ أَوْ مُحْرِمُهَا ( لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ ) حَصَلَ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ طَوَافِهَا لِلْإِفَاضَةِ وَصِلَةُ حُبِسَ قَوْلُهُ ( قَدْرَهُ ) أَيْ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ سَوَاءٌ عَلِمَ الْكَرِيُّ حَمْلَهَا أَمْ لَا حَمَلَتْ عِنْدَ الْكِرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَيْسَ هَذَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَلَا نَفَقَةَ دَابَّتِهِ ذَكَرَهُ الْمَوَّاقُ وَالْحَطّ .
زَادَ وَيُنْدَبُ لَهَا فِي النِّفَاسِ إعَانَتُهُ بِالْعَلَفِ لَا فِي الْحَيْضِ فَإِنْ مَضَى قَدْرُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارُ وَلَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا تَطُوفُ ؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى حَبْسِ كَرْيِهَا لَهَا مُعْتَادُ حَيْضِهَا وَالِاسْتِظْهَارِ ، فَإِنْ زَادَ دَمُهَا فَظَاهِرُهَا تَطُوفُ كَمُسْتَحَاضَةٍ وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ بِمَنْعِهِ وَفَسْخِ كِرَائِهَا كَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ طفي وَرِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ بِالِاحْتِيَاطِ بَعْدَ الِاسْتِظْهَارِ فِيمَا بَيْنَ عَادَتِهَا وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ فَظَهَرَ لِلْفَسْخِ وَعَدَمِ الطَّوَافِ وَجْهٌ وَهُوَ مُرَاعَاةُ رِوَايَةِ

ابْنِ وَهْبٍ فِي الِاحْتِيَاطِ .
ابْنُ شَاسٍ فَإِذَا زَادَ الدَّمُ مُدَّةَ الْحَبْسِ فَهَلْ تَطُوفُ أَوْ يُفْسَخُ الْكِرَاءُ قَوْلَانِ .
وَقُيِّدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : حُبِسَ الْكَرِيُّ وَالْوَلِيُّ لِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسِ الْمَرْأَةِ قَدْرَهُ ( إنْ أُمِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الطَّرِيقُ حَالَ رُجُوعِهَا بَعْدَ طُهْرِهَا وَطَوَافِهَا لِلْإِفَاضَةِ ، وَهَذَا الْقَيْدُ لِابْنِ اللَّبَّادِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ التُّونُسِيِّ ، فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ فَيُفْسَخُ الْكِرَاءُ اتِّفَاقًا قَالَهُ عِيَاضٌ ، وَلَا يُحْبَسُ كَرِيٌّ وَلَا وَلِيٌّ لِأَجْلِ طَوَافِهَا وَتَمْكُثُ وَحْدَهَا بِمَكَّةَ حَتَّى تَطْهُرَ وَتَطُوفَ إنْ أَمْكَنَهَا الْمُقَامُ بِهَا وَإِلَّا رَجَعَتْ لِبَلَدِهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَتَعُودُ فِي الْقَابِلِ .
سَنَدٌ أَمَّا أَهْلُ الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ الَّذِينَ لَا يَمُرُّونَ إلَّا حَمِيَّةً فَأَمْرٌ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانِ الْحَجِّ عَادَةً فَلَا يُحْبَسُ عَلَيْهَا بَعْدَهُ وَهِيَ كَالْمُحْصَرَةِ بِالْعَدُوِّ وَلَا يَلْزَمُهَا جَمِيعُ الْأُجْرَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُهَا ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْهَا فَسْخُ الْكِرَاءِ عِنْدَ عَدَمِ الْأَمْنِ بِعَارِضِ مَا سَيَأْتِي أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إلَّا فِي مَسَائِلَ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا .
وَالْقِيَاسُ أَنَّ لِلْكَرِيِّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ إنْ لَمْ تَجِدْ مَنْ يَرْكَبُ مَكَانَهَا ، وَهَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقَطِعْ دَمُهَا ، أَصْلًا وَإِلَّا اغْتَسَلَتْ وَطَافَتْ حَالَ انْقِطَاعِهِ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ .
هَذَا تَقْرِيرُ الْمَذْهَبِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ خُصُوصًا عَلَى مَنْ بِلَادُهَا بَعِيدَةٌ وَمُقْتَضَى يُسْرِ الدِّينِ ، أَمَّا تَقْلِيدُ مَا رَوَاهُ الْبَصْرِيُّونَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْقُدُومِ وَسَعَى وَرَجَعَ لِبَلَدِهِ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَإِنْ كَانَ خِلَافُ رِوَايَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ عَدَمَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَلَا شَكَّ أَنَّ عُذْرَ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ أَبْلَغُ مِنْ عُذْرِ الْجَاهِلِ وَالنَّاسِي .
وَأَمَّا تَقْلِيدُ

أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْحَائِضَ تَطُوفُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ فِي الطَّوَافِ الطَّهَارَةَ مِنْ حَدَثٍ وَلَا مِنْ خَبَثٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهَا بَدَنَةٌ وَيَتِمُّ حَجُّهَا الصِّحَّةُ طَوَافُهَا ، وَإِنْ أَثِمَتْ عِنْدَهُمَا أَوْ عِنْدَ أَحْمَدَ فَقَطْ بِدُخُولِهَا الْمَسْجِدَ حَائِضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .
( وَ ) حُبِسَتْ ( الرُّفْقَةُ ) مَعَ كَرِيِّهَا وَوَلِيِّهَا إنْ كَانَ يَزُولُ عُذْرُهَا ( فِي كَيَوْمَيْنِ ) لَعَلَّهُ مَعَ الْأَمْنِ كَمَا سَبَقَ وَلَا تُحْبَسُ الرُّفْقَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى كَيَوْمَيْنِ وَيُحْبَسُ الْكَرِيُّ وَحْدَهُ ، وَمُقْتَضِي مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ وَمُقْتَضَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْهُ إدْخَالٌ زَادَ عَلَيْهِمَا .

وَكُرِهَ رَمْيٌ بِمَرْمِيٍّ بِهِ : كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ : طَوَافُ الزِّيَادَةِ ، أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( رَمْيٌ بِ ) حَصَى ( مَرْمِيٍّ بِهِ ) مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي يَوْمِهِ أَوْ قَبْلَهُ فِي مِثْلِ مَا رَمَى فِيهِ أَوَّلًا كَحَجٍّ وَحَجَّ مُفْرِدًا فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَقَارِنًا فِي الْآخَرِ ، ظَاهِرُهُ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ فِي حَصَاةٍ وَاحِدَةٍ .
التُّونُسِيُّ وَيُعِيدُ نَدْبًا مَا لَمْ تَمْضِ أَيَّامُ الرَّمْيِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَخَفَّفَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ فِي ثَانِي عَامٍ وَالْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَقَطَتْ مِنِّي حَصَاةٌ فَلَمْ أَعْرِفْهَا فَرَمَيْت بِحَصَاةٍ مِنْ حَصَى الْجَمْرَةِ فَقَالَ لِي مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّهُ لَمَكْرُوهٌ وَمَا أَرَى عَلَيْك شَيْئًا .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَأَنْ يُقَالَ لِلْإِفَاضَةِ طَوَافُ الزِّيَارَةِ ) فَتُكْرَهُ التَّسْمِيَةُ الْمَذْكُورَةُ ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَهُوَ رُكْنٌ لَا تَخْيِيرَ فِيهِ وَلَا يَنْجَبِرُ بِالدَّمِ فَكَأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِكَذِبٍ ( أَوْ زُرْنَا قَبْرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ) وَكَذَا لَوْ سَقَطَ لَفْظُ قَبْرٍ قَالَهُ سَنَدٌ وَإِنَّمَا يُقَالُ قَصَدْنَاهُ أَوْ حَجَجْنَا إلَى قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعُلِّلَتْ الْكَرَاهَةُ بِأَنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ الْقُرْبِ فَلَا تَخْيِيرَ فِيهَا أَوْ ؛ لِأَنَّ لِلزَّائِرِ فَضْلًا وَرَدَّ عِيَاضٌ الثَّانِيَ بِحَدِيثِ زِيَارَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِرَبِّهِمْ ، وَبِحَدِيثِ { مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي } لَكِنْ لَا دَلِيلَ فِيهِ لِجَوَازِ إطْلَاقِ لَفْظِ الزِّيَارَةِ مِنْ غَيْرِهِ .

وَرُقِيُّ الْبَيْتِ ، أَوْ عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِنَعْلٍ ، بِخِلَافِ الطَّوَافِ وَالْحَجَرِ .
( وَ ) كُرِهَ ( رُقِيُّ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ : دُخُولِ ( الْبَيْتِ ) الْحَرَامِ لَا رُقِيُّ دَرَجَةٍ فَقَطْ ، وَسُمِّيَ دُخُولُهُ رُقِّيَا لِارْتِفَاعِ بَابِهِ ( أَوْ عَلَيْهِ ) أَيْ : عَلَى ظَهْرِهِ ( أَوْ عَلَى مِنْبَرِهِ ) أَيْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ الْمَوْجُودَ الْآنَ ( بِنَعْلٍ ) مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَمِثْلُهُ الْخُفُّ ، وَيَحْرُمُ وَضْعُ الْمُصْحَفِ عَلَى أَحَدِهِمَا لِعَظَمِ حُرْمَةِ الْقُرْآنِ .
الْمَوَّاقُ وَيُكْرَهُ جَعْلُ نَعْلِهِ بِالْبَيْتِ إذَا دَخَلَهُ لِلدُّعَاءِ وَلْيَجْعَلْهُ فِي حُجْرَتِهِ ( بِخِلَافِ الطَّوَافِ ) بِالْبَيْتِ ( وَ ) دُخُولُ ( الْحِجْرِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ بِنَعْلٍ مُحَقَّقِ الطَّهَارَةِ فَلَا يُكْرَهُ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَشْي بِهِ فِي السِّتَّةِ أَذْرُعٍ مِنْ الْحِجْرِ الَّتِي مِنْ الْبَيْتِ لِعَدَمِ تَوَاتُرٍ عَلَى رَأْيٍ .

وَإِنْ قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ ، لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَأَجْزَأَ السَّعْيُ عَنْهُمَا : كَمَحْمُولَيْنِ فِيهِمَا .

( وَإِنْ ) طَافَ حَامِلُ شَخْصٍ طَوَافًا وَاحِدًا وَ ( قَصَدَ بِطَوَافِهِ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ ) صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ أَوْ مَرِيضٌ وَاحِدًا وَمُتَعَدِّدٌ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ وَالْحَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ ( لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ) ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَهِيَ لَا تَكُونُ عَنْ اثْنَيْنِ ، كَذَا قَرَّرَهُ سَالِمٌ وَانْظُرْ إدْخَالَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نِيَّةَ الْمَرِيضِ عَنْ نَفْسِهِ ، وَالْحَامِلِ عَنْ نَفْسِهِ فَقَطْ ، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ مَعَ مَحْمُولِهِ صِحَّتُهُ فِي هَذِهِ عَنْ الْحَامِلِ فَقَطْ وَهُوَ الْقِيَاسُ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَبِعَ فِيهِ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَّرَهُ .
قَالَ الْحَطّ ظَاهِرُ الطِّرَازِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ عَنْهُمَا ، وَنَسَبَ الْمَوَّاقُ وَالتَّوْضِيحُ الْإِجْزَاءَ عَنْ الصَّبِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَوْلُهُ وَانْظُرْ إدْخَالَ إلَخْ تَبِعَ فِيهِ الْحَطّ وَنَصُّهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَحْمُولِ صَغِيرًا نَوَى الْحَامِلَ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ أَوْ كَبِيرًا يَنْوِي هُوَ لِنَفْسِهِ ، وَيَنْوِي الْحَامِلُ لِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ عب .
( وَأَجْزَأَ السَّعْيُ ) الَّذِي نَوَى بِهِ الْحَامِلُ نَفْسَهُ مَعَ مَحْمُولِهِ ( عَنْهُمَا ) أَيْ الْحَامِلِ وَمَحْمُولِهِ لِحِفَّتِهِ ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طَهَارَةٌ وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ ( كَمَحْمُولَيْنِ ) فَأَكْثَرَ لِشَخْصٍ طَافَ أَوْ سَعَى بِهِمَا وَنَوَى بِطَوَافِهِ أَوْ سَعْيِهِ عَنْهُمَا فَيُجْزِئُ ( فِيهِمَا ) أَيْ : الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ نِيَّتِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ مَحْمُولِهِ وَبَيْنَ نِيَّتِهِ عَنْ مَحْمُولَيْهِ أَنَّ الْمَحْمُولَيْنِ صَارَا بِمَنْزِلَةِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ بِالطَّوَافِ الْمَحْمُولَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَالْمُعْتَبَرُ طَهَارَةُ الْحَامِلِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ كَمَحْمُولَيْنِ إنْ كَانَ الْمَحْمُولُ فِي

الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَالْمُعْتَبَرُ طَهَارَةُ الْمَحْمُولِ لَا الْحَامِلِ

( فَصْلٌ ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْمَرْأَةِ : لُبْسُ قُفَّازٍ ، وَسَتْرُ وَجْهٍ : إلَّا لِسَتْرٍ بِلَا غَرْزٍ وَرَبْطٍ ، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ .

( فَصْلٌ ) فِي مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ وَالْحَرَمِ ( حَرُمَ بِ ) سَبَبِ ( الْإِحْرَامِ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فِيهِ أَوْ مَعَهُ وَالْأَوَّلُ وَالْأَخِيرُ يُفِيدَانِ أَنَّ مَبْدَأَ الْحُرْمَةِ مُجَرَّدُ الْإِحْرَامِ ، بِخِلَافِ الْوَسَطِ إذْ قَدْ يَكُونُ الظَّرْفُ أَوْسَعَ مِنْ مَظْرُوفِهِ ( عَلَى الْمَرْأَةِ ) وَلَوْ أَمَةً أَوْ صَغِيرَةً وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِوَلِيِّهَا ، وَمُحَرَّمَاتُ الْإِحْرَامِ : ضَرْبَانِ ضَرْبٌ غَيْرُ مُفْسِدٍ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ ، وَضَرْبٌ مُفْسِدٌ وَفِيهِ الْهَدْيُ كَالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ .
وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( لُبْسُ ) مُحِيطٍ بِيَدِهَا إحَاطَةً خَاصَّةً كَ ( قُفَّازٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ آخِرُهُ زَايٌ شَيْءٌ يُصْنَعُ بِهَيْئَةِ الْأَصَابِعِ وَالْكَفِّ ، خَصَّهُ لِلْخِلَافِ فِيهِ وَإِلَّا فَغَيْرُهُ مِمَّا يُحِيطُ بِالْيَدِ إحَاطَةً خَاصَّةً بِنَسْجٍ أَوْ خِيَاطَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا كَذَلِكَ ، وَكَذَا الْمُحِيطُ بِأُصْبُعٍ .
وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا سَتْرُ يَدِهَا بِغَيْرِ مُحِيطٍ كَخِمَارٍ وَمِنْدِيلٍ أَوْ بِمُحِيطٍ إحَاطَةً عَامَّةً كَإِدْخَالِ يَدِهَا فِي قَمِيصِهَا وَلُبْسُ بِضَمِّ اللَّامِ مَصْدَرُ لَبِسَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ ، وَأَمَّا مَفْتُوحُ اللَّامِ فَمَعْنَاهُ الْخَلْطُ .
وَفِعْلُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ } .
( وَ ) حَرُمَ عَلَى الْمَرْأَةِ ( سَتْرُ وَجْهٍ ) بِأَيِّ سَائِرِ مُحِيطٍ إحَاطَةً خَاصَّةً أَوْ لَا وَكَذَا بَعْضُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ فِي سَتْرِ بَعْضِ وَجْهِ الرَّجُلِ إلَّا مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ سَتْرُ رَأْسِهَا وَمَقَاصِيصِهَا الْوَاجِبُ ( إلَّا لِ ) قَصْدِ ( سَتْرٍ ) لِوَجْهِهَا عَنْ أَعْيُنِ الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا وَلَوْ الْتَصَقَ السَّاتِرُ بِوَجْهِهَا ، وَإِنْ عَلِمَتْ أَوْ ظَنَّتْ الِافْتِتَانَ بِكَشْفِ وَجْهِهَا وَجَبَ عَلَيْهَا سَتْرُهُ لِصَيْرُورَتِهِ عَوْرَةً حِينَئِذٍ ، فَلَا يُقَالُ كَيْفَ تَتْرُكُ الْوَاجِبَ وَهُوَ كَشْفُ وَجْهِهَا وَتَفْعَلُ

الْمُحَرَّمَ وَهُوَ سَتْرُهُ لِأَجْلِ أَمْرٍ لَا يُطْلَبُ مِنْهَا إذْ وَجْهُهَا لَيْسَ عَوْرَةً عَلَى أَنَّهَا مَتَى قَصَدَتْ السَّتْرَ عَنْ الرِّجَالِ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يَجِبُ الْكَشْفُ كَمَا يُفِيدُهُ الِاسْتِثْنَاءُ وَنَصُّهَا وَوَسَّعَ لَهَا مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنْ تَسْدُلَ رِدَاءَهَا مِنْ فَوْقِ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا إذَا أَرَادَتْ سَتْرًا ، فَإِنْ لَمْ تُرِدْ سَتْرًا فَلَا تَسْدُلُ ا هـ فَلَا يَرِدُ السُّؤَالُ أَصْلًا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْأَمْرَدِ سَتْرُ وَجْهِهِ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَيْهِ بِقَصْدِ التَّلَذُّذِ وَإِذَا لَمْ يَجِبْ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ فَفِي الْإِحْرَامِ أَوْلَى .
وَشَرْطُ جَوَازِ سَتْرِ وَجْهِ الْمَرْأَةِ لِقَصْدِ السَّتْرِ كَوْنُهُ ( بِلَا غَرْزٍ ) بِنَحْوِ إبْرَةٍ ( وَ ) بِ ( لَا رَبْطٍ ) لِطَرَفَيْ السَّاتِرِ عَلَى رَأْسِهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَبِسَتْ قُفَّازًا أَوْ سَتَرَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ قَصْدِ سَتْرٍ عَنْ الرِّجَالِ أَوْ غَرَزَتْ مَا سَتَرَتْهُ بِهِ أَوْ رَبَطَتْهُ ( فَ ) عَلَيْهَا ( فِدْيَةٌ ) إنْ انْتَفَعَتْ بِهِ أَوْ بِرَدٍّ أَوْ طَالَ .

وَعَلَى الرَّجُلِ مُحِيطٌ بِعُضْوٍ ، وَإِنْ بِنَسْجٍ أَوْ زَرٍّ أَوْ عَقْدٍ : كَخَاتَمٍ وَقَبَاءٍ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كُمًّا ، وَسَتْرُ وَجْهٍ أَوْ رَأْسٍ بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا : كَطِينٍ ، وَلَا فِدْيَةَ فِي سَيْفٍ ، وَإِنْ بِلَا عُذْرٍ وَاحْتِزَامٍ ، أَوْ اسْتِثْفَارٍ لِعَمَلٍ فَقَطْ .

( وَ ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ ( عَلَى الرَّجُلِ ) أَيْ : الذَّكَرِ وَلَوْ رَقِيقًا أَوْ صَبِيًّا وَتَتَعَلَّقُ الْحُرْمَةُ بِوَلِيِّهِ ( مُحِيطٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بِالْبَدَنِ كَقَمِيصٍ أَوْ ( بِعُضْوٍ ) كَالتَّاسُومَةِ وَالْقَبْقَابِ عَرِيضِ السَّيْرِ لَا الْمَدَاسِ رَقِيقِ السَّيْرِ وَإِنْ كَانَ مُحِيطًا لِلضَّرُورَةِ إنْ كَانَتْ إحَاطَتُهُ بِخِيَاطَةٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ إحَاطَتُهُ ( بِ ) سَبَبِ ( نَسْجٍ ) عَلَى صُورَةِ الْمَخِيطِ كَدِرْعِ حَدِيدٍ فَإِنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّيهِ مَنْسُوجًا .
وَشَرَابٌ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْمَنْسُوجُ بِالْإِبْرَةِ عَلَى هَيْئَةِ الرِّجْلِ وَالسَّاقِ أَوْ لَصْقِ لَبَدٍ عَلَى صُورَتِهِ أَوْ سَلْخِ جِلْدِ حَيَوَانٍ بِلَا شَقٍّ كَالْقِرْبَةِ وَلُبْسِهِ مُحِيطًا بِبَدَنَةِ أَوْ بَعْضِ أَعْضَائِهِ .
( أَوْ ) كَانَتْ إحَاطَتُهُ بِسَبَبِ ( زَرٍّ ) بِفَتْحِ الزَّايِ أَيْ : إدْخَالُ زِرٍّ بِكَسْرِ الزَّايِ فِي عُرْوَتِهِ كَاَلَّذِي يَجْعَلُهُ الْعَسْكَرِيُّ عَلَى سَاقِهِ وَيُزَرِّرُهُ ( أَوْ ) بِسَبَبِ ( عَقْدٍ ) يُرْبَطُ أَوْ تَخْلِيلٍ يَعُودُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُ بَدَنِهِ بِمَخِيطٍ غَيْرِ مُحِيطٍ كَإِزَارٍ مُرَقَّعٍ بِرِقَاعٍ وَبُرْدَةٍ مُلَفَّقَةٍ مِنْ شُقَّتَيْنِ ، وَكَارْتِدَاءٍ أَوْ ائْتِزَارٍ بِنَحْوِ قَمِيصٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ وَوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَالَ ( كَخَاتَمٍ ) فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الرَّجُلِ وَلَوْ فِضَّةً زِنَةَ دِرْهَمَيْنِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ ( وَقَبَاءٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ مَمْدُودًا وَمَقْصُورًا مُشْتَقٌّ مِنْ الْقُبُورِ وَهُوَ الضَّمُّ وَالْجَمْعُ سُمِّيَ بِهِ لِانْضِمَامِ أَطْرَافِهِ ، وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَهُ نَبِيُّ اللَّهِ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إنْ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي كُمَّيْهِ بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ كُمًّا ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْمِيمِ فِي يَدٍ بِشَرْطِ إدْخَالِ مَنْكِبَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي مَحَلِّهِ الْخَاصِّ الْمُحِيطِ بِهِ ، فَإِنْ جَعَلَ أَسْفَلَهُ عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَمْ يُدْخِلْ رِجْلَيْهِ فِي كُمَّيْهِ وَلَا إحْدَاهُمَا فَلَا يَحْرُمُ لِعَدَمِ

إحَاطَتِهِ حِينَئِذٍ وَفِي عِبَارَةِ الْمَتْنِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْ يَدَهُ كُمًّا أَوْ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ وَكُمًّا يَنْزِع الْخَافِضَ أَيْ : يَدَهُ فِي كُمٍّ .
( وَ ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ ( سَتْرُ وَجْهٍ ) جَمِيعِهِ وَأَمَّا بَعْضِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْفِدْيَةِ فِيهِ ، وَالثَّانِي عَدَمُ وُجُوبِهَا قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ : الْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ لِقَرْنِهِ بِالرَّأْسِ الْوَاجِبِ فِي تَغْطِيَةِ بَعْضِهِ الْفِدْيَةُ وَنَصُّ حَجِّهَا الثَّالِثُ وَإِحْرَامُ الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ وَرَأْسِهِ وَالْمَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَالذَّقَنُ مِنْهُمَا فِيهِ سَوَاءٌ لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَتِهِ لَهُمَا وَإِنْ غَطَّى الْمُحْرِمُ رَأْسَهُ أَوْ وَجْهَهُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا ، فَإِنْ نَزَعَهُ مِنْ مَكَانِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ تَرَكَهُ حَتَّى انْتَفَعَ بِهِ افْتَدَى ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْحَجِّ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُغَطِّيَ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا جَاءَ عَنْ عُثْمَانَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَفِي الثَّالِثِ مِنْهَا لَا بَأْسَ بِتَغْطِيَةِ الذَّقَنِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَفِيهِ أَيْضًا وَلَوْ نَامَ فَغَطَّى رَجُلٌ وَجْهَهُ أَوْ رَأْسَهُ أَوْ طَيَّبَهُ أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ ثُمَّ انْتَبَهَ فَلْيَنْزِعْ ذَلِكَ وَلْيَغْسِلْ الطِّيبَ عَنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَالْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ فَانْظُرْ كَيْفَ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ بِالنَّائِمِ إذَا غَطَّى وَجْهَهُ وَأَسْقَطَهَا عَنْ الذَّقَنِ وَعَمًّا فَوْقَ الذَّقَنِ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عُثْمَانَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ قَوْلَهُ مَا فَوْقَ الذَّقَنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ تَغْطِيَةَ جَمِيعِ الْوَجْهِ بَلْ مَا حَوَالِي الذَّقَنِ وَأَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ فِي مَنْعِ تَغْطِيَةِ الْوَجْهِ وَأَنَّ الْفِدْيَةَ فِي ذَلِكَ ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَقْرَبُ إلَى

لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ ا هـ .
فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِهَا الْعَامِّ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَتَأَمَّلْهُ .
وَنُقِلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَقَرَّهُ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ سَتْرُ وَجْهٍ إنْ سَتَرَ مَا أُسْدِلَ مِنْ لِحْيَتِهِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ .
وَبِهِ صَرَّحَ سَنَدٌ .
وَ ) أَيْ : حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الرَّجُلِ سَتْرُ ( رَأْسٍ ) وَصِلَةُ سَتْرُ ( بِمَا يُعَدُّ سَاتِرًا ) عُرْفًا وَلُغَةً بِقَرِينَةٍ قَوْلُهُ ( كَطِينٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ الْحَرَّ فَأَوْلَى غَيْرُهُ مِنْ عِمَامَةٍ وَخِرْقَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا أَوْ لِلتَّمْثِيلِ ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ سَاتِرًا فِي هَذَا الْبَابِ .
( وَلَا فِدْيَةَ ) عَلَيْهِ ( فِي ) تَقْلِيدِ ( سَيْفٍ ) بِعُنُقِهِ عَرَبِيٍّ أَوْ رُومِيٍّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَالْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْأَوَّلِ إذْ عَلَّاقَةُ الرُّومِيِّ عَرِيضَةٌ وَمُتَعَدِّدَةٌ فَهُوَ حَرَامٌ إنْ تَقَلَّدَ بِهِ لِعُذْرٍ بَلْ ( وَإِنْ ) تَقَلَّدَهُ ( بِلَا عُذْرٍ ) وَحَرُمَ وَوَجَبَ نَزْعُهُ فَوْرًا إنْ تَقَلَّدَهُ بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
أَحْمَدُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ السِّكِّينَ لَيْسَتْ كَالسَّيْفِ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا .
( وَ ) لَا فِدْيَةَ فِي ( احْتِزَامٍ ) بِثَوْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ خِلَافًا لتت .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ بِثَوْبِهِ أَوْ غَيْرِهِ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ قَوْلِهَا الْمُحْرِمُ لَا يَحْتَزِمُ بِحَبْلٍ أَوْ خَيْطٍ إذَا لَمْ يُرِدْ الْعَمَلَ فَإِنْ فَعَلَ افْتَدَى ، وَإِنْ أَرَادَ الْعَمَلَ فَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَحْتَزِمَ وَعَلَى ظَاهِرِهَا حَمَلَهَا أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا ، وَفِي الْجَوَاهِرِ وَافْتَدَى إنْ احْتَزَمَ بِحَبْلٍ أَوْ خَيْطٍ لِغَيْرِ عَمَلٍ فَإِنْ كَانَ لِعَمَلٍ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ، وَقَيَّدَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ الِاحْتِزَامَ بِكَوْنِهِ بِلَا عَقْدٍ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ

.
( وَ ) لَا فِدْيَةَ فِي ( اسْتِثْفَارٍ ) أَيْ لَيُّ طَرَفَيْ الْمِئْزَرِ بَيْنَ فَخِذَيْهِ وَغَرْزِهِمَا فِي وَسَطِهِ فَيَصِيرُ الْإِزَارُ كَالسَّرَاوِيلِ بِلَا عَقْدٍ ، فَإِنْ عَقَدَهُمَا فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ ( لِعَمَلٍ فَقَطْ ) قَيَّدَ فِي الِاحْتِزَامِ وَالِاسْتِثْفَارِ ، فَإِنْ كَانَا لِغَيْرِ عَمَلٍ فَفِيهِمَا الْفِدْيَةُ .
.

وَجَازَ خُفٌّ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ لِفَقْدِ نَعْلٍ أَوْ غُلُوِّهِ فَاحِشًا ، وَاتِّقَاءُ شَمْسٍ أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ ، أَوْ مَطَرٍ بِمُرْتَفِعٍ وَتَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ ، وَارْتِدَاءٌ بِقَمِيصٍ ، وَفِي كُرْهِ السَّرَاوِيلِ رِوَايَتَانِ

( وَجَازَ ) لِمُحْرِمٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( خُفٌّ ) أَيْ : لُبْسُهُ وَمِثْلُهُ جُرْمُوقٌ وَجَوْرَبٌ ( قُطِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ ثَنَى فِيمَا يَظْهَرُ ( أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ ) لِلرِّجْلَيْنِ سَوَاءٌ قَطَعَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ وَمِثْلُهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ ، وَنَقَلَ ابْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا ، وَالْآخَرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُغْتَفَرُ لِمَنْ قَطَعَهُ لَا لِمَنْ اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ .
وَحَكَى الشَّاذِلِيُّ الثَّانِي يُقْبَلُ وَالظَّاهِرُ الْإِطْلَاقُ ، وَشَرْطُ التَّرْخِيصِ فِي لُبْسِ الْخُفِّ الْمَقْطُوعِ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ كَوْنُ لُبْسِهِ ( لِفَقْدِ ) أَيْ : عَدَمِ وُجُودِ ( نَعْلٍ ) بِالْكُلِّيَّةِ ( أَوْ ) لِ ( غُلُوِّهِ ) أَيْ : النَّعْلِ غُلُوًّا ( فَاحِشًا ) بِأَنْ يَزِيدَ ثَمَنُهُ عَلَى قِيمَتِهِ الْمُعْتَادَةِ فَوْقَ ثُلُثِهَا فَلَوْ لَبِسَهُ لِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ، وَقَدْ قُطِعَ أَسْفَلَ مِنْ كَعْبٍ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ كَشُقُوقٍ بِرِجْلَيْهِ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اعْتِبَارُ الْفَقْدِ أَوْ الْغُلُوِّ حِينَ الْإِحْرَامِ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إعْدَادُهُ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ فَقْدَهُ عِنْدَهُ ، وَقَالَ سَنَدٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ إنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ .
( وَ ) جَازَ لَهُ ( اتِّقَاءُ شَمْسٍ ) عَنْ وَجْهِهِ ( أَوْ رِيحٍ بِيَدٍ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا وَأَوْلَى بِبِنَاءٍ أَوْ خِبَاءٍ أَوْ مَحَارَةٍ كَمَا يَأْتِي ( أَوْ مَطَرٍ ) وَمِثْلُهُ الْبَرْدُ عِنْدَ مَالِكٍ لَا ابْنِ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ( بِ ) شَيْءٍ ( مُرْتَفِعٍ ) عَنْ رَأْسِهِ مِنْ نَحْوِ ثَوْبٍ .
وَأَمَّا الْخَيْمَةُ فَيَجُوزُ الدُّخُولُ تَحْتَهَا بِلَا عُذْرٍ وَلَا يَلْصَقُ الْمُظَلِّلَ بِرَأْسِهِ وَاتِّقَاءٌ بِالْيَدِ أَوْلَى بِالْجَوَازِ وَلَا يَلْصَقُهَا بِرَأْسِهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ إنْ طَالَ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْيَدُ يَجُوزُ الِاتِّقَاءُ بِهَا مُرْتَفِعَةً وَمُتَّصِلَةً ؛ لِأَنَّهَا لَا تُعَدُّ سَاتِرًا عُرْفًا فَلَا فِدْيَةَ فِيهَا بِحَالٍ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ .
سَنَدٌ لَا بَأْسَ أَنْ يَسُدَّ أَنْفَهُ

مِنْ جِيفَةٍ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا مَرَّ بِطِيبٍ .
( وَ ) جَازَ ( تَقْلِيمُ ظُفْرٍ انْكَسَرَ ) نَحْوَهُ فِيهَا أَبُو إِسْحَاقَ وَاثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِتَأَذِّيه مِنْ كَسْرِهِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَلْمُهُ ، وَإِنْ قَلَّمَهُ جَرَى فِيهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَفِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ إلَخْ ، وَبِالِاقْتِصَارِ فِي تَقْلِيمِهِ عَلَى قَلْمِ مَا يَزُولُ بِقَلْمِهِ الضَّرَرُ كَقَطْعِ الْمُنْكَسِرِ وَمُسَاوَاتِهِ حَتَّى لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا يَمُرُّ عَلَيْهِ ، فَإِنْ زَادَ عَلَى هَذَا ضَمِنَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ انْكَسَرَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْكَسِرْ فَإِنْ كَانَ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى فَفِيهِ الْفِدْيَةُ وَإِلَّا فَحَفْنَةٌ كَمَا يَأْتِي هَذَا فِي الْوَاحِدِ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا ( وَ ) جَازَ ( ارْتِدَاءٌ ) وَائْتِزَارٌ ( بِقَمِيصٍ ) لِعَدَمِ إحَاطَتِهِ ( وَفِي كُرْهِ ) ارْتِدَاءِ ( السَّرَاوِيلِ ) لِقُبْحِ هَيْئَتِهِ وَجَوَازِهِ ( رِوَايَتَانِ ) وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِ الْكُرْهِ الْمُتَقَدِّمِ جَرَيَانُهُمَا فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ لُبْسُهُ لِمُحْرِمٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إزَارًا .
وَبَحَثَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي الرِّوَايَتَيْنِ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي مَنَاسِكِهِ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْجَوَازَ قَوْلٌ لِغَيْرِ الْإِمَامِ لَا رِوَايَةٌ عَنْهُ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ لَمْ يَجِدْ مِئْزَرًا فَلَا يَلْبَسُ السَّرَاوِيلَ وَلَوْ افْتَدَى ، وَفِيهِ جَاءَ النَّهْيُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ .
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْبَسُهُ وَيَفْتَدِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ { سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ وَيَقُولُ السَّرَاوِيلُ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ الْإِزَارَ ، وَالْخُفَّانِ لِمَنْ لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ } .
وَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُوَطَّإِ فِي السَّرَاوِيلِ لَمْ يَبْلُغْنِي هَذَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي نَصَّ الْإِمَامُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَبْلُغْهُ إذَا

قَالَ أَهْلُ الصِّنَاعَةِ إنَّهَا صَحَّتْ فَيَجِبُ عَلَى مُقَلِّدِي الْإِمَامِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْعَمَلُ بِهَا كَهَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثِ أَذِنَ الْإِمَامُ لِأَهْلِ الْعَوَالِي إذَا وَافَقَ الْعِيدُ الْجُمُعَةَ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَابْنَ غَازِيٍّ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي رِوَايَةِ رَبِيبَةِ مَعْنِ بْنِ عِيسَى قَالَ سَمِعْت مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَقُولُ إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أُخْطِئُ وَأُصِيبُ ، فَانْظُرُوا فِي رَأْيِي فَمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ ، وَمَا لَمْ يُوَافِقْ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ مِنْ ذَلِكَ فَاتْرُكُوهُ ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ كَانَ مَعْنٌ أَشَدَّ النَّاسِ مُلَازَمَةً لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَالَ الرَّازِيّ أَوْثَقُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَأَثْبَتُهُمْ مَعْنٌ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ وَهْبٍ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ الْحَمِيدِيُّ حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُ وَهُوَ مَعْنٌ ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالْحُمَيْدِيُّ وَابْنُ نُمَيْرٍ وَغَيْرُهُمْ وَأَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

وَتَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ وَخِبَاءٍ وَمَحَارَةٍ لَا فِيهَا : كَثَوْبٍ بِعَصَا ، فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ خِلَافٌ .

( وَ ) جَازَ ( تَظَلُّلٌ بِبِنَاءٍ ) كَحَائِطٍ وَسَقْفٍ ( وَخِبَاءٍ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودًا أَيْ خَيْمَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا يَثْبُتُ إلَّا زَمَنَ وُقُوفِ عَرَفَةَ فَيُكْرَهُ التَّظَلُّلُ مِنْ الشَّمْسِ قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ، وَلَعَلَّهُ لِتَكْثِيرِ الثَّوَابِ كَاسْتِحْبَابِ الْقِيَامِ بِهِ إلَّا لِتَعِبٍ .
الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ فِي الْمَنَاسِكِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ النَّوَادِرِ وَانْظُرْهُ مَعَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْمَنْعُ لَا الْكَرَاهَةُ ؛ وَنَصُّهُ مِنْ النَّوَادِرِ وَلَا يَسْتَظِلُّ فِي الْبَحْرِ وَلَا يَوْمَ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا فَيَفْتَدِي .
الْمَازِرِيُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الرِّيَاشِيِّ قُلْت لِابْنِ الْمُعَدَّلِ ضَاحِيًا فِي شِدَّةِ حَرٍّ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي هَذَا فَلَوْ أَخَذْت بِالتَّوْسِعَةِ فَقَالَ : ضَحَّيْت لَهُ كَيْ أَسْتَظِلَّ بِظِلِّهِ إذْ الظِّلُّ أَضْحَى فِي الْقِيَامَةِ قَالِصَا فَيَا أَسَفَا إنْ كَانَ سَعْيُك بَاطِلًا وَيَا حَسَرَتَا إنْ كَانَ حَجُّك نَاقِصَا ( وَ ) بِ ( مَحَارَةٍ ) فِي الْقَامُوسِ الْمَحَارَةُ شِبْهُ الْهَوْدَجِ قَالَ وَالْهَوْدَجُ مَرْكَبٌ لِلنِّسَاءِ .
عب وَهِيَ الشِّقَّةُ وَمِثْلُهَا الْمُوهِيَةُ تت يَجُوزُ تَظَلُّلُهُ بِالشِّقَّةِ عَلَى الْأَرْضِ وَكَذَا سَائِرَةٌ عب وَكَذَا يَجُوزُ تَحْتَهَا بِأَنْ يَكُونَ دَاخِلَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا الْبَنَوْفَرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ ، وَإِنْ قَالَ الْحَطّ إنَّهُ خِلَافُ مَا لِلَّخْمِيِّ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَقَالَ أَيْضًا يَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِالبَلَالِيجِ وَالدُّخُولُ فِيهَا وَهِيَ بُيُوتٌ تُجْعَلُ فِي الْمَرْكَبِ الْكَبِيرِ وَبِشِرَاعِهَا يُوزَنُ كِتَابٌ أَيْ : قَلْعُهَا ا هـ .
وَيَجُوزُ دُخُولُ الْمُحْرِمِ فِي الْمِحَفَّةِ قِيَاسًا عَلَى الْبَلَالِيجِ وَلَوْ لَمْ يَرْفَعْ الْجُوخَ الَّذِي عَلَيْهَا وَعَلَى مَا لِلَّخْمِيِّ إنْ لَمْ يَكْشِفْ الْمَحَارَةَ افْتَدَى .
وَظَاهِرُ كَلَامِهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ جَمِيعِهَا وَفَهِمَهُ بَعْضُهُمْ .
وَقَالَ آخَرُ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا فَوْقَهَا دُونَ كَشْفِ جَوَانِبِهَا ؛

لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ بَابِ الِاسْتِظْلَالِ بِجَانِبِ الْمَحَلِّ وَهُوَ جَائِزٌ .
فَقَوْلُهُ ( لَا فِيهَا ) مَعْنَاهُ عَلَى مَا لِابْنِ فَرْحُونٍ لَا يَجُوزُ التَّظَلُّلُ بِشَيْءٍ زَائِدٍ حَالَ كَوْنِهِ فِيهَا أَيْ : الْمَحَارَةِ وَلَوْ مِنْ مَطَرٍ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَذَلِكَ كَالسَّاتِرِ غَيْرِ الْمُسَمَّرِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحِمْلِ الْمُغَطَّى .
وَأَمَّا مَا سُمِّرَ أَوْ خِيطَ فَيَجُوزُ التَّظَلُّلُ فِيهَا وَهُوَ عَلَيْهَا وَلَا يُطْلَبُ بِنَزْعِهِ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْخَيْمَةِ .
وَنَصُّ ابْنِ فَرْحُونٍ إنَّمَا يَضُرُّ مَا غُطِّيَتْ بِهِ ، وَأَمَّا مَا عَلَيْهَا مِنْ لَبَدٍ فَلَا يَضُرُّ ، وَيَجُوزُ الرُّكُوبُ فِيهَا ؛ لِأَنَّهَا كَالْبَيْتِ وَالْخَيْمَةِ انْتَهَى ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ دُخُولِ الْمِحَفَّةِ .
وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْجُوخَ عَنْهَا وَبَيْنَ الشِّقَّةِ إنْ لَمْ يَرْفَعْ عَنْهَا غَيْرَ الْمُسَمَّرِ أَنَّ الشُّقَّةَ تَقِي الْحَرَّ وَالْبَرْدَ وَالْمَطَرَ بِمُجَرَّدِ مَا سُمِّرَ عَلَيْهَا ، بِخِلَافِ الْمِحَفَّةِ فَإِنَّهَا لَا تَقِيهِمَا بِغَيْرِ جَعْلِ الْجُوخِ عَلَيْهَا فَكَأَنَّهُ مُسَمَّرٌ عَلَيْهَا انْتَهَى عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَهِيَ الشِّقَّةُ بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ إحْدَى شِقَّتِي الْمَحْمَلِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْمَحْمَلُ شُقَّتَانِ عَلَى الْبَعِيرِ يُحْمَلُ فِيهِمَا الْعَدِيلَانِ .
قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ نَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الِاسْتِظْلَالِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمَحْمَلِ وَهُوَ فِيهِ بِأَعْوَادٍ قَوْلَانِ ، احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِأَعْوَادٍ مِمَّا لَوْ كَانَ الْمَحْمَلُ مَقْبِيًّا كَالْمَحَارَةِ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْبِنَاءِ وَالْأَخْبِيَةِ ، فَيَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ .
قَالَ الْحَطّ عَقِبَهُ وَلَهُ وَجْهٌ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ خِلَافُهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَثَوْبٍ ) يُرْفَعُ ( بِعَصًا ) أَيْ : عَلَيْهَا أَوْ عَلَى أَعْوَادٍ فَلَا يَجُوزُ سَاتِرًا اتِّفَاقًا وَلَا نَازِلًا عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْخِبَاءِ .
الْحَطّ هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّهُ

إذَا رَبَطَ الثَّوْبَ بِأَوْتَادٍ وَحِبَالٍ حَتَّى صَارَ كَالْخِبَاءِ الثَّابِتِ فَالِاسْتِظْلَالُ بِهِ جَائِزٌ .
( فَفِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ ) فِي التَّظَلُّلِ فِي الْمَحَارَةِ أَوْ بِثَوْبٍ بِعَصًا وَنَدْبِهَا ( خِلَافٌ ) تَعَقَّبَهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يُرَ مِنْ شَهْرٍ الْقَوْلَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ .
قُلْت ذَكَرَ فِي مَنَاسِكِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ وُجُوبُهَا .
وَنُقِلَ عَنْ مَنَاسِكِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ الْأَصَحَّ اسْتِحْبَابُهَا ، فَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هَذَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُجُوبِ وَالِاسْتِحْبَابِ لَا فِي الْوُجُوبِ وَالسُّقُوطِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .

وَحَمْلٌ لِحَاجَةٍ أَوْ فَقْرٍ بِلَا تَجْرٍ ، وَإِبْدَالُ ثَوْبِهِ أَوْ بَيْعُهُ ، بِخِلَافِ غَسْلِهِ ، إلَّا لِنَجَسٍ فَبِالْمَاءِ فَقَطْ ، وَبَطُّ جُرْحِهِ ، وَحَكُّ مَا خَفِيَ بِرِفْقٍ ، وَفَصْدٌ إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ ، وَشَدُّ مِنْطَقَةٍ لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ ، وَإِضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ ، وَإِلَّا فَفِدْيَةٌ : كَعَصْبِ جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ ، أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ : كَدِرْهَمٍ أَوْ لَفِّهَا عَلَى ذَكَرٍ ، أَوْ قُطْنَةٍ بِأُذُنَيْهِ ، أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ ، أَوْ تَرْكِ ذِي نَفَقَةٍ ذَهَبَ ؛ أَوْ رَدِّهَا لَهُ .

( وَ ) جَازَ لِمُحْرِمٍ ( حَمْلٌ ) لِخُرْجِهِ أَوْ جِرَابِهِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ وِقْرِهِ الَّذِي فِيهِ مَتَاعُهُ عَلَى ظَهْرِهِ مَشْدُودًا حَبْلُهُ عَلَى صَدْرِهِ بِكَسْرِ الْوَاوِ الْمَحْمَلُ ( لِحَاجَةٍ ) أَيْ احْتِيَاجٍ لِلْحَمْلِ وَلَوْ غَنِيًّا حَيْثُ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ ، أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَجِدْ أُجْرَةً ( أَوْ فَقْرٍ ) يَحْمِلُ لِنَفْسِهِ بِسَبَبِهِ حُزْمَةَ حَطَبٍ مَثَلًا يَتَمَعَّشُ بِثَمَنِهَا أَوْ لِغَيْرِهِ بِأُجْرَةٍ لِعَيْشِهِ ( بِلَا تَجْرٍ ) وَلَا يَجُوزُ لِحَمْلِهِ لِغَيْرِهِ لِغَيْرِ عَيْشِهِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَلَا غَنِيٌّ لِنَفْسِهِ بُخْلًا بِأُجْرَتِهِ ، فَإِنْ حَمَلَ افْتَدَى .
أَشْهَبُ مَا لَمْ يَكُنْ تَجْرُهُ لِعَيْشِهِ كَالْعَطَّارِ الْمُصَنِّفِ فِي مَنْسَكِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ وَكَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ يُفِيدُ أَنَّهُ خِلَافٌ .
( وَ ) جَازَ ( إبْدَالُ ) جِنْسِ ( ثَوْبِهِ ) أَيْ الْمُحْرِمِ الَّذِي أَحْرَمَ فِيهِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَلَوْ تَعَدَّدَ أَوْ نَوَى بِذَلِكَ طَرْحَ الدَّوَابِّ الَّتِي فِيهِ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شُعُوثَةُ لِبَاسِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " رَأَى نَزْعَ ثَوْبِهِ بِقَمْلِهِ بِمَثَابَةِ مَنْ ارْتَحَلَ مِنْ بَيْتٍ وَأَبْقَاهُ بِبَقِّهِ حَتَّى مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ .
وَأَمَّا نَقْلُ الدَّوَابِّ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي يُرِيدُ طَرْحَهُ مِنْ جَسَدِهِ أَوْ ثَوْبِهِ الَّذِي عَلَيْهِ فَهُوَ كَطَرْحِهَا ( أَوْ بَيْعُهُ ) أَيْ ثَوْبِ الْمُحْرِمِ وَلَوْ لِإِذَايَةِ قَمْلِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّهُ كَطَرْدِ الصَّيْدِ مِنْ الْمُحْرِمِ ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ طَرْدَ الصَّيْدِ إخْرَاجٌ لِغَيْرِ مَأْمَنٍ ، وَالْقَمْلُ يَجُوزُ قَتْلُهُ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبَعْدَهُ .
مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُلَ الْقَمْلَةَ مِنْ مَكَان مِنْ بَدَنِهِ أَوْ ثَوْبِهِ إلَى مَكَان آخَرَ مِنْهُ وَإِنْ سَقَطَتْ مِنْ رَأْسِهِ قَمْلَةٌ فَلْيَدَعْهَا وَلَا يَرُدَّهَا فِي مَكَانِهَا .
وَسُئِلَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ الْمُحْرِمِ يَجِدُ عَلَيْهِ

الْبَقَّةَ وَمَا أَشْبَهَهَا فَيَأْخُذُهَا فَتَمُوتُ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي هَذَا .
( بِخِلَافِ غَسْلِهِ ) أَيْ : ثَوْبِ الْمُحْرِمِ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ بَلْ لِتَرَفُّهٍ أَوْ وَسَخٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَيُكْرَهُ عَلَى ظَاهِرِهَا حَيْثُ شَكَّ فِي قَمْلِهِ ، قَالَ قَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ مَا فِيهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ قَمْلُهُ مُنِعَ غَسْلَهُ لِمَا ذُكِرَ فَإِنْ غَسَلَهُ وَقَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ مَا فِيهِ ( إلَّا ) غَسْلَهُ ( لِنَجَسٍ ) أَصَابَهُ ( فَ ) يَجُوزُ ( بِالْمَاءِ فَقَطْ ) لَا بِنَحْوِ صَابُونٍ .
وَلَوْ شَكَّ فِي قَمْلِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ حِينَئِذٍ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
وَفِي الطِّرَازِ يُنْدَبُ إطْعَامُهُ وَلَا يَجُوزُ بِنَحْوِ صَابُونٍ فَإِنْ غَسَلَهُ بِهِ وَقَتَلَ شَيْئًا أَخْرَجَ وَاجِبَهُ .
فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُ قَمْلِهِ جَازَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِنَحْوِ صَابُونٍ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ .
الْبُنَانِيُّ صَرَّحَتْ الْمُدَوَّنَةُ بِكَرَاهَةِ غَسْلِهِ لِغَيْرِ نَجَاسَةٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ : إنَّهَا عَلَى بَابِهَا وَتَعَقَّبَا بِذَلِكَ ظَاهِرَ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ .
الْحَطّ ظَاهِرُ الطِّرَازِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ فَيَسْقُطُ تَعَقُّبُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) جَازَ ب ( بَطُّ جُرْحِهِ ) أَيْ : فَتْحُهُ وَإِخْرَاجُ مَا فِيهِ بِعَصْرٍ وَنَحْوِهِ ، وَكَذَا وَضْعُ لَزْقَةٍ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الدُّمَّلُ وَنَحْوُهُ لِحَاجَتِهِ لَهُ ( وَ ) جَازَ ( حَكُّ مَا خَفِيَ ) عَلَيْهِ مِنْ جَسَدِهِ كَرَأْسِهِ وَظَهْرِهِ ( بِرِفْقٍ ) يَأْمَنُ مَعَهُ قَتْلَ الدَّوَابِّ وَطَرْحَهَا وَكُرِهَ بِشِدَّةٍ وَأَمَّا مَا يَرَاهُ فَلَهُ حَكُّهُ وَإِنْ أَدْمَاهُ ( وَ ) جَازَ ( فَصْدٌ ) لِحَاجَةٍ كَمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا كُرِهَ ( إنْ لَمْ يَعْصِبْهُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ فَإِنْ عَصَبَهُ وَلَوْ لِضَرُورَةٍ افْتَدَى .
( وَ ) جَازَ ( شَدُّ مِنْطَقَةٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ ابْنُ فَرْحُونٍ

أَيْ : هِمْيَانٍ مِثْلِ الْكِيسِ تُجْعَلُ الدَّرَاهِمُ فِيهِ وَشَدُّهَا جَعْلُ سُيُورِهَا فِي ثُقْبِهَا أَوْ فِيمَا يُقَالُ لَهُ إبْزِيمٌ ، رَوَى الْبَاجِيَّ مُسَاوَاةَ كَوْنِهَا مِنْ جِلْدٍ أَوْ خُرْقٍ فَإِنْ عَقَدَهَا افْتَدَى وَشَرْطُ جَوَازِ شَدِّهَا كَوْنُهُ ( لِنَفَقَتِهِ عَلَى جِلْدِهِ ) أَيْ الْمُحْرِمِ تَحْتَ إزَارِهِ ، وَالْهِمْيَانُ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَتَقْدِيمِ الْمِيمِ عَلَى الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ .
ابْنُ حَجَرٍ يُشْبِهُ تِكَّةَ السَّرَاوِيلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا بَأْسَ بِرَبْطِ مِنْطَقَتِهِ تَحْتَ إزَارِهِ وَجَعْلِ سُيُورِهَا فِي ثُقْبِهَا .
( وَ ) جَازَ ( إضَافَةُ نَفَقَةِ غَيْرِهِ ) لِنَفَقَتِهِ الَّتِي فِي مِنْطَقَتِهِ الَّتِي شَدَّهَا عَلَى جِلْدِهِ ، بِأَنْ يُودِعَهُ رَجُلٌ نَفَقَتَهُ بَعْدَ شَدِّهَا لِنَفَقَةِ نَفْسِهِ فَيَجْعَلُهَا مَعَهَا بِلَا مُوَاطَأَةٍ عَلَى الْإِضَافَةِ قَبْلَ شَدِّهَا وَرُبَّمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ ؛ لِأَنَّ الْمُوَاطَأَةَ عَلَى الْمَمْنُوعِ مَمْنُوعَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَشُدَّهَا لِنَفَقَتِهِ بِأَنْ شَدَّهَا فَارِغَةً أَوْ لِمَالِ تِجَارَةٍ أَوْ لَهُ وَلِنَفَقَتِهِ أَوْ فَوْقَ إزَارِهِ أَوْ لِنَفَقَةِ غَيْرِهِ أَوْ تَجْرِ غَيْرِهِ ، أَوْ لِنَفَقَتِهِ وَإِضَافَةُ تَجْرِ غَيْرِهِ أَوْ شَدُّهَا لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ غَيْرِهِ مَعًا ابْتِدَاءً ، أَوْ شَدُّهَا مُجَرَّدَةً عَنْ قَصْدِهِ ( فَفِدْيَةٌ ) فِي هَذِهِ الصُّوَرِ وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ أُمُورًا جَائِزَةً فَقَالَ ( كَعَصْبِ جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ ) لَعَلَّهُ بِخِرْقَةٍ وَلَوْ صَغِيرَةً ؛ لِأَنَّ الْعَصْبَ مَظِنَّةُ الْكِبَرِ .
وَفَصَلَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي الْعَصْبِ بَيْنَ الْخِرَقِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ كَمَا فِي اللَّصْقِ .
وَفَرَّقَ التُّونُسِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْعَصْبَ وَالرَّبْطَ أَشَدُّ مِنْ اللَّصْقِ إذْ لَا بُدَّ فِيهِمَا مِنْ حُصُولِ شَيْءٍ عَلَى الْجِسْمِ الصَّحِيحِ بِخِلَافِ اللَّصْقِ ، وَلِذَا صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّ صَغِيرَ خِرَقِ الْعَصْبِ وَالرَّبْطِ كَكَبِيرِهَا .
أَوْ لَصْقِ خِرْقَةٍ ) عَلَى جُرْحِهِ أَوْ رَأْسِهِ ( كَدِرْهَمٍ ) بِغَلْيٍ بِمَوْضِعٍ أَوْ

مَوَاضِعَ لَوْ جُمِعَتْ كَانَتْ قَدْرَهُ .
وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي جَمْعِهِ مِنْ مَوَاضِعَ وَلَا فِدْيَةَ فِي لَصْقِ خِرْقَةٍ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ .
ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ خَاصٌّ بِجِرَاحِ الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ يَجِبُ كَشْفُهُمَا كَمَا عَلَّلَ بِهِ التُّونُسِيُّ ( أَوْ لَفِّهَا ) أَيْ : الْخِرْقَةِ ( عَلَى ذَكَرٍ ) لِمَنْعِ مَنِيٍّ أَوْ مَذْيٍ أَوْ وَدْيٍ أَوْ بَوْلٍ مِنْ وُصُولِهِ لِثَوْبٍ ، بِخِلَافِ جَعْلِ ذَكَرِهِ فِيهَا عِنْدَ نَوْمِهِ بِلَا لَفٍّ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ ، فَإِنْ جَعَلَهُ فِي كِيسٍ فَالْفِدْيَةُ بِالْأَوْلَى .
( أَوْ ) جَعْلِ ( قُطْنَةٍ ) وَلَوْ بِلَا طِيبٍ أَوْ صَغِيرَةً ( بِأُذُنَيْهِ ) أَوْ إحْدَاهُمَا ، وَعُورِضَ هَذَا بِعَدَمِ الْفِدْيَةِ بِلَصْقِ خِرْقَةٍ دُونَ دِرْهَمٍ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا لِعِظَمِ النَّفْعِ بِهِ أُعْطِيَ حُكْمَ الْكَبِيرِ ( أَوْ قِرْطَاسٍ بِصُدْغَيْهِ ) أَوْ بِوَاحِدٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ ، وَلَعَلَّ نُكْتَةَ ذِكْرِهِ كَوْنُ حُكْمِهِ غَيْرَ مُقَيَّدٍ بِالْكِبَرِ لِعِظَمِ نَفْعِهِ ( أَوْ تَرْكِ ذِي ) أَيْ : صَاحِبِ ( نَفَقَةٍ ) مُضَافَةٍ لِنَفَقَتِهِ فِي مِنْطَقَتِهِ الْمَشْدُودَةِ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى ( ذَهَبَ ) بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ وَلَمْ يَرُدَّهَا لَهُ عَالِمًا بِإِرَادَتِهِ الذَّهَابَ وَأَبْقَى الْمِنْطَقَةَ مَشْدُودَةً عَلَى جِلْدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَهَابِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ .
وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ هُنَا أَنَّ عَدَمَ إضَافَتِهَا لِنَفَقَتِهِ مَالًا كَعَدَمِ إضَافَتِهَا لَهَا ابْتِدَاءً ( أَوْ ) تَرْكِ ( رَدِّهَا ) أَيْ : نَفَقَةِ الْغَيْرِ ( لَهُ ) وَإِبْقَائِهَا عَلَى جِلْدِهِ بَعْدَ فَرَاغِ نَفَقَتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ مَعَهُ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ .

وَلِمَرْأَةٍ خَزٌّ وَحُلِيٌّ وَكُرِهَ شَدُّ نَفَقَتِهِ بِعَضُدِهِ أَوْ فَخِذِهِ ، وَكَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ ، وَمَصْبُوغٌ لِمُقْتَدًى بِهِ ، وَشَمٌّ كَرَيْحَانٍ ، وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ ، وَاسْتِصْحَابُهُ

( وَ ) جَازَ ( لِلْمَرْأَةِ خَزٌّ ) أَيْ لُبْسُهُ وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَكَذَا حَرِيرٌ فَحُكْمُهَا فِي اللِّبَاسِ حُكْمُهَا حَلَالًا إلَّا فِي وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا عَلَى مَا سَبَقَ ( وَحُلِيٌّ ) يَشْمَلُ الْخَوَاتِمَ فَلَهَا لُبْسُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ وَإِنْ سَتَرَتْ بَعْضَ أَصَابِعِهَا نَقَلَهُ الْحَطّ ضِدُّ قَوْلِهِ كَخَاتَمٍ خِلَافًا لِابْنِ عَاشِرٍ .
( وَكُرِهَ ) وَبِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( شَدُّ نَفَقَتِهِ ) الَّتِي فِي مِنْطَقَتِهِ ( بِعَضُدِهِ أَوْ فَخِذِهِ ) أَوْ سَاقِهِ وَلَا فِدْيَةَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ( وَ ) كُرِهَ ( كَبُّ رَأْسٍ عَلَى وِسَادَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ التَّرَفُّهِ وَصَوَابُهُ إبْدَالُ رَأْسٍ بِوَجْهٍ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ اسْمَ الرَّأْسِ يُطْلَقُ عَلَى الْعُضْوِ بِتَمَامِهِ فَهِيَ مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ الَّذِي هُوَ الْوَجْهُ بِاسْمِ كُلِّهِ ، وَلَا يَخْتَصُّ الْكُرْهُ بِالْمُحْرِمِ لِقَوْلِ الْجُزُولِيِّ النَّوْمُ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ النَّارِ وَالشَّيْطَانِ ، وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ خَدِّ الْمُحْرِمِ عَلَيْهَا وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ شَاسٍ بِتَوَسُّدِهِ جَائِزٌ .
( وَ ) كُرِهَ ( مَصْبُوغٌ ) بِعُصْفُرٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا طِيبَ فِيهِ ، وَيُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ كَالزَّعْفَرَانِ وَالْوَرْسِ ( لِ ) مُحْرِمٍ ( مُقْتَدًى بِهِ ) مِنْ إمَامٍ وَعَالِمٍ وَحَاكِمٍ غَيْرِ مُقَدَّمٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ، فَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا وَهُوَ الَّذِي صُبِغَ بِالْعُصْفُرِ مِرَارًا حَتَّى صَارَ ثَخِينًا قَوِيًّا شَدِيدَ الْحُمْرَةِ فَيَحْرُمُ لُبْسُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، وَفِيهِ الْفِدْيَةُ كَالْمُطَيَّبِ .
وَكُرِهَ الْمَصْبُوغُ بِقَيْدِهِ لِلْمُقْتَدَى بِهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجَاهِلُ بِفِعْلِهِ إلَى لُبْسِ الْمُطَيَّبِ تَأَسِّيًا بِالْمُقْتَدَى بِهِ لِظَنِّهِ أَنَّ مَلْبُوسَهُ مُطَيَّبٌ وَأَنَّهُ جَائِزٌ ، وَالتَّقْيِيدُ بِمَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الْمَصْبُوغِ بِالطِّيبِ لِإِخْرَاجِ مَا لَا يُشْبِهُ لَوْنُهُ لَوْنَ الطِّيبِ كَالْأَسْوَدِ وَالْأَخْضَرِ فَيَجُوزُ لُبْسُهُ

لِلْمُحْرِمِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ ، خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ التِّلِمْسَانِيِّ وَالْقَرَافِيِّ مِنْ كَرَاهَةِ مَا سِوَى الْأَبْيَضِ لِمُقْتَدًى بِهِ .
وَتَقْيِيدُنَا الْكَرَاهَةَ بِالْإِحْرَامِ لِإِخْرَاجِ غَيْرِ الْمُحْرِمِ فَيَجُوزُ لَهُ لُبْسُ الْمُزَعْفَرِ وَالْمُورِسِ وَالْمُعَصْفَرِ غَيْرِ الْمُقَدَّمِ .
وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ فَصَرَّحَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِكَرَاهَتِهِ لِلرِّجَالِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَخَبَرُ نَهْيٍ عَنْ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ حَمَلَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى تَلْطِيخِ الْجَسَدِ بِزَعْفَرَانٍ .
اللَّخْمِيُّ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا وَالْعِمَامَةَ بِالزَّعْفَرَانِ .
( وَ ) كُرِهَ ( شَمٌّ كَرَيْحَانٍ ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُذَكَّرٍ وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَلَا يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ كَيَاسَمِينٍ وَوَرْدٍ ، وَكَذَا شَمُّ مُؤَنَّثِهِ بِلَا مَسٍّ بِالْأَوْلَى وَهُوَ مَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ تَعَلَّقَا شَدِيدًا كَالزَّبَدِ وَالْمِسْكِ وَالزَّعْفَرَانِ .
( وَ ) كُرِهَ ( مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ ) مُؤَنَّثٌ ( وَ ) كَذَا يُكْرَهُ ( اسْتِصْحَابُهُ ) أَيْ : الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ وَسَيَذْكُرُ حُرْمَةَ مَسِّهِ بِقَوْلِهِ وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ ، وَلَا يُكْرَهُ مُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ مُذَكَّرٌ بِحَيْثُ لَا يَشُمُّهُ وَلَا يُكْرَهُ اسْتِصْحَابُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ ، وَهَذِهِ مَفْهُومُهُ مِنْ قَوْلِهِ شَمٌّ ، فَأَقْسَامُ الْمُؤَنَّثِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ مَكْرُوهَةٌ وَهِيَ شَمُّهُ بِلَا مَسٍّ وَاسْتِصْحَابُهُ وَالْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَوَاحِدٌ مُحَرَّمٌ وَهُوَ مَسُّهُ .
وَأَقْسَامُ الْمُذَكَّرِ أَرْبَعَةٌ ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْمُكْثُ بِمَكَانِهِ وَاسْتِصْحَابُهُ وَمَسُّهُ بِلَا شَمٍّ ، وَوَاحِدٌ مَكْرُوهٌ وَهُوَ شَمُّهُ ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَمُكْثٌ بِمَكَانٍ بِهِ طِيبٌ الْبَيْتُ الشَّرِيفُ ؛ لِأَنَّ الْقُرْبَ مِنْهُ قُرْبَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطِّيبِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ

قَالَهُ تت هُنَا .
وَذَكَرَ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ عِنْدَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَتَجْتَنِبُ أَيْ : الْمُعْتَدَّةُ الطِّيبَ كُلَّهُ مُذَكَّرَهُ وَهُوَ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَتْ رَائِحَتُهُ كَالْوَرْدِ ، وَمُؤَنَّثَهُ وَهُوَ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَته كَالْمِسْكِ انْتَهَى ، وَهُوَ أَقْرَبُ مِمَّا لتت .
وَقَوْلُهُ فِي الْمُذَكَّرِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ذَلِكَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْوَرْدَ لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ .
قَوْلُهُ فِي الْمُؤَنَّثِ مَا خَفِيَ لَوْنُهُ أَيْ : الْغَالِبُ خَفَاءُ لَوْنِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ كَالزَّعْفَرَانِ .
وَقَوْلُهُ وَظَهَرَتْ رَائِحَتُهُ أَيْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْهُ ظُهُورُهَا كَالْمِسْكِ أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ كَوْنُ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ مَكْرُوهًا كَشَمِّ الْمُذَكَّرِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، لَكِنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَرَاهَةِ شَمِّ الْمُذَكَّرِ بِمَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ شَمِّ الْمُؤَنَّثِ ، وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِلْمَذْهَبِ .
الْقَلْشَانِيُّ اُخْتُلِفَ فِي شَمِّ الْمُؤَنَّثِ كَالْمِسْكِ دُونَ مَسٍّ هَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ مَكْرُوهٌ ، وَعَنْ الْبَاجِيَّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَابْنُ الْقَصَّارِ قَالَ بِالثَّانِي وَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ شَمِّهِ أَيْ الْمُؤَنَّثِ دُونَ مَسِّهِ مَمْنُوعًا أَوْ مَكْرُوهًا نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ الْمُذَهَّبِ وَابْنِ الْقَصَّارِ .
قُلْت هَذَا نَصُّهَا قَوْلُهُ وَلَا مَسُّهُ بِغَيْرِ شَمٍّ إلَخْ يَعْنِي لَا كَرَاهَةَ فِي مَسِّ الْمُذَكَّرِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ كَشَمِّهِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِكَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فِي الْحَطّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ ، بَلْ يُقَيَّدُ بِغَيْرِ الْحِنَّاءِ لِمَا يَأْتِي فِيهَا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمُذَكَّرُ قِسْمَانِ قِسْمٌ مَكْرُوهٌ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ كَرَيْحَانٍ ، وَقِسْمٌ مُحَرَّمٌ وَفِيهِ فِدْيَةٌ وَهُوَ الْحِنَّاءُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
قَوْلُهُ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ قَالَهُ تت ، هَذَا هُوَ

الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ كِفَايَةِ الطَّالِبِ هُوَ الَّذِي فَسَّرَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ إلَى اللُّغَةِ .
قَالَ فِي الْقَامُوسِ ذُكُورَةُ الطِّيبِ مَا لَيْسَ لَهُ رَدْغٌ أَيْ : مَا لَيْسَ لَهُ أَثَرٌ ، وَقَالَ فِيهِ الرَّدْغُ أَثَرُ الطِّيبِ فِي الْجَسَدِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمُؤَنَّثَ مَا لَهُ رَدْغٌ أَيْ : أَثَرٌ إلَّا أَنَّ جَعْلَهُمْ الْحِنَّاءَ مِنْ الْمُذَكَّرِ مَعَ أَنَّ لَهَا رَدْغًا فِي الْجَسَدِ يُخَالِفُ اللُّغَةَ .
هَذَا وَفِي الْحَدِيثِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّ خَيْرَ طِيبِ الرِّجَالِ مَا ظَهَرَ رِيحُهُ وَخَفِيَ لَوْنُهُ ، وَخَيْرَ طِيبِ النِّسَاءِ مَا ظَهَرَ لَوْنُهُ وَخَفِيَ رِيحُهُ } ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ .
وَفَسَّرَ ابْنُ حَجَرٍ طِيبَ الرِّجَالِ بِالْمِسْكِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ قَالَ ابْنُ وَحْشِيٍّ فِي شَرْحِ الشِّهَابِ طِيبُ الرِّجَالِ كَالْمِسْكِ يَشْتَرِكُ فِي مَنْفَعَتِهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ إلَّا أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءِ عِنْدَ الْخُرُوجِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ، وَطِيبُ النِّسَاءِ هُوَ الَّذِي تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ لِلزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ مِثْلُ الْكُحْلِ لِلْعَيْنِ وَحُمْرَةِ الْعُصْفُرِ لِلْوَجْهِ وَالسَّوَادِ لِلْحَاجِبَيْنِ ، وَهُوَ أَمْرٌ تَنْفَرِدُ بِهِ النِّسَاءُ ا هـ .
وَفِيهِ إضَافَةُ الْمُؤَنَّثِ لِلرِّجَالِ وَالْمُذَكَّرِ لِلنِّسَاءِ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّ مَا لِلْفُقَهَاءِ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ بِبَابِ الْحَجِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَحِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ ، وَغَمْسُ رَأْسٍ أَوْ تَجْفِيفُهُ ، بِشِدَّةٍ ، وَنَظَرٌ بِمِرْآةٍ ، وَلُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا ، وَعَلَيْهِمَا دُهْنُ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَإِنْ صَلَعًا وَإِبَانَةُ ظُفْرٍ أَوْ شَعْرٍ أَوْ وَسَخٍ إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ بِمُزِيلِهِ ، وَتَسَاقُطُ شَعْرٍ لِوُضُوءٍ أَوْ رُكُوبٍ ، وَدَهْنُ الْجَسَدِ كَكَفٍّ وَرِجْلٍ بِمُطَيِّبٍ أَوْ لِغَيْرِ عِلَّةٍ ، وَلَهَا قَوْلَانِ ، اُخْتُصِرَتْ عَلَيْهِمَا ، وَتَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ ، أَوْ لِضَرُورَةٍ كُحْلٍ وَلَوْ فِي طَعَامٍ أَوْ لَمْ يَعْلَقْ ؛ إلَّا قَارُورَةً سُدَّتْ ، وَمَطْبُوخًا ، وَبَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ ، وَمُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ خَلُوقِ كَعْبَةٍ ، وَخُيِّرَ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى : كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ نَائِمًا .

( وَ ) كُرِهَ ( حِجَامَةٌ بِلَا عُذْرٍ ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ تَحَقَّقَ نَفْيُهَا فَلَا تُكْرَهُ بِلَا عُذْرٍ وَتَقَيُّدُ الْكَرَاهَةِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَزُلْ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ وَإِلَّا حُرِّمَتْ بِلَا عُذْرٍ وَافْتَدَى كَانَتْ لِعُذْرٍ أَمْ لَا انْتَهَى عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي الْحَطّ أَنَّ الْحِجَامَةَ بِلَا عُذْرٍ تُكْرَهُ مُطْلَقًا خَشِيَ قَتْلَ الدَّوَابِّ أَمْ لَا زَالَ بِسَبَبِهَا شَعْرٌ أَمْ لَا .
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَأَمَّا لِعُذْرٍ فَتَجُوزُ مُطْلَقًا هَذَا هُوَ الْحُكْمُ ابْتِدَاءً .
وَأَمَّا الْفِدْيَةُ فَتَجِبُ إنْ أَزَالَ شَعْرًا أَوْ قَتَلَ قَمْلًا كَثِيرًا وَالْقَلِيلُ فِيهِ الْإِطْعَامُ ، وَسَوَاءٌ احْتَجَمَ لِعُذْرٍ أَمْ لَا إلَّا أَنَّ لُزُومَ الْفِدْيَةِ إذَا احْتَجَمَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَزَالَ الشَّعْرُ ، فَالْكَرَاهَةُ حِينَئِذٍ مُشْكِلَةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) كُرِهَ ( غَمْسُ رَأْسٍ ) فِي الْمَاءِ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَاعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ إسْقَاطَهُ لِكَلَامِهَا وَمِثْلُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَانْظُرْ هَلْ الْإِطْعَامُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَكْرُوهٌ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا الْإِطْعَامَ فِي الْحِجَامَةِ وَلَا فِي تَجْفِيفِ الرَّأْسِ بِشِدَّةٍ ، مَعَ أَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِمَا خِيفَةُ قَتْلِ الدَّوَابِّ ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْكَرَاهَةَ بِمَا إذَا كَانَتْ لَهُ وَفْرَةٌ وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَغَمْسُ بِأَنَّ صَبَّ الْمَاءِ عَلَيْهِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى .
عب قَوْلُهَا فَإِنْ فَعَلَ أَطْعَمَ إلَخْ اسْتَدَلَّ بِهِ طفي عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ ، قَالَ إذْ لَا إطْعَامَ فِي كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ وَاجِبٌ ، وَقَوْلَ صَاحِبِ الطِّرَازِ بِالِاسْتِحْبَابِ خِلَافُهَا انْتَهَى الْبُنَانِيُّ .
قُلْت لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَمَلَ الْإِطْعَامَ فِيهَا عَلَى الِاسْتِحْبَابِ تَبَعًا لِلطِّرَازِ وَحِينَئِذٍ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى التَّحْرِيمِ .
قَوْلُهُ وَانْظُرْ هَلْ

الْإِطْعَامُ إلَخْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ سَنَدًا حَمَلَهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ( أَوْ تَجْفِيفُهُ ) أَيْ : الرَّأْسِ بِخِرْقَةٍ بَعْدَ غَمْسِهِ فِي الْمَاءِ ( بِشِدَّةٍ ) خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ ، قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَكِنْ يُحَرِّكُهُ بِيَدِهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( نَظَرٌ بِمِرْآةٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَمْدُودًا أَيْ : الْآلَةُ الَّتِي يُرَى بِهَا الْوَجْهُ خِيفَةَ أَنْ يَرَى شَعَثًا فَيُزِيلُهُ ( وَ ) كُرِهَ ( لُبْسُ امْرَأَةٍ قَبَاءً مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا مُحْرِمَةً أَوْ حُرَّةً مَظِنَّةَ أَنْ يَصِفَ عَوْرَتَهَا .
( وَ ) حَرُمَ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ : الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ ( دَهْنُ اللِّحْيَةِ وَ ) شَعْرِ ( الرَّأْسِ ) أَيْ تَسْرِيحُهُمَا بِالدُّهْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ الزِّينَةِ إنْ كَانَ الرَّأْسُ تَامَّ الشَّعْرِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الرَّأْسُ ( صَلَعًا ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ ذَا صَلَعٍ أَيْ : خُلُوُّ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ مِنْ الشَّعْرِ أَوْ بِسُكُونِ اللَّامِ مَمْدُودًا ، وَصَحَّ الْإِخْبَارُ بِهِ وَهُوَ مُؤَنَّثٌ عَنْ الرَّأْسِ وَهُوَ مُذَكَّرٌ بِتَأْوِيلِهِ بِالْهَامَةِ بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ .
( وَ ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا ( إبَانَةُ ) أَيْ إزَالَةُ ( ظُفْرٍ ) لِغَيْرِ عُذْرٍ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ آنِفًا انْكَسَرَ ( أَوْ ) إزَالَةُ ( شَعْرٍ ) وَلَوْ قَلَّ بِنَتْفٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ نَوْرَةٍ أَوْ قَرْضٍ بِأَسْنَانٍ ( أَوْ ) إزَالَةُ ( وَسَخٍ ) إلَّا مَا تَحْتَ الظُّفْرِ وَلَا فِدْيَةَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ( إلَّا غَسْلَ يَدَيْهِ ) مِنْ وَسَخٍ ( بِمُزِيلِهِ ) أَيْ : الْوَسَخِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا مِنْ صَابُونِ غَيْرِهِ مُطَيَّبٍ أَوْ طَفْلٍ أَوْ خِطْمِيٍّ أَيْ : بِزْرِ خُبَّيْزَى أَوْ حُرُضِيٍّ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ أَوْ سُكُونِهَا وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ : إشْنَانٌ بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِهِ لُغَةً ، وَقَالَ سَنَدٌ الْحُرُضُ هُوَ الْغَاسُولُ .
( وَ ) إلَّا ( تَسَاقَطَ شَعْرٌ ) وَلَوْ كَثُرَ مِنْ رَأْسِهِ أَوْ مِنْ لِحْيَتِهِ أَوْ أَنْفِهِ ( لِوُضُوءٍ ) أَوْ غُسْلٍ وَاجِبَيْنِ أَوْ مَنْدُوبَيْنِ أَوْ غُسْلٍ مَسْنُونٍ

وَلَا شَيْءَ فِيمَا قَتَلَهُ فِي وَاجِبٍ ، وَكَذَا فِي مَسْنُونٍ أَوْ مَنْدُوبٍ عَلَى الظَّاهِرِ وَلَوْ كَثُرَ ، وَيَجُوزُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ لِتَبَرُّدٍ وَلَوْ تَسَاقَطَ فِيهِ شَعْرٌ ، فَإِنْ قَتَلَ فِيهِ كَثِيرًا افْتَدَى وَإِنْ قَلَّ فَفِيهِ قَبْصَةٌ بِصَادٍ مُهْمَلَةٍ وَهُوَ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَنَامِلِ مِنْ طَعَامٍ ( أَوْ ) تَسَاقَطَ شَعْرٌ مِنْ سَاقِهِ ل ( رُكُوبٍ ) فَحَلَفَهُ الْإِكَافُ أَوْ السَّرْجُ .
( وَ ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا ( دَهْنُ الْجَسَدِ ) أَيْ : مَا عَدَا بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ مُشَبِّهًا فِي الْمَنْعِ ( كَ ) دَهْنِ بَطْنِ ( كَفٍّ وَرِجْلٍ ) وَظَاهِرُهُمَا دَخَلَ فِي الْجَسَدِ ، وَنَصَّ عَلَيْهِمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ التَّرْخِيصِ فِي دَهْنِهِمَا ( بِطِيبٍ ) رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَافْتَدَى فِي دَهْنِهِمَا ( بِمُطَيِّبٍ ) رَاجِعٌ لِلْجَسَدِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَمُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : وَافْتَدَى فِي دَهْنِهِمَا بِمُطَيِّبٍ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْعُذْرِ ( أَوْ ) بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ ( لِغَيْرِ عِلَّةٍ ) بَلْ لِلتَّزَيُّنِ فِي الْجَسَدِ وَبَطْنِ الْكَفِّ وَالْقَدَمِ ( وَ ) فِي دَهْنِ الْجَسَدِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ ( لَهَا ) أَيْ : الْعِلَّةِ وَالضَّرُورَةِ مِنْ شُقُوقٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ قُوَّةِ عَمَلٍ ( قَوْلَانِ ) بِالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ( اُخْتُصِرَتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْمُدَوَّنَةُ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ : الْقَوْلَيْنِ .
قَالَ فِي التَّهْذِيبِ : وَإِنْ دَهَنَ قَدَمَيْهِ وَعَقِبَيْهِ مِنْ شُقُوقٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ دَهَنَهُمَا لِغَيْرِ عِلَّةٍ أَوْ دَهَنَ ذِرَاعَيْهِ أَوْ سَاقَيْهِ لِيُحَسِّنَهُمَا لَا لِعِلَّةٍ افْتَدَى فَأَفَادَ بِقَوْلِهِ لَا لِعِلَّةٍ إنْ دَهَنَ الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ لِعِلَّةٍ لَا فِدْيَةَ فِيهِ ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَلَى الْوُجُوبِ مُطْلَقًا فِي الذِّرَاعَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ فَقَالَ لِيُحَسِّنَهُمَا أَوْ مِنْ عِلَّةٍ افْتَدَى ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ الذِّرَاعَانِ

وَالسَّاقَانِ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ سِوَى بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ ، وَأَمَّا دَهْنُ بَطْنِ الْكَفِّ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ اتِّفَاقًا ، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الدَّهْنَ بِمُطَيِّبٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ كَانَ لِعِلَّةٍ أَمْ لَا بِالْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ ، وَأَنَّ الدَّهْنَ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِغَيْرِ عِلَّةٍ فِيهِ الْفِدْيَةُ فِي الْجَسَدِ أَوْ بَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ ، وَلِعِلَّةٍ لَا شَيْءَ فِيهِ بِبَطْنِ كَفٍّ أَوْ رِجْلٍ ، وَفِي الْجَسَدِ فِيهِ قَوْلَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أُخْرَى .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْمَنَاسِكِ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بَيْنَ اخْتِصَارِ الْبَرَادِعِيِّ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي دَهْنِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ لِعِلَّةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إنَّمَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي دَهْنِ السَّاقَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ لَا فِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ لَفْظُ الْأُمِّ فِي ذَلِكَ صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ الِاخْتِلَافَ اُنْظُرْهُ فِي الْحَطّ .
( وَ ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا ( تَطَيُّبٌ بِكَوْرَسٍ ) مِنْ كُلِّ طِيبٍ مُؤَنَّثٍ وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِمَاسِّهِ وَالْوَرْسُ نَبْتٌ كَالسِّمْسِمِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ صَبْغُهُ بَيْنَ الْحُمْرَةِ وَالصُّفْرَةِ يَبْقَى نَبْتُهُ فِي الْأَرْضِ عِشْرِينَ سَنَةً ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ زَعْفَرَانٌ وَمِسْكٌ وَكَافُورٌ وَعَنْبَرٌ وَعُودٌ .
وَمَعْنَى تَطَيُّبِهِ بِهِ إلْصَاقُهُ بِالْبَدَنِ عُضْوًا أَوْ بَعْضَهُ أَوْ بِالثَّوْبِ ، فَلَوْ عَبَقَ الرِّيحُ دُونَ الْعَيْنِ عَلَى جَالِسٍ بِحَانُوتِ عَطَّارٍ أَوْ بَيْتٍ تَطَيَّبَ أَهْلُهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ .
وَيُكْرَهُ تَمَادِيهِ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
وَبَالَغَ عَلَى الْحُرْمَةِ بِدُونِ فِدْيَةٍ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهُ ) وَعَلَى هَذَا قُلْنَا شَيْءٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَهُوَ الطِّيبُ الْمُؤَنَّثُ ذَاهِبُ الرِّيحِ وَافْتَدَى إنْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ ( أَوْ ) تَطَيَّبَ ( لِضَرُورَةِ كُحْلٍ ) فَفِيهِ

الْفِدْيَةُ بِلَا إثْمٍ ، هَذَا مُرَادُهُ بِهَاتَيْنِ الْمُبَالَغَتَيْنِ ، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ وَتَطَيَّبَ بِكَوْرَسٍ تَضَمَّنَ حُكْمَيْنِ الْحُرْمَةَ وَوُجُوبَ الْفِدْيَةِ فَالْمُبَالَغَةُ الْأُولَى نَاظِرَةٌ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِيَةُ نَاظِرَةٌ لِلثَّانِي ( أَوْ ) وُضِعَ ( فِي طَعَامٍ ) أَوْ شَرَابٍ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ أَوْ ) مَسَّهُ وَ ( لَمْ يَعْلَقْ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ : يَتَعَلَّقُ أَثَرُهُ بِهِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ ( إلَّا ) مَنْ مَسَّ أَوْ حَمَلَ ( قَارُورَةً ) أَوْ خَرِيطَةً أَوْ خُرْجًا بِهَا طِيبٌ ( سُدَّتْ ) عَلَيْهِ سَدًّا وَثِيقًا مُحْكَمًا بِحَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا رِيحُهُ فَلَا فِدْيَةَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا فِدْيَةَ فِي حَمْلِ قَارُورَةٍ مُصْمَتَةِ الرَّأْسِ وَنَحْوِهَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَعَلَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِ الْقَارُورَةِ فَارَةُ الْمِسْكِ غَيْرُ مَشْقُوقَةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ ؛ لِأَنَّ الْفَأْرَةَ طِيبٌ .
الْحَطّ فَالْأَحْسَنُ أَنَّ مُرَادَهُ بِنَحْوِهَا الْخَرِيطَةُ وَالْخُرْجُ وَشَبَهُهُمَا كَمَا فِي الطِّرَازِ .
( وَ ) إلَّا طِيبًا ( مَطْبُوخًا ) فِي طَعَامٍ بِنَارٍ أَمَاتَهُ الطَّبْخُ فَلَا فِدْيَةَ فِي أَكْلِهِ وَلَوْ صَبَغَ الْفَمَ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِنْ لَمْ يُمِتْهُ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ قَالَهُ الْحَطّ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِمَاتَتِهِ اسْتِهْلَاكُهُ فِي الطَّعَامِ وَذَهَابُ عَيْنِهِ بِحَيْثُ لَا يَظْهَرُ مِنْهُ غَيْرُ رِيحِهِ كَمِسْكٍ أَوْ وَلَوْنُهُ كَزَعْفَرَانٍ بَارِزٍ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ ، هَذَا التَّفْصِيلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطّ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ .
ابْنُ بَشِيرٍ الْمَذْهَبُ نَفْيُ الْفِدْيَةِ أَيْ : فِي الْمَطْبُوخِ ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُوَطَّإِ وَالْمُخْتَصَرِ الْجَوَازَ فِي الْمَطْبُوخِ وَإِبْقَاءَ الْأَبْهَرِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَقَيَّدَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بِغَلَبَةِ الْمُمَازِحِ وَابْنِ حَبِيبٍ بِغَلَبَتِهِ وَأَنْ لَا يَعْلَقَ بِالْيَدِ وَلَا بِالْفَمِ مِنْهُ شَيْءٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا مَسَّهُ نَارٌ فِي إبَاحَتِهِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ اسْتَهْلَكَ ثَالِثَهَا وَلَمْ يَبْقَ أَثَرُ صَبْغِهِ بِيَدٍ

وَلَا فَمٍ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ ، وَالثَّانِي لِلْقَاضِي ، وَالثَّالِثُ لِلشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ .
فَقَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ وَهُوَ الْإِبَاحَةُ مُطْلَقًا اسْتَهْلَكَ أَمْ لَا هُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ ، وَبِهِ اعْتَرَضَ طفى عَلَى الْحَطّ .
( وَ ) إلَّا طِيبًا يَسِيرًا ( بَاقِيًا ) أَثَرُهُ أَوْ رِيحُهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ ( مِمَّا ) تَطَيَّبَ بِهِ ( قَبْلَ إحْرَامِهِ ) فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ اللَّوْنُ مَعَ ذَهَابِ الْجُرْمِ ، وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ سَنَدٍ إذَا قُلْنَا لَا فِدْيَةَ فِي الْبَاقِي مَعَ كَرَاهَتِهِ فَيُؤْمَرُ بِغُسْلِهِ ، فَإِنْ ذَهَبَ بِصَبِّ الْمَاءِ فَحَسَنٌ ، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ بِهِ غَسَلَهُ بِيَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِفِعْلِهِ مَا أُمِرَ بِهِ ا هـ .
فَأُمِرَ بِغَسْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْبَاقِيَ مِمَّا يُغْسَلُ ، لَكِنْ لَمَّا شَمَلَ كَلَامُهُ الْجُرْمَ أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ فَتَجِبُ بِذَلِكَ الْفِدْيَةُ وَهُوَ بَيِّنٌ ا هـ .
إذْ الَّذِي تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ هُوَ جُرْمُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ .
وَنَقَلَ ابْنُ حَجَرٍ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " سُقُوطَ الْفِدْيَةِ فِي بَقَاءِ لَوْنِهِ وَرَائِحَتِهِ ، قَالَ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ تَجِبُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا فِي بَقَاءِ الرَّائِحَةِ دُونَ الْأَثَرِ ، وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَتَطَيَّبُ قَبْلَهُ بِمَا تَبْقَى بَعْدَهُ رَائِحَتُهُ طفي .
الْبَاجِيَّ إنْ تَطَيَّبَ لِإِحْرَامِهِ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ ، وَهَذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا يَبْقَى مِنْهُ بَعْدَهُ الرَّائِحَةُ ، ثُمَّ قَالَ ؛ لِأَنَّ الْفِدْيَةَ إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِ الطِّيبِ أَوْ لَمْسِهِ .
وَأَمَّا الِانْتِفَاعُ بِرِيحِهِ فَلَا تَجِبُ فِيهِ فِدْيَةٌ وَإِنْ كَانَ مَمْنُوعًا ا هـ .

ابْنُ عَرَفَةَ .
وَلَا يَتَطَيَّبُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِمَا يَبْقَى رِيحُهُ بَعْدَهُ .
الْبَاجِيَّ إنْ فَعَلَ فَلَا فِدْيَةَ ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ بِإِتْلَافِهِ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا يُوجِبُهَا .
وَقَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مَا يَبْقَى بَعْدَهُ رِيحُهُ كَفِعْلِهِ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ فِي الْمَنْعِ فَقَطْ فَصَحِيحٌ ، وَإِنْ أَرَادَ فِي الْفِدْيَةِ فَلَا .
( وَ ) إلَّا ( مُصِيبًا مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ ) شَخْصٍ ( غَيْرِهِ ) أَيْ : الْمُحْرِمِ عَلَى ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ نَائِمًا أَوْ يَقْظَانَ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) مُصِيبًا مِنْ ( خَلُوقٍ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طِيبِ ( كَعْبَةٍ ) فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَ لِطَلَبِ الْقُرْبِ مِنْهَا .
( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُثَقَّلَةً ( فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ ) أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَقَطْ ، وَأَمَّا الْمُصِيبُ مِنْ إلْقَاءِ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَجِبُ نَزْعُ يَسِيرِهِ فَوْرًا كَكَثِيرِهِ فَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى فَلَا يَدْخُلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ ( وَإِلَّا ) يَكُنْ الْخَلُوقُ وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ يَسِيرًا ( افْتَدَى إنْ تَرَاخَى ) فِي نَزْعِ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ فَقَطْ ، وَأَمَّا الْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ فَيَفْتَدِي فِي كَثِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فِي نَزْعِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي عج وَالْحَطّ ، فَيَخُصُّ قَوْلُهُ فِي نَزْعِ يَسِيرِهِ بِشَيْئَيْنِ وَيَخُصُّ التَّرَاخِي بِأَحَدِهِمَا ، فَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَلَا فِدْيَةَ مَعَ وُجُوبِ نَزْعِهِ فَوْرًا لِلْكَثِيرِ قَالَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَيْ الْخَلُوقِ وَالْبَاقِي إلَخْ تَبِعَ فِيهِ عج وَأَحْمَدُ وَجَعَلَهُ سَالِمٌ رَاجِعًا لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بَاقِيًا مِمَّا قَبْلَ إحْرَامِهِ وَمَا بَعْدَهُ وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ ، وَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا قَالَ الْحَطّ وتت وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفى ؛ لِأَنَّ الْمُصِيبَ مِنْ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ يَجِبُ نَزْعُهُ فَوْرًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ

، وَإِنْ تَرَاخَى افْتَدَى كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْحَطّ ، وَالْبَاقِي مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ إنْ كَانَ لَوْنًا أَوْ رَائِحَةً لَمْ يَتَأَتَّ نَزْعُهُ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ .
وَإِنْ كَانَ مِمَّا تَجِبُ الْفِدْيَةُ بِإِتْلَافِهِ وَهُوَ جُرْمُ الطِّيبِ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَوْ لَا كَمَا أُخِذَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا افْتَدَى إنْ تَرَاخَى هَذَا أَيْضًا خَاصٌّ بِالْخَلُوقِ كَمَا فِي الْحَطّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبَاقِي مِنْ جُرْمِ الطِّيبِ مِمَّا قَبْلَ الْإِحْرَامِ يَجِبُ نَزْعُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ أَمْ لَا ، نَعَمْ تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ إلْقَاءِ الرِّيحِ أَوْ الْغَيْرِ أَنَّهُ إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ افْتَدَى وَإِنْ قَلَّ ، وَلَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَرْجِعَ قَوْلُهُ وَإِلَّا افْتَدَى لَهُمَا كَانَ حَسَنًا لَكِنْ يَأْبَاهُ كَلَامُهُ ، وَقَدْ تَكَلَّفَ ابْنُ عَاشِرٍ رُجُوعَهُ لَهُمَا وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِ الْفِدْيَةِ إنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِ كَثِيرِ الْخَلُوقِ قَدْ تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ طفي بِأَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ هُنَا ، وَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا لَصَقَ بِهِ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ إذْ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْهُ .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلْيَغْسِلْ مَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ بِيَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ تَرْكُهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اجْتَمَعَ مِمَّا فِيهَا وَكِتَابُ مُحَمَّدٍ إنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ فِيمَا أَصَابَهُ مِنْ خَلُوقِ الْكَعْبَةِ ، وَزَادَ مُحَمَّدٌ غَسَلَ الْكَثِيرَ وَصَرَّحَ بَعْدَهُ بِأَنَّ الْغَسْلَ عَلَى وَجْهِ الْأَحْبِيَةِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا وَلَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الْفِدْيَةَ فِي الْكَثِيرِ ، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِغَسْلِهِ فَقَطْ ، وَلَا قَائِلَ بِالْفِدْيَةِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ ، وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ ،

ثُمَّ قَالَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ وُجُوبَهَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْغَسْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْهُ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ مَعَ التَّرَاخِي فَقَالَ ( كَتَغْطِيَةِ رَأْسِهِ ) أَيْ : الْمُحْرِمِ بِفِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ غَيْرِهِ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( نَائِمًا ) فَإِنْ تَرَاخَى فِي نَزْعِهِ بَعْدَ انْتِبَاهِهِ افْتَدَى ، وَإِنْ نَزَعَهُ عَاجِلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ فِعْلَ غَيْرِهِ وَنَزَعَهُ عَاجِلًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْمُغَطَّى .

وَلَا تُخْلَقُ أَيَّامَ الْحَجِّ ، وَيُقَامُ الْعَطَّارُونَ فِيهَا مِنْ الْمَسْعَى ، وَافْتَدَى الْمُلْقِي الْحِلُّ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ بِلَا صَوْمٍ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ كَأَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ ، وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ .
إنْ لَمْ يَفْتَدِ بِصَوْمٍ وَعَلَى الْمُحْرِمِ الْمُلْتَقِي فِدْيَتَانِ عَلَى الْأَرْجَحِ .

( وَلَا تُخْلَقُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامُ مُثَقَّلَةً أَيْ : لَا تُطَيَّبُ ( الْكَعْبَةُ أَيَّامَ الْحَجِّ ) أَيْ : يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ لِئَلَّا يُصِيبَ الطَّائِفِينَ ( وَيُقَامُ ) أَيْ : يُؤْمَرُ بِالْقِيَامِ نَدْبًا ( الْعَطَّارُونَ ) أَيْ : الَّذِينَ يَبِيعُونَ الطِّيبَ الْمُؤَنَّثَ ( فِيهَا ) أَيْ : أَيَّامِ الْحَجِّ ( مِنْ الْمَسْعَى وَافْتَدَى ) أَيْ : أَخْرَجَ الْفِدْيَةَ وُجُوبًا نِيَابَةً عَنْ الْمُحْرِمِ ( الْمُلْقِي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ ( الْحِلُّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ : غَيْرُ الْمُحْرِمِ طِيبًا مُؤَنَّثًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ أَوْ ثَوْبًا عَلَى رَأْسِهِ ( إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ ) أَيْ الْفِدْيَةُ الْمُحْرِمَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ لِنَزْعِهِ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ وَصِلَةُ افْتَدَى ( بِلَا صَوْمٍ ) ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَكُونُ عَنْ الْغَيْرِ فَيُطْعِمُ سِتَّةَ مَسَاكِينَ أَوْ يَذْبَحُ شَاةً فَأَعْلَى .
( وَإِنْ لَمْ يَجِدْ ) الْمُلْقِي مَا يَفْتَدِي بِهِ ( فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ ) الْمُلْقَى عَلَيْهِ بِصَوْمٍ أَوْ إطْعَامٍ أَوْ نُسُكٍ ؛ لِأَنَّهَا عَنْ نَفْسِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْفِدْيَةِ عَلَى الْفَاعِلِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ فَقَالَ ( كَأَنْ حَلَقَ ) الْحِلُّ ( رَأْسَهُ ) أَيْ : الْمُحْرِمِ النَّائِمِ فَالْفِدْيَةُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ عَلَى الْحَالِقِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْتَدِ الْمُحْرِمُ ( وَرَجَعَ ) الْمُحْرِمُ الْمُفْتَدِي إنْ شَاءَ عَلَى الْفَاعِلِ ( بِالْأَقَلِّ ) مِنْ قِيمَةِ الشَّاةِ أَوْ مِثْلِ كَيْلِ الطَّعَامِ إنْ أَخْرَجَهُ مِنْ عِنْدَهُ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَاهُ .
وَذَكَرَ شَرْطَ الرُّجُوعِ فَقَالَ ( إنْ لَمْ يَفْتَدِ ) الْمُحْرِمُ ( بِصَوْمٍ ) بِأَنْ افْتَدَى بِإِطْعَامٍ أَوْ نُسُكٍ بِشَاةٍ فَإِنْ افْتَدَى بِصَوْمٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ ( وَعَلَى الْمُحْرِمِ ) بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ ( الْمُلْقِي ) طِيبًا عَلَى مُحْرِمٍ نَائِمٍ وَنَزَعَهُ عَقِبَ انْتِبَاهِهِ ( فِدْيَتَانِ ) فِدْيَةٌ لِمَسِّهِ الطِّيبَ وَفِدْيَةٌ لِتَطْيِيبِهِ النَّائِمَ ، فَإِنْ تَرَاخَى النَّائِمُ بَعْدَ

انْتِبَاهِهِ فِي نَزْعِهِ فَفِدْيَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْمُلْقِي الطِّيبَ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِإِلْقَائِهِ إنْ بَادَرَ الْمُلْقَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ تَرَاخَى فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُلْقِي ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) هَذَا قَوْلُ الْقَابِسِيِّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ .

وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا بِإِذْنٍ فَعَلَى الْمُحْرِمِ ؛ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ ، وَإِنْ حَلَقَ مُحْرِمٌ رَأْسَ حِلٍّ أَطْعَمَ ، وَهَلْ حَفْنَةٌ أَوْ فِدْيَةٌ تَأْوِيلَانِ ، فِي الظُّفْرِ الْوَاحِدِ ، لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى حَفْنَةٌ : كَشَعْرَةٍ أَوْ شَعَرَاتٍ ، أَوْ قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ ، وَطَرْحِهَا كَحَلْقِ مُحْرِمٍ لِمِثْلِهِ مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ ؛ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ ، وَتَقْرِيدِ بَعِيرِهِ ، لَا كَطَرْحِ عَلَقَةٍ أَوْ بُرْغُوثٍ ، وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى : كَقَصِّ الشَّارِبِ أَوْ ظُفْرٍ وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ ، وَخَضْبٍ بِكَحِنَّاءٍ ، وَإِنْ رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ وَمُجَرَّدُ حَمَّامٍ عَلَى الْمُخْتَارِ .

( وَإِنْ حَلَقَ حِلٌّ مُحْرِمًا ) أَوْ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ أَوْ طَيَّبَهُ ( بِإِذْنٍ ) مِنْ الْمُحْرِمِ فِي الْحَلْقِ أَوْ التَّقْلِيمِ أَوْ التَّطْيِيبِ وَلَوْ حُكْمًا كَرِضَاهُ بِفِعْلِهِ ( فَعَلَى الْمُحْرِمِ ) الْفِدْيَةُ وَلَوْ أَعْسَرَ وَلَا تَلْزَمُ الْحِلَّ ، وَقَدْ يُقَالُ تَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ بِإِذْنِهِ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُحْرِمِ إنْ أَيْسَرَ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُحْرِمُ بِأَنْ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُكْرَهًا ( فَ ) الْفِدْيَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الْحِلِّ ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ كَأَنْ حَلَقَ حِلٌّ رَأْسَهُ أَعَادَهُ هُنَا لِلتَّصْرِيحِ بِمَفْهُومٍ بِإِذْنٍ وَدَفَعَهُ الْحَطّ بِأَنَّ مَا هُنَا بَيَانٌ لِمَوْضِعِ لُزُومِهَا لِلْحِلِّ وَمَا مَرَّ بَيَانٌ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَالِقِ إذَا لَزِمَتْهُ حُكْمُ الْمُلْقِي طِيبًا .
ابْنُ عَاشِرٍ هَذِهِ مُحَاوَلَةٌ لَا تَتِمُّ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا حَتَّى يُسْتَفَادَ مِنْهُ الْمَعْنَى الْمُفَادُ هُنَا .
( وَإِنْ حَلَقَ ) شَخْصٌ ( مُحْرِمٌ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( رَأْسَ ) شَخْصٍ ( حِلٍّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ : غَيْرِ مُحْرِمٍ ( أَطْعَمَ ) الْمُحْرِمُ وُجُوبًا لِاحْتِمَالِ قَتْلِهِ دَوَابَّ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُهَا فَلَا يُطْعِمُ .
( وَهَلْ ) إطْعَامُهُ ( حَفْنَةٌ ) أَيْ : مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ ( أَوْ ) إطْعَامُهُ ( فِدْيَةٌ ) أَيْ : صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ إطْعَامُ سِتَّةِ مَسَاكِينَ أَوْ نُسُكٌ بِشَاةٍ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي قَوْلِ الْإِمَامِ يَفْتَدِي ، وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَتَصَدَّقُ بِشَيْءٍ مِنْ طَعَامٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " ، فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي بِالْخِلَافِ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ ، وَالْأَوَّلُ بِالْوِفَاقِ لِغَيْرِهِمَا .
وَتَرَدَّدَ ابْنُ يُونُسَ فِيهِمَا فَلَوْ قَالَ افْتَدَى وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ حَفْنَةٌ لَكَانَ أَوْلَى .
سَنَدٌ إذَا حَلَقَ الْمُحْرِمُ رَأْسَ حَلَالٍ فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَقْتُلْ شَيْئًا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ

فِي الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمُذَهَّبِ ، وَإِنْ قَتَلَ يَسِيرًا أَطْعَمَ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ وَكَثِيرًا أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ وَلَمْ يُدْرَ مَأْثَمٌ فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَفْتَدِي ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ ا هـ .
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى تَعْلِيلِ الْفِدْيَةِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ ، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَسَنَدٍ وَاللَّخْمِيِّ .
وَعَلَّلَهَا الْبَغْدَادِيُّونَ بِالْحَلْقِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ رُشْدٍ ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ قَمْلًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا أَوْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُهُ .
وَعَلَى الْإِطْلَاقِ حَمَلَ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ بِالْحَلْقِ وَصَوَّبَهُ طفي .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ لِتَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِقَتْلِ الْقَمْلِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ نَفْيُ الْقَمْلِ .
وَلِقَوْلِ سَنَدٍ إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَلِقَوْلِهِمْ فِي تَقْلِيمِ الْمُحْرِمِ ظُفْرَ حَلَالٍ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ يُرَجِّحُ أَنَّ الْفِدْيَةَ لِلْقَمْلِ لَا لِلْحَلْقِ إذْ لَوْ كَانَتْ لِلْحَلْقِ لَوَجَبَتْ الْفِدْيَةُ هُنَا ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( وَفِي ) قَلْمِ ( الظُّفْرِ الْوَاحِدِ لَا لِإِمَاطَةِ الْأَذَى ) وَلَا لِانْكِسَارِهِ بِأَنْ قَلَّمَ الْمُحْرِمُ ظُفْرَ نَفْسِهِ عَبَثًا وَتَرَفُّهًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَطّ ( حَفْنَةٌ ) أَيْ : مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مِنْ طَعَامٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ وَالْقَبْضَةُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِلْؤُهَا مَقْبُوضَةً فَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ ، وَالْقَبْصَةُ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْأَخْذُ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ فَهِيَ ، دُونَ الْقَبْضَةِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ، وَعَلَى هَذَا يُسْتَثْنَى مَا هُنَا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَالْفِدْيَةُ فِيمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ ، وَمَفْهُومُ الْوَاحِدِ أَنَّ فِي قَصِّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ فِدْيَةً سَوَاءٌ كَانَ لِإِمَاطَةِ الْأَذَى أَمْ لَا إنْ أَبَانَهُمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ أَبَانَ الثَّانِي قَبْلَ الْإِخْرَاجِ لِلْأَوَّلِ

وَإِلَّا فَفِي كُلٍّ حَفْنَةٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَلْمِ ظُفْرِ الْحَلَالِ أَوْ الْمُحْرِمِ بِإِذْنِهِ وَالْحَفْنَةُ أَوْ الْفِدْيَةُ عَلَى الْمَقْلُومِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالذَّخِيرَةِ ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ أَوْ قَلَّمَهُ وَهُوَ نَائِمٌ فَعَلَى الْقَالِمِ الْمُحْرِمِ أَوْ الْحَلَالِ .
وَشَبَّهَ فِي الْحَفْنَةِ فَقَالَ ( كَ ) إزَالَةِ ( شَعْرَةٍ ) وَاحِدَةٍ مِنْ جَسَدِهِ فَفِيهَا حَفْنَةٌ ( أَوْ ) إزَالَةِ ( شَعَرَاتٍ ) عَشْرَةٍ لِغَيْرِ إمَاطَةِ أَذًى فَفِيهَا حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَلِإِمَاطَتِهِ فِيهَا فِدْيَةٌ كَإِزَالَةِ الْكَثِيرِ الزَّائِدِ عَلَى عَشَرَةٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ .
( وَ ) قَتْلِ ( قَمْلَةٍ ) وَاحِدَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ ( وَقَمَلَاتٍ ) عَشْرَةٍ فِيهَا حَفْنَةٌ وَلَوْ لِإِمَاطَتِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ نَعْلَمْ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْفِدْيَةِ فِي قَمْلَةٍ أَوْ قَمَلَاتٍ ( وَطَرْحِهَا ) أَيْ : الْقَمْلَةِ أَوْ الْقَمَلَاتِ بِالْأَرْضِ فِيهِ حَفْنَةٌ كَقَتْلِهَا بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِ الْمُقَدَّرِ قَبْلَ قَمْلَةٍ ، أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : كَقَتْلِهَا فِي إيجَابِ الْحَفْنَةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ قَطْعِ الْعَطْفِ ، إنْ أُمِنَ اللُّبْسُ كَمَا قَالَ الرَّضِيُّ لِتَأْدِيَتِهِ لِمَوْتِهَا لِخَلْقِهَا مِنْ جَسَدِ الْآدَمِيِّ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ أَيْضًا فَقَالَ ( كَحَلْقِ ) شَخْصٍ ( مُحْرِمٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( لَ ) شَخْصٍ ( مِثْلِهِ ) فِي كَوْنِهِ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِإِذْنِهِ ( مَوْضِعَ الْحِجَامَةِ ) فَيَلْزَمُ الْحَالِقَ حَفْنَةٌ مِنْ طَعَامٍ ( إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ ) الْحَالِقُ ( نَفْيَ الْقَمْلِ ) عَنْ مَوْضِعِ الْحَلْقِ فَلَا حَفْنَةَ عَلَى الْحَالِقِ وَعَلَى الْمَحْلُوقِ شَعْرُهُ فِي الْحَالَيْنِ الْفِدْيَةُ .
( وَ ) كَ ( تَقْرِيدِ ) أَيْ إزَالَةِ الْقُرَادِ عَنْ ( بَعِيرِهِ ) أَيْ : الْمُحْرِمِ فِيهِ حَفْنَةٌ إنْ لَمْ يَقْتُلْهُ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ .
وَقَدْ نَقَلَ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ عَنْهَا أَنَّهُ يُطْعِمُ فِي طَرْحِهِ ، وَلَمَّا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ

وَفِي تَقْرِيدِ بَعِيرِهِ يُطْعِمُ عَلَى الْمَشْهُورِ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَتَلَ الْقُرَادَ ( لَا ) شَيْءَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي ( كَطَرْحِ عَلَقَةٍ ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعِيرِهِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ النَّمْلَ وَالدُّودَ وَالذُّبَابَ وَالسُّوسَ وَغَيْرَهَا سِوَى الْقَمْلَةِ وَالْبُرْغُوثِ فَلَا شَيْءَ فِي طَرْحِهَا .
( أَوْ ) طَرْحِ ( بُرْغُوثٍ ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ دَوَابِّ الْأَرْضِ فِي الشَّامِلِ وَلَهُ طَرْحُ بُرْغُوثٍ .
وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَقِيلَ يُطْعِمُ ( وَالْفِدْيَةُ ) وَاجِبَةٌ ( فِيمَا ) أَيْ : الْفِعْلِ الَّذِي ( يُتَرَفَّهُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالرَّاءُ وَالْفَاءُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ : يَتَنَعَّمُ ( بِهِ أَوْ ) فِيمَا يُزِيلُ بِهِ ( أَذَى ) الْحَطّ لَمْ يُبَيِّنْ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا هِيَ إمَاطَةُ الْأَذَى ، وَجَعَلَهَا الْبَاجِيَّ قِسْمَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْلَقَ مِنْ طُولِ ظُفْرِهِ فَيُقَلِّمُهُ وَهَذَا أَذًى مُعْتَادٌ ، وَالثَّانِي أَنْ يُرِيدَ مُدَاوَاةَ جُرْحٍ بِأُصْبُعِهِ وَلَا يَتَمَكَّنُ إلَّا بِهِ ( كَقَصِّ الشَّارِبِ ) جَعَلَهُ ابْنُ شَاسٍ مِثَالًا لِمَا يُزَالُ بِهِ أَذًى وتت مِثَالًا لِمَا يُتَرَفَّهُ بِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لَهُمَا .
( أَوْ ) قَصِّ ( ظُفْرٍ ) وَاحِدٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ آنِفًا لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى أَوْ مُتَعَدِّدٍ لِإِمَاطَةِ أَذًى أَوْ لَا ، فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ لِقَلْمِ الظُّفْرِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ قَلَّمَهُ مُنْكَسِرًا لَا شَيْءَ فِيهِ قَلَّمَهُ لَا لِإِمَاطَةِ أَذًى فِيهِ حَفْنَةٌ قَلَّمَهُ لِإِمَاطَةِ أَذًى فِيهِ فِدْيَةٌ ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ حَلْقَ الْعَانَةِ وَنَتْفَ الْإِبْطِ وَالْأَنْفِ .
( وَقَتْلِ قَمْلٍ كَثُرَ ) بِأَنْ زَادَ عَلَى اثْنَيْ عَشْرَ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ فِي الْبَيَانِ رَآهُ مِنْ إمَاطَةِ الْأَذَى ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُطْعِمُ كِسْرَةً اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَمِثْلُ قَتْلِهِ

طَرْحُهُ ( وَخَضْبٍ ) لِرَأْسِهِ أَوْ لِحْيَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا ( بِكَحِنَّاءٍ ) بِالْمَدِّ وَالصَّرْفِ مِثَالٌ صَالِحٌ لِلْأَمْرَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ يُطَيِّبُ الرَّأْسَ وَيُفَوِّحُهُ وَيَقْتُلُ دَوَابَّهُ وَيُرَجِّلُ شَعْرَهُ وَيُزَيِّنُهُ ، وَبِدُونِ هَذَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ قَالَهُ سَنَدٌ ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْوَسِمَةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِهَا لُغَةً نَبْتُ شَجَرَةٍ كَالْكُزْبَرَةِ يُدَقُّ وَيُخْلَطُ مَعَ الْحِنَّاءِ مِنْ الْوَسَامَةِ أَيْ : الْحُسْنِ ؛ لِأَنَّهَا تُحَسِّنُ الشَّعْرَ قَالَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِيهِ الْفِدْيَةُ .
وَلَوْ نَزَعَهُ مَكَانَهُ إنْ عَمَّ رَأْسَهُ مَثَلًا بِالْخَضْبِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْمَخْضُوبُ ( رُقْعَةً إنْ كَبُرَتْ ) بِأَنْ كَانَتْ قَدْرَ الدِّرْهَمِ فَإِنْ صَغَرَتْ فَلَا فِدْيَةَ ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ خَضْبٍ أَنَّهُ إنْ جَعَلَهَا فِي فَمِ جُرْحٍ أَوْ حَشَى بِهَا شُقُوقًا أَوْ شَرِبَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَمُجَرَّدُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً صَبُّ مَاءٍ حَارٍّ عَلَى جَسَدِهِ فِي ( حَمَّامٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ عَنْ تَدَلُّكٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ فَفِيهِ الْفِدْيَةُ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) وَلَوْ لِرَفْعِ جَنَابَةٍ وَأَسْقَطَ مِنْ كَلَامِهِ تَقْيِيدَهُ بِجُلُوسٍ فِيهِ حَتَّى يَعْرَقَ وَأَوْلَى إنْ دَلَّكَ أَوْ أَزَالَ وَسَخًا ، وَأَمَّا صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ فِيهِ فَلَا فِدْيَةَ فِيهِ وَدُخُولُهُ التَّدَفِّي بِلَا غُسْلٍ جَائِزٌ ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى دَاخِلِهِ إلَّا إذَا تَدَلَّكَ وَأَنْقَى الْوَسَخَ وَاقْتَصَرَ عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ لِاخْتِيَارِهِ الْأَشْيَاخَ لَا مَا فِيهَا قَالَهُ الشَّارِحُ .

وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ ، أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا بِفَوْرٍ ، أَوْ نَوَى التَّكْرَارَ ، أَوْ قَدَّمَ الثَّوْبَ عَلَى السَّرَاوِيلِ وَشَرْطُهَا فِي اللُّبْسِ انْتِفَاعٌ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ ، لَا إنْ نَزَعَ مَكَانَهُ ، وَفِي صَلَاةٍ قَوْلَانِ .

( وَاتَّحَدَتْ ) الْفِدْيَةُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ وَتَتَعَدَّدُ فِي غَيْرِهَا بِتَعَدُّدِ سَبَبِهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهَا فَتَتَّحِدُ مَعَ تَعَدُّدِ سَبَبِهَا ( إنْ ظَنَّ ) الشَّخْصُ ( الْإِبَاحَةَ ) لِأَسْبَابِ الْفِدْيَةِ كَمَنْ طَافَ لِلْعُمْرَةِ وَسَعَى وَتَحَلَّلَ وَفَعَلَ أَسْبَابًا لِلْفِدْيَةِ مِنْ لُبْسِ مُحِيطٍ وَتَطَيُّبٍ وَإِزَالَةِ شَعْرٍ وَغَيْرِهَا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ فَسَادُ طَوَافِهِ أَوْ سَعْيِهِ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِتِلْكَ الْأَسْبَابِ .
وَكَمَنْ رَفَضَ إحْرَامَهُ وَظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ وَإِبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِهِ بِرَفْضِهِ وَفِعْلَ أَسْبَابِهَا كَذَلِكَ فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ وَكَمَنْ وَطِئَ وَهُوَ مُحْرِمٌ وَظَنَّ خُرُوجَهُ مِنْهُ وَإِبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِهِ فَفَعَلَ أَشْيَاءَ مِنْ مُوجِبَاتِهَا فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ .
وَأَمَّا مَنْ ظَنَّ إبَاحَةَ مَمْنُوعَاتِ الْإِحْرَامِ وَلَمْ يَسْتَنِدْ فِي ظَنِّهِ لِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ وَفَعَلَ أَسْبَابًا فِي أَوْقَاتٍ مُتَبَاعِدَةٍ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ سَبَبٍ فِدْيَةٌ ، وَكَذَا مَنْ ظَنَّ أَنَّهَا لَا تَتَعَدَّدُ لِتَعَدُّدِ أَسْبَابِهَا وَفَعَلَ أَسْبَابًا كَذَلِكَ فَقَوْلُهُ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ أَيْ : فِي صُوَرٍ مَخْصُوصَةٍ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ .
( أَوْ تَعَدَّدَ مُوجِبُهَا ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ : سَبَبُ وُجُوبِ الْفِدْيَةِ كَلُبْسٍ وَتَطَيُّبٍ وَحَلْقٍ وَقَلْمٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ ( بِفَوْرٍ ) وَاحِدٍ فَفِيهَا فِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِصَيْرُورَتِهَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ فِعْلِ الثَّانِي وَإِلَّا فَتَتَعَدَّدُ وَالْفَوْرُ هُنَا عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَهُوَ اتِّصَالُ الْأَسْبَابِ وَفِعْلُهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، كَذَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ فَوْرٌ وَأَنَّ التَّرَاخِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لَا أَقَلُّ .
أَوْ ) تَرَاخَى مَا بَيْنَ الْفِعْلَيْنِ ( وَنَوَى ) عِنْدَ فِعْلِ الْأَوَّلِ ( التَّكْرَارَ ) لِأَسْبَابِ الْفِدْيَةِ وَلَوْ طَالَ مَا بَيْنَ السَّبَبَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَا كَاللُّبْسِ وَالتَّطَيُّبِ إذَا

لَمْ يُخْرِجْ لِلْأَوَّلِ قَبْلَ الثَّانِي وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ نِيَّةَ فِعْلِ جَمِيعِ مُوجِبَاتِ الْفِدْيَةِ وَفِعْلَهَا كُلَّهَا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا .
وَنِيَّةُ فِعْلِ كُلِّ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْهَا ، وَفَعَلَ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا ، وَنِيَّةُ فِعْلِ مُعَيَّنِهِ وَفَعَلَهَا كُلَّهَا أَوْ مُتَعَدِّدًا مِنْهَا ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ النِّيَّةُ عِنْدَ فِعْلِ أَوَّلِ مُوجِبٍ أَوْ عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِهِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ .
( أَوْ قَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَا نَفْعُهُ عَامٌّ عَلَى مَا نَفْعُهُ خَاصٌّ كَأَنْ قَدَّمَ فِي لُبْسِهِ ( الثَّوْبَ ) الطَّوِيلَ إلَى أَسْفَلَ مِنْ الرُّكْبَةِ أَوْ الْقَلَنْسُوَةَ ( عَلَى السَّرَاوِيلِ ) أَوْ الْعِمَامَةَ أَوْ الْجُبَّةَ فَفِدْيَةٌ وَاحِدَةٌ لِلْعَامِّ نَفْعُهُ ، وَلَا فِدْيَةَ لِلْخَاصِّ إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ بِالسَّرَاوِيلِ زِيَادَةً عَنْ انْتِفَاعِهِ بِالثَّوْبِ لِطُولِهِ طُولًا لَهُ بَالٌ أَوْ لِدَفْعِهِ حَرًّا أَوْ بَرْدًا فَتَلْزَمُ بِلُبْسِهِ فِدْيَةٌ أُخْرَى لِانْتِفَاعِهِ ثَانِيًا بِغَيْرِ مَا انْتَفَعَ بِهِ أَوَّلًا مُحَمَّدٌ مَنْ ائْتَزَرَ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ مِئْزَرٍ فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا وَيَأْتَزِرُ بِهِمَا كَرِدَاءٍ فَوْقَ رِدَاءٍ .
ابْنِ عَرَفَةَ الشَّيْخُ إنْ احْتَزَمَ فَوْقَ إزَارِهِ وَلَوْ بِحَبْلٍ أَوْ بِمِئْزَرٍ فَوْقَ آخَرَ افْتَدَى إلَّا أَنْ يَبْسُطَهُمَا فَيَأْتَزِرَ بِهِمَا .
وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ قَائِلًا لَا بَأْسَ بِرِدَاءٍ فَوْقَ رِدَاءٍ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الرِّدَاءَ فَوْقَ الرِّدَاءِ لَيْسَ احْتِرَامًا بِخِلَافِ الِائْتِزَارِ فَوْقَ الْإِزَارِ حَيْثُ لَمْ يَبْسُطْهُمَا قَبْلَهُ فَهُوَ كَالِاحْتِزَامِ عَلَى الْمِئْزَرِ .
( وَشَرْطُ ) وُجُوبِ ( هَا ) أَيْ : الْفِدْيَةِ ( فِي اللُّبْسِ ) لِمُحِيطٍ مَمْنُوعٍ لُبْسُهُ بِالْإِحْرَامِ ( انْتِفَاعٌ ) بِالْمَلْبُوسِ ( مِنْ ) دَفْعِ ( حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ ) أَيْ شَأْنًا ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِالْفِعْلِ فَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا شَفَّافًا لَا يَقِي حَرًّا وَلَا بَرْدًا وَتَرَاخَى زَمَنًا طَوِيلًا فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ .
فَفِي الْجَوَاهِرِ الْفِدْيَةُ إذَا انْتَفَعَ

بِاللُّبْسِ مِنْ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ دَامَ عَلَيْهِ كَالْيَوْمِ ( لَا ) فِدْيَةَ عَلَيْهِ ( إنْ ) لَبِسَ مُحِيطًا مَمْنُوعًا وَ ( نَزَعَ ) هـ ( مَكَانَهُ ) أَيْ : فَوْرًا وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ مِنْ حَرٍّ وَلَا بَرْدٍ ( وَفِي ) الْفِدْيَةِ بِانْتِفَاعِهِ بِالْمَلْبُوسِ فِي ( صَلَاةٍ ) وَلَوْ رَبَاعِيَةً طَوَّلَ فِيهَا وَعَدَمُهَا ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُعَدُّ طُولًا أَمْ لَا ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ .
وَفِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا " قَالَ فَمَرَّةً نَظَرَ إلَى حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ فِي الصَّلَاةِ ، وَنَظَرَ مَرَّةً إلَى التَّرَفُّهِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالطُّولِ .
الْحَطّ هَذَا هُوَ التَّوْجِيهُ الظَّاهِرُ لَا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ إذْ لَيْسَ ذَلِكَ بِطُولٍ لِمَا عَلِمْت مِمَّا تَقَدَّمَ ا هـ .
وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ أَنَّ الطُّولَ كَالْيَوْمِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ سَوَاءٌ طُولٌ فِي الصَّلَاةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِمَا فِي عب عَنْ الشَّارِحِ .
.

وَلَمْ يَأْثَمْ إنْ فَعَلَ لِعُذْرٍ ، وَهِيَ نُسُكٌ بِشَاةٍ فَأَعْلَى ، أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ لِكُلٍّ مُدَّانِ : كَالْكَفَّارَةِ أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى ، وَلَمْ يَخْتَصَّ بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان ؛ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالذَّبْحِ الْهَدْيَ فَكَحُكْمِهِ ، وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ .

( وَلَمْ يَأْثَمْ ) الْمُحْرِمُ ( إنْ فَعَلَ ) مُوجِبَ الْفِدْيَةِ ( لِعُذْرٍ ) حَاصِلٍ أَوْ خِيفَ حُصُولُهُ هَذَا قَوْلُ التَّاجُورِيِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عب ، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ .
وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهِ وَمَفْهُومٌ لِعُذْرِ إثْمِهِ إنْ فَعَلَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَلَا تَرْفَعُ الْفِدْيَةُ إثْمَهُ كَمَا أَنَّ الْعُذْرَ لَا يَرْفَعُ الْفِدْيَةَ ( وَهِيَ ) أَيْ : الْفِدْيَةُ ( نُسُكٌ ) بِضَمِّ النُّونِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : عِبَادَةٌ مُضَافٌ أَوْ مُنَوَّنٌ مُبْدَلٌ مِنْهُ ( شَاةٍ ) بِالْجَرِّ عَلَى الْأَوَّلِ وَالرَّفْعِ عَلَى الثَّانِي ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِشَاةٍ الْبَدْرِ يُشْتَرَطُ فِيهَا سِنٌّ وَسَلَامَةُ الْأُضْحِيَّةِ كَمَا تُفِيدُهُ الْمُدَوَّنَةُ وَالظَّاهِرُ اشْتِرَاطُ ذَبْحِهَا وَأَنَّهُ لَا يُجْزِي إعْطَاؤُهَا لِلْمَسَاكِينِ حَيَّةً ( فَأَعْلَى ) أَيْ : أَفْضَلُ مِنْ الشَّاةِ وَهِيَ الْبَقَرَةُ ، وَأَعْلَى مِنْ الْبَقَرَةِ الْبَدَنَةُ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَالْآبِيُّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَارْتَضَى أَبُو الْحَسَنِ فِي مَنْسَكِهِ أَنَّ الشَّاةَ أَفْضَلُ فَالْبَقَرَةُ فَالْبَدَنَةُ ، فَعَلَى هَذَا مَعْنَى أَعْلَى أَكْثَرُ لَحْمًا وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا .
( أَوْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينَ ) أَيْ : لَا يَمْلِكُونَ قُوتَ عَامٍ فَشَمِلَ الْفُقَرَاءَ ( لِكُلٍّ ) مِنْهُمْ ( مُدَّانِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُثَنَّى مُدٍّ نَبَوِيٍّ مِلْءُ جِفَانٍ مُتَوَسِّطٍ لَا مَقْبُوضٍ وَلَا مَبْسُوطٍ فَهِيَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ ( كَالْكَفَّارَةِ ) لِلْيَمِينِ فِي كَوْنِهَا مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ لَا غَالِبِ قُوتِهِ ، وَكَوْنُهَا بِمُدِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذْ بِهِ تُؤَدَّى جَمِيعُ الْكَفَّارَاتِ سِوَى كَفَّارَةِ الظِّهَارِ الْبَدْرُ الظَّاهِرُ ، أَنَّ الْمُشَبَّهَ بِهِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ فَلَا تُجْزِئُ مُلَفَّقَةٌ وَلَا مُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ لَا الصَّوْمُ وَلَا الظِّهَارُ ؛ لِأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ .
( أَوْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) إنْ كَانَتْ غَيْرَ أَيَّامِ مِنًى بَلْ (

وَلَوْ ) كَانَتْ ( أَيَّامَ مِنًى ) الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَ يَوْمِ الْعِيدِ ( وَلَمْ يَخْتَصَّ ) النُّسُكُ ذَبْحًا أَوْ نَحْرًا أَوْ إطْعَامًا أَوْ صِيَامًا ( بِزَمَانٍ أَوْ مَكَان ) قَالَهُ تت ، وَمُقْتَضَاهُ إطْلَاقُ النُّسُكِ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ وَالْآيَةِ اخْتِصَاصُهُ بِالشَّاةِ فَأَعْلَى ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) الْمُفْتَدِي ( بِالذِّبْحِ ) بِكَسْرِ الذَّالِ أَيْ الْمَذْبُوحُ وَمِثْلُهُ الْمَنْحُورُ ( الْهَدْيَ ) أَوْ يُقَلِّدَ وَيُشْعِرَ مَا يُقَلِّدُ وَيُشْعِرُ ، وَلَوْ لَمْ يَنْوِ الْهَدْيَ كَمَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ ( فَ ) يَصِيرُ حُكْمُهُ ( كَحُكْمِهِ ) أَيْ : الْهَدْيِ فِي أَنَّ مَحَلَّهُ مِنًى إنْ وَقَفَ بِهِ فِي عَرَفَةَ لَيْلَةَ الْعِيدِ وَسَاقَهُ فِي حَجٍّ وَبَقِيَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ وَإِلَّا فَعَلَهُ فِي مَكَّةَ ، وَشُرِطَ جَمْعُهُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ( طفى ) نِيَّةُ الْهَدْيِ كَافِيَةٌ فِي كَوْنِ حُكْمِهِ كَالْهَدْيِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ، وَالتَّقْلِيدُ وَالْإِشْعَارُ بِمَنْزِلَةِ النِّيَّةِ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْفَاكِهَانِيُّ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ فَكَحُكْمِهِ الْأَكْلُ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا بَعْدَ الْمَحَلِّ وَلَوْ جُعِلَتْ هَدْيًا .
( وَلَا يُجْزِئُ ) عَنْ إطْعَامِ سِتَّةِ مَسَاكِينِ لِكُلٍّ مُدَّانِ ( غَدَاءً وَعَشَاءً ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَإِهْمَالِ الدَّالِ وَلَا غَدَاءَانِ وَلَا عَشَاءَانِ ( إنْ لَمْ يَبْلُغْ ) مَا ذَكَرَ ( مُدَّيْنِ ) لِكُلِّ مِسْكِينٍ فَإِنْ بَلَغَهُمَا أَجْزَأَ وَالْأَفْضَلُ الْأَمْدَادُ كَمَا يُفِيدُهُ فِي الظِّهَارِ وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ كَفِدْيَةِ الْأَذَى .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفِدْيَةِ وَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَنَّهَا مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ وَهُوَ الْغَالِبُ فِي أَكْلِ شَخْصٍ فِي يَوْمِ الْفِدْيَةِ لِكُلٍّ مُدَّانِ فَهُمَا قَدْرُ أَكْلِهِ فِي يَوْمَيْنِ .

وَالْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَأَفْسَدَ مُطْلَقًا : كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ ، وَإِنْ بِنَظَرٍ ، وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَ الْوُقُوفِ مُطْلَقًا ، أَوْ بَعْدَهُ إنْ وَقَعَ قَبْلَ إفَاضَةٍ وَعَقَبَةٍ : يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ ، وَإِلَّا فَهَدْيٌ : كَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً وَإِمْذَائِهِ ، وَقُبْلَتِهِ ، وَوُقُوعِهِ بَعْدَ سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ ، وَإِلَّا فَسَدَتْ .

( وَ ) حَرُمَ عَلَيْهِمَا ( الْجِمَاعُ وَمُقَدِّمَاتُهُ ) وَلَوْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ ( وَأَفْسَدَ ) الْجِمَاعُ الْإِحْرَامَ حَالَ كَوْنِهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا أَوْ إكْرَاهًا فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ فِعْلِ شَيْءٍ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ أَوْ قَبْلَهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مِنْ بَالِغٍ وَمُوجِبًا لِلْغُسْلِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ .
وَيُفْسِدُ الْحَجَّ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْجِمَاعُ وَالْمَنِيُّ فِي الْإِفْسَادِ عَلَى نَحْوٍ مُوجِبٍ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ التَّوْضِيحُ كَأَنَّ الْمُصَنِّفَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي رَمَضَانَ يُوجِبُ الْفَسَادَ هُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُوجِبَ الْكَفَّارَةِ فِي الصَّوْمِ هُوَ الْجِمَاعُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِفْسَادِ فَقَالَ ( كَاسْتِدْعَاءِ مَنِيٍّ ) بِقُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ ( وَإِنْ ) اسْتَدْعَاهُ فَخَرَجَ ( بِنَظَرٍ ) أَيْ : إدَامَتِهِ وَكَذَا بِإِدَامَةِ فِكْرٍ فَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَلَا يَفْسُدُ وَيُنْدَبُ الْهَدْيُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ وَفِي الْحَطّ مَا يُفِيدُ أَنَّ هَذَا مُقَابِلُ الرَّاجِحِ مِنْ وُجُوبٍ لِهَدْيٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَقَيَّدَ الْإِفْسَادَ بِقَوْلِهِ ( إنْ وَقَعَ ) الْجِمَاعُ ( قَبْلَ الْوُقُوفِ ) بِعَرَفَةَ فَيُفْسِدُهُ ( مُطْلَقًا ) أَيْ : فَعَلَا شَيْئًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ وَالسَّعْيِ أَمْ لَا .
الْحَطّ بَعْدَمَا فَسَّرَ الْإِطْلَاقَ بِمَا ذَكَرَ لَمَّا كَانَ طَوَافُ الْقُدُومِ وَالسَّعْيُ شَبِيهَيْنِ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ فِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقِسْمَيْنِ وَاجِبًا وَرُكْنًا .
وَفَصَّلَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ حَسُنَتْ الْإِشَارَةُ إلَى ذَلِكَ بِالْإِطْلَاقِ .
( أَوْ ) وَقَعَ الْجِمَاعُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْوُقُوفِ فَيَفْسُدُ ( إنْ وَقَعَ ) الْجِمَاعُ ( قَبْلَ ) طَوَافِ ( إفَاضَةٍ وَ ) رَمْيِ جَمْرَةِ ( عَقَبَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ ) لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ .
الْحَطّ لَا بُدَّ مِنْ

هَذِهِ اللَّفْظَةِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اخْتِصَاصُ الْفَسَادِ بِيَوْمِ النَّحْرِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقَعْ قَبْلَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ قَبْلَهُ بِأَنْ وَقَعَ قَبْلَهُمَا بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَ أَحَدِهِمَا يَوْمَ النَّحْرِ ( فَهَدْيٌ ) وَاجِبٌ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ إفْسَادٍ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا مَا وَقَعَ بَعْدَهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَحُلَّ بِهِ مَا بَقِيَ .
وَشَبَّهَ فِي الْهَدْيِ فَقَالَ ( كَإِنْزَالِ ) الْمَنِيِّ ( ابْتِدَاءً ) أَيْ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ وَلَوْ قَصَدَ بِهِمَا لَذَّةً ، فَإِنْ خَرَجَ بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ ( وَإِمْذَائِهِ ) فِيهِ الْهَدْيُ سَوَاءٌ خَرَجَ ابْتِدَاءً أَوْ بِإِدَامَةِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ أَوْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( وَقُبْلَتِهِ ) بِدُونِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ فِيهَا هَدْيٌ إذَا كَانَتْ عَلَى الْفَمِ لِغَيْرِ وَدَاعٍ وَرَحْمَةٍ ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ فَحُكْمُهُ فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْجَسَدِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُلَامَسَةِ إنْ خَرَجَ بِهَا مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ أَوْ كَثُرَتْ فَهَدْيٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَلَوْ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَوْ وَجَدَهَا .
( وَوُقُوعِهِ ) أَيْ : الْجِمَاعِ مِنْ مُعْتَمِرٍ ( بَعْدَ ) فَرَاغِ ( سَعْيٍ فِي عُمْرَتِهِ ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا فَلَا يُفْسِدُهَا لِتَمَامِ أَرْكَانِهَا وَفِيهِ هَدْيٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَعْدَ سَعْيٍ فِيهَا بِأَنْ وَقَعَ فِي السَّعْيِ أَوْ قَبْلَهُ ( فَسَدَتْ ) عُمْرَتُهُ فَاَلَّذِي يُفْسِدُ الْحَجَّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فِي بَعْضٍ آخَرَ وَهُوَ الْجِمَاعُ ، وَالْإِنْزَالُ يُفْسِدُ الْعُمْرَةَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فِي بَعْضٍ آخَرَ .
وَأَمَّا مَا لَا يُفْسِدُ الْحَجَّ وَيُوجِبُ الْهَدْيَ فَقَطْ فَلَا يُوجِبُهُ فِي الْعُمْرَةِ إذْ هِيَ أَخَفُّ ، هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ ، وَاسْتَظْهَرَ س إيجَابَ الْهَدْيِ فِيهَا .
أَيْضًا الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَشْهَدُ لَهُ عُمُومُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ الَّذِي فِي الْحَطّ

وَالتَّوْضِيحِ .

وَوَجَبَ إتْمَامُ الْمُفْسَدِ ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَحْرَمَ ، وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثِهِ ، وَفَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ وَإِنْ تَطَوُّعًا ، وَقَضَاءُ الْقَضَاءِ ، وَنَحْرُ هَدْيٍ فِي الْقَضَاءِ وَاتَّحَدَ ، وَإِنْ تَكَرَّرَ لِنِسَاءٍ ، بِخِلَافِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ ، وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ ، وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى ، وَعُمْرَةٌ إنْ وَقَعَ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ، وَإِحْجَاجُ مُكْرَهَةٍ وَإِنْ نَكَحَتْ غَيْرَهُ ، وَعَلَيْهَا إنْ أَعْدَمَ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِ : كَالْمُتَقَدِّمِ وَفَارَقَ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ مِنْ إحْرَامِهِ لِتَحَلُّلِهِ ، وَلَا يُرَاعَى زَمَنُ إحْرَامِهِ ، بِخِلَافِ مِيقَاتٍ إنْ شُرِعَ ، وَإِنْ تَعَدَّاهُ ؛ فَدَمٌ .

( وَوَجَبَ ) عَلَى الْمُكَلَّفِ ( إتْمَامُ ) النُّسُكِ ( الْمُفْسَدِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ مِنْ عُمْرَةٍ أَوْ حَجٍّ أَدْرَكَ وُقُوفَهُ وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ قَبْلَهُ فَيُتِمُّهُ بِالْوُقُوفِ وَنُزُولِ مُزْدَلِفَةَ وَمَبِيتِهَا وَوُقُوفِ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَالْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيِ عَقِبَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَدَّمَهُ ، وَمَبِيتِ مِنًى وَرَمْيِهَا وَالتَّحْصِيبِ فَإِنْ فَاتَهُ وُقُوفُهُ وَجَبَ تَحَلُّلُهُ مِنْهُ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ الْفَاسِدِ لِعَامٍ قَابِلٍ فَإِنَّهُ تَمَادَى عَلَى فَاسِدٍ يُمْكِنُ التَّحَلُّلُ مِنْهُ ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا فَهُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا هُنَا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ سَوَاءٌ ظَنَّ إبَاحَةَ قَطْعِهِ أَمْ لَا ( فَهُوَ ) أَيْ : الْإِحْرَامُ الْفَاسِدُ بَاقٍ ( عَلَيْهِ ) إنْ لَمْ يُحْرِمْ بِالْقَضَاءِ بَلْ .
( وَإِنْ أَحْرَمَ ) بِغَيْرِهِ فَهُوَ لَغْوٌ وَلَوْ قَصَدَ بِهِ قَضَاءَ الْمُفْسَدِ فَلَا يَكُونُ مَا أَحْرَمَ بِهِ قَضَاءً عَنْهُ عِنْدَ إمَامِنَا مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِمَا أَحْرَمَ بِهِ وَإِتْمَامُهُ إتْمَامٌ لِلْمُفْسَدِ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى وَلَا ( يَقَعْ قَضَاؤُهُ ) أَيْ : الْمُفْسَدَ ( إلَّا فِي ) سَنَةٍ ( ثَالِثَةٍ ) إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ فَوَاتِ وُقُوفِ الثَّانِي وَإِلَّا أُمِرَ بِالتَّحَلُّلِ مِنْ الْفَاسِدِ بِفِعْلِ عُمْرَةٍ وَلَوْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَقْضِيهِ فِي الْعَامِ الثَّانِي .
وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهُ ثُمَّ أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَهُوَ عَلَى مَا أَفْسَدَ وَلَمْ يَقَعْ قَضَاؤُهُ إلَّا فِي ثَالِثَةٍ .
( وَ ) وَجَبَ ( فَوْرِيَّةُ الْقَضَاءِ ) لِمَا أَفْسَدَهُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بَعْدَ التَّحَلُّلِ مِنْ فَاسِدِهِمَا وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَرَاخِي الْحَجِّ وَلَمْ يَخَفْ فَوَاتَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ فَرْضًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( تَطَوُّعًا

) ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مِنْ النَّفْلِ الَّذِي يَجِبُ تَكْمِيلُهُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَالْقَضَاءُ مِنْ جُمْلَةِ التَّكْمِيلِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ تَقْدِيمُ قَضَاءِ التَّطَوُّعِ عَلَى حَجَّةِ الْإِسْلَامِ .
( وَ ) وَجَبَ ( قَضَاءُ الْقَضَاءِ ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ أَفْسَدَهُ فَيَأْتِي بِحَجَّتَيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إحْدَاهُمَا قَضَاءٌ عَنْ الْحَجَّةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ قَضَاءٌ عَنْ قَضَائِهَا الَّذِي أَفْسَدَهُ ، وَيُهْدِي مَعَ كُلِّ حَجَّةٍ هَدْيًا .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَثُرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مَعَ الْأَوَّلِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ .
قَالَ التَّوْضِيحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَالْمَشْهُورُ أَنْ لَا قَضَاءَ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ عَلَى أَنَّ الْمَشْهُورَ هُنَا الْقَضَاءُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْحَجَّ لَمَّا كَانَتْ كُلْفَتُهُ شَدِيدَةً شَدَّدَ فِيهِ بِقَضَاءِ الْقَضَاءِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ لِئَلَّا يُتَهَاوَنَ بِهِ ، وَفَرْقٌ آخَرُ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الْحَجِّ عَلَى الْفَوْرِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْفَوْرِ صَارَتْ حَجَّةُ الْقَضَاءِ كَأَنَّهَا حَجَّةٌ مُعَيَّنَةٌ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ ، فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ إنْ أَفْسَدَهَا كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ .
وَأَمَّا زَمَانُ قَضَاءِ الصَّوْمِ فَلَيْسَ بِمُعَيَّنٍ .
( وَ ) وَجَبَ ( نَحْرُ هَدْيٍ فِي ) زَمَنِ ( الْقَضَاءِ ) حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَا يُقَدِّمُهُ زَمَنَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ فَيُؤَخِّرُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِيَجْتَمِعَ الْجَابِرُ وَالنُّسُكِيُّ وَالْمَالِيُّ وَالْوُجُوبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْهَدْيِ وَعَلَى كَوْنِ نَحْرِهِ فِي الْقَضَاءِ ، وَلَكِنَّهُ غَيْرُ شَرْطٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَجْزَأَ إنْ عَجَّلَ .
وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وُجُوبُهُ لِلْقَضَاءِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ لِلْفَسَادِ .
فَلَوْ قَالَ : وَنَحَرَ هَدْيَهُ فِيهِ وَيَكُونُ ضَمِيرُ هَدْيِهِ لِلْفَسَادِ وَفِيهِ لِلْقَضَاءِ لَكَانَ أَحْسَنَ ( وَاتَّحَدَ ) هَدْيُ الْفَسَادِ إنْ اتَّحَدَ مُوجِبُ الْفَسَادِ بَلْ ( وَإِنْ تَكَرَّرَ )

مُوجِبُهُ بِوَطْءٍ ( لِنِسَاءٍ ) أَيْ : فِيهِنَّ ( بِخِلَافِ صَيْدٍ ) فَيَتَعَدَّدُ جَزَاؤُهُ بِتَعَدُّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَنْهُ وَالْعِوَضُ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُعَوَّضِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( فِدْيَةٍ ) فَتَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ سَبَبِهَا إلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي قَوْلِهِ وَاتَّحَدَتْ إنْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ إلَخْ .
( وَأَجْزَأَ ) هَدْيُ الْفَسَادِ ( إنْ عُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَعَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ ( وَ ) وَجَبَ هَدَايَا ( ثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ ) الْحَجَّ حَالَ كَوْنِهِ ( قَارِنًا ) أَوْ مُتَمَتِّعًا ( ثُمَّ ) بَعْدَ أَخْذِهِ فِي إتْمَامِهِ ( فَاتَهُ ) وُقُوفُهُ أَوْ فَاتَهُ وُقُوفُهُ ثُمَّ أَفْسَدَهُ ( وَقَضَى ) قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا بِهَدْيٍ لِلْإِفْسَادِ وَهَدْيٍ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٍ لِلْقُرْآنِ أَوْ التَّمَتُّعِ الصَّحِيحِ الَّذِي جَعَلَهُ قَضَاءً ، وَسَقَطَ هَدْيُ الْقُرْآنِ أَوْ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَسَدَ وَفَاتَ لِانْقِلَابِهِ عُمْرَةً فَلَمْ يَحُجَّ الْقَارِنُ بِإِحْرَامِهِ وَلَا الْمُتَمَتِّعُ مِنْ عَامِهِ ، وَسَيُفِيدُ هَذَا بِقَوْلِهِ لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ .
فَإِنْ قُلْت : قَوْلُهُ وَقَضَى صَادِقٌ بِقَضَائِهِ قَارِنًا وَبِقَضَائِهِ مُفْرِدًا فَمِنْ أَيْنَ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْأَوَّلُ .
قُلْت مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي لَا قِرَانَ عَنْ إفْرَادٍ إلَخْ ( وَعُمْرَةٌ ) عَطْفٌ عَلَى هَدْيٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَهَدْيٌ فَلَوْ وَصَلَهُ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ ذِكْرُهُ هُنَا يُوهِمُ اتِّصَالَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ ، أَيْ : حَيْثُ قُلْنَا بِعَدَمِ الْفَسَادِ فَهَدْيٌ وَيَجِبُ مَعَهُ عُمْرَةٌ يَأْتِي بِهَا بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى ( إنْ وَقَعَ ) الْوَطْءُ غَيْرُ الْمُفْسِدِ لِلْحَجِّ ( قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ ) لِلْإِفَاضَةِ صَادِقٌ بِهِ بِوُقُوعِهِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَبِوُقُوعِهِ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رَكْعَتَيْهِ ، وَكَذَا إنْ وَقَعَ بَعْدَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَقَبْلَ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يَسْعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ ، فَفِي مَفْهُومِ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ تَفْصِيلٌ لِيَأْتِيَ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ لَا خَلَلَ فِيهِمَا .
فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ

رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ لِمَنْ قَدَّمَ السَّعْيَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ بَعْدَ السَّعْيِ لِمَنْ لَمْ يُقَدِّمْهُ قَبْلَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ لِسَلَامَةِ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ مِنْ الْخَلَلِ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا لَمْ نَقُلْ بِالْإِفْسَادِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَيْهِ هَدْيًا .
وَاخْتُلِفَ فِي الْعُمْرَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ .
أَنَّ عَلَيْهِ عُمْرَةً كَانَ وَطْؤُهُ قَبْلَ الطَّوَافِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ .
الثَّالِثُ : وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِأَنْ نَسِيَ شَوْطًا مِنْهَا أَوْ قَبْلَ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فَعَلَيْهِ الْعُمْرَةُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا عُمْرَةَ عَلَيْهِ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَتَضْعِيفُهُ إسْمَاعِيلَ بِأَنَّ عُمْرَتَهُ تُوجِبُ طَوَافَهَا فَلَا يَصِحُّ لَهَا .
وَلِلْإِفَاضَةِ مَعًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إتْيَانُهُ بِطَوَافٍ فِي إحْرَامٍ لَا ثَلَمَ فِيهِ لَا يُقَيِّدُ أَنَّهُ إفَاضَةٌ .
وَرَدَّهُ أَيْضًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ سَبَبُ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ جَبْرَ الْأَوَّلِ فَلَا نُسَلِّمُ إيجَابَهَا طَوَافًا غَيْرَ الْأَوَّلِ .
( وَ ) وَجَبَ عَلَى مَنْ أَكْرَهَ امْرَأَةً عَلَى جِمَاعِهِ إيَّاهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً أَذِنَ لَهَا فِي الْإِحْرَامِ أَمْ لَا ( إحْجَاجُ مُكْرَهَةٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ وَهَدْيٌ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ ، وَمَفْهُومُ وَمُكْرَهَةٍ أَنَّ الطَّائِعَةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إحْجَاجُهَا وَيَجِبُ عَلَيْهَا الْحَجُّ وَالْهَدْيُ مِنْ مَالِهَا ، وَطَوْعُ أَمَتِهِ إكْرَاهٌ إلَّا أَنْ تَطْلُبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، أَيْ : أَوْ تَتَزَيَّنَ لَهُ إنْ كَانَتْ الْمُكْرَهَةُ بَاقِيَةً فِي عِصْمَتِهِ أَوْ مِلْكِهِ .
بَلْ ( وَإِنْ ) طَلَّقَهَا وَ ( نَكَحَتْ ) الزَّوْجَةُ الْمُكْرَهَةُ ( غَيْرَهُ ) أَيْ : الْمُكْرِهِ وَيُجْبَرُ الزَّوْجُ الثَّانِي عَلَى إذْنِهِ لَهَا فِي قَضَاءِ الْمُفْسَدِ أَوْ بَاعَ الْأَمَةَ الَّتِي أَكْرَهَهَا وَبَيْعُهَا جَائِزٌ عَلَى الْمَنْصُوصِ ،

وَيَجِبُ بَيَانُ وُجُوبِ قَضَاءِ الْمُفْسَدِ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِهِ .
ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ فَلِسَ الزَّوْجُ الْمُكْرَهُ حَاصَّتْ زَوْجَتُهُ الْمُكْرَهَةُ غُرَمَاءَهُ بِمُؤْنَةِ حَجِّهَا وَهَدْيِهَا وَوَقْفِ مَا يَصِيرُ لَهَا حَتَّى تَحُجَّ بِهِ وَتُهْدِيَ مِنْهُ ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ مَا نَابَهَا لِمُؤْنَةِ الْحَجِّ لِغُرَمَائِهِ وَنَفَذَ الْهَدْيُ ، وَإِنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى وَطْءِ امْرَأَةٍ مُكْرَهَةً فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إلَّا الْإِثْمُ وَلَا عَلَى الْمَرْأَةِ ، وَعَلَى الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إحْجَاجُهَا ؛ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ دَلِيلٌ اخْتِيَارِهِ قَرَّرَهُ عج الْبُنَانِيُّ يُمْكِنُ إدْخَالُ هَذِهِ الصُّورَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكْرَهَةٍ بِأَنْ يُقَالَ مُكْرَهَةٌ لَهُ سَوَاءٌ أَكْرَهَهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ، وَفِي قَوْلِهِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إحْجَاجُهَا إلَخْ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ا هـ .
( وَ ) يَجِبُ الْحَجُّ وَالْهَدْيُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْمُكْرَهَةِ بِالْفَتْحِ مِنْ مَالِهَا ( إنْ أَعْدَمَ ) مُكْرِهُهَا بِالْكَسْرِ ( وَرَجَعَتْ ) الْمُكْرَهَةُ بِالْفَتْحِ بِعِوَضِ مَا أَنْفَقَتْهُ مِنْ مَالِهَا فِي حَجِّهَا وَهَدْيِهَا عَلَى الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ إنْ أَيْسَرَ ( كَ ) الرُّجُوعِ ( الْمُتَقَدِّمِ ) فِي رُجُوعِ مَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ طِيبٌ أَوْ عَلَى رَأْسِهِ سَاتِرٌ وَهُوَ نَائِمٌ وَلَمْ يَجِدْ الْمُلْقِي شَيْئًا يَفْتَدِي بِهِ عَنْهُ فَافْتَدَى الْمُحْرِمُ بِغَيْرِ الصَّوْمِ ثُمَّ أَيْسَرَ الْمُلْقِي فِي كَوْنِهِ بِالْأَقَلِّ فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ كِرَاءِ الْمِثْلِ وَمَا اكْتَرَتْ بِهِ إنْ اكْتَرَتْ ، وَبِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَتْهُ ، وَمِنْ نَفَقَةِ مِثْلِهَا فِي السَّفَرِ بِلَا إسْرَافٍ وَفِي الْهَدْيِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهَا .
وَفِي الْفِدْيَةِ بِالْأَقَلِّ مِنْ مِثْلِ كَيْلِ الطَّعَامِ وَقِيمَةِ الشَّاةِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ عِنْدِهَا أَوْ ثَمَنِهِ إنْ اشْتَرَتْهُ هَذَا إنْ افْتَدَتْ بِطَعَامٍ ، وَإِنْ افْتَدَتْ بِشَاةٍ مِنْ عِنْدِهَا

فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ ، وَإِنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهَا فَبِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْأَقَلِّيَّةِ يَوْمُ الرُّجُوعِ لَا يَوْمُ الْإِخْرَاجِ فِي التَّوْضِيحِ التُّونُسِيُّ لَوْ كَانَ النُّسُكُ بِالشَّاةِ أَرْفَقَ لَهَا حِينَ نَسَكَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ ثُمَّ أَيْسَرَ وَقَدْ غَلَا النُّسُكُ وَرَخُصَ الطَّعَامُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الطَّعَامُ إذْ هُوَ الْآنَ أَقَلُّ قِيمَةً مِنْ قِيمَةِ النُّسُكِ الَّذِي نَسَكَتْ بِهِ .
( وَفَارَقَ ) وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا ( مَنْ ) أَيْ الْمَرْأَةَ الَّتِي ( أَفْسَدَ ) الْوَاطِئُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ ( مَعَهُ ) أَيْ : الْمَرْأَةِ الْمَوْطُوءَةِ ، وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا مُرَاعَاةً لِلَفْظِ مَنْ ، وَأَجْرَى الصِّلَةَ عَلَى غَيْرِ مَا هِيَ لَهُ وَلَمْ يُبْرِزْ لَا مِنْ اللَّبْسِ ، وَصِلَةُ فَارَقَ ( مِنْ ) حِينِ ( إحْرَامِهِ ) بِالْقَضَاءِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً ( لِتَحَلُّلِهِ ) مِنْهُ بِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَرَكْعَتَيْهِ وَالسَّعْيِ إنْ لَمْ يَسْعَ عَقِبَ الْقُدُومِ وَحَلْقِهِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِثْلِ مَا كَانَ مِنْهُ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْمَبْدَأِ وَالْغَايَةِ بِأَنَّهَا فِي الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَأَمَّا إتْمَامُ الْمُفْسَدِ فَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ ، وَتُفِيدُهُ عِلَّتُهَا فِي الْقَضَاءِ بَلْ تُفِيدُ أَنَّهَا فِي الْإِتْمَامِ أَوْلَى لِمَظِنَّةِ التَّسَاهُلِ فِيهِ .
وَظَاهِرُ الطِّرَازِ خِلَافُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ الْفَسَادُ حَصَلَ فَلَا مَعْنَى لِلِاحْتِرَاسِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ وُجُوبُ الْإِتْمَامِ يُوجِبُ كَوْنَهُ بِصُورَةٍ لَيْسَ فِيهَا إفْسَادٌ آخَرُ ، وَمَفْهُومُ مَنْ أَفْسَدَ مَعَهُ عَدَمُ وُجُوبِ مُفَارَقَةِ غَيْرِهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا زَرُّوقٌ .
( وَلَا يُرَاعَى ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ إحْرَامُهُ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ ( زَمَنَ إحْرَامِهِ ) بِالْمُفْسَدِ أَيْ : لَا يَلْزَمُهُ إنْ تَحَرَّمَ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مِنْ مِثْلِ الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ فِيهِ بِالْمُفْسَدِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِهِ فِي مِثْلِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ ، فَلَوْ أَحْرَمَ فِي شَوَّالٍ

وَأَفْسَدَهُ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِقَضَائِهِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ أَوْ الْحِجَّةِ .
( بِخِلَافِ مِيقَاتٍ ) مَكَانِيٍّ أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ ( إنْ شُرِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ طُلِبَ الْإِحْرَامُ مِنْهُ شَرْعًا كَالْحُلَيْفَةِ لِمَدَنِيٍّ وَالْحُجْفَةِ لِمِصْرِيٍّ ، فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْهُ .
وَلَوْ أَقَامَ بِمَكَّةَ بَعْدَ إتْمَامِ الْمُفْسَدِ لِلْقَابِلِ فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهَا لَزِمَهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ ( وَإِنْ تَعَدَّاهُ ) أَيْ : الْمُحْرِمُ بِقَضَاءٍ لِمُفْسَدِ الْمِيقَاتِ الَّذِي كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ وَأَحْرَمَ بِالْقَضَاءِ بَعْدَهُ ( فَ ) عَلَيْهِ ( دَمٌ ) وَلَوْ تَعَدَّاهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَإِقَامَتِهِ بِمَكَّةَ لِقَابِلٍ ، وَهَذَا يُخَصِّصُ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ وَمَكَانُهُ لَهُ أَيْ : لِمَنْ بِمَكَّةَ مَكَّةُ .
وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ كَخُرُوجِ ذِي النَّفْسِ لِمِيقَاتِهِ .
وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ شُرِعَ مِنْ إحْرَامِهِ بِالْمُفْسَدِ قَبْلَ الْمِيقَاتِ كَمِصْرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بِقَضَائِهِ إلَّا مِنْ الْمِيقَاتِ الشَّرْعِيِّ كَالْجُحْفَةِ وَمِنْ تَعَدِّيهِ بِإِحْرَامِ الْمُفْسَدِ وَالْإِحْرَامِ بِهِ بَعْدَهُ فَلَا يَتَعَدَّاهُ فِي الْقَضَاءِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ بِهِ مِنْ مِيقَاتِهِ الشَّرْعِيِّ .
وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ يُحْرِمُ بِقَضَاءِ الْمُفْسَدِ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ بِالْمُفْسَدِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمِيقَاتَ الشَّرْعِيَّ أَوْ بَعْدَهُ وَتَأَوَّلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَحْرَمَ مِنْهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَمَنْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِلَا إحْرَامٍ لِعَدَمِ إرَادَتِهِ مَكَّةَ حِينَ مُرُورِهِ بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ دُخُولُهَا .
وَأَمَّا مَنْ تَعَدَّاهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا يَتَعَدَّاهُ ثَانِيًا إلَّا مُحْرِمًا وَنَحْوَهُ لِلْبَاجِيِّ وَالتُّونُسِيِّ ، وَيَصْدُقُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إنْ شُرِعَ ؛ لِأَنَّهُ مَشْرُوعٌ بِالْعُذْرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يُحْرِمُ مُفْسِدُ عُمْرَتِهِ أَوْ حَجِّهِ لِلْقَضَاءِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا إلَّا إنْ كَانَ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ الْمِيقَاتِ فَمِنْهُ فَإِنْ تَعَدَّى

الْمِيقَاتَ فِي الْقَضَاءِ فَدَمٌ .
التُّونُسِيُّ إنْ أَحْرَمَ أَوَّلًا قَبْلَ مِيقَاتِهِ جَهْلًا فَيَكُونُ قَضَاؤُهُ مِنْهُ صَوَابًا وَإِنْ كَانَ تَقَرُّبًا فَالصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا .
اللَّخْمِيُّ مَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ يُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ أَوَّلًا عَلَى أَنَّهُ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ أَوَّلًا غَيْرَ مُتَعَدٍّ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ الْقَضَاءُ مِنْ الْمِيقَاتِ مُطْلَقًا .

وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ عَنْ إفْرَادٍ وَعَكْسِهِ ، وَلَا قِرَانَ عَنْ إفْرَادٍ أَوْ تَمَتُّعٍ وَعَكْسِهِمَا .
وَلَمْ يَنُبْ قَضَاءُ تَطَوُّعٍ عَنْ وَاجِبٍ ، وَكُرِهَ حَمْلُهَا لِلْمَحْمَلِ ، وَلِذَلِكَ اُتُّخِذَتْ السَّلَالِمُ ، وَرُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا لَا شَعْرِهَا ، وَالْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ وَحَرُمَ بِهِ وَبِالْحَرَمِ مِنْ نَحْوِ الْمَدِينَةِ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةٌ لِلتَّنْعِيمِ ، وَمِنْ الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ لِلْمَقْطَعِ ، وَمِنْ عَرَفَةَ تِسْعَةٌ ، وَمِنْ جُدَّةَ عَشْرَةٌ لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ وَيَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ تَعَرُّضُ بَرِّيٍّ ، وَإِنْ تَأَنَّسَ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ ، أَوْ طَيْرَ مَاءٍ .

( وَأَجْزَأَ تَمَتُّعٌ ) قَضَاءً ( عَنْ إفْرَادِ ) مُفْسَدٍ ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ إفْرَادٌ وَزِيَادَةٌ ( وَ ) أَجْزَأَ ( عَكْسُهُ ) أَيْضًا وَهُوَ إفْرَادُ قَضَاءٍ عَنْ تَمَتُّعِ مُفْسِدٍ إذْ الْمُفْسَدُ إنَّمَا هُوَ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ قَدْ تَمَّتْ قَبْلَهُ صَحِيحَةً ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ قَالَ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، خِلَافُ مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ بَشِيرٍ مِنْ عَدَمِ الْإِجْزَاءِ ( لَا ) يُجْزِئُ ( قِرَانٌ ) قَضَاءً ( عَنْ إفْرَادٍ ) مُفْسَدٍ لِنَقْصِ الْقِرَانِ عَنْ الْإِفْرَادِ فِي الْفَضْلِ .
( أَوْ ) أَيْ : وَلَا يُجْزِئُ قِرَانٌ قَضَاءً عَنْ ( تَمَتُّعٍ ) مُفْسَدٍ ؛ لِأَنَّ الْقِرَانَ عَمَلٌ وَاحِدٌ وَالتَّمَتُّعَ عَمَلَانِ ( وَ ) لَا يُجْزِئُ ( عَكْسُهُمَا ) أَيْ الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ وَهُوَ إفْرَادٌ عَنْ قِرَانٍ وَتَمَتُّعٌ عَنْ قِرَانٍ ، فَالصُّوَرُ الْمَذْكُورَةُ سِتٌّ الْإِجْزَاءُ فِي اثْنَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي أَرْبَعٍ وَأَصْلُهَا تِسْعٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثَةٍ الْإِفْرَادُ وَالْقِرَانُ وَالتَّمَتُّعُ فِي مِثْلِهَا أَسْقَطَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ صُوَرٍ الْمَائِلَةَ لِظُهُورِهَا وَتَعْبِيرُهُ بِأَجْزَأَ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَنَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .
( وَلَمْ يَنُبْ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ لِمَنْ أَحْرَمَ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ قَبْلَ حَجَّةِ الْفَرْضِ وَأَفْسَدَهُ وَقَضَاهُ ( قَضَاءُ ) حَجِّ ( تَطَوُّعٍ ) مُفْسَدٍ ( عَنْ ) حَجِّ ( وَاجِبٍ ) عَلَيْهِ أَصَالَةً وَهِيَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ بِالنَّذْرِ بِدَلِيلِ تَعْبِيرِهِ بِوَاجِبٍ دُونَ فَرْضٍ ، سَوَاءٌ نَوَى عِنْدَ إحْرَامِ الْقَضَاءِ الْقَضَاءَ وَالْوَاجِبَ أَوْ الْقَضَاءَ فَقَطْ وَنَوَى نِيَابَتَهُ عَنْ الْوَاجِبِ ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَنْ وَاجِبٍ ، وَنَظَرَ فِيهِ تت ، وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ الْقَضَاءِ أَيْضًا .
وَيُؤَيِّدُ الْبِسَاطِيَّ قَوْلُهُ وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ وَفَرْضَهُ أَجْزَأَ عَنْ النَّذْرِ فَقَطْ ، فَإِنْ نَوَى الْوَاجِبَ فَقَطْ أَجْزَأَ عَنْهُ وَبَقِيَ

عَلَيْهِ قَضَاءُ مُفْسَدِ التَّطَوُّعِ وَمَفْهُومُ تَطَوُّعٍ أَنَّ مَنْ نَذَرَ حَجًّا وَأَفْسَدَهُ وَقَضَاهُ يَنُوبُ لَهُ عَنْ الْوَاجِبِ إذَا نَوَاهُمَا مَعًا ، وَلَكِنَّ تَعْلِيلَ الشَّارِحِ ظَاهِرٌ فِي خِلَافِهِ ، وَصَرَّحَ أَحْمَدُ بِأَنَّهُ لَا يُجْزِيهِ عَنْ الْوَاجِبِ أَصَالَةً وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ حَجَّ نَاوِيًا نَذْرَهُ إلَخْ ، وَأَنَّ قَضَاءَ النَّذْرِ مُسَاوٍ لِقَضَاءِ التَّطَوُّعِ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ أَصَالَةً .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ الْمُحْرِمُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( حَمْلُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ مُحْرِمَةً أَمْ لَا ( لِلْمَحْمِلِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ، وَأَمَّا مَحْرَمُهَا كَأَبِيهَا فَلَا يُكْرَهُ لَهُ حَمْلُهَا كَمَا يَظْهَرُ مِنْ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْجَوَاهِرِ مِنْ اخْتِصَاصِ الْكَرَاهَةِ بِالزَّوْجِ وَظَاهِرٌ وَلَوْ مِنْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ .
وَقَالَ أَحْمَدُ يُكْرَهُ لَهُ كَالزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ حَمْلُهُ لَهَا مَمْنُوعٌ حَلَالًا أَكَانَ أَوْ مُحْرِمًا ( وَلِذَلِكَ ) أَيْ : كُرِهَ حَمْلُ الْمَرْأَةِ لِلْمَحْمِلِ ( اُتُّخِذَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( السَّلَالِمُ ) الَّتِي تَرْقَى النِّسَاءُ عَلَيْهَا لِلْمَحَامِلِ فِي الْأَسْفَارِ ( وَ ) كُرِهَ لَهُ ( رُؤْيَةُ ذِرَاعَيْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا وَالظَّاهِرُ حُرْمَةُ مَسِّهِمَا ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى فِي مَظِنَّةِ اللَّذَّةِ مِنْ رُؤْيَتِهِمَا ( لَا ) يُكْرَهُ رُؤْيَةُ ( شَعْرِهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ مَسِّهِ .
( وَ ) لَا يُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( الْفَتْوَى فِي أُمُورِهِنَّ ) وَلَوْ الْمُتَعَلِّقَةَ بِفُرُوجِهِنَّ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ الْجَوَاهِرِ ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَحْمِلَهَا لِلْمَحْمِلِ .
وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفْتِيَ الْمُفْتِي فِي أُمُورِ النِّسَاءِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
طفى الْمُرَادُ بِلَا بَأْسَ الْإِبَاحَةُ بِدَلِيلِ مُقَابَلَةِ الْأَئِمَّةِ بِالْمَكْرُوهِ ، وَمَا فِي الْجَوَاهِرِ هـ هُوَ لَفْظُ الْمَوَّازِيَّةِ كَمَا فِي مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ وَنَقَلَهُ

ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ .
( وَحَرُمَ بِ ) سَبَبِ ( هـ ) أَيْ : الْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ ( وَبِالْحَرَمِ ) أَيْ : فِيهِ وَلَوْ لِغَيْرِ مُحْرِمٍ وَفَاعِلُ حَرُمَ تَعَرُّضُ الْآتِي ، وَلَمَّا كَانَ لِلْحَرَمِ حُدُودٌ حَدَّدَهَا سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قُرَيْشٌ بَعْدَ قَلْعِهَا ، ثُمَّ سَيِّدُنَا مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ فَتْحِ مَكَّةَ ، ثُمَّ عُمَرَ ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ثُمَّ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ بَيْنَ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ مُحَدِّدًا لَهَا بِالْمَوَاضِعِ وَالْأَمْيَالِ فَقَالَ وَحَدُّهُ ( مِنْ نَحْوِ ) أَيْ جِهَةِ ( الْمَدِينَةِ ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةٌ ) مِنْ الْأَمْيَالِ وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ ( لِ ) مَبْدَأِ ( التَّنْعِيمِ ) مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ الْمُسَمَّى بِمَسْجِدِ عَائِشَةَ الْآنَ ، فَمَا بَيْنَ الْكَعْبَةِ الْمُشَرَّفَةِ وَالتَّنْعِيمِ حَرَمٌ .
وَاخْتُلِفَ فِي مِسَاحَتِهِ فَقِيلَ أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ ، وَقِيلَ خَمْسَةٌ فَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَالتَّنْعِيمِ مِنْ الْحِلِّ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ بِمَكَّةَ يُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ مِنْهُ ، وَسَبَبُ الْخِلَافِ الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الْمِيلِ وَفِي الذِّرَاعِ هَلْ هُوَ ذِرَاعُ الْآدَمِيِّ أَوْ الْبَزِّ الْمِصْرِيِّ .
( وَ ) حَدُّهُ ( مِنْ ) نَحْوِ ( الْعِرَاقِ ثَمَانِيَةٌ ) مِنْ الْأَمْيَالِ ( لِلْمَقْطَعِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالطَّاءِ بَيْنَهُمَا قَافٌ سَاكِنَةٌ وَبِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالطَّاءُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ : ثَنِيَّةُ جَبَلٍ بِمَكَانٍ يُسَمَّى الْمَقْطَعُ .
( وَ ) حَدُّهُ مِنْ نَحْوِ ( عَرَفَةَ تِسْعَةٌ ) مِنْ الْأَمْيَالِ لِطَرْفِ نَمِرَةَ مِنْ جِهَةِ مَكَّةَ وَتُسَمَّى عُرَنَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَبِالنُّونِ وَادٍ بَيْنَ الْحَرَمِ وَعَرَفَةَ بِالْفَاءِ .
وَحَدُّهُ مِنْ جِهَةِ الْجِعْرَانَةِ تِسْعَةُ أَمْيَالٍ

إلَى شِعْبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدٍ .
وَحَدُّهُ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ سَبْعَةُ أَمْيَالٍ إلَى أَضَاةَ بِوَزْنِ نَوَاةٍ .
( وَ ) مِنْ نَحْوِ ( جُدَّةَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ بِسَاحِلٍ الْبَحْرِ غَرْبِيِّ مَكَّةَ بَيْنَهُمَا مَرْحَلَتَانِ ( عَشَرَةٌ ) مِنْ الْأَمْيَالِ ( لِآخِرِ الْحُدَيْبِيَةِ ) بِشَدِّ التَّحْتِيَّةِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِالتَّخْفِيفِ ، وَالْمُرَادُ لِآخِرِهَا مِنْ جِهَةِ الْحِلِّ ، فَهِيَ مِنْ الْحَرَمِ قَالَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ مَكَّةَ مَرْحَلَةٌ وَاحِدَةٌ .
( وَ ) أَشَارَ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْدِيدُ الْحَرَمِ بِأَنَّهُ ( يَقِفُ سَيْلُ الْحِلِّ دُونَهُ ) أَيْ السَّيْلِ الْجَارِي مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ لَا يَدْخُلُهُ وَأَمَّا السَّيْلُ الْجَارِي مِنْ الْحَرَمِ إلَى الْحِلِّ فَيَخْرُجُ إلَيْهِ وَهَذَا أَغْلَبِيٌّ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْأَزْرَقِيِّ يَدْخُلُهُ مِنْ جِهَةِ التَّنْعِيمِ ، وَكَذَا قَوْلُ الْفَاكِهِيِّ مِنْ جِهَاتٍ أُخَرَ وَفَاعِلُ حَرُمَ ( تَعَرُّضُ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ حَيَوَانٍ ( بَرِّيٍّ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : مَنْسُوبٍ لِلْبَرِّ اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْبَحْرِيِّ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ التَّعَرُّضُ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ } وَفِيهِ حُذِفَ النَّعْتُ أَيْ : وَحْشِيٍّ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ إنْ اسْتَمَرَّ وَحْشِيًّا .
بَلْ ( وَإِنْ تَأَنَّسَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : تَطَبَّعَ بِطِبَاعِ الْإِنْسِيِّ وَشَمِلَ الْبَرِّيُّ الْجَرَادَ وَالضُّفْدَعَ الْبَرِّيَّ وَالسُّلَحْفَاةَ الْبَرِّيَّةَ الَّتِي مَقَرُّهَا فِي الْبَرِّ ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْمَاءِ بِخِلَافِ الْبَحْرِ يَأْتِ الَّتِي مَقَرُّهَا الْبَحْرُ ، وَإِنْ عَاشَتْ فِي الْبَرِّ قَالَهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَيْسَ مِنْ الصَّيْدِ الْكَلْبُ الْبَرِّيُّ قَالَهُ فِي

الذَّخِيرَةِ ، وَسَوَاءٌ أُكِلَ لَحْمُ الْبَرِّيِّ ( أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ كَخِنْزِيرٍ وَقِرْدٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا أَوْ مُبَاحًا ( أَوْ ) كَانَ الْبَرِّيُّ ( طَيْرَ مَاءٍ ) أَيْ طَيْرًا بَرِّيًّا يُلَازِمُ الْمَاءَ لِأَكْلِهِ السَّمَكَ الصَّغِيرَ ، وَلِذَا أُضِيفَ لِلْمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَطِيرُ مِنْ حَيَوَانِ الْبَحْرِ لِإِبَاحَتِهِ لِلْمُحْرِمِ .

وَجُزْأَهُ وَبَيْضَهُ ، وَلِيُرْسِلْهُ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ ، وَزَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ لَا بِبَيْتِهِ ، وَهَلْ وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ ؟ تَأْوِيلَانِ ، فَلَا يَسْتَجِدُّ مِلْكَهُ وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ ، وَرُدَّ إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ وَإِلَّا بَقِيَ ، وَفِي صِحَّةِ شِرَائِهِ قَوْلَانِ ؛ إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا ، وَغُرَابًا ، وَحِدَأَةً ، وَفِي صَغِيرِهِمَا خِلَافٌ : كَعَادِي سَبُعٍ كَذِئْبٍ إنْ كَبُرَ : كَطَيْرٍ خِيفَ ؛ إلَّا بِقَتْلِهِ ، وَوَزَغًا لِحِلٍّ بِحَرَمٍ : كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ وَاجْتَهَدَ ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ .

( وَ ) حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَفِي الْحَرَمِ تَعَرُّضُ ( بَيْضِهِ ) أَيْ : الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ .
( وَ ) حَرُمَ بِالْإِحْرَامِ وَفِي الْحَرَمِ ( جُزْؤُهُ ) أَيْ : الْبَرْيِ الْوَحْشِيِّ بِالزَّايِ ، أَيْ : يَحْرُمُ التَّعَرُّضُ لِبَعْضِهِ أَيْضًا ، وَضَبَطَهُ ابْن غَازِيٍّ بِالْجِيمِ وَالرَّاءِ ، غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَبَيْضَهُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَرُمَ التَّعَرُّضُ لِبَيْضِهِ فَأَوْلَى لِجَرْوِهِ وَلِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ بَرِّيٍّ .
وَلِأَنَّهُ سَيَنُصُّ عَلَى الْجَرْوِ فِي قَوْلِهِ وَالصَّغِيرُ كَغَيْرِهِ وَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ شُرْبُ لَبَنِ صَيْدٍ وَحْدَهُ مَحْلُوبًا وَلَا يَجُوزُ لَهُ حَلْبُهُ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ إمْسَاكُهُ ، فَإِنْ حَلَبَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
( وَ ) إنْ مَلَكَ حِلٌّ صَيْدًا فِي الْحِلِّ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ شِرَائِهِ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّتِهِ مِنْ صَائِدِهِ الْحِلِّ فِي الْحِلِّ ثُمَّ أَحْرَمَ أَوْ دَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَ ( لْيُرْسِلْهُ ) أَيْ : يُطْلِقْ الْمَالِكُ الصَّيْدَ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ إنْ كَانَ ( بِيَدِهِ ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ بِقَفَصٍ أَوْ قَيْدٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( أَوْ ) كَانَ مَعَ ( رُفْقَتِهِ ) فِي قَفَصٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُرْسِلْهُ وَتَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ ( وَزَالَ مِلْكُهُ ) أَيْ : مَنْ أَحْرَمَ أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ وَالصَّيْدُ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ ( عَنْهُ ) أَيْ لِلصَّيْدِ فِي الْحَالِ وَالْمَآلِ فَلَوْ أَرْسَلَهُ أَحَدٌ فَلَا يَضْمَنُهُ أَوْ أَطْلَقَهُ الْمُحْرِمُ فَأَخَذَهُ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ قَبْلَ لُحُوقِهِ بِالْوَحْشِ فَهُوَ لِمَنْ أَخَذَ .
فَإِذَا تَحَلَّلَ الْمُحْرِمُ مِنْ إحْرَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهُ ، وَإِنْ أَبْقَاهُ الْمُحْرِمُ بِيَدِهِ وَرُفْقَتِهِ حَتَّى تَحَلَّلَ وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ .
فَإِنْ ذَبَحَهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ .
وَأَمَّا مَنْ اصْطَادَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ أَوْ الْحَرَمُ فَلَمْ يَمْلِكْهُ حَتَّى يُقَالَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ .
وَأَمَّا الْحَلَالُ إذَا اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ حَيًّا ، فَإِنْ كَانَ آفَاقِيًّا زَالَ مِلْكُهُ

عَنْهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ الْحَرَمَ ، وَلَوْ كَانَ أَقَامَ بِمَكَّةَ إقَامَةً قَاطِعَةً حُكْمَ السَّفَرِ قَبْلَ اصْطِيَادِهِ .
فَإِنْ ذَبَحَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ فِي الْحِلِّ فَمَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ .
وَإِنْ كَانَ مِنْ سَاكِنِي الْحَرَمِ فَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَهُ ذَبْحُهُ فِي الْحَرَمِ وَأَكْلُهُ ، وَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ آفَاقِيٌّ حَلَالٌ فِي الْحِلِّ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ .
وَفِي تت أَنَّ مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ زَمَنًا طَوِيلًا صَارَ كَأَهْلِهَا فِي هَذَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ فَقَالَ لَا ) يَزُولُ مِلْكُ مَنْ أَحْرَمَ بَعْدَ اصْطِيَادِهِ صَيْدًا أَوْ شِرَائِهِ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّتِهِ حَلَّ فِي حِلٍّ عَنْ الصَّيْدِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ إنْ كَانَ الصَّيْدُ ( بِبَيْتِهِ ) أَيْ الْمُحْرِمِ .
( وَهَلْ ) عَدَمُ وُجُوبِ إرْسَالِهِ وَعَدَمُ زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ مُطْلَقٌ إنْ أَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ ( وَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ ) أَيْ : الْبَيْتِ كَأَهْلِ الْمِيقَاتِ وَمَنْ مَنْزِلُهُ بَيْنَ الْمِيقَاتِ وَمَكَّةَ أَوْ مُقَيَّدٌ بِإِحْرَامِهِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ أَحْرَمَ مِنْهُ زَالَ مِلْكُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ فِي قَوْلِهِ وَمَنْ أَحْرَمَ وَفِي بَيْتِهِ صَيْدٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ ، الْأَوَّلُ لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ ، وَالثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ .
وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ بَيْنَ مَا بِيَدِهِ أَوْ رُفْقَتِهِ وَبَيْنَ مَا بِبَيْتِهِ الَّذِي أَحْرَمَ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْتَ يُرْتَحَلُ عَنْهُ وَلَا يُصَاحِبُهُ وَغَيْرَهُ مُنْتَقِلٌ بِانْتِقَالِهِ وَمُصَاحِبٌ لَهُ ( فَلَا يَسْتَجِدُّ ) الْمُحْرِمُ أَوْ الْآفَاقِيُّ فِي الْحَرَمِ ( مِلْكَهُ ) أَيْ : الصَّيْدِ بِشِرَاءٍ أَوْ قَبُولِ عَطِيَّةٍ أَوْ إقَالَةٍ ، فَإِنْ وَرِثَهُ أَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ زَالَ مِلْكُهُ وَأَرْسَلَهُ إذَا كَانَ الصَّيْدُ حَاضِرًا ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَيَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَقَبُولُ

عَطِيَّتِهِ .
( وَلَا يَسْتَوْدِعُهُ ) أَيْ : الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ ، أَيْ : لَا يَقْبَلُهُ مِنْ غَيْرِهِ وَدِيعَةً لَا مِنْ مُحْرِمٍ وَلَا مِنْ حَلَالٍ ، قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَأْخُذَ صَيْدًا وَدِيعَةً فَإِنْ فَعَلَ رَدَّهُ إلَى رَبِّهِ ، فَإِنْ غَابَ فَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَيْهِ أَنْ يُطْلِقَهُ وَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ .
وَمَعْنَاهُ إذَا لَمْ يَجِدْ مِنْ يُودِعُهُ عِنْدَهُ فَإِنْ وَجَدَهُ فَلَا يُرْسِلُهُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَكَسْرِ الدَّالِ ، أَيْ : لَا يَجْعَلُهُ وَدِيعَةً عِنْدَ غَيْرِهِ حَتَّى يَتَحَلَّلَ مِنْ إحْرَامِهِ .
وَ ) مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ صَيْدٌ وَدِيعَةً مِنْ حَلَالٍ فِي الْحِلِّ ( رَدَّهُ ) لِمُودِعِهِ وُجُوبًا ( إنْ وَجَدَ مُودِعَهُ ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْحَلَالَ أَوْ الَّذِي أَحْرَمَ بَعْدَ الْإِيدَاعِ ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهِ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا وَلَمْ يَجِدْ حَاكِمًا يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهِ أَرْسَلَهُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ وَلَا يَضْمَنُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُودِعَهُ وَلَا حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ ( بُقِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الصَّيْدُ بِيَدِ مُودَعِهِ بِالْفَتْحِ ، وَلَا يُرْسِلُهُ لِقَبُولِهِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ ، فَإِنْ مَاتَ عِنْدَهُ ضَمِنَ جَزَاءَهُ لَا قِيمَتَهُ قَالَهُ عج .
فَإِنْ قَبِلَهُ مُحْرِمٌ مِنْ حَلَالٍ وَلَمْ يَجِدْهُ وَجَبَ إيدَاعُهُ عِنْدَ حَلَالٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَرْسَلَهُ وَضَمِنَ قِيمَتَهُ لِمُودِعِهِ الْحَلَالِ وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ إيدَاعِهِ وَمُفَارَقَتِهِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ .
وَإِنْ قَبِلَهُ مُحْرِمٌ مِنْ مُحْرِمٍ أَرْسَلَهُ وَلَوْ حَضَرَ الْمُودِعُ وَلَا يَرُدُّهُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ وَصُوَرُهَا تِسْعٌ ذَكَرَهَا عج ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُودِعَهُ حَلَالٌ عِنْدَ حَلَالٍ ثُمَّ يُحْرِمُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ ، أَوْ حَلَالٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ أَوْ مُحْرِمٌ عِنْدَ مُحْرِمٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَجِدَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ رَبَّ الصَّيْدِ أَوْ

حَلَالًا يُودِعُهُ عِنْدَهُ أَوْ لَا يَجِدُ أَحَدَهُمَا .
( وَفِي صِحَّةِ اشْتِرَائِهِ ) أَيْ : الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ مِنْ حَلَالِ الْحِلِّ أَوْ الْحَرَمِ مِنْ سَاكِنِهِ الصَّائِدِ فِي الْحِلِّ وَيَزُولُ مِلْكُهُ عَنْهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ فَإِنْ رَدَّهُ لَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَفَسَادُهُ عَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ ( قَوْلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ ، وَالثَّانِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَعَلَى الصِّحَّةِ لِلْبَائِعِ قِيمَتُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ فِي وَضْعِ يَدِ الْمُحْرِمِ عَلَيْهِ وَإِرْسَالِهِ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ فِي عَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا حَقُّهُ فِي مَالِيَّتِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ قَالَهُ سَنَدٌ فَيُلْغِزُ بِهِ بَيْعٌ صَحِيحٌ مَضَى بِالْقِيمَةِ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطّ رُجُوعَهُ بِثَمَنِهِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَرِّيِّ فَقَالَ ( إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ ) تَاؤُهُمَا لِلْوَحْدَةِ ( وَالْعَقْرَبَ مُطْلَقًا ) صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ( وَغُرَابًا ) أَسْوَدَ أَوْ أَبْقَعَ ( وَحِدَأَةً ) كَعِنَبَةٍ فَيَجُوزُ قَتْلُ هَذِهِ الْخَمْسَةِ لَا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا ، فَإِنْ نَوَى ذَكَاتَهَا فَلَا يَجُوزُ نَقَلَهُ سَنَدٌ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَفِيهَا الْجَزَاءُ .
تت وَأَلْحَقَ بِالْفَأْرِ بِنْتَ عُرْسٍ وَمَا يَقْرِضُ الثِّيَابَ مِنْ الدَّوَابِّ ، وَدَخَلَ فِيهِ الْحَيَّةُ الْأَفْعَى وَأَلْحَقَ بِالْعَقْرَبِ الرُّتَيْلَى دَابَّةً صَغِيرَةً سَوْدَاءَ وَالزُّنْبُورَ .
وَفِي جَوَازِ قَتْلِ ( صَغِيرِهِمَا ) أَيْ : الْغُرَابِ وَالْحِدَأَةِ وَهُوَ مَا لَمْ يَصِلْ لِحَدِّ الْإِيذَاءِ نَظَرًا لِلَفْظِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ ، وَمَنَعَهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى وَهُوَ انْتِفَاءُ الْإِيذَاءِ .
وَعَلَى هَذَا الْإِجْزَاءُ مُرَاعَاةً لِلْأَوَّلِ ( خِلَافٌ ) وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَعَادِي سَبُعٍ ) كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَفَهْدٍ وَبِهِ فَسَّرَ حَدِيثَ { اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَعَدَا عَلَيْهِ السَّبُعُ فَقَتَلَهُ وَهُوَ عُتَيْبَةُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ } ( كَذِئْبٍ ) مِثَالٌ لِعَادِي السَّبُعِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُ لَا تَذْكِيَتُهُ ( إنْ كَبِرَ ) بِكَسْرِ

الْبَاءِ شَرْطٌ فِي جَوَازِ قَتْلِ كُلِّ عَادٍ وَلَا يُقَالُ قَاعِدَتُهُ إرْجَاعُ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ ؛ لِأَنَّهَا فِي كَافِ التَّشْبِيهِ لِإِفَادَةِ حُكْمٍ فِي غَيْرِ جِنْسِ الْمُشَبَّهِ بِهِ لَا فِي كَافِ التَّمْثِيلِ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ ، فَإِنْ صَغُرَ كُرِهَ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ أَيْضًا فَقَالَ ( كَطَيْرٍ ) غَيْرِ غُرَابٍ وَحِدَأَةٍ ( خِيفَ ) مِنْهُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ مَالٍ لَهُ بَالٌ وَلَا يَنْدَفِعُ وَلَا يُؤْمَنُ مِنْهُ ( إلَّا بِقَتْلِهِ ) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ ( وَ ) إلَّا ( وَزَغَا ) فَيَجُوزُ قَتْلُهُ ( لِحِلٍّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : غَيْرِ مُحْرِمٍ ( بِحَرَمٍ ) أَيْ : فِيهِ ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ الْإِيذَاءُ ، وَيُكْرَهُ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ مُطْلَقًا وَيُطْعِمُ شَيْئًا مِنْ طَعَامٍ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَا جَازَ قَتْلُهُ فِي الْحَرَمِ جَازَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَأَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَهَا الْحَلَالُ فِي الْحَرَمِ لَكَثُرَتْ فِي الْبُيُوتِ وَحَصَلَ مِنْهَا الْإِضْرَارُ بِإِفْسَادِ مَا تَصِلُ إلَيْهِ ، وَمُدَّةُ الْإِحْرَامِ قَصِيرَةٌ قَالَهُ فِي مَنْسَكِهِ .
وَفِي الشَّارِحِ يُمْنَعُ قَتْلَهَا الْمُحْرِمُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْكَرَاهَةِ عَلَى التَّحْرِيمِ .
وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ بِالْمَنْعِ ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْكَرَاهَةِ .
طفى الْمُرَادُ بِهَا التَّحْرِيمُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ أَطْعَمَ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى الْإِطْعَامِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ ( كَأَنْ عَمَّ الْجَرَادُ ) أَيْ : كَثُرَ بِحَيْثُ لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ فِعْلًا جَزَاءً وَلَا حُرْمَةَ فِي قَتْلِهِ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ ( وَاجْتَهَدَ ) الْمُحْرِمُ فِي التَّحَفُّظِ مِنْ قَتْلِهِ وَاوُهُ لِلْحَالِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ أَوْ لَمْ يَجْتَهِدْ وَقَتَلَهُ مُفَرِّطًا ( فَقِيمَتُهُ ) أَيْ الْجَرَادِ طَعَامًا تَلْزَمُ قَاتِلَهُ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ

ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ بِلَا حُكُومَةٍ .
وَلِابْنِ الْقَاسِمِ بِحُكُومَةٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ عَوْدِ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِلْوَزَغِ أَيْضًا إذَا قَتَلَهُ مُحْرِمٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَطْعِمْ كَسَائِرِ الْهَوَامِّ .
وَعَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ الْمُرَادُ قِيمَتُهُ بِنَظَرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ ، وَعَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَخْرَجَ بِلَا حُكُومَةٍ فَلَا يُجْزِئُ .

أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَفِي الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ ، وَإِنْ فِي نَوْمٍ : كَدُودٍ .

( وَفِي ) الْجَرَادَةِ ( الْوَاحِدَةِ حَفْنَةٌ ) أَيْ : مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ لَا مَقْبُوضَةٍ وَلَا مَبْسُوطَةٍ ، وَمَفْهُومُ الْوَاحِدَةِ أَنَّ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا قِيمَتَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْجَلَّابِ ، وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ فَمَا دُونَهَا إلَى الْوَاحِدَةِ حَفْنَةً ، وَأَنَّ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا قِيمَتَهُ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَعَيُّنُ الْحَفْنَةِ وَالْقِيمَةِ مِنْ الطَّعَامِ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ مَنْ أَصَابَ جَرَادَةً فَعَلَيْهِ قَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ وَعِنْدِي أَنَّهُ لَوْ شَاءَ الصِّيَامَ لَحُكِمَ عَلَيْهِ بِصَوْمِ يَوْمٍ إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ هَذَا إجْمَاعٌ ، وَإِنَّمَا تَسَارُعُ الْفُقَهَاءِ إلَى إيجَابِ قَبْضَةٍ مِنْ طَعَامٍ لَعَلَّهُ ؛ لِأَنَّهَا أَسْهَلُ عَلَى مَنْ أَصَابَ الْجَرَادَةَ مِنْ صِيَامِ يَوْمٍ فَاسْتَغْنَى بِذَلِكَ عَنْ الْإِعْلَانِ بِالتَّخْيِيرِ وَالْقَبْضَةُ دُونَ الْحَفْنَةِ ، لَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ .
وَمِثْلُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِحُكْمِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَحَيْثُ كَانَتْ الْقَبْضَةُ هِيَ الْحَفْنَةُ أَوْ قُرْبُهَا سَقَطَ اعْتِرَاضُ عج عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ كَدُودٍ بِأَنَّ الَّذِي فِيهِ قَبْضَةٌ لَا حَفْنَةٌ إنْ قَتَلَهَا يَقَظَةً عَمْدًا بَلْ ( وَإِنْ ) قَتَلَهَا ( فِي نَوْمٍ ) أَوْ نِسْيَانٍ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْحَفْنَةِ فَقَالَ ( كَدُودٍ ) وَذَكَرٍ وَنَمْلٍ وَذُبَابٍ فَفِي قَتْلِهَا حَفْنَةٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ الْوَاحِدَةِ وَغَيْرِهَا ، وَتَعْبِيرُهُ بِاسْمِ الْجِنْسِ .
يُوهِمُ أَنَّ الْوَاحِدَةَ لَا شَيْءَ فِيهَا مَعَ أَنَّ فِيهَا مَا فِي الْكَثِيرِ وَلَوْ جِدًّا مِنْ الْحَفْنَةِ ، ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْحَفْنَةِ ، مَعَ أَنَّ الَّذِي فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَبْضَةٌ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ دُونَ الْحَفْنَةِ كَمَا مَرَّ وَلَكِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ وَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْجَرَادَ وَالدُّودَ لَيْسَا كَالْقَمْلَةِ وَالْقَمَلَاتِ .

وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ وَإِنْ لِمَخْمَصَةٍ وَجَهْلٍ وَنِسْيَانٍ ، وَتَكَرَّرَ كَسَهْمٍ مَرَّ بِالْحَرَمِ ، وَكَلْبٍ تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ ، أَوْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ ، أَوْ أَرْسَلَ بِقُرْبِهِ فَقَتَلَ خَارِجَهُ ، وَطَرْدِهِ مِنْ حَرَمٍ ، وَرَمْيٍ مِنْهُ أَوْلَهُ ، وَتَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ ، وَجَرْحِهِ وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ ، وَلَوْ بِنَقْصٍ ، وَكَرَّرَ إنْ أَخْرَجَ لِشَكٍّ ثُمَّ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ : كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِكِينَ ، وَبِإِرْسَالٍ لِسَبُعٍ ، أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ .

( وَالْجَزَاءُ ) وَاجِبٌ ( بِقَتْلِهِ ) أَيْ : الْحَيَوَانِ الْبَرِّيِّ الْوَحْشِيِّ إنْ قَتَلَهُ لِغَيْرِ مَخْمَصَةٍ بَلْ وَإِنْ ) قَتَلَهُ ( لِمَخْمَصَةٍ ) أَيْ شِدَّةِ جُوعٍ عَامَّةً أَوْ خَاصَّةً تُبِيحُ الْمَيْتَةَ وَتُقَدَّمُ الْمَيْتَةُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي ، قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْقَاضِي .
وَهَلْ يَجُوزُ الِاصْطِيَادُ حِينَئِذٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ .
( وَ ) يَجِبُ الْجَزَاءُ وَيَنْتَفِي الْإِثْمُ لِأَجْلِ ( جَهْلٍ ) لِعَيْنِ الصَّيْدِ أَوْ حُكْمِ قَتْلِهِ لِحَدَاثَةِ إسْلَامٍ ( وَنِسْيَانٍ ) وَسَوَاءٌ كَانَ لِاتِّحَادِ قَتْلِ الصَّيْدِ أ ( وَتَكَرَّرَ ) فَيَتَكَرَّرُ الْجَزَاءُ بِتَكَرُّرِ قَتْلِهِ ، وَلَوْ نَوَى التَّكَرُّرَ أَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ أَوْ ظَنَّ الْإِبَاحَةَ فَلَيْسَ كَالْفِدْيَةِ فَفِيهَا وَمَنْ قَتَلَ صُيُودًا فَعَلَيْهِ بِعَدَدِهَا كَفَّارَاتٌ .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ فَقَالَ ( كَسَهْمٍ ) رَمَاهُ فِي حِلٍّ عَلَى صَيْدٍ فِي حِلٍّ وَالْحَرَمُ بَيْنَهُمَا فَ ( مَرَّ ) السَّهْمُ ( بِالْحَرَمِ ) وَأَصَابَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَمَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ ( وَكَلْبٍ ) أَرْسَلَهُ حِلٌّ فِي حِلٍّ عَلَى صَيْدٍ فِي حِلٍّ وَمَرَّ الْكَلْبُ بِالْحَرَمِ وَقَتَلَ الصَّيْدَ فِي الْحِلِّ فَمَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ إنْ ( تَعَيَّنَ طَرِيقُهُ ) أَيْ : الْكَلْبِ إلَى الصَّيْدِ مِنْ الْحَرَمِ فَطَرِيقُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلٌ وَمَفْهُومُ تَعَيَّنَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ طَرِيقُهُ مِنْ الْحَرَمِ يُؤْكَلُ ، وَلَا جَزَاءَ فِيهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ .
ابْنُ غَازِيٍّ سَوَّى اللَّخْمِيُّ مَسْأَلَتَيْ السَّهْمِ وَالْكَلْبِ فِي الْخِلَافِ وَاخْتَارَ فِيهِمَا جَوَازَ الْأَكْلِ وَعَدَمَ الْجَزَاءِ وَالتَّقْيِيدُ فِي الْكَلْبِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ .
( أَوْ قَصَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : فَرَّطَ الْمُحْرِمُ أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ ( فِي رَبْطِهِ ) أَيْ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُصَادُ بِهِ مِنْ كَلْبٍ أَوْ بَازٍ فَانْفَلَتَ وَقَتَلَ صَيْدًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ ، وَلَا يُؤْكَلُ فَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ( أَوْ أَرْسَلَ )

الصَّائِدُ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ ( بِقُرْبِهِ ) أَيْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إنَّمَا يُدْرِكُهُ فِي الْحَرَمِ ( فَقَتَلَ ) الْجَارِحُ الصَّيْدَ ( خَارِجَهُ ) أَيْ الْحَرَمِ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِيهِ فَمَيْتَةٌ لَا يُؤْكَلُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ وَأَوْلَى إنْ قَتَلَهُ فِيهِ ، فَإِنْ قَتَلَهُ خَارِجَهُ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ ، وَيُؤْكَلُ حَيْثُ كَانَ الصَّائِدُ حَلَالًا .
وَمَفْهُومُ بِقُرْبِهِ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَهُ فِي بَعِيدٍ مِنْ الْحَرَمِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ إدْرَاكُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْحَرَمِ فَقَتَلَهُ فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ بَعْدَ إدْخَالِهِ فِيهِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، لَكِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ فِي الْوَجْهَيْنِ .
أَبُو إبْرَاهِيمَ لَوْ أَجْرَى الشَّخْصُ أَوْ الْكَلْبُ الصَّيْدَ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ وَتَرَكَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فِي الْحِلِّ فَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْكَلَ كَعَصِيرٍ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ .
وَاخْتُلِفَ فِي حُكْمِ الِاصْطِيَادِ قُرْبَ الْحَرَمِ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّهُ مُبَاحٌ إذَا سَلِمَ مِنْ قَتْلِهِ فِي الْحَرَمِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إمَّا مَنْعًا أَوْ كَرَاهَةً بِحَسَبِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كَالرَّاتِعِ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ } .
الْحَطَّابُ الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ ، ثُمَّ إنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ أَوْ بَعْدَ إخْرَاجِهِ مِنْهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِقُرْبِهِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا جَزَاءَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
التُّونُسِيُّ وَيُؤْكَلُ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ الصُّورَةُ الْأَخِيرَةُ لَكِنْ لِضَعْفِ الْقَوْلِ بِالْجَزَاءِ فِيهَا تَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ .
( وَ ) يَلْزَمُ الْجَزَاءُ بِ ( طَرْدِهِ ) أَيْ : الصَّيْدِ ( مِنْ حَرَمٍ ) إلَى حِلٍّ فَصَادَهُ صَائِدٌ فِيهِ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ عَوْدِهِ

لِلْحَرَمِ أَوْ شَكَّ فِي اصْطِيَادِهِ أَوْ هَلَاكِهِ ، وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَنْجُو بِنَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ عَلَى طَارِدِهِ .
وَلَوْ تَلِفَ أَوْ صِيدَ ؛ لِأَنَّ طَرْدَهُ حِينَئِذٍ لَا أَثَرَ لَهُ ، وَمَفْهُومُ مِنْ حَرَمٍ أَنَّ طَرْدَهُ عَنْ الرَّحْلِ وَالطَّعَامِ لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِهِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ .
( وَ ) فِي ( رَمْيٍ مِنْهُ ) أَيْ : الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَقَتَلَهُ فَفِيهِ الْجَزَاءُ ، وَلَا يُؤْكَلُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ نَظَرًا لِابْتِدَاءِ الرَّمْيَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ يُؤْكَلُ وَلَا جَزَاءَ فِيهِ نَظَرًا لِانْتِهَائِهَا ( أَوْ ) رَمْيٍ مِنْ الْحِلِّ ( لَهُ ) أَيْ : الْحَرَمِ عَلَى صَيْدٍ فِيهِ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ وَفِيهِ الْجَزَاءُ اتِّفَاقًا ، وَمِثْلُ الرَّمْيِ فِي الْحَالَيْنِ إرْسَالُ الْكَلْبِ ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَنْ بِالْحَرَمِ إذَا أَرَادَ صَيْدًا بِالْحِلِّ فَذَهَبَ لَهُ عَازِمًا عَلَى اصْطِيَادِهِ فَرَآهُ فِي الْحَرَمِ وَلَمْ يَرْمِهِ وَلَمْ يُرْسِلْ لَهُ كَلْبَهُ وَنَحْوَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنْ الْحَرَمِ فَصَادَهُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَفِي كَلَامِ سَنَدٍ مَا يُفِيدُهُ اُنْظُرْ الْحَطّ .
وَعَطَفَ عَلَى قَتْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِقَتْلِهِ أَيْضًا فَقَالَ ( وَتَعْرِيضِهِ ) أَيْ : الصَّيْدِ ( لِلتَّلَفِ ) كَنَتْفِ رِيشِهِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى الطَّيَرَانِ بِدُونِهِ وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ ، كَذَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ وَأَمْسَكَهُ عِنْدَهُ حَتَّى نَبَتَ رِيشُهُ الَّذِي يَطِيرُ بِهِ وَأَطْلَقَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ ، وَلَيْسَ مِنْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ أَخْذُهُ مِنْ مَكَّةَ وَإِرْسَالُهُ بِالْأَنْدَلُسِ حَيْثُ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ ، نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ وَإِرْسَالُهُ أَيْ : إطْلَاقُهُ وَتَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ .
( وَ ) يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي ( جَرْحِهِ ) أَيْ الصَّيْدِ جُرْحًا لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلَهُ وَغَابَ مَجْرُوحًا ( وَلَمْ تَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ ) قَيَّدَ فِي تَعْرِيضِهِ وَجَرْحِهِ

فَإِنْ تَحَقَّقَتْ سَلَامَتُهُ أَوْ غَلَبَتْ عَلَى الظَّنِّ بِلَا نَقْصٍ بَلْ ( وَلَوْ بِنَقْصٍ ) فَلَا جَزَاءَ فِيهِ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي مَفْهُومٍ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَلَامَتُهُ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ سَلِمَ نَاقِصًا لَزِمَهُ مَا بَيْنَ قِيمَتَيْهِ مَثَلًا قِيمَتُهُ سَالِمًا ثَلَاثَةُ أَمْدَادٍ ، وَمَعِيبًا مُدَّانِ فَيَلْزَمُهُ مُدٌّ وَهَذَا ضَعِيفٌ .
وَكَرَّرَ ) الْجَزَاءَ ( إنْ أَخْرَجَ ) الْجَزَاءَ ( لِشَكٍّ ) أَيْ : مُطْلَقٍ تَرَدَّدَ فِي سَلَامَةِ الصَّيْدِ فِي صُورَتَيْ تَعْرِيضِهِ لِلتَّلَفِ وَجَرْحِهِ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ إخْرَاجِهِ ( تَحَقَّقَ ) أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ( مَوْتَهُ ) أَيْ : الصَّيْدِ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ .
التِّلِمْسَانِيُّ ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَبْلَ الْوُجُوبِ أَيْ : فِي الْوَاقِعِ ، وَمَفْهُومُ تَحَقَّقَ مَوْتَهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ لَا يُكَرِّرْهُ وَأَوْلَى إنْ تَحَقَّقَ مَوْتَهُ قَبْلَهُ أَوْ ظَنَّهُ .
وَشَبَّهَ فِي تَكَرُّرِ الْجَزَاءِ فَقَالَ ( كَكُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرَكِينَ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَكَسْرِهَا فِي قَتْلٍ صَيْدٍ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانُوا مُحْرِمِينَ أَمْ لَا أَوْ فِي الْحِلِّ وَهُمْ مُحْرِمُونَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَزَاءٌ كَامِلٌ ، وَمَفْهُومُ الْمُشْتَرَكِينَ أَنَّهُ لَوْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ صَيْدٍ وَقَتَلَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ وَحْدَهُ جَزَاؤُهُ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ فِي الْمُشْتَرَكِينَ فِي قَتْلِهِ لِمَنْ فِعْلُهُ أَقْوَى فِي تَسَبُّبِ الْمَوْتِ عَنْهُ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ أَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ إلَخْ .
وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُهُمْ وَعُلِمَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلٍ مُعَيَّنٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجَزَاءَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِاسْتِقْلَالِهِ بِقَتْلِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرْبَةُ غَيْرِهِ هِيَ الَّتِي عَاقَتْهُ عَنْ النَّجَاةِ ، وَلَوْ اشْتَرَكَ حِلٌّ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ فِي الْحِلِّ فَجَزَاؤُهُ عَلَى الْمُحْرِمِ وَحْدَهُ .
( وَ ) الْجَزَاءُ ( بِإِرْسَالٍ ) مِنْ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ مِنْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ لِكَلْبٍ أَوْ بَازٍ ( لِسَبُعٍ ) أَيْ :

عَلَيْهِ فِي ظَنِّ الصَّائِدِ وَقَتَلَهُ الْكَلْبُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَقَرُ وَحْشٍ مَثَلًا ( أَوْ نَصْبِ شَرَكٍ لَهُ ) أَيْ : السَّبُعِ الَّذِي يَفْتَرِسُ غَنَمَهُ أَوْ طَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ فَعَطِبَ فِيهِ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ فَالْجَزَاءُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِسَبُعٍ فَوَقَعَ فِيهَا غَيْرُهُ فَيَضْمَنُ دِيَتَهُ أَوْ قِيمَتَهُ .

وَبِقَتْلِ غُلَامٍ أُمِرَ بِإِفْلَاتِهِ فَظَنَّ الْقَتْلَ ، وَهَلْ إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ أَوْ لَا ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَبِسَبَبٍ وَلَوْ اتَّفَقَ : كَفَزَعِهِ فَمَاتَ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ : كَفُسْطَاطِهِ وَبِئْرٍ لِمَاءٍ وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ ، وَرَمْيِهِ عَلَى فَرْعٍ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ ، أَوْ بِحِلٍّ وَتَحَامَلَ فَمَاتَ بِهِ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ ، وَكَذَا إنْ حَلَّ لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْمُخْتَارِ ، أَوْ أَمْسَكَهُ لِيُرْسِلَهُ فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ وَغَرِمَ الْحِلُّ لَهُ الْأَقَلَّ ، وَلِلْقَتْلِ شَرِيكَانِ ، وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ مَيْتَةٌ : كَبَيْضِهِ وَفِيهِ الْجَزَاءُ ، إنْ عَلِمَ وَأَكَلَ ، لَا فِي أَكْلِهَا .

( وَ ) يَجِبُ الْجَزَاءُ عَلَى سَيِّدٍ مُحْرِمٍ ( بِقَتْلِ غُلَامٍ ) أَيْ رَقِيقٍ الصَّيْدَ الَّذِي ( أُمِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْغُلَامُ مِنْ سَيِّدِهِ ( بِإِفْلَاتِهِ ) أَيْ إطْلَاقِ الصَّيْدِ ( فَظَنَّ ) الْغُلَامُ أَنَّ ( الْقَتْلَ ) هُوَ الَّذِي أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يَنْفَعُهُ خَطَأُ ظَنِّهِ أَوْ وَلِيٌّ أَمَرَهُ سَيِّدُهُ بِقَتْلِهِ فَقَتَلَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ جَزَاءٌ أَيْضًا إنْ قَتَلَهُ طَائِعًا ، فَإِنْ أَكْرَهَهُ فَقَالَ أَبُو عُمَرَ إنَّ عَلَى السَّيِّدِ الْجَزَاءَيْنِ قَالَ سَالِمٌ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِمْ طَوْعُ الرَّقِيقِ إكْرَاهٌ .
وَمِثْلُ الْأَمْرِ بِالذَّبْحِ الْأَمْرُ بِالِاصْطِيَادِ وَمِثْلُ الْغُلَامِ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَمَفْهُومُ ظَنَّ الْقَتْلَ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ لَكَانَ الْجَزَاءُ عَلَى الْعَبْدِ فَقَطْ ، وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ .
( وَهَلْ ) لُزُومُ الْجَزَاءِ لِلسَّيِّدِ بِقَتْلِ غُلَامِهِ ( إنْ تَسَبَّبَ السَّيِّدُ فِيهِ ) أَيْ : الصَّيْدِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي اصْطِيَادِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ السَّيِّدُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ ؛ إذْ لَمْ يَفْعَلْ خَيْرًا ( أَوْ لَا ) يُقَيَّدُ بِذَلِكَ وَالْجَزَاءُ عَلَى السَّيِّدِ مُطْلَقًا فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ ، وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ فَقَوْلُهُ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ نَفْيٌ لِقَوْلِهِ إنْ تَسَبَّبَ أَيْ : أَوْ لَا يُشْتَرَطُ تَسَبُّبُ السَّيِّدِ .
وَجَوَّزَ ابْنُ غَازِيٍّ شَدَّ الْوَاوِ وَالتَّنْوِينِ فَهُوَ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ تَسَبَّبَ ، وَعَلَيْهِ فَقَدْ حُذِفَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَذْهَبُ .
( وَ ) يَجِبُ الْجَزَاءُ ( بِسَبَبٍ ) أَيْ : فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فِي الْحَرَمِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْحِلِّ مِنْ مُحْرِمٍ إنْ قَصَدَ السَّبَبَ بَلْ ( وَلَوْ اتَّفَقَ ) كَوْنُهُ سَبَبًا بِلَا قَصْدٍ ( كَفَزَعِهِ ) أَيْ الصَّيْدِ مِنْ رُؤْيَةِ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ ( فَمَاتَ ) الصَّيْدُ فَالْجَزَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( وَالْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ لَا ابْنُ رُشْدٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57