كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

، وَرَقِيقٌ مُؤْمِنٌ وَلَوْ بِعَيْبٍ .
يُعْتَقُ مِنْهَا لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ ، أَوْ فَكَّ أَسِيرًا : لَمْ يُجْزِهِ

وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَرَقِيقٌ ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى ( مُؤْمِنٌ ) سَلِيمٌ مِنْ الْعَيْبِ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ مُتَلَبِّسًا ( بِعَيْبٍ ) شَدِيدٍ كَزَمِنٍ ( يُعْتَقُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ ( مِنْهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهَا أَوْ يُقَوَّمَ مَا مَلَكَ وَيُعْتَقَ فَيَكْفِي عَلَى الرَّاجِحِ .
عبق وَلَوْ هَاشِمِيًّا بِأَنْ تَزَوَّجَ أَمَةً الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَدَمَ بُنُوَّةِ هَاشِمٍ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ الْأَصْنَافِ ، قَالَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَارْتَضَى الْعَدَوِيُّ مَا قَالَهُ عبق ؛ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْهَاشِمِيِّ مِنْ الرِّقِّ أَهَمُّ مِنْ صِيَانَتِهِ عَنْ الزَّكَاةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ مِنْ وَسَخِهَا شَيْءٌ لَأَخَذَهَا الْبَائِعُ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَلَّفَ مِنْهَا الْهَاشِمِيُّ إذْ تَخْلِيصُهُ مِنْ الْكُفْرِ أَهَمُّ مِنْ تَخْلِيصِهِ مِنْ الرِّقِّ وَلِانْحِطَاطِ قَدْرِهِ .
وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُعْتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَالْأَصْلِ وَالْفَرْعِ ، إلَّا إذَا دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَيَشْتَرِي بِهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ فَيَكْفِي حَيْثُ لَا تَوَاطُؤَ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِعَدَمِ اغْتِفَارِ الْعَيْبِ مُطْلَقًا .
وَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ اغْتِفَارِ الشَّدِيدِ .
وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ عَزَاهُ اللَّخْمِيُّ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ سَوَّى اللَّخْمِيُّ بَيْنَ شِرَاء الرَّقِيقِ مِنْهَا وَعِتْقِ الْمَالِكِ رَقَبَةً بِقِيمَتِهَا عَنْ زَكَاتِهِ .
وَقَيَّدَ ابْنُ الْحَاجِبِ الرَّقِيقَ بِشِرَائِهِ مِنْهَا ( لَا عَقْدَ حُرِّيَّةٍ فِيهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَالْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَالْمُبَعَّضِ فَلَا يَكْفِي عِتْقُهُمْ مِنْهَا ، وَيُرَدُّ الرَّقِيقُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ

الزَّكَاةِ وَلَا يُرَدُّ الْعَبْدُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ ( وَوَلَاؤُهُ ) أَيْ : الْمُعْتَقِ مِنْهَا الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ ( لِلْمُسْلِمِينَ ) إنْ شَرَطَهُ مُعْتِقُهُ لَهُمْ أَوْ أَطْلَقَ بَلْ ( وَإِنْ اشْتَرَطَهُ ) أَيْ : الْمُعْتِقُ الْوَلَاءَ ( لَهُ ) أَيْ : نَفْسِهِ فَشَرْطُهُ بَاطِلٌ وَعِتْقُهُ عَنْ زَكَاتِهِ صَحِيحٌ وَوَلَاؤُهُ لَهُمْ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي كَوْنِ الْوَلَاءِ لَهُمْ .
وَيُحْتَمَلُ كَوْنُهُ شَرْطًا مُسْتَأْنَفًا وَقَوْلُهُ أَوْ فَكَّ أَسِيرًا عَطْفٌ عَلَيْهِ ، وَجَوَابُهُمَا قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ وَعَلَى هَذَا فَضَمِيرُ اشْتَرَطَهُ الْمَفْعُولُ الْبَارِزُ لِلْعِتْقِ وَلَامُ لَهُ بِمَعْنَى عَنْ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنْ قَالَ لِلرَّقِيقِ : أَنْتَ حُرٌّ مِنْ زَكَاتِي عَنِّي وَوَلَاؤُك .
لِلْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجْزِيهِ الْعِتْقُ عَنْ زَكَاتِهِ وَلَكِنَّهُ يَمْضِي وَالْوَلَاءُ لَهُ إذْ { الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ } وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَقُلْ وَلَاؤُك لِلْمُسْلِمِينَ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَجْزِيهِ عَنْهَا فِيهِمَا وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ فَقَوْلُهُ ( أَوْ فَكَّ ) بِهَا ( أَسِيرًا ) مُسْلِمًا مِنْ الْحَرْبِيِّينَ شَرْطٌ ؛ لِأَنَّ مُقَدَّرَةً أَيْ : أَوْ إنْ فَكَّ بِهَا أَسِيرًا وَجَوَابُهَا قَوْلُهُ ( لَمْ يُجْزِهِ ) وَالْفَكُّ مَاضٍ كَالْعِتْقِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَسِيرُ غَيْرَهُ أَوْ نَفْسَهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ كشب أَوْ فَكَّ بِهَا أَسِيرًا أَيْ : غَيْرَهُ ، وَأَمَّا فَكُّهُ بِزَكَاةِ نَفْسِهِ فَيُجْزِئُ كَمَا فِي الْحَطّ .
وَنَصُّهُ لَوْ أَخْرَجَهَا فَأُسِرَ قَبْلَ صَرْفِهَا جَازَ فِدَاؤُهُ بِهَا .
وَلَوْ افْتَقَرَ لَمْ يُعْطِ مِنْهَا وَفَرَّقَ بِعَوْدِهَا لَهُ وَفِي الْفِدَاءِ لِغَيْرِهِ ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ ا هـ .
فَقَدْ تُعُقِّبَ بِأَنَّ الْحَطّ نَقَلَ هَذَا الْفَرْعَ هُنَا عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَغَيْرِهِ ، وَنَقَلَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهَلْ يَمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجَهَا عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَمَذْهَبُهُ جَوَازُ فَكِّ الْأَسِيرِ مُطْلَقًا بِالزَّكَاةِ فَمَا ذَكَرَهُ هُنَا مُقَابِلٌ لِلْمَذْهَبِ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمَتْنِ

عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ الْعُمُومِ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ فَكَّ أَسِيرًا ، أَنَّهُمْ إنْ أَطْلَقُوا الْأَسِيرَ بِفِدَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاؤُهُ مِنْهَا اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .

وَمَدِينٌ وَلَوْ مَاتَ يُحْبَسُ فِيهِ ، لَا فِي فَسَادٍ وَلَا لِأَخْذِهَا إلَّا أَنْ يَتُوبَ عَلَى الْأَحْسَنِ إنْ أَعْطَى مَا بِيَدِهِ مِنْ عَيْنٍ ، وَفَضْلِ غَيْرِهَا .

وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَ ) شَخْصٌ ( مَدِينٌ ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى عَاجِزٌ عَنْ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ إنْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ هَاشِمِيٍّ ، فَلَا تُدْفَعُ لِمَدِينٍ هَاشِمِيٍّ ؛ لِأَنَّهَا وَسَخٌ وَقَذَرٌ ، وَالدَّيْنُ صِفَةُ الْأَكَابِرِ فَقَدْ تَدَايَنَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِيَهُودِيٍّ إنْ كَانَ الْمَدِينُ حَيًّا بَلْ : ( وَلَوْ مَاتَ ) الْمَدِينُ فَيُوَفَّى دَيْنُهُ مِنْهَا ، بَلْ قِيلَ : دَيْنُ الْمَيِّتِ أَحَقُّ مِنْ دَيْنِ الْحَيِّ فِي وَفَائِهِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى قَضَاؤُهُ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ لَا يُقْضَى دَيْنُ الْمَيِّتِ مِنْ الزَّكَاةِ لِوُجُوبِ وَفَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَوَصَفَ مَدِينُ بِجُمْلَةِ ( يُحْبَسُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : الْمَدِينُ ( فِيهِ ) أَيْ : الدَّيْنِ أَيْ : شَأْنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ لِآدَمِيٍّ ، فَيَدْخُلُ دَيْنُ الْوَلَدِ عَلَى وَالِدِهِ ، وَالدَّيْنُ عَلَى الْمُعْسِرِ وَخَرَجَ دَيْنُ الْكَفَّارَاتِ وَالزَّكَاةِ وَلَمْ يَتَدَايَنْهُ لَأَخَذَهَا وَصَرَفَهُ فِي مَصْلَحَةٍ شَرْعِيَّةٍ ، وَدَلِيلُهُمَا قَوْلُهُ ( لَا فِي فَسَادٍ ) كَشُرْبِ مُغَيِّبٍ .
( وَلَا ) إنْ اسْتَدَانَ ( لِأَخْذِهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَا يَكْفِيهِ لِعَامِهِ وَتَوَسَّعَ فِي الْإِنْفَاقِ حَتَّى أَفْنَاهُ فِي بَعْضِ الْعَامِ وَاسْتَدَانَ لِلْإِنْفَاقِ بَقِيَّةَ الْعَامِ لِيَأْخُذَ مِنْ الزَّكَاةِ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ فَلَا يُعْطَى مِنْهَا شَيْئًا ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ مَذْمُومٌ ، بِخِلَافِ مَنْ تَدَايَنَ لِضَرُورَتِهِ نَاوِيًا الْأَخْذَ مِنْهَا فَإِنَّهُ يُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّيهِ لِحُسْنِ قَصْدِهِ .
( إلَّا أَنْ يَتُوبَ ) مِنْ الصَّرْفِ فِي الْفَسَادِ وَالِاسْتِدَانَةِ لِأَخْذِهَا ؛ لِأَنَّهَا سَفَهٌ وَهُوَ مُحَرَّمٌ ، فَيَحْتَاجُ لِلتَّوْبَةِ فَيُعْطَى مِنْهَا مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ ( عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنَّمَا يُعْطَى الْمَدِينُ

مِنْهَا ( إنْ أَعْطَى ) الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ ( مَا بِيَدِهِ ) أَيْ الْمَدِينِ ( مِنْ عَيْنٍ وَ ) مِنْ ( فَضْلِ غَيْرِهَا ) أَيْ : الْعَيْنِ عَنْ حَاجَتِهِ مِمَّا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ وَبَقِيَتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةٌ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ إعْطَاءُ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إنَّمَا الْمُرَادُ إعْطَاؤُهُ مَا يَبْقَى عَلَيْهِ .
عَلَى تَقْدِيرِ إعْطَاءِ مَا بِيَدِهِ .

وَمُجَاهِدٌ وَآلَتُهُ ، وَلَوْ غَنِيًّا : كَجَاسُوسٍ لَا سُوَرٍ وَمَرْكَبٍ ، .
وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَمُجَاهِدٌ ) أَيْ مُتَلَبِّسٌ بِهِ أَوْ عَازِمٌ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ يُعْطَى مَنْ عَزَمَ عَلَى الْخُرُوجِ لِلْجِهَادِ أَوْ السَّفَرِ لَهُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ الْبَالِغُ الذَّكَرُ الْقَادِرُ عَلَيْهِ .
وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ هَاشِمِيًّا وَيَدْخُلُ ، فِيهِ الْمُرَابِطُ .
( وَآلَتُهُ ) أَيْ : الْجِهَادِ كَسَيْفٍ تُشْتَرَى مِنْهَا إنْ كَانَ فَقِيرًا بَلْ ( لَوْ ) كَانَ الْمُجَاهِدُ ( غَنِيًّا ) أَيْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِجِهَادِهِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَلَا يُعْطَى مِنْهَا مَنْ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِعْطَاءِ مِنْهَا فَقَالَ ( كَجَاسُوسٍ ) يُرْسَلُ لِأَرْضِ الْحَرْبِ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَوْرَاتِ الْعَدُوِّ وَإِعْلَامِنَا بِهَا فَيُعْطَى مِنْهَا وَلَوْ كَانَ كَافِرًا ( لَا ) تُصْرَفُ الزَّكَاةُ فِي بِنَاءِ أَوْ تَرْمِيمِ ( سُوَرٍ ) أَيْ بِنَاءٍ حَوْلَ الْبَلَدِ يَمْنَعُ الْعَدُوَّ مِنْ دُخُولِهَا ( وَ ) لَا فِي عَمَلِ ( مَرْكَبٍ ) أَيْ : سَفِينَةٍ يُقَاتَلُ بِهَا الْعَدُوُّ فِي الْبَحْرِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُعْمَلُ الْأَسْوَارُ وَالْمَرَاكِبُ مِنْهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ .
الْمَوَّاقُ لَمْ أَرَ الْمَنْعَ لِغَيْرِ ابْنِ بَشِيرٍ فَضْلًا عَنْ تَشْهِيرِهِ وَلَا تُعْطَى لِعَالِمٍ وَمُفْتٍ وَقَاضٍ إلَّا الْفَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُعْطَ حَقَّةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ .
اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ مُنِعُوا حَقَّهُمْ مِنْهُ اُعْطُوَا وَلَوْ أَغْنِيَاءَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْأَصْنَافِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ .

وَغَرِيبٌ مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا وَهُوَ مَلِيٌّ بِبَلَدِهِ ، وَصُدِّقَ وَإِنْ جَلَسَ نُزِعَتْ مِنْهُ : كَغَازٍ .
وَعَطَفَ عَلَى فَقِيرٍ فَقَالَ ( وَغَرِيبٌ ) حُرٌّ مُسْلِمٌ غَيْرُ هَاشِمِيٍّ ( مُحْتَاجٌ لِمَا يُوَصِّلُهُ ) لِبَلَدِهِ وَلَوْ غَنِيًّا فِيهَا إلَّا إنْ كَانَ مَعَهُ مَا يُوَصِّلُهُ تَغَرَّبَ ( فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ) وَإِلَّا فَلَا يُعْطَى وَلَوْ خُشِيَ مَوْتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى النَّجَاةِ بِتَوْبَتِهِ .
وَقِيلَ : إنْ خِيفَ مَوْتُهُ يُعْطَى وَلَوْ لَمْ يَتُبْ إذْ لَا نَعْصِي بِقَتْلِهِ فِي التَّبْصِرَةِ لَا يُعْطَى ابْنُ السَّبِيلِ مِنْهَا إنْ خَرَجَ فِي مَعْصِيَةٍ ، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ وَلَا يُعْطَى مَا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَّا أَنْ يَتُوبَ أَوْ يُخَافَ مَوْتُهُ فِي بَقَائِهِ فَفَصَلَ بَيْنَ الْمَسِيرِ وَالرُّجُوعِ ( وَلَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا ) فِي غُرْبَتِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ : الْغَرِيبُ وَاوُهُ لِلْحَالِ ( مَلِيءٌ بِبَلَدِهِ ) بِأَنْ لَمْ يَجِدْ مُسَلِّفًا سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا بِبَلَدِهِ أَوْ مُعْدَمًا أَوْ وَجَدَهُ وَهُوَ عَدِيمٌ بِبَلَدِهِ ، فَإِنْ وَجَدَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ بِهَا فَلَا يُعْطَى مِنْهَا ( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الْغَرِيبُ فِي دَعْوَاهُ الِاحْتِيَاجَ لِمَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ ظَاهِرُهُ بِلَا يَمِينٍ .
( وَإِنْ جَلَسَ ) أَيْ : أَقَامَ الْغَرِيبُ فِي بَلَدِ الْغُرْبَةِ بَعْدَ إعْطَائِهِ مِنْهَا مَا يُوَصِّلُهُ لِبَلَدِهِ ( نُزِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( مِنْهُ ) أَيْ : الْغَرِيبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيرًا بِبَلَدِهِ وَشَبَّهَ فِي النَّزْعِ إنْ جَلَسَ فَقَالَ ( كَغَازٍ ) أُعْطِيَ مِنْهَا وَجَلَسَ عَنْ الْغَزْوِ فَتُنْزَعُ مِنْهُ وَاتُّبِعَ بِهَا إنْ أَنْفَقَهَا وَهُوَ غَنِيٌّ .

وَفِي غَارِمٍ يَسْتَغْنِي : تَرَدُّدٌ .
( وَفِي ) نَزْعِهَا مِنْ ( غَارِمٍ ) أَيْ : مَدِينٍ ( يَسْتَغْنِي ) بَعْدَ أَخْذِهَا وَقَبْلَ دَفْعِهَا فِي دَيْنِهِ لِذَهَابِ وَصْفِ الْغُرْمِ عَنْهُ وَعَدَمِهِ لِأَخْذِهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ ( تَرَدُّدٌ ) لِلَّخْمِيِّ وَحْدَهُ وَنَصُّهُ وَفِي الْغَارِمِ يَأْخُذُ مَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَغْنِي قَبْلَ أَدَائِهِ إشْكَالٌ .
وَلَوْ قِيلَ تُنْزَعُ مِنْهُ لَكَانَ وَجْهًا فَالْأَوْلَى ، وَاخْتَارَ نَزْعَهَا مِنْ غَارِمٍ اسْتَغْنَى .

، وَنُدِبَ إيثَارُ الْمُضْطَرِّ دُونَ عُمُومِ الْأَصْنَافِ وَالِاسْتِنَابَةُ وَقَدْ تَجِبْ وَكُرِهَ لَهُ حِينَئِذٍ تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إيثَارُ ) أَيْ تَرْجِيحُ الشَّخْصِ ( الْمُضْطَرِّ ) أَيْ : شَدِيدِ الِاحْتِيَاجِ بِالزِّيَادَةِ عَلَى غَيْرِهِ لَا بِالْجَمِيعِ ( دُونَ عُمُومِ ) أَيْ تَعْمِيمِ ( الْأَصْنَافِ ) الثَّمَانِيَةِ الَّتِي فِي الْآيَةِ فَلَا يَنْدُبُ فِيهِمْ أَئِمَّتُنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ الْوَاوَ فِي آيَةِ { إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } إلَخْ بِمَعْنَى أَوْ أَنَّ مَعْنَى الِاخْتِصَاصِ فِيمَا عُدِمَ خُرُوجُهَا عَنْهُمْ ( وَنُدِبَ ) لِلْمُزَكِّي ( الِاسْتِنَابَةُ ) عَلَى دَفْعِ الزَّكَاةِ لِمُسْتَحِقِّهِ خَوْفَ قَصْدِ الْمَحْمَدَةِ ( وَقَدْ تَجِبُ ) الِاسْتِنَابَةُ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ جَهِلَ مُسْتَحِقَّهَا .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهُ ) أَيْ : النَّائِبِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ : حِينَ الِاسْتِنَابَةِ ( تَخْصِيصُ قَرِيبِهِ ) أَيْ : الْمُزَكِّي أَوْ النَّائِبِ إنْ كَانَ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَإِلَّا مُنِعَ إعْطَاؤُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُخَصِّصْهُ وَهَذَا فِي قَرِيبِ الْمُزَكِّي .
وَأَمَّا قَرِيبُ النَّائِبِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ الْمُزَكِّي فَيُكْرَهُ تَخْصِيصُهُ وَلَوْ لَزِمَتْ نَفَقَتُهُ النَّائِبَ .

، وَهَلْ يُمْنَعُ إعْطَاءُ زَوْجَةٍ زَوْجًا ، أَوْ يُكْرَهُ : تَأْوِيلَانِ .
( وَهَلْ يُمْنَعُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ ( إعْطَاءُ زَوْجَةٍ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ( زَوْجًا ) لَهَا زَكَاتَهَا لِإِنْفَاقِهَا عَلَيْهَا ( أَوْ يُكْرَهُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ إعْطَاؤُهَا إيَّاهُ زَكَاتَهَا فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي قَوْلِهَا لَا تُعْطِي الزَّوْجَةُ زَوْجًا مِنْ زَكَاتِهَا ، فَحَمَلَهَا ابْنُ زَرْقُونٍ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى الْمَنْعِ فَلَا تَجْزِيهَا .
وَحَمَلَهَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَجَمَاعَةٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ ، وَأَمَّا إعْطَاءُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ زَكَاتَهُ فَيُمْنَعُ اتِّفَاقًا ، وَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ إعْطَاءُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ لِيَدْفَعَهُ فِي دَيْنِهِ أَوْ يُنْفِقَهُ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا .

، وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ ، وَعَكْسُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ مُطْلَقًا بِقِيمَةِ السِّكَّةِ ، وَلَوْ فِي نَوْعٍ ، لَا صِيَاغَةَ فِيهِ ، وَفِي غَيْرِهِ : تَرَدُّدٌ ، لَا كَسْرَ مَسْكُوكٍ ، إلَّا لِسَبْكٍ .

( وَجَازَ إخْرَاجُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ ) أَيْ : إخْرَاجُ وَرِقٍ عَنْ ذَهَبٍ بِلَا أَوْلَوِيَّةٍ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ .
وَقِيلَ إخْرَاجُ الْوَرِقِ أَوْلَى لِسُهُولَةِ إنْفَاقِهِ أَكْثَرَ مِنْ الذَّهَبِ ، وَيُكْرَهُ إخْرَاجُ فُلُوسِ النُّحَاسِ عَنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا نَقْدٌ .
أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ أَمَّا إخْرَاجُهَا عَنْ نَفْسِهَا إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَلَا خِلَافَ فِي إجْزَائِهِ وَلَيْسَ مِنْ إخْرَاجِ الْقِيمَةِ عَرَضًا ، وَأَقَرَّهُ الْبُنَانِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَفِيهِ أَنَّ الْمُزَكَّى قِيمَتُهَا وَهِيَ ذَهَبٌ أَوْ وَرِقٌ فَالصَّوَابُ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ ، وَصِلَةُ إخْرَاجُ ( بِ ) اعْتِبَارِ ( صَرْفِ ) الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ فِي ( وَقْتِهِ ) أَيْ إخْرَاجِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ .
وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ بِمُدَّةٍ طَوِيلَةٍ حَالَ كَوْنِ صَرْفِ الْوَقْتِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِمُسَاوَاةِ الصَّرْفِ الشَّرْعِيِّ ، وَهُوَ كَوْنُ الدِّينَارِ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ وَ ( بِ ) اعْتِبَارِ ( قِيمَةِ السِّكَّةِ ) فِي النِّصَابِ الْمُزَكَّى إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْهُ غَيْرَ مَسْكُوكٍ ، فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دِينَارٌ مَسْكُوكٌ مِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا كَذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ صَرْفَهُ فِضَّةً غَيْرَ مَسْكُوكَةٍ ، وَصَرْفُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مَسْكُوكَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَى وَزْنِ الْعَشَرَةِ مِنْ الْفِضَّةِ غَيْرِ الْمَسْكُوكَةِ قِيمَةَ سِكَّتِهَا عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ .
هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمَسْكُوكِ مِنْ غَيْرِ نَوْعِ النِّصَابِ كَمَا فِي الْمِثَالِ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ إخْرَاجُ غَيْرِ الْمَسْكُوكِ عَنْ الْمَسْكُوكِ ( فِي نَوْعٍ ) وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَلِيلٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ غَيْرَ مَسْكُوكٍ مِنْ نَوْعِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ قِيمَةِ السِّكَّةِ ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ الْمَسْكُوكِ مَسْكُوكًا مِنْ نَوْعٍ

آخَرَ فَصَرْفُ الْوَقْتِ مُتَضَمِّنٌ قِيمَةَ السِّكَّةِ ، وَأَمَّا مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَزْنُ دِينَارٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ فِي أَرْبَعِينَ دِينَارًا كَذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ دِينَارًا ذَهَبًا مَسْكُوكًا وَزْنُهُ أَقَلُّ مِنْ دِينَارٍ وَلِسِكَّتِهِ قِيمَةٌ كَقِيمَةِ دِينَارٍ غَيْرِ مَسْكُوكٍ فَلَا يَجْزِيهِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إلْغَاءُ قِيمَةِ السِّكَّةِ وَإِخْرَاجُ وَزْنِ دِينَارٍ مِنْ الْمَسْكُوكِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْمُخْرَجِ عَنْهُ مَلْغِيَّةٌ فِي الْمُخْرَجِ ( لَا ) بِاعْتِبَارِ قِيمَةِ ( صِيَاغَةَ فِيهِ ) أَيْ النَّوْعِ الْوَاحِدِ فَمَنْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصُوغٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا لِصِيَاغَتِهِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْأَرْبَعِينَ لَا الْخَمْسِينَ .
( وَفِي ) إلْغَاءِ قِيمَةِ الصِّيَاغَةِ فِي ( غَيْرِهِ ) أَيْ : النَّوْعِ الْوَاحِدِ كَمَنْ عِنْدَهُ ذَهَبٌ مَصُوغٌ وَزْنُهُ أَرْبَعُونَ دِينَارًا وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ دِينَارًا لَهَا وَأَرَادَ أَنْ يُزَكِّيَهُ بِدَرَاهِمَ ، فَهَلْ يُلْغِي قِيمَةَ الصِّيَاغَةِ وَيُخْرِجُ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ يَعْتَبِرُهَا وَيُخْرِجُ صَرْفَ دِينَارٍ وَرُبْعٍ ( تَرَدُّدٌ ) بَيْنَ أَبِي عِمْرَانَ وَابْنِ الْكَاتِبِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ .
فَإِنْ قُلْت : قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ يُعَارِضُ مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْجَوْدَةَ لَا زَكَاةَ فِيهَا .
قُلْت مُرَادُهُ بِعَدَمِ زَكَاتِهَا أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ النِّصَابُ بِقِيمَتِهَا وَلَا يُزَادُ رُبْعُ الْعُشْرِ بِهَا ، كَمَنْ لَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قِيمَتُهَا عِشْرُونَ دِينَارًا لِسِكَّتِهَا أَوْ صِيَاغَتِهَا أَوْ جَوْدَتِهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي النِّصَابِ وَالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ الْوَزْنُ لَا الْقِيمَةُ .
لَا ) يَجُوزُ ( كَسْرُ مَسْكُوكٍ ) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ ؛ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إفْسَادِ مَا بِهِ التَّعَامُلُ فَيُضَيِّقُ عَلَى النَّاسِ ( إلَّا ) كَسْرَهُ ( لِسَبْكٍ ) أَيْ : صَوْغِهِ حُلِيًّا لِمَرْأَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَوْ سَيْفٍ أَوْ سِنًّا أَوْ أَنْفًا أَوْ خَاتَمًا .

، وَوَجَبَ نِيَّتُهَا .
( وَوَجَبَ ) عَلَى الْمُزَكِّي ( نِيَّتُهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ أَوْ مَالِ مَحْجُورِهِ مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَمَجْنُونٍ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا عِنْدَ عَزْلِهَا مِنْ الْمَالِ ، أَوْ عِنْدَ دَفْعِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا .
وَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهُ وَلَا عِلْمُهُ بِإِنَّهَا زَكَاةٌ بَلْ يُكْرَهُ لِكَسْرِ خَاطِرِ الْمُسْتَحِقِّ ، فَإِنْ دَفَعَ لَهُ قَدْرَ الْوَاجِبِ بِلَا نِيَّةٍ أَوْ بِنِيَّةِ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَوَى بِهِ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ لَمْ يُجْزِهِ ، وَالنِّيَّةُ الْحُكْمِيَّةُ كَافِيَةٌ فَإِذَا عَدَّ مَالَهُ وَأَخْرَجَ مَا يَجِبُ فِيهِ وَدَفَعَهُ لِمُسْتَحِقِّهِ بِلَا نِيَّةٍ وَلَوْ سُئِلَ عَنْهُ لَقَالَ أَدَّيْت الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ كَفَى .

، وَتَفْرِقَتُهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ قُرْبِهِ ، إلَّا لِأَعْدَمَ فَأَكْثَرُهَا لَهُ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ ، وَإِلَّا بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا : كَعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ ، وَقُدِّمَ لِيَصِلَ عِنْدَ الْحَوْلِ .

( وَ ) وَجَبَ ( تَفْرِقَتُهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ فَوْرًا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ ( بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ ) وَهُوَ مَوْضِعُ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَمَوْضِعُ الْمَالِكِ فِي الْعَيْنِ وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ ( أَوْ قُرْبِهِ ) أَيْ مَوْضِعِ الْوُجُوبِ بِأَنْ كَانَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَيَجُوزُ نَقْلُهَا إلَيْهِ سَوَاءٌ وُجِدَ مُسْتَحِقٌّ فِي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَوْ لَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الَّذِي فِي الْقُرْبِ أَعْدَمَ ، أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِهِ ، وَأَمَّا مَا عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا إلَيْهِ ( إلَّا لِ ) مُسْتَحِقٍّ ( أَعْدَمَ ) أَيْ : أَشَدَّ عَدَمًا لِلْمَالِ مِنْ مُسْتَحِقِّ مَوْضِع الْوُجُوبِ ( فَ ) يُنْقَلُ أَكْثَرُهَا أَيْ : الزَّكَاةِ ( لَهُ ) أَيْ : الْأَعْدَمِ وُجُوبًا وَيُفَرَّقُ أَقَلُّهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ وُجُوبًا غَيْرَ شَرْطٍ فِيهِمَا .
فَإِنْ نُقِلَتْ الزَّكَاةُ كُلُّهَا لِلْأَعْدَمِ أَوْ فُرِّقَتْ الزَّكَاةُ كُلُّهَا بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ .
وَقِيلَ نَقْلُهَا لِلْأَعْدَمِ مَنْدُوبٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ هُوَ مِنْ إيثَارِ الْمُضْطَرِّ وَمَفْهُومُ أَعْدَمَ مِنْ مُسَاوٍ وَدُونَ دَخْلٍ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فَيَمْتَنِعُ نَقْلُهَا لَهُ .
فَإِنْ نُقِلَتْ فَسَيَأْتِي وَتُنْقَلُ لِلْأَعْدَمِ ( بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ ) أَيْ : بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا مِنْهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا مِنْهُ ( بِيعَتْ ) الزَّكَاةُ أَيْ : أَكْثَرُهَا بِمَوْضِعِ وُجُوبِهَا .
وَاشْتُرِيَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فِي بَلَدٍ الْأَعْدَمِ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ ( مِثْلُهَا ) أَيْ : الزَّكَاةُ نَوْعًا لَا قَدْرًا لِتَبَعِيَّتِهِ لِلسِّعْرِ فِي الْبَلَدَيْنِ فَيُشْتَرَى بِثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامٌ ، وَبِثَمَنِ الْمَاشِيَةِ مَاشِيَةٌ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فُرِّقَ الثَّمَنُ كَزَكَاةِ الْعَيْنِ .
وَشَبَّهَ فِي النَّقْلِ وَالْبَيْعِ وَشِرَاءِ الْمِثْلِ فَقَالَ ( كَعَدَمِ ) وُجُودِ ( مُسْتَحِقٍّ ) بِمَوْضِعِ الْوُجُوبِ فَتُنْقَلُ الزَّكَاةُ كُلُّهَا إلَى أَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهِ مُسْتَحِقٌّ بِأُجْرَةٍ مِنْ الْفَيْءِ ، وَإِلَّا

بِيعَتْ وَاشْتُرِيَ مِثْلُهَا ( وَقُدِّمَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُثَقَّلَةً الْمَنْقُولُ لِلْأَعْدَمِ أَوْ الْمُسْتَحِقِّ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ الْمُزَكِّي ( لِيَصِلَ ) الْمَنْقُولُ لِمَوْضِعِ التَّفْرِقَةِ ( عِنْدَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ) فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ بِدُونِ سَاعٍ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَا يُنْقَلُ حَتَّى يَتِمَّ الْحَوْلُ وَالْمَاشِيَةُ الَّتِي لَهَا سَاعٍ لَا تُزَكَّى إلَّا بَعْدَ مَجِيئِهِ .

وَإِنْ قَدَّمَ مُعَشَّرًا أَوْ دَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَبْلَ قَبْضِهِ ، أَوْ نُقِلَتْ لِدُونِهِمْ .
( وَإِنْ قَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( مُعَشَّرًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : زَكَاةَ مَا فِيهِ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُهُ كَحَبٍّ وَتَمْرٍ قَبْلَ وُجُوبِهَا بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ لَمْ يُجْزِهِ ( أَوْ ) زَكَّى ( دَيْنًا ) قَرْضًا حَالَ حَوْلُهُ ( أَوْ عَرْضًا ) مُحْتَكَرًا بَعْدَ حَوْلِهِ وَبَيْعِهِ وَ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِلدَّيْنِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ عَرْضِ الِاحْتِكَارِ لَمْ يُجْزِهِ ( أَوْ نُقِلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( لِدُونِهِمْ ) أَيْ : مُسْتَحِقِّي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَبَيْنَ الْبَلَدَيْنِ مَسَافَةُ قَصْرٍ لَمْ يُجْزِهِ ، هَذَا بَعْضُ مَفْهُومِ الْأَعْدَمِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي قَوْلِهِ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ .
وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَالْكَافِي أَنَّ الْمَذْهَبَ فِي نَقْلِهَا لِدُونِهِمْ الْإِجْزَاءُ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مَصْرِفِهَا .
قُلْت وَلِأَنَّ إيثَارَ الْمُضْطَرِّ مَنْدُوبٌ .

أَوْ دُفِعَتْ بِاجْتِهَادٍ لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ ، وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا إلَّا الْإِمَامَ .
( أَوْ دُفِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( بِاجْتِهَادٍ ) مِنْ الْمُزَكِّي أَوْ نَائِبِهِ ( لِغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ ) لَهَا كَغَنِيٍّ وَرِقٍّ وَكَافِرٍ لِظَنِّ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا ( وَتَعَذَّرَ رَدُّهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ مِنْهُ لَمْ تُجْزِهِ .
فَإِنْ أَمْكَنَ رَدُّهَا أَخَذَهَا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِعَيْنِهَا أَوْ عَوَّضَهَا مِنْهُ إنْ فَاتَتْ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ ( إلَّا الْإِمَامَ ) يَدْفَعُهَا بِاجْتِهَادِهِ لِمُسْتَحِقٍّ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ ، فَتُجْزِئُ ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ لَا يُتَعَقَّبُ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا وَإِلَّا نُزِعَتْ كَمَا أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوضِحُ وَالْمَتْنُ ، إذْ مَوْضُوعُ كَلَامِهِ فِي تَعَذُّرِ الرَّدِّ وَالْوَصِيُّ وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي كَالْإِمَامِ .
.

أَوْ طَاعَ بِدَفْعِهَا لِجَائِرٍ فِي صَرْفِهَا أَوْ بِقِيمَةِ : لَمْ تُجْزِ ، لَا إنْ أُكْرِهَ أَوْ نُقِلَتْ لِمِثْلِهِمْ أَوْ قُدِّمَتْ بِكَشَهْرٍ فِي عَيْنٍ وَمَاشِيَةٍ ، فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ ؛ فَعَنْ الْبَاقِي .

( أَوْ طَاعَ ) الْمُزَكِّي ( بِدَفْعِهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ ( لِجَائِرٍ ) أَيْ : مَشْهُورٍ بِالْجَوْرِ ( فِي صَرْفِهَا ) وَصَرَفَهَا لِغَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا لَمْ تُجْزِهِ ، وَالْوَاجِبُ جَحْدُهَا وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ .
فَإِنْ دَفَعَهَا الْجَائِرُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَجْزَأَتْ ( أَوْ ) طَاعَ ( بِ ) دَفْعِ ( قِيمَةٍ ) أَيْ : مُقَوَّمٍ عَنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ ( لَمْ تُجْزِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ : الزَّكَاةُ الْمُزَكَّى فِي الْمَسَائِلِ السَّبْعِ وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ فِي دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ بَشِيرٍ ، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهُ الْمَشْهُورُ فِي إعْطَاءِ الْقِيمَةِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُعْطِي عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اشْتِرَاءُ صَدَقَتِهِ ا هـ .
فَجَعَلَهُ مِنْ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .
الْبَاجِيَّ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا أَنَّهُ مِنْ شِرَاءِ الصَّدَقَةِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ لَا مُحَرَّمٌ الْمِسْنَاوِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ هُوَ الرَّاجِحُ ، وَيَدُلُّ لَهُ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ الْإِجْزَاءُ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ ، وَتَصْوِيبُ ابْنِ يُونُسَ لَهُ ، وَأَمَّا تَفْصِيلُ عج فَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ وَالْمَوْجُودُ فِي الْمَذْهَبِ الطَّرِيقَتَانِ السَّابِقَتَانِ إجْزَاءُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا ( لَا إنْ أُكْرِهَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى دَفْعِهَا لِجَائِرٍ أَوْ دَفْعِ قِيمَتَهَا فَتُجْزِئُ .
( أَوْ نُقِلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( لِمِثْلِهِمْ ) أَيْ مُسْتَحِقِّي مَوْضِعِ الْوُجُوبِ فِي الِاحْتِيَاجِ وَبَيْنَهُمَا مَسَافَةُ قَصْرٍ فَتُجْزِئُ وَإِنْ حَرُمَ ( أَوْ قُدِّمَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الزَّكَاةُ قَبْلَ الْحَوْلِ ( بِكَشَهْرٍ ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ عَلَى رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ

.
وَقِيلَ : بِشَهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا .
وَقِيلَ : بِيَوْمَيْنِ .
وَقِيلَ : بِثَلَاثَةٍ .
وَقِيلَ : بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ .
وَقِيلَ : بِعَشْرَةٍ فَتُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ سَوَاءٌ كَانَ التَّقْدِيمُ لِمُسْتَحِقِّهَا أَوْ لِوَكِيلٍ يَدْفَعُهَا لَهُ وَصِلَةُ قُدِّمَتْ ( فِي ) زَكَاةِ ( عَيْنٍ ) وَمِنْهَا قِيمَةُ عَرْضِ الْمُدِيرِ ( وَ ) زَكَاةِ ( مَاشِيَةٍ ) لَا سَاعِيَ لَهَا فَتُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَا تُجْزِئُ فِي حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ لَهَا سَاعٍ إذَا قَدَّمَهَا قَبْلَ الْحَوْلِ لِمُسْتَحِقِّهَا ، وَأَمَّا إنْ دَفَعَهَا قَبْلَهُ بِكَشَهْرٍ لِلسَّاعِي فَتُجْزِئُ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ .
( فَإِنْ ضَاعَ الْمُقَدَّمُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ : الْمُخْرِجُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِكَشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقَّةِ ( فَ ) يُخْرِجُ الزَّكَاةَ ( عَنْ الْبَاقِي ) إنْ كَانَ نِصَابًا ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَهُ مَكْرُوهٌ أَوْ مُحَرَّمٌ إلَّا بِزَمَنٍ يَسِيرٍ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَيَضِيعُ الْمُقَدَّمُ فَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَجْزِيهِ وَلَا يَضْمَنُهُ .
سَنَدٌ وَهُوَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ ؛ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَقَعَتْ مَوْقِعَهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَقْتَ فِي حُكْمِ وَقْتِ الْوُجُوبِ ، وَجَزَمَ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
الْمُصَنِّفُ ، وَأَمَّا الْمُقَدَّمُ عَلَى الْحَوْلِ لِلْأَعْدَمِ أَوْ لِلْمُسْتَحِقِّ لِعَدَمِهِ فِي بَلَدِ الْمَالِ لِيَصِلَ لَهُ عِنْدَهُ فَيَبْرَأُ مِنْهُ الْمُزَكِّي بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ ضَاعَ قَبْلَ وُصُولِهِ لِمُسْتَحِقَّةِ فَلَا يُزَكِّي الْبَاقِيَ لِأَمْرِهِ بِتَقْدِيمِهِ .

وَإِنْ تَلِفَ جُزْءُ نِصَابٍ وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ سَقَطَتْ : كَعَزْلِهَا فَضَاعَتْ ، لَا إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا .
( وَإِنْ تَلِفَ ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ ( جُزْءُ نِصَابٍ ) قَبْلَ التَّزْكِيَةِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَبَقِيَ أَقَلُّ مِنْهُ ( وَلَمْ يُمْكِنْ الْأَدَاءُ ) أَيْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْهُ ، إمَّا لِعَدَمِ مُسْتَحِقٍّ أَوْ لِعَدَمِ إمْكَانِ الْوُصُولِ إلَى الْمَالِ ( سَقَطَتْ ) الزَّكَاةُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْأَدَاءُ وَفَرَّطَ فِي التَّالِفِ ضَمِنَ ، وَأَمَّا التَّلَفُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْبَاقِي بِلَا تَفْصِيلٍ .
وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ ( كَعَزْلِهَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ عَنْ الْمَالِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ لِيَدْفَعَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا ( فَضَاعَتْ ) أَوْ تَلِفَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَا إمْكَانِ أَدَاءً فَلَا يُزَكِّي الْبَاقِيَ .
وَإِنْ وَجَدَهَا لَزِمَهُ إخْرَاجُهَا ، وَإِنْ عَزَلَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ فَضَاعَتْ فَيُزَكِّي عَنْ الْبَاقِي إنْ كَانَ نِصَابًا ( لَا ) تَسْقُطُ الزَّكَاةُ ( إنْ ضَاعَ أَصْلُهَا ) أَيْ الْمَالُ الْمُزَكَّى بِهَا تَمَامَ حَوْلِهِ فَيَدْفَعُهَا لِمُسْتَحِقِّهَا فَرَّطَ أَمْ لَا .
فَإِنْ عَزَلَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ أَصْلُهَا قَبْلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا .

، وَضَمِنَ إنْ أَخَّرَهَا عَنْ الْحَوْلِ ، أَوْ أَدْخَلَ عُشْرَهُ مُفَرِّطًا ، لَا مُحَصِّنًا ، وَإِلَّا فَتَرَدُّدٌ .
( وَضَمِنَ ) مَالِكٌ النِّصَابِ زَكَاتَهُ ( إنْ أَخَّرَ ) إخْرَاجَ ( هَا ) أَيْ : الزَّكَاةِ ( عَنْ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ) أَيَّامًا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ فَضَاعَ الْمَالُ أَوْ فَرَّطَ أَمْ لَا لَا إنْ أَخَّرَهَا يَوْمَيْنِ إلَّا أَنْ يُفَرِّطَ فِي حِفْظِهِ .
( أَوْ أَدْخَلَ ) مَالِكُ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ ( عُشْرَهُ ) إنْ سَقَى بِلَا آلَةٍ أَوْ نِصْفَ عُشْرِهِ إنْ سَقَى بِهَا بَيْتَهُ مَعَ بَاقِي حَبِّهِ أَوْ تَمْرِهِ أَوْ وَحْدَهُ حَالَ كَوْنِهِ ( مُفَرِّطًا ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي دَفْعِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ لِإِمْكَانِهِ قَبْلَ إدْخَالِهِ بَيْتَهُ فَضَاعَ أَوْ تَلِفَ أَوْ فِي حِفْظِهِ فَيَضْمَنُهُ ، فَإِنْ ضَاعَ فِي الْجَرِينِ فَلَا يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ دَفْعَهُ مَعَ إمْكَانِهِ ( لَا ) يَضْمَنُهُ إنْ أَدْخَلَهُ ( مُحَصِّنًا ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ نَاوِيًا تَحْصِينَهُ وَحِفْظَهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَدَاؤُهُ وَأَدْخَلَهُ لِحِفْظِهِ وَتَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُدْخِلْهُ مُفَرِّطًا وَلَا مُحَصِّنًا بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ فِي إدْخَالِهِ بَيْتَهُ وَادَّعَى قَصْدَهُ تَحْصِينَهُ ( فَ ) فِي تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَاهُ ؛ لِأَنَّ التَّحْصِينَ هُوَ الْغَالِبُ .
وَلِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ وَعَدَمُهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الضَّمَانِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ .
.

، وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ، وَكَرْهًا وَإِنْ بِقِتَالٍ وَأُدِّبَ .
( وَأُخِذَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الزَّكَاةُ ( مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ ) عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ زَكَاةٌ أَوْصَى بِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِحُلُولِهَا أَوْ يُوصِيَ فِي رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ فَكَلَامُهُ هُنَا مُجْمَلٌ وَكَلَامُهُ الْآتِي فِي الْوَصِيَّةِ تَفْصِيلٌ لَهُ ( وَ ) أُخِذَتْ مِنْ الْمُمْتَنِعِ مِنْ أَدَائِهَا ( كَرْهًا ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِهَا بِغَيْرِ قِتَالٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( بِقِتَالٍ ) وَلَكِنْ لَا يُقْصَدُ قَتْلُهُ بَلْ تَخْلِيصُ الزَّكَاةِ مِنْهُ .
فَإِنْ قَتَلَ أَحَدًا اُقْتُصَّ مِنْهُ ، وَإِنْ قَتَلَهُ أَحَدٌ فَهَدَرٌ وَتَكْفِيهِ نِيَّةُ الْإِمَامِ عَلَى الصَّحِيحِ ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُسْتَحِقُّ قَدْرَهَا مِنْ مَالِ مَانِعِهَا لَمْ تُجْزِهِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ .
( وَأُدِّبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الْمُمْتَنِعُ مِنْ أَدَائِهَا بَعْدَ أَخْذِهَا مِنْهُ كَرْهًا بِغَيْرِ قِتَالٍ ، وَإِلَّا كَفَى فِي أَدَبِهِ فَالْأَوْلَى أَوْ أُدِّبَ بِأَوْ .

، وَدُفِعَتْ لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ ، وَإِنْ عَيْنًا .
( وَدُفِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الزَّكَاةُ وُجُوبًا ( لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ ) فِي أَخْذِهَا وَصَرْفِهَا وَغَيْرِهِمَا ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِمَا كُرِهَ دَفْعُهَا لَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ إنْ كَانَتْ مَاشِيَةً أَوْ حَرْثًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( عَيْنًا ) فَإِنْ طَلَبَهَا الْعَدْلُ فَادَّعَى الْمَالِكُ إخْرَاجَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَمَفْهُومُ الْعَدْلِ أَنَّ غَيْرَهُ لَا تُدْفَعُ لَهُ ، وَيَجِبُ جَحْدُهَا مِنْهُ وَالْهَرَبُ بِهَا مَا أَمْكَنَ ، وَإِنْ دُفِعَتْ لَهُ طَوْعًا لَمْ تَجُزْ ، وَلَا تَجُوزُ الْفَتْوَى بِأَنَّ الْعَدْلَ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ حَيْثُ عُلِمَ عَدَمُ عَدَالَةِ طَالِبِهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِبْيَانِيِّ ، فَإِنَّهُ أَفْتَى حِينَ طَلَبَ الْإِمَامُ الْمَعُونَةَ مِنْ الرَّعِيَّةِ بِأَنَّهُ لَا سَبِيلَ لِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عَدَالَتَهُ مَشْكُوكٌ فِيهَا .
قَالَ وَالْمَفْتُون بِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدْ اقْتَضَاهَا يُبْعَثُونَ مِنْ قُبُورِهِمْ إلَى النَّارِ بِلَا زَبَانِيَةٍ أَيْ : لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ فِي الْعَدَالَةِ إلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلِإِيهَامِ كَوْنِ الْمَشْكُوكِ فِي عَدَالَتِهِ عَدْلًا عَلَى أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَاسْتَقْبَلَ وَحَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِبَيْتِ الْمَالِ مَالًا .
.

وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ بِحُرِّيَّةٍ فَجِنَايَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ
( وَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ ) رَبَّ الْمَالِ بِإِخْبَارِهِ ( بِحُرِّيَّةٍ ) لَهُ فَدَفَعَ الزَّكَاةَ لَهُ وَظَهَرَ رِقُّهُ ( فَ ) الزَّكَاةُ الَّتِي أَخَذَهَا ( جِنَايَةٌ ) فِي رَقَبَتِهِ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَعَهُ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِهَا وَإِسْلَامِهِ فِيهَا فَيُبَاعُ فِيهَا .
وَقِيلَ تَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَيُتْبَعُ بِهَا إنْ أُعْتِقَ يَوْمًا مَا .
وَمُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا تَرْجِيحٌ لِابْنِ يُونُسَ مِنْ نَفْسِهِ فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ ثُمَّ رَأَيْت نَصَّ ابْنِ يُونُسَ وَهُوَ قِيلَ فَإِنْ غَرَّ عَبْدٌ فَقَالَ إنِّي حُرٌّ فَأَعْطَاهُ مِنْ زَكَاتِهِ فَأَفَاتَ ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : فِي ذَلِكَ نَظَرٌ هَلْ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ أَوْ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ ؛ لِأَنَّ هَذَا مُتَطَوِّعٌ بِالدَّفْعِ ؟ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ إنَّهُ جِنَايَةٌ إلَخْ وَبِهَذَا ظَهَرَ صِحَّةُ تَعْبِيرِهِ بِالِاسْمِ ا هـ .
بْن

وَزَكَّى مُسَافِرٌ مَا مَعَهُ .
وَمَا غَابَ ؛ إنْ لَمْ يَكُنْ مُخْرِجٌ وَلَا ضَرُورَةَ
( مُسَافِرٌ ) مِنْ وَطَنِهِ تَمَّ حَوْلُ مَالَهُ قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُ ( مَا مَعَهُ ) مِنْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نِصَابًا ( وَمَا غَابَ عَنْهُ ) إنْ كَانَ مَجْمُوعُهُمَا نِصَابًا ( إنْ لَمْ يَكُنْ مُخَرِّجٌ ) الزَّكَاةَ مَا غَابَ بِتَوْكِيلٍ أَوْ إمَامَةٍ لِبَلَدِهِ ( وَ ) الْحَالُ ( لَا ضَرُورَةَ ) إلَى مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْغَائِبِ مِمَّا بِيَدِهِ فِي نَفَقَتِهِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ احْتَاجَ لَهُ فِيهَا أَخَّرَ الْإِخْرَاجَ عَنْهُ إلَى عَوْدِهِ لِبَلَدِهِ .
هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَالَ أَيْضًا يُؤَخِّرُ زَكَاتَهُ مُطْلَقًا اعْتِبَارًا بِمَوْضِعِ الْمَالِ ، وَأَمَّا مَا مَعَهُ فَيُزَكِّيهِ بِكُلِّ حَالٍ اتِّفَاقًا لِاجْتِمَاعِ الْمَالِ مَعَ رَبِّهِ وَمَفْهُومُ مُسَافِرٍ أَنَّ الْحَاضِرَ يُزَكِّي مَا حَضَرَ وَمَا غَابَ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ ، وَلَوْ دَعَتْ ضَرُورَةٌ لِصَرْفِ مَا حَضَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ .

( فَصْلٌ ) زَكَاةِ الْفِطْرِ يَجِبُ بِالسُّنَّةِ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ عَنْهُ .
فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَإِنْ بِتَسَلُّفٍ .

( فَصْلٌ ) فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ( يَجِبُ ) وُجُوبًا ثَبَاتًا ( بِالسُّنَّةِ ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ : الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فَفِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ } ، وَحَمْلُ الْفَرْضِ عَلَى التَّقْدِيرِ بَعِيدٌ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ خَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مُنَادِيًا يُنَادِي فِي فِجَاجِ الْمَدِينَةِ أَلَا إنَّ صَدَقَةَ الْفِطْرِ وَاجِبَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَاعٌ } .
وَأَمَّا آيَاتُ الزَّكَاةِ الْعَامَّةُ فَسَابِقَةٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا فَهِيَ غَيْرُ مُرَادَةٍ مِنْهَا وَفَاعِلُ يَجِبُ ( صَاعٌ ) أَيْ : مِلْءُ الْيَدَيْنِ الْمُتَوَسِّطَتَيْنِ لَا مَبْسُوطَتَيْنِ وَلَا مَقْبُوضَتَيْنِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ( أَوْ جُزْؤُهُ ) أَيْ الصَّاعِ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ ، وَصِلَةُ يَجِبُ ( عَنْهُ ) أَيْ الْمُخْرِجِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ إذْ صَاعٌ بِتَقْدِيرِ إخْرَاجٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ وَالْإِخْرَاجُ يَسْتَلْزِمُ مُخْرِجًا وَالْمُخَاطَبَ بِالْوُجُوبِ اللَّازِمِ لِيَجِبَ وَنَعَتَ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ بِجُمْلَةٍ ( فَضَلَ ) أَيْ : زَادَ الصَّاعُ أَوْ جُزْؤُهُ ( عَنْ قُوتِهِ ) أَيْ : الْمُخْرِجِ ( وَقُوتِ عِيَالِهِ ) أَيْ : الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ فِي يَوْمِ الْعِيدِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ تَسَلُّفٍ بَلْ ( وَإِنْ ) قَدَرَ عَلَيْهِ ( بِتَسَلُّفٍ ) رَجَاءَ وَفَائِهِ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يَجِبُ التَّسَلُّفُ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وَفَاؤُهُ فَيَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ الضَّرَرِ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى نَدْبِ التَّسَلُّفِ وَأَخَذَ مِنْهُ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِالدَّيْنِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ فِي سُقُوطِهَا بِهِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ ، وَظَاهِرُهُ قَوْلُهُ الْمُتَقَدِّمُ إلَّا زَكَاةَ فِطْرٍ عَنْ عَبْدٍ عَلَيْهِ مِثْلُهُ سُقُوطُهَا بِهِ .

، وَهَلْ بِأَوَّلِ لَيْلَةِ الْعِيدِ أَوْ بِفَجْرِهِ خِلَافٌ .
( وَهَلْ ) تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ ( بِأَوَّلِ ) جُزْءٍ مِنْ ( لَيْلَةِ الْعِيدِ ) وَهُوَ غُرُوبُ شَمْسِ آخِرِ يَوْمِ رَمَضَانَ وَلَا يَمْتَدُّ وَقْتُ الْخِطَابِ بِهَا بَعْدَهُ ( أَوْ بِ ) طُلُوعِ ( فَجْرِهِ ) أَيْ : يَوْمِ الْعِيدِ وَلَا يَمْتَدُّ أَيْضًا فِيهِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ فَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا وَقْتُ الْغُرُوبِ عَلَى الْأَوَّلِ أَوْ وَقْتُ طُلُوعِ الْفَجْرِ عَلَى الثَّانِي لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَهْلِهَا بَعْدُ .
وَمَنْ مَاتَ أَوْ بِيعَ أَوْ طَلُقَتْ بَائِنًا أَوْ أُعْتِقَ قَبْلَ الْغُرُوبِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْبَائِعِ وَلَا عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ اتِّفَاقًا وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَجَبَتْ عَلَى مَنْ ذُكِرَ اتِّفَاقًا .
وَإِنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْهَا بَيْنَهُمَا وَجَبَتْ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ .
وَعَلَى الْمُطَلِّقِ وَالْمُعْتِقِ وَالْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَعَلَى الْمُشْتَرِي وَالْعَتِيقِ وَالْمُطَلَّقَةِ وَسَقَطَتْ عَنْ الْمَيِّتِ عَلَى الثَّانِي ، وَإِنْ وَلَدَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَجَبَتْ اتِّفَاقًا وَبَعْدَ الْفَجْرِ لَمْ تَجِبْ اتِّفَاقًا وَفِيمَا بَيْنَهُمَا وَجَبَتْ عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ .

مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ مِنْ مُعَشَّرٍ ، أَوْ أَقِطٍ ، غَيْرَ عَلَسٍ ، إلَّا أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ .
وَبَيَّنَ الصَّاعَ بِقَوْلِهِ ( مِنْ أَغْلَبِ الْقُوتِ ) لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَبَيَّنَ الْقُوتَ بِقَوْلِهِ ( مِنْ مُعَشَّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ : مُزَكًّى بِالْعُشْرِ أَوْ نِصْفِهِ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا خُصُوصُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ وَالْأُرْزِ وَالذُّرَةِ وَالدُّخْنِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ( أَوْ أَقِطٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ أَوْ كَسْرِهَا مَعَ سُكُونِ الْقَافِ أَوْ كَسْرِهَا ، فَلُغَاتُهُ أَرْبَعَةٌ أَيْ جَافِّ اللَّبَنِ الْمُسْتَخْرَجِ زَبَدُهُ عَطَفَ عَلَى مُعَشَّرٍ وَنَعَتَ مُعَشَّرٍ بِ ( غَيْرِ عَلَسٍ ) لِلرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ فِي زِيَادَتِهِ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْهُ فَلَا تَخْرُجُ زَكَاةُ الْفِطْرِ مِنْ غَيْرِ الْأَصْنَافِ التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا ) حَالَ ( أَنْ يُقْتَاتَ غَيْرُهُ ) أَيْ : الْمَذْكُورُ كَعَلَسٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَقُطْنِيَّةٍ فَتَخْرُجُ مِنْ أَغْلَبِهِ إنْ تَعَدَّدَ أَوْ مِمَّا انْفَرَدَ إنْ لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِنْ التِّسْعَةِ ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ قَالَهُ الْحَطّ وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشَّارِحِينَ ، وَرَدَّهُ الرَّمَاصِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَيْرَ التِّسْعَةِ إذَا كَانَ غَالِبًا لَا يَخْرُجُ مِنْهُ ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِالِاقْتِيَاتِ أَجْزَأَ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ وَلَوْ وُجِدَ شَيْءٌ مِنْهَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَقْتَاتَ غَيْرُهُ وَهَلْ يُقَدَّرُ نَحْوُ اللَّحْمِ بِجَرْمِ الْمُدِّ أَوْ شِبَعِهِ وَصَوَّبَ أَوْ بِوَزْنِهِ خِلَافٌ .

وَعَنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يَمُونُهُ بِقَرَابَةِ زَوْجِيَّةٍ ، وَإِنْ لِأَبٍ وَخَادِمِهَا أَوْ رِقٍّ لَوْ مُكَاتَبًا وَآبِقًا رُجِيَ ، وَمَبِيعًا بِمُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ وَمُخْدَمًا ، إلَّا لِحُرِّيَّةٍ فَعَلَى مُخْدَمِهِ ، وَالْمُشْتَرَكُ ، وَالْمُبَعَّضُ بِقَدْرِ الْمِلْكِ ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ ، وَالْمُشْتَرَى فَاسِدًا عَلَى مُشْتَرِيهِ .

وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ عَنْهُ فَقَالَ ( وَ ) يَجِبُ صَاعٌ أَوْ جُزْؤُهُ فَضَلَ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَهُ ( عَنْ كُلِّ ) شَخْصٍ ( مُسْلِمٍ يَمُونُهُ ) أَيْ : الْمُزَكِّي الْمُسْلِمُ أَيْ : يَقُومُ بِمُؤْنَتِهِ وُجُوبًا ( بِقَرَابَةٍ ) بَيْنَهُمَا كَالْأَوْلَادِ وَالْوَالِدَيْنِ الَّذِينَ لَا مَالَ لَهُمْ ( أَوْ ) بِ ( زَوْجِيَّةٍ ) لِلْمُزَكِّي بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( لِأَبٍ ) لَهُ كَانَتْ أُمُّهُ أَوْ غَيْرُهَا مَدْخُولًا بِهَا وَلَوْ مُطَلَّقَةً رَجْعِيَّةً أَوْ دَعَتْهُ لَهُ ( وَخَادِمِهَا ) أَيْ : الْجِهَةِ الَّتِي بِهَا النَّفَقَةُ مِنْ قَرَابَةٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ لَهُ أَوْ لِأَبِيهِ إنْ كَانَ الْخَادِمُ مَمْلُوكًا لِلْقَرِيبِ أَوْ لِزَوْجِهِ لَا بِأُجْرَةٍ .
وَإِنْ اشْتَرَطَتْ نَفَقَتَهُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا النَّفَقَةُ دُونَ الزَّكَاةِ كَمَنْ يَمُونُهُ بِالْتِزَامٍ أَوْ إجَارَةِ الْخِدْمَةِ بِنَفَقَتِهِ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ أَوْ بِحَمْلٍ كَمُطَلَّقَةٍ بَائِنًا حَامِلًا ، وَهَذِهِ خَرَجَتْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِحَصْرِهِ أَسْبَابَ الْقِيَامِ بِالْمُؤْنَةِ فِي الْقَرَابَةِ وَالزَّوْجِيَّةِ وَالرِّقِّ .
( أَوْ ) يَمُونُهُ بِ ( رِقٍّ ) أَيْ : كَوْنِهِ رَقِيقًا لَهُ خَرَجَ رَقِيقُ رَقِيقِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمُونُهُ وَمُؤْنَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا تَجِبُ زَكَاةُ فِطْرِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَيْضًا لِرِقِّهِ إنْ كَانَ رَقِيقُهُ غَيْرَ مُكَاتَبٍ كَقِنٍّ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ رَقِيقُهُ ( مُكَاتَبًا ) أَيْ : مُعْتَقًا عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ ؛ لِأَنَّهُ رَقِيقٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ دِرْهَمًا وَهُوَ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ يُقَدَّرُ أَنَّ سَيِّدَهُ تَرَكَ لَهُ شَيْئًا فِي نَظِيرِهَا فَهِيَ عَلَى سَيِّدِهِ فِي الْحَقِيقَةِ إنْ كَانَ حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا بَلْ ( وَ ) لَوْ ( آبِقًا رُجِيَ ) رُجُوعُهُ وَمَغْصُوبًا كَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا تَلْزَمُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مَبِيعٍ بَلْ ( وَ ) لَوْ رَقِيقًا ( مَبِيعًا ) مُتَلَبِّسًا ( بِمُوَاضَعَةٍ ) لِأَمَةٍ رَائِعَةٍ أَوْ وَخْشٍ وَطِئَهَا وَبَاعَهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا .
( أَوْ )

بِشَرْطِ ( خِيَارٍ ) لَهُ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لَهُمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ جَاءَ وَقْتُ الزَّكَاةِ قَبْلَ نُزُولِ الدَّمِ وَمَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ فَزَكَاةُ فِطْرِهِمَا عَلَى بَائِعِهِمَا لِأَيِّهِمَا فِي مِلْكِهِ وَنَفَقَتُهُمَا عَلَيْهِ ( وَ ) رَقَّا ( مُخْدَمًا ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ : مَوْهُوبَةُ خِدْمَتِهِ لِشَخْصٍ حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَزَكَاةُ فِطْرَتِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يَئُولَ بَعْدَ انْتِهَاءِ مُدَّةِ خِدْمَتِهِ ( لِحُرِّيَّةٍ ) بِتَعْلِيقِ حُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ نَحْوَ خَدَمْتُك فُلَانًا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةَ كَذَا وَبَعْدَهَا فَأَنْتَ حُرٌّ ( فَ ) زَكَاةُ فِطْرَتِهِ ( عَلَى مُخْدَمِهِ ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ : مَنْ وُهِبَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ كَنَفَقَتِهِ ، وَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَنْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِغَيْرِ مُخْدِمِهِ بِالْكَسْرِ نَحْوَ أَخَدَمْتُك زَيْدًا حَيَاتَهُ أَوْ مُدَّةَ كَذَا ثُمَّ أَنْتَ مَمْلُوكٌ لِعَمْرٍو فَزَكَاةُ فِطْرَتِهِ عَلَى مَالِكِ رَقَبَتِهِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا عَلَى مَنْ وُهِبَتْ رَقَبَتُهُ لَهُ وَهُوَ عَمْرٌو إنْ قَبِلَ الْهِبَةَ كَنَفَقَتِهِ .
( وَ ) الرِّقُّ ( الْمُشْتَرَكُ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ بَيْنَ مَالِكَيْنِ ( أَوْ ) أَكْثَرَ ( وَ ) الرِّقُّ ( الْمُبَعَّضُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ تُوَزَّعُ زَكَاةُ فِطْرَتِهِمَا ( بِقَدْرِ الْمِلْكِ ) أَيْ : الْجُزْءِ الْمَمْلُوكِ مِنْهُمَا فَعَلَى كُلِّ شَرِيكٍ مِنْ الصَّاعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الرِّقِّ وَعَلَى مَالِكِ الْبَعْضِ مِنْ الصَّاعِ بِقَدْرِ مَا لَهُ مِنْ الرِّقّ .
( وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ ) فِي بَعْضِهِ الْحُرِّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْمُشْتَرَكِ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِ الشُّرَكَاءِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَنْصِبَاؤُهُمْ فِيهَا وَلَهَا نَظَائِرُ فِي الْخِلَافِ ، وَضَابِطُهَا كُلُّ وَاجِبٍ بِحُقُوقٍ مُشْتَرَكَةٍ هَلْ اسْتِحْقَاقُهُ بِمَقَادِيرِ الْحُقُوقِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ قَوْلَانِ ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ فَرُجِّحَ اعْتِبَارُ عَدَدِ الرُّءُوسِ فِي أُجْرَةِ الْقَاسِمِ وَكَنْسِ الْمِرْحَاضِ ،

وَالسَّوَّاقِي ، وَحَارِسِ أَعْدَالِ الْمَتَاعِ ، وَبُيُوتِ الطَّعَامِ ، وَالْجَرِينِ وَالْبَسَاتِينِ ، وَكَاتِبِ الْوَثِيقَةِ ، وَصَيْدِ الْكِلَابِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَدَدُ الْكِلَابِ ، وَالْمُعْتَبَرُ رُءُوسُ الصَّائِدِينَ .
وَرُجِّحَ اعْتِبَارُ مَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ وَالشُّفْعَةِ وَنَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَزَكَاةِ فِطْرِهِمَا فَتُوَزَّعُ عَلَى أَوْلَادِهِمَا بِقَدْرِ الْيَسَارِ لَا عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ ( وَ ) الرِّقُّ ( الْمُشْتَرَى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ شِرَاءً ( فَاسِدًا ) لِانْتِفَاءِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعِ زَكَاةِ فِطْرِهِ ( عَلَى مُشْتَرِيهِ ) إنْ قَبَضَهُ ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا فَعَلَى بَائِعِهِ ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَفِيهِ ضَمَانُهُ .

وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ، وَمِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ ، وَغَرْبَلَةُ الْقَمْحِ إلَّا الْغَلِثَ ، وَدَفْعُهَا لِزَوَالِ فَقْرٍ ، وَرِقِ يَوْمِهِ وَلِلْإِمَامِ الْعَدْلِ ، وَعَدَمُ زِيَادَةٍ ، ، وَإِخْرَاجُ الْمُسَافِرِ وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ .

( وَنُدِبَ إخْرَاجُهَا ) أَيْ زَكَاةُ الْفِطْرِ ( بَعْدَ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ وَقَبْلَ الصَّلَاةِ ) لِلْعِيدِ وَلَوْ بَعْدَ الْغَدِ إلَى الْمُصَلَّى تَعْجِيلًا لِمَسَرَّةِ الْفَقِيرِ ( وَ ) نُدِبَ إخْرَاجُهَا ( مِنْ قُوتِهِ الْأَحْسَنِ ) مِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( غَرْبَلَةُ الْقَمْحِ ) وَشَبَهِهِ ( إلَّا الْغَلِثَ ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ : كَثِيرَ الْغَلِثِ فَتَجِبُ غَرْبَلَتُهُ إنْ زَادَ غَلِثُهُ عَلَى ثُلُثِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
فَإِنْ كَانَ ثُلُثًا نُدِبَتْ ، وَقِيلَ : تَجِبُ إنْ كَانَ ثُلُثًا أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ( وَ ) نُدِبَ ( لِزَوَالِ فَقْرٍ وَرِقِّ يَوْمِهِ ) أَيْ : الْعِيدِ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى سَيِّدِهِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( دَفْعُهَا ) أَيْ : زَكَاةِ الْفِطْرِ ( لِلْإِمَامِ الْعَدْلِ ) لِيُفَرِّقَهَا وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُهُ وَعَلَّلَ بِخَوْفِ الْمَحْمَدَةِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ نَدْبَ الِاسْتِنَابَةِ فِي زَكَاةِ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّ خَوْفَ الْمَحْمَدَةِ فِيهَا أَقْوَى ( وَ ) نُدِبَ ( عَدَمُ زِيَادَةٍ ) عَلَى الصَّاعِ ؛ لِأَنَّهُ تَحْدِيدٌ مِنْ الشَّارِعِ فَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ كَزِيَادَةِ تَسْبِيحٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ الْمُعَقِّبَاتِ عَلَى ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ ( وَ ) نُدِبَ ( إخْرَاجُ الْمُسَافِرِ ) عَنْ نَفْسِهِ فِي الْحَالَةِ الَّتِي يُخْرِجُ عَنْهُ فِيهَا أَهْلُهُ لِاحْتِمَالِ نِسْيَانِهِمْ وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ نَفْسِهِ .
وَجَازَ إخْرَاجُ أَهْلِهِ عَنْهُ ) أَيْ الْمُسَافِرِ إنْ اعْتَادُوهُ أَوْ أَوْصَاهُمْ بِهِ وَيَنْزِلُ الِاعْتِيَادُ وَالْإِيصَاءُ مَنْزِلَةَ النِّيَّةِ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ عَنْهُ لِعَدَمِ نِيَّتِهَا ، وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ عَنْهُمْ وَالْمُعْتَبَرُ قُوتُ الْمُخْرَجِ عَنْهُ ، فَإِنْ جُهِلَ اُحْتِيطَ بِإِخْرَاجِ الْأَعْلَى ، فَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ فِي بَلَدٍ قُوتُهُ أَعْلَى مِنْ قُوتِ بَلَدِ الْمُخْرِجِ تَعَيَّنَ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَعْلَى فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْمُخْرِجِ تَعَيَّنَ إخْرَاجُ الشَّخْصِ عَنْ نَفْسِهِ .

وَدَفْعُ صَاعٍ لِمَسَاكِين وَآصُعٍ لِوَاحِدٍ وَمِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ إلَّا لِشُحٍّ وَإِخْرَاجُهُ قَبْلَهُ بِكَالْيَوْمَيْنِ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ لِمُفَرِّقٍ تَأْوِيلَانِ .

( وَ ) جَازَ ( دَفْعُ صَاعٍ ) وَاحِدٍ ( لِمَسَاكِين وَ ) جَازَ دَفْعُ ( آصُعٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَمْدُودًا وَضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ صَاعٍ ( لَ ) مِسْكِينٍ ( وَاحِدٍ ) هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ ، يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَهَا الرَّجُلُ عَنْهُ وَعَنْ عِيَالِهِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ لَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْطِيَ مِسْكِينًا وَاحِدًا أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَرَآهَا كَالْكَفَّارَةِ ، وَرَوَى مُطَرِّفٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَلِيَ تَفْرِقَةَ فِطْرَتِهِ أَنْ يُعْطِيَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ كُلِّ إنْسَانٍ مِنْ أَهْلِهِ مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ .
( وَ ) جَازَ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْفِطْرِ ( مِنْ قُوتِهِ ) أَيْ : الْمُزَكِّي ( الْأَدْوَنِ ) مِنْ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى اقْتِيَاتِ قُوتِ أَهْلِ بَلَدِهِ ( إلَّا ) أَنْ يَقْتَاتَ الْأَدْوَنَ ( لِشُحٍّ ) أَيْ : بُخْلٍ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اقْتِيَاتِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يَجْزِيهِ الْإِخْرَاجُ مِنْ قُوتِهِ الْأَدْوَنِ اتِّفَاقًا ، وَكَذَا إنْ اقْتَاتَهُ لِهَضْمِ نَفْسٍ أَوْ لِعَادَتِهِ كَبَدْوِيٍّ يَأْكُلُ الشَّعِيرَ بِحَاضِرَةٍ يَقْتَاتُ أَهْلُهَا الْقَمْحَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( وَ ) جَازَ ( إخْرَاجُهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ زَكَاةَ فِطْرَتِهِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ : الْوُجُوبِ ( بِكَالْيَوْمَيْنِ ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الثَّالِثَ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْجَلَّابِ ، وَفِيهَا بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ مَا فِي الْجَلَّابِ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ ، فَإِنْ ضَاعَتْ لَمْ تَجُزْ ، وَاعْتَرَضَهُ التُّونُسِيُّ اخْتَارَ إجْزَاءَهَا لِجَوَازِ تَقْدِيمِهَا .
( وَهَلْ ) يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا بِالْيَوْمَيْنِ جَوَازًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِدَفْعِهَا لِمُفَرِّقٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( أَوْ ) يَجُوزُ إنْ دَفَعَهَا ( لِمُفَرِّقٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُشَدَّدَةً فَلَا يَجُوزُ تَفْرِيقُهَا قَبْلَهُ بِالْيَوْمَيْنِ بِنَفْسِهِ وَلَا تَجْزِيهِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ

، وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ مَحَلُّهُمَا إذَا لَمْ تَبْقَ بِيَدِ الْفَقِيرِ إلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ وَإِلَّا أَجْزَأَتْ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا بِيَدِهِ كَدَفْعِهَا لَهُ ابْتِدَاءً .

وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا .
( وَلَا تَسْقُطُ ) زَكَاةُ الْفِطْرَةِ عَمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ أَوْ نُدِبَتْ لَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهَا حَتَّى فَاتَ يَوْمُ الْعِيدِ ( بِمُضِيِّ زَمَنِ ) إخْرَاجِ ( هَا ) وَهُوَ يَوْمُ الْعِيدِ كَغَيْرِهَا مِنْ الْفَرَائِضِ ، وَأَثِمَ بِتَأْخِيرِهَا عَنْهُ بِلَا عُذْرٍ .
الْقَرَافِيُّ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الضَّحِيَّةِ الَّتِي تَسْقُطُ بِمُضِيِّ زَمَنِهَا وَكُلٌّ مِنْهُمَا شَعِيرَةُ إسْلَامٍ ، وَإِنْ افْتَرَقَتَا بِالْوُجُوبِ وَالسُّنِّيَّةِ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَةَ تُنْدَبُ لِمَنْ زَالَ فَقْرُهُ وَرِقُّهُ يَوْمَهَا ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّهِ إنَّ الْفِطْرَةَ لِسَدِّ الْخَلَّةِ وَهُوَ يَحْصُلُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَالْأُضْحِيَّةُ لِلتَّظَافُرِ عَلَى إظْهَارِ الشَّعَائِرِ ، وَقَدْ فَاتَتْ .
وَلَا يَقْدَحُ فِي الْفَرْقِ خَبَرُ { أَغْنُوهُمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ } ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْخِطَابَ بِهَا بَعْدَهُ جَبْرًا لِمَا حَصَلَ لَهُمْ أَوْ لِبَعْضِهِمْ مِنْ ذُلِّ السُّؤَالِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ .

وَإِنَّمَا تُدْفَعُ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ فَقِيرٍ .
( وَإِنَّمَا تُدْفَعُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ : زَكَاةُ الْفِطْرِ ( لِحُرٍّ ) لَا رِقٍّ ( مُسْلِمٍ ) لَا كَافِرٍ ( فَقِيرٍ ) وَأَوْلَى مِسْكِينٍ لَا غَنِيٍّ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ لَا هَاشِمِيٍّ ، هَذَا قَوْلُ أَبُو مُصْعَبٍ وَشَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّمَا تُدْفَعُ لِعَادِمِ قُوتِ يَوْمِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُسْتَحِقُّهَا فِي بَلَدِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَجَبَ نَقْلُهَا لِأَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهِ مُسْتَحِقُّهَا بِأُجْرَةٍ مِمَّنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ لَا مِنْهَا لِئَلَّا يَنْقُصَ الصَّاعُ .
فَإِنْ دَفَعَهَا لِلْإِمَامِ فَفِي نَقْلِهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا أَوْ مِنْ الْفَيْءِ قَوْلَانِ وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْفَقِيرِ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِعَامِلٍ عَلَيْهَا وَمُؤَلَّفٍ قَلْبُهُ وَلَا فِي الرِّقَابِ وَلَا لِغَارِمٍ وَلَا لِمُجَاهِدٍ وَلَا لِغَرِيبٍ مُحْتَاجٍ لِمَا يُوَصِّلُهُ .
وَيَجُوزُ دَفْعُهَا لِلْقَرِيبِ الَّذِي لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ وَلِلزَّوْجَةِ دَفْعُهَا لِزَوْجِهَا الْفَقِيرِ لَا عَكْسُهُ وَلَوْ فَقِيرَةً لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَجْرِ فِي دَفْعِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي دَفْعِهَا لَهُ زَكَاةَ مَا لَهَا لِقِلَّةِ نَفْعِ الْفِطْرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِزَكَاةِ الْمَالِ .

( بَابٌ ) يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ ، أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ ، وَلَوْ بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ ، فَإِنْ لَمْ يُرَ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا كُذِّبَا أَوْ مُسْتَفِيضَةً وَعَمَّ ، إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا ، لَا بِمُنْفَرِدٍ إلَّا كَأَهْلِهِ وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ

بَابٌ ) فِي الصِّيَامِ وَهُوَ لُغَةً : مُطْلَقُ الْإِمْسَاكِ وَشَرْعًا : إمْسَاكٌ عَنْ شَهْوَتَيْ الْبَطْنِ وَالْفَرْجِ بِنِيَّةٍ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ .
وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَمِلَ إمْسَاكَ مَنْ جُومِعَتْ نَائِمَةً أَوْ قَاءَ عَمْدًا .
( يَثْبُتُ ) أَيْ يَتَحَقَّقُ ( رَمَضَانُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ حَاكِمٌ وَكَذَا مَا قَبْلَهُ إنْ تَوَالَى الْغَيْمُ وَلَوْ شُهُورًا كَثِيرَةً فِي الطِّرَازِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ ، وَيَقْضُونَ إنْ تَبَيَّنَ لَهُمْ خِلَافُ مَا عَمِلُوا عَلَيْهِ الرَّمَاصِيُّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا الْتِفَاتَ لِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى التَّمَامِ وَسَيَقُولُ الْمُؤَلِّفُ لَا بِقَوْلِ مُنَجِّمٍ .
فَقَوْلُ عج قَوْلُهُ بِكَمَالِ شَعْبَانَ أَيْ : إذَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ تَامَّةٍ إذْ لَا يَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ عَلَى التَّمَامِ ، وَحِينَئِذٍ فَيُجْعَلُ نَاقِصًا .
وَقِيلَ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا وَيُعْتَبَرُ كَمَالُ شَعْبَانَ مُطْلَقًا ا هـ .
غَيْرُ صَوَابٍ ، وَالْعَجَبُ مِنْهُ كَيْفَ صَدَّرَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمِيقَاتِ مُقَيِّدًا بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ ، وَحَكَى أَهْلُ الْمَذْهَبِ بِقِيلَ .
وَهَذَا لَا يُعَارِضُ قَوْلَهُمْ إذَا حَصَلَ الْغَيْمُ شُهُورًا فَإِنَّهَا تُحْسَبُ عَلَى الْكَمَالِ .
ا هـ .
غَيْرُ ظَاهِرٍ ، بَلْ يُعَارِضُهُ إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ قَوْلُ أَهْلِ الْمِيقَاتِ لَحُسِبَ عَلَى التَّمَامِ عِنْدَ تَوَالِي الْغَيْمِ ثَلَاثَةً فَقَطْ ، وَجُعِلَ الرَّابِعُ نَاقِصًا .
لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي جَامِعِ الْمُقَدِّمَاتِ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ عج قَائِلًا لَا تَتَوَالَى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ نَاقِصَةٍ أَوْ تَامَّةٍ إلَّا فِي النَّادِرِ فَانْظُرْهُ وَتَأَمَّلْهُ .
قُلْت : مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ عج لِزِيَادَةِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُهُ إلَّا فِي النَّادِرِ فَلَمْ يَجْعَلْ الْقَاعِدَةَ كُلِّيَّةً فَلِذَا أَلْغَاهَا الْإِمَامُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( أَوْ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ ) الْهِلَالَ

فَأَوْلَى أَكْثَرُ مِنْهُمَا فَكُلُّ مَنْ أَخْبَرَاهُ بِرُؤْيَتِهِمَا الْهِلَالَ أَوْ سَمِعَهُمَا يُخْبِرَانِ غَيْرَهُ بِهَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصِّيَامُ لَا بِرُؤْيَةِ عَدْلٍ وَحْدَهُ ، أَوْ مَعَ امْرَأَتَيْنِ نَعَمْ يَجِبُ عَلَى الرَّائِي وَلَوْ مَرْأَةً .
وَيَثْبُتُ بِرُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ إنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً أَوْ الْبَلَدُ لَيْسَ مِصْرًا ( وَلَوْ ) ادَّعَيَا الرُّؤْيَةَ بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ ) أَيْ : فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَيَا رُؤْيَتَهُ فِي الْجِهَةِ الَّتِي طَلَبَهُ غَيْرُهُمَا فِيهَا وَلَمْ يَرَهُ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمَا لِلتُّهْمَةِ .
ابْنُ بَشِيرٍ هُوَ خِلَافٌ فِي حَالِ إنْ نَظَرَ الْكُلَّ لِصَوْبٍ وَاحِدٍ رُدَّتْ وَإِنْ انْفَرَدَا بِالنَّظَرِ إلَى مَوْضِعٍ ثَبَتَتْ شَهَادَتُهُمَا وَعَدَّهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ثَالِثًا وَاعْتَرَضَهُ الْمُوضِحُ .
( فَإِنْ ) ثَبَتَ رَمَضَانُ بِرُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ و ( لَمْ يُرَ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ : هِلَالُ شَوَّالٍ لِغَيْرِهِمَا ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( ثَلَاثِينَ ) يَوْمًا مِنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ حَالَ كَوْنِ السَّمَاءِ ( صَحْوًا ) أَيْ : لَا غَيْمَ عَلَيْهَا ( كُذِّبَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : الْعَدْلَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا بِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِ الشَّهْرِ وَاحِدًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَصِيمَ الْيَوْمُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وُجُوبًا .
وَإِنْ ادَّعَيَا رُؤْيَةَ هِلَالِ شَوَّالٍ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالثَّلَاثِينَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لِاتِّهَامِهِمَا فِيهَا بِالْكَذِبِ لِإِمْضَاءِ الشَّهَادَةِ الْأُولَى ، فَإِنْ رَآهُ غَيْرُهُمَا أَوْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً فَلَا يُكَذَّبَانِ .
وَيَثْبُتُ شَوَّالٌ بِكَمَالِ رَمَضَانَ أَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهِمَا ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي تَكْذِيبِهِمَا كَوْنُ رُؤْيَتِهِمَا بِصَحْوٍ بِمِصْرٍ .
فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْمٍ أَوْ بَلَدٍ صَغِيرٍ فَلَا يُكَذَّبَانِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَارِحُوهُ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا وَيُكَذَّبَانِ

مُطْلَقًا كَانَتْ رُؤْيَتُهُمَا بِصَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ بِبَلَدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ .
وَاعْتَرَضَهُ الْحَطّ بِحَمْلِ الشَّاهِدَيْنِ مَعَ الْغَيْمِ أَوْ صِغَرِ الْبَلَدِ عَلَى السَّدَادِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ عَنْهُمَا ، وَمِثْلُ الْعَدْلَيْنِ مَا زَادَ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَبْلُغْ عَدَدَ الْمُسْتَفِيضَةِ فِي التَّكْذِيبِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةُ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ ، وَإِنْ فُرِضَ دَلَّ عَلَى عَدَمِ اسْتِفَاضَتِهِمْ فَيُكَذَّبُونَ أَيْضًا .
فَإِنْ قُلْت يَلْزَمُ عَلَى تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ وَمَنْ أُلْحِقَ بِهِمَا بُطْلَانُ صِيَامِ الشَّهْرِ كُلِّهِ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ النِّيَّةَ كُلَّ لَيْلَةٍ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى نِيَّةِ صِيَامِ الشَّهْرِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ النِّيَّةِ تَبْيِيتُهَا لَيْلَةَ الصِّيَامِ ، وَهَذَا قَدَّمَهَا عَلَى الشَّهْرِ بِلَيْلَةٍ وَيَوْمٍ .
قُلْت صَحَّ صَوْمُهُ لِعُذْرِهِ وَلِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ إذْ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَرَ التَّكْذِيبَ وَحَكَمَ بِثُبُوتِ شَوَّالٍ بِتَكْمِيلِ عِدَّةِ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا اعْتِدَادًا بِرُؤْيَتِهِمَا الْأُولَى وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْذِيبُهُمَا ، وَلَوْ حَكَمَ بِشَهَادَتِهِمَا حَاكِمٌ وَهُوَ كَذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَالِكِيًّا ، فَإِنْ كَانَ شَافِعِيًّا لَمْ يَرَ تَكْذِيبَهُمَا وَجَبَ الْفِطْرُ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى حُكْمِهِ أَنَّهُ لَا يُرَاعِي إلَّا تَكْمِيلَ الْعَدَدِ دُونَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الشُّهُودَ ظَهَرَ فِسْقُهُمْ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ الْمَبْنِيُّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فِسْقُهُمْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِهِمْ بَلْ عِنْدَ غَيْرِهِ .
وَالْفِسْقُ الْمُوجِبُ لِنَقْضِ الْحُكْمِ هُوَ الْفِسْقُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا بِمِصْرَ سَنَةَ ثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ وَتِسْعِمِائَةٍ وَأَفْطَرَ شَيْخُنَا ، وَتَبِعَهُ غَالِبُ الْجَمَاعَةِ وَامْتَنَعَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ مِنْ الْفِطْرِ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَهُ أَحْمَدُ .
عبق وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّافِعِيِّ بِلُزُومِ الصَّوْمِ لَيْسَ حُكْمًا بِالْفِطْرِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ

عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ، فَلَمْ يَقَعْ الْحُكْمُ بِمَا فِيهِ الْخِلَافُ بَيْنَ الْإِمَامَيْنِ بَلْ بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَهُوَ لُزُومُ الصَّوْمِ أَوَّلَ الشَّهْرِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ الْفِطْرُ ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ .
نَعَمْ إنْ حَكَمَ بِمُوجَبِ لُزُومِ الصَّوْمِ حِينَ الرُّؤْيَةِ كَانَ حُكْمًا بِالْفِطْرِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ وَإِنْ لَمْ يُرَ الْهِلَالُ .
وَمَا ذَكَرَهُ الْحَطّ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْفِطْرِ حَيْثُ حَكَمَ بِهِ شَافِعِيٌّ عِنْدَ تَمَامِ ثَلَاثِينَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ مَبْنِيٌّ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الصَّوْمِ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ ، لَا عَلَى لُزُومِهِ .
وَهَلْ تَكْذِيبُهُمَا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِأَنْفُسِهِمَا أَوْ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا ، وَأَمَّا هُمَا فَيَعْمَلَانِ عَلَى مَا تَحَقَّقَاهُ فَيَجِبُ فِطْرُهُمَا بِالنِّيَّةِ ، وَقَدْ جَرَى خِلَافٌ فِيمَنْ رَأَى هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ فَصَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، ثُمَّ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ الْمَوَّازِ هَذَا مُحَالٌ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَلَطٌ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ عَمَلُهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ الْأَوَّلِ وَكَتْمُ أَمْرِهِ سَالِمٌ هَذَا بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ تَكْذِيبُ الشَّاهِدَيْنِ فَكَيْفَ بِالْمُنْفَرِدِ ؟ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِكَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِمَا الْحُكْمُ بِهِ فِي حَقِّ أَنْفُسِهِمَا الَّذِي الْكَلَامُ فِيهِ .
وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ عَمَلُهُ عَلَى رُؤْيَةِ نَفْسِهِ وَلَوْ فِي الْغَيْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَقَدْ يُقَالُ يُتَّفَقُ هُنَا عَلَى عَمَلِهِمَا عَلَى اعْتِقَادِهِمَا لِتَعَدُّدِهِمَا فَغَلَطُهُمَا بَعِيدٌ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ ( أَوْ ) بِرُؤْيَةِ جَمَاعَةٍ ( مُسْتَفِيضَةٍ ) ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ هُمْ الَّذِينَ لَا يَتَوَاطَئُونَ عَلَى الْكَذِبِ عَادَةً كُلُّ وَاحِدٍ قَالَ : رَأَيْت بِنَفْسِي .
وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمْ كُلُّهُمْ ذُكُورًا أَحْرَارًا عُدُولًا بِحَيْثُ حَصَلَ بِخَبَرِهِمْ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَرِيبُ مِنْهُ حَتَّى لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى تَعْدِيلٍ .
وَإِنْ

لَمْ يَبْلُغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَا فَسَّرَهَا بِهِ الْأُصُولِيُّونَ مِنْ أَنَّهَا مَا زَادَ نَاقِلُوهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَقُدِّرَتْ الرُّؤْيَةُ احْتِرَازًا عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ بِالْأَخْبَارِ بِأَنْ قَالُوا : سَمِعْنَا أَنَّهُ رُئِيَ الْهِلَالُ إذْ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ أَصْلَهُ عَنْ وَاحِدٍ .
( وَعَمَّ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلَةً أَيْ : شَمِلَ وُجُوبُ الصَّوْمِ كُلَّ مَنْ نُقِلَتْ إلَيْهِ رُؤْيَةُ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْمُسْتَفِيضَةِ مِنْ أَهْلِ سَائِرِ الْبِلَادِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا لَا جِدًّا ابْنُ عَرَفَةَ وَاجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ رُؤْيَةِ مَا بَعُدَ كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ مُوَافِقًا فِي الْمَطَالِعِ أَوْ مُخَالِفًا ( إنْ نُقِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِ ) أَحَدِ ( هِمَا ) أَيْ : الْعَدْلَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةِ ( عَنْ ) رُؤْيَةِ وَاحِدٍ مِنْ ( هُمَا ) أَيْ الْعَدْلَيْنِ وَالْمُسْتَفِيضَةِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ : مُسْتَفِيضَةٌ عَنْ مِثْلِهَا أَوْ عَنْ عَدْلَيْنِ وَعَدْلَانِ عَنْ مِثْلِهِمَا أَوْ عَنْ مُسْتَفِيضَةٍ وَشَرْطُ صِحَّةِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ أَنْ يَنْقُلَ كُلَّ وَاحِدٍ أَصْلِيٍّ اثْنَانِ لَيْسَ أَحَدُهُمْ أَصْلِيًّا ، وَلَوْ كَانَا نَاقِلَيْنِ عَنْ الْآخَرِ أَوْ عَنْ الِاثْنَيْنِ مُجْتَمِعَيْنِ اثْنَانِ فَلَا يَكْفِي نَقْلُ وَاحِدٍ عَنْ وَاحِدٍ وَسَوَاءٌ ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ الْمَنْقُولَةُ عِنْدَ حَاكِمٍ عَامٍّ أَوْ خَاصٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَعُمُّ مَنْ فِي وِلَايَتِهِ خَاصَّةً ، أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَحَصَلَ النَّقْلُ عَنْ الْعَدْلَيْنِ أَوْ الْمُسْتَفِيضَةِ ، وَأَمَّا نَقْلُ الْحُكْمِ بِثُبُوتِ الْهِلَالِ فَيَعُمُّ .
وَلَوْ كَانَ النَّاقِلُ وَاحِدًا عَلَى الرَّاجِحِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ صُوَرَ النَّقْلِ سِتَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ إمَّا عَنْ رُؤْيَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عَنْ رُؤْيَةِ مُسْتَفِيضَةٍ أَوْ عَنْ حُكْمٍ .
وَالنَّاقِلُ فِي كُلٍّ إمَّا عَدْلَانِ أَوْ مُسْتَفِيضَةٌ وَكُلُّهَا تَعُمُّ ، وَشَمِلَهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَمَّ إنْ نُقِلَ بِهِمَا عَنْهُمَا يُفْهَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى الْعُمُومُ إنْ نَقَلَ بِهِمَا

عَنْ الْحُكْمِ ، وَأَمَّا الْعَدْلُ فَإِنْ نَقَلَ رُؤْيَةَ عَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ نَقْلُهُ ، وَإِنْ نَقَلَ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ أَوْ نَقَلَ رُؤْيَةَ الْمُسْتَفِيضَةِ اُعْتُبِرَ نَقْلُهُ فَيَعُمُّ ، فَتَعَدُّدُ النَّاقِلِ شَرْطٌ فِي نَقْلِ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ لَا فِي نَقْلِ رُؤْيَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ وَلَا فِي نَقْلِ الْحُكْمِ .
وَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَشْمَلُ مُجَرَّدَ الثُّبُوتِ .
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ عَنْ الْمَذْهَبِ نَقْلٌ ثَبَّتَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاسْتِفَاضَةِ بِأَحَدِهِمَا لِمَحَلٍّ كَثَبَّتَهُ بِهِ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ عِنْدَ حَاكِمٍ غَيْرِ الْخَلِيفَةِ خَصَّ مَنْ تَحْتَ طَاعَتِهِ أَبُو عُمَرَ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ ، وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ .
وَأَجْمَعُوا عَلَى عَدَمِ لُحُوقِ حُكْمِ رُؤْيَةِ مَا بَعُدَ كَالْأَنْدَلُسِ مِنْ خُرَاسَانَ .
ابْنُ حَارِثٍ ابْنُ الْمَاجِشُونِ رُوِيَ مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ خَصَّ مَا قَرُبَ مِنْ مَحَلِّهَا .
الْمَازِرِيُّ فِي لُزُومِ مَا ثَبَتَ بِمَدِينَةِ أَهْلِ مَدِينَةٍ أُخْرَى قَوْلَانِ .
قُلْت : ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ حَارِثٍ وَلَوْ ثَبَتَ بِمَوْضِعِ الْخَلِيفَةِ وَالْمَازِرِيُّ ، وَلَوْ ثَبَتَ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَنَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ كَظَاهِرِ لَفْظِ الْمَازِرِيِّ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْخَلِيفَة لَزِمَ سَائِرُ عَمَلِهِ اتِّفَاقًا .
وَقَالَ عِيَاضٌ : إنَّمَا الْخِلَافُ إذَا نُقِلَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِالِاسْتِفَاضَةِ ، وَفِي نَقْلٍ ثَبَّتَهُ بِخَبَرٍ وَاحِدٍ قَوْلَا الشَّيْخِ مَنْ نَقَلَهُ عَنْ ابْنُ مُيَسِّرٍ وَأَبِي عِمْرَانَ قَائِلًا إنَّمَا قَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ فِيمَنْ بُعِثَ لِذَلِكَ وَلَيْسَ كَنَقْلِ الرَّجُلِ لِأَهْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ الْقَائِمُ عَلَيْهِمْ ، وَصَوَّبَ ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّقَلِّيُّ قَوْلَ الشَّيْخِ وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَقْلِهِ لِأَهْلِهِ ، وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ وَالْبَاجِيِّ غَيْرَهُ وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ فِي نَقْلِهِ لِأَهْلِهِ لَا أَعْرِفُهُ .
( لَا ) يَثْبُتُ رَمَضَانُ ( بِ ) رُؤْيَةِ عَدْلٍ ( مُنْفَرِدٍ ) بِرُؤْيَةِ هِلَالِهِ وَلَوْ خَلِيفَةً

أَوْ قَاضِيًا أَوْ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَذْهَبُ لَغْوٌ رُؤْيَةُ الْعَدْلِ لِغَيْرِهِ سَحْنُونٌ وَلَوْ كَانَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا ( إلَّا كَأَهْلِهِ ) أَيْ : الْمُنْفَرِدِ بِهَا .
( وَمَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بِأَمْرِهِ ) أَيْ : الْهِلَالِ سَوَاءٌ كَانُوا أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُمْ فَيَثْبُتُ بِرُؤْيَتِهِ فِي حَقِّهِمْ إنْ كَانَ عَدْلَ شَهَادَةٍ بَلْ وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُ وَوَثِقَتْ أَنْفُسُ غَيْرِ الْمُعْتَنِينَ بِخَبَرِهِ وَاعْتَرَضَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِاقْتِضَائِهِ ثُبُوتَهُ لِلْأَهْلِ وَلَوْ اعْتَنَوْا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمُنْفَرِدُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ رُؤْيَتُهُ لِغَيْرِ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا دُونَ الْمُعْتَنِي مُطْلَقًا ، فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ كَأَهْلِهِ وَالْعَاطِفَ وَقَالَ : إلَّا مِنْ الِاعْتِنَاءِ لَهُمْ لَطَابَقَ الرَّاجِحَ وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا بِمُنْفَرِدٍ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ بِهِمَا ؛ لِأَنَّ نَقْلَ الْوَاحِدِ عَنْ الِاسْتِفَاضَةِ أَوْ ثُبُوتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِعَدْلَيْنِ مُعْتَبَرٌ فَيَعُمُّ وَلَوْ بِمَحَلٍّ مُعْتَنًى فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِأَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ ، بِخِلَافِ نَقْلِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ الْعَدْلَيْنِ فَلَا يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُرْسَلَ لِيَكْشِفَ الْخَبَرَ فَيَكُونَ كَالْوَكِيلِ سَمَاعُهُ كَسَمَاعِ الْمُرْسَلِينَ لَهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ الصَّوْمُ بِنَقْلِهِ .

وَعَلَى عَدْلٍ أَوْ مَرْجُوٍّ : رَفْعُ رُؤْيَتِهِ وَالْمُخْتَارُ ، وَغَيْرِهِمَا ، وَإِنْ أَفْطَرُوا فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ، إلَّا بِتَأْوِيلِ : فَتَأْوِيلَانِ لَا بِمُنَجِّمٍ

وَعَلَى عَدْلٍ ) رَأَى الْهِلَالَ ( أَوْ مَرْجُوٍّ ) قَبُولُهُ وَهُوَ مَسْتُورُ الْحَالِ ( رَفْعُ رُؤْيَتِهِ ) لِلْحَاكِمِ وُجُوبًا بِإِخْبَارِهِ بِرُؤْيَتِهِ الْهِلَالَ ، وَلَوْ عَلِمَ الْمَرْجُوُّ جُرْحَةَ نَفْسِهِ ( وَالْمُخْتَارُ ) اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وُجُوبُ رَفْعِ الْعَدْلِ وَالْمَرْجُوِّ ( وَغَيْرِهِمَا ) وَهُوَ الْفَاسِقُ الْمَكْشُوفُ حَالُهُ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، لَكِنْ اللَّخْمِيُّ لَمْ يَخْتَرْهُ .
وَإِنَّمَا اخْتَارَ قَوْلَ أَشْهَبَ بِنَدْبِهِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ عَلَى فِي كَلَامِهِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ الصَّادِقِ بِالْوُجُوبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلَيْنِ وَالنَّدْبِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرِ .
( وَإِنْ أَفْطَرُوا ) أَيْ : الْعَدْلُ وَالْمَرْجُوُّ وَالْمَكْشُوفُ الْمُنْفَرِدُونَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ ( فَالْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ ) وَاجِبَانِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ لِوُجُوبِ الصِّيَامِ عَلَيْهِمْ اتِّفَاقًا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ فِطْرِهِمْ ( بِتَأْوِيلٍ ) مِنْهُمْ أَيْ : اعْتِقَادِهِمْ عَدَمَ وُجُوبِ الصَّوْمِ عَلَيْهِمْ كَغَيْرِهِ لِجَهْلِهِمْ ( فَتَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِمْ وَعَدَمِهِ سَبَبَهُمَا .
الِاخْتِلَافُ فِي كَوْنِهِ تَأْوِيلًا قَرِيبًا لِاسْتِنَادِهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ بَعِيدًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الْعِيَانِ بَيَانٌ .
وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا فَالْمُنَاسِبُ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ .
فَإِنْ رَفَعُوا لَهُ فَرَدَّهُمْ فَأَفْطَرُوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ اتِّفَاقًا .
وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ كِرَاءٍ وَلَمْ يُقْبَلْ ؛ لِأَنَّ تَجَاسُرَهُ عَلَى الرَّفْعِ لَهُ الْمُسْتَصْعَبِ عَادَةً غَالِبًا دَلَّ عَلَى تَحَقُّقِهِ رُؤْيَةَ الْهِلَالِ وَأَبْعَدَ تَأْوِيلَهُ ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ فَعَدَمُ رَفْعِهِ دَلَّ عَلَى عَدَمِ تَحَقُّقِهِ الرُّؤْيَةَ ، فَلَا يُقَالُ مَنْ رَفَعَ أَوْلَى بِقُرْبِ التَّأْوِيلِ لِاسْتِنَادِهِ لِرَدِّ الْحَاكِمِ وَإِنْ أَفْطَرَ مَنْ لَا اعْتِنَاءَ لَهُمْ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمُنْفَرِدِ فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّهُ فِي حَقِّهِمْ

كَعَدْلَيْنِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ .
( لَا ) يَثْبُتُ رَمَضَانُ ( بِ ) حِسَابِ ( مُنَجِّمٍ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَحَقِّ نَفْسِهِ ، وَلَوْ وَقَعَ فِي الْقَلْبِ صِدْقُهُ لِأَمْرِ الشَّارِعِ بِتَكْذِيبِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يَحْسِبُ قَوْسَ الْهِلَالِ وَنُورَهُ .
وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يَرَى أَنَّ أَوَّلَ الشَّهْرِ طُلُوعُ نَجْمٍ مَعْلُومٍ ، وَالْحَاسِبُ الَّذِي يَحْسِبُ سَيْرُ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَعَلَى كُلٍّ لَا يَصُومُ أَحَدٌ بِقَوْلِهِ وَلَا يَعْتَمِدُ هُوَ فِي نَفْسِهِ عَلَى ذَلِكَ وَحَرُمَ تَصْدِيقُ مُنَجِّمٍ وَيُقْتَلُ إنْ اعْتَقَدَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا الْفَاعِلَةُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ إنْ أَسَرَّهُ ، فَإِنْ أَظْهَرَ .
وَبَرْهَنَ عَلَيْهِ فَمُرْتَدٌّ فَيُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ تَأْثِيرَهَا وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْفَاعِلَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَعَلَهُمَا أَمَارَةً عَلَى مَا يَحْدُثُ فِي الْعَالَمِ فَمُؤْمِنٌ عَاصٍ .
عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يُزْجَرُ عَنْ اعْتِقَادِهِ وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ وَيَحْرُمُ تَصْدِيقُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إلَّا اللَّهُ } وَلِخَبَرِهِ { مَنْ صَدَّقَ كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا أَوْ مُنَجِّمًا فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَغَيْرُ عَاصٍ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ إذَا أَسْنَدَ ذَلِكَ لِعَادَةٍ أَجْرَاهَا اللَّهُ تَعَالَى لِحَدِيثِ { إذَا أَنْشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ غُدَيْقَةٌ } ، وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ وَهُوَ { أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِي ، فَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللَّهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ ، وَاَلَّذِي قَالَ مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا فَهُوَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ } فَهُوَ فِيمَنْ نَسَبَ الْفِعْلَ لِلنَّوْءِ بِهَذَا جَمَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَيْنَهُمَا .
.

وَلَا يُفْطِرُ مُنْفَرِدٌ بِشَوَّالٍ وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ ، إلَّا بِمُبِيحٍ ، وَفِي تَلْفِيقِ شَاهِدٍ أَوَلَهُ ، لِآخَرَ آخِرَهُ

( وَلَا يُفْطِرُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ شَخْصٌ ( مُنْفَرِدٌ بِ ) رُؤْيَةِ هِلَالِ ( شَوَّالٍ ) إنْ خَافَ ظُهُورَ فِطْرِهِ لِلنَّاسِ بَلْ ( وَلَوْ أَمِنَ الظُّهُورَ ) أَيْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ظُهُورِ فِطْرِهِ لِلنَّاسِ خَوْفًا مِنْ تَخَلُّفِ تَحَقُّقِهِ وَظُهُورِ أَمْرِهِ فَيُفَسَّقُ وَيُؤَدَّبُ وَحِفْظُ الْعِرْضِ وَاجِبٌ كَالنَّفْسِ ، وَيَجِبُ فِطْرُهُ بِالنِّيَّةِ وَلَا يُخْبِرُ بِهِ أَحَدًا ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ عِيدٍ .
فَإِنْ أَفْطَرَ ظَاهِرًا وُعِظَ وَشُدِّدَ عَلَيْهِ فِيهِ إنْ كَانَ ظَاهِرًا لِصَلَاحٍ وَإِلَّا أُدِّبَ ، وَيَحْرُمُ فِطْرُ الْمُنْفَرِدِ ظَاهِرًا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) حَالَ كَوْنِهِ مُتَلَبِّسًا ( بِ ) أَمْرٍ ( مُبِيحٍ ) لِلْفِطْرِ فِي الظَّاهِرِ كَسَفَرٍ وَمَرَضٍ وَحَيْضٍ فَلَا يَحْرُمُ فِطْرُهُ ظَاهِرًا لِأَمْنِهِ عَلَى عِرْضِهِ بِمُلَابَسَةِ مُبِيحِهِ .
( وَفِي تَلْفِيقِ ) شَهَادَةِ ( شَاهِدٍ ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ ( أَوَّلَهُ ) أَيْ : رَمَضَانَ وَلَمْ يُثْبِتْهُ بِهِ لَا لِانْفِرَادِهِ ( لِ ) شَهَادَةِ شَاهِدٍ ( آخَر ) شَهِدَ بِرُؤْيَةِ هِلَالِ شَوَّالٍ ( آخِرَهُ ) أَيْ : رَمَضَانَ فَكَانَ الْأَوَّلُ شَهِدَ آخِرَهُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الثَّانِي ، وَكَانَ الثَّانِي شَهِدَ أَوَّلَهُ بِمَا شَهِدَ بِهِ الْأَوَّلُ ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ الرُّؤْيَتَيْنِ ثَلَاثُونَ يَوْمًا وَجَبَ الْفِطْرُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَمَامِ الشَّهْرِ ، وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ لِاحْتِمَالِ نَقْصِهِ عَلَى رُؤْيَةِ الثَّانِي ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَجَبَ قَضَاءُ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي لَمْ يُصَمْ بِرُؤْيَةِ الْمُنْفَرِدِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ، وَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ لِعَدَمِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى تَمَامِ الشَّهْرِ لِاحْتِمَالِ كَمَالِهِ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ التَّلْفِيقِ وَهُوَ الرَّاجِحُ .
فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا ثَلَاثُونَ يَوْمًا فَلَا يَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ قَضَاءُ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا فَكَذَلِكَ

بِالْأَوْلَى .

وَلُزُومِهِ بِحُكْمِ الْمُخَالِفِ بِشَاهِدٍ : تَرَدُّدٌ .
( وَ ) فِي ( لُزُومِهِ ) أَيْ وُجُوبِ صَوْمِ الْمَالِكِيِّ ( بِحُكْمِ ) الْحَاكِمِ ( الْمُخَالِفِ ) لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ كَشَافِعِيٍّ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ ( بِشَاهِدٍ ) وَاحِدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ وَهِيَ الْعِبَادَةُ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَعَدَمُ لُزُومِهِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَهُ الْقَرَافِيُّ .
وَقَالَ النَّاصِرُ يَدْخُلُهَا تَبَعًا لَا اسْتِقْلَالًا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا صَامَ الْمَالِكِيُّ وَالنَّاسُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَمْ يُرَ الْهِلَالُ وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَحَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِالْفِطْرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَالِكِيِّ ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ مِنْ الْعِبَادَةِ أَشَدُّ مِنْ الدُّخُولِ فِيهَا قَالَهُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ فِي الْفَرْعَيْنِ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ .

وَرُؤْيَتُهُ نَهَارًا لِلْقَابِلَةِ ، وَإِنْ ثَبَتَ نَهَارًا أَمْسَكَ ، وَإِلَّا كَفَّرَ إنْ انْتَهَكَ .
( وَرُؤْيَتُهُ ) أَيْ : الْهِلَالِ ( نَهَارًا ) وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ ( لِ ) لَيْلَةٍ لِ ( لْقَابِلَةِ ) فَيَسْتَمِرُّ مُفْطِرًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ شَعْبَانَ وَصَائِمًا إنْ كَانَ فِي آخِرِ رَمَضَانَ .
وَقِيلَ إنْ رُئِيَ قَبْلَهُ فَلِلْمَاضِيَةِ ، وَإِنْ رُئِيَ بَعْدَهُ فَلِلْقَابِلَةِ ( وَإِنْ ثَبَتَ ) رَمَضَانُ ( نَهَارًا ) بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ ( أَمْسَكَ ) الْمُكَلَّفُ بِالصِّيَامِ وُجُوبًا عَنْ جَمِيعِ الْمُفْطِرَاتِ ، وَلَوْ تَقَدَّمَ لَهُ فِطْرٌ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَقَضَاهُ وُجُوبًا ، وَلَوْ صَامَهُ بِنِيَّةٍ لِعَدَمِ جَزْمِهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُمْسِك ( كَفَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى ( إنْ انْتَهَكَ ) الْحُرْمَةَ ، أَيْ : قَدِمَ عَلَيْهَا عَالِمًا بِهَا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِكْهَا كَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِيهِ ، فَيُضَمُّ إلَى صُوَرِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ الْآتِيَةِ .
وَكَذَا الْمُفْطِرُ ذَاهِلًا عَنْ الْحُرْمَةِ وَالتَّأْوِيلِ لِنِسْيَانِهِ .

وَإِنْ غَيَّمَتْ وَلَمْ يُرَ فَصَبِيحَتُهُ يَوْمَ الشَّكِّ .
( وَإِنْ غَيَّمَتْ ) السَّمَاءُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( وَلَمْ يُرَ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ أَيْ الْهِلَالُ لَيْلَةَ ثَلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ ( فَصَبِيحَتُهُ ) أَيْ الْغَيْمِ ( يَوْمَ الشَّكِّ ) الَّذِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِهِ وَهَذَا مِنْ تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ أَوْ مِنْ حَذْفِ الْمُضَافِ ، أَيْ : صَبِيحَةُ يَوْمِ الشَّكِّ .
وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الشَّهْرُ تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ .
فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ } .
دَلَّ عَلَى أَنَّ صَبِيحَةَ الْغَيْمِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا قَالَ فَالْوَجْهُ أَنَّ يَوْمَ الشَّكِّ صَبِيحَةَ لَيْلَةٍ مُصْحِيَةٍ تَحَدَّثَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ فِيهَا مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ، كَنِسَاءٍ وَعَبِيدٍ وَصِبْيَانٍ وَفَاسِقٍ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَا يُعْتَبَرُ حَدِيثُهُ وَصَبِيحَةُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ مِنْ شَعْبَانَ جَزْمًا أَيْضًا ، فَالْوُرُودُ مُشْتَرَكٌ فَلَا وَجْهَ لِاعْتِبَارِهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَدَمِهِ فِي الثَّانِي ، وَالْإِنْصَافُ أَنَّ الشَّكَّ لَازِمٌ فِيهِمَا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَكْمِيلِ شَعْبَانَ بِصَبِيحَةِ الْغَيْمِ فِي الظَّاهِرِ رِفْقًا بِالْأُمَّةِ وَتَخْفِيفًا كَوْنُهُ مِنْهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْهِلَالِ وَسَتَرَهُ الْغَيْمُ ، وَلَا مِنْ رَدِّ شَهَادَةِ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي الظَّاهِرِ كَذِبُهُ فِي الْوَاقِعِ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ فِيهِ .

وَصِيمَ : عَادَةً وَتَطَوُّعًا ، وَقَضَاءً وَكَفَّارَةً ، وَلِنَذْرٍ صَادَفَ ، لَا احْتِيَاطًا .

( وَصِيمَ ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : أُذِنَ فِي صَوْمِهِ لِمَنْ اتَّخَذَ الصَّوْمَ ( عَادَةً ) فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا وَفِي بَعْضِهَا كَالِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ( وَ ) أُذِنَ فِيهِ ( تَطَوُّعًا ) بِلَا عَادَةٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَذَا الَّذِي أَدْرَكْت عَلَيْهِ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْمَدِينَةِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ يُكْرَهُ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا ( وَ ) صِيمَ ( قَضَاءً ) عَنْ يَوْمِ رَمَضَانَ السَّابِقِ ( وَ ) صِيمَ ( كَفَّارَةً ) عَنْ يَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرٍ فِي رَمَضَانَ .
وَكَذَا فِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَنَذْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ .
( وَ ) صِيمَ ( لِنَذْرٍ ) مُعَيَّنٍ ( صَادَفَ ) يَوْمَ الشَّكِّ كَنَذْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ أَوْ يَوْمِ قُدُومِ زَيْدٍ وَأَجْزَأهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ، وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، فَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ يَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْفَائِتِ وَيَوْمٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ ، وَلَا يَقْضِي النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ لِفَوَاتِ وَقْتِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ صَادَفَ ، إذْ مِثْلُهُ نَذَرَ صَوْمِهِ مُعَيَّنًا نَحْوَ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ يَوْمِ الشَّكِّ ، فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ يُصَامُ تَطَوُّعًا وَالْمَنْدُوبُ يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ ( لَا ) يُصَامُ يَوْمَ الشَّكِّ ( احْتِيَاطًا ) لِرَمَضَانَ ، فَإِنْ كَانَ مِنْهُ اجْتَزَى بِهِ وَإِلَّا كَانَ تَطَوُّعًا أَيْ : يُكْرَهُ عَلَى الرَّاجِحِ .
وَقِيلَ يَحْرُمُ وَهُوَ ظَاهِرُ خَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَتَطَوُّعًا جَوَازُ الصَّوْمِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ عَلَى انْفِرَادِهِ .
وَحَدِيثُ { لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ إلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا فَلْيَصُمْهُ } .
قَالَ عِيَاضٌ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَرِّي التَّقْدِيمِ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ وَقَدْ اُسْتُفِيدَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ إلَّا رَجُلٌ إلَخْ .

وَنُدِبَ إمْسَاكُهُ لِيَتَحَقَّقَ .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إمْسَاكُهُ ) أَيْ : الْإِمْسَاكُ عَنْ الْمُفْطِرِ فِي يَوْمِ الشَّكِّ بِقَدْرِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالثُّبُوتِ فِيهِ مِنْ الْمَارِّينَ وَالْمُسَافِرِينَ ، وَذَلِكَ بِارْتِفَاعِ الشَّمْسِ إلَى نِصْفِ قَوْسِ الزَّوَالِ ( لِيُتَحَقَّقَ ) الْحَالُ مِنْ صِيَامٍ أَوْ إفْطَارٍ .

لَا لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ زَوَالِ عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ : كَمُضْطَرٍّ ؛ فَلِقَادِمٍ وَطْءُ زَوْجَةٍ طَهُرَتْ .

( لَا ) يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ فِيهِ زِيَادَةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ ( لِتَزْكِيَةِ شَاهِدَيْنِ ) بِهِ احْتَاجَا لَهَا وَفِيهَا طُولٌ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَرِيبًا فَاسْتِحْبَابُ الْإِمْسَاكِ مُتَعَيَّنٌ قَالَهُ الْحَطَّابُ ، وَهُوَ آكَدُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْفَرْعِ السَّابِقِ .
وَإِذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالرُّؤْيَةِ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا وَالسَّمَاءُ مُصْحِيَةٌ وَأُخِّرَتْ التَّزْكِيَةُ لِلنَّهَارِ فَلَا إمْسَاكَ أَصْلًا ، وَلَا يَجِبُ تَبْيِيتُ الصَّوْمِ .
وَإِنْ كَانَتْ السَّمَاءُ مُغَيِّمَةً وَأُخِّرَتْ لَهُ فَالْمَنْفِيُّ إنَّمَا هُوَ الْإِمْسَاكُ وَالزَّائِدُ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ الْأَمْرُ .
وَإِنْ زُكِّيَا بَعْدَ ذَلِكَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْإِمْسَاكِ وَالْقَضَاءِ .
وَإِنْ كَانَتْ فِي الْفِطْرِ بِأَنْ رَأَيَا هِلَالَ شَوَّالٍ وَاحْتَاجَا لِلتَّزْكِيَةِ فَصَامَ النَّاسُ ثُمَّ زُكِّيَا فَلَا إثْمَ عَلَيْهِمْ فِي صِيَامِهِمْ .
وَعَطَفَ عَلَى تَزْكِيَةٍ فَقَالَ ( أَوْ زَوَالِ ) أَيْ : لَا يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ لِزَوَالِ ( عُذْرٍ مُبَاحٍ لَهُ ) أَيْ : لِأَجْلِ الْعُذْرِ ( الْفِطْرُ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ كَ ) شَخْصٍ ( مُضْطَرٍّ ) لِفِطْرٍ فِي رَمَضَانَ مِنْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ فَأَفْطَرَ وَكَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ طَهُرَتَا نَهَارًا وَمَرِيضٍ صَحَّ نَهَارًا وَمُرْضِعٍ مَاتَ وَلَدُهَا ، وَمُسَافِرٍ قَدِمَ ، وَمَجْنُونٍ أَفَاقَ ، وَصَبِيٍّ بَلَغَ نَهَارًا ، فَلَا يُنْدَبُ الْإِمْسَاكُ مِنْهُمْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِرَمَضَانَ عَنْ النَّاسِي وَالْمُفْطِرِ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ فَيَجِبُ عَلَيْهِمَا الْإِمْسَاكُ كَصَبِيٍّ بَيَّتَ الصَّوْمَ وَاسْتَمَرَّ صَائِمًا إلَى بُلُوغِهِ .
وَأَوْرَدَ عَلَى مَنْطُوقِهِ الْمُكْرَهَ عَلَى الْفِطْرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ ، وَعَلَى مَفْهُومِهِ الْمَجْنُونُ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ إذَا أَفَاقَ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِرَمَضَانَ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ فِعْلَهُمَا قَبْلَ زَوَالِ الْعُذْرِ لَا يَتَّصِفُ بِإِبَاحَةٍ وَلَا غَيْرِهَا لِارْتِفَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُمَا ، فَلَمْ يَدْخُلَا فِي كَلَامِهِ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ

.
( فَلِقَادِمٍ ) مِنْ سَفَرِهِ نَهَارًا مُفْطِرًا ( وَطْءُ زَوْجَةٍ ) أَوْ أَمَةٍ ( طَهُرَتْ ) مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ نَهَارًا أَوْ كَانَتْ صَبِيَّةً أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجْنُونَةً أَوْ قَادِمَةً مِنْ سَفَرٍ مُفْطِرَةً .

وَكَفُّ لِسَانٍ وَتَعْجِيلُ فِطْرٍ وَتَأْخِيرُ سُحُورٍ
( وَ ) نُدِبَ ( كَفُّ لِسَانٍ ) عَنْ فُضُولِ الْكَلَامِ ، وَأَمَّا عَنْ الْمُحَرَّمِ فَيَجِبُ فِي غَيْرِ رَمَضَانَ أَيْضًا وَيَتَأَكَّدُ الْوَاجِبُ وَالْمَنْدُوبُ فِي رَمَضَانَ ( وَ ) نُدِبَ ( تَعْجِيلُ فِطْرٍ ) مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ بَعْدَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ .
وَنُدِبَ كَوْنُهُ عَلَى رُطَبٍ فَتَمْرٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَعَلَى الْمَاءِ ، وَكَوْنُ مَا ذُكِرَ وِتْرًا .
وَأَنْ يَقُولَ { اللَّهُمَّ لَك صُمْت ، وَعَلَى رِزْقِك أَفْطَرْت فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْت وَمَا أَخَّرْت ، ذَهَبَ الظَّمَأُ ، وَابْتَلَّتْ الْعُرُوقُ ، وَثَبَتَ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى } .
( وَ ) نُدِبَ ( تَأْخِيرُ سُحُورٍ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْأَكْلُ آخِرَ اللَّيْلِ وَبِفَتْحِهَا مَا يُؤَكِّدُ آخِرَهُ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْأَوَّلُ لِقَرْنِهِ بِالْفِطْرِ .
وَلِأَنَّهُ الْمَوْصُوفُ بِالتَّأْخِيرِ لِلثُّلُثِ الْأَخِيرِ مَعَ اللَّيْلِ ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَقَدْ وَرَدَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَخِّرُهُ حَتَّى يَبْقَى بَيْنَ فَرَاغِهِ مِنْهُ وَبَيْنَ الْفَجْرِ قَدْرُ قِرَاءَةِ خَمْسِينَ آيَةً } ، فَالْأَكْلُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ لَيْسَ سُحُورًا وَهُوَ مَنْدُوبٌ لِخَبَرِ { فَصْلِ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ صِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، أَكْلَةُ السَّحَرِ } ، وَخَبَرِ { تَسَحَّرُوا وَلَوْ بِجُرْعَةِ مَاءٍ } .
وَأَشْعَرَ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ بِنَدْبِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَسُحُورٌ وَتَأْخِيرُهُ .

وَصَوْمٌ بِسَفَرٍ ، وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ بَعْدَ الْفَجْرِ .
( وَ ) نُدِبَ ( صَوْمٌ ) لِرَمَضَانَ ( بِسَفَرٍ ) مُبِيحٍ لِلْفِطْرِ لِمَنْ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ } وَيُكْرَهُ فِطْرُهُ وَقَصْرُ الصَّلَاةِ فِيهِ سَنَةً لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِهِ وَعَدَمِ بَرَاءَتِهَا بِالْفِطْرِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ } مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ إنْ عَلِمَ دُخُولَهُ آخِرَ النَّهَارِ أَوْ وَسَطَهُ بَلْ ( وَإِنْ عَلِمَ دُخُولَهُ ) مَحَلًّا يَنْقَطِعُ حُكْمُ سَفَرِهِ بِدُخُولِهِ ( بَعْدَ ) أَيْ عَقِبَ ( الْفَجْرِ ) وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ تَوَهُّمَ وُجُوبِ صَوْمِهِ حِينَئِذٍ لِعَدَمِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ .

وَصَوْمُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَحُجَّ ، وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ وَعَاشُورَاءَ وَتَاسُوعَاءَ ، وَالْمُحَرَّمِ ، وَرَجَبٍ ، وَشَعْبَانَ ، وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ لِمَنْ أَسْلَمَ وَقَضَاؤُهُ .

( وَ ) نُدِبَ ( صَوْمُ ) يَوْمِ ( عَرَفَةَ ) وَهُوَ تَاسِعُ الْحِجَّةِ لِحَدِيثِ { صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ ، سَنَةً مَاضِيَةً ، وَسَنَةً مُسْتَقْبَلَةً } .
وَصَوْمُ الْيَوْمِ الثَّامِنِ وَرَدَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرًا ( إنْ لَمْ يَحُجَّ ) وَيُكْرَهُ صَوْمُهَا لِلْحَاجِّ وَيَتَأَكَّدُ نَدْبُ فِطْرِهِمَا لَهُ لِلتَّقَوِّي عَلَى الْمَنَاسِكِ ، وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْطَرَهُمَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ } .
( وَ ) نُدِبَ صَوْمُ بَاقِي غَالِبِ ( عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ) أَوْ سُمِّيَ التِّسْعَةَ عَشْرَةَ تَسْمِيَةً لِلْجُزْءِ بِاسْمِ كُلِّهِ .
وَنُدِبَ هَذَا وَلَوْ لِحَاجٍّ ، وَهَلْ كُلُّ يَوْمٍ مِنْ بَاقِي التِّسْعَةِ يُكَفِّرُ سَنَةً أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ شَهْرًا خِلَافٌ ( وَ ) نُدِبَ صَوْمُ ( عَاشُورَاءَ ) أَيْ : عَاشِرِ الْمُحَرَّمِ ( وَ ) نُدِبَ صَوْمُ ( تَاسُوعَاءَ ) أَيْ : تَاسِعِ الْمُحَرَّمِ بِالْمَدِّ فِيهِمَا وَقُدِّمَ عَاشُورَاءُ ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ ، وَلِأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً وَنُدِبَ تَوْسِعَةً فِيهِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ وَالْيَتَامَى بِالْمَعْرُوفِ ، وَصَلَاةُ النَّفْلِ وَزِيَارَةُ عَالِمٍ وَغَسْلٌ وَمَسْحُ رَأْسِ يَتِيمٍ وَالصَّدَقَةُ وَالِاكْتِحَالُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ وَقِرَاءَةُ صُورَةِ الْإِخْلَاصِ أَلْفَ مَرَّةٍ .
وَ ) نُدِبَ صَوْمُ بَاقِي ( الْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ ) الْحَطّ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لَمْ يَرِدْ فِي صِيَامِ رَجَبٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ يَصْلُحُ لِلْحُجَّةِ .
فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمُحَرَّمِ ( وَشَعْبَانَ ) لَوَافَقَ الْمَنْصُوصَ ثُمَّ قَالَ : وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأَشْهُرِ الْمُرَغَّبِ فِيهَا شَوَّالًا وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، لَكِنْ رَأَيْت فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ حَدِيثًا نَصُّهُ { مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَشَوَّالًا وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ دَخَلَ الْجَنَّةَ } ( وَ ) نُدِبَ ( إمْسَاكُ بَقِيَّةِ الْيَوْمِ ) مِنْ رَمَضَانَ ( لِمَنْ ) كَانَ كَافِرًا وَ ( أَسْلَمَ ) فِيهِ لِتَظْهَرَ عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْإِسْلَامِ بِسُرْعَةٍ وَلَمْ يَجِبْ

تَأْلِيفًا لَهُ لِلْإِسْلَامِ ( وَ ) نُدِبَ ( قَضَاؤُهُ ) أَيْ : الْيَوْمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَلَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ .

وَتَعْجِيلُ الْقَضَاءِ ، وَتَتَابُعُهُ : كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ ، وَبَدْءٌ بِكَصَوْمِ تَمَتُّعٍ ، إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَعْجِيلُ الْقَضَاءِ ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ مُبَادَرَةً لِلطَّاعَةِ وَإِبْرَاءً لِلذِّمَّةِ ( وَ ) نُدِبَ ( تَتَابُعُهُ ) أَيْ الْقَضَاءِ وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ التَّتَابُعِ فَقَالَ ( كَكُلِّ صَوْمٍ لَمْ يَلْزَمْ تَتَابُعُهُ ) كَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَتَمَتُّعٍ وَصِيَامِ جَزَاءٍ وَثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ ( وَ ) نُدِبَ ( بَدْءٌ بِكُصُومِ تَمَتُّعٍ ) وَقِرَانٍ وَنَقْصٍ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ عَلَى قَضَاءِ مَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ إذَا اجْتَمَعَا عَلَى مُكَلَّفٍ لِجَوَازِ تَأْخِيرِ الْقَضَاءِ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْ شَعْبَانَ بِقَدْرِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ ، وَالْهَدْيُ وَالْكَفَّارَةُ .
وَاجِبٌ مُطْلَقٌ ، وَإِذَا اجْتَمَعَا فَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُطْلَقِ وَلِيَصِلَ السَّبْعَةُ الَّتِي بَعْدَ الرُّجُوعِ بِالثَّلَاثَةِ الَّتِي فِي الْحَجِّ إنْ كَانَ صَامَهَا فِيهِ ( إنْ لَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ ) عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ وَالْأَوْجَبُ تَقْدِيمُهُ .
.

وَفِدْيَةٌ لِهَرَمٍ وَعَطَشٍ
( وَ ) نُدِبَ ( فِدْيَةٌ ) أَيْ : إعْطَاءُ مُدٍّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ ( لِ ) شَخْصٍ ( هَرِمٍ وَعَطِشٍ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ فِيهِمَا أَيْ : دَائِمِ الْهَرَمِ وَالْعَطَشِ الشَّدِيدِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامُ مَعَهُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ ، فَيَسْقُطُ عَنْهُ أَدَاءُ الصَّوْمِ وَقَضَاؤُهُ .
وَتُنْدَبُ لَهُ الْفِدْيَةُ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فِي زَمَنٍ آخَر إلَيْهِ وَصَامَ فِيهِ وُجُوبًا ، وَلَا تُنْدَبُ لَهُ الْفِدْيَةُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ : لَا تُنْدَبُ لَهُمَا وَلِلْعَطَشِ الْأَكْلُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُفْطِرَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُضْطَرَّ لِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ لَا يُنْدَبُ إمْسَاكُهُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ .
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارَانِ الْعَطَشُ بِشُرْبٍ إذَا بَلَغَ مِنْهُ الْجِهَادُ وَلَا يَعْدُوهُ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ .

وَصَوْمُ ثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَكُرِهَ الْبِيضُ : كَسِتَّةٍ مِنْ شَوَّالٍ

( وَ ) نُدِبَ ( صَوْمُ ثَلَاثَةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ) سِوَى رَمَضَانَ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ لِخَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثَةٍ لَا أَدَعُهُنَّ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ } .
وَلِخَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُعَيِّنُ } وَكَانَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَصُومُ أَوَّلَ يَوْمٍ وَحَادِيَ عَشَرَ وَحَادِيَ عَشْرَيْهِ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالزَّخِيرَةِ أَوَّلَهُ وَعَاشِرَهُ وَمُتَمِّمَ عَشْرَيْهِ ، وَالْأَوَّلُ أَنْسَبُ يَجْعَلُ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرَةٍ أَمْثَالِهَا .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( كَوْنُهَا ) أَيْ : الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامِ اللَّيَالِي ( الْبِيضُ ) أَيْ : الْمُسْتَنِيرَةُ بِالْقَمَرِ مِنْ غُرُوبِهَا لِفَجْرِهَا وَهِيَ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ وَتَالِيَتَاهَا إذَا قَصَدَ صَوْمَهَا بِعَيْنِهَا فِرَارًا مِنْ التَّحْدِيدِ فِيمَا لَمْ يُحَدِّدْهُ الشَّارِعُ وَمِنْ خَوْفِ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا ، فَإِنْ اتَّفَقَ صَوْمُهَا بِلَا قَصْدِهَا فَلَا كَرَاهَةَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَمَا رَوَى مِنْ صَوْمِهَا مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ وَحَضَّهُ هَارُونُ الرَّشِيدُ عَلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْ بِهِ أَصْحَابُهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَ ) صَوْمِ ( سِتَّةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( مِنْ شَوَّالٍ ) فَيُكْرَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مُتَّصِلَةً بِيَوْمِ الْعِيدِ مُتَتَابِعَةً مُظْهِرَةً مُعْتَقِدًا سُنِّيَّةَ وَصْلِهَا وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ انْتَهَى .
عبق الْعَدَوِيُّ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُقْتَدَى بِهِ وَلَوْ خِيفَ اعْتِقَادُهُ وُجُوبَهُ وَإِنَّهُ إنْ أَخْفَاهُ لَا يُكْرَهُ ، وَلَوْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ الِاتِّصَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا فَالْأَوْلَى أَنْ يُكْرَهَ لِمُقْتَدًى بِهِ وَلِمَنْ يُخَافُ عَلَيْهِ اعْتِقَادُ وُجُوبِهِ إنْ وَصَلَهَا وَتَابَعَهَا وَأَظْهَرَهَا وَلِمَنْ اعْتَقَدَ سُنِّيَّةَ اتِّصَالِهَا .
الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لِمُقْتَدًى بِهِ مَعَ مَا فِي الْحَطّ

عَنْ مُطَرِّفٍ ، إنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَوْمَهَا لِذِي الْجَهْلِ خَوْفًا مِنْ اعْتِقَادِهِ وُجُوبَهَا .
وَحَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { مَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَأَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا } .
فَشَهْرُ رَمَضَانَ بِعَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَسِتَّةُ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ تَمَامُ السَّنَةِ ، مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ اعْتِقَادِ وُجُوبِهَا وَسُنِّيَّةِ اتِّصَالِهَا .
وَمَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ السِّتَّةِ بِكَوْنِهَا مِنْ شَوَّالٍ لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ وَالتَّيْسِيرِ لِسُهُولَةِ الصِّيَامِ فِيهِ بِاعْتِيَادِهِ فِي رَمَضَانَ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ صَوْمَهَا فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ صَوْمِهَا فِي شَوَّالٍ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الْكَرَاهَةِ .

وَذَوْقُ مِلْحٍ وَعِلْكٍ ثُمَّ يَمُجُّهُ .
( وَ ) كُرِهَ لِكُلِّ صَائِمٍ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ( ذَوْقُ مِلْحٍ ) لِطَعَامٍ لِيَنْظُرَ اعْتِدَالَهُ وَلَوْ صَانِعًا مُحْتَاجًا لِذَوْقِهِ وَعَسَلٍ وَخَلٍّ وَنَحْوِهِمَا ( وَ ) كُرِهَ مَضْغُ ( عِلْكٍ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ، أَيْ : مَا يُعْلَكُ مِنْ تَمْرٍ وَحَلْوَى لِصَبِيٍّ مَثَلًا وَلِبَانٍ وَلَوْ لَمْ يَتَحَلَّلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَقَدَّرْنَا عَامِلَ عِلْكٍ مَضَغَ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ ذَوْقٍ عَلَيْهِ .
قِيلَ لَا دَلِيلَ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ فَالْأَوْلَى تَضْمِينُ ذَوْقُ مَعْنَى تَنَاوَلَ لِيَصِحَّ تَسَلُّطُهُ عَلَى الْمَعْطُوفِ عَلَى حَدِّ مَا قِيلَ فِي عَلَفْتهَا تِبْنًا وَمَاءً تَضْمِينُ عَلَفْتهَا مَعْنَى نَاوَلْتهَا ( ثُمَّ يَمُجُّهُ ) أَيْ : الرِّيقَ الَّذِي ذَاقَ بِهِ الْمِلْحَ أَوْ عَلَكَ بِهِ الْعِلْكَ وُجُوبًا فِيمَا يَظْهَرُ ، فَإِنْ أَمْسَكَهُ بِفَمِهِ حَتَّى غَرَبَتْ الشَّمْسُ فَهَلْ يَأْثَمُ ؛ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ بِالصَّوْمِ .
ا هـ .
عبق .
.

وَمُدَاوَاةُ حَفْرٍ زَمَنَهُ إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ
( وَ ) كُرِهَ ( مُدَاوَاةُ حَفْرٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ وَسُكُونِهَا أَيْ : فَسَادُ أُصُولِ الْأَسْنَانِ ، وَصِلَةُ مُدَاوَاةُ ( زَمَنَهُ ) أَيْ نَهَارًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَبْتَلِعْ مِنْهُ شَيْئًا وَإِلَّا قَضَى مُطْلَقًا وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ ( إلَّا لِخَوْفِ ضَرَرٍ ) بِتَأْخِيرِهَا لِلَّيْلِ بِحُدُوثِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ تَأَلُّمٍ بِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَرَضٌ فَلَا تُكْرَهُ ، وَتَجِبُ إنْ خَافَ هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ زَمَنِهِ جَوَازُهَا لَيْلًا ، فَإِنْ وَصَلَ شَيْءٌ إلَى حَلْقِهِ نَهَارًا فَهَلْ يَكُونُ كَهُبُوطِ الْكُحْلِ نَهَارًا أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ هُبُوطَ الْكُحْلِ لَيْسَ مِنْ الْخَارِجِ إلَى الْجَوْفِ بِخِلَافِ دَوَاءِ الْحَفْرِ ا هـ .
عبق وَمِنْ هَذَا غَزْلُ الْكَتَّانِ الْمَعْطُونِ فِي الْمُبِلَّاتِ فَيُكْرَهُ نَهَارًا إنْ أُرِيقَ إلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ ، وَأَمَّا الْمِصْرِيُّ الَّذِي يُعْطَنُ فِي الْبَحْرِ فَيَجُوزُ غَزْلُهُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَحَصَادُ الزَّرْعِ الْمُؤَدِّي لِلْفِطْرِ مَكْرُوهٌ إلَّا لِاضْطِرَارٍ إلَيْهِ وَرَبُّ الزَّرْعِ لَهُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَدَّى إلَى فِطْرِهِ لِاضْطِرَارِهِ لِحِفْظِهِ ا هـ بَرْزَلِيٌّ .

وَنَذْرُ يَوْمٍ مُكَرَّرٍ ، وَمُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ : كَقُبْلَةٍ وَفِكَرٍ ، إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ ، وَإِلَّا حَرُمَتْ

( وَ ) كُرِهَ ( نَذْرُ ) صَوْمِ ( يَوْمٍ مُكَرَّرٍ ) كَكُلِّ خَمِيسٍ وَأَوْلَى أُسْبُوعٌ أَوْ شَهْرٌ أَوْ عَامٌ لِثِقَلِهِ فَيُؤَدِّي لِلْوَفَاءِ بِهِ بِتَكَرُّهٍ أَوْ تَرْكِ الْوَفَاءِ بِهِ .
وَمَفْهُومُ مُكَرَّرٍ أَنَّ نَذْرَ غَيْرِ الْمُكَرَّرِ لَا يُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُكْرَهُ صَوْمُ يَوْمِ مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلْحَاقًا لَهُ بِالْعِيدِ فِي الْجُمْلَةِ وَصَوْمُ ضَيْفٍ بِلَا إذْنِ رَبِّ الْمَنْزِلِ ( وَ ) كُرِهَ ( مُقَدِّمَةُ جِمَاعٍ كَقُبْلَةٍ ) لِلَّذَّةِ لَا لِوَدَاعٍ أَوْ رَحْمَةٍ ( وَفِكْرٍ ) وَنَظَرٍ ظَاهِرُهُ ، وَلَوْ كَانَ الْفِكْرُ وَالنَّظَرُ غَيْرَ مُسْتَدَامَيْنِ .
وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ : كَلَامُهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ وَالْفِكْرَ غَيْرَ الْمُسْتَدَامَيْنِ لَا يُكْرَهَانِ إنْ عُلِمَتْ السَّلَامَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَمَعَ الْمُصَنِّفُ الْمِثَالَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُبْلَةِ لَتُوُهِّمَ جَوَازُ الْفِكْرِ ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفِكْرِ لَتُوُهِّمَ حُرْمَتُهَا وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ الْمُقَدِّمَةِ ( إنْ عُلِمَتْ ) أَوْ ظُنَّتْ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( السَّلَامَةُ ) مِنْ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ تُعْلَمْ السَّلَامَةُ بِأَنْ عَلِمَ عَدَمَهَا أَوْ شَكَّ ( حَرُمَتْ ) مُقَدِّمَةُ الْجِمَاعِ .
ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ نَظَرَ أَوْ تَذَكَّرَ قَاصِدًا التَّلَذُّذَ بِهِ أَوْ لَمَسَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ فَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَنْعَظَ وَلَمْ يُمْذِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : عَلَيْهِ الْقَضَاءُ .
وَالثَّانِي : لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَالثَّالِثُ : الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ فَفِيهَا الْقَضَاءُ وَمَا دُونَهَا لَا قَضَاءَ فِيهِ .
وَإِنْ أَمْذَى فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ بِلَا قَصْدٍ وَلَا مُتَابَعَةٍ فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَنْزَلَ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا وَأَصَحُّهَا .
قَوْلُ

أَشْهَبَ : لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ .
وَثَالِثُهَا : الْفَرْقُ بَيْنَ اللَّمْسِ وَالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَيُكَفِّرُ مُطْلَقًا وَالنَّظَرُ وَالتَّفَكُّرُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُتَابِعَ حَتَّى يُنْزِلَ ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا .

وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ .
وَ ) كُرِهَتْ ( حِجَامَةُ ) شَخْصٍ صَائِمٍ ( مَرِيضٍ ) إنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ مِنْ الْإِغْمَاءِ وَعَدَمِهَا ، وَإِنْ عَلِمَهَا جَازَتْ ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَتْ ( فَقَطْ ) أَيْ صَحِيحٌ فَلَا تُكْرَهُ حِجَامَتُهُ حَلَّ شَكُّهُ فِيهَا وَأَوْلَى إنْ عَلِمَهَا ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَتْ إنْ لَمْ يَخْشَ بِتَأْخِيرِهَا هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى وَالْأَوْجَبُ فِعْلُهَا .
وَإِنْ أَدَّتْ إلَى الْفِطْرِ .
وَمِثْلُهَا الْفَصَادَةُ قَالَهُ فِي الْإِرْشَادِ .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ الْفَصَادَةُ أَشَدُّ مِنْ الْحِجَامَةِ لِسَحْبِهَا مِنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ بِخِلَافِ الْحِجَامَةِ ابْنُ نَاجِي هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ كَرَاهَتُهَا لِلصَّحِيحِ حَالَةَ الشَّكِّ أَيْضًا .
قَالَ بَعْضٌ الظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَطْلَقَ الْمَرِيضَ عَلَى الضَّعِيفِ الَّذِي يُحِسُّ مِنْ نَفْسِهِ بِالضَّعْفِ وَلَا يَعْلَمُ مَا يَحْصُلُ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا ، فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ السَّلَامَةِ حَرُمَتْ ، وَاحْتُرِزَ بِالْمَرِيضِ عَنْ الصَّحِيحِ الَّذِي عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ السَّلَامَةَ فَلَا تُكْرَهُ لَهُ .
وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ التَّوْضِيحِ وَعَلَيْهِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ .

وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ أَوْ قَضَاءٍ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَطَوُّعٌ ) بِصَوْمٍ ( قَبْلَ ) صَوْمِ ( نَذْرٍ ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ ( أَوْ ) قَبْلَ صَوْمِ ( قَضَاءٍ ) لِفَائِتٍ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ قَبْلَ صَوْمِ كَفَّارَةٍ لِيَمِينٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ .
وَالنَّذْرُ الْمُعَيَّنُ يَحْرُمُ التَّطَوُّعُ فِي زَمَنِهِ وَلَا يُكْرَهُ قَبْلَهُ ، فَإِنْ تَطَوَّعَ فِي زَمَنِهِ قَضَاهُ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَرَاهَةُ التَّطَوُّعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَلَوْ مُؤَكَّدًا كَعَاشُورَاءَ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَطَوَّعُ قَبْلَهُ أَيْ : الْقَضَاءِ ، وَلَا قَبْلَ نَذْرٍ .
ابْنُ حَبِيبٍ أَرْجُو سَعَةَ تَطَوُّعِهِ بِمُرَغَّبٍ فِيهِ قَبْلَ قَضَائِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي تَرْجِيحِ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَضَاءً أَوْ تَطَوُّعًا ، ثَالِثُهَا هُمَا سَوَاءٌ ، وَرَابِعُهَا مَنْعُ صَوْمِهِ تَطَوُّعًا لِأَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ وَآخِرِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقْتَضَى الْفَوْرِ ا هـ .
وَمَنْ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَيْنِ بَدَأَ بِأَوَّلِهِمَا وَإِنْ عَكَسَ أَجْزَأَ .
.

وَمَنْ لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ وَلَا غَيْرُهَا : كَأَسِيرٍ : كَمَّلَ الشُّهُورَ وَإِنْ الْتَبَسَتْ وَظَنَّ شَهْرًا : صَامَهُ ، وَإِلَّا : تَخَيَّرَ ، وَأَجْزَأَ مَا بَعْدَهُ بِالْعَدَدِ لَا قَبْلَهُ ، أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ .

( وَمَنْ ) عَلِمَ الشُّهُورَ ( لَا يُمْكِنُهُ رُؤْيَةٌ ) الْهِلَالِ ( وَلَا غَيْرُهَا ) أَيْ الرُّؤْيَةِ مِنْ سُؤَالٍ عَنْهَا كَ ) شَخْصٍ ( أَسِيرٍ ) أَعْمَى وَمَحْبُوسٌ كَذَلِكَ أَوْ فِي مَحَلٍّ لَا يَرَاهُ مِنْهُ ( كَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( الشُّهُورَ ) كُلُّ شَهْرٍ ثَلَاثِينَ يَوْمًا كَتَوَالِي الْغَيْمِ شُهُورًا وَصَامَ رَمَضَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ، فَهَذَا حُكْمُ مَنْ عَرَفَ الشُّهُورَ وَلَمْ يَعْرِفْ الْكَامِلَ وَالنَّاقِصَ .
( وَإِنْ الْتَبَسَتْ ) الشُّهُورُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْرِفْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ أَمْكَنَتْهُ رُؤْيَةُ الْهِلَالِ أَمْ لَا ( وَظَنَّ شَهْرًا ) رَمَضَانَ ( صَامَهُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ شَهْرًا رَمَضَانَ وَاسْتَوَتْ عِنْدَهُ الشُّهُورُ ( تَخَيَّرَ ) أَيْ اخْتَارَ شَهْرًا وَصَامَهُ ، وَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الشَّهْرِ رَمَضَانَ أَوْ شَعْبَانَ صَامَ شَهْرَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ رَمَضَانَ أَوْ شَوَّالًا صَامَهُ فَقَطْ ، وَيَرَى ؛ لِأَنَّهُ إمَّا رَمَضَانُ أَوْ قَضَاؤُهُ ، وَفِي كَوْنِهِ رَجَبٌ أَوْ شَعْبَانُ أَوْ رَمَضَانُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَلَيْسَ لَهُ تَأْخِيرُ الصِّيَامِ إلَى الْأَخِيرِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي رَمَضَانَ ، وَإِنْ أَخَّرَهُ إلَيْهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ انْتِهَائِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ : إنْ الْتَبَسَتْ وَلَمْ يَظُنَّ شَهْرًا صَامَ السَّنَةَ كُلَّهَا كَمَنْ عَلَيْهِ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَجَهِلَهَا وَفُرِّقَ الْمَشْهُورُ بِعِظَمِ مَشَقَّةِ صَوْمِ الْعَامِ .
( وَأَجْزَأَ ) أَيْ : كَفَى فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي ظَنَّهُ أَوْ اخْتَارَهُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ الشَّهْرَ الَّذِي صَامَهُ ( مَا بَعْدَهُ ) أَيْ : رَمَضَانَ وَكَانَ قَضَاءً عَنْهُ ، وَنَابَتْ نِيَّةُ الْأَدَاءِ عَنْ نِيَّةِ الْقَضَاءِ لِعُذْرِهِ وَاتِّحَادِ الْعِبَادَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْإِجْزَاءِ تَسَاوِيهِمَا ( بِالْعَدَدِ ) فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَا صَامَهُ شَوَّالٌ وَكَانَ هُوَ رَمَضَانَ كَامِلَيْنِ أَوْ نَاقِصَيْنِ قَضَى يَوْمًا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ ، وَإِنْ كَانَ الْكَامِلُ رَمَضَانَ فَقَطْ قَضَى يَوْمَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ الْعَكْسُ فَلَا

قَضَاءَ وَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ الْحِجَّةُ لَمْ يَعْتَدَّ بِيَوْمِ الْعِيدِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا ( لَا ) يُجْزِئُ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ صَامَ مَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ : رَمَضَانَ كَشَعْبَانَ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ السُّنُونَ وَلَا يَكُونُ شَعْبَانُ سَنَةَ قَضَاءٍ عَنْ رَمَضَانَ الَّتِي قَبْلَهُ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَا نَوَاهُ أَدَاءً مَعَ الْمَقْضِيِّ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَكْفِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَجْرَاهُمَا بَعْضُهُمْ عَلَى الْخِلَافِ فِي طَلَبِ تَعْيِينِ الْأَيَّامِ فِي الصَّلَاةِ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ صَلَّى الظُّهْرَ مَثَلًا أَيَّامًا قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَظْهَرِيَّةِ أَمَارَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ دُونَ أَمَارَاتِ رَمَضَانَ وَوَقْتُ الصَّلَاةِ مُتَّسِعٌ فَالْمُخْطِئُ مُفَرِّطٌ ا هـ .
ابْنُ غَازِيٍّ .
وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ خَرَّجَ مِنْ هُنَا قَوْلَيْنِ فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ عَنْ الْقَضَاءِ فِي الصَّلَاةِ .
قَالَ وَاعْتَرَضَهُ سَنَدٌ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ بِأَنْ قَالَا : لَا نَعْرِفُ فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ خِلَافًا ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَّى مُعْتَقِدًا بَقَاءَ الْوَقْتِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ إنْ كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وِفَاقًا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَفِي كَلَامِهِمَا ذِكْرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي الصَّلَاةِ نَفْيُ التَّخْرِيجِ فِيهَا .
وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّخْرِيجِ ، ا هـ .
قُلْت لَعَلَّ مُرَادَ الْبَاجِيَّ التَّخْرِيجُ فِي الْإِجْزَاءِ مَعَ اخْتِلَافِ الزَّمَانِ خِلَافَ مَا فَهِمَهُ مِنْهُ سَنَدٌ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ حِينَئِذٍ ا هـ بُنَانِيٌّ .
( أَوْ ) أَيْ : وَلَا يُجْزِئُ إنْ ( بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ ) فِي كَوْنِ مَا صَامَهُ ظَانًّا أَوْ مُخْتَارًا رَمَضَانَ أَوْ مَا بَعْدَهُ أَوْ مَا قَبْلَهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ يُجْزِئُهُ إنْ

بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ ؛ لِأَنَّ فَرْضَهُ الِاجْتِهَادُ وَقَدْ فَعَلَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ خَطَؤُهُ فَهُوَ عَلَى الْجَوَازِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَرَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ بَقِيَ شَاكًّا فَفِي وُجُوبِ قَضَائِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ مَعَ أَشْهَبَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
ابْنِ يُونُسَ وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَبْيَنُ ؛ لِأَنَّهُ صَارَ فَرْضُهُ الِاجْتِهَادَ وَهُوَ قَدْ اجْتَهَدَ وَصَامَ .

وَفِي مُصَادَفَتِهِ : تَرَدُّدٌ
( وَفِي ) الْإِجْزَاءِ عِنْدَ ( مُصَادَفَتِهِ ) رَمَضَانَ بِصَوْمِهِ ظَانًّا ، أَوْ مُخْتَارًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَدَمِهِ ( تَرَدُّدٌ ) لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَابْنِ رُشْدٍ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْإِجْزَاءُ إذَا صَادَفَهُ وَصَدَّرَ بِهِ صَاحِبُ الْإِشْرَافِ .
وَفِي الْبَيَانِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ صَادَفَهُ بِتَحَرِّيهِ لَمْ يُجْزِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَيَجْزِيهِ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ ابْنُ عَرَفَةَ لَمْ أَجِدْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَخْذُهُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى بَعِيدٌ .
وَمَا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ إلَّا الْإِجْزَاءَ خَاصَّةً وَسَاقَهُ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلَمْ يَعْزُهُ ا هـ .
الْحَطّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الطِّرَازِ وَعَزَى مُقَابِلَهُ لِلْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَقَالَ : إنَّهُ فَاسِدٌ .
ا هـ .
فَلَوْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَكَانَ أَوْلَى وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي الظَّنِّ أَيْضًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَبِهِ قَرَّرَ أَحْمَدُ ا هـ بُنَانِيٌّ .

وَصِحَّتُهُ مُطْلَقًا بِنِيَّةٍ مُبَيَّتَةٍ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ لَا مَسْرُودٍ وَيَوْمٍ مُعَيَّنٍ ، وَرُوِيَتْ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا ، لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ : بِكَمَرَضٍ ، أَوْ سَفَرٍ

( وَصِحَّتُهُ ) أَيْ : الصَّوْمِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ فَرْضًا مَشْرُوطَةٌ ( بِنِيَّةٍ ) أَيْ قَصْدِ الصَّوْمِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَوْنَهُ قُرْبَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَيَحْتَاجُ الْفَرْضُ لِنِيَّتِهِ ، فَإِنْ نَوَى الصَّوْمَ وَشَكَّ هَلْ نَوَاهُ نَفْلًا أَوْ قَضَاءً أَوْ وَفَاءً نَذْرٍ انْعَقَدَ تَطَوُّعًا ، وَإِنْ شَكَّ فِي الْأَخِيرَيْنِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَوَجَبَ إتْمَامُهُ لِانْعِقَادِهِ نَفْلًا فِي الظَّاهِرِ ( مُبَيَّتَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً لَيْلًا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَلَا يَضُرُّ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَالْوَطْءُ وَالنَّوْمُ بَعْدَهَا ، وَيُبْطِلُهَا الْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالسُّكْرُ بَعْدَهَا فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْفَجْرُ فَلَا يَصِحُّ الصَّوْمُ ، وَإِنْ زَالَ قَبْلَهُ وَجُدِّدَتْ النِّيَّةُ قَبْلَهُ صَحَّ الصَّوْمُ وَإِلَّا فَلَا : يَصِحُّ وَعَاشُورَاءُ كَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ بَشِيرٍ لَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّ الصَّوْمَ لَا يُجْزِئُ إلَّا إنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ عَلَى سَائِرِ أَجْزَائِهِ فَإِنْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَلَمْ يَنْوِ لَمْ يُجْزِهِ فِي سَائِرِ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ إلَّا يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ كَالْأَوَّلِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتْ الصِّيَامَ مِنْ اللَّيْلِ } ، وَالشَّاذُّ اخْتِصَاصُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ بِصِحَّةِ صَوْمِهِ إنْ وَقَعَتْ نِيَّتُهُ فِي النَّهَارِ ، وَلَا خِلَافَ عِنْدَنَا أَنَّ مَحَلَّ النِّيَّةِ اللَّيْلُ وَمَتَى عَقَدَهَا فِيهِ أَجْزَاهُ وَلَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَتُهَا لِلْفَجْرِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالْحَجِّ فَلَا بُدَّ مِنْ مُقَارَنَتِهَا أَوْ تَقَدُّمِهَا بِيَسِيرٍ ا هـ .
وَسَوَاءٌ نَوَى قَبْلَ الْفَجْرِ ( أَوْ مَعَ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) إنْ اتَّفَقَ ذَلِكَ فَلَا تُجْزِئُ قَبْلَ الْغُرُوبِ عِنْدَ الْكَافَّةِ وَلَا بَعْدَ الْفَجْرِ ؛ لِأَنَّهَا الْقَصْدُ وَقَصْدُ الْمَاضِي مُحَالٌ ، هَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ

.
وَرَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تُجْزِئُ مَعَ الْفَجْرِ وَرَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِأَنَّ النِّيَّةَ تَتَقَدَّمُ الْمَنْوِيَّ ؛ لِأَنَّهَا قَصْدُهَا وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَقْصُودِ وَإِلَّا كَانَ غَيْرَ مَنْوِيٍّ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ أُمُورٌ جَعْلِيَّةٌ ، وَقَدْ اكْتَفَى الشَّارِعُ بِالْمُقَارَنَةِ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ رُكْنٌ مِنْهَا وَالنِّيَّةُ مُقَارِنَةٌ لَهَا .
وَكَلَامُ ابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْقَرَافِيِّ يُفِيدُ أَنَّ الْأَصْلَ كَوْنُهَا مُقَارِنَةً لِلْفَجْرِ وَرُخِّصَ تَقَدُّمُهَا عَلَيْهِ لِلْمَشَقَّةِ فِي مُقَارَنَتِهَا لَهُ .
( وَكَفَتْ نِيَّةٌ ) وَاحِدَةٌ ( لَهَا ) أَيْ صَوْمٍ ( يَجِب تَتَابُعُهُ ) كَرَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ فِطْرِهِ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَنَذْرٍ مُتَتَابِعٍ كَنَذْرِ صَوْمِ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَعِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ حَيْثُ ارْتِبَاطُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ ، وَعَدَمُ جَوَازِ تَفْرِيقِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُعَطَّلُ جَمِيعُهُ بِبُطْلَانِ بَعْضِهِ كَالْحَجِّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ تَجِبُ النِّيَّةُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فِي وَاجِبِ التَّتَابُعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَعِبَادَاتٍ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ فَسَادِ جَمِيعِهِ بِفَسَادِ بَعْضِهِ ( لَا ) تَكْفِي نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِ ( صَوْمٍ مَسْرُودٍ ) أَيْ : مُتَتَابِعٍ بِلَا وُجُوبٍ ، كَصِيَامِ الدَّهْرِ أَوْ عَامٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أُسْبُوعٍ تَطَوُّعًا بِلَا نَذْرٍ ( وَيَوْمٍ ) مُكَرَّرٍ ( مُعَيَّنٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُشَدَّدَةً كَكُلِّ خَمِيسٍ وَاثْنَيْنِ وَلَوْ عَيَّنَهُ بِالنَّذْرِ ، وَكُلِّ مَا لَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ وَفِدْيَةٍ وَهَدْيٍ وَجَزَاءٍ وَصِيَامِ رَمَضَانَ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ كُلَّ لَيْلَةٍ .
( وَرُوِيَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الْمُدَوَّنَةُ ( عَلَى الِاكْتِفَاءِ ) بِنِيَّةٍ وَاحِدَةٍ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْمَسْرُودِ وَالْيَوْمِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ وَهِيَ ضَعِيفَةٌ ، حَتَّى قَالَ الْحَطّ لَمْ أَقِفْ عَلَى مَنْ رَوَاهَا بِالِاكْتِفَاءِ فِيهِمَا وَتَكْفِي

نِيَّةُ الْوَاجِبِ التَّتَابُعِ إنْ اسْتَمَرَّ تَتَابُعُهُ ( لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ ) أَيْ : وُجُوبُهُ ( بِكَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ ) فَلَا تَكْفِي النِّيَّةُ الْأُولَى ، وَلَوْ اسْتَمَرَّ صَائِمًا فَلَا بُدَّ مِنْ تَبْيِيتِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ .
وَفِي الْمَبْسُوطِ إنْ اسْتَمَرَّ الْمَرِيضُ أَوْ الْمُسَافِرُ صَائِمًا فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ نِيَّةٍ .
وَمَنْ أَفْسَدَ صَوْمَهُ عَامِدًا فَهَلْ يَحْتَاجُ لِتَجْدِيدِ نِيَّةٍ أَوْ لَا ؟ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ قَالَهُ الْحَطّ .
وَمَنْ بَيَّتَ الْفِطْرَ وَلَوْ نَاسِيًا يُجَدِّدُ النِّيَّةَ لَا مَنْ أَفْطَرَ نَهَارًا نَاسِيًا ، وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَكَمَنْ أَفْطَرَ لِمَرَضٍ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْجُنُونَ وَالْإِغْمَاءَ وَالسُّكْرَ فَتُقْطَعُ النِّيَّةُ وَتُجَدَّدُ بَعْدَ زَوَالِهَا لِمَا بَقِيَ .

وَبِنَقَاءٍ ، وَوَجَبَ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ وَإِنْ لَحْظَةً ، وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ .
( وَ ) صِحَّتُهُ ( بِنَقَاءٍ ) مِنْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ ( وَوَجَبَ ) الصَّوْمُ ( إنْ طَهُرَتْ ) بِقَصَّةٍ أَوْ جُفُوفٍ ( قَبْلَ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) إنْ كَانَ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا زَمَنًا طَوِيلًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( لَحْظَةً ) يَسِيرَةً جِدًّا بَلْ إنْ رَأَتْ الْقَصَّةَ أَوْ الْجُفُوفَ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَنَوَتْ الصَّوْمَ صَحَّ صَوْمُهَا ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ مَعَ الْفَجْرِ ، وَقَوْلُهُ وَنَزْعُ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ .
وَلَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَهُ أَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ أَصْلًا ؛ إذْ الطَّهَارَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الصَّوْمِ ( وَ ) وَجَبَ إمْسَاكُهَا ( مَعَ الْقَضَاءِ ) لَهُ ( إنْ شَكَّتْ ) فِي حُصُولِ طُهْرِهَا مَعَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ احْتِيَاطًا .
ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي شَكَّتْ هَلْ طَهُرَتْ فِي وَقْتِهَا أَوْ بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهَا .
فَإِنْ قُلْت الْحَيْضُ مَانِعٌ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالشَّكُّ فِيهِ مَوْجُودٌ فِيهِمَا فَلِمَ وَجَبَ أَدَاءُ الصَّوْمِ دُونَ الصَّلَاةِ .
قُلْت : سُلْطَانُ الصَّلَاةِ ذَهَبَ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَوَقْتُهُ إلَى الْغُرُوبِ ، وَلَهُ حُرْمَةٌ فَلِذَا وَجَبَ إمْسَاكُهُ كَمَنْ شَكَّ هَلْ تَسَحَّرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ .

وَبِعَقْلٍ .
وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ ، لَا إنْ سَلِمَ وَلَوْ نِصْفَهُ .

( وَ ) صِحَّتُهُ ( بِعَقْلٍ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا مُغْمًى عَلَيْهِ ( وَإِنْ جُنَّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ النُّونِ يَوْمَيْنِ أَوْ أَيَّامًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً أَوْ سِنِينَ قَلِيلَةً بَلْ ( وَلَوْ ) جُنَّ ( سِنِينَ كَثِيرَةً ) وَأَفَاقَ فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ بِأَمْرٍ جَدِيدٍ كَقَضَاءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ ، فَلَا يُقَالُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ .
فَرْعُ وُجُوبِ الْأَدَاءِ وَهُوَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ جُنُونُهُ طَارِئًا بَعْدَ بُلُوغِهِ عَاقِلًا أَوْ قَبْلَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْحَبِيبِ وَالْمَدَنِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
إنْ قَلَّتْ السُّنُونَ كَخَمْسَةٍ فَالْقَضَاءُ وَإِنْ كَثُرَتْ كَعَشَرَةٍ فَلَا قَضَاءَ .
أَوْ أُغْمِيَ ) عَلَيْهِ ( يَوْمًا ) مِنْ فَجْرِهِ لِغُرُوبِهِ ( أَوْ جُلَّهُ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ : أَكْثَرَ الْيَوْمِ وَلَوْ سَلِمَ أَوَّلَهُ ( أَوْ أَقَلَّهُ ) أَيْ : نِصْفَ الْيَوْمِ فَأَقَلَّ مِنْهُ ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَسْلَمْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مِنْ الْإِغْمَاءِ ( أَوَّلَهُ ) أَيْ : مَعَ طُلُوعِ فَجْرِ الْيَوْمِ بِأَنْ كَانَ حِينَئِذٍ مُغْمًى عَلَيْهِ ( فَالْقَضَاءُ ) وَاجِبٌ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ مَرَضٌ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ابْنُ عَاشِرٍ الْأَوْلَى كَنِصْفِهِ أَوْ أَقَلِّهِ وَلَمْ يَسْلَمْ لِيُبَيِّنَ أَنَّ النِّصْفَ كَالْأَقَلِّ وَأَنَّ الْقَيْدَ خَاصٌّ بِهِمَا .
( لَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ( إنْ سَلِمَ ) مِنْ الْإِغْمَاءِ مَعَ الْفَجْرِ وَجَدَّدَ النِّيَّةَ حِينَئِذٍ ، وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَقَلَّهُ بَلْ ( وَلَوْ ) أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ ( نِصْفَهُ ) أَيْ : الْيَوْمِ ، وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ حِينَ إفَاقَتِهِ مَعَ الْفَجْرِ لَمْ يَصِحَّ صَوْمُهُ لِانْقِطَاعِ نِيَّتِهِ بِالْإِغْمَاءِ وَيُفَصَّلُ فِي جُنُونِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ تَفْصِيلُ

الْإِغْمَاءِ عَلَى التَّحْقِيقِ ، وَلَا قَضَاءَ عَلَى نَائِمٍ وَلَوْ كُلَّ الشَّهْرِ إنْ بَيَّتَ النِّيَّةَ أَوَّلَ لَيْلَةٍ وَالسُّكْرُ كَالْإِغْمَاءِ .
وَظَاهِرُ النَّقْلِ وَلَوْ بِحَلَالٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ بِالْإِيقَاظِ فَلَا يَلْحَقُ بِالنَّوْمِ ، وَقَدْ عَلَّلَ ابْنُ يُونُسَ التَّفْصِيلَ فِي الْإِغْمَاءِ بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَا تَصِحُّ نِيَّتُهُ ، وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ تَنَبَّهَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السُّكْرَ مُطْلَقًا مِثْلُ الْإِغْمَاءِ وَأَنَّ الْغَيْبَةَ لِلْعَقْلِ مِثْلُهُ مُطْلَقًا ، وَقَدْ جَعَلُوا السُّكْرَ بِحَلَالٍ فِي الْوُضُوءِ كَالْإِغْمَاءِ .

وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ وَإِخْرَاجِ : مَنِيٍّ ، وَمَذْيٍ ، وَقَيْءِ .
.
( وَ ) صِحَّتُهُ ( بِتَرْكِ جِمَاعٍ ) أَيْ : تَغْيِيبِ حَشَفَةِ بَالِغٍ أَوْ قَدْرِهَا فِي فَرْجِ مُطِيقٍ وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ ( وَ ) تَرْكُ ( إخْرَاجِ مَنِيٍّ ) يَقَظَةً لَا فِي نَوْمٍ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ ( وَ ) تَرْكُ إخْرَاجِ ( مَذْيٍ ) كَذَلِكَ لَا بِلَا لَذَّةٍ أَوْ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ أَوْ مُجَرَّدِ إنْعَاظٍ وَلَوْ نَشَأَ عَنْ مُقَدِّمَاتٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا وَرُوِيَ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْقَضَاءُ ، وَتَقَرَّرَ عِنْدَ الشُّيُوخِ أَنَّ رِوَايَةَ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا تَقَدُّمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا وَقَوْلُهُ فِيهَا ، لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْأَشْهَرُ ( وَ ) بِتَرْكِ إخْرَاجِ ( قَيْءٍ ) فَإِنْ أَخْرَجَهُ فَالْقَضَاءُ ، فَإِنْ ابْتَلَعَ شَيْئًا مِنْهُ وَلَوْ غَلَبَةً فَالْكَفَّارَةُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَلَبَةٍ فَلَا قَضَاءَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ شَيْءٌ مِنْهُ فَالْقَضَاءُ ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ابْتِلَاعَهُ فَالْكَفَّارَةُ .

وَإِيصَالُ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ : لِمَعِدَةٍ بِحُقْنَةٍ بِمَائِعٍ ، أَوْ حَلْقٍ ؛ وَإِنْ مِنْ أَنْفٍ ، وَأُذُنٍ ، وَعَيْنٍ ، وَبَخُورٍ ، وَقَيْءٍ ، وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ مُطْلَقًا ، أَوْ غَالِبٍ مِنْ مَضْمَضَةٍ أَوْ سِوَاكٍ ، وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ بِصَبٍّ فِي حَلْقِهِ نَائِمًا : كَمُجَامَعَةِ نَائِمَةٍ ، وَكَأَكْلِهِ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ ، أَوْ طَرَأَ الشَّكُّ ، وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ اقْتَدَى بِالْمُسْتَدِلِّ ، وَإِلَّا احْتَاطَ ؛ إلَّا الْمُعَيَّنَ : لِمَرَضٍ ، أَوْ حَيْضٍ ، أَوْ نِسْيَانٍ

( وَ ) صِحَّتُهُ بِتَرْكِ ( إيصَالِ ) شَيْءٍ ( مُتَحَلِّلٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى ، أَيْ : يَنْمَاعُ وَلَوْ فِي الْمَعِدَةِ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ أَوْ سَافِلٍ ، فَإِنْ وَصَلَ لَهَا وَلَوْ غَلَبَةً فَالْقَضَاءُ فَقَطْ إلَّا مِنْ الْفَمِ مَعَ الِانْتِهَاكِ فَالْكَفَّارَةُ أَيْضًا ، فَالْمُرَادُ بِالْإِيصَالِ الْوُصُولُ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مَا بَيْنَ الْأَسْنَانِ مِنْ طَعَامٍ إذْ لَا يُفْطِرُ ابْتِلَاعُهُ وَلَوْ عَمْدًا ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَاسْتَبْعَدَ ابْنُ رُشْدٍ عَدَمَ الْقَضَاءِ فِي الْعَمْدِ وَالْمُدَوَّنَةِ لَمْ تُصَرِّحْ بِهِ فِي الْعَمْدِ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ إطْلَاقِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ا هـ بْن .
( أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ : الْمُتَحَلِّلِ كَدِرْهَمٍ مِنْ مَنْفَذٍ عَالٍ فَقَطْ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ ، وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِهِ ، فَلَوْ قَالَ كَغَيْرِهِ بِالْكَافِ لَوَافَقَ عَادَتَهُ .
وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ فَذَهَبَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إلَى أَنَّ لِلْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمَ الطَّعَامِ فَعَلَيْهِ فِي السَّهْوِ الْقَضَاءُ فَقَطْ وَفِي الْعَمْدِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ .
وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَعَمِّدًا فَيَقْضِيَ لِتَهَاوُنِهِ بِصَوْمِهِ ، فَجَعَلَهُ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ ؛ لِأَنَّ الْحَصَاةَ تَشْغَلُ الْمَعِدَةَ إشْغَالًا مَا وَتُنْقِصُ كَلَبَ الْجُوعِ وَصِلَةُ إيصَالِ ( لِمَعِدَةٍ ) أَيْ : مَا تَحْتَ الصَّدْرِ إلَى السُّرَّةِ وَهِيَ لِلْآدَمِيِّ كَحَوْصَلَةِ الطَّيْرِ وَكِرْشِ الْبَهِيمَةِ ، وَصِلَةُ إيصَالِ أَيْضًا ( بِحُقْنَةٍ ) أَيْ : احْتِقَانٍ ( بِمَائِعٍ ) فِي دُبُرِ أَوْ قُبُلِ امْرَأَةٍ لَا إحْلِيلٍ .
وَاحْتُرِزَ .
بِمَائِعٍ عَنْ حُقْنَةٍ بِجَامِدٍ فَلَا قَضَاءَ فِيهَا وَلَوْ فَتَائِلَ عَلَيْهَا دُهْنٌ لِيَسَارَتِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَهُوَ مُسْتَثْنًى

مِنْ الْمُتَحَلِّلِ .
أَوْ حَلْقٍ ) عَطَفَ عَلَى مَعِدَةٍ أَيْ : وَتَرْكُ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِحَلْقٍ ، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُرَدَّ غَيْرُ الْمُتَحَلِّلِ ، فَإِنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ ، وَتَبِعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ الْبُنَانِيُّ وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِنَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ التَّلْقِينِ ، وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَمَّا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ مِمَّا يَنْمَاعُ أَوْ لَا يَنْمَاعُ ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْحَطّ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا ، وَعَطْفُ أَوْ حَلْقٍ عَلَى حُقْنَةٍ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَاصِلَ لِلْحَلْقِ لَا يُفْطِرُ إلَّا إذَا جَاوَزَهُ إلَى الْمَعِدَةِ وَلَوْ كَانَ مَائِعًا وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ .
وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَائِعَ الْوَاصِلَ لِلْحَلْقِ مُفْطِرٌ وَلَوْ لَمْ يُجَاوِزْهُ إنْ وَصَلَ مِنْ الْفَمِ بَلْ ( وَإِنْ ) وَصَلَ لَهُ ( مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ ) نَهَارًا فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ وُصُولِهِ لِلْحَلْقِ مِنْ هَذِهِ الْمَنَافِذِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَاكْتِحَالِهِ لَيْلًا وَهُبُوطِهِ نَهَارًا لِلْحَلْقِ أَوْ وَضْعِ دَوَاءٍ أَوْ حِنَّاءٍ أَوْ دُهْنٍ فِي أَنْفِهِ أَوْ أُذُنِهِ لَيْلًا فَهَبَطَ نَهَارًا .
وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّ مَا وَصَلَ نَهَارًا لِلْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْمَنَافِذِ لَا شَيْءَ فِيهِ فَمَنْ دَهَنَ رَأْسَهُ نَهَارًا فَوَجَدَ طَعْمَهُ فِي حَلْقِهِ أَوْ وَضَعَ حِنَّاءً فِي رَأْسِهِ نَهَارًا فَاسْتَطْعَمَهَا فِي حَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، وَلَكِنْ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَّ رِجْلَهُ بِحَنْظَلَةٍ فَوَجَدَ مَرَارَتَهَا فِي حَلْقِهِ ، أَوْ قَبَضَ يَدَهُ عَلَى ثَلِجَةٍ فَوَجَدَ بَرْدَهَا فِي حَلْقِهِ .
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَوُصُولُ مَائِعٍ لِحَلْقٍ وَإِنْ مِنْ غَيْرِ فَمٍ أَوْ لِمَعِدَةٍ مِنْ كَدُبُرٍ كُلُّهَا بِغَيْرِهِ مِنْ فَمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ، لَوْ فِي الْمَسْأَلَةِ مَعَ الِاخْتِصَارِ وَالْإِيضَاحِ .
( وَ ) بِتَرْكِ إيصَالِ ( بَخُورٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ : دُخَانٍ مُتَصَاعِدٍ مِنْ حَرْقِ نَحْوِ عُودٍ وَمِثْلُهُ بُخَارُ الْقِدْرِ حَالَ غَلَيَانِهِ بِالطَّعَامِ فَوُصُولُهُ لِلْحَلْقِ

مُفْطِرٌ كَالدُّخَانِ الَّذِي يُشْرَبُ بِالْعُودِ وَشَمُّ رَائِحَةِ الْبَخُورِ وَنَحْوَهُ بِلَا وُصُولِ دُخَانِهِ لِلْحَلْقِ لَا يُفْطِرُ ، وَدُخَانُ الْحَطَبِ وَنَحْوُهُ لَا قَضَاءَ بِوُصُولِهِ لِلْحَلْقِ قَالَهُ عج .
عبق ظَاهِرُهُ وَلَوْ اسْتَنْشَقَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَيَّفُ بِهِ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ كُلُّ دُخَانٍ يُتَكَيَّفُ بِهِ فَالتَّفْرِيقُ غَيْرُ ظَاهِرٍ .
وَقُلْت وَقَدْ شَاهَدْت فِي السَّفَرِ مِنْ إنْسَانٍ فَرَغَ دُخَانُهُ فَحَرَقَ طَرَفَ الْعُودِ الَّذِي كَانَ يَشْرَبُ بِهِ الدُّخَانَ وَشَرِبَ دُخَانَهُ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ حَتَّى أَفْنَاهُ وَإِنَّمَا يُمَيِّزُونَ بَيْنَ الْجَبَلِيِّ وَالصُّورِيِّ وَالْبَلَدِيِّ حَالَ وُجُودِهَا وَكَثْرَتِهَا ، وَأَمَّا عِنْدَ عَدَمِهَا فَيَتَكَيَّفُونَ بِكُلِّ دُخَانٍ وَلَوْ دُخَانَ عَذِرَةٍ .
( وَ ) بِتَرْكِ إيصَالِ ( قَيْءٍ ) أَوْ قَلْسٍ ( وَبَلْغَمٍ أَمْكَنَ طَرْحُهُ ) أَيْ الْمَذْكُورِ بِأَنْ نَزَلَ مِنْ الْحَلْقِ إلَى الْفَمِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ إنْ لَمْ يُجَاوِزْ الْحَلْقَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ لِعِلَّةٍ أَوْ امْتِلَاءِ مَعِدَةٍ أَوْ كَثِيرٍ مُتَغَيِّرٍ أَمْ لَا رَجَعَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَلْغَمُ مِنْ صَدْرٍ أَوْ رَأْسٍ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ فِي الْبَلْغَمِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ مُطْلَقًا وَلَوْ وَصَلَ إلَى طَرَفِ اللِّسَانِ لِمَشَقَّتِهِ .
وَلَا شَيْءَ عَلَى الصَّائِمِ فِي ابْتِلَاعِ رِيقِهِ إلَّا بَعْدَ اجْتِمَاعِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ عِنْدَ سَحْنُونٍ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا قَضَاءَ مُطْلَقًا وَهُوَ الرَّاجِحُ .
( أَوْ ) أَيْ : وَبِتَرْكِ وُصُولِ شَيْءٍ ( غَالِبٍ ) سَبَقَهُ لِحَلْقِهِ ( مِنْ ) أَثَرِ مَاءِ ( مَضْمَضَةٍ ) أَوْ اسْتِنْشَاقٍ لِوُضُوءٍ أَوْ حَرٍّ أَوْ عَطَشٍ ( أَوْ ) غَالِبٍ مِنْ رُطُوبَةِ ( سِوَاكٍ ) مُجْتَمِعَةٍ فِي فَمِهِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ طَرْحُهُ فَيَقْضِي الْفَرْضَ فَقَطْ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ لِتَوَهُّمِ اغْتِفَارِهِ لِطَلَبِ الشَّارِعِ الْمَضْمَضَةَ وَالسِّوَاكَ ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَبِتَرْكِ إيصَالِ مُتَحَلِّلٍ إلَخْ ( وَقَضَى ) مَنْ أَفْطَرَ ( فِي

الْفَرْضِ مُطْلَقًا ) أَيْ : عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَبَةً أَوْ إكْرَاهًا حَرَامًا أَوْ جَائِزًا أَوْ وَاجِبًا كَانَ الْفَرْضُ أَصْلِيًّا أَوْ نَذْرًا ، وَأَمْسَكَ وُجُوبًا إنْ كَانَ فَرْضًا مُعَيَّنًا زَمَنُهُ كَرَمَضَانَ ، وَنَذْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ تَطَوُّعًا أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا أَوْ كَفَّارَةَ ظِهَارٍ ، أَوْ قَتْلٍ أَوْ فِطْرِ رَمَضَانَ .
كَذَلِكَ ، وَخُيِّرَ فِيهِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ وَيَجِبُ قَضَاءُ الْفَرْضِ .
( وَإِنْ ) أَفْطَرَ ( بِصَبٍّ ) مِنْ شَخْصٍ مَائِعًا ( فِي حَلْقِهِ ) أَيْ : الصَّائِمِ حَالَ كَوْنِهِ ( نَائِمًا ) وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ فَقَالَ ( كَمُجَامَعَةِ ) امْرَأَةٍ ( نَائِمَةٍ ) فَعَلَيْهَا الْقَضَاءُ وَعَلَيْهِمَا الْكَفَّارَةُ عَنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا مَنْ أُكْرِهَ أَوْ كَانَ نَائِمًا فَصُبَّ فِي حَلْقِهِ مَاءٌ فِي رَمَضَانَ أَوْ جُومِعَتْ امْرَأَةٌ نَائِمَةٌ فِي رَمَضَانَ فَالْقَضَاءُ يُجْزِئُ بِلَا كَفَّارَةٍ .
أَبُو الْحَسَنِ سَكَتَ عَنْ الْفَاعِلِ هَلْ تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ أَمْ لَا وَأَوْجَبَهَا ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْفَاعِلِ فِيهِمَا ، وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ ، وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْحَجِّ .
الثَّالِثُ وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ( وَكَأَكْلِهِ ) أَيْ : الشَّخْصِ حَالَ كَوْنِهِ ( شَاكًّا فِي ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) أَوْ فِي الْغُرُوبِ وَعَدَمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَكَلَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، وَيَجِبُ قَضَاءُ النَّفْلِ ؛ لِأَنَّ أَكْلَهُ شَاكًّا فِي أَحَدِهِمَا عَمْدًا حَرَامٌ ( أَوْ ) أَكَلَ مُعْتَقِدًا بَقَاءَ اللَّيْلِ أَوْ غُرُوبَ الشَّمْسِ ثُمَّ ( طَرَأَ ) لَهُ ( الشَّكُّ ) فِي الْفَجْرِ أَوْ الْغُرُوبِ فَالْقَضَاءُ فِي الْفَرْضِ دُونَ النَّفْلِ إذْ لَيْسَ مِنْ الْعَمْدِ الْحَرَامِ ، وَهَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ دَلِيلَهُ ) أَيْ : الصَّوْمِ وُجُودًا وَهُوَ طُلُوعُ الْفَجْرِ أَوْ عَدَمًا وَهُوَ غُرُوبُ الشَّمْسِ ( اقْتَدَى ) وُجُوبًا ( بِالْمُسْتَدِلِّ ) عَلَيْهِ الْعَدْلِ الْعَارِفِ أَوْ الْمُسْتَنَدِ إلَيْهِ وَيَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِي الدَّلِيلِ وَإِنْ قَدَرَ عَلَى

مَعْرِفَتِهِ ، وَلِذَا قَالَ : وَمَنْ لَمْ يَنْظُرْ وَلَمْ يَقُلْ وَمَنْ لَمْ يَقْدِرْ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَلَا يُقَلِّدُ الْمُجْتَهِدُ غَيْرَهُ لِكَثْرَةِ الْخَطَأِ فِيهَا لِخَفَائِهَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مُسْتَدِلًّا عَدْلًا عَارِفًا ( احْتَاطَ ) فِي سُحُورِهِ بِالتَّقْدِيمِ مَعَ تَحَقُّقِ بَقَاءِ اللَّيْلِ وَفِطْرِهِ بِالتَّأْخِيرِ مَعَ تَحَقُّقِ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَرْضِ فَقَالَ ( إلَّا ) النَّذْرَ ( الْمُعَيَّنَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ تَحْتُ الَّذِي فَاتَ صَوْمُهُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ ( لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ ) أَوْ نِفَاسٍ أَوْ إغْمَاءٍ أَوْ جُنُونٍ فَلَا يَقْضِي لِفَوَاتِ زَمَنِهِ بِالْعُذْرِ ، فَإِنْ زَالَ وَبَقِيَ بَعْضُهُ صَامَهُ ( أَوْ نِسْيَانٍ ) فَلَا يَقْضِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ صَوْمَهُ أَوْ أَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ وَإِمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ لِتَفْرِيطِهِ ، وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَهُ مُكْرَهًا الْحَطّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَفِي التَّلْقِينِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ الْأَوَّلُ أَوْ لِخَطَأِ وَقْتٍ كَصَوْمِهِ الْأَرْبِعَاءَ يَظُنُّ الْخَمِيسَ الْمَنْذُورَ ، وَاحْتُرِزَ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ الْمَضْمُونِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ فَيَجِبُ فِعْلُهُ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ لِعَدَمِ فَوَاتِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ وَقْتِهِ .

وَفِي النَّفْلِ ، بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ، وَلَوْ بِطَلَاقٍ بَتٍّ ؛ إلَّا لِوَجْهٍ كَوَالِدٍ ، وَشَيْخٍ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا .

( وَ ) قَضَى ( فِي النَّفْلِ ) وُجُوبًا ( بِ ) الْفِطْرِ ( الْعَمْدِ ) وَلَوْ لِسَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ( الْحَرَامِ ) لَا بِالْفِطْرِ نِسْيَانًا أَوْ إكْرَاهًا وَلَا لِحَيْضٍ وَنِفَاسٍ أَوْ خَوْفِ مَرَضٍ أَوْ زِيَادَتِهِ أَوْ شِدَّةِ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ ( وَلَوْ ) أَفْطَرَ لِحَلِفِ شَخْصٍ عَلَيْهِ ( بِطَلَاقٍ بَتٍّ ) أَوْ بِعِتْقٍ لَتُفْطِرَنَّ فَلَا يَجُوزُ فِطْرُهُ وَإِنْ فَطَرَ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ ( إلَّا لِوَجْهٍ ) كَتَعَلُّقِ قَلْبِ الْحَالِفِ بِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا أَوْ عِتْقِهَا بِحَيْثُ يَخْشَى أَنْ لَا يَتْرُكَهَا إنْ حَنِثَ فَيَجُوزُ الْفِطْرُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ وَيَجِبُ الْإِمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ .
وَإِنْ أَفْطَرَ عَمْدًا حَرَامًا فَلَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ إذْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، وَلَا حُرْمَةَ لِلْوَقْتِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا وَجْهَ لِكَفِّ مُفْطِرِهِ عَمْدًا إلَّا لِوَجْهٍ .
وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبَ كَفِّهِ لَا أَعْرِفُهُ .
ابْنُ غَازِيٍّ جَاءَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ مُطَرِّفٍ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يَحْنَثُ الْحَالِفُ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَبِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمَشْيِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ .
وَأُحِبُّ طَاعَةَ أَبَوَيْهِ إنْ عَزَمَا عَلَى فِطْرِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ ، زَادَ ابْنُ رُشْدٍ رِقَّةً عَلَيْهِ مِنْ إدَامَةِ الصَّوْمِ .
وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَقَالَ الْفَقِيهُ رَاشِدٌ : الْوَجْهُ أَنْ يَقْصِدَ بِيَمِينِهِ الْحَنَّانَةَ كَأَنَّهُ رَدٌّ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي الْأَبَوَيْنِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : أَنْ تَكُونَ يَمِينُهُ آخِرَ الثَّلَاثِ فَلَا يُحْنِثُهُ ، فَحَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ الْوَجْهَ فِي الْمُصَنَّفِ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَجَعَلَ الْإِشَارَةَ بِوَاوٍ إلَى الثَّانِي .
وَاخْتَارَ الْحَطّ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَجْهِ مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَنَصُّهُ لَعَلَّ الْوَجْهَ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ الَّتِي حَلَفَ بِعِتْقِهَا أَوْ الْمَرْأَةُ الَّتِي حَلَفَ بِطَلَاقِهَا عَلَّقَ بِهَا الْحَالِفُ وَيَخْشَى أَنَّهُ لَا يَتْرُكُهَا إنْ حَنِثَ فَالْوَجْهُ حِينَئِذٍ الْفِطْرُ

، وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَوَالِدٍ تَشْبِيهًا .
الْحَطّ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الرِّوَايَةِ وَسِيَاقِهَا ؛ لِأَنَّهُ فِي الرِّوَايَةِ أَفْرَدَ ذِكْرَ الْوَالِدَيْنِ عَنْ الْوَجْهِ فَجَعَلَهُ مِثَالًا كَمَا اخْتَارَهُ ابْنُ غَازِيٍّ خِلَافَ الرِّوَايَةِ .
وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ وَعَدَمِ الْقَضَاءِ فَقَالَ ( كَوَالِدٍ ) أَبٍ أَوْ أُمٍّ أَمَرَهُ بِفِطْرِ النَّفْلِ شَفَقَةً عَلَيْهِ مِنْ إدَامَةِ صَوْمِهِ فَيَجُوزُ فِطْرُهُ وَلَا يَلْزَمُ قَضَاؤُهُ وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ ( وَشَيْخٍ ) فِي الطَّرِيقِ أَخَذَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يُخَالِفَهُ أَمَرَهُ بِفِطْرِهِ كَذَلِكَ فَيَجُوزُ ، وَلَا يَقْضِي ، وَأَلْحَقَ بِهِ بَعْضُهُمْ شَيْخَ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ إنْ حَلَفَ الْوَالِدُ وَالشَّيْخُ بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَحْلِفَا ) أَيْ : الْوَالِدُ وَالشَّيْخُ عَلَى فِطْرِ الْوَلَدِ وَالْمُرِيدِ ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْعَهْدَ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّاعَةِ وَفِطْرُ النَّفْلِ مَعْصِيَةٌ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّة بِجَوَازِ الْفِطْرِ عَمْدًا اخْتِيَارًا فِي النَّفْلِ تَمَسُّكًا بِحَدِيثِ { الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ } قُدِّمَ فِيهِ نَظَرُ الشَّيْخِ ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى تَبْيِيتِ نِيَّةِ الْفِطْرِ وَتَرْكِ إدَامَةِ الصِّيَامِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى إفْسَادِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

وَكَفَّرَ إنْ تَعَمَّدَ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ ، وَجَهْلٍ فِي رَمَضَانَ فَقَطْ : جِمَاعًا .
( وَكَفَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَخْرَجَ الْمُفْطِرُ الْكَفَّارَةَ الْكُبْرَى وُجُوبًا ( إنْ تَعَمَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الصَّائِمُ الْفِطْرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا وَاخْتَارَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ ، بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى فِطْرِهِ ، أَوْ مَغْلُوبٍ عَلَيْهِ وَانْتَهَكَ الْحُرْمَةَ بِأَنْ عَمِلَهَا وَاجْتَرَأَ عَلَيْهَا ( بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ ) فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مُتَأَوِّلٍ تَأْوِيلًا قَرِيبًا ( وَ ) بِلَا ( جَهْلٍ ) لِحُرْمَةِ فِعْلِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ أَفْطَرَ جَاهِلًا حُرْمَةَ إفْطَارِهِ كَحَدِيثِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ وَأَوْلَى جَهْلُ رَمَضَانَ كَمُفْطِرِ يَوْمِ الشَّكِّ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَكَمَنْ الْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْأَشْهُرُ ، وَأَمَّا جَهْلُ وُجُوبِهَا مَعَ عِلْمِ حُرْمَةِ مُوجِبِهَا فَلَا يُسْقِطُهَا وَأَفْطَرَ ( فِي ) أَدَاءِ ( رَمَضَانَ فَقَطْ ) أَيْ : لَا فِي قَضَائِهِ وَلَا فِي كَفَّارَتِهِ وَنَحْوِهِمَا وَمَفْعُولُ تَعَمَّدْ ( جِمَاعًا ) يُوجِبُ الْغُسْلَ وَسَوَاءٌ كَانَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً .

أَوْ رَفْعَ نِيَّةٍ نَهَارًا أَوْ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ ، أَوْ مَنِيًّا وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ : إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ

( أَوْ ) تَعَمَّدَ ( رَفْعَ ) أَيْ : رَفْضَ ( نِيَّةٍ ) لِلصَّوْمِ ( نَهَارًا ) أَوْ لَيْلًا وَطَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ رَافِعٌ لَهَا لَا إنْ عَلَّقَ الْفِطْرَ عَلَى شَيْءٍ وَلَمْ يَحْصُلْ ، كَأَنْ وَجَدْت طَعَامًا أَكَلَتْ وَلَمْ يَجِدْهُ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَأْكُلْهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) تَعَمَّدَ ( أَكْلًا ) أَوْ بَلْعًا لِنَحْوِ حَصَاةٍ وَوَصَلَتْ لِجَوْفِهِ ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِجَرْيِهِ سَابِقًا عَلَى اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ حُكْمُ الْحَصَاةِ وَالدِّرْهَمِ حُكْمُ الطَّعَامِ فَفِي نِسْيَانِهِ الْقَضَاءُ ، وَفِي عَمْدِهِ الْكَفَّارَةُ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ سُقُوطُهَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَلِّلِ .
( أَوْ ) تَعَمَّدَ ( شُرْبًا ) لِمَائِعٍ وَتَنَازَعَ أَكْلًا وَشُرْبًا ( بِفَمٍ فَقَطْ ) أَيْ : لَا بِغَيْرِهِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَعَيْنٍ وَمَسَامِّ شَعْرٍ وَدُبُرٍ وَإِحْلِيلٍ وَثُقْبَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ بِالْإِيصَالِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا تَتَشَوَّفُ إلَيْهِ النُّفُوسُ الْبَاقِيَةُ عَلَى فِطْرَتِهَا .
وَإِنَّمَا شُرِعَتْ الْكَفَّارَةُ لِزَجْرِ النَّفْسِ عَمَّا تَشْتَاقُ إلَيْهِ وَلَا بُدَّ فِي الْوَاصِلِ مِنْ الْفَمِ مِنْ وُصُولِهِ لِلْجَوْفِ ، فَإِنْ رَدَّهُ مِنْ الْحَلْقِ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ أَنَّ الْوُصُولَ لِلْحَلْقِ مُوجِبٌ لِلْكَفَّارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَجِبُ بِإِيلَاجِ الْحَشَفَةِ وَبِالْمَنِيِّ وَبِمَا يَصِلُ إلَى الْحَلْقِ مِنْ الْفَمِ خَاصَّةً ا هـ .
قُلْت كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ شَاهِدٌ لعبق وَنَصُّهُ وَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ انْتِهَاكًا لَهُ بِمُوجِبِ الْغُسْلِ وَطْئًا أَوْ إنْزَالًا وَالْإِفْطَارُ بِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ ا هـ .
إنْ وَصَلَ مِنْ الْفَمِ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ بَلْ ( وَإِنْ ) وَصَلَ مِنْ الْفَمِ لِلْجَوْفِ ( بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ ) أَيْ قِشْرِ الْجَوْزِ إنْ تَعَمَّدَ الِاسْتِيَاكَ بِهَا نَهَارًا وَابْتَلَعَ أَثَرَهَا وَلَوْ غَلَبَةً أَوْ لَيْلًا وَتَعَمَّدَ بَلْعَهُ نَهَارًا فَإِنْ ابْتَلَعَهُ غَلَبَةً فَيَقْضِي فَقَطْ

كَابْتِلَاعِهَا نِسْيَانًا ، وَلَوْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا عَامِدًا فَإِنْ اسْتَاكَ بِهَا نَهَارًا نَاسِيًا فَإِنْ ابْتَلَعَ أَثَرَهَا عَامِدًا كَفَّرَ وَإِلَّا فَلَا أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي التَّوْضِيحِ إلَّا عَنْ ابْنِ لُبَابَةَ ، وَهُوَ قَيَّدَهَا بِالِاسْتِعْمَالِ نَهَارًا وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ وَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ .
ا هـ .
وَاسْتَظْهَرَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا قَالَهُ عبق لِحُرْمَةِ الِاسْتِيَاكِ بِالْجَوْزَاءِ .
( أَوْ ) تَعَمَّدَ ( مَنِيًّا ) أَيْ : إخْرَاجَهُ بِتَقْبِيلٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ بَلْ ( وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ ) أَوْ نَظَرٍ وَعَادَتُهُ الْإِنْزَالُ مِنْهُمَا وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ كَانَ اعْتَادَ عَدَمَهُ مِنْهُمَا فَخَالَفَ عَادَتَهُ وَأَنْزَلَ فَقَوْلَانِ فِي لُزُومِ كَفَّارَتِهِ وَعَدَمِهِ ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ ) فَإِنْ لَمْ يُدِمْهُمَا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا ، فَقَوْلُهُ ، إلَّا أَنْ يُخَالِفَ عَادَتَهُ رَاجِعٌ لِإِدَامَةِ الْفِكْرِ ، وَمِثْلُهَا إدَامَةُ النَّظَرِ ، وَأَمَّا الْإِنْزَالُ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُبَاشَرَةِ فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ .
وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ إنَّمَا هُوَ فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ جَرَيَانِ الْقَيْدِ فِيهِمَا جَرَيَانُهُ فِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ بِالْأَوْلَى ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقَيْدُ فِيهِمَا ضَعِيفًا تَرَكَهُ ، وَفِي الْفِكْرِ وَالنَّظَرِ مُعْتَمَدًا ذَكَرَهُ نَعَمْ اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اللَّخْمِيِّ فَالْأَوْلَى عَلَى الْأَصَحِّ أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَإِنْ خَالَفَ عَادَتَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَخْ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ ، وَفِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَيَانِ أَنَّ فِي مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ إذَا أَنْزَلَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ مُطْلَقًا ، وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ الْقَضَاءُ فَقَطْ مُطْلَقًا ، الثَّابِتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ عَنْ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامَيْنِ ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ طفي .
وَلَمْ يُعَرِّجْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى عَادَةِ السَّلَامَةِ وَلَا عَدَمِهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْخِلَافَ فِي الْقُبْلَةِ هَلْ فِيهَا الْكَفَّارَةُ إنْ أَنْزَلَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ .
وَاتَّفَقُوا عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ فِي النَّظَرِ قَالَ : وَالْأَصْلُ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ إلَّا إنْ قَصَدَ الِانْتِهَاكَ فَيَجِبُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَادَتِهِ ، فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ أَنْ يُنْزِلَ عَنْ قُبْلَةٍ أَوْ مُبَاشَرَةٍ أَوْ اخْتَلَفَتْ عَادَتُهُ كَفَّرَ ، وَإِنْ كَانَتْ عَادَتُهُ السَّلَامَةَ فَلَا يُكَفِّرْ ا هـ طفي .
فَالْمُصَنِّفُ بِاعْتِبَارِ الْمُبَالَغَةِ جَارٍ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ثُمَّ أَشَارَ لِاخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ فَيَجْرِي فِي الْجَمِيعِ نَعَمْ اللَّخْمِيُّ فِي اخْتِيَارِهِ لَمْ يَنْظُرْ لِمُتَابَعَةٍ وَلَا عَدَمِهَا ، وَإِنَّمَا نَظَرَ لِلْعَادَةِ وَهَذَا لَا يَضُرُّ الْمُصَنِّفُ إذْ نَسَجَ عَلَى مِنْوَالِ اللَّخْمِيِّ ، فَإِذَا ذَكَرَ اتِّفَاقَهُمْ عَلَى شَرْطِ الْمُتَابَعَةِ ثُمَّ أَعْقَبَهُ بِذِكْرِ اخْتِيَارِهِ الرَّاجِعِ لِجَمِيعِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ ، وَلَيْسَ اخْتِيَارُهُ خَاصًّا بِالْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كَمَا قِيلَ ، بَلْ ذَكَرَهُمَا مِثَالَيْنِ كَمَا تَرَى ا هـ .
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ تَخْصِيصَ ز الِاسْتِثْنَاءَ بِمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ لَهُ اخْتِيَارٌ إلَّا فِي الْقُبْلَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ كُلُّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، إذْ غَيْرُهُمَا أَحْرَى بِذَلِكَ نَعَمْ مَا تَقَدَّمَ يَقْتَضِي أَنَّ اخْتِيَارَ اللَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا مِنْ الْخِلَافِ .
وَأَجَابَ طفي بِأَنَّ تَفَقُّهَهُ لَمَّا نَشَأَ عَنْ الْخِلَافِ الَّذِي

ذَكَرَهُ صَحَّ التَّعْبِيرُ بِصِيغَةِ الِاسْمِ .

وَإِنْ أَمْنَى بِتَعَمُّدِ نَظَرِهِ فَتَأْوِيلَانِ : .
( وَإِنْ أَمْنَى ) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ ( بِتَعَمُّدِ نَظْرَةٍ ) وَاحِدَةٍ ( فَ ) فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا رَاجِحُهُمَا عَدَمُهُ إذَا لَمْ يُخَالِفْ عَادَتَهُ ، وَإِلَّا فَلَا كَفَّارَةَ اتِّفَاقًا ، تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا عَدَمُهَا إنْ أَنْزَلَ عَنْ فِكْرٍ أَوْ نَظَرٍ غَيْرِ مُسْتَدَامٍ ، وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُكَفِّرُ إنْ أَمْنَى عَنْ نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ مُتَعَمِّدًا فَحَمَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ النَّظَرَ ، وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ .
الْبَاجِيَّ قَوْلُ الْقَابِسِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ .

بِإِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ ، وَهُوَ الْأَفْضَلُ ، أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ ، أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ كَالظِّهَارِ .
وَصِلَةُ كَفَّرَ ( بِإِطْعَامٍ ) أَيْ : تَمْلِيكِ ( سِتِّينَ مِسْكِينًا ) أَيْ : مُحْتَاجًا فَشَمِلَ الْفَقِيرَ ( لِكُلٍّ ) مِنْ السِّتِّينَ ( مُدٌّ ) أَيْ : مِلْءُ يَدَيْنِ مُتَوَسِّطَتَيْنِ مَقْبُوضَتَيْنِ وَلَا مَبْسُوطَتَيْنِ ، وَلَا يُجْزِئُ عَنْ الْمُدِّ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : يُجْزِئَانِ وَتَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْأَيَّامِ لَا بِتَعَدُّدِ الْفِطْرِ فِي يَوْمٍ وَلَوْ حَصَلَ الثَّانِي بَعْدَ إخْرَاجِهَا عَنْ الْأَوَّلِ أَوْ كَانَ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَوَّلِ .
( وَهُوَ ) أَيْ : الْإِطْعَامُ ( الْأَفْضَلُ ) مِنْ الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ وَلَوْ لِلْخَلِيفَةِ لِكَثْرَةِ تَعَدِّي نَفْعِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعِتْقَ أَفْضَلُ مِنْ الصَّوْمِ لِتَعَدِّيهِ دُونَ الصَّوْمِ .
وَأَفْتَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَمِيرَ الْأَنْدَلُسِ بِتَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ بِحَضْرَةِ الْعُلَمَاءِ وَقَالَ لِئَلَّا يَتَسَاهَلَ وَيُجَامِعَ ثَانِيًا ( أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ ) مُتَتَابِعَيْنِ ( أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ ) مُؤْمِنَةٍ سَلِيمَةٍ مِنْ عُيُوبٍ لَا تُجْزِئُ مَعَهَا كَامِلَةٌ مُحَرَّرَةٌ لِلْكَفَّارَةِ حَالَ كَوْنِ الصِّيَامِ وَالْعِتْقِ ( كَالظِّهَارِ ) فِي شَرْطِيَّةِ تَتَابُعِ الشَّهْرَيْنِ وَنِيَّتِهِ وَإِيمَانِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ إلَخْ ، وَكَمَالِ رَقِّهَا وَتَحْرِيرِهَا لِلْكَفَّارَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فِي الظِّهَارِ ، وَالتَّخْيِيرُ فِيهَا لِلْحُرِّ الرَّشِيدِ ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنَّمَا يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ بَقِيَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ حَتَّى يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَالسَّفِيهُ يَأْمُرُهُ وَلِيُّهُ بِالصَّوْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَوْ أَبَى كَفَّرَ عَنْهُ بِأَدْنَى النَّوْعَيْنِ قِيمَةً .

وَعَنْ أَمَةٍ وَطِئَهَا ، أَوْ زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا نِيَابَةً ، فَلَا يَصُومُ ، وَلَا يَعْتِقُ عَنْ أَمَتِهِ ، وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ وَرَجَعَتْ ؛ وَإِنْ لَمْ تَصُمْ بِالْأَقَلِّ مِنْ الرَّقَبَةِ .
وَكَيْلِ الطَّعَامِ

( وَ ) كَفَّرَ ( عَنْ أَمَةٍ ) لَهُ ( وَطِئَهَا ) وَلَوْ أَطَاعَتْهُ ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ إلَّا أَنْ تَتَزَيَّنَ لَهُ فَعَلَيْهَا كَفَّارَتُهَا ( أَوْ ) عَنْ ( زَوْجَةٍ أَكْرَهَهَا ) زَوْجُهَا عَلَى وَطْئِهَا فَعَلَيْهِ كَفَّارَتُهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً عَاقِلَةً مُسْلِمَةً وَلَوْ أَمَةً لِغَيْرِهِ ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا وَهِيَ كَجِنَايَةٍ فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيَّرُ مَالِكُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ فِيهَا وَفِدَائِهِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتَيْ الرَّقَبَةِ وَالطَّعَامِ ، وَلَيْسَ لَهَا أَخْذُهُ وَالصِّيَامُ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ ( نِيَابَةً ) عَنْ إحْدَاهُمَا ( فَلَا يَصُومُ ) عَنْ إحْدَاهُمَا إذْ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ .
( وَلَا يَعْتِقُ ) السَّيِّدُ ( عَنْ أَمَةٍ ) لَهُ وَطِئَهَا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ إذْ لَا يَنْعَقِدُ وَلَاءٌ لَهَا ( وَإِنْ أَعْسَرَ ) الزَّوْجُ عَنْ الْكَفَّارَةِ عَنْ زَوْجَتِهِ الَّتِي أَكْرَهَهَا عَلَى وَطْئِهَا ( كَفَّرَتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجَةُ عَنْ نَفْسِهَا بِأَحَدِ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ .
الرَّمَاصِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِهِ وَعِبَارَةُ النُّكَتِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ فَكَفَّرَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الطَّعَامَ أَوْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ ، وَلَيْسَتْ كَالْحَمِيلِ يَشْتَرِي مَا تَحْمِلُ بِهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ ، وَيَدْفَعُهُ لِلطَّالِبِ فَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَى تَكْفِيرِهَا عَنْ نَفْسِهَا وَلَا مَأْخُوذَةٍ بِهِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَطْلُوبَةٍ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَى وَلَا مَأْخُوذٌ بِهِ عَلَى الْوُجُوبِ ، فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ ، وَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَرَتَّبَ فِي تَوْضِيحِهِ مَطْلُوبِيَّتَهَا بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ عَلَيْهَا أَصَالَةٌ كَمَا فَعَلَ هُنَا .
( وَرَجَعَتْ ) الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا وَكَذَا إنْ كَفَّرَتْ عَنْ

نَفْسِهَا مَعَ يُسْرِهِ ( إنْ لَمْ تَصُمْ ) الزَّوْجَةُ بِأَنْ أَطْعَمَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ فَتَرْجِعُ ( بِالْأَقَلِّ مِنْ ) قِيمَةِ ( الرَّقَبَةِ وَ ) نَفْسِ مِثْلِ ( كَيْلِ الطَّعَامِ ) إنْ أَخْرَجَتْهُ ؛ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ وَتَعْلَمُ أَقَلِّيَّتَهُ وَأَكْثَرِيَّتَهُ بِتَقْوِيمِهِ إنْ كَانَ مِنْ عِنْدِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ اشْتَرَتْهُ فَبِثَمَنِهِ ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ رَجَعَتْ بِمِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهُمَا رَجَعَتْ بِمِثْلِ الطَّعَامِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ أَقَلَّ رَجَعَتْ بِهَا ، فَإِنْ أَعْتَقَتْ رَجَعَتْ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ إنْ كَانَتْ الرَّقَبَةُ مِنْ عِنْدِهَا وَإِلَّا فَالْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا وَقِيمَةِ الطَّعَامِ .
وَأَمَّا نَفْسُ كَيْلِ الطَّعَامِ فَلَا يُنْسَبُ لِقِيمَةِ الرَّقَبَةِ إذْ لَا يَحْصُلُ بِنِسْبَتِهِ لَهَا مَعْرِفَةُ قِلَّتِهِ أَوْ كَثْرَتِهِ ، وَإِنَّمَا رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ وَلَمْ تَكُنْ كَالْحَمِيلِ يَرْجِعُ بِثَمَنِ الطَّعَامِ أَوْ الْعَرْضِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَأَدَّاهُ ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ بِهِ ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُضْطَرَّةٍ إلَى تَكْفِيرِهَا عَنْ نَفْسِهَا وَغَيْرُ مَأْخُوذَةٍ بِهِ ، وَإِنَّمَا هِيَ كَالْأَجْنَبِيِّ : عَبْدُ الْحَقِّ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْأَقَلِّ يَوْمَ تَأْدِيَتِهَا ؛ لِأَنَّهَا مُسَلِّفَةٌ لَا يَوْمَ الرُّجُوعِ .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تَصُمْ عَدَمُ رُجُوعِهَا بِشَيْءٍ إنْ صَامَتْ فَقَطْ أَوْ ضَمَّتْ لَهُ إطْعَامًا أَوْ عِتْقًا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَكَذَا بِإِذْنٍ لَهَا فِي أَحَدِهِمَا فَصَامَتْ ثُمَّ فَعَلَتْهُ نَظَرًا لِتَقَدُّمِ الصَّوْمِ ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ رُجُوعُهَا عَلَيْهِ بِأَقَلِّهِمَا كَمَا إذَا فَعَلَتْهُ ثُمَّ صَامَتْ أَفَادَهُ عبق ، وَاعْتَرَضَهُ الْبُنَانِيُّ فَقَالَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ نَظَرٌ بَلْ غَيْرُ صَوَابٍ .
وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَنَّهَا إنْ كَفَّرَتْ بِالْإِطْعَامِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهُ بِهِ أَوْ قِيمَةِ الْعِتْقِ أَيُّ ذَلِكَ أَقَلُّ رَجَعَتْ بِهِ .
ا هـ .
وَكَذَا إنْ كَفَّرَتْ

بِالْعِتْقِ رَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الرَّقَبَةِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَتْهَا بِهَا أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ أَنَّهَا أَبَدًا تُعْطَى الْأَقَلَّ ، وَكَذَا أَطْلَقَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ قَالَهُ طفي فِي أَجْوِبَتِهِ ا هـ قُلْت لَعَلَّ قَوْلَ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ مِنْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ : قِيمَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ النَّظَرَ بَيْنَ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ وَثَمَنِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَا يُفِيدُ أَقَلِّيَّةً وَلَا أَكْثَرِيَّةً كَمَا قَالَ عب ، وَكَذَا قَوْلُ طفي أَوْ مَكِيلَةِ الطَّعَامِ فَيَتَحَصَّلُ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ بِمِثْلِ الطَّعَامِ وَلَا الرَّقَبَةِ بَلْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَثَمَنِهِ وَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ وَثَمَنِهَا .

وَفِي تَكْفِيرِهِ عَنْهَا إنْ أَكْرَهَهَا عَلَى الْقُبْلَةِ حَتَّى أَنْزَلَا : تَأْوِيلَانِ .
( وَفِي تَكْفِيرِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( عَنْهَا ) أَيْ : الزَّوْجَةِ ( إنْ أَكْرَهَهَا ) أَيْ : الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( عَلَى الْقُبْلَةِ ) وَنَحْوَهَا مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ ( حَتَّى أَنْزَلَا ) أَيْ أَمْنَى الزَّوْجَانِ أَوْ أَنْزَلَتْ هِيَ وَحْدَهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهَا وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الثَّانِي .
وَنَصَّ عَلَى إنْزَالِهِمَا لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَمَّا تَعَلَّقَتْ الْكَفَّارَةُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ لَا يَلْزَمُهُ تَكْفِيرُهُ عَنْهَا اتِّفَاقًا ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يَجْرِي مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَعْسَرَ كَفَّرَتْ وَرَجَعَتْ بِالْأَقَلِّ إلَخْ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ ، وَالثَّانِي الْقَابِسِيُّ عِيَاضٌ ثَانِيهِمَا ظَاهِرُهَا .

وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ رَجُلًا لِيُجَامِعَ : قَوْلَانِ لَا إنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا ، أَوْ لَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ ، أَوْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ .
أَوْ قَدِمَ لَيْلًا ، أَوْ سَافَرَ دُونَ الْقَصْرِ أَوْ رَأَى شَوَّالًا نَهَارًا فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ ؛

( وَفِي تَكْفِيرِ مُكْرِهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( رَجُلًا لِيُجَامِعَ ) الرَّجُلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ حَلِيلَتَهُ أَوْ غَيْرَهَا وَعَدَمِ تَكْفِيرِهِ عَنْهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ ، فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي وُجُوبِ تَكْفِيرِ الْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ قَوْلَيْنِ ، وَاسْتَقْرَبَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ السُّقُوطَ ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ وَالْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ مُبَاشِرٌ ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وُجُوبَهَا عَلَى مُكْرِهِ رَجُلًا عَلَى وَطْءٍ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ وَمِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ( قَوْلَانِ ) وَالرَّجُلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَطْءِ .
قَالَ عِيَاضٌ : عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فِي قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرُ أَقْوَالِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ ذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا إلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ ضَعِيفٌ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مُكْرَهٍ عَلَى أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ امْرَأَةٍ عَلَى وَطْءٍ وَفِي الرَّجُلِ الْمُكْرَهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ لَهَا وَلِابْنِ الْمَاجِشُونِ عِيَاضٍ وَرَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ ( لَا ) يُكَفِّرُ مُفْطِرٌ فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ ( إنْ ) تَأَوَّلَ تَأْوِيلًا قَرِيبًا بِأَنْ اسْتَنَدَ فِيهِ لِأَمْرٍ مَوْجُودٍ كَمَنْ ( أَفْطَرَ ) فِي رَمَضَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا حَالَ كَوْنِهِ ( نَاسِيًا ) فَظَنَّ لِفَسَادِ صَوْمِهِ وَوُجُوبِ قَضَائِهِ إبَاحَةَ الْفِطْرِ بَعْدَ تَذَكُّرِهِ وَتَعَاطَاهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) أَصَابَتْهُ جَنَابَةٌ أَوْ حَيْضٌ أَوْ نِفَاسٌ لَيْلًا وَرَأَتْ عَلَامَةَ الطُّهْرَ لَيْلًا ( وَلَمْ يَغْتَسِلْ إلَّا بَعْدَ الْفَجْرِ ) فَظَنَّ فَسَادَ صَوْمِهِ وَوُجُوبَ قَضَائِهِ وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ وَتُبَاحُ لَهُ الْمُفْطِرَاتُ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ( أَوْ تَسَحَّرَ ) آخِرَ اللَّيْلِ ( قُرْبَهُ ) أَيْ : الْفَجْرِ وَظَنَّ فَسَادَ صَوْمِهِ وَإِبَاحَةَ فِطْرِهِ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ

ابْنَ الْقَاسِمِ تَسَحَّرَ فِي الْفَجْرِ قَالَهُ تت ، أَيْ : فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ مِمَّنْ تَسَحَّرَ قُرْبَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ فَلَا يُسْقِطُ الْكَفَّارَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي الْحَطّ إذْ لَمْ يَسْتَنِدْ لِمَوْجُودٍ يَعْذُرُ بِهِ شَرْعًا ، وَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا حَقِيقَةً ا هـ عبق .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَقُلْ الْحَطّ إلَّا أَنَّ الْعُذْرَ هُنَا أَضْعَفُ مِنْهُ فِي اللَّتَيْنِ قَبْلَهُ ( أَوْ قَدِمَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا مِنْ سَفَرِ قَصْرٍ ( لَيْلًا ) فَظَنَّ عَدَمَ لُزُومِهِ الصَّوْمَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ وَأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فَأَفْطَرَ فِيهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ .
( أَوْ سَافَرَ دُونَ ) مَسَافَةِ ( الْقَصْرِ ) فَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَبَيَّتَ الْفِطْرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ نَهَارًا دُونَ الْقَصْرِ وَظَنَّ إبَاحَةَ الْفِطْرِ فَأَفْطَرَ فَفِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِيمَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ سَفَرَ قَصْرٍ بَعْدَ الْفَجْرِ بِلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَعَدَمِهِ بِالْأَحْرَى أَفَادَهُ الْحَطّ ( أَوْ رَأَى شَوَّالًا ) أَيْ : هِلَالَهُ ( نَهَارًا ) آخِرَ يَوْمِ رَمَضَانَ فَظَنَّ أَنَّهُ لِلَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ وَأَنَّ الْيَوْمَ عِيدٌ فَأَفْطَرَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ ( فَظَنُّوا الْإِبَاحَةَ ) أَيْ لِلْفِطْرِ فَأَفْطَرُوا رَاجِعٌ لِلْأَمْثِلَةِ السِّتَّةِ وَمَفْهُومُ الْإِبَاحَةِ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا الْحُرْمَةَ أَوْ شَكُّوا فَعَلَيْهِمْ الْكَفَّارَةُ وَهُوَ كَذَلِكَ لِانْتِهَاكِهِمْ .
وَزِيدَ عَلَى السِّتِّ ثَلَاثُ مَسَائِلَ : إحْدَاهَا مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ بَعْدَ ثُبُوتِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ وَسَتَأْتِي الثَّانِيَةُ ، وَالثَّالِثَةُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ وَمَنْ أَفْطَرَ مُكْرَهًا وَلَزِمَهُ الْإِمْسَاكُ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ وَأَنَّهُ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فَأَفْطَرَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ تَلْزَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَهِكًا قَالَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ

الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا فَظَنَّ الْإِبَاحَةَ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَنَدَ لِمَوْجُودٍ وَزِيدَ أَيْضًا مَنْ أَفْطَرَ مُتَأَوِّلًا عَدَمَ تَكْذِيبِ الْعَدْلَيْنِ بَعْدَ ثَلَاثِينَ صَحْوًا لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِهِ وَمَنْ أَفْطَرَ ظَانًّا الْإِبَاحَةَ لِحِجَامَةٍ فُعِلَتْ بِهِ أَوْ فَعَلَهَا هُوَ بِغَيْرِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِحِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمُحْتَجِمُ } ، وَبِالْجُمْلَةِ فَالْعِبْرَةُ فِي قُرْبِ التَّأْوِيلِ بِضَابِطِهِ وَهُوَ الِاسْتِنَادُ لِمَوْجُودٍ وَالْأَمْثِلَةُ لَا تُخَصِّصُهُ .
.

بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ : كِرَاءٍ ، وَلَمْ يُقْبَلْ ، أَوْ أَفْطَرَ لِحُمَّى ثُمَّ حُمَّ أَوْ لِحَيْضٍ ثُمَّ حَصَلَ ، أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ غِيبَةٍ ، وَلَزِمَ مَعَهَا الْقَضَاءُ .
إنْ كَانَتْ لَهُ ، وَالْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ بِمُوجِبِهَا

( بِخِلَافِ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ ) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ لَا يُقَالُ : إنَّهُ مَنْطُوقُهُ فَكَيْفَ يُخَرَّجُ مِنْهُ ؟ لِأَنَّا نَقُولُ : قَوْلُهُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ أَعَمُّ مِنْ هَذَا لِصِدْقِهِ بِانْتِفَاءِ التَّأْوِيلِ أَصْلًا وَبِالتَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ شَرْطُ الْكَفَّارَةِ انْتِفَاءُ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ بِخِلَافِ التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا انْتِفَاؤُهُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ انْتِهَاكًا لِلْحُرْمَةِ فَهُوَ كَالْعَدَمِ ، فَإِضَافَةُ بَعِيدِ التَّأْوِيلِ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَهُوَ مَا لَمْ يُسْنَدْ لِمَوْجُودٍ غَالِبًا وَمَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( كَ ) شَخْصٍ ( رَاءٍ ) اسْمُ فَاعِلِ رَأَى أَيْ : مُبْصِرٍ بِعَيْنِهِ هِلَالَ رَمَضَانَ وَشَهِدَ بِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ فَرُدَّ .
( وَلَمْ يُقْبَلْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتَ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ لِمَانِعٍ فَظَنَّ إبَاحَةَ فِطْرِهِ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِبُعْدِ تَأْوِيلِهِ ، وَإِنْ اسْتَنَدَ فِيهِ لِمَوْجُودٍ ؛ لِأَنَّ جَرَاءَتَهُ عَلَى رَفْعِ شَهَادَتِهِ لِلْحَاكِمِ دَلِيلٌ عَلَى تَحَقُّقِهِ الرُّؤْيَةَ وَلَيْسَ بَعْدَ الْعِيَانِ بَيَانٌ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ رَدُّ الْحَاكِمِ شَهَادَتَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا أَقْرَبُ مِمَّنْ قَدِمَ لَيْلًا وَمَنْ تَسَحَّرَ قُرْبَ الْفَجْرِ وَقَدْ اسْتَنَدَ لِمَوْجُودٍ ، وَلِذَا قَيَّدْت بِقَوْلِي غَالِبًا ا هـ .
عبق قُلْت ظَاهِرِيٌّ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ اسْتَنَدَ لِمَعْدُومٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ مِنْ رَمَضَانَ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ بِرُؤْيَةِ عَيْنِهِ .
أَوْ ) بَيَّتَ الْفِطْرَ ( لِحُمَّى ) اعْتَادَهَا فِي يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ( ثُمَّ حُمَّ ) فِيهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحَمَّ فِيهِ ( أَوْ ) بَيَّتَتْ الْفِطْرَ ( لِحَيْضٍ ) اعْتَادَتْهُ فِي يَوْمِهَا ( ثُمَّ حَصَلَ ) الْحَيْضُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْصُلْ فَعَلَيْهَا الْكَفَّارَةُ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ

الْحَكَمِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِمَا لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ذِي التَّأْوِيلِ الْبَعِيدِ قَوْلَانِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَلَهَا كَمَنْ قَالَ الْيَوْمُ أُحَمُّ أَوْ أَحِيضُ فَأَفْطَرَ فَحُمَّ وَحَاضَتْ ( أَوْ ) أَفْطَرَ لِظَنِّهِ إبَاحَةَ الْفِطْرِ لِ ( حِجَامَةٍ ) فَعَلَهَا بِغَيْرِهِ أَوْ فُعِلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لِقُرْبِ تَأْوِيلِهِ لِاسْتِنَادِهِ لِمَوْجُودٍ وَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ } ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُمَا خَاطَرَا بِالْفِطْرِ لِفِعْلِهِمَا مَا يَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِطْرُ غَالِبًا ، أَمَّا الْحَاجِمُ فَلِمَصِّهِ الدَّمَ الَّذِي شَأْنُهُ الْوُصُولُ لِحَلْقِهِ ، وَأَمَّا الْمُحْتَجَمُ فَلِخَوْفِ إغْمَائِهِ .
( أَوْ ) ظَنَّ إبَاحَةَ فِطْرِهِ لِ ( غِيبَةٍ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ ذِكْرِهِ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَأَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ لِبُعْدِ تَأْوِيلِهِ .
الْحَطّ لَوْ جَرَى فِيهِ خِلَافُ مَنْ أَفْطَرَ لِحِجَامَةٍ مَا بَعُدَ لَكِنْ لَمْ أَرَ فِيهِ إلَّا قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ بِوُجُوبِهَا ( وَلَزِمَ الْقَضَاءُ ) مَعَ الْكَفَّارَةِ ( إنْ كَانَتْ ) الْكَفَّارَةُ ( لَهُ ) أَيْ : عَنْ الْمُكَفِّرِ لَا إنْ كَانَتْ عَنْ غَيْرِهِ كَزَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَالْقَضَاءُ عَلَى غَيْرِهِ ( وَالْقَضَاءُ فِي ) فِطْرِ صَوْمِ ( التَّطَوُّعِ ) وَاجِبٌ ( بِ ) فِطْرٍ فِي صَوْمِ الْفَرْضِ ( مُوجِبِهَا ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ : سَبَبٍ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْعَمْدُ بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ وَجَهْلٍ ، فَكُلُّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ أَوْجَبَ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ عَبِثَ بِنَوَاةٍ فِي فِيهِ فَنَزَلَتْ فِي حَلْقِهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ فِي الْفَرْضِ وَلَا يَقْضِي النَّفَلَ .
وَأَجَابَ طفي عَنْ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ

التَّحَلُّلِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُصَنِّفَ دَرَجَ عَلَى مَذْهَبِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَاخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُتَحَلِّلَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ فِي إيجَابِ الْقَضَاءِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ الْأُصُولِ .
وَلِذَا لَمَّا ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ قَالَ : خَالَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا قَاعِدَتَهُ أَنَّ كُلَّ مَا أَوْجَبَ الْكَفَّارَةَ فِي الْفَرْضِ يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهَا أَيْضًا الْفِطْرَ فِي رَمَضَانَ لِوَجْهٍ ، كَأَمْرِ وَالِدٍ أَوْ شَيْخٍ فَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ وَلَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ فِي النَّفْلِ وَأَجَابَ أَبُو عَلِيٍّ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْوَجْهَ الْمَذْكُورَ فِي رَمَضَانَ لَيْسَ هُوَ الْوَجْهُ فِي النَّفْلِ ؛ لِأَنَّهُ مُبِيحٌ فِي النَّفْلِ وَلَيْسَ مُبِيحًا فِي رَمَضَانَ ، وَغَيْرُ مُنْعَكِسَةٍ ؛ لِأَنَّ مَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ وَأَفْطَرَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِي السَّفَرِ يَقْضِي النَّفَلَ وَلَا يُكَفِّرُ فِي الْفَرْضِ وَلِأَنَّ مَسَائِلَ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ كَذَلِكَ وَلِأَنَّ مَنْ أَفْطَرَ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ وَمَنْ أَمْذَى كَذَلِكَ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ الرَّاجِحَ فِي مَسَائِلِ التَّأْوِيلِ الْقَرِيبِ أَنَّهُ لَا قَضَاءَ فِي النَّفْلِ فِيهَا لِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ بِهِ وَقَضَاؤُهُ إنَّمَا هُوَ بِالْعَمْدِ الْحَرَامِ .

وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ ، أَوْ ذُبَابٍ أَوْ غُبَارِ طَرِيقٍ ، أَوْ كَيْلٍ ، أَوْ جِبْسٍ لِصَانِعِهِ .
وَحُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ .
أَوْ دُهْنِ جَائِفَةٍ ، وَمَنِيِّ مُسْتَنْكِحٍ أَوْ مَذْيٍ .
وَنَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ أَوْ فَرْجٍ طُلُوعَ الْفَجْرِ .

( وَلَا قَضَاءَ فِي غَالِبِ قَيْءٍ ) مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ : خَرَجَ غَلَبَةً وَلَوْ كَثُرَ إنْ لَمْ يَزْدَرِدْ شَيْئًا مِنْهُ ( أَوْ ) دُخُولِ ( ذُبَابٍ ) أَوْ بَعُوضٍ حَلْقَهُ غَلَبَةً ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَدِيثٍ وَالذُّبَابُ يَطِيرُ فَيَسْبِقُ لِحَلْقِهِ وَلَا يُمْكِنُهُ رَدُّهُ فَأَشْبَهَ رِيقَ فَمِهِ قَالَهُ سَنَدٌ ، وَيُفْهَمُ أَنَّ الْبَعُوضَ وَنَحْوَهُ لَيْسَ كَالذُّبَابِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ طَيَرَانُهُ فِي مَحَلٍّ حَتَّى يَغْلِبَ دُخُولُهُ فَيَكُونَ مِثْلَهُ وَبِالْبَعُوضِ جَزَمَ فِي الْجَلَّابِ ( أَوْ ) غَالِبِ ( غُبَارِ طَرِيقٍ ) لِحَلْقِهِ فَلَا قَضَاءَ فِيهِ لِلْمَشَقَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكْثُرْ ، وَأَمَّا دُخُولُ غُبَارِ غَيْرِ الطَّرِيقِ لِحَلْقِهِ غَلَبَةً فَفِيهِ الْقَضَاءُ فِيمَا يَظْهَرُ ، وَإِذَا كَثُرَ غُبَارُ الطَّرِيقِ وَأَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ عَلَى الْأَنْفِ وَالْفَمِ فَهَلْ مُلْزِمٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ( أَوْ ) غُبَارِ ( دَقِيقٍ أَوْ كَيْلٍ ) لِحَبٍّ وَنَحْوِهِ .
( أَوْ ) غُبَارِ ( جِبْسٍ لِصَانِعِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدَّقِيقِ وَمَا بَعْدَهُ وَدَخَلَ فِي صَانِعِ الْجِبْسِ يَكِيلُهُ أَوْ يَطْحَنُهُ أَوْ يَرْفَعُهُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ ، وَكَذَا مَنْ يُمْسِكُ طَرَفَ مَا يُوضَعُ فِيهِ الْمَكِيلُ حَيْثُ اُحْتِيجَ لَهُ وَمِثْلُ غُبَارِ الدَّقِيقِ طَعْمُ الدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ ، قَالَهُ التُّونُسِيُّ ، وَنَصُّهُ فِي لَغْوِ غُبَارِ الدَّقِيقِ وَالْجِبْسِ وَالدِّبَاغِ لِصَانِعِهِ نَظَرٌ لِضَرُورَةِ الصَّنْعَةِ وَإِمْكَانِ غَيْرِهَا وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ التِّلِمْسَانِيِّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الدَّقِيقِ إنَّمَا هُوَ لِصَانِعِهِ .
ابْنُ عَاشِرٍ مِمَّا يَجْرِي مَجْرَى الصَّانِعِ حَارِسُ قَمْحِهِ عِنْدَ طَحْنِهِ خَوْفًا مِنْ سَرِقَتِهِ كَمَا قَالُوا فِي مَالِكِ الزَّرْعِ يَحْضُرُ حَصَادَهُ .
( وَ ) لَا قَضَاءَ فِي ( حُقْنَةٍ مِنْ إحْلِيلٍ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ : ثُقْبِ ذَكَرٍ ، وَأَمَّا فَرْجُ الْمَرْأَةِ فَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحُقْنَةِ مِنْهُ إنْ وَصَلَتْ الْمَعِدَةَ أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ أَبُو عَلِيٍّ فَرْجُهَا

لَيْسَ مُوَصِّلًا لِمَعِدَتِهَا فَلَا يَصِلُ مِنْهُ إلَيْهَا شَيْءٌ ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْحُقْنَةَ لِلصَّائِمِ ، فَإِنْ احْتَقَنَ فِي فَرْضٍ بِشَيْءٍ يَصِلُ إلَى جَوْفِهِ فَلْيَقْضِ وَلَا يُكَفِّرْ .
وَفِي الْحَطّ عَنْ النِّهَايَةِ الْإِحْلِيلُ يَقَعُ عَلَى ذَكَرِ الرَّجُلِ وَفَرْجِ الْمَرْأَةِ ( وَ ) لَا قَضَاءَ فِي ( دُهْنِ جَائِفَةٍ ) أَيْ : جُرْحٍ نَافِذٍ لِلْجَوْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَدْخَلَ الطَّعَامِ ، وَلَوْ وَصَلَ إلَيْهِ لَمَاتَ مِنْ سَاعَتِهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ( وَ ) لَا قَضَاءَ فِي خُرُوجِ ( مَنِيِّ مُسْتَنْكِحٍ ) بِكَسْرِ الْكَافِ نَعْتُ مَنِيٍّ أَوْ بِفَتْحِهَا نَعْتُ مَحْذُوفٍ مُضَافٍ إلَيْهِ أَيْ : شَخْصٍ أَيْ : قَاهِرٍ وَخَارِجٍ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ بِمُجَرَّدِ نَظَرٍ أَوْ فِكْرٍ ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَنْكِحٍ فَفِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
( أَوْ مَذْيٍ ) مُسْتَنْكِحٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَضَاءُ فَقَطْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ( وَ ) لَا قَضَاءَ فِي ( نَزْعِ مَأْكُولٍ أَوْ مَشْرُوبٍ ) مِنْ فَمِ وَلَوْ لَمْ يَتَمَضْمَضْ ( أَوْ فَرْجٍ ) مِنْ فَرْجٍ ( طُلُوعَ الْفَجْرِ ) وَلَوْ أَمْنَى أَوْ أَمْذَى بَعْدَهُ أَيْ حَالَ طُلُوعِهِ لَا بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ النَّهَارِ وَلَا قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّيْلِ بِلَا خِلَافٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّزْعَ لَيْسَ وَطْئًا .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ طَلَعَ الْفَجْرُ وَهُوَ يُجَامِعُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ إنْ اسْتَدَامَ فَإِنْ نَزَعَ فَفِي إثْبَاتِ الْقَضَاءِ وَنَفْيِهِ خِلَافٌ بَيْنَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْقَاسِمِ سَبَبُهُ هَلْ بَعْدَ النَّزْعِ جِمَاعًا أَمْ لَا .
اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ كَانَ يَطَأُ فَأَقْلَعَ حِينَ رَأَى الْفَجْرَ صَحَّ صَوْمُهُ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ .
فِي الْبُرْزُلِيُّ مَنْ نَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَضْمَضَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ وَقَدْ بَيَّتَ الصِّيَامَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ يُلْقِي مَا فِي فِيهِ وَيَتَمَضْمَضُ وَظَاهِرُ سَبْقِهِ أَنَّهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ .

وَجَازَ سِوَاكٌ كُلَّ النَّهَارِ ، وَمَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ ، وَإِصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ ، وَصَوْمُ دَهْرٍ وَجُمُعَةٍ فَقَطْ وَفِطْرٌ بِسَفَرِ قَصْرٍ شَرَعَ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَلَمْ يَنْوِهِ فِيهِ ، وَإِلَّا قَضَى وَلَوْ تَطَوُّعًا ، وَلَا كَفَّارَةَ ؛ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ بِسَفَرٍ كَفِطْرِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ ، وَبِمَرَضٍ خَافَ : زِيَادَتَهُ ، أَوْ تَمَادِيهِ .
وَوَجَبَ إنْ خَافَ هَلَاكًا ، أَوْ شَدِيدَ أَذًى : كَحَامِلٍ ، وَمُرْضِعٍ لَمْ يُمْكِنْهَا اسْتِئْجَارٌ أَوْ غَيْرُهُ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا ، وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ ، ثُمَّ هَلْ فِي مَالِ الْأَبِ ، أَوْ مَالِهَا ؟ تَأْوِيلَانِ

( وَجَازَ ) أَيْ : لَمْ يَحْرُمْ عَلَى الصَّائِمِ وَلَمْ يُكْرَهْ ( سِوَاكٌ ) أَيْ : اسْتِيَاكٌ إذْ لَا تَكْلِيفَ إلَّا بِفِعْلٍ اخْتِيَارِيٍّ بِمَا لَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَكُرِهَ بِالرَّطْبِ لِمَا يَتَحَلَّلُ مِنْهُ ، فَإِنْ تَحَلَّلَ مِنْهُ شَيْءٌ وَوَصَلَ لِحَلْقِهِ عَمْدًا فَفِيهِ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ وَإِلَّا فَالْقَضَاءُ فَقَطْ ( كُلَّ النَّهَارِ ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ } ، أَيْ : أَمْرَ إيجَابٍ وَهَذَا يَعُمُّ الصَّائِمَ وَغَيْرَهُ ( وَ ) جَازَ لَهُ ( مَضْمَضَةٌ لِعَطَشٍ ) وَنَحْوِهِ فَمَا تُطْلَبُ الْمَضْمَضَةُ فِيهِ كَوُضُوءٍ وَغُسْلٍ أَحْرَى ، وَتُكْرَهُ لِغَيْرِ مُوجِبٍ ؛ لِأَنَّهَا تَغْرِيرٌ بِالْفِطْرِ يَسْبِقُهَا لِلْحَلْقِ الْمُصَنِّفُ إذَا تَمَضْمَضَ لِعَطَشٍ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ ابْتَلَعَ رِيقَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
الْبَاجِيَّ إذَا ذَهَبَ طَعْمُ الْمَاءِ وَخَلَصَ رِيقُهُ ( وَ ) جَازَ ( إصْبَاحٌ بِجَنَابَةٍ ) وَالْأَوْلَى الِاغْتِسَالُ مِنْهَا قَبْلَ الْفَجْرِ .
( وَ ) جَازَ أَيْ : نُدِبَ ( صَوْمُ دَهْرٍ ) إنْ لَمْ يُضْعِفْهُ عَنْ عَمَلِ بِرٍّ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِجَوَازِهِ مُسْتَوِيًا ، وَإِنَّمَا قِيلَ بِنَدْبِهِ وَكَرَاهَتِهِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ احْتَجَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ ، وَلَوْ كُرِهَ أَوْ مُنِعَ لَمْ يَلْزَمْ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْقَبَّابُ هَذِهِ حُجَّةٌ لَا بَأْسَ بِهَا .
الْبُنَانِيُّ قَدْ يُقَالُ فِي حُجَّةِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ الْقَائِلَ بِكَرَاهَتِهِ يُجِيبُ عَنْ لُزُومِهِ بِالنَّذْرِ بِمَا يَأْتِي فِي رَابِعِ النَّحْرِ ( وَ ) جَازَ صَوْمُ يَوْمِ ( جُمُعَةٍ ) ( فَقَطْ ) لَا قَبْلَهُ يَوْمٌ وَلَا بَعْدَهُ يَوْمٌ أَيْ : نُدِبَ فَإِنْ ضَمَّ إلَيْهِ آخَرَ فَلَا خِلَافَ فِي نَدْبِهِ ، وَإِنَّمَا فَسَّرَ الْجَوَازَ بِالنَّدْبِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَوْمُ مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ وَحَمَلَ النَّهْيَ عَنْ الْوَارِدِ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إلَّا أَنْ يَصُومَ قَبْلَهُ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ } ،

عَلَى التَّقِيَّةِ مِنْ فَرْضِهِ كَمَا اتَّقَى قِيَامَ رَمَضَانَ وَقَدْ أَمِنَّا مِنْ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِوَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَا يُذْكَرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ كَانَ يَصُومُهُ إلَى أَنْ مَاتَ .
( وَ ) جَازَ لَهُ بِمَعْنَى كُرِهَ ( فِطْرٌ ) أَيْ : نِيَّتُهُ وَفِعْلُهُ ( بِسَفَرِ قَصْرٍ ) أَيْ : أَرْبَعَةِ بُرُدٍ بِلَا عِصْيَانٍ وَلَا لَهْوٍ بِهِ وَلَوْ أَقَامَ بِمَحَلٍّ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ( شَرَعَ ) الْمُكَلَّفُ ( فِيهِ ) أَيْ : السَّفَرِ ( قَبْلَ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ ) أَوْ مَعَهُ هَذَا مَصَبُّ الشَّرْطِيَّةِ فَلَا يُقَالُ الشُّرُوعُ فِيهِ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَفَرٍ ، فَاشْتِرَاطُهُ فِيهِ مِنْ بَابِ تَحْصِيلِ الْحَاصِلِ ( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَنْوِهِ ) أَيْ : الصَّوْمَ ( فِيهِ ) أَيْ : السَّفَرِ هَذَا شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْفِطْرِ بِالْفِعْلِ لَا بِالنِّيَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ ، وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنُ السَّفَرِ فِي رَمَضَانَ لَا فِي نَحْوِ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ .
( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ تَجْتَمِعْ هَذِهِ الشُّرُوطُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ سَفَرَ قَصْرٍ أَوْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ أَوْ شَرَعَ فِيهِ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ نَوَى الصَّوْمَ فِيهِ ( قَضَى ) ذَكَرَهُ وَإِنْ عَلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ( وَلَوْ ) كَانَ الصَّوْمُ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ ( تَطَوُّعًا ) بَيَّتَ صَوْمَهُ فِي الْحَضَرِ وَسَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَيَقْضِيهِ ، ؛ لِأَنَّ فِطْرَهُ حِينَئِذٍ عَمْدُ حَرَامٍ فَلَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ وَبَحَثَ فِيهَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا قَبْلَهَا لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ رُخْصَةَ فِطْرِ السَّفَرِ خَاصَّةٌ بِرَمَضَانَ بِدَلِيلِهَا إذْ لَوْ رَخَّصَ فِيهِ فِي التَّطَوُّعِ لَمْ يَلْزَمْ قَضَاؤُهُ فَالْمُنَاسِبُ إبْدَالُ قَضَى بِفَلَا يَجُوزُ وَلِأَنَّهُ نَقِيضُ الْجَوَازِ الْمَشْرُوطِ فِيهِ ، وَلِأَنَّهُ لَازِمٌ فِي الْفِطْرِ الْجَائِزِ بِاسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ .
( وَلَا كَفَّارَةَ ) عَلَى مَنْ

أَفْطَرَ مَعَ فَقْدِ شَرْطٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ( إلَّا ) مِنْ فَقْدِ الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِ ( أَنْ يَنْوِيَهُ ) أَيْ : صَوْمَ رَمَضَانَ ( بِسَفَرٍ ) أَيْ : فِيهِ ثُمَّ يُفْطِرَ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَتَلْزَمَهُ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ تَأَوَّلَ وَأَوْلَى مَنْ لَمْ يَشْرَعْ فِيهِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَرَفْعُ نِيَّتِهِ لَيْلًا وَاسْتِمْرَارُ أَفْعَالِهَا حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ سَوَاءٌ عَزَمَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ تَأَوَّلَ أَوْ لَا ، أَفْطَرَ بِالْفِعْلِ أَوْ لَا ، وَيُكَفِّرُ أَيْضًا إنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ بِحَضَرٍ ثُمَّ أَفْطَرَ قَبْلَ عَزْمِهِ تَأَوَّلَ أَوْ لَا أَوْ بَعْدَهُ وَلَمْ يَتَأَوَّلْ أَوْ تَأَوَّلَ وَلَمْ يُسَافِرْ فِي يَوْمِهِ ، فَإِنْ تَأَوَّلَ وَسَافَرَ فِي يَوْمِهِ فَلَا يُكَفِّرُ كَتَبْيِيتِهِ الصَّوْمَ بِحَضَرٍ وَفِطْرِهِ بَعْدَ شُرُوعِهِ بَعْدَ الْفَجْرِ تَأَوَّلَ أَوْ لَا .
وَسَأَلَ سَحْنُونٌ ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ بَيَّتَ الصَّوْمَ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ بَعْدَ أَنْ سَافَرَ بَعْدَ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْوِيَهُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ مَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي السَّفَرِ ثُمَّ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَالَ ؛ لِأَنَّ الْحَاضِرَ مِنْ أَهْلِ الصَّوْمِ فَسَافَرَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الْفِطْرِ فَسَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ ، وَالْمُسَافِرُ مُخَيَّرٌ فِيهِمَا فَاخْتَارَ الصَّوْمَ وَتَرَكَ الرُّخْصَةَ فَصَارَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْكَفَّارَةِ وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَإِنْ تَأَوَّلَ فَقَالَ ( كَفِطْرَةٍ ) أَيْ الْمُسَافِرِ الصَّائِمِ ( بَعْدَ ) انْقِضَاءِ سَفَرِهِ وَ ( دُخُولِهِ ) نَهَارًا أَوَّلَهُ أَوْ وَسَطَهُ أَوْ آخِرَهُ وَطَنَهُ أَوْ مَحَلَّ زَوْجَتِهِ الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ مَحَلًّا نَوَى إقَامَةً أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِيهِ .
ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُ اخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي سَفَرٍ ثُمَّ أَفْطَرَ أَصْبَحَ صَائِمًا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ سَافَرَ فَأَفْطَرَ أَفْطَرَ ثُمَّ سَافَرَ عَزَمَ عَلَى السَّيْرِ فَأَفْطَرَ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَلَمْ يُسَافِرْ ، فَفِي كُلِّ وَجْهٍ قَوْلَانِ بِالتَّكْفِيرِ وَعَدَمِهِ .
(

وَ ) جَازَ الْفِطْرُ ( بِمَرَضٍ خَافَ ) أَيْ : تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ الصَّائِمُ لِتَجْرِبَةٍ فِي نَفْسِهِ أَوْ مُوَافَقَةٍ فِي الْمِزَاجِ أَوْ إخْبَارِ عَدْلٍ عَارِفٍ بِالطِّبِّ ( زِيَادَتَهُ ) أَيْ الْمَرَضِ بِالصَّوْمِ ( أَوْ تَمَادِيهِ ) أَيْ : الْمَرَضِ بِتَأْخِيرِ الْبُرْءِ مِنْهُ أَوْ حَصَلَ لِلْمَرِيضِ شِدَّةٌ وَتَعَبٌ بِالصَّوْمِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا تَمَادٍ ، وَمَفْهُومُ بِمَرَضِ أَنَّ خَوْفَ أَصْلِ الْمَرَضِ بِصَوْمِهِ لَا يُبِيحُ الْفِطْرَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَعَلَّهُ لَا يَنْزِلُ بِهِ وَقِيلَ يُبِيحُهُ .
( وَوَجَبَ ) الْفِطْرُ عَلَى الصَّائِمِ مَرِيضًا كَانَ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَوْ صَحِيحًا ( إنْ خَافَ ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ بِمَا تَقَدَّمَ ( هَلَاكًا أَوْ شَدِيدَ أَذًى ) بِتَلَفِ مَنْفَعَةٍ كَبَصَرٍ بِصَوْمِهِ ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّفْسِ وَالْمَنَافِعِ وَاجِبٌ ، وَهَذَا فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ بِمَرَضٍ إلَخْ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : إلَّا أَنْ يَخَافَهُ إلَخْ وَالْجَوَازُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ هُوَ الْمَشْهُورُ .
الْبُرْزُلِيُّ اُخْتُلِفَ إذَا خَافَ مَا دُونَ الْمَوْتِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الْإِبَاحَةُ نَقَلَهُ الْحَطّ ، فَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ مَنْعِ الصَّوْمِ حِينَئِذٍ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ ، وَأَمَّا الْجَهْدُ الشَّدِيدُ الَّذِي يَزُولُ بِالْفِطْرِ فَيُبِيحُ الْفِطْرَ لِلْمَرِيضِ فَقَطْ وَقِيلَ وَلِلصَّحِيحِ أَيْضًا .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ فَقَالَ ( كَحَامِلٍ ) جَنِينًا فِي بَطْنِهَا ( وَمُرْضِعٍ ) وَلَدَهَا ( لَمْ يُمْكِنْهَا ) أَيْ : الْمُرْضِعَ ( اسْتِئْجَارٌ ) لِمُرْضِعٍ تُرْضِعُ وَلَدَهَا بَدَلَهَا لِعَدَمِ مَالٍ لِأَبِيهِ وَلَهُ وَلَهَا أَوْ مُرْضِعَةٍ أَوْ عَدَمِ قَبُولِ الْوَلَدِ غَيْرَهَا ( أَوْ غَيْرُهُ ) أَيْ : الِاسْتِئْجَارِ وَهُوَ إرْضَاعُهَا بِنَفْسِهَا أَوْ غَيْرِهَا مَجَّانًا ( خَافَتَا ) أَيْ : تَحَقَّقَتْ أَوْ ظَنَّتْ الْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ ضَرَرًا بِالصَّوْمِ ( عَلَى وَلَدَيْهِمَا ) فَيَجُوزُ فِطْرُهُمَا إنْ خَافَتَا ضَرَرًا يَسِيرًا وَيَجِبُ إنْ خَافَتَا هَلَاكًا أَوْ أَذًى شَدِيدًا ، وَأَمَّا خَوْفُهَا بِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا فَقَدْ

دَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ وَبِمَرَضٍ إلَخْ ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ مَرَضٌ وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ خَافَتَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُمَا الْفِطْرُ بِمُجَرَّدِ الْجَهْدِ مَعَ أَمْنِ الْعَاقِبَةِ ، وَقَدْ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ بِجَوَازِهِ لَهُمَا بِهِ .
وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَائِلًا إذَا كَانَتْ الشِّدَّةُ مُبِيحَةً لِلْفِطْرِ مِنْ الْمَرَضِ فَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ أَوْلَى بِذَلِكَ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُرْضِعِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْفِطْرِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : حَالٌ لَا يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهِيَ قُدْرَتُهَا عَلَى الصِّيَامِ وَلَمْ يُجْهِدْهَا الْإِرْضَاعُ وَحَالٌ يَجُوزُ لَهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ ، وَهُوَ إجْهَادُهَا الْإِرْضَاعُ وَلَمْ تَخَفْ عَلَى وَلَدِهَا وَحَالٌ يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ الْفِطْرُ وَالْإِطْعَامُ وَهُوَ خَوْفُهَا عَلَى وَلَدِهَا .
ا هـ .
فَإِنْ أَمْكَنَ الْمُرْضِعَ الِاسْتِئْجَارُ وَجَبَ بِهَا الصَّوْمُ وَالِاسْتِئْجَارُ .
( وَالْأُجْرَةُ فِي مَالِ الْوَلَدِ ) الَّذِي مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ عَطَاءٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ نَفَقَتِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْإِرْضَاعُ وَاجِبًا عَلَيْهَا أَوْ لَا ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ مَالٌ وَوُجِدَ مَالُ الْوَالِدَيْنِ فَ ( هَلْ ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ ( فِي مَالِ الْأَبِ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ ( أَوْ ) تَكُونُ الْأُجْرَةُ فِي ( مَالِهَا ) أَيْ الْأُمِّ حَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ ، وَهَذَا بَدَلُهُ وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْأَبِ ، فَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَعَلَى الْأَبِ اتِّفَاقًا ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ ، وَالثَّانِي لِسَنَدٍ وَالْأُولَى تَرَدُّدٌ أَوْ قَوْلَانِ إذْ لَيْسَ اخْتِلَافًا فِي فَهْمِهَا وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ يَجِبُ الْإِرْضَاعُ عَلَى الْأُمِّ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْأَبِ اتِّفَاقًا .
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي مَالِهَا اتِّفَاقًا فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَلَا مَالَ لَهَا فَفِي مَالِهِ اتِّفَاقًا .

وَالْقَضَاءُ بِالْعَدَدِ ، بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ : غَيْرَ رَمَضَانَ وَإِتْمَامُهُ إنْ ذَكَرَ قَضَاءَهُ .

( وَ ) وَجَبَ ( الْقَضَاءُ ) لِمَا فَاتَ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ بَعْضًا ( بِالْعَدَدِ ) لِأَيَّامِهِ فَمَنْ أَفْطَرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ وَكَانَ ثَلَاثِينَ وَقَضَاهُ فِي شَهْرٍ بِالْهِلَالِ وَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ صَامَ يَوْمًا آخَرَ ، وَبِالْعَكْسِ فَلَا يَلْزَمُهُ صَوْمُ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامِ أُخَرَ } هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : إنْ صَامَ بِالْهِلَالِ كَفَاهُ مَا صَامَهُ وَلَوْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَرَمَضَانُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي إلَى أَنْ يَبْقَى إلَى رَمَضَانَ الثَّانِي مِثْلُ مَا أَفْطَرَهُ مِنْ رَمَضَانَ الْأَوَّلِ .
( بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ ) لَمْ يُرِدْ بِالْإِبَاحَةِ اسْتِوَاءَ الطَّرَفَيْنِ لِعَدَمِ وُجُودِهِ هُنَا فِي كَلَامِهِمْ وَأَرَادَ بِهَا الْإِذْنَ غَيْرَ الْجَازِمِ لِإِخْرَاجِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَرَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَلَمَّا شَمِلَ رَمَضَانَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسَافِرِ ، أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ ( غَيْرَ رَمَضَانَ ) فَلَا يَقْضِي الْمُسَافِرُ رَمَضَانَ السَّابِقَ فِيهِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْأَدَاءِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ غَيْرَهُ ، فَإِنْ قَضَى فِيهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اتِّفَاقًا ، وَإِنْ صَامَ الْحَاضِرُ رَمَضَانَ قَضَاءً عَنْ الْمَاضِي فَقَالَ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَابْنُ الْمَوَّازِ وَابْنُ حَبِيبٍ .
" رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ " لَا يَجْزِيهِ عَنْ أَحَدِهِمَا ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا فَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ الْكُبْرَى ؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَصَوَّبَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ : تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى مَعَ الْكَفَّارَةِ الصُّغْرَى عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِفِطْرِهِ فِيهِ عَمْدًا بِرَفْعِ نِيَّةِ الْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : فِيهَا إذَا صَامَ الْحَاضِرُ رَمَضَانَ الْحَاضِرَ قَضَاءً عَنْ الْفَائِتِ أَجْزَأَ عَنْ الْحَاضِرِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ وَعَلَيْهِ لِلْمَاضِي مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مَعَ قَضَائِهِ .
عبق

وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى الْعَدَوِيُّ وَصَحَّحَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَهَلْ يَجِبُ التَّرْتِيبُ فِي الْقَضَاءِ ؟ لَا نَصَّ وَالظَّاهِرُ لَا قَالَهُ سَالِمٌ وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِزَمَنٍ أُبِيحَ صَوْمُهُ يَوْمَ الشَّكِّ لِإِذْنٍ فِي صَوْمِهِ قَضَاءً وَتَطَوُّعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَوَّاقِ عَنْهَا رَابِعَ النَّحْرِ لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ قَضَاءً وَصَحَّحَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَشَهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ .
( وَ ) إنْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ غَيْرِهِ وَبَيَّتَ صَوْمَ يَوْمٍ قَضَاءً عَنْهُ وَطَلَعَ فَجْرُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ ( تَمَامُهُ ) بِالصَّوْمِ ( إنْ ذَكَرَ ) فِي أَثْنَائِهِ ( قَضَاءَهُ ) قَبْلَ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ سُقُوطَهُ بِوَجْهٍ مَا كَبُلُوغِهِ نَهَارًا وَحَيْضٍ بِنَذْرٍ مُعَيَّنٍ ، فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ عِنْدَ ابْنِ شَبْلُونٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَلْزَمُهُ وَعَلَيْهِمَا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ : .

وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ : خِلَافٌ

( وَفِي وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ ) عَلَى مَنْ لَزِمَهُ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ مِنْ تَطَوُّعٍ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا حَرَامًا فَشَرَعَ فِي قَضَائِهِ ثُمَّ أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ ، وَشَهَرَهُ ابْنُ غَلَّابٍ فِي وَجِيزِهِ فَيَقْضِي يَوْمَيْنِ عَنْ الْأَصْلِ وَيَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ هَذَا ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصُّهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ إنْ أَفْطَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مُتَعَمِّدًا فِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ ، الْيَوْمُ الَّذِي كَانَ تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ أَوْ بِهِ مُتَعَمِّدًا فِي التَّطَوُّعِ وَيَوْمٌ لِفِطْرِهِ فِي الْقَضَاءِ مُتَعَمِّدًا وَيَوْمٌ لِفِطْرِهِ فِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ مُتَعَمِّدًا ا هـ .
وَذَكَرَ الْقُورِيُّ أَنَّ فِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا يُؤْذِنُ بِعَدَمِ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِ وُجُوبِهِ فَيَقْضِي الْأَوَّلَ فَقَطْ ؛ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَصَالَةً ، وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ( خِلَافٌ ) أَيْ : قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ فِي الْقَضَاءِ سَهْوًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ اتِّفَاقًا كَمَا تُفِيدُهُ الذَّخِيرَةُ .
وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ أَحْمَدَ فِيهِ الْخِلَافُ أَيْضًا .
وَعَلَى هَذَا فَإِنْ قِيلَ : التَّطَوُّعُ إنْ أَفْطَرَ فِيهِ سَهْوًا لَا يَقْضِيهِ ، وَإِذَا أَفْطَرَ سَهْوًا فِي قَضَاءِ التَّطَوُّعِ الَّذِي أَفْطَرَ فِيهِ عَمْدًا حَرَامًا ، فَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ خِلَافٌ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ كَأَصْلِهِ فِي الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ قَضَائِهِ ؛ فَجَوَابُهُ أَنَّ الْقَضَاءَ وَاجِبٌ ابْتِدَاءً وَالتَّطَوُّعُ لَيْسَ وَاجِبًا فَافْتَرَقَا .
فَإِنْ قُلْت : الْقَوْلُ بِعَدَمِ وُجُوبِ قَضَاءِ الْقَضَاءِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ فِطْرَهُ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ قَضَائِهِ بِفِطْرِهِ نَاسِيًا كُلٌّ مِنْهُمَا مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِ وَقَضَى فِي الْفَرْضِ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ فَرْضٌ .
قُلْت لَمَّا لَمْ يَكُنْ وُجُوبُهُ أَصْلِيًّا وَإِنَّمَا وَجَبَ بِسَبَبِ كَوْنِهِ قَضَاءً وَقَدْ بَطَلَ

ذَلِكَ بِالْفِطْرِ فِيهِ أُلْغِيَ وُجُوبُهُ .
فَإِنْ قُلْت : إذَا أُلْغِيَ وُجُوبُهُ صَارَ نَفْلًا وَالنَّفَلُ يُقْضَى بِفِطْرِهِ عَمْدًا حَرَامًا .
قُلْت النَّفَلُ مَقْصُودٌ لِذَاتِهِ وَهَذَا لِنِيَابَتِهِ عَنْ غَيْرِهِ وَقَدْ بَطَلَتْ بِذَلِكَ ، فَانْحَطَّ عَنْ النَّفْلِ أَيْضًا .

وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا : إلَّا أَنْ يَأْتِيَ تَائِبًا ، وَإِطْعَامُ مُدِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ لِمِثْلِهِ : عَنْ كُلِّ يَوْمٍ لِمِسْكِينٍ ، وَلَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ ؛ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ مَعَ الْقَضَاءِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَمَنْذُورُهُ ، وَالْأَكْثَرُ إنْ احْتَمَلَهُ بِلَفْظِهِ بِلَا نِيَّةٍ .
كَشَهْرٍ ، فَثَلَاثِينَ ، إنْ لَمْ يَبْدَأْ بِالْهِلَالِ

( وَ ) وَجَبَ ( أَدَبُ ) أَيْ : تَأْدِيبٌ وَمُعَاقَبَةُ الشَّخْصِ ( الْمُفْطِرِ ) فِي أَدَاءِ رَمَضَانَ ( عَمْدًا ) اخْتِيَارًا بِلَا تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ مِنْ ضَرْبِ أَوْ سَجْنٍ أَوْ مِنْهُمَا مَعًا .
وَإِنْ كَانَ فِطْرُهُ بِمُوجِبِ حَدٍّ كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ حُدَّ وَأُدِّبَ ، وَإِنْ كَانَ رَجْمًا قُدِّمَ الْأَدَبُ وَاسْتَظْهَرَ الْمِسْنَاوِيُّ سُقُوطَ الْأَدَبِ بِالرَّجْمِ لِإِتْيَانِ الْقَتْلِ عَلَى الْجَمِيعِ .
عج وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ فِي النَّفْلِ عَمْدًا حَرَامًا .
الْبُنَانِيُّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلَّخْمِيِّ .
وَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ فِي رَمَضَانَ عَلَى أَنَّ مَنْ فَطَرَ النَّفَلَ عَمْدًا خِلَافًا بَيْنَ الْمَذَاهِبِ .
قُلْت : اقْتِصَارُ اللَّخْمِيِّ عَلَى رَمَضَانَ لَا يُنَافِي أَنَّ النَّفَلَ كَذَلِكَ يُجَامِعُ الْمَعْصِيَةَ فِي كُلٍّ ، وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَأُدِّبَ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ .
وَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَالَ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْطِرُ عَمْدًا فَإِنْ جَاءَ تَائِبًا فَالظَّاهِرُ الْعَفْوُ ، وَأَجْرَاهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ فِي شَاهِدِ الزُّورِ ، وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُؤَدَّبُ عَامِدُ فِطْرِهِ انْتِهَاكًا إنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ ، وَفِي الْآتِي مُسْتَفْتِيًا ثَالِثُهَا ذُو الْهُزْءِ لَا السَّتْرِ لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِهَا يُعَاقَبُ الْمُعْتَرِفُ بِشَهَادَةِ الزُّورِ ، وَعَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لَا يُؤَدَّبُ مَعَ رِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَاخْتِيَارِهِ .
( إلَّا أَنْ يَأْتِيَ ) الْمُفْطِرُ عَمْدًا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ ( تَائِبًا ) فَلَا يُؤَدَّبُ ( وَ ) جَبَ ( إطْعَامُ ) أَيْ : تَمْلِيكُ طَعَامٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ أَهْلِ الْبَلَدِ قَدْرَ ( مُدِّهِ ) أَيْ : النَّبِيِّ ( عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِ ) شَخْصٍ ( مُفَرِّطٍ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ : مُتَسَاهِلٍ ( فِي ) تَأْخِيرِ ( قَضَاءِ رَمَضَانَ ) بِلَا عُذْرٍ وَلَوْ رِقًّا أَوْ سَفِيهًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَنَاسٍ الْبُرْزُلِيُّ هَذَا ظَاهِرُهَا .
وَقَالَ السُّيُورِيُّ : لَا يُطْعِمُ وَاسْتَظْهَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَإِذَا لَمْ يُعْذَرْ النَّاسِي

فَالْجَاهِلُ أَوْلَى لَا الْمُكْرَهُ عَلَى تَرْكِهِ كَمُسَافِرٍ وَمَرِيضٍ وَصِلَةُ مُفَرِّطٍ ( لِ ) دُخُولِ ( مِثْلِهِ ) أَيْ : رَمَضَانَ الَّذِي يَلِيهِ وَلَا يَتَكَرَّرُ الْإِطْعَامُ بِتَكَرُّرِ الْمِثْلِ ، وَقَدْ يُؤْخَذُ هَذَا مِنْ إضَافَةِ مِثْلِ لِلضَّمِيرِ لِإِفَادَتِهَا الْعُمُومَ .
وَصِلَةُ إطْعَامُ ( عَنْ كُلِّ يَوْمٍ ) وَكَذَا ( الْمِسْكِينُ ) أَيْ : مُحْتَاجٌ فَشَمِلَ الْفَقِيرَ ، فَلَا يُجْزِئُ تَمْلِيكُهُ مُدَّيْنِ عَنْ يَوْمَيْنِ وَلَوْ أَعْطَاهُ كُلَّ مُدٍّ فِي يَوْمِهِ حَيْثُ كَانَ التَّفْرِيطُ بِعَامٍ وَاحِدٍ .
فَإِنْ كَانَ عَنْ عَامَيْنِ جَازَ كَتَعَدُّدِ السَّبَبِ كَفِطْرٍ وَتَفْرِيطِ مُرْضِعٍ مَعَ الْكَرَاهَةِ فَالْمُرْضِعُ إذَا أَفْطَرَتْ تُطْعِمُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ دُونَ الْحَامِلِ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهَا إذَا أَفْطَرَتْ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرِّسَالَةِ .
وَإِذَا لَمْ تَقْضِ حَتَّى دَخَلَ رَمَضَانُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ مَا دَامَتْ حَامِلًا .
( وَ ) إنْ دَفَعَ زَائِدًا عَنْ مُدٍّ لِمِسْكِينٍ فَ ( لَا يُعْتَدُّ بِالزَّائِدِ ) عَنْ مُدٍّ وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَقِيَ بِيَدِ الْمِسْكِينِ وَكَانَ بَيَّنَ لَهُ عِنْدَ دَفْعِهِ أَنَّهُ كَفَّارَةُ تَفْرِيطٍ وَمَحَلُّ إطْعَامِ الْمُفَرِّطِ ( إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ ) أَيْ : مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ ( بِشَعْبَانَ ) إيضَاحٌ لِقَوْلِهِ مُفَرِّطٍ لِمِثْلِهِ أَحْمَدَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَلَمْ يَقْضِهَا حَتَّى بَقِيَ مِنْ شَعْبَانَ خَمْسَةُ أَيَّامٍ فَمَرِضَ إلَى رَمَضَانَ عَلَيْهِ الْإِطْعَامُ لِإِمْكَانِ قَضَائِهِ بِشَعْبَانَ ، وَالنَّصُّ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُقْتَضَيْ .
ابْنُ عَاشِرٍ فَالْعِبَارَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِلْمَقْصُودِ إنْ سَلِمَ قَدْرُهُ قَبْلَ تَالِيهِ مِنْ عُذْرٍ ( لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ ) وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلٍ وَإِرْضَاعٍ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَعْنًى صَحِيحٍ ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ لِمُفَرِّطٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَيْ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ ، فَقَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ أَيْ : جَمِيعِهِ فَأَخْرَجَ مِنْهُ قَوْلَهُ لَا إنْ اتَّصَلَ إلَخْ .

وَمِثْلُ الْمَرَضِ السَّفَرُ بِشَعْبَانَ وَالْإِغْمَاءُ وَالْجُنُونُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ وَالْإِكْرَاهُ ، فَلَوْ قَالَ عُذْرُهُ لِشَمْلِهَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمُرَادُ اتِّصَالُ الْعُذْرِ مِنْ مَبْدَأِ قَدْرِ مَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ رَمَضَانُ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ لَا مِنْ رَمَضَانَ وَلَا مِنْ ابْتِدَاءِ شَعْبَانَ مُطْلَقًا ، فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ بِشَعْبَانَ لَا إنْ اتَّصَلَ مَرَضُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ ، وَالْمُعْتَبَرُ التَّفْرِيطُ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِيهِ وَفَرَّطَ فِيمَا بَعْدَهُ فَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ وَمَنْ عَلَيْهِ رَمَضَانُ كُلُّهُ وَكَانَ ثَلَاثِينَ وَقَضَاهُ فِي شَعْبَانَ فَكَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَالظَّاهِرُ لَا إطْعَامَ عَلَيْهِ لِلْيَوْمِ إذْ لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ فِي شَعْبَانَ ، وَيُنْدَبُ إطْعَامُهُ .
( مَعَ الْقَضَاءِ ) فِي الطَّعَامِ الثَّانِي فَكُلَّمَا شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ أَخْرَجَ مُدَّهُ ( أَوْ بَعْدَهُ ) أَيْ : الْقَضَاءِ يَحْتَمِلُ بَعْدَ مُضِيِّ كُلِّ يَوْمٍ وَيَحْتَمِلُ بَعْدَ فَرَاغِ أَيَّامِ الْقَضَاءِ فَيُخْرِجُ جَمِيعَ الْأَمْدَادِ ، فَإِنْ أَطْعَمَ بَعْدَ وُجُوبِهِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ وَقَبْلَ الْقَضَاءِ كَفَى وَخَالَفَ الْمَنْدُوبَ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهَا لَا تُفَرَّقُ الْكَفَّارَةُ الصُّغْرَى قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْقَضَاءِ لِحَمْلِهَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ لَا تَفْرِقَةَ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ ، وَإِنْ قَدَّمَهُ مَعَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ بِشَعْبَانَ فَلَا يُجْزِئُ إذْ هُوَ قَبْلَ وُجُوبِهِ ، وَنَصَّ الْجَلَّابُ إذَا قَدَّمَهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ أَجْزَأَ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يُطْعِمَ مَعَ الْقَضَاءِ ( وَ ) وَجَبَ ( مَنْذُورُهُ ) أَيْ : الْوَفَاءُ بِهِ صِيَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ ، وَذَكَرَهُ مَعَ إتْيَانِهِ فِي بَابِ النَّذْرِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ .
( وَ ) وَجَبَ ( الْأَكْثَرُ ) احْتِيَاطًا فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ ( إنْ احْتَمَلَهُ ) أَيْ : الْأَكْثَرَ ( لَفْظُهُ ) الَّذِي نَذَرَ بِهِ وَاحْتَمَلَ الْأَقَلَّ ( بِلَا نِيَّةٍ ) لِأَحَدِهِمَا وَإِلَّا لَزِمَهُ مَنْوِيُّهُ

وَمَثَّلَ لِلْمُحْتَمَلِ فَقَالَ ( كَ ) نَذْرِ صَوْمِ أَوْ اعْتِكَافِ أَوْ رِبَاطِ ( شَهْرٍ ) بِأَنْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ بِدُونِ لِلَّهِ صَوْمُ ، أَوْ اعْتِكَافُ أَوْ رِبَاطُ شَهْرٍ ( فَ ) يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ أَوْ يَعْتَكِفَ أَوْ يُرَابِطَ ( ثَلَاثِينَ ) يَوْمًا ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الشَّهْرِ يَحْتَمِلُهَا وَيَحْتَمِلُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ فَلَزِمَتْهُ الثَّلَاثُونَ احْتِيَاطًا .
( إنْ لَمْ يَبْدَأْ ) صَوْمَهُ أَوْ اعْتِكَافَهُ أَوْ رِبَاطَهُ ( بِ ) طُلُوعِ ( الْهِلَالِ ) أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ ، فَإِنْ بَدَأَ بِهِ لَزِمَهُ تَمَامُهُ إلَى الْهِلَالِ الَّذِي يَلِيهِ كَانَ ثَلَاثِينَ أَوْ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَا نِيَّةَ لَهُ لَزِمَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، فَإِنْ نَذَرَهُ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِهِ وَجَاءَ الشَّهْرُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ كَمَّلَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَمَنْ نَذَرَ نِصْفَ يَوْمٍ كَمَّلَهُ يَوْمًا وَقِيلَ لَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْذُرْ طَاعَةً .
وَعُورِضَ مَا هُنَا بِمَا فِي الْحَجِّ فِيمَنْ نَذَرَ هَدْيًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهْرِ ثَلَاثُونَ وَلَيْسَ الْأَصْلُ فِي الْهَدْيِ الْبَدَنَةُ وَبِشِدَّةِ الْمَالِ ، وَلِذَا لَزِمَ مَنْ قَالَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُلُثُهُ .

وَابْتِدَاءُ سَنَةٍ ، وَقَضَى مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ فِي سَنَةٍ ، إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا ، أَوْ يَقُولَ هَذِهِ وَيَنْوِيَ بَاقِيَهَا ، فَهُوَ ، وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ بِخِلَافِ فِطْرِهِ لِسَفَرٍ ، وَصَبِيحَةُ الْقُدُومِ فِي يَوْمِ قُدُومِهِ ؛ إنْ قَدِمَ لَيْلَةً غَيْرَ عِيدٍ ، وَإِلَّا فَلَا .

( وَ ) وَجَبَ ( ابْتِدَاءُ ) صَوْمِ ( سَنَةٍ ) كَامِلَةٍ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الشُّرُوعُ فِيهَا مِنْ حِينِ نَذْرِهِ أَوْ حِنْثِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تَتَابُعُهَا ( وَقَضَى ) صَوْمَ ( مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ ) تَطَوُّعًا بِأَنْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْ صَوْمِهِ كَيَوْمَيْ الْعِيدِ وَتَالِي النَّحْرِ وَأَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ أَوْجَبَ صَوْمَهُ مِنْهَا كَرَمَضَانَ وَيَوْمَ نَذْرِهِ قَبْلُ مُكَرَّرًا كَكُلِّ خَمِيسٍ ، وَهَذَا بَيَانٌ لِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيَّنَ صُورَتَهَا بِقَوْلِهِ ( فِي ) قَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ عَلَيَّ بِدُونِ لِلَّهِ صَوْمُ ( سَنَةٍ ) وَكَذَا حَلِفُهُ بِهَا وَحِنْثُهُ فِيهِ وَيَصُومُ رَابِعَ النَّحْرِ وَلَا يَقْضِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِصِحَّةِ صَوْمِهِ وَإِنْ كَرِهَ وَلُزُومُهُ لِنَاذِرِهِ وَسَيَقُولُ : وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ وَإِنْ تَعْيِينًا .
وَقَالَ الشَّارِحُ وتت وَالْحَطّ : لَا يَصُومُ الرَّابِعَ وَيَقْضِيهِ .
الْمَوَّاقُ وَهُوَ أَبْيَنُ لِكَرَاهَتِهِ لِغَيْرِ نَاذِرِهِ بِعَيْنِهِ ، وَنَاذِرُ السَّنَةِ لَمْ يَنْذُرْهُ بِعَيْنِهِ ؛ لِأَنَّهَا مُبْهَمَةٌ وَاعْتَمَدَ هَذَا طفي وَاعْتَمَدَ بَعْضُ شُيُوخِ الْعَدَوِيِّ الْأَوَّلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِهِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ ، وَالرَّابِعُ صَوْمُهُ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَا لَا يَصِحُّ صِحَّةً كَامِلَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقِيلَ يَكْفِيهِ صَوْمُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ لِحَدِيثِ { فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ } .
وَقِيلَ يَلْزَمُهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى خِلَافِ الْعُلَمَاءِ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالْقَضَاءِ تَجُوزُ ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ لَيْسَتْ أَيَّامًا مُعَيَّنَةً فَاتَتْ فَتُقْضَى إنَّمَا هِيَ فِي الذِّمَّةِ ؛ لِأَنَّ السَّنَةَ لَمْ تُعَيَّنْ فَالْأَوْضَحُ وَصَامَ بَدَلَ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ وَمَا صَامَهُ بِالْهِلَالِ اُحْتُسِبَ بِهِ ، وَلَوْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَيُكْمِلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ وَيَلْزَمُ نَاذِرَ صَوْمِ السَّنَةِ أَوْ الْحَالِفَ بِهِ

صَوْمُهَا فِي كُلِّ حَالٍ .
( إلَّا أَنْ يُسَمِّيَهَا ) كَسَنَةِ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا ( أَوْ يَقُولَ هَذِهِ ) وَهُوَ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ ) بِمَعْنَى الْوَاوِ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَيْ : وَالْحَالُ أَنَّهُ ( يَنْوِي بَاقِيَهَا ) أَيْ : السَّنَةِ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهِمَا فَقَطْ ( فَهُوَ ) أَيْ : الْبَاقِي اللَّازِمُ لَهُ فِي الصُّورَتَيْنِ يَبْتَدِئُهُ مِنْ حِينِ نَذْرِهِ وَيُتَابِعُهُ وَيَصُومُ رَابِعَ النَّحْرِ وَلَا يَقْضِيهِ .
( وَلَا يَلْزَمُ الْقَضَاءُ ) فِي الصُّورَتَيْنِ عَمَّا فَاتَ مِنْ السَّنَةِ قَبْلَ النَّذْرِ أَوْ الْحِنْثِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِمَا قَضَاءُ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ تَطَوُّعًا مِمَّا بَعُدَ نَذْرُهُ أَوْ حِنْثُهُ لِلنَّهْيِ عَنْهُ أَوْ إيجَابِهِ وَلَا مَا أَفْطَرَهُ لِمَرَضٍ كَمَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِمُعَيَّنٍ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ ، وَذَكَرَ هَذَا وَإِنْ دَخَلَ فِي الِاسْتِثْنَاءِ ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الِاسْتِثْنَاءِ مَفْهُومٌ وَالْمَنْطُوقُ أَقْوَى وَمَفْهُومٌ وَيَنْوِي بَاقِيَهَا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِهِ فَكَنَذْرِ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ حَلَفَ فِي نِصْفِ سَنَةٍ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ كَذَا صَامَ هَذِهِ السَّنَةَ ، فَقَالَ إنْ نَوَى بَاقِيَهَا فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ائْتَنَفَ مِنْ يَوْمِ حَلَفَ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى .
اللَّخْمِيُّ هَذَا مِثْلُ مَنْ قَالَ فِي نِصْفِ النَّهَارِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ هَذَا الْيَوْمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا صَلَاةُ مَا بَقِيَ مِنْهُ .
( بِخِلَافِ فِطْرِهِ ) فِي نَذْرِ السَّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ بِتَسْمِيَتِهَا أَوْ إشَارَةٍ إلَيْهَا ( لِسَفَرٍ ) أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ نِسْيَانٍ فَيُوجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءَ مَا أَفْطَرَهُ لَهَا ( وَ ) وَجَبَ ( صَبِيحَةُ ) أَيْ : صَوْمُ يَوْمِ لَيْلَةِ ( الْقُدُومِ ) بِضَمِّ الْقَافِ أَيْ : قُدُومِ شَخْصِ مِنْ سَفَرِهِ مَثَلًا ، وَهَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ وَبَيَّنَ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ ( فِي ) نَذْرِ صَوْمِ ( يَوْمِ قُدُومِهِ ) أَيْ : زَيْدٌ الْمُسَافِرُ مَثَلًا ( إنْ قَدِمَ )

زَيْدٌ مِنْ سَفَرِهِ مَثَلًا ( لَيْلَةَ ) يَوْمٍ يَصِحُّ صَوْمُهُ ( غَيْرَ عِيدٍ ) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا يُصَامُ شَرْعًا تَطَوُّعًا لِلنَّهْيِ عَنْهُ كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ وَجُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ ، أَوْ لِوُجُوبِهِ كَرَمَضَانَ ، فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ صَبِيحَتِهَا فَقَطْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَإِلَّا لَزِمَهُ مُمَاثَلَةٌ أَبَدًا أَيْضًا وَلَزِمَهُ بِقُدُومِهِ لَيْلًا ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ تَبْيِيتِ نِيَّةِ صَوْمِ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهِ .
وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ لَيْلَةِ غَيْرِ عِيدٍ فَقَالَ ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَقْدَمْ لَيْلَةَ غَيْرِ عِيدٍ بِأَنْ قَدِمَ نَهَارًا أَوْ قَدِمَ لَيْلَةَ عِيدٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ رَمَضَانَ ( فَلَا ) يَلْزَمُ النَّاذِرَ شَيْءٌ ، وَلَوْ قَالَ أَبَدًا إنْ قَدِمَ لَيْلَةَ عِيدٍ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ صَوْمَهُ ، وَإِنْ قَدِمَ لَيْلَةَ حَيْضٍ أَوْ رَمَضَانَ ، فَإِنْ قَالَ أَبَدًا لَزِمَهُ مُمَاثَلَةً .
وَكَذَا إنْ قَدِمَ نَهَارًا ؛ لِأَنَّ عَدَمَ صَوْمِهِ لِمَانِعِ عَدَمِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ فِي قُدُومِهِ نَهَارًا وَلِمَانِعِ الْحَيْضِ وَرَمَضَانَ فِي قُدُومِهِ لَيْلَةَ أَحَدِهِمَا فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ مَتَى قَدِمَ لَيْلَةً يُصَامُ يَوْمُهَا تَطَوُّعًا لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمِهَا فَقَطْ إنْ لَمْ يَقُلْ أَبَدًا وَإِلَّا صَامَهُ وَمُمَاثِلَهُ أَبَدًا ، وَمَتَى قَدِمَ نَهَارًا غَيْرَ عِيدٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ وَلَزِمَهُ مُمَاثِلُهُ إنْ قَالَ أَبَدًا ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا إذَا لَمْ يَنْوِ بِيَوْمِ الْقُدُومِ مُطْلَقَ الزَّمَنِ ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ صَوْمُ يَوْمٍ ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَدِمَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَزِمَهُ صَوْمُ يَوْمِهِ احْتِيَاطًا أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ تَفْرِيقُهُ بَيْنَ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَلَيْلَةِ الْحَيْضِ أَصْلُهُ لعج مُسْتَظْهِرًا عَلَيْهِ بِظَاهِرِ مَا نَقَلَهُ عَنْ سَنَدٍ ، مَعَ إنَّك إذَا تَأَمَّلْته وَجَدْته لَا يُفِيدُهُ ، وَلَمْ أَجِدْ نِصَابًا يُسَاعِدُهُ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعِيدِ وَغَيْرِهِ فِي لُزُومِ صَوْمِ مُمَاثِلِهِ مِنْ الْأُسْبُوعِ إنْ قَالَ أَبَدًا ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ الْمُمَاثَلَةُ فِي الِاسْمِ كَالْخَمِيسِ لَا فِي الصِّفَةِ كَكَوْنِهِ

عِيدًا وَلَوْ اُعْتُبِرَتْ فِي الصِّفَةِ لَسَقَطَ مُطْلَقًا ، وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْخَرَشِيُّ ، فَسَوَّى بَيْنَ لَيْلَةِ الْعِيدِ وَغَيْرِهِ كَالْحَيْضِ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْمُمَاثِلِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

وَصِيَامُ الْجُمُعَةِ إنْ نَسِيَ الْيَوْمَ عَلَى الْمُخْتَارِ
( وَ ) وَجَبَ ( صِيَامُ الْجُمُعَةِ ) أَيْ : الْأُسْبُوعِ بِتَمَامِهِ ( إنْ ) نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَ ( نَسِيَ الْيَوْمَ ) الْمُعَيَّنَ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ كَصَلَاةِ مَنْ نَسِيَ إحْدَى الْخَمْسِ خَمْسًا ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لِسَحْنُونٍ .
وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ نَذَرَ يَوْمًا بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ فَثَلَاثَةٌ التَّخْيِيرُ وَجَمِيعُهَا وَآخِرُهَا ضَيْح ، نُقِلَتْ كُلُّهَا عَنْ سَحْنُونٍ وَآخِرُ أَقْوَالِهِ أَنْ يَصُومَهَا جَمِيعَهَا وَاسْتَظْهَرَ لِلِاحْتِيَاطِ ، وَفِي الْمَوَّاقِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَنَسِيَهُ أَنَّهُ يَصُومُ الْجُمُعَةَ كُلَّهَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّ مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ قَوْلٌ لِسَحْنُونٍ لَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ .

وَرَابِعُ النَّحْرِ لِنَاذِرِهِ ، وَإِنْ تَعْيِينًا لَا سَابِقَيْهِ ، إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ لَا تَتَابُعُ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامٍ .

( وَ ) وَجَبَ أَنْ يُصَامَ ( رَابِعُ ) يَوْمِ ( النَّحْرِ لِنَاذِرِ ) صَوْمِ ( هـ ) بِدُونِ تَعْيِينٍ كَنَذْرِ صَوْمِ كُلِّ خَمِيسٍ أَوْ شَهْرِ الْحِجَّةِ بَلْ ( وَإِنْ ) نَذَرَ صَوْمَهُ ( تَعْيِينًا ) أَيْ مُعَيَّنًا لَهُ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صِيَامُ رَابِعِ النَّحْرِ فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ لِمَ لَزِمَ بِالنَّذْرِ وَصَوْمُهُ مَكْرُوهٌ .
وَأُجِيبُ بِأَنَّ لَهُ جِهَتَيْنِ جِهَةٌ تُضْعِفُ كَوْنَهُ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْمَنْهِيِّ عَنْ صِيَامِهَا ، وَهِيَ أَنَّهُ لَا يُنْحَرُ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا يَرْمِي فِيهِ الْمُتَعَجِّلُ ، وَجِهَةٌ تُقَوِّي كَوْنَهُ مِنْهَا وَهِيَ أَنَّهُ يَوْمُ نَحْرٍ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَيَرْمِي غَيْرُ الْمُتَعَجِّلِ فِيهِ وَشُمُولُهُ اسْمَ التَّشْرِيقِ فَشَمِلَهُ النَّهْيُ ، فَغَلَبَتْ الْجِهَةُ الْأُولَى لِمَا اقْتَضَاهُ النَّذْرُ مِنْ الْوُجُوبِ احْتِيَاطًا لِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ .
وَلَمَّا لَمْ يُعَارِضْ الْكَرَاهَةَ مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهَا غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِقَوْلِنَا لَا يُصَامُ تَطَوُّعًا إعْمَالًا لِلْجِهَتَيْنِ ، وَلَا يُقَالُ اعْتِبَارًا لِجِهَتَيْنِ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ حَدِيثُ زَمْعَةَ دَلِيلُ صِحَّةِ الْقَوْلِ بِهِ فِي الْمُوَطَّإِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا نَصُّهُ { الْقَضَاءُ بِإِلْحَاقِ الْوَلَدِ بِأَبِيهِ } : مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ عَهِدَ إلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةِ زَمْعَةَ مِنِّي فَاقْبِضْهُ إلَيْكَ قَالَتْ : فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ أَخَذَهُ سَعْدٌ وَقَالَ : ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ فَقَامَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ فَقَالَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَتَسَاوَقَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سَعْدٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ أَخِي قَدْ كَانَ عَهِدَ إلَيَّ فِيهِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ أَخِي وَابْنُ وَلِيدَةِ أَبِي وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ فَقَالَ رَسُولُ

اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ لَكَ يَا عَبْدَ بْنَ زَمْعَةَ ثُمَّ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ثُمَّ قَالَ لِسَوْدَةِ بِنْتِ زَمْعَةَ احْتَجِبِي مِنْهُ لَمَّا رَأَى مِنْ شَبَهِهِ بِعُتْبَةَ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، قَالَتْ فَمَا رَآهَا حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ } .
( لَا ) يَجِبُ الْوَفَاءُ بِنَذْرِ صَوْمِ ( سَابِقَيْهِ ) أَيْ : الرَّابِعِ وَهُمَا ثَانِي يَوْمِ الْعِيدِ وَثَالِثُهُ لِحُرْمَتِهِ ، وَالنَّذْرُ إنَّمَا يَجِبُ بِهِ الْمَنْدُوبُ ( إلَّا لِمُتَمَتِّعٍ ) أَوْ قَارِنٍ أَوْ مَنْ لَزِمَهُ هَدْيٌ لِنَقْصٍ فِي حَجٍّ وَعَجْزٍ عَنْ الدَّمِ وَلَزِمَهُ صِيَامُ ثَلَاثَةٍ فِي الْحَجِّ قَبْلَ يَوْمِ عَرَفَةَ ، فَلَمْ يَصُمْهَا فَيَصُومُ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ الثَّلَاثَةَ عَقِبَ يَوْمِ النَّحْرِ ، وَكَذَا مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ مِنْهَا قَبْلَ عَرَفَةَ فَيَصُومُهُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، وَمِثْلُ الْهَدْيِ الْفِدْيَةُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهَا .
وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا أَوْ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ أَيَّامَ مِنًى .
وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُبْهَمَةٍ أَوْ شَهْرٍ كَذَلِكَ أَوْ أَيَّامٍ كَذَلِكَ فَ ( لَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ ( تَتَابُعُ ) صَوْمِ ( سَنَةٍ أَوْ ) تَتَابُعُ صَوْمِ ( شَهْرٍ وَ ) تَتَابُعُ صَوْمِ ( أَيَّامٍ ) إنْ لَمْ يَنْوِ التَّتَابُعَ فَإِنْ نَوَاهُ لَزِمَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ تت .
طفي هَذَا صَوَابٌ وَنِسْبَتُهُ لَهَا صَحِيحَةٌ ، فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَلْزَمُ التَّتَابُعُ وَلَوْ نَوَاهُ عَلَى الْمَشْهُورِ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَوْ نَذَرَ سَنَةً مُبْهَمَةً فَفِي وُجُوبِ اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا غَيْرِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مُتَابَعَتَهَا فَكَمُعَيَّنَةٍ قَوْلَا الْمَشْهُورِ و اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ انْتَهَى ؛ لِأَنَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ هَلْ بِنِيَّةِ تَتَابُعِهَا تَصِيرُ كَمُعَيَّنَةٍ فِي عَدَمِ قَضَاءِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ أَمَّا التَّتَابُعُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ عِنْدَ نِيَّتِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ .

قُلْت كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ التَّتَابُعِ وَلَا عَدَمُهُ ، لَكِنْ يُؤَيِّدُ تت أَنَّ التَّتَابُعَ مَنْدُوبٌ وَأَنَّ النَّذْرَ يُوجِبُ الْمَنْدُوبَ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

وَإِنْ نَوَى بِرَمَضَانَ فِي سَفَرِهِ غَيْرَهُ ، أَوْ قَضَاءَ الْخَارِجِ أَوْ نَوَاهُ ، وَنَذْرًا لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

( وَإِنْ ) سَافَرَ فِي رَمَضَانَ سَفَرًا يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِيهِ فَصَامَهُ وَ ( نَوَى بِ ) صِيَامِ ( رَمَضَانَ فِي سَفَرٍ ) يُبَاحُ الْفِطْرُ فِيهِ صَوْمًا ( غَيْرَهُ ) أَيْ : أَدَاء رَمَضَانَ بِأَنْ نَوَاهُ تَطَوُّعًا أَوْ وَفَاءً نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( أَوْ ) نَوَى الْمُسَافِرُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ ( قَضَاءَ ) رَمَضَانَ ( الْخَارِجِ ) وَقْتُهُ لَمْ يُجْزِهِ أَيْضًا عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَعَلَيْهِ لِلْخَارِجِ إطْعَامٌ لِلتَّفْرِيطِ حَيْثُ فَرَّطَ ، وَلَا كَفَّارَةَ كُبْرَى لِرَمَضَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ ( أَوْ نَوَاهُ ) أَيْ : رَمَضَانَ عَامَهُ ( وَنَذْرًا ) أَوْ وَتَطَوُّعًا أَوْ وَكَفَّارَةً أَوْ وَقَضَاءَ الْخَارِجِ أَيْ شَرِكَهُمَا فِي نِيَّتِهِ .
( لَمْ يُجْزِهِ ) صَوْمُهُ ( عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ) أَيْ : رَمَضَانَ الْحَاضِرِ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ .
وَلِعَدَمِ صِحَّةِ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ، وَلَا غَيْرِهِ لِتَعَيُّنٍ لِزَمَنٍ لِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ فَلَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ وَقَوْلِي أَوْ نَوَى الْمُسَافِرُ إلَخْ احْتِرَازًا إذَا نَوَى الْحَاضِرُ بِرَمَضَانَ قَضَاءَ .
رَمَضَانَ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ قَبْلَهُ ، فَيَجْزِيهِ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ عَلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَصَوَّبَهُ فِي النُّكَتِ وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا يَقْبَلُ غَيْرَهُ لَمْ يُجْزِ عَنْ غَيْرِهِ ، وَكَانَتْ نِيَّتُهُ فِيهِ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ وَحُمِلَتْ عَلَى أَنَّهَا لَهُ فَلَمْ يُرَاعَ رَفْعُهَا ، وَيُسْتَأْنَسُ لَهُ بِأَنَّ الصُّورَةَ إذَا نَوَى بِحِجَّةِ النَّفْلِ فَإِنَّ نِيَّتَهُ تُعْرَفُ لِلْفَرْضِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ .
وَلَا يَجْرِي هَذَا التَّوْجِيهُ فِي نِيَّةِ الْمُسَافِرِ بِرَمَضَانَ الْحَاضِرِ قَضَاءَ الْخَارِجِ ؛ لِأَنَّهُ أَبَاحَ لَهُ الشَّارِعُ الْفِطْرَ فِيهِ كَمَا مَرَّ ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ عَنْ الْحَاضِرِ أَيْضًا لِرَفْعِهِ النِّيَّةَ فِيهِ ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ كُبْرَى إلَّا أَنْ يُعْذَرَ

بِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ قَرِيبٍ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ لَا قَالَهُ أَشْهَبُ ؛ لِأَنَّهُ صَامَهُ وَصَوَّبَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ يَجْزِيهِ عَنْ رَمَضَانَ الْحَاضِرِ خِلَافُ مَا صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ خَصَّ الْمُصَنِّفُ السَّفَرَ ؛ لِأَنَّ الْحَضَرَ أَحْرَى ، وَقَدْ جَرَى ز عَلَى الصَّوَابِ فِيمَا تَقَدَّمَ .

وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ يَحْتَاجُ لَهَا زَوْجٌ تَطَوُّعٌ بِلَا إذْنٍ .
( وَلَيْسَ لِمَرْأَةٍ ) أَيْ : زَوْجَةٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ ( يَحْتَاجُ لَ ) وَطْءُ ( هَا زَوْجٌ ) لَهَا أَوْ سَيِّدٌ ( تَطَوُّعٌ ) بِالصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا بِأَنْ لَمْ تَسْتَأْذِنْهُ أَوْ اسْتَأْذَنَتْهُ فَمَنَعَ أَوْ سَكَتَ وَمِثْلُهُ مَا أَوْجَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا بِنَذْرٍ أَوْ حِنْثٍ فِي يَمِينٍ أَوْ فِعْلِ مَا يَتَرَفَّهُ بِهِ أَوْ يُزِيلُ أَذًى فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ قَتْلِ صَيْدٍ فِي إحْرَامٍ أَوْ حَرَمٍ الشَّارِحُ لَمْ يُقَيِّدْ التَّطَوُّعَ بِالصَّوْمِ فَشَمِلَ نَافِلَةَ الصَّلَاةِ .
وَمِثْلُ التَّطَوُّعِ الْفَرِيضَةُ الْمُتَّسَعُ وَقْتُهَا فَإِنْ أَحْرَمَتْ بِهَا فَلَهُ قَطْعُهَا بِجِمَاعِهَا وَنَظَرَ فِيهِ الْبَاجِيَّ بِإِرَادَتِهَا بَرَاءَةَ ذِمَّتِهَا بِمَا زَمَنُهُ يَسِيرٌ ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ يَحْتَاجُ لَهَا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَهَا بِالْأَكْلِ .
وَلَوْ طَالَبَهَا فَقَالَتْ صَائِمَةٌ تَطَوُّعًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ إفْطَارَهَا ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ نَاجِي وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ التَّحْلِيلَ فِي تَطَوُّعِ الْحَجِّ ، وَمَفْهُومُ يَحْتَاجُ أَنَّهَا لَوْ ظَنَّتْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لَهَا فَلَهَا التَّطَوُّعُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، فَإِنْ جَهِلَتْ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ ، ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ .
وَمَفْهُومُ تَطَوُّعٌ أَنَّهَا لَا تَسْتَأْذِنُ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ زَوْجًا وَلَا سَيِّدًا وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا عَلَى تَأْخِيرِهِ لِشَعْبَانَ .

بَابٌ ) الِاعْتِكَافُ نَافِلَةٌ ،
بَابٌ ) فِي الِاعْتِكَافِ ( الِاعْتِكَافُ ) أَيْ : لُزُومُ شَخْصٍ مُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ مَسْجِدًا مُبَاحًا بِصَوْمِ لَيْلَةٍ وَيَوْمًا لِعِبَادَةٍ قَاصِرَةٍ بِنِيَّةٍ كَافًّا عَنْ الْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ إلَّا وَقْتَ خُرُوجِهِ لِحَاجَتِهِ الْمَمْنُوعَةِ فِيهِ ، وَخَبَرُ الِاعْتِكَافِ ( نَافِلَةٌ ) أَيْ : مُؤَكَّدٌ ، نَدَبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَاضِي هُوَ قُرْبَةٌ الشَّيْخُ نَفْلٌ الْكَافِي فِي رَمَضَانَ سُنَّةٌ ، وَفِي غَيْرِهِ جَائِزٌ لِعَارِضَةِ سُنَّةٍ لَا يُقَالُ فِيهَا مُبَاحٌ .
وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا فِي كُتُبِهِمْ جَائِزٌ جَهْلٌ الْآبِي يُرِيدُ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّنَّةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَهُ وَأَظْهَرَ ، فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى وَاعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ } ، وَلَفْظُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ؛ إذْ لَوْ كَانَ سُنَّةً لَمْ يُوَاظِبْ السَّلَفُ عَلَى تَرْكِهِ .
رَوَى { ابْنُ نَافِعٍ مَا رَأَيْت صَحَابِيًّا اعْتَكَفَ وَقَدْ اعْتَكَفَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ } وَهُمْ أَشَدُّ النَّاسِ اتِّبَاعًا ، فَلَمْ أَزَلْ أُفَكِّرُ حَتَّى أَخَذَ بِنَفْسِي أَنَّهُ لِشِدَّتِهِ ، نَهَارُهُ وَلَيْلُهُ سَوَاءٌ كَالْوِصَالِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَعَ وِصَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ كَرَاهَتَهُ ا هـ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ .

مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ وَصِحَّتُهُ لِمُسْلِمٍ مُمَيِّزٍ بِمُطْلَقِ صَوْمٍ ، وَلَوْ نَذْرًا وَمَسْجِدٍ إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ ، وَتَجِبُ بِهِ ، فَالْجَامِعُ مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَإِلَّا خَرَجَ .

( وَصِحَّتُهُ ) أَيْ : الِاعْتِكَافِ مَشْرُوطَةٌ بِكَوْنِهِ ( لِمُسْلِمٍ ) أَيْ : وَاقِعًا مِنْهُ ( مُمَيِّزٍ ) يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيُحْسِنُ رَدَّ الْجَوَابِ ، فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ وَصِحَّتُهُ مَشْرُوطَةٌ أَيْضًا ( بِمُطْلَقِ صَوْمٍ ) سَوَاءٌ قُيِّدَ بِزَمَنٍ كَرَمَضَانَ أَوْ سَبَبٍ كَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ أَوْ لَا وَلَا كَتَطَوُّعٍ .
وَلَوْ قَالَ بِصَوْمٍ مُطْلَقٍ لَمْ يَشْمَلْ الْأَوَّلَيْنِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَلَا يَصِحُّ مِنْ مُفْطِرٍ وَلَوْ لِعُذْرٍ ، وَلَا مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ لِهَرَمٍ أَوْ ضَعْفٍ بِنِيَّةٍ .
وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ يَصِحُّ بِلَا صَوْمٍ .
( وَلَوْ نُذِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ : الِاعْتِكَافُ فَيَصِحُّ فِي رَمَضَانَ وَصَوْمُ الْكَفَّارَةِ وَالْهَدْيُ وَالْفِدْيَةُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ وَالتَّطَوُّعُ وَالنَّذْرُ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ لَا بُدَّ لِلِاعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ مِنْ صَوْمٍ يَخُصُّهُ بِنَذْرِهِ أَيْضًا فَلَا يُجْزِيهِ فِي رَمَضَانَ وَنَحْوِهِ ، أَيْ : ؛ لِأَنَّ نَذْرَ الِاعْتِكَافِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمَ ؛ لِأَنَّهُ رُكْنُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَشَرْطُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ .
فَالْخِلَافُ فِي احْتِيَاجِ الْمَنْذُورِ لِصَوْمٍ خَاصٍّ ، وَعَدَمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الصَّوْمَ رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ ، وَعَزْوُ الْأَوَّلِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْبَاجِيِّ ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَزْوُ الْبَاجِيَّ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْأَوَّلَ تَعَقَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ بِعَدَمِ وُجُودِهِ لَهُ ، وَلَمْ يَحْكِ اللَّخْمِيُّ غَيْرَ الثَّانِي .
( وَ ) صِحَّتُهُ ( بِ ) مُطْلَقِ ( مَسْجِدٍ ) مُبَاحٌ لِعُمُومِ النَّاسِ كَأَنْ تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ أَمْ لَا بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ ، فَلَا يَصِحُّ فِي مَسْجِدِ بَيْتٍ وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَلَا فِي الْكَعْبَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ دُخُولُهَا ( إلَّا لِمَنْ فَرْضُهُ الْجُمُعَةُ ) وَهُوَ الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْحُرُّ الْمُقِيمُ ( وَ )

هِيَ ( تَجِبُ بِهِ ) أَيْ : فِي زَمَنِ اعْتِكَافِهِ الَّذِي نَوَاهُ ابْتِدَاءً ، كَنِيَّةِ اعْتِكَافِ عَشْرَةِ أَيَّامٍ أَوْ انْتِهَاءً كَنَذْرِ اعْتِكَافِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوَّلُهَا السَّبْتُ فَمَرِضَ عَقِبَ يَوْمَيْنِ وَبَرِئَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ( فَالْجَامِعُ ) أَيْ : الْمَسْجِدُ الَّذِي تُصَلَّى فِيهِ الْجُمُعَةُ يَجِبُ اعْتِكَافُهُ فِيهِ ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهُ ( مِمَّا تَصِحُّ فِيهِ الْجُمُعَةُ ) فَلَا يَصِحُّ فِي رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَلَا فِي طُرُقِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَلَا فِيمَا حُجِرَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، كَبَيْتِ قَنَادِيلِهِ وَمِثْلُهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي لَا تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهِ عَلَى تَقْدِيرِ صَلَاتِهَا فِيهِ .
وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْ فِي الْجَامِعِ وَالْحَالُ أَنَّ الْجُمُعَةَ تَجِبُ فِيهِ ( خَرَجَ ) مِنْ الْمَسْجِدِ الَّذِي اعْتَكَفَ بِهِ وُجُوبًا وَقْتَ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ .

وَبَطَلَ : كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ .
لَا جِنَازَتُهُمَا مَعًا وَكَشَهَادَةٍ وَإِنْ وَجَبَتْ ، وَلْتُؤَدَّ بِالْمَسْجِدِ ، أَوْ تُنْقَلُ عَنْهُ وَكَرِدَّةٍ ، وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ وَكَسُكْرِهِ لَيْلًا ، وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ بِهِ : تَأْوِيلَانِ ؛ وَبِعَدَمِ وَطْءٍ ، وَقُبْلَةِ شَهْوَةٍ ، وَلَمْسٍ ، وَمُبَاشَرَةٍ وَإِنْ لِحَائِضٍ نَاسِيَةٍ ، وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدٍ أَوْ امْرَأَةٍ فِي نَذْرٍ : فَلَا مَنْعَ كَغَيْرِهِ ؛ إنْ دَخَلَا وَأَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ ، أَوْ عِدَّةٌ ، إلَّا أَنْ تُحْرِمَ ، وَإِنْ بِعِدَّةِ مَوْتٍ فَيَنْفُذُ ، وَتَبْطُلُ

( وَبَطَلَ ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ بِرِجْلَيْهِ مَعًا لَا بِإِحْدَاهُمَا إلَّا حَدِيثَ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ ، فَيُعْذَرُ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ أَثِمَ وَلَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ عَلَى الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَرَّةً صَغِيرَةً هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَرَوَى ابْنُ الْجَهْمِ يَخْرُجُ لِلْجُمُعَةِ وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إنْ نَذَرَ أَيَّامًا فِيهَا جُمُعَةٌ وَاعْتَكَفَ فِي غَيْرِ الْجَامِعِ خَرَجَ وَبَطَلَ .
وَإِنْ كَانَتْ لَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ فِيهَا وَمَرِضَ بَعْدَ شُرُوعِهِ فِيهِ فَخَرَجَ وَرَجَعَ عَقِبَ صِحَّتِهِ فَصَادَفَ الْجُمُعَةَ فَيَخْرُجُ لَهَا وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ وَالْبُطْلَانِ بِهِ فَقَالَ ( كَ ) خُرُوجِهِ لِ ( مَرَضِ ) أَحَدِ ( أَبَوَيْهِ ) مُبَاشَرَةً فَيَجِبُ وَيَبْطُلُ بِهِ الِاعْتِكَافُ وَلَوْ كَافِرَيْنِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الِاعْتِكَافُ مَنْذُورًا وَالْمَرَضُ خَفِيفًا فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَهُوَ عَاقٌّ وَفِي بُطْلَانٍ التَّأْوِيلَانِ الْآتِيَانِ .
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَخْرُجُ لِمَرَضِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ وَيَبْتَدِئُ اعْتِكَافَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ وَبِرُّهُمَا يَفُوتُ ( لَا ) يَجُوزُ الْخُرُوجُ لِحُضُورِ ( جِنَازَتِهِمَا ) أَيْ الْأَبَوَيْنِ ( مَعًا ) أَوْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ مَوْتِ الْآخَرِ فَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ ، وَيَخْرُجُ لِجِنَازَةِ أَحَدِهِمَا وَالْآخَرُ حَيٌّ وُجُوبًا خَوْفًا مِنْ عُقُوقِ الْحَيِّ .
وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ : يَجِبُ الْخُرُوجُ لِجِنَازَتِهِمَا مَعًا كَوُجُوبِهِ لِعِيَادَتِهِمَا إذَا مَرِضَا وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْخُرُوجِ وَبُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِهِ فَقَالَ ( كَ ) تَحَمُّلِ أَوْ أَدَاءِ ( شَهَادَةٍ ) فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ لَهُ وَإِنْ خَرَجَ بَطَلَ اعْتِكَافُهُ وَفِي نُسَخٍ بِالْوَاوِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهَا إنْ لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ بَلْ ( وَإِنْ وَجَبَ ) أَيْ : تَعَيَّنَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ ، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ أَوْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ إلَّا

بِهِ فَلَا يَخْرُجُ ( وَلِتُؤَدَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا الشَّهَادَةُ ( بِالْمَسْجِدِ ) الَّذِي فِيهِ لِلْمُعْتَكِفِ بِأَنْ يَأْتِيَهُ الْقَاضِي لِسَمَاعِهَا مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ .
( أَوْ تُنْقَلْ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الشَّهَادَةُ ( عَنْهُ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفُ بِأَنْ يُخْبِرَ بِهَا عَدْلَيْنِ وَيَقُولَ لَهُمَا : اشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِي ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ مَوْتُ الشَّاهِدِ أَوْ مَرَضُهُ أَوْ بَعْدَ غَيْبَتِهِ لِلضَّرُورَةِ .
رَوَى ابْنُ نَافِعٍ لَا يَخْرُجُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَلِيُؤَدِّهَا بِمَسْجِدِهِ .
اللَّخْمِيُّ رَوَى الْعُتْبِيُّ يُؤَدِّيهَا بِهِ وَتُنْقَلُ عَنْهُ .
ابْنُ مُحْرِزٍ كَذِي عُذْرِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ كَغَائِبٍ وَبَقِيَّةُ اعْتِكَافِهِ كَمَسَافَةِ الْغَيْبَةِ .
وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي وُجُوبِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ وَبُطْلَانِ الِاعْتِكَافِ بِهِ ، فَقَالَ ( وَكَرِدَّةٍ ) عَنْ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمُعْتَكِفِ فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ ، وَيَجِبُ خُرُوجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِحُرْمَتِهِ عَلَى الْكَافِرِ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ الْإِسْلَامُ .
وَلِأَنَّهَا مُحْبِطَةُ الْعَمَلِ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ اسْتِئْنَافُهُ إذَا تَابَ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ .
وَإِنْ كَانَتْ أَيَّامُ الِاعْتِكَافِ مُعَيَّنَةً وَرَجَعَ لِلْإِسْلَامِ قَبْلَ تَمَامِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى وُجُوبِ اسْتِئْنَافِهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ ا هـ .
وَمَا قَالَهُ عب أَلْيَقُ بِالْقَاعِدَةِ .
وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ قَضَاءُ رَمَضَانَ وَكَفَّارَتُهُ إذَا ارْتَدَّ فِيهِ وَتَابَ .
وَعَطَفَ عَلَى كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي الْإِبْطَالِ وَوُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ فَقَالَ ( وَكَ ) شَخْصٍ مُعْتَكِفٍ ( مُبْطِلٍ ) بِالتَّنْوِينِ ( صَوْمَهُ ) بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ عَمْدًا بِلَا عُذْرٍ فَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ وَيَسْتَأْنِفُهُ ، فَإِنْ أَفْطَرَ نَاسِيًا لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَيَقْضِي الْيَوْمَ مُتَّصِلًا بِاعْتِكَافِهِ .
وَكَذَا مَنْ أَفْطَرَ

بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ مَرَضٍ وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا وَلَوْ بِالنَّذْرِ وَلَوْ مُعَيَّنًا أَوْ تَطَوُّعًا وَأَفْطَرَ فِيهِ نَاسِيًا وَلَزِمَهُ قَضَاؤُهُ لِتَقَوِّيهِ بِالِاعْتِكَافِ بِشَرْطِيَّتِهِ فِيهِ .
وَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا يَقْضِيهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَبَنَى بِزَوَالِ إغْمَاءٍ إلَخْ .
وَأَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدَّمَاتُهُ فَعَمْدُهَا وَسَهْوُهَا سَوَاءٌ فِي الْإِفْسَادِ كَمَا يَأْتِي ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَكْلِ أَنَّهَا مَحْظُورَاتُ الِاعْتِكَافِ بِخِلَافِهِ ، وَلِهَذَا يَأْكُلُ فِي اللَّيْلِ وَلَوْ قُرِئَ مُبْطِلُ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ لَدَخَلَ فِيهِ الْحَائِضُ وَالْمَرِيضُ وَالْمُفْطِرُ نَاسِيًا وَهُوَ فَاسِدٌ ا هـ .
عبق الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ " وَمَحَلُّ الْقَضَاءِ إذَا كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا إلَخْ " فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ أَيْ : لِلنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ غَيْرِ صَحِيحٍ بَلْ يَقْضِيهِ مُطْلَقًا .
أَقُولُ قَوْلُهُ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا إنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ بِالْفِطْرِ نَاسِيًا فَهُوَ مُسَلَّمٌ وَلَكِنَّهُ عَيْنُ كَلَامٍ .
عبق فَالتَّنْظِيرُ بِهِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ بِالْفِطْرِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَغَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا يَأْتِي عَنْ التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِأَحَدِهِمَا لَا يَقْضِي كَمَا فِي عبق فَالتَّنْظِيرُ بِهِ فِيهِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَيْضًا .
وَقَوْلُهُ فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ أَيْ : النَّذْرِ الْمُعَيِّنِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا يَقْضِيهِ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ ، بَلْ يَقْضِيهِ مُطْلَقًا سَهْوٌ وَسَبْقُ قَلَمٍ فَإِنَّ الضَّمِيرَ فِي فِيهِ لِلنَّفْلِ لَا لِلنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَحُكْمُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ إذَا أَفْطَرَ فِيهِ لِمَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي عَنْ التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا مَرِضَ فِيهِ مِنْ نَذْرٍ مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مِنْ رَمَضَانَ قَضَاءٌ وَمِنْ غَيْرِهِ فِي قَضَائِهِ

ثَالِثُهَا إنْ مَرِضَ بَعْدَ دُخُولِهِ ، الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ فِيهَا ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ ، وَالثَّالِثُ لِتَأْوِيلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا .
وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ إلَخْ أَيْ : فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا بَلْ سَيَذْكُرُهَا وَكَلَامُهُ هُنَا خَاصٌّ بِتَعَمُّدِ الْغِذَاءِ وَالشُّرْبِ ، وَعَطَفَ عَلَى كَمَرَضِ أَبَوَيْهِ مُشَبِّهًا فِي الْإِبْطَالِ وَوُجُوبِ الِابْتِدَاءِ فَقَالَ ( وَكَسُكْرِهِ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ سُكْرًا حَرَامًا ( لَيْلًا ) فَيَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاؤُهُ ، وَإِنْ أَفَاقَ مِنْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ لَا فِيهِ بِحَلَالٍ ، وَيَبْطُلُ اعْتِكَافُ يَوْمِهِ بِحُصُولِهِ فِيهِ ( وَفِي إلْحَاقِ الْكَبَائِرِ ) غَيْرِ الْمُفْسِدَةِ لِلصَّوْمِ كَقَذْفٍ وَغِيبَةٍ وَنَمِيمَةٍ وَغَصْبٍ وَسَرِقَةٍ ( بِهِ ) أَيْ السُّكْرِ الْحَرَامِ فِي إبْطَالِ الِاعْتِكَافِ بِجَامِعٍ كَبُرَ الذَّنْبُ وَعَدَمِ إلْحَاقِهَا بِهِ فِيهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بِتَعْطِيلِ الزَّمَنِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فِيهَا إنْ سَكِرَ لَيْلًا وَصَحَا قَبْلَ الْفَجْرِ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ فَقَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ ؛ لِأَنَّهُ كَبِيرَةٌ وَقَالَ الْمَغَارِبَةُ لِتَعْطِيلِ عَمَلِهِ وَلَهُمَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّأْوِيلَيْنِ ، وَمَفْهُومُ الْكَبَائِرِ أَنَّ الصَّغَائِرَ لَا تُبْطِلُ الِاعْتِكَافَ اتِّفَاقًا وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَ ) صِحَّتُهُ ( بِعَدَمِ وَطْءٍ ) مُبَاحٍ لَيْلًا وَغَيْرُ الْمُبَاحِ دَخَلَ فِي الْكَبَائِرِ وَاَلَّذِي فِي النَّهَارِ دَخَلَ فِي مُبْطِلِ الصَّوْمِ فَإِنْ وَطِئَ حَلِيلَتَهُ لَيْلًا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَوْلَهُ وَكَمُبْطِلٍ صَوْمَهُ خَاصٌّ بِعَمْدِ الْغِذَاءِ ؛ إذْ الْوَطْءُ وَمُقَدِّمَاتُهُ مُبْطِلٌ وَلَوْ سَهْوًا فَيَجِبُ التَّعْمِيمُ هُنَا ( وَ ) صِحَّتُهُ بِعَدَمِ ( قُبْلَةِ شَهْوَةٍ ) فَتُفْسِدُ الِاعْتِكَافَ .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ خَلَتْ عَنْ الشَّهْوَةِ لَا تُفْسِدُهُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى فَمٍ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ عُمُومُ النَّقْلِ خِلَافًا

لِبَحْثِ أَنَّهَا عَلَى الْفَمِ تُفْسِدُ مُطْلَقًا أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا بَحَثَهُ أَحْمَدُ هُوَ الظَّاهِرُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُبْطِلُهُ مِنْ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ مَا يُبْطِلُ الْوُضُوءَ .
( وَ ) صِحَّتُهُ بِعَدَمِ ( لَمْسٍ ) شَهْوَةٍ ( وَمُبَاشَرَةٍ ) شَهْوَةٍ فَإِنْ لَمَسَ بِشَهْوَةٍ أَوْ بَاشَرَ بِهَا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِضًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ قُبْلَةُ الشَّهْوَةِ أَوْ لَمْسُهَا أَوْ مُبَاشَرَتُهَا ( لِحَائِضٍ ) أَيْ : مِنْهَا حَالَ خُرُوجِهَا مِنْ الْمَسْجِدِ إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِاعْتِكَافِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ ( نَاسِيَةً ) اعْتِكَافَهَا فَقَدْ فَسَدَ ، وَكَذَا مَرِيضٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَعْذُورِينَ الْمَمْنُوعِينَ مِنْ الصَّوْمِ أَوْ الِاعْتِكَافِ .
( وَإِنْ أَذِنَ ) سَيِّدٌ أَوْ زَوْجٌ ( لِعَبْدٍ ) تُنْقِصُ عِبَادَتُهُ خِدْمَةَ السَّيِّدِ ( أَوْ امْرَأَةٍ ) يَحْتَاجُ إلَيْهَا زَوْجُهَا ، وَصِلَةُ أَذِنَ ( فِي نَذْرٍ ) أَيْ : الْتِزَامٍ لِعِبَادَةٍ مَنْدُوبَةٍ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صِيَامٍ أَوْ إحْرَامِ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَنَذَرَاهَا ( فَلَا مَنْعَ ) لِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَزَوْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ وَفَائِهِمَا بِمَ نَذَرَاهُ بِإِذْنِهِ ، فَإِنْ كَانَ النَّذْرُ مُبْهَمَ الزَّمَنِ فَلَهُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَ ) إذْنِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ لِعَبْدٍ أَوْ زَوْجَةٍ فِي فِعْلٍ ( غَيْرِهِ ) أَيْ : النَّذْرِ أَوْ فِي وَفَاءِ النَّذْرِ الْمُبْهَمِ ( إنْ دَخَلَا ) أَيْ : الْعَبْدُ وَالزَّوْجَةُ فِي النَّذْرِ فِي الْأَوْلَى بِأَنْ نَذَرَا مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي نَذْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُمَا مِنْ وَفَائِهِ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ ، وَفِي فِعْلِ مَا أَذِنَ لَهُمَا فِي فِعْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَطَوُّعٍ أَوْ وَفَاءِ نَذْرٍ مُبْهَمٍ فَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهُ عَلَيْهِمَا فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا ( وَ ) إنْ اجْتَمَعَ عَلَى امْرَأَةٍ عِبَادَاتٌ مُتَضَادَّةُ الْأَمْكِنَةِ كَعِدَّةٍ وَإِحْرَامٍ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَاعْتِكَافٍ ( أَتَمَّتْ مَا سَبَقَ مِنْهُ ) أَيْ : الِاعْتِكَافِ عَلَى

عِدَّةٍ ، وَكَذَا الْإِحْرَامُ السَّابِقُ عَلَيْهَا كَأَنْ تَطْلُقَ أَوْ يُتَوَفَّى عَنْهَا وَهِيَ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ مُحْرِمَةٌ فَتَتَمَادَى فِي اعْتِكَافِهَا أَوْ سَفَرِهَا لِلنُّسُكِ وَلَا تُقِيمُ فِي مَنْزِلِهَا إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا ( أَوْ ) مَا سَبَقَ مِنْ ( عِدَّةٍ ) عَلَى اعْتِكَافٍ بِأَنْ طَلُقَتْ أَوْ تُوُفِّيَ عَنْهَا ثُمَّ نَذَرَتْ اعْتِكَافًا فَتُقِيمُ فِي مَسْكَنِهَا إلَى تَمَامِ عِدَّتِهَا ثُمَّ تَعْتَكِفُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا أَوْ الْبَاقِي مِنْهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ ، فَإِنْ فَاتَ فَلَا تَقْضِيهِ .
وَلَمَّا شَمِلَ قَوْلُهُ أَوْ عِدَّةٌ سَبَقَهَا الْإِحْرَامُ أَيْضًا وَكَانَ الْحُكْمُ فِيهِ مُخَالِفًا لِلْحُكْمِ فِي سَبْقِهَا الِاعْتِكَافَ اسْتِثْنَاءٌ بِقَوْلِهِ ( وَإِلَّا أَنْ تُحْرِمَ ) الْمَرْأَةُ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَهِيَ بِعِدَّةِ طَلَاقٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ مُتَلَبِّسَةً ( بِعِدَّةِ مَوْتٍ ) بَالَغَ عَلَيْهَا لِشِدَّتِهَا عَنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِالْإِحْدَادِ ( فَيَنْفُذُ ) إحْرَامُهَا مَعَ عِصْيَانِهَا بِهِ ( وَيَبْطُلُ ) أَيْ : يَسْقُطُ وُجُوبُ مَبِيتِهَا فِي مَسْكَنِهَا هَذَا عَلَى نُسْخَةٍ يَبْطُلُ بِالتَّحْتِيَّةِ ، وَعَلَى نُسْخَةٍ تَبْطُلُ بِالْفَوْقِيَّةِ فَضَمِيرُهُ لِلْعِدَّةِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ : مَبِيتُهَا لَا أَصْلُهَا فَتُسَافِرُ لِتَمَامِ النُّسُكِ الَّذِي أَحْرَمَتْ بِهِ وَهِيَ عَلَى عِدَّتِهَا ، فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَبَقِيَ صُورَتَانِ : طُرُوءُ اعْتِكَافٍ عَلَى إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ ، فَتَتِمُّ السَّابِقُ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يُخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَيُقَدَّمَ إنْ كَانَا فَرْضَيْنِ أَوْ نَفَلَيْنِ أَوْ الْحَجُّ فَرْضًا وَالِاعْتِكَافُ نَفْلًا .
فَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ قُدِّمَ الِاعْتِكَافُ فَالصُّوَرُ سِتٌّ : طُرُوءُ عِدَّةٍ عَلَى إحْرَامٍ أَوْ اعْتِكَافٍ ، وَطُرُوءُ أَحَدِهِمَا عَلَيْهَا ، وَطُرُوءُ اعْتِكَافٍ مِنْ إحْرَامٍ وَعَكْسُهُ فَتَتِمُّ السَّابِقُ فِي أَرْبَعٍ وَتَمْضِي عَلَى الطَّارِئِ فِي إحْرَامٍ وَلَوْ بِنَفْلٍ عَلَى عِدَّةٍ وَعَلَى اعْتِكَافِ نَفْلٍ أَوْ فَرْضٍ إنْ خُشِيَ فَوَاتُ فَرْضِ حَجٍّ لَا إنْ كَانَ نَفْلًا وَالِاعْتِكَافُ فَرْضٌ فَتُتِمُّ

الِاعْتِكَافَ .
وَفُهِمَ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ النُّفُوذَ فِي الْإِحْرَامِ الطَّارِئِ بِالْمُعْتَدَّةِ أَنَّ الْمُعْتَكِفَةَ لَا يَنْفُذُ إحْرَامُهَا .
وَالْفَرْقُ أَنَّ نُفُوذَ إحْرَامِ الْمُعْتَدَّةِ إنَّمَا يُخِلُّ بِمَبِيتِهَا لَا بِأَصْلِ عِدَّتِهَا وَنُفُوذِ إحْرَامِ الْمُعْتَكِفَةِ يُخِلُّ بِالِاعْتِكَافِ رَأْسًا ؛ لِأَنَّ الْمُكْثَ فِي الْمَسْجِدِ شَرْطٌ أَوْ رُكْنٌ فِيهِ وَمَبِيتُ الْمُعْتَدَّةِ لَيْسَ وَاحِدًا مِنْهُمَا بَلْ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ فَتُعْصَى بِتَرْكِهِ وَتَحْتَسِبُ بِأَيَّامِ سَفَرِ الْإِحْرَامِ مِنْ عِدَّتِهَا وَتَتِمُّ بَقِيَّتُهَا عَقِبَ رُجُوعِهَا مِنْهُ .
وَقَوْلُهُ مَا سَبَقَ مِنْهُ أَيْ : فِعْلًا لَا نَذْرًا فَإِنْ نَذَرَتْ اعْتِكَافَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ وَ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَ إتْيَانِهِ فَتُتِمُّ عِدَّتَهَا .
وَلَوْ اسْتَهَلَّ الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ فِيهَا وَلَكِنْ تَصُومُهُ فِي بَيْتِهَا وَلَا يَقْضِي اعْتِكَافَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ فِي الْفِعْلِ .
وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْحَطّ أَنَّ هَذَا أَرْجَحُ مِنْ مُقَابِلِهِ وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْشَى فِي الثَّانِيَةِ فَوَاتَ الْحَجِّ أَصْلُهُ لعج ، وَاعْتَرَضَهُ طفي بِأَنَّ إطْلَاقَ أَبِي الْحَسَنِ وَأَبِي عِمْرَانَ يُنَافِيهِ أَيْ فِي قَوْلِهِمَا الْمُعْتَكِفَةُ إذَا أَحْرَمَتْ يَنْفُذُ إحْرَامُهَا وَلَا تَخْرُجُ لَهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا .
وَقَوْلُهُ يُفْهَمُ مِنْ الْحَطّ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ إلَخْ يَدُلُّ عَلَى أَرْجَحِيَّتِهِ اقْتِصَارُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ وَتَصْحِيحُهُ إيَّاهُ .
وَنَصُّهُ الِاعْتِكَافُ إذَا سَبَقَ الْعِدَّةَ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ اعْتِكَافُهَا كَمَا أَنَّ الْعِدَّةَ إذَا سَبَقَتْهُ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهَا إلَى الِاعْتِكَافِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا إنْ كَانَ اعْتِكَافًا وَاجِبًا عَلَيْهَا فِي أَيَّامٍ بِعَيْنِهَا قَدْ كَانَتْ نَذَرَتْ اعْتِكَافَهَا قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْقَرَوِيِّينَ وَهُوَ صَحِيحٌ ، فَقِفْ عَلَيْهِ ا هـ ، وَكَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ .

وَإِنْ مَنَعَ عَبْدَهُ نَذْرًا ، فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَا يُمْنَعُ مُكَاتَبٌ يَسِيرَهُ ،
( وَإِنْ ) نَذَرَ عَبْدٌ اعْتِكَافًا بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَرَادَ وَفَاءَهُ فَ ( مَنَعَ ) السَّيِّدُ ( عَبْدَهُ ) أَنْ يُوفِيَ ( نَذْرًا فَعَلَيْهِ ) أَيْ الْعَبْدِ وَفَاؤُهُ ( إنْ عَتَقَ ) الْعَبْدُ إنْ كَانَ مَضْمُونًا أَوْ مُعَيَّنًا بَقِيَ وَقْتُهُ .
فَإِنْ فَاتَ فَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ قَالَهُ سَحْنُونٌ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
فَإِنْ مَنَعَهُ وَفَاءُ مَا نَذَرَهُ بِإِذْنِهِ فَعَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ مُعَيَّنًا فَاتَ وَقْتُهُ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ نَذْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِي نَذْرِهِ أَوْ مِنْ فِعْلِ مَا يَتَطَوَّعُ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ عبق .
قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ قَوْلَ سَحْنُونٌ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ .
( وَلَا يُمْنَعُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ ( مُكَاتَبٌ ) أَيْ : مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ ( يَسِيرَهُ ) أَيْ : الِاعْتِكَافَ وَهُوَ مَا لَا يَحْصُلُ بِهِ عَجْزٌ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ ، وَيَنْبَغِي أَنَّ الصَّوْمَ وَبَقِيَّةَ الْعِبَادَاتِ كَذَلِكَ .
وَيُمْنَعُ مِنْ كَثِيرٍ يُؤَدِّي لِعَجْزِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا وَالْمُبَعِّضُ فِي يَوْمٍ نَفْسُهُ كَالْحُرِّ .

وَلَزِمَ يَوْمٌ إنْ نَذَرَ لَيْلَةً ، لَا بَعْضَ يَوْمٍ وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ ، وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ : كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ ، لَا النَّهَارِ فَقَطْ فَبِاللَّفْظِ وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ حِينَئِذٍ : صَوْمٌ ، وَفِي يَوْمِ دُخُولِهِ : تَأْوِيلَانِ ، وَإِتْيَانُ سَاحِلٍ لِنَاذِرِ صَوْمٍ بِهِ مُطْلَقًا ، .

( وَلَزِمَ يَوْمٌ ) أَيْ اعْتِكَافُهُ ( إنْ نَذَرَ ) أَنْ يَعْتَكِفَ ( لَيْلَةً ) وَعَكْسُهُ أَوْلَى .
وَنَصَّ عَلَى الْأَصْلِيِّ رَدًّا عَلَى مَنْ قَالَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لِنَذْرِهِ مَا لَا يَصِحُّ صَوْمُهُ ( لَا ) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ ( بَعْضَ يَوْمٍ ) .
الْقَرَافِيُّ لَوْ نَذَرَ عُكُوفَ بَعْضِ يَوْمٍ فَلَا يَصِحُّ عِنْدَنَا ، خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَمَا ذَكَرَ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ شَيْءٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَعَ اخْتِلَافِهِمَا فِيمَنْ نَذَرَ صَلَاةَ رَكْعَةٍ أَوْ صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ وَصَوْمُ يَوْمٍ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَالْفَرْقُ ضَعْفُ الِاعْتِكَافِ وَقُوَّةُ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ .
( وَ ) لَزِمَ ( تَتَابُعُهُ ) أَيْ الِاعْتِكَافِ ( فِي ) نَذْرِ ( مُطْلَقِهِ ) أَيْ : اعْتِكَافٍ مُطْلَقٍ عَنْ التَّقْيِيدِ بِتَتَابُعٍ أَوْ عَدَمِهِ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّتُهُ وَأَوْلَى إنْ قَيَّدَهُ بِالتَّتَابُعِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِالتَّفْرِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَنْدُوبًا فَلَهُ تَتَابُعُهُ وَتَفْرِيقُهُ ( وَ ) لَزِمَ ( مَنْوِيُّهُ ) أَيْ مَا نَوَاهُ مِنْ عَدَدِ الْأَيَّامِ أَوْ التَّتَابُعِ ( حِينَ دُخُولِهِ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ الْمَسْجِدَ لِاعْتِكَافٍ مُتَطَوِّعٍ بِهِ ، فَإِنْ نَوَى حِينَهُ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لَزِمَتْهُ ، وَإِنْ نَوَى تَتَابُعَهَا حِينَهُ لَزِمَهُ .
وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى التَّفْرِيقَ فَلَا يَلْزَمُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَنَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ أَوْ شَهْرٍ أَوْ أَيَّامِ اسْتِغْرَاقِ الِاعْتِكَافِ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ، فَشَأْنُهُ التَّتَابُعُ كَأَجَلِ الْإِجَارَةِ وَالْخِدْمَةِ وَالْيَمِينِ وَالدَّيْنِ وَاعْتِيَادِهِ فِيهِ وَالصَّوْمُ قَاصِرٌ عَلَى الْيَوْمِ ، فَكَيْفَمَا فَعَلَهُ مُتَتَابِعًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَأَوْفَى الْعِدَّةَ فَقَدْ جَاءَ بِنَذْرِهِ .
وَشَبَّهَ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَحْكَامِ الِاعْتِكَافِ فَقَالَ ( كَ )

نَذْرٍ ( مُطْلَقِ الْجِوَارِ ) بِمَسْجِدٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا أَيْ : الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِنَهَارٍ وَلَا لَيْلٍ ، فَيَلْزَمُ تَتَابُعُهُ إنْ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَإِنْ نَوَى عَدَمَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ، وَيَلْزَمُ صَوْمُهُ فِيهِ وَيَمْنَعُ فِيهِ مَا يَمْنَعُ فِي الِاعْتِكَافِ وَيُبْطِلُهُ مَا يُبْطِلُهُ ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ أَوْ نَوَاهُ حِينَ دُخُولِهِ .
فَمَنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ يَوْمًا مَثَلًا فَهُوَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ بِلَفْظِ جِوَارٍ فَلَا فَرْقَ فِي الْمَعْنَى بَيْنَ قَوْلِهِ أَعْتَكِفُ مُدَّةَ كَذَا أَوْ أُجَاوِرُهَا وَاللَّفْظُ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا لِمَعْنَاهُ .
الرَّمَاصِيُّ الْمُنَاسِبُ كَالْجِوَارِ الْمُطْلَقِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مُطْلَقِ الْمَاهِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِالْفِطْرِ لَفْظًا أَوْ نِيَّةً فَلَا يَلْزَمُ إلَّا بِاللَّفْظِ : وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( لَا ) يَلْزَمُ الْجِوَارُ الْمُقَيَّدُ بِ ( النَّهَارِ ) أَوْ اللَّيْلِ ( فَقَطْ ) أَوْ الْفِطْرِ بِنِيَّتِهِ حِينَ دُخُولِهِ ( فَ ) إنْ نَذَرَهُ ( بِاللَّفْظِ ) بِأَنْ قَالَ : لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُجَاوِرَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ كَذَا فَقَطْ أَوْ لَيْلَةَ كَذَا فَقَطْ أَوْ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُفْطِرًا لَزِمَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى النَّهَارِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ ( وَلَا يَلْزَمُ ) فِيهِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ : حِينَ تَقْيِيدِهِ بِالنَّهَارِ ( صَوْمٌ ) وَأَمَّا الْمُقَيَّدُ بِاللَّيْلِ أَوْ الْفِطْرِ فَلَا يُتَوَهَّمُ لُزُومُ الصَّوْمِ فِيهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِنَفْيِهِ ، أَيْ : وَلَا يَلْزَمُ الْمُجَاوِرُ حِينَ تَقْيِيدِهِ بِالنَّهَارِ فِي حَالِ نَذْرِهِ صَوْمٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ لَوَازِمِ الِاعْتِكَافِ ، لَكِنْ لَا يَخْرُجُ لِعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّهُ يُنَافِي نَذْرَهُ الْمُجَاوَرَةَ فِي الْمَسْجِدِ نَهَارَهُ .
وَيَخْرُجُ لِمَا يَخْرُجُ لَهُ الْمُعْتَكِفُ لَا لِغَيْرِهِ ، وَإِنْ نَوَى جِوَارًا مُقَيَّدًا بِفِطْرِ أَكْثَرَ مِنْ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِدُخُولِهِ الْمَسْجِدَ مَا بَعْدَ يَوْمِ دُخُولِهِ .
( وَفِي ) لُزُومِهِ إكْمَالُ ( يَوْمِ دُخُولِهِ ) وَعَدَمِ لُزُومِهِ وَهُوَ الْأَرْجَحُ (

تَأْوِيلَانِ ) أَيْ : فَهْمَانِ لِشَارِحَيْهَا فَإِنْ نَوَى يَوْمًا فَقَطْ لَا يَلْزَمُهُ إكْمَالُهُ اتِّفَاقًا خِلَافَ مَا أَفَادَهُ الْحَطّ وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ كَمَنْ نَوَى جِوَارَ مَسْجِدٍ مَا دَامَ فِيهِ أَوْ وَقْتًا مُعَيَّنًا فَلَا يَلْزَمُهُ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ مَا فِي الْمَوَّاقِ إنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَمَا فِي الْحَطّ صَرِيحٌ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَاعْتَمَدَهُ اللَّقَانِيُّ ( وَ ) لَزِمَ ( إتْيَانُ سَاحِلٍ ) أَيْ مَحَلُّ رِبَاطٍ وَحِرَاسَةٍ مِنْ عَدُوٍّ كِدِمْيَاطَ وَجُدَّةَ وَإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَسْقَلَانَ وَطَرَابُلْسَ ( لِنَاذِرِ صَوْمٍ ) أَوْ صَلَاةٍ ( بِهِ ) أَيْ : فِي السَّاحِلِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ لَيْسَ بِمَحَلٍّ أَفْضَلَ مِنْ السَّاحِلِ كَأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَأَوْلَى إتْيَانُ أَحَدِهَا لِنَاذِرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِيهَا .

وَالْمَسَاجِدُ الثَّلَاثَةُ فَقَطْ لِنَاذِرِ عُكُوفٍ بِهَا ، وَإِلَّا فَبِمَوْضِعِهِ .
وَ ) لَزِمَ إتْيَانُ أَحَدِ ( الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ فَقَطْ ) أَيْ : دُونَ السَّاحِلِ وَسَائِرِ الْمَسَاجِدِ ( لِنَاذِرِ عُكُوفٍ ) أَيْ : اعْتِكَافٍ أَوْ صَوْمٍ أَوْ كَفَّارَةٍ ( بِهَا ) أَيْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَظَاهِرُهُ ، وَلَوْ كَانَ بِأَفْضَلَ مِمَّا نَذَرَ الْإِتْيَانَ إلَيْهِ ، لَكِنْ قَالَ الشَّارِحُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَأْتِيَ مِنْ الْفَاضِلِ إلَى الْمَفْضُولِ كَقَوْلِهِمْ فِي نَاذِرِ الصَّلَاةِ ؛ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ( وَإِلَّا ) أَيْ : وَإِنْ لَمْ يُنْذَرْ الْعُكُوفَ بِأَحَدِهَا بِأَنْ نَذَرَ بِسَاحِلٍ أَوْ مَسْجِدِ غَيْرِهَا أَوْ نَذَرَ صَوْمًا أَوْ صَلَاةً بِمَسْجِدِ غَيْرِهَا ( فَ ) يَفْعَلُهُ ( بِمَوْضِعِهِ ) الَّذِي هُوَ فِيهِ إنْ بَعُدَ مَا نَذَرَ الْفِعْلَ فِيهِ ، فَإِنْ قَرُبَ جِدًّا فَهَلْ كَذَلِكَ أَوْ يَذْهَبُ لَهُ وَيَفْعَلُ الْمَنْذُورَ بِهِ قَوْلَانِ : ابْنُ يُونُسَ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا بِسَاحِلٍ فَلْيَعْتَكِفْ بِمَوْضِعِهِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الْجِهَادِ وَالِاعْتِكَافُ يَمْنَعُهُ فَهُوَ بِمَوْضِعِهِ أَفْضَلُ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ اعْتِكَافًا بِأَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَزِمَهُ الذَّهَابُ إلَيْهِ كَسَاحِلٍ فِي نَذْرِ صَوْمٍ أَوْ صَلَاةٍ لَا اعْتِكَافٍ فَبِمَوْضِعِهِ كَنَذْرِهِ فِي سَائِرِ الْمَسَاجِدِ إنْ بَعُدَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ .

وَكُرِهَ : أَكْلُهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ ، وَاعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ ، وَدُخُولُهُ مَنْزِلَهُ وَإِنْ لِغَائِطٍ ، وَاشْتِغَالُهُ بِعِلْمٍ وَكِتَابَتُهُ وَإِنْ مُصْحَفًا إنْ كَثُرَ وَفِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَتِلَاوَةٍ : كَعِيَادَةٍ وَجِنَازَةٍ ، وَلَوْ لَاصَقَتْ وَصُعُودُهُ لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ ، وَتَرَتُّبُهُ لِلْإِمَامَةِ وَإِخْرَاجُهُ لِحُكُومَةٍ إنْ لَمْ يَلَدَّ بِهِ ، وَجَازَ : إقْرَاءُ قُرْآنٍ ، وَسَلَامُهُ عَلَى مَنْ بِقُرْبِهِ وَتَطَيُّبُهُ ، وَأَنْ يَنْكِحَ وَيُنْكِحَ بِمَجْلِسِهِ ، وَأَخْذُهُ إذَا خَرَجَ لِكَغُسْلِ جُمُعَةٍ ظُفْرًا ، أَوْ شَارِبًا ، وَانْتِظَارُ غَسْلِ ثَوْبِهِ أَوْ تَجْفِيفِهِ .

( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( أَكْلُهُ ) أَيْ الْمُعْتَكِفِ ( خَارِجَ الْمَسْجِدِ ) بِفِنَائِهِ أَوْ رَحْبَتِهِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ وَإِلَّا بَطَلَ اعْتِكَافُهُ .
وَأَمَّا رَحْبَتُهُ الَّتِي هِيَ صَحْنُهُ وَمَا كَانَ دَاخِلًا فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ بِهِ فَفِيهَا وَلَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ إلَّا فِي الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ .
وَكُرِهَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ فَيَأْكُلَ بَيْنَ يَدَيْ بَابِهِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُصَنِّفِ .
وَلَوْ خَفَّ الْأَكْلُ وَقَرُبَ الْخَارِجُ جِدًّا وَعَدَمُ كَرَاهَةِ الشُّرْبِ .
( وَ ) كُرِهَ ( اعْتِكَافُهُ غَيْرُ مَكْفِيٍّ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ وَشَدُّ الْمُثَنَّاةِ اسْمُ مَفْعُولِ كَفَى أَصْلُهُ بِوَزْنِ مَفْعُولٍ ، فَأُبْدِلَتْ وَاوُهُ يَاءً لِاجْتِمَاعِهَا سَاكِنَةً مَعَ يَاءٍ وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَأُبْدِلَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً أَيْ : لَيْسَ مَعَهُ مَا يَكْفِيهِ مِنْ الْمَأْكُولِ وَالْمَشْرُوبِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَكْفِيهِ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ أَوْ مَجَّانًا وَفِيهَا مَا لَمْ يَجِدْ كَافِيًا وَلَهُ الْخُرُوجُ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ ، وَلَا يَقِفُ مَعَ أَحَدٍ لِحَدِيثٍ وَلَا لِقَضَاءِ دَيْنٍ أَوْ اقْتِضَائِهِ وَلَا بِمُكْثٍ بَعْدَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ زَمَنًا ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ عَمَلِ الِاعْتِكَافِ وَحُرْمَتُهُ كَالصَّلَاةِ عِنْدَ خُرُوجِ رَاعِفٍ فِيهَا لِغَسْلِ دَمِهِ ، فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَسَدَ اعْتِكَافُهُ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُنْدَبُ شِرَاؤُهُ مِنْ أَقْرَبِ الْأَسْوَاقِ إلَى الْمَسْجِدِ .
( وَ ) كُرِهَ ( دُخُولُهُ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ ( مَنْزِلَهُ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ الَّذِي بِهِ زَوْجَتُهُ أَوْ سُرِّيَّتُهُ الْقَرِيبُ إنْ دَخَلَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ بَلْ ( وَإِنْ ) دَخَلَهُ ( لِغَائِطٍ ) فَإِنْ بَعُدَ مُنِعَ دُخُولُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَهْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ كَدُخُولِهِ أَسْفَلَهُ وَأَهْلَهُ أَعْلَاهُ .
وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ مَجِيءِ زَوْجَتِهِ إلَيْهِ وَأَكْلِهَا مَعَهُ وَحَدِيثِهَا لَهُ فِي الْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ وَمُقَدِّمَاتِهِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُمَا فِي الْمَنْزِلِ ( وَ ) كُرِهَ ( اشْتِغَالُهُ

) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ ( بِ ) تَعَلُّمِ ( عِلْمٍ ) أَوْ تَعْلِيمِهِ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَلَا يُكْرَهُ .
فَإِنْ قِيلَ وَرَدَ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ النَّفْلِ فَلِمَ كُرِهَ هُنَا .
قُلْت حِكْمَةُ الِاعْتِكَافِ رِيَاضَةُ النَّفْسِ وَتَصْفِيَتُهَا مِنْ صِفَاتِهَا الْمَذْمُومَةِ وَهِيَ لَا تَحْصُلُ بِالْعِلْمِ .
الْبُنَانِيُّ تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْعِلْمِ خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .
شَيْخُ مَشَايِخِنَا الدُّسُوقِيُّ قَدْ يُقَالُ الْعَيْنِيُّ لَا تَرْخِيصَ فِي تَرْكِهِ فَلَا تَصِحُّ كَرَاهَتُهُ فَالنَّصُّ ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِغَيْرِهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( كِتَابَتُهُ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ يَنْبَغِي مَا لَمْ تَكُنْ لِقُوَّتِهِ إنْ كَتَبَ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَتَبَ ( مُصْحَفًا ) الْمَوَّاقُ لَمْ أَجِدْهُ مَنْصُوصًا ( إنْ كَثُرَ ) أَيْ الِاشْتِغَالُ بِالْعِلْمِ وَالْكِتَابَةِ فَإِنْ قَلَّ فَلَا يُكْرَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مِنْ أَنَّ الِاعْتِكَافَ يَخْتَصُّ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالصَّلَاةِ .
وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ الْمُبِيحِ لِلْمُعْتَكِفِ جَمِيعَ أَعْمَالِ الْبِرِّ الْمُخْتَصَّةِ بِالْآخِرَةِ فَيَجُوزُ لَهُ مُدَارَسَةُ الْعِلْمِ وَعِيَادَةُ الْمَرْضَى الَّذِينَ مَعَهُ فِي مُعْتَكَفِهِ وَالصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ إذَا انْتَهَى إلَيْهِ زِحَامُ النَّاسِ .
وَيَجُوزُ لَهُ كَتْبُ الْمَصَاحِفِ لِلثَّوَابِ لَا لِيَتَمَوَّنَهَا وَلَا عَلَى أُجْرَةٍ يَأْخُذُهَا بَلْ لِيَقْرَأَ فِيهَا وَيَنْتَفِعُ بِهَا مَنْ احْتَاجَ إلَيْهَا انْتَهَى .
وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَتْبَ الْمُصْحَفِ لَا يُبَاحُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
( وَ ) كُرِهَ ( فِعْلُ غَيْرِ ذِكْرٍ ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَدُعَاءٍ وَتَفَكُّرٍ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ أَمْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَهَذِهِ عِبَادَةُ السَّلَفِ الصَّالِحِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ( وَ ) غَيْرِ ( صَلَاةٍ ) وَفِي

مَعْنَاهَا الطَّوَافُ وَدُخُولُ الْكَعْبَةِ .
( وَ ) غَيْرِ ( تِلَاوَةٍ ) لِلْقُرْآنِ الْعَزِيزِ وَحُكْمُهُ بِكَرَاهَةِ فِعْلِ غَيْرِهَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فِعْلَهَا لَيْسَ وَاجِبًا وَلَا مُسْتَوَى الطَّرَفَيْنِ إذْ لَوْ وَجَبَ لَحَرُمَ فِعْلُ غَيْرِهَا وَقَدْ حَكَمَ بِكَرَاهَتِهِ ، وَلَوْ أُبِيحَ لَأُبِيحَ فِعْلُ غَيْرِهَا فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّدْبُ فَقَوْلُ تت لَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَيْنُ الْحُكْمِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفْيُ الْكَرَاهَةِ عَنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ غَيْرُ ظَاهِرٍ قَالَهُ عج .
عبق قَوْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّدْبُ قَدْ تَمْنَعُ الْمُلَازَمَةَ بِأَنْ يُقَالَ اللَّازِمُ أَنْ لَوْ جَازَ فِعْلُهَا جَوَازُ تَرْكِهَا وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ خِلَافَ الْأَوْلَى ، فَلَا يَثْبُتُ نَدْبُ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَ تت .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَوْ جَازَ فِعْلُهَا لَجَازَ مُقَابِلُهُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ قَدْ قَالَ : يَجُوزُ فِعْلُهَا وَالْكَفُّ عَنْهَا وَلَا يَلْزَمُ جَوَازُ فِعْلِ غَيْرِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَنْفِيَ الْجَوَازَ فِيهَا لِمَا عَلِمَ أَنَّ الذِّكْرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا يَكُونُ مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَعِيَادَةٍ ) بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ أَيْ : زِيَارَةٍ لِمَرِيضٍ بِالْمَسْجِدِ بَعِيدٍ عَنْهُ كَانَ خَارِجًا مِنْ الْمَسْجِدِ مَنَعَتْ وَأَبْطَلَتْ الِاعْتِكَافَ ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْهُ وَهُوَ بِالْمَسْجِدِ جَازَتْ ( وَ ) صَلَاةِ ( جِنَازَةٍ ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ جَارًا أَوْ صَالِحًا فَيَخُصُّ مَا سَبَقَ بِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ إنْ بَعُدَتْ بَلْ ( وَلَوْ لَاصَقَتْ ) الْجِنَازَةُ الْمُعْتَكِفَ بِأَنْ وُضِعَتْ بِقُرْبِهِ أَوْ انْتَهَى زِحَامُهَا إلَيْهِ .
( وَصُعُودُهُ ) أَيْ : الْمُعْتَكِفِ ( لِتَأْذِينٍ بِمَنَارٍ أَوْ سَطْحٍ ) لِلْمَسْجِدِ وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ تَأْذِينِهِ بِمَكَانِهِ أَوْ صَحْنِ الْمَسْجِدِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ وَإِلَّا كُرِهَ .
ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ إنْ كَانَ يَرْصُدُ الْأَوْقَاتَ أَوْ يُؤَذِّنُ بِغَيْرِ مُعْتَكَفِهِ مِنْ رِحَابِ الْمَسْجِدِ فَيَخْرُجُ إلَى بَابِهِ كُرِهَ وَإِلَّا فَظَاهِرُهَا جَوَازُهُ وَنَحْوُهُ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57