كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

كَمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُهُ ( وَالْأَصَحُّ ) عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالتُّونُسِيِّ ( خِلَافُهُ ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْجَزَاءِ وَهُوَ مَيْتَةٌ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَزَاءِ فَقَالَ ( كَفُسْطَاطِهِ ) أَيْ : خَيْمَةِ الْمُحْرِمِ أَوْ مَنْ فِي الْحَرَمِ إذَا تَعَلَّقَ الصَّيْدُ بِهَا بَاطِنًا فَمَاتَ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلِلْجَلَّابِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ كَجَوَازِهِ عَلَى رُمْحِهِ الْمَرْكُوزِ فَعَطِبَ بِهِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ضَعِيفٌ .
( وَ ) حَفْرِ ( بِئْرٍ لِمَاءٍ ) فَوَقَعَ فِيهَا صَيْدٌ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ ، وَافَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى عَدَمِ الْجَزَاءِ فِي مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ ، وَقَالَ بِالْجَزَاءِ فِي فَزَعِهِ فَمَاتَ قِيلَ وَهُوَ تَنَاقُضٌ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ .
وَحَكَى بَعْضُهُمْ قَوْلًا بِوُجُوبِ الْجَزَاءِ فِي الْبِئْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ عَطْفٌ عَلَى فُسْطَاطٍ فَقَالَ ( وَدَلَالَةِ مُحْرِمٍ أَوْ حِلٍّ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَفَاعِلُهُ الْمَحْذُوفُ مُحْرِمٌ أَيْ : دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ وَقَدْ أَثِمَ وَمِثْلُهَا الْإِعَانَةُ .
( وَ ) لَا جَزَاءَ فِي ( رَمْيِهِ ) أَيْ الصَّيْدِ حَالَ كَوْنِهِ مُسْتَقِرًّا ( عَلَى فَرْعٍ ) مُمْتَدٍّ فِي هَوَاءِ الْحِلِّ وَ ( أَصْلُهُ ) أَيْ : الْفَرْعِ نَابِتٌ ( بِالْحَرَمِ ) وَالْفَرْعُ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْحَرَمِ وَيُؤْكَلُ فَإِنْ كَانَ مُسَامِتًا لِحَدِّ الْحَرَمِ فَفِيهِ الْجَزَاءُ .
وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ أَكْلِ الصَّيْدِ الَّذِي عَلَى فَرْعٍ فِي الْحِلِّ أَصْلُهُ بِالْحَرَمِ وَعَدَمُ الْجَزَاءِ فِيهِ جَوَازُ قَطْعِ ذَلِكَ الْفَرْعِ ، فَإِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِعَدَمِ جَوَازِهِ قَالَ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الشَّجَرِ أَصْلُهُ وَفِي الصَّيْدِ مَحَلُّهُ ، فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّجَرَ الْمَغْرُوسَ فِي الْحِلِّ يَجُوزُ قَطْعُ فَرْعِهِ الَّذِي فِي الْحَرَمِ وَاَلَّذِي غُرِسَ فِي الْحَرَمِ يَحْرُمُ قَطْعُ فَرْعِهِ الَّذِي فِي الْحِلِّ ( أَوْ ) رَمَى الْحَلَالُ صَيْدًا ( بِحِلٍّ ) فَأَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْحِلِّ ( وَتَحَامَلَ ) الصَّيْدُ بِنَفْسِهِ

وَدَخَلَ الْحَرَمَ ( فَمَاتَ ) الصَّيْدُ ( بِهِ ) أَيْ : فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى الرَّامِي ( إنْ ) كَانَ ( أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ ) أَيْ : الصَّيْدِ فِي الْحِلِّ وَيُؤْكَلُ .
( وَكَذَا ) أَيْ : الصَّيْدُ الَّذِي أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ فِي الْحِلِّ فِي الْأَكْلِ وَعَدَمُ الْجَزَاءِ الصَّيْدُ الْمُصَابُ بِسَهْمٍ فِي الْحِلِّ الْمُتَحَامِلُ لِلْحَرَمِ الْمَيِّتُ بِهِ ( وَإِنْ لَمْ يُنْفِذْ ) السَّهْمُ مَقْتَلَهُ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الرَّمْيِ لَا بِوَقْتِ الْمَوْتِ وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَحَدُهَا لِلتُّونُسِيِّ بِالْجَزَاءِ وَعَدَمِ الْأَكْلِ ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَلَا يُؤْكَلُ ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِعَدَمِ الْجَزَاءِ وَيُؤْكَلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ .
( أَوْ أَمْسَكَهُ ) أَيْ : الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ( لِيُرْسِلَهُ ) أَيْ : الْمُحْرِمُ الصَّيْدَ ( فَقَتَلَهُ ) أَيْ : الصَّيْدَ وَهُوَ فِي يَدِ الْمُحْرِمِ ( مُحْرِمٌ ) آخَرُ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ فَلَا جَزَاءَ فِيهِ عَلَى مُمْسِكِهِ وَجَزَاؤُهُ عَلَى قَاتِلِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْهُ مُحْرِمٌ وَقَتَلَهُ حِلٌّ فِي الْحِلِّ ( فَعَلَيْهِ ) أَيْ الْمُمْسِكِ الْجَزَاءُ ( وَغَرِمَ الْحِلُّ ) الْقَاتِلُ ( لَهُ ) أَيْ الْمُمْسِكُ ( الْأَقَلَّ ) مِنْ قِيمَةِ الصَّيْدِ وَجَزَائِهِ لِتَسَبُّبِهِ بِقَتْلِهِ فِي وُجُوبِ جَزَائِهِ عَلَى مُمْسِكِهِ لِإِرْسَالِهِ ( وَ ) إنْ أَمْسَكَهُ الْمُحْرِمُ أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ ( لِلْقَتْلِ ) فَقَتَلَهُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ فَهُمَا ( شَرِيكَانِ ) فِي قَتْلِ الصَّيْدِ فَعَلَى وَاحِدٍ جَزَاءٌ كَامِلٌ .
فِي التَّوْضِيحِ إذَا أَمْسَكَ الْهَرِمُ الْمُحْرِمُ صَيْدًا فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَهُ لِيُرْسِلَهُ أَوْ لِيَقْتُلَهُ وَالْأَوَّلُ إنْ قَتَلَهُ حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا فِي الْحَرَمِ وَجَبَ الْجَزَاءُ فِيهِ عَلَى الْقَاتِلِ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْمُمْسِكَ لَمْ يُمْسِكْهُ لِلْقَتْلِ وَإِنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ .
( وَمَا ) أَيْ : الْبَرِّيُّ الَّذِي ( صَادَهُ ) شَخْصٌ ( مُحْرِمٌ ) مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ

وَمَاتَ أَوْ نَفَذَ مَقْتَلَهُ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّى بَعْدَهُ أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ بِأَمْرِ الْمُحْرِمِ ، أَوْ إعَانَتِهِ ، أَوْ دَلَالَتِهِ ، أَوْ إشَارَتِهِ ، أَوْ مُنَاوَلَتِهِ نَحْوَ سَوْطٍ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّى بَعْدَهُ ، أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ بِدُونِ مَدْخَلِيَّةِ الْمُحْرِمِ ثُمَّ ذَكَّاهُ الْمُحْرِمُ ، أَوْ أَمَرَ بِهَا ( أَوْ صِيدَ لَهُ ) أَيْ الْمُحْرِمِ مُعِينًا أَوْ لَا بِلَا أَمْرِهِ لِيُبَاعَ ، أَوْ يُهْدِيَ لَهُ ، أَوْ يُضَيِّفَ بِهِ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ بِذَكَاةٍ بَعْدَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، وَخَبَرُ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ ( مَيْتَةٌ ) لِكُلِّ أَحَدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ فَلَا يَأْكُلُهُ مُحْرِمٌ وَلَا حَلَالٌ ، فَإِنْ صِيدَ لَهُ وَذَكَّى بَعْدَ تَحَلُّلِهِ كُرِهَ أَكْلُهُ قَالَهُ الْحَطّ وَنَحْوَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
وَأَمَّا مَا صَادَهُ الْمُحْرِمُ فَمَيْتَةٌ وَلَوْ ذَكَّى بَعْدَ تَحَلُّلِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمُذَكَّى حَالَ إحْرَامِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَنُوقِضَ الْمَشْهُورُ بِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ إرَاقَةِ خَمْرٍ خَلَّلَهَا مَنْ أُمِرَ بِإِرَاقَتِهَا أَوْ حَبْسِهَا حَتَّى تَخَلَّلَتْ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ حُكْمَ التَّخْلِيلِ حُرْمَةُ الْإِرَاقَةِ فَرَفَعَتْ وُجُوبَهَا لِمُنَاقَضَةِ مُتَعَلِّقِهَا مُتَعَلِّقَهُ ضَرُورَةَ مُنَاقَضَةِ عَدَمِ الشَّيْءِ وُجُودَهُ ، وَحُكْمُ التَّحَلُّلِ جَوَازُ الْإِمْسَاكِ وَالْإِرْسَالِ فَلَمْ يَرْفَعْ وُجُوبَ الْإِرْسَالِ لِعَدَمِ مُنَافَاةِ مُتَعَلِّقِهِ مُتَعَلِّقَهُ ، وَلِذَا قِيلَ الْجَوَازُ جُزْءُ الْوُجُوبِ وَإِذَا نُسِخَ بَقِيَ الْجَوَازُ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّوَامُ كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يُرْسِلُهُ بَعْدَ إحْلَالِهِ كَإِنْشَاءِ صَيْدٍ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ إرْسَالُ مَا صِيدَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ .
وَيُجَابُ بِمَا مَرَّ مَعَ الْتِزَامِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ إنْشَاءِ الصَّيْدِ لِلْمُحْرِمِ وُجُوبُ إرْسَالِهِ وَلِلْحَلَالِ جَوَازُ إمْسَاكِهِ وَإِرْسَالِهِ فَلَا يُرْفَعُ وُجُوبُهُ كَمَا مَرَّ .
الْبُنَانِيُّ جَوَابُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ

إرْسَالَ مَا صِيدَ وَقْتَ الْإِحْلَالِ جَائِزٌ لَا مَمْنُوعٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ بِصَيْدِهِ صَارَ مَالًا ، وَفِي إرْسَالِهِ إضَاعَتُهُ ا هـ .
قُلْت الْإِضَاعَةُ الْمُحَرَّمَةُ الْإِتْلَافُ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِإِحْرَاقٍ أَوْ كَسْرٍ أَوْ إغْرَاقٍ فِي عَمِيقِ بَحْرٍ وَالْإِرْسَالُ لَيْسَ إتْلَافًا لِإِمْكَانِ اصْطِيَادِهِ بَعْدَهُ .
وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ ( كَبَيْضِهِ ) أَيْ : الصَّيْدِ وَهُوَ جَمِيعُ الطَّيْرِ إلَّا الْإِوَزَّ وَالدَّجَاجَ إذَا كَسَرَهُ أَوْ شَوَاهُ مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ أَوْ حِلٌّ فِي الْحِلِّ الْمُحَرَّمِ فَمَيْتَةٌ لَا يَأْكُلُهُ حِلٌّ وَلَا مُحْرِمٌ ، وَظَاهِرُهُ نَجَاسَتُهُ لَهُمَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ سَنَدٌ أَمَّا مَنْعُ الْمُحْرِمِ مِنْهُ فَبَيِّنٌ ، وَأَمَّا مَنْعُ غَيْرِ الْمُحْرِمِ مِنْهُ فَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ حَتَّى يَكُونَ بِفِعْلِ الْمُحْرِمِ مَيْتَةً عَلَى غَيْرِهِ فَلَا يَزِيدُ فِعْلُ الْمُحْرِمِ فِيهِ عَلَى فِعْلِ الْمَجُوسِيِّ فِيهِ ، وَالْمَجُوسِيُّ إذَا شَوَى بَيْضَ الصَّيْدِ أَوْ كَسَرَهُ فَلَا يَحْرُمُ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِ بِخِلَافِ الصَّيْدِ فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ لِذَكَاةٍ شَرْعِيَّةٍ ، وَالْمَجُوسِيُّ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا .
الْحَطّ وَهُوَ بَيِّنٌ .
وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْبَيْضَ بِمَنْزِلَةِ الْجَنِينِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ ، وَبِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ جَنِينٌ .
وَيُرَشِّحُ هَذَا أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ وَكْرَ طَيْرٍ فِيهِ فِرَاخٌ وَبَيْضٌ فَعَلَيْهِ فِي الْبَيْضِ الدِّيَةُ وَقِشْرُهُ طَاهِرٌ عَلَى بَحْثِ سَنَدٍ وَنَجِسٌ عَلَى الْمَشْهُورِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُفِيدُ إلَّا مَنْعًا مِنْ الْأَكْلِ مُطْلَقًا وَلَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَيْتَةٌ ، وَنَصُّهَا عَلَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ شَوَى بَيْضَ نَعَامٍ فَأَخْرَجَ جَزَاءَهُ لَمْ يَصْلُحْ أَكْلُهُ وَلَا لِحَلَالٍ .
ا هـ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ إذْ كَوْنُهُ مَيْتَةً بَعِيدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَفِيهِ ) أَيْ : مَا صَادَهُ حَلَالٌ لِمُحْرِمٍ مُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ

( الْجَزَاءُ ) عَلَى الْمُحْرِمِ الْآكِلِ مِنْهُ ( إنْ عَلِمَ ) الْمُحْرِمُ بِأَنَّهُ صِيدَ لِمُحْرِمٍ هُوَ الْآكِلُ أَوْ غَيْرُهُ ( وَأَكَلَ ) الْمُحْرِمُ مِنْهُ فَالْجَزَاءُ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ أَكْلُهُ عَالِمًا لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً .
الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ عَنْ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
هَلْ يُجْزِي كُلُّ الصَّيْدِ أَوْ قَدْرُ مَا أَكَلَ ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ وَأَمَّا مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ سَوَاءٌ أَكَلَ مِنْهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهُ وَلَا جَزَاءَ عَلَى غَيْرِهِ الْآكِلِ وَلَوْ مُحْرِمًا عَالِمًا بِأَنَّهُ صَيْدٌ مُحَرَّمٌ وَأَفَادَ هَذَا بِقَوْلِهِ ( لَا ) جَزَاءَ ( فِي أَكْلِهَا ) أَيْ : مَيْتَةِ الصَّيْدِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِأَكْلِ الْمُحْرِمِ مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ غَيْرُهُ و تَرَتَّبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ وَيَرْجِعُ أَيْضًا لِلْمُحْرِمِ الصَّائِدِ نَفْسِهِ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْجَزَاءُ بِاصْطِيَادِهِ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ مِنْهُ إذْ لَا يَتَعَدَّدُ ، وَيَرْجِعُ أَيْضًا لِمَفْهُومِ إنْ عَلِمَ فَلَا جَزَاءَ عَلَيْهِ بِأَكْلِهِ مِنْهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ .
وَافْتَرَقَ صَيْدُ الْمُحْرِمِ مِمَّا صِيدَ لَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ وَجَبَ عَلَيْهِ جَزَاؤُهُ بِاصْطِيَادِهِ وَمَا صِيدَ لَهُ لَمْ يَجِبْ جَزَاؤُهُ عَلَى صَائِدِ الْحَلَالِ .

وَجَازَ مَصِيدُ حِلٍّ لِحِلٍّ ، وَإِنْ سَيُحْرِمُ ) ، وَذَبْحُهُ بِحَرَمٍ مَا صِيدَ بِحِلٍّ ، وَلَيْسَ الْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ بِصَيْدٍ ، بِخِلَافِ الْحَمَامِ .

( وَجَازَ مَصِيدُ ) شَخْصٍ وَمَكَانٍ ( حِلٍّ لِ ) أَجْلِ شَخْصٍ ( حِلٍّ ) سَوَاءٌ كَانَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ : أَكْلُهُ لِمُحْرِمٍ إنْ كَانَ الْحِلُّ الصَّائِدُ وَالْحِلُّ الْمَصِيدُ لَهُ لَيْسَا نَاوِيَيْنِ الْإِحْرَامَ بَعْدَ ذَلِكَ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْحِلُّ الصَّائِدُ أَوْ الْحِلُّ الْمَصِيدُ لَهُ أَوْ هُمَا مَعًا ( سَيُحْرِمُ ) مَنْ ذَكَرَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ إنْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ قَبْلَ الْإِحْرَامِ وَإِلَّا فَمَيْتَةٌ لِزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِإِحْرَامِهِ وَوُجُوبِ إرْسَالِهِ وَدُخُولِهِ فِي عُمُومِ مَا ذُبِحَ لِمُحْرِمٍ ، فَهَذَا مَفْهُومُ صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صِيدَ لَهُ .
( وَ ) جَازَ لِحَلَالٍ سَاكِنٍ بِالْحَرَمِ ( ذَبْحُهُ بِحَرَمٍ ) أَيْ : فِيهِ ( مَا ) أَيْ : بَرِّيًّا وَحْشِيًّا ( صِيدَ بِحِلٍّ ) أَيْ : فِيهِ صَادَهُ حِلٌّ لِحِلٍّ كَانَ الصَّائِدَ أَوْ غَيْرَهُ ، وَأَمَّا الْآفَاقِيُّ الْحِلُّ إذَا اصْطَادَ صَيْدًا فِي الْحِلِّ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذٍ مَقْتَلُهُ وَدَخَلَ بِهِ الْحَرَمَ فَإِنَّهُ يَزُولُ مَالِكُهُ عَنْهُ بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ بِهِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إرْسَالُهُ وَإِنْ ذَكَّاهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ وَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ .
وَلَوْ أَقَامَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْحَرَمِ إقَامَةً قَطَعَتْ حُكْمَ السَّفَرِ فَجَوَازُ ذَبْحِ الصَّيْدِ بِالْحَرَمِ رُخْصَةٌ لِخُصُوصِ أَهْلِهِ السَّاكِنِينَ بِهِ ، وَالرُّخْصَةُ لَا يُقَاسَ عَلَيْهَا نَعَمْ أُلْحِقَ بِالسُّكْنَى طُولُ الْإِقَامَةِ وَمَفْهُومُ بِحِلٍّ أَنَّ مَا صِيدَ بِحَرَمٍ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ بِهِ وَلَا يَحِلُّ وَيَجِبُ إرْسَالُهُ وَإِلَّا فَهُوَ مَيْتَةٌ وَفِيهِ الْجَزَاءُ ، وَكَذَا مَا صَادَهُ مُحْرِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَلَيْسَ الْإِوَزُّ ) الْإِنْسِيُّ الَّذِي لَا يَطِيرُ ( وَالدَّجَاجُ ) الَّذِي لَا يَطِيرُ وَإِلَّا فَهُوَ صَيْدٌ قَالَهُ سَنَدٌ ( بِصَيْدٍ ) فَيَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ وَالْحَلَالِ بِالْحَرَمِ ذَبْحُهُ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْإِنْسِيِّ وَالْغَنَمِ ، وَأَمَّا الْإِوَزُّ الْعِرَاقِيُّ فَصَيْدٌ كَالْبَقَرِ الْوَحْشِيِّ ( بِخِلَافِ الْحَمَامِ ) الْإِنْسِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَلَوْ رُومِيًّا مُتَّخَذًا لِلْفِرَاخِ فَهُوَ صَيْدٌ مُحَرَّمٌ عَلَى الْمُحْرِمِ مُطْلَقًا

وَالْحَلَالِ فِي الْحَرَمِ التَّعَرُّضُ لَهُ وَلِبَيْضِهِ .

وَحَرُمَ بِهِ قَطْعُ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ ، إلَّا الْإِذْخِرَ وَالسَّنَا : كَمَا يُسْتَنْبَتُ ، وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ ، وَلَا جَزَاءَ كَصَيْدِ الْمَدِينَةِ بَيْنَ الْحِرَارِ ، وَشَجَرِهَا بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ .

( وَحَرُمَ ) عَلَى الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ( بِهِ ) أَيْ : فِي الْحَرَمِ ( قَطْعُ مَا ) أَيْ : الَّذِي ( يَنْبُتُ ) جِنْسُهُ ( بِنَفْسِهِ ) أَيْ : مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ مِنْ آدَمِيٍّ كَالْبَقْلِ الْبَرِّيِّ وَالطَّرْفَاءِ وَأُمِّ غِيلَانٍ وَلَوْ زَرَعَهُ شَخْصٌ نَظَرًا لِجِنْسِهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْضَرِهِ وَيُسَمَّى عُشْبًا وَخَلَى بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَقْصُورًا ، وَيَابِسُهُ وَيُسَمَّى كَلَأً بِفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مَهْمُوزًا مَقْصُورًا .
وَيَحْرُمُ قَطْعُ مَا ذَكَرَ وَلَوْ لِاحْتِشَاشِ الْبَهَائِمِ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْكَافِي وَابْنِ رُشْدٍ ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلَهَا يُكْرَهُ الِاحْتِشَاشُ ، وَحَمَلَهَا سَنَدٌ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ .
( إلَّا الْإِذْخِرَ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ نَبْتٌ كَالْحَلْفَاءِ طَيِّبُ الرَّائِحَةِ وَاحِدُهُ إذْخِرَةٌ وَجَمْعُهُ أَذَاخِرُ بِفَتْحِ الْهَمْزِ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ وَهُوَ مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَثْنَاهُ لَمَّا قَالَ لَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَّا الْإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا الْإِذْخِرَ ( وَ ) إلَّا ( السَّنَا ) بِالْقَصْرِ نَبْتٌ مُسَهِّلٌ يُتَدَاوَى بِهِ قَاسَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى الْإِذْخِرِ فِي جَوَازِ قَطْعِهِ ، وَهُوَ مِمَّا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ وَرَأَوْهُ مِنْ ، قِيَاسِ الْأَوْلَى بِالْحُكْمِ لِكَثْرَةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ فِي الْأَدْوِيَةِ .
وَفِي الْقَامُوسِ السَّنَا ضَوْءُ الْبَرْقِ وَنَبْتٌ مُسَهِّلٌ لِلصَّفْرَاءِ وَالْبَلْغَمِ وَالسَّوْدَاءِ وَيَمُدُّ .
ا هـ .
وَهُوَ أَحَدُ الْمُلْحَقَاتِ بِمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ اسْتِثْنَاؤُهُ وَهُوَ الْإِذْخِرُ فَقَطْ وَهِيَ السَّنَا وَالْهَشُّ أَيْ : قَطْعُ وَرَقِ الشَّجَرِ بِالْمِحْجَنِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَصًا مُعْوَجَّ الرَّأْسِ كَالْخُطَّافِ ، فَيُجْعَلُ عَلَى الْغُصْنِ وَيُسْحَبُ فَيَسْقُطُ وَرَقُهُ ، فَهَذَا جَائِزٌ .
وَأَمَّا ضَرْبُهُ بِالْعَصَا لِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ ،

وَالْعَصَا وَالسِّوَاكُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ لِلْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى بِمَوْضِعِهِ .
وَسَادِسُهَا قَطْعُهُ لِاصْطِلَاحِ الْحَوَائِطِ وَالْبَسَاتِينِ فَجُمْلَةُ الْمُسْتَثْنَيَاتِ سَبْعَةٌ .
وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى السَّنَا لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اسْتَثْنَى الْإِذْخِرَ فِي الْحَدِيثِ وَزَادَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ السَّنَا لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَرَأَوْهُ مِنْ قِيَاسِ الْأَحْرَى ؛ لِأَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ إلَيْهِ فِي الْأَوْدِيَةِ لِكُثْرٍ وَأَشَدُّ مِنْ حَاجَةِ أَهْلِ مَكَّةَ إلَى الْإِذْخِرِ وَهُوَ أَقْرَبُ مِنْ إجَازَةِ بَعْضِهِمْ اجْتِنَاءَ الْكُمَاةِ .
وَإِجَازَةِ الشَّافِعِيِّ قَطْعَ الْمَسَاوِيكِ .
زَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَائِزٌ الرَّعْيُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَحَرَمِ الْمَدِينَةِ فِي الْحَشِيشِ وَالشَّجَرِ وَأَكْرَهُ أَنْ يَحْتَشَّ فِي الْحَرَمِ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ خِيفَةَ قَتْلِ الدَّوَابِّ ، وَكَذَلِكَ الْحَرَامُ فِي الْحِلِّ إلَّا أَنْ يَسْلَمَا مِنْ قَتْلِ الدَّوَابِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَأَكْرَهُ لَهُمْ ذَلِكَ وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَبْطِ وَقَالَ هُشُّوا وَارْعَوْا ، قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْهَشُّ ، تَحْرِيكُ الشَّجَرِ بِالْمِجَنِّ لِيَقَعَ وَرَقُهُ وَلَا يُخْبَطُ وَلَا يُعْضَدُ وَالْعَضْدُ الْكَسْرُ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَقَالَ ( كَمَا ) أَيْ : الَّذِي ( يُسْتَنْبَتُ ) جِنْسُهُ كَخَسٍّ وَبَقْلٍ وَسَلْقٍ وَكُرَّاثٍ وَحِنْطَةٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَفَقُّوسٍ وَكَخَوْخٍ وَعُنَّابٍ وَعِنَبٍ وَنَخْلٍ فَيَجُوزُ قَطْعُهُ إنْ اسْتُنِبْتَ بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يُعَالَجْ ) بِأَنْ نَبَتَ بِنَفْسِهِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِهِ بِمَثَابَةِ مَا تَوَحَّشَ مِنْ الْإِنْسِيِّ ( وَلَا جَزَاءَ ) عَلَى قَاطِعِ مَا حَرُمَ قَطْعُهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى التَّحْرِيمِ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَلَا دَلِيلَ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارُ .
وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ وَعَدَمِ الْجَزَاءِ فَقَالَ ( كَصَيْدِ ) حَرَمِ ( الْمَدِينَةِ ) الشَّرِيفَةِ الْمُنَوَّرَة بِأَنْوَارِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ ، وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، فَيَحْرُمُ .
وَلَا جَزَاءَ فِيهِ كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ الْمَاضِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْمُحَرِّمَ لِحَرَمِ الْمَدِينَةِ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالْمُحْرِمُ لِحَرَمٍ مَكَّةَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَبِيُّنَا أَعْظَمُ مِنْهُ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
وَلِأَنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْقِيَاسِ ، أَفَادَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْحَجِّ مِنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ ، مَا نَصُّهُ حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ بَرِيدًا فِي بَرِيدٍ ، قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّي أُحَرِّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا } .
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيمَنْ صَادَ فِيهَا صَيْدًا فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ الْجَزَاءَ كَحَرَمِ مَكَّةَ سَوَاءٌ وَبِذَلِكَ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ عَبْدِ الْوَهَّابِ .
وَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَى أَنَّ الصَّيْدَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ أَخَفُّ مِنْ الصَّيْدِ فِي حَرَمِ مَكَّةَ .
فَلَمْ يَرَ عَلَى مَنْ صَادَ فِيهِ إلَّا الِاسْتِغْفَارَ وَالزَّجْرَ مِنْ الْإِمَامِ قِيلَ لَهُ فَهَلْ يُؤْكَلُ الصَّيْدُ الَّذِي يُصَادُ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ مَا هُوَ مِثْلُ مَا يُصَادُ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَإِنِّي لَأَكْرَهَهُ ، فَرُوجِعَ فِيهِ فَقَالَ لَا أَدْرِي وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَ عَنْهُ .
وَحَرَّمَهَا بِالنِّسْبَةِ لِلصَّيْدِ مَا ( بَيْنَ الْحِرَارِ ) الْمُحِيطَةِ بِهَا جَمْعُ حَرَّةٍ أَيْ أَرْضٌ ذَاتُ حِجَارَةٍ سُودٍ نَخِرَةٍ كَأَنَّهَا أُحْرِقَتْ بِنَارٍ فَالْمَدِينَةُ دَاخِلَةٌ فِي حَرَمِ الصَّيْدِ وَالْجَمْعُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ إلَّا حَرَّتَانِ أَوْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ لِكُلِّ حَرَّةٍ طَرَفَيْنِ وَهُمَا الْمُرَادُ بِلَابَتَيْهَا ( وَ ) كَقَطْعِ ( شَجَرِهَا ) أَيْ الْمَدِينَةِ ( بَرِيدًا ) طُولًا مِنْ طَرَفِ بُيُوتِهَا ( فِي بَرِيدٍ ) أَيْ مَعَ بَرِيدٍ آخَرَ مِنْ كُلِّ

جِهَةٍ مِنْ طَرَفِ الْبُيُوتِ أَيْضًا .
قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ مَسَافَةُ حَرَمِ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ مِنْهَا مِنْ طَرَفِ دُورِهَا فَفِي بِمَعْنَى مَعَ عَلَى حَدِّ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ } ، أَيْ : مَعَ أُمَمٍ فَالْمَدِينَةُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرِ لَيْسَتْ مِنْ الْحَرَمِ وَهُوَ مُحِيطٌ بِهَا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يُرِيدُ وَالْمُعْتَبَرُ الْبُيُوتُ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُوَرُهَا الْآنَ الدَّاخِلُ هُوَ طَرَفُهَا فِي زَمَنِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، فَمَا بَيْنَ سُورَيْهَا مِنْ حَرَمِ الشَّجَرِ أَيْضًا .
وَالْمُرَادُ بِالشَّجَرِ مَا يَنْبُتُ بِنَفْسِهِ ، وَيُسْتَثْنَى مَا اسْتَثْنَى مِنْ شَجَرِ حَرَمِ مَكَّةَ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ اتِّكَالًا عَلَى الْقِيَاسِ بِالْأَوْلَى .
ابْنُ حَبِيبٍ تَحْرِيمُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّيْدِ ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ ، وَحَكَاهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَفِي الْمُنْتَقَى قَالَ ابْنُ نَافِعٍ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْحِرَارِ مِنْ الدُّورِ كُلُّهُ مُحَرَّمٌ أَنْ يُصَادَ فِيهِ صَيْدٌ ، وَحَرُمَ قَطْعُ الشَّجَرِ مِنْهَا يُرِيدُ مِنْ كُلِّ شِقٍّ حَوْلَهَا كُلِّهَا ا هـ .
وَفِي مُخْتَصَرِهَا لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَحَرَّمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ وَهُمَا حَرَّتَانِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يُصَادُ الْجَرَادُ بِهَا وَلَا بَأْسَ أَنْ يُطْرَدَ عَنْ النَّخْلِ .
وَقِيلَ إنَّ حَرَّمَهَا بَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ جَانِبِهَا كُلِّهَا .
وَفِي الْإِكْمَالِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَحْرِيمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الصَّيْدِ خَاصَّةً ، وَأَمَّا فِي قَطْعِ الشَّجَرِ فَبَرِيدٌ فِي بَرِيدٍ مِنْ دُورِ الْمَدِينَةِ كُلِّهَا أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ مُطَرِّفٌ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ وَهْبٍ وَقَدْ

ذَكَرَ مُسْلِمٌ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ { إنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا } .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { وَجَعَلَ اثْنَيْ عَشَرَ مِيلًا حَوْلَ الْمَدِينَةِ حِمًى } ، وَهَذَا تَفْسِيرُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبٍ وَرَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ .

وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ بِذَلِكَ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ يَوْمَ التَّلَفِ بِمَحَلِّهِ .
وَإِلَّا فَبِقُرْبِهِ .

( وَالْجَزَاءُ ) سَوَاءٌ كَانَ مِثْلًا مِنْ النَّعَمِ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَوْ طَعَامًا أَوْ صِيَامًا مَشْرُوطٌ ( بِحُكْمِ ) رَجُلَيْنِ ( عَدْلَيْنِ ) عَدَالَةَ شَهَادَةٍ فَتَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ وَالْبُلُوغَ وَالْعِلْمَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ الصَّيْدُ مُحَرَّمًا كَخِنْزِيرٍ .
وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ طَعَامًا عَلَى تَقْدِيرِ جَوَازِ بَيْعِهِ ، فَإِنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ بِلَا حُكْمٍ أَعَادَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَلَا تَكْفِي الْفَتْوَى وَلَا الْإِشَارَةُ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ إنْشَاءٌ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اللَّفْظِ .
وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْإِمَامِ .
وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِمَا غَيْرَ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مِثْلًا بِكَسْرِ الْمِيمِ إلَخْ هَذَا التَّعْمِيمُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
الْحَطّ مَا عَلِمْت خِلَافًا فِي اشْتِرَاطِ الْحُكْمِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَأَمَّا الصَّوْمُ فَصَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِاشْتِرَاطِهِ فِيهِ .
وَذَكَرَ سَنَدٌ فِيهِ خِلَافًا بَعْدَ أَنْ قَالَ لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي نَدْبِهِ قَالَ قَالَ الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي اسْتِئْنَافُ الْحُكْمِ فِي الصَّوْمِ ؛ لِأَنَّ تَقْدِيرَ الْأَيَّامِ بِالْأَمْدَادِ مَوْضِعُ اجْتِهَادٍ فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ فَقَالَ صَوْمُ يَوْمٍ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ ، وَبِالْحُكْمِ يُتَخَلَّصُ مِنْ الْخِلَافِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بَلْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُكْمُ .
الرَّمَاصِيُّ أَطْلَقَ الْخِلَافَ فَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مَحَلِّهِ الْفَاكِهَانِيُّ إنْ أَرَادَ ابْتِدَاءَ أَنْ يَصُومَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ فَيَنْظُرَا لَقِيمَةِ الصَّيْدِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ قَدْرُ الصَّوْمِ إلَّا بِمَعْرِفَةِ قَدْرِ الطَّعَامِ ، وَلَا يَكُونُ الطَّعَامُ إلَّا بِحُكْمٍ .
وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الطَّعَامَ فَلَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَرَادَ الصِّيَامَ ، فَهَا هُنَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا لَا يَحْتَاجُ إلَى حُكْمِهِمَا بِالصَّوْمِ ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الطَّعَامِ لَا مِنْ الصَّيْدِ ،

بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا } ، وَكَأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِالطَّعَامِ بِتَقْدِيرِ الشَّرْعِ فَلَا حَاجَةَ إلَى الْحُكْمِ .
ا هـ .
فَيَنْزِلُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ عَلَى الْأَوَّلِ وَنَحْوِهِمَا قَوْلُهَا وَالْمَحْكُومُ عَلَيْهِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَنْ يَحْكُمَا عَلَيْهِ بِجَزَاءِ مَا أَصَابَ مِنْ النَّعَمِ أَوْ بِالصِّيَامِ أَوْ بِالطَّعَامِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ فَالْجَزَاءُ مِنْ النَّعَمِ ، فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا فَأَرَادَ بَعْدَ حُكْمِهِمَا أَنْ يَرْجِعَ إلَى الصِّيَامِ أَوْ الطَّعَامِ يَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِهِ هُمَا أَوْ غَيْرُهُمَا فَلِذَلِكَ لَهُ ا هـ .
وَكَلَامُ سَنَدٍ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الثَّانِي ، وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَإِنْ أَصَابَ الْمُحْرِمُ الْيَرْبُوعَ وَالضَّبَّ وَالْأَرْنَبَ وَشَبَهُهُ حُكِمَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا ، وَخُيِّرَ الْمُحْرِمُ فَإِمَّا أَطْعَمَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ صَامَ لِكُلِّ مُدٍّ يَوْمًا عَدَمُ احْتِيَاجِ الصَّوْمِ لِلْحُكْمِ فِي الثَّانِي .
قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ عِبَارَةُ الْخَرَشِيِّ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ ، وَمِثْلُهَا فِي الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ أَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ يَأْمُرُهُمَا بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْجَزَاءِ ، أَيْ : بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ .
وَاَلَّذِي فِي تت قَالَ فِي الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْجَزَاءِ .
طفي هَكَذَا فِي نُسْخَةٍ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظِ الْحُكْمِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ سَنَدٍ الَّتِي نَقَلَهَا الْحَطّ وعج ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَتَلَفَّظَا بِالْجَزَاءِ بَلْ الْحُكْمِ ، فَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِرَجُلٍ بِجَنْبِهِ تَعَالَ أَحْكُمُ أَنَا وَأَنْتَ ، فَحَكَمَا عَلَيْهِ وَفِيهِ أَيْضًا فَقَالَ عُمَرُ لِكَعْبٍ تَعَالَ نَحْكُمْ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَالْأَمْرِ بِالْجَزَاءِ

أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا بِخُصُوصِ لَفْظِ الْجَزَاءِ فَفِيهَا فَإِنْ أَمَرَهُمَا بِالْحُكْمِ بِالْجَزَاءِ مِنْ النَّعَمِ فَحَكَمَا بِهِ وَأَصَابَا إلَخْ .
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ قَالَ عُمَرُ لِعُثْمَانَ وَنَافِعِ بْنِ الْحَارِثِ اُحْكُمَا فَحَكَمَا عَلَيْهِ .
( فَقِيهَيْنِ ) أَيْ : عَالِمَيْنِ ( بِذَلِكَ ) أَيْ حُكْمِ جَزَاءِ الصَّيْدِ لَا بِجَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ ، وَخَبَرُ الْجَزَاءِ ( مِثْلُهُ ) أَيْ مُقَارِبُ الصَّيْدِ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا كَفَى مُقَارِبُهُ فِي الْقَدْرِ وَبَيَّنَ الْمِثْلَ فَقَالَ ( مِنْ النَّعَمِ ) أَيْ : الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ( أَوْ إطْعَامٌ بِقِيمَةِ الصَّيْدِ ) نَفْسِهِ حَيًّا كَبِيرًا وَلَا يُقَوِّمُ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا ، لَكِنْ إنْ فَعَلَ أَجْزَأَ ، وَلَا يُقَوِّمُ مِثْلَهُ مِنْ النَّعَمِ بَلْ يُقَوِّمُ نَفْسَ ، الصَّيْدِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ ( يَوْمَ التَّلَفِ ) لَا يَوْمَ تَقْوِيمِ الْحَكَمَيْنِ وَلَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا يَوْمَ الْأَكْثَرِ مِنْ طَعَامِ جُلِّ عَيْشِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ ، وَيُعْتَبَرُ كُلٌّ مِنْ الْإِطْعَامِ وَالتَّقْوِيمِ ( بِمَحَلِّهِ ) أَيْ التَّلَفِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ فِيهِ وَوَجَدَ بِهِ مَسَاكِينَ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيمَةٌ بِمَحَلِّهِ أَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مَسَاكِينُ ( فَ ) يُقَوِّمُ أَوْ يُطْعِمُ ( بِقُرْبِهِ ) أَيْ : مَحَلِّ التَّلَفِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَا بِقُرْبِهِ أَيْضًا فَإِذَا رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ حَكَّمَ اثْنَيْنِ وَوَصَفَ لَهُمَا الصَّيْدَ وَذَكَرَ لَهُمَا سِعْرَ الطَّعَامِ بِمَحَلِّ التَّلَفِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمَا تَقْوِيمُهُ بِطَعَامٍ قَوَّمَاهُ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا طَعَامًا وَبَعَثَهُ إلَى مَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ .

وَ لَا يُجْزِئُ بِغَيْرِهِ ، وَلَا زَائِدَ عَلَى مُدٍّ لِمِسْكِينٍ ؛ إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ فَتَأْوِيلَانِ ، أَوْ لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ وَكَمَّلَ لِكَسْرِهِ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ ، وَالْفِيلُ بِذَاتِ سِنَامَيْنِ ، وَحِمَارُ الْوَحْشِ ، وَبَقَرُهُ بَقَرَةٌ ، وَالضَّبُعُ وَالثَّعْلَبُ : شَاةٌ كَحَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامِهَا بِلَا حُكْمٍ ، وَلِلْحِلِّ وَضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ الْقِيمَةُ طَعَامًا ، وَالصَّغِيرُ وَالْمَرِيضُ وَالْجَمِيلُ كَغَيْرِهِ ، وَقُوِّمَ لِرَبِّهِ بِذَلِكَ مَعَهَا ، وَاجْتَهَدَ ، وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ فَبِهِ .

( وَلَا يُجْزِئُ ) الْإِطْعَامُ ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ : مَحَلِّ التَّلَفِ أَوْ قُرْبِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ بِهِ .
سَنَدٌ جُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ أَخْرَجَ الْجَزَاءَ هَدْيًا اخْتَصَّ بِالْحَرَمِ أَوْ صِيَامًا فَحَيْثُ شَاءَ أَوْ طَعَامًا اخْتَصَرَ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ ( وَلَا ) يُجْزِئُ ( زَائِدٌ عَلَى مُدٍّ ) مِنْ الطَّعَامِ الْمُقَوَّمِ بِهِ الصَّيْدُ أَيْ : دَفْعُهُ ( لِمِسْكِينٍ ) وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَقِيَ ، وَبَيْنَ وَلَا يُجْزِئُ نَاقِصٌ عَنْ مُدٍّ إلَّا أَنْ يُكْمِلَ ، وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا يُجْزِي بِغَيْرِهِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ سِعْرَهُ ) أَيْ : الطَّعَامِ فِي مَحَلِّ الْإِطْعَامِ سِعْرَهُ فِي مَحَلِّ التَّلَفِ ( فَتَأْوِيلَانِ ) بِالْإِجْزَاءِ وَعَدَمِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ تَحْصِيلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ يُطْلَبُ ابْتِدَاءً أَنْ يُخْرِجَ الطَّعَامَ بِمَحَلِّ التَّقْوِيمِ ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ فِي غَيْرِهِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَصَابَ صَيْدًا بِمِصْرَ وَأَطْعَمَ بِالْمَدِينَةِ أَجْزَأَ ؛ لِأَنَّ سِعْرَهَا أَغْلَى ، وَإِنْ أَصَابَهُ بِالْمَدِينَةِ وَأَطْعَمَ بِمِصْرَ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ سِعْرَاهُمَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ تَفْسِيرًا لَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ خِلَافًا لَهَا وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ وَفِي مَكَانِهِ أَيْ : الْإِطْعَامُ ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمُحَمَّدٍ ، حَيْثُ يُقَوَّمُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقٌّ ، وَيُجْزِئُ حَيْثُ شَاءَ إنْ أَخْرَجَ عَلَى سِعْرِهِ ، وَيُجْزِئُ إنْ تَسَاوَى السِّعْرَانِ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ يُطْعِمُ حَيْثُ أَحَبَّ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْفَرْقُ بَيْنَ كَلَامِ مُحَمَّدٍ وَأَصْبَغَ أَنَّ الَّذِي شَرَطَهُ مُحَمَّدٌ هُوَ تَسَاوِي السِّعْرَيْنِ وَاَلَّذِي شَرَطَهُ أَصْبَغُ اعْتِبَارُ سِعْرِ بَلَدِ التَّقْوِيمِ لَا بَلَدِ الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ اتَّفَقَ سِعْرُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُحَمَّدًا شَرَطَ مُسَاوَاةَ

السِّعْرَيْنِ وَأَنَّ أَصْبَغَ لَمْ يَنْظُرْ إلَّا إلَى قِيمَةِ الصَّيْدِ ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهِمَا طَعَامًا عَلَى سِعْرِ بَلَدِ الْإِخْرَاجِ أَجْزَأَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ وَهْبٍ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ : إنْ اخْتَلَفَ السِّعْرَانِ أَخْرَجَ قِيمَةَ الطَّعَامِ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ عَيْنًا حَيْثُ أَصَابَ الصَّيْدَ فَيَشْتَرِي بِمِثْلِ تِلْكَ الْقِيمَةِ طَعَامًا حَيْثُ أُحِبُّ أَنْ يُخْرِجَهُ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ غَلَا بِتِلْكَ الْبَلْدَةِ أَوْ رَخُصَ فَاعْتَبَرَ قِيمَةَ الطَّعَامِ ، وَاعْتَبَرَ أَصْبَغُ قِيمَةَ الصَّيْدِ وَيَشْتَرِي بِهَا طَعَامًا فِي بَلَدِ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى مُسَاوَاةِ الطَّعَامَيْنِ ا هـ .
( أَوْ ) صِيَامُ أَيَّامٍ بِعَدَدِ الْأَمْدَادِ ( لِكُلِّ مُدٍّ صَوْمُ يَوْمٍ ) وَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَةً قَالَهُ فِيهَا ( وَكَمَّلَ ) بِشَدِّ الْمِيمِ الْيَوْمَ أَوْ الْمُدَّ ( لِكَسْرِهِ ) أَيْ الْمُدِّ وُجُوبًا فِي الصَّوْمِ وَنَدْبًا فِي الْمُدِّ قَالَهُ الْبَاجِيَّ ( فَالنَّعَامَةُ ) جَزَاؤُهَا ( بَدَنَةٌ ) لِمُقَارَبَتِهَا لَهَا فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ ( وَالْفِيلُ ) جَزَاؤُهُ بَدَنَةٌ ( بِذَاتِ سَنَامَيْنِ ) لِقُرْبِهَا مِنْهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَا نَصَّ فِي الْفِيلِ .
ابْنُ مُيَسِّرٍ بَدَنَةٌ خُرَاسَانِيَّةٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ ، وَقَالَ الْقَرَوِيُّونَ الْقِيمَةُ .
وَقِيلَ قَدْرُ وَزْنِهِ لِغَلَاءِ عَظْمِهِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَصِفَةُ وَزْنِهِ أَنْ يَجْعَلَ فِي مَرْكَبٍ وَيَنْظُرَ إلَى حَيْثُ يَنْزِلُ فِي الْمَاءِ ثُمَّ يُزَالُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ فِيهِ طَعَامٌ حَتَّى يَنْزِلَ ذَلِكَ فِي الْمَاءِ .
ابْنُ رَاشِدٍ وَيَتَوَصَّلُ إلَى وَزْنِهِ بِالْقَبَّانِ قِيلَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ أَوْ ذَاتِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَاتَ صِفَةُ مَحْذُوفٍ أَيْ بِبَدَنَةٍ ذَاتِ الْبَدْرِ قَوْلُهُ فَالنَّعَامَةُ بَدَنَةٌ إلَخْ أَيْ إنْ أَرَادَ إخْرَاجَ الْمِثْلِ إذْ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ أَوْ يَصُومَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ عج فِيهِ نَظَرٌ إذْ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي النَّعَامَةِ وَمَا بَعْدَهَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَوْلُهُ مِثْلُهُ مِنْ النَّعَمِ إلَخْ ، فِيمَا يَرِدُ فِيهِ

النَّصُّ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ ، وَتَبِعَهُ عب .
طفي مَا قَالَهُ عج خَطَأٌ فَاحِشٌ خَرَجَ بِهِ عَنْ أَقْوَالِ الْمَالِكِيَّةِ كُلِّهِمْ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ بِمَا تَمُجُّهُ الْأَسْمَاعُ وَتَنْفِرُ عَنْهُ الطِّبَاعُ ، وَمَا أَدْرِي أَيْنَ هَذَا النَّقْلُ الَّذِي يُفِيدُ مَا زَعَمَهُ .
وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ شَيْخُهُ الْبَدْرُ إذْ كُتُبُ الْمَالِكِيَّةِ مُصَرِّحَةٌ بِأَنَّ الْبَدَنَةَ الَّتِي فِي النَّعَامَةِ وَالْبَقَرَةَ الَّتِي فِي حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْعَنْزَ الَّذِي فِي الظَّبْيِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا حَكَمَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بَيَانٌ لِلْمِثْلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ الْمُخَيَّرِ فِيهَا ، وَلَوْلَا الْإِطَالَةُ لَجَلَبْنَا مِنْ كَلَامِهِمْ مَا يُثْلِجُ لَهُ الصَّدْرَ وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ مَا فِي الْمُوَطَّإِ أَنَّ عُمَرَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا حَكَمَا عَلَى رَجُلٍ أَصَابَ ظَبْيًا بِعَنْزٍ ، قَالَ يُرِيدُ أَنَّهُ اخْتَارَ الْمِثْلَ وَلِذَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِعَنْزٍ ، وَمَنْ تَصَفَّحَ كَلَامَ الْأَئِمَّةِ ظَهَرَ لَهُ مَا قُلْنَاهُ { فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلًا } .
( وَحِمَارُ الْوَحْشِ ) وَيُقَالُ لَهُ الْعَيْرُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ وَلِأُنْثَاهُ حِمَارَةٌ وَأَتَانٌ ( وَبَقَرُهُ ) أَيْ : الْوَحْشِ وَالْإِيَّلِ بِكَسْرِ الْهَمْزِ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مُشَدَّدَةٍ قَرِيبٌ مِنْ الْبَقَرِ طَوِيلُ الْعُنُقِ جَزَاءُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا ( بَقَرَةٌ ) بِتَاءِ الْوَحْدَةِ لَا التَّأْنِيثِ فَتَشْمَلُ الذَّكَرَ أَيْضًا وَجَمْعُهُمَا بَقَرٌ وَبُقْرَانٌ وَبُقُرٌ بِضَمَّتَيْنِ وَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَالضَّبُعُ ) الْجَوْهَرِيُّ الضَّبُعُ مَعْرُوفَةٌ وَلَا يُقَالُ ضَبِعَةٌ ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ ضَبُعَانُ ( وَالثَّعْلَبُ ) مَعْرُوفٌ .
الْكِسَائِيُّ الْأُنْثَى ثَعْلَبَةٌ وَالذَّكَرُ ثُعْلُبَانُ فِي كُلٍّ ( شَاةٌ ) أَيْ : وَاحِدَةٌ مِنْ غَنَمٍ فَذَكَرٌ وَتُؤَنَّثُ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ خِيفَ مِنْهُمَا وَلَا يَنْدَفِعَانِ إلَّا بِقَتْلِهِمَا فَمَا

الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الطَّيْرِ الْمَخُوفِ مِنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ .
وَفَرَّقَ بِسُهُولَةِ التَّحَرُّزِ مِنْهُمَا بِصُعُودِ نَخْلَةٍ مَثَلًا بِخِلَافِ الطَّيْرِ .
الْبُنَانِيُّ يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى غَيْرِ الْمَخُوفِ مِنْهَا إلَّا بِقَتْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا جَزَاءَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّلْقِينِ .
وَشَبَّهَ فِي الشَّاةِ فَقَالَ ( كَحَمَامِ مَكَّةَ ) أَيْ : الْمَصِيدِ فِيهَا وَإِنْ كَانَ طَارِئًا عَلَيْهَا مِنْ الْحِلِّ ( وَالْحَرَمِ ) عَطْفٌ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ إلْحَاقًا لِغَيْرِهَا مِنْهُ بِهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ حُكُومَةٌ كَحَمَامِ الْحِلِّ الَّذِي صَادَهُ مُحْرِمٌ ( وَيَمَامِهَا ) أَيْ الْمَصِيدِ فِي الْحَرَمِ وَمِنْهُ مَكَّةُ وَإِنْ لَمْ يُولَدْ بِهِ ، وَالدُّبْسِيُّ وَالْفَاخِتُ وَالْقُمَرِيُّ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَاتُ الْأَطْوَاقِ كُلُّهَا حَمَامٌ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ ، وَفِيهَا أَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِهِ وَتَجِبُ الشَّاةُ فِي حَمَامٍ وَيَمَامٍ الْحَرَمِ ( بِلَا حُكْمٍ ) كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجَزَاءُ بِحُكْمِ عَدْلَيْنِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ فَشَاةٌ بِلَا حُكْمٍ لِخُرُوجِهِ عَنْ الِاجْتِهَادِ لِتَقَرُّرِهِ بِالدَّلِيلِ .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَارٍ فِي النَّعَامَةِ إلَخْ ، فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ الْجَزَاءِ وَالصَّيْدِ بَوْنٌ عَظِيمٌ فِي الْقَدْرِ وَالصُّورَةِ لَمْ يُنْظَرْ إلَى تَفَاوُتِ أَفْرَادِ الصَّيْدِ وَبِأَنَّ تَفَاوُتَ أَفْرَادِ الْحَمَامِ يَسِيرٌ فَلَمْ يُعْتَبَرْ لَكَانَ حَسَنًا ، وَقَدْ خَالَفَ حَمَامُ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ وَيَمَامُهُمَا سَائِرَ الصَّيْدِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مِثْلٌ ، وَأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ ، وَأَنَّهُ لَا إطْعَامَ فِيهِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الشَّاةِ صَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَكَانَ فِيهِ شَاةٌ ؛ لِأَنَّهُ يَأْلَفُ النَّاسَ فَشَدَّدَ فِيهِ لِئَلَّا يَتَسَارَعَ النَّاسُ إلَى قَتْلِهِ ، فَإِنْ اصْطَادَهُ حِلٌّ فِي الْحِلِّ وَمَاتَ بِاصْطِيَادِهِ أَوْ ذَكَّاهُ

بَعْدَهُ خَارِجَ الْحَرَمِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ فِي الْحِلِّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدِّيَاتِ الَّتِي تَقَرَّرَتْ بِالدَّلِيلِ أَيْ لِتَعَيُّنِهَا وَعَدَمِ التَّخْيِيرِ فِيهَا وَالْحُكْمُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا فِيهِ تَخْيِيرٌ ، وَهَذَا التَّوْجِيهُ ذَكَرَهُ الْجُزُولِيُّ ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ جَارٍ فِي النَّعَامَةِ وَنَحْوِهَا غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّهَا فِيهَا التَّخْيِيرُ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهَا شَيْءٌ .
وَقَوْلُهُ فَلَوْ فَرَّقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ ، قَالَ لَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ فِي كُلِّ جَزَاءٍ حَتَّى جَزَاءِ الْجَرَادِ إلَّا حَمَامَ مَكَّةَ ؛ لِأَنَّ مَا اُتُّفِقَ عَلَيْهِ مِنْ الشَّاةِ فِيهِ لَيْسَ بِمِثْلٍ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَحْقِيقِ الْمِثْلِ .
قَوْلُهُ فَإِنْ اصْطَادَهُ حِلٌّ فِي حِلٍّ إلَخْ أَيْ : فَيَجُوزُ اصْطِيَادُهُ أَبُو الْحَسَنِ .
ظَاهِرُ الْكِتَابِ جَوَازُ اصْطِيَادِهِ وَإِنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فِي الْحَرَمِ .
ابْنُ نَاجِي إنْ كَانَ لَهُ فِرَاخٌ فِي الْحَرَمِ فَالصَّوَابُ تَحْرِيمُ صَيْدِهِ لِتَعْذِيبِ فِرَاخِهِ حَتَّى يَمُوتُوا .
( وَ ) فِي الْحَمَامِ ( لِلْحِلِّ ) أَيْ الْمَصِيدِ فِيهِ وَإِنْ وُلِدَ بِالْحَرَمِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إلَّا هُوَ } .
وَقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ { وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ } .
( وَ ) فِي ( ضَبٍّ وَأَرْنَبٍ وَيَرْبُوعٍ وَجَمِيعِ الطَّيْرِ ) الْمَصِيدِ فِي حِلٍّ لِمُحْرِمٍ أَوْ حَرُمَ مُطْلَقًا وَلَوْ بِمَكَّةَ غَيْرَ حَمَامِ الْحَرَمِ وَيَمَامِهِ وَغَيْرَ مَا أَلْحَقَ بِهِمَا ، وَلَوْ قَالَ وَبَاقِي كَانَ أَحْسَنَ ( الْقِيمَةُ ) مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْإِتْلَافِ ( طَعَامًا ) أَوْ عَدْلُهَا صِيَامًا ، فَإِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّيْدَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ لِصِغَرِهِ يُخَيَّرُ فِيهِ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ ، وَمَا لَهُ مِثْلٌ يُخَيَّرُ

فِيهِ بَيْنَ الْمِثْلِ وَالْإِطْعَامِ وَالصِّيَامِ وَلَمْ يَفْصِلْ فِيمَا لَا مِثْلَ لَهُ بَيْنَ الطَّيْرِ وَغَيْرِهِ ، قَالَهُ فِيهَا لَا بَأْسَ بِصَيْدِ حَمَامِ مَكَّةَ فِي الْحِلِّ لِلْحَلَالِ .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ صَادَهُ الْمُحْرِمُ فِي الْحِلِّ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَتُهُ طَعَامًا أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِيهِ الشَّاةُ إذَا صَادَهُ فِي الْحَرَمِ .
( وَالصَّغِيرُ ) مِنْ الصَّيْدِ فِيمَا وَجَبَ مِنْ مِثْلٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ صِيَامٍ بَدَلًا عَنْ الْأَمْدَادِ قِلَّةً وَكَثْرَةً ( وَالْمَرِيضُ ) مِنْهُ ( وَالْجَمِيلُ ) فِي صُورَتِهِ وَالْأُنْثَى وَالْمُعَلَّمُ وَلَوْ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً ( كَغَيْرِهِ ) مِنْ كَبِيرٍ وَسَلِيمٍ وَقَبِيحٍ ، وَذَكَرُوا مَا لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ فَتَسَاوِي الْمَذْكُورَاتِ مُقَابِلَاتُهَا فِي الْوَاجِبِ كَالدِّيَاتِ وَلَمْ يَقُلْ وَالْقَبِيحُ مَعَ أَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِمَا قَبْلَهُ لِاقْتِضَائِهِ خِلَافَ الْمَنْصُوصِ مِنْ أَنَّ الْجَمِيلَ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ قَبِيحٌ لَا الْعَكْسُ .
الْقَرَافِيُّ الْفَرَاهَةُ وَالْجَمَالُ لَا يُعْتَدُّ بِهِمَا فِي تَقْوِيمِ الصَّيْدِ ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِأَكْلِهِ وَإِنَّمَا يُؤْكَلُ اللَّحْمُ فَالْمَعِيبُ عَيْبًا لَا يُؤَثِّرُ فِي اللَّحْمِ كَالسَّلِيمِ فَيُقَوِّمُ ذَاتَ الصَّيْدِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذُكُورَتِهِ وَأُنُوثَتِهِ ، وَلَا تُقَوَّمُ الْأُنْثَى عَلَى أَنَّهَا ذَكَرٌ وَلَا الذَّكَرُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَعْتَبِرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ تِلْكَ الصِّفَاتِ فِي الْجَزَاءِ إذَا كَانَ هَدْيًا فَلَمَّا لَمْ يَعْتَبِرُوهَا فِي أَحَدِ أَنْوَاعِ الْجَزَاءِ إذَا كَانَ مِثْلًا مِنْ النَّعَمِ أَلْحَقُوا بِهِ بَقِيَّةَ أَنْوَاعِهِ هَذَا فِي الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى .
( وَ ) لَوْ كَانَ الصَّيْدُ الْمَوْصُوفُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ مَمْلُوكًا لِشَخْصٍ بِأَنْ كَانَ مُعَلَّمًا مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً أَوْ صَغِيرًا أَوْ جَمِيلًا أَوْ مَرِيضًا قُوِّمَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ مُعْتَبَرٍ وَصْفُهُ وَ ( قُوِّمَ لِرَبِّهِ بِ ) اعْتِبَارِ ( ذَلِكَ ) الْوَصْفِ الْقَائِمِ بِهِ مِنْ التَّعَلُّمِ أَوْ

الصِّغَرِ أَوْ الْجَمَالِ أَوْ الْمَرَضِ أَوْ ضِدِّهَا ( مَعَهَا ) أَيْ : الْقِيمَةِ الْوَاجِبَةِ لَحِقَ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ : مَعَ إخْرَاجِهَا فَيُعْطِي رَبُّهُ قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ مُعَلَّمٌ مَثَلًا وَيُخْرِجُ قِيمَتَهُ أَيْ : جَزَاءَهُ لِلْفُقَرَاءِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتَانِ قِيمَةٌ مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْمَنْفَعَةِ وَقِيمَةٌ مَعَ اعْتِبَارِهَا .
( وَاجْتَهَدَا ) أَيْ : الْحَكَمَانِ وُجُوبًا ( وَإِنْ رُوِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( فِيهِ ) أَيْ : الصَّيْدِ شَيْءٌ عَنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِخُصُوصِهِ كَبَدَنَةٍ فِي نَعَامَةٍ وَذَاتِ سَنَامَيْنِ فِي فِيلٍ وَصِلَةٍ اجْتَهَدَا ( فِيهِ ) أَيْ الْجَزَاءِ الَّذِي يَحْكُمَانِ بِهِ إنْ لَمْ يُرْوَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ الصَّحَابَةِ ، بَلْ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ شَيْءٌ عَنْهُمْ فَفِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ غَيْرُ مُرَتَّبٍ وَلَوْ حُذِفَ أَحَدُهُمَا كَانَ أَحْسَنَ وَكَانَ مِنْ التَّنَازُعِ .
وَمَعْنَى اجْتِهَادِهِمَا فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ اجْتِهَادُهُمَا فِي السِّمَنِ وَالْهُزَالِ وَالسِّنِّ ، فَمَصَبُّ الرِّوَايَةِ النَّوْعُ وَمَصَبُّ الِاجْتِهَادِ الصِّفَاتُ كَالسِّمَنِ وَالسِّنِّ بِأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ بَدَنَةً سَمِينَةً أَوْ هَزِيلَةً مَثَلًا لِسِمَنِ النَّعَامَةِ أَوْ هُزَالِهَا وَكَأَنْ يَرَيَا أَنَّ فِي هَذِهِ النَّعَامَةِ نَاقَةً سِنُّهَا خَمْسُ سِنِينَ لِصِغَرِهَا ، وَفِي هَذِهِ النَّعَامَةِ نَاقَةً سِنُّهَا سَبْعُ سِنِينَ لِكِبَرِهَا .
عَبْدِ الْوَهَّابِ لَمْ يَكْتَفِ بِحُكْمِ الصَّحَابَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ } أَفَادَهُ عب .
الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ وَاجْتَهَدَا إلَخْ أَمْرٌ لِلْحَكَمَيْنِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَزَمَانُهُ زَمَنُ اجْتِهَادٍ ، قَالَ فِيهَا وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلِيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَا بِاجْتِهَادِهِمَا عَنْ آثَارِ مَنْ مَضَى .
ا هـ .
أَلَا تَرَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَضَى فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ

وَهِيَ دُونَ الْعَنَاقِ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُحْتَجًّا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُخْرِجَ مَا لَيْسَ بِهَدْيٍ لِصِغَرِهِ ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَإِنْ رُوِيَ فِيهِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رَوَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، أَيْ : عَنْ السَّلَفِ .
وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ فَلَا يَصِحُّ الْعُدُولُ عَنْهُ كَمَا فِي الضَّبُعِ أَنَّهُ قَضَى فِيهِ بِكَبْشٍ .
فَإِنْ قُلْت تَقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ فَلِمَ لَا يَكْتَفِي الْحَكَمَانِ بِمَا رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي هَذَا الْبَابِ .
قُلْت لَمْ يَخْرُجْ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ أَصْلِهِ إذْ مَعْنَى قَوْلِهِ فَيَحْكُمَانِ عَلَيْهِ بِاجْتِهَادِهِمَا لَا بِمَا رُوِيَ إذَا وَقَعَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ أَوْ مَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافٌ .
وَأَمَّا إذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَيْءٍ فَلَا يَحِلُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ وَلَا فِي غَيْرِهِ ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهَا وَلَا يَكْتَفِيَانِ فِي الْجَزَاءِ بِمَا رُوِيَ وَلِيَبْتَدِئَا الِاجْتِهَادَ وَلَا يَخْرُجَانِ عَنْ أَثَرِ مَنْ مَضَى ، وَكَذَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَشْهَبَ لَا يَكْتَفِي فِي الْجَرَادِ وَلَا فِي غَيْرِهِ أَوْ النَّعَامَةِ أَوْ الْبَقَرَةِ فَمَا دُونَهَا بِاَلَّذِي جَاءَ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَأْتَنِفَا الْحُكْمَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجَا عَمَّا مَضَى ا هـ .
كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اجْتِهَادَهُمَا فِي الْوَاجِبِ لَا فِي سِمَنِهِ وَهُزَالِهِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إذْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمَا لَا يَتَعَرَّضَانِ لِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِمَا أَنْ يَأْتِيَا بِمَا يُجْزِئُ ضَحِيَّةً ، وَهُنَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا : الْحُكْمُ لَا بُدَّ مِنْهُ حَتَّى فِي الْمَرْوِيِّ فِيهِ شَيْءٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ الَّذِي اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ { يَحْكُمُ بِهِ } فَأَتَى

بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ ، وَوَقَعَ فِي الْآيَةِ جَوَابُ الشَّرْطِ فَخَلَّصَهُ لِلِاسْتِقْبَالِ .
ثَانِيهِمَا : إذَا حَكَمَا لَا بُدَّ مِنْ الِاجْتِهَادِ فِي مَحَلِّهِ ، فَقَدْ قَالَ الْبَاجِيَّ فِي قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ لَمْ أَزَلْ أَسْمَعُ فِي النَّعَامَةِ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ بَدَنَةٌ يُرِيدُ أَنَّ ذَلِكَ شَائِعٌ قَدِيمٌ تَكَرَّرَ حُكْمُ الْأَئِمَّةِ بِهِ وَفَتْوَى الْعُلَمَاءِ بِهِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهَا إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ بِهَا وَتَكَرَّرَ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ .
أَقُولُ حَيْثُ كَانَ الِاجْتِهَادُ مَشْرُوطًا بِعَدَمِ الْخُرُوجِ عَمَّا رُوِيَ عَنْ السَّلَفِ لَمْ يَبْقَ مُتَعَلِّقٌ إلَّا الصِّفَاتِ مِنْ السِّنِّ وَالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَيُؤَيِّدُهُ مُخَالَفَةُ مَالِكٍ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْعَنَاقِ وَالْجَفْرَةِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

وَلَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ ؛ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ : فَتَأْوِيلَانِ ، وَإِنْ اخْتَلَفَا اُبْتُدِئَ ، وَالْأَوْلَى كَوْنُهُمَا بِمَجْلِسٍ ، وَنُقِضَ إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأُ ، وَفِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ : عُشْرُ دِيَةِ الْأُمِّ وَلَوْ تَحَرَّكَ ، وَدِيَتُهَا إنْ اسْتَهَلَّ .

( وَلَهُ ) أَيْ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِجَزَاءِ صَيْدٍ ( أَنْ يَنْتَقِلَ ) عَمَّا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ بِأَنْ يُرِيدَ حُكْمًا آخَرَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهُ الِانْتِقَالَ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ ) مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ ( فَتَأْوِيلَانِ ) فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ ، وَمَحَلُّهُمَا إذَا عَرَفَ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ وَالْتَزَمَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ لَا إنْ الْتَزَمَهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ ، وَالتَّأْوِيلُ بِعَدَمِ الِانْتِقَالِ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَالتَّأْوِيلُ بِالِانْتِقَالِ لِلْأَكْثَرِ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ : الْحَكَمَانِ فِي قَدْرِ مَا حَكَمَا عَلَيْهِ بِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ أَصْلِ الْحُكْمِ ( اُبْتُدِئَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْحُكْمُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ غَيْرِ صَاحِبِهِ ( وَالْأَوْلَى ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ ( كَوْنُهُمَا ) أَيْ : الْحَكَمَيْنِ حِينَ الْحُكْمِ ( بِمَجْلِسٍ ) وَاحِدٍ لِيَطَّلِعَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى رَأْيِ الْآخَرِ ( وَنُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُكْمُهُمَا مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا ( إنْ تَبَيَّنَ الْخَطَأَ ) تَبَيُّنًا وَاضِحًا كَحُكْمٍ بِشَاةٍ فِيمَا فِيهِ بَقَرَةٌ أَوْ بَدَنَةٌ أَوْ بِبَقَرَةٍ أَوْ بَعِيرٍ فِيمَا فِيهِ شَاةٌ أَوْ إطْعَامٌ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ .
( وَفِي ) التَّسَبُّبِ فِي إسْقَاطِ ( الْجَنِينِ ) مَيِّتًا وَأُمُّهُ حَيَّةٌ مِنْ مُحْرِمٍ مُطْلَقًا أَوْ حِلٍّ فِي الْحَرَمِ أَيْ : كُلُّ جَنِينٍ لِوَحْشِيَّةٍ ( وَ ) فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ( الْبَيْضِ ) لِغَيْرِ إوَزٍّ وَدَجَاجٍ غَيْرَ الْمَذَرِ إذَا كَسَرَهَا مُحْرِمٌ مُطْلَقًا أَوْ حِلٌّ فِي الْحَرَمِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ فَرْخٌ وَخَرَجَ مَيِّتًا بَعْدَ كَسْرِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَرْخٌ ( عُشْرُ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ ( دِيَةِ ) أَيْ : جَزَاءُ ( الْأُمِّ ) لِلْجَنِينِ أَوْ الْبَيْضِ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ بَلْ ( وَلَوْ تَحَرَّكَ ) الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ عَقِبَ

انْفِصَالِهِ حَرَكَةً ضَعِيفَةً لَا تَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ مَوْتُ الْجَنِينِ أَوْ الْفَرْخِ قَبْلَ التَّسَبُّبِ فِي إسْقَاطِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ .
( وَ ) فِي الْجَنِينِ وَالْبَيْضِ ( دِيَتُهَا ) أَيْ : جَزَاءُ الْأُمِّ ( إنْ ) مَاتَ بَعْدَ أَنْ ( اسْتَهَلَّ ) الْجَنِينُ أَوْ الْفَرْخُ صَارِخًا عَقِبَ انْفِصَالِهِ عَنْ أُمِّهِ حَيَّةً أَوْ عَنْ بَيْضَتِهِ أَيْ : جَزَاءٌ كَجَزَاءِ أُمِّهِ فِي كَوْنِهِ يُجْزِئُ ضَحِيَّةً لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالصَّغِيرُ كَغَيْرِهِ ، وَلِذَا قَالَ : دِيَتُهَا وَلَمْ يَقُلْ دِيَتُهُ ، وَلِمُنَاسَبَتِهِ لِقَوْلِهِ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ اسْتِهْلَالِهِ سَائِرُ مَا تَتَحَقَّقُ حَيَاتُهُ بِهِ كَكَثْرَةِ رَضَاعٍ فِيمَا يُرْضَعُ ، فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ وَمَاتَتْ فَجَزَاءَانِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ انْدَرَجَ فِي جَزَائِهَا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ أَوْ لَا ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً فَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَا فَدِيَتَانِ ، وَإِنْ اسْتَهَلَّ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ فَقَطْ كَمَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ وَمَاتَتْ الْأُمُّ ، فَإِنْ لَمْ تَمُتْ فَفِيهِ الْعُشْرُ وَلَا شَيْءَ فِي الْمَذَرِ .
وَكَذَا الْمَمْرُوقُ الَّذِي اخْتَلَطَ صَفَارُهُ بِبَيَاضِهِ أَوْ مَا وُجِدَ فِيهِ نُقْطَةُ دَمٍ عَلَى الظَّاهِرِ إذْ لَا يَتَخَلَّقُ مِنْهُمَا فَرْخٌ .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْبَيْضُ وَلَوْ أَتْلَفَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فِي فَوْرٍ وَلَوْ وَصَلَ لِعَشْرٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ ، لَوْ كَسَرَ عَشْرَ بَيْضَاتٍ لَكَانَ فِي كُلِّ بَيْضَةٍ عُشْرٌ لَا شَاةٌ عَنْ مَجْمُوعِهَا ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يَتَبَعَّضُ كَمَنْ قَتَلَ مِنْ الْيَرَابِيعِ مَا يَبْلُغُ قَدْرَ شَاةٍ فَلَا تُجْمَعُ فِيهَا ، وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْبَيْضِ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ يُؤَدِّي فِي الْعَشْرِ بَيْضَاتٍ شَاةٌ .
وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْيَرَابِيعِ بِأَنَّ الْعَشْرَ بَيْضَاتٍ أَجْزَاءُ كُلٍّ بِخِلَافِ الْيَرَابِيعِ ، فَإِنَّهَا جُزْئِيَّاتٌ قَائِمَةٌ بِنَفْسِهَا .
وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَجِنَّةِ ، وَيُخَيَّرُ فِي

الْجَنِينِ أَوْ الْبَيْضِ بَيْنَ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّهِ مِنْ الطَّعَامِ وَعُدَّ لَهُ صِيَامًا يَوْمًا مَكَانَ مُدٍّ أَوْ كَسْرِهِ إلَّا بَيْضَ حَمَامِ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ طَعَامًا فَإِنْ تَعَذَّرَ صَامَ يَوْمًا ، وَلَمَّا كَانَتْ دِمَاءُ الْحَجِّ ثَلَاثَةً فِدْيَةٌ وَجَزَاءٌ وَهَدْيٌ ، وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ .

وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ وَالصَّيْدِ مُرَتَّبٌ هَدْيٌ ، وَنُدِبَ إبِلٌ فَبَقَرٌ ، ثُمَّ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ إحْرَامِهِ ، وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْضٍ بِحَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ ، وَسَبْعَةً إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى وَلَمْ تَجُزْ إنْ قُدِّمَتْ عَلَى وُقُوفِهِ : كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ ، أَوْ وَجَدَ مُسَلِّفًا لِمَالٍ بِبَلَدِهِ ، وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ .

شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْهَدْيِ فَقَالَ ( وَغَيْرُ الْفِدْيَةِ ) الْوَاجِبَةِ فِيمَا يُتَرَفَّهُ أَوْ يُزِيلُ أَذًى ( وَ ) غَيْرُ جَزَاءِ ( الصَّيْدِ ) وَهُوَ مَا يَجِبُ لِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( مُرَتَّبٌ ) مَرْتَبَتَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا لَا يَنْتَقِلُ عَنْ أُولَاهُمَا إلَّا بَعْدَ عَجْزِهِ عَنْهَا دَمٌ ثُمَّ صِيَامُ عَشْرَةِ أَيَّامٍ وَيُقَالُ لَهُ ( هَدْيٌ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْوَاعِ النَّعَمِ ( إبِلٌ ) فَهُوَ أَفْضَلُ الْهَدَايَا ( فَبَقَرٌ ) يَلِي الْإِبِلَ فِي الْفَضْلِ فَضَأْنٌ فَمَعْزٌ فَحَذَفَ مَرْتَبَةً لَهَا نَوْعَانِ أَوَّلُهُمَا مُقَدَّمٌ نَدْبًا ؛ لِأَنَّهَا لَا أَفْضَلِيَّةَ لَهَا ؛ إذْ لَا مَرْتَبَةَ بَعْدَهَا .
( ثُمَّ ) إنْ عَجَزَ عَنْ الدَّمِ ( صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) أَوَّلَ وَقْتِهَا ( مِنْ إحْرَامِهِ ) بِالْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْعِيدِ ( وَ ) إنْ فَاتَهُ صَوْمُهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا ( صَامَ أَيَّامَ مِنًى ) الثَّلَاثَةَ الَّتِي تَلِي يَوْمَ الْعِيدِ وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إلَيْهَا إلَّا لِعُذْرٍ ، وَلَعَلَّ هَذَا حُكْمُهُ قَوْلُهُ وَصَامَ إلَخْ وَلَمْ يَقُلْ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى كَمَا قَالَهُ سَابِقًا .
وَتَرَدَّدَ ابْنُ الْمُعَلَّى وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي صَوْمِهَا أَيَّامَ مِنًى هَلْ هُوَ أَدَاءٌ أَوْ قَضَاءٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَنْعِ تَأْخِيرِهِ إلَيْهَا وَكَوْنِهِ أَدَّاهُ ، إذْ هُوَ كَالصَّلَاةِ فِي الضَّرُورِيِّ قَالَ فِيهِ وَأَثِمَ إلَّا لِعُذْرٍ وَالْكُلُّ أَدَاءٌ أَفَادَهُ عب .
طفي وَهُوَ قُصُورٌ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ نَقَلَهُ عَنْهُمَا فَفِي الْمُنْتَقَى ، قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إنَّ صِيَامَ أَيَّامِ مِنًى عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ ، وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَاءِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ قَبْلَهَا أَفْضَلَ كَوَقْتِ الصَّلَاةِ الَّذِي فِيهِ سَعَةٌ لِلْأَدَاءِ ، وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهُ أَفْضَلُ مِنْ آخِرِهِ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وَإِنْ أَيِسَ مِنْ وُجُودِ الْهَدْيِ

قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ بِثَلَاثَةٍ لَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُ صَوْمِهِ عَنْهَا ، فَقَوْلُ عب وعج يَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ لِأَيَّامِ مِنًى لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَإِنْ نَسَبَاهُ لِبَعْضِ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْزُهُ لِأَحَدٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : الِاسْتِحْبَابُ كَمَالُ صَوْمِهَا قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَصُومَ الثَّلَاثَةَ الْأَيَّامِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ النَّحْرِ ، فَإِنْ لَمْ يَصُمْهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ أَفْطَرَ يَوْمَ النَّحْرِ وَصَامَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي بَعْدَهُ .
ا هـ .
فَلَوْ كَانَ صَوْمُهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَاجِبًا وَيَأْثَمُ بِالتَّأْخِيرِ مَا قَالَتْ وَلَهُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَظْهَرَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَالٌ قَالَ الْبَاجِيَّ إنَّ صِيَامَهَا قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ مُفَضَّلٌ لَا وَاجِبٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاغْتُفِرَ صَوْمُهَا مَعَ وُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ لِلضَّرُورَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ صِيَامُ ثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ هَلْ هُوَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ فَقَطْ أَوْ هُمَا ، وَمَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ أَوْ هُمْ ، وَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّمُ بِتَرْكِ شَيْءٍ مِنْ حَجِّهِ مِنْ يَوْمِ إحْرَامِهِ إلَى حِينِ وُقُوفِهِ رَابِعَهَا أَوْ لِتَرْكِ ذَلِكَ وَلَوْ بَعْدَ وُقُوفِهِ .
وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ وُجُوبُ صَوْمِ مَنْ لَمْ يَصُمْ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ أَيَّامَ مِنًى وَمَنَعَهُ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَقَرَّاهُ .
( بِنَقْصٍ بِحَجٍّ ) تَنَازَعَ فِيهِ صِيَامٌ وَصَامَ فَأَعْمَلَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ لِقُرْبِهِ وَالْأَوَّلَ فِي ضَمِيرِهِ وَحَذَفَهُ ؛ لِأَنَّهُ فَضْلَةٌ فَمُرَادُهُ أَنَّ كَوْنَ النَّقْصِ قَبْلَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ شَرْطٌ فِي أَمْرَيْنِ : أَحَدُهُمَا : كَوْنُ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ مِنْ إحْرَامِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ .
وَالثَّانِي : كَوْنُهُ إنْ فَاتَهُ ذَلِكَ صَامَ أَيَّامَ مِنًى وَيُحْتَمَلُ تَعَلُّقُهُ بِصَامَ فَقَطْ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ وَصِيَامُ ثَلَاثَةٍ مِنْ إحْرَامِهِ

فَبَيَّنَ بِهِ الْمَبْدَأَ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ فَأَيْنَ الْغَايَةُ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَصَامَ أَيَّامَ مِنًى بِنَقْصٍ بِحَجٍّ إنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْوُقُوفِ .
وَيُرَجِّحُ هَذَا أَنَّ مَنْ نَقَصَ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَوْ مَا بَعْدَهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَصُومَ لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ بِحَجٍّ يَكُونُ فِيهِ عَلَى هَذَا قَلَقٌ .
وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الْعُمْرَةِ وَمَا أَبَيْنَ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، فَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْوُقُوفِ كَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْفَسَادِ وَالْفَوَاتِ وَتَعَدَّى الْمِيقَاتَ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ مِنْ حِينِ يُحْرِمُ بِهِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ ، فَإِنْ أَخَّرَهَا إلَيْهِ فَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ عَنْ نَقْصٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ مُزْدَلِفَةَ أَوْ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ مَبِيتِ مِنًى أَوْ وَطِئَ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ أَوْ الْحَلْقِ صَامَ مَتَى شَاءَ ، وَكَذَلِكَ صِيَامُ وَهَدْيُ الْعُمْرَةِ كَذَلِكَ مَنْ مَشَى فِي نَذْرٍ إلَى مَكَّةَ فَعَجَزَ ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ كَمَا ذَكَرْنَا الْمُتَمَتِّعَ وَالْقَارِنَ مَنْ تَعَدَّى مِيقَاتَهُ أَوْ أَفْسَدَ حَجَّهُ أَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ .
وَأَمَّا مَنْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لِتَرْكِ جَمْرَةٍ أَوْ لِتَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَلْيَصُمْ مَتَى شَاءَ .
وَكَذَلِكَ الَّذِي وَطِئَ أَهْلَهُ بَعْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَقَبْلَ الْإِفَاضَةِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَصُومُ إذَا اعْتَمَرَ بَعْدَ أَيَّامِ مِنًى .
وَمَنْ مَشَى فِي نَذْرٍ إلَى مَكَّةَ فَعَجَزَ فَلْيَصُمْ مَتَى شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي فِي غَيْرِ حَجٍّ فَكَيْفَ لَا يَصُومُ فِي غَيْرِ حَجٍّ .
أَبُو الْحَسَنِ أَيْ : يَقْضِي مَشْيَهُ أَمَاكِنِ رُكُوبِهِ فِي غَيْرِ إحْرَامٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ يَقْضِي مَشْيَهُ فِي عُمْرَةٍ إذَا أَبْهَمَ يَمِينَهُ أَوْ نَذْرَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ النَّذْرِ .
ا هـ .
وَمَا سَلَكَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ إحْدَى طُرُقٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ حَصَّلَهَا فِي التَّوْضِيحِ فَتَأَمَّلْهَا فِيهِ

لَعَلَّك تَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى مَا عَقَدَهُ هُنَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ .
( إنْ تَقَدَّمَ ) النَّقْصُ عَلَى الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ كَتَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَرْكِ طَوَافِ قُدُومٍ ( وَسَبْعَةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيْ : عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الدَّمِ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ ( إذَا رَجَعَ ) وَلَوْ أَخَّرَ صَوْمَهَا عَنْ رُجُوعِهِ ( مِنْ مِنًى ) لَمْ يَقُلْ لِمَكَّةَ مَعَ أَنَّهُ الْمُرَادُ ، وَلَوْ لَمْ يَقُمْ بِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ شُمُولُهُ لِرُجُوعِهِ لَهَا يَوْمَ النَّحْرِ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَأَنَّهُ يَصُومُ أَيَّامَ مِنًى الثَّلَاثَةَ مِنْ جُمْلَةِ السَّبْعَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصُومُهَا إنْ كَانَ قَدْ صَامَ الثَّلَاثَةَ قَبْلَ أَيَّامِ مِنًى ، وَالْمُرَادُ بِالرُّجُوعِ مِنْ مِنًى الْفَرَاغُ مِنْ الرَّمْيِ لِيَشْمَلَ أَهْلَ مِنًى وَمَنْ أَقَامَ بِهَا .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ النَّقْصَ إنْ تَأَخَّرَ عَنْ الْوُقُوفِ كَتَرْكِ النُّزُولِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ تَرْكِ رَمْيٍ أَوْ حَلْقٍ أَوْ كَانَ وَقْتُهُ كَهَدْيِ الْمَارِّ بِعَرَفَةَ النَّاوِي بِهِ الْوُقُوفَ ، وَكَإِنْزَالٍ ابْتِدَاءً وَإِمْذَائِهِ حِينَ وُقُوفِهِ أَوْ أَخَّرَ الثَّلَاثَةَ حَتَّى فَاتَتْ أَيَّامُ مِنًى فَإِنَّهُ يَصُومُهَا مَعَ السَّبْعَةِ مَتَى شَاءَ .
( وَلَمْ تُجْزِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ لَا تَكْفِي السَّبْعَةُ ( إنْ قُدِّمَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : السَّبْعَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا ( عَلَى وُقُوفِهِ ) وَكَذَا الْمُقَدَّمُ مِنْهَا عَلَى رُجُوعِهِ مِنْ مِنًى قَالَهُ سَنَدٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إذَا رَجَعْتُمْ } وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْ السَّبْعَةِ الَّتِي صَامَهَا قَبْلَ وُقُوفِهِ بِثَلَاثَةٍ قَالَهُ تت مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ .
وَقَالَ عج فِيهِ خِلَافٌ فَإِنْ صَامَ الْعَشَرَةَ كُلَّهَا قَبْلَ وُقُوفِهِ فَقَالَ الْحَطّ الظَّاهِرُ اكْتِفَاؤُهُ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا ، وَلَا يُخَالِفُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ تت لِاخْتِلَافِ مَوْضُوعِهِمَا وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُ صَوْمِ السَّبْعَةِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى وَطَنِهِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى { إذَا رَجَعْتُمْ }

هَلْ الْمَعْنَى لِلْأَهْلِ قَالَهُ غَيْرُ مَالِكٍ ، أَوْ لِمَكَّةَ قَالَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
فَإِنْ اسْتَوْطَنَ مَكَّةَ صَامَ بِهَا اتِّفَاقًا .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فَقَالَ ( كَصَوْمٍ أَيْسَرَ قَبْلَهُ ) أَيْ : قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ كَمَالِ يَوْمٍ فَلَا يُجْزِئُهُ فَيَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ لِلدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ وَاجِدَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ تَكْمِيلُ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي أَيْسَرَ فِيهِ ( أَوْ وَجَدَ ) مَنْ عَلَيْهِ الْهَدْيُ ( مُسَلِّفًا لِمَالٍ ) يَهْدِي بِهِ وَيُنْظِرُهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ مَالٍ لَهُ ( بِبَلَدِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُوسِرًا حُكْمًا ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ كَذَلِكَ فَيَصُومُ وَلَا يُؤَخِّرُ حَتَّى يَرْجِعَ لِبَلَدِهِ وَلَا لِمَالٍ يَرْجُوهُ بَعْدَ خُرُوجِ أَيَّامِ مِنًى ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّوْمِ فِي الْحَجِّ ( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الرُّجُوعُ ) مِنْ الصَّوْمِ ( لَهُ ) أَيْ : الدَّمِ إنْ أَيْسَرَ بِهِ ( بَعْدَ ) صَوْمِ ( يَوْمَيْنِ ) بِأَنْ أَيْسَرَ فِي لَيْلَةِ الثَّالِثِ ، وَكَذَا إنْ أَيْسَرَ فِيهِ ، وَكَذَا فِي لَيْلَةِ الثَّانِي أَوْ فِيهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ وُجُوبِ الرُّجُوعِ فِيهِمَا ، فَاَلَّذِي يَجِبُ رُجُوعُهُ وَلَا يَكْفِيهِ صَوْمُهُ هُوَ الَّذِي أَيْسَرَ قَبْلَ إكْمَالِ يَوْمٍ ، فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ يُنْدَبُ الرُّجُوعُ بَعْدَ إكْمَالِ يَوْمٍ وَقَبْلَ إكْمَالِ الثَّالِثِ ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ إكْمَالِهِ فَلَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ قَسِيمَةُ السَّبْعَةِ فَكَأَنَّهَا نِصْفُ الْعَشَرَةِ أَفَادَهُ تت .
وَهُوَ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الرُّجُوعِ لِلدَّمِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ .
وَفِي الْحَطّ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَوْ وَجَدَ الْهَدْيَ بَعْدَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ ا هـ عب .
طفي قَوْلُهُ وَنُدِبَ الرُّجُوعُ لَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلِابْنِ شَاسٍ بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ ، وَأَصْلُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ اسْتَحَبَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِمَنْ وَجَدَ الْهَدْيَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَ الْأَيَّامَ الثَّلَاثَةَ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِ ، قَالَ وَهَذَا

يَحْسُنُ فِيمَنْ قَدَّمَ الصَّوْمَ عَلَى الْوَقْتِ الْمُضَيَّقِ ا هـ .
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الظِّهَارِ وَإِنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ ثُمَّ وَجَدَ ثَمَنَ الْهَدْيِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلْيَمْضِ عَلَى صَوْمِهِ ، وَإِنْ وَجَدَ ثَمَنَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ فَإِنْ شَاءَ أَهْدَى أَوْ تَمَادَى عَلَى صَوْمِهِ فَأَمَرَهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ بِالتَّمَادِي وَخَيَّرَهُ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ ، وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا ا هـ الْبُنَانِيُّ .
قَدْ يُقَالُ يَصِحُّ حَمْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَتْبُوعَاهُ عَلَى مَا فِيهَا بِأَنْ يُرَادَ بِاسْتِحْبَابِ الرُّجُوعِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ أَيْ : وَقَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الثَّالِثِ كَمَا نَقَلَهُ تت عَنْ ابْنِ نَاجِي خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ ، وَالْمُرَادُ بِالتَّخْيِيرِ الَّذِي فِيهَا عَدَمُ اللُّزُومِ فَلَا يُنَافِي الِاسْتِحْبَابَ وَبِمَا ذَكَرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ز بِوُجُوبِ الرُّجُوعِ لِلْهَدْيِ قَبْلَ كَمَالِ الْيَوْمِ غَيْرُ صَحِيحٍ .

وَوُقُوفُهُ بِهِ الْمَوَاقِفَ كُلِّهَا ، وَالنَّحْرُ بِمِنًى إنْ كَانَ فِي حَجٍّ ، وَوَقَفَ بِهِ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ : كَهُوَ بِأَيَّامِهَا ، وَإِلَّا فَمَكَّةُ ، وَأَجْزَأَ إنْ أُخْرِجَ لِحِلٍّ : كَأَنْ وَقَفَ بِهِ فَضَلَّ مُقَلَّدًا ، وَنُحِرَ وَفِي الْعُمْرَةِ بِمَكَّةَ بَعْدَ سَعْيِهَا ثُمَّ حَلَقَ .

( وَ ) نُدِبَ ( وُقُوفُهُ ) أَيْ : الْمُهْدَى ( بِهِ ) أَيْ : الْهَدْيِ ( الْمَوَاقِفَ ) كُلَّهَا فَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ إيقَافَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ شَرْطٌ ، وَهَذَا فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى .
وَأَمَّا مَا يُنْحَرُ بِمَكَّةَ فَشَرْطُهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيَكْفِي وُقُوفُهُ بِهِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْحِلِّ فِي أَيِّ وَقْتٍ .
وَأَرَادَ بِالْمَوَاقِفِ عَرَفَةَ وَالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَمِنًى ، وَعُدَّتْ مَوْقِفًا لِوُقُوفِهِ بِهَا عَقِبَ الْجَمْرَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ وَمُزْدَلِفَةَ مَبِيتٌ لَا مَوْقِفٌ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ مُنْصَبٌّ عَلَى الْمَجْمُوعِ نَحْوُهُ فِي الْحَطّ وتت ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفي بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا يَحْتَاجُ لِتَأْوِيلٍ وَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَوْقِفٍ مُسْتَحَبٌّ ؛ لِأَنَّ وُقُوفَهُ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ اللَّيْلِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِنَحْرِهِ بِمِنًى وَلَيْسَ شَرْطًا فِي نَفْسِ الْهَدْيِ ، حَتَّى لَوْ تَرَكَ بَطَلَ كَوْنُهُ هَدْيًا وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ نَدْبِ إيقَافِهِ بِعَرَفَةَ وَكَوْنِهِ شَرْطًا فِي نَحْرِهِ بِمِنًى ، وَالنَّحْرُ بِمِنًى غَيْرُ وَاجِبٍ بَلْ إنْ شَاءَ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَهُ بِمِنًى ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَنَحَرَهُ بِمَكَّةَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( النَّحْرُ ) لِلْهَدْيِ وَمِنْهُ جَزَاءُ الصَّيْدِ ( بِمِنًى ) مَعَ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْآتِيَةِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَهَارًا فَلَا يُجْزِئُ لَيْلًا ، وَالْفِدْيَةُ لَا تَخْتَصُّ بِمَكَانٍ .
وَلَوْ عَبَّرَ بِذَكَاةٍ كَانَ أَشْمَلَ وَمَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ نَدْبِهِ مَعَ الشُّرُوطِ نَحْوُهُ فِي الْحَطّ ، فَإِنْ ذَكَّى بِمَكَّةَ مَعَهَا أَجْزَأَ وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ ، قَالَ وَهُوَ الْآتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَشَهَّرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْسَكِهِ ا هـ وَجَعَلَهُ تت مَعَهَا وَاجِبًا وَنَحْوَهُ لِلشَّارِحِ أَيْضًا وَعَزَيَا عَنْ عِيَاضٍ الْوُجُوبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَاتَّفَقُوا عَلَى إجْزَائِهِ بِمَكَّةَ مَعَهَا أَفَادَهُ عب .
وَصَوَّبَ الرَّمَاصِيُّ

الْوُجُوبَ لِتَصْرِيحِ عِيَاضٍ فِي إكْمَالِهِ بِهِ .
وَمَا قَالَهُ الْحَطّ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِهَا وَمَنْ وَقَفَ بِهَدْيٍ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ مُتْعَةٍ أَوْ غَيْرِهِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ قَدِمَ بِهِ مَكَّةَ فَنَحَرَهُ بِهَا جَاهِلًا أَوْ تَرَكَ مِنًى مُتَعَمِّدًا أَجْزَأَهُ .
ا هـ .
؛ لِأَنَّ الْإِجْزَاءَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ .
وَذَكَرَ شُرُوطَ نَحْرِهِ بِمِنًى فَقَالَ ( إنْ كَانَ ) الْهَدْيُ سَبَقَ ( فِي ) إحْرَامِ ( حَجٍّ ) فَرْضٍ أَوْ مَنْذُورٍ أَوْ تَطَوُّعٍ ، وَشَمِلَ الْمَسْبُوقُ بِحَجٍّ مَا كَانَ عَنْ نَقْصٍ فِي عُمْرَةٍ ( وَوَقَفَ بِهِ ) أَيْ : الْهَدْيِ ( هُوَ ) أَيْ : الْمُهْدِي ، فَصَلَ بِهِ لِيَصِحَّ الْعَطْفُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي وَقَفَ عَلَى حَدِّ قَوْله تَعَالَى { اُسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ } ( أَوْ نَائِبُهُ ) أَيْ : الْمُهْدِي كَنَاحِرِهِ وَهُوَ ضَالٌّ مِنْ مُهْدِيهِ وُقُوفًا ( كَهُوَ ) أَيْ : كَوُقُوفِهِ الرُّكْنِيِّ فِي كَوْنِهِ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ ، فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أَوْ نَائِبُهُ عَنْ وُقُوفِ التُّجَّارِ بِنَعَمِهِمْ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي مَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُمْ بِمِنًى ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنُوبُوا عَنْهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُمْ بِعَرَفَةَ وَيَتْرُكَهُ عِنْدَهُمْ حَتَّى يَأْتُوا بِهِ مِنًى ، وَبِقَوْلِهِ كَهُوَ عَنْ وَقَوْفِهِ بِهِ بِهَا نَهَارًا فَقَطْ وَنَحَرَ ( بِأَيَّامِهَا ) أَيْ : مِنًى هَذَا ظَاهِرُ سِيَاقِهِ وَقَرَّرَهُ عَلَيْهِ الشَّارِحُ وتت .
وَقَالَ عج وَأَحْمَدُ الْمُعْتَمَدُ بِأَيَّامِ النَّحْرِ فَقَطْ إذْ الْيَوْمُ الرَّابِعُ لَيْسَ وَقْتًا لِنَحْرٍ وَلَا ذَبْحٍ فَتَجَوَّزَ فِي التَّعْبِيرِ ، وَلَوْ قَالَ بِأَيَّامِ النَّحْرِ لَكَانَ أَوْلَى .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ انْتَفَتْ كُلُّهَا بِأَنْ سَاقَهُ فِي عُمْرَةٍ نَذْرًا أَوْ جَزَاءَ صَيْدٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَوْ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ سَبَقَ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَلِكَ أَوْ سَاقَهُ لَا فِي إحْرَامٍ كَذَلِكَ أَوْ شَيْءٍ مِنْهَا بِأَنْ فَاتَهُ وُقُوفُ عَرَفَةَ أَوْ خَرَجَتْ أَيَّامُ النَّحْرِ ( فَمَكَّةُ )

مَحَلُّهُ وُجُوبًا وَلَا يُجْزِئُ بِمِنًى وَلَا بِغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ } .
ابْنُ عَطِيَّةَ ذُكِرَتْ الْكَعْبَةُ ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ الْحَرَمِ وَأُسُّهُ .
وَلَمَّا كَانَ شَرْطُ كُلِّ هَدْيٍ الْجَمْعُ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَكَانَ مَا يُذَكَّى بِمِنًى مَجْمُوعًا فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ إذْ شَرْطُهُ وُقُوفُهُ بِعَرَفَةَ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ بَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي الْمُذَكَّى بِمَكَّةَ الَّذِي مِنْ صُوَرِهِ مَا فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ فَقَالَ ( وَأَجْزَأَ ) كُلُّ هَدْيٍ يُذَكَّى بِمَكَّةَ ( إنْ أُخْرِجَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( لِحِلٍّ ) مِنْ أَيِّ جِهَةٍ وَلَوْ بِشِرَائِهِ مِنْهُ وَاسْتِصْحَابِهِ لِمَكَّةَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرِجُ لَهُ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا ، وَسَوَاءٌ أَخْرَجَهُ هُوَ أَوْ نَائِبُهُ حِلًّا أَوْ مُحْرِمًا .
قَالَ سَنَدٌ : وَالْأَحْسَنُ إذَا كَانَ الْهَدْيُ مِمَّا يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ أَنْ يُؤَخَّرَ إلَى الْحِلِّ فَإِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ بِالْحَرَمِ وَأَخْرَجَهُ أَجْزَأَهُ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُبَاشِرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَأَنْ يُحْرِمَ إذَا دَخَلَهُ ، قَالَ فِيهَا : فَإِنْ دَخَلَ بِهِ حَلَالًا أَوْ أَرْسَلَهُ مَعَ حَلَالٍ أَجْزَأَهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ ( كَأَنْ وَقَفَ ) رَبُّ الْهَدْيِ ( بِهِ ) أَيْ : الْهَدْيِ بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ ( فَضَلَّ ) الْهَدْيُ مِنْ رَبِّهِ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( مُقَلَّدًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً ( وَنُحِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْهَدْيُ ، أَيْ نَحَرَهُ مَنْ وَجَدَهُ بِمِنًى فِي أَيَّامِ النَّحْرِ ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا فَقَدْ أَجْزَأَ رَبَّهُ .
ابْنُ غَازِيٍّ أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِهِ فِيهَا وَمَنْ أَوْقَفَ هَدْيَهُ .
بِعَرَفَةَ ثُمَّ ضَلَّ مِنْهُ فَوَجَدَهُ رَجُلٌ فَنَحَرَهُ بِمِنًى ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ هَدْيًا فَوَجَدَهُ رَبُّهُ مَنْحُورًا أَجْزَأَهُ .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَقَفَ بِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمِنًى لَمْ يُجْزِهِ إلَّا أَنْ يَقِفَ بِهِ

مَنْ وَجَدَهُ بِعَرَفَةَ ، كَمَا إذَا ضَلَّ قَبْلَ الْجَمْعِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَوَجَدَهُ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ فَإِنْ لَمْ يَقِفْ بِهِ بِعَرَفَةَ وَضَلَّ مُقَلَّدًا بَعْدَ جَمْعِهِ فِيهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ ثُمَّ وَجَدَهُ مُذَكًّى بِمَكَّةَ فَيُجْزِئُ فِيهَا مَنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ ضَلَّ مِنْهُ فَأَصَابَ رَجُلٌ فَأَوْقَفَهُ بِعَرَفَةَ ثُمَّ وَجَدَهُ رَبُّهُ يَوْمَ النَّحْرِ أَوْ بَعْدَهُ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ التَّوْقِيفُ ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ هَدْيًا .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
( وَ ) الْهَدْيُ الْمَسُوقُ ( فِي ) إحْرَامِ ( الْعُمْرَةِ ) لِنَقْصٍ فِيهَا كَتَعَدِّي مِيقَاتٍ وَتَرْكِ تَلْبِيَةٍ أَوْ إصَابَةِ صَيْدٍ أَوْ فِي حَجٍّ سَابِقٍ أَوْ فِي عُمْرَةٍ سَابِقَةٍ أَوْ لِنَذْرٍ يُذَكِّي ( بِمَكَّةَ ) وَصَرَّحَ بِهَذَا مَعَ دُخُولِهِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِلَّا فَمَكَّةُ لِقَوْلِهِ ( بَعْدَ سَعْيِهَا ) أَيْ : الْعُمْرَةِ فَلَا تُجْزِئُ تَذْكِيَتُهُ قَبْلَهُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْوُقُوفِ فِي هَدْيِ الْحَجِّ فِي أَنَّهُ لَا يُذَكِّي إلَّا بَعْدَهُ .
( ثُمَّ حَلَقَ ) الْمُعْتَمِرُ رَأْسَهُ أَوْ قَصَّرَ وَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ .
الْأَبْهَرِيُّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ نَحْرَهُ أَيْ : عَنْ الْحَلْقِ فَأَتَى بِثُمَّ الْمُرَتِّبَةِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْحَلْقَ فِي الْعُمْرَةِ بَعْدَ تَذْكِيَةِ الْهَدْيِ كَالْحَجِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } ، وَالنَّهْيُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ ، وَكَذَا قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخِّرَ نَحْرَهُ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ تَقْدِيمَ النَّحْرِ عَلَى الْحَلْقِ مَنْدُوبٌ .

إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى يُتِمَّهَا لِقُرْبٍ وَقْتَ الْوُقُوفِ فَصَارَ قَارِنًا وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتِ أَوْ لِحَيْضٍ ؛ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ : كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِمَا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ ، وَالْمَنْدُوبُ بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ ، وَكُرِهَ نَحْرُ غَيْرِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ .

( وَإِنْ ) أَحْرَمَ شَخْصٌ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ هَدْيًا تَطَوُّعًا وَقَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ ثُمَّ ( أَرْدَفَ ) حَجًّا عَلَيْهَا ( لِخَوْفِ فَوَاتِ ) لِلْحَجِّ إنْ أَخَّرَ إحْرَامَهُ حَتَّى يُتِمَّهَا لِقُرْبِ وَقْتِ الْوُقُوفِ فَصَارَ قَارِنًا ( أَوْ ) أَرْدَفَتْ امْرَأَةٌ مُحْرِمَةٌ بِعُمْرَةِ الْحَجِّ عَلَيْهَا وَمَعَهَا هَدْيُ تَطَوُّعٍ ( لِحَيْضٍ ) أَوْ نِفَاسٍ نَزَلَ بِهَا فَمَنَعَهَا مِنْ إتْمَامِ عُمْرَتِهَا وَخَافَتْ فَوَاتَ الْحَجِّ إنْ أَخَّرَتْ إحْرَامَهُ إلَى إتْمَامِهَا بَعْدَ طُهْرِهَا لِقُرْبِ وَقْتِ وُقُوفِهِ فَصَارَتْ قَارِنَةً ( أَجْزَأَ ) الْهَدْيُ ( التَّطَوُّعُ ) أَيْ : الَّذِي لَمْ يُسَقْ لِشَيْءٍ وَجَبَ أَوْ يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ ( لِقِرَانِهِ ) أَيْ : الْمُرْدِفِ مِنْ الشَّخْصَيْنِ .
ابْنُ غَازِيٍّ أَشَارَ بِمَسْأَلَةِ الْحَيْضِ لِقَوْلِهِ فِيهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي امْرَأَةٍ دَخَلَتْ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ وَمَعَهَا هَدْيٌ فَحَاضَتْ بَعْدَ دُخُولِهَا مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تَطُوفَ أَنَّهُ لَا يُنْحَرُ هَدْيُهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَطُوفَ وَتَسْعَى وَتَنْحَرَهُ وَتُقَصِّرَ ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ يُرِيدُ الْحَجَّ وَخَافَتْ الْفَوَاتَ وَلَمْ تَسْتَطِعْ الطَّوَافَ بِحَيْضِهَا أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ وَسَاقَتْ هَدْيَهَا وَأَوْقَفَتْهُ بِعَرَفَةَ وَلَا تَنْحَرُهُ إلَّا بِمِنًى وَأَجْزَأَهَا لِقِرَانِهَا وَسَبِيلُهَا سَبِيلُ مَنْ قَرَنَ ا هـ .
قَالَ فِي الْمَعُونَةِ يُسْتَحَبُّ لِلْمُرْدِفَةِ لِحَيْضٍ أَنْ تَعْتَمِرَ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْ الْقِرَانِ كَمَا فَعَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا بِأَمْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَمَفْهُومُ لِخَوْفِ فَوَاتٍ أَوْ لِحَيْضٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَسَاقَ الْهَدْيَ تَطَوَّعَ ثُمَّ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَيْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ أَجْزَأَهُ هَدْيُ التَّطَوُّعِ لِقِرَانِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَإِنْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ لِلْعُمْرَةِ قَبْلَ الْإِرْدَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ أَيْضًا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبِسَاطِيِّ الْإِجْزَاءُ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يُقَلِّدْ وَيُشْعِرْ لِلْعُمْرَةِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِجْزَاءِ فَقَالَ ( كَأَنْ )

أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَ ( سَاقَهُ ) أَيْ : الْهَدْيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ تَطَوُّعًا ( فِي ) إحْرَامٍ ( فِيهَا ) أَيْ : الْعُمْرَةِ وَأَتَمَّهَا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَتَحَلَّلَ مِنْهَا وَلَمْ يُذَكِّ الْهَدْيَ الَّذِي سَاقَهُ فِيهَا ( ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ) وَصَارَ مُتَمَتِّعًا فَيُجْزِئُهُ الْهَدْيُ الَّذِي سَاقَهُ فِي الْعُمْرَةِ لِتَمَتُّعِهِ سَوَاءٌ سَاقَهُ لَهُ أَوْ لَا ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ ( أَيْضًا ) أَيْ : كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِإِجْزَائِهِ مُطْلَقًا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ أَمْ لَا ( بِمَا إذَا سِيقَ ) الْهَدْيُ فِي الْعُمْرَةِ ( لِلتَّمَتُّعِ ) أَيْ : لِيَجْعَلَهُ هَدْيًا عَنْ تَمَتُّعِهِ إلَّا أَنَّهُ لَمَّا سَاقَهُ وَقَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ سَمَّاهُ تَطَوُّعًا لِذَلِكَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ حُكْمًا ، فَلِذَا أَجْزَأَهُ تَمَتُّعُهُ ، فَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ لَهُ فَلَا يُجْزِئُهُ لَهُ .
وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْإِطْلَاقِ كَمَا هُوَ فِي اصْطِلَاحِهِ فِي قَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا ، فَسَقَطَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ لَوْ قَالَ وَهَلْ يُجْزِئُ إنْ سَاقَهُ فِيهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ أَوْ لَا إلَّا إذَا سِيقَ لِلتَّمَتُّعِ تَأْوِيلَانِ ، كَأَنْ أَجْرَى عَلَى غَالِبِ عَادَتِهِ فِي ذِكْرِ التَّأْوِيلَيْنِ .
فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ الْمَحْضُ عَنْ الْقِرَانِ وَلَمْ يُجْزِ عَنْ التَّمَتُّعِ عَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إذَا لَمْ يُسَقْ لَهُ .
قُلْت الْقِرَانُ تَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِيهِ فِي الْحَجِّ فَتَعَلُّقُهَا بِهِ قَوِيٌّ صَارَ الْمَسُوقُ فِيهَا كَالْمَسُوقِ فِيهِ وَالتَّمَتُّعُ لَا تَنْدَرِجُ الْعُمْرَةُ فِيهِ فِي الْحَجِّ فَضَعُفَ تَعَلُّقُهَا بِهِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَسُوقُ فِيهَا كَالْمَسُوقِ فِيهِ ( وَالْمَنْدُوبُ ) فِيمَا يُنْحَرُ بِمِنًى الثَّابِتُ بِالسُّنَّةِ عِنْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ وَلَا يُجْزِئُ النَّحْرُ بَعْدَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ مِمَّا يَلِي مَكَّةَ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مِنًى وَفِيمَا يُنْحَرُ ( بِمَكَّةَ الْمَرْوَةُ ) لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ وَغَيْرِهِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى

اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِمِنًى هَذَا الْمَنْحَرُ ، وَكُلُّ مِنًى مَنْحَرٌ ، وَفِي الْعُمْرَةِ عِنْدَ الْمَرْوَةِ هَذَا الْمَنْحَرُ ، وَكُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ وَطُرُقِهَا مَنْحَرٌ } .
وَالْمُرَادُ الْقَرْيَةُ نَفْسُهَا فَلَا يَجُوزُ النَّحْرُ فِي طُوَى بَلْ يَدْخُلُ دُورَ مَكَّةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَدَلَّ قَوْلُهُ وَكُلُّ فِجَاجِ إلَخْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ هَذَا الْمَنْحَرُ أَيْ : الْمَنْدُوبُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ( وَكُرِهَ ) بِضَمِّ الْكَافِ لِمَنْ لَهُ هَدْيٌ ( نَحْرُ غَيْرِهِ ) أَيْ : اسْتِنَابَةُ غَيْرِهِ فِي نَحْرِ هَدْيِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُنْحَرُ أَوْ ذَبْحِهِ إنْ كَانَ مِمَّا يُذْبَحُ إنْ كَانَ النَّائِبُ مُسْلِمًا وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ ، وَعَلَيْهِ بَدَلُهُ قَالَهُ فِيهَا ، فَإِنْ ذَكَّاهُ غَيْرُهُ بِغَيْرِ اسْتِنَابَةٍ فَلَا تَتَعَلَّقُ الْكَرَاهَةُ بِرَبِّهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَالْأُضْحِيَّةِ ) فَتُكْرَهُ الِاسْتِنَابَةُ عَلَى ذَكَاتِهَا فَالسُّنَّةُ تَوَلِّيهَا بِنَفْسِهِ تَوَاضُعًا فِي الْعِبَادَةِ وَاقْتِدَاءً بِسَيِّدِ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَإِنْ مَاتَ مُتَمَتِّعٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ ؛ إنْ رَمَى الْعَقَبَةَ .

( وَإِنْ مَاتَ ) شَخْصٌ ( مُتَمَتِّعٌ ) عَنْ غَيْرِ هَدْيٍ أَوْ عَنْ هَدْيٍ غَيْرِ مُقَلَّدٍ ( فَالْهَدْيُ ) لِتَمَتُّعِهِ وَاجِبٌ عَلَى وَارِثِهِ إخْرَاجُهُ ( مِنْ رَأْسِ ) أَيْ : جُمْلَةِ ( مَالِهِ ) أَيْ الْمُتَمَتِّعِ الَّذِي مَاتَ عَنْهُ وَلَوْ اسْتَغْرَقَهُ أَوْ لَمْ يُوصِ بِهِ كَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ الَّتِي مَاتَ بَعْدَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ زَكَاةِ الْعَيْنِ لِاحْتِمَالِ إخْرَاجِهَا سِرًّا وَالْهَدْيُ يُقَلَّدُ وَيُشْعَرُ وَيُسَاقُ مِنْ الْحِلِّ إلَى الْحَرَمِ فَلَا يَخْفَى ، لَكِنَّهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الدَّيْنِ لِآدَمِيٍّ ( إنْ ) مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ ( رَمَى الْعَقَبَةَ ) يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ فَاتَ وَقْتُ أَدَاءِ رَمْيِهَا بِغُرُوبٍ يَوْمَ الْعِيدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، أَوْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ قَبْلَ رَمْيِهَا ثُمَّ مَاتَ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ رَمْيِهَا فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِحُصُولِ مُعْظَمِ الْأَرْكَانِ مَعَ حُصُولِ أَحَدِ التَّحَلُّلَيْنِ ، فَقَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْفَرَاغِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَارِثِ شَيْءٌ ، فَإِنْ كَانَ قَلَّدَ هَدْيًا تَعَيَّنَتْ تَذْكِيَتُهُ وَلَوْ مَاتَ صَاحِبُهُ قَبْلَ الْوُقُوفِ .
فَإِنْ انْتَفَتْ الثَّلَاثَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ رَأْسِ مَالٍ وَلَا مِنْ ثُلُثٍ ، وَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ وَدَمُ التَّمَتُّعِ يَجِبُ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْوُجُوبُ الْمُوَسَّعُ الْمُعَرِّضُ لِلسُّقُوطِ ، وَإِنَّمَا يَتَحَتَّمُ بِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَمَا قَالَ هُنَا .
وَنَظِيرُهُ مَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ مِنْ وُجُوبِ كَفَّارَتِهِ بِالْعَوْدِ وَتَحَتُّمِهَا بِالْوَطْءِ .
وَمَفْهُومُ مُتَمَتِّعٌ أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَارِنٌ فَالْهَدْيُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ حَيْثُ أَرْدَفَ الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ إرْدَافًا صَحِيحًا ثُمَّ مَاتَ تَقْرِيرُ .
ا هـ .
عب وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ شَرْطَ دَمِ الْقِرَانِ الْحَجُّ بِإِحْرَامِهِ وَمَنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُقُوفِ لَمْ يَحُجَّ بِإِحْرَامِهِ ، وَأَيْضًا لَمْ يَكْتَفُوا فِي تَحَتُّمِ هَدْيِ التَّمَتُّعِ بِالْوُقُوفِ فَكَيْفَ يُكْتَفَى فِي تَحَتُّمِ دَمِ

الْقِرَانِ بِمُجَرَّدِ الْإِرْدَافِ ، مَعَ أَنَّهُ مَقِيسٌ عَلَى دَمِ التَّمَتُّعِ وَأَيْضًا تَقَدَّمَ قَوْلُهُ لَا دَمَ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ .

وَسِنُّ الْجَمِيعِ وَعَيْبُهُ : كَالضَّحِيَّةِ وَالْمُعْتَبَرِ حِينَ وُجُوبِهِ وَتَقْلِيدِهِ ، فَلَا يُجْزِئُ مُقَلَّدٌ بِعَيْبٍ وَلَوْ سَلِمَ ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ إنْ تَطَوَّعَ ، وَأَرْشُهُ وَثَمَنُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ ، وَفِي الْفَرْضِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ .

( وَسِنُّ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ : عُمْرُ ( الْجَمِيعِ ) أَيْ : جَمِيعِ دِمَاءِ الْحَجِّ مِنْ هَدْيٍ وَجَزَاءٍ وَفِدْيَةٍ ( وَعَيْبُهُ ) أَيْ : الْجَمِيعِ الْمَانِعُ مِنْ إجْزَائِهِ أَوْ كَمَالِهِ ( كَ ) سِنِّ وَعَيْبِ ( الضَّحِيَّةِ وَ ) الْوَقْتُ ( الْمُعْتَبَرُ ) فِيهِ السِّنُّ وَالسَّلَامَةُ مِنْ الْعُيُوبِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْإِجْزَاءِ أَوْ الْكَمَالِ ( حِينَ وُجُوبِهِ ) أَيْ : تَعْيِينُ النَّعَمِ وَتَمْيِيزُهُ عَنْ غَيْرِهِ لِلْإِهْدَاءِ بِهِ إنْ كَانَ لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ ( وَ ) حِينَ ( تَقْلِيدِهِ ) إنْ كَانَ مِمَّا يُقَلَّدُ كَبَدَنَةٍ وَبَقَرَةٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِهِ كَوْنَهُ وَاجِبًا ، وَكَلَامُهُ فِي مَنَاسِكِهِ يُفِيدُ أَنَّ التَّعْيِينَ وَالتَّمْيِيزَ لِلْإِهْدَاءِ كَافٍ فِيمَا يُقَلَّدُ أَيْضًا .
الْبُنَانِيُّ مَا فِي الْمَنَاسِكِ هُوَ الْمُرَادُ هُنَا لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ عَقِبَ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّتِي هِيَ كَعِبَارَتِهِ هُنَا مَا نَصُّهُ الْمُرَادُ بِالتَّقْلِيدِ هُنَا تَهْيِئَةُ الْهَدْيِ وَإِخْرَاجُهُ إلَى مَكَّةَ .
وَقَالَ سَنَدٌ الْهَدْيُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَبِسَوْقِهِ وَبِنَذْرِهِ وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَبْحُهُ .
وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ إلَخْ فَقَالَ ( فَلَا يُجْزِئُ ) هَدْيٌ وَاجِبٌ لِقِرَانٍ أَوْ تَمَتُّعٍ أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَوْ لِوَفَاءِ نَذْرٍ مَضْمُونٍ ( مُقَلَّدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا ( بِعَيْبٍ ) مَانِعٍ مِنْ الْإِجْزَاءِ كَشِدَّةِ عَرَجٍ أَوْ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الْإِجْزَاءِ إنْ اسْتَمَرَّ مَعِيبًا أَوْ صَغِيرًا إلَى حِينِ تَذْكِيَتِهِ بَلْ ( وَلَوْ سَلِمَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ : بَرِئَ مِنْ الْعَيْبِ أَوْ بَلَغَ السِّنَّ الْمُجْزِئَ قَبْلَ تَذْكِيَتِهِ بِخِلَافِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ كَخَفِيفِ مَرَضٍ ، فَيُجْزِئُ مَعَهُ أَوْ يَمْنَعُهُ فِي مُتَطَوَّعٍ بِهِ أَوْ مَنْذُورٍ مُعَيَّنٍ وَيَجِبُ إنْقَاذُ مَا قَلَّدَهُ مَعِيبًا أَوْ صَغِيرًا لِوُجُوبِهِ بِالتَّقْلِيدِ ؛ وَإِنْ لَمْ يُجْزِ سَوَاءٌ كَانَ وَاجِبًا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَيْبُهُ مَانِعًا أَوْ لَا .

( بِخِلَافِ عَكْسِهِ ) أَيْ : مُقَلَّدٍ بِعَيْبٍ سَلِمَ وَهُوَ مُقَلَّدٌ سَلِيمًا تَعَيَّبَ فَيُجْزِئُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ ، وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَالَهُ سَنَدٌ وَلَمْ يَمْنَعْ التَّعَيُّبُ بُلُوغَ الْمَحَلِّ فَلَوْ مَنَعَهُ كَمَوْتِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ ضَمِنَ بَدَلَهُ فِي الْوَاجِبِ وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ .
إنْ تَطَوَّعَ بِهِ ) أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إجْزَاؤُهُ فِي الْوَاجِبِ أَيْضًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَاتِبَ حَذَفَ وَاوًا قَبْلَ إنْ وَأَبْدَلَ فَاءً بِوَاوٍ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُهُ ، وَالصَّوَابُ وَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَأَرْشُهُ إلَخْ ، فَهُوَ كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ لَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَبِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَطَوَّعَ بِهِ قَدَّمَهُ الْكَاتِبُ عَنْ مَحَلِّهِ وَمَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ تَصَدَّقَ بِهِ .
فَإِنْ قِيلَ مَا مَعْنَى إجْزَاءِ التَّطَوُّعِ .
قِيلَ مَعْنَاهُ صِحَّتُهُ وَسُقُوطُ تَعَلُّقِ النَّدْبِ بِهِ ( وَأَرْشُهُ ) أَيْ عِوَضُ عَيْبِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ مُنِعَ الْإِجْزَاءُ ( وَثَمَنُهُ ) إذَا اُسْتُحِقَّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِ الْهَدْيِ يُجْعَلُ ( فِي هَدْيٍ ) آخَرَ بِهَدْيٍ بِهِ عِوَضًا عَنْ الْمَعِيبِ وَالْمُسْتَحَقِّ ( إنْ بَلَغَ ) الْأَرْشُ أَوْ الثَّمَنُ عَنْ هَدْيٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الْأَرْشُ أَوْ الثَّمَنُ ثَمَنَ هَدْيٍ آخَرَ ( تَصَدَّقَ بِهِ ) أَيْ : الْأَرْشِ أَوْ الثَّمَنِ وُجُوبًا .
وَاسْتَشْكَلَ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِأَرْشٍ ، أَوْ ثَمَنِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ بِأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِمُعَيَّنٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ ، وَبِأَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَوَهَبَهُ فَاسْتُحِقَّ فَثَمَنُهُ لِوَاهِبِهِ .
وَأَجَابَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّهُ هُنَا نَذَرَ الثَّمَنَ أَوْ تَطَوَّعَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِ هَدْيًا وَلَوْ كَانَ تَطَوَّعَ بِالْهَدْيِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهُ .
الْغِرْيَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ فِقْهًا بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِ الْكِتَابِ .
( وَ ) أَرْشُهُ وَثَمَنُهُ الْمَأْخُوذُ ( فِي ) عَيْبِ أَوْ عَيْنِ الْهَدْيِ ( الْفَرْضِ ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الْمَنْذُورِ الْمَضْمُونِ (

يَسْتَعِينُ بِهِ فِي ) هَدْيِ ( غَيْرٍ ) إنْ كَانَ الْعَيْبُ مَانِعًا الْإِجْزَاءَ ، وَإِلَّا فَيَجْعَلُهُ فِي هَدْيٍ إنْ بَلَغَ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ ، وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِمْ أَرْبَعُ صُوَرٍ ؛ لِأَنَّ الْهَدْيَ إمَّا تَطَوُّعٌ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمُعَيَّنُ ، وَإِمَّا فَرْضٌ وَمِثْلُهُ الْمَنْذُورُ الْمَضْمُونُ ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمْنَعَ الْعَيْبُ الْإِجْزَاءَ أَوْ لَا ، وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَيْبِ الْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى التَّقْلِيدِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي غَيْرٍ كَالْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُهَا .
وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ يَسْتَعِينُ فِي الْهَدْيِ إنْ شَاءَ .

وَسُنَّ إشْعَارُ سَنَمِهَا مِنْ الْأَيْسَرِ لِلرَّقَبَةِ .
مُسَمِّيًا .

( وَسُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ فِي الْبَدَنِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ بَعْدُ لِمَنْ يَصِحُّ نَحْرُهُ ( إشْعَارُ ) أَيْ : شَقُّ ( سَنَمَهَا ) بِضَمِّ السِّينِ وَالنُّونِ جَمْعُ سَنَامٍ بِفَتْحِ السِّينِ إنْ كَانَ لَهَا سَنَامٌ ، وَكَذَا مَا لَا سَنَامَ لَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ لَا تُشْعَرُ وَشَهَّرَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ شَدِيدٌ وَخَفِيفٌ فِي السَّنَامِ فَإِنْ أَشْعَرَ مَنْ لَا يَصِحُّ نَحْرُهُ لَمْ تَحْصُلْ السُّنَّةُ .
وَهَلْ يُعَادُ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ شَدِيدٌ وَمَا لَهَا سَنَامَانِ تُشْعَرُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَفَادَهُ عب .
ابْنُ عَرَفَةَ الْإِشْعَارُ شَقٌّ يُسِيلُ دِمَاءً وَالسُّنُمُ بِضَمَّتَيْنِ جَمْعُ سَنَامٍ كَقَذَالٍ وَقُذُلٍ فَلَا يَتَعَدَّى الْإِشْعَارُ السَّنَامَ مِنْ الْعَجْزِ لِجِهَةِ الرَّقَبَةِ وَذَلِكَ هُوَ الْعَرْضُ ( مِنْ ) الْجَنْبِ ( الْأَيْسَرِ ) .
الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بِمَعْنَى فِي كَقَوْلِهِ تَعَالَى { مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } وقَوْله تَعَالَى { أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنْ الْأَرْضِ } .
وَقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ لِلْبَيَانِ بَعِيدٌ وَعَلَى أَنَّهَا لِلْبَيَانِ فَالْمَعْنَى سَنَمُهَا الَّذِي هُوَ أَيْسَرُ وَوَجْهُ بُعْدِهِ أَنَّ الْبَيَانَ بَعْضُ الْمَبِينِ بِالْفَتْحِ قَالَهُ عب ( لِلرَّقَبَةِ ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ عَلَى الْمُعْتَمَدُ هُنَا ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَشُقُّ فِي السَّنَامِ مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ مُبْتَدِئًا مِنْ نَاحِيَةِ الرَّقَبَةِ إلَى جِهَةِ الْمُؤَخَّرِ فَلَا يَبْدَأُ مِنْ الْمُؤَخَّرِ إلَى الْمُقَدَّمِ وَلَا مِنْ الْمُقَدَّمِ إلَى جِهَةِ رُكْبَتَيْ الْبَعِيرِ ، وَلَا بُدَّ فِي النَّدْبِ أَنْ يَسِيلَ مِنْهُ الدَّمُ وَلَوْ شَقَّ قَدْرَ أُنْمُلَةٍ ، كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَنَحْوُهُ فِي مَنْسَكِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ مَا نَصُّهُ ، وَقُبِلَ قَدْرُ أُنْمُلَتَيْنِ ، وَأَقْصَرَ تت عَلَيْهِ وَابْن الْحَطّ فِي مَنَاسِكِهِ .
قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْهُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَكَاهُ بِقِيلَ وَصَدَّرَ بِالْقَوْلِ بِالِاكْتِفَاءِ بِمُجَرَّدِ الْإِسَالَةِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ

فِي مَنْسَكِ الْمُصَنِّفِ وَذَكَرَ بَعْدَهُ إلَخْ تَحْرِيفٌ لِكَلَامِ الْمَنَاسِكِ وَلَفْظِهَا وَالْإِشْعَارُ أَنْ يَشُقَّ مِنْ سَنَمِهَا الْأَيْسَرِ ، وَقِيلَ الْأَيْمَنِ مِنْ نَحْوِ الرَّقَبَةِ إلَى الْمُؤَخَّرِ ، وَقِيلَ طُولًا قَدْرَ أُنْمُلَتَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ا هـ ، فَلَيْسَ فِيهَا قَدْرُ أُنْمُلَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا قَدْرُ أُنْمُلَتَيْنِ مُقَابِلًا لِمَا قَبْلَهُ كَمَا زَعَمَهُ ز فِيهِمَا ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ وَقِيلَ دَاخِلٌ عَلَى قَوْلِهِ طُولًا مُقَابِلًا لِقَوْلِهِ إلَى الْمُؤَخَّرِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَدْرِ قُصُورٌ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالصَّوَابُ مَا لابن الْحَطّ وتت .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي أَوْلَوِيَّتِهِ أَيْ الْإِشْعَارِ فِي الشِّقِّ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ .
ثَالِثُهَا : أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْأَيْسَرِ .
وَرَابِعُهَا : هُمَا سَوَاءٌ وَفِي النُّكَتِ قَالَ الْأَبْهَرِيُّ إنَّمَا كَانَ الْإِشْعَارُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا الْقِبْلَةَ ثُمَّ يُشْعِرَهَا ، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ وَجْهُهُ مَتَى أَشْعَرَهَا فِي شِقِّهَا الْأَيْسَرِ إلَى الْقِبْلَةِ ، وَإِذَا أَشْعَرَهَا فِي الْأَيْمَنِ لَمْ يَكُنْ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ وَذَلِكَ مَكْرُوهٌ ا هـ .
وَلَعَلَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ إذْ عَزَاهُ لِمَنْ دُونَ الْأَبْهَرِيِّ فَقَالَ وَجَّهَ الْبَاجِيَّ كَوْنَهُ فِي الْأَيْسَرِ بِأَنَّهَا تُوَجَّهُ لِلْقِبْلَةِ وَمَشْعَرَهَا كَذَلِكَ فَلَا يَلِيهِ مِنْهَا إلَّا الْأَيْسَرُ .
وَابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُشْعِرِ مُسْتَقْبِلًا يُشْعِرُ بِيَمِينِهِ وَخِطَامُهَا بِشِمَالِهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَعَ فِي الْأَيْسَرِ ، وَلَا يَكُونُ فِي الْأَيْمَنِ إلَّا أَنْ يَسْتَدِيرَ الْقِبْلَةَ أَوْ يُشْعِرَ بِشِمَالِهِ أَوْ يَمْسِكَ لَهُ غَيْرُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَا إنْ أَرَادَا تَوَجُّهَهَا لِلْقِبْلَةِ كَالذَّبْحِ لَا رَأْسِهَا لِلْقِبْلَةِ .
ا هـ .
فَلْيُتَأَمَّلْ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ آخِذًا زِمَامَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى .
( مُسَمِّيًا ) نَدْبًا كَذَا بِطُرَّةٍ عَنْ سَيِّدِي أَحْمَدَ بَابَا عَازِيًا لَهُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ

اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْ : قَائِلًا بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ .
اللَّخْمِيُّ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَرْضًا وَابْنُ حَبِيبٍ طُولًا .
ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ لُغَوِيًّا إلَّا فَسَّرَ الطُّولَ بِضِدِّ الْعَرْضِ وَلَا الْعَرْضَ إلَّا بِضِدِّ الطُّولِ .
وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ الْكَلَامِيِّ الطُّولُ الْبَعْضُ الْمَفْرُوضُ أَوَّلًا قِيلَ أَطْوَلُ الِامْتِدَادَيْنِ الْمُتَقَاطِعَيْنِ فِي السَّطْحِ وَالْأَخْذُ مِنْ رَأْسِ الْإِنْسَانِ لِقَدَمِهِ وَمِنْ ظَهْرِ ذَاتِ الْأَرْبَعِ لِأَسْفَلِهَا ، وَالْعَرْضُ الْمَفْرُوضُ ثَانِيًا ، وَالِامْتِدَادُ الْأَقْصَرُ ، وَالْأَخْذُ مِنْ يَمِينِ الْإِنْسَانِ لِيَسَارِهِ ، وَمِنْ رَأْسِ الْحَيَوَانِ لِذَنَبِهِ ، وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ كَمِّيَّتَانِ مَأْخُوذَتَانِ مَعَ إضَافَتَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَلَعَلَّ الْعَرْضَ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَنَقْلِ الْبَيْضَاوِيِّ وَهُوَ الطُّولُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ فَيَتَّفِقَانِ .

وَتَقْلِيدٌ ، وَنُدِبَ نَعْلَانِ بِنَبَاتِ الْأَرْضِ ، وَتَجْلِيلُهَا وَشَقُّهَا إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ وَقُلِّدَتْ الْبَقَرُ فَقَطْ ؛ إلَّا بِأَسْنِمَةٍ لَا الْغَنَمُ .

( وَ ) سُنَّ ( تَقْلِيدٌ ) أَيْ : جَعْلُ قِلَادَةٍ فِي رَقَبَةِ الْهَدْيِ وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ فِي الذِّكْرِ عَلَى الْإِشْعَارِ ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الْفِعْلِ خَوْفًا مِنْ نِفَارِهَا بِالْإِشْعَارِ لِإِيلَامِهَا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَقْلِيدِهَا .
وَلَعَلَّهُ اتَّكَلَ عَلَى قَوْلِهِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَتَقْلِيدِ هَدْيٍ ثُمَّ إشْعَارِهِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِمَا تَقَدَّمَ لِإِجْمَالِهِ وَزَمَنُهُمَا عِنْدَ الْإِحْرَامِ إنْ سَبَقَ الْهَدْيُ عِنْدَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ وَابْنُ رُشْدٍ يُسْتَحَبُّ لِسَائِقِهِ فِعْلُهُمَا مِنْ مِيقَاتِهِ وَلِبَاعِثِهِ مِنْ حَيْثُ بَعْثُهُ ، وَفِي كَرَاهَةِ فِعْلِهِمَا بِذِي الْحُلَيْفَةِ مُؤَخَّرًا إحْرَامُهُ لِلْجُحْفَةِ نَقْلًا لِلْبَاجِيِّ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ ، وَرِوَايَةُ دَاوُد بْنِ سَعِيدٍ لَا بَأْسَ بِهِ وَفِعْلُهُمَا بِمَكَانٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إلَيَّ .
( وَنُدِبَ ) فِي الْمُقَلَّدِ بِهِ ( نَعْلَانِ ) وَيَكْفِي وَاحِدٌ ( بِنَبَاتِ الْأَرْضِ ) فَلَا يُجْعَلُ مِنْ وَتَرٍ وَلَا شَعْرٍ وَنَحْوِهِمَا مَخَافَةَ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِغُصْنٍ أَوْ جَبَلٍ فَيَخْنُقُهَا ، وَنَبَاتُ الْأَرْضِ يَسْهُلُ قُطْعُهُ .
وَحِكْمَةُ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ إعْلَامُ الْمَسَاكِينِ أَنَّهُ هَدْيٌ فَيَتَّبِعُونَهُ وَوَاجِدُهُ ضَالًّا فَيَرُدُّهُ وَلَمْ يَكْتَفِ بِالتَّقْلِيدِ ؛ لِأَنَّهُ بِصَدَدِ الزَّوَالِ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَجْلِيلُهَا ) أَيْ : الْبُدْنِ فَقَطْ قَالَهُ تت وَالْحَطّ بِأَنْ يَجْعَلَ عَلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الثِّيَابِ وَأَفْضَلُهَا الْأَبْيَضُ وَنَحْوُ مَا لِلْمُصَنِّفِ فِي الْبَيَانِ ، وَفِيهَا تُجَلِّلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ( وَ ) نُدِبَ ( شَقُّهَا ) أَيْ : الْجِلَالِ عَنْ الْأَسْنِمَةِ لِيَظْهَرَ الْإِشْعَارُ وَتُمْسَكُ بِالسَّنَامِ فَلَا تَسْقُطُ ( إنْ لَمْ تَرْتَفِعْ ) قِيمَتُهَا بِأَنْ كَانَتْ دِرْهَمَيْنِ ، فَإِنْ ارْتَفَعَتْ بِأَنْ زَادَتْ عَلَيْهِمَا اُسْتُحِبَّ عَدَمُ شَقِّهَا ؛ لِأَنَّهُ نَقَصَ عَلَى الْمَسَاكِينِ فِي الْبَيَانِ ، وَيُؤَخَّرُ تَجْلِيلُهَا حِينَئِذٍ إلَى حِينِ الْغُدُوِّ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَةَ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ

اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَمَرَ النَّاسِ أَنْ يُشَقَّ الْجِلَالُ عَنْ أَسْنِمَتِهَا وَذَلِكَ يَحْبِسُهُ عَنْ أَنْ يَسْقُطَ ، وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا كَانَ يَدَعُ ذَلِكَ إلَّا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَشُقُّ وَلَمْ يَكُنْ يُجَلِّلُ حَتَّى يَغْدُوَ مِنْ مِنًى إلَى عَرَفَاتٍ فَيُجَلِّلُهَا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يُجَلِّلُ الْجِلَالَ الْمُرْتَفِعَةَ وَالْأَنْمَاطَ الْمُرْتَفِعَةَ ، قَبْلُ أَوْ إنَّمَا كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ اسْتِبْقَاءً لِلثِّيَابِ ، قَالَ : نَعَمْ فَأَحَبُّ إلَيَّ إذَا كَانَتْ الْجِلَالُ مُرْتَفِعَةً أَنْ لَا يَشُقَّ مِنْهَا شَيْئًا ، وَإِنْ كَانَتْ ثِيَابًا دُونًا فَشَقُّهَا أَحَبُّ إلَيَّ .
ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحَبُّ إلَيْنَا شَقُّ الْجِلَالِ عَنْ الْأَسْنِمَةِ إنْ كَانَتْ قَلِيلَةَ الثَّمَنِ كَدِرْهَمَيْنِ وَأَنْ لَا يَشُقَّ الْمُرْتَفِعَةَ اسْتِبْقَاءً لَهَا .
( وَقُلِّدَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْبَقَرُ فَقَطْ ) أَيْ : بِدُونِ إشْعَارٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ كَوْنِهَا ( بِأَسْنِمَةٍ ) فَتُشْعَرُ أَيْضًا وَفِيهَا تُقَلَّدُ الْبَقَرُ وَلَا تُشْعَرُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهَا أَسْنِمَةٌ فَتُشْعَرُ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَا تُجَلِّلُ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ تُجَلِّلُ فَهُمَا قَوْلَانِ ( لَا ) تُقَلَّدُ وَلَا تُشْعَرُ ( الْغَنَمُ ) وَإِشْعَارُهَا حَرَامٌ ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ فِي غَيْرِ مَا وَرَدَ فِيهِ النَّصُّ بِالتَّرْخِيصِ ، وَتَقْلِيدَهَا مَكْرُوهٌ .

وَلَمْ يُؤْكَلْ مِنْ نَذْرِ مَسَاكِينَ عُيِّنَ مُطْلَقًا عَكْسُ الْجَمِيعِ فَلَهُ إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ وَكُرِهَ لِذِمِّيٍّ إلَّا نَذْرًا لَمْ يُعَيَّنْ ، وَالْفِدْيَةَ وَالْجَزَاءَ بَعْدَ الْمَحَلِّ ، وَهَدْيَ تَطَوُّعٍ إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَتُلْقَى قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ : كَرَسُولِهِ ، وَضَمِنَ فِي غَيْرِ الرَّسُولِ بِأَمْرِهِ ، بِأَخْذِ شَيْءٍ : كَأَكْلِهِ مِنْ مَمْنُوعٍ بَدَلَهُ ، وَهَلْ إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ ، فَقَدْ أَكَلَهُ ؟ خِلَافٌ ، وَالْخِطَامُ وَالْجَلَالُ : كَاللَّحْمِ .

( وَلَمْ يُؤْكَلْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ : يَحْرُمُ عَلَى الْمُهْدِي أَنْ يَأْكُلَ ( مِنْ نَذَرَ ) أَيْ : مَنْذُورٍ لِ ( مَسَاكِينِ عُيِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لَهُمْ بِاللَّفْظِ كَهَذَا نَذْرٌ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ بِالنِّيَّةِ كَهَذَا نَذْرٌ نَاوِيًا لِلْمَسَاكِينِ فَيُمْنَعُ الْأَكْلُ مِنْهُ ( مُطْلَقًا ) بَلَغَ مَحَلَّهُ وَهُوَ مِنًى بِشُرُوطِهَا أَوْ مَكَّةَ عِنْدَ انْتِفَائِهَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ مُعَيَّنِينَ أَمْ لَا .
أَمَّا عَدَمُ أَكْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَدَلُهُ فَيُتَّهَمُ بِتَعْطِيبِهِ لِيَأْكُلَ مِنْهُ ، وَأَمَّا بَعْدَ الْمَحَلِّ فَلِأَنَّهُ قَدْ عَيَّنَ أَكْلَهُ وَهُمْ الْمَسَاكِينُ ( عَكْسُ ) أَيْ : خِلَافُ حُكْمِ ( الْجَمِيعِ ) أَيْ : جَمِيعِ الْهَدَايَا مُتَطَوِّعًا بِهَا أَوْ وَاجِبَةً مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ وَاجِبٍ لِنَقْصٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ فَوَاتٍ أَوْ تَعَدِّي مِيقَاتٍ أَوْ تَرْكِ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ نَهَارًا أَوْ نُزُولٍ بِمُزْدَلِفَةَ لَيْلًا أَوْ مَبِيتٍ بِمِنًى أَوْ رَمْيِ جِمَارٍ أَوْ طَوَافِ قُدُومٍ أَوْ تَأْخِيرِ حَلْقٍ ، وَكَهَدْيِ فَسَادٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ كَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَهُ الْأَكْلُ مِنْهَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ مَحَلَّهَا أَمْ لَا ، وَيَتَزَوَّدُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ } ، فَسَّرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الْقَانِعَ بِالسَّائِلِ لِعَطْفِ الْمُعْتَرِّ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْ يُعَرِّضُ بِالسُّؤَالِ وَلَا يَسْأَلُ .
وَإِذَا جَازَ لَهُ الْأَكْلُ فِي الْجَمِيعِ ( فَلَهُ ) أَيْ : الْمُهْدِي ( إطْعَامُ الْغَنِيِّ وَالْقَرِيبِ ) وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ وَلَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكُلِّ وَالْبَعْضِ بِلَا حَدٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ قَالَهُ سَنَدٌ ( وَكَرِهَ ) لَهُ الْإِطْعَامُ مِنْهَا ( لِذِمِّيٍّ ) أَوْ التَّصَدُّقُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الْجَمِيعِ مَا يُؤْكَلُ فِي حَالٍ دُونَ آخَرَ وَتَحْتَهُ نَوْعَانِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ قَبْلَ الْمَحَلِّ لَا بَعْدَهُ وَعَكْسُهُ .
وَأَشَارَ

لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ ( إلَّا نَذْرًا ) لِلْمَسَاكِينِ ( لَمْ يُعَيَّنْ ) كَ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ لِلْمَسَاكِينِ ، أَوْ لِلَّهِ عَلَيَّ هَدْيٌ أَوْ بَدَنَةٌ نَاوِيًا لِلْمَسَاكِينِ ، فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ لَهُمْ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَيَجُوزُ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ مُطْلَقًا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَبَعْدَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَ ) إلَّا ( الْفِدْيَةَ ) الَّتِي جُعِلَتْ هَدْيًا وَإِلَّا فَيُمْنَعُ الْأَكْلَ مِنْهَا مُطْلَقًا ( وَ ) إلَّا ( الْجَزَاءَ ) لِصَيْدٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ ( بَعْدَ ) بُلُوغِ ( الْمَحَلِّ ) وَهِيَ مِنًى مَعَ الشُّرُوطِ وَمَكَّةُ مَعَ عَدَمِهَا .
وَامْتَنَعَ الْأَكْلُ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ لِوُصُولِهِ لَهُمْ ، وَمِنْ الْفِدْيَةِ ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُ التَّرَفُّهِ أَوْ إزَالَةِ الْأَذَى ، وَمِنْ الْجَزَاءِ ؛ لِأَنَّهُ عِوَضُ الصَّيْدِ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الْمَحَلِّ جَوَازُ الْأَكْلِ مِنْهَا إذَا عَطِبَتْ قَبْلَ مَحَلِّهَا لِوُجُوبِ بَدَلِهَا عَلَيْهِ وَبَعْثِهِ إلَى الْمَحَلِّ ، فَلَا يَلْزَمُ الْأَكْلُ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ .
وَأَشَارَ لِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ ( وَ ) إلَّا ( هَدْيَ تَطَوُّعٍ ) لَمْ يَجِبْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِلْمَسَاكِينِ بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ ( إنْ عَطِبَ قَبْلَ مَحَلِّهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ عِوَضُهُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَهُ تَذْكِيَتُهُ وَيَتْرُكَهَا حَتَّى مَاتَ فَيَضْمَنُهُ ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِهَا وَمُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ قَالَهُ سَنَدٌ .
وَمَنَعَ أَكْلَهُ مِنْهُ قَبْلَهُ لِإِتْهَامِهِ عَلَى تَعْطِيبِهِ .
وَقِيلَ الْمَنْعُ تَعَبُّدٌ فَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ نَوَاهُ لِلْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ ( فَتُلْقَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَيْ : تُطْرَحُ ( قِلَادَتُهُ بِدَمِهِ ) بَعْدَ نَحْرِهِ عَلَامَةُ كَوْنِهِ هَدْيًا فَلَا يُؤْكَلُ وَلَا يُبَاعُ ( وَيُخَلَّى ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا أَيْ : يُتْرَكُ ( لِلنَّاسِ ) مُسْلِمِهِمْ وَكَافِرِهِمْ فَقِيرِهِمْ وَغَنِيِّهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ وَنَحْوِهَا .
قَوْلُهَا وَيُخَلَّى بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

وَالْمُوَضَّحُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ سَنَدٌ مِنْ أَنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ مُخْتَصٌّ بِالْفَقِيرِ ، وَنَقَلَهُ بِالْفَقِيرِ ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ ، وَأَفَادَ قَوْلُهُ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ أَمْرَيْنِ إجْزَاءَهُ مَعَ تَوَهُّمِ طَلَبٍ بِبَدَلِهِ وَمَنْعَ أَكْلِهِ مِنْهُ ، فَإِنَّهُ كَالْمُبَالَغَةِ فِي أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِشَيْءٍ مِنْهُ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ جَوَازُ أَكْلِهِ مِنْهُ بَعْدَهُ .
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ الْهَدَايَا ثَمَانِيَةٌ وَهِيَ أَقْسَامُ النَّذْرِ الْأَرْبَعَةِ الْمُعَيَّنِ وَالْمَضْمُونِ وَكُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُجْعَلَ لِلْمَسَاكِينِ أَوْ لَا ، وَهَدْيُ النَّقْصِ وَالْفِدْيَةِ وَالْجَزَاءِ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ وَهِيَ بِاعْتِبَارِ الْأَكْلِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : مَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا ، وَمَا يَجُوزُ أَكْلُهُ مِنْهُ مُطْلَقًا ، وَمَا يُمْنَعُ أَكْلُهُ مِنْهُ بَعْدَ مَحَلِّهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُ وَعَكْسُهُ كَمَا أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ ، وَنَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ بِإِحْكَامِهَا فِي نَظَائِرِ الرِّسَالَةِ فَقَالَ : كُلُّ هَدْيٍ نَقْصٌ وَاَلَّذِي ضَمِنْتَا إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ قَصَدْتَا وَدَعْ مُعَيَّنًا إذَا فَعَلْتَا وَقَبْلَ كُلِّ جَزَاءِ صَيْدٍ نِلْتَا وَهَدْيِ فِدْيَةِ الْأَذَى إنْ شِئْتَا وَمَا ضَمِنْت قَصْدًا وَصَرَّحْتَا وَبَعْدَ كُلٍّ طَوْعًا وَمَا عَيَّنْتَا إنْ لَمْ تَكُنْ سَمَّيْت أَوْ أَضْمَرْتَا وَشَبَّهَ فِي تَذْكِيَةِ هَدْيِ التَّطَوُّعِ وَإِلْقَاءِ قِلَادَتِهِ بِدَمِهِ وَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ ( كَرَسُولِهِ ) أَيْ : رَبِّ الْهَدْيِ الَّذِي أَرْسَلَهُ بِهَدْيِ تَطَوُّعٍ فَعَطِبَ مِنْهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فَيُذَكِّيهِ وَيُلْقِي قِلَادَتَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّيهِ لِلنَّاسِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ .
قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَحْكَامِ وَالْأَفْعَالِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِيهَا وَالْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْهَدْيُ يَأْكُلُ مِنْهُ إلَّا مِنْ الْجَزَاءِ أَوْ الْفِدْيَةِ أَوْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ فَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ مِسْكَيْنَا فَجَائِزٌ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ .
وَقَالَ فِي هَدْيِ

التَّطَوُّعِ وَإِنْ بَعَثَ بِهِمَا مَعَ رَجُلٍ فَعَطِبَتْ فَسَبِيلُ الرَّسُولِ سَبِيلُ صَاحِبِهَا لَوْ كَانَ مَعَهَا وَلَا يَأْكُلُ مِنْهَا الرَّسُولُ .
( وَضَمِنَ ) رَبُّ الْهَدْيِ ( فِي غَيْرِ ) مَسْأَلَةِ ( الرَّسُولِ بِ ) سَبَبِ ( أَمْرِهِ ) أَيْ : رَبِّ الْهَدْيِ شَخْصًا ( بِأَخْذِ شَيْءٍ ) مِنْ هَدْيٍ مَمْنُوعٍ أَكْلُهُ مِنْهُ .
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ ( كَأَكْلِهِ ) أَيْ : رَبِّهِ ( مِنْ ) هَدْيٍ ( مَمْنُوعٍ ) أَكْلُهُ مِنْهُ وَمَفْعُولُ ضَمِنَ قَوْلُهُ ( بَدَلَهُ ) أَيْ الْهَدْيِ هَدْيًا كَامِلًا لَا قَدْرَ أَكْلِهِ أَوْ مَا أَخَذَهُ مَأْمُورُهُ فَقَطْ ، سَوَاءٌ أَمَرَ مُسْتَحِقًّا أَوْ غَيْرَهُ إنْ كَانَ الْهَدْيُ تَطَوُّعًا كَغَيْرِهِ إنْ أَمَرَ غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا الرَّسُولُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُهْدِي إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ تَعَدَّى ، وَلَا عَلَى الرَّسُولِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَمَرَ مَنْ يَأْكُلُ أَوْ يَأْخُذُ شَيْئًا إنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا وَمَأْمُورُهُ مُسْتَحِقٌّ ، وَإِلَّا ضَمِنَ قَدْرَ أَكْلِهِ وَقَدْرَ مَأْخُوذِهِ .
وَإِنْ أَبْدَلَهُ رَبُّ الْهَدْيِ صَارَ كَحُكْمِ مُبْدَلِهِ فِي مَنْعِ الْأَكْلِ مِنْهُ وَضَمَانِ الْبَدَلِ إنْ أَكَلَ مِنْهُ .
( وَهَلْ ) عَلَى رَبِّهِ الْبَدَلُ كَامِلًا فِي كُلِّ مَمْنُوعٍ كَالْأَرْبَعِ السَّابِقَةِ وَغَيْرِهَا .
وَشَهَّرَهُ صَاحِبُ الْكَافِي أَوْ ( إلَّا نَذْرَ مَسَاكِينَ عُيِّنَ فَقَدْرُ أَكْلِهِ ) لَحْمًا إنْ عَرَفَ وَزْنَهُ وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَعْرِفْهُ ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَاصِبِ وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَدْرَ أَكْلِهِ أَنَّ الْخِلَافَ غَيْرُ جَارٍ فِيمَا أَمَرَ بِأَخْذِهِ مِنْ نَذْرِ الْمَسَاكِينِ الْمُعَيَّنِ فَلَا يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا بِاتِّفَاقٍ قَالَهُ عج .
قَالَ الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَضْمَنُ هَدْيًا كَامِلًا لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَإِنْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ ز هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ الْفِقْهِ ( وَالْخِطَامُ ) بِكَسْرِ

الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : الزِّمَامُ لِلْهَدَايَا سُمِّيَ بِهِ لِوُقُوعِهِ عَلَى مِخْطَمِهِ أَيْ : أَنْفِهِ ( وَالْجِلَالُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ جَمْعُ جُلٍّ بِضَمِّهَا ( كَاللَّحْمِ ) فِي الْمَنْعِ وَالْإِبَاحَةِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ غَيْرُ تَامٍّ ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَخَذَ قِطْعَةً مِنْ هَذَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ أَمَرَ بِأَخْذِهَا وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَإِنَّمَا ضَمِنَ قِيمَةَ مَا أَخَذَ فَقَطْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ فَاتَتْ وَإِلَّا رَدَّهُ .
فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَطْلُوبُ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْهَدْيَ إلَّا بَعْدَ نَحْرِهِ فَإِنْ دَفَعَهُ حَيًّا لِلْمَسَاكِينِ وَنَحَرُوهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا .
أَمَّا الْوَاجِبُ فَظَاهِرٌ لِعَدَمِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْهُ ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ فَقَدْ أَفْسَدَهُ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ .

وَإِنْ سُرِقَ بَعْدَ ذَبْحِهِ ؛ أَجْزَأَ ؛ لَا قَبْلَهُ ، وَحُمِلَ الْوَلَدُ عَلَى غَيْرٍ ثُمَّ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ لِيَشْتَدَّ فَكَالتَّطَوُّعِ .

( وَإِنْ سُرِقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْهَدْيُ الْوَاجِبُ كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ وَنَذْرٍ مَضْمُونٍ لِمَسَاكِين وَمَا وَجَبَ لِقِرَانٍ وَنَحْوَهُ مِنْ صَاحِبِهِ ( بَعْدَ ذَبْحِهِ ) أَوْ نَحْرِهِ ( أَجْزَأَ ) فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ بَلَغَ مَحَلَّهُ وَوَقَعَ التَّعَدِّي عَلَى مَحْضِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ ، وَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهِ وَصَرْفُهَا لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ فِيمَا لَيْسَ لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ كَالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ، وَأَمَّا مَا لَهُ الْأَكْلُ مِنْهُ فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ قَالَهُ سَنَدٌ .
( لَا ) يُجْزِئُهُ إنْ سُرِقَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : الذَّبْحِ ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إذَا سُرِقَ قَبْلَهُ .
الْبِسَاطِيُّ لَفْظُ أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى كَلَامِهِ فِي الْوَاجِبِ وَمِثْلُ السَّرِقَةِ الضَّلَالُ وَالْمَوْتُ قَبْلَ نَحْرِهِ كَمَا فِيهَا ، فَإِنْ كَانَ وَاجِبًا لَمْ يُجْزِ ، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ مَنْذُورًا مُعَيَّنًا أَجْزَأَ .
( وَحُمِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الْوَلَدُ ) الْحَاصِلُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ لِلْهَدْيِ وُجُوبًا إلَى مَكَّةَ وَحَمَلَهُ ( عَلَى غَيْرٍ ) أَيْ : غَيْرِ أُمِّهِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ إنْ لَمْ يُمْكِنْ سَوْقُهُ كَمَا يُحْمَلُ رَحْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَيْهَا ، فَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ وَأَمَّا الْمَوْلُودُ قَبْلَ التَّقْلِيدِ فَيُنْدَبُ ذَبْحُهُ وَلَا يَجِبُ حَمْلُهُ ، وَهَلْ يُنْدَبُ وَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ الْأُمِّ وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْحَرَهُ مَعَهَا إنْ نَوَى ذَلِكَ ، قَالَ مُحَمَّدٌ يَعْنِي نَوَى بِأُمِّهِ الْهَدْيَ ( ثُمَّ ) حَمَلَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْأُمِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا وَلَهَا قُوَّةٌ عَلَى حَمْلِهِ وَإِنْ نَحَرَهُ دُونَ الْبَيْتِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى تَبْلِيغِهِ بِوَجْهٍ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ هَدْيٌ كَبِيرٌ تَامٌّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى أُمِّهِ لِضَعْفِهَا أَوْ

خَوْفِ هَلَاكِهَا وَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِهَا بِأُجْرَةٍ مِنْ مَالِ صَاحِبِهِ .
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَرْكُهُ ) لِكَوْنِهِ بِفَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِهَا ثِقَةٌ عِنْدَ ثِقَةٍ ( لِيَشْتَدَّ ) ثُمَّ يُرْسَلَ إلَى مَحَلِّهِ ( فَكَ ) هَدْيِ ( التَّطَوُّعِ ) الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي مُسْتَعْتَبٍ أَيْ : أَمِنَ نَحْرَهُ بِمَحَلِّهِ وَخَلَّاهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَأْكُلُ شَيْئًا مِنْهُ كَانَتْ أُمُّهُ مُتَطَوَّعًا بِهَا أَوْ عَنْ وَاجِبٍ ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ ، وَكَذَا إنْ أَمَرَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ غَيْرِ مُسْتَعْتَبٍ كَطَرِيقٍ فَيُبَدِّلُهُ بِهَدْيٍ كَبِيرٍ وَلَا يُجْزِيهِ بَقَرَةٌ فِي نِتَاجِ بَدَنَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَدَلُهُ ذَكَّاهُ وَتَرَكَهُ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي التَّطَوُّعِ الَّذِي عَطِبَ قَبْلَ مَحِلِّهِ أَنَّهُ يُنْحَرُ وَيُخَلَّى لِلنَّاسِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا فِيهِ هَذَا التَّفْصِيلَ .

وَلَا يَشْرَبُ مِنْ اللَّبَنِ وَإِنْ فَضَلَ وَغَرِمَ إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ مُوجِبَ فِعْلِهِ وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا بِلَا عُذْرٍ ، وَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ وَنَحْرِهَا قَائِمَةً أَوْ مَعْقُولَةً .

( وَلَا يُشْرِبُ ) الْمُهْدِي بَعْدَ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ لِهَدْيٍ يُمْنَعُ الْأَكْلَ مِنْهُ ( مِنْ اللَّبَنِ ) إنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا بَلْ ( وَإِنْ فَضَلَ ) اللَّبَنُ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا أَيْ يُكْرَهُ إنْ فَضَلَ عَنْ رَيِّ فَصِيلِهَا وَلَمْ يَضُرَّ شُرْبُهُ الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الصَّدَقَةِ ، وَلْيَتَصَدَّقْ بِالْفَاضِلِ عَنْ فَصِيلِهَا فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ أَوْ أَضَرَّ أَحَدَهُمَا مُنِعَ .
وَأَمَّا الْجَائِزُ أَكْلُهُ فَيَجُوزُ شُرْبُ لَبَنِهِ أَفَادَهُ أَحْمَدُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُكْرَهُ أَيْضًا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ هَذَا الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِإِطْلَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةُ وَغَيْرُهَا ، وَتَعْلِيلُهُمْ النَّهْيَ بِخُرُوجِ الْهَدْيِ عَنْ مِلْكِهِ بِتَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ وَبِخُرُوجِهِ خَرَجَتْ مَنَافِعُهُ فَشُرْبُهُ نَوْعٌ مِنْ الْعَوْدِ فِي الصَّدَقَةِ وَلِأَنَّهُ يُضْعِفُهَا وَيُضْعِفُ وَلَدَهَا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ قَالَهُ طفي .
( وَ ) لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الشُّرْبِ الْمَمْنُوعِ أَوْ الْمَكْرُوهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرَرٌ ، فَإِنْ حَصَلَ ( غَرِمَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( إنْ أَضَرَّ بِشُرْبِهِ ) أَوْ حَلْبِهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرَبْهُ أَوْ بَقَائِهِ بِضَرْعِهَا ( الْأُمَّ أَوْ الْوَلَدَ ) وَمَفْعُولُ غَرِمَ قَوْلُهُ ( مُوجَبَ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ : مُسَبَّبِ بِفَتْحِ الْبَاءِ ( فِعْلِهِ ) أَيْ شُرْبِهِ أَوْ حَلْبِهِ أَوْ إبْقَائِهِ مِنْ نَقْصٍ فَيَغْرَمُ الْأَرْشَ أَوْ تَلِفَ فَعَلَيْهِ بَدَلُهُ ( وَنُدِبَ عَدَمُ رُكُوبِهَا ) أَيْ : الْبَدَنَةِ وَعَدَمُ الْحَمْلِ عَلَيْهَا ( بِلَا عُذْرٍ ) فَيُكْرَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَإِنْ احْتَمَلَ كَلَامُهُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى ، فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَا يُكْرَهُ وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ ( فَلَا يَلْزَمُ النُّزُولُ بَعْدَ الرَّاحَةِ ) وَيُنْدَبُ وَإِنْ نَزَلَ فَلَا يَرْكَبُهَا ثَانِيًا إلَّا لِعُذْرٍ كَالْأَوَّلِ وَإِنْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَلِفَتْ ضَمِنَهَا .
وَإِنْ رَكِبَهَا لِعُذْرٍ وَتَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا إلَّا إنْ تَعَدَّى فِي هَيْئَةِ رُكُوبِهَا قَالَهُ

عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ سَنَدٍ هَذَا مُقَيَّدٌ بِسَلَامَتِهَا ، فَإِنْ تَلِفَتْ بِرُكُوبِهِ ضَمِنَهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( نَحْرُهَا ) أَيْ الْبَدَنَةِ حَالَ كَوْنِهَا ( قَائِمَةً ) عَلَى قَوَائِمِهَا الْأَرْبَعِ مُقَيَّدَةً أَيْ مَقْرُونَةَ الْيَدَيْنِ بِقَيْدٍ بِلَا عَقْلٍ ( أَوْ ) قَائِمَةً ( مَعْقُولَةً ) أَيْ : مَثْنِيَّةً ذِرَاعُهَا الْيُسْرَى إلَى عَضُدِهَا فَتَبْقَى قَائِمَةً عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ ، وَظَاهِرُهُ التَّخْيِيرُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ النَّصَّ نَحْرُهَا قَائِمَةً مُقَيَّدَةً إلَّا أَنْ يَخَافَ ضَعْفَهُ عَنْهَا وَعَدَمَ صَبْرِهَا فَيَعْقِلُهَا ، فَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَيُفِيدُ الثَّانِي بِالْعُذْرِ .
وَالْأَصْلُ فِي الصِّفَتَيْنِ الْقِرَاءَتَانِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ } الْحَجَّ ، وَقُرِئَ صَوَافِنْ .
ابْنُ حَبِيبٍ مَعْنَى صَوَافَّ صَفُّ يَدَيْهَا بِقَيْدٍ حِينَ نَحْرِهَا .
ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا صَوَافِنْ مَعْقُولَةٌ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ يَدٌ وَاحِدَةٌ فَتَقِفُ عَلَى ثَلَاثِ قَوَائِمَ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ .
سَنَدٌ تُنْحَرُ الْبَقَرُ قَائِمَةً أَيْضًا .

وَأَجْزَأَ إنْ ذَبَحَ غَيْرُهُ مُقَلَّدًا ، وَلَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ ، وَلَا يَشْتَرِكُ فِي هَدْيٍ ، وَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ ، إنْ قُلِّدَ وَقَبْلَ نَحْرِهِ نُحِرَ مَعًا ، وَإِنْ قُلِّدَ وَإِلَّا بِيعَ وَاحِدٌ .

( وَأَجْزَأَ ) الْهَدْيُ الْمُقَلَّدُ أَوْ الْمُشْعَرُ ( إنْ ذَبَحَ ) شَخْصٌ مُسْلِمٌ ( غَيْرُهُ ) أَيْ : الْمُهْدَى ( عَنْهُ ) أَيْ الْمُهْدِي صِلَةً أَجْزَأَ لَا كَافِرٌ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَعَلَى صَاحِبِهِ بَدَلُهُ ، وَقَوْلُهُ أَجْزَأَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ وَمَفْعُولُ ذَبَحَ قَوْلُهُ ( مُقَلَّدًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا أَنَابَهُ أَمْ لَا إنْ نَوَى الذَّابِحُ عَنْ رَبِّهِ بَلْ ( وَلَوْ نَوَى ) الذَّابِحُ الْهَدْيَ ( عَنْ نَفْسِهِ إنْ غَلِطَ ) الذَّابِحُ فِي هَدْيِ غَيْرِهِ وَظَنَّهُ هَدْيَهُ ، فَإِنْ تَعَمَّدَ لَمْ يُجْزِ عَنْ الْمَالِكِ أَنَابَهُ أَمْ لَا وَلَا عَنْ الذَّابِحِ أَيْضًا وَلِرَبِّهِ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْهُ قَالَهُ سَنَدٌ بِخِلَافِ الضَّحِيَّةِ فَتُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَلَوْ ذَبَحَهَا النَّائِبُ عَنْ نَفْسِهِ عَمْدًا بِشَرْطِ إنَابَةِ رَبِّهَا لَهُ فَتُخَالِفُ الْهَدْيَ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ .
( وَلَا يُشْتَرَكُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَا يَجُوزُ الِاشْتِرَاكُ ( فِي هَدْيِ ) تَطَوُّعٍ أَوْ وَاجِبٍ وَأَهْلُ الْبَيْتِ وَالْأَجَانِبُ سَوَاءٌ كَمَا فِيهَا .
وَلَوْ قَالَ دَمٌ لَشَمِلَ الْفِدْيَةَ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي أَجْرِهِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي هَذَا أَيْضًا لِلضَّحِيَّةِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي هَدْيٍ لَمْ يُجْزِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
( وَإِنْ ) ضَلَّ أَوْ سُرِقَ هَدْيٌ وَأُبْدِلَ ثُمَّ ( وُجِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْهَدْيُ الضَّالُّ أَوْ الْمَسْرُوقُ ( بَعْدَ نَحْرِ بَدَلِهِ نُحِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْهَدْيُ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ ضَلَالِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ ( إنْ ) كَانَ ( قُلِّدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِتَعَيُّنِهِ هَدْيًا بِتَقْلِيدِهِ ( وَ ) إنْ وُجِدَ ( قَبْلَ نَحْرِهِ ) أَيْ : الْبَدَلِ ( نُحِرَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْهَدْيَانِ الْأَصْلُ وَالْبَدَلُ مَعًا ( إنْ ) كَانَا ( قُلِّدَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِتَعَيُّنِهِمَا لِلْهَدْيِ بِتَقْلِيدِهِمَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقَلَّدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِيعَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( وَاحِدٌ مِنْهُمَا ) أَيْ : الْهَدْيَيْنِ غَيْرِ

الْمُقَلَّدَيْنِ الَّذِي وُجِدَ أَوْ بَدَلُهُ إنْ شَاءَ الْمُهْدِي ، وَإِنْ شَاءَ نَحَرَهُمَا ، وَإِنْ شَاءَ نَحَرَ أَحَدَهُمَا وَأَبْقَى الْآخَرَ ، وَإِنْ شَاءَ نَحَرَ غَيْرَهُمَا وَأَبْقَاهُمَا وَإِنْ قُلِّدَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ نَحْرُهُ لِتَعَيُّنِهِ لِلْهَدْيِ بِتَقْلِيدِهِ .

( فَصْلٌ ) .
وَإِنْ مَنَعَهُ : عَدُوٌّ ، أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ : لَا بِحَقٍّ : بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ، فَلَهُ التَّحَلُّلُ ؛ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ ، وَلَا دَم بِنَحْرِ هَدْيِهِ وَحَلْقِهِ ، وَلَا دَمَ إنْ أَخَّرَهُ ، وَلَا يَلْزَمُهُ طَرِيقٌ مَخُوفٌ وَكُرِهَ إبْقَاءُ ، إحْرَامِهِ ، وَإِنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا .

( فَصْلٌ ) فِي مَوَانِعِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الطَّارِئَةِ بَعْدَ الْإِحْرَامِ .
وَيُقَال لِلْمَمْنُوعِ مُحْصَرٌ وَالْحَصْرُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : حَصْرٌ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا ، وَحَصْرٌ عَنْ الْبَيْتِ فَقَطْ ، وَحَصْرٌ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ ( وَإِنْ مَنَعَهُ ) أَيْ الْمُحْرِمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( عَدُوٌّ ) أَيْ : كَافِرٌ ( أَوْ فِتْنَةٌ ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ( أَوْ حَبْسٌ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى عَدُوٍّ أَوْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَاضٍ مَجْهُولٍ عُطِفَ عَلَى مَنَعَهُ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمُحْرِمِ ( لَا بِحَقٍّ ) بَلْ ظُلْمًا كَحَبْسِ مَدِينٍ ثَابِتِ الْعُسْرِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ حُبِسَ بِحَقٍّ لَا يَتَحَلَّلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى تَخْلِيصِ نَفْسِهِ بِدَفْعِ الْحَقِّ وَالْخُرُوجِ لِتَكْمِيلِ حَجِّهِ أَوْ عُمْرَتِهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي كَوْنِ الْحَبْسِ بِحَقٍّ ظَاهِرُ الْحَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَقًّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ حَتَّى إنَّهُ إنْ حُبِسَ بِتُهْمَةٍ ظَاهِرَةٍ فَلَا يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَإِنْ كَانَ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَفِيهِ عِنْدِي نَظَرٌ ، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُحَالَ الْمَرْءُ عَلَى مَا عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْإِحْلَالَ وَالْإِحْرَامَ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
وَظَاهِرُ الطِّرَازِ يُوَافِقُهُ وَتَنَازَعَ مَنَعَ وَحَبَسَ ( بِحَجٍّ ) أَيْ : فِيهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا ( أَوْ عُمْرَةٍ ) أَيْ : فِيهَا عَنْ الْبَيْتِ .
وَجَوَابُ إنْ مَنَعَهُ عَدُوٌّ أَوْ فِتْنَةٌ أَوْ حَبْسٌ لَا بِحَقٍّ ( فَلَهُ ) أَيْ : الْمَمْنُوعُ بِمَا تَقَدَّمَ ( التَّحَلُّلُ ) بَلْ هُوَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ مِنْ بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ وَلَوْ دَخَلَ مَكَّةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقَاتِهِمْ وَأَفَادَ شَرْطَ التَّحَلُّلِ فَقَالَ ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ ) الْمُحْرِمُ حِينَ أَنْشَأَ إحْرَامَهُ ( بِهِ ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ عَدُوٍّ وَفِتْنَةٍ أَوْ حُبِسَ ظُلْمًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ عَلِمَهُ

حِينَهُ فَلَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ إلَّا أَنْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَهُ التَّحَلُّلُ كَمَا وَقَعَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ { أَحْرَمَ عَالِمًا بِالْعَدُوِّ بِمَكَّةَ ظَانًّا أَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ فَمَنَعَهُ فَلَمَّا مَنَعَهُ تَحَلَّلَ } فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
وَعَطَفَ عَلَى لَمْ يَعْلَمْ فَقَالَ ( وَأَيِسَ ) الْمَمْنُوعُ حِينَ الْمَنْعِ عِلْمًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا ( مِنْ زَوَالِهِ ) أَيْ : الْمَنْعِ ( قَبْلَ فَوْتِهِ ) أَيْ : الْحَجِّ .
وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِأَنَّهُ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ لَوْلَا الْمَانِعُ ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِوَقْتٍ لَا يُدْرِكُ فِيهِ الْحَجَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ فَلَا يَتَحَلَّلُ لِدُخُولِهِ عَلَى بَقَائِهِ عَلَى إحْرَامِهِ لِلْعَامِ الْقَابِلِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ قَوْلُهُ قَبْلَ فَوْتِهِ بِالتَّحَلُّلِ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ إلَّا بَعْدَ فَوْتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ ، وَيَحْتَمِلُ تَعَلُّقَهُ بِزَوَالِهِ وَعَلَيْهِمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَتَحَلَّلُ إذَا أَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ قَبْلَ فَوْتِهِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا لَوْ زَالَ الْمَانِعُ أَدْرَكَ الْحَجَّ .
وَهُوَ ظَاهِرُ أَوَّلِ كَلَامِهَا وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَسَنَدٌ مَا فِي آخِرِ كَلَامِهَا وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ حَتَّى يَبْقَى زَمَنٌ يَخْشَى فِيهِ فَوَاتَ الْحَجِّ ، وَقَالَا إنَّ كَلَامَهَا الثَّانِيَ يُفَسِّرُ الْأَوَّلَ .
الْحَطَّابُ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فَيَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ ، فَمَعْنَى وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ إلَخْ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لَيْلَةِ النَّحْرِ زَمَانُ يُمَكِّنُهُ السَّيْرُ فِيهِ إلَى عَرَفَةَ لَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ وَأَيِسَ مِنْ زَوَالِهِ إلَخْ خَاصٌّ بِالْحَجِّ ، وَأَمَّا الْعُمْرَةُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ لِلْعُمْرَةِ حَدٌّ وَإِنْ لَمْ يُخْشَ الْفَوْتُ لِقَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقِيمُ مَا رَجَا إدْرَاكَهَا مَا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ .
( وَ ) إنْ تَحَلَّلَ فَ

( لَا دَمَ ) عَلَيْهِ لِفَوَاتِ الْحَجِّ بِحَصْرِ الْعَدُوِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَوْجَبَهُ عَلَيْهِ أَشْهَبُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ } ، وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُحْصَرِ بِمَرَضٍ وَرَدَّهُ اللَّخْمِيُّ بِنُزُولِ الْآيَةِ فِي قَضِيَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَكَانَ حَصْرُهَا بِعَدُوٍّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ عَدُوٍّ وَأَجَابَ التُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ الْهَدْيَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ وَإِنَّمَا كَانَ بَعْضُهُمْ سَاقَهُ تَطَوُّعًا فَأُمِرُوا بِتَذْكِيَتِهِ وَاسْتُضْعِفَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ } ، وَالْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ يَحْلِقُ أَيْنَ كَانَ كَذَا قَالُوا ، وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الرَّدِّ بِالْآيَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى أَشْهَبَ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ أَشْهَبَ اسْتَدَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْهَدْيِ بِآيَةِ ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ ) .
وَأُجِيبَ عَنْ اسْتِدْلَالِهِ بِجَوَابَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلتُّونُسِيِّ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ الْهَدْيَ فِي الْآيَةِ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِ الْحَصْرِ إنَّمَا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ تَطَوُّعًا فَلَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الْوُجُوبِ .
الثَّانِي أَنَّ الْإِحْصَارَ فِي الْآيَةِ بِالْمَرَضِ لَا بِالْعَدُوِّ وَهَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعَزَاهُ ابْنُ عَطِيَّةَ لِعَلْقَمَةَ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا ، وَقَالَ وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ أُحْصِرَ بِالْمَرَضِ وَحُصِرَ بِالْعَدُوِّ ، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ { فَإِذَا أَمِنْتُمْ } قَالَ عَلْقَمَةُ وَغَيْرُهُ الْمَعْنَى فَإِذَا بَرِئْتُمْ مِنْ مَرَضِكُمْ .
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمَا إذَا أَمِنْتُمْ مِنْ خَوْفِكُمْ مِنْ الْعَدُوِّ .
ا هـ .
وَكَوْنُ الْآيَةِ نَزَلَتْ بِالْحُدَيْبِيَةِ لَا يَرُدُّ هَذَا التَّأْوِيلَ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ ، بَلْ يَقْوَى تَأْوِيلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ } .
وَقَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى عَدَمُ الرَّدِّ بِالْآيَةِ الْأَخِيرَةِ

عَلَى أَشْهَبَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّدُّ بِهَا عَلَيْهِ قَوِيٌّ ظَاهِرٌ .
وَالتَّحَلُّلُ يَكُونُ ( بِنَحْرِ هَدْيِهِ ) إنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ سَاقَهُ عَنْ سَبَبٍ مَضَى أَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ إرْسَالُهُ لِمَكَّةَ غَيْرَ مَضْمُونٍ فَلَا ضَمَانَ ، وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا جَرَى عَلَى حُكْمِهِ فَإِنْ قُلْنَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَنْهُ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الْهَدْيُ أَيْضًا ( وَحَلْقِهِ ) رَأْسَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بَلْ هِيَ كَافِيَةٌ ، فَفِي الشَّامِلِ وَكَفَتْ نِيَّةُ التَّحَلُّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ فَلَوْ نَحَرَ هَدْيَهُ وَحَلَقَ رَأْسَهُ وَلَمْ يَنْوِ التَّحَلُّلَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ يَنْحَرُ إلَخْ بِمَعْنَى مَعَ ، فَيُفِيدُ كَلَامُهُ أَنَّ التَّحَلُّلَ بِالنِّيَّةِ مَعَ الْأَمْرَيْنِ عَلَى سَبِيلِ الأكملية لَا الشَّرْطِيَّةِ ، وَبِهَذَا صَرَّحَ فِي الطِّرَازِ أَيْضًا وَمِثْلُ مَنْ حُصِرَ عَنْهُمَا مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَهُوَ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ فِي التَّحَلُّلِ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَبَعُدَ عَنْ مَكَّةَ فَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ حَلَّ مَكَانَهُ صَوَابٌ وَلَا دَمَ ) عَلَى الْمُحْصَرِ عَنْهُمَا ( إنْ أَخَّرَهُ ) أَيْ التَّحَلُّلَ أَوْ الْحَلْقَ لِبَلَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي غَيْرِ زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ لَمْ يَكُنْ نُسُكًا بَلْ تَحَلُّلٌ فَقَطْ ( وَلَا يَلْزَمُهُ ) أَيْ : الْمُحْصَرَ مُطْلَقًا ( طَرِيقٌ مَخُوفٌ ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ كَثِيرٍ أَوْ يَسِيرٍ يَمْكُثُ آخِذُهُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْحَجَّ لَوْلَا الْمَخُوفُ فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْمُحْصَرِ عَنْهُمَا مَعًا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ ، وَمَفْهُومُ مَخُوفٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ سُلُوكُ طَرِيقٍ مَأْمُونٍ وَإِنْ بَعُدَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لِإِدْرَاكِ الْحَجِّ وَلَمْ تَعْظُمْ مَشَقَّتُهَا ، وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَيْضًا .
قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ أَيْ : لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ ، وَيَنْبَغِي الْحُرْمَةُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ } .
وَقَوْلُهُ مَخُوفٌ كَذَا فِي نُسَخٍ أَيْ : طَرِيقٌ يَحْصُلُ

فِيهِ الْخَوْفُ ، وَأَمَّا الَّذِي يُخِيفُ مِنْ نَظَرِهِ فَيُقَالُ لَهُ مُخِيفٌ فِيمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ مُخِيفٍ يَصِحُّ بِارْتِكَابِ مَجَازٍ فِي الْإِسْنَادِ مِنْ إسْنَادِ مَا لِلْحَالِّ لِلْمَحَلِّ .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِأَمْرٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَحَبَسَهُ ظُلْمًا وَنَائِبُ فَاعِلِ كُرِهَ ( إبْقَاءُ إحْرَامِهِ ) بِالْحَجِّ لِعَامٍ قَابِلٍ بِلَا تَحَلُّلٍ بِعُمْرَةٍ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ فِيهِ ( إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مُقَارَبَةِ نِسَاءٍ وَصَيْدٍ فَتَحَلُّلُهُ أَسْلَمُ فَالْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ .
وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ وَهُوَ الْمُحْصَرُ عَنْهُمَا الَّذِي كَلَامُهُ الْآنَ فِيهِ فَتَحَلُّلُهُ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَ عَنْ مَكَّةَ .
ابْنُ غَازِيٍّ زَادَ أَوْ دَخَلَهَا وَإِنْ كَانَ أَحْرَى لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ تَحْرِيمُ إبْقَائِهِ إنْ دَخَلَهَا .

وَلَا يَتَحَلَّلُ ، إنْ دَخَلَ وَقْتُهُ ، وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَمْضِي وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ ، وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْفَرْضُ .

( وَلَا يَتَحَلَّلُ ) مَنْ حُصِرَ عَنْ عَرَفَةَ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ بِعُمْرَةٍ ( إنْ ) بَقِيَ مُحْرِمًا حَتَّى ( دَخَلَ وَقْتُهُ ) أَيْ الْحَجِّ مِنْ الْعَامِ الثَّانِي لِيَسَارِهِ الْبَاقِي مِنْ الزَّمَانِ أَيْ : يُكْرَهُ تَحَلُّلُهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ الَّذِي اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ مِنْ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ وَصَيْرُورَتِهِ مُتَمَتِّعًا ، وَلِلْقَوْلِ بِمُضِيِّهِ وَلَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا وَالْمُنَاسِبُ لِلْقَوْلِ بِعَدَمِ مُضِيِّ تَحَلُّلِهِ مَنْعُهُ فَهَذَا أَيْضًا فِيمَنْ يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مَنْ تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَفَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْعَدُوِّ وَالْفِتْنَةِ وَحَبْسِهِ ظُلْمًا .
وَأَمَّا مَنْ يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ فَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ التَّحَلُّلَ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِحَبْسِهِ ظُلْمًا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ خَالَفَ وَتَحَلَّلَ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ بِعُمْرَةٍ وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ ( فَ ) ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ : أَحَدُهَا : يَمْضِي تَحَلُّلُهُ وَلَا يَصِيرُ مُتَمَتِّعًا ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ ، وَهَذَا تَمَتَّعَ مِنْ حَجٍّ إلَى حَجٍّ ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ كَلَا عُمْرَةٍ لِعَدَمِ إنْشَائِهِ إحْرَامَهَا ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ ، ثَانِيهَا : لَا يُمْضِي تَحَلُّلَهُ وَهُوَ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ كَالِابْتِدَاءِ .
( ثَالِثُهَا ) أَيْ : الْأَقْوَالِ ( يَمْضِي ) تَحَلُّلُهُ ( وَهُوَ مُتَمَتِّعٌ ) فَعَلَيْهِ دَمٌ لِلتَّمَتُّعِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِيهَا ثَلَاثًا فِي مَسْأَلَةٍ إلَّا فِي هَذِهِ ( وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ ) أَيْ : الْمَمْنُوعِ مِنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِالنِّيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْحَلْقِ ، وَكَذَا الْمَمْنُوعُ مِنْ عَرَفَةَ فَقَطْ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي يَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ ( الْفَرْضُ ) الْمُتَعَلِّقُ بِذِمَّتِهِ مِنْ حِجَّةِ إسْلَامٍ أَوْ نَذْرٍ مَضْمُونٍ وَلَا عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى

عَنْهُمْ .
وَأَمَّا التَّطَوُّعُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ ، وَسُمِّيَتْ عُمْرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي بَعْدَ عُمْرَةِ الصَّدِّ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ ؛ لِأَنَّهُ قَاضَى قُرَيْشًا فِيهَا لَا أَنَّهَا قَضَاءٌ عَنْ عُمْرَةِ الْحَصْرِ الْمَاضِيَةِ .
قَالَ بَعْضٌ وَلَوْ قُلْنَا بِهِ لَا يَلْزَمُنَا مَحْظُورٌ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ دَلَّ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَوَازِ الْقَضَاءِ لَا عَلَى وُجُوبِهِ ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ صُدُّوا مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَلَمْ يَعْتَمِرْ مَعَهُ إلَّا نَفَرٌ يَسِيرٌ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ الْبَاقِينَ بِالْقَضَاءِ ، وَلَوْ وَجَبَ لَبَيَّنَهُ لَهُمْ وَأَمَرَهُمْ بِهِ قَالَهُ سَنَدٌ .

وَلَمْ يَفْسُدْ بِوَطْءٍ ، إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ .
( وَ ) مَنْ جَازَ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالنِّيَّةِ وَالنَّحْرِ وَالْحَلْقِ لِصَدِّهِ عَنْ الْبَيْتِ وَعَرَفَةَ مَعًا ( لَمْ يَفْسُدْ ) حَجُّهُ ( بِوَطْءٍ ) قَبْلَ تَحَلُّلِهِ ( إنْ لَمْ يَنْوِ الْبَقَاءَ ) عَلَى إحْرَامِهِ لِعَامٍ قَابِلٍ بِأَنْ نَوَى التَّحَلُّلَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا هَذَا ظَاهِرُهُ ، وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَمَنْ نَوَى الْبَقَاءَ عَلَى إحْرَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُحْرِمٌ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ فَالْمُنَاسِبُ إنْ نَوَى التَّحَلُّلَ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى الْبَقَاءَ فَسَدَ حَجُّهُ

وَإِنْ وَقَفَ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ ، فَحَجُّهُ تَمَّ وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِالْإِفَاضَةِ .
وَإِنْ وَقَفَ ) بِعَرَفَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ ( وَحُصِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( عَنْ الْبَيْتِ ) بِمَرَضٍ أَوْ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ ( فَحَجُّهُ تَمَّ ) أَيْ : أَمِنَ مِنْ فَوَاتِهِ لِإِدْرَاكِهِ الرُّكْنَ الَّذِي يُدْرَكُ بِهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ التَّمَامِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ وَقَوْلُهُ ( وَلَا يَحِلُّ ) مِنْ إحْرَامِهِ التَّحَلُّلُ الْأَكْبَرُ الَّذِي تَحِلُّ بِهِ النِّسَاءُ وَالصَّيْدُ وَالطِّيبُ ( إلَّا بِ ) طَوَافِ ( الْإِفَاضَةِ ) فَيَبْقَى مُحْرِمًا وَلَوْ أَخَّرَهُ سِنِينَ .
قَالَ أَحْمَدُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَهَا فَقَدْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ مِنْ فَرْضِ الْحَجِّ ، وَيُؤَيِّدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ وَيُجْزِئُهُ عَنْ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ .

وَعَلَيْهِ لِلرَّمْيِ وَمَبِيتُ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ : هَدْيٌ : كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ
( وَعَلَيْهِ ) أَيْ : الْمُحْصَرِ عَنْ الْبَيْتِ بَعْدَ وُقُوفِهِ بِعَرَفَةَ ( لِ ) تَرْكٍ ا ( لِرَمْيٍ ) لِلْجَمَرَاتِ الْمُحْصَرُ عَنْهُ ( وَ ) لِتَرْكِ ( مَبِيتِ ) لَيَالِيِ ( مِنًى وَ ) نُزُولِ ( مُزْدَلِفَةَ هَدْيٌ ) وَاحِدٌ .
وَشَبَّهَ فِي اتِّحَادِ الْهَدْيِ فَقَالَ ( كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ ) مِمَّا تَقَدَّمَ وَكَذَا لَا يَتَعَدَّدُ إنْ تَعَمَّدَ تَرْكَ الْجَمِيعِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّ هَذَا إثْمٌ .
وَأَوْرَدَ أَنَّ قَوْلَهُ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يُحْصَرْ عَمَّا بَعْدَهُ ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ لِلرَّمْيِ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حُصِرَ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْضًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَحُصِرَ عَنْ الْبَيْتِ مُرَادُهُ بِهِ سَوَاءٌ حُصِرَ عَمَّا قَبْلَهُ أَيْضًا مِمَّا بَعْدَ الْوُقُوفِ كَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ أَوْ لَا ، وَقَوْلُهُ لِلرَّمْيِ إلَخْ مَعْنَاهُ حَيْثُ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا .
ابْنُ غَازِيٍّ كَنِسْيَانِ الْجَمِيعِ كَذَا اخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُدَوَّنَةَ وَسَلَّمَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَقَلَ عَقِبَهُ قَوْلَ ابْنِ رَاشِدٍ ، وَلَوْ قِيلَ : إذَا أُنْسِيَ الرَّمْيَ وَالنُّزُولَ بِمُزْدَلِفَةَ بِالتَّعَدُّدِ مَا بَعُدَ لِتَعَدُّدِ الْمُوجِبَاتِ كَمَا فِي الْعَمْدِ وَكَأَنَّهُمْ لَاحَظُوا أَنَّ الْمُوجِبَ وَاحِدٌ لَا سِيَّمَا وَهُوَ مَعْذُورٌ وَاخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ كَمَنْ تَرَكَ رَمْيَ الْجِمَارِ كُلِّهَا نَاسِيًا حَتَّى زَالَتْ أَيَّامُ مِنًى ، وَاخْتَصَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَعَلَيْهِ لِجَمِيعِ مَا فَاتَهُ مِنْ رَمْيِ الْجِمَارِ وَالْمَبِيتِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَمِنًى هَدْيٌ كَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ نَاسِيًا حَتَّى زَالَتْ أَيَّامُ مِنًى

وَإِنْ حُصِرَ عَنْ الْإِفَاضَةِ ، أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ بِغَيْرٍ : كَعَرْضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ ، أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ لَمْ يَحِلَّ إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ .
وَإِنْ ) تَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَ ( حُصِرَ ) بِمَا سَبَقَ مِنْ أَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ ( عَنْ الْإِفَاضَةِ ) أَيْ : عَرَفَةَ وَسَمَّاهَا إفَاضَةً قَوْله تَعَالَى { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ } قَالَهُ تت أَيْ : فَلَمَّا كَانَتْ مَبْدَأَ الْإِفَاضَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا بَعْدَ عَرَفَةَ سُمِّيَتْ عَرَفَةُ إفَاضَةً مَجَازًا مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ تَسَبَّبَ عَنْ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ ( أَوْ فَاتَهُ الْوُقُوفُ ) بِعَرَفَةَ جُزْءًا مِنْ لَيْلَةِ الْعِيدِ ( بِغَيْرٍ ) أَيْ غَيْرِ عَدُوٍّ وَفِتْنَةٍ وَحَبْسٍ لَا بِحَقٍّ ( كَمَرَضٍ أَوْ خَطَأِ عَدَدٍ ) وَلَوْ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْسِمِ بِعَاشِرٍ أَوْ خَفَاءِ هِلَالٍ لِغَيْرِ الْجَمِّ بِعَاشِرٍ ( أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ ) وَمِنْهُ حَبْسُ مَدِينٍ لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ ( لَمْ يَحِلَّ ) فِي ذَلِكَ كُلُّهُ إنْ شَاءَ التَّحَلُّلَ ( إلَّا بِفِعْلِ عُمْرَةٍ بِلَا إحْرَامٍ ) بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهَا ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا بِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَكُرِهَ إبْقَاءُ إحْرَامِهِ إنْ قَارَبَ مَكَّةَ أَوْ دَخَلَهَا فَإِنَّ هَذَا مَحَلُّهُ .
( وَلَا يَكْفِي قُدُومُهُ ) وَسَعْيُهُ عَقِبَهُ الَّذِي فَعَلَهُ يَوْمَ دُخُولِهِ مَكَّةَ عَنْ طَوَافِهِ الْعُمْرَةَ وَسَعْيَهَا الْمَطْلُوبَيْنِ لِلتَّحِلَّةِ بَعْدَ الْفَوَاتِ ، وَلَعَلَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إحْرَامَهُ لَا يَنْقَلِبُ عُمْرَةً مِنْ أَصْلِهِ بَلْ مِنْ وَقْتِ نِيَّةِ فِعْلِ الْعُمْرَةِ ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ .

وَحُبِسَ هَدْيُهُ مَعَهُ ، إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُجْزِهِ عَنْ فَوَاتٍ .
( وَحُبِسَ ) الْمُحْصَرُ بِمَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ بِحَقٍّ ( هَدْيُهُ مَعَهُ إنْ لَمْ يَخَفْ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ : الْهَدْيِ الْعَطَبَ ، وَأَمَّا الْمُحْصَرُ بِعَدُوٍّ فَإِنْ أَمْكَنَهُ إرْسَالَهُ أَرْسَلَهُ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ ، وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ خَافَ عَلَيْهِ أَرْسَلَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا ذَكَّاهُ بِمَوْضِعِهِ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : حَبْسُ الْوَاجِبِ مَعَهُ وَاجِبٌ وَالتَّطَوُّعُ مَنْدُوبٌ ، وَقَالَ أَحْمَدُ حَبْسُ التَّطَوُّعِ وَاجِبٌ أَيْضًا ( وَلَمْ يُجْزِهِ ) أَيْ : هَذَا الْهَدْيَ الْمُحْصَرَ الَّذِي قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ سَوَاءٌ حَبَسَهُ مَعَهُ أَوْ أَرْسَلَهُ عَنْ هَدْيٍ تَرَتَّبَ ( عَنْ فَوَاتٍ ) لِلْحَجِّ ؛ لِأَنَّ هَذَا أَوْجَبَ بِالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارُ لِغَيْرِ الْفَوَاتِ فَيَلْزَمُهُ هَدْيُ الْفَوَاتِ مَعَ حِجَّةِ الْقَضَاءِ .
فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ وَإِنْ أَرْدَفَ لِخَوْفِ فَوَاتٍ أَوْ لِحَيْضٍ أَجْزَأَ التَّطَوُّعُ لِقِرَانِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ أَرْدَافِهِ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا كَأَنْ سَاقَهُ فِيهَا ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّدَهُ وَأَشْعَرَهُ قَبْلَ إحْرَامِ الْحَجِّ .
أُجِيبَ بِأَنَّ إحْرَامَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ لَمَّا كَانَا مُنْدَرِجَيْنِ تَحْتَ مُطْلَقِ الْإِحْرَامِ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ كَاَلَّتِي بَيْنَ الْحَجِّ وَفَوَاتِهِ ، وَبِأَنَّ مَا سَبَقَ فِي الْحَجِّ الْفَائِتِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يُسَقْ فِي نُسُكٍ ، بِخِلَافِ الْمَسُوقِ فِي عُمْرَةٍ .

وَخَرَجَ لِلْحِلِّ إنْ أَحْرَمَ بِحَرَمٍ ، أَوْ أَرْدَفَ ، وَأَخَّرَ دَمَ الْفَوَاتِ لِلْقَضَاءِ ، وَأَجْزَأَ إنْ قَدِمَ .
( وَخَرَجَ ) وُجُوبًا مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَتَمَكَّنَ مِنْ الْبَيْتِ وَلَزِمَهُ هَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَأَرَادَ التَّحَلُّلَ بِعُمْرَةٍ ( لِلْحِلِّ ) لِيَجْمَعَ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَيُلَبِّي مِنْهُ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ إحْرَامٍ بِالصِّفَةِ السَّابِقَةِ ( إنْ ) كَانَ ( أَحْرَمَ ) بِالْحَجِّ الَّذِي فَاتَ ( يُحْرِمُ ) أَيْ : فِيهِ لِإِقَامَتِهِ بِهِ ( أَوْ ) كَانَ ( أَرْدَفَ ) الْحَجَّ فِي الْحَرَمِ عَلَى عُمْرَةٍ أَحْرَمَ بِهَا فِي الْحِلِّ وَيَقْضِي الْحَجَّ الَّذِي فَاتَ فِي عَامِ قَابِلٍ وَيُهْدِي لِلْفَوَاتِ .
( وَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( دَمَ الْفَوَاتِ ) أَيْ : الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِ ( لِ ) عَامِ ا ( لْقَضَاءِ ) لِيَقْتَرِنَ الْجَابِرُ النُّسُكِيُّ وَالْجَابِرُ الْمَالِيُّ وَلَا يُقَدِّمُهُ عَامَ الْفَوَاتِ وَلَوْ خَافَ الْمَوْتَ وَفُهِمَ مِنْهُ وُجُوبُ قَضَاءِ الْفَائِتِ فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَصِّ النَّوَادِرِ وَالْجَلَّابِ وَغَيْرِهِمَا لِعُمُومِ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } ، وَجَاءَتْ السُّنَّةُ أَنْ لَا قَضَاءَ لِلنَّفْلِ فِي حَصْرِ الْعَدُوِّ وَبَقِيَ عَلَى عُمُومِ الْآيَةِ ( وَأَجْزَأَ ) هَدْيُ الْفَوَاتِ ( إنْ قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا مَعَ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ عَامَ الْفَوَاتِ مَعَ الْإِثْمِ .

وَإِنْ أَفْسَدَ ثُمَّ فَاتَ أَوْ بِالْعَكْسِ ، وَإِنْ بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ تَحَلَّلَ وَقَضَاهُ دُونَهَا ، وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ ، لَا دَمُ قِرَانٍ وَمُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ .
( وَإِنْ أَفْسَدَ ) الْحَجَّ وَتَمَادَى عَلَيْهِ لِإِتْمَامِهِ ( ثُمَّ فَاتَ ) الْحَجُّ الْمُفْسَدُ بِفَوَاتِ وُقُوفِهِ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ وُجُوبًا وَقَضَاهُ ( أَوْ ) اجْتَمَعَ الْفَوَاتُ وَالْإِفْسَادُ ( بِالْعَكْسِ ) لِلتَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ ثُمَّ أَفْسَدَهُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ بَلْ ( وَإِنْ ) أَفْسَدَهُ ( بِعُمْرَةِ التَّحَلُّلِ ) أَيْ : فِيهَا ( تَحَلَّلَ ) وُجُوبًا فِي الصُّورَتَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَقَاءُ عَلَى إحْرَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَمَادَى عَلَى فَاسِدٍ ، وَالْمُرَادُ بَقِيَ عَلَى تَحَلُّلِهِ بِالْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ وَاَلَّتِي فَسَدَتْ بِوَطْئِهِ فِيهَا فَلَا يَبْتَدِئُهَا وَيُتِمُّ طَوَافَهَا وَسَعْيَهَا وَكَفَتْ فِي التَّحَلُّلِ ( وَقَضَاهُ ) أَيْ : الْحَجَّ الَّذِي فَسَدَ وَفَاتَ ( دُونَهَا ) أَيْ عُمْرَةِ التَّحَلُّلِ فَلَا يَقْضِيهَا ؛ لِأَنَّهَا تَحَلُّلٌ فِي الْحَقِيقَةِ لَا عُمْرَةٌ ( وَعَلَيْهِ هَدْيَانِ ) هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ إنْ قَضَاهُ مُفْرَدًا سَوَاءٌ كَانَ مَا أَفْسَدَهُ مُفْرَدًا أَوْ تَمَتُّعًا وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ مُتَمَتِّعًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَاهُ مُتَمَتِّعًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ قَارِنًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَاهُ قَارِنًا أَوْ كَانَ أَحْرَمَ مُفْرِدًا وَأَفْسَدَهُ وَفَاتَهُ وَقَضَى مُتَمَتِّعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ هَدَايَا فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ هَدْيٌ لِلْفَسَادِ وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ وَهَدْيٌ لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الْقَضَاءِ .
( لَا ) يَلْزَمُهُ ( دَمُ قِرَانٍ وَ ) دَمُ ( مُتْعَةٍ لِلْفَائِتِ ) أَيْ : لِلْقِرَانِ أَوْ التَّمَتُّعِ الَّذِي فَاتَ ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى عُمْرَةٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَفِي هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَثَلَاثَةٌ إنْ أَفْسَدَ قَارِنًا ثُمَّ فَاتَهُ وَقَضَى .

وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ : نِيَّةُ التَّحَلُّلِ بِحُصُولِهِ .
( وَلَا يُفِيدُ لِمَرَضٍ ) حَاصِلٍ أَوْ مُتَرَقَّبٍ صِلَةُ التَّحَلُّلِ ( أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ : الْمَرَضِ مِنْ الْمَوَانِعِ كَحَيْضٍ أَوْ حَصْرِ عَدُوٍّ أَوْ فِتْنَةٍ وَفَاعِلُ لَا يُفِيدُ ( نِيَّةُ التَّحَلُّلِ ) مِنْ الْإِحْرَامِ ( بِ ) مُجَرَّدِ ( حُصُولِهِ ) أَيْ : الْمَانِعِ يَعْنِي إذَا نَوَى حِينَ إحْرَامِهِ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ إتْمَامِهِ يَصِيرُ مُتَحَلِّلًا مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ تَحَلُّلٍ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ بِالْوَجْهِ السَّابِقِ لَمْ تَنْفَعْهُ نِيَّتُهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَحَلُّلِهِ بَعْدَ الْمَانِعِ بِمَا سَبَقَ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ الْإِحْرَامِ ، وَكَذَا شَرْطُهُ بِاللَّفْظِ قَبْلَ وُجُودِهِ بِالْفِعْلِ فَهُوَ عِنْدَ وُجُودِهِ بَاقٍ عَلَى إحْرَامِهِ حَتَّى يُحْدِثَ نِيَّةَ التَّحَلُّلِ وَلَا تَكْفِيهِ النِّيَّةُ السَّابِقَةُ .

وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ مَالٍ لِحَاصِرٍ إنْ كَفَرَ .
( وَلَا يَجُوزُ ) أَيْ : يَحْرُمُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَنَدٍ ( دَفْعُ مَالٍ ) قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ( لَحَاصِرٍ ) طَلَبَهُ لِأَجْلِ تَخْلِيَةِ الطَّرِيقِ ( إنْ كَفَرَ ) أَيْ : كَانَ الْحَاصِرُ كَافِرًا كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا ؛ لِأَنَّهُ ذِلَّةٌ وَوَهْنٌ لِلْإِسْلَامِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازَ دَفْعِهِ لَهُ قَائِلًا وَهْنُ الرُّجُوعِ بِصَدِّهِ أَشَدُّ مِنْ وَهْنِ إعْطَائِهِ الْحَطّ لَا يُسَلَّمُ لَهُ بَحْثُهُ .
عج بَلْ الظَّاهِرُ مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ؛ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ضَرَرٌ إنْ قَدَّمَ أَخَفَّهُمَا وَفِي هَذَا نَظَرٌ ؛ إذْ أَخَفُّهُمَا هُنَا الرُّجُوعُ ؛ لِأَنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ فَالرُّجُوعُ لَا يُوهِنُ الدِّينَ وَدَفْعُ الْمَالِ رِضًا بِالذُّلِّ وَتَقْوِيَةٌ لِلْكَافِرِ وَتَسْلِيطٌ لَهُ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ { رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَدْفَعْ مَالًا } وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ } ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ امْتِنَاعِ دَفْعِ مَالٍ لِحَاصِرٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ كَذَلِكَ ثُمَّ إنْ قَلَّ الْمَالُ وَلَا يَنْكُثُ وَجَبَ وَإِلَّا جَازَ .

وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ مُطْلَقًا : تَرَدُّدٌ

( وَفِي جَوَازِ الْقِتَالِ ) لِلْحَاصِرِ غَيْرِ الْبَادِي ( مُطْلَقًا ) كَافِرًا كَانَ أَوْ مُسْلِمًا بِمَكَّةَ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْحَرَمِ وَلَوْ أَهْلَ مَكَّةَ إذَا بَغَوْا عَلَى أَهْلِ الْعَدْلِ وَلَمْ يُمْكِنْ رَدُّهُمْ إلَّا بِقِتَالِهِمْ .
ابْنُ فَرْحُونٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ ؛ لِأَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَحِفْظُ حَقِّهِ فِي حَرَمِهِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُضَاعَ وَمَنَعَهُ ، وَهُوَ نَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ قِتَالُ الْحَاصِرِ الْبَادِيَ بِهِ جِهَادٌ وَلَوْ مُسْلِمًا وَفِي قِتَالِهِ غَيْرَ بَادٍ نَقْلَا سَنَدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ ، وَالْأَوَّلُ الصَّوَابُ إنْ كَانَ الْحَاصِرُ بِغَيْرِ مَكَّةَ .
وَإِنْ كَانَ بِهَا فَالْأَظْهَرُ نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ لِحَدِيثِ { إنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ } وَقَوْلُ ابْنِ هَارُونَ الصَّوَابُ جَوَازُ قِتَالِ الْحَاصِرِ وَأَظُنُّنِي رَأَيْته لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا نَصًّا ، وَقَدْ قَاتَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ الْحَجَّاجَ ، وَقَاتَلَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عُقْبَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْحَجَّاجَ وَعُقْبَةَ بَدَآ بِهِ وَكَانُوا يَطْلُبُونَ النَّفْسَ ، وَنَقْلُهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا لَا أَعْرِفُهُ إلَّا قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إنْ ثَارَ أَحَدٌ فِيهَا وَاعْتَدَى عَلَى اللَّهِ قُوتِلَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ } .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أُلْجِئَ الْمُحْرِمُ لِتَقْلِيدِ السَّيْفِ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَحَمَلَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحَادِيثَ النَّهْيِ عَنْ الْقِتَالِ بِمَكَّةَ عَلَى الْقِتَالِ بِمَا يَعُمُّ كَالْمَنْجَنِيقِ إذَا أَمْكَنَ إصْلَاحُ الْحَالِ بِدُونِهِ ، وَإِلَّا جَازَ .
وَفِي الْإِكْمَالِ وَخَبَرُ { لَا يَحِلُّ لِأَحَدِكُمْ أَنْ يَحْمِلَ السِّلَاحَ بِمَكَّةَ } مَحْمُولٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى حَمْلِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلَا حَاجَةٍ وَإِلَّا جَازَ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَيَجُوزُ

دُخُولُهَا بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَرْبٍ فِي قِتَالِ جَائِزٍ وَبِغَيْرِ إحْرَامٍ أَيْضًا ، وَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ { أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ } أَيْ : أُحِلَّ الْقِتَالُ فِيهَا لَا الصَّيْدُ وَالسَّاعَةُ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةِ الْعَصْرِ كَمَا فِي ابْنِ حَجَرٍ .

وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ : كَزَوْجٍ فِي تَطَوُّعٍ .
( وَلِلْوَلِيِّ ) أَيْ : الْأَبِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ الْقَاضِي أَوْ نَفْسِ الْقَاضِي ( مَنْعُ ) شَخْصٍ ( سَفِيهٍ ) أَيْ : بَالِغٍ عَاقِلٍ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مِنْ حَجٍّ وَلَوْ فَرْضًا .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَزَوْجٍ ) لَهُ مَنْعُ زَوْجَتِهِ ( فِي تَطَوُّعٍ ) مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا فِي فَرْضٍ وَلَوْ عَلَى أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي كَأَدَائِهَا الصَّلَاةَ أَوَّلَ وَقْتِهَا وَقَضَاءِ رَمَضَانَ إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْفَرْضِ أَيْضًا ، فَقَوْلُهُ فِي تَطَوُّعٍ رَاجِعٌ لِلزَّوْجِ فَقَطْ ، وَأَمَّا وَلِيُّ السَّفِيهِ فَلَهُ مَنْعُهُ حَتَّى فِي الْفَرْضِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ .
لِلْبُنَانِيِّ لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْفَرْعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ سَنَدٍ وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا يَحُجُّ السَّفِيهُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ رَأَى وَلِيُّهُ ذَلِكَ نَظَرًا أَذِنَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا .
ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا مُشْكِلٌ إذَا لَمْ يَذْكُرُوا مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهِ .
الرُّشْدَ وَكَيْفَ يَصِحُّ مَنْعُ الْوَلِيِّ مِنْهُ إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ وَأَسْبَابُهُ وَانْتَفَتْ مَوَانِعُهُ .
ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ كَغَيْرِهِ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَيْهِ ، لَكِنَّهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ ، اُنْظُرْهُ قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَهُ الْمَنْعُ فِي الْفَرْضِ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ السَّفِيهَةَ يَمْنَعُهَا وَلِيُّهَا لَا زَوْجُهَا نَعَمْ إنْ كَانَ وَلِيُّهَا زَوَّجَهَا فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الْوِلَايَةُ لَا مِنْ حَيْثُ الزَّوْجِيَّةُ .

وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَهُ التَّحَلُّلُ ، وَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ : كَعَبْدٍ ، وَأَثِمَ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ ، وَلَهُ مُبَاشَرَتُهَا كَفَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ ، وَإِلَّا فَلَا : إنْ دَخَلَ .

( وَإِنْ ) أَحْرَمَ السَّفِيهُ أَوْ الزَّوْجَةُ وَ ( لَمْ يَأْذَنْ الْوَلِيُّ ) لِلسَّفِيهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِيهِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ ( التَّحَلُّلُ ) أَيْ : التَّحْلِيلُ لَهُمَا مِمَّا أَحْرَمَا بِهِ كَتَحْلِيلِ الْمُحْصَرِ بِالنِّيَّةِ وَالْحَلْقِ لِلسَّفِيهِ وَالتَّقْصِيرُ لِلزَّوْجَةِ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ وَلَا يَدْفَعُ لَهُ الْمَالَ بَلْ يَصْحَبُهُ لِيُنْفِقَ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يَصْحَبَ لَهُ مَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ السَّفِيهِ قَالَهُ ابْنُ جَمَاعَةَ الشَّافِعِيُّ فِي مَنْسَكِهِ ( وَ ) إنْ حَلَّلَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ فَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( الْقَضَاءُ ) لِمَا حَلَّلَهَا مِنْهُ إذَا أَذِنَ لَهَا أَوْ تَأَيَّمَتْ بِخِلَافِ السَّفِيهِ وَالصَّغِيرِ إذَا حَلَّلَهَا وَلِيُّهُمَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْبَابِ ، وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ النَّذْرُ الْمُعَيَّنُ فَتَقْتَضِيهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالْمَضْمُونُ أَوْلَى .
وَشَبَّهَ فِي التَّحْلِيلِ وَالْقَضَاءِ فَقَالَ ( كَالْعَبْدِ ) وَلَوْ بِشَائِبَةٍ أَوْ مُكَاتَبًا إنْ أَضَرَّ إحْرَامُهُ بِنُجُومِ كِتَابَتِهِ إنْ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَهُ تَحْلِيلُهُ وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ أُعْتِقَ .
قَالَ فِي التَّقْرِيبِ عَلَى التَّهْذِيبِ لَا يَكُونُ التَّحْلِيلُ بِإِلْبَاسِهِ الْمِخْيَطَ لَكِنْ بِالْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ هَذَا الْإِحْرَامِ فَيَتَحَلَّلُ بِنِيَّتِهِ وَبِحِلَاقِ رَأْسِهِ ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّحْلِيلَ إنَّمَا يَكُونُ بِهَذَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشْهَادَ كَافٍ سَوَاءٌ امْتَنَعَ الْعَبْدُ مِنْ التَّحَلُّلِ أَمْ لَا كَمَا أَنَّ تَحْلِيلَهُ بِالنِّيَّةِ وَالْحِلَاقِ كَافٍ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ وَالظَّاهِرُ جَرَيَانُ مَا ذَكَرَ فِي تَحْلِيلِ الْمَرْأَةِ وَالسَّفِيهِ وَيَقُومُ التَّقْصِيرُ فِي حَقِّهَا مَقَامَ الْحَلْقِ فِي حَقِّ الذَّكَرِ ( وَأَثِمَ ) بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ : عَصَى ( مَنْ لَمْ يَقْبَلْ ) مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ مِنْ سَفِيهٍ وَزَوْجَةٍ وَعَبْدٍ ( وَلَهُ ) أَيْ : الزَّوْجِ (

مُبَاشَرَتُهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ إذَا امْتَنَعَتْ مِنْ التَّحَلُّلِ وَإِفْسَادُهُ عَلَيْهَا وَالْإِثْمُ عَلَيْهَا دُونَهُ لِتَعَدِّيهَا عَلَى حَقِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِذَلِكَ تَحْلِيلَهَا كَانَ كَافِيًا وَإِلَّا فَسَدَ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ مِثْلُهُ فِي الْخَرَشِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَكْفِي وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْمُحْرِمِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ وَأَثِمَ مَنْ لَمْ تُقْبَلْ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ : إنْ لَمْ تَقْبَلْ مَا أَمَرَهَا بِهِ مِنْ التَّحَلُّلِ أَثِمَتْ لِمَنْعِهَا حَقَّهُ فَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ التَّحَلُّلَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمُحْرِمِ لَا مِنْ غَيْرِهِ .
وَشَبَّهَ فِي ، جَوَازِ تَحْلِيلِهَا فَقَالَ ( كَ ) إحْرَامِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا بِ ( فَرِيضَةٍ قَبْلَ الْمِيقَاتِ ) الزَّمَانِيِّ أَوْ الْمَكَانِيِّ بِبُعْدٍ وَاحْتَاجَ إلَيْهَا وَلَمْ يُحْرِمْ وَإِلَّا لَمْ يُحَلِّلْهُمَا ثُمَّ إنْ حَلَّلَهَا بِالشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يَلْزَمُهَا غَيْرُ حِجَّةِ الْفَرْضِ ، وَأَمَّا إنْ أَفْسَدَهُ فَإِنَّهَا تَتَمَادَى عَلَيْهِ وَتَقْضِيهِ أَوْ تَحُجُّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَتَقْضِيهِ وَتَحُجُّ حِجَّةَ الْإِسْلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَيْهَا حِجَّتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : قَضَاءٌ وَالْأُخْرَى حِجَّةُ الْإِسْلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ ، عَلَيْهَا أَنْ تَقْتَضِيَ غَيْرَ حِجَّةِ الْإِسْلَامِ ، صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَنَحْوُهُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِلسَّفِيهِ وَالسَّيِّدُ لِلْعَبْدِ وَالزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ ( فَلَا ) مَنْعَ لَهُ ( إنْ دَخَلَ ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ فِي النَّذْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ .

وَلِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ : رَدُّهُ لَا تَحْلِيلُهُ .
( وَ ) مَنْ بَاعَ رَقِيقًا مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ لِلْمُشْتَرِي فَ ( لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ ) حِينَ شِرَائِهِ بِإِحْرَامِهِ ( رَدُّهُ ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ كَتَمَهُ الْبَائِعُ ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَقْرُبْ زَمَنُ الْإِحْلَالِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُشْتَرِي ( لَا ) يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي ( تَحْلِيلُهُ ) أَيْ : الرَّقِيقِ مِنْ الْإِحْرَامِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى شِرَائِهِ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي أَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ إنْ تَحَلَّلَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ إحْرَامُ الرَّقِيقِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَمْ لَا ، وَإِنْ رَدَّهُ فَلِلْبَائِعِ تَحْلِيلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَلَوْ قَرُبَ زَمَنُ إحْلَالِهِ لِوُقُوعِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ .

وَإِنْ أَذِنَ فَأَفْسَدَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إذْنٌ لِلْقَضَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَمَا لَزِمَهُ عَنْ خَطَإٍ أَوْ ضَرُورَةٍ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ ، وَإِلَّا صَامَ بِلَا مَنْعٍ ، وَإِنْ تَعَمَّدَ : فَلَهُ مَنْعُهُ ، وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ

( وَإِنْ أَذِنَ ) السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ فِي الْإِحْرَامِ وَأَحْرَمَ ( فَأَفْسَدَ ) الْعَبْدُ مَا أَحْرَمَ بِهِ بِنَحْوِ جِمَاعٍ ( لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ : السَّيِّدَ ( إذْنٌ ) ثَانٍ ( لِلْقَضَاءِ ) عِنْدَ أَشْهَبَ خِلَافًا لِأَصْبَغَ قَائِلًا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ آثَارِ إذْنِهِ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ مُحَمَّدٍ مِنْ قَوْلَيْهِمَا ، قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ الْفَوَاتَ كَالْإِفْسَادِ سَنَدٌ وَإِنْ أَرَادَ لِمَا فَاتَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ لِيَحِلَّ وَأَرَادَ سَيِّدُهُ مَنْعَهُ وَإِحْلَالَهُ مَكَانَهُ ، فَقَالَ أَشْهَبُ إنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَا يَمْنَعُهُ ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا فَلَهُ مَنْعُهُ .
فَإِمَّا أَنْ يُبْقِيَهُ عَلَى إحْرَامِهِ وَإِمَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي فَسْخِهِ فِي عُمْرَةٍ ( وَمَا لَزِمَهُ ) أَيْ : الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي الْإِحْرَامِ ( عَنْ خَطَأٍ ) صَدَرَ مِنْهُ كَأَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ لِخَطَأِ عَدَدٍ أَوْ هِلَالٍ أَوْ طَرِيقٍ أَوْ فِي قَتْلِ صَيْدٍ ( أَوْ ) عَنْ ( ضَرُورَةٍ ) كَلُبْسٍ أَوْ تَطَيُّبٍ لِتَدَاوٍ ( فَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِخْرَاجِ ) لِمَا لَزِمَهُ مِنْ هَدْيٍ أَوْ فِدْيَةٍ فَعَلَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ مَالِهِ فَقَدْ أَفَادَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَحْتَاجُ فِي الْإِخْرَاجِ لِإِذْنِ سَيِّدِهِ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِهَا لَا يَحْتَاجُ فِي مَالِهِ لِإِذْنٍ مِنْ سَيِّدِهِ فِي الْإِخْرَاجِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِخْرَاجِ ( صَامَ بِلَا مَنْعٍ ) مِنْ السَّيِّدِ أَيْ : لَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ مِنْ الصِّيَامِ وَإِنْ أَضَرَّ بِهِ فِي عَمَلِهِ ( وَإِنْ تَعَمَّدَ ) الرَّقِيقُ مُوجِبَ الْهَدْيِ أَوْ الْفِدْيَةِ ( فَلَهُ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( مَنْعُهُ ) مِنْ الْإِخْرَاجِ وَالصَّوْمِ ( إنْ أَضَرَّ ) الصَّوْمُ ( بِهِ ) أَيْ : السَّيِّدِ ( فِي عَمَلِهِ ) أَيْ : الرَّقِيقِ لِسَيِّدِهِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ ، وَبَقِيَ مِنْ مَوَانِعِ الْحَجِّ الدَّيْنُ الْحَالُّ أَوْ الَّذِي يَحِلُّ فِي غَيْبَتِهِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَيُمْنَعُ مِنْ الْخُرُوجِ لِلْحَجِّ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْضِيهِ عِنْدَ حُلُولِهِ فَإِنْ

اتَّهَمَهُ بِعَدَمِ عَوْدِهِ حَلَّفَهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيلُهُ إنْ أَحْرَمَ وَلَا لَهُ هُوَ التَّحَلُّلُ وَالْأُبُوَّةُ فَلِلْأَبَوَيْنِ الْمَنْعُ مِنْ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الْفَرْضِ عَلَى إحْدَى رِوَايَتَيْنِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ ، وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ كَوَالِدَيْنِ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ وَهُوَ يُفِيدُ الْمَنْعَ مِنْ التَّطَوُّعِ لَا مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ

( بَابٌ ) الذَّكَاةُ قَطْعٌ مُمَيَّزٌ يُنَاكِحُ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ بِلَا رَفْعٍ قَبْلَ التَّمَامِ ، وَفِي النَّحْرِ طَعْنٌ بِلَبَّةٍ ، وَشَهَرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ ، وَالْوَدَجَيْنِ وَإِنْ سَامِرِيًّا ، أَوْ مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ .

بَابُ الذَّكَاةِ ) لُغَةً التَّتْمِيمُ يُقَالُ ذَكَّيْت الذَّبِيحَةَ أَتْمَمْت ذَبْحَهَا وَالنَّارَ أَتْمَمْت إيقَادَهَا وَإِنْسَانٌ ذَكِيٌّ تَامُّ الْفَهْمِ .
وَشَرْعًا السَّبَبُ لِإِبَاحَةِ أَكْلِ لَحْمِ حَيَوَانٍ غَيْرِ مُحَرَّمٍ وَأَقْسَامُهَا : أَرْبَعَةٌ ذَبْحٌ وَنَحْرٌ وَعَقْرٌ وَمَا يَمُوتُ بِهِ نَحْرُ الْجَرَادِ فَالذَّبْحُ .
( قَطْعُ ) جِنْسٍ خَرَجَ عَنْهُ الْخَنْقُ وَالنَّهْشُ وَإِضَافَتُهُ لِشَخْصٍ ( مُمَيِّزٍ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : مُدْرِكٍ بِحَيْثُ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ لِصِغَرٍ أَوْ عَتَهٍ أَوْ جُنُونٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ سُكْرٍ أَوْ نَحْوِهَا ( يُنَاكِحُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ : يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ وَطْءُ الْأُنْثَى الْمُتَدَيِّنَةِ بِدِينِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ ، فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ مَجُوسِيٍّ أَوْ مُرْتَدٍّ فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا ، وَالنِّكَاحُ بِمَعْنَى الْوَطْءِ فَشَمِلَ قَطْعَ مُمَيِّزٍ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى .
وَمَفْعُولُ قَطْعُ قَوْلُهُ ( تَمَامَ ) أَيْ : جَمِيعَ ( الْحُلْقُومِ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ ، أَيْ : الْقَصَبَةِ الْبَارِزَةِ أَمَامَ الرَّقَبَةِ الَّتِي يَجْرِي فِيهَا النَّفَسُ ، فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ يَجُوزُ وَطْءُ أُنْثَاهُ مَا فَوْقَ الْحُلْقُومِ مِنْ اللَّحْمِ الَّذِي وَصَلَ الْحُلْقُومَ بِالرَّأْسِ وَقَطْعُهُ بَعْضَ الْحُلْقُومِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْحَازَ إلَى الرَّأْسِ دَائِرَةً مِنْ الْحُلْقُومِ وَلَوْ رَقِيقَةً .
فَإِنْ انْحَازَ كُلُّهُ إلَى الْبَدَنِ فَلَا يُؤْكَلُ وَهُوَ مُغَلْصَمٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُؤْكَلُ .
ابْنُ نَاجِي وَبِهِ الْفَتْوَى عِنْدَنَا بِتُونُسَ مُنْذُ مِائَةِ عَامٍ مَعَ الْبَيَانِ عِنْدَ الْبَيْعِ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَأْكُلُهَا الْفَقِيرُ دُونَ الْغَنِيِّ ،

وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ بِسَدِيدٍ وَ ) قَطْعُ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ جَمِيعَ ( الْوَدَجَيْنِ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ أَيْ : الْعِرْقَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي جَانِبَيْ الْعُنُقِ يَتَّصِلُ بِهِمَا أَكْثَرُ عُرُوقِ الْبَدَنِ وَيَتَّصِلَانِ بِالدِّمَاغِ ، فَصْلٌ رَابِعٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ أَحَدِهِمَا أَوْ بَعْضَهُمَا .
وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ قَطْعُ غَيْرِهَا كَالْمَرِيءِ بِهَمْزِ آخِرِهِ كَأَمِيرٍ أَوْ بِشَدِّ الْيَاءِ وَهُوَ عِرْقٌ أَحْمَرُ بَيْنَ الْحُلْقُومِ وَالرَّقَبَةِ مُتَّصِلٌ بِالْفَمِ وَرَأْسِ الْمَعِدَةِ يَجْرِي مِنْهُ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ ، وَيُسَمَّى الْبُلْعُومَ أَيْضًا .
هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَصِلَةُ قَطْعُ ( مِنْ الْمُقَدَّمِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً فَصْلٌ خَامِسٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْقَفَا أَوْ مِنْ أَحَدِ جَانِبَيْ الْعُنُقِ ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِلنُّخَاعِ وَهُوَ مَقْتَلٌ قَبْلَ الذَّبْحِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ عَمْدًا أَوْ غَلَبَةً فِي ضَوْءٍ أَوْ ظَلَامٍ ، وَمُخْرِجٌ أَيْضًا قَطْعَهُمَا مِنْ جِهَةِ الرَّقَبَةِ إلَى خَارِجٍ .
سَحْنُونٌ لَوْ قَطَعَ الْحُلْقُومَ وَلَمْ تُسَاعِدْهُ السِّكِّينُ فِي مَرِّهَا عَلَى الْوَدَجَيْنِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ حَادَّةٍ فَأَدْخَلَهَا بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَالْوَدَجَيْنِ وَجَعَلَ حَدَّهَا إلَيْهِمَا وَقَطَعَ الْوَدَجَيْنِ بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ ، فَإِنَّهَا لَا تُؤْكَلُ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ زَادَ الشَّاذِلِيُّ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا لَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ قَبْلَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ بَيْنَ الرَّقَبَةِ وَالْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَقَطَعَهَا بِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ فَلَا تُؤْكَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمُخَالَفَةِ كَيْفِيَّةِ الذَّبْحِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ الشَّارِعِ ، قَالَ نَاظِمُ مُقَدَّمَةِ ابْنِ رُشْدٍ : وَالْقَطْعُ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ بَتُّهُ وَإِنْ يَكُنْ مِنْ تَحْتِهَا فَمَيْتُهُ قَالَ شَارِحُهَا أَيْ : صِفَةُ الْقَطْعِ أَنْ يَكُونَ مِنْ فَوْقِ الْعُرُوقِ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ تَحْتِهَا بِأَنْ أَدْخَلَ

السِّكِّينَ مِنْ تَحْتِ الْعُرُوقِ وَقَطَعَهَا فَهِيَ مَيْتَةٌ فَلَا تُؤْكَلُ .
ا هـ .
وَبِهِ بَطَلَ قَوْلُ عج قَوْلُهُ مِنْ الْمُقَدَّمِ وَلَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ قَطْعُهَا وَفَوْقَ الرَّقَبَةِ بِإِدْخَالِ السِّكِّينِ بَيْنَهُمَا وَالْقَطْعُ بِهَا إلَى خَارِجٍ فَتُؤْكَلُ لِعَدَمِ قَطْعِ النُّخَاعِ قَبْلَ الذَّبْحِ أَفَادَهُ عب .
وَصِلَةُ قَطْعُ أَيْضًا ( بِلَا رَفْعٍ ) لِلسِّكِّينِ عَنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ ( قَبْلَ التَّمَامِ ) لِقَطْعِهَا ، فَصْلٌ سَادِسٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ جَمِيعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ مِنْ الْمُقَدَّمِ مَعَ الرَّفْعِ قَبْلَ التَّمَامِ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ ، فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقْتَلِ بِحَيْثُ لَوْ تُرِكَتْ لَعَاشَتْ ثُمَّ ذَبَحَ فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ سَوَاءٌ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا عَادَ الْأَوَّلُ أَوْ غَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ ذَكَاةٌ مُسْتَقِلَّةٌ .
وَإِنْ كَانَتْ لَوْ تُرِكَتْ لَا تَعِيشُ لِإِنْفَاذِ مَقْتَلِهَا فَإِنْ عَادَ عَنْ قُرْبٍ أُكِلَتْ سَوَاءٌ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا ، وَمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقْتَلِ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهِ فَهُوَ فِي مَنْفُوذِهِ بِغَيْرِ ذَكَاةٍ أَوْ بِهَا مَعَ الْبُعْدِ ، وَإِنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ فَلَا تُؤْكَلُ رَفَعَ اضْطِرَارًا أَوْ اخْتِيَارًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقُرْبَ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ ، كَالْقُرْبِ فِيمَنْ سَلَّمَ قَبْلَ إكْمَالِ الصَّلَاةِ سَاهِيًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سِرَاجٍ وَنَصُّهُ : وَاَلَّذِي يَتَرَجَّحُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ رَجَعَ فِي فَوْرِ الذَّبْحِ وَأَجْهَزَ صَحَّتْ الذَّكَاةُ كَمَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا وَرَجَعَ بِالْقُرْبِ وَأَصْلَحَ ، فَالْأَقْسَامُ ثَمَانِيَةٌ تُؤْكَلُ فِي سِتَّةٍ مِنْهَا دُونَ اثْنَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّاجِحِ هُوَ الْأَوَّلَ أَوْ غَيْرَهُ ، وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ وَالتَّسْمِيَةِ إنْ عَادَ عَنْ بُعْدٍ أَوْ قُرْبٍ ، وَكَانَ الثَّانِي غَيْرَ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ .
وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الذَّابِحِ الِاتِّحَادُ فَيَجُوزُ وَضْعُ شَخْصَيْنِ آلَتَيْنِ عَلَى

الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ وَذَبْحُهُمَا مَعًا بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَكَذَا وَضْعُ شَخْصٍ آلَةً عَلَى وَدَجٍ وَآخَرَ آلَةً عَلَى الْوَدَجِ الْآخَرِ وَقَطْعُهُمَا مَعًا الْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومَ ، وَمَا تَقَدَّمَ فِي الرَّفْعِ اخْتِيَارًا مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَكْرَارِهِ وَإِلَّا فَلَا تُؤْكَلُ لِتَلَاعُبِهِ ، وَمِثْلُ الرَّفْعِ إبْقَاءُ السِّكِّينِ فِي الْمَحَلِّ بِلَا قَطْعٍ بِهَا وَيَجْرِي تَفْصِيلُ الرَّفْعِ فِي النَّحْرِ وَالْعَقْرِ أَيْضًا ، وَقَدْ يُشِيرُ لَهُ فِي الْعَقْرِ بِقَوْلِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ سِرَاجٍ ، فَلِذَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تُؤْكَلُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ ، وَقِيلَ تُكْرَهُ ، وَقِيلَ إنْ رَفَعَ مُعْتَقِدَ التَّمَامِ فَلَا تُؤْكَلُ وَإِنْ رَفَعَ مُخْتَبِرًا فَتُؤْكَلُ خَامِسُهَا عَكْسُهُ .
( وَ ) الذَّكَاةُ ( فِي النَّحْرِ طَعْنٌ ) مِنْ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ ( بِلَبَّةٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : تَرْقُوَةٍ ابْنِ رُشْدٍ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلٌّ تَصِلُ الْآلَةُ لِلْقَلْبِ مِنْهُ فَيَمُوتُ بِسُرْعَةٍ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ .
ابْنُ غَازِيٍّ اُخْتُلِفَ هَلْ يَقْتَصِرُ فِي النَّحْرِ عَلَى اللَّبَّةِ دُونَ مَا عَدَاهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَمْ لَا ، وَيَصِحُّ النَّحْرُ فِيمَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الشُّيُوخِ الْبَاجِيَّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُمَا وَالثَّانِي مَذْهَبُ ابْنُ لُبَابَةَ وَاللَّخْمِيِّ وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ مَذْبَحٌ وَمَنْحَرٌ فَإِنْ ذَبَحَ فِيهِ جَائِزٌ ، وَإِنْ نَحَرَ فِيهِ فَجَائِزٌ فَأُخِذَ مِنْهُ أَنَّ النَّحْرَ لَا يَخْتَصُّ بِاللَّبَّةِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَالْوَاقِعِ فِي مُهْوَاةٍ إذَا لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْحَرَهُ إلَّا فِي مَحَلِّ ذَبْحِهِ نَحَرَهُ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَذْبَحَهُ إلَّا فِي مَوْضِعِ النَّحْرِ ذَبَحَهُ فِيهِ ،

وَهُوَ بَيِّنٌ مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ .
وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاللَّبَّةُ مَحَلُّ الْقِلَادَةِ مِنْ الصَّدْرِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ .
اللَّخْمِيُّ لَمْ يَشْتَرِطُوا فِي النَّحْرِ قَطْعَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ .
ثُمَّ أَشَارَ بَعْدُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْوَدَجَيْنِ جَمِيعًا ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنَّمَا أَرَادَ اللَّخْمِيُّ التَّفْصِيلَ ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ اللَّبَّةِ وَالْمَذْبَحِ كَفَى قَطْعُ وَدَجٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ فِي اللَّبَّةِ قَطَعَهُمَا مَعًا ؛ لِأَنَّهَا تَجْمَعُهُمَا .
( وَشُهِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا تَشْهِيرًا لَا يُسَاوِي تَشْهِيرَ اشْتِرَاطِ قَطْعِ جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ الْمُتَقَدِّمِ ( أَيْضًا ) أَيْ : كَمَا شُهِرَ قَوْلُنَا تَمَامُ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ ( الِاكْتِفَاءُ ) فِي الذَّبْحِ ( بِ ) قَطْعِ ( نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَ ) جَمِيعِ ( الْوَدَجَيْنِ ) فَالْوَدَجَيْنِ عَطْفٌ عَلَى نِصْفٍ لَا عَلَى الْحُلْقُومِ ، وَالْمُرَادُ الِاكْتِفَاءُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ مَعَ قَطْعِ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ .
ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَطَعَ الْوَدَجَيْنِ وَنِصْفَ الْحُلْقُومِ أُكِلَتْ ، وَإِنْ قَطَعَ مِنْهُ أَقَلَّ فَلَا تُؤْكَلُ ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدَّجَاجَةِ أَوْ الْعُصْفُورِ إذَا أَجْهَزَ عَلَى وَدَجَيْهِ وَنِصْفِ حَلْقِهِ أَوْ ثُلُثَيْهِ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَحِلُّ حَتَّى يُجْهِزَ عَلَى جَمِيعِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ حَبِيبٍ مُتَّفِقَانِ عَلَى اغْتِفَارِ بَقَاءِ النِّصْفِ وَسَحْنُونٌ لَمْ يُغْتَفَرْ بَقَاءُ شَيْءٍ مِنْهُ أَلْبَتَّةَ وَإِلَّا كَانَ الْمَعْنَى وَنِصْفِ الْوَدَجَيْنِ ، وَهَذَا إنْ كَانَ قَوْلًا فِي الْمَذْهَبِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُشْهَرْ كَتَشْهِيرِ قَطْعِ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَجَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا أَيْضًا وَالْمُعْتَمَدُ مَا صَدَّرَ بِهِ بِقَوْلِهِ تَمَامَ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَلَوْ قَطَعَ أَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْحُلْقُومِ مَعَ قَطْعِ جَمِيعِ الْوَدَجَيْنِ لَمْ

يَكْفِ عَلَى هَذَا أَيْضًا ، وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ أَيْ : أَوْ أَكْثَرَ وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ فَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ وَلَمْ يَبْلُغْ التَّمَامَ لَا يَكْفِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَلِانْحِطَاطِ تَشْهِيرِ الثَّانِي عَنْ تَشْهِيرِ الْأَوَّلِ بَلْ قَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ أَرَ مَنْ شَهَرَ هَذَا أَيْ : غَيْرَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ اغْتِفَارُ ذَلِكَ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْهُ } لَمْ يَقُلْ خِلَافٌ ، عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ لَا يَلْزَمُ ابْنَ الْقَاسِمِ الَّذِي يَغْتَفِرُ بَقَاءُ نِصْفِ الْحُلْقُومِ مِنْ الطَّيْرِ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ فِي غَيْرِ الطَّيْرِ لِمَا عُلِمَ عَادَةً مِنْ صُعُوبَةِ اسْتِئْصَالِ قَطْعِ الْحُلْقُومِ مِنْ الطَّيْرِ وَسُهُولَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ أَفَادَ عب .
الْبُنَانِيُّ تَبِعَ ابْنَ غَازِيٍّ فِي جَعْلِ الْكَلَامِ مَسْأَلَةً وَاحِدَةً وَنَقَلَهُ عَنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَتَبِعَهُ فِي هَذَا أَيْضًا طفي وَغَيْرُهُ مَعَ أَنَّ الْحَطَّابَ اعْتَرَضَ عَزْوَهُ لِلْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ هَذَا فِي هَذَا الْقَوْلِ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرِّسَالَةِ الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ، وَيَظْهَرُ ذَلِكَ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ ا هـ .
وَنَصُّ التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ صُورَةَ نِصْفِ الْحُلْقُومِ وَصُورَةَ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ وَصُورَةَ بَعْضِ كُلٍّ مِنْهُمَا ، قَالَ وَمُقْتَضَى الرِّسَالَةِ عَدَمُ الْأَكْلِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لِقَوْلِهِ وَالذَّكَاةُ قَطْعُ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْدَاجِ لَا يُجْزِئُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ ، قِيلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ا هـ فَكَلَامُهُ لَا يُفِيدُ التَّشْهِيرَ الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَنْ تَبِعَهُ نَعَمْ التَّشْهِيرُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ ابْنُ بَزِيزَةَ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ ، وَنَصُّهُ إذَا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ فَقَطْ فَلَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثِ صُوَرٍ ، إمَّا أَنْ يَقْطَعَهَا الذَّابِحُ كُلَّهَا أَوْ أَكْثَرَهَا أَوْ لَا

يَقْطَعُ مِنْهَا شَيْئًا .
فَإِنْ قَطَعَ جَمِيعَهَا فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهَا تُؤْكَلُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْطَعْ شَيْئًا مِنْهَا أَوْ قَطَعَ أَقَلَّهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ وَإِنْ قَطَعَ نِصْفَهَا أَوْ أَكْثَرَهَا فَهَلْ تُؤْكَلُ أَمْ لَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ .
وَالْمَشْهُورُ أَنَّ قَطْعَ الْكُلِّ لَا يُشْتَرَطُ ، وَيَكْفِي فِي ذَلِكَ قَطْعُ النِّصْفِ فَأَكْثَرَ ، وَمِثْلُهُ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَطَعَ بَعْضَ الْحُلْقُومِ وَبَعْضَ الْوَدَجَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَلَا تُؤْكَلُ ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفَ فَمَا فَوْقَ فَقَوْلَانِ الْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُؤْكَلُ .
ا هـ .
وَهُوَ يُفِيدُ التَّشْهِيرَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ فِي نِصْفِ الْحُلْقُومِ فَقَطْ ، وَفِي نِصْفِ كُلِّ وَدَجٍ وَفِي نِصْفِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ .
وَأَمَّا قَطْعُ أَحَدِ الْوَدَجَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَلَا يَشْمَلُهَا كَلَامُهُ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَقْرِيرَ الشَّارِحِ هُوَ الصَّوَابُ فِي جَعْلِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَسْأَلَتَيْنِ كَمَا فِي الْحَطّ ، فَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ مَسْأَلَةٌ يَعْنِي مَعَ تَمَامِ الْوَدَجَيْنِ .
وَقَوْلُهُ وَالْوَدَجَيْنِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى أَيْ نِصْفُ الْوَدَجَيْنِ يَعْنِي مَعَ تَمَامِ الْحُلْقُومِ ، وَجَعَلَ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ هَذِهِ مُحْتَمِلَةٌ لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَقْطَعَ نِصْفَ كُلِّ وَدَجٍ وَفِيهَا قَوْلَانِ الْإِجْزَاءُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَعَدَمُهُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ .
وَالثَّانِي أَنْ يَقْطَعَ وَاحِدًا مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَفِيهَا رِوَايَتَانِ ، قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْأَكْلِ لِعَدَمِ إنْهَارِ الدَّمِ إلَّا أَنَّ الصُّورَةَ الْأَخِيرَةَ تَقَدَّمَ أَنَّ التَّشْهِيرَ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا فَلَا يَنْبَغِي إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَتَعَيَّنَ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ ، وَيَصِحُّ ذَبْحُ وَنَحْرُ مُمَيِّزٍ تُوطَأُ أُنْثَاهُ إنْ لَمْ يَكُنْ سَامِرِيًّا وَلَا مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ يَهُودِيًّا ( سَامِرِيًّا ) وَهُمْ قَوْمٌ مِنْ بَنِي

يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْكَرُوا نُبُوَّةَ مَا عَدَا مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشَعَ بْنَ نُونٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ بِيَدِهِمْ تَوْرَاةً فِيهَا أُمُورٌ بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَلَا يَرَوْنَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ ، حُرْمَةً كَالْيَهُودِ ، وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ ، وَيُنْكِرُونَ الْمِيعَادَ الْجُسْمَانِيَّ قَالَهُ تت ، وَمُبَالَغَتُهُ عَلَى السَّامِرِيِّ فَقَطْ تُفِيدُ أَنَّ الصَّابِئِيَّ لَا تَصِحُّ تَذْكِيَتُهُ حَتَّى يَتَنَصَّرَ .
فَإِنْ قُلْت السَّامِرِيُّ أَخَذَ بَعْضَ الْيَهُودِيَّةِ وَالصَّابِئِيُّ بِبَعْضِ النَّصْرَانِيَّةِ فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .
قُلْت هُوَ أَنَّ مُخَالَفَةَ الصَّابِئِي لِلنَّصْرَانِيَّةِ أَشَدُّ مِنْ مُخَالَفَةِ السَّامِرِيِّ لِلْيَهُودِيَّةِ ، وَذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الصَّابِئِي تَنَصُّرَهُ .
( أَوْ ) كَانَ ( مَجُوسِيًّا ) وَهُمْ قَوْمٌ يَعْبُدُونَ النِّيرَانَ ، وَقَالُوا إنَّ لِلْعَالَمِ إلَهَيْنِ نُورًا وَظُلْمَةً فَالنُّورُ إلَهُ الْخَيْرِ ، وَالظُّلْمَةُ إلَهُ الشَّرِّ وَاعْتَقَدُوا تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ ( تَنَصَّرَ ) بِفَتَحَاتِ .
مُثَقَّلًا أَيْ : انْتَقَلَ الْمَجُوسِيُّ إلَى دِينِ النَّصْرَانِيَّةِ يَعْنِي أَوْ تَهَوَّدَ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْرُهُ لِصَيْرُورَتِهِ .
كِتَابِيًّا تُوطَأُ أُنْثَاهُ .

وَذَبَحَ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّهُ وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ ، وَإِنْ لَمْ يَغِبْ لَا صَبِيٌّ ارْتَدَّ .

وَعَطَفَ عَلَى يُنَاكِحُ فَقَالَ ( وَذَبْحُ ) الْكِتَابِيُّ أَصَالَةً أَوْ انْتِقَالًا وَلَوْ رَقِيقًا ( لِنَفْسِهِ ) شَرْطٌ أَوَّلُ ، اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ ذَبْحِهِ لِمُسْلِمٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ سَيَأْتِيَانِ فِي قَوْلِهِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ وَمَفْعُولُ ذَبَحَ قَوْلُهُ ( مُسْتَحَلَّةُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : الَّذِي يَعْتَقِدُ حِلَّهُ لَهُ شَرْطٌ ثَانٍ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ ذَبْحِهِ مَا يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ عَلَيْهِ كَذِي الظُّفُرِ ، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ لَا يَذْبَحَهُ لِمَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَذِبْحٍ لِصَنَمٍ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْوُهُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ كَانَ يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ الْمَيْتَةِ .
بَلْ ( وَإِنْ أَكَلَ ) أَيْ اسْتَحَلَّ الْكِتَابِيُّ فِي اعْتِقَادِهِ أَنْ يَأْكُلَ ( الْمَيْتَةَ ) بِلَا ذَبْحٍ وَلَا نَحْرٍ فَيَصِحُّ ذَبْحُهُ وَنَحْرُهُ ( إنْ لَمْ يَغِبْ ) عَلَى مَذْبُوحِهِ أَوْ مَنْحُورِهِ بِأَنْ ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ عَارِفٍ كَيْفِيَّةَ الذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ ثِقَةٍ لَا يُتَّهَمُ بِمُوَافَقَتِهِ عَلَى خِلَافِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يُؤْكَلَ عَلَى مَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ فِي تَعْلِيلِ حُرْمَةِ مَا حَرُمَ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّ الذَّكَاةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ النِّيَّةِ .
وَإِذَا اسْتَحَلَّ الْمَيْتَةَ فَكَيْفَ يَنْوِي الذَّكَاةَ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ نَوَاهَا فَكَيْفَ يَصْدُقُ ا هـ .
وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ عُرِفَ أَكْلُ الْكِتَابِيِّ الْمَيْتَةَ فَلَا يُؤْكَلُ مَا غَابَ عَلَيْهِ .
قُلْت كَذَا نَقَلُوهُ وَالْأَظْهَرُ عَدَمُ أَكْلِهِ مُطْلَقًا لِاحْتِمَالِ عَدَمِ نِيَّةِ الذَّكَاةِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ وَجْهَ الْمَشْهُورِ الْوُقُوفُ مَعَ النَّصِّ ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ مِنْ قَصْدِ الذَّكَاةِ وَعَدَمِهِ وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَغِبْ أَنَّ مَا غَابَ عَلَيْهِ لَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ

قَتْلِهِ بِغَيْرِ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ الشَّرْعِيَّيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَذَكَرَ بَعْضَ مَفْهُومِ يُنَاكِحُ فَقَالَ ( لَا ) يَصِحُّ ذَبْحُ وَلَا نَحْرُ شَخْصٍ ( صَبِيٍّ ) مُمَيِّزٍ ( ارْتَدَّ ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ بِوِلَادَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِنُطْقِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ طَائِعًا لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَأَوْلَى الْبَالِغُ الْمُرْتَدُّ .

وَذِبْحٍ لِصَنَمٍ .

( وَ ) لَا يَجُوزُ أَكْلُ لَحْمِ ( ذِبْحٍ ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : مَذْبُوحٍ ( لِ ) مَعْبُودٍ غَيْرِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كَ ( صَنَمٍ ) أَيْ : حَجَرٍ مُصَوَّرٍ بِصُورَةِ آدَمِيٍّ أَوْ مَلَكٍ أَوْ صَلِيبٍ أَوْ الْمَسِيحُ ، وَاللَّامُ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لَا يُؤْكَلُ مَا ذَبَحَهُ كِتَابِيٌّ لِصَنَمٍ يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ مَثَلًا بَدَلَ بِسْمِ اللَّهِ ، فَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ أَيْضًا فَيُؤْكَلُ تَغْلِيبًا لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ؛ لِأَنَّهُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ قَصْدُهُ اخْتِصَاصُهُ بِالصَّنَمِ مَعَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ ذَبَحَ لِصَنَمٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ ، وَلَامُ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُ الِاسْتِحْقَاقَ وَلِذَا كَانَتْ لَامُ لِصَلِيبٍ الْآتِيَةُ تَعْلِيلَةً قَالَهُ عب الرَّمَاصِيِّ ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَذْكُرَ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ ، فَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا ذَكَرُوا عَلَيْهِ اسْمَ الْمَسِيحِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ ، وَقَوْلُهُ قَائِلًا أَبَاحَ اللَّهُ تَعَالَى لَنَا ذَبَائِحَهُمْ وَعَلِمَ مَا يَفْعَلُونَ ا هـ .
وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يُكْرَهُ وَذُبِحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَلَيْسَ تَحْرِيمُ الْمَذْبُوحِ لِلصَّنَمِ لِكَوْنِهِ ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُهُ بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ تُقْصَدْ ذَكَاتُهُ ، وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ .
وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَهُمْ دِينٌ شَرَعَ .
وَقَالَ قَوْمٌ

نُسِخَ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ حِلُّ ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَهُ عِكْرِمَةُ وَالْحَسَنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ } ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ وَأُهِلَّ مَعْنَاهُ صِيحَ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ ، وَجَرَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ بِالصِّيَاحِ بِاسْمِ الْمَقْصُودِ بِالذَّبِيحَةِ وَغَلَبَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى عُبِّرَ بِهِ عَنْ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ التَّحْلِيلِ ، ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ غَيْرِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيهَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَذِبْحٍ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ مُحَرَّمٌ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّنَمِ كُلُّ مَا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ تَعَالَى بِحَيْثُ يَشْمَلُ الصَّلِيبَ وَالْمَسِيحَ وَغَيْرَهُمَا ، وَأَنَّ هَذَا شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ كَمَا فِي تت و ز وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الذَّبَائِحِ ، وَنَصُّهُ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا ذَبَحَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ ؛ لِأَنَّهُ رَآهُ مُضَاهِيًا لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } وَلَمْ يُحَرِّمْهُ إذَا لَمْ يَرَ الْآيَةَ مُتَنَاوَلَةً لَهُ وَإِنَّمَا رَآهَا مُضَاهِيَةً لَهُ ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا لَا يَأْكُلُونَهُ .
قَالَ وَقَدْ مَضَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِتَابِ الضَّحَايَا ، وَقَالَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَشْهَبَ وَسَأَلَتْهُ عَمَّا ذُبِحَ لِلْكَنَائِسِ قَالَ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلَ مَا ذَبَحُوهُ لِأَعْيَادِهِمْ وَكَنَائِسِهِمْ ، وَوَجْهُ قَوْلِ

أَشْهَبَ أَنَّ مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ لَمَّا كَانُوا يَأْكُلُونَهُ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَنَا ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } وَإِنَّمَا تَأَوَّلَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ { أَوْ فِسْقًا أُهِلّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } فِيمَا ذَبَحُوهُ لِآلِهَتِهِمْ مِمَّا يَتَقَرَّبُونَ بِهِ إلَيْهَا وَلَا يَأْكُلُونَهُ فَهَذَا حَرَامٌ عَلَيْنَا بِدَلِيلِ الْآيَتَيْنِ جَمِيعًا ا هـ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ ذِبْحَ أَهْلِ الْكِتَابِ إنْ قَصَدُوا بِهِ التَّقَرُّبَ لِآلِهَتِهِمْ فَلَا يُؤْكَلُ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ طَعَامِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِذَكَاتِهِ إبَاحَتَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ هُنَا .
وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ الْمَكْرُوهِ فِي ذِبْحٍ لِصَلِيبٍ إلَخْ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا ذَبَحُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ وَسَمَّوْا عَلَيْهِ اسْمَ آلِهَتِهِمْ فَهَذَا يُؤْكَلُ بِكُرْهٍ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ طَعَامِهِمْ .
وَفِي ابْنِ نَاجِي عَلَى الرِّسَالَةِ مَا نَصُّهُ .
وَأَمَّا مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ .
ابْنُ هَارُونَ وَكَذَا عِنْدِي مَا ذُبِحَ لِلْمَسِيحِ بِخِلَافِ مَا سَمَّوْا عَلَيْهِ الْمَسِيحَ يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ ا هـ .
وَقَدْ غَابَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ طفي فَاعْتَرَضَ عَلَى تت وَمَنْ تَبِعَهُ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ مَا هُنَا عَلَى ذِبْحِ الْمَجُوسِيِّ وَمَا يَأْتِي عَلَى ذِبْحِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ الصَّنَمَ لِلْمَجُوسِ وَالصَّلِيبَ لِلنَّصَارَى ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لَكِنَّ الْحَمْلَ الْأَوَّلَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ ذَبْحَ الْمَجُوسِيِّ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ يُنَاكِحُ وَلِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمُفِيدِ لِلشَّرْطِ الثَّالِثِ فِي أَكْلِ ذَبِيحَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ وَكَانَ حَقُّهُ لَوْ قَالَ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا مُجَرَّدُ ذِكْرِ الِاسْمِ عَلَيْهِ فَلَا يُحَرِّمُهُ وَهُوَ

الْمُرَادُ بِمَا يَأْتِي ذَكَرَ مَعَهُ اسْمَ اللَّهِ أَمْ لَا .

أَوْ غَيْرُ حِلٍّ لَهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا ، وَإِلَّا كُرِهَ كَجِزَارَتِهِ ، وَبَيْعٍ ، وَإِجَارَةٍ لِعَبْدِهِ ، وَشِرَاءِ ذِبْحِهِ ، وَتَسَلُّفِ ثَمَنِ خَمْرٍ ، وَبَيْعٍ بِهِ ، لِأَخْذِهِ قَضَاءً ، وَشَحْمِ يَهُودِيٍّ ، وَذَبْحٍ لِصَلِيبٍ ، أَوْ عِيسَى وَقَبُولِ مُتَصَدِّقٍ بِهِ لِذَلِكَ ، وَذَكَاةِ خُنْثَى ، وَخَصِيٍّ ، وَفَاسِقٍ .

وَلَمَّا كَانَ فِي مَفْهُومِ مُسْتَحِلِّهِ تَفْصِيلٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) مَا ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ الْكِتَابِيُّ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ ( غَيْرِ حِلٍّ لَهُ ) أَيْ الْيَهُودِيِّ فِي زَعْمِهِ ( إنْ ثَبَتَ ) تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ الْمَنْسُوخُ ( بِشَرْعِنَا ) وَهُوَ قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } الْأَنْعَامُ ، فَيَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَأْكُلَ مَا ذَبَحَهُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ شَرْعُنَا أَخْبَرَ عَنْ شَرْعِهِمْ بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَهِيَ الْإِبِلُ ، وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ لَا الدَّجَاجُ وَكُلُّ مَا لَيْسَ مَشْقُوقَ الظِّلْفِ وَلَا مُنْفَرِجَ الْقَوَائِمِ ، بِخِلَافِ مَشْقُوقِهَا كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالظِّبَاءِ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ فِي قَوْله تَعَالَى { وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ } أَيْ : حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ فِي شَرِيعَةِ نَبِيِّهِمْ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا أَيْ : وَلَمْ يُخْبِرْ شَرْعُنَا بِأَنَّهُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا هُمْ الَّذِينَ أَخْبَرُوا أَنَّ شَرْعَهُمْ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ كَالطَّرِيقَةِ وَهِيَ فَاسِدَةُ الرِّئَةِ أَيْ : مُلْتَصِقَتُهَا بِظَهْرِ الْحَيَوَانِ ( كُرِهَ ) لَنَا أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ فَإِخْبَارُ شَرْعِنَا لَهُ تَأْثِيرٌ فِي حَقِّنَا فِي حُرْمَةِ مُذَكَّاةٍ عَلَيْنَا .
وَلَيْسَ الدَّجَاجُ مِنْ ذِي الظُّفُرِ ؛ لِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأَصَابِعِ فَيُبَاحُ لَنَا أَكْلُهُ بِذَبْحِ الْيَهُودِيِّ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَجِزَارَتِهِ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ : يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَ الْكَافِرَ جَزَّارًا أَيْ : ذَبَّاحًا لِلْمُسْلِمِينَ مَا يَسْتَحِلُّهُ يَبِيعُهُ لِعَدَمِ نُصْحِهِ لَهُمْ ، وَالْجَزَّارُ الذَّابِحُ وَاللَّحَّامُ بَائِعُ اللَّحْمِ وَالْقَصَّابُ كَاسِرُ الْعَظْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ هُنَا مَا يَعُمُّ الْجَمِيعَ ، وَإِمَّا مَا بِضَمِّ الْجِيمِ فَأَطْرَافُ الْحَيَوَانِ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرَأْسُهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ

جِزَارَتُهُ فِي الْأَسْوَاقِ أَوْ الْبُيُوتِ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِنَابَتِهِ فِي الذِّبْحِ ، وَيُكْرَهُ بَيْعُهُ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَالشِّرَاءُ مِنْهُ وَكَوْنُهُ صَيْرَفِيًّا لِذَلِكَ .
( وَ ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ ( بَيْعٌ ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا ( وَإِجَارَةٌ ) لِلْكَافِرِ شَيْئًا ( لِعَبْدِهِ ) أَيْ الْكَافِرِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَظْهَرُ بِهِ دِينُهُ ( وَ ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ ( شِرَاءُ ذِبْحِهِ ) أَيْ الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلُّهُ لَا أَكْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } الْمَائِدَةُ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى تَفْسِيرِ الطَّعَامِ بِالذَّبِيحَةِ سَوَاءٌ كَانَ يُبَاحُ بِشَرْعِهِ ، أَمْ يَحْرُمُ إنْ كَانَ بِمُجَرَّدِ إخْبَارِهِ كَالطَّرِيقَةِ وَأَمَّا مَا ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ لِلْيَهُودِيِّ فَيَحْرُمُ أَكْلُهُ وَشِرَاؤُهُ وَيُفْسَخُ ( وَ ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ ( تَسَلُّفُ ثَمَنِ خَمْرٍ ) مِنْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ بَاعَهَا الذِّمِّيُّ أَوْ حَرْبِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لَكِنْ ثَمَنُهَا مِنْ مُسْلِمٍ أَشَدُّ كَرَاهَةً لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَيَتَصَدَّقُ بِثَمَنِ الْخَمْرِ إنْ لَمْ يَقْبِضْهُ ، فَإِنْ قَبَضَهُ أَيْ قَبْلَ إسْلَامِهِ كَانَ لَهُ وَلِسَحْنُونٍ يَتَصَدَّقُ بِهِ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ مِنْ كَافِرٍ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ فَبَاعَهَا فَيَحْرُمُ تَسَلُّفُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا لِيَمْلِكَهَا إذْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ ثَمَنِهَا وَإِرَاقَتُهَا .
( وَ ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ ( بَيْعٌ ) لِكَافِرٍ شَيْئًا ( بِهِ ) أَيْ : ثَمَنِ الْخَمْرِ ( لَا ) يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ ( أَخْذُهُ ) أَيْ : ثَمَنُ الْخَمْرِ مِنْ كَافِرٍ ( قَضَاءً ) عَنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ أَوْ عَنْ جِزْيَةٍ لِتَقَدُّمِ سَبَبِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُكْرَهُ قَبُولُ هِبَةٍ وَالصَّدَقَةُ بِهِ .
وَاخْتُلِفَ فِي الْمَالِ الْمُكْتَسَبِ مِنْ حَرَامٍ كَرِبًا وَمُعَامَلَةٍ فَاسِدَةٍ إذَا مَاتَ مُكْتَسِبُهُ عَنْهُ فَهَلْ يَحِلُّ لِلْوَارِثِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَمْ لَا ، وَأَمَّا عَيْنُ الْحَرَامِ الْمَعْلُومِ مُسْتَحَقَّةٌ

كَالْمَسْرُوقِ وَالْمَغْصُوبِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ ، وَوَارِثُهُ إنْ عَلِمَ كَهُوَ وَقَوْلُهُمْ الْحَرَامُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتَيْنِ لَيْسَ مَذْهَبَنَا .
( وَ ) كُرِهَ لِمُسْلِمٍ أَكْلُ ( شَحْمِ يَهُودِيٍّ ) مِنْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا } .
فَإِنْ عَزَلَهُ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ وَلَمْ يَحْرُمْ عَلَيْنَا مَعَ ثُبُوتِ تَحْرِيمِهِ بِكِتَابِنَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مُذَكًّى وَالْمُذَكَّى حَلَالٌ لَهُمْ فَقَدْ ذَبَحَ مُسْتَحِلَّهُ ، لَكِنْ لِحُرْمَةِ شَحْمِهِ عَلَيْهِ كُرِهَ لَنَا أَكْلُهُ وَهُوَ الشَّحْمُ الْخَالِصُ كَالثَّرَبِ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثِ وَالرَّاءِ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْكَرِشَ ، وَالْأَمْعَاءَ وَالْقِطْنَةَ بِكَسْرِ الطَّاءِ كَمَعِدَةٍ الَّتِي مَعَ الْكَرِشِ وَهِيَ ذَاتُ الْأَطْبَاقِ الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ رُمَّانَةً لَا مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ أَوْ لَحْمٍ وَلَا الْحَوَايَا وَهِيَ الْأَمْعَاءُ وَالْمَبَاعِرُ بَنَاتُ اللِّينِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ تَتَبَعَّضُ هَكَذَا بِالْإِثْبَاتِ فِيمَا رَأَيْته مِنْ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ لَا تَتَبَعَّضُ بِالنَّفْيِ ، وَلِمَا ذَكَرَ فِي الْبَيَانِ فِي شُحُومِ الْيَهُودِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ : الْإِجَازَةَ وَالْكَرَاهَةَ وَالْمَنْعَ وَأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى قَوْلَيْنِ : الْمَنْعُ وَالْإِجَازَةُ ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ قَبِيلِ الْإِجَازَةِ قَالَ : وَالْأَصْلُ فِي هَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } ، هَلْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ أَوْ مَا يَأْكُلُونَ فَمَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذَبَائِحُهُمْ أَجَازَ أَكْلَ شُحُومِهِمْ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ ذَبَائِحِهِمْ وَمُحَالٌ أَنْ تَقَعَ الذَّكَاةُ عَلَى بَعْضِ الشَّاةِ مَثَلًا دُونَ بَعْضٍ .
وَمَنْ قَالَ الْمُرَادُ مَا يَأْكُلُونَ لَمْ يُجِزْ أَكْلَ ، شُحُومِهِمْ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَهَا عَلَيْهِمْ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَا أَخْبَرَ بِهِ فِي

الْقُرْآنِ فَلَيْسَتْ مِمَّا يَأْكُلُونَ .
قَوْلُهُ وَالْقَطِنَةُ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيْ : وَبِالنُّونِ بَعْدَهَا كَمَا ، فِي الْقَامُوسِ .
قَوْلُهُ وَالْمَبَاعِرُ بَنَاتُ اللَّبْنِ .
هَكَذَا فِي نُسَخِ تت و ز مِنْ غَيْرِ عَطْفٍ فَاللَّبْنُ بِسُكُونِ الْبَاءِ بِمَعْنَى الْأَكْلِ وَبَنَاتِ اللَّبْنِ الْإِمْعَاءُ الَّتِي يَسْتَقِرُّ فِيهَا الْأَكْلُ ، وَهِيَ الْمَبَاعِرُ جَمْعُ مَبْعَرٍ مَوْضِعِ الْبَعْرِ ، وَهُوَ رَجِيعُ ذَاتِ الْخُفِّ وَالظِّلْفِ ، فَإِنْ ضَبَطْنَا بَنَاتِ اللَّبَنِ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَهِيَ الْأَمْعَاءُ الَّتِي يَكُونُ مِنْهَا اللَّبَنُ تَعَيَّنَ تَقْدِيرُ الْعَاطِفِ .
( وَ ) كُرِهَ ( ذِبْحٌ ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : مَذْبُوحٌ ( لِصَلِيبٍ ) أَيْ لِلتَّقَرُّبِ لَهُ ( أَوْ ) لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ إلَى ( عِيسَى ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ فِيهِمَا فَلَا يُنَافِي ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلِذَا كُرِهَ أَكْلُهَا بِخِلَافِ لَامِ الِاسْتِحْقَاقِ فِي الصَّنَمِ الْمُفِيدَةِ لِلِاخْتِصَاصِ ، فَإِنَّهَا مُنَافِيَةٌ لِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلِذَا مُنِعَ أَكْلُهَا كَمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ قَصَدَ بِهَا الِاسْتِحْقَاقَ فَكَالذَّبْحِ لِصَنَمٍ فِي مَنْعِ الْأَكْلِ كَعَكْسِهِ ، وَمِثْلُ مَا ذُبِحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى مَا ذَبَحُوهُ لِكَنَائِسِهِمْ وَأَعْيَادِهِمْ وَمَنْ مَضَى مِنْ أَحْبَارِهِمْ وَلِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ فِي الْجَمِيعِ قَصْدُهُمْ بِهِ تَعْظِيمَ شِرْكِهِمْ مَعَ قَصْدِ الذَّكَاةِ .
ابْنُ سِرَاجٍ وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْمَحْمُومُ مِنْ طَعَامٍ وَيَضَعُهُ عَلَى الطَّرِيقِ وَيُسَمِّيهِ ضِيَافَةَ الْجَانِّ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لِأَجْلِ التَّقَرُّبِ لَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ الْمُرَادُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى كَمَا تَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ .
( وَ ) كُرِهَ لَنَا ( قَبُولُ مُتَصَدَّقٍ بِهِ ) مِنْ الْكَافِرِ ( لِذَلِكَ ) الْمَذْكُورِ مِنْ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى وَكَذَا لِأَمْوَاتِهِمْ ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ تَعْظِيمٌ لِشِرْكِهِمْ .
تت وَكَذَا قَبُولُ مَا يُهْدُونَهُ فِي أَعْيَادِهِمْ لِلْمُسْلِمِينَ مِنْ رُقَاقٍ

وَبَيْضٍ وَكَرِهَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْهُ جُبْنَ الْمَجُوسِ لِمَا فِيهِ مِنْ أَنَافِحِ الْمَيْتَةِ ا هـ .
أَيْ : فَإِنْ تَحَقَّقَ وَضْعَهُمْ أَنَافِحَهَا فِيهِ حَرُمَ قَطْعًا وَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وَضْعِهَا فِيهِ أُبِيحَ قَطْعًا ، وَإِنْ شَكَّ كُرِهَ لِمُجَرَّدِ الْإِشَاعَةِ وَلَا يَحْرُمُ ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَا يُطْرَحُ بِالشَّكِّ وَلِأَنَّ صَنَائِعَ الْكُفَّارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الطَّهَارَةِ كَنَسْجِهِمْ كَمَا اخْتَارَهُ الْبِسَاطُ وَجَمَاعَةٌ وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافَهُ .
وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ أَنَّ جُبْنَ الْمَجُوسِ حَرَامٌ لِعَدَمِ تَوَقِّيهِمْ النَّجَاسَةَ قَطْعًا وَجُبْنُ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ وَمِثْلُهُ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْهُ الْبُنَانِيُّ أَنَافِحُ جَمْعُ إنْفَحَةٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ وَقَدْ تُكْسَرُ الْفَاءُ شَيْءٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ بَطْنِ الْجَدْيِ الرَّاضِعِ أَصْفَرُ فَيُعْصَرُ فِي صُوفِهِ فَيُغَلِّظُ اللَّبَنَ لِلْجُبْنِ ، ( وَ ) كُرِهَ ( ذَكَاةُ ) أَيْ : ذَبْحُ أَوْ نَحْرُ شَخْصٍ ( خُنْثَى ) مُشْكِلٍ ( وَخَصِيٍّ ) وَأَوْلَى مَجْبُوبٍ ( وَفَاسِقٍ ) لِنَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لِضَعْفِ الْأَوَّلَيْنِ وَنَقْصِ دِينِ الثَّالِثِ .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ لِنُفُورِ النَّفْسِ مِنْ أَفْعَالِهِمْ ، وَأَمَّا تَعْلِيلُ الْأَوَّلَيْنِ بِالضَّعَفَةِ فَنُقِضَ بِالْمَرْأَةِ وَالثَّالِثُ بِالْكَافِرِ قَالَهُ تت ، قَدْ يُقَالُ الْمَرْأَةُ أَقْوَى مِنْ الْخَصِيِّ لِبَقَائِهَا عَلَى خِلْقَتِهَا ، وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ مُذَكَّاهَا الْأَغْلَفُ وَالْجُنُبُ وَالْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ وَالْأَخْرَسُ ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْفَاسِقِ وَالْكَافِرِ بِأَنَّ لِلْكَافِرِ دِينًا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِالْجِزْيَةِ ، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ كَمَا عَلَّلُوا بِهِ جَوَازَ الْخِطْبَةِ عَلَى الْفَاسِقِ دُونَ الْكَافِرِ سَالِمٌ ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ مُذَكَّى الْكَافِرِ لِنَفْسِهِ لَا يُكْرَهُ لَنَا أَكْلُهُ ، وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَوْنُهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لَا تَذْكِيَتُهُ لِنَفْسِهِ مُسْتَحِلَّةً .
وَشَمِلَ الْفَاسِقُ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَأَهْلَ الْبِدَعِ

عَلَى الْقَوْلِ بِإِسْلَامِهِمْ ، وَلَا تُكْرَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ عَرَبِيٍّ أَوْ عَجَمِيٍّ أَجَابَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَا مِنْ امْرَأَةٍ وَصَبِيٍّ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ .
وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ سِتَّةٌ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ وَسِتَّةٌ تُكْرَهُ وَسِتَّةٌ اُخْتُلِفَ فِيهِمْ ، فَالسِّتَّةُ الَّذِينَ لَا تَجُوزُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ وَالْمَجْنُونُ حَالَ جُنُونِهِ ، وَالسَّكْرَانُ غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ وَالزِّنْدِيقُ .
وَالسِّتَّةُ الَّذِينَ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُمْ الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى وَالْخَصِيُّ وَالْأَغْلَفُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِمْ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَالسَّكْرَانُ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، وَالْبِدْعِيُّ الْمُخْتَلَفُ فِي كُفْرِهِ ، وَالْعَرَبِيُّ النَّصْرَانِيُّ ، وَالنَّصْرَانِيُّ يَذْبَحُ لِلْمُسْلِمِ بِإِذْنِهِ وَالْأَعْجَمِيُّ يُجِيبُ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ بُلُوغِهِ ا هـ .
وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ وَنَظَمَهَا بَعْضُهُمْ فَقَالَ : ذَكَاةُ مَجُوسِيٍّ وَمُغْمًى وَطَافِحٍ وَطِفْلٍ وَمُرْتَدٍّ وَمَنْ قَدْ تَزَنْدَقَا حَرَامٌ وَزَادَ أُنْثَى وَخُنْثَى وَأَغْلَفَا خَصِيًّا وَطِفْلًا عَاقِلًا وَفُوَيْسِقًا وَلَكِنَّهَا مَكْرُوهَةٌ وَتَنَازَعُوا بِنَشْوَانَ أَوْ مَنْ كُفْرُهُ مَا تَحَقَّقَا وَفِي كَافِرٍ ذَكَّى بِإِذْنٍ لِمُسْلِمٍ وَفِي عَرَبِيٍّ بِالنَّصَارَى تَعَلَّقَا

وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ .
.
( وَفِي ) صِحَّةِ كَرَاهَةِ أَوْ إبَاحَةِ ( ذَبْحِ ) وَنَحَرَ شَخْصٍ ( كِتَابِيٍّ ) يَهُودِيٍّ أَوْ نَصْرَانِيٍّ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُسْلِمٍ ) مَا مَلَكَهُ الْمُسْلِمُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَالْبَاقِي لِلْكِتَابِيِّ ، وَوَكَّلَهُ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَعَدَمِهَا مَعَ الْحُرْمَةِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ، وَمَفْهُومُ لِمُسْلِمٍ أَنَّ ذَبْحَهُ لِكَافِرٍ لَيْسَ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمَذْكُورَانِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ ذَبَحَ مَا لَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَاتَّفَقَ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَحُرْمَتِهِ ، إنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ ذَبْحِهِ وَإِبَاحَتِهِ ، وَإِنْ ذَبَحَ مَا يَحِلُّ لِأَحَدِهِمَا فَقَطْ اُعْتُبِرَ الذَّابِحُ .
وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ فِي اسْتِبَاحَةِ مَا ذَبَحَهُ لِمُسْلِمٍ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ وَالتَّوْضِيحُ ، فَفِي جَوَازِ أَكْلِهَا وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ .
وَابْنُ عَرَفَةَ وَفِي حِلِّ ذَبِيحَةِ الْكِتَابِيِّ لِمُسْلِمٍ مَلَكَهُ بِإِذْنِهِ وَحُرْمَتِهَا ثَالِثُهَا تُكْرَهُ ا هـ .

وَجَرْحُ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ وَحْشِيًّا ، وَإِنْ تَأَنَّسَ عَجَزَ عَنْهُ إلَّا بِعُسْرٍ ، لَا نَعَمٍ شَرَدَ ، أَوْ تَرَدَّى بِكُوَّةٍ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ ، وَحَيَوَانٍ عُلِّمَ بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ .

( وَ ) الذَّكَاةُ فِي الْعَقْرِ ( جَرْحِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ إدْمَاءِ جِنْسٍ وَإِضَافَتُهُ لِشَخْصٍ ( مُسْلِمٍ ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَالِغٍ أَوْ صَبِيٍّ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ جَرْحَ الْكَافِرِ وَلَوْ فِي إذْنٍ سَوَاءٌ شَقَّ الْجِلْدَ أَمْ لَا وَخَرَجَ عَنْهُ شَقُّ الْجِلْدِ بِالْآلَةِ بِدُونِ إدْمَاءٍ فِي وَحْشِيٍّ صَحِيحٍ فَلَا يَكْفِي ، وَيَكْفِي فِي مَرِيضٍ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ ، وَالْمُرَادُ مُسْلِمٌ حَالَ الْإِرْسَالِ فَلَا يُؤْكَلُ بِجَرْحِ كَافِرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمْ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ } وَافْتَرَقَ صَيْدُ الْكِتَابِيِّ مِنْ ذَبْحِهِ وَنَحْرِهِ ؛ لِأَنَّ فِي الصَّيْدِ نَوْعُ تَعَبُّدٍ وَوُقُوفًا مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي الْآيَةِ وَلَا يُعَارِضُهُ { وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ } كَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ أَشْهَبُ وَابْنُ وَهْبٍ وَجَمَاعَةٌ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لِتَخْصِيصِهَا بِالْآيَةِ الْأُخْرَى جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ ، وَالْمُرَادُ بِجُرْحِ الْكَافِرِ مَا مَاتَ بِجُرْحِهِ أَوْ نَفَذَ مَقْتَلُهُ بِهِ فَإِنْ خَرَجَ صَيْدًا وَلَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ فَيُؤْكَلُ بِذَبْحِهِ كَمَا فِي تت ، وَبِذَبْحِ مُسْلِمٍ أَوْلَى .
الْبَدْرُ وَتَوَهَّمَ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ عَدَمَ أَكْلِهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَاسِدٌ .
قَالَ بَعْضٌ : وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ صَيْدِ مَنْ تُكْرَهُ ذَكَاتُهُ ( مُمَيِّزٍ ) لَا صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا سَكْرَانَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ ، وَادَّعَى الصَّيْدَ حَالَ الْإِفَاقَةِ وَمَفْعُولُ جَرْحِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ حَيَوَانًا ( وَحْشِيًّا ) إنْ لَمْ يَتَأَنَّسْ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( تَأَنَّسَ ) ثُمَّ تَوَحَّشَ وَ ( عَجَزَ عَنْهُ ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فِي حَالٍ ( إلَّا بِعُسْرٍ ) أَيْ : مَعَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَقْدُورَ عَلَيْهِ بِلَا مَشَقَّةٍ لَا يُؤْكَلُ بِعَقْرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَفِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ رَمَى صَيْدًا فَأَثْخَنَهُ حَتَّى صَارَ لَا يَقْدِرُ

أَنْ يَفِرَّ ثُمَّ رَمَاهُ آخَرُ فَقَتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ صَارَ أَسِيرًا كَالشَّاةِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ إلَّا بِذَبْحٍ ، وَيَضْمَنُ الرَّامِي الثَّانِي الَّذِي قَتَلَهُ لِلْأَوَّلِ قِيمَتَهُ مَجْرُوحًا ( لَا ) جُرْحَ ( نَعَمٍ ) أَيْ : حَيَوَانٍ إنْسِيٍّ وَلَوْ غَيْرَ نَعَمٍ كَإِوَزٍّ وَدَجَاجٍ وَحَمَامِ بَيْتٍ ( شَرَدَ ) وَتَوَحَّشَ فَلَا يُؤْكَلُ بِعَقْرِهِ مُنْظَرًا لِأَصْلِهِ كَمَا نُظِرَ لِأَصْلِ الْوَحْشِيِّ الَّذِي تَأَنَّسَ ثُمَّ تَوَحَّشَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ إلَّا بِعُسْرٍ .
وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْوَحْشِيِّ وَالْإِنْسِيِّ الْأَصْلِيَّيْنِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فَالْوَحْشِيُّ دَائِمًا وَالْمُتَأَنِّسُ مِنْهُ تَوَحَّشَ يُؤْكَلَانِ بِالْجَرْحِ ، وَالْمُتَأَنَّسُ مِنْهُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى تَأَنُّسِهِ كَالنَّعَامَةِ فِي الْقَرْيَةِ لَا يُؤْكَلُ بِالْجَرْحِ .
النَّوْعُ الثَّانِي الْإِنْسِيُّ دَائِمًا وَالْمُتَوَحِّشُ مِنْهُ ثُمَّ تَأَنَّسَ وَالْمُتَوَحِّشُ مِنْهُ الْمُسْتَمِرُّ عَلَى وَحْشِيَّتِهِ لَا يُؤْكَلُ وَاحِدٌ مِنْهَا بِالْجَرْحِ .
( أَوْ ) حَيَوَانٍ نَعَمٍ أَوْ وَحْشٍ ( تَرَدَّى ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : سَقَطَ ( بِكُوَّةٍ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّهَا مُثَقَّلًا أَيْ طَاقَةٍ فِي نَحْوِ حَائِطٍ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا ؛ لِأَنَّ التَّرَدِّي السُّقُوطُ مِنْ عَالٍ إلَى سَافِلٍ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَوْ تَرَدَّى بِكَهُوَّةٍ أَيْ : فِي هُوَّةٍ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ وَالْهُوَّةُ بِضَمِّ الْهَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ .
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْهُوَّةُ الْوَهْدَةُ الْعَمِيقَةُ وَجَمْعُهَا هُوًى بِالضَّمِّ قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا أَبُو زَيْدٍ الْمَكُودِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ : وَأَنْتِ يَا نَفْسُ شُغِلْت بِالْهَوَى حَتَّى وَقَعْت فِي قُعُورٍ لِلْهُوَى وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِكَحُفْرَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغُ مَا اضْطَرَّهُ الْجَارِحُ لِحُفْرَةٍ لَا خُرُوجَ لَهُ مِنْهَا أَوْ انْكَسَرَتْ رِجْلُهُ فَكَنَعَمٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا عَجَزَ عَنْهُ فِي مُهْوَاةٍ جَازَ فِيهِ مَا أَمْكَنَ مِنْ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ

فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِطَعْنِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِمَا .
وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا شَرَدَ الْإِنْسِيُّ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَقَرَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ بِالْعَقْرِ اتِّفَاقًا وَكَذَا الْبَقَرَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ ، قَالَ ؛ لِأَنَّ الْبَقَرَ لَهَا أَصْلٌ فِي الْوَحْشِ تَرْجِعُ إلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَأُلْزِمَ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ ابْنَ حَبِيبٍ أَنْ يَقُولَ فِي الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ إذَا شَرَدَتْ أَنْ تُؤْكَلَ بِالْعَقْرِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا إذَا وَقَعَتْ فِي مُهْوَاةٍ أَنَّهَا تُطْعَنُ حَيْثُ أَمْكَنَ وَيَكُونُ ذَلِكَ ذَكَاةً لَهَا ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا الْعَجْزُ عَنْ الْوُصُولِ إلَى الذَّكَاةِ فِي الْمَحَلَّيْنِ ، وَفَرَّقَ صَاحِبُ الْمُعَلِّمِ وَابْنُ بَشِيرٍ بِأَنَّ الْوَاقِعَ فِي مُهْوَاةٍ يَتَحَقَّقُ تَلَفُهُ لَوْ تُرِكَ فَلَعَلَّ ابْنَ حَبِيبٍ أَبَاحَ ذَلِكَ صِيَانَةً لِلْمَالِ ا هـ فَابْنُ حَبِيبٍ فَصَّلَ فِي النَّعَمِ الشَّارِدِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُتَرَدِّي .
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْجَرْحِ ( بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالدَّالِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ : شَيْءٌ لَهُ حَدٌّ وَلَوْ كَحَجَرٍ حَادٍّ أَوْ لَهُ حَدٌّ وَعَرْضٌ وَعُلِمَ إصَابَتُهُ الصَّيْدَ بِحَدِّهِ لَا بِعَرْضِهِ فَلَيْسَ مُرَادُهُ بِهِ هُنَا خُصُوصَ الْحَدِيدِ لِنَدْبِهِ كَمَا يَأْتِي ، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ غَيْرِ الْمُحَدَّدِ كَالْعِصِيِّ وَالْبُنْدُقِ وَالشَّرَكِ وَالشَّبَّةِ إذَا قَتَلَ الْحَيَوَانَ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ ، فَإِنْ عَطَّلَهُ وَلَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ ذُبِحَ أَوْ نُحِرَ بِتَسْمِيَةٍ وَنِيَّةٍ الْقَرَافِيِّ وَالْحَطّ ظَاهِرُ مَذْهَبِنَا حُرْمَةُ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَكُلِّ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ كَاصْطِيَادِ مَأْكُولٍ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ وَيُمْكِنُ رُجُوعُ قَوْلِهِ بِسِلَاحٍ مُحَدَّدٍ لِأَنْوَاعِ الذَّكَاةِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّنَازُعِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ كَالْعِصِيِّ وَالْبُنْدُقِ إلَخْ أَيْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْرَحُ وَإِنَّمَا يَرُضُّ وَيَكْسِرُ وَالْمُرَادُ الْبُنْدُقُ الْمُسْتَعْمَلُ مِنْ

الطِّينِ الْمُحَرَّقِ كَمَا فِي الْمَشَارِقِ زَادَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَبِغَيْرِ طَبْخٍ عِنْدَ بَعْضِهِمْ وَأَمَّا الصَّيْدُ بِالْبُنْدُقِ وَمِنْ الرَّصَاصِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ نَصٌّ لِلْمُتَقَدِّمِينَ ، وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْفَاسِيِّينَ لِحُدُوثِ الرَّمْيِ بِهِ بِحُدُوثِ الْبَارُودِ وَاسْتَخْرَجَهُ حَكِيمٌ كَانَ يَسْتَعْمِلُ الْكِيمْيَاءَ فَفَرْقَعَ لَهُ فَأَعَادَهُ فَأَعْجَبَهُ ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهُ هَذَا الْبَارُودَ فِي وَسَطِ الْمِائَةِ الثَّامِنَةِ وَأَفْتَى فِيهِ بِجَوَازِ الْأَكْلِ .
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُورِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ وَعَلِيُّ بْنُ هَارُونَ وَالْمَنْجُورُ وَالْعَارِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الشُّيُوخِ عَبْدُ الْقَادِرِ الْفَاسِيُّ لِإِنْهَارِهِ وَإِجْهَازِهِ بِسُرْعَةٍ اللَّذَيْنِ شُرِعَتْ الذَّكَاةُ مِنْ أَجْلِهِ ، قَالَ بَلْ الْإِنْهَارُ بِهِ أَبْلَغُ وَأَسْهَلُ مِنْ كُلِّ آلَةٍ يَقَعُ الْجُرْحُ بِهَا .
وَكَوْنُ الْجُرْحِ الْمُرَادُ بِهِ الشَّقُّ كَمَا قِيلَ وَصَفَهُ طَرْدِيٌّ غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِإِنَاطَةِ الْحُكْمِ بِهِ إذْ الْمُرَادُ مُطْلَقُ الْجَرْحِ سَوَاءٌ كَانَ شَقًّا أَوْ خَرْقًا كَمَا فِي مُحَدَّدِ الْمِعْرَاضِ ، وَقِيَاسُهُ عَلَى الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِوُجُودِ الْفَارِقِ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ وُجُودُ الْخَرْقِ وَالنُّفُوذِ فِي الرَّصَاصِ تَحْقِيقًا وَعَدَمُ ذَلِكَ فِي الْبُنْدُقَةِ الطِّينِيَّةِ ، وَإِنَّمَا شَأْنُهَا الرَّضُّ وَالدَّمْغُ وَالْكَسْرُ وَمَا كَانَ هَذَا شَأْنُهُ لَا يُسْتَعْمَلُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَقْذِ الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ ا هـ ، مُخْتَصَرًا مِنْ خَطِّ عَبْدِ الْقَادِرِ الْفَاسِيِّ فِي جَوَابٍ لَهُ طَوِيلٍ .
( أَوْ ) بِ ( حَيَوَانٍ عُلِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَلَوْ مِنْ نَوْعِ مَا لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ كَأَسَدٍ وَنَمِرٍ وَنَسْرٍ وَأَوْلَى مَا يَقْبَلُهُ مِنْ كَلْبٍ وَبَازٍ وَسِنَّوْرٍ وَابْن عِرْسٍ وَذِئْبٍ ، وَلَوْ كَانَ طَبْعُ الْمُعَلَّمِ بِالْفِعْلِ الْغَدْرُ كَدُبٍّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسِكُ إلَّا لِنَفْسِهِ ، قَالَ فِيهَا وَالْمُعَلَّمُ هُوَ الَّذِي إذَا أُرْسِلَ أَطَاعَ

وَإِذَا زُجِرَ انْزَجَرَ ، أَيْ : إلَّا الْبَازَ فَإِنَّهُ لَا يَنْزَجِرُ ، وَعِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا كَمَا لَا يَكُونُ غَيْرُ الْمُعَلَّمِ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً بَلْ الْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ ( بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ ) مَعَ نِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ تَعَبُّدًا فَلَوْ وَجَدَ مَعَ جَارِحِهِ صَيْدًا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ انْبَعَثَ قَبْلَ رُؤْيَةِ رَبِّهِ الصَّيْدَ وَلَوْ أَشْلَاهُ عَلَيْهِ أَثْنَاءَهُ وَهُوَ بِقُرْبِهِ ، أَوْ رَآهُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ ، أَوْ أَرْسَلَهُ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ لَا يُؤْكَلُ فِي وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَا إلَّا بِزَكَاةٍ ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ ، وَلَوْ كَانَ لَا يَذْهَبُ إلَّا بِأَمْرِهِ فَالْمُرَادُ بِالْيَدِ حَقِيقَتُهَا ، وَمِثْلُهَا إرْسَالُهُ مِنْ حِزَامِهِ أَوْ مِنْ تَحْتِ قَدَمِهِ إلَّا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ وَالْمِلْكَ وَيَدُ خَادِمِهِ كَيَدِهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الَّذِي رَجَعَ لَهُ ، وَقَالَ قَبْلَهُ يُؤْكَلُ إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ يَدِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُمَا فِيهَا وَاخْتَارَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَاللَّخْمِيِّ مَا أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ لِقُوَّتِهِ .
بِ ) شَرْطِ ( لَا ) أَيْ : عَدَمِ ( ظُهُورِ تَرْكٍ ) مِنْ الْحَيَوَانِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَيْ : يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ أَكْلِ مَصِيدِهِ إذَا قَتَلَهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ انْبِعَاثُهُ إلَيْهِ مِنْ حِينِ إرْسَالِهِ إلَيْهِ إلَى حِينِ أَخْذِهِ ، وَأَمَّا السَّهْمُ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي رَمْيِ حَصَى الْجِمَارِ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ إصَابَتُهَا غَيْرَهَا إنْ ذَهَبَتْ إلَيْهَا بِقُوَّةِ الرَّمْيِ وَلَيْسَ اشْتِغَالُهُ بِإِفْرَادِ .
مَا أَرْسَلَ عَلَيْهِ تَرْكًا فَيُؤْكَلُ مَا صَادَهُ مِمَّا أَرْسَلَ عَلَيْهِ .

.
وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ ، أَوْ أَكَلَ ، أَوْ لَمْ يُرَ بِغَارٍ ، أَوْ غَيْضَةٍ ، أَوْ لَمْ يَظُنُّ نَوْعَهُ مِنْ الْمُبَاحِ ، أَوْ ظَهَرَ خِلَافُهُ لَا إنْ ظَنَّهُ حَرَامًا ، أَوْ أَخَذَ غَيْرَ مُرْسَلٍ عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ فِي شَرِكَةِ غَيْرٍ كَمَاءٍ ، أَوْ ضُرِبَ بِمَسْمُومٍ ، أَوْ كَلْبِ مَجُوسِيٍّ ، أَوْ بِنَهْشِهِ مَا قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ ، أَوْ أَغْرَى فِي الْوَسَطِ أَوْ تَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ ، إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ ، أَوْ حَمَلَ الْآلَةَ مَعَ غَيْرٍ أَوْ بِخُرْجٍ ، أَوْ بَاتَ أَوْ صَدَمَ ، أَوْ عَضَّ بِلَا جَرْحٍ أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ ، أَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلَ ، وَقَتَلَ ، أَوْ اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَ وَلَمْ يُرَ ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْمُضْطَرِبَ ، وَغَيْرَهُ : فَتَأْوِيلَانِ .

( وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ ) وَنَوَى الصَّائِدُ الْجَمِيعَ فَلَوْ صَادَ شَيْئًا لَمْ يَنْوِهِ الصَّائِدُ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْغَارِ وَالْغَيْضَةِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ .
وَأَشَارَ بِوَ لَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، قَالَ عج : فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَلَا يَأْكُلْ شَيْئًا .
وَقَالَ جَدُّ عج : يَأْكُلُ الْجَمِيعَ فِي هَذَا أَيْضًا وَأَدْخَلَهَا فِي تَصْوِيرِ الْمُصَنِّفِ ، فَلَوْ نَوَى وَاحِدًا مُعَيَّنًا فَلَا يَأْكُلْ غَيْرَهُ ، وَلَوْ نَوَى وَاحِدًا لَا بِعَيْنِهِ فَيَأْكُلُ الْأَوَّلَ فَقَطْ لِصُوَرٍ أَرْبَعٍ ، فَإِنْ شَكَّ فِي الْأَوَّلِ فَلَا يَأْكُلْ شَيْئًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ( أَوْ أَكَلَ ) الْجَارِحُ بَعْضَ الصَّيْدِ وَلَوْ أَكْثَرَهُ ( أَوْ لَمْ يُرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَيْ : لَمْ يُعْلَمْ الْمَصِيدُ حَالَ كَوْنِهِ ( بِغَارٍ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ : بَيْتٍ فِي الْجَبَلِ ( أَوْ غَيْضَةٍ ) بِإِعْجَامِ الْغَيْنِ وَالضَّادِ أَيْ : شَجَرٍ مُلْتَفٌّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَيُسَمَّى أَجَمَةً أَيْضًا وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَلَمْ يُبْصِرْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُمَا مَنْفَذٌ آخَرُ ، وَإِلَّا فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ غَيْرَ مَا نَوَاهُ .
( أَوْ لَمْ يَظُنَّ ) الْمُرْسِلُ ( نَوْعَهُ ) أَيْ : الْمَصِيدِ أَظَبْيٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ حِمَارٌ وَحْشِيٌّ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ ( مِنْ الْمُبَاحِ ) فَهُوَ صِلَةُ مَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ يَظُنُّ وَيَحْتَمِلُ مِنْ مَفْعُولِهِ ( أَوْ ) أَرْسَلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ ظَنَّهُ ظَبْيًا ثُمَّ ( ظَهَرَ خِلَافُهُ ) وَأَنَّهُ نَوْعٌ آخَرُ مُبَاحٌ فَيُؤْكَلُ ( لَا ) يُؤْكَلُ ( إنْ ظَنَّهُ ) أَيْ : الْمُرْسِلُ الْوَحْشِيَّ حَالَ إرْسَالِهِ أَوْ رَمْيِهِ عَلَيْهِ ( حَرَامًا ) كَخِنْزِيرٍ ، فَإِذَا هُوَ حَلَالٌ مَيِّتٌ أَوْ مَنْفُوذُ الْمَقْتَلِ وَأَوْلَى إنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ أَوْ جَزْمِهَا أَحْمَدُ لَوْ قَالَ لَا إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ إبَاحَتَهُ لَشَمِلَ مُتَيَقِّنَ الْحُرْمَةِ وَظَانَّهَا وَشَاكَّهَا وَمُتَوَهِّمَهَا ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الظَّنَّ عَلَى مُطْلَقِ التَّرَدُّدِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ أَنَاطُوا

الْإِبَاحَةَ بِتَحَقُّقِهَا وَالْحُرْمَةَ بِعَدَمِهِ فَإِنْ أَدْرَكَ مَا ظَنَّهُ حَرَامًا حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَذَكَّاهُ بِنِيَّةٍ وَتَسْمِيَةٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ مُبَاحٌ فَيُؤْكَلُ ، فَإِنْ اعْتَقَدَ حُرْمَتَهُ وَأَنَّهَا تَعْمَلُ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَتْ إبَاحَتُهُ فَلَا يُؤْكَلُ وَالْمَكْرُوهُ إنْ رَمَاهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ فَلَا يُؤْكَلُ ، وَإِنْ نَوَى تَذْكِيَتَهُ فَيُؤْكَلُ ، وَإِنْ نَوَى تَذْكِيَتَهُ لِجِلْدِهِ فَقَطْ فَيُؤْكَلُ لَحْمُهُ عَلَى أَنَّ الذَّكَاةَ لَا تَتَبَعَّضُ وَلَا يُؤْكَلُ عَلَى أَنَّهَا تَتَبَعَّضُ ، وَإِنْ نَوَاهَا لِلَحْمِهِ طَهُرَ جِلْدُهُ عَلَيْهِمَا لِتَبَعِيَّتِهِ لِلَّحْمِ .
( أَوْ أَخَذَ ) الْجَارِحُ أَوْ أَصَابَ السَّهْمُ حَيَوَانًا وَحْشِيًّا ( غَيْرَ مُرْسَلٍ ) بِفَتْحِ السِّينِ أَوْ مَرْمِيٍّ ( عَلَيْهِ ) تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا إلَّا أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَيَنْوِيَ وَيُسَمِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَأْتِي بِهِ مَعَهُ مِمَّا لَمْ يَرَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَيُؤْكَلُ ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُعَيَّنِ الَّذِي نَوَاهُ فَلَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ أَوْ قَصَدَ مَا وَجَدَ ، فَالْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ الْأُولَى أَنْ يَأْخُذَ الْجَارِحُ مَا لَمْ يُرْسَلْ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْصِدْ فَلَا يُؤْكَلُ .
الثَّانِيَةُ أَنْ يَقْصِدَ مَا يَجِدُهُ وَلَمْ يَرَ شَيْئًا فَلَا يُؤْكَلُ .
الثَّالِثَةُ أَنْ يُرْسِلَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَمَا مَعَهُ إنْ كَانَ فَيُؤْكَلُ ، وَظَاهِرُهَا وَلَوْ أَتَى بِمَا مَعَهُ دُونَ مَا عَيَّنَهُ وَبِهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ وَهَذِهِ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَصِيدُهُ ؛ لِأَنَّهُ نِيَّةُ الْجَمِيعِ مَعَ رُؤْيَتِهِ .
( أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ ) الْمُذَكَّى صَائِدًا أَوْ ذَابِحًا أَوْ نَاحِرًا السَّبَبُ ( الْمُبِيحُ ) لِأَكْلِ مُذَكَّاهُ ( فِي ) أَيْ : بِسَبَبِ ( شَرِكَةِ ) سَبَبٍ ( غَيْرِ ) أَيْ : لِلْمُبِيحِ فِي قَتْلِ الْحَيَوَانِ ، وَإِنْفَاذُ مَقْتَلِهِ مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي تُذْكَرُ أَوْ غَيْرُهَا فَلَا يُؤْكَلُ مُذَكَّاهُ لَدَوْرَانِ أَمْرِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ وَالْقَاعِدَةُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْحُرْمَةِ ( كَ ) إجْمَاعِ ذَكَاةٍ

مَعَ غَمْرِ مَاءٍ فِي صَيْدٍ ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَتْ بَهِيمَةٌ فِي مَاءٍ وَرَفَعَتْ رَأْسَهَا مِنْهُ وَذُبِحَتْ أَوْ نُحِرَتْ ثُمَّ مَاتَتْ فِي الْمَاءِ أُكِلَتْ قَالَهُ تت وَالشَّارِحُ .
وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا إنْ ذُبِحَتْ أَوْ نُحِرَتْ وَرَأْسُهَا فِي الْمَاءِ أُكِلَتْ لِحُصُولِ ذَبْحِهَا أَوْ نَحْرِهَا مَعَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهَا لَكِنْ يُكْرَهُ هَذِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ تَعِيشُ ، فِي الْمَاءِ أَمْ لَا أَوْ ) شَرِكَةٍ ثُمَّ أَسْهَمَ بِسَبَبِ ( ضَرْبٍ بِ ) سَهْمٍ ( مَسْمُومٍ ) وَلَمْ يُنْفِذْ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ وَلَمْ تُدْرَكْ ذَكَاتُهُ بَعْدَ إصَابَتِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُؤْكَلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ السَّهْمِ فَإِنْ أَنْفَذَ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ أُكِلَ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ مَخَافَةَ أَذَى السُّمِّ ، وَإِنْ أُدْرِكَتْ ذَكَاتُهُ وَلَمْ يُنْفِذْ السَّهْمُ مَقْتَلَهُ أُكِلَ ؛ لِأَنَّهُ ذُكِّيَ وَحَيَاتُهُ مُحَقَّقَةٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
الْحَطّ وَانْظُرْ ذَبْحَ الدِّيَكَةِ عِنْدَ خَنْقِهَا بِالْعَجِينِ أَيْ : بَلْعِهَا الْعَجِينَ هَلْ هُوَ مِنْ هَذَا ا هـ عب حَيْثُ تَحَقَّقَ أَنَّ الْعَجِينَ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهَا فَإِنَّهَا تُؤْكَلُ لِقَوْلِهِ وَأُكِلَ الْمُذَكَّى وَإِنْ أَيِسَ مِنْ حَيَاتِهِ .
( أَوْ ) شَرِكَةِ ( كَلْبِ مَجُوسِيٍّ ) أَيْ : أَرْسَلَهُ مَجُوسِيٌّ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ مُسْلِمٍ كَلْبًا أَرْسَلَهُ مُسْلِمٌ سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مِلْكَ مَجُوسِيٍّ فِي قَتْلٍ أَوْ إنْفَاذِ مَقْتَلِ صَيْدٍ فَلَا يُؤْكَلُ وَمِثْلُ الْمَجُوسِيِّ الْكِتَابِيُّ فَالْمُعْتَبَرُ فِي عَدَمِ الْأَكْلِ مُشَارَكَةُ مَا أَرْسَلَهُ كَافِرٌ سَوَاءٌ كَانَ كَلْبًا أَوْ سَهْمًا مِلْكًا لَهُ أَوْ لِمُسْلِمٍ مَجُوسِيًّا كَانَ أَوْ كِتَابِيًّا ، وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَلْبَ مَجُوسِيٍّ اشْتِرَاكَهُ مَعَ كَلْبِ مُسْلِمٍ فِي قَتْلٍ أَوْ إنْفَاذِ مَقْتَلِ الصَّيْدِ وَإِمْسَاكَهُ أَحَدَهُمَا وَقَتْلَهُ الْآخَرَ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ كَلْبَ الْمُسْلِمِ ، وَمِثْلُ كَلْبِ الْمَجُوسِيِّ كَلْبُ مُسْلِمٍ غَيْرُ مُعَلَّمٍ أَوْ غَيْرُ مُرْسَلٍ مِنْ يَدِ صَاحِبِهِ وَإِنْ أُرْسِلَ أَوْ رَمَى مُسْلِمٌ وَمَجُوسِيٌّ كَلْبًا

أَوْ سَهْمًا وَاحِدًا كَانَ مَمْسُوكًا لَهُمَا وَنَوَى الْمُسْلِمُ وَسَمَّى وَقَتَلَ الصَّيْدَ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ فَلَا يُؤْكَلُ لِشَرِكَةِ الْمَجُوسِيِّ فِي الِاصْطِيَادِ .
ابْنُ حَبِيبٍ وَكَذَا سَهْمَاهُمَا إلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّ سَهْمَ الْمُسْلِمِ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ دُونَ سَهْمِ الْكَافِرِ بِأَنْ يُوجَدَ سَهْمُ الْمُسْلِمِ فِي مَقْتَلِهِ وَسَهْمُ الْمَجُوسِيِّ فِي بَعْضِ أَطْرَافِهِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ وَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَخَذَاهُ حَيًّا قُضِيَ لِلْمُسْلِمِ بِذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَأَخْذِ نِصْفِهِ ، فَإِنْ قَالَ الْمَجُوسِيُّ : هُوَ لَا يَأْكُلُ ذَبِيحَةَ الْمُسْلِمِ أَوْ مَنْحُورَهُ بِيعَ وَقُسِمَ ثَمَنُهُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا ثَمَنَ لَهُ فِيهِ مُكِّنَ الْمُسْلِمُ مِنْ .
ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ إنْ شَاءَ لِخَبَرِ { الْإِسْلَامُ يَعْلُو وَلَا يُعْلَى عَلَيْهِ } .
( أَوْ ) لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ وَهُوَ الذَّكَاةُ ( بِ ) سَبَبِ ( نَهْشِهِ ) أَيْ : الْجَارِحِ ( مَا ) أَيْ : صَيْدًا حَالَ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ ( قَدْرَ ) الصَّائِدِ ( عَلَى خَلَاصِهِ ) أَيْ الصَّيْدِ ( مِنْهُ ) أَيْ : مِنْ الْجَارِحِ وَتَرَكَ الْجَارِحَ يَنْهَشُهُ وَهُوَ يَذْبَحُهُ أَوْ يَنْحَرُهُ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ ذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ وَهُوَ مُحَقَّقُ الْحَيَاةِ غَيْرُ مَنْفُوذِ الْمَقْتَلِ فَلَا يُؤْكَلُ فِيهَا وَلَوْ قَدَرَ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهَا فَذَكَّاهُ وَهُوَ فِي أَفْوَاهِهَا تَنْهَشُهُ فَلَا يُؤْكَلُ ، إذْ لَعَلَّهُ مِنْ نَهْشِهَا مَاتَ إلَّا أَنْ يُوقِنَ أَنَّهُ ذَكَّاهُ وَهُوَ مُجْتَمِعُ الْحَيَاةِ قَبْلَ أَنْ تُنْفِذَ هِيَ مَقَاتِلَهُ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ ، وَبِئْسَ مَا صَنَعَ .
( أَوْ أَغْرَى ) أَيْ : حَضَّ وَقَوَّى الصَّائِدُ الْجَارِحَ بَعْدَ انْبِعَاثِهِ لِلصَّيْدِ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ ( فِي الْوَسَطِ ) أَيْ : أَثْنَاءِ ذَهَابِهِ لِلصَّيْدِ وَلَوْ بِالْقُرْبِ مِنْهُ فَهُوَ فِعْلٌ مَاضٍ عُطِفَ عَلَى ظَنَّهُ فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ أَمْثِلَةِ الشَّرِكَةِ ( أَوْ تَرَاخِي ) الصَّائِدِ ( فِي اتِّبَاعِهِ ) أَيْ الْجَارِحِ أَوْ السَّهْمِ بَعْدَ إرْسَالِهِ أَوْ رَمْيِهِ ثُمَّ وُجِدَ الصَّيْدُ مَيِّتًا فَلَا يُؤْكَلُ

لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ جَدَّ لَأَدْرَكَهُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ فَيَجِبُ اتِّبَاعُهُ بِسُرْعَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ ) الصَّائِدُ حِينَ الْإِرْسَالِ أَوْ الرَّمْيِ ( أَنَّهُ لَا يَلْحَقُ ) أَيْ الصَّائِدُ الصَّيْدَ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَلَوْ جَدَّ فِي اتِّبَاعِهِ فَيُؤْكَلُ ، وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ لُحُوقُهُ وَتَرَاخَى فِي اتِّبَاعِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَوْ تَبِعَهُ لَا يَلْحَقُهُ فَالْعِبْرَةُ فِي الْأَكْلِ يَتَبَيَّنُ عَدَمُ لَحَاقِهِ .
( أَوْ حَمَلَ ) الصَّائِدُ ( الْآلَةَ ) لِلذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ ( مَعَ ) شَخْصٍ ( غَيْرِ ) وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُ ذَلِكَ الْغَيْرَ إلَى الصَّيْدِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ بِنَفْسِهِ وَسَبَقَ الصَّائِدَ إلَى الصَّيْدِ ، وَوَجَدَهُ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ ، وَلَوْ كَانَتْ الْآلَةُ مَعَهُ لَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ بِهَا وَمَاتَ الصَّيْدُ حَتْفَ أَنْفِهِ قَبْلَ إتْيَانِ مَنْ مَعَهُ الْآلَةُ فَلَا يُؤْكَلُ .
( أَوْ ) وَضَعَهَا ( بِخُرْجٍ ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْتَدْعِي طُولًا فِي إخْرَاجِهَا مِنْهُ وَمَاتَ الصَّيْدُ وَلَوْ كَانَتْ الْآلَةُ فِي يَدِهِ أَوْ حِزَامِهِ لَأَدْرَكَ ذَكَاتَهُ فَلَا يُؤْكَلُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ لِسُرْعَةِ مَوْتِهِ فَيُؤْكَلُ فِيهِمَا ( أَوْ بَاتَ ) الصَّيْدُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ الْغَدِ مَيِّتًا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ خَفِيَ عَلَيْهِ لَيْلَةً أَوْ بَعْضَهَا وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقْتَلِهِ وَقَدْ أَنْفَذَهُ وَلَوْ جَدَّ فِي اتِّبَاعِهِ إلَّا أَنْ يُعَايِنَ إنْفَاذَ السَّهْمِ مَقْتَلَهُ قَبْلَ خَفَائِهِ عَلَيْهِ فَيُؤْكَلُ ا هـ الْبُنَانِيُّ عَلَّلُوا عَدَمَ أَكْلِهِ بِاحْتِمَالِ كَوْنِ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ السَّهْمِ أَوْ الْجَارِحِ فَالْأَحْسَنُ تَقْدِيمُهُ وَجَعْلُهُ مِنْ أَفْرَادٍ أَوْ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْمُبِيحُ ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ وَجَدَ السَّهْمَ فِي مَقْتَلِهِ إلَخْ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَفْظُهَا عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَإِنْ بَاتَ فَلَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ

جَارِحُهُ أَوْ سَهْمُهُ وَهُوَ فِيهِ ا هـ .
لَكِنْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ أَمَّا السَّهْمُ فَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ مَا أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَإِنْ بَاتَ قَالَ أَصْبَغُ .
قَالَ وَقَدْ أَمِنَ عَلَيْهِ مِمَّا يَخَافُ الْفُقَهَاءُ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُ مِنْ غَيْرِ السَّهْمِ وَلَمْ نَجِدْ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، هَذَا عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ذِكْرًا وَلَا رَوَاهَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، وَلَمْ تَشُكَّ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَهَّمَ فِيهَا ابْنُ الْمَوَّازِ وَبِهِ أَقُولُ .
ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الصَّوَابُ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ أَصْحَابِنَا فَالْأَوْلَى الْإِشَارَةُ لِهَذَا الْقَوْلِ لِقُوَّتِهِ .
( أَوْ صَدَمَ ) أَيْ : لَطَمَ الْجَارِحُ الصَّيْدَ بِلَا جُرْحٍ فَلَا يُؤْكَلُ ( أَوْ عَضَّ ) الْجَارِحُ الصَّيْدَ ( بِلَا جُرْحٍ ) أَيْ : إدْمَاءٍ فَلَا يُؤْكَلُ وَلَوْ كَدَمَهُ أَوْ نَيَّبَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الصَّيْدُ مَرِيضًا وَشَقَّ جِلْدَهُ وَلَمْ يَنْزِلْ مِنْهُ دَمٌ فَيَكْفِي وَيُعْلَمُ كَوْنُهُ مَرِيضًا بِغَيْرِ ذَلِكَ ، وَالْأَوْلَى بِلَا جُرْحِهِ لِيُفِيدَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ جُرْحُ الْمَصِيدِ بِهِ وَلَا جُرْحُ الصَّيْدِ مِنْ جَرْيِهِ مَثَلًا .
وَالْكَدْمُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْعَضُّ بِسُهُولَةٍ بِأَطْرَافِ الْأَسْنَانِ .
( أَوْ ) أَرْسَلَ الصَّائِدُ الْجَارِحَ عَلَى غَيْرِ مَرْأًى وَلَا بِمَكَانٍ مَحْصُورٍ وَ ( قَصَدَ ) الصَّائِدُ ( مَا ) أَيْ : الصَّيْدَ الَّذِي ( وَجَدَهُ ) الْجَارِحُ فَلَا يُؤْكَلُ لِلشَّكِّ فِي الْمُبِيحِ ( أَوْ ) أَرْسَلَ جَارِحًا أَوَّلَ فَمَسَكَ الصَّيْدَ ثُمَّ ( أَرْسَلَ ) جَارِحًا ( ثَانِيًا بَعْدَ مَسْكِ أَوَّلَ ، وَقَتَلَ ) الثَّانِي الصَّيْدَ وَحْدَهُ أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا فَلَا يُؤْكَلُ لِصَيْرُورَةِ الصَّيْدِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِلَا عُسْرٍ بِمَسْكِهِ الْأَوَّلِ ، وَمَفْهُومُ بَعْدَ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلَ وَقَتَلَهُ الثَّانِي ، أَوْ الْأَوَّلُ أَوْ قَتَلَاهُ جَمِيعًا يُؤْكَلُ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ .
وَيَنْدَرِجُ فِي هَذَا مَا لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا

قَبْلَ مَسْكِ أَوَّلَ فَمَسْكُهُ الْأَوَّلُ قَبْلَ وُصُولِ الثَّانِي ثُمَّ قَتَلَهُ الثَّانِي فَيُؤْكَلُ ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ عَنْ الْجَوَاهِرِ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالِ الْإِرْسَالِ وَهُوَ حِينَئِذٍ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ قَالَهُ عج ، وَمَفْهُومُ مَسْكٍ أَنَّهُ لَوْ أَرْسَلَ ثَانِيًا بَعْدَ قَتْلِ أَوَّلَ يُؤْكَلُ أَوْ اضْطَرَبَ ) الْجَارِحُ عَلَى صَيْدٍ رَآهُ ( فَأَرْسَلَ ) الصَّائِدُ الْجَارِحَ عَلَى مَا اضْطَرَبَ هُوَ عَلَيْهِ ( وَلَمْ يَرَ ) الصَّائِدُ الصَّيْدَ الَّذِي اضْطَرَبَ الْجَارِحُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمَكَانُ مَحْصُورًا كَغَارٍ أَوْ غَيْضَةٍ فَلَا يُؤْكَلُ مَا قَتَلَهُ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ الْجَارِحُ ، قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ صَيْدًا أَوْ يَضْطَرِبُ عَلَى صَيْدٍ ، وَيَأْخُذُ غَيْرَهُ إلَّا أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِ لَهُ ( إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ) الصَّائِدُ ( الْمُضْطَرَبَ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ : عَلَيْهِ فَحَذَفَ الْجَارَ ، وَأَوْصَلَ الْمَفْعُولَ فَاسْتَتَرَ الضَّمِيرُ عَلَى مَا فِيهِ فَلَيْسَ فِيهِ حَذْفُ نَائِبِ الْفَاعِلِ الْعُمْدَةِ ( وَغَيْرَهُ ) أَيْ : الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ ( فَ ) فِي الْأَكْلِ وَعَدَمِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَحَدُهُمَا يُؤْكَلُ فَتُزَادُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الصَّيْدِ إلَّا فِي غَارٍ وَغَيْضَةٍ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا فِيمَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الْحَيَوَانُ الْمُعَلَّمُ وَنَوَى الصَّائِدُ الْمُضْطَرَبَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فَيُؤْكَلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ كَالْمُحَقِّقِ .
وَالثَّانِي لَا يُؤْكَلُ عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ لَيْسَ كَالْمُحَقَّقِ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا أُحِبُّ يَحْتَمِلُ الْكَرَاهَةَ وَالتَّحْرِيمَ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَكَلَامُ الْعُتْبِيَّةِ هَذَا الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ حَمَلَهُ عَلَى نِيَّةِ الْمُضْطَرَبِ عَلَيْهِ فَقَطْ ، قَالَ : فَإِنْ نَوَاهُ وَغَيْرَهُ أَكَلَ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ نَوَى جَمَاعَةً وَمَا

وَرَاءَهَا مِمَّا لَمْ يَرَهُ أَكَلَ الْجَمِيعَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى خِلَافِهَا وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ لَيْسَا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا هُمَا عَلَى قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ لَا أُحِبُّ أَكْلَهُ هَلْ هُوَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَيَكُونُ خِلَافًا لَهَا أَوْ مُقَيَّدٌ ، فَيَكُونُ وِفَاقًا وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ إلَخْ غَيْرُ صَوَابٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ لَيْسَ لِلتَّأْوِيلَيْنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْخِلَافِ الَّذِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ أَوَّلًا إذَا اضْطَرَبَ فَأَرْسَلَهُ عَلَى قَوْلَيْنِ : جَوَازُ الْأَكْلِ وَعَدَمُهُ وَهُمَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَالثَّانِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ رَأَى الْجَارِحَ يَضْطَرِبُ وَلَمْ يَرَ الصَّائِدُ شَيْئًا فَأَرْسَلَهُ عَلَيْهِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَرَّةً وَكَرِهَهُ أُخْرَى ، وَقَالَ : لَعَلَّهُ غَيْرُ الَّذِي اضْطَرَبَ عَلَيْهِ الْجَارِحُ ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الطَّاهِرِ وَقَدْ بَنَى مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ جَائِزَةٌ أَوْ غَيْرُ جَائِزَةٍ عَلَى أَصْلٍ ثَانٍ هَلْ يُحْكَمُ بِالْغَالِبِ فَيَجُوزُ أَكْلُهُ إذْ الْغَالِبُ أَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ مَا اضْطَرَبَ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُبَاحُ إلَّا مَعَ الْيَقِينِ ا هـ .
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَيْنِ وَالتَّأْوِيلَيْنِ لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِلرَّمَاصِيِّ .

وَوَجَبَ نِيَّتُهَا ، وَتَسْمِيَةٌ إنْ ذَكَرَ .

( وَوَجَبَ ) شَرْطًا فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ بِأَقْسَامِهَا الْأَرْبَعَةِ ( نِيَّتُهَا ) أَيْ : الذَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا سَبَبًا لِحِلِّ أَكْلِ لَحْمِ الْحَيَوَانِ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِهَا وُجُوبًا مُطْلَقًا فَلَوْ تُرِكَتْ عَمْدًا تَهَاوُنًا أَمْ لَا أَوْ جَهْلًا بِالْحُكْمِ أَوْ نِسْيَانًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ رَمَى سَهْمًا أَوْ أَرْسَلَ جَارِحًا غَيْرَ قَاصِدٍ صَيْدًا فَأَصَابَ صَيْدًا أَوْ ضَرَبَ حَيَوَانًا إنْسِيًّا بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ فَذَبَحَهُ أَوْ نَحَرَهُ فَلَا يُؤْكَلُ .
( وَ ) وَجَبَ شَرْطًا فِيهَا ( تَسْمِيَةٌ ) لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَيِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى عِنْدَ الذَّبْحِ وَالنَّحْرِ وَالْإِرْسَالِ فِي الْعَقْرِ وَفِعْلِ مَا يَمُوتُ بِهِ نَحْوُ الْجَرَادِ لَا خُصُوصُ بِسْمِ اللَّهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ إنْ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَقَطْ أَوْ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَطْ أَوْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَوْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أَوْ سُبْحَانَ اللَّهِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةٍ أَجْزَأَ وَلَكِنْ مَا مَضَى عَلَيْهِ النَّاسُ أَحْسَنُ وَهُوَ بِسْمِ اللَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ .
ا هـ .
وَلَا يَزِيدُ الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ وَلَا الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتُكْرَهُ .
الْبَاجِيَّ لَوْ سَمَّى عِنْدَ الرَّمْيِ ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ حَيًّا غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ سَمَّى لِذَكَاتِهِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ فِي الْبَيَانِ لَيْسَتْ التَّسْمِيَةُ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الذَّكَاةِ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } مَعْنَاهُ لَا تَأْكُلُوا الْمَيْتَةَ الَّتِي لَمْ يُقْصَدْ إلَى ذَكَاتِهَا ؛ لِأَنَّهَا فِسْقٌ ، وَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } كُلُوا مِمَّا قَصَدْتُمْ إلَى ذَكَاتِهِ فَكَنَّى عَزَّ وَجَلَّ عَنْ التَّذْكِيَةِ بِالتَّسْمِيَةِ كَمَا كَنَّى عَنْ رَمْيِ الْجِمَارِ بِذِكْرِهِ تَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ } .
وَمَحِلُّ وُجُوبِ التَّسْمِيَةِ ( إنْ ذَكَرَ ) أَيْ تَذَكَّرَ التَّسْمِيَةَ

وَقَدَرَ عَلَيْهَا فَلَا تَجِبُ عَلَى نَاسٍ وَلَا مَكْرُوهٍ عَلَى تَرْكِهَا وَلَا أَخْرَسَ أَوْ عَاجِزٍ عَنْ الْعَرَبِيَّةِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي التَّسْمِيَةِ فَقَطْ .
فَلَوْ قَالَ كَتَسْمِيَةٍ إنْ ذَكَرَ يَجْرِي عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِهِمَا إذَا كَانَ الْمُذَكِّي مُسْلِمًا وَإِلَّا لَمْ يُشْتَرَطْ .
وَقَالَ بَعْضٌ النِّيَّةُ قِسْمَانِ نِيَّةُ قُرْبَةٍ وَشَرْطُهَا الْإِسْلَامُ ، وَنِيَّةُ فِعْلٍ وَتَمْيِيزٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِسْلَامُ وَمَعْنَاهَا أَنْ يَنْوِيَ بِالْقَطْعِ أَوْ الطَّعْنِ أَوْ الْإِرْسَالِ التَّذْكِيَةَ لَا الْقَتْلَ ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ الشَّرْطُ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ وَوَجَبَ نِيَّتُهَا أَيْ : مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ كِتَابِيٍّ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ أَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي التَّسْمِيَةِ فَصَحِيحٌ لِقَوْلِ الزَّوَاوِيِّ لَا تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْكِتَابِيِّ بِإِجْمَاعٍ ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ خِلَافًا وَنَسَبَ الْكَرَاهَةَ لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، أَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي ، النِّيَّةِ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي الْكِتَابِيِّ أَيْضًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ وَهِيَ مُتَأَتِّيَةٌ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ نِيَّةُ الْفِعْلِ لَا نِيَّةُ التَّقَرُّبِ وَقَدْ رَجَعَ ز آخِرًا إلَى هَذَا .

وَنَحْرُ إبِلٍ ، وَذَبْحُ غَيْرِهِ ، إنْ قَدَرَ ، وَجَازَ لِلضَّرُورَةِ ، إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ الذَّبْحُ .

( وَ ) وَجَبَ شَرْطًا ( نَحْرُ إبِلٍ ) وَقِيلَ ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ لَا يُمْكِنُ لِالْتِصَاقِ رَأْسِهِ بِبَدَنِهِ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَزَرَافَةُ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ ( وَ ) وَجَبَ شَرْطًا ( ذَبْحُ غَيْرِهَا ) أَيْ الْإِبِلِ مِنْ غَنَمٍ وَطَيْرٍ وَلَوْ نَعَامَةً ؛ لِأَنَّهَا لَا لَبَّةَ لَهَا ، وَمَحَلُّ وُجُوبِ نَحْرِ الْإِبِلِ وَذَبْحِ غَيْرِهَا ( إنْ قَدَرَ ) الْمُذَكِّي عَلَى نَحْرِ الْإِبِلِ وَذَبْحِ غَيْرِهَا فَلَوْ ذَبَحَ الْإِبِلَ أَوْ نَحَرَ الْغَنَمَ اخْتِيَارًا وَلَوْ سَاهِيًا لَا تُؤْكَلُ ( وَجَازَا ) أَيْ : الذَّبْحُ فِيمَا يُنْحَرُ وَالنَّحْرُ فِيمَا يُذْبَحُ ( لِلضَّرُورَةِ ) كَوُقُوعٍ فِي مُهْوَاةٍ وَعَدَمِ آلَةِ ذَبْحٍ أَوْ نَحْرٍ أَوْ جَهْلِ صِفَةٍ لَا نِسْيَانِهَا أَوْ جَهْلِ حُكْمِهِ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَهْلِ الصِّفَةِ وَنِسْيَانِهَا ، وَإِنَّمَا الَّذِي ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَيْسَ بِعُذْرٍ هُوَ عَكْسُ الْأَمْرَيْنِ نِسْيَانًا أَيْ : مَعَ عِلْمِهِ الصِّفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ نَصَّ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى أَنَّهُ لَوْ نَحَرَ مَا يُذْبَحُ أَوْ بِالْعَكْسِ نَاسِيًا لَا يُعْذَرُ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَقِيلَ : إنَّ عَدَمَ مَا يُنْحَرُ بِهِ ضَرُورَةٌ تُبِيحُ ذَبْحَهُ ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّ الْجَهْلَ بِذَلِكَ ضَرُورَةٌ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَذَبَحَ غَيْرَهَا فَقَالَ ( إلَّا الْبَقَرَ فَيُنْدَبُ ) فِيهِ ( الذَّبْحُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً } مَعَ دَلِيلٍ آخَرَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْأَمْرِ ، فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الذَّبَائِحِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَقَرَ تُذْبَحُ وَتُنْحَرُ ، وَفِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ النَّبِيَّ { نَحَرَ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ } .
وَرُوِيَ { ذَبَحَ عَنْ أَزْوَاجِهِ الْبَقَرَ } وَمِنْهُ الْجَامُوسُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ ، حَيْثُ قَدَرَ عَلَيْهِ ، وَانْظُرْ مَا يُشْبِهُ الْبَقَرَ مِنْ حِمَارِ الْوَحْشِ ، وَالتَّيْتَلِ وَنَحْوِهِمَا الْبَاجِيَّ الْخَيْلُ عَلَى جِلِّهَا كَالْبَقَرِ

الطُّرْطُوشِيُّ ، وَكَذَا الْبِغَالُ وَالْحُمُرُ الْإِنْسِيَّةُ عَلَى كَرَاهَتِهَا .

كَالْحَدِيدِ ، وَإِحْدَادُهُ .
وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ ( كَالْحَدِيدِ ) فَيُنْدَبُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الذَّكَاةِ حَتَّى الْعَقْرِ وَقَدْ يَتَعَيَّنُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ( وَإِحْدَادُهُ ) أَيْ : سَنَّهُ لِخَبَرِ { وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ } لِسُرْعَةِ قَطْعِهِ فَيَكُونُ أَسْهَلَ عَلَى الْمُذَكَّى ، فَتَخْرُجُ رُوحُهُ بِسُرْعَةٍ فَيَرْتَاحُ .

وَقِيَامُ إبِلٍ ، وَضَجْعُ ذِبْحٍ عَلَى أَيْسَرَ وَتَوَجُّهُهُ ، وَإِيضَاحُ الْمَحَلِّ وَفَرْيُ وَدَجَيْ صَيْدٍ أُنْفِذَ مَقْتَلُهُ .
( وَقِيَامُ إبِلٍ ) مَقْرُونَةِ الْيَدَيْنِ بِعِقَالٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا كَذَلِكَ عَقَلَ يَدَهَا الْيُسْرَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْهَدْيِ .
( وَ ) نُدِبَ ( ضَجْعٌ ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ إرْقَادُ ذِبْحٍ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : مَذْبُوحٍ مِنْ بَقَرٍ وَغَنَمٍ وَطَيْرٍ ( عَلَى ) شِقِّهِ ( الْأَيْسَرِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ لِلذَّابِحِ ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ذَبْحَهَا عَلَى جَانِبِهَا الْأَيْمَنِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُضْجِعُهَا الْأَعْسَرَ عَلَى الْأَيْمَنِ فَإِنْ كَانَ أَضْبَطَ جَازَ الْوَجْهَانِ وَذَبْحُهُ بِيُمْنَاهُ أَوْلَى ( وَ ) نُدِبَ ( تَوَجُّهُهُ ) أَيْ : مَا يُذْبَحُ أَوْ يُنْحَرُ لِلْقِبْلَةِ ( وَ ) نُدِبَ ( إيضَاحُ ) أَيْ : إظْهَارُ ( الْمَحَلِّ ) لِلذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ مِنْ الصُّوفِ وَغَيْرِهِ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْجِلْدَةُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَلَا تَجْعَلْ رِجْلَك عَلَى عُنُقِهَا وَالنَّهْيُ مِنْ السُّنَّةِ ، وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ نِسْبَتَهُ لَهَا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَمَّا ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا } ( وَ ) نُدِبَ ( فَرْيُ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ : قَطْعُ ( وَدَجَيْ صَيْدٍ أُنْفِذَ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ( مَقْتَلُهُ ) وَأُدْرِكَ حَيًّا لِإِرَاحَتِهِ فَإِنْ تُرِكَ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ وَيَلْزَمُ مِنْ فَرْيِ الْوَدَجَيْنِ فَرْيُ الْحُلْقُومِ لِبُرُوزِهِ عَنْهُمَا .

وَفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ وَالسِّنِّ ، أَوْ إنْ انْفَصَلَا ، أَوْ بِالْعَظْمِ ، وَمَنْعِهِمَا ، خِلَافٌ .

( وَفِي جَوَازِ الذَّبْحِ بِالْعَظْمِ ) أَيْ : الظُّفُرِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( وَالسِّنِّ ) مُتَّصِلَيْنِ أَوْ مُنْفَصِلَيْنِ ( أَوْ ) جَوَازُهُ بِهِمَا ( إنْ انْفَصِلَا ) أَيْ : الْعَظْمُ وَالسِّنُّ فَإِنْ اتَّصَلَا فَلَا يَجُوزُ بِهِمَا ( أَوْ ) جَوَازُهُ ( بِالْعَظْمِ ) أَيْ الظُّفُرِ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ لَا بِالسِّنِّ اتَّصَلَ أَوْ انْفَصَلَ ، أَيْ : يُكْرَهُ بِهِ عَلَى الْمَنْقُولِ ( أَوْ مُنِعَ ) الذَّبْحُ بِ ( هِمَا ) أَيْ : الْعَظْمِ وَالسِّنِّ اتَّصَلَا أَوْ انْفَصَلَا فَلَا يُؤْكَلُ مَا ذُبِحَ بِأَحَدِهِمَا ، وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يَقْتَضِي كَرَاهَتَهُ ( خِلَافٌ ) مَحَلُّهُ إذَا وُجِدَتْ آلَةٌ مَعَهُمَا غَيْرُ الْحَدِيدِ ، فَإِنْ وُجِدَ الْحَدِيدُ تَعَيَّنَ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ آلَةٌ غَيْرُهُمَا تَعَيَّنَ الذَّبْحُ بِأَحَدِهِمَا ، وَظَاهِرُهُ اسْتِوَاؤُهُمَا ، وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْعَظْمِ لِانْفِرَادِهِ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ فِي الْمُصَنِّفِ وَإِنْ خَالَفَ الْوَاجِبَ أَسَاءَ وَأَجْزَأَ حَيْثُ وُجِدَتْ الذَّكَاةُ الشَّرْعِيَّةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَى أَسَاءَ فَوَّتَ نَفْسَهُ ثَوَابَ مَا طَلَبَ وَلَوْ نَدْبًا ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ الْأَقْوَالُ الْأَرْبَعَةُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ اخْتَارَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأَوَّلَ وَابْنُ رُشْدٍ الثَّانِيَ وَشَهَرَ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ الثَّالِثَ وَصَحَّحَ الْبَاجِيَّ الرَّابِعَ ، وَقَوْلُهُ مَحَلُّهُ حَيْثُ وُجِدَتْ آلَةٌ إلَخْ لَمْ أَرَ هَذَا التَّفْصِيلَ لِغَيْرِهِ ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ الْحَدِيدُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَجُوزُ بِكُلِّ جَارِحٍ مِنْ حَجَرٍ أَوْ عَظْمٍ أَوْ غَيْرِهِمَا مَا نَصُّهُ وَفِي الْبَيَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، الْجَوَازُ بِغَيْرِ الْحَدِيثِ إذَا لَمْ يَجِدْهُ ، وَنَصَّ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَنْ ذَبَحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ وَهِيَ مَعَهُ عَلَى إسَاءَتِهِ ا هـ .
فَمَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ بِالظُّفْرِ وَالسِّنِّ سِوَاهُمَا مَعَ غَيْرِهِمَا عِنْدَ فَقْدِ الْحَدِيدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ ، لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ ، إلَّا بِكَخِنْزِيرٍ ، فَيَجُوزُ كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ إنْ أَيِسَ مِنْهُ .

( وَحَرُمَ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ ( اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ ) بِأَنْ اصْطَادَهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ أَوْ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ أَوْ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ حَبَسَهُ بِقَفَصٍ وَلَوْ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَدُرَّةِ وَقُمْرِيٍّ ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ اصْطِيَادِهِ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ ، وَأُلْحِقَ بِهَا نِيَّةُ قِنْيَتِهِ لِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَتَعْلِيمِهِ الذَّهَابَ لِبَلَدٍ بِكِتَابٍ مُعَلَّقٍ بِجَنَاحِهِ أَوْ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْبَيْتِ مِنْ مَفْسَدَةٍ ، وَقَالَ لَا لِغَرَضٍ شَرْعِيٍّ بَدَلَ لَا بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ لَأَفَادَ ذَلِكَ ، وَانْظُرْ هَلْ يُمْنَعُ شِرَاءُ دُرَّةٍ أَوْ قُمْرِيٍّ مُعَلَّمَيْنِ لِيَحْبِسَهُمَا لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، كَالِاصْطِيَادِ لِذَلِكَ أَمْ لَا ، وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ عِتْقُهُمَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْقُرْآنِ وَالْإِجْمَاعِ ، وَانْظُرْ فِي الْغُرَابِ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ حَقٌّ وَيَتَمَعَّشُ بِهِ صَاحِبُهُ وَالظَّاهِرُ مَنْعُ حَبْسِهِ لِذَلِكَ لِإِمْكَانِ التَّمَعُّشِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَوْ حَبَسَهُ بِقَفَصٍ إلَخْ ، حَاصِلُ مَا فِي الْحَطّ أَنَّ هَذَا لَا نَصَّ فِيهِ وَأَنَّ أَبَا مَهْدِيٍّ قَالَ : إنَّ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَا يُفِيدُ جَوَازَهُ وَهُوَ إذَا حَلَّ رَجُلٌ قَفَصَ طَائِرٍ ضَمِنَ وَنُقِلَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ أَخَذَ جَوَازَهُ مِنْ حَدِيثِ { يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ } .
ابْنُ نَاجِي قُلْت لَهُ : لَيْسَ ذَلِكَ كَلَعِبِ الصَّبِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ خُلُوصِهِ مِنْهُ بِقُرْبٍ وَهَذَا يَبْقَى سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَهُوَ تَعْذِيبٌ فَاسْتَحْسَنَهُ ، وَذَكَرَ أَنَّ الشُّيُوخَ قَيَّدُوا الْحَدِيثَ بِعَدَمِ التَّعْذِيبِ ا هـ .
وَحُكْمُ شِرَائِهِ لِذَلِكَ كَحُكْمِ اصْطِيَادِهِ ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَالتَّنْظِيرُ فِيهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَأَمَّا حَبْسُهُ لِتَعْلِيمِهِ مَنْفَعَةً شَرْعِيَّةً كَالْبَازِ لِلِاصْطِيَادِ بِهِ فَجَائِزٌ ، أَمَّا لِتَعْلِيمِهِ تَبْلِيغَ الْكِتَابِ مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَيَحْتَاجُ جَوَازُهُ إلَى نَصٍّ عَلَى تَسْلِيمِ إمْكَانِهِ ، وَقَوْلُهُ يَحْرُمُ

عِتْقُهُمَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْقُرْآنِ وَقَعَ فِي النَّعَمِ .
وَأَمَّا فِي الصَّيْدِ فَيَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِهِ وَمَا صَادَهُ مُحْرِمٌ أَوْ صَيْدٌ لَهُ مَيْتَةٌ عب تَتِمَّةٌ يَحْرُمُ الِاصْطِيَادُ إنْ ضَيَّعَ صَلَاةً وَقْتِيَّةً وَيَجِبُ لِإِحْيَاءِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ قُوتُهُ وَقُوتُ عِيَالِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ ، وَيُكْرَهُ لِلَّهْوِ وَمِنْ خُنْثَى وَخَصِيٍّ وَفَاسِقٍ ، وَيُنْدَبُ لِتَوْسِعَةٍ مُعْتَادَةٍ عَلَى عِيَالٍ وَسَدِّ خَلَّةٍ غَيْرِ وَاجِبَةٍ وَكَفِّ وَجْهٍ وَصَدَقَةٍ ، وَيُبَاحُ لِتَوْسِعَةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ لِشَهْوَةٍ مُبَاحَةٍ كَأَكْلِ تُفَّاحٍ وَنِكَاحِ مُنَعَّمَةٍ بِتَزَوُّجٍ أَوْ شِرَاءٍ وَقَصْدُ اكْتِسَابٍ وَتَمَعُّشٍ بِهِ اخْتِيَارًا أَوْ انْتِفَاعٍ بِثَمَنِهِ فَتَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ جَائِزٌ إجْمَاعًا .
( إلَّا ) الِاصْطِيَادَ الْمُتَعَلِّقَ ( بِكَخِنْزِيرٍ ) مِنْ كُلِّ مُحَرَّمٍ ( فَيَجُوزُ ) اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ قَتْلِهِ وَلَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ وَأَمَّا بِنِيَّةِ الْفُرْجَةِ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ الَّتِي أَذِنَ الشَّارِعُ فِي قَتْلِهَا وَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى اصْطِيَادِهِ بِنِيَّةِ ذَكَاتِهِ لِمُضْطَرٍّ ، فَإِنَّهُ تُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِ نَظَرٌ إذْ الرُّخْصَةُ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً لَا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ وَتَذْكِيَةُ الْمَيْتَةِ لَغْوٌ .
ا هـ .
لَا يُقَالُ نُدِبَ تَذْكِيَتُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ فَإِنَّ الذَّبْحَ يُزِيلُ فَضَلَاتٍ مُؤْذِيَةٍ .
فَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ فَضَلَاتِهِ أَوْ ظُنَّ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا لَكَانَ وَجِيهًا ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يَرُدُّ هَذَا أَمْرَانِ ، أَحَدُهُمَا إيرَادُ حِلِّ الْمَيْتَةِ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ ، الثَّانِي أَنَّ مَلْحَظَ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ حَيْثُ

كَوْنُهُ مَيْتَةً كَمَا قَالَ فَلِمَ الرُّخْصَةُ وَنَازَعَ فِي نَدْبِ الذَّبْحِ مَعَ أَنَّ الرُّخْصَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً .
وَذَكَرَ أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْخِنْزِيرَ يَفْتَقِرُ لِلذَّكَاةِ وَذَكَاتُهُ عَقْرُهُ وَيَنْوِي بِهِ الذَّكَاةَ .
الْفَاكِهَانِيُّ يُنْدَبُ لَهُ تَذْكِيَتُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا ا هـ .
قَوْلُهُ ذَكَاتُهُ عَقْرُهُ أَيْ : عِنْدَ نُدُودِهِ وَالْعَجْزِ عَنْهُ ، وَأَمَّا عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَذَكَاتُهُ ذَبْحُهُ وَالْقِرْدُ يَجُوزُ اصْطِيَادُهُ بِنِيَّةِ الذَّكَاةِ عَلَى الْقَوْلِ بِإِبَاحَتِهِ قَالَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْفَوَاسِقَ أَيْ : الْمُتَقَدِّمَةَ فِي قَوْلِهِ إلَّا الْفَأْرَةَ وَالْحَيَّةَ إلَخْ ، فَتَثْقُلُ لِإِذَايَتِهَا وَإِنْ كَانَتْ لَا يُمْنَعُ أَكْلُهَا ، وَاحْتِيجَ لِإِدْخَالِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُصْطَادُ إلَّا بِنِيَّةِ ذَكَاتِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ اصْطِيَادُ مَأْكُولٍ إلَخْ .
وَلَوْ قَالَ إلَّا الْفَوَاسِقَ وَحَذَفَ الْخِنْزِيرَ لَكَانَ أَحْسَنَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمَأْكُولِ بِخِلَافِ الْفَوَاسِقِ ، وَقَوْلُهُ تُسْتَحَبُّ ذَكَاتُهُ قَالَهُ الْوَقَّارُ إلَخْ .
هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُ وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ بِأَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ الْوَقَّارُ وُجُوبُ ذَكَاتِهِ لَا نَدْبُهَا وَنَصُّ مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ : وَإِذَا أَصَابَ الْمُضْطَرُّ مَيْتَةً أَوْ خِنْزِيرًا أَكَلَ مَا أَحَبَّ ، فَإِنْ أَحَبَّ الْخِنْزِيرَ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا ا هـ .
فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَلَا يَأْكُلْهُ إلَّا ذَكِيًّا تَحَتُّمُ ذَكَاتِهِ ، لَكِنْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ بِالِاسْتِحْبَابِ .
وَاعْتُرِضَ أَيْضًا عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فِي اسْتِشْكَالِهِ ذَكَاتَهُ بِأَنَّ الْخِنْزِيرَ حَالَ الضَّرُورَةِ مُبَاحٌ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ هُوَ حَيَوَانٌ بَرِّيٌّ مُبَاحٌ وَكُلُّ حَيَوَانٍ كَذَلِكَ تَجِبُ ذَكَاتُهُ الْآيَةُ عَلَى الْمَيْتَةِ يُفِيدُ أَنَّ الرُّخْصَةَ تَعَلَّقَتْ بِهِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ مَيْتَةً عَكْسُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ ، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا

إيرَادُ الْمَيْتَةِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هَذَا لَا يُرَدُّ ؛ لِأَنَّ ذَكَاةَ الْمَيْتَةِ لَا تُمْكِنُ .
وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْخِنْزِيرِ الْحَيِّ الَّذِي تُمْكِنُ ذَكَاتُهُ ، وَقَوْلُهُ الثَّانِي مَلْحَظُ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ لَا يَنْزِلُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَا يُلَائِمُهُ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَذَكَاةِ مَا لَا يُؤْكَلُ ) مِنْ الْحَيَوَانِ كَخَيْلٍ وَبَغْلٍ وَحِمَارٍ فَتَجُوزُ تَذْكِيَتُهُ بَلْ تُسْتَحَبُّ إرَاحَةً لَهُ ، وَاسْتَعْمَلَهَا بِمَعْنَى الْفَرْيِ لَا بِمَعْنَاهَا الشَّرْعِيِّ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ غَيْرُ مَأْكُولٍ ( إنْ أُيِسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مِنْ ) اسْتِمْرَارِ الْحَيَاةِ ( لَهُ ) حَقِيقَةً لِمَرَضٍ أَوْ عَمًى أَوْ حَكٍّ كَتَعَبِهِ بِمَضْيَعَةٍ لَا عَلَفَ فِيهَا وَلَا يُرْجَى أَخْذُ أَحَدٍ لَهُ ، وَكَذَا بَعِيرٌ عَجَزَ فِي السَّفَرِ وَلَا يُنْتَفَعُ بِلَحْمِهِ يَنْحَرُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ قَالَهُ فِي الْوَاضِحَة أَيْ : فَلَا يَنْحَرْهُ إذَا خَافَ عَلَى مَنْ يَأْكُلُهُ مِمَّنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ بَعْدَ نَحْرِهِ تَقْدِيمًا لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْآدَمِيِّ عَلَى دَفْعِهِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَقِيلَ يُعْقَرُ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إبَاحَةُ أَكْلِهِ ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُتْرَكُ حَتَّى يَمُوتَ ثُمَّ إنْ وَجَدَهَا صَاحِبُهَا قَدْ صَحَّتْ عِنْدَ الَّذِي قَامَ بِهَا فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِهَا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لِلَّذِي قَامَ بِهَا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا .

وَكُرِهَ ذَبْحٌ بِدَوْرِ حُفْرَةٍ ، وَسَلْخٌ أَوْ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ ، كَقَوْلِ مُضَحٍّ ، اللَّهُمَّ مِنْك وَإِلَيْك ، وَتَعَمُّدُ إبَانَةِ رَأْسٍ .
وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ .
إنْ قَصَدَهُ أَوَّلًا .

( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( ذَبْحٌ ) لِحَيَوَانَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ( بِدَوْرِ حُفْرَةٍ ) لِعَدَمِ اسْتِقْبَالِ بَعْضِهَا وَلِنَظَرِ بَعْضِهَا بَعْضًا ، وَلَهَا الْهَامُّ فَهُوَ تَعْذِيبٌ لَهَا فِيهَا بَلَغَ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الْجَزَّارِينَ يَجْتَمِعُونَ عَلَى الْحُفْرَةِ يَدُورُونَ بِهَا فَيَذْبَحُونَ حَوْلَهَا فَنَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُمْ بِتَوْجِيهِهَا إلَى الْقِبْلَةِ .
( وَ ) كُرِهَ ( سَلْخٌ ) لِجِلْدِ الْحَيَوَانِ عَنْ لَحْمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ ( أَوْ قَطْعٌ ) لِشَيْءٍ مِنْ الْحَيَوَانِ أَوْ حَرْقٌ لِشَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ أَوْ نَحْرِهِ وَ ( قَبْلَ الْمَوْتِ ) لِخَبَرِ النَّهْيِ عَنْهُ وَأَنْ تُتْرَكَ حَتَّى تَبْرُدَ أَيْ : تَمُوتَ إلَّا السَّمَكَ فَيَجُوزُ إلْقَاؤُهُ فِي النَّارِ قَبْلَ مَوْتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَفِي الشَّيْخِ سَالِمٍ تُكْرَهُ عَرْقَبَةُ الْبَقَرِ ثُمَّ تُذْبَحُ وَإِلْقَاءُ الْحُوتِ فِي النَّارِ حَيًّا .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَقَوْلِ ) شَخْصٍ ( مُضَحٍّ ) عِنْدَ تَذْكِيَةِ أُضْحِيَّتِهِ ( اللَّهُمَّ ) أَيْ : يَا اللَّهَ هَذَا ( مِنْ ) فَضْلِ ( كَ ) وَنِعْمَتِك لَا مِنْ حَوْلِي وَقُوَّتِي ( وَإِلَيْك ) التَّقَرُّبُ بِهِ لَا إلَى غَيْرِك مِمَّنْ سِوَاك وَلَا رِيَاءَ وَلَا سُمْعَةَ إذَا قَالَهُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ ، فَإِنْ قَصَدَ بِهِ مُجَرَّدَ الدُّعَاءِ فَلَا يُكْرَهُ وَيُؤْجَرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا وَرَدَ عَنْ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ، وَلَا وَجْهَ لِإِبْقَاءِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَجَعْلِهِ مُخَالِفًا .
( وَ ) كُرِهَ ( تَعَمُّدُ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً ( إبَانَةِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ : فَصْلِ ( رَأْسٍ ) عَنْ بَدَنٍ حَالَ الذَّبْحِ ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ قَبْلَ الْمَوْتِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مُجَرَّدَ تَعَمُّدِهَا مَكْرُوهٌ ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِيهَا فَلَوْ قَالَ وَإِبَانَةُ رَأْسٍ عَمْدًا لَسَلِمَ

مِنْ هَذَا وَوَفَّقَهَا وَالْكَرَاهَةُ وَالْأَكْلُ عَلَى هَذَا سَوَاءٌ قَصَدَهَا مِنْ أَوَّلِ التَّذْكِيَةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بَعْدَ تَمَامِهَا قَبْلَ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ أَيْ : حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَالْأَكْلِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ ( عَلَى عَدَمِ الْأَكْلِ ) لِلْحَيَوَانِ الَّذِي أُبِينَتْ رَأْسُهُ مِنْ جَسَدِهِ حَالَ ذَبْحِهِ ( إنْ قَصَدَهُ ) أَيْ : الذَّابِحُ الْإِبَانَةَ وَذَكَرَ ضَمِيرَهَا ؛ لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْفَصْلِ وَصِلَةُ قَصَدَهُ قَوْلُهُ ( أَوَّلًا ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدًا مُنَوَّنًا أَيْ : ابْتِدَاءً وَإِبَانَةً بِالْفِعْلِ ، فَإِنْ قَصَدَ ابْتِدَاءَ ذَبْحِهِ ، وَلَمَّا أَتَمَّهُ قَصَدَ الْإِبَانَةَ وَأَبَانَهُ فَتَوَكَّلَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ .
وَقَوْلُهُ أَيْضًا يُفِيدُ أَنَّهَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى الْأَوَّلِ ، قَالَ الْبَدْرُ : وَلَمْ أَرَ مَنْ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ وَفِي أَحْمَدَ وتت مَا يَرُدُّ هَذَا ، وَلَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَانِ لِرُجْحَانِ الْأَوَّلِ عِنْدَهُ ، وَمَفْهُومُ تَعَمَّدَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي النِّسْيَانِ وَالْجَهْلِ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمَنْ ذَبَحَ فَتَرَامَتْ يَدُهُ إلَى أَنْ أَبَانَ الرَّأْسَ أُكِلَتْ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ تَعَمَّدَ هَذَا وَبَدَأَ فِي قَطْعِهِ بِالْوَدَجَيْنِ وَالْحُلْقُومِ أُكِلَتْ لِنَخْعِهِ إيَّاهَا بَعْدَ تَمَامِ الذَّبْحِ وَأَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ فَتَرَامَتْ يَدُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً ، وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً وَلَمْ يُرِدْ إنْ تَعَمَّدَ التَّرَامِيَ ؛ لِأَنَّهُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ : إذَا نَخَعَهَا فِي ذَبْحِهِ مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ جَهْلٍ وَلَا نِسْيَانٍ فَلَا تُؤْكَلُ ، قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : لَوْ تَعَمَّدَ هَذَا إلَخْ فِي الْأُمَّهَاتِ سَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ عَمَّا إذَا تَعَمَّدَ قَطْعَ رَأْسِهَا ابْتِدَاءً وَهُوَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57