كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ فِي رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ غَيْرُ مَانِعٍ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الشُّفْعَةِ فِي الْعُرُوضِ ، وَهِيَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا لَا يَخْفَى سُقُوطُهُ لِذِي فَهْمٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقْضُ طَرْدِهِ بِأَخْذِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا لَا يَنْقَسِمُ بِمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ إذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا لِبَيْعِهِ ، قَالَ وَجَوَابُهُ بِأَنَّ الْمَأْخُوذَ هُوَ كُلُّ الْمُشْتَرَكِ لَا حَظُّ الشَّرِيكِ لَيْسَ بِقَوِيٍّ .
قُلْت قَوْلُهُ جَبْرًا يَمْنَعُ دُخُولَهُ لِأَنَّ قُدْرَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِهِ تَمْنَعُ كَوْنَ أَخْذِهِ مِنْهُ جَبْرًا .
الْحَطّ قَوْلُهُ أَخْذُ شَرِيكٍ أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ، فَفِيهَا خِلَافٌ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا شُفْعَةَ ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَأَفْتَى بِهِ ، وَحَكَمَ بِهِ بِأَمْرِهِ ، وَأَثْبَتَهَا أَشْهَبُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ حُكْمِهَا تَعَبُّدًا أَوْ مُعَلَّلًا بِمَا يَأْتِي نَقَلَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ ، وَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لِأَجْلِ دَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِيكِ الَّذِي أَدْخَلَهُ الْبَائِعُ ، وَفِيهِ مُنَافَاةٌ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي كَوْنِهَا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ الْقَسْمِ قَوْلَا الْمُتَأَخِّرِينَ .

وَلَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ : كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا ،

وَتَتَعَلَّقُ بِمَبِيعِ الشَّرِيكِ مُشَاعًا مِنْ رُبُعٍ يَنْقَسِمُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ الشَّرِيكُ مُسْلِمًا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ ، أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيًّا بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الشَّرِيكُ ( ذِمِّيًّا بَاعَ ) شَرِيكُهُ ( الْمُسْلِمُ ) شِقْصَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ( لِذِمِّيٍّ ) آخَرَ وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ فِي هَذِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ فِيهَا بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَلَا نَحْكُمُ فِيهِ حَتَّى يَتَرَافَعَا إلَيْنَا رَاضِيَيْنِ بِحُكْمِنَا .
وَشَبَّهَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَقَالَ ( كَ ) الشُّفْعَةِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَمُشْتَرٍ مِنْ أَحَدِهِمَا ( ذِمِّيَّيْنَ ) بِكَسْرِ الْيَاءِ الْأُولَى جَمْعُ ذِمِّيٍّ ( تَحَاكَمُوا ) أَيْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا لِنَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَنَحْكُمَ بِهَا بَيْنَهُمْ ، وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا فَلَا ، وَكَذَا إنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ حُكْمَنَا وَأَبَى غَيْرُهُ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا كَانَ دَارٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَبَاعَ الْمُسْلِمُ حِصَّتَهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ الشُّفْعَةُ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْلِمًا .
ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ حَقٌّ مَوْضُوعٌ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِ ، فَاسْتَوَى فِيهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا بَاعَ الْمُسْلِمُ شِقْصَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ وَالشَّفِيعُ نَصْرَانِيٌّ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ لِأَنَّ الْخَصْمَيْنِ نَصْرَانِيَّانِ ، وَلَوْ بَاعَ النَّصْرَانِيُّ نَصِيبَهُ مِنْ النَّصْرَانِيِّ فَلِلْمُسْلِمِ الشُّفْعَةُ أَرَادَ بِلَا خِلَافٍ ، قَالَ وَلَوْ كَانَتْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ لَمْ أَقْضِ بَيْنَهُمَا بِالشُّفْعَةِ ، إلَّا إذَا تَحَاكَمَا إلَيْنَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عُلِمَ أَنَّ تَخْصِيصَ الذِّمِّيِّ الَّذِي بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
الثَّانِي : ظَاهِرُ كَلَامِهِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِلْمُسْلِمِ وَلَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الذِّمِّيُّ لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ، وَهُوَ

كَذَلِكَ ، لَكِنْ اُخْتُلِفَ أَيَأْخُذُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَوْ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
الثَّالِثُ : فِي أَوَّلِ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الشُّفْعَةِ وَسَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ النَّصْرَانِيِّينَ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ يَبِيعُ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ نَصْرَانِيٍّ فَتَجِبُ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ أَيَقْضِي لَهُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي مُسْلِمًا كَانَ أَوْ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ أَمَّا عَلَى الْمُسْلِمِ فَيَقْضِي بِهَا لِلنَّصْرَانِيِّ ، لِأَنِّي قَدْ كُنْت أَقْضِي بِهَا لِلْمُسْلِمِ عَلَى النَّصْرَانِيِّ .
وَأَمَّا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ نَصْرَانِيًّا لَوْ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا فَاشْتَرَى نَصْرَانِيٌّ نَصِيبَ شَرِيكِهِ النَّصْرَانِيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ فَلَا أَرَى أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الطَّالِبَ وَالْمَطْلُوبَ نَصْرَانِيَّانِ ، فَيُرَدَّانِ إلَى أَهْلِ دِينِهِمَا لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ يَقُولُ لَيْسَ فِي دِينِنَا الْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ ، فَلَا أَرَى لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ أَوْ الْمَشْفُوعُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا قَضَى بِالشُّفْعَةِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهُ حَكَمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَنَصْرَانِيٍّ .
وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الشَّفِيعُ وَالْمَشْفُوعُ عَلَيْهِ نَصْرَانِيَّيْنِ وَالْبَائِعُ مُسْلِمًا فَقَالَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يُقْضَى فِي ذَلِكَ بِهَا ، وَيُرَدَّانِ إلَى أَهْلِ دِينِهِمَا لِأَنَّهُمَا نَصْرَانِيَّانِ .
وَفِي الْأَسَدِيَّةِ وَبَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ يُقْضَى بِهَا فِي ذَلِكَ لِكَوْنِ الْبَائِعِ مُسْلِمًا ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ ا هـ .

أَوْ مُحَبِّسًا لِيُحَبِّسَ : كَسُلْطَانٍ لَا مُحَبِّسٍ عَلَيْهِ ، أَوْ لِيُحَبِّسَ

( أَوْ ) كَانَ الشَّرِيكُ ( مُحَبِّسًا ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةٍ لِنَصِيبِهِ أَرَادَ أَخْذَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( لِيُحَبِّسَ ) هـ فَلَهُ أَخْذُهُ لِبَقَاءِ شِقْصِهِ الْمُحَبَّسِ عَلَى مِلْكِهِ .
وَمَفْهُومُ لِيُحَبِّسَ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ لِيَتَمَلَّكَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ حَبَسَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَارٍ حَظَّهُ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ حَظَّهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ الْمُحَبِّسُ فَيَجْعَلَهُ فِيمَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ ، وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَقَالَ : ( كَسُلْطَانٍ ) وَرِثَ شِقْصًا فِي عَقَارٍ عَنْ مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ بَاقِيًا بَعْدَ فَرْضٍ أَوْ عَنْ مُرْتَدٍّ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُ الشِّقْصِ الْآخَرِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ .
الشَّيْخُ سَحْنُونٌ فِي مُرْتَدٍّ قُتِلَ بَعْدَ بَيْعِ شَرِيكِهِ فِي عَقَارٍ يَنْقَسِمُ شِقْصُهُ فَلِلسُّلْطَانِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً ، وَحَكَى ابْنُ زَرْبٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ لِنَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ إذَا وَقَعَتْ حِصَّةٌ فِيهِ مِنْ عَقَارٍ بِالْمِيرَاثِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ ، قَالَ وَهُوَ خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَّجِرُ لِلْمُسْلِمِينَ إنَّمَا يَجْمَعُ مَا يَجِبُ لَهُمْ وَيَحْفَظُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لِأَنَّهُ قَالَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى السُّلْطَانِ .
وَقَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى صَاحِبِ الْمَوَارِيثِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ ذَلِكَ ، فَلَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ مَسْأَلَةِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمَوْرُوثَ فِيهَا الشُّفْعَةُ نَفْسُهَا ، وَظَاهِرُ مَسْأَلَةِ ابْنِ زَرْبٍ أَنَّ الْمَوْرُوثَ إنَّمَا هُوَ الشِّقْصُ الَّذِي تَجِبُ الشُّفْعَةُ بِهِ .
( لَا ) أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِشَخْصٍ ( مُحَبَّسٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً ( عَلَيْهِ ) شِقْصُ عَقَارٍ

يَنْقَسِمُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ لِيَتَمَلَّكَ ، بَلْ ( وَلَوْ ) أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ ( لِيُحَبِّسَ ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ لَهُ الْأَخْذُ لِلتَّحْبِيسِ .
" ق " سَوَّى ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ ، وَنَصُّهُ فِي رَسْمِ كَتَبَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَرَادَ الْمُحَبِّسُ أَوْ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَأْخُذُوهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَادُوا إلْحَاقَهُ بِالْحَبْسِ فَلَهُمْ ذَلِكَ ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ الْأَخْذَ بِهَا لِلْحَبْسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ا هـ .
" غ " قَبِلَ تَخْرِيجَهُ فِي الْأَجْنَبِيِّ .
أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَرَضَهُ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّ الْمُحَبِّسَ وَالْمُحَبَّسَ عَلَيْهِمْ كُلٌّ مِنْهُمَا شَرِيكٌ إمَّا فِي الذَّاتِ وَإِمَّا فِي الْمَنْفَعَةِ .
بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَدَارُ الشُّفْعَةِ عَلَى الشَّرِكَةِ .
الْبُنَانِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ .
" ق " فَانْظُرْ هَذَا مَعَ تَفْرِيقِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَهُمَا .
عب مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ لِقَوْلِهِ إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ كَالْمُحَبِّسِ ضَعِيفٌ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " ذَكَرَ الشَّارِحُ مَا يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ إلَخْ ، غَايَةُ مَا هُنَاكَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ذَكَرَتْ ذَلِكَ فِي الْمُحَبِّسِ وَلَمْ تَذْكُرْهُ فِي الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيهِ الْأَخَوَانِ وَأَصْبَغُ .
وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَقَعَ فِي الْمُخْتَلِطَةِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ حَبَسَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ فَبَاعَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يُحَبِّسْ نَصِيبَهُ فَأَرَادَ الْمُحَبِّسُ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ يَأْخُذُ بِهِ إلَّا إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ لِيُلْحِقَهُ بِالْأَوَّلِ فِي تَحْبِيسِهِ فَلَهُ

ذَلِكَ ، وَإِنْ أَرَادَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ أَخْذَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُمْ لِأَنَّهُمْ لَا أَصْلَ لَهُمْ ، وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إنْ أَرَادَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ إلْحَاقَهُ بِالْحَبْسِ فَلَهُمْ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْحَبْسَ هُوَ التَّشْرِيكُ .
ا هـ .
فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْخِلَافِ ، وَفَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَجَارٍ وَإِنْ مَلَكَ تَطَرُّقًا
( وَ ) لَا أَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِ ( جَارٍ ) لِمَنْ بَاعَ دَارِهِ مَثَلًا إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَطَرُّقًا ، بَلْ ( وَإِنْ مَلَكَ ) الْجَارُ ( تَطَرُّقًا ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً فَقَافٍ ، أَيْ طَرِيقًا لِلدَّارِ الْمَبِيعَةِ بِأَنْ كَانَ شَرِيكًا فِيهِ لِلْبَائِعِ أَوْ مَلَكَ طَرِيقًا فِيهَا فَلَا شُفْعَةَ .
الْحَطّ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ بِالْجِوَارِ وَالْمُلَاصَقَةِ فِي سِكَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَلَا بِالشَّرِكَةِ فِي الطَّرِيقِ وَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ فَبِيعَتْ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا .
ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ حَقٌّ فِي جِوَارٍ لَا فِي نَفْسِ الْمِلْكِ .

وَنَاظِرِ وَقْفٍ ،
( وَ ) لَا شُفْعَةَ لِ ( نَاظِرِ وَقْفٍ ) فِي شِقْصٍ مَمْلُوكٍ لِشَرِيكِ الْوَاقِفِ بَاعَهُ مَالِكُهُ .
" غ " بِهَذَا قَطَعَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ لَيْسَ لِنَاظِرِ وَقْفِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ ، وَزَادَ فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَلَمْ أَدْرِ مِنْ أَيْنَ نَقَلَهُ ، وَلَيْسَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبْسِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ ، وَقَبِلَ هَذَا الْإِلْزَامَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَابْنُ عَرَفَةَ .
الْحَطّ لَا إشْكَالَ فِي أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ عَلَى مَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ شُفْعَةٌ وَلَوْ لِيُحَبِّسَ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ عِنْدَ قَوْلِهَا الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمَا لَيْسَ لَهُمْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ .
ابْنُ سَهْلٍ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الْمَوَارِيثِ لَا يَشْفَعُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَالْمَسَاجِدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ لَعَلَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ فِي كَلَامِ الشَّامِلِ هُوَ تَخْرِيجُ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْأَجْنَبِيِّ ، إذْ نَاظِرُ الْوَقْفِ أَخَصُّ مِنْهُ ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
مِنْ قَوْلِ " ق " الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ بِهَا لِلتَّحْبِيسِ فَذَلِكَ لَهُ قِيَاسًا عَلَى الْمُحَبِّسِ وَالْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَوْلُ " غ " وَلَيْسَ يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَكِرَاءٍ ،
( أَوْ ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ فِي ( كِرَاءٍ ) فَإِنْ اكْتَرَى شَخْصَانِ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ أَكْرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ مَنْفَعَتِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيهِ عَلَى قَوْلِهِ الْآخَرِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اكْتَرَى رَجُلَانِ دَارًا بَيْنَهُمَا فَلِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكْرِيَ حِصَّتَهُ مِنْهَا .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِشَرِيكِهِ .
ابْنُ نَاجِي مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُكْرِيَ حِصَّتَهُ لَا خِلَافَ فِيهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ لَهُ الشُّفْعَةُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الثِّمَارِ وَالْكِتَابَةِ وَإِجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ قَوْلَانِ ، الْمُوضِحُ لَمْ يُرِدْ خُصُوصِيَّةَ إجَارَةِ الْأَرْضِ لِلزَّرْعِ ، بَلْ كُلُّ كِرَاءٍ وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ سُقُوطُهَا وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٍ وَالْمُغِيرَةِ ، وَبِوُجُوبِهَا قَالَ مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ وَأَشْهَبُ .
وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي الْمُسَاقَاةِ كَالْكِرَاءِ وَالْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا فِي هَذِهِ الْفُرُوعِ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِيهَا لَا يُسَاوِي الضَّرَرَ فِي الْعَقَارِ الَّذِي وَرِثَ الشُّفْعَةَ فِيهِ .
ا هـ .
وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .

وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ ،

( وَفِي ) ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِ ( نَاظِرِ الْمِيرَاثِ ) أَيْ مَنْ وَلَّاهُ الْإِمَامُ عَلَى النَّظَرِ فِي تَرِكَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ بَاقِيهَا بَعْدَ الْفَرْضِ وَعَدَمِهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ، الْأَوَّلُ لِلْمُغِيرَةِ ، وَالثَّانِي لِابْنِ زَرْبٍ .
ابْنُ رُشْدٍ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ يَجْعَلْ السُّلْطَانُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ جَعَلَهُ لَهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ ، وَصِلَةُ أَخَذَ ( مِمَّنْ ) أَيْ شَخْصٍ أَوْ الشَّخْصِ الَّذِي ( تَجَدَّدَ ) أَيْ حَدَثَ وَطَرَأَ ( مِلْكُهُ ) عَلَى الشَّفِيعِ ، فَإِنْ اشْتَرَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ دَارًا مَثَلًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ ( اللَّازِمُ ) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَبِيعٍ بِخِيَارٍ قَبْلَ بَتِّ بَيْعِهِ وَلَا لِمَحْجُورٍ قَبْلَ إمْضَاءِ وَلِيِّهِ ( اخْتِيَارًا ) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَوْرُوثٍ لِشَرِيكِ الْمُوَرِّثِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ الشُّفْعَةِ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَهُوَ كُلُّ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ بِاخْتِيَارٍ ، احْتَرَزَ بِالتَّجَدُّدِ عَنْ رَجُلَيْنِ اشْتَرَيَا دَارًا مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، وَاحْتَرَزَ بِاللَّازِمِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِخِيَارٍ فَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ بَتِّهِ ، وَصِلَةُ تَجَدَّدَ ( بِمُعَاوَضَةٍ ) فَلَا شُفْعَةَ فِي مَوْهُوبٍ أَوْ مُتَصَدَّقٍ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا شُفْعَةَ فِيمَا حَدَثَ مِلْكُهُ بِهِبَةٍ لَا لِثَوَابٍ وَلَا فِي صَدَقَةٍ ، وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الشُّفْعَةِ فِي الْمِيرَاثِ .
ابْنُ شَاسٍ وَتَثْبُتُ الشُّفْعَةُ فِيمَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الْمُعَاوَضَاتِ بِأَيِّ نَوْعٍ كَانَ مِنْ التَّمْلِيكَاتِ كَمَهْرٍ وَخُلْعٍ وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَصُلْحٍ عَنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ وَقِيمَةِ مُتْلَفٍ أَوْ دَمٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي هِبَةِ الثَّوَابِ إلَّا بَعْدَ قَبُولِ الْعِوَضِ ، قِيلَ فَلِمَ أَجَازَ مَالِكٌ رَضِيَ

اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْهِبَةَ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مُسَمًّى .
قَالَ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْوِيضِ فِي النِّكَاحِ ، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ ، وَلَكِنْ قَدْ أَجَازَهُ النَّاسُ إنْ كَانَ مَا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِمَسَاكِينَ .
بَلْ

وَلَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارُ
( وَلَوْ ) كَانَ ( مُوصًى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( بِبَيْعِهِ ) أَيْ الشِّقْصِ ( لِمَسَاكِينَ ) بِأَنْ أَوْصَى لَهُمْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَفِيهِ عَقَارٌ فَبَاعَهُ وَصِيُّهُ لِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ وَتَفْرِقَةِ ثَمَنِهِ عَلَيْهِمْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِوَرَثَتِهِ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ ( وَالْمُخْتَارُ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ .
وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ .
" ق " الْبَاجِيَّ لَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِالثُّلُثِ فَبَاعَ السُّلْطَانُ ثُلُثَ دَارِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ ، إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ قَالَهُ سَحْنُونٌ .
وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ أَشْرَاكٌ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِ الْوَرَثَةِ بَقِيَّةَ الدَّارِ ، وَقَدْ بَلَغَنِي ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ .
اللَّخْمِيُّ إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ أَنْ يُبَاعَ نَصِيبٌ مِنْ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ شُفْعَةٌ ، لِأَنَّ قَصْدَ الْمَيِّتِ أَنْ يُمَلِّكَهُ إيَّاهُ فَالشُّفْعَةُ رَدٌّ لِوَصِيَّتِهِ ، وَجَعَلَ سَحْنُونٌ الْجَوَابَ إذَا أَوْصَى بِبَيْعِ نَصِيبٍ لِيَصْرِفَ ثَمَنَهُ فِي الْمَسَاكِينِ كَذَلِكَ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْوَرَثَةِ قَالَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَسْتَشْفِعَ لِأَنَّ الْمَيِّتَ أَخَّرَ الْبَيْعَ لِبَعْدِ الْمَوْتِ وَلِوَقْتٍ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ الشَّرِكَةِ .

لَا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ عَقَارًا ؛ وَلَوْ مُنَاقَلًا بِهِ

( لَا ) شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ فِي شِقْصٍ مِنْ دَارٍ مَثَلًا بِيعَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ ( مُوصًى لَهُ ) مِمَّنْ مَاتَ ( بِبَيْعِ جُزْءٍ ) مَعْلُومٍ كَثُلُثِ دَارِهِ لِأَنَّهَا تُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ ، وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ شَرِيكٌ فِي تِلْكَ الدَّارِ لِتُثْبِتَ لَهُ الشُّفْعَةَ فِي ذَلِكَ الْجُزْءِ صَرَّحَ بِهِ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ قَالَهُ الْحَطّ وَمَفْعُولُ أَخْذُ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ ( عَقَارًا ) أَيْ جُزْأَهُ مِنْ دَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عَرْضٍ وَحَيَوَانٍ .
" ق " ابْنُ عَرَفَةَ تَتَعَلَّقُ الشُّفْعَةُ بِمَبِيعِ الشَّرِيكِ مُشَاعًا مِنْ رُبُعٍ يَنْقَسِمُ اتِّفَاقًا وَلَا تَتَعَلَّقُ بِعَرْضٍ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ عَرْضٌ لَا يَنْقَسِمُ فَأَرَادَ بَيْعَ حِصَّتِهِ قِيلَ لِشَرِيكِهِ بِعْ مَعَهُ أَوْ خُذْ بِمَا يُعْطِي ، فَإِنْ رَضِيَ وَبَاعَ أَوْ أَخَذَ بِمَا يُعْطِي فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ أَبَى وَبَاعَ شَرِيكُهُ حِصَّةً مُشَاعَةً فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ .
ابْنُ سَهْلٍ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ مِنْ عُرُوضٍ وَغَيْرِهَا إلَّا بِضَرَرٍ يُبَاعُ وَيَقْتَسِمُ الشُّرَكَاءُ ثَمَنَهُ ، وَمَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ أَخْذَهُ بِمَا بَلَغَهُ فَلَهُ ذَلِكَ ، فَإِنْ تَشَاجَرُوا فِيهِ تَزَايَدُوا فِيهَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَيَأْخُذَهُ وَيُؤَدِّيَ إلَيْهِمْ أَنْصِبَاءَهُمْ مِمَّا أَخَذَهُ بِهِ ، وَلِلشَّرِيكِ أَخْذُ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ إنْ بِيعَ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مُنَاقَلًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ ( بِهِ ) أَيْ الْعَقَارِ أَيْ مَبِيعًا بِعَقَارٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الشِّقْصِ بِعَقَارٍ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَاعَ الرَّجُلُ شِقْصَهُ مِنْ شَرِيكِهِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِأَصْلٍ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ أَصْلٍ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ أَوْ لَا شِرْكَ لَهُ فِيهِ فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ فِي

ذَلِكَ كُلِّهِ الشُّفْعَةَ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ .
تت ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُنَاقَلَةُ لَا الْمُبَايَعَةُ أَمْ لَا ، كَانَ الْمُنَاقَلُ مَعَهُ شَرِيكًا لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ أَوْ لَا ، دَفَعَ مَعَ مَا نَاقَلَ بِهِ نَقْدًا أَوْ لَا وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْضًا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْبَيْعِ فَلَا شُفْعَةَ ، وَلَهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْمُتَنَاقِلَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الدَّارِ وَتَرَكَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي دَارٍ لِيَأْخُذَ حِصَّةَ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ ، وَإِنْ كَانَا غَيْرَ شَرِيكَيْنِ فَالشُّفْعَةُ ، وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ

إنْ انْقَسَمَ ، وَفِيهَا الْإِطْلَاقُ ، وَعُمِلَ بِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَلَوْ دَيْنًا

( إنْ انْقَسَمَ ) أَيْ قَبِلَ الْعَقَارُ الْقِسْمَةَ فَلَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا كَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْمَعْصَرَةِ وَالْمُحَبَّسَةِ وَالْحَانُوتِ الصَّغِيرِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ الشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يُقْسَمُ مِنْ الْأُصُولِ دُونَ مَا لَا يَنْقَسِمُ ، وَهَذَا أَمْرٌ اخْتَلَفَ فِيهِ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا كَانَتْ نَخْلَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِهِ فِيهَا ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا ( الْإِطْلَاقُ ) لِلْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِقَبُولِهِ الْقِسْمَةَ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْحَمَّامِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ أَحَقُّ أَنْ تَكُونَ فِيهِ الشُّفْعَةُ مِنْ الْأَرْضِينَ لِمَا فِي قَسْمِ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ أَجْمَعُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَبَى الْإِمَامُ مَالِكٌ مِنْ الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ مِنْ قِيلَ إنَّهُ لَا يَنْقَسِمُ ، وَأَنَا أَرَى فِيهِ الشُّفْعَةَ .
الْبُنَانِيُّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يُقْسَمُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، فَعَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ دَفْعُ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ لَا شُفْعَةَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّهُ لَا يُجَابُ لِقِسْمَتِهِ مِنْ طَلَبِهَا ، حَتَّى يَلْزَمَ ضَرَرُ الشَّرِيكِ بِهَا ، وَعَلَى أَنَّهَا دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ تَجِبُ الشُّفْعَةُ مُطْلَقًا إذْ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ حَاصِلَةٌ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَمَا لَا يَنْقَسِمُ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ تَقْيِيدَ الشُّفْعَةِ بِمَا يَنْقَسِمُ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَأَنَّ صَاحِبَ الْمُعِينِ ذَكَرَ أَنَّ بِهِ الْقَضَاءَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
( وَعُمِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ ( بِهِ ) أَيْ الْإِطْلَاقِ صَاحِبُ الْمُعِينِ

وَبِهِ الْقَضَاءُ .
ابْنُ حَارِثٍ وَهُوَ جَارٍ بِقُرْطُبَةَ ، وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاؤُهَا أَفَادَهُ تت .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَ أَهْلِ الشُّورَى بِقُرْطُبَةَ عَلَى الشُّفْعَةِ فِي الْحَمَّامِ .
طفي تَبِعَ تت الشَّارِحَ فِي عَزْوِهِ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ وَهُوَ سَهْوٌ .
قَالَ فِي الْمُعِينِ إذَا كَانَ مِنْ شَأْنِهِ لَا يَنْقَسِمُ وَلَا تَتَهَيَّأُ فِيهِ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ كَالْحَمَّامَاتِ وَالْأَرْحَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَبِهِ الْقَضَاءُ ، فَأَنْتَ تَرَاهُ قَالَ إنَّ الْقَضَاءَ بِعَدَمِ الشُّفْعَةِ ، وَهَكَذَا عَزَّاهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَصِلَةُ أَخْذُ ( بِمِثْلِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( الثَّمَنِ ) الَّذِي اشْتَرَى الشِّقْصَ بِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ إنْ دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ مَالِهِ لِلْبَائِعِ حِينَ شِرَائِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الثَّمَنُ الْمِثْلِيُّ ( دَيْنًا ) عَلَى بَائِعِ الشِّقْصِ لِمُشْتَرِيهِ فَدَفَعَ لَهُ الشِّقْصَ عِوَضًا عَنْهُ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ اشْتَرَى بِعَنْبَرٍ فَلَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ .
" ق " فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَا اُشْتُرِيَ بِعَيْنٍ أَوْ مِثْلِيٍّ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ، وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ أَتَى بِضَامِنٍ ثِقَةٍ مَلِيءٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ قَالَهُ الْبَائِعُ لِلْمُبْتَاعِ أَنَا أَرْضَى أَنْ يَكُونَ مَالِي عَلَى الشَّفِيعِ إلَى الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسَخَ مَا لَمْ يَحِلَّ مِنْ دَيْنِهِ فِي دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ آخَرَ .
عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَى سَنَةٍ فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ إلَّا بِقِيمَةِ الدَّيْنِ عَرْضًا يَدْفَعُهُ الْآنَ لِأَنَّ الدَّيْنَ عَرْضٌ مِنْ الْعُرُوضِ ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقُمْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ .

أَوْ قِيمَتِهِ بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ ؛ وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ ، وَعَقْدِ شِرَاءٍ
أَوْ ) بِ ( قِيمَتِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَعَبْدٍ أَوْ فَرَسٍ أَوْ عَقَارٍ ، فِيهَا مَا اشْتَرَى بِعَبْدٍ شَفَعَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ ، وَمَا اشْتَرَى بِعَرْضٍ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ ( وَ ) إنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ مَعَ رَهْنٍ أَوْ ضَامِنٍ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ ( بِ ) مِثْلِهِ مَعَ مِثْلِ ( رَهْنِهِ وَضَامِنِهِ ) وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَمْلَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي تَحْقِيقًا لِلتَّمَاثُلِ .
" ق " أَشْهَبُ إنْ اشْتَرَى بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِحَمِيلٍ أَوْ رَهْنٍ فَقَامَ الشَّفِيعُ وَهُوَ أَمْلَأُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا مِثْلَهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ ، وَلَوْ جَاءَ بِرَهْنٍ لَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ وَفَاءً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا مِثْلُ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ كَانَ بِرَهْنٍ وَحَمِيلٍ فَجَاءَ بِرَهْنٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَمِيلٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ .
( وَ ) يَأْخُذُ بِمِثْلِ ( أُجْرَةِ دَلَّالٍ وَ ) أُجْرَةِ كَاتِبٍ ( عَقْدِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ وَثِيقَةَ ( شِرَاءٍ ) " ق " الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَى الشَّفِيعِ أُجْرَةُ الدَّلَّالِ وَأُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ وَثَمَنُ مَا كَتَبَ بِهِ يَغْرَمُ ذَلِكَ كُلَّهُ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ وَصَلَ إلَى الِابْتِيَاعِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَدَّى مِنْ الْأُجُورِ أَكْثَرَ مِنْ الْمَعْهُودِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ سِوَى الْمَعْهُودِ ، بِهَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ ابْنُ عَتَّابٍ وَالْإِمَامُ ابْنُ مَالِكٍ وَالْإِمَامُ ابْنُ الْقَطَّانِ .
ابْنُ سَهْلٍ وَلَمْ أَعْلَمْ لَهُمْ مُخَالِفًا وَهُوَ الْحَقُّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

وَفِي الْمَكْسِ : تَرَدُّدٌ ، أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي : كَخُلْعٍ ، وَصُلْحِ عَمْدٍ ، وَجُزَافِ نَقْدٍ ، وَبِمَا يَخُصُّهُ ، إنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي

( وَفِي ) لُزُومِ مِثْلِ ( الْمَكْسِ ) لِلشَّفِيعِ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ ظُلْمًا لِأَنَّهُ مَالٌ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَصَّلْ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ إلَّا بِهِ ، كَأُجْرَةِ الدَّلَّالِ وَعَدَمِ لُزُومِهِ لِكَوْنِهِ ظُلْمًا ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ لَوْ غَرِمَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشِّقْصِ غُرْمًا هَلْ يَغْرَمُهُ لَهُ الشَّفِيعُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ هَلْ يَأْخُذُ رَبَّهُ بِغُرْمٍ أَوْ بِغَيْرِ غُرْمٍ ( أَوْ ) بِ ( قِيمَةِ الشِّقْصِ ) الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّذِي أَخَذَهُ الزَّوْجُ ( فِي كَخُلْعٍ ) وَالزَّوْجَةُ فِي مَهْرٍ إذْ الْمَالُ الْمُخَالَعُ بِهِ وَالْمَالُ الْمُتَزَوَّجُ بِهِ لَا حَدَّ لَهُمَا ، فَرُبَّ كَارِهَةٍ زَوْجَهَا تَدْفَعُ لَهُ فِي الْخُلْعِ كَثِيرًا ، وَرُبَّ رَاغِبٍ فِي زَوْجَةٍ يَدْفَعُ لَهَا أَضْعَافَ مَهْرِ مِثْلِهَا ، فَالرُّجُوعُ لِقِيمَةِ الشِّقْصِ أَعْدَلُ ، وَلَا يَشْفَعُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَإِنْ اسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
( وَ ) بِقِيمَةِ الشِّقْصِ الْمَدْفُوعِ فِي ( صُلْحِ ) جِنَايَةِ ( عَمْدٍ ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقَوَدُ وَلَا قِيمَةَ لَهُ .
وَمَفْهُومُ عَمْدٍ أَنَّ الْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ جِنَايَةٍ خَطَأٍ يُؤْخَذُ بِمِثْلِ دِيَتِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً ، وَبِقِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ مُقَوَّمَةً ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
" ق " .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ نَكَحَ أَوْ خَالَعَ أَوْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى شِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَقْدِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ ، يُرِيدُ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِشْفَاعُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَخَذَ الشِّقْصَ عَنْ دَمِ خَطَأٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِالدِّيَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إبِلٍ أَخَذَهُ بِقِيمَتِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ أَهْلَ ذَهَبٍ أَخَذَهُ بِذَهَبٍ بِنَجْمٍ عَلَى الشَّفِيعِ كَتَنْجِيمِهِ عَلَى الْعَاقِلَةِ .
( وَ ) بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ شِرَائِهِ بِ ( جُزَافِ نَقْدٍ ) " ق " ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ

وَدَرَاهِمَ جُزَافًا فِي صِحَّةِ فَرْضِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ نَظَرٌ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا ، وَإِنَّمَا تَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهِ الشَّافِعِيَّةَ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ اشْتَرَاهُ بِحُلِيٍّ جُزَافٍ شَفَعَ بِقِيمَتِهِ ، وَكَذَا السَّبَائِكُ وَالطَّعَامُ الْمُصَبَّرُ ، فَإِنْ كَانَ الْحُلِيُّ ذَهَبًا قُوِّمَ بِفِضَّةٍ ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً قُوِّمَ بِذَهَبٍ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُقَالُ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا يُتَعَامَلُ بِهِ وَزْنًا مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ لِجَوَازِ بَيْعِهَا جُزَافًا ، لِأَنَّا نَقُولُ إذَا حُمِلَ عَلَى هَذَا فَالشُّفْعَةُ بِقِيمَتِهِ كَالطَّعَامِ الْمُصَبَّرُ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَفَرْضُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ مَعَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ ( بِمَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( يَخُصُّهُ ) أَيْ الشِّقْصَ مِنْ الثَّمَنِ ( إنْ صَاحَبَ ) الشِّقْصَ ( غَيْرُهُ ) فِي الْبَيْعِ بَعْدَ تَقْوِيمِهَا ، وَقُسِمَ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَتَيْهِمَا .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ وَعَرَضَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِثَمَنٍ فَالشُّفْعَةُ فِي الشِّقْصِ خَاصَّةً بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ ، تَغَيَّرَتْ الدَّارُ لِسُكْنَاهُ أَمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ ( وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي ) الْمُصَاحِبُ لِلشِّقْصِ فِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ الْعَرْضِ وَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ أَبَاهُ .
ابْنُ يُونُسَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَرَى الشُّفْعَةَ كَالِاسْتِحْقَاقِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ الْجُلَّ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّ الْعَرْضِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ جُلَّ صَفْقَتِهِ ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهُ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ فَلَا رَدَّ لَهُ بِحَالٍ .

وَإِلَى أَجَلِهِ إنْ أَيْسَرَ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيٌّ ، وَإِلَّا عُجِّلَ الثَّمَنُ ؛ إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا عُدْمًا عَلَى الْمُخْتَارِ
( وَ ) إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ مُؤَجَّلًا ( إلَى أَجَلِهِ ) أَيْ ثَمَنِ الشِّقْصِ ( إنْ أَيْسَرَ ) الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ( أَوْ ) لَمْ يُوسِرْ بِهِ وَ ( ضَمِنَهُ ) أَيْ الشَّفِيعَ ضَامِنٌ ثِقَةٌ ( مَلِيٌّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ التَّحْتِيَّةِ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَى أَجَلِهِ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَى الْأَجَلُ وَطَلَبَ تَأْخِيرَهُ إلَى أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَصْبَغَ وَغَيْرِهِمَا ، إذْ الْأَوَّلُ ضُرِبَ لَهُمَا مَعًا .
وَلِمُطَرِّفٍ مَنْ وَافَقَهُ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ كَالْأَوَّلِ ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ ، وَفِيهَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لِأَجَلٍ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ أَتَى بِضَامِنٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الشَّفِيعُ مَلِيًّا وَلَمْ يَأْتِ بِضَامِنٍ مَلِيءٍ ( عَجَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ ( الثَّمَنَ ) لِلْمَشْفُوعِ مِنْهُ فِيهَا إنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ الْمُبْتَاعَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَجِّلَهُ لِلْبَائِعِ ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ قَبْضِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ( عُدْمًا ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرًا ، فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ فَقِيرَيْنِ وَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ فِي الْفَقْرِ ، وَأَنَّ الشُّفْعَةَ لَهُ أَحْسَنُ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِمِلْكِ النِّصْفِ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ .
وَمَفْهُومُ يَتَسَاوَيَا إنْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ فَقْرًا سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ اتِّفَاقًا ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .

وَلَا يَجُوزُ إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ ، كَأَنْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ وَيَرْبَحَ ، ثُمَّ لَا يَأْخُذَ لَهُ ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ

( وَلَا تَجُوزُ إحَالَةُ الْبَائِعِ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلِهِ ، وَالْأَصْلُ إحَالَةُ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ( بِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ .
ابْنُ يُونُسَ إنْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أَرْضَى أَنْ يَبْقَى مَالِي عَلَى الشَّفِيعِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ عَلَى رَجُلٍ فِي دَيْنٍ عَلَى آخَرَ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( أَخَذَ ) مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ ( مِنْ ) شَخْصٍ ( أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ لِلشُّفْعَةِ ( مَالًا لِيَأْخُذَ ) الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَيَبِيعُ مَا يَأْخُذُهُ لِمَنْ دَفَعَ لَهُ الْمَالَ ( وَيَرْبَحُ ) الشَّفِيعُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَعَ أَخْذِهِ مِنْهُ الثَّمَنَ بِكَمَالِهِ ( ثُمَّ ) إذَا وَقَعَ ذَلِكَ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَ ( لَا أَخْذَ لَهُ ) بَعْدَ ذَلِكَ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ ، وَلَيْسَ غَرَضُ الْأَجْنَبِيِّ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلشَّفِيعِ إلَّا ضَرَرُ الْمُشْتَرِي ، وَيَرْبَحُ الشَّفِيعُ الْمَالَ .
وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا أَيْضًا أَفَادَهُ " ق " .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمَنْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ فَأَتَاهُ أَجْنَبِيٌّ فَقَالَ خُذْهَا بِشُفْعَتِك وَلَك مِائَةُ دِينَارٍ وَأُرَبِّحُك فِيهَا فَلَا يَجُوزُ .
وَيُرَدُّ إنْ وَقَعَ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِشُفْعَتِهِ لِغَيْرِهِ ا هـ .
وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ بَاعَ حَظَّهُ وَشَرِيكُهُ مُفْلِسٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ اشْفَعْ وَأُرَبِّحُك فَأَخَذَ وَأَرْبَحَهُ ، فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ رَدَّ الشِّقْصَ لِمُبْتَاعِهِ .
ابْنُ سَهْلٍ فَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ بَعْدَ فَسْخٍ أَخَذَهُ لِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ .
طفي الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ ، وَعَلَيْهِ يَتَرَتَّبُ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا

أَخْذَ لَهُ ، إذْ هُوَ مَفْرُوضٌ فِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ .
وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي يَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةً لَهُ ، وَيَحْتَاجُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ فِيهِ ا هـ .
الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ قَوْلُهُ ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ .
وَعَطَفَ عَلَى أَخَذَ فَقَالَ ( أَوْ بَاعَ ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ ( قَبْلَ أَخْذِهِ ) بِالشُّفْعَةِ فَقَدْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ فَلَا يَأْخُذُ بِهَا بَعْدَ بَيْعِهِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ الشِّقْصَ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ ، لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي عَلَى مَالٍ يَأْخُذُ مِنْهُ فَذَلِكَ لَهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ مِنْهُ شِقْصًا إنَّمَا بَاعَ مِنْهُ حَقًّا وَجَبَ لَهُ .
ابْنُ يُونُسَ مَنْ بَاعَ شِقْصَهُ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْفَعَ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ عَلِمَ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الشُّفْعَةُ .

بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيُسْقِطَ كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ بِأَرْضٍ حُبِسَ ، أَوْ مُعِيرٍ

( بِخِلَافِ أَخْذِ ) الشَّفِيعِ مَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي لِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ بِ ( مَالٍ بَعْدَهُ ) أَيْ الشِّرَاءِ ( لِيُسْقِطَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ فَتَجُوزُ تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِهِ ، وَمَفْهُومُ بَعْدِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ مَالًا قَبْلَهُ وَإِنْ وَقَعَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَإِذَا أَسْلَمَ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ الشِّرَاءِ عَلَى مَالٍ أَخَذَهُ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَبْطَلَ وَرَدَّ الْمَالَ وَكَانَ عَلَى شُفْعَتِهِ .
وَشَبَّهَ بِالْعَقَارِ فِي اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ فَقَالَ ( كَ ) شِقْصِ ( شَجَرٍ ) مُشْتَرَكٍ بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ مُعَارَةٍ لِلشُّرَكَاءِ الْغَارِسِينَ بِهَا ، فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ ( وَ ) كَ ( بِنَاءٍ ) مُشْتَرَكٍ ( بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ ) بِأَرْضِ شَخْصٍ ( مُعِيرٍ ) بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِشَرِيكِهِ أَخْذُهُ بِهَا .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالنَّخْلِ وَالشَّجَرِ ، وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ مِنْ بِنَاءٍ أَوْ ثَمَرٍ ، وَإِذَا بَنَى قَوْمٌ فِي أَرْضٍ حُبِسَتْ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَأَرَادَ بَعْضُ وَرَثَتِهِ بَيْعَ نَصِيبِهِ مِنْ الْبِنَاءِ فَلِإِخْوَتِهِ الشُّفْعَةُ فِيهِ اسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَالَ مَا سَمِعْت فِيهِ بِشَيْءٍ تت ، هَذِهِ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعِ الَّتِي اسْتَحْسَنَهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَمْ يَسْبِقْهُ أَحَدٌ إلَيْهَا .
وَالثَّانِيَةُ الشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ .
وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، وَالرَّابِعَةُ جَعْلُ دِيَةِ أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ : وَمَا اسْتَحْسَنَ الْمَتْبُوعُ إنْ عُدَّ أَرْبَعٌ فَالِاثْنَانِ مِنْهَا صَاحِبُ

الْوِتْرِ يَشْفَعُ بِنَاءٌ وَثَمْرٌ وَالْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَأُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ لِلْخَمْسِ تُرْبِعُ وَنَظَمَهَا " غ " فَقَالَ : وَقَالَ مَالِكٌ بِالِاخْتِيَارِ فِي شُفْعَةِ الْأَنْقَاضِ وَالثِّمَارِ وَالْجُرْحُ مِثْلُ الْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ وَالْخَمْسُ فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ ح " فَإِنْ قُلْت بَقِيَتْ خَامِسَةٌ ذَكَرَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَهِيَ إذَا هَلَكَتْ الْمَرْأَةُ وَلَهَا وَلَدٌ يَتِيمٌ لَا وَصِيَّ لَهُ فَأَوْصَتْ بِالْوَلَدِ وَالْمَالِ إلَى رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا نَحْوَ سِتِّينَ دِينَارًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْ الْوَصِيِّ اسْتَحْسَنَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَدْ عَدَّهَا ابْنُ نَاجِي خَمْسًا فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ فَذَكَرَ هَذِهِ ، فَالْجَوَابُ أَنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَالِكًا لَمْ يَقُلْ بِالِاسْتِحْسَانِ إلَّا فِي الْأَرْبَعِ وَلَمْ يَعُدُّوا مِنْهَا هَذِهِ .
أَبُو الْحَسَنِ الْمَسَائِلُ الَّتِي لَمْ يَسْبِقْ إلَيْهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَرْبَعٌ فَلَعَلَّ هَذِهِ الْخَامِسَةَ سَبَقَهُ إلَيْهَا غَيْرُهُ .
" ج " نَظَمْتهَا تَبَعًا لِابْنِ نَاجِي ، فَقُلْت : وَفِي وَصِيِّ الْأُمِّ بِالْيَسِيرِ مِنْهَا وَلَا وَلِيَّ لِلصَّغِيرِ طفي حَصَرَهَا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهَا وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهَا ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ اسْتِحْسَانًا كَثِيرًا ، حَتَّى قَالَ الْمُتَيْطِيُّ الِاسْتِحْسَانُ فِي الْعِلْمِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ ، وَقَالَ الْإِمَامُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ .
ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَلَيْهِ عَوَّلَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَبَنَى عَلَيْهِ أَبْوَابًا وَمَسَائِلَ إلَّا أَنَّ غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ وَافَقَ اسْتِحْسَانُهُ فِيهِ قَوْلًا لِغَيْرِهِ ، وَإِذَا تَصَفَّحْت مَسَائِلَ الْمَذْهَبِ ظَهَرَ لَك ذَلِكَ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ ، أَوْ ثَمَنِهِ ، وَإِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ ، وَإِلَّا فَقَائِمًا وَكَثَمَرَةٍ ، وَمَقْثَأَةٍ ، وَبَاذِنْجَانٍ ، وَلَوْ مُفْرَدَةً ، إلَّا أَنْ تَيْبَسَ

( وَ ) إنْ أَعَارَ شَخْصٌ أَرْضَهُ لِقَوْمٍ يَبْنُونَ أَوْ يَغْرِسُونَ فِيهَا فَفَعَلُوا ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ مِنْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّخْصُ ( الْمُعِيرُ ) عَلَى شُرَكَاءِ الْبَائِعِ فِي أَخْذِ الْحَظِّ الْمَبِيعِ ( بِ ) قِيمَةِ ( نَقْضِهِ ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ ، أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الشَّجَرِ مَنْقُوضًا ( أَوْ بِثَمَنِهِ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فَالْخِيَارُ لَهُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَحَكَاهُمَا عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ تَأْوِيلَيْنِ لِلْمُدَوَّنَةِ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( مَضَى زَمَنٌ ) هُوَ ( مَا ) أَيْ الزَّمَنُ الَّذِي ( تُعَارُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأَرْضُ ( لَهُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَمْضِ مَا تُعَارُ لَهُ ( فَ ) يُقَدَّمُ الْمُعِيرُ فِي أَخْذِهِ بِقِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا ) أَوْ ثَمَنِهِ .
تت هَذَا فِي الْإِعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ زَمَنُ مَا تُعَارُ لَهُ .
وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ مَعْلُومٍ وَلَمْ يُنْقَضْ ، فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْإِعَارَةِ عَلَى الْبَقَاءِ فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ ، وَلَا مَقَالَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إنْ بَاعَهُ عَلَى الْبَقَاءِ ، وَإِنْ بَاعَ عَلَى النَّقْضِ قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا بَنَى رَجُلَانِ فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ النَّقْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ بِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَلِشَرِيكِهِ الشُّفْعَةُ لِلضَّرَرِ ، إذْ هُوَ أَصْلُ الشُّفْعَةِ " غ " عِيَاضٌ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ رَبَّ الْعَرْصَةِ مُقَدَّمٌ فِي الْأَخْذِ عَلَى الشَّفِيعِ ، لَكِنْ لَيْسَ لِلشُّفْعَةِ ، بَلْ لِرَفْعِ الضَّرَرِ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّ عَلَى الْمُعِيرِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ مَقْلُوعٌ ، سَوَاءٌ مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ تِلْكَ الْأَرْضُ إلَى مِثْلِهِ أَمْ لَا ، لَكِنْ قَيَّدَهَا أَبُو عِمْرَانَ بِمَا إذَا مَضَى زَمَنٌ تُعَارُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا ، وَقَالَ هَكَذَا

وَقَعَ لِسَحْنُونٍ .
أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَمَّا أَرَادَ الْخُرُوجَ فَكَانَ مِثْلَ مُضِيِّ مَا تُعَارُ إلَى مِثْلِهِ ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا ، وَمَنْ بَنَى فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْهَا فَلِرَبِّ الْعَرْصَةِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ قِيمَةَ النَّقْضِ ، أَوْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ مُعِيدًا لِكَافِ التَّشْبِيهِ لِلْإِيضَاحِ ( وَكَثَمَرَةٍ ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ .
" ق " فِيهَا إذَا كَانَ بَيْنَ قَوْمٍ ثَمَرٌ فِي شَجَرٍ قَدْ أَزْهَى فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ قَبْلَ قِسْمَتِهِ وَالْأَصْلُ لَهُمْ أَوْ بِأَيْدِيهِمْ فِي مُسَاقَاةٍ أَوْ حَبْسٍ فَاسْتَحْسَنَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِشُرَكَائِهِ فِيهِ الشُّفْعَةَ ، مَا لَمْ تَيْبَسْ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ ، أَوْ تَبِعَ وَهِيَ يَابِسَةٌ وَقَالَ مَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَدِيثِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا فَرْقَ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فِيهَا ، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْنَ أَنْ تُبَاعَ دُونَ أَصْلِهَا بَعْدَ زَهْوِهَا أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بَعْدَ إبَارِهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَأَمَّا إنْ بِيعَتْ قَبْلَ إبَارِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا ، إذْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا لَمْ تُجَذَّ أَوْ تَيْبَسْ مِنْ جِهَةِ الِاسْتِحْقَاقِ لَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِشْفَاعِ .
( وَ ) كَ ( مَقْثَأَةٍ ) مُشْتَرَكَةٍ ( وَبَاذِنْجَانٍ ) وَقَرْعٍ وَقُطْنٍ الْبَاجِيَّ وَكُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ ، كَذَا فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِي شَيْءٍ

مِمَّا ذُكِرَ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِشَرِيكِهِ فِيهِ .
" ق " الْبَاجِيَّ إذَا قُلْنَا بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمَوَّازِيَّةِ الشُّفْعَةُ فِي الْعِنَبِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمَقَاثِئُ عِنْدِي فِيهَا الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ وَلَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ .
وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ مَالَهُ أَصْلٌ ثَابِتٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَالشُّفْعَةُ فِيهِ كَالشَّجَرِ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ نَبْتٌ لَا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَائِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَصْلٍ ثَابِتٍ .
أَصْلُ ذَلِكَ مَا يُنْقَلُ وَيُحَوَّلُ .
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا لَا شُفْعَةَ فِي الزَّرْعِ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ حَتَّى يَيْبَسَ وَتَثْبُتَ فِي الثَّمَرَةِ ، إنْ بِيعَتْ مَعَ أَصْلِهَا بَعْدَ زَهْوِهَا أَوْ قَبْلَهُ ، بَلْ ( وَلَوْ ) بِيعَتْ بَعْدَ زَهْوِهَا حَالَ كَوْنِهَا ( مُفْرَدَةً ) عَنْ أَصْلِهَا شَمِلَ بَيْعَهُمَا الْأَصْلَ ثُمَّ بَيْعَ أَحَدِهِمَا حَظَّهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَبَقَاءِ الْأَصْلِ ، وَبَيْعَ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا وَبَيْعَ أَحَدِهِمَا نَصِيبَهُ مِنْهُمَا بَعْدَ شِرَائِهِمَا إيَّاهَا وَحْدَهَا .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الثَّمَرَةِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ تَيْبَسَ ) الثَّمَرَةُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَسْأَلَتَيْنِ بَيْعَهَا قَبْلَ يُبْسِهَا وَقِيَامَ الشَّفِيعِ بَعْدَهُ وَبَيْعَهَا يَابِسَةً وَهُمَا لِمَالِكٍ فِيهَا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ابْنُ رُشْدٍ الْمُرَادُ بِيُبْسِهَا حُصُولُ وَقْتِ جُذَاذِهَا لِلتَّيْبِيسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ أَوْ إلَّا إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ أَنَّ يُبْسَهَا ارْتِفَاعُ مَنْفَعَتِهَا بِبَقَائِهَا فِي أَصْلِهَا لَا حُضُورُ وَقْتِ قِطَافِهَا ، فَقَدْ يَحْضُرُ وَيَكُونُ لِبَقَائِهَا زِيَادَةُ مَنْفَعَةٍ كَالْعِنَبِ وَالرُّمَّانِ عِنْدَنَا .

وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ ، وَفِيهَا : أَخْذُهَا : مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ ، وَهَلْ هُوَ خِلَافٌ ؟ تَأْوِيلَانِ

( وَ ) إذَا بِيعَ الْأَصْلُ مَعَ ثَمَرَتِهِ وَيَبِسَتْ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَقُلْنَا لَا يَأْخُذُهَا بِهَا وَأَخَذَ الْأَصْلَ وَحْدَهُ بِهَا ( حُطَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ أُسْقِطَ عَنْ الشَّفِيعِ ( حِصَّتُهَا ) أَيْ الثَّمَرَةِ مِنْ ثَمَنِهَا مَعَ أَصْلِهَا ( إنْ ) كَانَتْ ( أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً يَوْمَ شِرَائِهَا مَعَ أَصْلِهَا لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ " ح " وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْحَطِّ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ يَوْمَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا ابْتَاعَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةَ مَأْبُورَةً أَوْ مُزْهِيَةً وَاشْتَرَطَهَا الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، وَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَذَلِكَ لَهُ ، وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأَصْلِ مَا لَمْ تُجَذَّ حِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِشُفْعَتِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ مَجْمُوعِ قِيمَتِهِ قِيمَةً مَعَ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهَا وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا ( أَخَذَهَا ) أَيْ الثَّمَرَةَ بِالشُّفْعَةِ ( مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ وَ ) اُخْتُلِفَ ( هَلْ هُوَ ) أَيْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ ( خِلَافٌ ) فَمَرَّةً قَالَ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَمَرَّةً قَالَ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ ، أَوْ وِفَاقٌ ، وَالْأَوَّلُ إذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ ، فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ يُبْسِهَا فَفِيهَا الشُّفْعَةُ ، وَالثَّانِي إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ أَصْلِهَا فَالشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ .
فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ يُبْسِهَا فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) .
" غ " الْأَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا أَخَذَهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ ، وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا مَا لَمْ تُجَذَّ وَكَذَا هُوَ فِي الْأُمَّهَاتِ ، فَقَالَ عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُهُمْ

فَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ فَقَالَ يَأْخُذُهَا مَا لَمْ تُجَذَّ ، وَإِذَا اشْتَرَاهَا وَحْدَهَا قَالَ الشُّفْعَةُ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ ، وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ مَذْهَبَهُ فِي الْكِتَابِ .
وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْوَجْهَيْنِ ، فَمَرَّةً قَالَ فِيهِمَا حَتَّى تَيْبَسَ ، وَمَرَّةً قَالَ حَتَّى تُجَذَّ ، وَظَاهِرُ اخْتِصَارِ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِمَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ هَذِهِ الْوُجُوهِ ، وَأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ ، لَكِنْ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ قَالَ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ وَجُذَاذِهَا فَنَبَّهَ عَلَى الْخِلَافِ فِي الرِّوَايَةِ بِمَا ذَكَرَهُ لَا غَيْرِهِ ، وَأَمَّا أَبُو سَعِيدٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَيْبَسْ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ ، وَقَالَ فِي الثَّانِي فَإِنْ قَامَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ أَوْ جُذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ شُفْعَةٌ .
أَبُو الْحَسَنِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ .
فَإِنْ قُلْت مَا حَمَلْت عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا إلَّا أَنْ تَيْبَسَ ، وَلَعَلَّهُ حَاذَى اخْتِصَارَ أَبِي سَعِيدٍ فَأَشَارَ لِمَا فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ أَوْ تُجَذَّ .
قُلْت النَّسْجُ عَلَى مِنْوَالِ الْأُمَّهَاتِ أَصْوَبُ وَأَجْرَى ، مَعَ قَوْلِهِ وَهَلْ اخْتِلَافٌ تَأْوِيلَانِ ؟ الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ الْأُمَّ عَلَى مَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ عَلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْجَذِّ قَبْلَ الْيُبْسِ فَقَطْ ، وَأَنَّ الْيُبْسَ مُفِيتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَجَعَلَ قَوْلَهُ هُنَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ كُلَّهُ مَوْضِعًا وَاحِدًا ، وَمَا تَقَدَّمَ مَوْضِعًا آخَرَ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ أَبُو سَعِيدٍ هُنَا وَغَيْرُهُ .
وَإِنْ قَالَ .
غ النَّسْجُ عَلَى مِنْوَالِ الْأُمَّهَاتِ أَصْوَبُ .

وَإِنْ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ : أُخِذَتْ ، وَإِنْ أُبِّرَتْ وَرَجَعَ بِالْمُؤْنَةِ ، وَكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا وَإِلَّا فَلَا ، وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ

( وَإِنْ اشْتَرَى ) الْمُبْتَاعُ ( أَصْلِهَا ) أَيْ الثَّمَرَةِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّمَرَةِ لِعَدَمِ وُجُودِهَا فِيهِ حِينَ الشِّرَاءِ ثُمَّ أَثْمَرَ وَقَامَ الشَّفِيعُ ( أُخِذَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الثَّمَرَةُ مَعَ أَصْلِهَا بِالشُّفْعَةِ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ ، بَلْ ( وَإِنْ أُبِّرَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الثَّمَرَةُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ ( وَرَجَعَ ) الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ ( بِالْمُؤْنَةِ ) لِلثَّمَرَةِ مِنْ تَأْبِيرٍ وَسَقْيٍ وَنَحْوِهِمَا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ الْمُؤْنَةِ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ .
" ق " مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهِمَا ثَمَرٌ غَيْرُ مُؤَبَّرٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَاسْتَشْفَعَ النِّصْفَ الْآخَرَ فَإِنْ قَامَ يَوْمَ الْبَيْعِ أَخَذَ النِّصْفَ بِمِلْكِهِ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ بِشُفْعَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى عَمِلَ الْمُشْتَرِي فَأُبِّرَتْ وَفِيهَا الْآنَ بَلَحٌ أَوْ فِيهَا زَهْوٌ لَمْ يَيْبَسْ فَكَمَا ذَكَرْنَا ، وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِثَمَرِهِ وَعَلَيْهِ لِلْمُبْتَاعِ قِيمَةُ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ فِيمَا اسْتَحَقَّ وَاسْتَشْفَعَ ، فَإِنْ قَامَ بَعْدَ يُبْسِ الثَّمَرَةِ أَوْ جُذَاذِهَا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِيهَا كَبَيْعِهَا حِينَئِذٍ وَيَأْخُذُ الْأُصُولَ بِالشُّفْعَةِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ ، وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ لِلثَّمَرَةِ شَيْءٌ إذْ لَمْ يَقَعْ لَهَا يَوْمَ الْبَيْعِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الشُّفْعَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهَا مُعِيدًا كَافَ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ فَقَالَ ( وَكَبِئْرٍ ) وَعَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ ( لَمْ تُقْسَمْ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( أَرْضُهَا ) أَيْ الْبِئْرِ الَّتِي تُسْقَى بِمَائِهَا بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا فَفِيهِ الشُّفْعَةُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا ( فَلَا ) شُفْعَةَ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ فِيهِ الشُّفْعَةُ فَذَهَبَ الْبَاجِيَّ إلَى أَنَّ مَا فِيهِمَا خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَا

يَنْقَسِمُ كَالْبِئْرِ وَالْعَيْنِ وَالنَّخْلَةِ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمُتَّحِدَةِ ، وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ .
وَابْنُ لُبَابَةَ إلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى بِئْرٍ لَا فِنَاءَ لَهَا .
وَأَشَارَ لِلْمُوَفِّقِينَ وَالْخِلَافِ فَقَالَ : ( وَأُوِّلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا أُوِّلَتْ بِإِبْقَائِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا وَمُخَالَفَةِ مَا فِيهَا لِمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ ( بِ ) الْبِئْرِ ( الْمُتَّحِدَةِ ) أَيْ غَيْرِ الْمُتَعَدِّدَةِ وَغَيْرِ ذَاتِ الْفِنَاءِ .
" ق " فِيهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَرْضٌ وَنَخْلٌ وَلَهَا عَيْنٌ فَاقْتَسَمَا النَّخْلَ وَالْأَرْضَ خَاصَّةً ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الْعَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ ، وَهُوَ الَّذِي جَاءَ فِيهِ مَا جَاءَ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ ، وَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْبِئْرِ خَاصَّةً ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَالْعَيْنِ جَمِيعِهِ ، فَفِي ذَلِكَ الشُّفْعَةُ وَيُقْسَمُ شِرْبُ الْعَيْنِ بِالْقَلْدِ ، وَهِيَ الْقَدْرُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ فِي الْمَاءِ الَّذِي يَقْسِمُهُ الْوَرَثَةُ بَيْنَهُمْ بِالْأَقْلَادِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا شُرَكَاءَ فِي الْأَرْضِينَ الَّتِي تُسْقَى بِتِلْكَ الْعَيْنِ وَالْحَوَائِطِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَهْلُ كُلِّ قَلْدٍ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ اشْتِرَاكِهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ بِيعَ شِقْصٌ مِنْ الْبِئْرِ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ دُونِهِ وَلَمْ تُقْسَمْ الْأَرْضُ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ بِيعَ بَعْدَ قَسْمِ الْأَرْضِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ ، وَسَمِعَ يَحْيَى فِيهِ الشُّفْعَةُ .
سَحْنُونٌ لَيْسَ هَذَا بِاخْتِلَافٍ ، وَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا بِئْرٌ وَاحِدَةٌ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تُقْسَمُ ، وَمَعْنَى سَمَاع يَحْيَى أَنَّهَا آبَارٌ كَثِيرَةٌ تُقْسَمُ

لَا عَرْضٍ
( لَا ) شُفْعَةَ فِي شِقْصِ ( عَرْضٍ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فِي الْعُرُوضِ وَالْأَمْتِعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ الشَّرِيكُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ انْبِرَامِ الْبَيْعِ ، أَمَّا قَبْلُ انْبِرَامِهِ فَالشَّرِيكُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَفَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِهِ ، وَلَيْسَ هَذَا شُفْعَةً لِأَنَّهَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ ، هَذَا حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ " ز " ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَنَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ كُلُّ مُشْتَرَكٍ لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَبَاعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْهُ فَلِمَنْ بَقِيَ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي يُعْطَى فِيهِ مَا لَمْ يَنْعَقِدْ الْبَيْعُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ كِتَابَةٍ وَدَيْنٍ
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي نُجُومِ ( كِتَابَةٍ ) مُشْتَرَكَةٍ بَاعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا نَصِيبَهُ مِنْهَا .
" ق ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ إنْ كَاتَبَا عَبْدًا بَاعَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ كِتَابَتِهِ أَنَّ ثَمَّ قَوْلٌ أَنَّ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَشْفَعَ وَلَمْ أَعْرِفْهُ ، وَإِنَّمَا فِي الْمَذْهَبِ كَوْنُ الْمُكَاتَبِ أَحَقُّ بِمَا بِيعَ مِنْ كِتَابَتِهِ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ الْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِكِتَابَتِهِ مِمَّنْ اشْتَرَاهَا .
ابْنُ رُشْدٍ أَيْ بِمَا يُعْطَى فِيهَا مَنْ لَمْ يَنْفُذْ الْبَيْعُ فِيهَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ فَظَاهِرُهَا أَنَّهُ أَحَقُّ وَإِنْ نَفَذَ بَيْعُهَا ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ وَغَيْرُهُ مِثْلَهَا .
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ ( دَيْنٍ ) مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الشُّفْعَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ يُبَاعَانِ هَلْ يَكُونُ لِلْمُكَاتَبِ وَالْمَدِينِ شُفْعَةٌ فِي ذَلِكَ .
أَبُو عُمَرَ جَاءَ فِي الْأَثَرِ عَنْ السَّلَفِ أَنَّ الْمِدْيَانَ أَحَقُّ مِنْ مُشْتَرِي الدَّيْنِ ، وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا أَصْحَابُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَإِطْلَاقُ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا مَجَازٌ .

وَعُلْوٍ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ
( وَ ) لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ ( عُلُوٍّ عَلَى ) صَاحِبِ سُفْلٍ ( سُفْلٍ وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي ( عَكْسِهِ ) أَيْ لِصَاحِبِ سُفْلٍ عَلَى صَاحِبِ عُلُوٍّ إذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا لِأَنَّهُمَا جَارَانِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ لَهُ دَارٌ وَلِآخَرَ سُفْلُهَا فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ مِنْهُمَا .

وَزَرْعٍ ، وَلَوْ بِأَرْضِهِ وَبَقْلٍ ، وَعَرْصَةٍ
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ ( زَرْعٍ ) مُشْتَرَكٍ بِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِيهِ وَحْدَهُ ، بَلْ ( وَلَوْ ) بِيعَ ( بِأَرْضِهِ ) أَيْ مَعَهَا وَالشُّفْعَةُ فِي شِقْصِ الْأَرْضِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَسَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ يُبْسِهِ أَوْ قَبْلَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفَرَّقَ بَيْنَ الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ وَالثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ بِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا اسْتَثْنَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ إبَارِهَا لَمْ يَجُزْ ، وَإِذَا اسْتَثْنَى الزَّرْعَ جَازَ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا حِينَئِذٍ وَبِأَنَّ الزَّرْعَ لَيْسَ وِلَادَةً وَالثَّمَرَةَ وِلَادَةٌ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَمَّا الزَّرْعُ الْمُشْتَرَكُ إذَا بَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْهُ بَعْدَ يُبْسِهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ ، وَهُوَ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَيْبَسَ ، وَمَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ ثُمَّ قَامَ شَفِيعٌ بَعْدَ طِيبِهِ فَإِنَّمَا لَهُ الشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ دُونَ الزَّرْعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهَا مِنْهَا مَعَ قِيمَةِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ وَقَعَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْهُ فِي الصَّفْقَةِ .
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ ( بَقْلٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ كَخَسٍّ وَفُجْلٍ مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي الْبُقُولِ ( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي جُزْءِ ( عَرْصَةٍ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ فُسْحَةٍ بَيْنَ بُيُوتِ الدَّارِ السُّفْلَى مُشْتَرَكَةٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ قَبْلَ قِسْمَةِ الْبُيُوتِ أَوْ بَعْدَهَا .

وَمَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ ،
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي جُزْءِ ( مَمَرٍّ ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَحَلِّ مُرُورٍ لِلدَّارِ وَهُوَ طَرِيقُهَا الْمُشْتَرَكُ بَيْنَ الْجِيرَانِ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ ( قُسِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَتْبُوعُهُ ) أَيْ الْمَمَرِّ وَالْعَرْصَةِ وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ لِتَأْوِيلِهِمَا بِمَذْكُورٍ وَالْمَتْبُوعُ الدِّيَارُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ إلَيْهَا مِنْهُ .
" غ " يَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ ضَمِيرُ مَتْبُوعِهِ لَهُمَا ، وَأَفْرَدَ عَلَى مُلَاحَظَةِ مَا ذُكِرَ " ق " الرِّسَالَةِ لَا شُفْعَةَ فِي عَرْصَةٍ قَدْ قُسِمَتْ بُيُوتُهَا .
اللَّخْمِيُّ إنْ قُسِمَتْ بُيُوتُ الدَّارِ دُونَ مَرَافِقِهَا مِنْ سَاحَةٍ وَطَرِيقٍ وَبِئْرٍ وَمَأْجَلٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حَظَّهُ مِنْ بُيُوتِهَا بِمَرَافِقِهَا الَّتِي تُقْسَمُ فَلَا يَسْتَشْفِعُ فِيمَا قُسِمَ بِالشَّرِكَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَلَا فِي السَّاحَةِ وَالطَّرِيقِ وَالْبِئْرِ وَالْمَأْجَلِ لِأَجْلِ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ مَنْفَعَةِ مَا قُسِمَ وَمَصْلَحَتِهِ .
فَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ السَّاحَةِ وَالْبِئْرِ وَالْمَأْجَلِ خَاصَّةً كَانَ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَرُدُّوا بَيْعَهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَتَصَرَّفُ إلَى الْبُيُوتِ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا بِهِمْ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ تَصَرُّفَهُ فِيهَا وَصَرَفَ بُيُوتَهُ إلَى مَرَافِقَ أُخَرَ فَإِنْ بَاعَهَا مِنْ أَهْلِ الدَّارِ جَازَ لِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ الشُّفْعَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ ، وَإِنْ بَاعَهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ كَانَ لَهُمْ رَدُّ بَيْعِهِ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّاكِنِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ غَيْرِ السَّاكِنِ ، وَلَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَيَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ .

وَحَيَوَانٍ إلَّا فِي : كَحَائِطٍ

( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي بَعْضِ ( حَيَوَانٍ ) مُشْتَرَكٍ بَاعَهُ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ فِيهِ آدَمِيٌّ أَوْ غَيْرُهُ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ ( إلَّا ) حَيَوَانًا ( فِي كَحَائِطٍ ) مُشْتَرَكٍ عَامِلًا أَوْ مُعَدًّا لِلْعَمَلِ فِيهِ .
فَفِي شِقْصِهِ الشُّفْعَةُ تَبَعًا لِشِقْصِ الْحَائِطِ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ حَائِطٍ بِهِ رَقِيقٌ يَعْمَلُونَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ إلَّا فِي الشِّقْصِ وَرَقِيقِهِ لَا فِي أَحَدِهِمَا .
" غ " فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا رَقِيقُ الْحَائِطِ وَالرَّحَا أَيْ حَجَرِ الرَّحَا فَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيهِمَا إذَا بِيعَا مَعَ الْأَصْلِ ، فَإِذَا انْفَرَدَ الْمَبِيعُ فِيهِمَا عَنْ الْأَصْلِ لَمْ يَكُنْ فِي شُفْعَةٍ بِاتِّفَاقٍ .
ا هـ .
وَلَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَمَاعِ عِيسَى .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ ، اخْتَلَفَ فِي رَحَى الْمَاءِ وَرَحَى الدَّوَابِّ إذَا بِيعَتْ بِانْفِرَادِهَا أَوْ مَعَ الْأَرْضِ ، وَيَخْتَلِفُ عَلَى هَذَا رَقِيقُ الْحَائِطِ وَدَوَابُّهُ إذَا بِيعَتْ مَعَ الْأَصْلِ أَوْ بِانْفِرَادِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالرَّحَى أَشْبَهُ بِالْأَرْضِ مِنْ الْحَيَوَانِ .
الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ اقْتَسَمَا الْحَائِطَ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حَظَّهُ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْآلَةُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ .
أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ بِيعَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ مَا دَامَ الْأَصْلُ لَمْ يُقْسَمْ ا هـ .
وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فِي نَفْسِ دَابَّةِ بَيْتِ الرَّحَى وَالْمَعْصَرَةِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا ، فَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْكَافِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَحَائِطٍ الشَّارِحُ لَعَلَّهُ أَدْخَلَ بِالْكَافِ حَيَوَانَ الْمَعْصَرَةِ وَالرَّحَى وَالْمُحَبَّسَةِ .
طفي فِي دَلَالَةِ الْكَافِ عَلَى هَذَا نَظَرٌ ، إذْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِي الرَّحَى وَلَوْ بِيعَتْ مَعَ أَرْضِهَا فَفِيهَا ، وَلَيْسَ فِي رَحَى الْمَاءِ شُفْعَةٌ وَلَيْسَتْ مِنْ الْبِنَاءِ إنَّمَا هِيَ حَجَرٌ مُلْقًى وَلَوْ بِيعَ مَعَهَا الْأَرْضُ أَوْ الْبَيْتُ الَّذِي نُصِبَتْ فِيهِ فَفِيهِ

الشُّفْعَةُ دُونَ الرَّحَى بِحِصَّتِهِ ، وَسَوَاءٌ جَرَّهَا الْمَاءُ أَوْ الدَّوَابُّ .
ا هـ .
وَإِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِالشُّفْعَةِ فِي الرَّحَى وَالْمَعْصَرَةِ وَالْمُحَبَّسَةِ قُصَارَاهُمَا أَنْ يَكُونَا كَالرَّحَى ، وَقَدْ قَالَ " غ " وَأَمَّا الشُّفْعَةُ فِي دَابَّةِ بَيْتِ الرَّحَى إلَخْ .

وَإِرْثٍ ، وَهِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ ، وَإِلَّا فَبِهِ بَعْدَهُ
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي ( إرْثٍ ) أَيْ شِقْصٍ مَوْرُوثٍ لِشَرِيكِ الْمَيِّتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى نَفْيِ الشُّفْعَةِ فِي الْمِيرَاثِ ( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي ( هِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ لَا شُفْعَةَ فِيمَا حَدَثَ مِلْكُهُ بِهِبَةٍ لَا ثَوَابَ فِيهَا وَلَا فِي صَدَقَةٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ بِثَوَابٍ ( فَ ) فِيهَا الشُّفْعَةُ ( بِ ) عِوَضِ ( هـ ) أَيْ الثَّوَابِ ( بَعْدَ ) أَنْ يَأْخُذَ ( هـ ) أَيْ الثَّوَابَ الْوَاهِبُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَا قَبْلَهُ لِعَدَمِ لُزُومِ الْمِلْكِ ، وَجَعَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْحُكْمَ بِهِ كَأَخْذِهِ .
" ق " اللَّخْمِيُّ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا لِلثَّوَابِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهَا بَيْعٌ ، لَكِنْ لَا شُفْعَةَ إلَّا بَعْدَ الثَّوَابِ فَاتَتْ الْهِبَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ وَلَا تَجِبُ قَبْلَ الثَّوَابِ وَقَبْلَ الْفَوْتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرَّدِّ وَاخْتُلِفَ فِي الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْفَوْتِ وَقَبْلَ الثَّوَابِ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شُفْعَةَ لَهُ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّوَابَ أَوْ يَقْضِيَ عَلَيْهِ وَيَعْرِفَ .

وَخِيَارٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ ، وَوَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ ، إنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَارًا ثُمَّ بَتْلًا فَأَمْضَى
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي مَبِيعٍ بِشَرْطِ ( خِيَارٍ ) لِبَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ ( إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ ) أَيْ الْبَيْعِ بِإِمْضَاءِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ وَالشِّقْصُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فِيهَا لَا شُفْعَةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ إلَّا بَعْدَ بَتِّهِ ( وَوَجَبَتْ ) أَيْ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُشْتَرِي ) جُزْءَ عَقَارٍ بِشَرْطِ ( هـ ) أَيْ الْخِيَارِ أَوَّلًا عَلَى مُشْتَرِي بَاقِيهِ بَتْلًا ثَانِيًا أَمْضَى الْخِيَارَ وَالشِّرَاءَ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( بَاعَ ) الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا ( نِصْفَيْنِ ) نِصْفًا ( خِيَارًا ) ابْتِدَاءً ( ثُمَّ ) بَاعَ نِصْفَهَا لِآخَرَ بَيْعًا ( بَتْلًا ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ لَازِمًا مُنْبَرِمًا ( فَأَمْضَى ) بَيْعَ الْخِيَارِ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِ بَيْعِ الْخِيَارِ وَإِمْضَاؤُهُ تَتْمِيمٌ ، فَقَدْ تَجَدَّدَ مِلْكُ مُشْتَرِي الْبَتْلَ عَلَى مِلْكِ مُشْتَرِي الْخِيَارَ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ وَالْإِمْضَاءُ إنْشَاءٌ لِلْبَيْعِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْبَتْلَ لِتَجَدُّدِ مِلْكِ مُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَيْهِ .
" ق " اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلٍ فَبَاعَ نِصْفَهَا مِنْ رَجُلٍ بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْ آخَرَ بَتْلًا ثُمَّ قَبِلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ كَانَتْ الشُّفْعَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِمُشْتَرِي الْخِيَارَ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتْلَ .

وَبَيْعٍ فَاسِدٍ ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ ، فَبِالْقِيمَةِ ، إلَّا بِبَيْعٍ صَحَّ ، فَبِالثَّمَنِ فِيهِ
( وَ ) لَا شُفْعَةَ فِي شِقْصِ عَقَارٍ مَبِيعٍ بِ ( بَيْعٍ فَاسِدٍ ) لِعَدَمِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ مِلْكَهُ لِمُشْتَرِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَفُوتَ ) الشِّقْصُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ ( فَ ) فِيهِ الشُّفْعَةُ ( بِالْقِيمَةِ ) الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ بِالْفَوْتِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ الْفَاسِدُ إذَا لَمْ يَفُتْ وَلَا شُفْعَةَ فِيهِ ، وَلَوْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَسَخَ بَيْعَ الشُّفْعَةِ وَالْبَيْعَ الْأَوَّلَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ دَخَلَ مَدْخَلَ الْمُشْتَرِي ، وَإِذَا لَمْ يَفْسَخْ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ حَتَّى فَاتَ الشِّقْصُ وَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ فَفِيهِ حِينَئِذٍ الشُّفْعَةُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ الْقِيمَةَ الَّتِي لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ ( إلَّا ) أَنْ يُفِيتَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ الَّذِي اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا ( بِبَيْعٍ صَحِيحٍ فَ ) فِيهِ الشُّفْعَةُ ( بِالثَّمَنِ فِيهِ ) أَيْ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ .
وَمَفْهُومُ صَحِيحٍ أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يُفَوِّتُ الْأَوَّلَ فِيهَا ، وَإِنْ بَاعَهَا الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِ بَيْعًا صَحِيحًا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِثَمَنِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ، وَيَتَرَادُّ الْأَوَّلَانِ الْقِيمَةَ وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ الْفَاسِدِ .

وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ ، إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا ،
( وَ ) لَا شُفْعَةَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعَ ( تَنَازُعٍ ) بَيْنَهُمَا ( فِي سَبْقِ مِلْكٍ ) لِأَحَدِهِمَا عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ بِأَنْ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ مِلْكَهُ لِنَصِيبِهِ مِنْ الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا سَبَقَ مِلْكَ الْآخَرِ نَصِيبَهُ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا ) عَنْ الْحَلِفِ عَلَى سَبْقِ مِلْكِهِ وَحَلَفَ الْآخَرُ عَلَى سَبْقِ مِلْكِهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ عَلَى النَّاكِلِ وَحَلِفُهُمَا أَوْ نُكُولُهُمَا هُوَ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا تَسَاوَقَ الشَّرِيكَانِ لِحَاكِمٍ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّ شِرَاءَ الْآخَرِ مُتَأَخِّرٌ ، وَأَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي عِصْمَةِ مِلْكِهِ عَنْ الشُّفْعَةِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا سَقَطَ قَوْلَاهُمَا ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَضَى لِمَنْ حَلَفَ بِالشُّفْعَةِ عَلَى مَنْ نَكَلَ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْرِفْ هَذَا إلَّا لِلْغَزَالِيِّ وَأُصُولُ مَذْهَبِنَا تُوَافِقُهُ وَهِيَ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ .

وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ أَوْ اشْتَرَى ، أَوْ سَاوَمَ ، أَوْ سَاقَى ، أَوْ اسْتَأْجَرَ ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ ، أَوْ شَهْرَيْنِ ، إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ ، وَإِلَّا سَنَةً :

( وَسَقَطَتْ ) الشُّفْعَةُ ( إنْ قَاسَمَ ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا .
" ق " اللَّخْمِيُّ الشُّفْعَةُ تَسْقُطُ بِسَبْعَةٍ ، أَحَدِهَا : إسْقَاطِ الشَّفِيعِ حَقَّهُ بِالْقَوْلِ بِأَنْ قَالَ تَرَكْت مَثَلًا .
الثَّانِي : أَنْ يُقَاسِمَ بِمَا بِهِ الشُّفْعَةُ ، الثَّالِثِ : أَنْ يَمْضِيَ مِنْ طُولِ الْأَمَدِ مَا يَرَى بِهِ أَنَّهُ تَرَكَهَا .
الرَّابِعِ : مَا يُحْدِثُهُ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ مِنْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ .
الْخَامِسِ : خُرُوجِهِ عَنْ الْيَدِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ رَهْنٍ .
السَّادِسِ : مَا يَكُونُ مِنْ الشَّفِيعِ مِنْ مُسَاوَمَةٍ أَوْ مُسَاقَاةٍ أَوْ كِرَاءٍ .
السَّابِعِ : بَيْعِ الشَّفِيعِ النَّصِيبَ الَّذِي يَشْفَعُ بِهِ .
( أَوْ اشْتَرَى ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي .
ابْنُ شَاسٍ ابْتِيَاعُ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ مِنْ الْمُبْتَاعِ أَوْ مُسَاوَمَتُهُ لَهُ فِيهِ مُسْقِطٌ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِهِ الْحِصَّةَ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ ، وَمَا فِي مَعْنَاهُ كَالْمُقَاسَمَةِ وَشِرَائِهِ وَمُسَاوَمَتِهِ ( أَوْ سَاوَمَ ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ فِي الشِّقْصِ ( أَوْ سَاقَى ) أَيْ جَعَلَ الشَّفِيعُ نَفْسَهُ سَاقِيًا لِشِقْصِ الْحَائِطِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ جُزْءٌ مِنْ ثَمَرَتِهِ ( أَوْ اسْتَأْجَرَ ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ .
" ق " فِيهَا وَمُسَاوَمَةُ الشَّفِيعِ مُشْتَرِي شِقْصَ شَرِيكِهِ أَوْ مُسَاقَاتُهُ أَوْ اكْتِرَاؤُهُ مِنْهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ( أَوْ بَاعَ ) الشَّفِيعُ ( حِصَّتَهُ ) الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا .
" ق " ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَيْعَ بَتْلٍ وَلَمْ يَأْخُذْ شَرِيكُهُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى بَاعَ هُوَ أَيْضًا نَصِيبَهُ مِنْ الَّذِي ابْتَاعَ مِنْ شَرِيكِهِ ، وَلَمْ يَبْقَ فِي الدَّارِ شِرْكٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَالشُّفْعَةُ لَهُ ثَابِتَةٌ وَلَا يُبْطِلُهَا بَيْعُهُ لِنَصِيبِهِ كَانَ بِذَلِكَ عَالِمًا أَوْ جَاهِلًا لِأَنَّهَا قَضَاءٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَقٌّ وَجَبَ لَهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ فَالشُّفْعَةُ لَهُ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهُوَ بَيِّنٌ .
( أَوْ سَكَتَ ) الشَّفِيعُ سُكُوتًا مَصْحُوبًا ( بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ وَالشَّفِيعُ حَاضِرٌ عَالِمٌ هَذَا هُوَ الْمُسْقِطُ الرَّابِعُ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ ( أَوْ ) سَكَتَ الشَّفِيعُ عَنْ طَلَبِ الشُّفْعَةِ ( شَهْرَيْنِ ) فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ ( إنْ ) كَانَ ( حَضَرَ ) الشَّفِيعُ ( الْعَقْدَ ) أَيْ شِرَاءَ الشِّقْصِ ، ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِالشِّرَاءِ فِي وَثِيقَتِهِ أَمْ لَا ، وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ سُقُوطَهَا بِسُكُوتِ شَهْرَيْنِ يَكْتُبُ شَهَادَتَهُ فِيهَا وَسَيَأْتِي نَصُّهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ سَقَطَتْ بِسُكُوتِهِ ( سَنَةً ) " غ " هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ ، قَالَ فِي رَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بِالْقُرْبِ مِثْلَ الشَّهْرَيْنِ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ دُونَ يَمِينٍ ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ السَّبْعَةِ أَوْ التِّسْعَةِ أَوْ السَّنَةِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ الْقِيَامَ رَاضِيًا بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ أَكْثَرَ مِنْ السَّنَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ .
وَأَمَّا إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بِالْقُرْبِ الْعَشَرَةَ الْأَيَّامَ وَنَحْوَهَا كَانَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ يَمِينِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ لَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي إسْقَاطِ شُفْعَةِ السَّاكِتِ شَهْرَيْنِ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي رَسْمِ الشِّرَاءِ ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ

فِيهِ لَكَانَ أَوْلَى .
الثَّانِي : قَبِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْصِيلَ ابْنِ رُشْدٍ ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَلَمْ يَقُمْ إلَّا بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ فِيهَا لِكَتْبِ شَهَادَتِهِ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ تَأْثِيرًا ، إذْ قَالَ فِيهَا وَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ حَتَّى يَتْرُكَ أَوْ يَأْتِيَ مِنْ طُولِ الزَّمَانِ ، مَا يَعْلَمُ بِهِ أَنَّهُ تَرَكَ شُفْعَتَهُ .
وَإِذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ فَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ قَطَعَ هُنَا بِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ .
زَادَ " ق " عَقِبَ وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ التِّسْعَةَ أَشْهُرٍ وَلَا السَّنَةَ بِكَثِيرٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِشُفْعَتِهِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ وَلَا يَحْلِفُ فِي شَهْرَيْنِ .
وَأَمَّا إذَا حَضَرَ الشِّرَاءَ وَكَتَبَ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَامَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَشَدُّ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ تَرْكًا لِشُفْعَتِهِ ، وَيَأْخُذُهَا ا هـ .
مِنْ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ مَعَ كَلَامِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .

كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ ، إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا ، فَعِيقَ
وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِسُكُوتِ الشَّفِيعِ سَنَةً فَقَالَ ( كَأَنْ عَلِمَ ) الشَّفِيعُ بَيْعَ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ ( فَغَابَ ) الشَّفِيعُ ، أَيْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِ الشِّقْصِ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَظُنَّ ) الشَّفِيعُ حَالَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ ( الْأَوْبَةَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ فَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الرُّجُوعَ مِنْ سَفَرِهِ ( قَبْلَ ) تَمَامِ ( هَا ) أَيْ السَّنَةِ ( فَعِيقَ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْأَوْبَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ .

وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ ، وَصُدِّقَ إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ : لَا إنْ غَابَ أَوَّلًا

وَ ) إنْ كَانَ الشَّفِيعُ حَاضِرًا وَقْتَ الشِّرَاءِ وَسَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ قَامَ بِشُفْعَتِهِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ ( حَلَفَ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى مَا سَكَتَ تَارِكًا لِحَقِّهِ ( إنْ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ قِيَامُهُ مِنْ الشِّرَاءِ كَسَبْعَةِ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ لَمْ يَبْعُدْ فَلَا يَحْلِفُ .
الْحَطّ هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِلَّا سَنَةً ، وَالْمَعْنَى إذَا قُلْنَا أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْحَاضِرِ فِي السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ ، وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ السَّبْعَةُ الْأَشْهُرُ .
وَمَا بَعْدَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ ، وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي السَّنَةِ نَقَلَ فِي الْكَافِي عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ إنْ قَامَ عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ فَلَا يَحْلِفُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ جُمُعَةٍ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ التِّسْعَةَ الْأَشْهُرَ ، وَفِي رِوَايَةٍ السَّبْعَةَ الْأَشْهُرَ ، وَلَا السَّنَةَ كَثِيرًا ، أَيْ قَاطِعًا لِحَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا شَهْرَيْنِ .
ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُوَثَّقِينَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ وَإِذَا قُلْنَا أَنَّ الْحَاضِرَ إذَا قَامَ بَعْدَ الْبُعْدِ فِي السَّنَةِ يَحْلِفُ فَأَوْلَى إذَا عَلِمَ وَغَابَ ، وَكَانَ يَظُنُّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ السَّنَةِ فَعِيقَ وَقُلْنَا لَهُ الشُّفْعَةُ بَعْدَ السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ شُفْعَتَهُ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي قَوْلُهُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ يَقْتَضِي أَنَّ السَّنَةَ تُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ ، وَصَرَّحَ غَيْرُهُ

بِأَنَّهَا مِنْ حِينِ عِلْمِهِ وَبِهِ قَرَّرَ عج ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي تَنْقَطِعُ بِهِ شُفْعَةُ الْحَاضِرِ بِمُجَرَّدِ السُّكُوتِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْبَيْعِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ ، أَحَدِهَا سَنَةٌ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ رَكِبَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فَجَرَى عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ تَارَةً ، وَعَلَى غَيْرِهِ تَارَةً ، فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَنَةً عُلِمَ أَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَشَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدَ ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ إلَخْ ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا فِي الْأَوَّلِ إذَا عَلِمَ بِالِاشْتِرَاءِ وَلَمْ يَطْلُبْ شُفْعَتَهُ سَنَةً فَلَا يَقْطَعُ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ .
وَإِنْ كَانَ قَدْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الِاشْتِرَاءِ .
ا هـ .
وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَشَهْرَيْنِ بِكِتَابَةِ شَهَادَتِهِ كَمَا هُوَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي تَبِعَهُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْمُدَوَّنَةِ .
( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ ( إنْ أَنْكَرَ ) الشَّفِيعُ الْحَاضِرُ ( عِلْمَهُ ) بَيْعَ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ لِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ .
أَبُو الْحَسَنِ بِيَمِينِهِ .
" ق " الْمُتَيْطِيُّ وَالْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالِابْتِيَاعِ لَا تَنْقَطِعُ شُفْعَتُهُ إلَّا بَعْدَ عَامٍ مِنْ عِلْمِهِ ، فَإِنْ قَامَ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ ، وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِالْبَيْعِ ، فَإِنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ ( لَا ) تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِطُولِ الْغَيْبَةِ ( إنْ غَابَ ) الشَّفِيعُ عَنْ بَلَدِ الشِّقْصِ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا ، أَيْ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ شِقْصَهُ فَبَاعَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ بَعْدَ قُدُومِهِ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْغَائِبُ عَلَى شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشِّرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَذَلِكَ أَحْرَى .
زَادَ الْحَطّ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا .
ابْنُ يُونُسَ

ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ ، وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { يَنْتَظِرُ إنْ كَانَ غَائِبًا } وَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ بِمَا يُجْهَلُ فِيهِ أَصْلُ الْبَيْعِ ، وَتَمُوتُ فِيهِ الشُّهُودُ ، فَأَرَى الشُّفْعَةَ تَنْقَطِعُ .
فَأَمَّا فِي قُرْبِ الْأَمْرِ مِمَّا يَرَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ أَخْفَى الثَّمَنَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ فَلْتُقَوَّمْ الْأَرْضُ عَلَى مَا يَرَى مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ بَيْعِهَا فَيَأْخُذُهَا بِهِ ا هـ .
الرَّجْرَاجِيُّ قَوْلُهَا إلَّا أَنْ يَطُولَ إلَخْ ، قَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
وَفِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ الْمُبْتَاعُ نَسِيت الثَّمَنَ فَإِنْ مَضَى مِنْ الطُّولِ وَالسِّنِينَ مَا يَنْدَرِسُ فِيهِ الْعِلْمُ وَتَمُوتُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَتَرْتَفِعُ فِيهَا التُّهْمَةُ فَالشُّفْعَةُ سَاقِطَةٌ ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ غَائِبًا .
وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَالشُّفْعَةُ قَائِمَةٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إذَا جَاءَ الشَّفِيعُ إلَى وَلَدِ الْمُبْتَاعِ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ فَلْيَحْلِفْ الْوَلَدُ مَا عِنْدَهُ عِلْمُ ذَلِكَ ثُمَّ يَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ حَيًّا ، وَقَالَ لَا أَدْرِي بِكَمْ اشْتَرَيْت فَلْيَحْلِفْ الْمُبْتَاعُ ، فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ إنْ شَاءَ ، وَقِيلَ لِلْمُبْتَاعِ مَتَى أَحْبَبْت حَقَّك فَخُذْهُ وَإِنْ حَلَفْت فَلَكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَسْلَمْته إلَى الشَّفِيعِ ، وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ لَا أَقْبِضُهُ ، إذْ لَعَلَّ ثَمَنَهُ كَثِيرٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ الْمُبْتَاعُ مَا يَعْلَمُهُ أَوْ يُسْجَنُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ إذَا اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَجَاءَ الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ أَوْ جَهِلَا الثَّمَنَ اسْتَشْفَعَهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ ابْتَاعَهُ .

أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ ، وَحَلَفَ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى ، أَوْ الْمُشْتَرِي ، أَوْ انْفِرَادِهِ ، أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ

( أَوْ أَسْقَطَ ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ ( لِكَذِبٍ فِي ) قَدْرِ ( الثَّمَنِ ) ثُمَّ ظَهَرَ دُونَ ذَلِكَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ ( وَحَلَفَ ) الشَّفِيعُ أَنَّهُ مَا أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ إلَّا لِمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ كَثْرَةِ الثَّمَنِ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَخْبَرَ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ دُونَهُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ ، وَيَحْلِفُ أَنَّهُ مَا سَلَّمَ إلَّا لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ ( أَوْ ) أَسْقَطَ لِكَذِبٍ ( فِي الْمُشْتَرَى ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ فُلَانٌ اشْتَرَى شِقْصَ شَرِيكِك فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بِفَتْحِهَا بِأَنْ قِيلَ لَهُ بَاعَ شَرِيكُك بَعْضَ شِقْصِهِ أَوْ جَمِيعَهُ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بَاعَ الْجَمِيعَ فِي الْأُولَى أَوْ الْبَعْضَ فِي الثَّانِيَةِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قِيلَ لَهُ قَدْ ابْتَاعَ فُلَانٌ نِصْفَ نَصِيبِ شَرِيكِك فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْتَاعَ جَمِيعَ النَّصِيبِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ النِّصْفِ الَّذِي سَلَّمَهُ إنْ أَرَادَهُ الْمُبْتَاعُ .
ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ الشَّفِيعُ لَمْ يَكُنْ لِي غَرَضٌ فِي أَخْذِ النِّصْفِ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بَعْدُ قَائِمَةٌ فَلَمَّا عَلِمْت أَنَّهُ ابْتَاعَ الْكُلَّ أَخَذْت لِارْتِفَاعِ الشَّرِكَةِ وَزَوَالِ الضَّرَرِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ قُلْت فَإِنْ سُمِّيَ لِي الْمُشْتَرِي فَسَلَّمْت فَإِذَا هُوَ غَيْرُ مَنْ سُمِّيَ لِي فَبَدَا لِي فَرَجَعْت فِي أَخْذِ شُفْعَتِي قَالَ ذَلِكَ لَك كَائِنًا مَنْ كَانَ الرَّجُلُ .
" غ " يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ نُسْخَةَ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي الْمُشْتَرَى أَوْ الْمُشْتَرِي بِلَفْظَيْنِ : الْأَوَّلُ اسْمُ مَفْعُولٌ ، وَالثَّانِي اسْمُ فَاعِلٍ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ انْفِرَادِهِ عَلَيْهِ ، وَلَعَلَّ النَّاسِخَ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ ظَنَّ التَّكْرَارَ فَأَسْقَطَ أَحَدَ اللَّفْظَيْنِ .
( أَوْ ) أَسْقَطَ لِكَذِبٍ بِ ( انْفِرَادِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثُمَّ ظَهَرَ تَعَدُّدُهُ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ .
" ق " فِيهَا

لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قِيلَ لَهُ ابْتَاعَهُ فُلَانٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ مَعَ آخَرَ لَهُ الْقِيَامُ وَأَخْذُ حِصَّتِهِمَا وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ لِلْوَاحِدِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنِّي إنْ أَخَذْت حِصَّةَ مَنْ لَمْ أُسَلِّمْ لَهُ فَقَطْ تَبَعَّضَ الشِّقْصُ عَلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَهُ يَضِيقُ لِقِلَّتِهِ ( أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ ) شُفْعَةً ثَبَتَتْ لِمَحْجُورِهِ ( بِلَا نَظَرٍ ) أَيْ مَصْلَحَةٍ وَنَفْعٍ لِلْمَحْجُورِ بِأَنْ كَانَ النَّظَرُ الْأَخْذَ بِهَا ، فَإِذَا رَشَدَ الْمَحْجُورُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا .
وَمَفْهُومُ بِلَا نَظَرٍ أَنَّهُمَا لَوْ أَسْقَطَا النَّظَرَ سَقَطَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ .
" ق " فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلِلصَّغِيرِ الشُّفْعَةُ يَقُومُ بِهَا أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَالْإِمَامُ يَنْظُرُ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا سُلْطَانَ فِيهِ ، فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ وَلَوْ سَلَّمَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ سُلْطَانٍ شُفْعَةَ الصَّبِيِّ لَزِمَهُ ذَلِكَ ، وَلَا قِيَامَ لَهُ إنْ كَبِرَ وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبٌ فَلَمْ يَأْخُذْ لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَتْرُكْ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ وَقَدْ مَضَى لِذَلِكَ عَشْرُ سِنِينَ فَلَا شُفْعَةَ لِلصَّبِيِّ لِأَنَّ وَالِدَهُ بِمَنْزِلَتِهِ إنْ مَاتَ .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي سُكُوتِ الْوَصِيِّ مُدَّةً تَنْقَطِعُ فِي مِثْلِهَا الشُّفْعَةُ .
اللَّخْمِيُّ إذَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلصَّغِيرِ فَالْأَمْرُ فِيهَا لِوَلِيِّهِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ مِنْ أَخْذٍ أَوْ تَرْكٍ ، فَإِنْ رَشَدَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ مَا تَرَكَ وَلَا تَرْكُ مَا أَخَذَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْأَخْذَ لَمْ يَكُنْ مِنْ حُسْنِ النَّظَرِ لِغَلَاءٍ ، أَوْ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْمُحَابَاةَ مَنْ كَانَ اشْتَرَى فَلِلصَّبِيِّ إذَا رَشَدَ نَقْضُ ذَلِكَ .

وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ

( وَ ) إنْ كَانَ عَقَارٌ مُشْتَرَكًا بَيْنَ وَلِيٍّ وَمَحْجُورِهِ أَوْ بَيْنَ مَحْجُورَيْنِ لِوَلِيٍّ وَبَاعَ شِقْصَ مَحْجُورٍ أَوْ أَحَدِ مَحْجُورَيْهِ لِمَصْلَحَةٍ ( شَفَعَ ) الْوَلِيُّ ( لِنَفْسِهِ ) فِيمَا بَاعَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ لِمَصْلَحَةٍ ( أَوْ ) شَفَعَ الْوَلِيُّ ( لِيَتِيمٍ ) مَحْجُورٍ لِلْوَلِيِّ الْبَائِعِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَى يَتِيمٍ آخَرَ مَحْجُورٍ لَهُ أَيْضًا .
" ق " عَبْدُ الْمَلِكِ إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ شِقْصًا لِأَحَدِ الْأَيْتَامِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَاقِيهِمْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا حُجَّةَ عَلَى الْوَصِيِّ بِأَنَّهُ بَائِعٌ لِأَنَّهُ بَاعَ عَلَى غَيْرِهِ مُحَمَّدٌ لَوْ كَانَ لَهُ مَعَهُمْ شِقْصٌ لَدَخَلَ فِي تِلْكَ الشُّفْعَةِ وَالرَّفْعُ لِلْإِمَامِ أَحَبُّ إلَيَّ ، فَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ خَيْرًا لِلْيَتِيمِ أَمْضَاهُ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ شِقْصَ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ ، فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ إنْ كَانَ شَرِيكَهُ أَوْ يَأْخُذَ بِهَا لِيَتِيمٍ آخَرَ فِي حِجْرِهِ مُشَارَكٍ فِيهِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ لَهُ شِقْصًا أَوْ يَشْتَرِيهِ وَالْوَكِيلُ شَفِيعُهُ فَفَعَلَ لَمْ يَقْطَعْ ذَلِكَ شُفْعَتَهُ .
أَبُو الْحَسَنِ فَعَلَى مَا فِي الْكِتَابِ إذَا بَاعَ الْأَبُ شِقْصَ ابْنِهِ مِنْ دَارٍ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الشُّفْعَةَ لَهُ ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ ، فَقَالَ إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ رَجُلٍ وَوَلَدِهِ فَبَاعَ الْأَبُ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِوَلَدِهِ ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَ وَلَدِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا كَانَ شَرِيكًا لِمَحْجُورِهِ إنْ بَاعَ نَصِيبَ نَفْسِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ لِمَحْجُورِهِ ، وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَ مَحْجُورِهِ فَلَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا بَعْدَ أَنْ يَرْفَعَ إلَى الْإِمَامِ لِيَرْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ تُهْمَةً بِبَيْعِ نَصِيبِ مَحْجُورِهِ بِنَجَسٍ لِيَشْفَعَ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ بِغَلَاءٍ لِيَأْخُذَهُ لِمَحْجُورٍ بِمُوَاطَأَةٍ مَعَ مُبْتَاعِهِ ،

فَإِنْ فَعَلَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لَهُ رُفِعَ لَهُ ، فَإِنْ رَآهُ سَدَادًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ ، وَالْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ .
وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ أَرْبَعَةٌ بَيْعُهُمْ إسْقَاطٌ لِشُفْعَتِهِمْ ، الْأَبُ يَبِيعُ حِصَّةَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ مِنْ دَارٍ مُشْتَرَكَةٍ بَيْنَهُمَا ، وَالْوَصِيُّ يَبِيعُ حِصَّةَ مَحْجُورِهِ وَأَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ ، وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ شِقْصٍ هُوَ شَفِيعُهُ ، فَهَؤُلَاءِ لَا شُفْعَةَ لَهُمْ لِأَنَّ الْبَيْعَ تَسْلِيمٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ .
وَقِيلَ فِي الْوَكِيلِ لَا شُفْعَةَ .
ا هـ .
وَهَذَا خِلَافُ مَا فِيهَا إلَّا فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَا يَأْتِي لَيْسَ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعَ الْآخَرُ .

أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ وَأَقَرَّ بِهِ بَائِعُهُ
وَعَطَفَ عَلَى مَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ فَقَالَ ( أَوْ ) ادَّعَى مَالِكُ شِقْصِ عَقَارٍ أَنَّهُ بَاعَهُ لِفُلَانٍ وَ ( أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( الشِّرَاءَ وَحَلَفَ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمُدَّعِيَ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ ( وَ ) لَوْ ( أَقَرَّ بِهِ ) أَيْ الْبَيْعِ ( بَائِعُهُ ) أَيْ مُدَّعِي بَيْعَ الشِّقْصِ إذْ لَمْ يَثْبُتْ الْبَيْعُ فَلَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الشِّقْصِ .
" ق " لَعَلَّ هَذَا كَانَ مُخْرَجًا قَبْلُ ، وَشَفَعَ لِنَفْسِهِ فَأَقْحَمَهُ النَّاسِخُ بَعْدَهُ ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَتَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لِأَنَّ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِذَا لَمْ يُثْبِتْ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ .

وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ
( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ الشُّفَعَاءُ فَ ( هِيَ ) أَيْ الشُّفْعَةُ بِمَعْنَى الْمَشْفُوعِ فِيهِ تُقْسَمُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ الشُّفَعَاءِ ( عَلَى ) قَدْرِ ( الْأَنْصِبَاءِ ) الْمَشْفُوعِ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْقَضَاءُ فِي الشُّفْعَةِ إذَا وَجَبَتْ لِلشُّرَكَاءِ قِسْمَتُهَا بَيْنَهُمْ عَلَى قَدْرِ أَنْصِبَائِهِمْ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ .
أَشْهَبُ لِأَنَّهَا إنَّمَا وَجَبَتْ لِشَرِكَتِهِمْ لَا لِعَدَدِهِمْ فَيَجِبُ تَفَاضُلُهُمْ فِيهَا بِحَسَبِ تَفَاضُلِهِمْ فِي أَصْلِ الشَّرِكَةِ ، فَلَوْ كَانَ الْعَقَارُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ وَلِلثَّالِثِ السُّدُسُ فَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ قُسِمَ عَلَى خَمْسَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِذِي الثُّلُثِ اثْنَانِ ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ قُسِمَ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ ، وَلِذِي السُّدُسِ وَاحِدٌ .
وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ قُسِمَ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِذِي الثُّلُثِ اثْنَانِ ، وَلِذِي السُّدُسِ وَاحِدٌ .

وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ ، وَطُولِبَ بِالْأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لَا قَبْلَهُ ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ

( وَ ) إذَا كَانَ مُشْتَرِي الشِّقْصَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ ( تُرِكَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِلشَّرِيكِ ) الْمُشْتَرِي ( حِصَّتُهُ ) مِنْ الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الَّتِي يَشْفَعُ فِيهَا لَوْ بِيعَ لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ اشْتَرَى ذُو السُّدُسِ النِّصْفَ تُرِكَ لَهُ ثُلُثُهُ وَأَخَذَ ذُو الثُّلُثِ ثُلُثَيْهِ ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو الثُّلُثِ تُرِكَ لَهُ ثُلُثَاهُ وَأَخَذَ ذُو السُّدُسِ ثُلُثَهُ ، وَإِنْ اشْتَرَى ذُو النِّصْفِ السُّدُسَ تُرِكَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ وَأَخَذَ ذُو الثُّلُثِ خُمُسَيْهِ ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو الثُّلُثِ تُرِكَ لَهُ خُمُسَاهُ وَأَخَذَ ذُو النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ ، وَإِنْ اشْتَرَى ذُو النِّصْفِ الثُّلُثَ تُرِكَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ ، وَأَخَذَ ذُو السُّدُسِ رُبُعَهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ ذُو السُّدُسِ تُرِكَ لَهُ رُبُعُهُ وَأَخَذَ ذُو النِّصْفِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ سَهْمٌ مُتَقَدِّمٌ حَاصَصَهُمْ بِهِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ إذَا بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ فَلَا يَدْخُلُ الْبَائِعُ مَعَ شَرِيكِهِ فِي الشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ رَغِبَ فِي الْبَيْعِ وَرَضِيَ بِتَجَدُّدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ السُّلْطَانُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ وَهُوَ غَائِبٌ لِأَنَّهُ وَكِيلُهُ .
أَبُو مُحَمَّدٍ لَوْ بَاعَ بَعْضَ شِقْصِهِ ثُمَّ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الثَّالِثُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ ثَانٍ فَلَعَلَّهُ يَرْضَى بِالْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَفَادَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
( وَطُولِبَ ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الشَّفِيعُ ( بِالْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكِهِ ( بَعْدَ اشْتِرَائِهِ ) أَيْ الشِّقْصِ لَتَضَرُّرِ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ التَّصَرُّفِ فِيمَا اشْتَرَاهُ حَتَّى يَأْخُذَ الشَّفِيعُ أَوْ يَتْرُكَ .
" ق " اللَّخْمِيُّ لِلْمُشْتَرِي وَقْفُ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ ، فَإِنْ أَبَى جَبَرَهُ الْحَاكِمُ وَفِيهَا قُلْت فَمَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ يَحْضُرْهُ الثَّمَنُ أَيُتَلَوَّمُ لَهُ قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَأَيْت الْقُضَاةَ

عِنْدَنَا ، يُؤَرِّخُونَ الْآخِذَ بِالشُّفْعَةِ فِي النَّقْدِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ وَرَأَيْته حَسَنًا وَمَذْهَبًا لِي .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّمَا يُؤَخَّرُ هَكَذَا إذَا أَخَذَ شُفْعَتَهُ ، فَأَمَّا إذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ فَقَالَ أَخَّرُونِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِأَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ ، وَيُقَالُ لَهُ بَلْ خُذْ شُفْعَتك الْآنَ فِي مَقَامِك وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَك ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُؤَخِّرُهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِيَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ ا هـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ ( لَا ) يُطَالَبُ الشَّفِيعُ بِالْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ اشْتِرَاءِ الشِّقْصِ .
( وَ ) إنْ طُولِبَ قَبْلَهُ فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ ( لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ الشَّفِيعَ ( إسْقَاطٌ ) لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ لَهُ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا قَالَ الشَّفِيعُ لِلْمُبْتَاعِ اشْتَرِ فَقَدْ سَلَّمْت لَك الشُّفْعَةَ وَأَشْهَدَ بِذَلِكَ فَلَهُ الْقِيَامُ بَعْدَ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ سَلَّمَ مَا لَمْ يَجِبْ لَهُ بَعْدُ .
ابْنُ يُونُسَ وَلِأَنَّ مَنْ وَهَبَ مَا لَا يَمْلِكُ لَمْ تَصِحَّ هِبَتُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لِهَذَا نَظَائِرُ مِنْهَا إسْقَاطُ الْجَائِحَةِ قَبْلَ حُصُولِهَا وَالْيَمِينُ فِي دَعْوَى الْقَضَاءِ وَإِذْنُ الزَّوْجَةِ فِي التَّزَوُّجِ عَلَيْهَا ، وَحَظُّهَا فِي الْمَبِيتِ وَهِبَتُهُ دَمَهُ وَرَدُّ الْمُوصَى لَهُ الْوَصِيَّةَ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي وَحَدُّ الْقَذْفِ قَبْلَهُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ قَبْلَ ثُبُوتِهِ .

وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ : كَهِبَةٍ ، وَصَدَقَةٍ وَالثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ ، إنْ عَلِمَ شَفِيعَهُ
( وَ ) إنْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ فَ ( لَهُ ) أَيْ الشَّفِيعِ الْأَخْذُ وَ ( نَقْضُ وَقْفٍ ) وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ النَّقْضِ فَقَالَ ( كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ ) مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ قَبْلَ قِيَامِ شَفِيعِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَأَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ ( وَالثَّمَنُ ) الَّذِي يَدْفَعُهُ الشَّفِيعُ فِي الشِّقْصِ الْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ يَكُونُ ( لِمُعْطَاهُ ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ ( إنْ ) كَانَ ( عَلِمَ ) الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ حِينَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ ( شَفِيعَهُ ) أَيْ الشِّقْصِ لِدُخُولِهِ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لَهُ شَفِيعٌ غَائِبٌ فَقَاسَمَ الشَّرِيكُ ثُمَّ جَاءَ الشَّفِيعُ فَلَهُ نَقْضُ الْقَسْمِ وَأَخْذُهُ وَلَوْ بَنَى فِيهِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْقَسْمِ مَسْجِدًا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ وَهَدْمُ الْمَسْجِدِ .
وَلَوْ وَهَبَ الْمُبْتَاعُ مَا اشْتَرَى مِنْ الدَّارِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ كَانَ لِلشَّفِيعِ إذَا قَدِمَ نَقْضُ ذَلِكَ وَالثَّمَنُ لِلْمَوْهُوبِ أَوْ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا ، فَكَأَنَّهُ وَهَبَهُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ أَشْهَبُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الثَّمَنُ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ بِهِ كَالِاسْتِحْقَاقِ وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا وَقَالَهُ سَحْنُونٌ .

لَا إنْ وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا ، وَمُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ ، أَوْ إشْهَادٍ

( لَا إنْ ) لَمْ يَعْلَمْ شَفِيعَهُ بِأَنْ ( وَهَبَ دَارًا ) بَعْدَ شِرَائِهَا ( فَاسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( نِصْفُهَا ) أَيْ الدَّارِ مَثَلًا فَرَجَعَ الْمُشْتَرِي الْوَاهِبُ عَلَى بَائِعِهَا بِنِصْفِ ثَمَنِهَا فَهُوَ لِلْوَاهِبِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ النِّصْفِ الْآخَرِ بِالشُّفْعَةِ وَثَمَنُهُ لِلْوَاهِبِ أَيْضًا لِعَدَمِ عِلْمِهِ شَفِيعَهُ " ق " فِيهَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَهَبَهَا لِرَجُلٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَهَا وَأَخَذَ بَاقِيَهَا بِالشُّفْعَةِ فَثَمَنُ النِّصْفِ الْمُسْتَشْفَعِ لِلْوَاهِبِ ، بِخِلَافِ مَنْ وَهَبَ شِقْصًا ابْتَاعَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا فَهَذَا ثَمَنُهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ إذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ ( وَمَلَكَ ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ ( بِ ) سَبَبِ ( حُكْمٍ ) مِنْ حَاكِمٍ لَهُ بِهِ ( أَوْ دَفْعِ ثَمَنِ ) الْمُشْتَرَى وَلَمْ يَرْضَ بِهِ ( أَوْ إشْهَادٍ بِالْأَخْذِ ) لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ يَمْلِكُ الْأَخْذَ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَبِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ .
ابْنُ عَرَفَةَ تَبِعَ فِي هَذَا الْغَزَالِيَّ لِظَنِّهِ مُوَافَقَتَهُ الْمَذْهَبَ ، وَهَذَا دُونَ بَيَانٍ لَا يَنْبَغِي .
" غ " أَصْلُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَا نَصُّهُ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ وَالنَّظَرِ فِي أَطْرَافِ الْأَوَّلِ فِيمَا يَمْلِكُ بِهِ .
وَيَمْلِكُ بِتَسْلِيمِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي ، وَبِقَضَاءِ الْقَاضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ الطَّلَبِ وَبِمُجَرَّدِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْأَخْذِ ، وَبِقَوْلِهِ أَخَذْت وَتَمَلَّكْت ثُمَّ يَلْزَمُهُ إنْ كَانَ عَلِمَ بِمِقْدَارِ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ ، فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي اخْتِصَارِهِ وَيَمْلِكُ بِتَسْلِيمٍ أَوْ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِالْقَضَاءِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ يَمْلِكُهَا الشَّفِيعُ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ ، وَمُرَادُهُ الْإِشْهَادُ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لَهُ ، وَيَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ هَذَا الْمَوْضِعَ

بِمَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَهُ السُّلْطَانُ بِثَمَنِ الشِّقْصِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ، فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهَا .
وَقَالَ عَنْ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ إذَا طَلَبَ التَّأْخِيرَ بَعْدَ أَخْذِهِ فَأَخَّرَ ثُمَّ بَدَا لَهُ وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَقْبَلَهُ فَالْأَخْذُ قَدْ لَزِمَ الشَّفِيعَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَ حَظُّهُ الَّذِي اسْتَشْفَعَ فِيهِ وَحَظُّهُ الْأَوَّلُ الَّذِي اسْتَشْفَعَ بِهِ حَتَّى يُتِمَّ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ حَقِّهِ وَلَا إقَالَةَ لَهُ إلَّا بِرِضَا الْمُشْتَرِي .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى إذَا أَوْقَفَ الْإِمَامُ الشَّفِيعَ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، أَحَدِهَا : أَنْ يَقُولَ أَخَذْت وَالْمُشْتَرِي وَأَنَا قَدْ سَلَّمْت فَيُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَأْتِي بِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ عَمَّا الْتَزَمَهُ ، وَيَحْكُمُ عَلَى الشَّفِيع بِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ .
وَالْوَجْهِ الثَّانِي : أَنْ يُوقِفَهُ الْإِمَامُ فَيَقُولَ أَخَذْت وَيَسْكُتَ الْمُشْتَرِي وَيُؤَجِّلَهُ فِي الثَّمَنِ يَأْتِيَ بِهِ ، فَهَذَا إنْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبَاعَ لَهُ فِي الثَّمَنِ مِلْكَ الشَّفِيعِ فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَأْخُذَ شِقْصَهُ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي .
وَالثَّالِثِ : أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ وَلَا يَقُولَ أَنَا آخُذُ وَلَا يَقُولَ أَخَذْت فَيُؤَجِّلُهُ الْإِمَامُ فِي الثَّمَنِ ، فَاخْتُلِفَ فِيهِ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فَقِيلَ يَرْجِعُ الشِّقْصُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إمْضَائِهِ لِلشَّفِيعِ وَاتِّبَاعِهِ بِثَمَنِهِ .
وَقِيلَ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يُلْزِمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذَ كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَيُبَاعُ مَالُهُ فِي الثَّمَنِ ، وَإِنْ أَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَرُدَّ الشِّقْصَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَعْلَمْ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَالَ ابْنُ شَاسٍ

لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، وَتَبِعَ فِيهِ وَجِيزَ الْغَزَالِيِّ عَلَى عَادَتِهِ فِي إضَافَةِ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ لِلْمَذْهَبِ لِظَنِّهِ مُوَافَقَتَهُ إيَّاهُ ، وَهَذَا دُونَ بَيَانٍ لَا يَنْبَغِي ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمَمْلُوكَ بِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ هُوَ نَفْسُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لَا نَفْسُ الشِّقْصِ ، وَرِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِهِ ، وَإِنْ مَلَكَ الْأَخْذَ نَفْسَهُ إنَّمَا هُوَ بِثُبُوتِ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ مِنْ رُبُعٍ وَاشْتِرَاءِ غَيْرِهِ شِقْصًا آخَرَ ، فَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْأَخْذَ ، وَلِذَا يُكَلِّفُهُ الْقَاضِي إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْحُكْمَ لَهُ بِالْأَخْذِ إثْبَاتَ ذَلِكَ .
ابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاللَّفْظُ لِابْنِ فَتُّوحٍ وَإِذَا طَلَبَ الشَّفِيعُ الْمُبْتَاعَ بِالشُّفْعَةِ عِنْدَ السُّلْطَانِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِهَا حَتَّى يَثْقُبَ عِنْدَهُ الْبَيْعَ وَالشَّرِكَةَ ، أَوْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ وَيُثْبِتَ عَيْنَهُ عِنْدَهُ وَيُقِرَّ لِلشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ وَبِالشَّرِكَةِ وَيُقِرَّ الْمُبْتَاعُ بِالِابْتِيَاعِ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَيُثْبِتَ أَيْضًا عَيْنَهُ عِنْدَهُ .
فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِالشُّفْعَةِ دُونَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ وَالْإِشَاعَةِ ، وَلَا مِنْ ثُبُوتِ الْبَيْعِ أَوْ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِهِ فَيَنْظُرُ السُّلْطَانُ حِينَئِذٍ بَيْنَهُمَا فِي الشُّفْعَةِ ، وَلَا يَحْكُمُ بِإِقْرَارِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْبَيْعُ ، وَمِمَّا يَتِمُّ بِهِ تَسْجِيلُ الْحُكْمِ وَيُوجِبُ إنْزَالَ الشَّفِيعِ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ الْبَيْعُ عَلَى الْإِشَاعَةِ وَالشَّرِكَةِ وَمَلَكَ الْبَائِعُ مَا بَاعَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ ، وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ الْأَعْيَانُ الْمَذْكُورِينَ ابْنُ عَرَفَةَ .
أَمَّا مِلْكُ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِيهَا ، وَإِذَا قَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا إنِّي قَدْ أَخَذْت شُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ فَإِنْ كَانَ عَلِمَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْأَخْذِ لَزِمَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ

بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ ، ثُمَّ قَالَ " غ " وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَقَدْ فَسَّرَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ يَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ وَرَأَيْت فِي الْكَافِي لِأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ مَا نَصُّهُ وَالشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْبَيْعِ التَّامِّ ، وَتُسْتَحَقُّ بِأَدَاءِ الثَّمَنِ ، وَقَدْ ذُكِرَ بَعْدَ هَذَا فِي الْمُخْتَصَرِ وُجُوهُ ابْنِ رُشْدٍ الثَّلَاثَةُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى .
طفي فَتَعَقُّبُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا يَأْتِي عَلَى تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بَلْ عَلَى تَقْرِيرِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، ثُمَّ قَالَ هَذَا عَلَى تَسْلِيمِ تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، وَقَوْلُهُ وَرِوَايَاتُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِخِلَافِهِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، إذْ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ وَمِلْكِهَا الَّذِي هُوَ ثُبُوتُهَا وَحُصُولُهَا ، وَكَذَا الْأَخْذُ فَرَّقَ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِهِ وَحُصُولِهِ الَّذِي هُوَ الْمُرَادُ بِمِلْكِهِ ، فَمِلْكُ الشُّفْعَةِ هُوَ حُصُولُهَا وَهُوَ نَفْسُ مِلْكِ الْأَخْذِ وَحُصُولِهِ ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِمِلْكِ الْأَخْذِ وَابْنُ الْحَاجِبِ فِي اخْتِصَارِهِ لَهُ بِتَمَلُّكِ الضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الشُّفْعَةِ ، فَمَا جَعَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَبَبًا لِمِلْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِ الشَّفِيعِ لِشِقْصٍ شَائِعٍ إلَخْ لَيْسَ كَذَلِكَ ، إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لِاسْتِحْقَاقِهَا ، وَقَدْ سَبَقَ لَهُ فِي تَعَقُّبِهِ تَعْرِيفَ ابْنِ الْحَاجِبِ الشُّفْعَةَ بِأَنَّهَا أَخْذُ شَرِيكٍ حِصَّةً إلَخْ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ أَخْذَهَا لَا مَاهِيَّتَهَا ، وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا ، وَعَرَّفَهَا هُوَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَ مَبِيعِ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ ، فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الْأَخْذَ غَيْرُهَا ، وَلَيْسَ مَعْنَى مِلْكِ الْأَخْذِ إلَّا حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ ، وَكَذَا مِلْكُ الشُّفْعَةِ .
وَقَدْ قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي كَافِيهِ الشُّفْعَةُ تَجِبُ بِالْبَيْعِ التَّامِّ وَتُسْتَحَقُّ وَتُمْلَكُ

بِأَدَاءِ الثَّمَنِ ا هـ .
وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ تُسْتَحَقُّ تَحْصُلُ فَفَرَّقَ بَيْنَ مَا تَجِبُ بِهِ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَيَلْزَمُ مِنْ مِلْكِ الْأَخْذِ الَّذِي هُوَ حُصُولُهُ وَثُبُوتُهُ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ كَذَلِكَ مِلْكُ الشِّقْصِ الْمُسْتَشْفَعِ فِيهِ ، وَلِذَا قَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمِلْكِ الشِّقْصِ كَمَا فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَقَالَ هَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ مَعَ أَنَّ صَاحِبَ الْجَوَاهِرِ إنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى مِلْكِ الْأَخْذِ إشَارَةً لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ تَلَازُمِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَلِذَا قَرَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ وَمَا نَقَلْنَاهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْعُتْبِيَّةِ يَصِحُّ أَنْ يُفَسِّرَ بِهِ هَذَا الْمَوْضِعَ ، ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَلَامٌ تَرَكْنَاهُ وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ ، فَجَعَلَ قَوْلَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ لُزُومِ الْأَخْذِ وَبَيْعِ الشِّقْصِ فِي الثَّمَنِ تَفْسِيرًا لِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِلْكُ الْأَخْذِ وَمِلْكُ الشُّفْعَةِ مِلْكُ الشِّقْصِ ، فَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَمَّا مِلْكُ الشِّقْصِ فَلَمْ أَعْلَمْ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِبَيَانِهِ كَمَا عَلِمْت ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ ، وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ .
وَبِمَا قُلْنَاهُ يَظْهَرُ لَك أَنَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَلَكَ بِحُكْمِ إلَخْ ، مَعَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ نَوْعُ تَكْرَارٍ ، وَقَدْ أَلَمَّ " غ " بِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ أَتَمَّ إلْمَامٍ حَتَّى قَالَ " ح " اُنْظُرْ " غ " .
فِيمَا أَتَى بِهِ فَإِنَّهُ جَيِّدٌ مَعَ أَنَّهُ أَقَرَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ مَا فِيهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى .
الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَعْرُوفُ مِنْ كَلَامِهِمْ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّ مِلْكَ الشُّفْعَةِ وَاسْتِحْقَاقَهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ ، وَلَوْ

أَجَابَ بِأَنَّ تُمْلَكَ فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِمَعْنَى تَلْزَمُ مَجَازًا لَرُبَّمَا كَانَ ظَاهِرًا ، فَمَعْنَى تُمْلَكُ الشُّفْعَةُ يَلْزَمُ صَاحِبَهَا الْأَخْذُ بِوَاحِدٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ إلَخْ ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يُحْمَلُ كَلَامُ الْكَافِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَاسْتُعْجِلَ ؛ إنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَرًا لِلْمُشْتَرِي إلَّا كَسَاعَةٍ
( وَاسْتُعْجِلَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الشَّفِيعُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ تَرْكِهِ ( إنْ قَصَدَ ) الشَّفِيعُ ( ارْتِيَاءً ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَالْفَوْقِيَّةِ ، أَيْ تَأْجِيلًا يَتَرَوَّى وَيَسْتَشِيرُ فِيهِ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ ( أَوْ ) قَصَدَ ( نَظَرًا لِ ) شِقْصٍ ( لِلْمُشْتَرَى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ فَيُوصَفُ لَهُ وَيُؤْمَرُ بِأَخْذِهِ أَوْ تَرْكِهِ حَالًا بِلَا تَأْخِيرٍ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشِّقْصِ ( كَسَاعَةٍ ) فَلَكِيَّةٍ فَيُؤَخَّرُ لِنَظَرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُؤَخَّرُ وَلَوْ لِسَاعَةٍ " ق " سَمِعَ الْقَرِينَانِ مَنْ بَاعَ شِقْصًا فِي حَائِطٍ فَقَالَ الشَّفِيعُ حَتَّى أَذْهَبَ فَأَنْظُرَ أَيْنَ شُفْعَتِي فَقَالَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فَرَاجَعَهُ السَّائِلُ فَقَالَ إنْ كَانَ الْحَائِطُ عَلَى سَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ فَذَلِكَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا ابْنُ رُشْدٍ نَحْوَ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
اللَّخْمِيُّ لِلْمُشْتَرِي وَقْفُ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ أَوْ التَّرْكِ فَإِنْ أَبَى جَبَرَهُ الْحَاكِمُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ إذَا أَوْقَفَهُ الْإِمَامُ لِيَأْخُذَ شُفْعَتَهُ فَقَالَ أَخِّرُونِي الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِأَنْظُرَ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَيُقَالُ بَلْ خُذْ شُفْعَتَك الْآنَ فِي مَقَامِك وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَك ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَمُطَرِّفٌ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُؤَخِّرُهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِيَسْتَشِيرَ وَيَنْظُرَ .

وَلَزِمَ إنْ أَخَذَ وَعَرَفَ الثَّمَنَ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ
( وَلَزِمَ ) الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ ( إنْ أَخَذَ ) أَيْ قَالَ أَخَذْت بِصِيغَةِ الْمَاضِي ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ ( عَرَفَ ) الشَّفِيعُ ( الثَّمَنَ ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ ، فَإِنْ أَخَذَ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ ، فَإِذَا عَرَفَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْأَخْذِ ، وَإِذَا عَرَفَ الثَّمَنَ وَقَالَ أَخَذْته وَلَزِمَهُ الْأَخْذُ وَلَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ ( فَبِيعَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يُبَاعُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ مَا يُوَفِّي ثَمَنُهُ بِثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعُ فِيهِ الشِّقْصُ أَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ بِهِ أَوْ غَيْرَهُمَا .

وَالْمُشْتَرِي إنْ سَلَّمَ ، فَإِنْ سَكَتَ : فَلَهُ نَقْضُهُ
( وَ ) لَزِمَ الْأَخْذُ ( الْمُشْتَرِيَ ) أَيْضًا ( إنْ ) كَانَ ( سَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ سَلَّمْت بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْت فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا ( فَإِنْ سَكَتَ ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ وَأَخَذْت وَلَمْ يَقُلْ سَلَّمْت وَأَجَّلَ فِي الثَّمَنِ فَتَمَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( نَقْضُهُ ) أَيْ فَسْخُ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذِ الشِّقْصِ وَسَقَطَتْ شُفْعَتُهُ ، فِيهَا إنْ قَالَ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا أَنِّي أَخَذْت بِشُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ ، فَإِنْ عَلِمَ الثَّمَنَ قَبْلَ أَخْذِهِ لَزِمَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ .
اللَّخْمِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنْ يَرْجِعَ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ فَاسِدٌ وَيُجْبَرُ عَلَى رَدِّهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَوْقَفَهُ الْحَاكِمُ فَقَالَ أَخَذْت وَقَالَ الْمُشْتَرِي سَلَّمْت فَعَجَزَ عَنْ الثَّمَنِ بِيعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي الثَّمَنِ ، وَلَا رَدَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي الْأَخْذِ وَالتَّسْلِيمِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا ، وَإِنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَقُلْ سَلَّمْت فَأَجَّلَهُ الْحَاكِمُ لِلثَّمَنِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى الْأَجَلِ فَلِلْمُشْتَرِي بَيْعُ مَالِ الشَّفِيعِ أَوْ أَخْذُ شِقْصِهِ .

وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُ : أُجِّلَ ثَلَاثًا لِلنَّقْدِ ، وَإِلَّا سَقَطَتْ
( وَإِنْ قَالَ ) الشَّفِيعُ ( أَنَا آخُذُ ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ وَطَلَبَ التَّأْخِيرَ ( أُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ ( لِلنَّقْدِ ) أَيْ دَفْعِ الثَّمَنِ ، فَإِنْ أَتَى بِهِ فِيهَا ثُمَّ أَخَذَهُ بِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ( سَقَطَتْ ) شُفْعَتُهُ وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِمُشْتَرِيهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ لِلشَّفِيعِ وَاتِّبَاعِهِ بِثَمَنِهِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَطَلَبَ التَّأْخِيرَ بِالثَّمَنِ فَأَخَّرَهُ السُّلْطَانُ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَالْمُشْتَرِي أَحَقُّ بِهَا .

وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَالْبَائِعُ : لَمْ تُبَعَّضْ : كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي ، عَلَى الْأَصَحِّ ،

وَإِنْ ) اشْتَرَى شَخْصٌ أَشْقَاصًا مِنْ عَقَارَاتٍ مِنْ أَشْخَاصٍ ( اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ ) أَيْ عَقْدُ الشِّرَاءِ ( وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ ) الْمُشْتَرَاةُ كَنِصْفِ دَارٍ وَثُلُثِ خَانْ وَسُدُسِ حَائِطٍ ( وَ ) تَعَدَّدَ ( الْبَائِعُ ) وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ وَلَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي ( لَمْ تُبَعَّضْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ لَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ بَعْضِ الْحِصَصِ بِالشُّفْعَةِ وَتَرْكُ بَعْضِهَا " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ ثَلَاثَةَ أَشْقَاصٍ مِنْ دَارٍ أَوْ دُورٍ فِي بَلَدٍ أَوْ بُلْدَانٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ مِنْ رِجَالٍ وَذَلِكَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَشَفِيعُ ذَلِكَ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا الْجَمِيعَ أَوْ يُسَلِّمَ ، وَلَوْ ابْتَاعَ ثَلَاثَةٌ مَا ذَكَرْنَا وَاحِدًا وَمِنْ ثَلَاثَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَالشَّفِيعُ وَاحِدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ دُونَ الْآخَرِ ، وَلْيَأْخُذْ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعْ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً وَرَجَعَ عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ .
بَعْضُ الْفُقَهَاءِ كَلَامُ أَشْهَبَ هُوَ الصَّحِيحُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ فَقَالَ ( كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي ) شِقْصًا أَوْ أَشْقَاصًا مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ بَعْضِهِمْ فَقَطْ ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَوْ يَدَعَ لِجَمِيعِهِمْ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ " غ " هُوَ أَيْ الْمُصَنِّفُ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مُسْتَغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، فَلَوْ قَالَ عِوَضًا مِنْ هَذَا كُلِّهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمُشْتَرِي لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْجَزَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَوْ قَالَ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَصَحَّحَ خِلَافَهُ لَكَانَ أَوْلَى

وَأُفِيدُ " ق " اُنْظُرْ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَهُ لَوْ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ .
الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ أَنَّهَا لَوْ تَعَدَّدَتْ لَكَانَ الْحُكْمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا وَمَنْ اشْتَرَى حَظَّ ثَلَاثَةٍ مِنْ دَارٍ فِي ثَلَاثِ صَفَقَاتٍ فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ كُلَّهُ أَوْ يَأْخُذَ الْأُولَى لَمْ يَشْفَعْ مَعَهُ فِيهَا الْمُبْتَاعُ وَإِنْ أَخَذَ الثَّانِيَةَ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ مَعَهُ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِ حِصَّةِ صَفْقَتِهِ الْأُولَى فَقَطْ ، وَإِنْ أَخَذَ الثَّالِثَةَ خَاصَّةً شَفَعَ فِيهَا بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ فَقَطْ فَفِيهَا مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَشَفِيعُ كُلِّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ شُفْعَتَهُ فِي الَّتِي هُوَ شَفِيعُهَا دُونَ الْأُخْرَى .
أَبُو الْحَسَنِ تَعَدَّدَ هُنَا الشَّفِيعُ وَالصَّفْقَةُ وَاحِدَةٌ وَالْبَائِعُ وَاحِدٌ وَالْمُبْتَاعُ وَاحِدٌ ، وَانْظُرْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمُبْتَاعِ وَالْبَائِعِ حُجَّةً بِتَبْعِيضِ صَفْقَتِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ الْمَأْخُوذُ بِالشُّفْعَةِ جُلَّ الصَّفْقَةِ ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا جَرَى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ .

( فَرْعٌ ) لَوْ تَعَدَّدَ الشَّفِيعُ مَعَ تَعَدُّدِ الْبَائِعِ فَفِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مَنْ ابْتَاعَ حَظًّا مِنْ دَارِ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ وَحَظًّا مِنْ حَائِطٍ مِنْ آخَرَ وَشَفِيعُهُمَا وَاحِدٌ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ يَتْرُكَ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ عَبْدُ الْمَلِكِ مُحَمَّدٌ أَنَا أُنْكِرُ أَنْ يَجْمَعَ الرَّجُلَانِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلْيَرُدَّ ذَلِكَ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمُشْتَرِي مَا لَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ يَأْخُذَ الشُّفْعَةَ فَيَنْفُذُ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ .
أَشْهَبُ وَكَذَا إنْ كَانَتْ الشُّفَعَاءُ جَمَاعَةً فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا النَّخْلَ دُونَ غَيْرِهَا ، فَإِمَّا أَخَذُوا الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكُوا ، فَإِنْ أَخَذُوا الْجَمِيعَ عَلَى أَنَّ النَّخْلَ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الدُّورُ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ وَلَا حُجَّةَ لَهُ وَلَيْسَ بِقِيَاسٍ ، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَإِنَّ فِي هَذَا تَعَدُّدَ الشُّفَعَاءِ وَاشْتَرَكُوا فِي كُلِّ حِصَّةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ ، أَوْ غَابَ أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ، وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ ، وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ : كَغَيْرِهِ ، وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا ؟ تَأْوِيلَانِ

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ مُشَبَّهًا فِيهِ فَقَالَ ( وَكَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ ) أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ فَلَيْسَ لِبَاقِيهِمْ التَّبْعِيضُ ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَهُ ( أَوْ غَابَ ) بَعْضُهُمْ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ ، إلَّا أَخْذُ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكُهُ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا لَهُ شَفِيعَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ لِلْآخَرِ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ إذَا أَبَى عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ ، فَإِمَّا أَخَذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرَكَهُ ، وَإِنْ شَاءَ هَذَا الْقَائِمُ أَخْذَ الْجَمِيعِ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَقُولَ لَا تَأْخُذْ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِك وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ لَهُ شُفَعَاءُ غُيَّبٌ إلَّا وَاحِدًا حَاضِرًا فَأَرَادَ أَخْذَ الْجَمِيعِ وَمَنَعَهُ الْمُبْتَاعُ أَخَذَ حُظُوظَ الْغُيَّابِ ، أَوْ قَالَ لَهُ الْمُبْتَاعُ خُذْ الْجَمِيعَ ، وَقَالَ الشَّفِيعُ لَا آخُذُ إلَّا حِصَّتِي ، فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكَهُ .
وَإِنْ قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ حِصَّتِي وَإِذَا قَدِمَ أَصْحَابِي فَإِنْ أَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ وَإِلَّا أَخَذْت لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعَ ، فَإِنْ سَلَّمَ فَلَا آخُذُ لَهُ مَعَ أَصْحَابِهِ إنْ قَدِمُوا وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْجَمِيعَ أَوْ يَدَعُوا فَإِنْ سَلَّمُوا إلَّا وَاحِدًا قِيلَ لَهُ خُذْ الْجَمِيعَ أَوْ دَعْهُ ، وَلَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا كُلَّهُمْ مَعَهُ إنْ أَحَبُّوا أَوْ الصَّغِيرُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْخُذُ الشُّفْعَةَ كَالْغَائِبِ وَبُلُوغُهُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ .
( أَوْ أَرَادَهُ ) أَيْ التَّبْعِيضَ ( الْمُشْتَرِي ) وَأَبَاهُ الشَّفِيعُ فَلَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي إلَّا بِرِضَا الشَّفِيعِ ( وَ ) إنْ أَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ مَا يَشْفَعُ فِيهِ هُوَ وَشَرِيكُهُ الْغَائِبُ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَ ( لِمَنْ حَضَرَ ) بَعْدَ غَيْبَتِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ ( حِصَّتُهُ ) مِنْ

الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّذِي أَخَذَهُ الْحَاضِرَانِ إنْ أَحَبَّ الْأَخْذَ فِيمَا لَوْ أَخَذَ الْحَاضِرُ الْجَمِيعَ ثُمَّ قَدِمُوا فَلَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا كُلَّهُمْ مَعَهُ إنْ أَحَبُّوا فَيَأْخُذُوا بِقَدْرِ مَا كَانَ لَهُمْ مِنْ شُفْعَتِهِمْ .
( وَ ) اُخْتُلِفَ فِي جَوَابِ ( هَلْ الْعُهْدَةُ ) أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِ حِصَّةِ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إنْ ظَهَرَ فِيهَا عَيْبٌ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الشَّفِيعِ الَّذِي حَضَرَ ابْتِدَاءً وَأَخَذَ الْجَمِيعَ لِأَنَّ الَّذِي حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ إنَّمَا أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهُ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِأَنَّ الَّذِي حَضَرَهَا لَوْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَلَا تَرْجِعُ لِلْمُشْتَرِي ، بَلْ تَبْقَى لِمَنْ هِيَ بِيَدِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً ( أَوْ ) الْعُهْدَةُ ( عَلَى الْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ الشَّفِيعَ الْأَوَّلَ إنَّمَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي حِصَّةَ الْغَائِبِ نِيَابَةً عَنْهُ ، وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَالَ ( كَ ) عُهْدَةِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ مَنْ حَضَرَ بَعْدَ غَيْبَتِهِ وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً فَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُقِلْهُ الْبَائِعُ ، بَلْ ( وَلَوْ أَقَالَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْإِقَالَةِ ، وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْإِقَالَةُ هُنَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَيْضًا يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي جَعْلِ عُهْدَتِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ هُنَا بَيْعٌ ، وَهَذَا الْخِلَافُ فِي كُلِّ حَالٍ إلَّا ( أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يُسَلِّمَ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ لِلْمُشْتَرِي وَيَتْرُكَ الْأَخْذَ بِهَا ( قَبْلَهَا ) أَيْ الْإِقَالَةِ ، ثُمَّ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ أَوْ عَكْسَهُ ، فَإِنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ فَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهَا صَارَتْ بَيْعًا

حَادِثًا .
عِيَاضٌ بِاتِّفَاقٍ ، وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ بَعْدَهَا فَلَا شُفْعَةَ لِإِسْقَاطٍ لَهُ حَقُّهُ ، وَلَيْسَ ثَمَّ مُوجِبٌ يَأْخُذُ بِهِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ .
" غ " قَوْلُهُ وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَبِهِ تَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَنَصُّهَا عُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا عَلَى الْبَائِعِ ، سَوَاءٌ أَخَذَهَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَهُ ، هَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَإِذَا بَاعَ الْمُبْتَاعُ الشِّقْصَ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِمَّنْ شَاءَ مِنْهُمَا ، وَكَذَلِكَ قَالَ أَشْهَبُ إذَا غَابَ الشُّفَعَاء إلَّا وَاحِدًا فَأَخَذَ جَمِيعَ الشُّفْعَةِ ثُمَّ جَاءَ أَحَدُ الْغُيَّبِ كَانَ مُخَيَّرًا فِي كَتْبِ عُهْدَتِهِ إنْ شَاءَ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الشَّفِيعِ لِأَنَّهُ كَانَ مُخَيَّرًا فِي الْأَخْذِ فَهُوَ كَمُشْتَرٍ مِنْ الْمُشْتَرِي .
وَإِنْ جَاءَ ثَالِثٌ كَانَ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ شَاءَ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ شَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَى الثَّانِي .
فَقِيلَ قَوْلُ أَشْهَبَ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّهُ لَا يَكْتُبُ عُهْدَتَهُ .
عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ مُفَسِّرٌ لِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ الْقَادِمَ مُخَيَّرٌ ، فَأَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ هُوَ التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَقَطَعَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ ، وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ نَسَخَ مِنْ الْمُبَيَّضَةِ ظَنَّ تَكْرَارَ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ فَأَسْقَطَهَا ، وَهَذَا مُخْتَلٌّ لِأَنَّ

مُقْتَضَاهُ أَنَّ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ تَعْيِينُ عُهْدَةِ الْقَادِمِ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَالَهُ ، وَلَا يَخْفَى عَلَى مَنْ مَارَسَ اصْطِلَاحَهُ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلتَّأْوِيلِ الثَّانِي فَقَطْ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ رَاجِعٌ لِأَوَّلِ الْكَلَامِ ا هـ .
وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا ثُمَّ اسْتَقَالَ مِنْهُ فَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْبَيْعِ وَتَبْطُلُ الْإِقَالَةُ ، وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ ، وَالْإِقَالَةُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بَيْعٌ حَادِثٌ فِي الْأَشْيَاءِ إلَّا فِي هَذَا .
ابْنُ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ أَمْرُهُ عَلَى أَنَّهُ هَرَبَ مِنْ الْعُهْدَةِ .
أَشْهَبُ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ لَمْ أَعْبَهُ وَلَكِنْ الِاسْتِحْسَانُ أَنْ لَا تَكُونَ لَهُ شُفْعَةٌ إلَّا عَلَى الْمُشْتَرِي لِفِرَارِهِ مِنْ الْعُهْدَةِ فِيهَا وَإِنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِذَا سَلَّمَ الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ ثُمَّ تَقَابَلَ الْمُتَبَايِعَانِ كَانَ لِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ بِعُهْدَةِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْبَائِعِ ، وَتَصِيرُ بَيْعًا حَادِثًا لِزَوَالِ التُّهْمَةِ .
الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ كُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِقَالَةُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ، فَإِنْ كَانَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَالشُّفْعَةُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ اتِّفَاقًا .
الْبَاجِيَّ التَّوْلِيَةُ وَالشَّرِكَةُ كَالْإِقَالَةِ .

وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ ، وَإِنْ كَأُخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا ، وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ : كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ

( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ شُرَكَاءُ مَنْ بَاعَ شِقْصَهُ فِي عَقَارٍ يَنْقَسِمُ ، وَاخْتَلَفُوا فِي الدَّرَجَاتِ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي أَخْذِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ قُدِّمَ ( مُشَارِكُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ ( فِي السَّهْمِ ) أَيْ الْفَرْضِ عَلَى مُشَارَكَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَعَلَى مُشَارِكِهِ فِي أَصْلِ الْإِرْثِ ، كَدَارٍ بَيْنَ أَجْنَبِيَّيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ جَدَّتَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ وَشَقِيقَتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى النِّسَاءِ شِقْصَهَا فَتَخْتَصُّ شَرِيكَتُهَا فِي فَرْضِهِمَا بِالشُّفْعَةِ ، فَإِنْ تَرَكَتْ شُفْعَتَهَا اخْتَصَّ بَاقِي الْوَرَثَةِ ، فَإِنْ تَرَكُوهَا فَهِيَ لِلْأَجْنَبِيِّ إنْ كَانَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ إحْدَى جَدَّتَيْنِ أَوْ زَوْجَتَيْنِ أَوْ شَقِيقَتَيْنِ مَثَلًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( كَأُخْتٍ لِأَبٍ أَخَذَتْ سُدُسًا ) مَعَ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَخَذَتْ نِصْفًا لِأَنَّ السُّدُسَ مَعَ النِّصْفِ فَرْضُ وَاحِدٍ وَهُوَ الثُّلُثَانِ فَإِنْ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ شِقْصَهَا فَالشُّفْعَةُ فِيهِ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ وَعَكْسِهِ .
وَدَخَلَ ) ذُو السَّهْمِ ( عَلَى غَيْرِهِ ) أَيْ ذِي السَّهْمِ مِنْ عَاصِبٍ وَأَجْنَبِيٍّ ، وَمَثَّلَ لِلدُّخُولِ فَقَالَ ( كَذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( سَهْمٍ ) أَيْ فَرْضٍ ( عَلَى وَارِثٍ ) عَاصِبٍ أَفَادَهُ تت .
طفي تَقْرِيرُهُ بِذِي السَّهْمِ وَجَعَلَ قَوْلَهُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ مِثَالًا تَنْبُو عَنْهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ فِي الْمِثَالِ أَنْ يَتَقَدَّمَهُ عُمُومٌ يَنْدَرِجُ الْمِثَالُ فِيهِ ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَتَبِعَ تت الشَّارِحَ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ ، أَيْ الْأَخَصِّ غَيْرِ ذِي السَّهْمِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ أَيْ الْحَظِّ سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا أَمْ لَا ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ فَإِنَّهُ قَالَ لَوْ حَصَلَتْ شَرِكَةٌ بِوِرَاثَةٍ عَنْ وِرَاثَةٍ لَكَانَ أَهْلُ الْوِرَاثَةِ السُّفْلَى أَوْلَى ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي إرْثِ

ثَلَاثَةِ بَنِينَ دَارًا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ أَوْلَادٍ ، فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ أَوْلَادِ الْوَلَدِ شِقْصَهُ مِنْهَا قُدِّمَ إخْوَتُهُ فِي الشُّفْعَةِ ثُمَّ أَعْمَامُهُ ثُمَّ شُرَكَاؤُهُ فِيهَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْأَعْمَامِ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّتِهِمْ مَعَ بَنِي أَخِيهِمْ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ أَبِيهِمْ ، فَنَصَّ عَلَى أَنَّ الْأَخَصَّ يَدْخُلُ عَلَى الْأَعَمِّ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ ا هـ كَلَامُ ضَيْح ، فَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَبِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ ، كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ ، وَفِي دُخُولِ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ قَوْلَانِ وَالْمُصَنِّفُ يَنْسِجُ عَلَى مِنْوَالِهِ .
وَقَالَ " غ " وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ ، وَأَمَّا دُخُولُهُ عَلَى الْعَاصِبِ فَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ أَيْ عَاصِبٍ وَرَدَّهُ تت فِي كَبِيرِهِ ، قَالَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَإِلَّا لَدَخَلَتْ الزَّوْجَاتُ فِي الْفَرْضِ السَّابِقِ مَعَ الْبَنَاتِ .
ا هـ .
وَهَذَا لَا يَرِدُ عَلَى " غ " لِأَنَّ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ ، نَعَمْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَخَصِّ فِي دُخُولِهِ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ ، بَلْ كَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فَثَقُلَ جَدْوَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، إذْ هُوَ فِي الِاخْتِصَاصِ وَلَا اخْتِصَاصَ هُنَا كَمَا يَأْتِي ، وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَإِنْ أُسْقِطَ فَالْأَعَمُّ كَالْجَدَّتَيْنِ وَالزَّوْجَتَيْنِ وَالْأُخْتَيْنِ ثُمَّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ فَجَعَلَ الْمَرَاتِبَ أَرْبَعًا ، وَبِهِ قَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ .
قَالَ قَوْلُهُ فَإِنْ أُسْقِطَ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى الْمَشْهُورِ فَتَكُونُ لِبَقِيَّةِ ذَوِي السِّهَامِ ثُمَّ لِبَاقِي الْوَرَثَةِ أَيْ الْعَصَبَةِ إنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ عَصَبَةٌ ، فَإِنْ أُسْقِطَ الْعَصَبَةُ فَالشُّرَكَاءُ

الْأَجَانِبُ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ، بَلْ أُسْقِطَ الْأَخَصُّ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ دَخَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ ذُو السَّهْمِ وَالْعَصَبَةُ ، فَفِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ بَاعَتْ إحْدَى الْجَدَّتَيْنِ أَوْ الْأُخْتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَتَيْنِ شَفَعَتْ الْأُخْرَى خَاصَّةً ، فَإِنْ سَلَّمَتْ شَفَعَ بَقِيَّةُ أَهْلِ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةُ ، فَإِنْ سَلَّمُوا شَفَعَتْ الشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ ا هـ .
وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَمَاعِ يَحْيَى ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي نَصُّهُ ، وَتَعَقَّبَ نَاصِرُ الدِّينِ ضَيْحَ فِيمَا قَالَهُ ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الصَّوَابِ ، فَقَدْ اتَّضَحَ لَك مُسَاوَاةُ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ عَاصِبًا وَذَا سَهْمٍ فِي حِصَّةِ الْبَائِعِ إنْ أُسْقِطَ شَرِيكُهُ الْأَخَصُّ ، فَأَيْنَ يَكُونُ الْأَخَصُّ يَدْخُلُ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ وَيَخْتَصُّ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْتِيَازِهِ بِحَظِّ شَرِيكِهِ وَبِدُخُولِهِ عَلَى غَيْرِهِ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَدْخُلُ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ مَا نَصُّهُ لِمَا قَرَّرَ أَنَّ الشَّرِيكَ الْأَخَصَّ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدُ الْأَخَصَّيْنِ فَلَا دُخُولَ لِلْأَعَمِّ ، بَيَّنَ هُنَا أَنَّ لِلْأَخَصِّ مَزِيَّةً أُخْرَى ، وَأَنَّهُ إذَا بَاعَ أَحَدُ الْأَعَمَّيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِالشُّفْعَةِ الْأَعَمُّ ، بَلْ يَدْخُلُ مَعَهُ الشَّرِيكُ الْأَخَصُّ .
ا هـ .
وَلَا يَكُونُ هَذَا إلَّا فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَوَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ ، ثُمَّ الْوَارِثُ ، ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ

( وَ ) دَخَلَ ( وَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ ثُمَّ ) يَلِي الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ إذَا تَرَكَ الشُّفْعَةَ ( الْوَارِثُ ) ثُمَّ الْمُوصَى لَهُ ( ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ ) " ق " ابْنُ شَاسٍ إنْ كَانَ فِي الشُّرَكَاءِ مَنْ لَهُ شَرِيكٌ أَخَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَشْرَاكِ فَهُوَ أَشْفَعُ وَأَوْلَى مِمَّنْ لَهُ شِرْكٌ أَعَمُّ ، وَذَلِكَ كَأَهْلِ الْمُوَرِّثِ الْوَاحِدِ يَتَشَافَعُونَ بَيْنَهُمْ دُونَ الشُّرَكَاءِ الْأَجَانِبِ ، ثُمَّ أَهْلُ السَّهْمِ الْوَاحِدِ أَوْلَى مِنْ بَقِيَّةِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَكُلُّ صَاحِبِ شِرْكٍ أَخَصُّ فَهُوَ أَشْفَعُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ فَيَشْفَعُ صَاحِبُ الشِّرْكِ الَّذِي يَلِيهِ ، أَيْ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْهُ ، فَإِنْ سَلَّمَ أَيْضًا شَفَعَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ ، وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَوْ تَرَكَ دَارًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ وَوَرَثَتُهُ عَصَبَةٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَبَقِيَّتُهُمْ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مُوَرِّثٍ ، فَإِنْ سَلَّمُوا فَلِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ ، وَإِنْ تَرَكَ أُخْتًا شَقِيقَةً وَأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَأَخَذَتْ الشَّقِيقَةُ النِّصْفَ وَأَخَذَتْ الْأُخْتَانِ لِأَبٍ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ لِأَبٍ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الْأُخْتِ الْأُخْرَى لِلْأَبِ وَبَيْنَ الشَّقِيقَةِ ، إذْ هُنَّ أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ .
وَإِنْ بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ فَاللَّتَانِ لِلْأَبِ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ وَإِنْ بَاعَ الْعَصَبَةُ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ ، وَإِنْ بَاعَ جَمِيعُ الْأَخَوَاتِ لِأَبٍ فَالشَّقِيقَةُ أَحَقُّ مِنْ الْعَصَبَةِ .
وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا وَرِثَ الْجَدَّتَانِ السُّدُسَ فَبَاعَتْ إحْدَاهُمَا فَالشُّفْعَةُ لِصَاحِبَتِهَا دُونَ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى الْأَعَمِّ ، وَفِي دُخُولِ ذِي السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ قَوْلَانِ ، وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ

وَعَصَبَةً فَبَاعَتْ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ فَأُخْتُهَا أَشْفَعُ مِنْ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُمَا أَهْلُ سَهْمٍ ، فَإِنْ سَلَّمَتْ فَالْعَصَبَةُ أَحَقُّ مِمَّنْ أَشْرَكَهُمْ بِمِلْكٍ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ مُوَرِّثٍ ، وَلَوْ بَاعَ أَحَدُ الْعَصَبَةِ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ الْعَصَبَةِ وَلِلْبَنَاتِ لِأَنَّ الْعَصَبَةَ لَيْسَ لَهُمْ فَرْضٌ مُسَمًّى .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ جَدَّاتٍ وَزَوْجَاتٍ وَإِخْوَةً لِأُمٍّ وَعَصَبَةً فَبَاعَتْ إحْدَى الْجَدَّاتِ أَوْ بَعْضُ أَهْلِ السِّهَامِ الْمَفْرُوضَةِ نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ لِبَقِيَّةِ أَشْرَاكِهِ فِي ذَلِكَ السَّهْمِ دُونَ غَيْرِهِمْ ، فَإِنْ سَلَّمَ بَقِيَّةُ أَهْلِ السَّهْمِ كَانَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مِنْ أَهْلِ السِّهَامِ وَالْعَصَبَةِ سَوَاءً فِي تَحَاصُصِهِمْ فِي هَذَا الْحَقِّ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَنْتَسِبُونَ إلَيْهِ بِالْمَيِّتِ فَلَا فَضْلَ لِأَهْلِ السِّهَامِ عَلَى الْعَصَبَةِ ، فَإِنْ سَلَّمَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ فَالشُّرَكَاءُ بَعْدَهُمْ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ كَانَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَقُولُ مَرَّةً فِي الْعَصَبَةِ أَهْلَ سَهْمٍ أَصْبَغُ ثُمَّ ثَبَتَ عَلَى أَنَّ السَّهْمَ الْمَفْرُوضَ هُمْ الَّذِينَ يَتَشَافَعُونَ خَاصَّةً وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ .
وَرَوَى أَشْهَبُ مَنْ أَوْصَى لِقَوْمٍ بِثُلُثِ حَائِطِهِ أَوْ بِسَهْمٍ مَعْلُومٍ فَيَبِيعُ بَعْضُهُمْ ، فَإِنَّ شُرَكَاءَهُ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا بَاعَ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَرَثَةِ الدُّخُولُ مَعَهُ كَالْعَصَبَةِ مَعَ أَهْلِ السِّهَامِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ الشَّرِيكُ الْأَخَصُّ أَوْلَى ثُمَّ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ الْأَجَانِبُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ بَعْضُ الْمُوصَى لَهُمْ دَخَلَ مَعَ بَقِيَّتِهِمْ أَهْلُ الْمِيرَاثِ .

وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ ، وَعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ ، وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ ، وَلَهُ غَلَّتُهُ

( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ أَوْ كَانَ غَائِبًا ( أَخَذَ ) الشَّفِيعُ الشِّقْصَ ( بِأَيِّ بَيْعٍ ) شَاءَ الْأَخْذَ بِهِ ( وَعُهْدَتُهُ ) أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِهِ إنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ مَنْ أَخَذَ بِشِرَائِهِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا ثُمَّ بَاعَهُ وَتَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِأَيِّ صَفْقَةٍ شَاءَ ، وَيُنْقَضُ مَا بَعْدَهَا وَإِنْ أَخَذَهُ بِالْبَيْعِ الْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبُيُوعُ كُلُّهَا .
أَشْهَبُ إنْ تَبَايَعَهُ ثَلَاثَةٌ فَأَخَذَهَا مِنْ الْأَوَّلِ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ وَدَفَعَ مِنْ ثَمَنِ الشِّقْصِ إلَى الثَّالِثِ مَا اشْتَرَاهُ بِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَا أَدْفَعُ الشِّقْصَ حَتَّى أَقْبِضَ مَا دَفَعْت فِيهِ ، وَيَدْفَعُ فَضْلَهُ إنْ كَانَ لِلْأَوَّلِ وَإِنْ فَضَلَ لِلثَّالِثِ شَيْءٌ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الثَّانِي ، وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِتَمَامِ بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الثَّالِثِ كَتَبَ عُهْدَتَهُ عَلَيْهِ وَتَمَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ بَيْعٍ .
( وَنُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ فُسِخَ ( مَا ) أَيْ الْبَيْعُ الَّذِي ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ الشَّفِيعُ بِهِ ، وَثَبَتَ مَا قَبْلَهُ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ أَوْ اخْتَلَفَتْ ، فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نُقِضَ جَمِيعُ مَا بَعْدَهُ ، وَبِالْوَسَطِ تَمَّ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ وَبِالْأَخِيرِ تَمَّتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَأْخُوذِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ ( غَلَّتُهُ ) أَيْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ كَانَ ضَامِنًا لَهُ .
فِي الْحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } ق فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ فَزَرَعَهَا فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَا كِرَاءَ لَهُ وَالزَّرْعُ لِلزَّارِعِ ، وَمَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا فَاغْتَلَّهَا سِنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلشَّفِيعِ مِنْ الْغَلَّةِ .

وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ : تَرَدُّدٌ
( وَ ) إنْ أَكْرَى الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً وَقَبَضَ كِرَاءَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ فَ ( فِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَجَمَاعَةٌ وَعَدَمِ فَسْخِهِ ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِ ، مَبْنَاهُ هَلْ الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّونَ أَوْ بَيْعٌ قَالَهُ الطُّليْطِليُّونَ .
" ق " تَرَدُّدٌ ابْنُ سَهْلٍ إنْ أَكْرَى الشِّقْصَ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ فَأَخَذَهُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ ذَلِكَ الْكِرَاءَ ، أَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَغَيْرُهُ بِعَدَمِ فَسْخِهِ ، وَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ بِفَسْخِهِ ، وَنَصُّ ابْنِ سَهْلٍ إنْ أَكْرَى الشِّقْصَ مُشْتَرِيهِ ثُمَّ قَامَ الشَّفِيعُ نَزَلَتْ بِطُلَيْطِلَةَ وَأَكْرَاهُ لِعَشَرَةِ أَعْوَامٍ ، فَأَفْتَى ابْنُ مُغِيثٍ وَابْنُ رَافِعٍ رَأْسَهُ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ ، إنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِالشِّقْصِ .
الشَّارِقِيُّ وَكَتَبْتهَا إلَى قُرْطُبَةَ فَأَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَأَنْ يَفْسَخَ الْكِرَاءَ ، وَقَدْ نَزَلَتْ مَرَّةً أُخْرَى فَأَفْتَى فِيهَا ابْنُ عَتَّابٍ بِفَسْخِ الْكِرَاءِ إلَّا فِي الْمُدَّةِ الْيَسِيرَةِ كَشَهْرٍ ، هَذَا إنْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا وَإِلَّا فَلَا يَفْسَخُ إلَّا فِي الْوَجِيبَةِ الطَّوِيلَةِ وَأَمَّا فِيمَا يَتَقَارَبُ كَالسَّنَةِ وَنَحْوِهَا فَذَلِكَ نَافِذٌ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا جَازَ لَهُ .
ابْنُ سَهْلٍ هَذَا رُجُوعٌ مِنْهُ عَمَّا حَكَاهُ الشَّارِقِيُّ عَنْهُمْ .

وَلَا يَضْمَنُ نَقْصَهُ
( وَ ) إنْ نَقَصَ الشِّقْصُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ صِفَةٍ وَلَوْ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي لِصِحَّةِ مِلْكِهِ وَأَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَ ( لَا يَضْمَنُ ) الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ ( نَقْصَهُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ ، أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ الشِّقْصِ .
" ق " فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَضْمَنُ الْمُبْتَاعُ لِلشَّفِيعِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ فِي الشِّقْصِ مِنْ هَدْمٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ مَا غَارَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ بِئْرٍ ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ لِذَلِكَ إمَّا أَخَذَهُ وَإِمَّا تَرَكَهُ

فَإِنْ هَدَمَ وَبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا ، وَلِلشَّفِيعِ : النُّقْضُ إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ ، أَوْ قَاضٍ عَنْهُ ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ ، أَوْ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا

( فَإِنْ هَدَمَ ) الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ ، ( وَبَنَى ) الْمُشْتَرِي بَدَلَ مَا هَدَمَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الْبِنَاءِ حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا ) يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لِتَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ مَعَ مَا يَخُصُّ قِيمَةَ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ( وَلِلشَّفِيعِ النُّقْضُ ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ إنْ كَانَ بَاقِيًا بِعَيْنِهِ وَلَمْ يُدْخِلْهُ فِيمَا بَنَاهُ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ .
" ق " فِيهَا لَوْ هَدَمَ الْمُبْتَاعُ وَبَنَى قِيلَ لِلشَّفِيعِ خُذْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ، وَقِيمَةِ مَا عَمَّرَ فِيهَا أَشْهَبُ يَوْمَ الْقِيَامِ وَلَهُ قِيمَةُ النُّقْضِ الْأَوَّلِ مَنْقُوضًا يَوْمَ الشِّرَاءِ يَحْسِبُ كَمْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ ، وَكَمْ قِيمَةِ النُّقْضِ مَهْدُومًا ثُمَّ يَقْسِمُ الثَّمَنَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ وَقَعَ النُّقْضُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ فَهُوَ الَّذِي يَجِبُ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَيَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَيَغْرَمُ مَا بَقِيَ مَعَ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا .
ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ ، قِيلَ لِابْنِ الْمَوَّازِ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مُشَاعٍ قَالَ قَدْ يَكُونُ قَدْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَأَنْفَقَ وَبَنَى وَغَرَسَ ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ نِصْفَ ذَلِكَ مُشَاعًا ، أَيْ وَأَخَذَ النِّصْفَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ أَوْ يَكُونُ شَرِيكُ الْبَائِعِ غَائِبًا فَيَرْفَعُ الْمُشْتَرِي إلَى السُّلْطَانِ يَطْلُبُ الْقَسْمَ وَالْقَسْمُ عَلَى الْغَائِبِ جَائِزٌ ، وَلَا يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ ا هـ .
" ق " وَعِبَارَةُ تت قِيلَ لِمُحَمَّدٍ كَيْفَ يُمْكِنُ إحْدَاثُ بِنَاءٍ فِي مُشَاعٍ مَعَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَالْحُكْمُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَقَدْ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْبَانِي مُتَعَدٍّ فَلَا يَكُونُ لَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ قَائِمًا فَالْحُكْمُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ وَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا

مُتَنَافِيَانِ .
" غ " وَقَدْ انْفَصَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا بِخَمْسَةِ أَجْوِبَةٍ ، أَحَدِهَا أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَابَ وَوَكَّلَ فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ ثُمَّ قَاسَمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَأْخُذْ لِمُوَكِّلِهِ بِالشُّفْعَةِ .
ثَانِيهَا : أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا وَلَهُ وَكِيلٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي أَمْوَالِهِ فَبَاعَ الشَّرِيكُ فَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَقَاسَمَ الْمُبْتَاعَ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى هَذَيْنِ مَعًا بِقَوْلِهِ ( إمَّا ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ ( لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ ) أَيْ الشِّقْصِ حِينَ اشْتِرَائِهِ ( فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ ) أَيْ الشَّفِيعُ الْغَائِبُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الشَّفِيعُ وَأَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَالْوَكِيلُ صَادِقٌ بِوَكِيلٍ عَلَى مُقَاسَمَةِ شَرِيكٍ سَابِقٍ عَلَى شِرَاءِ الشِّقْصِ ، وَبِوَكِيلٍ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ .
ثَالِثِهَا : أَنْ يَكُونَ الشَّفِيعُ غَائِبًا وَيَرْفَعُ الْمُشْتَرِي إلَى الْحَاكِمِ وَيَطْلُبُ مِنْهُ الْقِسْمَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبِ وَالْقَسْمُ عَلَيْهِ جَائِزٌ فَقَسَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ ، وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَهُوَ لَا يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِهَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) قَاسَمَ ( قَاضٍ عَنْهُ ) أَيْ الْغَائِبِ .
رَابِعِهَا : أَنْ يَكْذِبَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ فَيَتْرُكَ الشَّفِيعُ وَيُقَاسِمَ الْمُشْتَرِيَ ثُمَّ يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( أَوْ تَرَكَ ) الشَّفِيعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ( لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ ) وَقَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ فَهَدَمَ وَبَنَى .
خَامِسِهَا : أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَى الْجَمِيعَ فَهَدَمَ وَبَنَى وَغَرَسَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا وَأُخِذَ نِصْفُهَا الْآخَرُ بِالشُّفْعَةِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا وَهَدَمَ وَبَنَى ثُمَّ ( اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ

الْمُهْمَلَةِ ( نِصْفُهَا ) أَيْ الدَّارِ ، فَالثَّالِثُ وَالْخَامِسُ ذَكَرَهُمَا ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَبَاقِيهَا ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ ، وَزَادَ سَادِسًا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي وَهَبَنِي الشَّرِيكُ الشِّقْصَ بِغَيْرِ ثَوَابٍ فَيُقَاسِمُهُ الشَّفِيعُ ثُمَّ يَثْبُتُ بَعْدَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ الشِّرَاءُ فَأَمَّا جَوَابَا ابْنِ الْمَوَّازِ فَصَحِيحَانِ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ فِي قَسْمِ الْقَاضِي يُرِيدُ أَنَّهُ قَسَمَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ غَائِبٌ فَقَطْ لَا عَلَى أَنَّهُ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ ، وَلَوْ عَلِمَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ ، إذْ لَوْ جَازَ قَسْمُهُ لَكَانَ كَقَسْمِهِ هُوَ بِنَفْسِهِ ، إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ الْحَاكِمُ عَنْ غَائِبٍ إلَّا مَا يَجِبُ عَلَى الْغَائِبِ فِعْلُهُ ، فَلَوْ جَازَ قَسْمُهُ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِوُجُوبِ شُفْعَتِهِ لَمَا كَانَتْ لَهُ شُفْعَةٌ ، وَلَمَا تَقَرَّرَتْ شُفْعَتُهُ لِغَائِبٍ لِقُدْرَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى إبْطَالِهَا بِهَذَا .
وَأَمَّا أَجْوِبَةُ ابْنِ شَاسٍ فَقَبِلَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَكَّلَ فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ الْمُعَيَّنِ لَا فِي مُقَاسَمَتِهِ مُطْلَقَ شَرِيكٍ ، فَهَذَا رَاجِعٌ لِأَحَدِ جَوَابَيْ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَسْمِ عَنْهُ لِظَنِّ الْقَاسِمِ صِحَّتَهُ ، فَبَانَ خَطَؤُهُ وَإِنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي مُقَاسَمَةِ مُطْلَقِ شَرِيكٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فَامْتَنَعَ كَوْنُهُ تَصْوِيرًا لِلْمَسْأَلَةِ .
وَالثَّانِي وَاضِحٌ رُجُوعُهُ لِأَحَدِ جَوَابَيْ مُحَمَّدٍ أَيْضًا لِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْقَسْمِ عَنْهُ لِظَنِّ الْقَاسِمِ صِحَّتَهُ فَبَانَ خَطَؤُهُ .
وَالرَّابِعُ وَالسَّادِسُ بَاطِلَانِ فِي أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّ كَذِبَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الثَّمَنِ الْكَثِيرِ ، وَفِي دَعْوَى الْهِبَةِ يَصِيرُ مُتَعَدِّيًا فِي بِنَائِهِ كَغَاصِبٍ بِيَدِهِ عَرْصَةٌ بَنَى بِهَا بِنَاءً ، وَهُوَ يَدَّعِي أَنَّهُ مَالِكٌ ، فَبَانَ أَنَّهُ غَاصِبٌ ، فَحُكْمُهُ فِي بِنَائِهِ حُكْمُ الْغَاصِبِ الْمَعْلُومِ

غَصْبُهُ ابْتِدَاءً ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَيْنِ الْجَوَابَيْنِ أَيْضًا ، فَقَالَ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَجْعَلْ الْمُشْتَرِيَ إذَا كَذَبَ فِي الثَّمَنِ أَوْ ادَّعَى أَنَّهَا صَدَقَةٌ وَنَحْوُهَا ، ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ كَالْمُتَعَدِّي وَلَعَلَّهُ الْأَظْهَرُ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَّا قِيمَةُ النُّقْضِ ، فَلَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا أَظْهَرَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ خِلَافِ الْمُشْتَرِي .
ا هـ .
وَهَذَا الْحَمْلُ لَا يَقْبَلُهُ لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ ، وَيَقْبَلُهُ لَفْظُ الْمُصَنِّفِ هُنَا .
وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ جَوَابَيْنِ آخَرَيْنِ ، فَقَالَ أَوْ يَكُونُ قَسَمَ مَعَ رَجُلٍ زَعَمَ أَنَّهُ وَكِيلُ الْغَائِبِ أَوْ يَكُونُ الْعَقَارُ بَيْنَ أَحَدِهِمْ غَائِبٍ فَبَاعَ أَحَدُ الْحَاضِرَيْنِ نَصِيبَهُ فَقَسَمَ الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَاضِرِ يَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ غَيْرُهُ .

وَحُطَّ مَا حُطَّ لِعَيْبٍ ، أَوْ لِهِبَةٍ ، إنْ حُطَّ عَادَةً أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا : رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا

( وَحُطَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُسْقِطَ ( عَنْ ) الشَّخْصِ ( الشَّفِيعِ مَا ) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي ( حُطَّ ) عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ ( لِ ) ظُهُورِ ( عَيْبٍ ) بِالشِّقْصِ ( أَوْ ) مَا حُطَّ ( لِهِبَةٍ ) وَنَحْوَهَا كَتَبَرُّعٍ ( إنْ حُطَّ ) ذَلِكَ الْقَدْرُ ( عَادَةً ) بَيْنَ النَّاسِ ( أَوْ ) لَمْ يُحَطَّ عَادَةً وَ ( أَشْبَهَ الثَّمَنَ ) الْمُعْتَادَ بَيْنَ النَّاسِ لِمِثْلِ الشِّقْصِ الْبَاقِي ( بَعْدَهُ ) أَيْ مَا حُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ كَشِرَاءِ الشِّقْصِ بِأَلْفٍ وَحَطَّ الْبَائِعُ تِسْعَمِائَةٍ مِنْهُ وَالْمِائَةُ الْبَاقِيَةُ ثَمَنٌ مُعْتَادٌ لِمِثْلِهِ فَقَطْ التِّسْعُمِائَةِ عَنْ الشَّفِيعِ وَيَأْخُذُهُ بِمِائَةٍ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالشِّقْصِ عَيْبًا بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَلَبُ أَرْشِهِ ، فَإِنْ رَدَّهُ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ بِهِ رَدَّهُ هُوَ حِينَئِذٍ عَلَى بَائِعِهِ ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ إلَّا أَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مَنَعَهُ مِنْ رَدِّهِ فَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ ، فَذَلِكَ الْأَرْشُ يُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَفِيهَا مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ الْبَائِعُ تِسْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَهُ نَظَرٌ ، فَإِنْ أَشْبَهَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُ الشِّقْصِ بَيْنَ النَّاسِ مِائَةَ دِرْهَمٍ إذَا تَغَابَنُوا بَيْنَهُمْ ، أَوْ اشْتَرَوْا بِغَيْرِ تَغَابُنٍ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ لِأَنَّ مَا أَظْهَرَا مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنَّمَا كَانَ سَبَبًا لِقَلْعِ الشُّفْعَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مِائَةً .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ ثَلَاثَمِائَةٍ أَوْ أَرْبَعَمِائَةٍ لَمْ يَحُطَّ لِلشَّفِيعِ شَيْئًا وَكَانَتْ الْوَضِيعَةُ هِبَةً لِلْمُبْتَاعِ .
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ حُطَّ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُحَطَّ فِي الْبُيُوعِ وُضِعَ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ وَإِنْ كَانَ لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ فَهِيَ هِبَةٌ ، وَلَا يَحُطُّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْئًا ابْنُ يُونُسَ

وَهَذَا وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ .
( وَإِنْ اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( الثَّمَنُ ) الْمَدْفُوعُ فِي الشِّقْصِ وَهُوَ مَفْهُومٌ كَعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ أَوْ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ رَجَعَ الْبَائِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ يَدِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ ( أَوْ رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الثَّمَنُ الْمُقَوَّمُ أَوْ الْمِثْلِيُّ عَلَى الْمُشْتَرِي ( بِعَيْبٍ بَعْدَ ) الْأَخْذِ ( بِهَا ) أَيْ الشُّفْعَةِ تَنَازَعَ فِيهِ اُسْتُحِقَّ وَرُدَّ ( رَجَعَ الْبَائِعُ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( بِقِيمَةِ شِقْصِهِ ) لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ هُوَ وَبَدَلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا بَلْ ( وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا ) قَالَهُ مُحَمَّدٌ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا ، وَصَوَّبَهُ جَمَاعَةٌ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ يَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ الْمُسْتَحَقِّ أَوْ الْمَعِيبِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَمَاتَ بِيَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِ الشِّقْصِ وَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَعُهْدَتِهِ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ وَجَبَتْ لَهُ بِعَقْدِ الْبَيْعِ ، فَإِنْ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُمَّ وَجَدَ بَائِعُ الشِّقْصِ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُ ، وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قِيمَةَ شِقْصِهِ وَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ بِشُفْعَتِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّذِي تَبْطُلُ فِيهِ الشُّفْعَةُ لِأَنَّ الْبَيْعَ فَسَدَ لِعَيْنِهِ وَالْعَيْبُ لَوْ رَضِيَهُ الْبَائِعُ لَتَمَّ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ قَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي الشِّقْصِ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ وَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَامِلًا كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا أَخَذَ فِيهِ مِنْ الشَّفِيعِ أَوْ أَقَلَّ ثُمَّ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ ، إذْ

الشُّفْعَةُ كَبَيْعٍ ثَانٍ .
وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِحِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ الشِّقْصِ ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنٍ فَاسْتُحِقَّتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَى بَائِعِهَا الْإِتْيَانُ بِمِثْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَضَى ذَلِكَ الْأَخْذُ وَرَجَعَ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمِثْلِ الْحِنْطَةِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا غَلَطٌ ، بَلْ يَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ .

إلَّا النَّقْدَ ، فَمِثْلُهُ
( إلَّا ) الثَّمَنَ ( النَّقْدَ ) أَيْ الدَّنَانِيرَ أَوْ الدَّرَاهِمَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ بَائِعِ الشِّقْصِ أَوْ الَّذِي رَدَّهُ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ أَوْ قَبْلَهُ فَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى مُبْتَاعِهِ بِمِثْلِهِ لَا بِقِيمَةِ شِقْصِهِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ غَصَبَ دَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا شِقْصًا كَانَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِلشَّفِيعِ ، لِأَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ غَرِمَ مِثْلَهَا وَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ : عب وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ إفْرَادِ قَوْلِهِ وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ إنْ فَاتَ وَقَدْ فَاتَ الشِّقْصُ هُنَا بِأَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْمَسْكُوكَ ، فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيهَا زِيَادَةُ بَيَانٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
وَهِيَ أَنَّ الْمِثْلِيَّ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُقَوَّمِ إلَّا النَّقْدَ .

وَلَمْ يُنْتَقَضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي
إنْ اُسْتُحِقَّ ثَمَنُ الشِّقْصِ أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ ( وَإِنْ ) ( لَمْ يُنْتَقَضْ مَا ) أَيْ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ الَّذِي حَصَلَ ( بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي ) بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلِ الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فِيهَا إذَا وَجَدَ الْبَائِعُ عَيْبًا فِي الثَّمَنِ رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَةَ الشِّقْصِ وَقَدْ مَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ ، وَفِيهَا أَيْضًا وَمَضَى الشِّقْصُ لِلشَّفِيعِ وَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي .

وَإِنْ وَقَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ
( وَإِنْ وَقَعَ ) الِاسْتِحْقَاقُ أَوْ الرَّدُّ بِعَيْبٍ لِثَمَنِ الشِّقْصِ ( قَبْلَ ) أَخْذِ ( هَا ) أَيْ الشُّفْعَةِ ( بَطَلَتْ ) الشُّفْعَةُ لِانْتِقَاضِ الْبَيْعِ الَّذِي حَصَلَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ نَقْدٍ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ .

وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ : فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ : كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرِهِ وَإِلَّا فَلِلشَّفِيعِ وَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا وَرُدَّ إلَى الْوَسَطِ

( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ مُشْتَرِي الشِّقْصَ وَشَفِيعُهُ ( فِي ) قَدْرِ ( الثَّمَنِ ) الَّذِي اشْتَرَى الشِّقْصَ بِهِ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي مِائَةً وَعَشَرَةً وَقَالَ الشَّفِيعُ مِائَةً فَقَطْ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا ( فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ ) كَوْنُهُ ثَمَنًا مُعْتَادًا لِمِثْلِ الشِّقْصِ ( بِيَمِينٍ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ، سَوَاءٌ أَشْبَهَ الشَّفِيعَ أَمْ لَا ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ الْمُشْتَرِيَ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ إنْ أَشْبَهَ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا اخْتَلَفَ الشَّفِيعُ وَالْمُبْتَاعُ فِي الثَّمَنِ صُدِّقَ الْمُبْتَاعُ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ اللَّاصِقَةِ بِدَارِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ .
ابْنُ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْ هُنَا فِي اخْتِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُبْتَاعِ يَمِينًا .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ ادَّعَى الشَّفِيعُ أَنَّهُ حَضَرَ الْمُبَايَعَةَ وَعَلِمَ أَنَّ الثَّمَنَ أَقَلُّ مِمَّا ادَّعَى الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ لَا حَقِيقَةَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا صَوَابٌ لِأَنَّ إحْلَافَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْقِيقٍ ضَرْبٌ مِنْ التُّهَمِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ فِيهَا إلَّا لِمَنْ تَلِيقُ بِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَهَذَا إنْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ .
وَمَثَّلَ لِلْمُشَبَّهِ فَقَالَ ( كَكَبِيرٍ ) قَدْرَهُ مِنْ نَحْوِ سُلْطَانٍ ( يَرْغَبُ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّهَا ( فِي ) شِرَاءِ ( مُجَاوِرِهِ ) كَذَا فِي خَطِّ الْمُصَنِّفِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي مُجَاوَرَتِهِ فَيَزِيدُ فِي ثَمَنِهِ لِذَلِكَ .
" غ " يَرْغَبُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَمُجَاوِرُهُ بِكَسْرِ الْوَاوِ اسْمُ فَاعِلٍ ، كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِثْلُ هَؤُلَاءِ الْمُلُوكِ يَرْغَبُ أَحَدُهُمْ فِي الدَّارِ اللَّاصِقَةِ بِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِهَا يُشْبِهُ ( فَ ) الْقَوْلُ ( لِلشَّفِيعِ ) إنْ أَشْبَهَ ( فَإِنْ لَمْ

يُشْبِهَا ) أَيْ الشَّفِيعُ وَالْمُشْتَرِي ( حَلَفَ ) كُلٌّ عَلَى كُلِّ نَفْيٍ دَعْوَى الْآخَرِ ، وَتَحْقِيقُ دَعْوَاهُ مُقَدِّمًا النَّفْيَ عَلَى الْإِثْبَاتِ ( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الشَّفِيعُ ( إلَى ) الثَّمَنِ ( الْوَسَطِ ) أَيْ الْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ النَّاسِ لِمِثْلِ الشِّقْصِ ، بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ فَيَأْخُذُ بِهِ إنْ شَاءَ ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا ، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قَضَى الْحَالِفُ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ أَتَى الْمُشْتَرِي بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى الشَّفِيعُ بِمَا يُشْبِهُ فَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ قَوْلَ الشَّفِيعِ .
ابْنُ يُونُسَ اخْتَلَفَ إنْ أَتَى الْمُشْتَرِي فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ بِمَا لَا يُشْبِهُ وَأَتَى الشَّفِيعُ بِمَا لَا يُشْبِهُ ، وَأَعْدَلُ الْأَقَاوِيلِ أَنْ يَحْلِفَا جَمِيعًا وَيَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ أَتَيَا مَعًا بِمَا لَا يُشْبِهُ حَلَفَا وَرُدَّ إلَى الْوَسَطِ فَيَأْخُذُ بِهِ أَوْ يَدَعْ .

وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ ، فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوْ أَدَّى : قَوْلَانِ
( وَإِنْ ) اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ مِائَتَيْنِ وَالْمُشْتَرِي مِائَةً وَقُلْنَا الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَشْبَهَ بِيَمِينِهِ فَ ( نَكَلَ ) شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي مِائَتَيْنِ ( فَفِي الْأَخْذِ ) لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ ( بِمَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( ادَّعَى الْمُشْتَرِي ) وَهِيَ مِائَةٌ فِي الْمِثَالِ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ مِائَةٌ ، وَأَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ فِي الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ ( أَوْ ) بِمَا ( أَدَّى ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالدَّالِ مُشَدَّدًا ، أَيْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَهُمَا الْمِائَتَانِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ إنَّمَا خَلَّصْت الشِّقْصَ بِالْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنِّي اشْتَرَيْته بِمِائَتَيْنِ ، وَلَوْ حَلَفْت لَانْفَسَخَ الْبَيْعُ وَسَقَطَتْ الشُّفْعَةُ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا .
" غ " لَيْسَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى اخْتِلَافِ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ ، بَلْ عَلَى اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ ، وَأَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ يُونُسَ .
ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ بَاعَهُ بِمِائَتَيْنِ وَنَكَلَ الْمُبْتَاعُ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ بِمِائَتَيْنِ وَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بِمِائَةٍ لِأَنَّهُ الثَّمَنُ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي ، وَقَالَ إنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ وَأَخَذَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ لَهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ يَأْخُذُ بِمِائَتَيْنِ .
ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَقُولُ إنَّمَا خَلَّصْت الشِّقْصَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ وَلَوْ حَلَفْت لَانْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةٌ .

وَإِنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَقَطْ ، وَاسْتَشْفَعَ : بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ : كَمُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيَتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي ، وَرَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ ، وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ أَوْ لَا فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ .

( وَإِنْ ابْتَاعَ ) أَيْ اشْتَرَى شَخْصٌ ( أَرْضًا بِ ) شَرْطِ دُخُولِ ( زَرْعِهَا الْأَخْضَرِ ) فِي الِابْتِيَاعِ ( فَاسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( نِصْفُهَا فَقَطْ ) أَيْ دُونَ زَرْعِهِ ( وَاسْتَشْفَعَ ) أَيْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ شَرِيكٌ لِلْبَائِعِ ( بَطَلَ الْبَيْعُ ) فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ ( وَفِي نِصْفِ الزَّرْعِ ) الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ ( لِبَقَائِهِ ) أَيْ الزَّرْعِ ( بِلَا أَرْضٍ ) أَيْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ بِيعَ وَحْدُهُ بِلَا أَرْضٍ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَبَيْعُهُ كَذَلِكَ فَاسِدٌ لِغَرَرِهِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ خَاصَّةً وَاسْتَشْفَعَ فَالْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ بَاطِلٌ ، وَيَبْطُلُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الَّذِي بِهِ لِانْفِرَادِهِ بِلَا أَرْضٍ ، فَيَرُدُّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ لِيَشْتَرِيَ وَيَصِيرُ لَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ نِصْفُ الْأَرْضِ ، ثُمَّ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ فِي أَخْذِ نِصْفِ الْأَرْضِ الْبَاقِي ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ بِهِ شُفْعَةٌ ، وَرَجَعَ لِلْبَائِعِ فَيَصِيرُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لَهُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ يَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ وَقِيمَةِ نِصْفِ الزَّرْعِ عَلَى غَرَرِهِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ فَإِنْ أَخَذَ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالشُّفْعَةِ كَمَا وَصَفْنَا رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ الَّذِي زَرَعَهُ لِأَنَّهُ صَغِيرٌ لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ بِلَا أَرْضٍ ، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كُلَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي إلَّا مَا أَخَذَ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ ، وَعَلَى الْبَائِعِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ لِلْمُسْتَحِقِّ دُونَ مَا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ .
ابْنُ يُونُسَ أَنْكَرَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ قَوْلَهُ رَجَعَ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ ، وَقَالَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِنِصْفِ

الزَّرْعِ الَّذِي قَابَلَ النِّصْفَ الْمَأْخُوذَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَضْ بَيْعُهُ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ كَبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا أَصْوَبُ .
وَشَبَّهَ فِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ فَقَالَ ( كَ ) شِرَاءِ شَخْصٍ ( مُشْتَرٍ قِطْعَةً مِنْ جِنَانٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ بُسْتَانٍ ( بِإِزَاءِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا ، أَيْ مُقَابَلَةِ ( جِنَانِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( لِيَتَوَصَّلَ ) الْمُشْتَرِي ( لَهُ ) أَيْ الْقِطْعَةِ ، وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا بِاعْتِبَارِ تَسْمِيَتِهَا مَبِيعًا مَثَلًا ( مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ ) أَيْ الشِّقْصِ ، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ ( ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( جِنَانُ الْمُشْتَرِي ) " غ " هَكَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَا وَهُوَ الصَّوَابُ .
وَالْجِنَانُ بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جَنَّةٍ بِفَتْحِهَا كَقَصْعَةٍ وَقِصَاعٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ ، فَقَدْ أَفْتَى ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ الْعَطَّارِ بِبُطْلَانِ بَيْعِ الْقِطْعَةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ مُوَصِّلٍ إلَيْهَا ، وَفِيهِ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الضَّمِيرِ أَيْضًا .
ق " مِنْ الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ مَا نَصُّهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَأَلَنِي ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَمَّنْ ابْتَاعَ قَطِيعًا مِنْ جَنَّةٍ عَلَى أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى دَارِهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ طَرِيقٌ عَلَى جِنَانِ بَائِعِهِ وَصَرَفَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُبْتَاعِ فَجَاوَبْته بِأَنَّهُ يُنْقَضُ .
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ نَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَنَا بِالْقَيْرَوَانِ فَأَفْتَيْت فِيهَا بِهَذَا .
ابْنُ عَاتٍ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ يَنْفُذُ الْبَيْعُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِالْمُبْتَاعِ .
وَتَمَّمَ الْكَلَامَ عَلَى مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ فَقَالَ : ( وَرَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ ) لِلْمُشْتَرِي لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَزَرْعِهِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ ( نِصْفُ الزَّرْعِ ) الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ ( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ مُشَدَّدَةً (

الشَّفِيعُ ) الَّذِي اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا ، صِلَةُ خُيِّرَ ، أَيْ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْمُبْتَاعِ وَصِلَةُ خُيِّرَ ( بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ ) أَيْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْبَاقِيَ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ ظَهَرَ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ تَجَدَّدَ عَلَيْهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي ( أَوْ لَا ) يَشْفَعُ ، فَإِنْ شَفَعَ فَشُفْعَتُهُ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ فَقَطْ ، وَالزَّرْعُ قِيلَ يَرْجِعُ لِزَارِعِهِ الْبَائِعِ ، وَعَلَيْهِ رَدُّ الثَّمَنِ كُلِّهِ لِلْمُشْتَرِي إلَّا مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ .
وَقِيلَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ .
( فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ ) بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ نِصْفُ الْأَرْضِ بِزَرْعِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ مَا لَهُ بَالٌ وَهُوَ النِّصْفُ ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ الْبَاقِي بِزَرْعِهِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يُقَابِلُ النِّصْفَ الْمُسْتَحَقَّ وَزَرْعَهُ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَشْفَعْ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي يَدَيْهِ مِنْ الصَّفْقَةِ وَأَخْذِ جَمِيعِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُحِقَّ مِنْ صَفْقَتِهِ مَا لَهُ بَالٌ ، وَعَلَيْهِ فِيهِ الضَّرَرُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَنِصْفِ الزَّرْعِ ، وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ .
طفي قَوْلُهُ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ صَفْقَتِهِ مَا لَهُ بَالٌ وَجْهُهُ أَنَّ الْأَرْضَ تَنْقَسِمُ وَمَا يَنْقَسِمُ لَا يَكُونُ الْخِيَارُ فِيهِ إلَّا بِاسْتِحْقَاقِ مَالَهُ بَالٌ .
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْمُتَقَدِّمُ أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ فِي الَّذِي لَا يَنْقَسِمُ وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ هَذَا مِمَّنْ حَشَى تت اعْتَرَضَهُ بِمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ اغْتِرَارًا مِنْهُ بِظَاهِرِهِ لِقُصُورِ بَاعَهُ وَقِلَّةِ اطِّلَاعِهِ ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ .

( بَابٌ ) الْقِسْمَةُ : تَهَايُؤٌ فِي زَمَنٍ : كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا ، وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ : كَالْإِجَارَةِ

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْقِسْمَةُ ، تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِاخْتِصَاصِ تَصَرُّفٍ فِيهِ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ ، فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدَّيْنٍ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا ، نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ فِي طَعَامِ سَلَمٍ وَيُخْرِجُ تَعْيِينُ مُعْتِقِ أَحَدِ عَبْدَيْهِ أَحَدَهُمَا ، وَتَعْيِينُ مُشْتَرِي أَحَدِ ثَوْبَيْنِ أَحَدَهُمَا ، وَتَعْيِينُ مُطْلَقِ عَدَدٍ مُوصًى بِهِ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ يَمُوتُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِالْقِسْمَةِ ، وَلَمْ يُعَرِّفْهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا شَارِحُوهُ .
وَعَرَّفَهَا الْغُبْرِينِيُّ : بِأَنَّهَا اخْتِصَاصُ الشَّرِيكِ بِمَا كَانَ لَهُ مُشَاعًا ، يُرَدُّ بِأَنَّ اخْتِصَاصَ الشَّرِيكِ بِالْمُشَاعِ ثَابِتٌ حَالَ شَرِكَتِهِ خَاصَّةً لَهَا أَوْ عَرْضًا عَامًّا لَهَا وَلِمُقَابِلِهَا ، فَهُوَ مُبَايِنٌ لِلْقِسْمَةِ أَوْ أَعَمُّ مِنْهَا ، فَيَمْتَنِعُ تَعْرِيفُهَا بِهِ وَدَلِيلُ ثُبُوتِهِ حَالَ الشَّرِكَةِ فَقَوْلُهُ مَعَ غَيْرِهَا إنْ بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ الْوَارِثَتَيْنِ دَارًا حَظَّهَا مِنْهَا ، فَالْأُخْرَى أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ فِيهِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ، فَلَوْلَا اخْتِصَاصُهَا بِحَظِّهَا مُشَاعًا مَا كَانَتْ أَشْفَعَ ، وَإِنْ عَنَى بِقَوْلِهِ اخْتِصَاصُ الشَّرِيكِ أَنْ يَتَعَيَّنَ لَهُ مَا كَانَ مُشَاعًا فَفِيهِ عِنَايَةٌ بِغَيْرِ لَفْظٍ يُعَيِّنُهَا مَعَ يُسْرِهِ ، وَيَبْطُلُ اطِّرَادُهُ بِاخْتِصَاصِ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ مِنْ أَكْثَرَ مِنْهُ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ ، وَاخْتِصَاصُ مَنْ تَعَدَّى عَلَى شَرِيكِهِ مَا أَتْلَفَ مِنْ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا الْمِثْلِيُّ قَدْرُ حَظِّ الْمُتَعَدِّي كَنَقْلِهِ قَفِيزَ حِنْطَةٍ بَيْنَهُمَا فِي مَفَازَةٍ غَرَرًا تَلِفَ قَدْرُ حَظِّ النَّاقِلِ مِنْهُ .
ا هـ .
وَتَعَقَّبَ ابْنُ نَاجِي حَدَّ ابْنِ عَرَفَةَ بِمَنْ اشْتَرَى وَيْبَةً مَثَلًا مِنْ صُبْرَةٍ يَأْخُذُهَا مِنْهَا وَهِيَ لَيْسَتْ بِقِسْمَةٍ وَحَدُّهُ يَنْطَبِقُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَ الْوَيْبَةِ صَارَ مَالِكًا لَهَا فِي الصُّبْرَةِ

الْبِسَاطِيُّ فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ إنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ فَهُوَ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا قَبْلَهُ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ فَيَلْزَمُ أَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْقِسْمَةِ .
غَايَةُ مَا فِيهِ أَنَّ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ التَّعْيِينَ وَهُوَ لَا يَقْدَحُ فِيهَا ، أَفَادَهُ تت فِي كَبِيرِهِ .
أَقُولُ لَا خَفَاءَ فِي عَدَمِ وُرُودِ هَذَيْنِ الْإِيرَادَيْنِ عَلَى حَدِّ ابْنِ عَرَفَةَ .
أَمَّا إيرَادُ ابْنِ نَاجِي فَلِأَنَّ شِرَاءَ الْوَيْبَةِ مِنْ الصُّبْرَةِ لَيْسَ تَصْيِيرَ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكَيْنِ مُعَيَّنًا ، بَلْ هُوَ تَصْيِيرُ بَعْضِ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ شَائِعًا ، فَكَيْفَ يَنْطَبِقُ عَلَيْهِ حَدُّهُ ، وَتَعْلِيلُهُ لَا يُنْتِجُ انْطِبَاقَهُ عَلَيْهِ ، فَدَعْوَاهُ وَدَلِيلُهُ بَاطِلَانِ .
وَأَمَّا إيرَادُ الْبِسَاطِيِّ فَلِأَنَّ الْمَشْهُورَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الِانْحِلَالُ ، وَأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ .
وَتَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ ، فَتَعْيِينُ أَحَدِهِمَا لَيْسَ قِسْمَةً لِأَنَّهُ تَصْيِيرُ مُشَاعٍ مِنْ مَمْلُوكِ مَالِكٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ مَالِكَيْنِ فَأَكْثَرَ وَحَذَفَ وَلَوْ زَادَ أَوْ قَبِلَ بِقُرْعَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الْقِسْمَةُ ) الشَّرْعِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ ( تَهَايُؤٌ ) بِفَتْحِ فَوْقِيَّةٍ أَوَّلَهُ وَنُونٍ أَوْ تَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ عَقِبَ الْأَلِفِ أَوْ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ وَيَلِيهَا هَمْزٌ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ وَتَحْتِيَّةٌ عَلَى الْأَخِيرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ ، وَهَيَّأَهُ وَجَهَّزَ لَهُ وَوَهَبَهُ لَهُ فَهُوَ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ التَّهْنِئَةِ ، وَعَلَى الثَّانِي مِنْ التَّهْيِئَةِ ، وَعَلَى الثَّالِثِ مِنْ الْهِبَةِ لَكِنْ بِقَلْبٍ مَكَانِيٍّ .
الرَّجْرَاجِيُّ الْمُهَأنَاةُ تُقَالُ بِالْمُنَوَّنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا أَرَادَهُ ، وَتُقَالُ بِالْبَاءِ أَيْضًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ الِاسْتِمْتَاعَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ مُدَّةً مَعْلُومَةً .
وَتُقَالُ

بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ بِاثْنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا طَلَبَهُ مِنْهُ ، وَالتَّهَانِيءُ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ الْمُشْتَرَكَةِ ( فِي زَمَنٍ ) مَعْلُومٍ كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ وَمَثَّلَ لَهَا بِقَوْلِهِ ( كَخِدْمَةِ ) رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ ( شَهْرًا ) وَيَخْدُمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ شَهْرًا أَيْضًا وَهَكَذَا ( وَسُكْنَى دَارِ ) أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ ( سِنِينَ ) وَالشَّرِيكُ الْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا ، أَوْ زِرَاعَةُ أَرْضٍ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ وَهَكَذَا .
" ق " ابْنُ شَاسٍ الْقِسْمَةُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ مُهَايَأَةٌ وَهِيَ ضَرْبَانِ ، مُهَايَأَةٌ فِي الْأَعْيَانِ ، وَمُهَايَأَةٌ بِالزَّمَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ لَا تَجُوزُ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا عَلَى الْمُرَاضَاةِ وَالْمُهَايَأَةِ ، وَهِيَ عَلَى وَجْهَيْنِ بِالْأَزْمَانِ ، مِثْلُ أَنْ يَتَّفِقَا أَنْ يَسْتَغِلَّ أَحَدُهُمَا الدَّابَّةَ أَوْ يَسْتَخْدِمَهَا أَوْ يَسْكُنَ الدَّارَ أَوْ يَحْرُثَ الْأَرْضَ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ مِثْلُهَا أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ ، فَهَذِهِ يَفْتَرِقُ فِيهَا الِاسْتِغْلَالُ وَالِاسْتِخْدَامُ .
الْوَجْهُ الْآخَرُ أَنْ يَكُونَ التَّهَايُؤُ فِي الْأَعْيَانِ بِأَنْ يَسْتَخْدِمَ هَذَا عَبْدًا وَهَذَا عَبْدًا أَوْ يَزْرَعَ هَذَا أَرْضًا وَهَذَا أَرْضًا ، أَوْ يَسْكُنَ هَذَا دَارًا وَهَذَا دَارًا .
أَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يَجُوزُ فِي الشَّهْرِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرَ مِنْ الشَّهْرِ قَلِيلًا .
وَأَمَّا التَّهَايُؤُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ فَيَجُوزُ فِيهَا السُّنُونَ الْمَعْلُومَةُ وَالْأَجَلُ الْبَعِيدُ كَكِرَائِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهَا مَأْمُونَةٌ إلَّا أَنَّ التَّهَايُؤَ إذَا كَانَ فِي أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِأَنْ تَكُونَ مَأْمُونَةً بِمَا يَجُوزُ فِيهِ النَّقْدُ .
غ إنْ قُلْت

قَدْ قَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وَابْنُ شَاسٍ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ ضَرْبَانِ مُهَايَأَةٌ فِي الْأَعْيَانِ وَمُهَايَأَةٌ فِي الزَّمَانِ ، فَالْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَارًا يَسْكُنُهَا ، وَالْآخَرُ دَارًا يَسْكُنُهَا ، وَهَذَا أَرْضًا يَزْرَعُهَا ، وَالْآخَرُ أَرْضًا يَزْرَعُهَا .
وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْمُهَايَأَةُ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ بِالْأَزْمِنَةِ ، كَدَارٍ يَسْكُنُهَا هَذَا شَهْرًا وَهَذَا شَهْرًا ، وَأَرْضٍ يَزْرَعُهَا هَذَا سَنَةً وَهَذَا سَنَةً ، وَبِذَا فَسَّرَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا بَالُهُ اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى الْأَزْمَانِ دُونَ الْأَعْيَانِ حَيْثُ قَالَ فِي زَمَنٍ .
قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْقِسْمَيْنِ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمَعْلُومَ لَا بُدَّ مِنْهُ فِيهِمَا ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ كَخِدْمَةِ عَبْدٍ شَهْرًا يَتَنَاوَلُ صُورَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْوَاحِدُ بَيْنَ الشَّرِيكِ يَسْتَخْدِمُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا شَهْرًا ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا عَبْدَانِ يَسْتَخْدِمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ شَهْرًا وَالْآخَرُ الْآخَرَ كَذَلِكَ ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ الْمُدَّتَيْنِ ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ حَصْرُهُمَا ، وَأَفْهَمَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي السُّكْنَى جَوَازًا ، وَفِي الْغَلَّةِ مَنْعًا ، وَمِمَّا يَزِيدُ هَذَا وُضُوحًا مُنَاقَشَةُ ابْنِ عَرَفَةَ عِيَاضًا إذْ قَالَ وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ مُقَاسَمَةُ الزَّمَانِ وَمُقَاسَمَةُ الْأَعْيَانِ يُوهِمُ عُرُوَّ الثَّانِي عَنْ الزَّمَانِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَمَحْمَلُهُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ وَاحِدًا فَتَعَلَّقَ الْقَسْمُ بِالزَّمَانِ لِذَاتِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ فِيهِ مُتَعَدِّدًا فَتَعَلَّقَ الْقَسْمُ فِيهِ بِالزَّمَانِ بِالْعَرْضِ لِأَنَّ مُتَعَلِّقَهُ بِالذَّاتِ بَعْضُ آحَادِ الْمُشْتَرَكِ فِيهِ ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الزَّمَانِ إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَنْوَاعٌ ، الْأَوَّلُ : قِسْمَةُ مُهَانَأَةٍ بِالنُّونِ وَبِالْيَاءِ ، وَهِيَ اخْتِصَاصُ كُلِّ شَرِيكٍ بِمُشْتَرَكٍ فِيهِ عَنْ شَرِيكِهِ فِيهِ زَمَنًا

مُعَيَّنًا مِنْ مُتَّحِدٍ أَوْ مِنْ مُتَعَدِّدٍ وَتَجُوزُ فِي نَفْسِ مَنْفَعَتِهِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَفِي مُدَّتِهَا ثَلَاثَةٌ .
الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ أَخْتَدِمُهُ أَنَا الْيَوْمَ وَأَنْتَ غَدًا أَوْ شَهْرًا بِشَهْرٍ جَائِزٌ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَكْثَرُ مِنْ شَهْرٍ وَشَبَهِهِ .
مُحَمَّدٌ إنَّمَا تَجُوزُ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَأَقَلَّ وَالرُّبُعُ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ تَجُوزُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَمَا هُوَ مَأْمُونُ التَّهَايُؤِ السِّنِينَ الْمَعْلُومَةِ وَالْأَجَلِ كَكِرَائِهَا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَسْخُهُ ، وَإِنْ تَهَايَئُوا فِي دُورٍ أَوْ أَرَضِينَ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ أَوْ يَزْرَعَ نَاحِيَةً جَازَ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَجُوزُ فِي الدَّابَّةِ أَنْ يَقُولَ خُذْ كَسْبَهَا الْيَوْمَ وَآخُذُ كَسْبَهَا غَدًا ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ إلَّا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ابْنُ عَاتٍ قِيلَ فِي غَلَّةِ الرَّحَى يَوْمَانِ .
وَقَوْلُ عِيَاضٍ هِيَ ضَرْبَانِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ .
( كَالْإِجَارَةِ ) فِي اللُّزُومِ ، وَشَرْطُ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ كَعَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا يَخْدُمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ شَهْرًا وَالْآخَرُ يَخْدُمُ الشَّرِيكَ الْآخَرَ كَذَلِكَ ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ ، إنَّمَا الشَّرْطُ حَصْرُهُمَا .
الْحَطّ نَبَّهَ بِهَذَا عَلَى أَنَّ قِسْمَةَ التَّهَايُؤِ إذَا كَانَتْ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَقْسُومَ الْمُتَّحِدَ يَأْخُذُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ، وَالْمَقْسُومُ الْمُتَعَدِّدُ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ وَاحِدًا مِنْهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ فِيهِمَا .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي زَمَنٍ كَالْإِجَارَةِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ زَمَنٍ لَا تَكُونُ كَالْإِجَارَةِ ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، فَالْأُولَى أَيْ الْمُهَايَأَةُ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ يَأْخُذُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، أَوْ

إحْدَاهُمَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ سُكْنَى دَارٍ ا هـ .
فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الْقِسْمُ أَيْ الْمُهَايَأَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ مُقَاسَمَةُ زَمَانٍ وَمُقَاسَمَةُ أَعْيَانٍ ، أَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ فَالْأَوْلَى إلَى قَوْلِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً ، وَقَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا رَاجِعٌ إلَى الدَّارَيْنِ ، وَقَوْلُهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً يَعُمُّ الصُّورَتَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُهُ إلَى الثَّانِيَةِ وَيُضْمَرُ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِثْلُهُ ، وَالدَّارُ الْوَاحِدَةُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا قِسْمَةُ زَمَانٍ بِخِلَافِ الدَّارَيْنِ ، فَإِنَّهَا مُقَاسَمَةُ أَعْيَانٍ .
وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ كَدَارَيْنِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سُكْنَى دَارٍ ، أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ مُدَّةٍ .
ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ وَغَيْرُ لَازِمَةٍ هَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِجَارَةِ عَلَى الْخِيَارِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ ضَرْبُ الْأَجَلِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ أَنْ يَحِلَّ مَتَى شَاءَ ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْوِيرُهَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ مِنْ مِثَالَيْ اللَّازِمَةِ إلَّا بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بَيْتًا مِنْ الدَّارِ مَثَلًا وَيَأْخُذَ الْآخَرُ كَذَلِكَ .

لَا فِي غَلَّةٍ ، وَلَوْ يَوْمًا

( لَا ) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ ( فِي غَلَّةٍ ) لِلْمُشْتَرَكِ إنْ كَانَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ ، بَلْ ( وَلَوْ يَوْمًا ) كَخُذْ غَلَّتَهُ يَوْمًا وَأَنَا آخُذُهَا يَوْمًا ، وَهَكَذَا لِلْغَرَرِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تَسْهُلُ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ .
" ق " ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ بَيْنَكُمَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لَهُ مَا كَسَبْت الْيَوْمَ فَلِي ، وَمَا تَكْتَسِبُ غَدًا فَلَكَ ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ بَيْنَكُمَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْهُ إنْ قَالَ اسْتَخْدِمْهُ أَنْتَ الْيَوْمَ وَأَنَا غَدًا فَهُوَ جَائِزٌ ، وَكَذَلِكَ شَهْرًا وَأَنَا شَهْرًا .
مُحَمَّدٌ لَا يُجَوِّزُ فِي الْكَسْبِ وَلَوْ يَوْمًا وَاحِدًا ، وَقَدْ سَهَّلَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْيَوْمِ وَكَرِهَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ .
ا هـ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : الْبَاجِيَّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ إنَّمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ وَهِيَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ بِالْمُرَاضَاةِ لَا بِالْإِجْبَارِ وَالْقُرْعَةِ ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَبِهِ قَطَعَ عِيَاضٌ .
وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا تَجُوزُ الْقِسْمَةُ بِالْمُهَايَأَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا بِالْمُرَاضَاةِ .
الثَّانِي : فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ هَذَا الْبَابِ قِسْمَةُ الْحَبْسِ لِلِاغْتِلَالِ فَقِيلَ إنَّهُ يُقْسَمُ وَيُجْبَرُ عَلَى الْقَسْمِ مَنْ أَبَاهُ ، وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْدُثَ بَيْنَهُمْ مِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْوِلَادَةِ مَا يُغَيِّرُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ .
وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِمْ فِيمَنْ حُبِسَ فِي مَرَضِهِ عَلَى وَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ أَنَّ الْحَبْسَ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ أَيْ عَلَى عَدَدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ، وَبِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الظَّوَاهِرِ الْمَوْجُودَةِ فِي مَسَائِلِهِمْ .
وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ .
وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْحَبْسَ مِمَّا لَا يُقْسَمُ وَلَا يُجَزَّأُ .

وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُقْسَمُ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ عَلَى قِسْمَتِهِ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَقَدْ عَزَا ابْنُ سَهْلٍ هَذِهِ الْأَقْوَالَ لِأَشْيَاخِ السُّيُورِيِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُ الْقَسْمِ عَلَى ثَمَنِ الْمَنْفَعَةِ وَمَنْعُهُ عَلَى الرِّبْحِ الْمُحْبَسِ نَفْسِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَمُرَاضَاةٌ فَكَالْبَيْعِ

( وَ ) الثَّانِي ( مُرَاضَاةٌ ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ فِي قِسْمَةِ ذَاتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُمْ ( فَ ) هِيَ ( كَالْبَيْعِ ) فِي أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ اخْتَصَّ بِمِلْكِهِ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ وَفِيمَا اخْتَلَفَ وَفِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ ، وَأَنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا بِغَبْنٍ إنْ لَمْ يُدْخِلَا فِيهَا مُقَوَّمًا ، وَأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى تَعْدِيلٍ وَلَا إلَى تَقْوِيمٍ ، وَأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا .
الْحَطّ هَذَا هُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ الثَّلَاثَةِ ، وَهِيَ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ ، وَسَمَّاهَا بَعْضُهُمْ قِسْمَةَ بَيْعٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهِيَ أَخْذُ بَعْضِهِمْ بَعْضَ مَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مَا يُعَدُّ لَهُ بِتَرَاضٍ مِلْكًا لِلْجَمِيعِ وَهُوَ قِسْمَانِ ، قِسْمٌ بَعْدَ تَقْوِيمِ وَتَعْدِيلٍ وَهَذَا لَا يُقْضَى بِهِ عَلَى مَنْ أَبَاهُ ، وَيُجْمَعُ فِيهِ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ وَبَيْنَ الْأَجْنَاسِ وَالْأَصْنَافِ وَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إلَّا مَا يُدَّخَرُ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ ، وَيُقَامُ فِيهِ بِالْغَبْنِ إذَا ظَهَرَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ بَيْعٌ وَقَسْمٌ بِلَا تَقْوِيمٍ وَلَا تَعْدِيلٍ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي بِتَقْوِيمٍ وَتَعْدِيلٍ إلَّا فِي الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ وَهُوَ بَيْعٌ بِلَا خِلَافٍ ، قَالَهُ فِي الْمُعِينِ وَغَيْرِهِ وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالتَّنْبِيهَاتِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : شَبَّهَ الْمُرَاضَاةَ بِالْبَيْعِ مَعَ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهَا بَيْعٌ لِإِجَازَتِهِمْ الْفَضْلَ فِي قِسْمَةِ قَفِيزِ بُرٍّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهُ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثَهُ ، فَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا مَحْضًا لَمْ تَجُزْ لِلرِّبَا .
الثَّانِي : ابْنُ رَاشِدٍ يُعَكِّرُ عَلَى قَوْلِهِمْ قِسْمَةُ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ إجَازَتُهُمْ فِيهَا قَسْمَ قَفِيزِ بُرٍّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَامْتَنَعَتْ بِهَذَا الْوَجْهِ لِلرِّبَا .
طفي جَوَابُهُ تَصْرِيحُهُمْ بِجَوَازِ الْقِسْمَةِ

الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِمْ لَوْ أَطْلَقُوا فِي قَوْلِهِمْ إنَّهَا بَيْعٌ .
أَمَّا حَيْثُ قَيَّدُوا فَلَا ، وَيُصْرَفُ قَوْلُهُمْ إنَّهَا بَيْعٌ لِغَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ وَجَمْعِ الْأَجْنَاسِ وَجَمْعِ حَظَّيْنِ ، وَعَدَمِ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ ، وَاسْتَثْنَوْا الصُّورَةَ الْمَذْكُورَةَ .
اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْمُقَاسَمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالتَّرَاخِي جَائِزٌ أَيْضًا .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصُّبْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْمَكِيلِ أَوْ الْمَوْزُونِ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَسْمِهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ وَعَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفْضِيلُ أَمْ لَا ، وَيَجُوزُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ قَسْمَهُ بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا تَحَرٍّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا دَخَلَهُ أَيْضًا التَّفْضِيلُ وَقِسْمَتُهُ تَحَرِّيًا جَائِزَةٌ فِي الْمَوْزُونِ دُونَ الْمَكِيلِ ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُبْرَةً وَاحِدَةً وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ مَحْمُولَةٍ وَسَمْرَاءَ وَنَقِيٍّ وَمَغْلُوثٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِاعْتِدَالِ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ ، وَصَنْجَةٍ مَعْلُومَةٍ .
وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ جَازَ قَسْمُهُ عَلَى الْفَضْلِ الْبَيِّنِ وَالِاعْتِدَالِ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَعْلُومٍ لَا مَجْهُولٍ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَوَجَبَ قَسْمُ كُلِّ صُبْرَةٍ وَحْدَهَا ، وَيَجُوزُ حِينَئِذٍ بِمِكْيَالٍ أَوْ مِيزَانٍ مَجْهُولٍ لِأَنَّ قَسْمَ الصُّبْرَةِ لَيْسَ قَسْمًا حَقِيقِيًّا ، إنَّمَا هُوَ تَمْيِيزُ حَقٍّ .
ا هـ .
فَإِذَا أَحَطْت بِهَذَا عِلْمًا فَلَكَ أَنْ تُجِيبَ عَنْ مُنَاقَضَةِ ابْنِ رَاشِدٍ بِمَا قُلْنَاهُ ، وَلَك أَنْ تَرُدَّ الْمُنَاقَضَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَتَبْقَى الْقِسْمَةُ بَيْعًا حَتَّى فِي مَنْعِ الْفَضْلِ ، وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا إجَازَتُهُمَا قَسْمَ الْقَفِيزِ عَلَى ثُلُثَيْنِ وَثُلُثٍ لِأَنَّ قِسْمَةَ الصُّبْرَةِ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ قِسْمَةً

حَقِيقِيَّةً قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاتِّحَادِ الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ ، وَهَذَا الْجَوَابُ هُوَ الصَّوَابُ ، فَلَا مُعَارَضَةَ وَلَا تَعْكِيرَ أَصْلًا ، فَشُدَّ عَلَيْهِ يَدَ الضَّنِينِ .
وَلِذَا أَطْلَقَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَغَيْرُهُ فِي الْمُرَاضَاةِ مَنْعَهَا فِيمَا يَحْرُمُ فِيهِ الْفَضْلُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الصُّبْرَةَ الْوَاحِدَةَ وَالْقَفِيزَ الْوَاحِدَ لَيْسَتْ قِسْمَتُهُ قِسْمَةً حَقِيقِيَّةً ، وَقَدْ اقْتَصَرَ " ح " عَلَى كَلَامِ الْمُعِينِ ، وَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ قَسْمَ الْمُرَاضَاةِ إلَى وَجْهَيْنِ بِتَعْدِيلٍ وَبِغَيْرِهِ فَقَالَ الْوَجْهَانِ يَصِحَّانِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَفِي الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَفِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ ، إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ صِنْفًا وَاحِدًا مُدَّخَرًا لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِيهِ .

وَقُرْعَةٌ ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ ، وَكَفَى قَاسِمٌ ، لَا مُقَوِّمٌ

( وَ ) النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِسْمَةِ ( قُرْعَةٌ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ فِعْلُ مَا يُعَيِّنُ حَظَّ كُلِّ شَرِيكٍ مِمَّا بَيْنَهُمْ مِمَّا يَمْتَنِعُ عِلْمُهُ حِينَ فَعَلَهُ وَهَذَا الْقِسْمُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْبَابِ إذْ الْمُهَايَآتُ إجَارَةٌ وَلَهَا بَابٌ ، وَالْمُرَاضَاةُ بَيْعٌ وَلَهُ بَابٌ ( وَهِيَ ) أَيْ الْقُرْعَةُ ( تَمْيِيزُ حَقٍّ ) مُشَاعٍ عِنْدَ سَحْنُونٍ .
عِيَاضٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَقَوْلُ أَئِمَّتِنَا .
ابْنُ فَرْحُونٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَفِي الشَّامِلِ هُوَ الْأَصَحُّ .
وَلِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ هِيَ بَيْعٌ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَصْوَبُ وَأَطْرَبُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَا اُخْتُلِفَ فِي قَسْمِ التَّرَاضِي بِالتَّقْوِيمِ وَالتَّعْدِيلِ دُونَ قُرْعَةٍ هَلْ هُوَ بَيْعٌ أَوْ تَمْيِيزٌ ، وَقَسْمُ التَّرَاضِي دُونَ تَعْدِيلٍ بَيْعٌ اتِّفَاقًا وَالْأَظْهَرُ أَنَّ قَسْمَ الْقُرْعَةِ تَمْيِيزٌ ، وَقَسْمَ التَّرَاضِي بَيْعٌ .
قُلْت ذُكِرَ الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ وَالتَّقْوِيمِ هَلْ تَمْيِيزٌ أَوْ بَيْعٌ خِلَافُ ظَاهِرِ مَا لِلْبَاجِيِّ فِي قَسْمِ الصَّيْحَانِيِّ وَالْعَجْوَةِ بِالْخَرْصِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ ، وَعِنْدِي أَنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِالْقُرْعَةِ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ التَّمْيِيزُ خَاصًّا بِالْقُرْعَةِ لَمَا صَحَّ اسْتِدْلَالُهُ بِهِ عَلَيْهَا .
( وَكَفَى ) فِي الْقِسْمَةِ ( قَاسِمٌ ) وَاحِدٌ وَالْأَوْلَى اثْنَانِ كَمَا يُفِيدُهُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِكَفَى ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَاشْتَرَطَهُمَا ابْنُ شَعْبَانَ .
ابْنُ حَبِيبٍ لَا يَأْمُرُ الْقَاضِي بِالْقَسْمِ إلَّا الْمَأْمُونَ الْمَرَضِيَّ الْعَارِفَ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ فَهُمَا أَفْضَلُ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ كَفَى .
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ الْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ وَالتَّكْلِيفُ وَالذُّكُورَةُ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ وَعِلْمُهُ بِالْمِسَاحَةِ وَالْحِسَابِ وَالتَّقْوِيمِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِ الشُّرَكَاءِ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ

وَكِيلٌ وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا مَا يُخَالِفُ هَذَا .
ا هـ .
قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ ( لَا ) يَكْفِي ( مُقَوِّمٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً .
الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَوِّمَ السِّلَعِ الْمُتْلَفَةِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَنَحْوِهِمَا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مُقَوِّمَ السِّلَعِ الْمَقْسُومَةِ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقَاسِمَ هُوَ الَّذِي يُقَوِّمُ الْمَقْسُومَ وَيُعَدِّلُهُ .
الْقَرَافِيُّ فِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ مِنْ قَوَاعِدِهِ فِي الصُّورَةِ الْمُرَكَّبَةِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ رَابِعُهَا مُقَوِّمُ السِّلَعِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ وَغَيْرِهَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَكْفِي الْوَاحِدُ بِالتَّقْوِيمِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْقِيمَةِ حَدٌّ كَالسَّرِقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ .
وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ حُصُولُ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ شِبْهُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِمُعَيَّنٍ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَشِبْهُ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْمُقَوِّمَ مُتَصَدٍّ لِمَا لَا يَتَنَاهَى لَا الْمُتَرْجِمُ وَالْقَائِفُ وَهُوَ ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ كَذَلِكَ وَشِبْهُ الْحَاكِمِ لِأَنَّ حُكْمَهُ يَنْفُذُ فِي الْقِيمَةِ ، وَالْحَاكِمُ يُنْفِذُهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مَنْ شِبْهِ الرِّوَايَةِ ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِإِخْبَارِهِ حَدٌّ تَعَيَّنَ مُرَاعَاةُ الشَّهَادَةِ لِوَجْهَيْنِ ، أَحَدُهُمَا قُوَّةُ مَا يُفْضِي إلَيْهِ هَذَا الْإِخْبَارُ ، وَيَنْبَنِي عَلَى مَنْ أَبَاحَهُ قَطْعُ عُضْوٍ مَعْصُومٍ .
وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِهِ رِوَايَةً أَوْ شَهَادَةً شُبْهَةٌ يُدْرَأُ بِهَا الْحَدُّ ، ثُمَّ قَالَ وَخَامِسُهَا الْقَاسِمُ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ ، وَالْأَحْسَنُ اثْنَانِ .
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي ذَلِكَ قَوْلَانِ ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ شِبْهُ الْحُكْمِ أَوْ الرِّوَايَةِ أَوْ الشَّهَادَةِ ، وَالْأَظْهَرُ شِبْهُ الْحُكْمِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ

اسْتَنَابَهُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ا هـ .
ابْنُ فَرْحُونٍ ابْنُ الْقَصَّارِ يُقْبَلُ قَوْلُ التَّاجِرِ فِي قِيَمِ الْمُتْلَفَاتِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهَا حَدُّ تَقْوِيمِ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ لِيُعْلَمَ هَلْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ النِّصَابَ أَمْ لَا ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اثْنَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْقَاسِمِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا كَمَا يُقَلَّدُ الْمُقَوِّمُ لِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ لِمَعْرِفَتِهِ ذَلِكَ ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَتْ عِنْدَهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ فِي الْمُقَوِّمِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُقَوِّمِ أَنَّ الْقَاسِمَ نَائِبٌ عَنْ الْحَاكِمِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِوَاحِدٍ ، وَالْمُقَوِّمُ كَالشَّاهِدِ عَلَى الْقِيمَةِ .
طفي فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُقَوِّمَ غَيْرُ الْقَاسِمِ لِتَفْرِيقِهِمْ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَالْمُعَدِّلِ فَفِي التُّحْفَةِ : وَأَجْرُ مَنْ يَقْسِمُ أَوْ يُعَدِّلُ عَلَى الرُّءُوسِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَلَدُهُ فِي شَرْحِهِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ وَالْمُعَدِّلِ فِي الْقِسْمَةِ وَهُوَ الْمُقَوِّمُ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِمَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَهُمْ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ طفي إنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَأَجْرُهُ بِالْعَدَدِ
( وَأَجْرُهُ ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْقَاسِمُ عَلَى قِسْمَتِهِ يُقْسَمُ عَلَى الشُّرَكَاءِ ( بِ ) حَسَبِ ( الْعَدَدِ ) لِرُؤْسِهِمْ لَا بِحَسَبِ مَقَادِيرِ أَنْصِبَائِهِمْ قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ ، وَاَلَّذِي بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ .
" ق " فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ أَهْلُ مُوَرِّثٍ أَوْ مَغْنَمٍ قَاسِمًا بِرِضَاهُمْ وَأَجْرُهُ عَلَى جَمِيعِهِمْ مَنْ طَلَبَ الْقَسْمَ وَمَنْ أَبَاهُ ، وَكَذَلِكَ أُجْرَةُ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَيَكُونُ الْأَجْرُ فِي ذَلِكَ عَلَى عَدَدِهِمْ لَا عَلَى أَنْصِبَائِهِمْ .
التَّاوَدِيُّ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِأَنَّهُ بِحَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ ، وَقَوِيَ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَصَالِحِ ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مَثَلًا لِأَحَدِهِمْ الْعُشْرُ رُبَّمَا كَانَ ثُلُثُ الْأُجْرَةِ أَزْيَدَ مِنْ قِيمَةِ عُشْرِ الْمَقْسُومِ ، فَلَا يَكْفِي النَّصِيبُ فِي الْأُجْرَةِ .

وَكُرِهَ ، وَقُسِمَ الْعَقَارُ ، وَغَيْرُهُ بِالْقِيمَةِ ،

( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْقَاسِمِ أَخْذُ أُجْرَةِ الْقَسْمِ مِنْ الْمَقْسُومِ بَيْنَهُمْ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مِنْ وَقْفٍ فَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهَا ، وَمَحَلُّهُ فِي الْقَاسِمِ الَّذِي قَدَّمَهُ الْقَاضِي لِلْقِسْمَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْرِ .
" ق " كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِقُسَّامِ الْقَاضِي أَنْ يَأْخُذُوا عَلَى الْقَسْمِ أَجْرًا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَذَلِكَ قُسَّامُ الْغَنَائِمِ وَلَوْ كَانَتْ أَرْزَاقُ الْقُسَّامِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ جَازَ .
ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَأْجَرَ الْقَوْمُ قَاسِمًا فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ ، وَمِنْ هَذَا جَعَلَ الشُّرَطَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّمَا رِزْقُ الشُّرَطِ عَلَى السُّلْطَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ عَلَى الطَّالِبِ فِي إحْضَارِ خَصْمِهِ إلَّا أَنْ يَلِدَ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِيَ فَيَكُونُ الْجُعْلُ فِي إحْضَارِهِ عَلَيْهِ .
( وَ ) قُسِمَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ( الْعَقَارُ ) أَيْ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ ( وَ ) قُسِمَ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْعَقَارِ مِنْ سَائِرِ الْمُقَوَّمَاتِ ( بِالْقِيمَةِ ) لَا بِالْمِسَاحَةِ وَلَا بِالْعَدَدِ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ يَجُوزُ أَنْ تُقْسَمَ الرُّبَاعُ وَالْأُصُولُ بِالسَّهْمِ إذَا عُدِلَتْ بِالْقِيمَةِ اللَّخْمِيُّ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الدَّارَيْنِ فَكَانَ بَيْنَهُمَا يَسِيرٌ مِثْلُ كَوْنِ قِيمَةِ إحْدَاهُمَا مِائَةً وَالْأُخْرَى تِسْعِينَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَرِعَا عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَتْ إلَيْهِ الَّتِي قِيمَتُهَا مِائَةٌ يُعْطِي صَاحِبَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ ، وَلَا يَتَّفِقُ فِي الْغَالِبِ كَوْنُ قِيمَتِهِمَا سَوَاءً ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا فَانْظُرْهُ فَلَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا تَجُوزُ الْقُرْعَةُ فِيهِ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ تَجُوزُ فِيهِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ .

وَأُفْرِدَ كُلُّ نَوْعٍ ، وَجُمِعَ دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ وَلَوْ بِوَصْفٍ

( وَأُفْرِدَ ) الْقَاسِمُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ ( كُلُّ نَوْعٍ ) مِنْ الْمَقْسُومِ الْحَطّ ، يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَمْعُ جِنْسَيْنِ وَلَا نَوْعَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا تُقْسَمُ أَصْنَافٌ مُخْتَلِفَةٌ بِالسَّهْمِ مِثْلُ أَنْ يَجْعَلُوا الدُّورَ حَظًّا وَالرَّقِيقَ حَظًّا وَيَسْتَهِمُونَ وَإِنْ اتَّفَقَتْ قِيَمُ ذَلِكَ أَنَّهُ خَطَرٌ ، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَةٍ ، الْبَقَرُ عَلَى حِدَةٍ ، وَالْغَنَمُ عَلَى حِدَةٍ ، وَالْعُرُوضُ عَلَى حِدَةٍ ، إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ .
وَكَذَلِكَ أَنْ يَجْعَلُوا دَنَانِيرَ نَاحِيَةً ، وَمَا قِيمَتُهُ مِثْلُهَا نَاحِيَةً مِنْ رَبْعٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ ، وَيَقْتَرِعُوا .
وَإِمَّا بِالتَّرَاضِي بِغَيْرِ قُرْعَةٍ فَجَائِزٌ ، وَأَمَّا دَارَانِ فِي مَوْضِعٍ وَإِنْ تَفَاضَلَتَا فِي الْبِنَاءِ كَوَاحِدَةٍ جَدِيدَةٍ وَأُخْرَى رَثَّةٍ أَوْ دَارٍ بَعْضُهَا رَثٌّ وَبَاقِيهَا جَدِيدٌ فَذَلِكَ يُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ لِأَنَّهُ نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنْ جَيِّدٍ وَدُونٍ بِالْقِيَمِ كَقَسْمِ الرَّقِيقِ عَلَى تَفَاوُتِهِ ، وَكُلُّ صِنْفٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ لَا يَحْمِلُ الْقِسْمَةَ بِيعَ الْجَمِيعُ عَلَيْهِمْ ، وَقُسِمَ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمْ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى قَسْمِ شَيْءٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ فَيَجُوزُ .
ا هـ .
( وَجُمِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ ( دُورٌ ) بِضَمِّ الدَّالِ جَمْعُ دَارٍ مُتَلَاصِقَةٍ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ كَانَتْ مَوَاضِعُ الدُّورِ مُخْتَلِفَةً مِمَّا يَتَشَاحُّ النَّاسُ فِيهَا الْعُمْرَانَ أَوْ غَيْرَهُ قُسِمَتْ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَتِهَا إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مِنْهَا دَارَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ فِي الصِّفَةِ وَالنِّفَاقِ فِي مَوَاضِعِهَا فَتُجْمَعُ الْمُنْفَقَةُ فِي الْقَسْمِ وَيُقْسَمُ بَاقِيهَا كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ ( أَوْ أَقْرِحَةٌ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ، فَحَاءٍ مُهْمَلَةٍ جَمْعُ قَرَاحٍ بِفَتْحِ الْقَافِ ، أَيْ أَرْضُ زِرَاعَةٍ لَيْسَ عَلَيْهَا بِنَاءٌ

وَلَا فِيهَا شَجَرٌ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْأَقْرِحَةُ وَهِيَ الْفَدَادِينُ إذَا كُنْت بَيْنَ قَوْمٍ فَطَلَبَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ فِي الْقَسْمِ نَصِيبُهُ مِنْهَا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ وَكَانَتْ فِي الْكَرَمِ سَوَاءً جُمِعَتْ فِي الْقَسْمِ ، وَجُعِلَ نَصِيبُ وَاحِدٍ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي قُرْبِ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ حَدًّا وَأَرَى الْمِيلَ وَشِبْهَهُ قَرِيبًا فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ ، وَإِنْ كَانَ الْأَقْرِحَةُ مُخْتَلِفَةً وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ أَوْ كَانَتْ فِي الْكَرَمِ سَوَاءً وَبَيْنَهُمَا تَبَاعُدٌ كَالْيَوْمَيْنِ قُسِمَ كُلُّ قَرِيحٍ عَلَى حِدَتِهِ .
الْحَطّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَقْرِحَةٌ بِالْوَاوِ ، وَفِي بَعْضِهَا أَوْ أَقْرِحَةٌ بِأَوْ ، وَعَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى قَالُوا بِمَعْنَى أَوْ ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الدُّورَ تُجْمَعُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ عَلَى حِدَةٍ ، وَلَا يُرِيدُ أَنَّ الدُّورَ تُجْمَعُ مَعَ الْأَقْرِحَةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَكَانِ الْمُسْتَوِيَةِ النِّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ مَهْمَا دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ ، ثُمَّ قَالَ و كَذَلِكَ الْقُرَى وَالْحَوَائِطُ وَالْأَقْرِحَةُ يُجْمَعُ مَا تَقَارَبَ مَكَانُهُ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ وَعُيُونِهِ بِخِلَافِ الْيَوْمِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يُرِدْ النِّصْفَ أَنَّ هَذِهِ الْأَنْوَاعَ الَّتِي ذَكَرَهَا مِنْ قُرَى وَحَوَائِطَ وَأَقْرِحَةٍ تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ ، وَلَكِنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْهَا تُجْمَعُ أَفْرَادُهُ .
الرَّجْرَاجِيُّ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ وَلَا الْحَوَائِطُ مَعَ الْأَرَضِينَ ، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ وَيُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ بِشُرُوطٍ نَذْكُرُهَا .
ا هـ .
إنْ كَانَتْ الدُّورُ وَالْأَقْرِحَةُ حَاضِرَةً ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ غَائِبَةً عَنْ مَوْضِعِ الْقَسْمِ وَتُقْسَمُ فِي غَيْبَتِهَا ( بِوَصْفٍ ) مِمَّنْ

يَعْرِفُهَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ الْمُقَوِّمُ وَالْمُعَدِّلُ وَالْقَاسِمُ فِيهَا لَا بَأْسَ أَنْ يَقْتَسِمَا دَارًا غَائِبَةً عَلَى مَا يُوصَفُ لَهُمَا مِنْ بُيُوتِهَا وَسَاحَتِهَا وَيُمَيِّزَا حِصَّتَيْهَا مِنْهَا بِالصِّفَةِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِالصِّفَةِ .

إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً وَرَغْبَةً ، وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ ، إنْ دَعَا إلَيْهِ أَحَدُهُمْ وَلَوْ بَعْلًا وَسَيْحًا

وَلِجَمْعِ الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ ( إنْ تَسَاوَتْ ) الدُّورُ وَالْأَقْرِحَةُ ( قِيمَةً وَرَغْبَةً وَتَقَارَبَتْ ) مَوَاضِعُهَا بِأَنْ كَانَ بَيْنَهَا ( كَالْمِيلِ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ( إنْ دَعَا إلَيْهِ ) أَيْ جَمَعَهَا فِي الْقِسْمَةِ ( أَحَدُهُمْ ) أَيْ الشُّرَكَاءِ لِيَجْتَمِعَ حَظُّهُ مِنْهَا بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، وَإِنْ أَبَاهُ غَيْرُهُ إنْ كَانَتْ كُلُّهَا بَعْلًا أَوْ سَيْحًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ بَعْضُهَا ( بَعْلًا ) يَشْرَبُ زَرْعُهُ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ ، لَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ ( وَ ) بَعْضُهَا ( سَيْحًا ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ فَحَاءٌ مُهْمَلَةٌ ، أَيْ يَشْرَبُ زَرْعُهُ بِمَا يَسِيحُ عَلَيْهِ مِنْ نَحْوِ نِيلٍ لِأَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لِزَكَاةِ زَرْعِهِمَا بِالْعُشْرِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ جَمْعِهِمَا .
وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَا يُجْمَعَانِ لِلنَّضْحِ وَهُوَ الَّذِي يَسْقِي زَرْعَهُ بِآلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ، لِزَكَاةِ زَرْعِهِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ دَعَا أَحَدُ الْأَشْرَاكِ إلَى قَسْمِ مَا يَنْقَسِمُ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا اشْتِرَاكُهُمْ بِمُوَرِّثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ جُبِرَ عَلَى الْقَسْمِ مَنْ أَبَاهُ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَا يُقْسَمُ مَا يُسْقَى بِالنَّضْحِ وَالسَّوَانِي مَعَ مَا يُسْقَى بِالْعُيُونِ ، وَلَا يُقْسَمُ الْبَعْلُ مَعَ السَّقْيِ وَإِنْ تَقَارَبَتْ الْحَوَائِطُ ، وَيُقْسَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ عَلَى حِدَةٍ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا أَنْ يَجْمَعُوهُ فِي الْقَسْمِ ، فَذَلِكَ لَهُمْ .
سَحْنُونٌ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ وَلَا يَصِحُّ بِهَا لِاخْتِلَافِهَا ، وَيَصِيرُ كَجَمْعِ حِمَارٍ وَفَرَسٍ فِي الْقُرْعَةِ .
وَجَوَّزَ فِي الْمُوَطَّإِ قَسْمَ الْبَعْلِ مَعَ مَا يُسْقَى بِالْعُيُونِ سَيْحًا دُونَ نَضْحٍ .
الْبَاجِيَّ هَذَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ ، بِخِلَافِ النَّضْحِ الْمُزَكَّى بِنِصْفِ الْعُشْرِ .

إلَّا مَعْرُوفَةً كَالسُّكْنَى ، فَالْقَوْلُ لِمُفْرَدِهَا ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ

وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الدُّورِ الَّتِي تُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ جَبْرًا عَلَى مَنْ أَبَاهُ لِمَنْ طَلَبَهُ فَقَالَ ( إلَّا دَارًا مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى ) لِمُوَرِّثِهِمْ دَعَا أَحَدُهُمْ لِإِفْرَادِهَا بِالْقَسْمِ وَبَعْضُهُمْ لِجَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا فِيهِ ( فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ طَالِبِ إفْرَادِهَا بِالْقَسْمِ لِيَحْصُلَ لَهُ مِنْهَا حَظٌّ إنْ احْتَمَلَتْ الْقَسْمَ ، وَتَأَوَّلَ الْأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ .
ابْنُ نَاجِي وَهُوَ الْمَشْهُورُ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً ، أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِأَنَّ الْقَوْلَ لِمُفْرِدِهَا ( بِخِلَافِهِ ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ دَارٌ غَيْرُهَا يَسْكُنُهَا ، وَهَذَا فَهْمُ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ .
فَإِنْ كَانَ لَهُ دَارٌ أُخْرَى كَانَ يَسْكُنُهَا جُمِعَتَا فِي الْقَسْمِ ، وَلَا يُجَابُ مَنْ دَعَا لِإِفْرَادِهِمَا أَفَادَهُ تت .
عج هَذَا لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الثَّانِيَ أَرْجَحُ مِنْ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ لِفَضْلٍ وَحْدَهُ طفي قَوْلُ تت وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ إلَخْ ، زَادَ فِي كَبِيرِهِ وَهُوَ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا مَاتَ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ وَتَرَكَ دَارًا كَانَ يَسْكُنُهَا وَلَهَا حُرْمَةٌ بِسُكْنَاهُ وَتَرَكَ دُورًا غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ بِالْقُرْبِ مِنْهَا فَتَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي تِلْكَ الدَّارِ ، وَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ حَظَّهُ مِنْهُ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ وَحْدَهَا إنْ كَانَتْ تَنْقَسِمُ ، وَيَعْمَلُ فِي غَيْرِهَا مَا يَنْبَغِي ، فَجَعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَلِذَا عَزَاهُ لِلْأَكْثَرِ تَبَعًا لِقَوْلِ التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ لَقِينَاهُ عَلَى مَا فِي الْوَاضِحَةِ .
ا هـ .
وَكَلَامُ تت غَيْرُ ظَاهِرٍ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَا عَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَكْثَرَ مَنْ لَقِيَهُ لَيْسَ هُوَ تَأْوِيلًا عَلَيْهَا بِنَفْسِ كَلَامِ ابْنِ

حَبِيبٍ ، وَنَصُّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْعِبَارَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَلْفَاظٍ مُضْطَرِبَةٍ ، وَالْأَكْثَرُ مِمَّنْ لَقِينَاهُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَسَاقَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ ، فَمُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِكَوْنِهِمْ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ إفْرَادُهَا بِالْقَسْمِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ قَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ شَرِيفًا وَلَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فِيهَا ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَلَا فِي ابْنِ نَاجِي وَلَا فِي تَنْبِيهَاتِ عِيَاضٍ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ فَضْلٌ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ ، وَجَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ ثَالِثًا مُخَالِفًا لَهُمَا ، فَقَالَ وَفِي كَوْنِ الْمَعْرُوفَةِ بِسُكْنَى الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا وَقَبُولُ قَوْلِ مُرِيدِ إفْرَادِهَا .
ثَالِثُهَا إنْ كَانَ شَرِيفًا لَهَا بِهِ حُرْمَةٌ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ أَكْثَرِ مُخْتَصِرِيهَا وَفَضْلٍ وَابْنِ حَبِيبٍ ، فَفِي تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَاحِدَةً مَعْرُوفَةً بِسُكْنَاهُمْ فَتُفْرَدُ إنْ تَشَاحُّوا فِيهَا بِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ، نَظَرٌ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ وَإِيَّاهُمَا تَبِعَ تت وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ إنَّ عِبَارَةَ ابْنِ الْحَاجِبِ أَوْفَقُ بِقَوْلِهَا وَإِذَا تَشَاحَّ الْوَرَثَةُ فِي دَارٍ مِنْ دُورِ الْمَيِّتِ كَانُوا يَسْكُنُونَهَا فَأَرَادَ كُلُّ وَارِثٍ أَخْذَ حَظِّهِ مِنْهَا لِفَرْضِهَا الْمَسْأَلَةَ فِي سُكْنَاهُمْ لَا فِي انْفِرَادِ الْمَيِّتِ بِالسُّكْنَى ، وَأَنَّهُمْ تَشَاحُّوا فِي إفْرَادِهَا وَكُلٌّ أَرَادَ أَخْذَ حَظِّهِ مِنْهَا بِخِلَافِ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَأَبْقَى عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَحُكِيَ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ تَخْصِيصُ السَّاكِنِينَ بِكَوْنِهِمْ مِنْ الْوَلَدِ دُونَ الْعَصَبَةِ ، قَالَ وَهَذَا فِي غَيْرِ الشَّرِيفِ أَمَّا الرَّجُلُ الشَّرِيفُ فَسَوَاءٌ بَنُوهُ وَعَصَبَتُهُ مِمَّنْ سَكَنَهَا أَوْ لَمْ يَسْكُنْهَا إذْ لَهَا حُرْمَةٌ فِي نَفْسِهَا تُوجِبُ إفْرَادَهَا بِالْقَسْمِ .
( تَنْبِيهَاتٌ )

الْأَوَّلُ : طفي قَوْلُهُ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً وَرَغْبَةً عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ نَفَاقًا وَرَغْبَةً ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ كَانَتْ الدُّورُ فِي النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ فِي مَوَاضِعِهَا وَتَشَاحِّ النَّاسِ فِيهَا سَوَاءً ، وَكَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ جُمِعَتْ فِي الْقَسْمِ ، وَكَذَا عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ ، وَالْمُرَادُ بِالنَّفَاقِ الرَّغْبَةُ وَالتَّشَاحُّ فَهِيَ أَلْفَاظٌ مُتَقَارِبَةٌ ، وَلِذَا اكْتَفَى ابْنُ عَرَفَةَ بِالنَّفَاقِ فَقَالَ فِي جَمِيعِ الدُّورِ فِي الْقَسْمِ بِتَقَارُبِ مَوَاضِعِهَا أَوْ تَسَاوِي نَفَاقِهَا ثَالِثُهُمَا بِهِمَا .
ا هـ .
وَالْمُرَادُ بِالنَّفَاقِ أَنْ تَكُونَ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِمَحَلٍّ مَرْغُوبٍ فِيهِ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِمَحَلَّةٍ شَرِيفَةٍ وَالْأُخْرَى مَرْغُوبٌ عَنْهَا فَلَا يُجْمَعَانِ وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالِاسْتِوَاءِ فِي الْقِيمَةِ ، فَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِوَاءَ فِي الْقَدْرِ بِأَنْ يَكُونَ قَدْرُ قِيمَةِ هَذِهِ كَهَذِهِ فَلَا أَخَالُهُمْ يَشْتَرِطُونَهُ .
سَحْنُونٌ إنْ كَانَ بِنَاءُ إحْدَاهُمَا أَجْوَدَ جُمِعَتَا إنْ كَانَتَا فِي نَمَطٍ وَاحِدٍ .
ا هـ .
وَالْمُرَادُ بِالنَّمَطِ التَّقَارُبُ ، وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقُرْبِ وَتَسَاوِي النَّفَاقِ لِسَحْنُونٍ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى تَأْوِيلِ بَعْضِهِمْ ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الِاسْتِوَاءَ فِي الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا صَغِيرَةً قَدْرَ نِصْفِ الْأُخْرَى تَكُونُ قِيمَتُهَا قَدْرَ قِيمَةِ نِصْفِهَا فَهُوَ يَرْجِعُ إلَى النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ .
الْبُنَانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ نَفَاقًا بَدَلَ قِيمَةٍ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، إذْ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمْ ، وَعَطْفُ الرَّغْبَةِ عَلَى النَّفَاقِ إمَّا عَطْفُ تَفْسِيرٍ ، وَلِذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ذِكْرِ النَّفَاقِ ، وَيُحْمَلُ النَّفَاقُ عَلَى رَغْبَةِ الْأَجَانِبِ وَالرَّغْبَةُ عَلَى رَغْبَةِ الشُّرَكَاءِ إذْ

لَا يَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِ رَغْبَةِ الْأَجَانِبِ اتِّحَادُ رَغْبَةِ الشُّرَكَاءِ لِأَنَّ رَغْبَتَهُمْ فِي مَسْكَنِ مُوَرِّثِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ رَغْبَتِهِمْ فِي غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَأَمَّا الِاسْتِوَاءُ فِي الْقِيمَةِ فَلَمْ يَشْتَرِطُوهُ جَزْمًا كَمَا يُفِيدُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ .
الثَّانِي : طفي جَمَعَ الْمُصَنِّفُ الدُّورَ وَالْأَقْرِحَةَ وَجَعَلَ كَالْمِيلِ حَدًّا لِلْقُرْبِ فِيهِمَا ، وَالْمُدَوَّنَةُ لَمْ تَجْعَلْهُ حَدًّا لَهُ إلَّا فِي الْأَرَضِينَ وَالْحَوَائِطِ ، فَفِي الْأُمِّ لَمْ يَحُدَّ لَنَا مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قُرْبَ الْأَرْضِ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ ، وَأَرَى الْمِيلَ وَشِبْهَهُ قَرِيبًا فِي الْحَوَائِطِ وَالْأَرَضِينَ ، وَفِي التَّهْذِيبِ فِيمَا تَقَارَبَ فِي أَمَاكِنِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ مِنْ قُرًى كَثِيرَةٍ أَوْ حَوَائِطَ أَوْ أَقْرِحَةٍ جُمِعَ فِي الْقَسْمِ ، وَالْمِيلُ وَشِبْهُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ ، وَأَمَّا الدُّورُ فَلَمْ أَرَ فِيهَا إلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهَا وَكَانَ بَعْضُهَا قَرِيبًا مِنْ بَعْضٍ ، ثُمَّ قَالَتْ : وَإِنْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَتَسَاوَى الْمَوْضِعَانِ فِي الرَّغْبَةِ وَالنَّفَاقِ فَلَا تُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ ا هـ .
وَقَدْ نَسَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى مِنْوَالِهَا فَقَالَ : وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ الْمَكَانِ الْمُسْتَوِيَةُ نَفَاقًا وَرَغْبَةً ، ثُمَّ قَالَهُ وَكَذَلِكَ الْقُرَى وَالْحَوَائِطُ وَالْأَقْرِحَةُ يُجْمَعُ مَا تَقَارَبَ مَكَانُهُ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ وَتَسَاوَى فِي كَرَمِهِ وَعُيُونِهِ ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ فِي تَوْضِيحِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتُجْمَعُ الدُّورُ الْمُتَقَارِبَةُ قَالَ وَالتَّقَارُبُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ مَعَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَتَكَلَّمْ عَلَى الْحَدِّ فِي الدُّورِ وَكَأَنَّهُ أَيْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا ، وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ فِي مُخْتَصَرِهِ ابْنُ فَرْحُونٍ لَمْ يَتَكَلَّمْ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْقُرْبِ فِي الدُّورِ .
وَنَصَّ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ فِي مُخْتَصَرِهِ أَنَّ الْمِيلَ قُرْبٌ وَهُوَ ظَاهِرُ

الْمُدَوَّنَةِ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسِيرَةُ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَلَا يُجْمَعَانِ أَبُو الْحَسَنُ لَا يُتَصَوَّرُ هَذَا فِي الْمِصْرِ الْوَاحِدِ ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَادِيَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِهِمْ مِثْلُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ التَّقْرِيبِ ا هـ .
وَفِي الْأَخْذِ الَّذِي ذَكَرَهُ نَظَرٌ ، وَاَلَّذِي قَدَّمَهُ عَنْ التَّقْرِيبِ هُوَ قَوْلُهُ وَفِي التَّقْرِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْقُرَى ، أَيْ الْقُرْبُ بِالْمِيلِ وَنَحْوِهِ أَمَّا بَيْنَ الدِّيَارِ فِي الْبَلَدِ فِي الِاخْتِلَافِ يَحْصُلُ بِنِصْفِ الْمِيلِ .
اللَّخْمِيُّ يُرَاعَى قَسْمُ الدُّورِ فِي مَوَاضِعِهَا ، فَإِنْ كَانَتَا فِي مَحَلَّتَيْنِ مُتَقَارِبَتَيْنِ جَمِيعًا كَانَتَا فِي وَسَطِ الْبَلَدِ أَوْ طَرَفِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِوَسَطِهِ وَالْأُخْرَى فِي طَرَفِهِ فَلَا تُجْمَعَانِ .
الثَّالِثُ : الْبُنَانِيُّ جَرَى الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ بَعْلًا إلَخْ عَلَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ جَوَازُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمَا يُزَكَّيَانِ بِالْعُشْرِ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ لَا يُجْمَعُ الْبَعْلُ مَعَ النَّضْحِ وَلَا مَعَ السَّيْحِ اتِّفَاقًا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّخْلَةِ وَالزَّيْتُونَةِ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ .
اللَّخْمِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُجْمَعُ النَّضْحُ مَعَ السَّقْيِ بِالْعَيْنِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَنُصَّ هَلْ يُجْمَعُ مَا يُسْقَى بِالْعَيْنِ مَعَ الْبَعْلِ أَوْ لَا ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ مِثْلُ مَا فِي الْوَاضِحَةِ ، وَنَصُّ سَمَاعِ أَشْهَبَ خِلَافُهُ مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَسْمِ الْبَعْلِ مَعَ الْعَيْنِ إذَا كَانَ يُشْبِهُهَا ا هـ .
وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ مَا اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ : تَأْوِيلَانِ
( وَفِي ) جَوَازِ جَمْعِ ( الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ ) فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ الصَّالِحَيْنِ لَهُ وَمَنْعِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَأَمَّا بِالتَّرَاضِي فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا .
طفي قَوْلُ تت وَفِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْقُرْعَةِ أَيْ أَوْ بِالتَّرَاضِي لِأَنَّ الْمُجِيزَ بِالْقُرْعَةِ يَقُولُ بِالتَّرَاضِي مِنْ بَابِ أَوْلَى ، فَاقْتَصَرْت عَلَى التَّوَهُّمِ فَهُوَ كَقَوْلِ عِيَاضٍ ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ بِالْخِرَاصَاتِ لَا بِالْقُرْعَةِ عَلَى مَا جَاءَ مُفَسَّرًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَمَا فِي كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ وَالْعِلَّةُ أَنَّهُ كَقَسْمِ شَيْئَيْنِ إذْ لَا سَاحَةَ لِلْعُلُوِّ ، وَإِنَّمَا هُوَ مُرْتَفِقٌ لِلسُّفْلِ ، وَالْأَكْثَرُ أَجَازُوهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ بِالسَّهْمِ وَالْمُرَاضَاةِ ، وَرَجَّحَهُ أَبُو عِمْرَانَ ، وَهَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ .

وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ ، إنْ احْتَمَلَ ، إلَّا كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ ، أَوْ أَرْضٍ بِشَجَرٍ مُتَفَرِّقَةٍ

( وَأُفْرِدَ ) الْقَاسِمُ فِي قِسْمَةِ الشَّجَرِ الْمُخْتَلِفِ الْأَصْنَافِ بِالْقُرْعَةِ ( كُلُّ صِنْفٍ ) كَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَنَخْلٍ ( إنْ احْتَمَلَ ) أَيْ قَبِلَ وَصَلُحَ كُلُّ صِنْفٍ لِقَسْمِهِ وَحْدَهُ بِحَيْثُ يَنُوبُ كُلَّ شَرِيكٍ شَجَرَةٌ مِنْهُ ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَصْنَافُ فِي حَوَائِطَ أَوْ فِي حَائِطٍ وَاحِدٍ ، وَتَمَيَّزَ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِأَنْ كَانَ كُلُّ صِنْفٍ فِي جِهَةٍ خَاصَّةٍ بِهِ ( إلَّا ) أَصْنَافًا مُجْتَمِعَةً فِي ( كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ ) كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ وَعَجْوَةٍ وَلِينَةٍ وَتُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ ، وَلَمْ يَتَمَيَّزْ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ بِجِهَاتٍ ، وَاخْتَلَطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ كَنَخْلَةٍ فَزَيْتُونَةٍ فَرُمَّانَةٍ فَتُفَّاحَةٍ وَهَكَذَا فَتُجْمَعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ التُّفَّاحُ جِنَانًا عَلَى حِدَةٍ وَالرُّمَّانُ جِنَانًا عَلَى حِدَةٍ ، وَكُلُّ نَوْعٍ جِنَانٌ عَلَى حِدَةٍ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَحْمِلُ الْقَسْمَ فَلْيُقْسَمْ كُلُّ جِنَانٍ وَحْدَهُ بِالْقِيمَةِ .
وَأَمَّا الْأَشْجَارُ الْمُخْتَلِفَةُ مِثْلُ تُفَّاحٍ وَرُمَّانٍ وَخَوْخٍ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْفَاكِهَةِ وَكُلُّهَا فِي جِنَانٍ وَاحِدٍ مُخْتَلِطَةٌ ، فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كُلُّهُ مُجْتَمِعًا بِالْقِيمَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي النَّخْلِ تَكُونُ فِي حَائِطٍ فَمِنْهُ الْبَرْنِيُّ وَالصَّيْحَانِيُّ وَالْجُعْرُورُ ، وَأَنْوَاعُ الثَّمَرِ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى الْقِيمَةِ ، وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ الْحَائِطِ ، وَالِالْتِفَاتُ إلَى مَا يَصِيرُ فِي حَظِّ أَحَدِهِمْ مِنْ أَلْوَانِ التَّمْرِ دُونَ غَيْرِهِ .
( أَوْ ) كَ ( أَرْضٍ ) مُتَلَبِّسَةٍ ( بِشَجَرٍ مُتَفَرِّقَةٍ ) فِيهَا مَلَكَهَا الشُّرَكَاءُ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُجْمَعُ الْأَرْضُ مَعَ الشَّجَرِ فِي الْقِسْمَةِ بِالْقُرْعَةِ وَلَا تُفْرَدُ عَنْهُ لِئَلَّا يَقَعَ شَجَرُ أَحَدِهِمْ فِي أَرْضِ الْأُخْرَى ، وَعَكْسُهُ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ وَرِثَ قَوْمٌ أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقَةٌ هَاهُنَا شَجَرَةٌ وَهَاهُنَا شَجَرَةٌ ، فَأَرَادُوا

قَسْمَهَا فَلْيَقْتَسِمُوا الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ جَمِيعًا إذْ لَوْ قَسَمُوا الْأَرْضَ عَلَى حِدَةٍ وَالشَّجَرَ عَلَى حِدَةٍ صَارَ لِكُلٍّ شَجَرُهُ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ .

وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ ، إنْ جُزَّ ، وَإِنْ لِكَنِصْفِ شَهْرٍ
( وَجَازَ ) أَنْ يُقْسَمَ ( صُوفٌ عَلَى ظَهْرٍ ) لِلْغَنَمِ ( إنْ جُزَّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الزَّايِ ، أَيْ شَرَعَ فِي جَزِّهِ حِينَ قَسَمَهُ ، بَلْ ( وَإِنْ ) تَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ جَزِّهِ ( لِكَنِصْفِ شَهْرٍ ) " ق " .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا بَأْسَ بِقِسْمَةِ الصُّوفِ عَلَى ظُهُورِ الْغَنَمِ إنْ جَزَّهُ الْآنَ أَوْ إلَى أَيَّامٍ قَرِيبَةٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَيْهَا وَلَا يَجُوزُ فِيمَا بَعْدُ تت وَبَيَّنَ حَدَّ الْقُرْبِ فِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ بِنَحْوِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ .
طفي لَمْ يُبَيِّنْهُ فِي الصُّوفِ ، بَلْ فِي الزَّرْعِ وَلَمَّا سَاقَ فِي كَبِيرِهِ كَلَامَهَا قَالَ وَحُكْمُ الصُّوفِ كَذَلِكَ .

وَأَخَذَ وَارِثٍ عَرْضًا وَآخَرَ دَيْنًا ، إنْ جَازَ بَيْعُهُ ؛

( وَ ) إنْ مَاتَ عَنْ عَرْضٍ وَدَيْنٍ وَلَهُ وَارِثَانِ أَرَادَ قَسْمَهُمَا فَيَجُوزُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ ( أَخَذَ وَارِثٌ عَرْضًا ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ ( وَ ) أَخَذَ وَارِثٌ ( آخَرُ دَيْنًا ) بِفَتْحِ الدَّالِ مِنْهَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِمْ عَلَى غَيْرِهِ يَتْبَعُ الْمَدِينَ بِهِ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( جَازَ بَيْعُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ بِحُضُورِ الْمَدِينِ وَإِقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ " ق " .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَمَنْ هَلَكَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَدُيُونًا عَلَى رِجَالٍ شَتَّى فَاقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ فَأَخَذَ أَحَدُهُمْ الْعُرُوضَ وَأَخَذَ الْآخَرُ الدُّيُونَ عَلَى أَنْ يَتْبَعَ الْغُرَمَاءَ فَإِنْ كَانُوا حَاضِرِينَ مُقِرِّينَ وَجُمِعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ جَازَ ، وَإِنْ كَانُوا غَائِبِينَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ لَا يُشْتَرَى دَيْنٌ عَلَى غَرِيمٍ غَائِبٍ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَإِنْ تَرَكَ دُيُونًا عَلَى رِجَالٍ فَلَا يَجُوزُ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوا الرِّجَالَ فَتَصِيرُ ذِمَّةً بِذِمَّةٍ ، وَلْيَقْتَسِمُوا مَا كَانَ عَلَى كُلِّ رَجُلٍ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " : سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ الذِّمَّةُ بِالذِّمَّةِ مِنْ وَجْهِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ .
طفي زَادَ عج عَلَى قَوْلِهِ وَلْيَقْتَسِمُوا مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ ، أَيْ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي تَعْرِيفِ الْقِسْمَةِ فَيَدْخُلُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا ، لَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ مَقْصُودُهُ بَيَانُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْقِسْمَةِ يَجْرِي حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ .
ا هـ .
وَمَا قَالَهُ غَيْرُ صَوَابٍ ، بَلْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ أَيْضًا لِأَنَّ قَسْمَ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ ، وَلَوْ كَانَ غَائِبًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الصُّلْحِ فِي الشُّرَكَاءِ الَّذِينَ إذَا شَخَّصَ أَحَدُهُمْ دُونَ الْإِعْذَارِ إلَيْهِمْ ،

فَلِشُرَكَائِهِ أَنْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَى أَوْ يُسَلِّمُوا لَهُ مَا قَبَضَ ، وَيَتَّبِعُوا الْغَرِيمَ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ لِلدَّيْنِ .
أَبُو الْحَسَنِ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى جَوَازِ قِسْمَةِ الدَّيْنِ عَلَى غَائِبٍ وَلَمْ يَكُنْ مَحْمَلُ ذَلِكَ عِنْدَهُ عَمَلَ بَيْعِ مَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إنَّمَا يَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ نَفْسِ مَدِينِهِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ ، فَإِنْ ثَبَتَ فَلَهُمَا جَمِيعًا ، وَإِنْ بَطَلَ فَلَهُمَا جَمِيعًا فَلَا غَرَرَ فِيهِ فَالْحَاصِلُ أَنَّ قِسْمَةَ الدَّيْنِ مَعَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَنْطُوقُ الْمُصَنِّفِ ، حُكْمُهُ كَحُكْمِ بَيْعِ الدَّيْنِ ، وَقَسْمُ الدُّيُونِ عَلَى رِجَالٍ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ ، وَقَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَاحِدٍ جَائِزٌ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا ، وَالْعَجَبُ مِنْ الرَّصَّاعِ شَارِحِ الْحُدُودِ حَيْثُ قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فَيَدْخُلُ قَسْمُ مَا عَلَى مَدِينٍ وَلَوْ غَائِبًا ، تَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَا ذَكَرُوا فِي بَابِ الصُّلْحِ وَهُوَ مُخَالَفَةٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أَنَّ الرَّسْمَ عَلَى مَا يَعُمُّ الْمَشْهُورَ وَغَيْرَهُ .
ا هـ .
فَلَيْتَ شِعْرِي أَنَّى كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي جَعَلَهُ مُخَالِفًا لِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ .

وَأَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً ، وَالْآخَرِ قَمْحًا
( وَ ) يَجُوزُ ( أَخْذُ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ ( قُطْنِيَّةً ) كَفُولٍ ( وَ ) أَخَذَ ( الْآخَرِ قَمْحًا ) فِيهَا لَوْ اقْتَسَمَا قَمْحًا وَقِطْنِيَّةً فَأَخَذَ هَذَا الْحِنْطَةَ وَأَخَذَ هَذَا الْقَطْنِيَّةَ يَدًا بِيَدٍ جَازَ ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَمْحُ وَهَذَا الْقَطْنِيَّةُ زَرْعًا قَدْ بَلَغَ وَطَابَ لِلْحَصَادِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَحْصُدَاهُ مَكَانَهُمَا ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَ فِي حَصَادِهِ تَأْخِيرُ دَخْلِهِ بِيعَ طَعَامٌ غَيْرُ يَدٍ بِيَدٍ .
( تَنْبِيهٌ ) ابْنُ عَاشِرٍ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ صُوفٌ عَلَى ظَهْرِ غَنَمٍ إلَى قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةٌ كُلُّهُ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ .
وَقَوْلُهُ بَزٌّ خَاصٌّ بِالْقُرْعَةِ بِدَلِيلِ لَا كَبَعْلٍ ، وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ فِيهِمَا وَكَذَا مَا بَعْدَهُ فَتَأَمَّلْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَجِدُهُ فِي غَايَةِ الْإِجْحَافِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .

وَخِيَارُ أَحَدِهِمَا كَالْبَيْعِ
( وَ ) يَجُوزُ ( خِيَارُ ) أَيْ شَرْطُهُ فِي الْقِسْمَةِ ( أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ ( كَ ) خِيَارِ ( الْبَيْعِ ) الْمُشْتَرَطِ فِيهِ فِي قَدْرِ مُدَّتِهِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ الْمَبِيعِ مِنْ عَقَارٍ وَرَقِيقٍ وَبَهِيمٍ وَعَرْضٍ وَفِيمَا يَقْطَعُهُ " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَوْ اقْتَسَمَا دَارًا أَوْ رَقِيقًا أَوْ عُرُوضًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الْخِيَارَ أَيَّامًا يَجُوزُ مِثْلُهَا فِي الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ فَجَائِزٌ ، وَلَيْسَ لِمَنْ لَا خِيَارَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ لِمُشْتَرِطِهِ ، وَإِذَا بَنَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ أَوْ هَدَمَ أَوْ سَاوَمَ لِلْبَيْعِ فَذَلِكَ كَالْبَيْعِ .

وَغَرْسُ أُخْرَى ؛ إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك مِنْ أَرْضِ غَيْرِك ، إنْ لَمْ تَكُنْ أَضَرَّ كَغَرْسِهِ بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ وَحُمِلَتْ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ عَلَى الْعُرْفِ ، وَلَمْ تُطْرَحْ عَلَى حَافَّتِهِ ، إنْ وَجَدْت سَعَةً

( وَ ) يَجُوزُ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ وَانْقَلَعَتْ ( غَرْسُ ) شَجَرَةٍ ( أُخْرَى ) فِي مَكَان شَجَرَتِهِ مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ ( إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك مِنْ أَرْضِ غَيْرِك ) بِقَلْعِك أَوْ بِنَحْوِ رِيحٍ وَسَيْلٍ ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) الشَّجَرَةُ الَّتِي أَرَدْت غَرْسَهَا مَكَانَ الْمُنْقَلِعَةِ ( أَضَرَّ ) مِنْ الْمُنْقَلِعَةِ بِأَنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لَهَا أَوْ خَفِيفَةً عَنْهَا ، فَإِنْ كَانَتْ أَضَرَّ بِكَثْرَةِ عُرُوقِهَا فَلَا يَجُوزُ لَك غَرْسُهَا إلَّا بِرِضَا صَاحِبِ الْأَرْضِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إذَا انْقَلَعَتْ نَخْلَةٌ لَك فِي أَرْضِ رَجُلٍ مِنْ الرِّيحِ أَوْ قَلَعْتهَا أَنْتَ فَلَكَ أَنْ تَغْرِسَ مَكَانَهَا أُخْرَى .
ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْ مِنْ سَائِرِ الشَّجَرِ الَّتِي يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ أَكْثَرَ انْتِشَارًا وَلَا أَكْثَرَ ضَرَرًا بِالْأَرْضِ مِنْ النَّخْلَةِ وَلَا يَغْرِسُ مَكَانَهَا نَخْلَتَيْنِ وَانْظُرْ لَوْ احْتَاجَتْ هَذِهِ النَّخْلَةُ لِتَدْعِيمٍ .
ابْنُ سِرَاجٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَدْعَمَهَا إلَّا فِي حَرِيمِهَا ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ سَقَطَتْ الشَّجَرَةُ وَنَبَتَتْ فِيهَا خُلُوفٌ ، فَالْخُلُوفُ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ إنْ نَبَتَتْ فِي مَوْضِعِ الشَّجَرَةِ لِأَنَّ مَنْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَلَهُ مَوْضِعُهَا مِنْ الْأَرْضِ وَلَيْسَ لِقَدْرِهِ حَدٌّ مَعْلُومٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ بِقَدْرِ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الشَّجَرَةُ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهَا مَنْفَعَةٌ يَغْرِسُهَا فِي أَرْضِهِ فَلَهُ قَلْعُهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِقِيمَتِهَا حَطَبًا إنْ كَانَ لَهَا قِيمَةٌ وَإِلَّا فَبِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ بَقَاؤُهَا مُضِرًّا بِأَصْلِ الشَّجَرَةِ كَانَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ قَطْعُهَا بِكُلِّ حَالٍ إلَّا أَنْ يَقْطَعَ الَّذِي ظَهَرَتْ فِي أَرْضِهِ الْعُرُوقَ الْمُتَّصِلَةَ بِالشَّجَرَةِ حَتَّى لَا تَضُرَّ بِهَا فَلَهُ ذَلِكَ وَيُعْطِيهِ قِيمَتَهَا إنْ كَانَتْ لَهَا قِيمَةٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) .
الْأَوَّلُ : سَقْيُ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي أَرْضِ

غَيْرِ مَالِكِهَا عَلَى مَالِكِهَا ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ وَشَرِبَتْ مِنْ مَاءِ صَاحِبِ الْأَرْضِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ سَقْيِهَا ، كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِيمَنْ اشْتَرَى زَيْتُونَةً عَلَى أَنْ يَقْلَعَهَا فَتَوَانَى فِي قَلْعِهَا حَتَّى أَثْمَرَتْ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الثَّمَرَةُ لِمُشْتَرِيهَا .
ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ قِيَامِهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ يَسْقِيهَا وَلَمْ يَسْقِهَا الْمَطَرُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَوْضِعِهَا مِنْ الْأَرْضِ إنْ كَانَ غَائِبًا بِاتِّفَاقٍ ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عَلَى اخْتِلَافٍ .
الثَّانِي : ابْنُ الْحَاجِّ إنْ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى مَنْ يَحْرُسُ لَهُمْ جِنَانَهُمْ أَوْ كُرُومَهُمْ وَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ مَعَهُمْ ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ فِي الدَّوَرَانِ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ وَأَبَى بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْكَرْمِ أَنَا أَحْرُسُهُ بِنَفْسِي أَوْ يَحْرُسُهُ غُلَامِي أَوْ أَخِي فَلَهُ ذَلِكَ .
الثَّالِثُ : أُجْرَةُ إمَامَةِ الصَّلَاةِ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِهَا لِكَرَاهَتِهَا وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ سُنَّةٌ ، وَيَنْبَغِي فِي أُجْرَةِ إمَامِ الْجُمُعَةِ أَنْ تَلْزَمَ مَنْ أَبَاهَا لِأَنَّ شُهُودَهَا فَرْضُ عَيْنٍ أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَغَرْسِهِ ) أَيْ صَاحِبِ الْأَرْضِ أَشْجَارًا ( بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ ) فَيَجُوز وَلَيْسَ لَك مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَضَرَّ بِمَاءِ نَهْرِك ، لِهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا لَا يَضُرُّ وَهُوَ مُقْتَضَى تَمَامِ التَّشْبِيهِ .
( وَ ) إنْ كَنَسْت نَهْرَك ( حُمِلَتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ التَّاءِ ( فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ ) أَيْ النَّهْرِ الَّذِي بِأَرْضِ غَيْرِك ( عَلَى الْعُرْفِ ) الْجَارِي بَيْنَ أَهْلِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ جَرَى بِطَرْحِهَا بِحَافَّتِهِ وَكَانَ بِحَافَّتِهِ شَجَرٌ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ ( لَمْ تَطْرَحْ ) أَنْتَ كُنَاسَةَ نَهْرِك ( عَلَى

حَافَّتِهِ ) وَفِي نُسْخَةِ شَجَرِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا " غ " ( إنْ وَجَدْت سَعَةً ) تَطْرَحُهَا بِهَا .
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ سَعَةً بَعِيدَةً عَنْ الشَّجَرِ وَوَجَدْت سَعَةً بَيْنَهُ فَاطْرَحْهَا بِهَا ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ الْعُرْفُ الطَّرْحَ بِحَافَّتِهِ .
" ق " إنْ كَانَ لَك نَهْرٌ مَمَرُّهُ فِي أَرْضِ قَوْمٍ فَلَيْسَ لَك مَنْعُهُمْ أَنْ يَغْرِسُوا بِحَافَّتِهِ شَجَرًا ، فَإِذَا كَنَسْت نَهْرَك حُمِلَتْ عَلَى سُنَّةِ الْبَلَدِ فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ الطَّرْحُ بِضِفَّتَيْهِ فَلَا تَطْرَحْهَا عَلَى شَجَرِهِمْ إنْ أَصَبْت دُونَهَا مِنْ ضِفَّتَيْهِ مُتَّسَعًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبَيْنَ الشَّجَرِ فَإِنْ ضَاقَ عَنْهَا طَرَحْت فَوْقَ شَجَرِهِمْ إنْ كَانَتْ سُنَّةُ بَلَدِهِمْ طَرْحَ طِينِ النَّهْرِ عَلَى حَافَّتِهِ .
أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمْ ذَلِكَ فَعَلَى رَبِّ النَّهْرِ حَمْلُهَا إلَى حَيْثُ تُطْرَحُ .

وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، لَا شَهَادَتُهُ

( وَجَازَ ) لِلْقَاسِمِ ( ارْتِزَاقُهُ ) أَيْ أَخْذُ الْقَاسِمِ أُجْرَةً عَلَى قَسْمِهِ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا جَوَازُ إعْطَاءِ نَاظِرِ بَيْتِ الْمَالِ الْأُجْرَةَ لِلْقَاسِمِ كَالْقَاضِي وَالْعَامِلِ وَالسَّاعِي وَكُلِّ مَنْ تَحْصُلُ بِهِ مَنْفَعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ( لَا ) تَجُوزُ ( شَهَادَتُهُ ) أَيْ الْقَاسِمِ بِمَا خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّنْ قَسَمَ بَيْنَهُمْ إذَا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ إذَا عُزِلَ الْقَاضِي الَّذِي وَلَّاهُ الْقَسْمَ أَوْ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ .
" ق " سَمِعَ الْقَرِينَانِ إذَا قَدَّمَ الْقَاضِي عَدْلًا لِلْقَسْمِ بَيْنَ قَوْمٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَضَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بِقَوْلِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَكَذَا مَا لَا يُبَاشِرُهُ ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا بَعْدَ أَنْ نَفَذَ بَيْنَهُمْ مَا أَخْبَرَهُ بِهِ الْقَاسِمُ وَلَمْ يُوجَدْ رَسْمُ أَصْلِ الْقِسْمَةِ الَّتِي قَضَى بِهَا ، فَقَوْلُ الْقَاسِمِ وَحْدَهُ مَقْبُولٌ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي قَدَّمَهُ ، لَا عِنْدَ غَيْرِهِ ، كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاضِي بَعْدَ عَزْلِهِ عَلَى مَاضِي حُكْمِهِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقُسَّامِ فِيمَا قَسَمُوا .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفَسَّرَ بِهِ الْمُدَوَّنَةَ مِنْهُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَكَذَلِكَ الْعَاقِدُ وَالْمُحَلَّفُ وَالْكَاتِبُ وَالنَّاظِرُ لِلْعَيْبِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَمَرَهُمْ وَحْدَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ كَمَا لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمَعْزُولِ فِيمَا يَذْكُرُ أَنَّهُ حَكَمَ بِهِ ، وَهُوَ تَفْسِيرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقُسَّامِ فِيمَا قَسَمُوهُ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَائِزَةٌ عِنْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ إنْفَاذِ حُكْمِهِ بِالْقِسْمَةِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ وَضَيَاعِ الْمُسْتَنَدِ الَّذِي فِيهِ الْقِسْمَةُ ، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَمَرَهُمْ لَا وَحْدَهُمْ وَلَا مَعَ غَيْرِهِمْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ ، وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ

( وَ ) جَازَ لِلْمُشْتَرِكِينَ عَلَى السَّوَاءِ ( فِي قَفِيزٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الْفَاءِ آخِرُهُ زَايٌ .
فِي الْمِصْبَاحِ الْقَفِيزُ مِكْيَالٌ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ مَكَاكِيكَ وَجَمْعُهُ أَقْفِزَةٌ وَقُفْزَانٌ .
ثُمَّ قَالَ وَالْمَكُّوكُ مِكْيَالٌ وَهُوَ ثَلَاثُ كِيلَجَاتٍ ، وَالْكِيلَجَةُ سَبْعَةُ أَثْمَانٍ مَنًا ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَنُّ الَّذِي يُكَالُ بِهِ السَّمْنُ وَغَيْرُهُ ، وَقِيلَ يُوزَنُ بِهِ رِطْلَانِ وَتَثْنِيَتُهُ مَنَوَانِ وَجَمْعُهُ أَمْنَاءٍ مِثْلُ سَبَبٍ وَأَسْبَابٍ .
وَفِي لُغَةِ تَمِيمٍ مَنٌّ بِالتَّشْدِيدِ وَجَمْعُهُ أَمْنَانٍ ، وَتَثْنِيَتُهُ مَنَّانِ عَلَى لَفْظِهِ مِنْ بُرٍّ مَثَلًا ( أَخَذَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْقَفِيزِ ( ثُلُثَيْهِ ) أَيْ الْقَفِيزِ وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ بِقِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ ، إذْ غَايَتُهُ أَنَّ أَخْذَ الثُّلُثِ أَخْذُ بَعْضِ حَقِّهِ وَوَهَبَ لِشَرِيكِهِ السُّدُسَ تَمَامَ النِّصْفِ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ الصُّبْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ قَسْمِهَا عَلَى الِاعْتِدَالِ فِي الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ، وَعَلَى التَّفْضِيلِ الْبَيِّنِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ الْمُدَّخَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ الْفَضْلُ ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْمِكْيَالِ الْمَعْلُومِ وَالْمَجْهُولِ وَبِالصَّنْجَةِ الْمَعْلُومَةِ وَالْمَجْهُولَةِ ، وَلَا خِلَافَ أَيْضًا أَنَّ قَسْمَهُ جُزَافًا بِغَيْرِ كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَلَا تَحَرٍّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُدَّخَرِ دَخَلَهُ أَيْضًا عَدَمُ الْمُمَاثَلَةِ .
وَأَمَّا قَسْمُهُ تَحَرِّيًا فَلَا يَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ وَيَجُوزُ فِي الْمَوْزُونِ .
اللَّخْمِيُّ الْفَضْلُ يَجُوزُ فِي الْقِسْمَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، فَلَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي قَفِيزِ طَعَامٍ بِالنِّصْفِ فَاقْتَسَمَاهُ الثُّلُثَ وَالثُّلُثَيْنِ جَازَ ، وَالتَّرَاخِي جَائِزٌ كَمَا جَازَ الْقَرْضُ يَأْخُذُ مِائَةَ دِينَارٍ لِيَرُدَّهَا بَعْدَ سَنَةٍ ، وَفِيهَا لَوْ قَسَمَا مِائَةَ قَفِيزٍ قَمْحًا وَمِائَةً شَعِيرًا فَأَخَذَ هَذَا سِتِّينَ قَمْحًا

وَأَرْبَعِينَ شَعِيرًا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتِّينَ شَعِيرًا وَأَرْبَعِينَ قَمْحًا ، فَذَلِكَ جَائِزٌ .
أَبُو الْحَسَنِ جَعَلَ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزًا فَلِذَلِكَ أَجَازَهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا بِطَعَامٍ وَالْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ إلَخْ .
وَلَوْ جَعَلَهَا بَيْعًا لَمَنَعَهَا كَمَا قَالَ فِي السَّلَمِ لَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا مُدَّ قَمْحٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ ، وَالْآخَرُ مِثْلَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ .

لَا إنْ زَادَ عَيْنًا ، أَوْ كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ
( لَا ) يَجُوزُ الْقَسْمُ لِمُشْتَرَكٍ رِبَوِيٍّ كَعَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ مُخْتَلِفٍ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى أَخْذِ أَحَدِهِمَا الْجَيِّدَ وَالْآخَرِ الرَّدِيءَ ( إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْمُقْسِمِينَ وَهُوَ آخِذُ الْجَيِّدِ ( عَيْنًا ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لِأَخْذِ الرَّدِيءِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَدَنَانِيرَ عَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ وَأَحَدَ عَشَرَ يَزِيدِيَّةً يَأْخُذُ هَذَا الْمُحَمَّدِيَّةَ وَهَذَا الْيَزِيدِيَّةَ ، وَكَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ وَإِرْدَبِّ قَمْحٍ رَدِيءٍ يَأْخُذُ الْجَيِّدَ وَالْآخَرُ يَأْخُذُ الرَّدِيءَ ، وَيَزِيدُهُ آخِذُ الْجَيِّدِ دِينَارًا ( أَوْ ) زَادَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ آخِذُ الْجَيِّدِ ( كَيْلًا ) فِي قِسْمَةِ طَعَامَيْنِ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ ( لِدَنَاءَةٍ ) فِي قَسْمِ الْمَزِيدِ لَهُ كَإِرْدَبِّ قَمْحٍ جَيِّدٍ وَإِرْدَبَّيْ قَمْحٍ رَدِيءٍ يَأْخُذُ هَذَا الْجَيِّدَ وَالْآخَرُ الرَّدِيءَ وَإِرْدَبِّ قَمْحٍ وَإِرْدَبَّيْ شَعِيرٍ .
" ق " فِيهَا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ فِي قِسْمَةِ ثَمَرِ الْحَائِطِ تَفْضِيلٌ فِي الْكَيْلِ لِرَدَاءَةِ حَظِّهِ وَلَا التَّسَاوِي فِي الْمِقْدَارِ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ آخِذُ الْجَيِّدِ ثَمَنًا لِصَاحِبِهِ .

وَفِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا ، أَوْ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا : أَخَذَ أَحَدُهُمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ ، وَعِشْرِينَ قَفِيزًا إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ صِفَةً ، وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ لِبَيْعٍ ؛ إنْ زَادَتْ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَإِلَّا نُدِبَتْ

( وَ ) جَازَ لِمُشْتَرِكَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ ( فِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا ) قَمْحًا مَثَلًا ( وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا أَخْذُ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْمُتَقَاسِمَيْنِ بِالْمُرَاضَاةِ ( عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا ) وَأَخَذَ الْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ ( إنْ اتَّحَدَ الْقَمْحُ صِفَةً ) بِأَنْ كَانَ كُلُّهُ سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً نَقِيًّا أَوْ غَلْثًا ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ فَلَا يَجُوزُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ ، فَيَنْتَقِي الْمَعْرُوفَ ؛ وَلِأَنَّ عُدُولَهُمَا عَنْ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ أَخْذُ كُلِّ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَقْفِزَةِ إلَى غَيْرِهِ إنَّمَا يَكُونُ لِغَرَضٍ وَهُوَ هُنَا الْمُكَايَسَةُ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا ، لَكِنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَةِ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِأَعْيَانِهَا .
" ق " الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ قَسَمَا ثَلَاثِينَ قَفِيزًا مِنْ الْقَمْحِ وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَأَخَذَ وَاحِدٌ الدَّرَاهِمَ وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ وَأَخَذَ الْآخَرُ عِشْرِينَ قَفِيزًا جَازَ إنْ تَسَاوَى الْقَمْحُ فِي النَّفَاقِ وَالْجَوْدَةِ وَالْجِنْسِ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَأْتِ أَحَدُهُمَا فِيهِ بِطَعَامٍ وَأَتَى الْآخَرُ بِطَعَامٍ وَدَرَاهِمَ فَيَكُونُ فَاسِدًا .
( وَ ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَ قَمْحٍ مَثَلًا مَغْلُوثٍ بِنَحْوِ تِينٍ وَطِينٍ ( وَجَبَتْ ) عَلَيْهِ وُجُوبًا شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ ( غَرْبَلَةُ ) كَ ( قَمْحٍ لِ ) إرَادَةِ ( بَيْعٍ ) لَهُ ( إنْ زَادَ غَلَّتُهُ عَلَى الثُّلُثِ ) لِأَنَّ بَيْعَهُ بِدُونِ غَرْبَلَتِهِ غَرَرٌ وَخَطَرٌ لِجَهْلِ قَدْرِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَزِدْ غَلْثُهُ عَلَى ثُلُثِهِ بِأَنْ كَانَ ثُلُثَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ ( نُدِبَتْ ) غَرْبَلَتُهُ ، فَلَوْ قَالَ حَبٌّ بَدَلَ قَمْحٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ الْقَمْحَ وَغَيْرَهُ ، وَمَفْهُومُ الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا تَجِبُ غَرْبَلَتُهُ لِإِرَادَةِ قِسْمَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهَا يُغَرْبَلُ الْقَمْحُ الْمَبِيعُ ، وَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا طَعَامٌ مَغْلُوثٌ

وَهُوَ صُبْرَةٌ وَاحِدَةٌ جَازَ أَنْ يَقْسِمَاهُ .
الْمُتَيْطِيُّ أَمَّا غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ مِنْ التِّبْنِ وَالْغَلْثِ فَذَلِكَ عِنْدَ الْبَيْعِ وَاجِبٌ إنْ كَانَ التِّبْنُ وَالْغَلْثُ فِيهِ كَثِيرًا يَقَعُ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ بَيْعَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ الْغَرَرِ ، وَتُسْتَحَبُّ إنْ كَانَ التِّبْنُ وَالْغَلْثُ فِيهِ يَسِيرًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزٌ لَا بَيْعٌ .
وَفِي نُسْخَةٍ كَبَيْعٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ ، وَهَذِهِ تُفِيدُ وُجُوبَ الْغَرْبَلَةِ بِشَرْطِهَا فِي الْقِسْمَةِ أَيْضًا ، وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ .
أَبُو الْحَسَنِ عَقِبَ نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ الْغَلْثُ كَثِيرًا ، وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَاهُ فِي الْخَفِيفِ ، وَأَمَّا الْكَثِيرُ فَلَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَ فِي صُبْرَةٍ وَاحِدَةٍ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57