كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

الْأَمَةُ فَعَلَى وَاطِئِهَا مَا نَقَصَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ ، فَإِنْ كَانَ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ طَاوَعَتْهُ وَلَوْ بِكْرًا وَإِنَّمَا يُعْلَمُ اتِّحَادُ الشُّبْهَةِ وَتَعَدُّدُهَا مِنْ قَوْلِ الْوَاطِئِ فَيُصَدَّقُ فِيهِ بِلَا يَمِينٍ ، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْوَطْئَاتِ .
وَاخْتَلَفَ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ كُلِّ وَطْئَةٍ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ بِعَدَدِهَا اُعْتُبِرَ مَهْرُ كُلِّ وَطْئَةٍ فِي وَقْتِهَا وَإِنْ اتَّحَدَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْأُولَى وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَوْ الْأَخِيرَةِ أَوْ الْوُسْطَى تَرَدُّدٌ .

وَجَازَ : شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ بِهَا فِي عِشْرَةٍ ، أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا
( وَجَازَ ) فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ( شَرْطُ أَنْ لَا يَضُرَّ ) الزَّوْجُ ( بِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ أَيْ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ إضْرَارٌ لَهَا ( فِي عِشْرَةٍ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ، أَيْ مُعَاشَرَةٍ ( أَوْ كِسْوَةٍ وَنَحْوِهِمَا ) مِنْ كُلِّ مَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهِ كَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى ، فَإِنْ كَانَ لَا يَقْتَضِيهِ حَرُمَ إنْ نَافَاهُ وَإِلَّا كُرِهَ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْمَكْرُوهِ بِقَوْلِهِ وَلَا يَلْزَمُ الشَّرْطُ ، وَكُرِهَ وَلِلْحَرَامِ بِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى شَرْطٍ يُنَاقِضُ ، وَيَجُوزُ شَرْطُهُ عَلَيْهَا أَنْ لَا تَضُرَّ بِهِ فِي ذَلِكَ وَلَوْ شَرَطَ أَمْرَ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ لِمَوْلَاهَا فَمَاتَ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ وَلَوْ شَرَطَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَمَاتَ انْتَقَلَ لَهَا ، وَلَوْ شَرَطَ تَصْدِيقَهَا فِي دَعْوَى الضَّرَرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ فَرَوَى سَحْنُونٌ أَخَافُ أَنْ يَفْسَخَ النِّكَاحَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، فَإِنْ دَخَلَ مَضَى وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الضَّرَرِ وَبِهِ كَانَ يُفْتِي ابْنُ دَحُونٍ .

وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً : لَزِمَ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ ، لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي لَا أَتَسَرَّى

( وَلَوْ شَرَطَ ) الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ ( أَنْ لَا يَطَأَ ) مَعَهَا ( أُمَّ وَلَدٍ ) لَهُ ( أَوْ سُرِّيَّةً ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ السِّرِّ ، لِأَنَّهَا تُسَرُّ أَوْ بِضَمِّهَا مِنْ السُّرُورِ وَشَدِّ الرَّاءِ ، وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَتْ طَالِقًا أَوْ أَمْرُهَا بِيَدِهَا أَوْ كَانَتْ الْمَوْطُوءَةُ حُرَّةً ( لَزِمَ ) الشَّرْطُ الزَّوْجَ ( فِي ) أُمِّ الْوَلَدِ وَالسُّرِّيَّةِ ( السَّابِقَةِ ) عَلَى الشَّرْطِ مِنْهُمَا ( عَلَى الْأَصَحِّ ) وَأَوْلَى فِي اللَّاحِقَةِ وَالسُّرِّيَّةُ اللَّاحِقَةُ ظَاهِرَةٌ ، وَيُصَوَّرُ بِتَكَلُّفِ كَوْنِ أُمِّ الْوَلَدِ لَاحِقَةً بِإِبَانَةِ الزَّوْجَةِ الْمَشْرُوطِ لَهَا بِدُونِ الثَّلَاثِ ثُمَّ أَوْلَدَ أَمَةً ثُمَّ عَقَدَ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ ، فَإِنْ وَطِئَ أُمَّ وَلَدِهِ لَزِمَهُ مَا عَلَّقَهُ عَلَى وَطْئِهَا مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْ الْعِصْمَةِ الْمُعَلَّقِ فِيهَا ( لَا ) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ( فِي ) وَطْءِ ( أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةٍ فِي ) حَلِفِهِ لِزَوْجَتِهِ ( لَا أَتَسَرَّى ) .
عب فِيهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِأُمِّ وَلَدٍ إذْ السُّرِّيَّةُ كَذَلِكَ ، فَيَلْزَمُ فِي اللَّاحِقَةِ مِنْهُمَا لَا فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
الثَّانِي أَنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا وَاللَّاحِقَةِ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ الْوَطْءُ ، فَحُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَهُ حُكْمُ شَرْطِهِ عَدَمَ الْوَطْءِ .
وَأَمَّا إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ عَلَيْهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً فَلَا يَلْزَمُ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا ، لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ التَّجْدِيدُ وَالْإِحْدَاثُ .
ابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا مَسْأَلَةُ لَا أَتَسَرَّى فَمَعْرُوفَةٌ ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ فِيهَا قَوْلُ سَحْنُونٍ ، وَنَحَا إلَيْهِ ابْنُ لُبَابَةَ وَلَمْ يُتَابَعَا عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ أَنْ لَا يَطَأَ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِأَحَدٍ بَعْدَ مُطَالَعَةِ مَظَانِّ ذَلِكَ مِنْ النَّوَادِرِ وَأَسْمِعَةِ الْعُتْبِيَّةِ وَنَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَطُرَرِ ابْنِ عَاتٍ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ

عَرَفَةَ ، وَاَلَّذِي قَوِيَ فِي نَفْسِي أَنَّ لَفْظَ يَطَأُ مُصَحَّفٌ مِنْ لَفْظِ يُتَّخَذُ إذْ الْيَاءُ فِي أَوَّلِهِمَا وَالتَّاءُ وَالْخَاءُ قَدْ يَلْتَبِسَانِ بِالطَّاءِ وَقَرِينِهَا ، وَالذَّالُ إذَا عُلِّقَتْ تَلْتَبِسُ بِالْأَلْفِ ، وَأَنَّ لَفْظَ لَزِمَ صَوَابُهُ لَمْ يَلْزَمْ فَسَقَطَ لَمْ وَحَرْفُ الْمُضَارَعَةِ ، فَصَوَابُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةً لَمْ يَلْزَمْ فِي السَّابِقَةِ مِنْهُمَا ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ لَا فِي أُمِّ وَلَدٍ سَابِقَةً فِي أَنْ لَا أَتَسَرَّى إثْبَاتًا لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا نُفِيَ عَادَ إثْبَاتًا وَبِهَذَا يَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ ، وَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا سَتَرَاهُ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى .
فَفِي النَّوَادِرِ رَوَى يَحْيَى بْنُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ شَرَطَ لِزَوْجَتِهِ أَنَّ كُلَّ جَارِيَةٍ يَتَسَرَّرُهَا عَلَيْهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلِلرَّجُلِ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ فَيَطَأهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُنَّ يُعْتَقْنَ لِأَنَّ وَطْئَهُ تَسَرُّرٌ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَأَبُو زَيْدٍ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ وَأَنْكَرَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ ، وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ مِثْلَ مَا رَوَى يَحْيَى وَقَالَ ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ كُلُّ جَارِيَةٍ أَتَّخِذُهَا عَلَيْكِ حُرَّةٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ قَبْلَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُسْتَقْبَلُ اتِّخَاذُهُنَّ ، قَالَ : وَسَوَاءٌ عَلِمَتْ مَنْ عِنْدَهُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ لِأَنَّ الِاتِّخَاذَ فِعْلٌ وَاحِدٌ إذَا اتَّخَذَ جَارِيَةً فَقَدْ اتَّخَذَهَا وَلَيْسَ عَوْدَتُهُ لِوَطْئِهَا اتِّخَاذًا ، أَوْ الْعَوْدَةُ إلَى الْمَسِيسِ تَسَرُّرًا لِأَنَّ التَّسَرُّرَ الْوَطْءُ فَهُوَ يَتَكَرَّرُ ، وَالِاتِّخَاذُ كَالنِّكَاحِ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَنْكِحَ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ عِنْدَهُ ، وَعَلَيْهِ فِيمَنْ يَنْكِحُ مِنْ ذِي قَبْلُ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ ا هـ .
وَقَدْ تَضَمَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَ التَّسَرِّي وَالِاتِّخَاذِ

وَعَلَيْهِ يَحُومُ الْمُصَنِّفُ ، إلَّا أَنَّهُ قَدَّمَ وَأَخَّرَ .
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَكِنْ تَعَاكَسَ بَيْنَهُمَا الْمَشْهُورُ عَلَى حَسَبِ مَا صَوَّبْنَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَبِنَقْلِ ذَلِكَ تَتِمُّ الْفَائِدَةُ ، قَالَ فِيمَنْ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى اُخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ لَهُ سُرِّيَّةٌ قَبْلَ النِّكَاحِ هَلْ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا أَمْ لَا فَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى أَنَّ لَهُ وَطْأَهَا ، وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا ، فَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إنَّمَا الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ سُرِّيَّةً فِيمَا يُسْتَقْبَلُ .
وَوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَى لَا يَتَسَرَّرُ لَا يَمَسُّ سُرَرُهُ سُرَرَ أَمَةٍ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ ، فَهَذَا إنْ وَطِئَهَا فَقَدْ مَسَّ سُرَرُهُ سُرَرَهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الَّتِي فِي مِلْكِهِ قَبْلَ تَارِيخِ النِّكَاحِ .
ثُمَّ قَالَ فِي الَّذِي الْتَزَمَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَيْضًا إذَا كَانَ لَهُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادٍ تَقَدَّمَ اتِّخَاذُهُ إيَّاهُنَّ قَبْلَ نِكَاحِهِ فَوَطِئَهُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ ، هَلْ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ أَمْ لَا ، فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ لِأَنَّ التَّسَرُّرَ هُوَ الْوَطْءُ وَلِأَنَّ الَّتِي اشْتَرَطَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى مَعَهَا إنَّمَا أَرَادَتْ أَنْ لَا يَمَسَّ مَعَهَا غَيْرَهَا وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ وَأَصْبَغُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ .
قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ قَوْلُ سَحْنُونٍ جَيِّدٌ ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عِنْدَ أَهْلِ النَّظَرِ ، وَقَالَهُ أَبُو إبْرَاهِيمَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَلَمْ يَرَ قَوْلَ سَحْنُونٍ شَيْئًا وَبِهِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ ، قَالَ فَضْلٌ وَهَذَا بِخِلَافِ شَرْطِهِ أَنْ لَا يَتَّخِذَ أُمَّ وَلَدٍ إذَا هُوَ لَمْ يَقُلْ وَلَا يَتَسَرَّى ثُمَّ تَظْهَرُ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ قَدِيمَةٌ مِنْ قَبْلِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا كَالزَّوْجَةِ الْقَدِيمَةِ فِي هَذَا إلَّا قِيَامٌ لِلزَّوْجَةِ عَلَيْهِ بِوَطْئِهَا ، وَلَا

حُجَّةَ لَهَا فِي مَنْعِهِ ، وَإِنَّمَا لَهَا ذَلِكَ فِيمَا يَتَّخِذُهُ مِنْ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ عَقْدِ نِكَاحِهَا ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَأَفْتَى فِيهَا الْبَاجِيَّ بِهَذَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الشَّرْطُ فِيهَا وَإِنْ كَانَتْ قَدِيمَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا هُوَ الْآتِي عَلَى تَعْلِيلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الْقَصْدَ بِالشَّرْطِ أَنْ لَا يَجْمَعَ مَعَهَا غَيْرَهَا ، فَإِنْ قُلْت نَوَّعَ الْمُصَنِّفُ الِاتِّخَاذَ إلَى اتِّخَاذِ أُمِّ وَلَدٍ وَسُرِّيَّةٍ عَلَى مَا صَوَّبْت وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فِي التَّسَرِّي إلَّا عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ السَّابِقَةِ عَكْسُ مَا نَقَلْت عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ .
قُلْتُ لَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمَا وَاحِدٌ ، وَإِنَّمَا الْقَصْدُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الِاتِّخَاذِ وَالتَّسَرِّي ، فَظَهَرَ أَنْ لَا يَتَسَرَّى أَشَدَّ مِنْ لَا يَتَّخِذَ لِتَعَاكُسِ الْمَشْهُورِ فِيهِمَا .
وَأَمَّا لَا يَطَأُ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْ لَا يَتَسَرَّى بِاعْتِبَارِ مَا فُقِدَ ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ إنَّمَا التَّسَرُّرُ عِنْدَنَا الِاتِّخَاذُ وَلَيْسَ الْوَطْءُ ، فَإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لَا يُرِيدُ اتِّخَاذَهَا لِلْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ إنْ وَطِئَ جَارِيَةً فَيَلْزَمُهُ ، وَنَحْوُهُ رَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادَةَ وَأَنْكَرَهُ الْمَدَنِيُّونَ .
طَخِّيخِيٌّ فِيمَا زَعَمَهُ " غ " نَظَرٌ ، فَإِنَّ مَا نَقَلَهُ دَلِيلٌ لِصِحَّةِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، فَإِنَّ حَاصِلَ مَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ أَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الشَّرْطُ فِي السَّابِقَةِ مِنْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ سُرِّيَّةٍ فِي لَا أَطَؤُكُمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا فِي لَا أَتَسَرَّى ، فَحَمَلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْوَطْءِ فَأَلْزَمَهُ فِي السَّابِقَةِ ، وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الِاتِّخَاذِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ فِي السَّابِقَةِ ، وَعَلَى هَذَا مَشَى الْمُصَنِّفُ .
فَإِنْ قُلْت الِاتِّفَاقُ الَّذِي ذَكَرْته يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَصَحِّ .
قُلْتُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اطَّلَعَ عَلَى قَوْلٍ لِغَيْرِهِمَا عَلَى أَنَّ هَذَا وَارِدٌ عَلَى

" غ " أَيْضًا .
وَاعْتَرَضَ الْحَطّ عَلَى " غ " بِأَنَّهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَاتٍ أَنَّ الْوَطْءَ أَشَدُّ مِنْ التَّسَرِّي فَهُوَ أَوْلَى بِاللُّزُومِ فِي السَّابِقَةِ .
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَطَأَ أَوْ لَا يَتَسَرَّى وَخَالَفَ لَزِمَهُ فِي السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فِي لَا يَطَأُ ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَطْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي لَا يَتَسَرَّى ، وَأَحْرَى فِي اللَّاحِقَةِ فِيهِمَا وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَّخِذَ لَزِمَهُ فِي اللَّاحِقَةِ دُونَ السَّابِقَةِ بِاتِّفَاقٍ ، فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى طَرَفَيْنِ وَهُمَا لَا يَطَأُ وَلَا يَتَّخِذُ ، وَوَاسِطَةٍ وَهِيَ لَا يَتَسَرَّى .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : هِيَ كَلَا يَطَأُ ، وَقَالَ : سَحْنُونٌ كَلَا يَتَّخِذُ ، وَقَدْ نَظَمَ فَقِيلَ : وَطْءٌ تَسَرٍّ مُطْلَقًا قَدْ لَزِمَا كَلَاحِقٍ مَعَ اتِّخَاذٍ عُلِمَا تَلْخِيصُهُ لُزُومُ كُلِّ مَا عَدَا مَنْ سَبَقَتْ مَعَ اتِّخَاذٍ وُجِدَا

وَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِ شُرُوطٍ ، وَلَوْ لَمْ يُقَلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا .
( وَ ) إنْ شُرِطَ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَا يَتَزَوَّجُ وَلَا يَتَسَرَّى عَلَى زَوْجَتِهِ وَلَا يُخْرِجُهَا وَإِنْ خَالَفَ فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا وَفَعَلَ بَعْضَ ذَلِكَ فَ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( الْخِيَارُ ) فِي فِرَاقِهِ وَعَدَمِهِ ( بِ ) سَبَبِ مُخَالَفَتِهِ فِي ( بَعْضِ شُرُوطٍ ) بِأَنْ تَزَوَّجَ أَوْ تَسَرَّى عَلَيْهَا أَوْ أَخْرَجَهَا إنْ قِيلَ حَالَ الِاشْتِرَاطِ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُهَا بِيَدِهَا ، بَلْ ( وَلَمْ يُقَلْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ ( إنْ فَعَلَ ) الزَّوْجُ ( شَيْئًا مِنْهَا ) أَيْ الْأَشْيَاءِ الَّتِي اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ عَدَمُ فِعْلِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِفِعْلِهِ بَعْضَهَا فِي صُورَتَيْنِ ، إحْدَاهُمَا عَطْفُهَا بِالْوَاوِ ، ثُمَّ يَقُولُ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا فَأَمْرُك بِيَدِك .
وَالثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْتُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَنْ قَالَ مَتَى تَسَرَّيْتُ وَتَزَوَّجْتُ عَلَيْكِ وَأَخْرَجْتُك فَأَمْرُك بِيَدِك ، وَمِثْلُ هَذَا كِتَابَةُ الْمُوَثِّقِ أَنَّهُ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ شُرُوطًا مُعَيَّنَةً وَشَرَطَ لَهَا الْخِيَارَ بِمُخَالَفَتِهَا فَلَهَا الْخِيَارُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي بَعْضِهَا ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ وَبِالْبَعْضِ ، وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لَهَا فِي الشُّرُوطِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْوَاوِ وَلَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا إلَّا بِفِعْلِهِ جَمِيعِهَا ، وَعَلَى هَذَا الْقَرَافِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْقِيحِ وَالْوَانُّوغِيُّ وَبِهِ أَفْتَى صر قَائِلًا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ شَيْءٌ بِبَعْضِهَا جَمَعَهَا بِالْوَاوِ وَلَا يَقُولُ إنْ فَعَلْت شَيْئًا مِنْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَلَوْ كَتَبَ لَهَا بِهَا وَثِيقَةً عِنْدَ مَالِكِيٍّ ، فَإِنْ عَطَفَهَا بِأَوْ فَلَهَا الْخِيَارُ بِبَعْضِهَا ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ إنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْهَا .
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي تَعْلِيقِ خِيَارِهَا أَوْ كَوْنِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ فَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا وَقَعَ بِفِعْلِ بَعْضِهَا بِدُونِ خِيَارِهَا .

وَهَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ فَزِيَادَتُهُ كَنِتَاجٍ وَغَلَّةٍ وَنُقْصَانُهُ لَهُمَا وَعَلَيْهِمَا ؟ أَوْ لَا ؟ خِلَافٌ .

( وَهَلْ تَمْلِكُ ) الزَّوْجَةُ ( بِالْعَقْدِ ) لِلنِّكَاحِ ( النِّصْفَ ) مِنْ الْمَهْرِ وَلَا تَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ إلَّا بِدُخُولٍ أَوْ مَوْتٍ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الْمَهْرُ ( فَزِيَادَتُهُ ) أَيْ الْمَهْرِ ( كَنِتَاجٍ ) أَيْ أَوْلَادٍ لِلصَّدَاقِ ( وَغَلَّةٍ ) لِلصَّدَاقِ ( وَنُقْصَانُهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ ( لَهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلزِّيَادَةِ ( وَعَلَيْهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ رَاجِعٌ لِلنَّقْصِ .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ إنَّمَا مَحَلُّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الصَّوَابُ وَضْعُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَشَطَّرَ إلَخْ ، كَصَنِيعِ ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَأَمَّا إنْ فُسِخَ قَبْلَهُ فَالزِّيَادَةُ لِلزَّوْجِ ، وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ دَخَلَ أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَالزِّيَادَةُ لَهَا وَالنَّقْصُ عَلَيْهَا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي التَّلَفِ إذَا كَانَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ أَيًّا كَانَ ، وَكَذَا حُكْمُ الزِّيَادَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَأَمَّا مَا بَنَوْهُ عَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَضَعِيفٌ ، وَقَدْ كَرَّرَ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمَانِ هُنَا وَفِي مَوَاضِعَ ، وَمُحَصَّلُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ .
وَقَوْلُهُ كَنِتَاجٍ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ الْمَذْكُورُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ الْوَلَدُ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ قَوْلٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِغَلَّةٍ ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِحُكْمِهِ بِأَنَّهُ كَالْمَهْرِ ، ثُمَّ ذِكْرُهُ الْخِلَافَ فِيهَا وَبِنَائِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ لَيْسَ بِغَلَّةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ وَنَسْلَ الْحَيَوَانِ يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَيْنَهُمَا .
( أَوْ لَا ) تَمْلِكُ الزَّوْجَةُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَيْ لَا تَمْلِكُ

شَيْئًا ، وَبِهِ قَرَّرَ تت لِأَنَّهُ الَّذِي شَهَرَهُ ابْنُ شَاسٍ فَزِيَادَتُهُ لَهُ وَنَقْصُهُ عَلَيْهِ ، فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَدْ تَلِفَ فَيَدْفَعُ لَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ زَادَ فَهِيَ لَهُ أَوْ تَمْلِكُ الْجَمِيعَ فِيهِمَا لَهَا وَعَلَيْهَا وَجَعَلَهُ تت زَائِدًا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي الْجَوَابِ ( خِلَافٌ ) طفي ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا الْخِلَافَ فِي أَنَّهَا هَلْ تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ ، وَفَرَّعُوا عَلَيْهِمَا هَلْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا أَوْ لَهَا وَشَهَرَ ابْنُ شَاسٍ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَلَمْ يُفَرِّعْ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلزَّوْجِ ، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى التَّشْطِيرِ فَرَّعَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ فَرَّعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلزَّوْجِ سِوَى الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَلَوْلَا مَا قَالُوهُ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ أَوْ لَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَوْ لَا تَمْلِكُ النِّصْفَ بَلْ الْجَمِيعَ ، فَيَكُونُ أَوْفَقَ بِكَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَيَأْتِي التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا فَمُخَالَفَةُ اصْطِلَاحِهِ أَخَفُّ مِنْ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَفِي كَلَامِ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ نَظَرٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
يَعْنِي فِي تَشْهِيرِهِ كَوْنَ الْغَلَّةِ وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا بَيْنَهُمَا ، وَعَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ تَكُونُ لَهَا وَلَا يَلْزَمُ هَذَا .
ابْنُ شَاسٍ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّعْهُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْغَلَّةِ يَأْتِي فِيهِ التَّفْرِيعُ وَبِهِ صَرَّحَ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَدَ حُكْمُهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوَاعِدِ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ ، وَصَنِيعُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى هَذَا لِأَنَّهُ حُكْمٌ لِلْوَلَدِ بِحُكْمِ الْمَهْرِ ، ثُمَّ

ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْغَلَّةِ وَالْبِنَاءَ فِيهَا عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ ، وَنَصُّهُ وَمَا حَدَثَ بِالْمَهْرِ مِنْ زِيَادَةٍ بِوِلَادَةِ مِثْلِهِ وَفِي كَوْنِ غَلَّتِهِ ثَمَرَةً أَوْ غَيْرَهَا أَوْ هِبَةَ مَالٍ لَهُ وَهُوَ رَقِيقٌ لَهَا أَوْ بَيْنَهُمَا بِنَاءً عَلَى مِلْكِهَا بِالْعَقْدِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَكَذَا صَنِيعُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا كُلُّ مَا أَصْدَقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا هُوَ بِعَيْنِهِ فَقَبَضَتْهُ أَوْ لَمْ تَقْبِضْهُ فَحَالَ سَوْقُهُ أَوْ نَقَصَ فِي بَدَنِهِ أَوْ نَمَا أَوْ تَوَالَدَ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلِلزَّوْجِ نِصْفُ مَا أَدْرَكَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ طَلَّقَ عَلَى مَا هُوَ بِهِ مِنْ نَقْصٍ أَوْ نَمَاءٍ ، وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَضَاءِ قَاضٍ لِأَنَّهُ شَرِيكُهَا .
وَكَذَا إنْ نَكَحَهَا بِحَائِطٍ أَوْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ فَمَا أَغْلَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا كَانَ بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِهِ ، وَكَذَا الْأَمَةُ تَلِدُ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَهَا أَوْ كَسَبَتْ مَالًا أَوْ اغْتَلَّتْ غَلَّةً أَوْ وُهِبَ لَهَا أَوْ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَهَذَا كُلُّهُ إنْ طَلُقَتْ قَبْلَهُ بَيْنَهُمَا ، وَكُلُّ مَا غَلَّ أَوْ تَنَاسَلَ مِنْ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ أَوْ ثَمَرِ شَجَرٍ أَوْ نَخْلٍ أَوْ كَرْمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمَا .
وَقِيلَ إنَّ كُلَّ غَلَّةٍ أَوْ قَمَرَةٍ لَهَا خَاصَّةً بِضَمَانِهَا .
ا هـ .
فَقَدْ رَأَيْت أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الْبِنَاءَ إلَّا فِي الْغَلَّةِ ، وَالْحَقُّ هُوَ الْمُتَّبَعُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

وَعَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَالْمُعْتَقِ يَوْمَهُمَا
( وَ ) إنْ وَهَبَتْ أَوْ أَعْتَقَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهِبَتُهَا وَإِعْتَاقُهَا مَاضِيَانِ فَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بَعْدَ هِبَةِ الصَّدَاقِ أَوْ عِتْقِهِ ( نِصْفُ قِيمَةِ ) الصَّدَاقِ ( الْمَوْهُوبِ ) مِنْهَا لِغَيْرِ زَوْجَهَا ( أَوْ الْمُعْتَقِ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مُعْتَبَرَةً ( يَوْمَهُمَا ) أَيْ الْهِبَةِ وَالْإِعْتَاقِ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّفْوِيتِ وَالْإِخْدَامُ كَالْهِبَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُعْسِرَةً .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَتَعَيَّنُ الْقِيمَةُ فِي الْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا يَوْمَ أَفَاتَتْهُ .
وَقِيلَ يَوْمَ قَبَضَتْهُ بِنَاءً عَلَيْهِمَا وَنِصْفُ ثَمَنِ الْمَبِيعِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ أَوْ التَّعْلِيلَيْنِ ، أَيْ هَلْ مَلَكَتْ النِّصْفَ أَوْ الْجَمِيعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
ا هـ .
فَالْأَوَّلُ وَهُوَ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ النِّصْفَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَشْهُورُ اعْتِبَارُ يَوْمِ الْإِفَاتَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَنِصْفُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ ، إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ لِعُسْرِهَا يَوْمَ الْعِتْقِ ، ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا عَتَقَ النِّصْفُ بِلَا قَضَاءٍ وَتَشَطَّرَ ، وَمَزِيدٌ بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَهَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا قَبْلَهُ .
وَلَهَا أَخْذُهُ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ

( وَ ) إنْ بَاعَتْ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهَا ( نِصْفُ الثَّمَنِ ) الَّذِي بَاعَتْ بِهِ الصَّدَاقَ ( فِي الْبَيْعِ ) بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا ، وَمَضَى الْبَيْعُ فِيهِمَا وَإِنْ لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ ( وَلَا يُرَدُّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ ( الْعِتْقُ ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجَةِ كُلَّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَرُدَّهُ الزَّوْجُ ) قَبْلَ طَلَاقِهَا أَوْ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ إلَّا بَعْدَهُ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهَا إلَيْهِ عَلَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ ( لِعُسْرِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ مُعْتَبَرًا ( يَوْمَ الْعِتْقِ ) فَلَا يُعْتَبَرُ عُسْرُهَا قَبْلَهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى الْعُسْرِ مَعَ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى ثُلُثِ مَالِهَا وَلَوْ أَيْسَرَتْ لِمَا سَيُرَتِّبُهُ عَلَيْهِ .
( ثُمَّ إنْ طَلَّقَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ بَيْنَهُمَا ( عَتَقَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ ( النِّصْفُ ) الَّذِي ثَبَتَ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِزَوَالِ حَجْرِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِهِ أَيْ أُمِرَتْ بِعِتْقِهِ ( بِلَا قَضَاءٍ ) عَلَيْهَا بِهِ إنْ امْتَنَعَتْ مِنْهُ فَرَدَّ الزَّوْجُ تَصَرُّفَ زَوْجَتِهِ رَدَّ إيقَافٍ ، هَذَا مَذْهَبُ الْكِتَابِ ، وَقِيلَ إبْطَالٍ فَلَا تُؤْمَرُ بِعِتْقِ النِّصْفِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَشْهَبَ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ أَوْ مَاتَ أُمِرَتْ بِعِتْقِ جَمِيعِهِ بِلَا قَضَاءٍ وَلَهُ رَدُّ هِبَتهَا وَصَدَقَتِهَا بِالْأَوْلَى إنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً يَوْمَهُمَا ، وَإِنْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ فَلَا تُؤْمَرُ بِهِبَتِهِ وَلَا صَدَقَتِهِ ( وَتَشَطَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ انْقَسَمَ الصَّدَاقُ شَطْرَيْنِ ، أَيْ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلزَّوْجِ وَنِصْفٌ لِلزَّوْجَةِ وَهُوَ مِنْ مِلْكِهِ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا مِنْهُ بِالْعَقْدِ ، وَمِنْ مِلْكِهَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ الْجَمِيعَ بِهِ ، وَعَلَى مِلْكِهَا النِّصْفَ بِهِ فَمَعْنَى تَشَطَّرَ تَعَيَّنَ تَشْطِيرُهُ بَعْدَ تَهَيُّئِهِ لِلتَّكْمِيلِ بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ .
( وَ )

تَشَطَّرَ ( مَزِيدٌ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الزَّايِ أَيْ مَا زَادَهُ الزَّوْجُ لَهَا ( بَعْدَ الْعَقْدِ ) عَلَى أَنَّهُ مِنْ الصَّدَاقِ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ لَا اتَّصَفَ بِصِفَتِهِ مِنْ حُلُولٍ وَتَأْجِيلٍ أَمْ لَا قَبَضَتْهُ أَمْ لَا ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ أَوْ فَلَّسَ قَبْلَ قَبْضِهِ سَقَطَ فَلَهُ حُكْمُ الصَّدَاقِ فِي الْجُمْلَةِ ، وَمَفْهُومٌ بَعْدَهُ أَنَّ الْمَزِيدَ قَبْلَهُ أَوْ حِينَهُ صَدَاقٌ ، وَالْمَزِيدُ لِلْوَلِيِّ بَعْدَهُ لَهُ وَلَا يَتَشَطَّرُ ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ ، وَلَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ .
( وَ ) تَشَطَّرَتْ ( هَدِيَّةٌ اُشْتُرِطَتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْهَدِيَّةُ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( أَوْ لِوَلِيِّهَا ) أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَصِلَةُ اُشْتُرِطَتْ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْعَقْدِ أَوْ ، وَكَذَا الْهَدِيَّةُ قَبْلَهُ أَوْ بِلَا شَرْطٍ صَرِيحٍ لِأَنَّهَا مُشْتَرَطَةٌ حُكْمًا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ ، وَمَفْهُومُ قَبْلَهُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ بَعْدَهُ لِغَيْرِهَا لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد { أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا ، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ } وَأَقْسَامُهَا تِسْعَةٌ لِأَنَّهَا إمَّا لَهَا وَإِمَّا لِوَلِيِّهَا وَإِمَّا لِغَيْرِهِمَا .
وَفِي كُلٍّ إمَّا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ مَعَهُ أَوْ بَعْدَهُ فَاَلَّتِي قَبْلَهُ وَاَلَّتِي مَعَهُ تَتَشَطَّرَانِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ كَانَتَا لَهَا أَوْ لِوَلِيِّهَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا ، وَاَلَّتِي بَعْدَهُ لَا تَتَشَطَّرُ وَيَفُوزُ بِهَا الْمُهْدَى لَهُ إنْ كَانَ وَلِيَّهَا أَوْ غَيْرَهُمَا ، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا فَفِيهَا خِلَافٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ إلَخْ .
( وَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( أَخْذُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرَطِ مِنْ مَزِيدٍ أَوْ مُشْتَرَطٍ أَيْ أَخْذُ نِصْفِهِ ( مِنْهُ ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ

غَيْرِهِ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَرَطُوهُ جَعَلُوا لَهَا فِيهِ مَدْخَلًا إلَيْهِ وَيَأْخُذُ الزَّوْجُ الْجَمِيعَ أَوْ النِّصْفَ الْآخَرَ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ، وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ لَيْسَ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الزَّوْجِ فَلَا يُعَارِضُ مَا مَرَّ مِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَةِ الْمَوْهُوبِ وَتَنَازَعَ تَشَطَّرَ وَأَخَذَهُ فِي قَوْلِهِ ( بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِّ ) أَيْ الْوَطْءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَإِقَامَتِهَا سَنَةً بِبَيْتِهِ بَعْدَ دُخُولِهِ بِهَا .

وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا ، وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ ، وَتَعَيَّنَ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ ، وَهَلْ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ؟ أَوْ إنْ قَصَدَتْ التَّخْفِيفَ ؟ تَأْوِيلَانِ .
وَمَا اشْتَرَتْهُ مِنْ جِهَازِهَا وَإِنْ مِنْ غَيْرِهِ ، وَسَقَطَ الْمَزِيدُ فَقَطْ بِالْمَوْتِ ، وَفِي تَشَطُّرِ هَدِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ لَمْ تَفُتْ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَيَأْخُذَ الْقَائِمَ مِنْهَا ، لَا إنْ فُسِخَ بَعْدَهُ : رِوَايَتَانِ .
وَفِي الْقَضَاءِ بِمَا يُهْدَى عُرْفًا ؛ قَوْلَانِ

( وَضَمَانُهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ ( إنْ هَلَكَ ) أَيْ تَلِفَ فِي مَحَلٍّ يَرْجِعُ نِصْفُهُ لِلزَّوْجِ ( بِبَيِّنَةٍ ) شَهِدَتْ بِهَلَاكِهِ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا ( أَوْ ) لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ وَ ( كَانَ ) أَيْ الصَّدَاقُ ( مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ ) أَيْ لَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَتَخْبِيَتُهُ ، وَدَعْوَى هَلَاكِهِ مَعَ سَلَامَتِهِ أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ وَهُوَ بِيَدِ أَمِينٍ ، وَخَبَرُ " ضَمَانُهُ " ( مِنْهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، فَإِنْ بَنَى بِهَا أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ فَسَخَ الْفَاسِدُ قَبْلَهُ فَضَمَانُهُ مِمَّنْ هُوَ لَهُ ، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ عَدَمِ الْغَيْبَةِ أَوْ كَوْنُهُ بِيَدِ الْأَمِينِ ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الزَّوْجِ وَتَكَمَّلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَتَلَفٍ فَضَمَانُهُ مِنْهَا وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لِفَسَادِهِ أَوْ عِتْقِ الْأَمَةِ تَحْتَ عَبْدٍ أَوْ لِعَدَمِ إذْنِ وَلِيِّ السَّفِيهِ وَسَيِّدِ الْعَبْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ ؛ وَإِنْ تَشَطَّرَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَضَمَانُهُ مِنْهُمَا فِي مُصِيبَةٍ نَزَلَتْ بِهِمَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَشْهَدْ بِهَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ بِيَدِ أَمِينٍ ( فَ ) ضَمَانُهُ مِنْ الشَّخْصِ ( الَّذِي ) هُوَ ( فِي يَدِهِ ) أَوْ حَوْزُهُ سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ نِصْفَ عِوَضِهِ وَبِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا ذَلِكَ ، وَإِنْ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَلِفَ بِيَدِهَا غَرِمَتْ لَهُ عِوَضَهُ كُلَّهُ وَأَنْ تَكْمُلَ لَهَا بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَهُوَ بِيَدِهِ غَرِمَ لَهَا عِوَضَهُ كُلَّهُ ، وَهَذَا فِي النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ لِعَقْدِهِ الَّذِي لَمْ يُؤَثِّرْ خَلَلًا فِي صَدَاقِهِ .
( وَتَعَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ لِلتَّشْطِيرِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ( مَا

) أَيْ عَرَضَ أَوْ الْعَرْضُ الَّذِي ( اشْتَرَتْهُ ) الزَّوْجَةُ ( مِنْ الزَّوْجِ ) سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا لِجَهَازِهَا أَمْ لَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( وَهَلْ ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ لِلتَّشْطِيرِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقَيُّدِ بِقَصْدِ التَّخْفِيفِ ( وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ) مِنْ شَارِحِيهَا ( أَوْ ) يَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ ( إنْ قَصَدَتْ ) الزَّوْجَةُ بِشِرَائِهِ مِنْهُ ( التَّخْفِيفَ ) عَلَيْهِ بِأَخْذِ الْعَرْضِ بَدَلَ الْعَيْنِ الْمُسَمَّاةِ صَدَاقًا لِعِزَّتِهَا عَلَيْهِ ، وَهَذَا لِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِيمَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ صَلُحَ لِجَهَازِهَا أَمْ لَا وَقَصَرَهُمَا تت وَ " د " وَ " س " تَبَعًا لِلشَّارِحِ عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ لَهُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَا بَعْدَهُ مَعَهُ ، وَفَائِدَةُ تَعَيُّنِ تَشْطِيرِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا جَبْرًا لِآخَرَ عَلَى تَشْطِيرِ الْأَصْلِ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ ، وَحَمَلَهَا إسْمَاعِيلُ وَالْمُتَيْطِيُّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَابْنُ شَاسٍ عَلَى عَدَمِهِ إنْ جَهِلَ حَالَهَا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَصَرَهُمَا عَلَى مَا لَا يَصْلُحُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ الَّذِي نَسَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مِنْوَالِهِ غَالِبًا ، وَنَصُّهُ وَيَتَعَيَّنُ مَا اشْتَرَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ نَمَا أَوْ نَقَصَ أَوْ تَلِفَ وَكَأَنَّهُ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ ، وَلِذَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُعْطِيَهُ نِصْفَ الْأَصْلِ إلَّا بِرِضَاهُ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ ، وَكَذَا مَا اشْتَرَتْهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ جَهَازِ مِثْلِهَا وَشَرَحَ فِي التَّوْضِيحِ الْأَوَّلَ .
بِقَوْلِهِ يَعْنِي إذَا أَصْدَقَهَا عَيْنًا فَاشْتَرَتْ بِهَا مِنْ الزَّوْجِ شَيْئًا لَا يَصْلُحُ لِجَهَازِهَا مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ التَّأْوِيلَيْنِ وَقَالَ فِي الثَّانِي وَأَمَّا إذَا اشْتَرَتْ مَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِنِصْفِهِ لِأَنَّهَا مَجْبُورَةٌ عَلَى شِرَاءِ ذَلِكَ .
ا هـ .
فَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ مَحَلَّ

التَّأْوِيلَيْنِ مَا اشْتَرَتْهُ مِمَّا لَا يَصْلُحُ لِلْجَهَازِ فَقَطْ ، وَبِنَحْوِ شَرْحِ الْحَطَّابِ فَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ فِي " ق " مَا يُوَافِقُ مُخْتَارَ " ز " .
( وَ ) تَعَيَّنَ ( مَا اشْتَرَتْهُ ) مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ ( مِنْ جَهَازٍ ) مِثْلِ ( هَا ) إنْ اشْتَرَتْهُ بِالصَّدَاقِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) اشْتَرَتْهُ ( مِنْ غَيْرِهِ ) أَيْ بِغَيْرِ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ بِأَنْ اشْتَرَتْهُ بِمَالِهَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلزَّوْجِ وَالْوَاوَ لِلْحَالِ وَإِنْ صِلَةٌ ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَكْرَارَ ( وَسَقَطَ ) عَنْ الزَّوْجِ الْمَالُ ( الْمَزِيدُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الصَّدَاقِ بَعْدَ الْعَقْدِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمَزِيدِ قَبْلَهُ أَوْ ، وَصِلَةُ سَقَطَ ( بِ ) سَبَبِ ( الْمَوْتِ ) أَوْ الْفَلَسِ لِلزَّوْجِ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا وَقَبَضَهُ أَشْهَدَ عَلَيْهِ أَمْ لَا لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ تُحَزْ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ ، وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَقَبَضَ الْمَزِيدَ فَالْجَارِي عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ لِقَبُولِهَا إيَّاهُ سَوَاءٌ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ قَالَهُ " د " ، وَبَحَثَ فِيهِ عج بِأَنَّ مَوْتَهَا كَمَوْتِهِ وَلَمْ يَدْعَمْهُ بِنَقْلٍ .
( وَفِي تَشَطُّرِ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَنَصُّفِ ( هَدِيَّةٍ ) أَهْدَاهَا الزَّوْجُ لَهَا تَطَوُّعًا ( بَعْدَ الْعَقْدِ ) وَقَبَضَتْهَا ( وَ ) طَلَّقَهَا ( قَبْلَ الْبِنَاءِ ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ فَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهَا إنْ لَمْ تَفُتْ ، وَنِصْفِ قِيمَتِهَا أَوْ مِثْلِهَا إنْ فَاتَتْ إنْ شَاءَ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهَا وَلَوْ لَمْ تَفُتْ ( أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْهَدِيَّةِ بَعْدَ الْعَقْدِ إنْ فَاتَتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ .
بَلْ ( وَإِنْ لَمْ تَفُتْ ) الْهَدِيَّةُ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ لِاقْتِصَارِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ النِّكَاحُ ( قَبْلَ الْبِنَاءِ ) مِنْ الزَّوْجِ بِهَا (

فَيَأْخُذَ ) الزَّوْجُ ( الْقَائِمَ ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَفُتْ فِي مِلْكِهَا ( مِنْهَا ) أَيْ الْهَدِيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِعِوَضِ الْفَائِتِ مِنْهَا ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ ( لَا ) يَأْخُذُ الزَّوْجُ شَيْئًا مِنْ الْهَدِيَّةِ ( إنْ فُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْبِنَاءِ وَلَوْ لَمْ تَفُتْ فِي مِلْكِ الزَّوْجَةِ ( رِوَايَتَانِ ) فِيمَا قَبْلَ إلَّا أَنْ يُفْسَخَ .
( وَفِي الْقَضَاءِ ) عَلَى الزَّوْجِ ( بِمَا يُهْدَى ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ مَا قَبْلَ آخِرِهِ لِلزَّوْجَةِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ ( عُرْفًا ) وَلَمْ يُشْتَرَطْ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَعَدَمِهِ لِبِنَاءِ النِّكَاحِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ ( قَوْلَانِ ) فِي الْمَوَّاقِ الْأَحْسَنُ فِي هَذِهِ رِوَايَتَانِ ، وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَوْلَانِ ، وَعَلَى الْقَضَاءِ بِهِ قِيلَ يَتَكَمَّلُ بِالْمَوْتِ وَالْبِنَاءِ وَيَتَشَطَّرُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ ، وَقِيلَ يَسْقُطُ بِهِمَا ، وَعَلَى عَدَمِهِ فَهِيَ هِبَةٌ تَحْتَاجُ لِحَوْزٍ وَهُوَ كَالْهِبَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ ، وَأَمَّا مَا يُهْدَى عُرْفًا فِي الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ كَالصَّدَاقِ ، وَمَا شُرِطَ إهْدَاؤُهُ فَيُقْضَى بِهِ اتِّفَاقًا ، وَأَجْرَى الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَيْنِ بِمَا جَرَى الْعُرْفُ بِإِهْدَائِهِ فِي الْمَوَاسِمِ كَالْعِيدَيْنِ وَاسْتَظْهَرَ الْقَضَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ .
وَذَكَرَ ابْنُ سَلْمُونٍ أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى الزَّوْجَةِ بِكِسْوَةٍ إنْ شَرَطَتْ أَوْ جَرَى بِهَا الْعُرْفُ ، وَنَقَلَ فِي الْفَائِقِ نَحْوَهُ عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ ، لَكِنْ قَالَ فِي التُّحْفَةِ وَشَرْطُ كِسْوَةٍ مِنْ الْمَحْظُورِ لِلزَّوْجِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَّلُوهُ بِجَمْعِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ .
ابْنُ النَّاظِمِ فِي شَرْحِهَا مَا لِابْنِ سَلْمُونٍ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَكِنْ جَرَى بِهِ الْعَمَلُ .

وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ
( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْقَضَاءُ ) عَلَى الزَّوْجِ ( بِالْوَلِيمَةِ ) أَيْ طَعَامِ الْعُرْسِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَشَارَ بِصُحِّحَ لِقَوْلِ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ { أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ } وَالْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَالرَّاجِحُ نَدْبُهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِهِ الْأَمْرَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ ، وَعَلَيْهِ فَلَا يُقْضَى بِهَا ( دُونَ أُجْرَةِ الْمَاشِطَةِ ) وَضَارِبِ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْحَمَّامِ وَالْجِلْوَةِ الْمُتَعَارَفَةِ عِنْدَهُمْ وَثَمَنِ وَثِيقَةِ الْعَقْدِ وَمَحْصُولِهَا فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ .

وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ
( وَ ) إنْ أَصْدَقَهَا ثَمَرَةً أَوْ عَبْدًا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ وَطَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَتَشَطَّرَ الصَّدَاقُ فَ ( تَرْجِعُ ) الزَّوْجَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ ) الَّتِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهَا وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهَا مِنْ مَالِهَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَالطَّلَاقِ ( وَ ) نِصْفِ نَفَقَةِ ( الْعَبْدِ ) الَّذِي أَصْدَقَهَا الزَّوْجُ إيَّاهُ وَأَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهَا بَيْنَهُمَا ، وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مَا ذُكِرَ بِيَدِهِ ، وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ وَرَجَعَ الْمُنْفِقُ مِنْهُمَا بِنِصْفِهَا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ الْآتِي وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لِأَنَّهُ فِي فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ .
تت هَذَا عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ نِصْفَهُ بِالْعَقْدِ ، وَأَمَّا عَلَى مِلْكِهَا جَمِيعَهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِشَيْءٍ مِنْ النَّفَقَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ الطَّلَاقِ وَعَلَى أَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ شَيْئًا بِهِ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْ نِصْفَهُ إلَّا يَوْمَ طَلَاقِهَا .

، وَفِي أُجْرَةِ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ : قَوْلَانِ
( وَ ) إنْ كَانَ الصَّدَاقُ رَقِيقًا وَاسْتَأْجَرَتْ مِنْ عِلْمِهِ صَنْعَةً شَرْعِيَّةً كَخِيَاطَةٍ وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ بِنِصْفِ أُجْرَةِ ( تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ ) ارْتَفَعَ ثَمَنُهُ بِهَا وَعَدَمُ رُجُوعِهَا بِهَا ( قَوْلَانِ ) لَا غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَضَرْبِ عُودٍ وَلَا إنْ عَلَّمَتْهُ بِنَفْسِهَا وَلَا إنْ لَمْ يَرْتَفِعْ ثَمَنُهُ بِهَا وَخَرَجَ بِصَنْعَةٍ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قُرْآنًا أَوْ عِلْمًا ، وَمِنْهُ الْحِسَابُ فَلَا تَرْجِعُ بِنِصْفِهَا عَلَى الزَّوْجِ ، وَيَنْبَغِي جَرَيَانُهُمَا فِي اسْتِئْجَارِ الزَّوْجِ عَلَى تَعْلِيمِ مَا هُوَ فِي يَدِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا .

وَعَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ لِبَلَدِ الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ ، إلَّا لِشَرْطٍ وَلَزِمَهَا التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ ؛ إنْ سَبَقَ الْبِنَاءَ

( وَعَلَى الْوَلِيِّ ) لِصَغِيرَةٍ أَوْ سَفِيهَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ ( أَوْ ) الزَّوْجَةِ ( الرَّشِيدَةِ ) أَيْ الْبَالِغَةِ الْعَاقِلَةِ الْمُحْسِنَةِ لِلتَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا ( مُؤْنَةُ الْحَمْلِ ) لِجَهَازِ الزَّوْجَةِ وَذَاتِهَا لِلْبَيْتِ أَوْ بَلَدٍ آخَرَ اشْتَرَطَ الزَّوْجُ الْبِنَاءَ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهَا الْوَلِيُّ أَوْ الرَّشِيدَةُ عَلَى الزَّوْجِ ، وَصِلَةُ الْحَمْلِ ( لِبَلَدِ ) أَوْ بَيْتِ ( الْبِنَاءِ الْمُشْتَرَطِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ الْبِنَاءُ بِهِ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ الْمُغَايِرِ لِبَلَدِ أَوْ بَيْتِ الْعَقْدِ ( إلَّا لِشَرْطٍ ) مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الرَّشِيدَةِ مُؤْنَةُ الْحَمْلِ عَلَى الزَّوْجِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ ( وَلَزِمَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ ( التَّجْهِيزُ عَلَى الْعَادَةِ ) فِي جَهَازِ مِثْلِهَا لِمِثْلِهِ ( بِمَا قَبَضَتْهُ ) مِنْ زَوْجِهَا مِنْ صَدَاقِهَا ( إنْ سَبَقَ ) الْقَبْضُ ( الْبِنَاءَ ) كَانَ حَالًّا ابْتِدَاءً ، أَوْ حَلَّ بَعْدَ مُضِيِّ أَجَلِهِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ شَهَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ ، وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ فَتْحُونٍ .
وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهِ تَفْصِيلٌ ، وَنَصُّهُ وَمَا أَجَّلَهُ مِنْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا حَقَّ لِلزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ ، فَإِنْ حَلَّ قَبْلَهُ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ مُعْتَادِ وَقْتِ أَهْلِ الْبَلَدِ فَلِغُرَمَائِهَا إنْ قَامُوا قَبْلَهُ أَخْذُهُ فِي دُيُونِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَهُمْ بَيْعُهُ لِاقْتِضَاءِ ثَمَنِهِ فِي دُيُونِهِمْ وَمَا أَجَّلَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَكَالنَّقْدِ وَإِنْ تَعَجَّلَ الْبِنَاءَ قَبْلَ حُلُولِهِ ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ عَنْ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهَا التَّجْهِيزُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِعَدَمِ التَّجْهِيزِ بِهِ بِدُخُولِهِ قَبْلَهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ .
الْبُرْزُلِيُّ لَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ آخَرَ فَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ إلَّا بِمَا قَبَضَتْهُ مِنْ الصَّدَاقِ الثَّانِي ، وَنَحْوُهُ لِسَنَدٍ ، وَهَذَا إنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَيْنًا ، فَإِنْ كَانَ دَارًا أَوْ خَادِمًا

فَلَيْسَ عَلَيْهَا بَيْعُهُ لِلتَّجْهِيزِ بِثَمَنِهِ قَالَهُ ابْنُ زَرْبٍ وَاللَّخْمِيُّ ، وَكَذَا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ .
وَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ عَنْ الْمُوَثَّقِينَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ قَالَهُ أَحْمَدُ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَرْضًا أَوْ ثِيَابًا مِنْ غَيْرِ زِينَتِهَا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا أَوْ كَتَّانًا فَفِي وُجُوبِ بَيْعِهِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَوْلُهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا أَوْ خَادِمًا فَلَا يَكُونُ عَلَيْهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ .
ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ زَرْبٍ إنْ كَانَ مَهْرُهَا أَصْلًا أَوْ عَرْضًا أَوْ عَبْدًا أَوْ طَعَامًا فَلَا يَلْزَمُهَا بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ .

وَقُضِيَ لَهُ إنْ دَعَاهُ لِقَبْضِ مَا حَلَّ ، إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ شَيْئًا فَيَلْزَمَ ، وَ لَا تُنْفِقُ مِنْهُ وَلَا تَقْضِي دَيْنًا ، إلَّا الْمُحْتَاجَةُ ، وَكَالدِّينَارِ .

( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( إنْ دَعَاهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ ( لِقَبْضِ مَا حَلَّ ) مِنْ صَدَاقِهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا لِتَتَجَهَّزَ بِهِ الْجَهَازَ الْمُعْتَادَ لِمِثْلِهِمَا وَامْتَنَعَتْ مِنْ قَبْضِهِ أَرَادَتْ بِنَاءَهُ بِهَا قَبْلَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهَا التَّجْهِيزُ بِهِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِذَلِكَ ، مَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ عَلَّقَ طَلَاقَهَا أَوْ طَلَاقَ مَنْ يَتَزَوَّجُهَا عَلَيْهَا ، أَوْ عِتْقَ مَنْ يَتَسَرَّى بِهَا عَلَيْهَا عَلَى إبْرَائِهَا لَهَا مِنْ قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ صَدَاقِهَا الْحَالِّ ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى إبْرَائِهِ مِنْهُ مَا ذُكِرَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهَا بِبَقَائِهِ عَلَيْهِ ، وَيُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِ مَا زَادَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ .
وَمَفْهُومُ حَلَّ أَنَّهُ إنْ دَعَاهَا لِقَبْضِ الْمُؤَجَّلِ لِتَتَجَهَّزَ بِهِ فَامْتَنَعَتْ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِقَبْضِهِ لِعَدَمِ جَوَازِهِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَوْ كَانَ عَيْنًا .
ابْنُ فَتْحُونٍ لَيْسَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَتَجَهَّزَ بِكَالِئِهَا وَإِنْ قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ دَفْعَهُ وَكَانَ عَيْنًا فَيَلْزَمُهَا قَبُولُهُ دُونَ التَّجْهِيزِ بِهِ ، وَقُيِّدَ بِالْعَيْنِ لِأَنَّ غَيْرَهَا لَا يَلْزَمُهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا قَبُولُهُ لِأَنَّهَا إنْ قَبِلَتْهُ لَزِمَهَا أَنْ تَتَجَهَّزَ بِهِ ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ مُسَلَّفٌ فَقَدْ سُلِّفَ لِيُنْتَفَعَ بِالْجَهَازِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَلَى الْعَادَةِ بِمَا قَبَضَتْهُ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ ) الزَّوْجُ ( شَيْئًا ) أَزْيَدَ مِمَّا قَبَضَتْهُ أَوْ يَجْرِيَ بِهِ عُرْفٌ ( فَيَلْزَمَ ) الْمُسَمَّى أَوْ الْمُتَعَارَفُ الزَّوْجَةَ الرَّشِيدَةَ وَوَلِيَّ غَيْرِهَا ( وَلَا تُنْفِقُ ) الزَّوْجَةُ شَيْئًا ( مِنْهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ الْحَالِّ الَّذِي قَبَضَتْهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا ( وَ ) لَا ( تَقْضِي ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ ( دَيْنًا ) عَلَيْهَا ( إلَّا الْمُحْتَاجَةُ )

لِلْإِنْفَاقِ مِنْهُ لِعَدَمِ وِجْدَانِهَا غَيْرَهُ ، فَتُنْفِقُ مِنْهُ بِالْمَعْرُوفِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَلَا تَسْتَغْرِقُهُ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ مُعْسِرَةٌ اتَّبَعَ ذِمَّتَهَا ( وَ ) إلَّا ( كَالدِّينَارِ ) مِنْ صَدَاقٍ كَثِيرٍ تَقْضِيهِ عَنْ دَيْنِهَا وَإِلَّا فَبِحَسَبِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ يَحْيَى بْنَ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَقْضِيَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهَا مِنْ نَقْدِهَا إلَّا التَّافِهَ الْيَسِيرَ مَا لَا خَطْبَ لَهُ .
وَقَالَ : قَالَ مَالِكٌ لَا يَجُوزُ إلَّا الدِّينَارُ وَنَحْوُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ لَا تَقْضِي مِنْهُ إلَّا الدِّينَارَ وَنَحْوَهُ مِثْلُ مَا فِي دِيَاتِهَا .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ مِثْلَ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةِ وَلَيْسَ اخْتِلَافًا بَلْ عَلَى قِلَّةِ الْمَهْرِ وَكَثْرَتِهِ ، فَقَدْ يَكُونُ صَدَاقُهَا الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ ، فَالدِّينَارُ الْوَاحِدُ مِنْهَا كَثِيرٌ ، وَقَدْ يَكُونُ أَلْفَ دِينَارٍ فَالْعَشَرَةُ وَأَكْثَرُ مِنْهَا قَلِيلٌ ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي وُجُوبِ تَجْهِيزِهَا بِهِ ا هـ .

وَلَوْ طُولِبَ بِصَدَاقِهَا لِمَوْتِهَا ، فَطَالَبَهُمْ بِإِبْرَازِ جِهَازِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ عَلَى الْمَقُولِ ،

( وَلَوْ ) تَزَوَّجَ مَرْأَةً بِشَرْطِ تَجْهِيزِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِهَا وَمَاتَتْ قَبْلَهُ وَ ( طُولِبَ ) بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الزَّوْجُ أَيْ طَالَبَهُ وَرَثَةُ زَوْجَتِهِ ( بِصَدَاقِهَا ) أَيْ بِمِيرَاثِهِمْ مِنْهُ ( لِمَوْتِهَا ) وَقَدْ شَرَطَ تَجْهِيزَهَا بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهِ ( فَطَالَبَهُمْ ) أَيْ الزَّوْجُ الْوَرَثَةَ ( بِإِبْرَازِ ) أَيْ إحْضَارِ ( جَهَازِهَا ) الزَّائِدِ عَلَى الصَّدَاقِ الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ أَوْ بِإِبْرَازِ قِيمَتِهِ لِيَأْخُذَ مِيرَاثَهُ مِنْهُ أَوْ بِإِبْرَازِ مِيرَاثِهِ مِنْهُ فَقَطْ وَهُوَ نِصْفُهُ أَوْ رُبْعُهُ ( لَمْ يَلْزَمْهُمْ ) أَيْ إبْرَازُ الْجَهَازِ الْمَشْرُوطِ أَوْ الْمَعْرُوفِ الْوَرَثَةُ قَالَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ ، قَائِلًا لِأَنَّ الْأَبَ يَقُولُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يُجَهِّزُونَ بَنَاتِهِمْ بِأَكْثَرَ مِنْ الصَّدَاقِ فِي حَيَاتِهِنَّ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ ، فَعِنْدَ مَوْتِ الْبِنْتِ يَنْتَفِي ذَلِكَ كُلُّهُ ، وَاخْتَارَهُ تِلْمِيذُهُ الْمَازِرِيُّ وَلِذَا قَالَ ( عَلَى الْمَقُولِ ) مُخَالِفًا لِخَالِهِ وَشَيْخِهِ اللَّخْمِيِّ فِي لُزُومِ إبْرَازِهِمْ جَهَازَهَا الْمَشْرُوطَ أَوْ الْمَعْرُوفَ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَلَى تَجْهِيزِهَا بِمَا قُبِضَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ الَّذِي سَمَّاهُ ، إذْ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا جَعَلْت الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى لِمَا شَرَطْته مِنْ الْجَهَازِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ ، وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ ، وَلَهُ مِيرَاثُهُ مِنْ صَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَنْ حَازَهَا بِهِ فَقَطْ .
الْمَازِرِيُّ نَزَلَتْ مَسْأَلَةٌ فَاخْتَلَفَ فِيهَا شَيْخَايَ وَهِيَ مَاتَتْ زَوْجَةٌ بِكْرٌ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَمَّا طَلَبَ أَبُوهَا الصَّدَاقَ طَلَبَ زَوْجُهَا مِيرَاثَهُ مِنْ الْجَهَازِ الَّذِي تَتَجَهَّزُ بِهِ ، فَأَفْتَى عَبْدُ الْحَمِيدِ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى الْأَبِ ، وَأَفْتَى اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ الْأَوَّلُ هَبْ أَنَّ الْآبَاءَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ

بَنَاتِهِمْ رَفْعًا لِقَدْرِهِنَّ وَتَكْبِيرًا لِشَأْنِهِنَّ وَحِرْصًا عَلَى حُظْوَتِهِنَّ عِنْدَ أَزْوَاجِهِنَّ ، فَإِذَا مَاتَتْ الْبِنْتُ فَعَلَى مَنْ يُجَهَّزُ ، وَلَا تُقَاسُ عَادَةً بِعَادَةٍ ، وَقَدْ تَكَلَّمَتْ مَعَ اللَّخْمِيِّ لَمَّا خَاطَبَنِي فِيهَا وَسَأَلَنِي عَنْ وَجْهِهَا فَأَجَبْته بِمَا تَقَدَّمَ وَجَرَى بَيْنَنَا كَلَامٌ طَوِيلٌ ا هـ .
وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ مَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا وَطَلَبَ وَالِدُهَا أَخْذَ مِيرَاثِهَا مِنْ صَدَاقِهَا نَقْدَهُ وَكَالَئَهُ وَمِنْ السِّيَاقَاتِ الَّتِي سَاقَهَا الزَّوْجُ إلَيْهَا وَأَبَى أَنْ يُبْرِزَ مِنْ مَالِهِ الْقَدْرَ الَّذِي كَانَ يُبْرِزُهُ لَهَا لَوْ كَانَتْ حَيَّةً ، فَأَجَابَ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُبْرِزَ لَهَا مِنْ مَالِهِ مَا يَكُونُ مِيرَاثًا عَنْهَا الَّذِي يُجَهَّزُ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهَا وَسَاقَ إلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ إلَّا صَدَاقُ مِثْلِهَا ، عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا جَهَازٌ إلَّا بِقِيمَةِ نَقْدِهَا ا هـ .
وَقَالَ فِي أَجْوِبَتِهِ فِيمَنْ سَاقَ لِزَوْجَتِهِ سِيَاقَهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ وَطَلَبَ مِنْ أَبِيهَا تَشْوِيرَهَا بِشَوْرَةٍ تُقَاوِمُ سِيَاقَتَهُ إذْ الْعُرْفُ جَارٍ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ فَأَبَى الْأَبُ مَا نَصُّهُ إذَا أَبَى الْأَبُ أَنْ يُجَهِّزَهَا إلَيْهِ بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ أَنْ يُجَهَّزَ بِهِ مِثْلُهَا إلَى مِثْلِهِ عَلَى مَا نَقَدَهُ وَسَاقَهُ إلَيْهَا كَانَ الزَّوْجُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْتِزَامِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ عَنْ نَفْسِهِ ، فَيَسْتَرِدُّ مَا نَقَدَ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا أَكَلَا وَسَاقَ ا هـ " ع " .
وَفِي فَتَاوَى الْعَبْدُوسِيِّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي أَغْنِيَاءِ الْحَاضِرَةِ إجْبَارُ الْأَبِ أَنْ يُجَهِّزَ بِنْتَه بِمِثْلِيِّ نَقْدِهَا فَإِذَا نَقَدَهَا الزَّوْجُ عِشْرِينَ جَهَّزَهَا الْأَبُ بِأَرْبَعِينَ ، فَيَزِيدُ عِشْرِينَ مِنْ عِنْدِهِ ، وَهَذَا إذَا فَاتَ بِالدُّخُولِ ، وَأَمَّا إنْ طَلَبَهُ الزَّوْجُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَيْهِ ، وَيُقَالُ إمَّا أَنْ تَرْضَى أَنْ يُجَهِّزَهَا لَك بِنَقْدِهَا خَاصَّةً ، وَإِمَّا أَنْ تُطَلِّقَهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْك

وَبِهَذَا الْقَضَاءُ وَالْعَمَلُ ا هـ .

وَلِأَبِيهَا بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا لِلتَّجْهِيزِ ، وَفِي بَيْعِهِ الْأَصْلَ : قَوْلَانِ ، وَقُبِلَ دَعْوَى الْأَبِ فَقَطْ فِي إعَارَتِهِ لَهَا فِي السَّنَةِ بِيَمِينٍ وَإِنْ خَالَفَتْهُ الِابْنَةُ لَا إنْ بَعُدَ وَلَمْ يُشْهِدْ ، فَإِنْ صَدَّقَتْهُ فَفِي ثُلُثَيْهَا

( وَلِأَبِيهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْمُجْبِرِ ( بَيْعُ رَقِيقٍ سَاقَهُ الزَّوْجُ لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَصِلَةُ بَيْعُ ( لِلتَّجْهِيزِ ) بِثَمَنِهِ وَلَهُ عَدَمُ بَيْعِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ ، فَيَأْتِي الزَّوْجُ عِنْدَ الْبِنَاءِ بِالْجَهَازِ الْمُعْتَادِ ، فَإِنْ سَاقَهُ الزَّوْجُ لِلْجَهَازِ أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِهَذَا جُبِرَ الْأَبُ عَلَى بَيْعِهِ لَهُ ( وَفِي ) جَوَازِ ( بَيْعِهِ ) أَيْ الْأَبِ الْمُجْبِرِ ( الْأَصْلَ ) أَيْ الْعَقَارَ الْمَسُوقَ فِي صَدَاقِهَا لِلتَّجْهِيزِ بِالْمَصْلَحَةِ وَمَنْعِهِ إذَا مَنَعَهُ الزَّوْجُ ( قَوْلَانِ ) إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِالْبَيْعِ وَلَا بِعَدَمِهِ ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ ، وَعَلَى الْمَنْعِ فَيَأْتِي الزَّوْجُ بِمَا يُنَاسِبُهُمَا مِنْ الْجَهَازِ .
الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا مَا سَاقَهُ الزَّوْجُ إلَيْهَا مِنْ الْأُصُولِ فَهَلْ لِأَبِيهَا بَيْعُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَمْ لَا ؟ حَكَمَ الْقَاضِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِلْمَنْفَعَةِ الَّتِي لِلزَّوْجِ فِيهِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ فِيهِ مَا يَشَاءُ بِوَجْهِ النَّظَرِ وَلَا مَقَالَ لِلزَّوْجِ ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ لَهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ عَلَيْهَا نِصْفُ ثَمَنِهِ إنْ لَمْ تُحَابِ ، وَإِنْ أُدْخِلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِجَهَازٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّ بَعْضَهُ لَهُ أَعَارَهُ لَهَا وَخَالَفَتْهُ الْمَرْأَةُ أَوْ وَافَقَتْهُ وَهِيَ سَفِيهَةٌ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى غَيْرِ الْأَبِ .
( وَقُبِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( دَعْوَى الْأَبِ ) وَكَذَا وَصِيُّهُ وَلَوْ أُمًّا ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا وَصِلَةُ دَعْوَى ( فِي إعَارَتِهِ ) أَيْ الْأَبِ ( لَهَا ) أَيْ بِنْتَه حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً شَيْئًا مِنْ حُلِيٍّ وَنَحْوِهِ بِثَلَاثَةِ شُرُوطٍ ، أَحَدُهَا : كَوْنُ دَعْوَاهُ ( فِي السَّنَةِ ) مُعْتَبَرَةً مِنْ يَوْمِ الْبِنَاءِ .
ثَانِيهَا : كَوْنُهَا مَحْجُورَةً .
ثَالِثُهَا : أَنْ يَبْقَى بَعْدَ الْعَارِيَّةِ مَا يَفِي بِجَهَازِهَا الْمُشْتَرَطِ أَوْ الْمُعْتَادِ .
فَإِنْ

لَمْ يَكُنْ فِي الْبَاقِي وَفَاءٌ بِهِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحْلِفُ وَيَأْخُذُهُ وَيُطَالِبُ بِإِحْضَارِ مَا يُوفِي بِالصَّدَاقِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ أَصْلُهُ لَهُ فَيَحْلِفَ وَيَتْبَعَ بِالْوَفَاءِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُوَضِّحُ وَالْأَبُ وَغَيْرُهُ فِيمَا عُرِفَ أَصْلُهُ لَهُ سَوَاءٌ : فِي التَّوْضِيحِ لَا تُقْبَلُ دَعْوَى الْعَارِيَّةِ إلَّا مِنْ الْأَبِ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ فَقَطْ ، وَأَمَّا الثَّيِّبُ فَلَا قَضَاءَ لَهُ فِي مَالِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ وَمِثْلُ الْبِكْرِ الثَّيِّبُ الَّتِي فِي وِلَايَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبِكْرِ وَمِثْلُ الْأَبِ الْوَصِيُّ فِيمَنْ فِي وِلَايَتِهِ مِنْ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ مُوَلًّى عَلَيْهَا .
وَصِلَةُ قُبِلَ ( بِيَمِينٍ ) هَذَا تَلْفِيقٌ مِنْ قَوْلَيْنِ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِقَبُولِ قَوْلِهِ فِي السَّنَةِ فَقَطْ ، قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ ، وَمَنْ اشْتَرَطَ الْيَمِينَ قَالَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي السَّنَةِ وَثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عَقِبَهَا أَفَادَهُ الْحَطّ ، وَتُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ الْإِعَارَةَ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ إنْ وَافَقَتْهُ .
بَلْ ( وَإِنْ خَالَفَتْهُ ) أَيْ الْأَبَ ( الِابْنَةُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ فِي دَعْوَاهُ الْإِعَارَةَ ( لَا ) تُقْبَلُ دَعْوَى الْأَبِ إعَارَتَهُ لَهَا ( إنْ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ تَأَخَّرَ طَلَبُهُ عَنْ السَّنَةِ ( وَ ) الْحَال أَنَّهُ ( لَمْ يُشْهِدْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْهَاءِ الْأَبُ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ عَارِيَّةٌ ، فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ قِيلَ قَوْلُهُ بَعْدَهَا وَلَوْ مَعَ بُعْدٍ ، لَكِنْ إنْ أَشْهَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ قُبِلَ بِلَا يَمِينٍ وَإِنْ أَشْهَدَ بَعْدَهُ فِي السَّنَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ بَعْدُ بِيَمِينٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِشْهَادُ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ وَدَفْعِ الشَّيْءِ الْمُعَارِ لَهَا أَوْ عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَ وُقُوعِهَا عَلِمَتْ بِهِ أَمْ لَا ، وَغَيْرُ الْأَبِ إذَا أَشْهَدَ عَلَى أَصْلِ الْإِعَارَةِ نَفَعَهُ لَا عَلَى الْإِخْبَارِ بِهَا بَعْدَهُ .
الْمُتَيْطِيُّ فَإِنْ

أَتْلَفَتْهُ وَقَدْ أَشْهَدَ فَإِنْ كَانَتْ سَفِيهَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ضَمِنَتْهُ .
( فَإِنْ صَدَّقَتْهُ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ أَبَاهَا فِي دَعْوَاهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَمْ يُشْهِدْ ( فَفِي ثُلُثِهَا ) فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّ إقْرَارِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا عِنْدَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ زَادَ الشَّارِحُ وَظَاهِرُ النَّوَادِرِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ كَتَبَرُّعِهَا بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ ، وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ قَالَهُ عج .
قُلْتُ قَدْ يُفَرَّقُ عَلَى الْأَوَّلِ بِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي خَاصِّ مَالِهَا وَلَهُ التَّمَتُّعُ بِشَوْرَتِهَا وَمَا هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ كَوْنُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِلْكَهَا لِمُنَازَعَةِ أَبِيهَا فِيهِ .

وَاخْتَصَّتْ بِهِ إنْ أُورِدَ بِبَيْتِهَا ، أَوْ أَشْهَدَ لَهَا ، أَوْ اشْتَرَاهُ الْأَبُ لَهَا ، وَوَضَعَهُ عِنْدَ : كَأُمِّهَا .

( وَاخْتَصَّتْ ) الْبِنْتُ عَنْ بَقِيَّةِ وَرَثَةِ أَبِيهَا ( بِهِ ) أَيْ الْجَهَازِ الزَّائِدُ عَلَى صَدَاقِهَا لَا بِقَدْرِهِ فَقَطْ إذْ لَا تُنَازِعُ فِيهِ الْوَرَثَةُ ( إنْ أُورِدَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ وُضِعَ الْجَهَازُ ( بِبَيْتِهَا ) أَيْ الْبِنْتِ الَّذِي بَنَى الزَّوْجُ بِهَا فِيهِ لِأَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْحِيَازَةِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ ( أَوْ ) لَمْ يُورِدْ بِبَيْتِهَا وَاسْتَمَرَّتْ تَحْتَ يَدِ أَبِيهَا إلَى مَوْتِهِ وَقَدْ ( أَشْهَدَ ) الْأَبُ بِأَنَّ الْجَهَازَ الَّذِي تَحْتَ يَدِهِ ( لَهَا ) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ لَهُ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وَلَا يَضُرُّ بَقَاؤُهُ تَحْتَ يَدِهِ بَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّهُ لَهَا ( أَوْ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ ( لَهَا ) أَيْ الْبِنْتِ الْمَحْجُورَةِ ( وَوَضَعَهُ ) أَيْ الْأَبُ الْجَهَازَ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهَا ( عِنْدَ كَأُمِّهَا ) وَخَالَتِهَا وَعَمَّتِهَا مَعَ إشْهَادِهِ أَنَّهُ لَهَا أَوْ إقْرَارِ الْوَرَثَةِ بِذَلِكَ ، وَهَذَا الْإِشْهَادُ غَيْرُ الْإِشْهَادِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى تَمْلِيكِهِ لَهَا وَهَذَا عَلَى تَسْمِيَتِهِ لَهَا كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ مُزَيْنٍ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا ، وَنَصُّهُ أَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ قَدْ سَمَّاهُ لَهَا فَأَشْهَدَ أَنَّهُ شَوْرَةٌ لِابْنَتِهِ ، إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ أَنَّ ذَلِكَ لِابْنَتِهِ مُسَمًّى وَمَنْسُوبًا إلَيْهَا فَلَا دُخُولَ لِلْوَرَثَةِ فِيهِ ، وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ أُمِّهَا ا هـ .
قَوْلُهُ وَحَوْزُ مِثْلِ هَذَا إلَخْ إنَّمَا يَرْجِعُ لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُشْهِدْ إلَّا أَنَّ الْوَرَثَةَ مُقِرُّونَ إلَخْ .
النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ لَعَلَّ مَا هُنَا مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّسْمِيَةِ مَخْصُوصٌ بِالشَّوْرَةِ لِأَنَّ الْغَالِبَ إنَّمَا تُشْتَرَى وَتُسَمَّى لِلْبِنْتِ بِقَصْدِ هِبَتِهَا لَهَا وَتَمْلِيكِهَا إيَّاهَا ، وَإِلَّا فَقَدْ نَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ فِي الْهِبَةِ فِي رَجُلٍ قَالَ لِوَلَدِهِ اجْعَلْ فِي هَذَا

الْمَوْضِعِ كَرْمًا أَوْ جِنَانًا أَوْ ابْنِ فِيهِ دَارًا فَفَعَلَ الِابْنُ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ وَالْأَبُ ، يَقُولُ كَرْمُ أَوْ جِنَانُ أَوْ دَارُ ابْنِي أَنَّ الْقَاعَةَ لَا يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ بِذَلِكَ وَهِيَ مَوْرُوثَةٌ ، وَلَيْسَ لِلِابْنِ إلَّا قِيمَةُ مَا عَمِلَهُ مَنْقُوضًا .
قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ وَقَوْلُ الرَّجُلِ فِي شَيْءٍ يُعْرَفُ لَهُ هَذَا كَرْمُ وَلَدِي أَوْ دَابَّةُ وَلَدِي لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَسْتَحِقُّ الِابْنُ مِنْهُ شَيْئًا إلَّا بِالْإِشْهَادِ بِهِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ لَهُ صَغِيرًا كَانَ الِابْنُ أَوْ كَبِيرًا وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ .
ا هـ .
وَيُوَافِقُ مَسْأَلَةَ الشَّوْرَةِ هَذِهِ مَا يَأْتِي فِي الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ تَحْلِيَةَ الصَّبِيِّ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْهِبَةِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ التَّمْلِيكِ .

وَإِنْ وَهَبَتْ لَهُ الصَّدَاقَ أَوْ مَا يَصْدُقُهَا بِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ : جُبِرَ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ ،

( وَإِنْ وَهَبَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ ( لَهُ ) أَيْ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ ( الصَّدَاقَ ) الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ ( أَوْ ) وَهَبَتْ مِنْ خَالِصِ مَالِهَا قَبْلَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ ( مَا ) أَيْ مُتَمَوَّلًا ( يَصْدُقُهَا ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَضَمِّ الدَّالِ أَيْ يَجْعَلُهُ صَدَاقًا لَهَا يَتَزَوَّجُهَا بِهِ ، أَوْ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ يَدْفَعُهُ لَهَا صَدَاقًا يَتَزَوَّجُهَا ( بِهِ ) وَصِلَةُ وَهَبَتْ ( قَبْلَ الْبِنَاءِ جُبِرَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ ( عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ ) أَيْ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ قَبَضَتْهُ مِنْهُ فِي الْأُولَى ثُمَّ وَهَبَتْهُ لَهُ قَبْلَهُ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ إذْ هُوَ حِينَئِذٍ كَالْمَوْهُوبِ بَعْدَهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْأَقَلُّ الَّذِي يَدْفَعُهُ لَهَا مِمَّا وَهَبَتْهُ لَهُ وَهُوَ مُعَيَّنٌ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي الْأُولَى لِأَنَّهُ مَالُهُ مَلَّكَهُ لَهَا بِالْعَقْدِ ، وَصَارَ مِلْكُهُ بِالْهِبَةِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَهُوَ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ مَالُهَا دَفَعَتْهُ لَهُ عَلَى أَنْ يَدْفَعَهُ لَهَا ، فَخُرُوجُهُ مِنْ يَدِهَا وَعَوْدُهُ لَهَا لَا يُعْتَبَرُ .
وَمَحَلُّ جَبْرِهِ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى دَفْعِ أَقَلِّهِ حَيْثُ أَرَادَ الْبِنَاءَ ، فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَسْتَمِرُّ الصَّدَاقُ مِلْكًا لَهُ فِي الْأُولَى وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي نِكَاحٍ تَسْمِيَةٍ صَحِيحٍ ، وَلَا عَيْبَ بِأَحَدِهِمَا ، وَلَا يَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ .
الْمُتَيْطِيُّ وَلَا بُدَّ مِنْ إشْهَادِ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْحِيَازَةِ فِيهِ إنْ لَمْ تَكُنْ قَبَضَتْهُ ، فَإِنْ مَاتَتْ قَبْلَهُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمَ وَبِهِ الْعَمَلُ .
ا هـ .
وَيَرُدُّهُ لَهَا فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ، وَبِهَا يُلْغَزُ ، فَيُقَالُ زَوْجٌ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَلَزِمَهُ جَمِيعُ الصَّدَاقِ ، وَفِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ عَنْ

بِكْرٍ أَوْ غَيْرِهَا أَعْطَتْ رَجُلًا دَنَانِيرَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِهَا ، قَالَ إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَزَادَهَا عَلَى مَا أَعْطَتْهُ رُبْعَ دِينَارٍ فَصَاعِدًا فَلَا بَأْسَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا وَهَبَتْهُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ .
التَّوْضِيحُ أَيْ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ تَرْجِعُ بِالْفَوْقِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ .

وَبَعْدَهُ أَوْ بَعْضَهُ ، فَالْمَوْهُوبُ كَالْعَدَمِ ، إلَّا أَنْ تَهَبَهُ عَلَى دَوَامِ الْعِشْرَةِ : كَعَطِيَّتِهِ لِذَلِكَ فَفُسِخَ

( وَ ) إنْ وَهَبَتْ رَشِيدَةٌ صَدَاقَهَا لِزَوْجِهَا ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْبِنَاءِ ( أَوْ ) وَهَبَتْ لَهُ قَبْلَهُ ( بَعْضَهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ الزَّائِدُ عَلَى رُبْعِ دِينَارٍ وَأَبْقَتْ لِنَفْسِهَا مِنْهُ رُبْعَ دِينَارٍ ( فَالْمَوْهُوبُ ) وَهُوَ الْجَمِيعُ فِي الْأُولَى وَالْبَعْضُ فِي الثَّانِيَةِ ( كَالْعَدَمِ ) أَيْ لَا تُؤَثِّرُ هِبَتُهُ خَلَلًا فِي النِّكَاحِ لِتَقَرُّرِهِ فِي الْأُولَى بِالدُّخُولِ فِي مُقَابَلَةِ الصَّدَاقِ وَصَيْرُورَةِ الْبَاقِي صَدَاقًا فِي الثَّانِيَةِ ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَوَجَبَ تَكْمِيلُهُ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَجَبَ نِصْفُهُ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( تَهَبَهُ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الزَّوْجَ جَمِيعَ صَدَاقِهَا أَوْ بَعْضَهُ ( عَلَى ) غَرَضٍ ( دَوَامَ الْعِشْرَةِ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُعَاشَرَتِهَا وَطَلَّقَهَا قَبْلَ حُصُولِ غَرَضِهَا الَّذِي وَهَبَتْ لِأَجْلِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ فَقَالَ ( كَعَطِيَّتِهِ ) أَيْ إعْطَاءِ الرَّشِيدَةِ زَوْجَهَا مَالًا ( لِذَلِكَ ) أَيْ دَوَامِ الْعِشْرَةِ ( فَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ فَلَهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَعْطَتْهُ لَهُ ، وَأَحْرَى إنْ طَلَّقَهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ فَسْخُهُ لِعَيْبٍ بِهَا تَعْلَمُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ ، فَإِنْ بَعُدَ كَسَنَتَيْنِ بِحَيْثُ إنَّ غَرَضَهَا حَصَلَ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَفِيمَا بَيْنَهُمَا تَرْجِعُ بِقَدْرِهِ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُفَارِقْهَا الْيَمِينُ نَزَلَتْ بِهِ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا ، وَإِلَّا فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ قَالَهُ أَصْبَغُ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ أَفَادَهُ " ز " .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إذَا فَارَقَهَا بِالْقُرْبِ ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ إذَا أَعْطَتْهُ مَالًا وَأَسْقَطَتْ عَنْهُ مِنْ صَدَاقِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا فَفَارَقَهَا أَوْ فَعَلَتْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَطَلَّقَهَا بِالْقُرْبِ فَتَرْجِعُ بِمَا أَعْطَتْ أَوْ أَسْقَطَتْ .
وَأَمَّا إنْ

فَعَلَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى عَلَيْهَا فَفَعَلَ فَقَالَ الْحَطّ فِي الْتِزَامَاتِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بِقُرْبٍ أَوْ بُعْدٍ ، وَصَرَّحَ بِهَذَا اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى خِلَافٍ فِي هَذَا إلَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُوَضِّحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ كَمَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْفِرَاقِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَقِفَا عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِرَاقُهَا الْيَمِينَ إلَخْ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ قُصَارَى أَمْرِهِ كَوْنُهُ كَالْفَسْخِ بِجَامِعِ الْجَبْرِ عَلَيْهِ فِيهِمَا ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِيهِ الرُّجُوعَ فَالظَّاهِرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ لَا أَصْبَغَ .

وَإِنْ أَعْطَتْهُ سَفِيهَةٌ مَا يَنْكِحُهَا بِهِ ثَبَتَ النِّكَاحُ وَيُعْطِيهَا مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ وَإِنْ وَهَبَتْهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَقَبَضَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا اتَّبَعَهَا

( وَإِنْ أَعْطَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَ زَوْجَةٌ ( سَفِيهَةٌ ) أَيْ بَالِغَةٌ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ ( مَا يَنْكِحُهَا بِهِ ) قَدْرَ مَهْرِ مِثْلِهَا أَوْ أَكْثَرَ ( ثَبَتَ النِّكَاحُ ) وَيَرُدُّ لَهَا مَا أَعْطَتْهُ ( وَيُعْطِيهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ ( مِنْ مَالِهِ مِثْلَهُ ) وُجُوبًا وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ ، فَإِنْ أَعْطَتْهُ أَقَلَّ مِنْ مَهْرِ مِثْلِهَا رَدَّهُ لَهَا وَأَعْطَاهَا مِنْ مَالِهِ مَهْرَ مِثْلِهَا لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا بِدُونِهِ لِسَفَهِهَا .
( وَإِنْ وَهَبَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي تُعْتَبَرُ هِبَتُهَا فَاتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَإِنْ خَالَفَ السِّيَاقَ إذْ هُوَ فِي إعْطَاءِ السَّفِيهَةِ ، وَصِلَةُ وَهَبَتْهُ ( لِ ) شَخْصٍ ( أَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ زَوْجِهَا وَلَوْ وَلِيَّهَا ( وَقَبَضَهُ ) أَيْ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ ( ثُمَّ طَلَّقَهَا ) الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الْوَاهِبَةَ قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا ( اتَّبَعَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ الزَّوْجَةَ بِنِصْفِهِ وَهِبَتُهَا مَاضِيَةٌ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّهَا لِخُرُوجِهَا مِنْ حِجْرِهِ بِطَلَاقِهَا ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا أَفَادَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَقِّ ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ جَمِيعَهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ فَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ .
أَبُو الْحَسَنِ زَادَ فِي الْأُمَّهَاتِ لِأَنَّ دَفْعَهُ إلَيْهِ إجَازَةُ لِفِعْلِهَا .
أَبُو الْحَسَنِ فَرَضَ الْأُمَّهَاتِ الْمَسْأَلَةَ فِي هِبَتِهَا قَبْلَ قَبْضِهَا إيَّاهُ فَدَفَعَهُ الزَّوْجُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فَقَالَا لَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِشَيْءٍ فِي رَأْيِي ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَى الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَى الْأَجْنَبِيِّ وَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ يَوْمَ دَفْعِهِ إلَيْهِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ حِينَ دَفَعَهَا إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ ، إمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ وَهَبَتْهُ هَذَا الصَّدَاقَ فَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الزَّوْجِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ ، وَتَكُونُ

مُعْسِرَةً فَأَنْفَذَ ذَلِكَ الزَّوْجُ حِينَ دَفَعَهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يُجِزْهُ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَصَدَّقَتْ بِمَالِهَا كُلِّهِ فَأَجَازَهُ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ لَوْ قَبَضَتْهُ ثُمَّ وَهَبَتْهُ وَدَفَعَتْهُ إلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَعَثَرَ عَلَيْهِ بَعْدَ الطَّلَاقِ هَلْ يَجْرِي عَلَى هَذَا الْجَوَابِ ، أَوْ عَلَى الْجَوَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى طَلُقَتْ الزَّوْجَةُ يَعْنِي مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ مُوسِرَةٍ أَوْ مُعْسِرَةٍ يَوْمَ الطَّلَاقِ ، عَلَى الْأَوَّلِ اخْتَصَرَهَا اللَّخْمِيُّ ، قَالَ فَإِنْ قَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ الزَّوْجِ وَذَكَرَ الْجَوَابَ إلَخْ الْمَسْأَلَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِصَارِ أَبِي سَعِيدٍ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ .
وَذَكَرَ أَيْضًا أَبُو الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ يُرَاعَى عُسْرُهَا وَيُسْرُهَا يَوْمَ الطَّلَاقِ ، يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ حَمْلِ الثُّلُثِ الْهِبَةِ ، قَالَ لِأَنَّهَا زَالَتْ عَنْ عِصْمَةِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ ، فَلَا يُرَاعَى الثُّلُثُ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا فَدَلَّ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ التَّقْيِيدَ بِحَمْلِ الثُّلُثِ خِلَافُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، نَعَمْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ عِبَارَةِ التَّوْضِيحِ لَكِنْ فِيمَا قَبْلَ الطَّلَاقِ لَا فِيمَا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُنَا ، وَنَصُّهَا فَإِنْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهَا وَهِيَ جَائِزَةُ الْأَمْرِ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثَ جَازَ ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ بَطَلَ جَمِيعُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عَلَى الرَّدِّ .
الشَّيْخُ مَعْنَاهُ إذَا أَبْطَلَهُ لِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ بَيَّنَهُ مَا فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمُطَرِّفٍ هُوَ عَلَى الرَّدِّ حَتَّى يُجِيزَهُ .
ا هـ .
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ هُوَ الصَّوَابُ دُونَ مَا قَالَهُ عج .

وَلَمْ تَرْجِعْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ أَنَّ الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ
( وَ ) إنْ وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَدَفَعَتْهُ لَهُ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَتْ لِلزَّوْجِ عِوَضَ نِصْفِهِ ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( تَرْجِعْ ) الزَّوْجَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ ، وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( تُبَيِّنَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ تُظْهِرَ الزَّوْجَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ حِينَ الْهِبَةِ ( أَنَّ ) الْمَالَ ( الْمَوْهُوبَ صَدَاقٌ ) أَوْ يَعْلَمُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ذَلِكَ ، كَذَا يَنْبَغِي قَالَهُ سَالِمٌ ، فَإِنْ بَيَّنَتْهُ أَوْ عَلِمَهُ رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِنِصْفِهِ فَقَطْ فَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ الَّذِي مَلَكَتْهُ وَلَوْ بَيَّنَتْ أَنَّهُ صَدَاقٌ .
أَبُو الْحَسَنِ فِي الْأُمَّهَاتِ وَلَا تَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ ، وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَرْجِعُ عِيَاضٌ قِيلَ مَعْنَى مَا فِيهَا وَهَبَتْهُ هِبَةً مُطْلَقَةً وَقَالَتْ لِلْمَوْهُوبِ اقْبِضْهَا مِنْ زَوْجِي ، وَلَوْ صَرَّحَتْ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ مِنْ الصَّدَاقِ فَلَهَا أَنْ تَرْجِعَ كَمَا حَكَى مُحَمَّدٌ ، وَحَمَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ عَلَى الْخِلَافِ وَنَحْوُهُ اللَّخْمِيُّ ، وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ ، أُجْبِرَتْ هِيَ ، وَالْمُطَلِّقُ ، إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ ،
( وَإِنْ ) وَهَبَتْ الزَّوْجَةُ صَدَاقَهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَ ( لَمْ يَقْبِضْهُ ) أَيْ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَجْنَبِيُّ الصَّدَاقَ الْمَوْهُوبَ حَتَّى طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ ( أُجْبِرَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( هِيَ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الْوَاهِبَةُ فَصَّلَ بِهِ لِإِرَادَةِ الْعَطْفِ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ مُوسِرَةً كَانَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ مُعْسِرَةً لِمِلْكِهَا التَّصَرُّفَ فِي الصَّدَاقِ يُوهِمُ هِبَتَهَا ( وَ ) أُجْبِرَ الزَّوْجُ ( الْمُطَلِّقُ ) بِفَتْحِ الطَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً قَبْلَ بِنَائِهِ بِالْوَاهِبَةِ عَلَى إمْضَاءِ الْهِبَةِ فِي النِّصْفِ الَّذِي رَجَعَ لَهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَهُ ( إنْ أَيْسَرَتْ ) الزَّوْجَةُ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ الَّذِي لِلزَّوْجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ ، فَلَا يُشْتَرَطُ يُسْرُهَا بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ( يَوْمَ الطَّلَاقِ ) أَيْسَرَتْ يَوْمَ الْهِبَةِ أَيْضًا أَمْ لَا ، فَهَذَا شَرْطٌ فِي جَبْرِهِ فَقَطْ ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا عَدَمُ تَبْيِينِهَا أَنَّهُ صَدَاقٌ .
فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الطَّلَاقِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِ النِّصْفِ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَلَا يَتْبَعُهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ بِهِ قَالَهُ عج .
وَقَالَ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ يَتْبَعُهَا بِهِ ، فَلَوْ قَالَ كَالْمُطَلِّقِ كَانَ أَحْسَنَ لِإِفَادَتِهِ رُجُوعَ الشَّرْطِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ .

وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى : كَعَبْدٍ ، أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي ، فَلَا نِصْفَ لَهَا ، وَلَوْ قَبَضَتْهُ رَدَّتْهُ لَا إنْ قَالَتْ : طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ ، أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي ، فَنِصْفُ مَا بَقِيَ وَتَقَرَّرَ بِالْوَطْءِ
( وَإِنْ خَالَعَتْهُ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ زَوْجَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا ( عَلَى كَعَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ ) هَذَا الْمُخَالَعَ بِهِ ( مِنْ صَدَاقِي ) وَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ ( فَلَا نِصْفَ لَهَا ) مِنْ صَدَاقِهَا وَتَدْفَعُ مَا خَالَعَتْ بِهِ مِنْ مَالِهَا فِي الْأُولَى بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَفِي الثَّانِيَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا لَهَا النِّصْفُ ( وَلَوْ قَبَضَتْهُ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا ( رَدَّتْهُ ) أَيْ الرَّشِيدَةُ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ .
( لَا ) لَا نِصْفَ لَهَا فَلَهَا النِّصْفُ ( إنْ قَالَتْ ) الرَّشِيدَةُ ( طَلِّقْنِي عَلَى عَشَرَةٍ ) وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي وَتَدْفَعُ مِنْهُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْخُلْعَ يَقْتَضِي خُلْعَ مَا لَهَا عَلَيْهِ وَزِيَادَتُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مَالِهَا بِخِلَافِ الطَّلَاقِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ( أَوْ لَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي ) صَوَابُهُ أَوْ قَالَتْ مِنْ صَدَاقِي عَقِبَ قَوْلِهَا خَالِعْنِي عَلَى عَشَرَةٍ وَأَوْلَى عَقِبَ قَوْلِهَا طَلِّقْنِي عَلَيْهَا ( فَ ) لَهَا ( نِصْفُ مَا بَقِيَ ) بَعْدَ إسْقَاطِ الْعَشَرَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ ( وَتَقَرَّرَ ) جَمِيعُ الصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ ( بِالْوَطْءِ ) فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَشَرَةٍ بَعْدَهُ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَهَا جَمِيعُ الصَّدَاقِ ، وَتَدْفَعُ الْعَشَرَةَ فَقَطْ ، وَنَصَّ عَلَى هَذَا هُنَا وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَتَقَرَّرَ بِوَطْءٍ وَإِنْ حَرُمَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ سُقُوطِهِ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى عَبْدٍ أَوْ عَشَرَةٍ وَلَمْ تَقُلْ مِنْ صَدَاقِي فَلَا نِصْفَ لَهَا .

وَيَرْجِعُ إنْ أَصْدَقَهَا مَنْ يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ عَلَيْهَا ، وَهَلْ إنْ رَشَدَتْ وَصُوِّبَ ، أَوْ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهَا ، وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ ،

وَ ) إنْ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً وَأَصْدَقَهَا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بِنَائِهِ بِهَا فَ ( يَرْجِعُ ) الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّدَاقِ ( إنْ أَصْدَقَهَا ) أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ ( مَنْ يَعْلَمُ ) الزَّوْجُ ( بِعِتْقِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الصَّدَاقِ ( عَلَيْهَا ) بِمُجَرَّدِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهَا لِكَوْنِهِ أَصْلًا أَوْ فَرْعًا أَوْ حَاشِيَةً قَرِيبَةً لَهَا ، أَيْ وَهِيَ عَالِمَةٌ بِهِ أَيْضًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَهِيَ عَالِمَةٌ ، أَوْ لَمْ يَعْلَمَا مَعًا ، فَإِنْ عَلِمَ دُونَهَا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا ، وَفِي رُجُوعِهَا عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ وَعَدَمِهِ خِلَافٌ فِيهَا إنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا عَتَقَ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتِحْسَانُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ ، وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَحَبُّ إلَيَّ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ .
اللَّخْمِيُّ وَكَذَا إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ عَلِمَتْ دُونَهُ ، فَحَكَى ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ نِصْفِهِ وَمَضَى عِتْقُ نِصْفِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اتِّبَاعَهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ فَذَلِكَ لَهُ وَمَضَى عِتْقُهُ كُلُّهُ ، وَقَالَهُ عَمَّنْ كَاشَفَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا اتِّبَاعُهَا ، وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا دُونَهَا لَعَتَقَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهَا قِيمَتَهُ ، فَإِنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ .
ا هـ .
وَقَدْ وَقَعَ فِي لَفْظِ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ نُسَخٍ الْأُولَى بِالتَّحْتِيَّةِ فِي يَرْجِعُ وَيَعْلَمُ ، وَالثَّانِيَةُ بِالْفَوْقِيَّةِ فِي تَعْلَمُ وَالتَّحْتِيَّةُ فِي يَرْجِعُ الثَّالِثَةُ عَكْسُهَا ، وَكُلُّهَا صَحِيحَةٌ غَيْرَ أَنَّ الْأُولَى تَقَيَّدَ بِعِلْمِهَا وَالْأَخِيرَةَ بِعَدَمِ عِلْمِهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( وَهَلْ

) الْعِتْقُ عَلَيْهَا فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ ( إنْ رَشَدَتْ ) أَيْ كَانَتْ بَالِغَةً مُحْسِنَةً لِلتَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ وَهِيَ ثَيِّبٌ غَيْرُ مُجْبَرَةٍ ( وَصُوِّبَ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ تَقْيِيدُ الْعِتْقِ عَلَيْهَا بِرُشْدِهَا أَيْ صَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ وَأَبُو الْحَسَنِ قَالُوا تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ خَيْرٌ مِنْ تَأْوِيلِ فَضْلٍ بِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ الْآتِي .
( أَوْ ) يُعْتَقُ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِرُشْدِهَا ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَنْ كَاشَفَهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَأَوَّلَهَا فَضْلٌ عَلَيْهِ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِعَدَمِ عِلْمِ الْوَلِيِّ بِهِ ، فَإِنْ عَلِمَ بِهِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ ) أَيْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ عِتْقَهُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ رُشْدٍ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا أَوْ أَحَدُهُمَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهَا وَفِي عِتْقِهِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي فَهْمِ قَوْلِهِ وَإِنْ تَزَوَّجَهَا بِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا بِالْعَقْدِ ، فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِنِصْفِ قِيمَتِهِ كَانَتْ مُوسِرَةً أَوْ مُعْسِرَةً ، وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدَ بِشَيْءٍ وَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ كَمُعْسِرٍ أُعْتِقَ بِعِلْمِ غَرِيمِهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ، وَالزَّوْجُ حِينَ أَصْدَقَهَا إيَّاهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فَلِذَلِكَ لَمْ أَرُدَّهُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ ، وَبَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَحْسَنَ عَدَمَ رُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ بِشَيْءٍ ، وَقَوْلِي وَهِيَ ثَيِّبٌ احْتِرَازًا عَنْ الْبِكْرِ وَالسَّفِيهَةِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَهَلْ يَكُونُ لِلزَّوْجِ وَيُعْطِيهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَشَدَتْ

سَوَاءٌ عَلِمَ وَلِيُّهَا أَمْ لَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهَا إذْنُهَا .
( وَإِنْ عَلِمَ ) الْوَلِيُّ بِعِتْقِ الصَّدَاقِ عَلَيْهَا ( دُونَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( لَمْ يُعْتَقْ ) الصَّدَاقُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَلَوْ عَلِمَتْ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُ دُونِهَا ( وَفِي عِتْقِهِ ) أَيْ الصَّدَاقِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْوَلِيِّ وَعَدَمِهِ ( قَوْلَانِ ) فَعَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَعَلَى عَدَمِهِ هَلْ يَكُونُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ أَوْ يَكُونُ كُلُّهُ لِلزَّوْجِ وَعَلَيْهِ لَهَا نِصْفُ قِيمَتِهِ ، وَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ عِتْقِهِ عَلَيْهَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ سَفِيهَةً ، فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا رَشِيدَةً عَتَقَ عَلَيْهَا وَلَوْ عَلِمَ وَلِيُّهَا .
" غ " الضَّمِيرُ فِي عَلِمَ وَفِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْوَلِيِّ ، وَهَذَا قَسِيمُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَأَشَارَ بِهِ كُلِّهِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مُقْتَصِرًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا أَوْ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهَا فِي أَنَّ النِّكَاحَ جَائِزٌ وَيُعْتَقُ عَلَيْهَا عَلِمَا أَوْ جَهِلَا ، أَوْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ ، وَهَذَا فِي الْبِكْرِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهَا ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ هُوَ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ .
ا هـ .
إلَّا أَنَّ الْمُصَنِّفَ اشْتَرَطَ انْفِرَادَهُ بِالْعِلْمِ دُونَهَا ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ .

وَإِنْ جَنَى الْعَبْدُ فِي يَدِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ ، وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، إلَّا أَنْ تُحَابِيَ فَلَهُ دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ ، وَالشَّرِكَةُ فِيهِ ، وَإِنْ فَدَتْهُ بِأَرْشِهَا فَأَقَلَّ : لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِذَلِكَ ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ وَبِأَكْثَرَ : فَكَالْمُحَابَاةِ ، وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ

( وَإِنْ ) أَصْدَقَهَا عَبْدٌ أَوْ ( جَنَى الْعَبْدُ ) الصَّدَاقَ عَلَى نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ أَوْ مَالٍ وَهُوَ ( فِي يَدِهِ ) أَيْ حَوْزُ الزَّوْجِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِلزَّوْجَةِ ، وَهَذَا نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَأَحْرَى إذَا جَنَى وَهُوَ فِي يَدِهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهِ لَهَا ( فَلَا كَلَامَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ فِي فِدَاءِ الْعَبْدِ وَإِسْلَامِهِ ، وَالْكَلَامُ فِي هَذَا لِلزَّوْجَةِ .
( وَإِنْ أَسْلَمَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي جِنَايَتِهِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ ( فَلَا شَيْءَ لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ مِنْ الْعَبْدِ كَهَلَاكِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تُحَابِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَبِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ تَسَاهُلٍ وَتَسَامُحِ الزَّوْجَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ فِي إسْلَامِ الْعَبْدِ الَّذِي تَزِيدُ قِيمَتُهُ عَلَى أَرْشِ جِنَايَتِهِ فِيهِ ( فَلَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( دَفْعُ نِصْفِ الْأَرْشِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الرَّاءِ فَشِينٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ دِيَةِ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ ( وَالشَّرِكَةُ فِيهِ ) أَيْ الْعَبْدِ بِنِصْفِهِ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْشِ ، وَلَهُ إجَازَةُ إسْلَامِهَا ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ ، فَإِنْ فَاتَ غَرِمَتْ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمُحَابَاةِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا إنْ بَاعَتْهُ بِمُحَابَاةٍ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَهُ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ إلَّا نِصْفُ الْمُحَابَاةِ ، وَفَرَّقُوا بِجَوَازِ بَيْعِهَا وَلَكِنَّهَا تَبَرَّعَتْ بِبَعْضِ ثَمَنِهِ فَلَزِمَهَا نِصْفُ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ كَتَبَرُّعِهَا بِجَمِيعِهِ ، وَفِدَاءُ الْجَانِي كَاشْتِرَائِهِ وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا ، وَلَيْسَ وَاجِبًا عَلَيْهَا ، فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ فَدَى نِصْفَهُ .
( وَإِنْ فَدَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْجَانِي ( بِأَرْشِهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ ( فَأَقَلُّ لَمْ يَأْخُذْ ) الزَّوْجُ نِصْفَ ( هـ ) أَيْ الْجَانِي مِنْ الزَّوْجَةِ ( إلَّا بِ ) نِصْفِ ( ذَلِكَ ) الْفِدَاءِ إنْ كَانَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بَلْ (

وَإِنْ زَادَ ) الْفِدَاءُ ( عَلَى قِيمَتِهِ ) أَيْ الْجَانِي ( وَ ) إنْ فَدَتْهُ ( بِأَكْثَرَ ) مِنْ أَرْشِهَا ( فَكَالْمُحَابَاةِ ) فِي إسْلَامِهِ فَيُخَيَّرُ الزَّوْجُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَعَدَمِ رُجُوعِهِ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَدَفْعِهِ لَهَا نِصْفَ الْأَرْشِ وَمُشَارَكَتِهَا بِالنِّصْفِ ( وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ ) إنْ شَاءَتْ ( بِ ) جَمِيعِ ( مَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ ) أَوْ أَمَةٍ أَوْ بَهِيمٍ ( أَوْ ثَمَرَةٍ ) جُعِلَتْ صَدَاقًا فِي نِكَاحٍ لَا يَلْزَمُ فِيهِ مَهْرٌ كَنِكَاحِ تَفْوِيضٍ طَلُقَتْ فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَكَنِكَاحٍ فَاسِدٍ فُسِخَ قَبْلَهُ .
" غ " فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَرَجَعَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْفَسْخِ قَبْلَهُ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى عَبْدٍ أَوْ ثَمَرَةٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ قَبْلَ ، وَتَرْجِعُ بِنِصْفِ نَفَقَةِ الثَّمَرَةِ وَالْعَبْدِ .

وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ : ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَبْلَهُ لِمَصْلَحَةٍ .
وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَقَبَضَهُ : مُجْبِرٌ ، وَوَصِيٌّ ،

( وَجَازَ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ ) الْمُجْبَرَةِ كَثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ لَا غَيْرِهِ وَلَوْ وَصِيًّا مُجْبِرًا ( عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ ) أَيْ مُسَامَحَةُ الزَّوْجِ مِنْهُ ( قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الطَّلَاقِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ } لَا قَبْلَهُ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَقَالَ ( ابْنُ الْقَاسِمِ وَ ) يَجُوزُ عَفْوُ أَبِي الْبِكْرِ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الطَّلَاقِ ( لِمَصْلَحَةٍ ، وَهَلْ ) قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ( وِفَاقٌ ) لِقَوْلِ الْإِمَامِ أَوْ خِلَافٌ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي قَوْلِهَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إلَّا لِوَجْهٍ كَعُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفِّفُ عَنْهُ وَيُنْظِرُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَضِيَتْ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنْ كَانَ نَظَرًا وَبِهَذَا يَتَّجِهُ كَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا .
وَقَالَ عِيَاضٌ فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَوْلَانِ لِأَشْيَاخِنَا ا هـ .
وَنَحْوُ مَا فِيهَا لِابْنِ الْحَاجِبِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ نَقْلُ الْمُؤَلِّفِ هُوَ الصَّحِيحُ لَا مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي جَوَازِ التَّخْفِيفِ قَبْلَ الطَّلَاقِ إذَا ظَهَرَتْ الْمَصْلَحَةُ كَمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِي عَدَمِ جَوَازِهِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَا إذَا جُهِلَ الْحَالُ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ .
وَمَفْهُومُ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ بَعْدَهُ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْجَلَّابِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْقَرَافِيُّ .
وَوَجْهُهُ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّشِيدَةِ وَغَيْرِهَا فَفِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ أَنَّ الصَّغِيرَةَ إذَا دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا وَافْتَضَّهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ بُلُوغِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ شَيْءٍ مِنْ صَدَاقِهَا لَا مِنْ الْأَبِ وَلَا مِنْ

غَيْرِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إذْ دَخَلَ بِهَا وَافْتَضَّهَا فَقَدْ وَجَبَ لَهَا جَمِيعُ صَدَاقِهَا بِالْمَسِيسِ فَلَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضَعَ حَقًّا قَدْ وَجَبَ لَهَا إلَّا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِيهِ وَهُوَ قَبْلَ الْمَسِيسِ ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ } .
وَإِذَا مُنِعَ الْعَفْوُ فِي الصَّغِيرَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَفِي السَّفِيهَةِ أَحْرَى .
( وَقَبَضَهُ ) أَيْ الصَّدَاقَ وَلِيٌّ ( مُجْبِرٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ شَمِلَ الْأَبَ وَوَصِيَّهُ الَّذِي أَمَرَهُ بِالْجَبْرِ ( وَ ) شَخْصٌ ( وَصِيٍّ ) مِنْ الْأَبِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْبِنْتِ وَمِثْلُهُمَا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ عَلَى يَتِيمَةٍ مُهْمَلَةٍ ، وَإِنْ أَوْهَمَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ الْحَصْرَ فِيهِمَا .
الْبُنَانِيُّ الْمَذْهَبُ أَنَّ وَلِيَّ النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ إلَّا الْقَاضِي وَمُقَدَّمُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الْيَتِيمَةَ الْمُهْمَلَةَ لَا تَقْبِضُ صَدَاقَهَا ، قَالَ وَالْخَلَاصُ فِي ذَلِكَ بِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنْ يَحْضُرَ الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ وَالشُّهُودُ وَيَشْتَرِي بِنَقْدِهَا جَهَازَهَا وَيُدْخِلُونَهُ بَيْتَهَا ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ مَعْزُوًّا لِبَعْضِهِمْ ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
قُلْت أَوْ بِتَعْيِينِ الْحَاكِمِ مَنْ يَقْبِضُهُ وَيَصْرِفُهُ فِيمَا يَأْمُرُهُ مِمَّا يَجِبُ وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ ا هـ .
كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمُجْبِرِ وَالْوَصِيِّ ، وَفِي وَثَائِقِ الْغَرْنَاطِيِّ لَا يَقْبِضُ الصَّدَاقَ إلَّا أَحَدُ سَبْعَةٍ : الْأَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْقَاضِي لِمَنْ إلَى نَظَرِهِ وَالسَّيِّدُ لِأَمَتِهِ وَالْمَالِكَةُ أَمْرَ نَفْسِهَا وَوَكِيلُهُمْ وَالْحَاضِنُ لِلْبِكْرِ الْيَتِيمَةِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي وِلَايَةٍ إذَا كَانَ صَدَاقُهَا مِمَّا تُجَهَّزُ بِهِ ا هـ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ .

وَصُدِّقَا ، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَحَلَفَا ، وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ ، وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ شِرَاءُ جِهَازٍ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا ، أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ ، أَوْ تَوْجِيهِهِ إلَيْهِ .
وَإِلَّا ؛ فَالْمَرْأَةُ .

( وَ ) إنْ قَبَضَ الْأَبُ الْمُجْبِرُ أَوْ وَصِيُّهُ الصَّدَاقَ وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ مِنْهُ ( صُدِّقَا ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا ، أَيْ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي دَعْوَاهُمَا قَبْضَهُ وَتَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَفْرِيطٍ ، وَبَرِئَ الزَّوْجُ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لِلْمُجْبِرِ أَوْ الْوَصِيِّ ، بَلْ ( وَلَوْ لَمْ تَقُمْ ) أَيْ تَشْهَدُ ( بَيِّنَةٌ ) لِلزَّوْجِ بِدَفْعِهِ لِأَحَدِهِمَا .
ابْنُ الْحَاجِّ إنْ ادَّعَى الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ الْقَبْضَ وَالتَّلَفَ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى الْقَبْضِ فَفِي رُجُوعِهَا عَلَى الزَّوْجِ قَوْلَانِ .
ا هـ .
وَمَحَلُّهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَأَمَّا بَعْدَهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بِقَبْضِهِ إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ .
ا هـ .
وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّصْدِيقُ فِي قَبْضِهِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُصَدَّقَانِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَهَا ، وَإِنَّ الَّذِي لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ هُوَ الْقَبْضُ لَا التَّلَفُ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ .
وَنَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ فَإِنْ قَالَ الْأَبُ قَبَضْتُهُ وَضَاعَ مِنِّي وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ الزَّوْجِ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ إلَّا إقْرَارُ الْأَبِ وَكَانَتْ الْبِنْتُ بِكْرًا لَزِمَهَا ذَلِكَ ، وَكَانَ قَبْضُهُ لَهَا قَبْضًا وَضَيَاعُهُ مِنْهُ ضَيَاعٌ ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْءٌ .
ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْأَبَ الَّذِي لَهُ قَبْضُهُ بِغَيْرِ تَوْكِيلٍ أَقَرَّ بِقَبْضِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْرَأَ بِذَلِكَ الزَّوْجُ .
( وَحَلَفَا ) أَيْ الْمُجْبِرُ وَالْوَصِيُّ عَلَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ ، وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ لِأَنَّا نَقُولُ نَعَمْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ وَيَحْلِفُ

السَّيِّدُ عَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ تَجْهِيزِ الْأَمَةِ بِهِ صَرَّحَ بِهِ حُلُولُو وَنَقَلَهُ أَحْمَدُ بَابًا ( وَرَجَعَ ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ ( إنْ طَلَّقَهَا ) قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ ( فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ ) أَيْ دَفَعَ الزَّوْجُ الصَّدَاقَ لِمَنْ لَهُ قَبْضُهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَلَوْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الْقِيَامِ وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهَا ، فَإِنْ أَعْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ لَمْ يَرْجِعْ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ .
( وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ الْمُجْبِرُ أَوْ الْوَصِيُّ مِنْ الصَّدَاقِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الزَّوْجِ قَبْلَ الْبِنَاءِ ( شِرَاءُ جَهَازٍ ) صَالِحٍ لِمِثْلِهِمَا ( تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ ) أَيْ الْجَهَازِ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( أَوْ ) بِ ( إحْضَارِهِ ) أَيْ الْجَهَازِ ( بَيْتَ الْبِنَاءِ أَوْ تَوْجِيهِهِ ) أَيْ الْجَهَازِ ( إلَيْهِ ) أَيْ بَيْتِ الْبِنَاءِ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبُوهُ إلَيْهِ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الزَّوْجِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ .
ابْنُ حَبِيبٍ لِلزَّوْجِ سُؤَالُ الْوَلِيِّ فِيمَا صَرَفَ نَقْدَهُ فِيهِ مِنْ جَهَازٍ وَعَلَى الْوَلِيِّ تَفْسِيرُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ مُجْبِرٌ وَلَا وَصِيٌّ وَلَا مُقَدَّمُ قَاضٍ ( فَالْمَرْأَةُ ) الرَّشِيدَةُ تَقْبِضُ صَدَاقَهَا ، فَإِنْ قَبَضَتْهُ وَغَابَتْ وَادَّعَتْ تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينٍ فَلَا يَلْزَمُهَا تَجْهِيزٌ بِغَيْرِهِ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ تُخْلِفُهُ مِنْ مَالِهَا وَتَتَجَهَّزُ بِهِ ، وَلَا يُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَتْهُ بِالْقَبْضِ إلَخْ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَمَا هُنَا بِالنَّظَرِ لِلتَّجْهِيزِ بِهِ .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً فَالْمُخَلِّصُ اجْتِمَاعُ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ وَشِرَاءُ الْجَهَازِ اللَّائِقِ بِهِمَا بِحَالِ الصَّدَاقِ وَوَضْعِهِ فِي

بَيْتِ الْبِنَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ .

وَإِنْ قُبِضَ اتَّبَعَتْهُ ، أَوْ الزَّوْجَ .
( وَإِنْ قُبِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ قَبَضَ الصَّدَاقَ مَنْ لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ مِنْ غَيْرِ تَوْكِيلِهَا لَهُ وَتَلِفَ مِنْهُ فَقَدْ تَعَدَّى فِي قَبْضِهِ وَالزَّوْجُ فِي دَفْعِهِ ، فَإِنْ شَاءَتْ ( اتَّبَعَتْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْقَابِضَ ( أَوْ ) اتَّبَعَتْ ( الزَّوْجَ ) فَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْقَابِضِ ، وَإِنْ أَخَذَتْهُ مِنْ الْقَابِضِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ وَهَذَا عَلَى نَصْبِ الزَّوْجِ بِعَطْفِهِ عَلَى هَاءِ اتَّبَعَتْهُ ، وَيَصِحُّ رَفْعُهُ بِعَطْفِهِ عَلَى فَاعِلِ اتَّبَعَ الْمُسْتَتِرُ فِيهِ لِوُجُودِ الْفَصْلِ بِالْهَاءِ ، وَالْمَعْنَى أَوْ اتَّبَعَ الزَّوْجُ الْقَابِضَ فَيَأْخُذَهُ مِنْهُ وَيَدْفَعَهُ لِلزَّوْجَةِ وَهَذَأ أَوْلَى لِإِفَادَتِهِ أَنَّ لِلزَّوْجِ اتِّبَاعَ الْقَابِضِ أَيْضًا .

وَلَوْ قَالَ الْأَبُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ بِالْقَبْضِ : لَمْ أَقْبِضْهُ ، حَلَفَ الزَّوْجُ فِي : كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ .
( وَلَوْ قَالَ الْأَبُ ) وَكَذَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ كَوَصِيٍّ وَرَشِيدَةٍ ( بَعْدَ الْإِشْهَادِ ) عَلَى نَفْسِهِ ( بِالْقَبْضِ ) لِلصَّدَاقِ مِنْ الزَّوْجِ ، وَمَفْعُولُ قَالَ ( لَمْ أَقْبِضْهُ ) أَيْ الصَّدَاقَ مِنْ الزَّوْجِ ، وَإِنَّمَا أَشْهَدْتُ عَلَى نَفْسِي بِقَبْضِهِ لِحُسْنِ ظَنِّي فِيهِ وَلِتَشْرِيفِهِ بَيْنَ النَّاسِ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا الْقَوْلُ وَ ( حَلَفَ الزَّوْجُ ) لَقَدْ أَقَبَضْته إيَّاهُ إذَا كَانَ التَّنَازُعُ ( فِي ) زَمَنٍ قَرِيبٍ مِنْ الْإِشْهَادِ ( كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ خَمْسَةً زَائِدَةً عَلَى الْعَشَرَةِ ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْهَدُ وَاسْتَحَقَّ أَخْذَ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ ، وَإِنْ نَكَلَ فَلَا ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَا يَحْلِفُ الزَّوْجُ ، وَتَعْرِيفُ الْمُتَضَايِفَيْنِ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِتَعْرِيفِ الثَّانِي فَقَطْ ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ .
وَفِي أَكْثَرِهَا تَعْرِيفُ الْأَوَّلِ فَقَطْ .
وَهَذَا لَا يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ .

( فَصْلٌ ) إذَا تَنَازَعَا فِي الزَّوْجِيَّة ، ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ ، وَلَوْ بِالسَّمَاعِ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ ، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ .

فَصْلٌ ) ( فِي بَيَانِ أَحْكَامِ تَنَازُعِ الزَّوْجَيْنِ وَمَا يُنَاسِبُهُ ) ( إذَا تَنَازَعَا ) أَيْ الْمُتَنَازِعَانِ اللَّازِمَانِ لِلتَّنَازُعِ أَوْ الزَّوْجَانِ بِاعْتِبَارِ دَعْوَى أَحَدِهِمَا ثُبُوتَ الزَّوْجِيَّةِ ، وَصِلَةُ تَنَازَعَا ( فِي ) ثُبُوتِ ( الزَّوْجِيَّةِ ) أَيْ كَوْنِ أَحَدِهِمَا زَوْجًا لِلْآخَرِ وَنَفْيِهِ بِأَنْ ادَّعَاهَا أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهَا الْآخَرُ ، وَجَوَابُ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ ( ثَبَتَتْ ) الزَّوْجِيَّةُ بَيْنَهُمَا ( بِ ) شَهَادَةِ ( بَيِّنَةٍ ) لِمُدَّعِيهَا إنْ شَهِدَتْ بِمُعَايَنَةِ الْعَقْدِ بَلْ ( وَلَوْ ) شَهِدَتْ ( بِالسَّمَاعِ ) الْفَاشِيِّ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ بِصَدَاقٍ قَدْرُهُ كَذَا نَقْدُهُ كَذَا وَمُؤَجَّلُهُ كَذَا عَقَدَ لَهُ عَلَيْهَا وَلِيُّهَا فُلَانٌ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ ، فَلَا يَكْفِي فِيهَا الْإِجْمَالُ كَمَا لَا يَكْفِي فِي بَيِّنَةِ الْقَطْعِ ( بِالدُّفِّ ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْفَاءِ أَيْ الطَّبْلِ سَوَاءٌ كَانَ بِغِرْبَالٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ آلَاتِهِ ( وَالدُّخَانِ ) أَيْ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ يَحْتَمِلُ أَنَّ مُرَادَهُ مَعَ مُعَايَنَةِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ لَهُمَا ، وَيُحْتَمَلُ مَعَ سَمَاعِهَا بِهِمَا ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ مُرَادَهُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ ، وَالْمَعْنَى يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَطْعِ الْمُسْتَنِدَةِ لِمُعَايَنَةِ الْعَقْدِ أَوْ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ عَايَنَهُمَا بِالنِّكَاحِ عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ إسْنَادِهِ إلَى سَمَاعٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ .
وَيَجُوزُ لِلشَّاهِدَيْنِ أَنْ يَشْهَدَا عَلَيْهِ بِالْقَطْعِ مِنْ نَاحِيَةِ السَّمَاعِ إذَا حَصَلَ عِلْمُهُمَا بِذَلِكَ لِكَثْرَتِهِ وَتَوَاتُرِهِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَنَوَازِلِ سَحْنُونٍ ا هـ .
بَعْضُ الشَّارِحِينَ هَذَا أَحْسَنُ مَحَامِلِ كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ ، وَفِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ مَا يُفِيدُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةِ قَطْعٍ وَلَوْ مُعْتَمَدَةً عَلَى السَّمَاعِ بِسَبَبِ مُعَايَنَةِ الدُّفِّ

وَالدُّخَانِ ، فَالْبَاءُ الْأُولَى بِمَعْنَى عَلَى ، وَالثَّانِيَةُ سَبَبِيَّةٌ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ ، أَيْ بِسَبَبِ مُعَايَنَةِ الدُّفِّ وَالدُّخَانِ وَاخْتَارَ هَذَا طفي ، وَنَصُّهُ يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ سُمِعَتْ سَمَاعًا فَاشِيًّا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ بِالنِّكَاحِ وَعَايَنْت الدُّفَّ وَالدُّخَانَ وَحَصَلَ لَهُمْ الْيَقِينُ فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْقَطْعِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ ، هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فِي مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَهَكَذَا الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ جُلُّ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ فِي النِّكَاحِ إذَا انْتَشَرَ خَبَرُهُ فِي الْجِيرَانِ أَنَّ فُلَانًا تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَسُمِعَ الدِّفَافُ فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ زَوْجُ فُلَانٍ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ النِّكَاحَ ا هـ .
فَقَوْلُهُ أَنْ يَشْهَدَ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهَا بِالْقَطْعِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ وَهَذَا ظَاهِرٌ ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرُوا طُولَ الْمُدَّةِ هُنَا مَعَ اشْتِرَاطِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ ، وَمَا ذَاكَ إلَّا لِأَنَّ هَذِهِ شَهَادَةُ قَطْعٍ وَالدِّفَافُ وَالدُّخَانُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ وَالْمَدَارُ عَلَى انْتِشَارِهِ وَكَثْرَتِهِ وَوُجُودِ الْأَمَارَاتِ الْمُفِيدَةِ لِلْقَطْعِ بِالشَّهَادَةِ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ قَالَ تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْقَطْعِ مِنْ جِهَةِ السَّمَاعِ إذَا أَفَاضَ بِاسْتِفَاضَتِهِ ا هـ .
الْمِسْنَاوِيُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ كَافِيَةٌ كَشَهَادَةِ الْقَطْعِ ، وَأَنَّ شُهُودَ السَّمَاعِ شَاهَدُوا الدُّفَّ وَالدُّخَانَ أَوْ سَمِعُوهُمَا وَهُوَ أَظْهَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَقْصُودُهُ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ إلَّا أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ كَافِيَةٌ فِي النِّكَاحِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ دُفٌّ وَلَا دُخَانٌ ، لَكِنْ نَقَلَ الْمُصَنِّفُ هُنَا كَلَامَ

الْمُتَيْطِيِّ كَمَا هُوَ ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِالدُّفِّ وَالدُّخَانِ لَانْتَفَى الْإِيهَامُ .
وَأَمَّا الِاحْتِمَالُ بِحَمْلِهِ عَلَى شَهَادَةِ الْقَطْعِ الْمُسْتَنِدَةِ لِذَلِكَ فَبَعِيدٌ مِنْ قَصْدِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْقَطْعِ هِيَ قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَا عَلَيْنَا فِي مُسْتَنِدِ الْقَطْعِ مَا هُوَ .
ا هـ .
وَأَيْضًا صَنِيعُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُتَيْطِيِّ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ لِنَقْلِهِ عَقِبَهُ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ إنَّمَا تَجُوزُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ حَيْثُ يَتَّفِقَ الزَّوْجَانِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ ا هـ .
قُلْت قَوْلُهُ أَبِي عِمْرَانَ يُعَيِّنُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَخِيرِ الَّذِي عَيَّنَ الْحَمْلَ عَلَيْهِ .
طفي الْبُرْزُلِيُّ مَحَلُّ ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ حَيْثُ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي حَوْزِ مُقِيمِهَا أَوْ لَا بِيَدِ أَحَدٍ ، فَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ أَحَدٍ بِزَوْجِيَّةٍ فَلَا يَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ لِأَنَّهَا لَا يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ ا هـ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ دُفٌّ وَدُخَانٌ قَالَهُ أَحْمَدُ .
وَإِلَّا ) تَكُنْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِيهَا عَلَى مُنْكِرِهَا ( فَلَا يَمِينَ ) عَلَى مُنْكِرِهَا مِنْهُمَا لِأَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا ، وَلِعَدَمِ ثَمَرَةِ تَوَجُّهِهَا لِعَدَمِ انْقِلَابِهَا إذَا نَكَلَ عَنْهَا إذْ لَا يُقْضَى بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَدَعْوَى النِّكَاحِ عَلَى مُنْكِرِهِ دُونَ شَاهِدٍ ، فَفِي سُقُوطِهَا وَلُزُومِ يَمِينِ الْمُنْكِرِ كَغَيْرِ النِّكَاحِ ، ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ بَيْنَ طَارِئَيْنِ .
ا هـ .
وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ تَحْتَ زَوْجٍ وَادَّعَى رَجُلٌ نِكَاحَهَا وَهُمَا طَارِئَانِ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ لَلَزِمَتْهَا الْيَمِينُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّتْ لَهُ بِهِ كَانَا زَوْجَيْنِ .
وَقِيلَ لَا يَمِينَ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ عَنْهَا لَمْ يَلْزَمْهَا النِّكَاحُ إنْ لَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي شَاهِدًا .

وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَحَلَفَتْ مَعَهُ وَوَرِثَتْ

بَلْ ( وَلَوْ أَقَامَ ) الشَّخْصُ ( الْمُدَّعِي ) لِلزَّوْجِيَّةِ مِنْهُمَا ( شَاهِدًا ) لَهُ بِهَا الْحَطّ ظَاهِرُهُ وَلَوْ طَارِئَيْنِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّامِلِ أَيْضًا .
وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ ، فَإِنْ نَكَلَتْ الْمَرْأَةُ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ وَلَا تُحْبَسُ ، وَإِنْ نَكَلَ الزَّوْجُ غَرِمَ الصَّدَاقَ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَلَوْ أَقَامَ الزَّوْجُ شَاهِدًا فَاسْتُحْلِفَتْ الْمَرْأَةُ فَنَكَلَتْ فَلَا يَلْزَمُهَا وَلَا تُسْجَنُ كَمَا يُسْجَنُ الزَّوْجُ فِي الطَّلَاقِ .
( وَ ) إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ شَاهِدًا عَلَى مَيِّتٍ بِزَوْجِيَّتِهِ لَهَا ( حَلَفَتْ ) الْمَرْأَةُ ( مَعَهُ ) أَيْ الشَّاهِدِ الَّذِي أَقَامَتْهُ عَلَى زَوْجِيَّتِهَا لِلْمَيِّتِ إنْ شَهِدَ بِعَقْدِ النِّكَاحِ لَا بِإِقْرَارِ الْمَيِّتِ بِهِ ، وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ قَالَهُ أَحْمَدُ ( وَوَرِثَتْ ) الْمَرْأَةُ الْمَيِّتَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ دَعْوَاهَا آلَتْ إلَى مَالٍ ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَارِثٌ ثَابِتٌ أَمْ لَا ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ لَا وَارِثَ لَهُ ثَابِتٌ قَالَهُ تت ، وَمَشَى الْحَطّ عَلَى تَقْيِيدِهِ بِهِ ، وَتَبِعَهُ سَالِمٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَكَذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ وَأَقَرَّهُ النَّاصِرُ قَائِلًا سَيُصَرِّحُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الِاسْتِلْحَاقِ بِهَذَا الْقَيْدِ عَنْ صَاحِبِ النَّوَادِرِ وَغَيْرِهِ .
ا هـ .
فَحَمْلُ كَلَامِهِ هُنَا عَلَى مَا فِي تَوْضِيحِهِ أَوْلَى وَلَا صَدَاقَ لَهَا وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَالظَّاهِرُ حُرْمَتُهَا عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ لِدَعْوَاهَا وَقِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ تَزَوُّجُ خَامِسَةٍ إلَخْ ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَحَثَهُ تت وَتَبِعَهُ د .
وَقَالَ الْحَطّ هُوَ ظَاهِرُ عُمُومِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ ، وَنِكَاحٌ بَعْدَ مَوْتٍ مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا وَيَرِثُهَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ لَهَا فَالْأَوْلَى وَحَلَفَ مَعَهُ وَوَرِثَ لِيَشْمَلَ الصُّورَتَيْنِ ، وَلَمْ

يُؤْخَذْ بِإِقْرَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهَا بِاعْتِبَارِ الصَّدَاقِ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ قَالَهُ ابْنُ دَحُونٍ ، وَلَا يَرِدُ الْإِرْثُ لِتَسَبُّبِهِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِيَّةِ أَيْضًا بِخِلَافِ الصَّدَاقِ وَأَيْضًا ثُبُوتُ النِّكَاحِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامٌ أُخَرُ غَيْرُ الْمَالِ كَلُحُوقِ النَّسَبِ ، فَلَوْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَإِمَّا أَنْ تَثْبُتَ أَحْكَامُهُ كُلُّهَا وَهُوَ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ أَوْ تَثْبُتَ الْمَالِيَّةُ خَاصَّةً وَهُوَ تَحَكُّمٌ ، اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ فَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا زَوْجِيَّةَ الْآخَرِ وَهُوَ حَيٌّ وَعَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَلْ يُعْمَلُ بِدَعْوَى الْمُدَّعِي أَمْ لَا لِأَنَّهَا دَعْوَى نِكَاحٍ ، وَاَلَّتِي بَعْدَ الْمَوْتِ دَعْوَى مَالٍ .

وَأُمِرَ الزَّوْجُ بِاعْتِزَالِهَا لِشَاهِدٍ ثَانٍ زَعَمَ قُرْبَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ : فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ

( وَ ) مَنْ ادَّعَى عَلَى مُتَزَوِّجَةٍ بِغَيْرِهِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى نِكَاحِهِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ بِهَذَا عَلَى سَبِيلِ الْقَطْعِ ، وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا غَائِبًا ( أُمِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ ( الزَّوْجُ ) الْحَائِزُ لَهَا أَمْرَ إيجَابٍ ( بِاعْتِزَالِهَا ) أَيْ تَرْكِ اسْتِمْتَاعِهِ بِالزَّوْجَةِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا وَإِنْ خِيفَ تَغَيُّبُهَا فَتُحْبَسُ عِنْدَ أَمِينَةٍ إنْ لَمْ تَأْتِ بِكَفِيلٍ ( لِ ) إتْيَانِ الْمُدَّعِي بِ ( شَاهِدٍ ) يَشْهَدُ لَهُ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ عَلَى الْقَطْعِ ( زَعَمَ ) الْمُدَّعِي ( قُرْبَهُ ) أَيْ الشَّاهِدِ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الزَّوْجِ الْحَائِزِ لَهَا فِي اعْتِزَالِهَا لِمَجِيئِهِ وَنَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ اعْتِزَالِهَا عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهَا ، فَإِنْ ثَبَتَتْ لِمُقِيمِ الْبَيِّنَةِ فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي مُدَّةِ اعْتِزَالِهَا وَاسْتِبْرَائِهَا ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْحَائِزِ وَتُرَدُّ إلَى عِصْمَةِ مُقِيمِهَا وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا إنْ كَانَ وَطِئَهَا الْحَائِزُ .
( فَإِنْ لَمْ يَأْتِ ) الْمُدَّعِي ( بِهِ ) أَيْ الشَّاهِدِ الثَّانِي ( فَلَا يَمِينَ عَلَى ) وَاحِدٍ مِنْ ( الزَّوْجَيْنِ ) لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ ، كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ و ق ، وَفِي نُسْخَةِ تت وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَى الزَّوْجَيْنِ وَهِيَ أَخْصَرُ وَأَشْمَلُ لِشُمُولِهَا زَعْمَهُ بَعْدَ الشَّاهِدِ الثَّانِي .
قِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي دَعْوَى الثَّانِي أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَدَخَلَ بِهَا قَبْلَ الْحَائِزِ لَهَا ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا قَبْلَهُ فَقَدْ فَاتَتْ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الثَّانِي غَيْرِ عَالِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ .
وَقِيلَ لَا حَاجَةَ لِهَذَا الْحَمْلِ لِفَرْضِهَا فِي ذَاتِ وَلِيٍّ وَاحِدٍ وَدُخُولِ الثَّانِي لَا يُفِيتُهَا نَصَّ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ وَلِعِلْمِ الْمَرْأَةِ بِالثَّانِي الْمَانِعِ مِنْ فَوَاتِهَا بِدُخُولِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَوْ ذَاتَ وَلِيَّيْنِ .

وَأُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ لِبَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ ، ثُمَّ لَمْ تُسْمَعْ بَيِّنَتُهُ إنْ عَجَّزَهُ قَاضٍ مُدَّعِيَ حُجَّةٍ ، وَظَاهِرُهَا الْقَبُولُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ

( وَ ) إنْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى مَرْأَةٍ خَلِيَّةٍ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَأَنْكَرَتْ ( أُمِرَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَرْأَةُ ( بِانْتِظَارِهِ ) أَيْ الْمُدَّعِي وَعَدَمِ التَّزَوُّجِ بِغَيْرِهِ ( لِ ) حُضُورِ ( بَيِّنَةٍ قَرِيبَةٍ ) غَيْبَتُهَا بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَرْأَةِ فِي انْتِظَارِهَا رَوَاهُ أَصْبَغُ ، زَادَ وَيَرَى الْإِمَامُ لِدَعْوَاهُ وَجْهًا بِأَنْ تُشْبِهَ نِسَاءَهُ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَةَ قَطْعٍ أَوْ سَمَاعٍ ، فَإِنْ أَتَى بِهَا وَشَهِدَتْ لَهُ وَسَلَّمَتْ الْمَرْأَةُ شَهَادَتَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا أَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهَا فَلَا تُؤْمَرُ بِانْتِظَارِهِ ، وَتَتَزَوَّجُ مَتَى شَاءَتْ فِي التَّوْضِيحِ وَحَيْثُ أُمِرَتْ بِانْتِظَارِهِ فَطَلَبُهَا بِحَمِيلٍ بِوَجْهِهَا لِيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى عَيْنِهَا ، فَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ الْعَطَّارِ وَغَيْرِهِمَا يَلْزَمُهَا ذَلِكَ .
الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي هَذَا عِنْدَ شُيُوخِنَا وَانْعَقَدَتْ الْأَحْكَامُ عَلَيْهِ جَعْلُهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ صَالِحَةٍ تَتَحَفَّظُ عَلَيْهَا .
( ثُمَّ ) إذَا انْتَظَرَتْهُ وَمَضَى الْأَجَلُ وَعَجَزَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِبَيِّنَةٍ جَازَ لِلْحَاكِمِ تَعْجِيزُهُ وَ ( لَمْ تُسْمَعْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( بَيِّنَتُهُ ) الَّتِي يَأْتِي بِهَا بَعْدَ التَّعْجِيزِ ( إنْ ) كَانَ ( عَجَّزَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُدَّعِي ( قَاضٍ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مُدَّعِيَ حُجَّةٍ ) وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُدَّعِيَ حُجَّةٍ لَا مُقَابِلَ قَوْلِهِ وَلَمْ تُسْمَعْ إلَخْ فَقَالَ ( وَظَاهِرُهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( الْقَبُولُ ) لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي الَّتِي أَقَامَهَا بَعْدَ تَعْجِيزِهِ ( إنْ ) كَانَ ( أَقَرَّ ) الْمُدَّعِي ( عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ ) عَنْ إقَامَتِهَا حِينَ تَعْجِيزِهِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ التَّعْجِيزَ هُوَ الْحُكْمُ بِعَجْزِهِ أَوْ بِرَدِّ دَعْوَاهُ بَعْدَ تَبَيُّنِ لَدَدِهِ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ الْحُكْمُ بِعَدَمِ سَمَاعِ بَيِّنَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُقْبَلُ

بَيِّنَتُهُ بَعْدُ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَجْزِهِ ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقَضَاءِ .
وَالْفَرْقُ عَلَى تَسْلِيمِ مَا هُنَا بَيْنَ ادِّعَائِهِ حُجَّةً وَإِقْرَارِهِ بِعَجْزِهِ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْأَوَّلِ بِبُطْلَانِ مَا يَأْتِي بِهِ لِادِّعَائِهِ ، وَفِي الثَّانِي بِعَجْزِهِ أَفَادَهُ عب .
طفي لَيْسَ فِي الرِّوَايَةِ تَقْيِيدُ الْعَجْزِ بِكَوْنِهِ مُدَّعِيًا حُجَّةً ، وَلَيْسَ قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ مِنْ تَمَامِ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ ، فَفِي الرِّوَايَةِ سَمِعَ أَصْبَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ فَأَنْكَرَتْهُ وَادَّعَى بَيِّنَةً بَعِيدَةً فَلَا تَنْتَظِرُهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَةً قَرِيبَةً لَا يَضُرُّ بِالْمَرْأَةِ انْتِظَارُهَا ، وَيَرَى الْإِمَامُ لِمَا ادَّعَاهُ وَجْهًا ، فَإِنْ عَجَّزَهُ ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ وَقَدْ نَكَحَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ لَا مَضَى الْحُكْمُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا خِلَافُ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَالْمَطْلُوبِ ، وَقَالَ يَقْبَلُ مِنْهُ الْقَاضِي وَمَا يَأْتِي بِهِ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ .
وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ تَعْجِيزِهِ فِي أَوَّلِ قِيَامِهِ قَبْلَ أَنْ يَجِبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلٌ ، وَبَيْنَ تَعْجِيزِهِ بَعْدَ وُجُوبِ عَمَلٍ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ عَلَيْهِ ، فَفِي تَعْجِيزِ الْمَطْلُوبِ قَوْلَانِ ، وَفِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ ثَلَاثَةٌ .
قِيلَ هَذَا فِي الْقَاضِي الْحَاكِمُ لَا فِيمَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْحُكَّامِ .
وَقِيلَ فِيهِمَا وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إنْ عَجَّزَهُ الْقَاضِي بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْعَجْزِ ، وَإِنْ عَجَّزَهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَالْأَعْذَارِ وَهُوَ يَدَّعِي حُجَّةً فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ حُجَّةٍ لِأَنَّهُ رُدَّ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَ نُفُوذِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ .
ا هـ .
فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْقَيْدَيْنِ لِتَقْيِيدِ ابْنِ رُشْدٍ مَحَلَّ الْخِلَافِ ، لَكِنْ حَرَّفَ ذَلِكَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ لِشِدَّةِ الِاخْتِصَارِ ، فَأَشْكَلَ بِاقْتِضَاءِ مَا ذَكَرَهُ التَّوْفِيقَ بَيْنَ

السَّمَاعِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ هَلْ تُقْبَلُ مِنْهُ أَمْ لَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : تُقْبَلُ مِنْهُ طَالِبًا كَانَ أَوْ مَطْلُوبًا إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
الثَّانِي : لَا تُقْبَلُ مِنْهُ كَانَ الطَّالِبَ أَوْ الْمَطْلُوبَ .
الثَّالِثُ : تُقْبَلُ مِنْ الطَّالِبِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْ الْمَطْلُوبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَمَّا كُلُّ شَيْءٍ لَا يُكَلَّفُ فِيهِ الْمَطْلُوبُ تَحْقِيقَهُ لِنَفْسِهِ ، وَإِنَّمَا كَلَّفَهُ الطَّالِبُ فَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِقَطْعِ دَعْوَاهُ وَيُتْرَكُ وَتَحْقِيقُ مَطْلَبِهِ مَهْمَا أَمْكَنَهُ ، وَلَوْ أَتَى الطَّالِبُ بِشَيْءٍ أَوْجَبَ عَلَى الْمَطْلُوبِ عَمَلًا فَأَثْبَتَ الْمَطْلُوبُ مَا يُنْقِضُ ذَلِكَ عَنْهُ فَادَّعَى الطَّالِبُ دَعْوَى ، وَاحْتَجَّ بِحُجَّةٍ عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهَا بَعْدَ ضَرْبِ الْأَجَلِ لَهُ فَإِنَّهُ يُسَجِّلُ بِعَجْزِهِ وَيُحْكَمُ بِقَطْعِ حُجَّتِهِ عَنْ الْمَطْلُوبِ ، ثُمَّ لَا يُنْظَرُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ حُجَّةً وَلَا بَيِّنَةَ لَا ذَلِكَ الْقَاضِي وَلَا غَيْرُهُ ، ثُمَّ قَالَ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ تَرْكُ تَعْجِيزِ الطَّالِبِ وَأَنَّهُ مَتَى حُقِّقَ حَقُّهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ كَمَذْهَبِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ .
وَقَالَ فِي الْمَطْلُوبِ مَتَى حَكَمَ عَلَيْهِ بَعْدَ اسْتِقْصَاءِ حُجَّتِهِ فَلَا يُسْمَعُ مِنْهُ بَعْدَهُ حُجَّةٌ وَلَا بَيِّنَةٌ إذَا لَا تُقْطَعُ حُجَّةُ أَحَدٍ أَبَدًا فَلِمَ ضُرِبَتْ لَهُ الْآجَالُ وَوُسِّعَ عَلَيْهِ إلَّا لِتَقَطُّعِ حُجَّتِهِ ، وَقَالَ وَلَا أَقُولُ فِيهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
أَبُو الْأَصْبَغِ أَرَادَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي أَقْضِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَتَى بِمَا لَهُ وَجْهٌ قُبِلَ مِنْهُ مِثْلُ إتْيَانِهِ أَوَّلًا بِشَاهِدٍ عِنْدَ مَنْ لَمْ يَرَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ ، فَوَجَدَ بَعْدَ الْحُكْمِ شَاهِدًا آخَرَ .
وَفِي كِتَابِ السَّرِقَةِ مِثْلُ أَنْ يَظْفَرَ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْلَمْهَا ، وَفِي كِتَابِ الصُّبْرَةِ أَوْ

يَجِدُ مَنْ يُجَرِّحُ مَنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِهِمْ فَيَسْمَعُ ذَلِكَ مِنْهُ الْحَاكِمُ وَغَيْرُهُ ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحُكْمَ هُوَ التَّعْجِيزُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهِ ، وَيَجْرِي هَذَا الْحُكْمُ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِهِ وَعَدَمِهِ ، وَإِنَّمَا يُذْكَرُ التَّعْجِيزُ وَيُكْتَبُ لِمَنْ سَأَلَهُ تَأْكِيدًا لِلْحُكْمِ لَا إنَّ عَدَمَ سَمَاعِ الْحُجَّةِ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ إذَا ذَكَرَ لَهُ حُجَّةً وَتَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَقَضَى عَلَيْهِ فَهُوَ التَّعْجِيزُ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَالْحُجَّةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ وَافَقَهُ عَلَى ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي تَعْجِيزِ الطَّالِبِ مَا فِي رِسَالَةِ الْقَضَاءِ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ اجْعَلْ لِلْمُدَّعِي أَجَلًا يَنْتَهِي إلَيْهِ ، فَإِنْ أَحْضَرَ بَيِّنَتَهُ أَخَذَ بِحَقِّهِ وَإِلَّا وَجَّهَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَجْلَى لِلْعَمَارِ وَأَبْلَغُ فِي الْعُذْرِ .
الْبُنَانِيُّ قَدْ بَانَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ جَزَمَ أَوَّلًا بِعَدَمِ الْقَبُولِ فِي مَحَلِّ الِاتِّفَاقِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ وَسَاكِتًا عَمَّا فِي الرِّوَايَةِ وَنَبَّهَ بِنِسْبَتِهِ لِظَاهِرِهَا عَلَى أَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَيْسَ لِذِي ثَلَاثٍ : تَزْوِيجُ خَامِسَةٍ إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا
( وَلَيْسَ لِ ) زَوْجٍ ( ذِي ) صَاحِبِ ( ثَلَاثٍ ) مِنْ الزَّوْجَاتِ فِي عِصْمَتِهِ ادَّعَى نِكَاحَ رَابِعَةٍ وَأَنْكَرَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ ( تَزْوِيجُ ) مَرْأَةٍ ( خَامِسَةٍ ) بِالنِّسْبَةِ لِلَّتِي ادَّعَاهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا بَعْدَ طَلَاقِهَا ) أَيْ الَّتِي ادَّعَاهَا الرَّجُلُ وَأَوْلَى طَلَاقُ إحْدَى الثَّلَاثِ ، وَيَصِحُّ طَلَاقُهَا مَعَ عَدَمِ ثُبُوتِ زَوْجِيَّتِهَا وَهُوَ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى عِصْمَةٍ مَمْلُوكَةٍ قِبَلَهُ تَحْقِيقًا أَوْ تَعْلِيقًا لِدَعْوَاهُ إنَّهَا فِي عِصْمَتِهِ ، وَإِنَّهَا ظَلَمَتْهُ فِي إنْكَارِهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ .
ابْنُ رَاشِدٍ وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الْمَرْأَةَ إنْ ادَّعَتْ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ وَأَنْكَرَهَا أَنَّهَا لَا تُمَكَّنُ مِنْ تَزْوِيجِ غَيْرِهِ لِاعْتِرَافِهَا أَنَّهَا ذَاتُ زَوْجٍ ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي حِلِّ الْخَامِسَةِ رُجُوعُهُ عَنْ دَعْوَاهُ وَتَكْذِيبُهُ نَفْسَهُ .

وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا
( وَ ) إنْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ زَوْجِيَّةَ رَجُلٍ فَأَنْكَرَهَا فَأَثْبَتَتْهَا بِشَاهِدَيْنِ فَ ( لَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ ) زَوْجِيَّتَهَا ( طَلَاقًا ) لِأَنَّهُ عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهَا لَيْسَتْ زَوْجَتَهُ فَلَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى بِإِنْكَارِهِ طَلَاقَهَا فَيَلْزَمُهُ لِمِلْكِهِ عِصْمَتَهَا ، وَلُزُومُهُ بِكُلِّ كَلَامٍ نَوَاهُ بِهِ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ تُثْبِتْهَا فَلَيْسَ طَلَاقًا وَلَوْ نَوَاهُ بِهِ إذْ لَمْ يَمْلِكْ عِصْمَتَهَا قَبْلَهُ لَا تَحْقِيقًا وَلَا تَعْلِيقًا ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فَهِيَ مَعَهُ بِعِصْمَةٍ تَامَّةٍ .

وَلَوْ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ فَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ : فُسِخَا : كَالْوَلِيَّيْنِ

( وَلَوْ ادَّعَاهَا ) أَيْ زَوْجِيَّةَ امْرَأَةٍ ( رَجُلَانِ ) بِأَنْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هِيَ زَوْجَتُهُ ( فَأَنْكَرَتْهُمَا ) أَيْ الْمَرْأَةُ زَوْجِيَّةَ الرَّجُلَيْنِ أَوْ صَدَّقَتْهُمَا ( أَوْ ) أَنْكَرَتْ ( أَحَدَهُمَا ) وَصَدَّقَتْ الْآخَرَ أَوْ سَكَتَتْ وَلَمْ تُجِبْ بِشَيْءٍ ( وَأَقَامَ ) أَيْ أَشْهَدَ ( كُلُّ ) وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( الْبَيِّنَةَ ) عَلَى زَوْجِيَّتِهَا لَهُ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَاسْتَوَتْ الْبَيِّنَتَانِ ( فُسِخَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ النِّكَاحَانِ الْمَشْهُودُ بِهِمَا بِطَلَاقٍ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِمَا ( كَ ) نِكَاحَيْ ( ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ ) اللَّذَيْنِ جُهِلَ زَمَنُهُمَا وَلَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا بِهَا غَيْرَ عَالِمٍ لِأَنَّ هَذِهِ ذَاتُ وَلِيٍّ وَاحِدٍ كَمَا أَفَادَهُ التَّشْبِيهُ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدْلِيَّةِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ .
وَقُيِّدَ الْأَوَّلُ بِاسْتِوَاءِ التَّارِيخَيْنِ أَوْ عَدَمِهِمَا ، فَإِنْ وُجِدَا مُتَفَاوِتَيْنِ قُضِيَ بِالسَّابِقِ ، وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ قُضِيَ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ .
وَإِنْ أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا بِشَهْرٍ وَالْأُخْرَى بِيَوْمٍ مِنْهُ قُضِيَ بِالثَّانِيَةِ إلَّا أَنْ تَقْطَعَ الْأُولَى بِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ .
وَانْظُرْ هَلْ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ لَا يُرَجَّحُ بِتَارِيخٍ وَلَا غَيْرِهِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ يَحْلِفُ مَعَ كُلِّ مُرَجِّحٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَالِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يُنْظَرُ لِدُخُولِ أَحَدِهِمَا إلَخْ أَبُو الْحَسَنِ .
ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ وَلِيدٍ وَابْنُ غَالِبٍ مَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا أَحَدُهُمَا فَهُوَ أَوْلَى بِهَا ، وَفِي تَهْذِيبِ عَبْدِ الْحَقِّ مَعْنَى مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي هَذِهِ أَنَّهُ زَوَّجَهَا وَلِيٌّ وَاحِدٌ ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ فَعَلَى هَذَا لَيْسَ الدَّاخِلُ أَوْلَى بِهَا ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْفَسْخِ .
قَوْلُهُ أَوْ وُرِّخَتَا جَمِيعًا إلَخْ ، لَا يَخْفَى فَسَادُهُ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا إذَا

وُرِّخَتَا مَعًا قُضِيَ بِالسَّابِقَةِ .
وَإِنْ وُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ بَطَلَتَا مَعًا .
الْمُتَيْطِيُّ لَوْ ادَّعَى رَجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ وَأَنْكَرَتْهُمَا أَوْ أَقَرَّتْ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا وَأَقَامَ كُلٌّ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فُسِخَ نِكَاحُهُمَا بِطَلَاقٍ ا هـ نَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ و ق .
قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ يُفِيدُ أَنَّهُ إنْ أُرِّخَتَا وَسَبَقَ تَارِيخُ إحْدَاهُمَا يُعْمَلُ بِالسَّابِقَةِ ، وَإِذَا وُرِّخَتْ إحْدَاهُمَا أُلْغِيَتْ إذْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِ مِنْهُمَا .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا ادَّعَى رَجُلَانِ امْرَأَةً وَأَقَامَا الْبَيِّنَةَ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا وَهِيَ مُقِرَّةٌ بِأَحَدِهِمَا أَوْ بِهِمَا أَوْ مُنْكِرَةٌ لَهُمَا ، فَإِنْ عَدَلَتْ الْبَيِّنَتَانِ فُسِخَ نِكَاحُهُمَا وَكَانَ طَلْقَةً .
أَبُو الْحَسَنِ مَعْنَى مَا فِي الْكِتَابِ إذَا كَانَا فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ ، وَأَمَّا إنْ كَانَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَلَا تَهَاتُرَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ ، فَإِنْ وُرِّخَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِأَقْدَمِ التَّارِيخِ وَإِنْ لَمْ تُوَرَّخَا فُسِخَ النِّكَاحَانِ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ إحْدَاهُمَا أَعْدَلَ أَوْ تَسَاوَتَا فِي الْعَدَالَةِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ مَا نَقَلَهُ " ز " عَنْ ابْنِ الْهِنْدِيِّ ، وَسَكَتَ عَنْ تَوْرِيخِ إحْدَاهُمَا فَقَطْ ، لَكِنَّ كَلَامَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ يُفِيدُ الْقَضَاءَ بِالْمُوَرَّخَةِ وَكَلَامَ أَبِي الْحَسَنِ يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَيْدِ هُوَ الْمَذْهَبُ لِتَفْرِيقِهِ بَيْنَ التَّارِيخِ وَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي التَّوْرِيثِ بِإِقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ

( وَفِي التَّوْرِيثِ ) لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ مِنْ الْآخَرِ ( بِ ) سَبَبِ ( إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ ) مَعًا بِالزَّوْجِيَّةِ ( غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ ) بِأَنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ تَصَادَقَا عَلَى زَوْجِيَّتِهِمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا لِمُؤَاخَذَةِ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ وَعَدَمِهِ خِلَافُ مَحَلِّهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ تَقَارُرُهُمَا مَعًا .
وَفِي صِحَّتِهِمَا وَلَا وَلَدَ مَعَهَا اسْتَلْحَقَهُ وَأَشْعَرَ جَعْلَهُ الْخِلَافَ فِي التَّوْرِيثِ بِعَدَمِ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، إذْ لَا يَثْبُتُ بِتَقَارُرِ بَلَدِيَّيْنِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ زَمَنُهُ ، وَفِيهِ وَقْفَةٌ قَالَهُ أَحْمَدُ وَاحْتُرِزَ بِإِقْرَارِهِمَا عَنْ إقْرَارِ أَحَدِهِمَا وَحْدَهُ فَلَا تَوَارُثَ بِهِ اتِّفَاقًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
بَلْ إنْ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ تُقِرَّ بِهِ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ وَرِثَتْهُ وَإِنْ أَقَرَّتْ وَحْدَهَا وَلَمْ يُكَذِّبْهَا وَسَكَتَ وَرِثَهَا وَاحْتَرَزْت بِقَوْلِي فِي الصِّحَّةِ عَمَّا إذَا تَقَارَرَا فِي الْمَرَضِ فَلَا تَوَارُثَ قَطْعًا ، إذْ الْإِقْرَارُ بِهِ فِيهِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلَوْ طَارِئَيْنِ ، وَبِقَوْلِي وَلَا وَلَدَ مَعَهَا اسْتَلْحَقَهُ عَمَّا إذَا كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ وَاسْتَلْحَقَهُ وَلَمْ تُكَذِّبْهُ فَإِنَّهُ يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَرْأَةَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ اسْتَلْحَقَهُ فِي الْمَرَضِ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُ " ز " ثَلَاثَةُ أُمُورٍ إلَخْ الصَّوَابُ إسْقَاطُ تَقَارُرِهِمَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ وَكَلَامُهُ قَرِيبًا ، وَكَذَا قَوْلُهُ وَفِي الصِّحَّةِ .
طفي فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَوَاهِرِ بِكَوْنِ الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ أَقَرَّ بِهِ وَإِلَّا فَالْإِرْثُ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي تَقْيِيدِ الْخِلَافِ بِعَدَمِ الْوَلَدِ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِرْثُ مَعَهُ بِلَا خِلَافٍ ، وَلَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرُ الْمُقَرِّ بِهَا فَتَرِثُ مَعَهَا إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ بِأَنَّ اسْتِلْحَاقَ الْوَلَدِ قَطَعَ التُّهْمَةَ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَنْ اخْتَصَرَ

فَقَالَ لِي امْرَأَةٌ بِمَكَّةَ سَمَّاهَا ثُمَّ مَاتَ فَطَلَبَتْ مِيرَاثَهَا مِنْهُ فَذَلِكَ لَهَا .
وَكَذَا لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ زَوْجِي فُلَانٌ بِمَكَّةَ فَأَتَى بَعْدَ مَوْتِهَا وَرِثَهَا بِإِقْرَارِهَا بِهِ ا هـ ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَقَالَ بِأَثَرِهِ ابْنُ رَاشِدٍ ، وَعَلَى مَا فِي الْجَوَاهِرِ إنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا لَمْ تَرِثْهُ لِأَنَّ هَذِهِ قَدْ حَازَتْ الْمِيرَاثَ .
ا هـ .
فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ الْخِلَافُ إذَا تَقَارَرَا فِي الصِّحَّةِ إذْ الْإِقْرَارُ بِهِ فِي الْمَرَضِ كَإِنْشَائِهِ فِيهِ وَهُوَ يَمْنَعُ الْإِرْثَ قَطْعًا .
وَكَذَا قَالَ فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ قَائِلًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ لِاقْتِصَادِهِ عَلَى نَقْلِ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ فِي فَرْضِهَا فِي الصِّحَّةِ ، فَفُهِمَ أَنَّهُ فِي غَيْرِهَا لَا مِيرَاثَ فَقَالَ مَا قَالَ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ فِي الْمُحْتَضَرِ ، إذْ لَمْ يَنْقُلْهُ الْمَوَّاقُ .
الْبُنَانِيُّ قُلْت لَعَلَّ قَوْلَهُ مَنْ اُحْتُضِرَ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِغَيْبَةِ الزَّوْجَةِ كَفَرْضِهِ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ ، فَإِنْ أَقَرَّ بِزَوْجَةٍ حَاضِرَةٍ قَوِيَتْ التُّهْمَةُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْجَوَاهِرِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى رَدِّ كَلَامِ عج لِاحْتِمَالِ كَوْنِ التَّقْيِيدِ بِالصِّحَّةِ مَقْصُودًا أَوَّلًا فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ ، وَيَكُونُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ تَفْصِيلٌ ، أَشَارَ إلَيْهِ آخِرًا .
أَوْ يُقَالُ مَسْأَلَةُ الْمُحْتَضَرِ أَخَصُّ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَرِيضِ الَّتِي اُحْتُرِزَ عَنْهَا عج لِأَنَّ وَقْتَ الِاحْتِضَارِ يَبْعُدُ فِيهِ الْكَذِبُ .
وَقَوْلُ " ز " فَإِنَّهُ يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمَرْأَةَ إلَخْ يَنْبَغِي ضَبْطُهُ بِنَصْبِ الْمُسْتَلْحِقِ مَفْعُولًا ، وَرَفْعِ الْمَرْأَةِ فَاعِلًا .
وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَرِثُهُ مَعَ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحِقِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّ الْخِلَافَ حَيْثُ لَا وَلَدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ فَتَرِثُهُ ، أَيْ الْمُقِرُّ مَعَ الْوَلَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّارِعُ مُتَشَوِّفًا إلَى لُحُوقِ النَّسَبِ

جَعَلَ اسْتِلْحَاقَهُ قَاطِعًا لِلتُّهْمَةِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي " ق " ، وَأَمَّا إرْثُهُ لَهَا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ الْخِلَافِ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ وَلَدٌ وَانْظُرْ النَّصَّ فِيهِ .

وَالْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ .
خِلَافٌ ؛

( وَ ) فِي التَّوْرِيثِ ( بِ ) سَبَبِ ( الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ ) غَيْرِ زَوْجٍ وَغَيْرِ وَلَدٍ وَلَوْ أُنْثَى وَغَيْرِ مُعْتِقٍ كَأَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ ( وَ ) الْحَالُ ( لَيْسَ ثَمَّ ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ ظَرْفُ مَكَان أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ ( وَارِثٌ ) لِلْمُقِرِّ ( ثَابِتٌ ) نَسَبُهُ لِلْمُقِرِّ يَجُوزُ جَمِيعُ مَالِهِ أَوْ بَاقِيهِ ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ لَهُ وَارِثٌ يَجُوزُ بَعْضُهُ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ ، وَفِي إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ غَيْرِ الطَّارِئَيْنِ أَيْضًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا عَنْ ابْنِ رَاشِدٍ لِاعْتِمَادِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَطّ وَعَدَمِهِ ( خِلَافٌ ) فَإِنْ كَانَ ثَمَّ وَارِثٌ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمَالِ أَوْ بَاقِيهِ كَابْنٍ أَوْ أَخٍ فَلَا تَوْرِيثَ بِإِقْرَارِهِ بِاتِّفَاقٍ ، وَسَبَبُهُ الْخِلَافُ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَلْ هُوَ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ ، وَخَصَّهُ اللَّخْمِيُّ بِعَدَمِ طُولِ زَمَنِ الْإِقْرَارِ ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ بِزَوْجٍ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ وَالْإِقْرَارُ بِالْوَلَدِ لَا يُسَمَّى إقْرَارًا عُرْفًا ، بَلْ يُسَمَّى اسْتِلْحَاقًا وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْإِرْثِ بِسَبَبِهِ ، وَالْإِقْرَارُ بِمُعْتِقٍ بِالْكَسْرِ وَارِدٌ عَلَى كَلَامِهِ فَالْأَوْلَى اسْتِثْنَاؤُهُ إذْ لَا خِلَافَ فِي الْإِرْثِ بِهِ وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يُصَدَّقْ الْمُقِرَّ بِالْكَسْرِ وَلَمْ يُكَذِّبْهُ ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا .
وَإِنْ صَدَّقَهُ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِالْآخَرِ ، وَفِي إرْثِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ الْخِلَافُ فَالصَّوَابُ التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ التَّكْذِيبِ فَقَطْ ، وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ رُجُوعِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ لَهُمَا قَالَهُ الْبَدْرُ وَبَعْضُ الشَّارِحِينَ ، قَالَ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَيْ مَفْهُومُهُ فِي أُولَاهُمَا فَقَطْ كَوْنُ الْوَارِثِ يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ ، بَلْ كَوْنُهُ يُشَارِكُ الْمُقَرَّ بِهِ فِي نَصِيبِهِ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِبَحْثِ ابْنِ رَاشِدٍ ، وَنَصُّهُ لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ زَوْجَةً بِمَكَّةَ فَإِنْ كَانَ فِي عِصْمَتِهِ غَيْرُهَا فَلَا تَرِثُهُ الْمُقَرُّ بِهَا لِحِيَازَةِ الَّتِي فِي عِصْمَتِهِ جَمِيعَ

مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ مِنْ رُبْعٍ أَوْ ثُمُنٍ .
قُلْت وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ فَتَعْلِيلُ ابْنِ رَاشِدٍ أَفَادَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي سُقُوطِ مِيرَاثِ الْمُقَرِّ بِهِ وُجُودُ وَارِثٍ ثَابِتٍ يَسْتَحِقُّ النَّصِيبَ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ الْمُقَرُّ بِهِ لَوْ انْفَرَدَ ، فَلَوْ كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَمْنَع الزَّوْجَةُ الْمُقَرَّ بِهَا مِنْ مِيرَاثِهَا .

بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ
( بِخِلَافِ ) إقْرَارِ الزَّوْجَيْنِ ( الطَّارِئَيْنِ ) عَلَى بَلْدَةٍ بِزَوْجِيَّتِهِمَا فَيَثْبُتُ بِهِ الْإِرْثُ بَيْنَهُمَا لِثُبُوتِ النِّكَاحِ بِهِ ، وَسَوَاءٌ قَدِمَا مَعًا أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ إقْرَارُهُمَا فِي صِحَّةٍ أَوْ مَرَضٍ .
" غ " لَمْ يَذْكُرْ ثُبُوتَ زَوْجِيَّتِهِمَا اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَقِيلَ دَعْوَى طَارِئَةِ التَّزْوِيجِ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ دَعْوَى التَّزْوِيجِ لِلْإِحْلَالِ وَدَعْوَى كَوْنِهِمَا زَوْجَيْنِ وَقَدْ قِيلَ قَوْلُهَا هُنَاكَ فَكَذَا هُنَا

وَإِقْرَارِ أَبَوَيْ غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ
( وَ ) بِخِلَافِ ( إقْرَارِ أَبَوَيْ ) الزَّوْجَيْنِ ( غَيْرِ الْبَالِغَيْنِ ) بِزَوْجِيَّتِهِمَا فَتَثْبُتُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَا حَيَّيْنِ أَوْ مَيِّتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَيًّا وَالْآخَرُ مَيِّتًا فَيَرِثُ الْحَيُّ الْمَيِّتَ بِهِ لِقُدْرَتِهِمَا عَلَى إنْشَاءِ عَقْدِ النِّكَاحِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ قَالَهُ الشَّارِحُ ، وَهُوَ قَاصِرٌ عَلَى حَيَاتِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَا طَارِئَيْنِ أَمْ لَا .

وَقَوْلِهِ تَزَوَّجْتُك ، فَقَالَتْ بَلَى
( وَ ) بِخِلَافِ ( قَوْلِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ الطَّارِئِ لِلزَّوْجَةِ الطَّارِئَةِ ( تَزَوَّجْتُك فَقَالَتْ ) الْمَرْأَةُ مُجِيبَةً لَهُ ( بَلَى ) أَوْ نَعَمْ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ لُغَةً وَعُرْفًا فَيَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُهُمَا وَتَوَارُثُهُمَا ، فَإِنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ ، وَفِي التَّوَارُثِ الْخِلَافُ

أَوْ قَالَتْ .
طَلَّقْتَنِي ، أَوْ خَالَعْتَنِي
( أَوْ قَالَتْ ) الْمَرْأَةُ لِلرَّجُلِ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ لَهَا تَزَوَّجْتُك ( طَلِّقْنِي أَوْ خَالِعْنِي ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ أَوْ طَلَّقْتنِي أَوْ خَالَعْتَنِي بِصِيغَةِ الْمَاضِي ، فَهَذَا إقْرَارٌ مِنْهَا يَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُ الطَّارِئَيْنِ وَتَوَارُثُهُمَا وَلَا يَثْبُتُ بِهِ نِكَاحُ الْبَلَدِيَّيْنِ ، وَفِي تَوَارُثِهِمَا الْخِلَافُ .

أَوْ قَالَ .
اخْتَلَعْت مِنِّي ، أَوْ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ ، أَوْ حَرَامٌ ، أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ .
طَلِّقْنِي ؛ لَا إنْ لَمْ يَجِبْ ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي
( أَوْ قَالَ ) الرَّجُلُ ( اخْتَلَعْتِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( مِنِّي ) أَوْ اخْتَلَعْت أَنَا مِنْك ( أَوْ أَنَا مِنْك ) بِكَسْرِ الْكَافِ ( مُظَاهِرٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فِي جَوَابِ ) قَوْلِهَا لَهُ وَهُمَا طَارِئَانِ ( طَلِّقْنِي ) فَيَثْبُتُ النِّكَاحُ وَالتَّوَارُثُ ، فَإِنْ كَانَا بَلَدِيَّيْنِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ ، وَفِي التَّوَارُثِ الْخِلَافُ ( لَا ) يَثْبُتُ النِّكَاحُ ( إنْ ) قَالَ تَزَوَّجْتُك أَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي أَوْ خَالِعْنِي وَ ( لَمْ يُجَبْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ الْبَادِئُ مِنْهُمَا زَوْجًا كَانَ أَوْ زَوْجَةً بِأَنْ قَالَ لَهَا تَزَوَّجْتُك فَلَمْ تُجِبْهُ ، أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي فَلَمْ يُجِبْهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالنِّكَاحِ ، وَيَصِحُّ ضَبْطُهُ بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الْمَسْئُولُ السَّائِلَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ) فِي جَوَابِ قَوْلِهَا تَزَوَّجْتُك أَوَّلًا فِي جَوَابِهِ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِهِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنَا مِنْك مُظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا لَا يُسْتَعْمَلُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ ، بِخِلَافِ أَنْتِ عَلَيَّ إلَخْ ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيمَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً .

أَوْ أَقَرَّ فَأَنْكَرَتْ ثُمَّ قَالَتْ نَعَمْ فَأَنْكَرَ
( أَوْ أَقَرَّ ) رَجُلٌ بِزَوْجِيَّةِ امْرَأَةٍ ( فَأَنْكَرَتْ ) الْمَرْأَةُ زَوْجِيَّتَهُ ( ثُمَّ قَالَتْ ) الْمَرْأَةُ ( نَعَمْ ) أَنَا زَوْجَتُك ( فَأَنْكَرَ ) الرَّجُلُ زَوْجِيَّتَهُمَا فَلَا تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهَا بِذَلِكَ وَلَوْ طَارِئَيْنِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ زَمَنِ إقْرَارِهِمَا

وَفِي قَدْرِ الْمَهْرِ أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ : حَلَفَا .
وَفُسِخَ ، وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ ، وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ بِتَمَامِ التَّحَالُفِ ، وَغَيْرُهُ : كَالْبَيْعِ ؛

( وَ ) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ ( فِي قَدْرِ الْمَهْرِ ) بِأَنْ قَالَتْ ثَلَاثِينَ وَقَالَ عِشْرِينَ ( أَوْ ) تَنَازَعَا فِي ( صِفَتِهِ ) أَيْ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَزِيدِيَّةٍ وَقَالَتْ مُحَمَّدِيَّةٍ مَثَلًا ( أَوْ ) تَنَازَعَا فِي ( جِنْسِهِ ) أَيْ الْمَهْرِ بِأَنْ قَالَتْ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُحَمَّدِيَّةٍ وَقَالَ بِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ وَصْفُهُ كَذَا وَكَذَا ، وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّوْعَ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَالنِّصْفُ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ وَلَا بَيِّنَةَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا بَيِّنَتَانِ مُتَكَافِئَتَانِ ( حَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ الرَّشِيدَانِ وَتَبْدَأُ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا كَبَائِعٍ وَيَقُومُ وَلِيُّ غَيْرِ الرَّشِيدِ مَقَامَهُ ( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ النِّكَاحُ بِطَلَاقٍ بِحُكْمٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ بِقَوْلِ الْحَالِفِ وَلَا يُفْسَخُ إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ ، فَإِنْ كَانَ فِي الْجِنْسِ فَيُفْسَخُ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ، أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ ، وَسَوَاءٌ أَشْبَهَا أَوْ لَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ .
( وَالرُّجُوعُ ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ( لِلْأَشْبَهِ ) أَيْ مُوَافِقُ الْمُعْتَادِ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدِهِمَا إنْ كَانَ تَنَازُعُهُمَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ لَا فِي الْجِنْسِ ، فَلَوْ قَالَ عَقِبَ وَفُسِخَ مَا نَصُّهُ فِي الْجِنْسِ مُطْلَقًا وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ، فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَأَسْقَطَ وَالرُّجُوعُ لِلْأَشْبَهِ لَأَفَادَ أَحْكَامَ تَنَازُعِهِمَا قَبْلَ الْفَوَاتِ بِسُهُولَةٍ ( وَانْفِسَاخُ النِّكَاحِ ) مُبْتَدَأٌ وَمُضَافٌ إلَيْهِ ( بِتَمَامِ التَّحَالُفِ ) أَوْ التَّنَاكُلِ أَيْ بِدُونِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ بِهِ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَبَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَمَاعَةٌ لَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِحُكْمٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَوَّبَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ ( وَغَيْرُهُ ) أَيْ الِانْفِسَاخَ

كَالْمُبْتَدِئَةِ بِالْيَمِينِ ( كَالْبَيْعِ ) أَيْ كَاخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ أَوْ صِفَتِهِ الَّذِي سَيَقُولُ فِيهِ وَبُدِئَ الْبَائِعُ فَتَبْدَأُ الْمَرْأَةُ هُنَا لِأَنَّهَا كَالْبَائِعِ أَفَادَهُ تت وعب .
الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ كَالْبَيْعِ خَبَرُ الرُّجُوعِ وَالتَّشْبِيهِ بِالْبَيْعِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلشَّبَهِ هُنَا مُعْتَبَرٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا بَعْدَهُ وَفِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لَا قَبْلَهُ ، فَمَحَلُّ الِاعْتِبَارِ مُخْتَلِفٌ ، هَذَا مَدْلُولُ كَلَامِ الْمُوَضِّحِ إذْ ذَكَرَ فِي مَسْأَلَةِ التَّنَازُعِ قَبْلَ الْبِنَاءِ مَا نَصُّهُ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا مَا يُشْبِهُ ، فَهَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ أَوْ يَتَحَالَفَانِ لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيهِ قَوْلَانِ .
اللَّخْمِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ .
ا هـ .
فَدَرَجَ هُنَا عَلَى مَا صَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ وَفِيهِ أَيْضًا وَكَانَ الْأَظْهَرُ أَنْ يَتَنَزَّلَ عَقْدُ النِّكَاحِ مَنْزِلَةَ الْفَوَاتِ فِي الْبَيْعِ لِتَرَتُّبِ تَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنُ الْمَرْأَةِ فِرَاشًا وَغَيْرَهُمَا ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا فِيمَا رَأَيْت ا هـ .
وَأَمَّا التَّنَازُعُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَقَالَ فِيهِ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ وَانْظُرْ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ أَكْثَرِ إطْلَاقِ نُصُوصِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، أَوْ مُقَيَّدٌ بِمُوَافَقَةِ الْعُرْفِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَدَلِيلُ تَقْيِيدِ مَا تَقَدَّمَ بِكَوْنِ التَّنَازُعِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ

إلَّا بَعْدَ بِنَاءٍ ، أَوْ طَلَاقٍ ، أَوْ مَوْتٍ ، فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ
قَوْلُهُ ( إلَّا ) تَنَازُعُهُمَا فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ ( بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ ) تَنَازَعَ أَحَدُهُمَا مَعَ وَرَثَةِ الْآخَرِ بَعْدَ ( مَوْتٍ ) لَهُ أَوْ لَهَا أَوْ لَهُمَا وَتَنَازَعَ فِي ذَلِكَ وَارِثُهُ مَعَ وَارِثِهَا ( فَقَوْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ وَمِثْلُهُ وَارِثُهُ ( بِيَمِينٍ ) هُوَ الْمَعْمُولَةُ بِهِ لِأَنَّهُ كَفَوَاتِ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَقُضِيَ بِقَوْلِهَا ، فَإِنْ نَكَلَتْ أَيْضًا قُضِيَ بِقَوْلِهِ إذَا كَانَ تَنَازُعُهَا فِي الْقَدْرِ أَوْ الصِّفَةِ كَمَا يَأْتِي ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمُتَيْطِيِّ لِتَرَجُّحِ قَوْلِهِ بِتَمْكِينِهَا لَهُ نَفْسِهَا ، وَلِأَنَّهُ غَارِمٌ .
وَتَقْيِيدُ " غ " بِمَا إذَا أَشْبَهَ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيُّ وَتُفِيدُهُ الْإِحَالَةُ عَلَى الْبَيْعِ ، لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَهُ وَبَالَغَ عَلَى قَبُولِ قَوْلِ الزَّوْجِ أَوْ وَرِثَتْهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ أَوْ الْمَوْتِ

، وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا عِنْدَ مُعْتَادِيهِ فِي الْقُدْرَةِ وَالصِّفَةِ وَرَدَّ الْمِثْلَ فِي جِنْسِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ ؛ وَثَبَتَ النِّكَاحُ ؛ وَلَا كَلَامَ لِسَفِيهَةٍ .

فَقَالَ ( وَلَوْ ادَّعَى ) الزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ أَنَّهُ نَكَحَهَا ( تَفْوِيضًا ) وَادَّعَتْ هِيَ أَوْ وَارِثُهَا أَنَّهُ نَكَحَهَا بِصَدَاقٍ مُسَمًّى فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ ( عِنْدَ مُعْتَادِيهِ ) أَيْ التَّفْوِيضِ بِكَسْرِ الدَّالِ جَمْعُ مُعْتَادٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إنْ اعْتَادُوهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَغَلَبَهُ عَلَيْهَا أَوْ سَاوَاهَا ، فَإِنْ غَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ أَوْ اُعْتِيدَتْ وَحْدَهَا فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينِهَا وَوَارِثُ كُلٍّ مِثْلُهُ ، وَصِلَةُ قَوْلِهِ ( فِي ) تَنَازُعِهِمَا فِي ( الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ) وَفِي قَوْلِهِ وَلَوْ ادَّعَى تَفْوِيضًا أُمُورٌ ، أَحَدُهَا : أَنَّ مَا قِيلَ الْمُبَالَغَةُ يَجِبُ صِدْقُهُ عَلَيْهَا ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ ، إذْ التَّنَازُعُ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ لَا يَصْدُقُ عَلَى التَّنَازُعِ فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ ، إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَئُولُ إلَى ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ أَنَّهُ شَرْطٌ حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ فَكَذَلِكَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ .
الثَّانِي : إنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّفْوِيضَ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ اعْتَادُوا التَّسْمِيَةَ ، فَإِنْ عَقَدَ فِي مَوْضِعِ قَوْمٍ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَهَلْ يُغَلَّبُ الزَّوْجُ .
الثَّالِثُ : لَوْ تَنَازَعَا فِي التَّفْوِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ فُسِخَ مُطْلَقًا .
الرَّابِعُ : إنَّ عِبَارَتَهُ تُوهِمُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَتْ التَّسْمِيَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ حِينَئِذٍ ، وَنَصُّهُ مَحْمَلُ قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى أَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَهُمْ عَلَى التَّسْمِيَةِ وَالتَّفْوِيضِ ، وَلَوْ كَانَ عَادَتُهُمْ التَّسْمِيَةَ خَاصَّةً فَلَا يُصَدَّقُ الزَّوْجُ .
( وَرَدَّ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ أَيْ الزَّوْجُ ( الْمِثْلَ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي تَنَازُعِهِمَا بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ ( فِي جِنْسِهِ ) أَيْ الصَّدَاقِ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا ، فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ قُضِيَ لَهُ

فَيَكْتَمِلُ بِبِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ وَيَتَشَطَّرُ بِطَلَاقٍ قَبْلَ بِنَاءٍ ( مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ ) أَيْ الْمِثْلُ ( فَوْقَ قِيمَةِ مَا ادَّعَتْ ) الزَّوْجَةُ فَلَا تُزَادُ عَلَى مَا ادَّعَتْ ( أَوْ دُونَ دَعْوَاهُ ) أَيْ الزَّوْجِ فَيُعْطِيهَا مَا ادَّعَاهُ بِلَا نَقْصٍ ( وَ ) إذَا رَدَّتْ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي جِنْسِهِ ، أَوْ حَلَفَ فِي تَنَازُعِهِمَا فِي قَدْرِهِ وَصِفَتِهِ بَعْدَ بِنَاءٍ أَوْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ تَفْوِيضٍ وَتَسْمِيَةٍ ( ثَبَتَ النِّكَاحُ ) حِسًّا فِي الْبِنَاءِ وَحُكْمًا فِي الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ ، أَيْ ثَبَتَتْ أَحْكَامُهُ مِنْ إرْثٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّوْضِيحِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَفِي الْجَلَّابِ يُفْسَخُ النِّكَاحُ .
( وَلَا كَلَامَ ) فِي التَّنَازُعِ فِي الزَّوْجِيَّةِ أَوْ قَدْرَ أَوْ صِفَةَ أَوْ جِنْسَ الْمَهْرِ ( لِمَرْأَةٍ سَفِيهَةٍ ) أَيْ بَالِغَةٍ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَأَوْلَى صَغِيرَةٌ وَكَذَا سَفِيهٌ وَصَغِيرٌ وَالْكَلَامُ لِلْوَلِيِّ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ .

وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى صَدَاقَيْنِ فِي عَقْدَيْنِ : لَزِمَا ؛ وَقُدِّرَ طَلَاقٌ بَيْنَهُمَا ، وَكُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ ؛

( وَلَوْ ) ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِتَسْمِيَةٍ وَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ أَبَانَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بِتَسْمِيَةٍ فَأَنْكَرَ وَ ( أَقَامَتْ ) أَيْ أَشْهَدَتْ الزَّوْجَةُ ( بِبَيِّنَةٍ ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِالْوَاحِدَةِ وَالْمُتَعَدِّدَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ ( عَلَى صَدَاقَيْنِ ) عَلَى زَوْجٍ وَاحِدٍ تَزَوَّجَهَا بِهِمَا مَرَّتَيْنِ ( فِي عَقْدَيْنِ ) وَأَعْذَرَ الْحَاكِمُ لِلزَّوْجِ فِي الْبَيِّنَتَيْنِ فَلَمْ يَدْفَعْهُمَا ( لَزِمَا ) أَيْ الصَّدَاقَانِ الزَّوْجَ إنْ أَثْبَتَتْ أَنَّ إبَانَتَهَا مِنْ الْأَوَّلِ كَانَتْ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا الْآنَ قَبْلَهُ ، وَإِلَّا فَنِصْفُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهَذِهِ شَرَحَ عَلَيْهَا الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ وَوَسَطِهِ وَاسْتَظْهَرَهَا تَبَعًا لِلْجَوَاهِرِ .
وَفِي نُسْخَةٍ قَامَتْ بِدُونِ هَمْزٍ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا فِي التَّوْضِيحِ مِنْ أَنَّهَا أَقَامَتْ بَيِّنَةً عَلَى صَدَاقٍ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى عَلَى صَدَاقٍ آخَرَ وَزَمَنُ الْعَقْدَيْنِ مُخْتَلِفٌ ، وَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ دَعْوَى الزَّوْجِ وَبَيِّنَتَهُ وَادَّعَتْ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَيْهَا الْعَقْدَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ، وَأَنَّهُ أَبَانَهَا بَيْنَهُمَا وَإِلَّا فَلَا تَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ الزَّوْجُ ، إذْ لَا يَدْخُلُ مَالُ شَخْصٍ فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ جَبْرًا إلَّا بِالْمِيرَاثِ .
( وَقُدِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( طَلَاقٌ ) مِنْ الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْعَقْدَيْنِ ( وَكُلِّفَتْ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ ( بَيَانَ ) أَيْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ ( أَنَّهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( بَعْدَ الْبِنَاءِ ) بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ لِيَكْمُلَ لَهَا الصَّدَاقُ الْأَوَّلُ وَلَوْ عَلَى أَنَّهَا مَلَكَتْ بِالْعَقْدِ الْكُلَّ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُقَدَّرَ يَشْطُرُهُ وَالذِّمَّةُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِمُحَقَّقٍ ، وَالْمُحَقَّقُ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ النِّصْفُ ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَعْدَهُ لِيَتَحَقَّقَ النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ .
الْحَطّ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ

قَوْلَيْنِ فِي تَكْلِيفِهَا أَنَّهُ بَعْدَهُ أَوْ تَكْلِيفِ الزَّوْجِ أَنَّهُ قَبْلَهُ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ .
الشَّارِحُ اُنْظُرْ لِمَ جَزَمَ بِهِ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ وَأَفْتَى بِهِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لِمُقَابِلِهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ إنْ ادَّعَتْ أَلْفَيْنِ بِعَقْدَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ بِبَيِّنَةٍ عَلَيْهِمَا لَزِمَا وَقُدِّرَ تَخَلُّلُ طَلَاقٍ ، فِي تَقْدِيرِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَعَلَى الزَّوْجِ إثْبَاتُهُ قَبْلَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ نِصْفُ الْمَهْرِ أَوْ قَبْلَهُ ، فَعَلَى الْمَرْأَةِ إثْبَاتُهُ بَعْدَهُ لِيَثْبُتَ لَهَا كُلُّهُ خِلَافُ سَبَبِهِ هَلْ الْمُسْتَقِرُّ كُلُّهُ أَوْ نِصْفُهُ ، قُلْت مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّهُ قَبْلَهُ لِأَنَّ الزَّوْجَ بَعْدَ الطَّلَاقِ غَارِمٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْبِنَاءِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِيهِمَا بِاتِّفَاقٍ ، وَلَوْ قُلْنَا بِوُجُوبِ كُلِّهِ بِالْعَقْدِ لِأَنَّ الْعَقْدَ مُنْضَمًّا لِمَا ذَكَرْنَاهُ يُبْطِلُهُ وَبِهِ يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ .

وَإِنْ قَالَ : أَصْدَقْتُكِ أَبَاك .
فَقَالَتْ : أُمِّي ؛ حَلَفَا ؛ وَعَتَقَ الْأَبُ ؛ وَإِنْ حَلَفَتْ دُونَهُ عَتَقَا ؛ وَوَلَاؤُهُمَا لَهَا ؛
( وَإِنْ قَالَ ) الزَّوْجُ الَّذِي مَلَكَ أَبَوَيْ زَوْجَتِهِ الرَّقِيقَيْنِ ( أَصْدَقْتُك أَبَاك ) بِكَسْرِ الْكَافِ فِيهِمَا ( فَقَالَتْ ) الزَّوْجَةُ أَصْدَقْتنِي ( أُمِّي حَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ وَتَحْقِيقِ دَعْوَاهُ وَفُسِخَ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَتَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ( وَعَتَقَ ) بِفَتَحَاتٍ أَيْ تَحَرَّرَ ( الْأَبُ ) لِإِقْرَارِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهَا وَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ فَكَذَلِكَ لَكِنْ يَثْبُتُ النِّكَاحُ .
( وَإِنْ حَلَفَتْ ) الزَّوْجَةُ ( دُونَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ فَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ ( عَتَقَا ) أَيْ أُمُّ وَأَبُ الزَّوْجَةِ الْأَبُ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِحُرِّيَّتِهِ وَالْأُمُّ لِحَلِفِهَا وَنُكُولِهِ ( وَوَلَاؤُهُمَا ) أَيْ أَبَوَيْ الزَّوْجَةِ ( لَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَثَبَتَ النِّكَاحُ بِمَا حَلَفَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ ، فَإِنْ فُسِخَ أَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ رَجَعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ أُمِّهَا فِي الْفَسْخِ وَنِصْفِهَا فِي الطَّلَاقِ ، وَإِنْ حَلَفَ بَعْدَهُ دُونَهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَعَتَقَ الْأَبُ وَلَا يَتَأَتَّى بَعْدَ الْبِنَاءِ حَلِفُهُمَا وَلَا نُكُولُهُمَا ، أَيْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ لِتَرَجُّحِ جَانِبِهِ بِالْبِنَاءِ ، فَعُلِمَ أَنَّ النِّكَاحَ يُفْسَخُ قَبْلَهُ إنْ حَلَفَا أَوْ نَكَلَا مَعَ عِتْقِ الْأَبِ ، وَيَثْبُتُ قَبْلَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا ، وَكَذَا بَعْدَهُ وَذَكَرَهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي الصِّفَةِ السَّابِقِ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَنْ يُعْتَقُ وَمَنْ لَهُ وَلَاؤُهُ .
وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ حَلَفَا إنْ تَنَازَعَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ بَعْدَهُ الْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينٍ .

وَفِي قَبْضِ مَا حَلَّ ؛ فَقَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا ، وَبَعْدَهُ قَوْلُهُ ، بِيَمِينٍ فِيهِمَا : عَبْدُ الْوَهَّابِ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِكِتَابٍ وَإِسْمَاعِيلُ بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا

( وَ ) إنْ تَنَازَعَا ( فِي قَبْضِ مَا حَلَّ ) مِنْ الصَّدَاقِ بِأَنْ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا قَبَضَتْهُ وَأَنْكَرَتْهُ ( فَ ) يُقْبَلُ ( قَبْلَ الْبِنَاءِ قَوْلُهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( وَ ) يُقْبَلُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْبِنَاءِ ( قَوْلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( بِيَمِينٍ فِيهِمَا ) أَيْ الزَّوْجِ بَعْدَهُ وَالزَّوْجَةِ قَبْلَهُ لَكِنْ بِأَرْبَعَةِ قُيُودٍ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ ، أَحَدُهَا قَوْلُهُ قَالَ ( عَبْدُ الْوَهَّابِ ) الْبَغْدَادِيُّ الْقَاضِي يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ أَنَّهَا قَبَضَتْ مَا حَلَّ إذَا تَنَازَعَا فِيهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) الصَّدَاقُ مَكْتُوبًا ( بِكِتَابٍ ) وَهُوَ بِيَدِهَا غَيْرُ مَخْصُومٍ عَلَيْهِ ، فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بِلَا يَمِينٍ .
وَثَانِيهِمَا : قَوْلُهُ ( وَ ) قَالَ ( إسْمَاعِيلُ ) الْبَغْدَادِيُّ الْقَاضِي قَبُولُ قَوْلِ الزَّوْجِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُقَيَّدٌ ( بِأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ ) دَفْعُ حَالِّ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ ( عَنْ الْبِنَاءِ عُرْفًا ) بِأَنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِتَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ لَمْ يَجْرِ بِشَيْءٍ مِنْهُمَا ، فَإِنْ جَرَى عُرْفُهُمْ بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ فَقَوْلُهَا بِيَمِينٍ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَشَاهِدٍ .
وَبَقِيَ قَيْدَانِ أَنْ لَا يَكُونَ بِيَدِهَا رَهْنٌ عَلَيْهِ ، وَأَنْ تَكُونَ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهَا قَبْلَهُ قَالَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فَإِنْ كَانَ بِيَدِهَا رَهْنٌ عَلَيْهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينٍ قَالَهُ يَحْيَى وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى دَفْعَهُ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ لَهَا كَسَائِرِ الدُّيُونِ ، قَالَ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةٍ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِهَيِّنَةٍ عَلَى دَفْعِهِ .
وَمَفْهُومُ مَا حَلَّ أَنَّهُمَا إنْ تَنَازَعَا فِي قَبْضِ الْمُؤَجَّلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا سَوَاءٌ تَنَازَعَا فِيهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ .

وَفِي مَتَاعِ الْبَيْتِ ، فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِيَمِينٍ ، وَإِلَّا فَلَهُ بِيَمِينٍ

( وَ ) إنْ تَنَازَعَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ كَافِرَةً تَحْتَ مُسْلِمٍ حُرَّيْنِ أَوْ رَقِيقَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُمَا فِي الْعِصْمَةِ ، وَبَعْدَهَا بِطَلَاقٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ فَسْخٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَكْفِي رَفْعُ أَحَدِ الْكَافِرَيْنِ لِأَنَّهَا مَظْلَمَةٌ ( فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ ) الْكَائِنِ فِيهِ ( فَلِلْمَرْأَةِ الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ ) كَحُلِيٍّ وَمَلْبُوسِ امْرَأَةٍ ( بِيَمِينٍ ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَوْزِ الرَّجُلِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَلَمْ تَكُنْ فَقِيرَةً ، فَإِنْ كَانَ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَصُنْدُوقِهِ وَخَزَنَتِهِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهَا بِغَلْقٍ ، أَوْ كَانَتْ فَقِيرَةً وَادَّعَتْ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا فِيمَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ ابْنِ فَرْحُونٍ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مُعْتَادًا لِلنِّسَاءِ فَقَطْ بِأَنْ كَانَ مُعْتَادًا لِلرِّجَالِ فَقَطْ أَوْ مُعْتَادًا لَهُمَا وَلَوْ مُحَرَّمًا عَلَى الرِّجَالِ ، كَخَاتَمِ ذَهَبٍ جَرَى الْعُرْفُ بِاِتِّخَاذِهِ الرِّجَالَ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ( فَلَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ الْمَتَاعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ ( بِيَمِينٍ ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي حَوْزِهَا الْخَاصِّ بِهَا أَوْ الرَّجُلِ مَعْرُوفًا بِالْفَقْرِ وَيَدَّعِي مَا لَا يَمْلِكُهُ عَادَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتِلَافُ الزَّوْجَيْنِ فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ فِيهَا إنْ اخْتَلَفَا فِيهِ وَلَوْ بَعْدَ الْفِرَاقِ قُضِيَ بِمَا يُعْرَفُ لِلنِّسَاءِ لِلْمَرْأَةِ وَبِغَيْرِهِ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا .
ابْنُ حَارِثٍ اتِّفَاقًا فِيمَا يَخْتَصُّ بِأَحَدِ صِنْفَيْهِمَا وَفِي غَيْرِهِ فِي كَوْنِهِ لِلزَّوْجِ أَوْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ إيمَانِهِمَا قَوْلَانِ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ وَالْبَقَرُ لِلرِّجَالِ إلَّا مَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ لِلْمَرْأَةِ ، أَوْ كَانَ الرَّجُلُ مَعَهَا مَعْرُوفًا بِالْفَقْرِ وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ بِالْغِنَى فَيُنْسَبُ مِلْكُ ذَلِكَ إلَيْهَا ، وَيُذْكَرُ أَنَّهُ لَهَا

فَاشِيًا بِالسَّمَاعِ .
وَقَوْلُ عُدُولِ الْجِيرَانِ فَهُوَ لِلْمَرْأَةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَهَادَةٌ قَاطِعَةٌ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الزَّوْجِ فِيمَا ادَّعَيَاهُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ مُطْلَقًا وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا ، ثَالِثُهَا مَا هُوَ مِنْ شَأْنِ النِّسَاءِ خَاصَّةً لِلْمَرْأَةِ وَغَيْرُهُ لِلرَّجُلِ ، وَرَابِعُهَا مَا لَيْسَ مُخْتَصًّا بِأَحَدِهِمَا بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا فِي الْجَمِيعِ ، ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الْمَعْرُوفُ لِلنِّسَاءِ مِثْلُ التَّوْرِ وَالطَّسْتِ أَوْ الْقِبَابِ وَالْحِجَالِ وَالْأَسِرَّةِ وَالْفُرُشِ وَالْوَسَائِدِ وَالْمَرَافِقِ ، وَجَمِيعِ الْحُلِيِّ وَالْمَعْرُوفُ لِلرِّجَالِ السَّيْفُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالرَّقِيقُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا ، وَالْخَاتَمُ الصِّقِلِّيُّ يُرِيدُ خَاتَمَ الْفِضَّةِ .
قُلْت مَا لَمْ يُعْلَمُ مِنْ الرَّجُلِ مُخَالَفَةُ السُّنَّةِ فِي تَخَتُّمِهِ بِالذَّهَبِ ، فَإِنْ كَانَ شَكْلُ الْخَاتَمِ لِلْمُصَنِّفِينَ مُخْتَلِفًا كَعُرْفِنَا فَوَاضِحٌ ، وَإِلَّا كَانَ مُشْتَرِكًا .
وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَاثُ الْعَبِيدِ مُشَبَّهٌ كَوْنُهُنَّ لَهُمَا جَمِيعًا خِلَافُ نَصِّهَا وَوِفَاقُ عُرْفِنَا .
وَفِي الْوَاضِحَةِ الْمُصَلَّيَاتُ مِنْ مَالِ النِّسَاءِ وَالْمُصْحَفُ مَالُهُمَا ، وَكَذَا الْبَقَرُ وَالْغَنَمُ وَالرَّمَكُ وَجَمِيعُ الْحَيَوَانِ وَالْأَطْعِمَةِ ، وَالْأُدْمُ وَالثِّمَارُ وَجَمِيعُ مَا يُدَّخَرُ مِنْ الْمَعَاشِ .
الشَّيْخُ لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالدَّوَابِّ وَالرَّمَكِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ مَا كَانَتْ سَائِمَةً غَيْرَ الْمَرَاكِبِ مِمَّا يَأْوِي لِدُورِ الْبَوَادِي .
ابْنُ رُشْدٍ الْمُعْتَبَرُ عُرْفُ كُلِّ بَلَدٍ ثُمَّ قَالَ وَفِيهَا الدَّارُ لِلرَّجُلِ لِأَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُسْكِنَ الْمَرْأَةَ .
ابْنُ رُشْدٍ عُرْفُنَا فِي ذَوَاتِ الْأَقْدَارِ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُخْرِجُ الدَّارَ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْحُصْرُ لِلرِّجَالِ كَالدَّارِ ، ثُمَّ قَالَ لَوْ ادَّعَتْ دِرْعًا وَنَحْوَهُ فَقَالَ هُوَ لِفُلَانٍ وَدِيعَةً عِنْدِي ، وَصُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ لِأَنَّهُ حَائِزُهُ لِقَوْلِهَا إنَّ الْبَيْتَ بَيْتُهُ وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ا هـ .
وَمِثْلُ الزَّوْجَيْنِ رَجُلٌ سَاكِنٌ مَعَ

مَحْرَمِهِ تَنَازَعَ مَعَهَا فِي مَتَاعِ الْبَيْتِ وَأُمِّ وَلَدٍ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا نَازَعَهَا وَارِثُهُ فَلَهَا الْمُعْتَادُ لِلنِّسَاءِ مِنْ ثِيَابٍ وَحُلِيٍّ وَغِطَاءٍ وَوِطَاءٍ بِشَرْطِ الْيَسَارَةِ لَا فِي الْكَثِيرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بِهِبَتِهِ سَيِّدِهَا لَهَا ، وَلَوْ جَمِيعُ مَا فِي بَيْتِهَا حَائِزَةٌ لَهُ وَلَوْ مُجْمَلًا ، فَيُعْمَلُ بِهَا ، فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَلَفَتْ يَمِينًا وَبَقِيَتْ عَلَى اخْتِصَاصِهَا بِهِ ، وَلَهَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي د عَنْ الْمُفِيدِ وَلِلْبَدْرِ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا الْأَجْوِبَةُ الْمُحَرَّرَةُ فِي هِبَةِ السَّيِّدِ لِأُمِّ وَلَدِهِ وَالْمُدَبَّرَةِ أَفَادَهُ عب .

وَلَهَا الْغَزْلُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ ، فَشَرِيكَانِ
( وَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( الْغَزْلُ ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ قَبْلَ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَمِينِهَا إذْ هُوَ فِعْلُ النِّسَاءِ غَالِبًا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَثْبُتَ ) بِإِقْرَارِهَا أَوْ بِبَيِّنَةٍ ( أَنَّ الْكَتَّانَ ) مَثَلًا ( لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( فَ ) هُمَا ( شَرِيكَانِ ) فِي الْغَزْلِ هُوَ بِقِيمَةِ نَحْوِ كَتَّانِهِ ، وَهِيَ بِقِيمَةِ غَزْلِهَا ابْنُ عَرَفَةَ .
الْمُتَيْطِيُّ لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ تَدَاعَيَا فِي غَزْلٍ فَهُوَ لَهَا بَعْدَ حَلِفِهَا قُلْت إنْ كَانَ الزَّوْجُ مِنْ الْحَاكَّةِ وَأَشْبَهَ غَزْلُهُ غَزْلَهَا فَمُشْتَرَكٌ وَإِلَّا فَهُوَ لِمَنْ أَشْبَهَ غَزْلَهُ مِنْهُمَا ، وَنَقَلَهُ مَعَ النَّوَادِرِ عَنْ أَصْبَغَ فِي الطَّسْتِ وَالْإِبْرِيقِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْآنِيَةِ إنْ كَانَ شَأْنُ النِّسَاءِ أَنْ لَا يُخْرِجْنَهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ قُبِلَ فِيهِ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا ، وَاخْتَلَفَا قُرْبَ الْبِنَاءِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ كَانَ الْبِنَاءُ بِالْبِكْرِ بَعِيدًا وَأَمْكَنَ أَنْ تَتَّخِذَ ذَلِكَ قُبِلَ قَوْلُهَا ، وَقَدْ تُخْرَجُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا دُونَ شَيْءٍ وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ فِيمَا لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُهُ مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُرْفُ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ فِي جِهَازِهَا خِلَافَ عُرْفِ كَسْبِهَا بَعْدَهُ وَإِلَّا نَاقَضَ أَوَّلُ الْكَلَامِ آخِرَهُ .

؛ وَإِنْ نَسَجَتْ وَإِلَّا كُلِّفَتْ بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا ؛

( وَإِنْ نَسَجَتْ ) الْمَرْأَةُ بِيَدِهَا شُقَّةً وَصَنْعَتُهَا النَّسْجُ فَقَطْ دُونَ الْغَزْلِ وَادَّعَتْ أَنَّ غَزْلَهَا لَهَا ، ، وَادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّ غَزْلَهَا لَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَ ( كُلِّفَتْ ) بِضَمِّ الْكَافِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ ( بَيَانَ أَنَّ الْغَزْلَ لَهَا ) فَإِنْ شَهِدَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ لِأَنَّهُ لَهَا قُضِيَ لَهَا بِالشُّقَّةِ بِتَمَامِهَا ، وَإِلَّا قُضِيَ بِهَا لِلزَّوْجِ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَنْعَتُهَا الْغَزْلَ وَالنَّسْجَ مَعًا فَالشُّقَّةُ لَهَا دُونَ بَيِّنَةٍ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ الْكَتَّانَ لَهُ فَشَرِيكَانِ بِقِيمَةِ مَا لِكُلٍّ ، وَإِلَّا أَنْ تَكُونَ صَنْعَتُهُ الْغَزْلَ وَالنَّسْجَ مَعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ ، حَيْثُ أَشْبَهَتْ صَنْعَتُهُ فِيهِمَا صَنْعَتَهَا وَإِلَّا فَهِيَ لِمَنْ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ ، وَيُحْمَلُ هَذِهِ عَلَى مَنْ صَنْعَتُهَا النَّسْجُ فَقَطْ انْدَفَعَتْ مُخَالَفَتُهَا لِمَا تَقَدَّمَ ، وَدُفِعَتْ أَيْضًا بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَمَا هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ قُضِيَ بِهَا لِلزَّوْجِ وَدَفَعَ لَهَا أُجْرَةَ نَسْجِهَا إلَخْ ، مُقْتَضَى مَا مَرَّ فِي الْغَزْلِ أَنَّهُمَا شَرِيكَانِ وَهُوَ الَّذِي فِي نَقْلِ " ق " عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَنَصُّهُ سُئِلَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ النَّسْجِ تَنْسِجُهُ الْمَرْأَةُ فَيَدَّعِي زَوْجُهَا أَنَّ الشُّقَّةَ لَهُ ، قَالَ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْغَزْلَ كَانَ لَهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ النَّسْجُ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْكَتَّانَ وَالْغَزْلَ كَانَ لَهُ ، فَإِنْ أَقَامَهَا كَانَتْ شَرِيكَتَهُ فِيهَا بِقَدْرِ قِيمَةِ نَسْجِهَا وَهُوَ بِقَدْرِ قِيمَةِ كَتَّانِهِ وَغَزْلِهِ .
الشَّيْخُ أَبُو زَيْدٍ الْفَاسِيُّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَوْنِ الْغَزْلِ لَهَا ، وَلَعَلَّ وَجْهَ قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ نَسْجَهَا لِلشُّقَّةِ لِبَاسُ الرِّجَالِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْغَزْلَ لَهُ وَإِنَّمَا

لَهَا فِيهِ النَّسْجُ خَاصَّةً .

وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا لَهَا : حَلَفَ ، وَقُضِيَ لَهُ بِهِ : كَالْعَكْسِ ، وَفِي حَلِفِهَا تَأْوِيلَانِ .

( وَإِنْ أَقَامَ ) أَيْ أَشْهَدَ ( الرَّجُلُ بَيِّنَةً عَلَى شِرَاءِ مَا ) أَيْ مَتَاعِ الْبَيْتِ الَّذِي هُوَ مُعْتَادٌ ( لَهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ كَحُلِيِّ النِّسَاءِ ( حَلَفَ ) الرَّجُلُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ، وَأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ ثَمَنَهُ إنْ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ غَيْرِهَا ( وَقُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لَهُ ) أَيْ الرَّجُلِ ( بِهِ ) أَيْ الْحُلِيِّ مَثَلًا .
وَشُبِّهَ فِي مُطْلَقِ الْقَضَاءِ فَقَالَ ( كَالْعَكْسِ ) أَيْ إنْ أَقَامَتْ الْمَرْأَةُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى شِرَاءِ مَالِهِ قُضِيَ لَهَا بِهِ ( وَفِي حَلِفِهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لَهَا بِالشِّرَاءِ وَعَدَمِهِ لِعَدَمِ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِشِرَاءِ الْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ ( تَأْوِيلَانِ ) مَنْشَؤُهُمَا أَنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا الْيَمِينَ فِي الرَّجُلِ ، وَسَكَتَ عَنْهَا فِي الْمَرْأَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ سَكَتَ عَنْهَا اكْتِفَاءً بِذِكْرِهَا فِي الرَّجُلِ ، إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُهَا لِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ دُونَ الْعَكْسِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَنْ أَقَامَ بِبَيِّنَةٍ فِيمَا يُعْرَفُ لِلْآخَرِ أَنَّهُ لَهُ بِهِ وَمَا وَلِيَ الرَّجُلُ شِرَاءَهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِبَيِّنَةٍ أَخَذَهُ بَعْدَ حَلِفِهِ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا لِنَفْسِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَوْ لِوَارِثِهَا بَيِّنَةٌ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لَهَا ، وَمَا وَلِيَتْ شِرَاءَهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ بِبَيِّنَةٍ فَهُوَ لَهَا وَوَرِثَتْهَا فِي الْيَمِينِ وَالْبَيِّنَةُ بِمَنْزِلَتِهَا إلَّا أَنَّهُمْ إنَّمَا يَحْلِفُونَ أَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ الزَّوْجَ اشْتَرَى هَذَا الْمَتَاعَ الَّذِي يَدَّعِي مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ ، وَتَحْلِفُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْبَتَاتِ وَوَرَثَةُ الرَّجُلِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ .
عَبْدُ الْحَقِّ فِي لُزُومِ حَلِفِ الْمَرْأَةِ فِي اسْتِحْقَاقِهَا مَا أَقَامَتْ الْبَيِّنَةَ بِشِرَائِهَا إيَّاهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ قَوْلًا بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّهَا كَالرَّجُلِ قَائِلًا إنَّمَا سَكَتَ فِيهَا عَنْ يَمِينِهَا لِذِكْرِهِ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ ، وَبَعْضُ

شُيُوخِنَا فَرَّقَ بِأَنَّ الرِّجَالَ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ لَا الْعَكْسُ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ سَحْنُونٍ إنَّمَا يَخْتَصُّ الرَّجُلُ بِمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ لَا عَلَى مُطْلَقِ شِرَائِهِ إنَّمَا يَشْتَرِي لِلنِّسَاءِ الرِّجَالُ .
قُلْت وَمُقْتَضَاهُ سُقُوطُ يَمِينِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ .

( فَصْلٌ ) الْوَلِيمَةُ مَنْدُوبَةٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ يَوْمًا وَتُجِبُ إجَابَةُ مَنْ عُيِّنَ ، وَإِنْ صَائِمًا

( فَصْلٌ ) ( الْوَلِيمَةُ ) الْبَاجِيَّ عَنْ صَاحِبِ الْعَيْنِ الْوَلِيمَةُ طَعَامُ النِّكَاحِ .
عِيَاضٌ عَنْ الْخَطَّابِيِّ هِيَ طَعَامُ الْأَمْلَاكِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ طَعَامُ الْعُرْسِ وَالْأَمْلَاكُ فَقَطْ ( مَنْدُوبَةٌ ) وَلَوْ فِي السَّفَرِ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْهَبِ مُسْتَحَبَّةٌ .
ابْنُ سَهْلٍ الصَّوَابُ الْقَضَاءُ بِهَا عَلَى الزَّوْجِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ } مَعَ الْعَمَلِ بِهِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ الطَّعَامُ فِي الْوَلِيمَةِ لِإِظْهَارِ النِّكَاحِ وَمَعْرِفَتِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ يَهْلَكُونَ .
عب الْمَذْهَبُ نَدْبُهَا وَقَوْلُهُ وَصُحِّحَ الْقَضَاءُ بِالْوَلِيمَةِ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا ، وَتَحْصُلُ السُّنَّةُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَهُ وَلَوْ بِمُدَّيْ شَعِيرٍ .
لِمَا فِي الصَّحِيحِ { أَوْلَمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى بَعْضِ نِسَائِهِ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَعَلَى بَعْضٍ بِخُبْزٍ وَتَمْرٍ وَعَلَى زَيْنَبَ بِشَاةٍ } ، وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا وَأَنَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ حَصَلَتْ السُّنَّةُ .
وَتُنْدَبُ ( بَعْدَ الْبِنَاءِ ) فَإِنْ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ حَصَلَ مَنْدُوبٌ وَفَاتَ آخَرُ فَالْأَوْلَى وَبَعْدَ الْبِنَاءِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَوَقْتُهَا رَوَى مُحَمَّدٌ أَنَّهُ يَوْمٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ .
الْبَاجِيَّ رَوَى أَشْهَبُ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ يُولِمَ بَعْدَ الْبِنَاءِ .
ابْنُ حَبِيبٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَسْتَحِبُّ الْإِطْعَامَ عَلَى النِّكَاحِ عِنْدَ عَقْدِهِ } ، وَلَفْظَةُ عِنْدَ تَحْتَمِلُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ، وَتَقْدِيمُ إشْهَارِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَفْضَلُ كَالْإِشْهَادِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ ذَلِكَ لِمَنْ فَاتَهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ أَنَّهُ اخْتَارَهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَى بِمَا رَأَى

مِنْ حَالِ الزَّوْجَةِ .
عِيَاضٌ وَاسْتَحَبَّهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ( يَوْمًا ) أَيْ قِطْعَةً مِنْ الزَّمَنِ يَحْصُلُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَيُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ أَوَّلًا .
( يَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عُيِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا لِحُضُورِهَا بِشَخْصِهِ صَرِيحًا أَوْ ضِمْنًا وَلَوْ بِكِتَابٍ أَوْ رَسُولٍ ثِقَةٍ وَلَوْ صَبِيًّا .
قِيلَ لَهُ اُدْعُ فُلَانًا أَوْ أَهْلَ مَحَلِّ كَذَا ، وَهُمْ مَحْصُورُونَ ، فَتَجِبُ عَلَى مَنْ بَلَغَهُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ ضِمْنًا لَا غَيْرَ مَحْصُورِينَ كَادْعُ مَنْ لَقِيت أَوْ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مُفْطِرًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( صَائِمًا ) إلَّا أَنْ يُخْبِرَ الدَّاعِيَ بِصَوْمِهِ وَالِاجْتِمَاعِ وَالِانْصِرَافِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَشَرْطُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ الْجَزْمُ بِالْحُضُورِ لَا إنْ شِئْت إلَّا لِقَرِينَةِ تَأَدُّبٍ أَوْ اسْتِعْطَافٍ مَعَ رَغْبَتِهِ فِي حُضُورِهِ

إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ
وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ لَهُ خَمْسَةَ شُرُوطٍ أَوَّلُهَا قَوْلُهُ ( إنْ لَمْ يَحْضُرْ ) مَجْلِسَ الْوَلِيمَةِ ( مَنْ يَتَأَذَّى ) الْمُعَيَّنُ ( بِ ) حُضُورِ ( هـ ) تَأَذِّيًا شَرْعِيًّا مِنْ الْأَرَاذِلِ السَّفَلَةِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ ، إذْ لَا يَأْمَنُ مَعَهُمْ عَلَى الدِّينِ ، وَتَزْوِي مُجَالَسَتُهُمْ وَمُخَاطَبَتُهُمْ وَرُؤْيَتُهُمْ ، لَا إنْ كَانَ التَّأَذِّي لِحَظِّ نَفْسِي فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ إلَّا أَنْ يُخْشَى بِمُجَالَسَتِهِ أَوْ خِطَابِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ اغْتِيَابُهُ أَوْ أَذِيَّتُهُ .

وَمُنْكِرٌ : كَفُرُشٍ حَرِيرٍ
وَثَانِيهَا قَوْلُهُ ( وَ ) إنْ لَمْ يَحْضُرْ شَيْءٌ شَيْءٌ ( مُنْكَرٌ ) بِضَمٍّ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الْكَافِ أَيْ مُحَرَّمٌ شَرْعًا ( كَفَرْشِ حَرِيرٍ ) يَجْلِسُ الْمُعَيَّنُ عَلَيْهِ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ ، وَلَوْ فَرَّقَ حَائِلٌ كَمَسَانِدِ الْحَرِيرِ ، وَآنِيَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَمِبْخَرَةٍ وَقُمْقُمٍ وَظُرُوفٍ ، وَمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ وَصَلَهُ صَوْتُهُ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ مِنْهُ .
نَعَمْ يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ وَرَخَّصَ بَعْضُهُمْ فِي حُضُورِ وَلِيمَةِ الْمُنْكَرِ إذَا خِيفَ سَطْوَةُ صَاحِبِهَا لِسُلْطَانِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُنْكَرُ فِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ دَارِ الْوَلِيمَةِ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ حَيْثُ لَمْ يُسْمَعْ وَإِلَّا أَبَاحَهُ لِأَنَّ سَمَاعَ الْمَعْصِيَةِ حَرَامٌ كَنَظَرِهَا .

وَصُوَر عَلَى كَجِدَارٍ ، لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ ، وَلَوْ فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ

وَثَالِثُهَا قَوْلُهُ ( وَ ) إنْ لَمْ يَحْضُرْ ( صُوَرٍ ) مُجَسَّدَةٍ لِحَيَوَانٍ عَاقِلٍ أَوْ غَيْرِهِ كَامِلِ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرُ الَّتِي لَا يَعِيشُ بِدُونِهَا وَلَهَا ظِلٌّ ( عَلَى كَجِدَارٍ ) لَا مَبْنِيَّةٍ فِي وَسَطِهِ لِأَنَّهَا لَا ظِلَّ لَهَا كَالنَّقْشِ ، وَيَحْرُمُ تَصْوِيرُ مَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ إنْ كَانَ يَدُومُ كَخَشَبٍ وَطِينٍ وَسُكَّرٍ وَعَجِينٍ إجْمَاعًا .
وَكَذَا إنْ كَانَ لَا يَدُومُ كَقِشْرِ بِطِّيخٍ خِلَافًا لِأَصْبَغَ ، وَغَيْرُ ذِي الظِّلِّ يُكْرَهُ إنْ كَانَ فِي غَيْرِ مُمْتَهَنٍ كَحَائِطٍ وَوَرَقٍ ، فَإِنْ كَانَ فِي مُمْتَهَنٍ كَحَصِيرٍ وَبِسَاطٍ فَخِلَافُ الْأَوْلَى .
وَأَمَّا تَصْوِيرُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَشَجَرَةٍ وَسَفِينَةٍ وَجَامِعٍ وَمَنَارَةٍ فَجَائِزٌ وَلَوْ كَانَ لَهُ ظِلٌّ وَيَدُومُ .
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْمُحَرَّمِ لُعْبَةٌ بِهَيْئَةِ بِنْتٍ صَغِيرَةٍ لِتَلْعَبَ بِهَا الْبَنَاتُ الصِّغَارُ فَيَجُوزُ تَصْوِيرُهَا وَبَيْعُهَا وَشِرَاؤُهَا لِتَدْرِيبِهِنَّ عَلَى تَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ .
وَفِي كِتَابِ الْبَرَكَةِ يَجُوزُ نَصْبُ الْأُرْجُوحَةِ وَاللَّعِبُ بِهَا لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ .
الْعِرَاقِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا تَنْفَعُ لِوَجَعِ الظَّهْرِ .
ابْنُ شَاسٍ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ عَلَى جُدْرَانِ الدَّارِ صُوَرٌ أَوْ سَتَائِرُ وَلَا بَأْسَ بِصُوَرِ الْأَشْجَارِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ عَنْ الْمَذْهَبِ هُنَا لِغَيْرِهِ ، فَإِنْ أَرَادَ الصُّوَرَ الْمُجَسَّدَةَ فَصَوَابٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَذَكَرَ ذَلِكَ أَبُو عُمَرَ عَنْ غَيْرِ الْمَذْهَبِ مُحْتَجًّا { بِرُجُوعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْتِ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا الْفِرَاشُ رَآهُ فِي نَاحِيَتِهِ } ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ { لَيْسَ لِي أَنْ أَدْخُلَ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ } ، أَوْ قَالَ مُزَوَّقًا وَبِرُجُوعِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي أَيُّوبَ لِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَاَلَّذِي فِي الْمَذْهَبِ مَا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلُ وَهُوَ تُكْرَهُ التَّمَاثِيلُ الَّتِي فِي الْأَسِرَّةِ وَالْقِبَابِ وَالْمَنَابِرِ .
وَلَيْسَ كَالثِّيَابِ وَالْبُسُطِ الَّتِي تُمْتَهَنُ ، وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ

بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا كَانَ يُمْتَهَنُ فَلَا بَأْسَ بِهِ ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا .
ابْنُ رُشْدٍ تَحَصَّلَ فِيهِ لِأَهْلِ الْعِلْمِ بَعْدَ تَحْرِيمِ مَا لَهُ ظِلٌّ قَائِمٌ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ : الْأَوَّلُ : إبَاحَةُ مَا عَدَا ذَلِكَ وَلَوْ فِي جُدْرَانٍ أَوْ ثَوْبٍ مَنْصُوبٍ .
وَالثَّانِي : تَحْرِيمُ جَمِيعِ ذَلِكَ .
وَالثَّالِثُ : تَحْرِيمُ مَا فِي جِدَارٍ أَوْ ثَوْبٍ مَنْصُوبٍ وَإِبَاحَةُ مَا فِي ثَوْبٍ مَبْسُوطٍ .
وَالرَّابِعُ : تَحْرِيمُ مَا بِالْجِدَارِ وَإِبَاحَةُ مَا بِالثَّوْبِ الْمَبْسُوطِ وَالْمَنْصُوبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ فِي صُوَرِ الثِّيَابِ قَوْلَيْنِ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَالْإِبَاحَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَصْبَغَ ، وَأَيَّامًا كَانَ فَلَا يَصِلُ ذَلِكَ لِرَفْعِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ أَوْ سَتَائِرَ إنْ أَرَادَ بِغَيْرِ ثِيَابِ الْحَرِيرِ .
فَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِهِ فِي الْمَذْهَبِ .
وَإِنْ أَرَادَ بِالْحَرِيرِ فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَسْتَنِدُ إلَيْهِ فَصَوَابٌ ، وَأَمَّا مَا لَا يَسْتَنِدُ إلَيْهِ وَمَا هُوَ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ فَالْأَظْهَرُ خِفَّتُهُ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ مَانِعًا مِنْ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ .
( لَا ) يَجُوزُ التَّخَلُّفُ عَنْ إجَابَةِ دَعْوَةِ الْوَلِيمَةِ ( مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ ) خَفِيفٍ كَدُفٍّ وَكَبَرٍ يَلْعَبُ بِهِ رِجَالٌ أَوْ نِسَاءٌ إنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ لَيْسَ ذَا هَيْئَةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ ) وَاحْتُرِزَ عَنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَمَشْيٍ عَلَى حَبْلٍ أَوْ عُكَّازَيْنِ قَدْرَ قَامَةٍ ، وَجَعَلَ خَشَبَةً عَلَى جَبْهَةِ إنْسَانٍ وَصُعُودُ آخَرَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ نَاحِيَةٍ مَا رُخِّصَ فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ ، ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ عَمَلَهُ وَحُضُورَهُ جَائِزٌ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَمَذْهَبُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ لِذِي الْهَيْئَةِ أَنْ يَحْضُرَ اللَّعِبَ ا هـ .

، وَكَثْرَةِ زِحَامٍ
وَرَابِعُهَا : قَوْلُهُ ( وَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ( كَثْرَةُ زِحَامٍ ) فَإِنْ كَانَتْ فَقَدْ رَخَّصَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي التَّخَلُّفِ لِأَجْلِهَا .

وَإِغْلَاقِ بَابٍ دُونَهُ

وَخَامِسُهَا : قَوْلُهُ ( وَ ) لَمْ يَكُنْ ( إغْلَاقُ بَابٍ ) لِبَيْتِ الْوَلِيمَةِ ( دُونَهُ ) أَيْ عِنْدَ وُصُولِ الْمُعَيَّنِ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُغْلَقُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِلْمُشَاوَرَةِ عَلَيْهِ فَيُبَاحُ تَخَلُّفُهُ ، فَإِنْ أُغْلِقَ لَا لِحُضُورِهِ بَلْ لِمَنْعِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ فَلَا يُبَاحُ التَّخَلُّفُ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ ، وَعَبَّرَ فِي الْجَوَاهِرِ بِغَلْقٍ وَنَصُّهُ إنَّمَا يُؤْمَرُ بِإِجَابَةِ الدَّعْوَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُنْكَرٌ ، وَلَا فَرْشُ حَرِيرٍ وَلَا فِي الْجَمِيعِ مَنْ يَتَأَذَّى بِمُجَالَسَتِهِ وَحُضُورِهِ مِنْ السَّفَلَةِ وَالْأَرَاذِلِ وَلَا زِحَامٌ وَلَا غَلْقُ بَابٍ دُونَهُ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ سَعَةَ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ غَلْقٍ لَا أَعْرِفُهُ وَلَا لَفْظَهُ وَالصَّوَابُ إغْلَاقُ ا هـ " غ " .
قُلْت أَنْكَرَ فِقْهَهُ وَلَفْظَهُ وَلَيْسَا بِمُنْكَرَيْنِ ، أَمَّا الْفِقْهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ وَكَذَلِكَ إنْ وَجَدَ زِحَامًا أَوْ غُلِقَ دُونَهُ الْبَابُ رَجَعَ أَيْضًا ، وَأَمَّا لَفْظُهُ فَالِاسْمُ الثُّلَاثِيُّ مَسْمُوعٌ بِاتِّفَاقٍ ، وَالْفِعْلُ مَهْجُورٌ فِي الْفُصْحَى ، وَلِذَا قَالَ أَبُو الْأَسْوَدِ الدِّيلِيُّ : وَلَا أَقُولُ لِقَدْرِ الْقَوْمِ قَدْ غَلَيَتْ وَلَا أَقُولُ لِبَابِ الدَّارِ مَغْلُوقُ أَيْ فَإِنَّهُ فَصِيحٌ لَا يُنْطَقُ إلَّا بِالْمُسْتَعْمَلِ .
وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّهُ عَفِيفٌ لَا يَتَطَفَّلُ ، وَقَدْ اسْتَوْفَيْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَتَحْلِيلِ التَّعْقِيدِ ، وَلِذَا عَدَلَ عَنْ الثُّلَاثِيِّ الْأَخْصَرِ إلَى الرُّبَاعِيِّ ، وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ كَوْنُ الْوَلِيمَةِ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَصْوَبُ أَوْ الْوَاجِبُ عَدَمُ إجَابَتِهِ لِأَنَّ فِيهَا إعْزَازًا لَهُ ، وَالْمَطْلُوبُ إذْلَالُهُ .
وَمِنْ شُرُوطِهَا أَيْضًا أَنْ لَا يَبْعُدَ مَكَانُهَا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَى الْمَدْعُوِّ الْحُضُورُ وَلِلشَّافِعِيَّةِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَأَوْلَى مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ شِدَّةُ

وَحْلٍ أَوْ مَرَضٌ ، وَأَنْ لَا يَخُصَّ بِالدَّعْوَةِ الْأَغْنِيَاءَ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ عَلَى رُءُوسِ الْآكِلِينَ مَنْ يَنْظُرُ إلَيْهِمْ ، وَأَنْ لَا تُفْعَلَ لِلْمُفَاخَرَةِ وَالْمُبَاهَاةِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الطَّعَامُ مِمَّا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ الدَّاعِي فَاسِقًا أَوْ شِرِّيرًا طَالِبًا لِلْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ ، وَأَنْ لَا تَكُونَ الدَّاعِيَةُ مَرْأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَلَا أَمْرَدَ تُخْشَى مِنْهُ رِيبَةٌ أَوْ تُهْمَةٌ ، وَأَنْ لَا يَسْبِقَهُ دَاعٍ إلَى وَلِيمَةٍ أُخْرَى ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ رَحِمًا ، ثُمَّ الْأَقْرَبُ دَارًا ، ثُمَّ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَةُ تَقْدِيمِهِ .

وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ : تَرَدُّدٌ
( وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ ) الشَّخْصِ ( الْمُفْطِرِ ) مِنْ طَعَامِ الْوَلِيمَةِ قَدْرًا يُسِرُّ قَلْبَ صَاحِبِهَا فِيمَا عُرِفَ وَعَدَمِهِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرِّسَالَةِ ، قَالَ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ الْبَاجِيَّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا جَلِيًّا ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي قَوْلِي عُلَمَاءَ خَارِجَ الْمَذْهَبِ قَالَهُ تت .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَا نَصَّ لِأَصْحَابِنَا فِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُجِيبِ ، وَفِي الْمَذْهَبِ مَا يَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ رَوَى مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ ، أَوْ كَانَ صَائِمًا .
قَالَ أَصْبَغُ لَيْسَ ذَلِكَ بِالْوَكِيدِ وَهُوَ خَفِيفٌ ، فَقَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى أَنَّ الْأَكْلَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ عَلَى وُجُوبِهِ قُلْت رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ نَصٌّ فِقْهِيٌّ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْأَكْلِ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ ، فَكَيْفَ يَقُولُ لَا نَصَّ .
اللَّخْمِيُّ قَوْلُ مَالِكٍ لَا يَطْعَمُ خِلَافُ الْحَدِيثِ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَطْعَمْ ، وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ } ، وَلَوْ حُمِلَ عَلَى صِلَةِ الْمَدْعُوِّ كَانَ حَسَنًا ، فَالرَّجُلُ الْجَلِيلُ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يَطْعَمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشَرُّفُ بِمَجِيئِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَهُوَ مِمَّنْ يُرْغَبُ فِي أَكْلِهِ وَتَحْدُثُ وَحْشَةٌ بِتَرْكِهِ فَاتِّبَاعُ الْحَدِيثِ أَوْلَى لَهُ .
وَفِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ دُعِيَ فَلْيُجِبْ فَمَنْ شَاءَ طَعِمَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ } ، وَأَشْعَرَ كَلَامُهُ بِعَدَمِ كِفَايَةِ الْحُضُورِ وَالِانْصِرَافِ قَبْلَ وَقْتِ الطَّعَامِ لِغَيْرِ مَانِعٍ .

وَلَا يَدْخُلُ غَيْرُ مَدْعُوٍّ ؛ إلَّا بِإِذْنٍ
( وَلَا يَدْخُلُ ) أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْوَلِيمَةِ إنْسَانٌ ( غَيْرُ مَدْعُوٍّ ) لِحُضُورِهَا بِكُلِّ وَجْهٍ ( إلَّا ) دُخُولُهُ ( بِإِذْنٍ ) مِنْ صَاحِبِ الْوَلِيمَةِ فِي الدُّخُولِ فَيَجُوزُ دُخُولُهُ مَعَ حُرْمَةِ مَجِيئِهِ .
تت ظَاهِرُهُ أَكَلَ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ وَهُوَ كَذَلِكَ ، لِأَنَّ دُخُولَهُ مُؤَدٍّ لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ نِسْبَتُهُ لِلْخَسَّةِ وَالسُّقَاطَةِ أَوْ الْوُقُوعِ فِي عِرْضِهِ وَحِفْظُهُ وَاجِبٌ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَابِعًا لِذِي قَدْرٍ قَدْ عُرِفَ عَدَمُ مَجِيئِهِ وَحْدَهُ لِوَلِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ الْجَوَازُ .
قُلْت بَلْ الظَّاهِرُ الْمَنْعُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { دُعِيَ لِوَلِيمَةٍ فَتَبِعَهُ بَعْضُ النَّاسِ بِلَا دَعْوَةٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَاحِبِ الْوَلِيمَةِ أَتَأْذَنُ لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ قَدْ تَبِعَنِي بِلَا دَعْوَةٍ فَقَالَ أَذِنْت لَهُ } .

وَكُرِهَ : نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ ؛ لَا الْغِرْبَالُ وَلَوْ لِرَجُلٍ ، وَفِي الْكَبَرِ وَالْمِزْهَرِ ثَالِثُهَا يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ابْنُ كِنَانَةَ وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ .

( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( نَثْرُ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ ) فِي الْوَلِيمَةِ أَوْ عِنْدَ الْعَقْدِ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ أَحْضَرَهُ رَبُّهُ لِلنُّهْبَةِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ شَيْئًا مِمَّا حَصَلَ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَإِلَّا حَرُمَ .
أَبُو عِمْرَانَ اُخْتُلِفَ فِي نَهْبِ اللَّوْزِ وَالسُّكَّرِ وَسَائِرِ مَا يُنْثَرُ فِي الْأَعْرَاسِ ، وَالْخِتَانِ وَإِخْرَاسِ الصِّبْيَانِ ، وَكَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَكْلَ شَيْءٍ مِمَّا يَخْتَلِسُهُ الصِّبْيَانُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ، وَأَجَازَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ أَذِنَ أَهْلُهُ فِيهِ ( لَا ) يُكْرَهُ ( الْغِرْبَالُ ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الطَّارُّ الْمُغَشَّى بِجِلْدٍ مِنْ وَجِهَةٍ وَاحِدَةٍ ، أَيْ الطَّبْلُ بِهِ فِي الْوَلِيمَةِ إنْ خَلَا عَنْ الصَّرَاصِيرِ وَإِلَّا حَرُمَ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَدْخَلِ وَالْحَطّ ، وَيُرَادِفُهُ الدُّفُّ وَالْبُنْدِيرُ إنْ كَانَ طَبْلُ الْغِرْبَالِ لِمَرْأَةٍ بَلْ ( وَلَوْ لِرَجُلٍ ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَصْبَغَ إنَّمَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ هَذَا ظَاهِرٌ ، وَالنَّصُّ وَالْحَدِيثُ يَدُلَّانِ عَلَى نَدْبِهِ فِيهَا .
( وَفِي ) جَوَازِ ( الْكَبَرِ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ الشَّارِحُ كَأَنَّهُ الطَّبْلُ الْكَبِيرُ الْمُدَوَّرُ الْمُغَشَّى بِجِلْدٍ مِنْ الْجِهَتَيْنِ ، وَقَالَ الْأُدْفُوِيُّ لَعَلَّهُ الطَّبْلُ خَانَاهْ .
الْبُنَانِيُّ هُوَ طَبْلَانِ مُتَلَاصِقَانِ أَحَدُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ الْآخَرِ يُحْمَلَانِ عَلَى جَمَلٍ فِي الزِّفَافِ مَيَّارَةُ الْكَبَرُ طَبْلٌ صَغِيرٌ طَوِيلٌ مُجَلَّدٌ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ ( وَ ) جَوَازُ ( الْمِزْهَرِ ) كَمِنْبَرٍ أَيْ الطَّبْلُ الْمُرَبَّعُ الْمَغْشِيُّ مِنْ الْجِهَتَيْنِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ قِيَاسًا لَهُمَا عَلَى الْغِرْبَالِ ، وَمَنَعَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ ، وَفَسَّرَهُ سَالِمٌ بِالْكَرَاهَةِ .
( ثَالِثُهَا ) أَيْ الْأَقْوَالِ ( يَجُوزُ فِي الْكَبَرِ ) وَيُمْنَعُ فِي الْمِزْهَرِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ ( ابْنُ كِنَانَةَ ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَنُونَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ

عَلَمٌ مَنْقُولٌ مِنْ وِعَاءِ السِّهَامِ ( وَتَجُوزُ الزَّمَّارَةُ وَالْبُوقُ ) أَيْ النَّفِيرُ جَوَازًا مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ إنْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُمَا يَسِيرًا .
الْأَيْلَهِيُّ كُلُّ اللَّهْوِ وَيُمْنَعُ الْكَثِيرُ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ مِنْ الْجَائِزِ الَّذِي تَرْكُهُ خَيْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَهُمَا مَكْرُوهَانِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْرَهُ الدِّفَافَ وَالْمَعَازِفَ فِي الْعُرْسِ وَغَيْرِهِ ، وَالْمِعْزَفُ آلَةُ اللَّهْوِ مُطْلَقًا .

( فَصْلٌ ) إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا أَوْ طَبْعًا : كَمُحْرِمَةٍ ، وَمُظَاهَرٍ مِنْهَا ، وَرَتْقَاءَ ؛

فَصْلٌ ) ( فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْقَسْمِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ وَالنُّشُوزِ وَمَا يُنَاسِبُهُمَا ) ( إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ ) عَلَى زَوْجٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ حَاضِرٍ عَبْدٍ أَوْ حُرٍّ ذِي آلَةٍ أَوْ خَصِيٍّ أَوْ مَجْبُوبٍ صَحِيحٍ أَوْ مَرِيضٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِقَالُ ( لِلزَّوْجَاتِ ) الْمُطِيقَاتِ كُنَّ مُسْلِمَاتٍ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ حَرَائِرَ أَوْ إمَاءٍ أَوْ مُخْتَلِفَاتٍ إجْمَاعًا ، وَصِلَةُ الْقَسْمِ ( فِي الْمَبِيتِ ) عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً وَالْيَوْمَ الَّذِي يَلِيهَا وَيَجُوزُ بِأَكْثَرَ إنْ رَضِيَا بِهِ كَمَا يَأْتِي ، وَاحْتُرِزَ بِالزَّوْجَاتِ عَنْ السَّرَارِي وَعَنْ زَوْجَةٍ وَسُرِّيَّةٍ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالزَّوْجَةِ ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ شَاسٍ لَا يَجِبُ بَيْنَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ وَبَيْنَ الْإِمَاءِ وَلَا بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَنْكُوحَاتِ إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى الْعَدْلُ وَكَفُّ الْأَذَى وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كَفَّ الْأَذَى وَاجِبٌ فِيهَا لَيْسَ لِأُمِّ وَلَدٍ مَعَ حُرَّةٍ قَسْمٌ ، فَجَائِزٌ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ أُمِّ وَلَدِهِ مَا شَاءَ مَا لَمْ يُضَارَّ .
ابْنُ عَرَفَةَ يُرَدُّ بِأَنَّ الْمَحْكُومَ عَلَيْهِ بِالْأَوْلَى مَجْمُوعُ الْعَدْلِ وَكَفُّ الْأَذَى لَا مُجَرَّدُ كَفِّ الْأَذَى ، وَبِأَنَّ الْأَذَى غَيْرُ الضَّرَرِ وَأَخَفُّ مِنْهُ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ كَوْنِ تَرْكِ الْأَذَى أَوْلَى ، وَكَوْنِ تَرْكِ الضَّرَرِ وَاجِبًا .
وَدَلِيلُ كَوْنِهِ غَيْرَهُ وَأَخَفَّ مِنْهُ قَوْله تَعَالَى { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إلَّا أَذًى } آلِ عِمْرَانَ .
اللَّخْمِيُّ الْمَذْهَبُ لَا مَقَالَ لِلْحُرَّةِ فِي إقَامَتِهِ عِنْدَ الْأَمَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِيهِ إجْمَاعٌ .
ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا .
قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ زَمَنَ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ ، وَلَمَّا كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْمَبِيتِ عِنْدَ الزَّوْجَةِ الْأُنْسَ

وَإِذْهَابَ الْوَحْشَةِ وَجَبَ الْقَسْمُ فِيهِ إنْ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوَطْءُ .
بَلْ ( وَإِنْ امْتَنَعَ الْوَطْءُ شَرْعًا ) أَوْ عَادَةً ( أَوْ طَبْعًا ) الْأَوَّلُ ( كَمُحْرِمَةٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ ( وَمُظَاهَرٍ ) وَمُولًى ( مِنْهَا وَ ) الثَّانِي كَ ( رَتْقَاءَ ) وَالثَّالِثُ كَمُجْذَمَةٍ وَمَجْنُونَةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقَسْمُ لِصَغِيرَةٍ جُومِعَتْ وَمَجْنُونَةٍ وَرَتْقَاءَ وَمَرِيضَةٍ لَا تُجَامَعُ وَحَائِضٍ وَكِتَابِيَّةٍ وَأَمَةٍ كَكَبِيرَةٍ صَحِيحَةٍ مُسْلِمَةٍ حُرَّةٍ ، زَادَ اللَّخْمِيُّ النُّفَسَاءُ وَالْمُحْرِمَةُ وَمَنْ آلَى أَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا فَهُمَا عَلَى حَقّهَا فِي الْكَوْنِ عِنْدَهُمَا ، وَأَنْ لَا يُصِيبَ الْبَوَاقِيَ اللَّاتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهُنَّ إلَى أَنْ يَنْحَلَّ مِنْ الْإِيلَاءِ أَوْ الظِّهَارِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَنْحَلَّ مِنْهُمَا الْآنَ إنْ أَقَامَتْ بِحَقِّهَا الَّتِي لَمْ يُولِ وَلَمْ يُظَاهِرْ مِنْهَا ، وَمَحْمَلُ الْآيَةِ عَلَى مَنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِ الْمُولَى مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهَا فَلَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْعَدْلِ فِي تَرْكِ الْإِصَابَةِ لِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَعْتَزِلَ جَمِيعَهُنَّ وَقَدْ { غَاضَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ نِسَائِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُنَّ فَاعْتَزَلَ جَمِيعَهُنَّ شَهْرًا } أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ .

لَا فِي الْوَطْءِ إلَّا لِإِضْرَارٍ كَكَفِّهِ لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِأُخْرَى

( لَا ) يَجِبُ الْقَسْمُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ( فِي الْوَطْءِ ) فَيُتْرَكُ فِيهِ لِسَجِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِ ) قَصْدِ ( إضْرَارٍ ) لِإِحْدَى الزَّوْجَاتِ بِعَدَمِ وَطْئِهَا سَوَاءٌ تَضَرَّرَتْ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا ( كَكَفِّهِ ) أَيْ الزَّوْجِ نَفْسَهُ عَنْ وَطْءِ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ مَعَ مَيْلِ طَبْعِهِ إلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَهَا ( لِتَتَوَفَّرَ لَذَّتُهُ لِ ) زَوْجَتِهِ ( الْأُخْرَى ) فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَرْكُ الْكَفِّ لِأَنَّهُ إضْرَارٌ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَيْسَ عَلَيْهِ الْمُسَاوَاةُ فِي الْوَطْءِ وَلَا بِالْقَلْبِ ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَطَ لِلْجِمَاعِ فِي يَوْمِ هَذِهِ دُونَ يَوْمِ الْأُخْرَى إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ ضَرَرًا أَوْ يَكُفَّ عَنْ هَذِهِ لِلَذَّتِهِ فِي الْأُخْرَى فَلَا يَحِلُّ ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَكْسُوَ إحْدَاهُمَا الْخَزَّ وَيُحَلِّيَهَا دُونَ الْأُخْرَى إنْ لَمْ يَكُنْ مَيْلًا .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا مَعْرُوفُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُ إنْ قَامَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا بِقَدْرِ حَالِهَا فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ أَنْ يُوَسِّعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ بِمَا شَاءَ .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدِلَ بَيْنَهُنَّ فِي مَالِهِ بَعْدَ قِيَامِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَا يَجِبُ لَهَا ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ا هـ .
قُلْت قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ حَكَاهُ الْمُتَيْطِيُّ رِوَايَةً وَأُخِذَ مِنْ هَذَا وُجُوبُ وَطْءِ الزَّوْجَةِ الْوَاحِدَةِ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ حَيْثُ تَضَرَّرَتْ بِتَرْكِهِ ، فَإِنْ شَكَتْ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهَا بِلَيْلَةٍ مِنْ أَرْبَعِ لَيَالٍ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ لَهُ تَزَوُّجَ ثَلَاثٍ سِوَاهَا ، وَإِنْ شَكَا الزَّوْجُ قِلَّتَهُ قُضِيَ لَهُ عَلَيْهَا بِمَا تَقْدِرُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ كَالْأَجِيرِ عَلَى الْخِدْمَةِ ، وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَرْبَعِ مَرَّاتٍ فِي اللَّيْلَةِ وَيَوْمِهَا وَلَا بِغَيْرِهَا قَالَهُ عج .
أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ أَبُو عِمْرَانَ اُخْتُلِفَ فِي أَقَلَّ مَا يُقْضَى بِهِ عَلَى الرَّجُلِ مِنْ الْوَطْءِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْلَةً مِنْ أَرْبَعٍ أَخَذَهُ

مِنْ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعَ زَوْجَاتٍ .
وَقِيلَ لَيْلَةً مِنْ ثَلَاثٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ } النِّسَاءِ وَقَضَى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمَرَّةٍ فِي الطُّهْرِ لِيُحْبِلَهَا .

وَعَلَى وَلِيِّ الْمَجْنُونِ إطَاقَتُهُ
( وَ ) يَجِبُ ( عَلَى وَلِيِّ ) الزَّوْجِ الْبَالِغِ ( الْمَجْنُونِ ) الَّذِي لَهُ زَوْجَتَانِ أَوْ أَكْثَرُ ( إطَاقَتُهُ ) عَلَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ بِأَنْ يُدْخِلَهُ عَلَى إحْدَاهُمَا عَقِبَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ، وَيُبْقِيَهُ عِنْدَهَا إلَى غُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الَّذِي يَلِيهَا فَيُخْرِجَهُ مِنْ عِنْدِهَا وَيُدْخِلَهُ عَلَى أُخْرَى كَذَلِكَ ، وَهَكَذَا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ لِأَنَّهَا مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ الَّتِي يَتَوَلَّى وَلِيُّهُ اسْتِيفَاءَهَا لَهُ أَوْ تَمْكِينَهُ مِنْهَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَهَا ، وَ لَا يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ إطَاقَتُهُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِوَطْئِهِ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ .

وَعَلَى الْمَرِيضِ إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ ؛ فَعِنْدَ مَنْ شَاءَ .
( وَ ) يَجِبُ الْقَسْمُ فِي الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ( عَلَى ) الزَّوْجِ ( الْمَرِيضِ ) الَّذِي يَسْتَطِيعُ الِانْتِقَالَ مِنْ مَحَلِّ إحْدَاهُمَا إلَى مَحَلِّ الْأُخْرَى فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ لَا يَسْتَطِيعَ ) الْمَرِيضُ الطَّوَافَ عَلَيْهِنَّ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ ( فَ ) لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَسْمُ وَيُقِيمُ ( عِنْدَ مَنْ شَاءَ ) الْمَرِيضُ الْإِقَامَةَ عِنْدَهَا مِنْ زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ لِرَأْفَتِهَا بِهِ فِي مَرَضِهِ ، وَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ وَفِيهَا يَقْسِمُ الْمَرِيضُ بَيْنَ نِسَائِهِ بِالْعَدْلِ إنْ قَدَرَ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِيهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَقَامَ عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ شَاءَ لِإِفَاقَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ خَفِيفًا ، فَإِذَا صَحَّ ابْتَدَأَ الْقَسْمَ

وَفَاتَ إنْ ظَلَمَ فِيهِ : كَخِدْمَةِ مُعْتَقٍ بَعْضُهُ يَأْبَقُ .

( وَفَاتَ ) الْمَبِيتُ أَيْ لَا يُقْضَى ( إنْ ظَلَمَ ) الزَّوْجُ إحْدَى زَوْجَاتِهِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَبِيتِ بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ لَيْلَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ كَذَلِكَ ، وَمَفْهُومُ إنْ ظَلَمَ فِيهِ أُخْرَى بِفَوَاتِهِ كَفَّرَهُ وَبَيَاتُهُ عِنْدَ غَيْرِهِنَّ لِعُذْرٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْمَبِيتِ دَفْعُ الضَّرَرِ وَتَحْصِينُ الْمَرْأَةِ ، وَهَذَا يَفُوتُ بِفَوَاتِ زَمَنِهِ فَلَا يَجْعَلُ لِمَنْ فَاتَتْ لَيْلَتُهَا لَيْلَةً عِوَضًا عَنْهَا لِأَنَّهُ يَظْلِمُ حِينَئِذٍ صَاحِبَةَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي جَعَلَهَا عِوَضًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ إنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قَسْمِهِ لِتَالِيَةِ الْمَظْلُومَةِ وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَزِمَهُ لَيْلَةٌ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمِهِ لِلتَّالِيَةِ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ لِأَنَّ ظُلْمَهُ بِبَيَاتِهِ عِنْدَ غَيْرِ الثَّانِيَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا فِيمَا يَلِيهَا ، وَهَذَا ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ ابْنِ عَرَفَةَ .
اللَّخْمِيُّ ، إنْ عَدَا بِتَرْكِ يَوْمِ إحْدَاهُمَا لَا عِنْدَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ لِمَنْ ذَهَبَ يَوْمُهَا الْمُحَاسَبَةُ بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ حَاسَبَتْ بِهِ لَأَخَذَتْ يَوْمَ صَاحِبَتِهَا وَهِيَ لَمْ يَصِلْهَا إلَّا حَقُّهَا ، قُلْت اُنْظُرْ هَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عِدَاهُ إلَّا بَعْدَ الْقِيمَةِ التَّالِيَةِ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا ، وَلَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَزِمَهُ يَوْمُ الَّتِي عَدَا عَلَيْهَا قَبْلَ تَالِيَتِهَا أَوْ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ كَذَلِكَ أَوْ قَبْلَ قَسْمَتِهِ لِلتَّالِيَةِ ، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي الْفَوَاتِ فَقَالَ ( كَخِدْمَةِ ) رَقِيقٍ ( مُعْتَقٍ ) بِفَتْحِ التَّاءِ ( بَعْضُهُ يَأْبَقُ ) شَهْرًا مَثَلًا يَجِيءُ لِمَالِكِ بَعْضِهِ فَلَا يُحَاسِبُهُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَعْمَلْ ، وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ اسْتَعْمَلَهُ بِأُجْرَةٍ مَا يَخُصُّهُ مِنْ عَمَلِهِ وَكَذَا رَقِيقٌ

مُشْتَرَكٌ قُسِمَتْ خِدْمَتُهُ مُهَايَأَةً يَخْدُمُ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ وَيَأْبَقُ ثُمَّ يَرْجِعُ فَلَيْسَ لِمَنْ أَبَقَ الرَّقِيقُ فِي زَمَنِ خِدْمَتِهِ مُحَاسَبَةُ شَرِيكِهِ بِهَا ، فَإِنْ لَمْ تُقْسَمْ فَمَا عُمِلَ لَهُمَا وَمَا فَاتَ بِالْإِبَاقِ عَلَيْهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْمُقَامَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ شَهْرًا حَيْفًا فَلَا تُحَاسَبُ بِهِ وَيُزْجَرُ عَنْ ذَلِكَ وَابْتَدَأَ الْقَسْمَ ، فَإِنْ عَادَ نَكَلَ كَالْمُعْتَقِ نِصْفُهُ يَأْبَقُ لَا يُحَاسَبُ بِخِدْمَةِ مَا أَبَقَ فِيهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنْكَرَ هَذَا التَّشْبِيهَ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَحْكَامِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ كَالْقِنِّ فَلَيْسَتْ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً بِخِلَافِ الزَّوْجَتَيْنِ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْكَثْرَةَ الْمَذْكُورَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْأَحْكَامِ الَّتِي تَخْتَلِفُ فِيهَا الرَّقَبَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لَا فِي الْأَحْكَامِ الْمَالِيَّةِ فِي جِنَايَاتِهَا إذَا جَنَى الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ فَلِسَيِّدِهِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مِلْكِهِ مِنْهُ ، وَلِلْعَبْدِ أَوْ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ .

وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ بِاللَّيْلِ وَالْمَبِيتُ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ ، وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ
وَنُدِبَ الِابْتِدَاءُ ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ( بِاللَّيْلِ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْإِيوَاءِ لِلزَّوْجَةِ ، وَاعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فِي النَّدْبِ عَلَى ظَاهِرِ قَوْلِ الْبَاجِيَّ وَالْأَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا أَنْ يَبْدَأَ بِاللَّيْلِ .
ا هـ .
وَبِهِ يُرَدُّ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَيْسَ فِي نُصُوصِهِمْ إلَّا التَّخْيِيرُ وَيُقِيمُ الْقَادِمُ مِنْ سَفَرٍ نَهَارًا عِنْدَ أَيَّتِهِنَّ أَحَبَّ ، وَلَا يُحْسَبُ وَيَبْتَدِئُ الْقَسْمَ بِاللَّيْلِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ .
وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ الَّتِي خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لِيُكْمِلَ لَهَا يَوْمَهَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
( وَ ) نُدِبَ ( الْمَبِيتُ عِنْدَ ) الزَّوْجَةِ ( الْوَاحِدَةِ ) سَوَاءٌ كَانَ لَهُ إمَاءٌ أَمْ لَا .
ابْنُ شَاسٍ مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَجِبُ مَبِيتُهُ عِنْدَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ أَوْ تَبْيِيتُهُ مَعَهَا مَرْأَةٌ تَرْضَى لِأَنَّ تَرْكَهَا وَحْدَهَا ضَرَرٌ ، وَرُبَّمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ مِنْ خَوْفِ الْمُحَارِبِ وَالسَّارِقِ .
( وَ ) الزَّوْجَةُ ( الْأَمَةُ ) الْمُسْلِمَةُ ( كَالْحُرَّةِ ) فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ فِي الْمَبِيتِ وَالتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا فِيهِ

وَقُضِيَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ ، وَلِلثَّيِّبِ بِثَلَاثٍ

( وَ ) مَنْ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ أَكْثَرُ وَتَزَوَّجَ أُخْرَى ( قُضِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَلَى الزَّوْجِ ( لِ ) الزَّوْجَةِ ( الْبِكْرِ ) وَلَوْ أَمَةً تَزَوَّجَهَا عَلَى زَوْجَةٍ حُرَّةٍ ( بِسَبْعٍ ) مِنْ اللَّيَالِي يَبِيتُهَا عِنْدَهَا مُتَوَالِيَةً لِأَنَّهَا حَقُّهَا ( وَ ) قُضِيَ ( لِ ) الزَّوْجَةِ ( الثَّيِّبِ ) الَّتِي تَزَوَّجَهَا عَلَى غَيْرِهَا وَلَوْ أَمَةً عَلَى حُرَّةٍ ( بِثَلَاثٍ ) مِنْ اللَّيَالِي مُتَوَالِيَاتٍ يَبِيتُهَا عِنْدَهَا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ تَمَامِ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ فِي الْبَدْءِ فِي الْقَسْمِ بِمَنْ شَاءَ .
وَاسْتَحَبَّ ابْنُ الْمَوَّازِ الْقُرْعَةَ كَمَنْ قَدِمَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ ابْنُ عَرَفَةَ وَلِذِي زَوْجَةٍ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَ مَنْ تَزَوَّجَهَا بِكْرًا سَبْعًا وَثَيِّبًا ثَلَاثًا ، وَفِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ نَقَلَ الصِّقِلِّيُّ رِوَايَتَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ .
اللَّخْمِيُّ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا لَازِمًا لَهَا أَوْ لَهُ ثَالِثُهَا هُوَ حَقٌّ لَهَا يُؤْمَرُ بِهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ كَالْمُتْعَةِ لِرِوَايَتَيْنِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ .
الْمُتَيْطِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ، وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ لُزُومَهُ .
ابْنُ شَاسٍ فِي كَوْنِهِ حَقًّا لَهَا أَوْ لَهُ رِوَايَتَانِ .
وَقِيلَ هُوَ حَقٌّ لَهُمَا ، قُلْت حَكَاهُ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ .
ابْنُ شَاسٍ ثُمَّ فِي وُجُوبِهِ وَاسْتِحْبَابِهِ رِوَايَتَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَعَلَى أَنَّهُ حَقٌّ لَهَا أَوْ لَهُمَا فَهَلْ يُقْضَى لَهَا بِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا .
أَصْبَغُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ الْقَاضِي .
أَبُو بَكْرٍ الصَّحِيحُ الْقَضَاءُ بِهِ وَلِلصَّقَلِّيِّ عَنْ أَشْهَبَ كَأَصْبَغَ ، وَلَهُ وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْضَى بِهِ وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرُ مَنْ تَزَوَّجَهَا فِي سُقُوطِ حَقِّهَا فِي السَّبْعِ وَالثَّلَاثِ وَثُبُوتِهِ طَرِيقًا .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ نَصِّ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ظَاهِرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
ابْنُ الْقَصَّارِ وَالْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ .
الْمُتَيْطِيُّ وَالذِّمِّيَّةُ كَالْمُسْلِمَةِ ، وَسَمِعَ

ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَتَخَلَّفُ الْعَرُوسُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ .
سَحْنُونٌ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ لَا يَخْرُجُ وَهُوَ حَقٌّ لَهَا بِالسُّنَّةِ .
الصِّقِلِّيُّ بَعْضُ فُقَهَائِنَا يُرِيدُ لَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ لَا يَدَعُهَا فِي هَذَا الْقَوْلِ .
اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ يَتَصَرَّفُ فِي حَوَائِجِهِ وَإِلَى الْمَسْجِدِ وَالْعَادَةُ الْيَوْمُ أَنْ لَا يَخْرُجَ وَلَا لِصَلَاةٍ وَإِنْ كَانَ خُلُوًّا مِنْ غَيْرِهَا ، وَعَلَيْهَا بِخُرُوجِهِ وَهْمٌ ، وَأَرَى أَنْ يَلْزَمَ الْعَادَةَ .

وَلَا قَضَاءَ ، وَلَا تُجَابُ لِسَبْعٍ
( وَ ) إنْ طَلَبَتْ الزَّوْجَةُ الْقَدِيمَةُ أَنْ يَقْضِيَهَا وَيَبِيتَ عِنْدَهَا سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا قَضَاءً عَنْ السَّبْعِ أَوْ الثَّلَاثِ الَّتِي بَاتَهَا عِنْدَ الْجَدِيدَةِ فَ ( لَا قَضَاءَ ) لَهَا أَيْ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ فَلَا تُجَابُ لَهُ ( وَ ) إنْ طَلَبَتْ الثَّيِّبُ الْجَدِيدَةُ إقَامَتَهُ عِنْدَهَا سَبْعَ لَيَالٍ كَالْبِكْرِ فَ ( لَا تُجَابُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( لِسَبْعٍ ) وَلَوْ قَالَ لِأَكْثَرَ أَوْ لِزَائِدٍ لَشَمِلَ الْبِكْرَ الَّتِي طَلَبَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُسَبِّعَ لِلثَّيِّبِ وَيُتِمَّ لِنِسَائِهِ سَبْعًا سَبْعًا فَفِي مَنْعِهِ وَتَمْكِينِهِ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَصَّارِ وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ بِلَفْظِ إنْ اخْتَارَتْ التَّسْبِيعَ سَبَّعَ ثُمَّ سَبَّعَ لِغَيْرِهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لِأُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ الْتَمَسَتْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ إنْ شِئْت سَبَّعْت عِنْدَك وَسَبَّعْت عِنْدَهُنَّ ، وَإِنْ شِئْت ثَلَّثْت عِنْدَك وَدُرْت عَلَيْهِنَّ } .
الْقَرَافِيُّ فَالتَّسْبِيعُ يُبْطِلُ حَقَّهَا فِي التَّثْلِيثِ .
قُلْت فَيَجِبُ التَّسْبِيعُ بِاخْتِيَارِهَا كَنَقْلِ ابْنِ شَاسٍ لَا بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهِ كَظَاهِرِ لَفْظِ اللَّخْمِيِّ ، قَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ زُفَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَانِ فِي لَيْلَةٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمَا ، وَقَبِلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ ، وَقَالَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنَّ الْحَقَّ لَهُ دُونَ قُرْعَةٍ فَيُخَيَّرُ .
قُلْت الْأَظْهَرُ إنْ سَبَقَتْ إحْدَاهُمَا بِالدُّعَاءِ لِلْبِنَاءِ قُدِّمَتْ وَإِلَّا فَسَابِقَةُ الْعَقْدِ وَإِنْ عَقَدَا مَعًا فَالْقُرْعَةُ .

وَلَا يَدْخُلُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا إلَّا لِحَاجَةٍ
( وَلَا يَدْخُلُ ) أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يَدْخُلَ الزَّوْجُ ( عَلَى ضَرَّتِهَا ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَالضَّمِيرُ لِصَاحِبَةِ الْيَوْمِ ، وَصِلَةُ يَدْخُلُ ( فِي يَوْمِهَا ) فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) دُخُولَهُ عَلَى ضَرَّتِهَا فِي يَوْمِهَا ( لِحَاجَةٍ ) غَيْرِ الِاسْتِمْتَاعِ كَأَخْذِ ثَوْبٍ وَنَحْوِهِ فَيَجُوزُ ، وَلَوْ أَمْكَنَتْهُ الِاسْتِنَابَةُ فِيهَا عَلَى الْأَشْبَهِ بِالْمَذْهَبِ .
وَلِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَرْطُ عُسْرِ الِاسْتِنَابَةِ فِيهَا ، وَعَمَّمَ ابْنُ نَاجِي دُخُولَهُ لَهَا فِي النَّهَارِ وَاللَّيْلِ مُخَالِفًا لِشَيْخِهِ فِي تَخْصِيصِهِ بِالنَّهَارِ .
مُحَمَّدٌ لَا يُقِيمُ عِنْدَ مَنْ دَخَلَ عَلَيْهَا لِحَاجَةٍ إلَّا لِعُذْرٍ كَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ أَوْ تَجْرٍ ، وَلَهُ وَضْعُ ثِيَابِهِ عِنْدَ وَاحِدَةٍ دُونَ الْأُخْرَى لِغَيْرِ مَيْلٍ وَلَا إضْرَارٍ .

، وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا بِرِضَاهَا بِشَيْءٍ أَوْ لَا : كَإِعْطَائِهَا عَلَى إمْسَاكِهَا
( وَجَازَ ) لِلزَّوْجِ ( الْأَثَرَةُ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَبِفَتْحِهِمَا أَيْ الْإِيثَارُ وَالزِّيَادَةُ فِي الْمَبِيتِ لِإِحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ الْأُخْرَى ( بِرِضَاهَا ) أَيْ الْمُؤْثَرِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ الْإِيثَارُ ( بِشَيْءٍ ) أَيْ مَالٍ تَأْخُذُهُ الْمُؤْثَرُ عَلَيْهَا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ ضَرَّتِهَا ( أَوْ ) رَضِيَتْ بِ ( لَا ) شَيْءَ بِأَنْ رَضِيَتْ مَجَّانًا .
وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَإِعْطَائِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولَاهُ مَحْذُوفَانِ أَيْ زَوْجُهَا مَالًا ( عَلَى إمْسَاكِهَا ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يُمْسِكَهَا الزَّوْجُ فِي عِصْمَتِهِ وَلَا يُطَلِّقَهَا ، وَيُحْتَمَلُ إضَافَةُ الْإِعْطَاءِ لِمَفْعُولِهِ وَالْإِمْسَاكِ لِفَاعِلِهِ ، أَيْ أَنْ يُعْطِيَ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ مَالًا لِتُمْسِكَهُ وَلَا تَطْلُبْ مِنْهُ تَطْلِيقَهَا .
الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ عَوْدُ الضَّمِيرِ لِلنَّوْبَةِ وَأَنَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَوْ طَلَبَ إذْنَهَا فِي إيثَارِ غَيْرِهَا فَلَمْ تَأْذَنْ لَهُ فَخَيَّرَهَا بَيْنَ طَلَاقِهَا وَإِيثَارِهِ غَيْرَهَا عَلَيْهَا فَأَذِنَتْ لَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ ، فَفِي هَذَا قَوْلَانِ .
ا هـ .
فَلَعَلَّهُ تَرَجَّحَ عِنْدَهُ الْجَوَازُ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا ، وَهَذَا الْحَمْلُ أَوْلَى مِنْ الْحَمْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِسَلَامَتِهِ مِنْ التَّكْرَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَشِرَاءِ يَوْمِهَا مِنْهَا
وَ ) جَازَ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلضَّرَّةِ ( شِرَاءُ يَوْمِهَا ) أَيْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ أَوْ يَوْمَيْهَا أَوْ أَيَّامَهَا ( مِنْهَا ) كَانَ الْعِوَضُ عَنْ الِاسْتِمْتَاعِ أَوْ عَنْ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَتَخْتَصُّ الضَّرَّةُ بِمَا اشْتَرَتْهُ ، وَيَخُصُّ الزَّوْجُ مَنْ اشْتَرَاهُ ، وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ : وَجَازَ الْأَثَرَةُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْأَوْلَى لَمْ يَدْخُلَا فِيهَا عَلَى شِرَاءٍ ، وَهُنَا دَخَلَا عَلَيْهِ أَوْ هُنَاكَ الْمُسْقِطُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَهُوَ إسْقَاطُ مَا لَا يَنْحَصِرُ ، وَمَا هُنَا فِي شِرَاءِ مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ .
وَفِي تَسْمِيَتِهِ شِرَاءً مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَكُونُ إلَّا ذَاتًا ، وَإِنَّمَا هُوَ إسْقَاطُ حَقٍّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ اهْتِمَامًا بِشَأْنِهِ لِضَعْفِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِكَرَاهَتِهِ فِي الْعُتْبِيَّةِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهَا شِرَاءُ الْمَرْأَةِ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنْ صَاحِبَتِهَا أَشَدُّ كَرَاهَةً مِنْ شِرَاءِ الرَّجُلِ ذَلِكَ مِنْهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهَا قَدْ يَحْصُلُ مَقْصُودُهَا مِنْ الْوَطْءِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَقَدْ لَا يَحْصُلُ ، وَالرَّجُلُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ مَقْصُودِهِ ، وَتُكْرَهُ الْمُدَّةُ الطَّوِيلَةُ مِنْهُمَا لِلْغَرَرِ .
ا هـ .
وَأُخِذَ مِنْ هُنَا جَوَازُ النُّزُولِ عَنْ الْوَظِيفَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَتَسْتَمِرُّ لِلْأَوَّلِ .

وَوَطْءُ ضَرَّتِهَا بِإِذْنِهَا
( وَ ) جَازَ ( وَطْءُ ضَرَّتِهَا ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ فِيهَا ( بِإِذْنِهَا ) وَلَوْ قَبْلَ اغْتِسَالِهِ مِنْ وَطْءِ ذَاتِ النَّوْبَةِ

، وَالسَّلَامُ بِالْبَابِ
( وَ ) جَازَ ( السَّلَامُ ) الشَّرْعِيُّ وَالْعُرْفِيُّ مِنْ الزَّوْجِ عَلَى غَيْرِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ وَهُوَ وَاقِفٌ ( بِالْبَابِ ) مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَيْهَا .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا بَأْسَ بِأَكْلِهِ مَا بَعَثَتْ إلَيْهِ أَيْ بِبَابِهَا لَا فِي بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ لِتَأَذِّيهَا بِهِ .

وَالْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا إذَا أَغْلَقَتْ بَابَهَا دُونَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ يَبِيتُ بِحُجْرَتِهَا
( وَ ) يَجُوزُ ( الْبَيَاتُ ) مِنْ الزَّوْجِ ( عِنْدَ ضَرَّتِهَا ) أَيْ ذَاتِ النَّوْبَةِ .
عج وَوَطْؤُهَا ، وَقِيلَ لَا يَسْتَمْتِعُ اقْتِصَارًا عَلَى قَدْرِ الضَّرُورَةِ ( إنْ أَغْلَقَتْ ) ذَاتُ النَّوْبَةِ ( بَابَهَا دُونَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( وَلَمْ يَقْدِرْ ) الزَّوْجُ عَلَى أَنْ ( يَبِيتَ ) الزَّوْجُ ( بِحُجْرَتِهَا ) أَيْ خَارِجَهَا أَمَامَ الْبَابِ الْمَغْلُوقِ لِبَرْدٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ نَحْوِ سَبُعٍ أَوْ ظَالِمٍ ، فَإِنْ قَدَرَ عَلَى الْبَيَاتِ بِحُجْرَتِهَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْبَيَاتُ عِنْدَ ضَرَّتِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ ظَالِمَةً وَكَثُرَ مِنْهَا وَلَهُ تَأْدِيبُهَا .
أَصْبَغُ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ مِنْهَا وَلَا مَأْوًى لَهُ سِوَاهُمَا .

وَبِرِضَاهُنَّ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ

( وَ ) يَجُوزُ ( بِ ) شَرْطِ ( رِضَاهُنَّ ) أَيْ الزَّوْجَاتِ ( جَمْعُهُنَّ ) أَيْ الزَّوْجَاتِ ( بِمَنْزِلَيْنِ ) مُسْتَقِلٌّ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ بِمِرْحَاضِهِ وَمَطْبَخِهِ ( مِنْ دَارٍ ) وَاحِدَةٍ ابْنُ شَعْبَانَ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ مَنْزِلِ إحْدَاهُمَا عَنْ مَنْزِلِ الْأُخْرَى .
قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَا يَجُوزُ إسْكَانُهُمَا فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ رَضِيَتَا بِهِ .
سَيِّدِي أَحْمَدُ بَابًا لَا نَصَّ فِي الْمَذْهَبِ يُوَافِقُ مَا هُنَا وَلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ قَدْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ لَهُ جَبْرَهُمَا عَلَى إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ ، وَعَلَى جَوَازِ إسْكَانِهِمَا بِمَنْزِلٍ وَاحِدٍ بِرِضَاهُمَا .
الْبُنَانِيُّ وَقَدْ بَحَثْت كَثِيرًا عَلَى النَّصِّ فَلَمْ أَجِدْ مَا يَشْهَدُ لِلْمُصَنِّفِ إلَّا كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .
ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ اسْتِقْلَالُ كُلِّ وَاحِدَةٍ بِمَسْكَنِهَا ، وَفِي كَيْفِيَّتِهِ عِبَارَتَانِ الْجَلَّابِ وَالْمُتَيْطِيِّ لَا يَجْمَعُ بَيْنَهُنَّ فِي مَنْزِلٍ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُنَّ .
ابْنُ شَعْبَانَ مِنْ حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ انْفِرَادُهَا بِمَنْزِلٍ مُنْفَرِدِ الْمِرْحَاضِ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ إبْعَادُ الدَّارِ بَيْنَهُنَّ .
اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ يُقْضَى عَلَى الرَّجُل أَنْ يُسْكِنَ كُلَّ وَاحِدَةٍ بَيْتًا ، وَيُقْضَى عَلَيْهِ أَنْ يَدُورَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَأْتِينَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيْنَ .
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ هَذَا صَحِيحٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لَهُنَّ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ وَطِئْتُك إلَّا أَنْ تَأْتِيَنِي أَنَّهُ مُولٍ إذْ لَيْسَ عَلَيْهَا إتْيَانُهُ .
اللَّخْمِيُّ لَا يَطَأُ زَوْجَةً وَلَا أَمَةً وَمَعَهُ أَحَدٌ فِي الْبَيْتِ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ وَلَوْ نَائِمًا ، وَنَقَلَهُ الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ بِلَفْظِ لَا يَنْبَغِي ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ يُخْرَجُ الصَّبِيُّ فِي الْمَهْدِ ، وَكُرِهَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ بَهِيمَةٌ .
قُلْت مَا ذَكَرَهُ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ لَمْ أَجِدْهُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ ، وَمُنِعَ الْوَطْءُ وَفِي الْبَيْتِ

نَائِمٌ غَيْرُ زَائِرٍ وَنَحْوُهُ عَسِيرٌ إلَّا لِبَعْضِ أَهْلِ السَّعَةِ .

وَاسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ
( وَ ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ ( اسْتِدْعَاؤُهُنَّ ) أَيْ الزَّوْجَاتِ أَيْ طَلَبُهُ مِنْهُنَّ إتْيَانَهُنَّ لِلْبَيَاتِ مَعَهُ ( لِمَحَلِّهِ ) أَيْ الزَّوْجِ الْمُخْتَصِّ بِهِ وَلَا يَنْبَغِي هَذَا لَهُ إذْ السُّنَّةُ دَوَرَانُهُ هُوَ عَلَيْهِنَّ فِي بُيُوتِهِنَّ لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا ، فَإِنْ لَمْ يَرْضَيْنَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِدَوَرَانِهِ عَلَيْهِنَّ .

وَالزِّيَادَةُ عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ؛ لَا إنْ لَمْ تَرْضَيَا .
( وَ ) جَازَ بِرِضَاهُنَّ ( الزِّيَادَةُ ) فِي قَسْمِ الْمَبِيتِ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ ( عَلَى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا ) يَجُوزُ جَمْعُهُمَا بِمَنْزِلَيْنِ مِنْ دَارٍ وَلَا اسْتِدْعَاؤُهُنَّ لِمَحَلِّهِ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَى لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ ( إنْ لَمْ تَرْضَيَا ) أَيْ الزَّوْجَتَانِ بِذَلِكَ الشَّارِحُ ثَنَّى الضَّمِيرَ مَرَّةً وَجَمَعَهُ أُخْرَى لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُورٍ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ وَمُتَعَدٍّ إلَى مَا زَادَ عَلَيْهِمَا ، وَتَقَدَّمَ مَا فِي جَمْعِهِمَا بِمَنْزِلَيْنِ .

وَدُخُولُ حَمَّامٍ بِهِمَا
( وَ ) لَا يَجُوزُ ( دُخُولُ حَمَّامٍ ) بِشَدِّ الْمِيمِ ( بِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَوْ رَضِيَتَا لِلُزُومِ إطْلَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى عَوْرَةِ الْأُخْرَى وَالْأَمَتَانِ كَالزَّوْجَتَيْنِ وَفَتْوَى ابْنِ الْفُرَاتِ الْأَمِيرِ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامِ بِجِوَارِ رَبِّهِ خَطَّأَهُ فِيهَا ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ ، فَلَوْ اسْتَتَرْنَ أَوْ عَمِينَ جَازَ ، وَلَوْ أَدْخَلَ كَافَ التَّشْبِيهِ لَكَانَ أَبْيَنَ

وَجَمْعُهُمَا فِي فِرَاشٍ وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ
( وَلَا ) يَجُوزُ ( جَمْعُهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَتَيْنِ ( فِي فِرَاشٍ ) وَاحِدٍ إنْ كَانَ بِوَطْءٍ ، بَلْ ( وَلَوْ بِلَا وَطْءٍ ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ فِي الْكَافِي يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنَامَ بَيْنَ أَمَتَيْهِ أَوْ زَوْجَتَيْهِ وَأَنْ يَطَأَ إحْدَاهُمَا بِحَيْثُ تَسْمَعُ الْأُخْرَى ، وَأَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ حَلِيلَتَهُ بِحَيْثُ يَرَاهُ أَحَدٌ صَغِيرٌ أَوْ كَبِيرٌ ، وَأَنْ يَتَحَدَّثَ بِمَا يَخْلُو بِهِ مَعَ أَهْلِهِ .
وَيُكْرَهُ لَهَا حَدِيثُهَا بِمَا تَخْلُو بِهِ مَعَ بَعْلِهَا .

وَفِي مَنْعِ الْأَمَتَيْنِ وَكَرَاهَتِهِ قَوْلَانِ
( وَفِي مَنْعِ ) جَمْعِ ( الْأَمَتَيْنِ ) بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ بِلَا وَطْءٍ ( وَكَرَاهَتِهِ ) لِقِلَّةِ غَيْرَتِهِنَّ وَالْأَوَّلُ نَظَرٌ لِأَصْلِ الْغَيْرَةِ ( قَوْلَانِ ) فَإِنْ كَانَ بِوَطْءٍ حَرُمَ بِاتِّفَاقِهِمَا .
تت بَقِيَ جَمْعُ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي فِرَاشٍ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ .
عب أَيْ بِلَا وَطْءٍ وَأَمَّا بِهِ فَحَرَامٌ قَطْعًا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي مَنْعِ جَمْعِ الْحُرَّتَيْنِ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ دُونَ وَطْءٍ وَكَرَاهَتُهُ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ رِوَايَةَ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَفِي جَمْعِ الْإِمَاءِ كَذَلِكَ الْقَوْلَانِ .
وَثَالِثُهَا الْجَوَازُ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
الْمُتَيْطِيُّ مَنَعَ ابْنُ سَحْنُونٍ دُخُولَهُ الْحَمَّامَ بِزَوْجَتَيْهِ مَعًا وَأَجَازَهُ بِإِحْدَاهُمَا .
قُلْت ذَكَرَ ابْنُ الرَّقِيقِ أَنَّ أَسَدَ بْنَ الْفُرَاتِ أَجَابَ الْأَمِيرَ بِجَوَازِ دُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِجَوَارِيهِ وَخَطَّأَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ لِحُرْمَةِ الْكَشْفِ بَيْنَهُنَّ .

وَإِنْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا مِنْ ضَرَّةٍ ؛ فَلَهُ الْمَنْعُ لَا لَهَا ، وَتَخْتَصُّ ضَرَّتُهَا بِخِلَافٍ مِنْهُ ، وَلَهَا الرُّجُوعُ
( وَإِنْ وَهَبَتْ ) إحْدَى الضَّرَّتَيْنِ أَوْ الضَّرَائِرِ أَوْ أَسْقَطَتْ ( نَوْبَتَهَا ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ قَسْمَهَا مِنْ مَبِيتِ الزَّوْجِ بِدُونِ إذْنِ الزَّوْجِ ( مِنْ ضَرَّةٍ ) فَ ( لَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( الْمَنْعُ ) أَيْ رَدُّ الْهِبَةِ وَالْإِسْقَاطِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَيْنِ الْوَاهِبَةِ ( لَا لَهَا ) أَيْ الْمَوْهُوبِ لَهَا ، فَلَيْسَ لَهَا رَدُّ الْهِبَةِ إنْ أَمْضَاهَا الزَّوْجُ ، وَلَا إمْضَاؤُهَا إنْ رَدَّهَا الزَّوْجُ .
الْبُنَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ كَالْهِبَةِ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ ( وَ ) إنْ أَمْضَى الزَّوْجُ الْهِبَةَ ( تَخْتَصُّ ) الْمَوْهُوبُ لَهَا بِمَا وُهِبَ لَهَا ، وَيَصِيرُ لَهَا نَوْبَتَانِ وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ جَعْلُهَا لِغَيْرِهَا .
( بِخِلَافِ ) هِبَةِ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَاتِ نَوْبَتِهَا ( مِنْهُ ) أَيْ لِلزَّوْجِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهَا بِحَيْثُ يَخُصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ ، بَلْ تُقَدَّرُ الْوَاهِبَةُ كَالْعَدَمِ فَإِنْ كُنَّ أَرْبَعًا قَسَمَ الْمَبِيتَ بَيْنَ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَاتِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ شِرَاءَ نَوْبَتِهَا لَيْسَ كَهِبَتِهَا لَهُ لِمَكَانِ الْمُعَاوَضَةِ ، فَيَخْتَصُّ بِهَا مَنْ شَاءَ ، وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَفِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ سُئِلَ عَمَّنْ يُرْضِي إحْدَى زَوْجَتَيْهِ بِعَطِيَّةٍ فِي يَوْمِهَا لِيَكُونَ فِيهِ عِنْدَ الْأُخْرَى قَالَ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ ( وَلَهَا ) أَيْ الْوَاهِبَةِ نَوْبَتَهَا لِضَرَّتِهَا أَوْ لِلزَّوْجِ ( الرُّجُوعُ ) فِي نَوْبَتِهَا لِعَجْزِهَا عَنْ الْوَفَاءِ بِهَا بِسَبَبِ غَيْرَتِهَا وَكَذَا الْبَائِعَةُ لِمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إنْ سَكْنَتَا مَعًا بِاخْتِيَارِهِمَا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ أَرَادَتْ الْخُرُوجَ مِنْهُمَا .

وَإِنْ سَافَرَ اخْتَارَ إلَّا فِي الْغَزْوِ وَالْحَجِّ ، فَيُقْرِعُ .
وَتُؤُوِّلَتْ بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا
( وَإِنْ سَافَرَ ) أَيْ أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُسَافِرَ بِإِحْدَى زَوْجَتَيْهِ أَوْ زَوْجَاتِهِ ( اخْتَارَ ) الزَّوْجُ مَنْ تَصْلُحُ لِإِطَاقَتِهَا السَّفَرَ أَوْ لِخِفَّةِ جِسْمِهَا أَوْ نَحْوِهَا لَا لِمَيْلِهِ لَهَا ( إلَّا فِي ) سَفَرِ ( الْحَجِّ وَالْغَزْوِ ) وَزِيَارَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فَيُقْرِعُ ) بَيْنَهُمَا أَوْ بَيْنَهُنَّ لِعِظَمِ الْمُشَاحَّةِ فِي سَفَرِ الْقُرْبَةِ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) الْمُدَوَّنَةُ ( بِالِاخْتِيَارِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ سَفَرِ الْقُرْبَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَشَرْطُ الْقُرْعَةِ صَلَاحِيَّةُ كُلٍّ لِلسَّفَرِ .
وَمَنْ اخْتَارَ سَفَرَهَا أَوْ تَعَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ فَتُجْبَرُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهَا وَلَمْ يُعِرْهَا ، فَإِنْ امْتَنَعَتْ لِغَيْرِ عُذْرٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ .

وَوَعَظَ مَنْ نَشَزَتْ ثُمَّ هَجَرَهَا ثُمَّ ضَرَبَهَا إنْ ظَنَّ إفَادَتَهُ

( وَوَعَظَ ) أَيْ ذَكَّرَ بِشَدِّ الْكَافِ الزَّوْجُ ( مَنْ ) أَيْ زَوْجَةً أَوْ زَوْجَتَهُ الَّتِي ( نَشَزَتْ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ ، أَيْ خَرَجَتْ عَنْ طَاعَتِهِ بِمَنْعِهِ مِنْ وَطْئِهَا وَالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا أَوْ خُرُوجِهَا بِلَا إذْنِهِ أَوْ تَرَكَتْ حُقُوقَ اللَّهِ تَعَالَى كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالصَّلَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانِ بِمَا يُلَيِّنُ قَلْبَهَا لِلرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِ الطَّاعَةِ وَالْخَوْفِ مِنْ عِقَابِ الْمَعْصِيَةِ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْوَعْظُ ( هَجَرَهَا ) أَيْ تَرَكَ الِاسْتِمْتَاعَ بِهَا وَالنَّوْمَ مَعَهَا فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ وَالْأَوْلَى كَوْنُهُ شَهْرًا وَلَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ لَكِنْ لَا يَبْلُغُ بِهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُفِدْ الْهَجْرُ ( ضَرَبَهَا ) ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكْسِرُ عَظْمًا وَلَا يَشِينُ جَارِحَةً شَيْنًا كَالْكَسْرِ ، وَمِثْلُ غَيْرِ الْمُبَرِّحِ اللَّكْزَةُ وَالصَّفْعُ وَلَا يَضْرِبُهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا وَلَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ النُّشُوزَ إلَّا بِهِ لِأَنَّهُ تَغْرِيرٌ ( إنْ ظَنَّ ) الزَّوْجُ ( إفَادَتَهُ ) أَيْ الضَّرْبِ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إفَادَتِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَلَا يَضْرِبُهَا لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ إلَى إصْلَاحِ حَالِهَا وَالْوَسِيلَةُ لَا تُشْرَعُ عِنْدَ ظَنِّ عَدَمِ تَرَتُّبِ الْمَقْصُودِ عَلَيْهَا .
وَأَمَّا الْوَعْظُ وَالْهَجْرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا ظَنَّ الْإِفَادَةَ لِعَدَمِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الذَّاتِ .
فَإِنْ قِيلَ هُمَا مِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ وَشَرْطُهُمَا ظَنُّهَا .
قِيلَ إنَّهُ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهِمَا لَا فِي جَوَازِهِمَا ، فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِهِمَا لَا عَدَمُ جَوَازِهِمَا ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَبْلُغْ نُشُوزُهَا الْإِمَامَ ، أَوْ بَلَغَهُ وَرَجَا صَلَاحَ حَالِهَا عَلَى يَدِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَالْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ هُوَ الَّذِي يَعِظُهَا وَيَضْرِبُهَا .
ابْنُ شَاسٍ إنْ نَشَزَتْ وَعَظَهَا فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ هَجَرَهَا ، فَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مَخُوفٍ ، وَإِنْ

غَلَبَتْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُهُ إلَّا بِضَرْبِهَا الْمَخُوف فَلَا يَجُوزُ .
وَفِي الزَّاهِيِّ ضَرَبَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ وَصَاحِبَتَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا وَعَقَدَ شَعْرَ إحْدَاهُمَا بِشَعْرِ الْأُخْرَى ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ لَا تَتَّقِي الضَّرْبَ فَكَانَ ضَرْبُهَا أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ ، فَشَكَتْهُ إلَى أَبِيهَا أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ فَلَمْ يُنْكِرْهُ ، وَأَمَرَهَا بِالصَّبْرِ عَلَيْهِ .
ابْنُ شَعْبَانَ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهَا إنْ فَحَشَتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنَعَتْهُ نَفْسَهَا وَخَالَفَتْ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهَا وَعَظَهَا مَرَّةً وَمَرَّةً وَمَرَّةً ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ هَجَرَ مَضْجَعَهَا ثَلَاثًا ، فَإِنْ لَمْ تَنْتَهِ ضَرَبَهَا ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ كَمَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي دَعْوَى النُّشُوزِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ النَّفَقَةِ .
بَعْضُ الشَّارِحِينَ إنْ ادَّعَتْ الْعَدَاءَ وَادَّعَى الْأَدَبَ لِلنُّشُوزِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا وَكَذَا الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ عَلَى خِلَافٍ فِيهِمَا ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَأَحْمَدُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ ، وَنَقَلَ الْحَطّ الْأَوَّلَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ ، وَقَيَّدَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالصَّلَاحِ وَإِلَّا قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَمِثْلُهُ فِي مَجَالِسِ الْمِكْنَاسِيِّ ، وَفِي وُجُوبِ نَفَقَةِ النَّاشِزِ خِلَافٌ ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَوَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى رَدِّهَا بِالْحُكْمِ مِنْ الْقَاضِي وَلَمْ يَفْعَلْ فَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَإِنْ غَلَبَتْ عَلَيْهِ بِحَمِيَّةِ قَوْمِهَا وَكَانُوا مِمَّنْ لَا تَنْفُذُ فِيهِمْ الْأَحْكَامُ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَبِتَعَدِّيهِ زَجَرَهُ الْحَاكِمُ

( وَبِتَعَدِّيهِ ) أَيْ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ بِضَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَثُبُوتِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُرِدْ فِرَاقَهُ ( زَجَرَهُ ) أَيْ الزَّوْجَ ( الْحَاكِمُ ) بِاجْتِهَادِهِ بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ زَجَرَهُ بِوَعْظٍ فَقَطْ وَلَا يَأْمُرْهَا فِيهِمَا بِهَجْرِهِ وَيَزْجُرُهَا أَيْضًا إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهَا بِوَعْظٍ فَضَرْبٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَشِقَاقُ الزَّوْجَيْنِ إنْ ثَبَتَ فِيهِ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ حَكَمَ الْقَاضِي بِدَرْءِ ظُلْمِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ ظُلْمُ أَحَدِهِمَا فَفِيهِ اضْطِرَابٌ .
ابْنُ سَهْلٍ أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ الْوَلِيدِ قَاضِيًا اشْتَكَتْ إلَيْهِ امْرَأَةٌ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَوَكَّلَتْ عَلَى مُطَالَبَتِهِ وَعَاوَدَتْ الشَّكْوَى بِبَعْثِ الْحَكَمَيْنِ إلَيْهِمَا وَقَالَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى بَعْدَ تَلَوُّمٍ وَاسْتِقْصَاءِ نَظَرٍ ، وَكَذَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ زِيَادٍ ، وَفِيهَا إذَا أَشْكَلَ عَلَى الْقَاضِي أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى مَعْرِفَةِ الضَّارِّ مِنْهُمَا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ قَالَهُ أَيُّوبُ وَابْنُ وَلِيدٍ ، وَفِيهَا أَيْضًا تَرَدَّدَتْ شَكْوَى امْرَأَةٍ بِإِضْرَارِ زَوْجِهَا فَهَلْ أُرْسِلُ الْحَكَمَيْنِ أَوْ أُرْسِلُهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى أَفْهَمَ كَمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُ ، فَهِمْنَا سُؤَالَك وَنَرَى أَنْ تُرْسِلَ الْحَكَمَيْنِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَجُوزُ غَيْرُ ذَلِكَ ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ } قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ .
وَقَالَ أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا كَشَفَ الْحَاكِمُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِهِمَا مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ فَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ وَلَمْ يَجِدْ لَهُ بَيَانًا أَرْسَلَ الْحَكَمَيْنِ وَفِيهَا أَيْضًا كَتَبَ إلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى .
قُلْت إنَّ أَبِي وَعَمِّي لَمْ يَحْكُمَا بِإِرْسَالِ الْحَكَمَيْنِ وَلَمْ يَجْرِ بِهِ عَمَلٌ هَاهُنَا ، إنَّمَا كَانَ الَّذِي يَنْظُرُ بِهِ الْقُضَاةُ إخْرَاجُ الرَّجُلِ

وَامْرَأَتِهِ إلَى دَارِ أَمِينٍ حَتَّى يُفْهَمَ بِهِ الْحَالُ ، فَهَلْ أَمْضِي إلَى الْحَكَمَيْنِ أَوْ بِمَا كَانَتْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ لِأَنَّك تَحْكُمُ بِمَا لَمْ يَحْكُمْ بِهِ مَنْ كَانَ قَبْلَك مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ كَعَمِّك وَوَالِدِك وَأَخْرِجْهُمَا إلَى دَارِ أَمِينٍ أَوْ أَسْكِنْ مَعَهُمَا أَمِينًا ، وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي لَمْ تَزَلْ الْقُضَاةُ تَفْعَلُهُ .
ابْنُ سَهْلٍ أَجْوِبَتُهُمْ هَذِهِ مُضْطَرِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ غَيْرُ مُحَصَّلَةٍ عُبَيْدُ اللَّهِ هَذَا فِي جَوَابِهِ وَأَنْكَرَ أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ ، وَقَالَ لِلْقَاضِي الَّذِي سَأَلَهُ لَا أَرَى أَمْرَ الْحَكَمَيْنِ ، وَعَنَى قَوْلُهُ بِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ أَبِي تَمَّامٍ ، وَقَالَ إنَّهُ لَمْ يَرَهُ لِانْفِرَادِهِ بِحُكْمٍ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْعَدْلِ ، وَجَهِلَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حَكَمَ بِهِ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمُعَاوِيَةَ وَحَكَمَ بِذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فِي خِلَافَتِهِ ، وَلَوْ تَدَبَّرَ السُّؤَالَ وَأَتْقَنَ فَهْمَهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إنْكَارِ مَا لَا يَجُوزُ إنْكَارُهُ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَمَّنْ شَكَتْ ضَرَرًا فَقَطْ فَكَانَ جَوَابُهُ أَنْ يَسْأَلَهَا بَيَانَ ضَرَرِهَا ، فَلَعَلَّهُ مَنَعَهَا مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ أَدَّبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ بَيَّنَتْ ضَرَرًا لَا يَجُوزُ فِعْلُهُ بِهَا أُوقِفَ عَلَيْهِ زَوْجُهَا ، فَإِنْ أَنْكَرَهَا أَمَرَهَا بِالْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ، فَإِنْ عَجَزَتْ وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا كَشَفَ الْقَاضِي عَنْ أَمْرِهَا جِيرَانَهَا إنْ كَانَ فِيهِمْ عُدُولٌ ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فِيهِمْ أَمَرَهُ الْقَاضِي بِإِسْكَانِهَا فِي مَوْضِعٍ لَهُ جِيرَانٌ عُدُولٌ ، فَإِنْ بَانَ مِنْ ضَرَرِهِ مَا يُوجِبُ تَأْدِيبَهُ أَدَّبَهُ .
وَإِنْ كَانَ لَهَا شَرْطٌ أَبَاحَ لَهَا الْأَخْذَ بِهِ ، وَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْهِ خَبَرُهَا وَرَأَى إسْكَانَهُمَا مَعَ ثِقَةٍ يَتَفَقَّدُ أَمْرَهُمَا فَعَلَ هَذَا مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ .

وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ وَسَحْنُونٌ فِيمَنْ ادَّعَتْ ضَرَرَ زَوْجِهَا وَادَّعَى هُوَ إضْرَارَهَا وَسُوءَ عِشْرَتِهَا وَجُهِلَ صِدْقُهُمَا اخْتَبَرَ الْحَاكِمُ أَمْرَهُمَا بِأَنْ يَجْعَلَ مَعَهُمَا ، أَوْ يَجْعَلَهُمَا مَعَ مَنْ يَتَبَيَّنُ لَهُ بِهِ أَمْرَهُمَا فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا كُلُّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَكَمَيْنِ إنَّمَا يُبْعَثَانِ عِنْدَ إشْكَالِ أَمْرِ الزَّوْجَيْنِ .
قُلْت هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ، وَقَالَهُ ابْنُ فَتُّوحٍ وَالْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتْحُونٍ .

وَسَكَّنَهَا بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمْ
( وَسَكَّنَهَا ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الزَّوْجُ زَوْجَتَهُ الَّتِي تَكَرَّرَتْ شَكْوَاهَا مِنْهُ الْإِضْرَارَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ ( بَيْنَ قَوْمٍ صَالِحِينَ ) أَيْ عُدُولٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) الزَّوْجَةُ سَاكِنَةً ( بَيْنَهُمْ )

وَإِنْ أَشْكَلَ بَعَثَ حَكَمَيْنِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا مِنْ أَهْلِهَا إنْ أَمْكَنَ

( وَإِنْ أَشْكَلَ ) أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ أَيْ دَامَ إشْكَالُهُ إذْ إسْكَانُهَا بَيْنَهُمْ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْإِشْكَالِ وَلَمْ يَقْدِرْ الْحَاكِمُ عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَهُمَا ( بَعَثَ ) الْقَاضِي ( حَكَمَيْنِ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْكَافِ وَالْمِيمِ مُثَنَّى حَكَمٍ كَذَلِكَ ، أَيْ عَدْلَيْنِ فَقِيهَيْنِ يَحْكُمَانِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ .
الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ آيَةُ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ مُحْكَمَةٌ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ ، فَالْعَمَلُ بِهَا وَاجِبٌ لَمْ يَتْرُكْ الْقَوْلَ بِهَا عَالِمٌ حَاشَا يَحْيَى بْنِ يَحْيَى كَانَ لَا يَرَى بَعْثَ الْحَكَمَيْنِ .
ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَنْكَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ ابْنُهُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَأَنْكَرَ بَعْثَهُمَا عَلَى مَا اسْتَفْتَاهُ .
ابْنُ فَتُّوحٍ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ لَمْ يَقْضِ عِنْدَنَا فِيمَا أَدْرَكْنَا وَسَمِعْنَا بِالْحَكَمَيْنِ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَبْلُغُ أَمْرُ الزَّوْجَيْنِ حَيْثُ يُحْتَاجُ إلَيْهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فَفِي بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ بِمُجَرَّدِ تَشَاجُرِ الزَّوْجَيْنِ وَشَكْوَى أَحَدِهِمَا الْآخَرَ وَبَيِّنَةٍ وَتَرْكِهِ مُطْلَقًا لِإِسْكَانِهِمَا مَعَ مَنْ يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَى تَبَيُّنِ الظَّالِمِ مِنْهُمَا ثَالِثُهَا الْوَاجِبُ إسْكَانُهُمَا مَعَهُ إنْ لَمْ يُفِدْ مَعَ جِيرَانٍ كَذَلِكَ ، فَإِنْ طَالَ أَمْرُهُمَا وَتَكَرَّرَتْ شَكْوَاهُمَا بَعَثَهُمَا لَهُمَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا .
بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ ) الزَّوْجُ ( بِهَا ) لِعُمُومِ الْآيَةِ لِأَنَّهُمَا قَدْ يَكُونَانِ جَارِيَانِ فَيَتَنَازَعَانِ فَيَحْكُمُ الْحَكَمَانِ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ عَلَيْهِمَا الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ .
وَلَا يُلَازِمَانِهِمَا ، وَنَعَتَ حَكَمَيْنِ بِقَوْلِهِ ( مِنْ أَهْلِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ ( إنْ أَمْكَنَ ) كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا وَتَرَدَّدَ اللَّخْمِيُّ فِي نَقْضِ الْحُكْمِ إذَا حَكَّمَ الْقَاضِي أَجْنَبِيَّيْنِ مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ ، وَفِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ كَوْنَهُمَا مِنْ الْأَهْلِ مَعَ الْوِجْدَانِ وَاجِبٌ شَرْطٌ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُمَا مِنْ الْأَهْلَيْنِ وَأَمْكَنَ كَوْنُ أَحَدِهِمَا مِنْ أَهْلِ أَحَدِ

الزَّوْجَيْنِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يُضَمُّ لَهُ أَجْنَبِيٌّ .
وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُمَا أَجْنَبِيَّيْنِ .

، وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا جَارَيْنِ
( وَنُدِبَ كَوْنُهُمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْأَهْلَيْنِ أَوْ الْأَجْنَبِيَّيْنِ ( جَارَيْنِ ) لِلزَّوْجَيْنِ وَتَأَكَّدَ النَّدْبُ فِي الْأَجْنَبِيَّيْنِ

وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ ، وَسَفِيهٍ ، وَامْرَأَةٍ ، وَغَيْرِ فَقِيهٍ بِذَلِكَ ، وَنَفَذَ طَلَاقُهُمَا
( وَبَطَلَ حُكْمُ غَيْرِ الْعَدْلِ ) فِي الشَّهَادَةِ ( وَ ) بَطَلَ حُكْمُ ( سَفِيهٍ ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " غَيْرِ " عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ ، أَيْ مُبَذِّرٍ مَالَهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَلَوْ مُبَاحَةً ( وَ ) بَطَلَ حُكْمُ ( امْرَأَةٍ ) وَلَوْ كَانَتْ عَدْلًا ( وَ ) بَطَلَ حُكْمُ ( غَيْرِ فَقِيهٍ ) أَيْ عَالِمٍ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ ( بِذَلِكَ ) أَيْ بِالنُّشُوزِ وَضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ إذْ شَرْطُ صِحَّةِ حُكْمِ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ فِي أَمْرٍ عَلِمَهُ بِأَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَوْ بِالسُّؤَالِ مِنْ الْعُلَمَاءِ ( وَنَفَذَ ) أَيْ مَضَى وَلَزِمَ ، بَلْ وَجَازَ ابْتِدَاءً ( طَلَاقُهُمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ الَّذِي حَكَمَا بِهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ بَائِنٌ إنْ رَضِيَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ بِهِ .

وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَلَوْ كَانَا مِنْ جِهَتِهِمَا ؛ لَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا ، وَتَلْزَمُ إنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَدَدِ
بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ ) بِهِ بَعْدَ إيقَاعِهِ وَلَوْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ لِرَفْعِ حُكْمِهِمَا خِلَافَهُ إنْ كَانَ الْحَاكِمُ بَعَثَهُمَا ، بَلْ ( وَلَوْ كَانَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ مُقَامَيْنِ ( مِنْ جِهَتِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّهُمَا حَكَمَانِ لَا وَكِيلَانِ عَمَّنْ بَعَثَهُمَا وَلَا شَاهِدَانِ ( لَا ) يَلْزَمُ طَلَاقُ ( أَكْثَرَ مِنْ ) طَلْقَةٍ ( وَاحِدَةٍ أَوْقَعَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ الْأَكْثَرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُمَا إيقَاعُ الْأَكْثَرِ ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْإِصْلَاحِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِمَا فِيهَا وَلَا يُفَرِّقَانِ بِأَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَهِيَ بَائِنَةٌ ، فَإِنْ حَكَمَا بِهِ سَقَطَ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مَعْنَى الْإِصْلَاحِ ( وَتَلْزَمُ ) الطَّلْقَةُ الْوَاحِدَةُ ( إنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ ( فِي الْعَدَدِ ) لِلطَّلَاقِ الَّذِي أَوْقَعَاهُ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَوْقَعْت وَاحِدَةً ، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْت اثْنَتَيْنِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ أَوْقَعْنَا مَعًا وَاحِدَةً ، وَقَالَ الْآخَرُ أَوْقَعْنَا مَعًا ثَلَاثًا أَوْ اثْنَتَيْنِ .

وَلَهَا التَّطْلِيقُ بِالضَّرَرِ الْبَيِّنِ ، وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ
( وَلَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ ( التَّطْلِيقُ ) جَبْرًا عَلَى الزَّوْجِ طَلْقَةً وَاحِدَةً تَبِينُ بِهَا ( بِ ) سَبَبِ ( الضَّرَرِ ) مِنْ الزَّوْجِ لَهَا كَقَطْعِ كَلَامِهِ عَنْهَا وَتَوْلِيَةِ وَجْهِهِ عَنْهَا فِي الْفِرَاشِ ، لَا مَنْعِهَا مِنْ حَمَّامٍ ، وَتَفَرُّجٍ عَلَى قِطَعِ الْخَلِيجِ ، وَالْمَحْمَلِ وَالْكِسْوَةِ وَالْمَوْكِبِ ، أَوْ تَأْدِيبِهَا عَلَى تَرْكِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَالصَّلَاةِ وَغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالتَّسَرِّي وَالتَّزَوُّجِ عَلَيْهَا إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِالضَّرَرِ وَتَكَرُّرِهِ .
بَلْ ( وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَكَرُّرِهِ ) أَيْ الضَّرَرِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِحُصُولِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَلَهَا التَّطْلِيقُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِخَبَرِ { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } ، وَيَجْرِي هُنَا هَلْ يُطَلِّقُهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ ثُمَّ يَحْكُمُ قَوْلَانِ ، وَدَلَّ قَوْلُهُ لَهَا أَنَّ لَهَا الرِّضَا بِهِ وَلَوْ مَحْجُورَةً ، وَلَوْ لَمْ يَرْضَ وَلِيُّهَا هُوَ كَذَلِكَ ، وَكَذَا كُلُّ شَرْطٍ شُرِطَ فِيهِ أَمْرُهَا بِيَدِهَا فَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا قِيَامٌ بِهِ إنْ رَضِيَتْ ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .

وَعَلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ طَلَّقَا بِلَا خُلْعٍ وَبِالْعَكْسِ : ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا ، أَوْ خَالَعَا لَهُ بِنَظَرِهِمَا ، وَإِنْ أَسَاءَا مَعًا ؛ فَهَلْ يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ ، أَوْ لَهُمَا أَنْ يُخَالِعَا بِالنَّظَرِ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ ؟ تَأْوِيلَانِ ، وَأَتَيَا الْحَاكِمَ فَأَخْبَرَاهُ فَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا :

( وَ ) يَجِبُ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ ( الْإِصْلَاحُ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَهْمَا أَمْكَنَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } النِّسَاءِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ إنْ يُرِيدَا أَيْ الْحَكَمَانِ ، إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ .
وَقِيلَ إنْ يُرِيدَا أَيْ الزَّوْجَانِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِصْلَاحُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْحَكَمَيْنِ ( فَإِنْ أَسَاءَ الزَّوْجُ ) الزَّوْجَةَ وَلَمْ تُسِئْهُ وَطَلَبَتْ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَرْضَ بِالْإِقَامَةِ مَعَهُ ( طَلَّقَا ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ ( بِلَا خُلْعٍ ) يَأْخُذَانِهِ مِنْهَا لَهُ فِي نَظِيرِ حِلِّ عِصْمَتِهَا مِنْهُ ( وَبِالْعَكْسِ ) أَيْ أَسَاءَتْ الزَّوْجَ الزَّوْجَةُ وَلَمْ يُسِئْهَا ( ائْتَمَنَاهُ ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَأَوْصَيَاهُ بِالصَّبْرِ عَلَى إسَاءَتِهَا وَأَبْقَيَاهَا فِي عِصْمَتِهِ إنْ تَحَقَّقَا أَوْ ظَنَّا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا بَعْدَ ائْتِمَانِهِ عَلَيْهَا ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ انْفِرَادِهَا بِالْإِسَاءَةِ فِي الْمَاضِي عَدَمُ إسَاءَتِهِ إيَّاهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( أَوْ خَالَعَا لَهُ ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ لِلزَّوْجِ أَيْ طَلَّقَاهَا عَلَيْهِ بِمَالٍ مِنْهَا لَهُ تَقْدِيرُهُ ( بِنَظَرِهِمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وَلَوْ زَادَ عَلَى صَدَاقِهَا إنْ أَرَادَ الزَّوْجُ فِرَاقَهَا أَوْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ ، وَفِي إبْقَائِهَا وَائْتِمَانِهِ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ ( وَإِنْ أَسَاءَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ أَيْ ثَبَتَتْ إسَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ تَسَاوَتْ إسَاءَتُهُمَا أَوْ لَا أَوْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ ( فَهَلْ يَتَعَيَّنُ ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ ( الطَّلَاقُ بِلَا خُلْعٍ ) أَيْ مَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ ، هَذَا مَحَلُّ التَّعَيُّنِ قَالَهُ الشَّارِحُ .
( أَوْ لَهُمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ ( أَنْ يُخَالِعَا ) أَوْ يُطَلِّقَا بِمَالٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ قَدَّرَهُ ( بِالنَّظَرِ ) مِنْ الْحَكَمَيْنِ وَلَكِنْ لَا يُسْقِطَانِ عَنْهُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ( وَعَلَيْهِ )

أَيْ الْخُلْعِ بِالنَّظَرِ ( الْأَكْثَرُ ) مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) ابْنُ عَرَفَةَ إذَا تَوَجَّهَ الْحَكَمَانِ اسْتِقْرَاء أُمُورَهُمَا وَسَأَلَا عَنْ بِطَانَتِهِمَا ، فَإِذَا وَقَفَا عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِهِمَا أَصْلَحَا بَيْنَهُمَا إنْ قَدَرَا وَإِلَّا فَرَّقَا زَادَ فِيهَا وَتَجُوزُ فُرْقَتُهُمَا دُونَ الْإِمَامِ ، وَفِي كَيْفِيَّتِهَا عِبَارَاتٌ .
الْبَاجِيَّ إنْ كَانَتْ الْإِسَاءَةُ مِنْ الزَّوْجِ فَرَّقَا ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمَرْأَةِ تَرَكَاهُمَا وَائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْهُمَا فَرَّقَا عَلَى بَعْضِ الصَّدَاقِ فَلَا يَسْتَوْعِبَاهُ لَهُ وَعَلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ .
مُحَمَّدٌ وَهُوَ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } الْبَقَرَةِ .
ابْنُ فَتْحُونٍ إنْ لَمْ يَقْدِرَا عَلَى الصُّلْحِ فَرَّقَا بِشَيْءٍ مِنْ الزَّوْجَةِ لَهُ أَوْ أَسْقَطَاهُ عَنْهُ أَوْ عَلَى الْمُتَارَكَةِ دُونَ أَخْذٍ وَإِسْقَاطٍ ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْخَذَ لَهَا مِنْهُ شَيْءٌ وَتَبِعَهُ الْمُتَيْطِيُّ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَقَطْ فَرَّقَا دُونَ إسْقَاطِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ ، وَعَكْسُهُ إنْ كَانَ لَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِيهَا عِنْدَ ظُلْمِهَا ائْتَمَنَاهُ عَلَيْهَا وَأَقَرَّتْ إلَّا أَنْ يَجِبَ فِرَاقُهَا فَيُفَرِّقَا ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ الْمَهْرِ .
وَلِعَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْمَبْسُوطِ لَوْ حَكَمَا عَلَيْهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الْمَهْرِ جَازَ إنْ كَانَ سَدَادًا وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أَوْ أَشْكَلَ أَمْرُهُمَا فَرَّقَا وَقَسَمَا بَيْنَهُمَا نِصْفَ الْمَهْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَجَمِيعَهُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ ، وَفِيهَا لِرَبِيعَةَ إنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُ فَرَّقَا بِغَيْرِ شَيْءٍ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا أُعْطِيَ الزَّوْجُ بَعْضَ الصَّدَاقِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا فَقَطْ جَازِمًا أُخِذَ لَهُ مِنْهَا .
أَبُو عِمْرَانَ هُوَ وِفَاقٌ أَنْ تُؤَوَّلَ مَعْنَى قَوْلِهِ أَضَرَّ بِهَا فِي دَعْوَاهَا .
الصِّقِلِّيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ ضَرَرُهُ بِهَا فَلَا يُؤْخَذُ لَهُ مِنْهَا شَيْءٌ .
وَقَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِ

إفْرِيقِيَّةَ لَا يَجُوزُ خُلْعُ الزَّوْجِ عَلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا قَالَهُ مُتَقَدِّمُو عُلَمَائِنَا ، وَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحَكَمَيْنِ إنْ كَانَ الضَّرَرُ مِنْهُمَا مَعًا لِأَنَّ النَّظَرَ لِغَيْرِ الزَّوْجَيْنِ إنْ رَأَى الْحَكَمَانِ بِاجْتِهَادِهِمَا إعْطَاءَ الزَّوْجِ شَيْئًا مِنْ مَالِهَا عَلَى خُرُوجِهَا مِنْ عِصْمَتِهِ جَارنَا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَكَمَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَا شَيْئًا مِنْ مَالِهِمَا ، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ مِنْهُمَا مَعًا .
أَبُو حَفْصٍ إنْ كَانَ خَلَعَهَا إذَا كَانَ الظُّلْمُ مِنْهَا مِائَةً فَإِنْ كَانَ مِنْهُمَا جَمِيعًا أُخِذَ لَهُ النِّصْفُ ، وَإِنْ كَانَ الثُّلُثَانِ مِنْ قِبَلِهَا وَالثُّلُثُ مِنْ قِبَلِهِ أُخِذَ لَهُ الثُّلُثَانِ ، وَفِي الْعَكْسِ الْعَكْسُ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَمْ يَنْفُذْ وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَانْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِالْخُلْعِ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمَا وَلَوْ أَمْضَتْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ فَفِي لُزُومِ الزَّوْجِ الطَّلَاقَ خِلَافٌ .
( وَأَتَيَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ ( الْحَاكِمَ ) الَّذِي بَعَثَهُمَا ( فَأَخْبَرَاهُ ) أَيْ الْحَكَمَانِ الْحَاكِمَ بِمَا حَكَمَا بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ أَوْ التَّطْلِيقِ ( فَنَفَّذَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَمْضَى الْحَاكِمُ ( حُكْمَهُمَا ) أَيْ الْحَكَمَيْنِ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَرْضَهُ الزَّوْجَانِ وَالْحَاكِمُ وَخَالَفَ مَذْهَبَهُ كَمَا تَقَدَّمَ .
طفي فِي التَّوْضِيحِ ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا وَجَّهَ الْحَكَمَيْنِ وَحَكَمَا بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ الْحَاكِمَ وَيُخْبِرَانِهِ بِمَا حَكَمَا بِهِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا .
ا هـ .
وَلِذَا قَالَ هُنَا وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فَيُنَفِّذُ حُكْمَهُمَا وَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُمَا هُمَا اللَّذَانِ يُنَفِّذَانِ الْحُكْمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَلِذَا عَارَضَهَا الشَّارِحُ بِهِ وَلَعَلَّهُ وَقَعَ تَحْرِيفٌ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْمُتَيْطِيَّةِ ، وَنَصُّهَا إذَا حَكَمَ الْحَكَمَانِ حُكْمَهُمَا أَتَيَا السُّلْطَانَ فَأَخْبَرَاهُ بِمَحْضَرِ

شَاهِدَيْ عَدْلٍ بِمَا اطَّلَعَا عَلَيْهِ مِنْ أُمُورِهِمَا وَمَا أَنْفَذَاهُ مِنْ حُكْمِهِمَا .
وَكَذَا كُلُّ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْقَاضِي عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ وَإِنْفَاذِهِ .
ا هـ .
هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ الصَّوَابُ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ جَوَابَ " س " عَنْ مُعَارَضَةِ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَتَيَا الْحَاكِمَ إنْ شَاءَا فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا مَطْلُوبَانِ بِإِتْيَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمُعَارَضَةُ وَجَوَابُهَا عَلَى تَسْلِيمِ قَوْلِهِ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ .
ا هـ .
كَلَامُ طفي .
الْبُنَانِيُّ فِي اعْتِرَاضِهِ نَقْلَ الْمُوَضِّحِ وَتَسْلِيمَهُ مُعَارَضَةَ الشَّارِحِ نَظَرٌ ، وَأَمَّا نَقْلُ الْمُوَضِّحِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ هُنَا فَهُوَ الَّذِي فِي نَصِّ وَثِيقَةِ الْمُتَيْطِيِّ إذْ قَالَ فِيهَا فَأَمْضَى الْقَاضِي حُكْمَ الْحَكَمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ عَلَى هَذَيْنِ الزَّوْجَيْنِ وَأَنْفَذَهُ نَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ نَقَلَهُ بِالْمَعْنَى ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ سَلْمُونٍ ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى الْحُكْمِ وَيُنَفِّذَهُ السُّلْطَانُ .
وَقَالَ فِي وَثِيقَتِهِ وَأَعْلَمَ الْحَكَمَانِ الْمَذْكُورَانِ الْقَاضِيَ بِمَا ظَهَرَ لَهُمَا وَمَا حَكَمَا بِهِ وَثَبَتَ حُكْمُهُمَا لَدَيْهِ بِذَلِكَ فَأَمْضَاهُ وَأَنْفَذَهُ .
ا هـ .
وَأَمَّا الْمُعَارَضَةُ فَالْحَقُّ فِي دَفْعِهَا مَا ذَكَرَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ أَنَّ قَوْلَهُ وَنَفَّذَ حُكْمَهُمَا مَعْنَاهُ أَمْضَاهُ مِنْ غَيْرِ تَعَقُّبٍ لَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُنَفِّذُهُ ، وَلَا بُدَّ وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنَفِّذُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْحَاكِمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلِلزَّوْجَيْنِ : إقَامَةُ وَاحِدٍ عَلَى الصِّفَةِ ، وَفِي الْوَلِيَّيْنِ وَالْحَاكِمِ : تَرَدُّدٌ ، وَلَهُمَا إنْ أَقَامَهُمَا الْإِقْلَاعُ ، مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ وَيَعْزِمَا عَلَى الْحُكْمِ : وَإِنْ طَلَّقَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَالِ ؛ فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ فَلَا طَلَاقَ .

( وَلِلزَّوْجَيْنِ ) مَعًا ( إقَامَةُ ) حَكَمٍ ( وَاحِدٍ ) عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمَا بِدُونِ رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ ( عَلَى الصِّفَةِ ) أَيْ مُتَّصِفٍ بِصِفَةِ الْحَكَمَيْنِ مِنْ الْعَدَالَةِ وَالْفِقْهِ بِأَحْكَامِ ضَرَرِ الزَّوْجَيْنِ فِي التَّوْضِيحِ جَازَ إقَامَةُ وَاحِدٍ هُنَا وَلَمْ يَجُزْ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ إلَّا اثْنَانِ مَعَ وُرُودِ نَصِّ الْقُرْآنِ بِاثْنَيْنِ فِيهِمَا لِأَنَّ جَزَاءَ الصَّيْدِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ ، وَهَذَا حَقُّ الزَّوْجَيْنِ فَلَهُمَا إسْقَاطُهُ .
الْبُنَانِيُّ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ كَحُكْمِ الْحَكَمَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ بِصُلْحٍ أَوْ طَلَاقٍ .
( وَفِي ) جَوَازِ إقَامَةِ ( الْوَلِيَّيْنِ ) أَيْ وَلِيِّ الزَّوْجِ وَوَلِيِّ الزَّوْجَةِ وَاحِدًا عَلَى الصِّفَةِ وَجَوَازِ إقَامَةِ ( الْحَاكِمِ ) أَيْ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي وَاحِدًا بِالصِّفَةِ عَلَى الْحُكْمِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَمَنْعِهَا لِمُخَالَفَتِهَا التَّنْزِيلَ ، وَعَلَى هَذَا لَوْ أَقَامَا وَاحِدًا وَحَكَمَ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ لِمُرَاعَاةِ الْخِلَافِ ( تَرَدُّدٌ ) مَحَلُّهُ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ قَرِيبًا لَهُمَا عَلَى السَّوَاءِ ، وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا الْأَوَّلُ لِلَّخْمِيِّ فِي السُّلْطَانِ وَابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْوَلِيِّ ، وَالثَّانِي لِلْبَاجِيِّ .
( وَلَهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ ( إنْ أَقَامَاهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ الْحَكَمَيْنِ ( الْإِقْلَاعُ ) أَيْ عَزْلُ الْحَكَمَيْنِ وَالرُّجُوعُ عَنْ تَحْكِيمِهِمَا ( مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ اسْتِيعَابِ الْحَكَمَيْنِ ( الْكَشْفَ ) عَنْ حَالِ الزَّوْجَيْنِ ( وَيَعْزِمَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ ( عَلَى الْحُكْمِ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، فَإِنْ اسْتَوْعَبَا الْكَشْفَ وَعَزَمَا عَلَى الْحُكْمِ فَلَيْسَ لَهُمَا الْإِقْلَاعُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَزَمَا عَلَى الطَّلَاقِ وَرَضِيَ الزَّوْجَانِ بِالْبَقَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ .
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ إنْ عَزَمَا عَلَى الْبَقَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ، وَمَفْهُومُ إنْ أَقَامَا هُمَا أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مُوَجَّهَيْنِ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَيْسَ لَهُمَا

الْإِقْلَاعُ عَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ .
( وَإِنْ طَلَّقَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ الزَّوْجَةَ ( وَاخْتَلَفَا ) أَيْ الْحَكَمَانِ ( فِي ) كَوْنِ الطَّلَاقِ بِ ( الْمَالِ ) مِنْ الزَّوْجَةِ لِلزَّوْجِ وَكَوْنِهِ بِلَا مَالٍ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْتهَا بِمَالٍ ، وَقَالَ الْآخَرُ طَلَّقْتهَا بِلَا مَالٍ أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا طَلَّقْنَاهُمَا مَعًا بِمَالٍ ، وَقَالَ الْآخَرُ بِلَا مَالٍ ( فَإِنْ لَمْ تَلْتَزِمْهُ ) أَيْ الزَّوْجَةُ الْمَالَ ( فَلَا طَلَاقَ ) وَاقِعٌ وَعَادَ الْحَالُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَرْضَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ الْمَالِ ، فَإِنْ الْتَزَمَتْهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْمَالِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ نَوْعِهِ أَوْ جِنْسِهِ أَوْ صِفَتِهِ رُدَّ إلَى خُلْعِ الْمِثْلِ مَا لَمْ يَنْقُصْ عَنْ قَوْلِ أَقَلِّهِمَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ

( بَابٌ ) : جَازَ الْخُلْعُ ، وَهُوَ : الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ ، وَبِلَا حَاكِمٍ ، وَبِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا ؛ إنْ تَأَهَّلَ ؛ لَا مِنْ : صَغِيرَةٍ ، وَسَفِيهَةٍ ، وَذِي رِقٍّ ، وَرَدَّ الْمَالَ وَبَانَتْ .

فَصْلٌ ) فِي الْخُلْعِ : ( جَازَ الْخُلْعُ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِلَا كَرَاهَةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ .
وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَجَعَلَهُ بِدْعَةً ( وَهُوَ ) أَيْ الْخُلْعُ أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا ( الطَّلَاقُ ) جِنْسٌ شَمِلَ الْخُلْعَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَقْسَامِ الطَّلَاقِ ( بِعِوَضٍ ) لِلزَّوْجِ مِنْ الزَّوْجَةِ ، أَوْ غَيْرِهَا ، فَصْلٌ مُخْرِجٌ الطَّلَاقَ بِلَا عِوَضٍ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ ، وَلِلْخُلْعِ نَوْعٌ آخَرُ وَهُوَ الطَّلَاقُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِلَا عِوَضٍ ، فَقِيلَ تَعْرِيفُ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَشْمَلْهُ لِإِرَادَتِهِ تَعْرِيفَ الْأَصْلِ الْمَشْهُورَ .
وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ : بَلْ شَمِلَهُ ؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ كَوْنِهِ خُلْعًا جَرَيَانَ أَحْكَامِ الْخُلْعِ عَلَيْهِ ، وَمِنْهَا سُقُوطُ نَفَقَتِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا ، وَهَذَا عِوَضٌ مُحَقَّقٌ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَيْهِ ، فَهَذَا طَلَاقٌ بِعِوَضٍ أَيْضًا .
وَالْخُلْعُ لُغَةً الْإِزَالَةُ ، يُقَالُ خَلَعَ ثَوْبَهُ إذَا نَزَعَهُ وَأَزَالَهُ ، وَلَمَّا كَانَتْ الزَّوْجَةُ كَلِبَاسٍ لِلزَّوْجِ فِي السَّتْرِ وَالتَّوْقِيَةِ مِمَّا يَضُرُّ ، سُمِّيَ فِرَاقُهَا خُلْعًا ، قَالَ تَعَالَى { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ } .
وَالطَّلَاقُ لُغَةً الْإِرْسَالُ وَالتَّرْكُ ، وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ وَهُوَ مَعْنًى جَاهِلِيٌّ وَرَدَ الشَّرْعُ بِتَقْرِيرِهِ قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِزَوْجَتِهِ مُوجِبٌ تَكَرُّرَهَا مَرَّتَيْنِ لِلْحُرِّ ، وَمَرَّةً لِذِي رِقٍّ حُرْمَتُهَا عَلَيْهِ قَبْلَ زَوْجٍ ، وَعَرَّفَ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ الْخُلْعَ بِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى الْبُضْعِ تَمْلِكُ بِهِ الزَّوْجَةُ نَفْسَهَا وَيَمْلِكُ الزَّوْجُ الْعِوَضَ بِهِ ، وَالرَّضَاعَ بِأَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تَرْفَعُ حِلِّيَّةٌ مُتْعَةِ الزَّوْجِ بِعِوَضٍ .
وَ ) جَازَ الْخُلْعُ ( بِلَا ) حُكْمِ ( حَاكِمٍ ) فَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بِعِوَضٍ لِإِيهَامِهِ تَوَقُّفَ كَوْنِهِ خُلْعًا عَلَى عَدَمِ حُكْمِ الْحَاكِمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ( وَ ) جَازَ

الطَّلَاقُ ( بِعِوَضٍ مِنْ غَيْرِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ سَوَاءٌ قَصَدَ مَصْلَحَةً ، أَوْ دَرْءَ مَفْسَدَةٍ ، أَوْ مُجَرَّدَ إسْقَاطِ نَفَقَتِهَا عَنْ زَوْجِهَا أَيَّامَ عِدَّتِهَا ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا الْبُرْزُلِيُّ ، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ نَاجِي ، ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ تَقْيِيدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ إسْقَاطَ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ ، وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَالْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ : طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ لَزِمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ ابْنُ نَاجِي حَمَلَهَا شَيْخُنَا الْبُرْزُلِيُّ عَلَى ظَاهِرِهَا ، وَأَفْتَيْت بِهِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْأَجْنَبِيِّ بِكَوْنِهِ لِمَصْلَحَةٍ ، أَوْ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ إضْرَارَ الْمَرْأَةِ ، وَأَمَّا مَا يَجْعَلُهُ بَعْضُهُمْ لِقَصْدِ مُجَرَّدِ إسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي مَنْعِهِ ، وَفِي انْتِفَاعِ الْمُطَلِّقِ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ نَظَرٌ ابْنُ عَرَفَةَ : بَاذِلُ الْخُلْعِ مَنْ صَحَّ مَعْرُوفُهُ ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ مُسْتَقِلًّا .
قُلْت مَا لَمْ يَظْهَرْ قَصْدُ ضَرَرِهَا بِإِسْقَاطِ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ فَيَنْبَغِي رَدُّهُ كَشِرَاءِ دَيْنٍ لِلْعَدُوِّ ا هـ .
وَذَكَرَ شَرْطَ مُلْتَزِمِ الْعِوَضِ زَوْجَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهَا فَقَالَ ( إنْ تَأَهَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ كَانَ أَهْلًا لِالْتِزَامِهِ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بَاذِلُ الْعِوَضِ مَنْ يَصِحُّ مَعْرُوفُهُ ؛ لِأَنَّ عِوَضَهُ غَيْرُ مَالٍ .
ا هـ .
وَذَكَرَ مَفْهُومَ إنْ تَأَهَّلَ فَقَالَ ( لَا ) يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ الْعِوَضُ ( مِنْ ) زَوْجَةٍ ( صَغِيرَةٍ وَ ) زَوْجَةٍ ( سَفِيهَةٍ ) أَيْ بَالِغَةٍ لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مُهْمِلَةٍ ، أَوْ ذَاتِ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ ، أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، فَإِنْ أَذِنَ لَهَا وَلِيُّهَا صَحَّ وَجَازَ ( وَ ) لَا مِنْ شَخْصٍ ( ذِي

رِقٍّ ) أَيْ رَقِيقٍ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ، وَلَهُ رَدُّهُ إنْ كَانَ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَيَمْضِي مِنْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ قَرُبَ أَجَلُهُ ، وَيُوقَفُ مِنْ مُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ فِي مَرَضِهِ ، فَإِنْ مَاتَ مَضَى مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ ، وَإِنْ صَحَّ فَلَهُ رَدُّهُ وَيَرُدُّ خُلْعَ الْمُكَاتَبَةِ بِكَثِيرٍ وَلَوْ بِإِذْنِهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِعَجْزِهَا وَبِيَسِيرٍ بِإِذْنِهِ مَضَى ، وَبِغَيْرِ إذْنِهِ يُوقَفُ ، فَإِنْ أَدَّتْ مَضَى .
وَإِنْ عَجَزَتْ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الرَّاجِحِ ابْنُ شَاسٍ وَلَا يَضْمَنُهُ سَيِّدٌ بِإِذْنِهِ فِيهِ كَالصَّدَاقِ ( وَرَدَّ ) الزَّوْجُ ( الْمَالَ ) الَّذِي خَالَعَتْهُ بِهِ صَغِيرَةٌ ، أَوْ سَفِيهَةٌ ، أَوْ رَقِيقٌ بِلَا إذْنٍ مِنْ وَلِيِّهَا وَسَيِّدِهِ .
( وَبَانَتْ ) الزَّوْجَةُ مِنْهُ وَلَا يَتْبَعُ الْأَمَةَ بِشَيْءٍ بَعْدَ عِتْقِهَا فَإِنْ ارْتَجَعَهَا لِظَنِّهِ رَجْعِيًّا ، أَوْ تَقْلِيدِهِ مَنْ رَآهُ رَجْعِيًّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَوْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَهُوَ وَطْءُ شُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهَا حَاكِمٌ يَرَاهَا ، وَإِلَّا فَلَا لِرَفْعِهِ الْخِلَافَ ، وَظَاهِرِ قَوْلِهِ : وَبَانَتْ .
وَلَوْ قَالَ : بَعْدَ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَتِمَّ لِي مَا خَالَعَتْ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي طَلَاقٌ فَلَا يَنْفَعُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَعْقِيبٌ بِرَافِعٍ .
وَأَمَّا إنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى تَمَامِ مَا خَالَعَتْ بِهِ لَهُ ، بِإِنْ تَمَّ لِي هَذَا الْمَالُ ، أَوْ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِنْ أَمْضَى الْوَلِيُّ فِعْلَهَا لَزِمَهُ الطَّلَاقُ ، وَإِنْ رَدَّهُ فَلَا يَلْزَمُهُ ؛ إذْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُقُوعِ الْمُعَلَّقِ بِدُونِ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ .
فَإِنْ قَالَ لِرَشِيدَةٍ إنْ صَحَّتْ بَرَاءَتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَزِمَتْهَا الْبَرَاءَةُ وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ ، فَالتَّعْلِيقُ فِي مُخَالَعَتِهَا كَعَدَمِهِ .

وَجَازَ مِنْ الْأَبِ عَنْ الْمُجْبَرَةِ ؛ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ السَّفِيهَةِ : خِلَافٌ ،

( وَجَازَ ) الْخُلْعُ ( مِنْ الْأَبِ عَنْ ) بِنْتِهِ ( الْمُجْبَرَةِ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَنْ لَوْ تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ ، أَوْ مَوْتٍ لَجَبَرَهَا عَلَى الزَّوَاجِ لِكَوْنِهَا بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا صَغِيرَةً ، أَوْ مَجْنُونَةً مِنْ مَالِهَا بِدُونِ إذْنِهَا وَلَوْ بِجَمِيعِ مَهْرِهَا حَيْثُ اقْتَضَتْهُ مَصْلَحَتُهَا ، وَكَالْأَبِ سَيِّدُ الْأَمَةِ ( بِخِلَافِ ) الشَّخْصِ ( الْوَصِيِّ ) فَلَا يَجُوزُ خُلْعُهُ عَنْ الْمُجْبَرَةِ إلَّا بِرِضَاهَا فَفِيهَا يَجُوزُ خُلْعُ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا نَقَلَهُ ق : الْحَطُّ ظَاهِرُ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ خُلْعِهِ عَنْهَا بِرِضَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ .
ابْنُ فَتْحُونٍ وَالْمُتَيْطِيُّ لِلْمَحْجُورَةِ أَنْ تُخَالِعَ بِإِذْنِ وَلِيِّهَا ، أَوْ وَصِيِّهَا وَيَقُولُ بَعْدَ إذْنِهِ مَا رَآهُ مِنْ الْغِبْطَةِ وَفِي اخْتِصَارِ الْوَاضِحَةِ فَضَّلَ الْقَاسِمُ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَجَوُّزَ مُبَارَأَةِ الْوَصِيِّ عَنْ الْبِكْرِ بِرِضَاهَا .
( وَفِي ) جَوَازِ ( خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ) بِنْتِهِ ( السَّفِيهَةِ ) أَيْ الْبَالِغَةِ الثَّيِّبِ الَّتِي لَا تُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ مِنْ مَالِهَا بِغَيْرِ رِضَاهَا وَمَنْعِهِ ( خِلَافٌ ) فَإِنْ كَانَ مَالَهُ ، أَوْ بِرِضَاهَا فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ ، وَنَصُّ التَّوْضِيحِ فِي صُلْحِ الْأَبِ عَنْ الْبِنْتِ السَّفِيهَةِ قَوْلَانِ ، الْأَوَّلُ : لِابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرِهِمَا الْمُوَثَّقِينَ : لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهَا .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ : جَرَتْ الْفُتْيَا مِنْ الشُّيُوخِ بِجَوَازِ ذَلِكَ ، وَرَوَاهَا بِمَنْزِلَةِ الْبِكْرِ مَا دَامَتْ فِي وِلَايَتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْجَارِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ رَاشِدٍ : الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ، وَفِي خُلْعِ الْأَبِ عَنْ ابْنَتِهِ الثَّيِّبِ فِي حَجْرِهِ كَالْبِكْرِ وَوَقْفُهُ عَلَى إذْنِهَا اخْتِيَارُ الْمُتَيْطِيِّ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ قَائِلًا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57