كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

تَعِيشُ ، فَلَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي شَهْرٍ يَعِيشُ فِيهِ كَالسَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ أَوْ الْعَاشِرِ وَرُجِيَتْ حَيَاتُهُ مَتَى بُقِرَ عَلَيْهِ .
فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يُبْقَرُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُبْقَرُ عَلَيْهِ .
وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَإِحْيَاءُ نَفْسٍ أَوْلَى مِنْ صِيَانَةِ مَيِّتٍ مِنْهُ .
سَنَدٌ تُبْقَرُ مِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُسْرَى ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِجِهَةِ الْجَنِينِ .
شَبّ هَذَا إذَا كَانَ الْحَمْلُ أُنْثَى فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَمِنْ خَاصِرَتِهَا الْيُمْنَى لِنَصِّ الْأَطِبَّاءِ أَنَّ الذَّكَرَ لِجِهَةِ الْيَمِينِ وَالْأُنْثَى لِجِهَةِ الْيَسَارِ قَالَهُ عِيَاضٌ .
( وَإِنْ قُدِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( عَلَى إخْرَاجِهِ ) أَيْ الْجَنِينِ الْمَيِّتَةِ ( مِنْ مَحَلِّ ) خُرُوجِ ( هـ ) الْمُعْتَادِ أَيْ الْقُبُلِ بِحِيلَةٍ ( فُعِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أُخْرِجَ مِنْهُ بِهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَبْسُوطِ إنْ قُدِرَ أَنْ يُسْتَخْرَجَ الْوَلَدُ مِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ فِي الْحَيَاةِ فُعِلَ .
اللَّخْمِيُّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إذْ لَا بُدَّ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْقُوَّةِ الدَّافِعَةِ وَشَرْطُهَا الْحَيَاةُ إلَّا لِخَرْقِ الْعَادَةِ .

وَالنَّصُّ عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ لِمُضْطَرٍّ ، وَصُحِّحَ أَكْلُهُ أَيْضًا
( وَالنَّصُّ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمَنْصُوصُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ ( عَدَمُ جَوَازِ أَكْلِهِ ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ كَافِرًا ( لِمُضْطَرٍّ ) لِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ مُسْلِمًا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ، إذْ لَا تُنْتَهَكُ حُرْمَةُ آدَمِيٍّ لِآخَرَ .
( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( أَكْلُهُ ) أَيْ الْآدَمِيِّ الْمَيِّتِ الْمُضْطَرُّ لَمْ يَجِدْ عَنْهُ ، أَيْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَوْلَ بِجَوَازِهِ ابْنُ الْقَصَّارِ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَيِّتَ مِنْ بَنِي آدَمَ لَيْسَ بِنَجِسٍ .
ثُمَّ قَالَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَمَّى الْمَيْتَاتِ رِجْسًا وَالْمَيِّتُ مِنْ بَنِي آدَمَ لَا يُسَمَّى مَيْتَةً فَلَيْسَ بِرِجْسٍ وَلَا نَجَسٍ وَلَمْ يَحْرُمْ أَكْلُهُ لِنَجَاسَتِهِ إذْ لَيْسَ بِنَجِسٍ ، وَإِنَّمَا حَرُمَ أَكْلُهُ إكْرَامًا لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُسَمَّ مَيْتَةً لَمْ يَجُزْ لِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْكُلَهُ بِإِبَاحَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ أَكْلَ الْمَيْتَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْأَقْوَالِ ، وَمُقَابِلُ الرَّاجِحِ يَجُوزُ لِلْمُضْطَرِّ أَكْلُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ابْنُ عَرَفَةَ تَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ الْمُضْطَرُّ إلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ لَا يَجِدُ إلَّا لَحْمَ الْآدَمِيِّ لَا يَأْكُلُهُ وَإِنْ خَافَ التَّلَفَ وَتَخْرِيجُهُ .
ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى الْبَقْرِ يُرَدُّ بِقُوَّةِ حُرْمَةِ مَنْ عُلِمَتْ حَيَاتُهُ دُونَ مَرْجُوِّهَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ دُونَهُ إجْمَاعًا .
عب لَا يَأْكُلُ الشَّخْصُ بَعْضَ نَفْسِهِ .

وَدُفِنَتْ مُشْرِكَةٌ حَمَلَتْ مِنْ مُسْلِمٍ بِمَقْبَرَتِهِمْ
( وَدُفِنَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَرْأَةٌ ( مُشْرِكَةٌ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ كَافِرَةٍ بِإِشْرَاكٍ أَوْ غَيْرِهِ ( حَمَلَتْ ) فِي بَطْنِهَا جَنِينًا ( مِنْ ) رَجُلٍ ( مُسْلِمٍ ) بِشُبْهَةٍ مُطْلَقًا أَوْ نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ أَسْلَمَ زَوْجُهَا وَصِلَةُ دُفِنَتْ ( بِمَقْبَرَتِهِمْ ) أَيْ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ حُرْمَةِ جَنِينِهَا حَتَّى يُولَدَ صَارِخًا .
ابْنُ حَبِيبٍ ؛ لِأَنَّهُ عُضْوٌ مِنْهَا حَتَّى يُزَايِلَهَا .
وَقَالَ ابْنُ غَلَّابٍ تُدْفَنُ فِي طَرَفِ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ، وَغَلَّطَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ لِثَبْتِ النَّاقِلِ فَقَدْ نَقَلَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ .
وَنَقَلَ أَيْضًا دَفْنَهَا بَيْنَ مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ نَصُّ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ فَرَضَ الْمَسْأَلَةَ فِي الرِّوَايَةِ فِي نَصْرَانِيَّةٍ وَرَأَى الْمُصَنِّفُ أَنْ لَا فَرْقَ فَعَمَّمَ ، وَتُتْرَكُ لِلْكُفَّارِ يَدْفِنُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا .

وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهَا قِبْلَتَنَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ
فَقَوْلُهُ ( وَلَا يُسْتَقْبَلُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ بِمَيِّتِ الْكُفَّارِ ( قِبْلَتَنَا ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا ( وَلَا قِبْلَتَهُمْ ) أَيْ الْكُفَّارِ ؛ لِأَنَّا لَا نَرَى طَلَبَ اسْتِقْبَالِهَا حَقُّهُ التَّأْخِيرُ عَنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ .

وَرُمِيَ مَيِّتُ الْبَحْرِ بِهِ مُكَفَّنًا إنْ لَمْ يُرْجَ الْبَرُّ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ ،
( وَرُمِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَيِّتُ الْبَحْرِ ) أَيْ فِي السَّفِينَةِ السَّائِرَةِ فِيهِ وَصِلَةُ رُمِيَ ( بِهِ ) أَيْ فِي الْبَحْرِ مُغَسَّلًا مُحَنَّطًا ( مُكَفَّنًا ) بِضَمِّ أَوَّلِهَا وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهَا مُصَلًّى عَلَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ قَائِلًا مُلْقِيهِ " بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ " وَلَا يُثَقَّلُ ( إنْ لَمْ يُرْجَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ( الْبَرُّ ) أَيْ الْوُصُولُ إلَيْهِ ( قَبْلَ تَغَيُّرِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ وَالْأَوْجَبُ تَأْخِيرُهُ لِدَفْنِهِ بِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَمِعُوا فِي الْبَرِّ مِنْ يَوْمِهِمْ وَشِبْهِهِ حَبَسُوهُ حَتَّى يَدْفِنُوهُ فِي الْبَرِّ ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْ الْبَرِّ فِي مِثْلِ ذَلِكَ غَسَّلُوهُ ، وَكَفَّنُوهُ وَحَنَّطُوهُ وَصَلَّوْا عَلَيْهِ حِينَ يَمُوتُ وَيُلْقُونَهُ فِي الْبَحْرِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مُنْحَرِفًا عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ، وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ تُثَقَّلُ رِجْلُهُ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ أَمْ لَا ا هـ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُثَقِّلُوا رِجْلَيْهِ بِشَيْءٍ لِيَغْرَقَ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ لَا يَعْرِفُ وَحَقٌّ عَلَى وَاجِدِهِ بِالْبَرِّ دَفْنُهُ سَحْنُونٌ يُثَقَّلُ .

وَلَا يُعَذَّبُ بِبُكَاءٍ لَمْ يُوصِ بِهِ ،
( وَلَا يُعَذَّبُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَيِّتُ ( بِبُكَاءٍ ) عَلَيْهِ حَرَامٌ ( لَمْ يُوصِ بِهِ ) فَإِنْ أَوْصَى بِهِ عُذِّبَ بِهِ كَتَرْكِهِ الْوَصِيَّةَ بِتَرْكِهِ مَعَ عِلْمِهِ امْتِثَالَهُمْ وَصِيَّتَهُ .
فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ { إنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ } ، وَتَأَوَّلَهُ الْمَازِرِيُّ بِثَلَاثَةِ تَأْوِيلَاتٍ .
أَوَّلُهَا : بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي يُعَذَّبُ عَلَى كُفْرِهِ ، وَهُمْ يَبْكُونَ عَلَيْهِ .
ثَانِيهَا : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى بِأَنْ يُبْكَى عَلَيْهِ فَيُعَذَّبُ إنْ نُفِّذَتْ وَصِيَّتُهُ .
ثَالِثُهَا : أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَتَعَذَّبُ بِسَمَاعِ بُكَاءِ أَهْلِهِ وَيَرِقُّ لَهُمْ ، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا بِهَذَا فِي حَدِيثٍ قَبْلَهُ ، وَإِلَى هَذَا نَحَا الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ أَوْلَى مَا يُقَالُ فِيهِ عج ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَبْكُونَ وَلَمْ يُوصِهِمْ بِتَرْكِهِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ نَهْيُهُمْ عَنْهُ إنْ عَلِمَ امْتِثَالَهُمْ أَمْرَهُ ، وَإِلَّا فَلَا .

وَلَا يُتْرَكُ مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ ،
( وَلَا يُتْرَكُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَيِّتٌ ( مُسْلِمٌ لِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَجْهِيزِهِ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ مِنْ عَدَمِ تَغْسِيلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَاسْتِقْبَالِهِ قِبْلَتَهُمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَأَمَّا مَسِيرُهُ مَعَهُ وَدُعَاؤُهُ لَهُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ فَيَتَوَلَّاهُ وَلِيُّهُ الْمُسْلِمُ إنْ كَانَ ، وَإِلَّا فَالْمُسْلِمُونَ .

وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا كَافِرًا وَلَا يُدْخِلُهُ قَبْرَهُ إلَّا أَنْ يَضِيعَ فَلْيُوَارِهِ
( وَلَا يُغَسِّلُ مُسْلِمٌ أَبًا ) لَهُ مَثَلًا ( كَافِرًا ) أَيْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ فَيَجُوزُ ( وَلَا يُدْخِلُهُ ) أَيْ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ ( قَبْرَهُ ) أَيْ الْمُسْلِمِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يَخَافَ الْمُسْلِمُ عَلَى أَبِيهِ أَوْ غَيْرِهِ الْكَافِرِ ( أَنْ يَضِيعَ ) أَيْ يَجِيفَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ وَتَأْكُلَهُ الْكِلَابُ مَثَلًا ( فَلْيُوَارِهِ ) أَيْ يَدْفِنُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ أَوْ غَيْرَهُ الْكَافِرَ وُجُوبًا ، وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِهِ قِبْلَتَنَا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا قِبْلَتَهُمْ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهَا فَلَا يَقْصِدُ جِهَةً مَخْصُوصَةً .

وَالصَّلَاةُ أَحَبُّ مِنْ النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ إنْ كَانَ كَجَارٍ أَوْ صَالِحًا .

( وَالصَّلَاةُ ) عَلَى الْمَيِّتِ ( أَحَبُّ ) أَيْ أَفْضَلُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( مِنْ ) صَلَاةِ ( النَّفْلِ إذَا قَامَ بِهَا الْغَيْرُ ) ، وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ ، وَكَوْنُهَا أَحَبَّ مِنْهُ ( إنْ كَانَ ) الْمَيِّتُ ( كَجَارٍ ) لِلْمُصَلِّي عَلَيْهِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ قَرِينَهُ وَصَدِيقَهُ .
( أَوْ ) كَانَ الْمَيِّتُ ( صَالِحًا ) تُرْجَى بَرَكَتُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْت مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيُّ شَيْءٍ أَعْجَبُ إلَيْك الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَمْ شُهُودُ الْجَنَائِزِ ، قَالَ بَلْ الْقُعُودُ فِي الْمَسْجِدِ أَعْجَبُ إلَيَّ ؛ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَقُولُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ أَحَدٍ تُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ لِزَيْدٍ بِهِ فِي فَضِيلَةٍ فَيَحْضُرُهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَهَذَا فِي جَمِيعِ الْمَسَاجِدِ .
ابْنُ رُشْدٍ ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ ، إلَى أَنَّ صَلَاةَ النَّوَافِلِ وَالْجُلُوسَ فِي الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ مِنْ شُهُودِ الْجِنَازَةِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ ، فَمَاتَ حُسَيْنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَامَ النَّاسُ لِجِنَازَتِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَّا سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ مِنْ مَجْلِسِهِ فَقِيلَ لَهُ أَلَا تَشْهَدُ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ مِنْ بَيْتِ الصَّالِحِ ، فَقَالَ لَأَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ أَشْهَدَ هَذَا الرَّجُلَ الصَّالِحَ ، وَخَرَجَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَاتَّبَعَهُ وَقَالَ شُهُودُ الْجَنَائِزِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ جُمْلَةً أَيْضًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ .
وَتَفْصِيلُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ عَيْنُ الْفِقْهِ إذْ إنَّمَا يُرَغِّبُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ يُعْرَفُ بِالْخَيْرِ وَتُرْجَى بَرَكَةُ شُهُودِهِ ، فَمَنْ كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ أَوْ كَانَ لَهُ حَقٌّ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ فَشُهُودُهُ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ ، كَمَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

لِمَا يَتَعَيَّنُ مِنْ حَقِّ الْجِوَارِ وَالْقَرَابَةِ ، وَلِمَا فِي شُهُودِ الْجِنَازَةِ مِنْ الْفَضْلِ ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { أَفْضَلُ مَا يَعْمَلُ الْمَرْءُ فِي يَوْمِهِ شُهُودُ جِنَازَةٍ } .
ا هـ .
وَفِي الْمَدْخَلِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ أَوْلَى مِنْ الْخُرُوجِ مَعَ الْجِنَازَةِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( بَابٌ ) تَجِبُ زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ : بِمِلْكٍ وَحَوْلٍ ، كَمُلَا وَإِنْ مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً وَنِتَاجًا لَا مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ ، وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ ، وَإِنْ قَبْلَ حَوْلِهِ بِيَوْمٍ لَا لِأَقَلَّ

بَابٌ فِي أَحْكَامِ الزَّكَاةِ ) ( تَجِبُ زَكَاةُ ) أَيْ : إخْرَاجُ جُزْءٍ مَخْصُوصٍ مِنْ مَالٍ مَخْصُوصٍ بَلَغَ نِصَابًا لِمُسْتَحِقِّهِ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلُ غَيْرِ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ ، وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ الْمُخْرَجِ مِنْ الْمَالِ الْمَخْصُوصِ الَّذِي بَلَغَ نِصَابًا إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَالْحَرْثِ وَهَذَانِ مَعْنَيَانِ شَرْعِيَّانِ لَهَا ، وَمَعْنَاهَا لُغَةً : النُّمُوُّ وَزِيَادَةُ الْخَيْرِ وَمُنَاسَبَةُ الشَّرْعِيِّ اللُّغَوِيَّ مِنْ جِهَةِ نُمُوِّ الْجُزْءِ الْمَخْصُوصِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى لِحَدِيثِ { مَا تَصَدَّقَ عَبْدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ إلَّا الطَّيِّبَ إلَّا كَأَنَّمَا يَضَعُهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَكُونَ كَالْجَبَلِ } .
وَمِنْ جِهَةِ تَطْهِيرِ الْمَالِ وَحُصُولِ الْبَرَكَةِ فِيهِ وَنُمُوِّهِ بِالرِّبْحِ وَالْوِلَادَةِ وَالْإِثْمَارِ وَتَطْهِيرِ صَاحِبِهِ مِنْ الذُّنُوبِ وَحُصُولِ الْبَرَكَةِ لَهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } .
وَإِضَافَةُ زَكَاةِ ( نِصَابٍ ) مِنْ إضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ بَعْدَ حَذْفِ فَاعِلَهْ بِكَسْرِ النُّونِ مَعْنَاهُ لُغَةً الْأَصْلُ وَشَرْعًا قَدْرٌ مَخْصُوصٌ إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَصْلٌ لِلْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ النَّصْبِ بِسُكُونِ الصَّادِ بِمَعْنَى التَّعْلِيمِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُوبِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ النَّصِيبِ ؛ لِأَنَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ نَصِيبًا فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ النَّصْبِ بِفَتْحِهَا أَيْ : التَّعَبِ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي نَصَبِ السُّعَاةِ وَتَعَبِهِمْ بِالطَّوَافِ عَلَى أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ .
وَإِضَافَةُ نِصَابِ ( النَّعَمِ ) لَامِيَّةٌ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ لِكَثْرَةِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا عَلَى خَلْقِهِ بِالنُّمُوِّ وَالْوِلَادَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَالْوَبَرِ وَالشَّعْرِ وَعُمُومِ

الِانْتِفَاعِ أَوْ مِنْ نَعَمْ الْجَوَابِيَّةِ بِجَامِعِ السُّرُورِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( بِ ) سَبَبِ ( مِلْكٍ ) لِنِصَابِ النَّعَمِ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُرْتَهِنٍ وَمُسْتَعِيرٍ وَمُسْتَأْجِرٍ وَمُلْتَقِطٍ لِعَدَمِ مِلْكِهِمْ مَا بِأَيْدِيهِمْ .
( وَ ) بِ ( حَوْلٍ ) عَلَى النِّصَابِ وَهُوَ مَمْلُوكٌ ( كَمَلَا ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَفْصَحِ أَيْ : الْمِلْكُ وَالْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ عَلَى مَالِكٍ مِلْكًا غَيْرَ كَامِلٍ كَرَقِيقٍ وَمَدِينٍ وَغَاصِبٍ لَيْسَ لَهُمَا مَا يَجْعَلَانِهِ فِي الدَّيْنِ وَالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِمَا عَيْنٌ وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَكْمُلْ الْحَوْلُ وَالنِّصَابُ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ وَالْحَوْلُ شَرْطٌ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ ، وَأَمَّا الْمِلْكُ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ سَبَبٌ يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَمِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ لِذَاتِهِ وَهُوَ الْحَقُّ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ وَقَرْنُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحَوْلِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي أَنَّهُ شَرْطٌ وَالْبَاءُ فِي كَلَامِهِ تَحْتَمِلُ الْمَعِيَّةَ وَالْمُلَابَسَةَ فَلَا تَتَعَيَّنُ السَّبَبِيَّةُ إنْ كَانَتْ النَّعَمُ رَاعِيَةً وَغَيْرَ عَامِلَةٍ وَكِبَارًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( مَعْلُوفَةً وَعَامِلَةً ) فِي حَرْثٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ سَقْيٍ وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي حَدِيثِ { فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ زَكَاةٌ } ؛ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهُ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى { وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ } ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي الْحِجْرِ .
( وَنِتَاجًا ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ : صِغَارًا فَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أُمَّهَاتِهَا إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَمَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا أَوْ مُكَمَّلَةً لَهُ بِأَنْ مَاتَ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ وَبَقِيَ مِنْهَا مَعَ النِّتَاجِ نِصَابٌ أَوْ مِلْكٌ دُونَ نِصَابٍ فَوَلَدَتْ مَا تَمَّ بِهِ النِّصَابُ ( لَا ) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي نَعَمٍ مُتَوَلِّدَةٍ

( مِنْهَا ) أَيْ : النَّعَمِ الْإِنْسِيَّةِ ( وَمِنْ الْوَحْشِ ) بِأَنْ ضَرَبَتْ فُحُولُ الظِّبَاءِ فِي إنَاثِ الْمَعْزِ أَوْ عَكْسُهُ أَوْ فُحُولُ بَقَرِ الْوَحْشِ فِي إنَاثِ الْبَقَرِ الْإِنْسِيَّةِ أَوْ عَكْسُهُ الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَصْرُ النِّتَاجِ الَّذِي لَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ مُبَاشَرَةً ، وَأَمَّا الْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا بِوَاسِطَةٍ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ وَاسْتَظْهَرَهُ الْبَدْرُ .
( وَضُمَّتْ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ ( الْفَائِدَةُ ) أَيْ : مَا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ مِنْ النَّعَمِ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِ هِبَةٍ وَصِلَةٍ ضُمَّتْ ( لَهُ ) أَيْ : نِصَابٍ أَيْ : النَّعَمِ إنْ اتَّحَدَ نَوْعُهُمَا إنْ حَصَلَتْ الْفَائِدَةُ قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ بَلْ ( وَإِنْ ) حَصَلَتْ ( قَبْلَ ) تَمَامِ ( حَوْلِهِ ) أَيْ : النِّصَابِ ( بِيَوْمٍ ) أَيْ : جُزْءٍ مِنْ الزَّمَنِ وَلَوْ لَحْظَةً فَمَنْ مَلَكَ أَوْ زَكَّى نِصَابَ نَعَمٍ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ وَمَلَكَ نِصَابًا آخَرَ وَلَوْ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ زَكَّاهُمَا مَعًا أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ إنْ كَانَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ ( لَا ) تُضَمُّ فَائِدَةُ النَّعَمِ ( لِأَقَلَّ ) مِنْ نِصَابٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفَائِدَةُ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ وَتُضَمُّ الْأُولَى لِلثَّانِيَةِ الْمُتَمِّمَةُ لِلنِّصَابِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الثَّانِيَةِ إلَّا النِّتَاجَ فَيُضَمُّ لِأَصْلِهِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ وَيُزَكَّى مَجْمُوعُهُمَا عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ إنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ .
وَسَيَأْتِي أَنَّ فَائِدَةَ الْعَيْنِ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةٌ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمَّ الْفَائِدَةُ لِلنِّصَابِ لَزِمَ خُرُوجُهُ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ وَزَكَاةُ الْعَيْنِ مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا وَلَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي زَكَاةِ كُلِّ فَائِدَةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى دُونَ نِصَابٍ وَضُمَّتْ لِلْفَائِدَةِ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَهُ

اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ فِيمَنْ لَا سَاعِيَ لَهُمْ أَيْضًا كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ .
وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو إِسْحَاقَ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ أَنَّهَا لَهَا سَاعٍ حُمِلَ النَّادِرُ عَلَى الْغَالِبِ طَرْدًا لِلْبَابِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ .

الْإِبِلُ فِي كُلِّ خَمْسٍ ضَائِنَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ غَنَمِ الْبَلَدِ الْمَعْزَ ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ وَالْأَصَحُّ إجْزَاءُ بَعِيرٍ إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَبِنْتُ مَخَاضٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ سَلِيمَةٌ ، فَابْنُ لَبُونٍ وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ : بِنْتُ لَبُونٍ ، وَسِتٍّ وَأَرْبَعِينَ : حِقَّةٌ وَإِحْدَى وَسِتِّينَ : جَذَعَةٌ وَسِتٍّ وَسَبْعِينَ : بِنْتَا لَبُونٍ ، وَإِحْدَى وَتِسْعِينَ : حِقَّتَانِ ، وَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ : حِقَّتَانِ ، أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ : الْخِيَارُ لِلسَّاعِي ، وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا مُنْفَرِدًا ، ثُمَّ فِي كُلِّ عَشْرٍ : يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ : فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ : بِنْتُ لَبُونٍ ، وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ : حِقَّةٌ .
وَبِنْتُ الْمَخَاضِ الْمُوَفِّيَةُ سَنَةً

( الْإِبِلُ ) يَجِبُ ( فِي كُلٍّ خَمْسٌ ) مِنْهَا ( ضَائِنَةٌ ) بِتَقْدِيمِ الْهَمْزِ عَلَى النُّونِ مِنْ الضَّأْنِ بِالْهَمْزِ ضِدُّ الْمَعْزِ تَأَوُّهًا لِلْوَحْدَةِ فَشَمِلَ الذَّكَرَ فَيَجْزِي إخْرَاجُهُ هُنَا كَمَا يُجْزِئُ فِي زَكَاةِ الْغَنَمِ صَرَّحَ بِهَذَا فِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا وَنَصُّ اللُّبَابِ الشَّاةُ الْمَأْخُوذَةُ عَنْ الْإِبِلِ سِنُّهَا وَصِفَتُهَا كَالشَّاةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ الْغَنَمِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُؤْخَذُ عَنْهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاشْتَرَطَ ابْنُ الْقَصَّارِ الْأُنْثَى فِي الْبَابَيْنِ الْحَطّ لَمْ أَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَقَدَّمَهَا ؛ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ النَّعَمِ وَلِذَا سُمِّيَتْ جِمَالًا لِلتَّجَمُّلِ بِهَا وَشَرَطَ كَوْنَهَا ضَائِنَةً .
( إنْ لَمْ يَكُنْ جُلُّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ : أَكْثَرَ ( غَنَمِ ) أَهْلِ ( الْبَلَدِ الْمَعْزَ ) بِأَنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا أَوْ نِصْفُهَا ضَأْنًا فَإِنْ كَانَتْ كُلُّهَا أَوْ جُلُّهَا مَعْزًا فَالشَّاةُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الْمَالِكُ بِدَفْعِ ضَائِنَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ غَنَمُ أَهْلِ الْبَلَدِ إنْ وَافَقَتْ غَنَمَ الْمُزَكِّي بَلْ ( وَإِنْ خَالَفَتْهُ ) أَيْ : غَنَمُ أَهْلِ الْبَلَدِ غَنَمَ الْمُزَكِّي بِكَوْنِ إحْدَاهُمَا ضَأْنًا وَالْأُخْرَى مَعْزًا فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مَعًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُمَا إنْ تَسَاوَيَا يَتَعَيَّنُ أَخْذُهَا مِنْ الضَّأْنِ وَالْأَقْرَبُ تَخْيِيرُ السَّاعِي .
( وَالْأَصَحُّ ) أَيْ : عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُ عَبْدِ الْمُنْعِمِ الْقَرَوِيِّ وَهُوَ ( إجْزَاءُ ) إخْرَاجِ ( بَعِيرٍ ) عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ عِوَضًا عَنْ الشَّاةِ أَنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهَا وَقَالَ الْبَاجِيَّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ : لَا يُجْزِئُ عَنْهَا وَخَرَّجَهُ الْمَازِرِيُّ عَلَى إخْرَاجِ الْقِيمَةِ فِي الزَّكَاةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ بَعِيدٌ ؛ إذْ الْقِيمَةُ عَيْنُ الْحَطِّ لَا بُعْدَ فِيهِ ؛ إذْ لَيْسَ مُرَادُهُ حَقِيقَةَ الْقِيمَةِ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ مِنْ بَابِهِ ، أَلَا تَرَى قَوْلَهُمْ لَا

يَجُوزُ إخْرَاجُ الْقِيمَةِ وَجَعَلُوا مِنْهُ إخْرَاجَ الْعَرْضِ عَنْ الْعَيْنِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِحْزَاءِ مُشْعِرٌ بِعَدَمِ الْجَوَازِ ابْتِدَاءً وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَالْبَعِيرُ يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَظَاهِرُهُ لَوْ كَانَ سِنُّهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ عج وَقَالَ : الْحَطّ لَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهِ سَنَةً وَمَفْهُومٌ عَنْ الشَّاةِ عَدَمُ إجْزَائِهِ عَنْ شَاتَيْنِ فَأَكْثَرَ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَتِهِمَا اتِّفَاقًا .
( إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَ ) فِيهَا ( بِنْتُ مَخَاضٍ ) إنْ كَانَتْ لَهُ سَلِيمَةٌ ( فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ) بِنْتُ مَخَاضٍ ( سَلِيمَةٌ ) بِأَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ أَصْلًا أَوْ كَانَتْ لَهُ مَعِيبَةٌ ( فَ ) فِي الْخَمْسِ وَالْعِشْرِينَ ( ابْنُ لَبُونٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ذَكَرٌ إنْ كَانَ لَهُ سَلِيمًا وَإِلَّا كَلَّفَهُ السَّاعِي بِبِنْتِ مَخَاضٍ إلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ .
وَفِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بِنْتُ لَبُونٍ ) وَلَا يُجْزِئُ حِقٌّ عَنْهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ اللَّبُونِ أَنَّ فِي اللَّبُونِ مَزِيَّةً لَيْسَتْ فِي بِنْتِ الْمَخَاضِ فَعَادَلَتْ أُنُوثَتَهَا وَهِيَ امْتِنَاعُهُ مِنْ صِغَارِ السِّبَاعِ وَوُرُودِ الْمَاءِ وَرَعْيِ الشَّجَرِ وَلَيْسَ فِي الْحِقِّ مَزِيَّةٌ عَنْ بِنْتِ اللَّبُونِ تُعَادِلُ أُنُوثَتَهَا إلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ ( وَ ) فِي ( سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ حِقَّةٌ ) وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا جَذَعٌ إلَى سِتِّينَ ( وَ ) فِي ( إحْدَى وَسِتِّينَ جَذَعَةٌ ) إلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ ( وَ ) فِي ( سِتٍّ وَسَبْعِينَ بِنْتَا ) مُثَنَّى بِنْتٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( لَبُونٍ ) إلَى تِسْعِينَ ( وَ ) فِي ( إحْدَى وَتِسْعِينَ حِقَّتَانِ ) إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ .
( وَ ) فِي ( مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَانِ أَوْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ الْخِيَارُ ) فِي أَخْذِ أَيِّهِمَا ( لِلسَّاعِي ) إنْ وُجِدَا أَوْ فُقِدَا ( وَتَعَيَّنَ أَحَدُهُمَا ) إنْ وُجِدَ حَالَ كَوْنِهِ ( مُنْفَرِدًا ) عَنْ الْآخَرِ .
( ثُمَّ ) فِي تَحَقُّقِ كُلِّ عَشْرٍ بَعْدَ الْمِائَةِ وَالتِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ ( يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ ) فَيَجِبُ ( فِي كُلِّ

أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ ) وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ مِنْ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ قِسْمَةُ عَدَدِ عَشَرَاتِ مَا يُرَادُ تَزْكِيَتُهُ عَلَى عَدَدِ عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ وَالْخَمْسِينَ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ فَخَارِجُ الْقِسْمَةِ عَلَى عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ عَدَدُ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَخَارِجُ الْقِسْمَةِ عَلَى عَشَرَاتِ الْخَمْسِينَ عَدَدُ الْحِقَاقِ .
وَيُخَيَّرُ السَّاعِي وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الْخَمْسَةِ فَقَطْ فَعَدَدُ الْخَارِجِ حِقَاقٌ وَعَلَى الْأَرْبَعَةِ فَقَطْ فَعَدَدُهُ بَنَاتُ لَبُونٍ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا فَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْخَمْسَةِ وَيُقْسَمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَالْخَارِجُ الصَّحِيحُ عَدَدُ بَنَاتِ اللَّبُونِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي وَاحِدًا فَتُبَدَّلُ بِنْتُ لَبُونٍ بِحِقَّةٍ وَإِنْ كَانَ اثْنَيْنِ أُبْدِلَتْ بِنْتَا لَبُونٍ بِحِقَّتَيْنِ وَإِنْ كَانَ ثَلَاثًا أُبْدِلَتْ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ بِثَلَاثِ حِقَاقٍ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ .
وَفِي مِائَةٍ وَأَرْبَعِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَسِتِّينَ أَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَسَبْعِينَ ثَلَاثُ بَنَاتٍ لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَفِي مِائَةٍ وَثَمَانِينَ حِقَّتَانِ وَبِنْتَا لَبُونٍ وَفِي مِائَةٍ وَتِسْعِينَ ثَلَاثُ حِقَاقٍ وَبِنْتُ لَبُونٍ وَفِي مِائَتَيْنِ يُخَيَّرُ السَّاعِي بَيْنَ خَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَبَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ ، وَفِي مِائَتَيْنِ وَعَشْرَةٍ حِقَّةٌ وَأَرْبَعُ بَنَاتِ لَبُونٍ .
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ رُوِيَ عَنْ { النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَيَّنَ أَنَّ فِي كُلِّ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةً إلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ فِي إحْدَى وَتِسْعِينَ إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ حِقَّتَيْنِ ، ثُمَّ قَالَ : ثُمَّ مَا زَادَ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ } فَفَهِمَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ عَشَرَةٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ .
وَفَهِمَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَفِي مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ بِنْتَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ بِاتِّفَاقٍ وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعٍ وَعِشْرِينَ خِلَافٌ فَالْإِمَامُ خَيَّرَ السَّاعِيَ بَيْنَ حِقَّتَيْنِ وَثَلَاثِ بَنَاتِ لَبُونٍ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَتَعَيَّنُ ثَلَاثُ بَنَاتِ لَبُونٍ .
( وَبِنْتُ الْمَخَاضِ ) الْوَاجِبَةُ فِي خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ إلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ هِيَ ( الْمُوَفِّيَةُ ) أَيْ الْمُتَمِّمَةُ ( سَنَةً ) مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهَا وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ سُمِّيَتْ بِنْتَ مَخَاضٍ ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا مَخَضَ الْجَنِينُ بَطْنَهَا أَيْ : تَحَرَّكَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ الْإِبِلَ تَحْمِلُ سَنَةً وَتُرْضِعُ سَنَةً .
.

ثُمَّ كَذَلِكَ الْبَقَرُ ، فِي كُلِّ ثَلَاثِينَ : تَبِيعٌ ذُو سَنَتَيْنِ وَفِي أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ ذَاتُ ثَلَاثٍ ، وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمِائَتَيْ الْإِبِلِ

( ثُمَّ ) بَقِيَتْ الْوَاجِبَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْ بِنْتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَّةِ وَالْجَذَعَةِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ : بِنْتُ الْمَخَاضِ فِي تَوْفِيَةِ سَنَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَدُخُولِهَا فِي السَّنَةِ الَّتِي تَلِيهَا فَبِنْتُ اللَّبُونِ هِيَ الْمُوَفِّيَةُ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَتْ فِي الثَّالِثَةِ وَسُمِّيَتْ بِنْتَ لَبُونٍ ؛ لِأَنَّ أُمَّهَا وَلَدَتْ غَيْرَهَا وَصَارَتْ ذَاتَ لَبَنٍ جَدِيدٍ ، وَالْحِقَّةُ هِيَ الَّتِي أَوْفَتْ ثَلَاثَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ وَسُمِّيَتْ حِقَّةً لِاسْتِحْقَاقِ الْحَمْلِ فِي بَطْنِهَا بِالنَّزْوِ عَلَيْهَا وَعَلَى ظَهْرِهَا بِالْأَحْبُلِ ، وَالْجَذَعَةُ أَوْفَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ وَدَخَلَتْ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ ؛ لِأَنَّهَا تَجْذَعُ أَيْ تُسْقِطُ أَسْنَانَ الرَّضَاعِ ( الْبَقَرُ ) يَجِبُ فِي ( كُلِّ ثَلَاثِينَ ) مِنْهَا ( تَبِيعٌ ) ذَكَرٌ وَالْأَفْضَلُ الْأُنْثَى وَهُوَ ( ذُو سَنَتَيْنِ ) وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ .
( وَفِي ) كُلِّ ( أَرْبَعِينَ ) مِنْهَا ( مُسِنَّةٌ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أُنْثَى وَهِيَ ( ذَاتُ ثَلَاثٍ ) مِنْ السِّنِينَ أَوْفَتْهَا وَدَخَلَتْ فِي الرَّابِعَةِ ( وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ ) مِنْ الْبَقَرِ ( كَمِائَتَيْ ) مَثْنَى مِائَةٍ بِلَا نُونٍ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( الْإِبِلِ ) فِي تَخْيِيرِ السَّاعِي بَيْنَ ثَلَاثَةِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعَةِ أَتْبِعَةٍ كَتَخْيِيرِهِ فِي مِائَتَيْ الْإِبِلِ بَيْنَ أَرْبَعِ حِقَاقٍ وَخَمْسِ بَنَاتِ لَبُونٍ .
الْمَعْلُومُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالضَّابِطُ لِمَعْرِفَةِ عَدَدِ الْأَتْبِعَةِ وَالْمُسِنَّاتِ الْوَاجِبَةِ فِي هَذَا وَمَا زَادَ عَلَيْهِ قَسْمُ عَدَدِ عَشَرَاتِ الْبَقَرِ الَّذِي أُرِيدَ تَزْكِيَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ عِدَّةُ عَشَرَاتِ الثَّلَاثِينَ نِصَابُ التَّبِيعِ وَأَرْبَعَةٌ عِدَّةُ عَشَرَاتِ الْأَرْبَعِينَ نِصَابُ الْمُسِنَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَقَطْ فَالْوَاجِبُ عَدَدُ الْخَارِجِ أَتْبِعَةً وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَهُوَ عَدَدُهُ مُسِنَّاتٍ وَإِنْ انْقَسَمَ عَلَيْهِمَا فَالْخِيَارُ بَيْنَ أَتْبِعَةٍ بِعِدَّةٍ خَارِجَ الْقِسْمَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَمُسِنَّاتٍ

بِعَدَدِ الْخَارِجِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَإِنْ انْكَسَرَ عَلَيْهِمَا فَلَا يُقْسَمُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ وَيُقْسَمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْخَارِجُ الصَّحِيحُ عَدَدُ الْأَتْبِعَةِ ثُمَّ إنْ بَقِيَ وَاحِدٌ بُدِّلَ تَبِيعٌ مِنْهَا بِمُسِنَّةٍ وَإِنْ بَقِيَ اثْنَانِ أُبْدِلَ تَبِيعَانِ بِمُسِنَّتَيْنِ .

الْغَنَمُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً : جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا ، وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ : شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ : ثَلَاثٌ ، وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ : أَرْبَعٌ ؛ ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ : شَاةٌ
الْغَنَمُ ) ( فِي ) كُلِّ ( أَرْبَعِينَ ) شَاةً ( شَاةً جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ( ذُو سَنَةٍ ) تَامَّةٍ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ : ابْنُ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : ابْنُ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ ، وَقِيلَ : ابْنُ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَالْأُولَى زِيَادَةٌ أَوْ ثَنِيٌّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَوَاهِرِ وَهَلْ التَّخْيِيرُ لِلسَّاعِي أَوْ لِلْمَالِكِ ؟ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّهَا قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ وَالثَّنِيُّ مَا دَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ ضَأْنًا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مَعْزًا ) مُبَالَغَةً فِي جَذَعٍ أَوْ جَذَعَةٍ ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِمَا .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ وَلَا الْجَذَعَةُ مِنْ الْمَعْزِ لَا عَنْ الضَّأْنِ وَلَا عَنْ الْمَعْزِ وَلِقَوْلِ ابْنِ الْقَصَّارِ لَا يُجْزِئُ جَذَعُ الْمَعْزِ وَمَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ إذَا كَانَ النِّصَابُ مَعْزًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي إلَى مِائَةٍ وَعِشْرِينَ .
( وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ) شَاةً ( شَاتَانِ ) إلَى مِائَتَيْنِ ( وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثٌ ) مِنْ الشِّيَاهِ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ شَاةً ( وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ ) مِنْ الشِّيَاهِ ( ثُمَّ لِكُلِّ مِائَةٍ ) مِنْ الشِّيَاهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ ( شَاةٌ ) جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ فَلَا يَتَغَيَّرُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْأَرْبَعِمِائَةِ إلَّا بِتَمَامِ مِائَةٍ .

وَلَزِمَ الْوَسَطُ ، وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ ؛ إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ لَا الصَّغِيرَةِ وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ ، وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ ، وَضَأْنٌ لِمَعْزٍ ، وَخُيِّرَ السَّاعِي إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا ، وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ ، وَثِنْتَانِ مِنْ كُلٍّ إنْ تَسَاوَيَا ، أَوْ الْأَقَلِّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ ، وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ

( وَلَزِمَ ) فِي زَكَاةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ ( الْوَسَطُ ) أَيْ : الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْخِيَارِ وَالشِّرَارِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صِنْفٍ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ إنْ وُجِدَ الْوَسَطُ بَلْ ( وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ ) فَلِلْمَالِكِ أَنْ يَأْتِيَ بِالْوَسَطِ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهَا مِنْ الْخِيَارِ ( أَوْ ) انْفَرَدَ ( الشِّرَارُ ) كَصِغَارٍ وَمَرْضَى وَمَعِيبَاتٍ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ الشِّرَارِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمَعِيبَةِ ) بِنَحْوِ عَرَجٍ وَعَوَرٍ لِكَثْرَةِ لَحْمِهَا عِنْدَ إرَادَةِ ذَبْحِهَا لِلْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ ثَمَنِهَا عِنْدَ إرَادَةِ بَيْعِهَا لِتَفْرِقَةِ ثَمَنِهَا عَلَيْهِمْ سَوَاءٌ وُجِدَ الْوَسَطُ أَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَالتَّوْضِيحِ ( لَا الصَّغِيرَةِ ) الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ السِّنَّ الْوَاجِبَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا .
( وَضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ مَفْتُوحَةً ( بُخْتٌ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ إبِلٌ ذَاتُ سَنَامَيْنِ ( لِعِرَابٍ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ إبِلٌ ذَاتُ سَنَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ ( وَ ) ضُمَّ ( جَامُوسٌ ) بَقَرٌ سُودٌ ضِخَامٌ بَطِيءُ الْحَرَكَةِ يُدِيمُ الْمُكْثَ فِي الْمَاءِ إنْ تَيَسَّرَ لَهُ ( لِبَقَرٍ ) حُمُرٍ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى .
( وَ ) ضُمَّ ( ضَأْنٌ لِمَعْزٍ ) فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمَا نِصَابٌ زَكَّى ( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُثْقَلَةً ( السَّاعِي ) فِي أَخْذِ الْوَاجِبِ مِنْ أَيِّ الصِّنْفَيْنِ ( إنْ وَجَبَتْ ) ذَاتٌ ( وَاحِدَةٌ ) شَاةً كَانَتْ أَوْ بَعِيرًا أَوْ بَقَرَةً فِي نِصَابٍ مُلَفَّقٍ مِنْ صِنْفَيْنِ ( وَتَسَاوَيَا ) وَوُجِدَ السِّنُّ الْوَاجِبُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ فُقِدَ مِنْهُمَا فَإِنْ وُجِدَ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ تَعَيَّنَ قَالَهُ الْبَاجِيَّ كَخَمْسَةَ عَشْرَ جَامُوسًا وَمِثْلُهَا حُمُرًا وَكَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا وَكَثَلَاثَةَ عَشْرَ بُخْتًا وَمِثْلُهَا عِرَابًا .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا

كَعِشْرِينَ بُخْتًا وَسِتَّةَ عَشَرَ عِرَابًا وَكَعِشْرِينَ جَامُوسًا وَعَشَرَةٍ حُمُرًا أَوْ كَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَعِشْرِينَ مَعْزًا ( فَ ) يُؤْخَذُ الْوَاجِبُ ( مِنْ الْأَكْثَرِ ) إذْ الْحُكْمُ لَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا مُتَّجَهٌ إنْ كَانَتْ الْكَثْرَةُ ظَاهِرَةً فَإِنْ كَانَتْ شَاةً أَوْ شَاتَيْنِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا كَالْمُتَسَاوِيَيْنِ ( وَ ) إنْ وَجَبَ ( ثِنْتَانِ ) فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ مِنْ صِنْفَيْنِ أُخِذَ ( مِنْ كُلِّ ) صِنْفٍ وَاحِدَةٌ ( إنْ تَسَاوَيَا ) أَيْ : الصِّنْفَانِ كَسَبْعِينَ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا وَكَأَرْبَعِينَ بُخْتًا وَمِثْلُهَا عِرَابًا وَكَثَلَاثِينَ جَامُوسًا وَثَلَاثِينَ حُمُرًا .
( أَوْ ) لَمْ يَتَسَاوَيَا و ( الْأَقَلِّ نِصَابٌ غَيْرُ وَقْصٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِهَا وَبِالصَّادِ وَالسِّينِ مَا بَيْنَ النِّصَابَيْنِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ هُنَا مَا أَوْجَبَ الثَّانِيَةَ كَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَخَمْسِينَ مَعْزًا أَيْ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ بِشَرْطَيْنِ كَوْنُهُ نِصَابًا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَوْنُهُ غَيْرَ وَقْصٍ أَيْ وَجَبَ الثَّانِيَةُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الشَّرْطَانِ مَعًا بِأَنْ انْتَفَيَا مَعًا كَمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ ضَأْنًا وَثَلَاثِينَ مَعْزًا أَوْ الْأَوَّلُ كَمِائَةٍ ضَأْنًا وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ مَعْزًا أَوْ الثَّانِي كَمِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ضَأْنًا وَسِتِّينَ مَعْزًا ( فَالْأَكْثَرُ ) يُؤْخَذَانِ مِنْهُ .

وَثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا فَمِنْهُمَا ، وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ ، وَإِلَّا فَكَذَلِكَ ، وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ : كُلُّ مِائَةٍ
( وَ ) إنْ وَجَبَ فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ مِنْ صِنْفَيْنِ ( ثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا ) أَيْ الصِّنْفَانِ كَمِائَةٍ وَوَاحِدَةٍ ضَأْنًا وَمِثْلُهَا مَعْزًا ( فَ ) اثْنَتَانِ تُؤْخَذَانِ ( مِنْهُمَا ) أَيْ الصِّنْفَيْنِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَةٌ ( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً أَيْ السَّاعِي ( فِي ) أَخْذِ ( الثَّالِثَةِ ) مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ : وُجُوبُ ثِنْتَيْنِ فِي الْمُلَفَّقِ مِنْهُمَا فِي أَنَّهُ كَانَ الْأَقَلُّ نِصَابًا غَيْرَ وَقْصٍ أُخِذَ مِنْهُ وَاحِدَةٌ وَالِاثْنَتَانِ مِنْ الْأَكْثَرِ وَإِلَّا أُخِذَ الْجَمِيعُ مِنْ الْأَكْثَرِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُؤْخَذُ الْكُلُّ مِنْ الْأَكْثَرِ مُطْلَقًا .
( وَ ) إنْ وَجَبَ أَرْبَعٌ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرُ ( اُعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( فِي ) الشَّاةِ ( الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ ) مِنْهَا كَالْخَامِسَةِ وَالسَّادِسَةِ وَنَائِبُ فَاعِلٍ اُعْتُبِرَ ( كُلُّ مِائَةٍ ) وَحْدَهَا فَيُعْتَبَرُ الْخَالِصُ وَحْدَهُ وَالْمُلَفَّقُ وَحْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ مِنْهَا ثَلَثُمِائَةٍ ضَأْنٍ وَمِائَةٌ بَعْضُهَا ضَأْنٌ وَبَعْضُهَا مَعْزٌ أَخْرَجَ ثَلَاثَةً مِنْ الضَّأْنِ وَاعْتُبِرَتْ الْمِائَةُ الْمُلَفَّقَةُ عَلَى حِدَتِهَا فَإِنْ تَسَاوَى فِيهَا الصِّنْفَانِ خُيِّرَ السَّاعِي وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ .

الْجَامُوس وَالْبَقَرُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعُ الزَّكَاة وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً : مِنْهُمَا ،
( وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً ) تَبِيعَانِ ( مِنْهُمَا ) أَيْ : الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعٌ ؛ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثِينَ مِنْ الْجَامُوسِ تَبِيعًا وَالْعَشَرَةُ مِنْهُ تُضَمُّ لِلْعِشْرِينِ مِنْ الْبَقَرِ فَيَخْرُجُ التَّبِيعُ الثَّانِي مِنْ الْبَقَرِ ؛ لِأَنَّهَا الْأَكْثَرُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَقَلِّ إذَا كَانَ نِصَابًا وَهُوَ هُنَا غَيْرُ نِصَابٍ وَأُخِذَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ قَبْلَ تَقَرُّرِ النِّصَابِ وَمَا هُنَا بَعْدَهُ فَيُنْظَرُ لِكُلِّ نِصَابٍ وَحْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَكْثَرِهِ إنْ كَانَ وَالْأَخِيرُ كَالْمِائَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ الْغَنَمِ وَالْمُرَادُ بِتَقَرُّرِ النِّصَابِ اسْتِقْرَارُهُ فِي عَدَدٍ مَضْبُوطٍ إمَّا ابْتِدَاءً كَكُلِّ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً بِتَبِيعٍ وَكُلِّ أَرْبَعِينَ بَقَرَةً بِمُسِنَّةٍ وَإِمَّا انْتِهَاءً كَأَرْبَعِمِائَةٍ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ .

وَمَنْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ مَاشِيَةٍ ؛ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ
( وَمَنْ هَرَبَ ) مِنْ الزَّكَاةِ أَيْ : تَحَيَّلَ عَلَى إسْقَاطِهَا ( بِإِبْدَالِ ) أَيْ : بَيْعٍ ( مَاشِيَةٍ ) أَيْ : نِصَابِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ وَيُعْلَمُ هُرُوبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرِينَةٍ سَوَاءٌ مَلَكَهَا لِتِجَارَةٍ أَوْ قُنْيَةٍ وَسَوَاءٌ أَبْدَلَهَا بِنَوْعِهَا أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ بِعَرْضٍ أَوْ بِنَقْدٍ وَجَوَابُ مَنْ هَرَبَ ( أُخِذَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِزَكَاتِهَا ) أَيْ : الْمَاشِيَةِ الَّتِي أَبْدَلَهَا مُعَامَلَةً بِنَقِيضٍ مَقْصُودٍ لَا بِزَكَاةِ الْبَذْلِ وَلَوْ أَكْثَرَ لِعَدَمِ تَمَامِ حَوْلِهَا إنْ أَبْدَلَهَا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا بَلْ ( وَلَوْ ) أَبْدَلَهَا ( قَبْلَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ) عَلَيْهَا بِقُرْبٍ كَشَهْرٍ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدُ الْحَقِّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْكَاتِبِ لَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا إلَّا إنْ أَبْدَلَهَا بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ وُصُولِ السَّاعِي فَإِنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بِقُرْبِهِ فَلَيْسَ هَارِبًا فَإِنْ أَبْدَلَهَا قَبْلَهُ بِبُعْدٍ فَلَا يُؤْخَذُ بِزَكَاتِهَا اتِّفَاقًا وَيُنْظَرُ لِلْبَدَلِ وَيَكُونُ مِنْ مَشْمُولٍ كَمُبَدِّلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ إلَخْ .

وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ : كَمُبْدِلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ ، وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ ، أَوْ نَوْعِهَا ، وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ : كَنِصَابِ قُنْيَةٍ ، لَا بِمُخَالِفِهَا ، أَوْ رَاجِعَةٍ ، بِإِقَالَةٍ ، أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ .
وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ : كَمَالِكٍ ، فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ وَسِنٍّ وَصِنْفٍ ، إنْ نُوِيَتْ

( وَبَنَى ) بَائِعُ مَاشِيَةٍ وَلَوْ غَيْرَ هَارِبٍ مِنْ الزَّكَاةِ عَلَى حَوْلِهَا الَّذِي مَلَكَهَا أَوْ زَكَّاهَا فِيهِ ( فِي ) مَاشِيَةٍ ( رَاجِعَةٍ ) لَهُ ( بِ ) سَبَبِ ( عَيْبٍ ) قَدِيمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي حِينَ شِرَائِهِ فَرَدَّهَا عَلَيْهِ بِهِ بَعْدَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ مُدَّةً فَلَا يُلْغِيهَا الْبَائِعُ وَيَحْسِبُهَا مِنْ الْحَوْلِ كَأَنَّهَا كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ ( أَوْ ) رَاجِعَةً لَهُ بِسَبَبِ ( فَلَسٍ ) لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهَا مِنْهُ فَأَخْتَار الْبَائِعُ أَخْذَهَا وَإِبْرَاءَ الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنِهَا بَعْدَ إقَامَتِهَا عِنْدَهُ مُدَّةً مِنْ الْحَوْلِ فَيَحْسِبُهَا مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لَهُ أَيْضًا وَأَوْلَى الرَّاجِعَةُ بِفَسْخِهِ لِفَسَادِهِ فَيُزَكِّيهَا عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا مِنْ يَوْمِ مِلْكِهَا أَوْ زَكَاتِهَا وَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ حَوْزٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى الْحَوْلِ الْأَصْلِيِّ فَقَالَ ( كَمُبْدِلٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ اسْمُ فَاعِلِ أَبْدَلَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ ( مَاشِيَةَ تِجَارَةٍ ) إنْ كَانَتْ نِصَابًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( دُونَ نِصَابٍ ) وَصِلَةُ مُبْدِلٍ ( بِعَيْنٍ ) نِصَابٌ كَعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَيُزَكِّيهَا عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ النَّقْدَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ زَكَّاهُ فِيهِ إنْ لَمْ تَجُزْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهَا فَإِنْ جَرَتْ فِيهَا بِمُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهَا وَهِيَ نِصَابٌ فِي مِلْكِهِ فَيَبْنِي عَلَى يَوْمِ زَكَاتِهَا لِنَسْخِهِ حَوْلَ أَصْلِهَا .
( أَوْ ) بِنِصَابٍ مِنْ ( نَوْعِهَا ) بِأَنْ أَبْدَلَ إبِلَ التِّجَارَةِ بِإِبِلٍ أَوْ بَقَرَهَا بِبَقَرٍ أَوْ غَنَمَهَا بِغَنَمٍ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صِنْفِهَا أَوْ غَيْرِهِ كَبُخْتٍ بِعِرَابٍ وَجَامُوسٍ بِحُمُرٍ وَضَأْنٍ بِمَعْزٍ فَيُزَكِّي الْبَدَلَ عَلَى حَوْلِ الْمُبْدَلِ سَوَاءٌ جَرَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ لَا هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ الِاسْتِقْبَالُ بِالْعَيْنِ وَالنَّوْعِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ إنْ كَانَ

الْإِبْدَالُ اخْتِيَارِيًّا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( لِاسْتِهْلَاكٍ ) لِمَاشِيَةِ التِّجَارَةِ مِنْ شَخْصٍ فَلَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا فَدَفْعُهَا لِمَالِكِهَا أَوْ صَالَحَهُ عَنْهَا بِمَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا فَيَبْنِي فِي زَكَاةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمَاشِيَةِ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا عَلَى مَا مَرَّ .
وَفِي إبْدَالِهَا بِنَوْعِهَا لِاسْتِهْلَاكٍ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَحَدُهُمَا الْبِنَاءُ فِي زَكَاةِ الْبَدَلِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَالثَّانِي الِاسْتِقْبَالُ بِالْبَدَلِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ أَوْ الثَّانِي أَقْوَى مِنْ الْأَوَّلِ فَفِي اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَوَّلِ وَرَدِّ الثَّانِي بِوَلَوْ مُخَالَفَةٌ لِاصْطِلَاحِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَأَمَّا إبْدَالُهَا بِعَيْنِ الِاسْتِهْلَاكِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهِ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِ بِالِاسْتِقْبَالِيِّ ابْنُ الْحَاجِبِ أَخْذُ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ كَالْمُبَادَلَةِ اتِّفَاقًا ا هـ .
فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى إلْحَاقِ أَخْذِ الْعَيْنِ فِي الِاسْتِهْلَاكِ بِالْمُبَادَلَةِ الِاخْتِيَارِيَّةِ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا الْبِنَاءُ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ فِيهَا الِاسْتِقْبَالُ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْمُبَالَغَةِ رَاجِعَةً لِلْعَيْنِ وَالنَّوْعِ وَالْمُشَارُ لَهُ بِوَلَوْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّانِي بِالِاسْتِقْبَالِ فِي النَّوْعِ وَقَوْلُ أَشْهَبَ بِالِاسْتِقْبَالِ فِي الْعَيْنِ وَالنَّوْعِ وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ بِعَدَمِ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَإِلَّا اسْتَقْبَلَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ مُطْلَقَانِ كَانَتْ دَعْوَى الِاسْتِهْلَاكِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ مُجَرَّدَةً عَنْهَا .
وَشَبَّهَ فِي الْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ فَقَالَ ( كَنِصَابِ ) مَاشِيَةِ ( قُنْيَةٍ ) أَبْدَلَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ أَوْ مَاشِيَةٍ مِنْ نَوْعِهَا فَيَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا وَهُوَ الْمُبْدَلَةُ فِيهِمَا وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ نِصَابًا فَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ اسْتَقْبَلَ

بِهِ وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا بَنَى ( لَا ) يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأَصْلِ وَيَسْتَقْبِلُ إنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ التِّجَارَةِ أَوْ الْقُنْيَةِ ( بِ ) نِصَابِ نَعَمٍ ( مُخَالِفِهَا ) أَيْ الْمَاشِيَةِ الْمُبْدَلَةِ نَوْعًا كَإِبِلٍ بِبَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ .
( أَوْ ) مَاشِيَةٍ مَبِيعَةٍ ( رَاجِعَةٍ ) لِبَائِعِهَا ( بِ ) سَبَبِ ( إقَالَةٍ ) فَلَا يَبْنِي فِي زَكَاتِهَا عَلَى حَوْلِهَا الْأَصْلِيِّ وَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ رُجُوعِهَا ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَأَوْلَى الرَّاجِعَةُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ ( أَوْ ) أَبْدَلَ ( عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ ) أَيْ : اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ الْقُنْيَةِ بِعَيْنٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَلَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِ ثَمَنِهَا ( وَخُلَطَاءُ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَلِيطٍ أَيْ مُخَالِطٌ لِغَيْرِهِ فِي ( الْمَاشِيَةِ ) الْمُتَّحِدَةِ نَوْعًا ( كَمَالِكٍ ) وَاحِدٍ ( فِيمَا وَجَبَ ) عَلَيْهِمْ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ ( مِنْ قَدْرٍ ) لِلْمُخْرَجِ زَكَاةً كَثَلَاثَةٍ لِكُلٍّ أَرْبَعُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَعَلَيْهِمْ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ ثُلُثٍ قِيمَتُهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةَ لَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ .
( وَسِنٍّ ) لِلْوَاجِبِ فِي النِّصَابِ الْمُلَفَّقِ كَاثْنَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِمَا جَذَعَةٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلٍّ بِنْتُ لَبُونٍ ( وَصِنْفٍ ) لِلْوَاجِبِ كَاثْنَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ثَمَانُونَ مَعْزًا وَلِلْآخَرِ أَرْبَعُونَ ضَأْنًا فَعَلَيْهِمَا شَاةٌ مِنْ الْمَعْزِ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ ثُلْثَا قِيمَتِهَا وَعَلَى الْآخَرِ ثُلُثُهَا وَلَوْلَا الْخُلْطَةُ لَكَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صِنْفِ نَعَمِهِ ( إنْ نُوِيَتْ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ نَوَى الْخُلْطَةَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لَا الْفِرَارَ مِنْ كَثْرَةِ الزَّكَاةِ .

وَكُلُّ حُرٍّ مُسْلِمٌ مَلَكَ نِصَابًا بِحَوْلٍ ، وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ ، أَوْ مَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ ، مِنْ مَاءٍ ، وَمُرَاحٍ ، وَمَبِيتٍ ، وَرَاعٍ بِإِذْنِهِمَا ، وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ

( وَكُلٌّ ) مِنْ الْخَلِيطَيْنِ أَوْ الْخُلَطَاءِ ( حُرٍّ ) فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ رَقِيقٍ ( مُسْلِمٍ ) فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ كَافِرٍ ( مَلَكَ نِصَابًا ) وَخَالَطَهُ بِجَمِيعِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ مَنْ مَلَكَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ مِلْكًا مَصْحُوبًا ( بِ ) كَمَالِ ( حَوْلٍ ) مِنْ يَوْمِ الْمِلْكِ أَوْ التَّزْكِيَةِ لِلنِّصَابَيْنِ الْمَخْلُوطَيْنِ فَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى مَاشِيَةٍ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا تُؤَثِّرُ خُلْطَتُهُمَا وَيُزَكِّي مَنْ تَمَّ الْحَوْلُ عَلَى نِصَابِهِ وَحْدَهُ فَلَا يُشْتَرَطُ تَمَامُ الْحَوْلِ مِنْ يَوْمِ الْخَلْطِ فَيَكْفِي الْخَلْطُ فِي أَثْنَائِهِ مَا لَمْ يَقْرُبْ جِدًّا كَشَهْرٍ فَإِذَا أَقَامَ نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَاتِهِ وَخَلَطَاهُمَا وَمَضَتْ سِتَّةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى زَكَّيَا زَكَاةَ خُلْطَةٍ ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ صَاحَبَ الْمِلْكَ وَإِنْ لَمْ يُصَاحِبْ الْخُلْطَةَ .
( وَاجْتَمَعَا ) أَيْ الْخَلِيطَانِ ( بِمِلْكٍ ) لِلذَّاتِ ( أَوْ ) مِلْكِ ( مَنْفَعَةٍ ) بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ إبَاحَةٍ لِعُمُومِ النَّاسِ كَنَهْرٍ وَمُرَاحٍ وَمَبِيتٍ بِأَرْضٍ مَوَاتٍ أَوْ بِإِعَارَةٍ وَلَوْ لِفَحْلٍ يَضْرِبُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ لِمَنْفَعَةِ رَاعٍ تَبَرَّعَ لَهُمَا بِهَا وَصِلَةٍ اجْتَمَعَا ( فِي الْأَكْثَرِ ) وَهُوَ ثَلَاثَةٌ أَوْ أَكْثَرُ ( مِنْ ) خَمْسَةِ أَشْيَاءَ ( مُرَاحٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ : مَحَلِّ اجْتِمَاعِ الْمَاشِيَةِ لِقَيْلُولَةٍ أَوْ لِتُسَاقَ مِنْهُ لِلْمَبِيتِ ، وَأَمَّا مَحَلُّ بَيَاتِهَا فَبِضَمِّهَا وَسَيَأْتِي ( وَمَاءٍ ) بِالْمَدِّ تَشْرَبُ مِنْهُ مُبَاحٍ أَوْ مَمْلُوكٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَا يُمْنَعُ الْآخَرُ ( وَمَبِيتٍ ) وَلَوْ تَعَدَّدَ إنْ احْتَاجَتْ لَهُ ( وَرَاعٍ ) لِجَمِيعِهَا أَوْ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ وَتَعَاوَنَا وَلَوْ كَفَى أَحَدُهُمَا ( بِإِذْنِهِمَا ) أَيْ : الْخَلِيطَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْأَكْثَرِ .
( وَفَحْلٍ ) يَنْزُو عَلَى الْجَمِيعِ إنْ كَانَ صِنْفًا وَاحِدًا ( بِ ) قَصْدِ ( رِفْقٍ ) أَيْ : تَعَاوُنٍ رَاجِعٍ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِيمَا اجْتَمَعَا فِيهِ مِنْ الْخَمْسَةِ أَوْ

أَكْثَرِهَا لَا بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْ كَثْرَةِ الزَّكَاةِ فَهُوَ إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ إنْ نُوِيَتْ .

وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ لِأَحَدِهِمَا فِي الْقِيمَةِ كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا ، أَوْ لِأَحَدِهِمَا ، وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ ، لَا غَصْبًا ، أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ

( وَ ) إنْ أَخَذَ السَّاعِي الْوَاجِبَ فِي الْمَاشِيَةِ الْمَخْلُوطَةِ مِنْ مَاشِيَةِ أَحَدِ الْخَلِيطِينَ أَوْ مِنْ مَاشِيَتَيْهِمَا وَلَكِنْ أَخَذَ مِنْ مَاشِيَةِ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِيهَا ( رَاجَعَ ) أَيْ : رَجَعَ الْخَلِيطُ ( الْمَأْخُوذُ مِنْ ) الْمَاشِيَةِ الَّتِي ل ( هـ ) جَمِيعَ مَا عَلَيْهِمَا أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ وَمَفْعُولُ رَاجَعَ قَوْلُهُ ( شَرِيكَهُ ) أَيْ : خَلِيطَهُ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ( بِ ) مِثْلِ ( نِسْبَةِ ) عَدَدِ مَاشِيَةِ الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ لِمَجْمُوعِ ( عَدَدَيْهِمَا ) أَيْ : الْمَاشِيَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ نِصْفًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا رَجَعَ بِثُلُثِهَا وَإِنْ كَانَتْ سُدُسًا رَجَعَ بِسُدُسِهَا .
وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إنْ لَمْ يَنْفَرِدْ أَحَدُهُمَا بِوَقْصٍ كَعَشَرَةٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ خُمُسَا قِيمَةِ بِنْتِ الْمَخَاضِ وَعَلَى الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَكَثَمَانِيَةَ عَشَرَ إبِلًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ قِيمَةِ بِنْتِ اللَّبُونِ وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً لِكُلٍّ عِشْرُونَ إبِلًا فَعَلَى كُلِّ ثُلُثٍ قِيمَةُ الْحِقَّةِ بَلْ ( وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْقَافِ وَسُكُونِهَا آخِرُهُ صَادٌ أَوْ سِينٌ مُهْمَلَةٌ مَا زَادَ عَلَى نِصَابٍ وَلَمْ يَبْلُغْ مَا يَلِيهِ .
( لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ : الْخَلِيطَيْنِ كَتِسْعٍ مِنْ الْإِبِلِ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَفِيهِمَا شَاتَانِ عَلَى الْأَوَّلِ أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ قِيمَتِهِمَا وَنِصْفُ سُبْعِهَا وَعَلَى الثَّانِي سُبْعَاهَا وَنِصْفُ سُبْعِهَا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْأَوْقَاصَ مُزَكَّاةٌ وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِهِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ عَلَى كُلِّ شَاةٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَوْقَاصَ غَيْرُ مُزَكَّاةٍ وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالرُّجُوعُ ( بِالْقِيمَةِ ) أَيْ : فِي قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ يَوْمَ أَخْذِهِ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ بِجُزْءٍ أَوْ شَاةٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ

الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ فِي مَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ وَمَنْ اسْتَهْلَكَ شَيْئًا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ اسْتِهْلَاكِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الرُّجُوعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالتَّسْلِيفِ وَمَنْ تَسَلَّفَ شَيْئًا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ وَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَتَهُ فَتُعْتَبَرُ يَوْمَ قَضَائِهِ وَإِنْ كَانَ الرُّجُوعُ بِشَاةٍ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّسْلِيفِ .
وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بِنِسْبَةِ أَحَدِ الْعَدَدَيْنِ لِمَجْمُوعِهِمَا فَقَالَ ( كَتَأَوُّلِ ) بِضَمِّ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ : ظَنَّ ( السَّاعِي الْآخِذُ ) لِلزَّكَاةِ ( مِنْ نِصَابٍ ) مَمْلُوكٍ ( لَهُمَا ) أَيْ : الْخَلِيطَيْنِ كَعِشْرِينَ شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ قِيمَةِ الشَّاةِ الَّتِي أَخَذَهَا السَّاعِي زَكَاةً بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِ وَ كَخَمْسَ عَشْرَةَ بَقَرَةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلٍّ نِصْفُ قِيمَةِ التَّبِيعِ ( أَوْ ) أَخَذَ السَّاعِي مِنْ نِصَابٍ ( لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ الْخَلِيطَيْنِ وَلِلْآخَرِ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ .
( وَزَادَ ) الْمَأْخُوذُ عَلَى الْوَاجِبِ فِي نِصَابِ أَحَدِهِمَا ( لِلْخُلْطَةِ ) كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا مِائَةُ شَاةٍ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ شَاةً فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْ مَاشِيَتِهِمَا شَاتَيْنِ فَعَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ قِيمَتِهِمَا وَعَلَى الْآخَرِ خُمُسُهَا ( لَا ) يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى خَلِيطِهِ بِشَيْءٍ مِنْ قِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ( غَصْبًا أَوْ ) زَكَاةً ( وَلَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا ) مَعًا ( نِصَابٌ ) كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا خَمْسَ عَشْرَةَ شَاةً فَأَخَذَ مِنْ الثَّلَاثِينَ شَاةً فَمُصِيبَتُهَا عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْهُ وَحْدَهُ وَهَذَا مِنْ الْغَصْبِ أَيْضًا لَكِنْ الْأَوَّلُ الْغَصْبُ فِيهِ مَقْصُودٌ وَالْغَصْبُ فِي هَذَا لَيْسَ مَقْصُودًا بَلْ هُوَ جَهْلٌ مَحْضٌ .

وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوَيْ ثَمَانِينَ ، أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ : كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ شَاةٌ ، وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ بِالْقِيمَةِ ، وَخَرَجَ السَّاعِي ، وَلَوْ بِجَذْبِ طُلُوعِ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ ؛ إنْ كَانَ ، وَبَلَغَ وَقَبْلَهُ : يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثَ

( وَذُو ) أَيْ صَاحِبُ ( ثَمَانِينَ ) شَاةً مَثَلًا ( خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ) أَيْ : بِكُلِّ أَرْبَعِينَ مِنْهَا أَوْ بِخَمْسِينَ وَثَلَاثِينَ أَوْ بِسِتِّينَ وَعِشْرِينَ أَوْ بِسَبْعِينَ وَعَشَرَةٍ ( ذَوَيْ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ أَيْ : صَاحِبَيْ ( ثَمَانِينَ ) شَاةً لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَرْبَعُونَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَفِي الْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ شَاتَانِ عَلَى ذِي الثَّمَانِينَ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى كُلٍّ مِنْ خَلِيطَيْهِ رُبْعُهَا .
( أَوْ ) خَالَطَ ذُو الثَّمَانِينَ ( بِنِصْفٍ ) مَثَلًا مِنْهَا ( فَقَطْ ) أَيْ : دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ ( ذَا ) أَيْ : صَاحِبَ ( أَرْبَعِينَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَفِي الْمِائَةِ وَالْعِشْرِينَ شَاةٌ عَلَى ذِي الثَّمَانِينَ ثُلُثَا قِيمَتِهَا وَعَلَى ذِي الْأَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا ( عَلَيْهِ ) أَيْ : ذِي الثَّمَانِينَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ( شَاةٌ ) أَيْ : نِصْفُ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ الْمَأْخُوذَتَيْنِ مِنْ الْمِائَةِ وَالسِّتِّينَ ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ الثَّمَانِينَ لَهَا نِصْفٌ ( وَعَلَى ) كُلٍّ مِنْ ( غَيْرِهِ نِصْفٌ ) أَيْ : رُبْعُ قِيمَةِ الشَّاتَيْنِ ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ كُلِّ أَرْبَعِينَ لَهَا رُبْعٌ فَهَذَا جَوَابٌ عَنْ الْأَوَّلِ وَحَذَفَ جَوَابَ الثَّانِيَةِ لِعِلْمِهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى جَوَابِ الْأُولَى .
وَقَوْلُهُ ( بِالْقِيمَةِ ) رَاجِعٌ لِلشَّاةِ وَالنِّصْفِ وَأَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ الْمُتَقَدِّمُ وَقِيلَ خَلِيطُ الْخَلِيطِ لَيْسَ بِخَلِيطٍ وَبُحِثَ فِي مِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَوَّلِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ سَوَاءٌ بَنَى عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ أَوْ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ خَلِيطٍ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّمْثِيلُ بِذِي خَمْسَةٍ وَبِعَشَرَةٍ مِنْهَا صَاحِبُ عَشَرَةٍ فَعَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ خَلِيطٌ عَلَى الْجَمِيعِ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى ذِي الْخَمْسَةَ عَشْرَةَ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَعَلَى ذِي الْعَشَرَةِ ثُلُثُهَا وَعَلَى ذِي الْخَمْسَةِ سُدُسُهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِخَلِيطٍ فَفِي الْجَمِيعِ سِتُّ

شِيَاهٍ وَبِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَيْسَ فِيهَا خَلِيطُ خَلِيطٍ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ الْأَرْبَعِينَ الَّتِي لَمْ يُخَالِطْ بِهَا وَالْأَرْبَعِينَ الَّتِي لِغَيْرِهِ .
( وَخَرَجَ السَّاعِي ) لِأَخْذِ الزَّكَاةِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ وَرَفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا كُلَّ عَامٍ وُجُوبًا قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْمَاشِيَةِ سَوْقُهَا لِلسَّاعِي بَلْ هُوَ يَأْتِيهَا إلَّا أَنْ يَبْعُدَ عَنْ مَحَلِّ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى الْمَاءِ فَيَلْزَمُهَا سَوْقُهَا إلَيْهِ وَاخْتُلِفَ فِي تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ سَاعِيًا فَقِيلَ : وَاجِبَةٌ ، وَقِيلَ : لَا ، وَإِذَا وَلَّاهُ وَجَبَ خُرُوجُهُ بِعَامٍ خِصْبٍ بَلْ ( وَلَوْ بِ ) عَامٍ ( جَدْبٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَحْطٍ وَعَدَمِ مَطَرٍ ؛ لِأَنَّ الضَّيِّقَ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ أَشَدُّ مِنْهُ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ فَيَحْصُلُ لَهُمْ مَا يَسْتَعِينُونَ بِهِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ لَا يَخْرُجُ سَنَةَ الْجَدْبِ وَعَلَيْهِ فَهَلْ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ فِي ذَلِكَ أَوْ يُحَاسَبُ بِهَا الْعَامَ الثَّانِيَ ؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ خُرُوجِهِ عَامَ الْجَدْبِ فَيُقْبَلُ مِنْ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ وَلَوْ الشِّرَارَ وَصِلَةُ خَرَجَ ( طُلُوعَ الثُّرَيَّا ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَصْلُهُ ثُرَيْوَا أُبْدِلَتْ الْوَاوُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا مَعَهَا وَسَبَقَ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ مِنْ الثَّرْوَةِ أَيْ : الْكَثْرَةِ نُجُومٌ مُتَلَاصِقَةٌ فِي بُرْجِ الثَّوْرِ تَارَةً يَكُونُ طُلُوعُهَا مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَتَارَةً عِنْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ وَتَارَةً عِنْدَ آخِرِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ وَتَارَةً عِنْدَ آخِرِ النِّصْفِ وَتَارَاتٍ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ اللَّيْلِ وَتَارَةً عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَذَلِكَ فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ بَشَمْسَ وَالشَّمْسُ فِي مُنْتَصَفِ بُرْجِ الْجَوْزَاءِ قُبَيْلَ فَصْلِ الصَّيْفِ وَتَارَاتٍ عِنْدَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَاءِ النَّهَارِ

وَذَلِكَ فِي مُدَّةِ الْخَمَاسِينِ أَيْ : وَقْتِ طُلُوعِهَا ( بِالْفَجْرِ ) أَيْ : عِنْدَ طُلُوعِهِ وَكَوْنُ خُرُوجِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ مَنْدُوبًا رِفْقًا بِالسَّاعِي وَبِأَرْبَابِ الْمَوَاشِي لِاجْتِمَاعِهَا عَلَى الْمَاءِ حِينَئِذٍ فَيَخِفُّ دَوَرَانُ السَّاعِي وَمَنْ احْتَاجَ إلَى سِنٍّ لَيْسَ فِي مَاشِيَتِهِ وَجَدَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ .
( وَهُوَ ) أَيْ : مَجِيءُ السَّاعِي ( شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ ) سَاعٍ ( وَبَلَغَ ) أَيْ : أَمْكَنَ وُصُولُهُ .
لِلْمَاشِيَةِ فَإِنْ مَاتَ شَيْءٌ مِنْ الْمَاشِيَةِ أَوْ ضَاعَ بِلَا تَفْرِيطٍ بَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيئِهِ فَلَا يُحْسَبُ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ إنْ كَانَ نِصَابًا وَكَذَا الْمَوْتُ وَالضَّيَاعُ بَعْدَ مَجِيئِهِ وَعَدِّهِ وَقَبْلَ أَخْذِهِ ؛ لِأَنَّهُ وُجُوبٌ مُوَسَّعٌ وَقْتُهُ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِطُرُوِّ مَانِعٍ كَوُجُوبِ الصَّلَاةِ بِدُخُولِ وَقْتِهَا وَسُقُوطِهَا بِمَانِعٍ فِيهِ وَإِنْ ذَبَحَ أَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْهَا بَعْدَ مَجِيئِهِ فَيُحْسَبُ وَيُزَكَّى مَعَ الْبَاقِي إنْ كَانَ الْمَجْمُوعُ نِصَابًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ وُصُولُهُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ بِمُجَرَّدِ كَمَالِ الْحَوْلِ وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ وَبَلَغَ قَوْلَهُ ( وَمَاتَ ) رَبُّ الْمَاشِيَةِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ مَجِيءِ السَّاعِي وَبَعْدَ كَمَالِ الْحَوْلِ ( يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثَ ) بِالْمَاشِيَةِ الَّتِي وَرِثَهَا حَوْلًا إنْ لَمْ يَمْلِكْ نِصَابًا مِنْ نَوْعِهَا وَإِلَّا ضَمَّ مَا وَرِثَهُ لَهُ وَزَكَّى الْجَمِيعَ لِقَوْلِهِ آنِفًا : " وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ لَهُ " فَإِنْ مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي زُكِّيت عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ .

وَلَا تُبَدَّأُ إنْ أَوْصَى بِهِمَا
( وَلَا تُبَدَّأُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : لَا تَخْرُجُ الزَّكَاةُ الْمُوصَى بِهِ أَيْضًا وَصَدَاقُ زَوْجَةِ الْمَرِيضِ الَّتِي تَزَوَّجَهَا فِي مَرَضِهِ وَدَخَلَ بِهَا وَنَحْوُهُمَا عِنْدَ ضِيقِهِ إنْ أَوْصَى ) مَالِكُ النَّعَمِ ( بِ ) إخْرَاجِ ( هَا ) أَيْ : زَكَاةِ النَّعَمِ وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَتَكُونُ فِي رُتْبَةِ الْوَصِيَّةِ بِمَالٍ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا فَكُّ الْأَسِيرِ وَمَا يَلِيهِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ أَوْصَى بِهِ ثُمَّ مُدَبَّرٌ صِحَّةً ثُمَّ صَدَاقُ مَرِيضٍ بَنَى ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ لَهُ مَاشِيَةٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَمَاتَ بَعْدَ حَوْلِهَا وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي أَوْصَى بِزَكَاتِهَا فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبَدَّأَةٍ وَعَلَى الْوَارِثِ صَرْفُهَا لِلْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ وَلَيْسَ لِلسَّاعِي قَبْضُهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ هُوَ مَجِيءُ السَّاعِي بَعْدَ تَمَامِ عَامٍ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي دُفِعَتْ لَهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لِوُجُوبِهَا عَلَى الْمَيِّتِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا ، وَقَيَّدَ إخْرَاجَهَا مِنْ الثُّلُثِ إنْ مَاتَ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهَا فَإِنْ اعْتَقَدَهُ فَلَا تَنْفُذُ ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اعْتِقَادٍ فَاسِدٍ .
وَأَمَّا زَكَاةُ الْعَيْنِ فَمَا فَرَّطَ فِيهِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهِ فَيَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ مُقَدَّمًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ بِحُلُولِهَا عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ وَأَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا فَتَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهَا اُسْتُحِبَّ إخْرَاجُهَا .

وَلَا تُجْزِئُ : كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً ، ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمُلَتْ ، فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ ، إلَّا أَنْ يُنَقِّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ :

( وَلَا تُجْزِئُ ) الزَّكَاةُ الَّتِي تَخْرُجُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَبَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَى أَنَّ مَجِيئَهُ شَرْطُ وُجُوبٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَكَذَا عَلَى أَنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا سَاعِيَ لَهَا أَوْ تَخَلَّفَ لِفِتْنَةٍ مَثَلًا .
وَشَبَّهَ فِي الِاسْتِقْبَالِ فَقَالَ ( كَمُرُورِهِ ) أَيْ : السَّاعِي بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ ( بِهَا ) أَيْ : الْمَاشِيَةِ حَالَ كَوْنِهَا ( نَاقِصَةً ) عَنْ نِصَابٍ ( ثُمَّ رَجَعَ ) السَّاعِي عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوعُ ( وَقَدْ كَمُلَتْ ) الْمَاشِيَةُ نِصَابًا بِوِلَادَةٍ أَوْ إبْدَالٍ بِنَوْعِهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا رَبُّهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ مُرُورِهِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَاءِ حَوْلٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ النِّتَاجَ يُزَكَّى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ وَأَنَّ مُبْدِلَ مَاشِيَةٍ بِمَاشِيَةٍ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمُبْدَلَةِ .
فَإِنْ تَخَلَّفَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : لَمْ يَجِئْ السَّاعِي لِعُذْرٍ كَفِتْنَةٍ مَعَ إمْكَانِ وُصُولِهِ لَوْلَا الْعُذْرُ ( وَأُخْرِجَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ : الزَّكَاةُ ( أَجْزَأَ ) إخْرَاجُهَا وَجَازَ ابْتِدَاءً ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُجْزِئُ وَيَجِبُ تَأْخِيرُهَا حَتَّى يَأْتِيَ السَّاعِي وَلَوْ تَخَلَّفَ أَعْوَامًا فَإِنْ تَخَلَّفَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى الْإِخْرَاجِ فَلَيْسَ لِلسَّاعِي الْمُطَالَبَةُ بِهَا أَنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِخْرَاجِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا حِينَ تَخَلُّفِهِ وَجَاءَ بَعْدَ أَعْوَامٍ ( عَمِلَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ : السَّاعِي ( عَلَى ) مَا وَجَدَهُ حِينَ مَجِيئِهِ مِنْ ( الزَّيْدِ ) لِعَدَدِ الْمَاشِيَةِ حِينَ مَجِيئِهِ عَلَى عَدَدِهَا حَالَ تَخَلُّفِهِ .
( وَالنَّقْصِ ) لِعَدَدِهَا حَالَ مَجِيئِهِ عَنْ

عَدَدِهَا حَالَ تَخَلُّفِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَصِلَةُ عَمِلَ ( لِلْمَاضِي ) مِنْ الْأَعْوَامِ الَّتِي تَخَلَّفَ فِيهَا أَيْ : أَخَذَ زَكَاةَ مَا مَضَى عَلَى حِسَابِ مَا وَجَدَهُ عَامَ مَجِيئِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ زَائِدًا أَوْ نَاقِصًا وَيَأْخُذُ زَكَاةَ سَنَةِ حُضُورِهِ عَلَى الْمَوْجُودِ فِيهَا اتِّفَاقًا فَلَوْ تَخَلَّفَ أَرْبَعَ سِنِينَ عَنْ خَمْسَةِ أَبْعِرَةٍ ثُمَّ وَجَدَهَا عِشْرِينَ بَعِيرًا أَوْ عَكْسَهُ فَفِي الْأَصْلِ يَأْخُذُ سِتَّ عَشْرَةَ شَاةً وَفِي عَكْسِهِ أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَإِنْ وَجَدَهَا أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَيَعْمَلُ لِلْمَاضِي عَلَى الْمَوْجُودِ عَامَ حُضُورِهِ .
( بِتَبْدِئَةِ ) أَخْذِ زَكَاةِ ( الْعَامِ الْأَوَّلِ ) فَاَلَّذِي يَلِيهِ وَهَكَذَا إلَى عَامِ حُضُورِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَخِيرِ فَلَوْ قَالَ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى مَا وَجَدَ لِلْمَاضِي لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ وُجُودَهَا بِحَالِهَا الَّذِي فَارَقَهَا عَلَيْهِ وَأَشَارَ لِفَائِدَةِ التَّبْدِئَةِ بِالْعَامِ لِأَوَّلِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يُنَقِّصَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً ( الْأَخْذُ ) لِلزَّكَاةِ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ ( النِّصَابَ ) فَيُعْتَبَرَ التَّنْقِيصُ لِلْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ فَتَسْقُطَ زَكَاتُهُ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ جَاءَ وَهِيَ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ فَيَأْخُذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ ثَلَاثَ شِيَاهٍ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَامِ الرَّابِعِ لِتَنْقِيصِ الْمَأْخُوذِ النِّصَابِ .
( أَوْ ) يُنَقِّصُ الْأَخْذُ ( الصِّفَةَ ) لِلْوَاجِبِ ( فَيُعْتَبَرُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ التَّنْقِيصُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَعْوَامِ الْمُتَأَخِّرَةِ كَتَخَلُّفِهِ عَنْ سِتِّينَ جَمَلًا خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهَا سَبْعَةً وَأَرْبَعِينَ فَيَأْخُذُ عَنْ الْعَامَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ حِقَّتَيْنِ وَعَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَعْوَامِ الْأَخِيرَةِ ثَلَاثَ بَنَاتِ لَبُونٍ وَلَوْ وَجَدَهَا

خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَأَخَذَ عَنْ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَعَنْ كُلِّ عَامٍ بَعْدَهُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ سِتِّينَ بَقَرَةً اثْنَيْ عَشَرَ عَامًا وَجَدَهَا أَرْبَعِينَ لَأَخَذَ لِلْأَوَّلِ مُسِنَّةً وَلِمَا بَعْدَهُ عَشْرَةَ أَتْبِعَةٍ وَسَقَطَتْ زَكَاةُ الثَّانِيَ عَشَرَ لِنَقْصِ النِّصَابِ فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ فَتُجَوِّزُ الْجَمْعَ ، فَالْأَخْذُ تَارَةً يُنْقِصُ النِّصَابَ فَقَطْ وَتَارَةً يُنْقِصُهُمَا مَعًا وَتَارَةً لَا يُنْقِصُ نِصَابًا وَلَا صِفَةً كَتَخَلُّفِهِ عَنْ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ وَجَدَهَا بِحَالِهَا فَيَأْخُذُ ثَمَانِيَ شِيَاهٍ .

كَتَخَلُّفِهِ عَنْ أَقَلَّ فَكَمُلَ
وَشَبَّهَ فِي التَّبْدِئَةِ بِالْأَوَّلِ وَاعْتِبَارِ التَّنْقِيصِ فَقَالَ ( كَتَخَلُّفِهِ ) أَيْ : السَّاعِي ( عَنْ ) مَاشِيَةٍ ( أَقَلَّ ) مِنْ نِصَابٍ كَثَلَاثِينَ شَاةً أَرْبَعَةَ أَعْوَامٍ ( فَ ) جَاءَ وَقَدْ ( كَمُلَ ) النِّصَابُ بِوِلَادَةٍ أَوْ إبْدَالٍ أَوْ فَائِدَةٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَإِرْثٍ كَأَنْ وَجَدَهَا إحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَأَخْبَرَهُ رَبُّهَا بِكَمَالِهَا فِي الْعَامِ الثَّانِي فَيَأْخُذُ لَهُ وَلِلثَّالِثِ شَاتَيْنِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الرَّابِعِ لِنَقْصِ النِّصَابِ كَزَكَاةِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ الْكَمَالِ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ تَخَلَّفَ عَنْ دُونِ نِصَابٍ فَتَمَّ بِوِلَادَةٍ أَوْ بَدَلٍ فَفِي عَدِّهِ كَامِلًا مِنْ يَوْمِ تَخَلُّفِهِ أَوْ مِنْ يَوْمِ كَمَالِهِ مُصَدِّقًا رَبَّهَا فِي وَقْتِهِ قَوْلَا أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .

وَصُدِّقَ ، لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا ،
ثُمَّ قَالَ : وَلَوْ كَمُلَ بِفَائِدَةٍ فَالثَّانِي اتِّفَاقًا ( وَصُدِّقَ ) الْمَالِكُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الْكَمَالِ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَلَوْ مُتَّهَمًا ( لَا ) يُصَدَّقُ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ النَّقْصِ ( إنْ نَقَصَتْ ) الْمَاشِيَةُ عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ ( هَارِبًا ) بِهَا مِنْ الزَّكَاةِ كَهُرُوبِهِ بِهَا ثَلَثَمِائَةِ شَاةٍ ثَلَاثَ سِنِينَ ثُمَّ رَجَعَ بِهَا أَرْبَعِينَ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ تِسْعُ شِيَاهٍ مِنْ الْأَعْوَامِ الثَّلَاثَةِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ عَامِ رُجُوعِهِ لِنَقْصِ النِّصَابِ وَلَا يُصَدَّقُ فِي تَعْيِينِ عَامِ النَّقْصِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ أَتَى تَائِبًا فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَعْيِينِ وَقْتِهِ زَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَا فِيهِ كَمَا فِي الْحَطّ وَالْمَوَّاقِ وَيَبْدَأُ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ .
وَيُعْتَبَرُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ لِلْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ وَلِعَامِ رُجُوعِهِ أَيْضًا الْبُنَانِيُّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ الَّذِي مَرَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْأَشْهَرُ تُعْتَبَرُ لِتَبْدِئَةٍ بِهِ حَتَّى عَلَى عَامِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَيُعْتَبَرُ النَّقْصُ فِيمَا بَعْدَ الْعَامِ الْأَوَّلِ حَتَّى فِي عَامِ الْقُدْرَةِ اللَّخْمِيُّ إنْ هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ شَاةً خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ السَّاعِي وَهِيَ بِحَالِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُؤْخَذُ مِنْهُ شَاةٌ خَاصَّةً ؛ لِأَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِأَوَّلِ عَامٍ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا وَهَذَا أَحْسَنُ ثُمَّ قَالَ اللَّخْمِيُّ : وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُبْتَدَأُ بِآخِرِ عَامٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ ا هـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يُبْتَدَأُ بِعَامِ الْقُدْرَةِ بَلْ بِالْعَامِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِعَامِ الِاطِّلَاعِ .

وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلِّ مَا فِيهِ بِتَبْدِئَةِ الْأَوَّلِ ، وَهَلْ يُصَدَّقُ قَوْلَانِ

( وَإِنْ زَادَتْ ) الْمَاشِيَةُ ( لَهُ ) أَيْ : الْهَارِبِ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ هُرُوبِهِ ( فَ ) يُزَكِّي ( لِكُلٍّ ) مِنْ الْأَعْوَامِ ( مَا ) وُجِدَ ( فِيهِ ) بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ ( بِتَبْدِئَةِ ) الْعَامِ ( الْأَوَّلِ ) فَإِذَا هَرَبَ بِهَا ثَلَاثَ سِنِينَ وَهِيَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ أَرْبَعُونَ وَفِي الثَّانِي مِائَةٌ وَإِحْدَى وَعِشْرُونَ وَفِي الثَّالِثِ أَرْبَعُمِائَةٍ أَخَذَ مِنْهُ شَاةً عَنْ الْأَوَّلِ وَشَاتَيْنِ عَنْ الثَّانِي وَثَلَاثَ شِيَاهٍ عَنْ الثَّالِثِ لِتَنْقِيصِ الْأَخْذِ النِّصَابَ فَلَا يَأْخُذُ زَكَاةَ مَا أَفَادَ آخِرًا لِمَاضِي السِّنِينَ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " اللَّخْمِيُّ وَهُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا الْمَدَنِيِّينَ وَالْمِصْرِيِّينَ إلَّا أَشْهَبَ قَالَ : يَأْخُذُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وَجَدَ فِي آخِرِ عَامٍ وَلَا يَكُونُ الْهَارِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِمَّنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَا يُتَّهَمُ وَمَعَ هَذَا أُخِذَ مِنْهُ لِلْمَاضِي عَلَى مَا وُجِدَ فَهَذَا مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى سَنَدٌ يَكْفِي فِي رَدِّهِ اتِّفَاقُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِهِ .
( وَ ) إنْ عَيَّنَ الْهَارِبُ وَقْتَ الزِّيَادَةِ بِأَنْ قَالَ : إنَّمَا حَصَلَتْ فِي هَذَا الْعَامِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى هَذَا فَ ( هَلْ يُصَدَّقُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ وَالدَّالِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْهَارِبِ فِي تَعْيِينِ وَقْتِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا لِبَيِّنَةٍ بِكَذِبِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ حَارِثٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَتُؤْخَذُ زَكَاةُ مَا وَجَدَ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ وَلِعَامِ الْقُدْرَةِ أَيْضًا وَهَذَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فِيهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا مَحَلُّهُمَا إنْ لَمْ يَأْتِ تَائِبًا وَإِلَّا صُدِّقَ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ كَتَوْبَتِهِ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَصْدِيقَ التَّائِبِ دُونَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا فِي عُقُوبَةِ شَاهِدِ الزُّورِ وَالْمَالُ

أَشَدُّ مِنْ الْعُقُوبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ دُونَهُ الْبُنَانِيُّ مَحَلُّهُمَا فِيمَا عَدَا الْعَامَ الَّذِي فَرَّ فِيهِ ، وَأَمَّا هُوَ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ فَيُؤْخَذُ بِزَكَاةِ مَا فَرَّ بِهِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْحَطّ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ صُدِّقَ فِي عَدَمِ زِيَادَتِهَا عَلَى مَا فَرَّ بِهِ عَامَ فَرَّ وَفِي تَصْدِيقِهِ فِي غَيْرِهِ نَقْلًا الْبَاجِيَّ إلَخْ .
وَيُعْتَبَرُ تَبْدِئَةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ اُعْتُبِرَ مِثَالُ تَنْقِيصِ النِّصَابِ هُرُوبَهُ بِهَا وَهِيَ إحْدَى وَأَرْبَعُونَ شَاةً وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ زَادَتْ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي شَاتَانِ وَتَسْقُطُ زَكَاةُ الثَّالِثِ لِنَقْصِ النِّصَابِ فِيهِ وَيُؤْخَذُ لِمَا زَادَ عَلَى الْأَعْوَامِ الثَّلَاثَةِ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ وَمِثَالِ تَنْقِيصِ الصِّفَةِ وَهُرُوبِهِ بِهَا وَهِيَ سَبْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ جَمَلًا وَاسْتَمَرَّتْ كَذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَعْوَامٍ ثُمَّ زَادَتْ فَيُؤْخَذُ لِلْعَامِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حِقَّتَانِ وَلِمَا يَلِيهِمَا بِنْتُ لَبُونٍ وَلِبَاقِي الْأَعْوَامِ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ .
.

وَإِنْ سَأَلَ فَنَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ ، فَالْمَوْجُودُ إنْ لَمْ يُصَدِّقْ ، أَوْ صَدَّقَ ، وَنَقَصَتْ ، وَفِي الزَّيْدِ : تَرَدُّدٌ
( وَإِنْ سَأَلَ ) السَّاعِي رَبَّ الْمَاشِيَةِ عَنْ عَدَدِهَا فَأَخْبَرَهُ بِعَدَدٍ وَغَابَ عَنْهُ قَبْلَ الْأَخْذِ وَرَجَعَ إلَيْهِ فَعَدَّهَا ( فَ ) وَجَدَهَا ( نَقَصَتْ ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ ( أَوْ زَادَتْ ) عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ ( فَالْمَوْجُودُ ) هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ نَاقِصًا أَوْ زَائِدًا ( إنْ لَمْ يُصَدِّقْ ) السَّاعِي رَبَّهَا فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ حِينَ إخْبَارِهِ ( أَوْ صَدَّقَ ) السَّاعِي رَبَّهَا فِيمَا أَخْبَرَهُ بِهِ ( وَنَقَصَتْ ) عَمَّا أَخْبَرَهُ بِهِ ( وَفِي الزَّيْدِ ) عَلَى مَا أَخْبَرَهُ بِهِ بِوِلَادَةٍ كَمَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَوْ بِفَائِدَةٍ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِمِائَةِ شَاةٍ فَوَجَدَهَا مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ ( تَرَدُّدٌ ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي اعْتِبَارِ مَا وُجِدَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَوْ مَا أَخْبَرَ بِهِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ " إنْ لَمْ يُصَدِّقْ إلَخْ " لَكَانَ أَحْسَنَ .

وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي ، إنْ لَمْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ ، إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا ، وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ
( وَأُخِذَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ الْجَمَاعَاتُ ( الْخَوَارِجُ ) عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ ( بِ ) زَكَاةِ ( الْمَاضِي ) مِنْ الْأَعْوَامِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) فِي حَالِ ( أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَزْعُمُوا ) أَيْ : يَدَّعِي الْخَوَارِجُ ( الْأَدَاءَ ) أَيْ : دَفْعَ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهَا فِي الْمَاضِي فَيُصَدَّقُوا وَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ ( أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَخْرُجُوا ) عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ الْعَدْلِ ( لِمَنْعِهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ فَلَا يُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَاهُمْ دَفْعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
( وَفِي خَمْسَةٍ أَوْسُقٍ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ جَمْعُ وَسْقٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مَعْنَاهُ لُغَةً : الْجَمْعُ ، وَشَرْعًا : مَجْمُوعُ سِتِّينَ صَاعًا ( فَأَكْثَرَ ) ذَكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ مِنْ سَابِقِهِ لِإِفَادَةِ أَنْ لَا وَقْصَ فِي الْحَبِّ وَالثَّمَرِ إنْ زُرِعَ بِأَرْضٍ غَيْرِ خَرَاجِيَّةٍ .

وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ : مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا ، كُلٌّ : خَمْسُونَ وَخُمُسَا حَبَّةٍ ، مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ ، مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ فَقَطْ ، مُنَقًّى ، مُقَدَّرَ الْجَفَافِ مَا ، وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ نِصْفُ عُشْرِهِ : كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ ، وَثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ ، وَمَا لَا يَجِفُّ ، وَفُولٍ أَخْضَرَ إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ وَإِلَّا فَالْعُشْرُ وَلَوْ اُشْتُرِيَ السَّيْحُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ

بَلْ ( وَإِنْ ) زُرِعَ ( بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ ) أَيْ عَلَيْهَا مَالٌ مَعْلُومٌ لِبَيْتِ الْمَالِ لِوَقْفِهَا عَلَى مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لِفَتْحِهَا عَنْوَةً كَأَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ أَوْ لِمُصَالَحَةِ أَهْلِهَا عَلَيْهِ فَلَا يُسْقِطُ الْخَرَاجُ الزَّكَاةَ ابْنُ يُونُسَ ؛ لِأَنَّهُ كِرَاءُ الْأَرْضِ الْحَطّ الْخَرَاجُ نَوْعَانِ مَا وُضِعَ عَلَى أَرْضِ الْعَنْوَةِ وَمَا صَالَحَ بِهِ الْكُفَّارُ عَلَى أَرْضِهِمْ فَاشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ وَتُحْمَلُ بِالْخَرَاجِ بَعْدَ شِرَائِهِ فَالنِّصَابُ ثَلَثُمِائَةِ صَاعٍ وَالصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ فَهُوَ أَلْفٌ وَمِائَتَا مُدٍّ وَالْمُدُّ مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَوَزْنُهُ رِطْلٌ وَثُلُثٌ بِالْبَغْدَادِيِّ .
فَالنِّصَابُ ( أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ ) بَغْدَادِيٍّ وَالرِّطْلُ ( مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا ، كُلُّ ) أَيْ : كُلُّ دِرْهَمٍ ( خَمْسُونَ ) حَبَّةً وَ ( خُمُسَا ) مَثْنَى خُمُسٍ سَقَطَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى ( حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقٍ ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِامْتِلَاءٍ أَوْ ضُمُورٍ وَإِضَافَتُهُ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً فَلَا يُقَالُ مُطْلَقُ الشَّعِيرِ صَادِقٌ بِالْمُتَوَسِّطِ وَالضَّامِرِ أَوْ الْمُمْتَلِئِ فَالْأَوْلَى مِنْ الشَّعِيرِ الْمُطْلَقُ أَيْ : وَسَطِ الشَّعِيرِ ) فَتُجْمَعُ حَبَّاتُ مُدٍّ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ وَتُكَالُ وَيُجْعَلُ مِكْيَالُهَا مُدًّا تُكَالُ بِهِ سَائِرُ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ فَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّحْدِيدِ بِأَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ رِطْلٍ اخْتِلَافُ مِقْدَارِ النِّصَابِ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ لِاخْتِلَافِهَا فِي الثِّقَلِ .
وَبَيْنَ خَمْسَةِ الْأَوْسُقِ فَقَالَ ( مِنْ حَبٍّ ) أَيْ : الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالْأُرْزِ وَالْعَلْسِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَاللُّوبِيَا وَالْعَدَسِ وَالْجُلْبَانِ وَالْبَسِيلَةِ وَالتُّرْمُسِ وَالسِّمْسِمِ وَالزَّيْتُونِ وَالْقُرْطُمِ وَحَبِّ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ ( وَتَمْرٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَأَلْحَقَ بِهِ الزَّبِيبَ فَهَذِهِ عِشْرُونَ نَوْعًا هِيَ الَّتِي

تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهَا ( فَقَطْ ) فَلَا يَجِبُ فِي لَوْزٍ وَجَوْزٍ وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ وَتِينٍ وَبَزْرِ كَتَّانٍ وَحُلْبَةٍ وَسَلْجَمٍ وَنَحْوِهَا حَالَ كَوْنِ الْمِقْدَارِ الْمَذْكُورِ ( مُنَقًّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْقَافِ مُثَقَّلًا أَيْ : مُصَفًّى مِنْ قِشْرِهِ الَّذِي لَا يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ الْأَعْلَى ، وَأَمَّا الَّذِي يُخَزَّنُ بِهِ كَقِشْرِهَا الْأَسْفَلِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَنْقِيَتُهُ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ ( مُقَدَّرَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ : مَفْرُوضَ ( الْجَفَافِ ) بِالْحَزْرِ وَغَلَبَةِ الظَّنِّ إذَا أَخَذَ الْحَبَّ فَرِيكًا قَبْلَ يُبْسِهِ مِنْ فُولٍ وَحِمَّصٍ وَشَعِيرٍ وَقَمْحٍ وَغَيْرِهَا وَبَلَحٍ وَعِنَبٍ بَعْدَ طِيبِهِ وَقَبْلَ يُبْسِهِ بِأَنْ يُحْزَرَ مِقْدَارُهُ رُطَبًا وَيَابِسًا إنْ كَانَ إنْ تُرِكَ يَجِفُّ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ إذَا تُرِكَ ( لَمْ يَجِفَّ ) كَالْفُولِ الْمَسْقَاوِيِّ وَبَلَحِ مِصْرَ وَعِنَبِهَا وَزَيْتُونِهَا وَمُبْتَدَأٌ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ( نِصْفُ عُشْرِ ) حَبِّ ( هـ ) إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْجَفَافَ سَوَاءٌ تُرِكَ حَتَّى جَفَّ أَمْ لَا .
وَشَبَّهَ فِي إخْرَاجِ نِصْفِ الْعُشْرِ فَقَالَ ( كَ ) نِصْفِ عُشْرِ ( زَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ ) مِنْ زَيْتُونٍ وَسِمْسِمٍ وَقُرْطُمٍ وَحَبِّ فُجْلٍ أَحْمَرَ إنْ كَانَ حَبُّ كُلٍّ نِصَابًا وَإِنْ قَلَّ زَيْتُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَ فِي غَيْرِ الزَّيْتُونِ ، وَأَمَّا الزَّيْتُونُ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ زَيْتِهِ إنْ كَانَ لَهُ زَيْتٌ سَوَاءٌ عَصَرَهُ أَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ وَلَا يُجْزِئُ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ وَلَا مِنْ ثَمَنِهِ أَنْ يَبِيعَ وَلَا مِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ إنْ أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ قَدْرِ زَيْتِهِ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَهْدَى ، وَثَمَنُهُ أَنْ يَبِيعَ ( وَ ) نِصْفَ عُشْرِ ( ثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ ) مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ كَزَيْتُونِ مِصْرَ أَنْ يَبِيعَ وَإِلَّا أَخْرَجَ نِصْفَ عُشْرِ قِيمَتِهِ يَوْمَ طِيبِهِ .
( وَ ) نِصْفِ عُشْرِ ثَمَنِ ( مَا لَا يَجِفُّ )

كَعِنَبِ مِصْرَ وَرُطَبِهَا إنْ بِيعَ وَإِلَّا فَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ فَلَوْ أَخْرَجَ زَبِيبًا أَوْ تَمْرًا فَلَا يُجْزِئُ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا لَا زَيْتَ لَهُ مِنْ جِنْسِ مَا لَهُ زَيْتٌ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ بِيعَ وَمِنْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَ أَوْ أَهْدَى فَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا أَوْ زَيْتًا فَلَا يُجْزِئُ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَا يَتَزَبَّبُ مُحَمَّدٌ يُخْرِجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ إنْ أَكَلَهُ لَا زَبِيبًا ، وَرَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ مِنْ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَجِدَ زَبِيبًا فَيَلْزَمَ شِرَاؤُهُ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ أَخْرَجَ عَنْهُ عِنَبًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الزَّيْتُونُ الَّذِي لَا زَيْتَ لَهُ وَالرُّطَبُ الَّذِي لَا يَتَتَمَّرُ إنْ أَخْرَجَ مِنْ حَبِّهِ أَجْزَأَهُ ا هـ .
، وَأَمَّا مَا يَجِفُّ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ جِنْسِهِ وَلَوْ أَكَلَهُ أَوْ بَاعَهُ رُطَبًا مَا لَمْ يَعْجِزْ عَنْ تَحَرِّيهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَإِلَّا أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ( وَ ) نِصْفَ عُشْرِ ثَمَنِ أَوْ قِيمَةِ ( فُولٍ أَخْضَرَ ) وَحِمَّصٍ كَذَلِكَ مِمَّا شَأْنُهُ عَدَمُ الْيُبْسِ كَالْمِسْقَاوِيِّ الَّذِي يُسْقَى بِالسَّوَّاقِي إنْ بِيعَ أَوْ أُكِلَ أَوْ أُهْدِيَ وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا بَعْدَ حَزْرِهِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ الْيُبْسُ وَأَخْذُ أَخْضَرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ بَعْدَ تَقْدِيرِ جَفَافِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْخَرَشِيُّ وَقَوَّاهُ الْبُنَانِيُّ .
وَرَجَّحَ الرَّمَاصِيُّ جَوَازَ الْإِخْرَاجِ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُ الْيُبْسَ أَمْ لَا يَجُوزُ الْإِخْرَاجُ مِنْ ثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَمِنْ حَبِّهِ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ الْحَبِّ مَلْحُوظٌ ابْتِدَاءً فِيمَا يَبِسَ وَالثَّمَنَ فِيمَا لَا يَيْبَسُ الْبُنَانِيُّ ، ظَاهِرُ النَّقْلِ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِيهِمَا فَفِي

الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ الْفُولَ إذَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ أَخْضَرَ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ حَبِّهِ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ قَدْ وَجَبَتْ فِيهِ بِإِفْرَاكِهِ فَبَيْعُهُ أَخْضَرَ كَبَيْعِ ثَمَنِ النَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ الْمُزْهِي .
ثُمَّ قَالَ وَلِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَنَّهُ أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ فَلَا بَأْسَ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ فَتَصْدِيرُهُ بِالْأَوَّلِ وَتَوْجِيهُهُ يُفِيدُ اعْتِمَادَهُ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَا أُكِلَ مِنْ قُطْنِيَّةٍ خَضْرَاءَ أَوْ بِيعَ أَنْ بَلَغَ خَرْصُهُ يَابِسًا نِصَابًا زَكَّاهُ بِحَبٍّ يَابِسٍ وَرَوَى مُحَمَّدٌ وَمِنْ ثَمَنِهِ وَمَحَلُّ زَكَاةِ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ ( إنْ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( سُقِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ ( بِآلَةٍ ) كَسَانِيَةٍ وَغَرْبٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُسْقَ بِآلَةٍ بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِهَا كَنِيلٍ وَسَيْحٍ وَعَيْنٍ وَمَطَرٍ ( فَالْعَشْرُ ) زَكَاتُهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِ الْمَاءَ وَلَمْ يَتَّفِقْ عَلَيْهِ بَلْ ( وَلَوْ اشْتَرَى السَّيْحَ ) أَيْ مَاءَ الْمَطَرِ مِمَّنْ اجْتَمَعَ فِي أَرْضِهِ .
( أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ ) فِي إجْرَائِهِ مِنْ أَرْضٍ مُبَاحَةٍ إلَى أَرْضِهِ فَيُزَكِّي بِالْعُشْرِ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَالْمُنْفَقِ غَالِبًا وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِزَكَاتِهِ بِنِصْفِ عُشْرِهِ إنْ اشْتَرَى السَّيْحَ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَاجِبُ عُشْرُ مَا شَرِبَ دُونَ كُلْفَةِ مُؤْنَةٍ كَالسَّيْحِ وَالْمَطَرِ وَمَا شَرِبَ بِعُرُوقِهِ وَنِصْفُهُ إنْ شَرِبَ بِهَا كَغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ وَمَا اشْتَرَى شِرْبَهُ فِي وُجُوبِ عُشْرِهِ أَوْ نِصْفِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ بَشِيرٍ عَنْ الْمَشْهُورِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ نِصْفَ عُشْرِ الْكُرُومِ الْبَعْلِ الْمُشِقِّ عَمَلُهَا اللَّخْمِيُّ فِيمَا اشْتَرَى أَصْلَ مِائَةٍ الْعُشْرُ ؛ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْهُ غَلَّةٌ وَفِيمَا سُقِيَ

بِوَادٍ أُجْرِيَ إلَيْهِ بِنَفَقَةٍ نِصْفُ عُشْرِ أَوَّلَ عَامٍ وَعُشْرٌ فِيمَا بَعْدَهُ ابْنُ بَشِيرٍ ظَاهِرُ النَّصِّ الْعُشْرُ مُطْلَقًا .

وَإِنْ سُقِيَ زَرْع بِهِمَا أَيْ الْآلَة وَغَيْرهَا فَيُزَكَّى عَلَى حُكْمَيْهِمَا وَإِنْ سُقِيَ بِهِمَا فَعَلَى حُكْمَيْهِمَا ، وَهَلْ يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ خِلَافٌ .
( وَإِنْ سُقِيَ ) زَرْعٌ ( بِهِمَا ) أَيْ : الْآلَةِ وَغَيْرِهَا ( فَ ) يُزَكِّي ( عَلَى حُكْمَيْهِمَا ) بِأَنْ يُقْسَمَ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلْآلَةِ وَنِصْفٌ لِغَيْرِهَا فَيُزَكِّي مَا سُقِيَ بِلَا آلَةٍ بِالْعُشْرِ وَمَا سُقِيَ بِآلَةٍ بِنِصْفِهِ ( وَهَلْ ) إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْنِ وَالْآخَرُ ثُلُثًا ( يُغَلَّبُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( الْأَكْثَرُ ) عَلَى الْأَقَلِّ فَيُزَكِّي الْجَمِيعَ بِنِصْفِ الْعُشْرِ إنْ غُلِّبَتْ الْآلَةُ أَوْ بِالْعُشْرِ إنْ غُلِّبَ غَيْرُهَا أَوْ لَا يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ وَيُزَكَّى كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ فِيهِ ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الْأَكْثَرُ مُدَّةً وَلَوْ كَانَ السَّقْيُ فِيهَا أَقَلَّ أَوْ الْأَكْثَرُ سَقْيًا وَإِنْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ خِلَافٌ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُدَّةُ السَّقْيِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ شَهْرَانِ بِسَيْحٍ وَأَرْبَعَةٌ بِآلَةٍ وَسَقْيُهُ بِالسَّيْحِ عَشْرَ مَرَّاتٍ وَبِالْآلَةِ خَمْسُ مَرَّاتٍ وَرَجَّحَ كُلًّا مِنْهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ مَا شَرِبَ بِهِمَا وَتَسَاوَيَا فَ ابْنُ الْقَاسِمِ اعْتَبَرَ مَا حَيِيَ بِهِ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ زَمَانَيْهِمَا وَإِنْ تَفَاوَتَا فَثَالِثُهَا الْأَقَلُّ كَالْأَكْثَرِ ثُمَّ قَالَ : وَفِي كَوْنِ الْأَكْثَرِ مَا قَارَبَ الثُّلُثَيْنِ أَوْ مَا بَلَغَهُمَا عِبَارَتَا الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَالِكٍ قَالُوا وَمَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ بِيَسِيرٍ كَمُسَاوٍ .

وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ : كَقَمْحٍ ، وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ ، وَإِنْ بِبُلْدَانٍ ؛ إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا ، لَا أَوَّلٌ لِثَالِثٍ ، لَا لِعَلَسٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَأُرْزٍ .
وَهِيَ أَجْنَاسٌ

( وَتُضَمُّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ نَائِبُهُ ( الْقَطَانِيُّ ) السَّبْعَةُ فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا نِصَابٌ زَكَّى وَهِيَ الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَالْعَدَسُ وَاللُّوبِيَا وَالْبَسِيلَةُ وَالْجُلْبَانُ وَالتُّرْمُسُ ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بِحِسَابِهِ وَيُجْزِئُ إخْرَاجُ الْأَعْلَى وَالْمُسَاوِي لَا الْأَدْنَى .
وَشَبَّهَ فِي الضَّمِّ فَقَالَ ( كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ فَتُضَمُّ ؛ لِأَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِيهَا فَإِنْ اجْتَمَعَ مِنْهَا نِصَابٌ زَكَّى إنْ زُرِعَتْ بِبَلَدٍ وَاحِدٍ بَلْ ( وَإِنْ ) زُرِعَتْ الْأَنْوَاعُ الَّتِي تُضَمُّ ( بِبِلْدَانٍ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ بَلَدٍ وَإِنَّمَا يُضَمُّ نَوْعٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِغَيْرِهِ ( إنْ زُرِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُهُ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ : النَّوْعَيْنِ اللَّذَيْنِ أُرِيدَ ضَمُّهُمَا ( قَبْلَ ) اسْتِحْقَاقِ ( حَصَادِ الْآخَرِ ) وَهُوَ وَقْتُ وُجُوبِ زَكَاتِهِ وَلَوْ بِقُرْبِهِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ إلَى اسْتِحْقَاقِ الثَّانِي الْحَصَادَ مَا يَكْمُلُ بِهِ مَعَ حَبِّ الثَّانِي نِصَابٌ ؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَفَائِدَتَيْنِ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ وَهَذَا الشَّرْطُ نَسَبَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي ضَمِّ مَا زُرِعَ بِبَلَدٍ أَوْ بِبُلْدَانٍ مِنْ الْقَطَانِيِّ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنْ زُرِعَ الثَّانِي بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الْأَوَّلِ الْحَصَادَ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ مَا يُكْمِلُ حَبَّ الثَّانِي نِصَابًا فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فَإِنْ زُرِعَ الثَّانِي قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثُ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي .
( فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا ) أَيْ : الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ إنْ كَانَ فِيهِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ بِأَنْ يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَسْقَانِ وَلَمْ تَخْرُجْ زَكَاةُ الْأَوَّلَيْنِ حَتَّى حُصِدَ الثَّالِثُ فَيُزَكَّى

الثَّلَاثَةُ زَكَاةً وَاحِدَةً فَإِنْ زَكَّى الْأَوَّلَيْنِ قَبْلَ حَصَادِ الثَّالِثِ فَلَا يُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُ وَيُزَكَّى وَحْدَهُ إنْ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا زُكِّيَ مَعَ الْأَوَّلِ لَمْ يَبْقَ فِي جِنْسِهِ مَا يَكْمُلُ بِهِ مَعَ الثَّالِثِ نِصَابٌ ( لَا ) يُضَمُّ زَرْعٌ ( أَوَّلٌ لِ ) زَرْعٍ ( ثَالِثٍ ) زُرِعَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصَابٌ بِأَنْ كَانَ فِي كُلٍّ وَسْقَانِ وَلَوْ كَانَ فِي الْوَسَطِ مَعَ الْأَوَّلِ نِصَابٌ وَلَيْسَ فِيهِ مَعَ الثَّالِثِ نِصَابٌ أَوْ عَكْسُهُ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةً وَالثَّانِي وَسْقَيْنِ وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ أَوْ الْأَوَّلُ وَسْقَيْنِ وَالثَّانِي كَذَلِكَ وَالثَّالِثُ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ ضُمَّ الْوَسَطُ لِلْأَوَّلِ فِي الْأُولَى وَلَا زَكَاةَ فِي الثَّالِثِ وَلِلثَّالِثِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا زَكَاةَ فِي الْأَوَّلِ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَمُلَ مَعَ الْأَوَّلِ زُكِّيَ الثَّالِثُ مَعَهُمَا ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ لِلثَّانِي وَالثَّالِثُ خَلِيطُهُ وَإِنْ كَمُلَ بِالثَّالِثِ فَلَا يُزَكَّى الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ لِلثَّالِثِ وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ وَرُجِّحَ ( لَا ) يُضَمُّ قَمْحٌ وَلَا غَيْرُهُ ( لِعَلَسٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ حَبٌّ طَوِيلٌ بِالْيَمَنِ يُشْبِهُ الْبُرَّ ( وَ ) لَا لِ ( دُخْنٍ وَ ) لَا لِ ( ذُرَةٍ وَ ) لَا لِ ( أُرْزٍ وَهِيَ ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِنْ الْعَلَسِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ( أَجْنَاسٌ ) فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَصْحَابُهُ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ بِضَمِّ الْقَمْحِ لِلْعَلَسِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاسْتَقَرَّ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ .

وَالسِّمْسِمُ ، وَبِزْرُ الْفُجْلِ ، وَالْقُرْطُمُ : كَالزَّيْتُونِ ؛ لَا الْكَتَّانِ .
وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ ، وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ ، وَاسْتَأْجَرَ قَتًّا ، لَا أَكْلُ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا
( وَالسِّمْسِمُ وَبِزْرُ ) أَيْ : حَبِّ ( الْفُجْلِ ) الْأَحْمَرِ وَالْفُجْلِ الْأَبْيَضِ لَا زَيْتَ لِحَبِّهِ ( وَ ) بِزْرُ ( الْقُرْطُمِ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ وَخَبَرُ السِّمْسِمِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ( كَالزَّيْتُونِ ) فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ ( لَا ) بِزْرُ ( الْكَتَّانِ ) بِفَتْحِ الْكَافِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ كَبِزْرِ الْخَسِّ وَالسَّلْجَمِ ( وَحُسِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ ( قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ ) وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ وَالْعَدَسِ الَّذِي يُخَزَّنُ بِهِ .
( وَ ) حُسِبَ ( مَا تَصَدَّقَ ) الْمَالِكُ ( بِهِ ) عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ الزَّرْعِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْعِنَبِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ وَلَمْ يَنْوِ زَكَاتَهُ مِنْهُ أَوْ أَهْدَاهُ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ بَاعَهُ أَوْ أَكَلَهُ ( وَ ) حُسِبَ مَا ( اسْتَأْجَرَ ) الْمَالِكُ بِهِ مِنْ الزَّرْعِ فِي حَصَادِهِ أَوْ دِرَاسِهِ أَوْ تَذْرِيَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( قَتًّا ) أَيْ مَقْتُوتًا أَيْ : مَحْزُومًا وَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَيُحْسَبُ الْإِغْمَارُ وَالْكَيْلُ الَّذِي اسْتَأْجَرَ بِهِ وَلَقْطُ اللَّقَاطِ الَّذِي مَعَ الْحَصَادِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْأُجْرَةِ لَا لَقْطُ مَا تَرَكَهُ رَبُّهُ وَهُوَ حَلَالٌ لِمَنْ أَخَذَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ ( لَا ) يُحْسَبُ ( أُكُلُ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ : مَأْكُولُ ( دَابَّةٍ فِي ) حَالِ ( دَرْسِهَا ) لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهَا فَنَزَلَ مَنْزِلَةَ الْآفَاتِ السَّمَاوِيَّةِ وَأُكُلُ الْوُحُوشِ وَلَا يَجِبُ تَكْمِيمُهَا ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّهَا وَيُعْفَى عَنْ نَجَاسَتِهَا الَّتِي تُصِيبُ الْحَبَّ حَالَ دَرْسِهَا فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْهَا وَبِحَسَبِ مَا تَأْكُلُهُ حَالَ اسْتِرَاحَتِهَا .

وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ ، وَطِيبِ الثَّمَرِ ، فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ

( وَالْوُجُوبُ ) لِزَكَاةِ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ يَتَحَقَّقُ ( بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ ) أَيْ : صَيْرُورَتِهِ فَرِيكًا مُنْتَفَعًا بِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ اللَّخْمِيِّ الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِالطِّيبِ أَيْ : بُلُوغِهِ حَدَّ الْأَكْلِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ أَوْ طَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ اسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ فَاقْتَصَرَ فِي الزَّرْعِ عَلَى الْإِفْرَاكِ وَذَكَرَ إبَاحَةَ الْبَيْعِ فِي غَيْرِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ثُمَّ قَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ تَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ كَمَا لِلْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَالْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَأَنَّ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ بِالْيُبْسِ ضَعِيفٌ وَلَا يَرِدُ قَوْله تَعَالَى { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِالْإِخْرَاجِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّ الْوُجُوبَ بِالْإِفْرَاكِ ابْنُ شَاسٍ طِيبُ الثِّمَارِ وَيُبْسُ الْحَبِّ سَبَبُ وُجُوبِ إخْرَاجِ زَكَاةِ الثَّمَرِ وَالْحَبِّ عِنْدَ الْجَفَافِ وَالتَّنْقِيَةِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَأَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ .
( وَطِيبِ الثَّمَرِ ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ بِزَهْوِ ثَمَرِ النَّخْلِ وَحَلَاوَةِ الْعِنَبِ وَاسْوِدَادِ الزَّيْتُونِ أَوْ مُقَارَبَتِهِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِ الْوُجُوبِ بِالْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ فَقَالَ ( فَلَا شَيْءَ ) مِنْ زَكَاةِ الْحَبِّ وَالثَّمَرِ ( عَلَى وَارِثٍ ) زَرْعًا أَوْ ثَمَرًا ( قَبْلَهُمَا ) أَيْ : الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ ( لَمْ يَصِرْ لَهُ ) أَيْ : الْوَارِثِ ( نِصَابٌ ) مِمَّا وَرِثَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ مِنْ جِنْسِهِ وَزَرَعَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ وَبَقِيَ مِنْ حَبِّ الْأَوَّلِ مَا يُكَمِّلُ الثَّانِيَ نِصَابًا فَيَضُمُّهُمَا وَيُزَكِّيهِمَا ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ حَصَلَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا يُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ فَإِنْ وَرِثَ نِصَابًا زَكَّاهُ

وَإِنْ وَرِثَ أَقَلَّ مِنْهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ زَرْعٌ يَضُمُّهُ إلَيْهِ .
وَقَيَّدَ عَبْدُ الْحَقِّ زَكَاتَهُ عَلَى مِلْكِ الْوَارِثِ بِحُصُولِ شَيْءٍ لَهُ مِنْهُ .
فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُزَكَّى عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ إلَى وَفَاءِ دَيْنِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْمِيرَاثِ ، وَمَفْهُومُ لَمْ يَصِرْ إلَخْ أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ نِصَابٌ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَمَفْهُومُ قَبْلَهُمَا أَنَّ مَنْ وَرِثَ بَعْدَهُمَا يُزَكِّي الْجُمْلَةَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ إنْ كَانَ نِصَابًا ، وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ وَلَا زَكَاةَ عَلَى مَنْ نَابَهُ نِصَابٌ .

وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا ، إلَّا أَنْ يُعْدِمَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي
( وَالزَّكَاةُ ) وَاجِبَةٌ ( عَلَى الْبَائِعِ ) ثَمَرًا أَوْ زَرْعًا ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ الْإِفْرَاكِ وَالطِّيبِ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ مَا حَصَلَ إنْ كَانَ ثِقَةً وَإِلَّا تَحَرَّى قَدْرَهُ .
وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي ( إلَّا أَنْ يُعْدِمَ ) الْبَائِعُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَوْ فَتْحِهَا وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ : يَفْتَقِرُ ( فَ ) زَكَاتُهُ ( عَلَى الْمُشْتَرِي ) نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ إنْ بَقِيَ الْمَبِيعُ بِيَدِهِ أَوْ فَوَّتَهُ هُوَ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِحِصَّةِ مَا أَخْرَجَهُ زَكَاةً مِنْ الثَّمَنِ وَهُوَ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ .
فَإِنْ فَاتَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُزَكِّيهِ الْمُشْتَرِي وَيُزَكِّيهِ الْبَائِعُ إنْ أَيْسَرَ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
فَفِي الْأُمَّهَاتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْبَائِعِ شَيْءٌ يَأْخُذُهُ الْمُصَدِّقُ وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِعَيْنِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْمُصَدِّقُ الصَّدَقَةَ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَتْلَفَهُ هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ جَائِزًا .

وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنُ بِجُزْءٍ ، لَا الْمَسَاكِينِ ، أَوْ كَيْلٍ فَعَلَى الْمَيِّتِ
( وَ ) إنْ أَوْصَى مَالِكُ زَرْعٍ أَوْ ثَمَرٍ بِجُزْءٍ شَائِعٍ كَثُلُثِهِ أَوْ قَدْرِ مَكِيلٍ مِنْهُ كَوَسْقٍ لِمُعَيَّنٍ كَزَيْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْمَسَاكِينِ قَبْلَ وُجُوبِ زَكَاتِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَ ( النَّفَقَةُ ) أَيْ : السَّقْيُ وَالْخِدْمَةُ لِلْقَدْرِ الْمُوصَى بِهِ ( عَلَى الْمُوصَى لَهُ ) بِفَتْحِ الصَّادِ ( الْمُعَيَّنِ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ كَزَيْدٍ إنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ ( بِجُزْءٍ ) شَائِعٍ كَنِصْفِ الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ ، وَشَمِلَ الْجُزْءُ الزَّكَاةَ وَكَأَنَّهُ أَوْصَى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الْجُزْءَ الْمُوصَى لَهُ بِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِ الْمُوصَى وَلَهُ النَّظَرُ فِيهِ وَالتَّصَرُّفُ الْعَامُّ ، فَصَارَ شَرِيكًا لِلْوَرَثَةِ فِي الزَّرْعِ أَوْ الثَّمَرِ بِالْجُزْءِ الْمُوصَى لَهُ بِهِ .
وَذَكَرَ مَفْهُومَ الْمُعَيَّنِ بِقَوْلِهِ ( لَا ) تَكُونُ النَّفَقَةُ عَلَى ( الْمَسَاكِينِ ) سَوَاءٌ أَوْصَى لَهُمْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ وَذَكَرَ مُحْتَرَزٌ بِجُزْءٍ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِ ( كَيْلٍ ) كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ زَرْعِهِ أَوْ ثَمَرِهِ ( فَ ) النَّفَقَةُ ( عَلَى الْمَيِّتِ ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ .
وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ حُكْمِ زَكَاةِ الْوَصِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَتْ بَعْدَ الْوُجُوبِ أَوْ قَبْلَهُ وَمَاتَ بَعْدَهُ .
فَهِيَ عَلَى الْمَيِّتِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِجُزْءٍ أَوْ كَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ .
وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَهُ وَمَاتَ قَبْلَهُ فَعَلَى الْمَيِّتِ إنْ كَانَتْ بِكَيْلٍ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِهِ .
فَإِنْ كَانَتْ بِجُزْءٍ لِمُعَيَّنٍ زَكَّاهَا الْمُعَيَّنُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ لَهُ مَا يُكْمِلُهَا نِصَابًا مِنْ جِنْسِهَا .
وَإِنْ كَانَتْ لِمَسَاكِينَ وَبَلَغَتْ نِصَابًا زُكِّيَتْ وَفُرِّقَ بَاقِيهَا عَلَيْهِمْ ، لَا يُقَالُ حَيْثُ مَاتَ قَبْلَ الْوُجُوبِ فَكَيْفَ تَكُونُ زَكَاةُ وَصِيَّةِ الْمَكِيلِ عَلَيْهِ .
؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا أَوْصَى بِهِ اسْتَمَرَّ الْمِلْكُ لَهُ إلَى تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ كَالْمَدِينِ لِتَأَخُّرِ الْإِرْثِ عَنْهُمَا .

وَإِنَّمَا يَخْرِصُ الثَّمَرُ وَالْعِنَبُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا نَخْلَةً نَخْلَةً ، بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا لَا سَقَطِهَا ، وَكَفَى الْوَاحِدُ

( وَإِنَّمَا يُخَرَّصُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ صَادٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ يُحَزَّرُ وَهُوَ مُعَلَّقٌ بِأَصْلِهِ ( الثَّمْرُ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ : ثَمَرُ النَّخْلِ الَّذِي يُؤَوَّلُ إلَى كَوْنِهِ تَمْرًا ( وَالْعِنَبُ ) أَيْ : قَدْرُهُ رَطْبًا وَجَافًّا سَوَاءٌ كَانَ شَأْنُهُمَا الْجَفَافَ أَمْ لَا ( إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا ) بِزَهْوِ الْبَلَحِ وَحَلَاوَةِ الْعِنَبِ لِيُعْلَمَ هَلْ هُوَ نِصَابٌ أَمْ لَا .
( وَ ) إذَا ( اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا ) بِأَكْلٍ وَبَيْعٍ وَإِهْدَاءٍ وَإِبْقَاءِ بَعْضٍ أَيْ : لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ وَأَوْرَدَ عَلَى الْحَصْرِ الشَّعِيرَ الْأَخْضَرَ الَّذِي أُفْرِكَ وَأُكِلَ أَوْ بِيعَ زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ وَالْفُولَ الْأَخْضَرَ وَالْحِمَّصَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّهَا تُخَرَّصُ بَعْدَ إفْرَاكِهَا .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْحَصْرَ مُنْصَبٌّ عَلَى قَوْلِهِ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا الرَّمَاصِيُّ لَا وُرُودَ لِهَذَا أَصْلًا ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حَزْرُ الشَّيْءِ عَلَى أَصْلِهِ وَاَلَّذِي فِي الشَّعِيرِ وَالْفُولِ وَنَحْوِهِمَا حَرْزُ قَدْرِ مَا أُكِلَ أَوْ بِيعَ .
بَعْضُ الشَّارِحِينَ ، أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الثَّمَرَ الَّذِي إذَا بَقِيَ عَلَى أَصْلِهِ يَتَتَمَّرُ أَوْ يَتَزَبَّبُ بِالْفِعْلِ ، ، وَأَمَّا مَا لَا يَتَتَمَّرُ وَلَا يَتَزَبَّبُ فَيُخَرَّصُ وَلَوْ لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَةُ أَهْلِهِ لِتَوَقُّفِ زَكَاتِهِ عَلَى تَخْرِيصِهِ بَعْدَ حِلِّ بَيْعِهِ الرَّمَاصِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ .
فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا يَتَتَمَّرُ وَمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَمَا يَتَزَبَّبُ وَمَا لَا يَتَزَبَّبُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ .
وَإِذَا لَمْ تَخْتَلِفْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا يُسْتَغْنَى عَنْ تَخْرِيصِهِمَا بِكَيْلِ الرُّطَبِ وَوَزْنِ الْعِنَبِ بَعْدَ جَذِّهِمَا ، وَتَقْدِيرِ جَفَافِهِمَا فَاَلَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ تَقْدِيرُ جَفَافِهِمَا .
وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّخْرِيصِ فَالزَّيْتُونُ وَنَحْوُهُ لَا يُخَرَّصُ وَيُقَدَّرُ جَفَافُهُ فَعِنَبُ مِصْرَ وَرُطَبُهَا إنْ خُرِّصَا فَعَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ ، وَإِنْ لَمْ يُخَرَّصْ كَيْلًا وَقُدِّرَ جَفَافُهُمَا

وَهَذَا كُلُّهُ إذَا شَكَّ فِيمَا لَا يَتَتَمَّرُ وَفِيمَا لَا يَتَزَبَّبُ هَلْ يَبْلُغُ النِّصَابَ ؟ فَإِنْ تَحَقَّقَ بُلُوغُهُ النِّصَابَ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْدِيرِ جَفَافِهِ أَصْلًا ؛ لِأَنَّ الْمُذَكَّى ثَمَنُهُ حَالَ كَوْنِهِ ( نَخْلَةً نَخْلَةً ) أَيْ : مُفَصَّلًا نَحْوَ قَرَأْت الْقُرْآنَ سُورَةً سُورَةً ، أَيْ : يُحَزِّرُ الْخَارِصُ ثَمَرَ كُلِّ نَخْلَةٍ وَحْدَهَا ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ .
وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ فِي الْجَفَافِ وَإِلَّا جَازَ جَمْعُ أَكْثَرِ نَخْلَةٍ فِيهِ إذَا عُلِمَ قَدْرُ جُمْلَةِ مَا فِيهِ ، وَأَمَّا تَجْزِئَةُ الْحَائِطِ أَثْلَاثًا أَوْ أَرْبَاعًا ، وَتَخْرِيصُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَهُوَ مَجْمُوعُ نَخَلَاتٍ فَلَا تَجُوزُ وَكَذَا تَخْرِيصُهُ بِتَمَامِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَفِي مَفْهُومِ نَخْلَةً نَخْلَةً تَفْصِيلٌ ( بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا ) أَيْ : مَا تَنْقُصُهُ الثَّمَرَةُ عَادَةً بِسَبَبِ جَفَافِهَا بِاجْتِهَادِ الْخَارِصِ ( لَا ) بِإِسْقَاطِ ( سَقَطِهَا ) أَيْ : مَا يُسْقِطُهُ الرِّيحُ وَمَا يَأْكُلُهُ الطَّيْرُ وَنَحْوُهُ ، لَكِنْ إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ التَّخْرِيصِ اُعْتُبِرَ وَنُظِرَ لِلْبَاقِي ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا ( وَكَفَى ) الْخَارِصُ ( الْوَاحِدُ ) الْعَدْلُ الْعَارِفُ ؛ لِأَنَّهُ حَاكِمٌ .

وَإِنْ اخْتَلَفُوا ، فَالْأَعْرَفُ ، وَإِلَّا فَمِنْ كُلِّ جُزْءٍ
( وَإِنْ اخْتَلَفُوا ) أَيْ الْخَارِصُونَ فِي قَدْرِ الثَّمَرِ الَّذِي خَرَصُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ( فَالْأَعْرَفُ ) مِنْهُمْ بِالتَّخْرِيصِ يُعْمَلُ بِتَخْرِيصِهِ ، وَيُلْغَى تَخْرِيصُ مَا سِوَاهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ زَمَنُ تَخْرِيصِهِمْ اُعْتُبِرَ الْأَوَّلُ وَأُلْغِيَ مَا سِوَاهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَى رَبُّ الْحَائِطِ حَيْفَ الْخَارِصِ وَأَتَى بِخَارِصٍ آخَرَ فَلَمْ يُوَافِقْ الْأَوَّلَ فَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ أَعْرَفُ ( فَ ) يُؤْخَذُ ( مِنْ كُلِّ ) قَوْلٍ ( جُزْءٌ ) بِمِثْلِ نِسْبَةِ وَاحِدٍ لِعَدَدِهِمْ ، فَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ قَوْلٍ نِصْفُهُ وَثَلَاثَةً ثُلُثُهُ وَأَرْبَعَةً رُبْعُهُ وَسَبْعَةً سُبْعُهُ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ ، وَزَكَّى عَنْ مَجْمُوعِ الْأَجْزَاءِ فَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَالَ أَحَدُهُمْ : عَشَرَةً ، وَالثَّانِي : تِسْعَةً وَالثَّالِثُ : ثَمَانِيَةً ، زُكِّيَ تِسْعَةً ؛ لِأَنَّ مَجْمُوعَ ثُلُثِ الْعَشَرَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ ، وَثُلُثُ التِّسْعَةِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ ، وَثُلُثُ الثَّمَانِيَةِ وَهُوَ اثْنَانِ وَثُلُثَانِ تِسْعَةٌ وَإِنْ شِئْت جَمَعْت الْعَشَرَةَ وَالتِّسْعَةَ وَالثَّمَانِيَةَ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ وَثُلُثُهَا تِسْعَةٌ .

وَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ
( وَإِنْ أَصَابَتْهُ ) أَيْ : الْمِخْرَصَ بِالْفَتْحِ ( جَائِحَةٌ ) أَيْ : عَاهَةٌ كَسَمُومٍ وَجَرَادٍ وَفَأْرٍ وَعَطَشٍ وَثَلْجٍ وَبَرْدٍ قَبْلَ جِذَاذِهِ سَوَاءٌ بِيعَ بَعْدَ طِيبِهِ ثُمَّ أُجِيحَ أَوْ لَمْ يُبَعْ ، وَحَمَلَهُ جَدّ عج عَلَى مَا بِيعَ بَعْدَ طِيبِهِ ثُمَّ أُجِيحَ .
فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ ثُلُثًا سَقَطَتْ زَكَاتُهُ عَنْ الْبَائِعِ لِوُجُوبِ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ وَنُظِرَ لِمَا بَقِيَ ، فَإِنْ كَانَ نِصَابًا زَكَّاهُ وَإِلَّا فَلَا .
وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ زَكَّى الْجَمِيعَ .
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَاقِي دُونَ نِصَابٍ وَهَذَا أَوْلَى لِتَأْدِيَةِ الْأَوَّلِ إلَى نَوْعِ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ ( اُعْتُبِرَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، فَإِنْ بَقِيَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ بَيْعِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ فَتْوَى ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إنْ لَمْ يَرْجِعْ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ الْقَدْرَ الَّذِي اسْتَحَقَّ الرُّجُوعَ بِهِ .

وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ : فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْوُجُوبِ ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَإِنْ زَادَتْ ) أَيْ : وُجِدَتْ الثَّمَرَةُ الْمُخَرَّصَةُ بَعْدَ جِذَاذِهَا وَكَيْلِهَا زَائِدَةٌ ( عَلَى تَخْرِيصِ ) عَدْلٍ ( عَارِفٍ فَ ) قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ( الْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ ) لِزَكَاةِ مَا زَادَ لِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ الْيَوْمَ ( وَهَلْ ) قَوْلُهُ الْأَحَبُّ مَحْمُولٌ ( عَلَى ظَاهِرِهِ ) مِنْ النَّدْبِ لِتَعْلِيلِهِ بِقِلَّةِ إصَابَةِ الْخَرَّاصِ ، وَلَوْ كَانَ عَلَى الْوُجُوبِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى إصَابَتِهِمْ وَلَا إلَى خَطَئِهِمْ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ .
( أَوْ ) مَحْمُولٌ عَلَى ( الْوُجُوبِ ) وَهُوَ الْأَرْجَحُ ، وَتَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ ؛ لِأَنَّ التَّخْرِيصَ حِينَئِذٍ كَحُكْمٍ ظَهَرَ خَطَؤُهُ فَيَجِبُ نَقْضُهُ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) ابْنُ بَشِيرٍ فَإِنْ كَانَ الْخَارِصُ لَيْسَ عَدْلًا أَوْ لَيْسَ عَارِفًا فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَمَّا زَادَ اتِّفَاقًا .
فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ تَخْرِيصِ عَدْلٍ عَارِفٍ فَيُعْمَلُ بِالتَّخْرِيصِ لَا بِمَا وُجِدَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ أَهْلِ الثَّمَرَةِ ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيُعْمَلُ عَلَى مَا وُجِدَ .

وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ كَالتَّمْرِ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ ، وَإِلَّا فَمِنْ أَوْسَطِهَا
( وَأُخِذَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ ( مِنْ الْحَبِّ ) حَالَ كَوْنِهِ ( كَيْفَ كَانَ ) أَيْ : عَلَى حَالٍ كَانَ طَيِّبًا كُلَّهُ أَوْ رَدِيًّا أَوْ مُتَوَسِّطًا أَوْ بَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا وَبَعْضُهُ كَذَا نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ أَوْ أَنْوَاعًا وَيُخْرِجُ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ لَا مِنْ الْوَسَطِ ، فَإِنْ طَاعَ بِدَفْعِ الْأَعْلَى عَنْ الْأَدْنَى أَجْزَأَ إنْ اتَّحَدَ جِنْسُهُمَا وَإِلَّا فَلَا يُجْزِئُ كَإِخْرَاجِ الْأَدْنَى عَنْ الْأَعْلَى وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْأَخْذِ مِنْ الْمُزَكَّى كَيْفَ كَانَ فَقَالَ ( كَالتَّمْرِ ) أَوْ الزَّبِيبِ حَالَ كَوْنِهِ ( نَوْعًا ) وَاحِدًا ( أَوْ نَوْعَيْنِ ) فَقَطْ فَيُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِقَدْرِهِ كَيْفَ كَانَ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَوْعًا أَوْ نَوْعَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعَيْنِ ( فَ ) يُؤْخَذُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ ( مِنْ أَوْسَطِهَا ) أَيْ : الْأَنْوَاعِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ وَلِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ لِكَثْرَةِ أَصْنَافِ التَّمْرِ فِيهَا إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ أَعْلَى التَّمْرِ أَوْ أَدْنَاهُ أُخِذَ مِنْهُ .
وَإِنْ كَانَ فِيهِ أَجْنَاسٌ مِنْ التَّمْرِ أُخِذَ مِنْ أَوْسَطِهَا .
وَفِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَوْعُ التَّمْرِ عَلَى صِنْفَيْنِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقِسْطِهِ .

وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ ، أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَأَكْثَرَ ، أَوْ مُجَمَّعٍ مِنْهُمَا بِالْجُزْءِ : رُبُعُ الْعُشْرِ ، وَإِنْ لِطِفْلٍ ، أَوْ مَجْنُونٍ .
أَوْ نَقَصَتْ

( وَفِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَرْعِيٍّ ) فَأَكْثَرَ ( أَوْ عِشْرِينَ دِينَارًا ) شَرْعِيَّةً ( فَأَكْثَرَ ) فَلَا وَقْصَ فِي الْعَيْنِ كَالْحَرْثِ ( أَوْ ) نِصَابٍ ( مُجْمَعٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ : مُلَفَّقٍ ( مِنْهُمَا ) أَيْ : الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ كَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسِ دَنَانِيرَ وَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا أَوْ دِينَارٍ وَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا ، أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ حَالَ كَوْنِ التَّجْمِيعِ مُعْتَبَرًا ( بِالْجُزْءِ ) أَيْ : التَّجْزِئَةِ وَالْمُقَابَلَةِ بِأَنْ يُقَابَلَ الدِّينَارُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَا بِالْقِيمَةِ التَّابِعَةِ لِلْجَوْدَةِ وَالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ فَلَا زَكَاةَ فِي مِائَةِ دِرْهَمٍ وَتِسْعَةِ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ لِجَوْدَتِهَا أَوْ سِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا وَمُبْتَدَأٌ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ دِينَارًا إلَخْ .
( رُبُعُ الْعُشْرِ ) وَهُوَ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفُ دِينَارٍ وَفُهِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي فُلُوسِ النُّحَاسِ لِذَاتِهَا وَهُوَ الْمَذْهَبُ إنْ كَانَتْ مُقْتَنَاةً .
فَإِنْ اتَّجَرَ فِيهِمَا زُكِّيَتْ زَكَاةَ عَرْضِ التِّجَارَةِ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ مِلْكًا لِمُكَلَّفٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( لِطِفْلٍ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : مِنْ دُونِ الْبُلُوغِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( أَوْ ) لِ ( مَجْنُونٍ ) مُطْبَقٍ ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِهَا خِطَابٌ وُضِعَ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ مِلْكَ النِّصَابِ سَبَبًا فِي الزَّكَاةِ وَالْخِطَابُ بِإِخْرَاجِهَا تَعَلَّقَ بِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ ، وَالْعِبْرَةُ بِمَذْهَبِهِ فِي الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ لَا بِمَذْهَبِ الْمَحْجُورِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَلَا بِمَذْهَبِ أَبِيهِ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا الْوَلِيُّ حَتَّى بَلَغَ الصَّبِيُّ فَالْعِبْرَةُ فِيهِ بِمَذْهَبِهِ ، فَإِنْ قَلَّدَ مَنْ أَوْجَبَهَا فِي مَالِهِ أَخْرَجَ زَكَاةَ مَا مَضَى ، وَإِنْ

قَلَّدَ مَنْ لَمْ يُوجِبْهَا سَقَطَتْ عَنْهُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الدَّنَانِيرُ كَامِلَةَ الْوَزْنِ جَيِّدَةً .
( أَوْ ) وَإِنْ ( نَقَصَتْ ) زِنَةُ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ عَنْ وَزْنِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ الشَّرْعِيَّةِ كَحَبَّةٍ أَوْ حَبَّتَيْنِ مِنْ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ هَارُونَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ قَالَ : وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا قَلَّ النَّقْصُ أَوْ كَثُرَ .
قَالَ ابْنُ هَارُونَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الْيَسِيرِ ، فَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ : هُوَ كَالْحَبَّةِ وَالْحَبَّتَيْنِ وَإِنْ اتَّفَقَتْ الْمَوَازِينُ عَلَيْهِ وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ الْقَصَّارِ : إنَّمَا ذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَتْ الْمَوَازِينُ فِي النَّقْصِ ، وَأَمَّا إذَا اتَّفَقَتْ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالْكَثِيرِ وَشُهِرَ فِي الشَّامِلِ الْأَوَّلُ وَرَاجَتْ كَكَامِلَةٍ فِي الْوَزْنِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا مَا يَشْتَرِي بِالْكَامِلَةِ .

أَوْ بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ ، أَوْ إضَافَةٍ ، وَرَاجَتْ : كَكَامِلَةٍ ، وَإِلَّا حُسِبَ الْخَالِصُ إنْ تَمَّ الْمِلْكُ .

( أَوْ ) كَانَتْ مُتَّصِفَةً ( بِرَدَاءَةِ أَصْلٍ ) أَيْ : مَعْدِنٍ بِأَنْ كَانَ ذَهَبُهَا أَوْ فِضَّتُهَا دَنِيئًا وَلَيْسَ فِيهَا غِشٌّ ، وَرَاجَتْ كَجَيِّدَةِ الْأَصْلِ بِأَنْ لَمْ تَحُطَّهَا رَدَاءَتُهَا عَنْ الذَّهَبِيَّةِ وَالْفِضِّيَّةِ .
وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْجَيِّدَةِ ( أَوْ ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً ( بِإِضَافَةٍ ) أَيْ : خَلْطِ مَعْدِنٍ آخَرَ بِهَا مِنْ نَحْوِ نُحَاسٍ وَهِيَ الْمَغْشُوشَةُ ( وَرَاجَتْ ) بِالْجِيمِ الْمُضَافَةِ فِي الْمُعَاوَضَةِ بِهِمَا ( كَكَامِلَةٍ ) أَيْ : خَالِصَةٍ مِنْ الْإِضَافَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِالْمُضَافَةِ مَا يَشْتَرِي بِالْخَالِصَةِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مَعْنَاهُ كَمَا رَأَيْت .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ تُرْجَ نَاقِصَةُ الْوَزْنِ كَكَامِلَتِهِ تَتَوَقَّفُ الزَّكَاةُ عَلَى تَمَامِ الْوَزْنِ كَعِشْرِينَ دِينَارًا وَزْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا نِصْفُ دِينَارٍ شَرْعِيٍّ فَلَا تَجِبُ زَكَاتُهَا حَتَّى تَكْمُلَ أَرْبَعِينَ .
وَإِنْ لَمْ تُرْجَ رَدِيئَةُ الْمَعْدِنِ كَالْجَيِّدَةِ بِأَنْ حَطَّتْهَا رَدَاءَتُهَا عَنْ الذَّهَبِيَّةِ أَوْ الْفِضِّيَّةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَفُلُوسِ النُّحَاسِ وَإِنْ لَمْ تُرْجَ الْمُضَافَةُ كَالْخَالِصَةِ ( حُسِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النَّقْدُ ( الْخَالِصُ ) الَّذِي فِيهَا عَلَى فَرْضِ تَصْفِيَتِهَا فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلَّا فَلَا وَحُكْمُ النُّحَاسِ الَّذِي فِيهَا حُكْمُ الْعَرْضِ .
فَإِنْ كَانَتْ مُقْتَنَاةً فَلَا زَكَاةَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى ثَمَنَهُ أَوْ قِيمَتَهُ عَلَى مَا يَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَشُرِطَ وُجُوبُهَا فِي الْعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ .
( إنْ تَمَّ الْمِلْكُ ) فَلَا زَكَاةَ عَلَى حَائِزٍ نِصَابًا غَيْرَ مَالِكٍ لَهُ كَمُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَمُلْتَقِطٍ بِالْكَسْرِ وَغَاصِبٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَالُ الْمَغْصُوبُ فِي ضَمَانِ غَاصِبِهِ مِنْ حِينِ غَصْبِهِ فَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ بَعْضَهُمْ يُؤْخَذُ مِنْ شَرْطِ تَمَامِ الْمِلْكِ عَدَمُ زَكَاةِ حَلْيِ الْكَعْبَةِ ، وَالْمَسَاجِدِ مِنْ قَنَادِيلَ ، وَعَلَائِقَ ، وَصَفَائِحِ أَبْوَابٍ

.
وَصَدَّرَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ : وَهُوَ الصَّوَابُ عِنْدِي .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ : يُزَكِّيهِ الْإِمَامُ كَالْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ لِلْقَرْضِ وَسَيَأْتِي إنْ نَذَرَ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُ وَالْوَصِيَّةُ بِهِ بَاطِلَةٌ فَهِيَ عَلَى مِلْكِ رَبِّهَا فَزَكَاتُهَا عَلَيْهِ ، وَقَدْ يُقَالُ : رَبُّهَا أَعْرَضَ عَنْهَا فَمَحَلُّهَا بَيْتُ الْمَالِ فَزَكَاتُهَا عَلَى الْإِمَامِ وَمَدِينٌ كَذَلِكَ وَلَا عَلَى رَقِيقٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ .

وَحَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِن .
( وَ ) إنْ تَمَّ ( حَوْلُ غَيْرِ الْمَعْدِنِ ) وَالرِّكَازِ ، وَأَمَّا هُمَا فَالزَّكَاةُ بِوُجُودِ الرِّكَازِ وَإِخْرَاجِ الْمَعْدِنِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ فِي الرِّكَازِ الْخُمْسَ وَأَجَابَ الْمُوَضِّحُ بِأَنَّ فِيهِ الزَّكَاةَ إنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ فِي تَحْصِيلَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُرُورُ الْحَوْلِ

وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي مُودَعَةٍ .
( وَتَعَدَّدَتْ ) الزَّكَاةُ ( بِتَعَدُّدِهِ ) أَيْ : الْحَوْلِ ( فِي ) عَيْنٍ ( مُودَعَةٍ ) عِنْدَ مَنْ يَحْفَظُهَا وَقَبَضَهَا مُودِعُهَا بِالْكَسْرِ بَعْدَ مُضِيِّ أَعْوَامٍ وَهِيَ بِيَدِ الْمُودَعِ ، بِالْفَتْحِ ، فَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ بَعْدَ قَبْضِهَا .
أَوْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ مَالِكَهَا يُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ مِمَّا بِيَدِهِ قَبْلَ قَبْضِهَا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَبْتَدِئُ بِزَكَاةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ لِلَّذِي يَلِيهِ ، وَهَكَذَا فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ اُعْتُبِرَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ زَكَاتِهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا لِعَدَمِ تَنْمِيَتِهَا ، وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْهُ مِنْ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَهُ .

وَمُتَّجَرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ .
( وَ ) تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنِ ( مُتَّجَرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا ( فِيهَا بِأَجْرٍ ) أَيْ : أُجْرَةٍ لِلتَّاجِرِ فِيهَا وَأَوْلَى بِغَيْرِهِ وَرِبْحُهَا لِرَبِّهَا خَاصَّةً فَيُزَكِّيهَا كُلَّ عَامٍ وَهِيَ عِنْدَ التَّاجِرِ حَيْثُ عَلِمَ قَدْرَهَا وَهُوَ مُدِيرٌ .
وَلَوْ احْتَكَرَ التَّاجِرُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ قَدْرَهَا أَخَّرَهَا لَعَلَّهُ .

لَا مَغْصُوبَةٍ ؛ .
( لَا ) تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ بِتَعَدُّدِ الْحَوْلِ فِي عَيْنٍ ( مَغْصُوبَةٍ ) أَقَامَتْ عِنْدَ غَاصِبِهَا أَعْوَامًا فَيُزَكِّيهَا رَبُّهَا بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ رَدَّ غَاصِبُهَا رِبْحَهَا مَعَهَا ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَنْمِيَتِهَا فَأَشْبَهَتْ الضَّائِعَةَ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى .
وَقِيلَ يَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِهَا وَيُزَكِّيهَا غَاصِبُهَا كُلَّ عَامٍ إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَالْمَاشِيَةُ إذَا غُصِبَتْ وَرُدَّتْ بَعْدَ أَعْوَامٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا تُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّاعِي أَخَذَ زَكَاتَهَا مِنْ الْغَاصِبِ هَذَا الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ .
وَقِيلَ تُزَكَّى لِعَامٍ وَاحِدٍ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالنَّخْلُ إذَا غُصِبَ ثُمَّ رُدَّ بَعْدَ سِنِينَ مَعَ ثَمَرِهِ فَإِنَّهُ يُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ مَضَى بِلَا خِلَافٍ إنْ لَمْ يُزَكِّهَا الْغَاصِبُ ، وَكَانَ فِي ثَمَرِ كُلِّ سَنَةٍ نِصَابٌ .

وَمَدْفُونَةٍ
( وَ ) لَا تَتَعَدَّدُ الزَّكَاةُ بِتَعَدُّدِ الْعَامِ فِي عَيْنٍ ( مَدْفُونَةٍ ) بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ ضَلَّ صَاحِبُهَا عَنْهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ أَعْوَامٍ فَيُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : إنْ دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ فَتُزَكَّى لِعَامٍ ، وَإِنْ دُفِنَتْ فِي بَيْتٍ فَتُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ وَعَكْسُ هَذَا لِابْنِ حَبِيبٍ ، وَزَادَ فِي الشَّامِلِ زَكَاتُهَا لِكُلِّ عَامٍ سَوَاءٌ دُفِنَتْ بِصَحْرَاءَ أَوْ عُمْرَانٍ .
وَعَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي فِي الْمَدْفُونَةِ فِي الصَّحْرَاءِ .
، وَأَمَّا الْمَدْفُونَةُ فِي بَيْتٍ فَتُزَكَّى لِكُلِّ عَامٍ اتِّفَاقًا ، وَأَمَّا الَّتِي دَفَنَهَا وَتَرَكَهَا سِنِينَ عَالِمًا بِمَكَانِهَا فَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ اتِّفَاقًا .

وَضَائِعَةٌ ، وَمَدْفُوعَةٍ ، عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ .

( وَ ) لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنٍ ( ضَائِعَةٌ ) مِنْ مَالِكِهَا ثُمَّ وَجَدَهَا بَعْدَ سِنِينَ فَيُزَكِّيهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ وَلَوْ اُلْتُقِطَتْ مَا لَمْ يَنْوِ مُلْتَقَطُهَا مِلْكَهَا ، وَيَمُرُّ عَلَيْهَا عَامٌ مِنْ يَوْمِ نِيَّتِهِ فَتَجِبُ عَلَى مُلْتَقِطِهَا إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَتَسْقُطُ عَنْ رَبِّهَا ( وَ ) لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِهِ فِي عَيْنٍ ( مَدْفُوعَةٍ ) قِرَاضًا .
( عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ ) كُلَّهُ ( لِلْعَامِلِ ) فِيهَا ( بِلَا ضَمَانٍ ) عَلَيْهِ لِمَا تَلِفَ أَوْ خَسِرَ مِنْهَا فَيُزَكِّيهَا رَبُّهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ بَعْدَ قَبْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا وَإِلَّا فَلِكُلِّ عَامٍ مَعَ مَا بِيَدِهِ حَيْثُ عَلِمَ بَقَاءَهَا نَقَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ السَّمَاعِ ، وَبِهِ اعْتَرَضَ الرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ فَقَالَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسَاوِيَةٌ لِقَوْلِهِ وَمُتَّجَرٌ فِيهَا بِأَجْرٍ فِي أَنَّ الْمُدِيرَ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ دُونَ غَيْرِهِ ، فَلَا وَجْهَ لِتَفْرِقَتِهِ بَيْنَهُمَا .
الْبُنَانِيُّ بَلْ ؟ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ بِأَنَّ الْمَدْفُوعَةَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْعَامِلِ بِلَا ضَمَانٍ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا حَالُ الْعَامِلِ مِنْ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ ، بَلْ هِيَ كَالدَّيْنِ إنْ كَانَ رَبُّهَا مُدِيرًا زَكَّاهَا عَلَى حُكْمِ الْإِدَارَةِ مُطْلَقًا .
وَإِنْ كَانَ مُحْتَكِرًا زَكَّاهَا لِعَامٍ وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ الِاحْتِكَارِ مُطْلَقًا بِخِلَافِ السَّابِقَةِ فَيُرَاعَى فِيهَا حَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ .
فَإِنْ احْتَكَرَ الْعَامِلُ وَأَدَارَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ تَسَاوَيَا أَوْ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ أَكْثَرَ فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ ، وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ إلَخْ .
وَبِهَذَا ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْقِرَاضِ يُزَكِّي كَالدَّيْنِ إذَا اُحْتُكِرَ وَإِنْ كَانَ مَا بِيَدِ رَبِّهِ أَكْثَرَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ احْتَكَرَ أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ وَرُوعِيَ كُلٌّ

مِنْهُمَا فِي التَّجْرِ بِأَجْرٍ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي هَذِهِ وَكِيلُهُ فَشِرَاؤُهُ كَشِرَائِهِ بِنَفْسِهِ ا هـ .
وَقَدْ يُقَالُ : الدَّيْنُ الَّذِي يُزَكِّيهِ الْمُدِيرُ كُلَّ عَامٍ دَيْنُ التَّجْرِ وَحَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْعَامِلِ فَهُوَ كَالْقَرْضِ ، فَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يُزَكِّيَ إلَّا لِعَامٍ بَعْدَ قَبْضِهِ وَلَوْ مُدِيرًا وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ التَّوْضِيحِ وَهُوَ إعْطَاءُ الْمَالِ لِلتَّجْرِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ يُعْطِيهِ قِرَاضًا ، وَقِسْمٌ يُعْطِيهِ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِأَجْرٍ ، وَهَذَا كَالْوَكِيلِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ شِرَائِهِ بِنَفْسِهِ ، وَقِسْمٌ يَدْفَعُهُ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ كُلَّهُ لِلْعَامِلِ ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَالدَّيْنِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُزَكِّيهِ لِعَامٍ وَاحِدٍ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ ا هـ .
لَكِنَّهُ خِلَافُ السَّمَاعِ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مِنْ تَزْكِيَتِهِ لِكُلِّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَقَاءَهَا صَبَرَ حَتَّى يَعْلَمَ وَيُزَكِّيهَا لِكُلِّ عَامٍ مَضَى وَهِيَ بِيَدِ الْعَامِلِ .
فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِرَبِّهَا وَحْدَهُ فَهُوَ قَوْلُهُ آنِفًا وَمُتَّجَرٌ فِيهِ بِأَجْرٍ .
وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَالْقِرَاضُ إلَخْ .
وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْعَامِلِ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ الْقِرَاضِ إلَى الْقَرْضِ فَيُزَكِّيهَا الْعَامِلُ كُلَّ عَامٍ إنْ مَلَكَ وَافِيًا بِهَا وَإِلَّا فَلَا .

وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ وُرِثَتْ ، إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا أَوْ لَمْ تُوقَفْ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا أَوْ قَبْضِهَا .

( وَلَا زَكَاةَ فِي عَيْنٍ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُهَا مِنْ أَنَّ الْمُوَرِّثَ إنْ مَاتَ قَبْلَ إفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ زُكِّيَ عَنْ مِلْكِ الْوَارِثِ ، فَمَنْ نَابَهُ نِصَابٌ زَكَّى وَمَنْ لَا فَلَا ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ مَا يُكْمِلُ النِّصَابَ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِفْرَاكِ أَوْ الطِّيبِ زُكِّيَ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ .
وَإِنَّ الْمَاشِيَةَ يُسْتَقْبَلُ بِهَا الْوَارِثُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ أَعْوَامٍ عَلِمَ بِهَا أَمْ لَا وُقِفَتْ عَلَى يَدِ أَمِينٍ أَوْ لَا .
وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ مَجِيءِ السَّاعِي زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِ الْمَيِّتِ وَنَعَتَ عَيْنٍ بِجُمْلَةِ ( وُرِثَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَمَضَى عَلَيْهَا أَعْوَامٌ قَبْلَ قَسْمِهَا .
( إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا ) الْوَارِثُ ( أَوْ ) بِمَعْنَى الْوَاوِ أَيْ : وَ ( لَمْ تُوقَفْ ) مِنْ الْحَاكِمِ عِنْدَ أَمِينٍ فَلَا يُزَكِّيهَا الْوَارِثُ ( إلَّا بَعْدَ ) تَمَامِ ( حَوْلٍ بَعْدَ قَسْمِهَا ) بَيْنَ الْوَرَثَةِ ( أَوْ ) بَعْدَ ( قَبْضِهَا ) وَلَوْ بِوَكِيلٍ .
فَإِنْ عَلِمَ بِهَا أَوْ وُقِفَتْ زُكِّيَتْ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ مِنْ يَوْمِ وَقْفِهَا أَوْ عِلْمِهَا وَهَذَا التَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعَيْنَ الْمَوْرُوثَةَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا .
وَلَوْ عَلِمَ بِهَا وَوُقِفَتْ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " وَاسْتَقْبَلَ " بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي الْوُجُوبِ الْقَبْضُ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَسْمِ .
وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ شُرَكَاءُ فَمَتَى قَبَضُوهَا اسْتَقْبَلُوا بِهَا حَوْلًا وَلَوْ لَمْ يَقْسِمُوا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهَا .
وَكَذَا الْوَصِيُّ يَقْبِضُ لِلْأَصَاغِرِ عَيْنًا أَوْ ثَمَنَ عَرْضٍ بَاعَهُ لَهُمْ فَلْيَتْرُكْ ذَلِكَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الْوَصِيِّ ا هـ .
وَقَبْضُ الشُّرَكَاءِ الْبَالِغِينَ لِأَنْفُسِهِمْ كَقَبْضِ الْوَصِيِّ لِمَحْجُورِهِ ، بَلْ أَقْوَى .
نَعَمْ إنْ كَانَ فِي الْوَرَثَةِ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَقَبْضُ الْوَصِيِّ كَلَا قَبْضٍ كَمَا فِي

الْمُدَوَّنَةِ .

وَلَا مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا .
( وَلَا ) زَكَاةَ فِي عَيْنٍ ( مُوصًى بِتَفْرِقَتِهَا ) عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَمَرَّ عَلَيْهَا حَوْلٌ بِيَدِ الْوَصِيِّ قَبْلَهَا وَمَاتَ الْمُوصِي قَبْلَهَا لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ زُكِّيَتْ عَلَى مِلْكِهِ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ مَعَ مَا بِيَدِهِ وَلَا يُزَكِّيهَا مَنْ صَارَتْ لَهُ إلَّا بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهَا ؛ لِأَنَّهَا فَائِدَةٌ .

وَلَا مَالَ رَقِيقٍ .
( وَلَا ) زَكَاةَ فِي ( مَالِ رَقِيقٍ ) وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ .

وَمَدِينٌ .
( وَلَا ) زَكَاةَ فِي ( مَالِ مَدِينٍ ) إنْ كَانَ الْمَالُ عَيْنًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَلَيْسَ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ .

وَسِكَّةٍ ، وَصِيَاغَةٍ ، وَجَوْدَةٍ .
( وَ ) لَا زَكَاةَ فِي قِيمَةِ ( سِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ ) وَجَوْدَةٍ ) كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَلِسِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا تُسَاوِي النِّصَابَ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ وَلِسِكَّتِهِ أَوْ صِيَاغَتِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ يُسَاوِي أَكْثَرَ فَلَا زَكَاةَ فِي الزَّائِدِ .

وَحُلِيٍّ وَإِنْ تَكَسَّرَ ، إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ ، وَلَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ ، أَوْ كَانَ لِرَجُلٍ ، أَوْ كِرَاءٍ إلَّا مُحَرَّمًا ، أَوْ مُعَدًّا لِعَاقِبَةٍ ، أَوْ صَدَاقٍ ، أَوْ مَنْوِيًّا بِهِ التِّجَارَةَ ، وَإِنْ رُصِّعَ بِجَوْهَرٍ

( وَ ) لَا زَكَاةَ فِي ( حُلِيٍّ ) جَائِزٍ اتِّخَاذَهُ وَلَوْ لِرَجُلٍ إنْ كَانَ صَحِيحًا بَلْ ( وَإِنْ تَكَسَّرَ إنْ لَمْ يَتَهَشَّمْ ) فَإِنْ تَهَشَّمَ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إصْلَاحُهُ إلَّا بِسَبْكِهِ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ لِحَوْلٍ بَعْدَ تَهَشُّمِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَالتِّبْرِ وَسَوَاءٌ نَوَى إصْلَاحَهُ أَمْ لَا ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَنْوِ عَدَمَ إصْلَاحِهِ ) أَيْ : الْمُتَكَسِّرِ بِأَنْ نَوَى إصْلَاحَهُ أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ وَالْمُعْتَمَدُ الزَّكَاةُ فِي الثَّانِيَةِ .
فَلَوْ قَالَ وَنَوَى إصْلَاحَهُ لَوَافَقَ الْمَذْهَبَ فَالزَّكَاةُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ : الْمُتَهَشِّمُ مُطْلَقًا .
وَالْمُتَكَسِّرُ الْمَنْوِيُّ عَدَمُ إصْلَاحِهِ ، وَاَلَّذِي لَمْ يُنْوَ بِهِ شَيْءٌ ( أَوْ كَانَ ) الْحُلِيُّ الْجَائِزُ ( لِرَجُلٍ ) اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ كَخَاتَمٍ وَأَنْفٍ وَأَسْنَانٍ ، وَحِلْيَةِ مُصْحَفٍ ، وَسَيْفِ جِهَادٍ أَوْ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ ، وَبِنْتِهِ الْمَوْجُودَةِ عِنْدَهُ الصَّالِحَةِ لِلتَّزْيِينِ .
فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَنْ سَتُوجَدُ أَوْ سَتَصْلُحُ زَكَّاهُ .
( أَوْ ) مُقْتَنًى ل ( كِرَاءٍ ) لِنِسَاءٍ يَتَزَيَّنَّ بِهِ وَلَوْ لِرَجُلٍ عَلَى الْأَرْجَحِ أَوْ إعَارَةٌ لَهُنَّ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْمُعَدُّ لِلْكِرَاءِ لَا زَكَاةَ فِيهِ إنْ كَانَ مُبَاحًا لِمُقْتَنِيهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الزَّكَاةُ .
الْمِسْنَاوِيُّ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ ( إلَّا ) حُلِيًّا ( مُحَرَّمًا ) اقْتِنَاؤُهُ كَإِنَاءِ نَقْدٍ وَقُمْقُمٍ وَمِبْخَرَةٍ وَمُكْحُلَةٍ وَمِرْوَدٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ ( أَوْ مُعَدًّى لِعَاقِبَةٍ ) فَفِيهِ الزَّكَاةُ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ أَعَدَّتْهُ بَعْدَ كِبَرِهَا لِعَاقِبَتِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ( أَوْ ) مُعَدًّى لِ ( صَدَاقٍ ) لِمَنْ يَتَزَوَّجُهَا فَفِيهِ الزَّكَاةُ ( أَوْ ) كَانَ ( مَنْوِيًّا بِهِ لِتِجَارَةٍ ) أَيْ : الْبَيْعِ بِرِبْحٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ إنْ لَمْ يُرَصَّعْ بِشَيْءٍ بَلْ ( وَإِنْ رُصِّعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : زُيِّنَ ( بِجَوْهَرٍ ) نَفِيسٍ كَيَاقُوتٍ .

وَزَكَّى الزِّنَةَ ، إنْ نُزِعَ بِلَا ضَرَرٍ ، وَإِلَّا تَحَرَّى ؛ وَضُمَّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ : كَغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ .

( وَزَكَّى الزِّنَةَ ) لِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ الْمُرَصَّعَ بَعْدِ نَزْعِ الْجَوْهَرِ مِنْهُ ( إنْ نُزِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : أَمْكَنَ نَزْعُ الْجَوْهَرِ مِنْهُ ( بِلَا ضَرَرٍ ) أَيْ فَسَادٍ وَغُرْمِ أُجْرَةٍ وَحُكْمُ الْجَوْهَرِ حُكْمُ سَائِرِ الْعُرُوضِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ نَزْعُهُ أَوْ كَانَ فِيهِ ضَرَرٌ ( تَحَرَّى ) زِنَةَ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَزَكَّاهُ ( وَضُمَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُهُ ( الرِّبْحُ ) أَيْ : الزَّائِدُ عَلَى ثَمَنِ مَا اشْتَرَاهُ وَبَاعَهُ لِلتِّجَارَةِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً وَصِلَةُ ضُمَّ ( لِأَصْلِهِ ) أَيْ : الرِّبْحِ فِي الْحَوْلِ فَيُزَكَّى مَعَ أَصْلِهِ عِنْدَ تَمَامِهِ مِنْ يَوْمِ مِلْكِهِ أَوْ زَكَاتِهِ .
وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ أَوْ أَصْلُهُ دُونَ نِصَابٍ وَمَجْمُوعُهُمَا نِصَابٌ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْتَقْبِلُ بِالرِّبْحِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ كَالْفَائِدَةِ فَمَنْ اسْتَفَادَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَاتَّجَرَ فِيهِ فَرَبِحَ تَمَامَ النِّصَابِ فَحَوْلُهُ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ فَإِنْ تَمَّ النِّصَابُ بِهِ بَعْدَ الْمُحَرَّمِ زُكِّيَ يَوْمَ التَّمَامِ .
وَشَبَّهَ فِي الضَّمِّ لِلْأَصْلِ فَقَالَ ( كَغَلَّةِ ) شَيْءٍ ( مُكْتَرًى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَصِلَتُهُ ( لِلتِّجَارَةِ ) فِي مَنْفَعَتِهِ فَتُضَمُّ لِأَصْلِهَا فِي حَوْلِهِ وَلَوْ دُونَ نِصَابٍ إنْ تَمَّ بِهَا نِصَابًا فَمَنْ اسْتَفَادَ مَالًا أَوْ زَكَّاهُ فِي أَوَّلِ الْمُحَرَّمِ وَاكْتَرَى شَيْئًا بِنِيَّةِ إكْرَاهٍ لِغَيْرِهِ بِزَائِدٍ وَإِكْرَائِهِ لِغَيْرِهِ بِنِصَابٍ فَأَكْثَرَ فَحَوْلُهُ أَوَّلَ الْمُحَرَّمِ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْأَصْلِ رِبْحٌ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ .
وَاحْتُرِزَ بِغَلَّةِ مُكْتَرًى لِلتِّجَارَةِ عَنْ غَلَّةِ مُشْتَرًى لِلتِّجَارَةِ وَعَنْ غَلَّةِ مُكْتَرًى لِلْقِنْيَةِ وَإِكْرَاهٍ فَهِيَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهَا وَيُضَمُّ الرِّبْحُ لِأَصْلِهِ إنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ أَوْ دَيْنًا عِنْدَهُ عَوَّضَهُ بَلْ .

وَلَوْ رِبْحَ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ .
وَلِمُنْفِقٍ بَعْدَ حَوْلِهِ مَعَ أَصْلِهِ وَقْتَ الشِّرَاءِ ، وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ ، لَا عَنْ مَالٍ : كَعَطِيَّةٍ أَوْ غَيْرَ مُزَكًّى : كَثَمَنٍ مُقْتَنًى ، وَتُضَمُّ نَاقِصَةٌ .

( وَلَوْ ) كَانَ ( رِبْحَ دَيْنٍ ) عَلَيْهِ ( لَا عِوَضَ لَهُ ) أَيْ : الدَّيْنِ ( عِنْدَهُ ) أَيْ : الْمَدِينُ الَّذِي اتَّجِرْ فِي الدَّيْنِ وَرَبِحَ فِيهِ نِصَابًا بِأَنْ اقْتَرَضَ مَالًا وَاتَّجَرَ بِهِ أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَرَبِحَ نِصَابًا فَيُزَكِّيهِ لِتَمَامِ حَوْلٍ مِنْ الِاقْتِرَاضِ أَوْ الشِّرَاءِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِاسْتِقْبَالِهِ بِرِبْحِ دَيْنٍ لَا عِوَضَ لَهُ عِنْدَهُ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .
وَ ) ضُمَّ الرِّبْحُ ( لِمَالٍ مُنْفَقٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَصِلَتُهُ ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( حَوْلِهِ ) أَيْ : الْمُنْفَقِ ( مَعَ ) تَمَامِ حَوْلِ ( أَصْلِهِ ) أَيْ الرِّبْحِ وَصِلَةُ مُنْفَقٍ أَيْضًا ( وَقْتَ ) أَيْ : بَعْدَ ( الشِّرَاءِ ) مِثَالُهُ اسْتَفَادَ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَمَرَّ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَاشْتَرَى بِخَمْسَةٍ مِنْهَا سِلْعَةً ، وَأَنْفَقَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا فَيَضُمُّهَا لِلْخَمْسَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا ، وَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ يَوْمَ قَبْضِهَا فَلَوْ أَنْفَقَ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ سِلْعَةً وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَضُمُّهَا لِلْخَمْسَةِ الَّتِي أَنْفَقَهَا قَبْلَ شِرَاءِ السِّلْعَةِ .
( وَاسْتَقْبَلَ ) أَيْ ابْتَدَأَ حَوْلًا ( بِفَائِدَةٍ ) عَنْ يَوْمِ قَبْضِهَا وَوَصَفَهَا بِنَعْتٍ كَاشِفٍ لِحَقِيقَتِهَا فَقَالَ ( تَجَدَّدَتْ ) لِلشَّخْصِ عَنْ غَيْرِ مَالٍ ( لَا عَنْ مَالٍ ) وَهَذَا تَعْرِيفٌ لِنَوْعٍ مِنْهَا وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( كَعَطِيَّةٍ ) أَيْ : هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمَوْرُوثَ وَالصَّدَاقَ وَالْمُخَالَعَ بِهِ وَأَرْشَ الْجِنَايَةِ وَسَهْمَ الْغَنِيمَةِ وَالْمُرَتَّبِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ الْوَقْفِ وَغَيْرِهَا .
وَأَشَارَ لِتَعْرِيفِ النَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) تَجَدَّدَتْ عَنْ مَالٍ ( غَيْرِ مُزَكًّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ مُثَقَّلَةً أَيْ : لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ عَوَّضَهُ كُلَّ عَامٍ وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( كَثَمَنٍ ) بِفَتْحِ

الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ ( مُقْتَنًى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَيْرَهُمَا لَا يُقَالُ التَّعْرِيفُ لَمْ يَشْمَلْ ثَمَنَ الْمُعَشَّرِ وَهِيَ فَائِدَةٌ يَسْتَقْبِلُ بِهَا فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ ؛ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ عَنْ مُزَكًّى ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُرَادُ بِالْمُزَكَّى مَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ أَوْ عِوَضِهِ كُلَّ عَامٍ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالنَّعَمِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ كَمَا مَرَّ ، وَالْمُعَشَّرُ لَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ زَكَاتُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً بِإِفْرَاكِهِ أَوْ طِيبِهِ فَثَمَنُهُ تَجَدَّدَ عَنْ غَيْرِ مُزَكًّى فَدَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ الثَّانِي ( وَتُضَمُّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ فَائِدَةٌ ( نَاقِصَةٌ ) إنْ كَانَ نَقْصُهَا مِنْ يَوْمِ اسْتِفَادَتِهَا

وَإِنْ بَعْدَ تَمَامٍ : لِثَانِيَةٍ أَوْ لِثَالِثَةٍ ، إلَّا بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً .
فَعَلَى حَوْلِهَا كَالْكَامِلَةِ أَوَّلًا .

بَلْ ( وَإِنْ ) نَقَصَتْ ( بَعْدَ تَمَامٍ ) لَهَا نِصَابًا قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهَا تَامَّةً وَصِلَةُ تُضَمُّ ( لِ ) فَائِدَةٍ ( ثَانِيَةٍ ) سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ ، وَيَتِمُّ بِهَا مَعَ الْأُولَى نِصَابٌ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ قَبْضِ الثَّانِيَةِ ( أَوْ ) بِضَمَانٍ لِفَائِدَةٍ ( ثَالِثَةٍ ) حَيْثُ لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْ الْأَوَّلَيْنِ نِصَابٌ كَكَوْنِ الْأُولَى خَمْسَةً ، وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ ، وَالثَّالِثَةَ عَشْرَةَ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ تَنْقُصَ الْأُولَى ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( حَوْلِهَا ) حَالَ كَوْنِهَا ( كَامِلَةً ) أَيْ : نِصَابًا وَبَقِيَ مِنْهَا مَعَ الثَّانِيَةِ نِصَابٌ ( فَ ) تُزَكَّى الْأُولَى ( عَلَى حَوْلِهَا ) نَظَرًا لِتَمَامِهَا نِصَابًا بِالثَّانِيَةِ ، وَتُزَكَّى الثَّانِيَةُ عَلَى حَوْلِهَا نَظَرًا لِكَمَالِهَا بِالْأُولَى مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ مِثَالُهُ : اسْتَفَادَ عِشْرِينَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ ، ثُمَّ أَنْفَقَ عَشَرَةً مِنْهَا ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً فِي أَوَّلِ رَجَبٍ ، فَإِذَا جَاءَ الْمُحَرَّمُ زَكَّى عَشَرَتَهُ ، وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى عَشَرَتَهُ وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَكْفِي فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالَيْنِ النَّاقِصُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ النِّصَابِ ، وَمَجْمُوعُهُمَا نِصَابُ اجْتِمَاعِهِمَا فِي بَعْضِ الْحَوْلِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ تُضَمُّ الْأُولَى الَّتِي نَقَصَتْ بَعْدَ حَوْلِهَا كَامِلَةً لِلثَّانِيَةِ فِي حَوْلِهَا كَالنَّاقِصَةِ قَبْلَ حَوْلِهَا ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمِّ فَقَالَ ( كَ ) الْفَائِدَةِ ( الْكَامِلَةِ ) نِصَابًا بِذَاتِهَا ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ أَيْ : ابْتِدَاءً وَاسْتَمَرَّتْ كَامِلَةً حَتَّى تَمَّ حَوْلُهَا فَلَا تُضَمُّ لِمَا بَعْدَهَا بِالْأَوْلَى وَلَا يُضَمُّ مَا بَعْدَهَا إلَيْهَا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ .

وَإِنْ نَقَصَتَا ، فَرَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا أَوْ تَمَامَ نِصَابٍ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى ، أَوْ قَبْلَهُ ، فَعَلَى حَوْلَيْهِمَا ، وَفُضَّ رِبْحُهُمَا .
( وَإِنْ نَقَصَتَا ) أَيْ : الْفَائِدَتَانِ مَعًا عَنْ النِّصَابِ بَعْدَ تَقَرُّرِ حَوْلِهِمَا بِأَنْ صَارَتْ الْمَحْرَمِيَّةُ خَمْسَةً مَثَلًا وَالرَّجَبِيَّةُ كَذَلِكَ وَاتَّجَرَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ عَلَيْهِمَا نَاقِصَتَيْنِ .
( فَرَبِحَ فِيهِمَا ) مَعًا ( أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ ) أَيْ : مُتَمِّمَ ( نِصَابٍ ) وَصِلَةُ رَبِحَ ( عِنْدَ حَوْلٍ ) الْفَائِدَةُ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ( أَوْ ) رَبِحَ التَّمَامَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : حَوْلِ الْأُولَى فَ ) تُزَكَّيَانِ ( عَلَى حَوْلَيْهِمَا وَفُضَّ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَشَدِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : قُسِّمَ ( رِبْحُهُمَا ) أَيْ : الْفَائِدَتَيْنِ بِحَسَبِ نِسْبَةِ عَدَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا إنْ كَانَ خَلَطَهُمَا وَزَكَّى كُلَّ قِسْمٍ مِنْ الرِّبْحِ مَعَ أَصْلِهِ عَلَى حَوْلِهِ وَإِلَّا زَكَّى كُلَّ فَائِدَةٍ وَرِبْحَهَا عَلَى حَوْلِهَا .

وَبَعْدَ شَهْرٍ فَمِنْهُ ، وَالثَّانِيَةُ عِنْدَ حَوْلِهَا وَعِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ ، أَوْ شَكَّ فِيهِ لِأَيِّهِمَا ، فَمِنْهُ : كَبَعْدِهِ .
( وَ ) إنْ رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ ( بَعْدَ ) مُضِيِّ ( شَهْرٍ ) بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِ الْأُولَى ( فَ ) تُزَكَّى الْأُولَى وَرِبْحُهَا ( مِنْهُ ) أَيْ : وَقْتَ حُصُولِ الرِّبْحِ لِانْتِقَالِ حَوْلِهَا إلَيْهِ ( وَ ) تُزَكَّى ( الثَّانِيَةُ ) وَرِبْحُهَا ( عَلَى حَوْلِهَا ) وَإِنْ رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ ( عِنْدَ ) تَمَامِ ( حَوْلِ الثَّانِيَةِ ) فَتُزَكَّيَانِ مَعَ الرِّبْحِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ ( أَوْ ) رَبِحَ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَ ( شَكَّ ) الْمَالِكُ ( فِيهِ ) أَيْ : وَقْتِ الرِّبْحِ ( لِأَيِّهِمَا ) أَيْ : الْحَوْلِ أَيْ : الْفَائِدَتَيْنِ هَلْ رَبِحَ عِنْدَ حَوْلِ الْأُولَى أَوْ قَبْلَهُ ، أَوْ عِنْدَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ بَيْنَهُمَا ( فَ ) تُزَكَّى الْفَائِدَتَانِ وَرِبْحُهُمَا ( مِنْهُ ) أَيْ : عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ شَكَّ فِي كَوْنِ الرِّبْحِ لِلْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ مَعَ عِلْمِ وَقْتِهِ ، إذْ الْحُكْمُ فِي هَذَا اعْتِبَارُ وَقْتِ الرِّبْحِ وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَجَعْلُ الرِّبْحِ لِلثَّانِيَةِ .
وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الِانْتِقَالِ فَقَالَ ( كَ ) رِبْحِهِ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا تَمَامَ نِصَابٍ ( بَعْدَهُ ) أَيْ : حَوْلِ الثَّانِيَةِ بِشَهْرٍ مَثَلًا فَيُزَكِّيهِمَا وَالرِّبْحَ وَقْتَ حُصُولِهِ .

وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا فَأَنْفَقَهَا ، ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً ، فَلَا زَكَاةَ .
( وَإِنْ حَالَ حَوْلُهَا ) أَيْ الْفَائِدَةِ الْكَامِلَةِ ( فَأَنْفَقَهَا ) مَثَلًا قَبْلَ حَوْلِ الثَّانِيَةِ النَّاقِصَةِ ( ثُمَّ حَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ ) حَالَ كَوْنِهَا ( نَاقِصَةً ) عَنْ نِصَابٍ ( فَلَا زَكَاةَ ) فِيهَا لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهَا مَعَ الْأُولَى فِي كُلِّ الْحَوْلِ حَمَلَ الشَّارِحُ وَالْمَوَّاقُ وَقْتَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى فَائِدَتَيْنِ تُضَمُّ أُولَاهُمَا لِثَانِيَتِهِمَا ، بِأَنْ اسْتَفَادَ عَشْرَةً أَقَامَتْ عِنْدَهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً كَذَلِكَ ثُمَّ أَنْفَقَ الْأُولَى فَحَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا تُزَكَّى لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي جَمِيعِ الْحَوْلِ .
وَهَذَا وَإِنْ صَحَّ فِقْهًا بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِانْتِفَاءِ حَوْلِ الْأُولَى لِضَمِّهَا لِلثَّانِيَةِ وَالْمُصَنِّفُ أَثْبَتَ لَهَا حَوْلًا إلَّا أَنْ يُقَالَ جَعَلَ لَهَا حَوْلًا نَظَرًا لِلظَّاهِرِ .
وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ عَلَى فَائِدَتَيْنِ لَا تُضَمُّ إحْدَاهُمَا لِلْأُخْرَى بِأَنْ اسْتَفَادَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَحَالَ حَوْلُهَا وَأَنْفَقَ عَشَرَةً مِنْهَا وَاسْتَفَادَ عَشْرَةً قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ثُمَّ أَنْفَقَ الْعَشَرَةَ الْأُولَى ، وَحَالَ حَوْلُ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً فَلَا تُزَكَّى .
وَحَمَلَهُ الْحَطَّابُ عَلَى مَا يَشْمَلُهَا وَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً .

وَبِالْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ بِلَا بَيْعٍ كَغَلَّةِ عَبْدٍ وَكِتَابَةٍ وَثَمَرَةِ مُشْتَرًى ، إلَّا الْمُؤَبَّرَةَ .
( وَ ) اسْتَقْبَلَ ( بِ ) النَّقْدِ ( الْمُتَجَدِّدِ عَنْ سِلَعِ التِّجَارَةِ ) أَيْ : الْمُشْتَرَاةِ لَهَا وَأَوْلَى الْمُتَجَدِّدُ عَنْ سِلَعٍ مُشْتَرَاةٍ أَوْ مُكْتَرَاةٍ لِلْقِنْيَةِ ، وَأَمَّا الْمُتَجَدِّدُ عَنْ السِّلَعِ الْمُكْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ فَرِبْحٌ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَصِلَةُ الْمُتَجَدِّدِ ( بِلَا بَيْعٍ ) لَهَا وَالْمُتَجَدِّدُ بِالْبَيْعِ رِبْحٌ يُضَمُّ لِأَصْلِهِ وَمَثَّلَ لِلْمُتَجَدِّدِ بِلَا بَيْعٍ بِقَوْلِهِ ( كَغَلَّةِ عَبْدٍ ) مُشْتَرًى لِتِجَارَةٍ وَكِرَاءِ دَارٍ مَثَلًا كَذَلِكَ ( وَ ) نُجُومِ ( كِتَابَةٍ ) لِرَقِيقٍ اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ ( وَ ) ثَمَنِ ( ثَمَرَةِ ) شَجَرٍ ( مُشْتَرًى ) لِتِجَارَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ شِرَائِهِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ تُؤَبَّرْ فَيَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ الْأَصْلِ بَعْدَ طِيبِهَا فَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ ، فَمَا نَابَ الْأَصْلَ زَكَّاهُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ وَمَا نَابَ الثَّمَرَةَ يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ ، وَإِنْ بَاعَهَا مَعَ الْأَصْلِ قَبْلَ طِيبِهَا زَكَّى ثَمَنَ الْجَمِيعِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهَا تَبَعٌ لَهُ ، وَصُوفُ غَنَمٍ مُشْتَرَاةٍ لِلتِّجَارَةِ وَلَبَنُهَا وَسَمْنُهَا .
( إلَّا ) الثَّمَرَةَ ( الْمُؤَبَّرَةَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا ثَمَرُ الذَّكَرِ حِفْظًا لَهَا مِنْ سُقُوطِهَا وَتَشْيِيصِهَا حِينَ شِرَاءِ أُصُولِهَا لِلتِّجَارَةِ .

وَالصُّوفَ التَّامَّ .
( وَ ) إلَّا ( الصُّوفَ التَّامَّ ) أَيْ : الْمُسْتَحِقَّ لِلْجَزِّ يَوْمَ شِرَاءِ الْغَنَمِ لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكَّى ثَمَنُهُمَا لِحَوْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى الْأُصُولَ أَوْ الْغَنَمَ بِهِ .
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَأْبُورَةِ تَخْرِيجٌ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قَيَّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتَمَدَهُ هُنَا وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ لِقَوْلِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَأْبُورَةُ حِينَ الشِّرَاءِ الْمَنْصُوصُ فِيهَا أَنَّهَا غَلَّةٌ .
وَقَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ قَالَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ كَانَتْ مَأْبُورَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ قَدْ طَابَتْ حِينَهُ فَقَالَ بَعْضُ شَارِحِي ابْنِ الْحَاجِبِ إنَّهَا كَسِلْعَةٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّوفِ التَّامِّ فَمَنْصُوصٌ كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهَا .
اُخْتُلِفَ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا وَعَلَيْهَا صُوفٌ تَامٌّ فَجَزَّهُ وَبَاعَهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ مُشْتَرًى يُزَكِّيهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْغَنَمَ .
وَعِنْدَ أَشْهَبَ غَلَّةٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ ؛ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى يُزَادُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِهِ .

وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْبَذْرِ لَهَا ؟ تَرَدُّدٌ ، لَا .
( وَإِنْ اكْتَرَى ) أَرْضَ زِرَاعَةٍ لِلتِّجَارَةِ ( وَزَرَعَ ) فِيهَا ( لِلتِّجَارَةِ ) وَخَرَجَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ وَبَاعَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ ( زَكَّى ) الثَّمَنَ لِحَوْلِ الْأَصْلِ الَّذِي اكْتَرَى بِهِ الْأَرْضَ ( وَهَلْ يُشْتَرَطُ ) فِي زَكَاتِهِ لِحَوْلِ الْأَصْلِ ( كَوْنُ الْبَذْرِ ) الَّذِي بَذَرَهُ اشْتَرَاهُ ( لَهَا ) أَيْ : التِّجَارَةِ .
فَلَوْ كَانَ مِنْ قَوْلِهِ اسْتَقْبَلَ بِثَمَنِ مَا حَصَلَ مِنْ زَرْعِهَا ؛ لِأَنَّهُ كَفَائِدَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ لَهَا فِيهِ ( تَرَدُّدٌ ) الْمُنَاسِبُ تَأْوِيلَانِ ؛ لِأَنَّهُمَا فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَأَكْثَرِ الْقَرَوِيِّينَ وَابْنِ شَبْلُونٍ ، وَالثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ ( لَا ) يُزَكِّي ثَمَنَ مَا خَرَجَ مِنْهَا لِحَوْلِ الْأَصْلِ ، وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ .

إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ
( إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا ) أَيْ : الِاكْتِرَاءُ وَالزَّرْعُ ( لِلتِّجَارَةِ ) بِأَنْ كَانَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْقِنْيَةِ يُزَكَّى الثَّمَنُ لِحَوْلِ الْأَصْلِ ، وَهُوَ خِلَافُ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى فَالْمُنَاسِبُ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَا لِلْقِنْيَةِ أَوْ كَانَ أَحَدُهَا لِلتِّجَارَةِ وَالْآخَرُ لِلْقِنْيَةِ أَوْ لَمْ يَنْوِ بِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا شَيْئًا إلَّا أَنْ يَجْعَلَ كَلَامَهُ مِنْ بَابِ سَلْبِ الْعُمُومِ ، أَيْ : لَا إنْ انْتَفَى الْكَوْنُ لِلتِّجَارَةِ عَنْهُمَا مَعًا فَيُصَدَّقُ مَنْطُوقُهُ بِكَوْنِهِمَا مَعًا لِلْقِنْيَةِ أَوْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا لَهَا وَالْآخَرِ لِلتِّجَارَةِ كَوْنِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا بِلَا نِيَّةٍ ، هَذَا إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِ الثَّمَرَةِ .

إنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى ، ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ لِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ ، أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَقُبِضَ عَيْنًا ، وَلَوْ بِهِبَةٍ ، أَوْ إحَالَةٍ كَمُلَ بِنَفْسِهِ .

( وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا ) أَيْ : ذَاتِ الثَّمَرَةِ الْحَاصِلَةِ مِنْ الْأُصُولِ الْمُشْتَرَاةِ لِلتِّجَارَةِ أَوْ مِنْ زَرْعِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ وَالْمَزْرُوعَةِ لِلتِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَتْ نِصَابًا ( زَكَّى ) عَيْنَهَا بِإِخْرَاجِ عُشْرِهَا أَوْ نِصْفِهِ ( ثُمَّ ) إذَا بَاعَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ ( زَكَّى الثَّمَنَ لِ ) تَمَامِ ( حَوْلِ التَّزْكِيَةِ ) لِعَيْنِهَا ، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ مَنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ ثَمَنَ ثَمَرَةِ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ يَسْتَقْبِلُ بِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ وَإِنْ أُبِّرَتْ عَلَى الْمَنْصُوصِ .
( وَإِنَّمَا يُزَكَّى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْكَافُ مُثَقَّلَةٌ نَائِبُهُ ( دَيْنٌ ) وَالْمَحْصُورُ فِيهِ .
قَوْلُهُ الْآتِي لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ ( إنْ كَانَ أَصْلُهُ ) أَيْ : الدَّيْنِ ( عَيْنًا بِيَدِهِ ) أَيْ : الْمَالِكِ أَوْ يَدِ وَكِيلِهِ فَأَقْرَضَهَا سَوَاءٌ كَانَ مُدِيرًا أَوْ مُحْتَكِرًا أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ عَطِيَّةً بِيَدِ مُعْطِيهَا أَوْ صَدَاقًا بِيَدِ زَوْجٍ أَوْ خُلْعًا بِيَدِ مُلْتَزَمِهِ أَوْ أَرْشًا بِيَدِ الْجَانِي أَوْ نُجُومًا بِيَدِ مُكَاتَبٍ أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يُزَكَّى إلَّا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ مِنْ قَبْضِهِ .
( أَوْ ) كَانَ أَصْلُهُ ( عَرْضَ تِجَارَةٍ ) بَاعَهُ مُحْتَكِرًا بِهِ ( وَ ) إنْ ( قُبِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فَلَا تَصِحُّ زَكَاتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( عَيْنًا ) أَيْ : ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَإِنْ قَبَضَهُ عَرْضًا فَلَا يُزَكِّيهِ حَتَّى يَبِيعَهُ بِنِصَابٍ إنْ كَانَ مُحْتَكِرًا أَوْ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَيُزَكِّي قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُدِيرًا وَإِنْ كَانَ لِلْقِنْيَةِ حَتَّى يَتِمَّ حَوْلٌ بَعْدَ قَبْضِ ثَمَنِهِ إنْ قَبَضَهُ حَقِيقَةً بَلْ ( وَلَوْ ) قَبَضَهُ ( بِهِبَةٍ ) لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْمَدِينِ فَيُزَكِّيهِ وَاهِبُهُ مِنْ غَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطِ زَكَاتِهِ مِنْهُ أَوْ نِيَّتِهِ ذَلِكَ عِنْدَ الْهِبَةِ .
فَإِنْ وَهَبَهُ لِلْمَدِينِ فَلَا يُزَكِّيهِ وَاهِبُهُ ؛ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ لَا قَبْضٌ .
( أَوْ ) قَبَضَهُ بِ ( إحَالَةٍ ) لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى

الْمُحِيلِ فَيُزَكِّيهِ الْمُحِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحَوَالَةِ مِنْ غَيْرِهِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِمُجَرَّدِهَا ، وَعَدَمِ بُطْلَانِهَا بِحُصُولِ مَانِعٍ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُحَالِ ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَيُزَكِّيهِ الْمُحَالُ إنْ قَبَضَهُ .
وَالْمُحَالُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَالِكًا مَا يَفِي بِهِ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى مُفْلِسٍ إنْ كَمُلَ ) الْمَقْبُوضُ نِصَابًا ( بِنَفْسِهِ ) فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ إنْ بَقِيَ الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا بِيَدِهِ إلَى قَبْضِ مَا تَمَّ النِّصَابُ بِهِ .

وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ أَوْ بِفَائِدَةٍ جَمَعَهُمَا مِلْكٌ وَحَوْلٌ ، أَوْ بِمَعْدِنٍ عَلَى الْمَنْقُولِ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ ، وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ أَوْ أَرْشٍ ، لَا عَنْ مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ ، وَبَاعَهُ لِأَجَلٍ ، فَلِكُلٍّ وَعَنْ إجَارَةٍ أَوْ عَرْضٍ مُفَادٍ : قَوْلَانِ .

بَلْ ( وَلَوْ تَلِفَ الْمُتَمُّ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ : الْمَقْبُوضُ أَوَّلًا الَّذِي تَمَّ نِصَابًا بِالْمَقْبُوضِ ، آخِرًا بَعْدَ إمْكَانِ تَزْكِيَتِهِ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ إذَا تَلِفَ الْمُتَمُّ بِلَا سَبَبِهِ سَقَطَتْ زَكَاتُهُ وَزَكَاةُ بَاقِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
وَأَمَّا التَّالِفُ بِسَبَبِهِ فَيُزَكِّيهِ اتِّفَاقًا ( أَوْ ) كَمُلَ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا ( بِفَائِدَةٍ ) مُتَجَدِّدَةٍ عَنْ غَيْرِ مَالٍ أَوْ غَيْرِ مُزَكًّى ( جَمَعَهُمَا ) أَيْ : الْمَقْبُوضُ وَالْفَائِدَةُ ( مِلْكٌ وَحَوْلٌ ) كَمِلْكِ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَاسْتَمَرَّتْ إلَى مِثْلِهِ وَاقْتَضَى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مِنْ دَيْنٍ حَالَ حَوْلُهُ ، فَيُزَكِّي الْعِشْرِينَ ، وَلَا حَاجَةَ إلَى مِلْكٍ ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَهُمَا .
وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِلْكُ الْفَائِدَةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ كَمَا مَثَّلَ بِشَرْطِ مُرُورِ حَوْلٍ عَلَيْهَا وَهِيَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ بَقِيَتْ لِلِاقْتِضَاءِ ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَهُ أَوْ تَأَخَّرَتْ عَنْهُ بِشَرْطِ بَقَاءِ الِاقْتِضَاءِ إلَى تَمَامِ حَوْلِ الْفَائِدَةِ .
( أَوْ ) كَمُلَ الْمَقْبُوضُ نِصَابًا ( بِ ) خَارِجِ ( مَعْدِنٍ ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ ( عَلَى الْمَقُولِ ) أَيْ : الْمُخْتَارِ لِلْمَازِرِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي عِيَاضٍ وَاخْتَارَ الصِّقِلِّيُّ عَدَمَ ضَمِّ الْمَعْدِنِ لِلْمَقْبُوضِ ، وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ ( لِسَنَةٍ ) وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ مُبْتَدَأَةً ( مِنْ ) يَوْمِ مِلْكِ ( أَصْلِهِ ) أَيْ : الدَّيْنِ أَوْ تَزْكِيَتِهِ إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا زَكَّاهُ لِكُلِّ عَامٍ بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ نَقَّصَ الْأَخْذُ الْقَدْرَ أَوْ النِّصَابَ اُعْتُبِرَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ تَزْكِيَتُهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ غَازِيٍّ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُهُ ( وَلَوْ فَرَّ ) الْمَالِكُ مِنْ الزَّكَاةِ كُلَّ عَامٍ ( بِتَأْخِيرِهِ ) أَيْ

: الدَّيْنِ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَخْذِهِ مِنْهُ لَيْسَ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ لِسَنَةٍ بَلْ هُوَ شَرْطٌ مُسْتَأْنَفٌ .
وَجَوَابُهُ مُقَدَّرٌ أَيْ : اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ ( إنْ كَانَ ) الدَّيْنُ ( عَنْ كَهِبَةٍ ) وَاسْتَمَرَّ بِيَدِ الْوَاهِبِ ( أَوْ أَرْشٍ ) أَيْ : دِيَةِ نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ اسْتَمَرَّ بِيَدِ الْجَانِي أَوْ الْعَاقِلَةِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّدَقَةَ بِيَدِ الْمُتَصَدِّقِ وَالصَّدَاقَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَالْمُخَالَعَ بِهِ بِيَدِ مُلْتَزِمِهِ فَجَوَابُ لَوْ مَحْذُوفٌ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ اسْتَقْبَلَ إنْ كَانَ إلَخْ وَفِي بَعْضِهَا تَأْخِيرٌ اسْتَقْبَلَ عَنْ أَرْشٍ وَالْمُنَاسِبُ عَلَى نُسْخَةِ حَذْفِ اسْتَقْبَلَ جَعْلُ وَلَوْ فَرَّ إلَخْ ، مُبَالَغَةً فِي مَفْهُومِ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ ، أَيْ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلُهُ ذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِهِ .
وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ عَنْ كَهِبَةٍ إلَخْ تَفْصِيلٌ فِي ذَلِكَ الْمَفْهُومِ ؛ لِأَنَّ حَذْفَ جَوَابِ لَوْ بِلَا دَلِيلٍ مُمْتَنِعٌ ( لَا ) يُزَكَّى الدَّيْنُ لِسَنَةٍ مِنْ أَصْلِهِ إنْ كَانَ تَرَتَّبَ ( عَنْ ) بَيْعِ عَرْضٍ ( مُشْتَرًى لِلْقِنْيَةِ ) بِنَقْدٍ بِأَنْ اشْتَرَى بَعِيرًا بِدِينَارٍ لَهَا ( وَبَاعَهُ ) بِنِصَابٍ ( لِأَجَلٍ ) مَعْلُومٍ وَأَوْلَى بِحَالٍ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ ( فَ ) يُزَكِّيهِ ( لِكُلٍّ ) مِنْ الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ بَعْدَ بَيْعِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ .
وَلَوْ بَاعَهُ بِحَالٍّ وَأَخَّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا فَالْأَحْسَنُ حَذْفُ وَلَوْ فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ إلَى قَوْلِهِ قَوْلَانِ ، وَالْمُوَافِقُ لِلْمُعْتَمَدِ قَوْلُهُ آنِفًا وَاسْتَقْبَلَ بِفَائِدَةٍ تَجَدَّدَتْ إلَخْ فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضَ الْقُنْيَةِ بِعَرْضِ مِلْكِهِ بِنَحْوِ هِبَةٍ ثُمَّ بَاعَهُ بِنِصَابِ عَيْنٍ وَأَخَّرَهُ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ اتِّفَاقًا .
( وَ ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فَرَّ بِتَأْخِيرِهِ تَرَتَّبَ ( عَنْ إجَارَةٍ ) لِرَقِيقٍ أَوْ عَنْ كِرَاءٍ لِدَابَّةٍ ( أَوْ ) كَانَ

أَصْلُهُ عَنْ ( عَرْضٍ مُفَادٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ بِكَمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ قَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ الْوَاهِبِ وَبَاعَهُ بِدَيْنٍ فَفِي الِاسْتِقْبَالِ بِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ وَتَزْكِيَتِهِ لِمَاضِي الْأَعْوَامِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَاعْتَمَدَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْأَوَّلَ ، فَإِنْ لَمْ يَفِرَّ بِتَأْخِيرِهِ فَيَسْتَقْبِلُ بِهِ اتِّفَاقًا .

وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ ، لَا إنْ نَقَصَ بَعْدَ الْوُجُوبِ ، ثُمَّ زَكَّى الْمَقْبُوضَ وَإِنْ قَلَّ .
( وَحَوْلُ ) الْمَقْبُوضِ مِنْ الدَّيْنِ النَّاقِصِ عَنْ النِّصَابِ ( الْمُتَمِّ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ : الَّذِي تَمَّمَ نِصَابًا بِمَقْبُوضٍ آخَرَ بَعْدَهُ كَائِنٍ ( مِنْ ) وَقْتِ قَبْضِ ( التَّمَامِ ) أَيْ : الْمُتَمِّمِ لِلنِّصَابِ ثُمَّ حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، فَإِنْ قَبَضَ عَشَرَةً فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَعَشَرَةً فِي أَوَّلِ رَجَبٍ فَحَوْلُهُمَا أَوَّلُ رَجَبٍ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ ( لَا ) يَكُونُ حَوْلَ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ ( إنْ نَقَصَ ) الْمُتَمُّ عَنْ النِّصَابِ ( بَعْدَ الْوُجُوبِ ) لِزَكَاتِهِ لِكَوْنِهِ نِصَابًا ثُمَّ قَبَضَ مَا يُكَمِّلُهُ نِصَابًا فَلَا يَكُونُ حَوْلُهُ مِنْ التَّمَامِ ، فَيُزَكِّي كُلَّ مَقْبُوضٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ ، فَمَنْ اقْتَضَى عِشْرِينَ دِينَارًا فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَزَكَّاهَا ثُمَّ اقْتَضَى عِشْرِينَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ ثُمَّ جَاءَ الْمُحَرَّمُ وَمَقْبُوضُهُ دُونَ نِصَابٍ وَهُوَ مَعَ مَقْبُوضِ رَجَبٍ نِصَابٌ زَكَّاهُ نَظَرًا لِتَمَامِهِ بِالرَّجَبِيِّ .
وَإِذَا جَاءَ رَجَبٌ زَكَّى مَقْبُوضَهُ نَظَرًا لِتَمَامِهِ بِالْمُحَرَّمِيِّ مَا دَامَ فِي مَجْمُوعِهِمَا نِصَابٌ .
( ثُمَّ ) بَعْدَ تَمَامِ الْمَقْبُوضِ نِصَابًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ سَوَاءٌ بَقِيَ عِنْدَهُ أَوْ تَلِفَ ( زَكَّى ) الْمَالِكُ ( الْمَقْبُوضَ ) مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) مِنْ النِّصَابِ حَالَ قَبْضِهِ وَيَصِيرُ حَوْلُ كُلِّ مَقْبُوضٍ يَوْمَ قَبْضِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ اقْتَضَى نِصَابًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ وَتَلِفَ فَلَا يُزَكِّي الْمَقْبُوضَ بَعْدُ إلَّا إذَا كَانَ نِصَابًا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَدْخَلٌ فِي تَلَفِهِ وَإِلَّا زَكَّاهُ وَإِنْ قَلَّ .

وَإِنْ اقْتَضَى دِينَارًا فَآخَرَ فَاشْتَرَى بِكُلٍّ سِلْعَةً ، بَاعَهَا بِعِشْرِينَ ، فَإِنْ بَاعَهَا مَعًا أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى زَكَّى الْأَرْبَعِينَ ، وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ ، وَضُمَّ لِاخْتِلَاطِ أَحْوَالِهِ : لِأَوَّلٍ ، عَكْسُ الْفَوَائِدِ ، وَالِاقْتِضَاءُ لِمِثْلِهِ مُطْلَقًا ، وَالْفَائِدَةُ لِلْمُتَأَخِّرِ مِنْهُ .

( وَإِنْ اقْتَضَى ) أَيْ : قَبَضَ مِنْ دَيْنِهِ الَّذِي حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ الْمَدِينِ أَوْ عِنْدَهُمَا ( دِينَارًا ) فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ مَثَلًا ( فَ ) اقْتَضَى دِينَارًا ( آخَرَ ) فِي رَجَبٍ مَثَلًا ( فَاشْتَرَى بِكُلٍّ ) مِنْ الدِّينَارَيْنِ ( سِلْعَةً ) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ بِالْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ ( بَاعَهَا ) أَيْ : سِلْعَةَ كُلٍّ مِنْهَا ( بِعِشْرِينَ ) دِينَارًا مَثَلًا .
( فَإِنْ بَاعَهُمَا ) أَيْ السِّلْعَتَيْنِ مَعًا فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّلَاثَةِ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ يَوْمَ قَبْضِهَا مِنْ الْمُشْتَرَى ( أَوْ ) بَاعَ ( إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى ) بِحَيْثُ اجْتَمَعَتَا فِي مِلْكِهِ وَتَحْتَهُ صُورَتَانِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَةَ أَوَّلًا إمَّا سِلْعَةُ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَمِمَّا فِي صُوَرِ الشِّرَاءِ الثَّلَاثَةِ بِسِتَّةٍ وَهِيَ مَعَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ أَيْ : صُوَرِ بَيْعِهِمَا مَعًا بِتِسْعَةٍ ، أَيْ : وَبَاعَ الْأُخْرَى أَيْضًا ( زَكَّى الْأَرْبَعِينَ ) دِينَارًا فِي الصُّوَرِ وَالتِّسْعِ لَكِنْ تَزْكِيَةُ الْأَرْبَعِينَ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ حِينَ بَيْعِهِمَا مَعًا ، وَأَمَّا فِي السِّتِّ فَيُزَكِّي حِينَ بَيْعِ الْأَوَّلِ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَعِنْدَ بَيْعِ الثَّانِيَةِ يُزَكِّي تِسْعَةَ عَشَرَ وَحَوْلُ الْجَمِيعِ مِنْ وَقْتِ بَيْعِ الْأُولَى .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَبِعْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ شِرَاءِ الْأُخْرَى بِأَنْ بَاعَ الْأُولَى قَبْلَ شِرَاءِ الثَّانِيَةِ زَكَّى ( أَحَدًا وَعِشْرِينَ ) دِينَارًا عِشْرُونَ ثَمَنُ الَّتِي بَاعَهَا وَالدِّينَارِ الَّذِي لَمْ يَشْتَرِ بِهِ ، وَيَسْتَقْبِلُ بِرِبْحِ الثَّانِيَةِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ رِبْحٌ مُزَكًّى فَحَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ زَكَاةِ أَصْلِهِ ، فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الْإِحْدَى عَشْرَةَ صُورَةً الَّتِي ذَكَرَهَا غَيْرُهُ ، وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُزَكِّي الْأَرْبَعِينَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ وَهِيَ شِرَاءُ السِّلْعَتَيْنِ بِالدِّينَارَيْنِ مَعًا وَبَاعَهُمَا مَعًا أَوْ سِلْعَةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سِلْعَةِ الثَّانِي أَوْ عَكْسُهُ ، وَيُزَكِّي أَحَدًا وَعِشْرِينَ فِي الْبَاقِي هَذَا

قَوْلُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ وَابْنِ يُونُسَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ .
فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا زَكَّى أَرْبَعِينَ وَإِلَّا أَحَدًا وَعِشْرِينَ لَوَافَقَ هَذَا ( وَضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ ( لِ ) أَجْلِ ( اخْتِلَاطِ ) أَيْ الْتِبَاسِ ( أَحْوَالِهِ ) جَمْعُ حَوْلٍ أَيْ : أَوْقَاتِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَنَائِبُ ضُمَّ اقْتِضَاءٌ ( آخَرُ ) مِنْهَا مُلْتَبِسٌ وَقْتُهُ وَصِلَةُ ضُمَّ ( لِ ) لِاقْتِضَاءِ ( أَوَّلٍ ) مِنْهَا عُلِمَ وَقْتُهُ فَيَصِيرُ حَوْلُهُمَا مِنْهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ خُصُوصَ الْأَوَّلِ الْحَقِيقِيِّ ، وَبِالْآخَرِ خُصُوصَ الْآخَرِ الْحَقِيقِيِّ ، بَلْ الْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ .
مَا تَقَدَّمَ مُطْلَقًا وَبِالْآخَرِ مَا تَأَخَّرَ كَذَلِكَ ، فَلَا يُضَمُّ الِاقْتِضَاءُ الْمَنْسِيُّ وَقْتُهُ لِلْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ الْمَعْلُومِ وَقْتُهُ فَهِيَ ( عَكْسُ الْفَوَائِدِ ) الَّتِي نُسِيَتْ أَوْقَاتُهَا سِوَى الْأَخِيرَةِ ، فَإِنَّهَا تَضُمُّ الْمَنْسِيَّ وَقْتُهَا مِنْهَا لِلْأَخِيرَةِ الْمَعْلُومِ وَقْتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ أَخِيرَةً حَقِيقَةً أَمْ لَا ، وَضُمَّ لِلْأَخِيرَةِ فِي الْفَوَائِدِ ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهَا لِمَا يُسْتَقْبَلُ فَلَوْ ضُمَّتْ الْأَخِيرَةُ لِلْأُولَى لَزِمَ زَكَاةُ الْأَخِيرَةِ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِهَا ، ، وَأَمَّا الدَّيْنُ فَزَكَاتُهُ لِمَا مَضَى فَإِذَا ضُمَّ آخِرُهُ لِأَوَّلِهِ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ .
( وَ ) ضُمَّ ( الِاقْتِضَاءُ ) الْمُتَأَخِّرُ النَّاقِصُ عَنْ النِّصَابِ ( لِمِثْلِهِ ) الْمُتَقَدِّمِ فِي كَوْنِهِ اقْتِضَاءً وَإِنْ لَمْ يُمَاثِلْهُ فِي الْقَدْرِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْأَوَّلِ إلَى اقْتِضَاءِ الثَّانِي ( وَ ) ضُمَّتْ ( الْفَائِدَةُ ) الْمُتَقَدِّمَةُ النَّاقِصَةُ عَنْ النِّصَابِ ( لِلْمُتَأَخِّرِ ) عَنْهَا ( مِنْهُ ) أَيْ : الِاقْتِضَاءِ لَا لِلْمُتَقَدِّمِ مِنْهُ الْمُتَّفَقِ قَبْلَ اسْتِفَادَتِهَا أَوْ حَوْلِهَا هَذِهِ قَاعِدَةٌ فَرَّعَ عَلَيْهَا لِإِيضَاحِهَا فَقَالَ .

فَإِنْ اقْتَضَى خَمْسَةً بَعْدَ حَوْلٍ ، ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشْرَةً وَأَنْفَقَهَا بَعْدَ حَوْلِهَا ، ثُمَّ اقْتَضَى عَشْرَةً زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ ، وَالْأَوْلَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً ، وَإِنَّمَا يُزَكَّى : عَرْضٌ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ .
مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ بِنِيَّةِ تَجْرٍ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ أَوْ قُنْيَةٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَ الْمُرَجَّحِ ، لَا بِلَا نِيَّةٍ ، أَوْ نِيَّةِ قُنْيَةٍ .
أَوْ غَلَّةٍ أَوْ هُمَا ، أَوْ كَانَ كَأَصْلِهِ

( فَإِنْ اقْتَضَى ) أَيْ : قَبَضَ ( خَمْسَةً ) مِنْ دَيْنِهِ ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( حَوْلٍ ) مِنْ زَكَاتِهِ أَوْ مِلْكِهِ وَأَنْفَقَهَا .
( ثُمَّ اسْتَفَادَ عَشَرَةً ) وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ عِنْدَهُ ( وَأَنْفَقَهَا ) أَيْ : الْعَشَرَةَ الَّتِي اسْتَفَادَهَا ( بَعْدَ حَوْلِهَا ) وَأَوْلَى إنْ أَبْقَاهَا ( ثُمَّ اقْتَضَى عَشَرَةً ) مِنْ دَيْنِهِ ( زَكَّى الْعَشَرَتَيْنِ ) أَيْ : الْفَائِدَةَ وَالْعَشَرَةَ الَّتِي اقْتَضَاهَا بَعْدَهَا وَلَا يُزَكِّي الْخَمْسَةَ الْأُولَى لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ مِنْهَا وَمِنْ عَشَرَةِ الِاقْتِضَاءِ وَعَدَمِ ضَمِّهَا لِلْعَشَرَةِ الْفَائِدَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ خَلِيطَ الْخَلِيطِ غَيْرُ خَلِيطٍ ، وَعَلَى أَنَّهُ خَلِيطٌ يُزَكِّي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ؛ لِأَنَّ عَشَرَةَ الْفَائِدَةِ خَلِيطٌ لِعَشَرَةِ الِاقْتِضَاءِ وَهِيَ خَلِيطٌ لِخَمْسَةٍ لِاجْتِمَاعِهِمَا فِي الْحَوْلِ ، وَلَا خُلْطَةَ بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالْفَائِدَةِ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا فِيهِ .
( وَ ) يُزَكِّي الْخَمْسَةَ ( الْأُولَى إنْ اقْتَضَى خَمْسَةً ) أُخْرَى مَعَ تَزْكِيَةِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ الْمُقْتَضَاةِ أَيْضًا لِتَمَامِ النِّصَابِ مِنْ مَجْمُوعِ الِاقْتِضَاءَاتِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَوْضُوعُ إنْفَاقُ الْخَمْسَةِ الَّتِي اقْتَضَاهَا أَوَّلًا قَبْلَ حَوْلِ الْفَائِدَةِ .
فَإِنْ بَقِيَتْ لِحَوْلِهَا ضَمَّهَا لَهَا ( وَإِنَّمَا يُزَكَّى عَرْضٌ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ : عِوَضُهُ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُدَارًا وَثَمَنُهُ إنْ كَانَ مُحْتَكَرًا وَنَعَتَ الْعَرْضَ بِجُمْلَةِ ( لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ ) أَيْ : الْعَرْضِ كَرَقِيقٍ وَبَزٍّ وَدُونَ نِصَابِ نَعَمٍ وَطَعَامٍ وَتُزَكَّى عَيْنُ مَا فِي عَيْنِهِ زَكَاةً كَنِصَابِ نَعَمٍ وَحُلِيٍّ وَمُعَشَّرٍ وَلَوْ مُدَارًا أَوْ مُحْتَكَرًا وَنَعَتَهُ أَيْضًا بِجُمْلَةِ ( مُلِكَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْعَرْضُ ( بِمُعَاوَضَةٍ ) مَالِيَّةٍ أَيْ : بِسَبَبِهَا لَا هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ تَزَوُّجٍ أَوْ خُلْعٍ ( بِنِيَّةِ تَجْرٍ ) أَيْ : مَعَهَا وَحْدَهَا .
( أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ ) بِأَنْ نَوَى أَنْ يُكْرِيَهُ إلَى أَنْ يَجِدَ مَنْ

يَشْتَرِيهِ بِرِبْحٍ ( أَوْ ) مَعَ نِيَّةِ ( قُنْيَةٍ ) بِأَنْ نَوَى اسْتِعْمَالَهُ بِنَفْسِهِ إلَى أَنْ يَجِدَ مُشْتَرِيًا بِهِ ، وَأَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ فَقَطْ فَتَجُوزُ جَمْعُهُمَا مَعَ نِيَّةِ التَّجْرِ بِأَنْ نَوَى اسْتِعْمَالَهُ وَكِرَاءَهُ وَبَيْعَهُ بِرِبْحٍ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ .
( وَالْمُرَجَّحِ ) لِابْنِ يُونُس مِنْ الْخِلَافِ وَهِيَ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَمُقَابَلَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ غَازِيٍّ قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُرَجَّحُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قُنْيَةٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَوْ مَعَ نِيَّةِ غَلَّةٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَبْيَنُ فَقَطَعَ بِهِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِلِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ بِعَزْوِهِ لِمَنْ رَجَّحَهُ وَهُوَ اللَّخْمِيُّ ، وَأَمَّا ابْنُ يُونُسَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَصْلًا ا هـ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتَرْجِيحَ ابْنِ يُونُسَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ لَكِنَّهُ يَجْرِي فِي الْأُولَى بِالْأَوْلَى فَيَصِحُّ إرْجَاعُهُ لَهَا وَذِكْرُ مَفْهُومٍ بِنِيَّةِ تَجْرٍ عَاطِفًا لَهُ عَلَيْهِ بِلَا فَقَالَ ( لَا ) يُزَكَّى عِوَضُ الْعَرْضِ أَنْ مُلِكَ ( بِلَا نِيَّةٍ ) لِتَجْرٍ أَوْ غَلَّةٍ أَوْ قُنْيَةٍ ( أَوْ ) مَعَ ( نِيَّةِ قُنْيَةٍ ) فَقَطْ ( أَوْ ) نِيَّةِ ( غَلَّةٍ ) فَقَطْ ( أَوْ ) مَعَ نِيَّتِ ( هِمَا ) أَيْ : الْقُنْيَةِ وَالْغَلَّةِ مَعًا .
وَعَطَفَ عَلَى لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ أَوْ عَلَى مُلِكَ بِنِيَّةِ تَجْرٍ فَقَالَ ( وَكَانَ ) الْعَرْضُ ( كَأَصْلِهِ ) هَذَا مِنْ عَكْسِ التَّشْبِيهِ وَالْمَعْنَى ، وَكَانَ أَصْلُهُ كَهُوَ أَيْ : فِي كَوْنِهِ عَرْضًا مُلِكَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ التِّجَارَةَ أَوْ الْقُنْيَةِ ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لَا ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْوِيَّ بِهِ الْقُنْيَةُ لَا يُزَكِّي مَا اشْتَرَى بِهِ بِنِيَّةِ التَّجْرِ لِحَوْلٍ مِنْ أَصْلِهِ وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَكَادُ يُقْبَلُ لِشُذُوذِهِ وَضَعْفِهِ وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَإِنْ اشْتَرَى عَرْضًا

لِلْقِنْيَةِ وَاشْتَرَى بِهِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ وَبَاعَهُ فَيُزَكِّي ثَمَنَهُ لِحَوْلِ أَصْلِهِ الَّذِي لِلتِّجَارَةِ وَمَفْهُومُ كَانَ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْعَرْضَ الْمَمْلُوكَ بِلَا مُعَاوَضَةٍ كَعَطِيَّةٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ بِمُعَاوَضَةٍ غَيْرِ مَالِيَّةٍ ، كَصَدَاقٍ إنْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَبَاعَهُ بِعَيْنٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِثَمَنِهِ .

أَوْ عَيْنًا وَإِنْ قَلَّ ، وَبِيعَ بِعَيْنٍ ، وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكٍ فَكَالدَّيْنِ لِمَنْ رَصَدَ بِهِ السُّوقَ وَإِلَّا زَكَّى عَيْنَهُ ، وَدَيْنَهُ النَّقْدَ الْحَالَّ الْمَرْجُوَّ ، وَإِلَّا قَوَّمَهُ ، وَلَوْ طَعَامَ سَلَمٍ : كَسِلَعِهِ وَلَوْ بَارَتْ ، لَا إنْ لَمْ يَرْجُهُ ، أَوْ كَانَ قَرْضًا ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ

( أَوْ ) كَانَ أَصْلُهُ ( عَيْنًا وَإِنْ قَلَّ ) عَنْ نِصَابٍ اشْتَرَى بِهَا عَرْضَ تِجَارَةٍ وَعَطَفَ عَلَى لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوْ عَلَى مِلْكٍ بِمُعَاوَضَةٍ فَقَالَ ( وَبِيعَ ) أَيْ : عَرْضُ التِّجَارَةِ ( بِعَيْنٍ ) لَا إنْ لَمْ يُبَعْ وَلَا إنْ لَمْ يُبَعْ بِعَرْضٍ إلَّا فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُؤْخَذُ بِهَا قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَابْنُ جُزَيٍّ ، لَكِنْ الْمُحْتَكَرَ لَا بُدَّ أَنْ يُبَاعَ بِنِصَابٍ وَلَوْ فِي مَرَّاتٍ وَحَوْلُ الْمُتَمِّ مِنْ التَّمَامِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا بَاعَ بِهِ وَإِنْ قَلَّ وَالْمُدَارُ تُزَكَّى قِيمَتُهُ إنْ بِيعَ مِنْهُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ ، كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الدِّرْهَمَ مِثَالٌ لِلْقَلِيلِ لَا تَحْدِيدٌ وَأَنَّهُ مَتَى نَضَّ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ قَلَّ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ وَهُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ بَيْعُهُ بِهَا اخْتِيَارِيًّا بَلْ ( وَإِنْ ) أَخَذَ الْعَيْنَ عِوَضَهُ ( لِاسْتِهْلَاكٍ ) أَيْ : إتْلَافِ الْعَرْضِ مِنْ شَخْصٍ فَأَخَذَ رَبُّهُ مِنْهُ قِيمَتَهُ عَيْنًا ( فَكَالدَّيْنِ ) فِي زَكَاتِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَهُ سِنِينَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْمَحْصُورُ فِيهِ فَالْفَاءُ زَائِدَةٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ قَوْلُهُ لَا زَكَاةَ فِي عَيْنِهِ إلَخْ ، فَالْفَاءُ فِي جَوَابِ شَرْطِ مُقَدَّرٍ رَأَى إذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَيُزَكَّى كَالدَّيْنِ ( إنْ رَصَدَ ) فَتْحُ الرَّاءِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْتَظَرَ التَّاجِرُ ( بِهِ ) أَيْ : الْعَرْضِ ( السُّوقَ ) أَيْ : ارْتِفَاعَ ثَمَنِهِ ارْتِفَاعًا بَيِّنًا وَيُسَمَّى مُحْتَكِرًا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَرْصُدْ بِهِ السُّوقَ بِأَنْ يَكْتَفِيَ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الرِّبْحِ وَيُخْلِفَهُ بِغَيْرِهِ وَيُسَمَّى مُدِيرًا كَأَرْبَابِ الْحَوَانِيتِ وَجَالِبِي السِّلَعِ إلَى الْبُلْدَانِ ( زَكَّى ) إنْ تَمَّ حَوْلُهُ ( عَيْنَهُ ) أَيْ : الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ وَالْحُلِيَّ الَّتِي بِيَدِهِ ( وَدَيْنَهُ ) عَلَى غَيْرِهِ أَيْ : عَدَدِهِ ( النَّقْدَ ) أَيْ : الذَّهَبَ أَوْ الْفِضَّةَ ( الْحَالَّ ) بِشَدِّ اللَّامِ أَيْ : غَيْرِ الْمُؤَجَّلِ ابْتِدَاءً أَوْ بَعْدَ

انْتِهَاءِ أَجَلِهِ ( الْمَرْجُوَّ ) خُلَاصَةً لِكَوْنِهِ عَلَى مَلِيءٍ حَسَنِ الْمُعَامَلَةِ أَوْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ النَّاشِئَةُ مِنْ بَيْعٍ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا بِأَنْ كَانَ عَرْضًا مَرْجُوًّا أَوْ لَمْ يَكُنْ حَالًّا بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا كَذَلِكَ ( قَوَّمَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الدَّيْنَ الْعَرْضَ أَوْ الْمُؤَجَّلَ ، أَيْ : قَدَّرَ قِيمَتِهِ وَقْتَ التَّزْكِيَةِ لَا زَائِدَةً وَلَا نَاقِصَةً .
وَزَكَّاهَا مَعَ عَيْنِهِ وَدَيْنِهِ النَّقْدِ الْحَالِّ الْمَرْجُوِّ وَالنَّقْدُ الْمُؤَجَّلُ يُقَوَّمُ بِعَرْضٍ وَهُوَ يُقَوَّمُ بِنَقْدٍ حَالٍّ .
وَهَذَا هُوَ قِيمَةُ النَّقْدِ الْمُؤَجَّلِ إنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ الْعَرْضُ طَعَامَ سَلَمٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ دَيْنُهُ الْعَرْضُ ( طَعَامَ سَلَمٍ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ أَيْ : طَعَامًا مُسَلَّمًا فِيهِ إذْ لَيْسَ تَقْوِيمُهُ بَيْعًا فَيَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ ، هَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ الْإِبْيَانِيِّ وَأَبِي عِمْرَانَ بِعَدَمِ تَقْوِيمِهِ .
وَشَبَّهَ فِي التَّقْوِيمِ فَقَالَ ( كَسِلْعَةٍ ) أَيْ : الْمُدِيرِ فَيُقَوِّمُهَا إنْ تَمَّ الْحُلُولُ وَبَاعَ مِنْهَا بِنَقْدٍ وَإِنْ قَالَ وَيُزَكِّي قِيمَتَهَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ كُلَّ عَامٍ وَإِنْ لَمْ تَبُرْ بَلْ ( وَلَوْ بَارَتْ ) أَيْ : كَسَدَتْ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ بِلَا بَيْعٍ فَلَا تَنْتَقِلُ لِقِنْيَةٍ وَلَا لِاحْتِكَارٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ وَسَحْنُونٍ لَا يُقَوَّمُ مَا بَارَ مِنْهَا وَيَنْتَقِلُ لِلِاحْتِكَارِ .
وَخَصَّ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِبَوَرَانِ الْأَقَلِّ قَالَا فَإِنْ بَارَ نِصْفُهَا فَلَا يُقَوِّمُهَا اتِّفَاقًا .
وَأَطْلَقَ ابْنُ بَشِيرٍ الْخِلَافَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لِنِيَّتِهِ إذْ لَوْ وَجَدَ مُشْتَرِيًا لَبَاعَ أَوْ لِلْمَوْجُودِ وَهُوَ انْتِظَارُ السُّوقِ ، وَشَرْطُ تَقْوِيمِهَا دَفْعُ ثَمَنِهَا أَوْ مُرُورُ حَوْلٍ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهَا وَحُكْمُهُ فِي هَذَا

حُكْمُ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَبِيَدِهِ مَالٌ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ زَكَاةِ مَا حَالَ حَوْلُهُ عِنْدَهُ بِسَبَبِ دَيْنٍ ثَمَنِ هَذَا الْعَرْضِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ ثَمَنِهِ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ( لَا ) تَجِبُ زَكَاةُ الدَّيْنِ ( إنْ لَمْ يَرْجُهُ ) لِكَوْنِهِ عَلَى مُعْدِمٍ أَوْ ظَالِمٍ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ كَالْمَغْصُوبِ .
( أَوْ كَانَ ) الدَّيْنُ ( قَرْضًا ) وَلَوْ حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ ، وَلَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْمَدِينِ أَعْوَامًا إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَيُزَكِّيَهُ لِكُلِّ عَامٍ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً وَسُكُونِ التَّاءِ أَيْ : فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةَ ( أَيْضًا ) أَيْ : كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِعَدَمِ تَقْوِيمِ الْقَرْضِ وَصِلَةُ تُؤُوِّلَتْ ( بِتَقْوِيمِ الْقَرْضِ ) بِالْقَافِ أَيْ : السَّلَفِ وَزَكَاةِ قِيمَتِهِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا وَهُوَ لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ وَالْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَمَحَلُّهُمَا قَوْلُهَا فِي زَكَاةِ الْمُدِيرِ وَالْمُدِيرُ الَّذِي لَا يَكَادُ يَجْتَمِعُ مَالُهُ كُلُّهُ عَيْنًا وَالْبَزَّازُ وَاَلَّذِي يُجَهِّزُ الْأَمْتِعَةَ لِلْبُلْدَانِ يَجْعَلُ لِنَفْسِهِ شَهْرًا يُقَوِّمُ فِيهِ عُرُوضَهُ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ فَيُزَكِّي ذَلِكَ مَعَ مَا بِيَدِهِ عَلَى عَيْنٍ وَمَا لَهُ مِنْ دَيْنٍ يَرْتَجِي قَضَاءَهُ ا هـ .
فَحَمَلَ الْبَاجِيَّ الدَّيْنَ عَلَى الْمُعَدِّ لِلنَّمَاءِ وَهُوَ دَيْنُ غَيْرِ الْقَرْضِ .
وَأَمَّا دَيْنُ الْقَرْضِ فَلَا يُقَوَّمُ لِقَوْلِهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ وَمَنْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى مَالٍ عِنْدَهُ وَلَمْ يُزَكِّهِ حَتَّى أَقْرَضَهُ ثُمَّ قَبَضَهُ بَعْدَ سِنِينَ زَكَّاهُ لِعَامَيْنِ فَقَدْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ زَكَاتَهُ مُدَّةَ الْقَرْضِ إلَّا سَنَةَ قَبْضِهِ ، وَعَمَّمَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ فِي الدَّيْنِ .

وَهَلْ حَوْلُهُ لِلْأَصْلِ ، أَوْ وَسَطٍ مِنْهُ وَمِنْ الْإِدَارَةِ ؟ تَأْوِيلَانِ ثُمَّ زِيَادَتُهُ مُلْغَاةٌ ، بِخِلَافِ حُلِيِّ التَّحَرِّي .
( وَ ) إنْ مَلَكَ نِصَابًا أَوْ زَكَاةً فِي أَوَّلِ مُحَرَّمٍ وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً لِلْإِدَارَةِ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ فَ ( هَلْ حَوْلُهُ ) أَيْ : الْمُدِيرِ الَّذِي يُزَكِّي عِنْدَ تَمَامِهِ قِيمَةَ مَا يَجِبُ تَقْوِيمُهُ مِنْ دَيْنِ عَرْضٍ ، أَوْ مُؤَجَّلٍ مَرْجُوٍّ وَسِلَعِ تِجَارَةٍ ( لِلْأَصْلِ ) أَيْ : مُحَرَّمٍ الَّذِي مَلَكَ أَوْ زَكَّى فِيهِ رَأْسَ الْمَالِ ( أَوْ وَسَطٍ مِنْهُ ) أَيْ : الْأَصْلِ .
( وَمِنْ ) وَقْتِ ( الْإِدَارَةِ ) كَرَبِيعٍ الثَّانِي فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّيُوخِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
الرَّمَاصِيُّ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ .
الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ وَإِذَا قَوَّمَ الْمُدِيرُ سِلْعَةً وَزَكَّاهَا ( ثُمَّ ) بَاعَهَا بِزَائِدٍ عَمَّا قَوَّمَهَا بِهِ فَ ( زِيَادَتُهُ ) أَيْ : ثَمَنُهَا عَلَى قِيمَتِهَا ( مُلْغَاةٌ ) أَيْ : لَا تَجِبُ زَكَاتُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا لِارْتِفَاعِ سُوقِهَا أَوْ رَغْبَةِ مُشْتَرِيهَا ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خَطَؤُهُ فِي تَقْوِيمِهَا فَلَا تُلْغَى وَتَجِبُ زَكَاتُهَا .
( بِخِلَافِ ) زِيَادَةِ وَزْنِ ( حُلِيِّ التَّحَرِّي ) أَيْ : الَّذِي تَحَرَّى زِنَتَهُ لِتَرْصِيعِهِ بِجَوْهَرٍ وَزَكَّاهَا ثُمَّ نَزَعَ الْجَوْهَرَ مِنْهُ ، وَوَزَنَهُ فَزَادَ وَزْنُهُ عَمَّا تَحَرَّاهُ فِيهِ فَيُزَكِّي الزِّيَادَةَ لِتَحَقُّقِهَا وَتَبَيُّنِ خَطَئِهِ فِي تَحَرِّيهِ .

وَالْقَمْحُ وَالْمُرْتَجَعُ مِنْ مُفَلَّسٍ ، وَالْمُكَاتَبُ يَعْجِزُ كَغَيْرِهِ ، وَانْتَقَلَ الْمَدَارُ لِلِاحْتِكَارِ ، وَهُمَا لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ لَا الْعَكْسُ .
وَلَوْ كَانَ أَوَّلًا لِلتِّجَارَةِ

( وَالْقَمْحُ ) بِالْقَافِ وَالْمِيمِ أَيْ : مَثَلًا وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُزَكَّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي تَقْوِيمِهِ وَزَكَاةِ قِيمَتِهِ إنْ نَقَصَ عَنْ نِصَابٍ أَوْ فِي غَيْرِ عَامِ خُرُوجِهِ وَفِي نُسْخَةٍ وَالْفَسْخُ أَيْ : سِلْعَةُ التِّجَارَةِ الَّتِي بَاعَهَا الْمُدِيرُ وَفَسَخَ بَيْعَهَا لِفَسَادِهِ أَوْ عَيْبِهَا كَغَيْرِهَا فِي التَّقْوِيمِ .
وَ ) الْعَرْضُ ( الْمُرْتَجَعُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ : الَّذِي أَخَذَهُ بَائِعُهُ الْمُدِيرُ ( مِنْ ) مُشْتَرٍ ( مُفَلَّسٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ ( وَ ) الرَّقِيقُ الْمُشْتَرَى لِلتِّجَارَةِ ( الْمُكَاتَبُ ) أَيْ : الَّذِي أَعْتَقَهُ الْمُدِيرُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ حَالَ كَوْنِهِ ( يَعْجِزُ ) عَنْ شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَلَوْ قَلَّ فَيَصِيرُ قِنًّا ( كَغَيْرِهِ ) مِنْ الْعُرُوضِ فِي التَّقْوِيمِ ؛ لِأَنَّ بُطْلَانَ كِتَابَتِهِ لَيْسَ ابْتِدَاءَ مِلْكٍ لَهُ فَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إلَى إحْدَاثِ نِيَّةِ التِّجَارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهَا حِلُّ بَيْعٍ فَتَرْجِعُ لِمَا كَانَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهَا مِنْ إرَادَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ فَتُحْمَلُ عَلَى الْقُنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ .
وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِهَا شَيْئًا فَإِنْ نَوَى بِهَا الْقُنْيَةَ أَوْ التِّجَارَةَ عَمِلَ بِمَا نَوَاهُ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ السِّلْعَةِ الَّتِي تَرْجِعُ إلَيْهِ بَعْدَ بَيْعِهَا بِإِقَالَةٍ فَهِيَ لِلْقِنْيَةِ حَتَّى يَنْوِيَ بِهَا التِّجَارَةَ ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ .
وَكَذَا الرَّاجِعَةُ بَعْدَ بَيْعِهَا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صَدَاقٍ أَوْ خُلْعٍ ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ مِلْكٍ .
( وَانْتَقَلَ ) الْعَرْضُ ( الْمُدَارُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، أَيْ : الَّذِي نَوَى التَّاجِرُ فِيهِ بَيْعَهُ بِمَا تَيَسَّرَ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ قَلَّ مِنْ الْإِدَارَةِ ( لِلِاحْتِكَارِ ) أَيْ انْتِظَارِ ارْتِفَاعِ السُّوقِ بِبَيْعِهِ بِالنِّيَّةِ ( وَهُمَا ) أَيْ : الْمُدَارُ

وَالْمُحْتَكَرُ يَنْتَقِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا ( لِلْقِنْيَةِ بِالنِّيَّةِ ) فَإِنْ بَاعَهُ بِنِصَابٍ اسْتَقْبَلَ بِهِ حَوْلًا مِنْ قَبْضِهِ ( لَا الْعَكْسُ ) أَيْ : لَا يَنْتَقِلُ الْمُحْتَكَرُ لِلْإِرَادَةِ بِالنِّيَّةِ وَلَا الْمُقْتَنَى لِلْإِدَارَةِ أَوْ الِاحْتِكَارِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ ضَعِيفٌ فَتُنْقَلُ لِلْأَصْلِ ، وَلَا تُنْقَلُ عَنْهُ .
وَالْأَصْلُ فِي الْعَرْضِ الْقُنْيَةُ وَالِاحْتِكَارُ قَرِيبٌ مِنْهَا إنْ كَانَ اشْتَرَى الْعَرْضَ لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى التَّجْرَ فِيهِ .
بَلْ ( وَلَوْ كَانَ ) اشْتَرَاهُ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ : ابْتِدَاءً ( لِلتِّجَارَةِ ) ثُمَّ نَوَى بِهِ الْقُنْيَةَ فَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا لِلتِّجَارَةِ بِالنِّيَّةِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِبَعْضِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ ، قَوْلَةُ لَا الْعَكْسُ وَهُوَ نِيَّةُ الْإِدَارَةِ أَوْ الِاحْتِكَارِ بِعَرْضِ الْقُنْيَةِ ، وَلَا تَرْجِعُ لِلصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ نِيَّةُ الْإِدَارَةِ بِالْمُحْتَكَرِ صِحَّتُهَا فِيهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْتَقِلُ بِهَا عَنْ الْقُنْيَةِ إلَى الِاحْتِكَارِ أَوْ الْإِدَارَةِ إنْ كَانَ أَوَّلًا لِلتَّاجِرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِوَلَوْ ، وَيَكْفِي فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ مَنْ رَجَّحَهُ .

وَإِنْ اجْتَمَعَ إدَارَةٌ وَاحْتِكَارٌ وَتَسَاوَيَا ، أَوْ اُحْتُكِرَ الْأَكْثَرُ ، فَكُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ ، وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ ، وَلَا تُقَوَّمُ الْأَوَانِي .
( وَإِنْ اجْتَمَعَ ) لِتَاجِرٍ ( إدَارَةٌ ) فِي عَرْضٍ ( وَاحْتِكَارٌ ) فِي آخَرَ ( وَتَسَاوَيَا ) أَيْ : الْعَرْضَانِ قِيمَةُ ( أَوْ احْتَكَرَ الْأَكْثَرَ ) وَأَدَارَ الْأَقَلَّ ( فَكُلٌّ ) مِنْ الْعَرْضَيْنِ ( عَلَى حُكْمِهِ ) فِي التَّسَاوِي وَاحْتِكَارِ الْأَكْثَرِ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَتَسَاوَيَا وَلَمْ يَحْتَكِرْ الْأَكْثَرَ بِأَنْ أَدَارَ الْأَكْثَرَ وَاحْتَكَرَ الْأَقَلَّ ( فَالْجَمِيعُ لِلْإِدَارَةِ ) وَلُغِيَ حُكْمُ الِاحْتِكَارِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : يَتْبَعُ الْأَقَلُّ الْأَكْثَرَ مُطْلَقًا .
وَقَالَ : هُوَ وَمُطَرِّفٌ كُلٌّ عَلَى حُكْمِهِ مُطْلَقًا .
وَتَأْوِيلُ ابْنِ لُبَابَةَ عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْإِدَارَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَصْبَغَ .
( وَلَا تُقَوَّمُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلَةً ( الْأَوَانِي ) الَّتِي تُدَارُ فِيهَا السِّلَعُ وَلَا الْآلَاتُ الَّتِي تُصْنَعُ بِهَا ، وَكَذَا الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُهَا وَبَقَرُ الْحَرْثِ لِبَقَاءِ عَيْنِهَا فَأَشْبَهَتْ الْمُقْتَنَى بَلْ هِيَ مُقْتَنَاةٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ نِصَابًا .

وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ لِحَوْلٍ مِنْ إسْلَامِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ : قَوْلَانِ .
.
( وَفِي تَقْوِيمِ الْكَافِرِ ) أَيْ : مَنْ كَانَ كَافِرًا وَأَسْلَمَ الْمُدِيرُ سِلْعَةً إنْ بَاعَ مِنْهَا بِنَقْدٍ وَإِنْ قَلَّ ( لِحَوْلٍ مِنْ ) يَوْمِ ( إسْلَامِهِ أَوْ اسْتِقْبَالِهِ بِالثَّمَنِ ) إنْ بَلَغَ نِصَابًا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ، وَأَمَّا الْمُحْتَكِرُ إذَا أَسْلَمَ فَيَسْتَقْبِلُ حَوْلًا بِالثَّمَنِ مِنْ يَوْمِ قَبْضِهِ اتِّفَاقًا .

وَالْقِرَاضُ الْحَاضِرُ يُزَكِّيهِ رَبُّهُ ، إنْ أَدَارَ أَوْ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِهِ .
( وَالْقِرَاضُ ) أَيْ : الْمَالُ الْمَدْفُوعُ لِمَنْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ لِرِبْحِهِ ( الْحَاضِرُ ) بِبَلَدِ رَبِّهِ وَلَوْ حُكْمًا بِعِلْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ ( يُزَكِّيهِ ) أَيْ : الْقِرَاضَ ( رَبُّهُ ) كُلَّ عَامٍ ( إنْ أَدَارَ ) أَيْ : رَبُّهُ وَعَامِلُهُ فَيُقَوَّمُ مَا بِيَدِهِمَا وَيُزَكِّي رَأْسُ مَالِهِ وَحِصَّتُهُ مِنْ الرِّبْحِ .
( أَوْ ) أَدَارَ ( الْعَامِلُ ) وَحْدَهُ فَيُقَوَّمُ مَا بِيَدِهِ وَيُزَكِّي رَأْسَ مَالِهِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ الْقِرَاضُ وَحْدَهُ وَصِلَةُ يُزَكِّيهِ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ : الْقِرَاضِ لِئَلَّا يَنْقُصَ مَالَ الْقِرَاضِ ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ .
فَإِنْ قِيلَ : زَكَاتُهُ مِنْ غَيْرِهِ زِيَادَةٌ فِيهِ بِتَوْفِيرِهِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ أَيْضًا .
قُلْت : الزِّيَادَةُ الْمَمْنُوعَةُ هِيَ الزِّيَادَةُ الَّتِي تَصِلُ لِيَدِ الْعَامِلِ ، وَيَنْتَفِعُ بِرِبْحِهَا وَالزَّكَاةُ لَمْ تَصِل لِيَدِ الْعَامِلِ وَلَا انْتَفَعَ بِرِبْحِهَا ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَعَزَاهَا اللَّخْمِيُّ لِابْنِ حَبِيبٍ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ .
طفى كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ ، وَيُزَكِّي حِينَئِذٍ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا كَالْغَالِبِ فَيَأْتِي فِيهِ وَزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا إلَخْ وَعَزَاهُ لِقِرَاضِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ ، وَلِرِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ وَسَمَاعِ عِيسَى بْنِ الْقَاسِمِ وَاللَّخْمِيِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ ، وَقَدْ اشْتَهَرَ عِنْدَ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا يَعْدِلُ عَنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ .
وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ بَشِيرٍ أَنَّهُ لَا يُزَكِّي إلَّا بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ .

وَصَبَرَ إنْ غَابَ فَيُزَكَّى لِسَنَةِ الْفَصْلِ مَا فِيهَا ، وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا ، وَإِنْ نَقَصَ فَلِكُلٍّ مَا فِيهَا

( وَصَبَرَ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ رَبُّهُ بِزَكَاتِهِ ( إنْ غَابَ ) الْقِرَاضُ عَنْ بَلَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ سِنِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُ أَوْ يَعْلَمَ وَلَا يُزَكِّيهِ الْعَامِلُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ رَبِّهِ أَوْ فَلَسِهِ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ رَبُّهُ بِهَا أَوْ تُؤْخَذَ مِنْهُ كَرْهًا فَتَجْزِيَهُ وَتُحْسَبَ عَلَى رَبِّهِ وَحْدَهُ ( فَيُزَكِّي ) رَبُّ الْمَالِ ( لِسَنَةِ الْفَصْلِ ) أَيْ : عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ ، وَلَوْ لَمْ تَحْصُلْ مُفَاصَلَةٌ بَيْنَ الْعَامِلِ وَرَبِّ الْمَالِ ( مَا فِيهَا ) سَوَاءٌ سَاوَى مَا قَبْلَهُ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ .
( وَسَقَطَ ) عَنْ رَبِّهِ زَكَاةُ ( مَا زَادَ قَبْلَهَا ) أَيْ : سَنَةَ الْفَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ لِيَدِهِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ وَيَبْدَأُ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ وَيُزَكِّي الْبَاقِيَ لِمَا قَبْلَهَا وَهَكَذَا .
وَإِنْ نَقَّصَ الْإِخْرَاجُ النِّصَابَ سَقَطَتْ عَنْ الْبَاقِي ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ .
صفى الَّذِي قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْأُولَى فَاَلَّتِي تَلِيهَا وَهَكَذَا إلَى سَنَةِ الْحُضُورِ .
فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ أَرْبَعُمِائَةِ دِينَارٍ ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثُمِائَةِ دِينَارٍ وَفِي سَنَةِ الْحُضُورِ مِائَتَانِ وَخَمْسِينَ فَيُزَكِّي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ لِلْأُولَى وَيَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ مَا أَخْرَجَهُ زَكَاةً فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ .
وَهَكَذَا فِي الثَّالِثَةِ إلَى سَنَةِ الْحُضُورِ .
بَعْضُ الشُّيُوخِ مَآلُهُمَا وَاحِدٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ ابْتِدَائِهِ بِسَنَةِ الْحُضُورِ وَابْتِدَائِهِ بِالْأُولَى الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ دِينَارًا وَغَابَ الْعَامِلُ بِهِ خَمْسَ سِنِينَ وَحَضَرَ بِهِ أَحَدًا وَعِشْرِينَ زَكَاةً لِسَنَتَيْنِ ، وَسَقَطَتْ زَكَاةُ ثَلَاثِ سِنِينَ لِتَنْقِيصِ الْإِخْرَاجِ النِّصَابَ .
وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعُمِائَةٍ وَفِي الثَّانِي ثَلَثُمِائَةٍ وَفِي عَامِ الْحُضُورِ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ أَخْرَجَ عَنْهُ سِتَّةً وَرُبْعًا ، وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ إلَّا سِتَّةً وَرُبْعًا وَعَنْ الَّذِي قَبْلَهُ عَنْهَا

إلَّا اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا تَقْرِيبًا ، وَلَا يُقَالُ تَنْقِيصُ الْأَخْذِ النِّصَابَ أَوْ الْقَدْرَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي دَيْنِ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَيُزَكِّي عَنْ الْجَمِيعِ كُلَّ عَامٍ كَمَا هُوَ حُكْمُ دَيْنِ الزَّكَاةِ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الزَّكَاةِ فَتَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ ، فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِعَيْنِ الْمَالِ فَيُعْتَبَرُ نَقْصُهُ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَسَقَطَ مَا زَادَ قَبْلَهَا .
وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إنْ تَلِفَ الْقِرَاضُ قَبْلَ عَامِ الْمُفَاصَلَةِ فَلَا زَكَاةَ .
( وَإِنْ نَقَصَ ) الْقِرَاضُ قَبْلَ سَنَةِ حُضُورِهِ عَنْهُ فِيهَا ( فَ ) يُزَكِّي ( لِكُلٍّ ) مِنْ السِّنِينَ الْمَاضِيَةِ ( مَا فِيهَا ) كَكَوْنِهِ فِي الْأُولَى مِائَةً ، وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةً وَخَمْسِينَ ، وَفِي الثَّالِثَةِ مِائَتَيْنِ ، فَعَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ يُزَكِّي مِائَتَيْنِ لِسَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَةً وَخَمْسِينَ لِلثَّانِيَةِ وَمِائَةً لِلْأُولَى ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ يَبْدَأُ بِالْأُولَى يُزَكِّي مِائَةً لِلْأُولَى وَمِائَةً وَخَمْسِينَ إلَّا اثْنَيْنِ وَنِصْفًا لِلثَّانِيَةِ ، وَمِائَتَيْنِ إلَّا سَبْعَةً وَنِصْفًا تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ الْحُضُورِ ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ وَتَوَجَّهَ بَحْثُ طفى السَّابِقُ .

وَأَزْيَدَ وَأَنْقَصَ قُضِيَ بِالنَّقْصِ عَلَى مَا قَبْلَهُ ، وَإِنْ احْتَكَرَا ، أَوْ الْعَامِلُ فَكَالدَّيْنِ
وَ ) إنْ كَانَ الْقِرَاضُ ( أَزْيَدَ ) فِي بَعْضِ سِنِي الْغَيْبَةِ عَنْهُ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ ( وَأَنْقَصَ ) فِي بَعْضِهَا عَنْهُ فِيهَا كَكَوْنِهِ فِي سَنَةِ حُضُورِهِ أَرْبَعَمِائَةٍ ، وَفِي الْأُولَى خَمْسَمِائَةٍ وَفِي الْوُسْطَى مِائَتَيْنِ ( قُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِالنَّقْصِ ) أَيْ : بِحُكْمِ النَّاقِصِ ( عَلَى مَا ) أَيْ : الزَّائِدِ الَّذِي ( قَبْلَهُ ) فَيُزَكِّي أَرْبَعَمِائَةٍ لِسَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَتَيْنِ لِلْأُولَى .
وَكَذَا لِلثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ لَمْ يَصِلْ لِرَبِّ الْمَالِ وَلَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ فَإِنْ تَقَدَّمَ النَّقْصُ كَمِائَتَيْنِ فِي الْأُولَى وَخَمْسِمِائَةٍ فِي الثَّانِيَةِ وَأَرْبَعِمِائَةٍ فِي سَنَةِ الْحُضُورِ زَكَّى لِسَنَةِ الْحُضُورِ أَرْبَعَمِائَةٍ ، وَلِلثَّانِيَةِ أَرْبَعَمِائَةٍ إلَّا مَا أَخْرَجَهُ عَنْ سَنَةِ الْحُضُورِ وَمِائَتَيْنِ لِلْأُولَى .
( وَإِنْ احْتَكَرَا ) أَيْ : رَبُّ الْمَالِ وَعَامِلُهُ ( أَوْ ) احْتَكَرَ ( الْعَامِلُ ) فَقَطْ ( فَ ) يُزَكِّي الْقِرَاضَ ( كَ ) زَكَاةِ ( الدَّيْنِ ) فِي كَوْنِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ لِسَنَةٍ وَلَوْ أَقَامَ بِيَدِ الْعَامِلِ سِنِينَ إنْ كَانَ مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مُسَاوِيًا لِمَا بِيَدِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَكْثَرَ وَإِلَّا كَانَ تَابِعًا لِمَا بِيَدِ رَبِّهِ ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ إنْ كَانَ يَتَّجِرُ بِهِ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِمَا بِيَدِ الْعَامِلِ فَقَطْ .

وَعُجِّلَتْ زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ مُطْلَقًا ، وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وَهَلْ عَبِيدُهُ كَذَلِكَ ، أَوْ تُلْغَى كَالنَّفَقَةِ ؟ تَأْوِيلَانِ : وَزُكِّيَ رِبْحُ الْعَامِلِ ، وَإِنْ قَلَّ

( وَعُجِّلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( زَكَاةُ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ ) الْمُشْتَرَاةُ بِهِ أَوْ مِنْهُ .
وَكَذَا زَكَاةُ حَرْثِهِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا لِتَعَلُّقِهَا بِعَيْنِهَا فَلَا تُؤَخَّرُ لِلْعِلْمِ بِحَالِهَا أَوْ الْمُفَاصَلَةِ تَعْجِيلًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقَيُّدِ بِحُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ إدَارَةِ الْعَامِلِ .
( وَحُسِبَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( عَلَى رَبِّهِ ) أَيْ : الْقِرَاضِ فَلَا تُجْبَرُ بِالرِّبْحِ إنْ غَابَتْ الْمَاشِيَةُ عَنْ رَبِّهِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تُلْغَى عَلَيْهِمَا وَيُجْبِرُهَا الرِّبْحُ كَالْخَسَارَةِ فَإِنْ حَضَرَتْ فَهَلْ يَأْخُذُهَا السَّاعِي مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا تَأْوِيلَانِ .
( وَهَلْ عَبِيدُهُ ) أَيْ : زَكَاةُ فِطْرِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى بِالْقِرَاضِ أَوْ مِنْهُ ( كَذَلِكَ ) أَيْ : الْمَذْكُورُ مِنْ زَكَاةِ مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ فِي كَوْنِهَا تُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا وَحْدَهُ ( أَوْ تُلْغَى ) عَلَيْهِمَا ( كَالنَّفَقَةِ ) عَلَى عَبِيدِ الْقِرَاضِ فِي جَبْرِهِمَا بِالرِّبْحِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ ، هَذَا تَقْرِيرُ كَلَامِهِ ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ فِيهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ عَنْ عَبِيدِ الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ خَاصَّةً ، وَأَمَّا نَفَقَتُهُمْ فَمِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ا هـ .
( وَهَذَا صَرِيحٌ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ ) وَإِنَّمَا التَّأْوِيلَانِ فِي مَاشِيَةِ الْقِرَاضِ الْحَاضِرَةِ هَلْ تُزَكَّى مِنْهَا وَتُحْسَبُ عَلَى رَبِّهَا أَوْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهَا .
فَلَوْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ مُطْلَقًا وَأُخِذَتْ مِنْ عَيْنِهَا إنْ غَابَتْ وَحُسِبَتْ عَلَى رَبِّهِ وَهَلْ كَذَا إنْ حَضَرَتْ أَوْ مِنْ رَبِّهَا كَزَكَاةِ فِطْرِ رَقِيقِهِ تَأْوِيلَانِ لِوَافِقِ النَّقْلِ .
( وَزُكِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( رِبْحُ الْعَامِلِ ) إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ ، وَالْمُخَاطَبُ بِزَكَاتِهِ الْعَامِلُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ قَبْضِهِ لِسَنَةٍ وَاحِدَةٍ .

وَلَوْ أَقَامَ الْمَالَ بِيَدِهِ سِنِينَ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ وَرَبُّ الْمَالِ مُدِيرَيْنِ وَمُحْتَكِرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ ، لَكِنْ الَّذِي فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُمَا إنْ أَرَادَا مَعًا أَوْ الْعَامِلُ يُزَكِّي حِصَّتَهُ لِكُلِّ عَامٍ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ : إنَّهُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَشَارَ بو إنْ قَلَّ لِقَوْلِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا زَكَاةَ فِيمَا قَلَّ وَقَصَرَ عَنْ النِّصَابِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : الْمَشْهُورُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ وَمُقَابِلُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكُ النَّاصِرِ فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ إذْ كَوْنُهُ أَجِيرًا يَقْتَضِي اسْتِقْبَالَهُ لَا زَكَاةَ لِسَنَةٍ ، وَكَوْنُهُ شَرِيكًا يَقْتَضِي سُقُوطَهَا عَنْهُ إنْ كَانَ جُزْؤُهُ دُونَ نِصَابٍ .
قُلْت أَصْلُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي جُزْءِ الْعَامِلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قِلَّتِهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَوُجُوبُهَا فِي الْقَلِيلِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا عَلَى الْعَامِلِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ ، فَرِبْحُهُ بَعْضُ رِبْحِ الْمَالِ الَّذِي اتَّجَرَ فِيهِ أَخَذَهُ أُجْرَةً فَزُكِّيَ تَبَعًا لِلْمَالِ فَلِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ نِصَابًا .

إنْ أَقَامَ بِيَدِهِ حَوْلًا كَانَا حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ ، وَحِصَّةُ رَبِّهِ بِرِبْحِهِ نِصَابٌ ، وَفِي كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا : خِلَافٌ

( إنْ أَقَامَ ) مَالُ الْقِرَاضِ ( بِيَدِهِ ) أَيْ : الْعَامِلِ ( حَوْلًا ) مِنْ يَوْمِ أَخْذِهِ مِنْ رَبِّهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ ، وَعَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ يَكْفِي حَوْلُ الْأَصْلِ ( وَكَانَا ) أَيْ : رَبُّ الْمَالِ وَعَامِلُهُ ( حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بِلَا دَيْنٍ ) عَلَيْهِمَا اشْتِرَاطُهَا فِي رَبِّ الْمَالِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ وَفِي الْعَامِلِ عَلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ ( وَحِصَّةُ ) أَيْ : رَأْسُ مَالِ ( رَبِّهِ ) أَيْ الْقِرَاضِ ( بِرِبْحِهِ ) أَيْ : مَعَ نَصِيبِ رَبِّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِهِ ( نِصَابٌ ) فَإِنْ نَقَصَا عَنْهُ فَيَسْتَقْبِلُ الْعَامِلُ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ نِصَابًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَجِيرٌ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ مَالٌ آخَرُ يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ وَحَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِمَا فَيُزَكِّي الْعَامِلُ رِبْحَهُ وَإِنْ قَلَّ ، فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلُ أَشْهَبَ مَنْ لَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَرَبِحَ فِيهَا خَمْسَةً وَلَهُ مَالٌ حَالَ حَوْلُهُ يَتِمُّ النِّصَابُ بِهِ فَلْيُزَكِّ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْمَالِ وَبِهِ أَخَذَ سَحْنُونٌ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضُمُّ الْعَامِلُ رِبْحَهُ إلَى مَالٍ لَهُ آخَرَ لِيُزَكِّيَ ، بِخِلَافِ رَبِّ الْمَالِ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَيُشْتَرَطُ فِي زَكَاةِ الْعَامِلِ أَيْضًا نَضُوضُ الْمَالِ وَالْقَبْضُ .
( وَفِي كَوْنِهِ ) أَيْ : الْعَامِلِ ( شَرِيكًا ) لِرَبِّ الْمَالِ لِضَمَانِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ إنْ تَلِفَ وَلِعِتْقِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ وَعَدَمِ حَدِّهِ بِوَطْئِهِ أَمَةَ الْقِرَاضِ وَلُحُوقِهِ وَلَدَهَا وَتَقْوِيمِهَا عَلَيْهِ وَاشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ الزَّكَاةِ فِي زَكَاةِ حِصَّتِهِ ( أَوْ أَجِيرًا ) لِرَبِّ الْمَالِ عَلَى التِّجَارَةِ فِيهِ بِجُزْءِ رِبْحِهِ إذْ لَيْسَ لَهُ شَرِكَةٌ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَحَوْلُ نَصِيبِهِ مِنْ الرِّبْحِ حَوْلُ أَصْلِهِ ، وَتَزْكِيَةُ نَصِيبِهِ وَإِنْ قَلَّ وَسُقُوطُهَا عَنْهُ تَبَعًا لِسُقُوطِهَا عَنْ رَبِّ الْمَالِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ لِلْفُرُوعِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى كَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ

أَجِيرًا لَا لِكَوْنِهِ شَرِيكًا أَوْ أَجِيرًا إذْ الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا كَوْنُهُ أَجِيرًا .
وَلَمْ يُشْهَرْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ لَكِنْ ذَكَرَ اللَّقَانِيُّ أَنَّ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَشْهَدُ لِظَاهِرِ الْمَتْنِ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّكَلُّفِ .

وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ وَمَعْدِنٍ وَمَاشِيَةٍ : بِدَيْنٍ ، أَوْ فَقْدٍ ، أَوْ أَسْرٍ ، وَإِنْ سَاوَى مَا بِيَدِهِ ، إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ ، وَلَوْ دَيْنَ زَكَاةٍ ، أَوْ مُؤَجَّلًا ، أَوْ كَمَهْرٍ أَوْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ مُطْلَقًا ، أَوْ وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا .

( وَلَا تَسْقُطُ زَكَاةُ حَرْثٍ ) أَيْ مَحْرُوثٍ مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ ( وَمَعْدِنٍ ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ( وَمَاشِيَةٍ ) أَيْ : نَعَمٍ ( بِدَيْنٍ ) عَلَى مَالِكِهَا مُسْتَغْرِقٍ لَهَا ( أَوْ فَقْدٍ ) أَيْ غَيْبَةِ الْمَالِكِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ ( أَوْ أَسْرٍ ) لِلْمَالِكِ مِنْ حَرْبِيٍّ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحَيَاةِ .
وَكَذَا زَكَاةُ فِطْرِهِ إنْ خَالَفَ الدَّيْنُ مَا بِيَدِهِ مِنْ حَرْثٍ إلَخْ بَلْ ( وَإِنْ سَاوَى ) الدَّيْنُ ( مَا بِيَدِهِ ) أَيْ الْمَالِكِ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ مِنْ قَمْحٍ وَخَرَجَ لَهُ مِثْلُهَا أَوْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ جَمَالٍ وَلَهُ مِثْلُهَا ، أَوْ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَبِيَدِهِ خَمْسَةٌ .
( إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ ) وَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَالِكِ ( مِثْلُهُ ) أَيْ : الْعَبْدِ فَتَسْقُطُ عَنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُقَابِلُهُ فِيهَا مَنْ لَهُ رِقٌّ وَعَلَيْهِ رِقٌّ مِثْلُهُ فِي الصِّفَةِ فَلَا يُزَكِّي عَنْهُ الْفِطْرَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا لَيْسَ لَهُ مَا يُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَا يُخْرِجُهُ زَكَاةَ فِطْرٍ .
عَبْدُ الْحَقِّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِهِ لَيْسَ كَالْعَيْنِ الْمُسْتَحَقَّةِ ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَوْ هَلَكَ مَا بِيَدِهِ لَطُولِبَ بِمَا عَلَيْهِ فَوَجَبَ كَوْنُ زَكَاةِ فِطْرِهِ عَلَيْهِ إنْ مَلَكَهَا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ إنْ بَاعَهُ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ ثَمَنِهِ فَالدَّيْنُ أَوْلَى بِهِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي جَنَى عَبْدُهُ وَمَضَى عَلَيْهِ يَوْمُ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَهُ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ مَعَ كَوْنِ عَيْنِ الْعَبْدِ كَالْمُسْتَحَقَّةِ لِتَعَلُّقِ الْجِنَايَةِ بِهِ لَا بِالذِّمَّةِ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي كَالْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ زَكَاةُ فِطْرِهِ فَكَيْفَ هَذَا الَّذِي هُوَ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ .
وَلَوْ هَلَكَ لَبَقِيَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهِ فَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَرَادَ أَنْ يَقُولَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَا يُؤَدِّي مِنْهُ زَكَاةَ الْفِطْرِ ا هـ .
( بِخِلَافِ ) زَكَاةِ

( الْعَيْنِ ) أَيْ : الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ فَيُسْقِطُهَا الدَّيْنُ وَالْفَقْدُ وَالْأَسْرُ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنُ زَكَاةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الدَّيْنُ ( دَيْنَ زَكَاةٍ ) تَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ ، وَشَمِلَ زَكَاةَ الْفِطْرِ وَالْعَيْنِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ وَالْمَاشِيَةِ وَالْحَرْثِ إنْ كَانَ حَالًّا بَلْ أَوْ ) كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ ( مُؤَجَّلًا ) وَيُعْتَبَرُ عَدَدُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ لِلْحُلُولِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ أَوْ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ إنْ كَانَ غَيْرَ مَهْرٍ بَلْ ( أَوْ ) كَانَ ( كَمَهْرٍ ) لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ مُؤَجَّلًا ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِكُلِّ دَيْنٍ إلَّا مُهُورَ النِّسَاءِ إذْ لَيْسَ شَأْنُهُنَّ الْقِيَامَ بِهِ إلَّا فِي مَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ دَيْنَ الْوَالِدَيْنِ وَالصَّدِيقِ .
( أَوْ ) كَانَ الدَّيْنُ ( نَفَقَةَ زَوْجَةٍ ) تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُوسِرٌ حَالَ كَوْنِهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْحُكْمِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ ( أَوْ ) نَفَقَةَ ( وَلَدٍ إنْ حُكِمَ بِهَا ) مُتَجَمِّدَةً عَنْ مَاضٍ مِنْ غَيْرِ مَالِكِيٍّ .
وَمَعْنَى الْحُكْمِ الْفَرْضِ أَيْ : إنَّ فَرَضَهَا وَقَدَّرَهَا حَاكِمٌ فَتَصِيرُ كَالدَّيْنِ فِي اللُّزُومِ وَعَدَمِ السُّقُوطِ بِمُضِيِّ الزَّمَنِ ، فَلَا يُقَالُ : الْمَاضِيَةُ سَقَطَتْ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَالْمُسْتَقْبِلَةُ لَا يُحْكَمُ بِهَا إذْ الْحُكْمُ ، سَوَاءٌ كَانَ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بِمَعْنَى التَّقْدِيرِ صَيَّرَهَا كَالدَّيْنِ فِي اللُّزُومِ ، وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ لِلْوَلَدِ يُسْرٌ أَمْ لَا بِاتِّفَاقٍ .
فَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَسْقُطُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تَسْقُطُ .

وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ يُسْرٌ ؟ تَأْوِيلَانِ ، أَوْ وَالِدٍ بِحُكْمٍ إنْ تَسَلَّفَ لَا بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ أَوْ هَدْيٍ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ مُعَشَّرٌ زُكِّيَ ، أَوْ مَعْدِنٌ ، أَوْ قِيمَةُ كِتَابَةٍ .

وَاخْتُلِفَ هَلْ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( وَهَلْ ) عَدَمُ سُقُوطِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَنْ الْأَبِ بِنَفَقَةِ وَلَدِهِ الَّتِي لَمْ يُحْكَمْ بِهَا ( إنْ تَقَدَّمَ ) لِلْوَلَدِ ( يُسْرٌ ) أَيَّامَ عَدَمِ إنْفَاقِ أَبِيهِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ يُسْرٌ فَتُسْقِطُهَا كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ فَهُمَا مُتَّفِقَانِ أَوْ يَبْقَى كُلٌّ عَلَى إطْلَاقِهِ فَبَيْنَهُمَا خِلَافٌ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ وَالْمَحْذُوفُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ يُسْرٌ تَأْوِيلَانِ فَالْمَذْكُورُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ ، وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ إنْ حُكِمَ بِهَا فَالْمُنَاسِبُ وَإِلَّا فَلَا .
وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ يُسْرٌ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ ؟ الْوِفَاقُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَالْخِلَافُ لِعَبْدِ الْحَقِّ .
( أَوْ ) كَانَ الدَّيْنُ تَجَمَّدَ مِنْ نَفَقَةِ ( وَالِدٍ ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ فَيُسْقِطُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ الْوَلَدِ حَالَ كَوْنِهِ ( بِحُكْمٍ ) أَيْ فَرْضٍ وَلَوْ مِنْ مَالِكِيٍّ أَوْ إلْزَامٍ وَقَضَاءٍ بِهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهَا مِنْ غَيْرِ مَالِكِيٍّ ( إنْ تَسَلَّفَ ) الْوَلَدُ مَا أَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَاضِي لِيَأْخُذَ قَضَاءَهُ مِنْ وَلَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهَا أَوْ لَمْ يَتَسَلَّفْ بِأَنْ تَحَيَّلَ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَى نَفْسِهِ بِسُؤَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تُسْقِطُ نَفَقَتُهُ زَكَاةَ الْعَيْنِ عَنْ وَلَدِهِ ( لَا ) تَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ عَنْ مَالِكِهَا ( بِدَيْنِ كَفَّارَةٍ ) وَجَبَتْ عَلَيْهِ لِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ .
( أَوْ هَدْيٍ ) وَجَبَ لِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ الْفَرْقُ بَيْنَ دَيْنِ الزَّكَاةِ وَدَيْنِ الْكَفَّارَةِ أَنَّ الزَّكَاةَ يَطْلُبُهَا الْإِمَامُ وَيَأْخُذُهَا كَرْهًا ، بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ .
ابْنُ عَتَّابٍ لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ فِي أَخْذِ الْإِمَامِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ ، وَنَصُّ اللَّخْمِيُّ

الَّذِي يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ مِمَّا يُجْبَرُ الْإِنْسَانُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَلَا تُوَكَّلُ لِأَمَانَتِهِ وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْأَمْوَالِ فَمَنْ لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ أَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أَوْ هَدْيٌ وَامْتَنَعَ مِنْ أَدَاءِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إنْفَاذِهِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فِيمَنْ وَجَبَتْ كَفَّارَةٌ فَمَاتَ قَبْلَ إخْرَاجِهَا أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ ا هـ .
فَتَسْقُطُ زَكَاةُ الْعَيْنِ بِمَا تَقَدَّمَ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفُ مَصْدَرٍ صِلَتُهُ ( يَكُونَ عِنْدَهُ ) أَيْ : الْمَدِينِ ( مُعَشَّرٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ : مَا يُزَكَّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ مِنْ حَبٍّ وَثَمَرٍ ( زُكِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِيهِ لِنَقْصِهِ عَنْ النِّصَابِ وَمِثْلُهُ الْمَاشِيَةُ فَيُحْمَلُ مَا ذُكِرَ فِي الدَّيْنِ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ ( أَوْ مَعْدِنٌ ) أَيْ : مَا خَرَجَ مِنْهُ فَيُقَابِلُ بِهِ الدَّيْنَ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ .
( أَوْ قِيمَةُ ) نُجُومِ ( كِتَابَةٍ ) فَإِنْ كَانَتْ عَيْنًا قُوِّمَتْ بِعَرْضٍ ثُمَّ هُوَ بِعَيْنٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ : يُقَوَّمُ الْمُكَاتَبُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ .
وَقَالَ أَصْبَغُ : يُقَوَّمُ قِنًّا فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ زَائِدَةٌ عَلَى قِيمَةِ كِتَابَتِهِ زَكَّى مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجْعَلُهَا فِي الدَّيْنِ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ .

أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ ، أَوْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ ، أَوْ مُخْدَمٍ .
( أَوْ ) قِيمَةُ ( رَقَبَةِ ) رَقِيقٍ ( مُدَبَّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً أَيْ : مُعْتَقٌ عِتْقًا مُعَلَّقًا تَخْيِيرُهُ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهِ ، فَتُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ وَتُزَكَّى الْعَيْنُ ، وَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مَنْ كَانَ تَدْبِيرُهُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا تُجْعَلُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ قَبْلَ الدَّيْنِ فِيهِ إذْ لَا يُبَاعُ فِيهِ حِينَئِذٍ .
خَلِيلٌ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ رَاعَى قَوْلَ مَنْ أَجَازَ بَيْعَهُ فِيهِ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَقَبَةُ مُدَبَّرٍ عَلَى إطْلَاقِهِ اتِّفَاقًا فِي الْمُتَأَخِّرِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُتَقَدِّمِ ( أَوْ ) قِيمَةُ ( خِدْمَةِ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ ) عَلَى غَرَرِهَا ( أَوْ ) قِيمَةُ خِدْمَةِ ( مُخْدَمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَيْ : رَقِيقٍ لِغَيْرِهِ وُهِبَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ اللَّخْمِيُّ جَعْلُ الدَّيْنِ فِي قِيمَةِ الْخِدْمَةِ إذَا كَانَتْ حَيَاتَهُ لَيْسَ بِحَسَنٍ ؛ لِأَنَّهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِنَقْدٍ وَلَا بِغَيْرِهِ ، وَأَظُنُّهُ قَاسَهُ عَلَى الْمُدَبَّرِ وَلَيْسَ مِثْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُدَبَّرِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ بَيْعِهِ فِي الْحَيَاةِ .
وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُخْدَمِ بَيْعُ الْخِدْمَةِ حَيَاتَهُ فَلَا يَجُوزُ جَعْلُهَا فِي الدَّيْنِ .

أَوْ رَقَبَتِهِ لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ ، أَوْ عَدَدُ دَيْنٍ حَلَّ ، أَوْ قِيمَةُ مَرْجُوٍّ ، أَوْ عَرْضٌ حَلَّ حَوْلُهُ إنْ بِيعَ .

( أَوْ ) قِيمَةُ ( رَقَبَتِهِ ) أَيْ : الْمُخْدَمِ ( لِمَنْ ) أَيْ : شَخْصٍ ( مَرْجِعُهَا ) أَيْ : رَقَبَةُ الْمُخْدَمِ ( لَهُ ) بِأَنْ أَخْدَمَهُ زَيْدًا سِنِينَ مَعْلُومَةً أَوْ حَيَاتَهُ وَبَعْدَهَا يَمْلِكُهُ عَمْرٌو الْمَدِينُ فَيُقَابِلُ عَمْرٌو بِقِيمَتِهِ الدَّيْنَ وَيُزَكِّي الْعَيْنَ ( أَوْ ) يَكُونُ لَهُ ( عَدَدُ دَيْنٍ ) عَلَى غَيْرِهِ ( حَلَّ ) وَرُجِيَ ( أَوْ قِيمَةُ ) دَيْنٍ مُؤَجَّلٍ ( مَرْجُوٍّ ) خَلَاصُهُ بِأَنْ كَانَ عَلَى مَلِيءٍ حَسَنِ الْمُعَامَلَةِ أَوْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ .
( أَوْ ) يَكُونُ لَهُ ( عَرْضٌ حَلَّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ : كَمُلَ ( حَوْلُهُ ) أَيْ : الْعَرْضِ وَهُوَ فِي مِلْكِهِ ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ إذَا مَرَّ عَلَى الدَّيْنِ حَوْلٌ وَهُوَ عَلَى الْمَدِينِ وَإِلَّا فَلَا فَالشَّرْطُ مُسَاوَاةُ الدَّيْنِ لِمَا يُجْعَلُ فِيهِ زَمَنًا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ فَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ لَمْ يَمُرَّ عَلَيْهِ حَوْلٌ عِنْدَهُ وَبَنَوْا هَذَا الْخِلَافَ عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْعَرْضِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ هَلْ هُوَ مُنْشِئٌ لِمِلْكِ الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَفِيهَا لِفَقْدِ الْحَوْلِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، أَوْ كَاشِفٍ أَنَّهُ كَانَ مَالِكًا لَهَا فَيُزَكِّي وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْبِنَاءَ يُوجِبُ شَرْطَ مُرُورِ الْحَوْلِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كُلِّ مَا يُجْعَلُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ مِنْ مُعَشَّرٍ وَمَعْدِنٍ وَغَيْرِهِمَا ، لَكِنْ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ إلَّا فِي الْعَرْضِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ غَيْرَ الْعَرْضِ مِمَّا تَقَدَّمَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَالُ الْحَوْلِ وَهُوَ كَذَلِكَ الْمَوَّاقُ اُنْظُرْ عَلَى هَذَا مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي دَيْنِهِ آخِرَ الْحَوْلِ مَا خَرَجَ مِنْ مَعْدِنٍ أَوْ زَرْعٍ مُزَكًّى .
وَكَذَا يُجْعَلُ الْمِائَةَ الرَّجَبِيَّةَ فِي مُقَابَلَةِ دَيْنِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ لَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِيهِ مِنْ مُحَرَّمٍ إلَى رَجَبٍ .
الرَّمَاصِيُّ تَكَلَّفَ سَالِمٌ لِإِدْخَالِ هَذَا فِي كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ يُمْكِنُ عَوْدُ الضَّمِيرِ

فِي حَوْلِهِ لِجَمِيعِ مَا سَبَقَ وَحَوْلُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ فَحَوْلُ الْمُعَشَّرِ طِيبُهُ وَالْمَعْدِنِ خُرُوجُهُ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ لِإِحَالَتِهِ الْحَوْلَ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِهِمْ ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْعَرْضِ هَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْلُ وَهُوَ مُرُورُ السَّنَةِ أَمْ لَا وَلِإِمَالَتِهِ التَّصْوِيرَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ الْحَوْلَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا الطِّيبَ فِي الْمُعَشَّرِ شَرْطًا بَلْ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ ، وَلِذَا خَرَّجَ الْمَازِرِيُّ الزَّرْعَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى خِدْمَةِ الْمُدِيرِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ .
وَلَوْ كَانَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِيَّةِ مَا أَتَى تَخْرِيجُهُ .
وَذَكَرَ شَرْطَ جَعْلِ الْعَرْضِ الَّذِي حَلَّ حَوْلُهُ فِي الدَّيْنِ فَقَالَ ( إنْ بِيعَ ) أَيْ : كَانَ الْعَرْضُ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ لِوَفَاءِ دَيْنِهِ كَثِيَابِ جُمُعَةٍ ، وَكِتَابِ فِقْهٍ لَا ثِيَابِ جَسَدِهِ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا .

وَقُوِّمَ وَقْتَ الْوُجُوبِ عَلَى مُفْلِسٍ ، لَا آبِقٍ وَإِنْ رُجِيَ ، أَوْ دَيْنٍ لَمْ يُرْجَ .
( وَقُوِّمَ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً مَا ذُكِرَ أَيْ : اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ ( وَقْتَ الْوُجُوبِ ) الزَّكَاةُ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ آخِرُ الْحَوْلِ وَصِلَةُ بِيعَ ( عَلَى مُفْلِسٍ ) لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ بِلَصْقِهِ ( لَا ) يُجْعَلُ فِي الدَّيْنِ رَقِيقٌ ( آبِقٌ ) أَوْ بَعِيرٌ شَارِدٌ إنْ لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ بَلْ ( وَإِنْ رُجِيَ ) إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِوَجْهٍ ( أَوْ دَيْنٌ لَمْ يُرْجَ ) خَلَاصُهُ لِعُسْرِ مَدِينِهِ أَوْ ظُلْمِهِ وَلَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ .

وَإِنْ وُهِبَ الدَّيْنُ أَوْ مَا يُجْعَلُ فِيهِ ، وَلَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرِ نَفْسِهِ بِسِتِّينَ دِينَارًا ثَلَاثَ سِنِينَ حَوْلٌ ، فَلَا زَكَاةَ .

( وَإِنْ وُهِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الدَّيْنُ ) الْمُسْقِطُ لِزَكَاةِ الْعَيْنِ لِلْمَدِينِ ، وَلَمْ يَحِلَّ حَوْلُهُ عِنْدَهُ بَعْدَ هِبَتِهِ لَهُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي حَالَ حَوْلُهَا بِيَدِهِ ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الدَّيْنِ مُنْشِئَةٌ لِمِلْكِهِ الْعَيْنَ فَيَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا مِنْ يَوْمِ الْهِبَةِ .
( أَوْ ) وُهِبَ لِلْمَدِينِ ( مَا ) أَيْ : شَيْءٌ ( يُجْعَلُ فِيهِ ) أَيْ : الدَّيْنُ ( وَلَمْ يَحِلَّ ) أَيْ : يَكْمُلْ ( حَوْلُهُ ) وَهُوَ فِي مِلْكِهِ فَلَا زَكَاةَ فِي الْعَيْنِ الَّتِي بِيَدِهِ ، وَهَذَا مَفْهُومُ حَلَّ حَوْلُهُ وَعَطَفَ عَلَى وُهِبَ فَقَالَ ( أَوْ مَرَّ لِكَمُؤَجِّرِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْجِيمِ ( نَفْسِهِ بِسِتِّينَ دِينَارًا ) لِعَمَلِ ( ثَلَاثِ سِنِينَ ) وَقَبَضَهَا وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا وَفَاعِلُ مَرَّ ( حَوْلٌ فَلَا زَكَاةَ ) عَلَيْهِ الْآنَ وَيَسْتَقْبِلُ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِ الْحَوْلِ حَوْلًا إذْ هِيَ فَائِدَةٌ تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ الثَّانِي وَهِيَ عِنْدَهُ زَكَّاهَا وَاسْتَقْبَلَ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِهِ حَوْلًا ، فَإِذَا تَمَّ الْحَوْلُ الثَّالِثُ زَكَّاهَا وَبَاقِيَ الْأُولَى وَاسْتَقْبَلَ بِالْعِشْرِينِ الَّتِي مَلَكَهَا بِتَمَامِهِ حَوْلًا ، فَإِنْ تَمَّ وَهِيَ بِيَدِهِ زَكَّاهَا وَبَاقِيَ الْأُولَيَيْنِ .
قَالَ فِي الْبَيَانِ هَذَا الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي وُهِبَ لَهُ الدَّيْنُ بَعْدَ حُلُولِ الْحَوْلِ عَلَى الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ ، أَوْ أَفَادَ مَالًا أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يُزَكِّي عِشْرِينَ بِمُرُورِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى سَمَاعِ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هِبَةِ الدَّيْنِ طفى وَغَابَ عَنْ الْمَوَّاقِ كَلَامُ الْبَيَانِ وَصَحَّفَ كَلَامَ الْمُقَدِّمَاتِ وَتَبِعَهُ عج وَجَعَلَهُ خِلَافَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ .
وَقَدْ نَقَلَ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ كَلَامَ الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ عَلَى

وَجْهِهِ .

أَوْ مَدِينِ مِائَةٍ ، لَهُ مِائَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ ، وَمِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ يُزَكِّي الْأُولَى .
( وَمَدِينٌ ) لِشَخْصٍ ( بِمِائَةٍ لَهُ ) أَيْ الْمَدِينِ ( مِائَةٌ مَحْرَمِيَّةٌ ) مَلَكَهَا فِي مُحَرَّمٍ ( وَمِائَةٌ رَجَبِيَّةٌ ) مَلَكَهَا فِي رَجَبٍ ( يُزَكِّي ) الْمِائَةَ ( الْأُولَى ) الْمَحْرَمِيَّةَ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهَا وَيُقَابِلُ الدَّيْنَ بِالرَّجَبِيَّةِ فَلَا يُزَكِّيهَا إذَا تَمَّ حَوْلُهَا وَهِيَ بِيَدِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُزَكِّي كُلًّا عِنْدَ حَوْلِهَا وَيُقَابِلُ الدَّيْنَ بِالْأُخْرَى .

وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ ، كَنَبَاتٍ ، وَحَيَوَانٍ ، أَوْ نَسْلِهِ عَلَى مَسَاجِدَ ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنِينَ : كَعَلَيْهِمْ ، إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ ، وَإِلَّا إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ نِصَابٌ وَفِي إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِالْمُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ : قَوْلَانِ

( وَزُكِّيَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( عَيْنٌ ) دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمَ .
( وُقِفَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : حُبِسَتْ الْعَيْنُ عَلَى مُعَيَّنَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمْ ( لِلسَّلَفِ ) بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ أَيْ : لِيَتَسَلَّفَهَا الْمُحْتَاجُ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ بِهَا وَيَرُدَّ مِثْلَهَا وَمَرَّ عَلَيْهَا حَوْلٌ مِنْ مِلْكِهَا ، أَوْ زَكَاتِهَا وَهِيَ بِيَدِ وَاقِفِهَا أَوْ النَّاظِرِ عَلَيْهَا أَوْ بَعْضُهُ ، وَهِيَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا وَبَعْضُهُ وَهِيَ بِيَدِ مُتَسَلِّفٍ رَدَّ مِثْلَهَا قَبْلَ تَمَامِ عَامٍ فَيُزَكِّيهَا وَاقِفُهَا أَوْ النَّاظِرُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ ، وَلِلْوَاقِفِ مَا يُتِمُّهُ ؛ إذْ وَقْفُهَا لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ مِلْكِ وَاقِفِهَا .
فَإِنْ تَسَلَّفَهَا أَحَدٌ وَلَمْ يَرُدَّهَا إلَّا بَعْدَ عَامٍ فَيُزَكِّيهَا مَنْ ذُكِرَ بَعْدَ قَبْضِهَا مِنْهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ .
وَلَوْ أَقَامَتْ عِنْدَ الْمَدِينِ سِنِينَ وَيُزَكِّيهَا الْمَدِينُ كُلَّ عَامٍ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَجْعَلُهُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ وَإِلَّا فَلَا .
وَشَبَّهَ فِي التَّزْكِيَةِ فَقَالَ ( كَنَبَاتٍ ) خَارِجٍ مِنْ زَرْعِ حَبٍّ وُقِفَ لِيُزْرَعَ كُلَّ عَامٍ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ أَوْ مُبَاحَةٍ .
وَيُفَرَّقَ مَا زَادَ مِنْ الْخَارِجِ عَلَى الْقَدْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَيَبْقَى مِنْهُ الْقَدْرُ الْمَوْقُوفُ لِيُزْرَعَ فِي الْعَامِ الْقَابِلِ وَهَكَذَا ، فَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ نِصَابًا وَلَوْ بِالضَّمِّ لِمَا لَمْ يُوقَفْ مِنْ مَالِ الْوَاقِفِ زَكَّاهُ الْوَاقِفُ أَوْ النَّاظِرُ قَبْلَ قَسْمِهِ .
وَكَذَا ثَمَرُ الْحَوَائِطِ الْمَوْقُوفَةِ .
( وَحَيَوَانٍ ) أَيْ نَعَمٍ وُقِفَ لِيُفَرَّقَ لَبَنُهُ أَوْ صُوفُهُ أَوْ لِيُحْمَلَ عَلَيْهِ أَوْ يُرْكَبَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنَسْلُهُ تَبَعٌ لَهُ وَلَوْ سَكَتَ عَنْهُ وَاقِفُهُ ( أَوْ ) لِتَفْرِقَةِ ( نَسْلِهِ ) أَيْ الْحَيَوَانِ ( عَلَى مَسَاجِدَ ) أَوْ رُبُطٍ أَوْ قَنَاطِرَ ( أَوْ ) عَلَى آدَمِيِّينَ ( غَيْرِ مُعَيَّنِينَ ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمُجَاهِدِينَ وَبَنِي تَمِيمٍ رَاجِعَانِ لِلنَّبَاتِ وَلِلْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ لَا

لِلْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ ، إذْ التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ فِيهِ .
وَشَبَّهَ فِي التَّزْكِيَةِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ فَقَالَ ( كَ ) النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ خَارِجِهِ أَوْ نَسْلِهِ ( عَلَيْهِمْ ) أَيْ : الْمُعَيَّنِينَ ( إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ تَفْرِقَتَهُ ) وَسَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبُهُ ، فَلَوْ قَالَ : إنْ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى بِأَنْ كَانَ الْحَبُّ الْمَوْقُوفُ تَحْتَ يَدِ وَاقِفِهِ يَزْرَعُهُ وَيُعَالِجُهُ حَتَّى يُثْمِرَ فَيُفَرِّقَهُ عَلَى الْمُعَيَّنِينَ ، أَوْ الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ تَحْتَ يَدِهِ يُقَوَّمُ بِهِ حَتَّى يَحْصُلَ نَسْلُهُ فَيُفَرِّقَهُ عَلَيْهِمْ فَيُزَكِّيَ جُمْلَتَهُ إنْ كَانَتْ نِصَابًا وَلَوْ بِالضَّمِّ لِمَالِهِ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ سَوَاءٌ كَانَ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُعَيَّنِينَ نِصَابٌ أَمْ لَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّ الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِالنَّبَاتِ أَوْ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ تَوَلَّاهُ الْمُعَيَّنُونَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ وَصَارُوا يَزْرَعُونَ وَيَقْتَسِمُونَ الْخَارِجَ وَيَخْدُمُونَ الْحَيَوَانَ وَيَقْتَسِمُونَ نَسْلَهُ فَلَا تُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ وَ ( إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ ) مِنْ الْمُعَيَّنِينَ ( نِصَابٌ ) مِنْ الْخَارِجِ أَوْ مِنْ النَّسْلِ بِالْقِسْمَةِ فَيُزَكِّيهِ وَإِلَّا فَلَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يَضُمُّهُ لَهُ وَيُكَمِّلُ بِهِ النِّصَابَ .
هَذَا حُكْمُ الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ لِتَفْرِقَةِ نَسْلِهِ ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ الْمَوْقُوفُ لِتَفْرِقَةِ غَلَّتِهِ أَوْ لِحَمْلٍ أَوْ الرُّكُوبِ عَلَيْهِ عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ فَتُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ وَاقِفِهِ إنْ كَانَ نِصَابًا ، وَلَوْ بِضَمِّهِ لِمَا لَمْ يُوقَفْ سَوَاءٌ تَوَلَّى الْمَالِكُ الْقِيَامَ بِهِ أَمْ لَا .
ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ النَّبَاتَ وَالْحَيَوَانَ الْمَوْقُوفَ لِلنَّسْلِ وَالْخَارِجَ تُزَكَّى جُمْلَتُهُمَا عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ نِصَابًا ، وَلَوْ بِالضَّمِّ كَانَ عَلَى

مُعَيَّنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ تَوَلَّاهُمَا الْوَاقِفُ أَمْ لَا .
وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ تَشْهِيرَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّتِهِ كَمَا فَعَلَ الْمُؤَلِّفُ ، وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَسَبَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرِهِ لِابْنِ الْمَوَّازِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ .
ثُمَّ قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَنْصِبَاءِ فِي الْمُعَيَّنِينَ بِمَا إذَا كَانُوا يَسْقُونَ وَيَلُونَ النَّظَرَ لَهُ ؛ لِأَنَّهَا طَابَتْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ ، وَتَبِعَهُ الْمُؤَلِّف فِي هَذَا الْقَيْدِ ، وَأَمَّا مُقَابِلُ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ التَّفْصِيلِ فَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَالْمَدَنِيِّينَ ، وَفَهِمَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ وَأَبُو عُمَرَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ .
( وَفِي إلْحَاقِ ) الْحَبْسِ عَلَى ( وَلَدِ فُلَانٍ ) كَزَيْدٍ ( بِ ) الْحَبْسِ عَلَى ( الْمُعَيَّنِينَ ) فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ تُوَلِّي الْوَاقِفِ أَوْ نَائِبِهِ لِلْقِيَامِ بِهِ وَتَوَلِّيهِمْ ذَلِكَ نَظَرًا إلَى تَعَيُّنِ الْأَبِ ، فَتُزَكَّى جُمْلَتُهُ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ إنْ تَوَلَّاهُ وَإِلَّا زَكَّى مَنْ نَابَهُ نِصَابٌ ( أَوْ ) إلْحَاقِ وَلَدِ فُلَانٍ بِ ( غَيْرِهِمْ ) أَيْ الْمُعَيَّنِينَ نَظَرًا إلَى أَنْفُسِهِمْ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ .

وَإِنَّمَا يُزَكَّى مَعْدِنُ عَيْنٍ ، وَحُكْمُهُ لِلْإِمَامِ ، وَلَوْ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ ؛ إلَّا مَمْلُوكَةً لِمَصَالِحَ فَلَهُ ، وَضُمَّ بَقِيَّةُ عِرْقِهِ ؛ وَإِنْ تَرَاخَى الْعَمَلُ ، لَا مَعَادِنُ وَلَا عِرْقٌ آخَرُ ، وَفِي ضَمِّ فَائِدَةٍ حَالَ حَوْلُهَا .

( وَإِنَّمَا يُزَكَّى ) بِفَتْحِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً ( مَعْدِنٌ عَيْنٌ ) أَيْ : الْخَارِجُ مِنْهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لَا مَعْدِنُ نُحَاسٍ وَحَدِيدٍ وَنَحْوُهُمَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُزَكَّى اشْتِرَاطُ حُرِّيَّةِ مُخْرِجِهِ وَإِسْلَامِهِ لَا مُرُورِ الْحَوْلِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَقِيلَ لَا تُشْتَرَطُ حُرِّيَّتُهُ وَلَا إسْلَامُهُ وَأَنَّ الشُّرَكَاءَ فِيهِ كَالْوَاحِدِ الْجُزُولِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ نِصَابًا وَزَكَاتُهُ رُبْعُ عُشْرِهِ .
( وَحُكْمُهُ ) أَيْ : التَّصَرُّفِ فِي الْمَعْدِنِ مِنْ حَيْثُ هُوَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ عَيْنًا ( لِلْإِمَامِ ) الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ يَقْطَعُهُ لِمَنْ يَشَاءُ أَوْ يَجْعَلُهُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ إنْ كَانَ بِأَرْضٍ غَيْرِ مَمْلُوكَةٍ كَالْفَيَافِيِ ، وَمَا تَرَكَهَا أَهْلُهَا ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ بَلْ ( وَلَوْ ) ظَهَرَ ( بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ ) مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ ذِمِّيٍّ سُدَّ الْبَابُ لِلْهَرْجِ ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ قَدْ يَجِدُهَا شِرَارُ النَّاسِ .
فَإِنْ تُرِكَتْ لَهُمْ تَحَاسَدُوا وَتَقَاتَلُوا عَلَيْهَا وَسَفَكَ بَعْضُهُمْ دِمَاءَ بَعْضٍ الْمُتَيْطِيِّ وَلَا يَحْتَاجُ الْإِقْطَاعُ لِحِيَازَةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ .
وَقِيلَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْحِيَازَةِ وَبِالْأَوَّلِ الْعَمَلُ ا هـ .
الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ بِوَاهِبٍ حَقِيقَةً إنَّمَا هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ أَحْيَاءُ وَلِذَا قَالَ : لَا يَنْعَزِلُ الْقَاضِي بِمَوْتِ الْأَمِيرِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ الظَّاهِرَ بِأَرْضِ مُعَيَّنٍ حُكْمُهُ لَهُ مُطْلَقًا ، وَلِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَيْنًا وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ( إلَّا ) أَرْضًا ( مَمْلُوكَةً ل ) كَافِرٍ ( مُصَالِحٍ ) الْإِمَامَ عَلَى تَرْكِ الْقِتَالِ وَبَقَاءِ أَرْضِهِ لَهُ بِمَالٍ يَدْفَعُهُ كُلَّ عَامٍ سَوَاءٌ أَجْمَلَ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ فَرَّقَ عَلَيْهِمَا أَوْ فَرَّقَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَأَجْمَلَ عَلَى الْآخَرِ أَوْ

سَكَتَ عَنْهُ مُعَيَّنٌ أَوْ غَيْرُهُ ( فَ ) حُكْمُ الْمَعْدِنِ الظَّاهِرِ فِيهَا ( لَهُ ) أَيْ الْمُصَالِحِ إلَى أَنْ يُسْلِمَ فَيَصِيرَ حُكْمُهُ لِلْإِمَامِ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِمَايَتُهُمْ وَسَدُّ بَابِ الشَّرِّ عَنْهُمْ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ : يَبْقَى لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا .
وَضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ : جُمِعَ لِمَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ أَوَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِ ضُمَّ ( بَقِيَّةُ ) أَيْ : الْخَارِجُ مِنْ بَاقِي ( عِرْقِهِ ) أَيْ : الْمَعْدِنِ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ وَإِنْ تَلِفَ الْمَضْمُومُ إلَيْهِ إلَى تَمَامِ النِّصَابِ فَيُزَكِّيهِ ثُمَّ يُزَكِّي مَا خَرَجَ بَعْدَهُ وَإِنْ قَلَّ إنْ اتَّصَلَ الْعَمَلُ بَلْ ( وَإِنْ تَرَاخَى ) أَيْ : انْقَطَعَ ( الْعَمَلُ ) اخْتِيَارًا أَوْ اضْطِرَارًا ( لَا ) تُضَمُّ ( مَعَادِنُ ) أَيْ : الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهَا لِلْخَارِجِ مِنْ آخَرَ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ .
( وَ ) يُضَمُّ ( عِرْقٌ ) أَيْ : خَارِجُهُ لِخَارِجِ عِرْقٍ ( آخَرَ ) وَلَوْ اتَّصَلَ الْعَمَلُ وَلَوْ ظَهَرَ الْعِرْقُ الثَّانِي قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ .
وَفِي الْحَطّ أَنَّهُ يُضَمُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ سَوَاءٌ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ حَتَّى أَتَمَّ الْأَوَّلَ أَوْ انْتَقَلَ إلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ الْأَوَّلِ ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ .
( وَفِي ) وُجُوبِ ( ضَمِّ فَائِدَةٍ ) أَيْ : مَالٌ لَهُ نِصَابٌ أَوْ كَانَتْ دُونَهُ ( حَالَ حَوْلُهَا ) أَيْ الْفَائِدَةِ وَهِيَ فِي مِلْكِهِ لِمَا أَخْرَجَهُ مِنْ مَعْدِنِ الْعَيْنِ دُونَ نِصَابٍ ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ .
وَعَدَمُ ضَمِّهَا لَهُ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي اشْتِرَاطِ تَمَامِ الْحَوْلِ فِيمَا دُونَهُ تَرَدُّدٌ أَيْ : قَوْلَانِ : الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ قِيَاسًا عَلَى عَدَمِ ضَمِّ الْمَعْدِنَيْنِ .
وَفَهِمَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ .
وَصَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْخِلَافَ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ الْفَائِدَةُ نِصَابًا أَوْ لَا وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ

غَيْرِهِ .
وَلَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ سَنَدٍ مِنْ أَنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ إنَّمَا قَالَ : تُضَمُّ الْفَائِدَةُ إذَا كَانَتْ دُونَ نِصَابٍ .
فَإِنْ كَانَتْ نِصَابًا وَأَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ دُونَ نِصَابٍ فَلَا يُزَكِّيهِ وَفِي قَوْلِهِ ضُمَّ إشَارَةٌ إلَى بَقَاءِ الْفَائِدَةِ بِيَدِهِ حَتَّى أَخْرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ مَا يَكْتَمِلُ النِّصَابُ فَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ إخْرَاجِهِ فَلَا زَكَاةَ اتِّفَاقًا .

وَتَعَلُّقِ الْوُجُوبُ بِإِخْرَاجِهِ أَوْ تَصْفِيَتِهِ : تَرَدُّدٌ ، وَجَازَ دَفْعُهُ بِأُجْرَةٍ غَيْرِ نَقْدٍ ، عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ ، وَاعْتُبِرَ مِلْكُ كُلٍّ .

( وَ ) فِي ( تَعَلُّقِ ) الْخِطَابِ بِ ( الْوُجُوبِ ) لِزَكَاةِ مَا خَرَجَ مِنْ الْمَعْدِنِ ( بِ ) مُجَرَّدِ ( إخْرَاجِهِ ) مِنْهُ بِدُونِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَصْفِيَتِهِ ، وَإِنَّمَا الْمُتَوَقِّفُ عَلَيْهَا الْإِخْرَاجُ ( أَوْ ) تَعَلُّقِهِ بِ ( تَصْفِيَتِهِ ) أَيْ ذَهَبِهِ أَوْ وَرِقِهِ مِنْ تُرَابِهِ وَسَبْكِهِ ( تَرَدُّدٌ ) الْأَوَّلُ لِلْبَاجِيِّ وَاسْتُظْهِرَ وَثَمَرَتُهُ فِيمَا أَنْفَقَ أَوْ تَلِفَ بَعْدَ الْإِخْرَاجِ وَقَبْلَ التَّصْفِيَةِ فَيُحْسَبُ عَلَى الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ، وَفِيمَا أُخْرِجَ وَلَمْ يُصَفَّ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُزَكَّى لِكُلِّ سَنَةٍ مَاضِيَةٍ وَعَلَى الثَّانِي يُزَكَّى مَرَّةً وَاحِدَةً .
( وَجَازَ دَفْعُهُ ) أَيْ : مَعْدِنِ الْعَيْنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ ، وَيَأْخُذُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ ( بِأُجْرَةٍ ) مَعْلُومَةٍ يَأْخُذُهَا الدَّافِعُ مِنْ الْعَامِلِ فِي نَظِيرِ أَخْذِهِ مَا يُخْرِجُهُ مِنْهُ بِشَرْطِ ضَبْطِ الْعَمَلِ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ خَاصٍّ ، كَحَفْرِ يَوْمٍ أَوْ قَامَةٍ نَفْيًا لِلْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَسُمِّيَ الْعِوَضُ أُجْرَةً ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ ذَاتٍ بَلْ فِي مُقَابَلَةِ إسْقَاطِ الْحَقِّ ( غَيْرِ نَقْدٍ ) لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ غَيْرِ يَدٍ بِيَدٍ مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ إحْدَاهُمَا نَظَرًا لِلصُّورَةِ .
وَلِذَا جَازَ دَفْعُ مَعْدِنٍ غَيْرِ النَّقْدِ ؛ بِأُجْرَةِ نَقْدٍ وَصِلَةُ دَفْعُ : ( عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ الْمَعْدِنِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ( لِلْمَدْفُوعِ لَهُ ) الْمَعْدِنُ وَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنَّ الْمُخْرَجَ لِمَنْ لَهُ الْمَعْدِنُ وَالْأُجْرَةَ لِلْعَامِلِ فَيَجُوزُ وَلَوْ بِنَقْدٍ ؛ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمَلِ ( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ فِي مَعْدِنٍ ( اُعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( مِلْكُ كُلٍّ ) مِنْ الْعَامِلِينَ فَمَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ نِصَابًا زَكَّى وَمَنْ لَا فَلَا .

وَفِي بِجُزْءٍ : كَالْقِرَاضِ : قَوْلَانِ ، وَفِي نَدْرَتِهِ : الْخُمُسُ : كَالرِّكَازِ ، وَهُوَ دَفْنُ جَاهِلِيٍّ وَإِنْ بِشَكٍّ أَوْ قَلَّ ، أَوْ عَرْضًا ، أَوْ وَجَدَهُ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ ، إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ ، أَوْ عَمَلٍ فِي تَخْلِيصِهِ فَقَطْ ، فَالزَّكَاةُ .

( وَفِي ) جَوَازِ دَفْعِ الْمَعْدِنِ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ ( بِجُزْءٍ ) مِنْ خَارِجِهِ مَعْلُومِ النِّسْبَةِ لِلْخَارِجِ كَثُلُثِهِ لِلْعَامِلِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ .
( كَالْقِرَاضِ ) أَيْ : دَفْعِ الْمَالِ لِمَنْ يَتَّجِرُ بِهِ بِثُلُثِ رِبْحِهِ مَثَلًا بِجَامِعِ الْغَرَرِ فِي كُلٍّ وَمَنْعِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ غَرَرًا مِنْ الْقِرَاضِ لِبِنَاءِ الْقِرَاضِ عَلَى رَأْسِ مَالٍ .
بِخِلَافِ هَذَا .
وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا الْمَنْعُ وَرَدَ دَلِيلٌ خَاصٌّ بِجَوَازِ الْقِرَاضِ وَبَقِيَ هَذَا عَلَى مَنْعِهِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا ، وَالْأَوَّلُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ ؛ لِأَنَّ الْمَعَادِنَ لَمَّا يَجُزْ بَيْعُهَا جَازَتْ الْمُعَامَلَةُ عَلَيْهِمَا كَالْقِرَاضِ وَالْمُسَاقَاةِ ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ .
( وَفِي نَدْرَتِهِ ) أَيْ : مَعْدِنِ الْعَيْنِ بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : قِطْعَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ خَالِصَةٍ لَا تَحْتَاجُ لِتَصْفِيَةٍ قَالَهُ عِيَاضٌ .
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ تُرَابُ كَثِيرِ الذَّهَبِ سَهْلُ التَّصْفِيَةِ وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا ، إذْ الْمُرَادُ مَا نِيلَ مِنْ الْمَعْدِنِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِكَبِيرِ عَمَلٍ فَشَمِلَ الْقِطْعَةَ الْكَبِيرَةَ الْخَالِصَةَ وَالْقِطَعَ الصِّغَارَ الْخَالِصَةَ الْمَبْثُوثَةَ فِي التُّرَابِ وَالتُّرَابَ الْكَثِيرَ الذَّهَبِ السَّهْلَ التَّصْفِيَةِ ( الْخُمْسُ ) أَيْ : خُمْسُهَا سَوَاءٌ وَجَدَهَا حُرٌّ أَوْ رَقِيقُ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ بَلَغَتْ نِصَابًا أَمْ لَا ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ : ابْنُ نَافِعٍ فِيهَا الزَّكَاةُ رُبْعُ الْعُشْرِ لِاخْتِصَاصِ الْخُمْسِ بِالرِّكَازِ وَالنَّدْرَةُ مَعْدِنٌ لَا رِكَازٌ ؛ لِأَنَّهُ دِفْنُ آدَمِيٍّ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ النَّدْرَةُ رِكَازٌ ؛ لِأَنَّهُ مَا وُجِدَ فِي بَطْنِ الْأَرْضِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ لِتَخْلِيصٍ سَوَاءٌ دُفِنَ فِيهَا أَوْ خُلِقَ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُمُسِ فَقَالَ ( كَالرِّكَازِ وَهُوَ ) أَيْ : الرِّكَازُ ( دِفْنُ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ : مَدْفُونُ كَافِرٍ ( جَاهِلِيٍّ ) فِي التَّوْضِيحِ الْجَاهِلِيَّةُ مَا عَدَا

الْمُسْلِمِينَ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ أَمْ لَا .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ اصْطِلَاحُهُمْ أَنَّ الْجَاهِلِيَّةَ أَهْلُ الْفَتْرَةِ الَّذِينَ لَا كِتَابَ لَهُمْ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ جَاهِلِيَّةٌ وَأَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِهِ مَنْ لَيْسَ مُسْلِمًا وَلَا ذِمِّيًّا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ .
فَلَوْ قَالَ وَهُوَ دِفْنُ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ لَكَانَ أَوْضَحَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ دِفْنَ كُلِّ كَافِرٍ غَيْرِ ذِمِّيٍّ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بَعْدَهُ لَهُ كِتَابٌ أَوْ لَا وَمَالُ الْكَافِرِ غَيْرِ الذِّمِّيِّ الَّذِي وُجِدَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِيهِ الْخُمْسُ أَيْضًا ، وَلَكِنْ لَا يُسَمَّى رِكَازًا .
وَأَوْرَدَ عَلَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَشْمَلْ النَّدْرَةَ وَهِيَ رِكَازٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ كَانَ دِفْنَ جَاهِلِيٍّ بِتَحْقِيقٍ أَوْ ظَنٍّ بَلْ ( وَإِنْ بِشَكٍّ ) فِي كَوْنِهِ دِفْنَ جَاهِلِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُهُ لِجَاهِلِيٍّ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ عَلَامَةٌ أَوْ انْطَمَسَتْ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَلَامَتَانِ قَالَهُ سَنَدٌ إنْ كَانَ نِصَابًا بَلْ ( أَوْ ) وَإِنْ ( قَلَّ ) كُلٌّ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ عَنْ نِصَابٍ كَانَ عَيْنًا ( أَوْ عَرْضًا ) كَنُحَاسٍ وَمِسْكٍ وَرُخَامٍ ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالرِّكَازِ إنْ وَجَدَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ بَالِغٌ غَيْرَ دَيْنٍ ( أَوْ وَجَدَهُ ) أَيْ : مَا ذُكِرَ مِنْ النَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ ( عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ ) أَوْ صَبِيٌّ أَوْ مَدِينٌ ( إلَّا لِكَبِيرِ نَفَقَةٍ ) حَيْثُ لَمْ يَعْمَلْ بِنَفْسِهِ .
( أَوْ كَبِيرِ عَمَلٍ ) بِنَفْسِهِ أَوْ رَقِيقُهُ ( فِي تَخْلِيصِهِ ) أَيْ : إخْرَاجِهِ مِنْ الْأَرْضِ .
وَفِي نُسْخَةٍ تَحْصِيلِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ ( فَقَطْ ) رَاجِعٌ لِلتَّخْلِيصِ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ نَفَقَةِ سَفَرِهِ فَيُخَمَّسُ مَعَهَا وَالرَّاجِحُ زَكَاتُهُ مَعَهَا أَيْضًا ( فَالزَّكَاةُ ) رُبْعُ الْعُشْرِ دُونَ الْخُمْسِ ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلنَّدْرَةِ وَالرِّكَازِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ ، وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُ

نِصَابٍ وَلَا غَيْرِهِ مِنْ شُرُوطِ الزَّكَاةِ ، هَذَا تَأْوِيلُ اللَّخْمِيِّ وَتَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى وُجُوبِ الْخُمْسِ مُطْلَقًا .
وَلَوْ تَوَقَّفَ إخْرَاجُهُ مِنْ الْأَرْضِ عَلَى كَبِيرِ نَفَقَةٍ أَوْ عَمَلٍ .

وَكُرِهَ حَفْرُ قَبْرِهِ ، وَالطَّلَبُ فِيهِ وَبَاقِيهِ لِمَالِك الْأَرْضِ ، وَلَوْ جَيْشًا ، وَإِلَّا فَلِوَاجِدِهِ ، وَإِلَّا دِفْنَ الْمُصَالِحِينَ ؛ فَلَهُمْ : إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا فَلَهُ .

( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( حَفْرُ قَبْرِهِ ) أَيْ : الْجَاهِلِيِّ لِإِخْلَالِهِ بِالْمُرُوءَةِ وَخَوْفِهِ مُصَادَفَةَ قَبْرِ صَالِحٍ ( وَالطَّلَبُ ) لِلْمَالِ ( فِيهِ ) أَيْ : قَبْرِ الْجَاهِلِيِّ فِي قُوَّةِ عِلَّةٍ لِمَا قَبْلَهُ وَيُخَمَّسُ مَا وُجِدَ فِيهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرِهِ وَأَخْذُ مَا فِيهِ مِنْ مَالٍ وَفِيهِ الْخُمْسُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ الطَّلَبُ بِلَا حَفْرٍ بِبَخُورٍ وَعَزِيمَةٍ ( وَبَاقِيهِ ) أَيْ : الرِّكَازِ الْمُخَمَّسِ أَوْ الْمُزَكَّى ( لِمَالِكِ الْأَرْضِ ) الَّتِي وُجِدَ بِهَا بِإِحْيَاءٍ لَا بِشِرَاءٍ فَهُوَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصْوَبِ وَجَدَهُ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمَالِكُ لَهَا ( جَيْشًا ) افْتَتَحَهَا عَنْوَةً ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا ، فَهِيَ كَالْمَمْلُوكَةِ .
فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْجَيْشُ فَلِوَارِثِهِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْمُسْلِمِينَ ، أَوْ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ تُقَسَّمُ عَلَى الْجَيْشِ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ نَافِعٍ مَا وُجِدَ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ فَبَاقِيهِ لِوَاجِدِهِ ، وَأَمَّا بَاقِي النَّدْرَةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا فَحُكْمُهُ كَالْمَعْدِنِ .
( وَإِلَّا ) يَكُنْ الرِّكَازُ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِأَحَدٍ كَمَوَاتِ أَرْضِ الْإِسْلَامِ وَأَرْضِ الْحَرْبِ ( فَ ) بَاقِيهِ ( لِوَاجِدِهِ وَإِلَّا دِفْنَ ) أَرْضِ ( الْمُصَالِحِينَ فَ ) هُوَ ( لَهُمْ ) وَلَوْ وَجَدَهُ غَيْرُهُمْ بِلَا تَخْمِيسٍ وَلَوْ دَفَنَهُ غَيْرُهُمْ ( إلَّا أَنْ يَجِدَهُ رَبُّ دَارٍ بِهَا ) مِنْهُمْ أَوْ غَيْرُهُ بِهَا ( فَ ) هُوَ ( لَهُ ) أَيْ : رَبِّ الدَّارِ دُونَ بَاقِيهِمْ إنْ كَانَ مِنْهُمْ ، فَإِنْ كَانَ دَخِيلًا فِيهِمْ فَهُوَ لَهُمْ فَإِنْ أَسْلَمَ رَبُّ الدَّارِ عَادَ حُكْمُهُ كَالْمَعْدِنِ قَالَهُ س .
وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَعْدِنَ مَظِنَّةُ التَّنَازُعِ لِدَوَامِهِ بِخِلَافِ الرِّكَازِ .

وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ لُقَطَةٌ .
( وَدِفْنُ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ) عُلِمَ بِعَلَامَةٍ ( لُقَطَةٌ ) فَيُعَرَّفُ سَنَةً مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ انْقِرَاضُ مُسْتَحِقِّهِ فَيُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ بِلَا تَعْرِيفٍ وَلَا مَفْهُومَ لِدِفْنٍ وَخَصَّهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ رِكَازٌ .

وَمَا لَفَظَهُ الْبَحْرُ : كَعَنْبَرٍ ، فَلِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ .
.
( وَمَا لَفَظَهُ ) بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : رَمَاهُ وَطَرَحَهُ ( الْبَحْرُ كَعَنْبَرٍ ) مِمَّا لَمْ يَمْلِكْهُ آدَمِيٌّ ( فَ ) هُوَ ( لِوَاجِدِهِ بِلَا تَخْمِيسٍ ) فَإِنْ كَانَ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِآدَمِيٍّ فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا فَالنَّظَرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ : إنْ كَانَ رَبُّهُ تَرَكَهُ لِعَطَبِهِ فَلُقَطَةٌ وَإِنْ كَانَ أَلْقَاهُ لِلنَّجَاةِ فَهُوَ لِوَاجِدِهِ .

( فَصْلٌ ) وَمَصْرِفُهَا : فَقِيرٌ ، وَمِسْكِينٌ : وَهُوَ أَحْوَجُ ، وَصُدِّقَا ، إلَّا لِرِيبَةٍ ؛ إنْ أَسْلَمَ .
وَتَحَرَّرَ ، وَعَدِمَ كِفَايَةً بِقَلِيلٍ أَوْ إنْفَاقٍ أَوْ صَنْعَةٍ ، وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ لَا الْمُطَّلِبِ كَحَسْبِ عَلَى عَدِيمٍ .

( فَصْلٌ ) فِيمَنْ تُصْرَفُ الزَّكَاةُ لَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( وَمَصْرِفُهَا ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ : مَحَلُّ صَرْفِ الزَّكَاةِ ( فَقِيرٌ ) أَيْ : مَالِكُ دُونَ قُوتِ عَامِهِ ( وَمِسْكِينٌ ) أَيْ : مَنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا ( وَهُوَ ) أَيْ الْمِسْكِينُ ( أَحْوَجُ ) أَيْ : أَشَدُّ حَاجَةً مِنْ الْفَقِيرِ وَقِيلَ مُتَرَادِفَانِ عَلَى مَنْ لَمْ يَمْلِكْ قُوتَ عَامِهِ بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا أَوْ مَلَكَ دُونَهُ ( وَصُدِّقَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ فِي دَعْوَاهُمَا الْفَقْرَ وَالْمَسْكَنَةَ بِلَا يَمِينٍ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا لِرِيبَةٍ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ : شَكٍّ فِي صِدْقِهِمَا بِسَبَبِ مُخَالَفَةِ ظَاهِرِ حَالِهِمَا لِدَعْوَاهُمَا فَلَا يُصَدَّقَانِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
وَهَلْ يَكْفِي شَاهِدٌ وَيَمِينٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَدَعْوَى الْمَدِينِ أَوْ الْوَالِدِ الْعَدَمَ ؟ وَهَلْ تَحْلِفُ مَعَهُمَا أَوْ لَا كَدَعْوَى الْوَالِدِ الْعَدَمَ ؟ ( إنْ أَسْلَمَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ : كَانَا مُسْلِمَيْنِ لَا إنْ كَفَرَا أَوْ ظُنَّ إنْفَاقُهُمَا فِي مَعْصِيَةٍ ( وَتَحَرَّرَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ كَانَا حُرَّيْنِ لَا ذَوِي شَائِبَةِ رِقٍّ وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُمَا وَعَدَمُ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ عَنْ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا شُرُوطٌ فِي جَمِيعِهَا إلَّا الْمُؤَلِّفَ وَالرِّقَابَ .
( وَعَدِمَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ : فَقَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا ( كِفَايَةً بِقَلِيلٍ ) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْهُ أَوْ لَمْ يَكْفِهِ فَإِنْ كَفَاهُ قَلِيلَ عَامِهِ فَلَيْسَ مِسْكِينًا وَلَا فَقِيرًا فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا ( أَوْ ) عَدِمَ كِفَايَةً بِ ( إنْفَاقٍ ) عَلَيْهِ مِنْ نَحْو وَالِدَيْهِ إنْ عَدِمَ الْإِنْفَاقَ أَوْ لَمْ يَكْفِ فَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ فَمَنْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ مَلِيًّا فَلَا يُعْطَى .
وَلَوْ لَمْ يُنْفِقْ عَلَيْهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ بِالْحُكْمِ وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مَلِيٌّ تَبَرُّعًا يُعْطَى مِنْهَا إذْ لَهُ قَطْعُهَا عَنْهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقِيلَ لَا يُعْطَى مُطْلَقًا .
وَقِيلَ إنْ كَانَ قَرِيبًا لِلْمُنْفِقِ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَحْرُمُ وَإِنْ حَصَلَ

إجْزَاءٌ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِأَنْ لَمْ يُرَتَّبْ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ أَوْ رُتِّبَ لَهُ مِنْهُ مَا لَا يَكْفِيهِ ( أَوْ صَنْعَةٍ ) أَيْ : اكْتِسَابٍ بِأَنْ كَانَ لَا صَنْعَةَ لَهُ أَوْ لَهُ صَنْعَةٌ لَا تَكْفِيهِ فَيُعْطَى تَمَامَ كِفَايَتِهِ وَصَدَقَ إنْ ادَّعَى كَسَادَهَا .
( وَعَدَمِ بُنُوَّةٍ لِهَاشِمٍ ) ثَانِي أَجْدَادِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذْ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ ( لَا ) يُشْتَرَطُ عَدَمُ بُنُوَّةِ ( الْمُطَّلِبِ ) شَقِيقِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَأُمُّهُمَا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ ، وَأَمَّا عَبْدُ شَمْسٍ وَنَوْفَلٌ فَلَيْسَا وَلَدَيْ عَبْدِ مَنَافٍ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَهُمَا ابْنَا زَوْجِهِ كَفَلَهُمَا فَنُسِبَا إلَيْهِ وَأُمُّهُمَا بَنِي عَدِيٍّ وَقِيلَ هُمَا ابْنَا عَبْدِ مَنَافٍ ، وَاَلَّذِي فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ فَرْضِ الْخُمْسِ أَنَّ عَبْدَ شَمْسٍ شَقِيقُ هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ .
وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ " عَبْدُ شَمْسٍ وَالْمُطَّلِبُ وَهَاشِمٌ إخْوَةٌ لِأُمٍّ وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ " .
وَقَالَ الْكَلَاعِيُّ وَلَدُ عَبْدِ مَنَافٍ أَرْبَعَةٌ : هَاشِمٌ ، وَعَبْدُ شَمْسٍ ، وَالْمُطَّلِبُ ، وَنَوْفَلٌ وَكُلُّهُمْ لِعَاتِكَةَ بِنْتِ مُرَّةَ بْنِ هِلَالٍ السُّلَيْمِيَّةِ إلَّا نَوْفَلًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ لِوَاقِدَةَ بِنْتِ عَمْرٍو مِنْ بَنِي مَازِنِ بْنِ صَعْصَعَةَ وَالْمُرَادُ بِبُنُوَّةِ هَاشِمٍ كَوْنُ الشَّخْصِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَلَدًا لِهَاشِمٍ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةٍ ذَكَرٍ أَوْ ذُكُورٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَنِي هَاشِمٍ أَوْلَادُ الْإِنَاثِ مِنْ أَوْلَادِهِ وَمَحَلُّ عَدَمِ إعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ إذَا كَانُوا أَغْنِيَاءَ أَوْ أُعْطُوا مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا شَيْئًا مِنْهُ أَوْ أُعْطُوا مِنْهُ مَا لَا يَكْفِيهِمْ وَأَضَرَّهُمْ الْفَقْرُ فَإِعْطَاؤُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يَصِلُوا إلَى إبَاحَةِ أَكْلِ الْمَيْتَةِ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ صِيَانَةً لَهُمْ عَنْ خِدْمَةِ ذِمِّيٍّ أَوْ ظَالِمٍ أَوْ اكْتِسَابِ حَرَامٍ

كَمَكْسٍ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ الْمُسْتَفَادَ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَقَالَ ( كَحَسْبِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ : لِدَيْنٍ ( عَلَى ) مَدِينٍ ( عَدِيمٍ ) أَيْ : لَمْ يَمْلِكْ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ مِنْ الزَّكَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لَهُ أَوْ قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْهُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : يُجْزِئُ الْحَطّ فَإِذَا عُلِمَ مِنْ حَالِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْسِبْ عَلَى عَدِيمٍ فَلَا يُزَكِّي فَالْعَمَلُ بِقَوْلِ أَشْهَبَ مُقَدَّمٌ عَلَى تَرْكِهَا عَلَى كُلِّ قَوْلٍ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَالظَّاهِرُ عَدَمُ سُقُوطِ الدَّيْنِ عَنْ الْمَدِينِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَحْصُلْ وَمَفْهُومُ عَدِيمٍ إنْ حَسَبَ مَا عَلَى مَنْ لَهُ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ مُجْزِئٌ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
وَاعْتَرَضَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الدَّيْنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قِيمَتُهُ دُونَهُ وَسَلَّمَهُ الْحَطّ قَالَ فَلَا مَفْهُومَ لِعَدِيمٍ .

، وَجَازَ لِمَوْلَاهُمْ وَقَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ ، وَمَالِكِ نِصَابٍ ؛
( وَجَازَ ) إعْطَاؤُهَا ( لِمَوْلَاهُمْ ) أَيْ : مُعْتَقِ بَنِي هَاشِمٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ وَالْإِخْوَانُ لِخَبَرِ { الصَّدَقَةُ لَا تَحِلُّ لَنَا وَلِمَوَالِينَا } .
أَصْبَغُ احْتَجَجْت عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ بِخَبَرِ { مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ } فَقَالَ ، قَدْ جَاءَ ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا تَفْسِيرُ ذَلِكَ فِي الْحُرْمَةِ وَالْبِرِّ .
وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ ، وَحَكَى عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْإِجْمَاعَ وَهُوَ مِنْ إجْمَاعَاتِهِ الْمُحَذَّرِ مِنْهَا أَفَادَهُ عبق ( وَ ) جَازَ دَفْعُهَا لِصَحِيحٍ ( قَادِرٍ عَلَى الْكَسْبِ ) تَارِكٍ لَهُ وَلَوْ اخْتِيَارًا عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا لَهُ ( و ) لِ ( مَالِكِ نِصَابٍ ) أَوْ أَكْثَرَ لَا يَكْفِيهِ لِسَنَتِهِ لِغَلَاءٍ أَوْ كَثْرَةِ عِيَالٍ فَيُعْطَى مَا يُكْمِلُ بِهِ الْعَامَ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى الْمُغِيرَةُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَا تُعْطَى لِمَالِكِ نِصَابٍ .

وَدَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ ، وَكِفَايَةِ سَنَةٍ وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا لِمَدِينٍ ثُمَّ أَخْذِهَا : تَرَدُّدٌ .
وَ ) جَازَ ( دَفْعُ أَكْثَرَ مِنْهُ ) أَيْ النِّصَابِ لِمِسْكِينٍ أَوْ فَقِيرٍ لَا يَزِيدُ عَلَى كِفَايَةِ سَنَتِهِ ( وَ ) دَفْعُ ( كِفَايَةِ سَنَةٍ ) لِفَقِيرٍ أَوْ مِسْكِينٍ لَا أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ اتَّسَعَ الْمَالُ يُزَادُ ثَمَنُ الْخَادِمِ وَمَهْرُ الزَّوْجَةِ وَقُيِّدَتْ كِفَايَةُ السَّنَةِ بِأَنْ يَكُونَ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْتِهِ الْعَامَ كُلَّهُ شَيْءٌ ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ لَا تُفَرَّقُ كُلَّ عَامٍ أَنَّهُ يُعْطَى أَكْثَرَ مِنْ كِفَايَةِ سَنَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ .
( وَفِي جَوَازِ دَفْعِهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ ( لِ ) شَخْصٍ ( مَدِينٍ ) لِلْمُزَكِّي عَدِيمٍ ( ثُمَّ أَخَذَهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ ( مِنْهُ ) أَيْ الْمَدِينِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْبَاجِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ وَالْمُتَقَدِّمُ الْجَوَازُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَاعْتُمِدَ ، وَالْمَنْعُ فُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمُصَنِّفُ .
أ تت مَحَلُّهُ إذْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا .
وَقَالَ الْحَطّ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَوَاطَأْ عَلَيْهِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ كَمَنْ لَمْ يُعْطِهَا وَحَسَبَهَا عَلَى عَدِيمٍ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ .
طفي الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِهَا حِينَ دَفْعِهَا وَأَخْذِهَا بَعْدَ مُدَّةٍ وَلَمْ أَرَ مَنْ شَرْطِ مَحَلِّ الْخِلَافِ التَّرَاخِيَ وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ الْإِحْزَاءَ اتِّفَاقًا إذَا دَفَعَهَا لِلْمَدِينِ وَأَخَذَ مِنْهُ غَيْرَهَا وَفَاءً لِدَيْنِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ دَيْنَهُ ثُمَّ دَفَعَهَا لَهُ .

.
وَجَابٍ ، وَمُفَرِّقٌ حُرٌّ عَدْلٌ عَالِمٌ بِحُكْمِهَا : غَيْرُ هَاشِمِيٍّ ، وَكَافِرٍ وَإِنْ غَنِيًّا وَبُدِئَ بِهِ ، وَأَخَذَ الْفَقِيرُ بِوَصْفِهِ ؛ وَلَا يُعْطَى حَارِسَ الْفِطْرَةِ مِنْهَا

وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَجَابٍ ) لِلزَّكَاةِ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ( وَمُفَرِّقٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً لَهَا عَلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَكَاتِبٌ وَحَاشِرٌ وَهُوَ جَامِعُ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ لِلْجَابِي ، وَهُمْ الْعَامِلُونَ عَلَيْهَا فِي الْآيَة لَا رَاعٍ وَحَارِسٌ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِمَا لِوُجُوبِ تَفْرِقَتِهَا فَوْرًا .
فَإِنْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ إلَيْهِمَا فَأُجْرَتُهُمَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
فَإِنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ إلَى الْحَاشِرِ لِإِتْيَانِ السَّعَادَةِ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ حَالَ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْمِيَاهِ ، وَلَا يَقْعُدُونَ فِي مَحَلٍّ وَيُرْسِلُونَ الْحَاشِرَ إلَيْهِمْ إذْ لَا يَلْزَمُهُمْ السَّيْرُ بِمَوَاشِيهِمْ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ .
قُلْت : الْمُرَادُ بِالْحَاشِرِ مَنْ يَجْمَعُ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ فِي قَرْيَتِهِمْ إلَى السَّاعِي بَعْدَ إتْيَانِهِ إلَيْهَا .
وَنَعَتَ الْجَابِيَ وَالْمُفَرِّقَ فَقَالَ ( حُرٌّ ) فَلَا يُعْطَى مِنْهَا عَبْدٌ ( عَدْلٌ ) أَيْ : غَيْرُ فَاسِقٍ فِي عَمَلِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدْلَ الشَّهَادَةِ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْ حُرٍّ وَغَيْرِ كَافِرٍ ، وَاقْتَضَى اشْتِرَاطَ الْمُرُوءَةِ وَنَحْوِهَا فِي الْعَامِلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَا عَدْلِ الرِّوَايَةِ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْ غَيْرِ كَافِرِ وَنَافِي حُرٍّ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ عَدْلُ رِوَايَةٍ ( عَالِمٌ بِحُكْمِهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ لِئَلَّا يَأْخُذَ غَيْرَ الْوَاجِبِ أَوْ يُسْقِطَ الْوَاجِبَ أَوْ يَدْفَعَ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ وَيَمْنَعَ مُسْتَحِقًّا ( غَيْرُ هَاشِمِيٍّ ) لِحُرْمَتِهَا عَامَّةَ الْهَاشِمِيِّ ؛ لِأَنَّهَا وَسَخُ الْمُزَكِّي وَالْهَاشِمِيُّ أَشْرَفُ النَّاسِ وَأَخْذُهَا وَلَوْ عَلَى الْعَمَلِ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ ذَلِكَ .
وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ عَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي الْمُجَاهِدِ أَيْضًا وَالْجَاسُوسِ الْمُسْلِمِ .
وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُعْطَى مِنْهَا لِخَسَّتِهِ بِكُفْرِهِ وَكَوْنُ الْعَامِلِ عَالِمًا بِحُكْمِهَا شَرْطَانِ فِي عَمَلِهِ وَإِعْطَائِهِ مِنْهَا أَيْضًا وَكَوْنُهُ حُرًّا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ .
( وَ ) غَيْرُ ( كَافِرٍ ) شُرُوطٌ فِي إعْطَائِهِ مِنْهَا

إلَّا فِي عَمَلِهِ فَيَصِحُّ عَمَلُ الرَّقِيقِ وَالْهَاشِمِيِّ وَالْكَافِرِ عَلَيْهَا وَيُعْطُونَ أُجْرَةَ مِثْلِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَشُرُوطُ الْعَامِلِ أَيْضًا كَوْنُهُ ذَكَرًا بَالِغًا فَيُعْطَى الْعَامِلُ مِنْهَا إنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( غَنِيًّا ) ؛ لِأَنَّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ ( وَبُدِئَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِ ) إعْطَاءِ الْعَامِلِ مِنْهَا أُجْرَةَ مِثْلٍ ( هـ ) وَيُدْفَعُ جَمِيعُهَا لَهُ إنْ كَانَ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِهِ ( وَأَخَذَ ) الْعَامِلُ ( الْفَقِيرُ ) مِنْهَا ( بِوَصْفَيْهِ ) أَيْ : الْفَقْرِ وَالْعَمَلِ إنْ لَمْ يُغْنِهِ حَظُّ الْعَمَلِ ، لَكِنْ لَا يَأْخُذُ بِإِعْطَاءِ نَفْسِهِ .
وَكَذَا إنْ كَانَ مَدِينًا ؛ لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَلَا يَقْسِمُ لِنَفْسِهِ لِئَلَّا يُحَابِيَهَا .
وَكَذَا سَائِرُ مَنْ جَمَعَ وَصْفَيْنِ يَسْتَحِقُّهَا بِهِمَا كَفَقْرٍ وَجِهَادٍ أَوْ أَكْثَرَ كَغُرْبَةٍ وَدَيْنٍ وَمَسْكَنَةٍ .
( وَلَا يُعْطَى حَارِسٌ ) زَكَاةَ ( الْفِطْرَةِ ) أُجْرَةَ حِرَاسَتِهِ ( مِنْهَا ) وَيُعْطَاهَا مِنْ بَيْت الْمَالِ وَكَذَا حَارِسُ زَكَاةِ الْمَالِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحِرَاسَةُ .
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ الْفَقْرُ فَيُعْطَى .

وَمُؤَلَّفٌ كَافِرٌ لِيُسْلِمَ وَحُكْمُهُ بَاقٍ .
وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَمُؤَلَّفٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَاللَّامِ مُثَقَّلَةً أَيْ : قَلْبُهُ لِلْإِيمَانِ وَهُوَ شَخْصٌ ( كَافِرٌ ) يُعْطَى مِنْهَا ( لِيُسْلِمَ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ .
وَقِيلَ مُسْلِمٌ قَرِيبُ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ يُعْطَى مِنْهَا لِيَتَمَكَّنَ إسْلَامُهُ الْأَوَّلُ لِابْنِ حَبِيبٍ .
وَصَدَّرَ بِالثَّانِي ابْنُ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَى عَزْوِهِ أَنَّهُ أَرْجَحُ .
( وَحُكْمُهُ ) أَيْ : الْمُؤَلَّفِ وَهُوَ تَأْلِيفُهُ بِإِعْطَائِهِ مِنْهَا لِيُسْلِمَ ( بَاقٍ ) لَمْ يُنْسَخْ هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ .
طفي وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ فَقَدْ قَالَ الْقَبَّابُ فِي شَارِحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ انْقِطَاعُ سَهْمِ هَؤُلَاءِ بِعِزَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا إلَيْهِ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِإِنْقَاذِ مُهْجَتِهِ مِنْ الْخُلُودِ فِي النَّارِ .
وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ تَرْغِيبُهُ فِي الْإِسْلَامِ لِإِعَانَتِهِ لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ .
وَقِيلَ إنْ دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اسْتِئْلَافِهِمْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ رُدَّ إلَيْهِمْ سَهْمُهُمْ ، وَرَجَّحَ هَذَا اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَطِيَّةَ فَالْمُنَاسِبُ التَّصْدِيرُ بِالْمَشْهُورِ ، وَالتَّنْبِيهُ عَلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ أَوْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهَذَا الْخِلَافُ عَلَى أَنَّهُ كَافِرٌ يُعْطَى لِيُسْلِمَ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُسْلِمٌ يُعْطَى لِلتَّمْكِينِ فَحُكْمُهُ بَاقٍ بِاتِّفَاقٍ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57