كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ : سُكَّ : بَعْدَ مُفَارَقَةٍ ، أَوْ طُولٍ ، أَوْ مَصُوغٌ مُطْلَقًا : نُقِضَ ، وَإِلَّا صَحَّ ، وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا ؟ تَرَدُّدٌ

( وَإِنْ اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ نَقْدٌ مَصْرُوفٌ ( مُعَيَّنٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثْقَلَةً ، وَكَذَا غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( سُكَّ ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ مَسْكُوكٌ ، وَكَذَا مَكْسُورٌ وَتِبْرٌ ، وَصِلَةُ اُسْتُحِقَّ ( بَعْدَ مُفَارَقَةٍ ) بَيْنَ الْمُتَصَارِفَيْنِ بِالْبَدَنِ أَوْ طُولٍ فِي الزَّمَنِ ( أَوْ ) اُسْتُحِقَّ مَصْرُوفٌ ( مَصُوغٌ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمُفَارَقَةِ أَوْ الطُّولِ ( نُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الصَّرْفُ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ ، فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّ أَخْذَ عِوَضِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِمَثَابَةٍ مَنْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ .
الْحَطّ اسْتِحْقَاقُ الْمَصُوغِ يُوجِبُ نَقْضَ الصَّرْفِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ خِلَافًا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِعَيْنِهِ فَيُنْقَضُ بَيْعٌ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، فَكَيْفَ بِصَرْفِهِ .
وَأَمَّا الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ الْمُسْتَحَقُّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فَانْتِقَاضُ صَرْفِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مَعْنَى انْتِقَاضِهِ فَسْخُهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُهُ وَلَوْ رَضِيَا بِهِ ، وَهَكَذَا قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ مَعَ الْمُرَاضَاةِ وَلَوْ بَعْدَ افْتِرَاقٍ أَوْ طُولٍ ( وَإِلَّا ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ اللَّامِ مُرَكَّبٌ مِنْ إنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِحْقَاقُ الْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ بِأَنْ اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ ( صَحَّ ) الصَّرْفُ .
( وَهَلْ ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ فِيهِ ( إنْ تَرَاضَيَا ) أَيْ الْمُتَصَارِفَانِ بِالْبَدَلِ وَمَنْ أَبَاهُ مِنْهُمَا لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَنْ أَبَاهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ لِنُدُورِ اسْتِحْقَاقِهِ ، بِخِلَافِ وُجُوبِ عَيْبٍ فِيهِ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي

النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّرَاضِي اتِّفَاقًا لِقَوْلِهِ فِي الْعَيْبِ .
وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تُعَيَّنْ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ التَّرَدُّدَ جَارِيًا فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ أَيْضًا ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَيْبِ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَنْشَأُ غَالِبًا عَنْ تَفْرِيطٍ وَتَدْلِيسٍ ، بِخِلَافِ الْعَيْبِ .
الْحَطَّابُ أَيْ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْمَسْكُوكُ الْمُعَيَّنُ وَلَمْ يَحْصُلْ طُولٌ وَلَا مُفَارَقَةٌ بَلْ اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَإِنَّ الصَّرْفَ صَحِيحٌ لَا يُنْتَقَضُ وَيُعْطِيهِ بَدَلَ الْمُسْتَحَقِّ .
ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ هَلْ عَدَمُ انْتِقَاضِهِ ، مَحَلُّهُ إذَا تَرَاضَيَا بِالْبَدَلِ وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا بِهِ فَلَا يُجْبَرَانِ عَلَيْهِ ، وَيُفْسَخُ الصَّرْفُ أَوْ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْمُسْتَحَقِّ عَلَى إبْدَالِهِ ، وَيَصِحُّ الصَّرْفُ فِي ذَلِكَ طَرِيقَانِ .
الْأُولَى لِابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ وَغَيْرِهِمْ ، وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، هَذَا أَقْرَبُ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْمَسْكُوكِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ اُنْتُقِضَ الصَّرْفُ بِلَا خِلَافٍ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيِّ ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْكَاتِبِ .
وَإِنْ لَمْ يَفْتَرِقَا وَلَمْ يَطُلْ ، فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ بِلَا خِلَافٍ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ الْكَاتِبِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ النَّقْضِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ مُنْتَقِضٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجُوزُ الْبَدَلُ ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ وَالطُّولِ يَقْتَضِي الْفَسْخَ ، سَوَاءٌ عُيِّنَتْ أَمْ لَمْ تُعَيَّنْ .
وَإِنْ أَبْدَلَهَا بِالْحَضْرَةِ

وَتَرَاضَيَا جَازَ ، وَأَنَّ أَشْهَبَ قَالَ بِالْفَسْخِ فِي الْمُعَيَّنَةِ وَبِعَدَمِهِ فِي غَيْرِهَا وَإِنْ حَصَلَ طُولٌ أَوْ افْتِرَاقٌ فُسِخَ الصَّرْفُ وَالْمَسْأَلَةُ كَثِيرَةُ الِاضْطِرَابِ ، وَهَذَا مُحَصَّلُ النَّقْلِ فِيهَا .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " وَكَذَا غَيْرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَسْوِيَةِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ بِهِ فِي التَّفْصِيلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَخَالَفَهُ أَشْهَبُ فِيهَا وَسَحْنُونٌ ، فَفَرَّقَا بَيْنَ الْمُعَيَّنِ يُنْتَقَضُ وَغَيْرُهُ لَا يُنْتَقَضُ .
وَاخْتَلَفَ الشُّيُوخُ فِي فَهْمِهَا عَلَى تَأْوِيلَاتٍ ، أَحَدُهَا : لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ خِلَافَهُمَا فِيمَا بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَوْ الطُّولِ ، وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الصِّحَّةِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ مُطْلَقًا .
الثَّانِي : لِابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ خِلَافَهُمَا فِيمَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ ، فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَعِنْدَ أَشْهَبَ يُنْقَضُ فِي الْمُعَيَّنِ .
وَيَصِحُّ فِي غَيْرِهِ وَيَتَّفِقَانِ عَلَى النَّقْضِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ وَالطُّولِ مُطْلَقًا .
الثَّالِثُ : اللَّخْمِيُّ حَمَلَ الْإِطْلَاقَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى تَفْصِيلِ أَشْهَبَ ، وَخَصَّهُ بِمَا اُسْتُحِقَّ بِالْحَضْرَةِ فَجَعَلَهُ وِفَاقًا .
هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ بِمَعْنَاهُ فَابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ سَوَّى بَيْنَ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْحَضْرَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ .

وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ إنْ لَمْ يُخْبَرْ الْمُصْطَرِفُ

( وَ ) إنْ صُرِفَ مَسْكُوكٌ مُعَيَّنٌ أَوْ مَصُوغٌ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فَ ( لِلْ ) شَخْصِ ا ( لْمُسْتَحِقِّ ) لِلْمَسْكُوكِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْمَصُوغِ الْمَصْرُوفِ ( إجَازَتُهُ ) أَيْ الصَّرْفِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُنْقَضُ فِيهَا وَهِيَ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ فِي الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ مُطْلَقًا وَالْحَالَةِ الَّتِي لَا يُنْقَضُ الْمَسْكُوكُ فِيهَا ، وَإِذَا أَجَازَهُ أَخَذَ ثَمَنَهُ مِمَّنْ بَاعَهُ ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ عَدَمُ الرِّضَا بِالْإِجَازَةِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْفُضُولِيِّ لَازِمٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي ، وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى فِي الْحَالَةِ الْأُولَى ، وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ الشِّقَّ الثَّانِيَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَهُوَ عَدَمُ إجَازَتِهِ فَيُنْقَضُ الصَّرْفُ وَيَأْخُذُهُ شِيَاهُ لِظُهُورِهِ .
وَمَحَلُّ جَوَازِ الْإِجَازَةِ ( إنْ لَمْ يُخْبَرْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ( الْمُصْطَرِفُ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ بِأَنَّ صَارِفَهُ مُتَعَدٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ ، فَإِنْ أُخْبِرَ بِتَعَدِّيهِ حَالَ الصَّرْفِ تَعَيَّنَ نَقْضُ الصَّرْفِ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ لِدُخُولِ الْمُصْطَرِفِ عَلَى خِيَارِ الْمُسْتَحِقِّ ، فَهُوَ كَشَرْطِ الْخِيَارِ وَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ فِي الصَّرْفِ ، وَشَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي جَوَازِ إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ حُضُورَ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ وَحُضُورَ الثَّمَنِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُجِيزُ ، قَالَ فِيهَا وَمَنْ اشْتَرَى خَلْخَالَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَنَقَدَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُمَا رَجُلٌ بَعْدَ التَّفَرُّقِ وَأَرَادَ إجَازَةَ الْبَيْعِ وَاتِّبَاعَ الْمُبْتَاعِ بِالثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ ، وَلَوْ اسْتَحَقَّهُمَا قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَاخْتَارَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ إنْ حَضَرَ الْخَلْخَالَانِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ بَعَثَ بِهِمَا إلَى بَيْتِهِ فَلَا يَجُوزُ ، وَلَوْ افْتَرَقَا لَمْ أَنْظُرْ إلَى ذَلِكَ الِافْتِرَاقِ ، وَلَكِنَّهُ

إذَا حَضَرَ الْخَلْخَالَانِ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ مِنْ الْمُبْتَاعِ مَكَانَهُ جَازَ ، وَإِنْ غَابَا فَلَا يَجُوزُ .
التُّونِسِيُّ لَوْ أَمْضَاهُ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ وَرَضِيَ الْمُبْتَاعُ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ لِيَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ جَازَ .
ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُهَا .

وَجَازَ مُحَلًّى ، وَإِنْ ثَوْبًا يَخْرُجُ مِنْهُ ، إنْ سُبِكَ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ أُبِيحَتْ ، وَسُمِّرَتْ ، وَعُجِّلَ مُطْلَقًا ، وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ ، وَهَلْ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ ؟ خِلَافٌ

( وَجَازَ ) أَنْ يُبَاعَ شَيْءٌ ( مُحَلًّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ مُزَيَّنٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ بَلْ ( وَإِنْ كَانَ ) الْمُحَلَّى ( ثَوْبًا ) طُرِّزَ بِأَحَدِهِمَا أَوْ نُسِجَ بِهِ حَيْثُ كَانَ الْمُحَلَّى ( يَخْرُجُ مِنْهُ ) أَيْ الْمُحَلَّى ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ ( إنْ سُبِكَ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ حُرِقَ فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ إذَا حُرِقَ فَلَا تُعْتَبَرُ حِلْيَتُهُ وَهُوَ كَالْمُجَرَّدِ مِنْهَا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِجِنْسِ حِلْيَتِهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ وَتَنَازُعٍ يُبَاعُ الْمُقَدَّرُ وَمُحَلًّى فِي قَوْلِهِ ( بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ بَيْعِ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ مَعَ غَيْرِهِ بِهِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ .
وَمِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي دِينَارٍ فَهِيَ رُخْصَةٌ لَهَا شُرُوطٌ أَفَادَ أَوَّلُهَا بِقَوْلِهِ ( إنْ أُبِيحَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ التَّحْلِيَةُ كَمُصْحَفٍ وَسَيْفِ جِهَادٍ وَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ ، فَإِنْ حُرِّمَتْ كَدَوَاةٍ وَآلَةِ حَرْبٍ غَيْرِ السَّيْفِ وَسَرْجٍ وَرِكَابٍ وَمَلْبُوسِ ، رَجُلٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ ، بَلْ بِعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا أَوْ تَقِلَّ الْحِلْيَةُ عَنْ دِينَارٍ فِيهَا ، وَمَا حُلِّيَ بِفِضَّةٍ مِنْ سَرْجٍ أَوْ قَدَحٍ أَوْ سِكِّينٍ أَوْ لِجَامٍ أَوْ رِكَابٍ مُمَوَّهٍ أَوْ مَخْرُوزٍ أَوْ جُرُزٍ مُمَوَّهٍ أَوْ شِبْهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِفِضَّةٍ وَإِنْ قَلَّتْ حِلْيَتُهُ ؛ لِأَنَّ اتِّخَاذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ السَّرَفِ بِخِلَافِ مَا أُبِيحَ اتِّخَاذُهُ مِنْ السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ وَالْخَاتَمِ وَكَانَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُحَلَّى الْمُصْحَفُ ، وَكَانَ يَكْرَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي تُصَاغُ مِنْ الْفِضَّةِ مِثْلُ الْإِبْرِيقِ وَمَدَاهِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَمَجَامِرِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالْأَقْدَاحِ وَاللُّجُمِ وَالسَّكَاكِينِ

الْمُفَضَّضَةِ وَإِنْ كَانَتْ تَبَعًا وَكُرِهَ أَنْ تُشْتَرَى ا هـ وَالْجُرُزُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَآخِرُهُ زَايٌ نَوْعٌ مِنْ السِّلَاحِ .
عِيَاضٌ ظَاهِرُهُ فِيمَا لَمْ يُبَحْ اتِّخَاذُهُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِالذَّهَبِ وَنَحْوِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَجَوَّزُوهَا بِالْعُرُوضِ ، وَإِنَّمَا مُنِعَ بَيْعُهَا بِمَا فِيهَا لَكِنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ وَكُرِهَ أَنْ تُشْتَرَى يَرْفَعُ الْإِشْكَالَ وَالْأَصْلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بِمَا فِيهِ وَلَا بِغَيْرِهِ مِنْ الْعَيْنِ لِجَمْعِهِ بَيْعًا وَصَرْفًا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَذَلِكَ عَلَى أَصْلِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَثَانِيهَا بِقَوْلِهِ ( وَ ) إنْ ( سُمِّرَتْ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً الْحِلْيَةُ فِي الْمُحَلَّى .
الْبَاجِيَّ كَالْفُصُوصِ الْمَصُوغِ عَلَيْهَا وَحُلِيُّهُ السَّيْفُ الْمُسَمَّرَةُ عَلَيْهِ وَحِلْيَةُ السَّيْفِ الْمُسَمَّرَةِ فِي حَمَائِلِهِ وَجَفْنِهِ ، وَأَمَّا الْقَلَائِدُ الَّتِي لَا تَفْسُدُ عِنْدَ نَظْمِهَا فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْإِبَاحَةِ ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَيْنِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ إذَا كَانَ يَغْرَمُ ثَمَنًا فِي رَدِّهَا بَعْدَ قَلْعِهَا .
اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ الْحِلْيَةَ الْمَنْقُوضَةَ لَا تُبَاعُ مَعَ السَّيْفِ بِجِنْسِهَا نَقْدًا وَلَا إلَى أَجَلٍ ، وَأَرَى إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِنَفْسِهَا بِأَنْ صُبِغَتْ ثُمَّ رُكِّبَتْ وَسُمِّرَتْ أَنَّ لَهَا حُكْمَ الْمَنْقُوضِ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ تَسْمِيرِهَا بِمِسْمَارٍ .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ أَمْكَنَ تَمْيِيزُ الْعَيْنِ مِنْ الْعِوَضِ دُونَ فَسَادٍ وَلَا خَسَارَةٍ فِي رَدِّهِ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَزُولُ إلَّا بِفَسَادِهِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ تَزُولُ بِغَيْرِ فَسَادٍ وَلَكِنْ يُؤَدِّي عَلَى رَدِّهَا ثَمَنًا فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ .
وَثَالِثُهَا بِقَوْلِهِ ( وَعُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثْقَلًا الْمَبِيعُ الشَّامِلُ لِكُلٍّ مِنْ الْعِوَضَيْنِ ، فَإِنْ أُجِّلَ امْتَنَعَ

بِالنَّقْدِ وَجَازَ بِغَيْرِهِ ( مُطْلَقًا ) مِنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْحِلْيَةِ تَبَعًا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِمَا بَعْدَهُ ، فَيَنْبَغِي تَقْدِيرُهُ فِي نُسْخَةِ سُقُوطِهِ لِيَتَنَاسَبَ الْكَلَامُ .
( وَ ) جَازَ بَيْعُ الْمُحَلَّى ( بِصِنْفِ ) حَلَيْت ( هـ إنْ كَانَتْ ) الْحِلْيَةُ ( الثُّلُثَ ) مِنْ مَجْمُوعِهَا مَعَ الْمُحَلَّى ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْهُ امْتَنَعَ بَيْعُهُ بِصِنْفِهِ وَهَذَا الشَّرْطُ مُعْتَبَرٌ مَعَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ الْمَشْرُوطَةِ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ صِنْفِهِ .
( وَهَلْ ) يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْحِلْيَةِ الثُّلُثَ ( بِالْقِيمَةِ ) لَهَا لَا بِوَزْنِهَا ( أَوْ ) يُعْتَبَرُ كَوْنُهَا ثُلُثًا بِالْوَزْنِ ) لَهَا فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ، الْأَوَّلُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ وَالْمَوَّازِيَّةِ ، وَصَدَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَطَفَ الثَّانِيَ عَلَيْهِ بِقِيلَ ، وَالثَّانِي قَالَ الْبَاجِيَّ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، فَإِذَا بِيعَ سَيْفٌ مُحَلًّى بِذَهَبٍ بِسَبْعِينَ دِينَارًا وَوَزْنُ حِلْيَتِهِ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهَا ثَلَاثُونَ دِينَارًا لِصِيَاغَتِهَا وَقِيمَةُ السَّيْفِ أَرْبَعُونَ دِينَارًا جَازَ عَلَى اعْتِبَارِ الْوَزْنِ وَامْتَنَعَ عَلَى اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ نِسْبَةِ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ أَوْ زِنَتِهَا إلَى مَجْمُوعِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ، فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي قَالَهُ النَّاسُ كَبَيَاضِ الْمُسَاقَاةِ ، وَنَسَبَ ابْنُ بَشِيرٍ ذَلِكَ إلَى قِيمَةِ الْمُحَلَّى ، فَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَهُ جَازَ وَإِلَّا امْتَنَعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ ثُلُثَ الْمُحَلَّى كَانَتْ رُبُعَ الْجَمِيعِ ا هـ مَيَّارَةُ ، حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَذْهَبَ ضَمُّ قِيمَةِ الْحِلْيَةِ أَوْ وَزْنِهَا إلَى قِيمَةِ الْمُحَلَّى ثُمَّ نَسَبُ الْحِلْيَةِ إلَى الْمَجْمُوعِ .
وَنَسَبَ ابْنُ بَشِيرٍ الْحِلْيَةَ لِقِيمَةِ الْمُحَلَّى وَحْدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالثُّلُثُ مِنْ مَجْمُوعِ وَزْنِ الْحِلْيَةِ أَوْ قِيمَتِهَا مَعَ

قِيمَةِ النَّصْلِ وَالْجَفْنِ ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ تَفْسِيرَ ابْنِ بَشِيرٍ بِنِسْبَتِهَا لِلنَّصْلِ وَالْجَفْنِ فَقَطْ مُحْتَجًّا بِبَيَاضِ الْمُسَاقَاةِ حَسَنٌ .

، وَإِنْ حُلِّيَ بِهِمَا : لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا ، إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ .
( وَإِنْ حُلِّيَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثْقَلًا شَيْءٌ ( بِهِمَا ) أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( لَمْ يَجُزْ ) بَيْعُهُ ( بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ النَّقْدَيْنِ تَسَاوَيَا أَمْ لَا ( إلَّا إنْ تَبِعَا ) أَيْ النَّقْدَانِ الْمُحَلَّى بِهِمَا ( الْجَوْهَرَ ) أَيْ الذَّاتَ الْمُحَلَّاةَ بِهِمَا بِأَنْ كَانَا ثُلُثَ الْجَمِيعِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْإِكْمَالِ ، وَفِي بَيْعِهِ بِصِنْفِ الْأَكْثَرِ مِنْهُمَا قَوْلَانِ قَالَهُ الْحَطّ .
عب فَيَجُوزُ بِأَحَدِهِمَا كَانَ تَابِعًا لِلْآخَرِ أَوْ مَتْبُوعًا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَزَادَ شَرْطَ التَّعْجِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ زَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِهِ بِصِنْفِهِ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِبَيْعِهِ بِأَقَلِّهِمَا تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ وَصَاحِبِ الْإِكْمَالِ ، وَذَكَرَ ابْنُ بَشِيرٍ الْقَوْلَيْنِ ، وَهَلْ التَّبَعِيَّةُ بِالْوَزْنِ أَوْ بِالْقِيمَةِ خِلَافٌ .
وَمَفْهُومُ بِأَحَدِهِمَا امْتِنَاعُ بَيْعِهِ بِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ عَرْضٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَفِيهِ رِبَا فَضْلٍ مَعْنَوِيٍّ .
وَمَفْهُومُ إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ أَنَّ الْمَصُوغَ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِمَا وَلَا بِأَحَدِهِمَا بِحَالٍ ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ وَرَجَعَ الْإِمَامُ لَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَرُوِيَ عَلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَبِيعَ بِصِنْفِ الْأَقَلِّ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ فِيمَا يَجُوزُ كَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ وَإِلَّا مُنِعَ وَلَوْ بِالتَّابِعِ اُنْظُرْ " ق " .

وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ الْمَعْدُودِ دُونَ سَبْعَةٍ بِأَوْزَنَ مِنْهَا : بِسُدُسٍ ، سُدُسٌ .

( وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ ) النَّقْدِ الْمَسْكُوكِ ( الْقَلِيلِ ) أَيْ إبْدَالُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ وَهُمَا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَدَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا عَدَدٍ أَوْ دَرَاهِمَ كَذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَفَادَ أَوَّلَهَا بِقَوْلِهِ الْقَلِيلِ ، فَلَا تَجُوزُ فِي الْكَثِيرِ ، وَثَانِيهَا بِقَوْلِهِ ( الْمَعْدُودِ ) أَيْ الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا وَبَيَّنَ الْقَلِيلَ بِقَوْلِهِ ( دُونَ ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ ( سَبْعَةٍ ) بِتَقْدِيمِ السِّينِ عَلَى الْمُوَحَّدَةِ بِأَنْ يَكُونَ سِتَّةً أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا تَجُوزُ فِي سَبْعَةٍ بِأَوْزَنَ مِنْهَا لِزِيَادَتِهَا عَلَى ضِعْفِ أَقَلِّ الْجَمْعِ ، وَتَجُوزُ فِي الثَّلَاثَةِ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ .
وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهَا فِيمَا بَيْنَهُمَا .
تَوْضِيحُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا أَصْلَ لِهَذَا التَّحْدِيدِ إلَّا دَلَالَةُ الْعَادَةِ عَلَى الْمُسَامَحَةِ فِيهِ ، وَأَفَادَ مَا يَتَضَمَّنُ بَيَانَ مَوْضُوعِ الشَّرْطِ مَعَ الشَّرْطِ الثَّالِثِ ( بِ ) دُونَ سَبْعَةٍ مَسْكُوكَةٍ ( أَوْزَنَ ) أَيْ أَزْيَدَ فِي الْوَزْنِ .
وَاحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْعَدَدِ فِي تَجَوُّزٍ قَالَهُ الْقَبَّابُ وَحَكَاهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ ، وَنَصُّهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ يَتَسَاوَى عَدَدُ النَّاقِصِ وَالْوَازِنِ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ مُنِعَ وَعَلَى هَذَا اعْتَمَدَ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ إنَّهُ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ وَإِنَّ أَهْلَ الْمَذْهَبِ لَمْ يَذْكُرُوا غَيْرَهُ ، وَإِنْ كَانَ اللَّخْمِيُّ نَسَبَ لِلْمُغِيرَةِ إجَازَةَ بَدَلِ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ مِنْ سِكَّةٍ وَاحِدَةٍ وَلَمْ يَرْضَ الْمَازِرِيُّ هَذَا وَرَأَى أَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَيْهَا أَشْهَبُ مَعَ الْمَخْزُومِيِّ فِي جَمَلٍ نَقْدًا بِجَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ إلَى أَجَلٍ فَأَلْزَمَهُ دِينَارًا بِدِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا نَقْدًا وَالْآخَرُ إلَى أَجَلٍ فَالْتَزَمَهُ وَعَابَهُ وَبَيْنَهُمَا خِلَافٌ فِي الْمُلْتَزِمِ مَنْ هُوَ .
ا هـ .
وَصِلَةُ أَوْزَنَ ( مِنْهَا ) أَيْ دُونَ السَّبْعَةِ .
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الْأَوْزَنِيَّةِ ( بِسُدُسِ السُّدُسِ ) أَيْ أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ كُلِّ

دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ عَلَى مُقَابِلِهِ سُدُسًا أَوْ أَقَلَّ فَلَا تَجُوزُ بِمَا زِيَادَتُهُ أَكْبَرُ مِنْ السُّدُسِ كَخُمُسٍ أَعْلَى ، ذَكَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ جَمَاعَةَ .
التُّونُسِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ أَطْلَقَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَالْجَلَّابُ وَالتَّلْقِينُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ الْقَوْلَ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ ، فَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ النَّقْصَ وَلَمْ يَجِدُوا فِيهِ حَدًّا وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَنْ لَقِينَاهُ .
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ أَبْلَغُ مَا اُغْتُفِرَ مِنْ النَّقْصِ سُدُسُ دِينَارٍ ، وَقِيلَ دَانَقَانِ ، وَعَزَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَوَّلَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا ، وَنَصُّهَا لَوْ أَبْدَلَ سِتَّةَ دَنَانِيرَ تَنْقُصُ سُدُسًا سُدُسًا بِسِتَّةٍ وَازِنَةٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ ا هـ .
الْقَبَّابُ أَكْثَرُ الشُّيُوخِ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الشَّرْطَ وَقَدْ جَاءَ لَفْظُ السُّدُسِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُحْتَمِلٌ لِلتَّمْثِيلِ وَالشَّرْطِيَّةِ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِنْدِي أَنَّ السُّدُسَ كَثِيرٌ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ إلَّا مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يُسْمَحَ بِهِ عِنْدَ رُخْصِ الْفِضَّةِ أَوْ كَسَادِ الْبَيْعِ .
ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ النَّظَرُ يُوجِبُ مَنْعَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ شَرَطَ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقَدْرِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ وَهِيَ غَيْرُ حَاصِلِهِ فِيهَا وَقَصْدُ الْمَعْرُوفِ وَحْدَهُ لَا يَصْلُحُ كَوْنُهُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الدَّالِّ عَلَى شَرْطِهَا ، فَإِنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْقِطُهَا قَصْدُ الْمَعْرُوفِ ا هـ .
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَصْلُ مَنْعُهَا إلَّا أَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ رَأَوْا أَنَّ النَّقْصَ فِي الْوَزْنِ يَجْرِي مَجْرَى الرَّدَاءَةِ ، وَكَمَالَهُ يَجْرِي مَجْرَى الْجَوْدَةِ ، وَأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ

فَالْكَمَالُ فِي الْوَزْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ، فَصَارَ إبْدَالُ النَّاقِصِ وَزْنًا بِالْكَامِلِ وَزْنًا مَحْضَ مَعْرُوفٍ وَالْمَعْرُوفُ يُوَسَّعُ فِيهِ مَا لَا يُوَسَّعُ فِي غَيْرِهِ وَأَنَّهُ يُخَصِّصُ عُمُومَ الْحَدِيثِ كَمَا فِي الْقَرْضِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ نَسِيئَةً مُمْتَنِعٌ ، فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ جَازَ لِلْمَعْرُوفِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ بَشِيرٍ الْمُبَادَلَةُ بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ عَدَدًا وَالْمَذْهَبُ حُرْمَةُ بَيْعِ دِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ .
اللَّخْمِيُّ وَأَجَازَهُ الْمَخْزُومِيُّ ، وَعَلَى الْمَعْرُوفِ إنْ اتَّحَدَا فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْعَدَدِ فَوَاضِحٌ .
ا هـ .
يُرِيدُ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا فِي الْوَزْنِ ، وَتَصِيرُ مُرَاطَلَةً فِي التَّوْضِيحِ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ عَقْدُهَا بِلَفْظِ الْمُبَادَلَةِ ، وَكَوْنُهَا بِغَيْرِ مُرَاطَلَةٍ وَاحِدًا بِوَاحِدٍ احْتِرَازًا مِنْ وَاحِدٍ بِاثْنَيْنِ .
اللَّخْمِيُّ وَكَوْنُ السِّكَّةِ وَاحِدَةً الْقَبَّابُ وَزَادَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي شُرُوطِهَا كَوْنَهَا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَا عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَنْ تَكُونَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا أَظُنُّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِأَوْزَنَ مِنْهَا أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مُتَسَاوِيَةً فِي الْوَزْنِ جَازَتْ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الْمُبَادَلَةِ غَيْرِ الْمُنَاجَزَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ .

وَالْأَجْوَدُ أَنْقَصُ ، أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ ، وَإِلَّا جَازَ
( وَ ) النَّقْدُ ( الْأَجْوَدُ ) أَيْ الْأَحْسَنُ ذَهَبِيَّةٌ أَوْ فِضِّيَّةٌ حَالَ كَوْنِهِ ( أَنْقَصَ ) وَزْنًا مُمْتَنِعٌ إبْدَالُهُ بِنَقْدٍ رَدِيءٍ ذَهَبِيَّةَ أَوْ فِضِّيَّةَ كَامِلٍ وَزْنًا لِانْتِفَاءِ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( أَوْ ) نَقْدٌ ( أَجْوَدُ ) أَيْ أَحْسَنُ ( سِكَّةً ) وَهُوَ أَنْقَصُ وَزْنًا ، فَحَذَفَ هَذَا مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ أَنْقَصَ السَّابِقِ عَلَيْهِ .
وَحَذَفَ مِمَّا قَبْلَهُ جَوْهَرِيَّةً لِدَلَالَةِ سِكَّةِ الْمَذْكُورِ هُنَا عَلَيْهِ ، فَفِيهِ شِبْهُ احْتِبَاكٍ ( مُمْتَنِعٌ ) إبْدَالُهُ بِنَقْدِ رَدِيءِ السِّكَّةِ كَامِلِ الْوَزْنِ لِذَلِكَ ، فِيهَا قَالَ سَحْنُونٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، فَإِنْ كَانَتْ سِكَّةُ الْوَازِنِ أَفْضَلَ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، لَا خَيْرَ فِي هَاشِمِيٍّ يَنْقُصُ خَرُّوبَةً بِقَائِمٍ عَتِيقٍ وَازِنٍ فَتَعَجَّبْت مِنْهُ ، فَقَالَ لِي ابْنُ كَامِلٍ لَا تَعْجَبْ قَالَهُ رَبِيعَةُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدِي .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّ الْعَتِيقَ جَيِّدُ الْجَوْهَرِيَّةِ وَرَدِيءُ السِّكَّةِ ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبُ بَنِي أُمَيَّةَ ، وَالْهَاشِمِيُّ رَدِيءُ الْجَوْهَرِيَّةِ وَجَيِّدُ السِّكَّةِ ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبُ بَنِي الْعَبَّاسِ فَبَطَلَ تَعَجُّبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَجْوَدَ جَوْهَرِيَّةً أَوْ سِكَّةً أَنْقَصَ وَزْنًا بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلدَّنِيءِ فِي الْوَزْنِ أَوْ أَوْزَنَ مِنْهُ ( جَازَ ) الْإِبْدَالُ لِلْمَعْرُوفِ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ

؛ وَمُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ بِصَنْجَةٍ أَوْ كَفَتَّيْنِ وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ ، لَا أَدْنَى وَأَجْوَدُ

( وَ ) جَازَتْ ( مُرَاطَلَةُ عَيْنٍ ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ( بِ ) عَيْنٍ ( مِثْلِهِ ) أَيْ ذَهَبٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِفِضَّةٍ ، وَذَكَرَ ضَمِيرَ الْعَيْنِ وَهِيَ مُؤْنَتُهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهَا نَقْدًا ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِمَا مَسْكُوكَيْنِ أَوْ غَيْرَ مَسْكُوكَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْمَسْكُوكِ بِالْعَدَدِ أَوْ الْوَزْنِ ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَتْ السِّكَّةُ أَوْ اخْتَلَفَتْ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيْنَ كِبَارٍ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ بَيْنَ كِبَارٍ مِنْ جَانِبٍ وَأَنْصَافٍ أَوْ أَثْلَاثٍ أَوْ أَرْبَاعٍ أَوْ أَخْمَاسٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ، وَصِلَةُ مُرَاطَلَةُ ( بِصَنْجَةٍ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَفْصَحُ ، أَيْ مِثْقَالٌ مَعْلُومُ الْقَدْرِ كَرِطْلٍ أَوْ نِصْفِهِ أَوْ أُوقِيَّةٍ أَوْ دِرْهَمٍ مَثَلًا تُوضَعُ فِي كِفَّةِ الْمِيزَانِ وَنَقْدِ أَحَدِهِمَا فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى ، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ نَقْدَ أَحَدِهِمَا مِنْ الْكِفَّةِ وَوَضَعَ نَقْدَ الْآخَرِ فِيهَا ، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ كُلَّ نَقْدِ الْآخَرِ .
( أَوْ ) بِ ( كِفَّتَيْنِ ) لِلْمِيزَانِ يُوضَعُ نَقْدُ أَحَدِهِمَا فِي كِفَّةٍ وَنَقْدُ الْآخَرِ فِي الْكِفَّةِ الْأُخْرَى ، فَإِذَا اعْتَدَلَتَا أَخَذَ نَقْدَ الْآخَرِ وَالْكِفَّةُ بِكَسْرِ الْكَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتَدَارَ وَأَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ وَرَجَّحَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْأَوَّلَ لِحُصُولِ التَّسَاوِي بِهِ بَيْنَ النَّقْدَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَتَسَاوَ الْكِفَّتَانِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَزْنُ بِصَنْجَةٍ جَائِزٌ .
وَقِيلَ فِي كِفَّتَيْنِ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ بِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِمَا ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَرْجَحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَقْتَضِي وُجُودَ قَوْلٍ بِمَنْعِهِ فِي الصَّنْجَةِ وَلَا أَعْرِفُهُ ، وَرَدَّهُ طفي بِقَوْلِ عِيَاضٍ فِي الْإِكْمَالِ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْمُرَاطَلَةِ بِالْمَثَاقِيلِ ، فَقِيلَ لَا تَجُوزُ إلَّا بِكِفَّتَيْنِ ، وَقِيلَ تَجُوزُ بِالْمَثَاقِيلِ وَهُوَ أَصْوَبُ .
ا هـ .
وَمَا صَوَّبَهُ

سَبَقَهُ إلَيْهِ الْمَازِرِيُّ ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ تَبَعًا لَهُمَا .
وَالْمُرَادُ بِالْمَثَاقِيلِ الصَّنْجَةُ قَالَهُ الْأَبِيُّ ، وَتَجُوزُ بِكِفَّتَيْنِ إنْ وُزِنَ النَّقْدَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ .
بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا ) أَيْ الْعَيْنَانِ قَبْلَ وَضْعِهِمَا فِي الْكِفَّتَيْنِ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ .
الْمُتَيْطِيُّ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ وَأَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ مُحْرِزٍ إذَا كَانَ الذَّهَبَانِ مَسْكُوكَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا تَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ بِهِمَا فِي كِفَّتَيْنِ إلَّا بَعْدَ الْمَعْرِفَةِ بِوَزْنِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْمَسْكُوكِ جِزَافًا وَهُوَ خَطَرٌ لَا يَجُوزُ .
ا هـ .
لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ بِالْجِزَافِ يُقَيِّدُ الْخِلَافَ فِي الصَّنْجَةِ أَيْضًا إذَا جُهِلَ قَدْرُهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ .
فِي التَّوْضِيحِ عِيَاضٌ وَعَلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ إذَا كَانَ عَدَدٌ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ وَزْنِ وَعَدَدِ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ أَوْ الدَّنَانِيرِ ، بِخِلَافِ الْوَزْنِ فَتَكْفِي مَعْرِفَةُ وَزْنِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ وَزْنِ أَحَدِهِمَا مَعْرِفَةٌ لِوَزْنِ الْآخَرِ ، وَتَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إنْ اسْتَوَى النَّقْدَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً .
بَلْ ( وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ النَّقْدَيْنِ كُلُّهُ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ مُقَابِلِهِ كَدَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةٍ تُرَاطَلُ بِدَنَانِيرَ مِصْرِيَّةٍ أَوْ سَكَنْدَرِيَّةٍ ( أَوْ بَعْضُهُ ) أَيْ أَحَدِ النَّقْدَيْنِ ( أَجْوَدُ ) وَبَعْضُهُ الْآخَرُ مُسَاوٍ لِلْآخَرِ فِي جَوْدَتِهِ كَدِينَارٍ مَغْرِبِيٍّ وَمِصْرِيٍّ بِمِصْرِيَّيْنِ ( لَا ) يَجُوزُ الْمُرَاطَلَةُ إنْ كَانَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ ( أَدْنَى ) مِنْ الْآخَرِ ( وَ ) بَعْضُهُ ( أَجْوَدُ ) مِنْ الْآخَرِ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَهُمَا بِأَنْ كَانَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا بَعْضُهُ مَغْرِبِيٌّ وَبَعْضُهُ سَكَنْدَرِيٌّ وَجَمِيعُ نَقْدِ الْآخَرِ مِصْرِيٌّ لِانْتِفَاءِ الْمَعْرُوفِ بِدَوَرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمُنْفَرِدَةُ مُتَوَسِّطَةً بِأَنْ تَكُونَ أَجْوَدَ مِنْ بَعْضِ مُقَابِلِهَا

أَرْدَأَ مِنْ بَعْضِهِ الْآخَرِ فَامْنَعْ ، وَإِلَّا فَأَجِزْ .

، وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ كَالْجَوْدَةِ
( وَالْأَكْثَرُ ) مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ( عَلَى تَأْوِيلِ ) أَيْ تَنْزِيلِ ( السِّكَّةِ ) فِي أَحَدِ النَّقْدَيْنِ الْمُرَاطَلِ بِهِمَا كَالْجَوْدَةِ فِي دَوْرَانِ الْفَضْلِ بِهَا إذَا قَابَلَتْهَا فَلَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ مَسْكُوكٍ رَدِيءِ .
الْجَوْهَرِيَّةِ بِغَيْرِ مَسْكُوكِ جَيِّدِهَا لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( وَ ) الْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ ( الصِّيَاغَةِ ) فِي أَحَدِهِمَا ( كَالْجَوْدَةِ ) فِي دَوَرَانِ الْفَضْلِ بِهَا إذَا تَقَابَلَتَا فَلَا تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ مَصُوغٍ دَنِيءِ الْمَعْدِنِ بِغَيْرِ مَصُوغٍ جَيِّدِهِ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ تَجْرِي مُرَاطَلَةُ الْمَسْكُوكِ بِالْمَصُوغِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ .
" غ " إنَّمَا نَسَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْأَكْثَرِ نَقِيضَ هَذَا ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالطُّرُقُ فِي هَذَا مُتَشَعِّبَةٌ وَقَدْ اسْتَوْفَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ .

، وَمَغْشُوشٌ بِمِثْلِهِ
( وَ ) جَازَ أَنْ يُبَاعَ نَقْدٌ ( مَغْشُوشٌ ) كَدَنَانِيرَ فِيهَا فِضَّةٌ أَوْ نُحَاسٌ أَوْ دَرَاهِمَ فِيهَا نُحَاسٌ ( بِ ) مَغْشُوشٍ ( مِثْلِهِ ) مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا .
الْحَطّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَتَسَاوَ غِشُّهُمَا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَلَعَلَّهُ مَعَ تَسَاوِي الْغِشِّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ وَلِعُسْرِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ كَالْعَدَمِ وَأَجَازُوا مُرَاطَلَةَ الْمَغْشُوشِ بِخَالِصٍ ، فَقَوْلُ الشَّامِلِ وَقُيِّدَ بِتَسَاوِي الْغِشِّ وَإِلَّا فَلَا غَيْرُ ظَاهِرٍ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ صَرَّحَ أَبُو عُمَرَ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّ الدَّاخِلَ سَوَاءٌ كَسِكَّةِ وَاحِدَةٍ .

وَبِخَالِصٍ .
وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ .

( وَ ) جَازَ بَيْعُ نَقْدٍ مَغْشُوشٍ ( بِخَالِصٍ ) مِنْ الْغِشِّ .
الْحَطّ يَعْنِي تَجُوزُ مُرَاطَلَةُ الْمَغْشُوشِ بِالْخَالِصِ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ الْمَأْخُوذِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ( وَ الْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ ( خِلَافُهُ ) أَيْ جَوَازُ بَيْعِ النَّقْدِ الْمَغْشُوشِ بِالنَّقْدِ الْخَالِصِ مِنْ الْغِشِّ وَخِلَافُهُ مَنَعَهُ ، وَجَعَلَ صَاحِبُ الشَّامِلِ الْأَوَّلَ هُوَ الْمَذْهَبُ فَقَالَ وَصَحَّحَ مَنْعَهُ بِخَالِصٍ وَالْمَذْهَبُ جَوَازُهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ إذَا تَقَرَّرَ هَذَا عَلِمْت أَنَّهُمْ إنَّمَا تَكَلَّمُوا فِي الْمَغْشُوشِ الَّذِي لَا يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِصِنْفِهِ الْخَالِصِ إذَا كَانَ يَجْرِي بَيْنَ النَّاسِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ .
ا هـ .
وَبِهِ جَزَمَ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ إمَّا مَغْشُوشٌ يُتَعَامَلُ بِهِ فَيُبَاعُ بِصِنْفِهِ وَزْنًا ا هـ .
قُلْت فَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ دُخُولُ الْخِلَافِ فِيهِ وَنَصَّهُ فِي أَوَاخِرِ الْمُرَاطَلَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الدَّنَانِيرِ الْمَشُوبَةِ بِفِضَّةٍ أَوْ نُحَاسٍ وَالدَّرَاهِمِ الْمَشُوبَةِ بِهِ مُعْتَبَرَةٌ كُلِّهَا بِمَا فِيهَا ، كَوَزْنٍ خَالِصٍ ، وَاعْتِبَارُ قَدْرِ الْخَالِصِ فِيهَا فَقَطْ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَالنِّكَاحِ وَالزَّكَاةِ وَالسَّرِقَةِ قَوْلَانِ لِلشُّيُوخِ مُسْتَدِلًّا قَائِلُهُمْ بِالْأَوَّلِ يَقُولُ أَشْهَبُ فِي صَرْفِهَا ، وَالثَّانِي الصَّحِيحُ { لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ } ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْيَسِيرِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لِقَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَدَلَ وَكَانَ شَيْخُنَا ابْنُ رِزْقٍ يَقُولُ لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مُرَاطَلَةُ الذَّهَبِ الْعَبَّادِيَّةِ بِالْعَبَّادِيَّةِ وَلَا الشَّرْقِيَّةِ

بِالشَّرْقِيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَنُحَاسٍ بِذَهَبٍ وَنُحَاسٍ .
وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ التَّقْيِيدِ وَدَلِيلُهُ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ قَالَ ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْهُمْ قَوْلُ أَشْهَبَ عَامٌّ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ لِقَوْلِهِ لَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا بِيعَ وَزْنًا بِوَزْنٍ ، وَاغْتِفَارُ الْيَسِيرِ فِي الْمُبَادَلَةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ عَدَدًا لَا وَزْنًا .
قُلْت هُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ مُحْرِزٍ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ اخْتَلَفَ شُيُوخُ شُيُوخِنَا فِي جَوَازِ الرَّدِّ فِي الدِّرْهَمِ الْقَدِيمِ وَهُوَ دِرْهَمٌ رُومِيُّ الضَّرْبِ فِيهِ قَدْرٌ مِنْ النُّحَاسِ بِنَاءً عَلَى اغْتِفَارِهِ وَاعْتِبَارِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ بِبَلَدِنَا الْيَوْمَ .
( وَ ) شَرْطُ جَوَازِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ مُرَاطَلَةً أَوْ مُبَادَلَةً أَوْ غَيْرَهُمَا وَلَوْ بِعَرْضٍ أَنْ يُبَاعَ ( لِمَنْ يَكْسِرُهُ ) أَيْ الْمَغْشُوشَ لِيُصِيغَهُ حُلِيًّا ( أَوْ ) لَا يَكْسِرُهُ وَيُبْقِيهِ بِحَالِهِ وَ ( لَا يَغُشُّ بِهِ ) بِأَنْ يَدَّخِرَهُ لِعَاقِبَةٍ أَوْ يُبَيِّنَ غِشَّهُ عِنْدَ بَيْعِهِ .
" غ " وَلِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ كَذَا هُوَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي أَوَّلِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي بَيْعٍ أَوْ صَرْفٍ أَوْ مُرَاطَلَةٍ .
الْحَطّ وَالْمَوْجُودُ فِي النُّسَخِ بِغَيْرِ وَاوٍ وَهُوَ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ سِيَاقُ الْكَلَامِ فِي الْمُرَاطَلَةِ فَحُكْمُ الْبَيْعِ بِهِ وَصَرْفُهُ يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ ، أَنَّ الْعِلَّةَ إنَّمَا هِيَ خَوْفُ الْغِشِّ بِهِ .
" د " وَعَلَى نُسْخَةِ " غ " فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَمُرَاطَلَةِ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ أَيْ وَجَازَتْ مُعَاقَدَةُ مَغْشُوشٍ لِمَنْ يَكْسِرُهُ أَعَمَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَالْمَغْشُوشُ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ إلَّا الْغِشَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِحَالٍ .

وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُهُ ( لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ غَشَّهُ بِهِ بِأَنْ شَكَّ فِيهِ كَالصَّيَارِفَةِ كَمَا فِي الْبَيَانِ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ و ق وعج ، وَجَعَلَ تت الصَّيَارِفَةَ مِمَّنْ يَفْسَخُ تَبَعًا لِمُنَازَعَةِ ابْنِ عَرَفَةَ ابْنَ رُشْدٍ فِي جَعْلِهِمْ مِمَّنْ يُكْرَهُ بَيْعُهُ لَهُمْ قَالَ لَفْظُ الرِّوَايَةِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُغَرُّ بِهَا النَّاسُ كَالصَّيَارِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا أَرَى ذَلِكَ .
قَالَ فَظَاهِرُ لَفْظِ لَا أَرَى الْمَنْعُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ .
ا هـ .
وَظَاهِرُ التَّلْقِينِ مُسْلِمِينَ كَانُوا أَوْ غَيْرَهُمْ .

، وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ ، فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى مَنْ لَا يَغُشُّ ؟ أَقْوَالٌ

( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُهُ ( مِمَّنْ ) يَعْلَمُ أَنَّهُ ( يَغُشُّ بِهِ ) إنْ كَانَ قَائِمًا وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ فَسْخُهُ ( إلَّا أَنْ يَفُوتَ ) الْمَغْشُوشُ حَقِيقَةً بِذَهَابِ عَيْنِهِ أَوْ حُكْمًا بِتَعَذُّرِ مُشْتَرِيهِ كَمَا فِي الْبَيَانِ ، وَإِذَا فَاتَ ( فَهَلْ يَمْلِكُهُ ) أَيْ ثَمَنَ الْمَغْشُوشِ بَائِعُهُ أَيْ يَسْتَمِرُّ مِلْكُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْسَخُ وَلَوْ عَثَرَ عَلَيْهِ ، بَلْ يُبَاعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّصَدُّقُ بِهِ ، وَيُنْدَبُ فَقَطْ ( أَوْ يَتَصَدَّقُ ) بَائِعُهُ وُجُوبًا ( بِالْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ عِوَضِ الْمَغْشُوشِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ فَيَجِبُ ثَمَنُهُ لِمُبْتَاعِهِ إنْ عَلِمَ ، وَإِلَّا وَجَبَ التَّصَدُّقُ بِهِ ( أَوْ ) يَتَصَدَّقُ وُجُوبًا ( بِالزَّائِدِ ) مِنْ ثَمَنِهِ ( عَلَى ) ثَمَنِهِ لَوْ بَاعَهُ ( مَنْ لَا يَغُشُّ ) بِهِ وَبِالْبَاقِي نَدْبًا فِي الْجَوَابِ ( أَقْوَالٌ ) أَعْدَلُهَا ثَالِثُهَا إذْ لَمْ يَخْرُجْ إلَّا فِيمَا تَعَدَّى بِهِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ فِي الْإِجَارَةِ ، وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ أَوْ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الْأَرْجَحِ .
الْحَطّ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةً .
الْأَوَّلُ : بَيْعُهُ لِمَنْ يَكْسِرُهُ فَهَذَا جَائِزٌ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِمَنْ يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَبْكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
وَأَصْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَإِذَا قَطَعَهُ جَازَ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يُغَرُّ بِهِ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ يَجُوزُ بَيْنَهُمْ .
ا هـ .
فَالْمَدَارُ عَلَى انْتِفَاءِ الْغِشِّ بِهِ .
الثَّانِي : بَيْعُهُ لِمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ وَهَذَا جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ أَيْضًا .
الثَّالِثُ : بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ كَالصَّيَارِفَةِ فَهَذَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ .
الرَّابِعُ : بَيْعُهُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ فَهَذَا لَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ .
وَزَادَ ابْنُ رُشْدٍ خَامِسًا : وَهُوَ بَيْعُهُ لِمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِهِ ، أَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ ،

وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَدَخَلَ هَذَا فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكُرِهَ لِمَنْ لَا يُؤْمَنُ .

وَقَضَاءُ فَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً .
وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا
( وَ ) جَازَ ( قَضَاءُ قَرْضٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَنَقْطِ الضَّادِ أَيْ مُتَسَلَّفٍ بِفَتْحِ اللَّامِ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا ، وَسَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا ( بِ ) شَيْءٍ ( مُسَاوٍ ) لِمَا فِي الذِّمَّةِ قَدْرًا وَصِفَةً ( وَ ) بِ ( أَفْضَلَ ) مِمَّا فِي الذِّمَّةِ ( صِفَةً ) ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً .
وَفِي الْحَدِيثِ { رَدَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ سَلَفِ بَكْرٍ رُبَاعِيًّا وَقَالَ خَيْرُ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً } إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي عَقْدِ الْقَرْضِ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ الْحَطّ فِيهَا مِنْ أَقْرَضَتْهُ قَمْحًا وَقَضَاك دَقِيقًا مِثْلَ كَيْلِهِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ فَلَا يَجُوزُ .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ جَازَ يُرِيدُ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّقِيقُ أَجْوَدَ فَيَمْتَنِعُ ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ رِيعَ الْقَمْحِ بِجَوْدَةِ الدَّقِيقِ ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ كَيْلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ فِي إجَازَتِهِ قَالَ فِيهَا عَنْهُ لَوْ اقْتَضَى دَقِيقًا عَنْ قَمْحٍ وَالدَّقِيقُ أَقَلُّ كَيْلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدَّقِيقُ أَجْوَدَ مِنْ الْقَمْحِ .
وَإِنْ حَلَّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ حَضَرَ وَأَتَى ( الْأَجَلُ ) لِدَيْنِ الْقَرْضِ أَوْ كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً جَازَ قَضَاؤُهُ ( بِ ) شَيْءٍ ( أَقَلَّ ) مِنْهُ ( صِفَةً وَقَدْرًا ) مَعًا كَنِصْفِ دِينَارٍ أَوْ إرْدَبٍّ أَوْ شُقَّةٍ رَدِيءٍ عَنْ كَامِلٍ جَيِّدٍ ؛ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَأَوْلَى بِأَقَلَّ صِفَةً فَقَطْ أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا فَقَطْ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْمَنْعُ إنْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَيْ أُسْقِطُ بَعْضَ الْحَقِّ وَأُعَجِّلُهُ لَك ، وَهَذَا يُؤَدِّي لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا ؛ لِأَنَّ التَّعْجِيلَ تَسْلِيفٌ

لَا أَزْيَدَ عَدَدًا

( لَا ) يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ بِشَيْءٍ ( أَزْيَدَ ) مِنْهُ ( عَدَدًا ) وَلَوْ قَلَّ عَلَى الْمَشْهُورِ ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ ، وَيَجُوزُ قَضَاءُ مِثْلِ الْعَدَدِ الَّذِي عَلَيْهِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا ، وَلَوْ كَانَ زَائِدًا وَزْنًا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَسْلَفْت رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَدَدًا وَزْنُهَا نِصْفُ دِرْهَمٍ فَقَضَاك مِائَةَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً بِغَيْرِ شَرْطٍ جَازَ ، وَإِنْ قَضَاك تِسْعِينَ وَازِنَةً فَلَا خَيْرَ فِيهِ ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَقْرَضَك مِائَةَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً عَدَدًا فَقَضَيْته خَمْسِينَ دِرْهَمًا أَنْصَافًا جَازَ .
وَلَوْ قَضَيْته مِائَةَ دِرْهَمٍ أَنْصَافًا وَنِصْفَ دِرْهَمٍ فَلَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ وَزْنًا .
وَأَصْلُ هَذَا أَنَّك إذَا اقْتَرَضْت دَرَاهِمَ عَدَدًا فَجَائِزٌ أَنْ تَقْضِيَهُ مِثْلَ عَدَدِهَا كَانَتْ مِثْلَ وَزْنِ دَرَاهِمِهِ ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَيَجُوزُ أَنْ تَقْضِيَهُ أَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا فِي مِثْلِ وَزْنِهَا أَوْ أَقَلَّ إذَا اتَّفَقَتْ الْعُيُونُ .
فَإِنْ قَضَيْته أَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهَا أَوْ قَضَيْته أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ وَزْنِهَا فَلَا يَجُوزُ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى هَذَا فِي بَلَدٍ تَجُوزُ الدَّرَاهِمُ فِيهِ عَدَدًا .
وَأَمَّا فِي بَلَدٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ الدَّرَاهِمُ إلَّا وَزْنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا قَرْضُهَا إلَّا وَزْنًا فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْضِيَك عَنْ مِائَةٍ أَنْصَافًا خَمْسِينَ دِرْهَمًا عَدَدًا مِثْلَ وَزْنِهَا ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ اُخْتُلِفَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقِيلَ الْجَوَازُ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِ الْأَنْقَصِ مُعْتَبَرًا دِرْهَمًا لَا نِصْفَ دِرْهَمٍ ، وَإِلَّا مُنِعَ كَزِيَادَةٍ كَثِيرَةٍ فِي الْعَدَدِ وَقِيلَ مُطْلَقٌ .
ا هـ .
الْحَطّ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْ الْمِائَةِ دِرْهَمٍ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَنْصَافًا وَلَا عَنْ الْمِائَةِ نِصْفَ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَلَا عَنْ دِرْهَمٍ نِصْفَيْنِ وَلَا دِرْهَمًا عَنْ نِصْفَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ وَزْنًا ، إلَّا كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ
وَعَطَفَ عَلَى عَدَدًا فَقَالَ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ بِأَزْيَدَ ( وَزْنًا ) فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ ( إلَّا ) أَنْ تَكُونَ زِيَادَةُ الْوَزْنِ يَسِيرَةً جِدًّا ( كَرُجْحَانِ ) أَحَدِ النَّقْدَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِي ( مِيزَانٍ ) وَاسْتِوَائِهِمَا فِي مِيزَانٍ آخَرَ فَيَجُوزُ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ جَازَ الْقَضَاءُ بِأَزْيَدَ وَزْنًا مَعَ تَسَاوِي الْعَدَدِ كَمَا تَقَدَّمَ .

أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ
وَعَطَفَ عَلَى مَعْنَى أَزْيَدَ عَدَدًا أَيْ لَا إنْ زَادَ الْعَدَدُ فَقَالَ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ قَرْضٍ إنْ ( دَارَ ) أَيْ حَصَلَ ( فَضْلٌ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ زِيدَ ( مِنْ الْجَانِيَيْنِ ) أَيْ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ إلَى بَابِ الْمُكَايَسَةِ ، كَقَضَاءِ تِسْعَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ عَنْ عَشَرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ ، وَهَذَا كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ إلَخْ .

، وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ ، وَجَازَ بِأَكْثَرَ
( وَثَمَنُ ) الشَّيْءِ ( الْمَبِيعِ ) الْمُتَرَتِّبِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي حَالَ كَوْنِهِ ( مِنْ الْعَيْنِ ) أَيْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ أَيْ قَضَاؤُهُ ( كَذَلِكَ ) أَيْ قَضَاءُ الْقَرْضِ فِي جَوَازِهِ بِأَفْضَلَ صِفَةً مُطْلَقًا وَبِأَقَلَّ صِفَةً ، وَقَدْرًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ .
( وَجَازَ ) قَضَاءُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْعَيْنَ ( بِأَكْثَرَ ) عَدَدًا أَوْ وَزْنًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ مَنْعِهِ فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْعَيْنِ عَنْ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ فَيَجُوزُ قَضَاؤُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ بِمُسَاوِيهِ قَدْرًا وَصِفَةً لَا أَزْيَدَ لِحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَلَا أَقِلَّ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ فَإِنْ حَلَّ جَازَ إنْ كَانَ عَرْضًا ، فَإِنْ كَانَ طَعَامًا وَجَعَلَ الْأَقَلَّ فِي مِثْلِهِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْبَاقِي جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْمُفَاضَلَةِ فِي الطَّعَامِ ، وَهَذَا إنْ قَضَاهُ بِجِنْسِهِ ، فَإِنْ قَضَاهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ جَازَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ طَعَامٍ ، وَجَازَ بَيْعُهُ بِالْمَأْخُوذِ مُنَاجَزَةً وَسَلَّمَ رَأْسَ الْمَالِ فِيهِ .

وَدَارَ الْفَضْلُ بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ
وَدَارَ ) أَيْ حَصَلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( الْفَضْلُ ) فِي قَضَاءِ الْقَرْضِ ( بِسِكَّةٍ ) فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَجَوْدَةٌ فِي الْآخِرَةِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ مَسْكُوكٍ عَنْ دَنِيءٍ غَيْرُهُ جَيِّدٌ وَعَكْسُهُ ( وَ ) بِ ( صِيَاغَةٍ ) فِي أَحَدِهِمَا ( وَجَوْدَةٍ ) فِي الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ قَضَاءُ مَصُوغٍ دَنِيءٍ عَنْ غَيْرِهِ جَيِّدٍ وَلَا عَكْسُهُ .
وَاخْتُلِفَ فِي قَضَاءِ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَصُوغِ وَعَكْسِهِ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ جَوَازُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَالسِّكَّةُ وَالصِّيَاغَةُ فِي الْقَضَاءِ كَالْجَوْدَةِ اتِّفَاقًا .
ضَيْح الِاتِّفَاقُ الَّذِي حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا بَيْنَ الْمَسْكُوكِ وَالْمَصُوغِ وَغَيْرِهِمَا لَا فِيمَا بَيْنَ الْمَصُوغِ وَالْمَسْكُوكِ ؛ لِأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ اقْتِضَاءِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُ .
وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَصِيَاغَةٍ بِمَعْنَى أَوْ .

.
وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ .

( وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ ) بِضَمِّ الْفَاءِ جَمْعُ فَلْسٍ بِفَتْحِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ ، أَيْ النُّحَاسُ الْمَسْكُوكُ الَّذِي يُتَعَامَلُ بِهِ ، وَمَعْنَى بُطْلَانِهَا تَرْكُ التَّعَامُلِ بِهَا بَعْدَ تَرَتُّبِهَا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ بِقَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ وَمِثْلُهَا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فِي التَّلْقِينِ ، وَمَنْ ابْتَاعَ بِنَقْدٍ أَوْ اقْتَرَضَهُ ثُمَّ بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وُجِدَ ، وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ إنْ فُقِدَ .
ا هـ .
وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ اقْتَرَضَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ فُلُوسًا أَوْ بَاعَ بِهَا وَهِيَ سِكَّةٌ مَعْرُوفَةٌ ثُمَّ غَيَّرَ السُّلْطَانُ السِّكَّةَ وَأَبْدَلَهَا بِغَيْرِهَا ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مِثْلُ السِّكَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَلَزِمَتْهُ يَوْمَ الْعَقْدِ .
الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ انْقَطَعَ ذَلِكَ النَّقْدُ حَتَّى لَا يُوجَدَ لَكَانَ لَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ انْقِطَاعِهِ إنْ كَانَ حَالًّا وَإِلَّا فَيَوْمَ يَحِلُّ الْأَجَلُ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْمُطَالَبَةِ قَبْلَهُ .
وَقَوْلُهُ مِثْلُ السِّكَّةِ الَّتِي قَبَضَهَا يَعْنِي فِي الْقَرْضِ .
وَقَوْلُهُ لَزِمَتْهُ يَوْمَ الْعَقْدِ يَعْنِي فِي الْبَيْعِ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ الشُّيُوخِ ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ لَك عَلَيْهِ فُلُوسٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأُسْقِطَتْ لَمْ تَتْبَعْهُ إلَّا بِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي الدَّرَاهِمِ إذَا أُسْقِطَتْ ا هـ .
( فَالْمِثْلُ ) لَمَّا بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَأَوْلَى إنْ تَغَيَّرَتْ قِيمَتُهَا مَعَ اسْتِمْرَارِ التَّعَامُلِ بِهَا ، وَفِيهَا وَمَنْ أَسْلَفْته فُلُوسًا فَأَخَذْت بِهَا رَهْنًا فَفَسَدَتْ الْفُلُوسُ فَلَيْسَ لَك عَلَيْهِ إلَّا مِثْلُ فُلُوسِك وَيَأْخُذُ رَهْنَهُ .
وَإِنْ بِعْته سِلْعَةً بِفُلُوسٍ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّمَا لَك مِثْلُ هَذِهِ الْفُلُوسِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَسَادِهَا ، وَكَذَلِكَ إنْ أَقْرَضْته دَرَاهِمَ فُلُوسًا وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مِائَةُ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ ثُمَّ صَارَتْ مِائَتَيْ فَلْسٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّمَا يَرُدُّ إلَيْك مِثْلَ مَا أَخَذَ لَا

غَيْرَ ذَلِكَ .

أَوْ عُدِمَتْ ، فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ

( أَوْ عُدِمَتْ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْفُلُوسُ أَوْ الدَّنَانِيرُ أَوْ الدَّرَاهِمُ بَعْدَ تَرَتُّبِهَا فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ مِنْ بَلَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ، وَإِنْ وُجِدَتْ فِي غَيْرِهَا ( فَالْقِيمَةُ ) وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ مِمَّا تَجَدَّدَ التَّعَامُلُ بِهِ مُعْتَبَرَةً ( وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ ) لِأَخْذِهَا مِمَّنْ هِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ يَوْمَ حُلُولِ أَجَلِهَا ( وَالْعَدَمِ ) لَهَا وَلَا يَجْتَمِعَانِ إلَّا وَقْتَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ ثُمَّ عُدِمَتْ فَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْعَدَمِ ، وَإِنْ عُدِمَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قُوِّمَتْ يَوْمَ اسْتِحْقَاقِهَا ، هَذَا مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَأَبُو حَفْصٍ وَصَوَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ الْبُرْزُلِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ مَطَلَهُ بِهَا أَمْ لَا ، وَقَيَّدَهَا الْوَانُّوغِيُّ وَأَقَرَّهُ الْمَشَذَّالِيُّ و غ فِي التَّكْمِيلِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمَدِينِ مَطْلٌ ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ السِّكَّةِ الْجَدِيدَةِ .
قَالَ صَاحِبُ تَكْمِيلِ الْمِنْهَاجِ هَذَا ظَاهِرٌ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الْأَحْسَنِ ، فَإِنْ آلَ إلَى الْأَرْدَأِ فَإِنَّمَا يُعْطِيهِ مَا تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَبَحَثَ بَدْرُ الدِّينِ الْقَرَافِيُّ مَعَ الْوَانُّوغِيِّ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُ لَمْ يَذْكُرْهُ غَيْرُهُ مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ وَشُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلِلْبَحْثِ فِيهِ مَجَالٌ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ مَطْلَ الْمَدِينِ لَا يُوجِبُ زِيَادَةً فِي الدَّيْنِ ، وَلَهُ طَلَبُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، وَأَخْذُهُ مِنْهُ جَبْرًا ، كَيْفَ وَقَدْ دَخَلَ عِنْدَ الْمُعَامَلَةِ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَتَقَاضَى حَقَّهُ مِنْهُ كَمَا دَفَعَهُ وَأَنْ يَمْطُلَهُ ، وَعَلَى أَنْ يُفْلِسَ وَيَمُوتَ مُفْلِسًا قَالَ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ

يَكُونَ كَالْغَاصِبِ وَالْغَاصِبَ لَا يَتَجَاوَزُ مَعَهُ مَا غَصَبَ ا هـ .
قَالَ بَعْضُهُمْ إذَا عَلِمْت أَنَّ إطْلَاقَ الْمُدَوَّنَةِ يَقُومُ عِنْدَ الشُّيُوخِ مَقَامَ النَّصِّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خُصُوصًا ، وَقَدْ تَابَعَ الشُّيُوخُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَلَى إطْلَاقِهَا وَأَبْقَوْهُ عَلَى ظَاهِرِهِ ظَهَرَ ظَهَرَ مَا قَالَهُ الْبَدْرُ وَبَعْضُ أَصْحَابِهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمِعْيَارِ أَنَّ ابْنَ لُبٍّ سُئِلَ عَنْ النَّازِلَةِ نَفْسِهَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِالْمُمَاطَلَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُمَاطِلِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْإِثْمِ بُنَانِيٌّ .

وَتُصُدِّقَ بِمَا غُشَّ وَلَوْ كَثُرَ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ ، إلَّا الْعَالِمَ لِيَبِيعَهُ كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنِّشَاءِ

( وَتُصُدِّقَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَ كَسْرِ الدَّالِ مُثْقَلَةً جَوَازًا ( بِمَا غُشَّ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الشِّينِ ، أَيْ أُحْدِثَ فِيهِ الْغِشُّ وَأُعِدَّ لِغِشِّ النَّاسِ بِهِ فَيَحْرُمُ بَيْعُهُ .
الْحَطّ لَا يَجِبُ فَسْخُ بَيْعِ الْغِشِّ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَيُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهِ أَدَبًا لِلْغَاشِّ لِخَبَرِ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } ، فَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِ الْغِشَّ لِغَيْرِ بَيْعِهِ أَوْ لِبَيْعِهِ مُبَيِّنًا غِشَّهُ مِمَّنْ يُؤْمَنُ غِشُّهُ بِهِ أَوْ يَشُكُّ فِيهِ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ .
فَإِنْ بَاعَهُ لِمَنْ لَا يَغُشُّ بِهِ بِلَا بَيَانٍ فَلِلْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِهِ وَالرُّجُوعُ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالْغِشِّ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَإِلَّا فَسَدَ بَيْعُهُ ، وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ تُصُدِّقَ بِمَا غُشَّ أَنَّهُ لَا يُكْسَرُ الْخُبْزُ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ ، وَطَرْحُ عُمَرَ لَهُ فِي الْأَرْضِ اجْتِهَادٌ مِنْهُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَمْ يُوَافِقْهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ ، وَحُمِلَ عَلَى الْقَلِيلِ .
أَبُو الْحَسَنِ وَلَا قَائِلَ بِجَوَازِ إرَاقَةِ الْكَثِيرِ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقِيلَ يُرَاقُ اللَّبَنُ وَيُحْرَقُ الْمَلَاحِفُ الرَّدِيئَةُ قَالَهُ ابْنُ الْعَطَّارِ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ .
وَقِيلَ تُقْطَعُ خِرَقًا وَتُعْطَى لِلْمَسَاكِينِ قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ .
وَقِيلَ لَا يَحِلُّ الْأَدَبُ فِي مَالِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ .
ابْنُ نَاجِي هَذَا الْخِلَافُ فِي نَفْسِ الْمَغْشُوشِ .
، وَأَمَّا لَوْ زَنَى رَجُلٌ مَثَلًا فَإِنَّهُ لَا قَائِلَ فِيمَا عَلِمْت أَنَّهُ يُؤَدَّبُ بِالْمَالِ ، وَمَا يَفْعَلُهُ الْوُلَاةُ فَهُوَ جَوْرٌ لَا شَكَّ فِيهِ ا هـ .
وَقَالَ الْوَنْشَرِيسِيُّ الْعُقُوبَةُ بِالْمَالِ نَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَجُوزُ بِحَالٍ ، وَفَتْوَى الْبُرْزُلِيُّ بِتَحْلِيلِ الْمُغَرَّمِ الْمُلَقَّبِ بِالْخَطَأِ لَمْ يَزَلْ الشُّيُوخُ يَعُدُّونَهَا مِنْ الْخَطَأِ ، وَيَقْبِضُونَ عَنْ مُتَابَعَتِهَا الْخَطَأَ .
وَالْخِلَافُ فِي طَرْحِ الْمَغْشُوشِ وَالتَّصَدُّقِ بِهِ وَحَرْقِ الْمَلَاحِفِ الرَّدِيئَةِ

النَّسْجِ .
وَشِبْهُ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ فِي الْمَالِ لَا مِنْ الْعُقُوبَةِ بِهِ ، وَمِنْهُ التَّصَدُّقُ بِأُجْرَةِ الْمُسْلِمِ نَفْسِهِ لِلْكَافِرِ عَلَى عَصْرِ خَمْرٍ أَوْ رَعْيِ خِنْزِيرٍ وَثَمَنِ خَيْلٍ وَسِلَاحٍ مَبِيعٍ لِمَنْ يُقَاتِلُ بِهَا الْمُسْلِمِينَ .
وَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مِنْ حَرْقِ بَيْتِ الْخَمَّارِ فَهُوَ شَاذٌّ وَرَاجِعٌ لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْبَيْتُ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ فَهِيَ عُقُوبَةٌ فِي الْمَالِ الَّذِي عَصَى اللَّهَ تَعَالَى فِيهِ .
وَاسْتِحْسَانُ الْبُرْزُلِيُّ إغْرَامَ مُرْسِلِ الْبَهَائِمِ فِي الْكَرْمِ شَيْئًا جَارٍ عَلَى مَذْهَبِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا يَغْرَمُهُ قَدْرَ مَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ غُرْمِ الْمُتْلِفِ لَا مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ بِالْمَالِ ا هـ .
وَيَجُوزُ التَّصَدُّقُ بِالْمَغْشُوشِ إنْ لَمْ يَكْثُرْ ، بَلْ ( وَلَوْ كَثُرَ ) الْمَغْشُوشُ قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ ، وَيُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ إنْ أَمِنَ غِشَّهُ بِهِ ، وَإِلَّا بِيعَ لِمَنْ يُؤْمَنُ .
الْحَطّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الصَّدَقَةَ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَالْعُقُوبَةَ بِالْمَالِ كَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَتْ وَصَارَتْ فِي الْبَدَنِ ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِكَثِيرٍ وَلَا قَلِيلٍ .
وَاسْتَثْنَى مَنْ تَصَدَّقَ بِمَا غَشَّ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) الْمَغْشُوشُ ( اُشْتُرِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ مَغْشُوشًا فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ ، وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ ، وَاسْتَثْنَى مَنْ اُشْتُرِيَ كَذَلِكَ فَقَالَ ( إلَّا ) الشَّخْصَ ( الْعَالِمَ ) بِغِشِّهِ يَشْتَرِيهِ ( لِيَبِيعَهُ ) أَيْ الْمَغْشُوشَ غَاشًّا بِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ .
وَمَفْهُومُ لِيَبِيعَهُ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهُ لِيَأْكُلَهُ أَوْ يَدَّخِرَهُ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ

عَلَيْهِ ، وَمَثَّلَ لِلْغِشِّ فَقَالَ ( كَبَلِّ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ اللَّامِ ( الْخُمُرِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ جَمْعُ خِمَارٍ بِكَسْرِهَا مَا تُخَمِّرُ بِهِ الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا مِنْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ( بِالنَّشَا ) بِكَسْرِ النُّونِ وَإِعْجَامِ الشِّينِ أَيْ الصَّمْغُ وَالْعَجِينُ وَنَحْوُهُمَا .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِبَلِّهَا بِالنَّشَا وَأَنَّهُ يَصْفِقُهَا وَيَشُدُّهَا فَلَا كَلَامَ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهَا وَالتَّمَسُّكِ بِهَا ، فَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ إلَى الْقِيمَةِ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بِلُهَابِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَشُدُّهَا ، وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا يَصْنَعُهُ الْحَاكَةُ مِنْ تَصْمِيغِ الدِّيبَاجِ غِشٌّ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَحْدَثَ فِيهَا مِنْ الشِّدَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

، وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ ، وَنَفْخِ اللَّحْمِ .
( وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ ) لِيُوهِمَ جَوْدَةَ جَمِيعِهِ وَكَذَا الْفِضَّةُ وَيُكْسَرُ إنْ خِيفَ التَّعَامُلُ بِهِ ، وَمَنْ خَلَطَ الرَّدِيءَ بِالْجَيِّدِ خَلَطَ لَحْمَ الْأُنْثَى بِلَحْمِ الذَّكَرِ وَالْهَزِيلَ بِالسَّمِينِ وَالْمَعْزَ بِالضَّأْنِ وَالشَّعِيرَ بِالْقَمْحِ ( وَنَفْخِ اللَّحْمِ ) بَعْدَ سَلْخِهِ لِيَرْتَفِعَ قِشْرُهُ الْأَعْلَى فَيَظْهَرُ أَنَّهُ سَمِينٌ وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ .
فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ فَجَرَ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَجَعَلَ فِي مِكْيَالِهِ زِفْتًا أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْ السُّوقِ وَذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرْبِ .
ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ يُخْرَجُ أَدَبًا لَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ غَشَّ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ يُعَاقَبُ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ ، وَبِالْإِخْرَاجِ مِنْ السُّوقِ إنْ كَانَ اعْتَادَ الْغِشَّ ، وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ .
وَقَيَّدَهُ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ بِمَا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَعْرِفُ وَإِلَّا أُدِّبَ بِالضَّرْبِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) .
عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا .
اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ ، وَهَلْ لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ ؟ تَأْوِيلَانِ : كَحَبٍّ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ ، وَهِيَ جِنْسٌ ؟ .
وَعَلَسٍ

فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ مَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَا مِنْ الطَّعَامِ وَبَيَانِ مَا هُوَ جِنْسٌ أَوْ أَجْنَاسٌ مِنْهُ وَمَا يَصِيرُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَصِيرُ وَالْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ( عِلَّةُ ) أَيْ عَلَامَةُ حِكْمَةِ حُرْمَةِ رِبَا ( طَعَامِ الرِّبَا ) أَيْ الطَّعَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ عَلَامَةٌ جَعَلَهَا الشَّارِعُ غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ .
الْحَطّ وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { الْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلَا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ فَمَنْ زَادَ أَوْ اسْتَزَادَ فَقَدْ أَرْبَى ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ } .
وَفِي رِوَايَةٍ { الْآخِذُ وَالْمُعْطِي فِيهِ سَوَاءٌ } ، وَقَصَرَ الظَّاهِرِيَّةُ الْحُكْمَ عَلَى هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ لِنَفْيِهِمْ الْقِيَاسَ ، وَالْجُمْهُورُ الْقَائِلُونَ بِالْقِيَاسِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَيْهَا .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْعِلَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمَنْعِ حَتَّى يُقَاسَ عَلَيْهَا ، وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهَا عَلَى عَشْرَةِ أَقْوَالٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَيْنِ مِنْهَا الْأَوَّلُ ( اقْتِيَاتٌ ) أَيْ أَكْلُهُ لِقِيَامِ الْبُنْيَةِ بِهِ ( وَادِّخَارٌ ) أَيْ تَأْخِيرُهُ لِوَقْتِ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ .
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ .
وَتَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَمَعْنَى الِاقْتِيَاتِ قِيَامُ الْبُنْيَةِ بِهِ مَعَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ ، وَمَعْنَى الِادِّخَارِ التَّأْخِيرُ الْمُعْتَادُ بِلَا فَسَادٍ .
ابْنُ نَاجِي لَا حَدَّ لِزَمَنِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ، وَيُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ ، وَحَكَى التَّادَلِيُّ حَدَّهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ مُعْتَادًا فَلَا يُعْتَبَرُ ادِّخَارُ الْجَوْزِ وَالرُّمَّانِ لِنُدُورِهِ .
وَ

أَلْحَقَ بِالِاقْتِيَاتِ إصْلَاحَ الْمُقْتَاتِ .
وَأَفَادَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَأَنَّ الْعِلَّةَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَكَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ وَعَبَّرَ عَنْهُ عِيَاضٌ بِالْمُقْتَاتِ الْمُدَّخَرِ الَّذِي هُوَ أَصْلٌ لِلْمَعَاشِ غَالِبًا وَنَسَبَهُ لِلْبَغْدَادِيَّيْنِ .
قَالَ : وَتَأَوَّلَ ابْنُ رِزْقٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : وَذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ شُيُوخِنَا إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ أَصْلًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا ، وَالْمَدَارُ عَلَى ادِّخَارِهِ غَالِبًا وَكَوْنِهِ قُوتًا .
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْخِلَافِ بِقَوْلِهِ ( وَهَلْ ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ ادِّخَارِهِ ( لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ ) الْحَطّ مَعْنَاهُ هَلْ الْعِلَّةُ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ كَوْنُهُ مُتَّخَذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ مَعَهُمَا اتِّخَاذُهُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ رِزْقٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْفُرُوعَ الَّتِي يَذْكُرُهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِمَا فَسَيَذْكُرُ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي ، وَأَنَّ الْبَيْضَ رِبَوِيٌّ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ لِضَعْفِهَا عِنْدَهُ وَلَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا .
الثَّالِثُ : قَوْلُ إسْمَاعِيلَ الِاقْتِيَاتُ وَالْإِصْلَاحُ .
الرَّابِعُ : قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ الِادِّخَارُ .
الْخَامِسُ : غَلَبَةُ الِادِّخَارِ ، رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَيَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الْعِنَبِ الَّذِي لَا يُزَبَّبُ فَيَخْرُجُ عَلَى الِادِّخَارِ وَيَدْخُلُ عَلَى غَلَبَتِهِ .
السَّادِسُ : قَوْلُ الْأَبْهَرِيِّ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ أَوْ التَّفَكُّهُ وَالِادِّخَارُ .
السَّابِعُ : الْمَالِيَّةُ فَلَا يُبَاعُ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ ، وَنُسِبَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ .
ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا

يُوجِبُ الرِّبَا فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَلَا يُمْكِنُ قَوْلُهُ .
الثَّامِنُ : قَوْلُ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَالِيَّةُ الزَّكَاةِ .
التَّاسِعُ : قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْكَيْلُ .
الْعَاشِرُ : قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الطُّعْمُ .
وَأَمَّا عِلَّةُ رِبَا النَّسَاءِ فِي الطَّعَامِ فَمُجَرَّدُ الْمَطْعُومِيَّةِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التَّدَاوِي سَوَاءٌ كَانَ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا أَمْ لَا ، كَرُطَبِ الْفَوَاكِهِ وَالْبُقُولِ .
الْحَطّ هَذَا تَفْسِيرُ الطَّعَامِ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ .
وَأَمَّا الطَّعَامُ الَّذِي يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا النَّسَاءِ فَقَطْ وَلَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ فَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ لِشُرْبِهِ فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالْفُلْفُلُ وَنَحْوُهُمَا وَاللَّبَنُ لَا الزَّعْفَرَانُ وَإِنْ أَصْلَحَ لِعَدَمِ غَلَبَةِ اتِّخَاذِهِ لِإِصْلَاحِهِ ، وَالْمَاءُ كَذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ الَّذِي يَحْرُمَانِ فِيهِ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى رِبَوِيًّا .
بِخِلَافِ الثَّانِي فَلَا يُسَمَّى رِبَوِيًّا وَإِنْ دَخَلَهُ نَوْعٌ مِنْ الرِّبَا ، وَكَأَنَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمَّا اسْتَكْمَلَ الْأَوَّلُ نَوْعَيْ الرِّبَا نَسَبَ إلَيْهِ فِي الذَّخِيرَةِ مَسَائِلَ الرِّبَا وَإِنْ انْتَشَرَتْ وَتَشَعَّبَتْ فَبِنَاؤُهَا عَلَى قَاعِدَتَيْنِ وُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ وَوُجُوبِ الْمُمَاثَلَةِ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ ، وَالْبَحْثُ فِي الْفُرُوعِ إنَّمَا هُوَ فِي تَحْقِيقِ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ هَلْ وُجِدَتَا أَمْ لَا .
( كَحَبٍّ ) أَيْ قَمْحٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْصَرِفُ الْحَبُّ إلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ لِشُهْرَتِهِ فِيهِ ، وَلِقَوْلِهِ وَهِيَ جِنْسٌ فَلَا يُقَالُ الْحَبُّ يَشْمَلُ الْقَمْحَ وَغَيْرَهُ فَكَيْفَ يَقُولُ وَهِيَ جِنْسٌ ( وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ آخِرَهُ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ حَبٌّ بَيْنَ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ لَا قِشْرَ لَهُ تُسَمِّيهِ الْمَغَارِبَةُ وَبَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ شَعِيرَ النَّبِيِّ ، وَلَمَّا كَانَ اتِّحَادُ الْجِنْسِ

هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَاخْتِلَافُهُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي إبَاحَتِهِ بَيْنَهُمَا بَيَّنَ مَا هُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَمَا هُوَ أَجْنَاسٌ فَقَالَ : ( وَهِيَ ) أَيْ الثَّلَاثَةُ ( جِنْسٌ ) وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُعَوَّلُ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِيَّةِ عَلَى اسْتِوَاءٍ الْمَنْفَعَةُ أَوْ تَقَارُبُهَا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : فَإِنْ اسْتَوَى الطَّعَامَانِ فِي الْمَنْفَعَةِ كَأَصْنَافِ الْحِنْطَةِ أَوْ تَقَارَبَا كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ فَهُمَا جِنْسٌ ، وَإِنْ تَبَايَنَا فِيهَا كَالتَّمْرِ وَالْقَمْحِ فَجِنْسَانِ .
وَالْمَنْصُوصُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ جِنْسٌ وَاحِدٌ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِمَا .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ : الْأَمْرُ عِنْدَنَا عَلَى ذَلِكَ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْعِلْمِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ .
وَقَالَ السُّيُورِيُّ وَتِلْمِيذُهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ هُمَا جِنْسَانِ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُحْتَجِّينَ بِأَنَّ الْقِطَّ يُفَرِّقُ بَيْنَ الشَّعِيرِ وَالْقَمْحِ إذْ يَخْتَارُ لُقْمَةَ الْقَمْحِ عَلَى لُقْمَةِ الشَّعِيرِ ، وَرَدَّهُ الْبَاجِيَّ بِأَنَّ هَذَا مِنْ حَيْثُ التَّرَفُّهُ وَالنَّظَرُ لَيْسَ لَهُ ، بَلْ لِأَصَالَةِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ إحْدَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ ، حَلَفَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بِالْمَشْيِ إلَى مَكَّةَ أَنَّهُ لَا يُفْتِي فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَالثَّانِيَة خِيَارُ الْمَجْلِسِ .
وَالثَّالِثَةُ التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ .
وَأَمَّا السُّلْتُ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالْقَمْحِ ، وَفِي إجْزَاءِ قَوْلِ السُّيُورِيِّ فِيهِ نَظَرٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَدَمُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقَمْحِ مِنْ الشَّعِيرِ .
الشَّيْخُ زَرُّوقٌ يَعْنِي فِي طُعْمِهِ وَلَوْنِهِ وَقِوَامِهِ وَإِنْ خَالَفَهُ فِي خِلْقَتِهِ ( وَعَلَسٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ حَبٌّ مُسْتَطِيلٌ عَلَيْهِ .
زَغَبٌ حَبَّتَانِ مِنْهُ فِي قِشْرَةٍ قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ

الْبُرِّ طَعَامِ أَهْلِ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ .
الْحَطّ اخْتَلَفَ فِي الْعَلَسِ فَالْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جِنْسٌ مُنْفَرِدٌ .
وَقِيلَ : مُلْحَقٌ بِالثَّلَاثَةِ فِي الْجِنْسِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ ا هـ .
.

وَأَرُزٍّ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ أَجْنَاسٌ ، .
وَقُطْنِيَّةٍ ، وَمِنْهَا كِرْسِنَّةُ ، وَهِيَ أَجْنَاسٌ .
.

( وَأَرُزٍّ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ ) أَيْ الثَّلَاثَةُ ( أَجْنَاسٌ ) فَيَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا .
الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَذَكَرَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا .
وَذَكَرَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْهُ إلْحَاقَهَا بِالْقَمْحِ وَمَا مَعَهُ فِي الْجِنْسِيَّةِ ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ اللَّيْثِ وَمَالَ إلَيْهِ ( وَقُطْنِيَّةٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا وَهِيَ عَدَسٌ وَلُوبِيَا وَحِمَّصٌ وَفُولٌ وَتُرْمُسٌ وَجُلْبَانٌ وَبَسِيلَةٌ .
( وَمِنْهَا ) أَيْ الْقُطْنِيَّةِ ( كِرْسِنَّةُ ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَشَدِّ النُّونِ وَتُسَمَّى كُشْنَى بِوَزْنِ بُشْرَى نَبْتُ شَجَرَةٍ صَغِيرَةٍ لَهَا ثَمَرٌ فِي غِلَافٍ مُصَدِّعٍ مُسَهِّلٍ مُبَوِّلِ الدَّمِ مُسَمِّنٍ لِلدَّوَابِّ نَافِعٍ لِلسُّعَالِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ ، وَلَعَلَّ عَدَّهَا فِي الرِّبَوِيَّاتِ لِاقْتِيَاتِهَا وَادِّخَارِهَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ ، وَإِلَّا فَمَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّهَا دَوَاءٌ .
تت قَرِيبَةٌ مِنْ الْبِسِلَّةِ وَفِي لَوْنِهَا حُمْرَةٌ .
الْبَاجِيَّ هِيَ الْبِسِلَّةُ ( وَهِيَ ) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ ( أَجْنَاسٌ ) فَيَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا .
الْحَطّ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقُطْنِيَّةَ أَجْنَاسٌ مُتَبَايِنَةٌ يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْأَوَّلُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبُ الطُّرَرِ لِاخْتِلَافِ صُوَرِهَا وَأَسْمَائِهَا الْخَاصَّةِ بِهَا وَمَنَافِعِهَا ، وَعَدَمِ اسْتِحَالَةِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ .
وَلِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِي اخْتِلَافِ الْأَجْنَاسِ إلَى الْعُرْفِ وَهِيَ فِي الْعُرْفِ أَجْنَاسٌ .
أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجْمَعُ فِي الْقِسْمِ بِالسَّهْمِ .
وَقِيلَ : جِنْسٌ وَاحِدٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الثَّانِي ، وَفِي الرِّسَالَةِ وَالْقُطْنِيَّةِ أَصْنَافٌ فِي الْبُيُوعِ ، وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي الزَّكَاةِ

أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُجَانَسَةُ الْعَيْنِيَّةُ ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهَا تَقَارُبُ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْعَيْنُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَهُمَا جِنْسَانِ فِي الْبَيْعِ .
وَقِيلَ : الْحِمَّصُ وَاللُّوبْيَا جِنْسٌ وَالْبَسِيلَةُ وَالْجُلْبَانُ جِنْسٌ وَبَاقِيهَا أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ ، وَنُسِبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْكِرْسِنَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا مِنْ الْقَطَّانِيِّ .
وَقِيلَ : إنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى لَا زَكَاةَ فِيهَا .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ ، ثُمَّ قَالَ سَنَدٌ وَعَدَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ التُّرْمُسَ مَعَ الْقُطْنِيَّةِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ فِي تَفْرِيعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ وَهُوَ جِنْسٌ .
وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ : كَدَوَابِّ الْمَاءِ ؛ .
وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ ، وَإِنْ وَحْشِيًّا ، وَالْجَرَادِ .
وَفِي رِبَوِيَّتِهِ : خِلَافٌ .

( وَتَمْرٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَأَصْنَافُهُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ بِلَا خِلَافٍ ( وَزَبِيبٍ ) وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَصْنَافَهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَأَنَّهُ مَعَ التَّمْرِ جِنْسَانِ ( وَلَحْمِ طَيْرٍ ) كَحَمَامٍ وَدَجَاجٍ وَإِوَزٍّ وَنَعَامٍ ( وَهُوَ ) أَيْ لَحْمُ الطَّيْرِ ( جِنْسٌ ) إنْ اتَّفَقَتْ مَرَقَتُهُ ، بَلْ ( وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ ) كَلَحْمِ طَيْرٍ بِمُلُوخِيَّةٍ وَلَحْمِ طَيْرٍ آخَرَ بِبَامِيَةٍ بِأَبْزَارٍ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا أَمْ لَا .
وَشَبَّهَ فِي اتِّحَادِ الْجِنْسِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْمَرَقَةُ فَقَالَ ( كَ ) لَحْمِ ( دَوَابِّ الْمَاءِ ) الْحُلْوِ أَوْ الْمِلْحِ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ وَلَوْ آدَمِيَّهُ وَكَلْبَهُ وَخِنْزِيرَهُ ( وَ ) كَلَحْمِ ذَوَاتِ ) الْأَرْجُلِ ( الْأَرْبَعِ ) إنْ كَانَ إنْسِيًّا كَغَنَمٍ وَبَقَرٍ وَإِبِلٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( وَحْشِيًّا ) كَغَزَالٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ وَبَقَرَةٍ كُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ ( وَ ) كَ ( الْجَرَادِ ) وَهُوَ جِنْسٌ غَيْرُ الطَّيْرِ فِيهَا لَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ بِالطَّيْرِ ( وَفِي رِبَوِيَّتِهِ ) أَيْ الْجَرَادِ وَعَدَمِهَا ( خِلَافٌ ) أَيْ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ .
سَنَدٌ اللُّحُومُ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَرْبَعَةُ أَجْنَاسٍ لَحْمُ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ جِنْسٌ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الْحَيَوَانِ إنْسِيِّهَا وَوَحْشِيِّهَا ، وَلَحْمُ الطَّيْرِ جِنْسٌ مُخَالِفٌ لِلَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الطُّيُورِ وَحْشِيِّهَا وَإِنْسِيِّهَا ، وَلَحْمُ الْحُوتِ جِنْسٌ ثَالِثٌ مُخَالِفٌ لِلْجِنْسَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ أَسْمَاءِ الْحُوتِ مَا كَانَ لَهُ شَبَهٌ فِي الْبَرِّ وَقَوَائِمُ يَمْشِي عَلَيْهَا وَمَا لَا شَبَهَ لَهُ ، وَالْجَرَادُ جِنْسٌ رَابِعٌ فَكُلُّ جِنْسٍ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْجِنْسِ الْآخَرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا ، وَيَابِسًا بِطَرِيٍّ ، وَلَا يَجُوزُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَضْلٌ وَلَا يَابِسٌ بِطَرِيٍّ خَلَا الْجَرَادِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا : الْجَرَادُ لَيْسَ بِلَحْمٍ .
وَذَكَرَ ابْنُ الْجَلَّابِ

أَنَّهُ جِنْسٌ رَابِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ لِأَنَّهُ يُفْتَقَرُ عِنْدَهُ إلَى ذَكَاةٍ وَيُمْنَعُ مِنْهُ الْمُحْرِمُ ، وَبِالْجُمْلَةِ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ جِنْسٌ رِبَوِيٌّ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ : الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَرَادَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ كُلُّ مَا يَسْكُنُ الْمَاءَ مِنْ التُّرْسِ فَمَا دُونَهُ وَ الصِّيَرِ فَمَا فَوْقَهُ صِنْفٌ لَا يُبَاعُ مُتَفَاضِلًا ، ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَ قَلِيلَةِ الْعَسَلِ وَقَلِيلَةِ الْخَلِّ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ فِيهِمَا وَهَذَا لَيْسَ خَاصًّا بِلَحْمِ الطَّيْرِ ، بَلْ الْحُكْمُ جَارٍ فِي لَحْمِ دَوَابِّ الْمَاءِ وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَحْمِ الْجَرَادِ ، وَيُسْتَفَادُ هَذَا مِنْ تَشْبِيهِ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ بِلَحْمِ الطَّيْرِ فِيهَا لَا خَيْرَ فِي الطَّيْرِ بِلَحْمِ الْحِيَّتَانِ مُتَفَاضِلًا وَلَا فِي صِغَارِ الْحِيَّتَانِ بِكِبَارِهَا مُتَفَاضِلًا فِي الطِّرَازِ لَا فَرْقَ فِي الْجِنْسِ بَيْنَ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ وَخَشِنِهِ وَنَاعِمِهِ ، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمَلِ وَالْحَمَلِ ، وَلَا بَيْنَ النَّعَامِ وَالْحَمَامِ ، وَلَا بَيْنَ حُوتِ الْمَاءِ الْعَذْبِ وَحُوتِ الْمَاءِ الْمَالِحِ ، ثُمَّ قَالَ : وَكُبُودُ السَّمَكِ وَدُهْنُهُ وَوَدَكُهُ لَهُ حُكْمُ السَّمَكِ وَلَيْسَ الْبَطَارِخُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ بَيْضُ السَّمَكِ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُودَعِ فِيهِ حَتَّى يَنْفَصِلَ عَنْهُ كَبَيْضِ الطَّيْرِ وَلَبَنِ النَّعَمِ ، وَفِيهَا مَا أُضِيفَ إلَى اللَّحْمِ مِنْ شَحْمٍ وَكَبِدٍ وَكَرِشٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ وَطِحَالٍ وَكُلًى وَحُلْقُومٍ وَخُصْيَةٍ وَكُرَاعٍ وَرَأْسٍ وَشِبْهِهِ ، فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ فِيمَا ذَكَرْنَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِاللَّحْمِ وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطِّحَالِ ا هـ .
فِي الطِّرَازِ وَالْجِلْدُ لَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ إذَا كَانَ مَأْكُولًا ، وَكَذَلِكَ الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ وَالْبَيْضُ لَيْسَ مِنْ اللَّحْمِ كَاللَّبَنِ وَيَجُوزُ بَيْعُ اللَّحْمِ

بِالشَّحْمِ وَزْنًا بِوَزْنٍ بِلَا خِلَافٍ .
.

.
وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ : قَوْلَانِ ، وَالْمَرَقُ ، وَالْعَظْمُ ، .
وَالْجِلْدُ كَهُوَ .
.

( وَفِي ) اتِّحَادِ ( جِنْسِيَّةِ ) اللَّحْمِ ( الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ ) كَلَحْمِ طَيْرٍ وَلَحْمِ نَعَمٍ فِي إنَاءٍ أَوْ إنَاءَيْنِ بِأَبْزَارٍ نَاقِلَةٍ لِكُلِّ مِنْهُمَا عَنْ النَّيْءِ فَيَصِيرَانِ بِالطَّبْخِ بِهَا جِنْسًا وَاحِدًا يَحْرُمُ الْفَضْلُ فِيهِ وَعَدَمِ اتِّحَادِهِ وَبَقَائِهِمَا جِنْسَيْنِ عَلَى أَصْلِهِمَا ( قَوْلَانِ ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : الْمَذْهَبُ أَنَّ الْأَمْرَاقَ وَاللُّحُومَ الْمَطْبُوخَةَ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى اخْتِلَافِ أَجْنَاسِ اللُّحُومِ وَلَا إلَى اخْتِلَافِ مَا يُطْبَخُ بِهِ ، وَتَعَقَّبَ هَذَا بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَرَأَى أَنَّ الزِّيرَبَاجَ مُخَالِفٌ لِلطَّبَاهِجَةِ وَمَا يُعْمَلُ مِنْ لَحْمِ الطَّيْرِ مُخَالِفٌ لِمَا يُعْمَلُ مِنْ لَحْمِ الْغَنَمِ .
وَاخْتَارَ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّ اللَّحْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْ الْجِنْسِ إذَا طُبِخَا لَا يَصِيرَانِ جِنْسًا وَاحِدًا ، بَلْ يَبْقَيَانِ عَلَى أَصْلِهِمَا .
ا هـ .
وَالْجَارِي عَلَى قَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ خِلَافٌ لِتَرْجِيحِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ .
( وَالْمَرَقُ ) لِلَّحْمِ كَاللَّحْمِ فَيُبَاعُ بِمَرَقٍ مِثْلِهِ وَبِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَبِمَرَقٍ وَلَحْمٍ وَمَرَقٌ وَلَحْمٌ بِمِثْلِهِمَا مُتَمَاثِلًا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ .
ابْنُ يُونُسَ أَبُو مُحَمَّدٍ يَتَحَرَّى فِي بَيْعِ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِمِثْلِهِ اللَّحْمَانِ وَمَا مَعَهُمَا مِنْ مَرَقٍ لِأَنَّ الْمَرَقَ مِنْ اللَّحْمِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ يَتَحَرَّى اللَّحْمَانِ خَاصَّةً وَهُمَا نِيَّانِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا إلَى مَا مَعَهُمَا مِنْ مَرَقٍ كَمَا لَا يَتَحَرَّى فِي الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ إلَّا الدَّقِيقُ ( وَالْعَظْمُ ) الْمُتَّصِلُ بِاللَّحْمِ وَالْمُنْفَصِلُ عَنْهُ الَّذِي يُؤْكَلُ كَاللَّحْمِ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِلَحْمٍ فَإِذَا بِيعَ لَحْمٌ فِيهِ عَظْمٌ بِلَحْمٍ خَالٍ مِنْ الْعَظْمِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسَاوِيهِمَا فِي الْوَزْنِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَاحْتَجُّوا لَهُ بِبَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ نَوَاهُ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ : يَتَحَرَّى مَا فِيهِ مِنْ اللَّحْمِ وَيُسْقِطُ الْعَظْمَ ،

وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا عَلَى اخْتِصَارٍ سَنَدٌ .
قُلْت : هَلْ يَصْلُحُ الرَّأْسُ بِالرَّأْسَيْنِ قَالَ : لَا يَصْلُحُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ إلَّا وَزْنًا بِوَزْنٍ أَوْ عَلَى التَّحَرِّي .
قُلْت فَإِنْ دَخَلَ رَأْسُ وَزْنِ رَأْسَيْنِ أَوْ دَخَلَ ذَلِكَ فِي التَّحَرِّي لَا بَأْسَ بِهِ قَالَ نَعَمْ : لَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَ مَالِكٍ .
سَنَدٌ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا يَصْلُحُ أَنَّ الْعَظْمَ لَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ مَا لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ وَقَالَهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ .
اللَّخْمِيُّ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِتَحَرٍّ اللَّحْمِ وَالْقَوْلَانِ فِي عَظْمِ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ .
( وَالْجِلْدُ ) الَّذِي يُؤْكَلُ مُنْفَصِلًا عَنْ اللَّحْمِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ ( كَهُوَ ) أَيْ اللَّحْمِ فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِأُخْرَى وَلَا يُسْتَثْنَى الْجِلْدُ ، بِخِلَافِ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ لِأَنَّهُ عَرَضٌ وَالْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ عَرَضٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا خَيْرَ فِي شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تَحَرِّيًا إنْ قَدَرَ عَلَى تَحَرِّيهِمَا قَبْلَ سَلْخِهِمَا .
ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ يَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ كُلُّ وَاحِدٍ جِلْدَ شَاتِه وَإِلَّا فَهُوَ لَحْمٌ وَسِلْعَةٌ .
سَنَدٌ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الْبَاجِيَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ لِلْجِلْدِ لَحْمٌ يُؤْكَلُ مَسْمُوطًا .
سَنَدٌ عَلَى هَذَا يُرَاعَى الصُّوفُ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَجْزُورَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا .
.

وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ ، وَذُو زَيْتٍ كَفُجْلٍ وَالزُّيُوتُ : أَصْنَافٌ : .
كَالْعُسُولِ ، لَا الْخُلُولِ ، وَالْأَنْبِذَةِ ، .
وَالْأَخْبَازِ ، وَلَوْ بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ ، وَبَيْضٍ ، وَسُكَّرٍ .

( وَيُسْتَثْنَى ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ ( قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ وَمِنْ جَانِبِ صَاحِبِهِ إذَا بِيعَ بِبَيْضِ غَيْرِهِ ، فَإِنَّ قِشْرَ بَيْضِ النَّعَامِ عَرَضٌ لَهُ قِيمَةٌ وَفِيهِ مَنَافِعُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ لَزِمَ فِي بَيْعِهِ بِمِثْلِهِ بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ ، وَفِي بَيْعِهِ بِبَيْضِ غَيْرِهِ بَيْعٌ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَكِلَاهُمَا مَمْنُوعٌ لِلْفَضْلِ الْمَعْنَوِيِّ وَمِثْلُ بَيْضِ النَّعَامِ بَيْعُ عَسَلٍ بِشَمْعِهِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِعَسَلٍ بِدُونِ شَمْعِهِ ، فَيُسْتَثْنَى الشَّمْعُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ جَانِبٍ ( وَذُو زَيْتٍ ) كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ذُو بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ أَصْنَافٌ وَفِي بَعْضِهَا وَذِي بِالْيَاءِ عَلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ قَبْلَهُ ( كَ ) حَبِّ ( فُجْلٍ ) أَحْمَرَ وَسِمْسِمٍ وَزَيْتُونٍ وَقُرْطُمٍ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْآخَرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ بِزْرِ الْكَتَّانِ رِبَوِيًّا رِوَايَةُ زَكَاتِهِ ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا زَكَاةَ فِيهِ إذْ لَيْسَ بِعَيْشِ الْقَرَافِيِّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ( وَالزُّيُوتُ ) الْمَأْكُولَةُ ( أَصْنَافٌ ) أَيْ أَجْنَاسٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ وَزَيْتُ الْجُلْجُلَانِ أَجْنَاسٌ لِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي كُلِّ زَيْتٍ يُؤْكَلُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْفَضْلَ فِي زَيْتِ الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَالْجُلْجُلَانِ وَالْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ وَزَيْتُ زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ أَصْنَافٌ يَجُوزُ بَيْعُ صِنْفٍ مِنْهَا بِالْآخِرِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا ، وَيَجُوزُ الْفَضْلُ فِي زَرِيعَةِ الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ لِلْأَكْلِ غَالِبًا ، وَإِنَّمَا يُرَادُ لِلْعِلَاجِ وَيَدْخُلُ فِي الْأَدْوِيَةِ وَكَذَلِكَ زَيْتُ الْجَوْزِ

عِنْدَنَا .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَبْلَهُ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِي بِزْرِ الْكَتَّانِ وَزَيْتِهِ أَنَّهُمَا غَيْرُ رِبَوِيَّيْنِ ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ بِحَسَبِ عَادَةِ بَلَدِهِ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ بِمِصْرَ يَسْتَعْمِلُونَ زَيْتَ الْكَتَّانِ فِي قَلْيِ السَّمَكِ وَنَحْوِهِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ زَرِيعَةُ الْفُجْلِ وَزَرِيعَةُ الْكَتَّانِ مِنْ الطَّعَامِ لَا يُبَاعُ حَتَّى يُسْتَوْفَى وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَقْتَاتُ فِيهِ ذَلِكَ أَفَادَهُ الْحَطّ ، وَنَقَلَ عَقِبَهُ كَلَامَ الطِّرَازِ وَهُوَ حَسَنٌ مَبْسُوطٌ فَانْظُرْهُ .
وَشَبَّهَ فِي تَعَدُّدِ الْجِنْسِ فَقَالَ ( كَالْعُسُولِ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ عَسَلٍ مِنْ نَحْلٍ وَقَصَبٍ وَرُطَبٍ وَزَبِيبٍ وَخَرُّوبٍ فَهِيَ أَجْنَاسٌ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا ، وَيُسْتَفَادُ كَوْنُهَا رِبَوِيَّةً مِنْ كَوْنِهَا أَجْنَاسًا ، وَسَيُصَرِّحُ بِرِبَوِيَّتِهَا ، وَأَخْرَجَ مِنْ تَعَدُّدِ الْجِنْسِ فَقَالَ ( لَا ) يَتَعَدَّدُ جِنْسُ ( الْخُلُولِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خَلٍّ مِنْ عِنَبٍ وَخَلٍّ زَبِيبٍ وَخَلِّ تَمْرٍ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ( وَ ) لَا يَتَعَدَّدُ جِنْسُ ( الْأَنْبِذَةِ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ نَبِيذٍ أَيْ مَاءٍ مَنْبُوذٍ فِيهِ نَبِيذُ زَبِيبٍ وَنَبِيذُ تِينٍ وَغَيْرُهَا كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ ، وَالْخُلُولُ مَعَ الْأَنْبِذَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا ، وَذُكِرَ لِلشَّارِحِ أَنَّ الْخُلُولَ جِنْسٌ وَالْأَنْبِذَةَ جِنْسٌ آخَرُ .
ابْنُ رُشْدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ : النَّبِيذُ لَا يَصْلُحُ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا ، وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ بَعِيدٌ مَا بَيْنَهُمَا ، وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا قَرِيبٌ مِنْهُمَا ، فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَهَذَا أَظْهَرُ ، وَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى مُخَالِفًا

لِلْمُدَوَّنَةِ .
( وَ ) لَا يَتَعَدَّدُ جِنْسُ ( الْأَخْبَازِ ) بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَيْنِ جَمْعُ خُبْزٍ فَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ ( وَلَوْ ) كَانَ ( بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً ) وَبَعْضُهَا غَيْرَ قُطْنِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ( إلَّا الْكَعْكَ ) الْمَعْجُونَ أَوْ الْمُلَطَّخَ ( بِأَبْزَارٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ بِزْرٍ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا لُغَةٌ ، وَيُجْمَعُ أَبْزَارٌ عَلَى أَبَازِيرَ وَهِيَ التَّوَابِلُ الْآتِيَةُ ، وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِبِزْرٍ وَاحِدٍ كَسِمْسِمٍ ، وَأَلْحَقَ اللَّخْمِيُّ الدُّهْنَ بِالْأَبْزَارِ فَقَالَ : يَجُوزُ بَيْعُ الْإِسْفَنْجِ بِالْخُبْزِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا وَالْإِسْفَنْجُ الزَّلَابِيَّةُ ، وَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ : يَجُوزُ بَيْعُ الْإِسْفَنْجَةِ وَالْمُسِنَّةِ بِالْخُبْزِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا .
( وَ ) كَ ( بَيْضٍ ) فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَبٍّ فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ : يَجُوزُ الْفَضْلُ فِيهِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ بَيْضُ الطَّيْرِ كُلِّهِ صِنْفُ النَّعَامِ وَالطَّاوُوسِ فَمَا دُونَهَا مِمَّا يَطِيرُ أَوْ لَا يَطِيرُ يَسْتَحِي أَوْ لَا يَسْتَحِي صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ فَلَا يُبَاعُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تَحَرِّيًا ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَدَدُ كَبَيْضَةٍ بِأَكْثَرَ ( وَ ) كَ ( سُكَّرٍ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ مُشَدَّدَةً فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ .
.

وَعَسَلٍ وَمُطْلَقِ لَبَنٍ ، وَحُلْبَةٍ وَهَلْ إنْ اخْضَرَّتْ ؟ تَرَدُّدٌ .
.

( وَ ) كَ ( عَسَلٍ ) فَهُوَ رِبَوِيٌّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ أَجْنَاسٌ ( وَ ) كَ ( مُطْلَقِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( لَبَنٍ ) مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ حَلِيبٍ أَوْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ وَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَلَوْ مِنْ آدَمِيٍّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِلَبَنِ آدَمِيٍّ أَوْ نَعَمٍ بِفَضْلِ أَحَدِهِمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ نَاجِي لَبَنُ الْآدَمِيِّ عِنْدِي كَأَحَدِ الْأَلْبَانِ مِنْ الْأَنْعَامِ فَيَحْرُمُ الْفَضْلُ فِيهِ وَفِيهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وَ ) كَ ( حُلْبَةٍ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَتُخَفَّفُ بِالسُّكُونِ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ .
( وَهَلْ ) مَحَلُّ رِبَوِيَّتِهَا ( إنْ اخْضَرَّتْ ) أَيْ كَانَتْ خَضْرَاءَ فَيُمْنَعُ بَيْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهَا وَالْفَضْلُ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَتْ يَابِسَةً فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً فَلَا يُمْنَعُ ذَلِكَ فِيهَا أَوْ رِبَوِيَّةً مُطْلَقًا ( تَرَدُّدٌ ) الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي الْحُلْبَةِ هَلْ هِيَ طَعَامٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، أَوْ دَوَاءٌ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَقَالَ أَصْبَغُ : الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ وَالْيَابِسَةُ دَوَاءٌ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْأَوَّلِينَ ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ .
وَبَعْضُهُمْ أَنَّهُ خِلَافٌ لَهُمَا وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، وَلِذَا قَالَ تَرَدُّدٌ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : الْخِلَافُ فِي الْحُلْبَةِ إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهَا طَعَامًا أَوْ دَوَاءً لَا فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَكَلَّمَ فِي الرِّبَوِيِّ .
ا هـ .
وَقَدْ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ : وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَ مَنْ أَثْبَتَ مَطْعُومِيَّتَهَا مُطْلَقًا وَبَيْنَ مَنْ قَيَّدَهَا بِالْخَضْرَاءِ أَنَّهَا عَلَى الْأَوَّلِ رِبَوِيَّةٌ

لِأَنَّهَا تُدَّخَرُ لِلْإِصْلَاحِ ، وَعَلَى الثَّانِي الَّذِي قَيَّدَهَا بِالْخَضْرَاءِ لَا تُدَّخَرُ فَلَا تَكُونُ رِبَوِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا قَالَ : وَ الْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَطْعُومٍ وَإِنَّمَا غَالِبُ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْأَدْوِيَةِ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ هَذَا .
.

وَمُصْلِحُهُ : كَمِلْحٍ ، وَبَصَلٍ ، وَثُومٍ وَتَابِلٍ كَفُلْفُلٍ ، وَكُزْبَرَةٍ ، وَكَرَوْيَا ، وَآنِيسُونٍ ، .
وَشَمَارٍ ، وَكَمُّونَيْنِ وَهِيَ أَجْنَاسٌ لَا خَرْدَلٍ ، وَزَعْفَرَانٍ ، .
.

( وَمُصْلِحُهُ ) أَيْ الطَّعَامِ رِبَوِيٌّ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ وَعَطْفُهُ عَلَى حَبٍّ فِيهِ شَيْءٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ مُقْتَاتًا ، بَلْ هُوَ مُلْحَقٌ بِهِ نَعَمْ هُوَ طَعَامٌ لِلَّخْمِيِّ رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّوَابِلَ طَعَامٌ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : الطَّعَامُ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ شُرْبِهِ ( كَمِلْحٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ( وَبَصَلٍ وَثُومٍ ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَتُبْدَلُ فَاءً أَخْضَرَيْنِ أَوْ يَابِسَيْنِ الشَّارِحُ لَا خِلَافَ فِي رِبَوِيَّةِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَهُمَا جِنْسَانِ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَلَمْ أَرَ فِي الْمِلْحِ خِلَافًا أَيْضًا وَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ .
( وَتَابِلٍ ) أَوَّلُهُ مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ وَيَلِي أَلِفَهُ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٌ أَوْ مَكْسُورَةٌ .
وَفِي الْمُحْكَمِ أَنَّ بَعْضَهُمْ هَمَزَهُ وَمَثَّلَ لَهُ فَقَالَ ( كَفُلْفُلٍ ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ حَبٌّ مَعْرُوفٌ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ الزَّنْجَبِيلَ ( وَكُزْبَرَةٍ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتُفْتَحُ وَتُبْدَلُ الزَّايُ سِينًا إنْ كَانَتْ يَابِسَةً لَا خَضْرَاءَ ، إلَّا لِعُرْفٍ بِالْإِصْلَاحِ بِهَا كَالسَّلْقِ ( وَكَرَوْيَا ) كَزَكَرِيَّا وَ كَ تَيْمِيَاءَ ( وَآنِيسُونٍ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ أَوَّلُهُ يَلِيهِ نُونٌ مَكْسُورَةٌ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ فَسِينٌ مُهْمَلَةٌ آخِرُهُ نُونٌ ( وَشَمَارٍ ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ كَسَحَابٍ ( وَكَمُّونَيْنِ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَضَمِّ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً أَخْضَرَ وَأَسْوَدَ وَيُسَمَّى الثَّانِي حَبَّةً سَوْدَاءَ وَ شُونِيزًا بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهَذَا أَكْثَرُ اسْتِعْمَالًا .
ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّمَارُ وَالْكَمُّونَانِ وَالْآنِيسُونُ طَعَامٌ مُحَمَّدٌ وَأَصْبَغُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَيْسَتْ طَعَامًا هِيَ دَوَاءٌ ، وَإِنَّمَا التَّابِلُ الَّذِي هُوَ طَعَامٌ الْفُلْفُلُ وَالْكَرَوْيَا وَالْكُزْبَرَةُ وَالْقِرْفَا وَالسُّنْبُلُ .
ابْنُ حَبِيبٍ الشُّونِيزُ وَالْخَرْدَلُ مِنْ التَّوَابِلِ لَا الْحِرَفِ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِالْمَصْطَكَى نَصَّ

فِي أَنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ .
( وَهِيَ ) أَيْ التَّوَابِلُ الْمَذْكُورَةُ ( أَجْنَاسٌ ) الشَّارِحُ وَ ق الْكَمُّونَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ ( لَا ) كَ ( خَرْدَلٍ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ فَلَيْسَ مِنْ الْمُصْلِحِ فَلَا يَدْخُلُهُ رِبَا الْفَضْلِ ، وَكَالْخَرْدَلِ بِزْرُ الْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْبِطِّيخِ وَالْقَرْعِ وَالْكُرَّاثِ وَحَبِّ الرَّشَادِ .
الشَّارِحُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْخَرْدَلَ رِبَوِيٌّ ، وَنَصُّهُ بَعْدَ ذِكْرِ الْأَقْوَالِ فِي عِلَّةِ رِبَا الْفَضْلِ ، فَمَا اتَّفَقَ عَلَى وُجُودِهَا فِيهِ فَرِبَوِيٌّ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ ثُمَّ قَالَ : وَالْخَرْدَلُ وَالْقُرْطُمُ ، وَتَرَدَّدَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي التِّينِ لِعَدَمِ اقْتِيَاتِهِ فِي الْحِجَازِ وَإِلَّا فَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْقُوتِيَّةِ مِنْ الزَّبِيبِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : الْخَرْدَلُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْأَظْهَرُ فِي التِّينِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ خِلَافًا فِيهِ .
الرَّمَّاحُ وَابْنُ عَرَفَةَ اللِّيمُ طَعَامٌ لَا النَّارِنْجُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَصْبَغَاتِ وَنَحْوِهَا .
الرَّمَّاحُ أَشْرِبَةُ الْحَكِيمِ كُلُّهَا رِبَوِيَّةٌ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي رِبَوِيَّتِهَا وَلَا تُبَاعُ بِطَعَامٍ مُؤَخَّرٍ .
أَبُو حَفْصٍ لَا يَجُوزُ الْفَضْلُ فِي الْأَشْرِبَةِ كُلِّهَا شَرَابِ الْوَرْدِ وَشَرَابِ الْبَنَفْسَجِ وَشَرَابِ الْجَلَّابِ وَغَيْرِهَا لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا ، وَلَا يَجُوزُ عَسَلُ الْقَصَبِ بِالْقَصَبِ فَإِذَا صَارَ شَرَابًا جَازَ لِدُخُولِ الْأَبْزَارِ فِيهِ فَصَارَ مِثْلَ اللَّحْمِ الْمَطْبُوخِ بِهَا بِالنَّيْءِ وَالْمَصْطَكَى لَيْسَتْ بِطَعَامٍ وَالْجَلَّابُ طَعَامٌ .
( وَ ) لَا ( زَعْفَرَانٍ ) ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ بِطَعَامٍ إجْمَاعًا .
ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ مَنَعَ سَلَفَهُ فِي طَعَامٍ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ لَمْ يَتُبْ ضُرِبَ عُنُقُهُ لِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى إجَازَتِهِ .
عَبْدُ الْحَقِّ سَأَلْت أَبَا عِمْرَانَ عَنْ هَذَا فَقَالَ : إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْإِجْمَاعُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ فَلَا

يُسْتَتَابُ ، وَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ بِطَرِيقٍ يَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْعِلْمُ بِهِ يُسْتَتَابُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ الَّذِي يُسْتَتَابُ مُنْكِرُهُ مَا كَانَ قَطْعِيًّا وَهُوَ مَا بَلَغَ عَدَدُ قَائِلِهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ وَنُقِلَ مُتَوَاتِرًا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ نَحْوَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ وَمَا نُقِلَ مِنْ الْإِجْمَاعِ فِي الزَّعْفَرَانِ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْإِجْمَاعِ وَمِنْ أَوْعَبِهَا كِتَابُ الْحَافِظِ أَبِي الْحَسَنِ الْقَطَّانِ وَقَفْت عَلَى نُسْخَةٍ مِنْهُ بِخَطِّهِ فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهَا بِحَالٍ ا هـ .
.

وَخُضَرٍ ، وَدَوَاءٍ ، وَتِينٍ ، وَمَوْزٍ ، وَفَاكِهَةٍ وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ ، وَكَبُنْدُقٍ ، .
وَبَلَحٍ ، إنْ صَغُرَ ، وَمَاءٍ .
.

( وَخُضَرٍ ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَيْنِ جَمْعُ خُضْرَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ شَيْءٍ أَخْضَرَ يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهِ كَبَامِيَةٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَقَرْعٍ وَبَقْلٍ ، أَوْ بِقَلْعِ أَصْلِهِ كَخَسٍّ وَفُجْلٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً وَإِنْ كَانَتْ طَعَامًا ( وَدَوَاءٍ ) كَمُغَاثِ وَجَنْزَبِيلٍ وَحُبُوبٍ لَا يُعْصَرُ مِنْهُمَا زَيْتٌ مَأْكُولٌ فَلَيْسَ بِطَعَامٍ ( وَتِينٍ ) بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقِيَّةٍ فَتَحْتِيَّةٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ كَمَا فِي نَقْلِ ق وَنَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : لَا يَجُوزُ فِي الْعِنَبِ التَّفَاضُلُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَا يَتَزَبَّبُ ، وَكَذَلِكَ التِّينُ وَأَحَدُهُمَا لَا يَيْبَسُ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِالْأَغْلَبِ فَهَذَا نَصُّ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ التِّينَ رِبَوِيٌّ .
ا هـ .
وَظَاهِرُهُ شُمُولُهُ لِلْأَخْضَرِ وَالْيَابِسِ ، وَقِيلَ : الْأَوَّلُ غَيْرُ رِبَوِيٍّ .
( وَمَوْزٍ وَفَاكِهَةٍ ) كَخَوْخٍ وَإِجَّاصٍ وَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَرُمَّانٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً إنْ لَمْ تَدَّخِرْ ، بَلْ ( وَلَوْ اُدُّخِرَتْ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ نَاحِيَةً مِنْ الْبِلَادِ كَادِّخَارِ التُّفَّاحِ وَنَحْوِهِ بِدِمَشْقَ وَغَيْرِهَا ، وَكَالْبِطِّيخِ الْأَصْفَرِ بِخُرَاسَانَ لِنُدُورِ ادِّخَارِهَا وَعَدَمِ اقْتِيَاتِهَا ( وَكَبُنْدُقٍ ) وَجَوْزٍ وَلَوْزٍ وَفُسْتُقٍ فَلَيْسَتْ رِبَوِيَّةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ اُدُّخِرَتْ فِي الْأَقْطَارِ كُلِّهَا لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلِاقْتِيَاتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُ رِبَا الْفَضْلِ أَصْلٌ فِي الْأَرْبَعَةِ الْبُرِّ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَفِي عِلَّتِهِ اضْطِرَابٌ الْبَاجِيَّ فِي كَوْنِهَا الِاقْتِيَاتَ أَوْ الِادِّخَارَ لَا كُلٌّ غَالِبًا ثَالِثُهَا الْأَوَّلُ وَالِادِّخَارُ لِإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَابْنِ نَافِعٍ مَعَ رِوَايَةِ الْمُوَطَّإِ وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ الْأَبْهَرِيِّ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عِلَّتُهُ فِي الْبُرِّ الِاقْتِيَاتُ وَفِي التَّمْرِ التَّفَكُّهُ الصَّالِحُ لِلْقُوتِ ،

وَفِي الْمِلْحِ كَوْنُهُ مُؤْتَدَمًا .
ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي الِادِّخَارُ لِلْعَيْشِ غَالِبًا .
اللَّخْمِيُّ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ اللَّوْزَ وَشِبْهَهُ غَيْرُ مُتَّخَذٍ لِلْعَيْشِ غَالِبًا وَهُوَ رِبَوِيٌّ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَاخْتُلِفَ فِي الْأَنْوَاعِ لِاخْتِلَافِهِمْ فِي الْعِلَّةِ ، فَفِي كَوْنِ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ رِبَوِيَّيْنِ نَقْلًا ابْنُ بَشِيرٍ وَنَحْوَ قَوْلِ الْبَاجِيَّ فِي جَعْلِ الْعِلَّةِ الِاقْتِيَاتَ وَالِادِّخَارَ لَمْ يَجْعَلْ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ رِبَوِيَّيْنِ ، وَظَاهِرُ مُتَقَدِّمِ رَدِّ اللَّخْمِيِّ تَعْلِيلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَالْقَاضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ ا هـ .
وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ الْمُتَقَدِّمِ تَرْجِيحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ ، لَكِنْ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُ الْفَضْلِ فِي الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَالْبُنْدُقِ وَنَحْوِهَا ، وَنَقَلَ " ق " نَصَّ ابْنِ يُونُسَ بِأَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ رِبَوِيَّانِ .
( وَ ) لَا ( بَلَحٍ إنْ صَغُرَ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ انْعَقَدَ وَاخْضَرَّ لِأَنَّهُ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ وَأَحْرَى الطَّلْعِ وَالْإِغْرِيضِ وَمَرَاتِبُ ثَمَرِ النَّخْلِ سَبْعٌ بِتَقْدِيمِ السِّينِ طَلْعٌ فَإِغْرِيضٌ فَبَلَحٌ صَغِيرٌ فَزَهْوٌ فَبُسْرٌ فَرُطَبٌ فَتَمْرٌ ، وَقَدْ جُمِعَتْ أَوَائِلُهَا فِي طَابَ زَبَرَتْ ، فَالطَّاءُ مِنْ الطَّلْعِ ، وَالْأَلْفُ مِنْ الْإِغْرِيضِ وَهَكَذَا إلَخْ ، وَصُوَرُ بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا يَتَكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِهَا ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً ، وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ يَمْتَنِعُ خَمْسَةٌ مِنْهَا وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الزَّهْوِ وَالْبُسْرِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ ، وَالثَّلَاثُ وَالْعِشْرُونَ كُلُّهَا جَائِزَةٌ وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الطَّلْعِ وَالْإِغْرِيضِ وَالْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِمَا بَعْدَهُ فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشَرَةَ صُورَةً ، وَبِبَيْعِ الزَّهْوِ

بِمِثْلِهِ وَبِالْبُسْرِ ، وَبَيْعِ كُلٍّ مِنْ الْبُسْرِ وَالرُّطَبِ وَالتَّمْرِ بِمِثْلِهِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ تَمْرٌ بِرُطَبٍ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِكَبِيرِ الْبَلَحِ وَلَا كَبِيرُ الْبَلَحِ بِرُطَبٍ وَلَا بُسْرٌ بِرُطَبٍ عَلَى حَالٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا .
( وَ ) لَا ( مَاءٍ ) بِالْمَدِّ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ فَيَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَبِمُسَاوِيهِ لِأَجَلٍ لَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ ، مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَا بِأَقَلَّ مِنْهُ لِأَجَلٍ ، لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِجُعْلٍ .

وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ ، وَالطَّحْنُ ، وَالْعَجْنُ ، وَالصَّلْقُ إلَّا التُّرْمُسُ وَالتَّنْبِيذُ لَا يَنْقُلُ ، بِخِلَافِ خَلِّهِ ، وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ ، وَشَيِّهِ وَتَجْفِيفِهِ بِهَا ، وَالْخُبْزِ ، وَقَلْيِ قَمْحٍ وَسَوِيقٍ .
وَسَمْنٍ .

وَيَجُوزُ ) بَيْعُ الْمَاءِ ( بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ ) وَبَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمَاءُ الْعَذْبُ وَمَا فِي حُكْمِهِ مِمَّا يُشْرَبُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْأُجَاجُ الَّذِي لَا يُشْرَبُ بِحَالٍ كَمَاءِ الْبَحْرِ الْمِلْحِ جِنْسٌ آخَرُ ( وَالطَّحْنُ ) لِحَبٍّ لَا بِنَقْلِ دَقِيقِهِ عَنْ جِنْسِهِ ( وَالْعَجْنُ ) لِدَقِيقٍ لَا يُنْقَلُ عَجِينُهُ عَنْ جِنْسِهِ ( وَالصَّلْقُ ) لِحَبٍّ لَا يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ ( إلَّا التُّرْمُسَ ) فَيَنْقُلُهُ إذَا نُقِعَ بِالْمَاءِ حَتَّى حَلَا فَأَرَادَ بِصَلْقِهِ الْهَيْئَةَ الْمُجْتَمِعَةَ مِنْهُ وَمِنْ نَقْعِهِ بِالْمَاءِ ( وَالتَّنْبِيذُ ) لِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ تِينٍ أَيْ نَقْعُهُ بِالْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ ( لَا يُنْقَلُ ) الْمَنْبُوذُ فِيهِ عَنْ جِنْسِ الْمَنْبُوذِ فَلَا يُبَاعُ بِهِ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا ، وَكَذَا الْعَصْرُ ، فَفِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتُونٍ بِزَيْتٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَلَوْ كَانَ الزَّيْتُونُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتٌ .
( بِخِلَافِ خَلِّهِ ) أَيْ تَخْلِيلِ مَا يُنْبَذُ مِنْ نَحْوِ تَمْرٍ فَيَنْقَلُ الْخَلَّ عَنْ جِنْسِهِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا ( وَ ) بِخِلَافِ ( طَبْخِ لَحْمٍ بِ ) جِنْسِ ( أَبْزَارٍ ) فَيَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِ الْمَطْبُوخِ بِدُونِهَا وَعَنْ النَّيْءِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ كُلَّ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ انْتَقَلَ عَنْ أَصْلِهِ سَوَاءٌ اللَّحْمُ وَغَيْرُهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْأَبْزَارِ مَا يَشْمَلُ الْبَصَلَ وَالثُّومَ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٌ لَا الْمِلْحُ .
( وَ ) بِخِلَافِ ( شَيِّهِ ) أَيْ اللَّحْمِ بِأَبْزَارٍ فَيَنْقُلُهُ عَنْ النَّيْءِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( تَجْفِيفِهِ ) أَيْ اللَّحْمِ بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ هَوَاءٍ ( بِهَا ) أَيْ الْأَبْزَارِ فَيَنْقُلُهُ عَنْهُ ( وَ ) بِخِلَافِ ( الْخَبْزِ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ زَايٌ لِعَجِينٍ فَيَنْقُلُ الْمَخْبُوزَ عَنْهُ وَعَنْ الدَّقِيقِ وَالْحَبِّ ( وَ ) بِخِلَافِ ( قَلْيِ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ ( قَمْحٍ ) وَنَحْوِهِ مِنْ

الْحُبُوبِ فَيَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ وَأُلْحِقَ بِهِ تَنْبِيتُ الْفُولِ وَتَدْمِيسُهُ ( وَ ) بِخِلَافِ ( سَوِيقٍ ) أَيْ طَحْنِ الْحَبِّ بَعْدَ قَلْيِهِ أَوْ صَلْقِهِ وَتَجْفِيفِهِ فَيَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ بِالْأَوْلَى مِنْ نَقْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْقَلْيِ ( وَ ) بِخِلَافِ ( سَمْنٍ ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحَلِيبِ بِخَضٍّ أَوْ ضَرْبٍ بِيَدٍ فَيَنْقُلُ السَّمْنَ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أَخْرَجَ سَمْنَهُ بِأَحَدِهِمَا .
الْحَطّ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ وَالسَّمْنَ إذَا لُتَّا صَارَا جِنْسًا غَيْرَ السَّوِيقِ غَيْرَ الْمَلْتُوتِ ، قَالُوا : وَبِمَعْنَى مَعَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ غَيْرُ جِنْسِ حَبِّهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَلْيُ وَحْدَهُ نَاقِلًا فَأَحْرَى الْقَلْيُ وَالطَّحْنُ .
أَمَّا السَّمْنُ فَنَاقِلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى لَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلَّبَنِ فِيهِ زُبْدُهُ ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَإِلَّا سُوقُهُ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ نَقَلَهُ الْقُبَابُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَجَازَ تَمْرٌ ، وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ ، وَحَلِيبٌ ، وَرُطَبٌ ، وَمَشْوِيٌّ .
وَقَدِيدٌ ، وَعَفِنٌ ، .
وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ ، وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ .
بِمِثْلِهَا : كَزَيْتُونٍ ، وَلَحْمٍ ، لَا رَطْبِهِمَا بِيَابِسِهِمَا ، .
.

( وَجَازَ تَمْرٌ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ بَيْعُهُ إنْ كَانَ جَدِيدًا بِمِثْلِهِ أَوْ قَدِيمًا بِمِثْلِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ قَدُمَ ) بِضَمِّ الدَّالِ ( بِتَمْرٍ ) جَدِيدٍ مُتَمَاثِلَيْنِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُمْنَعُ بَيْعُ الْقَدِيمِ بِالْجَدِيدِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ مُمَاثَلَتِهِمَا لِشِدَّةِ جَفَافِ الْقَدِيمِ إنْ اخْتَلَفَ صِنْفَاهُمَا كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ بِدُونِ قَوْلِهِ إنْ اخْتَلَفَ إلَخْ .
الْحَطّ وَفِي كَلَامِ النَّقْلَيْنِ نَقْصٌ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ اخْتَارَ مَنْعَ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالرُّطَبِ وَالْبُسْرِ بِالْبُسْرِ إذَا كَانَ نَقْصُهُمَا يَخْتَلِفُ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ : وَالْمَنْعُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ أَحْسَنُ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ كَصَيْحَانِيٍّ وَبِرْنِيٍّ وَمَا يُعْلَمُ أَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي النَّقْصِ إذَا صَارَا تَمْرًا لِلْحَدِيثِ .
( وَ ) جَازَ لَبَنٌ ( حَلِيبٌ ) مِنْ نَعَمٍ بِمِثْلِهِ .
الْحَطّ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْكَلَامُ عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ الْكِفَايَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ ( وَ ) جَازَ ( رُطَبٌ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ بِمِثْلِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ( وَ ) بَلَحٌ ( مَشْوِيٌّ ) بِمِثْلِهِ ( وَ ) بَلَحٌ ( قَدِيدٌ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُخَفَّفَةً بِمِثْلِهِ ( وَ ) بَلَحٌ ( عَفِنٌ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ بِمِثْلِهِ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَبَادَلَا قَمْحًا عَفِنًا بِعَفِنٍ مِثْلِهِ ، فَإِنْ تَشَابَهَا فِي الْعَفِنِ فَلَا بَأْسَ بِهِ ، وَإِنْ تَبَاعَدَا فَلَا يَجُوزُ .
أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ مَعْنَاهُ إذَا كَانَ الْعَفِنُ خَفِيفًا ، وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةِ الْغَلَثِ قَالَ فِيهَا : وَإِنْ كَانَا مَغْشُوشَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا

كَثِيرَ التِّبْنِ أَوْ التُّرَابِ حِينَ يَصِيرُ خَطَرًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَبَادَلَا إلَّا فِي الْغَلَثِ الْخَفِيفِ ، أَوْ يَكُونَا نَقِيَّيْنِ وَلَيْسَ حَشَفُ التَّمْرِ بِمَنْزِلَةِ غَلَثِ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْحَشَفَ مِنْ التَّمْرِ وَالْغَلَثَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ ا هـ .
قُلْت : لَيْسَ الْعَفِنُ كَالْغَلَثِ فَإِنَّ الْغَلَثَ لَيْسَ مِنْ الطَّعَامِ ، وَأَمَّا الْعَفِنُ فَهُوَ وَصْفٌ لِلطَّعَامِ وَلَيْسَ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الطَّعَامِ .
ابْنُ رُشْدٍ تَجُوزُ مُبَادَلَةُ الطَّعَامِ الْمَأْكُولِ أَيْ الْمُسَوَّسِ وَالْمَعْفُونِ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَمَنَعَهَا أَشْهَبُ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي قِسْمَةِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَجَازَهُ سَحْنُونٌ فِي الْمَعْفُونِ وَكَرِهَهُ فِي الْمَأْكُولِ إذَا كَانَتْ الْحَبَّةُ قَدْ ذَهَبَ أَكْثَرُهَا وَقَوْلُهُ وَقَوْلُ أَشْهَبَ مِثْلُ مَا فِي قِسْمَةِ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعَفِنُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَانَ مِنْ الْمُكَايَسَةِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالتَّمَاثُلِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَ مَعْرُوفًا مَحْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْحَطّ .
( وَ ) جَازَ ( زُبْدٌ ) بِضَمِّ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بِزُبْدٍ مِثْلِهِ ( وَ ) جَازَ ( سَمْنٌ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ بِمِثْلِهِ ( وَ ) جَازَ ( جُبْنٌ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بِمِثْلِهِ ( وَ ) جَازَ ( أَقِطٌ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهِ وَبِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَوْ كَسْرِهِ وَهُوَ لَبَنٌ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَيَبِسَ ، وَخَصَّهُ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ بِالضَّأْنِ ، وَقِيلَ : لَبَنٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ ، فَإِنْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ وَلَمْ يَيْبَسْ فَمَخِيضٌ بِقُرْبِهِ أَوْ مَضْرُوبٍ بِيَدٍ ، فَأَنْوَاعُ اللَّبَنِ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ سَبْعَةٌ حَلِيبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ .
الْحَطّ وَصُوَرُ بَيْعِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ السَّبْعَةِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ خِلَافِ نَوْعِهِ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً بِتَقْدِيمِ الْفَوْقِيَّةِ مِنْ ضَرْبِ سَبْعَةٍ فِي مِثْلِهَا

يَتَكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِهَا ثَمَانٍ وَعِشْرُونَ صُورَةً ، فَيَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ بِنَوْعِهِ بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ ، فَهَذِهِ سَبْعُ صُوَرٍ ، وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْحَلِيبِ وَالزُّبْدِ وَالسَّمْنِ وَالْجُبْنِ وَالْأَقِطِ بِمَا بَعْدَهُ لَا يَجُوزُ مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ فَلَا يَتَحَقَّقُ تَمَاثُلُهُمَا .
وَأُخِذَ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ جَوَازُ بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ مُتَمَاثِلَيْنِ فَهَذِهِ عَشْرُ صُوَرٍ وَيَجُوزُ بَيْعُ مَخِيضٍ بِمَضْرُوبٍ مُتَمَاثِلَيْنِ عَلَى الْمَعْرُوفِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحَقِيقَةِ ، وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَضْرُوبِ مُتَمَاثِلًا فَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا لِأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فِي الْحَقِيقَةِ ، فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ ، وَأَجَازَ فِيهَا أَيْضًا بَيْعُ السَّمْنِ بِلَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ ، وَهَذَا يَشْمَلُ صُورَتَيْنِ لِأَنَّ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ يَشْمَلُ الْمَخِيضَ وَالْمَضْرُوبَ .
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَجَازَ بَيْعَ الزُّبْدِ بِالْمَضْرُوبِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْمَخِيضِ أَيْضًا لِاتِّحَادِهِمَا ، فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا .
وَذَكَرَ أَبُو إِسْحَاقَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْمَضْرُوبِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ ، وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجَوَازَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَيَجُوزُ عِنْدَهُ بَيْعُ الْجُبْنِ بِالْمَخِيضِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا ، فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ سِتٌّ وَعِشْرُونَ صُورَةً ، فَبَقِيَ صُورَتَانِ بَيْعُ أَقِطٍ بِمَخِيضٍ أَوْ بِمَضْرُوبٍ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ وَالزَّنَاتِيِّ جَوَازُهُمَا ، وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ امْتِنَاعُهُمَا لِخُرُوجِ الْأَقِطِ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ( بِمِثْلِهَا ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلِيبٍ .
( وَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ ) الْحَطّ

كَذَا رَأَيْته فِي نُسْخَةٍ بِعَطْفِ الزَّيْتُونِ بِالْوَاوِ فَيَحْسُنُ قَوْلُهُ لَا رَطْبُهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ إلَى الْمَذْكُورَاتِ جَمِيعِهَا ، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ بِمِثْلِهَا عَنْ قَوْلِهِ وَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ لَكَانَ أَحْسَنَ .
وَأَمَّا عَلَى .
النُّسْخَةِ الْمَشْهُورَةِ وَهِيَ كَزَيْتُونِ وَلَحْمٍ بِجَرِّ زَيْتُونٍ بِالْكَافِ فَلَا يَسْتَقِيمُ إلَّا عَلَى مَا قَالَهُ غ مِنْ جَعْلِ رَطْبِهَا بِالرَّفْعِ فَاعِلًا لِمَحْذُوفٍ ، وَالْكَلَامُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ ، وَنَصَّ غ كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ ( لَا رَطْبِهِمَا بِيَابِسِهِمَا ) كَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرَيْنِ ، فَلَفْظُ رَطْبٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى اصْطِلَاحِهِ فِيمَا بَعْدَ كَافِ التَّشْبِيهِ وَالْمُنَاسِبُ لِعِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا رَطْبِهَا بِيَابِسِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ اثْنَيْنِ فَيَدْخُلُ رَطْبُ الْجُبْنِ بِيَابِسِهِ وَالرُّطَبُ بِالتَّمْرِ ، وَحِينَئِذٍ يُقْلِقُ الْكَلَامُ لِأَنَّك إنْ عَطَفْت لَفْظَ رَطْبِهَا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ لَمْ يُطَابِقْهُ ، وَإِنْ عَطَفْته عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ قَبْلَ الْكَافِ خَرَجَ الزَّيْتُونُ وَاللَّحْمُ وَإِلَيْهِمَا انْصَبَّ مُعْظَمُ الْقَصْدِ ، لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ رَطْبُهَا فَاعِلًا بِمَحْذُوفٍ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ ، فَالضَّبْطُ الْأَوَّلُ أَوْلَى .
وَمَنْعُ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَحَدِهِمَا أَبْزَارٌ وَإِلَّا فَهُوَ جِنْسٌ آخَرُ صَرَّحَ بِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَاللَّخْمِيُّ فِي الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ .
.

وَمَبْلُولٍ بِمِثْلِهِ ، وَلَبَنٍ بِزُبْدٍ ، إلَّا أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُهُ .
وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ : .
كَعَجِينِ بِحِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ .
وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ ، وَهَلْ إنْ وُزِنَا ؟ تَرَدُّدٌ .
وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ ، .
وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ ؛ فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ : جَازَ التَّحَرِّي إنْ لَمْ يُقْدَرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ ، .
.

( وَ ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ ( مَبْلُولٍ ) مِنْ قَمْحٍ وَفُولٍ وَنَحْوِهِمَا ( بِ ) مَبْلُولٍ ( مِثْلِهِ ) مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ لَا مُتَمَاثِلَيْنِ وَلَا مُتَفَاضِلَيْنِ لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْبَلِّ إذْ مِنْ الْحَبِّ مَا يَقْبَلُ مِنْ الْمَاءِ مَا لَا يَقْبَلُهُ غَيْرُهُ .
الْحَطّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ كَثْرَةُ اخْتِلَافِ الْمَبْلُولِ ، وَمُخَالَفَةُ أَسْفَلِهِ أَعْلَاهُ وَقِلَّتُهُ فِي الْمَشْوِيِّ غَالِبًا وَنَظَرَ فِيهِ فِي التَّوْضِيحِ وَبَيَّنَهُ وَبَيَّنَ الْعَفَنَ أَنَّ الْعَفَنَ لَا صُنْعَ لَهُمَا فِيهِ ، بِخِلَافِ الْبَلِّ وَأَنَّ الْمَبْلُولَ يَخْتَلِفُ نَقْصُهُ إذَا يَبِسَ ، إذْ قَدْ يَكُونُ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ انْتِفَاخًا مِنْ الْآخَرِ ، وَالْعَفَنُ لَا يَخْتَلِفُ إذَا تَسَاوَى الْعَفَنُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ، وَفَرَّقَ عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ الْمَبْلُولَ يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَالْعَفَنُ لَيْسَ كَذَلِكَ .
( وَ ) لَا يَجُوزُ بَيْعُ ( لَبَنٍ ) فِيهِ زُبْدٌ ( بِزُبْدٍ ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ أُرِيدَ أَخْذُ اللَّبَنِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَوْ لِأَكْلِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِقَصْدِ إخْرَاجِ زُبْدِهِ ، فَإِنْ أُرِيدَ أَكْلُهُ جَازَ وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الْمُصَنِّفُ ( إلَّا أَنْ يُخْرَجَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( زُبْدُهُ ) أَيْ اللَّبَنُ بِخَضٍّ أَوْ ضَرْبٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ( وَاعْتُبِرَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( الدَّقِيقُ ) أَيْ قَدْرُهُ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي ( فِي ) بَيْعِ ( خُبْزٍ بِمِثْلِهِ ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزَانِ مِمَّا يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي أُصُولِهِمَا كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَمْ لَا كَقَمْحٍ وَدَخَنٍ ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا الْقَوْلَ مُطْلَقًا وَاعْتَرَضَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَذَكَرَ أَنْ الْبَاجِيَّ قَيَّدَهُ بِكَوْنِهِمَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ .
وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَزْنُ فِي الْخُبْزَيْنِ الْمُخْتَلِفِ أَصْلُهُمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ رَأَى الْأَخْبَازَ كُلَّهَا

صِنْفًا وَاحِدًا .
قَالَ فَلَيْسَ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى عُمُومِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ .
ا هـ .
وَفِي الشَّامِلِ الْمُعْتَبَرُ الدَّقِيقُ إنْ كَانَا صِنْفًا وَاحِدًا وَإِلَّا فَبِوَزْنِ الْخُبْزَيْنِ اتِّفَاقًا .
وَشَبَّهَ فِي اعْتِبَارِ الدَّقِيقِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِ ( عَجِينٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ ) بِ ( دَقِيقٍ ) فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الدَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِالتَّحَرِّي مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْعَجِينِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَ أَصْلُهُمَا جِنْسًا وَاحِدًا رِبَوِيًّا ، وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ بِالْكُلِّيَّةِ لِدَقِيقِهِمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلِهِ بِالتَّحَرِّي لِيَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَعْلُومٍ .
( وَجَازَ قَمْحٌ ) أَيْ بَيْعُهُ ( بِدَقِيقٍ ) بِشَرْطِ تَمَاثُلِهِمَا لِأَنَّ الطَّحْنَ لَا يَنْقُلُ ( وَهَلْ الْجَوَازُ إنْ وُزِنَا ) أَيْ الدَّقِيقُ وَالْقَمْحُ وَهُوَ حَمْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقٌ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) ابْنُ شَاسٍ اخْتَلَفَ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ فَقِيلَ : بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ : بِنَفْيِهِ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : بِجَوَازِهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ .
وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ رَأَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ ، وَأَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ .
وَبَعْضُهُمْ أَنْكَرَ هَذَا وَإِلَى هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ .
غ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْقَصَّارِ قَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَزْنِ ، وَالْقَوْلَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَيْلِ ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ فَسَّرَ قَوْلَ مَالِكٍ بِمَا نَصَّ عَلَى خِلَافِهِ مِنْ أَنَّ الْقَمْحَ لَا يُبَاعُ وَزْنًا ، فَإِذَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ وَزْنًا بِالدَّرَاهِمِ وَنَحْوِهَا مِمَّا هُوَ مُخَالِفٌ لِجِنْسِهِ خَشْيَةَ الْغَرَرِ لِلْعَدْلِ بِهِ عَنْ مِعْيَارِهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَزْنًا بِمَا يَمْنَعُ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَهُوَ دَقِيقُهُ .
وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ

عَرَفَةَ بِأَنَّ فِي بَيْعِهِ وَزْنًا غَرَرًا لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ كَيْلُهُ وَالْمَوْزُونَ مِنْهُ مَجْهُولَ الْقَدْرِ بِالْكَيْلِ فَيُؤَدِّي إلَى جَهْلِ قَدْرِ الْمَبِيعِ .
وَالْمَقْصُودُ فِي مُبَادَلَةِ الْقَمْحَيْنِ مِثْلًا اتِّحَادُ قَدْرِ مَا يَأْخُذُ وَمَا يُعْطِي وَهُوَ حَاصِلٌ بِالْوَزْنِ .
( وَاعْتُبِرَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( الْمُمَاثَلَةُ ) الْمُشْتَرِطَةُ فِي إبْدَالٍ رِبَوِيٍّ بِرِبَوِيٍّ مِنْ جِنْسِهِ ( بِمِعْيَارِ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْكَيْفِيَّةِ الْوَارِدَةِ فِي ( الشَّرْعِ ) مِنْ كَيْلٍ فِي الْحُبُوبِ وَوَزْنِ النُّقُودِ وَاللَّحْمِ وَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزُّيُوتِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا وَلَا ذَهَبٍ بِذَهَبٍ كَيْلًا ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَيْلِ خُصُوصُ الْمُدِّ وَالصَّاعِ وَالْوَسْقِ الْوَارِدَةِ عَنْ الشَّارِعِ ، بَلْ الْعِبْرَةُ بِمَا وَضَعَهُ السُّلْطَانُ وَ اعْتَادَهُ النَّاسُ وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَزْنِ الدِّرْهَمُ وَالدِّينَارُ وَالْأُوقِيَّةُ وَالرَّطْلُ الْوَارِدَةُ عَنْهُ بِخُصُوصِهَا ، بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا وَضَعَهُ السُّلْطَانُ وَاعْتَادَ النَّاسُ الْوَزْنَ بِهِ وَإِنْ خَالَفَهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَرِدْ فِي الشَّرْعِ وَزْنٌ وَلَا كَيْلٌ فِي نَوْعٍ مِنْ الرِّبَوِيَّاتِ كَالْبَصَلِ وَالثُّومِ وَالْمِلْحِ وَالتَّوَابِلِ ( فَ ) تُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ ( بِ ) مِعْيَارِ ( الْعَادَةِ ) الَّذِي اعْتَادَهُ النَّاسُ فِي مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا ، فَإِنْ اُعْتِيدَا مَعًا فِي جِنْسٍ رِبَوِيٍّ وَتَسَاوَيَا فِيهِ قُدِّرَ بِأَيِّهِمَا وَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا قُدِّرَ بِهِ .
( فَإِنْ عَسُرَ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ شَقَّ ( الْوَزْنُ ) فِيمَا هُوَ مِعْيَارُهُ لِعَدَمِ آلَتِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ بَادِيَةٍ ( جَازَ التَّحَرِّي ) لِوَزْنِهِ ( إنْ لَمْ يُقْدَرْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ( عَلَى تَحَرِّيهِ ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي مِعْيَارُهُ الْوَزْنُ ( لِكَثْرَتِهِ ) جِدًّا .
الشَّارِحُ لَعَلَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُقْدَرْ

مُصَحَّفٌ وَأَصْلُهُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ تَحَرِّيهِ ، أَوْ سَقَطَ مِنْهُ لَا قَبْلَ أَنْ ، وَالْأَصْلُ لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ جِدًّا لِتَوَقُّفِ صِحَّةِ الْكَلَامِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ ، وَمَفْهُومُ عَسُرَ الْوَزْنُ عَدَمُ جَوَازُ تَحَرِّي الْوَزْنَ مَعَ تَيَسُّرِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ جَوَازُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي الْمُبَايَعَةِ وَالْمُبَادَلَةِ ابْتِدَاءً ، وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ وَزْنٌ مِنْ طَعَامٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ تَحَرِّيًا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ بِعَدَمِ الْمِيزَانِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ ، وَمَفْهُومُ الْوَزْنُ عَدَمُ جَوَازِ تَحَرِّي الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ وَلَوْ عَسُرَا ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ مِنْ جَوَازِ تَحَرِّي الْكَيْلِ مُطْلَقًا وَالْعَدِّ إنْ عَسُرَ .
الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ أَنْ مَا يُبَاعُ وَزْنًا فَقَطْ مِنْ الرِّبَوِيِّ تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَالْقِسْمَةُ تَحَرِّيًا بِلَا خِلَافٍ ، وَمَا لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ اُخْتُلِفَ فِي جَوَازِ قِسْمَتِهِ وَمُبَادَلَتِهِ تَحَرِّيًا مَوْزُونًا كَانَ أَوْ مَكِيلًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، أَحَدِهَا : جَوَازُهُ فِيمَا يُبَاعُ وَزْنًا لَا كَيْلًا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ .
وَالثَّانِي : جَوَازُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ .
وَالثَّالِثِ : عَدَمُ جَوَازِهِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي فِي آخِرِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الثَّالِثِ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ دُونَ الْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَغَيْرُهُ .
ا هـ .
وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ .
وَاخْتُلِفَ فِي وَاحِدَةٍ وَهُوَ الْمَوْزُونُ مِنْ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ أَخَذَ يَشْرَبُ خَمْرًا مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ

التَّحَرِّي فِيمَا يُوزَنُ جَائِزٌ قِيلَ : فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مَا لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ تَحَرِّيهِ وَهُوَ ظَاهِرُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إلَّا فِيمَا قَلَّ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ا هـ .
.

وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ ، .
إلَّا لِدَلِيلٍ .
.

( وَفَسَدَ ) عَقْدٌ أَوْ عَمَلٌ ( مَنْهِيٌّ عَنْهُ ) لِذَاتِهِ كَخِنْزِيرٍ وَدَمٍ أَوْ لِصِفَتِهِ كَخَمْرٍ أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ الْمُسْتَلْزِمِ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا الْمُسْتَلْزِمِ التَّشَبُّهَ بِمَنْ يَسْجُدُ لَهَا ، أَوْ لِلشَّيْطَانِ الَّذِي يُدْنِي رَأْسَهُ مِنْهَا عِنْدَ ذَلِكَ وَالصَّلَاةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ وَقْتَ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلتَّشَاغُلِ عَنْ اسْتِمَاعِهَا ، فَإِنْ كَانَ لِخَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ وَالطَّهَارَةِ بِمَاءٍ مَغْصُوبٍ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ .
الْحَطّ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلْ النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ أَمْ لَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ .
ابْنُ شَاسٍ عِنْدَنَا أَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ عَنْ الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ ، هَكَذَا حَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ الَّذِي قَامَ دَلِيلٌ عَلَى إمْضَائِهِ وَتَرَتَّبَ أَثَرُهُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ فَهُوَ صَحِيحٌ وَإِلَّا فَهُوَ فَاسِدٌ .
وَفِي التَّنْقِيحِ فَسَادُ الْعَقْدِ خَلَلٌ يَمْنَعُ تَرَتُّبَ أَثَرِهِ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَلْحَقُهُ عَارِضٌ عَلَى أَصْلِنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ .
وَفِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ آثَارُ الْعُقُودِ التَّمَكُّنُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَقْفِ وَالْأَكْلِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ ، وَأَمَّا الْعَوَارِضُ الَّتِي تَلْحَقُهُ فَذَلِكَ أَنَّ النَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَعَلَى الصِّحَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ فَطَرَدَ الْحَنَفِيُّ أَصْلَهُ وَقَالَ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً شِرَاءً فَاسِدًا جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا ، وَكَذَا سَائِرُ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ ، وَطَرَدَ الشَّافِعِيُّ أَصْلَهُ وَقَالَ : يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ مُطْلَقًا وَإِنْ بَاعَهُ أَلْفَ بَيْعٍ وَجَبَ نَقْضُهُ ، وَنَحْنُ خَالَفْنَا أَصْلَنَا وَرَاعَيْنَا الْخِلَافَ وَقُلْنَا : الْبَيْعُ الْفَاسِدُ يُثْبِتُ شُبْهَةَ الْمِلْكِ فِيمَا يَقْبَلُهُ

، فَإِذَا لَحِقَهُ أَحَدُ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ تَقَرَّرَ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهِيَ حَوَالَةُ السُّوقِ وَتَلَفُ الْعَيْنِ وَنُقْصَانُهَا وَتَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ فِي ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ فَهَذِهِ هِيَ الْعَوَارِضُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِنَا .
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ : يَمْضِي الْفَاسِدُ الْمُخْتَلِفُ فِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْلَ ابْنِ شَاسٍ نَقَلَ الْقَاضِي الْمَذْهَبُ دَلَالَتُهُ عَلَى الْفَسَادِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ بِخِلَافِهِ ، وَنَحْوِهِ قَوْلُ ابْنِ التِّلِمْسَانِيِّ فِي شَرْحِ الْمَعَالِمِ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إطْلَاقُ النَّهْيِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَظَاهِرُهُ فِي نَفْسِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ مُنْفَصِلٍ يَصْرِفُ النَّهْيَ إلَى الْمُجَاوِرِ الْمُقَارِنِ الْقَرَافِيُّ تَفْرِيعُ الْمَذْهَبِ عَلَى أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى شِبْهِ الصِّحَّةِ ، وَقَاعِدَتُهُمْ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ ، وَمَعْنَى الْفَسَادِ فِي الْمُعَامَلَاتِ عَدَمُ تَرَتُّبِ آثَارِهَا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَتَّصِلَ بِهَا مَا يُقَرِّرُ آثَارَهَا عَلَى أُصُولِهَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَحُجَّةُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ .
وَأَمَّا مَا يَتَّصِلُ بِهَا عَلَى أُصُولِنَا فَلِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُحَرَّمَ إذَا اتَّصَلَ بِهِ عِنْدَنَا أَحَدُ أُمُورٍ أَرْبَعَةٍ تَقَرَّرَ فِيهِ الْمِلْكُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ تَغَيُّرُ السُّوقِ أَوْ الْعَيْنِ أَوْ هَلَاكُهَا ، أَوْ تَعَلُّقُ حَقِّ الْغَيْرِ بِهَا عَلَى تَفْصِيلٍ مَذْكُورٍ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : النَّهْيُ يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ طَرَدَ أَصْلَهُ إلَّا مَالِكًا فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الْمَبِيعِ بَيْعًا فَاسِدًا ابْتِدَاءً ، وَهَذِهِ هِيَ الصِّحَّةُ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُ : لَا يَثْبُتُ أَصْلًا وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ ، وَهَذَا هُوَ الْفَسَادُ ، وَقَالَ مَالِكٌ بِالْفَسَادِ فِي

حَالَةِ عَدَمِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَبِعَدَمِهِ وَتَقْرِيرِ الْمِلْكِ إذَا طَرَأَ أَحَدُهَا فَلَمْ يَطْرُدْ أَصْلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
إلَّا لِدَلِيلٍ ) شَرْعِيٍّ مُتَّصِلٍ أَوْ مُنْفَصِلٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ كَبَيْعِ النَّجْشِ وَالْمُصَرَّاةِ فَيَحْكُمُ بِصِحَّتِهِ وَيُخَصِّصُ الْقَاعِدَةَ أَوْ عَلَى صِحَّتِهِ مُطْلَقًا فِي حَالَةٍ دُونَ أُخْرَى ، كَتَفْرِيقِ الْأُمِّ مِنْ وَلَدِهَا فَإِنَّهُ يَمْضِي إذَا جُمِعَا بِمِلْكٍ وَاحِدٍ ، فَالْمَنْهِيُّ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَاسِدٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ أَصْلًا ، وَصَحِيحٌ مُطْلَقًا وَهُوَ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ مُطْلَقًا ، وَفَاسِدٌ فِي حَالٍ ، وَصَحِيحٌ فِي آخَرَ ، وَهُوَ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ فِي حَالٍ دُونَ آخَرَ .
.

كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ ، جِنْسِهِ ، إنْ لَمْ يُطْبَخْ ، .
أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ ، إلَّا اللَّحْمَ ، أَوْ قَلَّتْ فَلَا يَجُوزُ إنْ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ : كَخَصِيِّ ضَأْنٍ ، .
.

وَمَثَّلَ لِلْفَاسِدِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِ ( حَيَوَانٍ ) مُبَاحٍ ( بِلَحْمِ جِنْسِهِ إنْ لَمْ يُطْبَخْ ) اللَّحْمُ ، فَإِنْ طُبِخَ جَازَ بَيْعُهُ بِحَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ اللَّحْمَ يَنْتَقِلُ بِالطَّبْخِ عَنْ جِنْسِهِ ، وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ ، فَلَأَنْ يَجُوزَ بِالْحَيَوَانِ مِنْ بَابِ أَوْلَى .
وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ ، وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهُ وَأَشْهَبُ كَرِهَهُ الْحَطّ رَوَى مَالِكٌ فِي مَرَاسِيلِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ } أَبُو عُمَرَ لَا أَعْلَمُهُ يُنْقَلُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مُرْسَلُ سَعِيدٍ هَذَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِنْ مُيَسَّرِ الْجَاهِلِيَّةِ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالشَّاةِ وَالشَّاتَيْنِ .
أَبُو الزِّنَادِ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ : أَرَأَيْت رَجُلًا اشْتَرَى شَارِفًا بِعَشْرِ شِيَاهٍ فَقَالَ : إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِيَنْحَرَهَا فَلَا خَيْرَ فِيهِ أَبُو الزِّنَادِ وَكَانَ مَنْ أَدْرَكْت يَنْهَوْنَ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ ، وَكَانَ ذَلِكَ يُكْتَبُ فِي عُهُودِ الْعُمَّالِ فِي زَمَانِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَهِشَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ وَالْحَدِيثُ عَامٌّ فِي كُلِّ لَحْمٍ بِحَيَوَانٍ ، لَكِنْ خَصَّهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِبَيْعِ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مِنْ نَوْعِهِ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَعْلُومٍ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ فَهُوَ مِنْ الْمُزَابَنَةِ الْمُخْتَصِّ مَنْعُهَا بِالْجِنْسِ الْوَاحِدِ ، وَلِذَا قَالَ بِلَحْمِ جِنْسِهِ .
وَأَمَّا لَحْمُ طَيْرٍ بِغَنَمٍ وَلَحْمُ غَنَمٍ بِطَيْرٍ فَجَائِزٌ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : شَرْطُ مَنْعِ الْمُزَابَنَةِ اتِّحَادُ الْجِنْسِ ، وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُبَاحِ الْأَكْلِ لَجَازَ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْخَيْلِ بِاللَّحْمِ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ

حِينَئِذٍ ا هـ .
وَرُوِيَ عَنْ أَشْهَبَ جَوَازُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَعْرُوفُ عَنْهُ كَقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَفِيهَا مَحَلُّ النَّهْيِ عَنْ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ إذَا كَانَا مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ لِمَوْضِعِ الْفَضْلِ فِيهِ وَالْمُزَابَنَةِ فَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَلَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهَا تُؤْكَلُ لُحُومُهَا .
وَأَمَّا بِالْمُهْرِ وَالثَّعْلَبِ وَالضَّبُعِ فَمَكْرُوهٌ لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ .
( أَوْ ) كَحَيَوَانٍ ( بِمَا ) أَيْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ ( لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ ) كَمُشْرِفٍ عَلَى الْمَوْتِ ( أَوْ ) بِحَيَوَانٍ ( لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ) كَخَصِيِّ مَعْزٍ ( أَوْ ) بِحَيَوَانٍ ( قَلَّتْ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامُ مُشَدَّدَةٌ مَنْفَعَتُهُ كَخَصِيِّ ضَأْنٍ ، وَمَفْهُومُ الصِّفَاتِ لِلثَّلَاثَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ الَّذِي تَطُولُ حَيَاتُهُ وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ عُلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ يُرِيدُ ذَبْحَ مَا ذَكَرَ قَالَ فِيهَا : مَنْ أَرَادَ ذَبْحَ عِنَاقٍ كَرِيمَةٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ دَجَاجٍ فَأَبْدَلَهَا رَجُلٌ مِنْهُ بِكَبْشٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُرِيدُ ذَبْحَهُ فَجَائِزٌ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ : أَوْ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ إلَخْ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْجِنْسِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ كَمَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ لِتَقْدِيرِ الْحَيَوَانِ فِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ لَحْمًا ( فَلَا يَجُوزَانِ ) أَيْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ، وَمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِجَعْلِ الْأَخِيرَيْنِ وَاحِدًا لِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ أَيْ بَيْعِهَا ( بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ ) لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامِ نَسِيئَةٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا كِرَاءُ أَرْضٍ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا تُؤْخَذُ

فِي ثَمَنِ طَعَامٍ .
وَمَثَّلَ لِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ بِقَوْلِهِ ( كَخَصِيِّ ضَأْنٍ ) إلَّا أَنْ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ ، وَكَذَا خَصِيُّ مَعْزٍ اُقْتُنِيَ لِشَعْرِهِ قَالَهُ فِي التَّبْصِرَةِ وَالزُّقَاقِيَّةِ ، وَفِي ق مَا ظَاهِرُهُ خِلَافُهُ ، وَصُوَرُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ وَبِحَيَوَانٍ وَحَيَوَانٍ بِمِثْلِهِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي مِثْلِهَا لَحْمُ حَيَوَانٍ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ تَطُولُ حَيَاتُهُ .
حَيَوَانٌ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ .
حَيَوَانٌ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ، حَيَوَانٌ قَلِيلُ الْمَنْفَعَةِ يُبَاعُ كُلٌّ مِنْهَا بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ سَوَاءٌ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا عَشْرُ صُوَرٍ ، وَالْبَاقِي خَمْسَ عَشَرَةَ الْجَائِزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ .
بَيْعُ لَحْمٍ بِمِثْلِهِ مُتَمَاثِلَيْنِ وَبَيْعُ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِي تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمِثْلِهِ وَالثَّلَاثَ عَشَرَةَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِحَيَوَانٍ مَنْفَعَتُهُ كَثِيرَةٌ ، وَتَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ، أَوْ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ ، وَبَيْعُ كَثِيرِ الْمَنْفَعَةِ الَّذِي تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ ، أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ، أَوْ قَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ ، وَبَيْعُ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمِثْلِهِ ، وَبِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ ، وَبِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ بِمِثْلِهِ ، وَبِقَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ وَبَيْعُ قَلِيلِ الْمَنْفَعَةِ بِمِثْلِهِ .
.

وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ : كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا ، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ ، أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ ، أَوْ رِضَاهُ .
أَوْ تَوْلِيَتِك سِلْعَةً لَمْ يَذْكُرْهَا ، أَوْ ثَمَنَهَا بِإِلْزَامٍ ، .
.

( وَكَبَيْعِ ) شَيْءٍ بِوَجْهِ ( الْغَرَرِ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ أَيْ الْخَطَرِ وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ مَا يُوَافِقُ الْغَرَضَ وَمَا لَا يُوَافِقُهُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ الْمَازِرِيُّ بَيْعُ الْغَرَرِ مَا تَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَامَةِ وَالْعَطَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَرُدُّ بِعَدَمِ انْعِكَاسِهِ لِخُرُوجِ غَرَرٍ فَاسِدٍ صُوَرَ بَيْعِ الْجُزَافِ وَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ وَنَحْوِهِمَا إذْ لَا عَطَبَ فِيهَا ، وَالْأَقْرَبُ بَيْعُ الْغَرَرِ مَا شَكَّ فِي حُصُولِ أَحَدِ عِوَضَيْهِ أَوْ مَقْصُودٍ مِنْهُ غَالِبًا ، فَيَدْخُلُ غَرَرُ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ .
عِيَاضٌ هُوَ مَا ظَاهِرُهُ مَحْبُوبٌ وَبَاطِنُهُ مَبْغُوضٌ ، وَلِذَا سُمِّيَتْ الدُّنْيَا دَارُ غُرُورٍ ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ الْغِرَارَةِ وَهِيَ الْخَدِيعَةُ وَهُوَ كُلِّيٌّ فِي نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ جُزْئِيًّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا فَسَدَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ ، وَلِذَا مَثَّلَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَمْثِلَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَقَالَ ( كَبَيْعِهَا ) أَيْ السِّلْعَةِ ( بِقِيمَتِهَا ) الَّتِي يُقَوِّمُهَا بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ هَلْ تُقَوَّمُ بِقَلِيلٍ فَيُوَافِقُ غَرَضَ الْمُشْتَرِي وَيُخَالِفُ غَرَضَ الْبَائِعِ أَوْ بِكَثِيرٍ فَيَنْعَكِسُ الْأَمْرُ ( أَوْ ) بَيْعِهَا بِثَمَنٍ مَوْقُوفٍ قَدْرُهُ ( عَلَى حُكْمِهِ ) أَيْ الْعَاقِدِ الصَّادِقِ بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي لِذَلِكَ ( أَوْ ) عَلَى ( حُكْمِ ) شَخْصٍ ( غَيْرٍ ) لِلْعَاقِدَيْنِ الْمَازِرِيُّ فَاسِدُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَيُحْتَمَلُ كَوْنُ ضَمِيرِ حُكْمِهِ لِلْبَائِعِ وَكَوْنُ غَيْرٍ شَامِلًا لِلْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ .
اللَّخْمِيُّ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ ( أَوْ ) بَيْعِهَا بِثَمَنٍ مَوْقُوفٍ قَدْرُهُ عَلَى ( رِضَاءِ ) أَيْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ فِيهَا لَا يَجُوزُ شِرَاءُ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ الْبَائِعِ أَوْ رِضَاهُ أَوْ رِضَا الْبَائِعِ أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِهِمَا أَوْ رِضَاهُ لِأَنَّهُ غَرَرٌ .
أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ

بِالتَّحْكِيمِ الْمُكَارَمَةُ فَيَجُوزُ كَالْهِبَةِ لِلثَّوَابِ وَقَبِلَهُ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ : إلَّا لِكَرَامَةِ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ أَفَادَهُ الْحَطَّابُ طفي هَذَا الْقَيْدُ لَا يُطَابِقُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ لِلْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ : بِعْتُكَهَا بِمَا شِئْت ثُمَّ سَخِطَ مَا أَعْطَاهُ ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْقِيمَةَ لَزِمَهُ .
مُحَمَّدٌ مَعَنَا إنْ فَاتَتْ .
الْبَاجِيَّ حَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ كَهِبَةِ الثَّوَابِ .
وَاعْتَبَرَ مُحَمَّدٌ لَفْظَ الْبَيْعِ .
ا هـ .
وَارْتَضَى الْبُنَانِيُّ أَنَّ الْقَيْدَ فِي مَحَلِّهِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطّ قَالَ : وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا حَمَلَ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَذَكَرَ نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ مُخْتَلِفَانِ ، لَكِنْ ابْنُ الْمَوَّازِ رَدَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ رَدَّا كَلَامَهَا لِظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَيَّدَاهَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ فَهُمَا وِفَاقٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ اعْتِمَادَ عج وطفي عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِتَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
عب وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ إلَى الْإِلْزَامِ وَالْجَبْرِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكَّمَ يُلْزِمُهُمَا الْبَيْعَ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا ذَلِكَ فَإِنْ رَضِيَا فَظَاهِرٌ وَإِلَّا رَجَعَا وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ الْبُنَانِيُّ هَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ صَوَابٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ قَوْلَهُ بِإِلْزَامٍ ، وَفَرَّقَ السَّرَّاجُ بِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْ الْعَارِفِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّانِيَ مِنْ الْجَاهِلِ ا هـ .
قُلْت : لَا مُنَاقَضَةَ لِأَنَّ الْإِلْزَامَ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ ) كَ ( تَوْلِيَتِك ) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ

لِمَفْعُولِهِ فَيُذْكَرُ بِالتَّحْتِيَّةِ ، وَأَنَّهُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ فَهُوَ بِالْفَوْقِيَّةِ ( سِلْعَةً ) اشْتَرَاهَا غَيْرُك عَلَى الْأَوَّلِ وَاشْتَرَيْتهَا أَنْتَ عَلَى الثَّانِي بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ، وَمَعْنَى تَوْلِيَتِهَا بَيْعُهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اُشْتُرِيَتْ بِهِ ( لَمْ يَذْكُرْهَا ) أَيْ الْمُولِي بِالْكَسْرِ السِّلْعَةَ لِلْمَوْلَى بِالْفَتْحِ حَالَ التَّوْلِيَةِ سَوَاءٌ ذَكَرَ ثَمَنَهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ( أَوْ ) ذَكَرَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ ( ثَمَنَهَا ) وَمَحَلُّ الْفَسَادِ فِي الْبَيْعِ بِالْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حُكْمِهِ أَوْ حُكْمِ غَيْرٍ أَوْ رِضَاءٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ بِدُونِ ذِكْرِ السِّلْعَةِ أَوْ ثَمَنِهَا إذَا كَانَ ( بِإِلْزَامٍ ) أَيْ شَرْطِ أَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ ، فَإِنْ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطُ لُزُومٌ وَلَا خِيَارٌ صَحَّ فِي التَّوْلِيَةِ ، وَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ ، وَفَسَدَ فِي غَيْرِهَا وَالْمُضِرُّ إلْزَامُهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ .
وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِهِمَا أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ وَالرِّضَا مِنْهُمَا ، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْمَوْلَى بِالْفَتْحِ .
.

وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ ، فَيَلْزَمُ .
( وَ كَ ) بَيْعِ ثَوْبٍ بِلَا نَشْرِهِ وَلَا عِلْمِ صِفَتِهِ بِشَرْطِ لُزُومِ الْبَيْعِ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ ( مُلَامَسَةِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ لَمْسِ ( الثَّوْبِ ) مَثَلًا فِيهَا ، قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَالْمُلَامَسَةُ شِرَاؤُك الثَّوْبَ لَا تَنْشُرُهُ وَلَا تَعْلَمُ مَا فِيهِ أَوْ تَبْتَاعُهُ لَيْلًا وَلَا تَتَأَمَّلُهُ أَوْ ثَوْبًا مَدْرَجًا لَا يُنْشَرُ مِنْ جِرَابِهِ .
أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي وَتَكْتَفِي بِلَمْسِهِ وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ فَعَلَا هَذَا عَلَى أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهَا وَيَتَأَمَّلَهَا فَإِنْ رَضِيَ أَمْسِكْ جَازَ ( أَوْ ) بَيْعِ ثَوْبٍ بِثَوْبٍ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَتِهِمَا صِفَتَهُمَا بِشَرْطِ لُزُومِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ ( مُنَابَذَتِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ أَيْ نَبْذِ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ لِلْآخَرِ .
أَخْرَجَ مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ } وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ وَلِبْسَتَيْنِ } ( فَيَلْزَمُ ) الْبَيْعُ أَيْ مَحَلُّ الْفَسَادِ إنْ شَرَطَ لُزُومَ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ اللَّمْسِ أَوْ النَّبْذِ ، فَإِنْ شَرَطَ الْخِيَارَ جَازَ .
.

وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ .
وَهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا ، .
أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ ، أَوْ بِعَدَدِ مَا يَقَعُ ؟ تَفْسِيرَاتٌ ، .
.

( وَكَبَيْعِ ) شَيْءٍ بِشَرْطِ اعْتِبَارِ حَالِ الْحَصَاةِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ } ( وَ ) اُخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِهِ فَ ( هَلْ هُوَ ) أَيْ بَيْعُ الْحَصَاةِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بَيْعُ مُنْتَهَى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مَا بَيْنَ مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ رَمْيُ ( هَا ) مِنْ الْأَرْضِ وَبَيْنَ مَحَلِّ وُقُوفِ رَامِيهَا ، سَوَاءٌ رَمَاهَا الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرُهُمَا لِلْغَرَرِ بِالْقُرْبِ وَالْبُعْدِ بِاخْتِلَافِ قُوَّةِ الرَّامِي وَصِفَةِ رَمْيِهِ وَالْفَسَادُ إنْ بِيعَ بِإِلْزَامٍ ، فَإِنْ كَانَ بِخِيَارٍ صَحَّ ( أَوْ ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ بِمُكَايَسَةٍ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ مَشْرُوطٌ فِيهِ أَنَّهُ ( يَلْزَمُ ) هُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا ( بِ ) مُجَرَّدِ ( وُقُوعِهَا ) أَيْ الْحَصَاةِ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا .
ابْنُ عَسْكَرٍ أَيْ مَتَى سَقَطَتْ لَزِمَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ .
الْمَازِرِيُّ إنْ كَانَ مَعْنَاهُ إذَا سَقَطَتْ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ جَائِزٌ إذَا وَقَعَ مُؤَجَّلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَنُهُ مَجْهُولًا ، أَوْ مُضَافًا إلَيْهِ شَيْءٌ يُفْسِدُهُ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ : مَتَى نَزَلَتْ حَصَاةٌ وَلَوْ بَعْدَ عَامٍ وَجَبَ الْبَيْعُ ( أَوْ ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ أَشْيَاءَ مُخْتَلِفَةٍ ( عَلَى ) شَرْطِ أَنَّ الْمَبِيعَ ( مَا ) أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي ( تَقَعُ ) الْحَصَاةُ ( عَلَيْهِ ) مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ ( بِلَا قَصْدٍ ) مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقَصْدِهِ جَازَ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعُ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأَشْيَاءُ جَازَ كَانَ وُقُوعُهَا بِقَصْدٍ أَوْ لَا ( أَوْ ) هُوَ بَيْعُ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ عَدَدُهَا ( بِعَدَدِ مَا يَقَعُ ) مِنْ أَجْزَاءِ الْحَصَاةِ الْمَرْمِيَّةِ عَلَى الْأَرْضِ بِقُوَّةٍ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي : ارْمِ بِهَا ، فَمَا خَرَجَ فَلِي

بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ ، عَزَاهُ بَعْضُهُمْ لِلْمُعَلِّمِ ، وَعَزَا لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ شَاسٍ أَنْ يَقُولَ : ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَلَكَ بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ وَتَبِعَهُمَا الشَّارِحَانِ .
عب وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ جُمْلَةً مِنْ الْحَصَى بِكَفَّيْهِ أَوْ بِكَفٍّ وَاحِدٍ وَيُحَرِّكُهَا مَرَّاتٍ مَعْلُومَةً وَمَا يَقَعُ فَالثَّمَنُ بِعَدَدِهِ ، وَفَسَّرَهُ الْمُقِيلِيُّ بِعَدَدِ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي رَمْيِهِ بِعَشْرِ حَصَيَاتٍ مَثَلًا لِأَعْلَى وَيَتَلَقَّاهَا بِظَهْرِ كَفِّهِ ، وَلَفْظُ الْحَدِيثِ يَنْبُو عَنْهُ لِتَعْبِيرِهِ بِالْمُفْرَدِ ، ثُمَّ قَالَ : وَالْأَحْسَنُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ أَيْ وَقَعَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ بِسَبَبِ الرَّمْيِ فَلَكَ بِعَدَدِهِ دَرَاهِمُ لِأَنَّ فِيهِ إبْقَاءَ الْحَصَاةِ عَلَى الْأَفْرَادِ .
الْبُنَانِيُّ أَحْسَنُ مَا يُفَسَّرُ بِهِ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى رَمْيِ الْحَصَاةِ لِأَعْلَى وَلَقْفُهَا عَدَدًا مَعْلُومًا كَثَلَاثِينَ مَرَّةً وَأَنَّ لَهُ بِعَدَدِ سُقُوطِهَا مِنْ يَدِهِ ، فَإِنْ سَقَطَتْ مِنْهَا مَرَّتَيْنِ فَلَهُ دِرْهَمَانِ وَهَكَذَا وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ بَعْضٌ فِي الْجَوَابِ ( تَفْسِيرَاتٌ ) لِلْحَدِيثِ وَعَدَلَ عَنْ تَأْوِيلَاتٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا إفْهَامٌ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ هَذَا اصْطِلَاحُهُ .
.

وَكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ أَوْ ظُهُورِهَا ، أَوْ إلَى أَنْ يُنْتَجَ النِّتَاجُ وَهِيَ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ ، .
.

( وَكَبَيْعِ مَا ) أَيْ الْأَجِنَّةِ الَّتِي ( فِي بُطُونِ ) إنَاثِ ( الْإِبِلِ ) اقْتَصَرَ عَلَيْهَا تَبَرُّكًا بِلَفْظِ الْحَدِيثِ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عَامًّا لَهَا وَلِغَيْرِهَا ( أَوْ ) بَيْعِ الْمَاءِ الْمُتَكَوِّنِ فِي ( ظُهُورِ ) ذُكُورِ ( هَا ) أَيْ الْإِبِلِ بِحَيْثُ لَا تَنْزُو إلَّا عَلَى إنَاثِ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ يَسْتَأْجِرُهَا أَوْ يَسْتَعِيرُهَا مِنْهُ ( أَوْ ) بَيْعِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ مُؤَجَّلٍ ( إلَى أَنْ يُنْتَجَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ آخِرُهُ جِيمٌ ، أَيْ يَلِدَ فَهُوَ مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُلَازَمَةِ لِصِيغَةِ الْمَبْنِيِّ لِلْمَفْعُولِ وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ كَعُنِيَ وَزُكِمَ ، وَنَصُّ الْقَامُوسِ نُتِجَتْ النَّاقَةُ كَعُنِيَ وَانْتَجَتْ وَقَدْ نَتَجَهَا أَهْلُهَا ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الصِّحَاحِ فَقَالَ نُتِجَتْ النَّاقَةُ عَلَى مَا لَمْ يُسَمِّ فَاعِلُهُ تُنْتَجُ نَتَاجًا وَقَدْ نَتَجَهَا أَهْلُهَا نَتْجًا أَيْ يَلِدُ ( النِّتَاجُ ) بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ الْوَلَدُ وَهُوَ جَنِينٌ حِينَ الْبَيْعِ وَالتَّأْجِيلُ بِوِلَادَتِهِ فَالثَّمَنُ مُؤَجَّلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ ، فَلِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ ، وَأَمَّا لَوْ أَجَلَّ بِمُدَّةِ حَمْلِ امْرَأَةٍ فَيَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ وَهُوَ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ وَإِنْ أَجَلَّ بِمُدَّةِ حَمْلِ دَابَّةٍ مَأْكُولَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَكَذَلِكَ .
( وَهِيَ ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ مِمَّا فِي الْبُطُونِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ ( الْمَضَامِينُ ) الَّتِي فِي الْحَدِيثِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ جَمْعُ مَضْمُونٍ أَيْ مَحْمُولٍ فِي الْبَطْنِ ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْإِبِلِ ( وَ ) مَا فِي الظُّهُورِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ ( الْمَلَاقِيحُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ جَمْعُ مَلْقُوحٍ وَنِتَاجُ النِّتَاجِ الَّذِي فُسِّرَ بِهِ ( حَبَلُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَحْبُولُ ( الْحَبَلَةِ ) كَذَلِكَ أَيْ الْمَحْبُولُ فِي خَبَرِ الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ وَإِنَّمَا نَهَى

فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ وَالْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ ، وَكَانَتْ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَتَبَايَعُونَ الْجَزُورَ إلَى حَبَلِ الْحَبَلَةِ ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ ثُمَّ تَحْمِلُ الَّتِي نَتَجَتْ وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُطْلَقًا لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ فِي الْإِبِلِ وَخَرَّجَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَمُسْلِمٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ نَهَى عَنْ حَبَلِ الْحَبَلَةِ } .
.

وَكَبَيْعِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ ، وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ ، أَوْ بِمِثْلِهِ ، إنْ عُلِمَ .
وَلَوْ سَرَفًا عَلَى الْأَرْجَحِ .
.
وَرُدَّ .
إلَّا أَنْ يَفُوتَ .
.

( وَكَبَيْعِهِ ) أَيْ الْمَالِكِ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا ( بِالنَّفَقَةِ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ( حَيَاتَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لِجَهْلِ مُدَّةِ حَيَاتِهِ وَمَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِيهَا ( وَ ) إنْ وَقَعَ وَأَنْفَقَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مُدَّةَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَرُدَّ الْمَبِيعُ لِبَائِعِهِ وَ ( رَجَعَ ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ( بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ ) هـ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَجْهُولًا كَمَا إذَا كَانَ فِي عِيَالِهِ ( أَوْ بِمِثْلِهِ ) أَيْ مَا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ( إنْ عُلِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمِثْلِيُّ الَّذِي أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ مُطْلَقًا وَبِقِيمَةِ الْمِثْلِيِّ الْمَجْهُولِ وَبِثَمَنِ الْمِثْلِيِّ الْمَعْلُومِ وَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ مُخْتَلِفٌ ، فَالْمُقَوَّمُ الْمَعْلُومُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَالْمَجْهُولُ مِنْ مُقَوَّمٍ أَوْ مِثْلِيٍّ يَرْجِعُ فِيهِ بِقِيمَةِ مَا يَأْكُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَبِيعِ مَعَ قِيَامِهِ فِي النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةُ لَهُ عَلَى قَاعِدَةِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْبَائِعِ حَيَاتَهُ لَمْ يَجُزْ ، فَإِنْ وَقَعَ وَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ وَاسْتَغَلَّهَا كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ ، وَيَرُدُّ الدَّارَ إلَى الْبَائِعِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الدَّارُ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهَا يَوْمَ قَبْضِهَا ا هـ .
عَبْدُ الْوَهَّابِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ لِأَنَّ النَّفَقَةَ وَقَعَتْ إلَى غَيْرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى تَعْمِيرِ مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ لَجَازَ إذَا كَانَ يَرْجِعُ لِوَرَثَتِهِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ إنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ أَشْهَبَ ، وَمَعْنَى قِيمَةِ مَا أَنْفَقَ يُرِيدُ إذَا كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ مَكِيلَةَ طَعَامٍ أَوْ وَزْنًا مَعْلُومًا

مِنْ دَقِيقٍ أَوْ دَرَاهِمَ لَرَجَعَ بِذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ إذَا كَانَ لَا يُحْصِي النَّفَقَةَ أَوْ كَانَ فِي جُمْلَةِ عِيَالِهِ .
وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ مَكِيلَةً مَعْلُومَةً مِنْ الطَّعَامِ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً لَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ الدَّارُ أَيْ وَيَتَقَاصَّانِ وَلَوْ أَسْكَنَهُ ، إيَّاهَا عَلَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ فَهُوَ كِرَاءٌ فَاسِدٌ فَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ وَعَلَيْهِ كِرَاءُ مَا سَكَنَ وَيَتَقَاصَّانِ أَيْضًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ أَوْ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ سَرَفًا .
بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( سَرَفًا ) بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، فَإِنْ فَاتَ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ وَلَا بِعِوَضِهِ قَالَهُ ق ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ ، وَمُقَابِلُهُ يَرْجِعُ بِالْمَعْرُوفِ فِي مِثْلِهِ ق لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ تَرْجِيحَ الرُّجُوعِ فِي بَيْعِ الذَّاتِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ أَكْرَى دَارِهِ لِمَنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ عب قَوْلُهُ وَكَبَيْعِهِ يَشْمَلُ بَيْعَ الذَّاتِ وَالْمَنَافِعِ وَيَرْجِعُ فِي الْإِكْرَاءِ بِمَا مَرَّ وَلَوْ سَرَفًا فَاتَ قَالَهُ ق وَالْفَرْقُ أَنَّ مُشْتَرِيَ الذَّاتِ لَهُ الْغَلَّةُ وَالْمُكْتَرِيَ لَا يَمْلِكُهَا ، وَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ الْمِثْلِ .
الْبُنَانِيُّ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ بَيْعَ الذَّاتِ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالسَّرَفِ الزَّائِدِ إلَّا فِي قِيَامِهِ ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ فِي فَوَاتِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْإِيجَارَ وَقَالَ بَعْدَهُ مَا نَصُّهُ : وَاخْتُلِفَ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ سَرَفًا هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : يَرْجِعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى نَفَقَةِ الْوَسَطِ كَهِبَةِ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ ، فَإِذَا انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَجَبَ الرُّجُوعُ بِهَا ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَرْجِعُ إلَّا بِنَفَقَةِ وَسَطٍ كَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى يَتِيمٍ وَلَهُ مَالٌ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْوَسَطِ فَكَذَلِكَ

هَذَا .
ابْنُ يُونُسَ الْأَوَّلُ أَقَيْسُ وَأَوْلَى .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ مِنْ الْعِلَّةِ شُمُولُهُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ ، بَلْ ظَاهِرُهُ فِي بَيْعِ الذَّاتِ فَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ، وَحِينَئِذٍ يَجْرِي وَلَوْ فَاتَ فِيهِمَا ، وَلَمَّا نَقَلَ " ق " كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ قَالَ مَا نَصُّهُ : لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ الْإِيجَارَ وَفِيهِ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ فِي الرُّجُوعِ بِالسَّرَفِ وَرَجَّحَ الرُّجُوعَ لِأَنَّهُ كَهِبَةِ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ فَانْظُرْ قَوْلَهُ مَنْ أَجَّلَ الْبَيْعَ وَلَمْ يَقُلْ مَنْ أَجَّلَ الْكِرَاءَ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَقَدْ نَقَلْت كَلَامَهُ بِنَصِّهِ فَانْظُرْهُ .
الْبُنَانِيُّ لَمْ يَنْقُلْ " ق " كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ بِتَمَامِهِ وَقَدْ رَاجَعْت كَلَامَهُ فِي أَصْلِهِ فَوَجَدْت مَا قَالَهُ أَوَّلًا فِي بَيْعِ الذَّاتِ ، نَقَلَهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ التُّونُسِيِّ ، وَقَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاخْتُلِفَ إلَخْ هُوَ كَلَامُهُ مِنْ عِنْدِهِ عَزَاهُ لِنَفْسِهِ ، فَيُفْهَمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ ، وَلَا يَخُصُّ الْإِجَارَةَ كَمَا فَعَلَ الْمَوَّاقُ ، وَقَدْ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ إثْرَ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ ، وَنَصُّهُ وَانْظُرْ هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالزَّائِدِ عَلَى نَفَقَةِ الْمِثْلِ مِنْ السَّرَفِ ، حَكَى ابْنُ يُونُسَ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ وَكَذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ ، قَالَ وَلَيْسَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ سَلَّطَ عَلَى مَالِهِ غَيْرَهُ غَلَطًا مِنْهُ هَلْ يَرْجِعُ بِذَلِكَ أَمْ لَا ، فَأَنْتَ تَرَاهُ رَدَّ الْخِلَافَ إلَى الْبَيْعِ ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ الْحَقِّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْبَيْعِ وَصَحَّحَ الرُّجُوعَ مُطْلَقًا نَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو عَلِيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْبَائِعِ حَيَاتَهُ ذَاتًا كَانَ أَوْ مَنْفَعَةً فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَفُوتَ ) الْمَبِيعُ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصُهُ بِمَا أَنْفَقَ .
الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَفُوتَ أَنَّهُ إذَا فَاتَ

الْمَبِيعُ يَمْضِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ يُفْسَخُ فِي الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصُهُ الْمُشْتَرِي بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى هَذَا الْبِسَاطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ يُسْتَأْجَرُ عَلَى عَقُوقِ الْأُنْثَى .
وَجَازَ زَمَانٌ أَوْ مَرَّاتٌ ، فَإِنْ أَعَقَّتْ انْفَسَخَتْ ، .

( وَ كَ ) بَيْعِ ( عَسِيبٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَلِيهَا تَحْتِيَّةٌ فَمُوَحَّدَةٌ ، وَفِي لُغَةٍ عَسْبٌ بِسُكُونِ السِّينِ وَسُقُوطِ التَّحْتِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْقَسْطَلَّانِيِّ ، وَفِي أُخْرَى بِكَسْرِهَا بِلَا تَحْتِيَّةٍ أَيْ ضِرَابِ أَوْ مَاءِ ( الْفَحْلِ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الذَّكَرِ وَفَسَّرَ بَيْعَهُ بِقَوْلِهِ ( يُسْتَأْجَرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْفَحْلُ ( عَلَى عَقُوقِ ) الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ عَبَّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ الْآتِيَةَ عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ خَمْسَةٌ وَهِيَ الْقَبُولُ وَالْوَقُودُ وَالْوَلُوعُ وَالطَّهُورُ وَالْوَضُوءُ ، وَمَا عَدَاهُنَّ بِالضَّمِّ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوج ، وَيَجُوزُ الضَّمُّ قِيَاسًا فِيمَا وَرَدَ بِالْفَتْحِ ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَصَادِرِ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنَّهَا أَتَتْ كَثِيرًا عَلَى فَعُولٍ بِالْفَتْحِ كَصَبُورٍ وَشَكُورٍ وَغَفُورٍ وَوَدُودٍ وَعَطُوفٍ وَرَءُوفٍ .
الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ إعْقَاقٌ بِلَفْظِ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ أَوْ عَقَاقٌ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ .
وَأَمَّا عَقُوقُ بِالْفَتْحِ فَوَصْفٌ كَصَبُورٍ لَا مَصْدَرٌ فِي الْقَامُوسِ فَرَسٌ عَقُوقٌ كَصَبُورٍ حَامِلٌ وَحَائِلٌ ضِدًّا وَهُوَ عَلَى التَّفَاؤُلِ الْجَمْعُ عُقُوقٌ بِضَمَّتَيْنِ ، وَقَدْ عَقَّتْ تَعُقُّ عَقَاقًا وَعُقُقًا مُحَرَّكَةً وَأَعَقَّتْ ، وَالْعَقَاقُ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ الْحَمَلُ بِعَيْنِهِ ا هـ أَيْ إحْبَالُ ( الْأُنْثَى ) لِلْجَهْلِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا مِنْ مَرَّةٍ فَيُغْبَنُ صَاحِبُهَا أَوْ مِنْ أَكْثَرَ أَوْ لَا تَحْمِلُ فَيُغْبَنُ الْآخَرُ .
وَجَازَ ) الْعَقْدُ عَلَى عَسِيبِ الْفَحْلِ إنْ قَدَّرَ ( زَمَانٌ ) كَيَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ ( أَوْ مَرَّاتٍ ) كَثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ ، وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَيَّامِ وَالْمَرَّاتِ الشَّيْخُ عَنْ الْوَاضِحَةِ لَوْ سُمِّيَ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُسَمَّى نَزَوَاتٍ ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْأَصْلِ خِلَافٌ ( فَإِنْ ) سُمِّيَ زَمَانٌ أَوْ مَرَّاتٌ وَ ( أَعَقَّتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ

حَمَلَتْ الْأُنْثَى قَبْلَ تَمَامِ الزَّمَانِ أَوْ الْمَرَّاتِ وَعَلَامَتُهُ إعْرَاضُهَا عَنْ الْفَحْلِ ( انْفَسَخَتْ ) الْإِجَارَةُ ، وَعَلَى صَاحِبِ الْأُنْثَى مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ أَوْ حَصَلَ مِنْ الْمَرَّاتِ .
الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ الزَّمَانِ وَالْمَرَّاتِ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَرَّاتِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَهَذَا مُسْتَثْنَى لِلضَّرُورَةِ مِنْ قَاعِدَةِ عَدَمِ انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِتَعَذُّرِ مَا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ ، وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ إلَّا صَبِيَّ تَعَلُّمٍ وَرَضْعٍ وَفَرَسَ نَزْوٍ وَرَوْضٍ .
.

وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا ، أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ .
أَوْ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهَا لَا طَعَامٍ .

( وَكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ ) أَيْ عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ بِسَبَبِ بَيْعَةٍ أَوْ بَيْعَةٍ مُتَضَمِّنَةٍ بِبَيْعَتَيْنِ فِي الْمُوَطَّإِ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ } ، وَمَحْمَلُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى صُورَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِإِحْدَاهُمَا بِقَوْلِهِ : ( يَبِيعُهَا ) أَيْ الْمَالِكُ السِّلْعَةَ الْمُعَيَّنَةَ ( بِ ) شَرْطِ ( إلْزَامٍ ) لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْبَائِعِ بِالشِّرَاءِ ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْكُهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ وَيَحْصُلُ بِهِ الْغَرَرُ كَبَيْعِهَا ( بِعَشَرَةٍ ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا ( نَقْدًا ) أَيْ حَالَّةً ( أَوْ بِأَكْثَرَ ) مِنْهَا كَعِشْرِينَ ( لِأَجَلٍ ) كَشَهْرٍ ، وَكَذَا اخْتِلَافُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْجِنْسِ كَدَرَاهِمَ وَدَنَانِيرَ ، أَوْ فِي الصِّفَةِ كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ .
وَمَفْهُومُ إلْزَامٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِخِيَارٍ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ بَاعَهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ أَوْ بِأَكْثَرَ نَقْدًا لَجَازَ لِعَدَمِ الْغَرَرِ ، إذْ لَا يَخْتَارُ الْعَاقِلُ إلَّا الْأَقَلَّ لِأَجَلٍ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : لَا يَجُوزُ بَيْعُ سِلْعَةٍ عَلَى أَنَّهَا بِالنَّقْدِ بِدِينَارٍ أَوْ إلَى شَهْرٍ بِدِينَارَيْنِ ، وَكَذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا إلَى شَهْرٍ بِدِينَارٍ أَوْ إلَى شَهْرَيْنِ بِدِينَارَيْنِ عَلَى الْإِلْزَامِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ لِإِجَازَةِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ جَازَ ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ .
وَأَشَارَ إلَى الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ ( أَوْ ) يَبِيعُ إحْدَى ( سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ ) فِي الْجِنْسِ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ أَوْ فِي الصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيٍّ وَمَرْوِيٍّ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى اللُّزُومِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ لَهُمَا جَازَ ، وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ مُخْتَلِفَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ وَالرَّقْمِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ

وَكَانَ الِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ لَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ لِعَدَمِ الْغَرَرِ بِهِ اسْتِثْنَاءً فَقَالَ ( إلَّا ) الْمُخْتَلِفَتَيْنِ ( بِجَوْدَةٍ ) لِإِحْدَاهُمَا ( وَرَدَاءَةٍ ) لِلْأُخْرَى وَثَمَنُهُمَا وَاحِدٌ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى اللُّزُومِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْجَيِّدَةَ وَالْبَائِعُ دَاخِلٌ عَلَى ذَلِكَ فَلَا غَرَرَ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا ) أَيْ الْجَيِّدَةِ وَالرَّدِيئَةِ وَوَاوُهُ لِلْحَالِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْقِيمَةِ لَازِمٌ لِاخْتِلَافِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ ، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ السِّلْعَتَيْنِ الْمُخْتَلِفَتَيْنِ بِجَوْدَةِ إحْدَاهُمَا وَرَدَاءَةِ الْأُخْرَى يَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى اللُّزُومِ ، وَشَمِلَ ذَلِكَ الطَّعَامَ وَالْحُكْمُ فِيهِمَا الْمَنْعُ أَخْرَجَهُمَا فَقَالَ ( لَا ) يَجُوزُ بَيْعُ ( طَعَامٍ ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ مِنْ طَعَامَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِجَوْدَةِ أَحَدِهِمَا وَرَدَاءَةِ الْآخَرِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا جِنْسًا وَاخْتِلَافِهِمَا كَيْلًا لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا يُقَدَّرُ أَنَّهُ اخْتَارَ الْآخَرَ قَبْلَهُ ثُمَّ انْتَقَلَ عَنْهُ لِلْآخَرِ فَلَا يَلْزَمُ بَيْعُ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ مَعَ فَضْلِ أَحَدِهِمَا وَبَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ بِيعَ بِكَيْلٍ ، فَإِنْ اتَّفَقَ الطَّعَامَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً وَكَيْلًا وَجِنْسًا جَازَ وَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ إذَا اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَاتَّفَقَا فِيمَا عَدَاهُمَا ، هَذَا هُوَ الَّذِي نَسَبَهُ فَضْلٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ قَالَ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ : ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنْ اتَّفَقَ الْكَيْلُ وَالصِّنْفُ جَازَ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَهُ فَضْلٌ بِحَالٍ .
غ مَا قَالَهُ فَضْلٌ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا فِي تَعْلِيلِ الْمَنْعِ كَأَنَّهُ يَدَعُ هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَقَدْ مَلَكَ اخْتِيَارَهُمَا وَيَأْخُذُ هَذِهِ وَبَيْنَهُمَا فَضْلٌ فِي الْكَيْلِ وَمِنْ قَوْلِهَا ، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَى

مِنْهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةٍ سَمْرَاءَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ ، إذْ مَفْهُومُهَا لَوْ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ لَجَازَ ، قَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ مَا نَسَبَهُ فَضْلٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي مَسَائِلِهِ وَالْقَبَّابُ فِي شَرْحِهِ ، وَقَدْ ضَبَطَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْفَصْلَ فَقَالَ : وَشِرَاؤُهُ الطَّعَامَ عَلَى الِاخْتِيَارِ لُزُومًا لَا يَجُوزُ فِي غَيْرِ مُتَمَاثِلَيْنِ مُطْلَقًا وَلَا فِيهِمَا رِبَوِيَّيْنِ جُزَافًا وَلَا كَيْلًا إنْ اخْتَلَفَ قَدْرُهُ فَلَا يَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُ .
.

وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ : كَنَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ ؛ إلَّا الْبَائِعَ .
يَسْتَثْنِي خَمْسًا مِنْ جِنَانِهِ .

بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الطَّعَامُ ( مَعَ غَيْرِهِ ) كَصُبْرَةٍ وَثَوْبٍ وَصُبْرَةٍ وَثَوْبٍ آخَرَيْنِ بِيعَ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَخْتَارُ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ وَالثَّوْبَ الَّذِي مَعَهَا بِإِلْزَامٍ وَبَالَغَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِهَا لِتَبَعِيَّةِ الطَّعَامِ غَيْرَهُ ، وَمَثَّلَ الطَّعَامَ مَعَ غَيْرِهِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِ ( نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ ) غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُهَا الْمُشْتَرِي ( مِنْ نَخَلَاتٍ ) مُثْمِرَاتٍ فَلَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا ، فَإِذَا اخْتَارُوا وَاحِدَةً يُقَدَّرُ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا وَانْتَقَلَ عَنْهَا إلَى هَذِهِ فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ وَفِيهِ رِبَا فَضْلٍ مَعْنَوِيٍّ فِيهَا .
وَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْ صُبَرٍ مُصَبَّرَةً أَوْ مِنْ نَخِيلٍ أَوْ شَجَرٍ مُثْمِرٍ عَدَدًا يُسَمِّيهِ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ ، أَوْ كَذَا عِذْقًا مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ يَخْتَارُهَا الْمُبْتَاعُ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مَعَ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ عَلَى الْكَيْلِ لِأَنَّهُ يَدَعُ هَذِهِ وَقَدْ مَلَكَ اخْتِيَارَهَا وَيَأْخُذُ هَذِهِ وَبَيْنَهُمَا فَضْلٌ فِي الْكَيْلِ وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ اشْتَرَى مِنْهُ عَشَرَةَ آصُعٍ مَحْمُولَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ تِسْعَةً سَمْرَاءَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ وَيَدْخُلُهُ مَا ذَكَرْنَا وَبَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْقَمْحُ عَشَرَةً بِدِينَارٍ ، وَهَذَا التَّمْرُ عَشَرَةً بِدِينَارٍ وَإِلْزَامًا وَيَدْخُلُهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ .
ا هـ .
وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَه الْمُثْمِرَ .
وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَةٍ يَخْتَارُهَا وَكَانَ جَائِزًا اسْتِثْنَاءٌ فَقَالَ ( إلَّا الْبَائِعَ ) جِنَانَهُ الْمُثْمِرَ بِثَمَنٍ

مَعْلُومٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ ( يَسْتَثْنِي خَمْسًا ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مِنْ النَّخَلَاتِ الْمُثْمِرَاتِ ( مِنْ جِنَانِهِ ) الَّذِي بَاعَهُ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ كَمَا أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بَعْدَ تَوَقُّفِهِ فِيهَا أَرْبَعِينَ لَيْلَةً إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ وَالْمُشْتَرِيَ دَاخِلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ إلَّا الْجَيِّدَ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُ الْخَمْسِ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعَ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسًا قَدْ أَجَازَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَجَعَلَهُ كَمَنْ بَاعَ غَنَمَهُ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ الْبَائِعُ مِنْهَا أَرْبَعَةَ أَكْبَاشٍ ، أَوْ خَمْسَةً .
ا هـ .
وَزَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ التَّقْيِيدَ بِالْيَسَارَةِ وَفَسَّرَ فِي ضِيَحِ الْيَسِيرِ بِالثُّلُثِ .
طفي لَمْ يَحُدَّ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ .
قُلْت : هَذَا قُصُورٌ فَفِي الْمُتَيْطِيِّ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ النَّخَلَاتِ وَشَرَطَ الْخِيَارَ لِنَفْسِهِ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ فَدُونَ ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ لَمْ يَجُزْ .
وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَبْدِ الْحَقِّ إنَّمَا قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْبَائِعِ لِأَصْلِ حَائِطِهِ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ خِيَارَ أَرْبَعِ نَخَلَاتٍ أَوْ خَمْسٍ .
سَحْنُونٌ قَدَرَ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ يَكْتَفِ الْمُصَنِّفُ بِالْأَرْبَعِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسِيرِ لِأَنَّ الْحَائِطَ قَدْ تَكُونُ نَخَلَاتُهُ يَسِيرَةً وَمُرَادُهُ بِالْيَسِيرِ قَدْرُ الثُّلُثِ .
.

وَكَبَيْعِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ .
وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ .

( وَكَبَيْعِ ) أُنْثَى آدَمِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( حَامِلٍ ) بِجَنِينٍ فِي بَطْنِهَا ( بِشَرْطِ الْحَمْلِ ) إنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا إذَا كَانَ غَيْرَ حَامِلٍ يُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ ، فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ فِي الْعُلَى وَالْوَخْشِ ، وَفِي الْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ لِنَقْصِهِ مِنْ ثَمَنِهَا كَثِيرًا فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَغَيْرِ الْآدَمِيَّةِ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِمَا بِهِ وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ ، فَإِنْ نَصَّ عَلَى شَرْطِ الْحَمْلِ بَرَاءَةً أَوْ رَغْبَةً فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَقَالَ اللَّخْمِيُّ : إنْ كَانَ مُشْتَرِيهَا حَضَرِيًّا فَشَرْطُهُ بَرَاءَةٌ وَإِنْ كَانَ بَدْوِيًّا فَلَيْسَ بِبَرَاءَةٍ لِرَغْبَةِ أَكْثَرِهِمْ فِي نَسْلِ الْإِمَاءِ .
وَاغْتُفِرَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ إجْمَاعًا ( غَرَرٌ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ ( يَسِيرٌ ) لِلضَّرُورَةِ كَأَسَاسِ عَقَارٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عُمْقِ أَسَاسِهِ وَعَرْضِهِ وَالْمَبْنِيِّ بِهِ ، وَإِجَارَتِهِ مُشَاهِرَةً مَعَ احْتِمَالِ نَقْصِ الشَّهْرِ وَكَمَالِهِ وَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَلِحَافٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُمَا مَعَ عَدَمِ مَعْرِفَةِ حَشْوِهِمَا وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ فَيَجُوزَانِ بِلَا بَيَانٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ ، وَصِلَةُ اُغْتُفِرَ ( لِلْحَاجَةِ ) وَنُعِتَ غَرَرٌ بِجُمْلَةِ ( لَمْ يُقْصَدْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ الْغَرَرُ الْيَسِيرُ ، فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسِيرِ الْكَثِيرُ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا ، وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ خَرَجَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِشَرْطِ الْحَمْلِ ، وَبِقَيْدِ الْحَاجَةِ خَرَجَ بَيْعُ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ كَبَيْعِ ثَوْبٍ فِي جِرَابٍ فِي الْمَجْلِسِ لَا يَفْسُدُ بِرُؤْيَتِهِ وَقُلَّةِ خَلٍّ مُطَيَّنَةٍ

، كَذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْجُبَّةِ الْمَحْشُوَّةِ بِحَشْوِهَا الْمَجْهُولِ ، وَعَلَى فَسَادِ بَيْعِ ثِيَابٍ قِيمَتُهَا ضِعْفُ قِيمَةِ الْجُبَّةِ حَشْوُ الْجُبَّةِ دُونَهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا مُفَرِّقَ غَيْرَ الْحَاجَةِ لِلْحَشْوِ فِي بَيْعِهِ مَعَ جُبَّتِهِ وَعَدَمِهَا فِي بَيْعِهِ مَعَ الْأَثْوَابِ .
وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ عَنْ قَيْدِ الْحَاجَةِ بِالضَّرُورَةِ الْأَخَصِّ مِنْ الْحَاجَةِ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ .
.

وَكَمُزَابَنَةِ مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ .
وَجَازَ إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ ، وَنُحَاسٌ بِتَوْرٍ ، لَا فُلُوسٍ .

( وَ كَ ) بَيْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى ( مُزَابَنَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ فَزَايٌ فَمُوَحَّدَةٌ فَنُونٌ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ يُقَالُ لِلنَّاقَةِ الَّتِي تَدْفَعُ مَنْ يَحْلُبُهَا : زَبُونٌ وَلِلْمَلَائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِالنَّارِ زَبَانِيَةٌ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ ، فِي الْحَدِيثِ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُزَابَنَةِ } وَهِيَ بَيْعُ تَمْرٍ بِرُطَبٍ كَيْلًا وَبَيْعُ زَبِيبٍ بِعِنَبٍ كَيْلًا ، وَعَنْ كُلِّ ثَمَرٍ بِخَرْصِهِ وَفَسَّرَهَا أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِمَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا فِي الْحَدِيثِ لِشُمُولِهِ بَيْعَ غَيْرِ الرِّبَوِيِّ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَيْعُ شَيْءٍ ( مَجْهُولٍ ) قَدْرُهُ ( بِ ) شَيْءٍ ( مَعْلُومٍ ) قَدْرُهُ مِنْ جِنْسِهِ رِبَوِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ( أَوْ ) بَيْعُ شَيْءٍ مَجْهُولٍ قَدْرُهُ بِشَيْءٍ ( مَجْهُولٍ ) قَدْرُهُ ( مِنْ جِنْسِهِ ) فَإِنْ كَانَ الْمَعْلُومُ أَوْ الْمَجْهُولُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَمْحٍ بِإِرْدَبٍّ أَوْ صُبْرَةِ فُولٍ فَلَا مُزَابَنَةَ .
تت إنْ كَانَ تَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ كَلَامِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ مُدْرَجًا مِنْ رِوَايَةٍ فَلَهُ مَزِيَّةٌ عَلَى غَيْرِهِ .
الْبِسَاطِيُّ لَا شَكَّ أَنَّ مَا فَسَّرَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مَمْنُوعٌ ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ هَلْ هُوَ الْمُزَابَنَةُ أَوْ أَعَمُّ مِنْهَا وَهِيَ مِنْ الْغَرَرِ ، وَذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ لِلنَّهْيِ عَنْهَا بِخُصُوصِهَا .
فَإِنْ انْتَفَى الْغَرَرُ فِيهَا جَازَتْ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( وَجَازَ ) بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ ( إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْعِوَضَيْنِ الْمَجْهُولَيْنِ أَوْ الْمَعْلُومِ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً تَتَحَقَّقُ بِهَا مَغْلُوبِيَّةُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ حَالَةَ كَوْنِ الْمُعَاوَضَةِ ( فِي ) شَيْءٍ ( غَيْرِ رِبَوِيٍّ ) أَيْ مَا لَا يَحْرُمُ فِيهِ رِبَا الْفَضْلِ وَإِنْ حَرُمَ فِيهِ رِبَا النَّسَاءِ كَرَطْلِ فَاكِهَةٍ بِصُبْرَةٍ كَبِيرَةٍ مِنْ جِنْسِهَا يَدًا بِيَدٍ ، وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ

مَنْعُهُ فِي الرِّبَوِيِّ لِرِبَا الْفَضْلِ .
( وَ ) جَازَ أَنْ يُبَاعَ ( نُحَاسٌ ) مُثَلَّثُ النُّونِ غَيْرُ مَصْنُوعٍ مَجْهُولُ الْوَزْنِ ( بِتَوْرٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ رَاءٌ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ مَفْتُوحٌ يَشْمَلُ الطَّشْتَ وَالْكَرَوَانَةَ وَالصَّحْنَ مَجْهُولُ الْوَزْنِ أَيْضًا لِأَنَّ صَنْعَتَهُ صَيَّرَتْهُ جِنْسًا آخَرَ ، وَكَذَا إنْ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ فَقَطْ أَوْ وَزْنُ التَّوْرِ فَقَطْ ، فَإِنْ عُلِمَ وَزْنُهُمَا مَعًا فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَإِنْ جَازَ أَيْضًا ( لَا ) يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ بِ ( فُلُوسٍ ) لِعَدَمِ انْتِقَالِهَا بِصَنْعَتِهَا عَنْ جِنْسِ النُّحَاسِ إنْ جُهِلَ عَدَدُهَا سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَمْ لَا أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَضْلُ أَحَدِهِمَا ، وَإِلَّا جَازَ كَعِلْمِ عَدَدِهَا وَوَزْنِ النُّحَاسِ .
الْمِسْنَاوِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ هَذَا فِي الْفُلُوسِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي كَانَتْ مُجَرَّدَ قِطَعٍ مِنْ نُحَاسٍ .
وَأَمَّا فُلُوسُ وَقْتِنَا الْمَسْكُوكَةُ فَصَنْعَتُهَا كَبِيرَةٌ مُهِمَّةٌ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا بِالنُّحَاسِ كَالْأَوَانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَكَكَالِئِ بِمِثْلِهِ .
فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ ؛ .
وَلَوْ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ : كَغَائِبٍ .

( وَ كَ ) بَيْعِ ( كَالِئٍ ) بِكَسْرِ اللَّامِ آخِرُهُ هَمْزٌ اسْمُ فَاعِلٍ كَلَأ بِالْهَمْزِ أَيْ حَفِظَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } أَيْ يَحْفَظُكُمْ أَيْ دَيْنٍ ( بِ ) دَيْنٍ ( مِثْلِهِ ) وَسُمِّيَ الدَّيْنُ كَالِئًا لِأَنَّهُ مَكْلُوءٌ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اسْمِ الْفَاعِلِ فِي مَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ لِعَلَاقَةِ تَعَلُّقِ الِاشْتِقَاقِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَالِئِ رَبُّ الدَّيْنِ وَقَبْلَهُ مُضَافٌ مَحْذُوفٌ ، وَالْأَصْلُ وَكَبَيْعِ دَيْنِ شَخْصٍ كَالِئٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ التَّجَوُّزَ فِي الْإِسْنَادِ فَهُوَ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ وَهُوَ إسْنَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِيهِ مَعْنَاهُ لِغَيْرِ مَا هُوَ لَهُ لِمُلَابَسَةٍ ، فَأَسْنَدَ هُنَا مَا لِلْفَاعِلِ لِلْمَفْعُولِ لِوُقُوعِهِ عَلَيْهِ فِي خَبَرِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ } ، أَيْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ، وَأَقْسَامُهُ ثَلَاثَةٌ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، وَبَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَقَدْ أَفَادَهَا الْمُصَنِّفُ بَادِئًا بِأَوَّلِهَا لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِأَنَّهُ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ ، كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ يَقُولُ لِمَدِينِهِ إمَّا أَنْ تَقْضِيَنِي دَيْنِي وَإِمَّا أَنْ تُرْبِيَ لِي فِيهِ فَقَالَ ( فَسْخُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَرْكُ وَإِسْقَاطُ ( مَا ) أَيْ دَيْنٍ أَوْ الدَّيْنِ الَّذِي ( فِي الذِّمَّةِ ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ الصِّفَةِ الْقَائِمَةِ بِالْمَدِينِ الَّتِي يَقْبَلُ بِسَبَبِهَا الْإِلْزَامَ وَالِالْتِزَامَ وَصِلَةُ ( فَسْخُ ) ( فِي ) مُقَابِلَةِ شَيْءٍ ( مُؤَخَّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَبْضُهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ يَلْتَزِمُهُ الْمَدِينُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ الْمَفْسُوخِ كَفَسْخِ دِينَارٍ فِي دِينَارَيْنِ .
وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ الْحَالِّ أَوْ الْمُؤَجَّلِ بِأَجَلٍ قَرِيبٍ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ وَأَخْذُ مُسَاوِيهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَيْسَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ ، بَلْ مُجَرَّدُ تَسْلِيفٍ أَوْ

تَسْلِيفٍ مَعَ إسْقَاطِ الْبَعْضِ فَهُوَ مِنْ الْمَعْرُوفِ الْمُرَغَّبِ فِيهِ ، وَمِنْ الْفَسْخِ الْمَمْنُوعِ أَخْذُ شَيْءٍ حَالٍّ فِي الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ فِي مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ لِإِلْغَاءِ مَا خَرَجَ عَلَى يَدِ الْمَدِينِ ثُمَّ رَجَعَ لَهَا وَقَضَاءُ الدَّيْنِ ثُمَّ رَدُّهُ لِلْمَدِينِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ، وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ كَثُرَ وُقُوعُهُمَا بَيْنَ النَّاسِ تَحَيُّلًا عَلَى الرِّبَا .
الْمُتَيْطِيُّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَوْ بَعْدَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا سَاعَةً إلَّا بِقَدْرِ وُلُوجِ الْبَيْتِ .
وَإِنْ كَانَ طَعَامًا فَبِقَدْرِ مَا يَأْتِي بِحَمَّالٍ أَوْ مِكْيَالٍ ، فَإِنْ كَثُرَ وَغَابَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ اسْتَوْفَاهُ مِنْ الْغَدِ .
أَشْهَبُ وَلَوْ تَمَادَى ذَلِكَ شَهْرًا لِكَثْرَتِهِ إذَا اتَّصَلَ أَخَذَهُ ، فَإِنْ انْفَصَلَ وَطَالَ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : يَرُدُّ مَا أَخَذَ وَيَرْجِعُ إلَى دَنَانِيرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ التُّهْمَةُ عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ مُعْتَبَرَةٌ ، فَفِي صَرْفِهَا إنْ قَبَضْت مِنْ غَرِيمِك دَيْنًا فَلَا تُعِدْهُ إلَيْهِ مَكَانَك سَلَمًا فِي شَيْءٍ وَلَوْ أَسْلَمْت إلَيْهِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَضَاكَهَا بِحِدْثَانِ مِنْ دَيْنٍ لَك عَلَيْهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ .
بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ شَيْئًا ( مُعَيَّنًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْيَاءِ ( يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ ) عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ ( كَ ) شَيْءٍ ( غَائِبٍ ) عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ بَيْعُ الْعَقَارِ مُذَارَعَةً أَوْ جُزَافًا ، هَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ .
فَإِنْ قِيلَ : الْعَقَارُ الْغَائِبُ الْمَبِيعُ جُزَافًا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ .
قُلْت : تَأَخُّرُ الْقَبْضِ الْحِسِّيِّ هُوَ الْمُعْتَبَرُ هُنَا فَمَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ لَا يَتَنَزَّلُ هُنَا مَنْزِلَةَ الْقَبْضِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي

دَيْنِهِ عَقَارًا غَائِبًا إنْ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ ثَمَنَهُ حَاضِرًا أَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهِ غَائِبًا فَتُرِكَ مَا بَيْنَهُمَا لِمَكَانِ التَّأْخِيرِ .
وَتَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ فَضْلٌ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَالْأَنْدَلُسِيُّونَ وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الْعَقَارِ الْغَائِبِ إذَا أَخَذَهُ عَلَى صِفَةٍ أَوْ تَذْرِيعٍ إذْ لَا يَضُمُّهُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ وَوُجُودِهِ عَلَى صِفَتِهِ ، فَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى رُؤْيَةٍ وَمَعْرِفَةٍ وَلَمْ يَشْتَرِهِ عَلَى التَّذْرِيعِ فَهُوَ قَبْضٌ نَاجِزٌ كَالنَّقْدِ وَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَنَحْوِهِ لِأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّرْحِ و س .
.

وَمُوَاضَعَةٍ ؛ أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ ، .
وَبَيْعُهُ بِدَيْنٍ : وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالٍ سَلَمِ .
وَمُنِعَ بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ ؛ أَوْ غَائِبٍ وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ ؛ وَحَاضِرٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ ؛ .

( وَ ) كَأَمَةٍ ( مُتَوَاضِعَةٍ ) فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مُشْتَرِيهَا فَسْخُهُ فِيهَا قَبْلَ حَيْضِهَا لِأَنَّهَا لَا تَنْتَقِلُ لِضَمَانِهِ حَتَّى تَحِيضَ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ وَيُمْنَعُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي أَمَةٍ عَلِيَّةٍ أَوْ وَخْشٍ أَقَرَّ الْمَدِينُ بِوَطْئِهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لِذَلِكَ ( أَوْ ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ ( مَنَافِعَ عَيْنٍ ) أَيْ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَخِدْمَةِ رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ وَسُكْنَى عَقَارٍ مُعَيَّنٍ وَزَرْعِ أَرْضٍ مُعَيَّنَةٍ وَعَمَلِ مَدِينٍ مُعَيَّنٍ لِتَأَخُّرِ اسْتِيفَاءِ تَمَامِهَا عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ ، وَقَبْضُ الْأَوَّلِ لَا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْجَمِيعِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ : يَجُوزُ لِتَنْزِيلِ قَبْضِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ قَبْضِ الْجَمِيعِ وَاتَّفَقَا عَلَى مَنْعِ فَسْخِهِ فِي مَنَافِعَ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ فِيهَا وَمَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ حَالٌّ أَوْ إلَى أَجَلٍ ، فَلَا تَكْتَرِي مِنْهُ دَارِهِ سَنَةً أَوْ أَرْضَهُ الَّتِي رُوِيَتْ أَوْ عَبْدَهُ شَهْرًا أَوْ تَسْتَعْمِلُهُ هُوَ بِهِ عَمَلًا يَتَأَخَّرُ وَلَا تَبْتَاعُ بِهِ مِنْهُ ثَمَرَةً حَاضِرَةً فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قَدْ أَزْهَتْ أَوْ أَرْطَبَتْ أَوْ زَرْعًا قَدْ أَفَرْكَ لِاسْتِئْخَارِهِمَا ، وَلَوْ اسْتَجَذَّ الثَّمَرَةَ وَاسْتَحْصَدَ الزَّرْعَ بِلَا تَأْخِيرٍ جَازَ ا هـ .
ابْنُ رُشْدٍ مَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا فَهَلَكَتْ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَوَجَبَ لِلْمُكْتَرِي الرُّجُوعُ بِمَا نَابَ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَسَافَةِ مِنْ الْكِرَاءِ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ دَابَّةً أُخْرَى غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُ مَا وَجَبَ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ فِي رُكُوبٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ وَلَا مُعَيَّنَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَفِي رِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ الَّتِي تُحِلُّ أَكْلَ الْمَيْتَةِ مِثْلُ كَوْنِهِ فِي صَحْرَاءَ لَا يَجِدُ فِيهَا كِرَاءً وَلَا شِرَاءً وَيَخَافُ هَلَاكَ نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ دَابَّةً يَتَبَلَّغُ عَلَيْهَا .
وَأَجَازَ أَشْهَبُ أَخْذَهُ دَابَّةً بِمَا بَقِيَ لَهُ

وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ .
ق ابْنُ سِرَاجٍ إذَا خَدَمَ مَعَك مَنْ لَك عَلَيْهِ دَيْنٌ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تُقَاصِصَهُ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُ ، إذْ مَا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ يَخْفَى عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَمَحَلُّ مَنْعِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ إنْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ لِلْمَدِينِ ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ فَلَا يُمْنَعُ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهَا فَلَا تَكْتَرِي مِنْهُ وَلَا تَبْتَاعُ مِنْهُ ، وَفِيهَا عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ وَلَوْ بِعْت دَيْنَك مِنْ غَيْرِ غَرِيمِك بِمَا ذَكَرْنَا جَازَ وَلَيْسَ كَغَرِيمِك لِأَنَّك انْتَفَعَتْ بِتَأْخِيرِهِ فِي ثَمَنِ مَا فَسَخْت فِيهِ مَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ا هـ .
فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْأُمِّ بِجَوَازِهِ بِالْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبِ وَالثَّمَرَةِ الَّتِي أَزْهَتْ وَالزَّرْعِ الَّذِي أَفَرْكَ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا بَيْعَهُ بِمَنَافِعِ عَيْنٍ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَرَاذِعِيِّ جَوَازُهُ لِإِدْخَالِهِ فِي الْعُمُومِ .
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِيمَنْ لَهُ دَيْنٌ فَبَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَنَافِعِ مَبْدَأٍ وَدَابَّةٍ ، أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَأَفَادَ الْقِسْمَ الثَّانِيَ مِنْ أَقْسَامِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ بِقَوْلِهِ ( وَبَيْعُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ وَلَوْ حَالًّا ( بِدَيْنٍ ) لِغَيْرِ الْمَدِينِ وَمَفْهُومُ بِدَيْنٍ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا بِمَنَافِعِ مُعَيَّنٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَقَلُّ مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ بَيْعُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ ثَلَاثَةُ أَشْخَاصٍ .
وَأَفَادَ الْقِسْمَ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ ( وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ ) أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ نَقْدٌ وَسُمِّيَ ابْتِدَاءً دَيْنٌ بِدَيْنٍ لِأَنَّهُ لَا تَعْمُرُ الذِّمَّةُ إلَّا بِالْعَقْدِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .
( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ ) أَيْ عَلَيْهِ ( وَ ) مُنِعَ

بَيْعُ دَيْنٍ عَلَى ( غَائِبٍ ) إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ ، بَلْ ( وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ ) وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَعُلِمَ مُلَاؤُهُ ( وَ ) مُنِعَ بَيْعُ دَيْنٍ عَلَى شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) وَلَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُقِرَّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ يَعْتَرِفَ الْحَاضِرُ بِالدَّيْنِ فَيَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ إنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعٌ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسِهِ ، وَلَيْسَ بَيْنَ مُشْتَرِيهِ وَبَيْنَ مَدِينِهِ عَدَاوَةٌ وَلَا قَصْدُ إعْنَاتِهِ وَاشْتَرَطَ حُضُورَهُ لَيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى لِاخْتِلَافِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِهِمَا .
وَاحْتَرَزَ بِجَوَازِ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ طَعَامِ الْمُعَارَضَةِ وَبِبَيْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ عَنْ بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مُؤَخَّرٌ وَإِنْ نَقَصَ الثَّمَنُ فَسَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا بِخَمْسَةِ شُرُوطٍ أَنْ لَا يَكُونَ طَعَامًا وَأَنْ يَحْضُرَ الْمَدِينُ وَيُقَرِّرَ أَنْ يُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ، وَأَنْ لَا يَقْصِدَ بِالْبَيْعِ ضَرَرَ الْمَدِينِ وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ حَالًّا ا هـ .
.

وَكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ إنْ كَرِهَ الْمَبِيعَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ ؛ .
.
( وَكَبَيْعِ ) شَيْءٍ بِشَرْطِ ( الْعُرْبَانِ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَتُبْدَلُ الْعَيْنُ هَمْزَةً ، وَعَرَبُونٌ وَأَرَبُونٌ أَوَّلُهُمَا فَتْحَةٌ مَعَ فَتْحِ ثَانِيهِ .
فِي الْقَامُوسِ وَالْعُرْبَانِ وَالْعُرْبُونُ بِضَمِّهِمَا ، وَالْعَرِبُونَ مُحَرَّكَةً وَتُبْدَلُ عَيْنُهُنَّ هَمْزَةً مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ ( يُعْطِيَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ( شَيْئًا ) مِنْ الثَّمَنِ مُقَدَّمًا ( عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( إنْ كَرِهَ ) الْمُشْتَرِي ( الْمَبِيعَ ) وَرَدَّهُ لِبَائِعِهِ ( لَمْ يَعُدْ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْعَيْنِ مَا أَعْطَاهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ( إلَيْهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ أَحَبَّهُ حَاسَبَ بِهِ الْبَائِعَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ لَهُ مَجَّانًا لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ عِيسَى يُفْسَخُ ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ .
وَفِي الشَّامِلِ وَفُسِخَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَبِالْقِيمَةِ .
وَمَفْهُومُ وَلَمْ يَعُدْ إلَيْهِ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَعُودُ إلَيْهِ إنْ كَرِهَ وَإِنْ رَضِيَ حَاسَبَ بِهِ وَجَازَ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ يُجْعَلَ بِيَدِ أَمِينٍ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السُّفْلِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ .
.

وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ فَقَطْ مِنْ وَلَدِهَا ؛ وَإِنْ بِقِسْمَةٍ ؛ .
أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ مَا لَمْ يُثْغِرْ مُعْتَادًا ، .
.

( وَكَ ) بَيْعٍ مُشْتَمِلٍ عَلَى ( تَفْرِيقِ أُمٍّ ) بِالْوِلَادَةِ مُسْلِمَةٍ أَوْ كَافِرَةٍ عَاقِلَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ ( فَقَطْ ) لَا جَدَّةٍ وَلَا أَبٍ وَلَا غَيْرِهِمَا ( مِنْ وَلَدِهَا ) غَيْرِ الْمُثْغِرِ فِيهَا .
لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَجَدِّهِ وَجَدَّتِهِ لِأُمِّهِ أَوْ أَبِيهِ مَتَى شَاءَ سَيِّدُهُ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْأُمِّ خَاصَّةً .
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَوَلَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : " لَا بَأْسَ بِهِ ، وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَدَنِيِّينَ مَنْعَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ قِيَاسًا عَلَى الْأُمِّ .
وَإِنْ كَانَتْ أَعْظَمَ مَوْجِدَةً فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَبَ يَدْخُلُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَعْظُمُ عَلَيْهِ فِيهِ الْمَشَقَّةُ وَيُقَارِبُ الْأُمَّ ، وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُ الْآبَاءِ أَشَدَّ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي جَوَازِ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مِنْ سِوَى هَذَيْنِ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَالْجَدَّةِ وَالْخَالَةِ وَالْعَمَّةِ .
ابْنُ نَاجِي التَّفْرِقَةُ جَائِزَةٌ فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ .
وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ وَأَنَّ حَدَّهَا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ وَالِدَتِهِ بِالرَّعْيِ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { : مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ بِلَفْظِ { مَنْ فَرَّقَ فَلَيْسَ مِنَّا } .
ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ صَاحِبِ الْأَشْرَافِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَذَا الْخَبَرِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ طِفْلًا لَمْ يَبْلُغْ سَبْعَ سِنِينَ إنْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِبَيْعٍ .
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ التَّفْرِيقُ ( بِقِسْمَةٍ ) بَيْنَ مُشْتَرِكَيْنِ فِيهِمَا

بِمُرَاضَاةٍ ، بَلْ وَلَوْ بِقُرْعَةٍ فِيهَا إذَا وَرِثَ أَخَوَانِ أُمًّا وَابْنَتَهَا فَلَهُمَا إبْقَاؤُهُمَا فِي مِلْكِهِمَا وَبَيْعُهُمَا .
ابْنُ يُونُسَ إذَا أَرَادَ الْأَخَوَانِ الْقِسْمَةَ أَوْ الْبَيْعَ جَبْرًا عَلَى جَمْعِهِمَا وَفِيهَا سَبِيلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ أَخَوَيْنِ وَرِثَا أُمًّا وَوَلَدَهَا صَغِيرًا فَأَرَادَا أَنْ يَتَقَاوَمَا الْأُمَّ وَوَلَدَهَا فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ وَالْآخَرُ الْوَلَدَ وَشَرَطَا أَنْ لَا يُفَرِّقَا بَيْنَهُمَا حَتَّى يَبْلُغَ الْوَلَدُ فَقَالَ : لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَهُمَا وَإِنْ كَانَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَتَقَاوَمَا الْأُمَّ وَوَلَدَهَا فَيَأْخُذُ أَحَدُهُمَا الْأُمَّ بِوَلَدِهَا أَوْ يَبِيعَاهُمَا جَمِيعًا .
ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ وَقَعَ الْقَسْمُ فُسِخَ كَالْبَيْعِ كَانَ الشَّمْلُ وَاحِدًا أَوْ مُفْتَرِقًا فِيهَا هِبَةُ الْوَلَدِ لِلثَّوَابِ كَبَيْعِهِ ، وَمَنْ ابْتَاعَ أُمًّا وَوَلَدَهَا صَغِيرًا ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ خَاصَّةً ، وَلَهُ رَدُّهُمَا مَعًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَوْ كَانَ التَّفْرِيقُ بِ ( بَيْعِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا ( لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فِيهَا لَا يَنْبَغِي بَيْعُ الْأُمِّ مِنْ رَجُلٍ وَالْوَلَدِ مِنْ عَبْدٍ مَأْذُونٍ لَهُ لِذَلِكَ الرَّجُلِ لِأَنَّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ مِلْكٌ لَهُ حَتَّى يَنْتَزِعَهُ مِنْهُ سَيِّدُهُ ، إذْ لَوْ رَهِقَهُ دَيْنٌ فِي مَالِهِ ، فَإِنْ بِيعَا كَذَلِكَ أُمِرَا بِجَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ أَوْ الْعَبْدِ ، أَوْ بَيْعِهِمَا مَعًا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فُسِخَ الْبَيْعُ .
أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى لَا يَنْبَغِي لَا يَجُوزُ بِدَلِيلِ فَسْخِهِ الْبَيْعَ وَقَوْلُهُ مَأْذُونٌ لَهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَوَلَدُهَا لِعَبْدِهِ أُجْبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ أَحَدِهِمَا أَوْ بَيْعِهِمَا مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ مَالِكٌ إنْ أُعْتِقَ تَبِعَهُ مَالُهُ .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَاهُمَا فِي حَوْزٍ

لِأَنَّ الشَّمْلَ وَاحِدٌ .
أَبُو الْحَسَنِ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ .
وَقَيَّدَ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا فَقَالَ : ( مَا لَمْ يَثَّغِرْ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَانِيهِ مُشَدَّدًا ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ أَوْ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ لِأَنَّ اثَّغَرَ بِشَدِّ الْمُثَلَّثَةِ افْتَعَلَ أَصْلُهُ اثْتَغَرَ ، فَيَجُوزُ إبْدَالُ فَائِهِ الْمُثَلَّثَةِ مِنْ جِنْسِ تَاءِ الِافْتِعَالِ وَإِدْغَامُهَا فِيهَا وَإِبْدَالُ تَاءِ الِافْتِعَالِ مِنْ جِنْسِ الْفَاءِ وَإِدْغَامُهَا فِيهَا ، وَجَوَّزَ سِيبَوَيْهِ الْإِظْهَارَ عَلَى الْأَصْلِ ، قَالَ : وَهُوَ عَرَبِيٌّ جَيِّدٌ ، وَيَجُوزُ ضَمُّ أَوَّلِهِ وَسُكُونُ ثَانِيهِ الْمُثَلَّثِ فَقَطْ أَيْ يَنْبُتُ بَدَلَ رَوَاضِعِهِ بَعْدَ سُقُوطِهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَبَاتُهَا كُلُّهَا وَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ نَبَاتُهَا وَأَنَّهُ زَمَنُ سُقُوطِهَا الْمُعْتَادُ وَإِنْ لَمْ تَسْقُطْ بِالْفِعْلِ وَرَوَاضِعُهُ أَسْنَانُهُ الَّتِي نَبَتَتْ لَهُ زَمَنَ رَضَاعِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْإِثْغَارِ ( مُعْتَادًا ) فَلَا تَفْرِيقَ إذَا أَثَغْرَ قَبْلَ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فِيهَا إذَا بِيعَتْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا فِي الْبَيْعِ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا الْوَلَدُ فِي أَكْلِهِ وَشَرَابِهِ وَمَنَامِهِ وَقِيَامِهِ .
مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَحَدُّ ذَلِكَ الْإِثْغَارِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ بِهِ جَوَارِيَ كُنَّ أَوْ غِلْمَانًا ، بِخِلَافِ حَضَانَةِ الْحُرَّةِ .
وَقَالَ اللَّيْثُ : حَدُّ ذَلِكَ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ فَوْقَ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ نَحْوِهَا ا هـ .
وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ حَدَّهُ بِسَبْعِ سِنِينَ .
وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَشَرُ سِنِينَ .
وَرَوَى ابْنُ غَانِمٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ يَنْتَهِي إلَى الْبُلُوغِ .
وَعَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا مَا عَاشَا .
.

وَصُدِّقَتْ الْمَسْبِيَّةُ وَلَا تَوَارُثَ مَا لَمْ تَرْضَ ، وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ .

( وَ ) إنْ سُبِيَتْ حَرْبِيَّةٌ مَعَ وَلَدٍ صَغِيرٍ وَادَّعَتْ أَنَّهَا أُمُّهُ ( صُدِّقَتْ ) الْمَرْأَةُ الْحَرْبِيَّةُ ( الْمَسْبِيَّةُ ) فِي دَعْوَاهَا أَنَّهَا أُمُّهُ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ صَدَّقَهَا السَّابِي أَمْ لَا إلَّا الْقَرِينَةَ تُكَذِّبُهَا ، وَتَحْلِفُ فِي حَالَةِ الْإِشْكَالِ فَقَطْ ، وَإِنْ بَلَغَ فَلَا يَخْتَلِي بِهَا فِيهَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ السَّبْيِ هَذَا ابْنِي فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا .
ابْنُ مُحْرِزٍ فِي الْكِتَابِ إذَا زَعَمَتْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانَ وَلَدُهَا فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ .
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَإِذَا كَبُرَ الْأَوْلَادُ مُنِعُوا مِنْ الْخَلْوَةِ بِهَا لِأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مَحْرَمًا لَهَا .
ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا صُدِّقَتْ فِيمَا لَا يُثْبِتُ حُرْمَةً بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ : هَذَا زَوْجِي وَقَالَ : هَذِهِ زَوْجَتِي فَلَا يَصَدَّقَانِ لِمَا يَتَعَلَّقُ بَيْنَهُمَا مِنْ الْحُرْمِ .
( وَلَا تَوَارُثَ ) بَيْنَ الْمَسْبِيَّةِ وَمَا ادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا فِيهَا إثْرَ كَلَامِهَا السَّابِقِ وَلَا يَتَوَارَثَانِ بِذَلِكَ .
ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بِالشَّكِّ .
أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إمَّا أَنَّهَا لَا تَرِثُهُ فَبَيِّنٌ إذْ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى صِدْقِهَا ، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا فَلَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ إذْ الْمُقِرُّ بِوَارِثٍ يُورَثُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ ، وَإِنَّمَا نَفَى فِي الْكِتَابِ الْمِيرَاثَ مِنْ الطَّرَفَيْنِ .
وَقَيَّدَ حُرْمَةَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِقَيْدٍ آخَرَ فَقَالَ ( مَا لَمْ تَرْضَ ) الْأُمُّ بِالتَّفْرِيقِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَقِيلَ : لِلْوَلَدِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى التَّفْرِيقِ ( فُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا ) أَيْ الْمُتَبَايِعَانِ الْأُمُّ وَوَلَدُهَا فِي مِلْكٍ إنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَإِلَّا لَمْ يُفْسَخْ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي

حَوْزٍ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَمِثْلُ الْبَيْعِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَدَفْعُ أَحَدِهِمَا صَدَاقًا أَوْ خُلْعًا لَا إجَارَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَزْوِيجَ الْأُمِّ لِعَدَمِ التَّفْرِيقِ فِي الْمِلْكِ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ .
ابْنُ حَبِيبٍ يُضْرَبُ بَائِعُ التَّفْرِقَةِ وَمُبْتَاعُهَا ضَرْبًا وَجِيعًا .
ا هـ .
أَيْ إنْ عَلِمَا حُرْمَتَهَا وَظَاهِرُهُ اعْتَادَاهَا أَمْ لَا .
.

وَهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَلِكَ ، أَوْ يُكْتَفَى بِحَوْزٍ كَالْعِتْقِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
.
( وَهَلْ ) التَّفْرِقَةُ فِي الْمِلْكِ بَيْنَ أُمٍّ وَوَلَدِهَا ( بِغَيْرِ عِوَضٍ ) كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ الْأُمِّ لِشَخْصٍ وَالْوَلَدِ لِآخَرَ ( كَذَلِكَ ) أَيْ التَّفْرِيقُ بِعِوَضٍ فِي الْجَبْرِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ بِجَامِعِ مُطْلَقِ التَّفْرِيقِ فِي الْمِلْكِ وَكَوْنُهُ بِعِوَضٍ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا فِي الْفَسْخِ إنْ لَمْ يَفُتْ ، فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ ( أَوْ يُكْتَفَى ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ فِي جَمْعِهِمَا ( بِحَوْزٍ ) الشَّيْخُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِفِعْلِ الْمَعْرُوفِ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ .
وَشَبَّهَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِحَوْزٍ فَقَالَ ( كَالْعِتْقِ ) لِأَحَدِهِمَا فَيُكْتَفَى فِيهِ بِجَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشُرَّاحِهَا فِي قَوْلِهَا لَوْ وُهِبَ الْوَلَدُ وَهُوَ صَغِيرٌ بِغَيْرِ ثَوَابٍ جَازَ وَتُرِكَ مَعَ أُمِّهِ ، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَهُمَا قَوْلَانِ لِمَالِكٍ .
" رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ ، فِي التَّوْضِيحِ إنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ فِي التَّفْرِيقِ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَفِي التَّفْرِيقِ بِعِوَضٍ جَمْعُ شَخْصَيْنِ سِلْعَتَيْهِمَا فِي الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ مَنْعُهُ لِجَهْلِ التَّفْصِيلِ .
قُلْت : يُمْكِنُ دَفْعُهُ بِتَقْوِيمِهِمَا قَبْلَ بَيْعِهِمَا أَوْ بِأَنَّهُ أُجِيزَ هُنَا لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَيْهِ .
أَجَابَ بِالْأَوَّلِ غَيْرُ وَاحِدٍ ، وَبِالثَّانِي عِيَاضٌ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ أَصْلُ السُّؤَالِ غَيْرُ وَارِدٍ إذْ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا وَبَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ ، .
وَالْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ ، وَلِمُعَاهَدٍ : التَّفْرِقَةُ .
وَكُرِهَ الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ .

( وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا ) أَيْ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ أَوْ ثُلُثِهِمَا أَوْ ثُلُثِ أَحَدِهِمَا وَرُبُعِ الْآخَرِ لِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ ( وَ ) جَازَ ( بَيْعُ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ ( لِلْعِتْقِ ) الْمُنَجَّزِ لَا لِكِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ ، وَهَذَا قَيْدٌ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ .
ابْنُ بَطَّالٍ مَعْنَى قَوْلِهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْأَمَةِ دُونَ وَلَدِهَا وَوَلَدِهَا دُونَهَا لِلْعِتْقِ بَيْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِإِحْدَاثِ عِتْقٍ بَعْدَهُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : مَعْنَاهُ لِيُعْتَقَ بَعْدَ بَيْعِهِ أَبُو الْحَسَنِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ ، وَالْأَوَّلُ أَقْوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ : تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ إنْ كَانَتْ التَّفْرِقَةُ بِالْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ ، وَإِنْ كَانَتْ بِعِتْقٍ كَفَى جَمْعُهُمَا بِحَوْزٍ ، وَإِنْ كَانَتْ بِنَحْوِ هِبَةٍ فَفِيهِ الْخِلَافُ اللَّخْمِيُّ إذَا أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا جَازَ بَيْعُ الْآخَرِ وَيُجْمَعَانِ فِي حَوْزٍ ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْوَلَدَ فَلَيْسَ لَهُ إخْرَاجُهُ عَنْ أُمِّهِ ، وَإِنْ بَاعَهَا شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ مَعَهَا وَعِنْدَهَا ، وَإِنْ سَافَرَ بِهِ مَعَهَا وَكِرَاؤُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ نَفَقَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ أَعْتَقَ الْأُمَّ وَأَخْرَجَهَا عَنْ حَوْزِهِ تَرَكَ وَلَدَهَا فِي حَضَانَتِهَا إنْ كَانَ لَا خِدْمَةَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ كَانَ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا وَيَأْوِي إلَيْهَا فِي نَهَارِهِ فِي وَقْتٍ لَا يَحْتَاجُهُ السَّيِّدُ لِخِدْمَتِهِ ، وَإِنْ بَاعَهُ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ عِنْدَهَا وَلَهُ السَّفَرُ بِهِ وَتَتْبَعُهُ أُمُّهُ حَيْثُ كَانَ نَقَلَهُ الْحَطّ .
( وَ ) إنْ كَاتَبَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمَا جَازَ بَيْعُ ( الْوَلَدِ مَعَ ) بَيْعِ ( كِتَابَةِ أُمِّهِ ) لِوَاحِدٍ وَبَيْعُ الْأُمِّ مَعَ بَيْعِ كِتَابَةِ الْوَلَدِ لِوَاحِدٍ ، وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبَ مِنْهُمَا قَبْلَ الِاثِّغَارِ

( وَ ) جَازَ ( لِ ) كَافِرٍ حَرْبِيٍّ ( مُعَاهَدٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مُؤَمَّنٍ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ الثَّانِيَةِ مُشَدَّدًا وَمَعَهُ أُمَّهُ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ ( التَّفْرِقَةُ ) بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا بِبَيْعِهِمَا وَغَيْرِهِ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حَرُمَ ، قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ ( الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ ) بِالتَّفْرِقَةِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ لِئَلَّا يَعُودَ إلَى مِلْكِ الْمُعَاهَدِ ، وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ : يُفْسَخُ ، وَمَفْهُومُ مُعَاهَدٍ مَنْعُ الذِّمِّيِّ مِنْهَا لِالْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ أَرَى إنْ كَانَا مَعًا لِنَصْرَانِيٍّ ذِمِّيٍّ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ أَنْ يُجْبَرَا عَلَى الْجَمْعِ لِأَنَّهُ مِنْ التَّظَالُمِ ، هَذَا إنْ كَانَتْ التَّفْرِقَةُ عِنْدَهُمْ مَمْنُوعَةً لَا تَجُوزُ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ سَائِغًا فِي دِينِهِمْ فَفِيهِ نَظَرٌ ، وَبَعْضُ أَشْيَاخِي أَطْلَقَ الْحُكْمَ بِمَنْعِهِمْ .
ا هـ .
وَأَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِبَعْضِ أَشْيَاخِهِ اللَّخْمِيَّ .
.

وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ : .
كَأَنْ لَا يَبِيعَ .
إلَّا بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ .
وَلَمْ يُجْبَرْ إنْ أَبْهَمَ كَالْمُخَيَّرِ : .

( وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ ) الشَّرْطَ ( الْمَقْصُودَ ) مِنْ الْبَيْعِ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ قَالَ { : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ } ، وَحَمَلَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدِهِمَا الشَّرْطِ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ ، وَالثَّانِي الشَّرْطِ الَّذِي يَعُودُ لِخَلَلٍ فِي الثَّمَنِ ، فَأَمَّا الشَّرْطُ الَّذِي يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ فَهُوَ الَّذِي لَا يَتِمُّ مَعَهُ الْمَقْصُودُ مِنْ الْبَيْعِ ( كَ ) شَرْطِ ( أَنْ لَا يَبِيعَ ) الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ .
وَأَمَّا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ لِفُلَانٍ أَوْ نَفَرٍ قَلِيلٍ فَيَجُوزُ اللَّخْمِيُّ إنْ بَاعَهُ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَحْدَهُ جَازَ ، وَإِنْ قَالَ : عَلَى أَنْ لَا تَبِيعَهُ جِلْدًا أَوْ لَا تَبِيعَهُ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَسَدَ ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ قَالَ عَلَى ، أَنْ لَا تَبِيعَ مِنْ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ جَازَ .
وَفِي سَمَاعِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ سُئِلَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَمَّنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ غَيْرَهُ وَشَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ لَا يَبِيعَهُ وَلَا يَهَبَهُ وَلَا يُعْتِقَهُ حَتَّى يُعْطِيَهُ ثَمَنَهُ ، قَالَ لَا بَأْسَ بِهَذَا ، لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ إعْطَاءُ الثَّمَنِ لِأَجَلٍ مُسَمًّى ا هـ .
وَمِثْلُ أَنْ لَا يَبِيعَ وَأَنْ لَا يَهَبَ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ عَلَى أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ يَعْزِلَ عَنْهَا أَوْ لَا تُجِيزَهَا الْبَحْرُ .
الْحَطّ وَمِنْ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَقْصُودِ بَيْعُ الثَّنِيَّا وَهُوَ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَالسِّلْعَةُ لَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ .
سَحْنُونٌ بَلْ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً أَبُو الْحَسَنِ هَذَا يُسَمَّى بَيْعُ الثَّنِيَّا .
وَاخْتُلِفَ إذَا نَزَلَ هَلْ يَتَلَافَى بِالصِّحَّةِ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَمْ لَا عَلَى

قَوْلَيْنِ .
ا هـ .
يَعْنِي بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ .
الرَّجْرَاجِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا أَسْقَطَ الْمُشْتَرِي الثَّنِيَّا شَرْطَهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْبَيْعُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ ، أَحَدِهِمَا : أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ جَائِزٌ إذَا أَسْقَطَ شَرْطَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ الشَّيْخِ وَقَدْ فَسَخَ الْأَوَّلَ أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيهَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ أَنَّهُ تَارَةً يَكُونُ بَيْعًا وَتَارَةً يَكُونُ سَلَفًا لَا أَنَّهُ لَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي الْفَوَاتِ ، بَلْ فِيهِ الْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ ، وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الثَّنِيَّا وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : أَبِيعُك هَذَا الْمِلْكَ أَوْ هَذِهِ السِّلْعَةَ عَلَى أَنِّي إنْ أَتَيْت بِالثَّمَنِ إلَى مُدَّةِ كَذَا أَوْ مَتَى آتِيك بِهِ فَالْبَيْعُ مَصْرُوفٌ عَنِّي ، وَيُفْسَخُ مَا لَمْ يَفُتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ ، وَفَوْتُ الْأُصُولِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ وَالْغَرْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَالرَّاجِحُ أَنَّ غَلَّتَهُ لِلْمُشْتَرِي .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الشَّرْطِ الْمُنَاقِضِ لِلْمَقْصُودِ فَقَالَ : ( إلَّا ) شَرْطًا مُلْتَبِسًا ( بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلرَّقِيقِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ ، وَلِحَدِيثِ بَرِيرَةَ ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَعَجَّلَ الشَّرْطَ بِمَا وَضَعَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَمْ يَقَعْ فِيهِ غَرَرٌ ، وَاحْتَرَزَ بِالتَّنْجِيزِ مِنْ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْإِيلَادِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ أَوْ الْأَمَةِ قَبْلَ ذَلِكَ وَبِحُدُوثِ دَيْنٍ بِرَدِّ الْمُدَبَّرِ ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَلِبَائِعِهِ الْأَكْثَرُ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ الْمُبْتَاعَ وَمِنْ ثَمَنِهِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ شَرْطَ التَّحْبِيسِ كَشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا

وَفِي الذَّخِيرَةِ مِثْلُ شَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ شَرْطُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
( وَ ) إنْ بَاعَهُ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بَعْدَ الْعَقْدِ ( لَمْ يُجْبَرْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ( إنْ ) كَانَ الْبَائِعُ ( أَبْهَمَ ) أَيْ أَطْلَقَ فِي شَرْطِهِ تَنْجِيزَ الْعِتْقِ ، أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِإِيجَابٍ وَلَا بِخِيَارٍ ، وَلَا بِأَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ بِأَنَّ قَالَ لَهُ : أَبِيعُكَهُ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ ، وَاقْتَصَرَ وَعَلَى هَذَا فَإِنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي فَلَا يُجْبَرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ : يُجْبَرُ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ ، وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيُتِمُّ الْبَيْعَ ، وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّهِ وَإِمْضَائِهِ ، فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ فَقَالَ ( كَ ) الْمُشْتَرِي ( الْمُخَيَّرِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ الَّذِي خَيَّرَهُ الْبَائِعُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَرَدِّهِ لِبَائِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى عِتْقِهِ ، وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ عِتْقِهِ فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ ، وَيَمْتَنِعُ النَّقْدُ بِشَرْطٍ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ .
.

بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ ، .
أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ : كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ .
.

( بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ ) لِرَقِيقٍ بِشَرْطِ تَنْجِيزِ عِتْقِهِ ( عَلَى ) شَرْطِ ( إيجَابِ الْعِتْقِ ) عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِلْزَامِهِ بِهِ وَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِهَذَا الشَّرْطِ ، ثُمَّ بَعْدَ الشِّرَاءِ امْتَنَعَ مِنْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يُنْجِزْهُ نَجَزَهُ الْحَاكِمُ .
وَشَبَّهَ فِي تَنْجِيزِ الْعِتْقِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِ الرَّقِيقِ بِشَرْطِ ( أَنَّهَا ) أَيْ الذَّاتَ الْمَبِيعَةَ أُنْثَى كَانَتْ أَوْ ذَكَرًا ( حُرَّةٌ بِ ) نَفْسِ ( الشِّرَاءِ ) فَتَصِيرُ حُرَّةً بِهِ بِلَا احْتِيَاجٍ لِإِحْدَاثِ عِتْقٍ مِنْ الْمُشْتَرِي .
اللَّخْمِيُّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ ، الْأَوَّلُ : أَنْ يَبِيعَهُ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ .
الثَّانِي : بَيْعُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعْتِقَهُ وَيُوجِبَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَيَلْتَزِمَهُ ، الثَّالِثُ : بَيْعُهُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَهُ أَوْ لَا .
الرَّابِعُ : أَنْ يَقَعَ الشَّرْطُ مُبْهَمًا وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ فِيهَا ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ ، فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ يُعْتَقُ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ ، وَفِي الثَّانِي إنْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ ، وَفِي الثَّالِثِ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ لِلْغَرَرِ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعٌ وَتَارَةً سَلَفٌ ، وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ تَمَّ الْبَيْعُ ، وَإِنْ أَبَى خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ تَرْكِ شَرْطِهِ وَإِتْمَامِ الْبَيْعِ وَالْقِيَامِ بِهِ وَرُدَّ الْبَيْعُ .
وَاخْتُلِفَ فِي الرَّابِعِ هَلْ هُوَ كَالْأَوَّلَيْنِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ ، أَوْ كَالثَّالِثِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ .
وَعَطَفَ عَلَى يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ فَقَالَ : ( أَوْ يُخِلُّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ يُوجِبُ الْجَهْلَ ( بِ ) قَدْرِ ( الثَّمَنِ كَبَيْعٍ وَ ) شَرْطِ ( سَلَفٍ ) مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ لِلْآخَرِ ، فَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي

فَالِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ ، فَقَدْ أَوْجَبَ شَرْطُهُ الْجَهْلَ بِقَدْرِ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ فَالِانْتِفَاعُ بِهِ مِنْ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَقَدْ أَوْجَبَ شَرْطُهُ الْجَهْلَ بِهِ وَهُوَ ثَمَنٌ أَيْضًا ، وَلَك أَنْ تَقُولَ : إنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَالِانْتِفَاعُ بِهِ يُقَابِلُهُ بَعْضُ الْمُثَمَّنِ وَبَعْضُهُ الْآخَرُ يُقَابِلُ الثَّمَنَ وَهُوَ مَجْهُولٌ فَقَدْ أَدَّى إلَى جَهْلٍ فِي الْمُثَمَّنِ وَإِنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ قَابَلَ الِانْتِفَاعَ بِهِ بَعْضُ الثَّمَنِ وَقَابَلَ بَاقِيَهُ وَهُوَ مَجْهُولٌ الْمُثَمَّنُ فَقَدْ أَدَّى إلَى جَهْلِ الثَّمَنِ .
.

وَصَحَّ إنْ حُذِفَ .
أَوْ حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ : كَشَرْطِ رَهْنٍ ، وَحَمِيلٍ ، وَأَجَلٍ .

( وَصَحَّ ) الْبَيْعُ ( إنْ حُذِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ شَرْطُ السَّلَفِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي .
فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَ فَوَاتِهَا ، لَكِنْ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ إسْقَاطُهُ بَعْدَ فَوَاتِهَا فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ فَلَا يُؤَثِّرُ الْإِسْقَاطُ بَعْدَهُ ا هـ .
قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فِي إسْلَافِ الْمُشْتَرِي أَوْ أَقَلَّ فِي إسْلَافِ الْبَائِعِ كَمَا يَأْتِي وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّ بَعْضَ الْأَشْيَاخِ خَرَّجَ قَوْلًا بِالصِّحَّةِ إنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَلَوْ مَعَ الْفَوَاتِ ، وَاعْتَرَضَهُ وَتَرَكْته خَوْفَ الْإِطَالَةِ ا هـ .
كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ فِي الشَّامِلِ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَفِيهِ إنْ فَاتَ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ إلَخْ .
( أَوْ ) أَيْ وَصَحَّ الْبَيْعُ بِشَرْطِ التَّدْبِيرِ إنْ ( حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ ) وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ إلَّا أَرْبَعَةَ شُرُوطٍ ، أَحَدَهَا : مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَالثَّمَنُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ ، فَإِنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ ، وَلَوْ أَسْقَطَ هَذَا الشَّرْطَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَكَذَا شَرَطَ إنْ مَاتَ فَلَا يُطَالِبُ الْبَائِعُ وَرَثَتَهُ بِالثَّمَنِ .
ثَانِيَهَا : شَرَطَ مَا لَا يَجُوزُ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ فَيَلْزَمُ فَسْخَهُ ، وَإِنْ أَسْقَطَ لِجَوَازِ كَوْنِ إسْقَاطِهِ أَخْذًا بِهِ .
ثَالِثَهُمَا : مَنْ بَاعَ أَمَةً وَشَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ لَا يَطَأَهَا وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَ فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ عَلَيْهِ دِينَارٌ مَثَلًا فَيُفْسَخُ ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِأَنَّهُ يَمِينٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
رَابِعَهَا : شَرْطُ الثُّنْيَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ وَلَوْ أَسْقَطَ ، وَبَقِيَ خَامِسٌ وَهُوَ شَرْطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ النَّقْدِ فَلَا يَصِحُّ .
وَشَبَّهَ فِي

الصِّحَّةِ لَكِنْ مَعَ بَقَاءِ الشَّرْطِ وَلُزُومِهِ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ بِ ( شَرْطِ رَهْنٍ ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ ( وَ ) شَرْطِ ( حَمِيلٍ ) أَيْ ضَامِنٍ لِلْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ ( وَ ) كَشَرْطِ ( أَجَلٍ ) مَعْلُومٍ لِلثَّمَنِ وَهَذِهِ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهَا ، وَمَحَلُّ كَلَامِهِ فِي الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ الْحَاضِرَيْنِ أَوْ قَرِيبَيْ الْغَيْبَةِ ، فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمَا فَفِي الْحَمِيلِ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَيَفْسُدُ ، وَلَعَلَّهُ فِي الْحَمِيلِ الْمُعَيَّنِ وَفِي الرَّهْنِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَتُوقَفُ السِّلْعَةُ حَتَّى يَقْبِضَ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : يُمْنَعُ كَالْحَمِيلِ .
وَفِي النَّوَادِرِ الْجَوَازُ فِي الرَّهْنِ الْبَعِيدِ إذَا كَانَ عَقَارًا وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ قَالَهُ حُلُولُو .
.

وَلَوْ غَابَ .
وَتُؤُوِّلَتْ .
بِخِلَافِهِ ، وَفِيهِ : إنْ فَاتَ أَكْثَرُ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةُ إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي ؛ وَإِلَّا فَالْعَكْسُ ، .
.

وَبَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ إذَا أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ فَقَالَ ( وَلَوْ غَابَ ) الْمُتَسَلِّفُ عَلَى السَّلَفِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيهَا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ السَّلَفَ لِرَبِّهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ، وَصَحَّ إنْ حُذِفَ فَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عِنْدَهُ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( بِخِلَافِهِ ) وَهُوَ نَقْضُ الْبَيْعِ مَعَ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا .
تت الْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ تَابِعٌ لِلشَّارِحِ وَأَصْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ ، وَنَصُّهُ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَشْهُورِيَّتِهِ .
طفي فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ صَرَّحَ بِمَشْهُورِيَّةِ الصِّحَّةِ بِإِسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ فِي غَيْرِ الْغَيْبَةِ وَذَكَرَ الْخِلَافَ مَعَ الْغَيْبَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِمَشْهُورٍ ، وَإِنَّمَا نَسَبَ الصِّحَّةَ لِأَصْبَغَ فَإِنَّهُ لَمَّا عَزَى عَدَمَهَا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ وَيَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ : وَخَالَفَ أَصْبَغُ وَرَأَى أَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى السَّلَفِ لَا تَمْنَعُ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرَطِ .
ا هـ .
وَكَذَا فَعَلَ عِيَاضٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَذَهَبَ أَكْثَرُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٍ وِفَاقٌ لِلْكِتَابِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ خِلَافًا فَانْظُرْ كَيْفَ عَزَا لِلْأَكْثَرِ خِلَافَ مَا عَزَا لَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ إذَا عَلِمَتْ ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهَا فِي الْغَيْبَةِ .
( وَفِيهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ ( إنْ فَاتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي ( أَكْثَرُ ) شَيْئَيْنِ ( الثَّمَنِ ) الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ ( أَوْ الْقِيمَةِ ) الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَوْمَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ( إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي ) الْبَائِعَ لِاتِّهَامِهِ بِأَنَّهُ أَخَذَهَا بِنَاقِصٍ عَمَّا تُبَاعُ بِهِ لِإِسْلَافِهِ فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسْلِفُ

الْمُشْتَرِيَ بِأَنْ كَانَ الْبَائِعُ ( فَالْعَكْسُ ) أَيْ فِيهِ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ زَادَ فِي ثَمَنِهَا عَمَّا تُبَاعُ بِهِ لِإِسْلَافِهِ ، فَيُعَامَلُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ .
الْحَطّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ هَذَا بِعَدَمِ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي عَلَى السَّلَفِ مُدَّةً يَرَى أَنَّهَا الْقَدْرُ الَّذِي أَرَادَ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَفِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْغَيْبَةِ وَلَهُ الْأَقَلُّ مِنْ جَعْلِ مِثْلِهِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ س وعج وَمَنْ بَعْدَهُمَا .
طفي هَذَا قُصُورٌ إذْ هُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إيجَابِ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ لُزُومُ فَسْخِهِ وَالْقِيمَةُ مَا بَلَغَتْ فِي قُوَّتِهِ وَبَقَاءُ تَصْحِيحِهِ بِإِسْقَاطِ الشَّرْطِ ، ثَالِثُهَا إنْ غَابَ عَلَيْهِ مُدَّةَ أَجَلِهِ أَوْ قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ إلَيْهِ لِلْبَاجِيِّ مَعَ غَيْرِ وَاحِدٍ عَنْ سَحْنُونٍ مَعَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعَنْ أَصْبَغَ وَتَفْسِيرُ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عب لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِحُكْمِ فَوَاتِ مَا فِيهِ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْمَقْصُودِ وَهُوَ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِلشَّرْطِ ، ثُمَّ قَالَ : وَتَعْبِيرُهُ بِالْقِيمَةِ يُشْعِرُ بِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْمُقَوَّمِ ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَفِيهِ مِثْلُهُ .
الْبُنَانِيُّ قَسَّمَ ابْنُ رُشْدٍ الشُّرُوطَ فِي الْبَيْعِ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جَمِيعِهَا وَلْنَذْكُرْ طَرَفًا مِنْ أَحْكَامِهَا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ : شَرْطُ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ كَتَسْلِيمِ الْمَبِيعِ وَضَمَانِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ أَوْ مَا لَا يَقْتَضِيهِ وَلَا يُنَافِيهِ كَكَوْنِهِ لَا يَئُولُ إلَى غَرَرٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ ، وَلَا إلَى إخْلَالٍ بِشَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُشْتَرِطَةِ فِي

صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفِي مَصْلَحَةِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، كَأَجَلٍ وَخِيَارٍ وَرَهْنٍ وَحَمِيلٍ ، وَاسْتِثْنَاءِ سُكْنَى الدَّارِ الْمَبِيعَةِ أَشْهُرًا مَعْلُومَةً ، وَاسْتِثْنَاءِ رُكُوبِ الدَّابَّةِ الْمَبِيعَةِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ إلَى مَكَان قَرِيبٍ فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ يُقْضَى بِهِ إنْ شَرَطَ وَإِلَّا فَلَا إلَّا مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَيَتَأَكَّدْ بِالشَّرْطِ ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ كَشَرْطِ رَهْنٍ إلَخْ .
الْقِسْمُ الثَّانِي : مَا يَئُولُ إلَى الْإِخْلَالِ .
بِشَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ ، كَشَرْطِ مَا يُؤَدِّي إلَى جَهْلٍ وَغَرَرٍ فِي الْعَقْدِ أَوْ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمُثَمَّنِ .
أَوْ إلَى رِبَا فَضْلٍ أَوْ نَسَاءٍ ، كَشَرْطِ مُشَاوَرَةِ شَخْصٍ بَعِيدٍ أَوْ الْخِيَارِ إلَى مُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ أَوْ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ ، فَهَذَا يُوجِبُ فَسْخَ الْبَيْعِ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ لَمْ تَفُتْ وَلَيْسَ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ إمْضَاؤُهُ ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ رُدَّتْ بِعَيْنِهَا وَإِنْ فَاتَتْ رُدَّتْ قِيمَتُهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ إلَّا الْبَيْعَ بِشَرْطِ السَّلَفِ فَلِمُشْتَرَطِهِ تَصْحِيحُهُ بِإِسْقَاطِ شَرْطِهِ ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَهَا وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا لِدَلِيلٍ .
الْقِسْمُ الثَّالِثُ : مَا يُنَافِي مُقْتَضَى الْبَيْعِ كَشَرْطِ أَنْ لَا يَبِيعَهَا أَوْ لَا يَهَبَهَا أَوْ أَنْ يَتَّخِذَهَا أُمَّ وَلَدٍ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا النَّوْعِ فَسْخُهُ مَا دَامَ الْبَائِعُ مُتَمَسِّكًا بِشَرْطِهِ ، فَإِنْ تَرَكَهُ صَحَّ الْبَيْعُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً ، فَإِنْ فَاتَتْ فَفِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ يَوْمَ قَبْضِهِ إلَّا شَرْطَ عَدَمِ وَطْءِ الْأَمَةِ ، وَإِنْ وَطِئَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ فَعَلَيْهِ كَذَا فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ إسْقَاطُ الشَّرْطِ لِأَنَّهَا يَمِينٌ لَزِمَتْ الْمُشْتَرِيَ ، وَإِلَّا شَرَطَ الْخِيَارَ إلَى أَمَدٍ بَعِيدٍ فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَلَوْ تَرَكَ الشَّرْطَ

لِأَنَّهُ يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَا تَرْكًا لَهُ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا الْقِسْمِ بِقَوْلِهِ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ إلَخْ .
الْقِسْمُ الرَّابِعُ : شَرْطٌ غَيْرُ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ خَفِيفٌ لَا يَحِلُّ بِالثَّمَنِ فَيَصِحُّ مَعَهُ الْبَيْعُ وَيُلْغَى الشَّرْطُ ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ التَّنَاوُلِ كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ وَلَا مُوَاضَعَةَ إلَخْ ، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ .
وَذَهَبَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَى تَحْرِيمِهِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ } .
وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ شُبْرُمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إلَى جَوَازِهِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بَاعَ نَاقَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا إلَى الْمَدِينَةِ } ، وَذَهَبَ الْإِمَامُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ وَصِحَّةِ الْبَيْعِ لِحَدِيثِ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا وَإِنْ شَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ } ، فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ ، وَعَرَفَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا وَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَمْ يُحْسِنْ التَّأْوِيلَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .

وَكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ ؛ .
فَإِنْ عَلِمَ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ ، وَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ .

( وَ كَ ) بَيْعِ ( النَّجْشِ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ فَشِينٌ مُعْجَمَةٌ ، وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ ( يَزِيدُ ) فِي سَوْمِ سِلْعَةٍ وَهُوَ لَا يُرِيدُ شِرَاءَهَا ( لِيَغُرَّ ) أَيْ يَخْدَعَ غَيْرَهُ فَيَقْتَدِي بِهِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَمَنِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً ، أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ النَّاجِشُ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي سِلْعَةٍ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَالنَّجْشُ أَنْ تُعْطِيَهُ فِي سِلْعَةٍ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا وَلَيْسَ فِي نَفْسِك اشْتِرَاؤُهَا لِيَقْتَدِيَ بِك غَيْرُك .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ : الَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ إنْ بَلَّغَهَا النَّاجِشُ قِيمَتَهَا وَرَفَعَ الْغَبَنَ عَنْ صَاحِبِهَا فَهُوَ مَأْجُورٌ وَلَا خِيَارَ لِمُبْتَاعِهَا .
وَمَفْهُومُ يَزِيدُ أَنَّ اسْتِفْتَاحَ الثَّمَنِ لِلدَّلَّالِ لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ فِي الْمُنَادَاةِ مِنْ شَخْصٍ عَارِفٍ جَائِزٌ لِئَلَّا يَسْتَفْتِحَ مَنْ يَجْهَلُ الْقِيمَةَ بِسَوْمٍ قَلِيلٍ جِدًّا فَيَتْعَبُ الدَّلَّالُ .
ابْنُ عَرَفَةَ كَانَ بِالْكُتُبِيِّينَ بِتُونُسَ رَجُلٌ مَشْهُورٌ بِالصَّلَاحِ عَارِفٌ بِالْكُتُبِ يَسْتَفْتِحُ لِلدَّلَّالِينَ مَا يَبْنُونَ عَلَيْهِ فِي الدَّلَالَةِ وَلَا غَرَضَ فِي الشِّرَاءِ ، وَهَذَا جَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَاخْتِيَارِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ لَا عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ الْمَازِرِيِّ ، فَتَحَصَّلَ فِيمَنْ زَادَ عَلَى دُونِ الْقِيمَةِ الْمَنْعُ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَالْجَوَازُ لِدَلِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالِاسْتِحْبَابُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَاسْتَبْعَدَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
( فَإِنْ عَلِمَ ) الْبَائِعُ بِالنَّجْشِ وَاعْتَبَرَهُ وَبَنَى الْبَيْعَ عَلَيْهِ ( فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ ( فَإِنْ فَاتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي (

فَالْقِيمَةُ ) يَوْمَ الْقَبْضِ ، وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الثَّمَنَ لِصِحَّةِ الْبَيْعِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ يُؤَدِّي الْقِيمَةَ إنْ شَاءَ وَلَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ ، فَصَحَّ أَنَّ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ أَوْ الْقِيمَةِ .
ا هـ .
وَهَذَا مَعْنَى تَقْيِيدِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِمَا إذَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الثَّمَنِ .
.

وَجَازَ سُؤَالُ الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ لَا الْجَمِيعِ ، .
وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ .
وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ لَهُ .

( وَجَازَ ) لِحَاضِرٍ سَوَّمَ سِلْعَةٍ أَرَادَ شِرَاءَهَا ( سُؤَالُ الْبَعْضِ ) مِنْ الْحَاضِرِينَ الَّذِينَ أَرَادُوا الزِّيَادَةَ فِي سَوْمِهَا لِشِرَائِهَا ( لِيَكُفَّ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ نَفْسَهُ ( عَنْ الزِّيَادَةِ ) فِي سَوْمِهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ ( لَا ) سُؤَالُ ( الْجَمِيعِ ) وَلَوْ حُكْمًا كَالْأَكْثَرِ وَالْوَاحِدُ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ فِي الزِّيَادَةِ ، فَإِنْ وَقَعَ سُؤَالُ الْجَمِيعِ وَلَوْ حُكْمًا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَعَدَمِهِ ، فَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَمَنِهَا وَقِيمَتِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَالَ : كُفَّ عَنِّي وَلَك دِينَارٌ جَازَ وَلَزِمَهُ الدِّينَارُ اشْتَرَى أَوْ لَمْ يَشْتَرِ .
وَلَوْ قَالَ : كُفَّ عَنِّي وَلَك بَعْضُهَا عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ عَلَى الْكَفِّ مَا لَمْ يَمْلِكْ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي إجَازَتِهِ الدِّينَارَ نَظَرٌ لِأَنَّ إعْطَاءَهُ لَيْسَ عَلَى الْكَفِّ لِذَاتِهِ بَلْ لِرَجَاءِ حُصُولِ السِّلْعَةِ وَقَدْ لَا تَحْصُلُ ، وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَجُوزُ فِي الْوَاحِدِ إنْ كَانَ التَّرْكُ تَفَضُّلًا وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَهَا مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ دُلْسَةٌ مَنَعَهُ بِالدِّينَارِ ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ ا هـ .
قُلْت : قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدُّلْسَةَ فِي الشَّرِكَةِ مُحَقِّقَةٌ لِجَعْلِهِ ذَلِكَ عَقْدًا لِلشَّرِكَةِ ، بِخِلَافِ الدِّينَارِ فَلَا دُلْسَةَ فِيهِ تَتَعَلَّقُ بِالْمَبِيعِ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ الْآنَ مَعَهُ ا هـ عب .
غ اسْتَشْكَلَ ابْنُ هِلَالٍ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ بِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَلَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَبِعْهَا رَبُّهَا .
وَقَالَ الْعَبْدُوسِيُّ : لَا إشْكَالَ فِيهِ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى تَرْكٍ وَقَدْ تَرَكَ .
( وَكَبَيْعِ ) شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ سَاكِنٍ حَاضِرَةً ضِدَّ الْبَادِيَةِ أَيْ مَدَنِيٍّ فِي حَاضِرَتِهِ سِلْعَةً مَمْلُوكَةً ( لِ ) شَخْصٍ ( عَمُودِيٍّ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ

الْمُهْمَلَةِ نِسْبَةً لِلْعَمُودِ لِنَصْبِ بَيْتِهِ مِنْ نَحْوِ الشَّعْرِ عَلَيْهِ أَيْ سَاكِنٍ بَادِيَةً ، وَقَيَّدَهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِمَا لَا ثَمَنَ لَهُ فِي الْبَادِيَةِ وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاعْتَمَدَهُ س وعج وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا الْمُوَضِّحُ وَلَا الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَلَا فِي شَامِلِهِ ، وَلَا صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ وَقَفْت عَلَيْهِ وَإِطْبَاقُهُمْ عَلَى تَرْكِهِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ اعْتِمَادِهِ .
وَيُؤَيِّدُهُ ذِكْرُهُمْ الْخِلَافَ فِي بَيْعِ الْبَلَدِيِّ لِلْبَلَدِيِّ ، فَقَدْ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا يَبِعْ مَدَنِيٌّ لِمِصْرِيٍّ وَلَا مِصْرِيٌّ لِمَدَنِيٍّ .
وَحَمَلَ الْمَازِرِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ عَلَى وُرُودِ أَحَدِهِمَا عَلَى بَلَدٍ وَهُوَ جَاهِلٌ بِأَسْعَارِهِ بِحَيْثُ يُمْكِنُ غَبْنُهُ وَيَنْتَفِعُ أَهْلُ الْبَلَدِ بِالشِّرَاءِ مِنْهُ مَعَ رِبْحِهِ فِي الْغَالِبِ فِيمَا أَتَى بِهِ فَلَمْ يُمْنَعْ اسْتِرْخَاصُهُ قَالَهُ طفي .
الْبُنَانِيُّ كَلَامُ الْبَاجِيَّ فِي الْمُنْتَقَى ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ ، وَنَصُّهُ وَالْأَصْلُ فِي النَّهْيِ عَنْهُ الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ { لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ } ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ الْأَسْعَارَ فَيُوشِكُ إذَا تَنَاوَلُوا الْبَيْعَ لِأَنْفُسِهِمْ اسْتَرْخَصَ مَا يَبِيعُونَ لِأَنَّ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَشْتَرُوهُ ، وَإِنَّمَا صَارَ لَهُمْ بِالِاسْتِغْلَالِ ، فَالرِّفْقُ بِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَوْلَى مَعَ أَنَّ أَهْلَ الْحَوَاضِرِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ مَوَاضِعُ الْأَئِمَّةِ ، فَيَلْزَمُ الِاحْتِيَاطُ لَهَا وَالرِّفْقُ بِمَنْ يَسْكُنُهَا .
ا هـ .
فَقَوْلُهُ أَكْثَرَهُ لَا رَأْسَ مَالٍ لَهُمْ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِهِ ، بَلْ صَرِيحٌ فِي الْإِطْلَاقِ .
وَقَيَّدَ الْمَنْعَ أَيْضًا بِعَدَمِ مَعْرِفَةِ الْبَادِي سِعْرَهَا بِالْحَاضِرَةِ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ الْبَاجِيَّ الْبَدْوِيُّ لَا يُبَاعُ لَهُ سَوَاءٌ عَرَفَ السِّعْرَ أَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ اشْتِرَاطِ

جَهْلِ الْبَدْوِيِّ السِّعْرَ ، وَنَقَلَ ق عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، مِثْلَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي بَيْعُ الدَّلَّالِ الْيَوْمَ لِأَنَّ الدَّلَّالَ إنَّمَا هُوَ لِإِشْهَارِ السِّلْعَةِ فَقَطْ ، وَالْعَقْدُ عَلَيْهَا إنَّمَا هُوَ لِرَبِّهَا ، وَبَيْعُ الْحَاضِرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ هُوَ أَنْ يَتَوَلَّى الْحَاضِرُ الْعَقْدَ أَوْ يَقِفَ مَعَهُ لِيَزِيدَهُ فِي الثَّمَنِ وَيُعْلِمَهُ أَنَّ السِّلْعَةَ لَمْ تَبْلُغْ ثَمَنَهَا وَنَحْوَ هَذَا وَالدَّلَّالُ بِالْعَكْسِ لِرَغْبَتِهِ فِي الْبَيْعِ ج وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ { لَا تَكُنْ لَهُ سِمْسَارًا } .
طفي فِي أَجْوِبَتِهِ الْمُرَادُ بِالسِّمْسَارِ فِي الْحَدِيثِ مَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ كَالْجَالِسِ فِي الْحَانُوتِ فَلَا مُعَارَضَةَ .
وَمُنِعَ بَيْعُ الْحَضَرِيِّ سِلْعَةَ الْبَدْوِيِّ إذَا قَدِمَ بِهَا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( بِإِرْسَالِهِ ) أَيْ الْعَمُودِيِّ السِّلْعَةَ لِلْحَضَرِيِّ لِيَبِيعَهَا هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِجَوَازِ بَيْعِهَا الْحَاضِرِ لِصَيْرُورَتِهَا أَمَانَةً عِنْدَهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَنَصُّهُ وَلَيْسَ مِنْ بَيْعِ الْحَاضِرِ أَنْ يَبْعَثَ الْبَدْوِيُّ سِلْعَتَهُ لِيَبِيعَهَا لَهُ الْحَاضِرُ .
.

وَهَلْ لِقَرَوِيٍّ ؟ قَوْلَانِ .
وَفُسِخَ وَأُدِّبَ .
وَجَازَ الشِّرَاءُ لَهُ ، وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا : كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ وَلَا يُفْسَخُ .
وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ : أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ .

( وَهَلْ ) يُمْنَعُ بَيْعُ الْحَاضِرِ سِلْعَةً مَمْلُوكَةً ( لِ ) شَخْصٍ ( قَرَوِيٍّ ) أَيْ سَاكِنٍ قَرْيَةً صَغِيرَةً أَوْ لَا يُمْنَعُ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَحَلُّهُمَا إذَا جَهِلَ الْقَرَوِيُّ سِعْرَهَا بِالْحَاضِرَةِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا الْبَاجِيَّ وَالْقَرَوِيُّ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الْأَسْعَارَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهَا فَلَا يُبَاعُ لَهُ .
وَمَفْهُومُ لِقَرَوِيٍّ جَوَازُهُ إذَا كَانَتْ لِمَدَنِيٍّ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ .
الْحَطّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَنَصُّهُ وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ عَمُودِيٍّ خَاصَّةً ، وَقِيلَ : وَقَرَوِيٍّ ، وَقِيلَ : كُلُّ وَارِدٍ عَلَى مَحَلٍّ وَلَوْ مَدَنِيًّا .
وَقَيَّدَ بِمَنْ يَجْهَلُ السِّعْرَ وَلَوْ بَعَثَهُ مَعَ رَسُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ بَيْعُ الْحَاضِرِ سِلْعَةَ الْعَمُودِيِّ إنْ لَمْ تَفُتْ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ وَقِيلَ : بِالْقِيمَةِ ( وَأُدِّبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كُلُّ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي الْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ ، وَهَلْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَوْ إنْ اعْتَادَهُ وَإِلَّا زُجِرَ قَوْلَانِ .
وَجَازَ ) لِلْحَاضِرِ ( الشِّرَاءُ لَهُ ) أَيْ الْعَمُودِيِّ بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهَا ، هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ قَالَهُ الْبُنَانِيُّ .
تت هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْضًا الشِّرَاءُ كَالْبَيْعِ ( وَكَتَلَقِّي ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَاللَّامِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ لِشِرَاءِ ( السِّلَعِ ) الْمَجْلُوبَةِ إلَيْهِ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى سُوقِهَا الَّذِي تُبَاعُ بِهِ عَادَةً لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا { كُنَّا نَتَلَقَّى الرُّكْبَانَ نَشْتَرِي مِنْهَا الطَّعَامَ فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ابْنُ رُشْدٍ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ

تَلَقِّي السِّلَعِ حَتَّى يَهْبِطَ إلَى الْأَسْوَاقِ } فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَاضِرَةِ إلَى الْجَلَائِبِ الَّتِي تُسَاقُ إلَيْهَا فَيَشْتَرِي مِنْهَا ضَحَايَا وَلَا مَا يُؤْكَلُ وَلَا لِتِجَارَةٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي حَدِّهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مِيلٌ وَفَرْسَخَانِ وَيَوْمَانِ ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ : لَا حَدَّ لَهُ فَيُمْنَعُ فِيمَا بَعُدَ وَفِيمَا قَرُبَ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ .
( أَوْ ) تَلَقِّي ( صَاحِبِهَا ) أَيْ السِّلَعِ قَبْلَ وُصُولِهِ الْبَلَدَ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ قَبْلَهُ أَوْ يَصِلُ بَعْدَهُ عَلَى الصِّفَةِ لِنَصِّ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي فِي الثَّانِيَةِ ، وَقَالَ الْبَاجِيَّ فِي الْأُولَى : لَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا ، وَعِنْدِي أَنَّهَا مِنْ التَّلَقِّي .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَأَخْذِهَا ) أَيْ شِرَاءِ السِّلَعِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ بِالْبَلَدِ أَوْ الْقَادِمِ عَلَيْهِ ( فِي الْبَلَدِ ) قَبْلَ وُصُولِ السِّلَعِ لَهُ أَوْ لِسُوقِهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَيَكُونُ أَخْذُهَا ( بِصِفَةٍ ) مِنْ بَائِعِهَا أَوْ فِي بَرْنَامَجٍ ، أَوْ بِشَرْطِ خِيَارِ الْمُشْتَرِي بِرُؤْيَتِهَا .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوقٌ جَازَ شِرَاؤُهَا بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ وَلَوْ قَبْلَ مُرُورِهَا عَلَى بَيْتِهِ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ ، وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي تَعَبُّدٌ أَوْ مَعْقُولُ الْمَعْنَى ، وَعَلَى هَذَا فَهَلْ لِحَقِّ أَهْلِ الْبَلَدِ وَهُوَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْ الْجَالِبِ وَهُوَ لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَوْ لَهُمَا وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
( وَ ) إنْ تَلَقَّى السِّلَعَ أَوْ صَاحِبَهَا أَوْ أَخَذَهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ فَ ( لَا يُفْسَخُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ الْبَيْعُ لِصِحَّتِهِ ، وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا ، وَشَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ ، أَوْ يُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ ، وَشَهَرَهُ عِيَاضٌ رِوَايَتَانِ .
وَرُوِيَ تُبَاعُ لَهُمْ ، فَإِنْ خَسِرَ فَعَلَيْهِ وَإِنْ رَبِحَ فَلِلْجَمِيعِ .
وَقِيلَ : تُقْسَمُ بَيْنَهُمْ

بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ يُنْهَى عَنْهُ ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ تَلَقَّى السِّلَعَ أَنَّ الْخُرُوجَ لِلْبَسَاتِينِ لِشِرَاءِ ثَمَرِهَا الَّذِي يَلْحَقُ أَرْبَابَهُ الضَّرَرُ بِتَفْرِيقِ بَيْعِهِ لَيْسَ مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ سَوَاءٌ الطَّعَامُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا بَأْسَ بِهِ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَكَذَا شِرَاءُ الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّفُنِ بِالسَّاحِلِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ وَفَسَادٌ فَكَاحْتِكَارٍ ق الظَّاهِرُ جَوَازُ تَلَقِّي كِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالْخَدَمِ قَبْلَ وُصُولِهَا الْمَوْقِفَ الْمُعْتَادَ ، وَانْظُرْ شِرَاءَ الْخُبْزِ مِنْ الْفُرْنِ وَتَلَقِّي جِمَالِ السَّقَّائِينَ مِنْ الْبَحْرِ .
( وَجَازَ لِمَنْ ) مَنْزِلُهُ أَوْ قَرْيَتُهُ خَارِجَ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهِ ( عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ ) أَيْ شِرَاءُ شَيْءٍ ( مُحْتَاجٍ إلَيْهِ ) لِقُوَّتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ بِالْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ ، بَلْ قَالَ ق إنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهُ فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ ، وَلَهَا سُوقٌ ، وَاعْتَمَدَهُ عج ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يَمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا فَلَهُ الْأَخْذُ مِمَّا لَهُ سُوقٌ لِقُوَّتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ وَمِمَّا لَا سُوقَ لَهُ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ .
.

وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ ، .
وَرُدَّ وَلَا غَلَّةَ ، .

( وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ ) مَبِيعِ الْبَيْعِ ( الْفَاسِدِ ) عَلَى الْبَتِّ الَّذِي لَمْ يُنْهَ عَنْ بَيْعِهِ إلَى الْمُشْتَرِي ، وَصِلَةُ يَنْتَقِلُ ( بِالْقَبْضِ ) الْمُسْتَمِرِّ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ سَوَاءٌ نَقَدَ ثَمَنَهُ أَمْ لَا وَقَوْلِي الَّذِي لَمْ يُنْهَ عَنْ بَيْعِهِ مُخْرِجٌ لِلْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَلَوْ قَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ ، بَلْ وَلَوْ أَتْلَفَهُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا ، فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ أَقْبَضَهُ وَإِلَّا سَقَطَ عَنْهُ وَ لِلْكَلْبِ الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ إذَا قَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ وَتَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَإِنْ أَتْلَفَهُ مُشْتَرِيهِ ضَمِنَ قِيمَتَهُ كَإِتْلَافِهِ جِلْدَ مَيْتَةٍ ، وَقَوْلِي عَلَى الْبَتِّ لِإِخْرَاجِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بِخِيَارٍ وَقَبَضَهُ مُشْتَرِيهِ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ وَقَوْلِي الْمُسْتَمِرِّ لِإِخْرَاجِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَاسِدًا وَقَبَضَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ وُضِعَتْ عِنْدَ أَمِينَةٍ لِكَوْنِهَا عَلَيْهِ أَوْ وَطِئَهَا بَائِعُهَا وَلَمْ يَسْتَبْرِئْهَا فَضَمَانُهَا مِنْ بَائِعِهَا وَالسِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهَا مُشْتَرِيهَا ثُمَّ رَدَّهَا لِبَائِعِهَا أَمَانَةً ، أَوْ رَهْنًا فِي ثَمَنِهَا أَوْ لِانْتِفَاعِهِ بِهَا الْمُشْتَرَطِ فِي بَيْعِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ بَائِعِهَا .
الْبُنَانِيُّ لَا يَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى الْحَصْدِ وَجَذِّ الثَّمَرَةِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ حِينَ بَيْعِهِ مُسْتَحِقًّا الْحَصْدَ أَوْ الْجَذَّ فَإِنْ بِيعَ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ تَوَقَّفَ انْتِقَالُ ضَمَانِهِ عَلَيْهِ ، فَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى زَرْعًا بَعْدَ يُبْسِهِ بِثَمَنٍ فَاسِدٍ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ أَتْلَفَتْهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُدْهُ فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ فَيَبِسَ وَأَصَابَتْهُ عَاهَةٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَقْبِضُهُ إلَّا بِحَصْدِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا ضَمَانَ إلَّا بِالْقَبْضِ .
أَشْهَبُ أَوْ

بِالتَّمْكِينِ مِنْهُ أَوْ بِنَقْدِ الثَّمَنِ .
ا هـ .
وَأَصْلُهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
وَمَفْهُومُ الضَّمَانِ أَنَّ مِلْكَ الْفَاسِدِ لَا يَنْتَقِلُ بِقَضْبِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَوَاتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَالْفَوَاتِ .
التَّوْضِيحُ يَعْنِي إذَا قُلْنَا بِانْتِقَالِ ضَمَانِ الْمَبِيعِ فَاسِدًا بِقَبْضِهِ فَمِلْكُهُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ضَمِيمَةِ فَوَاتِهِ .
ا هـ .
وَفَائِدَةُ نَقْلِ مِلْكِهِ بِهِمَا عَدَمُ رَدِّهِ وَإِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ : لَا يَنْتَقِلُ مِلْكُهُ بِهِمَا فَيَجِبُ رَدُّهُ ، وَيَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَضَمَانِهِ إنْ هَلَكَ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ بِبَيِّنَةٍ ، وَهَذَا مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ ، وَفِيهَا مَنْ بَاعَ عَبْدَهُ بَيْعًا فَاسِدًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ جَازَتْ الْهِبَةُ ا هـ .
ابْنُ نَاجِي يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ ، وَكَذَا قَوْلُهَا فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدٍ : إنْ ابْتَعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ وَاشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ .
( وَ ) إنْ قَبَضَ الْمُشْتَرِي فَاسِدًا الْمَبِيعَ ( رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ لِبَائِعِهِ وُجُوبًا لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ ( وَ ) إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَعْمَلَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ فَ ( لَا ) يَرُدُّ ( غَلَّتَ ) هـ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَنْفَقَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِنَفَقَتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَبِيعِ غَلَّةٌ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ ، فَإِنْ أَحْدَثَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ فَاسِدًا مَالَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَبِنَاءٍ وَصَبْغٍ فَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ وَالسُّكْنَى وَاللَّبْسُ لَهُ ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَا غَلَّةَ وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ وَوُجُوبِ الرَّدِّ ، وَقَيَّدَهُ س وتت بِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهِمَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ

الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ .
طفى الْإِطْلَاقُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ إذْ عِلْمُهُ بِهِمَا لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِهِ ، نَعَمْ الْقَيْدُ مُعْتَبَرٌ فِي اسْتِحْقَاقِ الْوَقْفِ ، فَمَنْ اشْتَرَى عَقَارًا فَظَهَرَ حُبُسًا فَلَهُ غَلَّتُهُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْبِيسِهِ ، فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْبَائِعُ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ عَالِمٌ بِتَحْبِيسِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى مُشْتَرِيهِ بِغَلَّتِهِ ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ ، فَإِنْ أَعْدَمَ اسْتَوْفَاهُ مِنْ غَلَّتِهِ ، فَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَهُ ضَاعَ بَاقِي ثَمَنِهِ وَانْتَقَلَ الْحَبْسُ إلَى مَنْ يَلِيهِ بِشَرْطِ وَاقِفِهِ وَمَحَلُّ رَدِّ الْمَبِيعِ الْفَاسِدِ إنْ لَمْ يَفُتْ .
.

فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ .
بِتَغَيُّرِ سُوقٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ .

( فَإِنْ فَاتَ ) الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِيَدِ مُشْتَرِيهِ فَلَا يُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَ ( مَضَى ) أَيْ صَحَّ الْبَيْعُ ( الْمُخْتَلَفُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ ( فِي ) صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا وَلَوْ كَانَتْ الصِّحَّةُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَالْمَذْهَبُ كُلُّهُ عَلَى عَدَمِهَا ، وَصِلَةُ مَضَى ( بِالثَّمَنِ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ بَعْدَ زَهْوِهِ بِشَرْطِ أَخْذِهِ تَمْرًا فَيَفُوتُ بِقَبْضِهِ ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَكَأَنَّهُ الْمَشْهُورُ فِي خُصُوصِ هَذَا الْفَرْعِ وَفِي بَيْعِ حَبٍّ أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمُجَرَّدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَنَّ مُضِيَّهُ بِقَبْضِهِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي مُضِيِّهِ بِفَوَاتِهِ وَاجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَجَمْعِ الشَّخْصَيْنِ سِلْعَتَيْنِ فِي الْبَيْعِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَكْثَرِيٌّ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقْتُ الْجُمُعَةِ إنْ فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، وَيَأْتِي لَهُ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ ، وَصَحَّ أَوَّلٌ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، وَيَأْتِي لَهُ فِي الْعَيِّنَةِ مَا يُخَالِفُ مَا هُنَا أَيْضًا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْفَاسِدُ الَّذِي فَاتَ مُخْتَلَفًا فِيهِ بِأَنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ ( ضَمِنَ ) الْمُشْتَرِي ( قِيمَتَهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ مُعْتَبَرَةً ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ الْقَبْضِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَهَذَا أَكْثَرِيٌّ أَيْضًا إذْ قَدْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ أَيْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوَاتِ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ بَيْعِهِ .
( وَ ) ضُمِنَ ( مِثْلُ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( الْمِثْلِيِّ ) الْمَبِيعِ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ وَلَمْ يَنْسَ وَوُجِدَ مِثْلُهُ وَإِلَّا ضُمِنَ قِيمَتُهُ مُعْتَبَرَةً

يَوْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَإِنْ عُلِمَتْ مَكِيلَةُ الْجُزَافِ بَعْدَ قَبْضِهِ رُدَّ مِثْلُهُ وُجُوبًا ، وَصِلَةُ فَاتَ ( بِتَغَيُّرِ سُوقٍ ) أَيْ سِعْرٍ بِغَلَاءٍ أَوْ رُخْصِ مَبِيعٍ ( غَيْرِ مِثْلِيٍّ ) مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ ( وَغَيْرِ عَقَارٍ ) كَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ وَمَفْهُومُ غَيْرِ مِثْلِيٍّ إلَخْ أَنَّ الْمِثْلِيَّ وَالْعَقَارَ لَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ سُوقِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ الرَّغْبَةُ فِيهِمَا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ .
الْبُنَانِيُّ كَوْنُ الْمِثْلِيِّ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبِعْ وَإِلَّا فَيَفُوتُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا ، فَفِي النَّوَادِرِ مَنْ ابْتَاعَ حُلِيًّا بَيْعًا فَاسِدًا ، فَإِنْ كَانَ جُزَافًا فَإِنَّ حَوَالَةَ السُّوقِ تُفِيتُهُ وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْوَزْنِ فَلَا يَفُوتُ بِحَوَالَةِ سُوقِهِ وَلِيَرُدَّهُ أَوْ مِثْلَهُ وَإِنْ كَانَ سَيْفًا مُحَلًّى فِضَّتُهُ الْأَكْثَرُ فَلَا تُفِيتُهُ حَوَالَةُ السُّوقِ وَيُفِيتُهُ الْبَيْعُ وَالتَّلَفُ وَقَلْعُ فِضَّتِهِ فَيَرُدُّ قِيمَتَهُ .
مُحَمَّدٌ وَلَيْسَ بِالْقِيَاسِ ا هـ .
.

وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ ؛ وَفِيهَا شَهْرٌ وَشَهْرَانِ ، وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ ؛ وَقَالَ بَلْ فِي شَهَادَةٍ ، .
.

( وَ ) يَفُوتُ الْمَبِيعُ فَاسِدًا ( بِطُولِ زَمَانِ ) إقَامَةِ ( حَيَوَانٍ ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ آدَمِيًّا ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ الطُّولُ ( شَهْرٌ وَ ) فِيهَا أَيْضًا لَا يَكْفِي فِي الطُّولِ ( شَهْرَانِ ) هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا أَغْنَى عَنْهُ مَا قَبْلَهُ ، وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ ( وَاخْتَارَ ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْمَذْكُورَ ( خِلَافٌ ) مَعْنَوِيٌّ ( وَقَالَ ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( بَلْ ) هُوَ خِلَافٌ ( فِي شَهَادَةٍ ) أَيْ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ الْحَالَةِ الْمُشَاهَدَةِ فَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرُ طُولٌ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ حَالِ حَيَوَانٍ صَغِيرٍ شَأْنُهُ التَّغَيُّرُ فِي الشَّهْرِ وَالْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ الشَّهْرَانِ لَيْسَا بِطُولٍ مَبْنِيٌّ عَلَى مُشَاهَدَةِ حَالِ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَإِبِلٍ وَبَقَرٍ لَيْسَ شَأْنُهُ التَّغَيُّرَ فِيهِمَا .
الْبُنَانِيُّ .
نَصُّ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَعْدَ ذِكْرِ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ بِعَادَةٍ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى الْمِقْدَارِ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَمْضِي إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ فِيهِ الْحَيَوَانُ ، فَتَغَيُّرُهُ فِي ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّغَيُّرِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِهِ لَا فِي التَّغَيُّرِ ، وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْصَفَ .
ا هـ .
وَالصَّوَابُ أَنَّ مُرَادَهُ اتِّفَاقُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّهُ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ فَوْتٌ قَطْعًا ، وَأَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الشَّهْرِ إلَى الثَّلَاثَةِ هَلْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ فَيَكُونُ فَوْتًا أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ فَوْتًا .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57