كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

بِهِ أُخِذَ مِنْهُ مَا قَالَ وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَزَوْجُهَا مُرْسَلٌ عَلَيْهَا لَمْ يَلْزَمْهُ مَا ذَكَرَ ، وَإِنْ كَانَ مَعْزُولًا عَنْهَا فَقَدْ قِيلَ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ إنْ وَضَعَتْهُ لِمَا تَلِدُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ .
( وَسُوِّيَ ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً ( بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ ) أَيْ الْحَمْلِ فِي قِسْمَةِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ ) لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى بِأَنْ قَالَ مِنْ دَيْنٍ لِأَبِيهِ .
ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ وَضَعَتْ تَوْأَمَيْنِ فَالْإِقْرَارُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ وَضَعَتْ أَحَدَهُمَا مَيِّتًا اسْتَقَلَّ الْحَيُّ بِهِ وَكَذَا الْوَصِيَّةُ لَهُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ أَنَا وَصِيُّ أَبِي هَذَا الْحَمْلِ وَتَرَكَ مِائَةً فَأَكَلْتهَا فَالْمَائِدَةُ دَيْنٌ عَلَيْهِ ، فَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ .
وَقِيلَ تُقْسَمُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ لِلذَّكَرِ جُزْءٌ وَلِلْأُنْثَى جُزْءٌ وَالْجُزْءُ الثَّالِثُ يَدَّعِيهِ الذَّكَرُ كُلُّهُ وَالْأُنْثَى نِصْفُهُ وَسَلَّمَتْ نِصْفَهُ لِلذَّكَرِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ بَيْنَهُمَا لِتَدَاعِيهِمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ ، لِلذَّكَرِ سَبْعَةٌ ، وَلِلْأُنْثَى خَمْسَةٌ ، وَبِالْأَوَّلِ أَقُولُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحُكْمِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ زَوْجَةً فَلَهَا ثُمُنُهُ وَإِنْ وُلِدَ مَيِّتًا فَالْمَالُ لِعَصَبَةِ الْمَيِّتِ

بِعَلَيَّ ، أَوْ فِي ذِمَّتِي ، أَوْ عِنْدِي ، أَوْ أَخَذْتُ مِنْك ، وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ، أَوْ قَضَى ، أَوْ وَهَبْتُهُ لِي ، أَوْ بِعْتُهُ ، أَوْ وَفَّيْتُهُ ، أَوْ أَلَيْسَ أَقْرَضْتَنِي ، أَوْ أَمَا أَقْرَضْتَنِي ، أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي ، أَوْ سَاهِلْنِي ، أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي ، أَوْ لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ ، أَوْ نَعَمْ ، أَوْ بَلَى ، أَوْ أَجَلْ ، جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك ، أَوْ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ

وَبَيَّنَ صِيَغَ الْإِقْرَارِ الصَّرِيحَةِ بِقَوْلِهِ ( بِعَلَيَّ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ كَذَا لِفُلَانٍ ( أَوْ فِي ذِمَّتِي ، أَوْ عِنْدِي ) كَذَا لِفُلَانٍ ( أَوْ أَخَذْتُ ) بِضَمِّ التَّاءِ ( مِنْك ) كَذَا وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَلْ ( وَلَوْ قَالَ ) الْمُقِرُّ عَقِبَ صِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ ( إنْ شَاءَ اللَّهُ ) تَعَالَى أَوْ قَضَى أَوْ أَرَادَ أَوْ يَسَّرَ أَوْ أَحَبَّ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بِالْمَشِيئَةِ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ .
ابْنُ سَحْنُونٍ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ لَهُ عِنْدِي أَوْ مَعِي لَزِمَهُ وَلَا يَنْفَعُهُ الِاسْتِثْنَاءُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَأَنَّهُ أَدْخَلَ مَا يُوجِبُ الشَّكَّ نَقَلَهُ فِي الِاسْتِغْنَاءِ .
وَأَشَارَ ب وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَلْزَمُهُ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ زَادَ بَدَلَ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ لِلْإِمَامِ نَصٌّ فِي مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ ، فَلِذَا تَجِدُ أَكْثَرَهَا مُشْكِلًا .
الْبِسَاطِيُّ أَكْثَرُ هَذَا الْبَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ الصَّرِيحَةُ فِي الْإِقْرَارِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَوْ عِنْدِي أَلْفٌ فَهُوَ إقْرَارٌ فِي الْمُعْتَمَدِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ } وقَوْله تَعَالَى { فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } ، .
ا هـ .
نَقَلَهُ " ق " ، وَقَالَ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى ثُبُوتِ دَعْوَى الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ كَتْبِهِ أَوْ إشَارَتِهِ بِدَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ الصَّرِيحَةِ كَتَسَلَّفْتُ وَغَصَبْت وَفِي ذِمَّتِي وَالرِّوَايَاتُ فِي عَلَيَّ كَذَلِكَ وَأَوْدَعَ عِنْدِي وَرَهَنَ عِنْدِي كَذَلِكَ .
ابْنُ شَاسٍ عِنْدِي أَلْفٌ أَوْ عَلَيَّ إقْرَارٌ .
قُلْت قَالَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَالصَّوَابُ

تَقْيِيدُهُ بِمَا هُوَ جَوَابٌ لَهُ مِنْ ذِكْرِ دَيْنٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَقَدَّمْ قَرِينَةٌ قَبْلَ تَفْسِيرِهِ كَالْجَمَلِ .
الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ أَخَذْت كَذَا مِنْ دَارِ فُلَانٍ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ مَا يَحُوزُهُ فُلَانٌ بِغَلْقٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ رَحْبٍ وَيَمْنَعُ مِنْهُ النَّاسَ وَلَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنِهِ كَإِقْرَارِهِ بِأَخْذِهِ مِنْ يَدِهِ فَهُوَ تَمْلِيكٌ لَهُ ، وَلَوْ قَالَ مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ أَوْ حَمَّامِهِ أَوْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ ، وَلَوْ قَالَ أَخَذْت السَّرْجَ مِنْ عَلَى دَابَّةِ فُلَانٍ فَإِقْرَارٌ لَهُ بِهِ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ الدَّابَّةُ فِي حَوْزِ الْمُقِرِّ وَتَصَرُّفِهِ ، هَذَا أَصْلُ الْبَابِ .
( أَوْ ) قَالَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ لِمُدَّعِيهِ أَنْتَ ( وَهَبْتَهُ لِي أَوْ بِعْتَهُ ) لِي فَهُوَ إقْرَارٌ بِمِلْكِ الْمُدَّعِي وَدَعْوَى هِبَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَمِثْلُ صِيغَةِ الْإِقْرَارِ وَهَبْته لِي أَوْ بِعْته مِنِّي .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا مُقْتَضَى نَقْلِ الشَّيْخِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ فِي الدَّارِ أَوْ الدَّابَّةِ اشْتَرَيْتُهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لِي وَجَاءَ بِالْبَيِّنَةِ قُبِلَتْ مِنْهُ .
( أَوْ ) قَالَ لِمَنْ طَالَبَهُ بِدَيْنٍ ( وَفَّيْتُهُ ) فَهُوَ إقْرَارٌ بِأَنَّهُ تَدَايَنَ مِنْهُ وَدَعْوَى التَّوْفِيَةِ فَتَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعِي بِهَا .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ قَضَيْتُهُ إيَّاهَا لَزِمَهُ الْأَلْفُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ أَلَمْ أُوَفِّك الْعَشَرَةَ الَّتِي لَك عَلَيَّ فَقَالَ لَا فَهُوَ إقْرَارٌ .
مُحَمَّدٌ يَغْرَمُ لَهُ الْعَشَرَةَ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الِاسْتِفْهَامِ ، وَيَقُولَ بَلْ قَضَيْتُك فَتَلْزَمَهُ الْيَمِينُ ( أَوْ ) قَالَ ( أَلَيْسَ أَقْرَضْتنِي ) أَلْفًا فَهُوَ إقْرَارُ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَلَيْسَ قَدْ أَقْرَضْتنِي بِالْأَمْسِ أَلْفًا فَقَالَ بَلَى أَوْ نَعَمْ ، فَجَحَدَ الْمُقِرُّ الْمَالَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ .
( أَوْ ) قَالَ (

أَمَا أَقْرَضْتنِي ) أَوْ قَالَ ( أَلَمْ تُقْرِضْنِي ) فَقَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى فَيَلْزَمُهُ .
ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ أَمَا أَقْرَضْتنِي أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي لَزِمَهُ الْمَالُ إنْ ادَّعَاهُ طَالِبُهُ ( أَوْ ) قَالَ ( سَاهِلْنِي ) لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك ، كَذَا فَإِقْرَارٌ لَازِمٌ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( اتَّزِنْهَا ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ النُّونِ فِعْلُ أَمْرٍ افْتِعَالٌ مِنْ الْوَزْنِ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( لَا قَضَيْتُكَ الْيَوْمَ ) فَقَدْ أَقَرَّ وَلَزِمَهُ ( أَوْ قَالَ نَعَمْ أَوْ بَلَى ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَاللَّامِ ( أَوْ أَجَلْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْجِيمِ مُخَفَّفَةً وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى نَعَمْ ( جَوَابًا لَا لَيْسَ لِي عِنْدَك ) فَهُوَ إقْرَارٌ لَازِمٌ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لِي عَلَيْك عَشَرَةٌ فَقَالَ بَلَى أَوْ أَجَلْ أَوْ نَعَمْ أَوْ صَدَقْت أَوْ أَنَا مُقِرٌّ بِهِ أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهُ ، فَهُوَ إقْرَارٌ .
وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ بَلَى لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ نَعَمْ فَكَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّيِّ ، أَيْ وَصِيَغُ الْإِقْرَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ لَا عَلَى اللُّغَةِ لِأَنَّ نَعَمْ تُقَرِّرُ الْكَلَامَ الَّذِي قَبْلَهَا مَنْفِيًّا كَانَ أَوْ مُوجِبًا ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْله تَعَالَى { أَلَسْت بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى } ، لَوْ قَالُوا نَعَمْ لَكَفَرُوا وَأَمَّا بَلَى فَتُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ ، أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجِبًا وَلَا يُقَالُ الِاسْتِفْهَامُ فِي مَعْنَى النَّفْيِ وَلَيْسَ لِلنَّفْيِ وَنَفْيِ النَّفْيِ إيجَابٌ فَتَكُونُ نَعَمْ وَاقِعَةً بَعْدَ الْإِيجَابِ ، لِأَنَّ مَحِلَّ كَوْنِ الِاسْتِفْهَامِ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إذَا كَانَ إنْكَارِيًّا ، أَمَّا غَيْرُهُ كَمَا هُنَا فَلَيْسَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ إجْمَاعًا .
( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ ) فَإِقْرَارٌ .
ابْنِ شَاسٍ إذَا قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَيْسَتْ لِي مَيْسَرَةٌ ، أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَك يَقْبِضْهَا ، أَوْ أَنْظِرْنِي بِهَا فَكُلُّهُ

إقْرَارٌ ، إذْ كَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ وَسَأَلَهُ الْمُسَاهَلَةَ أَوْ الصَّبْرَ أَوْ أَمَرَهُ بِاتِّزَانِهَا أَوْ ادَّعَى الْعُسْرَ .
ابْنُ سَحْنُونٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي كَذَا فَقَالَ نَعَمْ أَوْ سَأُعْطِيك أَوْ أَبْعَثُ لَك بِهِ أَوْ لَيْسَ عِنْدِي الْيَوْمَ ، أَوْ ابْعَثْ مَنْ يَأْخُذُهُ مِنِّي فَهُوَ إقْرَارٌ ، وَكَذَا أَجِّلْنِي فِيهِ شَهْرًا أَوْ نَفِّسْنِي بِهِ ، وَلَفْظُ ابْنِ شَاسٍ سَاهِلْنِي فِيهَا دُونَ نَفِّسْنِي لَمْ أَجِدْهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَفِي الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهَا أَوْ حَتَّى يَحِلَّ ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ إلَى الْأَجَلِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْ أَوْ اجْلِسْ فَانْتَقِدْ أَوْ زِنْ لِنَفْسِك أَوْ يَأْتِي وَكِيلِي يَزِنُ لَك فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ إنْ حَلَفَ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى أَنَّهُ الَّذِي يَدْفَعُ إلَيْهِ وَلَوْ قَالَ اتَّزِنْهَا مِنِّي أَوْ سَاهِلْنِي فِيهَا لَزِمَتْهُ لِأَنَّهُ نَسَبَ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ .
وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَعْطِنِي الْأَلْفَ دِرْهَمٍ الَّتِي لِي عَلَيْك فَقَالَ إنَّمَا أَبْعَثُ بِهَا إلَيْك أَوْ أُعْطِيكهَا غَدًا فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ .

لَا أُقِرُّ ، أَوْ : عَلَيَّ ، أَوْ : عَلَى فُلَانٍ ، أَوْ مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا

( لَا ) يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِ الشَّخْصِ ( أُقِرُّ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الرَّاءِ بِكَذَا لِفُلَانٍ ابْتِدَاءً أَوْ جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك ، كَذَا لِأَنَّهُ وَعْدٌ " غ " لَا النَّافِيَةُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ قَالَ أُقِرُّ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ لَمْ يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْفَرْعَ ، هَكَذَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ لَوْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ بِهِ فَقِيلَ إنَّهُ إقْرَارٌ وَقِيلَ إنَّهُ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ .
وَاَلَّذِي فِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ لِابْنِ هِشَامٍ أَنَّ مَنْ قَالَ أَنَا أُقِرُّ لَك بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فِي التَّمَادِي وَالرُّجُوعِ عَنْ هَذَا الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ مَالًا كَانَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ أَوْ طَلَاقًا .
ا هـ .
وَاقْتَصَرَ " ق " عَلَى مُحَاذَاةِ الْمَتْنِ بِكَلَامِ الْمُفِيدِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ بِقَوْلِهِ ( عَلَيَّ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَشَدِّ الْيَاءِ ( أَوْ عَلَى فُلَانٍ ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك ، كَذَا الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لِي عَلَيْك عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ حَلَفَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَعَلَى أَصْلِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَك عَلَيَّ كَذَا أَوْ عَلَى فُلَانٍ لَزِمَهُ دُونَ فُلَانٍ نَقَلَهُ " ق " .
الْخَرَشِيُّ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَوْ عَلَى فُلَانٍ لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك مِائَةٌ لِلتَّرْدِيدِ فِي الْكَلَامِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ حُرًّا أَوْ عَبْدًا كَبِيرًا وَصَغِيرًا .
ابْنُ الْمَوَّازِ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَغِيرًا جِدًّا كَابْنِ شَهْرٍ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ كَقَوْلِهِ عَلَى الْمِائَةِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ عَلَى أَوَاخِرِهِ وَالتَّفْصِيلُ ضَعِيفٌ وَنَحْوُهُ لعب .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك مِائَةٌ ( مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ ) أَيْ نَوْعٍ ( تَأْخُذُهَا ) أَيْ الْمِائَةَ الَّتِي ادَّعَيْت عَلَيَّ بِهَا ( مَا

أَبْعَدَك ) مَا تَعَجُّبِيَّةٌ وَأَبْعَدَ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْعَيْنِ فِعْلُ تَعَجُّبٍ ، أَيْ شَيْءٌ عَظِيمٌ صَيَّرَك بَعِيدًا ( مِنْهَا ) أَيْ الْمِائَةِ .
" ق " ابْنُ سَحْنُونٍ اتَّزِنْ أَوْ اتَّزِنْهَا مَا أَبْعَدَك مِنْهَا فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ .
ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَوْلُهُ اتَّزِنْهَا كَقَوْلِهِ اتَّزِنْ وَانْتَقِدْ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ إلَى نَفْسِهِ .
تت وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَنَّهُ أَجَابَ بِهِمَا مَعًا أَوْ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ ، فَإِنْ كَانَ بِهِمَا فَوَاضِحٌ ، وَكَذَا بِالثَّانِي .
وَأَمَّا بِالْأَوَّلِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ إقْرَارٌ إلَّا أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْإِنْكَارَ أَوْ التَّهَكُّمَ أَوْ شِبْهَهُ .

وَفِي حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهِهِ ، أَوْ اتَّزِنْ ، أَوْ خُذْ : قَوْلَانِ : كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ ، أَوْ أَظُنُّ ، أَوْ عِلْمِي

( وَفِي ) كَوْنِ قَوْلِهِ ( حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ ) أَيْ الْوَكِيلُ كَغُلَامِي ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( اتَّزِنْ أَوْ خُذْ ) جَوَابًا لِمَنْ قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْمِائَةَ الَّتِي لِي عَلَيْك إقْرَارًا وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ( قَوْلَانِ ) فَإِنْ زَادَ مِنِّي عَقِبَ اتَّزِنْ أَوْ خُذْ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ لِنِسْبَتِهِ لِنَفْسِهِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِي عَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ زِنْ أَوْ خُذْ أَوْ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي يَزِنُ لَك لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا وَيَحْلِفُ ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَلَوْ قَالَ لَهُ اجْلِسْ فَزِنْ كَوْنُهُ إقْرَارًا نَقْلًا الْمَازِرِيِّ عَنْهُمَا .
وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ ( لَك عَلَيَّ أَلْف ) مَثَلًا ( فِيمَا أَعْلَمُ ) أَوْ أَعْتَقِدُ ( أَوْ أَظُنُّ ) أَوْ فِيمَا ظَنَنْت أَوْ حَسِبْت أَوْ رَأَيْت أَوْ رَأْيِي ( أَوْ عِلْمِي ) أَوْ اعْتِقَادِي فَقَالَ سَحْنُونٌ إقْرَارٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هُوَ شَكٌّ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ قِيَاسًا عَلَى الشَّهَادَةِ ، وَرَدَّهُ سَحْنُونٌ بِأَنَّ الشَّكَّ لَا أَثَرَ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ .
طفي تَسْوِيَةُ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالظَّنِّ نَحْوُهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ ، وَأَقَرَّهُ شُرَّاحُهُ وَابْنُ عَرَفَةَ ، وَكَذَا النَّقْلُ فِي جَمِيعِ مَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ دَوَاوِينِ الْمَالِكِيَّةِ ، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ وَمَنْ بَعْدَهُ يُسْتَفَادُ مِنْ النَّقْلِ أَنَّ الْخِلَافَ إذَا قَالَ فِيمَا أَظُنُّ أَوْ فِي ظَنِّي فَإِنْ قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَطْعًا غَيْرُ صَوَابٍ ، وَلَمْ يَذْكُرُوا نَقْلًا يُسْتَفَادُ مِنْهُ مَا قَالُوا سِوَى تَمَسُّكِهِمْ بِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَنَّهُ شَكٌّ قَالُوا لِأَنَّهُ شَكٌّ لَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ فِيمَا

أَعْلَمُ أَوْ فِي عِلْمِي وَهُوَ تَمَسُّكٌ غَيْرُ صَحِيحٍ ، إذْ لَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ فِي عِلْمِي أَوْ فِيمَا أَعْلَمُ فِيهِ ضَرْبٌ مِنْ الشَّكِّ وَلِذَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْقَطْعُ .

وَلَزِمَ إنْ نُوكِرَ فِي أَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ ، أَوْ عَبْدٍ ، وَلَمْ أَقْبِضْهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ ، لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرَّبَّا

( وَ ) إنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ فَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنَّهُ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ صَحِيحٍ ( لَزِمَ ) الْإِقْرَارُ ( إنْ نُوكِرَ ) بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْكَافِ الْمُقِرُّ ( فِي ) سَبَبِ تَرَتُّبِ ( أَلْفٍ ) فِي ذِمَّتِهِ أَقَرَّ بِهَا وَقَالَ عَقِبَهُ ( مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ ) أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَنَاكَرَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ، وَقَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ وَيُعَدُّ نَادِمًا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِتَعْمِيرِ ذِمَّتِهِ ، وَمُعَقِّبًا لَهُ بِمَا يَرْفَعُهُ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ مَنْ يُبَعِّضُ كَلَامَ الْمُقِرِّ .
وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ لَا يُبَعِّضُهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ عَدَمُ لُزُومِهِ لِارْتِبَاطِ آخِرِ الْكَلَامِ بِأَوَّلِهِ ، وَمَفْهُومُ إنْ نُوكِرَ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إنْ سَلَّمَ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ الْبَابُ الثَّالِثُ فِي تَعْقِيبِ الْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ ، وَلَهُ صُوَرٌ : الْأُولَى إذَا قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ حُرٍّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الطَّالِبُ ، بَلْ هِيَ مِنْ ثَمَنِ بَزٍّ أَوْ شِبْهِهِ فَيَلْزَمُهُ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَزِمَ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ ( عَبْدٍ ) وَنَحْوَهُ مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ ابْتَعْته مِنْك ( وَلَمْ أَقْبِضْهُ ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْك وَيُعَدُّ قَوْلُهُ لَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا وَتَعْقِيبًا لِلْإِقْرَارِ بِمَا يَرْفَعُهُ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمَا يَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ ، وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَعَلَى الْبَائِعِ

الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ سَلَّمَهُ الْعَبْدَ ، وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَ ) إقْرَارِهِ بِأَلْفٍ و ( دَعْوَاهُ ) أَيْ الْمُقِرِّ عَقِبَهُ ( الرِّبَا ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ فِيهَا ( وَأَقَامَ ) الْمُقِرُّ ( بَيِّنَةً أَنَّهُ ) أَيْ الْمُقَرَّ لَهُ ( رَابَاهُ ) أَيْ الْمُقِرَّ ( فِي أَلْفٍ ) فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ ( لَا ) تَلْزَمُهُ الْأَلْفُ ( إنْ أَقَامَهَا ) أَيْ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ الْبَيِّنَةَ ( عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي ) بِ ( أَنَّهُ ) أَيْ الشَّأْنَ ( لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( إلَّا الرِّبَا ) وَيَلْزَمُ الْأَصْلُ قَوْلًا وَاحِدًا .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمَالٍ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ مَثَلًا ثُمَّ أَقَامَ بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ رِبًا وَإِنَّمَا أَقَرَّ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ تَسَتُّرًا لَزِمَهُ الْمَالُ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ مِنْ ثَمَنِ حَرِيرٍ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ أَنَّهُ رِبًا .
وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ تُقْبَلُ مِنْهُ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ رِبًا وَيُرَدُّ إلَيْهِ رَأْسُ مَالِهِ وَبِالْأَوَّلِ .
قَالَ سَحْنُونٌ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ وَلَا فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ .

أَوْ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ ، أَوْ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ ، أَوْ أَقْرَرْت بِكَذَا وَأَنَا صَبِيٌّ كَأَنَا مُبَرْسَمٌ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا ، أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا عَلَى الْأَصَحِّ

( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ ( اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفٍ ) " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت خَمْرًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا ( أَوْ ) قَالَ ( اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ ) ابْنُ عَرَفَةَ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ اشْتَرَيْت عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى سِلْعَةً ، وَأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا نَسَقًا مُتَتَابِعًا قَبْلَ قَوْلِهِ وَعَلَّلَ بِأَنَّ الشِّرَاءَ الْمُجَرَّدَ عَنْ الْقَبْضِ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ بِالثَّمَنِ .
الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ بَحْثٌ لَا يَخْفَى .
الْحَطّ كَأَنَّهُ يُشِيرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ الصَّحِيحِ الْحَاضِرِ الَّذِي لَا حَقَّ تَوْفِيَةً فِيهِ وَلَا عُهْدَةً ثَلَاثٌ وَلَا شَرْطَ خِيَارٍ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُتَبَايِعَانِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِالتَّسْلِيمِ لِمَا فِي يَدِهِ أَنْ يُجْبَرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا ، فَهَذَا يَقْتَضِي قَبُولَ قَوْلِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ لِاحْتِجَاجِهِ بِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَ الشَّاهِدُ أَنْ نَشْهَدَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُمَا وَلَا تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ حَتَّى يَقُولَا وَقَبْضُ السِّلْعَةِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ قَالَ ( أَقْرَرْت لَك بِكَذَا ) أَيْ أَلْفٍ مَثَلًا ( وَأَنَا صَبِيٌّ ) إذَا قَالَهُ نَسَقًا مُتَتَابِعًا .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَلَوْ قَالَ أَقْرَرْت لَك فِي نَوْمِي أَوْ قَبْلَ أَنْ أُخْلَقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُصَدَّقُ .
" ق " فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ كُنْت غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَزِمَهُ ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ

قَالَ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْله غَصَبْتُك أَلْفَ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ لَا خِلَافَ فِي لُزُومِهِ لِأَنَّ الصَّبِيَّ يَلْزَمُهُ مَا أَفْسَدَ وَكَسَّرَ ، وَقَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ وَأَنَا صَبِيٌّ يَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَهُوَ الْأَصَحُّ ، وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ فِيهَا طَلَّقْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ، وَإِذَا أَقَرَّ بِالْخَاتَمِ لِرَجُلٍ ، وَقَالَ الْفَصُّ لِي أَوْ بِالْبُقْعَةِ ، وَقَالَ الْبُنْيَانُ لِي وَالْكَلَامُ نَسَقٌ .
وَالثَّانِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُهُ نَسَقًا لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ اسْتَدْرَكَ ذَلِكَ ، وَوَصَلَهُ بِكَلَامِهِ لِيَخْرُجَ عَمَّا أَقَرَّ بِهِ ، وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فِي تَفْرِقَتِهِ بَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِينَارٍ ، قَالَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَإِنْ كَانَ نَسَقًا ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَأْتِي قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ ، وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ ، فَالْمَسْأَلَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ ، وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كُنْت أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا صَبِيٌّ مِثْلُ قَوْلِهِ كُنْت اسْتَلَفْتهَا مِنْك وَأَنَا صَبِيٌّ لِأَنَّ الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُمَا لَا يَلْزَمَانِهِ فِي حَالِ الصِّبَا .
ا هـ .
فَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ تَصْحِيحَ ابْنِ رُشْدٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الرِّوَايَةِ ، فَلِذَا عَطَفَهُ عَلَى مَا يَنْتَفِي فِيهِ اللُّزُومُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفٍ و ( أَنَا مُبَرْسَمٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ ( إنْ عُلِمَ ) بِضَمٍّ

فَكَسْرٍ ( تَقَدُّمُهُ ) أَيْ الْبِرْسَامُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجُنُونِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُقِرِّ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ تَقَدُّمُهُ لَهُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ .
" ق " فِي الْمُفِيدِ إذَا قَالَ أَقْرَرْت لَك بِأَلْفِ دِينَارٍ وَأَنَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ مِنْ بِرْسَامٍ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ أَصَابَهُ صُدِّقَ وَإِلَّا فَلَا ( أَوْ ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ ( أَقَرَّ ) بِشَيْءٍ لِفُلَانٍ طَلَبَ مِنْهُ إعَارَتَهُ أَوْ بَيْعَهُ أَوْ هِبَتَهُ ( اعْتِذَارًا ) لِلطَّالِبِ حَتَّى لَا يُمَكِّنَهُ مِنْهُ .
الْخَرَشِيُّ وعب بِشَرْطِ كَوْنِ السَّائِلِ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ إلَيْهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ .
طفي لَمْ يَذْكُرْ فِي السَّمَاعِ هَذَا الشَّرْطَ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ .
" ق " سَمِعَ أَشْهَبُ مَنْ اشْتَرَى مَالًا فَسُئِلَ الْإِقَالَةَ فَقَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى ابْنِي ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ فَلَا شَيْءَ لِلِابْنِ بِهَذَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَإِنْ سُئِلَ كِرَاءَ مَنْزِلِهِ فَقَالَ هُوَ لِابْنَتِي ثُمَّ مَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهَا بِهَذَا وَلَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً فِي حِجْرِهِ لِأَنَّهُ يُعْتَذَرُ بِمِثْلِ هَذَا مِمَّنْ يُرِيدُ مَنْعَهُ ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ لَوْ سَأَلَهُ ابْن عَمّه أَنْ يُسْكِنَهُ مَنْزِلًا فَقَالَ هُوَ لِزَوْجَتِي ، ثُمَّ قَالَهُ لِثَانٍ وَثَالِثٍ ثُمَّ قَامَتْ امْرَأَتُهُ بِذَلِكَ فَقَالَ إنَّمَا قُلْته اعْتِذَارًا لِأَمْنَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِهَذَا ، وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ فِي الْأَمَةِ وَلَدَتْ مِنِّي وَفِي الْعَبْدِ هُوَ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا شَهَادَةَ فِيهِ .
( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ إنْ ( أَقَرَّ بِقَرْضٍ ) مِنْ زَيْدٍ مَثَلًا ( شُكْرًا ) لَهُ بِأَنْ قَالَ أَقْرَضَنِي زَيْد أَلْفًا وَوَسَّعَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْتُهُ جَزَاهُ اللَّهُ تَعَالَى خَيْرًا فَلَا يَلْزَمُهُ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ التَّوْفِيَةِ .
ابْنُ يُونُسَ وَكَذَا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ كَأَقْرَضَنِي فُلَانٌ وَأَسَاءَ مُعَامَلَتِي وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى

وَفَّيْتُهُ .
وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ يَلْزَمُهُ فِي الذَّمِّ وَلَا وَجْهَ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا سَوَاءٌ .
( تَنْبِيهٌ ) يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ تَفْرِقَةُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مِنْ اللُّزُومِ فِي الذَّمِّ وَعَدَمِهِ فِي الْمَدْحِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْمَفْهُومَ وَأَنَّهُمَا عِنْدَهُ سَوَاءٌ وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا .
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ تَكَلَّمَ عَلَى هَذَا الْمَحِلِّ مُسْتَشْكِلًا قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِأَنَّ تَصْوِيبَ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا هُوَ فِي الذَّمِّ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَفِيهِ إجْمَالٌ فَالْأَوْلَى كَذَمٍّ عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بِقَرْضٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَا بِقَرْضٍ بِأَنْ قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا وَقَضَيْته مَعَ التَّوْسِعَةِ عَلَيَّ أَوْ الْإِسَاءَةِ لِي فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَلَوْ نَسَقَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ ، قَالَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بِبَيِّنَةٍ بِإِجْمَاعِنَا .
" ق " فِي شَهَادَاتِهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ كَانَ عَنْ زَمَنٍ لَمْ يَطُلْ غَرِمَ وَإِنْ طَالَ زَمَنُ ذَلِكَ حَلَفَ وَبَرِئَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الشُّكْرِ فَيَقُولَ جَزَى اللَّهُ فُلَانًا عَنِّي خَيْرًا أَسْلَفَنِي وَقَضَيْتُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قُرْبُ الزَّمَانِ أَوْ بُعْدٌ .
ا هـ .
فَلَا مَعْنَى لِلْأَصَحِّ هَاهُنَا ، وَيَبْقَى النَّظَرُ إذَا قَالَ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ فَتَقَاضَاهُ مِنِّي أَسْوَأَ التَّقَاضِي فَلَا جُزِيَ خَيْرٌ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الدَّيْنُ بَاقٍ عَلَى الْمُقِرِّ وَلَيْسَ كَمَنْ يُقِرُّ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ ، هَذَا نَصُّ سَمَاعِ سَحْنُونٍ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ ابْنُ يُونُسَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَ عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ أَوْ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ ، فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَصَحِّ لَكَانَ لِقَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ مَعْنًى ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ وَمَا كَانَ لِيَتْرُكَ الْإِقْرَارَ عَلَى وَجْهِ

الذَّمِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ مِنْ حَيْثُ نَقْلُ الْحَطّ وَمَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِغَيْرِ الْقَرْضِ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ يَلْزَمُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَالشُّكْرُ إنَّمَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي قَضَاءِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ يُوجِبُ شُكْرًا ، وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَرْضٍ وَادَّعَى قَضَاءَهُ لَمْ يُصَدَّقْ ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَوْ لَا .
ا هـ .
وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ تَقَاضَى مِنْ فُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا فَإِنَّهُ أَحْسَنَ قَضَائِي فَلَيْسَ لِي عَلَيْهِ شَيْءٌ ، فَقَالَ الْمَشْهُودُ لَهُ قَدْ كَذَبَ إنَّمَا أَسْلَفْته الْمِائَةَ سَلَفًا إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَشْهُودِ لَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مِثْلُ مَا فِي آخِرِ الْمِدْيَانِ مِنْهَا وَمَا فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ إنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالِاقْتِضَاءِ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ اقْتِضَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ .
وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِسَلَفٍ ادَّعَى قَضَاءَهُ عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقَضَاءِ وَالِاقْتِضَاءِ أَنَّ السَّلَفَ مَعْرُوفٌ يَلْزَمُهُ شُكْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَنْ اُشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْك } وقَوْله تَعَالَى { وَلَا تَنْسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ } ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَزْكَتْ إلَيْهِ يَدٌ فَلْيَشْكُرْهَا } ، فَحَمَلَ الْمُقِرَّ بِالسَّلَفِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ إلَى أَدَاءِ مَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ مِنْ الشُّكْرِ لِفَاعِلِهِ لَا إلَى الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِمَا يُوجِبُ السَّلَفَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ قَضَاهُ إيَّاهُ ، وَحُسْنُ الْقَضَاءِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ أَنْ يَفْعَلَهُ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُقْتَضِي أَنْ يَشْكُرَهُ ، فَلَمَّا لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي

الدَّعْوَى ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَى أَصْلِ أَشْهَبَ فِي أَنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقْتَضِي وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ نَصًّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .

وَقُبِلَ أَجَلُ مِثْلِهِ فِي : بَيْعٍ ، لَا قَرْضٍ

( وَ ) إنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَقَالَ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ ( قُبِلَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( أَجَلُ مِثْلِهِ ) أَيْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ إذَا كَانَ ( فِي بَيْعٍ ) وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ التَّأْجِيلَ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ حَتَّى يَحِلَّ أَجَلُهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَمَفْهُومُ أَجَلِ مِثْلِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا زَائِدًا عَلَى أَجَلِ مِثْلِهِ فَلَا يُقْبَلُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا ( لَا ) يُقْبَلُ أَجَلُ مِثْلِهِ إذَا ادَّعَاهُ ( فِي قَرْضٍ ) وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُهُ حَالًّا ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحُلُولُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَائِلًا لَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَوْلَى لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْبَيْعِ النَّقْدُ ، وَغَالِبُ الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ .
الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ .
طفي فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ سَبَقَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، اخْتَصَرَ كَلَامَهُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْقَرْضِ الْحُلُولُ دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ ، وَأَصْلُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقَرْضِ وَغَيْرِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا وَمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ وَادَّعَى أَنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ حَلَّ ، فَإِنْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ أَجَلًا قَرِيبًا لَا يُتَّهَمُ فِيهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَإِلَّا صُدِّقَ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلسِّلْعَةِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ تُبَاعُ عَلَيْهِ ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِيهِ مِنْهُمَا ، وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْقَرْضَ حَالٌّ فَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقْرِضِ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَيْعَ ا هـ .
وَمَحِلُّ قَوْلِهَا فِي الْبَيْعِ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا فُسِخَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ، وَبِكَلَامِهَا رَدٌّ عج عَلَى

ابْنِ عَرَفَةَ ، وَقَدْ نَقَلَ " غ " وتت وَغَيْرُهُمَا كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَأَقَرُّوهُ حَتَّى قَالَ الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ صَحِيحٌ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ، وَلَمْ يَسْتَحْضِرُوا كَلَامَهَا ، مَعَ أَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِمْ الْحِفْظُ لِمَسَائِلِهَا وَالْكَمَالُ لِلَّهِ تَعَالَى .
زَادَ الْبُنَانِيُّ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ الْكُبْرَى وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ شَاسٍ ، وَبِهِ عُلِمَ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ .

وَتَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي : كَأَلْفٍ ، وَدِرْهَمٍ
( وَ ) قُبِلَ مِنْ الْمُقِرِّ بِأَلْفٍ مُبْهَمَةٍ عَاطِفًا عَلَيْهَا شَيْئًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ ( تَفْسِيرُ أَلْفٍ فِي كَ ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ ( أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ ) أَوْ وَبَيْضَةٌ أَوْ رَغِيفٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ عَبْدٌ ، وَيَلْزَمُهُ مَا يُفَسِّرُ بِهِ لَا غَيْرُهُ ، وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ الْمُعَيَّنُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْمُبْهَمِ ، سَوَاءٌ فَسَّرَ بِمَا اُعْتِيدَ أَمْ بِغَيْرِهِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ وَلَمْ يُسَمِّ الْأَلْفَ مِنْ أَيْ جِنْسٍ هِيَ فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا يَكُونُ الدِّرْهَمُ الزَّائِدُ تَفْسِيرًا لِلْأَلْفِ ، بَلْ يَكُونُ الْأَلْفُ مَوْكُولًا إلَى تَفْسِيرِهِ فَيُقَالُ لَهُ سَمِّ أَيَّ جِنْسٍ شِئْت ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت جَوْزَةً أَوْ أَلْفَ بَيْضَةٍ قُبِلَ مِنْهُ وَأُحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ إنْ خَالَفَهُ الْمُدَّعِي ، وَقَالَ الْأَلْفُ دَرَاهِمَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ وَعَبْدٌ أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ لَمْ يَكُنْ الْمَعْطُوفُ تَفْسِيرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ .
وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْعَشَرَةَ فَلَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَنِصْفُ دِرْهَمٍ اُنْظُرْ الْجَوَاهِرَ .

وَخَاتَمٌ فَصُّهُ لِي نَسَقًا ، إلَّا فِي غَصْبٍ فَقَوْلَانِ

( وَ ) إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ مُخْرِجًا بَعْضَهُ نَسَقًا بِلَا فَصْلٍ قَبْلَ إخْرَاجِهِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ الْبَاقِي الِاسْمَ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( خَاتَمٌ فَصُّهُ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا ( لِي ) أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي أَوْ سَيْفٌ غِمْدُهُ لِي أَوْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ كَقَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي بَابٌ مَسَامِيرُهُ لِي إذَا قَالَهُ ( نَسَقًا ) أَيْ مُتَّصِلًا بِلَا تَرَاخٍ فَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ نَسَقًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فَصُّهُ لِي " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَجَاءَ بِهِ وَفِيهِ فَصٌّ فَقَالَ مَا أَرَدْت الْفَصَّ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا وَنَصُّ التَّهْذِيبِ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَك هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ لَك بِدَارٍ ثُمَّ قَالَ وَبِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا ( إلَّا ) إخْرَاجَ بَعْضِ مَا أَقَرَّ بِهِ ( فِي غَصْبٍ ) كَقَوْلِهِ غَصَبْت هَذَا الْخَاتَمَ مِنْ فُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي ( فَ ) فِي قَبُولِ إخْرَاجِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَعَدَمِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ( قَوْلَانِ ) الْحَطّ كَذَا ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْخَاتَمَ ثُمَّ قَالَ وَفَصُّهُ لِي أَوْ أَقَرَّ بِجُبَّةٍ ثُمَّ قَالَ وَبِطَانَتُهَا لِي أَوْ أَقَرَّ بِدَارٍ وَقَالَ بِنَاؤُهَا لِي فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ نَسَقًا ا هـ .
وَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ أَشْهَبَ نَحْوَ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ ، وَنَقَلَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ نَحْوَهُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ أَرْجَحُهُمَا قَبُولُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَمَاعُ أَصْبَغُ ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ السَّمَاعَ ضَعِيفٌ وَأَنَّ مَا فِيهَا أَصَحُّ وَأَوْلَى ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ

يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْن يُونُس وَابْنِ رُشْدٍ وَإِلَّا قَالَ وَلَوْ غَصْبًا .

لَا بِجِذْعٍ ، وَبَابٍ فِي لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ، أَوْ الْأَرْضِ : كَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ

( لَا ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ مَا أَبْهَمَهُ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ ( بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ ( لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ ) إلَى هَذَا رَجَعَ سَحْنُونٌ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ لَا يُقْبَلُ ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَبُولِ فَقَالَ ( كَ ) تَفْسِيرِهِ الْمُبْهَمَ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ وَبِلَفْظٍ ( فِي ) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مَعَ تَعْبِيرِهِ بِلَفْظِ ( فِي ) بَدَلَ مِنْ بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ فَلَا يُقْبَلُ ( عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ لِأَنَّ فِي لِلنَّظَرِ فِيهِ ، بِخِلَافِ مِنْ فَإِنَّهَا لِلتَّبْعِيضِ " ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الْحَائِطِ أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ بِجُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ تَفْسِيرُهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا شَائِعًا كَانَ أَوْ مُعَيَّنًا وَلَوْ فَسَّرَهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَتَفْسِيرِهِ بِهَذَا الْجِذْعِ ، أَوْ هَذَا الْبَابِ الْمُرَكَّبِ ، أَوْ هَذَا الثَّوْبِ الَّذِي فِي الدَّارِ ، وَهَذَا الطَّعَامِ ، أَوْ سُكْنَى هَذَا الْبَيْتِ فَقَالَ سَحْنُونٌ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَدْ أَثْبَتَ لَهُ حَقًّا فِي الْأَصْلِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَهُ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ أَوْ الْحَائِطِ حَقٌّ ، وَفَسَّرَهُ بِجِذْعٍ أَوْ بَابٍ مُرَكَّبٍ وَشَبَّهَهُ فَثَالِثُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ مِنْ وَفِي .
الْحَطّ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِي قَوْلِهِ لَهُ فِي هَذَا الدَّارِ حَقٌّ فَلَا خِلَافَ فِيهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ سَحْنُونًا اخْتَلَفَ قَوْلُهُ إذْ قَالَ لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ حَقٌّ أَوْ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَقَالَ مَرَّةً يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِمَا ذَكَرَ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ مِنْ لَمْ يُقْبَلْ ، وَإِنْ قَالَ فِي قُبِلَ فَالْخِلَافُ فِي

قَوْلِهِ فِي وَفِي قَوْلِهِ مِنْ لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَوْلُ بِقَبُولِ تَفْسِيرِهِ فِي مِنْ إنَّمَا هُوَ الْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، فَصَارَ كَالْعَدَمِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ إلَّا فِي قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَقَرُّرِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ فِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَابَ الْمُرَكَّبَ فِيهَا كَالْجُزْءِ مِنْهَا وَلَمْ يَحْكِ الْمَازِرِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الدَّارِ غَيْرَ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ .

وَمَالٌ نِصَابٌ وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ : كَشَيْءٍ ، وَكَذَا

( وَ ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ ( مَالٌ ) لَزِمَهُ ( نِصَابٌ ) لِلزَّكَاةِ مِنْ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَقِيلَ نِصَابُ السَّرِقَةِ إذْ فِيهِ الْقَطْعُ وَبِهِ يَحِلُّ الْبِضْعُ ، وَعَلَى هَذَا فَفِي قَوْلِهِ نِصَابٌ إجْمَالٌ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ الثَّانِي ( وَالْأَحْسَنُ ) عِنْدَ الْأَبْهَرِيِّ وَغَيْرِهِ ( تَفْسِيرُهُ ) أَيْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَبُولُ مَا فُسِّرَ بِهِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ ، وَيَحْلِفُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ خَالَفَهُ " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ أَوْصَى أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ هُوَ حَتَّى مَاتَ ، فَإِنْ كَانَ بِالشَّامِ أَوْ بِمِصْرَ قُضِيَ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ فِي الْعِرَاقِ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي ، وَعَنْ ابْنِ وَهْبٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ فِي هَذَا الْكِيسِ مَالًا أُعْطِيَ عِشْرِينَ دِينَارًا مِنْهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ دَرَاهِمُ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَخَذَهَا وَحَلَفَ ، وَعَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ مَالٌ فَهُوَ مُصَدَّقٌ فِيمَا يَقُولُ مَعَ يَمِينِهِ عِنْدَنَا ، وَعِنْدَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَاخْتَارَهُ الْأَبْهَرِيُّ ، وَعَزَاهُ فِي الْمَعُونَةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ فِي الْإِقْرَارِ بِمَالٍ نِصَابَ زَكَاةِ مَالِ أَهْلِ الْمُقِرِّ مِنْ الْعَيْنِ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَوْ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْمُقِرُّ .
ثَالِثُهَا نِصَابُ السَّرِقَةِ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِلْمَازِرِيِّ عَنْ الْأَشْهَرِ مَعَ قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْوَصِيَّةِ بِهِ مَعَ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْإِقْرَارِ بِهِ وَابْنُ سَحْنُونٍ مَعَ اخْتِيَارِهِ الْأَبْهَرِيَّ وَابْنَ الْقَصَّارِ قَائِلًا لَا نَصَّ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَعُونَةِ وَالثَّانِي لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا بِزِيَادَةٍ وَلَوْ فَسَّرَهُ بِقِيرَاطٍ أَوْ حَبَّةٍ قُبِلَ

الْمَازِرِيُّ وَمُقْتَضَى النَّظَرِ رَدُّ الْحُكْمِ لِمُقْتَضَى اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ .
قُلْت تَقَدَّمَ مِنْهَا فِي الْأَيْمَانِ مَا فِي الْمَعُونَةِ ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ أَوْ الْبَقَرِ أَوْ الْغَنَمِ لَزِمَهُ أَقَلُّ نِصَابٍ مِنْهَا .
وَشَبَّهَ فِي التَّفْسِيرِ فَقَالَ ( كَ ) إقْرَارِهِ بِ ( شَيْءٍ ) لِفُلَانٍ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ وَلَوْ بِأَقَلِّ الْأَشْيَاءِ وَ ) كَإِقْرَارِهِ بِ ( كَذَا ) لِفُلَانٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِوَاحِدٍ كَامِلٍ لَا بِجُزْءٍ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِح ابْنُ عَرَفَةَ فِي مَنْعِ تَفْسِيرِ كَذَا بِجُزْءٍ نَظَرٌ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ ذَلِكَ إذَا ذَكَرَ مُضَافًا وَالْفَرْضُ كَوْنُهُ مُفْرَدًا " ق " الْمَازِرِيُّ شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ حَقٌّ فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ لِأَنَّ لَفْظَ شَيْءٍ يَصْدُقُ عَلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ الْأَجْنَاسِ وَالْمَقَادِيرِ فَيَجِبُ عَلَى الْمُقِرِّ تَفْسِيرُهُ بِمَا يَصْلُحُ لَهُ ابْنُ شَاسٍ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلَّ مَا يُتَمَوَّلُ لِأَنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِكُلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ وَشَيْءٌ مِمَّا يُتَمَوَّلُ الْمَازِرِيُّ قَوْلُهُ عِنْدِي كَذَا كَقَوْلِهِ عِنْدِي شَيْءٌ أَوْ لَهُ عِنْدِي وَاحِدٌ فَيُقْبَلُ مِنْهُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَحَدُ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ .
وَفِي الصِّحَاحِ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ الشَّيْءِ وَتَكُونُ كِنَايَةً عَنْ الْعَدَدِ .

وَسُجِنَ لَهُ ، وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ ، وَسَقَطَ فِي كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ

( وَ ) إنْ امْتَنَعَ الْمُقِرُّ مِنْ تَفْسِيرِ مَا لَزِمَهُ تَفْسِيرُهُ ( سُجِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُقَرُّ ( لَهُ ) أَيْ التَّفْسِيرِ وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ الْغَايَةِ الْمَازِرِيُّ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ التَّفْسِيرِ سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَ ، وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي التَّفْسِيرِ مُنَبِّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَ ) إقْرَارِهِ بِ ( عَشَرَةٍ وَنَيِّفٍ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً وَسُكُونِهَا أَمَّا بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ فَيُفَسِّرُهُ بِمَا شَاءَ وَيُقْبَلُ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَفْسِيرِ النَّيِّفِ ، وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ ، وَنَقَلَهُ الْمَازِرِيُّ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ " ق " وَانْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ تَفْسِيرَ الْعَشَرَةِ فَحُكْمُهَا كَحُكْمِ الْأَلْفِ فِي قَوْلِهِ وَقُبِلَ تَفْسِيرُ أَلْفٍ ( وَسَقَطَ ) مَا يَحْتَاجُ إلَى التَّفْسِيرِ مِنْ لَفْظِ شَيْءٍ أَوْ كَذَا أَوْ نَيِّفٍ ( فِي ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( مِائَةٌ وَشَيْءٌ ) أَوْ كَذَا أَوْ وَنَيِّفٌ .
" ق " ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ وَشَيْءٍ أَوْ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَشَيْءٍ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ فَالشَّيْءُ سَاقِطٌ وَيَلْزَمُهُ مَا سُمِّيَ وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ شَيْءٍ مُفْرَدًا وَمَعْطُوفًا ، أَنَّ لَغْوَهُ مُفْرَدًا يُؤَدِّي إلَى إهْمَالِ اللَّفْظِ الْمُقَرِّ بِهِ ، وَإِذَا كَانَ مَعْطُوفًا سَلِمَ مِنْ الْإِهْمَالِ لِإِعْمَالِهِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَجْهُ سُقُوطِهِ الْعُرْفِ إذْ الْمَقْصُودُ بِعِنْدِي مِائَةٌ وَشَيْءٌ مَثَلًا تَحْقِيقُ أَنَّ عِنْدِي مِائَةً كَامِلَةً كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ وَرُبُعٌ أَوْ رَجُلٌ وَنِصْفٌ أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّوْجِيهُ خِلَافُ تَعْلِيلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ مَجْهُولٌ ، وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَسْأَلْ يَقْتَضِي أَنَّهُ عَاشَ يَسْأَلُ ،

وَمُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ ، وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ " غ " فَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا فِي إطْلَاقِهِ نَقْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ .

وَكَذَا ، دِرْهَمًا وَعِشْرُونَ وَكَذَا ، وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ وَكَذَا ، وَكَذَا أَحَدَ عَشَرَ
( وَ ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( كَذَا دِرْهَمًا ) لَزِمَهُ ( عِشْرُونَ دِرْهَمًا ) لِأَنَّ الْمُفْرَدَ الْمَنْصُوبَ إنَّمَا يُمَيِّزُ الْعِشْرِينَ وَالتِّسْعِينَ وَمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْعُقُودِ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ إلَّا بِمُحَقِّقٍ وَهُوَ الْعِشْرُونَ هُنَا ( وَ ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( كَذَا وَكَذَا ) لَزِمَهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّ الْعَدَدَ الْمَعْطُوفَ مِنْ أَحَدٍ وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ وَالْمُحَقَّقُ هُنَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ ( وَ ) لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( كَذَا كَذَا ) لَزِمَهُ ( أَحَدَ عَشَرَ ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْعَدَدِ الْمُرَكَّبِ فَهُوَ الْمُحَقَّقُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَيَقْصِدُهَا بِكَلَامِهِ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا التَّفْصِيلَ وَيُرْجَعُ فِيهِ إلَى الْعُرْفِ .

وَبِضْعٌ أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ

( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ( بِضْعٌ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْبِضْعِ ، إذْ هُوَ مِنْهَا إلَى تِسْعَةٍ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ عِنْدِي ( دَرَاهِمُ ) لَزِمَهُ ( ثَلَاثَةٌ ) لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ الْمَالِكِيِّينَ تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْكِنَايَةِ ، أَيْ كَذَا بِحَسَبِ إعْرَابِ مَا وَقَعَ بَعْدَهَا مِنْ التَّفْسِيرِ ، فَفِي كَذَا دَرَاهِمَ أَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ ، وَكَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا .
وَفِي قَوْلِهِ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ ابْنُ الْقَصَّارِ لَا نَصَّ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ دِرْهَمٌ ، وَقَالَ لِي بَعْضٌ يَلْزَمُهُ فِيهِ مِائَةُ دِرْهَمٍ .
قُلْت فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِابْنِ الْقَصَّارِ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا ، وَفِي كَذَا وَكَذَا أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا ، وَفِي كَذَا دِرْهَمًا عِشْرُونَ دِرْهَمًا .
الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا صُدِّقَ فِيمَا يُسَمِّي مَعَ يَمِينِهِ ، وَقَدْ قَالَ يَلْزَمُهُ أَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي اللُّغَةِ ، قَالَ وَفِي قَوْلِهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا أَوْ دِينَارًا يُنْظَرُ أَقَلُّ مَا يَقُولُ كَذَا وَكَذَا الْعَدَدُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَنِصْفُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ ، وَفِي قَوْلِهِ الْآخَرِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ الْمَازِرِيُّ هَذَا حُكْمُ ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ بِالنَّصْبِ أَوْ الْخَفْضِ ، وَلَوْ قَالَهُ بِالرَّفْعِ فَلَا نَصَّ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ ، أَيْ هُوَ دِرْهَمٌ .
الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَنَيِّفٍ قُبِلَ قَوْلُهُ فِي النَّيِّفِ وَلَوْ قَلَّ فَسَّرَهُ بِدِرْهَمٍ أَوْ دَانِقٍ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْبِضْعُ فِي كَوْنِهِ وَاحِدًا حَتَّى أَرْبَعٍ أَوْ تِسْعٍ أَوْ ثَلَاثَةً

حَتَّى سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ ، خَامِسُهَا حَتَّى عَشْرٍ ، ثُمَّ قَالَ فَفَائِدَةُ أَقَلِّهِ إنْ فَسَّرَهُ الْمُقِرُّ بِأَقَلَّ مِنْهُ وَفَائِدَةُ أَكْثَرِهِ إنْ قَالَ لَهُ أَكْثَرُ الْبِضْعِ فَفَسَّرَهُ بِأَقَلَّ مِنْهُ .

وَكَثِيرَةٌ ، أَوْ لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ أَرْبَعَةٌ

( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ ( كَثِيرَةٌ ) لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَهِيَ الْمُحَقَّقَةُ ، وَالزَّائِدُ عَلَيْهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ ، وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تُشْغَلُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ ( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ ( لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ ) لَزِمَهُ ( أَرْبَعَةٌ ) حَمْلًا لِلْكَثْرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى مَا زَادَ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ " ق " ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دُنَيْرَاتٍ فَثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسَمَّى ، فَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ أَوْ دَنَانِيرُ كَثِيرَةٌ فَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَصِفْهَا بِذَلِكَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي قَدْرِ الزِّيَادَةِ ، وَحْدَهَا ابْنُ الْمَوَّازِ بِوَاحِدٍ صَحِيحٍ فَأَكْثَرَ ، قُلْت فِي الْمَعُونَةِ ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِأَصْحَابِنَا قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَالْآخَرُ لَزِمَهُ تِسْعٌ ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا الَّذِي دَرَسْنَا عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ ، لِأَنَّ أَصْلَهُ فِي مَالٍ عَظِيمٍ أَنَّهُ نِصَابٌ ، قُلْت هُوَ نَقْلُ الشَّيْخِ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ ، مِائَتَا دِرْهَمٍ ، وَفِي دَنَانِيرَ كَثِيرَةٍ عِشْرُونَ دِينَارًا .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا مَعْنَى لِقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ وَلَا لِقَوْلِ النُّعْمَانِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ ، قُلْت الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مُسَمًّى لِجَمْعِ الْكَثْرَةِ قَالَ وَلَوْ قَالَ دَرَاهِمُ لَا قَلِيلَةٌ وَلَا كَثِيرَةٌ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَلَيْسَ أَمْرٌ لَا يُقْتَصَرُ عَنْهُ ، وَيَجْتَهِدُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ

نُزُولِهِ ، وَكَذَا إبِلٌ كَثِيرَةٌ أَوْ بَقَرٌ كَثِيرَةٌ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَرَجَعَ فِيهَا لِتَفْسِيرِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِذَلِكَ دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ قُلْت وَيَتَخَرَّجُ فِيهَا ثَلَاثَةٌ فَقَطْ مِنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي دَرَاهِمَ كَثِيرَةٍ تَخْرِيجًا أَحْرَوِيًّا .

وَدِرْهَمٌ ، الْمُتَعَارَفُ ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ
( وَ ) وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ( دِرْهَمٌ ) لَزِمَهُ الدِّرْهَمُ ( الْمُتَعَارَفُ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عِنْدَ النَّاسِ إطْلَاقُ الدِّرْهَمِ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ دِرْهَمٌ مُتَعَارَفٌ ( فَ ) يَلْزَمُهُ الدِّرْهَمُ ( الشَّرْعِيُّ ) الْمُصَنِّفُ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ مُخْتَلِفَةُ الْوَزْنِ وَالْجُودَةِ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُقِرِّ عَلَى أَقَلِّهَا وَزْنًا وَصِفَةً ، فَإِنْ خَالَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ حَلَفَ ، " ق " ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقْرَارُ بِمُطْلَقٍ مِنْ صِنْفٍ أَوْ نَوْعٍ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ أَوْ السِّيَاقِ ، فَإِنْ عُدِمَا فَأَقَلُّ مُسَمَّاهُ .
فِي الْمَعُونَةِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ وَلَمْ يَقُلْ جَيِّدًا وَلَا رَدِيئًا وَلَا نَاقِصًا وَمَاتَ حُكِمَ بِجَيِّدِ وَازِنٍ بِنَقْدِ بَلَدِهِ وَإِنْ اخْتَلَفَ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ دِينَارٌ مِنْ أَيِّ الْأَصْنَافِ شَاءَ ، وَيَحْلِفُ إنْ اسْتَحْلَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُ الْأَصْنَافِ أَغْلَبَ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْأَغْلَبُ وَلَمْ أَعْرِفْ قَوْلَ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَارَفٌ ، فَالشَّرْعِيُّ وَمُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ بِيَمِينِهِ .

وَقَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ إنْ وَصَلَ

( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ ( قُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْهُ ( غِشُّهُ وَنَقْصُهُ إنْ وَصَلَ ) الْمُقِرُّ قَوْلُهُ مَغْشُوشٌ أَوْ نَاقِصٌ بِصِيغَةِ إقْرَارِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ مِنْ الْغِشِّ وَلَا كَامِلُ الْوَزْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْهُ فَلَا يُقْبَلُ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ خَالِصًا كَامِلَ الْوَزْنِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ مَغْشُوشٍ وَنَاقِصٍ فِي صِيغَةِ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ نَاقِصٌ فَيُقْبَلُ إنْ وَصَلَهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ مُقَيَّدًا لَزِمَهُ بِقَيْدِهِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ أَقَرَّ بِدِرْهَمٍ وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ إنْ وَصَلَ كَلَامُهُ .
الْمَازِرِيُّ إنْ قَيَّدَ إقْرَارَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ بِصِفَةٍ فَلَا يُؤْخَذُ بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهَا ثَمَنًا لِمَبِيعٍ وَيُخَالِفُهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيَرْجِعُ لِاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَرْضٍ قُبِلَ إنْ قَيَّدَهُ بِمَا يُقْرِضُهُ النَّاسُ بَيْنَهُمْ ، وَإِنْ قَيَّدَهُ بِمَا الْغَالِبُ أَنْ لَا يُقْرِضَهُ تَخَرَّجَ عَلَى نَقْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَقَرَّ بِقَرْضِ فُلُوسٍ ، قَيَّدَهَا بِأَنَّهَا الْفُلُوسُ الْكَاسِدَةُ ، فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا ، وَلَوْ وَصَلَ إقْرَارُهُ بِكَوْنِهَا وَدِيعَةً ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ قُبِلَ قَوْلُهُ ، بِخِلَافِ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهَا غَصْبًا ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا زُيُوفٌ أَوْ بَهَارِجُ فَلَا يُقْبَلُ .
ابْنُ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِالْغَصْبِ ذَكَرَ مَا يُوجِبُ تَعَلُّقَهَا بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَإِنْ فَسَّرَهَا بِأَنَّهَا رَصَاصٌ أَوْ نَحْوُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ، وَحُكِيَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَصْفِهَا بِكَوْنِهَا زُيُوفًا أَوْ رَصَاصًا إلَّا أَنْ يَصِفَهَا بِمَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ دَرَاهِمَ كَقَوْلِهِ هِيَ رَصَاصٌ مَحْضٌ لَا

فِضَّةَ فِيهَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ، وَتَقْيِيدٌ بِأَنَّهَا نَاقِصَةٌ عَنْ وَزْنِ الْبَلَدِ أَوْ بَهَارِجُ غَيْرُ مُتَّصِلٍ بِإِقْرَارِهِ لَا يُقْبَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إقْرَارُهُ بِهَا وَدِيعَةً حَسْبَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ .
وَلِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ وَدِيعَةٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ مَغْشُوشَةٌ فَفِي قَبُولِ قَوْلِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ .

وَدِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ ، أَوْ تَحْتَهُ ، أَوْ فَوْقَهُ ، أَوْ عَلَيْهِ ، أَوْ قَبْلَهُ ، أَوْ بَعْدَهُ ؛ أَوْ فَدِرْهَمٌ ، أَوْ ثُمَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمَانِ ، وَسَقَطَ فِي ، لَا بَلْ دِينَارَانِ ، وَدِرْهَمٌ دِرْهَمٌ ، أَوْ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٌ ، وَحَلَفَ مَا أَرَادَاهُمَا ، كَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ

( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ( دِرْهَمٌ مَعَ دِرْهَمٍ أَوْ ) دِرْهَمٌ ( تَحْتَهُ ) دِرْهَمٌ ( أَوْ ) دِرْهَمٌ ( فَوْقَهُ ) دِرْهَمٌ ( أَوْ ) دِرْهَمٌ ( عَلَيْهِ ) دِرْهَمٌ ( أَوْ ) دِرْهَمٌ ( قِبَلَهُ ) دِرْهَمٌ ( أَوْ ) دِرْهَمٌ ( بَعْدَهُ ) دِرْهَمٌ ( أَوْ ) دِرْهَمٌ ( فَدِرْهَمٌ أَوْ ) دِرْهَمٌ ( ثُمَّ دِرْهَمٌ ) لَزِمَهُ ( دِرْهَمَانِ ) فِي كُلِّ صُورَةٍ .
" ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ مَعَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِهِمَا ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَعَ قَفِيزِ حِنْطَةٍ قُضِيَ لَهُ بِالْجَمِيعِ ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ عَلَى دِرْهَمٍ أَوْ تَحْتَ دِرْهَمٍ أَوْ فَوْقَ دِرْهَمٍ قُضِيَ لَهُ بِدِرْهَمَيْنِ .
ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ قَالَ دِرْهَمٌ قَبْلَ دِرْهَمٍ أَوْ بَعْدَ دِرْهَمٍ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمٌ ثُمَّ دِرْهَمٌ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ ( وَسَقَطَ ) الدِّرْهَمُ أَيْ لَا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ ( فِي ) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ( لَا ) أَيْ لَيْسَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ( بَلْ ) عَلَيَّ لَهُ ( دِينَارَانِ ) أَوْ بَلْ دِينَارٌ وَلَزِمَهُ الدِّينَارَانِ أَوْ الدِّينَارُ ، فَفَاعِلُ سَقَطَ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَوَّلُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ ، الْمَعْنَى إنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ نَفَاهُ بِلَا ، وَأَضْرَبَ بِبَلْ إلَى أَعْظَمَ مِنْهُ سَقَطَ الْإِقْرَارُ الْأَوَّلُ وَثَبَتَ الثَّانِي " ق " مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ لَا بَلْ أَلْفَانِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ ، وَإِنْ قَالَ لَا بَلْ خَمْسُمِائَةٍ قُبِلَ قَبْلَ قَوْلِهِ إنْ كَانَ نَسَقًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ سُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ نِصْفُهُ ، وَقَالَ غَيْرُنَا إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ لَا بَلْ مِائَتَانِ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ فِي الْقِيَاسِ ، لَكِنَّا نَدَعُهُ وَنَسْتَحْسِنُ أَنَّ عَلَيْهِ مِائَتَيْنِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بَلْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ .
ابْنُ سَحْنُونٍ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا بَلْ دِينَارٌ فَهِيَ زِيَادَةٌ وَعَلَيْهِ دِينَارٌ وَيَسْقُطُ

الدِّرْهَمُ .
( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ( دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ ) ذَاكِرًا الدِّرْهَمَ مَرَّتَيْنِ بِإِضَافَةِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي أَوْ تَوْكِيدِهِ بِهِ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ ( بِدِرْهَمٍ ) لَزِمَهُ ( دِرْهَمٌ ) وَاحِدٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ لِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ إضَافَةَ الْبَيَانِ أَوْ التَّوْكِيدَ ، وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْعِوَضِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ ( وَحَلَفَ ) الْمُقِرُّ ( مَا أَرَادَهُمَا ) أَيْ الدِّرْهَمَيْنِ مَعًا بِإِقْرَارِهِ لِاحْتِمَالِ الْأُولَى حَذْفَ الْعَاطِفِ وَالثَّانِيَةُ بَاءُ الْمُصَاحَبَةِ وَالْمَعِيَّةِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا قَالَ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ ، وَلِلطَّالِبِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَا أَرَادَ دِرْهَمَيْنِ .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ وَاحِدٍ وَالْحَلِفِ فَقَالَ ( كَإِشْهَادٍ ) عَلَى نَفْسٍ ( فِي ذُكْرٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَثِيقَةٍ يَتَذَكَّرُ مِنْهَا مَا فِيهَا ( بِمِائَةٍ ) لِزَيْدٍ ( وَ ) إشْهَادٍ عَلَى نَفْسِهِ فِي ذُكْرٍ آخَرَ ( بِمِائَةٍ ) لِزَيْدٍ أَيْضًا وَالْمِائَتَانِ مُسْتَوِيَتَانِ صِنْفًا وَصِفَةً وَسَبَبًا ، فَتَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأُخْرَى إنْ ادَّعَاهَا الْمُقَرُّ لَهُ ، فَإِنْ اخْتَلَفَتَا نَوْعًا أَوْ صِفَةً أَوْ سَبَبًا لَزِمَتَاهُ مَعًا .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ أَشْهَدَ فِي ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي آخَرَ بِمِائَةٍ فَآخِرَ قَبُولُهُ مِائَةً فَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَصَوَّرَهُ بِأَنَّهُ أَشْهَدَ فِي وَثِيقَةٍ بِمِائَةٍ لِرَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهَا ، ثُمَّ أَشْهَدَ لَهُ فِي وَثِيقَةٍ أُخْرَى بِمِائَةٍ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ سَبَبٍ ، وَكَذَا ابْنُ هَارُونَ ، وَتَبِعُوا فِي ذَلِكَ لَفْظَ ابْنِ شَاسٍ وَهُوَ وَهْمٌ وَغَفْلَةٌ ، لِأَنَّ النُّصُوصَ فِي عَيْنِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافُ ذَلِكَ ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَشْهَدَ لِرَجُلٍ فِي مَوْطِنٍ بِمِائَةٍ فَقَالَ الطَّالِبُ هُمَا مِائَتَانِ ، وَقَالَ الْمُقِرُّ هِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا جَمِيعًا لَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ ، بِخِلَافِ أَذْكَارِ الْحُقُوقِ وَلَوْ أَشْهَدَ لَهُ

فِي صَكٍّ بِمِائَةٍ وَفِي صَكٍّ آخَرَ بِمِائَةٍ لَزِمَهُ مِائَتَانِ وَهُوَ لَفْظُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ أَذْكَارُ الْحُقُوقِ أَمْوَالٌ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا لَوْ أَشْهَدَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ قَوْمًا أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ الْمُقِرُّ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ ثُمَّ أَشْهَدَ آخَرِينَ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ .
قَالَ أَصْبَغُ يَعْنِي إذَا أَشْهَدَهُمْ مُفْتَرِقِينَ وَادَّعَى أَنَّهَا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَرَى إنْ كَانَ لَهُ كُتُبٌ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ فَهِيَ أَمْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ ، وَإِنْ كَانَ كِتَابًا وَاحِدًا فَهُوَ حَقٌّ وَاحِدٌ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ كَتْبٍ فَهِيَ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَحْلِفُ وَكَذَا إنْ تَقَارَبَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يُشْهِدَ هُنَا قَوْمًا وَيَقُومَ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَيُشْهِدَ آخَرِينَ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تُلَفَّقُ ، وَأَنَّهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فِي يَوْمِ كَذَا وَآخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ فِي الْغَدِ بِمِائَةٍ وَثَالِثٌ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمِائَةٍ فَحَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ ، وَيَسْتَحِقُّ ثَلَثَمِائَةٍ ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تُلَفَّقُ فَيَأْخُذُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِائَةً وَاحِدَةً لِاجْتِمَاعِ الشُّهُودِ عَلَيْهَا بِتَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ ، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ أَشْهَدَ لَهُ بِهَا شَاهِدًا بَعْدَ شَاهِدٍ بَعْدَ شَاهِدٍ ، وَلَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهَا وَيَأْخُذُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ مِائَةً وَاحِدَةً ، وَيَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ مَا لَهُ عَلَيْهِ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَشْهَدَ بِهَا شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ .
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ .
قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ إنْ طَلَبَهَا وَلِيُّ الْحَقِّ

يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّهَا ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ ، وَأَخَذَ الثَّلَثَمِائَةِ .
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ أَنَّهَا حَقٌّ وَاحِدٌ وَأَدَّى مِائَةً وَتَفْرِقَةُ أَصْبَغَ فِي الْحَقِّ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشَّهَادَاتِ أَوْ كَتَبَ فِي كُلِّ شَهَادَةٍ كِتَابَ تَفْرِقَةٍ صَحِيحَةٍ إذَا لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ ، وَكَذَا لَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ إنْ أَشْهَدَ قَوْمًا فِي كِتَابٍ أَنَّ عَلَيْهِ لِفُلَانٍ مِائَةً ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَانِيَةٍ ، ثُمَّ أَشْهَدَ فِي كِتَابٍ آخَرَ بِمِائَةٍ ثَالِثَةٍ فَقَامَ الطَّالِبُ بِالْكُتُبِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالثَّلَثِمِائَةِ ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ إذَا أَشْهَدَ شُهُودًا بَعْدَ شُهُودٍ بِغَيْرِ كَتْبٍ وَبَيْنَهُمَا مُدَّةٌ مِنْ الزَّمَانِ ، وَإِنْ كَتَبَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِمَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ كُلَّ جَمَاعَةٍ كِتَابًا عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَخْرُجْ بِذَلِكَ عَنْ الْخِلَافِ .
قُلْت وَهَذَا نَصٌّ بِخِلَافِ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ الْمَذْهَبِ فَتَحَقَّقْهُ .
الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ صُوَرَهَا ثَلَاثٌ إحْدَاهَا أَنْ يُشْهِدَ الْمُقِرُّ جَمَاعَةً بِأَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةً ، ثُمَّ يُشْهِدَ أُخْرَى بِمِثْلِ ذَلِكَ فَلَا تَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ إنْ حَلَفَ وَلَمْ يَكْتُبْ .
الثَّانِيَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقِرُّ بِكِتَابَةِ مَا أَشْهَدَهُمَا بِهِ فَيَكْتُبَاهُ فِي ذَكَرَيْنِ وَالْمَذْهَبُ فِي هَذَا لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ خِلَافَ ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ .
الثَّالِثَةُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ بِالْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ لِكُلِّ جَمَاعَةٍ اُكْتُبُوا لِي مَا سَمِعْتُمْ مِنْ فُلَانٍ فَلَا تَلْزَمُ الْمُقِرَّ إلَّا مِائَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَإِنْ أُرِيدَ تَصْحِيحُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حُمِلَ عَلَى هَذِهِ لَكِنَّهُ فِي التَّوْضِيحِ قَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ أَنَّ الْآمِرَ بِالْكِتَابَةِ الْمُقِرُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَبِمِائَةٍ ، وَبِمِائَتَيْنِ ، الْأَكْثَرُ
( وَ ) لَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ لِفُلَانٍ ( بِمِائَةٍ ) فِي زَمَنٍ ( أَوْ ) أَشْهَدَ لَهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ ( بِمِائَتَيْنِ ) لَزِمَهُ ( الْأَكْثَرُ ) فَقَطْ ، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ .
وَقَالَ أَصْبَغُ إنْ تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ ، وَإِنْ تَقَدَّمَ الْأَقَلُّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ فَقَطْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِمِائَةٍ وَمِائَتَيْنِ فِي مَوْطِنَيْنِ ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ الْأَكْثَرُ أَوَّلًا لَزِمَهُ ثَلَثُمِائَةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُهُ الثَّلَثُمِائَةِ مُطْلَقًا .
وَالثَّالِثُ لِأَصْبَغَ وَلَمْ أَعْرِفْ الثَّانِيَ إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ .
" ق " فَانْظُرْ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ عَلَى قَوْلٍ لَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ ، وَنَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ نَصِّ ابْنِ الْحَاجِبِ .
قُلْت تَقَدَّمَ عَزْوُ الشَّيْخِ لُزُومَ الثَّلَثِمِائَةِ مُطْلَقًا لِمُحَمَّدٍ ، وَعَزْوُهُ الثَّالِثُ لِأَصْبَغَ ، وَلَا أَعْرِفُ ثُبُوتَ الثَّانِي وَهُوَ لُزُومُ أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ فَقَطْ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ نَقْلِ الشَّيْخِ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ فِي غَيْرِ كِتَابِ الْإِقْرَارِ اضْطَرَبَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هَذَا ، وَآخِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مِائَةٌ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِإِقْرَارِهِ بِمِائَةٍ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ أَقَامَ شَاهِدًا بِمَائِهِ وَشَاهِدًا بِخَمْسِينَ ، فَإِنْ شَاءَ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِائَةِ وَقُضِيَ لَهُ بِهَا وَإِلَّا أَخَذَ خَمْسِينَ بِغَيْرِ يَمِينٍ فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ حَقًّا إلَّا فِي أَكْثَرِ الْإِقْرَارَيْنِ أَوْ فِي أَقَلِّهِمَا لَا فِي مَجْمُوعِهِمَا ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا هَذَا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَوْ كَانَ فِي مَجْلِسَيْنِ وَادَّعَى الطَّالِبُ الْمَالَيْنِ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ وَأَخَذَ مِائَةً وَخَمْسِينَ .

وَجُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا ، أَوْ نَحْوُهَا الثُّلُثَانِ ، فَأَكْثَرُ ، وَبِالِاجْتِهَادِ
( وَ ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ( جُلُّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ أَكْثَرُ ( الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُهَا ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ( أَوْ نَحْوُهَا ) لَزِمَهُ ( الثُّلُثَانِ ) مِنْهَا ( فَأَكْثَرُ ) مِنْهُمَا ( بِالِاجْتِهَادِ ) مِنْ الْحَاكِمِ .
سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، لَكِنْ إنَّمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَصِيَّةِ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِلْإِقْرَارِ هُنَا ، وَقِيلَ يُقْتَصَرُ عَلَى الثُّلُثَيْنِ ، " ق " سَحْنُونٌ مَنْ أَقَرَّ فِي مَرَضِهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ جُلُّ الْمِائَةِ أَوْ قُرْبُ الْمِائَةِ أَوْ نَحْوُ الْمِائَةِ أَوْ مِائَةٌ إلَّا قَلِيلًا أَوْ الْأَشْيَاءُ .
فَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا يُعْطَى مِنْ ثُلُثَيْ الْمِائَةِ إلَى أَكْثَرَ بِقَدْرِ مَا يَرَى الْحَاكِمُ .
ابْنُ رُشْدٍ بَعْدَ ذِكْرِ الْخِلَافِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَنْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ سُؤَالُهُ عَنْ مُرَادِهِ ، وَأَمَّا الْحَاضِرُ فَيُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ وَيُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ إنْ نَازَعَهُ فِيهِ الْمُقَرُّ لَهُ بِأَنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ وَحَقَّقَ دَعْوَاهُ ، وَإِلَّا فَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي إيجَابِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ا هـ .

وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي عَشْرَةٍ فِي عَشْرَةٍ ، عِشْرُونَ ، أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ

( وَهَلْ يَلْزَمُهُ ) أَيْ الْمُقِرَّ ( فِي ) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ ( عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ عِشْرُونَ ) وَهَذَا أَقْرَبُ لِعُرْفِ الْعَامَّةِ الَّذِينَ يُرِيدُونَ بِفِي مَعْنَى مَعَ ( أَوْ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ مَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي دِينَارٌ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ ، فَلَا يَلْزَمُهُ عِنْدَ سَحْنُونٍ سِوَى وَاحِدَةٍ ، وَلَوْ قَالَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَرَاهِمَ لَزِمَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَلْزَمُهُ الْعَدَدُ الْأَوَّلُ ، وَيَسْقُطُ مَا بَعْدَهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّصْنِيفَ ، وَضَرْبَ الْحِسَابِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ أَوْ الْعُرْفِيِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا إنْ عَرَفَ الْمُقِرُّ الْحِسَابَ لَزِمَهُ قَوْلُ سَحْنُونٍ اتِّفَاقًا صَوَابٌ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ كَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَأَوَّلُ نَقْلَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَعَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ قِيلَ عِشْرُونَ ، وَقِيلَ مِائَةٌ ، وَقَبُولُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ لَمْ أَعْرِفْهُ وَلَا لِابْنِ شَاسٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْ نَقْل الشَّيْخِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا فِي ثَوْبٍ مَا نَصُّهُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابِهِ ، قِيلَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ وَاحِدٌ ، وَقِيلَ أَحَدَ عَشَرَ ثَوْبًا ، قُلْت فِي كَحَرْفِ الْعَطْفِ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ لِقَوْلِهِ مَخْرَجًا بِقَوْلِهِ أَعْطَانِيهَا فِيهَا ، وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ .
وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَالَ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ ، سُئِلَ الْمُقِرُّ فَإِنْ قَالَ أَقْرَضَنِي عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ أَوْ فِي عِشْرِينَ ، أَوْ بَاعَنِي عَشَرَةً بِعَشَرَةٍ أَوْ بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا زَعَمَ .
وَفِي قَوْلِ سَحْنُونٍ يُؤْخَذُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ قَبْلِ الْحِسَابِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ

الْعِلْمِ بِتَصْرِيفِ الْعَدَدِ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ مَا يُخْرِجُهُ الضَّرْبُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُ مَعَ مِثْلِهِ ، وَفِي إلْزَامِهِ ذَلِكَ إذَا تَكَلَّمَ مَعَ عَامِّيٍّ نَظَرٌ .

وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ ، وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ

( وَ ) لَوْ قَالَ عِنْدِي لِفُلَانٍ ( ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ ) لَزِمَهُ الثَّوْبُ وَالزَّيْتُ و ( فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ ) وَهُوَ الصُّنْدُوقُ وَالْجَرَّةُ ، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِهِ وَجَمَاعَةٍ فِيمَنْ قَالَ غَصَبْت مِنْ فُلَانٍ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ وَعَدَمِ لُزُومِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ ( قَوْلَانِ ) فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعَيْنِ " ق " ابْنُ شَاسٍ إنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي زَيْتٌ فِي جَرَّةٍ كَانَ مُقِرًّا بِالزَّيْتِ وَالظَّرْفِ ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَكُونُ مُقِرًّا بِالثَّوْبِ دُونَ الْوِعَاءِ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الْوِعَاءُ أَيْضًا ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَسَلٌ فِي زِقٍّ كَانَ مُقِرًّا بِالْعَسَلِ وَالزِّقِّ إذْ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ إنْ أَقَرَّ بِذِي وِعَاءٍ قَدْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ وَيَنْتَقِلُ بِانْتِقَالِهِ كَقَوْلِهِ غَصَبْت ثَوْبًا فِي عَيْبَةٍ أَوْ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ أَوْ قَمْحًا فِي شِكَارَةٍ ، فَفِي تَقَرُّرِ الْإِقْرَارِ بِالْوِعَاءِ قَوْلَانِ سَحْنُونٌ وَغَيْرُهُ .
قُلْت لَمْ يُحْكَ فِي الْمَعُونَةِ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرُهُ .
وَفِي النَّوَادِرِ عَزْوُ الثَّانِي لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ غَصَبْتُك ثَوْبًا مَرْوِيًّا فِي ثَوْبٍ ، فَذَكَرَ الْجِنْسَ صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِيهِ ، وَلَوْ قَالَ ثَوْبًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ أَوْ فِي مِائَةِ ثَوْبٍ فَبِخِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ أَنَّ الثِّيَابَ تَكُونُ فِي ثَوْبٍ وِعَاءً لَهَا ، وَلَا يُقَالُ ثَوْبٌ فِي ثِيَابٍ وِعَاءً لَهُ ، وَفِي قَوْلِهِ ثَوْبٌ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا ثَوْبٌ ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ أَحَدَ عَشَرَ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ أَوْ فِي مِنْدِيلٍ فِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ ، بِخِلَافِ زَيْتٍ فِي جَرَّةٍ ظَاهِرُهُ فَفِي الْخِلَافِ فِي الْجَرَّةِ وَهُوَ وَهْمٌ تَبِعَ فِيهِ ظَاهِرَ لَفْظِ ابْنِ شَاسٍ لِذِكْرِ الشَّيْخِ فِيهِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ نَصًّا .

لَا دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ
( لَا ) يَلْزَمُهُ الْإِصْطَبْلُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ ) " غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ أَوْ نَخْلَةٌ فِي بُسْتَانٍ ، فَإِنَّ الظَّرْفَ لَا يَلْزَمُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَفْظُ الْكَرْمِ يَشْمَلُ .
أَرْضَهُ وَالْبُسْتَانُ يَشْمَلُ شَجَرَهُ وَأَرْضَهُ وَلَفْظُ النَّخْلِ يَشْمَلُ مَوْضِعَ أَصْلِهَا وَطَرِيقِهَا ، وَمَا بَيْنَ النَّخْلِ مِنْ أَرْضٍ إلَّا أَنْ تَقِلَّ النَّخْلُ وَتَكْثُرَ الْأَرْضُ فَيَشْمَلَ أَصْلَهَا دُونَ الْأَرْضِ بَيْنَهَا ، وَلَوْ أَقَرَّ بِعَشَرَةِ أُصُولٍ مِنْ هَذَا الْكَرْمِ كَانَتْ بِأُصُولِهَا .
ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ شَجَرُ هَذَا الْبُسْتَانِ لِفُلَانٍ فَلَهُ بِأُصُولِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ ، وَقَوْلُهُ الْآخَرُ لَهُ الشَّجَرُ دُونَ الْأَرْضِ وَلِابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَوَلَدُهَا لِي كَلَامًا نَسَقًا فَهُوَ كَمَا قَالَ ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْهُ لَوْ قَالَ هَذِهِ الْأَمَةُ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرْ الْوَلَدَ فَوَلَدُهَا لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ، وَلَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ لِفُلَانٍ وَلَمْ يَذْكُرُوا الْوَلَدَ قُضِيَ بِهَا وَبِوَلَدِهَا لِفُلَانٍ لِلْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ .

وَأَلْفٍ ، إنْ اسْتَحَلَّ أَوْ أَعَارَنِي ، لَمْ يَلْزَمْ كَإِنْ حَلَفَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى ، أَوْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ

( وَ ) لَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ ( أَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ ) بِهَا فَقَالَ اسْتَحْلَلْتهَا ( أَوْ ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ( إنْ أَعَارَنِي ) ثَوْبَهُ مَثَلًا فَأَعَارَهُ ( لَمْ يَلْزَمْ ) الْأَلْفُ الْمُقِرَّ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهُ أَوْ لَا يُعَيِّرُنِي .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ ( إنْ حَلَفَ ) فَحَلَفَ فَلَا تَلْزَمُهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ ( فِي غَيْرِ الدَّعْوَى ) عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا وَمَفْهُومٌ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِيهَا وَحَلَفَ لَزِمَهُ ، وَانْظُرْ هَلْ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَإِنْ لَمْ يُوَجِّهْ الْحَاكِمُ الْيَمِينَ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَ تَوْجِيهِهَا عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ إذَا حَلَفَ أَوْ مَتَى حَلَفَ أَوْ حِينَ أَوْ مَعَ يَمِينِهِ أَوْ فِي يَمِينِهِ أَوْ بَعْدَ يَمِينِهِ فَحَلَفَ فُلَانٌ عَلَى ذَلِكَ وَنَكَلَ الْمُقِرُّ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي إجْمَاعِنَا ، وَمَنْ أَنْكَرَ مَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ مَتَى حَلَفْت أَوْ أَنْتَ بَرِيءٌ مَعَ يَمِينِك أَوْ فِي يَمِينِك فَحَلَفَ بَرِئَ ، وَلَوْ قَالَ لَهُ الطَّالِبُ لَا تَحْلِفْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَذَا إنْ قَالَ الْمَطْلُوبُ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا أَغْرَمُ فَحَلَفَ لَزِمَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ قَوْلِهِ ، وَقَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ قَائِلًا إنْ حَلَفَ مُطَلِّقًا أَوْ بِطَلَاقِهِ أَوْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ إنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ أَوْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَوْ إنْ أَعَارَنِي دَارِهِ أَوْ دَابَّتَهُ فَأَعَارَهُ ذَلِكَ .
( أَوْ ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ ( شَهِدَ ) لَهُ ( فُلَانٌ ) فَشَهِدَ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا إذَا شَهِدَ ( غَيْرُ الْعَدْلِ ) قَالَ

وَأَمَّا الْعَدْلُ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَوْ إنْ شَهِدَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ فَلَا تَلْزَمُهُ ، وَلَوْ قَالَ إنْ حُكِمَ بِهَا عَلَى فُلَانٍ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَحُكِمَ بِهَا عَلَيْهِ لَزِمَهُ .
الْحَطّ مَفْهُومُ غَيْرِ الْعَدْلِ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا لَزِمَهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ ، وَاَلَّذِي حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا قَالَهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ لِصَاحِبٍ وَتَنْزِيهِ الشَّاهِدِ مِنْ الْكَذِبِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ .
وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ عَلَى وَجْهِ التَّبْكِيتِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوْ لَا يُحَقِّقَهُ إلَّا أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ مَعَ شَاهِدٍ آخَرَ أَوْ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مِمَّا شَهِدَ بِهِ عَلَيْهِ كَأَنْ يُحَقِّقَ مَا نَازَعَهُ فِيهِ خَصْمُهُ أَوَّلًا وَيُؤْخَذَ مِنْهُ دُونَ يَمِينِ الْمُدَّعِي ، وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا كَانَ يُحَقِّقُ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دِينَارٍ وَابْنِ كِنَانَةَ وَاخْتِيَارُ سَحْنُونٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الشَّاهِدُ فِي هَذَا كُلِّهِ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا أَوْ نَصْرَانِيًّا .
وَقَدْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِشَهَادَةِ النَّصْرَانِيِّ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ ، وَإِذَا لَمْ يَتَبَيَّنْ مِنْ صُورَةِ تَرَاجُعِهِمَا التَّبْكِيتَ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ فِيمَا نَازَعَهُ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ قَالَهُ أَوْ فِعْلٍ فَعَلَهُ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ الرِّضَا ، وَالْتِزَامُ الْحُكْمِ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَفِيمَا نَازَعَهُ مِنْ حُدُودِ أَرْضٍ أَوْ دَيْنٍ عَلَى أَبِيهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ التَّبْكِيتِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ التَّبْكِيتُ ، وَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الرِّضَا

بِقَوْلِهِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهِ ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ الرِّضَا بِالتَّحْكِيمِ ، إذْ لَا يَخْتَلِفُ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَنْزِعَ بَعْدَ الْحُكْمِ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ ؟ .
ا هـ .
فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَ إذَا كَانَ عَدْلًا فَلَا يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَيْرِ الْعَدْلِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا تُؤَثِّرُ أَصْلًا لَا وَحْدَهَا وَلَا مَعَ آخَرَ أَوْ يَمِينٍ ، وَأَوَّلُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ يُوهِمُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ الْعَدْلُ بِمُجَرَّدِ شَهَادَتِهِ حَيْثُ قَالَهُ وَأَمَّا الْعُدُولُ فَيُقْبَلُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
وَيُمْكِنُ أَنَّ مُرَادَهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ ، وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا قَوْلُ النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ عَدْلًا قُبِلَ عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ أَشَارَ الْحَطّ لِلْمُنَاقَشَةِ فِي اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْعَدَالَةِ بِأَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ مِنْ بَابِ الثَّوْبِ بِالْبَيِّنَةِ لَا مِنْ بَابِ الثُّبُوتِ بِالْإِقْرَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ .

وَهَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ ، لَزِمَتْهُ الشَّاةُ ، وَحَلَفَ عَلَيْهَا

وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي ( هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ ) أَيْ الْمُقِرَّ ( الشَّاةُ ) الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا ( وَحَلَفَ ) الْمُقِرُّ ( عَلَيْهَا ) أَيْ النَّاقَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ ، وَظَاهِرٌ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا ، بَقِيَ الْمُقِرُّ عَلَى إقْرَارِهِ أَوْ رَجَعَ عَنْهُ ، وَحَلِفُهُ وَاضِحٌ إذَا زَالَ شَكُّهُ .
وَأَمَّا عَلَى بَقَائِهِ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَحْلِفُ أَنَّ النَّاقَةَ لَيْسَتْ لِلْمَقَرِّ لَهُ ، وَلِذَا قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِيمَا قَالُوهُ نَظَرٌ لَا يَخْفَى ، وَلَوْ قَدَّمَ النَّاقَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ هَذِهِ النَّاقَةُ أَوْ هَذِهِ الشَّاةُ لَزِمَتْهُ النَّاقَةُ بِلَا يَمِينٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْإِقْرَارِ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ اضْطِرَابُ الشَّيْخِ عَنْ سَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ هَذِهِ الشَّاةُ أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَك لَزِمَتْ الشَّاةُ ، وَحَلَفَ مَا النَّاقَةُ لَهُ .
مُحَمَّدٌ يُقَالُ لَهُ أَعْطِهِ أَيَّهمَا شِئْت بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الطَّالِبُ أَرْفَعَهُمَا أَوْ كِلَيْهِمَا فَيَحْلِفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَا شَاءَ مِنْهُمَا دُونَ يَمِينٍ ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ فَقَالَ مَا لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ بِأَدْنَاهُمَا .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ مَعَ يَمِينِهِ ، فَإِنْ قَالَ مَالَهُ شَيْءٌ .
مِنْهُمَا وَادَّعَاهُمَا الطَّالِبُ قُضِيَ لَهُ بِقِيمَةِ أَدْنَاهُمَا لَا بِعَيْنِهِ وَلِسَحْنُونٍ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِيضٌ أَوْ سُودٌ لَزِمَتْهُ الْبِيضُ وَحَلَفَ فِي السُّودِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ وَيَحْلِفُ عَلَى الْأَكْثَرِ ، وَكَذَا لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ خَمْسُمِائَةٍ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الطَّالِبُ وَأَخَذَ الْأَلْفَ ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْخَمْسُمِائَةِ ، وَكَذَا أَلْفُ دِرْهَمٍ أَوْ نِصْفُهَا .
سَحْنُونٌ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ لَزِمَتْهُ الْحِنْطَةُ وَحَلَفَ فِي الشَّعِيرِ ، وَإِنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٌ وَكُرُّ

حِنْطَةٍ لَزِمَهُ الْأَلْفُ فِي إجْمَاعِهِمْ .
سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ الدِّينَارُ وَيَحْلِفُ فِي الْكُرِّ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْآخَرُ وَأَخَذَ الْكُرَّ مَعَ الْأَلْفِ وَالدِّينَارِ ، وَإِنْ نَكَلَ الطَّالِبُ سَقَطَ الْكُرُّ وَأَخَذَ الْأَلْفَ وَالدِّينَارَ .

وَغَصَبْته مِنْ فُلَانٍ ، لَا بَلْ مِنْ آخَرَ ، فَهُوَ لِلْأَوَّلِ ، وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ

( وَ ) لَوْ قَالَ هَذَا الثَّوْبُ أَوْ الْعَبْدُ مَثَلًا ( غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ ) كَزَيْدٍ ثُمَّ قَالَ ( لَا ) أَيْ لَمْ أَغْصِبْهُ مِنْ زَيْدٍ ( بَلْ ) غَصَبْته ( مِنْ ) شَخْصٍ ( آخَرَ ) مُعَيَّنٍ كَعَمْرٍو ( فَهُوَ ) أَيْ الْمُقَرُّ بِهِ ( لِ ) لِشَخْصِ ( الْأَوَّلِ ) مِنْهُمَا لِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ أَوَّلًا وَيُتَّهَمُ فِي إخْرَاجِهِ عَنْهُ ثَانِيًا .
( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِ ) لِشَخْصِ الْمُقَرِّ لَهُ ( الثَّانِي بِقِيمَتِهِ ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا ، وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا عَلَى الْمَعْرُوفِ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا ، وَقَالَ عِيسَى إنْ ادَّعَاهُ الْمُقَرُّ لَهُ الثَّانِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ حَلَفَ فَكَمَا تَقَدَّمَ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الثَّانِي وَأَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقِرِّ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ شَاسٍ إنْ أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَ هَذَا الْعَبْدَ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ قَالَ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُقْضَى بِالْعَبْدِ لِلْأَوَّلِ وَبَعْدَ يَمِينِهِ ، وَيُقْضَى لِلْآخَرِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ فِي إجْمَاعِهِمْ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ قَالَ غَصَبْت الْعَبْدَ مِنْ زَيْدٍ بَلْ مِنْ عَمْرٍو فَهُوَ لِلْأَوَّلِ ، وَغَرِمَ لِلثَّانِيَّ قِيمَتَهُ ، وَبِالْإِجْمَاعِ رَدَّ سَحْنُونٌ قَوْلَ أَشْهَبَ مَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو ، بَلْ مِنْ خَالِدٍ الْعَبْدُ لِزَيْدٍ ، وَيَحْلِفُ لِمَنْ شَكَّ فِيهِ ، وَيُجَابُ بِجَوَازِ كَوْنِ الْعَطْفِ لِلْإِضْرَابِ عَنْ كَوْنِ ، الشَّكِّ بَيْنَ الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِهِ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرِ لَا لِلْإِضْرَابِ عَنْ الشَّكِّ إلَى الْجَزْمِ ، فَإِنَّهُ لِلْأَخِيرِ ، وَاتِّفَاقًا فِي قَوْلِهِ غَصَبْته مِنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ، بَلْ مِنْ زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ بِإِقْرَارِهِ أَوَّلًا وَالْإِضْرَابُ أَوْجَبَ لِزَيْدِ قِيمَتَهُ أَجْمَعَ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ أَوْ نِصْفِهِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا ، فَإِنْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ النِّصْفِ

وَحَلَفَ الْآخَرُ اُخْتُصَّ بِهِ وَغُرِّمَ لِلنَّاكِلِ نِصْفٌ فَقِيمَتُهُ لِإِتْلَافِهِ عَلَيْهِ النِّصْفَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوَّلًا بِالْإِضْرَابِ عَنْهُ لِكَوْنِهِ لِغَيْرِهِ ، وَلَوْ نَكَلَ مُسْتَحِقُّ جَمِيعِهِ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ وَنِصْفُ قِيمَتِهِ عَلَى الْمُقِرِّ .

وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ وَإِلَّا فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا ، حَلَفَ ، وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي ، حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا
( وَ ) لَوْ قَالَ ( لَك ) عِنْدِي ( أَحَدُ ثَوْبَيْنِ ) مُعَيَّنَيْنِ أَوْ إحْدَى هَاتَيْنِ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الشَّاتَيْنِ ( عَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُقِرُّ أَحَدَهُمَا لِلْمُقَرِّ لَهُ لِاحْتِمَالِ لَفْظِهِ الْإِبْهَامَ وَالشَّكَّ ، وَلَهُ دَعْوَى زَوَالِ الشَّكِّ ، فَإِنْ عَيَّنَ أَحْسَنَهُمَا مَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ ، وَكَذَا إنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ، وَإِنْ خَالَفَهُ حَلَفَ الْمُقِرُّ وَدَفَعَهُ لَهُ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَأَخَذَ الْأَعْلَى .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْمُقِرُّ وَبَقِيَ عَلَى شَكِّهِ ( فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَدْنَى أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ ( وَإِنْ قَالَ ) الْمُقَرُّ لَهُ ( لَا أَدْرِي ) عَيْنَ ثَوْبِي مِنْهُمَا ( حَلَفَا ) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ ( عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) مِنْهُمَا بِعَيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ ( وَاشْتَرَكَا ) أَيْ الْمُقِرُّ وَالْمُقَرُّ لَهُ فِي الثَّوْبَيْنِ ، بِالنِّصْفِ وَنُكُولُهُمَا أَوْ نُكُولُ أَحَدِهِمَا كَحَلِفِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ قَالَ فِي ثَوْبَيْنِ بِيَدِهِ أَحَدُهُمَا لِفُلَانٍ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أَجْوَدَهُمَا أَخَذَهُ ، وَإِنْ عَيَّنَ أَدْنَاهُمَا فَصَدَّقَهُ فَكَذَلِكَ دُونَ يَمِينٍ ، وَإِنْ كَذَّبَهُ أَحْلَفَهُ ، وَإِنْ شَكَّ وَادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ دُونَ يَمِينٍ ، وَإِنْ ادَّعَى أَجْوَدَهُمَا فَفِي أَخْذِهِ بِيَمِينٍ أَوْ دُونَهَا نَقْلَا ابْنِ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ ، وَإِنْ شَكَّا فَفِي سَمَاعِ عِيسَى يَحْلِفَانِ ، فَإِنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ .

وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا كَغَيْرِهِ

وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا أَيْ فِي صِيَغِ الْإِقْرَارِ ( كَ ) الِاسْتِثْنَاءِ فِي صِيَغِ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الْإِقْرَارِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فِي كَوْنِهِ بِإِحْدَى أَدَوَاتٍ مَخْصُوصَةٍ وَشَرْطُ اتِّصَالِهِ وَالنُّطْقُ بِهِ وَإِنْ سَرَّ أَوْ قَصَدَهُ وَعَدَمُ اسْتِغْرَاقِهِ .
ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَثْنَى مِنْ الْإِقْرَارِ مَا لَا يَسْتَغْرِقُ صَحَّ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ لَوْ قَالَ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً لَزِمَهُ تِسْعَةٌ ، لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ كَمَا أَنَّهُ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً إلَّا سَبْعَةً إلَّا سِتَّةً إلَّا خَمْسَةً إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا ثَلَاثَةً إلَّا اثْنَيْنِ ، إلَّا وَاحِدًا لَزِمَهُ خَمْسَةٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى قَوَاعِدِهِ وَتَقَدَّمَ مِنْهُ فِي الطَّلَاقِ ، وَإِيجَازُ تَحْصِيلِهِ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْأَقَلِّ فِي غَيْرِ الْعَدَدِ اتِّفَاقًا .
وَفِي كَوْنِهِ فِيهِ كَغَيْرِهِ وَقَصْرُ جَوَازِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْكَسْرِ أَوْ شَبَهِهِ كَكَوْنِ الْمُسْتَثْنَى قَبْلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِمَرْتَبَتَيْنِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الطَّيِّبِ ، وَفِي جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ قَوْلَا الْأَكْثَرِ وَالْأَقَلِّ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَحْمَدَ .
الْمَازِرِيُّ اعْتَذَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِأَنَّهُ لَمْ يُخَالِفْ فِي حُكْمِهِ ، وَإِنَّمَا خَالَفَ فِي اسْتِعْمَالِ الْعُرْفِ إيَّاهُ وَأَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِرْهَمٍ إلَّا تِسْعِينَ إنَّمَا تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ .
قُلْت وَحَكَى فِي الْمَحْصُولِ وَالْمُسْتَصْفَى الْإِجْمَاعَ عَلَى لُزُومِ وَاحِدٍ فَقَطْ فِي عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً ، وَرَدَّهُ ابْنُ التِّلِمْسَانِيُّ بِأَنَّ خِلَافَ أَحْمَدَ يَمْنَعُ تَقَرُّرَ الْإِجْمَاعِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْمُسْتَغْرِقِ طَرِيقَانِ الْأَكْثَرُ عَلَى نَقْلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَنْعِهِ

الْقَرَافِيُّ حَكَى ابْنُ طَلْحَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَعْرُوفِ بِالْمَدْخَلِ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا قَوْلَيْنِ ، أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَنْفَعُهُ وَالْآخَرُ لَا يَنْفَعُهُ وَتَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ .
الْقَرَافِيُّ وَنَصَّ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَذْكُورِ بِعَيْنِهِ عَطْفًا كَقَوْلِهِ قَامَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَخَالِدٌ إلَّا عُمْرًا ، وَجَوَّزَ أَصْحَابُنَا أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً ، وَمَا عَلِمْتُ فِيهِ خِلَافًا .
قُلْت مَنَعَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، وَلَكِنْ يَتَقَرَّرُ السُّؤَالُ بِجَوَازِهِ الْبَعْضَ فَضْلًا عَنْ الْأَكْثَرِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى مَنْعِهِ فِي الْمَعْطُوفِ ، قَالُوا وَعَلَّلُوا جَوَازَهُ فِي الطَّلَاقِ بِأَنَّ لِلثَّلَاثِ عِبَارَتَيْنِ الثَّلَاثُ وَوَاحِدَةٌ وَوَاحِدَةٌ ، فَكَمَا صَحَّ فِي الثَّلَاثِ صَحَّ فِي الْمَعْطُوفَاتِ ، وَبِأَنَّ خُصُوصَ الْوَاحِدَةِ لَيْسَتْ مَقْصُودًا عِنْدَ الْعُقَلَاءِ ، بِخِلَافِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ ، وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ نَقْلًا .
قُلْت : قَوْلُهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا قُصُورٌ ، لِنَقْلِ الْمَازِرِيِّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ مَا نَصُّهُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ إلَّا دِرْهَمًا مَسْلَكَانِ ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى دِرْهَمَيْنِ لِأَنَّهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ إلَّا دِرْهَمًا ، وَلَا فَرْقَ عِنْدَ الْعَرَبِ بَيْنَ قَوْلِهِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ، وَعِبَارَةِ الثَّلَاثِ وَلِأَنَّ النَّحْوِيِّينَ جَعَلُوا جَاءَنِي الزَّيْدُون بَدَلًا مِنْ جَاءَنِي زَيْدٌ وَزَيْدٌ وَزَيْدٌ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ كَاسْتِثْنَاءِ كُلٍّ مِنْ كُلٍّ فَيَبْطُلُ ، وَفِي النَّوَادِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إلَّا مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةِ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا فَإِنَّ الْمِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَّا قِيرَاطًا كِلَاهُمَا

اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَلْفِ دِرْهَمٍ فِي قَوْلِ سَحْنُونٍ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالُوا عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ الْعَدَدِ وَصِحَّةِ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ وَكَوْنِهِ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتًا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا تِسْعَةً إلَّا ثَمَانِيَةً ثُمَّ كَذَا إلَى وَاحِدٍ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ قُلْت ضَابِطُهُ أَنْ تَطْرَحَ مَجْمُوعَ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ وَهُوَ وِتْرٌ وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مَجْمُوعُ تِسْعَةٍ وَسَبْعَةٍ وَخَمْسَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٍ فَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ مَجْمُوعِ كُلِّ اسْتِثْنَاءٍ هُوَ شَفْعٌ ، وَهُوَ فِي مَسْأَلَتِنَا ثَمَانِيَةٌ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَاثْنَانِ فَذَلِكَ عِشْرُونَ إلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا ، وَهُوَ عَشَرَةٌ جَمِيعُ ذَلِكَ ثَلَاثُونَ ، وَاطْرَحْ مِنْهَا الْمَجْمُوعَ الْأَوَّلَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَالْبَاقِي خَمْسَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ الْمُقَرُّ بِهِ ، فَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي إلَّا سَبْعَةً إلَّا خَمْسَةً وَإِلَّا وَاحِدًا فَالِاسْتِثْنَاءَات الْوِتْرُ فِيهَا سَبْعَةٌ وَوَاحِدَةٌ فَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ تَطْرَحُهَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّفْعِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ فَقَطْ مَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَوَّلًا ، وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ ، فَالْبَاقِي سَبْعَةٌ وَهُوَ الْجَوَابُ .
تت فَتُحَطُّ الْأَخِيرَةَ مِمَّا يَلِيهِ ثُمَّ بَاقِيَهُ مِمَّا يَلِيهِ ، وَكَذَلِكَ حَتَّى الْأَوَّلِ ، فَمَا حَصَلَ فَهُوَ الْبَاقِي فَيُحَطُّ الْوَاحِدُ مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى وَاحِدٌ فَيُحَطُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ فَيُحَطَّانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ يَبْقَى اثْنَانِ أَيْضًا ، فَيُحَطَّانِ مِنْ خَمْسَةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ ، فَتُحَطُّ مِنْ سِتَّةٍ تَبْقَى ثَلَاثَةٌ أَيْضًا ، فَتُحَطُّ مِنْ سَبْعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ ، فَتُحَطُّ مِنْ ثَمَانِيَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةٌ أَيْضًا ، فَتُحَطُّ مِنْ تِسْعَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ ، فَتُحَطُّ مِنْ عَشَرَةٍ تَبْقَى خَمْسَةٌ أَيْضًا وَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ .

وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ وَالْبَيْتُ لِي
( وَصَحَّ ) الِاسْتِثْنَاءُ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عُرْفًا وَلَوْ خَالَفَ اللُّغَةَ بِعَدَمِ أَدَائِهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ ( لَهُ ) أَيْ زَيْدٍ مَثَلًا هَذِهِ ( الدَّارُ ) الَّتِي فِي حَوْزِي ( وَالْبَيْتُ ) الْفُلَانِيُّ مِنْهَا ( لِي ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ بِدَارٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ إلَّا بَيْتًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لِي قُبِلَ اسْتِثْنَاؤُهُ ، وَكَذَا إلَّا تِسْعَةَ أَعْشَارِهَا .
وَمَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَنِصْفُهَا لِي صُدِّقَ قَالَهُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ غَصَبْته جَمِيعَ هَذِهِ الدَّارِ وَبَيْتُهَا لِي فَلَا يُقْبَلُ ، وَقَدْ أَقَرَّ بِغَصْبِهِ جَمِيعَهَا كَأَنَّهُ قَالَ غَصَبْته بَيْتًا هُوَ لِي ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي بَيْتٌ مِنْهَا صَدَّقَهُ مَعَ يَمِينِهِ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ أَشْهَبَ قَوْلُهُ غَصَبْت هَذِهِ الدَّارَ لِفُلَانٍ وَبِنَاؤُهَا لِي أَوْ بَيْتٌ مِنْهَا لِي ، أَوْ قَالَ فِي الْجُبَّة بِطَانَتُهَا لِي إذَا نَسَّقَ الْكَلَامَ مِثْلُ قَوْلِهِ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي .

وَبِغَيْرِ الْجِنْسِ ، كَأَلْفٍ ، إلَّا عَبْدًا ، وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ
( وَ ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ ( بِغَيْرِ الْجِنْسِ ) الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ ( كَ ) قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ ( أَلْفٌ إلَّا عَبْدًا ) عَلَى الْأَصَحِّ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ رَاشِدٍ بِالْمَشْهُورِ فَيُوصَفُ وَيُقَوَّمُ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ مِنْ الْأَلْفِ وَلِذَا قَالَهُ ( وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ ) أَيْ الْعَبْدِ مِنْ الْأَلْفِ ، وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ قِيمَتَهُ أَقَلُّ مِنْ الْأَلْفِ ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِثْنَاءً مُسْتَغْرِقًا لَا يَتَأَتَّى إسْقَاطُهُ ، وَكَذَا لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا فَتُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ قِيمَةِ الْأَوَّلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ .
الْمَازِرِيُّ مَذْهَبُنَا صِحَّتُهُ .
ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِائَةُ دِينَارٍ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ فَيَسْقُطُ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِصَرْفِهِمَا ، وَعَلَى صِحَّتِهِ فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّنَانِيرِ تَسْقُطُ قِيمَتُهُ مِنْهَا ، وَكَذَا فِي مِائَةِ دِينَارٍ إلَّا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا يَصِفُهُمَا الْمُقِرُّ وَتُطْرَحُ قِيمَتُهُ ، وَكَذَا فِي لَهُ عِنْدِي عَبْدًا إلَّا ثَوْبًا تُطْرَحُ قِيمَةُ الثَّانِي مِنْ الْأَوَّلِ وَاخْتَارَ بَعْضُ حُذَّاقِ الْأَشْيَاخِ لَغْوَ اسْتِثْنَائِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ وَعَدَّهُ نَادِمًا .

وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ ، أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ ، أَوْ أَبْرَأهُ ، بَرِئَ مُطْلَقًا ، وَمِنْ الْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ ، فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ ، وَإِنْ بِصَكٍّ ، إلَّا بِبَيِّنَةٍ ، أَنَّهُ بَعْدَهُ

( وَإِنْ أَبْرَأ ) الرَّشِيدُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ ( فُلَانًا ) بِضَمِّ الْفَاءِ كِنَايَةً عَنْ عَلَمِ شَخْصٍ كَزَيْدٍ ( مِمَّا ) أَيْ كُلِّ حَقٍّ ثَبَتَ ( لَهُ ) أَيْ الرَّشِيدِ الْمُبْرِئِ بِكَسْرِ الرَّاءِ ( قِبَلَهُ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ جِهَةَ الْمُبْرَإِ بِفَتْحِ الرَّاءِ بَرِئَ مُطْلَقًا ( أَوْ ) أَبْرَأهُ ( مِنْ كُلِّ حَقٍّ ) لَهُ قِبَلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا ( أَوْ أَبْرَأهُ ) أَيْ الرَّشِيدُ فُلَانًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبْرَأَ مِنْهُ بِأَنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَبْرَأْتُك ( بَرِئَ ) الْمُبْرَأُ بِفَتْحِ الرَّاءِ إبْرَاءً ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِنَوْعٍ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ ( وَ ) بَرِئَ ( مِنْ ) الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ أَيْضًا مِثْلِ حَدِّ ( الْقَذْفِ ) وَالْقِصَاصِ فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ إذَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ أَوْ بَلَغَهُ وَأَرَادَ الْمَقْذُوفُ سِتْرَ نَفْسِهِ لَا الشُّفْعَةَ عَلَى قَاذِفِهِ .
( وَ ) بَرِئَ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الَّتِي يَفُوتُهَا الْإِتْلَافُ كَغُرْمِ مَالِ ( السَّرِقَةِ ) لَا قَطْعُهَا لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لَا الْمَسْرُوقُ مَالُهُ ، وَإِنْ أَبْرَأهُ بِصِيغَةٍ مِمَّا مَرَّ ثُمَّ ادَّعَى الْمُبْرِئُ بِالْكَسْرِ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِحَقٍّ نَسِيَهُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْهُ حِينَ الْإِبْرَاءِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ إبْرَاءَهُ إنَّمَا كَانَ مِمَّا فِيهِ الْخُصُومَةُ وَهَذَا غَيْرُهُ ( فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ ) إنْ لَمْ يَأْتِ بِصَكٍّ ، بَلْ ( وَإِنْ ) أَتَى ( بِصَكٍّ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ أَيْ وَثِيقَةٍ مَكْتُوبَةٍ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ بِمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يَأْتِيَ ( بِبَيِّنَةٍ ) تَشْهَدُ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ تَجَدَّدَ عَلَى الْمُبْرَإِ بِالْفَتْحِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْإِبْرَاءِ فَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ .
الْحَطّ فِي النَّوَادِرِ مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ عَلَيْهِ وَفُلَانٌ بَرِئَ فِي إجْمَاعِنَا مِنْ كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ

قَرْضٍ أَوْ إجَارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ فُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى قِبَلَهُ قَذْفًا أَوْ سَرِقَةً فِيهَا قَطْعٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا يُقْبَل ذَلِكَ أَنْ تَقُومَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ فَعَلَهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَهُ فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُهُ بِقِصَاصٍ وَلَا حَدٍّ وَلَا أَرْشٍ وَلَا كَفَالَةٍ بِنَفْسٍ وَلَا بِمَالٍ وَلَا دَيْنٍ وَلَا مُضَارَبَةٍ وَلَا شَرِكَةٍ وَلَا مِيرَاثٍ وَلَا دَارٍ وَلَا أَرْضٍ وَلَا رَقِيقٍ وَلَا شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا مَا يُسْتَأْنَفُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ فِي إجْمَاعِنَا .
سَحْنُونٌ إذَا قَالَ فُلَانٌ بَرِئَ مِنْ كُلِّ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ ، أَوْ قَالَ مِمَّا لِي عَلَيْهِ أَوْ مِمَّا لِي عِنْدَهُ أَوْ لَا حَقَّ لِي قِبَلَهُ فَذَلِكَ كُلُّهُ سَوَاءٌ ، وَهُوَ بَرِيء مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمَانَةٍ أَوْ ضَمَانٍ مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَسْتَحْسِنُ فِي قَوْلِهِ هُوَ بَرِئَ مِنْ حَقِّهِ قِبَلَهُ وَلَمْ يَقُلْ مِنْ جَمِيعِ حَقِّهِ ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا أَبْرَأْته مِنْ بَعْضِ حَقِّي وَبَقِيَ الْبَعْضُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ ، وَالْبَرَاءَةُ جَائِزَةٌ فِي إجْمَاعِنَا فِي جَمِيعِ حَقِّهِ ا هـ ، وَهُوَ مَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا قَالَ وَهَذَا آخِرُ حَقٍّ لِي عَلَيْهِ ، فَفِي النَّوَادِرِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِرَجُلٍ أَنَّ فُلَانًا أَبْرَأهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّعَاوَى وَأَنَّهَا آخِرُ كُلِّ حَقٍّ لَهُ وَطَلَبَ مِنْ جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّهُ قَدْ غَلِطَ أَوْ نَسِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقٍّ مُسَمًّى ، وَفِي الْكِتَابِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا قِبَلَهُ حَقٌّ وَلَا عِنْدَهُ ، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ غَيْرُ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُرِيدُ مَعًا قَبْلَ تَارِيخِ الْكِتَابِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ الَّذِي أَقَرَّ بِالْحَقِّ لَيْسَ

هَذَا الَّذِي أَدَّيْت عَلَيَّ وَغَلِطْت فِي الْحِسَابِ ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ رَبَّ الْحَقِّ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ مَا نَفَعَتْ الْبَرَاءَةُ وَلَا انْقَطَعَتْ الْمُعَامَلَةُ .

وَإِنْ أَبْرَأهُ مِمَّا مَعَهُ ، بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ لَا الدَّيْنِ

( وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ ) وَدِيعَةً كَانَتْ أَوْ قِرَاضًا أَوْ بِضَاعَةً أَوْ نَحْوَهَا ( لَا ) يَبْرَأُ ( مِنْ الدَّيْنِ ) " غ " سَكَتَ عَنْ لَفْظِ عِنْدَ وَعَلَيَّ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إذَا قَالَ مَالِي قِبَلَهُ حَقٌّ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ سَائِرِ الْحُقُوقِ كَانَتْ دُيُونًا فِي ذِمَّتِهِ أَوْ أَمَانَةً عِنْدَهُ ، وَإِذَا قَالَ مَالِي عِنْدَهُ حَقٌّ فَالْأَمْرُ عِنْدَنَا كَذَلِكَ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الَّذِي خَصَّصَهُ بِالْأَمَانَاتِ ، وَإِنْ قَالَ مَالِي عَلَيْهِ حَقٌّ فَقَالَ سَحْنُونٌ يَعُمُّ الدَّيْنَ وَالْأَمَانَةَ ، وَقَالَ ابْنُهُ يَخُصُّ الْمَضْمُونَ كَالدِّينِ وَالْعَارِيَّةِ الْمَضْمُونَةِ ، وَعِنْدِي أَنَّ لَفْظَةَ عَلَيَّ لَمَّا كَانَتْ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ أَدْخَلَ سَحْنُونٌ فِيهَا الْمَضْمُونَ وَالْوَدِيعَةَ وَالْقِرَاضَ ، إذَا يَجِبُ رَدُّهُمَا كَالدِّينِ وَصَرَفَ ابْنُهُ عَلَيَّ لِنَفْسِ الْمَالِ لَا لِرَدِّهِ فَنَفْسُ الْوَدِيعَةِ لَيْسَتْ عَلَى الْمُودَعِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رَدُّهَا وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الِالْتِفَاتُ إلَى الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ فِي اللُّغَةِ أَوْ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ عُرْفِ التَّخَاطُبِ .
ا هـ .
فَتَأَمَّلْهُ مَعَ مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَ زَيْدٍ عَشَرَةً وَشَهِدَ لَهُ آخَرُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عِشْرِينَ حَلَفَ مَعَ كُلِّ شَاهِدٍ يَمِينًا وَأَخَذَ الثَّلَاثِينَ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ قَوْلَ أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ لَهُ عِنْدَهُ خِلَافُ قَوْلِ الْآخَرِ لَهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ لَفْظَةَ عِنْدَ تَقْتَضِي الْأَمَانَةَ ، وَعَلَيَّ تَقْتَضِي الذِّمَّةَ ، فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهِدَ لَهُ عَلَى زَيْدٍ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِ الْآخَرُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَيَسْتَحِقَّ الثَّلَاثِينَ ، وَإِنْ شَاءَ الْيَمِينَ عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي الْجَمِيعِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْعِشْرِينَ دُونَ يَمِينٍ ، إذْ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُ عَلَيْهَا الشَّاهِدَانِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَالْآخَرُ أَنَّ لَهُ

عَلَيْهِ عِشْرِينَ فَلَهُ أَخْذُ الْعَشَرَةِ دُونَ يَمِينٍ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَيْهَا ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ بِالْعِشْرِينَ وَيَأْخُذَهَا ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَتَانِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَلَفْظٍ وَاحِدٍ اخْتَلَفَا فِيهِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَقِرَّ لَهُ بِعَشَرَةٍ ، وَقَالَ الْآخَرُ بِعِشْرِينَ ، وَإِنْ كَانَ الْإِشْهَادُ بِمَجْلِسَيْنِ فَهُمَا حَقَّانِ فَلَهُ الْحَلِفُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَيَسْتَحِقُّ مَا شَهِدَ لَهُ بِهِ ، وَلَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ إنَّهُ حَقٌّ وَاحِدٌ لَبَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا ، وَلَوْ زَعَمَ الطَّالِبُ أَنَّهُمَا حَقَّانِ ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا بِحَقٍّ حَلَفَ مَعَهُ وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطَّابُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاتٍ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي مُبَارَآت الْوَصِيِّ عَنْ يَتِيمِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْعَقَدَ بَيْنَ شَخْصَيْنِ إنَّهُ لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُمَا دَعْوَى وَلَا حُجَّةٌ وَلَا يَمِينٌ وَلَا عَلَّقَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِحَقٍّ قَبْلَ تَارِيخِ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ صَاحِبَهُ بِهِ ، وَلَا يَضُرُّهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الْإِبْرَاءِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُسْقِطَا فِيهِ الْبَيِّنَةَ ا هـ .
الْبُرْزُلِيُّ فَعَلَى هَذَا يُفْتَقَرُ إلَى ذِكْرِ إسْقَاطِ الْبَيِّنَةِ الْحَاضِرَةِ وَالْغَائِبَةِ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ ، وَمَنْ أَقَامَ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَهُوَ زُورٌ آفِكَةٌ لَا عَمَلَ عَلَيْهَا .
الْبُرْزُلِيُّ وَمَا قَالَ ابْنُ عَاتٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ .
الثَّانِي : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَلْ صَرِيحُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ " غ " أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَشْمَلُ الْأَمَانَاتِ وَهِيَ مُعَيَّنَاتٌ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُخَالِفُهُ ، وَنَصُّهُ الْإِبْرَاءُ مِنْ الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ فَلَا صَحَّ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ

الْإِسْقَاطُ وَالْمُعَيَّنُ لَا يَسْقُطُ ، نَعَمْ تَصِحُّ فِيهَا الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْقَائِلِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَارِي الَّتِي تَحْتَ يَدِك أَسْقَطَتْ مُطَالَبَتِي بِهَا ، وَلَا شَكَّ أَنَّهَا تَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ ، فَالْكَلَامُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ مَعَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ خِلَافُ مَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الصُّلْحِ أَنَّ الْإِسْقَاطَ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْإِبْرَاءَ أَعَمُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : إذَا عُمِّمَتْ الْمُبَارَأَةُ بَعْدَ عَقْدِ الْخُلْعِ فَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الدَّعَاوَى كُلِّهَا الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْخُلْعِ أَوْ بِغَيْرِهِ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى أَحْكَامِ الْخُلْعِ خَاصَّةً ، ذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْخُلْعِ .
الرَّابِعُ : الْحَطّ تَحَصَّلَ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْمُبْرِئُ قَبْلَ تَارِيخِ الْبَرَاءَةِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ أَنَّهُ دَخَلَ فِي الْبَرَاءَةِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ الطَّالِبُ أَنَّهُ نَسِيَهُ أَوْ غَلِطَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ النَّوَادِرِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِرُمَّتِهِ ، وَرَأَيْت مَكْتُوبًا عَلَى هَامِشِ ، النُّسْخَةِ فِي لُحُوقِ الْيَمِينِ خِلَافٌ ، وَبِلُحُوقِهَا الْعَمَلُ اُنْظُرْ نَوَازِلَ ابْنِ الْحَاجِّ وَالْمُفِيدِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
الْخَامِسُ : الْحَطّ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ، وَقَالَ عَقِبَ دَعْوَى وَأَنَا لِي عَلَيْك أَيْضًا حَقٌّ أَوْ شَيْءٌ سَمَّاهُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا ، نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ .
السَّادِسُ : الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي الْمَسْكُوتِ هَلْ هُوَ كَالْإِقْرَارِ أَمْ لَا ، فَفِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ جَاءَ قَوْمًا فَقَالَ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا دِينَارًا وَفُلَانٌ مَعَهُمَا سَاكِتٌ لَمْ

يَقُلْ نَعَمْ وَلَا لَا وَلَمْ يَسْأَلْهُ الشُّهُودُ ، ثُمَّ جَاءَ يَطْلُبُ ذَلِكَ مِنْهُ فَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عَلَيَّ فَقَالَ ذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ لِسُكُوتِهِ حِينَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي السُّكُوتِ هَلْ يُعَدُّ إذْنًا فِي الشَّيْءِ وَإِقْرَارًا عَلَى قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ ، وَأَحَدُهُمَا أَنَّهُ إذْنٌ ، وَثَانِيهَا لَيْسَ بِإِذْنٍ وَأَظْهَرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِإِذْنٍ ، لِأَنَّ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَالْبِكْرُ تُسْتَأْذَنُ فِي نَفْسِهَا وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا } ، دَلِيلًا عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا بِخِلَافِهَا فِي الصَّمْتِ ، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى هَذَا فِي النِّكَاحِ ، فَوَجَبَ أَنْ يُقَاسَ مَا عَدَاهُ عَلَيْهِ إلَّا مَا يُعْلَمُ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ أَنَّ أَحَدًا لَا يَسْكُتُ عَلَيْهِ إلَّا بِرِضًا مِنْهُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ السُّكُوتَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارٍ بِهِ كَمَنْ يَرَى حَمْلَ امْرَأَتِهِ وَيَسْكُتُ وَلَا يُنْكِرُهُ ثُمَّ يُنْكِرُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ وَفِي مَذْهَبِ ابْنِ رَاشِدٍ عَنْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سُئِلَ عِنْدَ مَوْتِهِ هَلْ لِأَحَدٍ عِنْدَك شَيْءٌ فَقَالَ لَا ، قِيلَ وَلَا لِامْرَأَتِك وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ أَنَّ حَقَّهَا عَلَيْهِ إلَى الْآنِ وَتَأْخُذُهُ إنْ قَامَتْ لَهَا بِهِ بَيِّنَةٌ وَلَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فُلَانٌ السَّاكِنُ فِي مَنْزِلِك بِمَ أَسْكَنْته فَقَالَ أَسْكَنْته بِلَا كِرَاءٍ وَالسَّاكِنُ سَامِعٌ لَمْ يُنْكِرْ وَلَمْ يُغَيِّرْ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ فَقَالَ لَا يَقْطَعُ سُكُوتُهُ دَعْوَاهُ إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّ الْمَنْزِلَ لَهُ ، وَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ يُلَاعِبُهُ ، زَادَ ابْنُ سَلْمُونٍ كَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ أَمَتِهِ وَهِيَ سَامِعَةٌ سَاكِتَةٌ فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ أَنَا حُرَّةٌ فَقَالَ لَا يَضُرُّهَا سُكُوتُهَا ، وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ التُّونُسِيِّ أَنَّ مَنْ لَهُ

دَيْنٌ عَلَى مَيِّتٍ قُسِمَ بَعْضُ عَقَارِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ حِينَ قِسْمَتِهِ لَمْ يَتَكَلَّمْ ثُمَّ تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ تَرَكَ الْكَلَامَ ، فَإِنَّ بَاقِيَ الْعَقَارِ لَمْ يُقْسَمْ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ابْنُ سَهْلٍ إذَا دَفَعَ وَدِيعَةً لِرَسُولٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا فَأَعْلَمَهُ بِهِ فَسَكَتَ ثُمَّ طَالَبَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَمَرَ الرَّسُولَ بِقَبْضِهَا وَمَا كَانَ سُكُوتُهُ رِضًا بِقَبْضِهِ ، ثُمَّ يُغَرِّمُهُ ، وَلَوْ عَلِمَ بِهِ وَقَالَ لِلدَّافِعِ كَلِّمْ فُلَانًا الْقَابِضَ يَحْتَالُ لِي فِي الْمَالِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْك كَانَ رِضًا بِقَبْضِهِ فَيَطْلُبُهُ بِهِ ، وَبَرِئَ الدَّافِعُ وَمِثْلُهُ فِي النَّوَادِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

فَصْلٌ ) إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ مَجْهُولَ النَّسَبِ ، إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ ، أَوْ الْعَادَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ بِهِ أَوْ مَوْلًى ، لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الِاسْتِلْحَاقِ وَهُوَ الْإِقْرَارُ بِالنَّسَبِ ، وَأَفْرَدَهُ بِتَرْجَمَةٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِأَحْكَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الِاسْتِلْحَاقُ ادِّعَاءُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ أَبٌ لِغَيْرِهِ ، فَيَخْرُجُ هَذَا أَبِي أَوْ أَبُو فُلَانٍ .
الرَّصَّاعُ لَا يُقَالُ الِاسْتِلْحَاقُ طَلَبُ اللُّحُوقِ وَالِادِّعَاءُ إخْبَارٌ ، فَكَيْفَ يُفَسِّرُهُ بِهِ ، لِأَنَّهُ يُقَالُ هَذَا أَصْلُهُ فِي اللُّغَةِ ، وَغَلَبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ " ق " .
رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الِاسْتِحْسَانُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ ، وَهَذَا الْبَابُ أَكْثَرُهُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ .
الْبُنَانِيُّ ابْنُ رُشْدٍ الِاسْتِحْسَانُ الَّذِي يَكْثُرُ اسْتِعْمَالُهُ حَتَّى يَكُونَ أَغْلَبَ مِنْ الْقِيَاسِ هُوَ أَنْ يَكُونَ طَرْدُ الْقِيَاسِ يُؤَدِّي إلَى غُلُوٍّ فِي الْحُكْمِ وَمُبَالَغَةٍ فِيهِ ، فَيُعْدَلُ عَنْهُ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ لِمَعْنًى يُؤَثِّرُ فِي الْحُكْمِ ، فَيَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَالْحُكْمُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَصْلٌ فِي الْأَحْكَامِ ، وَمِنْ الِاسْتِحْسَانِ مُرَاعَاةُ الْخِلَافِ ، وَهُوَ أَصْلٌ فِي الْمَذْهَبِ مِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَسْخُهُ طَلَاقٌ ، وَفِيهِ الْإِرْثُ ، وَهَذَا الْمَعْنَى أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يَنْحَصِرَ .
وَأَمَّا الْعُدُولُ عَنْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ اسْتِحْسَانًا لِمَعْنًى لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ ، فَهُوَ مِمَّا لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحُكْمِ بِالْهَوَى الْمُحَرَّمِ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ { يَا دَاوُدُ إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ } .
( إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ ) ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ بِابْنٍ جَازَ إقْرَارُهُ وَلَحِقَ بِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا أَنْكَرَ الِابْنَ أَوْ أَقَرَّ ، وَفِيهَا

مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ صَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ أَكْذَبَهُ الْوَلَدُ لَا الْأُمُّ اتِّفَاقًا وَلَا الْجَدُّ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَحَكَى الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْجَدَّ يَسْتَلْحِقُ ، وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِحَمْلِهِ عَلَى قَوْلِهِ الْجَدُّ أَبُو هَذَا ابْنِي ، فَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ قُلْت فَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدَ وَلَدٍ فَقَالَ هَذَا ابْنُ ابْنِي وَابْنُهُ مَيِّتٌ هَلْ يُلْحَقُ بِهِ إذَا كَانَ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ كَمَا يَلْحَقُهُ بِهِ ابْنُهُ لِصُلْبِهِ ، قَالَ لَا ، لِأَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَخِ وَالْعَصَبَةِ وَالْمَوْلَى لَا يَجُوزُ اسْتِلْحَاقُهُ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ ، وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَهُ لَوْ كَانَ حَيًّا فَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ ابْنَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْجَدِّ اسْتِلْحَاقُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُلْحِقَ وَلَدَهُ وَلَدًا هُوَ لَهُ مُنْكِرٌ .
وَقِيلَ إذَا اسْتَلْحَقَ الْجَدُّ وَلَدَ وَلَدِهِ لَحِقَ بِهِ حَكَاهُ التُّونُسِيُّ ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَّا عَلَى مَا نَذْكُرُهُ ، فَإِنْ قَالَ ابْنُ وَلَدِي أَوْ وَلَدُ ابْنِي فَلَا يُصَدَّقُ ، وَإِنْ قَالَ أَبُو هَذَا وَلَدِي أَوْ وَالِدُ هَذَا ابْنِي صُدِّقَ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقِهِ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ ا هـ .
زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا يَصْلُحُ اسْتِلْحَاقُ الْجَدِّ ، وَلَا يَصِحُّ إلَّا مِنْ الْأَبِ مَا عَلِمْت فِيهِ خِلَافًا .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ وَالْجَدُّ .
ا هـ .
وَنَقْلُ كَلَامِ الْبَاجِيَّ كَالْمُنَكِّتِ بِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ابْنُ عَرَفَةَ اسْتِلْحَاقُ الْأُمِّ لَغْوٌ .
وَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِي رَجُلٍ لَهُ امْرَأَةٌ وَلَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ وَلَدُهَا مِنْ زَوْجٍ غَيْرِهِ ، وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ امْرَأَةٍ غَيْرِهَا أَنَّهُ يُلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَلَا يُقْبَلُ

قَوْلُ الْمَرْأَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَعْلَمُهُ أَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا اسْتِلْحَاقُ وَلَدٍ بِخِلَافِ الْأَبِ ، لِأَنَّ الْوَلَدَ يُنْسَبُ إلَى أَبِيهِ لَا إلَى أُمِّهِ ، وَلَوْلَا مَا حَكَمَ بِهِ لَكَانَ نِسْبَتُهُ إلَى أُمِّهِ أَوْلَى لِأَنَّهَا أَخَصُّ بِهِ مِنْ أَبِيهِ ، لِأَنَّهُمَا اشْتَرَكَا فِي الْمَاءِ ، وَاخْتَصَّتْ بِالْحَمْلِ وَالْوَضْعِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْقَذْفِ مِنْهَا إنْ نَظَرَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَجُلٍ فَقَالَتْ ابْنِي وَمِثْلُهُ يُولَدُ لَهَا وَصَدَّقَهَا فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهَا ، إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ يُلْحَقُ بِهِ ، وَفِي الْوَلَاءِ مِنْهَا إنْ جَاءَتْ امْرَأَةٌ بِغُلَامٍ مَفْصُولٍ فَادَّعَتْ أَنَّهُ وَلَدُهَا فَلَا يُلْحَقُ بِهَا فِي مِيرَاثٍ وَلَا يُحَدُّ مَنْ افْتَرَى عَلَيْهَا بِهِ .
ابْنُ يُونُسَ سَحْنُونٌ مَا عَلِمْت بَيْنَ النَّاسِ اخْتِلَافًا أَنَّ إقْرَارَ الرَّجُلِ بِوَلَدِ وَلَدٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ أَخٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ سَائِرِ الْقَرَابَاتِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَثْبُتُ مَعَ وَارِثٍ مَعْرُوفٍ أَوْ مَعَ غَيْرِ وَارِثٍ .
قَالَ هُوَ وَأَصْبَغُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوْلًى غَيْرُ هَذَا الْمُقَرِّ بِهِ ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَيَسْتَوْجِبُ مِيرَاثَهُ ، وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبٌ .
وَإِنْ أَتَى بَعْدَ ذَلِكَ آخَرُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَارِثُهُ كَانَ أَحَقَّ بِالْمِيرَاثِ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ أَيْضًا لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ لَهُ وَلَا يَرِثُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُ بِذَلِكَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ .
أَصْبَغُ إنْ أَقَرَّ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ وَارِثُهُ وَلَهُ وَرَثَةٌ مَعْرُوفُونَ وَلَمْ يَمُتْ لِمُقِرٍّ حَتَّى مَاتَ وَرَثَتُهُ الْمَعْرُوفُونَ ، فَإِنَّ مِيرَاثَهُ لِهَذَا الَّذِي أَقَرَّ لَهُ أَنَّهُ وَارِثُهُ وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ .
وَإِنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ ( مَجْهُولَ النَّسَبِ ) فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ ادَّعَى وَلَدًا لَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ فِيهِ لَحِقَ بِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ بِهِ كَذِبُهُ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ أَوْ هُوَ

مِنْ الْمَحْمُولِينَ مِنْ بَلْدَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا كَالزِّنْجِ وَالصَّقَالِبَةِ ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ حَتَّى مَاتَتْ ، وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَ مَحْمُولًا مِنْ بَلْدَةٍ دَخَلَهَا لَحِقَ بِهِ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ بَعْضُ أَشْيَاخِنَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّ الصَّبِيِّ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى هَذَا الْمُدَّعِي ، وَكَذَا نَحَّى بَعْضُ أَشْيَاخِنَا أَنَّهُ إذَا عُرِفَ لِلْوَلَدِ نَسَبٌ وَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ الْمُدَّعِي ، وَكَأَنَّهُ نَفَاهُ مِنْ نَسَبِهِ ، وَفِي هَذَا عِنْدِي نَظَرٌ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ إنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِغَيْرِهِ يُحَدُّ حَدَّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ نَفَاهُ عَنْ نَسَبِهِ .
( إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ ) أَيْ الْأَبُ فِي اسْتِلْحَاقِهِ ( الْعَقْلَ لِصِغَرِهِ ) أَيْ الْأَبِ عَمَّنْ اسْتَلْحَقَهُ الْأَبُ عِلَّةً لِتَكْذِيبِهِ ، وَعَبَّرَ ابْنُ شَاسٍ بِالْحِسِّ بَدَلَ الْعَقْلِ ( أَوْ ) لَمْ تُكَذِّبْهُ ( الْعَادَةُ ) لِكَوْنِ الْمُسْتَلْحِقِ بِكَسْرِ الْحَاءِ لَمْ يَدْخُلْ الْبَلَدَ الَّذِي وُلِدَ بِهِ الْمُسْتَلْحَقُ بِفَتْحِهَا ( أَوْ ) لَمْ يُكَذِّبْهُ ( الشَّرْعُ ) كَاسْتِلْحَاقِ مَعْرُوفِ النَّسَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَيُبْطِلُهُ مَانِعُ الْعَقْلِ كَكَوْنِهِ لَيْسَ بِأَسَنَّ مِمَّنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ الْعَادَةُ كَكَوْنِهِ لَمْ يَدْخُلْ حَيْثُ وُلِدَ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ الشَّرْعُ كَشُهْرَةِ نِسْبَتِهِ لِغَيْرِهِ فِيهَا مَنْ بَاعَ صَغِيرًا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ صُدِّقَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَلَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ كَمَنْ وُلِدَ بِأَرْضِ شِرْكٍ وَأُتِيَ بِهِ فَادَّعَاهُ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ تِلْكَ الْبَلْدَةَ قَطُّ ، أَوْ تَقُومُ بَيِّنَةٌ أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَزَلْ زَوْجَةً لِفُلَانٍ حَتَّى مَاتَتْ وَإِنْ شَهِدَتْ أَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مِلْكًا لِفُلَانٍ فَلَا أَدْرِي ، وَلَعَلَّهُ تَزَوَّجَهَا وَفِيهَا مِمَّا يَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ لَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَلَدِ أَبٌ مَعْرُوفٌ .
( وَ ) إنْ ( لَمْ يَكُنْ )

الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ( رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ ، فَإِنْ كَانَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الظَّاهِرِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ لِاتِّهَامِهِ بِرَفْعِ مِلْكِ مَالِكِهِ عَنْهُ ( أَوْ ) أَيْ لَمْ يَكُنْ ( مَوْلًى ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ عَلَيْهِ وَلَا بِالْعِتْقِ لِمُكَذِّبِهِ ، فَإِنْ كَانَ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الظَّاهِرِ لِاتِّهَامِهِ بِرَفْعِ الْوَلَاءِ عَنْهُ ( لَكِنَّهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ( يُلْحَقُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ( بِهِ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ فِي الصُّورَتَيْنِ فِي الْبَاطِنِ ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ ابْنًا لِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ ، وَمَوْلًى لِمُعْتَقِهِ أَوْ رِقًّا لِمَالِكِهِ ، فَإِنْ مَلَكَهُ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مَالِكُهُ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ غَيْرَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إنْ أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ وَلَا يَرِثُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمِّ وَالْوَلَدِ مَضَى ذَلِكَ وَأُلْحِقَتْ بِهِ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَمْ أَزَلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ، لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدٍ .
وَقِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَرَأَيْت مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ الْمُبْتَاعُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ أَنْ تُقْبَلَ دَعْوَاهُ وَيُنْقَضَ الْبَيْعُ فِيهِ وَلَا يُعْتَقَ ، قَالَ أَرَى إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ .
سَحْنُونٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعْدَلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ ، وَفِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ ابْنُهُ لَحِقَ بِهِ وَرَدَّ الثَّمَنَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ .
ابْنُ عَبْدِ

الرَّحْمَنِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى يَوْمِ اسْتِحْقَاقِهِ كَمَنْ تَعَمَّدَ طَرْحَ وَلَدِهِ .
وَقِيلَ بَلْ هُوَ كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ لَا يَغْرَمُ أَجْرَ خِدْمَتِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا لَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا .
وَقَالَ غَيْرُهُمَا إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ فِيهِ رَجَعَ بِنَفَقَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِدْمَةٌ وَأَقَرَّ الْمُبْتَاعُ بِاسْتِخْدَامِهِ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالنَّفَقَةُ بِالْخِدْمَةِ .
ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَعْدَلُهَا ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ عَنْ سَحْنُونٍ أَفَادَهُ .
" ق " .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَوْ مَوْلًى لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، كَذَا فِي النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْنَاهَا ، وَظَاهِرُهُ مُتَدَافِعٌ ، لِأَنَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَقْتَضِي أَنَّ شَرْطَ الِاسْتِلْحَاقِ أَنْ لَا يَكُونَ الْمُسْتَلْحَقُ رِقًّا لِمَنْ يُكَذِّبُ الْمُسْتَلْحِقَ ، أَوْ مَوْلًى لَهُ ، وَأَنَّهُ إنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ ، وَقَوْلُهُ آخَرُ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ مُنَاقِضٌ لَهُ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ فَلَا يُصَدَّقُ إذَا أَكْذَبَهُ الْحَائِزُ لِرِقِّهِ أَوْ لِوَلَائِهِ وَلَا يَرِثُهُ لَا بِبَيِّنَةٍ تُثْبِتُ .
أَبُو الْحَسَنِ هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ لِابْنِ يُونُسَ ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، وَهُوَ أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا وُلِدَ عِنْدَهُ مِنْ أَمَتِهِ أَوْ وُلِدَ لَهُ بَعْدَ بَيْعِهَا بِمِثْلِ مَا يُلْحَقُ بِهِ الْإِنْسَانُ وَلَمْ يَطْلُبْهُ الْمُبْتَاعُ وَلَا زَوْجَ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ ، فَهَذَا يُلْحَقُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ .
وَالثَّانِي أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مِلْكُ أُمِّهِ بِشِرَاءٍ وَلَا نِكَاحٍ ، فَهَذَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا

لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ وَلَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ سَحْنُونٍ .
وَالثَّالِثُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ وَلَدًا وُلِدَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ غَيْرُهُ ، فَهَذَا لَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُلْحَقُ بِهِ وَيَكُونُ ابْنًا لَهُ وَمَوْلًى لِمَنْ أَعْتَقَهُ ، أَوْ عَبْدًا لِمَنْ مَلَكَهُ ا هـ .
فَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، أَوْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ مَا ذَكَرَ ، وَأَنَّهُ يُلْحَقُ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ مَعَ بَقَاءِ رِقِّهِ أَوْ وَلَائِهِ لِحَائِزِهِ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْهُ ، وَوَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَيْضًا فِي أَوَّلِ سَمَاعٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ نَحْوَهُ .
وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ الصَّحِيحُ ، إذْ لَا يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ وَلَدًا لِلْمَقَرِّ بِهِ الْمُسْتَلْحِقِ لَهُ وَعَبْدًا لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ ، وَقَالَ هُوَ خِلَافُ مَا فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
الْبُنَانِيُّ ، كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ .
أَمَّا أَشْهَبُ فَلِأَنَّهُ قَالَ يُلْحَقُ بِهِ مَعَ بَقَائِهِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ مَنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ وَمَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذَلِكَ ، وَأَيْضًا قَوْلُ أَشْهَبَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفُ عَزَا مَا هُنَا لَهَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا إلَخْ .
وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا التَّفْصِيلُ وَاحِدًا مِنْهَا .
الْأَوَّلُ : مَنْ اسْتَلْحَقَ صَبِيًّا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إذَا كَذَّبَهُ الْحَائِزُ لَهُ .
الثَّانِي : مَنْ بَاعَ صَبِيًّا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ .
الثَّالِثُ : فِيمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ فَاسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَقَعْ عِتْقٌ وَإِلَّا مَضَى لِلْعِتْقِ وَالْوَلَاءُ

لِمُبْتَاعٍ وَالْمَوَاضِعُ الثَّلَاثَةُ فِي الْمُصَنَّفِ ، وَنَقَلَ لَفْظَهَا " ق " و " ح " ، وَالتَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ لَا يَجْرِي عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا .
فَإِنْ قِيلَ هَلْ يَصِحُّ بِنَاءً عَلَى جَمْعِ الْعَوْفِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ، قُلْت لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الثَّانِيَ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ لَا اللُّحُوقُ فَقَطْ ، وَالْمَوْضِعُ الثَّالِثُ فِيهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ وُقُوعِ الْبَيْعِ دُونَ عِتْقٍ فَيُنْقَصُ ، وَمَعَهُ فَلَا يُنْقَضُ ، ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ طخ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ كَوْنُ قَوْلِهِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، أَيْ إنْ اشْتَرَاهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ إلَخْ ، وَأَمَّا جَعْلُهُ رَاجِعًا لِلْمَنْطُوقِ فَبَعِيدٌ جِدًّا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِيهَا أَيْضًا ، وَيُصَدَّقُ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ ، وَإِنْ كَبِرَ أَوْ مَاتَ

( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فِيهَا مَا سَبَقَ مِنْ شَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ رِقًّا وَلَا مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ ، قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ ( يُصَدَّقُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ رِقًّا أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَيُنْقَضُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مُشْتَرِيهِ ، بَلْ ( وَإِنْ أَعْتَقَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ( مُشْتَرِيهِ ) مِنْ مُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ فَيُنْقَضُ عِتْقُهُ وَيُرَدُّ لِمُسْتَلْحِقِهِ ، وَيَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ ( إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ( عَلَى كَذِبِهِ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ فِي اسْتِلْحَاقِهِ بِعَقْلٍ أَوْ عَادَةٍ أَوْ شَرْعٍ .
الْحَطّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَابٍ آخَرَ أَرَأَيْت مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ فَأَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ أَتُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَيُنْقَضُ بَيْعُهُ وَعِتْقُهُ ، فَقَالَ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ .
ابْنُ يُونُسَ سَحْنُونٌ هَذَا أَعْدَلُ قَوْلِهِ فِي هَذَا الْأَصْلِ .
ا هـ .
وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ ، فَإِنَّهُ قَالَ وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ مُشْتَرِيهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَوَّلَ الْبَابِ إنْ أَكْذَبَهُ مَنْ أَعْتَقَهُ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَقَالَ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُ الْبَائِعِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَرَجَّحَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ هُوَ أَعْدَلُ قَوْلِهِ ا هـ .
وَفَرَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَمْلِكْ أُمَّهُ فَلَيْسَ مَعَهُ قَرِينَةٌ تُصَدِّقُهُ بِخِلَافِ هَذِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا الْفَرْقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا سَيَأْتِي ، وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأُولَى لَمْ يَدْخُلْ الْعَبْدُ فِي مِلْكِهِ كَانَ أَبْيَنَ ، فَإِنَّ جَمِيعَ الْمَسَائِلِ الْآتِيَةِ الَّتِي

قَالَ فِيهَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ كَانَ الْعَبْدُ أَوْ أُمُّهُ فِي مِلْكِهِ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ ، وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ أَكْثَرِ مَسَائِلِ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ فِيهَا مَنْ بَاعَ صَبِيًّا وُلِدَ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ يُولَدْ عِنْدَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَرَدَّ ثَمَنَهُ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ ، فَظَاهِرُ هَذَا سَوَاءٌ مَلَكَ أُمَّهُ أَمْ لَا ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ ثُمَّ قَالَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ وَلَمْ يَدَّعِهِ فَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، وَيُرَدُّ الْبَيْعُ ، وَتَعُودُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا وَإِنْ ادَّعَاهُ بَعْدَ عِتْقِ الْمُبْتَاعِ الْأُمَّ وَالْوَلَدَ أَلْحَقَتْ بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ وَلَمْ أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا ، وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ، وَكَذَلِكَ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِمَا ، وَلَوْ أَعْتَقَ الْأُمَّ خَاصَّةً لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ وَقَبِلْتُهُ فِي الْوَلَدِ ، وَلَحِقَ بِهِ ، وَرَدَّ الثَّمَنَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ ثَمَنُ أُمِّ وَلَدِهِ .
وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ خَاصَّةً هُوَ الْمُعْتَقُ لَثَبَتَ وَلَاؤُهُ لِمُعْتِقِهِ ، وَأَلْحَقْت الْوَلَدَ لِمُسْتَلْحِقِهِ وَأَخَذَ الْأُمَّ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا لِدَنَاءَتِهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ ، وَإِنْ اتَّهَمَ فِيهَا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ إذَا بَاعَ الْأَمَةَ وَهِيَ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فِيمَا ذَكَرْنَا .
ا هـ .
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ إلَخْ ، وَقَوْلُهُ وَلَحِقَ بِهِ مُطْلَقًا .
أَيْ سَوَاءٌ أَعْتَقَ الْأُمَّ أَوْ لَمْ يَعْتِقْهَا أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا أَلْحَقْت بِهِ نَسَبَ الْوَلَدِ ، وَلَمْ

أُزِلْ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ وَلَائِهِمَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ ، فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ وَلَائِهِ فَهَلْ يُصَدَّقُ وَيُلْحَقُ وَبِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِهِ هُوَ الظَّاهِرُ .
فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي مِلْكِ مَالِكِهِ ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، وَيُنْقَضُ بَيْعُهُ إنْ لَمْ يُعْتِقْهُ مُشْتَرِيهِ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ فَهَلْ يُنْقَضُ الْبَيْعُ وَالْعِتْقُ أَوْ لَا قَوْلَانِ ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ إذَا اُسْتُلْحِقَ الْوَلَدُ الَّذِي بَاعَ أُمَّهُ وَكَانَ وُلِدَ عِنْدَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نَسَبٌ وَهُوَ حَيٌّ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَرُدُّ إلَيْهِ وَلَدًا وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ أُعْتِقَ وَيُنْقَضُ الْعِتْقُ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ .
وَيَلْحَقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ مُسْتَلْحِقَهُ إنْ صَغُرَ بَلْ ( وَإِنْ كَبِرَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ، أَيْ كَانَ بَالِغًا حِينَ اسْتِلْحَاقِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَا كَلَامَ لِلْمُسْتَلْحِقِ وَلَوْ كَانَ كَبِيرًا فَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ دُونَ ذِكْرِ خِلَافٍ فِيهِ ، وَذَكَرْت فِي اخْتِصَارِ الْحُوفِيَّةِ أَنَّ فِي شَرْطِ الِاسْتِلْحَاقِ بِتَصْدِيقِ الْمُسْتَلْحَقِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ طُرُقًا ، الْأُولَى : لِابْنِ خَرُوفٍ وَالْحُوفِيِّ اشْتِرَاطُهُ .
الثَّانِيَةُ : لِلْبَيَانِ وَالْجَوَاهِرِ عَدَمُهُ .
الثَّالِثَةُ : لِلصَّقَلِّيِّ يُشْتَرَطُ فِي مَجْهُولِ حَوْزِ الْأُمِّ لَا فِي غَيْرِهِ وَفِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْهَا مَنْ وُلِدَ عِنْدَهُ صَبِيٌّ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ لَحِقَ بِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْوَلَدُ .
وَفِي الشَّهَادَاتِ مِنْهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ

أَنَّهُ وَلَدُهُ أَوْ وَالِدُهُ لَمْ يَحْلِفْ لَهُ ، فَظَاهِرُهُ شَرْطُ التَّصْدِيقِ ، وَكَذَا قَوْلُهَا فِي الْوَلَاءِ وَالْمَوَارِيثِ مَنْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أَنَّهُ مَوْلَاهُ مِنْ فَوْقُ أَوْ مِنْ أَسْفَلُ وَفُلَانٌ يَجْحَدُ فَلَهُ إيقَاعُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، وَيُقْضَى لَهُ .
وَفِي بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ مِنْ النَّوَادِرِ مُحَمَّدٌ مَنْ ادَّعَى فِي وَلَدٍ مِنْ امْرَأَةٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْهَا فَقَالَتْ ، بَلْ هُوَ وَلَدِي مِنْ غَيْرِك وَلَمْ تُسَمِّ أَحَدًا ، فَإِنْ لَمْ يُجِزْهُ نَسَبٌ لَحِقَ بِمُسْتَلْحِقِهِ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ ، وَإِنْ سَمَّتْ غَيْرَهُ وَحَضَرَ فَادَّعَاهُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ وَإِنْ كَانَا طَارِئَيْنِ ، وَإِلَّا نَظَرَ مَنْ كَانَ يَعْرِفُ بِحَوْزِهَا ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي حِيَازَةِ أَحَدٍ كَانَ وَلَدَ زِنًا ، وَلَا يُلْحَقُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا .
قُلْت هَذَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِشَرْطِ الِاسْتِلْحَاقِ بِثُبُوتِ تَقَدُّمِ نِكَاحِ الْمُسْتَلْحِقِ أُمَّ الْوَلَدِ أَوْ مِلْكِهِ إيَّاهَا وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ أَوْ لَا إنْ لَمْ تُسَمِّ أَحَدًا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِمُسْتَلْحِقِهِ فَتَأَمَّلْهُ .
وَيَلْحَقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ مُسْتَلْحِقَهُ إنْ كَانَ حَيًّا ، بَلْ ( أَوْ ) أَيْ وَإِنْ ( مَاتَ ) الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ .
" ق " فِيهَا مَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَالٍ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي مِيرَاثِهِ وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ وَمِنْ الِاسْتِفْتَاءِ أَشْهَبُ إذَا مَاتَ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ عَنْ مَالٍ وَمَوَالٍ ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ الْمُلَاعِنُ وَلَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدٍ فَلَا يُصَدَّقْ لِاتِّهَامِهِ بِجَرِّ الْوَلَاءِ وَالْمَالِ لِنَفْسِهِ ، وَقَدْ وَجَبَ لِأُمِّهِ وَمَوَالِيهِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ ، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صُدِّقَ وَلَحِقَ بِهِ وَوَرِثَ نَصِيبَهُ مِنْ بَنِيهِ أَوْ بَنَاتِهِ وَضُرِبَ الْحَدَّ فِي

الْمَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ أَمْ لَمْ يَلْحَقْ ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ أَمَةً حَامِلًا ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ مَوْتِ وَلَدِهَا بِأَنَّهُ ابْنُهُ فَلَا يُصَدَّقُ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا وَلَا وَلَدَ وَلَدِهِ .

وَوَرِثَهُ ، إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ ، أَوْ بَاعَهُ ، وَنُقِضَ ، وَرَجَعَ بِنَفَقَتِهِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ

( وَ ) إذَا اسْتَلْحَقَ مَيِّتًا ( وَرِثَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ بِالْفَتْحِ ( إنْ وَرِثَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ ( ابْنٌ ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا هُوَ فِي إرْثِهِ مِنْهُ ، وَأَمَّا نَسَبُهُ فَلَاحِقٌ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرِثُهُ إذَا وَرِثَهُ ابْنٌ ذَكَرٌ وَأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ بِنْتٌ أَوْ غَيْرُهَا لَا يَرِثُهُ ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي اللِّعَانِ ، فَإِنْ قَالَ فِيهِ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحَقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ .
وَمَا فِي اللِّعَانِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ وَنَصُّهَا وَمَنْ نَفَى وَلَدًا بِلِعَانٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَنْ مَالٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ضُرِبَ الْحَدَّ وَلَحِقَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِ فِي مِيرَاثِهِ ، وَيُحَدُّ وَلَا يَرِثُهُ .
أَبُو الْحَسَنِ فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ يَسِيرًا غَيْرَهُ أَوْ يَكُونَ وَلَدُهُ عَبْدًا ، وَهَذَا إنَّمَا هُوَ فِي الْمِيرَاثِ .
وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَاحِقٌ لِأَنَّ إلْحَاقَ النَّسَبِ يَنْفِي كُلَّ تُهْمَةٍ .
الشَّيْخُ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَنْ يَرِثَ ، وَلَكِنْ سَبَقَ النَّفْيُ إلَى هَذَا الْوَلَدِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ اللِّعَانِ عَقِبَ نَقْلِهِ كَلَامَهَا ظَاهِرُ كَلَامِهَا وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْمَغَارِبَةِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ بِنْتًا فَلَا يَرِثُ مَعَهَا ، بِخِلَافِ إقْرَارِ الْمَرِيضِ لِصَدِيقٍ مُلَاطِفٍ فَإِنَّهُ إنْ تَرَكَ بِنْتًا صَحَّ إقْرَارُهُ لِأَنَّهُ يَنْقُصُ قَدْرَ إرْثِهَا .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِيمَنْ نَفَى الْوَلَدَ وَلَاعَنَ فِيهِ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ وَوَلَدٍ وَأَقَرَّ الْمُلَاعِنُ بِهِ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُحَدُّ ، وَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يَلْحَقُهُ .
وَاخْتُلِفَ فِي الْمِيرَاثِ

فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَلَدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِتُهْمَتِهِ فِي إرْثِهِ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا قُبِلَ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ نَسَبٌ يُلْحَقُ بِهِ ، وَرَوَى الْبَرْقِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْمِيرَاثَ قَدْ تُرِكَ لِمَنْ تَرَكَ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ تَرَكَ وَلَدًا .
أَبُو إبْرَاهِيمَ فَضْلٌ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا قُبِلَ قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ اسْتِلْحَاقِهِ إنْ كَانَ الْوَلَدُ قَدْ مَاتَ مُثْلَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَأَصْبَغَ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْفَاسِيِّينَ إنَّمَا يُتَّهَمُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فِي وَارِثِهِ فَقَطْ ، وَأَمَّا نَسَبُهُ فَثَبَتَ بِاعْتِرَافِهِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهَذَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ ، وَنَصَّهُ سَحْنُونٌ فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَهْلَكُ عَنْ بِنْتٍ وَعَصَبَةٍ ثُمَّ يَسْتَحْلِقُهُ الْمُلَاعِنُ تَلْحَقُ ابْنَةُ الْمَيِّتِ بِجَدِّهَا ، وَيَرْجِعُ الْجَدُّ عَلَى الْعَصَبَةِ بِالنِّصْفِ الَّذِي أَخَذُوا مِنْ مِيرَاثِ وَلَدِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَهُ الْمَيِّتَ الَّذِي لَاعَنَ بِهِ اسْتِلْحَاقٌ لِابْنَتِهِ فَتَلْحَقُ بِجَدِّهَا ، وَهَذَا مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُلَاعِنَ لَهُ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ الَّذِي لَاعَنَ بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَلْحَقَهُ لِيَرِثَهُ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَكَمَا لَا يُتَّهَمُ مَعَ الْوَلَدِ ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَعَهُ السُّدُسُ فَكَذَلِكَ لَا يُتَّهَمُ مَعَ الْبِنْتِ ، وَإِنْ وَرِثَ مَعَهَا النِّصْفَ إذْ قَدْ يَكُونُ مَالُ الَّذِي تَرَكَ الِابْنَ كَثِيرًا فَيَكُونُ سُدُسُهُ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مَالِ مَنْ تَرَكَ بِنْتًا .
ا هـ .
فَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ لَفْظَ الْوَلَدِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الذَّكَرِ لَكِنَّهُ سَاوَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبِنْتِ فِي الْحُكْمِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ غَيْرَ وَلَدٍ فَلَا يُصَدَّقُ مُسْتَلْحَقُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَصْدِيقِهِ مَعَ الْوَلَدِ لُحُوقُ نَسَبِ الْوَلَدِ

، وَهَذَا يَرْفَعُ التُّهْمَةَ .
فَفِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا وَجَنَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي جِنَايَةً مَاتَ مِنْهَا ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَائِعُهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيَرِثُ مِنْهُ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ حُرًّا وَرِثَ الْأَبُ مَعَهُ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا وَرِثَ جَمِيعَهَا لِأَنَّ اسْتِلْحَاقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ اسْتِلْحَاقُ الْوَلَدِ وَاسْتِلْحَاقُ النَّسَبِ يَرْفَعُ التُّهْمَةَ فِي الْمِيرَاثِ .
وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَائِدَتَانِ ، إحْدَاهُمَا أَنَّهُ إنْ وُجِدَ لِلْمُسْتَلْحِقِ وَلَدٌ كَافِرٌ وَرِثَهُ الْمُسْتَلْحَقُ وَإِنْ حُجِبَ الْكَافِرُ مِنْ الْمِيرَاثِ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ اللِّعَانِ ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ " غ " .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمَ إنَّمَا هُوَ فِي ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهُ ، وَمَا فِي كَلَامِ سَحْنُونٍ مُوَافِقٌ لَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ عَبْدُهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَ بِهِ ( وَنُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ فُسِخَ بَيْعُهُ فَيَرُدُّ الْمُسْتَلْحِقُ ثَمَنَهُ ( وَرَجَعَ ) مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ ( بِنَفَقَتِهِ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ ( إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ ( خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ إلَى يَوْمِ اسْتِلْحَاقِهِ كَمَنْ تَعَمَّدَ طَرْحَ وَلَدِهِ ، وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِهَا كَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ ، وَقِيلَ إنْ كَانَ صَغِيرًا لَا خِدْمَةَ لَهُ رَجَعَ بِنَفَقَتِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُ خِدْمَةٌ أَقَرَّ بِهَا الْمُبْتَاعُ أَوْ ثَبَتَتْ فَلَا يَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا أَعْدَلُهَا .

وَإِنْ ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ فَقَوْلَانِ ، فِيهَا : وَإِنْ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ فَاسْتَلْحَقَهُ : لَحِقَ وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا ، إنْ اُتُّهِمَ بِمَحَبَّةٍ ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ ، أَوْ وَجَاهَةٍ ، وَرَدَّ ثَمَنَهَا ، وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا

( وَإِنْ ) بَاعَ أَمَةً بِلَا وَلَدٍ ثُمَّ ( ادَّعَى ) بَائِعُهَا ( اسْتِيلَادَهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي بَاعَهَا ( بِ ) وَلَدٍ ( سَابِقٍ ) مِنْهُ عَلَى بَيْعِهَا ( فَ ) فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَنَقْضِ بَيْعِهَا وَعَدَمِهِمَا ( قَوْلَانِ ) مَنْصُوصَانِ ( فِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ " غ " فِي كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ بَاعَ أَمَةً فَأُعْتِقَتْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّهُ كَانَ أَوْلَدَهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
عِيَاضٌ فِي كِتَابِ الْآبِقِ قَالَ مَرَّةً لَا تَرَدُّدَ مُطْلَقًا وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ ، وَقَالَ مَرَّةً تُرَدُّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا .
وَحَكَى بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي كِتَابِ الْآبِقِ لَهُ رَدُّهَا مُطْلَقًا أَيْضًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَتِنَا .
ا هـ .
وَأَرَادَ بِبَعْضِهِمْ اللَّخْمِيَّ ، فَمَعْنَى قَوْلِهِ بِسَابِقٍ بِوَلَدٍ سَابِقٍ احْتِرَازًا مِنْ الَّتِي بَعْدَهَا ، وَالضَّمِيرُ فِي فِيهَا لِلْمُدَوَّنَةِ ، ( وَإِنْ بَاعَهَا ) أَيْ الْأَمَةَ ( فَوَلَدَتْ ) عِنْدَ مُشْتَرِيهَا لِأَقَلَّ مِنْ أَقْصَى مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ ( فَاسْتَلْحَقَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ وَلَدَهَا بِأَنْ قَالَ هُوَ ابْنُهُ ( لَحِقَ ) وَلَدُهَا بِهِ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يُصَدَّقْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا بَائِعُهَا ( فِيهَا ) أَيْ الْأَمَةِ الَّتِي بَاعَهَا وَاسْتَلْحَقَ وَلَدَهَا فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ ( وَإِنْ اُتُّهِمَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيِّ مَشْدُودَةً وَكَسْرِ الْهَاءِ بَائِعُهَا فِيهَا ( بِ ) سَبَبِ ( مَحَبَّةٍ ) مِنْهُ لَهَا ( أَوْ عَدَمِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ أَيْ فَقَدْ ( ثَمَنٍ ) لَهَا مِنْ يَدِهِ بِإِنْفَاقِهِ مَثَلًا بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْ مُشْتَرِيهَا ( أَوْ ) بِسَبَبِ ( وَجَاهَةٍ ) أَيْ نَبَاهَةٍ أَوْ جَمَالٍ أَوْ حُسْنٍ ( وَرَدَّ ) بَائِعُهَا ثَمَنَهَا لِمُشْتَرِيهَا .
ابْنُ يُونُسَ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَا تُبَاعُ ( وَلَحِقَ بِهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ( الْوَلَدُ ) الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ لُحُوقًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ اتِّهَامِهِ فِيهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ بِعَدَمِ عِتْقِهَا أَوْ بِحَيَاةِ الْوَلَدِ .
" ق "

فِيهَا وَمَنْ ابْتَاعَ أَمَةً وَوَلَدَهَا أَوْ ابْتَاعَهَا دُونَ وَلَدٍ فَوَلَدَتْ عِنْدَهُ لِمَا تُلْحَقُ فِيهِ الْأَنْسَابُ وَلَمْ يَدَّعِهِ وَادَّعَاهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ ، وَيُرَدُّ الْبَيْعُ وَتَعُودُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ اُتُّهِمَ فِيهَا وَهُوَ مَلِيءٌ وَلَمْ يُرَدَّ إلَيْهِ إلَّا الْوَلَدُ بِحِصَّتِهِ ، وَلَا تُرَدُّ هِيَ حَتَّى يَسْلَمَ مِنْ خَصْلَتَيْنِ الْعَدَمُ وَالصَّبَابَةُ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ عَدِيمًا لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِصَبَابَةٍ وَلَا بِمَا صَلَحَتْ فِي بَدَنِهَا وَفَرِهَتْ وَهُوَ مَلِيءٌ فَتُرَدُّ إلَيْهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ ، وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ وَهُوَ عَدِيمٌ لَحِقَ بِهِ وَاتُّبِعَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ أَقَرَّ بِهِ يُرِيدُ عَلَى الْحِصَّةِ وَلَا تُرَدُّ الْأَمَةُ إلَيْهِ .
ا هـ .
مِنْ ابْنِ يُونُسَ

وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ : عَتَقَ كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ

( وَإِنْ ) اسْتَلْحَقَ رَجُلٌ رَقِيقًا لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ مَالِكُهُ فَأُلْغِيَ اسْتِلْحَاقُهُ ثُمَّ ( اشْتَرَى ) الْمُسْتَلْحَقَ بِالْكَسْرِ ( مُسْتَلْحَقَةً ) بِالْفَتْحِ ( وَ ) الْحَالُ ( الْمِلْكُ ) جَارٍ عَلَى الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ حِينَ اسْتِلْحَاقِهِ فَأُلْغِيَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ( عَتَقَ ) بِفَتَحَاتِ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ عَلَى مُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَالْأَبُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى ابْنِهِ ، وَقَوِيَ الْحُكْمُ بِعِتْقِهِ بِالتَّشْبِيهِ فَقَالَ ( كَ ) عِتْقِ الرَّقِيقِ عَلَى ( شَاهِدٍ ) لَهُ بِالْعِتْقِ عَلَى مَالِكِهِ فَلَمْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَ ( رُدَّتْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ( شَهَادَتُهُ ) أَيْ الشَّاهِدِ بِالْعِتْقِ لِمَانِعٍ قَامَ بِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الشَّاهِدُ الرَّقِيقَ الْمَشْهُودَ لَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ .
" ق " فِيهَا إنْ اسْتَلْحَقَ ابْنٌ أَمَةً لِرَجُلٍ وَادَّعَى نِكَاحَهَا وَكَذَّبَهُ السَّيِّدُ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ وَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ فَيُلْحَقَ بِهِ ، وَيَكُونَ حُرًّا كَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ وُلِدَ بِنِكَاحٍ لَا بِحَرَامٍ ، وَإِنْ ابْتَاعَ الْأُمَّ فَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّهُ أَوْلَدَهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا وَادَّعَى أَنَّ حَمْلَهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِهِ وَتَكُونُ هِيَ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ .
الْحَطّ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ ابْتَاعَهُ مِنْهُ أَوْ شَهِدَ عَلَى أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فِي وَصِيَّتِهِ ، فَصَارَ الْعَبْدُ فِي قَسْمِهِ أَوْ أَقَرَّ بَعْدَ أَنْ اشْتَرَى عَبْدًا أَنَّهُ حُرٌّ أَوْ شَهِدَ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْتَقَهُ وَالْبَائِعُ مُنْكِرًا ، أَوْ قَالَ كُنْت بِعْت عَبْدِي هَذَا مِنْ فُلَانٍ فَأَعْتَقَهُ ، وَفُلَانٌ يَجْحَدُ ذَلِكَ فَالْعَبْدُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حُرٌّ

بِالْقَضَاءِ ، وَوَلَاؤُهُ لِمَنْ زَعَمَ هَذَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ .

وَإِنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ : لَمْ يَرِثْهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ

( وَإِنْ اسْتَلْحَقَ ) شَخْصٌ شَخْصًا ( وَارِثًا غَيْرَ وَلَدٍ ) لِمُسْتَلْحِقِهِ بِالْكَسْرِ كَأَخٍ وَعَمٍّ وَأَبٍ وَأُمٍّ فَلَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ لَهُ و ( لَمْ ) الْأَوْلَى وَلَا ( يَرِثْهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ ( إنْ كَانَ ) أَيْ وُجِدَ ( وَارِثٌ ) لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ " غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ الْحَطّ اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ ، فَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ إنْ يَكُنْ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَإِسْقَاطِ لَمْ ، وَكَتَبَ عَلَيْهَا صَاحِبُهَا أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي نُسْخَةٍ مُقَابِلَةٍ عَلَى نُسْخَةٍ بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ كَانَ وَارِثٌ وَهِيَ صَحِيحَةٌ أَيْضًا مُوَافِقَةٌ لِمَا قَبْلَهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ ، وَلِمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ ، وَفِي بَعْضِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِثُبُوتِ لَمْ وَهِيَ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي عَكْسَ الْمُرَادِ ، وَالْمَعْنَى عَلَى النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ مَنْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ فَلَا يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقَ الَّذِي هُوَ غَيْرُ وَلَدٍ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ ( فَ ) فِي إرْثِهِ ( خِلَافٌ ) هَذَا الَّذِي فَرَضَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ فِي صُورَةِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَكْسَ هَذَا ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا هَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ ذَا مَالٍ ، وَمَسْأَلَةُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ فِي الْعَكْسِ فَتَأَمَّلْ ا هـ .
وَلَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُ إذَا قَالَ هَذَا أَخِي وَصَدَّقَهُ الْآخَرُ ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَلْحَقَ غَيْرَ وَلَدٍ ، وَلِذَا تَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ عَلَيْهَا ، وَشَرَحَ تت نُسْخَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ عَلَى ظَاهِرِهَا فَقَالَ وَلَمْ يَرِثْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ غَيْرُهُ ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ هُنَا وَارِثٌ غَيْرُهُ فَخِلَافٌ هَلْ يَرِثُ مَعَهُ أَوْ لَا ، هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِ ، وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ

الشَّارِحَانِ ، ثُمَّ تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ عَكْسُ مَا عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا ، وَهُوَ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ مَعَ عَدَمِ الْوَارِثِ ، وَأَمَّا مَعَ وُجُودِهِ فَلَا .
ا هـ .
وَمَا تَعَقَّبَهُ الشَّارِحُ مِثْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ فِي أَثْنَاءِ فَصْلِ التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ حَيْثُ قَالَ وَفِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ خِلَافٌ ، وَالْعَجَبُ مِنْ الشَّارِحَيْنِ كَوْنُهُمَا لَمْ يُنَبِّهَا عَلَى ذَلِكَ .
" ق " لَا شَكَّ أَنَّ الْعِبَارَةَ خَانَتْهُ هَاهُنَا ، وَقَدْ قَالَهُ بَهْرَامُ ابْنُ عَرَفَةَ إقْرَارُ مَنْ يُعْرَفُ لَهُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِإِرْثِهِ وَلَوْ بِوَلَاءٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا ، وَمِنْ تَرْجَمَةِ الْإِقْرَارِ بِالْوَلَدِ مِنْ فَرَائِضِ ابْنِ يُونُسَ إنْ أَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِزَوْجٍ أَوْ الرَّجُلُ بِزَوْجَةٍ وَصَدَّقَ الْآخَرُ صَاحِبَهُ فَقَالَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إنْ كَانَا غَرِيبَيْنِ طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا ، خِلَافًا لِأَهْلِ الْعِرَاقِ فِي قَبُولِ قَوْلِهِمَا مُطْلَقًا ، وَإِنْ أَقَرَّ الرَّجُلُ أَوْ الْمَرْأَةُ بِمَوْلًى فَقَالَ هَذَا مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ أَنَّ إقْرَارَهُ يَثْبُتُ ، وَهُوَ وَارِثُهُ بِالْوَلَاءِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ ، فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ الَّذِينَ يَجُوزُ إقْرَارُهُمْ وَيُورَثُونَ فَإِنْ اسْتَلْحَقَ أَحَدٌ غَيْرَ هَؤُلَاءِ مِثْلَ أَخٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَقَارِبِ لَمْ يَجُزْ اسْتِلْحَاقُهُ ، لَكِنْ إنْ مَاتَ الْمُقِرُّ أَوْ الْمُقَرُّ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ يُحِيطُ بِالْمَالِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقَرِّ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْرُوفُ ذَا فَرْضٍ لَا يَسْتَوْعِبُ الْمَالَ ، فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَيَكُونُ مَا يَبْقَى لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا فِي قَوْلَةٍ شَاذَّةٍ ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ مَا بَقِيَ لِلْمَقَرِّ لَهُ إذَا كَانَ مِنْ الْعَصَبَةِ ، وَبِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ مِنْ عَصَبَةٍ وَذِي سَهْمٍ إلَّا أَنَّ لَهُ ذَا رَحِمٍ مِثْلِ الْخَالِ

وَالْخَالَةِ ، فَإِنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ إلَّا فِي الْقَوْلَةِ الشَّاذَّةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِلْمَقَرِّ لَهُ .
وَقَالَ أَهْلُ الْعِرَاقِ الْمَالُ لِذِي الرَّحِمِ دُونَ الْمُقَرِّ لَهُ وَدُونَ بَيْتِ الْمَالِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ ذُو سَهْمٍ وَلَا عَصَبَةٌ وَلَا ذُو رَحِمٍ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ إلَّا فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الْمَالَ لِلْمَقَرِّ لَهُ ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمَالَ لِبَيْتِ الْمَالِ دُونَ الْمُقَرِّ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ إنْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ وَلَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ وَلَا مَوَالِي غَيْرَ هَذَا الْمُقَرِّ بِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِهِ ، وَيَسْتَوْجِبُ بِذَلِكَ مِيرَاثَهُ وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نَسَبُهُ أَبُو عَمْرٍو قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " وَجُمْهُورُ أَصْحَابِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .
أَبُو بَكْرٍ اُسْتُحِبَّ فِي زَمَنِنَا هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ أَوْلَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، إذْ لَيْسَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ يُصْرَفُ فِي مَوَاضِعِهِ ، وَسُئِلَ ابْنُ عَتَّابٍ عَمَّنْ أَقَرَّتْ بِابْنِ عَمٍّ أَبِيهَا فِي عَقْدٍ فَقَالَ فِيهِ عِلَّةٌ لِعَدَمِ رَفْعِ الْعَاقِدِ نَسَبَهَا لِجَدٍّ يَجْمَعُهُمَا ، وَأَرَى لَهُ مُصَالَحَةَ صَاحِبِ الْمَوَارِيثِ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَيَرِثُ وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِثُبُوتِ إرْثِهِ بِلَا يَمِينٍ ، فَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ لَا إرْثَ بِإِقْرَارٍ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِرْثُ بِالْإِقْرَارِ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِمَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
( وَخَصَّهُ ) أَيْ الْخِلَافَ فِي إرْثِ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ ( الْمُخْتَارُ ) أَيْ اللَّخْمِيُّ فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ هُنَا ( بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ ) بِالْوَارِثِ ،

وَأَمَّا مَعَ الطُّولِ فَلَا خِلَافَ عِنْدَهُ فِي الْإِرْثِ بِهِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى صِدْقِهِ " ق " اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ هَذَا أَخِي ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذُو نَسَبٍ ثَابِتٍ يَرِثُهُ فَقِيلَ الْمَالُ لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَقِيلَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى ، وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّ لَهُ بِذَلِكَ شُبْهَةً ، وَلَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ وَهُمَا عَلَى ذَلِكَ يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ أَخِي ، أَوْ يَقُولُ هَذَا عَمِّي وَيَقُولُ الْآخَرُ ابْنُ أَخِي وَمَرَّتْ عَلَى ذَلِكَ .
السُّنُونَ وَلَا أَحَدَ يَدَّعِي بُطْلَانَ ذَلِكَ لَكَانَ حَوْزًا .
قِيلَ لِسَحْنُونٍ لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَ مُقِرًّا فِي حَيَاتِهِ أَنَّ فُلَانًا مَوْلَاهُ فَلَمَّا مَرِضَ قَالَ فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي لِرَجُلٍ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ ، أَوْ قَالَ ابْنُ عَمِّي وَلَمْ يَقُلْ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ لَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ وَلَا يَرِثُ بِالشَّكِّ وَالْمِيرَاثِ لِلْمَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ انْعَقَدَ لَهُ الْوَلَاءُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَالَ فُلَانٌ مَوْلَايَ فِي مَرَضٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فُلَانٌ ابْنُ عَمِّي لَا وَارِثَ لِي غَيْرُهُ ، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ لِلْمَوْلَى وَلَا يَكُونُ لِلَّذِي أَقَرَّ بِأَنَّهُ ابْنُ عَمِّهِ شَيْءٌ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَارِثٌ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ لَا يَرِثُهُ الْمُقَرُّ بِهِ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ الْمَعْرُوفُ غَيْرَ مُحِيطٍ بِإِرْثِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ إقْرَارُ مَنْ لَهُ وَارِثٌ يُحِيطُ بِإِرْثِهِ وَلَوْ بِوَلَاءٍ لَغْوٌ اتِّفَاقًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يُحِطْ كَذِي بِنْتٍ فَقَطْ ، فَفِي إعْمَالِ إقْرَارِهِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْ الِاسْتِلْحَاقِ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ قَوْلِهِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا وَسَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ وَالْبَاجِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَأَصْبَغَ وَأَوَّلِ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ ، وَثَانِيهِمَا مَعَ أَشْهَبَ ، وَعُلِمَ مِنْ هَذَا قُوَّةُ الْقَوْلِ بِالْإِرْثِ ، وَإِنْ

جَعَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ شَاذًّا لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ عَزَا مُقَابِلَهُ لِسَحْنُونٍ فِي قَوْلِهِ الثَّانِي مَعَ أَشْهَبَ ، وَعَزَا الْقَوْلَ بِالْإِرْثِ لِلْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ قَبْلَهُ .
وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَتَّابٍ وَقَالَ بِهِ الْعَمَلُ ، وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ هُوَ شَاذٌّ وَاسْتَحْسَنَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ فِي زَمَانِهِ قَائِلًا لَيْسَ ثَمَّ بَيْتُ مَالٍ .
الثَّانِي : ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْوَارِثِ وَعَدَمِهِ ، إنَّمَا هُوَ يَوْمَ مَوْتِ الْمُقِرِّ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ قَالَهُ أَصْبَغُ فِي نَوَازِلِهِ ، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَهُ .
الثَّالِثُ : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمِيرَاثَ الْمُقَرَّ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ ، فَإِنَّ ابْنَ رُشْدٍ قَالَ قَدْ قِيلَ إنَّ الْمِيرَاثَ لَا يَكُونُ لَهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهِ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُتَوَفَّى حَقٌّ وَيَقُومُ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ الْوَلَاءِ ، وَذَكَرَ ابْنُ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ مَالِكٍ كَانَ يُفْتِي بِهِ ، وَحَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ آخِرَ كَلَامِهِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فَصَلَ فِي ثَالِثِهَا بَيْنَ بَيَانِ الْمُقِرِّ وَجْهَ اتِّصَالِ نَسَبِهِ بِالْمُقَرِّ لَهُ فِي رَجُلٍ مُعَيَّنٍ فَلَا يَمِينَ وَعَدَمِهِ فَتَجِبُ الْيَمِينُ .
الرَّابِعُ : إنْ بَيَّنَ الْمُقِرُّ وَجْهَ نِسْبَةِ الْمُقَرِّ بِهِ إلَيْهِ كَقَوْلِهِ هَذَا أَخِي شَقِيقِي أَوْ لِأَبِي أَوْ لِأُمِّي فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ أَجْمَلَ كَقَوْلِهِ هَذَا أَخِي أَوْ ابْنُ عَمِّي فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي ذَلِكَ اضْطِرَابٌ ابْنُ رُشْدٍ الَّذِي أَقُولُ بِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَارِثِي وَلَمْ يُفَسِّرْ حَتَّى مَاتَ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمِيرَاثِ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَنْ يَرِثُهُ مِمَّنْ لَا يَرِثُهُ ، وَإِلَّا فَلَا يَرِثُهُ بِقَوْلِهِ فُلَانٌ وَارِثِي حَتَّى يَقُولَ عَمِّي أَوْ ابْنُ عَمِّي الشَّقِيقُ أَوْ لِلْأَبِ أَوْ مَوْلَايَ أَعْتَقَنِي أَوْ أَبِي أَوْ أَعْتَقَ مَنْ أَعْتَقَنِي أَوْ مَا أَشْبَهَ ، وَكَذَا إنْ قَالَ فُلَانٌ أَخِي قَاصِدًا

لِلْإِشْهَادِ لَهُ بِالْمِيرَاثِ ، كَقَوْلِهِ أُشْهِدُكُمْ أَنَّ هَذَا أَخِي يَرِثُنِي ، أَوْ يُقَالُ لَهُ هَلْ لَك وَارِثٌ فَيَقُولُ نَعَمْ هَذَا أَخِي وَشِبْهُ ذَلِكَ .
وَأَمَّا إنْ قَالَ عَلَى غَيْرِ سَبَبٍ هَذَا أَخِي أَوْ فُلَانٌ أَخِي فَلَا يَرِثُ إلَّا السُّدُسَ لِاحْتِمَالِهِ كَوْنَهُ أَخَاهُ لِأُمِّهِ ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ فُلَانٌ أَخِي أَوْ هَذَا أَخِي ، وَإِنَّمَا سَمِعُوهُ يَقُولُ يَا أَخِي فَلَا يَجِبُ لَهُ بِذَلِكَ مِيرَاثٌ ، لِأَنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَقُولُ أَخِي أَخِي لِمَنْ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ إلَّا أَنْ تَطُولَ الْمُدَّةُ وَالسُّنُونَ ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يَدْعُو صَاحِبَهُ بِاسْمِ الْأَخِ أَوْ الْعَمِّ فَيَتَوَارَثَانِ .
الْخَامِسُ : إنْ مَاتَ الْمُقَرُّ بِهِ فِي حَيَاةِ الْمُقِرِّ ثُمَّ مَاتَ الْمُقِرُّ وَقَامَ أَوْلَادُ الْمُقَرِّ لَهُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ فَلَا يَجِبُ لَهُمْ بِهِ مِيرَاثُ الْمُقِرِّ ، إذَا لَمْ يُقِرَّ لِلْمَيِّتِ ، إلَّا أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَاقِيًا حِينَ مَوْتِهِ فَوَلَدُهُ الذُّكُورُ بَنُو ابْنِ عَمِّهِ وَوَرَثَتُهُ الْمُحِيطُونَ بِمِيرَاثِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ .
ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ إنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمُقِرَّ وَإِنْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ وَابْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَتَّابٍ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
السَّادِسُ : ابْنُ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ إذَا كَانَ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ إلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ ، الْإِقْرَارُ بِوَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ أَوْ زَوْجَةٍ مَعَهَا وَلَدٌ ، فَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِهِ نَسَبُهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِوَلَدِ الْوَلَدِ فَلَا يَحِقُّ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِهِ الْوَلَدُ فَيَكُونَ هُوَ مُسْتَلْحِقَهُ ، أَوْ يَكُونَ قَدْ عَرَّفَهُ أَنَّهُ وَلَدُهُ فَيَكُونَ اسْتَلْحَقَ هُوَ الْوَلَدَ ، وَإِذَا أَقَرَّ بِأَبٍ فَلَا يُلْحَقُ وَيَرِثُهُ إلَّا إذَا أَقَرَّ بِهِ الْأَبُ فَيَكُونَ الْأَبُ هُوَ الَّذِي اسْتَلْحَقَهُ وَإِنْ أَقَرَّ بِجَدٍّ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْجَدُّ بِابْنِهِ ، وَيُقِرَّ أَبُوهُ بِهِ ،

فَيَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ اسْتَلْحَقَ ابْنَهُ ، وَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ فَإِقْرَارُهُ بِالْوَلَدِ يَرْفَعُ تُهْمَةَ إقْرَارِهِ بِهَا فَتَرِثُهُ ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَلَا عُرِفَتْ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
السَّابِعُ : إنْ أَقَرَّ هَذَا الْمُشْهِدُ لِآخَرَ أَنَّهُ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ نَفَذَ إقْرَارُهُ الْأَوَّلُ وَبَطَلَ الْإِقْرَارُ الثَّانِي ، قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ .
الثَّامِنُ : إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ وَدُفِعَ الْمِيرَاثُ لِلْمُسْتَلْحِقِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ ثُمَّ جَاءَ شَخْصٌ وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْمُسْتَلْحِقِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ : أَحَدُهُمْ وَلَدِي : عَتَقَ الْأَصْغَرُ ، وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ ، وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ : فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ

( وَإِنْ قَالَ ) الْمُكَلَّفُ ( لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ ) الثَّلَاثَةِ أَيْ فِي شَأْنِهِمْ ( أَحَدُهُمْ ) أَيْ أَوْلَادِ الْأَمَةِ ( وَلَدِي ) وَمَاتَ الْقَائِلُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْوَلَدَ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ ( عَتَقَ ) بِفَتَحَاتٍ الْوَلَدُ ( الْأَصْغَرُ ) كُلُّهُ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ ، سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُقَرَّ بِهِ وَعِتْقُهُ ظَاهِرٌ ، أَوْ كَانَ غَيْرَهُ وَعَتَقَهُ لِأَنَّهُ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ ، وَحُكْمُهُ كَحُكْمِ أَمَةٍ فِي الْعِتْقِ بِمَوْتِ السَّيِّدِ ( وَ ) عَتَقَ ( ثُلُثَا ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَاللَّامِ أَوْ سُكُونِهَا مُثَنَّى ثُلُثٍ ، كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى الْوَلَدِ ( الْوَسَطِ ) لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرَيْنِ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَكَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَكْبَرَ وَرُقَّ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ الْأَصْغَرَ ( وَ ) عَتَقَ ( ثُلُثُ ) الْوَلَدِ ( الْأَكْبَرِ ) لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَرُقَّ بِتَقْدِيرَيْنِ كَوْنُهُ الْأَوْسَطَ أَوْ الْأَصْغَرَ .
سَحْنُونٌ مَنْ قَالَ فِي ثَلَاثَةٍ مِنْ أَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي فَالصَّغِيرُ مِنْهُمْ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ اسْتَلْحَقَ الْكَبِيرَ فَالْأَوْسَطُ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ بِحُرِّيَّةِ الْأُمِّ ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ الْأَوْسَطَ فَالصَّغِيرُ حُرٌّ ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرَ فَالْكَبِيرُ وَالْأَوْسَطُ عَبْدَانِ فَفِيهِمَا الشَّكُّ .
وَقَالَ الْمُغِيرَةُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ ، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أَرَادَ الْأَكْبَرَ فَكُلُّهُمْ أَحْرَارٌ ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَوْسَطَ فَهُوَ وَالصَّغِيرُ حُرَّانِ ، وَإِنْ أَرَادَ الْأَصْغَرَ فَهُوَ حُرٌّ وَحْدَهُ فَالْأَصْغَرُ لَا تَجِدُهُ إلَّا حُرًّا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ ، وَالْأَوْسَطُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالَيْنِ ، وَيُرَقُّ فِي حَالٍ فَيَعْتِقُ ثُلُثَاهُ وَالْأَكْبَرُ ثَابِتُ الْعِتْقِ فِي حَالٍ ، وَيُرَقُّ فِي حَالَيْنِ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْتَقُونَ كُلُّهُمْ بِالشَّكِّ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ .
الْحَطّ هَكَذَا قَالَ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ ،

وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا أَنَّ الْأَصْغَرَ حُرٌّ بِلَا خِلَافٍ ، وَفِي الْأَوْسَطِ وَالْأَكْبَرِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا مَا فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ أَضْعَفُهَا ، قَالَ لِأَنَّا نُحِيطُ عِلْمًا بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَلَمْ يَحْتَمِلْهُ لَفْظُهُ ، وَالثَّانِي الْقُرْعَةُ ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ أَيْضًا لِلشَّكِّ ، وَخَرَّجَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ إلَخْ وَاسْتَظْهَرَهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَنْصُوصٍ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .
( فَرْعٌ ) فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي هَذَا .
( فَرْعٌ ) فِيهَا أَيْضًا لَا مِيرَاثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمْ يُعْتَقُونَ جَمِيعًا وَهُوَ الصَّحِيحُ ، إذْ قَدْ صَحَّ الْمِيرَاثُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ هُوَ ، فَإِنْ ادَّعَاهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُسِمَ بَيْنَهُمْ بَعْدَ إيمَانِهِمْ إنْ حَلَفُوا جَمِيعًا أَوْ نَكَلُوا ، فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ اُخْتُصَّ بِهِ ، وَإِنْ قَالُوا لَا عِلْمَ عِنْدَنَا كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَنْ أَرَادَ الْمَيِّتُ مِنْهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي يَمِينِ التُّهْمَةِ وَإِنْ عَتَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ كَانَ لَهُ حَظُّهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيُوقَفُ حَظُّ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ فَإِنْ عَتَقَ أَخَذُوهُ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ عِتْقِهِ رُدَّ إلَى الْوَرَثَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ ) أَيْ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ قَالَ فِي شَأْنِهِمْ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَلَدٍ مِنْ أَمَةٍ ( فَوَاحِدٌ ) مِنْهُمْ حُرٌّ ( بِالْقُرْعَةِ ) وَأُمُّهُ حُرَّةٌ تَبَعٌ لَهُ سَحْنُونٌ فِي نَوَازِلِهِ مَنْ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدٍ لَيْسُوا

بِإِخْوَةٍ لِأُمٍّ ، فَقَالَ فِي مَرَضِهِ أَحَدُهُمْ ابْنِي وَمَاتَ فَقَوْلُ الرُّوَاةِ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فَفِيهِ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ ، مِنْهَا قَوْلٌ وَاحِدٌ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ أَنْ يَعْتِقَ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ ، وَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَالْأَرْبَعَةُ الْبَاقِيَةُ لِغَيْرِهِمَا ، وَأَحَدُ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَتَقَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِالْقُرْعَةِ فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ وَتَرَكَ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ كَانُوا مُفْتَرِقِينَ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ وَمَاتَ قَبْلَ تَعْيِينِهِ فِي عِتْقِ أَحَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ أَوْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَالثُّلُثُ ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً فَالرُّبُعُ ثَالِثُهَا لِلْوَرَثَةِ تَعْيِينُ أَحَدِهِمْ لِلْعِتْقِ ، وَرَابِعُهَا يُعْتَقُ مِنْهُمْ الْجُزْءُ السَّمِيُّ لِعَدَدِهِمْ بِالْقُرْعَةِ ، وَخَامِسُهَا إنْ اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ فَالثَّالِثُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ، وَسَادِسُهَا وَإِلَّا فَالثَّانِي الثَّلَاثَةُ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَالرَّابِعُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ ، وَالْأَخِيرَانِ لِسَحْنُونٍ ، وَسَابِعُهَا عَتَقَ جَمِيعُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْعِتْقِ بِالشَّكِّ ، وَثَامِنُهَا وَقْفُ الْوَرَثَةِ عَنْ جَمِيعِهِمْ إلَى أَنْ يَمُوتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَوْ يَعْتِقُوهُ فَلَا يُحْكَمُ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ بَقِيَ يُعْتَقُ فَيُؤْمَرُونَ بِهِ وَلَا يُجْبَرُونَ عَلَيْهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشَّكّ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْيَقِينِ .

وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَا عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تُلْحَقُ بِهِ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا

( وَإِذَا وَلَدَتْ ) حُرَّةٌ ( زَوْجَةُ رَجُلٍ وَأَمَةُ ) رَجُلٍ ( آخَرَ ) نَزَلَ بِهَا ضَيْفًا عِنْدَ الْأَوَّلِ أَوْ أَمَةُ زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَتُهُ ( وَاخْتَلَطَا ) أَيْ الْوَلَدَانِ وَلَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَهَا أَوْ تَدَاعَيَتَا أَحَدَهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ ( عَيَّنَتْهُ ) أَيْ الْوَلَدَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ( الْقَافَةُ ) بِقَافٍ ثُمَّ فَاءٍ ، أَيْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعَرَبِ خَصَّهُمْ اللَّهُ تَعَالَى بِمَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِالشَّبَهِ فِي الْخِلْقَةِ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ آخَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا فَلَا قَافَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَشَمِلَ مَنْطُوقُهُ مَسْأَلَتَيْنِ مَنْصُوصَتَيْنِ إحْدَاهُمَا نَزَلَ ضَيْفٌ بِأَمَتِهِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ ، أَوْ نَزَلَ الضَّيْفُ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ أَمَةٌ ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَلِدَ أَمَةٌ زَوْجَةً لِرَجُلٍ وَأَمَتَهُ .
" ق " أَشْهَبُ مَنْ نَزَلَ بِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ عَلَى رَجُلٍ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ حَامِلٌ فَوَلَدَتْ هِيَ وَامْرَأَةُ الضَّيْفِ فِي لَيْلَةٍ صَبِيَّيْنِ وَلَمْ تَعْرِفْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَدَهَا دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَاحِدًا بِعَيْنِهِ وَنَفَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ نَفْسِهِ مَا سِوَاهُ فَالْوَاجِبُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ كَأَمَةِ الشَّرِيكَيْنِ يَطَأْنَهَا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ فَتَلِدُ وَلَدًا يَدَّعِيَانِهِ مَعًا .
الْحَطّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ ، وَفَرَضَهَا كَمَا فَرَضَهَا الْمُصَنِّفُ فِي زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَةِ آخَرَ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِذَلِكَ ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَحَدُهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَبِيًّا بِعَيْنِهِ غَيْرَ الَّذِي ادَّعَاهُ صَاحِبُهُ ، وَيُلْحِقَهُ بِنَفْسِهِ ، وَيَنْفِيَ الْآخَرُ عَنْ نَفْسِهِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُلْحَقَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ادَّعَاهُ .
وَالثَّانِي أَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا

وَلَدِي وَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ ، وَلَوْ أَرَادَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَدًا يَكُونُ ابْنَهُ مَعَ كَوْنِهِ لَا يَدَّعِي عِلْمَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا ذَلِكَ ، وَتُدْعَى الْقَافَةُ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ ، أَنْ يَدَّعِيَا جَمِيعًا صَبِيًّا مُعَيَّنًا يَقُولُ كُلُّ وَاحِدٍ هَذَا وَلَدِي وَيَنْفِيَانِ الْآخَرَ عَنْهُمَا ، وَالْوَاجِبُ فِي هَذَا عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ تُدْعَى لَهُ الْقَافَةُ ، إذْ لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَنْفِيَا الْآخَرَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ ابْنُ أَحَدِهِمَا .
وَاَلَّذِي ادَّعَيَاهُ جَمِيعًا لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى بِهِ مِنْ الْآخَرِ ا هـ .
وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْقَافَةَ يُحْكَمُ بِهَا فِي أَوْلَادِ الْحَرَائِرِ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ هِيَ قُوَّةُ الْفِرَاشِ فِي النِّكَاحِ فَيُلْحَقُ الْوَلَدُ بِصَاحِبِ الْفِرَاشِ الصَّحِيحِ دُونَ الْفَاسِدِ ، وَذَلِكَ مَعْدُومٌ هُنَا ، إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ لِصِحَّتِهِمَا جَمِيعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْبُرْزُلِيُّ إذَا عُدِمَتْ الْقَافَةُ ، فَإِذَا كَبِرَ الْوَلَدُ وَإِلَى أَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا إذَا أَشْكَلَ الْأَمْرُ عَلَى الْقَافَةِ أَوْ أَلْحَقَتْهُ بِهِمَا فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَرِثَاهُ وَإِذَا مَاتَا وَرِثَهُمَا مَعًا .
الثَّانِي : الْقَرَافِيُّ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَائِفِ كَوْنُهُ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ ، فَإِذَا كَانَ فِي أَيِّ عَصْرٍ مَنْ أَوْدَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى تِلْكَ الْخَاصَّةَ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مُدْلِجٍ ، الْآبِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ تَقِيُّ الدِّينِ ، اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي اخْتِصَاصِ الْقَافَةِ بِبَنِي مُدْلِجٍ وَعَدَمِهِ ، لِأَنَّ الْمُرَاعَى فِيهَا إنَّمَا هُوَ إدْرَاكُ الشَّبَهِ وَهُوَ غَيْرُ خَاصٍّ بِهِمْ ، وَيُقَالُ إنَّ لَهُمْ فِي ذَلِكَ قُوَّةً لَيْسَتْ لِغَيْرِهِمْ ، وَكَانَ يُقَالُ فِي عُلُومِ الْعَرَبِ ثَلَاثَةٌ : السِّيَافَةُ وَالْعِيَافَةُ ، وَالْقِيَافَةُ فَالسِّيَافَةُ شَمُّ تُرَابِ

الْأَرْضِ وَالْعِيَافَةُ زَجْرُ الطَّيْرِ وَالطِّيَرَةِ وَالتَّفَاؤُلِ وَنَحْوِهِمَا وَالْقِيَافَةُ اعْتِبَارُ الشَّبَهِ فِي إلْحَاقِ النَّسَبِ ا هـ .
الثَّالِثُ : طفي قَوْلُ تت الثَّانِيَةُ إذَا وَلَدَتْ امْرَأَتُهُ جَارِيَةً وَأَمَتُهُ جَارِيَةً أَيْ أَمَةُ رَجُلٍ آخَرَ غَيْرِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ابْنِ شَاسٍ ، وَإِلَّا فَلَا قَافَةَ وَنَصَّ ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَتُهُ غُلَامًا وَمَاتَا فَقَالَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا ابْنِي وَلَمْ أَعْرِفْهُ دُعِيَ لَهُمَا الْقَافَةُ ، فَمَنْ أَلْحَقُوهُ بِهِ لَحِقَ بِهِ ، وَيُلْحَقُ الْآخَرُ بِالْآخِرِ ا هـ .
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ بِقَوْلِهِ وَأَمَتِهِ أَيْ الرَّجُلِ لَا بِقَيْدِهِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى هَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَوْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ غُلَامًا وَأَمَةُ آخَرَ غُلَامًا وَمَاتَتَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَلَدِي وَلَا أَعْرِفُهُ إلَخْ ، وَلَا يَصِحُّ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْفَرْضِ ، إذْ لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَا قَافَةَ لِاتِّحَادِ الْأَبِ ، وَلَوْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً فَلَا يَشْمَلُهَا قَوْلُهُ أَمَةُ آخَرَ فَتَعَيَّنَ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ خِلَافَ مَا يَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ الْبِسَاطِيِّ لَمْ يُرِدْ بِهِ إلَّا وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ لَا الرَّقِيقَ ، وَقَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِزَوْجَةِ رَجُلٍ مَا هُوَ أَعَمُّ إلَخْ ، فِيهِ نَظَرٌ ، إذَا الْأَمَةُ الْمُتَزَوِّجَةُ كَالْحُرَّةِ الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ مُيَسِّرٍ مَنْ وَضَعَتْ زَوْجَتُهُ وَأُمُّ وَلَدِهِ فِي لَيْلَةٍ ابْنًا وَبِنْتًا وَجُهِلَتْ مَنْ وَلَدَتْ الِابْنَ وَكِلْتَاهُمَا تَدَّعِيهِ فَنَسَبُهُمَا مَعًا ثَابِتٌ يَرِثَانِهِ وَيَرِثُهُمَا ، ثُمَّ قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَافَةَ تُلْحِقُ الْأَبْنَاءَ بِالْأُمَّهَاتِ ، فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ أَنَّهُمْ يُلْحِقُونَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بِوَلَدِهَا ا هـ .
وَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِ " ز " ، أَنَّ الْمَسَائِلَ أَرْبَعٌ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ إنْ اتَّحَدَ

الْوَلَدُ وَتَعَدَّدَ الْأَبُ ، وَثَلَاثٌ يُسَوَّى فِيهِنَّ الْإِمَاءُ وَالْحَرَائِرُ ، وَهُوَ تَعَدُّدُ الْوَلَدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، أَوْ مَعَ تَعَدُّدِ الْأُمِّ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَقُولُ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ تَعَالَى إذَا حَمَلَ عَلَى زَوْجَةِ رَجُلٍ وَأَمَةِ آخَرَ كَانَ عَيْنَ فَرْعِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ إذْ لَوْ كَانَتْ أَمَةُ الرَّجُلِ نَفْسِهِ وَلَدَتْ مِنْهُ فَلَا قَافَةَ لِاتِّحَادِ الْأَبِ مَمْنُوعٌ ، إذْ وَلَدُ الزَّوْجَةِ الرَّقِيقَةِ رِقٌّ لِسَيِّدِهَا وَوَلَدُ الْأَمَةِ الْمَمْلُوكَةِ حُرٌّ فَتُدْعَى الْقَافَةُ لِتُمَيِّزَ الْحُرَّ مِنْ الرَّقِيقِ ، وَإِنْ اتَّحَدَ أَبُوهُمَا ، وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لُحُوقِ نَسَبِهِمَا بِأَبِيهِمَا وَاتِّحَادِهِ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ لِلْقَافَةِ .
إذْ يُحْتَاجُ لَهَا لِتُعَيِّنَ لِكُلِّ أُمٍّ وَلَدَهَا كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ) رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( فِيمَنْ ) أَيْ امْرَأَةٍ أَوْ الْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْ بِنْتًا وَخَشِيَتْ مِنْ زَوْجِهَا فِرَاقَهَا لِكَرَاهَتِهِ الْبِنْتَ فَطَرَحَتْهَا عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ مَثَلًا ، عَسَى أَنْ يَلْتَقِطَهَا مَنْ يُرَبِّيهَا فَلَمَّا حَضَرَ زَوْجُهَا أَلْزَمَهَا بِالْإِتْيَانِ بِهَا فَذَهَبَتْ لَهَا فَ ( وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا ) الَّتِي طَرَحَتْهَا بِنْتًا ( أُخْرَى ) وَلَمْ تَعْرِفْ بِنْتَهَا مَنْ هِيَ مِنْهُمَا فَ ( لَا تُلْحَقُ بِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( وَاحِدَةٌ ) مِنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٌ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ تُدْعَى الْقَافَةُ لِتُلْحِقَ بِهِ إحْدَاهُمَا " ق " الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُيَسِّرٍ مَنْ حَلَفَ لِزَوْجَتِهِ الْحَامِلِ إنْ وَلَدَتْ الْمَرَّةَ جَارِيَةً لَأَغِيبَنَّ عَنْكِ غَيْبَةً طَوِيلَةً ، فَوَلَدَتْ جَارِيَةً فِي سَفَرِهِ فَبَعَثَتْ بِهَا خَادِمَهَا فِي جَوْفِ اللَّيْلِ لِتَطْرَحَهَا عَلَى بَابِ قَوْمٍ فَفَعَلَتْ ، فَتَقَدَّمَ زَوْجُهَا فَوَافَى الْخَادِمَ رَاجِعَةً ، فَأَنْكَرَ خُرُوجَهَا لَيْلًا وَحَقَّقَ عَلَيْهَا فَأَخْبَرَتْهُ فَرَدَّهَا لِتَأْتِي بِالصَّبِيَّةِ فَوَجَدَتْ صَبِيَّتَيْنِ فَأَتَتْ بِهِمَا فَأَشْكَلَ عَلَى الْأُمِّ

أَيُّهُمَا هِيَ مِنْهُمَا ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تُلْحَقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَقَالَهُ مُحَمَّدٌ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ تُدْعَى الْقَافَةُ لَهُمَا ، وَبِهِ أَقُولُ الْحَطّ كَذَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَكَرَهَا عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا وَنَسَبَهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ ، لَكِنْ زَادَ وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَافَةُ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ كَأَنَّهُ أَتَى بِهَذَا الْفَرْعِ إثْرَ الْأَوَّلِ إشَارَةً إلَى تَعَارُضِهِمَا فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى تَخْرِيجِ الْخِلَافِ مِنْ الثَّانِيَةِ فِي الْأُولَى ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَهُوَ تَخْرِيجٌ ظَاهِرٌ ، إذْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ا هـ .
وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ .
تت قَوْلُ الشَّارِحِ إنَّمَا أَتَى بِهَذِهِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُمَا التَّعَارُضُ ، أَيْ لِأَنَّهُمْ أَعْمَلُوا الْقَافَةَ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ عَدَمَ إعْمَالِهَا فِي هَذِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْبِنْتِ الْأُخْرَى بِنْتَ حُرَّةٍ ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ ا هـ .
طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ بِنَفْيِ الْقَافَةِ بَيْنَ الْحَرَائِرِ قَالَهُ مُطْلَقًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا مَحِلُّ الْكَلَامِ فِي مُتَزَوِّجَةٍ فِي عِدَّتِهَا ، وَذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ إذَا بِيعَتْ بَعْدَ وَطْئِهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ وَوَطِئَهَا الْمُبْتَاعُ فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ دَعَتْ لَهُ الْقَافَةَ ، وَإِنْ تَزَوَّجَتْ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ حَيْضِهِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ ، وَالثَّانِي لَا فِرَاشَ لَهُ ، هَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ فِي هَذَا الْفَرْضِ فَقَطْ ، وَمُرَادُهُمْ الْمُتَزَوِّجَاتُ وَلَوْ كُنَّ إمَاءً لِأَنَّهُنَّ لَهُنَّ فِرَاشٌ حِينَئِذٍ .
أَمَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْفَرْضِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِمَاءِ وَالْحَرَائِرِ ، وَمِنْهُ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ قَالَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَامُ مِنْهُ الْقَافَةُ فِي الْحَرَائِرِ لِأَنَّ مَا اعْتَلَّ بِهِ

التَّفْرِقَةُ وَهُوَ قُوَّةُ فِرَاشِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا مَزِيَّةَ فِي هَذِهِ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ا هـ ، ثُمَّ قَالَ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اعْتِرَاضَهُ عَلَى الشَّارِحِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، وَأَنَّ الْمُعَارَضَةَ ظَاهِرَةٌ كَمَا قَالَ " ح " وَغَيْرُهُ ، وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا بِقَوْلِهِمْ لَا تَكُونُ الْقَافَةُ بَيْنَ ، الْحَرَائِرِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يُفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْحَرَائِرِ وَالْإِمَاءِ فَقَطْ كَمَا سَبَقَ إلَى ذِهْنِ كُلِّ قَاصِرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَغَيْرِهِ ، وَإِنْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ إلَخْ ، إذْ مَوْضُوعُهَا فِي الْأَمَةِ يَطَؤُهَا الشَّرِيكَانِ كَمَا ذَكَرْت لَك عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَلَا تَدْخُلُ فِي الْحُرَّةِ يَطَؤُهَا الزَّوْجَانِ فَمُرَادُهُمْ لَا تَدْخُلُ فِي الْحَرَائِرِ أَيْ الْحُرَّةُ الْوَاحِدَةُ وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ كَمَا سَبَقَ الْمُتَزَوِّجَةُ وَلَوْ أَمَةً مَا عَدَا هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرَائِرِ ، وَالْإِمَاءِ فَتَدْخُلُ فِي الْمَرْأَتَيْنِ إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ زَوْجٌ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا حُرَّتَيْنِ أَوْ أَمَتَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَتَيْنِ ، وَكَذَا بَيْنَ الْأَمَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ نِكَاحِ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِسَيِّدِهَا وَبَيْنَ الْحُرَّةِ الْأَمَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمُصَنِّفِ ، إذْ فِي هَذَا كُلِّهِ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِ الْفِرَاشَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْمُتَحَصِّلُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ
( وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ ) فِي الْإِلْحَاقِ ( عَلَى ) مُشَابَهَةِ ( أَبٍ ) حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ ( لَمْ يُدْفَنْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ لَا عَلَى شَبَهِ عَصَبَةِ الْأَبِ الْمَدْفُونِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ قَالَهُ تت .
" ق " سَحْنُونٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا تُلْحِقُ الْقَافَةُ الْوَلَدَ إلَّا لِأَبٍ حَيٍّ ، فَإِنْ مَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْقَافَةِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ قَرَابَتِهِ إذْ لَا تُعْتَمَدُ عَلَى شَبَهِ غَيْرِ الْأَبِ .
الْحَطّ اُخْتُلِفَ فِي قَصْرِ الْقَافَةِ عَلَى الْوَلَدِ الْحَيِّ وَعُمُومِهَا فِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِهَا عَلَى الْوَلَدِ حَيًّا ، وَعُمُومِهَا فِيهِ حَيًّا وَمَيِّتًا سَمَاعُ أَصْبَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ وَضَعَتْهُ تَامًّا مَيِّتًا فَلَا قَافَةَ فِي الْأَمْوَاتِ ، وَنَقَلَ الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ مَاتَ بَعْدَ وَضْعِهِ حَيًّا دُعِيَ لَهُ الْقَافَةُ .
قُلْت يُحْتَمَلُ رَدُّهُمَا إلَى وِفَاقٍ لِأَنَّ السَّمَاعَ فِيمَنْ وُلِدَ مَيِّتًا ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ فِيمَنْ وُلِدَ حَيًّا وَلَمْ أَقِفْ لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى نَقْلِ خِلَافٍ فِيهَا .
فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِالْقَائِفِ الْوَاحِدِ ، وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ .

وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ بِثَالِثٍ ، ثَبَتَ النَّسَبُ ، وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ وَإِلَّا فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ ، كَالْمَالِ ، وَهُوَ أَخِي بَلْ هَذَا ، فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ

( وَإِنْ أَقَرَّ عَدْلَانِ ) مِنْ وَرَثَةِ مَيِّتٍ كَابْنَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ ( بِثَالِثٍ ) مُسَاوٍ لَهُمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَابْنٍ أَوْ أَخٍ أَوْ عَمٍّ ( ثَبَتَ النَّسَبُ ) وَالْمِيرَاثُ مِنْ الْمَيِّتِ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ غَيْرُ عَدْلَيْنِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ إجْمَاعًا ، حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : تَعْبِيرُهُ بِأَقَرَّ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ زَرْقُونٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ ، صَوَابُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَالْحُوفِيُّ إنْ شَهِدَ وَارِثَانِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَجُوزُ إقْرَارُهُ بِمَا يَظُنُّهُ دُونَ تَحْقِيقٍ وَلَا يَشْهَدُ بِذَلِكَ .
الثَّانِي : يَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْمِيرَاثُ بِعَدْلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ ، لَكِنَّ قَوْلَهُ بِثَالِثٍ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لَهُمَا بِذَلِكَ قَالَهُ تت " ق " أَيْ نَسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَخَذَ جَمِيعُ مُورِثِهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِمَّنْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ ، وَإِنْ كَانَ عَدْلًا ، أَوْ لِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ غَيْرُ عُدُولٍ ، أَوْ لِأَنَّهُنَّ نِسَاءٌ وَلَيْسَ الْجَمِيعُ بِسُفَهَاءَ فَأَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِقَوْلِهِمْ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الَّذِي يَغْرَمُونَهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَذَهَبَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ تَابَعَهُمْ إلَى أَنَّ الْمُقِرَّ يَسْتَوْفِي جَمِيعَ مَا يَجِبُ لَهُ فِي مَالِ الْإِقْرَارِ ، فَإِنْ بَقِيَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ يَأْخُذُهُ فِي الْإِنْكَارِ يَدْفَعُهُ إلَى الْمُقَرِّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفْضِلْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ لِلْمُقَرِّ بِهِ .
( وَ ) إنْ أَقَرَّ ( عَدْلٌ ) وَاحِدٌ ( يَحْلِفُ ) الْمُقَرُّ بِهِ ( مَعَهُ ) أَيْ الْعَدْلُ الْمُقِرُّ ( وَيَرِثُ ) الْمَيِّتُ مَعَ الْمُقِرِّ ( وَ ) الْحَالُ ( لَا نَسَبَ ) ثَابِتٌ لَهُ بِإِقْرَارِ الْعَدْلِ وَحَلِفِهِ مِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ وَالطُّرْطُوشِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالذَّخِيرَةِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَذْهَبُ خِلَافُهُ لِنَقْلِ الْعُلَمَاءِ

قَدِيمًا وَحَدِيثًا أَنَّ الْعَدْلَ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ ، إلَّا مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ بِإِقْرَارٍ ، وَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا مَا فِي وَلَاءِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّتْ ابْنَتَانِ لِرَجُلٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ أَبَاهُمَا وَهُمَا عَدْلَتَانِ حَلَفَ وَوَرِثَ الْبَاقِيَ عَنْهُمَا قَالَهُ تت .
" غ " قَوْلُهُ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ قَدْ سَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ هَذَا خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمَعْرُوفُ قَوْلُهُ آخِرَ كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَاتَ وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِأُخْتٍ لَهُ فَلْيُعْطِهَا خُمُسَ مَا بِيَدِهِ وَلَا تَحْلِفُ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ الْمُقِرِّ بِهَا لِأَنَّهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّ الْبَاجِيَّ وَافَقَ عَلَى هَذَا فِي بَابِ مِيرَاثِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ ، وَخَالَفَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ فَقَالَ مَنْ تَرَكَ وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ ، فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ شَهَادَتِهِ ، وَأَخَذَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا حِصَّتَهُ وَلَا تَثْبُتُ نِسْبَتُهُ وَاتَّبَعَهُ عَلَى هَذَا الطُّرْطُوشِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَضَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ فِي كِتَابِ الْوَلَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ الْبِنْتَانِ أَنَّ فُلَانًا مَوْلَى أَبِيهِمَا وَهُمَا عَدْلَتَانِ حَلَفَ مَعَهُمَا وَوَرِثَ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَحَقَّ مِنْهُ مِنْ وَلَاءٍ وَلَا عَصَبَةٍ وَلَا وَلَدٍ مَعْرُوفٍ ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءَ ، وَبِمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَعَصَبَةً فَأَقَرَّتْ الْبِنْتَانِ بِأَخٍ فَإِنْ لَمْ تَكُونَا عَدْلَتَيْنِ أَعْطَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ رُبُعَ مَا بِيَدِهَا ، وَإِنْ كَانَتَا عَدْلَتَيْنِ حَلَفَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخَذَ تَمَامَ النِّصْفِ مِنْ الْعَصَبَةِ .
ا هـ .
فَأَنْتَ تَرَى هَذَا الْقَوْلَ قَدْ انْتَعَشَ ، ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ عَدْلًا ( فَحِصَّةُ ) الشَّخْصِ (

الْمُقِرِّ ) بِوَارِثٍ ( كَالْمَالِ ) الْمَتْرُوكِ أَيْ كَأَنَّهَا جَمِيعُ التَّرِكَةِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى الْمُقِرِّ وَالْمُقَرِّ بِهِ ، فَإِنْ كَانَا وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ وَكَذَّبَهُ أَخُوهُ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ النِّصْفُ فَيُقَدَّرُ أَنَّهُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ ، وَيُقْسَمُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَيَنُوبُ الْمُقَرَّ بِهِ ثُلُثُهُ فَيَأْخُذُ وَثُلُثَاهُ لِلْمُقِرِّ .
( وَ ) إنْ قَالَ أَحَدُ عَاصِبِي مَيِّتٌ ( هَذَا ) الشَّخْصُ الثَّالِثُ ( أَخِي ) وَأَنْكَرَهُ أَخُوهُ ثُمَّ أَضْرَبَ الْمُقِرُّ عَنْ إقْرَارِهِ لِهَذَا الثَّالِثِ وَقَالَ ( بَلْ هَذَا ) لِشَخْصٍ آخَرَ رَابِعٍ أَخِي ( فَلِلْ ) مُقَرِّ بِهِ الـ ( أَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ ) أَيْ الْمُقِرِّ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِهِ وَإِضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُهُ لِأَنَّهُ بَعُدَ نَدَمًا ( وَلِلْ ) مُقَرِّ بِهِ ( الثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ ) بِيَدِ الْمُقِرِّ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِهِ ، فَإِنْ أَضْرَبَ عَنْ الثَّانِي أَيْضًا لِثَالِثٍ فَلَهُ نِصْفُ مَا بَقِيَ ، وَهَكَذَا " ق " سَحْنُونٌ لَوْ تَرَكَ وَلَدًا وَاحِدًا فَقَالَ لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ هَذَا أَخِي ، بَلْ هَذَا أَخِي فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ مَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ ، وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ فِي يَدِهِ ، وَقِبَلِي لَهُ جَمِيعُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا أَصَحُّ فِي النَّظَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ لَهُ أَنْتَ أَتْلَفْت عَلَيَّ مُورِثِي وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى ، وَوَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالْأَخِ ثَانِيًا إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا بِيَدِهِ حِينَ شَرَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْإِرْثِ فَكَانَ كَإِقْرَارِ وَارِثٍ مَعَهُ وَارِثٌ بِوَارِثٍ .

وَإِنْ تَرَكَ أُمًّا وَأَخًا ، فَأَقَرَّتْ بِأَخٍ ، فَلَهُ مِنْهَا السُّدُسُ

( وَإِنْ تَرَكَ ) مَيِّتٌ ( أُمًّا وَأَخًا ) ثَابِتَيْنِ ( فَأَقَرَّتْ ) الْأُمُّ ( بِأَخٍ ) آخَرَ لِلْمَيِّتِ وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّابِتُ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُقَرِّ بِهِ ( مِنْ ) حِصَّتِ ( هَا ) أَيْ الْأُمِّ مِنْ تَرِكَةِ ابْنِهَا ( السُّدُسُ ) لِاعْتِرَافِهَا لَهُ بِهِ ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْمُنْكِرِ لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الثُّلُثَ كَلَامٌ لِلْأُمِّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ أَخَاهُ وَأُمَّهُ فَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ لِلْمَيِّتِ أَخْرَجَتْ الْأُمُّ نِصْفَ مَا بِيَدِهَا وَهُوَ السُّدُسُ قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " فِي الْمُوَطَّإِ ، وَعَلَيْهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ أَصْحَابِهِ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَلْحَقُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ هُوَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخِ الْآخَرِ ، وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ وَهْبٍ .
مُحَمَّدٌ الْأَوَّلُ قَوْلُنَا ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَذَكَرَ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ الْقَوْلَ الَّذِي أَنْكَرَهُ مُحَمَّدٌ قَالَ يَأْخُذُ الْمُقَرُّ بِهِ نِصْفَ السُّدُسِ وَنِصْفُهُ لِلْمُنْكِرِ قُلْت تَقَدَّمَ لَنَا فِي اخْتِصَارُ الْحُوفِيَّةِ أَنَّ فِي كَوْنِ نِصْفِ مَا بِيَدِ الْأُمِّ لِلْمُقَرِّ بِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَخِ الثَّابِتِ نِصْفَيْنِ .
ثَالِثُهَا يُوقَفُ نِصْفُ الثَّابِتِ ، فَإِنْ صَدَّقَ الْأُمَّ عُمِلَ عَلَى تَصْدِيقِهِ .
وَرَابِعُهَا يُوقَفُ عَلَى إقْرَارِهَا ، فَإِنْ صَدَقَهَا عُمِلَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهَا كَانَ السُّدُسُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ، وَإِنْ شَكَّ كَانَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ ، هَذَا نَقْلُ الْحَوفِيِّ ، وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلَ لِلْقِرَاضِ وَمَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَاخْتِيَارُ مُحَمَّدٍ ، وَالثَّانِي لِأَصْبَغَ ، وَالثَّالِثُ لِسَحْنُونٍ ، وَلَمْ يَحْفَظْ الرَّابِعَ ، قَالَ وَقَوْلُ سَحْنُونٍ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ نِصْفَ السُّدُسِ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ أَكْثَرَ مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِهِ ، ثُمَّ قَالَ

ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ نَقْلِ الشَّيْخِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنَّهُ مَسْأَلَةُ مَنْ تَرَكَ أَخَاهُ وَأُمَّهُ وَأَقَرَّتْ الْأُمُّ بِأَخٍ مَنْصُوصَةٌ فِي الْمُوَطَّإِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَلَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ فِي الْمُوَطَّإِ بِحَالٍ ، وَإِنَّمَا فِي الْمُوَطَّإِ كَوْنُ الْوَاجِبِ عَلَى الْمُقِرِّ إعْطَاءَهُ عَلَى إقْرَارِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَيْنِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ الْمُقِرَّةِ بِأَخٍ فَفَهِمَ هَؤُلَاءِ أَنَّهَا مُمَاثِلَةٌ لِمُطْلَقِ سَائِرِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ الْمَذْكُورِ حُكْمُهَا فِي الْمُوَطَّإِ ، فَنَقَلُوا فِيهَا قَوْلَهُ فِي الْمُوَطَّإِ ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ مُحَمَّدٌ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالصَّوَابُ عِنْدِي عَدَمُ مُمَاثَلَةِ مَسْأَلَةِ الْأُمِّ لِمُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ ، فَلَا يَصِحُّ عَزْوُهَا لِلْمُوَطَّأِ وَلَا ثُبُوتُ أَقْوَالِهَا الثَّلَاثَةِ فِي مُطْلَقِ وَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ ، وَهُوَ مُقْتَضَى ذِكْرِهَا .
الْحُوفِيُّ بَعْدَ ذِكْرِ مُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَبَيَانُ عَدَمِ مُمَاثَلَتِهَا مُطْلَقَ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ وَأَنَّ مَسْأَلَةَ إقْرَارِ الْأُمِّ بِأَخٍ ثَانٍ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى مَعْنًى خَاصٍّ بِهَا مُنَاسِبٌ لِتَوَجُّهِ مُنَازَعَةِ الْمُنْكِرِ فِي فَضْلِ إقْرَارِ الْأُمِّ بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دُونِي أَخَذَتْ الثُّلُثَ وَبَيْتُ الْمَالِ الثُّلُثَيْنِ ، فَإِنْ أَقَرَّتْ لَك مَعَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي إقْرَارِهَا بِك فَضْلٌ عَلَى إنْكَارِهَا تَسْتَحِقُّهُ أَنْتَ ، وَلَمَّا لَمْ تَنْفَرِدْ دُونِي كَانَ وُجُودِي سَبَبًا فِي تَقَرُّرِ الْفَضْلِ ، فَيَجِبُ فِيهِ حَقٌّ بِتَبَرُّئِهَا مِنْهُ ، وَهَذِهِ الْحُجَّةُ مُنَاسِبَةٌ لِمُقَاسَمَةِ الْأَخِ الثَّابِتِ الْأَخَ الْمُقَرَّ بِهِ فِي الْفَضْلِ الْمَذْكُورِ ، وَلَا تُقَرَّرُ هَذِهِ الْحُجَّةُ لِلْمُنْكِرِ فِي مُطْلَقِ مَسَائِلِ الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ ، ثُمَّ وَقَفْت لِلْمَازِرِيِّ عَلَى مَا يُشِيرُ لِمَا أَبْدَيْنَاهُ مِنْ الْحُجَّةِ لِلْأَخِ الْمُنْكِرِ ، وَهُوَ أَنَّهُ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْأُمِّ ، وَوَجْهُ

الْقَوْلِ بِأَنَّ مَا فَضَلَ بِإِقْرَارِهِ الْأُمُّ بَيْنَ الْمُنْكِرِ وَالْمُقَرِّ بِهِ بِأَنَّ الْمُنْكِرَ يَحْتَجُّ بِأَنَّ لَهُ مُشَارَكَةً فِي خُرُوجِ هَذَا السَّهْمِ مِنْ يَدِ الْأُمِّ لِأَنَّهَا لَا تُحْجَبُ عَنْ الثُّلُثِ إلَى السُّدُسِ إلَّا بِأَخَوَيْنِ هُوَ أَحَدُهُمَا " غ " نَازَعَ الْبُنَانِيُّ فِي شَرْحِ التِّلْمِسَانِيَّة .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي هَذَا الْبَحْثِ نَقِفُ عَلَيْهِ فِي مَحِلِّهِ ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .

وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ ، وَالْبَيِّنَةُ ، فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ ، فَهُنَّ أَحْرَارٌ ، وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ شَيْءٌ

وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ ) بَعْدَ إقْرَارِهِ فِي حَيَاتِهِ ( بِأَنَّ فُلَانَةَ ) كِنَايَةً عَنْ عَلَمٍ أُنْثَى كَسَعِيدَةٍ ( جَارِيَتِهِ ) أَيْ أَمَةِ الْمُقِرِّ ( وَلَدَتْ مِنْهُ ) أَيْ الْمُقِرِّ ( فُلَانَةَ ) كِنَايَةً عَنْ اسْمِ أُنْثَى كَمَسْعُودَةٍ ، وَذَكَرَ هَذَا الِاسْمَ حِينَ إقْرَارِهِ ( وَ ) الْحَالُ ( لَهَا ) أَيْ الْجَارِيَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةُ ( ابْنَتَانِ أَيْضًا ) مِنْ غَيْرِ الْمُقِرِّ ( وَنَسِيَتْهَا ) أَيْ الْبِنْتَ الْمُعَيَّنَةَ الْمُقَرَّ بِهَا ( الْوَرَثَةُ وَالْبَيِّنَةُ ) الشَّاهِدَةُ بِإِقْرَارِهِ ، ( فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ ) أَيْ إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِوِلَادَةِ الْأَمَةِ مِنْهُ إحْدَى بَنَاتِهَا ( الْوَرَثَةِ ) وَادَّعَوْا أَنَّهُمْ نَسُوا اسْمَهَا وَجَهِلُوا عَيْنَهَا ( فَهُنَّ ) أَيْ الْبَنَاتُ الثَّلَاثُ ( أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ ) أَيْ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ ( مِيرَاثُ بِنْتٍ ) وَاحِدَةٍ وَهُوَ النِّصْفُ لِتَحَقُّقِ بُنُوَّةِ إحْدَاهُنَّ ، بَيْنَهُنَّ بِالسَّوِيَّةِ لِجَهْلِ عَيْنِ مَنْ تَسْتَحِقُّهُ مِنْهُنَّ وَاسْتِوَائِهِنَّ فِي دَعْوَى اسْتِحْقَاقِهِ كُلِّهِ ( إلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَأَنْكَرُوهُ جُمْلَةً مَعَ نِسْيَانِ الْبَيِّنَةِ اسْمَهَا ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( يَعْتِقُ شَيْءٌ ) مِنْ الْبَنَاتِ الثَّلَاثِ اللَّاتِي أَقَرَّ بِأَنَّ إحْدَاهُنَّ بِنْتُهُ وَنُسِيَتْ ، وَمَفْهُومُ وَنَسِيَتْهَا أَنَّهَا إنْ لَمْ تَنْسَهَا يُحْكَمُ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ ، سَوَاءٌ اعْتَرَفَ الْوَرَثَةُ أَوْ أَنْكَرُوا .
" ق " مِنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مَنْ أَقَرَّ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتُهُ وَلَدَتْ مِنْهُ ابْنَتَهَا فُلَانَةَ وَلِلْأَمَةِ ابْنَتَانِ أُخْرَيَانِ سِوَى الْمُقَرِّ بِهَا فَمَاتَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ وَالْوَرَثَةُ اسْمَهَا ، فَإِنْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ فَهُنَّ كُلُّهُنَّ أَحْرَارٌ ، وَلَهُنَّ مِيرَاثُ وَاحِدَةٍ يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، فَإِنْ لَمْ يُقِرَّ لِلْوَرَثَةِ بِذَلِكَ وَأُنْسِيَتْ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَلَا يَعْتِقُ شَيْءٌ مِنْهُنَّ ، وَإِنْ قَالَ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي

وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا .
وَقَوْلُهُ يُعْتَقْنَ كُلُّهُنَّ خِلَافُ قَوْلِهِ فِيمَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ فِي عَبِيدٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ أَحَدُهُمْ ابْنِي ، وَقَوْلُهُ إنْ جَحَدُوا لَا عِتْقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إنْ لَمْ تَعْلَمْ الْبَيِّنَةُ أَيَّتَهنَّ هِيَ ، هُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : تت يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ السَّابِقَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي بِأَنَّ تِلْكَ لَيْسَ فِيهَا وَارِثٌ يُكَذِّبُهُ ، وَهَذِهِ فِيهَا وَرَثَةٌ تُكَذِّبُهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
طفي فِيهِ نَظَرٌ لِمُعَارَضَةِ ابْنِ رُشْدٍ بَيْنَهُمَا بِقَوْلِهِ إقْرَارُ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ إحْدَى هَذِهِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا .
وَقَوْله يُعْتَقْنَ كُلُّهُنَّ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي السَّابِقَةِ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عِتْقُهُنَّ كُلِّهِنَّ جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ فِي السَّابِقَةِ يُعْتَقُ الْجَمِيعُ .
ا هـ .
فَأَنْتَ تَرَاهُمْ أَجْرَوْا هَذِهِ عَلَى خِلَافِ مَا أَجْرَوْا عَلَيْهِ الْمُتَقَدِّمَةَ ، وَلَوْ كَانَ الْفَرْقُ مَا ذَكَرَهُ تت لَمْ يَجْعَلُوا الْمُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا .
الثَّانِي : الْحَطّ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَالَ إحْدَى هَؤُلَاءِ الثَّلَاثِ ابْنَتِي وَلَمْ يُسَمِّهَا فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ ، فَلَا يَرِثُهُ ، وَوُقِفَ مَالُهُ ، فَإِنْ مَاتَ ، فَلِوَرَثَتِهِ ، وَقُضِيَ دِينُهُ ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ وَهُوَ حَيٌّ : أَخَذُوهُ .

( وَإِنْ اسْتَلْحَقَ ) الْمُكَلَّفُ ( وَلَدًا ) فِي صُورَةٍ يُلْحَقُ بِهِ فِيهَا ( ثُمَّ أَنْكَرَهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ أَيْ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَقَالَ لَيْسَ بِوَلَدِي ( ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ ) عَنْ مَالِ مُسْتَلْحِقِهِ حَيٍّ ( فَلَا يَرِثُهُ ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ لِنَفْيِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَاعْتِرَافِهِ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي إرْثِهِ ( وَوُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَالُهُ ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي تَرَكَهُ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ ( فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ ) الَّذِي اسْتَلْحَقَ وَرَجَعَ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ ( بِ ) الْمَالِ الْوُقُوفِ ( لِوَرَثَتِهِ ) أَيْ الْأَبِ لِأَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ ( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِهِ ) أَيْ الْمَالِ الْمَوْقُوفِ ( دَيْنُهُ ) أَيْ الْأَبِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ .
( وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ ) أَيْ الْأَبِ الَّذِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَلَيْهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْأَبُ ( حَيٌّ أَخَذُوهُ ) أَيْ الْمَالَ الْمَوْقُوفَ إنْ كَانَ قَدْرَ دَيْنِهِمَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ وَإِلَّا أَخَذُوا مِنْهُ قَدْرَ دَيْنِهِمْ وَتَرَكُوا بَاقِيَهُ مَوْقُوفًا حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ " ق " ابْنُ شَاسٍ إذَا اسْتَلْحَقَ وَلَدًا ثُمَّ أَنْكَرَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ مَالٍ فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُسْتَلْحِقُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُوقَفُ ذَلِكَ الْمَالُ ، فَإِنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحَقُ صَارَ هَذَا الْمَالُ لِوَرَثَتِهِ وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ ، وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوا ذَلِكَ الْمَالَ فِي دُيُونِهِمْ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ هَكَذَا قَالَ فِي رَسْمِ يُوصِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي قَوْلِهِ يُوقَفُ نَظَرٌ ، وَالْوَاجِبُ كَوْنُ مِيرَاثِهِ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَهُمْ لَا حَقَّ لَهُ مَعَهُمْ فِيهِ وَهُمْ لَا يُكَذِّبُونَهُ فَلَا مَعْنَى لِتَوْقِيفِهِ ، إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقْبَلَ رُجُوعُهُ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ اسْتِلْحَاقِ ابْنِهِ

لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِرُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ .
الثَّانِي : إنْ مَاتَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِ وَرَثَةِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ بِإِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ وَاسْتِلْحَاقِهِ وَلَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِرُجُوعِهِ عَنْ اسْتِلْحَاقِهِ ، ثُمَّ إنْ مَاتَ الِابْنُ وَرِثَهُ عَصَبَةُ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ .
الثَّالِثُ : فِي الْمُقْنِعِ إذَا اسْتَلْحَقَ رَجُلٌ رَجُلًا لَحِقَ بِهِ نَسَبُ أَوْلَادِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ ، وَمَنْ نَفَى وَلَدَهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ .
الرَّابِعُ : يَجْتَمِعُ لُحُوقٌ لِلْوَلَدِ وَالْحَدُّ فِي مَسَائِلِ ضَابِطِهَا كُلُّ حَدٍّ يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ وَيَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ ، فَالنَّسَبُ ثَابِتٌ مَعَهُ وَكُلُّ حَدٍّ لَازِمٌ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ فَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتُ مَعَهُ مِنْهَا مَنْ أَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا فَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ لِاتِّهَامِهِ بِالتَّحَيُّلِ عَلَى إسْقَاطِ نَسَبِهِ وَيُحَدُّ وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّتِهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا عَالِمًا بِحُرِّيَّتِهَا فَيُحَدُّ ، وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ ، وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى إحْدَى جَارِيَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي إحْدَاهُمَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ اخْتَارَ وَاحِدَةً ثُمَّ وَطِئَ الْأُخْرَى وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَيُحَدُّ وَيُلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ ، وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَوَطِئَهَا فَخَاصَمَهُ رَبُّهَا بِطَلَبِ ثَمَنِهَا فَقَالَ إنَّمَا أَوْدَعْتنِي إيَّاهَا وَأَمَّنْتنِي عَلَيْهَا فَيُحَدُّ وَيَلْحَقُهُ وَلَدُهَا ، وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ وَأَوْلَدَهَا عَالِمًا فَيُحَدُّ ، وَيَلْحَقُهُ وَلَدُهَا ، وَذَكَرَهَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَالتَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَحْرِيمِهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا إيَّاهُ ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَهُ فَهُوَ زِنًا مَحْضٌ لَا يُلْحَقُ مَعَهُ الْوَلَدُ وَمِنْهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ

وَطِئَهَا عَالِمًا بِعِتْقِهَا عَلَيْهِ ، وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مُحَلِّلٍ عَالِمًا .
وَمِنْهَا مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهَا خَامِسًا وَأَنَّهُ عَلِمَ حُرْمَتَهَا قَبْلَ تَزَوُّجِهَا أَفَادَهَا الْحَطّ بِنُصُوصِهَا .
الْخَامِسُ : السُّهَيْلِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ إذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ وَأَخْبَرَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ تَوْبَتِهَا بِأَنَّهُ لِغَيْرِ رَشْدَةٍ لِيَتَعَفَّفَ عَنْ الْمِيرَاثِ ، وَعَنْ نَظَرِ عَوْرَاتِهِمْ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَإِلَّا كَانَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ابْنِ الزِّنَا أَنَّهُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ ، وَقَدْ أُوِّلَ بِوُجُوهٍ هَذَا أَقْرَبُهَا .
ا هـ .
وَقِيلَ فِي تَأْوِيلِهِ إذَا عَمِلَ بِعَمَلِ وَالِدِيهِ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ الشَّعْبِيِّ وَلَدُ الزِّنَا خَيْرُ الثَّلَاثَةِ إذَا اتَّقَى اللَّهَ تَعَالَى ، فَقِيلَ لَهُ فَقَدْ قِيلَ إنَّهُ شَرُّ الثَّلَاثَةِ ، وَقَالَ هَذَا قَالَهُ كَعْبٌ لَوْ كَانَ شَرَّ الثَّلَاثَةِ لَمْ تُنْظَرْ أُمُّهُ بِوِلَادَتِهِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّمَا قِيلَ شَرُّهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَوْ كَانَ شَرَّهُمْ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مَا اُنْتُظِرَ بِأُمِّهِ أَنْ تَضَعَهُ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَكْرِمُوا وَلَدَ الزِّنَا وَأَحْسِنُوا إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا هُوَ عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ أَحْسَنَ أَحْسَنَ اللَّهُ تَعَالَى إلَيْهِ ، وَإِنْ أَسَاءَ عُوقِبَ وَقَالَ أَعْتِقُوا أَوْلَادَ الزِّنَا وَأَحْسَنُوا إلَيْهِمْ وَاسْتَوْصُوا بِهِمْ ، أَفَادَهُ الْحَطّ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) الْإِيدَاعُ : تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَعَرَّفَ الْمُصَنِّفُ مَصْدَرَهَا لِاسْتِلْزَامِ مَعْرِفَتِهَا مَعْرِفَتَهُ فَقَالَ ( الْإِيدَاعُ ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا ( تَوْكِيلٌ ) جِنْسٌ شَمِلَ سَائِرَ أَنْوَاعِهِ ( بِحِفْظِ ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ التَّوْكِيلَ بِغَيْرِهِ وَإِضَافَتُهُ إلَى ( مَالٍ ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ التَّوْكِيلَ بِحِفْظِ غَيْرِ الْمَالِ كَالتَّوْكِيلِ بِحِفْظِ الْوَلَدِ وَالزَّوْجَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْوَدِيعَةُ بِمَعْنَى الْإِيدَاعِ نَقْلُ مُجَرَّدِ حِفْظِ مِلْكٍ يُنْقَلُ ، فَيَدْخُلُ الْإِيدَاعُ الْوَثَائِقَ بِذِكْرِ الْحُقُوقِ ، وَيَخْرُجُ حِفْظُ الْإِيصَاءِ وَالْوَكَالَةِ لِأَنَّهُمَا لِأَزْيَدَ مِنْهُ وَحِفْظُ الرُّبْعِ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ كَابْنِ شَاسٍ تَابِعِينَ لِلْغَزَالِيِّ اسْتِنَابَةٌ فِي حِفْظِ الْمَالِ يُبْطِلُ عَكْسُهُ مَا دَخَلَ ، وَطَرْدُهُ مَا خَرَجَ ، وَبِمَعْنَى لَفْظِهَا مُتَمَلِّكُ نَقْلِ مُجَرَّدِ حِفْظِهِ يَنْتَقِلُ وَهُوَ الْمُسْتَعْمَلُ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ وَلَا يَتَنَاوَلُهُ لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ ا هـ .
الْحَطّ قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ صِفَةُ مُتَمَلِّكٍ فَلَوْ قَدَّمَهُ إلَيْهِ لَكَانَ أَبْيَنَ وَيَدْخُلُ فِي حَدِّهِ اسْتِئْجَارُ حَارِسِ الْمَتَاعِ وَنَحْوِهِ وَإِخْرَاجُهُ حِفْظَ الرِّيعِ مِنْ الْوَدِيعَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، فَفِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إذَا قُلْتَ قَبِلْتُ وَقَبَضْتُ فِي الْأَرْضِ الْغَائِبَةِ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا ، وَذَلِكَ كَالْإِشْهَادِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْحَوْزِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي يَدِك أَرْضٌ أَوْ دَارٌ أَوْ رَقِيقٌ بِكِرَاءٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَذَلِكَ بِبَلَدٍ آخَرَ فَوَهَبَك ذَلِكَ ، فَإِنَّ قَوْلَك قَبِلْت حَوْزٌ .
ا هـ .
وَبِهَذَا رَدَّ الْوَانُّوغِيُّ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ فَقَالَ يُنْقَضُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي مُخْتَصَرِهِ رَادًّا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ حِفْظَ الرِّيعِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُنْقَلُ يُبْطِلُ طَرْدَ حَدِّ ابْنِ الْحَاجِبِ ، قَالَ وَدَعْوَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ فِي هَذَا الْمَقَامِ بَعِيدٌ ا هـ .
الْمَشَذَّالِيُّ وَجْهُ النَّقْضِ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ

أَوْ وَدِيعَةً رُجُوعُهُ لِلْأَرْضِ وَمَا مَعَهَا ، فَصَحَّ كَوْنُ الرِّبْحِ عِنْدَهُ مِمَّا يَصِحُّ إيدَاعُهُ فَبَطَلَ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْمُودَعِ مِمَّا يُنْقَلُ فَهُوَ مُرَادُ الدُّخُولِ لَا مُرَادُ الْخُرُوجِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ وَدَعْوَى اللَّفِّ إلَخْ فَهُوَ اسْتِبْعَادٌ لِدَفْعِ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ أَنْ يُقَالَ لَا تُسَلَّمُ صِحَّةُ النَّقْضِ ، وَقَوْلُكُمْ إنَّ وَدِيعَةً رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مَمْنُوعٌ ، بَلْ الْكَلَامُ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ ، فَقَوْلُهُ عَارِيَّةٌ رَاجِعٌ لِلْأَرْضِ وَالدَّارِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ وَدِيعَةٌ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ .
الْمَشَذَّالِيُّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا إلَّا أَنَّهُ بَعِيدٌ كَمَا قَالَ ، لِكَوْنِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ ، وَلَا دَلِيلَ يَصْرِفُ عَنْهُ فَوَجَبَ الْوُقُوفُ عِنْدَهُ .
ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ إخْرَاجَ الْعَقَارِ مِنْ حُكْمِ الْوَدِيعَةِ ، وَ اللَّهُ أَعْلَمُ .

( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : ابْنُ عَاشِرٍ قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِيدَاعَ شَرْطُهُ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ شَرْطَهُ بِاعْتِبَارِ جَوَازِ فِعْلِهِ وَقَبُولِهِ حَاجَةُ الْفَاعِلِ ، وَظَنُّ صَوْنِهَا مِنْ الْقَابِلِ فَيَجُوزُ مِنْ صَبِيٍّ خَائِفٍ عَلَيْهَا إنْ بَقِيَتْ بِيَدِهِ كَالْعَبْدِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُودِعَ مَا خِيفَ تَلَفُهُ بِيَدِ مُودَعِهِ إنْ ظَنَّ صَوْنَهُ بِيَدِ أَحَدِهِمَا لِاحْتِرَامِهِمَا وَثِقَتِهِمَا كَالْأَوَّلِ الْمُحْتَرَمِينَ وَعَبِيدِهِمْ عِنْدَ نُزُولِ بَعْضِ الظَّلَمَةِ بِبَعْضِ الْبِلَادِ أَوْ لِقَاءِ الْأَعْرَابِ الْقَوَافِلَ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا النُّصُوصُ الدَّالَّةُ عَلَى حِفْظِ الْمَالِ وَنَهْيٍ عَنْ إضَاعَتِهِ ، وَشَرْطُهُ بِاعْتِبَارِ ضَمَانِ الْقَابِلِ عِنْدَ مُوجِبِ الضَّمَانِ وَنَفْيِهِ عِنْدَ نَفْيِهِ عَدَمَ حَجْرِهِ وَحَجْرِ الْفَاعِلِ .

الثَّانِي : الْحَطّ فِي الْكِتَابِ أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ الصِّيغَةُ وَالْمُودِعُ وَالْمُودَعُ ، أَمَّا الصِّيغَةُ فَهِيَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ دَالٌّ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي حِفْظِ الْمَالِ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْوَدِيعَةُ تَفْتَقِرُ لِلْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَالْوَكَالَةِ ، وَأَصْلُنَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ فِيهِمَا كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْبَيْعِ .
ا هـ .
وَاتَّفَقَ أَنَّ رَجُلًا جَالِسًا فَوَضَعَ آخَرُ أَمَامَهُ مَتَاعًا وَذَهَبَ فَتَرَكَهُ الْجَالِسُ فَضَاعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ لِدَلَالَةِ سُكُوتِهِ حِينَ وَضَعَهُ عَلَى قَبُولِ إيدَاعِهِ عِنْدَهُ .

الثَّالِثُ : ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُ الْإِيدَاعِ وَقَبُولُهُ الْإِبَاحَةُ ، وَقَدْ يَعْرِضُ وُجُوبُهُ كَخَائِفٍ فَقْدَ مَالٍ مُوجِبٍ هَلَاكًا أَوْ فَقْرًا إنْ لَمْ يُودِعْهُ مَعَ وُجُودِ قَابِلٍ لَهُ قَادِرٍ عَلَى حِفْظِهِ وَحُرْمَتِهِ ، كَإِيدَاعِ مَغْصُوبٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى جَحْدِهِ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ إنْ كَانَ الْمُودِعُ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ ، فَقَدْ ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ مَنْ قَبِلَ وَدِيعَةً مِنْ مُسْتَغْرِقِ ذِمَّتِهِ ثُمَّ رَدَّهَا لَهُ يَضْمَنُهَا لِلْفُقَرَاءِ .
ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ سَأَلَ قَبُولَ وَدِيعَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ .
قُلْتُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ قَبُولُهَا بِخَوْفِ هَلَاكِهَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى حِفْظِهَا كَرُفْقَةٍ فِيهَا مَنْ يَحْتَرِمُهُ مَنْ أَغَارَ عَلَيْهَا أَوْ ذِي حُرْمَةٍ حَاضِرَةٍ تَعَرَّضَ ظَالِمٌ لِبَعْضِ أَهْلِهَا ، وَنَدْبُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُوجِبُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ ، وَكَرَاهَتُهُ حَيْثُ يَخْشَى مَا يُحَرِّمُهُ دُونَ تَحَقُّقِهِ .
ا هـ .
بِتَصَرُّفٍ .

تُضْمَنُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا ، لَا إنْ انْكَسَرَتْ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا ، وَبِخَلْطِهَا ، إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ لِلْإِحْرَازِ .

ابْنُ الْمُمْسِي اسْتَشَارَهُ جَارُهُ فِي قَبُولِ وَدِيعَةِ دِينَارٍ مِنْ غَاصِبٍ يَخْشَى ضَرَرَهُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْمُمْسِي يَا أَخِي إنْ كُنْت تَقْدِرُ عَلَى غُرْمِهَا فَخُذْهَا مِنْهُ وَتَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ ، وَإِذَا طَلَبَهَا الْمُودِعُ فَاغْرَمْ لَهُ عِوَضَهَا مِنْ مَالِكَ .
وَقَدْ سُئِلَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَنْ رَجُلٍ سُرِقَ مَتَاعُهُ وَمِنْهُ ثَوْبُ دِيبَاجٍ ثُمَّ رَأَى الثَّوْبَ فِي يَدِ جُنْدِيٍّ فَجَزَمَ بِأَنَّهُ ثَوْبُهُ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِسَبْعَةِ دَنَانِيرَ ، وَلَمَّا فَارَقَهُ تَأَمَّلَهُ فَوَجَدَهُ غَيْرَ ثَوْبِهِ فَرَجَعَ إلَى الْجُنْدِيِّ وَقَالَ أَمَا ظَنَنْتُهُ ثَوْبِي فَاشْتَرَيْتُهُ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ غَيْرُهُ ، فَقَالَ لَهُ الْجُنْدِيُّ لَا بَأْسَ عَلَيْك ، وَحَلَّ مِنْطَقَتَهُ وَصَبَّ مِنْهَا دَنَانِيرَ وَعَدَّ سَبْعَةً مِنْهَا فَأَعْطَاهَا لَهُ وَأَخَذَ الثَّوْبَ ، فَاتَّفَقَ أَصْحَابُ سَحْنُونٍ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالدَّنَانِيرِ وَبِقِيمَةِ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ رَدَّهُ إلَى غَيْرِهِ مَالِكِهِ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ غَصَبَ شَيْئًا وَأَوْدَعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَ الْمُودَعِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ تَضْمِينُ الْمُودَعِ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى الْوَدِيعَةُ أَمَانَةٌ فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ إلَّا إذَا تَعَدَّى عَلَيْهَا .
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى جُمْلَةٍ مِنْ أَسْبَابِ التَّعَدِّي عَلَيْهَا فَقَالَ ( تُضْمَنُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْوَدِيعَةُ ، أَيْ يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ ( بِ ) سَبَبِ ( سُقُوطِ شَيْءٍ ) مِنْهُ ( عَلَيْهَا ) فَأَتْلَفَهَا وَلَوْ خَطَأً لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ ( لَا ) تُضْمَنُ ( إنْ انْكَسَرَتْ فِي ) حَالِ ( نَقْلِ ) هَا نَقْلَ ( مِثْلِهَا ) بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ ، فَإِنْ نَقَلَهَا نَقْلًا مُخَالِفًا لِنَقْلِ مِثْلِهَا فَتَلِفَتْ فَيَضْمَنُهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا .
" قِ " أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَنْ أُودِعَ جِرَارًا فِيهَا إدَامٌ ، أَوْ قَوَارِيرُ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ عَلَيْهَا شَيْءٌ فَانْكَسَرَتْ أَوْ رَمَى شَيْئًا فِي بَيْتِهِ يُرِيدُ

غَيْرَهَا فَأَصَابَهَا فَانْكَسَرَتْ ضَمِنَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ اسْتَوْدَعَ جِرَارًا وَشِبْهَهَا فَنَقَلَهَا نَقْلَ مِثْلِهَا فَتَكَسَّرَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا ، وَلَوْ سَقَطَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ فَكَسَرَهَا فَيَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَأٍ .
( وَ ) تُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( خَلْطِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةُ بِغَيْرِهَا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ خَلْطًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ تَمْيِيزُهَا مِنْ غَيْرِهَا ( إلَّا ) خَلْطُ ( كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ ) جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يَضْمَنُهَا .
الْحَطّ قَوْلُهُ كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ شَامِلٌ لِخَلْطِ كُلِّ جِنْسٍ بِجِنْسِهِ الْمُمَاثِلِ لَهُ حَتَّى الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا ( وَ ) إلَّا خَلْطُهَا بِغَيْرِ جِنْسِهَا مَعَ تَيَسُّرِ تَمْيِيزِهَا مِنْهُ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ كَخَلْطِ ( دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ ) وَقُطْنٍ بِكَتَّانٍ فَلَا تُضْمَنُ إذَا كَانَ الْخَلْطُ ( لِلْإِحْرَازِ ) أَيْ الْحِفْظِ فِيهِمَا ، هَذَا ظَاهِرُهُ هُنَا .
وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّهُ قَيْدٌ فِي الْأُولَى فَقَطْ وَكَأَنَّهُ رَأَى هُنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .

ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ : فَبَيْنَكُمَا ، إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ

( ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ ) أَيْ الْمَخْلُوطِ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ الْمُتَمَيِّزِ عَنْهُ ( فَ ) التَّالِفُ ( بَيْنَكُمَا ) بِالْمُحَاصَّةِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ وَالسَّالِمُ كَذَلِكَ لِعَدَمِ تَمَيُّزِ مَالِ أَحَدِكُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ ( إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ ) مَالُ أَحَدِكُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَمُصِيبَةُ كُلِّ مَالٍ مِنْ رَبِّهِ .
فِي الْجَوْهَرِ الثَّالِثُ مِنْ أَسْبَابِ التَّقْصِيرِ فِي حِفْظِ الْوَدِيعَةِ خَلْطُهَا بِمَا لَا تَتَمَيَّزُ عَنْهُ مِمَّا هُوَ غَيْرُ مُمَاثِلٍ لَهَا ، كَخَلْطِ قَمْحٍ بِشَعِيرٍ وَشَبَهِهِ .
وَأَمَّا خَلْطُهَا بِجِنْسِهَا الْمُمَاثِلِ لَهَا جُودَةً وَرَدَاءَةً كَحِنْطَةٍ بِمِثْلِهَا أَوْ ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ أَوْ بِمَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ وَلَا يَخْتَلِطُ بِهِ كَذَهَبٍ بِوَرِقٍ فَلَا يَضْمَنُ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا بِمِثْلِهَا ثُمَّ ضَاعَ الْمَالُ فَلَا يَضْمَنُهُ ، وَإِنْ ضَاعَ بَعْضُهُ كَانَ مَا ضَاعَ وَمَا بَقِيَ بَيْنَكُمَا ، لِأَنَّ دَرَاهِمَك لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِهِ وَلَوْ عُرِفَتْ بِعَيْنِهَا كَانَتْ مُصِيبَةُ دَرَاهِمَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ وَلَا يُغَيِّرُهَا الْخَلْطُ ، وَإِنْ أَوْدَعْتَهُ حِنْطَةً فَخَلَطَهَا بِحِنْطَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا وَخَلَطَهَا لِلْإِحْرَازِ وَالرَّفْعِ فَهَلَكَ الْجَمِيعُ فَلَا يَضْمَنُ لِأَنَّ الْمُودَعَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ دَخَلَ ، وَقَدْ يَشُقُّ عَلَى الْمُودَعِ أَنْ يَجْعَلَ مَا أُودِعَهُ عَلَى حِدَةٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا فَأَكَلَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ رَدِّهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَخَلْطُهَا بِمِثْلِهَا كَرَدِّ مِثْلِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا إذَا ضَاعَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً فَيَضْمَنُ وَكَذَلِكَ إنْ خَلَطَ حِنْطَتَك بِشَعِيرٍ ثُمَّ ضَاعَ الْجَمِيعُ فَهُوَ ضَامِنٌ لِأَنَّهُ قَدْ أَفَاتَهَا بِالْخَلْطِ قَبْلَ هَلَاكِهَا لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ وَلَيْسَ كَخَلْطِ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْ عَيْنٍ أَوْ طَعَامٍ .
" غ " فَقَيْدُ الْإِحْرَازِ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَمْ يَذْكُرْهُ فِيهَا أَصْلًا .

ا هـ .
وَقِيلَ إنَّهُ خَاصٌّ بِبَعْضِ أَفْرَادِ الصُّورَةِ الْأُولَى كَالْحِنْطَةِ وَمَا شَابَهَهَا .
وَأَمَّا الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ خَلْطِهَا لِلْإِحْرَازِ .
الْحَطّ وَلَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ ، فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهَا الْمُتَقَدِّمِ وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَخَلَطَهَا .
الشَّيْخُ يَعْنِي عَلَى وَجْهِ الْإِحْرَازِ وَالرَّفْعِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّكِ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ فِي الطَّعَامِ بَعْدَهُ ا هـ .
وَأَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْلِهِ أَبُو عِمْرَانَ فِي الطَّعَامِ بَعْدَهُ أَنَّ أَبَا عُمَرَ لِمَ تَكَلَّمَ عَلَى قَوْلِهَا فِي الطَّعَامِ وَفَعَلَ ذَلِكَ بِهَا عَلَى الْإِحْرَازِ قَالَ وَكَذَلِكَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ .
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْحِنْطَةِ إذَا خَلَطَهَا عَلَى وَجْهِ الرَّفْعِ وَالْإِحْرَازِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هَذَا وَشِبْهُهُ مِنْ النَّظَرِ لِأَنَّ جَمْعَهُمَا أَحْرَزُ لَهُمَا مِنْ تَفْرِيقِهِمَا وَأَرْفَقُ لَهُمَا مِنْ شَغْلِ مَخْزَنَيْنِ بِذَلِكَ وَكِرَائِهِمَا وَحِرَاسَتِهِمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ ، وَأَنَّ الْخَلْطَ إذَا كَانَ لِغَيْرِ هَذَا مَنْ قَعَدَ أَوْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ فِيهِ ضَامِنٌ ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الطَّعَامِ وَالدَّرَاهِمِ .
وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَرَاهِمَ هَذَا لَا تُعْرَفُ مِنْ دَرَاهِمِ الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ وَإِنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ الْمُخْتَلِفَةَ لَا يَضْمَنُ بِهِ لِأَنَّهَا تَتَمَيَّزُ .
وَكَذَا تَجِبُ لَوْ خَلَطَ دَنَانِيرَ عِنْدَهُ وَدِيعَةً بِدَرَاهِمَ لَهُ فِي كِيسٍ فَلَا يَضْمَنُ .
ا هـ .
فَتَأَمَّلْهُ تَجِدْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْإِحْرَازَ قَيْدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
اللَّخْمِيُّ إذَا خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا أَوْ الطَّعَامَ بِمِثْلِهِ ثُمَّ ضَاعَ كَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الْبَاقِي بِقَدْرِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
وَاخْتَلَفَ فِي هَذَا مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا كَانَا شَرِيكَيْنِ قَبْلَ الضَّيَاعِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهَا فِي

تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ اخْتَلَطَ لَهُ دِينَارٌ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِغَيْرِهِ ثُمَّ ضَاعَ مِنْهَا دِينَارٌ فَهُمَا فِيهِ شَرِيكَانِ صَاحِبُ الْوَاحِدِ بِجُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ ، وَصَاحِبُ الْمِائَةِ بِمِائَةِ جُزْءٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ مَسْلَمَةَ لِصَاحِبِ الْمِائَةِ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ أَوْ لَوْ وَيَقْتَسِمَانِ دِينَارًا لَمْ يَبْقَ إلَّا دِينَارٌ لَقُسِمَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَدَّعِيه لِنَفْسِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) إذَا خَلَطَتْ الْوَدِيعَةُ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ ، وَقُلْنَا يَضْمَنُهَا فَلَيْسَ مَعْنَاهُ يَضْمَنُهَا إلَّا إذَا تَلِفَتْ ، بَلْ يَضْمَنُهَا بِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا ، قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَتَانِ قَمْحٌ وَشَعِيرٌ فَخَلَطَهُمَا ضَمِنَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَ مَالِهِ ا هـ حط .

وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا أَوْ سَفَرِهِ ، إنْ قَدَرَ عَلَى أَمِينٍ ؛ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً .

( وَ ) تُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( انْتِفَاعِهِ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ ( بِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ وَتَلَفُهَا مِثْلِيَّةً كَانَتْ كَطَعَامٍ أَكَلَهُ أَوْ مُقَوَّمَةً كَدَابَّةٍ رَكِبَهَا وَثَوْبٍ لَبِسَهُ فِيمَا تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ فَتَلِفَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَوْدَعَك عَبْدًا فَبَعَثْتَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ أَمْرٍ يَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ ضَمِنْتَهُ وَأَمَّا إنْ بِعْتَهُ لِشِرَاءِ بَقْلٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ حَاجَةٍ تَقْرُبُ مِنْ مَنْزِلِك فَلَا تَضْمَنُ ، لِأَنَّ الْغُلَامَ لَوْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لِمِثْلِ هَذَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُ .
ابْنُ نَاجِي أَرَادَ بِقَوْلِهِ يَعْطَبُ بِمِثْلِهِ غَالِبًا ، وَالْمُرَادُ هَلَكَ بِسَبَبِ مَا بَعَثْته فِيهِ ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي ضَمَانِهِ ، وَأَمَّا لَوْ بَعَثْته فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ نَادِرًا فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ .
وَاخْتَلَفَ إذَا هَلَكَ فِي اسْتِعْمَالِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، فَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَضْمَنُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ بِالْعَدَاءِ كَغَاصِبٍ وَاعْتِبَارُ غَالِبِ السَّلَامَةِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ خَاصٌّ بِالرَّقِيقِ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ تَعْلِيلُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ سَفَرِهِ ) أَيْ الْمُودَعِ ( بِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ فَتَلِفَتْ مِنْهُ فَيَضْمَنُهَا ( إنْ قَدَرَ ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ ( عَلَى ) رَدِّهَا لِرَبِّهَا أَوْ إيدَاعِهَا عِنْدَ شَخْصٍ ( أَمِينٍ ) فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ وَخَشِيَ تَلَفَهَا بِتَرْكِهَا فَلَا يَضْمَنُهَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَيَضْمَنُهَا بِالِانْتِفَاعِ وَالسَّفَرِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تُرَدَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْوَدِيعَةُ الَّتِي انْتَفَعَ أَوْ سَافَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا لِمَحَلِّ إيدَاعِهَا حَالَ كَوْنِهِمَا ( سَالِمَةً ) مِنْ التَّلَفِ وَالتَّعَيُّبِ ، ثُمَّ تَتْلَفُ بَعْدَ رَدِّهَا فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِأَنَّ مُوجِبَ ضَمَانِهِ هَلَاكُهَا لَا مُجَرَّدُ انْتِفَاعِهِ أَوْ سَفَرِهِ بِهَا وَظَاهِرُهُ تَصْدِيقُهُ فِي دَعْوَى رَدِّهَا سَالِمَةً

بِلَا إشْهَادٍ عَلَيْهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَفَرُهُ لِنُقْلَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ قَالَهُ فِي الْكَافِي .
" ق " فِيهَا وَمَنْ أَوْدَعْته دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَاسْتُهْلِكَ بَعْضُهَا ثُمَّ هَلَكَ بَاقِيهَا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا اُسْتُهْلِكَ أَوَّلًا ، وَلَوْ كَانَ قَدْرَ مَا اُسْتُهْلِكَ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا إنْ ضَاعَتْ وَهُوَ مُصَدَّقٌ ، أَنَّهُ رَدَّ فِيهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا كَتَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا إلَيْك وَفِي تَلَفِهَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَسَلَّفَ جَمِيعَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا مَكَانَهَا لَبَرِئَ كَانَ أَخَذَهَا عَلَى السَّلَفِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ هَلَكَتْ بَعْدَ أَنْ رَدَّهَا ، وَلَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ اسْتَوْدَعَ دَابَّةً أَوْ ثَوْبًا فَأَقَرَّ الْمُسْتَوْدَعُ بِالْفَتْحِ بِرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلَبِسَ الثَّوْبِ وَقَالَ هَلَكَ بَعْدَ أَنْ رَدَدْته صُدِّقَ ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ يَضْمَنُ بِالتَّعَدِّي بِرُكُوبِهَا أَوْ لُبْسِهَا إلَّا إنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا سَالِمَةً ثُمَّ تَلِفَتْ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يَضْمَنُهَا حَتَّى يَرُدَّهَا بِحَالِهَا .
ابْنُ يُونُسَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ عَلَى الْخِلَافِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي رَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنْ الْوَدِيعَةِ ، وَفِيهَا إنْ أَرَادَ سَفَرًا أَوْ خَافَ عَوْرَةَ مَنْزِلِهِ فَلْيُودِعْهَا ثِقَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهَا وَلَوْ دُونَهُ فِي ثِقَتِهِ ، ابْنُ شَاسٍ إنْ سَافَرَ بِهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ يَضْمَنُهَا ، فَإِنْ سَافَرَ بِهَا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ ذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ فِي قَرْيَةٍ مَثَلًا فَلَا يَضْمَنُهَا وَإِنْ أَوْدَعَهَا عِنْدَ غَيْرِهِ بِلَا عُذْرٍ ثُمَّ رَدَّهَا فَلَا يَضْمَنُهَا بَعْدُ كَرَدِّهِ مَا تَسَلَّفَ مِنْهَا ، الْحَطُّ اُنْظُرْ إذَا انْتَفَعَ بِهَا وَرَدَّهَا سَالِمَةً فَهَلْ يَلْزَمُهُ

كِرَاءُ مِثْلِهَا أَمْ لَا وَسَيَأْتِي فِي أَوَّلِ بَابِ الْغَصْبِ عَنْ التَّنْبِيهَاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْكِرَاءَ .

وَحَرُمَ سَلَفُ : مُقَوَّمٍ وَمَعْدُومٍ ، وَكُرِهَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ : كَالتِّجَارَةِ ، وَالرِّبْحُ لَهُ .

( وَحَرُمَ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ عَلَى مُودَعٍ بِالْفَتْحِ مَلِيءٍ أَوْ مُعْدِمٍ ( سَلَفٌ ) أَيْ تَسَلُّفُ شَيْءٍ ( مُتَقَوِّمٍ ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا كَمَرَضٍ وَحَيَوَانٍ مُودَعٍ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا لِاخْتِلَافِ الْأَعْرَاضِ فِي عَيْنِهِ ، فَلَا يَقُومُ مِثْلُهُ مَقَامَهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ تَمَلُّكِ الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ طِيبِ مَالِكِهِ ( وَ ) حَرُمَ سَلَفُ شَخْصٍ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ ( مُعْدِمٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ، أَيْ فَقِيرٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى وَفَاءِ مَا يَتَسَلَّفُهُ مِنْ مِثْلِيٍّ مُودَعٍ عِنْدَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَنْ بِيَدِهِ قَدْرُهَا أَوْ زَائِدٌ عَلَيْهَا بِيَسِيرٍ كَالْمُعْدِمِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الشَّامِلِ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَنْ يَتَسَلَّفَ ( النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ ) أَيْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْمَلِيءِ تت كَذَا فِي وَدِيعَتِهَا وَفِي لُقَطَتِهَا الْمَنْعُ .
" ق " اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لِلْمُودَعِ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ، فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عُرُوضًا أَوْ مِمَّا يُقْضَى فِيهِ بِالْقِيمَةِ أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَكَانَ يَكْثُرُ اخْتِلَافُهُ وَلَا يَتَحَصَّلُ أَمْثَالُهُ كَالْكَتَّانِ فَلَيْسَ لِلْمُوسِرِ أَيْضًا أَنْ يَتَسَلَّفَهَا .
الْبَاجِيَّ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَوَازِ التَّسَلُّفِ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا ، فَفِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ، وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيَّ وَقَدْ أَجَازَهُ بَعْضُ النَّاسِ فَرُوجِعَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فِيهِ وَفَاءٌ وَأَشْهَدَ فَأَرْجُو أَنْ لَا بَأْسَ بِهِ .
الْبَاجِيَّ وَهَذَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ .
وَوَجْهُ الْجَوَازِ إذَا قُلْنَا إنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ فَإِنَّهُ لَا مَضَرَّةَ عَلَى الْمُودِعِ فِي انْتِفَاعِ الْمُودَعِ بِهَا إذَا أَرَادَ مِثْلَهَا ، وَقَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهَا وَيَتَمَسَّكَ بِهَا مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا وَلِأَنَّ الْمُودِعَ قَدْ تَرَكَ الِانْتِفَاعَ بِهَا مَعَ

الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَجَازَ لِلْمُودِعِ الِانْتِفَاعُ بِهَا ، وَيَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى الِانْتِفَاعِ بِظِلِّ حَائِطِهِ وَضَوْءِ سِرَاجِهِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ تَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مَالَ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ إثْمٌ ا هـ .
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ فِي الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُ هَلْ يُلْحَقُ بِالدَّنَانِيرِ فِي الْجَوَازِ ؟ وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ إنْ تَسَلَّفَ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالزَّيْتَ وَأَشْبَاهَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ لِأَنَّهُ أَجَازَ إذَا تَسَلَّفَ ذَلِكَ أَنْ يُخْرِجَ الْمِثْلَ مِنْ ذِمَّتِهِ كَالدَّرَاهِمِ ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَالْعُرُوضِ لَمْ يَصِحَّ إخْرَاجُ الْمِثْلِ مِنْ الذِّمَّةِ وَلَمْ يَجُزْ السَّلَفُ .
الْبَاجِيَّ الْأَظْهَرُ عِنْدِي الْمَنْعُ وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّ مِثْلِهِ إبَاحَةَ ذَلِكَ .
اللَّخْمِيُّ وَأَرَى أَنْ يُنْظَرَ إلَى الْمُودَعِ ، فَإِنْ كَانَ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُودِعِ أَوْ مَعَهُ كَرَمُ طَبْعٍ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ عُلِمَتْ مِنْهُ الْكَرَاهِيَةُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ حِينَ الدَّفْعِ أَوْ قَالَ احْذَرْ أَنْ تَتَسَلَّفَهَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِي مَنْعِهِ مِنْهُ ، وَإِنْ أُشْكِلَ أَمْرُهُ كُرِهَ .
وَشَبَّهَ بِالسَّلَفِ فِي تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَمَامِهِ فَقَالَ ( كَالتِّجَارَةِ ) وَفِي الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوِّمِ مُطْلَقًا .
وَمِنْ الْمُعْدِمِ فِي الْمُنْقِدِ وَالْمِثْلِيِّ وَتُكْرَهُ فِيهِمَا مِنْ الْمَلِيءِ قَالَهُ صر .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ .
وَأَمَّا مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ مَالًا فَتَجَرَ بِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ وَتُكْرَهُ التِّجَارَةُ الْوَدِيعَةِ .
ا هـ .
فَإِنَّمَا هِيَ فِي وَدِيعَةِ الْمَالِ ، أَيْ النَّقْدِ لِأَنَّهُ مَوْضُوعُهَا لَا مُطْلَقًا ( وَ ) إنْ اتَّجَرَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةِ وَرَبِحَ فِيهَا فَ ( الرِّبْحُ لَهُ ) أَيْ الْمُودَعِ

بِالْفَتْحِ ، إذْ لَوْ تَلِفَتْ لَضَمِنَهَا وَالْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ .
" ق " فِي لُقَطَتِهَا لَا يَتَّجِرُ بِاللُّقَطَةِ فِي السَّنَةِ وَلَا بَعْدَهَا كَالْوَدِيعَةِ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ مَالًا فَابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ وَرَبِحَ فِيهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَالِ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إلَى صَاحِبِهِ .
فِي الِاسْتِذْكَارِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ .
وَأَبِي يُوسُفَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ إذَا رَدَّ الْمَالَ طَابَ لَهُ الرِّبْحُ غَاصِبًا كَانَ لِلْمَالِ أَوْ مُسْتَوْدَعًا عِنْدَهُ وَتَعَدَّى فِيهِ .
الْبَاجِيَّ .
قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ الرِّبْحَ لَهُ أَرَادَ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَالُ عَيْنًا ، وَهَذَا عِنْدِي مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ لَا تَتَعَيَّنُ بِغَصْبِهَا ، وَلِذَلِكَ قَالَ إنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ طَعَامًا فَبَاعَهُ بِثَمَنٍ فَإِنَّ صَاحِبَهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ ، أَوْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ طَعَامِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالصِّفَةِ ، وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَعْنًى آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّ الْمُودِعَ لَمْ يُبْطِلْ عَلَى الْمُودَعِ غَرَضَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ بِحِفْظِهَا ، وَلَوْ كَانَتْ بِضَاعَةً أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا سِلْعَةً مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً لِنَفْسِهِ ، فَإِنَّ صَاحِبَ الْبِضَاعَةِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يُضَمِّنَهُ مِثْلَ بِضَاعَتِهِ أَوْ يَأْخُذَ مَا اشْتَرَى بِهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ أَمَرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ فَأَرَادَ أَنْ يُبْطِلَ عَلَيْهِ غَرَضَهُ مِنْ بِضَاعَتِهِ وَيَسْتَأْثِرَ بِرِبْحِهَا ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ .
وَفِي الْمَعُونَةِ وَمَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ بِبِضَاعَةٍ يَشْتَرِي بِهَا شَيْئًا فَتَجَرَ فِيهَا ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا ، وَإِنْ رَبِحَ فَالرِّبْحُ لِلْمَالِكِ ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ لِأَنَّ الْمُبْضِعَ طَلَبَ الرِّبْحَ فَلَيْسَ لِلْمُبْضِعِ مَعَهُ قَطْعُهُ فَلَا يَكُونُ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ شَيْءٌ .
وَفِي الْمُنْتَقَى

وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ الْمَالُ يَبْتَاعُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَنَّ صَاحِبَهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مَا ابْتَاعَ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ يُضَمِّنَهُ رَأْسَ الْمَالِ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنْهُ فِي عَرْضِهِ وَابْتِيَاعِ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، فَكَانَ أَحَقَّ بِمَا ابْتَاعَهُ ، وَهَذَا إذَا ظَفِرَ بِالْأَمْرِ قَبْلَ بَيْعِ مَا ابْتَاعَهُ ، فَإِنْ فَاتَ مَا ابْتَاعَهُ بِهِ فَإِنَّ رِبْحَهُ لِرَبِّ الْمَالِ وَخَسَارَتَهُ عَلَى الْمُبْضِعِ مَعَهُ .

وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِإِذْنٍ ، أَوْ يَقُولَ : إنْ احْتَجْتَ فَخُذْ وَضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ أَوْ بِقُفْلٍ بِنَهْيٍ .

( وَبَرِئَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الَّذِي تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ تَسَلُّفًا مَكْرُوهًا بِأَنْ كَانَتْ مِثْلِيًّا وَهُوَ مَلِيءٌ ( إنْ رَدَّ ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْمَالَ ( غَيْرَ الْمُحَرَّمِ ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثْقَلًا تَسَلَّفَهُ وَهُوَ النَّقْدُ وَالْمِثْلِيُّ مَعَ كَوْنِهِ مَلِيًّا لِمَحَلِّ إيدَاعِهِ ثُمَّ ضَاعَ بَعْدَ رَدِّهِ ، سَوَاءٌ أَشْهَدَ عَلَى رَدِّهِ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَوْ مَخْتُومَةً ، وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ رَدِّهَا إلَّا بِيَمِينٍ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا تَسَلَّفَ مَالًا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهُ مَكَانَهُ فَتَلِفَ الْمِثْلُ بَرِئَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَيَّدَ بِمَا لَا يُحَرَّمُ تَسَلُّفُهُ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمَكْرُوهُ وَيَخْرُجَ مِنْهُ الْعَرْضُ وَتَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ ، وَفِي خُرُوجِ تَسَلُّفِ الْمُعْدِمِ الْعَيْنَ مِنْهُ نَظَرٌ لِأَنَّ رَبَّهَا إنَّمَا يَكْرَهُ تَسَلُّفَهَا الْمُعْدِمِ خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا أَوْ يَرُدَّهَا بِعُسْرٍ ، فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا مُنِعَ تَسَلُّفُهَا ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَفِيهَا لَوْ كَانَتْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى بَلِيَتْ أَوْ اسْتَهْلَكَهَا ثُمَّ رَدَّ مِثْلَهَا لَمْ تَبْرَأْ ذِمَّتُهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا .
أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ رَدَّ الْقِيمَةَ لَبَرِئَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ ذِمَّتَهُ لَا تَبْرَأُ سَوَاءٌ أَوْقَفَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ ا هـ .
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَبْرَأُ ، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ ، ثَالِثُهَا يَبْرَأُ إنْ رَدَّهَا بِإِشْهَادٍ ، وَرَابِعُهَا يَبْرَأُ إنْ كَانَتْ مَنْثُورَةً وَإِنْ كَانَتْ مَصْرُورَةً ضَمِنَهَا ، وَلَوْ رَدَّهَا .
فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِيَمِينٍ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ الْمَوَّازِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى بَرَاءَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي رَدِّهَا دُونَ يَمِينِهِ أَوْ بِهَا .
ثَالِثُهَا إنْ تَسَلَّفَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ صُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِ

الشَّيْخِ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَمِينًا مَعَ قَوْلِ الْبَاجِيَّ ، ظَاهِرُهَا نَفْيُهَا وَالشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَنْثُورَةِ .
وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ الثَّالِثَ اخْتِيَارًا لَهُ وَلَمْ يَعْزِهِ ، وَقَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إشْهَادُهُ لِخَوْفِ مَوْتِهِ حِفْظًا لِحَقِّ الْمُودِعِ فَيَبْرَأُ أَوْ إنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى رَدِّهَا ا هـ .
الْحَطُّ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ الْمُعْدِمَ مِنْ الْبَرَاءَةِ إذَا تَسَلَّفَ النَّقْدَ وَالْمِثْلِيَّ وَرَدَّهُ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْبَرَاءَةِ بِرَدِّ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ فَقَالَ ( إلَّا ) مَا اسْتَلَفَهُ الْمُودَعُ مِنْ الْوَدِيعَةِ ( بِإِذْنٍ ) مِنْ الْمُودِعِ فِي تَسَلُّفِهِ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالِاجْتِيَاحِ ( أَوْ ) مُقَيَّدٍ بِهِ كَأَنْ ( يَقُولَ ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ ( إنْ احْتَجْتَ ) يَا مُودَعُ بِالْفَتْحِ لِتَسَلُّفِ شَيْءٍ مِنْ الْوَدِيعَةِ ( فَخُذْ ) مِنْهَا مَا تَحْتَاجُهُ سَلَفًا فَتَسَلَّفَهَا كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا وَرَدَّ مِثْلَ مَا تَسَلَّفَهُ لِمَكَانِهِ فَضَاعَ فَلَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ لِأَنَّهُ اسْتَلَفَهُ مِنْ مَالِكِهِ فَلَا يُبَرِّئُهُ إلَّا رَدُّهُ إلَيْهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ .
الْبَاجِيَّ بَعْدَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ وَهَذَا إذَا تَسَلَّفَ مِنْ الْوَدِيعَةِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهَا ، وَأَمَّا مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً وَقِيلَ لَهُ تَسَلَّفْ مِنْهَا إنْ شِئْت فَتَسَلَّفَ مِنْهَا ، وَقَالَ رَدَدْتُهَا فَقَدْ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَا يُبَرِّئُهُ رَدُّهُ إيَّاهَا إلَّا إلَى رَبِّهَا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ صَارَ هُوَ الْمُسَلِّفُ فَلَا يَبْرَأُ الْمُسَلَّفُ إلَّا بِرَدِّهِ إلَيْهِ ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إلَى الْوَدِيعَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ عِنْدَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَسَلَّفَهَا ، فَإِذَا رَدَّهَا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِهَا .
( وَ ) إنْ أَخَذَ الْمُودَعُ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ أَوْ مُقَيَّدٍ وَرَدَّهُ وَضَاعَ مَعَ الْبَاقِي ( ضَمِنَ ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْبَعْضَ ( الْمَأْخُوذَ فَقَطْ ) أَيْ

دُونَ الْبَعْضِ غَيْرِ الْمَأْخُوذِ فَلَا يَضْمَنُهُ فِيهَا .
وَمَنْ أَوْدَعْتَهُ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً أَوْ مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَاسْتَهْلَكَ بَعْضَهَا ثُمَّ هَلَكَ بَاقِيهَا فَلَا يَضْمَنُ إلَّا مَا اسْتَهْلَكَ أَوَّلًا ، وَلَوْ كَانَ قَدْرُ مَا اسْتَهْلَكَ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا إنْ ضَاعَتْ وَهُوَ مُصَدَّقٌ أَنَّهُ رَدَّ فِيهَا مَا أَخَذَهُ مِنْهَا ( أَوْ ) أَيْ وَيَضْمَنُهَا إنْ ضَاعَتْ ( بِ ) سَبَبِ وَضْعِ ( قُفْلٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ آلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ تُجْعَلُ عَلَى الْبَابِ لِمَنْعِ فَتْحِهِ مُتَلَبِّسٍ ( بِنَهْيٍ ) مِنْ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَنْ وَضْعِهِ عَلَى مَا هِيَ فِيهِ فَوَضَعَهُ عَلَيْهِ فَسُرِقَتْ فَيَضْمَنُهَا لِإِغْرَائِهِ السَّارِقَ بِوَضْعِهِ ، وَمَفْهُومٌ بِنَهْيٍ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ فَلَا يَضْمَنُهَا .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ مَنْ قَالَ لِمَنْ أَوْدَعَهُ وَدِيعَةً أَجْعَلُهَا فِي تَابُوتِك وَلَمْ يَقُلْ غَيْرَ هَذَا فَلَا يَضْمَنُ إنْ قَفَلَ عَلَيْهَا ، وَلَوْ قَالَ لَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ السَّارِقَ بِرُؤْيَةِ الْقُفْلِ أَطْمَعُ .

أَوْ بِوَضْعٍ بِنُحَاسٍ فِي أَمْرِهِ بِفَخَّارٍ ، لَا إنْ زَادَ قُفْلًا ، أَوْ عَكَسَ فِي الْفَخَّارِ ، أَوْ أَمَرَ بِرَبْطٍ بِكُمٍّ فَأَخَذَهَا بِالْيَدِ : كَجَيْبِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ

( أَوْ ) أَيْ وَتُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( وَضْعٍ ) لِلْوَدِيعَةِ ( بِ ) وِعَاءٍ ( نُحَاسٍ ) فَسُرِقَتْ مِنْهُ ( فِي ) صُورَةٍ ( أَمَرَهُ ) أَيْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ بِوَضْعِهَا ( بِ ) وِعَاءٍ ( فَخَّارٍ ) لِأَنَّ وَضْعَهَا فِي النُّحَاسِ يُغْرِي السَّارِقَ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَوْ قَالَ اجْعَلْهَا فِي سَطْلِ فَخَّارٍ فَجَعَلَهَا فِي سَطْلٍ مِنْ نُحَاسٍ ضَمِنَ وَفِي الْعَكْسِ الْعَكْسُ ( لَا ) تُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ ( إنْ زَادَ ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ ( قُفْلًا ) عَلَى مَا فِيهِ الْوَدِيعَةُ فَسُرِقَتْ .
ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَالَ اقْفِلْ عَلَيْهَا قَفْلًا وَاحِدًا فَقَفَلَ عَلَيْهَا قُفْلَيْنِ فَلَا يَضْمَنُهَا .
ابْنُ يُونُسَ السَّارِقُ أَطْمَعُ إذَا كَانَتْ بِقُفْلَيْنِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى كَثْرَةِ الْمَنْقُولِ عَلَيْهِ وَشِدَّةِ الْخَوْفِ عَلَيْهِ ، فَيَجِبُ الضَّمَانُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَاقْفِلْ وَاحِدًا فَقَفَلَ اثْنَيْنِ قَوْلَانِ .
خَلِيلٌ الْقَوْلُ يَنْفِي الضَّمَانَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْجَوَاهِرِ ، وَزَادَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إغْرَاءُ اللِّصِّ فَيَضْمَنُ ، وَالْقَوْلُ بِالضَّمَانِ مَالَ إلَيْهِ ابْنُ يُونُسَ ، وَلَمْ أَعْلَمْهُ مَنْصُوصًا .
وَفِي الشَّامِلِ وَبِقُفْلٍ نَهَاهُ عَنْهُ وَاخْتِيرَ سُقُوطُهُ لَا إنْ لَمْ يَنْهَهُ أَوْ زَادَ قُفْلًا إلَّا فِي حَالِ إغْرَاءِ لِصٍّ .
( أَوْ ) أَيٍّ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ إنْ ( عَكَسَ فِي ) صُورَةِ ( الْفَخَّارِ ) بِأَنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِي نُحَاسٍ فَوَضَعَهَا فِي فَخَّارٍ فَسُرِقَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا ( أَوْ أَمَرَ ) الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ ( بِرَبْطٍ ) لِلْوَدِيعَةِ ( بِكُمٍّ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَشَدَّ الْمِيمِ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ ( فَأَخَذَ ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ ( بِالْيَدِ ) فَسُرِقَتْ مِنْهُ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الْيَدَ أَصَوْنُ مِنْ الْكُمِّ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ سَلَّمَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ وَقَالَ لَهُ ارْبِطْهَا فِي كُمِّك فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ فَأَخَذَهَا غَاصِبٌ مِنْ يَدِهِ فَلَا يَضْمَنُهَا لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ هَاهُنَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِجَعْلِهَا فِي الْكُمِّ إخْفَاءَهَا عَنْ غَاصِبٍ

فَيَضْمَنُ بِجَعْلِهَا فِي الْيَدِ ، وَتَوَرَّكَ الْبِسَاطِيُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ لَمْ أَرَ زِيَادَةَ الرَّبْطِ فِي الرِّوَايَةِ غَيْرَ ظَاهِرٍ ، لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَيْسَ مُقَيِّدًا بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الرِّوَايَةِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لَوْ رَبَطَهَا فِي دَاخِلِ كُمِّهِ أَوْ خَارِجَهُ كَانَ حِرْزًا ، وَلَوْ شَدَّهَا فِي وَسَطِهِ كَانَ حِرْزًا ، وَلَوْ ثَنَى عَلَيْهَا بِالسَّرَاوِيلِ بِغَيْرِ شَدِّهَا لَمْ يَكُنْ حِرْزًا ، حَكَى هَذَا عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَقَالَ ( كَ ) وَضْعِهَا فِي ( جَيْبِهِ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَسُرِقَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ .
الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ الزَّاهِيُّ لَوْ جَعَلَ الْوَدِيعَةَ فِي جَيْبِ قَمِيصِهِ ضَمِنَهَا ، وَقِيلَ لَا وَالْأَوَّلُ أَحْوَطُ ، وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ كَلَامَ ابْنِ شَعْبَانَ قَالَ اخْتِيَارُهُ صَحِيحٌ ، لِأَنَّ الْجَيْبَ لَيْسَ مِنْ الْعَادَةِ أَنْ تُرْفَعَ إلَيْهِ الْوَدَائِعُ ، وَجَاعِلُهَا فِيهِ مُتَعَرِّضٌ لِتَلَفِهَا .
اللَّخْمِيُّ لَوْ لَقِيَهُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَقَالَ اجْعَلْهَا فِي وَسَطِك فَجَعَلَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ جَيْبِهِ ضَمِنَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَيْثُ يَجْعَلُهَا فَجَعَلَهَا فِي كُمِّهِ أَوْ فِي عِمَامَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ ، وَفِي جَعْلِهَا فِي الْجَيْبِ نَظَرٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَخْتَلِفُ فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ الْيَوْمَ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ مِنْ حَالِ النَّاسِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ سُقُوطُ الضَّمَانِ فِي الْجَيْبِ ، فَإِنَّهُ أَصَوْنُ لَهَا وَلَا سِيَّمَا فِي لِبَاسِ أَهْلِ الْمَغْرِبِ ، وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَزَادَ وَأَمَّا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَكْتُومُ عِنْدَنَا فَالْكُمُّ أَحْفَظُ مِنْهُ ، وَتَأَمَّلْ هَذَا مَعَ مَكْتُومِ عُرْفِنَا .
ا هـ .
وَمَا عَزَاهُ الْمُصَنِّفُ لِلَّخْمِيِّ مِنْ الِاخْتِيَارِ فَقَدْ أَشَارَ الْمَوَّاقُ إلَى اعْتِرَاضِهِ بِقَوْلِهِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ .
ا هـ .
مَا أَلْفَيْتُهُ لِلَّخْمِيِّ ا هـ ، فَلَعَلَّ صَوَابَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ مُشِيرًا بِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ

السَّلَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَبِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا
( وَ ) تُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( نِسْيَانِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ ( فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا ) ابْنُ يُونُسَ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ مِنْ اسْتَوْدَعَ وَدِيعَةً فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي الْمَجْلِسِ فَجَعَلَهَا عَلَى نَعْلَيْهِ فَذَهَبَتْ فَلَا يَضْمَنُهَا .
قُلْتُ أَلَمْ يُضَيِّعْ إذْ لَمْ يَرْبِطْهَا قَالَ يَقُولُ لَا خَيْطَ مَعِي .
قُلْتُ يَرْبِطُهَا فِي طَرَفِ رِدَائِهِ قَالَ يَقُولُ لَيْسَ عَلَيَّ رِدَاءٌ .
قُلْتُ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ قَالَ لَا يَضْمَنُ كَانَ عَلَيْهِ رِدَاءٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ .
ابْنُ حَبِيبٍ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ نَسِيَهَا فِي مَوْضِعٍ دُفِعَتْ إلَيْهِ فِيهِ وَقَامَ يَضْمَنُهَا لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ وَلَيْسَ كَسُقُوطِهَا مِنْ كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ لِأَخْذِهَا ، هَذَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ نِسْيَانُهُ حَتَّى سَقَطَتْ مِنْ كُمِّهِ أَوْ يَدِهِ كَنِسْيَانِهِ لِأَخْذِهَا وَيَجِبُ أَنْ لَا يَضْمَنَ .

وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا
( وَ ) تُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( دُخُولِهِ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ مُتَلَبِّسًا ( بِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ الْحَمَّامَ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ فَسُرِقَتْ مِنْهُ .
سَحْنُونٌ مِنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً فَصَرَّهَا فِي كُمِّهِ مَعَ نَفَقَتِهِ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ فَضَاعَتْ ثِيَابُهُ بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ ضَامِنٌ .
ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ إنَّمَا ضَمَّنَهُ لِدُخُولِهِ بِهَا الْحَمَّامَ .

وَبِخُرُوجِهِ بِهَا يَظُنُّهَا لَهُ فَتَلِفَتْ ، لَا إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ فَوَقَعَتْ

( وَ ) تُضْمَنُ ( بِ ) سَبَبِ ( خُرُوجِهِ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ ( بِهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةِ مِنْ بَيْتِهِ حَالَ كَوْنِهِ ( يَظُنُّهَا ) أَيْ الْوَدِيعَةَ مِلْكًا ( لَهُ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ ( فَضَاعَتْ ) الْوَدِيعَةُ مِنْهُ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ خَطَأٍ ، وَهِيَ كَالْعَمْدِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ .
مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلَوْ أَوْدَعَهَا وَكَانَ فِي بَيْتِهِ فَأَخَذَهَا يَوْمًا فَأَدْخَلَهَا فِي كُمِّهِ وَخَرَجَ بِهَا يَظُنُّهَا دَرَاهِمَهُ فَسَقَطَتْ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا .
ابْنُ يُونُسَ أَمَّا هَذِهِ فَصَوَابٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ ، فَنِسْيَانُهُ فِي هَذَا كَعَمْدِهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ .
وَأَمَّا فِي وَضْعِهَا عَلَى نَعْلِهِ أَوْ حَمْلِهَا مِنْ مَوْضِعِ إيدَاعِهَا إلَى دَارِهِ فِي يَدِهِ أَوْ كُمِّهِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ ، فَنِسْيَانُهُ إيَّاهَا فِي مَوْضِعِهِ أَوْ فِي كُمِّهِ حَتَّى سَقَطَتْ أَمْرٌ يُعْذَرُ بِهِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى أَخْذِهَا مِنْهُ ( لَا ) تُضْمَنُ ( إنْ نَسِيَهَا ) أَيْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ الْوَدِيعَةَ حَالَ كَوْنِهَا ( فِي كُمِّهِ ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَسَقَطَتْ مِنْهُ حَيْثُ أُمِرَ بِجَعْلِهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ ، تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ فِي كَلَامِ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ يُونُسَ .
ابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا ضَمِنَ بِخِلَافِ نِسْيَانِهَا فِي كُمِّهِ فَتَقَعُ .
وَقِيلَ سَوَاءٌ .
خَلِيلٌ إذَا نَسِيَهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الضَّمَانُ ، بِخِلَافِ نِسْيَانِهَا فِي كُمِّهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ .
وَقِيلَ سَوَاءٌ يُحْتَمَلُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ وَلَمْ أَرَهُ فِي الْأُولَى مَنْصُوصًا .
نَعَمْ خَرَّجَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الثَّانِيَةِ ، وَخَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ مِنْ الْمُودَعِ مِائَةٌ دِينَارٍ فَيَدَّعِيهَا رَجُلَانِ وَنَسِيَ أَيَّهمَا أَوْدَعَهُ ، وَمِمَّنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِالْخِيَارِ مِنْ رَجُلَيْنِ فَاخْتَلَطَا وَلَمْ يَدْرِ لِمَنْ الْجَيِّدُ مِنْهُمَا فَاخْتَلَفَ هَلْ يَضْمَنُ لَهُمَا أَوْ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57