كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

مَفْعُولًا ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ فِي اللِّوَاطِ إذَا كَانَ فَاعِلًا ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَفْعُولًا بِهِ فَلَا ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الصَّبِيَّةِ فِي ذَلِكَ وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ .
ا هـ .
وَهُوَ مِمَّا تَلَقَّيْنَاهُ مِنْ تَقَايِيدِ أَئِمَّتِنَا الْفَاسِيِّينَ .
طفى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَحْمُولُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ لِأَنَّ الْمَحْمُولِينَ لَا تُعْلَمُ صِحَّةُ أَنْسَابِهِمْ لِآبَائِهِمْ الْمُعَيَّنِينَ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَا يَتَوَارَثُونَ بِذَلِكَ ، فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ آبَاؤُهُمْ فَمَنْ نَفَى أَحَدَهُمْ عَنْ بُنُوَّةِ فُلَانٍ مَثَلًا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ فَلَمْ يَقْذِفْهُ ، ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْت بَعْضَهُمْ فَسَّرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِأَنَّهُ أَرَادَ الْمَجْهُولَ النَّسَبِ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ ، وَاَلَّذِي قُلْنَاهُ هُوَ الْمَذْهَبُ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ نَفْيَ الْمَحْمُولِ عَنْ الْأَبِ مُطْلَقًا بِأَنْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَنَّهُ يُحَدُّ قَائِلُ ذَلِكَ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ التَّوَارُثَ بِالنَّسَبِ لِجَهْلِنَا آبَاءَهُمْ لَا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ إذَايَةَ الْمَحْمُولِينَ بِنَفْيِ أَنْسَابِهِمْ عَنْ آبَائِهِمْ دُونَ إذَايَةِ غَيْرِهِمْ بِذَلِكَ فَامْتَنَعَتْ مُسَاوَاتُهُمْ .
" غ " انْتَحَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ نَفْيُ الْمَحْمُولِ عَنْ الْأَبِ مُطْلَقًا بِقَوْلِهِ لِأَحَدِهِمْ لَيْسَ لَهُ أَبٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ ابْنُ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ التَّوَارُثَ بِالنَّسَبِ بِجَهْلِنَا آبَاءَهُمْ لَا أَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا ، وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ تَوْأَمَيْ الْمُحْتَمِلَةِ شَقِيقَانِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجَابَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ إذَايَةَ الْمَحْمُولِينَ بِنَفْيِ أَنْسَابِهِمْ دُونَ إذَايَةِ غَيْرِهِمْ بِهِ ، فَامْتَنَعَتْ مُسَاوَاتُهُمْ فِي الْحُكْمِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ الْمَحْمُولُونَ بِالْحَاءِ وَالْمِيمِ الْمَسْبِيُّونَ لَا حَدَّ عَلَى

مَنْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا وَلَدَ الزِّنَا قَالَهُ أَشْهَبُ ا هـ .
طفي مَا قَالُوهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الْمَحْمُولُ يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي وَاضِحَتِهِ فَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَحْمُولِ فِي نَفْيِ نَسَبِهِ ، فَلَوْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ عِنْدَ الْمَنْبُوذِ لَكَانَ أَحْسَنَ .
وَفِي التَّوْضِيحِ فِي الْعُتْبِيَّةِ سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ الْغَرِيبِ يُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ وَهُوَ لَا تُعْرَفُ أُمُّهُ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَرَى أَنْ يُضْرَبَ الْحَدَّ إذَا كَانَ رَجُلًا مُسْلِمًا وَقَدْ يَقْدَمُ الرَّجُلُ الْبَلَدَ فَيُقِيمُ فِيهِ سِنِينَ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ فَيَقْذِفُهُ رَجُلٌ أَيُقَالُ لَهُ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ أَنَّ أُمَّك حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ لَا أَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَأَرَى أَنْ يُضْرَبَ مَنْ قَذَفَهُ وَالظَّالِمُ هُوَ الَّذِي يَحْمِلُ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ لِأَنَّ أُمَّ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَزَعَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ نَسْخَهُ مَجْهُولٌ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ تَصْحِيفٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ .
ا هـ .
أَيْ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْغَرِيبِ وَقَدْ يُجَابُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ يَشْمَلُ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُحَدُّ الْمُكَلَّفُ الَّذِي قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا مُكَلَّفًا عَفِيفًا بِآلَةٍ بَالِغًا أَوْ مُطِيقًا إنْ كَانَ غَيْرَ مُلَاعَنَةٍ وَابْنَهَا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْمَقْذُوفُ مَرْأَةً ( مُلَاعَنَةً ) مِنْ زَوْجِهَا لِرُؤْيَتِهَا تَزْنِي أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ ( وَابْنَهَا ) أَيْ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ فَمَنْ رَمَاهَا بِالزِّنَا الَّذِي لَاعَنَهَا زَوْجُهَا بِهِ ، أَوْ قَالَ لِابْنِهَا ، يَا ابْنَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ ، وَلَوْ ثَبَتَ لَرُجِمَتْ وَلَمْ يَصِحَّ اسْتِلْحَاقُ الْمَلَاعِنِ وَلَدَهَا .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى قَاذِفِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ وَقَاذِفِ أُمِّهِ الْحَدُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ الْمُلَاعَنَةُ وَابْنُهَا كَغَيْرِهِمَا وَاضِحٌ فِي نِسْبَتِهَا إلَى الزِّنَا لِعَدَمِ انْتِفَاءِ عِفَّتِهِمَا بِمَا اتَّصَفَا بِهِ .
وَفِيهَا مَنْ قَذَفَ مُلَاعَنَةً الْتَعَنَتْ بِوَلَدٍ أَوْ بِغَيْرِ وَلَدٍ حُدَّ .
ابْنُ يُونُسَ مَنْ قَالَ لِابْنِ الْمُلَاعَنَةِ لَا أَبَا لَهُ حُدَّ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ ، وَسَوَاءٌ صَرَّحَ الْمُكَلَّفُ بِالْقَذْفِ ( أَوْ عَرَّضَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مُعْجَمًا الضَّادُ بِهِ ، وَفَاعِلُ عَرَّضَ ( غَيْرُ أَبٍ ) لِلْمَقْذُوفِ بِتَعْرِيضِ الْأَبِ بِقَذْفِ ابْنِهِ لَا يُوجِبُ حَدَّهُ .
عج أَرَادَ بِالْأَبِ الْجِنْسَ الشَّامِلَ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْأُمَّهَاتِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ ، فَلَوْ قَالَ عَرَّضَ غَيْرُ أَصْلٍ لَوَفَى بِهَذَا .
طفي اُنْظُرْ مُسْتَنَدَهُ مِنْ النَّقْلِ ، فَإِنَّ الَّذِي فِي عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ كَالْمُوَضِّحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ الْأَبُ .
ابْنُ مُحْرِزٍ مَنْ عَرَّضَ لِوَلَدِهِ فَلَا يُحَدُّ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ التَّعْرِيضُ مِنْ الْأَبِ لِوَلَدِهِ فَلَا يُحَدُّ .
الْبُنَانِيُّ التَّعْلِيلُ بِالْبُعْدِ عَنْ التُّهْمَةِ يُفِيدُ مَا قَالَهُ عج لِوُجُودِهِ فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ .
قُلْت وَيُفِيدُهُ أَيْضًا تَعْبِيرُ ابْنِ مُحْرِزٍ بِمَنْ .
وَشَرْطُ حَدِّ غَيْرِهِ بِالتَّعْرِيضِ بِهِ ( إنْ أَفْهَمَ ) التَّعْرِيضُ الْقَذْفَ بِقَرِينَةٍ نَحْوِ خِصَامٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ زَوْجًا لِزَوْجَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ صَرِيحَةٌ وَهِيَ مَا دَلَّ بِذَاتِهِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى إرَادَةِ غَيْرِهِ .
الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا زَانِي وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهُ زَانٍ فِي الْجَبَلِ يُقَالُ زَنَأْت فِي الْجَبَلِ إذَا صَعِدْت ، قَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَا فِي تِلْكَ الْحَالِ وَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي مُسَابَّةٍ .
ابْنُ حَبِيبٍ يُرِيدُ وَيَحْلِفُ وَتَعْرِيضٌ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ بِقَرِينَةِ بَيِّنَةٍ .
ابْنُ شَاسٍ

كَقَوْلِهِ أَمَا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ قُلْت إنْ قَالَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي مُشَاتَمَةٍ إنِّي لَعَفِيفُ الْفَرْجِ وَمَا أَنَا بِزَانٍ ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُحَدُّ فَقَيَّدَ الْحَدَّ بِقَوْلِهِ مَا أَنَا بِزَانٍ بِكَوْنِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ شَاسٍ بِقَوْلِهِ أَمَّا أَنَا وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا أَنَا بِزَانٍ أَوْ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ حُدَّ ، وَلَمْ يُقَيِّدْ الصِّقِلِّيُّ بِشَيْءٍ ، وَفِي الْمُوَطَّإِ تَقْيِيدُهُ بِالْمُسَابَّةِ وَخَبَرُ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ إلَخْ ( يُوجِبُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْقَذْفَ عَلَى الْقَاذِفِ ( ثَمَانِينَ جَلْدَةً ) إنْ قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا وَاحِدًا وَلَمْ يُكَرِّرْهُ ، بَلْ ( وَلَوْ كَرَّرَهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ الْقَذْفَ ( لِ ) مَقْذُوفٍ ( وَاحِدٍ أَوْ ) كَانَ قَذَفَهُ لِ ( جَمَاعَةٍ ) مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ قَامُوا عَلَيْهِ مُجْتَمَعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ وَسَكَتَ غَيْرُهُ فَلَا يُكَرَّرُ حَدُّهُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ثَمَانِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ قَذَفَ أُنَاسًا شَتَّى فِي مَجَالِسَ فَحَدُّهُ لِأَحَدِهِمْ حَدٌّ لِجَمِيعِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ حِينَ حَدِّهِ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ وَابْنُ دِينَارٍ إنْ اجْتَمَعُوا وَقَامُوا بِهِ حُدَّ لَهُمْ حَدًّا وَاحِدًا وَإِنْ افْتَرَقُوا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَدُّهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ ثَالِثًا أَنَّهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَنْ رَمَى كَانَ الْقَذْفُ مُفْتَرِقًا وَفِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ خَالَفَ الْمُغِيرَةَ وَجَمِيعَ أَصْحَابِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَقَوْلُهُ هُوَ الْقِيَاسُ ، لِقَوْلِهِمْ الْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى كُلِّ الْحُدُودِ إلَّا الْفِرْيَةَ فَيُحَدُّ لَهَا ثُمَّ يُقْتَلُ ، وَفِيهَا مَعَ سَمَاعِ عِيسَى مَنْ قَذَفَ قَوْمًا فَلَمْ يَقُومُوا عَلَيْهِ حَتَّى حُدَّ لِشُرْبِ خَمْرٍ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ حَدُّ كُلِّ فِرْيَةٍ كَانَتْ قَبْلَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هَذَا أَبْعَدُ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَنَّ حَدَّ

الْخَمْرِ لَا يَدْفَعُ مَعَرَّةَ الْقَذْفِ .
ابْنُ حَارِثٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدْخُلُ حَدُّ الْقَذْفِ فِي حَدِّ الزِّنَا وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدَّانِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يَدْخُلُ حَدُّ الْفِرْيَةِ فِي حَدِّ الزِّنَا .
اللَّخْمِيُّ إنْ شَرِبَ خَمْرًا مِرَارًا أَوْ زَنَى مِرَارًا أَوْ افْتَرَى عَلَى رَجُلٍ مِرَارًا أَجْزَأَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَدٌّ وَاحِدٌ ، وَاخْتُلِفَ إنْ قَذَفَ جَمَاعَةً .
( إلَّا ) أَنْ يُكَرِّرَهُ لِوَاحِدٍ أَوْ يَقْذِفَ غَيْرَ الْمَقْذُوفِ أَوَّلًا ( بَعْدَهُ ) أَيْ حَدِّ الْقَذْفِ فَيُعَادُ الْحَدُّ عَلَيْهِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّكَرُّرِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ بَعْدَهُ مَا كَذَبْت أَوْ لَقَدْ صَدَقْت .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَجْمِهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَحُدَّ لَهُ ثُمَّ قَذَفَهُ ثَانِيَةً حُدَّ لَهُ ثَانِيَةً ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الضَّرْبِ صَدَقْت عَلَيْك أَوْ مَا كَذَبْت جُلِدَ ثَمَانِينَ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْعُقُوبَةُ فِي تَمَادِيهِ عَلَيْهِ .

وَنِصْفَهُ عَلَى الْعَبْدِ ، كَلَسْتُ بِزَانٍ ، أَوْ زَنَتْ عَيْنُكَ أَوْ مُكْرَهَةً ، أَوْ عَفِيفُ الْفَرْجِ

( وَ ) يُوجِبُ الْقَذْفُ ( عَلَى ) الْقَاذِفِ ( الْعَبْدِ ) أَوْ الْأَمَةِ ( نِصْفَهُ ) أَيْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَقَدْرُ حَدِّهِ عَلَى الْحُرِّ ثَمَانُونَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَشَطْرُهَا عَلَى ذِي الرِّقِّ ، وَمَثَّلَ لِلتَّعْرِيضِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ ( لَسْتُ ) بِضَمِّ التَّاءِ ( بِزَانٍ أَوْ زَنَتْ عَيْنُك ) أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك أَوْ أُذُنُك فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِزِنَا فَرْجِهِ لِأَنَّ زِنَاهُ يَسْرِي لِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ ، فَيَلْزَمُ مِنْ نِسْبَتِهِ لِبَعْضِهَا نِسْبَتُهُ لَهُ ، فَإِنْ أَرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتَ فَهُوَ مِنْ الصَّرِيحِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مِثْلِ زَنَتْ عَيْنُك أَوْ رِجْلُك قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وُجُوبُ الْحَدِّ وَقَوْلُ أَشْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِهِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ هَلْ هُوَ مِنْ التَّعْرِيضِ أَمْ لَا وَاسْتَحْسَنَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِأَثَرِ مَا تَكَلَّمَ بِبَاطِلٍ أَوْ بَطَشَ بِهِ أَوْ سَعَى فِيهِ ، وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلَا يُحَدُّ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَى فَرْجُك أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك حُدَّ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَشْهَبَ لَا يُحَدُّ فِي قَوْلِهِ زَنَتْ يَدَاك أَوْ رِجْلَاك وَيُنَكَّلُ .
( أَوْ ) قَالَ لِامْرَأَةٍ زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ حَالَ كَوْنِك ( مُكْرَهَةً ) بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى الزِّنَا فَيُحَدُّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْإِكْرَاهُ عَلَيْهِ أَوْ تَكُونَ زَوْجَتَهُ وَيُلَاعِنُهَا .
فِيهَا مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ زَنَيْتِ مُسْتَكْرَهَةً أَوْ قَالَهُ لِأَجْنَبِيَّةٍ فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ الزَّوْجَةَ وَيُحَدُّ لِلْأَجْنَبِيَّةِ ، وَلَوْ جَاءَ فِي هَذَا بِبَيِّنَةٍ فَلَا يُحَدُّ وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهَا اسْمُ الزِّنَا لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا الْأَخْبَارَ بِوَطْئِهَا غَصْبًا .
أَبُو الْحَسَنِ هَذَا مُعَارِضٌ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْتِ وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ أَنْتِ نَصْرَانِيَّةٌ أَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ،

فَإِنْ أَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ يَنْفَعْهُ وَيُحَدُّ لِأَنَّ هَذَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الزِّنَا فَجَعَلَهُ فِي الْمُكْرَهَةِ إذَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ لَا يُحَدُّ ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ زِنًا ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْأُخْرَى يُحَدُّ وَإِنْ أَثْبَتَ لِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ زِنًا وَهَذَا هُوَ النَّصُّ ، وَهُوَ وُجُودُ الْعِلَّةِ ، وَلَا حُكْمَ فَقَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ فِي الِاسْتِكْرَاهِ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُمَا وُطِئَتَا غَصْبًا ، إذْ هَذَا حَادِثٌ عَظِيمٌ يُتَحَدَّثُ بِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِخْبَارِ لَا عَلَى الْقَذْفِ ، وَفِي الْمَسَائِلِ الْأُخْرَى لَا يَتَحَدَّثُ بِزِنَا أَهْلِ الصِّغَرِ وَالْكُفْرِ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ فِي مُشَاتَمَةٍ أَنَا أَوْ أَنْتَ ( عَفِيفُ الْفَرْجِ ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِزِنَا الْمُخَاطَبِ فَإِنْ قَالَهُ فِي غَيْرِ مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ فِي مُشَاتَمَةٍ : إنِّي لَعَفِيفٌ حُدَّ ، وَلَوْ قَالَهُ لِرَجُلٍ حُدَّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ أَرَادَ عَفِيفًا فِي الْمَكْسَبِ وَالْمَطْعَمِ فَلْيَحْلِفْ وَلَا يُحَدُّ وَيُنَكَّلُ ، وَمَنْ قَالَ فِي مُشَاتَمَةٍ إنِّي لَعَفِيفُ الْفَرْجِ حُدَّ .
الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْعَفِيفَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ قَذْفًا وَعُوقِبَ .
أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ .

أَوْ لِعَرَبِيٍّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ ، أَوْ يَا رُومِيُّ كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ ، بِخِلَافِ جَدِّهِ ، وَكَأَنْ قَالَ : أَنَا نَغِلٌ

( أَوْ ) قَوْلُهُ ( لِ ) شَخْصٍ ( عَرَبِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلْعَرَبِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً سَوَاءٌ سَكَنُوا حَاضِرَةً أَوْ بَادِيَةً لِكَوْنِهِ مِنْهُمْ ( مَا ) نَافِيَةٌ ( أَنْتَ بِحُرٍّ ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الرِّقِّيَّةِ عَلَى الْعَرَبِ وَأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ ، قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ ا هـ .
وَأَشَارَ ابْنُ الْحَاجِبِ إلَى الْجَوَابِ بِأَنَّ الْأَحْكَامَ تُعْتَبَرُ فِيهَا الْغَلَبَةُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا قَلَّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، لِأَنَّ بَحْثَ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْحُكْمِ لَا فِي تَوْجِيهِهِ فَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ لَا يُقَالُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ ، وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا مَوْلَى أَوْ يَا عَبْدُ حُدَّ .
ا هـ .
وَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ ، لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَا بِمُتَسَاوِيَيْنِ لِأَنَّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ مِنْ قَبِيلِ التَّلْوِيحِ وَالْكِنَايَةِ لِتَعَدُّدِ الِانْتِقَالِ وَمَوْلًى وَعَبْدٌ مِنْ قَبِيلِ التَّعْرِيضِ لِاتِّحَادِهِ ، وَفِيهِ وَرَدَ النَّصُّ عَنْ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِالْحَدِّ ، هَذَا مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي هُوَ مَتْبُوعُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْفَرْعِ خِلَافًا لِغَيْرِهِ فِي إطْلَاقِ التَّعْرِيضِ عَلَى الْقِسْمَيْنِ .
وَنَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّعْرِيضُ إنْ كَانَ مَفْهُومًا كَالصَّرِيحِ مِثْلُ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ وَالْكِنَايَةُ كَذَلِكَ مِثْلُ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ لِعَرَبِيٍّ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ تَقْرِيرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ دَلَالَةَ التَّعْرِيضِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْكِنَايَةِ وَالْوَارِدُ عَنْ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّمَا هُوَ فِي التَّعْرِيضِ ، وَهَذَا أَصْلُ الْبَابِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ الْكِنَايَةِ عَلَيْهِ ا هـ .
وَقَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ إلَخْ ، اعْتِرَاضٌ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي إلْحَاقِ

الْكِنَايَةِ بِالتَّعْرِيضِ ، وَهُوَ عَيْنُ إشْكَالِ ابْنِ مَرْزُوقٍ ، وَيَلْزَمُ ابْنَ الْحَاجِبِ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَهُوَ عَبْدٌ يَا رُومِيُّ وَيَا فَارِسِيُّ مِنْ الْكِنَايَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ التَّعْرِيضِ ، وَلِذَا قَصَرَ ابْنُ مَرْزُوقٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى مَا أَنْتَ بِحُرٍّ وَذَكَرَ النَّاسُ الْحَدَّ فِي يَا رُومِيُّ وَيَا فَارِسِيُّ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَا أَنْتَ بِحُرٍّ ، قَالَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ ابْنُ زِكْرِيّ ، قَالَهُ الْبُنَانِيُّ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ لِعَرَبِيٍّ ( يَا رُومِيُّ ) أَوْ يَا نَبَطِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ أَوْ يَا قِبْطِيُّ فَيُحَدُّ لِقَطْعِهِ نَسَبَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ لَسْت مِنْ الْعَرَبِ ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ حُدَّ ، وَإِنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ أَوْ بَرْبَرِيٍّ يَا عَرَبِيُّ فَلَا يُحَدُّ .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ أَوْ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ هَلْ يُحَدُّ أَوْ لَا ، وَأَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْحَدِّ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( نَسَبَهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ ( لِعَمِّهِ ) أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ فُلَانٍ ، وَفُلَانٌ عَمُّهُ أَوْ زَوْجُ أُمِّهِ فَيُحَدُّ لِقَطْعِهِ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ ( بِخِلَافِ ) نِسْبَتِهِ لِ ( جَدِّهِ ) لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ فَلَا تُوجِبُ الْحَدَّ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ وَهُوَ جَدُّهُ لِأَنَّ الْجَدَّ أَبٌ ، فَقَدْ صَدَقَ فِي نِسْبَتِهِ لَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مِلَّةَ أَبِيكُمْ إبْرَاهِيمَ } ، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ ابْنُ فُلَانٍ فَنَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ لِأُمِّهِ وَلَوْ نَسَبَهُ إلَى عَمِّهِ أَوْ خَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ حُدَّ ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ أَبِيهِ عَلَى غَيْرِ

سِبَابٍ .
وَلَمَّا ذَكَرَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُحَدُّ ، قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ ، قَالَ مُحَمَّدٌ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ ، مِثْلُ أَنْ يَتَّهِمَ جَدَّهُ بِأُمِّهِ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا يُحَدُّ قَدْ يُنْسَبُ إلَيْهِ فِي خُلُقٍ أَوْ طَبْعٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي نِسْبَتِهِ إيَّاهُ إلَى عَمٍّ أَوْ خَالٍ أَوْ زَوْجِ أُمٍّ ، قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَمُحَمَّدٌ ، قَالَ أَصْبَغُ قَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى الْعَمَّ أَبًا فَقَالَ { إلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ } وَنَحْوُهُ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ شَاسٍ ، وَظَاهِرُهُ أَوْ نَصُّهُ أَنَّ قَوْلَ أَصْبَغَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ إلَّا بِبَيَانِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ عَمِّهِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُحَدُّ فِيهِمَا ، وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا بِخِلَافِ خَالِهِ وَزَوْجِ أُمِّهِ ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ أَصْبَغَ خِلَافُ نَقْلِ مَنْ تَقَدَّمَ عَنْهُ وَلَعَلَّهُ أَخَذَ نَصَّ قَوْلِ أَصْبَغَ بِالْجَدِّ وَالْعَمِّ مِنْ مَفْهُومِ اسْتِدْلَالِهِ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْحَدِّ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَأَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( قَالَ ) الْمُكَلَّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ( أَنَا نَغِلٌ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ .
الْجَوْهَرِيُّ أَيْ فَاسِدُ النَّسَبِ .
الزُّبَيْدِيُّ أَيْ وَلَدُ زَانِيَةٍ فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ أُمَّهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الْمَالِكِيُّ الْبَصْرِيُّ الْقَاضِي مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا نَغْلٌ يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَذَفَهُ وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ هُوَ نَغِلٌ يُحَدُّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ ، وَكَذَا لَوْ نَسَبَ نَفْسَهُ لِبَطْنٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَشِيرَةٍ غَيْرِ بَطْنِهِ وَنَسَبِهِ وَعَشِيرَتِهِ حُدَّ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ .
قُلْت اللَّفْظَةُ بِالنُّونِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ .
الْجَوْهَرِيُّ

نَغِلَ الْأَدِيمُ بِالْكَسْرِ ، أَيْ فَسَدَ فَهُوَ نَغِلٌ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فُلَانٌ نَغِلٌ إذَا كَانَ فَاسِدَ النَّسَبِ .
قُلْت يَنْبَغِي ضَبْطُ الْغَيْنِ بِالْكَسْرِ عَلَى وَزْنِ حَذِرٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ طَرْدُ هَذَا أَنَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا وَلَدَ الزِّنَا ثُمَّ عَفَا الْمَقُولُ لَهُ ذَلِكَ عَنْ الْقَاذِفِ أَنَّ لِأُمِّهِ الْقِيَامَ بِحَقِّهَا فِي الْحَدِّ .
قُلْت هَذَا اللَّازِمُ حَقٌّ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ وَأَبَوَاهُ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ لَسْتَ لِأَبِيك ضُرِبَ الْحَدَّ ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ ذَكَرَ سَحْنُونٌ عَنْ أَشْهَبَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَطَعَ نَسَبَ عَبْدٍ وَإِنْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنَّهَا أَتَتْ بِهِ وَزَعَمَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ فَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا .

أَوْ وَلَدُ زِنًا ، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ
( أَوْ ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِنَفْسِهِ إنَّهُ ( وَلَدُ زِنًا ) فَيُحَدُّ لِقَذْفِهِ أُمَّهُ ( أَوْ ) قَالَهُ لِمَرْأَةٍ ( كَيَا قَحْبَةُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْقَحْبِ أَصْلُهُ الطَّعْنُ فِي السِّنِّ وَالْمَكْرُ وَالْخَدِيعَةُ ، وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُو الْفَاجِرَةَ بِالْقِحَابِ وَالرَّوَاءِ ، أَيْ السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتَتَنَحْنَحُ رَامِزَةً بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا فَيُحَدُّ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ صَبِيَّةً بِالتَّصْغِيرِ وَعَاهِرَةً وَفَاجِرَةً إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِهَا عَلَى الزَّانِيَةِ وَإِلَّا فَلَا حَدَّ فِيهِ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ طفي لَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ لَفْظَ فَاجِرَةٍ هُنَا فِي الْأَلْفَاظِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَدِّ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُدَوَّنَةِ ، وَإِنَّمَا فِيهَا الْأَدَبُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ وَيَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ .

أَوْ قَرْنَانُ ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ ، أَوْ ذَاتِ الرَّايَةِ ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا ؛ لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ ، إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ ، أَوْ قَالَ مَوْلًى لِغَيْرِهِ : أَنَا خَيْرٌ

( أَوْ ) قَالَ لِرَجُلٍ ( يَا قَرْنَانُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَنُونَانِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ عَلَمُ جِنْسٍ لِزَوْجِ الزَّانِيَةِ لِقَرْنِهِ غَيْرَهُ مَعَهُ عَلَيْهَا فَيُحَدُّ لِلْمَرْأَةِ وَيُؤَدَّبُ لِلرَّجُلِ مِنْ الْقِرَانِ وَهُوَ الْجَمْعُ ، وَكَذَلِكَ قَرْنٌ وَقِرَانٌ وَمُعَرَّصٌ وَطَحَّانٌ .
الْقَرَافِيُّ الْمَدَارُ عَلَى الدَّلَالَاتِ الْعُرْفِيَّةِ .
( أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَوْ فَتْحِ مُثَقَّلِ الزَّايِ ( الرُّكْبَانِ ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ عِنْدَهَا ، وَضَابِطُ هَذَا الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ ، فَمَتَى فُقِدَ أُحْلِفَ وَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا يُحَدُّ ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ ذَاتَ الرَّايَةِ وَمُنْزِلَةَ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبَانِ حَدًّا الْآنَ ، وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ فِي الْقَذْفِ مَا لَمْ يُوجِبْ الْحَدَّ لَأَوْجَبَهُ .
( أَوْ ) قَالَ ( يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ ) فَيُحَدُّ فِي الذَّخِيرَةِ ، لِأَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا طَلَبَتْ الْفَاحِشَةَ جَعَلَتْ عَلَى بَابِهَا رَايَةً ( أَوْ ) قَالَ ( فَعَلْت ) بِضَمِّ التَّاءِ ( بِهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ ( فِي عُكَنِهَا ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْكَافِ جَمْعُ عُكْنَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ، أَيْ طَيَّاتِ بَطْنِهَا مِنْ سِمَنِهَا فَيُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ ( لَا ) يُحَدُّ ( إنْ نَسَبَ ) الْمُكَلَّفَ ( جِنْسًا ) أَيْ صِنْفًا مِنْ الْإِنْسَانِ غَيْرِ الْعَرَبِ بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ ، وَكَانَ الْمَنْسُوبُ أَبْيَضَ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا شَامِيُّ أَوْ عَكْسُهُ ، أَوْ لِمِثْلِهِ كَقَوْلِهِ لِلْبَرْبَرِيِّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ عَكْسُهُ ، بَلْ ( وَلَوْ ) نَسَبَ ( أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ ) كَقَوْلِهِ لِلرُّومِيِّ يَا زِنْجِيُّ أَوْ عَكْسِهِ بِأَنْ قَالَ لِلْحَبَشِيِّ يَا رُومِيُّ .
فِيهَا إنْ قَالَ لِفَارِسِيٍّ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا

حَبَشِيُّ أَوْ لِرُومِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ نَحْوَ هَذَا فَلَا يُحَدُّ .
ابْنُ الْقَاسِمِ اُخْتُلِفَ عَنْ مَالِكٍ فِي هَذَا وَأَنَا أَرَى أَنْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ يَا ابْنَ الْأَسْوَدِ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ أَسْوَدُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ، فَأَمَّا إنْ نَسَبَهُ إلَى حَبَشِيٍّ فَقَالَ لَهُ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ وَهُوَ بَرْبَرِيٌّ ، فَالْحَبَشِيُّ وَالرُّومِيُّ فِي هَذَا سَوَاءٌ إذَا كَانَ بَرْبَرِيًّا .
ابْنُ يُونُسَ سَوَاءٌ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْحَبَشِيِّ أَوْ يَا رُومِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الرُّومِيِّ فَلَا يُحَدُّ ، وَكَذَا عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَرَبِيٍّ يَا حَبَشِيُّ أَوْ يَا فَارِسِيُّ أَوْ يَا رُومِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِمِصْرِيٍّ يَا يَمَانِيُّ أَوْ لِقَيْسِيٍّ يَا كَلْبِيُّ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُنْسَبُ إلَى آبَائِهَا ، وَهَذَا نَفْيٌ لَهَا عَنْ آبَائِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ الْعَرَبُ تَحْفَظُ أَنْسَابَهَا فَمَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ ، بَلْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ يُحَدُّ ، بِخِلَافِ مَنْ نَسَبَ غَيْرَهُمْ لِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِ قَبِيلَتِهِ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ ، إذْ لَعَلَّهُ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ا هـ .
وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَرَبَ يَعْتَنُونَ بِمَعْرِفَةِ أَنْسَابِهِمْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَعُدُّ مِنْ آبَائِهِ الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ فَائِدَةٍ مُزْرِيَةٍ عَلَى غَيْرِهِمْ إذْ هُوَ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ ، وَجَهَالَتُهُ لَا تَضُرُّ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهَا .
زَرُّوقٌ إنَّمَا يَكُونُ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ تَعْمِيقًا وَإِلَّا فَعِلْمُهُ يَضُرُّ وَجَهَالَتُهُ تَنْفَعُ .
الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ الظَّاهِرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعْمِيقِ فِيهِ وَإِلَّا فَعِلْمُ مَا يُعْرَفُ بِهِ الرَّحِمُ لِيُوصَلَ ، وَالْمَحَارِمُ لِتُجْتَنَبَ فِي النِّكَاحِ مَحْمُودٌ مَأْمُورٌ بِهِ ، وَالْعَرَبُ لَا يَقْتَصِرُونَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ ، فَرَتَّبَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى تَعَمُّقِهِمْ فِي

ذَلِكَ فَلَيْسَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ غَيْرَ الْعَرَبِ لَا يَتَحَاشَوْنَ عَنْ الزِّنَا فَإِنَّهُ طَعْنٌ فِي فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ فُرْسٍ وَرُومٍ وَبَرْبَرٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَالْوَاقِعُ يُكَذِّبُهُ ، فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى بِالزِّنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا فُسَّاقُهُمْ ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( إنْ لَمْ يَكُنْ ) الْجِنْسُ الْمَنْسُوبُ لِغَيْرِهِ ( مِنْ الْعَرَبِ ) كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَعَلَى الْقَائِلِ الْحَدُّ كَمَا تَقَدَّمَ ( أَوْ قَالَ مَوْلًى ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَاللَّامِ بَيْنَهُمَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ ، أَيْ عَتِيقٌ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ حُرٍّ أَصْلِيٍّ ( أَنَا خَيْرٌ مِنْك ) فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِيَّةِ كَثِيرَةٌ مِنْ الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَالْخَلْقِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي زَاهِي ابْنِ شَعْبَانَ لَوْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْك حُدَّ وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ ، وَكَذَا لَوْ كَانَا ابْنَيْ عَمٍّ قَالَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ ، وَفِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ اخْتِلَافٌ ، وَبِهَذَا أَقُولُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ تَكُونُ فِي الدِّينِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ الْمَجْمُوعِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَدُلَّ الْبِسَاطُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَبِ .

أَوْ مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ
( أَوْ ) قَالَ الْمُكَلَّفُ لِشَخْصٍ ( مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ ) فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ لِأَنَّهُ لِذَمِّ الْأَفْعَالِ لَا لِقَطْعِ النَّسَبِ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُحَدُّ فِي الْمُشَاتَمَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ لَيْسَ لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ لَا يُحَدُّ .
وَقَالَ أَصْبَغُ يُحَدُّ .
وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ الْحَدُّ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إنْ قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ فَفِيهِ أَدَبٌ خَفِيفٌ مَعَ السَّجْنِ ، وَإِنْ قَالَهُ لِعَرَبِيٍّ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ قَطْعَ نَسَبِهِ وَعَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ قَالَهُ لِغَيْرِ عَرَبِيٍّ الْأَدَبُ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ يُحَدُّ .

أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ ؛ وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ ، إنْ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ
( أَوْ قَالَ ) الْمُكَلَّفُ ( لِجَمَاعَةٍ ) مُسْلِمِينَ أَحْرَارٍ بَالِغِينَ عَفِيفَيْنِ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ ذَوِي آلَاتِ أَحَدُكُمْ زَانٍ ) فَلَا يُحَدُّ ، سَوَاءٌ قَامُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا ، أَوْ أَحَدُهُمْ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ادَّعَى الْقَائِمُ أَنَّهُ أَرَادَهُ .
ابْنُ شَاسٍ إلَّا أَنْ تَتَبَيَّنَ إرَادَتُهُ .
فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ فَلَا يُحَدُّ إذْ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ وَلَوْ قَامَ بِهِ جَمَاعَتُهُمْ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَعِيدٌ لِأَنَّهُ قَالَهُ لِأَحَدِهِمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُ إذَا قَامَ بِهِ جَمِيعُهُمْ ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ أَيْ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيَانِ أَنَّهُ أَرَادَهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
( وَحُدَّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُكَلَّفُ ( فِي ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَفِيفٍ مُطِيقٍ ( مَأْبُونٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ( إنْ كَانَ ) الْمَقُولُ لَهُ ( لَا يَتَأَنَّثُ ) أَيْ لَا يَتَشَبَّهُ بِالْإِنَاثِ فِي كَلَامِهِ وَأَفْعَالِهِ ، فَإِنْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فَلَا يُحَدُّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَرَادَ التَّأَنُّثَ لَا الْفِعْلَ فِيهِ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَنْ قِيلَ لَهُ يَا مَأْبُونُ وَهُوَ رَجُلٌ فِي كَلَامِهِ تَأْنِيثٌ يُضْرَبُ الْكَبَرَ وَيَلْعَبُ فِي الْأَعْرَاسِ وَيُغَنِّي وَيُتَّهَمُ بِمَا فِيهِ ، قِيلَ فَمَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَدِّ إلَّا تَحْقِيقُ ذَلِكَ .
قُلْت الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ تَحْقِيقُ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفِعْلُ فِي الْمَقْذُوفِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ ، أَوْ الْأَزْرَقِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ
( وَ ) حُدَّ ( فِي ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ ( يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ ) مَثَلًا ( أَوْ ) يَا ابْنَ ( الْأَزْرَقِ ) أَوْ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَقْطَعِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَحْمَقِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ ) أَيْ الْمَقُولِ لَهُ أَحَدٌ ( كَذَلِكَ ) الْمَذْكُورُ فِي الِاتِّصَافِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ وَالزُّرْقَةِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ أَحَدٌ كَذَلِكَ فَلَا يُحَدُّ لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَ نَسَبِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا ابْنَ الْيَهُودِيِّ أَوْ يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ .
قُلْت رُبَّمَا أُجْرِيَا عَلَى التَّفْكِيرِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ وَعَدَمِهِ .
قَالَ يَا ابْنَ الْأَقْطَعِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَحْمَقِ أَوْ الْأَزْرَقِ أَوْ الْآدَمِ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ يُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَا يُحَدُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ ، وَإِنْ قَالَ يَا ابْنَ الْحَجَّامِ أَوْ الْخَيَّاطِ ، وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مِنْ الْعَرَبِ يُحَدُّ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَوَالِي فَلَا يُحَدُّ .
وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ مَنْ عَمِلَ ذَلِكَ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُحَدُّ فِيهِمَا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ عَنْ آبَائِهِ .
الْعَدَوِيُّ لَا يُحَدُّ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ فِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ وَنَحْوِهِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِذَلِكَ التَّشْدِيدُ فِي السَّبِّ لَا قَطْعُ النَّسَبِ .

وَفِي مُخَنَّثٍ ، إنْ لَمْ يَحْلِفْ ، وَأُدِّبَ فِي : يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ ، أَوْ الْفَاجِرَةِ ، أَوْ حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ ، أَوْ أَنَا عَفِيفٌ ، أَوْ إنَّكِ عَفِيفَةٌ ، أَوْ يَا فَاسِقُ ، أَوْ يَا فَاجِرُ ، وَإِنْ قَالَتْ " بِكِ " جَوَابًا " لِزَنَيْتِ " حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ

( وَ ) حُدَّ ( فِي ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ عَفِيفٍ مُطِيقٍ ( مُخَنَّثٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ مُثَقَّلًا ( إنْ لَمْ يَحْلِفْ ) الْقَائِلُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَا يُحَدُّ وَيُنَكَّلُ .
عب هَذَا إذَا لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى وَإِلَّا كَمُصِرٍّ حُدَّ وَلَوْ حَلَفَ ( وَأُدِّبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْقَائِلُ ( فِي ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ ( يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ ) يَا ابْنَ ( الْفَاجِرَةِ أَوْ ) قَوْلِهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ ( يَا حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ ) الْخَرَشِيُّ لَوْ قَالَ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا أَوْ يَا حِمَارُ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ أَوْ يَا خِنْزِيرُ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ .
الْعَدَوِيُّ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ أَقُولُ هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِقَصْرِ الْفِسْقِ عَلَى الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَإِلَّا فَيُحَدُّ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ .
( أَوْ ) قَالَ ( أَنَا عَفِيفٌ ) بِإِسْقَاطِ لَفْظِ الْفَرْجِ فَلَا يُحَدُّ وَ يُؤَدَّبُ ( أَوْ ) قَالَ لِامْرَأَةٍ ( إنَّك ) بِكَسْرِ الْكَافِ ( عَفِيفَةٌ ) فَيُؤَدَّبُ ( أَوْ ) قَالَ لِرَجُلٍ ( يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ ) فَيُؤَدَّبُ ( وَإِنْ قَالَتْ ) الْمَرْأَةُ الْمَقْذُوفَةُ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ زَوْجِهَا ( بِكَ ) حَالَ كَوْنِ قَوْلِهَا بِكَ ( جَوَابًا لِ ) قَوْلِ قَاذِفِهَا ( زَنَيْتِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( حُدَّتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَرْأَةُ الْقَائِلَةُ بِك ( لِ ) لِاعْتِرَافِهَا بِ ( الزِّنَا ) مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ ( وَ ) حُدَّتْ ( لِلْقَذْفِ ) إنْ كَانَ قَاذِفُهَا حُرًّا مُسْلِمًا عَفِيفًا عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ ، وَيَسْقُطُ حَدُّهُ لِقَذْفِهَا لِاعْتِرَافِهَا بِالزِّنَا .
وَلِأَصْبَغَ يُحَدَّانِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الرُّجُوعُ .
طفى فِي التَّوْضِيحِ هَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَظَاهِرُهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا .
وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا

ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فِي الْعُتْبِيَّةِ فَقَالَ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي الزَّوْجَةِ لَا أَرَى عَلَيْهَا شَيْئًا لِأَنَّهَا تَقُولُ أَرَدْت إصَابَتَهُ إيَّايَ بِالنِّكَاحِ وَيُجْلَدُ الزَّوْجُ الْحَدَّ إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ .
قَالَ عِيسَى لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى الْأَجْنَبِيَّةِ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا .
وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي الزَّوْجَةِ ، فَقَدْ اعْتَرَضَهُ الْحَطّ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِيهَا ، وَلَعَلَّ نُسْخَتَهُ لِامْرَأَتِهِ بِالضَّمِيرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَنَصُّهَا مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ بِكَ حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ الزِّنَا فَتُحَدُّ لِلْقَذْفِ فَقَطْ ، وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالْفَرْقِ هُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ .

وَلَهُ ، حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ

( وَ ) إنْ قَذَفَ الْوَالِدُ وَلَدَهُ فَ ( لَهُ ) أَيْ الْوَلَدِ ( حَدُّ أَبِيهِ ) إنْ صَرَّحَ بِقَذْفِهِ ( وَفُسِّقَ ) الْوَلَدُ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ حُكِمَ بِفِسْقِهِ بِحَدِّ أَبِيهِ بِقَذْفِهِ ، وَاسْتُشْكِلَ تَفْسِيقُهُ مَعَ الْحُكْمِ بِإِبَاحَةِ حَدِّهِ أَبَاهُ بِقَذْفِهِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِتَفْسِيقِهِ سُقُوطُ عَدَالَتِهِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ كَالْمَشْيِ حَافِيًا وَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ .
الْحَطّ هَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِرِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّهُ رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَأَنْ يَحُدَّهُ وَيَكُونُ عَاقًّا بِذَلِكَ ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ الْعُقُوقَ كَبِيرَةٌ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُمَكَّنَ أَحَدٌ مِنْهَا .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ لَا يُقْضَى لَهُ بِتَحْلِيفِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَلَا مِنْ حَدِّهِ فِي حَدٍّ يَقَعُ لَهُ عَلَيْهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْعُقُوقِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِي الْحَدِّ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لِمَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ خُصُومَةٌ أَنْ يُحَلِّفَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لِهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَا يَكُونُ عَاقًّا لَهُ بِتَحْلِيفِهِ إذْ لَا إثْمَ فِي فِعْلِ الْمَكْرُوهِ ، وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ تَرْكُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الثَّمَانِيَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ فِي الْمَبْسُوطِ الْحَطّ فَتَحْصُلُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ أَبَاهُ إلَّا الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِغَيْرِهِ ، فَمَشَى هُنَاكَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَمَشَى هُنَا عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ ، وَقَدْ اسْتَثْنَى ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا الْمُنْقَلِبَةَ وَالْمُتَعَلِّقَ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَأَخْرَجَهُمَا مِنْ

الْخِلَافِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَالْقِيَامُ بِهِ : وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ : كَوَارِثِهِ ، وَإِنْ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ ، وَأَبٍ ، وَأَبِيهِ ؛ وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ .
وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ

( وَلِ ) لِشَخْصِ ( الْمَقْذُوفِ الْقِيَامُ بِهِ ) أَيْ حَدِّ قَاذِفِهِ إنْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ مِمَّا قَذَفَهُ بِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ عَلِمَهُ ) أَيْ الْمَقْذُوفُ الْمَقْذُوفَ بِهِ حَصَلَ ( مِنْ نَفْسِهِ ) لِأَنَّ الْقَاذِفَ أَفْسَدَ عِرْضَهُ وَكَشَفَ سِتْرَهُ وَلَيْسَ لِقَاذِفِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ مَا قَذَفَهُ بِهِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ وَإِنْ عَلِمَ الْمَقْذُوفُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ زَنَى فَحَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِهِ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَحْسَنُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ } ، وَهَذَا لَيْسَ بِمُحْصَنٍ .
وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقِيَامِ بِحَدِّ الْقَاذِفِ فَقَالَ ( كَوَارِثِهِ ) أَيْ الْمَقْذُوفِ الَّذِي مَاتَ قَبْلَ حَدِّ قَاذِفِهِ بِلَا عَفْوٍ عَنْهُ وَلَا إيصَاءٍ بِالْقِيَامِ بِهِ لِغَيْرِهِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ ، وَلَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْإِرْثِ مَانِعٌ كَرِقٍّ وَقَتْلٍ وَكُفْرٍ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ قَذَفَهُ فِي حَيَاتِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ قَذَفَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ ) فَلِوَارِثِهِ الْقِيَامُ بِحَدِّهِ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ ، وَالْأَبْعَدُ كَالْأَقْرَبِ ، وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ مَعَ هَؤُلَاءِ قِيَامٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ، وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ وَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَدْ عَفَا فَلَا قِيَامَ لِوَارِثِهِ ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْقِيَامِ بِهِ لَمْ

يَكُنْ لِوَارِثِهِ عَفْوٌ ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يُوصِ فَالْحَقُّ لِوَارِثِهِ الْعَاصِبِ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ عَاصِبٍ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ لَفْظَهَا الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ فَأَدْخَلَ النِّسَاءَ وَالْعَصَبَةَ فِي الْقِيَامِ .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَمَّا الْإِخْوَةُ وَالْبِنْتُ وَالْجَدَّاتُ وَغَيْرُ أَبٍ وَابْنٍ فَلَا قِيَامَ لَهُ إلَّا أَنْ يُوصِيَهُ فَأَسْقَطَ الْإِخْوَةَ وَالْعَصَبَةَ وَسَائِرَ النِّسَاءِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ ، وَأَمَّا بِنْتُ الْبِنْتِ وَالزَّوْجَةُ فَلَا .
وَبَيَّنَ وَارِثَهُ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِحَدِّ قَاذِفِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ ( مِنْ وَلَدٍ ) لِلْمَقْذُوفِ شَمَلَ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ ( وَوَلَدِهِ ) أَيْ الْوَلَدُ شَمَلَ بَنِي الِابْنِ وَبَنَاتِهِ وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُ الْوَلَدِ ( وَأَبٍ ) لِلْمَقْذُوفِ ( وَأَبِيهِ ) أَيْ الْأَبِ وَإِنْ عَلَا ، وَأَفْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْوَلَدِ وَوَلَدِهِ وَالْأَبِ وَأَبِيهِ أَنَّهُ لَا قِيَامَ بِهِ لِلْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَسَائِرِ الْعَصَبَاتِ وَلَا لِلزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَالنِّسَاءِ ، وَهَذَا نَحْوُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إلَّا فِي إدْخَالِ الْبَنَاتِ وَبَنَاتِ الِابْنِ .
طفي وَالْأَوْلَى الْمَشْيُ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
( وَلِكُلٍّ ) مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِهِ وَالْأَبِ وَأَبِيهِ ( الْقِيَامُ بِهِ ) أَيْ حَدِّ قَاذِفِ الْمُوَرِّثِ إنْ كَانَ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ ، بَلْ ( وَإِنْ حَصَلَ ) أَيْ وُجِدَ ( مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ ) أَيْ الْقَائِمِ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ الِابْنِ وَالْأَبِ مَعَهُمَا وَالْجَدُّ مَعَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهَا وَالْأَبْعَدُ كَالْأَقْرَبِ

وَالْعَفْوُ قَبْلَ الْإِمَامِ ، أَوْ بَعْدَهُ ، إنْ أَرَادَ سِتْرًا

( وَ ) لِلْمَقْذُوفِ ( الْعَفْوُ ) عَنْ قَاذِفِهِ ( قَبْلَ ) بُلُوغِ ( الْإِمَامِ ) الْقَذْفَ ، أَيْ الْحَاكِمِ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ قَاضِيًا أَوْ صَاحِبَ شُرْطَةٍ ، سَوَاءٌ كَانَ عَفْوُهُ عَنْهُ لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ لِشَفَاعَةِ شَفِيعٍ أَوْ لِإِرَادَةِ السَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ .
( أَوْ ) الْعَفْوُ عَنْهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بُلُوغِ الْقَذْفِ الْإِمَامَ فَيَجُوزُ ( إنْ أَرَادَ ) الْمَقْذُوفُ بِالْعَفْوِ عَنْ قَاذِفِهِ ( سَتْرًا ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ شُهْرَةِ نِسْبَةِ مَا قُذِفَ بِهِ إلَيْهِ أَوْ ثُبُوتِهِ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَى قَاذِفِهِ أَوْ جَبْرَ خَاطِرِ مَنْ شَفَعَ عِنْدَهُ فِي الْعَفْوِ فَلَا يَجُوزُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَلَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنَا لِمَنْ سَرَقَ رَجُلٌ بُرْدَتَهُ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ وَهُوَ مُتَوَسِّدُهَا فِي الْمَسْجِدِ ، وَرَفَعَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ صَاحِبُ الْبُرْدَةِ عَفَوْت عَنْهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ } { وَلِعَدَمِ قَبُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَفَاعَةَ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي عَدَمِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ بَعْدَ رَفْعِهَا لَهُ ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى } .
فِيهَا لَهُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ إنْ أَرَادَ السَّتْرَ مِثْلَ أَنْ يَخَافَ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْفُ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " كَيْفَ يَعْلَمُ الْإِمَامُ ذَلِكَ ، قَالَ يَسْأَلُ الْإِمَامُ عَنْ ذَلِكَ سِرًّا ، فَإِنْ أُخْبِرَ أَنَّ ذَلِكَ أَمْرٌ قَدْ سُمِعَ وَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ جَازَ عَفْوُهُ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قَدِيمًا فَيَخَافُ أَنْ يَظْهَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ الْآنَ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ مَعْنَى إرَادَةِ السَّتْرِ

كَوْنُ مِثْلِهِ يُتَّهَمُ بِذَلِكَ فَيَقُولُ ظُهُورُ ذَلِكَ عَارٍ عَلَيَّ .
فَأَمَّا الْعَفِيفُ الْفَاضِلُ فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ .
الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنْ قَذَفَهُ فِي نَفْسِهِ فَإِنْ قَذَفَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَقَدْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ فَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ .
( تَنْبِيهٌ ) لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ عَفْوِ الِابْنِ عَنْ أَبِيهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ ، وَكَذَلِكَ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَفَادَهُ الْحَطّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَلَوْ قَامَ بِهِ وَبَلَغَ الْإِمَامَ .

وَإِنْ حَصَلَ فِي الْحَدِّ اُبْتُدِئَ لَهُمَا ، إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ ، فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ .

( وَإِنْ قَذَفَ ) الْقَاذِفُ أَيْ حَصَلَ مِنْهُ قَذْفٌ آخَرُ لِلْمَقْذُوفِ أَوَّلًا أَوْ لِغَيْرِهِ ( فِي أَثْنَاءِ حَدِّهِ ) أَيْ الْقَاذِفِ أُلْغِيَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِّهِ وَ ( اُبْتُدِئَ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ حَدُّهُ ( لَهُمَا ) أَيْ الْقَذْفَيْنِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَبْقَى ) مِنْ الْحَدِّ الَّذِي قَذَفَ فِيهِ عَدَدٌ ( يَسِيرٌ ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا ( فَيُكَمَّلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَالْمِيمِ الْحَدُّ ( الْأَوَّلُ ) وَيُسْتَأْنَفُ حَدُّ الثَّانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَذَفَ رَجُلًا فَلَمَّا ضُرِبَ أَسْوَاطًا قَذَفَهُ ثَانِيًا أَوْ قَذَفَ آخَرَ اُبْتُدِئَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ثَمَانِينَ مِنْ حِينَ قَذَفَ ثَانِيًا وَلَا يُعْتَدُّ بِمَا مَضَى مِنْ السِّيَاطِ .
الْبَاجِيَّ إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْأَسْوَاطِ الْيَسِيرَةِ .
أَشْهَبُ الْأَسْوَاطُ الْعَشَرَةُ يَسِيرَةٌ تَمَادَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ جُلِدَ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ قَذَفَ آخَرَ اُسْتُؤْنِفَ الْحَدُّ ، وَإِنْ بَقِيَ مِثْلُ سَوْطٍ أَوْ أَسْوَاطٍ أُتِمَّ ثُمَّ جُلِدَ لِلثَّانِي .
مُحَمَّدٌ وَكَذَا إنْ بَقِيَ مِثْلُ الْعَشَرَةِ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلْيُتَمَّ الْحَدُّ وَ وَيُؤْتَنَفُ .
أَشْهَبُ إنْ ضُرِبَ نِصْفَ الْحَدِّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ قَلِيلًا فَلْيُؤْتَنَفْ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ لَهُمَا فَهُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ : الْأَوَّلُ : إنْ ذَهَبَ الْيَسِيرُ تَمَادَى وَيُجْزِئُ الْحَدُّ لَهُمَا .
وَالثَّانِي : إنْ مَضَى نِصْفُ الْحَدِّ أَوْ نَحْوُهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُمَا .
وَالثَّالِثُ : إنْ بَقِيَ مِنْ الْحَدِّ الْأَوَّلِ الْيَسِيرُ أُتِمَّ لِلْأَوَّلِ وَاسْتُؤْنِفَ لِلثَّانِي ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ قِسْمَانِ : أَحَدُهُمَا : يُسْتَأْنَفُ مِنْ حِينِ الْقَذْفِ .
الثَّانِي : لَهُمَا وَلَا يُحْتَسَبُ بِمَا مَضَى مِنْ الْأَوَّلِ .
الثَّانِي إتْمَامُهُ لِلْأَوَّلِ وَائْتِنَافُهُ لِلثَّانِي فَلَا يَتَدَاخَلُ الْحَدَّانِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) تُقْطَعُ الْيُمْنَى ، وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ ، إلَّا لِشَلَلٍ ، أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ ، فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى ، وَمَحْيٌ لِيَدِهِ الْيُسْرَى .

( بَابٌ ) ( فِي بَيَانِ أَحْكَامِ السَّرِقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا ) ابْنُ عَرَفَةَ السَّرِقَةُ أَخْذُ مُكَلَّفٍ حُرًّا لَا يَعْقِلُ لِصِغَرِهِ أَوْ مَالًا مُحْتَرَمًا لِغَيْرِهِ نِصَابًا أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزٍ بِقَصْدٍ وَاحِدٍ خُفْيَةً لَا شُبْهَةً لَهُ فِيهِ فَيَخْرُجُ أَخْذُ غَيْرِ الْأَسِيرِ مَالَ حَرْبِيٍّ وَمَا جُمِعَ بِتَعَدُّدِ إخْرَاجٍ وَقَصْدٍ وَالْأَبِ مَالَ وَلَدِهِ وَالْمُضْطَرِّ فِي الْمَجَاعَةِ .
الْبُنَانِيُّ أَوْرَدَ عَلَى طَرْدِهِ أَخْذَ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِ مَوْضِعٍ شَيْئًا مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَا يَأْتِي وَأَخْذِ خَمْرِ الذِّمِّيِّ .
وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ لَمَّا أُذِنَ لَهُ فِي دُخُولِهِ صَارَ غَيْرَ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْخَمْرَ لَيْسَتْ بِمَالٍ ، وَأَوْرَدَ الْخَرَشِيُّ عَلَى عَكْسِهِ سَرِقَةَ النِّصَابِ مِنْ سَارِقِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَيْضًا ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ الْمَسْرُوقَ مُحْتَرَمٌ .
وَفِي حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي أَيْضًا فَلَمْ تَخْرُجْ سَرِقَتُهُ مِنْ الْحَدِّ .
( تَنْبِيهٌ ) : عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ بِغَيْرِ حَقٍّ ضُرُوبٌ عَشَرَةٌ حِرَابَةٌ وَغِيلَةٌ وَغَصْبٌ وَقَهْرٌ وَخِيَانَةٌ وَسَرِقَةٌ وَاخْتِلَاسٌ وَخَدِيعَةٌ وَتَعَدٍّ وَجَحْدٌ ، وَاسْمُ الْغَصْبِ يُطْلَقُ عَلَيْهَا كُلِّهَا فِي اللُّغَةِ ، فَالْحِرَابَةُ أَخْذُهُ بِمُكَابَرَةٍ وَمُدَافَعَةٍ وَالْغِيلَةُ أَخْذُهُ بَعْدَ قَتْلِ صَاحِبِهِ بِحِيلَةٍ وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْحِرَابَةِ وَالْغَصْبُ أَخْذُهُ بِالْقُوَّةِ وَالسَّلْطَنَةِ ، وَالْقَهْرُ أَخْذُ قَوِيِّ الْجِسْمِ مِنْ ضَعِيفِهِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ الْوَاحِدِ ، وَالْخِيَانَةُ أَخْذُ قِبَلَهُ أَمَانَةً أَوْ يَدًا ، وَالسَّرِقَةُ أَخْذُهُ خُفْيَةً وَالِاخْتِلَاسُ أَخْذُهُ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ عَلَى غَفْلَةٍ ، وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ وَالْخَدِيعَةُ أَخْذُهُ بِحِيلَةٍ كَالتَّشَبُّهِ بِصَاحِبِ الْحَقِّ وَالتَّزَيِّي بِزِيِّ الصَّلَاحِ وَالْفَقْرِ لِيَأْكُلَ بِذَلِكَ وَالْجَحْدُ إنْكَارُ مَا تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْجَاحِدِ وَأَمَانَتِهِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْخِيَانَةِ وَالتَّعَدِّي أَخْذُهُ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ بِحَضْرَتِهِ أَوْ

غَيْبَتِهِ ، نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( تُقْطَعُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ يَدُ السَّارِقِ ( الْيُمْنَى ) الصَّحِيحَةُ مِنْ كُوعِهَا أَيْ الْمِفْصَلِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ وَقَيَّدَتْ بِهِ إطْلَاقَ الْآيَةِ الْمُحْتَمَلَةِ كَوْنُهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَبُدِئَ بِالْيُمْنَى لِأَنَّهَا الْمُبَاشِرَةُ لِلْأَخْذِ غَالِبًا مِنْ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ حُرٍّ أَوْ رِقٍّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى قَالَهُ تت .
الْحَطّ اُنْظُرْ قَوْلَ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ أَعْسَرَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى مَعَ وُجُودِ الْيُمْنَى لِأَنَّهَا الَّتِي سَرَقَتْ فَإِنَّهُ غَرِيبٌ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ .
( وَتُحْسَمُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ، أَيْ تُجْعَلُ عَقِبَ قَطْعِهَا فِي زَيْتٍ مَغْلِيٍّ ( بِالنَّارِ ) لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهُ عُرُوقِهَا فَيَنْقَطِعَ سَيَلَانُ الدَّمِ مِنْهَا لِئَلَّا يَتَمَادَى بِهِ فَيَمُوتَ .
وَفِي عُمْدَةِ ابْنِ عَسَاكِرَ تُحْسَمُ بِالزَّيْتِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ الزَّيْتَ يَغْلِي بِالنَّارِ ثُمَّ تُجْعَلُ فِيهِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ حَسْمَهَا مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ وَهُوَ قَوْلٌ وَعَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ .
وَقِيلَ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ مَعًا لِقَوْلِ الْأَبِيِّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ مُدَاوَاتِهَا ، فَإِنْ تَرَكَهَا فَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَتْلِهِ نَفْسَهُ ، بِخِلَافِ قَطْعِهَا ظُلْمًا فَلَهُ تَرْكُهَا حَتَّى يَمُوتَ وَإِثْمُهُ عَلَى قَاطِعِهِ .
وَالظَّاهِرُ إثْمُ الْإِمَامِ أَيْضًا إنْ تَرَكَهَا عَمْدًا .
ا هـ .
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إنْ رَجَا حَيَاةً أَوْ طُولَهَا أَفَادَهُ شب .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ ثُمَّ يُحْسَمُ مَوْضِعُ الْقَطْعِ بِالنَّارِ ، وَكَذَا فِي الرِّجْلِ ، وَحَدُّهُ

فِي الْيَدِ مِنْ مَفْصِلِ الْكُوعِ ، وَفِي الرِّجْلِ مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الْيُمْنَى فَقَالَ ( إلَّا لِشَلَلٍ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ ، أَيْ فَسَادٍ بِالْيُمْنَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، ثُمَّ عُرِضَتْ عَلَيْهِ فَمَحَاهَا ، وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ ، وَبِهِ أَقُولُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَأَبُو مُصْعَبٍ تُقْطَعُ الْيَدُ الشَّلَّاءُ .
قُلْت وَثَالِثُهَا لِابْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَشْهَبَ إنْ كَانَ شَلَلًا خَفِيفًا قُطِعَتْ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا قُطِعَتْ الْيُسْرَى .
الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ يُمْنَاهُ شَلَّاءَ فَإِنْ كَانَ الشَّلَلُ بَيِّنًا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا تُقْطَعُ .
اللَّخْمِيُّ ابْنُ وَهْبٍ تُقْطَعُ إنْ كَانَتْ يُنْتَفَعُ بِهَا .
( أَوْ ) لِ ( نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ الْيُمْنَى خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ وَأَوْلَى كُلُّهَا ( فَتُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ كَمَا فِي الْحِرَابَةِ وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ لِأَنَّهُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ ، وَعَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ مِنْ مَعْقِدِ الشِّرَاكِ لِيَبْقَى لَهُ عَقِبٌ يَمْشِي عَلَيْهِ ، وَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى قَطْعِ الْيُمْنَى النَّاقِصَةِ أُصْبُعًا وَأُصْبُعَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَمُحِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَطْعُ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فِي صُورَةِ شَلَلِ الْيُمْنَى ( لِ ) إثْبَاتِ قَطْعِ ( يَدِهِ الْيُسْرَى ) وَأَمَّا صُورَةُ نَقْصِ أَكْثَرِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى فَلَمْ يُمْحَ فِيهَا قَطْعُ رِجْلِهِ الْيُسْرَى .
فِيهَا إنْ سَرَقَ وَلَا يُمْنَى لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يُمْنَى يَدَيْهِ إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى .
ابْنُ يُونُسَ لَوْ سَرَقَ أَوَّلًا وَلَا يُمْنَى لَهُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، ثُمَّ قَالَ

مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بَعْدَ ذَلِكَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ قَالَ قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ سَرَقَ وَيَدُهُ الْيُمْنَى شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى .
ابْنُ الْقَاسِمِ ثُمَّ عَرَضْتهَا فَمَحَاهَا وَأَبَى أَنْ يُجِيبَ فِيهَا بِشَيْءٍ ثُمَّ بَلَغَنِي أَنَّهُ قَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ، وَأَرَاهُ تَأَوَّلَ قَوْله تَعَالَى { فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ .
شب وَالْمَحْوُ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَلِذَا فَرَّعَ عَلَيْهِ ، وَاتَّفَقَ الْمَحْوُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي أَرْبَعِ مَسَائِلَ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ : الْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ وَالْأَضَاحِيّ وَفِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَالنِّكَاحِ وَالرَّاجِحُ الْمَحْوُ فِي اثْنَتَيْنِ قَطْعٌ وَأَيْمَانٌ بِغَيْرِ مَيْنِ ثُمَّ الَّذِي أَثْبَتُّ فِي الْأَضَاحِيّ تَأْكِيدَ نَدْبِ ذَبْحِهِ يَا صَاحِ وَالْمَحْوُ فِي الْأَيْمَانِ حِنْثُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَهْوَ قَوْلٌ مُحْتَذَا .
( تَنْبِيهٌ ) طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَالنَّقْصِ ، وَهَكَذَا فَعَلَ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَفِيمَنْ لَا يُمْنَى لَهُ ، وَنَصُّهَا عَلَى اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ إنْ سَرَقَ وَلَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، ثُمَّ عَرَضْتهَا عَلَيْهِ فَمَحَاهَا وَقَالَ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ .
ا هـ .
وَهَكَذَا فِي الْجَوَاهِرِ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يَدِهِ الْيُمْنَى إلَّا أُصْبُعٌ أَوْ أُصْبُعَانِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى .
ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا رُجُوعًا وَلَا مِحْوَرًا وَلَا خِلَافًا ، وَكَذَا اللَّخْمِيُّ ، وَاخْتَصَرَ لَفْظَهَا ، وَقَدْ اعْتَرَضَ عج الْمُصَنِّفُ قَائِلًا نَاقِصَةً أَكْثَرَ الْأَصَابِعِ يَنْتَقِلُ مِنْهَا لِلرِّجْلِ الْيُسْرَى وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْيَدِ الْيُسْرَى فِي قَوْلٍ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ ابْنَ

مَرْزُوقٍ اعْتَرَضَ أَيْضًا عَلَى أَبِي سَعِيدٍ فِي ذِكْرِهِ الْمَحْوَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ ، وَنَصُّهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَحْوَ فِي الشَّلَلِ وَنَقَصَ أَكْثَرُ الْأَصَابِعِ وَظَاهِرُ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ ، وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الشَّلَلِ كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ لَكِنَّ الْحُكْمَ وَاحِدٌ ا هـ .
وَاخْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْأُمَّهَاتِ وَذَكَرَ نَصَّهُ الْمُتَقَدِّمَ ثُمَّ قَالَ ، وَقَدْ اعْتَرَضَ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى التَّهْذِيبِ بِكَلَامِ الْأُمَّهَاتِ وَتَبِعَهُ ابْنُ نَاجِي ، وَيُرَدُّ مِثْلُهُ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ التَّهْذِيبِ ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
وَأَشَارَ ابْنُ نَاجِي إلَى الْجَوَابِ عَنْ التَّهْذِيبِ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَحْوِ حَقِيقَتَهُ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ الرُّجُوعُ ، وَلِذَا دَوَّنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالنَّاسُ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ يُعَكَّرُ عَلَيْهِ عَدُّهُمْ الْمَمْحُوَّاتِ أَرْبَعًا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ الرُّجُوعِ لَمَا انْحَصَرَتْ فِيهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

ثُمَّ يَدُهُ ، ثُمَّ رِجْلُهُ ، ثُمَّ عُزِّرَ وَحُبِسَ .

( ثُمَّ ) إنْ سَرَقَ ثَانِيًا مَنْ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ أَوْ نَقْصِهَا أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ تُقْطَعُ ( يَدُهُ ) الْيُسْرَى ( ثُمَّ ) إنْ سَرَقَ ثَالِثًا تُقْطَعُ ( رِجْلُهُ ) الْيُمْنَى فَهَذَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ عَلَى الْمَمْحُوِّ وَلَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لِأَنَّ صَحِيحَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ يَدِهِ الْيُمْنَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِيَكُونَ قَطْعًا مِنْ خِلَافٍ ، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الثَّالِثَةِ يَدُهُ الْيُسْرَى ، ثُمَّ تُقْطَعُ فِي الرَّابِعَةِ رِجْلُهُ الْيُمْنَى .
وَأَمَّا عَلَى مَا أَثْبَتَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى لِشَلَلِ يُمْنَاهُ إذَا سَرَقَ ثَانِيًا ، فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى لِأَنَّهَا الَّتِي تُقْطَعُ ثَانِيًا مِنْ صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ .
الشَّارِحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، أَوْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَفَادَهُ عب .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى فِي سَرِقَتِهِ الْأُولَى ثُمَّ سَرَقَ ثَانِيَةً ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ رِجْلُهُ الْيُسْرَى قَالَ : وَلَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ .
قُلْت مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ إجْرَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْهُ .
( ثُمَّ ) إنْ سَرَقَ السَّارِقُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ وَقُطِعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ صَحِيحَهَا أَوْ بَعْدَ الثَّالِثَةِ ، وَقُطِعَ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلَيْهِ إنْ كَانَ أَشَلَّ الْيُمْنَى مَثَلًا ( عُزِّرَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ ضُرِبَ شَدِيدًا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ ( وَحُبِسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ سَرَقَ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ قُطِعَتْ يَدُهُ

الْيُمْنَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ يَدُهُ الْيُسْرَى ثُمَّ رِجْلُهُ الْيُمْنَى ، وَإِنْ سَرَقَ وَلَا يَدَيْنِ لَهُ وَلَا رِجْلَيْنِ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ ، لَكِنْ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ وَيَضْمَنُ السَّرِقَةَ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ مَنْ قُطِعَتْ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ ثُمَّ سَرَقَ جُلِدَ وَحُبِسَ ، وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ حَدِيثًا فِي السَّارِقِ إذَا قُطِعَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ثُمَّ سَرَقَ قُتِلَ وَلَيْسَ بِثَابِتٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ إلَّا أَبَا مُصْعَبٍ فَقَالَ يُقْتَلُ .

وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ ، أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا ؛ فَالْقَوَدُ ، وَالْحَدُّ بَاقٍ ، وَخَطَأً أَجْزَأَ ، فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى ، بِسَرِقَةِ طِفْلٍ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ أَوْ رُبُعِ دِينَارٍ ؛ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خَالِصَةٍ ؛ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا بِالْبَلَدِ شَرْعًا ، وَإِنْ كَمَاءٍ أَوْ رِيحٍ لِتَعْلِيمِهِ ، أَوْ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ ، أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ ، إنْ زَادَ دَبْغُهُ نِصَابًا ، أَوْ ظُنَّا فُلُوسًا ، أَوْ الثَّوْبَ فَارِغًا ، أَوْ شَرِكَةِ صَبِيٍّ ، لَا أَبٍ .

( وَإِنْ تَعَمَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ ) كَجَلَّادٍ أَنْ يَقْطَعَ ( يُسْرَاهُ ) أَيْ السَّارِقِ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا ، أَيْ فِي السَّرِقَةِ الْأُولَى عَالِمًا أَنَّ الْوَاجِبَ قَطْعُ يُمْنَاهُ ( فَالْقَوَدُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ ، أَيْ الْقِصَاصُ حَقٌّ لِلسَّارِقِ عَلَى مَنْ تَعَمَّدَ قَطْعَ يُسْرَاهُ أَوَّلًا ( وَالْحَدُّ ) أَيْ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ الْيُمْنَى ( بَاقٍ ) عَلَيْهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ عَمْدًا ( وَ ) إنْ قَطَعَ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ الْيُسْرَى أَوَّلًا ( خَطَأً أَجْزَأَ ) قَطْعُهَا عَنْ قَطْعِ الْيُمْنَى .
ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَرَ التَّصْرِيحَ بِهَذَا إلَّا فِي كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ ، وَلَيْسَ فِي نُقُولِ الْمَذْهَبِ تَصْرِيحٌ بِهِ ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ أَفَادَهُ شب وطفي وَالْبَنَّانِيُّ وَالْعَدَوِيُّ .
قُلْت سَلَّمَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ شَاسٍ وَجَعَلَهُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا ، وَنَصُّهُ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ وَلَوْ قَطَعَ الْجَلَّادُ أَوْ الْإِمَامُ الْيُسْرَى عَمْدًا فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْحَدُّ بَاقٍ هُوَ دَلِيلُ قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا أَنَّ أَمْرَ الْإِمَامِ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقَةِ الْيُمْنَى فَقَطَعَ يَسَارَهُ خَطَأً أَجْزَأَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَاطِعِ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُجْزِيهِ وَتُقْطَعُ يَمِينُهُ وَعَقْلُ شِمَالِهِ فِي مَالِ السُّلْطَانِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئَ ، وَفِي مَالِ الْقَاطِعِ إنْ كَانَ الْمُخْطِئُ ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
قُلْت وَكَذَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ عَنْهُ وَهُوَ بَيْنَ قُصُورِ قَوْلِ ابْنِ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِ يَخْطَأُ بِهِ بِقَطْعِ يُسْرَاهُ أَنَّ الْقَطْعَ مَاضٍ وَلَا تُقْطَعُ يَمِينُهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمَّدَ أَجْنَبِيٌّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ

كَانَ وَجَبَ فِيهَا وَقِيَاسُ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِيهِ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ .
قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوَّلًا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَوْ دَلَّسَ السَّارِقُ بِالْيُسْرَى حَتَّى قُطِعَتْ أَجْزَأَهُ وَعَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُجْزِيهِ .
( فَ ) إنْ سَرَقَ ثَانِيَةً مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى خَطَأً فَتُقْطَعُ ( رِجْلُهُ الْيُمْنَى ) لِيَكُونَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَجْزَاءِ لَوْ عَادَ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
قُلْت هَذَا خِلَافُ قَوْلِ اللَّخْمِيِّ لَوْ كَانَ قَطْعُ الْيَدِ الْيُسْرَى خَطَأً فَلَا تُتْرَكُ الرِّجْلُ الْيُسْرَى عَلَى الْعَمْدِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَسَلَّمَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَصِلَةُ تُقْطَعُ الْيُمْنَى ( بِ ) سَبَبِ ( سَرِقَةِ طِفْلٍ ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ شَخْصٍ صَغِيرٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَا يُعْرَفُ مَا يُرَادُ بِهِ ( مِنْ حِرْزٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ ، أَيْ مِنْ مَحَلِّ حِفْظٍ ( مِثْلِهِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ نَظِيرِ الطِّفْلِ الْمَسْرُوقِ كَدَارِ أَهْلِهِ وَحَارَتِهِمْ وَقَرْيَتِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ أَهْلِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الدَّارِ إلَى الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّاهَا فَهِيَ حِرْزُهُ ، وَإِنْ كَانَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَارَةِ وَلَا يَتَعَدَّى الْقَرْيَةَ فَالْقَرْيَةُ حِرْزُهُ .
فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ وَإِنْ سَرَقَ عَبْدًا كَبِيرًا فَصِيحًا فَلَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ كَانَ أَعْجَمِيًّا قُطِعَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ سَرَقَ صَبِيًّا حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِنْ حِرْزِهِ قُطِعَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
أَشْهَبُ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ وَالْعَبْدُ فَصِيحٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهِمَا .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ حُرًّا .
أَبُو

عُمَرَ وَيَقُولُ مَالِكٌ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَالْحَسَنُ وَالشَّعْبِيُّ وَالزُّهْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يُخْشَى مِنْهُ سَرِقَةُ أَوْلَادِهِمْ .
( أَوْ ) بِسَرِقَةِ ( رُبُعِ دِينَارٍ ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ مُوَازِنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ شَعِيرَةً مُتَوَسِّطَةً لَا أَقَلُّ مِنْهُ ( أَوْ ) بِسَرِقَةِ ( ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ) شَرْعِيَّةٍ وَهِيَ مُوَازِنُ مِائَةٍ وَإِحْدَى وَخَمْسِينَ شَعِيرَةٍ مُتَوَسِّطَةٍ وَخُمُسَا شَعِيرَةٍ كَذَلِكَ لَا أَقَلُّ ، حَالَ كَوْنِ رُبْعِ الدِّينَارِ وَالدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ ( خَالِصَةً ) مِنْ غِشِّهَا بِنَحْوِ نُحَاسٍ ، وَلَوْ كَانَتْ دَنِيَّةَ الْمَعْدِنِ وَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاةُ رُبُعِ الدِّينَارِ لِلدَّرَاهِمِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقِيمَةِ وَلَا عَكْسُهُ فَلَا يُقْطَعُ فِي غَيْرِ الْخَالِصِ وَلَوْ رَاجَ رَوَاجَ الْخَالِصِ .
ابْنُ عَرَفَةَ النِّصَابُ مِنْ الذَّهَبِ رُبُعُ دِينَارٍ .
ابْنُ حَارِثٍ وَغَيْرُهُ اتِّفَاقًا ، وَفِي كَوْنِهِ مِنْ الْفِضَّةِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي رُبُعَ دِينَارٍ قَوْلَانِ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ غَيْرَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَلَهُ شب إنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْ الذَّهَبِ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ وَمِنْ الْفِضَّةِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ، فَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِهِمَا وَزْنًا نُظِرَ لِلنَّقْصِ فِي كُلٍّ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْكَامِلِ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَلَا يُقْطَعُ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالدَّرَاهِمِ عَدَدًا ، فَإِنْ لَمْ تَرُجْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِهَا مُطْلَقًا ، وَإِنْ رَاجَتْ رَوَاجَ الْكَامِلَةِ فَإِنْ كَانَ نَقْصُهَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَيُقْطَعُ بِهَا وَإِلَّا فَلَا .
( أَوْ ) بِسَرِقَةِ ( مَا ) أَيْ عَرْضٍ ( يُسَاوِيهَا ) أَيْ الْعَرْضُ

الدَّرَاهِمُ الثَّلَاثَةُ الْخَالِصَةُ بِاعْتِبَارِ مَنْفَعَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ ( بِالْبَلَدِ ) الْمَسْرُوقِ فِيهِ ، سَوَاءٌ كَانَ تَعَامُلُ أَهْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بِالْعُرُوضِ أَوْ بِمَا غَلَبَ أَحَدُهَا أَوَّلًا وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْفَعَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَآلَةِ لَهْوٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَمِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْمُعْتَبَرِ قِيمَتُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا يُقَوَّمُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ كَانَ الْبَلَدُ تَجْرِي فِيهِ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ ، وَلَا يَجْرِي فِيهِ أَحَدُهُمَا ، وَإِنَّمَا التَّعَامُلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ ، وَقَالَ الْأَبْهَرِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بِأَغْلَبِهِمَا بِالْبَلَدِ وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ إنْ كَانَتْ السَّرِقَةُ بِبَلَدٍ إنَّمَا يُتَعَامَلُ فِيهِ بِالْعُرُوضِ يُقَوَّمُ فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ الَّتِي يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ خَطَأٌ صُرَاحٌ ، إذْ قَدْ تَكُونُ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ كَاسِدَةً لَا قِيمَةَ لَهَا بِهِ ، وَفِي بَلَدِ الدَّرَاهِمِ قِيمَتُهَا كَثِيرَةً فَيُؤَدِّي إلَى قَطْعِ الْيَدِ فِي أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ .
الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ مَا اُعْتُبِرَ بِهِ النِّصَابُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى وَزْنِهِ كَانَ دِينَارًا جَيِّدًا أَوْ رَدِيئًا أَوْ نُقْرَةً أَوْ تِبْرًا .
عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ بِجَوَازِ الْعَيْنِ عِيسَى أَوْ حُلِيًّا وَلَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ ، يُرِيدُ إلَى مَا يَزِيدُ فِيهَا بِصِيَاغَتِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَغْشُوشًا بِالنُّحَاسِ فَلَا يُقْطَعُ فِي النِّصَابِ مِنْهُمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ النُّحَاسُ الَّذِي فِيهِمَا يَسِيرًا جِدًّا لَا قَدْرَ لَهُ .
الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ تَجُوزُ عَدَدًا ، فَإِنْ نَقَصَ كُلُّ دِرْهَمٍ خَرُّوبَةً أَوْ ثَلَاثَ حَبَّاتٍ وَهِيَ تَجُوزُ فَلَا قَطْعَ فِيهَا حَتَّى تَكُونَ تَامَّةَ الْوَزْنِ .
مُحَمَّدٌ عَنْ أَصْبَغَ فَأَمَّا مِثْلُ حَبَّتَيْنِ مِنْ كُلِّ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ ،

وَحَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ دَرْءُ الْحَدِّ أَحْسَنُ .
ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَى قَوْلِ أَصْبَغَ إنْ جَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ لِأَنَّ الْحَبَّتَيْنِ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَلِفَ بِهِمَا الْمَوَازِينُ فَإِنْ قَلَّ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ قُطِعَ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَلَا يُقْطَعُ بِلَا إشْكَالٍ وَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ وَجَازَتْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ أَوْ قَلَّ ، وَلَمْ تَجُزْ بِجَوَازِ الْوَازِنَةِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ الْقَطْعِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُقَوَّمِ مَنْفَعَتُهُ الْمُبَاحَةُ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ حَمَامًا عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَيْرًا عُرِفَتْ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ فَأَحَبُّ إلَى أَنْ لَا يَرْعَى إلَّا قِيمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ اللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا اللَّعِبَ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْهُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي تَبْلُغُهُ وَتَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةُ إلَيْهِ ، وَمِثْلُهُ لِلتُّونُسِيِّ ، وَهُوَ دَلِيلُ تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ ، ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ فِي الطُّيُورِ الْمُتَّخَذَةِ لِسَمَاعِ أَصْوَاتِهَا لَغْوُ حُسْنِ أَصْوَاتِهَا فِي تَقْوِيمِهَا ؟ .
وَفِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ الْمُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ السَّرِقَةِ لَا يَوْمَ الْحَدِّ ، وَفِيهَا يُقَوِّمُ السَّرِقَةَ أَهْلُ الْعَدْلِ وَالْبَصَرِ ، قِيلَ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُقَوِّمُونَ قَالَ إنْ اجْتَمَعَ عَدْلَانِ بَصِيرَانِ أَنَّ قِيمَتَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ وَلَا يُقْطَعُ بِقِيمَةِ رَجُلٍ وَاحِدٍ ، وَمَثَّلَ فِي سَمَاعِ عِيسَى .
ابْنَ رُشْدٍ مَعْنَاهُ فِي الِاخْتِيَارِ لَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا ذَلِكَ ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ فِيهِ الْقَاضِي بِالسُّؤَالِ فَالْوَاحِدُ يُجْزِي فِيهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ ، وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ قُوِّمَ بِثَلَاثَةٍ وَقُوِّمَ بِدُونِهَا فَلَا يُقْطَعُ فِيهِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَمْ يَحْكِهِ ابْنُ رُشْدٍ ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي

التَّقْوِيمِ الْمَنْفَعَةُ الْمُبَاحَةُ ( شَرْعًا ) فَلَا يُقْطَعُ فِي آلَةِ لَهْوٍ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ لِصَنْعَتِهَا إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ خَشَبُهَا بَعْدَ كَسْرِهِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقَدْ سَأَلَ الْمَعَرِّيُّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ مَنْسُوبٌ لِمَعَرَّةِ النُّعْمَانِ مَدِينَةٍ ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ شَاعِرُ الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ فَقَالَ : تَنَاقُضٌ مَا لَنَا إلَّا السُّكُوتُ لَهُ فَنَسْتَعِيذُ بِبَارِينَا مِنْ النَّارِ يَدٌ بِخَمْسِ مِئِينَ عَسْجَدٍ وُدِيَتْ مَا بَالُهَا قُطِعَتْ فِي رُبُعِ دِينَارِ وَأَجَابَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْبَغْدَادِيُّ بِجَوَابٍ بَدِيعٍ فَقَالَ : وِقَايَةُ النَّفْسِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا صِيَانَةُ الْمَالِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي وَرُوِيَ عَنْهُ بَيْتٌ آخَرُ وَهُوَ : عِزُّ الْأَمَانَةِ أَغْلَاهَا وَأَرْخَصَهَا ذُلُّ الْخِيَانَةِ فَافْهَمْ حِكْمَةَ الْبَارِي إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَسْرُوقُ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ كَشَاةٍ وَثَوْبٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ ( كَمَاءٍ ) مَنْقُولٍ لِحِرْزٍ مِنْ بَحْرٍ وَحَطَبٍ مِنْ غَابَةٍ وَمِلْحٍ مِنْ مَعْدِنٍ وَكُلًّا مِنْ مَوَاتٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعُ فِي الْبَقْلِ إنْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا وَحُصِدَ وَأُحْرِزَ وَيُقْطَعُ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى الْمَاءِ إذَا أُحْرِزَ لِلْوُضُوءِ أَوْ شُرْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَحَتَّى الْحَطَبِ وَالْعَلَفِ وَالتِّبْنِ ، وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَالرَّمَلِ وَالرَّمَادِ إذَا سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسُرِقَ مِنْ حِرْزٍ وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرُهُ .
( وَ ) حَيَوَانٍ غَيْرِ كَلْبٍ ( جَارِحٍ ) لِصَيْدٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ ( لِتَعْلِيمِهِ ) اصْطِيَادَ الْوَحْشِيِّ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ بَازِيًا أَوْ طَيْرًا مُعَلَّمًا فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقَوَّمُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ التَّعْلِيمِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْبَاطِلِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُعَلَّمٍ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قَوْمٍ يَتَّخِذُونَهُ لِلَّهْوِ ( أَوْ ) يُسَاوِيهَا لِ ( جِلْدِهِ ) الَّذِي

يُنْتَفَعُ بِهِ ( بَعْدَ ذَبْحِهِ ) فِيهَا مَنْ سَرَقَ الطَّيْرَ بَازِيًا أَوْ غَيْرَهُ قُطِعَ ، وَأَمَّا سِبَاعُ الْوَحْشِ الَّتِي لَا تُؤْكَلُ ، لُحُومُهَا إذَا سُرِقَتْ فَإِنْ كَانَ فِي قِيمَةِ جُلُودِهَا إذَا ذُكِّيَتْ دُونَ أَنْ تُدْبَغَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ لِأَنَّ لِرَبِّهَا بَيْعَ مَا ذُكِّيَ مِنْهَا .
شب إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّيْرِ وَالسَّبُعِ لَا يُسَاوِي نِصَابًا إلَّا بِتَعْلِيمِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُهُ ، فَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَيْسَ مُعَلَّمًا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ سَارِقُ الطَّيَرَانِ كَانَتْ قِيمَةُ لَحْمِهِ فَقَطْ ، أَوْ هُوَ مَعَ أَوْ رِيشِهِ فَقَطْ نِصَابًا وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ السَّبُعِ إلَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ جِلْدِهِ بَعْدَ ذَبْحِهِ نِصَابًا وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ .
( أَوْ ) بِسَرِقَةِ ( جِلْدِ مَيْتَةٍ ) بَعْدَ دَبْغِهِ ( إنْ زَادَ دَبْغُهُ ) فِي قِيمَتِهِ ( نِصَابًا ) ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ وَصَارَتْ بَعْدَهُ خَمْسَةً وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ ، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ أَفَادَهُ شب وَالْخَرَشِيُّ وعب .
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي كَيْفِيَّةِ تَقْوِيمِهِ نَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ لِأَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَشْهُورُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الصَّنْعَةِ نِصَابًا قُطِعَ ضَيْح هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَعَلَيْهِ حَمْلُهَا فِي الْبَيَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي جِلْدِ مَيْتَةٍ لَمْ يُدْبَغْ ، وَأَمَّا الْمَدْبُوغُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا فِيهِ مِنْ الصَّنْعَةِ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ ، هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ فِي قِيمَةِ الدَّبْغِ يُقَالُ مَا قِيمَتُهُ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ ، وَمَا قِيمَتُهُ مَدْبُوغًا فَمَا زَادَ فَهُوَ قِيمَةُ الدَّبْغِ وَظَاهِرُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ دَبْغِهِ .
فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ

دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ سُرِقَ وَهُوَ أَظْهَرُ .
( أَوْ ) بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ ( ظُنَّا ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ ظَنَّهُمَا السَّارِقُ حِينَ أَخَذَهُمَا مِنْ الْحِرْزِ ( فُلُوسًا ) نُحَاسًا لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ رُبُعُ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ ( أَوْ ) ظَنَّ ( الثَّوْبَ ) الْمُخْرَجَ مِنْ حِرْزِهِ الَّذِي لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ( فَارِغًا ) مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّ فِيهِ نِصَابًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرْضًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمِ فَيُقْطَعُ عَمَلًا بِمَا تَبَيَّنَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِمَا مَنْ سَرَقَ ثَوْبًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، وَفِيهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ مَصْرُورَةٌ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُمَا فِيهِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَمَّا الثَّوْبُ وَشِبْهُهُ مِمَّا يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ فِي مِثْلِهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ ، وَإِنْ سَرَقَ شَيْئًا لَا يُرْفَعُ ذَلِكَ فِيهِ كَحَجَرٍ وَخَشَبَةٍ وَعَصًا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا فِي قِيمَةِ ذَلِكَ دُونَ مَا فِيهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ .
اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ فِي الثَّوْبِ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يُرْفَعُ فِي مِثْلِهِ يُرِيدُ بِهِ مِثْلَ الْمِصْرِ وَشِبْهَهُ وَلَوْ كَانَ قَمِيصًا خَلِقًا .
وَقَالَ لَمْ أَعْلَمْ بِمَا فِيهِ لَحَلَفَ وَلَا يُقْطَعُ آخِذُهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا ، وَيُصَدَّقُ فِي الْعَصَا إنْ أَخَذَهَا لَيْلًا لَا نَهَارًا لِأَنَّهَا لَا تَخْفَى إلَّا أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا مِنْ مَكَان مُظْلِمٍ وَلَوْ كَانَ الذَّهَبُ قَدْ نُقِرَ لَهُ فِي خَشَبَةٍ صُدِّقَ آخِذُهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا .
الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا مَنْ سَرَقَ خِرْقَةً لَا يَصِرْ ذَلِكَ فِيهَا لِدَنَاءَتِهَا فَلَا يُقْطَعُ بِمَا فِيهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ مَنْ سَرَقَ لَيْلًا عَصًا

مُفَضَّضَةً وَفِضَّتُهَا ظَاهِرَةٌ ، وَقَالَ لَمْ أَرَ الْفِضَّةَ فَأَرَى أَنَّهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهَا فَلَا يُقْطَعُ .
أَوْ سَرَقَ نِصَابًا بِ ( شَرِكَةِ صَبِيٍّ ) أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ فِي إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ أَوْ سَبُعٍ أَوْ ذِئْبٍ فَيُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ وَحْدَهُ وَلَيْسَتْ شَرِكَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ عُذْرًا يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ صَاحِبَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ أَوْ أَبَاهُ ( لَا ) يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ إنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِهِ بِشَرِكَةِ ( أَبٍ ) عَاقِلٍ أَوْ أُمٍّ كَذَلِكَ لِصَاحِبِ الْمَسْرُوقِ لِدُخُولِهِ مَعَ مَنْ لَهُ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ فِي الْمَسْرُوقِ .
فِيهَا إنْ سَرَقَ رَجُلٌ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ قُطِعَ ، وَإِنْ سَرَقَ مَعَ أَبِي الْوَلَدِ مِنْ مَالِهِ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَلَا يُقْطَعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ كَالْعَدَمِ فَشَرْطُ السَّرِقَةِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْخُفْيَةُ وَالْأَبُ لِكَوْنِهِ كَابْنِهِ يَمْنَعُ الْخُفْيَةَ .

وَلَا طَيْرٍ لِإِجَابَتِهِ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ .
( وَلَا ) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ( طَيْرٍ ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ( لِإِجَابَتِهِ ) إذْ ادَّعَى لَا لَحْمَهُ وَرِيشَهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ ( وَلَا ) يُقْطَعُ ( إنْ تَكَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا النِّصَابُ الْمُخْرَجُ مِنْ حِرْزِهِ ( بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ ) أَوْ يَوْمٍ أَوْلَى فِي لَيَالٍ أَوْ أَيَّامٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْرُوقُ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ تَوَالَتْ الْمِرَارُ فِي فَوْرٍ أَوْ لَا طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ أَوْ لَا .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَلَا إنْ تَكَمَّلَ بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ هَذَا قَوْلُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِي السَّارِقِ يَدْخُلُ الْبَيْتَ فِي لَيْلَةٍ عَشْرَ مَرَّاتٍ يَخْرُجُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ بِقِيمَةِ دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ حَتَّى يَخْرُجَ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ ، فَإِنَّهُ قَالَ يُقْطَعُ إذَا أَجْمَعَ مَا خَرَجَ بِهِ مَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ .
ابْنُ رُشْدٍ فَلَمْ يُصَدِّقْ سَحْنُونٌ فِي أَنَّهَا سَرِقَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَصَدَّقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَوْلُهُ أَوْلَى لِأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ .
قَالَ وَهَذَا فِيمَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَادَ فِيهِ لِسَرِقَةٍ أُخْرَى ، وَأَمَّا مِثْلُ الْقَمْحِ وَشِبْهِهِ مِنْ الْمُبْتَاعِ الَّذِي يَجِدُهُ مُجْتَمِعًا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يُخْرِجَهُ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ فَيَنْقُلُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَهَذِهِ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا خَرَجَ بِنِيَّةِ عَوْدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهَا سَرِقَةٌ أُخْرَى بِنِيَّةٍ ثَانِيَةٍ كَمَا قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ .

أَوْ اشْتَرَكَا فِي حَمْلٍ ، إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ ، وَلَمْ يَنُبْهُ نِصَابُ مِلْكِ غَيْرٍ

( أَوْ اشْتَرَكَا ) أَيْ السَّارِقَانِ الْمُكَلَّفَانِ ( فِي حَمْلٍ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ لِنِصَابٍ وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعَانِ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( اسْتَقَلَّ ) أَيْ قَدْرُ ( كُلٍّ ) مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ وَحْدَهُ بِدُونِ إعَانَةِ الْآخَرِ ( وَلَمْ يَنُبْهُ ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا ( نِصَابٌ ) مِنْ الْمَسْرُوقِ إذَا قَسَمَاهُ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَمْلِهِ فَيَقَعَانِ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ كَسَارِقٍ وَاحِدٍ ، وَكَذَا إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ وَنَابَ كُلًّا نِصَابٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ أَخْرَجَ جَمِيعُهُمْ سَرِقَةً حَمَلُوهَا لَا يُسْتَطَاعُ إخْرَاجُهَا إلَّا بِجَمَاعَتِهِمْ قُطِعُوا بِبُلُوغِهَا رُبُعَ دِينَارٍ فَقَطْ ، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيفَةً خَرَجَ بِهَا جَمِيعُهُمْ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ بِهَا أَحَدُهُمْ ، فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا يُقْطَعُونَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَقَطْ ، وَحَكَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّ الْخَفِيفَةَ بِمَنْزِلَةِ الثَّقِيلَةِ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ كَانَ شَيْئًا لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ أَحَدُهُمْ وَيَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ اثْنَانِ فَخَرَجَ بِهِ أَرْبَعَةٌ جَرَتْ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْخَفِيفَةِ وَالْقِيَاسُ فِي الثَّقِيلَةِ الَّتِي لَا يَحْمِلُهَا إلَّا جَمِيعُهُمْ اعْتِبَارُ النِّصَابِ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنْوِيهِ مِمَّا حُمِلَ وَلِأَنَّ الْقَطْعَ فَرْعٌ عَمَّا يَغْرَمُهُ ، وَلِقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ قِيمَةِ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا عَلَى مُحْصَنٍ فَرَجَعَ أَحَدُهُمْ لَا يَغْرَمُ إلَّا رُبُعَ الدِّيَةِ وَهُوَ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ أَصْحَابِهِ ، فَإِنْ حَمَلُوهَا عَلَى أَحَدِهِمْ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى حَمْلِهَا إلَّا بِتَحْمِيلِهِمْ فَيُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الَّذِي حَمَلُوهَا عَلَيْهِ كَمَا لَوْ حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ .
وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُقْطَعُ الْخَارِجُ بِهَا وَحْدَهُ وَوَافَقَ عَلَى أَنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا

حَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ .
وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا فِي ( مِلْكِ غَيْرٍ ) السَّارِقِ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِلْكَهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ غَيْرِهِ كَمَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَمُعَارٍ .

وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ ، أَوْ أُخِذَ لَيْلًا وَادَّعَى الْإِرْسَالَ ، وَصُدِّقَ إنْ أَشْبَهَ .

وَيُقْطَعُ مَنْ ثَبَتَتْ عَلَيْهِ سَرِقَةُ النِّصَابِ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ ، بَلْ ( وَلَوْ كَذَّبَهُ ) أَيْ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ ( رَبُّهُ ) أَيْ مَالِكُ الْمَسْرُوقِ .
فِيهَا مَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ مِنْ فُلَانٍ نِصَابًا وَكَذَّبَهُ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ بِإِقْرَارِهِ وَيَبْقَى الْمَتَاعُ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ سَبَبٌ فَلَا يُسْقِطُهُ إلَّا مَانِعٌ شَرْعِيٌّ وَتَكْذِيبُهُ لَيْسَ مَانِعًا شَرْعِيًّا لِاحْتِمَالِهِ الشَّفَقَةَ وَالرَّحْمَةَ وَإِنْ صُدِّقَ السَّارِقُ فِي إقْرَارِهِ .
( أَوْ أُخِذَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مُسِكَ وَضُبِطَ السَّارِقُ ( لَيْلًا ) وَمَعَهُ نِصَابٌ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِ غَيْرِهِ ( وَادَّعَى ) السَّارِقُ ( الْإِرْسَالَ ) مِنْ صَاحِبِ الْحِرْزِ لِإِتْيَانِهِ لَهُ بِالنِّصَابِ الَّذِي أَخْرَجَهُ فَيُقْطَعُ وَلَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ حَمْلًا لَهُ عَلَى الشَّفَقَةِ عَلَيْهِ ( وَصُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي دَعْوَى الْإِرْسَالِ ( إنْ أَشْبَهَ ) فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ لَهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِأَنْ جَرَتْ عَادَةُ صَاحِبِ الْحِرْزِ بِإِرْسَالِهِ وَدَخَلَ مِنْ الْبَابِ وَخَرَجَ مِنْهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ فِي وَقْتٍ يُحْتَمَلُ إرْسَالُهُ فِيهِ عَادَةً فَلَا يُقْطَعُ .
فِيهَا إنْ أَخَذَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ فَقَالَ أَرْسَلَنِي فُلَانٌ إلَى مَنْزِلِهِ فَأَخَذْت لَهُ هَذَا الْمَتَاعَ ، فَإِنْ عُرِفَ مِنْهُ انْقِطَاعُهُ إلَيْهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ ، وَيُقْطَعُ الْبَاجِيَّ .
فَسَّرَ أَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ قَوْلَهُ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ بِأَنْ يَدْخُلَهُ غَيْرَ مُسْتَسِرٍّ ، وَفِي وَقْتٍ يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَهُ فِيهِ وَلَوْ أُخِذَ .
مُسْتَسِرًّا وَدَخَلَ مِنْ غَيْرِ مَدْخَلِهِ أَوْ فِي حِينٍ لَا يُعْرَفُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ مَتَى صَدَّقَهُ لَا يُقْطَعُ لَا أَعْرِفُهُ إلَّا لِابْنِ شَاسٍ عَنْ عِيسَى ، وَقَوْلُ عِيسَى إنَّمَا هُوَ فِي تَصْدِيقِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ تُهْمَتِهِ فِي تَصْدِيقِهِ فِي إرْسَالِهِ .

لَا مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ كَمِلْكِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ ، مُحْتَرَمٍ ، لَا خَمْرٍ .
( لَا ) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ( مِلْكِهِ ) أَوْ السَّارِقِ ( مِنْ مُرْتَهِنٍ ) لَهُ مُتَوَثِّقٌ بِهِ فِي دَيْنِهِ ( وَلَا ) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مِلْكِهِ مِنْ ( مُسْتَأْجِرٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ مُسْتَعِيرٍ لَهُ أَوْ مُودِعٍ عِنْدَهُ ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقَطْعِ فَقَالَ ( كَمِلْكِهِ ) أَيْ السَّارِقِ النِّصَابَ بِإِرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ ( وَقَبْلَ ) خُرُوجِهِ أَيْ النِّصَابِ مِنْ حِرْزِهِ فَلَا يُقْطَعُ ، وَمَفْهُومُ قَبْلَ خُرُوجِهِ أَنَّهُ إنْ مَلَكَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَا .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ سَرَقَ مِلْكَ نَفْسِهِ مِنْ مُرْتَهِنِهِ أَوْ مُسْتَأْجِرِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهُ بِإِرْثٍ قَبْلَ خُرُوجِهِ فَلَا مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَبَعْدَهُ لَا يُؤَثِّرُ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا نَصُّ الْغَزَالِيِّ ، وَمَسَائِلُ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ رُبُعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِيهَا كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ ( مُحْتَرَمٍ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ لَهُ حُرْمَةٌ كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ وَحَرْبِيٍّ دَخَلَ بَلَدَنَا بِأَمَانٍ فَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حَرْبِيٍّ بِأَرْضِهِ أَوْ بِأَرْضِنَا بِلَا تَأْمِينٍ ( لَا ) يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ( خَمْرٍ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا وَتَجِبُ إرَاقَتُهَا وَلَوْ مِنْ ذِمِّيٍّ .
رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي خَمْرٍ وَلَوْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا لَهُ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ فِي الْمَيْتَةِ وَلَا فِي الْخَمْرِ وَلَا فِي الْخِنْزِيرِ وَإِنْ سَرَقَهَا مِنْ ذِمِّيٍّ إلَّا أَنَّهُ يَغْرَمُهَا فِي مَلَائِهِ وَعَدَمِهِ مَعَ وَجِيعِ الْأَدَبِ .

وَطُنْبُورٍ ، إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ نِصَابًا ؛ وَلَا كَلْبٍ مُطْلَقًا ، وَأُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا ، بِخِلَافِ لَحْمِهَا مِنْ فَقِيرٍ ، تَامِّ الْمِلْكِ ، لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ ، وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، أَوْ الْغَنِيمَةِ

( وَ ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ كَوْنُ مَنْفَعَتِهِ شَرْعِيَّةً فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ( طُنْبُورٍ ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ، آلَةُ لَهْوٍ مُجَوَّفَةٌ مُثَلَّثَةٌ عَلَيْهَا سُلُوكٌ مِنْ نُحَاسٍ يَمُرُّ عَلَيْهَا بِقَضِيبٍ مِنْ نُحَاسٍ فَيَحْصُلُ لَهَا صَوْتٌ مُطْرِبٌ لِأَهْلِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ ) الطُّنْبُورُ ( بَعْدَ كَسْرِهِ ) وَذَهَابِ مَنْفَعَتِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ ( نِصَابًا ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ أَصْبَغَ وَابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ الْمَلَاهِي مِزْمَارًا أَوْ عُودًا أَوْ مِثْلَ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَتِهِ بَعْدَ إفْسَادِهِ رُبُعُ دِينَارٍ ، ثُمَّ قَالَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَأَمَّا الدُّفُّ وَالْكَبَرُ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُمَا صَحِيحَيْنِ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي تَرْخِيصِ اللَّعِبِ بِالدُّفِّ وَهُوَ الْغِرْبَالُ ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكَبَرِ .
ابْنُ شَاسٍ الشَّرْطُ الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَمًا فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَلَا سَارِقُ الطُّنْبُورِ وَالْمَلَاهِي مِنْ الْمِزْمَارِ وَالْعُودِ وَشِبْهِهِ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي قِيمَةِ مَا يَبْقَى مِنْهَا بَعْدَ إفْسَادِ صُورَتِهِمَا وَإِذْهَابِ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ بِهَا رُبُعُ دِينَارٍ .
( وَ ) شَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ جَوَازُ بَيْعِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ ( كَلْبٍ ) مَأْذُونٍ فِي اتِّخَاذِهِ لِحِرَاسَةِ مَاشِيَةٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ لِصَيْدٍ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ التَّعْلِيمِ وَالنَّهْيِ عَنْ قِنْيَتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا قَطْعَ فِي كَلْبٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ ، وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْمَاشِيَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ كُنْت أَنْهَى عَنْ بَيْعِهِ ( وَ ) لَا يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ نَحْوِ ( أُضْحِيَّةٍ ) وَهَدْيٍ وَفِدْيَةٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ ( بَعْدَ ذَبْحِهَا ) أَوْ

نَحْرِهَا .
وَمَفْهُومُ بَعْدَ ذَبْحِهَا أَنَّهُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
أَصْبَغُ إنْ سَرَقَ أُضْحِيَّةً قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ ، وَإِنْ سَرَقَهَا بَعْدَ ذَبْحِهَا فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إنَّمَا تُورَثُ لِتُؤْكَلَ .
( بِخِلَافِ ) سَرِقَةِ ( لَحْمِهَا ) أَوْ جِلْدِهَا ( مِنْ فَقِيرٍ ) تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ غَنِيٍّ أُهْدِيَ لَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ سَرَقَ لَحْمَ أُضْحِيَّةٍ أَوْ جِلْدَهَا .
أَشْهَبُ يُقْطَعُ أَصْبَغُ إنْ سَرَقَهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا قُطِعَ وَبَعْدَهَا لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُبَاعُ فِي فَلَسٍ وَلَا تُورَثُ إلَّا لِتُؤْكَلَ ، وَإِنْ سَرَقَهَا مِمَّنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ قُطِعَ لِأَنَّ الْمُعْطِيَ مَلَكَهَا .
قُلْت تَقَدَّمَ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ إيَّاهَا خِلَافُهُ ، وَالْهَدْيُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ وَإِشْعَارِهِ كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا وَلَمْ يَعْزُ اللَّخْمِيُّ الثَّانِي إلَّا لِابْنِ حَبِيبٍ ، وَشَرْطُ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا تَقَدَّمَ كَوْنُهَا مِنْ مَالِ شَخْصٍ ( تَامِّ الْمِلْكِ ) فِي التَّوْضِيحِ خَامِسُ الشُّرُوطِ أَنْ يَكُونَ مِلْكًا تَامًّا ، اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ سَرِقَةِ مَا لَهُ فِيهِ شِرْكٌ .
وَشَرْطُهُ كَوْنُ السَّارِقِ ( لَا شُبْهَةَ ) قَوِيَّةَ ( لَهُ ) أَيْ السَّارِقِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَسْرُوقِ فَلَا يُقْطَعُ الْوَالِدُ بِسَرِقَةِ مَالِ وَلَدِهِ وَلَا السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ مَالِ مُكَاتَبِهِ وَلَا رَبُّ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْجَاحِدِ .
فِي التَّوْضِيحِ السَّادِسُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي الْمَسْرُوقِ احْتِرَازًا مِنْ سَرِقَةِ الْأَبِ مِنْ مَالِ ابْنِهِ وَمِنْ سَرِقَتِهِ مِنْ غَرِيمِهِ الْمُمَاطِلِ جِنْسَ حَقِّهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ قَوِيَّةً إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَصْلًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) سَرَقَ مِمَّا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ بِأَنْ سَرَقَ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ ) الَّتِي هُوَ مِنْ أَهْلِهَا إذْ أُجِيزَتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُسْتَحَقُّ بِالْقِسْمَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي

مَنْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ الْغَنِيمَةِ أَوْ سَرَقَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ تُحْرَزَ قُطِعَ .
الصِّقِلِّيُّ هَذَا فِي الْجَيْشِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ عَدُّهُ لِأَنَّ حَظَّهُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَأَمَّا فِي السَّرِيَّةِ الصَّغِيرَةِ الَّتِي حِصَّتُهُ مِنْهَا مَعْلُومَةٌ فَلَا يُحَدُّ لِلزِّنَا اتِّفَاقًا ، وَيُقْطَعُ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ كُلِّهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ كُلِّ الْغَنِيمَةِ .
وَقَالَ مَرَّةً فَوْقَ حَقِّهِ مِنْ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ قَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الْخِلَافَ بِالْجَيْشِ الْعَظِيمِ ، وَأَمَّا السَّرِيَّةُ فَيَتَّفِقُ فِيهَا عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ نِصَابًا فَوْقَ حَقِّهِ .

أَوْ مَالَ شَرِكَةٍ ، إنْ حُجِبَ عَنْهُ ، وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا لَا الْجَدَّ ؛ وَلَوْ لِأُمٍّ .

( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ مَالِ ( شَرِكَةٍ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ ( إنْ حُجِبَ ) الْمَالُ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ ( عَنْهُ ) أَيْ السَّارِقِ بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا أَوْ اخْتَصَّ غَيْرُ السَّارِقِ بِحِيَازَتِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَبْ عَنْهُ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا يَتَصَرَّفَانِ فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ غَلَقَا عَلَيْهِ ( وَ ) إنْ ( سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا ) كَتِسْعَةٍ مِنْ اثْنَيْ عَشْرَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ سَرَقَ الشَّرِيكُ مِنْ مَتَاعِ الشَّرِكَةِ مِمَّا قَدْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ أَوْدَعَاهُ رَجُلًا قُطِعَ إنْ كَانَ فِيمَا سَرَقَ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ مَا قِيمَتُهُ رُبُعُ دِينَارٍ فَضْلًا عَنْ حِصَّتِهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ أَغْلَقَا عَلَى مَالِ شَرِكَتِهِمَا وَأَوْدَعَا مِفْتَاحَهُ رَجُلًا كَإِيدَاعِهِمَا إيَّاهُ ، وَإِنْ حَمَلَا مِفْتَاحَهُ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَنْ عِنْدَهُ الْمِفْتَاحُ ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ الْآخَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ احْتِرَازًا مِنْهُ قُطِعَ ، وَإِنْ كَانَ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ بِهِ أَحَدَهُمَا فَلَا يُقْطَعُ ، وَمِثْلُهُ كَوْنُ الْمِفْتَاحِ بِدَارِ أَحَدِهِمَا .
وَفِي اعْتِبَارِ النِّصَابِ مِنْ حَظِّ شَرِيكِهِ فِي الْمَالِ أَوْ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ مَعَ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ اللَّخْمِيُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا .
وَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ فَمِنْ حَظِّهِ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ .
الصِّقِلِّيُّ وَكَذَا اخْتَلَفُوا فِيمَا سَرَقَهُ الشَّرِيكُ مِنْ مَالٍ أَوْدَعَاهُ هَلْ يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ مَا سَرَقَهُ عَنْ حَظِّهِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ أَوْ مِنْ الصِّنْفِ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ فَقَطْ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ أَوْ الْقِيَمِ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ اللَّخْمِيُّ .
( لَا ) يُقْطَعُ ( الْجَدُّ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ إنْ كَانَ لِأَبٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ جَدًّا ( لِأُمٍّ ) لِشُبْهَتِهِ الْقَوِيَّةِ فِي

مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ فَالْأَبُ أَوْلَى وَالْأُمُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا قَطْعَ عَلَى أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ ، وَفِيهَا وَكَذَلِكَ الْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعُوا لِأَنَّهُمْ آبَاءٌ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْجَدِّ قَوْلَانِ .
ضَيْح اُخْتُلِفَ فِي الْأَجْدَادِ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ ، لِأَنَّهُ أَبٌ ، وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ ، وَقَدْ وَرَدَ { ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ } .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُونَ لِأَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي مَالِهِمْ وَلَا نَفَقَةَ ، وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ بَاقِي الْقَرَابَاتِ .
ا هـ .
فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ مُطْلَقًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالْجَدِّ لِأُمٍّ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .

وَلَا مِنْ جَاحِدٍ ، أَوْ مُمَاطِلٍ لِحَقِّهِ ، مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ ، بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ ، أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا ، أَوْ ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ

( وَلَا ) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ ( مِنْ ) مَالِ غَرِيمٍ لَهُ ( جَاحِدٍ ) لِحَقِّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ قَدْرُهُ ( أَوْ ) مِنْ غَرِيمٍ مُقِرٍّ بِمَا عَلَيْهِ لَهُ ( مُمَاطِلٍ ) أَيْ مُؤَخِّرٍ لِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَطَلَبِهِ مِنْهُ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً قَوِيَّةً فِي مَالِهِمَا ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَمْ لَا ، وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِكَوْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَيُقْطَعُ ، وَنَظَرَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ، وَلِذَا أَطْلَقَ هُنَا .
الْبِسَاطِيُّ الْقَطْعَ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ وَهُوَ لَا يَحْكُمُ إلَّا بِالظَّاهِرِ ، فَكَيْفَ يَعْلَمُ الْحَاكِمُ أَنَّهُ جَاحِدٌ حَتَّى يَنْتَفِيَ الْقَطْعُ ، وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ قَالَ جَحَدْته كَذِبًا وَيَرْجِعُ لِلْحَقِّ .
ا هـ .
لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ لِأَنَّ أَخْذَ الْمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ ، بَلْ عَلَى أَنَّهُ مَالُهُ .
اللَّقَانِيُّ هَذَا الْجَوَابُ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ آخَرَ نِصَابًا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْحِرْزِ ، وَتَعَذَّرَ عَلَى السَّارِقِ إحْضَارُ بَيِّنَتِهِ بِتَرَتُّبِهِ عَلَيْهِ ، وَأَقَامَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالسَّرِقَةِ وَتَرَتَّبَ عَلَى السَّارِقِ الْقَطْعُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ الْمَالَ لَهُ ، وَأَنَّ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ جَحَدَهُ فِيهِ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُمَاطِلِ ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْجَحْدِ أَوْ الْمَطْلِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمُسِرِّ ، وَمِنْهُ جَحَدْته أَوْ مَاطَلْته لِاتِّهَامِهِ بِرَحْمَتِهِ ، وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ هَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَاشِرٍ وَغَيْرُهُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَنَعْتُ طِفْلٍ وَرُبُعِ دِينَارٍ وَثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ وَمَا يُسَاوِيهَا بِ ( مُخْرَجٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( مِنْ حِرْزٍ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ، أَيْ مَحَلِّ حِفْظٍ وَصَوَّرَهُ ( بِ ) ذِي ( أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا ( لَا يُعَدَّ

) الشَّخْصُ ( الْوَاضِعُ ) الْمَالَ فِيهِ ( مُضَيِّعًا ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ مَكَانَ لَا يُنْسَبُ مَنْ وَضَعَ الْمَالَ فِيهِ لِتَعْرِيضِهِ لِلضَّيَاعِ إنْ خَرَجَ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ ، بَلْ وَ ( إنْ لَمْ يَخْرُجْ هُوَ ) أَيْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ ، وَيَخْتَلِفُ الْحِرْزُ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالسَّارِقِ فَرُبَّ مَكَان حِرْزٌ لِمَالٍ وَلَيْسَ حِرْزًا لِمَالٍ آخَرَ وَلِسَارِقٍ دُونَ آخَرَ ، فَمَنْ وَضَعَ مَالًا بِكُوَّةٍ بِبَيْتِهِ فَهِيَ حِرْزُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِوَلَدِهِ وَزَوْجَتِهِ وَخَادِمِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرْزُ مَا قُصِدَ بِمَا وُضِعَ فِيهِ حِفْظُهُ بِهِ إنْ اسْتَقَلَّ بِحِفْظِهِ أَوْ بِحَافِظٍ غَيْرِهِ إنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ .
الْبُنَانِيُّ أَيْ بِمَكَانٍ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَقْصِدَ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ حِفْظُهُ إلَخْ ، وَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ النِّصَابِ مِنْهُ وَلَوْ تَلِفَ عَقِبَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ احْتَرَقَ فِي نَارٍ ، وَهُوَ مَا اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إلَيْهِ قُطِعَ لِتَحَقُّقِ السَّرِقَةِ .
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الشَّرْطُ السَّادِسُ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّزًا ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان هُوَ حِرْزٌ لِمِثْلِهِ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ ، وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ النَّاسِ فِي إحْرَازِ أَمْوَالِهِمْ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ كُلُّ مَا لَا يُعَدُّ صَاحِبُ الْمَالِ فِي الْعَادَةِ مُضَيِّعًا لَهُ بِوَضْعِهِ فِيهِ .
ا هـ .
فَالْمُعْتَبَرُ خُرُوجُ الْمَالِ لَا السَّارِقِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ الْحِرْزِ ، فَإِنْ أَدْخَلَ عَصَاهُ مَثَلًا وَأَخْرَجَ بِهَا نِصَابًا قُطِعَ وَسَيَأْتِي الْإِشَارَةُ بِالْعَلَفِ لِشَاةٍ مَثَلًا فَتَخْرُجُ فَيُقْطَعُ فِيهَا لَوْ أَخَذَ فِي الْحِرْزِ بَعْدَ أَنْ أَلْقَى الْمَتَاعَ خَارِجًا مِنْهُ فَقَدْ شَكَّ فِيهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ يُقْطَعُ وَأَنَا أَرَى أَنْ يُقْطَعَ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
( أَوْ ابْتَلَعَ ) السَّارِقُ فِي الْحِرْزِ ( دُرًّا ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ جَمْعُ دُرَّةٍ ، أَيْ

لُؤْلُؤًا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَفْسُدُ بِابْتِلَاعِهِ كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَخَرَجَ مِنْ الْحِرْزِ فَيُقْطَعُ وَمَفْهُومُ دُرًّا أَنَّهُ لَوْ ابْتَلَعَ فِيهِ مَا يُفْسِدُهُ الِابْتِلَاعُ كَالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ ضَمِنَهُ وَأُدِّبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَوْ ابْتَلَعَ دِينَارًا فِي الْحِرْزِ وَخَرَجَ لَقُطِعَ لِأَنَّهُ خَرَجَ بِهِ وَهُوَ شَيْءٌ يَخْرُجُ مِنْهُ فَيَأْخُذُهُ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ ابْتَلَعَ دُرَّةً وَخَرَجَ قُطِعَ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا بِهَذَا النَّصِّ إلَّا لِلْغَزَالِيِّ ، لَكِنَّهُ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ .
قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ الدِّينَارِ وَالدُّرِّ وَابْتِلَاعُ الدِّينَارِ مَنْصُوصٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَلَكِنَّ شَأْنَ الْإِنْسَانِ النِّسْيَانُ " غ " وَالْبَنَّانِيُّ الْعَجَبُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ كَيْفَ خَفِيَ عَلَيْهِ هَذَا ، حَتَّى قَالَ لَا أَعْرِفُهَا بِنَصِّهَا إلَّا الْغَزَالِيُّ ، وَاحْتَاجَ إلَى تَخْرِيجِهَا عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ دُهْنِ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ .
( أَوْ ادَّهَنَ ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْهَاءِ مُثَقَّلًا السَّارِقُ فِي ظَاهِرِ بَدَنِهِ ( بِمَا ) أَيْ طِيبٍ كَزُبْدٍ ( يَحْصُلُ ) أَيْ يَجْتَمِعُ ( مِنْهُ ) مَا قِيمَتُهُ ( نِصَابٌ ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إذَا سُلِتَ مِنْ بَدَنِهِ فَيُقْطَعُ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نِصَابٌ فَلَا يُقْطَعُ فِيهَا إذَا دَخَلَ السَّارِقُ الْحِرْزَ فَأَكَلَ الطَّعَامَ فِيهِ وَخَرَجَ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُهُ ، وَإِنْ دَهَنَ رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فِي الْحِرْزِ بِدُهْنٍ وَخَرَجَ ، فَإِنْ كَانَ مَا فِي رَأْسِهِ مِنْ الدُّهْنِ إذَا سُلِتَ بَلَغَ رُبُعَ دِينَارٍ قُطِعَ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ .

أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ ، أَوْ اللَّحْدَ .

( أَوْ أَشَارَ ) السَّارِقُ وَهُوَ خَارِجُ الْحِرْزِ ( إلَى شَاةٍ ) مَثَلًا فِي حِرْزِهَا ( بِالْعَلَفِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ ( فَخَرَجَتْ ) الشَّاةُ مِنْ الْحِرْزِ بِسَبَبِ إشَارَتِهِ إلَيْهَا فَيُقْطَعُ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَشْهَبَ مَنْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ فِي حِرْزٍ لَمْ يَدْخُلْهُ بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ فَلَا يُقْطَعُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ يُقْطَعُ .
ابْنُ رُشْدٍ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مِثْلَ قَوْلِهِ هُنَا وَقَوْلُ أَشْهَبَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي إيجَابِ قَطْعِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
قُلْت وَجَدْته فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ الْبَيَانِ وَهُوَ مُشْكِلٌ ، لِأَنَّ قَوْلَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ لَا إيجَابُهُ ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ ، قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ كَمَنْ أَتَى بِإِنْسَانٍ فَأَرْسَلَهُ فَأَخْرَجَهَا لَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْمُرْسِلُ وَكَذَا فِي إشَارَتِهِ إلَى بَازٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ أَعْجَمِيٍّ قَالَهُ أَشْهَبُ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هَذَا كُلِّهِ يُقْطَعُ وَهُوَ أَحْسَنُ .
طفي الْقَطْعُ لَيْسَ مُرَتَّبًا عَلَى أَخْذِهَا ، بَلْ عَلَى مُجَرَّدِ خُرُوجِهَا ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرِّوَايَةِ ، فَقَوْلُ تت فَأَخَذَهَا لَيْسَ بِقَيْدٍ .
( أَوْ اللَّحْدَ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَصْلُهُ حُفْرَةٌ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ تَحْتَ جَانِبِ الْقَبْرِ الْقِبْلِيِّ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُسَدُّ بِهِ فَمُهُ مِنْ لَبِنٍ أَوْ آجُرٍّ أَوْ خَشَبٍ أَوْ حَجَرٍ لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ الْمَحَلِّيَّةِ .
الْبِسَاطِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى تَفْسِيرِ الْحِرْزِ ، أَيْ مَا لَا يُعَدُّ

الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا أَوْ مَا وُضِعَ فِيهِ مَيِّتٌ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَبْرَ حِرْزٌ لِلْمَيِّتِ وَمَا عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي الصَّحْرَاءِ ، وَعَبَّرَ بِاللَّحْدِ عَنْ الْقَبْرِ " غ " كَأَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِفِعْلٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ فَاللَّحْدُ عَلَى هَذَا وَهُوَ غِشَاءُ الْقَبْرِ مَسْرُوقٌ بِنَفْسِهِ .
وَأَمَّا مَا فِيهِ وَهُوَ الْكَفَنُ فَقَدْ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا فَلَا تَكْرَارَ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا عَطْفُهُ الْخِبَاءَ عَلَيْهِ وَهُمْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِسَرِقَةِ اللَّحْدِ نَفْسِهِ خُصُوصًا ، فَقَدْ قَالُوا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ .
الْبُنَانِيُّ فَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا فِي " ق " وَغَيْرُهُ مِنْ الْبَحْثِ ، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا بِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَةِ غِشَاءِ الْقَبْرِ لَحْدًا فِي اللُّغَةِ ، وَنَصُّهُ هَكَذَا رَأَيْت هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ ، وَلَا أَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا وَلَا إعْرَابَهَا ، لِأَنَّ اللَّحْدَ بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمِّهَا ضِدُّ الشَّقِّ ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَانَ تَكْرَارًا مَعَ مَا يَأْتِي ، وَإِنْ أَرَادَ اللَّبِنَ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَصِحُّ ، لَكِنْ يَتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لُغَةً وَعَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَمَا رَأَيْت نَصًّا فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا مَا اقْتَضَتْهُ الْكُلِّيَّةُ الْمَحْكِيَّةُ فِي النَّوَادِرِ فِي الْقَبْرِ نَقَلَهُ ابْنُ عَاشِرٍ ، وَعَنَى بِالْكُلِّيَّةِ الَّتِي فِي النَّوَادِرِ قَوْلَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ ، فِيهَا الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَالْبَيْتِ وَبِهَا اسْتَدَلَّ ابْنُ غَازِيٍّ .

أَوْ الْخِبَاءِ ، أَوْ مَا فِيهِ .
( أَوْ ) سَرَقَ ( الْخِبَاءَ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ فَمُوَحَّدَةٌ مَمْدُودًا أَيْ الْخَيْمَةُ وَنَحْوُهَا ( أَوْ ) سَرَقَ ( مَا ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي ( فِيهِ ) أَيْ الْخِبَاءُ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ ، وَلِمَا فِيهِ فِيهَا إذَا وَضَعَ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي خِبَائِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُ ، وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ أَوْ سَرَقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطًا مَضْرُوبًا بِالْأَرْضِ قُطِعَ ، وَالرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ كَأَهْلِ الدَّارِ ذَاتِ الْمَقَاصِيرِ يَسْرِقُ أَحَدُهُمْ مِنْ بَعْضِهَا ، وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لَأَخَذَهُ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ سِرًّا فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا لَهُ قُطِعَ سَارِقُهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ .
الصِّقِلِّيُّ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ طَرَحَهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ ، وَإِنْ طَرَحَهُ بِقُرْبِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ خِبَائِهِ أَوْ خِبَاءِ أَصْحَابِهِ ، فَإِنْ كَانَ سَارِقُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْخِبَاءِ قُطِعَ ، وَقَالَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ اللَّخْمِيُّ ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا قَطْعَ فِي هَذَا كُلِّهِ .
الْبُنَانِيُّ أَوْ الْخِبَاءِ أَوْ مَا فِيهِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِضَرْبِهِ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ ضَارِبُهُ فِيهِ مُضَيِّعًا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ .
قُلْت هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ سُرِقَ لِمُسَافِرٍ فُسْطَاطٌ مَضْرُوبٌ بِالْأَرْضِ وَخِلَافُ قَوْلِهَا وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ إلَخْ ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ التَّقْيِيدُ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ حَانُوتٍ ، أَوْ فِنَائِهِمَا ، أَوْ مَحْمِلٍ ، أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ وَإِنْ غِيبَ عَنْهُنَّ ، أَوْ بِجَرِينٍ .

( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ ( حَانُوتٍ ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَضَمِّ النُّونِ آخِرُهُ مُثَنَّاةٌ أَيْ مَحَلٌّ مُعَدٌّ لِلْبَيْعِ يُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ دُكَّانًا بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْكَافِ ( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ ( فِنَائِهِمَا ) بِكَسْرِ الْفَاءِ فَنُونٍ مَمْدُودًا ، أَيْ مَا قَرُبَ مِنْ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ مَا اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ فَهُوَ حِرْزُهُ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ كَالسَّارِقِ مِنْ نَفْسِ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ وَكَذَا مَنْ سَرَقَ مِنْ تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ بَعْدَ قِيَامِهِ وَتَرْكِهِ لَيْلًا أَوَنَهَارًا مَبْنِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَبْنِيٍّ إلَّا أَنْ يَنْقَلِبَ بِهِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ ، ثُمَّ يُتْرَكُ لَيْلَةً فَيَسْرِقُ هُوَ أَوْ مَا فِيهِ فَلَا يُقْطَعُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْحَوَانِيتِ وَالْمَنَازِلِ وَالْبُيُوتِ وَالدُّورِ حِرْزٌ لِمَا فِيهَا غَابَ أَهْلُهَا أَوْ حَضَرُوا ، وَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ أَفْنِيَةِ الْحَوَانِيتِ .
اللَّخْمِيُّ يُرِيدُ إذَا كَانَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَسَرَقَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبِهِ .
وَاخْتُلِفَ إنْ غَابَ عَنْهُ أَوْ بَاتَ فِيهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُ الْقَطَّانِيِّ يَبِيعُونَهَا فِي الْقِفَافِ وَهُمْ حُضُورٌ يُغَطُّونَهَا بِاللَّيْلِ بِأَفْنِيَةِ حَوَانِيتِهِمْ فَقَامَ صَاحِبُهَا لِحَاجَةٍ وَتَرَكَهَا عَلَى حَالِهَا لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا خَفَّ نَقْلُهُ وَثَقُلَ فِي التَّابُوتِ بِسَاحَةِ الدَّارِ لَيْسَ صَغِيرُهُ كَكَبِيرِهِ وَمَا بِالْقِفَافِ يَثْقُلُ نَقْلُهُ بِقِيَامِ رَبِّهِ ، لَمْ يَقُلْهُ فِي تَابُوتِ الصَّيْرَفِيِّ وَلَوْ كَانَ مَبْنِيًّا لِخِفَّةِ مَا فِيهِ ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ لِعَدَمِ قَصْدِ كَوْنِ مَحَلِّهِ حِرْزًا .
الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكَذَا الْأَمْتِعَةُ تُوضَعُ لِتُبَاعَ وَالطَّعَامُ فِي الْقِفَافِ ، وَلَهُمْ حُصْرٌ يُغَطُّونَهَا بِهَا لَيْلًا وَهِيَ بِأَفْنِيَةِ حَوَانِيتِهِمْ ، وَرُبَّمَا ذَهَبَ وَتَرَكَهُ ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ قُطِعَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ

وَأَشْهَبُ وَكَذَا مَا وُضِعَ فِي الْمَوْقِفِ لِيُبَاعَ مِنْ مَتَاعٍ فِي فِنَاءِ حَانُوتٍ وَلَهُ حُصْرٌ مِنْ قَصَبٍ وَرُبَّمَا أَغْلَقَ الْبَابَ وَذَهَبَ .
( أَوْ ) سُرِقَ مِنْ ( مَحْمِلٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ ، أَيْ مَا يُرْكَبُ فِيهِ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَوْ جَنْبَيْهَا أَوْ بَيْنَ دَابَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَمَامَهُ وَالْأُخْرَى خَلْفَهُ .
الْبُنَانِيُّ أَيْ مَنْزِلٌ بِالْأَرْضِ ، وَأَمَّا الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ الْمَحْمِلُ عَلَى الْبَعِيرِ كَسَرْجِ الدَّابَّةِ ، فَمَنْ سَرَقَ مَا عَلَيْهِ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ قُطِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَلَا حَارِزٍ فَلَا قَطْعَ فِيهِ ، كَمَا لَوْ سَرَقَهُ بِمَحْمِلِهِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ وَظَاهِرُهُمَا اعْتِمَادُهُ .
( أَوْ ) سَرَقَ مِمَّا عَلَى ( ظَهْرِ دَابَّةٍ ) وَاقِفَةً كَانَتْ أَوْ سَائِرَةً لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا فِي الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ فِنَائِهِمَا أَوْ مَحْمِلٍ أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ إنْ حَضَرَ مُعَيَّنُ أَصْحَابِهِنَّ ، بَلْ ( وَإِنْ غِيبَ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ غَابَ أَصْحَابُ الْخِبَاءِ أَوْ الْحَانُوتِ أَوْ الْمَحْمِلِ أَوْ الدَّابَّةِ ( عَنْهُنَّ أَوْ سَرِقَةُ تَمْرٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ ، أَيْ مَثَلًا مُجَفَّفٍ ( بِجَرِينٍ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ آخِرُهُ نُونٌ الْمَوْضِعُ الْمُعَدُّ لِتَجْفِيفِ نَحْوِ التَّمْرِ وَدَرْسِ الْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا ، وَيُقَالُ لَهُ أَنْدَرُ وَ جُرْنٌ أَيْضًا ، وَلِمَوْضِعِ تَجْفِيفِ التَّمْرِ مِرْبَدٌ أَيْضًا فَهُوَ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ فِيهَا ، إذْ جَمْعُ الْحَبِّ وَالتَّمْرِ فِي جَرِينٍ وَغَابَ رَبُّهُ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا حَائِطَ وَلَا غَلْقَ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ شب ظَاهِرُهَا كَالْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ قَرُبَ الْجَرِينُ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ ، وَقِيلَ يُقْطَعُ فِي الْقَرِيبِ لَا فِي الْبَعِيدِ .

أَوْ سَاحَةِ دَارٍ لِأَجْنَبِيٍّ ؛ إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ ، كَالسَّفِينَةِ ، أَوْ خَانٍ لِلْأَثْقَالِ ، أَوْ زَوْجٍ فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ .

( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ ( سَاحَةِ ) أَيْ فُسْحَةِ ( دَارٍ ) وَتُسَمَّى عَرْصَةً ، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ حَوْشًا بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزٌ لِمَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ ( لِ ) شَخْصٍ ( أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ سَاكِنٍ فِيهَا وَلَا تَابِعٍ لَهُ فَيُقْطَعُ ( إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ ) فِي دُخُولِهَا .
تت جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الدَّارَ سِتَّةَ أَقْسَامٍ ، أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَتُهُ هَذِهِ تَشْمَلُ دَارَ سُكْنَى شَخْصٍ وَحْدَهُ ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهَا لِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا ، وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا وَدَارًا مُشْتَرَكَةً بَيْنَ سَاكِنِيهَا مَحْجُورَةً عَنْ غَيْرِهِمْ ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ سُكَّانِهَا مِنْ بَيْتِ جَارِهِ وَقُطِعَ إذَا أُخِذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ لِسَاحَتِهَا اتِّفَاقًا ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ عَنْ الدَّارِ وَلَا أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ ، وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ قَطْعِ مَنْ سَرَقَ مِنْهُمْ مِنْ سَاحَتِهَا نِصَابًا ، وَإِنْ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَابَّةً نَقَلَهَا مِنْ مَرْبِطِهَا الْمَعْرُوفِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْكَامِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ الدُّورِ .
طفي الْأَعْكَامُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ هِيَ الْإِعْدَالُ وَأَحَدُهَا عِكْمٌ بِالْكَسْرِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ .
وَشَبَّهَ فِي الْقَطْعِ فَقَالَ ( كَ ) السَّارِقِ مِنْ ( السَّفِينَةِ ) شب حَاصِلُ النَّقْلِ فِيمَا أَنَّ مَنْ سَرَقَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ يُقْطَعُ ، سَوَاءٌ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا أَمْ لَا ، كَانَ مِمَّنْ بِهَا أَمْ لَا وَإِنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَةِ رَبِّهِ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا قُطِعَ إنْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ بِهَا فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ الْخُنِّ وَنَحْوِهِ يُقْطَعُ ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهَا وَنَحْوِهِ لِلْخَرَشِيِّ وعب .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ سَرَقَ بَعْضُ أَهْلِ السَّفِينَةِ مِنْ بَعْضٍ وَكُلُّ إنْسَانٍ مِنْهُمْ أَحْرَزَ مَتَاعَهُ تَحْتَهُ ، قَالَ زَعَمَ الْإِمَامُ

مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ مِنْهُ وَهُوَ عَلَيْهِ يُقْطَعُ .
وَإِنْ سَرَقَ مِنْهُ وَقَدْ قَامَ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ .
ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ السَّرِقَةِ مِنْهَا بَيْنَ أَهْلِهَا كَحُكْمِ السَّرِقَةِ مِنْ صَحْنِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ .
فِيهَا إنْ سَرَقَ بَعْضُ الرُّكَّابِ فِيهَا مِنْ مَتَاعِ بَعْضٍ وَهُوَ عَلَى مَتَاعِهِ يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا سَرَقَ مِنْهَا ، وَإِنْ سَرَقَ بَعْدَ قِيَامِهِ عَنْ مَتَاعِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْهَا ، وَإِنْ سَرَقَ أَجْنَبِيٌّ مَتَاعًا وَصَاحِبُهُ عَلَيْهِ يُقْطَعُ ، وَلَوْ أَخَذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا عَلَى اخْتِلَافٍ ، وَإِنْ سَرَقَ وَصَاحِبُ الْمَتَاعِ لَيْسَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا إنْ أُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا ، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبُ الْمَتَاعِ عَلَى مَتَاعِهِ .
( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ سَاحَةِ ( خَانْ ) بِإِعْجَامِ الْخَاءِ وَعَقِبُ أَلِفِهِ نُونٌ ، وَيُسَمَّى فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ وِكَالَةٌ بِكَسْرِ الْوَاوِ بَيْتٌ مُعَدٌّ لِسُكْنَى الْأَغْرَابِ وَالْعُزَّابِ وَالتُّجَّارِ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ ( لِلْأَثْقَالِ ) كَالْإِعْدَالِ ، وَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْخَفِيفِ مِنْهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فَبِمُجَرَّدِ إزَالَةِ الثَّقِيلِ عَنْ مَوْضِعِهِ إزَالَةَ بَيِّنَةٍ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ إذَا كَانَ يُبَاعُ فِيهَا ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ سُكَّانِهِ ( أَوْ ) سَرَقَ ( زَوْجٌ ) ذَكَرًا وَأُنْثَى مِنْ مَالِ زَوْجِهِ الْمَحْرُوزِ ( فِيمَا ) أَيْ مَكَان ( حُجِرَ عَنْهُ ) أَيْ السَّارِقِ بِغَلْقٍ لَا بِمُجَرَّدِ الْكَلَامِ مِنْ الدَّارِ أَوْ غَيْرِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيُقْطَعُ ، وَرَقِيقُ الزَّوْجِ كَالزَّوْجِ ، وَمَفْهُومُ حُجِرَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَالِ الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا تُقْطَعُ الزَّوْجَةُ إذَا سَرَقَتْ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ بَيْتِهَا الَّذِي تَسْكُنُهُ .
اللَّخْمِيُّ إنْ سَرَقَ

أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِنْ مَوْضِعٍ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فَلَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَوْضِعٍ مَحْجُورٍ بَائِنٍ عَنْ مَسْكَنِهِمَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُمَا فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فَسَرَقَ مِنْ تَابُوتٍ مُغْلَقٍ أَوْ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ مَعَهُمَا فِي الدَّارِ وَهِيَ غَيْرُ مُشْتَرَكَةٍ ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَا يُقْطَعُ ، وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَحْسَنُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْغَلْقِ التَّحَفُّظَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَطْرُقُهُمَا ، وَإِنْ كَانَ لِتَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ يُقْطَعُ ، وَإِنْ سَرَقَ الزَّوْجُ مِنْ شَيْءٍ شَوَّرَهَا بِهِ وَلَمْ يَبْنِ بِهَا يُقْطَعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُهُ بِالْعَقْدِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ مُتَرَقِّبٌ لَا يُقْطَعُ كَمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً فَأَصَابَهَا .

أَوْ مَوْقِفِ دَابَّةٍ لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، أَوْ قَبْرٍ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ ، أَوْ سَفِينَةٍ بِمُرْسَاةِ .

( أَوْ ) سَرَقَ دَابَّةً مِنْ ( مَوْقِفِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ( دَابَّةٍ ) مُعْتَادٍ لَهَا فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ أُوقِفَتْ بِهِ ( لِبَيْعٍ ) لَهَا ( أَوْ غَيْرِهِ ) كَحِفْظِهَا فَهُوَ حِرْزُهَا فِيهَا لَوْ كَانَ لِلدَّوَابِّ مَرَابِطُ مَعْرُوفَةٌ فِي السِّكَّةِ ، فَمَنْ سَرَقَهَا مِنْ مَرَابِطِهَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا حِرْزُهَا .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ الشَّاةُ تُوقَفُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ ، فَمَنْ سَرَقَهَا فَيُقْطَعُ وَإِنْ لَمْ تُرْبَطْ ( أَوْ ) سَرَقَ الْكَفَنَ مِنْ ( قَبْرٍ ) فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ ( أَوْ ) سَرَقَ كَفَنَ مَيِّتٍ مَرْمِيٍّ بِ ( بَحْرٍ ) فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ حِرْزٌ ( لِ ) كَفَنِ ( مَنْ رُمِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِهِ ) أَيْ الْبَحْرِ مُكَفَّنًا فَكُلٌّ مِنْ الْقَبْرِ وَالْبَحْرِ حِرْزٌ ( لِكَفَنٍ ) فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَمَفْهُومُ " لِكَفَنٍ " أَنَّهُمَا لَيْسَا حِرْزَيْنِ لِغَيْرِهِ كَ مَالٍ دُفِنَ أَوْ رُمِيَ مَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا ، وَالْتَزَمَهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمَنْ أَوْرَدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ قَائِلًا لِأَنَّ الْقَبْرَ لَيْسَ حِرْزًا مُعْتَادًا لِلْمَالِ ، قَالَ وَلَوْ كُفِّنَ فِي زَائِدٍ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ ابْنُ شَاسٍ مَنْ مَاتَ فِي الْبَحْرِ فَكُفِّنَ وَرُمِيَ بِهِ يُقْطَعُ مَنْ أَخَذَ كَفَنَهُ ، سَوَاءٌ جُعِلَ فِي خَشَبَةٍ أَوْ لَا ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ قَبْرُهُ .
( أَوْ ) سَرِقَةِ ( سَفِينَةٍ ) وَاقِفَةٍ ( بِمُرْسَاةِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ، أَيْ بِمَحَلِّ رَسْيِهَا وَوُقُوفِهَا فَتُوجِبُ الْقَطْعَ سَوَاءٌ قَرُبَ مِنْ الْبَلَدِ أَوْ بَعُدَ ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى إنْ كَانَتْ السَّفِينَةُ فِي الْمَرْسَى عَلَى أَوْتَادِهَا أَوْ بَيْنَ السُّفُنِ أَوْ بِمَوْضِعِ حِرْزٍ لَهَا فَعَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مِخْلَاةً أَوْ افْتَتَلَتْ وَلَا أَحَدَ مَعَهَا فَلَا قَطْعَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا أَحَدٌ ، وَإِذَا كَانَ فِيهَا مُسَافِرُونَ فَأَرْسُوهَا فِي مَرْسَى وَرَبَطُوهَا وَنَزَلُوا كُلُّهُمْ وَتَرَكُوهَا ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ

يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهَا ا هـ " ق " .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ أُرْسِيَتْ فِي غَيْرِ قَرْيَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ نَزَلُوا وَرَبَطُوهَا وَذَهَبُوا لِحَاجَتِهِمْ وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِهَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ كَالدَّابَّةِ يُرِيدُ إذَا رُبِطَتْ بِمَوْضِعٍ لَمْ تُعْرَفْ بِهِ وَلَوْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا فِي الْبَحْرِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا ، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَرْسًى مَعْرُوفٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدٌ يُقْطَعُ سَارِقُهَا إنْ كَانَتْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ ، وَلَا يُقْطَعُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي مَرْسًى مَعْرُوفٍ ، كَمَنْ سَرَقَ دَابَّةً عَلَيْهَا بِهَا نَائِمًا لِأَنَّ صَاحِبَهَا حِرْزٌ لَهَا .

أَوْ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ أَوْ مِنْ مَطْمَرٍ قَرُبَ .

( أَوْ سَرِقَةِ كُلِّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ ) الْمُمَيِّزِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةٍ عَلَى صَبِيٍّ غَيْرِ مُمَيِّزٍ أَوْ مَعَهُ فَتُوجِبُ الْقَطْعَ لِأَنَّ حَضْرَتَهُ حِرْزٌ لَهُ كَانَ صَاحِبُهُ نَائِمًا أَوْ لَا ، كَانَ الْمَسْرُوقُ فَوْقَهُ أَوْ تَحْتَهُ أَوْ فِي كُمِّهِ أَوْ فِي جَيْبِهِ أَوْ بِإِزَائِهِ ، وَأَصْلُ هَذَا { سَارِقُ رِدَاءِ صَفْوَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَمَّا قِيلَ لَهُ مَنْ لَمْ يُهَاجِرْ هَلَكَ فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ وَنَامَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَوَسَّدَ رِدَاءَهُ فَأَخَذَهُ سَارِقٌ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ فَأَخَذَهُ صَفْوَانُ وَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَطْعِ يَدِهِ فَقَالَ صَفْوَانُ لَمْ أُرِدْ هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَلَّا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ } .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَكُلُّ شَيْءٍ مَعَهُ صَاحِبُهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَهُوَ مُحَرَّزٌ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سُرِقَ رِدَاؤُهُ فِي الْمَسْجِدِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ كَانَ مُنْتَبِهًا ، وَكَذَا النَّعْلَانِ بَيْنَ يَدِي وَحَيْثُ يَكُونَانِ مِنْ الْمُنْتَبِهِ .
قُلْت قَدْ قُطِعَ فِي رِدَاءِ صَفْوَانَ وَهُوَ نَائِمٌ قَالَ كَانَ تَحْتَ رَأْسِهِ .
( أَوْ ) سَرَقَ طَعَامًا مِنْ ( مَطْمَرٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ بَيْنَهُمَا طَاءٌ مُهْمَلٌ سَاكِنٌ ، أَيْ مَوْضِعٌ مُنْخَفِضٌ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ وَيُهَالُ عَلَيْهِ تُرَابٌ حَتَّى يُسَاوِيَ الْأَرْضَ فَيُقْطَعُ إنْ ( قَرُبَ ) الْمَطْمَرُ مِنْ الْمَسَاكِنِ لَا إنْ بَعُدَ عَلَى الْمَنْقُولِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَطَامِيرَ فِي فَلَاةٍ أَسْلَمَهَا رَبُّهَا وَأَخْفَاهَا فَلَا يُقْطَعُ ، وَمَا كَانَ بِحَضْرَةِ أَهْلِهِ مَعْرُوفًا بَيِّنًا يُقْطَعُ سَارِقُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يُحَرِّزْ طَعَامَهُ بِحَالٍ .
قُلْت فَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمَطَامِيرُ فِي الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا حِرْزٌ إطْلَاقُهُ خِلَافُ الْمَنْصُوصِ .

أَوْ قِطَارٍ وَنَحْوَهُ ؛ أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ ، أَوْ سَقْفَهُ ، أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ ، أَوْ حُصْرَهُ أَوْ بُسْطَهُ ، إنْ تُرِكَتْ بِهِ

( أَوْ ) سَرَقَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ ( قِطَارٍ ) بِكَسْرِ الْقَافِ ، وَإِهْمَالِ الطَّاءِ وَالرَّاءِ ، أَيْ دَوَابُّ رُبِطَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ حَالَ سَيْرِهَا فَيُقْطَعُ بِحَلِّ شَيْءٍ مِنْهَا وَبَيْنُونَتِهِ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ حَلَّ بَعِيرًا مِنْ الْقِطَارِ فِي سَيْرِهِ وَبَانَ بِهِ يُقْطَعُ .
الصِّقِلِّيُّ رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ سَقَيْت الْإِبِلَ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا يُقْطَعُ وَالْمَقْطُورَةُ أَبْيَنُ ، وَكَذَا الرَّاجِعَةُ مِنْ الْمَرْعَى وَهِيَ تُسَاقِي غَيْرَ مَقْطُورَةٍ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ حَدِّ الْمَرْعَى وَلَمْ تَصِلْ إلَى مَرَاحِهَا فَيُقْطَعُ سَارِقُهَا .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ سَرَقَ وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى الْمَرْعَى أَوْ رَاجِعَةٌ مِنْهُ غَيْرَ مَقْطُورَةٍ ، وَمَعَهَا مَنْ يَسُوقُهَا فَقِيلَ يُقْطَعُ ، وَقِيلَ لَا الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ ذَكَرَهُ فِي مُخْتَصَرِ الْبَرَادِعِيِّ ، وَمِثْلُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ فِي الْأُمَّهَاتِ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَمْ يَحُدَّ لَنَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي هَذَا حَدًّا إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ احْتَلَّهَا مِنْ رُبُطِهَا وَسَارَ بِهَا قُطِعَ فَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا احْتَلَّهَا وَقَبَضَهَا حَتَّى يَبِينَ بِهَا خِلَافُ مَا فِي سَمَاعِ مُحَمَّدٍ ابْنَ خَالِدٍ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُصَلِّي يَجْعَلُ ثَوْبَهُ قَرِيبًا مِنْهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ يَقُومُ يُصَلِّي فَيُسْرَقُ الثَّوْبُ أَنَّهُ يُقْطَعُ إذَا قَبَضَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَجَّهْ بِهِ .
ا هـ .
فَقَوْلُ ابْنِ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لَهُ إنَّمَا اسْتَنَدَ فِيهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِمَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ السَّمَاعِ ، وَقَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ وَبَانَ بِهِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ ، وَبَنَى عَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَأَنَّهُ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْحَلِّ ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَنَحْوِهِ ) أَيْ الْقِطَارِ كَسَوْقِهَا مَجْمُوعَةً ( أَوْ أَزَالَ ) السَّارِقُ ( بَابَ الْمَسْجِدِ ) عَنْ مَوْضِعِهِ

وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ ( أَوْ ) أَزَالَ ( سَقْفَهُ ) عَنْ مَحَلِّهِ فَيُقْطَعُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( أَوْ أَخْرَجَ ) السَّارِقُ ( قَنَادِيلَهُ ) أَيْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ فَيُقْطَعُ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ أَوْ لَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ لِلْإِذْنِ لَهُ فِي دُخُولِهِ ( أَوْ ) أَخْرَجَ ( حُصْرَهُ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَصِيرٍ فَيُقْطَعُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ( أَوْ ) أَخْرَجَ ( بُسْطَهُ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ جَمْعُ بِسَاطٍ فَيُقْطَعُ ( إنْ تُرِكَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْبُسْطُ ( فِي ) أَيْ الْمَسْجِدِ لَيْلًا وَ نَهَارًا دَائِمًا ، فَإِنْ كَانَتْ تُرْفَعُ مِنْهُ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ وَتُرِكَتْ فِي غَيْرِهَا فَسُرِقَتْ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ أَبْوَابَ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ .
ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي تُغْلَقُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا مِمَّا هُوَ مُثَبَّتٌ بِهِ كَجَائِزَةٍ وَبَابٍ يُقْطَعُ .
قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ أَشْهَبُ لَا قَطْعَ فِي بَلَاطِ الْمَسْجِدِ .
أَصْبَغُ فِيهِ الْقَطْعُ .
مُحَمَّدٌ كَسَرِقَةِ بَابِهِ أَوْ خَشَبَةٍ مِنْ سَقْفِهِ أَوْ جَوَائِزِهِ ، وَفِي الْقَطْعِ فِي قَنَادِيلِهِ ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُغْلَقًا عَلَيْهِ لِلشَّيْخِ عَنْ أَصْبَغَ مَعَ ابْنِ رُشْدٍ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَقَلَ الْعُتْبِيُّ عَنْهُ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ مَسْجِدٍ لَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ لَا يُقْطَعُ وَفِي حُصْرِهِ ، ثَالِثُهَا إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهَا لَيْلًا ، وَرَابِعُهَا إنْ خَيَّطَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ، وَخَامِسُهَا إنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ ، ثُمَّ قَالَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الطِّنْفِسَةُ يَبْسُطُهَا الرَّجُلُ فِي الْمَسْجِدِ لِجُلُوسِهِ إنْ جَعَلَهَا كَحَصِيرٍ مِنْ حُصْرِهِ فَسَارِقُهَا كَسَارِقِ الْحَصِيرِ ، وَإِنْ كَانَ يَذْهَبُ بِهَا وَنَسِيَهَا فِيهِ فَلَا قَطْعَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى

الْمَسْجِدِ غَلْقٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا وَلَمْ يَكِلْهَا رَبُّهَا إلَيْهِ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ سَرَقَ بِسَاطًا مِنْ بُسْطِ الْمَسْجِدِ الَّتِي تُطْرَحُ فِيهِ فِي رَمَضَانَ إنْ كَانَ عِنْدَهُ صَاحِبُهُ حِينَ سَرَقَ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ .
ثُمَّ قَالَ وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ لَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ حُلِيِّ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُمْ يُؤْذَنُونَ فِي دُخُولِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ كَانَ الْحُلِيُّ مُتَشَبِّثًا بِمَا هُوَ فِيهِ أَوْ مَوْضُوعًا بِالْبَيْتِ وَمَنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي دُخُولِهِ يُقْطَعُ فِيمَا سَرَقَ مِنْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إذَا أَخْرَجَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى مَوْضِعِ الطَّوَافِ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَهَبِ بَابِ الْكَعْبَةِ يُقْطَعُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : شب قَوْلُهُ أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ إلَخْ ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَاعْتَرَضَهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يُشْتَرَطُ ، بَلْ إزَالَتُهَا عَنْ مَحَلِّهَا كَافِيَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَكُنْ الْقَنَادِيلُ أَوْ الْحُصْرُ أَوْ الْبُسْطُ مُسَمَّرَةً وَإِلَّا فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا اتِّفَاقًا فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْقَنَادِيلَ وَالْحُصْرَ وَالْبُسْطَ حُكْمُهَا حُكْمُ السَّقْفِ وَالْبَابِ فَيُقْطَعُ بِإِزَالَتِهَا عَنْ مَحَلِّهَا ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْهُ ، سَوَاءٌ كَانَتْ مُسَمَّرَةً أَمْ لَا ، فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ أَخْرَجَ .
الثَّانِي : قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِ ، أَيْ لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى صَارَتْ كَالْحُصْرِ قَيْدٌ فِي الْبُسْطِ فَقَطْ ، وَأَمَّا الْحُصْرُ وَالْقَنَادِيلُ فَشَأْنُهُمَا تَرْكُهُمَا بِهِ دَائِمًا فَلَا يَحْتَاجَانِ إلَى تَقْيِيدِهَا بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ حَمَّامٍ ، إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ ، أَوْ نَقَبَ ؛ أَوْ تَسَوَّرَ أَوْ بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبٍ ، وَصُدِّقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ .

( أَوْ ) سَرَقَ مِنْ ( حَمَّامٍ ) بِشَدِّ الْمِيمِ نِصَابًا مِنْ آلَاتِهِ أَوْ مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ فَيُقْطَعُ إنْ ) كَانَ ( دَخَلَ ) هـ لِلسَّرِقَةِ لَا لِيَتَحَمَّمَ ( أَوْ نَقَبَ ) حَائِطَهُ وَدَخَلَ مِنْ النَّقْبِ وَسَرَقَ ( أَوْ تَسَوَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ تَخَطَّى سُورَهُ وَسَرَقَ مِنْهُ ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ بِالْمَسْرُوقِ أَمْ لَا ( أَوْ ) دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ بَابِهِ لِيَتَحَمَّمَ وَهُوَ ( بِحَارِسٍ ) لِثِيَابِ الدَّاخِلِينَ ( لَمْ يَأْذَنْ ) الْحَارِسُ لِلسَّارِقِ ( فِي تَقْلِيبِ ) ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ لِمَعْرِفَةِ ثِيَابِهِ فَسَرَقَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَيُقْطَعُ .
وَأَمَّا إنْ أَوْهَمَ الْحَارِسَ أَنَّ لَهُ ثِيَابًا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهَا فَأَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَلَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ .
( وَ ) إنْ لَبِسَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى الْخَطَأَ ( صُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( مُدَّعِي الْخَطَأِ ) فِي لُبْسِهِ ثِيَابَ غَيْرِهِ لِاشْتِبَاهِهَا عَلَيْهِ بِثِيَابِهِ إنْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الْحَمَّامِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يُحَرِّزُهُ قُطِعَ وَ إلَّا فَلَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَسْرِقَ مَنْ لَمْ يَدْخُلْهُ مِنْ مَدْخَلِ النَّاسِ بِأَنْ تَسَوَّرَ أَوْ نَقَبَ فَيُقْطَعُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْمَتَاعِ حَارِسٌ وَنَحْوُهُ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ابْنَ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الثِّيَابِ مَنْ يَحْرُسُهَا فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْحَمَّامِ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ بَيْتٍ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا دَخَلَ لِلتَّحَمُّمِ لِأَنَّهُ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ مِنْ الْمَسْجِدِ يُقْطَعُ إذَا أَزَالَ مَا سَرَقَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهُ .
وَأَمَّا مَنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَأَخَذَ بِهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي الْأَجْنَبِيِّ السَّارِقِ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ سَاكِنِيهَا فَيُؤْخَذُ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ .

أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ ، أَوْ خَدَعَهُ ، أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ لِمَحَلِّهِ .

( أَوْ حَمَلَ ) السَّارِقُ ( عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ ( أَوْ ) مَيَّزَ الْعَبْدُ وَ ( خَدَعَهُ ) أَيْ السَّارِقُ الْعَبْدَ الْمُمَيِّزَ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرَيْتُك مَثَلًا أَوْ دَعَاك سَيِّدُك حَتَّى أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ فَيُقْطَعُ ( أَوْ أَخْرَجَهُ ) أَيْ السَّارِقُ النِّصَابَ ( فِي ) بَيْتِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( الْإِذْنِ ) فِي دُخُولِهِ ( الْعَامِّ ) لِكُلِّ مَنْ لَهُ حَاجَةٌ كَالْخَلِيفَةِ وَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ مِنْ مَحَلٍّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ( لِمَحَلِّهِ ) أَيْ الْإِذْنِ الْعَامِّ فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ إلَى غَيْرِهِ ، وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ ، وَهَذِهِ إحْدَى الدُّورِ السِّتَّةِ الَّتِي نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى عَدَمِ الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهَا أَفَادَهُ تت .
طفي قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ ، أَيْ عَنْهُ لِآخَرَ بِأَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَنَصُّهَا الرَّابِعَةُ ذَاتُ الْإِذْنِ الْعَامِّ كَالْعَالِمِ وَالطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فَيُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمَحْجُورَةِ إذَا خَرَجَ بِالسَّرِقَةِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ ، إذْ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ ، وَفَارَقَ الضَّيْفَ لِأَنَّهُ خُصَّ بِالْإِذْنِ فَصَارَ لَهُ حُكْمُ الْخَائِنِ وَلَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ مِنْ بُيُوتِهَا اتِّفَاقًا .
غ أَوْ أَخْرَجَهُ فِي ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ عَنْ مَحَلِّهِ أَيْ عَنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ هَكَذَا ، هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِعَنْ الَّتِي لِلْمُجَاوَزَةِ لَا بِاللَّامِ الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ أَمَّا الدَّارُ الَّتِي أَذِنَ فِيهَا سَاكِنُهَا أَوْ مَالِكُهَا إذْنًا عَامًّا لِلنَّاسِ كَالْعَالِمِ أَوْ الطَّبِيبِ يَأْذَنُ لِلنَّاسِ فِي دُخُولِهِمْ إلَيْهِ فِي دَارِهِ فَهَذِهِ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ بُيُوتِهَا الْمُحَجَّرَةِ إذَا خَرَجَ بِسَرِقَتِهِ عَنْ جَمِيعِ الدَّارِ ، وَلَا يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ

سَرَقَ مِنْ قَاعَتِهَا وَمَا لَمْ يُحْجَرْ مِنْ بُيُوتِهَا .
وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ ، سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا الْمَحْجُورِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِهَا لِأَنَّ بَقِيَّتَهَا مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ فَفَارَقَتْ الْمُحَجَّرَةَ فِي أَنَّهَا لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِبَاحَةِ صَاحِبِهَا ا هـ .
وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ ، وَبِهِ قَطَعَ فِي النُّكَتِ فَقَالَ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَنْ النَّاسِ شَيْئًا فَأَخَذَ فِيهَا قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ أَخَذَ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُقْطَعُ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَهَا ، قِيلَ فَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ مَأْذُونًا فِيهَا وَفِيهَا تَابُوتٌ فِيهِ مَتَاعُ رَجُلٍ وَقَدْ أَغْلَقَهُ فَأَتَى رَجُلٌ مِمَّنْ أُذِنَ لَهُ فَكَسَرَهُ أَوْ فَتَحَهُ فَأَخْرَجَ الْمَتَاعَ فَأَخَذَ بِحَضْرَةِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ التَّابُوتِ قَبْلَ أَنْ يَبْرَحَ بِهِ ، قَالَ لَا يُقْطَعُ هَذَا ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلَا يُقْطَعُ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَبْرَحْ بِالْمَتَاعِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ .
وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى غَيْرِ هَذَا فَقَالَ أَمَّا الدَّارُ غَيْرُ الْمُشْتَرَكَةِ الْمَأْذُونُ فِيهَا فَمَنْ سَرَقَ مِنْهَا مِنْ بَيْتٍ حُجِرَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ فِيهَا أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا فَلَا يُقْطَعُ .
وَقِيلَ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ ا هـ .
وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَاسُ أَنْ يُعْتَبَرَ خُرُوجُهُ بِالْمَسْرُوقِ مِنْ الْبَيْتِ إلَى وَسَطِ الدَّارِ إلَّا أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا أَنْ يَخْرُجَ بِهِ وَهُوَ الْقَوْلُ الثَّانِي عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ ، فَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ عَوَّلَ عَلَيْهِ ، فَقَالَ لِمَحَلِّهِ بِاللَّامِ مَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ ، فَقَدْ أَبْعَدَ غَايَةً ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُبَاحَةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا وَأُخِذَ بِقَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا ، وَنَصُّهُ الْخَامِسَةُ

الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ سَاكِنِيهَا الْمُبَاحَةُ لِعُمُومِ النَّاسِ كَالْفَنَادِقِ فَقَاعَتِهَا كَالْمُحَجَّةِ ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتِهَا مِنْ السَّاكِنِينَ أَوْ غَيْرِهِمْ وَأُخِذَ فِي قَاعَتِهَا يُقْطَعُ اتِّفَاقًا .
ا هـ .
وَعَلَيْهِ تَبْقَى اللَّامُ فِي قَوْلِهِ لِمَحَلِّهِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ انْتِهَاءِ الْغَايَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

لَا إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ مِمَّا حُجِرَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ ، وَلَا إنْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ ، وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ أَوْ مَعَهُ ، وَلَا عَلَى دَاخِلٍ تَنَاوَلَ مِنْهُ الْخَارِجُ وَلَا إنْ اخْتَلَسَ .

( لَا ) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْ دَارِ ذِي إذْنٍ ( خَاصٍّ كَضَيْفٍ ) وَمَعْزُومٍ لِنَحْوِ وَلِيمَةٍ وَمُرْسَلٍ لِأَخْذِ حَاجَةٍ مِنْهَا فَسَرَقَ ( مِمَّا ) أَيْ بَيْتٍ ( حُجِرَ عَلَيْهِ ) فِي دُخُولِهِ وَأَوْلَى مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ فَلَا يُقْطَعُ إنْ أَخَذَ الدَّارَ قَبْلَ خُرُوجِهِ بِالْمَسْرُوقِ مِنْهَا ، بَلْ ( وَإِنْ خَرَجَ ) بِهِ ( مِنْ جَمِيعِهِ ) أَيْ الْبَيْتِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ لَهُ لِمَا حَكَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ ، وَتَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ ، وَنَسَبَهُ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مِنْ أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ خَرَجَ مِنْ جَمِيعِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَذِنْت لَهُ فِي دُخُولِ بَيْتِك أَوْ دَعْوَتِهِ إلَى طَعَامٍ فَسَرَقَك فَيُقْطَعُ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ .
اللَّخْمِيُّ فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَضَافَ رَجُلًا وَأَدْخَلَهُ دَارِهِ وَبَيْتَهُ فَسَرَقَ فَلَا يُقْطَعُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى قَاعَةِ الدَّارِ لِأَنَّ الدَّارَ عِنْدَهُ مُشْتَرَكَةٌ ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الدُّورُ سِتَّةٌ ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ الَّتِي أَذِنَ سَاكِنُهَا فِي دُخُولِهَا لِخَاصٍّ كَضَيْفٍ أَوْ مَبْعُوثٍ لِإِتْيَانٍ بِشَيْءٍ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِهَا فَسَرَقَ أَوْ الْمَبْعُوثِ مِنْ بَيْتٍ مُغْلَقٍ حُجِرَ عَلَيْهِ دُخُولُهُ ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَا يُقْطَعُ ، وَإِنْ خَرَجَ بِمَا سَرَقَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ خَائِنٌ وَلَيْسَ بِسَارِقٍ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ يُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ كَالشَّرِيكِ فِي السَّاحَةِ .
ا هـ .
وَتَمَامُ كَلَامِهِ فِي مَوَاهِبِ الْقَدِيرِ .
وَلَا ) يُقْطَعُ ( إنْ نَقَلَهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ النِّصَابَ مِنْ مَوْقِعٍ لِآخَرَ فِي حِرْزِهِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا مُخْرَجٌ مِنْ حِرْزِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ نَقَلَهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا يُقْطَعُ ( وَلَا ) يُقْطَعُ ( فِي ) أَخْذِ ( مَا ) أَيْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ ( عَلَى صَبِيٍّ ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ ( أَوْ ) خُذْ مَا (

مَعَهُ ) أَيْ الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ كَمَجْنُونٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الصَّبِيِّ حَافِظٌ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ حَافِظٌ فَهُوَ حِرْزٌ لَهُ وَلِمَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ ، زَادَ فِي تَوْضِيحِهِ وَأَنْ لَا يُضْبَطَ مَا مَعَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ الَّذِي لَمْ يُؤْذَنْ لِلسَّارِقِ فِي دُخُولِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ سَرَقَ قُرْطَ صَبِيٍّ أَوْ شَيْئًا مِمَّا عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَعْقِلُ وَلَا حَافِظَ لَهُ ، وَلَيْسَ فِي حِرْزٍ فَلَا يُقْطَعُ و إلَّا فَيُقْطَعُ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَيُقْطَعُ سَارِقٌ ذَلِكَ مِنْهُ مُطْلَقًا قَالَهُ أَصْبَغُ عَنْ الْقَاسِمِ ، رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي سَارِقٍ مَا عَلَى الصَّبِيِّ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ يُقْطَعُ .
ابْنُ الْجَلَّابِ مَنْ سَرَقَ خَلْخَالًا مِنْ رِجْلِ صَبِيٍّ أَوْ قُرْطَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ حُلِيِّهِ فَفِيهَا رِوَايَتَانِ ، إحْدَاهُمَا قَطْعُهُ إنْ كَانَ فِي دَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَهُ حَافِظٌ وَالْأُخْرَى عَدَمُ قَطْعِهِ .
( وَلَا ) قَطْعَ ( عَلَى ) شَخْصٍ مُكَلَّفٍ ( دَاخِلٍ ) حِرْزَ غَيْرِهِ لِسَرِقَةِ مَا فِيهِ ( تَنَاوَلَ ) النِّصَابَ ( مِنْهُ ) أَيْ الدَّاخِلُ الشَّخْصُ الْمُكَلَّفُ السَّارِقُ ( الْخَارِجُ ) مِنْ الْحِرْزِ بِإِدْخَالِ يَدِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ الْحِرْزِ وَيُقْطَعُ الْخَارِجُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ الدَّاخِلُ قُطِعَ وَحْدَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحِرْزَ وَأَخَذَ مَتَاعًا وَنَاوَلَهُ رَجُلًا خَارِجًا مِنْ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ وَحْدَهُ أُخِذَ فِي الْحِرْزِ أَوْ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهُ .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي السَّارِقِينَ يَكُونُ أَحَدُهُمَا مِنْ دَاخِلِ الْحِرْزِ وَالْآخَرُ مِنْ خَارِجِهِ فَيُخْرِجُ الدَّاخِلُ يَدَهُ إلَى خَارِجِ الْحِرْزِ بِالْمَتَاعِ فَيَتَنَاوَلُهُ الْخَارِجُ أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى الْخَارِجِ ، فَلَوْ أَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ إلَى دَاخِلِ الْحِرْزِ فَأَعْطَاهُ الدَّاخِلُ الْمَالَ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْطَعُ الْخَارِجُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعَانِ مَعًا .
( وَلَا

) يُقْطَعُ ( إنْ اخْتَلَسَ ) أَيْ أَخَذَ النِّصَابَ فِي غَفْلَةِ صَاحِبِهِ وَفَرَّ بِهِ وَهُوَ يَرَاهُ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يَتَغَفَّلَ صَاحِبَ النِّصَابِ فَيَخْطَفُهُ ، بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ .
الشَّاذِلِيُّ هُوَ أَخْذُ الْمَالِ وَالْهَرَبُ بِهِ لَا مُغَالَبَةَ .
عِيَاضٌ أَخْذُ الْمَالِ عَلَى غَفْلَةٍ وَفِرَارُ آخِذِهِ بِسُرْعَةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا قَطْعَ فِي اخْتِلَاسٍ وَتَقَدَّمَ فَرْعُ الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ اتَّزَرَ بِثَوْبٍ فَأَخَذَ فِي الْحِرْزِ فَفَرَّ بِهِ ، وَنَصُّ سَمَاعِ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ دَخَلَ سَارِقٌ بَيْتَ رَجُلٍ فَاتَّزَرَ بِإِزَارٍ فَأُخِذَ فِي الْبَيْتِ فَفَرَّ مِنْهُمْ وَالْإِزَارُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ عَلِمَ بِهِ أَهْلُ الْبَيْتِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا فَلَا يُقْطَعُ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ إلَّا مُخْتَلِسًا .

أَوْ كَابَرَ ، أَوْ هَرَبَ بَعْدَ أَخْذِهِ فِي الْحِرْزِ وَلَوْ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ .
( أَوْ ) إنْ ( كَابَرَ ) السَّارِقُ رَبَّ النِّصَابِ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ ، وَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِسَارِقٍ وَلَا مُحَارِبٍ وَلَا غَاصِبٍ ( أَوْ ) وَجَدَهُ صَاحِبُ الْحِرْزِ فِيهِ فَتَرَكَهُ وَذَهَبَ ( لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ ) فَأَخْرَجَ السَّارِقُ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ وَذَهَبَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الشَّيْخُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ تَرَكَ السَّارِقَ يَسْرِقُ مَتَاعَهُ وَأَتَى بِشَاهِدَيْنِ لِيُعَايِنَاهُ ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَمْنَعَهُ لَمَنَعَهُ فَلَا يُقْطَعُ وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَقَالَ أَصْبَغُ يُقْطَعُ ابْنُ شَاسٍ وَثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ شُعُورِهِ بِرُؤْيَتِهِمْ لَهُ فَيَفِرُّ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُخْتَلِسٌ وَعَدَمُ شُعُورِهِ بِهَا فَيُقْطَعُ لِأَنَّهُ سَارِقٌ ، وَعَزَاهُ ابْنُ هَارُونَ لِلْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا أَعْرِفُهُ وَالْأَوَّلُ لِمُحَمَّدٍ فَقَطْ .

أَوْ أَخَذَ دَابَّةً بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ ، أَوْ ثَوْبًا بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ ، أَوْ ثَمَرًا مُعَلَّقَةً لَا بِغَلْقٍ .
فَقَوْلَانِ .
وَإِلَّا بَعْدَ حَصْدِهِ ، فَثَالِثُهَا ، إنْ كُدِّسَ وَلَا إنْ نَقَبَ فَقَطْ ، وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ ؛ أَوْ رَبَطَهُ فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ قُطِعَا

( أَوْ أَخَذَ دَابَّةً ) أَوْقَفَهَا صَاحِبُهَا ( بِبَابِ مَسْجِدٍ ) فَلَا يُقْطَعُ أَيْ أَوْ خَانٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ بَيْتٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ حِرْزًا لَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا حَافِظٌ وَ إلَّا فَيُقْطَعُ فِيهَا وَالدَّابَّةُ بِبَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ إنْ كَانَ مَعَهَا مَنْ يُمْسِكُهَا يُقْطَعُ و إلَّا فَلَا ( أَوْ ) أَوْقَفَهَا فِي ( سُوقٍ ) لِغَيْرِ بَيْعِهَا بِقَرِينَةِ مَا تَقَدَّمَ وَ لَيْسَ مَعَهَا حَافِظٌ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا لِذَلِكَ ( أَوْ ) أَخَذَ ( ثَوْبًا ) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطِ دَارٍ بَعْضُهُ دَاخِلَهَا وَ ( بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ ) فَلَا يُقْطَعُ إنْ جَذَبَهَا مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ تَغْلِيبًا لِبَعْضِهِ الَّذِي بِالطَّرِيقِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ ، فَإِنْ جَذَبَهُ مِنْ بَعْضِهِ الَّذِي بِدَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ لِانْتِفَاءِ الشَّبَهِ حِينَئِذٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ جَبَذَ ثَوْبًا مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ فِي الدَّارِ وَبَعْضُهُ خَارِجٌ عَنْهَا إلَى الطَّرِيقِ أَوْ سَرَقَ مَتَاعًا مِنْ الضِّيَعِ فَلَا يُقْطَعُ .
( أَوْ ) أَخَذَ ( ثَمَرًا ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ ( مُعَلَّقًا ) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً فَلَا يُقْطَعُ فِي كُلِّ حَالٍ ( لَا بِغَلْقٍ ) عَلَيْهِ لِحِفْظِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَائِطٍ لَهُ بَابٌ ( فَ ) فِي قَطْعِهِ كَمَا أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ لَوْ دَخَلَ سَارِقٌ دَارًا فَسَرَقَ مِنْ ثَمَرِهَا الْمُعَلَّقِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ الَّذِي بِهَا أَوْ كَانَ مَجْذُوذًا فِيهَا لَقَطَعْت يَدَهُ .
اللَّخْمِيُّ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّخْلُ أَوْ الْكَرْمُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ اُحْتِيطَ بِهِ مِنْ السَّارِقِ أَوْ كَانَ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ حَارِسٌ أَنْ يُقْطَعَ وَعَدَمُ قَطْعِهِ وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ الْمَوَّازِ ( قَوْلَانِ ) الْبُنَانِيُّ فَالْقَطْعُ لَيْسَ بِمَنْصُوصٍ وَإِنَّمَا هُوَ مُخَرَّجٌ أَلْزَمَهُ اللَّخْمِيُّ لِابْنِ الْمَوَّازِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ ( وَإِلَّا ) أَنْ يَسْرِقَ الزَّرْعَ ( بَعْدَ حَصْدِهِ ) وَالثَّمَرَ بَعْدَ

جَذِّهِ ( فَ ) فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَ الْأَوَّلُ فِيهِ الْقَطْعُ ، وَالثَّانِي لَا قَطْعَ فِيهِ ( ثَالِثُهَا ) أَيْ الْأَقْوَالِ فِيهِ الْقَطْعُ ( وَإِنْ كُدِّسَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ مَا فِي الْجُرْنِ ، فَإِنْ لَمْ يُكَدَّسْ وَبَقِيَتْ كُلُّ ثَمَرَةٍ تَحْتَ شَجَرَتِهَا وَكُلُّ قَتَّةٍ بِمَوْضِعِ حَصْدِهَا فَلَا قَطْعَ فِيهِ لِشُبْهَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِغَلْقٍ أَوْ حَارِسٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْقَطْعُ اتِّفَاقًا .
ابْنُ عَرَفَةَ مُحَمَّدٌ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ } وَلَا كَثُرَ الْحِرْزُ لَا غَيْرُ ، فَمَنْ سَرَقَ مِنْ ثَمَرِ دَارٍ مُعَلَّقٍ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ قُطِعَ .
اللَّخْمِيُّ فَعَلَيْهِ إنْ كَانَ النَّخْلُ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّمَارِ عَلَيْهِ غَلْقٌ ، وَعُلِمَ أَنَّهُ مِنْ السَّارِقِ أَوْ لَا غَلْقَ عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ حَارِسٌ يُقْطَعُ سَارِقُهُ ، قَالَ وَلَا قَطْعَ فِي الزَّرْعِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا قَطْعَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِي جَرِينٍ أَوْ إغْلَاقٍ .
مُحَمَّدٌ فِي زَرْعٍ حُصِدَ وَرُبِطَ قَتًّا وَتُرِكَ فِي الْحَائِطِ لِيُرْفَعَ إلَى الْجَرِينِ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرَّةً فِيهِ يُقْطَعُ سَارِقُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَرِيصٌ وَقَالَ أَيْضًا فِي زَرْعِ مِصْرَ يُحْصَدُ وَيُوضَعُ بِمَوْضِعِهِ أَيَّامًا لِيَيْبَسَ لَا قَطْعَ فِيهِ .
مُحَمَّدٌ لَوْ حُمِلَ وَسُرِقَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْجَرِينَ قُطِعَ سَارِقُهُ وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ .
إنْ نَقَبَ ) الْحِرْزَ ( فَقَطْ ) أَيْ وَلَمْ يُخْرِجْ مِنْهُ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَايَتُهُ أَنَّهُ هَتَكَهُ وَعَرَّضَ مَا فِيهِ لِلضَّيَاعِ ، وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا يَخْرُجُ مِنْ النَّقْبِ ، حَيْثُ لَمْ يُخْرَجْ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ لَوْ نَقَبَهُ وَأَخْرَجَ النِّصَابَ غَيْرُهُ ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا .
قُلْت لَمْ أَعْرِفْ هَذَا الْفَرْعَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ،

وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ عَلَى أَصْلِهِمْ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ ، وَمَسَائِلُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حَقِيقَتَهُ .
وَقَوْلُهُ إنْ تَعَاوَنَا قُطِعَا مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا مُخْرِجُهُ لِقَوْلِهَا لَوْ قَرَّبَهُ أَحَدُهُمَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ فَتَنَاوَلَهُ الْآخَرُ قُطِعَ الْخَارِجُ وَحْدَهُ ، إذَا هُوَ أَخْرَجَهُ وَلَا يُقْطَعُ الدَّاخِلُ ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ رَدٌّ عَلَيْهِ فِي زَعْمِهِ أَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حَقِيقَةَ الْحِرْزِ لِقَوْلِهَا لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ ، وَفِي قَوْلِهِ قُطِعَا وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُمَا نَحْوُ هَذِهِ مِنْ مَسَائِلِ هَذَا النَّوْعِ وَهِيَ إضَافَتُهُمَا إلَى الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ الْغَزَالِيِّ مَعَ مُخَالَفَتِهَا أُصُولَ الْمَذْهَبِ ، وَلِذَا كَانَ كَثِيرٌ مِنْ مُحَقِّقِي شُيُوخِ شُيُوخِنَا لَا يَنْظُرُ كِتَابَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَرَى قِرَاءَةَ الْجَلَّابِ دُونَهُ .
وَلَمَّا ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَهَا فِي الَّذِي قَرَّبَهُ لِبَابِ الْحِرْزِ أَوْ النَّقْبِ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يُقْطَعَانِ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْفَصْلِ بِعَيْنِهِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُخْتَصَرِ إذَا قَرَّبَ الدَّاخِلُ الْمَتَاعَ وَأَدْخَلَ الْخَارِجُ يَدَهُ فَأَخْرَجَهُ فَلَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ ، وَرَأَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يَجْتَمِعَ الدُّخُولُ وَإِخْرَاجُ الْمَتَاعِ كَمَا إذَا رَمَى الْمَتَاعَ وَأُخِذَ قَبْلَ خُرُوجِهِ .
قُلْت فَيَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ .
( وَإِنْ الْتَقَيَا ) أَيْ السَّارِقَانِ الدَّاخِلُ فِي الْحِرْزِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ الْمُتَعَاوِنَانِ عَلَى السَّرِقَةِ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ الْخَارِجَ بِيَدِهَا فِي الْمُنَاوَلَةِ ( وَسَطَ النَّقْبِ ) .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ الْتَقَتْ أَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ فِي وَسَطِ النَّقْبِ قُطِعَا مَعًا .
اللَّخْمِيُّ هَذَا رَجَعَ لِقَوْلِ أَشْهَبَ فِيمَنْ قَرَّبَ الْمَتَاعَ إلَى النَّقْبِ وَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ يُقْطَعَانِ ، وَكَانَ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ

أَنْ لَا يُقْطَعَ الدَّاخِلُ لِأَنَّ مَعُونَتَهُ فِي الْحِرْزِ وَالنَّقْبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَتَمَادَى مَعُونَتُهُ مَعَ الْخَارِجِ حَتَّى أَخْرَجَاهُ مِنْ الْحِرْزِ وَنَحْوِهِ لِلتُّونُسِيِّ ( أَوْ رَبَطَهُ ) أَيْ الدَّاخِلُ النِّصَابَ بِحَبْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ ) وَأَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ ( قُطِعَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ الدَّاخِلُ ، وَالْخَارِجُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي إخْرَاجِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَوْ رَبَطَهُ الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ قُطِعَا .
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا رَبَطَهُ الدَّاخِلُ وَجَرَّهُ الْخَارِجُ إلَى الطَّرِيقِ .

وَشَرْطُهُ ، التَّكْلِيفُ ، فَيُقْطَعُ الْحُرُّ ، وَالْعَبْدُ ، وَالْمُعَاهَدُ ، وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ إلَّا الرَّقِيقَ لِسَيِّدِهِ

( وَشَرْطُهُ ) أَيْ قَطْعُ السَّارِقِ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ تُقْطَعُ الْيُمْنَى أَوْ حَدُّ السَّارِقِ الْمَعْلُومِ مِنْ السِّيَاقِ ( التَّكْلِيفُ ) أَيْ بُلُوغُهُ وَعَقْلُهُ وَطَوْعُهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، حُرًّا أَوْ رِقًّا ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا ، ذِمِّيًّا أَوْ مُعَاهَدًا ، فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَوْ رَاهَقَ وَلَا مَجْنُونٌ مُطْبِقٌ أَوْ يُفِيقُ وَسَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ ، فَإِنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ ثُمَّ جُنَّ فَإِذَا أَفَاقَ فَيُقْطَعُ وَلَا يُقْطَعُ مُكْرَهٌ بِقَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ خَرَجَ بِهِ الْمُكْرَهُ ، وَتَقْيِيدُ ز بِالْقَتْلِ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ الْقَطْعُ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ ، أَوْ أَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ فَلَا يُبِيحُهُ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ ، صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ ، وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمُعِينِ وَنَقَلَهُ الْحَطّ فِي الطَّلَاقِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
شب الْإِكْرَاهُ هُنَا بِالْوَعِيدِ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ ، وَالْقَيْدِ وَالْقَتْلِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ وَاضِحَةٌ بِأَنَّ شَرْطَ قَطْعِ السَّارِقِ تَكْلِيفُهُ حِينَ سَرِقَتِهِ .
وَفِيهَا إنْ دَخَلَ الْحَرْبِيُّ بِأَمَانٍ فَسَرَقَ فَقُطِعَ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ وَلَا مَنْ سُرِقَ مِنْهُ وَأَنْ لَا يُقْطَعَ أَبْيَنُ إلَّا أَنْ يَبِينَ لَهُ حِينَ تَأْمِينِهِ وَالْقَطْعُ إنْ سُرِقَ مِنْهُ أَحْسَنُ ، وَفِيهَا لَا يُقْطَعُ الصَّبِيُّ إنْ سَرَقَ وَلَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبِقُ ، وَاَلَّذِي يَجُنُّ وَيُفِيقُ إنْ سَرَقَ حَالَ إفَاقَتِهِ قُطِعَ ، وَإِنْ أَخَذَ حَالَ جُنُونِهِ اُسْتُؤْنِيَ بِهِ حَتَّى يُفِيقَ ثُمَّ يُقْطَعَ ، وَإِنْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ فَلَا يُقْطَعُ .
( فَيُقْطَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ( الْحُرُّ وَالْعَبْدُ ) وَالْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ ( وَ ) الْحَرْبِيُّ ( الْمُعَاهَدُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَاءِ ، أَيْ دَخَلَ

بَلَدَنَا بِأَمَانٍ وَسَرَقَ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ إنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ مِنْ حُرٍّ ، وَالذِّمِّيُّ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَالْمُعَاهَدُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ ، بَلْ ( وَإِنْ ) سَرَقُوا نِصَابًا ( لِمِثْلِهِمْ ) فِي الرَّقَبَةِ أَوْ الذِّمِّيَّةِ أَوْ الْمُعَاهَدَةِ أَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ ذِمِّيٍّ أَوْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ ، أَوْ الذِّمِّيُّ مِنْ مُعَاهَدٍ أَوْ بِالْعَكْسِ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا أَحَدٌ ، وَالْحَدُّ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ ( إلَّا الرَّقِيقَ ) السَّارِقَ نِصَابًا ( لِسَيِّدِهِ ) فَلَا يُقْطَعُ لِخَبَرِ عَبْدُكُمْ سَرَقَ مَتَاعَكُمْ ، وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ذَهَابُ مَالِهِ وَقَطْعُ يَمِينِ عَبْدِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالذِّمِّيُّ وَالْمُعَاهَدُ وَإِنْ كَانَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ مِثْلَهَا وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا قُلْت لِأَنَّ حَدَّ الْقَطْعِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَطْ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ .

وَثَبَتَتْ بِإِقْرَارٍ ، إنْ طَاعَ وَإِلَّا فَلَا ، لَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ ، أَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ ، وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ ، وَإِنْ رُدَّ الْيَمِينُ فَحَلَفَ الطَّالِبُ ، أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ، أَوْ وَاحِدٌ ، وَحَلَفَ ، أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ ، فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ ، وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا ، أَوْ قُطِعَ ، إنْ أَيْسَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ .

( وَتَثْبُتُ ) السَّرِقَةُ عَلَى السَّارِقِ ( بِالْإِقْرَارِ ) مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ بِهَا ( إنْ طَاعَ ) بِإِقْرَارِهِ وَ لَمْ يُكْرَهْ عَلَيْهِ ( و إلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِهَا طَائِعًا بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ بِضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ ( فَلَا ) تَثْبُتُ عَلَيْهِ بِهِ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الْمَسْرُوقَ ، بَلْ ( وَلَوْ أَخْرَجَ ) الْمُكْرَهُ ( السَّرِقَةَ ) أَيْ الشَّيْءَ الْمَسْرُوقَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِسَرِقَتِهِ ( أَوْ عَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْقَتِيلَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِقَتْلِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّارِقَ أَوْ الْقَاتِلَ غَيْرُهُ ، وَأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ كَاذِبًا لِيَخْلُصَ مِنْ أَلَمِ الضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَنَحْوِهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَتَثْبُتُ السَّرِقَةُ بِالْبَيِّنَةِ كَالْإِقْرَارِ بِهَا طَوْعًا .
وَفِيهَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ إذَا شَهِدَتْ عِنْدَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى سَارِقٍ أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ السَّرِقَةِ مَا هِيَ ، وَكَيْفَ هِيَ ، وَمِنْ أَيْنَ أَخَذَهَا وَإِلَى أَيْنَ أَخْرَجَهَا ، كَمَا يَسْأَلُهُمْ فِي الزِّنَا .
قُلْت وَاتِّبَاعُ الْقَرَافِيِّ أَبَا عِمْرَانَ فِي اشْتِرَاطِ مَعِيَّةِ إيتَانٍ بِبَيِّنَةِ السَّرِقَةِ لِلشَّهَادَةِ بِهَا وَهُمْ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ أَقَرَّ بَعْدَ التَّهْدِيدِ خَمْسَةُ أَقْوَالِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يُؤْخَذُ بِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ أَخْرَجَ الْمَتَاعَ أَوْ الْقَتِيلَ فَأَرَى أَنْ يُقَالَ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ أَمْنِ عُقُوبَةٍ أَوْ يُخْبِرَ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ بِهِ وَجْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الْقَتِيلِ أَوْ الْمَتَاعِ بِانْفِرَادِهِ لَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا أَنْ يَنْضَافَ إلَى ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ ، كَقَوْلِهِ اجْتَرَأْت أَوْ فَعَلْت ، فَيَذْكُرُ مَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ إقْرَارِهِ .
وَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ دَفَعَهَا إلَيَّ فُلَانٌ ، وَإِنَّمَا أَقْرَرْت لِمَا أَصَابَنِي ، وَلَوْ أَخْرَجَ دَنَانِيرَ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ ثَبَتَ عَلَى إقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ

السَّرِقَةَ وَيَعْرِفَ أَنَّهَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ أَقَرَّ فِي حَبْسِ سُلْطَانٍ يَعْدِلُ لَزِمَهُ إقْرَارُهُ ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي إذَا حَبَسَ أَهْلَ الظِّنَّةِ وَمَنْ يَسْتَوْجِبُ الْحَبْسَ وَأَقَرَّ فِي حَبْسِهِ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ ، قَالَ وَإِنَّمَا يَعْرِفُ هَذَا مَنْ اُبْتُلِيَ بِالْقَضَاءِ ، وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَاصِمٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ فَقَالَ فِي تُحْفَتِهِ : وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبَ مَنْ يَتَّهِمُ فَمَالَك بِالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ حُكْمُ وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ وَذَاعِرٌ بِإِعْجَامِ الذَّالِ أَيْ خَائِفٌ وَبِإِهْمَالِهَا ، أَيْ مُفْسِدٌ ، وَبِالزَّايِ شَرِسُ الْأَخْلَاقِ ، وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَقُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( رُجُوعُهُ ) أَيْ مَنْ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ طَائِعًا عَنْ إقْرَارِهِ بِهَا إنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِشُبْهَةٍ ، كَأَخَذْت مَالِي الْمُودَعَ أَوْ الْمَرْهُونَ أَوْ مِنْ غَاصِبِهِ خُفْيَةً ، وَظَنَنْت ذَلِكَ سَرِقَةً ، بَلْ ( وَلَوْ ) رَجَعَ ( بِلَا شُبْهَةٍ ) مُقْتَضِيَةٍ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ : إنَّهُ كَذَبَ فِي إقْرَارِهِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ بِهَا عَبْدًا وَعَيَّنَهَا فَيُقْطَعُ وَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ ، وَقَبُولُ رُجُوعِهِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَطْعِ .
وَأَمَّا الْغُرْمُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَفَادَهُ شب .
أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى قَبُولِ رُجُوعِ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ السَّارِقُ .
الْبَاجِيَّ إنْ رَجَعَ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٌ أَنَّهُ يُقَالُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ ضَرْبٍ وَتَهْدِيدٍ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِهِ .
وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ

رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ قُبِلَ قَوْلًا وَاحِدًا ، وَعَلَى عَدَمِهِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ أَمِنَ ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ بِلَا ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ ، فَعَلَى مَا فِيهَا لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِيهَا ، وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَعْدَ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا ، وَأَمَّا إنْ جَحَدَ إقْرَارَهُ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا ، أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( وَإِنْ ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِالسَّرِقَةِ فَأَنْكَرَهَا وَهُوَ مُتَّهَمٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي فَطَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَ ( رَدَّ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( الْيَمِينَ ) عَلَى الْمُدَّعِي ( فَحَلَفَ الطَّالِبُ ) الْيَمِينَ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ ( أَوْ شَهِدَ ) عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بِالسَّرِقَةِ ( رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ ( أَوْ ) شَهِدَ شَاهِدٌ ( وَاحِدٌ وَحَلَفَ ) الْمُدَّعِي مَعَهُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ ( أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ ) عَلَى عَبْدِهِ بِالسَّرِقَةِ ( فَالْغُرْمُ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( بِلَا قَطْعٍ ) لِيَدِهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالسَّرِقَةِ فَلَا يُقْطَعُ وَيَضْمَنُ قِيمَةَ ذَلِكَ وَلَا يَمِينَ عَلَى رَبِّ الْمَتَاعِ ، وَإِنْ شَهِدَ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ شَهَادَتِهِ وَأَخَذَ الْمَتَاعَ إنْ كَانَ قَائِمًا ،

وَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَتَاعَ ضَمِنَ السَّارِقَ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا .
غ أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْعَكْسُ ، أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ كَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّتِي وَقَفْت عَلَيْهَا ، وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ بِسَرِقَةٍ قُطِعُوا إذَا عَيَّنُوا السَّرِقَةَ وَأَظْهَرُوهَا وَادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهُ مَالُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الْمُكَاتَبِ نَظَرٌ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَقْيِيدِ اللَّخْمِيِّ لَهُ بِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ .
أَبُو الْحَسَنِ وَحُكْمُ الْمَأْذُونِ حُكْمُ الْمُكَاتَبِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
( وَوَجَبَ ) عَلَى السَّارِقِ ( رَدُّ الْمَالِ ) الْمَسْرُوقِ لِمُسْتَحِقِّهِ ( إنْ لَمْ يُقْطَعْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ لِقِلَّتِهِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِرُجُوعِهِ عَنْ إقْرَارِهِ أَوْ لِكَوْنِ الشَّاهِدِ وَاحِدًا أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ رَدًّا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَقَاءِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ أَوْ اسْتِمْرَارِ يَسَارِهِ ( أَوْ قُطِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّارِقُ ( إنْ أَيْسَرَ ) السَّارِقُ أَيْ اسْتَمَرَّ يُسْرُهُ ( إلَيْهِ ) أَيْ قَطْعُهُ ( مِنْ ) حِينِ ( الْأَخْذِ ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْ حِرْزِهِ ، فَإِنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَقْتًا مَا سَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُ يَدِهِ وَشَغْلُ ذِمَّتِهِ .
ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَوْ سَرَقَ مَالًا لَا يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ إمَّا لِقِلَّتِهِ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، فَإِنَّهُ يَتْبَعُ بِذَلِكَ فِي عَدَمِهِ وَيُحَاصُّ بِهِ غُرَمَاؤُهُ ، وَإِذَا كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْقَطْعُ فَلَا يُتْبَعُ فِي عَدَمِهِ وَلَا يُتْبَعُ إلَّا فِي يُسْرٍ مُتَّصِلٍ مِنْ يَوْمٍ يَسْرِقُ إلَى يَوْمِ يُقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا يُتْبَعُ .
وَإِنْ صَارَ مَلِيًّا بَعْدَ عَدَمٍ مُقَدَّمٍ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُ " وَهُوَ الْأَمْرُ الْمُجْتَمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا .
ابْنُ عَرَفَةَ مُوجِبُ السَّرِقَةِ قَطْعُ السَّارِقِ وَضَمَانُ السَّرِقَةِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ لَازِمٌ لَهُ اتِّفَاقًا ، فَإِنْ قُطِعَ وَهِيَ قَائِمَةٌ بِعَيْنِهَا اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهَا فَفِي ضَمَانِهِ إيَّاهَا مُطْلَقًا وَنَفْيِهِ .
ثَالِثُهَا إنْ اتَّصَلَ يُسْرُهُ بِهَا مِنْ يَوْمِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ .
وَرَابِعُهَا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ قَالَ قَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ السَّارِقَ الْمُعْسِرَ يَوْمَ قَطْعِهِ لَا يَضْمَنُ إلَّا ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ فَقَالَ يَضْمَنُهَا وَلَوْ مُعْسِرًا .

وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ لَا بِتَوْبَةٍ ، وَعَدَالَةٍ ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا وَتَدَاخَلَتْ ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبُ ، كَقَذْفٍ ؛ وَشُرْبٍ ، أَوْ تَكَرَّرَتْ .

( وَسَقَطَ ) عَنْ السَّارِقِ ( الْحَدُّ ) أَيْ قَطْعُهُ لِلسَّرِقَةِ ( إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ ) الْمَطْلُوبُ قَطْعُهُ لَهَا سَوَاءٌ كَانَ الْيَدُ الْيُمْنَى أَوْ غَيْرُهَا ( بِ ) أَمْرٍ ( سَمَاوِيٍّ ) أَوْ بِجِنَايَةٍ أَوْ قِصَاصٍ بَعْدَ السَّرِقَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ ذَهَبَتْ الْيُمْنَى بَعْدَ السَّرِقَةِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ تَعَمُّدِ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يُقْطَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّ الْقَطْعَ وَجَبَ فِيهَا .
اللَّخْمِيُّ قِيَاسُ قَوْلِهِ أَنَّ الشِّمَالَ تُجْزِئُهُ أَنْ تُقْطَعَ شِمَالُهُ .
قُلْت لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا مَحَلًّا لِلْقَطْعِ أَوْ لَا بَعْدَ وُقُوعِهِ كَوْنُهَا كَذَلِكَ قَبْلَهُ ( لَا ) يَسْقُطُ الْحَدُّ ( بِتَوْبَةٍ ) مِنْ السَّارِقِ عَنْ سَرِقَتِهِ ( وَ ) لَا يَسْقُطُ بِ ( عَدَالَةٍ ) أَيْ صَيْرُورَةِ السَّارِقِ عَدْلًا إنْ لَمْ يَبْطُلْ زَمَانُهُمَا ، بَلْ ( وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا ) أَيْ التَّوْبَةِ وَالْعَدَالَةِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي سَرِقَتِهَا وَإِذَا لَمْ يَقُمْ بِالسَّرِقَةِ حَتَّى طَالَ الزَّمَنُ وَحَسُنَتْ حَالُ السَّارِقِ ثُمَّ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَكَذَا حَدُّ الْخَمْرِ وَالزِّنَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَسْقُطُ الْحُدُودُ بِالتَّوْبَةِ ، وَنَقَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَدِّ الْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ تَقَرُّرِ حَدِّهِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَاعْتِبَارِ تَوْبَتِهِ إنَّمَا هُوَ قَبْلَ أَخْذِهِ وَهِيَ بَعْدَهُ لَغْوٌ .
( وَتَدَاخَلَتْ ) حُدُودٌ تَرَتَّبَتْ عَلَى مُكَلَّفٍ لِحُصُولِ أَسْبَابِهَا مِنْهُ ، أَيْ قَامَ بَعْضُهَا مَقَامَ بَعْضٍ وَكَفَى عَنْهُ ( إنْ اتَّحَدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَوَّلُ أَيْ اسْتَوَى ( الْمُوجَبُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ جِنْسًا وَقَدْرًا ( كَ ) حَدِّ ( قَذْفٍ وَ ) حَدِّ ( شُرْبٍ ) لِمُسْكِرٍ ، إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً ، فَإِنْ شَرِبَ وَقَذَفَ وَجُلِدَ ثَمَانِينَ لِأَحَدِهِمَا كَفَى لِلْآخَرِ ، وَكَسَرِقَةِ نِصَابٍ وَقَطْعِ يَمِينِ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ

قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِأَحَدِهِمَا فَيَكْفِي عَنْ الْآخَر ، مَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ التَّدَاخُلِ إنْ اخْتَلَفَتْ جِنْسًا كَقَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ مَعَ سَرِقَةٍ أَوْ قَدْرًا كَأَحَدِهِمَا مَعَ زِنَا بِكْرٍ ( أَوْ تَكَرَّرَتْ ) الْمُوجِبَاتُ بِكَسْرِ الْجِيمِ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ كَتَكَرُّرِ الزِّنَا أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْقَذْفِ أَوْ السَّرِقَةِ فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ قُطِعَتْ يَدُ السَّارِقِ كَانَ ذَلِكَ لِكُلِّ سَرِقَةٍ تَقَدَّمَتْ وَقِصَاصٌ وَجَبَ فِي تِلْكَ الْيَدِ ، وَإِنْ ضُرِبَ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ أَوْ جُلِدَ فِي الزِّنَا أَجْزَأَ لِهَذَا وَلِكُلِّ مَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَفِي رَجْمِهَا مِنْ قَذْفٍ وَشَرِبَ خَمْرًا جُلِدَ حَدًّا وَاحِدًا ، وَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَى الرَّجُلِ مَعَ حَدِّ الزِّنَا حَدُّ قَذْفٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ أُقِيمَا عَلَيْهِ ، وَيَجْمَعُ الْإِمَامُ ذَلِكَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَخَافَ مَوْتَهُ فَيُفَرِّقَ الْحَدَّيْنِ .
اللَّخْمِيُّ هَذَا عَلَى أَنَّ حَدَّ الْقَذْفِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ فَلَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَرْفَعُ مَعَرَّةَ الْقَذْفِ ، وَفِي قَذْفِهَا وَكُلُّ حَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ ، فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَيُقَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ قَتْلِهِ لِحُجَّةِ الْمَقْذُوفِ مِنْ الْعَارِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : طفي قَوْلُهُ أَوْ تَكَرَّرَتْ .
تت مُوجِبَاتُهَا كَسَرِقَةٍ مِرَارًا قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ شُرْبِهِ كَذَلِكَ ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عَلَى هَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ ذَكَرَهُ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَعْيَانِ الْمَسَائِلِ وَقَرَّرَهُ الشَّارِحُ فِي كَبِيرِهِ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوجِبُ كَحَدِّ الشُّرْبِ وَالزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ وَالزِّنَا ، فَجَعَلَ الضَّمِيرَ فِي تَكَرَّرَتْ لِلْحُدُودِ كَأَنَّهُ قَالَ تَدَاخَلَتْ فِي مَوْضِعٍ وَتَكَرَّرَتْ فِي آخَرَ ، وَلَا شَكَّ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَوَّازِيَّ ذَكَرَ أَدَاةَ الِانْتِفَاءِ بِأَنْ يُقَالَ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ كَمَا فِي نُسْخَتِهِ فِي الْأَوْسَطِ وَالصَّغِيرِ ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ " ح " لَكِنْ يُقَالُ عَلَى هَذَا لِمَ

صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ .
الثَّانِي : طفي يُرَدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا قَدْ تَتَدَاخَلُ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ ، كَمَا إذَا لَزِمَهُ قَتْلٌ وَحُدُودٌ ، فَإِنَّ الْقَتْلَ يُجْزِئُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَّا حَدُّ الْقَذْفِ ، وَتَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا ، ثُمَّ قَالَ وَالْمُخَلِّصُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرِ الْمُجْتَمِعَةِ مَعَ الْقَتْلِ ، وَيَبْقَى عَلَيْهِ اجْتِمَاعُهَا مَعَ الْقَتْلِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْقِصَاصِ وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إلَخْ ، وَقَوْلُهُ فِي الرِّدَّةِ لِأَجْرِ مُسْلِمٍ إلَّا حَدُّ الْفِرْيَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) الْمُحَارِبُ : قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ ، أَوْ آخِذُ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ : عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ ، وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةِ : كَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ ، وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ ؛ وَالدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ : فِي زُقَاقٍ ، أَوْ دَارٍ ، قَاتَلَ ، لِيَأْخُذَ الْمَالَ ، فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ ، إنْ أَمْكَنَ ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ ، أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ : كَالزِّنَا

بَابٌ ) فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْمُحَارِبِ وَأَحْكَامِهِ ( الْمُحَارِبُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا ( قَاطِعُ ) جِنْسٌ وَإِضَافَتُهُ إلَى ( الطَّرِيقِ ) فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَاطِعَ غَيْرِهِ أَيْ مَخُوفِ الْمَارِّينَ بِهَا ( لِمَنْعِ سُلُوكٍ ) بِضَمِّ السِّينِ أَيْ مُرُورٍ بِهَا فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَطْعَ الطَّرِيقِ لِلْإِمَارَةِ أَوْ الْعَدَاوَةِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَمْنُوعُ خَاصًّا كَأَهْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ أَوْ عَامًّا كَكُلِّ مَارٍّ ( أَوْ ) تَنْوِيعِيَّةٌ قَاطِعُ الطَّرِيقِ ( لِأَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ) مِنْ الْمَعْصُومِينَ كَذِمِّيٍّ وَمُعَاهَدٍ وَالْبُضْعُ أَحْرَى مِنْ الْمَالِ ، فَمَنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَاصِدًا الْغَلَبَةَ عَلَى الْفُرُوجِ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّ الْغَلَبَةَ عَلَيْهَا أَقْبَحُ مِنْ الْغَلَبَةِ عَلَى الْمَالِ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ رُفِعَ إلَيَّ فِي وِلَايَتَيْ الْقَضَاءِ قَوْمٌ خَرَجُوا مُحَارِبِينَ إلَى رُفْقَةٍ فَأَخَذُوا مِنْهَا امْرَأَةً فَاخْتَلَوْهَا فَأَخَذُوا فَسَأَلْت مَنْ كَانَ ابْتَلَانَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِمْ مِنْ الْمُفْتِينَ ، فَقَالُوا لَيْسُوا مُحَارِبِينَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ فِي الْأَمْوَالِ دُونَ الْفُرُوجِ ، فَقُلْت لَهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّهَا فِي الْفُرُوجِ أَقْبَحُ مِنْهَا فِي الْأَمْوَالِ ، وَأَنَّ الْحُرَّ يَرْضَى بِسَلْبِ مَالِهِ دُونَ الزِّنَا بِزَوْجَتِهِ أَوْ بِنْتِهِ وَلَوْ كَانَتْ عُقُوبَةٌ فَوْقَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَكَانَتْ لِمَنْ يَسْلُبُ الْفُرُوجَ ، وَحَسْبُكُمْ مِنْ بَلَاءِ صُحْبَةِ الْجُهَلَاءِ خُصُوصًا فِي الْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ .
( عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ ) لِانْفِرَادِهِ بِفَلَاةٍ يَقِلُّ الْمَارُّ بِهَا وَإِشْهَارِ سِلَاحٍ فَصْلٌ مُخْرِجٌ قَاطِعَ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكِهِ ، أَوْ أَخْذُ مَالٍ عَلَى وَجْهٍ يُمْكِنُ مَعَهُ الْغَوْثُ خَرَجَ بِهَذَا أَيْضًا الْغَاصِبُ ، وَلَوْ سُلْطَانًا لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ وَيُغِيثُونَ مِنْهُ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا بَعِيدٌ وَلَا سِيَّمَا فِي الزَّمَانِ ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ وُجُودُ الْمُغِيثِ وَهُوَ

مَوْجُودٌ مَعَ الْغَاصِبِ إلَّا أَنَّهُ عَاجِزٌ ، وَقَدْ يُقَالُ الْعَاجِزُ لَيْسَ مُغِيثًا ، فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُحَارِبَ شَأْنُهُ تَعَذَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ وَإِنْ اتَّفَقَ نَادِرًا وَالْغَاصِبُ شَأْنُهُ تَيَسَّرَ الْمُغِيثُ مِنْهُ ، وَإِنْ اتَّفَقَ تَعَذُّرُهُ نَادِرًا أَيْضًا وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) : الْأَوَّلُ : ظَاهِرُ قَوْلِهِ قَاطِعُ الطَّرِيقِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ ، فَمَنْ أَخَذَ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ قَبْلَ قَطْعِهَا بِالْفِعْلِ لَيْسَ مُحَارِبًا .
اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يُخِفْ السَّبِيلَ وَأَخَذَ بِإِثْرِ خُرُوجِهِ يُعَاقَبُ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ إلَّا النِّيَّةُ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمُحَارِبِ .
فِي التَّوْضِيحِ هَذَا ظَاهِرٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، لَكِنَّ النَّصَّ بِخِلَافِهِ فَفِيهَا عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُخِفْ وَأَخَذَ مَكَانَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَاقَمَ أَمْرُهُ أَوْ خَرَجَ بِعَصًا وَأَخَذَ مَكَانَهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي هَذَا بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ مِنْ النَّفْيِ وَالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِيمَنْ أُخِذَ بِالْحَضْرَةِ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْهُ الْإِخَافَةُ ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ، وَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ .
الثَّانِي : ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرَابَةُ الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ بِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ خَوْفِهِ أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ أَوْ قَتْلٍ خُفْيَةً أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ وَلَا لِإِمَارَةٍ وَلَا نَائِرَةَ وَلَا عَدَاوَةَ فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكَرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ " أَوْ إذْهَابِ عَقْلٍ " يَتَعَيَّنُ جَرُّهُ عَطْفًا عَلَى مُكَابَرَةٍ لِأَنَّهُ لَوْ رُفِعَ عَطْفًا عَلَى الْخُرُوجِ اقْتَضَى أَنَّ إذْهَابَ الْعَقْلِ بِمُجَرَّدِهِ حِرَابَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِأَخْذِ مَالٍ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَكِنْ يُرَدُّ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَنْ قَاتَلَ لِأَخْذِ

الْمَالِ بِلَا قَطْعِ طَرِيقٍ أَوْ دَخَلَ دَارًا أَوْ زُقَاقًا وَقَاتَلَ لِيَأْخُذَ الْمَالَ وَمُسْقِي السَّيْكَرَانِ وَمُخَادِعِ صَبِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ غَيْرُ جَامِعٍ .
الثَّالِثُ : ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ مَنْ خَرَجَ لِقَطْعِ السَّبِيلِ لِغَيْرِ مَالٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ ، كَقَوْلِهِ لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَخْرُجُونَ إلَى الشَّامِ أَوْ إلَى مِصْرَ أَوْ إلَى مَكَّةَ ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ وَأَخَافَهُمْ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ وَلَا نَائِرَةٍ .
وَالرَّابِعُ : اُخْتُلِفَ فِي سَبَبِ نُزُولِ قَوْله تَعَالَى { إنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا } فَقِيلَ نَزَلَتْ فِي الْمُشْرِكِينَ الْحَرْبِيِّينَ ، وَقِيلَ فِي قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ نَقَضُوا عَهْدًا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقِيلَ فِي الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ ارْتَدُّوا وَقَتَلُوا الرَّاعِيَ وَاسْتَاقُوا الْإِبِلَ ، وَقِيلَ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمُسْتَحْسَنُ لِاتِّفَاقِ الْكُلِّ عَلَى أَنَّ حُكْمَ الْمُرْتَدِّ وَالْكَافِرِ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ وَلَا النَّفْيُ .
وَعَلَى أَنَّ النَّاقِضَ لِلْعَهْدِ لَيْسَ حُكْمُهُ الْقَطْعَ إلَخْ ، وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ إلَخْ ، مُحَارِبٌ إنْ تَعَدَّدَ ، بَلْ ( وَإِنْ انْفَرَدَ ) ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِ قَدْ يَكُونُ الْمُحَارِبُ وَاحِدًا هَذَا إذَا كَانَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ بِفَلَاةٍ ، بَلْ وَإِنْ كَانَ ( بِمَدِينَةٍ ) ابْنُ الْمَوَّازِ اُخْتُلِفَ فِي الْمُحَارِبِ فِي مَدِينَةٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ مُحَارِبٌ وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ لَا يَكُونُونَ مُحَارِبِينَ فِي قَرْيَةٍ إذَا كَانُوا مُخْتَفِينَ لَا يُفْسِدُونَ إلَّا الْوَاحِدَ وَالْمُسْتَضْعَفَ إلَّا أَنْ يَكُونُوا جَمَاعَةً يُرِيدُونَ الْقَرْيَةَ كُلَّهَا مُكَابِرِينَ مُعْلِنِينَ فَهُمْ

كَاللُّصُوصِ الَّذِينَ يَقْتَحِمُونَ الْقُرَى .
زَادَ الشَّيْخُ وَخَالَفَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ .
الْبُنَانِيُّ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبَالَغَتَيْنِ ، أَيْ وَإِنْ انْفَرَدَ وَإِنْ كَانَ بِمَدِينَةٍ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ كَابَرَ رَجُلًا عَلَى مَالِهِ بِسِلَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَخَلَ عَلَى حَرِيمِهِ فِي الْمِصْرِ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحِرَابَةِ .
وَشَبَّهَ فِي كَوْنِ الْمُكَلَّفِ مُحَارِبًا فَقَالَ ( كَمُسْقِي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ ( السَّيْكَرَانِ ) ابْنُ مَرْزُوقٍ بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْكَافِ بَيْنَهُمَا مُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ مَا يُسْكِرُ مِنْ نَبَاتٍ أَوْ غَيْرِهِ بِشُرْبٍ أَوْ أَكْلٍ ، وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ سَيْكَرَانٌ كَضَيْمَرَانٍ نَبْتٌ دَائِمُ الْخُضْرَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَيْءٌ مَخْصُوصٌ .
ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ الصَّوَابُ ضَمُّ الْكَافِ النَّوَوِيُّ ضَيْمَرَانٌ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ لِلَّقَانِيِّ إنْ أُهْمِلَتْ السِّينُ فُتِحَتْ الْكَافُ ، وَإِنْ أُعْجِمَتْ ضُمَّتْ الْكَافُ ( لِذَلِكَ ) أَيْ أَخْذِ الْمَالِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا سَاقِي السَّيْكَرَانِ مُحَارِبٌ ، وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا يَكُونُ مُحَارَبَةً إذَا كَانَ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ بِهِ .
اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ فِي مُسْقِي السَّيْكَرَانِ مُحَارِبٌ لَيْسَ بِبَيِّنٍ ، وَرَوَى مَنْ أَطْعَمَ قَوْمًا سَوِيقًا فَمَاتَ بَعْضُهُمْ وَأَقَامَ بَعْضُهُمْ فَلَمْ يُفِقْ إلَى الْغَدِ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ وَقَالَ مَا أَرَدْت قَتْلَهُمْ إنَّمَا أَعْطَانِيهِ رَجُلٌ ، وَقَالَ يُسْكِرُ فَأَرَدْت إخْدَارَهُمْ لِأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ يُقْبَلُ وَيُقْتَلُ ، وَلَوْ قَالَ مَا أَرَدْت إخْدَارَهُمْ وَلَا أَخْذَ أَمْوَالِهِمْ إنَّمَا هُوَ سَوِيقٌ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ حِينَ مَاتُوا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا الْغُرْمَ .
( وَ ) كَ ( مُخَادِعِ ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ( الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ ) مِنْ الْبَالِغِينَ بِأَنْ يَتَحَيَّلَ عَلَيْهِ حَتَّى يَصِلَ بِهِ لِمَوْضِعٍ تَتَعَذَّرُ فِيهِ

الْإِغَاثَةُ ( لِيَأْخُذَ مَا ) أَيْ الْمَالَ الَّذِي ( مَعَهُ ) بِتَخْوِيفِهِ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ ، وَاَلَّذِي فِي الْجَوَاهِرِ وَالْمُسْتَخْرَجَةِ وَقَتَلَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ قَالَهُ تت .
طفي عِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَهُوَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ .
ا هـ .
فَتَفْسِيرُهُ لِلْغِيلَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِيهَا ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ لَا أَنَّ الْقَتْلَ هُوَ نَفْسُ الْغِيلَةِ ، فَكَلَامُ الْجَوَاهِرِ كَكَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَلِذَا عَبَّرَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْمُصَنِّفِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْمُحَارَبَةِ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعًا فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ .
( وَ ) كَ ( الدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَارٍ ) وَ ( قَاتَلَ ) الدَّاخِلُ أَهْلَ الزُّقَاقِ أَوْ الدَّارِ ( لِيَأْخُذَ الْمَالَ ) فَهُوَ مُحَارِبٌ ، وَمَفْهُومُ لِيَأْخُذَ الْمَالَ أَنَّهُ إنْ أَخَذَ الْمَالَ وَلَمَّا عَلِمَ بِهِ قَاتَلَ حَتَّى نَجَا بِالْمَالِ لَيْسَ مُحَارِبًا وَهُوَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ إنْ كَانُوا عَلِمُوا بِهِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ فَهُوَ مُخْتَلِسٌ ، وَإِنْ كَانُوا عَلِمُوا بِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِالْمَالِ فَهُوَ سَارِقٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ فِي السَّارِقِ لَيْلًا يَأْخُذُ الْمَتَاعَ فَيَطْلُبُ رَبُّهُ نَزْعَهُ مِنْهُ فَيُكَابِرُهُ بِسَيْفٍ أَوْ عَصًا حَتَّى خَرَجَ بِهِ أَوْ لَمْ يَخْرُجْ وَكَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ مُحَارِبٌ .
اللَّخْمِيُّ مَنْ أَخَذَ مَالَ رَجُلٍ بِالْقَهْرِ ثُمَّ قَتَلَهُ خَوْفَ أَنْ يَطْلُبَهُ بِمَا أَخَذَ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا ، وَإِنَّمَا هُوَ مُغْتَالٌ .
قُلْت هَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ خُفْيَةً وَإِلَّا فَلَيْسَ بِغِيلَةٍ .
قَالَ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُ ، فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ لَقِيَ رَجُلًا فَسَأَلَهُ طَعَامًا

فَأَبَى فَكَشَفَهُ وَنَزَعَ مِنْهُ الطَّعَامَ وَمَرَّ بِهِ أَنَّهُ يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ فَيُضْرَبُ وَيُنْفَى ، وَكَذَا الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ الدَّابَّةُ فَيُقِرُّ أَنَّهُ وَجَدَ عَلَيْهَا رَجُلًا فَأَنْزَلَهُ وَأَخَذَهَا فَإِنَّهُ يُضْرَبُ وَيُنْفَى .
وَقَالَ فِي الَّذِي يَجِدُ الرَّجُلَ فِي السَّحَرِ أَوْ عِنْدَ الْعَتَمَةِ فَيُنْزَعُ ثَوْبُهُ فِي الْخَلْوَةِ لَا يُقْطَعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِصًّا أَوْ مُحَارِبًا وَمَنْ كَابَرَ رَجُلًا فِي لَيْلٍ حَتَّى نَزَعَ ثَوْبَهُ عَنْ ظَهْرِهِ فَلَا يُقْطَعُ .
وَقَالَ الْمُحَارِبُ مَنْ حَمَلَ السِّلَاحَ عَلَى النَّاسِ عَلَى غَيْرِ نَائِرَةٍ أَوْ عَدَاوَةٍ أَوْ قَطَعَ طَرِيقًا أَوْ أَخَاف الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ وَمَنْ عَلِمَ بِهِ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْمَتَاعَ وَخَرَجَ بِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى نَجَا بِهِ سَارِقٌ لِأَنَّ قِتَالَهُ حِينَئِذٍ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ ، وَإِنْ عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَخْذِ الْمَتَاعِ فَقَاتَلَ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ .
وَإِذَا تَعَرَّضَ الْمُحَارِبُ لِلْمُسَافِرِ ( فَيُقَاتَلُ ) بِفَتْحِ التَّاءِ ( بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى عَلَى تَخْلِيَةِ السَّبِيلِ نَدْبًا بِأَنْ يُقَالَ لَهُ نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْت السَّبِيلَ ( إنْ أَمْكَنَ ) نَشَدَهُ بِأَنْ لَمْ يُعَاجِلْ بِالْقِتَالِ وَ إلَّا فَلَا تُنْدَبُ مُنَاشَدَتُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي دَعْوَى اللِّصِّ إلَى التَّقْوَى قَبْلَ قِتَالِهِ إنْ أَمْكَنَتْ قَوْلَانِ لِجِهَادِهِ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ سَحْنُونٍ .
قَالَ سَحْنُونٌ لَا يَدْعُو لِأَنَّ الدَّعْوَةَ لَا تَزِيدُهُمْ إلَّا إشْلَاءً وَجُرْأَةً ، وَفِيهَا جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ .
ابْنُ شَعْبَانَ جِهَادُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ جِهَادِ الْكُفَّارِ وَلِابْنِ رُشْدٍ مِنْ نَوَازِلِ أَصْبَغَ جِهَادُ الْمُحَارِبِينَ جِهَادٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
أَشْهَبُ عَنْهُ مِنْ أَفْضَلِ الْجِهَادِ وَأَعْظَمِهِ أَجْرًا ، وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي إعْرَابِ قَطَعُوا الطَّرِيقَ جِهَادُهُمْ أَحَبُّ

إلَيَّ مِنْ جِهَادِ الرُّومِ .
وَفِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ طَلَبَ السَّلَّابَةُ طَعَامًا أَوْ أَمْرًا خَفِيفًا رَأَيْت أَنْ يُعْطُوهُ وَلَا يُقَاتَلُونَ .
الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ لَا أَرَى أَنْ يُعْطُوا شَيْئًا وَلَوْ قَلَّ .
الْبُنَانِيُّ الْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَيُقَيَّدُ جَوَازُ قِتَالِهِمْ بِطَلَبِ الْمَالِ الْكَثِيرِ ، وَأَمَّا حَدُّ الْحِرَابَةِ فَيَثْبُتُ بِالْقَلِيلِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ حُكْمُ الْمُحَارِبِ فِيمَا أَخَذَ مِنْ الْمَالِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ سَوَاءٌ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَارٍ ، بَلْ يَثْبُتُ حُكْمُهَا بِمُجَرَّدِ الْإِخَافَةِ .
وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا بَلْ بِمُجَرَّدِ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ إخَافَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي قَصْرُ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى طَلَبِهِ مِنْ الرِّفَاقِ الْمَارَّةِ بِهِمْ وَلَوْ طَلَبُوهُ مِنْ الْإِمَامِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجِيبَهُمْ إلَيْهِ لِأَنَّهُ وَهَنٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ .
( ثُمَّ ) إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ فَيُقْتَلُ أَوْ ( يُصْلَبُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ الْمُحَارِبُ عَلَى نَحْوِ جِذْعِ نَخْلَةٍ بِلَا تَنْكِيسٍ حَيًّا ( فَيُقْتَلُ ) كَذَلِكَ مَصْلُوبًا ، هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ يُرْبَطُ جَمِيعُهُ ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَتَلَهُ الْإِمَامُ أَوْ غَيْرُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيُصْلَبَ فَمَاتَ فَلَا يَصْلُبُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ فِي السِّجْنِ فَلَهُ صَلْبُهُ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ حَدِّهِ وَسَكَتَ عَنْ كَوْنِهِ يَنْزِلُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ عَنْ سَاعَتِهِ أَوْ يُتْرَكُ إلَى أَنْ يَفْنَى أَوْ تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ .
وَعَنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهَا وَهَلْ يُنَزَّلُ لَهَا أَوْ يُصَلَّى عَلَيْهِ مَصْلُوبًا وَعَلَى أَنَّهُ يُنَزَّلُ لَهَا هَلْ يُعَادُ الصَّلْبُ أَوْ لَا ، وَفِي كُلٍّ خِلَافٌ .
عج الرَّاجِحُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُنَزَّلُ قَبْلَ تَغَيُّرِهِ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ

الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ ، وَيُدْفَنُ ، فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا خَاصٌّ بِالرَّجُلِ فَلَا تُصْلَبُ الْمَرْأَةُ لِأَنَّهَا عَوْرَةٌ .
اللَّخْمِيُّ الْمَرْأَةُ حَدُّهَا صِنْفَانِ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَالْقَتْلُ وَيَسْقُطُ عَنْهَا الصَّلْبُ ، اُخْتُلِفَ فِي نَفْيِهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ يُقْتَلُ الْمُحَارَبُ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ لَا بِصِفَةِ تَعْذِيبٍ وَلَا بِحِجَارَةٍ وَلَا بِرَمْيِهِ مِنْ مَكَان مُرْتَفِعٍ وَإِذْ صُلِبَ صُلِبَ قَائِمًا لَا مَنْكُوسًا وَتُطْلَقُ يَدُهُ وَظَاهِرُ الْقُرْآنِ أَنَّ الصَّلْبَ حَدٌّ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ كَالنَّفْيِ وَالْمَذْهَبُ إضَافَتُهُ لِلْقَتْلِ وَلِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ أَوْ يُقْطَعُ أَوْ يُنْفَى كَظَاهِرِ الْقُرْآنِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَلُ مَصْلُوبًا بِطَعْنٍ .
أَشْهَبُ يُقْتَلُ ثُمَّ يُصْلَبُ وَلَوْ صَلَبَهُ ثُمَّ قَتَلَهُ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا بَلَغَ ذَلِكَ جُرْمَهُ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُمَكَّنُ أَهْلُهُ مِنْ إنْزَالِهِ حَتَّى يَفْنَى عَلَى الْخَشَبَةِ أَوْ تَأْكُلَهُ الْكِلَابُ .
أَصْبَغُ لَا بَأْسَ أَنْ يُخَلَّى أَهْلُهُ بِنُزُولِهِ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ .
سَحْنُونٌ إذَا قُتِلَ وَصُلِبَ أُنْزِلَ مِنْ سَاعَتِهِ وَدُفِعَ لِأَهْلِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَدَفْنِهِ ، وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يُبْقِيَهُ مَصْلُوبًا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لِمَا رَأَى مِنْ شَدِيدِ أَهْلِ الْفَسَادِ فَذَلِكَ لَهُ ، ثُمَّ يُنَزِّلُهُ فَيُغَسِّلُهُ أَهْلُهُ وَيُكَفَّنُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ، ثُمَّ إنْ رَأَى إعَادَتَهُ إلَى الْخَشَبَةِ أَعَادَهُ .
( أَوْ يُنْفَى ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ ( الْحُرُّ ) لَا الرَّقِيقُ ( كَ ) نَفْيِ ( الزِّنَا ) فِي كَوْنِهِ لِمِثْلِ خَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَحَبْسُهُ بِمَا يُنْفَى إلَيْهِ لَكِنْ إلَى ظُهُورِ تَوْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي النَّفْيِ فَرَوَى مُطَرِّفٌ أَنَّهُ السِّجْنُ وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ هُوَ أَنْ يُنْفَى مِنْ بَلَدِهِ إلَى آخَرَ أَقَلُّهُ مَا تُقْصَرُ الصَّلَاةُ فِيهِ

يُسْجَنُ فِيهِ إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ هُوَ أَنْ يَطْلُبَهُمْ الْإِمَامُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمْ فَهُرُوبُهُمْ هُوَ النَّفْيُ لَا أَنَّهُ يُنْفَى بَعْدَ أَنْ يُقْدَرَ عَلَيْهِ ، زَادَ اللَّخْمِيُّ وَذَكَرَهُ .
عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْمُغِيرَةِ وَابْنِ دِينَارٍ .
قُلْت وَاَلَّذِي نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّ ابْنَ حَبِيبٍ رَوَى أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُطَالُ سَجْنُهُ ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ رِوَايَةَ مُطَرِّفٍ فَالْأَقْوَالُ أَرْبَعَةٌ ، قَالَ يُسْجَنُ وَإِنْ طَالَتْ سَنِينُهُ حَتَّى تَتَقَرَّرَ تَوْبَتُهُ بِمَا يُعْرَفُ مِنْ غَالِبِ أَمْرِهِ وَلَا يُقْبَلُ بِمُجَرَّدِ الظَّاهِرِ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ بِكَوْنِهِ فِي السِّجْنِ فَيُظْهِرُ النُّسُكَ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ فَلَا يُعَجَّلُ بِإِخْرَاجِهِ ، وَلَوْ عُلِمَتْ تَوْبَتُهُ حَقِيقَةً قَبْلَ طُولِ أَمْرِهِ فَلَا يَخْرُجُ لِأَنَّ طُولَهُ أَحَدُ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ ، وَفِي الزَّاهِيِّ قِيلَ أَنْ يُنْفَى مِنْ قَرَارِهِ ثُمَّ يُطْلَبَ فَيُخْفَى ، ثُمَّ يُطْلَبُ أَبَدًا وَلَا يُنْفَى لِبَلَدِ الشِّرْكِ وَبِهِ أَقُولُ ، وَهُوَ مَحْمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ عَلَى سَاكِنِهَا .
قُلْت فَيَكُونُ خَامِسًا .
اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ النَّفْيَ هُوَ السَّجْنُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ بِهِ تُسْجَنُ الْمَرْأَةُ أَوْ تُضْرَبُ ثُمَّ تُسْجَنُ ، وَعَلَى قَوْلِهِ أَنْ يُخْرَجَ مِنْ بَلَدِهِ يَسْقُطُ عَنْهَا ، قَالَ وَأَرَى إنْ وَجَدَتْ وَلِيًّا أَوْ جَمَاعَةً لَا بَأْسَ بِهِمْ ، وَقَالَتْ أَخْرُجُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأُسْجَنُ بِهِ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتِي أَنَّ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ مِنْ قَطْعِهَا وَقَتْلِهَا .
وَاخْتُلِفَ فِي نَفْيِ الْعَبْدِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ ، وَأَرَى إنْ قَالَ سَيِّدُهُ يُنْفَى وَلَا يُقْطَعُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ .

وَالْقَتْلِ أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى : وِلَاءً ، وَبِالْقَتْلِ : يَجِبُ قَتْلُهُ ، وَلَوْ بِكَافِرٍ أَوْ بِإِعَانَةٍ ، وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ : الْعَفْوُ

( أَوْ تُقْطَعُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( يَدُهُ ) أَيْ الْمُحَارِبِ الْيُمْنَى ( وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى ) لِيَكُونَ قَطْعُهُ مِنْ جِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ قَطْعًا ( وِلَاءً ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا أَيْ مُتَوَالِيًا بِلَا تَفْرِيقٍ ، وَلَوْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ ، فَإِنْ عَادَ لَهَا بَعْدَ قَطْعِهِ قُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ الْبَاقِيَتَانِ وِلَاءً .
ابْنُ عَرَفَةَ الْقَطْعُ .
ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَطْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى وَرِجْلِهِ الْيُسْرَى ، ثُمَّ إنْ عَادَ قُطِعَ مَا بَقِيَ ، وَإِنْ كَانَ أَشَلَّ الْيَدِ الْيُمْنَى أَوْ مَقْطُوعَهَا بِقِصَاصٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَشَبَهِهَا ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى ، وَقَالَ أَيْضًا تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .
مُحَمَّدٌ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ وَاحِدَةٌ قُطِعَتْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ إنْ قُطِعَتْ الْيُمْنَى فَقَطْ ، وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رَجُلَانِ قُطِعَتْ الْيُسْرَى فَقَطْ .
( وَبِالْقَتْلِ ) مِنْ الْمُحَارِبِ لِمَعْصُومٍ حَالَ حِرَابَتِهِ صِلَةُ ( يَجِبُ ) أَيْ يَتَعَيَّنَ ( قَتْلُهُ ) أَيْ الْمُحَارِبِ إنْ قَتَلَ مُسْلِمًا حُرًّا ، بَلْ ( وَلَوْ بِ ) قَتْلِ ( كَافِرٍ ) أَوْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ قِصَاصًا ، بَلْ لِلتَّنَاهِي عَنْ الْإِفْسَادِ فِي الْأَرْضِ فِيهَا إنْ قَطَعُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ فَهُوَ سَوَاءٌ وَقَدْ قَتَلَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُسْلِمًا قَتَلَ ذِمِّيًّا عَلَى وَجْهِ الْحِرَابَةِ عَلَى مَالٍ كَانَ مَعَهُ إنْ قُتِلَ بِمُبَاشَرَةٍ ، بَلْ ( وَلَوْ بِإِعَانَةٍ ) لِمُحَارِبٍ آخَرَ بِضَرْبٍ أَوْ إمْسَاكٍ ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يُعِنْ إذَا تَمَالَأَ مَعَ الْقَاتِلِ ( وَ ) لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَتْلُ وَ ( لَوْ جَاءَ ) الْمُحَارِبُ حَالَ كَوْنِهِ ( تَائِبًا ) مِنْ حِرَابَتِهِ عَلَى الْمَشْهُور فَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ تَوْبَتُهُ حَقَّ الْمَقْتُولِ .
فِيهَا إنْ كَانُوا جَمَاعَةً قَتَلُوا رَجُلًا فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمْ وَالْبَاقُونَ عَوْنٌ لَهُ فَأُخِذُوا قُتِلُوا كُلُّهُمْ ، وَإِنْ تَابُوا قَبْلَ أَنْ

يُؤْخَذُوا وُقِفُوا إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَقَتَلُوا مَنْ شَاءُوا وَعَفَوْا عَمَّنْ شَاءُوا وَأَخَذُوا الدِّيَةَ مِمَّنْ شَاءُوا ، وَقَدْ قَتَلَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجُلًا كَانَ نَاظُورًا لِلْبَاقِينَ .
زَادَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقْتَلُونَ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ أَلْفٍ ، وَعَزَاهُ الشَّيْخُ لَهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَوْ تَمَالَأَ عَلَيْهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتهمْ بِهِ جَمِيعًا .
( وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ ) لِمَقْتُولِ الْمُحَارِبِ ( الْعَفْوُ ) عَنْهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ لَيْسَ قِصَاصًا مُحَمَّدٌ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّ وَلِيَّ أَحَدِ الْمُحَارِبِينَ قَتَلَهُ رَجُلٌ مِمَّنْ قَطَعُوا عَلَيْهِ وَلَمْ يُعَاوِنْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ قُتِلُوا أَجْمَعِينَ وَلَا عَفْوَ فِيهِمْ لِإِمَامٍ وَلَا وَلِيٍّ .
مَوَّاقٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَدُّهَا الْأَرْبَعَةُ : الْقَتْلُ أَوْ الصَّلْبُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ أَوْ النَّفْيُ .
الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ هَذَا التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الِاجْتِهَادِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَشُورَةِ الْفُقَهَاءِ بِمَا يَرَاهُ أَتَمَّ مَصْلَحَةً وَلَيْسَ عَلَى هَوَى الْإِمَامِ اللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ التَّخْيِيرِ رِوَايَتَا الْأَكْثَرِ وَابْنِ وَهْبٍ ، فَعَلَى التَّرْتِيبِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ لَمْ يُخِفْ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا وَلَا قَتَلَ أُخِذَ فِيهِ بِأَيْسَرِ الْحُكْمِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ هُوَ أَنْ يُجْلَدَ وَيُنْفَى وَيُسْجَنَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ وَإِنْ أَخَافَ أَوْ أَخَذَ مَالًا أَوْ جَمَعَهُمَا خُيِّرَ فِي قَتْلِهِ وَقَطْعِهِ ، وَكَذَا إنْ طَالَ أَمْرُهُ وَنَصَبَ وَلَمْ يَأْخُذْ مَالًا ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُ وَعَلَا أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْمَالَ وَلَمْ يَقْتُلْ قُتِلَ ، وَلَا تَخْيِيرَ فِيهِ .
وَعَلَى رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ أَخَافَ النَّاسَ فِي كُلِّ مَكَان وَعَظُمَ فَسَادُهُ وَأَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ فَالسُّلْطَانُ يَرَى فِيهِ

رَأْيَهُ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ ، وَيَسْتَشِيرُ فِي ذَلِكَ وَلِأَشْهَبَ فِيمَنْ أَخَذَ بِحَضْرَةِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَخَفْ لِلْإِمَامِ نَفْيُهُ أَوْ قَطْعُهُ أَوْ قَتْلُهُ ، وَهُوَ نَحْوُ رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ قَلِيلَ الْجُرْمِ وَكَبِيرَهُ سَوَاءٌ ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقْتُلْ ، فَإِنْ قَتَلَ تَعَيَّنَ قَتْلُهُ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهِ ، وَقَالَ أَبُو مُصْعَبٍ يُخَيَّرُ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ قَتَلَ .

وَنُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ : الْقَتْلِ ، وَالْبَطْشِ : الْقَطْعُ وَلِغَيْرِهِمَا ، وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ : النَّفْيُ ، وَالضَّرْبُ ، وَالتَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ ، لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا .
؛

وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْإِمَامِ مُرَاعَاةُ حَالِ الْمُحَارِبِ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ فَيُعَيِّنُ ( لِذِي التَّدْبِيرِ ) فِي الْحَرْبِ وَالْخَلَاصِ مِنْ شَدِيدِهَا بِحَيْثُ صَارَ مُرَجِّعًا فِي ذَلِكَ ( الْقَتْلِ ) بِلَا صَلْبٍ أَوْ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِمَّنْ لَهُ الرَّأْيُ وَالتَّدْبِيرُ فَوَجْهُ الِاجْتِهَادِ فِيهِ قَتْلُهُ أَوْ صَلْبُهُ لِأَنَّ الْقَطْعَ أَوْ النَّفْيَ لَا يَدْفَعُ ضَرَرَهُ ( وَ ) لِذِي ( الْبَطْشِ ) أَيْ الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ ( الْقَطْعُ ) مِنْ خِلَافٍ لِدَفْعِ ضَرَرِهِ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحَارِبِ تَدْبِيرٌ ، وَإِنَّمَا يُخِيفُ بِقُوَّةِ جِسْمِهِ قَطَعَهُ مِنْ خِلَافٍ ( وَلِغَيْرِهِمَا ) أَيْ مَنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِتَدْبِيرٍ وَلَا بَطْشٍ الضَّرْبُ وَالنَّفْيُ ( وَلِمَنْ وَقَعَتْ ) الْحِرَابَةُ ( مِنْهُ فَلْتَةٌ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ، أَيْ غَلْطَةً وَزَلَّةً وَنَدِمَ عَلَيْهَا ( النَّفْيُ وَالضَّرْبُ ) ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ النَّفْيُ وَيَضْرِبُهُمَا إنْ شَاءَ .
قُلْت تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْخِلَافِ فِي لُزُومِ الضَّرْبِ فِي النَّفْيِ .
اللَّخْمِيُّ ضَرْبُهُ قَبْلَ النَّفْيِ اسْتِحْسَانٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ إنْ شَاءَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ أَشْهَبَ خِلَافُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ مَنْ يُنْفَى ( وَالتَّعْيِينُ ) لِأَحَدِ الْحُدُودِ الْأَرْبَعَةِ حَقٌّ ( لِلْإِمَامِ ) بِالْمَصْلَحَةِ لَا بِاتِّبَاعِ هَوَاهُ ( لَا لِمَنْ قُطِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( يَدُهُ ) مِنْ الْمُحَارِبِ حَالَ حِرَابَتِهِ ( وَنَحْوُهَا ) أَيْ الْيَدِ كَالْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالْأُذُنِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ التَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ فُقِئَتْ عَيْنُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فِي هَذَا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَحْكُمُ بِمُجَرَّدِ نَفْيِهِ ، بَلْ بِقَطْعِهِ أَوْ قَتْلِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا هُوَ لِمَصْلَحَةِ دَرْءِ مَفْسَدَةِ مَا صَدَرَ مِنْهُ .

وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا ، وَاتُّبِعَ : كَالسَّارِقِ ، وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ وَالْيَمِينِ ، أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ مِنْ الرُّفْقَةِ ، لَا لِأَنْفُسِهِمَا

( وَ ) إنْ كَانَ الْمُحَارِبُونَ جَمَاعَةً وَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ( غَرِمَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( كُلٌّ ) أَيْ كُلُّ مَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ ( عَنْ الْجَمِيعِ ) جَمِيعَ مَا أَخَذُوهُ لِتَمَالُئِهِمْ وَتَعَاوُنِهِمْ وَتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ غُرْمًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا أَوْ بِبَقَاءِ مَا أَخَذُوهُ بِأَيْدِيهِمْ أَوْ بِأَخْذِهِ حِصَّتَهُ مِنْهُ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ وَلِيَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُحَارِبِينَ ثُمَّ ظُفِرَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ غُرْمُ جَمِيعِ ذَلِكَ الْمَالِ كَانَ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ حِصَّةً أَوْ لَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَوْ تَابَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَقَدْ أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمْ حِصَّةً مِنْ الْمَالِ ، فَإِنَّ هَذَا التَّائِبَ يَضْمَنُ جَمِيعَ الْمَالِ لِأَنَّ الَّذِي وَلِيَ أَخْذَهُ إنَّمَا قَوِيَ عَلَيْهِ بِهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا اجْتَمَعَ الْقَوْمُ فِي الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ أَوْ الْحِرَابَةِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ مَا أَخَذُوهُ لِأَنَّ بَعْضَهُمْ قَوَّى بَعْضًا كَالْقَوْمِ الْمُجْتَمِعِينَ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَيُقْتَلُونَ بِهِ جَمِيعًا .
وَإِنْ وَلِيَ الْقَتْلَ أَحَدُهُمْ وَحْدَهُ ( وَاتُّبِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُحَارِبُ بِالْمَالِ الَّذِي أَخَذَهُ حَالَةَ حِرَابَتِهِ اتِّبَاعًا ( كَ ) اتِّبَاعِ السَّارِقِ بِ ( السَّرِقَةِ ) فِي أَنَّهُ إنْ قُطِعَ يُشْتَرَطُ اسْتِمْرَارُ يُسْرِهِ مِنْ يَوْمِ أَخَذَ الْمَالَ لِيَوْمِ قَطْعِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُقْطَعْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ .
ابْنُ شَاسٍ أَمَّا الْغُرْمُ فَحُكْمُ الْمُحَارِبِ فِيهِ فِي حَالِ ثُبُوتِ الْحَدِّ وَسُقُوطِهِ فِي حَالَتَيْ يُسْرِهِ وَعُسْرِهِ وَتَبَدَّلَهُمَا حُكْمُ السَّارِقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ .
ا هـ .
وَهَذَا إذَا ذَهَبَ الْمَالُ مِنْ يَدِهِ ، فَإِنْ بَقِيَ بِعَيْنِهِ فِي يَدِهِ أُخِذَ مِنْهُ إجْمَاعًا مُطْلَقًا ، وَهَلْ ضَرْبُهُ وَنَفْيُهُ كَقَتْلِهِ أَوْ قَطْعِهِ مِنْ خِلَافٍ أَوْ كَسُقُوطِ حَدِّهِ قَوْلَانِ ، يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْحَسَنِ تَرْجِيحُ أَوَّلِهِمَا لِأَنَّهُمَا أَحَدُ حُدُودِهِ أَفَادَهُ شب .
( وَ ) إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُونَ

وَمَعَهُمْ مَالٌ أَخَذَهُ مِنْ النَّاسِ ، بِالْحِرَابَةِ ( دُفِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَا ) أَيْ الْمَالُ الَّذِي وُجِدَ ( بِأَيْدِيهِمْ ) أَيْ الْمُحَارِبِينَ ( لِمَنْ ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي ( طَلَبَهُ ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ الْمَالَ لَهُ أَخَذَهُ الْمُحَارِبُونَ مِنْهُ بِالْحِرَابَةِ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ مِنْ غَيْرِ الرُّفْقَةِ فَيُدْفَعُ لَهُ بِلَا اسْتِينَاءٍ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ يُدْفَعُ لَهُ ( بَعْدَ الِاسْتِينَاءُ ) لِاحْتِمَالِ أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَهُ ( وَ ) بَعْدَ ( الْيَمِينِ ) مَنْ طَالَبَهُ أَنَّهُ لَهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِمَخْرَجٍ شَرْعِيٍّ .
فِيهَا إنْ أُخِذَ الْمُحَارِبُونَ وَمَعَهُمْ أَمْوَالٌ فَادَّعَاهَا قَوْمٌ لَا بَيِّنَةَ لَهُمْ دُفِعَتْ إلَيْهِمْ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ بِغَيْرِ حَمِيلٍ ، وَيُضَمِّنُهُمْ الْإِمَامُ إيَّاهَا إنْ جَاءَ لَهَا طَالِبٌ وَيَشْهَدُ عَلَيْهِمْ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ بِحَمِيلٍ .
وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَبِحَمِيلٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَبِلَا حَمِيلٍ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُهُ .
اللَّخْمِيُّ وَإِنَّمَا يُدْفَعُ لَهُ إذَا وَصَفَهُ كَاللُّقَطَةِ وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ قَائِلًا يُدْفَعُ إلَيْهِمْ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ الِاسْتِينَاءُ وَالْيَمِينِ وَالصِّفَةِ فِي الْجَوَاهِرِ .
أَشْهَبُ إنْ أَقَرَّ الْمُحَارِبُونَ أَنَّ الْمَتَاعَ مِمَّا قَطَعُوا فِيهِ الطَّرِيقَ ، فَإِنْ قَالُوا هُوَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ كَانَ لَهُمْ ، وَإِنْ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ حَتَّى يُقِيمَ مُدَّعِيهِ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ .
( أَوْ ) يُدْفَعُ لِمَنْ طَلَبَهُ ( بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ ) عَدْلَيْنِ ( مِنْ الرُّفْقَةِ ) لِلطَّالِبِ حَالَ الْحِرَابَةِ أَنَّهُ لَهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ ، أَيْ بِلَا شَهَادَةٍ لِلضَّرُورَةِ ، إذْ لَا سَبِيلَ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ إلَّا بِشَهَادَةِ الرُّفْقَةِ إلَّا شَهَادَةُ الرَّجُلِ لِابْنِهِ فَلَا تُقْبَلُ لِشِدَّةِ التُّهْمَةِ .
الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ خَارِجَةٌ عَنْ

الْأَصْلِ ، إذْ هِيَ شَهَادَةُ عَدُوٍّ وَتُهْمَةُ جَرِّ النَّفْعِ بِأَشْهَدَ لِي وَأَشْهَدَ لَك .
وَجَازَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الدِّمَاءِ وَالْأَمْوَالِ تَبَعٌ ( لَا ) تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّجُلَيْنِ ( لِأَنْفُسِهِمَا ) لِأَنَّهَا دَعْوَى ، وَلَوْ قَالَتْ الرُّفْقَةُ كُلُّهَا قُتِلَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا رَجُلًا وَكَذَا وَكَذَا جَارِيَةً وَالْأَحْمَالُ لِفُلَانٍ وَالثِّيَابُ لِعِلَّانٍ فَهِيَ شَهَادَةٌ مَقْبُولَةٌ مَعْمُولٌ بِهَا مُوجِبَةٌ لِحَدِّ الْحِرَابَةِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَتَجُوزُ عَلَى الْمُحَارِبِينَ شَهَادَةُ مَنْ حَارَبُوهُ إنْ كَانُوا عُدُولًا شَهِدُوا بِقَتْلٍ أَوْ مَالٍ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ فِي نَفْسِهِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ .
اللَّخْمِيُّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ قَالَ أَهْلُ الرِّفْعَةِ قُتِلَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا رَجُلًا وَسُلِبَ مِنَّا كَذَا وَكَذَا حِمْلًا ، وَمِنْ الْجَوَارِي كَذَا وَكَذَا فَالْأَحْمَالُ لِفُلَانٍ وَالثِّيَابُ لِفُلَانٍ وَالْجَوَارِي لِفُلَانٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ ، وَيُوجِبُ ذَلِكَ الْمُحَارَبَةَ وَالْقَتْلَ ، وَذَكَرَهُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ اللُّصُوصُ فِيمَا بِأَيْدِيهِمْ هُوَ مِنْ أَمْوَالِنَا كَانَ لَهُمْ ، وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ حَتَّى يُقِيمَ مُدَّعُوهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ لَهُمْ لَا لِلُّصُوصِ .

وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمُشْتَهِرُ بِهَا : ثَبَتَتْ ، وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا .
( وَلَوْ ) اشْتَهَرَتْ الْحِرَابَةُ عَنْ شَخْصٍ مَعْرُوفٍ بِاسْمِهِ وَرُفِعَ لِلْإِمَامِ شَخْصٌ وَادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمُحَارِبُ وَ ( شَهِدَ اثْنَانِ ) عَدْلَانِ يَعْرِفَانِ عَيْنَهُ ( أَنَّهُ ) أَيْ ذَلِكَ الشَّخْصَ ( فُلَانٌ الْمُشْتَهِرُ بِهَا ) أَيْ الْحِرَابَةِ ( ثَبَتَتْ ) الْحِرَابَةُ عَلَيْهِ إنْ عَايَنَاهَا مِنْهُ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا ) أَيْ الِاثْنَانِ الْحِرَابَةَ مِنْهُ فَيُقِيمُ الْإِمَامُ حَدَّهَا عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَحْنُونٌ إنْ تَوَاتَرَتْ شُهْرَةُ الْمُحَارِبِ بِاسْمِهِ فَأَتَى مَنْ يَشْهَدُ أَنَّ هَذَا فُلَانٌ وَقَالُوا لَمْ نَشْهَدْ قَطْعَهُ عَلَى النَّاسِ مَا شُهِرَ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ وَأَخْذِ الْأَمْوَالِ قُتِلَ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ ، وَهَذَا أَكْثَرُ مِنْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْعِيَانِ أَرَأَيْت أَيَحْتَاجُ لِمَنْ يَشْهَدُ أَنَّهُ عَايَنَهُ يُقْطَعُ وَيُقْتَلُ .
قُلْت تَقَدَّمَ مِثْلُهُ فِي الْمَشْهُورِ بِالْعَدَالَةِ بِاسْمِهِ وَشَهِدَ عِنْدَ مَنْ يُجْهَلُ عَيْنُهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى عَيْنِهِ تُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْحِرَابَةِ فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ فُلَانٌ الْمَشْهُورُ ثَبَتَتْ الْحِرَابَةُ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا .

وَسَقَطَ حَدُّهَا : بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا ، أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ .
.

( وَسَقَطَ حَدُّهَا ) أَيْ الْحِرَابَةِ عَنْ الْمُحَارِبِ ( بِإِتْيَانِ ) الْمُحَارِبِ إلَى ( الْإِمَامِ ) حَالَ كَوْنِهِ ( طَائِعًا ) تَائِبًا مِنْ حِرَابَتِهِ قَبْلَ أَخْذِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ .
( أَوْ بِتَرْكِ مَا ) أَيْ عَمَلِ الْحِرَابَةِ الَّذِي ( هُوَ ) أَيْ الْمُحَارَبُ ( عَلَيْهِ ) وَاشْتِغَالُهُ بِمَا يَعْنِيهِ بِدُونِ إتْيَانِ الْإِمَامِ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ جُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ تَوْبَةَ الْمُحَارِبِ تُقْبَلُ مِنْهُ وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ تَوْبَتَهُ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ .
وَالثَّانِي أَنْ يُلْقِيَ السِّلَاحَ وَيَأْتِيَ طَائِعًا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَتَوْبَةُ الْمُحَارِبِ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا تُسْقِطُ عَنْهُ حُكْمَ الْحِرَابَةِ .
فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي صِفَةِ تَوْبَتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّهَا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا : أَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامُ .
الثَّانِي : أَنْ يُلْقِيَ السِّلَاحَ وَيَأْتِيَ الْإِمَامَ طَائِعًا ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ تَوْبَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِأَنْ يَتْرُكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَيَجْلِسَ فِي مَوْضِعِهِ حَتَّى لَوْ عَلِمَ الْإِمَامُ فَلَا يُقِيمُ عَلَيْهِ حَدَّ الْحِرَابَةِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ .
الْقَوْلُ الثَّالِثُ : أَنَّ تَوْبَتَهُ إنَّمَا تَكُونُ بِمَجِيئِهِ إلَى الْإِمَامِ وَإِنْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ فَلَا يُسْقِطُ عَنْهُ ذَلِكَ حُكْمًا مِنْ الْأَحْكَامِ إنْ أُخِذَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْإِمَامُ .
وَأَمَّا تَوْبَتُهُ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ .
الْحَطّ إذَا سَقَطَ حَدُّ الْحِرَابَةِ بِالتَّوْبَةِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ الْآدَمِيِّينَ مِنْ قَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ مَالٍ .
الْبَاجِيَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَمَّنَ الْمُحَارِبُ إنْ سَأَلَ الْأَمَانَ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ فَيَجُوزُ تَأْمِينُهُ وَيُقَرُّ عَلَى حَالِهِ وَبِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَجُوزُ تَأْمِينُ الْمُحَارِبِ عَلَى

ذَلِكَ وَلَا أَمَانَ لَهُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ ، مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ ، طَوْعًا بِلَا عُذْرٍ وَضَرُورَةٍ ، وَظَنِّهِ غَيْرًا

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ حَدِّ شَارِبِ الْمُسْكِرِ وَأَشْيَاءُ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعُ الصَّائِلِ يَجِبُ ( بِشُرْبِ ) الشَّخْصِ ( الْمُسْلِمِ ) فَلَا يُحَدُّ الْكَافِرُ إنْ أَظْهَرَهُ ، بَلْ يُؤَدَّبُ ( الْمُكَلَّفِ ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى الْحُرِّ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فَلَا يُحَدُّ الصَّبِيُّ وَيُؤَدَّبُ أَصْلًا حَالُهُ وَلِئَلَّا يَعْتَادَهُ فَيَشْرَبَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَلَا الْمَجْنُونُ ( مَا ) أَيْ شَيْئًا وَالشَّيْءُ الَّذِي ( يُسْكِرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْكَافِ ( جِنْسُهُ ) أَيْ يُغَيِّبُ الْعَقْلَ دُونَ الْحَوَاسِّ مَعَ نَشْوَةٍ وَطَرَبٍ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ شَخَّصَهُ لِقِلَّتِهِ أَوْ اعْتِيَادِهِ ، سَوَاءٌ كَانَ عَصِيرَ عِنَبٍ أَوْ نَقِيعَ زَبِيبٍ أَوْ تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ أَوْ بُسْرٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ أَرُزٍّ أَوْ حِجَامَةِ نَخْلٍ أَوْ غَيْرِهَا شُرْبًا ( طَوْعًا ) بِلَا إكْرَاهٍ فَلَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ ( بِلَا عُذْرٍ ) كَنِسْيَانٍ أَوْ غَلَطٍ فَلَا يُحَدُّ النَّاسِي وَلَا الْغَالِطُ ( وَ ) بِ لَا ( ضَرُورَةَ ) فَلَا يُحَدُّ مَنْ شَرِبَهُ لِإِسَاغَةِ غُصَّةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ الشُّرْبُ الْمُوجِبُ الْحَدَّ شُرْبُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مُخْتَارًا لَا لِضَرُورَةٍ وَلَا عُذْرٍ فَلَا حَدَّ عَلَى مُكْرَهٍ وَلَا ذِي غُصَّةٍ وَإِنْ حَرُمَتْ وَلَا غَالِطٍ ( وَ ) بِ لَا ( ظَنِّهِ ) أَيْ الْمَشْرُوبَ ( غَيْرًا ) لِمَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ فَلَا يُحَدُّ مَنْ ظَنَّهُ لَبَنًا أَوْ عَسَلًا أَوْ نَبِيذًا غَيْرَ مُسْكِرٍ .
وَيُصَدَّقُ إنْ كَانَ مَأْمُونًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ قَالَهُ أَبُو عُمَرَ ابْنُ عَرَفَةَ سُقُوطُ حَدِّ مَنْ شَرِبَ غَلَطًا وَاضِحٌ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا حَدَّ فِي وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ كَذَلِكَ ، وَفِي كَافِي أَبِي عُمَرَ مَنْ ظَنَّ النَّبِيذَ حَلَاوَةً وَلَمْ يَشْعُرْ بِسُكْرِهِ فَسَكِرَ مِنْهُ فَلَا يُحَدُّ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ ، وَمِثْلُهُ مَنْ شَرِبَ مُبَاحًا ظَانًّا أَنَّهُ خَمْرٌ فَلَا يُحَدُّ وَإِنْ أَثِمَ لِاجْتِرَائِهِ وَسَقَطَتْ عَدَالَتُهُ قَالَهُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
( تَنْبِيهَاتٌ )

الْأَوَّلُ : الْمُرَادُ بِالشُّرْبِ الْوُصُولُ لِلْحَلْقِ مِنْ الْفَمِ وَ إنْ رَدَّ قَبْلَ وُصُولِهِ الْجَوْفَ فَوُصُولُهُ الْجَوْفَ مِنْ أَنْفٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا يُوجِبُهُ ، وَإِنْ وَصَلَ الْجَوْفَ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ الثَّانِي : الشُّرْبُ يُفِيدُ أَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَائِعِ فَلَا يُحَدُّ بِالْجَامِدِ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ إلَّا الْقَدْرُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ ، وَفِيهِ الْأَدَبُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ ، بِخِلَافِ الْمَائِعِ الْمُسْكِرِ .
الثَّالِثُ : الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى وُجُوبِ الْحَدِّ فِي الْخَمْرِ .
الرَّابِعُ : بِلَا عُذْرٍ يُغْنِي عَنْ الْقَيْدِ قَبْلَهُ وَالْقَيْدَيْنِ بَعْدَهُ وَيُغْنِي الْمُكَلَّفُ عَنْ قَوْلِهِ طَوْعًا لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ .

و إنْ قَلَّ
وَشُرْبُ الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ بِلَا عُذْرٍ يُوجِبُ الْحَدَّ إنْ كَثُرَ ، بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) فِيهَا مَا يُسْكِرُ كَثِيرُهُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى النَّسَائِيّ بِسَنَدِهِ عَنْ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ ذَكَرَهُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي إلْمَامِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ .
وَقَالَ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ مِنْ حَدِيثِ جَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مِنْهُمْ جَابِرٌ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَأَخْرَجَهُمَا أَبُو دَاوُد بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْفُرَاتِ ، قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ لَيْسَ بِالْمَتِينِ .
وَأَخْرَجَ الثَّانِيَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عُثْمَانَ ، وَزَعَمَ ابْنُ الْقَطَّانِ أَنَّهُ لَا تُعْرَفُ رِجَالُهُ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَخَرَّجَ أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَمَا أَسْكَرَ مِنْهُ الْفَرْقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ } .
اللَّخْمِيُّ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حُرِّمَتْ الْخَمْرُ وَمَا نَجِدُ خَمْرَ الْأَعْنَابِ إلَّا قَلِيلًا وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ .
وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَطَبَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ إنَّهُ قَدْ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ الْعِنَبِ وَالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ وَالْعَسَلِ ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى هَذِهِ الْخَمْسَةِ الَّتِي كَانَتْ ، وَأَنَّ الْعِلَّةَ الشِّدَّةُ وَمُخَامَرَةُ الْعَقْلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ وُجُوبَ الْحَدِّ

أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ ، أَوْ الْحُرْمَةِ لِقُرْبِ عَهْدٍ
( أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ ) وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْحُرْمَةَ ( أَوْ ) جَهِلَ ( الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدٍ ) مِنْهُ بِالْإِسْلَامِ أَوْ لِكَوْنِهِ بَدَوِيًّا لَمْ يَقْرَأْ الْكِتَابَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَلَا يُرْفَعُ عَنْهُ الْحَدُّ بِذَلِكَ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ فَشَا فَلَا أَحَدَ يَجْهَلُ شَيْئًا مِنْ حُدُودِهِ .
ابْنُ شَاسٍ مَنْ عَلِمَ الْحُرْمَةَ وَجَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ يُحَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا .
الشَّيْخ عَنْ مُحَمَّدٍ مَنْ شَرِبَهُ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمْ تَحْرِيمَهُ كَالْأَعْجَمِيِّ الَّذِي دَخَلَ الْإِسْلَامَ وَلَا يَعْرِفُ الْحُرْمَةَ فَلَا عُذْرَ لِأَحَدٍ بِهَذَا فِي سُقُوطِ الْحَدِّ .

وَلَوْ حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ ، وَصُحِّحَ نَفْيُهُ :

وَيُحَدُّ الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا عُذْرَ لَهُ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَنَفِيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( حَنَفِيًّا ) أَيْ مُقَلِّدًا لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( يَشْرَبُ ) الْحَنَفِيُّ ( النَّبِيذَ ) الْقَلِيلَ الَّذِي يُسْكِرُ كَثِيرُهُ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحُدُّهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ .
وَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحُدُّهُ وَأَقْبَلُهَا ( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( خِلَافُهُ ) أَيْ عَدَمُ حَدِّهِ مِنْ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ تَأَوَّلَ فِي الْمُسْكِرِ مِنْ غَيْرِ الْخَمْرِ أَنَّهُ حَلَالٌ يُحَدُّ وَلَا يُعْذَرُ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَلَعَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ .
وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ وَالْعِلْمِ فَالصَّوَابُ عَدَمُ حَدِّهِ إلَّا أَنْ يَسْكَرَ مِنْهُ ، وَقَدْ جَالَسَ مَالِكٌ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ مِمَّنْ كَانَ يُبِيحُ شُرْبَ النَّبِيذِ ، فَمَا أَقَامَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ حَدًّا وَلَا دَعَا إلَيْهِ مَعَ تَظَاهُرِهِمْ بِشُرْبِهِ وَمُنَاظَرَتِهِمْ فِيهِ وَقَدْ قَالَ مَا وَرَدَ عَلَيْنَا مَشْرِقِيٌّ مِثْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ .
أَمَا إنَّهُ آخِرُ مَا فَارَقَنِي عَلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ النَّبِيذَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ فَارَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ عَلَيْهِ .
قُلْت وَمُقَلِّدُ مُبِيحِهِ مِثْلُهُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى أَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ ، وَعَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ لِأَنَّ شُهْرَةَ الْخِلَافِ شُبْهَةٌ وَقَدْ أَسْقَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْحَدَّ عَمَّنْ حُلِّلَتْ لَهُ أَمَةٌ ، وَحَكَاهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَحُدُّهُ ، وَيَقْبَلُ شَهَادَتَهُ ، وَتُعُقِّبَ بِتَنَافِيهِ .
وَأُجِيبَ بِمَنْعِهِ لِأَنَّ

مُوجِبَ الْحَدِّ الشُّرْبُ وَقَدْ وُجِدَ وَالْقُدُومُ عَلَى مُبَاحٍ عِنْدَ فَاعِلِهِ لَا يُوجِبُ فِسْقَهُ .

ثَمَانُونَ بَعْدَ صَحْوِهِ وَتَشَطَّرَ بِالرِّقِّ ، وَإِنْ قَلَّ ، إنْ أَقَرَّ

وَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ بِلَا عُذْرٍ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ ( ثَمَانُونَ ) جَلْدَةً يُضْرَبُهَا ( بَعْدَ صَحْوِهِ ) مِنْ سُكْرِهِ ، فَإِنْ ضُرِبَهَا قَبْلَهُ أُعِيدَتْ بَعْدَهُ .
" ق " هَذَا هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَدْرُ حَدِّهِ ثَمَانُونَ ، فِي سَرِقَتِهَا لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ ، زَادَ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَلَوْ خَافَ أَنْ يَأْتِيَهُ بِشَفَاعَةٍ تُبْطِلُ حَدَّهُ .
اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ إنْ جُلِدَ حَالَ سُكْرِهِ اُعْتُدَّ بِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ مَيْزٌ ، وَإِنْ كَانَ طَافِحًا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِنْ لَمْ يُحِسَّ بِالْأَلَمِ فِي أَوَّلِهِ وَأَحَسَّ فِي أَثْنَائِهِ بِقَرِينَةٍ حُسِبَ مِنْ أَوَّلِ مَا أَحَسَّ بِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى إحْسَاسَهُ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُهُ وَلَا تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ .
وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ طَافِحًا أُعِيدَ الْحَدُّ وَاضِحٌ فِي حَدِّ الشُّرْبِ وَنَحْوِهِ .
وَأَمَّا قَطْعُ السَّارِقِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُعَادُ وَإِنْ كَانَ طَافِحًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ ، وَهُوَ النَّكَالُ وَمِثْلُهُ حَدُّ الْفِرْيَةِ إنْ رَضِيَ بِهِ مُسْتَحِقُّهُ وَمُقْتَضَى صَنِيعِ التَّوْضِيحِ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ تَقْيِيدٌ لِلْمَذْهَبِ خِلَافُ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَالشَّامِلِ وتت أَفَادَهُ شب ، وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْحَدُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا يَقَعُ بِهِ الْفِطْرُ مِنْ جَوَازِ الشَّرَابِ الْفَمَ إلَى الْحَلْقِ .
قُلْت فِي الْمُوَطَّإِ اسْتَشَارَ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْخَمْرِ يَشْرَبُهَا الرَّجُلُ فَقَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَرَى أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ فَإِنَّهُ إذَا شَرِبَ سَكِرَ ، وَإِذَا سَكِرَ هَذَى ، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى .
وَفِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْهَا لَا يُحَدُّ السَّكْرَانُ حَتَّى يَصْحُوَ ( وَتَشَطَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ سَقَطَ شَطْرُ أَيْ نِصْفُ الثَّمَانِينَ ( بِالرِّقِّ ) فَيُجْلَدُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَرْبَعِينَ جَلْدَةً قِنًّا كَانَ أَوْ ذَا شَائِبَةِ

حُرِّيَّةٍ .
فِيهَا وَيَتَشَطَّرُ بِالرِّقِّ ( إنْ أَقَرَّ ) الْمُسْلِمُ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْمَعْذُورِ بِشُرْبِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ

أَوْ شَهِدَا بِشُرْبٍ ، أَوْ شَمٍّ

( أَوْ شَهِدَا ) عَلَيْهِ أَيْ عَدْلَانِ ( بِشُرْبٍ ) مِنْهُ لِمَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ فَيُجْلَدُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِشُبْهَةٍ أَوْ لِغَيْرِهِ قُبِلَ رُجُوعُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ، وَرُجُوعُ الْمُقِرِّ تَقَدَّمَ فِي الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ .
الشَّيْخُ عَنْ الْوَاضِحَةِ اعْتَرَفَ أَبُو مِحْجَنٍ فِي شِعْرِهِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ فَأَرَادَ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " جَلْدَهُ فَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَكَذَبْتُ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الشُّعَرَاءِ { وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ } فَعَزَلَهُ عَنْ الْعَمَلِ ( أَوْ ) شَهِدَا عَلَى ( شَمٍّ ) لِرَائِحَةِ الْمُسْكِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ غَيْرِ الْمَعْذُورِ فَيُحَدُّ ، هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَيَثْبُتُ بِثُبُوتِ رَائِحَةٍ .
أَبُو عُمَرَ الْحَدُّ بِالرَّائِحَةِ قَوْلُ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْحِجَازِ ابْنُ الْقَصَّارِ صِفَةُ الشَّاهِدَيْنِ بِالرَّائِحَةِ أَنْ يَكُونَا مِمَّنْ شَرِبَاهَا حَالَ كُفْرِهِمَا أَوْ شَرِبَاهَا فِي إسْلَامِهِمَا وَحُدَّا وَ تَابَا حَتَّى يَكُونَا مِمَّنْ يَعْرِفُ الْخَمْرَ بِرَائِحَتِهَا .
الْبَاجِيَّ هَذَا مَعْدُومٌ أَوْ قَلِيلٌ وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ لَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ بِهَا فِي الْأَغْلَبِ ، وَقَدْ يَكُونُ مِمَّنْ لَمْ يَشْرَبْهَا قَطُّ مَنْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ حَتَّى يَعْرِفَهَا .
قُلْت فِي ثُبُوتِ الْعِلْمِ بِالرَّائِحَةِ بِالْخَبَرِ بُعْدٌ وَأُلْحِقَ مَعْرِفَةُ رَائِحَتِهَا لِمَنْ لَمْ يَكُنْ شَرِبَهَا قَطُّ بِرُؤْيَتِهِ مَنْ شَرِبَهَا وَمَنْ يَسُوقُهَا مِنْ مَكَان إلَى مَكَان وَبِرُؤْيَتِهِ إيَّاهَا مُرَاقَةً عَلَى مَنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِهَا وَإِدْرَاكُ هَذَا عَادَةً ضَرُورِيٌّ .
الْبَاجِيَّ وَعَدَدُ مَنْ يَشْهَدُ بِهِ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ أَمَرَ بِالِاسْتِنْكَاهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ

يُنْدَبُ أَنْ يَأْمُرَ شَاهِدَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا وَاحِدٌ وَجَبَ الْحَدُّ ، وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُمْ الْإِمَامُ فَلَا يَجُوزُ أَقَلُّ مِنْ اثْنَيْنِ ، وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَ الْحَاكِمِ إلَّا وَاحِدٌ رَفَعَهُ لِمَنْ فَوْقَهُ ، وَقَالَ أَصْبَغُ عِنْدِي أَنَّهُ يُحَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ ، فَإِذَا أَمَرَهُ فَكَأَنَّهُ مُسْتَنَابُهُ .

وَإِنْ خُولِفَا
وَإِذَا شَهِدَ بِالشُّرْبِ أَوْ بِالرَّائِحَةِ عَدْلَانِ عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمَا إنْ لَمْ يُخَالَفَا بَلْ ( وَإِنْ خُولِفَا ) أَيْ الْعَدْلَانِ فِي شَهَادَتِهِمَا بِرَائِحَتِهَا بِأَنْ شَهِدَ عَدْلَانِ آخَرَانِ أَنَّهَا لَيْسَتْ رَائِحَتَهَا ، أَوْ أَنَّهُ شَرِبَ نَبِيذًا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَ الشُّهُودُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ رَائِحَةُ مُسْكِرٍ ، وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ رَائِحَةُ غَيْرِ مُسْكِرٍ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ اجْتَمَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ عَلَى أَنَّهَا رَائِحَةُ مُسْكِرٍ حُدَّ ، وَإِنْ شَكَّ الشُّهُودُ فِي الرَّائِحَةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّفَهِ نُكِّلَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ خَلَّى سَبِيلَهُ سَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ .
وَالْمَوَّازِيَّةِ .
قُلْت لِلشَّيْخِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يُخْتَبَرُ بِقِرَاءَةٍ الَّتِي لَا شَكَّ فِي مَعْرِفَتِهِ بِهَا مِنْ السُّوَرِ الْقِصَارِ فَذَلِكَ مُسْتَحْسِنٌ عِنْدَ الْإِشْكَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَأْ وَاخْتَلَطَ فَقَدْ شَرِبَ مُسْكِرًا فَيُحَدُّ ، وَسَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَرِبَ خَمْرًا وَآخَرُ أَنَّهُ شَرِبَ مُسْكِرًا حُدَّ ، وَلَوْ شَهِدَ أَنَّهُ قَاءَ خَمْرًا حُدَّ وَقَالَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .

وَجَازَ لِإِكْرَاهٍ ، وَإِسَاغَةٍ
( وَجَازَ ) شُرْبُ الْمُسْكِرِ ( لِإِكْرَاهٍ ) عَلَيْهِ بِخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قَيْدٍ أَيْ انْتَفَتْ حُرْمَتُهُ ، لِأَنَّ الْمُكْرَهَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَالْمَجْنُونِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ جَوَازٌ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُحَدُّ الْمُكْرَهُ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ أَوْ تَكْلِيفِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِعُمُومِ اعْتِبَارِهِ فِي الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ .
( وَ ) جَازَ ( لِإِسَاغَةِ ) الْغُصَّةِ أَيْقَنَ الْمَوْتَ بِهَا صَوْنًا لِحَيَاةِ النَّفْسِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يُحَدُّ الْمُضْطَرُّ لِلْإِسَاغَةِ لِوُضُوحِ الشُّبْهَةِ .
الشَّيْخُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُخْتَصَرِ لَا يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الْخَمْرَ .
الْبَاجِيَّ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَنْ غَصَّ بِطَعَامٍ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يُجَوِّزْهُ فَلَهُ أَنْ يُجَوِّزَهُ بِالْخَمْرِ ، وَقَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ .
وَلِأَصْبَغَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الدَّمَ وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اُضْطُرَّ إلَى شُرْبِ الْخَمْرِ لَا يَشْرَبُهَا لَا تَزِيدُهُ إلَّا شَرًّا .
ابْنُ رُشْدٍ تَعْلِيلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ فِي شُرْبِهَا مَنْفَعَةٌ جَازَ لَهُ شُرْبُهَا ، وَاسْتَدَلَّ مُحَمَّدٌ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ عَلَى أَنَّ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِهَذَا التَّعْلِيلِ ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ فَخَشِيَ الْمَوْتَ وَلَمْ يَجِدْ مَا يُسِيغُهَا بِهِ إلَّا الْخَمْرَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ .

لَا دَوَاءٍ ، وَلَوْ طِلَاءً ، وَالْحُدُودُ بِسَوْطٍ وَضَرْبٍ : مُعْتَدِلَيْنِ
( لَا ) يَجُوزُ الْمُسْكِرُ ل ( دَوَاءٍ ) إنْ كَانَ بِأَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( طِلَاءً ) بِكَسْرِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا أَيْ دِهَانًا عَلَى ظَاهِرِ الْجَسَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ ابْنِ شَاسٍ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ سَمِعَ أَشْهَبُ التَّدَاوِي فِي الْقُرْحَةِ بِالْبَوْلِ أَخَفُّ مِنْ التَّدَاوِي فِيهَا بِالْخَمْرِ .
ابْنُ رُشْدٍ لِمَا جَاءَ فِي الْخَمْرِ أَنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ وَلَمْ يَأْتِ فِي الْبَوْلِ إلَّا أَنَّهُ نَجِسٌ ، وَفِي زَاهِي ابْنِ شَعْبَانَ يُتَعَالَجُ بِالْمُسْكِرِ وَإِنْ غُسِلَ بِالْمَاءِ ، وَلَا يُدَاوَى بِهِ دُبُرُ الدَّوَابِّ ، وَأَمَّا الدَّوَاءُ الَّذِي فِيهِ الْخَمْرُ فَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَرَدَّدَ فِيهِ عُلَمَاؤُنَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إنَّهَا لَيْسَتْ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهَا دَاءٌ } .
( وَالْحُدُودُ ) الَّتِي بِالْجِلْدِ كُلُّهَا ( بِضَرْبٍ ) لَا رَمْيٍ وَلَا حَذْفٍ ( وَسَوْطٍ ) لَا عَصًا .
الْجُزُولِيُّ إنَّمَا يُضْرَبُ بِسَوْطٍ وَصِفَتُهُ كَوْنُهُ مِنْ جِلْدٍ وَاحِدٍ وَلَيْسَ لَهُ رَأْسَانِ ، وَكَوْنُ رَأْسِهِ لَيِّنًا وَيَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى ، وَلَا يَقْبِضُ عَلَيْهِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ وَيَعْقِدُ عَلَيْهِ عَقْدَ التِّسْعِينَ وَيُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَيُؤَخِّرُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَدِرَّةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ ( مُعْتَدِلَيْنِ ) أَيْ مُتَوَسِّطَيْنِ ، فَاعْتِدَالُ الضَّرْبِ بِكَوْنِهِ مِنْ رَجُلٍ مُتَوَسِّطِ الْقُوَّةِ لَا شَدِيدِهَا وَلَا ضَعِيفِهَا ، وَكَوْنُهُ مِنْهُ لَا فِي غَايَةِ التَّشْدِيدِ وَلَا فِي غَايَةِ التَّخْفِيفِ وَاعْتِدَالُ السَّوْطِ كَوْنُهُ لَيْسَ جَدِيدًا وَلَا بَالِيًا .

قَاعِدًا ، بِلَا رَبْطٍ ، وَشَدِّ يَدٍ بِظَهْرِهِ ، وَكَتِفَيْهِ ، وَجُرِّدَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ صِفَةُ الضَّرْبِ فِي الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَالتَّعْزِيرِ ضَرْبٌ وَاحِدٌ ضَرْبٌ بَيْنَ ضَرْبَيْنِ لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا بِالْخَفِيفِ ، وَلَمْ يَحُدَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ضَمَّ الضَّارِبِ يَدَهُ إلَى جَنْبِهِ ، وَلَا يُجْزِي فِي الضَّرْبِ فِي الْحُدُودِ قَضِيبٌ وَشِرَاكٌ وَدِرَّةٌ لَكِنْ السَّوْطُ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ دِرَّةُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِلتَّأْدِيبِ ، وَصِفَةُ عَقْدِ تِسْعِينَ أَنْ يَعْطِفَ السَّبَّابَةَ حَتَّى تَلْقَى الْكَفَّ وَيَضُمَّ الْإِبْهَامَ إلَيْهَا أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ .
الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا يَتَوَلَّى ضَرْبَ الْحَدِّ قَوِيٌّ وَلَا ضَعِيفٌ وَلَكِنْ وَسَطٌ مِنْ الرِّجَالِ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كُنْت أَسْمَعُ أَنَّهُ يُخْتَارُ لَهُ الْعَدْلُ وَيَضْرِبُ عَلَى الظَّهْرِ وَالْكَتِفَيْنِ دُونَ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالْمَحْدُودُ قَاعِدٌ لَا يُرْبَطُ ، لَا يُمَدُّ وَتُخْلَى لَهُ يَدَاهُ .
وَلِأَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ ضُرِبَ عَلَى ظَهْرِهِ بِالدِّرَّةِ أَجْزَأَ وَمَا هُوَ بِالْبَيِّنِ حَالَ كَوْنِ الْمَحْدُودِ ( قَاعِدًا ) لَا قَائِمًا وَلَا مَمْدُودًا ( بِلَا رَبْطٍ ) لَهُ بِشَيْءٍ ( وَ ) بِلَا ( شَدٍّ ) أَيْ رَبْطٍ أَوْ مَسْكِ ( يَدٍ ) مِنْ الْمَحْدُودِ إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ اضْطِرَابًا لَا يَصِلُ الضَّرْبُ مَعَهُ إلَى مَوْضِعِهِ وَيُضْرَبُ ( بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ ) دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ جَسَدِهِ ( وَجُرِّدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ ) مِمَّا يَقِي ( الضَّرْبَ ) مِنْ الثِّيَابِ ، وَظَاهِرُهُ تَسَاوِيهِمَا ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُتْرَكُ عَلَيْهِ شَيْءٌ " ق " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ لِلضَّرْبِ وَيُتْرَكُ لِلْمَرْأَةِ مَا يَسْتُرُ جَسَدَهَا وَلَا يَقِيهَا الضَّرْبَ .

وَنُدِبَ جَعْلُهَا فِي قُفَّةٍ ، وَعَزَّرَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ حَبْسًا ، وَلَوْمًا ، وَبِالْإِقَامَةِ ، وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ ، وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ ، أَوْ بِغَيْرِهِ

( وَ ) إذَا حُدَّتْ الْمَرْأَةُ ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( جَعْلُهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ حَالَ حَدِّهَا ( فِي قُفَّةٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْفَاءِ مُثَقَّلًا ، وَلَمَّا بَلَغَ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ بَعْضَ الْأُمَرَاءِ فَعَلَهُ أَعْجَبَهُ .
زَادَ اللَّخْمِيُّ وَيُجْعَلُ تَحْتَهَا تُرَابٌ مَبْلُولٌ بِمَاءٍ لِلسَّتْرِ ( وَعَزَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ أَدَّبَ وَعَاقَبَ ( الْإِمَامُ ) أَيْ الْحَاكِمُ خَلِيفَةً كَانَ أَوْ نَائِبَهُ ( لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ) تَعَالَى مَعْصِيَةٍ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا حَقَّ لِآدَمِيٍّ فِيهَا ، بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ كَتَعَمُّدِ الْفِطْرِ بِرَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَالتَّفْرِيطِ فِي الطَّهَارَةِ وَتَرْكِ شَيْءٍ مِمَّا يَتَعَلَّقُ الصَّلَاةُ ( أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ ) كَشَتْمِهِ أَوْ ضَرْبِهِ وَلَا يَخْلُو عَنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، إذْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مُكَلَّفٍ تَرْكُهُ أَذَاهُ لِغَيْرِهِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ لِمُسْتَحِقِّهِ ، لَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْقِسْمُ إنَّمَا يُنْظَرُ فِيهِ بِاعْتِبَارِ حَقِّ الْآدَمِيِّ جُعِلَ قَسِيمًا لِلْأَوَّلِ ، فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ ( حَبْسًا وَلَوْمًا ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ، أَيْ تَوْبِيخًا بِالْكَلَامِ .
( وَبِالْإِقَامَةِ ) مِنْ الْمَجْلِسِ ، أَيْ أَمَرَهُ بِالْوُقُوفِ عَلَى قَدَمَيْهِ وَالنَّاسُ جُلُوسٌ ( وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ ) مِنْ رَأْسِهِ ( وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ ) كَعَصًا وَدِرَّةٍ وَإِنْ جَاءَ فَاعِلُ مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى تَائِبًا سَقَطَ تَعْزِيرُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَأُدِّبَ الْمُفْطِرُ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا ، وَالتَّأْدِيبُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٌ مُطْلَقًا ، وَلِحَقِّ الْآدَمِيِّ وَاجِبٌ إنْ قَامَ بِهِ .
وَشَرْطُ التَّعْزِيرِ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى الِاتِّفَاقُ عَلَى تَحْرِيمِهَا ، فَإِنْ كَانَتْ مُحَرَّمَةً عِنْدَ الَّذِي رُفِعَتْ إلَيْهِ وَغَيْرَ مُحَرَّمَةٍ عِنْدَ غَيْرِهِ فَلَا يُعَزِّرُهُ إذَا قَوِيَ دَلِيلُ حِلِّهَا وَ إلَّا فَيُعَزِّرُهُ ، وَصِفَتُهُ كَالْجَلْدِ ، لَكِنْ يَكُونُ بِالدِّرَّةِ وَالْعَصَا

أَيْضًا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَمُوجَبُ الْمَعْصِيَةِ غَيْرِ الْمُوجِبَةِ حَدًّا عُقُوبَةُ فَاعِلِهَا إنْ رُفِعَ لِلْإِمَامِ ، وَفِي قَذْفِهَا .
وَأَمَّا النَّكَالُ وَالتَّعْزِيرُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْعَفْوُ وَالشَّفَاعَةُ وَإِنْ بَلَغَ الْإِمَامَ ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ وَالنَّكَالُ وَانْتَهَى أَمْرُهُ لِلْإِمَامِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَفَافِ وَالْمُرُوءَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ طَائِرَةٌ مِنْهُ تَجَافَى مِنْهُ السُّلْطَانُ وَإِنْ عُرِفَ بِالْأَذَى ضُرِبَ النَّكَالَ .
الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَ وَيَسْتُرَ مَنْ تَكُونُ مِنْهُ الزَّلَّةُ ، وَأَمَّا الْمُعْلِنُ فَأَهْلٌ لَأَنْ يُوجَعَ وَيُزْجَرَ .
قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ لَهُ جَارُ سُوءٍ يُظْهِرُ مَا لَا يَنْبَغِي فِي الْإِسْلَامِ هَلْ يَدُلُّ عَلَيْهِ ، قَالَ يَقْدَمُ إلَيْهِ وَيَنْهَاهُ ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فَلْيَدُلَّ عَلَيْهِ ، وَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مَشَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَيْلًا فَرَأَى نَارًا فِي بَيْتٍ فَأَتَى إلَيْهَا فَإِذَا بِقَوْمٍ يَشْرَبُونَ وَفِيهِمْ شَيْخٌ ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ لَهُمْ يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ أَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْكُمْ ، فَقَالَ الشَّيْخُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا نَحْنُ بِأَعْظَمَ مِنْك ذَنْبًا تَجَسَّسْتَ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَجَسَّسُوا } وَاقْتَحَمْتَ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا } ، وَدَخَلْتَ بِلَا إذْنٍ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ } وَخَاطَبْتنَا بِمَا قُلْت ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ } فَاحْتَشَمَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ ذَرُوا هَذِهِ بِهَذِهِ وَتَرَكَهُمْ .
وَسَمِعَ أَشْهَبُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ يَا كَلْبُ فَذَلِكَ يَخْتَلِفُ إمَّا أَنْ يُقَالَ لِذِي الْفَضْلِ وَالْهَيْئَةِ وَالشَّرَفِ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ يُقَالُ لِدَنِيءٍ .
ابْنُ رُشْدٍ فَإِنْ كَانَ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِلُ عُقُوبَةً خَفِيفَةً يُهَانُ بِهَا

وَلَا يُبْلَغُ بِهِ السِّجْنَ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ الْقَائِلُ أَشَدَّ عُقُوبَةِ الْأَوَّلِ ، وَيُبْلَغُ بِهِ فِيهَا السِّجْنَ وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالتَّوْبِيخِ ، وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْإِهَانَةَ وَالسِّجْنَ ، وَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ مِنْ غَيْرِ ذَوِي الْهَيْئَةِ ، وَالْمَقُولُ لَهُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَةِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ فِي أَخْبَارِ الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعَاقِبُونَ الرَّجُلَ عَلَى قَدْرِهِ وَقَدْرِ جِنَايَتِهِ مِنْهُمْ مَنْ يُضْرَبُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحْبَسُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَامُ وَاقِفًا عَلَى قَدَمَيْهِ فِي تِلْكَ الْمَحَافِلِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تُنْزَعُ عِمَامَتُهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُحَلُّ إزَارُهُ .
قُلْت وَمِمَّا جَرَى بِهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ ضَرْبُ الْقَفَا مُجَرَّدًا عَنْ سَاتِرٍ بِالْأَكُفِّ .

وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدِّ

وَيَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِالضَّرْبِ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْحَدِّ أَوْ قَدْرَهُ ، بَلْ ( وَإِنْ زَادَ ) الضَّرْبُ ( عَلَى الْحَدِّ ) الشَّرْعِيِّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي صِحَّةِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْحَدِّ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ لِعِظَمِ جُرْمِ الْجَانِي وَمَنْعُهَا قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَغَيْرِهِ لِنَقْلِ الشَّيْخِ رِوَايَةَ مُطَرِّفٍ مَنْ أَخَذَ سَكْرَانَ فِي الْأَسْوَاقِ وَقَدْ آذَى النَّاسَ بِرَمْيٍ أَوْ سَيْفٍ أَرَى أَنْ يُزَادَ فِي عُقُوبَتِهِ فَيُبْلَغُ بِهِ مَعَ الْحَدِّ نَحْوَ الْخَمْسِينَ وَالْمِائَةِ وَالْمِائَتَيْنِ ، وَنَقَلَ غَيْرُهُ لَا يُزَادُ عَلَى الْحَدِّ ، وَرَوَى مُسْلِمٌ بِسَنَدِهِ لَا يُجْلَدُ فَوْقَ أَسْوَاطٍ إلَّا فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى .
الْمَازِرِيُّ هَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِأَنَّهُ يُجِيزُ فِي الْعُقُوبَاتِ فَوْقَ الْحُدُودِ ، لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ضَرَبَ مَنْ نَقَشَ عَلَى خَاتَمِهِ مِائَةً ، وَضَرَبَ ضُبَيْعًا أَكْثَرَ مِنْ الْحَدِّ ، وَتَأَوَّلَ أَصْحَابُنَا الْحَدِيثَ عَلَى قَصْرِهِ عَلَى زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ كَانَ يَكْفِي الْجَانِي مِنْهُمْ هَذَا الْقَدْرَ .
عِيَاضٌ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَخَذَ أَشْهَبُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُ .
وَاخْتَلَفَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ وَعَنْهُمْ مَا تَقَدَّمَ ، وَعَنْهُ فِي التُّهْمَةِ بِالْخَمْرِ وَالْفَاحِشَةِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ سَوْطًا وَلَا يُبْلَغُ بِهِ الْحَدَّ ، وَمَالَ إلَيْهِ أَصْبَغُ وَنَحْوُهُ لِمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ .
قَالَ لَا يَبْلُغُ ضَرْبُ السُّلْطَانِ فِي الْأَدَبِ الْحَدَّ أَبَدًا .
وَقَالَ أَشْهَبُ مُؤَدِّبُ الصِّبْيَانِ لَا يَضْرِبُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَسْوَاطٍ ، فَإِنْ زَادَ اُقْتُصَّ مِنْهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ شَاسٍ الْأَبُ يُؤَدِّبُ ابْنَهُ الصَّغِيرَ دُونَ الْكَبِيرِ وَمُعَلِّمُهُ بِإِذْنِهِ .
قُلْت لِأَنَّ تَرْكَ تَأْدِيبِهِ يُكْسِبُهُ فَسَادًا ،

ثُمَّ قَالَ لِلسَّيِّدِ تَأْدِيبُ رَقِيقِهِ لِأَنَّهُ صَلَاحٌ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ وَلِلزَّوْجِ تَأْدِيبُ زَوْجَتِهِ فِي مَنْعِهَا حَقَّهَا ، وَلِذَا قِيلَ تَدْمِيَتُهَا عَلَيْهِ لَغْوٌ .
ابْنُ شَاسٍ لَوْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِضَرْبٍ مَخُوفٍ فَلَا يَجُوزُ تَعْزِيرُهَا ، وَلَا يَلْزَمُ الْإِمَامَ فِي التَّعْزِيرِ الِاقْتِصَارُ عَلَى مَا دُونَ الْحَدِّ وَلَا لَهُ الِانْتِهَاءُ بِهِ إلَى الْقَتْلِ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ أَمَرَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِضَرْبِ شَخْصٍ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ مُجَرَّدًا فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ ، وَضَمِنَ مَا سَرَى :

وَسَوَاءٌ سَلِمَ الْمُعَزَّرُ ( أَوْ أَتَى ) تَعْزِيرُهُ ( عَلَى النَّفْسِ ) بِأَنْ مَاتَ مِنْهُ إنْ ظَنَّ الْإِمَامُ سَلَامَتَهُ ( وَ ) إلَّا ( ضَمِنَ ) الْإِمَامُ ( مَا سَرَى ) أَيْ تَرَتَّبَ عَلَى تَعْزِيرِهِ ، فَإِنْ مَاتَ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَإِنْ تَلِفَتْ لَهُ مَنْفَعَةٌ ضَمِنَ دِيَتَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ صَبِيًّا مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ مِنْهُ لِأَدَبِهِ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ جَاوَزَ بِهِ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ .
عج الْمَسَائِلُ ثَلَاثَةٌ : الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ نَقْصٌ ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ .
وَاخْتُلِفَ فِي ضَمَانِهِ فَقِيلَ لَا يَضْمَنُ سَوَاءٌ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَنْشَأُ عَنْ فِعْلِهِ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا ، وَهَذَا يُفِيدُهُ مَا فِي النَّوَادِرِ وَالْعُتْبِيَّةِ ، وَعَزَاهُ الْمُوَضِّحُ لِلْجُمْهُورِ .
الثَّانِيَةُ ، أَنْ يَفْعَلَ مَعَ ظَنِّهِ عَدَمَ سَلَامَتِهِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْفِعْلِ ، وَيُقْتَصُّ مِنْهُ سَوَاءٌ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ يَنْشَأُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ لَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَفْعَلَ مَعَ شَكِّهِ فِي سَلَامَتِهِ وَعَدَمِهَا ، وَيَنْشَأُ عَنْهُ هَلَاكٌ أَوْ عَيْبٌ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ .
طفي قَوْلُهُ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ .
تت مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ ، ثُمَّ قَالَ وَإِلَّا ضَمِنَ زَادَ فِي كَبِيرِهِ وَعَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ لَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا صُعُوبَةٌ إذْ الْوُلَاةُ مَأْمُورُونَ بِالتَّأْدِيبِ وَالتَّعْزِيرِ فَتَضْمِينُهُمْ مَا سَرَى إلَيْهِ التَّعْزِيرُ مَعَ أَمْرِهِمْ بِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ ، وَأَشَدُّ مِنْهُ الْإِقَادَةُ مِنْهُمْ وَعَلَى إشْكَالِهِ أَنْشَدَ بَعْضُهُمْ : أَلْقَاهُ فِي الْبَحْرِ مَكْتُوفًا وَقَالَ لَهُ إيَّاكَ إيَّاكَ أَنْ

تَبْتَلَّ بِالْمَاءِ وَتَقْرِيرُهُ الَّذِي زَعَمَ دَفْعَ الْمُنَاقَضَةِ بِهِ وَالْإِشْكَالَ أَصْلُهُ لِشَيْخِهِ دَاوُد ، وَهُوَ خِلَافُ إطْلَاقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَخِلَافُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَا يَنْتَهِي لِلْقَتْلِ ، أَيْ لَا يُؤَدِّبُهُ بِقَتْلِهِ وَيُحْتَمَلُ لَا يَنْتَهِي فِي تَأْدِيبِهِ بِالضَّرْبِ إلَى مَا يُخْشَى مِنْهُ قَتْلُهُ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ فَقَدْ قَالَ مُطَرِّفٌ يَضْرِبُهُ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ ، وَرُوِيَ مِنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ أَمَرَ بِضَرْبِ شَخْصٍ وُجِدَ مَعَ صَبِيٍّ فِي سَطْحِ الْمَسْجِدِ قَدْ جَرَّدَهُ وَضَمَّهُ إلَى صَدْرِهِ أَرْبَعَمِائَةِ سَوْطٍ فَانْتَفَخَ وَمَاتَ وَلَمْ يَسْتَعْظِمْ ذَلِكَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ا هـ .
فَقَدْ اسْتَظْهَرَ جَوَازَ التَّأْدِيبِ مَعَ عَدَمِ ظَنِّ السَّلَامَةِ .
وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وتت مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ ، فَكَيْفَ يُقَيِّدُهُ بِظَنِّ سَلَامَتِهِ وَقَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ ، فَإِنْ سَرَى فَعَلَى الْعَاقِلَةِ مَا نَصُّهُ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ غَالِبًا فِي الذِّهْنِ ، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَلِظَاهِرِ الْحِكَايَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلِأَنَّ الْحَاكِمَ وَغَيْرَهُ إذَا جَازَتْ لَهُ الْعُقُوبَةُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ ضَمَانٌ وَتَضْمِينُهُمْ مَعَ أَمْرِهِمْ بِهِ كَتَكْلِيفٍ بِمَا لَا يُطَاقُ ، وَفِي الْإِكْمَالِ أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَاتَ مِنْ التَّعْزِيرِ فَقَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَقْلُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ وَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَقِيلَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ ، وَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ا هـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ .
فَأَنْتَ تَرَاهُ اعْتَرَضَ تَقْيِيدَ

ابْنِ الْحَاجِبِ الْمَذْكُورَ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ ، وَلِذَا حَادَ عَنْهُ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَتَقْرِيرُهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ مَا سَرَى خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ فِي تَرْتِيبِهِمْ الضَّمَانَ عَلَى فِعْلِهِ مَا يَجُوزُ لَهُ ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ نَفْسُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ وَالْمُصَنِّفِ ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ عِنْدَهُ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ وَرَتَّبَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ ، وَلِكَوْنِهِ مُرَتَّبًا عَلَى فِعْلِ الْجَائِزِ أَتَى اسْتِشْكَالُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ سَلَّمَهُ الشَّارِحُ وَابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَلَا سَلَفَ لتت فِيمَا قَالَهُ مِنْ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ سِوَى اخْتِيَارَاتٍ لِبَعْضِ الشَّارِحِينَ لَا مُسَاعِدَ لَهَا مِنْ النَّقْلِ فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَتَرْتِيبُ الضَّمَانِ عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَسَلَفُ الْمُصَنِّفِ فِي ذَلِكَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ اخْتَلَفَ مُتَأَخِّرُو شُيُوخِنَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِيمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ أَوْ فَعَلَ مَا يُبَاحُ لَهُ مِمَّنْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أُبِيحَ كَالْحَاكِمِ وَضَارِبِ الْحَدِّ وَالْمُؤَدِّبِ وَالزَّوْجِ وَالْخَاتِنِ وَالطَّبِيبِ ، فَقِيلَ ذَلِكَ كَالْخَطَأِ وَيَدْخُلُهَا الِاخْتِلَافُ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُتَقَدِّمِ ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْبَاجِيَّ .
وَقِيلَ إذَا كَانَ إنَّمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ وَحَيْثُ يَجُوزُ وَلَا يُعَدُّ غَلَطًا وَلَا قَصْدًا فَهِيَ كَمَسْأَلَةِ اللَّعِبِ ، وَيَدْخُلُهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ مُطَرِّفٍ ، وَمَذْهَبُ ابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ حَبِيبٍ هَلْ هُوَ خَطَأٌ أَوْ عَمْدٌ أَوْ شِبْهُ الْعَمْدِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُنَا الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ بِقَوْلِهِ التَّعْزِيرُ جَائِزٌ بِشَرْطِ السَّلَامَةِ وَابْنُ شَاسٍ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ ، أَيْ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ سَلَامَةِ

الْعَاقِبَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمَا بَقَاءُ التَّفْرِيعِ ، فَإِنْ سَرَى فَعَلَى الْعَاقِلَةِ ا هـ .
كَلَامُ طفي وَسَلَّمَهُ الْبُنَانِيُّ وَاخْتَصَرَهُ .
قُلْت هَذِهِ هَفْوَةٌ مِنْ طفي عَظِيمَةٌ وَغَلْطَةٌ جَسِيمَةٌ صَيَّرَ فِيهَا الْحَقَّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلَ حَقًّا وَذَلِكَ أَنَّهُ يَنْظُرُ بِقَطْعِ السَّارِقِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ اعْتِدَالَ الْهَوَاءِ وَلَا يُفْعَلُ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُخَافُ مِنْ فِعْلِهِ فِيهِ مَوْتُهُ وَأَنَّ الْمَرِيضَ إذَا وَجَبَ حَدُّهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ إلَى بُرْئِهِ وَأَنَّ مَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ مُوَالَاةِ الْحَدِّ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُطِقْهُ بِالْكُلِّيَّةِ يَسْقُطُ عَنْهُ وَإِذَا كَانَ هَذَا حُكْمَ الْحَدِّ فَكَيْفَ فِي التَّعْزِيرِ الَّذِي هُوَ دُونَهُ أَيُفْعَلُ مَعَ خَوْفِ الْمَوْتِ مِنْهُ .
وَأَيْضًا فَقَدْ قَالُوا لَيْسَ لِلْإِمَامِ التَّعْزِيرُ بِالْقَتْلِ فَكَيْفَ يُقَالُ يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَسِيلَةَ تُعْطَى حُكْمَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا فَيَلْزَمُ مِنْ امْتِنَاعِ التَّعْزِيرِ بِالْقَتْلِ امْتِنَاعُ التَّعْزِيرِ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ الْمُنْتَهِي لِلْمَوْتِ قَتْلٌ ، وَقَدْ قَالُوا لَا يَنْتَهِي الْإِمَامُ فِي التَّأْدِيبِ لِلْقَتْلِ ، وَأَيْضًا فَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مُعَلِّمُ الْكِتَابِ وَالصَّنْعَةِ إنْ ضَرَبَ صَبِيًّا مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ لِأَدَبِهِ فَمَاتَ فَلَا يَضْمَنُ ، وَإِنْ جَاوَزَ بِهِ الْأَدَبَ ضَمِنَ مَا أَصَابَهُ ، وَهَذَا نَصٌّ فِي اشْتِرَاطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى التَّأْدِيبِ ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمَا ، وَهَذَا سَلَفُ دَاوُد وتت وَمَنْ وَافَقَهُمَا ، وَجَوَابُهُمْ عَنْ اسْتِشْكَالِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ مُتَعَيِّنٌ لَا مَنْدُوحَةَ عَنْهُ ، وَمَا حُكِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَحْمُولٌ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57