كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

الْأَحَادِيثُ الْوَارِدَةُ فِي الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ فِي الدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ بِمَا فَرَضَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى السُّلْطَانِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحَاتِ .
الْخَامِسَةُ : فِيهَا أَيْضًا قَدْ كَانَ الْحُكْمُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ بَيْعُ الْمَدِينِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الِاقْتِدَاءِ بِشَرَائِعِ مَنْ قَبْلَهُ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ ، وَذَكَرَ قِصَصًا فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى مَا كَانَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } .
( لِلْغَرِيمِ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَفَعِيلٌ أَمَّا بِمَعْنَى فَاعِلٍ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ مِنْهُ ابْتِدَاءً ، أَوْ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ بِاعْتِبَارِ الدَّفْعِ إلَيْهِ انْتِهَاءً ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْمَدِينِ أَيْضًا فَيَكُونُ بِالْعَكْسِ .
فِي الصِّحَاحِ الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ يُقَالُ خُذْ مِنْ غَرِيمِ السُّوءِ مَاسِحٍ بِالنُّونِ وَقَدْ يَكُونُ الْغَرِيمُ أَيْضًا الَّذِي لَهُ الدَّيْنُ قَالَ كَثِيرٌ : قَضَى كُلُّ ذِي دَيْنٍ فَوَفَّى غَرِيمَهُ وَعَزَّةُ مَمْطُولٌ مُعَنَّى غَرِيمُهَا .
( مَنْعُ ) بِسُكُونِ النُّونِ مَصْدَرُ مَنَعَ بِفَتْحِهَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ ( مَنْ ) أَيْ مَدِينٍ أَوْ الْمَدِينِ الَّذِي ( أَحَاطَ ) أَيْ سَاوَى أَوْ زَادَ ( الدَّيْنُ ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَوْ الْمُؤَجَّلُ وَلَوْ بِبَعِيدٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَصِلَةُ أَحَاطَ ( بِمَالِهِ ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمَدِينِ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ مَنْعُهُ ( مِنْ تَبَرُّعِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ بِصَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ تَحْبِيسٍ أَوْ نَحْوِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْهَا مِنْ الشَّارِعِ أَيْضًا .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ عِتْقٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا هِبَةٌ إذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَلَهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ، وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ عِتْقٌ

وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا قَبْلُ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ مِمَّا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لَا مَا لَزِمَهُ مِنْ نَفَقَةِ ابْنِهِ وَأَبِيهِ وَنَفْسِهِ ، وَلَا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ كَسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ عِيدَيْنِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الرَّضَاعِ إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مَرَّ ، الدُّيُونُ يُغْتَرَقُ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ .
ا هـ .
وَبِهَذَا قَرَّرَ " ح " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ يَعْنِي إنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّبَرُّعِ ، وَمُرَادُهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ .
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا إلَى قَوْلِهِ وَفَلَسٌ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فِعْلُهَا وَعَدَمُهُ فَمُرَادُهُ بِهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ ا هـ .
وَفِي رَسْمِ الْبُيُوعِ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مَا نَصُّهُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ فِي رَجُلٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ فَتُحْمَلُ بِحَمَالَةٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ مُسْتَغْرِقٌ أَنَّهُ لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْحَمَالَةُ أَيْضًا عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ مَفْسُوخَةٌ لَا تَجُوزُ وَرَآهَا مِنْ نَاحِيَةِ الصَّدَقَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ فِي الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِبَعْضِ مَالِهِ حَمَالَتُهُ لَا تَجُوزُ مَعْنَاهُ إذَا كَانَتْ حَمَالَتُهُ الَّتِي تُحْمَلُ بِهَا لَا يَحْمِلُهَا مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ يَحْمِلُهَا الَّذِي يَفْضُلُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ

فَهِيَ جَائِزَةٌ فِي الْحُكْمِ سَائِغَةٌ فِي فِعْلِهَا ا هـ .
الْبُنَانِيُّ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ثَلَاثُ حَالَاتٍ الْأُولَى قَبْلَ التَّفْلِيسِ ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَأَمَّا قَبْلَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ إتْلَافُ شَيْءٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ ، وَفِيهَا أَيْضًا وَمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَلَا تَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا إقْرَارٌ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ ، وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ ، وَإِلَى هَذِهِ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ إلَخْ .
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ : تَفْلِيسٌ عَامٌّ وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ .
فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَحَدُّ التَّفْلِيسِ الَّذِي يَمْنَعُ قَبُولَ إقْرَارٍ هُوَ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَيَسْجُنُوهُ أَوْ يَقُومُوا عَلَيْهِ فَيَسْتَتِرُ عَنْهُمْ فَلَا يَجِدُونَهُ .
مُحَمَّدٌ وَيَحُولُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِقْرَارُهُ .
جَائِزٌ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ .
ا هـ .
وَإِلَى هَذِهِ الْإِشَارَةِ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ إلَخْ .
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ : تَفْلِيسٌ خَاصٌّ وَهُوَ خَلْعُ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا أَمْكَنَهُمْ مِنْ مَالِهِ فَاقْتَسَمُوهُ ثُمَّ تَدَايَنَ مِنْ آخَرِينَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِيمَا بِيَدِهِ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ .
قَالَ هَذَا حَدُّ التَّفْلِيسِ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ .
ا هـ .
ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَذَكَرَ الْحَالَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْبَيَانِ أَيْضًا .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّفْلِيسُ الْخَاصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ يَخْلَعُ كُلَّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ بِحُكْمِ إلَخْ خَلْعُ مَالِهِ بِاسْتِحْقَاقِ عَيْنِهِ مُوجِبُهُ دُخُولُ مَنْعِ دَيْنٍ سَابِقٍ

عَلَيْهِ عَلَى لَاحِقٍ بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَهُ ، وَالْأَعَمُّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ عَلَى مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ ، رَوَاهُ مُحَمَّدٌ قَائِلًا يُرِيدُ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ مُوجِبُهُ مَنْعُ دُخُولِ إقْرَارِ الْمَدِينِ عَلَى مُتَقَدِّمِ دَيْنِهِ ، وَإِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَفَلَسٌ إلَخْ أَيْضًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بِطَلَبِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَحَلَّ بِهِ إلَخْ طفى تَقْسِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ التَّفْلِيسَ إلَى أَعَمَّ وَأَخَصَّ غَيْرُ مُسْلَمٍ وَلَمْ أَرَ لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ عَنَى قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ حِينَ ذَكَرَ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا مَكَّنَهُمَا مِنْ مَالِهِ فَاقْتَسَمُوهُ ثُمَّ تَدَايَنَ فَلَيْسَ لِلْأَوَّلِينَ دُخُولٌ فِيمَا بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ فَضْلُ رِبْحٍ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ ، هَذَا حَدُّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَحَدُّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ قَبُولُ إقْرَارِ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ فَيَسْجُنُونَهُ أَوْ قِيَامُهُمْ فَيَسْتَتِرُ مِنْهُمْ فَابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُعَبِّرْ عَنْهُمَا بِالْأَعَمِّ وَالْأَخَصِّ ، وَأَيْضًا حَدُّهُ الْأَخَصُّ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِحَدِّهِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يَحُدَّهُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ بَلْ حَدَّهُ بِقِسْمَةِ الْمَالِ إذْ هُوَ الْمَانِعُ مِنْ دُخُولِ الْأَوَّلِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا فَضَلَتْ فَضْلَةً دَخَلُوا فِيهَا .
وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي حَدِّ التَّفْلِيسِ الْمَانِعِ مِنْ قَبُولِ إقْرَارِهِ وَقَالَ غَيْرُهُ اخْتَلَفَ بِمَاذَا يَكُونُ مُفْلِسًا فَقِيلَ بِالْمُشَاوَرَةِ فِيهِ وَقِيلَ بِرَفْعِهِ لِلْقَاضِي وَقِيلَ بِحَبْسِهِ ا هـ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي قَوْلِهَا وَأَمَّا رَهْنُهُ وَقَضَاؤُهُ بَعْضَ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ فَجَائِزٌ مَا لَمْ يُفَلَّسْ ، اخْتَلَفَ بِمَاذَا يَكُونُ مُفْلِسًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا تَشَاوَرُوا فِي تَفْلِيسِهِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ .
وَأَصْبَغُ جَائِزٌ وَإِنْ تَشَاوَرُوا مَا لَمْ يُفَلِّسُوهُ .
الشَّيْخُ وَنُسِبَ لِلْكِتَابِ قَوْلَانِ

بِالْقِيَامِ مِنْ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَقُمْ عِنْدَ قِيَامِ الْأَوَّلِينَ وَبِحَبْسِهِ مِنْ قَوْلِهِ إذَا رَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى حَبَسُوهُ فَهَذَا وَجْهُ التَّفْلِيسِ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا أَمَّا إقْرَارُهُ بِالدَّيْنِ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَبَيْعُهُ وَابْتِيَاعُهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا لَمْ يَتَشَاوَرُوا فِي تَفْلِيسِهِ أَوْ مَا لَمْ يُفَلَّسْ عِنْدَ أَصْبَغَ ا هـ .
وَفِي شَرْحِ الْجَلَّابِ قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا حَبَسَهُ أَهْلُ دَيْنِهِ فَأَقَرَّ فِي الْحَبْسِ أَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ فَقَالَ إذَا صَنَعُوا بِهِ هَذَا وَرَفَعُوهُ لِلسُّلْطَانِ حَتَّى حَبَسَهُ فَهَذَا وَجْهُ التَّفْلِيسِ وَلَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
وَقَالَ أَيْضًا إذَا قَامُوا وَوَثَبُوا عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ التَّفْلِيسِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ يُرِيدُ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ .
طفي فَهَذِهِ النُّصُوصُ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّفْلِيسَ وَاحِدٌ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ وَلَيْسَ أَعَمَّ وَأَخَصَّ ، وَكُلُّهُمْ مُطْبِقُونَ عَلَى أَنَّ الْمَسَائِلَ الْمَمْنُوعَةَ بَعْدَ التَّفْلِيسِ مُسْتَوِيَةٌ فِيهِ وَإِنْ اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِهِ .
وَلَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ هَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْ كَذَا ، وَهَذَا تَفْلِيسٌ يَمْنَعُ مِنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ مُنْصِفًا ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّةُ التَّعْبِيرِ بِهِمَا لِتَرَتُّبِ أَحْكَامِ الْأَعَمِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ الْأَخَصُّ أَوْ لَا ، فَأَعَمِّيَّتُهُ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ لَا بِاعْتِبَارِ الصِّدْقِ ، وَأَصْلُ الْإِشْكَالِ لِلْوَانُّوغِيِّ إذْ قَالَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ تَعْرِيفَ الْأَعَمِّ دَأْبُهُ الِانْطِبَاقُ عَلَى الْأَخَصِّ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ لِأَنَّ جِنْسَ الْأَخَصِّ حُكْمُ الْحَاكِمِ وَجِنْسُ الْأَعَمِّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُمَا مُتَبَايِنَانِ .
الرَّصَّاعُ يُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَعَمِّيَّةَ وَالْأَخَصِّيَّةَ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْأَحْكَامِ لَا بِاعْتِبَارِ

الصِّدْقِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَوَّلَ أَخَصُّ مِنْ الثَّانِي فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ ، يَعْنِي أَنَّ الْأَوَّلَ إذَا ثَبَتَ مُنِعَ مِنْ كُلِّ مَا مَنَعَهُ الثَّانِي دُونَ الْعَكْسِ .
ا هـ .
كَلَامُ الْبُنَانِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ طفى نَفَى انْقِسَامَ التَّفْلِيسِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَاحِدٌ مُخْتَلَفٌ فِي تَفْسِيرِهِ وَأَنَّهُ مُسْتَوْفِي الْأَحْكَامِ ، وَهَذَا مَمْنُوعٌ ، فَإِنَّ الْحُكْمَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَى الْقِيَامِ كَحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَبَيْعِ السِّلَعِ وَالْحَبْسِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ .
ا هـ .
فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ قِسْمَانِ ، وَأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَقِسْمَتِهِ هُوَ الْأَصْلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالْوَانُّوغِيُّ أَثْبَتَ الْقِسْمَيْنِ وَتَخَالُفَهُمَا فِي الْأَحْكَامِ ، وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ فِي الْأَعَمِّيَّةِ وَالْأَخَصِّيَّةِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : مَفْهُومُ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
الثَّانِي : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الدَّيْنَ أَحَاطَ بِمَالِهِ ، فَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ تَبَرُّعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
الْمَشَذَّالِيُّ ابْنُ هِشَامٍ لَوْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَدْرِي هَلْ يَفِي مَالُهُ بِهَا أَمْ لَا جَازَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ ، وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فِيمَنْ دَفَعَ لِمُطَلَّقَتِهِ نَفَقَةَ سَنَةٍ ثُمَّ فُلِّسَ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ يَوْمَ

دَفْعِ النَّفَقَةِ قَائِمَ الْوَجْهِ لَمْ يَظْهَرْ فِي فِعْلِهِ سَرَفٌ وَلَا مُحَابَاةٌ فَذَلِكَ جَائِزٌ .
ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ بِقَوْلِهِ : قَائِمَ الْوَجْهِ جَائِزَ الْأَمْرِ أَنْ يَكُونَ الْفَلَسُ مَأْمُونًا عَلَيْهِ مَعَ كَثْرَةِ دُيُونِهِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهَا مُغْتَرِقَةٌ لِجَمِيعِ مَالِهِ فَيَقُومُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا إنَّ مَنْ تَصَدَّقَ أَوْ وَهَبَ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لِقَوْمٍ إلَّا أَنَّهُ قَائِمُ الْوَجْهِ لَا يُخَافُ عَلَيْهِ الْفَلَسُ ، فَإِنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ ، وَإِنْ لَمْ تُحْصِ الشُّهُودُ قَدْرَ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ وَالدُّيُونِ .
وَبِهَذَا كَانَ يُفْتِي ابْنُ زَرْبٍ وَيَحْتَجُّ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ وَيَقُولُ لَا يَخْلُو أَحَدٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ وَاسْتِدْلَالُهُ حَسَنٌ .
وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ يَغْتَرِقُ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ هِبَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ الْمَعْرُوفِ ، وَيَحُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ وَيُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ وَيُؤَدِّي مِنْهُ عَقْلَ جُرْحِ خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ .
لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ عَنْ جُرْحٍ فِيهِ قِصَاصٌ ، هَذَا مَعْنَى قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إذَا كَانَ الرَّجُلُ قَائِمَ الْوَجْهَ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَيَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ فَحَمَالَتُهُ وَصَدَقَتُهُ مَاضِيَةٌ ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ عَلَيْهِ دُيُونًا كَثِيرَةً فَهِيَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ لَا وَفَاءَ لَهُ بِمَا فَعَلَ مِنْ الْمَعْرُوفِ .
الثَّالِثُ : أَفْهَمَ قَوْلُهُ الدَّيْنُ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ لَا يُفَلَّسُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ ، اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي الْكَبِيرِ قَالَهُ تت .
طفي أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ اغْتَرَقَتْ التَّبِعَاتُ مَا بِيَدِهِ وَلَا يَعْلَمُ مُنْتَهَى مَا عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ شَيْئًا مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحِصَاصِ فِي مَالِهِ ،

وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ لَهُ أَمْ لَا وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ تَفْلِيسِهِ إذْ فَائِدَتُهُ قَسْمُ مَالِهِ عَلَى دُيُونِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَهَا ، فَقَوْلُ " ح " لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ تَفْلِيسِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ .
الْبُنَانِيُّ عج وَمَنْ تَبِعَهُ إنَّمَا قَالُوا لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَفْلِيسِهِ عَدَمُ الْحَجَرِ عَلَيْهِ يَمْنَعُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيمَا بِيَدِهِ .
عب وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي خِلَافٍ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَوْ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَصِحُّ مِنْهُ قَضَاءُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ وَلَوْ بِبَعْضِ مَالِهِ ، وَلِمَنْ لَمْ يَقْضِهِ الدُّخُولُ مَعَ مَنْ قَضَاهُ بِالْمُحَاصَّةِ كَغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ ، وَعَلَى الثَّانِي يَصِحُّ قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِبَعْضِ مَالِهِ ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمْ أَعْيَانُ التَّبِعَاتِ لِأَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ .
الْبُنَانِيُّ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّهُ كَالْمُفْلِسِ مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ مُطْلَقًا ، وَعَلَى أَنَّهُ كَمَنْ أَحَاطَ بِمَالِهِ مَنَعَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ بِهِ فَقَطْ .

وَمِنْ سَفَرِهِ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ

( وَ ) لِلْغَرِيمِ مَنْعُ الْمَدِينِ وَلَوْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( مِنْ سَفَرِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ ( إنْ حَلَّ ) دَيْنُهُ أَيْ الْغَرِيمِ ( بِغِيبَتِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ وَأَيْسَرَ وَلَمْ يُوَكِّلْ عَلَى قَضَائِهِ وَلَمْ يَضْمَنْهُ مُوسِرُهُ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَقْضِيهِ فِي غِيبَتِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ أَوْ لَمْ يَحُلْ بِغِيبَتِهِ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ بَلَدَهُ وَهَذَا إذَا تَحَقَّقَ إرَادَتُهُ السَّفَرَ وَأَمَّا إنْ خَشِيَ سَفَرَهُ وَغِيبَتَهُ لِحُلُولِ الدَّيْنِ وَدَلَّتْ عَلَيْهِ قَرِينَةٌ وَانْكَرْهُ فَلِغَرِيمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى عَدَمِ إرَادَتِهِ ، فَإِنْ نَكَلَ أَوْ كَانَ لَا يَتَوَقَّى الْيَمِينَ الْغَمُوسَ كَلَّفَ حَمِيلًا بِالْمَالِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : غ الضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ يَعُودُ عَلَى الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَفِيهَا وَلَك مَنْعُ غَرِيمِك مِنْ بَعِيدِ السَّفَرِ الَّذِي يَحِلُّ دَيْنُك قَبْلَ قُدُومِهِ مِنْهُ ، وَلَا تَمْنَعُهُ مِنْ قَرِيبِهِ الَّذِي يُؤَبُّ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّ أَجَلِ دَيْنِك .
الثَّانِي : " غ " قَيَّدَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَنْعَهُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ بِعَدَمِ تَوْكِيلِ مَنْ يُوفِيهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرُهَا مَنْعُهُ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ تَوْكِيلٌ لَكِنَّ التَّقْيِيدَ مُتَّجَهٌ إنْ ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْحَقَّ وَهُوَ مَلِيءٌ أَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ مَالٌ يُمْكِنُ الْقَضَاءُ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ " ح " مَا قَالَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ كُلَّهُمْ مُصَرِّحُونَ بِهَذَا التَّقْيِيدِ .
الثَّالِثُ : إذَا وَكَّلَ الْمَدِينُ مَنْ يُوَفِّي دَيْنَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَهَلْ لَهُ عَزْلُهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَاخْتَارَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ إلَى بَدَلٍ لَا مُطْلَقًا .
وَأَصْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ .
الرَّابِعُ : فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَحْرَى أَنَّ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ الْحَالِّ مَنْعَ مَدِينِهِ مِنْ

سَفَرِهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
الْخَامِسُ : مَفْهُومُ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَفَرِهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ ، وَفِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَوَى الرُّجُوعَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَقَيَّدَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ ، وَكَذَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَجَعَلَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْمَذْهَبَ وَنَصُّهُ وَلِذِي الدَّيْنِ مَنْعُ الْمِدْيَانِ مِنْ سَفَرٍ يَحِلُّ فِيهِ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُوَفِّيهِ لَا إنْ كَانَ لَا يَحِلُّ بَعْدَهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ فِرَارًا وَأَنَّ نِيَّتَهُ الْعَوْدُ لِقَضَائِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ .
وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ وَإِلَّا فَلَا .
ا هـ .
وَكَذَا اللَّخْمِيُّ وَنَصُّهُ وَمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَأَرَادَ السَّفَرَ قَبْلَ حُلُولِهِ فَلَا يُمْنَعُ إذَا بَقِيَ مِنْ أَجَلِهِ قَدْرُ سَيْرِهِ وَرُجُوعِهِ وَكَانَ لَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمُقَامُهُ ، فَإِنْ خُشِيَ ذَلِكَ مِنْهُ أَوْ عُرِفَ بِاللَّدَدِ مُنِعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَلَهُ عَقَارٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْقَضَاءِ أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ ، وَيَكُونُ النِّدَاءُ بِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يُرَى أَنَّهُ يَكْمُلُ الْإِشْهَارَ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ هَلْ أَرَادَ بِسَفَرِهِ تَغَيُّبًا أَمْ لَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا يُسَافِرُ فِرَارًا وَأَنَّهُ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ الْعَوْدَةِ عِنْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ وَتُرِكَ .
السَّادِسُ : هَذَا كُلُّهُ فِي الْمَدِينِ الْمُوسِرِ وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَيْسَ لِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ صَرَّحَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي بَابِ الْحَجِّ .
السَّابِعُ : سُئِلَ أَبُو إبْرَاهِيمَ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَدِينَ أَرَادَ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْمَدِينُ فَقَالَ إنْ قَامَ لِلطَّالِبِ شُبْهَةُ بَيِّنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَاطِعَةً حَلَفَ الْمَطْلُوبُ مَا

أَرَادَ سَفَرًا ، نَكَلَ كُلِّفَ حَمِيلًا ثِقَةً بِالْمَالِ .

وَإِعْطَاءِ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ ، أَوْ كُلَّ مَا بِيَدِهِ .
( وَ ) لَهُ مَنْعُهُ مِنْ ( إعْطَاءِ غَيْرِهِ ) أَيْ الْمَانِعُ مِنْ الْغُرَمَاءِ دَيْنُهُ ( قَبْلَ ) حُلُولِ ( أَجَلِهِ ) لِأَنَّهُ تَسْلِيفٌ فَهُوَ تَبَرُّعُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَيُتَّفَقُ عَلَى رَدِّهِ ( أَوْ ) إعْطَائِهِ ( كُلَّ مَا ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي ( بِيَدِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ فَلِغَيْرِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ مَنْعُهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا .
" غ " كَذَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُسِبَ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ ، وَالثَّانِي لِلسُّيُورِيِّ وَأَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ بِاخْتِصَارِ ابْنِ عَرَفَةَ قَصَرَ السُّيُورِيُّ الْخِلَافَ فِي قَضَاءِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ عَلَى إمْسَاكِهِ بَعْضَ مَالِهِ لِيُعَامِلَ بِهِ النَّاسَ .
قَالَ وَلَوْ قَضَى مَا بِيَدِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ لَمْ يَجُزْ اتِّفَاقًا لِمَعْنَى الَّذِي فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ إعْتَاقِهِ وَقَضَائِهِ بَعْضَ غُرَمَائِهِ مِنْ أَنَّ قَضَاءَ بَعْضِ غُرَمَائِهِ يُؤَدِّي إلَى الثِّقَةِ بِهِ فِي مُعَامَلَتِهِ ، وَإِذَا عُومِلَ نَمَا مَالُهُ بِخِلَافَةِ إعْتَاقِهِ ، ثُمَّ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَرَأَيْت فِي تَعَالِيقِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ لَوْ عَجَّلَ دَيْنًا لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي رَدِّهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَامَلْ عَلَى ذَلِكَ ، وَحَكَيْتُهُ فِي بَعْضِ الدُّرُوسِ بِحَضْرَةِ بَعْضِ الْمُفْتِينَ فَقَالَ يُرَدُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ أَقَلُّ مِنْ عَدَدِ الْمُؤَجَّلِ ، فَالزَّائِدُ عَلَى قِيمَتِهِ هِبَةٌ تُرَدُّ اتِّفَاقًا وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُرَدُّ كُلُّهُ أَوْ مَا زَادَ عَدَدُهُ عَلَى قِيمَتِهِ مُؤَجَّلًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي جَعْلِهِ إيَّاهُ مَحَلَّ نَظَرٍ نَظَرٌ لِأَنَّ رَدَّ مَا زَادَ يُؤَدِّي إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ فَيَزَالُ فَاسِدًا لِحَقِّ آدَمِيٍّ بِارْتِكَابِ فَاسِدٍ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْأَخَصُّ يَمْنَعُ مَا مَنَعَ الْأَعَمَّ .
ا هـ .
وَتَأَمَّلْ هَلْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا تَجْرِ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ لَيْسَ كَالْمَدْخُولِ عَلَيْهِ قَصْدًا .

: كَإِقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحِّ ، لَا بَعْضِهِ وَرَهْنِهِ

وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْغَرِيمِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَقَالَ ( كَإِقْرَارِهِ ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُتَّهَمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَالْهَاءِ الْمَدِينِ بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ بِدَيْنٍ لَهُ ( عَلَيْهِ ) بِقُوَّةِ قَرَابَتِهِ كَابْنِهِ وَأَبِيهِ أَوْ صُحْبَتِهِ كَزَوْجِهِ وَصِدِّيقِهِ فَلِغَرِيمِهِ مَنْعُهُ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ ثُمَّ قَالَ وَأَنْ لَا يَجُوزَ أَحْسَنُ ( وَالْأَصَحُّ ) الَّذِي قَضَى بِهِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقَفِصَةِ وَشَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَمَفْهُومُ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ إقْرَارِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا ، حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ ( لَا ) يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ إعْطَاءِ ( بَعْضِهِ ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ قَضَاءً لِدَيْنِهِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ لِلْخِلَافِ فِيهِ فَمَا فِي الْكَافِي مِنْ اتِّفَاقِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى جَوَازِهِ لَعَلَّهُ طَرِيقَةٌ ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَشَاوَرَ الْغُرَمَاءُ فِي تَفْلِيسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَفْلِيسًا ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَا لَمْ يَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ تَفْلِيسٌ .
( وَ ) لَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ ( رَهْنِهِ ) أَيْ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ تَبَيَّنَ فَلَسُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِيهَا قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ أَوْ رَهْنُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُفَلَّسْ ، وَقَدْ كَانَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَقُولُ إذَا تَبَيَّنَ فَلَسُهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَيَدْخُلُ الْغُرَمَاءُ مَعَهُ فِيهِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَى إجَازَتِهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ .
الْحَطّ هَذَا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مَرِيضًا فَلَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَلَا رَهْنُهُ فِي مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، بِخِلَافِ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
الرَّجْرَاجِيُّ إذَا كَانَ

الْمُقِرُّ مَرِيضًا فَلَا يَخْلُو مِنْ كَوْنِهِ مِدْيَانًا أَوْ غَيْرَ مِدْيَانٍ ، فَإِنْ كَانَ مِدْيَانًا فَتَصَرُّفُهُ بِالْمُعَاوَضَاتِ جَائِزٌ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يُحَابِ وَتَصَرُّفُهُ فِي الْمَعَارِفِ مَمْنُوعٌ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ ، وَفِي قَضَائِهِ وَرَهْنِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَنْعُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لِغَيْرِهِ وَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالرَّهْنِ وَحَكَاهُ الْوَلِيدُ .
ا هـ .
وَيَعْنِي بِالْمَعَارِفِ الْمَعْرُوفِ كَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ ، وَنَقَلَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ رُشْدٍ ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَاسْتَحْدَثَ فِي مَرَضِهِ دَيْنًا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَهْنٍ فِيهِ فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّتِهِ ، وَفِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ حِينَ رَهَنَهُ مَرِيضًا فَلَيْسَ بِضَارٍّ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْمَرِيضِ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابِ فِيهِ فَكَذَا رَهْنُهُ لِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ وَبِسَبَبِهِ كَانَ ا هـ .
عب لَمْ يُبَيِّنْ حَدَّ الْبَعْضِ الَّذِي لَا يُمْنَعُ مِنْ إعْطَائِهِ وَهُوَ أَنْ يَبْقَى بَعْدَهُ مَا تُمْكِنُ الْمُعَامَلَةُ بِهِ قَالَ " د " ، أَيْ لِوَفَاءِ مَا بَقِيَ أَوْ جَبْرِ مَا أُعْطِيَ لِلْبَعْضِ بِرِبْحِهِ ، وَعَلَيْهِ فَيَلْزَمُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِي ، وَلَا يَلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ لِأَنَّهُ هُنَا تَصَرَّفَ فِي بَعْضِهِ وَلَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ رَهْنِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ أَوْ لِغَيْرِهِمْ بَعْضَ مَالِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ مُشْتَرَطٍ فِيهَا الرَّهْنُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَالرَّاهِنُ صَحِيحٌ ، وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ بِأَنْ لَا يَرْهَنَ كَثِيرًا فِي قَلِيلٍ فَلَا يُمْنَعُ مَعَ وُجُودِ هَذِهِ الشُّرُوطِ السِّتَّةِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ بِتَحْرِيكِهِ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَقَوْلُهُ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ مُشْتَرَطٍ فِيهَا الرَّهْنُ إلَخْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذِهِ الشُّرُوطَ ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وضيح وَغَيْرِهِمْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ " ح " بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْجَوَازَ فِي الصَّحِيحِ وَالْخِلَافَ

فِي الْمَرِيضِ قَالَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ ثُمَّ اسْتَحْدَثَ فِي مَرَضِهِ دَيْنًا بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَرَهَنَ فِيهِ رَهْنًا فَلَا كَلَامَ فِي صِحَّتِهِ .
ا هـ .
وَأَيْضًا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ حَادِثَةٌ وَإِنَّهُ أَصَابَ فِيهَا وَجْهَ الرَّهْنِ فَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِهِ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ مَرِيضًا لِجَوَازِ مُعَامَلَتِهِ مَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُحَابَاةً ا هـ .
أَقُولُ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ غَيْرَ كَوْنِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كُلُّهَا ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهَا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي كِتَابَتِهِ : قَوْلَانِ .
( وَفِي ) جَوَازِ ( كِتَابَتِهِ ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لِرَقِيقِهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِلَا مُحَابَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ وَمَنْعُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْعِتْقِ ( قَوْلَانِ ) ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ بِلَا عَزْوٍ .
عب مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ كَاتِبُهُ بِكِتَابَةِ مِثْلِهِ لَا بِأَقَلَّ فَتُمْنَعُ قَطْعًا ، وَلَا بِأَكْثَرَ فَتَجُوزُ قَطْعًا ، ثُمَّ طَاهِرُهُ جَرْيُهُمَا سَوَاءٌ كَانَتْ كِتَابَةُ مِثْلِهِ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ .
وَلَوْ قِيلَ بِمَنْعِهَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ لِمَا بَعْدُ .
وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ هَذَا وَإِنْ قِيلَ إنَّهُ ضَعِيفٌ

وَلَهُ التَّزَوُّجُ ، وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا وَتَطَوُّعُهُ بِالْحَجِّ : تَرَدُّدٌ ،

( وَلَهُ ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( التَّزَوُّجُ ) وَالنَّفَقَةُ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لِلْمُفْلِسِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِالْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيمَا بَعْدَهُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ إنْفَاقُهُ أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ .
تت ظَاهِرُهُ تَزَوَّجَ بِمَنْ تُشْبِهُ أَوْ لَا أَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ وَالْكَافِي وَلِابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدُهُ بِتَزَوُّجِهِ بِمَنْ تُشْبِهُ وَأَصْدَقَهَا مِثْلَ صَدَاقِهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ لَكَانَ لِغُرَمَائِهِ أَنْ يَرْجِعُوا عَلَيْهَا بِهِ .
( وَفِي ) جَوَازِ ( تَزَوُّجِهِ ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( أَرْبَعًا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ الْأُمُورِ الْحَاجِيَّةِ وَمَنْعُهُ مِمَّا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّوَسُّعِ تَرَدُّدٌ لِابْنِ رُشْدٍ ( وَفِي ) جَوَازِ إنْفَاقِهِ فِي ( تَطَوُّعِهِ ) أَيْ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( بِالْحَجِّ ) وَمَنْعِهِ ( تَرَدُّدٌ ) لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَجُوزُ إنْفَاقُهُ الْمَالَ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالتَّزْوِيجِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِفِعْلِهِ كَالْكِرَاءِ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ ، وَانْظُرْ هَلْ لَهُ أَنْ يَحُجَّ الْفَرِيضَةَ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ أَمْ لَا وَإِنْ كَانَ يَأْتِي ذَلِكَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْحَجِّ هَلْ هُوَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى التَّرَاخِي ، وَهَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ وَتَدَبَّرْ ذَلِكَ ا هـ .
" ح " وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الْمُقَدِّمَاتِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِيهَا .
" غ " ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي حَجِّ التَّطَوُّعِ وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي حَجَّةِ الْفَرِيضَةِ وَسَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ تَطَوُّعًا بِاعْتِبَارِ الْقَوْلِ

بِالتَّرَاخِي ، أَوْ لِأَنَّ الْفَرْضَ سَاقِطٌ عَنْهُ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ .
" ح " وَالْعَجَبُ مِنْ تَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ وَقَدْ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحُجُّ الْفَرِيضَةَ .
قَالَ فِي بَابِ الِاسْتِطَاعَةِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فِيمَنْ عَلَيْهِ دِينٌ لَيْسَ عِنْدَهُ لَهُ قَضَاءٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ .
قَالَ سَحْنُونٌ وَأَنْ يَغْزُوَ .
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ وَفَاءٌ أَوْ كَانَ يَرْجُو قَضَاءَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ قَالَ مُحَمَّدٌ مَعْنَاهُ وَإِنْ يَكُنْ مَعَهُ مِقْدَارُ دَيْنِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحُجَّ ، يُرِيدُ مُحَمَّدٌ إلَّا بِأَنْ يَقْضِيَهُ أَوْ يَتَّسِعَ وَجْدُهُ ا هـ .
وَقَالَ سَنَدٌ فِي بَابِ الِاسْتِطَاعَةِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دِينٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ فَالدَّيْنُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ الْحَجِّ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ عِنْدَ ابْنِ عَبْدُوسٍ لَا بَأْسَ أَنْ يَحُجَّ وَأَنْ يَغْزُوَ يُرِيدُ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ يَجِبُ إنْظَارُهُ ، فَإِذَا تَحَقَّقَ فَلَسُهُ وَكَانَ جَلَدًا فِي نَفْسِهِ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ عَائِقُ الدَّيْنِ ، وَيَلْزَمُهُ الْحَجُّ لِقُوَّتِهِ عَلَيْهِ .
أَمَّا مَنْ لَهُ مَالٌ فَلَا يَخْرُجُ حَتَّى يُوَفِّي دَيْنَهُ ، فَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْحَجِّ الْفَرْضِ فَمَا بَالُك بِالتَّطَوُّعِ فَقَدْ سَقَطَ التَّرَدُّدُ الَّذِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَاَلَّذِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ لِوُجُودِ النَّصِّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَقِبَ ذِكْرِ تَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ الظَّاهِرُ مَنْعُهُ مِنْ تَزَوُّجِ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ لِقِلَّتِهِ عَادَةً وَكَذَا طَلَاقُهُ وَتَكَرُّرُ تَزَوُّجِهِ لِمُجَرَّدِ شَهْوَتِهِ .

وَفُلِّسَ حَضَرَ أَوْ غَابَ ، إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ .

( وَفُلِّسَ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً الْمَدِينُ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ سَوَاءٌ ( حَضَرَ ) الْمَدِينُ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ غَابَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَكْتُبُ لَهُ وَيَبْحَثُ عَنْ حَالِهِ ( أَوْ غَابَ ) الْمَدِينُ عَلَى كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ ذَهَابًا ، هَذَا ظَاهِرُ مُقَابَلَتِهِ بِحَضَرَ وَعَدَمِ تَفْصِيلِهِ فِي الْغَيْبَةِ بَيْنَ مُتَوَسِّطَةٍ وَبَعِيدَةٍ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَهِيَ الْمُنَاسَبَةُ لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي يُفَلِّسُهُ الْحَاكِمُ وَلَوْ فِي دَيْنِ أَبٍ عَلَى ابْنِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ تَفْلِيسُهُ فِي مُعَامَلَةِ غَيْرِهِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْحَجْرِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ .
تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ وُجُوبُ تَفْلِيسِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ الْتَمَسَهُ الْغُرَمَاءُ ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ مَشَايِخِي بِالْجَوَازِ تَبَعًا لِصَاحِبِ التَّكْمِلَةِ .
عب وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَفُلِّسَ إلَخْ قَوْلُ عَطَاءٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِيهِ هَتْكَ حُرْمَةِ الْمَدِينِ وَإِذْلَالَهُ .
وَأَمَّا وُجُوبُهُ إذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ الْغُرَمَاءُ لِدُيُونِهِمْ إلَّا بِهِ فَهُوَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَا لِذَاتِهِ فَهُوَ مِنْ أَصْلِهِ جَائِزٌ ، وَيَجِبُ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ لِلْحَقِّ إلَّا بِهِ .
وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ تَفْلِيسَ الْغَائِبِ بِقَوْلِهِ ( إنْ لَمْ يُعْلَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( مَلَاؤُهُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ مَمْدُودٌ أَيْ غِنَاءُ الْمَدِينِ حَالَ خُرُوجِهِ ، فَإِنْ عُلِمَ فَلَا يُفَلَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ اسْتِصْحَابًا لِلْحَالِ ، إذْ الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُفَلَّسُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : تت ظَاهِرُ كَلَامِهِ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ تَوَسَّطَتْ أَوْ قَرُبَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ هُوَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ .
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَكْتُبُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَلِذَا قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ لَا يُعْلَمُ مَلَاؤُهُ

بِفَلَسٍ ، أَحْسَنَ مِنْهُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ حَدُّ الْقَرِيبِ الْأَيَّامُ الْيَسِيرَةُ .
قَالَ فِي الْبَيَانِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ ، وَخِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ إنَّمَا هُوَ عِنْدِي فِيمَا إذَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ ، وَأَمَّا مَا كَانَ عَلَى مَسِيرَةِ شَهْرٍ فَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ ا هـ .
الْحَطّ أَطْلَقَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَيْبَةُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قَرِيبَةٌ حَدَّهَا ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ فَلَا يُفَلَّسُ بَلْ يَكْشِفُ عَنْ حَالِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا ، وَمُتَوَسِّطَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ فُلِّسَ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنْ عُلِمَ فَلَا يُفَلَّسُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ، وَبَعِيدَةٌ وَحَدَّهَا ابْنُ رُشْدٍ بِشَهْرٍ وَنَحْوِهِ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ .
وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ فَأَطْلَقَا فِي الْغَيْبِ الْبَعِيدَةِ وَحَكَيَا فِيهَا الْخِلَافَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِهَا .
وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ جَمِيعَهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الشَّامِلِ وَنَصُّهُ وَفُلِّسَ ذُو غَيْبَةٍ بَعُدَتْ كَشَهْرٍ أَوْ تَوَسَّطَتْ كَعَشَرَةٍ أَيَّامٍ وَجُهِلَ تَقَدُّمُ يُسْرِهِ لَا إنْ قَرُبَ وَكَشَفَ عَنْهُ كَأَنْ عَلِمَ تَقَدُّمَ يُسْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
الثَّانِي : غَيْبَةُ مَالِهِ كَغَيْبَتِهِ .
اللَّخْمِيُّ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَةُ مَالِهِ وَشَكَّ فِي قَدْرِهِ أَوْ وُجُودِهِ فُلِّسَ وَإِنْ عُلِمَ وُجُودُهُ وَفِيهِ وَفَاءٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُفَلَّسُ ا هـ .
تت " ح " فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفْلِيسَهُ إذَا كَانَتْ غَيْبَةً بَعِيدَةً ا هـ وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ .
الثَّالِثُ : " ح " فِي الشَّامِلِ وَاسْتُؤْنِيَ بِبَيْعِ سِلَعِ مَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ كَأَنْ قَرُبَتْ عَلَى الْأَظْهَرِ كَمَيِّتٍ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .

الرَّابِعُ : تت فِي كَبِيرِهِ وَأَشَارَ لِلتَّفْلِيسِ الْخَاصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ فَقَالَ وَفُلِّسَ إلَخْ .
طفي وَمِثْلُهُ لس وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ التَّفْلِيسِ أَخَصُّ وَأَعَمُّ ، بَلْ هُوَ وَاحِدٌ ثُمَّ تَقْرِيرُهُمْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْرِيعَ بِقَوْلِهِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ إلَخْ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ الْمَالِ الَّذِي جَعَلُوهُ تَفْلِيسًا خَاصًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مُطْلَقِ التَّفْلِيسِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِيهِ هَلْ هُوَ تُشَاوِرُهُمْ فِي تَفْلِيسِهِ أَوْ رَفْعُهُمْ لِلْقَاضِي أَوْ حَبْسُهُ ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ .
مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِهِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، وَإِذَا الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ الْحَجْرَ عَلَى مَنْ يَنْقُصُ مَالُهُ عَنْ دَيْنِهِ الْحَالِّ حُجِرَ عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ وَلِلْحَجْرِ أَحْكَامٌ مِنْهَا مَنْعُ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ وَالْمُصَنِّفُ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِهِمَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفُلِّسَ حُجِرَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ طَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ ، وَتَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ الِاخْتِلَافُ فِي حَدِّ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ مُجَرَّدُ التَّشَاوُرِ أَوْ الرَّفْعِ وَلَا يَحْتَاجُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ هَؤُلَاءِ وَإِنْ كَانَ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْحَاكِمَ يَحْجُرُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَلَا يُنَافِي مَا قَالَاهُ مَا ذَكَرْنَا إذْ لَمْ يَجْعَلَا الْحَجْرَ وَالْمَنْعَ مَوْقُوفًا عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ ، وَيَدُلُّ لِمَا قُلْنَاهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي حَدِّ الْأَعَمِّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ إلَخْ ، فَاقْتَصَرَ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَنْعَ وَهُوَ صَوَابٌ ، وَتَقَدَّمَ مُنَازَعَتُنَا لَهُ فِي جَعْلِهِ أَعَمَّ ، وَفِي تَفْرِيعِ مَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَطْ عَلَيْهِ وَإِلَّا

فَهُوَ فِي نَفْسِهِ صَحِيحٌ مُوَافِقٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ .
ثُمَّ إنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمَّا عَرَّفَ الْأَخَصَّ بِمَا تَقَدَّمَ قَالَ يُمْنَعُ مَا يَمْنَعُ الْأَعَمَّ وَمُطْلَقُ بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ .
وَقَالَ فِي الْأَعَمِّ يَمْنَعُ التَّبَرُّعَاتِ وَتَقَدَّمَ رَدُّنَا لَهُ ، وَقَوْلُهُ إنَّ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ يَمْنَعُهُمَا الْأَخَصُّ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ يَمْنَعُهُ الْأَعَمُّ أَيْضًا عَلَى تَفْسِيرِهِ لَهُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ فِيهِ نَظَرٌ ، وَقَدْ بَيَّنَّا لَك الْحَقَّ الَّذِي لَا غُبَارَ عَلَيْهِ فَتَثَبَّتَ فِي هَذَا الْمَجَالِ فَإِنَّهُ مَزِلَّةُ أَفْكَارِ أَئِمَّةٍ فُضَلَاءَ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ أَقُولُ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ لَا شَكَّ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ مَالِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَعَجَزَ عَنْ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ تَفْلِيسٌ أَخَصُّ ، وَشَرْطُهُ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ التَّفْلِيسُ الْأَعَمُّ ، وَيَشْتَرِكَانِ فِي حُكْمٍ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بِمُعَاوَضَةٍ ، وَيَنْفَرِدُ الْأَخَصُّ بِحُلُولِ الْمُؤَجَّلِ وَقِسْمَةِ الْمَالِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِهَا ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأَحْكَامُ تَتَرَتَّبُ عَلَى مُجَرَّدِ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ لَمْ يَحْتَاجُوا لِرَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ ، وَلَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ لَوْ مَكَّنَهُمْ فَقَسَّمُوا إلَخْ إذْ لَا يَحْتَاجُونَ لِتَمْكِينِهِ وَلَوْ كَانَ التَّفْلِيسُ مُجَرَّدَ الْقِيَامِ أَوْ التَّشَاوُرِ فِيهِ لَمْ يَظْهَرْ قَوْلُهُمْ شَرْطُ التَّفْلِيسِ طَلَبُ الْغُرَمَاءِ وَلَا قَوْلُهُمْ فُلِّسَ وَلَوْ غَابَ مَعَ أَنَّ أَمْرَ الْغَائِبِ لَا يَحْكُمُ فِيهِ إلَّا الْقُضَاةُ فَتَقْسِيمُ ابْنِ عَرَفَةَ التَّفْلِيسَ إلَى أَعَمَّ وَأَخَصَّ هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَتَقَدَّمَ نَصُّهُ ، وَيَأْتِي أَيْضًا فِي شَرْحٍ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا إلَخْ ، وَرَدُّهُ خَطَأٌ صَرِيحٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

بِطَلَبِهِ ؛ وَإِنْ أَتَى غَيْرُهُ دَيْنًا حَلَّ زَادَ عَلَى مَالِهِ ، أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَمُنِعَ مِنْ تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ

وَأَشَارَ لِشُرُوطِ التَّفْلِيسِ مُعَلِّقًا لَهَا بِفَلَسٍ فَقَالَ ( بِطَلَبِهِ ) أَيْ الْغَرِيمِ تَفْلِيسَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إنْ وَافَقَ الطَّالِبُ بَاقِيَ الْغُرَمَاءَ ، بَلْ ( وَإِنْ أَبَى ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنَعَ تَفْلِيسَهُ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الطَّالِبُ وَأَوْلَى إنْ سَكَتَ .
ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا إنْ يَدْفَعَ الْآبُونَ لِلطَّالِبِ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ مَدِينِهِمْ أَوْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَا يُفَلَّسُ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قَامَ رَجُلٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمِدْيَانِ فَلَهُ أَنْ يُفَلِّسَهُ كَقِيَامِ الْجَمَاعَةِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي شُرُوطِ التَّفْلِيسِ أَحَدُهَا أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَاحِدٌ فَأَكْثَرُ وَقَالَهُ غَيْرُهُ أَيْضًا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَخَذَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْتَمَسَ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْقَاضِي ذَلِكَ إلَّا بِطَلَبِهِمْ وَأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ الْغَرِيمُ تَفْلِيسَ نَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ .
ا هـ .
وَكَذَا فُهِمَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ هُنَا بِطَلَبِهِ وَمِنْ قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَلِلْغَرِيمِ مَنْعُ .
.
.
إلَخْ .
عب نَعَمْ لِلْمَدِينِ طَلَبُ الْحُكْمِ بِتَقْسِيطِ الدَّيْنِ بِقَدْرِ وُسْعِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ وَحَلِفِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ غَرِيمٌ .
وَالشَّرْطُ الثَّانِي كَوْنُ دَيْنِ الطَّالِبِ ( دَيْنًا حَلَّ ) أَصَالَةً أَوْ بِانْتِهَاءِ أَجَلِهِ فَلَا يُفَلَّسُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ .
بَعْضُ الشُّيُوخِ دَيْنًا مَفْعُولٌ لَهُ لَا بِهِ ، أَيْ فُلِّسَ الْمَدِينُ بِسَبَبِ طَلَبِ غَرِيمِهِ تَفْلِيسَهُ لِأَجَلِ دَيْنٍ حَالٍّ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَعْلِ ضَمِيرِ طَلَبِهِ رَاجِعًا لِلْغَرِيمِ عَلَى أَنَّهُ فَاعِلُ الطَّلَبِ وَمَفْعُولُهُ دَيْنًا ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ طَلَبِ الدَّيْنِ طَلَبُ التَّفْلِيسِ وَهُمْ قَدْ جَعَلُوهُ شَرْطًا احْتِرَازًا مِنْ طَلَبِ الْمَدِينِ أَوْ الْحَاكِمِ تَفْلِيسَهُ دُونَ الْغُرَمَاءِ فَلَا يُفَلَّسُ فِيهَا لِمَالِكٍ إذَا أَرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ تَفْلِيسَ الْمَدِينِ وَحَبْسَهُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ نَدْعُهُ لِيَسْعَى حُبِسَ لِمَنْ أَرَادَ حَبْسَهُ ا هـ ( زَادَ ) الدَّيْنُ

الْحَالُّ الَّذِي لِطَالِبِ تَفْلِيسِهِ ( عَلَى مَالِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ قَالَهُ تت .
عب وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ إنْ قَامَ بِهِ مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ وَمَنْ لَمْ يَحُلْ فَلَا يُفَلَّسُ إلَّا أَنْ يَفْتَرِقَ مَا حَلَّ مَا بِيَدِهِ ا هـ الْبُنَانِيُّ فِي ضَيْح ذَكَرُوا هُنَا صُوَرًا .
الْأُولَى : أَنْ يَكُونَ لَهُ وَفَاءُ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُفَلَّسُ .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَنْقُصَ مَا بِيَدِهِ عَنْ الْحَالِّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يُفَلَّسُ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَكُونَ مَا بِيَدِهِ مِقْدَارُ الْحَالِّ فَقَطْ فَلِلْقَرَوِيِّينَ فِي تَفْلِيسِهِ قَوْلَانِ .
الرَّابِعَةُ : أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ مِقْدَارُ دَيْنِهِ الْحَالِّ وَيَفْضُلُ عَنْهُ فَضْلَةً إلَّا أَنَّهَا لَا تَفِي بِالْمُؤَجَّلِ الَّذِي عَلَيْهِ ، فَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ الْمَعْرُوفَ أَنَّهُ يُفَلَّسُ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُفَلَّسُ وَلَيْسَ بِحَسَنٍ ، وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنْ تَبْقَى بِيَدِهِ فَضْلَةٌ يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا وَيَتْجُرُهُ النَّاس بِسَبَبِهَا وَيُرْجَى مِنْ تَنْمِيَتِهِ لَهَا مَا يَقْضِي بِهِ الدُّيُونَ الْمُؤَجَّلَةَ ، وَإِذَا كَانَ الْمَعْرُوفُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُفَلَّسُ ، فَتَفْلِيسُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ إلَّا مِقْدَارُ الْحَالِّ أَوْلَى ا هـ .
وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمَذْهَبُ وَلِعِلَّةِ تَوْفِيقٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ .
وَفَرَّقَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ بَيْنَ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَالِّ مَا يَشْمَلُ دَيْنَ الطَّالِبِ وَغَيْرِهِ خِلَافَ مَا قَيَّدَ بِهِ " ز " تَبَعًا لتت ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ أَوْ بَقِيَ مَا لَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ ، وَنَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ يَتَقَرَّرُ التَّفْلِيسُ الْأَخَصُّ بِتَوَجُّهِ طَلَبِ ذِي دَيْنِ الْمَدِينِ بِأَزْيَدَ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْمَدِينُ ، فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً مُتَّفِقِينَ فَوَاضِحٌ ، فَإِنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمْ دُونَهُمْ وَدَيْنُهُ أَقَلُّ مِنْ مَالِ الْمَدِينِ

فَكَذَلِكَ ا هـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَاهُ .
( أَوْ بَقِيَ ) مِنْ مَالِ الْمَدِينِ بَعْدَ قَضَاءِ مَا حَلَّ عَلَيْهِ ( مَا ) أَيْ قَدْرٌ يَسِيرٌ ( لَا يَفِي ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيْ لَا يُوفِي ( بِ ) الدَّيْنِ ، ( الْمُؤَجَّلِ ) وَلَا يُرْجَى بِتَحْرِيكِهِ رِبْحٌ يَفِي بِهِ .
ابْنُ مُحْرِزٍ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْ الْحَالِّ إلَّا يَسِيرٌ لَا يُرْجَى فِي تَحْرِيكِهِ لَهُ أَدَاءُ حُقُوقِ الْآخَرِينَ فَيُفَلَّسُ عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَأَوْلَى إنْ سَاوَى مَالُهُ الْحَالَّ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْمُؤَجَّلِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مَا يَفِي بِالْمُؤَجَّلِ فَلَا يُفَلَّسُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَفْلِيسُهُ وَلَوْ أَتَى بِحَمِيلٍ وَهُوَ كَذَلِكَ .
( فَمُنِعَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ يُمْنَعُ الْمُفْلِسُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ عَلَيْهِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ أَدَاءِ دُيُونِهِمْ ( مِنْ ) كُلِّ ( تَصَرُّفٍ مَالِيٍّ ) أَيْ فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ وَلَوْ بِمُعَاوَضَةٍ بِدُونِ مُحَابَاةٍ كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَكِرَاءٍ وَاكْتِرَاءٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ الْمَوْجُودِ .
خَلِيلٌ احْتِرَازًا مِمَّا لَمْ يُوجَدْ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَالْتِزَامِهِ عَطِيَّةَ شَيْءٍ إنْ مَلَكَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَمْلِكَهُ وَدَيْنُهُمْ بَاقٍ عَلَيْهِ فَلَهُمْ الْمَنْعُ حِينَئِذٍ .
ا هـ .
وَدَخَلَ فِي التَّصَرُّفِ النِّكَاحُ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
وَأَمَّا بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعٌ وَلَا شِرَاءٌ وَلَا أَخْذٌ وَلَا عَطَاءٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى وَقْفِ تَصَرُّفِهِ عَلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ رَدًّا وَإِمْضَاءً ، هَذَا نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ حُفَّاظِ الْمَذْهَبِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ أَنَّ بَيْعَهُ

وَشِرَاءَهُ لَا يَمْضِي .
وَفِي الْجَلَّابِ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ مَا لَمْ يُحَابَّ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى غَيْرِ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ بَعْضَ شُرَّاحِ ابْنِ الْجَلَّابِ تَأَوَّلَ كَلَامَهُ بِأَنَّ مُرَادَهُ مَنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ الْفَلَسُ قَبْلَ أَنْ يَحْجُرَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ ا هـ .
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي مُعَامَلَتِهِ ثَالِثُهَا بِالنَّقْدِ وَرَابِعُهَا بِمَا يَبْقَى لَا بِمَا يَذْهَبُ فَقَالَ فِيهِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ فِي صِحَّةِ مُعَامَلَةِ الْمُفْلِسِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، الصِّحَّةُ مُطْلَقًا وَمُقَابِلُهَا ، وَالثَّالِثُ تَصِحُّ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْمُفْلِسُ نَقْدًا وَلَا تَصِحُّ إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا ، وَالرَّابِعُ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ لَا يَسْرُعُ لَهُ التَّلَفُ وَيَبْقَى عَادَةً كَالرُّبْعِ وَلَسْت عَلَى وُثُوقٍ مِنْ نِسْبَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ إلَى الْمَذْهَبِ ، بَلْ رَأَيْت مِنْ الْحُفَّاظِ مَنْ يُنْكِرُهَا ، وَالْمَنْعُ هُوَ الَّذِي يُعْرَفُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَلِأَجْلِ ذَلِكَ حُجِرَ عَلَى الْمُفْلِسِ وَلَوْ كَانَ يَصِحُّ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَا كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ كَبِيرَ فَائِدَةٍ ، وَإِنَّمَا حُكِيَتْ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ بِالْحَرَامِ أَوْ الْغَصْبِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا حُكْمَ الْمُفْلِسِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى حُكْمَهُ حُكْمَ الْمُفْلِسِ فَمَنَعَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ مُطْلَقًا ، وَهَكَذَا حَرَّرَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ ا هـ .
وَكَذَا أَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ وَالْبَحْثَ عَلِمَ ضَرُورَةَ عَدَمِ وُجُودِهَا فِي الْمَذْهَبِ ، وَكُلُّ الْمَذْهَبِ عَلَى وَقْفِ تَصَرُّفِهِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

لَا فِي ذِمَّتِهِ : كَخُلْعِهِ ، وَطَلَاقِهِ ، وَقِصَاصِهِ ، وَعَفْوِهِ ، وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ .

وَصَرَّحَ بِمَفْهُومٍ مَالِيٍّ فَقَالَ ( لَا ) يُمْنَعُ الْمُفْلِسُ مِنْ تَصَرُّفٍ ( فِي ذِمَّتِهِ ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ شَيْئًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِمَعْلُومٍ فِيهَا أَوْ يَقْتَرِضُ كَذَلِكَ أَوْ يَقْرَأُ ، وَيَلْتَزِمُ كَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَصَرُّفُهُ شَارِطًا أَنْ يَقْضِيَ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ صَحِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَالِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يَحْتَجْ لِلشَّرْطِ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَلَوْ قِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْحُكْمَ يَقْتَضِيهِ مَا بَعْدُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا اشْتَرَى شَيْئًا وَشَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ مِمَّا سَيَتَجَدَّدُ لَهُ جَازَ .
اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اشْتَرَى عَلَى أَنْ يَقْضِيَ مِنْ غَيْرِ مَا حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ جَازَ .
الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مَصْرُوفًا لِذِمَّتِهِ كَمُسْلِمٍ يُسْلِمُ إلَيْهِ فِي شَيْءٍ مَوْصُوفٍ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ يَصِحُّ السَّلَمُ إلَيْهِ وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَخُلْعِهِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمُفْلِسِ زَوْجَتَهُ فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَصَرُّفًا فِي الْمَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِيهِ وَفِيهِ تَجْدِيدُ مَالٍ ( وَطَلَاقِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ زَوْجَتَهُ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ لِذَلِكَ ، وَلِإِسْقَاطِهِ نَفَقَتَهَا عَنْهُ ، وَلَمْ يَنْظُرْ لِمُؤَخَّرِ مَهْرِهَا لِحُلُولِهِ بِفَلَسِهِ وَمُحَاصَّتِهَا بِهِ وَلَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ الْمُفْلِسَةِ مُخَالَعَةُ زَوْجِهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَتْ فِيهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا دَامَ قَائِمَ الْوَجْهِ فَإِقْرَاره بِالدَّيْنِ جَائِزٌ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ مَا لَمْ يُفَلَّسْ ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَخْلَعُ زَوْجَهَا بِمَالٍ وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ فِي الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ

فِيهِ .
ا هـ .
فَقَوْلُهُ وَالدَّيْنُ مُحِيطٌ بِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُفْلِسَةَ لَهَا مُخَالَعَةُ زَوْجِهَا مِنْ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَتْ فِيهِ ( وَقِصَاصِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ إذْ لَيْسَ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ مَالُ أَصَالَةٍ ( وَعَفْوِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ مَجَّانًا عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ أَوْ قَاذِفٍ لَهُ أَوْ لِوَلِيِّهِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ وَدَفْعُهُ لِغَيْرِ غُرَمَائِهِ فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ مِنْهُ ، إذْ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ بِالْأَصَالَةِ ، وَهَذَا فِي عَمْدٍ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مَقْدُورٌ وَإِلَّا فَلَهُمْ مَنْعُهُ مِنْ عَفْوِهِ مَجَّانًا أَوْ دَفْعُهُ لِغَيْرِهِمْ .
( وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ وَلَوْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ الْأَعَمِّ فَلَيْسَ لَهُمْ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ وَأَمَّا الَّتِي أَوْلَدَهَا بَعْدَ تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ فَتُبَاعُ دُونَ وَلَدِهَا فِي الدَّيْنِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَهُمْ رَدُّ عِتْقِهِ .

وَتَبِعَهَا مَالُهَا .
إنْ قَلَّ ؛ وَحَلَّ بِهِ أَوْ بِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ

( وَ ) إنْ أَعْتَقَ الْمُفْلِسُ أُمَّ وَلَدِهِ الَّتِي أَوْلَدَهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ الْأَخَصِّ ( تَبِعَهَا ) أَيْ الْوَلَدُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مِلْكِ الْمُفْلِسِ ( مَالُهَا ) الَّذِي مَلَكَتْهُ قَبْلَ عِتْقِهَا ( إنْ قَلَّ ) مَالُهَا فَلَيْسَ لِغُرَمَائِهِ انْتِزَاعُهُ مِنْهَا اتِّفَاقًا ، فَإِنْ كَثُرَ فَقَالَ مُحَمَّدٌ يَتْبَعُهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ الْمُفْلِسُ وَإِلَّا فَلَا يَتْبَعُهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي اتِّبَاعِهَا مَا لَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ يَسِيرًا قَوْلَانِ .
خَلِيلٌ يَعْنِي إذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ إمْضَاءِ عِتْقِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهَا فَلِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَتْبَعُهَا لِأَنَّ السَّيِّدَ بِاعْتِبَارِهَا غَيْرُ مُفْلِسٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتْبَعُهَا إلَّا الْيَسِيرُ .
ا هـ .
وَصَدَرَ فِي الشَّامِلِ بِقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ وَيَتْبَعُهَا مَالُهَا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَلَّ .
وَالْمُصَنِّفُ مَشَى هُنَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاعْتِبَارِهِ مَفْهُومَ الشَّرْطِ وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْآتِي وَلَا يَلْزَمُ بِانْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَعَطَفَ عَلَى مَنَعَ فَقَالَ ( وَحَلَّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ حَالًّا ( بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ وَهُوَ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِهِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ لَا بِالتَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ وَهُوَ قِيَامُ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ مِنْ الْبَيْعِ وَالْقَسْمِ ( وَ ) حَلَّ أَيْضًا ( بِ ) سَبَبِ ( الْمَوْتِ ) لِلْمَدِينِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ أَحَاطَ دَيْنُهُ بِمَالِهِ أَمْ لَا ، وَفَاعِلُ حَلَّ ( مَا ) أَيْ دَيْنٌ أَوْ الدَّيْنُ الَّذِي ( أُجِّلَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا عَلَى الْمَدِينِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمَدِينُ حَالَ تَدَايُنِهِ عَدَمَ حُلُولِ دَيْنِهِ بِتَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ .
فَإِنْ

فُلِّسَ أَوْ مَاتَ فَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ وَإِلَّا إذَا قَتَلَ رَبُّ الدَّيْنِ مَدِينِهِ عَمْدًا فَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ .
وَأَمَّا تَفْلِيسُ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مَوْتُهُ فَلَا يَحِلُّ بِهِ مَالُهُ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
وَقِيلَ لَا يَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ بِتَفْلِيسِ الْمَدِينِ وَلَا بِمَوْتِهِ .
وَقِيلَ يَحِلُّ بِهِمَا إنْ لَمْ يَأْتِ الْمُفْلِسُ بِحَمِيلٍ بِالْمُؤَجَّلِ .
وَقِيلَ يَحِلُّ الْعَيْنُ دُونَ الْعَرْضِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ حُلُولُ دَيْنِ الْمُفْلِسِ الْمُؤَجَّلِ بِتَفْلِيسِهِ كَالْمَوْتِ مُطْلَقًا .
وَمَيْلُ السُّيُورِيِّ وَبَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَغَارِبَةِ لِعَدَمِ حُلُولِهِ فِيهِمَا خِلَافُ الْمَذْهَبِ ، ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَتَى الْمُفْلِسُ بِحَمِيلٍ فَالْقِيَاسُ بَقَاءُ مَا عَلَيْهِ لِأَجَلِهِ لِأَنَّ تَعْجِيلَهُ إنَّمَا هُوَ خَوْفُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ شَيْءٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ لَا يُحَاصِصُ ذُو الدَّيْنِ الْعَرْضَ الْمُؤَجَّلَ بِقِيمَتِهِ حَالًّا ، بَلْ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ .
قُلْت فَفِي حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِتَفْلِيسِهِ .
ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ .
وَرَابِعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَرْضًا لِلْمَعْرُوفِ وَالسُّيُورِيُّ فِيهِ وَفِي الْمَيِّتِ وَاللَّخْمِيُّ وَسَحْنُونٌ .
الثَّانِي : فِي التَّوْضِيحِ لَوْ قَالَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَا أُرِيدَ حُلُولَ عُرُوضِي ، وَقَالَ الْمُفْلِسُ حَكَمَ الشَّرْعُ بِحُلُولِهَا فَلَا أُؤَخِّرُهَا فَالْقَوْلُ لِلْمُفْلِسِ وَيُجْبَرُ الْمُسْتَحَقُّ عَلَى أَخْذِهَا قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ ، وَاعْتَرَضَهُ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْحُلُولَ إنَّمَا هُوَ لِحَقِّ رَبِّ السِّلَعِ فَيَنْبَغِي أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي تَأْخِيرِهَا .
وَفِي الشَّامِلِ فَلَوْ أَرَادَ بَعْضُهُمْ تَأْخِيرَ سِلَعِهِ مُنِعَ وَجُبِرَ عَلَى قَبْضِهَا وَرُجِّحَ قَبُولُهُ ا هـ .
الثَّالِثُ : لَوْ قَالَ الْوَرَثَةُ نَأْتِي بِحَمِيلٍ وَنُؤَدِّي عِنْدَ الْأَجَلِ وَنَقْسِمُ التَّرِكَةَ كُلَّهَا الْآنَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ قَالَهُ

ابْنُ نَافِعٍ ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
الْحَطّ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ ذَلِكَ أَيْ جَبْرًا عَلَى الْغُرَمَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الضَّمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَضَمِنَهُ وَارِثُهُ لِيُمَكِّنَهُ مِنْ التَّرِكَةِ جَازَ إنْ انْفَرَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَالْتَزَمَ الضَّامِنُ النَّقْصَ إنْ كَانَ ، وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفَاضِلِ إنْ كَانَ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا إنْ رَضِيَ الْغَرِيمُ .

وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ ، أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ مَلِيًّا

وَبَالَغَ عَلَى حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ بِالتَّفْلِيسِ وَالْمَوْتِ فَقَالَ ( وَلَوْ ) كَانَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيِّتِ ( دَيْنَ كِرَاءٍ ) لِعَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَجِيبَةٍ لَمْ يُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ فَيَحِلُّ بِفَلَسِ الْمُكْتَرِي وَمَوْتِهِ ، وَلِلْمُكْرِي أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ ، ثُمَّ إنْ لَمْ يُسْتَوْفَ شَيْءٌ مِنْ مَنْفَعَتِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَيْنَ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ وَأَبْقَاهُ حَاصَصَ بِكِرَائِهِ حَالًّا ، وَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَى بَعْضَ مَنْفَعَتِهِ حَاصَصَ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الْكِرَاءِ وَخُيِّرَ فِي أَخْذِ عَيْنِ شَيْئِهِ فَيَسْقُطُ بَاقِيهِ وَتَرَكَهُ فَيُحَاصَصُ بِهِ حَالًّا كَمَا يُحَاصَصُ فِي الْمَوْتِ وَيَأْخُذُ مِنَّا بِهِ بِالْحِصَاصِ مُعَجَّلًا كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي شَرْحِهَا .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحَاصَصْ بِهِ وَيُوقِفُ مَا نَابَهُ بِالْحِصَاصِ ، فَكُلَّمَا اُسْتُوْفِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَنْفَعَةِ أَخَذَ الْمُكْرِي مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْمَوْقُوفِ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمُقَابِلَةِ لِلْكِرَاءِ وَلَا عَلَى مَا وَجَبَ تَعْجِيلُهُ لِشَرْطِهِ أَوْ عَرَفَهُ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِيهِمَا حَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ ، وَقَيَّدْنَا الْكِرَاءَ بِالْوَجِيبَةِ لِيَكُونَ لَازِمًا لَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَإِنْ حَلَّ ، إذْ لَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَلَا يَأْتِي فِيهِ حَلَّ بِهِ وَبِالْمَوْتِ مَا أُجِّلَ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ مَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَمُقَابِلُهُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالنَّوَازِلِ اُنْظُرْ ضَيْح وطفي ، وَمَا فِي خش مِنْ تَقْيِيدِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالِاسْتِيفَاءِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَنَصُّ طفي قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنَ كِرَاءٍ أَيْ الْمُؤَجَّلُ دَيْنَ كِرَاءٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُؤَجَّلِ مَا لَمْ تُسْتَوْفَ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يُشْتَرَطْ نَقْدُهُ وَلَمْ يَكُنْ

عُرِفَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُؤَجَّلًا أَمْ لَا .
أَمَّا الْمُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَسَائِرِ الدُّيُونِ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ ، وَكَذَا الْمُشْتَرَطُ نَقْدُهُ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَظَاهِرُ الْكِتَابِ حُلُولُهُ لِقَوْلِهِ إذَا فُلِّسَ الْمُكْتَرِي فَصَاحِبُ الدَّابَّةِ أَحَقُّ بِالْمَتَاعِ ، إذْ ظَاهِرُهَا تَعْجِيلُ الْحَقِّ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ .
أَبُو الْحَسَنِ يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْكُنَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِمَوْتِهِ ، وَلِقَوْلِهَا وَإِنْ مَاتَ الْمُكْتَرِي وَقَدْ سَكَنَ أَوْ لَمْ يَسْكُنْ لَزِمَ وَرَثَتَهُ الْكِرَاءُ .
أَبُو الْحَسَنِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْكِرَاءَ يَحِلُّ فِيمَا تَرَكَ الْمَيِّتُ بِمَوْتِهِ .
ا هـ .
وَقِيلَ لَا يَحِلُّ وَيُحَاصَصُ فِي الْفَلَسِ فَمَا نَابَهُ يُوقَفُ فَكُلُّ مَا سَكَنَ الْمُكْتَرِي شَيْئًا دُفِعَ لَهُ بِحَسَبِهِ وَسَبَبُ الْخِلَافِ كَوْنُ الْعِوَضِ لَمْ يُقْبَضْ .
أَبُو الْحَسَنِ اخْتَلَفَ فِي الدُّيُونِ الَّتِي أَعْوَاضُهَا غَيْرُ مَقْبُوضَةٍ هَلْ تَحِلُّ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا ، وَظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهَا تَحِلُّ ا هـ .
وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُهُ دَفْعُ الْعِوَضِ فِيهِ وَيُمْكِنُهُ دَفْعُ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ مِثْلُ أَنْ يَكْتَرِيَ الرَّجُلُ دَارًا بِالنَّقْدِ أَوْ يَكُونُ الْعُرْفُ فِيهِ النَّقْدُ فَيُفَلَّسُ الْمُكْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَكَنَ الْبَعْضَ مِنْ السُّكْنَى فَأَوْجَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِلْمُكْرِي الْمُحَاصَّةُ بِكِرَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ السُّكْنَى إذَا شَاءَ أَنْ يُسَلِّمَهُ ، وَلَهُ مِثْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا إنْ فُلِّسَ قَبْلَ قَبْضِ الدَّارِ فَلِلْمُكْرِي أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصُ بِجَمِيعِ كِرَائِهِ وَهَذَا قِيَاسُ قَوْلِ أَشْهَبَ الَّذِي رَأَى قَبْضَ أَوَائِلِ الْكِرَاءِ قَبْضًا لِجَمِيعِ الْكِرَاءِ فَيُجِيزُ أَخْذَ الدَّارِ لِلْمُكْرِي مِنْ الدَّيْنِ .
وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْقِيَاسُ عَلَى أَصْلِهِ أَنْ يُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِكِرَاءِ مَا مَضَى

وَيَأْخُذَ دَارِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ ، وَلَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْكِرَاءِ النَّقْدُ وَلَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ النَّقْدَ لَوَجَبَ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِ إذَا حَاصَصَ أَنْ يُوقَفَ مَا وَجَبَ فِي الْمُحَاصَّةِ ، فَكُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أُخِذَ بِقَدْرِهِ .
ا هـ .
فَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِالْقَوْلِ الْمُقَابِلِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي نَوَازِلِهِ ، وَنَصُّهُ وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سِنِينَ مَعْلُومَةً بِنُجُومٍ فَمَاتَ أَوْ فُلِّسَ فَالْأَصَحُّ فِي النَّظَرِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَلَا بِتَفْلِيسِهِ ، إذْ لَا يَحِلُّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقْبِضْ بَعْدَ عِوَضِهِ وَهَلْ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرَ قَبْضَ الدَّارِ قَبْضًا لِسُكْنَاهَا ، فَيَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ أَنَّ الْكِرَاءَ لَا يَحِلُّ بِمَوْتِهِ وَيَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ .
ا هـ .
وَهَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ وَأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِمَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ ، زَادَ فِي نَوَازِلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ رَبُّ الدَّارِ لَا أَرْضَى بِذِمَّتِهِمْ فَلَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ وَأَخْذُ دَارِهِ ، وَيَأْتِي عَلَى مَذْهَبِهِ فِي التَّفْلِيسِ أَنَّهُ يَأْخُذُ دَارِهِ وَلَا يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِكِرَائِهَا إلَّا بِرِضَاهُمْ ، وَمَرَّ قَوْلُهُ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَهَا وَيُحَاصِصَ الْغُرَمَاءَ وَهَذَا اضْطِرَابٌ مِنْ قَوْلِهِ وَجَرَيَانٌ عَلَى غَيْرِ أَصْلِهِ وَرُجُوعٌ مِنْهُ إلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ قَبْض الْأَوَائِلِ مِنْ الْكِرَاءِ قَبْضٌ لِلْجَمِيعِ .
وَقَالَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ نَوَازِلِهِ وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ جَمِيعَ الْكِرَاءِ يُعَجِّلُ الْمُكْتَرِي مِنْ تَرِكَةِ الْمُكْتَرِي لِأَنَّهُ تَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ الدُّيُونُ الْمُؤَجَّلَةُ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحِلُّ عَلَيْهِ مَا قُبِضَ عِوَضُهُ وَمَا بَقِيَ مِنْ الْكِرَاءِ لَمْ يُقْبَضْ عِوَضُهُ لِأَنَّهُ مَنَافِعُ تُقْبَضُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ .
ا هـ .

فَانْظُرْ كَيْفَ جُعِلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ غَيْرَ صَحِيحٍ وَذَلِكَ لِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ ، وَقَدْ نَصَّ هُوَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِإِنْسَانٍ أَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى الرِّوَايَةِ حَتَّى يَعْلَمَ صِحَّتَهَا ، يَعْنِي إذَا كَانَ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ فِي التَّرْجِيحِ كَهُوَ فَلَا يَغْتَرُّ بِكَلَامِهِ مِنْ قَصُرَتْ رُتْبَتُهُ عَنْ رُتْبَتِهِ ، إذَا تَمَهَّدَ هَذَا عَلِمْت أَنَّ تَقْرِيرَ تت غَيْرُ مُحَرَّرٍ لِجَعْلِهِ مَحَلَّ الْخِلَافِ اسْتِيفَاءَ الْمَنْفَعَةِ ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ، وَاعْتَمَدَ فِيمَا لَمْ يُسْتَوْفَ عَلَى كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَإِنْ وَافَقَ اخْتِيَارَ ابْنِ رُشْدٍ ، وَلَا يَعْدِلُ عَنْ الرِّوَايَةِ لِاخْتِيَارِ أَحَدِ الشُّيُوخِ وَابْنِ فَرْحُونٍ لَمْ يَذْكُرْهُ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ بَلْ عَلَى أَنَّهُ قَوْلٌ قِيلَ بِهِ عَلَى عَادَتِهِ فِي أَلْغَازِهِ يَأْتِي مَا يَأْتِي بِهِ اللُّغْزُ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِالْمَشْهُورِ وَنَصُّهُ فَإِنْ قُلْت رَجُلٌ مَاتَ وَلَا يَحِلُّ دَيْنُهُ إلَّا عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ .
قُلْت هَذَا فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي دَارًا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ يُوفِيهَا عِنْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ السُّكْنَى فَلَا تَحِلُّ الْمِائَةُ بِمَوْتِهِ ، وَتَلْزَمُ الْوَرَثَةَ عَلَى حَسَبِ مَا لَزِمَتْ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِ سَائِرِ الدُّيُونِ ذَكَرَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ .
ا هـ .
فَلَمْ يَعْزُهُ إلَّا لِأَبِي إبْرَاهِيمَ .
وَإِذَا فُلِّسَ الْمَدِينُ وَهُوَ غَائِبٌ حَلَّ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ سَوَاءٌ قَدِمَ مِنْ غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُعْدَمٌ ( أَوْ قَدِمَ ) الْمُفْلِسُ ( الْغَائِبُ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مَلِيًّا ) فَقَدْ حَلَّ الْمُؤَجَّلُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حَكَمَ بِتَفْلِيسِهِ وَهُوَ مُجَوِّزٌ لِقُدُومِهِ مَلِيًّا فَمَضَى حُكْمُهُ وَلَا يَنْفَعُ الْمَدِينَ دَعْوَاهُ تَبَيُّنَ خَطَئِهِ بِمَلَائِهِ ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْبَغَ ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ مَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ خِلَافَ مَا

حُكِمَ بِهِ فَصَارَ كَحُكْمِ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلُ أَقْرَبُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ حِينَ قَضَائِهِ بِالْمُحَاصَّةِ كَانَ مُجَوِّزًا لِمَا قَدْ ظَهَرَ الْآنَ ، وَأَيْضًا فَهُوَ حُكْمٌ وَاحِدٌ وَقَدْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ لَا يُرَدُّ ذَلِكَ إذَا قَدِمَ مَلِيًّا فَكَذَلِكَ مَا بَقِيَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .

وَإِنْ نَكَلَ الْمُفَلِّسُ ، حَلَفَ كُلٌّ : كَهُوَ ، وَأَخَذَ حِصَّتَهُ ، وَلَوْ نَكَلَ غَيْرُهُ .
عَلَى الْأَصَحِّ

( وَإِنْ ) ادَّعَى الْمُفْلِسُ الْأَخَصُّ بِمَالٍ عَلَى شَخْصٍ وَأَنْكَرَهُ وَشَهِدَ لَهُ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ وَ ( نَكَلَ الْمُفَلِّسُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ كُلٌّ ) مِنْ غُرَمَائِهِ ( ك ) حَلِفِهِ ( هُوَ ) أَيْ الْمُفَلِّسُ فِي كَوْنِهِ عَلَى جَمِيعِ الْمَشْهُودِ بِهِ لَا عَلَى مَنَابِهِ مِنْهُ فَقَطْ لِحُلُولِهِ مَحَلَّ الْمُفَلِّسِ وَلَا يَكْفِي حَلِفُ بَعْضِهِمْ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ شَخْصٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ ( وَ ) كُلُّ مَنْ حَلَفَ مِنْ الْغُرَمَاءِ ( أَخَذَ حِصَّتَهُ ) مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَقْسُومًا عَلَى جَمِيعِهِمْ لَا جَمِيعَ دَيْنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفَلِّسِ إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ ، بَلْ ( لَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْحَالِفُ مِنْ غُرَمَائِهِ ( عَلَى ) قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ( الْأَصَحِّ ) عِنْدَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتُرَدُّ يَمِينُ النَّاكِلِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّةُ النَّاكِلِ ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَهَا لِأَنَّ نُكُولَهُ كَشَاهِدٍ ثَانٍ وَتُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ نَكَلَ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا النَّاكِلُ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يَأْخُذُ جَمِيعَ دَيْنِهِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إذَا نَكَلَ غَيْرُهُ وَإِنْ طَلَبَ مَنْ نَكَلَ مِنْ الْغُرَمَاءِ الْعَوْدَ لِلْيَمِينِ فَفِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا قَوْلَانِ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ اظْهَرْهُمَا عَدَمُهُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الشَّهَادَاتِ .
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ نَكَلَ الْمُفْلِسُ أَنَّهُ الْمَطْلُوبُ بِالْيَمِينِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّهُ لَوْ نَكَلَ الْمَدِينُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ لَا يَحْلِفُ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ ، وَأَنَّهُ فِي الْحَيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَالْمَيِّتُ إنْ شَهِدَ لَهُ بِدَيْنٍ عَدْلٌ أَوْ امْرَأَتَانِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ بَدَأَ وَارِثُهُ بِالْيَمِينِ وَلَيْسَ الْغُرَمَاءُ مَا جَبَرَهُ عَلَيْهَا ، فَإِنْ أَبِي حَلَفَ الْغُرَمَاءُ وَأَخَذُوا دُيُونَهُمْ ، وَلِلْوَارِثِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ

لِيَأْخُذَ الْفَاضِلَ عَنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ اعْتَقَدَ حَالَ نُكُولِهِ أَنَّهُ لَا يَفْضُلُ شَيْءٌ عَنْهُمْ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهِ ، وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْوَرَثَةِ يَسْقُطُ حَقُّهُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ حَلَفَ كُلٌّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَهُوَ قَوْلٌ .
وَقِيلَ يَحْلِفُ وَلِيُّهُ وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِرُشْدِهِ وَيَشْمَلُ الْمَحْجُورَ غَيْرَ الصَّبِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ يُؤَخَّرُ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ وَأَفْتَى بِهِ .

وَقُبِلَ إقْرَارُهُ بِالْمَجْلِسِ ، أَوْ قُرْبِهِ : إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ لَا بِبَيِّنَةٍ ، وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ .

( وَ ) إنْ أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِدَيْنٍ لِغَيْرِ مَنْ فُلِّسَ لَهُمْ ( قُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إقْرَارُهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ الْأَخَصِّ أَوْ الْأَعَمِّ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ إنْ أَقَرَّ ( بِالْمَجْلِسِ ) الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ ( أَوْ قُرْبِهِ ) بِالْعُرْفِ و ( إنْ ) كَانَ ( ثَبَتَ دَيْنُهُ ) الَّذِي فُلِّسَ بِهِ ( بِإِقْرَارٍ ) مِنْهُ ( لَا ) يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِغَيْرِهِمْ إنْ ثَبَتَ دَيْنُهُ الَّذِي فُلِّسَ بِهِ ( بِبَيِّنَةٍ ) عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ، وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ قَبُولَهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
خَلِيلٌ لَكِنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ وَحَمَلُوا عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ بِإِقْرَارِهِ ، فَإِنْ كَانَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُقْبَلُ وَإِنْ كَانَ بِالْمَجْلِسِ .
وَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّ مِنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُفْلِسُ إنْ كَانَ عُلِمَ مِنْهُ إلَيْهِ تَعَاطٍ وَمُدَايَنَةٌ وَخُلْطَةٌ حَلَفَ الْمُقِرُّ لَهُ وَدَخَلَ فِي الْحِصَاصِ مَعَ مَنْ لَهُ بِيئَةٌ ا هـ .
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِالْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ أَنَّ إقْرَارَهُ بَعْدَهُ بِبُعْدٍ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نُقُولٍ كَثِيرَةٍ وَكَلَامٍ طَوِيلٍ قُلْت : حَاصِلُهُ أَنَّهُ قَبْلَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ مَاضٍ اتِّفَاقًا وَلِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِيهِ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ وَبَعْدَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِحَجْرِهِ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فِيهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ وَالشَّيْخُ الثَّلَاثَةَ الْأَقْوَالَ ، وَبَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مَقْبُولٌ عَلَى مِنْ لَيْسَ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ إنْ قَارَنَهُ أَوْ قَارَبَهُ ، وَفِي قَبُولِهِ عَلَى مَنْ دَيْنُهُ بِبَيِّنَةٍ كَذَلِكَ وَلَغَوْهُ ، ثَالِثُهَا يُقْبَلُ لِمَنْ عُلِمَ لَهُ تَقَاضٍ مِنْهُ لِلَّخْمِيِّ مَعَ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ رِوَايَةً .
( وَهُوَ ) أَيْ مَا أَقَرَّ الْمُفْلِسُ بِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ إقْرَارُهُ بِهِ لِكَوْنِ الدَّيْنِ

الْمُفْلِسِ بِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لِبُعْدِ إقْرَارِهِ بِهِ عَنْ مَجْلِسِ تَفْلِيسِهِ لَازِمٌ لَهُ ( فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ يُوفِيهِ مِمَّا يَتَجَدَّدُ لَهُ مِنْ الْمَالِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَقْتَ تَفْلِيسِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بِمَالٍ دَخَلَ بِهِ مَعَ مَنْ دَايَنَهُ بِبَيِّنَةٍ وَمَا بَعْدَ التَّفْلِيسِ لَا يَدْخُلُ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ ، فَإِنْ أَفَادَ مَالًا بَعْدَ ذَلِكَ دَخَلَ فِيهِ مَعَ مَنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَوَّلِينَ .

وَقُبِلَ تَعْيِينُهُ الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ ، إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ وَالْمُخْتَارُ قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ بِلَا بَيِّنَةٍ
( وَ ) إنْ كَانَ الْمُفْلِسُ عَامِلَ قِرَاضٍ أَوْ مُودَعًا بِالْفَتْحِ وَعَيَّنَ مَالَ الْقِرَاضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ بِأَنْ قَالَ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ هَذِهِ وَدِيعَةُ فُلَانٍ ( قُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( تَعْيِينُهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ ( الْقِرَاضَ وَالْوَدِيعَةَ إنْ قَامَتْ ) أَيْ شَهِدَتْ ( بَيِّنَةٌ ) عَدْلَةٌ ( بِأَصْلِهِ ) أَيْ عَقْدِ الْقِرَاضِ أَوْ الْإِيدَاعِ عَيَّنَتْ الْبَيِّنَةُ رَبَّهُمَا أَمْ لَا ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَمَفْهُومُ تَعْيِينِهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي مَالِي قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ لَمْ يُقْبَلْ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ .
وَمَفْهُومُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ عَدَمُ قَبُولِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْبَلُ إنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ .
وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بِأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ الْبَيِّنَةَ ، وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَوْ أَقَرَّ بِمُعَيَّنٍ كَقَوْلِهِ هَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ فَفِي قَبُولِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ عَلَى أَصْلِهَا بَيِّنَةٌ صَدَقَ فِي التَّعْيِينِ ، ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ الثَّالِثُ مُفَسِّرٌ لِلْأَوَّلِ ، وَقَيَّدَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مَعَ يَمِينِ الْمُقِرِّ لَهُ وَكَوْنُهُ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ .
( وَالْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ( قَبُولُ قَوْلِ الصَّانِعِ ) بِنُونٍ فَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ الْمُفْلِسُ فِي تَعْيِينِ مَصْنُوعَاتِهِ لِأَرْبَابِهَا ( بِلَا بَيِّنَةٍ ) بِأَصْلِهَا لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ .
اللَّخْمِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْبَلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ الصُّنَّاعَ مُنْتَصِبُونَ لِمِثْلِ هَذَا وَلَيْسَ الْعَادَةُ الْإِشْهَادَ عِنْدَ الدَّفْعِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ قَوْلِهِمْ .

وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ مَالٌ
( وَحُجِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرِ عَلَى الْمُفْلِسِ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا حُجِرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا ( إنْ تَجَدَّدَ ) لَهُ أَيْ الْمُفْلِسِ ، ( مَالٌ ) بَعْدَ أَخْذِ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقَايَا سَوَاءٌ تَجَدَّدَ عَنْ أَصْلِ مَالٍ كَرِبْحٍ فِي مَالٍ تَرَكَهُ بِيَدِهِ بَعْضُ غُرَمَائِهِ أَوْ مِنْ مُعَامَلَةٍ جَدِيدَةٍ أَوْ عَنْ غَيْرِ أَصْلٍ كَمِيرَاثٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَصِيَّةٍ وَأَرْشِ جِنَايَةٍ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْأَوَّلَ قَاصِرٌ عَلَى الْمَالِ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ .
وَأَمَّا الْمَالُ الْمُتَجَدِّدُ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ إلَى أَنْ يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ تَجْدِيدِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ .
ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْعَمَلُ .
وَلِلْبَاجِيِّ فِي سِجِلَّاتِهِ يُجَدِّدُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِانْتِقَالِ الْكَسْبِ .

وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ وَلَوْ مَكَّنَهُمْ الْغَرِيمُ فَبَاعُوا وَاقْتَسَمُوا ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ ، فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلَيْنِ كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ ، إلَّا كَإِرْثٍ ، وَصِلَةٍ وَجِنَايَةٍ

( وَانْفَكَّ ) حَجْرُ الْمُفْلِسِ بِأَخْذِ مَا بِيَدِهِ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا أَوْ تَصْدِيقِهِ الْغُرَمَاءَ عَلَيْهِ إنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِفَكِّهِ عَنْهُ ، بَلْ ( وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ ) بِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ لَا يَنْفَكُّ حَجْرٌ عَنْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إلَّا بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لِاحْتِيَاجِهِ لِلِاجْتِهَادِ الَّذِي لَا يَضْبِطُهُ إلَّا الْحَاكِمُ ، كَذَا قَرَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَفِي انْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ قَوْلَانِ ، وَقَرَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ بِطُرُوِّ الْمَالِ ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ حَاكِمٍ كَالْحَجْرِ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً ، وَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ وَانْفَكَّ وَلَوْ بِلَا حُكْمٍ عَلَى وَحُجِرَ أَيْضًا إنْ تَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ .
( وَلَوْ مَكَّنَهُمْ ) أَيْ أَرْبَابُ الدَّيْنِ ( الْغَرِيمُ ) أَيْ الْمَدِينُ مِمَّا بِيَدِهِ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ فَبَاعُوا ) أَيْ الْغُرَمَاءُ مِنْ مَالِهِ مَا يَحْتَاجُ فِي قِسْمَتِهِ لِبَيْعِهِ بِلَا رَفْعٍ لِحَاكِمٍ ( وَاقْتَسَمُوا ) أَيْ الْغُرَمَاءُ مَالٌ مَدِينُهُمْ بِحَسَبِ دُيُونُهُمْ وَبَقِيَتْ لَهُمْ بَقَايَا مِنْ دُيُونِهِمْ ( ثُمَّ دَايَنَ ) الْغَرِيمُ بِابْتِيَاعٍ أَوْ اقْتِرَاضٍ ( غَيْرَهُمْ ) أَيْ الْمُقْتَسِمِينَ ثُمَّ فَلَّسَهُ غَيْرُهُمْ الَّذِينَ تَدَايَنَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَأَرَادُوا قِسْمَةَ مَا بِيَدِهِ مِنْ مُعَامَلَتِهِمْ ( فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ ) فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْضُلَ شَيْءٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْآخَرِينَ فَيَتَحَاصَّ فِيهِ الْأَوَّلُونَ ، كَذَا فِي الْجَلَّابِ ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ بَاعُوا وَاقْتَسَمُوا أَنَّهُمْ إنْ قَامُوا وَلَمْ يَجِدُوا مَعَهُ شَيْئًا فَتَرَكُوهُ لَمْ يَكُنْ تَفْلِيسًا ، فَإِنْ دَايَنَ آخَرِينَ وَفَلَّسُوهُ دَخَلَ مَعَهُمْ الْأَوَّلُونَ فِيمَا يُوجَدُ بِيَدِهِ لِأَنَّ تَفْلِيسَهُمْ لَهُ بِلَا حَاكِمٍ ( كَتَفْلِيسِ الْحَاكِمِ ) .
أَصْبَغُ سَمِعْت ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي رَجُلٍ قَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ

فَفَلَّسُوهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَأَخَذُوا مَالَهُ ثُمَّ دَايَنَهُ آخَرُونَ أَنَّ الْآخَرَ أَوْلَى بِمَا فِي يَدِهِ بِمَنْزِلَةِ تَفْلِيسِ السُّلْطَانِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَفْلِيسُهُمْ إيَّاهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ أَبَيْنُ إذَا فَعَلُوا ذَلِكَ أَنْ يَجِدُوا لَهُ الشَّيْءَ الْيَسِيرَ أَوْ السِّقْطَ فِي الْحَانُوتِ الَّذِي يَكْشِفُ فِيهِ وَيُفَالِسُ فَيَأْخُذُونَ مَا وَجَدُوا وَيَقْتَسِمُونَهُ عَلَى تَفْلِيسِهِ وَالْيَأْسِ مِنْ مَالِهِ ، فَهُوَ عِنْدِي تَفْلِيسٌ كَتَفْلِيسِ السُّلْطَانِ سَوَاءٌ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ التَّفْلِيسُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ مَنْ فَلَّسَهُ عَلَى مَنْ عَامَلَهُ بَعْدَ تَفْلِيسَةٍ .
وَاسْتَثْنَى مِمَّا لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ مَعَ الْآخَرِينَ فَقَالَ ( إلَّا ) مَا مَلَكَهُ بِ ( كَإِرْثٍ وَصِلَةٍ ) أَيْ عَطِيَّةٍ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ( وَ ) أَرْشِ ( جِنَايَةٍ ) عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ وَلِيِّهِ فَلِلْأَوَّلِينَ الدُّخُولُ فِيهِ إذَا فُلِّسَ لِلْآخَرَيْنِ .

وَبِيعَ مَالُهُ بِحَضْرَتِهِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا وَلَوْ كُتُبًا

( وَبِيعَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( مَالُهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ إنْ خَالَفَ جِنْسَ دَيْنِهِ أَوْ صِفَتَهُ وَيُبَاعُ ( بِحَضْرَتِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ ظَاهِرُهُ وُجُوبًا ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْكَمَالِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي قَطْعِ حُجَّتِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ دُيُونِ الْقَائِمِينَ وَالْمَوْجُودِينَ وَالْأَعْذَارُ لِلْمُفْلِسِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمْ فِي دَيْنِ صَاحِبِهِ وَحَلَفَ كُلٌّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا مِنْ دَيْنِهِ وَلَمْ يُسْقِطْهُ كُلَّهُ وَلَا بَعْضَهُ ، وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى الْآنَ وَتَسْمِيَةُ شُهُودِ كُلٍّ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ شَرَطَ بَيْعَ الْقَاضِي مَالَ الْمُفْلِسِ لِقَضَاءِ دُيُونِهِ ثُبُوتَ الدُّيُونِ وَحَلَفَ أَرْبَابُهَا عَلَى بَقَائِهَا كَيَمِينِ بَقَاءِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَثُبُوتِ مِلْكِ الْمُفْلِسِ مَا يَبِيعُهُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
مَيَّارَةُ تَأَمَّلْ هَلْ هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ قَضَاءٍ وَهُمْ إنَّمَا أَوْجَبُوهَا عَلَى طَالِبٍ مَنْ لَا يُمْكِنُهُ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسِهِ إمَّا حَالًّا فَقَطْ كَالصَّغِيرِ أَوْ حَالًّا وَمَآلًا كَالْمَيِّتِ أَوْ هِيَ يَمِينُ مُنْكِرٍ فَلَا تُتَوَجَّه إلَّا بِدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْغُرَمَاءِ عَلَى غَيْرِهِ إنَّهُ قَبَضَ أَوْ أَسْقَطَ مَثَلًا ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ حَاضِرًا وَادَّعَى قَضَاءَ مَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ فَيَمِينُ طَالِبِهِ يَمِينُ مُنْكِرٍ لَا يَمِينُ قَضَاءٍ ا هـ وَبِيعَ مَالُهُ ( بِالْخِيَارِ ) لِلْحَاكِمِ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ فِي جَمِيعِ السِّلَعِ الَّتِي لَا يُفْسِدُهَا التَّأْخِيرُ لِلِاسْتِزَادَةِ فِي الثَّمَنِ .
الْمُصَنِّفُ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِبَيْعِ الْمُفْلِسِ فَكُلَّمَا يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ عَلَى غَيْرِهِ فَهَذَا سَبِيلُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعَادَةُ أَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي عَلَى خِيَارِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ الْعَادَةَ فَلَهُ الْقِيَامُ بِالتَّخْيِيرِ رَدًّا أَوْ إمْضَاءً وَيُبَاعُ مَالُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ كُتُبًا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ مَالُهُ ( كُتُبًا ) فَيَجُوزُ بَيْعُهَا عَلَى

الْمَشْهُورِ .
عب ظَاهِرُهُ وَلَوْ احْتَاجَ إلَيْهَا فَلَيْسَتْ كَآلَةِ الصَّانِعِ لِأَنَّ شَأْنَ الْعِلْمِ أَنْ يُحْفَظَ .
ا هـ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِكَرَاهَةِ بَيْعِهَا وَحُرْمَتِهِ ، وَشَهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ جَوَازَهُ ، فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ .
الْخِلَافُ فِي بَيْعِهَا هُنَا جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِهَا مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرَّةً وَمَنَعَهُ أُخْرَى وَالْمَشْهُورُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ جَوَازُ بَيْعِ الْكُتُبِ .
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ بِيعَتْ كُتُبُ ابْنِ وَهْبٍ بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ وَأَصْحَابُنَا مُتَوَافِرُونَ حَاضِرُونَ وَغَيْرُهُمْ فَلَمْ يُنْكِرُوهُ وَكَانَ أَبِي الْوَصِيَّ .

أَوْ ثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ ، إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا
( أَوْ ) كَانَ مَالُهُ ( ثَوْبَيْ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَنَّى ثَوْبٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( جُمُعَتِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ اللَّذَيْنِ يُصَلِّيهَا فِيهِمَا وَيَخْلَعُهُمَا فَيَبِيعُهُمَا الْحَاكِمُ عَلَى الْمُفْلِسِ ( إنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُمَا ) عب يُحْتَمَلُ بِالنَّظَرِ لَهُمَا وَيُحْتَمَلُ بِالنَّظَرِ لِصَاحِبِهِمَا وَيَشْتَرِي لَهُ دُونَهُمَا وَلَا يُبَاعُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَنَحْوَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامِلُوهُ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتْرُكُ لِجُمُعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثَوْبَيْنِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِمَا ا هـ .
تت عب وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْمُرَادُ بِهِمَا قَمِيصٌ وَرِدَاءٌ أَوْ جُبَّةٌ وَرِدَاءٌ ا هـ .
تت وَيُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ مَا كَانَ لِلْقُنْيَةِ كَدَارِهِ وَخَادِمَتِهِ وَدَابَّتِهِ وَسَرْجِهِ وَسِلَاحِهِ وَخَاتَمِهِ وَمُصْحَفِهِ .
الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يُبَاعُ مَا لَهُ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِهَا حَتَّى تُقْبَضَ عِنْدَ حُلُولِهَا .

وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ : تَرَدُّدٌ .
وَأُوجِرَ رَقِيقُهُ ، بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ ، وَلَا يُلْزَمُ بِتَكَسُّبٍ

( وَفِي بَيْعِ آلَةِ الصَّانِعِ ) بِنُونٍ وَعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ الْمُفْلِسِ وَعَدَمِهِ ( تَرَدُّدٌ ) لِعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا لَهَا .
وَقُلْت قِيمَتُهَا ، فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهَا أَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا بِيعَتْ بِلَا تَرَدُّدٍ .
ابْنُ نَاجِي بَلَغَنِي أَنَّ شَيْخَنَا أَبَا مَهْدِيٍّ اخْتَارَ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ أَرَى أَنَّهَا لَا تُبَاعُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا يَسِيرَةً وَلَا غِنَى عَنْهَا فَتُبَاعُ مَرَازِبُ الْكِمَادَيْنِ فَإِنَّهَا تُسَاوِي بِتُونُسَ الدَّنَانِيرَ الْكَثِيرَةَ كَثَلَاثِينَ دِينَارًا كَبِيرَةً الضَّرْبُ أَمِيرِيَّةٌ فَهُمْ يُعَامَلُونَ عَلَيْهَا كَالدَّارِ ( وَأُوجِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ ( رَقِيقُهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ لِشَائِبَةِ حُرِّيَّتِهِ وَفِيهِ خِدْمَةٌ كَثِيرَةٌ كَمُدَبَّرِهِ وَمُعْتِقِهِ لِأَجَلٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَوَلَدِ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وِلَادَتِهَا مِنْهُ وَأَمَّا الْقِنُّ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ بَعْدَ الدَّيْنِ فَيُبَاعُونَ فِيهِ وَيُؤَاجَرُ عَلَيْهِ رَقِيقُ غَيْرِهِ الَّذِي أَخْدَمَهُ إيَّاهُ حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً لَا مِنْ مَرْجِعِهِ لَهُ بَعْدَ إخْدَامِهِ غَيْرَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( بِخِلَافِ مُسْتَوْلَدَتِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ فَلَا يُؤَاجَرُ عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ ادَّعَى أَنَّ أَمَتَهُ أَسْقَطَتْ مِنْهُ فَلَا يَصْدُقُ إلَّا بِامْرَأَتَيْنِ أَوْ فُشُوٍّ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ حَيٌّ قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّهُ مِنْهُ .
( وَلَا يُلْزَمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الزَّاي الْمُفْلِسُ بَعْدَ أَخْذِ مَا بِيَدِهِ ( بِتَكَسُّبٍ ) بِتَجْرٍ أَوْ عَمَلٍ لِتَوْفِيَةِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ مِنْ دُيُونِهِمْ وَلَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ لَا بِبَدَنِهِ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } ، وَسَوَاءٌ عَامَلَهُ غُرَمَاؤُهُ عَلَى التَّكَسُّبِ أَوَّلًا ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُجْبَرُ عَلَيْهِ الصَّانِعُ

لِأَنَّهُ عُومِلَ عَلَيْهِ لَا التَّاجِرُ وَعَلَى التَّاجِرِ تَكَلَّمَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطُ فِي مُعَامَلَتِهِ تَكَسُّبُهُ وَإِلَّا لَزِمَهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ غَرَضٌ وَمَالِيَّةٌ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ لِظَاهِرِ الْآيَةِ .

وَتَسَلُّفٍ وَاسْتِشْفَاعٍ ، وَعَفْوٍ لِلدِّيَةِ ، وَانْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ أَوْ مَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ ، وَعُجِّلَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ وَاسْتُؤْنِيَ بِعَقَارِهِ ، كَالشَّهْرَيْنِ

( وَ ) لَا يُلْزَمُ الْمُفْلِسُ ب ( تَسَلُّفٍ ) لِمَالٍ يَقْضِي بِهِ دَيْنَ غُرَمَائِهِ .
عب وَلَا قَبُولِ هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَلَا سَلَفٍ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ .
تت الْمُصَنِّفُ لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ وَفَاءَ دَيْنِ الطَّالِبِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ فَلَيْسَ لِلْمُفْلِسِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهُ لَا لِلْمُفْلِسِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْقَاضِي عَنْهُ ضَرَرَهُ ا هـ .
بَعْضُ مَشَايِخِي ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُ الِامْتِنَاعَ .
عب إنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يُسَلِّفَ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْرَ مَالِهِ عَلَى الْمَدِينِ لِيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمَدِينِ بِلَا عَنَتِهِ فَلَا مَقَالَ لِلْمُفْلِسِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَلَا يَرُدُّهُ مَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ مِنْ مَنْعِهِ لِقَصْدِ نَفْعِ غَيْرِ الْمُقْتَرِضِ ، وَقَدْ قَصَدَ بِهَذَا التَّسْلِيفِ نَفْعَ الْمُفْلِسِ وَهُوَ غَيْرُ الْمُقْتَرِضِ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُفْلِسِ صَارَ الْقَرْضُ لَهُ ، فَلَيْسَ النَّفْعُ فِي هَذَا الْقَرْضِ إلَّا لِلْمُقْتَرَضِ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِي الظَّاهِرِ الْمُقْتَرِضُ رَبُّ الدَّيْنِ وَالنَّفْعُ لِلْمَدِينِ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَدِينِ أَصْلًا لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُعْدِمٌ فَتَأْخِيرُهُ وَاجِبٌ سَلَّفَ رَبَّ الدَّيْنِ أَمْ لَا وَمَا مَرَّ فِي الْقَرْضِ فِي الْمَدِينِ غَيْرِ الْمُعْدِمِ فَلَا حَاجَةَ لِجَوَابِهِ .
( وَ ) لَا يُلْزَمُ بِ ( اسْتِشْفَاعٍ ) أَيْ أَخَذَ الْمُفْلِسُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ فِي عَقَارٍ بَعْدَ بَيْعِهِ لِغَيْرِهِ بِالشُّفْعَةِ لِيَرْبَحَ فِيهِ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَنَّهُ تَكَسَّبَ ( وَ ) لَا يُلْزَمُ بِ ( عَفْوٍ ) عَنْ قِصَاصٍ وَجَبَ لَهُ مِنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا لَا دِيَةَ لَهُ ( ل ) أَخْذًا ( لِدِيَةٍ ) مِنْ الْجَانِي لِيَقْضِيَ بِهَا دَيْنَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ لِأَنَّ الْعَمْدَ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ لَا مَالَ فِيهِ إنَّمَا فِيهِ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا .
وَفُهِمَ مِنْ هَذَا مَنْعُهُ مِنْ الْعَفْوِ عَمَّا فِيهِ دِيَةٌ كَالْخَطَإِ وَالْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ دِيَةٌ كَجَائِفَةٍ

وَآمَّةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَصِّ الْجَوَاهِرِ .
( وَ ) لَا يُلْزَمُ بِ ( انْتِزَاعِ مَالِ رَقِيقِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ الَّذِي لَا يُبَاعُ ، وَجَعَلَ لَهُ الشَّارِعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ كَمُدَبَّرٍ قَبْلَ الدَّيْنِ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ كَذَلِكَ إذْ لَمْ يُعَامَلْ إلَّا عَلَى مَا يَمْلِكْهُ بِالْفِعْلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ لِغُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ جَبْرُهُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ حَبْسِ حَبْسًا وَشَرَطَ أَنَّ لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِ بَيْعُهُ فَلِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى مُحَمَّدٌ لَيْسَ لَهُمْ بَيْعُهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهَا لَا يُجْبَرُ الْمُفْلِسُ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ أُمِّ وَلَدِهِ وَلَا مُدَبَّرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ مُنَافَاةُ مَا فِي السَّمَاعِ لِقَوْلِهَا فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ ، وَيُرَدُّ بِحُصُولِ مُتَعَلَّقِ الْجَبْرِ فِي السَّمَاعِ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ الْبَيْعُ وَعَدَمُهُ فِي أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ لِوَقْفِهِ عَلَى الِانْتِزَاعِ ( وَ ) لَا يُلْزَمُ بِاعْتِصَارِ ( مَا وَهَبَهُ ) الْمُفْلِسُ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ ( لِوَلَدِهِ ) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ وَحَازَهُ الْوَلَدُ قَبْلَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِ أَبِيهِ ، وَأَمَّا مَا وَهَبَهُ لَهُ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَهَا وَحَازَهُ بَعْدَهَا فَلَهُمْ رَدُّهُ ( وَعُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( بَيْعُ الْحَيَوَانِ ) الَّذِي يَجُوزُ بَيْعُهُ عَلَى الْمُفْلِسِ ، أَيْ لَا يَسْتَأْنِي بِهِ كَالِاسْتِينَاءِ بِبَيْعِ عَقَارِهِ وَعَرْضِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النِّدَاءِ عَلَيْهِ أَيَّامًا يَسِيرَةً لِأَنَّهُ يَسْرُعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَيَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ ، وَفِي ذَلِكَ نَقْصٌ لِمَالِ الْغُرَمَاءِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا تَأْخِيرٍ أَصْلًا وَلَا أَنَّهُ يُبَاعُ بِلَا خِيَارِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ .
تت مَا يُخْشَى فَوَاتُهُ مِنْ رُطَبِ فَاكِهَةٍ

وَطَرِيِّ لَحْمٍ فَلَا يَسْتَأْنِي بِهِ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَيَسِيرُ الْعُرُوض كَسَوْطٍ وَدَلْوٍ يُبَاعُ مِنْ حِينِهِ .
الْبُنَانِيُّ مِثْلُ الْحَيَوَانِ الْعُرُوض .
ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَسْتَأْنِي فِي بَيْعِ رُبْعِ الْمُفْلِسِ يَتَسَوَّقُ بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ فَيَتَسَوَّقُ بِهَا يَسِيرًا وَالْحَيَوَانُ أَسْرَعُ بَيْعًا ا هـ .
وَسُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَسْتَأْنِي بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ مِثْلَ الدُّورِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَفْظُهُ مُشْكِلٌ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّ الْعُرُوضَ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ كَالدُّورِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ مِثْلَ الدُّورِ تَفْسِيرٌ لِلْعُرُوضِ ، فَمَعْنَاهُ إنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي هِيَ الدُّورُ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُرُوضَ الَّتِي هِيَ كَالدُّورِ فِي كَثْرَةِ الثَّمَنِ يَسْتَأْنِي بِهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ .
( وَاسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَوْ بِفَتْحِهِمَا أَيْ تَرَبَّصَ وَاسْتَمْهَلَ ( بِ ) بَيْعِ ( عَقَارِهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ فَيُنَادَى عَلَيْهِ ( كَالشَّهْرَيْنِ ) ثُمَّ يُبَاعُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ لَا يُبَاعُ مَالُ الْمُفْلِسِ بِالْحَضْرَةِ وَيُسْتَأْنَى بِهِ لِيُشْهَرَ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُسْتَأْنَى فِي الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ ، وَفِي الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ يَسِيرًا أَوْ الْحَيَوَانِ دُونَ الْعُرُوضِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْعَطَاءُ الْأَوَّلُ مُسْتَوْفًى لَا تُرْجَى عَلَيْهِ زِيَادَةٌ وَيُرَى أَنَّ الْبِدَارَ لِلْعَقْدِ أَوْلَى خَوْفَ أَنْ يَنْثَنِيَ رَأْيُهُ عَنْ الشِّرَاءِ أَمْضَى ذَلِكَ ، وَكَذَا إنْ أَخَذَهُ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ بِمَا لَا تُرْجَى بَعْدَهُ زِيَادَةٌ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي الِاسْتِينَاءُ بِالْعُرُوضِ الشَّهْرَيْنِ أَوْ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ كَالْحَيَوَانِ اخْتِلَافٌ ، وَكَوْنُ الْحَيَوَانِ لَا يُسْتَأْنَى بِهِ إلَّا الْيَسِيرَ لِأَجْلِ كُلْفَةِ النَّفَقَةِ

وَالنَّظَرُ فِي الْعُرُوضِ أَنْ يَسْتَأْنِيَ بِالرَّفِيعِ الْكَثِيرِ الثَّمَنِ مِنْهَا الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ الْأَيَّامَ الْيَسِيرَةَ وَيَسِيرُ الثَّمَنِ كَالْحَبْلِ وَالدَّلْوِ وَالسَّوْطِ يُبَاعُ مِنْ سَاعَتِهِ ا هـ .
الْكَافُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِقْصَائِيَّةٌ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ .

وَقُسِمَ بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ بِلَا بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ ، وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ ، إنْ عُرِفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ

( وَقُسِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَالُ الْمُفْلِسِ الْمُجْتَمَعِ مِنْ نَاضِّهِ وَثَمَنُ مَبِيعِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ ( بِنِسْبَةِ الدُّيُونِ ) يُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ بِنِسْبَةِ مَالِهِ لِلدُّيُونِ بِأَنْ تُجْمَعَ الدُّيُونُ وَيُنْسَبُ مَالُهُ لِمَجْمُوعِهَا وَيُعْطِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ دِينَةِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ نِسْبَةُ الدُّيُونِ لِمَجْمُوعِهَا ، أَيْ نِسْبَةُ كُلِّ دَيْنٍ لَهُ ، وَيُعْطِي لِكُلِّ غَرِيمٍ مِثْلَ نِسْبَةِ دَيْنِهِ لَهُ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ ، فَلَوْ كَانَ لِغَرِيمٍ خَمْسُونَ وَلِآخِرٍ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ فَمَجْمُوعُ الدُّيُونِ ثَلَثُمِائَةٍ فَبِالْوَجْهِ الْأَوَّلِ تَنْسُبُ مِائَةً وَعِشْرِينَ لِثَلَثِمِائَةِ تَجِدُهَا خَمْسِينَ فَتُعْطِي كُلَّ غَرِيمٍ خُمُسَا دَيْنِهِ ، فَيَخْرُجُ لِلْأَوَّلِ عِشْرُونَ وَالثَّانِي أَرْبَعُونَ وَلِلثَّالِثِ سِتُّونَ ، وَبِالْوَجْهِ الثَّانِي تَنْسُبُ الْخَمْسِينَ لِلثَّلَثِمِائَةِ تَجِدُهَا سُدُسًا فَتُعْطِي صَاحِبَهَا عِشْرِينَ سُدُسَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ وَتَنْسُبُ الْمِائَةَ لِلثَّلَثِمِائَةِ فَتَكُونُ ثُلُثًا فَتُعْطِي صَاحِبَهَا ثُلُثَ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ أَرْبَعِينَ ، وَالْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ نِصْفُ الثَّلَثِمِائَةِ ، فَلِصَاحِبِهَا سِتُّونَ نِصْفُ الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجْهُ التَّحَاصُصِ صَرْفُ مَالِ الْغَرِيمِ مِنْ جِنْسِ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ دَنَانِيرَ إنْ كَانَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ إنْ كَانَ دَرَاهِمَ أَوْ طَعَامًا إنْ كَانَ طَعَامًا ، فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَصْنَافُ دُيُونِهِمْ صَرَفَ الْمَالَ عَيْنًا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَ الصِّنْفَانِ جَارِيَيْنِ بِالْبَلَدِ وَيُبَاعُ مَالُهُ مِنْ دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْغُرَمَاءُ عَلَى تَرْكِهَا لِحُلُولِهَا ، وَيُجْمِلُ جَمِيعَ دُيُونِهِمْ إنْ كَانَتْ بِصِفَةِ وَاحِدَةٍ أَوْ قِيمَتَهَا إنْ اخْتَلَفَتْ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ اقْتَضَى حُلُولَهَا كَالْمَوْتِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ الْعَرْضُ الْمُؤَجَّلُ يُقَوَّمُ يَوْمَ التَّفْلِيسِ

بِنَقْدٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ لِأَجَلِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ لَعَجَّلَ لَهُ حَقَّهُ أَجْمَعَ ، وَإِذَا قَالَهُ فِي الْعُرُوضِ فَيُلْزَمُ فِي الْعَيْنِ الْمُؤَجَّلِ ، وَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ هُوَ وَلَا غَيْرُهُ ، فَقَدْرُ مَالِ الْمُفْلِسِ مِنْ الدُّيُونِ قَدْرُ مَا يَصِيرُ لِكُلِّ ذِي دَيْنٍ مِنْ دَيْنِهِ ا هـ .
( بِلَا بَيِّنَةٍ ) شَاهِدَةٌ بِ ( حَصْرِهِمْ ) أَيْ الْغُرَمَاءِ فَلَا يَتَوَقَّفُ قَسْمُ مَالِ الْمُفْلِسِ بَيْنَهُمْ عَلَيْهَا ، بِخِلَافِ قَسْمِ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ بَيْنَ وَرَثَتِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةِ حَصْرِهِمْ اتِّفَاقًا .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَرَثَةَ مَعْلُومُونَ لِلْجِيرَانِ وَالْمَعَارِفِ وَأَهْلِ بَلَدِهِمْ بِخِلَافِ أَرْبَابِ الدُّيُونِ ، فَإِنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْمَدِينِينَ إخْفَاؤُهُمْ ( وَاسْتُؤْنِيَ ) وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ( بِهِ ) أَيْ الْقَسْمِ ( إنْ عُرِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنْ أُرِيدَ قَسْمُ مَالِهِ أَيْ اُشْتُهِرَ بَيْنَ النَّاسِ ( بِالدَّيْنِ ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ التَّدَايُنِ مِنْ غَيْرِهِ وَالِاسْتِينَاءُ ( فِي ) الْقِسْمَةِ سَبَبُ ( الْمَوْتِ فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي الْفَلَسِ أَيْضًا لِحَاضِرٍ أَوْ قَرِيبِ غَيْبَةٍ كَبَعِيدِهَا إنْ لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا اُسْتُؤْنِيَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
وَأَرَادَ بِالْبَعِيدِ مَا يَشْمَلُ الْمُتَوَسِّطَ ، وَظَاهِرُهُ الِاسْتِينَاءُ مَعَ الْخَشْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالدَّيْنِ قَالَهُ عب .
تت مَا فِي الْمَتْنِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ ، وَرَوَى غَيْرُهُ يَسْتَأْنِي فِي الْفَلَسِ كَالْمَوْتِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالدَّيْنِ قُسِمَ بِلَا اسْتِينَاءٍ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَيِّتِ وَالْمُفْلِسِ أَنَّ ذِمَّةَ الْمُفْلِسِ بَاقِيَةٌ ، فَإِنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ فَحَقَّةُ مُتَعَلِّقٌ بِهَا وَالْمَيِّتُ خَرِبَتْ ذِمَّتُهُ ، وَإِنَّ الْمُفْلِسَ حَيٌّ يُخَيَّرُ بِغَرِيمِهِ الْغَائِبِ إنْ كَانَ .
( تَتْمِيمٌ ) أَصْبَغُ إذَا فُلِّسَ الْمِدْيَانُ أَوْ مَاتَ نُودِيَ عَلَيْهِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ فِي وَقْتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا فُلِّسَ أَوْ

مَاتَ ، فَمَنْ لَهُ عِنْدَهُ دَيْنٌ أَوْ قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ بِضَاعَةٌ فَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ لِلْقَاضِي .

وَقُوِّمَ مُخَالِفُ النَّقْدِ يَوْمَ الْحِصَاصِ ، وَاشْتَرَى لَهُ مِنْهُ بِمَا يَخُصُّهُ ، وَمَضَى إنْ رَخُصَ أَوْ غَلَا

( وَ ) إذَا كَانَ بَعْضُ الدُّيُونِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا عُرُوضًا ، وَاخْتَلَفَتْ صِفَاتُهَا أَوْ أَطْعِمَةٌ كَذَلِكَ ( قُوِّمَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا دَيْنُ ( مُخَالِفِ النَّقْدِ ) أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَهُوَ الْعَرْضُ وَالطَّعَامُ ، سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( يَوْمَ الْحِصَاصِ ) فَكَسْرُ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ الْمُحَاصَّةِ وَالْقِسْمَةُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ بِنَقْدٍ مَنْ صِنْفِ مَا أُرِيدَ قَسْمُهُ ، وَيُحَاصُّ لِصَاحِبِ الْمُخَالِفِ بِقِيمَتِهِ .
( وَاشْتُرِيَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( لَهُ ) أَيْ صَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ ( مِنْهُ ) أَيْ جِنْسِ وَصِفَةِ دَيْنِهِ ا هـ الْمُخَالِفُ لِلنَّقْدِ ( بِمَا ) أَيْ النَّقْدِ الَّذِي ( يَخُصُّهُ ) أَيْ يَخْرُجُ وَيَنُوبُ صَاحِبُ الْمُخَالِفِ بِالْمُحَاصَّةِ بِقِيمَةِ دَيْنِهِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ أَوْ الْمَيْتِ ، فَإِنْ كَانَ مِائَةَ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ لِشَخْصٍ مِائَةُ دِينَارٍ وَلِآخَرَ عَرْضٌ يُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ وَلِآخَرَ طَعَامٌ كَذَلِكَ دُفِعَ لِصَاحِبِ النَّقْدِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ ، وَاشْتَرَى لِصَاحِبِ عَرْضٍ مِثْلَ عَرْضِهِ جِنْسًا وَصِفَةً بِثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ دِينَارًا وَثُلُثِ دِينَارٍ ، وَلِصَاحِبِ الطَّعَامِ كَذَلِكَ وَهَذَا مَعَ الْمُشَاحَةِ ، وَأَمَّا مَعَ التَّرَاضِي فَيَجُوزُ أَخْذُ صَاحِبِ الْمُخَالِفِ النَّقْدَ الَّذِي خَصَّهُ بِالْمُحَاصَّةِ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ كَمَا يَأْتِي .
( وَ ) إنْ لَمْ يَشْتَرِ لِصَاحِبِ الْعَرْضِ أَوْ الطَّعَامِ مِنْهُ حَتَّى رَخُصَ أَوْ غَلَا ( مَضَى ) الْقَسْمُ أَوْ التَّقْوِيمُ ( إنْ رَخُصَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ حَتَّى صَارَ إذَا اشْتَرَى بِمَا خَصَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ أَكْثَرَ مِمَّا خَصَّهُ فَلَا تُحَاصِصُهُ الْغُرَمَاءُ فِي الزَّائِدِ ( أَوْ غَلَا ) نَوْعُ الطَّعَامِ أَوْ الْعَرْضُ حَتَّى إذَا اشْتَرَى لَهُ بِمَا خَصَّهُ يَكُونُ الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ أَقَلَّ مِمَّا يَخُصُّهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْغُرَمَاءِ فِيمَا خَصَّهُمْ فَلَا تَرَاجُعَ بَيْنَ

الْغُرَمَاءِ ، قَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ ، قَالَا إلَّا أَنْ يَصِيرَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ حَقِّهِ فَيُرَدُّ الْفَاضِلُ لِلْغُرَمَاءِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ بِبَوَاقِي دُيُونِهِمْ .
وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَ الْمَدِينِ وَصَاحِبِ مُخَالِفِ النَّقْدِ فَيَكُونُ الْحِسَابُ بِمَا اشْتَرَى لَا بِثَمَنِهِ ، فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ قَدْرَ دَيْنِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ ، وَإِنْ اشْتَرَى لَهُ أَقَلَّ مِنْهُ اتَّبَعَ الْمَدِينَ بِبَاقِيهِ .
فِي التَّوْضِيحِ الْبَاجِيَّ وَصَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إنْ تَأَخَّرَ الشِّرَاءُ حَتَّى غَلَا أَوْ رَخُصَ فَلَا تَرَاجُعَ فِيهِ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا صَارَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ فَيُرَدُّ الْفَضْلُ إلَى الْغُرَمَاءِ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ التَّحَاسُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَرِيمِ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ لَوْ تَغَيَّرَ السِّعْرُ حَتَّى صَارَ يَشْتَرِي لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَ يَشْتَرِي لَهُ يَوْمَ قِسْمَةِ الْمَالِ ، فَالزَّائِدُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهِ كَمَالٌ طَرَأَ لِلْمُفْلِسِ .
وَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّ هَذَا الْفَضْلَ الَّذِي حَدَثَ بِاخْتِلَافِ السِّعْرِ يَسْتَبِدُّ بِهِ هَذَا الْغَرِيمُ الْمَوْقُوفُ لَهُ الْمَالُ ، وَيَشْتَرِي لَهُ بِهِ مِمَّا بَقِيَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ مُصِيبَةَ الْمَوْقُوفِ مِمَّنْ لَهُ الدَّيْنُ ا هـ .
الْحَطّ وَكَلَامُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَيْسَ قَوْلًا ثَالِثًا كَمَا تَوَهَّمَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ ، بَلْ هُوَ الَّذِي حَكَاهُ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ .

وَهَلْ يُشْتَرَى فِي شَرْطٍ جَيِّدٍ أَدْنَاهُ أَوْ وَسَطَهُ ؟ قَوْلَانِ .
وَجَازَ الثَّمَنُ ، إلَّا لِمَانِعٍ كَالِاقْتِضَاءِ .

( وَ ) إنْ كَانَ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ أَوْ جَمِيعِهِمْ دَيْنٌ عَرْضٌ أَوْ طَعَامٌ وَكَانَ اشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْمُعَامَلَةِ كَوْنُهُ جَيِّدًا ف ( هَلْ يُشْتَرَى ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ لَهُ بِمَا خَصَّهُ بِالْمُحَاصَّةِ بِقِيمَتِهِ ( فِي ) صُورَةِ ( شَرْطٍ ) كَوْنُهُ مِنْ ( جَيِّدٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِ يَشْتَرِي ( أَدْنَاهُ ) أَيْ الْجَيِّدِ رِفْقًا بِالْمَدِينِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ( أَوْ ) يُشْتَرَى لَهُ ( وَسَطُهُ ) أَيْ الْجَيِّدُ لِأَنَّهُ الْعَدْلَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ شِرَاءَ الْأَعْلَى يَضُرُّ الْمَدِينَ ، وَشِرَاءُ الْأَدْنَى يَضُرُّ رَبَّ الدَّيْنِ ، فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) عب وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْغَالِبِ إنْ وُجِدَ كَمَا قَالَ فِي السَّلَمِ ، وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ لِفَلَسِ الْمُسْلِمِ إلَيْهِ هُنَا دُونَ مَا مَرَّ ، أَوْ يُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبًا أَوْ مَا هُنَا فِي غَيْرِ السَّلَمِ وَمِثْلُ شَرْطِ الْجَيِّدِ شَرْطُ الدَّنِيءِ .
( وَ ) إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَيْرِ الْعَيْنِ بِأَخْذِ مَا نَابَهُ فِي الْحِصَاصِ عَيْنًا ( جَازَ ) أَنْ يُؤْخَذَ ( الثَّمَنُ ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ ، أَيْ النَّقْدُ الَّذِي خَصَّهُ بِالْحِصَاصِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِمَانِعٍ ) شَرْعِيٍّ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ دَنَانِيرَ فِي عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَنَابَهُ بِالْمُحَاصَّةِ دَرَاهِمُ ، أَوْ أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي أَحَدِهِمَا وَنَابَهُ نَقْدٌ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ طَعَامٍ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَالْأَخْذُ هُنَا ( كَالِاقْتِضَاءِ ) عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ السَّابِقِ فِي بَابِ السَّلَمِ فِي قَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةٌ ، وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ نَائِبٌ عَنْ الْمُفْلِسِ فَلَمْ يَدْفَعْ دُخُولُهُ التُّهْمَةَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنُهُ مِنْ صِنْفِ مَالِ الْغَرِيمِ اُبْتِيعَ لَهُ بِمَا صَارَ لَهُ صِنْفُ دَيْنِهِ ،

فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ مَا صَارَ لَهُ عَيْنًا لَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ دَيْنُهُ طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ ، وَجَازَ إنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَهُ عَرْضًا مِنْ سَلَمٍ لَمْ يَجُزْ .
وَقِيلَ إنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّ التَّفْلِيسَ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ وَهُوَ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ وَالْآجَالِ .
ابْنُ عَرَفَةَ حَاصِلُ مَا فِيهَا أَنَّ فِي رَفْعِ التَّفْلِيسِ حُكْمَ التُّهْمَةِ رِوَايَاتٌ لِغَيْرِ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَهُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَلِأَنَّ حُكْمَ التَّفْلِيسِ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ خُيِّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مَنْ بَاعَ عَبْدًا فَفُلِّسَ مُشْتَرِيهِ وَقَدْ أَبَقَ بَيْنَ حُصَاصَةِ الْغُرَمَاءِ وَبَيْنَ طَلَبِهِ الْعَبْدَ .
وَقَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ .
ثُمَّ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَ مَا صَارَ لَهُ فِي الْمُحَاصَّةِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ جَازَ إنْ كَانَ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ فَأَقَلَّ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ طَعَامَ سَلَمٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حَظُّهُ فِي الْمُحَاصَّةِ مِثْلَ رَأْسِ مَالِهِ وَلَوْ كَانَ طَعَامَ قَرْضٍ جَازَ مُطْلَقًا .

وَحَاصَّتْ الزَّوْجَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ ، وَبِصَدَاقِهَا كَالْمَوْتِ ، لَا بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ

( وَ ) إنْ أَنْفَقَتْ زَوْجَةٌ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِمَّا تَسَلَّفَتْهُ حَالَ يُسْرِ زَوْجِهَا ثُمَّ فُلِّسَ ( حَاصَتْ الزَّوْجَةُ ) غُرَمَاءَ زَوْجِهَا ( بِمَا أَنْفَقَتْ ) قَبْلَ تَدَايُنِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَلَوْ بَعْدَ تَفْلِيسِهِ لِأَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ النَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ وَمِنْهَا نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ ( وَ ) حَاصَتْ ( بِصَدَاقِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ كُلِّهِ وَلَوْ فُلِّسَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ حَلَّ بِفَلَسِهِ ، وَإِذَا حَاصَّتْ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ قَوْلَانِ ، ثَانِيهِمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَالْأَوَّلُ لِابْنِ دِينَارٍ قَالَهُ تت ، وَهُوَ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الثَّانِي أَيْ وَتُحَاصَصُ فِيمَا رَدَّتْهُ ، فَإِنْ كَانَ الصَّدَاقُ مِائَةً وَحَاصَتْ بِهَا فَنَابَهَا خَمْسُونَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَدَّتْ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ صَدَاقَهَا خَمْسُونَ وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ الْحِصَاصَ إلَّا بِهَا ، وَتَكُونُ فِي الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي رَدَّتْهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ا هـ .
عب الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الرَّهْنِ ، وَإِلَّا قَدَرَ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ ، وَمِثَالُهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَلَيْهِ مِائَتَانِ وَحَاصَّتْهُمَا بِمِائَةِ صَدَاقُهَا وَمَالُ الْمُفْلِسِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ نِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِ الدُّيُونِ النِّصْفُ فَأَخَذَ كُلُّ خَمْسِينَ نِصْفَ دَيْنِهِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ، فَإِذَا قُدِّرَتْ مُحَاصَّةٌ بِخَمْسِينَ نُصِّفَ الصَّدَاقُ نَابَهَا ثَلَاثُونَ لِأَنَّ مَجْمُوعَ الدُّيُونِ حِينَئِذٍ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ وَمَالُ الْمُفْلِسِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا فَتَرُدُّ عِشْرِينَ لِلْغَرِيمَيْنِ الْآخَرَيْنِ لِيَكْمُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتُّونَ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ دَيْنِهِ ، وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُمَا فِيمَا تَرُدُّهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ " ز "

تُحَاصَصُ فِيمَا تَرُدُّهُ ، وَقَوْلُهُ تَرُدُّ لِلْغُرَمَاءِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ غَيْرُ صَوَابِ ، نَعَمْ فِي ضَيْح عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِيَدِ غَرِيمٍ بِالْحِصَاصِ الْأَوَّلِ نِصْفُ حَقِّهِ فَلْتَحْبِسْ هِيَ مِمَّا بِيَدِهَا قَدْرَ نِصْفِهِ وَتَرُدُّ مَا بَقِيَ وَتُحَاصَصُ مَعَهُمْ فِيهِ ، فَعَلَى هَذَا تَرُدُّ مِنْ الْخَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَيَبْقَى لَهَا مِنْ دَيْنِهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسُونَ ، فَمَجْمُوعُ الدُّيُونِ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ، وَنِسْبَةُ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْمَرْدُودَةِ إلَيْهِ الْخُمُسُ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خُمُسَ مَا بَقِيَ مِنْ دَيْنِهِ فَتَأْخُذُ خَمْسَةً وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَشَرَةً .
ا هـ .
لَكِنْ لَا يُقَالُ عَلَى هَذَا تَرُدُّ مَا زَادَ عَلَى تَقْدِيرِ الْمُحَاصَّةِ بِنِصْفِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْمُحَاصَّةِ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَصَدَاقِهَا فَقَالَ ( كَالْمَوْتِ ) لِلزَّوْجِ فَتُحَاصَصُ زَوْجَتُهُ بِنَفَقَتِهَا حَالَ يُسْرِهِ وَبِصَدَاقِهَا غُرَمَاءَهُ ، وَإِنْ أَنْفَقَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى وَلَدِ زَوْجِهَا حَالَ يُسْرِهِ ثُمَّ فُلِّسَ أَوْ مَاتَ ( فَلَا ) تُحَاصَصُ ، ( بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ ) لِأَنَّهَا مَحْضُ مُوَاسَاةٍ ، لَكِنْ تَرْجِعُ بِهَا عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَيْسَرَ لِقِيَامِهَا عَنْهُ بِوَاجِبٍ ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ مُحَاصَّتِهَا بِهَا وَلَوْ حَكَمَ بِهَا .
وَفِي " د " هَذَا مَا لَمْ تَكُنْ بِقَضِيَّةٍ وَأَنْفَقَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ وَإِلَّا حَاصَتْ بِهَا .
ا هـ .
لَكِنْ ظَاهِرٌ أَنَّهُ مُقَابِلٌ وَلَا تُحَاصَصُ بِنَفَقَتِهَا عَلَى وَالِدِيهِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ بِهَا عَلَيْهِ وَكَانَ مَلِيًّا وَتَسَلَّفَتْ فَتُحَاصِصْ .
الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ هَذَا ، فَفِي مُنْتَقَى الْبَاجِيَّ حِكَايَتُهُ عَنْ أَصْبَغَ بَعْدَ نَقْلِهِ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تُحَاصَصُ بِنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ مُطْلَقًا ، وَوَجَّهَ كُلًّا مِنْهُمَا وَنَحْوَهُ فِي التَّوْضِيحِ .

وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ : رَجَعَ بِالْحِصَّةِ كَوَارِثٍ ، أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ

( وَإِنْ ) قَسَمَ مَالَ مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ عَلَى غُرَمَائِهِ ثُمَّ ( ظَهَرَ دَيْنٌ ) عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمْ لَمْ يُعْلَمْ بِقِسْمَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ بِالْحِصَّةِ الَّتِي تَنُوبُهُ لَوْ قَاسَمَهُمْ ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يُقَاسِمْهُمْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ ( أَوْ ) بِيعَ مَالُهُ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ عَلَى غُرَمَائِهِ ثُمَّ ( اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَقَافٍ شَيْءٌ ( مَبِيعٌ ) عَلَى مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ إنْ كَانَ مَبِيعًا بَعْدَ تَفْلِيسِهِ .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مَبِيعًا ( قَبْلَ فَلَسِهِ ) أَوْ مَوْتِهِ ( رَجَعَ ) الْغَرِيمُ الظَّاهِرُ فِي الْأُولَى وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ ( بِالْحِصَّةِ ) الَّتِي تَخُصُّهُ لَوْ قَاسَمَهُمْ فِي الْبَيْعِ قَبْلَ الْفَلَسِ ، وَبِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَهُ لِاقْتِسَامِهِمْ عَيْنَ مَالِهِ وَلِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِي هَذَا إنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ ، فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ لِاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَشَرَةٌ وَلَهُ سِلْعَتَانِ بِيعَتْ كُلُّ سِلْعَةٍ مِنْهُمَا بِعَشَرَةٍ ، وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ عَشَرَةً ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ إحْدَى السِّلْعَتَيْنِ رَجَعَ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِثَلَاثَةٍ وَثُلُثٍ إنْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْفَلَسِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا بِخَمْسَةٍ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ فِيهِمَا .
الْخَرَشِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ يُفَلَّسُ وَدَيْنُهُ مُسَاوٍ لِمَا بِيَدِهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لِلْحَطِّ ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا حِينَ تَفْلِيسِهِ تَنْقُصُ عَنْ عِشْرِينَ ثُمَّ زَادَتْ حِينَ الْبَيْعِ ، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ ظَهَرَ عَمَّنْ حَضَرَ الْقَسْمَ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ مَانِعٌ لَهُ مِنْ مُقَاسَمَتِهِمْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمْ بِشَيْءٍ لِأَنَّ سُكُوتَهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ وَبَالَغَ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ

الْفَلَسِ لِتَوَهُّمِ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِيهِ لِأَنَّ الْمُقْتَسِمِينَ يَقُولُونَ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ مِنْهُ إنَّمَا اقْتَسَمْنَا مَالَ الْمُفْلِسِ وَلَمْ تَسْتَحِقَّ أَنْتَ شَيْئًا مِنْهُ وَقْتَ الْقِسْمَةِ إنَّمَا طَرَأَ اسْتِحْقَاقُك بَعْدَهَا .
وَوَجْهُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ أَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِقُّ مُحَاصَّتَهُمْ وَقْتَهَا .
وَأَمَّا الْمَبِيعُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ لِاقْتِسَامِهِمْ عَيْنَ مَالِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِمْ بِجَمِيعِهِ لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ إنَّمَا هِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَاكِمِ ، قَالَهُ الْفِيشِيُّ وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِ السُّودَانِيِّ .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إنْ ظَهَرَ غَرِيمٌ رَجَعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَخُصُّهُ ، وَكَذَا لَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ هَذَا هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ مَنْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ مَا اشْتَرَاهُ مِمَّا بِيعَ عَلَى الْمُفْلِسِ رَجَعَ بِثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ، فَقَوْلُهُ رَجَعَ بِثَمَنِهِ ظَاهِرٌ فِي رُجُوعِهِ بِجَمِيعِهِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَبِيعَ بَعْدَ الْمُفْلِسِ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَالْمَبِيعُ قَبْلَهُ يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ فَقَدْ اخْتَلَفَا فِي هَذَا الْحُكْمِ وَاتَّفَقَا فِي أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ ، وَلَا حَاضِرًا عَنْ غَائِبٍ ، وَلَا حَيًّا عَنْ مَيِّتٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى غُرَمَاءِ بَعْدَ قَسْمِ مَالِ الْمَدِينِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِ الْعِلْمِ بِالطَّارِئِ وَشُهْرَةِ الْمَدِينِ بِالدَّيْنِ تَبِعَ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَا يَجِبُ لَهُ لَوْ حَضَرَ مَعَهُمْ فِيمَا صَارَ لَهُمْ ، وَلَوْ لَمْ يَجِبْ لَهُ الْوَفَاءُ مَا فَضَلَ عَنْ دُيُونِهِمْ بِحَقِّ الطَّارِئِ تَبِعَ الْوَرَثَةَ بِمَا فَضَلَ عَنْ دُيُونِهِمْ زَادَ فِي قِسْمَتِهَا وَلَا يَتْبَعُ الْمَلِيءُ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي رُجُوعِ الطَّارِئِ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ فَقَالَ ( كَوَارِثٍ ) طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ

بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ ( أَوْ مُوصًى لَهُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ طَرَأَ ( عَلَى مِثْلِهِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ وَارِثٍ فِي الْأَوَّلِ وَمُوصًى لَهُ فِي الثَّانِي بَعْدَ قِسْمَةِ التَّرِكَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُوصَى بِهِ فِي الثَّانِي ، فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَى الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ بِحِصَّتِهِ لَوْ حَضَرَهَا وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدِمٍ إلَخْ .

وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ ، أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ : رُجِعَ عَلَيْهِ ؛ وَأُخِذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ : مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ ، ثُمَّ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ ، وَفِيهَا الْبُدَاءَةُ بِالْغَرِيمِ ، وَهَلْ خِلَافٌ ، أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ ؟ تَأْوِيلَانِ :

( وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ ) عَلَيْهِ ( أَوْ ) لَمْ يَشْتَهِرْ بِهِ و ( عَلِمَ وَارِثُهُ ) لَوْلَا الدَّيْنُ أَوْ وَصِيُّهُ بِأَنَّهُ مَدِينٌ لِغَيْرِ الْحَاضِرِينَ ( وَأَقْبَضَ ) الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ التَّرِكَةَ لِلْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ ، أَوْ قَبَضَهَا الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ ، أَوْ أَقْبَضَهَا لَهُ الْوَصِيُّ ثُمَّ طَرَأَ غَرِيمٌ ( رَجَعَ ) الْغَرِيمُ الطَّارِئُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْوَارِثِ أَوْ الْوَصِيِّ الْمُقْبِضِ لِغَيْرِهِ أَوْ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ بِمَا يَخُصُّهُ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْبَاضِ أَوْ الْقَبْضِ بِالشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ ( وَأُخِذَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَارِثٌ ( مَلِيءٌ عَنْ ) وَارِثٍ ( مُعْدِمٍ ) وَحَاضِرٌ عَنْ غَائِبٍ وَحَيٌّ عَنْ مَيِّتٍ ( مَا لَمْ يُجَاوِزْ ) بِجِيمٍ وَزَايٍ ، أَيْ يَتَعَدَّ دَيْنُ الطَّارِئِ ( مَا ) أَيْ الْقَدْرَ الَّذِي ( قَبَضَهُ ) الْوَارِثُ الْمَلِيءُ الْمَرْجُوعُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُ أَوْ سَاوَاهُ ، فَإِنْ جَازَ دَيْنُ الطَّارِئِ مَا قَبَضَهُ الْوَارِثُ الْمَلِيءُ لِنَفْسِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ الطَّارِئُ بِمَا قَبَضَهُ فَقَطْ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِقْبَاضِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ فِيهِ احْتِبَاكًا بِحَذْفٍ أَوْ قَبْضٍ عَقِبَ " أَقْبَضَ " بِدَلِيلِ مَا قَبَضَهُ وَحَذَفَ أَوْ أَقْبَضَهُ عَقِبَ قَبْضِهِ بِدَلِيلِ أَقْبَضَ الْأَوَّلُ ، وَيَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ، وَتَقَدَّمَ فِي الْغُرَمَاءِ لَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ وَفَرَّقَ بِمُسَاوَاةِ الْغُرَمَاءِ الطَّارِئِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْوَارِثُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ .
( ثُمَّ ) إذَا غَرِمَ الْوَارِثُ الْمُقْبِضُ مَعَ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ ( رَجَعَ ) الْوَارِثُ ( عَلَى الْغَرِيمِ ) الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ أَوَّلًا ، قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ( الْبُدَاءَةُ ) فِي الرُّجُوعِ ( بِالْغَرِيمِ ) الَّذِي قَبَضَ مِنْ الْوَارِثِ أَوَّلًا ، أَيْ يَرْجِعُ الطَّارِئُ أَوَّلًا عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ لَوْ حَضَرَ ، فَإِنْ

وَجَدَهُ عَدِيمًا رَجَعَ عَلَى الْوَارِثِ بِمَا يَخُصُّهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْوَارِثُ عَلَى الْغَرِيمِ الْأَوَّلِ .
( وَهَلْ ) بَيْنَهُمَا ( خِلَافٌ أَوْ ) هُمَا مَحْمُولَانِ ( عَلَى التَّخْيِيرِ ) لِلطَّارِئِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْغَرِيمِ ، فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ ، وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : طفي قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ إلَخْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِيمَنْ تَرَكَ مَالًا يَفِي بِدُيُونِهِ ، وَالتَّفْصِيلُ فِيهِ أَمَّا مَنْ تَرَكَ وَفَاءً وَقَضَى الْوَصِيُّ أَوْ الْوَارِثُ بَعْضَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ تَلِفَ مَا بَقِيَ فَلَيْسَ لِلْبَاقِينَ رُجُوعٌ عَلَى مَنْ قَبَضَ مِنْ الْغُرَمَاءِ بِشَيْءٍ ، إذْ فِيمَا بَقِيَ وَفَاءٌ بِدَيْنِ الْبَاقِينَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَهَلْ لِلْبَاقِينَ رُجُوعُ الْوَارِثِ فِيهِ تَفْصِيلٌ ، ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهَا ، وَنَصَّهُ اللَّخْمِيُّ ضَيَاعُ الْبَقِيَّةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إنْ أَمْسَكَهَا الْوَارِثُ لِنَفْسِهِ وَهُوَ عَالِمٌ بِدَيْنِ الطَّارِئِ ضَمِنَهَا مُطْلَقًا ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى ضَيَاعِهَا وَإِنْ قَامَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُهَا مُطْلَقًا عَلَى أَصْلِهِ فِي ضَمَانِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ .
اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَإِنْ أَوْقَفَهَا لِلْغَرِيمِ فَلَا يَضْمَنُهَا ، وَاخْتَلَفَ هَلْ مُصِيبَتُهَا مِمَّنْ وُقِفَتْ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ ، أَوْ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ا هـ .
فَالرَّاجِحُ أَنَّهَا مِنْ الْمَيِّتِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ الْآتِي وَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ إلَخْ لِأَنَّهُ فِيمَا عَزَلَهُ الْقَاضِي مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ؟ الثَّانِي طفي قَوْلُهُ وَأُخِذَ مَلِيءٌ إلَخْ هَذَا خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ لَا بِقَيْدِ الشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ بَلْ مُطْلَقًا كَمَا قَرَّرَهُ " س " وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمْ ، وَلَا

يُعَارِضُهُ مَا يَأْتِي فِي الْقِسْمَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْ أُعْسِرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا لِأَنَّهُ مُعْتَرِضٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَطّ هُنَاكَ ، فَتَعْمِيمُ " ج " كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ قَائِلًا فِي قَوْلِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ أَوْ أَقْبَضَهُ تَكَلُّفٌ بِلَا مُسَاعِدٍ لَهُ نَقْلًا .
الثَّالِثُ : " غ " اشْتَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : الْأَوَّلُ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْغُرَمَاءِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَبِيعٌ وَإِنْ قَبْلَ فَلَسِهِ رَجَعَ بِالْحِصَّةِ .
الثَّانِي طُرُوءُ الْوَارِثِ عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُوصِي عَلَى الْمُوصَى لَهُ ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ كَوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ .
الثَّالِثُ طُرُوُّ الْغَرِيمِ عَلَى الْوَارِثِ وَالْوَارِثُ ضَرْبَانِ مُقْبِضٌ لِغَيْرِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ وَقَابِضٌ لِنَفْسِهِ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْوَارِثِ الْمُقْبِضِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَهَرَ مَيِّتٌ بِدَيْنٍ أَوْ عَلِمَ وَارِثُهُ وَأَقْبَضَ رَجَعَ عَلَيْهِ وَإِلَى الْوَارِثِ الْقَابِضِ بِقَوْلِهِ وَأُخِذَ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ ، وَبَاقِي كَلَامِهِ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْمُقْبِضِ .
فَإِنْ قُلْت فَأَيُّ قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ لِلْمُقْبَضِ دُونَ الْقَابِضِ .
قُلْت ذِكْرُ الرُّجُوعِ عَلَى الْغَرِيمِ يُعَيِّنُ ذَلِكَ ، فَإِنَّ الدَّافِعَ هُوَ الْمُقْبَضُ دُونَ الْقَابِضِ .
بِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
الرَّابِعُ : الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي كَلَامِهِ احْتِبَاكٌ إلَخْ ، هَذَا الْوَجْهُ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ أَيْضًا إنْ أَخَذَ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدِمِ فِي الْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ مَشْرُوطٌ بِالشُّهْرَةِ أَوْ الْعِلْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ .
الْخَامِسُ الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَأَخْذُ مَلِيءٍ عَنْ مُعْدِمٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ مَا قَبَضَهُ الصَّوَابُ أَنَّهُ مُقْحَمٌ هُنَا كَمَا فِي " ق " و " غ " ، وَأَنَّ قَوْلَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ يُوصَلُ بِقَوْلِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ

وَأَخَذَ مَلِيءٌ إلَخْ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ الْقَابِضِ لِنَفْسِهِ لَا يُقَيِّدُ الشُّهْرَةَ أَوْ الْعِلْمَ ، بَلْ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ طفي .

فَإِنْ تَلِفَ نَصِيبُ غَائِبٍ : عُزِلَ لَهُ فَمِنْهُ كَعَيْنٍ وُقِفَ لِغُرَمَائِهِ لَا عَرْضٍ ؛ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكَدَيْنِهِ ؟ تَأْوِيلَانِ ،

( فَإِنْ ) غَابَ غَرِيمٌ وَقْتَ الْقِسْمَةِ وَعَزَلَ الْقَاضِي لَهُ نَصِيبَهُ و ( تَلِفَ نَصِيبُ ) غَرِيمٍ ( غَائِبٍ عُزِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ الْقَاضِي أَوْ نَائِبِهِ عِنْدَ الْقَسْمِ ( ف ) ضَمَانُهُ ( مِنْهُ ) أَيْ الْغَائِبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ نَائِبَهُ كَوَكِيلٍ عَنْ الْغَائِبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَقِفَ لِمَنْ غَابَ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ حَظُّهُ ثُمَّ إنْ هَلَكَ كَانَ مِنْهُ ، وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الضَّمَانِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ فَقَالَ ( كَعَيْنٍ ) أَيْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ( وُقِفَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ ( ل ) تَتَقَسَّمَ عَلَى ( غُرَمَائِهِ ) وَتَلِفَتْ فَضَمَانُهَا مِنْ الْغَرِيمِ لَا مِنْ الْمُفْلِسِ أَوْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ لِتَقْصِيرِ الْغَرِيمِ فِي عَدَمِ قِسْمَتِهَا مَعَ تَهَيُّئِهَا لِلْقَسْمِ ( لَا عَرْضٍ ) وُقِفَ لِلْغُرَمَاءِ فَتَلِفَ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُفْلِسِ أَوْ التَّرِكَةِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَيْنَ مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ كَانَ دَيْنُهُمْ عَيْنًا .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ الْعُرُوضَ مِنْ الْمَدِينِ إنْ كَانَ دَيْنُ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ مُمَاثِلًا لَهَا .
ا هـ .
وَنَحْوَهُ فِي أَبِي الْحَسَنِ .
( وَهَلْ ) عَدَمُ ضَمَانِ الْغَرِيمِ الْعَرْضَ الْمَوْقُوفَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِثْلَ دَيْنِهِ أَمْ لَا ، وَعَلَيْهِ فَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ أَوْ عَدِمَهُ فِي حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) الْعَرْضُ ( بِكَ ) جِنْسِ وَصِفَةِ ( دَيْنِهِ ) أَيْ الْغَرِيمِ الْمَوْقُوفِ لَهُ فَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ لِأَنَّ الْمُحَاصَّةَ فِيهِ كَالْعَيْنِ بِدُونِ احْتِيَاجٍ إلَى بَيْعٍ ، وَهَذَا فَهْمُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنِ رُشْدٍ ، فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ ضَمَانَ التَّالِفِ مِنْ الْمُفْلِسِ حَقٌّ يَصِلُ لِلْغُرَمَاءِ عَيْنًا كَانَ أَوْ عَرْضًا ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفَادَهُ تت .
طفي اغْتَرَّ بِكَلَامِ

الْمُصَنِّفِ فَجَعَلَ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَأَعَادَ الضَّمِيرَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ الْفَهْمَانِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَائِلًا اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَأْوِيلَانِ ، فَإِنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
وَلَمْ يَنْسُبْهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ لَهَا وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا غَيْرُهُمْ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَلَعَلَّ أَصْلَهُ فَفَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ بِتَذْكِيرِ الضَّمِيرِ الَّذِي مَرْجِعُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَكَذَا رَأَيْته فِي كَبِيرِهِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ صَغِيرِهِ .

وَتُرِكَ لَهُ قُوتُهُ ، وَالنَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتَهُ وَكِسْوَتُهُمْ كُلٌّ دَسْتًا مُعْتَادًا

( وَتُرِكَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي أُرِيدَ قَسْمُهُ عَلَى غُرَمَائِهِ ( قُوتُهُ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الْمُفْلِسِ نَفْسِهِ ( وَ ) تُرِكَ أَيْضًا ( النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ عَلَيْهِ ) لِغَيْرِهِ كَزَوْجَتِهِ وَوَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَمُدَبِّرِيهِ ( لِظَنِّ يَسْرَتِهِ ) الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ إلَى وَقْتٍ يُؤَدِّي الِاجْتِهَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ فِي مِثْلِهِ مَا تَتَأَتَّى مِنْهُ مَعِيشَتُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ نَحْوَ الشَّهْرِ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَفِي الشَّامِلِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَيْسَ خِلَافًا ا هـ .
تت عب وَالْمُرَادُ الْوَاجِبَةُ أَصَالَةً بِزَوْجِيَّةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا يُبَاعُ كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ فَلَا تَسَلُّطَ لِغُرَمَائِهِ عَلَى قَدْرِ كِفَايَتِهِ ، لِأَنَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ عَامَلُوهُ لَا بِالِالْتِزَامِ لِسُقُوطِهَا بِالْفَلَسِ أَوْ الْمَوْتِ .
فِي الشَّامِلِ مَنْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ لَا يُتْرَكُ لَهُ شَيْءٌ .
وَقِيلَ إلَّا نَفَقَةُ كَيَوْمَيْنِ خَوْفَ عُطْلَةٍ ا هـ .
( وَ ) تُرِكَ لَهُ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ( كِسْوَتُهُمْ ) ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ كُلُّ عُرُوضِهِ إلَّا مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ ثِيَابِ جَسَدِهِ وَثَوْبَيْ جُمُعَتِهِ إنْ كَانَتْ لَهُمَا قِيمَةٌ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا تِلْكَ الْقِيمَةُ فَلَا ، ثُمَّ قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ تُتْرَكُ لَهُ لُبْسَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا فَضْلٌ .
اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ فَتُبَاعُ وَيَشْتَرِي لَهُ دُونَهَا ، ثُمَّ قَالَ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةٌ وَلِابْنِهِ وَفِي كِسْوَةِ الزَّوْجَةِ شَكٌّ .
سَحْنُونٌ لَا يُتْرَكُ لَهُ كِسْوَةُ زَوْجَتِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ شَكَّ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي ذَلِكَ فِي الْمُخْتَصَرِ .
اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مَالِكًا وَلَيْسَ فِي الْفِقْهِ لِأَنَّهَا أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْوَلَدِ ، فَإِذَا تُرِكَتْ كِسْوَتُهُ فَتَرْكُ كِسْوَتِهَا أَوْلَى ، وَعَلَى

قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا تُتْرَكُ لَهَا لَا تُتْرَكُ لِلْوَلَدِ وَهُوَ أَبْيَنُ ، وَحَسْبُهُمْ مَا كَانَ عَلَيْهِمْ .
وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَتْ ثِيَابُ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ خَلَقَةً هَلْ تُجَدَّدُ لَهُمْ وَلَا أَرَى أَنْ يُسْتَأْنَفَ لَهُ كِسْوَةٌ وَيَكْفِيهِ مَا كَانَ يَجْتَزِي بِهِ قَبْلَ ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ شَكَّ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيهَا لِطُولِ بَقَائِهَا فَهِيَ كَالنَّفَقَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُؤَقَّتَةِ ( كُلٌّ ) مِنْ الْمُفْلِسِ وَمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ ( دَسْتًا ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فَمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ أَيْ مَلْبُوسًا ( مُعْتَادًا ) لِمِثْلِهِ .
فِي الْقَامُوسِ الدَّسْتُ الدَّشْتُ وَمِنْ الثِّيَابِ وَالْوَرِقِ وَصَدْرِ الْبَيْتِ مُعَرَّبَاتٌ ، ثُمَّ قَالَ الدَّشْتُ الصَّحْرَاءُ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا الدَّسْتُ الدَّشْتُ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ كَالدَّشْتِ ، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الثَّوْبِ إلَخْ .
وَأَمَّا الدَّشْتُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فَيُطْلَقُ عَلَى الصَّحْرَاءِ لَا غَيْرُ ، وَكَذَا فِي الصِّحَاحِ .
الْحَطّ يُعْنَى بِالدَّسْتِ الْقَمِيصُ وَالْعِمَامَةُ وَالسَّرَاوِيلُ وَالْكَعْبُ أَيْ الْمَدَاسُ ، وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ ، وَزَادَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ الدُّرَّاعَةَ الَّتِي تُلْبَسُ فَوْقَ الْقَمِيصِ إنْ كَانَتْ تَلِيقُ بِحَالِهِ .
وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَهُ الطَّيْلَسَانُ إنْ كَانَ تَرْكُهُ لَا يُخِلُّ بِمُرُوءَتِهِ .
الشَّارِحُ وَتُرَادُ الْمَرْأَةُ مُقَنَّعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا .
الْخَرَشِيُّ وَأَمَّا ثِيَابُ الزِّينَةِ فَلَا تُتْرَكُ لَهُ وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ ، قَالَ فِي الِاسْتِغْنَاءِ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ بَيْنَ النَّاسِ وَتَجُوزُ بِهِ الصَّلَاةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الشِّتَاءِ ، وَيُخَافُ مَوْتُهُ فَيُتْرَكُ لَهُ مَا يَقِيهِ الْبَرْدَ .
ا هـ .
وَمِثْلُ الْمَوْتِ الضَّرَرُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ .
عب وَهُوَ قَمِيصٌ وَطَوِيلَةٌ فَوْقَهُ وَعِمَامَةٌ

وَسَرَاوِيلُ وَمَدَاسٌ وَيُزَادُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةٌ لِخَوْفِ هَلَاكٍ أَوْ شَدِيدِ أَذًى ، وَتُزَادُ الْمَرْأَةُ مُقَنَّعَةً وَإِزَارًا وَغَيْرَهُمَا مِمَّا يَلِيقُ بِحَالِهَا .

وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ : بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ ، إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ

( وَلَوْ وَرِثَ ) الْمُفْلِسُ الْأَخَصُّ أَوْ الْأَعَمُّ ( أَبَاهُ ) الرَّقِيقَ مَثَلًا فَشَمِلَ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ ( بِيعَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَبُوهُ فِي الدَّيْنِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غُرَمَائِهِ بِهِ إنْ اسْتَغْرَقَهُ الدَّيْنُ ، وَإِلَّا بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَعَتَقَ بَاقِيهِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ ، وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ وَيَمْلِكُ الْمُفْلِسُ مَا يَبْقَى مِنْ ثَمَنِهِ ( لَا ) يُبَاعُ أَبُوهُ فِي الدَّيْنِ ( إنْ وُهِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَبُو الْمُفْلِسِ الرَّقِيقَ ( لَهُ ) أَيْ الْمُفْلِسُ فَيُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ قَبُولِهِ هِبَتَهُ ( إنْ عَلِمَ وَاهِبُهُ ) أَيْ الْأَبُ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْأَبَ ( يُعْتَقُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ وَاهِبَهُ قَصَدَ عِتْقَهُ حِينَئِذٍ لَا بَيْعَهُ فِي دَيْنِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بِيعَ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ أَبُوهُ وَالصَّدَقَةُ كَالْهِبَةِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ ، قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ مُفْلِسًا وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْهُ ، فَقَالَ إنْ وَرِثَهُ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ يُحِيطُ بِمَالِهِ وَأَيْنَ أَوْلَى بِهِ كَشَيْءٍ أَفَادَهُ .
وَأَمَّا إنْ وُهِبَ لَهُ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِأَهْلِ الدَّيْنِ فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُوهَبْ لَهُ لِيَأْخُذَهُ أَهْلُ الدَّيْنِ .
ا هـ .
مِنْ الْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَسَكَتَ عَنْ شِرَائِهِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ ابْتِدَاءً وَبَعْدَ وُقُوعِهِ فَاسِدٌ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَصَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى نَظَرِ الْغُرَمَاءِ عَلَى نَقْلِ الشَّارِحِ ، أَوْ نَظَرِ الْحَاكِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ الْوَسَطُ ، ثُمَّ إنْ رَدَّهُ الْغُرَمَاءُ فَظَاهِرٌ وَإِنْ أَجَازُوهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْعِتْقِ يَقُولُهُ لَا بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ ، إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لَهُ بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهِ فَغَرِمَ ، إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أُثْبِتَ عَدَمُهُ ، أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ

( وَحُبِسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُفْلِسِ .
طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ الْمُحَدِّثُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ لِجَعْلِهِمَا حَبْسَ الْمُفْلِسِ مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ مِنْ أَحْكَامِ الْمُفْلِسِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْمَاهِيَّةِ تَابِعَةٌ لَهَا ، أَمَّا فِي الْوُجُودِ ، وَإِمَّا فِي الزَّمَانِ ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَا بِحَبْسِ الْمُفْلِسِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ فَلَسُهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِهِ وَوَجَبَ إنْظَارُهُ فَكَيْفَ يُحْبَسُ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَأَنْوَاعُ الْمَحْبُوسِينَ بِالدَّيْنِ يَذْكُرُهَا الْمُصَنِّفُ الْآنَ وَلَيْسَ الْمُفْلِسُ وَاحِدًا مِنْهَا ا هـ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مُرَادَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ بِكَوْنِ الْحَجْرِ مَلْزُومًا لِلْحَبْسِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ الْعُسْرُ لَا مُطْلَقًا ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ بِهَذَا فَقَالَ الثَّالِثُ حَبَسَهُ إلَى ثُبُوتِ إعْسَارِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ لَازِمٌ لِلْحَجْرِ ، قَالَ فِيهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ أَوْ اُتُّهِمَ .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ فَلَسُهُ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ التَّفْلِيسَ مَوْقُوفٌ عَلَى إثْبَاتِ الْعُدْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت مِنْ لَفْظِهَا ، وَقَدْ اعْتَرَضَ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ضَيْح وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ .
عب مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّارِحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ضَمِيرَ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ مُفْلِسًا أَمْ لَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا ، وَتُقَيِّدُهُ أَيْضًا التَّبْصِرَةُ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفُلِّسَ إلَى قَوْلِهِ يَطْلُبُهُ إلَخْ .
الْبُنَانِيُّ ضَمِيرُ حُبِسَ لِلْمِدْيَانِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ جُمْلَةَ هَذَا التَّقْسِيمِ ظَاهِرُ الْمَلَأِ وَمَعْلُومِهِ وَغَايَةِ حَبْسِهِ ( لِثُبُوتِ عُسْرِهِ ) فَإِنْ ثَبَتَ وَجَبَ إنْظَارُهُ ، أَفَادَ شَرْطُ حَبْسِهِ بِقَوْلِهِ ( إنْ

جُهِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( حَالُهُ ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ مَلِيءٌ أَوْ مُعْدِمٌ حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَلَاءِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ عَنْ مُعَاوَضَةٍ أَوْ لَا تَقْدِيمًا لِلْغَالِبِ وَهُوَ التَّكَسُّبُ عَلَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْفَقْرُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ فَقِيرًا لَا مَالَ لَهُ ، ثُمَّ يَتَكَسَّبُ غَالِبًا .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ حَبْسِهِ إنْ عُلِمَ عُسْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُجُوبِ إنْظَارِهِ .
( وَ ) إنْ ( لَمْ يَسْأَلْ ) الْمَدِينُ ( الصَّبْرَ ) أَيْ تَأْخِيرَ الْحَبْسِ ( لَهُ ) أَيْ إثْبَاتُ عُسْرِهِ حَالَ كَوْنِهِ آتِيًا ( بِحَمِيلٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ ضَامِنٍ لَهُ ( بِوَجْهِهِ ) أَيْ ذَاتِ الْمَدِينِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَالتُّونُسِيُّ وَعِيَاضٌ وَغَيْرُهُمْ .
فِي ضَيْح عِيَاضٌ لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا هَلْ الْجَمِيلُ بِالْوَجْهِ أَوْ بِالْمَالِ الصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ بِالْوَجْهِ هَكَذَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو عِمْرَانَ وَأَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْقَرَوِيِّينَ وَالْأَنْدَلُسِيِّينَ ، وَلَا يَقْتَضِي النَّظَرَ غَيْرُهُ .
وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ يُكَلَّفُ بِحَمِيلِ الْمَالِ إلَى أَنْ يَثْبُتَ الْعَدَمُ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ حَمِيلِ الْمَالِ سُجِنَ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ ( فَغَرِمَ ) الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى مَضْمُونِهِ ( إنْ لَمْ يَأْتِ ) الْحَمِيلُ ( بِهِ ) أَيْ الْمَضْمُونُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُهُ ، بَلْ ( وَلَوْ أُثْبِتَ ) الْحَمِيلُ ( عُدْمُهُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ فَقْرُ الْمَضْمُونِ كَذَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبَعًا لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ بَعْدَ ثُبُوتِ عُدْمِهِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عُدْمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ .
وَقَالَ فِي بَابِ الضَّمَانِ لَا يَغْرَمُ إنْ أُثْبِتَ عُدْمُهُ أَوْ مَوْتُهُ فِي غَيْبَتِهِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِحْسَانٌ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ ، وَصَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي رُجْحَانَهُمَا ، وَشَهَرَ بَعْضُ

الشَّارِحِينَ طَرِيقَةَ اللَّخْمِيِّ .
بَعْضُ مَشَايِخِ الْبُنَانِيِّ وَبِهَا الْعَمَلُ بِفَاسَ وَمَحَلُّهَا مَنْ لَمْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ وَإِلَّا غَرِمَ اتِّفَاقًا .
وَعُطِفَ عَلَى جُهِلَ حَالُهُ فَقَالَ ( أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ ) بِالْمَدِّ أَيْ غِنَى الْمَدِينِ بِسَبَبِ جَمَالِ لُبْسِهِ وَخَدَمِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ حَقِيقَةُ أَمْرِهِ فَيُحْبَسُ ( إنْ تَفَالَسَ ) أَيْ ادَّعَى فَلَسَ نَفْسِهِ وَقَالَ لَا شَيْءَ لِي يَفِي بِدَيْنِي وَلَمْ يَعُدْ بِقَضَائِهِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ وَإِلَّا فَلَا يُحْبَسُ ، وَهَلْ وَلَوْ بِالْوَجْهِ كَمَجْهُولِ الْحَالِ وَهُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ بِالْمَالِ فَقَطْ وَهُوَ لِسَحْنُونٍ ، وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى غَيْرِ الْمُلِدِّ ، وَالثَّانِي عَلَى الْمُلِدِّ .

وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرَ كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ ، وَإِلَّا سُجِنَ : كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ ، وَأُجِّلَ لِبَيْعِ عَرْضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ ، وَإِلَّا سُجِنَ .
وَفِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ تَرَدُّدٌ .
وَإِنْ عُلِمَ بِالنَّاضِّ ، لَمْ وَيُؤَخِّرْ ، وَضُرِبَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ

( وَإِنْ وَعَدَ ) مَنْ ذُكِرَ مِنْ مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرُ الْمَلَأِ ( بِقَضَاءٍ ) لِلدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ ( وَسَأَلَ ) أَيْ طَلَبَ ( تَأْخِيرَ ) الْحَبْسِ زَمَنًا يَسِيرًا ( كَالْيَوْمِ ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ يَوْمًا آخَرَ فَقَطْ ( أَعْطَى ) أَيْ أَقَامَ الْمَدِينُ ( حَمِيلًا بِالْمَالِ ) وَأُخِرَ قَالَهُ سَحْنُونٌ .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُؤَخَّرُ ثَلَاثًا وَأَرْبَعًا وَخَمْسًا .
فِي الْمَبْسُوطِ وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِحَمِيلِ الْوَجْهِ لِظُهُورِ قُدْرَتِهِ عَلَى الْوَفَاءِ لِوَعْدِهِ بِهِ قَالَهُ تت ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ ( سُجِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ أَوْ يَقْضِي مَا عَلَيْهِ .
الْحَطّ فِي الْمُقْنِعِ يَحْبِسُ الْأَخْرَسُ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ ، وَيَكْتُبُ أَوْ يُشِيرُ وَهُوَ كَالصَّحِيحِ .
وَيُحْبَسُ الْأَعْمَى وَالْمُقْعَدُ وَمَنْ لَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ وَجَمِيعُ مَنْ بِهِ وَجَعٌ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مِنْ الْحَبْسِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ بِهِ وَجَعٌ إلَخْ أَنَّ مَنْ مَرَّ بِهِ مَرَضٌ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ حَبْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ تَلَقَّى الْأَشْيَاخُ بِالْقَبُولِ مَا فِي ثَمَانِيَةِ أَبِي زَيْدٍ لَا يُسْجَنُ فِي الْحَدِيدِ إلَّا مَنْ سُجِنَ فِي دَمٍ .
قُلْت وَكَذَا مَنْ لَا يُؤْمَنُ هُرُوبُهُ .
ا هـ .
وَانْظُرْ أُجْرَةُ الْحَبَّاسِ عَلَى مَنْ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا كَأُجْرَةِ عَوْنِ الْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى الطَّالِبِ إنْ لَمْ يَلِدْ الْمَطْلُوبُ وَيَخْتَفِي قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي السِّجْنِ فَقَالَ ( كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ ) بِالْمَدِّ فَيُسْجَنُ حَتَّى يُوَفِّيَ مَا عَلَيْهِ .
سَحْنُونٌ وَيُضْرَبُ بِالدِّرَّةِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَلَا يُنْجِيهِ مِنْ السِّجْنِ وَالضَّرْبِ إلَّا حَمِيلُ غَارِمٍ ، وَمِثْلُهُ فِي ضَيْح عَنْ عِيَاضٍ ، وَنَظَّمَهُ فِي التُّحْفَةِ ،

وَمَثَّلُوهُ بِمَنْ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ احْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا .
( وَأُجِّلَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ مُثَقَّلًا الْمَدِينُ بِالِاجْتِهَادِ غَيْرِ الْمُفْلِسِ عُلِمَ مَلَاؤُهُ أَوْ ظَهَرَ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ ( لِبَيْعِ عَرْضِهِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُقَابِلُ النَّقْدِ ( إنْ أَعْطَى ) أَيْ أَقَامَ الْمَدِينُ ( حَمِيلًا بِالْمَالِ ) وَاسْتُبْعِدَ كَوْنُ مَجْهُولِ الْحَالِ لَهُ عَرْضٌ ( وَإِلَّا ) إي وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ ( سُجِنَ ) وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ بَيْعُ عَرْضِهِ كَبَيْعِهِ عَلَى الْمُفْلِسِ ( وَفِي حَلِفِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ وَلَوْ مُفْلِسًا لَمْ يُعْلَمْ عِنْدَهُ نَاضٌّ ( عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ ) بِالنُّونِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ الْمُثَقَّلَةِ ، أَيْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ، وَعَدَمِ حَلِفِهِ عَلَيْهِ ( تَرَدُّدٌ ) فِي التَّنْبِيهَاتِ اُخْتُلِفَ هَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ إخْفَاءِ النَّاضِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ ، فَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ يَحْلِفُ .
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ لَا يَحْلِفُ ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ يَحْلِفُ أَنْ كَانَ تَاجِرًا وَإِلَّا فَلَا ، وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ .
( وَإِنْ عُلِمَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمَدِينُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ ( بِالنَّاضِّ لَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يُؤَخَّرْ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلَةً عَنْ الْحَبْسِ وَلَا يَحْلِفُ ( وَضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعْلُومُ الْمَلَاءِ عَلِمَ بِالنَّاضِّ أَمْ لَا ( مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ ) بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فِي الْعَدَدِ بِمَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ وَلَوْ أَدَّى إلَى إتْلَافِهِ لِظُلْمِهِ بِاللَّدَدِ .

وَإِنْ شُهِدَ بِعُسْرِهِ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ ، وَلَا بَاطِنٌ ، حَلَفَ كَذَلِكَ .
وَزَادَ وَإِنْ وَجَدَ لِيَقْضِيَنَّ وَأُنْظِرَ

( وَإِنْ شُهِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِعُسْرِهِ ) أَيْ الْمِدْيَانِ مَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ ظَاهِرِ الْمَلَاءِ ، قِيلَ فِي أَبِي الْحَسَنِ لَا يَثْبُتُ الْعُسْرُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَكْثَرِ مِنْ عَدْلَيْنِ كَالتَّرْشِيدِ وَالسَّفَهِ وَصِفَةُ الشَّهَادَةِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ ( إنَّهُ ) أَيْ الْمَدِينُ ( لَا يُعْرَفُ ) الشَّاهِدُ ( لَهُ ) أَيْ الْمَدِينِ ( مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ) وَجَوَابُ إنْ شَهِدَ بِعُسْرِهِ ( حَلَفَ ) الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْعُسْرِ حَلِفًا ( كَذَلِكَ ) أَيْ مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فِي نَفْيِ الْعِلْمِ بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمْ أَعْرِفْ لِي مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا .
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ، فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَيَّدِ ، وَذَكَرَ فِي ضَيْح الْخِلَافَ ، وَرَجَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ حَلِفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ، وَاعْتَرَضَهُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ ، وَعَلَى مَا لِلْمُصَنِّفِ إنْ تَرَكَ مِنْ الْيُمْنِ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فَلَا تُعَادُ لِأَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُمَا فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِمَا وَطُلِبَ بِهِمَا ابْتِدَاءً لِزِيَادَةِ الْإِرْهَابِ الَّتِي رُبَّمَا أَوْجَبَتْ ظِهَارَ مَا أَخْفَاهُ ، وَلِذَا قِيلَ بِوُجُوبِهِمَا .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي يَحْلِفُ فِيهَا الْمَشْهُودُ لَهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ ، وَمِنْهَا دَعْوَى الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْغَائِبِ بِالنَّفَقَةِ ، وَمِنْهَا الْقَضَاءُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ ، وَضَابِطُهَا بَيِّنَةٌ شَهِدَتْ بِظَاهِرٍ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ لَهَا بِيَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ إلَّا الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ لَهُ بِالْفَقْرِ لِتَكُونَ نَفَقَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا يَحْلِفُ مَعَ بَيِّنَتِهِ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّفَقَاتِ وَأَثْبَتَا الْعَدَمَ لَا بِيَمِينٍ .
الثَّانِي : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَعْرِفُ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ قَطَعَ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلِابْنِ رُشْدٍ صِفَةُ الشَّهَادَةِ بِالْعُدْمِ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدُ

إنَّهُ يَعْرِفُهُ فَقِيرًا عَدِيمًا لَا يَعْلَمُ لَهُ مَالًا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ، زَادَ ابْنُ عَاتٍ وَلَا تَبَدَّلَتْ حَالَتُهُ إلَى غَيْرِهَا إلَى حِينِ إيقَاعِهِمْ شَهَادَتَهُمْ فِي هَذَا الْكِتَابِ .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ قَالَ فَقِيرٌ عَدِيمٌ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا فَفِي بُطْلَانِهَا قَوْلَانِ ، بِنَاءً عَلَى حَمْلِهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَنَّهَا عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ، وَلَوْ نَصَّ عَلَى الْبَتِّ وَالْقَطْعِ لَبَطَلَتْ .
الثَّالِثُ : ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ قَدْ تَنْزِلُ مَسَائِلُ لَا تُقْبَلُ فِيهَا الْبَيِّنَةُ بِالْفَقْرِ مِنْهَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُنَجَّمٌ قَضَى بَعْضَهُ وَادَّعَى عَجْزَهُ عَنْ بَاقِيهِ وَحَالَتُهُ لَمْ تَتَغَيَّرْ ، وَمَنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ نَفَقَةِ وَلَدٍ بَعْدَ طَلَاقِ الْأُمِّ وَقَدْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ نَزَلَ بِهِ مَا نَقَلَهُ إلَى الْعَجْزِ .
ابْنُ فَتُّوحٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ كَتَبَ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ بِالْحَقِّ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ حَسَنٌ ، فَإِنْ ادَّعَى عَدَمًا فَلَا يَصْدُقُ وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِهِ لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لَهَا ، وَيُحْبَسُ وَيُؤَدَّبُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ بِعَطَبِ حَلَّ بِهِ بَعْدَ إقْرَارِهِ ، وَزَادَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ بَيِّنَةَ الْعُدْمِ تَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ فِي إشْهَادِهِ بِالْمَلَاءِ لَوْلَاهُ مَا دَايَنَهُ أَحَدٌ ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ كَفَضْلٍ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ وَيُسْجَنُ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ .
( وَزَادَ ) الْمَشْهُودُ بِعَدَمِهِ فِي يَمِينِهِ ( وَإِنْ وَجَدَ ) مَالًا ( لِيَقْضِيَنَّ ) بِهِ مَا عَلَيْهِ ( وَأُنْظِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُمْهِلَ وَلَا يُطْلَبُ بِمَا عَلَيْهِ إلَى يُسْرِهِ بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } ، وَلَا يُلَازِمُهُ رَبُّ الدَّيْنِ ، وَفَائِدَةُ هَذِهِ الزِّيَادَةِ عَدَمُ تَحْلِيفِهِ إنْ

ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اسْتَفَادَ مَالًا وَأَنْكَرَ وَلَمْ يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِتَقَدُّمِ هَذِهِ الْيَمِينِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَأَيْضًا لَوْلَاهَا لَأَحْلَفَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ غُرَمَائِهِ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الزِّيَادَةَ حَقُّ الْحَالِفِ فَلَهُ تَرْكُهَا إلَّا أَنْ يُقَالَ تَجِبُ عَلَيْهِ لِتَرْكِ الْخُصُومَةِ وَتَقْلِيلِهَا مَا أَمْكَنَ ، وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَا بِيَدِهِ ، وَكَذَا مَنْ أَقَرَّ بِمَلَائِهِ وَقُدْرَتِهِ عَلَى دَفْعِ الْحَقِّ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ فِي إقْرَارِهِ .

وَحَلَّفَ الطَّالِبَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ عِلْمَ الْعُدْمِ .
( وَ ) إنْ طَلَبَ الْغَرِيمُ حَبْسَ مَدِينِهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ دَيْنَهُ أَوْ يَثْبُتَ عُسْرُهُ فَادَّعَى الْمَدِينُ أَنَّ الْغَرِيمَ عَلِمَ عُدْمَهُ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ عِلْمَهُ عُدْمَهُ ( حَلَّفَ الطَّالِبَ ) عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِ عُدْمَ مَدِينِهِ ( إنْ ادَّعَى ) الْمَدِينُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الطَّالِبِ ( عِلْمَ ) الطَّالِبِ بِ ( الْعُدْمِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهُ عَلِمَ عُدْمَهُ وَلَا يُسْجَنُ ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الطَّالِبُ فَلَا يَمِينَ وَلَا حَبْسَ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ إنْ زَعَمَ الْمَدِينُ عِلْمَ رَبِّ الدَّيْنِ عُدْمَهُ لَزِمَتْهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَدِينُ قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ الْفَخَّارِ .
ابْنُ عَرَفَةَ كَانَ بَعْضُ قُضَاةِ بَلَدِنَا لَا يَحْكُمُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ وَهُوَ حَسَنٌ فِيمَنْ لَا يُظَنُّ عِلْمُهُ لِبُعْدِهِ عَنْهُ .

وَإِنْ سَأَلَ تَفْتِيشَ دَارِهِ ، فَفِيهِ تَرَدُّدٌ ، وَرُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ إنْ بَيَّنَتْ

( وَإِنْ سَأَلَ ) رَبُّ الدَّيْنِ ( تَفْتِيشَ دَارِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ لِإِتْهَامِهِ بِأَنَّهُ أَخْفَى مَالَهُ فِيهَا ( فَفِي ) تَمْكِينِ ( هـ ) مِنْهُ وَعَدَمِهِ ( تَرَدُّدٌ ) ابْنُ نَاجِي الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِعَدَمِهِ وَالْحَانُوتُ كَالدَّارِ عِنْدِي وَوَقَعَتْ بِأَحْكَامِي مَسْأَلَةٌ بِبَاجَّةِ وَرَأَيْتهَا أَخَفَّ وَهِيَ رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يُجِيبَهُ مَالًا وَسَأَلَ تَفْتِيشَهُ ، فَقَالَ الْغَرِيمُ لَا شَيْءَ فِيهِ فَحَكَمْت بِتَفْتِيشِهِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ شَيْءٌ ، وَالْكَيِّسُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى ، وَلَا يَحْلِفُ فِي هَذَيْنِ وَشَبَهِهِمَا .
الْبُنَانِيُّ أَفْتَى بِتَفْتِيشِ الدَّارِ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ مَالِكٍ .
ابْنُ سَهْلٍ وَأَنَا أَرَاهُ حَسَنًا فِيمَنْ ظَاهِرُهُ الْإِلْدَادُ وَالْمَطْلُ ، وَقَدْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ تَفْتِيشَ دَارِهِ وَعَزَاهُ لِابْنِ شَعْبَانَ ، وَنَصَّهُ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْهُ ، وَذَلِكَ أَنَّ السُّلْطَانَ يَكْشِفُهُ وَيَبْلُغُ مِنْ كَشْفِهِ مَا لَا يَبْلُغُهُ هَؤُلَاءِ مَا يَقُومُ مِنْهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُفَتِّشَ عَلَيْهِ دَارِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ أَنَّهُ يُفَتِّشُ عَلَيْهِ دَارِهِ .
وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي ذَلِكَ وَالْأَظْهَرُ أَنْ تُفَتَّشَ عَلَيْهِ دَارُهُ فَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ فَادَّعَتْهُ زَوْجَتُهُ كَانَ لَهَا ، وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ عُرُوضِ تِجَارَتِهِ بِيعَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا يَصْدُقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَمَا أَلْفَى فِيهَا مِنْ الْعُرُوضِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ تِجَارَتِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ جَرَى ذَلِكَ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، فَالْمُنَاسِبُ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ وَابْنُ رُشْدٍ .
( وَ ) أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمَلَاءِ الْمَدِينِ وَبَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ ( رُجِّحَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ ) بِالْمَدِّ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُدْمِ ( إنْ بَيَّنَتْ ) بِبَيِّنَةِ الْمَلَاءِ سَبَبُهُ بِأَنْ قَالَتْ لَهُ

مَالٌ يَفِي بِدَيْنِهِ أَخْفَاهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَمُثْبِتَةٌ وَشَاهِدَةٌ بِالْعِلْمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَتْ بَيِّنَةٌ لَهُ مَالٌ بَاطِنٌ أَخْفَاهُ قُدِّمَتْ اتِّفَاقًا .
الْبُنَانِيُّ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَتْ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ بَيِّنَةُ الْمَلَاءِ سَبَبَهُ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الْعُدْمِ بَيَّنَتْ سَبَبَهُ أَمْ لَا ، وَاَلَّذِي جَرَى الْعَمَلُ بِهِ تَقَدُّمُ بَيِّنَةِ الْمَلَاءِ وَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ سَبَبَهُ قَالَهُ عج .

وَأُخْرِجَ الْمَجْهُولُ إنْ طَالَ سِجْنُهُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ ، وَالشَّخْصِ
( وَأُخْرِجَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مِنْ السِّجْنِ الْمَدِينُ ( الْمَجْهُولُ ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ وَلَا عُدْمُهُ ( إنْ طَالَ سَجْنُهُ ) بِفَتْحِ السِّينِ ، وَطُولُهُ يُعْتَبَرُ ( بِقَدْرِ الدَّيْنِ ) قِلَّةً وَكَثْرَةً ( وَ ) حَالِ ( الشَّخْصِ ) الْمَدِينِ قُوَّةً وَضَعْفًا وَخُشُونَةً وَرَفَاهِيَةً ، وَيُخْلَى سَبِيلُهُ بَعْدَ حَلِفِهِ عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ طُولَ السَّجْنِ بِمَنْزِلَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْعُسْرِ .
وَمَفْهُومُ الْمَجْهُولِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومَهُ لَا يَخْرُجَانِ بِطُولِ السَّجْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، لَكِنَّ الْأَوَّلَ يَخْرُجُ بَيِّنَةٌ بِعُدْمِهِ ، وَالثَّانِي لَا يَخْرُجُ بِهَا ، بَلْ إمَّا بِالْأَدَاءِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ بَيِّنَةٍ بِذَهَابِ مَالِهِ الْمَعْلُومِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ .

وَحُبِسَ النِّسَاءِ عِنْدَ أَمِينَةٍ ، أَوْ ذَاتِ أَمِينٍ ، وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ ، وَالْجَدُّ ، وَالْوَلَدُ لِأَبِيهِ ، لَا عَكْسُهُ كَالْيَمِينِ إلَّا الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ ، وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ ، وَالزَّوْجَيْنِ إنْ خَلَا ، وَلَا يَمْنَعُ مُسْلِمًا ، أَوْ خَادِمًا ؛ بِخِلَافِ زَوْجَةٍ ،

وَلَمَّا كَانَ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ هَذَا الْبَابِ لَا يَخْتَصُّ بِالرِّجَالِ وَيَجْرِي فِي النِّسَاءِ ذَكَرَ مَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ فَقَالَ ( وَحُبِسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( النِّسَاءُ ) الْمُفْلِسَاتُ ( عِنْدَ ) امْرَأَةٍ ( أَمِينَةٍ أَوْ ذَاتِ ) رَجُلٍ ( أَمِينٍ ) زَوْجٍ أَوْ أَبٍ أَوْ ابْنٍ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْ ذَاتُ أَمِينٍ عُطِفَ عَلَى أَمِينَةٍ فَيُفِيدُ جَوَازَ الْحَبْسِ عِنْدَ ذَاتِ الْأَمِينِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هِيَ أَمِينَةً لِاقْتِضَاءِ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَمَانَتِهَا أَيْضًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مَحْذُوفٌ وَهُوَ أَيِّمٌ أَوْ مُنْفَرِدَةٌ عَنْ رِجَالٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ كَوْنُهَا أَمِينَةً سَوَاءٌ كَانَتْ وَحْدَهَا أَمْ لَا .
( وَ ) حُبِسَ ( السَّيِّدُ ) فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ( لِمُكَاتَبِهِ ) إنْ لَمْ يَحِلَّ مِنْ نُجُومِ كِتَابَتِهِ مَا يَفِي بِدَيْنِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قِيمَتِهَا مَا يَفِي بِهِ ، وَلَا يُقَاصِصْهُ السَّيِّدُ جَبْرًا عَلَيْهِ بِهَا إذَا كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا أَوْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ الدَّيْنِ اخْتِلَافًا لَا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ مَعَهُ وَيُحْبَسُ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِعِتْقِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ السَّيِّدُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَحُبِسَ السَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَلِأَنَّ الْحُقُوقَ لَا يُرَاعَى فِيهَا الْحُرِّيَّةُ وَلَا عُلُوُّ الْمَنْزِلَةِ بِدَلِيلِ حَبْسِ الْمُسْلِمِ فِي دَيْنِ الْكَافِرِ .
وَهَذَا يَقْتَضِي حَبْسَ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمَدِينِ إذَا اُحْتِيجَ فِي وَفَاءِ دَيْنِهِ لِمَالِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَحُبِسَ الْمُكَاتَبُ لِسَيِّدِهِ فِي دَيْنٍ غَيْرِ الْكِتَابَةِ لَا فِيهَا إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُعْجِزُهُ إلَّا السُّلْطَانُ ، فَلَهُ حَبْسُهُ فِيهَا إنْ رَأَى أَنَّهُ كَتَمَ مَا لَا رَغْبَةَ فِي الْعَجْزِ .
أَبُو الْحَسَنِ وَيُحْبَسُ الْقِنُّ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ وَالسَّيِّدُ لِمُكَاتَبِهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ سَحْنُونٍ هَذَا إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَى

الْمُكَاتَبِ مِنْ الْكِتَابَةِ وَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ فَلَا يُحْبَسُ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ بَيْعَ الْكِتَابَةِ بِنَقْدٍ .
ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَلْ يُحْبَسُ عَلَى كُلِّ حَالٍ إنْ لَمْ يَبِعْهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ لِيَبِيعَهَا وَلَا يَبِيعُهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لِأَنَّهُ لَا يَبِيعُ إلَّا عَلَى الْمُفْلِسِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْحَقُّ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْمُفْلِسِ جَبْرِيٌّ وَعَلَى الْمَدِينِ اخْتِيَارِيٌّ .
( وَ ) يُحْبَسُ ( الْجَدُّ ) لِوَلَدِ وَلَدِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ دُونَ حَقِّ الْأَبِ فِي الْجُمْلَةِ ( وَ ) يُحْبَسُ ( الْوَلَدُ لِأَبِيهِ ) وَأَوْلَى لِأُمِّهِ لِأَنَّ حَقَّهَا آكِدُ ( لَا ) يَثْبُتُ وَلَا يَجُوزُ ( الْعَكْسُ ) أَيْ حَبْسُ الْوَلَدِ نَسَبًا لِوَلَدِهِ وَلَوْ أَلَدَّ وَيُعَزِّرُهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ الْحَبْسِ مِنْ حَيْثُ اللَّدَدُ لَا مِنْ حَيْثُ حَقُّ الْوَلَدِ ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ حَبْسِهِ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا أَخَذَ الْأَبُ مَالَ وَلَدِهِ وَادَّعَى ذَهَابَهُ ، وَعَلَى الْوَلَدِ دَيْنٌ تَوَقَّفَ وَفَاؤُهُ عَلَى مَا أَخَذَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِهِ فَيُحْبَسُ الْأَبُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ بِمَا أَخَذَهُ قَوْلُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
ثَانِيَتُهُمَا يُحْبَسُ الْأَبُ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَنَحْوِهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَيُحْبَسُ الْأَبُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ يَضُرُّهُمْ وَيَقْتُلُهُمْ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُحْبَسُ الْأَبُ فِي دَيْنٍ عَلَى الِابْنِ إنْ كَانَ لَهُ بِيَدِهِ مَالٌ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي الثُّبُوتِ وَالنَّفْيِ فَقَالَ ( كَالْيَمِينِ ) فَيَحْلِفُ الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ لَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ عُقُوقٌ وَلَا يَقْتَضِي بِهِ لِلْوَلَدِ إنْ شَحَّ وَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَقَوْلُهُ الْآتِي وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفِسْقٌ ضَعِيفٌ ( إلَّا ) الْيَمِينُ ( الْمُنْقَلِبَةُ ) مِنْ الْوَلَدِ عَلَى أَبِيهِ بِأَنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ بِحَقٍّ ، وَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْوَلَدِ لِرَدِّ دَعْوَاهُ فَنَكَلَ فَرُدَّتْ عَلَى الْوَالِدِ فَيَحْلِفُهَا الْوَالِدُ اتِّفَاقًا .
وَكَشَهَادَةِ

شَاهِدٍ لِلْوَلَدِ بِحَقٍّ عَلَى أَبِيهِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْوَلَدُ فَرُدَّتْ عَلَى الْوَالِدِ فَيَحْلِفُهَا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَوَابٍ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْأَبُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَدَّعِيهِ الْوَلَدُ عَلَيْهِ ، وَنَصَّهُ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ لَا يَقْضِي بِتَحْلِيفِهِ أَبَاهُ وَلَا يُمْكِنُ مِنْهُ إنْ ادَّعَى إلَيْهِ وَلَا أَنْ يَحُدَّهُ فِي حَدٍّ يَقَعُ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعُقُوقِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَفِي الْحَدِّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا } ، وَلَمَّا جَاءَ أَنَّهُ مَا بَرَّ وَالِدَيْهِ مَنْ شَدَّ النَّظَرَ إلَيْهِمَا أَوْ إلَى أَحَدِهِمَا ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَا يَمِينَ لِلْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ } ، وَيَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك } .
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ أَنَّهُ يَقْضِي لَهُ بِتَحْلِيفِهِ فِي حَقٍّ يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ وَبِحَدِّهِ فِي قَذْفِهِ ، وَيَكُونُ عَاقًّا بِهِ وَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعُقُوقَ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ مِنْهُ أَحَدٌ ، وَهَذَا فِيمَا ادَّعَاهُ الْوَلَدُ عَلَى وَالِدِهِ ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَرَدَّهَا عَلَيْهِ أَوْ كَانَ لَهُ شَاهِدٌ بِحَقِّهِ عَلَى وَلَدِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ عَلَيْهِ فِي الْوَجْهَيْنِ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ ، وَكَذَا إنْ تَعَلَّقَ بِيَمِينِهِ حَقٌّ لِغَيْرِ ابْنِهِ فَتَلْزَمُهُ الْيَمِينُ بِاتِّفَاقٍ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ الزَّوْجَ بِجِهَازِهَا ، وَكَدَعْوَى زَوْجِ الْبِنْتِ عَلَى أَبِيهَا نِحْلَتَهُ لَهَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ نِكَاحُهَا

وَأَنْكَرَ الْأَبُ ، ا هـ .
( وَ ) إلَّا الْيَمِينُ ( الْمُتَعَلِّقُ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْوَلَدِ كَدَعْوَى الْأَبِ تَلَفَ صَدَاقِ ابْنَتِهِ وَطَلَبَهُ زَوْجَهَا بِجِهَازِهَا ، أَوْ أَنَّهُ أَعَارَهَا شَيْئًا مِنْ الْجِهَازِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى فَيَحْلِفُ الْوَالِدُ ( وَلَمْ يُفَرَّقْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا فِي السِّجْنِ ( بَيْنَ كَالْأَخَوَيْنِ ) مِنْ الْأَقَارِبِ ( وَالزَّوْجَيْنِ ) الْمَحْبُوسَيْنِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِمَا ( إنْ خَلَا ) السِّجْنَ فَلَا يُجَابُ الطَّالِبُ لِلتَّفْرِيقِ ، فَإِنْ لَمْ يَخْلُ حُبِسَ الرَّجُلُ مَعَ الرِّجَالِ وَالْمَرْأَةُ مَعَ النِّسَاءِ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلُهُ الْآتِي بِخِلَافِ زَوْجَةٍ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَجَعَلَهُمَا ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَاسْتَظْهَرَ مَا لِسَحْنُونٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ وَقَبِلَهُ ، وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ بِخِلَافِ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ فِي الْمُنْتَقَى ، وَوَجْهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِكَوْنِهَا مَعَهُ إدْخَالَ الرَّاحَةِ عَلَيْهِ وَالرِّفْقَ بِهِ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ بِهِ اسْتِيفَاءَ الْحَقِّ مِنْهُمَا وَالتَّفْرِيقُ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ .
( وَلَا يُمْنَعُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمَحْبُوسِ ( مُسَلَّمًا ) بِفَتْحِ السِّينِ وَشَدِّ اللَّامِ لَا يُخْشَى تَعْلِيمُهُ حِيلَةً يَتَخَلَّصُ بِهَا مِنْ حَبْسِهِ وَإِلَّا مُنِعَ ( وَ ) لَا يُمْنَعُ ( خَادِمًا ) يَخْدُمُهُ فِي مَرَضٍ شَدِيدٍ لَا خَفِيفٍ وَلَا فِي صِحَّةٍ نَقَلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَتَبِعَهُ شُرَّاحُهُ ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ مُرَاعَاةِ الْعُرْفِ وَكَوْنُهُ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدَمَ .
( بِخِلَافِ زَوْجَةٍ ) غَيْرِ مَحْبُوسَةٍ فَتُمْنَعُ مِنْ سَلَامِهَا عَلَيْهِ حَيْثُ دَخَلَتْ لِبَيَاتِهَا عِنْدَهُ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي حَقِّ غَيْرِهَا وَإِلَّا فَلَا تُمْنَعُ .
" غ " هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَلَيْسَ مُخَالِفًا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ فَوْقَهُ إذْ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ ، لَكِنَّ ابْنَ رُشْدٍ جَعَلَهُ خِلَافَهُ ، وَقَوْلُ

سَحْنُونٍ أَظْهَرُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .

وَأُخْرِجَ لِحَدٍّ ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلِهِ لِعَوْدِهِ .
وَاسْتُحْسِنَ بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ لِمَرَضِ أَبَوَيْهِ ، وَوَلَدِهِ ، وَأَخِيهِ ، وَقَرِيبٍ جِدًّا لِيُسَلِّمَ ، لَا جُمُعَةٍ ، وَعِيدٍ ، وَعَدُوٍّ ، إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ ، أَوْ أَسْرِهِ .

( وَأُخْرِجَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَسْجُونُ مِنْ السِّجْنِ ( لِ ) إقَامَةِ ( حَدٍّ ) شَرْعِيٍّ عَلَيْهِ فِعْلُ مُوجَبِهِ فِي السِّجْنِ مِنْ قَذْفٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ ( أَوْ ) لِ ( ذَهَابِ عَقْلِهِ ) أَيْ الْمَسْجُونِ لِعَدَمِ شُعُورِهِ بِالضِّيقِ الْمَقْصُودِ مِنْ سَجْنِهِ وَغَايَةِ مُكْثِهِ خَارِجَهُ ( لِعَوْدِهِ ) أَيْ الْعَقْلِ فَيُعَادُ فِي السِّجْنِ .
( وَاسْتُحْسِنَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ إخْرَاجِهِ مِنْ السِّجْنِ ( بِكَفِيلٍ بِوَجْهِهِ ) أَيْ ذَاتِ الْمَسْجُونِ ل ( أَجْلِ مَرَضِ ) أَحَدِ ( أَبَوَيْهِ ) أَيْ الْمَسْجُونِ ( وَوَلَدِهِ وَأَخِيهِ ) وَأُخْتِهِ ( وَ ) شَخْصٍ ( قَرِيبٍ ) لِلْمَسْجُونِ قُرْبًا ( جِدًّا ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ قَرِيبُ الْقَرَابَةِ كَمَا فِي النَّقْلِ فَلَا يَخْرُجُ لِمَرَضِ قَرِيبٍ بَعِيدِ الْقَرَابَةِ ، وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَرَضٍ أَيْ شَدِيدٍ أَوْ يُخَافُ مِنْهُ الْمَوْتُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُمَا فَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَحَدِهِمَا لِدَلَالَتِهِ مَعَ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَيَخْرُجُ ( لِيُسَلِّمَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ السِّينِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً عَلَى مَنْ ذَكَرَ وَيَعُودُ لِلسِّجْنِ .
الْبَاجِيَّ بَعْدَ نَقْلِهِ الِاسْتِحْسَانَ وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي فَلَا يَخْرُجُ بِحَمِيلٍ وَلَا غَيْرِهِ ( لَا ) يَخْرُجُ الْمَسْجُونُ لِصَلَاةِ ( جُمُعَةٍ ) لِسُقُوطِهَا عَنْهُ وَلَهَا بَدَلٌ وَلَا لِلصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ بِالْأَوْلَى وَلَا لِطَهَارَةٍ مُمْكِنَةٍ فِي السِّجْنِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَخْرُجُ لِفَرْضِ حَجٍّ فَإِنْ أَحْرَمَ بِهِ أَوْ بِعُمْرَةٍ أَوْ نَذَرَ أَوْ حَنِثَ ثُمَّ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَبِالدَّيْنِ سُجِنَ وَبَقِيَ عَلَى إحْرَامِهِ ، وَإِنْ لَزِمَهُ الدَّيْنُ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَوْ مِنًى أَوْ عَرَفَةَ اُسْتُحْسِنَ أَخْذُ كَفِيلٍ مِنْهُ وَتَخْلِيَةُ سَبِيلِهِ إلَى فَرَاغِ نُسُكِهِ ، ثُمَّ يُسْجَنُ يَوْمَ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالنَّفْرُ الْأَوَّلُ التَّعْجِيلُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
( وَ ) لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ ( عِيدٍ ) فِطْرٍ أَوْ

أُضَحَّى ( وَ ) لَا يَخْرُجُ لِفَجْءِ ( عَدُوِّ ) الْبَلَدِ الْمَحْبُوسِ فِيهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِخَوْفِ قَتْلِهِ أَوْ أَسْرِهِ ) أَيْ الْمَسْجُونِ فِي دَيْنٍ إنْ بَقِيَ بِسِجْنِهِ فَيَخْرُجُ وَيُسْجَنُ فِي مَحَلٍّ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا .

وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ ، لَا الْمَوْتِ ، وَلَوْ مَسْكُوكًا ، وَآبِقًا ، وَلَزِمَهُ إنْ لَمْ يَجِدْهُ إنْ لَمْ يَفْدِهِ غُرَمَاؤُهُ ، وَلَوْ بِمَالِهِمْ ، وَأَمْكَنَ لَا بُضْعٌ ، وَعِصْمَةٌ ، وَقِصَاصٌ ، وَلَمْ يَنْتَقِلْ ، لَا إنْ طُحِنَتْ الْحِنْطَةُ ، أَوْ خُلِطَ بِغَيْرِ مِثْلٍ ؛ أَوْ سُمِّنَ زُبْدُهُ ، أَوْ فُصِّلَ ثَوْبُهُ ، أَوْ ذُبِحَ كَبْشُهُ ، أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ ؛ كَأَجِيرِ رَعْيٍ ، وَنَحْوِهِ

( وَلِلْغَرِيمِ ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ وَمَنْ تَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةِ الثَّمَنِ أَوْ حَوَالَةٍ بِهِ ( أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ ) الَّذِي بَاعَهُ لِلْمُفْلِسِ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ مِنْهُ الثَّابِتُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ قَبْلَ فَلَسِهِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَتَعَيَّنُ لَهُ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَيْهِ .
وَإِمَّا بِإِقْرَارِ الْمُفْلِسِ بِهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ .
وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا قَبُولُ قَوْلِهِ بِيَمِينِ صَاحِبِ السِّلْعَةِ ، وَقِيلَ بِدُونِ يَمِينٍ .
وَثَانِيهَا عَدَمُ قَبُولِهِ ، وَيَحْلِفُ الْغُرَمَاءُ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا سِلْعَتُهُ .
وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ عَلَى أَصْلِهَا بَيِّنَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِ فِي تَعْيِينِهَا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ وَهِيَ رِوَايَةُ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ( الْمُحَازِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ ، أَيْ الَّذِي حَازَهُ الْمُفْلِسُ عَنْ بَائِعِهِ وَلَمْ يَدْفَعْ لَهُ ثَمَنَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ ( فِي ) صُورَةِ ( الْفَلَسِ ) لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ شِرَائِهِ وَقَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ ( لَا ) أَيْ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي صُورَةِ ( الْمَوْتِ ) لِلْمَدِينِ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ فَصَارَ رَبُّهُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِثَمَنِهِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ مَوْجُودَةٌ فِي الْجُمْلَةِ وَدَيْنَ الْغُرَمَاءِ مُتَعَلِّقٌ بِهَا ، فَإِنْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فِيهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ فِيهِ أَيْضًا .
الْحَطّ مَفْهُومُ الْمُحَازِ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ ، أَمَّا فِي الْفَلَسِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ بَابِ أَحْرَى .
وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا أَيْضًا .
قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا خِلَافَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْبَائِعَ أَحَقُّ بِمَا فِي يَدِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ .
ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُشْتَرِي فَصَاحِبُ الْمَتَاعِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ } .
عَبْدُ الْحَقِّ هَذَا مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ أَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوُهُ قَالَ { فَإِنْ كَانَ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ، وَأَيُّمَا امْرِئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِئِ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ } ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ حَدِيثُ الْمُوَطَّإِ مُرْسَلٌ وَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَأَصْحَابُ ابْنِ شِهَابٍ مِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ { إنْ فُلِّسَ مُبْتَاعُ سِلْعَةٍ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا وَلَوْ فِي مَوْتِ مُبْتَاعِهَا وَإِنْ قَبَضَهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا فِي فَلَسِهِ دُونَ مَوْتِهِ } ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ لِمَنْ وَجَدَ نَفْسَ سِلْعَتِهِ فِي تَفْلِيسِ مُبْتَاعِهَا أَخَذَهَا عَنْ ثَمَنِهَا .
وَبَالَغَ عَلَى أَخْذِ عَيْنِ مَالِهِ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ فَقَالَ ( وَلَوْ ) كَانَ مَالُهُ الْمُحَازُ عَنْهُ الثَّابِتُ كَوْنُهُ لَهُ بِبَيِّنَةٍ وَطَبْعٍ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّهْنِ أَوْ إقْرَارِ الْمُفْلِسِ بِهِ قَبْلَ فَلَسِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ( مَسْكُوكًا ) دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَرَّفَتْهَا الْبَيِّنَةُ بِعَيْنِهَا أَوْ كَانَتْ مَطْبُوعًا عَلَيْهَا أَخَذَهُ الْمُفْلِسُ رَأْسَ مَالٍ سَلَمٍ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ قِيَاسًا لَهُ عَلَى السِّلْعَةِ ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ إنَّمَا فِيهَا مَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ أَوْ

مَتَاعَهُ وَالْمَسْكُوكُ لَا يُطْلَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِ عُرْفًا ( وَ ) لِلْمُحَازِ عَنْهُ مَبِيعُهُ وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ أَخَذَهُ وَلَوْ رَقِيقًا ( آبِقًا ) مِنْ الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ لَا يَجُوزُ وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِالْمُبَالَغَةِ ، وَإِلَى قَوْلِ أَصْبَغَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْمُحَاصَّةُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا وَاتِّبَاعُ الْآبِقِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ .
وَإِذَا رَضِيَ بَائِعُهُ بِأَخْذِهِ حَالَ إبَاقِهِ ( لَزِمَهُ ) أَيْ الْآبِقَ الْبَائِعُ الَّذِي رَضِيَ بِأَخْذِهِ فِي ثَمَنِهِ ( إنْ لَمْ يَجِدْهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْآبِقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ وَجَدَهُ أَخَذَهُ فِي ثَمَنِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ يَرْجِعُ لِلْمُحَاصَّةِ لِأَنَّهُ ضَرَرٌ لِبَاقِي الْغُرَمَاءِ بِتَرْكِهِمْ التَّصَرُّفَ حَتَّى يَنْظُرَ هَلْ يَجِدُهُ أَوْ لَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ ذَلِكَ .
وَلِأَخْذِ الْغَرِيمِ عَيْنَ مَالِهِ فِي الْفَلَسِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ أَحَدُهَا قَوْلُهُ ( إنْ لَمْ يَفْدِهِ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ الشَّيْءَ الْمُحَازِ ( غُرَمَاؤُهُ ) أَيْ الْمُفْلِسِ بِثَمَنِهِ الَّذِي عَلَى الْمُفْلِسِ فَإِنْ فَدَوْهُ بِمَالِ الْمُفْلِسِ ، بَلْ ( وَلَوْ بِمَالِهِمْ ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَزَادَ أَوْ يَضْمَنُوا الثَّمَنَ وَيُعْطُوهُ بِهِ حَمِيلًا ثِقَةً .
ابْنُ كِنَانَةَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ أَرَادَ غُرَمَاؤُهُ أَخْذَهَا بِدَفْعِ ثَمَنِهَا لَهُ فَذَلِكَ لَهُمْ دُونَهُ وَفِي كَوْنِ دَفْعِهِ مِنْ حَيْثُ شَاءُوا وَتَعْيِينِ كَوْنِهِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ ، ثَالِثُهَا مِنْ مَالِ الْمُفْلِسِ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَأَشْهَبَ وَابْنِ كِنَانَةَ ، وَرَابِعُهَا لِلْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَشْهَبَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِهَا يَحُطُّونَهَا مِنْ دَيْنِهِمْ عَنْ الْمَدِينِ .

وَثَانِيهَا قَوْلُهُ ( وَأَمْكَنَ ) أَخْذُ عَيْنِ الشَّيْءِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَعَيَّنَتْ الْمُحَاصَّةُ وَقَدْ أَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ ( لَا بُضْعٌ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ لِزَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا زَوْجُهَا وَفُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهَا مَهْرَهَا فَلَيْسَ لَهَا إلَّا الْمُحَاصَّةُ بِهِ إذْ لَا يُمْكِنُهَا أَخْذُهَا عَيْنَ شَيْئِهَا .
الْخَرَشِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُحَازِ فَلَا يَشْمَلُ كَلَامُهُ غَيْرَ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَنَّ لَهَا فَسْخَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَحُزْ بُضْعَهَا .
عب وَتُحَاصَصُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِجَمِيعِ صَدَاقِهَا وَقَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ الْكُلَّ بِالْعَقْدِ تُحَاصَصُ بِهِ ، وَعَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ بِهِ النِّصْفَ تُحَاصَصُ بِهِ وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّدَاقِ أَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ عَلَيْهِ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ يَلْزَمُهُ النِّصْفُ ( وَعِصْمَةٌ ) لِزَوْجَةٍ خَالَعَهَا زَوْجُهَا عَلَى مَالٍ وَفُلِّسَتْ قَبْلَ دَفْعِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهَا ، وَيُحَاصِصُ غُرَمَاءَهَا بِمَا خَالَعَتْهُ بِهِ ( وَقِصَاصٌ ) صَالَحَ الْجَانِي مُسْتَحِقَّهُ بِمَالٍ وَفُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِهِ لَهُ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ الْمُسْتَحَقُّ لِسُقُوطِهِ بِالْعَفْوِ وَلَهُ مُحَاصَّةُ غُرَمَائِهِ بِالْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ .
قَالَ فِي تَوْضِيحه وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهَذَا صُلْحُ الْإِنْكَارِ إذَا فُلِّسَ الْمُنْكَرُ قَبْلَ دَفْعِ الْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ الْمُدَّعِي لِلدَّعْوَى ، وَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِالْمَالِ الْمُصَالِحِ بِهِ .
وَثَالِثُهَا بَقَاؤُهَا عَلَى هَيْئَتِهِ ، وَأَفَادَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَمْ يَنْتَقِلْ ) الشَّيْءُ الْمُحَازُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حِينَ بَيْعِهِ ، فَإِنْ انْتَقَلَ ( كَأَنْ طُحِنَتْ ) بِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ( الْحِنْطَةُ ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى ضَعِيفٍ ، وَهُوَ أَنَّ الطَّحْنَ نَاقِلٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا إنْ طُحِنَتْ عَطْفًا عَلَى مَعْنَى لَمْ يَنْتَقِلْ ، أَيْ وَاسْتَمَرَّ فَلَا يُرَدُّ أَنَّ شَرْطَ الْعَطْفِ بِلَا تَغَايُرِ مُتَعَاطِفِيهَا

إثْبَاتًا وَنَفْيًا ( أَوْ خُلِطَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الشَّيْءُ الْمُحَازِ ( بِغَيْرِ مِثْلٍ ) لَهُ وَلَا يَتَيَسَّرُ تَمْيِيزُهُ مِنْهُ كَقَمْحٍ بِشَعِيرٍ أَوْ مُسَوَّسٍ أَوْ نَقِيٍّ بِمَغْلُوثٍ ، فَإِنْ خُلِطَ بِمِثْلِهِ فَلَا يُفِيتُهُ ( أَوْ سُمِّنَ ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً ( زُبْدُهُ ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ .
( أَوْ فُصِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( ثَوْبُهُ ) أَيْ الْغَرِيمِ أَوْ قُطِّعَ الْجِلْدُ نِعَالًا مَثَلًا لَا دَبَغَهُ أَوْ صُبِغَ الثَّوْبُ أَوْ نُسِجَ الْغَزْلُ ( أَوْ ذُبِحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( كَبْشُهُ أَوْ تَتَمَّرَ رُطَبُهُ ) فَلَا يَرْجِعُ بِعَيْنٍ شَيْءٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ ، وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ بِثَمَنِهِ لِفَوَاتِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ لَا يَفُوتُ الْجِلْدُ بِدَبْغِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا بِقَطْعِهِ نِعَالًا ا هـ ، وَفِي الْقَطْعِ نَظَرٌ مَعَ تَفْصِيلِ الثَّوْبِ قَالَهُ تت .
طفي مَا عَزَاهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ فِيهِ ، وَفِيهِ إنْ اشْتَرَى جُلُودًا فَقَطَعَهَا نِعَالًا أَوْ خِفَافًا فَذَلِكَ فَوْتٌ ، وَكَذَا فِي الشَّرْحِ وَشَامِلِهِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَتَنْظِيرُهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْأَخْذِ وَتَعَيُّنِ الْمُحَاصَّةِ فَقَالَ ( كَأَجِيرِ رَعْيٍ وَنَحْوِهِ ) كَأَجِيرِ عَلَفٍ أَوْ حِرَاسَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فُلِّسَ مُؤَجِّرُهُ قَبْلَ دَفْعِهَا لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْمَاشِيَةِ وَالْمَحْرُوسِ فِيهَا ، وَلَهُ مُحَاصَّةُ غُرَمَائِهِ بِهَا ، وَظَاهِرُهُ كَأَنَّ الرَّاعِيَ يَرُدُّهَا لِتَبِيتَ عِنْدَ صَاحِبِهَا أَمْ لَا .
وَقَالَ لُقْمَانُ بْنُ يُوسُفَ قَرَأْت عَلَى عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ خَالِدٍ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّاعِيَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ ، فَقَالَ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ يَرُدُّهَا لِبَيْتِهَا وَإِنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ وَمَنْزِلِهِ فَهُوَ كَالصَّانِعِ .

وَذِي حَانُوتٍ فِيمَا بِهِ ، وَرَادٍّ لِسِلْعَةٍ بِعَيْبٍ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ

( وَ ) ك ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( حَانُوتٍ ) أَوْ بَيْتٍ مُكْتَرَى مُدَّةً مَعْلُومَةً بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ وَجِيبَةٍ أَوْ مُشَاهِرَةٍ فُلِّسَ مُكْتَرِيهِ وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُ فَلَا يَكُونُ مُكْرِيهِ أَحَقَّ مِنْ غُرَمَاءِ الْمُكْتَرِي ( فِيمَا بِهِ ) مِنْ أَمْتِعَتِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَرْبَابُ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ وَلَيْسُوا أَحَقَّ بِمَا فِيهَا ( وَ ) ك ( رَادٍّ لِسِلْعَةٍ ) عَلَى بَائِعِهَا ( بِعَيْبٍ ) ظَهَرَ بِهَا بَعْدَ شِرَائِهَا وَفُلِّسَ بَائِعُهَا قَبْلَ رَدِّ ثَمَنِهَا لِمُشْتَرِيهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا .
اللَّخْمِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ وَلَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهُ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِفَلَسِهِ حِينَ رَدَّهَا أَمْ لَا .
ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِهِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ ، وَإِمَّا عَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءَ بَيْعٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِمَّا إنْ أَرَادَ الرَّدَّ وَأَقَرَّ بِهِ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ فَفِي كَوْنِهِ أَحَقَّ بِهَا وَتُبَاعُ فِي الثَّمَنِ ، فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا حَاصَصَ بِمَا بَقِيَ لَهُ وَعَدَمُهُ قَوْلَانِ ، وَعَلَى الثَّانِي فَفِي تَخْيِيرِهِ فِي إمْسَاكِهِمَا وَلَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ عَيْبِهَا وَرَدِّهَا وَالْمُحَاصَّةِ بِثَمَنِهَا .
وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهَا أَوْ الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَلَهُ رَدُّهَا وَالْمُحَاصَّةُ .
" غ " يَعْنِي إذَا رَدَّ السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ فَفُلِّسَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِ الثَّمَنَ فَوَجَدَ الْمُبْتَاعُ السِّلْعَةَ قَائِمَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ إنْ شَاءَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ نَقْضُ بَيْعٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ إلَيْهَا سَبِيلٌ ، هَذَا نَصُّ الْمُقَدِّمَاتِ ، وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ أَرَدْت الزِّيَادَةَ فَقِفْ عَلَى بَاقِي نَصِّ الْمُقَدِّمَاتِ ، وَعَلَى مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ ، وَعَلَى مُعَارَضَةِ ابْنِ عَرَفَةَ لَهُ بِمَا لِلَّخْمِيِّ .
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَلِابْنِ

رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَعَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ فَفُلِّسَ بَائِعُهُ وَالْعَبْدُ بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّادِّ ثَمَنَهُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ ، وَعَلَى أَنَّهُ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ .
قُلْت اُنْظُرْ قَوْلَهُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الرَّادِّ ثَمَنَهُ نَصَّ فِي أَنَّهُ فُلِّسَ بَعْدَ الرَّدِّ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مَنْ رَدَّ عَبْدًا بِعَيْبٍ فَلَمْ يَأْخُذْ ثَمَنَهُ حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهُ كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ .
وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى فُلِّسَ الْبَائِعُ هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيُبَاعُ لَهُ أَوْ يَكُونُ أُسْوَتَهُمْ .
وَاخْتُلِفَ عَلَى أَنَّهُ أُسْوَتُهُمْ فَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي حَبْسِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ وَرَدِّهِ وَالْمُحَاصَّةِ .
وَقِيلَ لَهُ حَبْسُهُ وَقِيمَةُ الْعَيْبِ لِضَرَرِ الْمُحَاصَّةِ إنْ رَدَّهُ وَتَبِعَ الْمَازِرِيُّ اللَّخْمِيَّ فِي كَيْفِيَّةِ نَقْلِهِ .
وَلَفْظُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ مِثْلُ لَفْظِ ابْنِ رُشْدٍ فَاعْلَمْهُ .
وَمَنْ رَدَّ السِّلْعَةَ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِعَيْبٍ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ بَائِعُهَا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِنَقْدٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( أُخِذَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبٍ عِوَضًا ( عَنْ دَيْنٍ ) كَانَ لِآخِذِهَا عَلَى دَافِعِهَا .
" غ " تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِمَنْ قَبْلَهُ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرَ فِيهَا هُنَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ تت وَهَذَا وَإِنْ كَانَ وَاضِحًا لَكِنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ فِي عَيْنِهَا ، وَلِذَا تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ قَائِلًا إنَّمَا هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ ذَاتِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ آخِرَ الْبَابِ فِي السِّلْعَةِ تَشْتَرِي فَاسِدًا وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ فَيَرُدُّهَا فَيَجِدُ الْبَائِعَ مُفْلِسًا يَفْصِلُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَخْذِهَا عَنْ دَيْنٍ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا ، أَوْ عَنْ نَقْدٍ فَيَكُونُ أَحَقَّ

بِهَا وَهُوَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَهْمٌ ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَسْأَلَةِ الْفَسَادِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ .
طفي اُنْظُرْ قَوْلَهُ تَشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا عَيْبَ فِيهَا ، وَإِنَّمَا رُدَّتْ لِلْفَسَادِ فَالصَّوَابُ إسْقَاطٌ وَيَطَّلِعُ عَلَى عَيْبٍ وَعِبَارَتُهُ فِي كَبِيرِهِ كَصَغِيرِهِ .
الْحَطّ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ بِأَنَّ الرَّادَّ بِعَيْبٍ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ بِالنَّقْدِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ ، فَلَوْ قَالَ وَإِنْ أُخِذَتْ بِالنَّقْدِ كَانَ أَبَيْنَ وَلِأَنَّ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ النَّقْدِ وَالدَّيْنِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ قَالَ إذَا بِيعَتْ بِالنَّقْدِ يَكُونُ أَحَقَّ ، وَإِذَا بِيعَتْ بِالدَّيْنِ فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ عَلَى أَنِّي لَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ " غ " ، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا التَّفْرِقَةَ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْقَوْلِ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَهُوَ أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا وَيَكُونُ التَّشْبِيهُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعًا لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ، فَتَحْسُنُ الْمُبَالَغَةُ حِينَئِذٍ وَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّ الرَّادَّ لِلسِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا ، وَلَوْ كَانَ أَخَذَهَا مِنْ دَيْنٍ وَلَمْ يَشْتَرِهَا بِالنَّقْدِ وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ حِلِّ ابْنِ غَازِيٍّ الْمَسْأَلَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عب بَالَغَ عَلَى الْمُحَاصَّةِ فِي هَذِهِ إمَّا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا لِكَوْنِ الْغَالِبِ فِيمَا يُؤْخَذُ عَنْ دَيْنٍ أَخَذَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَأَخْذِ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً فِي عِشْرِينَ فَأَخْذُهَا أَرْفَقُ بِالْمُفْلِسِ ، إذْ لَوْ رُدَّتْ لَبِيعَتْ بِعَشَرَةٍ مَثَلًا فَتَبْقَى الْعَشَرَةُ مُخَلَّدَةً فِي ذِمَّتِهِ وَبِأَخْذِهَا تَسْقُطُ عَنْهَا بِخِلَافِ بَيْعِ النَّقْدِ ، فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ خِلَافُ ذَلِكَ وَإِمَّا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهَا وَلَا يُحَاصِصُ

بِدَيْنِهِ الْمَأْخُوذِ عَنْهُ لِتَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَعَ مَا بَعْدَهُ فَلَيْسَتْ وَإِنْ إشَارَةٌ لِخِلَافٍ وَاقْتَصَرَ الْخَرَشِيُّ عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَهَلْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ مُقْتَرِضُهُ ، أَوْ كَالْبَيْعِ ؟ خِلَافٌ وَلَهُ فَكُّ الرَّهْنِ ، وَحَاصَّ بِفِدَائِهِ ، لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي

( وَهَلْ الْقَرْضُ ) أَيْ الشَّيْءُ الْمُقْرَضُ لِشَخْصٍ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ وَفَائِهِ وَوَجَدَهُ مُقْرِضُهُ بِعَيْنِهِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ الشَّيْءُ الْمَرْدُودُ بِعَيْبٍ فِي أَنَّ صَاحِبَهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ وَيُحَاصِصُ الْغُرَمَاءَ فِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ الْمُقْتَرِضُ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ ) أَيْ الْقَرْضَ ( مُقْتَرِضُهُ ) مِنْ مُقْرِضِهِ لِلُزُومِ عَقْدِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَوْلِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ ( أَوْ ) الْقَرْضُ ( كَالْبَيْعِ ) أَيْ الْمَبِيعِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ كَوْنِ التَّفْلِيسِ أَوْ الْمَوْتِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ ، فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ، وَانْظُرْ قَوْلَ الْمَازِرِيِّ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ هُوَ الْمَشْهُورُ مَعَ عَزْوِ الثَّانِي لِمَنْ ذَكَرَ .
وَقَالَ عج مُقْتَضَى نَقْلِ " ق " فِي مَحَلَّيْنِ وَابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ الثَّانِيَ لَمْ يُرَجَّحْ ، وَإِنَّمَا الْمُرَجَّحُ قَوْلَانِ رَبُّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مُطْلَقًا وَأَحَقُّ بِهِ مُطْلَقًا قُبِضَ أَمْ لَا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِتَرْجِيحِ الثَّانِي ، " ق " لَمْ يَنْقُلْ كَلَامَهُ كُلَّهُ ، وَنَصَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الرَّجُلَ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ فِي الْفَلَسِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ خِلَافَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ إذَا كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَأُسْوَةً لِلْغُرَمَاءِ إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ ، ثُمَّ قَالَ وَالصَّحِيحُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ أَحَقُّ فِي الْفَلَسِ بِالْعَرْضِ وَالْعَيْنِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيُّمَا رَجُلٍ فُلِّسَ فَأَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ } لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ

وَسَلَّمَ عَمَّمَ بِقَوْلِهِ { فَأَدْرَكَ مَالَهُ } وَلَمْ يَخُصَّ قَرْضًا وَلَا بَيْعًا .
وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ } ، الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ جَعَلَ هَذَا الْحَدِيثَ مُخَصَّصًا لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمُبِينًا لَهُ فِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبَيْعُ دُونَ الْقَرْضِ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْخَاصَّ لَا يُحْمَلُ عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ إلَّا إذَا كَانَ مُعَارِضًا لَهُ .
ا هـ .
عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي الْمُرَجَّحُ عِنْدَ عج لَمْ يَنْقُلْهُ ابْنُ رُشْدٍ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا التَّوْضِيحُ .
( وَلَهُ ) أَيْ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى رَهْنَهَا مُشْتَرِيهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ فُلِّسَ ( فَكُّ الرَّهْنِ ) بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ وَأَخَذَهُ فَيَسْقُطُ ثَمَنُهُ عَنْ رَاهِنِهِ الْمُفْلِسِ ( وَ ) إذَا فَكَّهُ ( حَاصَّ ) فَاكُّ الرَّهْنِ غُرَمَاءَ الرَّاهِنِ ( بِفِدَائِهِ ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي فُدِيَ الرَّهْنُ بِهِ وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهِ .
وَمَنْ بَاعَ رَقِيقًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى جَنَى وَفُلِّسَ مُشْتَرِي قَبْلَ إسْلَامِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ أَوْ بَعْدَهُ بَعْدَ فَلَسِهِ فَفَدَاهُ بَائِعُهُ مِنْ الْجِنَايَةِ وَأَخَذَهُ فَقَدْ سَقَطَ ثَمَنُهُ عَنْ الْمُفْلِسِ .
و ( لَا ) يُحَاصِصُ الْبَائِعُ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ ( بِفِدَاءِ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا مَقْصُورًا وَمَمْدُودًا الْعَبْدِ ( الْجَانِي ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ .
وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ بِأَنَّ الرَّهْنَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ شَيْءٌ مِنْهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا يُحَاصِصُ بِفِدَاءِ الْجَانِي إذْ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا جَنَى عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي فَحُكْمُ هَذَا الْعَبْدِ كَحُكْمِهِ إذَا رُهِنَ ثُمَّ

فُدِيَ ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي مُحَاصَّةِ السَّيِّدِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يُحَاصُّ هُنَا وَيُحَاصُّ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ لِأَنَّ الَّذِي أَدَّاهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَالْجِنَايَةُ لَمْ تَكُنْ فِي ذِمَّتِهِ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَلَا يُحَاصِصُ إلَخْ نَقَلَهُ الْحَطّ .
عب وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ تُوهِمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُمَا إنَّمَا نَفَيَا الْمُحَاصَّةَ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ مِنْ الرُّجُوعِ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَخَصِّ نَفْيُ الْأَعَمِّ مَعَ أَنَّ نَفْيَ الْأَعَمِّ هُوَ الْمُرَادُ ، أَيْ لَا يَرْجِعُ بِفِدَاءِ الْجَانِي ، فَإِنَّ فَدَاهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ فَلَسِهِ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَجَّانًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ قَبْلَهُ فَاتَ عَلَى بَائِعِهِ فَلَيْسَ لَهُ فِدَاؤُهُ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ مَاضٍ لَا يُرَدُّ كَبَيْعِهِ وَالْأَوْلَى وَحَاصَصَ بِفِكَاكِهِ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ مَفْدِيًّا ، وَإِنَّمَا هُوَ مَفْكُوكٌ .
أُجِيبَ بِأَنَّهُ عَبَّرَ بِالْفِدَاءِ لِمُشَاكَلَةِ قَوْلِهِ لَا بِفِدَاءِ الْجَانِي لِيَكُونَ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ } لِأَنَّ ذُكْرَانَ الْجِنِّ لَا يُقَالُ لَهُمْ رِجَالٌ ا هـ .

وَنَقْضُ الْمُحَاصَّةِ إنْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَرَدُّهَا ، وَالْمُحَاصَّةِ بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ ، أَوْ مِنْ مُشْرِيهِ ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ ، أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ ، وَإِلَّا فَبِنِسْبَةِ نَقْصِهِ

( وَ ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى بَاعَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ فُلِّسَ فَحَاصَّ بَائِعُهَا غُرَمَاءً بِثَمَنِهَا ثُمَّ رَدَّهَا مُشْتَرِيهَا عَلَى الْمُفْلِسِ بِعَيْبٍ ( نَقْضُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَسْخٌ ( الْمُحَاصَّةِ ) الَّتِي حَصَلَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غُرَمَاءِ الْمُفْلِسِ ( إنْ رُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ السِّلْعَةُ عَلَى الْمُفْلِسِ ( بِعَيْبٍ ) قَدِيمٍ ظَهَرَ لِمُشْتَرِيهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا أَوْ فَسَادِ الْبَيْعِ الثَّانِي ، أَوْ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَاخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَخْذَهَا فَيَأْخُذُهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَاصَصَ بِثَمَنِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا أَرْشَ لَهُ ، وَلَهُ أَنْ لَا يَنْقُضُ الْمُحَاصَّةَ وَيَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهَا إنْ رُدَّتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إقَالَةٍ أَوْ إرْثٍ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ فَكَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عِنْدَ الْمُفْلِسِ ، وَالرَّدُّ لِلْفَلَسِ وَالْفَسَادِ مُلْحَقَانِ بِهِ ، بِخِلَافِ رَدِّهَا بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ .
( وَ ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ مُشْتَرِيهَا وَوَجَدَهَا قَائِمَةً فَأَخَذَهَا فِي ثَمَنِهَا ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ فِيهَا عَيْبٌ حَدَثَ فِيهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي ( رَدَّهَا ) أَيْ السِّلَعَ عَلَى الْمُفْلِسِ أَوْ تَرَكَهَا لَهُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَخْذِهَا ( وَالْمُحَاصَّةِ ) لِغُرَمَائِهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا ( بِعَيْبٍ سَمَاوِيٍّ ) أَيْ لَا دَخْلَ لِآدَمِيٍّ فِيهِ حَدَثَ فِيهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا ( أَوْ ) نَاشِئٍ ( مِنْ ) جِنَايَةِ ( مُشْتَرِيهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَمْ لَا لِجِنَايَتِهِ عَلَى مِلْكِهِ ( أَوْ ) نَاشِئٍ ( مِنْ ) جِنَايَةِ ( أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي ( لَمْ يَأْخُذْ ) الْمُشْتَرِي ( أَرْشَهُ ) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْبِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْجَانِي ( أَوْ أَخَذَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْأَرْشَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ( وَعَادَ ) الْمَبِيعُ

( لِهَيْئَتِهِ ) فِيهِمَا لِصَيْرُورَةِ الْأَرْشِ كَالْغَلَّةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ أَخَذَ أَرْشَهُ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشَهُ ، وَلِقَوْلِهِ أَوْ أَخَذَهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ سَوَاءٌ أَخَذَ أَرْشًا أَمْ لَا ، هَذَا مُحَصَّلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَرَّرَهُ عب وَابْنُ عَاشِرٍ وَاللَّقَانِيُّ ، فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْشًا أَوْ أَخَذَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ .
( ف ) يَأْخُذُهَا وَيُحَاصِصُ ( بِنِسْبَةِ نَقْصِهِ ) أَيْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِمَا نَشَأَ مِنْ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا بِسَبَبِ الْعَيْبِ النَّاشِئِ عَنْ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَحَاصَصَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلُ وَإِلَّا رَدَّهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا لَهُ أَخْذُهَا بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَلَا أَرْشَ لَهُ ، وَاسْتَشْكَلَ قَوْلُهُ أَوْ أَخَذَهُ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ بِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ جُرْحٌ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ عَلَى شَيْنٍ .
وَأُجِيبَ بِتَصْوِيرِهِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ الَّتِي تُعْقَلُ وَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ أَخَذَهَا فَوَجَدَ عَيْبًا حَادِثًا فَلَهُ رَدُّهَا وَيُحَاصِصُ ، أَوْ حَبَسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَعْنِي لَوْ وَجَدَ الْبَائِعُ سِلْعَتَهُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّفْلِيسِ فَأَخَذَهَا مِنْهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، فَلِلْبَائِعِ رَدُّ السِّلْعَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَالْمُحَاصَّةُ بِثَمَنِهَا وَلَهُ التَّمَسُّكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، وَلَعَلَّ هَذَا كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ .

وَرَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ ، وَأَخَذَهَا ، وَأَخَذَ بَعْضَهُ ، وَحَاصَّ بِالْفَائِتِ : كَبَيْعِ أُمٍّ وَلَدَتْ

( وَ ) لِمَنْ بَاعَ سِلْعَةً وَقَبَضَ بَعْضَ ثَمَنِهَا وَفُلِّسَ مُشْتَرِيهَا قَبْلَ قَبْضِ بَاقِيهِ وَوَجَدَهَا بَاقِيَةً عِنْدَهُ ( رَدُّ بَعْضِ ثَمَنٍ قُبِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( وَأَخَذَهَا ) أَيْ السِّلْعَةَ وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِبَاقِي ثَمَنِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا ( وَ ) لِمَنْ بَاعَ سِلَعًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهَا حَتَّى فُلِّسَ مُشْتَرِيهَا وَوَجَدَ بَعْضَهَا قَائِمًا بِيَدِ الْمُفْلِسِ ، وَبَعْضَهَا فَاتَ ( أَخْذُ بَعْضِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ الْقَائِمِ عَنْ الْمُفْلِسِ ( وَحَاصَّ ) الْبَائِعُ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ ( بِ ) مُقَابِلِ الْبَعْضِ ( الْفَائِتِ ) مِنْ الْمَبِيعِ مِنْ ثَمَنِهِ مُقَوَّمًا كَانَ وَمِثْلِيًّا ، وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ قَبَضَ مِنْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي فَاتَ بَعْضُهُ بَعْضَهُ وَأَرَادَ أَخْذَ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ يَفُتْ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ حَتَّى يَرُدَّ مَا نَابَهُ مِمَّا قَبَضَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ عَنْهُمَا ، مَثَلًا بَاعَ عَبْدَيْنِ بِعِشْرِينَ وَقَبَضَ مِنْهَا عَشَرَةً وَفَاتَ أَحَدُهُمَا فَلَا يَأْخُذُ الْعَبْدَ الْقَائِمَ حَتَّى يَرُدَّ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَلَهُ تَرْكُ الْقَائِمِ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ لَمْ يَقْبِضْ بَعْضَهُ أَوْ بِبَاقِيهِ إنْ كَانَ قَبَضَ بَعْضَهُ .
وَمَحَلُّ أَخْذِهِ الْبَعْضَ الْقَائِمَ إنْ لَمْ يَفْدِهِ الْغُرَمَاءُ بِثَمَنِهِ أَوْ بَاقِيهِ وَلَوْ مِنْ مَالِهِمْ ، فَإِنْ فَدَوْهُ فَهَلْ يَخْتَصُّونَ عَنْهُ بِهِ إلَى مَبْلَغِ فِدَائِهِ فَلَا يُحَاصِصُهُمْ فِيهِ بِثَمَنِ الْفَائِتِ أَوْ بَاقِيهِ ، وَلَا يَخْتَصُّونَ فَيُحَاصِصُهُمْ فِيهِ بِهِ لِأَنَّ مَا فَدَوْهُ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْلِسِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ .
وَشَبَّهَ فِي أَخْذِ الْبَعْضِ وَالْمُحَاصَّةِ بِالْفَائِتِ فَقَالَ ( كَبَيْعِ أُمٍّ ) آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا وَحْدَهَا بَعْدَ أَنْ ( وَلَدَتْ ) عِنْدَهُ ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهَا وَبَقِيَ وَلَدُهَا عِنْدَهُ فَلِبَائِعِهَا الْأَوَّلِ أَخْذُ الْوَلَدِ بِمَا يَخُصُّهُ

مِنْ ثَمَنِ الْأُمِّ وَالْمُحَاصَّةُ بِمَا يُقَابِلُهَا مِنْهُ ، وَلَهُ تَرْكُهُ وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهَا وَيَقُومُ الْوَلَدُ بِهَيْئَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامِ مُقَدِّرًا وُجُودَهُ يَوْمَ بَيْعِهَا الْأَوَّلِ ، وَالْأُمُّ يَوْمَ بَيْعِهَا الْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْأُمِّ يَوْمَ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ قِيلَ أَرْبَعُونَ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الْوَلَدِ بِهَيْئَتِهِ الْآنَ يَوْمَهُ ، فَإِذَا قِيلَ عِشْرُونَ فَمَجْمُوعُهُمَا سِتُّونَ الْأَرْبَعُونَ ثُلُثَاهَا وَالْعِشْرُونَ ثُلُثُهَا ، فَإِنْ أَخَذَ الْوَلَدَ فَهُوَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ وَيُحَاصِصُ بِثُلُثَيْهِ .

وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَاعَ الْوَلَدُ ، فَلَا حِصَّةَ ، وَأَخَذَ الثَّمَرَةَ ، وَالْغَلَّةَ ، إلَّا صُوفًا تَمَّ ، أَوْ ثَمَرَةً مُوَبَّرَةً

( فَإِنْ ) كَانَ ( مَاتَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا عِنْدَ الْمُشْتَرِي ( أَوْ ) كَانَ ( بَاعَ ) الْمُشْتَرِي قَبْلَ تَفْلِيسِهِ ( الْوَلَدَ ) وَبَقِيَتْ الْأُمُّ عِنْدَهُ حَتَّى فُلِّسَ وَقَامَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا ( فَلَا حِصَّةَ ) مِنْ الثَّمَنِ لِلْمَيِّتِ فِي الْأَوَّلِ وَلَا لِلْوَلَدِ فِي الثَّانِيَةِ فَيُخَيَّرُ بَائِعُ الْأُمِّ بَيْنَ أَخْذِ الْحَيِّ مِنْهُمَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فِي الْأُولَى وَالْأُمِّ بِهِ فِي الثَّانِيَةِ ، وَبَيْنَ تَرْكِ الْحَيِّ فِي الْأُولَى وَالْأُمِّ فِي الثَّانِيَةِ وَالْمُحَاصَّةِ بِهِ ، فَإِنْ وَجَدَهُمَا مَعًا أَخَذَهُمَا إنْ شَاءَ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ غَلَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ .
( وَ ) إنْ بَاعَ شَجَرًا غَيْرَ مُثْمِرٍ بِغَيْرِ مُؤَبَّرٍ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى جَذَّ الْمُشْتَرِي الثَّمَرَ وَفُلِّسَ ( أَخَذَ ) الْمُفْلِسُ ( الثَّمَرَةَ ) أَيْ فَازَ بِهَا مَجَّانًا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ شَجَرَهُ ، فَإِنْ بَقِيَتْ عَلَى الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ قِيَامِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مَعَ الشَّجَرِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقِيلَ تَفُوتُ بِتَأْبِيرِهَا ( وَ ) إنْ بَاعَ شَيْئًا لَهُ غَلَّةٌ وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى اسْتَغَلَّهُ مُشْتَرِيهِ مُدَّةً وَفُلِّسَ أَخَذَ الْمُفْلِسُ ( الْغَلَّةَ ) أَيْ فَازَ بِهَا بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّهَا مِنْ الْخَرَاجِ وَالْخَرَاجُ تَابِعٌ لِلضَّمَانِ ( إلَّا صُوفًا ) عَلَى غَنَمٍ مَبِيعَةٍ ( تَمَّ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ كَمُلَ الصُّوفُ ، وَاسْتَحَقَّ الْجَزَّ يَوْمَ الْبَيْعِ وَجَزَّهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ فُلِّسَ قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِ الْغَنَمِ فَلَا يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهُ مَعَ الْغَنَمِ ، فَإِنْ فَاتَ فَلَهُ الْمُحَاصَّةُ بِمَا قَابَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَمَفْهُومُ تَمَّ أَنَّ غَيْرَ التَّامِّ يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ جَزَّهُ ، فَإِنْ بَقِيَ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
( أَوْ ) إلَّا ( ثَمَرَةً مَأْبُورَةً ) وَقْتَ شِرَائِهَا مَعَ الشَّجَرِ فَلَا يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ أَخْذُهَا مَعَ شَجَرِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا

وَالْمُحَاصَّةُ بِمُقَابِلِهَا مِنْ الثَّمَنِ إنْ جُزَّتْ .
تت الْمَازِرِيُّ أَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فَلَا يَأْخُذُهَا مَعَ الْأُصُولِ إذَا جَذَّهَا وَكَانَتْ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا ، وَلَكِنْ يُحَاصِصُ بِمَا يَنْوِ بِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَهِيَ لِلْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ حَقِّ مُشْتَرِيهَا مِنْهَا بِتَفْلِيسِهِ وَهِيَ عَلَى أُصُولِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَى الْأُصُولَ وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ ثُمَّ فُلِّسَ فَالْبَائِعُ أَحَقُّ بِالنَّخْلِ وَالثَّمَرَةِ ، وَإِنْ جُذَّتْ مَا كَانَتْ قَائِمَةً كَمُشْتَرِ سِلْعَتَيْنِ ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَا جَزَّهُ الْمُفْلِسُ مِنْ صُوفٍ وَحَلَبَهُ مِنْ لَبَنٍ مِمَّا اسْتَرَدَّهُ بَائِعُهُ مِنْهُ لِفَلَسِهِ فَلَا شَيْءَ لِبَائِعِهِ فِيهِ لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الصُّوفِ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهُ غَلَّةٌ ، بِخِلَافِ تَامِّ الصُّوفِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَمَا أُبِّرَ مِنْ ثَمَرٍ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَوْ جُذَّ .
وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ جُذَّ فَهُوَ غَلَّةٌ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ فِي الصُّوفِ وَنَقَلَهَا أَبُو سَعِيدٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ إنْ جَذَّ الثَّمَرَةَ وَجَزَّ الصُّوفَ فَهُمَا كَالْغَلَّةِ .
الصِّقِلِّيُّ وَقَالَ يَحْيَى إنْ جَذَّهَا تَمْرًا رَدَّ مَكِيلَتَهُ ، وَإِنْ جَذَّهَا رُطَبًا رَدَّ قِيمَتَهُ يُرِيدُ إنْ فَاتَ .

وَأَخَذَ الْمُكْرِي دَابَّتَهُ ، وَأَرْضَهُ ، وَقُدِّمَ فِي زَرْعِهَا فِي الْفَلَسِ ، ثُمَّ سَاقِيهِ ، ثُمَّ مُرْتَهِنُهُ .

( وَ ) مَنْ أَكْرَى دَابَّةً أَوْ أَرْضًا وَلَمْ يَقْبِضْ الْكِرَاءَ حَتَّى فُلِّسَ الْمُكْتَرِي قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ الْمَنْفَعَةَ ( أَخَذَ الْمُكْرِي ) إنْ شَاءَ ( دَابَّتَهُ وَأَرْضَهُ ) فَيَسْقُطُ الْكِرَاءُ عَنْ الْمُكْتَرِي ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَحَاصَصَ بِالْكِرَاءِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا لِحُلُولِهِ بِالْفَلَسِ ، وَإِنْ فُلِّسَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ بَعْضِ الْمَنْفَعَةِ فَلِلْمُكْرِي أَخْذُ دَابَّتِهِ وَأَرْضِهِ وَالْمُحَاصَّةُ بِمُقَابِلِ مَا أَسْتَوْفَى مِنْ الْمَنْفَعَةِ مِنْ الْكِرَاءِ ، وَلَهُ تَرْكُهَا وَالْمُحَاصَّةُ بِجَمِيعِ الْكِرَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ فُلِّسَ مُشْتَرِي مَنَافِعَ قَبْلَ قَبْضِهَا فَبَائِعُهَا أَحَقُّ بِهَا .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ كَسِلْعَةٍ بِيَدِ بَائِعِهَا .
( وَ ) إنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ بِدَيْنٍ وَاسْتَأْجَرَ عَامِلًا فِيهَا بِدَيْنٍ ، وَرَهَنَ الزَّرْعَ النَّابِتَ فِيهَا فِي دَيْنٍ ثُمَّ فُلِّسَ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مُكْرِي الْأَرْضِ بِكِرَائِهَا ( فِي زَرْعِهَا ) لِأَنَّهُ نَشَأَ عَنْهَا وَحَازَتْهُ وَحَوْزُهَا كَحَوْزِ رَبِّهَا ( فِي ) صُورَةِ طُرُوءِ ( الْفَلَسِ ) لِلْمُكْتَرِي قَبْلَ دَفْعِ كِرَائِهَا .
وَمَفْهُومُ الْفَلَسِ أَنَّهُ لَا يُقَدَّمُ فِيهِ فِي الْمَوْتِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَيَكُونُ هُوَ وَالسَّاقِي أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَيُقَدَّمُ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِمْ ، وَمِثْلُ الزَّرْعِ الشَّجَرُ وَالْبِنَاءُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمَّا أَثْمَرَتْ الزَّرْعَ فَكَأَنَّ رَبَّهَا بَاعَهُ .
وَمَعْنَى تَقْدِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ فِي زَرْعِهَا أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي الْكِرَاءِ فَيُبَاعُ وَيُؤْخَذُ الْكِرَاءُ مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا يَلْزَمُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ( ثُمَّ ) بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُكْرِي كِرَاءَ أَرْضِهِ مِنْ ثَمَنِ زَرْعِهَا يَلِيهِ فِي بَاقِيهِ ( سَاقِيهِ ) أَيْ الزَّرْعِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ إذْ لَوْلَاهُ مَا انْتَفَعَ بِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ فِي الزَّرْعِ فَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْهُ قَبْلَ الْمُكْرِي فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ ( ثُمَّ ) يَلِي

السَّاقِي ( مُرْتَهِنُهُ ) أَيْ الزَّرْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَى بَاقِي الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ وَالْمَوْتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمُطَرِّفٌ فِي الْوَاضِحَةِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا لِزَرْعِهَا وَاسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَرَهَنَ الزَّرْعَ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ فُلِّسَ فَرَبُّ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرِ يَتَحَاصَّانِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ .
وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَتَلَقَّاهُ الْأَشْيَاخُ بِالْقَوْلِ ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ وَالْأَجِيرَ إنْ جُعِلَا كَمَنْ وَجَدَ سِلْعَتَهُ بَعْدَ خُرُوجِهَا مِنْ يَدِهِ لَزِمَ تَقْدِيمُ مُرْتَهِنِهَا عَلَيْهِمَا ، وَإِنْ جُعِلَا كَمَنْ لَمْ يَدْفَعْهَا بَطَلَ الرَّهْنُ فِيهَا وَالْفَرْضُ صِحَّتُهُ وَحَوْزُهُ هَذَا خَلْفٌ .
وَيُجَابُ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي وَمَنْعِ كَوْنِهِ مَلْزُومًا لِخِلَافِ الْقَرْضِ ، وَبَيَانُهُ أَنَّهُمَا فِيمَا يَسْتَغْرِقُهُ حَقُّهُمَا مِنْ الزَّرْعِ كَمَنْ لَمْ تَخْرُجْ سِلْعَتُهُ مِنْ يَدِهِ ضَرُورَةَ كَوْنِ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ وَهِيَ كَيَدِهِ وَبَقَاءُ يَدِ الْأَجِيرِ عَلَى الزَّرْعِ وَالرَّهِينَةِ فِي هَذَا الْقَدْرِ بَاطِلَةٌ مَمْنُوعُ فَرْضِ صِحَّتِهَا فِيهِ ، وَفِيمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهِينَةِ فِيهِ تَامَّةٌ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فَرْضُ صِحَّةِ رَهْنِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) فِي كَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِ رَبِّ الْأَرْضِ عِبَارَتَانِ ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِعَامِ الْقِيَامِ وَالْأَعْوَامِ الَّتِي قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ حَيْثُ لَمْ يَأْخُذْ أَرْضَهُ ، وَسَوَاءٌ جَزَّ الزَّرْعَ أَمْ لَا ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يُقَدَّمُ لِلسَّنَةِ الْحَاضِرَةِ فَقَطْ ، وَأَمَّا كِرَاءُ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ فَهُوَ فِيهِ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَلَهُ الْفَسْخُ فِي الْمُسْتَقِلَّةِ فَصَارَتْ الْمَنَافِعُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ .

وَالصَّانِعُ أَحَقُّ ، وَلَوْ بِمَوْتٍ بِمَا بِيَدِهِ ، وَإِلَّا فَلَا ، إنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا إلَّا النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ يُشَارِكُ بِقِيمَتِهِ .

( وَالصَّانِعُ ) بِالنُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْلَةِ ( أَحَقُّ ) مِنْ بَقِيَّةِ غُرَمَاءِ مَنْ اسْتَصْنَعَهُ فِي فَلَسِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ بِمَوْتٍ ) لَهُ وَصِلَةُ أَحَقُّ ( بِمَا بِيَدِهِ ) أَيْ الصَّانِعِ مِنْ مَصْنُوعَةٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ أُجْرَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِأَنَّهُ كَالرَّهْنِ فِيهَا وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا فِيهِ سَوَاءٌ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا أَمْ لَا ، بِدَلِيلِ تَفْصِيلِهِ فِيمَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ وَشَمِلَ مَا بِيَدِهِ جَمِيعَ مَصْنُوعِهِ وَبَعْضَهُ فَلَهُ حَبْسُهُ فِي أُجْرَةِ مَا بِيَدِهِ وَمَا رَدَّهُ لِرَبِّهِ إنْ كَانَ الْجَمِيعُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يُسَمِّ لِكُلٍّ قَدْرًا ، فَإِنْ كَانَ بِعَقْدٍ أَوْ سَمَّى لِكُلِّ قَدْرٍ فَلَا يُحْبَسُ وَاحِدٌ عَنْ أُجْرَةِ غَيْرِهِ ، وَهَذَا إذَا فُلِّسَ بَعْدَ الْعَمَلِ ، فَإِنْ فُلِّسَ قَبْلَهُ خُيِّرَ الصَّانِعُ بَيْنَ الْعَمَلِ وَمُحَاصَّةِ الْغُرَمَاءِ وَفَسْخِ الْإِجَارَةِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَصْنُوعُهُ بِيَدِهِ بِأَنْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ أَوْ لَمْ يُجِزْهُ أَصْلًا كَبِنَاءٍ ( فَلَا ) يَكُونُ أَحَقَّ بِهِ ، وَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي الْفَلَسِ ، وَالْمَوْتِ ( إنْ لَمْ يُضِفْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الصَّانِعُ ( لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا ) مِنْ عِنْدِهِ كَخَيَّاطٍ وَصَائِغٍ وَقَصَّارٍ وَبَنَّاءٍ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ مَنْطُوقِ إنْ لَمْ يُضِفْ فَقَالَ ( إلَّا النَّسْجَ فَكَالْمَزِيدِ ) عَلَى الصَّنْعَةِ فِي الْحُكْمِ كَصَبَّاغِ بِصَبْغٍ مِنْ عِنْدَهُ وَرَقَّاعٍ بِرُقَعٍ مِنْ عِنْدَهُ وَمُجَلِّدِ كُتُبٍ بِجِلْدٍ مِنْ عِنْدِهِ ، وَبَيَّنَ حُكْمَ الْمَزِيدِ مُجِيبًا عَنْ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ وَمَا حُكْمُ الْمَزِيدِ ؟ فَقَالَ ( يُشَارِكُ ) الصَّانِعُ رَبَّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ فِي الْفَلَسِ فَقَطْ ( بِقِيمَتِهِ ) أَيْ الْمَزِيدِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ نَقَصَ الْمَصْنُوعُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى سَمَاعِ عِيسَى وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَا يَكُونُ أَحَقَّ إلَّا بِقِيمَةِ مَا أَخْرَجَ وَقِيمَةِ عَمَلِهِ يَكُونُ بِهَا أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ .
نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الصَّانِعِ إذَا سَلَّمَ الْمَصْنُوعَ لِرَبِّهِ أَنْ

يُفَرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ لَمْ يُضِفْ لَهَا شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ ، وَنَقَلَ عَنْ الْمَازِرِيِّ نَحْوَهُ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّسْجَ لَا يُشَارِكُ بِهِ الصَّانِعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْ مِنْ عِنْدِهِ شَيْئًا وَالْمُصَنِّفُ جَعَلَ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ قِيلَ النَّسَّاجُ مُسْتَثْنًى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّانِعِ الَّذِي لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا وَمُلْحَقٌ عَنْ أَضَافَ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا .
ا هـ .
وَتَعَقَّبَهُ النَّاصِرُ بِأَنَّ نَصَّ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ النَّسَّاجَ كَالصَّبَّاغِ ، وَأَنَّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافُهُ ، وَنَصُّهُ إنْ كَانَ لِلصَّانِعِ قَدْ عَمِلَ الصَّنْعَةَ وَرَدَّ الْمَصْنُوعَ لِصَاحِبِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلصَّانِعِ فِيهَا إلَّا عَمَلُ يَدِهِ كَالْخَيَّاطِ وَالْقَصَّارِ وَالنَّسَّاجِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ .
عب مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ النَّسْجَ كَالْمَزِيدِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ بَلْ كَعَمَلِ الْيَدِ ، ثُمَّ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ فِي الِاسْتِئْجَارِ عَلَى النَّسْجِ ، وَأَنَّ مَنْ بَاعَ غَزْلًا وَوَجَدَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ فَلَسِهِ مَنْسُوجًا فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا قَطْعًا وَلَا يَكُونُ هُوَ وَلَا بِنَاءُ الْعَرْصَةِ فَوْتًا عَلَى الرَّاجِحِ الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ مَا فِي ضَيْح وَابْنِ عَرَفَةَ و ق " أَنَّ الْمُشْتَرِي يُشَارِكُ فِي هَذِهِ وَإِنْ لَمْ يُضِفْ لِصَنْعَتِهِ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ .

وَالْمُكْتَرِي بِالْمُعَيَّنَةِ ، وَبِغَيْرِهَا إنْ قُبِضَتْ ، وَلَوْ أُدِيرَتْ وَرَبُّهَا بِالْمَحْمُولِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَا لَمْ يَقْبِضْهُ رَبُّهُ

( وَالْمُكْتَرِي ) دَابَّةً مُعَيَّنَةً وَنَقَدَ كِرَاءَهَا ثُمَّ فُلِّسَ مُكْرِيهَا وَمَاتَ أَحَقُّ ( بِ ) الدَّابَّةِ ( الْمُعَيَّنَةِ ) عِنْدَ فَقْدِ الْكِرَاءِ قَبَضَهَا أَمْ لَا لِقِيَامِ تَعْيِينِهَا مَقَامَ قَبْضِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مَنْفَعَتَهَا ثُمَّ تُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ ( وَ ) الْمُكْتَرِي دَابَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَنَقَدَ كِرَاءَهَا ثُمَّ فُلِّسَ مُكْرِيهَا أَوْ مَاتَ أَحَقُّ ( لِغَيْرِهَا ) أَيْ الْمُعَيَّنَةِ ( إنْ ) كَانَتْ ( قُبِضَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ مُكْرِيهَا قَبْلَ تَفْلِيسِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَاسْتَمَرَّتْ بِيَدِ مُكْتَرِيهَا حَتَّى حَصَلَ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَدْرِ الْمُكْرِي الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي ، بَلْ ( وَلَوْ أُدِيرَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ كَانَ الْمُكْرِي يُبَدِّلُ الدَّوَابَّ تَحْتَ الْمُكْتَرِي بِأَنْ يُرْكِبُهُ يَوْمًا عَلَى دَابَّةِ ، وَاَلَّذِي يَلِيه عَلَى غَيْرِهَا وَهَكَذَا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا إنْ أُدِيرَتْ ، وَعَارَضَ التُّونُسِيُّ الْمَشْهُورَ بِقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الرَّاعِي إنَّهُ لَيْسَ أَحَقَّ بِالدَّوَابِّ قَائِلًا وَأَرَاهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ .
وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ الرَّاعِيَ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِعَيْنِ الدَّوَابِّ ، بَلْ بِذِمَّةِ الْمُكْتَرِي بِخِلَافِ مُكْتَرِي الدَّابَّةِ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّهُ بِعَيْنِهَا بِتَعْيِينِهَا أَوْ بِقَبْضِهَا .
( وَ ) مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا وَفُلِّسَ أَوْ مَاتَ قَبْلَ دَفْعِ كِرَائِهَا ف ( رَبُّهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ أَحَقُّ ( بِالْمَحْمُولِ ) عَلَيْهَا إذَا كَانَ رَبُّهَا مَعَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُكْتَرِي مَعَهَا أَمْ لَا ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) رَبُّهَا ( مَعَهَا ) بِأَنْ سَلَّمَهَا لِمُكْتِرَيْهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ( مَا ) دَامَ الْمَحْمُولُ عَلَيْهَا و ( لَمْ يَقْبِضْهُ ) أَيْ الْمَحْمُولَ ( رَبُّهُ ) قَبْضَ تَسَلُّمٍ بِتَمَامِ الْمَسَافَةِ ، فَإِنْ قَبَضَهُ رَبُّهُ كَذَلِكَ فَرَبُّهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مَا لَمْ يَقُمْ بِالْقُرْبِ ، فَإِنْ قَامَ

بِالْقُرْبِ فَهُوَ أَحَقُّ بِالْمَحْمُولِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ بِجَامِعِ الْحَمْلِ .

وَفِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ يُفْسَخُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ ، أَوْ لَا ، أَوْ فِي النَّقْدِ ؟ أَقْوَالٌ .

( وَ ) مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا أَوْ أَخَذَهَا فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ ثُمَّ فُلِّسَ بَائِعُهَا قَبْلَ نَسْخِ بَيْعِهَا وَهِيَ بِيَدِ مُشْتَرِيهَا أَوْ بَائِعِهَا ف ( فِي كَوْنِ الْمُشْتَرِي أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ ) فِي ثَمَنِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ حَيْثُ ( يُفْسَخُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ أَيْ يُسْتَحَقُّ بَيْعُهَا الْفَسْخَ ( لِفَسَادِ الْبَيْعِ ) الْوَاقِعُ عَلَيْهَا ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ ( أَوْ لَا ) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا لِأَنَّهُ أَخَذَهَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَتِمَّ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ ( أَوْ ) يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا ( فِي ) شِرَائِهَا بِ ( النَّقْدِ ) لَا بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ( أَقْوَالٌ ) وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ عَلَى الْأَوَّلِينَ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَيَنْبَغِي الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ .
الثَّانِي : طفي أَوْ فِي النَّقْدِ ، أَيْ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ لَا إنْ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ ، هَذَا مَعْنَى الْقَوْلِ ثَالِثُ الْمُفَصَّلِ لَا مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ تت وَالشَّارِحِ وَالتَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ فِي ذِمَّةِ بَائِعِهَا إذْ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مَفْرُوضَةً ، كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بَيْعًا فَاسِدًا فَفُلِّسَ قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ هَلْ يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ ثَمَنَهَا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِنَقْدٍ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا ، وَإِنْ كَانَ ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ا هـ .
وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ قَالَ فَإِنْ قُلْت هَلْ مَعْنَى الشِّرَاءِ إلَى أَجَلٍ فِي الْقَوْلِ الثَّالِثِ إنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الثَّمَنُ أَوْ السِّلْعَةُ .
قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ مُحْرِزٍ

الْأَوَّلِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ الثَّانِي قَالَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَا نَصُّهُ إنْ بَاعَهَا بِنَقْدٍ فَمُبْتَاعُهَا أَحَقُّ بِثَمَنِهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ ، وَإِنْ أَخَذَهَا بِدَيْنٍ دَخَلَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ دَيْنٌ كَدِينِهِمْ نَصَّ فِي أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمُفْلِسِ ، وَهَذَا لَا يَتَقَرَّرُ إلَّا وَالسِّلْعَةُ مُؤَخَّرَةٌ ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرِ قَوْلَيْ مُحَمَّدٍ وَسَحْنُونٍ ، وَكَذَا الْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَعْزِهِمَا ا هـ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَعَلَى الثَّانِي فَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّهُ فَرَضَهَا فِي السَّلَمِ فَقَدْ عَلِمْت فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ تت عَنْ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أُخِذَتْ عَنْ دَيْنٍ يَفْصِلُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَخْذِهَا عَنْ دَيْنٍ إلَخْ مِنْ الْإِيهَامِ ا هـ كَلَامُ طفي .
قُلْت لَا دَلِيلَ فِي كَلَامِ الْمُقَدِّمَاتِ لِمَا ادَّعَاهُ طفي لِاحْتِمَالِ قَوْلِهَا ابْتَاعَهَا بِدَيْنٍ لَا بِتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ كَانَ فِي ذِمَّةِ بَائِعُهَا وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ وَلَا بِتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ يَتَقَرَّرُ فِي ذِمَّةِ مُبْتَاعِهَا بِابْتِيَاعِهِ ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ أَنَّهُ الْمُرَادُ ، وَلَا يَصِحُّ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ بِهِ إذْ الْمُشْتَرَى فِيهِ لَمْ يَتَقَرَّرْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى الْمُفْلِسِ حَتَّى يُقَالَ هُوَ أَحَقُّ بِالسِّلْعَةِ فِي دَيْنِهِ أَوْ لَا ، أَوْ فِي النَّقْدِ لَا فِي الدَّيْنِ ، بَلْ هُوَ مَدِينٌ لِلْمُفْلِسِ فَتَعَيَّنَ مَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لِأَنَّهُ كَانَ لَهُ دَيْنٌ كَدَيْنِهِمْ نَصَّ فِي أَنَّ ثَمَنَهُ كَانَ لَهُ دَيْنًا عَلَى الْمُفْلِسِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَا شَاهِدَ فِيهِ لطفي ، بَلْ هُوَ شَاهِدٌ عَلَيْهِ لِلْجَمَاعَةِ .
الْبُنَانِيُّ مَا شَرَحَ بِهِ " ز " وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ ضَيْح وَمِنْ عِبَارَةِ النَّوَادِرِ الَّتِي نَقَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ ، وَأَمَّا فَهْمُ ابْنِ عَرَفَةَ فَمُشْكِلٌ ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ ، فَإِنْ قُلْت إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ .

قُلْت قَدْ غَفَلَ الْبُنَانِيُّ أَيْضًا مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ فِي ابْتِيَاعِهَا بِدَيْنٍ يَتَقَرَّرُ عَلَى مُشْتَرِيهَا ، وَلَمْ يُفْهَمْ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى وَجْهِهِ كطفي ، فَاسْتَشْكَلَهُ وَهُوَ نَصٌّ فِي كَلَامِ الْجَمَاعَةِ وَفَرْضِهِمْ الْمَسْأَلَةَ وَلَا إشْكَالَ فِيهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ ، وَمَا تَوْفِيقِي إلَّا بِاَللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْت وَإِلَيْهِ أُنِيبُ .

وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ ؛ وَبِالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ ، وَقُضِيَ بِأَخْذِ الْمَدِينِ الْوَثِيقَةَ أَوْ تَقْطِيعَهَا .
لَا صَدَاقٍ قُضِيَ ، وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إنْ ادَّعَى سُقُوطَهَا

( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلْعَةً شِرَاءً فَاسِدًا وَدَفَعَ ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهَا لِفَسَادِ بَيْعِهَا فَوَجَدَ بَائِعَهَا مُفْلِسًا أَوْ مَاتَ وَثَمَنُهُ بِيَدِهِ لَمْ يُفْتِ ف ( هُوَ ) أَيْ مُشْتَرِي السِّلْعَةِ بِنَقْدٍ شِرَاءً فَاسِدًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ ( أَحَقُّ بِثَمَنِهِ ) الَّذِي نَقَدَهُ فِيهَا بِعَيْنِهِ فِي مَوْتِ بَائِعِهَا وَفَلَسِهِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ .
" د " لِأَنَّهُ لَمَّا فَسَدَ الْبَيْعُ أَشْبَهَ الْوَدِيعَةَ فَهَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ مَحَلَّ الْأَقْوَالِ فِيهَا إذَا فَاتَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْمُفْلِسِ أَوْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا ، وَهَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا لَمْ يَفُتْ وَعُرِفَ بِعَيْنِهِ وَتَارَةً يَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ ثَمَنِهَا ، وَتَارَةً يَكُونُ أَحَقَّ بِالسِّلْعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ ، وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ بِعَيْنِ ثَمَنِهَا .
( وَ ) مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ ثُمَّ فُلِّسَ الْمُشْتَرِي وَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْهُ الْبَائِعُ فَهُوَ أَحَقُّ ( بِالسِّلْعَةِ ) الَّتِي دَفَعَهَا لِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُلِّسَ إنْ وَجَدَهَا بِعَيْنِهَا ( إنْ بِيعَتْ ) السِّلْعَةُ ( بِسِلْعَةٍ وَاسْتُحِقَّتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ السِّلْعَةُ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي فُلِّسَ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ يُفْسَخُ فِيهِ الْبَيْعُ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، فَقَدْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ الَّذِي أَوْجَبَ خُرُوجَ سِلْعَتِهِ عَنْ مِلْكِهِ .
الْبُنَانِيُّ لَوْ قَالَ وَهُوَ أَحَقُّ بِثَمَنِهِ مُطْلَقًا كَالسِّلْعَةِ إنْ بِيعَتْ بِسِلْعَةٍ إلَخْ كَانَ أَوْلَى ( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكِمَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إذَا اسْتَوْفَاهُ وَمَعَهُ وَثِيقَةٌ بِهِ ( بِأَخْذِ الْمَدِينِ ) بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ ( الْوَثِيقَةَ ) الْمَكْتُوبَةَ بِالدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنْ رَبِّ

الدَّيْنِ أَوْ مَنْ تَنْزِلُ مَنْزِلَتُهُ إذَا قَضَاهُ حَقُّهُ وَامْتَنَعَ عَنْ دَفْعِهَا لَهُ لِئَلَّا يَقُومَ بِهَا عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى ، وَيَكْتُبُ عَلَيْهَا بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ الْعُدُولِ أَنَّ مَا فِيهَا قَدْ قُضِيَ لِئَلَّا يَدَّعِيَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا مِنْهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَيُخْرِجُ صُورَتَهَا مِنْ سِجِلِّ الْقَاضِي إنْ كَانَتْ مُسَجَّلَةً وَيَدَّعِي بِمَا أَخْرَجَهُ .
وَقِيلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا لِلْمَدِينِ وَلَوْ خُصِمَ عَلَيْهَا لِئَلَّا يُخْفِيَهَا الْمَدِينُ وَيَدَّعِي أَنَّ مَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ ( أَوْ تَقْطِيعَهَا ) إنْ لَمْ تُسَجِّلْ وَإِلَّا قَضَى بِأَخْذِهَا مَخْصُومًا عَلَيْهَا لِئَلَّا يَخْرُجَ غَيْرَهَا .
قَالَ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَالْحَزْمُ تَقْطِيعُهَا وَكِتَابَةُ بَرَاءَةٍ بَيْنَهُمَا لِمَنْفَعَةِ الْمَدِينِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَفْعِ رَبِّ الدَّيْنِ بِاحْتِمَالِ مَوْتِ بَيِّنَتِهِ وَادِّعَاءِ الْمَدِينِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ لَهُ سَلَفٌ ، وَالْحَزْمُ فِي وَثِيقَةِ الْبَرَاءَةِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَوْ يَكْتُبُ لَهُمَا وَثِيقَتَانِ مَعَ تَقْطِيعِ الْوَثِيقَةِ الْقَدِيمَةِ .
سُئِلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ بِصَكٍّ وَتَنَازَعَ مَعَ رَبِّهِ بَعْدَ قَضَائِهِ فِي تَقْطِيعِهِ أَوْ تَبْطِيلِهِ بِالْكِتَابَةِ عَلَيْهِ بِقَضَاءِ مَا فِيهِ وَبَقَائِهِ عِنْدَ رَبِّهِ ، فَمَا الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ ؟ فَقَالَ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي خَوْفَ لَوْ قُطِعَ أَنْ يَسْأَلَ الْمَدِينُ رَبَّ الدَّيْنِ هَلْ قَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا أَمْ لَا ؟ فَإِنْ قَالَ قَبَضْت مِنْ دَيْنٍ كَانَ لِي عَلَيْك فَلَا يُصَدِّقُهُ ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ أَسْلَفَهُ .
وَإِنْ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ يَحْلِفُ غَمُوسًا .
( لَا ) يَقْضِي عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ مَنْ نَزَلَ مَنْزِلَتُهَا بِدَفْعِ وَثِيقَةِ ( صَدَاقٍ قُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَلَا بِتَقْطِيعِهَا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ ، بَلْ تَبْقَى مَخْصُومًا عَلَيْهَا لِانْتِفَاعِ الزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا بِهَا مِنْ حَيْثُ الشُّرُوطُ وَلُحُوقُ النَّسَبِ إنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، وَقَدْ كُتِبَتْ حَالَ

الْعَقْدِ ، وَلَوْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ ، وَلِاعْتِبَارِ صَدَاقِ أُخْتِهَا بِصَدَاقِهَا ، وَإِنْ كَتَبَ تَارِيخَ مَوْتِ الزَّوْجِ أَوْ طَلَاقِهِ انْتَفَعَ بِهَا فِي مَعْرِفَةِ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِتَتَزَوَّجَ .
( وَ ) إنْ وُجِدَتْ وَثِيقَةُ الدَّيْنِ بِيَدِ الْمَدِينِ غَيْرِ مَخْصُومٍ عَلَيْهَا وَادَّعَى دَفْعَ مَا فِيهَا وَأَنْكَرَ رَبُّهَا الْقَبْضَ وَادَّعَى أَنَّهَا سَقَطَتْ مِنْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمَدِينِ ف ( لِرَبِّهَا ) أَيْ الْوَثِيقَةِ ( رَدُّهَا ) مِنْ الْمَدِينِ ( إنْ ادَّعَى ) رَبُّهَا ( سُقُوطَهَا ) مِنْهُ وَلَا يَصْدُقُ الْمَدِينُ فِي دَعْوَاهُ قَضَاءَ مَا فِيهَا وَاسْتِلَامَهَا مِنْ رَبِّهَا ، وَعَلَيْهِ دَفْعُ مَا فِيهَا إنْ حَلَفَ رَبُّهُ عَلَى بَقَائِهِ إذَا الْأَصْلُ فِي كُلِّ مَا كَانَ بِإِشْهَادِ أَنْ لَا يَبْرَأَ مِنْهُ إلَّا بِإِشْهَادِ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ بِدَفْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا .

وَلِرَاهِنٍ بِيَدِهِ رَهْنُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ ؛ كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا ؛ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا .

( وَ ) قُضِيَ ( لِرَاهِنٍ ) بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وُجِدَ ( بِيَدِهِ رَهْنُهُ ) وَادَّعَى أَنَّهُ دَفَعَ الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ فِيهِ وَاسْتَلَمَهُ مِنْ مُرْتَهِنِهِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ وَادَّعَى سُقُوطَ الرَّهْنِ مِنْهُ فَيُقْضَى لِلرَّاهِنِ ( بِدَفْعِ الدَّيْنِ ) الْمَرْهُونِ فِيهِ أَيْ بِأَنَّهُ دَفَعَهُ لِلْمُرْتَهِنِ إنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِلَا خِلَافٍ .
فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ إلَى الرَّاهِنِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ سُقُوطَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا طَالَ الْأَمْرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ .
ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لَوْ كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ رَهْنًا ثُمَّ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَاهُ الرَّهْنَ وَلَمْ يُوفِهِ الْغَرِيمُ حَقَّهُ ، وَقَالَ الْغَرِيمُ لَمْ يَدْفَعْ إلَيَّ رَهْنِي إلَّا بَعْدَ قَبْضِ دَيْنِهِ ، فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ الرَّاهِنُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ادَّعَاهُ رَبُّ الدَّيْنِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَنْكَرَ رَبُّ الرَّهْنِ قَبْضَ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِهِ وَقَالَ دَفَعْت إلَيْهِ الرَّهْنَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَنِي بِحَقِّي فَلَمْ يَفْعَلْ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ خِلَافُ مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ ، وَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا طَالَ الْأَمْرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ سَحْنُونٍ وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ لِلرَّاهِنِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ سُقُوطَهُ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ قَوْلًا وَاحِدًا إذَا كَانَ قِيَامُهُ عَلَيْهِ بِالْقُرْبِ .
ا هـ .
فَجَعَلَ الْخِلَافَ بَيْنَ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْمُرْتَهِنُ بِدَفْعِ الرَّهْنِ لَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُوفِهِ قَالَهُ الْحَطّ

.
وَشَبَّهَ فِيمَا تَضَمُّنُهُ قَوْلَهُ وَلِرَاهِنٍ إلَخْ مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَقَالَ ( كَوَثِيقَةٍ ) فُقِدَتْ فَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ وَلَا الْمَدِينِ ( وَزَعَمَ رَبُّهَا سُقُوطَهَا ) وَإِنَّ دَيْنَهُ بَاقٍ عَلَى الْمَدِينِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الْمَدِينُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ حَلِفِهِ .
الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ وَهُوَ مَا إذَا زَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ سُقُوطَ الْوَثِيقَةِ وَادَّعَى الْمَدِينُ الْقَضَاءَ فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ بِيَمِينِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيَكُونُ فَقْدُ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ شَاهِدًا لِلْمَدِينِ بِالْقَضَاءِ يَحْلِفُ مَعَهُ ، وَعَارَضَهُ " غ " بِقَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا .
وَفَرَّقَ بَعْضٌ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمَّا وُجِدَتْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ الْمَدِينِ غَيْرِ مَخْصُومٍ عَلَيْهَا كَذَّبَهُ الْعُرْفُ بِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يُقْضَى إلَّا بِكُتُبِ قَضَائِهِ عَلَيْهَا ، بِخِلَافِ هَذِهِ ، وَارْتَضَى طفي هَذَا الْحَمْلَ ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِنَصِّ الْكَافِي وَنَصَّ الْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْكَافِي إذَا كَتَبَ الشَّاهِدُ الْوَثِيقَةَ وَطُولِبَ بِهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ قَدْ أَدَّى ذَلِكَ الْحَقَّ لَمْ يَشْهَدْ الشَّاهِدُ حَتَّى يُؤْتِيَ بِالْكِتَابِ الَّذِي فِيهِ شَهَادَتُهُ بِخَطِّهِ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ أَخْذُ الْوَثَائِقِ إذَا أَدَّوْا الدُّيُونَ ا هـ نَقَلَهُ " غ " وَغَيْرُهُ .
قُلْت مُقْتَضَى كَلَامِ الْكَافِي أَنَّ الشَّاهِدَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَشْهَدُ ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمَدِينِ إذْ لَوْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِإِقْرَارِهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْعِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ فَائِدَةٌ لِمُوَافَقَتِهَا الْإِقْرَارَ ، فَصَحَّ الِاسْتِدْلَال بِهِ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَ كَوْنَهُ حُجَّةً ، وَإِذَا صَحَّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ " ز " تَبَعًا لعج مِنْ عَدَمِ دَعْوَى الْمَدِينِ الْقَضَاءَ وَلِقِلَّةِ جَدْوَاهُ .
وَلَمْ يَشْهَدْ ) أَيْ لَا يَجُوزُ

أَنْ يَشْهَدَ ( شَاهِدُهَا ) أَيْ الشَّاهِدُ الَّذِي كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِخَطِّهِ فِي الْوَثِيقَةِ وَهُوَ يَشْمَلُ الشَّاهِدَيْنِ فَأَكْثَرَ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ بِمَا فِيهَا مِنْ الدَّيْنِ ( إلَّا بِ ) رُئِيَتْ ( هَا ) أَيْ لِاحْتِمَالِ قَضَاءِ مَا فِيهَا كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَكُتِبَ ذَلِكَ عَلَيْهَا بِخَطِّ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ عَدْلَيْنِ .
تت صَاحِبُ التَّكْمِلَةِ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ أَيْ مَنْ زَعَمَ سُقُوطَ وَثِيقَتِهِ وَطَالَبَ بِمَا فِيهَا وَزَعَمَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ رَدَّ الدَّيْنِ فَلَا يَشْهَدُ شَاهِدُ الْحَقِّ إلَّا بَعْدَ حُضُورِ الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّهُ ، كَذَا فِي كَافِي أَبِي عُمَرَ .
ا هـ .
وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ قَوْلَهُ كَوَثِيقَةٍ إلَخْ مَسْأَلَةٌ وَاحِدَةٌ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْمَدِينِ إذَا زَعَمَ رَبُّهَا أَنَّهَا سَقَطَتْ وَلَمْ يَقْبِضْ مَا فِيهَا ، وَقَالَ الْمَدِينُ بَلْ أَقَبَضْته وَامْتَنَعَ شَاهِدُهَا أَنْ يَشْهَدَ إلَّا بَعْدَ إحْضَارِهِمَا .
ا هـ .
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَفِيهَا إشْكَالٌ لِأَنَّ الْمَدِينَ مُقِرٌّ بِالدَّيْنِ مُدَّعٍ قَضَاءَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ لِلْقَضَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي لَا إشْكَالَ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ عَارَضَهُ عَدَمُ وُجُودِ الْوَثِيقَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَذَكَرَ نَصُّ الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْكَافِي الْمُتَقَدِّمِ ثُمَّ قَالَ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ بِالدَّيْنِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ النَّاسِ ، فَلَا إشْكَالَ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ ، وَمَعْنَى قَوْلِ أَبِي عُمَرَ لَمْ يَشْهَدْ لَا عِبْرَةَ بِشَهَادَتِهِ لِتَصْدِيقِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يَصْدُقُ ، فَأَطْلَقَ لَمْ يَشْهَدْ تَصْدِيقَهُ بِدَلِيلِ آخِرِ كَلَامِهِ ، وَإِلَّا فَالشَّهَادَةُ هُنَا لَا فَائِدَةَ فِيهَا لِإِقْرَارِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ الْوَثِيقَةُ مِنْ شَهَادَتِهِ .
وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ إلَّا بِهَا عَلَى غَيْرِ فَرْضِ أَبِي عُمَرَ ، وَأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ لِأَصْلِ الدَّيْنِ ، فَفِي كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ

ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيمَنْ أَشْهَدَ فِي ذِكْرِ حَقٍّ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ ضَاعَ وَسَأَلَ أَنَّ الشُّهُودَ أَنْ يَشْهَدُوا بِمَا حَفِظُوا فَلَا يَشْهَدُوا وَإِنْ كَانُوا حَافِظِينَ لِمَا فِيهِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ اقْتَضَى وَمَحْكِيُّ الْكِتَابِ ، فَإِنْ جَهِلُوا وَشَهِدُوا بِذَلِكَ قَضَى بِهِ .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ بَلْ يَشْهَدُونَ بِمَا حَفِظُوا إنْ كَانَ الطَّالِبُ مَأْمُونًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا فَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَحَبُّ إلَيَّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلْإِفَاقَةِ .

بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَهُوَ لُغَةً الْمَنْعُ ، وَ شَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِي الزَّائِدِ عَلَى قُوتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ ، قَالَ وَبِهِ دَخَلَ حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ ا هـ .
الْحَطّ إنَّ حَجْرَهُمَا لَمْ يَدْخُلْ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ " بِمَالِهِ " كُلَّ مَالِهِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي تَبَرُّعِهِمَا بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ، وَلَمْ يَبْلُغْ كُلَّ الْمَالِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ فَبَيِّنٌ فَسَادُهُ ، وَإِنْ أَرَادَ بِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَشْمَلْ حَدُّهُ الْحَجْرَ عَلَى الرَّاهِنِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي الرَّهْنِ وَمَنْ جَنَى رِقَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ قَبْلَ تَحَمُّلِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مَمْنُوعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا مُطْلَقًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ التَّبَرُّعُ بِكُلِّ مَالِهِ كَمَا تُفِيدُهُ الْإِضَافَةُ وَيَدْخُلُ فِيهِ حَجْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ .
لِمَنْعِهِمَا مِنْ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِمَا ، وَجَوَازِ تَبَرُّعِهِمَا بِالثُّلُثِ فَدُونَهُ شَيْءٌ آخَرُ يُعْلَمُ مِنْ خَارِجٍ .
وَقَالَ طفي : تَعْرِيفُ ابْنِ عَرَفَةَ لَمْ يُطَابِقْ مَعْنَاهُ لُغَةً وَلَا شَرْعًا لِأَنَّهُ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ ، وَفِي الشَّرْعِ الْمَنْعُ مِنْ شَيْءٍ خَاصٍّ ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ وضيح ، وَاعْتَرَفَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ ، فَحَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ بِأَنَّهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ مَنْعُ الْمَالِكِ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ ، هَذَا مَعْنَاهُ فِي الِاصْطِلَاحِ يُطْلِقُونَهُ عَلَى أَصْلِهِ أَصْلًا ، وَلِذَا يَقُولُونَ يَحْجُرُ الْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ بِكَذَا ، وَيُحْجَرُ بِكَذَا وَابْنُ عَرَفَةَ نَفْسُهُ مُعْتَرِفٌ بِذَلِكَ ، وَلِذَا قَالَ اكْتِفَاءُ الْمَازِرِيِّ جَوَابًا عَنْ قَوْلِهِ مَا مَعْنَى

الْحَجْرِ بِقَوْلِهِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْمَنْعُ ، وَالْحَجْزُ يَقْتَضِي أَنَّ مَعْنَاهُ عُرْفًا كَمَعْنَاهُ لُغَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ الْعُرْفِيُّ أَخَصُّ .
ا هـ .
فَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ مَنْعٌ خَاصٌّ إذْ هُوَ الْمُقَابِلُ لِلْمَنْعِ الْعَامِّ ، فَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَنْ مَعَهُ ، وَقَدْ نَاقَشَهُ بِهَذَا الرَّصَّاعُ شَارِحُ حُدُودِهِ فَحَدَّهُ بِتَنَاوُلِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ لَا الْحَجْرِ نَفْسِهِ .
وَحَيْثُ بَيَّنَّا الْمُرَادَ فَنُبَيِّنُ حَدَّهُ فَنَقُولُ : أَوْ تَبَرُّعِهِ بِمَالِهِ عُطِفَ عَلَى تَصَرُّفِهِ وَمَالِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْخَاصَّةُ التَّبَرُّعَ بِكُلِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ الرَّصَّاعُ يَرِدُ التَّبَرُّعُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا قَرِينَةَ تَدُلُّ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ فَبَيَّنَ فَسَادَهُ قَالَهُ " ح " .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ : أَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ ؛ الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالتَّبْذِيرُ وَالرِّقُّ وَالْفَلَسُ وَالْمَرَضُ وَالنِّكَاحُ فِي الزَّوْجَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ : الْحَصْرُ اسْتِقْرَائِيٌّ وَهُوَ فِي الْأُمُورِ الْمَذْهَبِيَّةِ لِلْعَالِمِ بِالْمَذْهَبِ قَطْعِيٌّ ؛ لِأَنَّهُ كَمَوْجُودٍ عِنْدَهُ ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ تَرَكَ سَبَبًا وَهِيَ الرِّدَّةُ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا الْحَجْرَ عَلَى الْمَالِكِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ ، وَحَجْرُ الْمُرْتَدِّ مِنْ حَجْرِ الْمَالِكِ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مَا وَرِثَ عَنْهُ ، وَلَعَلَّهُ تَبِعَ الْقَرَافِيَّ فِي الذَّخِيرَةِ فَإِنَّهُ قَالَ : أَسْبَابُهُ ثَمَانِيَةٌ وَعَدَّ مِنْهَا الرِّدَّةَ .
ا هـ .
وَرُدَّ بِأَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتُقْضَى دُيُونُهُ مِنْهُ ، وَإِذَا تَابَ انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهُ فَيَتَصَرَّفُ فِيهِ كَمَا كَانَ يَتَصَرَّفُ فِيهِ قَبْلَ رِدَّتِهِ ، وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ لَا فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ .
وَأَمَّا عَدَمُ إرْثِهِ فَلِمَانِعِ حُدُوثِ كُفْرِهِ ، وَأَيْضًا لَيْسَ لِلْمُكَلَّفِ

التَّصَرُّفُ فِيمَا لَا يَمْلِكُهُ أَصَالَةً ، فَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَزَادَ : الْحَجْرُ عَلَى الرَّاهِنِ لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ .
الْحَطّ : وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى مَالِكِ الرَّقِيقِ الْجَانِي قَبْلَ تَحَمُّلِ أَرْشِ جِنَايَتِهِ .
قُلْت : وَيُزَادُ الْحَجْرُ عَلَى الْوَاقِفِ وَعَلَى سَيِّدِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَّبِّرِ وَالْمُكَاتِبِ وَالْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ وَالْمُخْدِمِ .
الشَّخْصُ ( الْمَجْنُونُ ) بِغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ أَوْ الْوَسْوَاسِ أَوْ صَرَعٌ ( مَحْجُورٌ ) لِأَبِيهِ إنْ كَانَ جُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ ، وَإِلَّا فَلِلْحَاكِمِ إنْ كَانَ ، وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَغَايَةُ حَجْرِهِ ( لِلْإِفَاقَةِ ) مِنْ جُنُونِهِ فَيَزُولُ حَجْرُ الْجُنُونِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ .
ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ مُبَذِّرًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا فَلَا .
فِي الذَّخِيرَةِ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُخْدَعُ فِي الْبَيْعِ فَقِيلَ : لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ { لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ يُخْدَعُ فِيهِ لِضَرْبَةٍ أَصَابَتْهُ فِي رَأْسِهِ : إذَا بِعْتَ فَقُلْ لَا خِلَابَةَ } ، خَرَّجَهُ الشَّيْخَانِ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُحْجَرُ عَلَيْهِ صَوْنًا لِمَالِهِ كَالصَّبِيِّ .
اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنَّهُ إنْ كَانَ يُخْدَعُ بِالْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بَعْدُ وَيَتَبَيَّنُ لَهُ الْغَبْنُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَيُؤْمَرُ بِالِاشْتِرَاطِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ ، وَيُشْهِدُ حِينَ بَيْعِهِ فَيُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ الْحَجْرِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ تَكَرُّرُهُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ إلَّا أَنْ لَا يَنْزَجِرَ عَنْ التَّجْرِ ا هـ .
وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ : وَإِنْ كَانَ لَا يَتَبَيَّنُ لَهُ ذَلِكَ وَيَكْثُرُ نُزُولُ ذَلِكَ بِهِ أُمِرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنْ التَّجْرِ وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَلَا يُنْزَعُ الْمَالُ مِنْهُ لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَفْعَلُ بَعْدَ الْحَجْرِ أَكْثَرَ مِنْ

إمْسَاكِهِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَهُوَ أَوْلَى بِإِمْسَاكِهِ مَالَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَنْزَجِرُ عَنْ التَّجْرِ اُنْتُزِعَ مِنْهُ .
ا هـ .
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ الْقَوْلَيْنِ وَقَوَّى الْقَوْلَ بِالْحَجْرِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِدُخُولِهِ فِي ضَابِطِ مَنْ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ لَا يَحْفَظُ الْمَالَ .
فِي الذَّخِيرَةِ وَيَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَيُدْفَعُ لَهُ الْمَالُ إذَا عُلِمَ مِنْهُ دُرْبَةُ الْبَيْعِ وَمَعْرِفَةُ وُجُوهِ الْخَدِيعَةِ .
وَأَمَّا الْمُغْمَى عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَدَمَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِسُرْعَةِ زَوَالِ مَا بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ مِنْ الْحَطّ

وَالصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ بِثَمَانِ عَشْرَةَ ، أَوْ الْحُلُمِ ، أَوْ الْحَيْضِ ، أَوْ الْحَمْلِ ، أَوْ الْإِنْبَاتِ .
وَهَلْ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ؟ تَرَدُّدٌ وَصُدِّقَ إنْ لَمْ يُرَبْ

( وَالصَّبِيُّ ) الذَّكَرُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ ، وَيَنْتَهِي الْحَجْرُ عَلَيْهِ ( لِبُلُوغِهِ ) الْمَازِرِيُّ الْبُلُوغُ قُوَّةٌ تَحْدُثُ لِلشَّخْصِ تَنْقُلُهُ مِنْ حَالِ الطُّفُولِيَّةِ إلَى حَالِ الرُّجُولِيَّةِ .
عج الْأَحْسَنُ إلَى غَيْرِهَا لِيَشْمَلَ بُلُوغَ الْأُنْثَى ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ ، وَلَعَلَّهُ بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَهَرَ عِنْدَ الْعَوَامّ ، وَلِذَا قَالَ : الْأَحْسَنُ وَإِلَّا فَفِي الصِّحَاحِ الرَّجُلُ خِلَافُ الْمَرْأَةِ ، وَيُقَالُ لَهَا رَجُلَةٌ ، وَيُقَالُ كَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا رَجُلَةَ الرَّأْيِ .
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَفِيهِ أَيْ الْخَبَرِ { أَنَّهُ لَعَنَ الْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ } ، أَيْ اللَّاتِي يَتَشَبَّهْنَ بِالرِّجَالِ فِي زِيِّهِنَّ وَهَيْئَتِهِنَّ ، فَأَمَّا فِي الْعِلْمِ وَالرَّأْيِ فَمَحْمُودٌ يُقَالُ امْرَأَةٌ رَجُلَةٌ لِمَنْ تَشَبَّهَتْ بِالرِّجَالِ فِي الرَّأْيِ وَالْمَعْرِفَةِ ، فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ انْفَكَّ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ بُلُوغِهِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ فَيَذْهَبُ حَيْثُ يَشَاءُ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ هَلَاكٌ أَوْ فَسَادٌ فَيَمْنَعَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ ، أَوْ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ .
وَأَمَّا الصَّبِيَّةُ فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى بِنَاءِ زَوْجِهَا بِهَا خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِبُلُوغِهَا إلَّا لِخَوْفٍ ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الصَّبِيَّ يَشْمَلُ الصَّبِيَّةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْفِقْهِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ : قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تَتَّصِفُ بِالرُّجُولِيَّةِ إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُهُ إلَى آخِرِهِ ، هَذِهِ الْمُسَوَّدَةُ ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الصِّحَاحِ وَابْنِ الْأَثِيرِ إنَّمَا يُفِيدُ وَصْفَهَا بِالرُّجُولِيَّةِ إذَا اتَّصَفَتْ بِوَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِ الرِّجَالِ لَا أَنَّ مُجَرَّدَ بُلُوغِهَا يُسَمَّى رُجُولِيَّةً كَمَا يُوهِمُهُ رَدُّهُ عَلَى عج .
قُلْت رَدُّهُ ظَاهِرٌ بِاعْتِبَارِ كَلَامِ ابْنِ الْأَثِيرِ لَا بِاعْتِبَارِ كَلَامِ الصِّحَاحِ .
الْبُنَانِيُّ : قَوْلُهُ خِلَافًا لِقَوْلِ

ابْنِ الْحَاجِبِ إلَخْ ، اُنْظُرْ هَذَا النَّقْلَ ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ : وَيَنْقَطِعُ الصَّبِيُّ بِالْبُلُوغِ وَبِالرُّشْدِ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ ، وَفِي الْأُنْثَى أَنْ تَتَزَوَّجَ وَيُدْخَلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ا هـ .
ضَيْح أَيْ وَيَنْقَطِعُ حَجْرُ الصَّبِيِّ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالِابْتِلَاءُ لِلرُّشْدِ مَطْلُوبٌ .
اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِ ابْتِلَاءِ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ قَبْلَهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَالْأَبْهَرِيِّ مَعَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَهُوَ أَبْيَنُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى } الْآيَةَ الْمَازِرِيُّ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ بَعْدَهُ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ يُخْتَبَرُ بِدَفْعِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ لَهُ لِيُخْتَبَرَ بِهِ ، فَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْعُهُ لِقَوْلِهِ إنْ فَعَلَ لَمْ يَلْحَقْهُ فِيهِ دَيْنٌ وَلَا فِيمَا بِيَدِ وَصِيِّهِ وَأَجَازَهُ غَيْرُهُ .
وَقَالَ يَلْحَقُهُ الدَّيْنُ فِيمَا بِيَدِهِ .
الْمَازِرِيُّ فِي إشَارَاتِ الْأَشْيَاخِ اضْطِرَابٌ فِي اخْتِبَارِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ هَذَا التَّخْرِيجُ غَيْرُ لَازِمٍ قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا ، وَلَكِنَّ الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ فَلِذَا لَمْ يُقْضَ لَهُمْ بِهِ .
قُلْت كَذَا وَجَدْتُهُ فِي غَيْرِ نُسْخَةٍ ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ " قَدْ يَكُونُ الدَّفْعُ مُبَاحًا إلَخْ " أَنَّهُ تَعَقُّبٌ عَلَى تَخْرِيجِ مَنْعِ الدَّفْعِ مِنْ عَدَمِ تَعَلُّقِ الدَّيْنِ ، وَمَا زَعَمَهُ دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ " الْغُرَمَاءَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ " ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ نَقِيضُهُ لِأَنَّهُمْ عَامَلُوهُ عَلَى مَا بِيَدِهِ .
وَفِي الْمَعُونَةِ لِوَلِيِّ السَّفِيهِ أَوْ الصَّغِيرِ دَفْعُ مَالٍ لَهُ يَخْتَبِرُهُ بِهِ اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِالصَّغِيرِ الَّذِي قَارَبَ الْبُلُوغَ إنْ رَأَى دَلِيلَ رُشْدِهِ ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، قَالَ : لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِيَتِيمِهِ بَعْضَ مَالِهِ يَخْتَبِرُهُ بِهِ

كَسِتِّينَ دِينَارًا ، أَوْ لَا يُكْثِرُ جِدًّا إنْ رَأَى اسْتِقَامَتَهُ ، فَإِنْ تَلِفَ فَلَا يَضْمَنُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِاخْتِبَارِهِ ضَمِنَهُ وَيَسْقُطُ ضَمَانُهُ بِذِكْرِهِ فِي عَقْدِ الْإِشْهَادِ مَعْرِفَةَ شَهِيدَيْهِ أَنَّهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ اخْتِبَارُهُ ، وَفِيهَا إنْ دَفَعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يَخْتَبِرُهُ بِهِ فَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ دَيْنٌ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ : يَلْحَقُهُ فِيهِ مَا عُومِلَ فِيهِ بِنَقْدٍ لَا مَا عُومِلَ فِيهِ بِدَيْنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهِ أَكْثَرُ مِمَّا دَفَعَهُ لَهُ وَلِيُّهُ فَيَكُونَ حَقَّ الَّذِي دَايَنَهُ .
فِي الزَّائِدِ إنْ كَانَ مِنْ مُعَامَلَتِهِ إيَّاهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لِلشَّيْخِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَدْفَعَ لِلصَّبِيِّ مَالًا يَخْتَبِرُهُ بِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ مَا نَقَصَ مِنْهُ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَيُصَدَّقُ الْوَصِيُّ فِيمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إنْ أَنْكَرَهُ إذَا عُلِمَ أَنَّ الْيَتِيمَ كَانَ يَتَّجِرُ .
قُلْت يَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ لَهُ إلَّا أَنَّهُ أَهْلٌ لِاخْتِبَارِهِ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِخِلَافِهِ .
زَادَ ابْنُ عَاتٍ : وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ كَدَفْعِ قَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةِ الْمَالِ كُلِّهِ إلَيْهِ وَالنَّفَقَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي عِيَالِهِ .
الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إنْ جُعِلَ مَعَهُ مَنْ يَرْقُبُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ الْوَصِيُّ ، وَعُزِيَ لُحُوقُ الدَّيْنِ فِيمَا اُخْتُبِرَ بِهِ الْيَتِيمُ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
قُلْت فَفِي لُحُوقِ الدَّيْنِ فِيهِ .
ثَالِثُهَا إنْ عُومِلَ بِنَقْدٍ لَهُمَا وَمَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَالْقَابِسِيِّ الْمَازِرِيُّ : صِفَةُ اخْتِبَارِهِ أَنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّ بِنَفْسِهِ فِي تَغْذِيَتِهِ وَتَدْبِيرِ طَعَامِهِ دُفِعَ لَهُ مِنْ الْعَيْنِ لِشِرَاءِ غِذَائِهِ وَنُظِرَ ، فَإِنْ سَلَكَ فِيهِ مَسْلَكَ الرُّشَدَاءِ دُفِعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ مَا يُنْظَرُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : إنْ كَانَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ الَّذِينَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ

التَّجْرُ دُفِعَ لَهُ مِنْ إنْفَاقِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ مَا يُخْتَبَرُ بِهِ ، وَالْمَرْأَةُ تُخْتَبَرُ بِتَصَرُّفِهَا فِي أُمُورِ الْغَزْلِ ، وَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ تَضَمَّنَهُ قَوْلُنَا الْغَرَضُ حُصُولُ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ فَذُو الْأَبِ إنْ بَلَغَ مَعْلُومَ الرُّشْدِ زَالَ حَجْرُهُ ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ أَبُوهُ بِإِطْلَاقِهِ وَإِنْ بَلَغَ مَعْلُومَ السَّفَهِ دَامَ حَجْرُهُ بِهِ ، وَإِنْ بَلَغَ مَجْهُولَ الْحَالِ فَفِي كَوْنِهِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى الرُّشْدِ قَوْلَانِ ، وَقَدْ أَطَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا فَانْظُرْهُ إنْ شِئْت .
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ خَمْسًا مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ مِنْهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى ، وَمِنْهَا مُخْتَصٌّ بِالْأُنْثَى عَاطِفًا لَهَا بِأَوْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْعَلَامَةَ مَجْمُوعُهَا فَقَالَ ( بِثَمَانِ عَشْرَةَ سَنَةً ) أَيْ بِتَمَامِهَا وَلِلَّخْمِيِّ بِالدُّخُولِ فِي الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ .
الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ .
الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ فِي السِّنِّ أَيْ الَّذِي هُوَ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ فَفِي رِوَايَةٍ ثَمَانِ عَشْرَةَ ، وَقِيلَ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَزَادَ بَعْضُ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ سِتَّ عَشْرَةَ وَتِسْعَ عَشْرَةَ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ خَمْسَ عَشْرَةَ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا فِيمَنْ عُرِفَ مَوْلِدُهُ وَأَمَّا مَنْ جُهِلَ مَوْلِدُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ سِنُّهُ أَوْ جَحَدَهُ فَالْعَمَلُ فِيهِ عَلَى مَا رَوَاهُ رَافِعٌ عَنْ أَسْلَمَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ أَنْ لَا يَضْرِبُوا الْجِزْيَةَ إلَّا عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى .
ا هـ .
وَلَعَلَّهُ كَنَّى بِجَرَيَانِ الْمُوسَى عَنْ نَبْتِ الْعَانَةِ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بَيِّنٌ ، وَفِي كَلَامِ زَرُّوقٍ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إذَا جُهِلَ تَارِيخُ وِلَادَتِهِ .
الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِمْ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ سَبْعَ عَشْرَةَ أَوْ ثَمَانِ عَشْرَةَ ، فَأَجَابَ النِّسْبَةُ إلَى

السَّنَةِ بِالدُّخُولِ بِهَا ، فَمَنْ أَكْمَلَ سَنَةً وَخَرَجَ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهَا ، وَقَدْ وَقَعَ فِي الْأَحَادِيثِ مَا يَقْتَضِي النِّسْبَةَ إلَى السَّنَةِ الْكَامِلَةِ كَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا حَيْثُ قَالَ { أَجَازَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا ابْنُ عَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ } .
( أَوْ الْحُلُمِ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ أَيْ الْإِنْزَالِ فِي النَّوْمِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى أَوْ فِي الْيَقَظَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمَذْيَ مِثْلُهُ إذْ لَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ بَالِغٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ ( أَوْ الْحَيْضِ أَوْ الْحَمْلِ ) وَلَا يُعْتَبَرُ كِبَرُ النَّهْدِ ، أَيْ الثَّدْيِ ( أَوْ الْإِنْبَاتِ ) عَلَى فَرْجِ الْأُنْثَى وَعَلَى أَعْلَى الذَّكَرِ ، أَيْ الْخَشِنِ لَا الزَّغَبِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِي مِثْلِهِ عَادَةً لَا عَلَى الْإِبِطِ أَوْ اللِّحْيَةِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ الْبُلُوغِ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَشْهُورُ كَوْنُ الْإِنْبَاتِ عَلَامَةً .
ا هـ .
وَالْمُرَادُ بِهِ النَّبَاتُ إذْ هُوَ الظَّاهِرُ لَنَا لَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ ، إذْ لَا اطِّلَاعَ لَهُ عَلَيْهِ .
( وَهَلْ ) هُوَ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ الْآدَمِيِّ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ ( إلَّا فِي حَقِّهِ ) أَيْ اللَّهِ ( تَعَالَى ) وَهُوَ مَا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحُكَّامُ مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَنَحْوِهِمَا ، وَكَذَا مَا يُنْظَرُ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَلَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِيهِ ، فَلَا يَأْثَمُ بِفِعْلِ مَا نُهِيَ عَنْهُ وَلَا بِتَرْكِ مَا وَجَبَ ، فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) الْحَطّ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا كَذَلِكَ لِتَصْدِيرِهِ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ ، وَلَعَلَّ التَّرَدُّدَ فِي مُطْلَقِ الْإِنْبَاتِ .
وَأَمَّا الْإِنْبَاتُ الَّذِي تَقَدَّمَ وَصْفُهُ فَلَا يُوجَدُ إلَّا فِي بَالِغٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَزَادَ الْقَرَافِيُّ فِي الْعَلَامَاتِ : نَتْنَ الْإِبِطِ ، وَغَيْرُهُ : فَرْقَ الْأَرْنَبَةِ مِنْ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57