كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا .
فَيَحْلِفُ ، وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ .
كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ

وَإِنْ قَتَلَ مُكَلَّفٌ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ مَعْصُومًا فَعَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ وَأَطْلَقَ فِي عَفْوِهِ فَ ( لَا دِيَةَ لِ ) وَلِيٍّ ( عَافٍ ) عَنْ قَاتِلِ وَلِيِّهِ عَمْدًا عُدْوَانًا ( مُطْلِقٍ ) بِكَسْرِ اللَّامِ عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالدِّيَةِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَظْهَرَ ) مِنْ حَالِ الْوَلِيِّ ( إرَادَتُهَا ) أَيْ الدِّيَةِ حِينَ الْعَفْوِ بِقَرِينَةٍ دَالَّةٍ عَلَى إرَادَتِهَا ( فَيَحْلِفُ ) الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا عَفَا إلَّا لِإِرَادَةِ أَخْذِهَا مِنْ الْقَاتِلِ ( وَيَبْقَى ) الْوَلِيُّ ( عَلَى حَقِّهِ ) مِنْ الْقِصَاصِ ( إنْ امْتَنَعَ ) الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ .
وَمَفْهُومُ مُطْلِقٍ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِعَفْوِهِ مَجَّانًا لَزِمَهُ ، وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ عَلَى الدِّيَةِ وَأَجَابَهُ الْقَاتِلُ لَزِمَتْهُ وَإِنْ لَمْ يُجِبْهُ فَالْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَقَوْلُهُ يَظْهَرُ مِثْلُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَفِيهَا يَتَبَيَّنُ وَهُوَ أَقْوَى ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتْبَعْ لَفْظَهَا وَإِنْ كَانَ أَقْوَى لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ إنَّ فَاعِلَ قَالَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ هُوَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَإِنَّمَا نَسَبَهُ لَهُ لَا شَكًّا لَهُ لِأَنَّ الدِّيَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لَهُ فِي الْأَصْلِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي إرَادَتِهَا قَالَهُ تت .
طفي كَأَنَّهُ قَالَ لَمْ يَتْبَعْ لَفْظَهَا لِأَنَّ مَا عَبَّرَ بِهِ لِمَالِكٍ أَيْضًا ، وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ أَوْ مُطْلَقًا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ ، قَالَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَنَّهُ أَرَادَهَا فَيَحْلِفُ .
ا هـ .
لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا الِاعْتِذَارُ لتت إذَا سَلَّمَ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ الَّذِي أَتَى بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ نَفْسُ لَفْظِ الْإِمَامِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْلِمٍ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَظْهَرُ بِأَمَارَةٍ قَوِيَّةٍ ، لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ لَا شَيْءَ لَك إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ أَنَّك أَرَدْتهَا فَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ

كَلَامَ مَالِكٍ بِالْمَعْنَى ، فَلَمْ يَتِمَّ اعْتِذَارُ تت .
قَالَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِقَوْلِهِ فِي الْحَضْرَةِ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ وَلَوْ سَكَتَ وَطَالَ ثُمَّ قَالَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ .
طفي نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَزَادَ قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ، وَأَصْلُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَحَيْثُ كَانَ لِلْوَلِيِّ الْقِيَامُ بِشَرْطِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَزَادَ ابْنُ حَبِيبٍ شَرْطًا آخَرَ ، وَهُوَ قُرْبُ الزَّمَانِ فَأَمَّا إنْ قَامَ بَعْدَ طُولٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ رَوَاهُ مُطَرِّفٌ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ا هـ .
وَفِي جَعْلِ مَا ذَكَرَهُ قَيْدًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " هَذَا مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ ، خِلَافٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ مَنْ قَالَ إنَّمَا عَفَوْت عَلَى الدِّيَةِ ، فَرَوَى مُطَرِّفٌ إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ ، وَإِنْ طَالَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ، قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ قَالَ مَا عَفَوْت إلَّا عَلَى أَخْذِ الدِّيَةِ حَلَفَ مَا أَرَادَ تَرْكَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْهَا ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَقَالَ لَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ لِمَا قَالَهُ وَجْهٌ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ لَيْسَ عَفْوٌ عَنْ الدَّمِ عَفْوًا عَنْ الدِّيَةِ إلَّا أَنْ يُرَى لَهُ وَجْهٌ .
ا هـ .
لَا يُقَالُ قَيْدُ الْحُضُورِ يُحْرِزُهُ قَيْدُ الظُّهُورِ ، إذْ قَدْ تَظْهَرُ إرَادَتُهَا حِينَ الْعَفْوِ ، ثُمَّ يَتَغَافَلُ عَنْ ذَلِكَ زَمَانًا طَوِيلًا إنْ ظَهَرَ عُذْرُ التَّرَاخِي .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْوَلِيِّ الْمُطْلِقِ فِي عَفْوِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَقَالَ ( كَعَفْوِهِ ) أَيْ الْوَلِيِّ ( عَنْ الْعَبْدِ ) الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ عَبْدًا أَوْ حُرًّا عَفْوًا مُطْلَقًا ، وَقَالَ إنَّمَا عَفَوْت

عَنْهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ ، فَيَحْلِفُ الْوَلِيُّ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ ، وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ

وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ
( وَ ) إنْ قَتَلَ شَخْصٌ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَتَلَ الْقَاتِلَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمُسْتَحِقِّ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا اسْتَحَقَّ وَلِيٌّ ) الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ ( دَمَ مَنْ ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي ( قَتَلَ الْقَاتِلَ ) الْأَوَّلَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ وَلِيَّ الْأَوَّلِ اسْتَحَقَّ دَمَ قَاتِلِهِ فَهُوَ مُسْتَحِقٌّ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ ، وَلَوْ كَانَ دَمُ قَاتِلِ الْقَاتِلِ حَقًّا لِوَلِيِّ الْقَاتِلِ لَلَزِمَ ضَيَاعُ حَقِّ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مَعْصُومٌ مِنْ غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ ، فَإِنْ قَتَلَهُ غَيْرُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا قَدَّمَهُ لِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَإِنْ أَرْضَى أَوْلِيَاءُ الثَّانِي أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ فَدَمُهُ لَهُمْ ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِيهَا مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَتَفَرَّسَ عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ فَقَتَلَهُ عَمْدًا فَدَمُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ الْأَوَّلِ ، وَيُقَالُ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي اُرْضُوَا أَوْلِيَاءَ الْأَوَّلِ وَشَأْنُكُمْ بِقَاتِلِ وَلِيِّكُمْ ، وَإِنْ لَمْ تُرْضُوهُمْ فَلِأَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ قَتْلُهُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ ، وَلَهُمْ أَنْ لَا يَرْضَوْا بِمَا بَذَلُوا لَهُمْ مِنْ دِيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا ، وَعَزَاهُ الشَّيْخُ لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا

أَوْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ ، كَدِيَةِ خَطَأٍ ؛ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي : فَلَهُ
.
( أَوْ ) قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا عُدْوَانًا وَقَطَعَ شَخْصٌ غَيْرُ الْمَقْطُوعِ يَدَ الْقَاطِعِ عَمْدًا عُدْوَانًا أَيْضًا اسْتَحَقَّ الْمَقْطُوعُ الْأَوَّلُ قَطْعَ يَدِ مَنْ ( قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ ) الْأَوَّلِ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ وَلِيِّ الْأَوَّلِ وَالْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ فَقَالَ ( كَدِيَةِ ) قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ ( خَطَأٍ ) لِلْقَاتِلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْقَاطِعِ الْأَوَّلِ .
فَيَسْتَحِقُّهَا وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ أَوْ الْمَقْطُوعِ الْأَوَّلِ ( فَإِنْ أَرْضَاهُ ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ ( وَلِيُّ ) الْمَقْتُولِ الثَّانِي بِمَالٍ أَوْ شَفَاعَةٍ أَوْ حُسْنِ كَلَامٍ ( فَلَهُ ) أَيْ وَلِيِّ الثَّانِي دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي ، فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ

وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ ، وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ : فَلَهُ الْقَوَدُ

( وَإِنْ فُقِئَتْ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الْقَافِ ، أَيْ قُلِعَتْ ( عَيْنُ ) الشَّخْصِ ( الْقَاتِلِ ) عَمْدًا عُدْوَانًا ( أَوْ قُطِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( يَدُهُ ) أَيْ الْقَاتِلِ عَمْدًا عُدْوَانًا مَثَلًا إنْ كَانَ الْفَقْءُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ مِنْ ( الْوَلِيِّ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحَقَّ دَمَهُ ، وَأَمَّا أَعْضَاؤُهُ فَهِيَ مَعْصُومَةٌ بِالنِّسْبَةِ لَهُ ، فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فِيهَا فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْهُ ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُقَادُ مِنْ الْوَلِيِّ وَيُعَاقِبُهُ الْإِمَامُ إنْ جَنَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ قَبْلَ إسْلَامِهِ لَهُ ، بَلْ ( وَلَوْ ) جَنَى عَلَيْهِ الْوَلِيُّ ( بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْقَاتِلُ ( لَهُ ) أَيْ الْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِقَتْلِهِ قِصَاصًا ( فَلَهُ ) أَيْ الْقَاتِلِ الَّذِي فُقِئَتْ عَيْنُهُ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ بَعْدَهُ ( الْقَوَدُ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيَّ أَوْ غَيْرَهُ ، وَلِلْوَلِيِّ قَتْلُهُ بَعْدَ اقْتِصَاصِهِ مِنْهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ الْعَفْوُ أَوْ الدِّيَةُ أَوْ الْعَفْوُ وَلَا سُلْطَانَ لِوُلَاةِ الْمَقْتُولِ ، فَلَوْ كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْقَاطِعُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَوْ كَانَ سُلِّمَ لَهُ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا فَحُبِسَ لِقَتْلِهِ أَوْ حُكِمَ بِقَتْلِهِ فَسُلِّمَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ لِيَقْتُلُوهُ فَقَطَعَ رَجُلٌ يَدَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقِصَاصُ وَالْعَقْلُ وَالْعَفْوُ ، وَلَا شَيْءَ لِوُلَاةِ الْقَتِيلِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا لَهُمْ سُلْطَانٌ عَلَى مَنْ أَذْهَبَ نَفْسَهُ ، وَمَنْ قَتَلَ وَلِيَّك عَمْدًا فَقَطَعْت يَدَهُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْك وَلَوْ قَطَعْتهَا خَطَأً حَمَلَتْ دِيَتَهَا عَاقِلَتُك وَيُسْتَقَادُ لَهُ مَا لَمْ يُقَدْ مِنْهُ وَتَحْمِلُ عَاقِلَتُهُ مَا أَصَابَ مِنْ الْخَطَإِ

وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى : كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ ،

( وَقُتِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ يُقْتَلُ الشَّخْصُ ( الْأَدْنَى ) أَيْ الدَّنِيءِ بِرِقِّيَّةٍ أَوْ كُفْرٍ ( بِ ) سَبَبِ قَتْلِ الشَّخْصِ ( الْأَعْلَى ) أَيْ الْعَلِيِّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ مَثَّلَ ذَلِكَ فَقَالَ ( كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِ ) سَبَبِ قَتْلِ ( عَبْدٍ مُسْلِمٍ ) فَشَرَفُ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِنْ شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ ، فَالْحُرُّ الْكِتَابِيُّ دَنِيءٌ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ الْمُسْلِمِ فَلَا يُقْتَلُ الرَّقِيقُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ .
الْحَطّ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْظَمُ حُرْمَةٍ مِنْ الْحُرِّيَّةِ ، كَأَنَّ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ قَاتِلٍ أَوْ الْمَقْتُولِ هُوَ الْأَعْلَى .
وَلِمَا قَدَّمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ كَوْنَ الْقَاتِلِ زَائِدًا عَلَى الْمَقْتُولِ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ مَانِعٌ مِنْ قَتْلِهِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْقَاتِلِ أَدْنَى مِنْ الْمَقْتُولِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَدْنَى إذَا قَتَلَ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ ، ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِفَرْعٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ وَهُوَ قَتْلُ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ عَبْدًا مُسْلِمًا ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُقْتَلُ بِهِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ كَسِلْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي نَصْرَانِيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا قَالَ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ كَسِلْعَةٍ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يَقْتُلَهُ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ إذَا أَرَادَ قَتْلَهُ بِهِ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ مَا فِي الْقُرْآنِ ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ، ثُمَّ اسْتَظْهَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي التَّوْضِيحِ فِي

شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يُقْتَلُ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ إلَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الذِّمِّيَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَجَرَى عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الدِّيَةِ ، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا قَتْلُ الذِّمِّيِّ أَوْ الْعَفْوُ عَنْهُ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهُ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ إلْزَامُهُ قِيمَتَهُ .
وَتَبِعَ فِيهِ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا ، أَوْ قَتَلَهُ فَسَيِّدُ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَقْتُولِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَقِيدَ أَوْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ قَالَ الذِّمِّيَّ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكَانَ أَحْسَنَ ، وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِالْحُرِّ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَحَكَى فِي الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ فِي فَكِّهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ .
الْمُوَضِّحُ يَعْنِي بِدِيَةِ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ ، وَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ جَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ الْمُسْلِمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ يَدْفَعُ جَمِيعَ ثَمَنِهِ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ فَضَلَ عَنْ دِيَتِهِ فَضْلٌ فَلِسَيِّدِهِ أَصْبَغَ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ ا هـ ضَيْح

وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ : كَذَوِي الرِّقِّ ، وَذَكَرٍ ، وَصَحِيحٍ ، وَضِدِّهِمَا

( وَ ) يُقْتَلُ ( الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ ) يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ ( وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْمِيمِ مُثَقَّلًا مِنْ أَحَدِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقْتَلُ الْيَهُودِيُّ بِالنَّصْرَانِيِّ وَبِالْمَجُوسِيِّ وَعَكْسُهُ وَالْمُؤَمَّنُ بِالذِّمِّيِّ وَعَكْسُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ قَتْلُ الْيَهُودِيِّ بِالْمَجُوسِيِّ ، وَنَقْصُ الدِّيَةِ لَغْوٌ كَالرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ .
وَشَبَّهَ فِي قَتْلِ الْبَعْضِ بِالْبَعْضِ فَقَالَ ( كَذَوِي ) أَيْ أَصْحَابِ ( الرِّقِّ ) أَيْ الْأَشْخَاصِ الْأَرِقَّاءِ فَيُقْتَلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ، وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ ذَا شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ وَالْمَقْتُولُ قِنًّا ، فِيهَا الْقِصَاصُ لِلْمَمَالِيكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ فِي الْأَحْرَارِ نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ ، إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ الْجَانِيَ سَيِّدُهُ ، وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا فَقَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ لَا أَقْتَصُّ وَآخُذُ الْعَبْدَ الْجَارِحَ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ إمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَدَعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ .
أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَاتِلِ وَجَبَتْ لِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ ، فَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ أَوْ أَحْيَاهُ فَإِنْ أَحْيَاهُ صَارَ عَمْدًا كَالْخَطَأِ فَيَرْجِعُ الْخِيَارُ إلَى سَيِّدِهِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ يَقْتُلُ حُرًّا فَيَعْفُو عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ تُمْلَكُ ، فَلَمَّا جَازَ قَتْلُهُ وَإِتْلَافُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْحُرُّ لَا يُمْلَكُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ إلَّا بِطَوْعِهِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ أُؤَدِّي قِصَاصِي وَأُبْقِي مَالِي لِوَرَثَتِي وَالْعَبْدُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ

قَتْلَهُ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ فَلَا حُجَّةَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ رَفَعُوا عَنْهُ الْقَوَدَ فَصَارَ فِعْلُهُ كَالْخَطَأِ وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ لِأَنَّهُ كَأَنْ تَكُونَ دِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ عَمْدِهِ فَأَمْرُهُمَا مُفْتَرَقٌ .
( وَ ) كَ ( ذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا ) أَيْ أُنْثَى وَمَرِيضٍ فَيُقْتَلُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَيُقْتَلُ الذَّكَرُ بِالْأُنْثَى وَالصَّحِيحُ بِالْمَرِيضِ ، وَلَا يُنْظَرُ لِنَقْصِ الْأَعْضَاءِ وَلَا لِلْعُيُوبِ وَلَا لِصِغَرٍ وَلَا لِكِبَرٍ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي النُّفُوسِ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ }

وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ : خُيِّرَ الْوَلِيُّ ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ : فَلِسَيِّدِهِ ، إسْلَامُهُ ، أَوْ فِدَاؤُهُ

( وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا قَتْلًا ( عَمْدًا ) عُدْوَانًا وَثَبَتَ قَتْلُهُ ( بِبَيِّنَةٍ ) فِي قَتْلِ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ( أَوْ قَسَامَةٍ ) فِي قَتْلِ الْحُرِّ فَقَطْ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ الْعَبْدُ أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ بِهِ وَحَلَفَ أَوْلِيَاؤُهُ خَمْسِينَ يَمِينًا عَلَى أَنَّهُ قَتَلَهُ ( خُيِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْوَلِيُّ ) لِلْمَقْتُولِ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ أَوَّلًا بَيْنَ قَتْلِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ وَاسْتِحْيَائِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ كُفُؤًا لِلْحُرِّ .
( فَإِنْ ) قَتَلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ ( اسْتَحْيَاهُ ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعَبْدَ ( فَلِسَيِّدِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ الْخِيَارُ ثَانِيًا بَيْنَ أَحَدِ أَمْرَيْنِ ( إسْلَامِهِ ) أَيْ دَفْعِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِلْوَلِيِّ فِي جِنَايَتِهِ بِمَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ( أَوْ فِدَاؤُهُ ) أَيْ الْعَبْدِ الْجَانِي بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ .
طفي تَعْيِينُ الْمُصَنِّفِ الْبَيِّنَةَ أَوْ الْقَسَامَةَ احْتِرَازًا مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِالْقَتْلِ ، فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ فِيهِ إلَّا الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ ، وَلَيْسَ لَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ لِأَخْذِهِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَقَرَّ عَبْدٌ أَنَّهُ قَتَلَ حُرًّا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ ، فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَلَهُ مُعَاوَدَةُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ .
أَبُو عِمْرَانَ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ إنْ عَفَا عَنْ الْعَبْدِ يَبْطُلُ الدَّمُ فَلَا قَتْلَ لَهُ .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْعَبْدُ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ، فَإِنَّهُ يَقْبَلُ إقْرَارَهُ ، وَفِي الرِّسَالَةِ إقْرَارُ الْعَبْدِ فِيمَا يَلْزَمُهُ فِي بَدَنِهِ مِنْ حَدٍّ أَوْ قَطْعٍ يَلْزَمُهُ وَمَا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا إقْرَارَ لَهُ ، أَرَادَ إلَّا الْمَأْذُونَ لَهُ ، فَإِنَّ إقْرَارَهُ فِي مَالِهِ لَازِمٌ .

إنْ قَصَدَ ضَرْبًا ؛ وَإِنْ بِقَضِيبٍ كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ ، وَمُثَقَّلٍ ، وَلَا قَسَامَةَ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ ؛

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهِيَ الْجِنَايَةُ فَقَالَ ( إنْ قَصَدَ ) الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ الَّذِي لَمْ يَزِدْ بِحُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ ( ضَرْبًا ) لِلْمَقْتُولِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ ، أَمَّا إنْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ كَحَرْبِيٍّ فَتَبَيَّنَ مُسْلِمًا فَهُوَ الْخَطَأُ فِيهِ الدِّيَةُ ، وَقَدْ قَتَلَ الصَّحَابَةُ مُسْلِمًا يَظُنُّونَهُ حَرْبِيًّا فَوَدَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُهَدِّدْهُمْ ، وَإِنْ قَصَدَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَقِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقِيلَ عَمْدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ ، وَثَالِثُهَا إنْ تَلَاعَبَا فَخَطَأٌ وَإِنْ لَمْ يُلَاعِبْهُ فِيهِ الْقَوَدُ ، وَلَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ زَيْدٌ فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ فُلَانٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ آخَرَ لِقَتْلِهِمْ قَاتِلَ خَارِجَةَ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَلَمْ يَلْتَفِتُوا لِقَوْلِهِ أَرَدْت عَمْرًا وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ ا هـ .
عب الْبُنَانِيُّ لُزُومُ الْقَوَدِ فِي هَذِهِ هُوَ الصَّحِيحُ ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلًا خِلَافُ مَا نَقَلَهُ بَعْدَهُ عَنْ مُقْتَضَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ ، وَوَقَعَ فِي الْحَطّ ، وَتَبِعَهُ الْخَرَشِيُّ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَخْصٍ فَأَصَابَتْ الضَّرْبَةُ غَيْرَهُ ، فَإِنَّهُ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ فَرْحُونٍ وَغَيْرُهُمَا أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَطَأِ لَا قَوَدَ فِيهِ ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ قَتْلِهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَكَانَ الضَّرْبُ عَلَى وَجْهِ الْغَضَبِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِهِ أَنَّهُ عَمْدٌ وَفِيهِ الْقِصَاصُ .
الْبُنَانِيُّ عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ عِبَارَتُهُمْ تَقْتَضِي أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ ، فَنَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْعَمْدِ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ إلَخْ ، وَأَمَّا

الْعُدْوَانُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا أُدِّبَ ا هـ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى أَوْجُهٍ : الْأَوَّلُ : أَنْ لَا يَقْصِدَ بِرَمْيِهِ شَيْئًا أَوْ يَقْصِدَ حَرْبِيًّا فَيُصِيبُ مُسْلِمًا وَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ .
الثَّانِي : أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ خَطَأٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَمِثْلُهُ قَصْدُ الْأَدَبِ الْجَائِزِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ لِلنَّائِرَةِ وَالْغَضَبِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَمْدٌ يُقْتَصُّ بِهِ إلَّا فِي الْأَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَتُغَلَّظُ فِيهِ الدِّيَةُ .
الثَّالِثُ قَصْدُ الْقَتْلِ عَلَى وَجْهِ الْغِيلَةِ فَيَتَحَتَّمُ فِيهِ الْقَتْلُ فَلَا عَفْوَ عَنْهُ قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ .
هَذَا إنْ ضَرَبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ وَسَهْمٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) ضَرَبَهُ ( بِقَضِيبٍ ) أَيْ عُودٍ مَقْضُوبٍ مِنْ شَجَرَةٍ وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا .
ابْنُ شَاسٍ فَأَمَّا إنْ لَطَمَهُ أَوْ وَكَزَهُ فَمَاتَ فَتَخَرَّجَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي نَفْيِ شِبْهِ الْعَمْدِ وَإِثْبَاتِهِ فَعَلَى رِوَايَةِ النَّفْيِ هُوَ عَمْدٌ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكِتَابِ ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي إثْبَاتِهِ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ .
ا هـ .
وَشَبَّهُ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ فَقَالَ ( كَخَنْقٍ ) لِمَعْصُومٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى خَانِقِهِ الْقِصَاصُ ( وَ ) كَ ( مَنْعِ طَعَامٍ ) أَوْ شَرَابٍ عَنْ مَعْصُومٍ حَتَّى مَاتَ فَعَلَى مَانِعِهِ الْقِصَاصُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ صُوَرِ الْعَمْدِ مَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إنْ مَنَعَ فَضْلَ مَائِهِ مُسَافِرًا عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ ، وَأَنَّهُ يَمُوتُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ قُتِلَ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَلِ قَتْلَهُ بِيَدِهِ ا هـ .
( وَ ) كَضَرْبٍ بِشَيْءٍ ( مُثَقَّلٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ رَاضٍّ لِلْبَدَنِ

بِلَا جُرْحٍ كَحَجَرٍ وَخَشَبَةٍ وَمَاتَ الْمَضْرُوبُ فَيُقْتَصُّ مِنْ ضَارِبِهِ بِهِ ، فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَضْرُوبِ بِهِ لَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ ( وَلَا قَسَامَةَ ) فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ( إنْ أَنْفَذَ ) الضَّرْبَ ( مَقْتَلَهُ ) بِأَنْ قَطَعَ وَدْجَهُ أَوْ ثَقَبَ مَصِيرَهُ أَوْ نَثَرَ دِمَاغَهُ أَوْ قَطَعَ نُخَاعَهُ

أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا
( أَوْ ) لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَ ( مَاتَ مَغْمُورًا ) عَقْلُهُ لَا يَعِي شَيْئًا لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَتَكَلَّمُ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ غَمْرَتِهِ حَتَّى مَاتَ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُنْفِذْ مَقْتَلَهُ وَلَمْ يَغْمُرْ وَأَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ حَيَاةً تُعْرَفُ أَوْ غَمَرَ ثُمَّ أَفَاقَ كَذَلِكَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ قَاتِلِهِ إلَّا بَعْدَ الْقَسَامَةِ .
" غ " قَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا كَذَا سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي نَفْيِ الْقَسَامَةِ ، فَقَالَ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا إنْ شُقَّتْ حَشْوَتُهُ فَتَكَلَّمَ وَأَكَلَ وَعَاشَ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ قَاتِلُهُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ إذَا كَانَ قَدْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ ، وَقَالَ فِي الثَّانِي وَمَنْ ضَرَبَ فَمَاتَ تَحْتَ الضَّرْبِ أَوْ بَقِيَ مَغْمُورًا لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ حَتَّى مَاتَ فَلَا قَسَامَةَ فِيهِ ، كَذَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْأُمَّهَاتِ فَتَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِي الْمَغْمُورِ الْقَسَامَةَ ا هـ .

وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ ، عَدَاوَةً ، وَإِلَّا فَدِيَةٌ

وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَ ( كَطَرْحِ ) شَخْصٍ ( غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ ) فِي نَحْوِ بَحْرٍ ( عَدَاوَةً ) فَمَاتَ فَعَلَى طَارِحِهِ الْقِصَاصُ بِلَا قَسَامَةٍ ، فَفِيهَا وَإِنْ طَرَحَ رَجُلًا فِي نَهْرٍ وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَمَاتَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَاوَةِ وَالْقِتَالِ قُتِلَ بِهِ .
ابْنُ نَاجِي ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لَا يُقْتَلُ وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ لِغَيْرِ مُحْسِنِ الْعَوْمِ عَدَاوَةً بِأَنْ كَانَ لِمُحْسِنِهِ أَوْ لِغَيْرِ مُحْسِنِهِ لَعِبًا لَا عَدَاوَةَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ طَارِحِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَقْتُلْ ( فَ ) فِيهِ ( دِيَةٌ ) بِلَا قَسَامَةٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ لَا الْقَتْلِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُ الْقَسَامَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَضِّحِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ بِقَسَامَةٍ لَمْ أَرَهُ وَلَا وَجْهَ لِلْقَسَامَةِ هُنَا .
تت أَجْمَلَ فِي قَوْلِهِ دِيَةٌ ، إذْ يُحْتَمَلُ أَنَّهَا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا مُغَلَّظَةٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ ، وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ لَا .
طفي لَا إجْمَالَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَيَّنَ فِيمَا يَأْتِي مَوَاضِعَ التَّغْلِيظِ ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا ، فَيُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهَا دِيَةٌ خَطَأً مُخَمَّسَةً وَكَلَامُهُ يُبَيِّنُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَنَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْمُغَلَّظَةَ هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي ، وَمَا عَدَاهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ ، فَكَلَامُهُ مُحَرَّرٌ لِمَنْ أَحَاطَ بِأَطْرَافِهِ قَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيْ اللَّعِبُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُهُ .
ا هـ .
أَقُولُ الْإِخْفَاءُ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ هُنَا خُصُوصًا ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْخِلَافُ .

الْبُنَانِيُّ يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ إنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَلَا قِصَاصَ أَلْقَاهُ لَعِبًا وَعَدَاوَةً ، وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَالْقِصَاصُ مُطْلَقًا وَإِذَا جَهِلَ فَفِي الْعَدَاوَةِ الْقِصَاصُ ، وَفِي اللَّعِبِ لَا قِصَاصَ فَالدِّيَةَ فَقَوْلُهُ غَيْرِ مُحْسِنٍ الْعَوْمَ ، أَيْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَالْمُلْقَى جَاهِلٌ زَادَ بَعْضُهُمْ مَا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ ، لَكِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ طُولِ مَسَافَةٍ

وَكَحَفْرِ بِئْرٍ ، وَإِنْ بِبَيْتِهِ

وَشَبَّهَ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ بِلَا قَسَامَةٍ فَقَالَهُ ( كَحَفْرِ بِئْرٍ ) لِقَصْدِ إهْلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ سَارِقًا فَهَلَكَ فِيهَا ، فَعَلَى حَافِرِهَا الْقِصَاصُ لِتَسَبُّبِهِ فِي إهْلَاكِهِ إنْ حَفَرَهَا فِي الطَّرِيقِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) حَفَرَهَا ( بِبَيْتِهِ ) الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِلِّصِّ لِيَهْلَكَ فِيهَا فَهَلَكَ فِيهَا ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ مُعَيَّنٍ فَلَا يُقْتَلُ وَتَلْزَمُهُ الدِّيَةُ ، وَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَفِي الْحُرِّ دِيَتُهُ وَفِي الْعَبْدِ قِيمَتُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَ أَحَدٍ وَحَفَرَهَا فِي مِلْكِهِ لِحَاجَتِهِ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ حَيَوَانٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَمِثْلُ الْبِئْرِ الْمِطْمَرُ .
أَصْبَغُ سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ لَهُ زَرْعٌ تَدْخُلُهُ دَوَابُّ النَّاسِ فَتُفْسِدُهُ فَحَفَرَ حَفِيرًا حَوْلَهُ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ وَأَنْذَرَ أَصْحَابَهَا فَوَقَعَ فِيهِ بَعْضُ الدَّوَابِّ فَهَلَكَ أَتَرَى عَلَيْهِ ضَمَانُهُ ، فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَلَوْ لَمْ يُنْذِرْهُمْ ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ الْحَفْرِ فِي أَرْضِهِ وَحَقِّهِ تَحْصِينًا لِزَرْعِهِ لَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ ، وَلَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ دَوَابِّهِمْ لَلَزِمَهُ الضَّمَانُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَصْنَعُ فِي دَارِهِ شَيْئًا لِإِتْلَافِ السَّارِقِ ، فَيَتْلَفُ السَّارِقُ أَوْ غَيْرُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ا هـ .
ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ جَعَلَ فِي حَائِطِهِ حَفِيرًا لِلسِّبَاعِ أَوْ حِبَالَةً فَلَا يَضْمَنُ مَا عَطِبَ بِذَلِكَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَإِنْ جَعَلَ فِي بَابِ جِنَانِهِ قَصَبًا يَدْخُلُ فِي رِجْلِ مَنْ يَدْخُلُهُ أَوْ اتَّخَذَ تَحْتَ عَتَبَتِهِ مَسَامِيرَ لِمَنْ يَدْخُلُ أَوْ رَشَّ قَنَاةً يُرِيدُ زَلْقَ مَنْ يَدْخُلُهُ مِنْ دَابَّةٍ أَوْ إنْسَانٍ أَوْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا فَهُوَ

ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ رَشَّ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَضْمَنُ مَنْ عَطِبَ فِيهِ كَحَافِرِ الْبِئْرِ فِي دَارِهِ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِإِرْصَادِ سَارِقٍ فَهُوَ مُفْتَرَقٌ ا هـ .
قَوْلُهُ فَهُوَ مُفْتَرَقٌ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَحْفِرَهَا لِحَاجَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ أَوْ يَرْصُدَ بِهَا السَّارِقَ فَيَضْمَنُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ ؛ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ ، أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ قَصْدُ الضَّرَرِ ؛ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ

( أَوْ ) كَ ( وَضْعِ ) شَيْءٍ ( مُزْلِقٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الزَّاي وَكَسْرِ اللَّامِ بِطَرِيقٍ كَقِشْرِ بِطِّيخٍ وَرَشِّ فِنَاءٍ مُرِيدًا إزْلَاقَ مَنْ يَمُرُّ بِهِ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ مَا يَتْلَفُ بِهِ ( أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ ) تَعَضُّ أَوْ تَرْفُسُ مَنْ يَمُرُّ ( بِطَرِيقٍ ) فَيَضْمَنُ مَا يَهْلَكُ بِهَا ، وَأَمَّا إنْ أَوْقَفَهَا لِحَاجَةٍ بِأَنْ نَزَلَ عَنْهَا لِقَضَاءِ حَاجَةٍ وَتَرَكَهَا فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا يَضْمَنُهُ ( أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ ) بِبَيْتِهِ أَوْ جِنَانِهِ لِإِهْلَاكِ سَارِقٍ وَنَحْوَهُ فَيَهْلَكُ فَالْقَوَدُ إنْ ( تَقَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ سَبَقَ ( لِصَاحِبِهِ ) فِيهِ إنْذَارٌ فَيَضْمَنُ مَا هَلَكَ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنْذَارٌ فَلَا يَضْمَنُهُ ، وَمَحَلُّ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا إذَا ( قَصَدَ ) فَاعِلُهَا ( لِضَرَرٍ ) لِمُعَيَّنٍ ( وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ ) فَالْقَوَدُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَهْلَكْ الْمَقْصُودُ وَهَلَكَ غَيْرُهُ ( فَالدِّيَةُ ) لِلْهَالِكِ عَلَى الْفَاعِلِ ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا وَفَعَلَهَا لِحَاجَتِهِ فِيمَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهَا فِيهِ فَلَا يَضْمَنُ كَمَا تَقَدَّمَ .
طفي لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ قَيْدِ تَقَدُّمِ الْإِنْذَارِ ، لِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا لَا قَيْدَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا الْقَيْدُ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِمَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَحِرَاسَةِ زَرْعٍ أَوْ ضَرْعٍ .
فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا اتَّخَذَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ بِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَالدَّارِ وَشَبَهِهَا وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَقُورٌ ضَمِنَ مَا أَصَابَ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ اتَّخَذَ كَلْبًا فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ إنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فِيهِ .
ا هـ .
وَفِيهَا مَا أَحْدَثَهُ بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ ضَمِنَ ا هـ .
عِيَاضٌ مَعْنَاهُ

جَعَلَهُ لَهَا مَرْبِطًا دَائِمًا وَلَوْ كَانَ نَزَلَ عَنْهَا أَوْ أَوْقَفَهَا وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَيْهَا أَمَامَ حَانُوتٍ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ أَوْ يَحْمِلَ مِنْهُ أَوْ أَمَامَ بَابِ دَارِهِ أَوْ نَزَلَ لِلصَّلَاةِ بِمَسْجِدٍ أَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ الْأَمِيرِ يَطْلُبُ الْإِذْنَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ

وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةٍ

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَالْإِكْرَاهِ ) عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ بِتَخْوِيفٍ بِقَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْمُكْرَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ لِتَسَبُّبِهِ ، وَالْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ لِمُبَاشَرَتِهِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْمَأْمُورُ مُخَالَفَةَ الْآمِرِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الْمَأْمُورِ وَأُدِّبَ الْآمِرُ كَمَا يَأْتِي ( وَ ) كَ ( تَقْدِيمِ ) شَيْءٍ ( مَسْمُومٍ ) سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ شَرَابًا أَوْ لِبَاسًا أَوْ غَيْرَهَا فَيُقْتَصُّ مِنْ مُقَدِّمِهِ لِتَسَبُّبِهِ إذَا عَلِمَ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُقَدَّمُ لَهُ بِالْفَتْحِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُقَدِّمُ أَوْ عَلِمَهُ الْمُقَدَّمُ لَهُ فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ عَلَى الْمُقَدِّمِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عج .
وَقَالَ اللَّقَانِيُّ فِيهِ الْقِصَاصُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَتَلَ رَجُلًا بِسَقْيِ سُمٍّ قُتِلَ بِهِ ( وَ ) كَ ( رَمْيِهِ حَيَّةً ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ ثُعْبَانًا كَبِيرًا حَيًّا ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَعْصُومِ فَمَاتَ فَيُقْتَصُّ مِنْ رَامِيهَا وَلَوْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ ، وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ خِلَافًا لِدَاوُدَ وتت فِي تَقْيِيدِهِمَا بِلَدْغِهَا ، وَإِنْ رَمَاهَا عَلَيْهِ مَيِّتَةً أَوْ صَغِيرَةً لَا تَقْتُلُ عَادَةً عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَمَاتَ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَعَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فِيهِ الْقِصَاصُ .
أَصْبَغُ مَنْ طَرَحَ عَلَى رَجُلٍ حَيَّةً مَسْمُومَةً مِثْلَ الْحُوَاةِ الْعَارِفِينَ بِالْحَيَّاتِ الْمَسْمُومَةِ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ ، وَلَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ عَلَى اللَّعِبِ ، إنَّمَا اللَّعِبُ مِثْلُ بَعْضِ الشُّرَّاطِ يَطْرَحُ الْحَيَّةَ الصَّغِيرَةَ الَّتِي لَا تُعْرَفُ لِمِثْلِ هَذَا فَتَقْتُلُ ، فَهَذَا خَطَأٌ ، بِخِلَافِ طَرْحِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً مَعْرُوفَةً أَنَّهَا تَقْتُلُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا إنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ اللَّطْمَةِ فَمَاتَ قُتِلَ بِهِ عَدَمُ شَرْطِ مَعْرِفَةِ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ ، وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ

مَا لَا يَقْتُلُ مِنْ الْحَيَّاتِ يُقْبَلُ قَوْلُ مُلْقِيهِ لَمْ أُرِدْ قَتْلَهُ لِتَقَرُّرِ الْعَادَةِ بِذَلِكَ صَوَابٌ ، وَيَجْرِي فِيهِ أَقْوَالُ اللَّعِبِ

وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ ، وَطَلَبَهُ ، وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ ؛ وَإِنْ سَقَطَ : فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأً

( وَكَإِشَارَتِهِ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ غَيْرِ الْحَرْبِيِّ وَلَا الزَّائِدِ بِحُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ إلَى مَعْصُومٍ بِسَيْفٍ ) أَوْ رُمْحٍ أَوْ بُنْدُقِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ آلَاتِ الْقَتْلِ ( فَهَرَبَ ) الْمَعْصُومُ الْمُشَارُ إلَيْهِ ( وَطَلَبَهُ ) أَيْ تَبِعَ الْمُشِيرُ الْمُشَارَ إلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَا سُقُوطٍ ، سَوَاءٌ اسْتَنَدَ لِشَيْءٍ أَمْ لَا ، فَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُشِيرِ بِلَا قَسَامَةٍ لِتَسَبُّبِهِ فِي مَوْتِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، ( وَبَيْنَهُمَا ) أَيْ الْمُشِيرِ وَالْمُشَارِ إلَيْهِ ( عَدَاوَةٌ ) وَاوُهُ لِلْحَالِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَلَا قِصَاصَ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ .
( وَإِنْ سَقَطَ ) الْمُشَارُ إلَيْهِ عَلَى الْأَرْضِ حَالَ هُرُوبِهِ وَطَلَبَهُ وَمَاتَ ( فَ ) يُقْتَصُّ مِنْ الْمُشِيرِ الطَّالِبِ ( بِقَسَامَةٍ ) خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّهُ مَاتَ مِنْ خَوْفِهِ مِنْ الْمُشِيرِ الطَّالِبِ لَا مِنْ السُّقُوطِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ( وَإِشَارَتُهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ إلَخْ ، إلَى مَعْصُومٍ بِسَيْفٍ مَثَلًا ( فَقَطْ ) أَيْ بِدُونِ طَلَبٍ فَمَاتَ الْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ خَوْفِهِ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ ( خَطَأً ) فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَمَّسَةً قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ مُغَلَّظَةً عَلَى الْمُشِيرِ .
ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي الْإِشَارَةِ بِالسَّيْفِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ مَنْ أَشَارَ إلَى رَجُلٍ بِسَيْفٍ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَتَمَادَى بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ وَهُوَ يَهْرُبُ مِنْهُ وَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ طَلَبَهُ بِهِ حَتَّى سَقَطَ فَمَاتَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ .
الْبَاجِيَّ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ السَّقْطَةِ وَلَوْ أَشَارَ لَهُ فَقَطْ فَمَاتَ فَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ .
ابْنُ حَبِيبٍ عَلَيْهِ الْقَوَدُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَالْمُغِيرَةُ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ طَلَبَ رَجُلًا بِسَيْفٍ فَعَثَرَ الْمَطْلُوبُ قَبْلَ ضَرْبِهِ فَمَاتَ

قُتِلَ بِهِ وَقَالَهُ الْمُغِيرَةُ .
ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ لِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ ، وَلَا أَعْرِفُ فِيهِ نَصَّ خِلَافٍ وَيَدْخُلُهُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّهُ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ الْمُخْتَلَفِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ فِيهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِيمَنْ أَشَارَ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ فَطَلَبَهُ حَتَّى مَاتَ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَرْبَعَةٌ : الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ وَإِلْحَاقُهُ بِشِبْهِ الْعَمْدِ ، قُلْت الثَّانِي نَقْلُ ابْنِ شَاسٍ .
وَقَالَ ابْنُ مُيَسِّرٍ لَا قِصَاصَ فِي هَذَا وَاسْتَحْسَنَهُ طَائِفَةٌ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مِنْ الْخَوْفِ أَوْ الْجَرْيِ أَوْ مِنْهُمَا أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .

وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ
وَكَالْإِمْسَاكِ ) مِنْ مُكَلَّفٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ إلَخْ لِمَعْصُومٍ ( لِلْقَتْلِ ) مِنْ شَخْصٍ آخَرَ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُمْسِكُ لِتَسَبُّبِهِ وَالْقَاتِلُ لِمُبَاشَرَتِهِ .
ابْنُ شَاسٍ شَرَطَ الْقَاضِي ابْنُ هَارُونَ الْبَصْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُمْسِكِ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْإِمْسَاكُ لَمْ يَقْدِرْ الْقَاتِلُ عَلَى قَتْلِهِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَزَادَ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا حُمِلَ عَلَى ظَهْرِ آخَرَ شَيْئًا فِي الْحِرْزِ فَخَرَجَ بِهِ الْحَامِلُ فَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إخْرَاجِهِ إلَّا بِحَمْلِ الْحَامِلِ عَلَيْهِ قُطِعَا مَعًا ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى حَمْلِهِ دُونَهُ قُطِعَ الْخَارِجُ فَقَطْ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ ، وَأَقَرَّهُ الْمُوَضِّحُ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إطْلَاقُ ابْنِ الْحَاجِبِ إيجَابَ الْإِمْسَاكِ الْقَوَدَ بِلَا قَيْدٍ مُتَعَقَّبٌ .
ا هـ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي الْمُوَطَّإِ مَنْ أَمْسَكَ رَجُلًا لِيَضْرِبَهُ آخَرُ فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنْ أَمْسَكَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ قُتِلَا مَعًا ، وَإِنْ كَانَ رَأَى أَنَّهُ لَا يَقْتُلُهُ قُتِلَ الْقَاتِلُ فَقَطْ وَعُوقِبَ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ عُقُوبَةٍ وَسُجِنَ سَنَةً .
الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ دَلِيلُ حُبِّهِ لِلْقَتْلِ أَنْ يَرَى الْقَاتِلَ يَطْلُبُهُ وَبِيَدِهِ سَيْفٌ أَوْ رُمْحٌ وَإِنْ لَمْ يَرَ مَعَهُ ذَلِكَ فَلَا يُقْتَلُ الْحَابِسُ وَيُجْلَدُ بِقَدْرِ مَا يَرَى السُّلْطَانُ .
وَقَالَ عِيسَى يُجْلَدُ مِائَةً فَقَطْ ابْنُ مُزَيْنٍ الْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ نَافِعٍ .
ابْنُ الْقَصَّارِ إنَّمَا يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَقْتُلُهُ ظُلْمًا

وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ ، وَالْمُتَمَالِئُونَ ، وَإِنْ بِسَوْطِ سَوْطٍ

( وَيُقْتَلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ( الْجَمْعُ ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ غَيْرِ الْحَرْبِيِّينَ وَلَا الزَّائِدِينَ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِينَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ ، وَسَوَاءٌ قَصَدَ كُلَّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ فَقَطْ أَوْ قَتْلَهُ أَوْ اخْتَلَفُوا إذَا ضَرَبُوهُ جَمِيعًا وَاسْتَوَتْ ضَرَبَاتُهُمْ فِي تَرَتُّبِ الْمَوْتِ عَلَيْهَا أَوْ تَفَاوَتَتْ فِيهِ وَلَمْ يُعْلَمْ صَاحِبُ الضَّرْبَةِ الْقَاتِلَةِ ، أَوْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ إذَا مَاتَ الْمَضْرُوبُ فِي مَكَانِهِ ، أَوْ نَفَذَ مَقْتَلُهُ أَوْ غَمَرَ إلَى مَوْتِهِ وَإِلَّا فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلُهُ وَحْدَهُ ، وَيُعَاقَبُ بَاقِيهِمْ .
وَإِنْ تَفَاوَتَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ صَاحِبُ الضَّرْبَةِ الْقَاتِلَةِ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَعُوقِبَ الْبَاقِي .
عج شَرْطُ قَتْلِ الْجَمْعِ بِالْوَاحِدِ أَنْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ ، وَلَا يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إنْ قَصَدَ الضَّرْبَ عَدَاوَةً يُوجِبُ الْقِصَاصَ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلِ الْوَاحِدِ لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ، وَحَمَلَ شَيْخُنَا مَا هُنَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الشَّارِحِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَ قَصْدِ الْقَتْلِ هُنَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ وَغَيْرِهِمَا .
طفي فِي كَلَامِ عج نَظَرٌ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ شَيْخُهُ ، وَلَيْسَ فِي " ق " مَا يُفِيدُ مَا قَالَ عج ، بَلْ اقْتَصَرَ عَلَى نَقْلِ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ قَتْلُ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ ، وَأَمَّا الشَّارِحُ فَنَقَلَ قَوْلُهَا ، وَإِذَا اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ صَبِيَّةٍ عَمْدًا قُتِلُوا بِذَلِكَ ، وَقَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ عَلَى رَجُلٍ يَضْرِبُونَهُ فَقَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ وَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ وَجَدَعَ آخَرُ أَنْفَهُ وَقَتَلَهُ آخَرُ ، وَقَدْ اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِهِ فَمَاتَ مَكَانَهُ قُتِلُوا كُلُّهُمْ بِهِ ، وَلَا قِصَاصَ لَهُ فِي الْجُرْحِ مَا لَمْ يَتَعَمَّدُوا الْمُثْلَةَ ، وَإِنْ

لَمْ يُرِيدُوا قَتْلَهُ اُقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ جُرْحِهِ وَقُتِلَ قَاتِلُهُ ، وَكَلَامُهُمَا فِي التَّمَالُؤِ ، وَلِذَا اعْتَرَضَهُ شَيْخٌ عج ، وَتَفْرِيقُ عج بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ لَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ إنْ اجْتَمَعَ نَفَرٌ عَلَى ضَرْبِ رَجُلٍ ثُمَّ انْكَشَفُوا وَقَدْ مَاتَ قُتِلُوا بِهِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلِيٌّ إنْ ضَرَبَهُ هَذَا بِسِلَاحٍ وَهَذَا بِعَصًا وَتَمَادَيَا حَتَّى مَاتَ قُتِلَا بِهِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ ضَرْبَ أَحَدِهِمْ قَتَلَهُ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا قُصُورٌ ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا نَصُّهُ مَسْأَلَةُ الْأَسْوَاطِ جَارِيَةٌ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ ، بِشَرْطِ أَنْ يَقْصِدُوا جَمِيعًا إلَى قَتْلِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ .
وَأَمَّا إنْ قَصَدَ الْأَوَّلُونَ إلَى إيخَافِهِ بِالضَّرْبِ فَلَيْسَ السَّوْطُ الْأَوَّلُ وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يَقْرَبُ مِنْهُ مِمَّا يَكُونُ عَنْهُ الْقَتْلُ غَالِبًا ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِهِ الْآخَرُ وَمَنْ قَصَدَ قَتْلَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ ا هـ .
قَالَ شب بَحْثُ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ ضَعِيفٌ وَإِنْ ارْتَضَاهُ الْجَمَاعَةُ لِأَنَّ زَهُوقَ الرُّوحِ إنَّمَا تَمَّ بِفِعْلِ الْجَمِيعِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَيُقْتَلُ ) الْجَمَاعَةُ ( الْمُتَمَالِئُونَ ) بِكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ الْمُتَوَافِقُونَ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ مَعْصُومٍ بِهِ إنْ تَمَالَئُوا بِضَرْبِهِ بِنَحْوِ سُيُوفٍ ، بَلْ ( وَإِنْ بِسَوْطٍ ) مِنْ أَحَدِهِمْ وَ ( سَوْطٍ ) مِنْ آخَرَ ، وَهَكَذَا حَتَّى مَاتَ فَيُقْتَلُونَ بِهِ لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَوْ تَمَالَأَ أَهْلُ صَنْعَاءَ عَلَى قَتْلِ صَبِيٍّ لَقَتَلْتهمْ بِهِ .
شب يُشْتَرَطُ فِي الْقَتْلِ بِالْمُمَالَأَةِ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ أَنْ يَقْصِدُوا قَتْلَهُ ، فَإِنْ قَصَدُوا ضَرْبَهُ فَقَطْ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَأَنْ يَحْضُرُوا بِحَيْثُ يَكُونُ الَّذِي لَمْ يَضْرِبْ لَوْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِضَرْبٍ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ ، وَاَلَّذِي يَحْرُسُ لَهُمْ كَهُمْ ، وَأَنْ يَمُوتَ فَوْرًا أَوْ مَغْمُورًا ، فَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ

وَلَا يُقْسِمُ فِي الْعَمْدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ ، وَأَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يُقْتَصُّ مِنْهُمْ لَهُ بِخِلَافِ قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَتَمَالُؤٍ الْوَالِدِ مَعَهُمْ

وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ ، كَمُكْرِهٍ ، وَمُكْرَهٍ ، وَكَأَبٍ ، أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا ، وَسَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا ؛ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ : اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ

وَيُقْتَلُ الشَّخْصُ ( الْمُتَسَبِّبُ ) فِي الْقَتْلِ ( مَعَ ) الشَّخْصِ ( الْمُبَاشِرِ ) لَهُ كَحَافِرِ بِئْرٍ لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَمَوْقِعٍ لَهُ فَيُقْتَلَانِ بِهِ .
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ يُقْتَلُ الْمُوقِعُ فَقَطْ تَغْلِيبًا لِلْمُبَاشَرَةِ ، فَلَوْ حَفَرَهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا فِيمَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فَأَوْقَعَ غَيْرَهُ فِيهَا مَعْصُومًا فَلَا شَيْءَ عَلَى حَافِرِهَا ، وَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُوقِعِ ، وَمَثَّلَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ ( كَمُكْرِهٍ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ عَلَى قَتْلِ مَعْصُومٍ ( وَمُكْرَهٍ ) بِفَتْحِهَا فَيُقْتَلَانِ بِهِ مَعًا الْأَوَّلُ لِتَسَبُّبِهِ ، وَالثَّانِي لِمُبَاشَرَتِهِ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُكْرَهُ أَبَا الْمَقْتُولِ فَيُقْتَلُ مُكْرِهُهُ وَحْدَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يُقْتَلُ مُكْرِهُ الْأَبِ دُونَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ شَرِكَةَ الْأَبِ فِي قَتْلِ ابْنِهِ قَالَ وَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْأَبِ لِمَعْنًى فِيهِ لَا فِي الْقَتْلِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ مُكْرِهَ الْأَبِ عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ يُقْتَلُ لِأَنَّ فِعْلَهُ مَنْقُولٌ إلَيْهِ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَلِذَا قُتِلَ مُكْرِهُ الْأَبِ دُونَهُ .
قُلْت فِي النَّوَادِرِ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ لَوْ أَكْرَهَ لِصٌّ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرَهُ بِوَعِيدٍ بِقَتْلٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ مِنْ مَالِهِ وَلَا مِنْ دِيَتِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُبَاحٍ لَهُ قَتْلُهُ ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِنْ الْقَوَدِ ، ثُمَّ قَالَ لَوْ أَنَّ الْأَبَ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ ابْنِهِ وَهُوَ يَعْقِلُ فَقَتَلَهُ فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَوَدُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا قَوَدَ عَلَى الْأَبِ وَلَا يَرِثُ مِنْ ابْنِهِ شَيْئًا .
ابْنُ الْقَصَّارِ فِي الْقَوَدِ بِالْإِكْرَاهِ وَبِشَهَادَةِ الزُّورِ رِوَايَتَانِ ، وَاخْتَارَ الْأُولَى الْمَازِرِيُّ مَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ ، إذْ لَا خِلَافَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ لَا يُبِيحُ لَهُ قَتْلَ مُسْلِمٍ ظُلْمًا ، وَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَاتِلَ كَآلَةٍ لَهُ ، وَلَوْ

كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُكَلَّفٍ فَلَا يُقْتَلُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ .
وَكَأَبٍ أَوْ مُعَلِّمٍ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( أَمَرَ ) الْأَبُ أَوْ الْمُعَلِّمُ ( وَلَدًا صَغِيرًا ) بِقَتْلِ مَعْصُومٍ ( أَوْ سَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِالصِّغَرِ بِقَتْلِ مَعْصُومٍ فَقَتَلَ الصَّغِيرُ أَوْ الْعَبْدُ مَنْ أُمِرَ بِقَتْلِهِ فَيُقْتَلُ الْآمِرُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ لِتَسَبُّبِهِ فِي قَتْلِهِ ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ دِيَةِ مَقْتُولِهِ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الصِّبْيَانُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ وَإِنْ خَصَّ كُلَّ عَاقِلَةٍ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ .
وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّهُ إنْ أَمَرَ بِهِ كَبِيرًا فَقَتَلَ قُتِلَ الْوَلَدُ وَالْمُتَعَلِّمُ وَحْدَهُ ، وَعُوقِبَ آمِرُهُ وَقُتِلَ الْعَبْدُ مَعَ سَيِّدِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ لَوْ قَتَلَ الِابْنُ الْبَالِغُ بِأَمْرِ أَبِيهِ أَوْ بَالِغٍ مُتَعَلِّمِي الصَّانِعِ بِأَمْرِهِ أَوْ الْمُؤَدِّبِ بِأَمْرِهِ فَفِي قَتْلِ الْقَاتِلِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي عُقُوبَةِ الْآمِرِ وَقَتْلِهِمَا مَعًا قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَتَيْ يَحْيَى عَنْهُ وَسَحْنُونٍ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً .
وَيُضْرَبُ الْغُلَامُ الْمُرَاهِقُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ بِقَدْرِ احْتِمَالِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْ الْمُعَلِّمُ أَوْ الْمُؤَدِّبُ مُبَاشِرًا لِذَلِكَ مُشَدِّدًا عَلَيْهِ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ قَتْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فِي السِّنِّ فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْآمِرِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ .
( فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ ) بِقَتْلِ الْمَعْصُومِ ظُلْمًا مِنْ الْآمِرِ ( اُقْتُصَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( مِنْهُ ) أَيْ الْمَأْمُورِ وَحْدَهُ وَضُرِبَ الْآمِرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً .
" ق " صَوَّرَ ابْنُ رُشْدٍ هُنَا سِتَّ صُوَرٍ الْأُولَى : أَنْ يَأْمُرَ رَجُلٌ رَجُلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِقَتْلِ مَعْصُومٍ فَيَقْتُلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْقَاتِلِ وَضَرْبِ

الْآمِرِ مِائَةً وَحَبْسِهِ عَامًا .
الثَّانِيَةُ : أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ الْبَالِغَ بِهِ فَيَقْتُلُهُ فَيُقْتَلَانِ مَعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي هَذَا كَانَ الْعَبْدُ فَصِيحًا أَوْ أَعْجَمِيًّا .
وَقَالَهُ أَصْبَغُ .
الثَّالِثَةُ : أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ بَعْضَ أَعْوَانِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَيَقْتُلُهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا .
الرَّابِعَةُ : أَنْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ الْبَالِغَ الَّذِي فِي حِجْرِهِ أَوْ الْمُؤَدِّبُ مُؤَدَّبَهُ الْبَالِغَ بِقَتْلِ رَجُلٍ فَيَقْتُلُهُ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَفِي سَمَاعِ يَحْيَى بِقَتْلِ الْقَاتِلِ وَيُبَالِغُ فِي عُقُوبَةِ الْآمِرِ ، وَرَوَى سَحْنُونٌ عَنْهُ قَتْلَهُمَا مَعًا .
الْخَامِسَةُ : أَنْ يَكُونَ الِابْنُ مُرَاهِقًا وَمِثْلُهُ يَنْتَهِي عَمَّا يُنْهَى عَنْهُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ الْآمِرُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ .
السَّادِسَةُ : كَوْنُهُ دُونَ ذَلِكَ فِي السِّنِّ ، فَلَا خِلَافَ فِي قَتْلِ الْآمِرِ وَغُرْمُ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ

وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ ، إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ
( وَ ) إنْ اشْتَرَكَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَى آخِرِهِ مَعَ صَبِيٍّ فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ فَ ( عَلَى ) الْمُكَلَّفِ ( شَرِيكِ الصَّبِيِّ ) فِي قَتْلِ الْمَعْصُومِ ( الْقِصَاصُ ) وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ ( إنْ تَمَالَآ ) أَيْ اتَّفَقَ الْمُكَلَّفُ وَالصَّبِيُّ عَلَى قَتْلِهِ أَيْ الْمَعْصُومِ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُمَا إنْ تَعَمَّدَا بِلَا تَمَالُؤٍ فَلَا يُقْتَلُ الْمُكَلَّفُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ مَوْتِهِ مِنْ فِعْلِ الصَّبِيِّ ، وَلَوْ أَخْطَآ مَعًا أَوْ الْمُكَلَّفُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتَيْهِمَا ، وَكَذَا إنْ تَعَمَّدَ الْمُكَلَّفُ وَأَخْطَأَ الصَّبِيُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَكِنْ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْمُكَلَّفِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا

لَا شَرِيكِ مُخْطِئٍ مَجْنُونٍ
وَإِنْ شَارَكَ الْمُكَلَّفُ الْمُتَعَمِّدَ مُخْطِئًا أَوْ مَجْنُونًا فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ فَ ( لَا ) قِصَاصَ عَلَى مُكَلَّفٍ مُتَعَمِّدٍ ( شَرِيكِ ) مُكَلَّفٍ ( مُخْطِئٍ وَمَجْنُونٍ ) فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ ، وَيُضْرَبُ مِائَةً ، وَيُحْبَسُ عَامًا ، وَنِصْفُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَوْ الْمَجْنُونِ

وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وَجَارِحِ نَفْسِهِ ، وَحَرْبِيٍّ وَمَرَضٍ بَعْدَ الْجُرْحِ ، أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ؟ قَوْلَانِ
( وَهَلْ يُقْتَصُّ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ( مِنْ ) مُكَلَّفٍ مُتَعَمِّدٍ ( شَرِيكِ سَبُعٍ ) فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ ( وَ ) شَرِيكِ ( جَارِحِ نَفْسِهِ ) لِشِدَّةِ مَرَضِهِ مَثَلًا ( وَ ) شَرِيكِ ( حَرْبِيٍّ وَ ) شَرِيكِ ( مَرَضٍ ) حَدَثَ ( بَعْدَ الْجُرْحِ ) لِمَعْصُومٍ يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَطَاعُونٍ ( أَوْ لَا ) يُقْتَصُّ مِنْ الشَّرِيكِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ ( وَ ) إنَّمَا ( عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ) فِي مَالِهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُسْجَنُ سَنَةً ، فِي الْجَوَابِ ( قَوْلَانِ ) لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ ، وَالْقِصَاصُ مَشْرُوطٌ بِالْقَسَامَةِ فِيهَا فَإِنْ تَقَدَّمَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ عَلَى الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ وَالْجُرْحُ هَيَّجَهُ ، وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ سَبَبُ الْمَوْتِ فَيَشْمَلُ السُّقُوطَ وَالضَّرْبَ أَيْضًا ، وَحُصُولُهُ حِينَ الْجُرْحِ كَحُصُولِهِ بَعْدَهُ أَفَادَهُ الْخَرَشِيُّ وشب وعب .
الْبُنَانِيُّ اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى بِهِ وَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ ، وَنَصُّهُ إذَا كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ فَقَطْ بِمُنَابَةِ قَتْلِ مَرِيضٍ وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا .
أَقُولُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ قَتْلُ مَرِيضٍ وَفِيهِ الْقِصَاصُ اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
عج الَّذِي تَجِبُ الْفَتْوَى بِهِ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَإِنْ تَصَادَمَا ، أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقًا قَصْدًا فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ ، وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ ، إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ : لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ ، أَوْ ظُلْمَةٍ ، وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ ، وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ

( وَإِنْ تَصَادَمَا ) أَيْ تَلَاطَمَ الْمُكَلَّفَانِ غَيْرَ الْحَرْبِيَّيْنِ الْمُتَكَافِئَانِ قَصْدًا فَمَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ ، فَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَدْ فَاتَ مَحَلُّهُ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا اُقْتُصَّ مِنْ الْحَيِّ .
وَإِنْ تَصَادَمَ حَرْبِيٌّ وَمَعْصُومٌ فَلَا قَوَدَ سَوَاءٌ مَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَإِنْ تَصَادَمَ مُكَلَّفٌ وَصَبِيٌّ قَصْدًا فَإِنْ مَاتَا فَلَا قَوَدَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ ، وَإِنْ مَاتَ الصَّبِيُّ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُكَلَّفِ ، وَإِنْ مَاتَ الْمُكَلَّفُ فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ ، وَإِنْ تَصَادَمَ مُكَلَّفَانِ أَحَدُهُمَا حُرٌّ وَالْآخَرُ رِقٌّ ، فَإِنْ مَاتَا فَلَا قَوَدَ ، وَإِنْ مَاتَ الْحُرُّ فَدِيَتُهُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ فَقِيمَتُهُ عَلَى الْحُرِّ ( أَوْ تَجَاذَبَا ) أَيْ تَسَاحَبَ الشَّخْصَانِ بِأَيْدِيهِمَا أَوْ بِنَحْوِ حَبْلٍ تَصَادُمًا أَوْ تَجَاذُبًا ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا رَاجِلَيْنِ أَوْ رَاكِبَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ ، وَسَوَاءٌ كَانَا بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ تَصَادُمً ا أَوْ تَجَاذُبًا ( قَصْدًا فَمَاتَا ) أَيْ الْمُتَصَادِمَانِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَانِ مَعًا ( أَوْ ) مَاتَ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ فَقَطْ وَسُلِّمَ الْآخَرُ ( فَالْقَوَدُ ) أَيْ أَحْكَامُ الْقِصَاصِ مُعْتَبَرَةٌ ثُبُوتًا أَوْ نَفْيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، فَيَنْتَفِي فِي مَوْتِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ ، وَيَثْبُتُ مِنْ الْحَيِّ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا إنْ كَانَا مُكَلَّفَيْنِ مُتَكَافِئَيْنِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مِنْ حُرٍّ لِعَبْدٍ ، إذْ لَمْ يَتَكَافَآ ، وَدِيَةُ الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ .
( وَ ) إنْ جَهِلَ حَالَ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ ( حُمِلَا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ الْمُتَصَادِمَانِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَانِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْقَصْدِ حَتَّى يَثْبُتَ عَدَمُهُ ( عَكْسُ ) تَصَادُمِ ( السَّفِينَتَيْنِ ) إذَا تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَجَهِلَ

قَصْدَ مَا فِيهِمَا وَعَدَمِهِ فَيُحْمَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ ، فَلَا يَضْمَنُونَ مَالًا وَلَا دِيَةً لِعُذْرِهِمْ بِغَلَبَةِ الْبَحْرِ وَالرِّيحِ .
الْحَطّ أَيْ فَإِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إذَا جُهِلَ أَمْرُهُمْ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ تَعَمُّدُهُمْ لِإِتْلَافِهِمْ فَهُمْ ضَامِنُونَ فِيهَا لَوْ أَنَّ سَفِينَةً صَدَمَتْ أُخْرَى فَكَسَرَتْهَا فَغَرِقَ أَهْلُهَا ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَمْ يَسْتَطِيعُوا مَعَهُ حَبْسَهَا عَنْ الْأُخْرَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهَا وَلَمْ يَصْرِفُوهَا ضَمِنُوا .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَقِيلَ الدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الدِّيَاتُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْعَوَاقِلِ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَيَعْلَمُوا أَنَّهُ مُهْلِكٌ فَالدِّيَاتُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَهْلَ السَّفِينَةِ إذَا تَعَمَّدُوا إغْرَاقَ الْأُخْرَى فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ طَرْحِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ بِمَنْزِلَةِ الْمُثَقَّلِ .
أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَتَا السَّفِينَةِ وَالْفَرَسِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الرِّيحِ فِي السَّفِينَةِ وَفِي الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ سَبَبِ النَّوَاتِيَّةِ فِي السَّفِينَةِ وَالرَّاكِبِ فِي الْفَرَسِ فَلَا إشْكَالَ فِي ضَمَانِهِمْ ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ حُمِلَ فِي السَّفِينَةِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الرِّيحِ وَفِي الْفَرَسِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الرَّاكِبِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ حُمِلَا عَلَيْهِ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا فَقَالَ ( إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ ) عَنْ صَرْفِ كُلِّ الْمُتَصَادِمِينَ فَرَسَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا يَضْمَنَانِ شَيْئًا لَا مَالًا وَلَا دِيَةً إذَا عُلِمَ أَنَّ جُمُوحَهُمَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الرَّاكِبِينَ ، بَلْ مِمَّا مَرَّا بِهِ مَثَلًا .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَتْ

فَرَسَاهُمَا بِهِمَا وَلَمْ يَقْدِرَا عَلَى صَرْفِهِمَا فَلَا يَضْمَنَانِ يُرَدُّ بِقَوْلِهَا إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَعَطِبَ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَيَقُولُهَا إنْ كَانَ فِي الْفَرَسِ اغْتِرَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ لِأَنَّ سَبَبَ جَمْحِهِ مِنْ رَاكِبِهِ وَفِعْلِهِ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَفَرَ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ وَالسَّفِينَةُ الرِّيحُ هِيَ الْغَالِبَةُ ، فَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا .
قُلْت فَهَذَا كَالنَّصِّ عَلَى أَنَّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ الْجُمُوحِ ضَمَانُهُ مِنْ رَاكِبِهِ مُطْلَقًا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا تَلِفَ بِالْجُمُوحِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى صَرْفِهِ فَلَا ضَمَانَ فِيهِ ا هـ .
الْحَطّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْخَرَشِيِّ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ رَاجِعٍ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ ، أَيْ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ ، أَيْ الْعَمْدِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ أَصْحَابُهُمَا صَرْفَهُمَا عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ ، وَسَيَأْتِي إذَا تَحَقَّقَ الْخَطَأُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلسَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ ، أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ ، فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَنَحْوُهُ لعب .
الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ اصْطِدَامِ الْفَارِسَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ ، وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ السَّابِقِ ، أَيْ إنَّ تَصَادُمَ السَّفِينَتَيْنِ مُخَالِفٌ تَصَادُمَ غَيْرِهِمَا فِي الْحُكْمِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ الصَّرْفِ عَنْ التَّصَادُمِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُ لَا مَالَ وَلَا قَوَدَ فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَا فِي تَصَادُمِ غَيْرِهِمَا .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلسَّفِينَتَيْنِ وَالْمُتَصَادَمِينَ ، أَيْ

فَيَرْجِعُ وَإِنْ تَصَادَمَا إلَخْ ، وَيَكُونُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَارِيًا عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ الْحَطّ فِي السَّفِينَتَيْنِ مِنْ الْقَوَدِ عِنْدَ الْقَصْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
تت إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ، وَتَبِعَهُ هُنَا مَعَ أَنَّهُ نَاقَشَهُ فِي تَوْضِيحِهِ فَقَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَلَوْ اصْطَدَمَ سَفِينَتَانِ فَلَا ضَمَانَ بِشَرْطِ الْعَجْزِ عَنْ الصَّرْفِ ، وَالْمُعْتَبَرُ الْعَجْزُ حَقِيقَةً يُنَاقِشُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ بِشَرْطِ الْعَجْزِ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُ الْعَجْزِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتَيْنِ قَادِرَتَيْنِ عَلَى صَرْفِهَا ا هـ .
طفي وَأَنْتَ إذَا تَأَمَّلْت عَلِمْت أَنَّ الْمُنَاقَشَةَ لَا تَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ ، إذْ حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحَقُّقُهُ ، بَلْ كَذَلِكَ إذَا جُهِلَ الْأَمْرُ ، وَهَذَا أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَّبِعْ ابْنَ الْحَاجِبِ ، وَغَايَتُهُ أَنَّهُ زَادَ هَذَا وَإِنْ كَانَ يُفْهِمُ سُقُوطَ الضَّمَانِ فِيهِ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ لِإِخْرَاجِ الظُّلْمَةِ وَخَوْفِ الْغَرَقِ ، وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَجْزِ مُطْلَقُ الْعُذْرِ ، بَلْ الْعَجْزُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَا قُدْرَةَ مَعَهُ أَصْلًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( لَا ) يَنْتَفِي الضَّمَانُ عَنْ أَهْلِ السَّفِينَةِ إنْ قَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا عَنْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَصْرِفُوهَا عَنْهَا ( لِكَخَوْفِ غَرَقٍ ) أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ أَوْ كَسْرٍ إنْ صَرَفُوهَا حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ ، فَيَضْمَنُونَ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى صَرْفِهَا ، إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِإِهْلَاكِ غَيْرِهِمْ ( أَوْ ) اصْطَدَمَتَا بِسَبَبِ ( ظُلْمَةٍ ) فَلَمْ يَشْعُرُوا حَتَّى اصْطَدَمَتَا فَيَضْمَنُونَ كَمُصْطَدِمَيْنِ فِي الْبَرِّ لِظُلْمَةٍ لِأَنَّ اصْطِدَامَهُمَا بِفِعْلِهِمْ وَعَدَمَ شُعُورِهِمْ لِلظُّلْمَةِ لَا يُخْرِجُهُمْ عَنْ الضَّمَانِ كَالْخَطَأِ .

ابْنُ يُونُسَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي السَّفِينَتَيْنِ تَصْطَدِمَانِ فَتَغْرَقُ إحْدَاهُمَا بِمَا فِيهَا فَلَا شَيْءَ فِي ذَلِكَ عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ الرِّيحَ تَغْلِبُهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ النَّوَاتِيَّةِ لَوْ أَرَادُوا صَرْفَهُمَا قَدَرُوا عَلَى حَبْسِهِمَا إلَّا أَنَّ فِي ذَلِكَ هَلَاكَهُمْ وَغَرَقَهُمْ فَلَمْ يَفْعَلُوا فَلْتَضْمَنْ عَوَاقِلُهُمْ دِيَاتِهِمْ ، وَيَضْمَنُوا هُمْ الْأَمْوَالَ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَطْلُبُوا نَجَاتَهُمْ بِغَرَقِ غَيْرِهِمْ ، وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَرَوْهُمْ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ لَقَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا فَهُمْ ضَامِنُونَ لِمَا فِي السَّفِينَةِ وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ ، وَلَكِنْ لَوْ غَلَبَتْهُمْ الرِّيحُ أَوْ غَفَلُوا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ .
ا هـ .
" ق " ا هـ بُنَانِيٌّ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ اصْطِدَامُ السَّفِينَتَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ تَجَاذُبُ الْمُتَجَاذِبَيْنِ قَصْدًا بِأَنْ كَانَ خَطَأً وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ ( فَدِيَةُ كُلٍّ ) مِنْ الْآدَمِيِّينَ ( عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ ) لِأَنَّهَا عَنْ جِنَايَةٍ خَطَأً ( وَفَرَسُهُ ) قِيمَتُهَا ( فِي مَالِ الْآخَرِ ) وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ ، بَلْ كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ .
وَشَبَّهَ فِي التَّعَلُّقِ بِمَالِ الْآخَرِ فَقَالَ ( كَثَمَنِ ) أَيْ قِيمَةِ ( الْعَبْدِ ) الْمُصَادِمِ لِحُرٍّ فَهِيَ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْمَوَّازِ فَإِنْ فَضَلَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ مَالٌ فَتَكُونُ بَقِيَّةُ الدِّيَةِ فِيهِ .
تت تَنْكِيتُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ هُوَ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِهَا مِنْ الرِّوَايَاتِ مَا يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي ذَلِكَ ، وَسَاقَ كَلَامَ دِيَاتِهَا فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ .
طفي بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ هُوَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِهِ لَمْ

أَرَهُ لِغَيْرِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ ، وَاعْتِرَاضُهُ لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا ، إذْ لَمْ يَذْكُرَا فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ قِصَاصًا ، وَإِنَّمَا عَبَّرَا بِالضَّمَانِ ، وَنَصُّ الْأَوَّلِ وَأَمَّا لَوْ اصْطَدَمَتْ سَفِينَتَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَصْحَابِهِمَا إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدُوا ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَلَّاحُونَ قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهِمَا فَلَمْ يَصْرِفُوهُمَا ضَمِنُوا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ لِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ مِنْ خَوْفِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ مِنْ أَجْلِ الظُّلْمَةِ وَهُمْ لَوْ رَأَوْهُمْ قَدَرُوا عَلَى صَرْفِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَنَصُّ الثَّانِي تَقَدَّمَ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَنُصَّ عَلَى الْقِصَاصِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى الضَّمَانِ كَكَلَامِهِمَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ دِيَاتِهَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيحٍ غَلَبَتْهُمْ أَوْ مِنْ شَيْءٍ لَا يَسْتَطِيعُونَ حَبْسَهَا مَعَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ ، وَإِنْ كَانُوا قَادِرِينَ عَلَى صَرْفِهَا فَلَمْ يَفْعَلُوا ضَمِنُوا .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ فِي أَمْوَالِهِمْ ، وَأَمَّا التَّصَادُمُ فَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الْقِصَاصِ فِيهِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَنُصُوصُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ تَدُلُّ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا أَنَّ الْعَمْدَ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ عَلَى مَذْهَبِ الْكِتَابِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعُدْوَانِ وَلَوْ كَانَ مِثْلُهُ لَا يَقْتُلُ كَلَطْمَةٍ فَالتَّصَادُمُ أَحْرَى ، فَفِيهَا مَنْ تَعَمَّدَ ضَرْبَ رَجُلٍ بِلَطْمَةٍ أَوْ لَكْزَةٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ بُنْدُقَةٍ أَوْ قَضِيبٍ أَوْ عَصًا أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَوَدُ ، وَفِيهَا أَيْضًا فِي الْمُتَصَارِعِينَ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْقِتَالِ فَصَرَعَهُ فَمَاتَ أَوْ أَخَذَ بِرِجْلِهِ فَسَقَطَ فَمَاتَ فَفِيهِ الْقَوَدُ ، وَأَمَّا قَوْلُ دِيَاتِهَا وَمِثْلُهُ فِي رَوَاحِلهَا إذَا اصْطَدَمَ الْفَارِسَانِ فَمَاتَ الْفَرَسَانِ وَالرَّاكِبَانِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ ، وَقِيمَةُ فَرَسِ كُلِّ وَاحِدٍ فِي مَالِ الْآخَرِ فَهُوَ فِي الْخَطَأِ

بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْعَاقِلَةِ ، وَعَلَى ذَلِكَ حَمَلَهَا ابْنُ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ فَلَوْ اصْطَدَمَ فَارِسَانِ حُرَّانِ خَطَأً فَمَاتَا هُمَا وَفَرَسَاهُمَا فَفِي لُزُومِ دِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَاقِلَةُ الْآخَرِ ، وَقِيمَةُ فَرَسِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَالِ الْآخَرِ أَوْ نِصْفَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ لَهَا وَلِعُيُونِ مَسَائِلِ ابْنِ الْقَصَّارِ عَنْ أَشْهَبَ مَعَ تَخْرِيجِهِ اللَّخْمِيُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي حَافِرَيْ بِئْرٍ انْهَارَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةِ الْآخَرِ ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِي نِصْفُ دِيَتِهِ ا هـ ، فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِابْنِ مَرْزُوقٍ ، فَقَدْ ظَهَرَ سُقُوطُ اعْتِرَاضِهِ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ ، فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ ، وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى
وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ ) لِلضَّرْبِ أَوْ الْجُرْحِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ الَّذِي نَشَأَ عَنْهُ مَوْتُ مَعْصُومٍ مُكَافِئٍ لِلْمُبَاشِرِينَ غَيْرِ الْحَرْبِيِّينَ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ أَوْ أَزْمَانٍ مُتَوَالِيَةٍ ( فَفِي الْمُمَالَأَةِ ) عَلَى قَتْلِهِ ( يُقْتَلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ( الْجَمِيعُ ) بِقَتْلِ وَاحِدٍ كَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى إنْ مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ غُمِرَ حَتَّى مَاتَ وَإِلَّا فَلَا يُقْتَلُ إلَّا وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ .
الْخَرَشِيُّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُتَمَالَئُونَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ قَتْلَهُ بِانْفِرَادِهِ بِدُونِ اتِّفَاقٍ مَعَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ قَالَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ .
وَقَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلْمُوَضِّحِ بِأَنْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ لَا قَتْلَهُ وَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَتَفَاوَتَتْ فِي إيجَابِ الْمَوْتِ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي الْقِصَاصِ مِنْهُ ( الْأَقْوَى ) فِعْلًا ، أَيْ مَنْ مَاتَ عَنْ فِعْلِهِ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَاقْتُصَّ مِمَّنْ جُرِحَ بِمِثْلِ جُرْحِهِ وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ وَسُجِنَ مِائَةَ سَنَةٍ وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ أَوْ اسْتَوَتْ قُتِلَ الْجَمِيعُ كَمَا تَقَدَّمَ إنْ مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ غُمِرَ وَإِلَّا عُيِّنَ وَاحِدٌ وَأُقْسِمَ عَلَيْهِ وَقُتِلَ وَضُرِبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَسُجِنَ سَنَةً

وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ ، أَوْ إسْلَامٍ وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ ، وَالْمَوْتِ

( وَ ) إنْ قَتَلَ رَقِيقٌ رَقِيقًا أَوْ كَافِرٌ كَافِرًا ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ أَوْ أَسْلَمَ فَ ( لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ ) قِصَاصًا بِسَبَبِ الْقَتْلِ ( عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ ) بَيْنَ الْقَاتِلِ وَمَقْتُولِهِ فِي الرِّقِّيَّةِ أَوْ الْكُفْرِ فَلَا يَسْقُطُ ( بِ ) سَبَبِ ( زَوَالِهَا ) أَيْ الْمُسَاوَاةِ بَعْدَ الْقَتْلِ ( بِ ) سَبَبِ ( عِتْقٍ ) لِلْقَاتِلِ ( أَوْ إسْلَامٍ ) إذْ الْمُعْتَبَرُ الْمُكَافَأَةُ حَالَ الْقَتْلِ لَا حَالَ الْقِصَاصِ وَلِأَنَّ حُدُوثَ الْمَانِعِ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ وَلَا يُتَعَقَّبُ هَذَا بِوَصِيَّةٍ لِغَيْرِ وَارِثٍ فَيَصِيرُ وَارِثًا لِأَنَّهَا مُنْحَلَّةٌ وَلِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ حَالُ الْمَوْتِ لَا حَالُ الْإِيصَاءِ ( وَضَمِنَ ) الْجَانِي عَلَى نَفْسٍ خَطَأً أَوْ طَرَفٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَجَائِفَةِ الدِّيَةِ لِلْحُرِّ وَالْقِيمَةِ لِلرِّقِّ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( وَقْتَ الْإِصَابَةِ ) بِالسَّهْمِ مَثَلًا فِي الْجُرْحِ ( وَ ) وَقْتَ ( الْمَوْتِ ) فِي النَّفْسِ .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ ، أَيْ السَّبَبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ ، أَيْ الْمُسَبَّبِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ أَيْ ضَمَانِ دِيَةِ الْحُرِّ وَقِيمَةِ الرِّقِّ حَالُ الْإِصَابَةِ وَحَالُ الْمَوْتِ ، أَيْ حُصُولُ الْمُسَبَّبِ هَذَا لَفْظُ التَّوْضِيحِ ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ : حَالُ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ إلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، فَلَوْ زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ حُصُولِ الْمُوجِبِ وَوُصُولِ الْأَثَرِ كَعِتْقِ أَحَدِهِمَا أَوْ إسْلَامِهِ بَعْدَ رَمْيِهِ وَقَبْلَ إصَابَتِهِ وَبَعْدَ جُرْحِهِ وَقَبْلَ مَوْتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْمُعْتَبَرُ حَالُ الْإِصَابَةِ ، وَحَالُ الْمَوْتِ كَمَنْ رَمَى صَيْدًا ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَالُ الرَّمْيِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونٌ .
ا هـ .
فَفِي الْكَلَامِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لِشَيْءٍ مُقَدَّرٍ ، فَقَوْلُهُ حَالُ الْإِصَابَةِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا زَالَ التَّكَافُؤُ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ ،

وَقَوْلُهُ وَالْمَوْتِ ، أَيْ فِي مَسْأَلَةِ زَوَالِهِ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِضَمَانِ الدِّيَةِ وَالْقِيمَةِ .
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ الْمُسَبَّبِ اتِّفَاقًا .
ابْنُ الْحَاجِبِ أَثَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ فَأَمَّا الْقِصَاصُ فَبِالْحَالَيْنِ مَعًا .
الْمُوَضِّحُ أَيْ فَيُشْتَرَطُ دَوَامُ التَّكَافُؤِ مِنْ حُصُولِ السَّبَبِ إلَى حُصُولِ مُسَبَّبِهِ اتِّفَاقًا .
قُلْت يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنَّ الْقِصَاصَ يُشْتَرَطُ فِيهِ حُصُولُ التَّكَافُؤِ فِي حَالِ السَّبَبِ ، فَيُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الرَّمْيِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فَلَوْ كَانَ عَبْدًا حِينَ الرَّمْيِ أَوْ كَافِرًا ثُمَّ عَتَقَ أَوْ أَسْلَمَ قَبْلَ الْإِصَابَةِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ ، وَبِهَذَا صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ ، وَلَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُشِيرُ إلَى هَذَا .
الْبُنَانِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ اسْتِمْرَارِ التَّكَافُؤِ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثَةِ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ ، فَمَتَى فُقِدَ التَّكَافُؤُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا سَقَطَ الْقِصَاصُ ، وَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِفَقْدِ التَّكَافُؤِ يَضْمَنُ الدِّيَةَ ، وَأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ضَمَانِهَا وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ ، وَلَا يُرَاعَى فِيهِ وَقْتُ السَّبَبِ وَهُوَ الرَّمْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ، اُنْظُرْ الْحَطّ .
طفي لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَيْنِ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْغَايَةِ ، فَقَالَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ ، وَيَعْتَبِرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ .
وَالْمَوْتِ لَمْ يُعَبِّرْ بِهَا ، وَالْكَلَامُ كُلُّهُ فِي النَّفْسِ ، وَيَشْمَلُ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ ، وَالْمَعْنَى إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِتَغَيُّرِ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ

وَرَجَعَ الْحُكْمُ لِلضَّمَانِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَوْ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتُ الْمَوْتِ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ حَالَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ ، فَلَوْ رَمَى مُرْتَدًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حَرْبِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ أَصَابَهُ السَّهْمُ فَقَتَلَهُ فَلَا قِصَاصَ ، وَعَلَيْهِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الدِّيَةُ حَالَّةً لِأَنَّهُ لَوْ جُرِحَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ ثُمَّ نَزَّى فِي جُرْحِهِ فَمَاتَ بَعْدَ إسْلَامِهِ ، فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يَقْسِمُونَ لَمَاتَ مِنْهُ وَدِيَتُهُ فِي مَالِهِ ، وَلَوْ جَرَحَ نَصْرَانِيًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَعَلَيْهِ دِيَةُ حُرٍّ مُسْلِمٍ فِي مَالِهِ بِاعْتِبَارِ حَالِ الْمَوْتِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ غَيْرُهُ دِيَةُ نَصْرَانِيٍّ اعْتِبَارًا بِحَالِ جُرْحِهِ ، وَلِذَا لَوْ رَمَى نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَانِ وَفِيهِ دِيَةُ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ

وَالْجُرْحُ : كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ ، وَالْفَاعِلِ ، وَالْمَفْعُولِ ، إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا

( وَالْجُرْحُ ) بِضَمِّ الْجِيمِ ، أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى مَا دُونَ النَّفْسِ بِإِبَانَةِ طَرَفٍ أَوْ كَسْرِ عُضْوٍ أَوْ إذْهَابِ مَنْفَعَةٍ أَوْ جُرْحٍ ، وَعَبَّرَ عَنْهَا بِالْجُرْحِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ .
الْبُنَانِيُّ هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالرَّشَاقَةِ ، وَالْمُرَادُ بِالْجُرْحِ مَا دُونَ النَّفْسِ ، فَيَشْمَلُ الْقَطْعَ وَالْكَسْرَ وَالْفَقْءَ وَإِتْلَافَ الْمَعَانِي مِنْ السَّمْعِ وَنَحْوِهِ ، وَإِنْ خَالَفَتْهُ اللُّغَةُ وَالِاصْطِلَاحُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مُتَعَلِّقُ الْجِنَايَةِ غَيْرُ نَفْسٍ إنْ أَبَانَتْ بَعْضَ الْجِسْمِ فَقُطِعَ ، وَإِلَّا فَإِنْ أَزَالَتْ اتِّصَالَ عَظْمٍ لَمْ يَبِنْ فَكَسْرٌ ، وَإِلَّا فَإِنْ أَثَّرَتْ فِي الْجِسْمِ فَجُرْحٌ وَإِلَّا فَإِتْلَافُ مَنْفَعَةٍ أَيْ الْقِصَاصُ بِهِ ( كَ ) الْقِصَاصِ بِقَتْلِ ( النَّفْسِ فِي ) شَرْطِ ( الْفِعْلِ ) وَهُوَ كَوْنُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا ( وَ ) شَرْطُ ( الْفَاعِلِ ) وَهُوَ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ ( وَ ) شَرْطُ ( الْمَفْعُولِ ) وَهُوَ كَوْنُهُ مَعْصُومًا مِنْ الرَّمْيِ لِلْإِصَابَةِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالْفَاعِلِ فَقَالَ ( إلَّا ) شَخْصًا ( نَاقِصًا ) بِرِقِّيَّةٍ أَوْ كُفْرٍ ( جَرَحَ ) إنْسَانًا ( كَامِلًا ) بِحُرِّيَّةٍ وَإِسْلَامٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ ، لِأَنَّهُ كَالْأَشَلِّ وَالسَّلِيمِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُخَيَّرُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ .
وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْقِصَاصُ ، وَصَحَّحَ الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ النَّاقِصَ إذَا جَرَحَ الْكَامِلَ ، فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَجُرْحِ الْعَبْدِ الْحُرِّ وَالْكَافِرِ الْمُسْلِمِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الرِّسَالَةِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وُجُوبَ الْقِصَاصِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ قِيلَ : إنَّهُ الصَّحِيحُ ، وَرُوِيَ يَجْتَهِدُ

السُّلْطَانُ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ يُوقَفُ ، وَرُوِيَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُخَيَّرُ فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ وَخَرَّجُوهَا فِي الْعَبْدِ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ ، فَإِنْ بَرِئَ الْمَجْرُوحُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَارِحِ إلَّا الْأَدَبَ إلَّا مَا لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ كَالْجَائِفَةِ ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْءٍ فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ النَّصْرَانِيِّ .
فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَيْسَ لِلْمُسْلِمِ إلَّا الدِّيَةُ فِي الْجِرَاحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ ، وَإِذَا جَرَحَ الذِّمِّيُّ أَوْ الْعَبْدُ مُسْلِمًا عَمْدًا فَبَرِئَ بِغَيْرِ شَيْنٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَدَبِ ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ مِنْ جُرْحِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِي رَقَبَتِهِ ا هـ .
يُرِيدُ إلَّا الْجِرَاحَ الْمُقَدَّرَةَ فَدِيَتُهَا فِي رَقَبَتِهِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ مَالِكٌ إنْ جَنَى حُرٌّ عَلَى عَبْدٍ فَيُنْظَرُ إلَى نَقْصِهِ يَوْمَ بُرْئِهِ أَنْ لَوْ كَانَ هَذَا يَوْمَ الْجِنَايَةِ لَا يَوْمَ الْبُرْءِ مَعَ الْأَدَبِ ، يُرِيدُ فِي الْعَمْدِ ، وَلَوْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ غَيْرَ الْأَدَبِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ ، إذْ لَا قِصَاصَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ ، وَإِنْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ نُظِرَ إلَى دِيَتِهِ بَعْدَ بُرْئِهِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ، فَهُوَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ بِذَلِكَ وَفِي الْعَمْدِ الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِئَ الْحُرُّ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ

وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ ، فَمِنْ كُلٍّ : كَفِعْلِهِ
( وَإِنْ ) جَنَى اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى وَاحِدٍ بِجِرَاحَاتٍ و ( تَمَيَّزَتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا جِنَايَاتٌ ) مِنْهُمْ حَالَ كَوْنِهَا ( بِلَا تَمَالُؤٍ ) مِنْهُمْ عَلَيْهَا بِأَنْ قَطَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى وَآخَرُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى وَفَقَأَ آخَرُ عَيْنَهُ الْيُمْنَى وَآخَرُ الْيُسْرَى ( فِ ) يُقْتَصُّ ( مِنْ كُلٍّ ) مِنْهُمْ ( كَفِعْلِهِ ) بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ .
الْبُنَانِيُّ عَنْ بَعْضِ الشَّارِحِينَ قَوْلُهُ بِلَا تَمَالُؤٍ ، وَكَذَا لَوْ تَمَيَّزَتْ بِتَمَالُؤٍ كَمَا ذَكَرَ الْإِبْيَانِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ فِيمَا إذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثِلَ مَا فَقَأَ ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إذَا تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَطْعِ يَدِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يُخَالِفُهُ ، إذْ هُوَ إذَا تَمَالَئُوا عَلَى قَطْعِ عُضْوٍ وَاحِدٍ .
الْعَدَوِيُّ لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ ، بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ مَعَ التَّمَالُؤِ فَإِذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثَلَةَ مَا فَقَأَ .
وَأَمَّا إذَا تَمَالَأَ عَلَى فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يَفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَيْنَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى ذَلِكَ فَهَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ .
عب وَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ وَلَمْ يَتَمَالَئُوا فَقَالَ أَحْمَدُ اُنْظُرْ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ أَوْ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ

وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ ، أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ ، وَالْخَدَّيْنِ ؛ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ ، وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ ، وَخَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجِلْدَ ؛ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ ، وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ ، وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ ، وَمِلْطَأَةٍ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ : كَضَرْبَةِ السَّوْطِ

( وَاقْتُصَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( مِنْ مُوضِحَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَهِيَ ( مَا ) أَيْ جِنَايَةُ جِنْسٍ يَشْمَلُ غَيْرَهَا أَيْضًا ( أَوْضَحَتْ ) أَيْ أَظْهَرَتْ ، وَهَذَا أَفْضَلُ مَخْرَجِ الدَّامِيَةِ وَالْحَارِصَةِ وَالسِّمْحَاقِ ( عَظْمَ الرَّأْسِ ) وَآخِرُهُ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ ( وَ ) عَظْمَ ( الْجَبْهَةِ وَ ) عَظْمَ ( الْخَدَّيْنِ ) وَهَذَا فَصْلُ مَخْرَجِ مَا عَدَاهَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ إنْ اتَّسَعَ مَا أَظْهَرَتْهُ مِنْ الْعَظْمِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( كَ ) مَغْرَزِ رَأْسِ ( إبْرَةٍ ) الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ ، وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَغَيْرِهَا مِنْ مُوضِحَةِ الْجَسَدِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ هَذَا التَّفْسِيرَ هُنَا بَلْ يَقُولُ أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الدِّيَاتِ كَمَا فَعَلَ هُنَاكَ .
عب جَوَابُهُ أَنَّ مَا أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذَكَرَ هُنَا لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنَّمَا هُوَ بَيَانٌ لِمَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ مُطْلَقًا ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَعَظْمُ الرَّأْسِ مَحَلُّهَا ، وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ وَمُوضِحَةُ الْخَدِّ كَالْجَبْهَةِ ا هـ .
( وَ ) اُقْتُصَّ مِنْ ( سَابِقِهَا ) بِقَافٍ ، أَيْ جِرَاحٍ سَابِقٍ عَلَى الْمُوضِحَةِ فِي الْوُجُودِ وَهِيَ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاللَّحْمِ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ ( مِنْ دَامِيَةٍ ) بِإِهْمَالِ الدَّالِ وَكَسْرِ الْمِيمِ فَمُثَنَّاةٌ تَحْتِيَّةٌ ، وَتُسَمَّى دَامِعَةً بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ حَتَّى يَرْشَحَ مِنْهُ شَيْءٌ كَالدَّمِ مِنْ غَيْرِ انْشِقَاقِهِ ( وَحَارِصَةٍ ) بِإِهْمَالِ الْحَاءِ وَالصَّادِ وَتُحْذَفُ الْأَلِفُ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي ( شَقَّتْ الْجِلْدَ ) سَوَاءٌ وَصَلَتْ نِهَايَتَهُ أَمْ لَا ، وَجَعَلَهَا فِي

التَّنْبِيهَاتِ مُرَادِفَةً لِلدَّامِيَةِ قَالَهُ تت ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الَّتِي لَمْ تَصِلْ لِنِهَايَتِهِ لَمْ تَشُقَّهُ ، وَإِنَّمَا شَقَّتْ بَعْضَهُ وَبِعِبَارَةِ شَقَّتْ الْجِلْدَ وَأَفَضْت إلَى اللَّحْمِ ، وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ ، فَالْمُرَادُ عَلَى هَذَا بِالدَّامِيَةِ مَا شَقَّتْ بَعْضَ الْجِلْدِ ( وَسِمْحَاقٍ ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَإِهْمَالِ الْحَاءِ ثُمَّ قَافٍ وَهِيَ الَّتِي ( كَشَطَتْهُ ) أَيْ أَزَالَتْ الْجِلْدَ عَنْ اللَّحْمِ هَذَا مَعْنَاهَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَأَمَّا فِي اللُّغَةِ فَفِي الْمِصْبَاحِ السِّمْحَاقُ بِكَسْرِ السِّينِ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ فَوْقَ عَظْمِ الرَّأْسِ إذَا بَلَغَتْهَا الشَّجَّةُ سُمِّيَتْ سِمْحَاقًا ، وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ هِيَ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ فَوْقَ قِحْفِ الرَّأْسِ إذَا انْتَهَتْ الشَّجَّةُ إلَيْهَا سُمِّيَتْ سِمْحَاقًا ، وَكُلُّ جَلْدَةٍ رَقِيقَةٍ تُشْبِهُهَا تُسَمَّى سِمْحَاقًا أَيْضًا ( وَبَاضِعَةٍ ) بِمُوَحَّدَةٍ وَضَادٍ .
مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَهِيَ الَّتِي ( شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ الَّتِي ( غَاصَتْ فِيهِ ) أَيْ اللَّحْمِ ( بِتَعَدُّدٍ ) أَيْ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ تَقْرَبْ لِلْعَظْمِ فَإِنْ انْتَفَى التَّعَدُّدُ فَبَاضِعَةٌ قَالَهُ شب .
ابْنُ شَاسٍ الْمُتَلَاحِمَةُ هِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ عَرْضًا بَالِغًا وَتَقْطَعُهُ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ .
عِيَاضٌ هِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ( وَمِلْطَاةً ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَإِهْمَالِ الطَّاءِ فَهَمْزٍ فَهَاءٍ وَعَدَمِهِ وَالْمَدِّ وَعَدَمِهِ وَهِيَ الَّتِي ( قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ ) وَبَقِيَ بَيْنَهُمَا سِتْرٌ رَقِيقٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْجِرَاحِ مَا قَبْلَ الْهَاشِمَةِ الْقَوَدُ .
عِيَاضٌ أَوَّلُهَا الْحَارِصَةُ بِحَاءٍ وَصَادٍ مُهْمَلَيْنِ هِيَ مَا حَرَصَ الْجِلْدَ أَيْ شَقَّهُ وَهِيَ الدَّامِيَةُ لِأَنَّهَا تُدْمِي ، وَالدَّامِعَةُ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ لِأَنَّ الدَّمَ يَدْمَعُ مِنْهَا ، وَقِيلَ الدَّامِيَةُ أَوَّلًا لِأَنَّهَا تَخْدِشُ فَتُدْمِي وَلَا تَشُقُّ الْجِلْدَ ثُمَّ

الْحَارِصَةُ لِأَنَّهَا شَقَّتْ الْجِلْدَ وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ لِأَنَّهَا جَعَلَتْ الْجِلْدَ كَسَمَاحِيقِ السَّحَابِ ثُمَّ الدَّامِعَةُ لِأَنَّ دَمَهَا كَالدَّمْعِ ثُمَّ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ وَبَضَعَتْهُ وَهِيَ الْمُتَلَاحِمَةُ .
وَقِيلَ الْمُتَلَاحِمَةُ بَعْدَ الْبَاضِعَةِ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ فِي اللَّحْمِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ ثُمَّ الْمَلَطَى بِالْقَصْرِ .
وَيُقَالُ مِلْطَاةٌ بِالْهَاءِ وَهِيَ مَا قَرُبَ مِنْ الْعَظْمِ وَبَيْنَهَا وَبَيْنَهُ قَلِيلٌ مِنْ اللَّحْمِ .
وَقِيلَ هِيَ السِّمْحَاقُ ثُمَّ الْمُوضِحَةُ وَهِيَ مَا كَشَفَتْ عَنْ الْعَظْمِ ، وَفِيهَا حَدُّ الْمُوضِحَةِ مَا أَفْضَى إلَى الْعَظْمِ وَلَوْ بِقَدْرِ إبْرَةٍ وَعَظْمُ الرَّأْسِ مَحَلُّهَا كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ سَوَاءٌ ، وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ لَا مَا تَحْتَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعُنُقِ ، وَمُوضِحَةُ الْخَدِّ كَالْجَبْهَةِ وَلَيْسَ الْأَنْفُ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ مِنْ الرَّأْسِ فِي جِرَاحِهِمَا لِأَنَّهُمَا عَظْمَانِ مُنْفَرِدَانِ .
عِيَاضٌ ثُمَّ الْهَاشِمَةُ مَا هَشَّمَتْ الْعَظْمَ ، ثُمَّ الْمُنَقِّلَةُ مَا كَسَرَتْهُ فَيَفْتَقِرُ لِإِخْرَاجِ بَعْضِ عِظَامِهَا لِإِصْلَاحِهَا وَتَخْتَصُّ بِالرَّأْسِ ، ثُمَّ الْمَأْمُومَةُ وَهِيَ الَّتِي أَفَضْت إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ وَتَخْتَصُّ بِالْجَوْفِ الْجَائِفَةُ وَهِيَ مَا أَفْضَى إلَى الْجَوْفِ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إبْرَةٍ وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا قِصَاصَ فِي هَاشِمَةِ الرَّأْسِ لِأَنِّي لَا أَجِدُ هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْهَاشِمَةِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا قَوَدَ فِيهَا .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُقَادُ مِنْهُ مُوضِحَةً إنْ لَمْ يُنَقِّلْ .
مُحَمَّدٌ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ إنْ كَانَ بَدْءُ جُرْحِ الْأَوَّلِ مُوضِحَةً ثُمَّ تَهَشَّمَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ الضَّرْبَةُ هَشَّمَتْهَا فَلَا قَوَدَ يُرِيدُ إذَا رَضَّتْ اللَّحْمَ وَهَشَّمَتْ مَا تَحْتَهُ مِنْ الْعَظْمِ ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسَيْفٍ أَوْ سِكِّينٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَبَلَغَتْ الْعَظْمَ ، ثُمَّ هَشَّمَتْهُ فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ مُوضِحَةٍ لِأَنَّ الْجَارِحَ لَوْ

وَقَفَ لَمَا بَلَغَ الْعَظْمَ كَانَتْ مُوضِحَةً وَإِنْ نُقِلَتْ بَعْدَ الْهَشِمِ فَفِيهَا دِيَةُ الْمُنَقِّلَةِ ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَحَبَّ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ مُوضِحَةٍ ، فَقَالَ أَشْهَبُ ذَلِكَ لَهُ وَابْنُ الْقَاسِمِ لَا ، وَفِيهَا لَا قَوَدَ فِي الْمُنَقِّلَةِ .
اللَّخْمِيُّ رَوَى الْقَاضِي فِيهَا الْقَوَدُ .
قُلْت وَحَكَاهَا ابْنُ الْجَلَّابِ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا قَوَدَ فِي الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ .
وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ فَقَالَ ( كَضَرْبَةِ ) مُكَلَّفٍ مَعْصُومًا بِ ( السَّوْطِ ) فَفِيهَا الْقِصَاصُ ، وَقِيلَ كَاللَّطْمَةِ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْسُرُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ، أَجَابَ عَنْهُ الْبِسَاطِيُّ بِأَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ تَجْرَحُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ ، بَعْضُهُمْ الْمَشْهُورُ أَنَّ ضَرْبَ الْعَصَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ أَفَادَهُ تت .
طفي اُنْظُرْ نِسْبَةُ الْجَوَابِ لِلْبِسَاطِيِّ ، مَعَ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَهُ وَنَظَرَ فِيهِ ، وَنَصَّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَعْسُرُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ، وَمَا قِيلَ أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ تَسْتَلْزِمُ الْجُرْحَ فَتَدْخُلُ فِي قَوْله تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } فِيهِ نَظَرٌ .
ا هـ .
وَفِي التَّوْضِيحِ الْخِلَافُ فِي السَّوْطِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْجُرْحَ غَالِبًا أَوْ لَا يَسْتَلْزِمُهُ وَالشَّارِحُ لَيْسَ أَوَّلَ مَنْ قَالَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا عَسِيرٌ ، بَلْ سَبَقَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ ، ثُمَّ قَالَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُ وَالْبَعْضِ هُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

وَجِرَاحِ الْجَسَدِ ؛ وَإِنْ مُنَقِّلَةٌ بِالْمِسَاحَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ : كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا ؛ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ : كَيَدٍ شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ ، وَبِالْعَكْسِ وَعَيْنِ أَعْمَى ، وَلِسَانِ أَبْكَمَ

( وَ ) يُقْتَصُّ مِنْ ( جِرَاحِ الْجَسَدِ ) أَيْ مَا عَدَا الرَّأْسِ إنْ لَمْ تَكُنْ مُنَقِّلَةً ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ جِرَاحُ الْجَسَدِ ( مُنَقِّلَةٌ ) الْبُنَانِيُّ صَوَابُهُ وَإِنْ هَاشِمَةً فَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فِي جِرَاحِ الْجَسَدِ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا الْقَوَدُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخْذِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ كَالْهَاشِمَةِ ، وَفِي كَسْرِ الزَّنْدَيْنِ وَالذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالتَّرْقُوَةِ .
مُحَمَّدٌ وَفِي كَسْرِ الْأَنْفِ .
وَيَكُونُ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ ( بِالْمِسَاحَةِ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْقِيَاسِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا ، أَيْ انْخِفَاضًا وَغَوْصًا فِي الْبَدَنِ .
وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِسْبَتُهُ لِعُضْوِ الْجَانِي وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ الْجُرْحُ قَدْرَ أُصْبُعٍ وَهُوَ رُبُعُ عُضْوِ الْجَانِي وَأَكْثَرُ مِنْ رُبُعِ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَقَلُّ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي اعْتِبَارِ الْقَدْرِ بِالْمِسَاحَةِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَدْرِ الرَّأْسِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَعَلَيْهِمَا لَوْ كَانَتْ الشَّجَّةُ نِصْفَ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ وَهِيَ ثُلُثَا رَأْسِ الشَّاجِّ ، وَلَا تَكْمُلُ بِغَيْرِ الرَّأْسِ اتِّفَاقًا .
ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي جِرَاحِ الْعَمْدِ فِي الْجَسَدِ أَنَّ الْقِصَاصَ مِنْهَا عَلَى قَدْرِ الْجُرْحِ فِي طُولِهِ وَعَرْضِهِ وَعُمْقِهِ ، فَإِنْ كَانَ مُوضِحَةً فِي الرَّأْسِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوَدُ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ عَلَى قَدْرِ جُرْمِهَا مِنْ الرَّأْسِ .
أَصْبَغُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَحْنُونٌ مَا زَعَمَ أَصْبَغُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ أَوَّلًا وَرَجَعَ إلَى الْقَوَدِ عَلَى قَدْرِ الْمُوضِحَةِ وَسَمِعَ

الْقَرِينَانِ فِي طَبِيبٍ اسْتَقَادَ مِنْ أُصْبُعِ الْمَقْطُوعِ وَقَطَعَ مِنْ الْقَاطِعِ قَدْرَ ذَلِكَ الْقِيَاسِ ، فَنَقَصَ مِنْ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَكْثَرُ مِمَّا قَطَعَ لِقِصَرِ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ عَنْ أَصَابِعِ الْمُسْتَقَادِ لَهُ أَخْطَأَ وَبِئْسَ مَا صَنَعَ ، وَالصُّنْعُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقِيسَ إلَى الْمَقْطُوعِ بَعْضِهَا .
فَإِنْ كَانَ الْمَقْطُوعُ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا قَطَعَ مِنْ أُنْمُلَةِ الْقَاطِعِ ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا .
ابْنُ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ فِي هَذَا كَمَا تُقْطَعُ الْأُنْمُلَةُ كَانَتْ أَطْوَلَ أَوْ أَقْصَرَ ، وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ فِي الرَّأْسِ أَوْ فِي عُضْوٍ كَالذِّرَاعِ أَوْ الْعَضُدِ وَنَحْوِهِ ، فَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلَ أَشْهَبَ ، قَالَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَدِيمًا إنَّهُ يُقَادُ بِقَدْرِ الْجُرْحِ الْأَوَّلِ وَإِنْ اسْتَوْعَبَ عُضْوَ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ يُرِيدُ وَلَوْ لَمْ يَفِ بِالْقِيَاسِ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَكَذَا الْجَبْهَةُ وَالذِّرَاعُ يُرِيدُ مَا لَمْ يَضِقْ عَنْهُ الْعُضْوُ فَلَا يُزَادُ مِنْ غَيْرِهِ .
وَالصَّحِيحُ عِنْدِي قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْقَدِيمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } لِأَنَّ الْأَلَمَ فِي الْجُرْحِ إنَّمَا هُوَ بِقَدْرِ عَظْمِهِ وَقَوْلُهُ وَقِصَرِهِ لَا بِقَدْرِهِ مِنْ الرَّأْسِ .
وَكَوْنُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ ( إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ ) فَلَوْ زَادَتْ الْمِسَاحَةُ عَلَى عُضْوِ الْجَانِي لِقِصَرِهِ فَلَا يَنْتَقِلُ لِعُضْوٍ آخَرَ وَإِنْ كَانَ عُضْوُ الْجَانِي أَكْبَرَ فَلَا يُزَادُ عَلَى الْمِسَاحَةِ .
وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ فَقَالَ ( كَطَبِيبٍ زَادَ ) فِي الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي عَلَى الْمِسَاحَةِ ( عَمْدًا ) فَيُقْتَصُّ بِقَدْرِ مِسَاحَةِ الزِّيَادَةِ الشَّارِحُ كَذَا قَالَهُ الشُّيُوخُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مُتَعَذِّرَةٌ هُنَا ، لِأَنَّ زِيَادَةَ الطَّبِيبِ بَعْدَ قَطْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ، فَإِذَا أُرِيدَ الْقِصَاصُ فَلَا يُتَوَصَّلُ لَهُ إلَّا بَعْدَ قَطْعٍ يَتَّصِلُ بِهِ الْبِسَاطِيُّ لَمْ يَظْهَرْ لِي صِحَّةُ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ إذَا

قَطَعَ الطَّبِيبُ دَائِرَةً مَثَلًا ، وَالْمَوْضِعُ الْمَأْذُونُ فِيهِ دَائِرَةٌ فِي ضِمْنِ هَذِهِ الدَّائِرَةِ فَمَا بَيْنَ مُحِيطَيْ الدَّائِرَتَيْنِ قَدْرُ مِسَاحَةِ كَذَا فَيُكْسَرُ وَيُقْتَصُّ دَائِرَةٌ بِقَدْرِهِ مَثَلًا ، فَإِنْ قُلْتَ الدَّائِرَةُ الَّتِي اُقْتُصَّتْ مِنْهُ لَيْسَتْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الدَّائِرَةِ الَّتِي تَعَدَّى عَلَيْهَا .
قُلْتُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِصَاصِ قَدْرُ الْمِسَاحَةِ ، وَأَمَّا كَوْنُهَا مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْمِسَاحَةِ .
تت مَا أَوْرَدَهُ الشَّارِحُ نَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَجَوَابُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْعُمْقِ فَالْإِيرَادُ بَاقٍ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
طفي مِنْ تَنْظِيرِهِ فِي الْجَوَابِ نَظَرٌ ، بَلْ كَذَلِكَ يَتَأَتَّى فِي الْعُمْقِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ ، فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ إيرَادَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ هَذَا مِثْلُ مَا قَالَهُ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ وَتَعَقَّبَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الثَّانِي ، وَتَقَدَّمَ جَوَابُهُ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى قَطْعِ يَدِ رَجُلٍ هُوَ قَوْلُهُ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، أَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ الْجِنَايَاتُ مِنْ غَيْرِ مُمَالَأَةٍ اُقْتُصَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ ، هَذَا صَحِيحٌ إذَا بَانَتْ الْيَدُ ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ حَدِّهِمَا لِلْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ الْجِهَةِ الَّتِي ابْتَدَأَ الْآخَرُ مِنْهَا .
وَأَمَّا لَوْ قَطَعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الْيَدِ وَابْتَدَأَ الثَّانِي الْقَطْعَ مِنْ حَيْثُ انْتَهَى الْأَوَّلُ وَقَطَعَ بَاقِيهَا ، فَإِنَّ السِّكِّينَ يُوضَعُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي ابْتَدَأَ هُوَ بِهِ ، فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا لَا يُنَافِي التَّمَاثُلَ لِأَنَّ الْجَانِيَ إنَّمَا ابْتَدَأَ الْقَطْعَ فِي طَرَفٍ وَكَوْنُهُ وَسَطًا طَرْدِيٌّ ، وَفِي الْقِصَاصِ مِنْهُ إنَّمَا اُبْتُدِئَ الْقَطْعُ فِيهِ مِنْ طَرَفٍ .
ا هـ .
فَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَأَتِّي الْقِصَاصِ فِي الْعُمْقِ ، وَقَدْ سَلَّمَ عج تَنْظِيرَ تت ، وَكَأَنَّهُ

لَمْ يَسْتَحْضِرْ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ الزِّيَادَةَ بِأَنْ زَادَ خَطَأً ( فَالْعَقْلُ ) أَيْ دِيَةُ الزَّائِدِ إنْ لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ الدِّيَةِ لِلْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي مَالِ الطَّبِيبِ ، وَإِنْ بَلَغَتْهُ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَا زَادَ الطَّبِيبُ فِي الْقَوَدِ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ .
قُلْت مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ زَادَ عَمْدًا فَالْقِصَاصُ وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ إطْلَاقَاتِ الرِّوَايَاتِ فِي النَّوَادِرِ ، وَمِنْ الْوَاضِحَةِ إنْ تَعَمَّدَ الطَّبِيبُ وَالْخَاتِنُ وَالْمُعَلِّمُ قَتْلًا أَوْ قَطْعًا أَوْ جُرْحًا بِغَيْرِ حَقٍّ وَلَا شُبْهَةَ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَتَرَتَّبَ الْعَقْلُ فَقَالَ ( كَذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( يَدٍ شَلَّاءَ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ اللَّامِ مَمْدُودًا ( عَدِمَتْ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ ، أَيْ فَقَدَتْ ( النَّفْعَ ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا ( بِ ) سَبَبِ قَطْعِ صَاحِبِهَا الْيَدَ ( صَحِيحَةٍ ) مِنْ الشَّلَلِ عَمْدًا عُدْوَانًا ، وَيَلْزَمُ الْقَاطِعُ عَقْلَ الصَّحِيحَةِ فِي مَالِهِ .
تت ظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ لَقُطِعَتْ بِالصَّحِيحَةِ إنْ رَضِيَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ .
طفي نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَهُوَ صَوَابٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ إنْ كَانَ جُلُّ مَنْفَعَةِ عَيْنِ الْجَانِي أَوْ يَدِهِ بَاقِيًا فَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِالْخِيَارِ فِي الْقَوَدِ وَالْعَقْلِ اتِّفَاقًا وَإِنْ ذَهَبَ كُلُّ مَنْفَعَتِهَا أَوْ جُلُّهَا فَفِي تَخْيِيرِهِ مُطْلَقًا ، وَإِنْ بَقِيَتْ مَنْفَعَةٌ وَلَوْ قَلَّتْ ثَالِثُهَا مَا لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ مَنْفَعَتِهَا .
ا هـ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَى الثَّانِي ( وَبِالْعَكْسِ ) أَيْ لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ وَعَلَى الْقَاطِعِ الْأَرْشُ فِي مَالِهِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ ( وَلَا

) يُقْتَصُّ ( مِنْ عَيْنِ أَعْمَى ) بِفَقْئِهِ عَيْنًا بَصِيرَةً عَمْدًا عُدْوَانًا وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْبَصِيرَةِ فِي مَالِهِ وَلَا مِنْ عَيْنٍ بَصِيرَةٍ بِعَيْنٍ عَمْيَاءَ كَذَلِكَ ، وَفِيهَا الْأَرْشُ بِالِاجْتِهَادِ فِي مَالِ الْجَانِي ( وَ ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ ( لِسَانِ ) إنْسَانٍ ( أَبْكَمَ ) بِقَطْعِ لِسَانٍ نَاطِقٍ عَمْدًا عُدْوَانًا ، وَعَلَى الْجَانِي دِيَةُ الصَّحِيحِ فِي مَالِهِ وَلَا مِنْ لِسَانِ نَاطِقٍ بِقَطْعِ لِسَانِ أَبْكَمَ ، وَعَلَى الْجَانِي أَرْشُ الْأَبْكَمِ بِالِاجْتِهَادِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي دِيَاتِهَا إنْ قَطَعَ أَشَلُّ الْيَدِ الْيُمْنَى يُمْنَى رَجُلٍ فَلَهُ الْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ لَهُ .
الشَّيْخُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْجَانِي أَشَلَّ الْيَدِ خُيِّرَ مَقْطُوعُ الْيَدِ السَّلِيمَةِ فِي الْقَوَدِ مِنْهَا وَالْعَقْلِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنَّمَا لَهُ الْعَقْلُ وَمِثْلُهُ فِي الْأَسَدِيَّةِ .
مُحَمَّدٌ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدُوسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَلِأَشْهَبَ فِي الْكِتَابَيْنِ إنْ كَانَ شَلَلًا يَابِسًا أَوْ كَثِيرًا أَذْهَبَ أَكْثَرَ مَنَافِعِ يَدِهِ .
وَأَمَّا الْخَفِيفُ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مَعَهُ ، وَكَذَا عَيْنُ فَاقِئِ عَيْنٍ سَلِيمَةٍ إنْ كَانَتْ نَاقِصَةَ النَّظَرِ وَهُوَ يَنْظُرُ بِهَا أَوْ بِهَا بَيَاضٌ فَلَهُ الْقَوَدُ ، وَإِنْ ذَهَبَ أَكْثَرُهَا فَلَا قَوَدَ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَصْحَابُ مَالِكٍ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَيْنِ الْقَائِمَةِ الَّتِي ذَهَبَ بَصَرُهَا إنْ فُقِئَتْ ، وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ تُقْطَعُ إلَّا الِاجْتِهَادَ ، وَكَذَا الْأَصَابِعُ إذَا تَمَّ شَلَلُهَا ثُمَّ قُطِعَتْ ، وَكَذَا ذَكَرُ الْخَصِيِّ وَلِسَانُ الْأَبْكَمِ الْأَخْرَسِ .
الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ذَكَرُ الْخَصِيِّ عَسِيبٌ قُطِعَتْ حَشَفَتُهُ ، وَفِي جِرَاحَاتِهَا فِي شَلَلِ الْأَصَابِعِ دِيَتُهَا كَامِلَةٌ ، ثُمَّ إنْ قُطِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَفِيهَا حُكُومَةٌ لَا قَوَدٌ فِي عَمْدِهِ الْقَاضِي .
ابْنُ الْقَصَّارِ فِي الْيَدِ

الشَّلَّاءِ حُكُومَةٌ ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ كَافَّةً

وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ، مِنْ مُنَقِّلَةٍ طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ وَآمَّةٍ أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ وَدَامِغَةٍ خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ وَلَطْمَةٍ وَشُفْرِ عَيْنٍ ، وَحَاجِبٍ ، وَلِحْيَةٍ ، وَعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ إلَّا فِي الْأَدَبِ ، وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا : كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ

( وَ ) لَا يُقْتَصُّ مِ ( مَا ) أَيْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي ( بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ) وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ ( مِنْ مُنَقِّلَةٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ ، وَحُكِيَ فَتْحُهَا مُثَقَّلَةً فِيهِمَا وَهِيَ الَّتِي ( طَارَ ) أَيْ زَالَ ( فِرَاشُ ) بِكَسْرِ الْفَاءِ وَفَتْحِهَا ، أَيْ رَقِيقُ ( الْعَظْمِ ) أَيْ يُزِيلُهُ الطَّبِيبُ ( مِنْ الدَّوَاءِ ) أَيْ لِأَجْلِ الْمُدَاوَاةِ وَالْتِئَامِ الْجُرْحِ ( وَ ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ ( آمَّةٍ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْمِيمِ ، وَيُقَالُ لَهَا مَأْمُومَةٌ أَيْضًا وَهِيَ الَّتِي ( أَفَضْت ) أَيْ وَصَلَتْ ( لِ ) لَهُمْ ا ( لِدِمَاغِ ) أَيْ الْجِلْدَةِ السَّاتِرَةِ لِلْمُخِّ ( وَ ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ ( دَامِغَةٍ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَهِيَ الَّتِي ( خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ ) أَيْ الْجَلْدَةَ الرَّقِيقَةَ السَّاتِرَةَ لِلْمُخِّ ، وَهِيَ آخِرُ الرَّأْسِ .
ابْنُ شَاسٍ وَبِالْجُمْلَةِ لَا قِصَاصَ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَعْظُمُ خَطَرُهُ كَائِنًا مَا كَانَ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ فَقَالَ ( كَلَطْمَةٍ ) بِيَدٍ عَلَى وَجْهٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ كَضَرْبَةِ الْعَصَا بِخِلَافِ ضَرْبَةِ السَّوْطِ ، فَفِيهَا الْقِصَاصُ لِانْضِبَاطِهَا ، وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّطْمَةِ وَضَرْبَةِ الْعَصَا لَا قِصَاصَ فِيهِمَا إذَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُمَا جُرْحٌ وَإِلَّا جَرَى فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ ( وَ ) لَا يُقْتَصُّ مِنْ ( شُفْرَيْ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَثْنَى شُفْرٍ ، كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ أَصْلُ مَعْنَاهُ حَرْفُ الـ ( عَيْنِ ) وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّعْرُ النَّابِتُ بِهِ لِعِلَاقَةِ الْمَحَلِّيَّةِ ، أَيْ إزَالَتِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا ، وَفِيهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي ( وَ ) لَا فِي شَعْرِ ( حَاجِبٍ ) أُزِيلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَفِيهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِ الْجَانِي ( وَ ) لَا فِي شَعْرِ ( لِحْيَةٍ ) كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا لَمْ تَنْبُتْ الْمَذْكُورَاتُ عَلَى هَيْئَتِهَا وَفِيهِ الْحُكُومَةُ ( وَعَمْدُهُ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ شُفْرِ الْعَيْنِ وَشَعْرِ الْحَاجِبِ وَاللِّحْيَةِ (

كَالْخَطَأِ ) فِي إيجَابِ الْحُكُومَةِ ، لَكِنْ فِي الْعَمْدِ فِي مَالِ الْجَانِي مُطْلَقًا ، وَفِي الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي ( إلَّا فِي ) إيجَابِ ( الْأَدَبِ ) أَيْ التَّأْدِيبِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَيَثْبُتُ فِي الْعَمْدِ لَا فِي الْخَطَأِ .
أَشْهَبُ الْحَاجِبَانِ مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ سَوَاءٌ فِيهِمَا حُكُومَةٌ فِي جِرَاحَاتِهَا لَيْسَ فِي جُفُونِ الْعَيْنِ وَأَشْفَارِهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ ، وَفِي حَلْقِ الرَّأْسِ إذَا لَمْ يَنْبُتَا إلَّا الِاجْتِهَادُ ، وَكَذَلِكَ اللِّحْيَةُ ، وَلَيْسَ فِي عَمْدِ ذَلِكَ قِصَاصٌ ، وَكَذَلِكَ الْحَاجِبَانِ إذَا لَمْ يَنْبُتَا لَثَبَتَ فِيهِمَا الِاجْتِهَادُ ، وَفِي كُلِّ عَمْدٍ الْقِصَاصُ مَعَ الْأَدَبِ .
أَبُو الْحَسَنِ أَبُو عِمْرَانَ إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَأَدَبُهُ دُونَ أَدَبِ مَنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ سُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَنْ الَّذِي اُقْتُصَّ مِنْهُ هَلْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ قَالَ نَعَمْ .
ابْنُ رُشْدٍ قَدْ قِيلَ لَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ مَعَ الْقِصَاصِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ .
وَوَجْهُ إيجَابِ الْأَدَبِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَعَ الْقِصَاصِ هُوَ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ .
ا هـ .
فَعُلِمَ أَنَّ إيجَابَ الْأَدَبِ مَعَ الْقِصَاصِ هُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَأَمَّا مَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاسْتَظْهَرَهُ فَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ ، وَكَلَامُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَذْهَبِ ، قَالَ فِيهَا وَيَجِبُ عَلَى الْجَارِحِ مَعَ الْقِصَاصِ الْأَدَبُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِجُرْأَتِهِ .
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَلَيْسَ لِلْإِمَامِ ضَرْبُهُ وَلَا سَجْنُهُ وَإِنَّمَا هُوَ الْقِصَاصُ ا هـ .
( وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ ، أَيْ يَكْثُرُ وَيَشْتَدُّ ( الْخَطَرُ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ

وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ خَوْفُ الْمَوْتِ عَلَى الْجَانِي بِسَبَبِ الْقِصَاصِ مِنْهُ ( فِي غَيْرِهَا ) أَيْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ، وَمَثَّلَ لِمَا يَعْظُمُ فِيهِ الْخَطَرُ فَقَالَ ( كَ ) كَسْرِ ( عَظْمِ الصَّدْرِ ) وَالرَّقَبَةِ وَالظَّهْرِ وَالْفَخْذِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا ، وَفِيهَا حُكُومَةٌ فِي مَال الْجَانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا قِصَاصَ فِي الْمَخُوفِ كَالْفَخْذِ وَشِبْهِهِ وَكَسْرِ الضِّلَعِ ، فَعَظْمِ الصَّدْرِ إنْ كَانَ مَخُوفًا كَالْفَخْذِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْيَدِ فَالْقَوَدُ .
الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ لَا قَوَدَ فِي عِظَامِ الصَّدْرِ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، وَقَالَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا فِي عِظَامِ الْعَيْنِ ، وَفِي الْقَوَدِ مِنْ الظُّفْرِ رِوَايَتَانِ لَهَا وَلِغَيْرِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالْعَظْمِ أَوْ كَالشَّعْرِ .
مُحَمَّدٌ الْقَوَدُ أَحَبُّ إلَيَّ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ الْمُغِيرَةِ لَا قَوَدَ فِي كَسْرِ الصُّلْبِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ رَأَى رَبِيعَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْقَوَدَ فِي كُلِّ جُرْحٍ وَلَوْ مُتْلِفًا .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَوَدُ فِي كُلِّ جُرْحٍ وَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا إلَّا مَا خَصَّهُ الْحَدِيثُ الْمَأْمُومَةَ وَالْجَائِفَةَ ، قُلْت يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمُتْلِفٍ تَتَحَقَّقُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ اتِّفَاقًا وَالْمَشْهُورُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ مُتْلِفٍ ، وَمَا لَيْسَ بِمُتْلِفٍ وَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ ضَرْبَانِ لَا تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَبَيَاضِ الْعَيْنِ ، وَضَرْبٍ تَتَأَتَّى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ ، وَالْغَالِبُ نَفْيُهَا ، كَكَسْرِ الْعِظَامِ حَكَى الْقَاضِي فِيهِ رِوَايَتَيْنِ .
قُلْت وَلِلْبَاجِيِّ عَنْ أَشْهَبَ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ أَنْ لَا قَوَدَ فِي الْمَخُوفِ .
مُحَمَّدٌ وَأَجْمَعْنَا أَنْ لَا قَوَدَ فِي عِظَامِ الْعُنُقِ وَالْفَخْذِ وَالصُّلْبِ وَشَبَّهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَتَالِفِ .
عَبْدُ الْمَلِكِ لَا قَوَدَ فِي الْعَيْنِ يُصَابُ بَعْضُهَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّهِ إلَّا أَنْ تُصَابَ كُلَّهَا .
تت اُخْتُلِفَ فِي عَطْفِ إلَّا

وَمَوْقِعِهَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ وَإِلَّا فَقَالَ الشَّارِحُ إنَّمَا كَرَّرَ أَدَاةَ الْحَصْرِ خَشْيَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ عَطْفَهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ عَظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا أَوْ نَحْوِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فَإِنْ قُلْت فَمَا مَوْقِعُ إلَّا وَعَطْفُهَا مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ وَإِلَّا وَلَيْسَ الْحُكْمُ هُنَا مُخَالِفًا لِمَا بَعْدَ إلَّا الْأُولَى .
قُلْت جَمِيعُ مَا قَدَّمَهُ لَهُ أَسْمَاءٌ مَخْصُوصَةٌ كَانَ فِي الرَّأْسِ أَوْ غَيْرِهَا ، وَلَمَّا بَيَّنَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْهَا أَعْطَى قَانُونًا كُلِّيًّا فِي غَيْرِهَا ، وَهُوَ أَنَّ مَا عَظُمَ الْخَطَرُ فِيهِ لَا قَوَدَ فِيهِ ، وَالْآخَرُ يُقَادُ مِنْهُ ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ لَك أَنْ تَبْحَثَ فِيهِ فَهُوَ أَنْسَبُ مِنْ غَيْرِهِ .
" غ " الَّذِي رَأَيْنَاهُ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا قَالَ وَكَأَنْ يَعْظُمَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ فَالْتَبَسَتْ عَلَى النَّاسِخِ بِإِلَّا .
وَأَمَّا جَعْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فَهُجْنَتُهُ لَا تَلِيقُ بِالْمُصَنِّفِ لِأَنَّ إلَّا الثَّانِيَةَ اسْتِثْنَائِيَّةٌ ، وَإِلَّا الْأُولَى مُرَكَّبَةٌ مِنْ أَنْ الشَّرْطِيَّةِ وَلَا النَّافِيَةِ .
الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْعَطْفِ هُنَا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ بِلَفْظِ التَّشْبِيهِ مَعَ الْعَطْفِ ، وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ .
وَأَمَّا جَعْلُ الشَّارِحِ وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ عَطْفًا عَلَى وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فَغَيْرُ صَوَابٍ ، لِأَنَّ هَذَا اسْتِثْنَاءٌ ، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ شَرْطٌ .
الْحَطّ لَمَّا أَنْ أَخْرَجَ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا لِأَنَّهَا مَتَالِفُ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَا عَدَاهَا مِنْ الْجِرَاحِ فِيهِ الْقِصَاصُ ، ذُكِرَ أَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ فِيهَا أَنْ لَا يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي ذَلِكَ الْجُرْحِ أَوْ الْكَسْرِ كَعَظْمِ الصَّدْرِ ، وَجَزَمَ هُنَا تَبَعًا لِمَنْ تَقَدَّمَهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ .
وَرَدَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ ، وَكَذَلِكَ فِي

الضِّلَعِ .
قَالَ فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ مِنْهَا وَالصُّلْبُ إذَا كُسِرَ خَطَأً وَبَرِئَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ ، وَكَذَلِكَ كُلُّ كَسْرٍ يَعُودُ لِهَيْئَتِهِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا يُسْتَطَاعُ فِيهِ الْقِصَاصُ ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ عَظْمًا إلَّا فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَمَا لَا يُسْتَطَاعُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي عَمْدِهِ إلَّا الدِّيَةُ مَعَ الْأَدَبِ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَفِي عِظَامِ الْجَسَدِ الْقَوَدُ مِنْ الْهَاشِمَةِ وَغَيْرِهَا إلَّا مَا كَانَ مَخُوفًا مِثْلَ الْفَخْذِ وَشِبْهِهِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ كَانَتْ الْهَاشِمَةُ فِي الرَّأْسِ فَلَا قَوَدَ فِيهَا لِأَنِّي لَمْ أَجِدْ هَاشِمَةً فِي الرَّأْسِ إلَّا كَانَتْ مُنَقِّلَةً ، وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّلْبِ وَالْفَخْذِ وَعِظَامِ الْعُنُقِ وَفِي كَسْرِ أَحَدِ الزَّنْدَيْنِ وَهُمَا قَصَبَتَا الْيَدِ الْقِصَاصُ ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَبْرَأَ عَلَى عَثْمٍ فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ .
وَفِي كَسْرِ الذِّرَاعَيْنِ وَالْعَضُدَيْنِ وَالسَّاقَيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَصَابِعِ الْقِصَاصُ ، وَفِي كَسْرِ الضِّلَعِ الِاجْتِهَادُ إذَا بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ ، وَإِنْ كُسِرَتْ عَمْدًا فَهِيَ كَعِظَامِ الصَّدْرِ إنْ كَانَ مَخُوفًا كَالْفَخْذِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الْيَدِ وَالسَّاقِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ ، وَفِي التَّرْقُوَةِ إذَا كُسِرَتْ عَمْدًا الْقِصَاصُ ، لِأَنَّ أَمْرَهَا يَسِيرٌ لَا يُخَافُ مِنْهُ ، وَإِنْ كُسِرَتْ خَطَأً فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ إنْ بَرِئَ عَلَى عَثْمٍ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ عَثْمٍ فَلَا شَيْءَ فِيهَا ا هـ .
وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَعُدَّ فِي الْجِرَاحِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا الْجَائِفَةَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَبُو الْحَسَنِ شَكَّ فِي عِظَامِ الصَّدْرِ وَالضِّلَعِ فَرَدَّ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ .
عِيَاضٌ الْعَثْمُ وَالْعَثَلُ بِالْمِيمِ وَاللَّامِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْمَفْتُوحَةِ

وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَفْتُوحَةً مَعَ اللَّامِ وَسَاكِنَةً مَعَ الْمِيمِ ، وَكِلَاهُمَا بِمَعْنًى وَهُوَ الْأَثَرُ وَالشَّيْنُ .
ا هـ .
وَالضِّلَعُ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالتَّرْقُوَةُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ بِلَا هَمْزَةٍ أَعْلَى الصَّدْرِ الْمُتَّصِلِ بِالْعُنُقِ وَالزَّنْدُ بِفَتْحِ الزَّاي وَبِالنُّونِ ا هـ .
وَإِنْ رَضَّ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ ( أُنْثَى رَجُلٍ ، أَيْ دَقَّهُمَا بِنَحْوِ حَجَرٍ عَمْدًا عُدْوَانًا وَلَمْ يَمُتْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ) إلَخْ فَ ( فِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( أَخَافُ ) إذَا اُقْتُصَّ مِنْ الْجَانِي ( فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَاللَّامِ ، أَيْ يَمُوتُ الْجَانِي فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ بِعُضْوٍ وَنَصُّ التَّهْذِيبِ فِي الْأُنْثَيَيْنِ إذَا أَخْرَجَهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً .
قِيلَ فَإِنْ أَخْرَجَهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا عَمْدًا قَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي إخْرَاجِ الْأُنْثَيَيْنِ الْقِصَاصُ ، وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الرَّضِّ إلَّا أَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ رَضُّهُمَا مُتْلِفًا ، فَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا فَلَا قَوَدَ فِيهِمَا ، وَكَذَا كُلُّ مُتْلِفٍ .
أَشْهَبُ إنْ قُطِعَتَا أَوْ جُرِحَتَا فَفِيهِمَا الْقَوَدُ ، وَلَا قَوَدَ فِي رَضِّهِمَا لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ

وَإِنْ ذَهَبَ : كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ ، فَإِنْ حَصَلَ ، أَوْ زَادَ ، وَإِلَّا فَدِيَةٌ : مَا لَمْ يَذْهَبْ

( وَإِنْ ذَهَبَ ) مِنْ مَعْصُومٍ ( كَبَصَرٍ ) وَسَمْعٍ وَكَلَامٍ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي ( بِ ) سَبَبِ ( جُرْحٍ ) فِيهِ الْقِصَاصُ مِنْ مُكَلَّفٍ غَيْرِ حَرْبِيٍّ إلَخْ عَمْدًا عُدْوَانًا بِأَنْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ مِنْهُ بَصَرُهُ مَثَلًا ( اُقْتُصَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ ( مِنْهُ ) أَيْ الْجَانِي بِمِثْلِ جُرْحِهِ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ .
( وَإِنْ حَصَلَ ) لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مِثْلُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَطْ ( أَوْ زَادَ ) الْحَاصِلُ لِلْجَانِي عَلَى مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَصَرُهُ وَذَهَبَ مِنْ الْجَانِي بَصَرُهُ وَسَمْعُهُ مَثَلًا فَقَدْ اسْتَوْفَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَقَّهُ وَالزَّائِدُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا دَخْلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْجَانِيَ ظَالِمٌ ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يَذْهَبْ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَانِي أَوْ ذَهَبَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذَهَبَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ( فَدِيَةٌ ) مِثْلُ ( مَا ) أَيْ مَعْنَى ( لَمْ يَذْهَبْ ) مِنْ الْجَانِي فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَعَلَى عَاقِلَتِهِ عِنْدَ أَشْهَبَ إنْ كَانَتْ ثُلُثًا فَأَكْثَرَ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، وَلَا يَصِحُّ إبْقَاءُ كَلَامِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ بَصَرُ الْجَانِي مَثَلًا ، وَقَدْ يَكُونُ امْرَأَةً وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ذَكَرًا مَعَ أَنَّ الْجَانِيَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا الْحَالِ دِيَةُ بَصَرِ الرَّجُلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا دِيَةُ بَصَرِ الْمَرْأَةِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ ، وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا ، وَلَوْ قَالَ فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ فِي مَالِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لَسَلِمَ مِنْ التَّكَلُّفِ قَالَهُ عج وَتَلَامِذَتُهُ .
الْبُنَانِيُّ فِي تَصْوِيبِهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ غُرْمَ دِيَةِ جَمِيعِ مَا ذَهَبَ ، وَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي بَعْضُ ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهَا إنْ

أَوْضَحَهُ مُوضِحَةً عَمْدًا فَذَهَبَ بِهَا سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ أُقِيدَ مِنْ الْمُوضِحَةِ بِعَمْدِ الْبُرْءِ ، فَإِنْ بَرِئَ الْجَانِي وَلَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ وَعَقْلُهُ بِذَلِكَ كَانَ فِي مَالِهِ دِيَتَانِ دِيَةُ سَمْعٍ وَدِيَةُ عَقْلٍ ، وَقَدْ يَجْتَمِعُ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قَوَدٌ وَعَقْلٌ ، وَمَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ فَشُلَّتْ ضُرِبَ الضَّارِبُ كَمَا ضَرَبَ ، فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ .
أَشْهَبُ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ فَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدُ ابْنِ الْحَاجِبِ ، أَمَّا الْمَعَانِي فَكَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، فَإِنْ ذَهَبَ شَيْءٌ مِنْهَا بِسِرَايَةِ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ كَمُوضِحَةٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فِيهَا ، فَإِنْ ذَهَبَ مِنْهُ اسْتَوْفَى وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مَالِهِ

وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ ، فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ ، وَإِلَّا فَالْعَقْلُ : كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ

( وَإِنْ ) ضَرَبَهُ بِعَصًا أَوْ لَطَمَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَ ( ذَهَبَ ) بَصَرُهُ ( وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ ) لَمْ تَنْخَسِفْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( فَإِنْ اُسْتُطِيعَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ أَنْ يُفْعَلَ بِالْجَانِي فُعِلَ ( كَذَلِكَ ) أَيْ فِعْلُ الْجَانِي فِي إذْهَابِ بَصَرِهِ مَعَ قِيَامِ عَيْنِهِ فُعِلَ بِهِ ، فَقَدْ رُفِعَ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَجُلٌ لَطَمَ رَجُلًا فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ فَحَكَمَ بِالْقِصَاصِ مِنْهُ فَأَعْيَا عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ حَتَّى أَتَى عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَمَرَ بِجَعْلِ كُرْسُفٍ عَلَى عَيْنِ الْمُصِيبِ وَاسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ بِهَا فَذَهَبَ بَصَرُهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْتَطَعْ فِعْلُ ذَلِكَ بِالْجَانِي ( فَالْعَقْلُ ) مُتَعَيِّنٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْفِعْلِ الْمُذْهِبِ لِلْمَعْنَى إنْ أَمْكَنَ وَلُزُومُ الْعَقْلِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَقَالَ ( كَأَنْ شُلَّتْ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ بَطَلَتْ ( يَدُهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( بِ ) سَبَبِ ( ضَرْبَةٍ ) لَا قِصَاصَ فِيهَا مِنْ الْجَانِي عَمْدًا عُدْوَانًا ، فَإِنْ اُسْتُطِيعَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ مَا يَشُلُّ يَدَهُ فَعَلَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ .
طفي عج أَيْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهَا بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَافْتَرَقَتْ هَذِهِ مِمَّا قَبْلَهَا .
ا هـ .
وَفَرَّقَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَهُمَا بِفَرْقٍ آخَرَ فَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَفِيهَا إذَا ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ الْقَوَدُ مِنْ الْبَيَاضِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ أُقِيدَ مَا نَصُّهُ أَتَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَنْسُوبَةً لِلْمُدَوَّنَةِ ، لِأَنَّهَا تُوهِمُ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي الْمُوضِحَةِ الَّتِي أَذْهَبَتْ الْبَصَرَ وَالسَّمْعَ ، فَإِنَّ الْمَذْهَبَ هُنَاكَ مُتَّفِقٌ عَلَى عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مُجَرَّدٌ ، وَلَا مُنَاقَضَةَ عِنْدَ الشُّيُوخِ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الضَّرْبَ هُنَاكَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ

وَالضَّرْبُ هُنَا فِي الْعَيْنِ نَفْسِهَا ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ فَقْءِ عَيْنِ الْجَانِي لِأَنَّهُ أَزْيَدُ مِمَّا فَعَلَهُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ .
ا هـ .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا ، وَكَذَا أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا ، وَفِي فَرْقِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الضَّرْبَ مَهْمَا كَانَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَ مَعَ أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَشُلَّتْ ، فَإِنَّ الضَّارِبَ يُضْرَبُ مِثْلَهَا قِصَاصًا ، فَإِنْ شُلَّتْ يَدُهُ وَإِلَّا كَانَ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ .
ا هـ .
فَلَمْ يَذْكُرْ الْقِصَاصَ مِنْ الشَّلَلِ إنْ أَمْكَنَ مَعَ أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ أَشْهَبَ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ ، وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِهِ تَقْيِيدًا أَوْ خِلَافًا نَظَرٌ وَالْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ ، وَهَذَا يَبْطُلُ فَرْقَ عج لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ مَهْمَا ذَهَبَتْ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ، وَقَدْ عَلِمْت خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِيهِ عَنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِي ذَلِكَ ، وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ ، سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الشَّلَلِ هِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَّارِ ، وَإِذَا ضُرِبَتْ الْعَيْنُ فَذَهَبَ بَصَرُهَا وَبَقِيَ جَمَالُهَا فَفِيهَا عَقْلُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَلَا قَوَدَ فِيهَا ، وَإِنْ أَتَى ذَلِكَ مِنْهَا عَمْدًا لِأَنَّهُ لَا يُوصَلُ إلَى الْقَوَدِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْيَدُ إذَا شُلَّتْ

وَلَمْ تَبِنْ وَكَذَلِكَ اللِّسَانُ إذَا أُخْرِسَ وَلَمْ يُقْطَعْ هَذِهِ سَبِيلُ كُلِّ مَا ذَهَبَتْ مَنْفَعَتُهُ وَلَمْ يَبِنْ عَنْ جُثْمَانِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَبَقِيَ جَمَالُهُ ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَفِيهِ عَقْلُهُ كَامِلًا وَلَا قَوَدَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ عَمْدًا ، وَيُؤَدَّبُ الْجَانِي مَعَ أَخْذِ الْعَقْلِ مِنْهُ ، وَإِذَا ضَرَبَ رَجُلٌ عَيْنَ رَجُلٍ فَأَدْمَعَهَا أَوْ ضَرَبَ سِنَّهُ فَحَرَّكَهَا أَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَأَوْهَنَهَا اُسْتُؤْنِيَ بِجَمِيعِ ذَلِكَ سَنَةً فَمَا آلَ إلَيْهِ أَمْرُ الْعَيْنِ وَالسِّنِّ وَالْيَدِ بَعْدَ السَّنَةِ حُكِمَ بِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ا هـ .

وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ ، أَوْ سَرِقَةٍ ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ ، فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
( وَإِنْ قُطِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( يَدُ ) إنْسَانٍ ( قَاطِعِ ) يَدِ آخَرَ عَمْدًا عُدْوَانًا أَوْ خَطَأً قَبْلَ الْقِصَاصِ أَوْ أَخْذِ الدِّيَةِ ، وَصِلَةُ قُطِعَتْ ( بِسَمَاوِيٍّ ) مَنْسُوبٌ لِلسَّمَاءِ لِكَوْنِهِ لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ انْفَرَدَ بِهِ رَافِعُ السَّمَاءِ بِلَا عَمْدٍ كَجُذَامٍ وَصَاعِقَةٍ ( أَوْ ) قُطِعَتْ بِسَبَبِ ( سَرِقَةٍ ) لَرُبُع دِينَارٍ مَثَلًا ( أَوْ ) قُطِعَتْ بِ ( قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ يُقْطَعُ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ آخَرَ فَاقْتَصَّ مِنْهُ .
الثَّانِي قَبْلَ قِيَامِ الْأَوَّلِ ( فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ كَمَوْتِ الْجَانِي قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْهُ .
فِيهَا إنْ ذَهَبَتْ يُمْنَى مَنْ قَطَعَ يُمْنَى رَجُلٍ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ بِقَطْعِ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعَةِ يَمِينُهُ ، وَلَوْ فَقَأَ أَعْيُنَ جَمَاعَةٍ الْيُمْنَى وَقْتًا بَعْدَ وَقْتٍ فَلْتُفْقَأْ عَيْنُهُ لِجَمِيعِهِمْ ، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ وَالرِّجْلِ ، وَمَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا ثُمَّ رَجُلًا آخَرَ قُتِلَ وَلَا شَيْءَ لَهُمْ عَلَيْهِ .

وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمِرْفَقِ ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، أَوْ الدِّيَةُ .
كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ

( وَإِنْ قَطَعَ ) شَخْصٌ ( أَقْطَعُ ) أَيْ مَقْطُوعُ ( الْكَفِّ ) الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ يُمْنَى آخَرَ سَلِيمَةَ الْكَفِّ فَقَطَعَهَا أَقْطَعُ الْكَفِّ ( مِنْ الْمِرْفَقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ) بِقَطْعِ مَقْطُوعَةِ الْكَفِّ مِنْ مِرْفَقِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ لِأَنَّ خِيَارَهُ يَنْفِي ضَرَرَهُ ( أَوْ الدِّيَةُ ) لِيَدِهِ التَّامَّةِ لِأَنَّ يَدَ الْجَانِي نَاقِصَةُ الْكَفِّ ، وَلَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ عَنْهَا إلَى غَيْرِهَا ، وَلَا يَتَعَيَّنُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ ، وَلَا الدِّيَةُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَمْدٌ .
أَبُو عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ أَنَّ الشَّلَّاءَ كَالْمَيِّتَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ ، فَفِي سَاعِدِهَا مَنْفَعَةٌ .
وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ ( كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ ) الَّذِي قَطَعَ ذَكَرًا بِحَشَفَةٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ وَأَخْذِ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ مَالِ الْجَانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْيُمْنَى يُمْنَى رَجُلٍ صَحِيحَةً مِنْ الْمِرْفَقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ أَوْ قَطْعُ الذِّرَاعِ النَّاقِصَةِ مِنْ الْمِرْفَقِ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْعَقْلُ ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلَهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ أَثَرَ قَوْلِهِ .
وَقِيلَ يُخَيَّرُ فِي قَطْعِ الشَّلَّاءِ ، فَفَهِمَ عَنْهُ بَعْضُهُمْ بِذَلِكَ مُنَاقَضَتَهُ قَوْلَهَا فِي الشَّلَّاءِ بِقَوْلِهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ ، وَفِي تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْيَدَ الشَّلَّاءَ كَمَيِّتٍ ، وَالْمَيِّتُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ ، وَاَلَّذِي قُطِعَتْ كَفُّهُ أَوْ أَصَابِعُهُ بَقِيَ سَاعِدُهُ ، وَهُوَ بَعْضُ حَقِّهِ ابْنُ الْحَاجِبِ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةُ كَأَقْطَعِ الْكَفِّ وَعَيْنِ الْأَعْمَى وَلِسَانِ الْأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
قُلْت لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهَا فِي أَقْطَعِ الْكَفِّ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ شَبَّهَ أَقْطَعَ الْحَشَفَةِ بِأَقْطَعِ الْكَفِّ ، وَشَبَّهَ عَيْنَ الْأَعْمَى وَلِسَانَ

الْأَبْكَمِ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ وَاضِحٌ جَارٍ عَلَى تَفْرِيقِ أَبِي عِمْرَانَ الْمُتَقَدِّمِ ، وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّ الْجَمِيعَ سَوَاءٌ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ الذَّكَرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةُ وَالْحَدَقَةُ الْعَمْيَاءُ وَلِسَانُ الْأَبْكَمِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ قَوْلُهُ كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْغَيْرِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ أَوَّلًا يَتَخَلَّصُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ كَمَا اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ فَسَالِمٌ مِنْ الْإِشْكَالِ عِنْدَ التَّأَمُّلِ ا هـ .

وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ ، وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ ، وَفِي الدِّيَةِ

( وَتُقْطَعُ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ يَدُ أَوْ رِجْلُ الْجَانِي عَمْدًا عُدْوَانًا ( النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا ) خِلْقَةً أَوْ بِقَطْعٍ ( بِ ) يَدِ أَوْ رِجْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( الْكَامِلَةِ ) أَصَابِعُهُمَا بِلَا خِيَارٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدِّيَةِ ( بِلَا غُرْمٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ عَلَى الْجَانِي لِدِيَةِ الْأُصْبُعِ الَّتِي لَا نَظِيرَ لَهَا فِي يَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ ( إنْ نَقَصَتْ ) يَدُ الْجَانِي أَوْ رِجْلُهُ ( أَكْثَرَ ) مِنْ أُصْبُعٍ ( فِيهِ ) أَيْ الْقِصَاصِ ( وَفِي ) أَخْذِ ( الدِّيَةِ ) مِنْ مَالِ الْجَانِي ، أَيْ دِيَةِ أَصَابِعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّتِي لَيْسَ لِلْجَانِي مِثْلُهَا وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ الدِّيَةَ .
تت يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ أَكْثَرَ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَيَانِ أَرْبَعُ أَصَابِعَ وَالْمَنْصُوصُ أُصْبُعَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ .
ا هـ .
وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحُ .
عب مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ أَحْرَى بِالتَّخْيِيرِ فَلَا يَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ التَّخْيِيرُ فِي مَقْطُوعِ الْكَفِّ إذَا قُطِعَ سَالِمُهُ مِنْ مِرْفَقِهِ ، وَنَاهِيك بِصَاحِبِ الْبَيَانِ إنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا وَهُوَ رَمْزٌ لِقَوْلِ شَاعِرِ بَنِي الْمُهَلَّبِ .
إنَّمَا الدُّنْيَا أَبُو دُلَفٍ بَيْنَ بَادِيهِ وَمُحْتَضِرِهِ فَإِذَا وَلَّى أَبُو دُلَفٍ وَلَّتْ الدُّنْيَا عَلَى أَثَرِهِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ لَفْظُ أَكْثَرَ فِي نَصِّ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي " ق " وَأَبُو دُلَفٍ كُنْيَةُ كَرِيمٍ مِنْ كُرَمَاءِ الْعَرَبِ اسْمُهُ الْقَاسِمُ بْنُ عِيسَى ، حَكَى أَنَّ الْمَأْمُونَ الْخَلِيفَةَ أَحْضَرَهُ وَقَالَ لَهُ كَيْفَ تَجْعَلُ أَبَا دُلَفٍ الدُّنْيَا ، فَقَالَ أَنْتُمْ أَهْلُ الْبَيْتِ فَلَا يَفْضُلُ عَلَيْكُمْ ، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ وَقَتَلَهُ .
طفي اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى لَفْظِ ابْنِ

الْحَاجِبِ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى تَعَقُّبِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بِحَالٍ .

وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ : وَلَوْ إبْهَامًا لَا أَكْثَرُ
( وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) أَوْ رِجْلُهُ ( أُصْبُعًا ) أَوْ وَبَعْضَ آخَرَ خِلْقَةً أَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةٍ سَابِقَةٍ ( فَالْقَوَدُ ) مِنْ يَدِ الْجَانِي الْكَامِلَةِ الْأَصَابِعِ إنْ كَانَ النَّاقِصُ غَيْرَ إبْهَامٍ ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( إبْهَامًا ) وَلَا غَرَامَةَ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِلْجَانِي وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الْجَوَابِ ( لَا ) قَوَدَ عَلَى الْجَانِي إنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( أَكْثَرَ ) مِنْ أُصْبُعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ أُصْبُعَيْنِ كَامِلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دِيَتُهُ فِي مَالِ الْجَانِي ، وَتَنْدَرِجُ فِيهَا الْكَفُّ ، وَإِنْ أُصْبُعًا فَلَهُ دِيَتُهَا ، وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَإِنْ كَانَ الْكَفُّ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ .

وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ ، وَإِنْ رَضِيَا

وَ ) إنْ قَطَعَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ عَمْدًا عُدْوَانًا يَدَ مَعْصُومٍ مِنْ مِرْفَقِهَا فَ ( لَا يَجُوزُ ) الْقِصَاصُ مِنْ يَدِ الْجَانِي ( بِكُوعٍ ) أَيْ مِنْهُ ( لِ ) مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ قَطْعٍ مِنْ ( مِرْفَقٍ ) إنْ طَلَبَهُ أَحَدُهُمَا وَأَبَاهُ الْآخَرُ ، بَلْ ( وَإِنْ رَضِيَا ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَالْجَانِي بِالْقِصَاصِ مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِيهِ إنْ أَمْكَنَتْ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَطَعَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَلَا يَجُوزُ مِنْ الْكُوعِ وَلَوْ رَضِيَا .
قُلْت هَذَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْوَاضِحَةِ مَعْزُوًّا لِلْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ ، وَقَبْلَهُ الشَّيْخُ وَغَيْرُهُ ، وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ ، أَحَدُهُمَا الدَّلِيلُ الْعَامُ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ يَدْفَعُ مَا هُوَ أَضَرَّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ ، وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمِرْفَقِ ضَرُورَةً .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَزِمَ أَحَدُ ضَرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفَّهُمَا .
وَالثَّانِي دَلِيلُ مَا فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ أَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَوْ أَشْهَبَ فِيمَنْ ذَهَبَ بَعْضُ كَفِّهِ بِرِيشَةٍ جَرَحَتْهُ وَخَافَ عَلَى مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْهَا فَقِيلَ لَهُ اقْطَعْ يَدَكَ مِنْ الْمَفْصِلِ ، فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ قَطْعِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا لَمْ يُخَفْ إذَا لَمْ تُقْطَعْ يَدُهُ مِنْ مَفْصِلِهَا إلَّا عَلَى مَا بَقِيَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا إنْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْهُ ، وَإِنْ خَشِيَ إنْ لَمْ يَقْطَعْهَا مِنْ مَفْصِلِهَا أَنْ يَتَرَامَى أَمْرُ الرِّيشَةِ إلَى مَوْتِهِ مِنْهَا فَلَهُ قَطْعُهَا مِنْ مَفْصِلِهَا ، وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا إنْ كَانَ الْخَوْفُ عَلَيْهِ مِنْ الرِّيشَةِ أَكْثَرَ وَقَدْ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا لِمَنْ أَحْرَقَ الْعَدُوُّ سَفِينَتَهُ أَنْ يَطْرَحَ نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ فِيهِ هَلَاكَهُ ، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَفِرَّ مِنْ أَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ الْمَوْتَ إلَى

أَمْرٍ يَرْجُو فِيهِ النَّجَاةَ وَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ الْمَوْتَ مِنْهُ .
ابْنُ غَازِيٍّ فِي هَذَا النَّظَرِ نَظَرٌ ا هـ .
قُلْت لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ تَحْدِيدَهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ لِكِبَرٍ ، وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ ، فَالْقَوَدُ ، إنْ تَعَمَّدَ ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ

( وَ ) إنْ جَنَى ذُو عَيْنٍ سَلِيمَةٍ عَلَى عَيْنٍ ضَعِيفَةٍ فَأَذْهَبَ إبْصَارَهَا فَ ( تُؤْخَذُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ تُفْقَأُ ( الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ ) مِنْ الْجَانِي ( بِ ) الْعَيْنِ ( الضَّعِيفَةِ ) الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ضَعْفُهَا ( خِلْقَةً ) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا ( أَوْ ضَعِيفَةً مِنْ كِبَرٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ، أَيْ طُولِ عُمُرٍ ( وَ ) مِنْ ( جُدَرِيٍّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ طَرَأَ عَلَيْهَا ( أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ ) عب رَاجِعٌ لِجُدَرِيِّ وَمَا بَعْدَهُ ، بِدَلِيلِ ذِكْرِ جُدَرِيٍّ بِالْوَاوِ ، وَصَرَّحَ بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ تُؤْخَذُ ، لِأَنَّ الشَّرْطَ الْآتِيَ خَاصٌّ بِهَا ، وَسَوَاءٌ أَخَذَ بِسَبَبِ الرَّمْيَةِ عَقْلًا أَمْ لَا هَذَا ( إنْ تَعَمَّدَهُ ) أَيْ الرَّامِي الرَّمْيَ الْآنَ بَعْدَ ضَعْفِهَا بِالْجُدَرِيِّ أَوْ الرَّمْيَةِ السَّابِقَةِ ، سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الرَّمْيَ الْآنَ ( فِ ) يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ ( بِحِسَابِهِ ) أَيْ بَاقِي إبْصَارِ الْعَيْنِ بَعْدَ ضَعْفِهَا بِجُدَرِيٍّ أَوْ رَمْيَةٍ ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي نِصْفَ إبْصَارِهَا فَعَلَى الْجَانِي الْمُخْطِئِ نِصْفُ دِيَتِهَا ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ إذَا كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا كَامِلَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا إلَخْ .
الْبُنَانِيُّ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ إلَخْ ، وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ ، وَلَا لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي ، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا إلَخْ ، مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَوْ أُصِيبَتْ يَدُ رَجُلٍ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ عَيْنُهُ خَطَأً فَضَعُفَتْ فَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا إلَّا أَنَّهُ يَبْطِشُ وَيَعْمَلُ بِالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَيَبْصُرُ بِالْعَيْنِ ثُمَّ أَصَابَهَا رَجُلٌ عَمْدًا فَفِيهَا

الْقَوَدُ بِخِلَافِ الدِّيَةِ .
الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ فِي عَيْنِ الْكَبِيرِ تَضْعُفُ ثُمَّ تُصَابُ عَمْدًا فَفِيهَا الْقَوَدُ ، وَمَا نَقَصَهَا مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ كَوْكَبٍ أَوْ رَمْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا قَوَدَ فِيهَا ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْ لِنَقْصِهَا شَيْئًا .
عَبْدُ الْمَلِكِ تَأْوِيلُهُ إنْ كَانَ نَقْصًا فَاحِشًا كَثِيرًا .
ابْنُ رُشْدٍ بَعْضُ أَهْلِ النَّظَرِ تَلْخِيصُ قَوْلِ عِيسَى فِي الْعَيْنِ النَّاقِصَةِ تُصَابُ إنْ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ وَلَوْ كَثُرَ ، فَفِي إصَابَةِ بَاقِيهَا عَمْدًا الْقَوَدُ ، وَإِنْ نَقَصَتْ بِجِنَايَةٍ فَكَذَلِكَ إنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ فَالْعَقْلُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَيْسَ هَذَا بِصَحِيحٍ إنْ نَقَصَتْ كَثِيرًا وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فَالْعَقْلُ

وَإِنْ فَقَأَ سَالِمٌ عَيْنَ أَعْوَرَ ، فَلَهُ الْقَوَدُ ، وَأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ
( وَإِنْ فَقَأَ ) شَخْصٌ ( سَالِمٌ ) عَيْنَاهُ مَعًا مِنْ الْعَمَى أَوْ سَالِمٌ الْمُمَاثَلَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا فَفَقَأَ ( عَيْنَ ) شَخْصٍ ( أَعْوَرَ ) أَيْ مَنْ ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( فَلَهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( الْقَوَدُ ) بِفَقْءِ نَظِيرِ عَيْنِهِ مِنْ الْجَانِي ( أَوْ ) أَخْذُ ( الدِّيَةِ ) حَالَ كَوْنِهَا ( كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ ) أَيْ الْجَانِي لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ تُصَابُ عَمْدًا مِنْ صَحِيحٍ فَالْأَعْوَرُ مُخَيَّرٌ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذُ دِيَةِ عَيْنِهِ أَلْفُ دِينَارٍ .
مُحَمَّدٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَكُلُّ أَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ سَحْنُونٌ .
وَلِأَبِي بَكْرٍ الْأَبْهَرِيِّ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ أَنَّ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فَقَالَ هَذَا ، وَقَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَوَدُ .
مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ كَأَنَّ الْجَانِيَ صَحِيحُ الْعَيْنَيْنِ أَوْ صَحِيحُ الَّتِي مِثْلُهَا لِلْأَعْوَرِ .

وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ ، فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ وَغَيْرَهَا فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ فِي مَالِهِ

( وَإِنْ فَقَأَ ) شَخْصٌ ( أَعْوَرُ مِنْ ) شَخْصٍ ( سَالِمٍ ) أَيْ صَحِيحِ الْعَيْنَيْنِ عَيْنًا ( مُمَاثِلَةً ) لِلْعَيْنِ السَّالِمَةِ لَ ( هـ ) أَيْ الْأَعْوَرِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ( الْقِصَاصُ ) بِفَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ السَّالِمَةِ فَيَصِيرُ أَعْمَى ( أَوْ دِيَةُ مَا ) أَيْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ السَّالِمَةِ الَّتِي ( تَرَكَ ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا فَقْأَهَا أَلْفَ دِينَارٍ مَثَلًا فَالْخِيَارُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلْجَانِي .
ابْنُ عَرَفَةَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَ الصَّحِيحِ الَّتِي مِثْلُهَا بَاقِيَةً لِلْأَعْوَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ أَخْذُ دِيَةِ عَيْنِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ إنْ أَحَبَّ اقْتَصَّ ، وَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ دِيَةُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ ، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ .
عِيَاضٌ خَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِنْهَا قَوْلًا بِالتَّخْيِيرِ فِي أَخْذِ دِيَةِ جُرْحِ الْعَمْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بِوُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهَا جَبْرُ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ مِثْلَ قَوْلِ أَشْهَبَ خِلَافٌ مَعْرُوفٌ رِوَايَتُهُ ، وَتَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ فِي هَذَا .
وَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ إنَّمَا قَالَهُ لِعَدَمِ تَسَاوِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَإِحْدَى عَيْنَيْ الصَّحِيحِ ، فَلَمْ يَمْنَعْهُ الْقِصَاصُ ، إذْ هِيَ مِثْلُ عَيْنِهِ فِي الصُّورَةِ ، فَإِنْ عَدَلَ عَنْ الْقِصَاصِ إلَى الدِّيَةِ فَلَيْسَ لِلْأَعْوَرِ أَنْ يَأْبَى ذَلِكَ ، لِأَنَّهُ دَعْوَى الصَّوَابِ .
عِيَاضٌ هَذَا غَيْرُ بَيِّنٍ ، وَيَلْزَمُهُ فِيهِ الْجَبْرُ عَلَى الدِّيَةِ ، وَخَرَّجَ مِنْهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّ لِلْوَلِيِّ إذَا كَثُرَ الْقَاتِلُونَ أَنْ يُلْزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دِيَةً كَامِلَةً عَنْ نَفْسِهِ قَدْرَ دِيَتِهِ أَوْ مَنْ أَرَادَ اسْتِحْيَاءً مِنْهُمْ وَيَقْتُلُ مَنْ شَاءَ ، وَكَذَا فِي قَطْعِ جَمَاعَةٍ يَدِ رَجُلٍ .
عِيَاضٌ هَذَا لَازِمٌ لِأَبِي عِمْرَانَ عَلَى تَعْلِيلِهِ فِي زِيَادَةِ الْمِثْلِيَّةِ ، لِأَنَّ جَمَاعَةَ أَنْفُسٍ زِيَادَةٌ عَلَى نَفْسٍ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
قِيلَ

لِأَبِي عِمْرَانَ لَوْ تَعَدَّى رَجُلٌ عَلَى الْجَانِي فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَقَالَ الْمَفْقُوءَةُ عَيْنُهُ أَوَّلًا لِلْجَانِي عَلَى مَنْ جَنَى عَلَيْهِ أَنْتَ أَتْلَفَتْ عَيْنًا كُنْت أَسْتَحِقُّ فَقْأَهَا أَوْ أَلْفَ دِينَارٍ عَنْهَا فَاغْرَمْ لِي قِيمَةَ مَا أَتْلَفْت عَلَيَّ لِأَنَّ دِيَتَهَا كَثَمَنٍ مُتَوَاطَأٍ عَلَيْهِ فِي سِلْعَةٍ اُسْتُهْلِكَتْ .
قَالَ فِي هَذَا نَظَرٌ ، وَأَشَارَ إلَى تَنْظِيرِهَا بِرَهْنٍ فِي أَلْفِ دِينَارٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ اُسْتُهْلِكَ ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ دُونَ مَا رَهَنَ فِيهِ .
قِيلَ لَهُ الْأَعْوَرُ كَانَ مَجْبُورًا عَلَى افْتِكَاكِ عَيْنِهِ بِالْأَلْفِ ، وَلَيْسَ الرَّاهِنُ كَذَلِكَ ، إذْ لَيْسَ مَجْبُورًا عَلَى افْتِكَاكِهِ ، إذْ لَهُ إسْلَامُهُ .
قَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ الْجَانِي عَدِيمًا لَجُبِرَ عَلَى الْأَلْفِ فَتَرَجَّحَ فِيهَا ، وَقَالَ اُنْظُرْ لَوْ قَالَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَانَ لِي أَنْ أَتَّبِعَ الْأَعْوَرَ بِالْأَلْفِ عَلَيْهِ ، وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ هِيَ سَمَاعُ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ .
قَوْلُ مَالِكٍ يُخَيَّرُ الصَّحِيحُ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ دِيَةِ عَيْنِهِ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ يُخَيَّرُ فِي الْقَوَدِ وَأَخْذِ دِيَةِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَلْفِ دِينَارٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلُهُ الْآخَرُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَحْسَنُ مَا سَمِعْت أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا الْقَوَدُ مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَمْرٍ ، فَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً فَإِنَّمَا لَهُ عَقْلُ الَّتِي فُقِئَتْ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى تَخْيِيرِهِ فِي فَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ أَوْ دِيَتِهَا أَلْفِ دِينَارٍ .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ الْأَوَّلُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ لِلْوَلِيِّ جَبْرَ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ ، وَقَوْلُهُ الْأَخِيرُ الَّذِي قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ أَحْسَنُ مَا سَمِعْت قِيَاسًا عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِهِ وَرِوَايَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ جَبْرُ الْقَاتِلِ .
( وَإِنْ فَقَأَ ) الْأَعْوَرُ مِنْ السَّالِمِ ( غَيْرَهَا ) أَيْ غَيْرَ مُمَاثِلَتِهِ بِأَنْ

فَقَأَ مِنْهُ مِثْلَ الْعَوْرَاءِ عَمْدًا عُدْوَانًا ( فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ ) يَلْزَمُ الْجَانِيَ ( فِي مَالِهِ ) وَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ ، وَفِيهَا إنْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى يُمْنَى صَحِيحٍ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَإِنْ فَقَأَهَا عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ وَلَا يُقَادُ مِنْ يَدٍ أَوْ يَمِينٍ أَوْ سِنٍّ إلَّا بِمِثْلِهَا

وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ ، فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ

( وَإِنْ فَقَأَ ) الْأَعْوَرُ ( عَيْنَيْ ) بِفَتْحِ النُّونِ مُثَنَّى عَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ إلَى شَخْصِ ( السَّالِمِ ) الْعَيْنَيْنِ عَمْدًا عُدْوَانًا ( فَالْقَوَدُ ) بِفَقْءِ عَيْنِ الْأَعْوَرِ بِمُمَاثَلَتِهَا ( وَنِصْفُ الدِّيَةِ ) فِي مَالِ الْأَعْوَرِ الْجَانِي ، وَسَوَاءٌ فَقَأَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا أَوْ ابْتَدَأَ بِفَقْءِ الَّتِي لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَمْ يُخَيَّرْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ الْمُمَاثِلَةِ وَأَخْذِ دِيَتِهَا أَلْفُ دِينَارٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَنِصْفُهَا فِي الْعَيْنَيْنِ ، وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ مِنْ أَنَّ فِيهِمَا دِيَةً كَامِلَةً فَقَطْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ عَيْنَيْ الصَّحِيحِ فَالْقِصَاصُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ فَقَأَهُمَا مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ بَدَأَ بِالْمَعْدُومَةِ فَكَمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا ثُمَّ ثَنَّى بِالْأُخْرَى فَأَلْفُ دِينَارٍ مَعَ الْقِصَاصِ الْمُوضِحِ لِأَنَّهُ لَمَّا فَقَأَ الَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ ، وَصَارَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَعْوَرَ فَوَجَبَ فِي عَيْنِهِ أَلْفُ دِينَارٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي السَّمَاعِ وَقَالَ أَشْهَبُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْأَخِيرِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَقَأَ عَيْنَيْ الصَّحِيحِ مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ عَيْنِهِ مَعَ أَخْذِ دِيَةِ عَيْنِهِ الْأُخْرَى خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَرَكَ عَيْنَ الْجَانِي وَأَخَذَ عَقْلَهَا أَلْفًا مَعَ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ عَقْلِ الْأُخْرَى وَإِنْ فَقَأَهُمَا فِي مَجْلِسَيْنِ فَإِنْ بَدَأَ بِفَقْءِ مِثْلِ الَّتِي هِيَ بَاقِيَةٌ خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي فَقْءِ عَيْنِ الْجَانِي وَأَخْذِ عَقْلِهَا أَلْفَ دِينَارٍ ، وَإِنْ بَدَأَ بِفَقْءِ مِثْلِ الذَّاهِبَةِ مِنْهُ فَإِنَّمَا لَهُ عَقْلُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَعَلَيْهِ فِي الْأُخْرَى الْقَوَدُ .
وَ الشَّيْخُ رَوَى عَلِيٌّ إنْ فَقَأَ أَعْوَرُ عَيْنَيْ صَحِيحٍ عَمْدًا فَلَهُ فَقْءُ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَأَخْذُ

دِيَةِ عَيْنِهِ خَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ .
أَشْهَبُ إنْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنْ بَدَأَ بِمِثْلِ الَّتِي هِيَ عَيْنُهُ الْعَوْرَاءُ فَلَهُ فِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْأُخْرَى الْقَوَدُ ، وَإِنْ بَدَأَ بِمِثْلِ عَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ فَلَهُ فِيهَا الْقَوَدُ ، وَفِي الْأُخْرَى أَلْفُ دِينَارٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَنَبَتَتْ : فَالْقَوَدُ ، وَفِي الْخَطَإِ : كَالْخَطَإِ ؛

( وَإِنْ قُلِعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( سِنٌّ ) عَمْدًا عُدْوَانًا مِنْ مَعْصُومٍ مُثْغِرٍ وَأُعِيدَتْ مَكَانَهَا أَوْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا ( فَثَبَتَتْ ) أَوْ نَبَتَ مَكَانَهَا أُخْرَى ( فَالْقَوَدُ ) لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجِنَايَةِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ إيلَامُ الْجَانِي لِرَدْعِهِ وَرَدْعِ أَمْثَالِهِ وَلِأَنَّهَا لَا تَعُودُ عَلَى أَصْلِ عُرُوقِهَا ( وَفِي ) قَلْعِ ( الْخَطَأِ ) وَثُبُوتِهَا بَعْدَهُ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِثُبُوتِهَا حُكْمُهُ فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ ( كَ ) دِيَةِ ( الْخَطَأِ ) فِي قَلْعِهَا وَلَمْ تَثْبُتْ ، وَفِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَمُنَقَّلَةٍ يُؤْخَذُ عَقْلُهَا ثُمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ ، وَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ فَرُدَّتْ وَثَبَتَتْ فَلَا يَرُدُّ الْآخِذُ شَيْئًا مِنْهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ طُرِحَتْ سِنُّهُ عَمْدًا فَرَدَّهَا فَثَبَتَتْ فَلَهُ الْقَوَدُ فِيهَا ، وَكَذَلِكَ الْإِذْنُ ، وَلَوْ رَدَّ السِّنَّ فِي الْخَطَأِ فَثَبَتَتْ كَانَ لَهُ الْعَقْلُ وَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ ضُرِبَ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَأَخَذَ الْعَقْلَ بَعْدَ السَّنَةِ ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ عَقْلُهُ فَلَا يَرُدُّهُ وَهُوَ حُكْمٌ مَضَى .
ابْنُ رُشْدٍ مَثَّلَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ فِيمَنْ ضُرِبَتْ عَيْنُهُ فَنَزَلَ الْمَاءُ فِيهَا وَابْيَضَّتْ فَأَخَذَ دِيَتَهَا ثُمَّ زَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا ، وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ إنْ قَضَى بِهِ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ وَالْأَنَاةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي بَيَاضِ الْعَيْنِ وَنُزُولِ الْمَاءِ فِيهَا يَرُدُّ مَا أَخَذَ فَقِيلَ لَهُ هُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَقْلِ وَلَا فَرْقَ .
وَقِيلَ قَوْلُهُ فِي الْعَقْلِ لِأَشْهَبَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَقْلَ ذَهَبَ حَقِيقَةً ثُمَّ عَادَ وَالْبَصَرُ سَتَرَهُ سَاتِرٌ دُونَ ذَهَابِهِ حَقِيقَةً فَانْكَشَفَ فَظَهَرَ بِرُجُوعِهِ خَطَأُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالدِّيَةِ فَتَحْصُلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالِ ، ثَالِثُهَا يَرُدُّ فِي الْبَصَرِ لَا فِي الْعَقْلِ .
وَلَوْ عَادَ الْبَصَرُ أَوْ الْعَقْلُ

قَبْلَ الْحُكْمِ فَلَا يُقْضَى لَهُ بِشَيْءٍ اتِّفَاقًا ، وَحُكْمُ السَّمْعِ حُكْمُ الْبَصَرِ وَسِنُّ الْكَبِيرِ يُقْضَى لَهُ بِعَقْلِهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا فَثَبَتَ فَلَا يَرُدُّ عَقْلَهَا اتِّفَاقًا ، إذْ لَا تَرْجِعُ عَلَى قُوَّتِهَا ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَرِوَايَتُهُ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ وَالْأُذُنُ كَالسِّنِّ إذَا رَدَّهَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَثَبَتَتْ .
وَاخْتُلِفَ إذَا رَدَّهُمَا فَثَبَتَتَا وَعَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْعَقْلِ ثَالِثُهَا فِي السِّنِّ لَا الْأُذُنِ ، ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ فِي الْقَوَدِ فِيهِمَا لَوْ عَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا ، فَإِنْ اقْتَصَّ بَعْدَ أَنْ عَادَتَا لِهَيْئَتِهِمَا فَعَادَتْ أُذُنُ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ كَذَلِكَ ، فَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ عَادَتْ سِنُّ الْمُسْتَقَادِ مِنْهُ أَوْ أُذُنِهِ وَلَمْ تَعُدْ سِنُّ الْأَوَّلِ وَلَا أُذُنُهُ غَرِمَ الْعَقْلَ قَالَهُ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ

وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَالْوَلَاءِ ؛ إلَّا الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ

( وَالِاسْتِيفَاءُ ) أَيْ طَلَبُ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ ( لِلْعَاصِبِ ) لِلْمَقْتُولِ بِنَفْسِهِ نَسَبًا إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِلْإِمَامِ ، وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا يَنْبَغِي لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ كَافِرًا ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ وَخَرَجَ الْجَدُّ لِلْأُمِّ وَالْأَخُ لَهَا وَالزَّوْجُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَصَبَةُ ، وَاخْتَلَفَتْ دَرَجَاتُهُمْ فَيُرَتَّبُونَ هُنَا ( كَ ) تَرَتُّبِهِمْ فِي الْإِرْثِ بِ ( الْوَلَاءِ ) فِي تَقْدِيمِ ابْنٍ وَابْنِهِ وَإِنْ سَفَلَ ثُمَّ الْأَبِ إلَخْ ( إلَّا الْجَدَّ ) الْأَقْرَبَ ( وَالْإِخْوَةَ ) الْأَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ ( فَ ) هُمَا ( سِيَّانَ ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ، أَيْ مُسْتَوِيَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَيَلِيهِمْ بَنُو الْإِخْوَةِ ، وَلَمْ يَقُلْ كَالْإِرْثِ الْمُغْنِي عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ الْجَدَّ الْمُسَاوِي لِلْإِخْوَةِ هُنَا هُوَ الْجَدُّ الْأَقْرَبُ وَالْمُسَاوِي لَهُمْ فِي الْإِرْثِ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا .
الْبُنَانِيُّ أَحَالَ عَلَى مَرَاتِبِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ ، بَلْ أَحَالَهَا عَلَى صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْهَا هُنَاكَ ، بَلْ قَالَ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ فَالْأَوْلَى الْإِحَالَةُ عَلَى النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ إلَخْ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَحَقُّ بِالدَّمِ حَصَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ ذُو تَعْصِيبٍ ذُو بُنُوَّةٍ أَقْرَبُهُ يَحْجُبُ أَبْعَدَهُ ، ثُمَّ ذُو الْأُبُوَّةِ أَقْرَبُهُ يَحْجُبُ أَبْعَدَهُ وَوَلَدُ الْأَقْرَبِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ فِي الْأَبِ دَنِيَّةً وَالْأَعْمَامُ فِي غَيْرِهِ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ مِنْ أَبِيهِ كَالْأَحَقِّيَّةِ فِي وَلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْجَنَائِزِ وَالْوَلَاءُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنَّهُ جَعَلَ الْجَدَّ كَالْإِخْوَةِ .
قُلْت اللَّخْمِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ الْإِخْوَةُ أَحَقُّ مِنْ الْجَدِّ كَالْوَلَاءِ وَوَافَقَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَلَاءِ .
قُلْت فِي النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدِ

بْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ مَجَالِسِهِ الْأَخُ أَوْلَى مِنْ الْجَدِّ .
مُحَمَّدٌ أَظُنُّهُ غَلِطَ مِمَّنْ أَخْبَرَنِي بِهِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ .
قُلْت عَزَاهُ ابْنُ حَارِثٍ لِسَحْنُونٍ فَقَطْ الشَّيْخُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لِلْأُمِّ فِي الدَّمِ اللَّخْمِيُّ فِي لَغْوِ التَّرْجِيحِ بِالشَّرِكَةِ فِي الْأُمِّ بَيْنَ الْإِخْوَةِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، قُلْت مُتَقَدِّمُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ كَالْوَلَاءِ إلَّا فِي الْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّقِيقَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ كَالْوَلَاءِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ يَكُنْ ذُو نَسَبٍ فَالْمَوْلَى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلُ لَغْوٌ .

وَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَهَلْ إلَّا فِي الْعَمْدِ ، فَكَأَخٍ ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَ ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ وَتَوَقَّفَ ثُبُوتُ الدَّمِ عَلَى قَسَامَةٍ فَ ( يَحْلِفُ ) الْجَدُّ ( الثُّلُثَ ) مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ إنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ أَخٌ يَحْلِفُ النِّصْفَ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ ( وَ ) إنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخَوَيْنِ فَ ( هَلْ ) يَحْلِفُ الثُّلُثَ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ أَوْ ( إلَّا فِي الْعَمْدِ ) فَيَحْلِفُ ( كَأَخٍ ) فَيُقَدِّرُ أَخًا زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ ، وَتُقَسَّمُ الْخَمْسُونَ عَلَى عَدَدِهِمْ ، وَيَحْلِفُ كُلٌّ مَا نَابَهُ ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَيَحْلِفُ رُبُعَهَا وَأَرْبَعَةٌ فَيَحْلِفُ خُمُسَهَا ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) لِقَوْلِهَا وَإِنْ كَانُوا عَشْرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا حَلَفَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْنِ ، فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِهَا فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ابْنُ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ ، فَأَمَّا الْخَطَأُ فَصَوَابٌ ، وَأَمَّا الْعَمْدُ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَذْهَبِهِ أَنْ تُقْسَمَ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ ، وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْخَطَأِ .
وَأَمَّا الْعَمْدُ فَكَمَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْقِيَاسُ .
ا هـ .
نَقَلَهُ بَعْضُ الشَّارِحِينَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَالْعَشَرَةُ مِثَالٌ ، وَالْمَدَارُ عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الِاثْنَيْنِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ

وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ ، وَمُغْمًى ، وَمُبَرْسَمٌ لَا مُطْبَقٌ

( وَ ) إنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا عُدْوَانًا عُصْبَةٌ بَعْضُهُمْ حَاضِرٌ وَبَعْضُهُمْ غَائِبٌ ، وَأَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ مِنْ الْقَاتِلِ ( اُنْتُظِرَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ عَاصِبٌ ( غَائِبٌ ) عَنْ بَلَدِ الْمَقْتُولِ مُسَاوٍ لِلْحَاضِرِ فِي الدَّرَجَةِ كَأَحَدِ بَنِينَ أَوْ إخْوَةٍ أَوْ أَعْمَامٍ عَسَى أَنْ يَعْفُوا فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ إذَا ( لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ ) بِأَنْ كَانَ قَرِيبًا أَوْ مُتَوَسِّطًا بِحَيْثُ يَصِلُ إلَيْهِ الْخَبَرُ ، فَإِنْ عَفَا الْحَاضِرُ فَلَا يَنْتَظِرُ الْغَائِبُ ، وَسَقَطَ الْقَتْلُ ، وَلِلْغَائِبِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ .
وَمَفْهُومُ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ عَدَمُ انْتِظَارِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ كَأَسِيرٍ بِأَرْضِ حَرْبٍ وَشِبْهِهِ وَكَمَفْقُودٍ عَجَزَ عَنْ خَبَرِهِ .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا غَائِبٌ وَالْآخَرُ حَاضِرٌ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِالْقَتْلِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ رَأْيَ الْغَائِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْغَائِبُ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ ، فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَائِبَ يُنْتَظَرُ ، وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فَفِي كِتَابِ دِيَاتِهَا ، وَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَلِلْمَقْتُولِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ ، فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ فَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَلَى الْغَائِبِ وَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ ، فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ تَعْلِيقَةِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ظَاهِرَهَا انْتِظَارُهُ وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ .
وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ ، قَالَ قَالَهُ سَحْنُونٌ فِيمَنْ بَعُدَ جِدًّا أَوْ أُيِسَ مِنْهُ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ فَلِمَنْ حَضَرَ الْقَتْلُ ثُمَّ ذَكَرَ

كَلَامَ سَحْنُونٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَحَذْفُ الصِّقِلِّيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ قُصُورٌ ا هـ .
فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْبُعْدِ جِدًّا ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ الْغَيْبَةَ بِبُعْدِهَا جِدًّا كَقَوْلِ سَحْنُونٍ ، وَكَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ حَمْلَ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا ، كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ .
وَفِي الشَّامِلِ وَفِيهَا انْتِظَارُ الْغَائِبِ وَهَلْ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ أَوْ مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ ، وَيُكْتَبُ إلَيْهِ إنْ أَمْكَنَ ، فَإِنْ أُيِسَ مِنْهُ فَلَا يُنْتَظَرُ كَأَسِيرٍ وَشِبْهِهِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : إذَا قُلْنَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ ، فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُحْبَسُ فَفِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهَا ، وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ ، وَلَا يَكْفُلَ ، إذْ لَا كَفَالَةَ فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا مِنْ الْقِصَاصِ .
الثَّانِي : ظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيِّ أَنَّهُ يُقَيَّدُ بِالْحَدِيدِ فِي الْحَبْسِ .
الثَّالِثُ : هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ لِلْقَاتِلِ مَالٌ يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ أُجْرِيَ لَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَأْكُلُ مِنْهُ أَوْ الْتَزَمَهُ أَحَدٌ ، وَإِلَّا فَانْظُرْ كَيْفَ يُعْمَلُ فِيهِ هَلْ يُطْلَقُ مِنْ السِّجْنِ وَهُوَ الظَّاهِرُ ، إذْ يَبْعُدُ أَنْ يَقُولَ أَحَدٌ بِأَنَّهُ يَخْلُدُ فِي السِّجْنِ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا .
الرَّابِعُ : هَذَا الْخِلَافُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي انْتِظَارِ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ حَيْثُ تَعَدَّدَ أَوْلِيَاءُ الدَّمِ وَغَابَ بَعْضُهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا وَلِيٌّ وَاحِدٌ غَائِبٌ أَوْ غَابَ جَمِيعُ الْأَوْلِيَاءِ فَالظَّاهِرُ انْتِظَارُهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمْ ، وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ فَرْعُ الْوَقَارِ فِي الْقَوْلَةِ قَبْلَ هَذِهِ ، لَكِنْ مَعَ نَفَقَةٍ مَوْجُودَةٍ لِلْقَاتِلِ ، هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَ فِيهَا نَصًّا مَعَ الْبَحْثِ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي الْحَسَنِ

وَالرَّجْرَاجِيِّ وَالنَّوَادِرِ وَالْبَيَانِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَكَبِيرِ بَهْرَامَ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَالذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفَرْعُ الْوَقَارِ نَصُّهُ إذَا أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَلَمْ يَعْرِفْ الْمَقْتُولَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ أَوْلِيَاءُ يَقُومُونَ بِدَمِهِ سَجَنَهُ الْحَاكِمُ وَلَا يَقْتُلُهُ فَلَعَلَّ لَهُ وَلِيٌّ يَعْفُو عَنْ دَمِهِ ا هـ .
( وَانْتُظِرَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَلِيٌّ ( مُغْمًى ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ، أَيْ غَابَ عَقْلُهُ لِشِدَّةِ مَرَضِهِ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِ ( وَ ) اُنْتُظِرَ وَلِيٌّ ( مُبَرْسَمٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ عَقِبَ رَاءٍ سَاكِنَةٍ ، أَيْ بِرَأْسِهِ وَرَمٌ يُثْقِلُ الدِّمَاغَ لِقِصَرِ مُدَّتِهِ ، إمَّا بِصِحَّةٍ مِنْهُ أَوْ مَوْتٍ بِهِ ( لَا ) يُنْتَظَرُ وَلِيٌّ ( مُطْبَقٌ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ، أَيْ مُتَوَاصِلٌ جُنُونُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ مَجْنُونًا مُطْبَقًا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ اُنْتُظِرَ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ .
ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ قَوْلُ مَنْ قَالَ يُنْتَظَرُ ، وَأَفْتَى فِيمَنْ لَهُ بَنُونَ صِغَارٌ وَعُصْبَةٌ كِبَارٌ بِانْتِظَارِ الصِّغَارِ قَائِلًا هُمْ أَحَقُّ بِالْقِيَامِ بِالدَّمِ فَسُئِلَ عَنْ فَتَيَاهُ ، بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ الْمَأْثُورَةِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ خَفِيَ عَلَى السَّائِلِ مَعْنَى ذَلِكَ ، فَظَنَّ أَنَّهُ لَا يَسُوغُ لِلْمُفْتِي الْعُدُولُ عَنْ الرِّوَايَةِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ لَا يَسُوغُ لَهُ تَقْلِيدُهَا إلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ بِصِحَّتِهَا بَيْنَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، لَا خِلَافَ فِيهَا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُخَالِفَةٌ لِلْأُصُولِ .
وَاسْتَدَلَّ عَلَى مُخَالَفَتِهَا بِمَا حَاصِلُهُ وُجُوبُ اعْتِبَارِ حَقِّ الصَّغِيرِ وَتَأْخِيرُهُ لِبُلُوغِهِ كَحَقٍّ لَهُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ ، وَبِأَنَّ لَهُ جَبْرَ الْقَاتِلِ عَلَى

الدِّيَةِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَةِ الْأَخَوَيْنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا ، وَلَا يُغْتَرُّ بِهِ فِي زَمَانِنَا ، إنَّمَا سَاغَ ذَلِكَ لَهُ لِعُلُوِّ طَبَقَتِهِ .
وَقَالَ بَعْضُ مَنْ عَاصَرَهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا ، إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي طُرَّةِ بَعْضِ نَوَازِلِهِ مَا نَصُّهُ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا ، إذْ هُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إنَّهُ أَفْتَى بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةٍ وَلَا حُجَّةٍ .
فَإِنْ قُلْت مَا هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَأْثُورَةُ فِي ذَلِكَ .
قُلْت فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَأَشْهَبُ فِي قَتِيلٍ لَهُ بَنُونَ صِغَارٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ الْقَتْلُ ، وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصِّغَارِ ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ وَهْبٍ وَلَهُمْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ وَتَكُونُ بَيْنَهُمْ ، قَالَ عَنْهُ أَشْهَبُ يَنْظُرُ لِلصِّغَارِ وَلِيُّهُمْ فِي الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى مَالٍ ، وَلَهُ أَنْ يُقْسِمَ إنْ وُجِدَ مَعَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ مَنْ يُقْسِمُ مَعَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قُرْبِهِ ثُمَّ يَكُونُ لِهَذَا الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالصَّبِيِّ الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ ، وَانْظُرْ عَزْوَهُ لِلْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ .
وَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَعْفُوا ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَفِيهَا أَيْضًا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ تَعْجِيلُ الْقَتْلِ ، وَلَا يُنْتَظَرُ أَنْ يَكْبَرَ وَلَدُهُ فَيَبْطُلَ الدَّمُ ، وَإِنْ عَفَوْا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُمْ إلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا .
وَإِنْ كَانَ أَوْلَادُ الْمَقْتُولِ صِغَارًا وَكِبَارًا ، فَإِنْ كَانَ الْكِبَارُ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا فَلَهُمْ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغَ الصِّغَارِ ، وَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِي وَالْأَصَاغِرِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ ، وَإِنْ

لَمْ يَكُنْ إلَّا وَلَدٌ كَبِيرٌ وَصَغِيرٌ فَإِنْ وَجَدَ الْكَبِيرُ رَجُلًا مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ حَلَفَ مَعَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ لَهُ الْعَفْوُ خَمْسِينَ يَمِينًا ثُمَّ لِلْكَبِيرِ أَنْ يَقْتُلَ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ حَلَفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتُؤْنِيَ الصَّغِيرُ ، فَإِذَا بَلَغَ حَلَفَ أَيْضًا خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا ثُمَّ اسْتَحَقَّ الدَّمَ ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَلِلْمَقْتُولِ وَلَدَانِ أَحَدُهُمَا حَاضِرٌ وَالْآخَرُ غَائِبٌ ، فَإِنَّمَا لِلْحَاضِرِ أَنْ يَعْفُوَ ، وَيَجُوزُ عَلَى الْغَائِبِ ، وَيَكُونُ لَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى يَحْضُرَ الْغَائِبُ وَيُحْبَسَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ وَلَا يَكْفُلُ ، إذْ لَا كَفَالَةَ فِي النَّفْسِ وَلَا فِيمَا دُونَهَا مِنْ الْقِصَاصِ .
وَإِنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَلِلْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَا يَنْتَظِرُوا الصِّغَارَ ، وَلَيْسَ الصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ : الْغَائِبُ يُكْتَبُ لَهُ فَيَصْنَعُ فِي نَصِيبِهِ مَا يُحِبُّ ، وَالصَّغِيرُ يَطُولُ انْتِظَارُهُ فَيَبْطُلُ الدَّمُ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ مَجْنُونًا مُطْبَقًا فَلِلْآخَرِ أَنْ يَقْتُلَ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِأَنَّ هَذَا مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ ا هـ .
وَفِيهَا أَيْضًا مَا هُوَ أَصْرَحُ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَإِذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا وَلَدٌ صَغِيرٌ وَعَصَبَةٌ فَلِلْعَصَبَةِ أَنْ يَقْتُلُوا أَوْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ وَيَعْفُوَ أَوْ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْفُوا عَلَى غَيْرِ مَالٍ ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ يَبْطُلُ الدَّمُ ، أَيْ إمَّا بِمَوْتِ الْقَاتِلِ حَتْفَ أَنْفِهِ أَوْ هُرُوبِهِ مِنْ السِّجْنِ ا هـ .

وَصَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ
( وَ ) لَا يُنْتَظَرُ وَلِيٌّ ( صَغِيرٌ ) وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ ( لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ ) لِإِقْرَارِ الْجَانِي بِالْقَتْلِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ وُجُودِ عَاصِبَيْنِ كَبِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرٍ مُسَاوٍ لِلصَّغِيرِ فِي الدَّرَجَةِ وَعَاصِبٍ يَسْتَعِينُ بِهِ ، فَإِنْ اقْتَصَّ الْبَالِغُ فَلَا شَيْءَ لِلصَّغِيرِ ، وَإِنْ عَفَا مَضَى عَفْوُهُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ ، فَإِنْ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَى الصَّغِيرِ حَلَفَ الْكَبِيرُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا مَعَ حُضُورِ الصَّغِيرِ وَسُجِنَ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ وَيَحْلِفَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَاسْتَحَقَّ ، فَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا

وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ ، وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ : كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ بِقَسَامَةٍ

( وَ ) الِاسْتِيفَاءُ ( لِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ ) الْمَقْتُولَ وَكُنَّ عَصَبَةً لَوْ رَجَّلْنَ فَلَا اسْتِيفَاءَ لِذَوَاتِ الْأَرْحَامِ كَالْخَالَةِ وَلَا لِلْأُخْتِ لِأُمٍّ ( وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ ) أَيْ النِّسَاءَ ( عَاصِبٌ ) بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ ، أَوْ كَانَ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ كَعَمٍّ مَعَ بَنَاتٍ فَلَا كَلَامَ لِلْبَنَاتِ مَعَ الْأَبْنَاءِ وَلَا لِلْأَخَوَاتِ مَعَ الْأَخِ وَلَا لِلْأُمِّ مَعَ الْأَبِ لِمُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ .
( وَ ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِنِسَاءٍ وَعَصَبَةٍ نَازِلِينَ عَنْ النِّسَاءِ فَ ( لِكُلٍّ ) مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ ( الْقَتْلُ ) لِقَاتِلِ وَلِيِّهِمْ ( وَلَا عَفْوَ ) مِنْهُ ( إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ) أَيْ النِّسَاءِ وَالْعَصَبَةِ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَعَفْوِ بَعْضِ النِّسَاءِ وَبَعْضِ الْعَصَبَةِ عَنْهُ كَمَا يُفِيدُ هَذَا قَوْلُهُ الْآتِي .
وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا .
الْعَدَوِيُّ الْحَاصِلُ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَكُونُ الْكَلَامُ لَهُنَّ اسْتِقْلَالًا إلَّا إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ .
وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيُشَارِكُهُنَّ فِي الْكَلَامِ الْعَصْبَةُ النَّازِلُونَ عَنْهُنَّ .
ابْنُ عَرَفَةَ النِّسَاءُ فِيهِنَّ طُرُقٌ الْبَاجِيَّ الْقَاضِي فِي أَنَّ لَهُنَّ فِي الدَّمِ مَدْخَلًا رِوَايَتَانِ ، وَعَلَى الْأُولَى فِي كَوْنِهِ فِي الْقَوَدِ لَا الْعَفْوِ وَالْعَكْسُ رِوَايَتَانِ .
اللَّخْمِيُّ مَعْرُوفٌ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي الدَّمِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ لَا شَيْءَ لَهُنَّ فِيهِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا حَقَّ فِيهِ لِمَنْ لَا إرْثَ لَهَا مِنْهُنَّ كَالْعَمَّاتِ وَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَلِمَنْ يَرِثُ مِنْهُنَّ كَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْأُمَّهَاتِ حَقٌّ فِيهِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْأُمِّ فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَابْنُ الْقَاسِمِ " رَحِمَهُ اللَّهُ " لَهَا فِيهِ حَقٌّ أَشْهَبُ لَا حَقَّ لَهَا فِيهِ مَعَ الْعَصَبَةِ وَلَا مَعَ السُّلْطَانِ ، وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ بَنَاتٍ وَإِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ وَعَصَبَةً

فِي كَوْنِ الْأَحَقِّ بِالْقَوَدِ مَنْ قَامَ بِهِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ، وَلَوْ ثَبَتَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ أَوْ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا سَقَطَ النِّسَاءُ ، ثَالِثُهَا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالنِّسَاءُ أَحَقُّ بِالْقَوَدِ وَالْعَفْوِ لِقُرْبِهِنَّ ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَالْأَوَّلُ .
ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ بِاجْتِمَاعِهِمْ اجْتِمَاعَ بَعْضِ الصِّنْفَيْنِ لِقَوْلِهَا إنْ عَفَا بَعْضُ الْبَنَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ أَوْ بَعْضُ الْأَخَوَاتِ وَبَعْضُ الْعَصَبَةِ فَلَا سَبِيلَ لِلْقَتْلِ ، وَيَقْضِي لِمَنْ بَقِيَ بِالدِّيَةِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ عَصَبَةٌ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَصَبَةُ لَغْوٌ ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَفِي كَوْنِ مَنْ قَامَ بِالْقَوَدِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَحَقَّ وَسُقُوطِ النِّسَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَسَمَاعُهُ عِيسَى وَشَبَّهَ فِي تَوَقُّفِ الْعَفْوِ عَلَى الِاجْتِمَاعِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( حُزْنَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ ، أَيْ أَخَذَ النِّسَاءِ ( الْمِيرَاثَ ) كُلَّهُ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَأَعْمَامٍ ( وَثَبَتَ ) لِلْقَتْلِ ( بِقَسَامَةٍ ) مِنْ الْأَعْمَامِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَمَنْ طَلَبَهُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى مَنْ عَفَا عَنْهُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ، وَمَفْهُومُهُ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَالنِّسَاءُ حَائِزَاتٌ لِلْمِيرَاثِ فَلَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ فِي قَتْلٍ وَلَا عَفْوَ اتِّفَاقًا .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ كَانَ مَعَ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ عَصَبَةٌ وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَالْعَصَبَةُ لَغْوٌ ، وَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَفِي كَوْنِ مَنْ قَامَ بِالْقَوَدِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ أَحَقَّ وَسُقُوطِ النِّسَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَسَمَاعُهُ عِيسَى .

وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ

( وَ ) إنْ مَاتَ بَعْضُ مَنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ جَمِيعُهُمْ وَلَهُ وَارِثٌ فَ ( الْوَارِثُ ) وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا ( كَمُوَرِّثِهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ، فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ يَسْتَقِلُّ بِالْقَتْلِ وَالْعَفْوِ فَوَارِثُهُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْعَفْوُ عَلَى اجْتِمَاعِهِ عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ فَوَارِثُهُ كَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْعَفْوِ كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ فَوَارِثُهَا كَذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَارِثُ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ مِثْلُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ .
الْخَرَشِيُّ أَيْ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ الْكَلَامُ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ الَّذِي كَانَ لِمُوَرِّثِهِ وَيَرِثُونَهُ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ ، فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ نُزِّلَ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَنْ ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَفِيهَا مَنْ قَتَلَ وَلَدًا لَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَوَرَثَتُهَا مَكَانَهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ ، كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً .
وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ ابْنًا وَبِنْتًا فَالْكَلَامُ لَهَا ، وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا فَإِنْ مَاتَ ابْنُ الْمَقْتُولِ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَارِثِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا ، وَلَوْ مَاتَتْ بِنْتُ الْمَقْتُولِ عَنْ بِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ عَمِّهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ مَاتَ وَارِثُ الْمَقْتُولِ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِالدَّمِ فَوَرَثَتُهُ مَقَامُهُ فِي الْعَفْوِ وَالْقَتْلِ ، وَإِنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الْمَقْتُولِ رَجُلٌ وَوَرَثَتُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ مَا لِلذَّكَرِ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوا الدَّمَ عَمَّنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ ، وَفِي

الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ الْقَتِيلُ عَمْدًا بِالْبَيِّنَةِ أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً فَمَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ أَوْ الْعَصَبَةُ فَوَرَثَتُهُ فِي مَنَابِهِ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ

وَلِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ ، نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ ، وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ ، وَالدِّيَةِ كَامِلَةً ، كَقَطْعِ يَدِهِ إلَّا لِعُسْرٍ فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ : بِخِلَافِ قَتْلِهِ فَلِعَاصِبِهِ ، وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ فِي عَبْدِهِ

وَ ) إنْ كَانَ الِاسْتِيفَاءُ لِكَبِيرٍ وَصَغِيرٍ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَابْنَيْنِ وَعَفَا الْكَبِيرُ سَقَطَ الْقَوَدُ وَ ( لِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ ) عَنْ الْقَتْلِ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ أَخِيهِ الْكَبِيرِ فَلِلصَّغِيرِ ( نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَ ) إنْ اسْتَحَقَّ صَغِيرٌ الِاسْتِيفَاءَ وَحْدَهُ فَ ( لِوَلِيِّهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٍ قَاضٍ ( النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ ) لِلْقَاتِلِ ( أَوْ ) الْعَفْوِ عَلَى أَخْذِ ( الدِّيَةِ ) حَالَ كَوْنِهَا كَامِلَةً ، فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ ، وَالْأَخِيرُ فِيهِمَا .
وَشَبَّهَ فِي نَظَرِ الْوَلِيِّ لِلصَّغِيرِ فَقَالَ ( كَقَطْعِ يَدِهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ عَمْدًا عُدْوَانًا فَيَنْظُرُ وَلِيُّهُ فِي قَطْعِ يَدِ الْجَانِي وَأَخْذِ دِيَةِ الْيَدِ كَامِلَةً ( إلَّا لِعُسْرِ ) الْجَانِي عَنْ الدِّيَةِ كَامِلَةً فِي النَّفْسِ ، وَعَنْ نِصْفِهَا فِي الْيَدِ ( فَيَجُوزُ ) صُلْحُهُ ( بِأَقَلَّ ) مِنْ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ وَمِنْ نِصْفِهَا فِي الْيَدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَتْرُكْ الْقَتِيلُ إلَّا وَلَدًا صَغِيرًا وَلَا وَلِيَّ لَهُ إلَّا السُّلْطَانُ أَقَامَ لَهُ وَلِيًّا يَنْظُرُ لَهُ بِالْقَتْلِ أَوْ الْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ لَا عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا إنْ كَانَ مَلِيئًا بِهَا ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهَا جَازَ عَلَى مَا يَرَى عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ ، فَإِنْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مِنْهَا وَالْقَاتِلُ مَلِيءٌ فَلَا يَجُوزُ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ .
ابْنُ رُشْدٍ أَجَازَ أَشْهَبُ صُلْحَهُ بِأَقَلَّ مِنْهَا عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ مَا لَمْ يَكُنْ بِيَسِيرٍ جِدًّا تَتَبَيَّنُ فِيهِ الْمُحَابَاةُ ، وَقَوْلُهُ أَصَحُّ عَلَى الْمَعْلُومِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ جَبْرِ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَجْبُرُهُ عَلَيْهَا .
قُلْت سَبَقَهُ سَحْنُونٌ بِهَذَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ نَقَضَ أَشْهَبُ أَصْلَهُ فِي هَذَا لِأَنَّهُ رَأَى لِلْوَلِيِّ الْجَبْرَ عَلَى الدِّيَةِ وَفِيهَا مَنْ وَجَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَمٌ عَمْدًا أَوْ

خَطَأً فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعَفْوُ إلَّا عَلَى الدِّيَةِ لَا أَقَلَّ مِنْهَا ، وَإِنْ عَفَا فِي الْخَطَأِ وَتَحَمَّلَ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ جَازَ إنْ كَانَ مَلِيئًا يُعْرَفُ مَلَاؤُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَفْوُهُ ، وَكَذَا الْعَصَبَةُ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا أَوْلِيَاءَ ، وَإِنْ جُرِحَ الصَّبِيُّ عَمْدًا وَلَهُ وَصِيٌّ فَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ الشَّيْخُ .
لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ لَوْ بَذَلَ الْجَارِحُ دِيَةَ الْجُرْحِ فَأَبَى الْوَصِيُّ إلَّا الْقَوَدَ ، فَإِنْ كَانَ مِنْ النَّظَرِ أَخْذُ الْمَالِ أَكْرَهَهُ عَلَيْهِ .
بِخِلَافِ قَتْلِهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ عَمْدًا عُدْوَانًا ( فَلِعَاصِبِهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ الْقَتْلُ وَالْعَفْوُ لَا لِوَصِيِّهِ وَمُقَدَّمِهِ لِانْقِطَاعِ وَلَايَتِهِ بِمَوْتِهِ فِيهَا ، وَإِنْ قُتِلَ الصَّغِيرُ فَوُلَاتُهُ أَحَقُّ مِنْ وَصِيِّهِ ( وَالْأَحَبُّ ) أَيْ الْأَحْسَنُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ الَّذِي قُتِلَ عَبْدُهُ عَمْدًا عُدْوَانًا ، وَكَانَ قَاتِلُهُ رَقِيقًا أَوْ كَافِرًا ( أَخْذُ الْمَالِ فِي قَتْلِ عَبْدِهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ ، إذْ لَا يُنْتَفَعُ بِالْقَتْلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا لِصَغِيرٍ عَمْدًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَخْتَارَ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَخْذَ الْمَالِ ، إذْ لَا نَفْعَ لَهُ فِي الْقَوَدِ .

وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ يَأْجُرُهُ الْمُسْتَحِقُّ ؛ وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ ؛ وَنَهَى عَنْ الْعَبَثِ

( وَيُقْتَصُّ ) مِنْ الْجَانِي عَلَى عُضْوٍ مَعْصُومٍ ( مَنْ يَعْرِفُ ) ذَلِكَ مِنْ الْعُدُولِ كَالْأَطِبَّاءِ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِرَاحِ عَدْلَيْنِ يَنْظُرَانِ ذَلِكَ وَيَقِيسَانِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا فَأَرَاهُ مُجْزِئًا إنْ كَانَ عَدْلًا ( يَأْجُرُهُ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ ، أَيْ يَسْتَأْجِرُهُ الشَّخْصُ ( الْمُسْتَحِقُّ ) لِلدَّمِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ مِنْ نَفْسِهِ .
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لَا يُمَكَّنُ ذُو الْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ مِنْ الْقِصَاصِ بِنَفْسِهِ ، بَلْ يَقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ الْقِصَاصَ .
الشَّيْخُ رَوَى مُحَمَّدٌ وَابْنُ عَبْدُوسٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجِرَاحِ عَدْلَيْنِ بَصِيرَيْنِ بِذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعَةِ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَفْضَلَ مِنْ الْآخَرِ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا أَجْزَأَ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قِيلَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَتَجْعَلُ الْمُوسَى بِيَدِ الْمَجْرُوحِ وَيُمْسِكُ الطَّبِيبُ عَلَى يَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ ، قَالَ لَا أَعْرِفُهُ ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْقِصَاصَ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ وَيَدَّعِي لَهُ أَرْفَقَ مَنْ يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْبَصِيرَةِ فَيَقْتَصُّ بِأَرْفَقَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَقِيلَ عَلَى الْمُقْتَصِّ مِنْهُ وَهُوَ بَعِيدٌ .
قُلْت كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ وَعَزَاهُ الْمُتَيْطِيُّ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ .
( وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْجُرْحِ ( لِلْوَلِيِّ ) الْمُسْتَحِقِّ لِلدَّمِ بِأَنْ يُسَلِّمَ الْقَاتِلَ لَهُ لِيَقْتُلَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَائِبٍ عَنْهُ فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ رَدُّ الْجُرْحِ لِلْمَجْرُوحِ وَلَا لِوَلِيِّهِ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ، بَلْ يَأْمُرُهُ عَدْلًا عَارِفًا بِتَوَلِّيهِ .
وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِمَا عَدَمُ الرَّدِّ ،

فَوَرَدَ النَّصُّ بِأَنَّ { النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْلَمَ الْقَاتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ ، وَقَالَ لَهُ دُونَك صَاحِبَك فَاتَّبِعْ } وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ ، فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى .
الْحَطّ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْجِرَاحِ لَا يُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ مَا جُرِحَ بِهِ ، فَإِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً مَثَلًا بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْمُوسَى ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا ( وَ ) إنْ سَلَّمَ الْحَاكِمُ الْقَاتِلَ لِلْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ ( نَهَى ) الْحَاكِمُ الْوَلِيَّ ( عَنْ الْعَبَثِ ) أَيْ التَّمْثِيلِ بِالْقَاتِلِ وَالتَّشْدِيدِ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَأَمَّا الْقَتْلُ فَيُدْفَعُ لِلْوَلِيِّ لِيَقْتُلَهُ وَيَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُهُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهَا وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْ قَتْلِهِ بِيَدِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَعَدَّى

وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ .
كَالْبُرْءِ ، كَدِيَتِهِ خَطَأً ، وَلَوْ كَجَائِفَةٍ

( وَيُؤَخَّرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا الْقِصَاصُ مِمَّا دُونَ النَّفْسِ ( لِ ) زَوَالِ ( بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ ) شَدِيدٍ يُخْشَى الْمَوْتُ مِنْ الْقِصَاصِ فِيهِ ، فَيَلْزَمُ قَتْلُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا .
ابْنُ شَاسٍ يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِلْحَرِّ الْمُفْرِطِ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ وَمَرَضِ الْجَانِي ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُحَارِبِ الَّذِي اُخْتِيرَ فِيهِ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ ، فَلَا يُؤَخَّرُ لِبَرْدٍ وَلَا لِحَرٍّ ، وَإِنْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ قَتْلَهُ أَحَدُ حُدُودِهِ .
الصِّقِلِّيُّ مُحَمَّدٌ إنْ رَأَى الْإِمَامُ قَطْعَ الْمُحَارِبِ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ فَلَا يُؤَخَّرُ ، بِخِلَافِ قَطْعِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ الْإِمَامَ لَوْ قَتَلَ هَذَا الْمُحَارِبَ جَازَ لَهُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ بِبَيِّنٍ لِأَنَّ قَطْعَ الْمُحَارِبِ إنَّمَا هُوَ بِالِاجْتِهَادِ فَمَنْ اسْتَحَقَّهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِ لِلْقَتْلِ هَكَذَا يَنْبَغِي .
ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت الْقَطْعُ عَلَى قِسْمَيْنِ قَطْعٌ مَعَ قَيْدِ السَّلَامَةِ مِنْ خَوْفِ مَوْتِهِ وَقَطْعٌ مَعَ احْتِمَالِهِ وَالْمُحَارِبُ مَعْرُوضٌ لِلثَّانِي لِعَدَمِ عِصْمَةِ دَمِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ ، فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ قَطْعَهُ مَعَ احْتِمَالِ مَوْتِهِ جَازَ ، وَالرِّوَايَةُ إنَّمَا وَقَعَتْ فِيمَنْ رَأَى الْإِمَامَ قَطْعَهُ فِي بَرْدٍ شَدِيدٍ ، أَمَّا لَوْ رَآهُ فِي غَيْرِ الْبَرْدِ وَتَأَخَّرَ إلَيْهِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْنِفَ الْإِمَامُ النَّظَرَ فِيهِ ا هـ .
وَفِيهَا مَنْ سَرَقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ قَطْعِهِ فِيهِ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْحَرُّ إنْ عُلِمَ خَوْفُهُ كَالْبَرْدِ .
الشَّيْخُ عَنْ أَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَأَمَّا فِي شِدَّةِ الْحَرِّ فَلْيَقْطَعْ ، إذْ لَيْسَ بِمُتْلِفٍ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ بَعْضُ الْخَوْفِ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلَاغًا ، وَقَالَ يُؤَخِّرُ إنْ خِيفَ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَا يُخَافُ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ .
وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ فَقَالَ ( كَالْبُرْءِ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ

وَسُكُونِ الرَّاءِ مِنْ مَرَضٍ خِيفَ مِنْ الْقَطْعِ مَعَهُ الْمَوْتُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَرِيضُ الْمَخُوفُ لَا يُقْطَعُ وَلَا يُجْلَدُ لَا لِحَدٍّ وَلَا لِنَكَالٍ .
اللَّخْمِيُّ إذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى ضَعِيفِ الْجِسْمِ الَّذِي يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْهُ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْهُ وَيُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَنْ قِصَاصٍ رُجِعَ لِلدِّيَةِ ، وَفِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ فِي مَالِ الْجَانِي خِلَافٌ ، وَحَدُّ الْجَلْدِ فِي الْقَذْفِ وَالزِّنَا وَالشُّرْبِ يُفَرَّقُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ حَتَّى يَكْمُلَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ لِمَنْ خَافَ مِنْ الْخِتَانِ تَرْكُهُ أَلَا تَرَى مَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ يُتْرَكُ لِذَلِكَ .
وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ فَقَالَ ( كَدِيَتِهِ ) أَيْ الْجُرْحِ حَالَ كَوْنِهِ ( خَطَأً ) فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ لِبُرْئِهِ خَوْفَ سَرَيَانِهِ لِلْمَوْتِ فَتَجِبُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ ، وَتَنْدَرِجُ فِيهَا دِيَةُ الْجُرْحِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ إنْ كَانَ الْجُرْحُ لَيْسَتْ لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ ، بَلْ ( وَلَوْ كَانَ ) لَهُ دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ ( كَجَائِفَةٍ ) وَآمَّةٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا يُؤَخَّرُ بِالْمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ حَتَّى يَبْرَأَ ، لِأَنَّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لَا يُقَادُ مِنْ جُرْحِ الْعَمْدِ وَلَا يَعْقِلُ فِي الْخَطَأِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ ، وَإِنْ طَلَبَ مَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ تَعْجِيلَ فَرْضِ الدِّيَةِ ، إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَوْ عَاشَ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ لَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ مِنْ ذَلِكَ ، وَكَذَا فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمَأْمُومَةِ ، وَتُؤَخَّرُ الْعَيْنُ سَنَةً .
فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ تَبْرَأْ اُنْتُظِرَ بُرْؤُهَا ، وَلَا يَكُونُ قَوَدٌ وَلَا دِيَةٌ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ ، وَإِنْ ضُرِبَتْ فَسَالَ دَمْعُهَا اُنْتُظِرَ بِهَا سَنَةً ، فَإِنْ لَمْ يَرْقَأْ دَمْعُهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَمِثْلُهُ فِي الْمُوَطَّإِ لِأَنَّهُ قَدْ يَئُولُ إلَى النَّفْسِ فَيَعُودُ الْقَوَدُ ثَانِيًا وَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمُمَاثَلَةِ .
قُلْت عَزَا هَذَا التَّعْلِيلَ الصِّقِلِّيُّ لِأَشْهَبَ ، وَفِي سَمَاعِ

أَصْبَغَ أَشْهَبَ يَسْتَأْنِي بِذَهَابِ الْعَقْلِ سَنَةً .
ابْنُ رُشْدٍ الْوَجْهُ فِيهِ أَنْ تَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَلَا خِلَافَ فِي انْتِظَارِهِ سَنَةً إنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي الْجِرَاحِ فَقِيلَ يُنْتَظَرُ بِهَا سَنَةً وَلَوْ بَرِئَتْ قَبْلَهَا ، فَإِنْ مَضَتْ وَلَمْ تَبْرَأْ اُنْتُظِرَ بُرْؤُهَا ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ بَرِئَتْ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَا يُنْتَظَرُ تَمَامُهَا إلَّا أَنْ تَبْرَأَ عَلَى عَثَلٍ ، فَإِنْ بَرِئَتْ عَلَيْهِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا .
وَلَا يُنْتَظَرُ بِهَا بَعْدَهَا وَيُحْكَمُ بِالْقَوَدِ عِنْدَ تَمَامِهَا ، فَإِنْ تَرَامَى الْجُرْحُ لِذَهَابِ عُضْوٍ نُظِرَ فِيهِ كَمَا لَوْ حُكِمَ بِالْقَوَدِ بَعْدَ الْبُرْءِ

وَالْحَامِلُ ، وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ : لَا بِدَعْوَاهَا ، وَحُبِسَتْ كَالْحَدِّ ؛ وَالْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ
( وَ ) تُؤَخَّرُ الْمَرْأَةُ ( الْحَامِلُ ) فِي الْقِصَاصِ مِنْهَا إنْ قَتَلَتْ مُكَافِئًا لَهَا لِئَلَّا تُؤْخَذَ نَفْسَانِ فِي نَفْسٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْقِصَاصُ مِنْهَا ( بِجُرْحٍ مُخِيفٍ ) مِنْهُ الْمَوْتُ حَتَّى تَلِدَ وَتُوجَدَ مُرْضِعٌ فِي الْمَوَّازِيَّةِ تُؤَخَّرُ الْحَامِلُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ عِنْدَ ظُهُورِ مُخَايِلِهِ ، وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ دَعْوَاهَا وَفِي الْقِصَاصِ الشَّيْخُ يُرِيدُ فِي الْجِرَاحِ الْمَخُوفَةِ وَلَا تُؤَخَّرُ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ مَنْ تُرْضِعُهُ فَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي الْحَدِّ وَالْقِصَاصِ ، وَلَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَقَتَلَهَا فَلَا غُرَّةَ لِجَنِينِهَا إلَّا أَنْ يُزَايِلَهَا قَبْلَ مَوْتِهَا فَتَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا وَتَأْخِيرُهَا مَشْرُوطٌ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهِ ( لَا بِ ) مُجَرَّدِ ( دَعْوَاهَا ) الْحَمْلَ فَلَا تُؤَخَّرُ ( وَحُبِسَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْحَامِلُ مُدَّةَ تَأْخِيرِهَا لِأَجْلِ حَمْلِهَا .
وَشَبَّهَ فِي التَّأْخِيرِ وَالْحَبْسِ فَقَالَ ( كَالْحَدِّ ) الْوَاجِبِ عَلَيْهَا لِزِنًا أَوْ قَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ فَتُؤَخَّرُ وَتُحْبَسُ ( وَتُؤَخَّرُ ) الْمَرْأَةُ ( الْمُرْضِعُ ) فِي الْقِصَاصِ مِنْهَا ( لِوُجُودِ مُرْضِعٍ ) لِوَلَدِهَا وَقَبُولُهَا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِهَلَاكِهِ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسَيْنِ فِي نَفْسٍ لِخَبَرِ الْغَامِدِيَّةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ تُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ تُرْضِعُ .

وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمَا ، وَبُدِئَ بِأَشَدّ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ
وَ ) تُتْرَكُ ( الْمُوَالَاةُ ) فِي قَطْعِ ( الْأَطْرَافِ ) إنْ خِيفَ مَوْتُ الْجَانِي بِهَا وَشَبَّهَ فِي تَرْكِ الْمُوَالَاةِ فَقَالَ ( كَحَدَّيْنِ ) وَجَبَا لِلَّهِ تَعَالَى ( لَمْ يَقْدِرْ ) الْجَانِي ( عَلَيْهِمَا ) بِأَنْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ تَوَالِيهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَيُفَرَّقَانِ فِي وَقْتَيْنِ ( وَبُدِئَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِ ) إقَامَةِ حَدٍّ ( أَشَدَّ ) مِنْ حَدٍّ خَفِيفٍ ( لَمْ يُخَفْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْهُ الْمَوْتُ ، وَمَفْهُومُهُ لَوْ خِيفَ مَوْتُهُ مِنْ الْأَشَدِّ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ وَأُخِّرَ الْأَشَدُّ إلَى وَقْتِ إطَاقَتِهِ ، وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ تَوَالِيهِ فُرِّقَ بِقَدْرِ طَاقَتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَدٌّ لِلْعِبَادِ بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ تَعَالَى ، إذْ لَا عَفْوَ فِيهِ مَتَى بَلَغَ الْإِمَامُ وَيَجْمَعُ إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ فَيُفَرَّقَ ، وَلَوْ سَرَقَ وَقَطَعَ شِمَالَ رَجُلٍ قُطِعَتْ يَمِينُهُ لِلسَّرِقَةِ وَشِمَالُهُ لِلْقَوَدِ يَجْمَعُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْإِمَامُ أَوْ يُفَرِّقُهُ بِقَدْرِ مَا يُطِيقُهُ اللَّخْمِيُّ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ فِي إقَامَةِ مَا هُوَ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ مَا هُوَ لِآدَمِيٍّ أُقِيمَ عَلَيْهِ مَا لِآدَمِيٍّ ، وَإِنْ كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ كَقَطْعٍ وَقَذْفٍ اقْتَرَعَا أَيُّهُمَا يَبْدَأُ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ الْآكَدِ ، وَإِنْ حَمَلَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أُقِيمُ أَدْنَاهُمَا دُونَ قُرْعَةٍ

لَا بِدُخُولِ الْحَرَمِ

( لَا ) يُؤَخَّرُ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ أَوْ حَدٌّ ( بِ ) سَبَبِ ( دُخُولِ الْحَرَمِ ) الْمَكِّيِّ أَوْ الْمَدَنِيِّ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِتَمَامِهِ سَمِعَ الْقَرِينَانِ تُقَامُ الْحُدُودُ فِي الْحَرَمِ فَيُقْتَلُ قَاتِلُ النَّفْسِ فِي الْحَرَمِ .
ابْنُ رُشْدٍ ، سَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ مِثْلَهُ وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ، وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَنْ أَصَابَ الْحَدَّ فِي الْحَرَمِ أُقِيمَ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَإِنْ أَصَابَهُ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ لَجَأَ إلَيْهِ فَلَا يُكَلَّمُ وَلَا يُجَالَسُ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ فَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ .
وَقِيلَ إذَا لَجَأَ إلَيْهِ أُخْرِجَ مِنْهُ فَأُقِيمَ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا عَزَاهُ لِفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ خِلَافٌ نَقَلَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُمَا .
ابْنُ الْقَصَّارِ أَبُو حَنِيفَةَ إنْ قَتَلَ فِي الْحَرَمِ قُتِلَ فِيهِ ، وَإِنْ قَتَلَ فِي الْحِلِّ ثُمَّ لَجَأَ إلَى الْحَرَمِ فَلَا يُقْتَلُ وَلَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَيُهْجَرُ وَلَا يُبَايَعُ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلُ وَوَافَقَنَا فِي الضَّرْبِ .
عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { خَمْسُ فَوَاسِقَ لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ } مَا نَصُّهُ قَاسَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا عَلَى قَتْلِهَا فِي الْحَرَمِ إقَامَةَ الْحَدِّ فِيهِ ، سَوَاءٌ حَصَلَ السَّبَبُ فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَجَأَ إلَيْهِ .
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ يُقَامُ مِنْ الْحُدُودِ مَا دُونَ النَّفْسِ وَحَدُّ النَّفْسِ إذَا جَنَى عَلَيْهَا فِيهِ وَإِنْ قَتَلَهَا خَارِجَهُ فَلَا يُقَامُ فِيهِ وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يُكَلَّمَ وَلَا يُجَالَسَ وَيُهْجَرَ وَلَا يُبَايَعَ وَلَا يُؤْوَى حَتَّى يَضْطَرَّ إلَى الْخُرُوجِ فَيُقْتَلُ خَارِجَهُ وَنَحْوُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَعَطَاءٍ إلَّا أَنَّهُمَا لَمْ يُفَرِّقَا بَيْنَ نَفْسٍ وَغَيْرِهَا مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ

تَعَالَى { وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا } ، وَالْحُجَّةُ بِهِ عَلَيْهِمْ ، إذْ مَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ هَذَا التَّضْيِيقُ لَيْسَ بِآمِنٍ وَالْآيَةُ مَحْمُولَةٌ عِنْدَنَا عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَعَطْفُهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ الْآيَاتِ ، وَقِيلَ مِنْ النَّارِ ، وَقِيلَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } ، وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ لَا يُقَامُ عَلَيْهِ وَلَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ .
وَقِيلَ الْآيَةُ فِي الْبَيْتِ لَا فِي الْحَرَمِ ، وَقَدْ اُتُّفِقَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَامُ فِي الْمَسْجِدِ وَلَا فِي الْبَيْتِ ، وَيَخْرُجُ مِنْهُمَا فَيُقَامُ عَلَيْهِ خَارِجَهُ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ يُنَزَّهُ عَنْ مِثْلِ هَذَا .
وَذَكَرَ الْأَبِيُّ فِي حَدِيثِ { مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ } .
.
الْحَدِيثَ مَا نَصُّهُ ، الْحَدِيثُ يَدُلُّ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ لَا يَحِلُّ إيوَاءُ الْمُحْدِثِ ، وَهَذَا مِمَّا يَنْفِي كَثِيرًا مِنْ هُرُوبِ الظَّلَمَةِ وَالْجُنَاةِ إلَى الزَّوَايَا .
وَكَانَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا يُحِلُّ إيوَاءَهُمْ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ فِيهِمْ مَا يَسْتَحِقُّونَ .
سَيِّدِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْفَاسِيُّ مَا يَظْهَرُ مِنْ أُمُورٍ خَارِجَةٍ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ ظُهُورِ بُرْهَانٍ لِمَنْ تَعَدَّى عَلَى زَاوِيَةٍ أَوْ رَوْضَةٍ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ الْفَتْوَى ، وَغَيْرَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ لَا تُحَدُّ بِقِيَاسٍ وَلَا تُضْبَطُ بِمِيزَانٍ شَرْعِيٍّ وَلَا قَانُونٍ عَادِيٍّ ، فَإِنَّ الْمَوَازِينَ الشَّرْعِيَّةَ كُلِّيَّاتٌ وَعُمُومَاتٌ ، وَقَدْ يَكُونُ مُرَادُ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي خُصُوصِ نَازِلَةٍ خِلَافَ مَا تَقْتَضِيهِ الْعُمُومَاتُ ، وَلِذَا احْتَاجَ الْخَوَاصُّ إلَى إذْنٍ خَاصٍّ فِي كُلِّ نَازِلَةٍ ، وَاعْتُبِرَ بِتَكْرِيرِ قَوْله تَعَالَى { بِإِذْنِي } ، فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ إبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَالْأَبْرَصِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَغَيْرِ ذَلِكَ

وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ ، كَالْبَاقِي
( وَسَقَطَ ) الْقِصَاصُ ( إنْ عَفَا ) عَنْ الْقَاتِلِ ( رَجُلٌ ) مِمَّنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ ( كَالْبَاقِي ) فِي الدَّرَجَةِ ، سَوَاءٌ كَانُوا بَنِينَ فَقَطْ ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ ، أَوْ إخْوَةً فَقَطْ ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ أَوْ أَعْمَامًا فَقَطْ ، أَوْ بَنِيهِمْ فَقَطْ أَوْ مَوَالِيَ .
الْمُصَنِّفُ لَا خِلَافَ فِي الْأَوْلَادِ وَالْإِخْوَةِ .
وَأَمَّا الْأَعْمَامُ وَنَحْوُهُمْ فَسُقُوطُ الْقِصَاصِ بِعَفْوِ أَحَدِهِمْ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَرَوَى أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْعَفْوِ .
الْبِسَاطِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الرُّجُولِيَّةِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ بَعْدَهُ مَا إذَا كَانَ الْبَاقِي نِسْوَةً ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الْعَفْوِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لِعَفْوِ جَمِيعِهِمْ فَسَقَطَ الْقِصَاصُ وَالدِّيَةُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي الْبُنُوَّةِ أَوْ الْأُخُوَّةِ أَوْ الْعُمُومَةِ الْبُنَانِيُّ كَوْنُ الْمُرَادِ فِي الدَّرَجَةِ وَالِاسْتِحْقَاقُ فِيهِ بُعْدٌ ، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْأَبْعَدِ مَعَ الْأَقْرَبِ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَأَصْلُهُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمُرَادَ كَالْبَاقِي فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا احْتِرَازًا مِنْ اجْتِمَاعِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ

وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ ، وَضِدِّهِ

( وَ ) إنْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ عَمْدًا عُدْوَانًا بِنْتٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ فَ ( الْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ ) عَنْ الْقَاتِلِ ( وَ ) فِي ( ضِدِّهِ ) أَيْ الْعَفْوِ وَهُوَ الْقَتْلُ ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ تُسَاوِيهِمَا فِي الْمِيرَاثِ تَسَاوِيهِمَا فِي الْعَفْوِ وَضِدُّهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا عَفْوَ إلَّا بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبِنْتَ إذَا عَفَتْ فَلَا شَيْءَ مِنْ الدِّيَةِ لِلْأُخْتِ ، وَكَذَا الْعَاصِبُ النَّازِلُ عَنْهَا ، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ .
وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ .
فِيهَا إنْ لَمْ يَتْرُكْ إلَّا بِنْتَه وَأُخْتَه فَالْبِنْتُ أَوْلَى بِالْقَتْلِ وَبِالْعَفْوِ إذَا مَاتَ مَكَانَهُ ، وَإِنْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ ثُمَّ مَاتَ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يُقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَلْيُقْسِمْ الْعَصَبَةُ ، فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ لَا عَصَبَةَ لَهُ وَكَانَ قَتْلُهُ خَطَأً أَقْسَمَتْ بِنْتُهُ وَأُخْتُهُ وَأَخَذَتَا دِيَتَهُ ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا فَلَا يَجِبُ الْقَتْلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ بِلَطْخٍ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ عَفَا بَعْضُ الْوَرَثَةِ سَقَطَ الْقَوَدُ إنْ سَاوَى مَنْ بَقِيَ فِي الدَّرَجَةِ أَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ ، فَإِنْ كَانَ دُونَهُ فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْبَنَاتُ مَعَ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ ، فَإِنْ انْفَرَدَ الْأَبَوَانِ فَلَا حَقَّ لِلْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَتْلٍ ، وَكَذَا الْأَخُ وَالْأَخَوَاتُ مَعَهُ وَالْأُمُّ وَالْإِخْوَةُ لَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ مَعًا ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ الْأُمُّ وَالْعَصَبَةُ عَلَى الْعَفْوِ مَضَى عَلَى الْأَخَوَاتِ ، وَإِنْ عَفَا الْعَصَبَةُ وَالْأَخَوَاتُ فَلَا يَمْضِي عَلَى الْأُمِّ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَخَوَاتِ بَنَاتٌ مَضَى عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْبَنَاتِ عَلَى الْأُمِّ ، وَلَا يَمْضِي عَفْوُ الْعَصَبَةِ وَالْأُمِّ

عَلَى الْبَنَاتِ ، وَمَتَى اجْتَمَعَتْ الْبَنَاتُ وَالْأَخَوَاتُ فَلَا قَوْلَ لِلْعَصَبَةِ لِأَنَّهُنَّ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ دُونَهُمْ ، وَلَا تَجْرِي الْجَدَّةُ مَجْرَى الْأُمِّ فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قِيَامٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا ذَكَرَهُ مُحَصِّلُ قَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأُمَّهَاتِ

وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ
وَإِنْ ) قُتِلَ عَمْدًا عُدْوَانًا وَلَهُ بَنَاتٌ أَوْ أَخَوَاتٌ فَ ( عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ ) أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ وَطَلَبَ بَاقِيهِنَّ الْقَتْلَ ( نَظَرَ الْحَاكِمُ ) الْعَدْلُ فِي الْأَصْلَحِ بِاجْتِهَادِهِ ، فَمَا رَآهُ أَصْلَحَ أَمْضَاهُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَاصِبِ لِإِرْثِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ عَنْ الْبَنَاتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ الْعَدْلِ عِنْدَ عَدَمِهِ .
عج وَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلنِّسَاءِ فَقَطْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ .
فِيهَا مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ رَجُلٌ لَا تُعْرَفُ عَصَبَتُهُ فَقُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ مَكَانَهُ وَتَرَكَ بَنَاتٍ فَلَهُنَّ أَنْ يَقْتُلْنَ ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُنَّ وَطَلَبَ بَعْضُهُنَّ الْقَتْلَ نَظَرَ السُّلْطَانُ بِالِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ .
فَإِنْ رَأَى الْعَفْوَ أَوْ الْقَتْلَ أَمْضَاهُ .
أَبُو عِمْرَانَ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ ، لِأَنَّهُ يَرِثُ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ الْعَصَبَةِ الَّذِينَ يَرِثُونَ مَا فَضَلَ مِنْ مَالِهِ ، وَلَوْ اتَّفَقَتْ الْبَنَاتُ عَلَى الْقَتْلِ وَأَرَادَ الْإِمَامُ الْعَفْوَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُ ، وَإِنَّمَا لَهُ النَّظَرُ إذَا اخْتَلَفَتْ الْبَنَاتُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامٌ عَدْلٌ كَوَقْتِنَا هَذَا قَالَ لَا قَتْلَ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ بِالْمَوْضِعِ جَمَاعَةٌ عُدُولٌ قَامُوا مَقَامَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَعْرُوفِ الْمَذْهَبِ مِنْ إمْضَاءِ أَحْكَامِ قُضَاةِ الْبُغَاةِ .

وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا ، أَوْ بِبَعْضِهِمَا ، وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ ، فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ ، كَإِرْثِهِ ، وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ

( وَفِي ) اجْتِمَاعِ ( رِجَالٍ ) مُسْتَحِقِّينَ الِاسْتِيفَاءَ ( وَنِسَاءٍ ) مُسْتَحِقَّاتٍ لَهُ أَعْلَى مِنْ الرِّجَالِ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةِ الرِّجَالِ ( لَمْ يَسْقُطْ ) الْقَتْلُ ( إلَّا بِ ) اتِّفَاقِ ( هِمَا ) أَيْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ عَلَى الْعَفْوِ ( أَوْ ) بِاتِّفَاقِ ( بَعْضِ ) كُلٍّ مِنْ ( هُمَا ) عَلَيْهِ ، وَأَحْرَى بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الرِّجَالِ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ أَوْ جَمِيعِ النِّسَاءِ مَعَ بَعْضِ الرِّجَالِ ( وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ ) مِمَّنْ لَهُمْ الِاسْتِيفَاءُ الْقَوَدَ ( فَلِمَنْ بَقِيَ ) مِمَّنْ لَهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلِغَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ أَيْضًا ( نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ ) فِي مَالِ الْقَاتِلِ .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ بَعْضُ مَنْ لَهُ الْعَفْوُ حَقَّهُ وَعَفَا عَنْ الْقَاتِلِ ، فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ وَيَتَعَيَّنُ لِلْبَاقِينَ نَصِيبُهُمْ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ ، وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ، فَإِنْ عَفَا جَمِيعُ الْأَوْلِيَاءِ فَلَا شَيْءَ لِلْبَنَاتِ ، قَالَ فِيهَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْقَتْلِ عَمْدًا وَلِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ فَعَفْوُ الْبَنِينَ جَائِزٌ عَلَى الْبَنَاتِ وَلَا أَمْرَ لَهُنَّ مَعَ الْبَنِينَ فِي عَفْوٍ وَلَا قِيَامٍ ، فَإِنْ عَفَوْا عَلَى الدِّيَةِ دَخَلَ فِيهَا النِّسَاءُ وَقُسِّمَتْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَقُضِيَ مِنْهَا دَيْنُهُ ، وَإِنْ عَفَا وَاحِدٌ مِنْ الْبَنِينَ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَقُسِّمَتْ بَقِيَّتُهَا بَيْنَ مَنْ بَقِيَ عَلَى الْفَرَائِضِ ، وَتَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا .
وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ الدَّمُ بِقَسَامَةٍ ، وَلَوْ أَنَّهُ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ كَانَتْ لَهُ وَلِسَائِرِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمَوَارِيثِ .
وَإِذَا عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ مِنْ الدِّيَةِ ، وَإِنَّمَا لَهُمْ إذَا عَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ وَالْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ إذَا اسْتَوَوْا فَهُمْ كَالْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ فِيمَا ذَكَرْنَا ا هـ .
قَالَ الْمُصَنِّفُ قَوْلُهُ إذَا عَفَا جَمِيعُ الْبَنِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنِّسَاءِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ

الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ .
وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَيْضًا إنْ عَفَا الذُّكُورُ كُلُّهُمْ فَحَقُّ أَخَوَاتِهِمْ فِي الدِّيَةِ بَاقٍ .
ابْنُ الْمَوَّازِ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ قَالَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ أَصْحَابِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِعَفْوِهِمْ مَعًا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ ثُمَّ عَفَا مَنْ بَقِيَ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ أُخْتٍ وَزَوْجٍ وَزَوْجَةٍ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ لَهُمْ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ قَالَهُ مُحَمَّدٌ .
وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقَوَدِ فَقَالَ ( كَإِرْثِهِ ) أَيْ الْقَاتِلِ جَمِيعَ دَمِهِ كَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ قَتَلَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ أَخَوَيْهِ ثُمَّ مَاتَ الثَّالِثُ وَوَرِثَهُ الْقَاتِلُ وَحْدَهُ فَقَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ فَسَقَطَ الْقَوَدُ عَنْهُ ، بَلْ ( وَلَوْ ) وَرِثَ الْقَاتِلُ ( قِسْطًا ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ بَعْضًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ كَأَرْبَعَةِ إخْوَةٍ قَتَلَ أَحَدُهُمْ أَحَدَ إخْوَتِهِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ مَاتَ أَحَدُ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَوَرِثَهُ الْقَاتِلُ وَأَخُوهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْقَوَدُ أَيْضًا ، وَلِأَخِيهِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ ، هَذَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ يَسْتَقِلُّ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ .
فَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ بِأَنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ رِجَالًا وَنِسَاءً فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ أَوْ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ قَالَهُ أَشْهَبُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ ، كَقَتْلِ أَحَدِ أَرْبَعَةِ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ ، أَحَدُهُمْ عَنْ بَنَاتٍ ثُمَّ مَاتَ أَخٌ آخَرُ مِنْهُمْ فَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَنْ الْقَاتِلِ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْبَنَاتِ وَالْأَخَوَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ أَوْ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ .
ابْنُ عَرَفَةَ إرْثُ الْقَاتِلِ بَعْضَ دَمِهِ يُسْقِطُ قَوَدَهُ ، وَفِيهَا إنْ وَرِثَ الْقَاتِلُ أَحَدَ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً .
الصِّقِلِّيُّ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ

الَّذِينَ مَنْ قَامَ مِنْهُمْ بِالدَّمِ فَهُوَ أَوْلَى ، فَإِنَّ لِلْبَاقِينَ قَتْلَهُ بَعْضُ الْفَاسِيِّينَ هَذَا وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
" غ " فِي دِيَاتِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَمْ يُقْتَلْ حَتَّى مَاتَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَكَانَ الْقَاتِلُ وَارِثَهُ بَطَلَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ ، وَلِبَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ عَلَيْهِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ .
ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَوْ عَفَا لَمْ يَلْزَمْ عَفْوُهُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَلَا يَبْطُلُ الْقِصَاصُ .
أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ هَذَا ظَاهِرُ الْجَوَابِ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ كَالْعَفْوِ ، وَمِنْ مِثْلِهِ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَنَاتِ وَتَرَكَتْ بَنِينَ وَلِأَبِي مُحَمَّدٍ صَالِحٍ أَشَارَ ابْنُ عَرَفَةَ بِبَعْضِ الْفَاسِيِّينَ ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالتَّشْبِيهِ أَنَّ إرْثَ الْقَاتِلِ دَمَ نَفْسِهِ كَالْعَفْوِ عَنْهُ وَهُوَ مِنْ بَابِ عَكْسِ التَّشْبِيهِ

وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ
( وَإِرْثُهُ ) أَيْ دَمِ الْقَاتِلِ ( كَ ) إرْثِ ( الْمَالِ ) " غ " أَيْ وَارِثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ ، فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ مِنْ ذَوِي الْفَرْضِ ، فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ ، وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا كَانَ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرَّجْمِ وَكِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، فَفِي الرَّجْمِ مَنْ قُتِلَ وَلَهُ عَصَبَةٌ فَمَاتَتْ أُمُّهُ فَوَرَثَتُهَا مَكَانَهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً .
وَفِي الدِّيَاتِ إنْ مَاتَ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ رَجُلٌ وَرَثَتُهُ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ فَلِلنِّسَاءِ مِنْ الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ مَا لِلرِّجَالِ لِأَنَّهُنَّ وَرِثْنَ الدَّمَ عَمَّنْ لَهُ ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ ، وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ ، بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ .
فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ تَرَكَ الْقَتِيلُ عَمْدًا بِالْبَيِّنَةِ أُمًّا وَبِنْتًا وَعَصَبَةً فَمَاتَتْ الْأُمُّ أَوْ الْبِنْتُ أَوْ الْعَصَبَةُ فَوَرَثَتُهُ فِي مَنَابِهِ إلَّا الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ ، فَإِنْ اخْتَلَفَ وَرَثَةُ هَذَا الْمَيِّتِ وَمَنْ بَقِيَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ هُوَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فَوَجَبَ حَمْلُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ

وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ ، بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ ، وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ ، كَعَكْسِهِ فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ

وَجَازَ صُلْحُهُ ) أَيْ الْجَانِي ( فِي ) قَتْلِ ( عَمْدٍ بِأَقَلَّ ) مِنْ الدِّيَةِ ( وَ ) بِ ( أَكْثَرَ ) مِنْهَا إذْ لَيْسَ فِي الْعَمْدِ عَقْلٌ مُسَمًّى فَيَجُوزُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا بِأَجَلِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَأَبْعَدَ مِنْهُ وَأَقْرَبَ ، وَبِذَهَبٍ مَعَ أَهْلِ الْوَرِقِ وَعَكْسُهُ ، وَبِإِبِلٍ فِيهِمَا وَعَكْسُهُ ( وَ ) الْقَتْلُ ( الْخَطَأُ ) حُكْمُهُ فِي الصُّلْحِ ( كَبَيْعِ الدَّيْنِ ) فِي أَحْكَامِهِ لِتَقَرُّرِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي مُؤَجَّلَةً بِثَلَاثِ سِنِينَ ، وَمَا يُصَالِحُ بِهِ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيُمْنَعُ بِمُؤَجَّلٍ ، أَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَبِذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَوْ حَالًّا وَعَكْسُهُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ بِعَرَضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ بِإِبِلٍ مُعَجَّلَةٍ ، وَلَا يَجُوزُ بِأَقَلَّ مُعَجَّلًا لِأَنَّهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَلَا بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ فِيهَا مَنْ جَنَى خَطَأً وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءُ عَاقِلَتَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ عَجَّلُوهَا فَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ .
وَفِي الْعَمْدِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ ، وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
وَلَوْ صَالَحُوا بِذَهَبٍ وَالْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ أَوْ الْإِبِلِ ، وَإِنَّمَا يُتَّقَى مَا يَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ دَيْنٌ ثَابِتٌ .
الصِّقِلِّيُّ إنْ قِيلَ كَيْفَ صَحَّ لَغْوُ اعْتِبَارِ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَهُ الْعَفْوُ فِي مَرَضِهِ .
قُلْت يُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا بَعْضُ مَا اسْتَشْكَلَ .
وَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ الدَّمُ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بِالْجَبْرِ ، وَهُوَ لَمْ يَقَعْ وَعَدَمُ وُقُوعِ السَّبَبِ الْخَاصِّ مَلْزُومٌ لِعَدَمِ ثُبُوتِ مُسَبَّبِهِ ، وَلَا سِيَّمَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ يُعَدُّ مَالِكًا .
( وَ ) إنْ صَالَحَ الْجَانِي الْأَوْلِيَاءَ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ فَ ( لَا يَمْضِي ) صِلَتُهُ ( عَلَى عَاقِلَتِهِ ) لَهُ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَدْفَعُ الدِّيَةَ مِنْ مَالِهَا وَلَا تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْجَانِي فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِي صُلْحِهِ عَمَّا

يَلْزَمُهَا .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْمُضِيِّ فَقَالَ ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ إنْ صَالَحَتْ الْعَاقِلَةُ الْأَوْلِيَاءَ فَلَا يَمْضِي صُلْحُهَا عَلَى الْجَانِي لِذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ صَالَحَ الْجَانِي عَنْ الْعَاقِلَةِ فِيمَا عَلَيْهَا فَأَبَتْ لَمْ يَلْزَمْهَا ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا الْعَكْسُ وَاضِحٌ ، لِأَنَّهَا فِيمَا يَلْزَمُهُ دُونَهَا كَأَجْنَبِيٍّ .
( فَإِنْ عَفَا ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَنْ الْجَانِي خَطَأً ( فَ ) عَفْوُهُ ( وَصِيَّةٌ ) أَيْ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ إيصَائِهِ بِالدِّيَةِ لِعَاقِلِهِ الْجَانِي فَهِيَ فِي ثُلُثِهِ ، فَإِنْ حَمَلَهَا نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وَقَفَ الزَّائِدُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرَ الدِّيَةِ ضُمَّ لَهَا وَنَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ ثُلُثِ الْمَجْمُوعِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْعَفْوُ عَنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ تَرْكُ مَالٍ فِيهَا مَنْ عَفَا عَنْ عَبْدٍ قَتَلَهُ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِهِ جَازَ عَفْوُهُ وَإِلَّا جَازَ مِنْهُ قَدْرُ الثُّلُثِ

وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ ، وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا ، أَوْ بِثُلُثِهِ ، أَوْ بِشَيْءٍ : إذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ : بِخِلَافِ الْعَمْدِ : إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ ، وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ

( وَ ) إنْ أَوْصَى شَخْصٌ بِوَصَايَا وَقُتِلَ خَطَأً وَلَزِمَتْ دِيَتُهُ عَاقِلَةَ قَاتِلِهِ فَ ( تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ ) أَيْ ثُلُثِ الدِّيَةِ إنْ كَانَ أَوْصَى بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) أَوْصَى بِهَا ( بَعْدَ سَبَبِهَا ) أَيْ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقْتَلِ ، وَاخْتَلَفَ الشَّارِحَانِ فِي الْمُبَالَغَةِ فَقَالَ الشَّارِحُ تَدْخُلُ الْوَصَايَا بَعْدَ سَبَبِ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقْتَلِ ، وَأَحْرَى إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ ، فَالْمُبَالَغَةُ حَسَنَةٌ .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنْ أَوْصَى بَعْدَ سَبَبِهَا فَدُخُولُهَا فِيهَا ظَاهِرٌ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ سَبَبِهَا فَقَوْلُهُ ، وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا لَيْسَ بِظَاهِرٍ ، وَلَا قَوْلَ الشَّارِحِ ، وَأَحْرَى مَا قَبْلَ سَبَبِهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَوْصَى لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَانِي عَلَى بَحْثٍ فِيهِ ا هـ .
وَمِثْلُهُ لغ قَالَ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى الْمُبَالَغَةِ الْمَعْكُوسَةِ ، وَصَوَابُهُ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا لِتَقْسِيمِ الْمُبَالَغَةِ ، وَيَكُونُ الْمَجْرُورَانِ مَعْطُوفَيْنِ عَلَى الظَّرْفِ ، فَالْكُلُّ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بَعْدَ سَبَبِهَا أَوْ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ قَبْلَهَا إذَا عَاشَ بَعْدَهَا إلَخْ كَلَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَأَصْلُهَا فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهِ وَإِذَا عَفَا الْمَقْتُولُ خَطَأً عَنْ دِيَتِهِ جَازَ ذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَأَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا فَلْتُحَاصَصْ الْعَاقِلَةُ وَأَهْلُ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ ، وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثٍ لِرَجُلٍ بَعْدَ الضَّرْبِ دَخَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي دِيَتِهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ مَالٌ ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ وَعَاشَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَمَعَهُ مِنْ عَقْلِهِ مَا يُعْرَفُ فِيهِ مَا هُوَ فِيهِ فَلَمْ يُغَيِّرْ الْوَصِيَّةَ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ الصَّوَابُ لَوْ قَالَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا كَمَا قَالَ " غ " الْعَدَوِيُّ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ يُتَوَهَّمُ

عَدَمُ دُخُولِهَا فِي الدِّيَةِ ، لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَ الْإِيصَاءِ ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عَلِمَهُ حِينَ إيصَائِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَالَغَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ ، فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْخُلُ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَدْخُلُ فِيمَا عَلِمَهُ حِينَ إيصَائِهِ .
فَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا عَاشَ بَعْدَ السَّبَبِ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ الْإِيصَاءِ بَعْدَ السَّبَبِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْعِلْمِ حِينَ الْمَوْتِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِيصَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( أَوْ ) أَوْصَى لِشَخْصٍ ( بِثُلُثِهِ ) أَيْ الْمُوصِي قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُهُ بِمَالِهِ حِينَ مَوْتِهِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَالِمٌ بِالدِّيَةِ ( أَوْ ) أَوْصَى ( بِشَيْءٍ ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَدَابَّةٍ أَوْ دَارٍ مُعَيَّنَةٍ قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ ( إذَا عَاشَ ) الْمُوصِي بِالْكَسْرِ ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْجِنَايَةِ خَطَأً ( مَا ) أَيْ زَمَنًا ( يُمْكِنُهُ ) أَيْ الْمُوصِي بِالْكَسْرِ فِيهِ ( التَّغْيِيرُ ) لِوَصِيَّتِهِ وَهُوَ ثَابِتُ الذِّهْنِ سَالِمُ الْعَقْلِ ( فَلَمْ يُغَيِّرْ ) هَا تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ إيصَائِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالدِّيَةِ .
الْعَدَوِيُّ أَوْ بِثُلُثِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ ، أَيْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بِغَيْرِ ثُلُثِهِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِثُلُثِهِ إلَخْ .
الْبُنَانِيُّ لَوْ حَذَفَ هَذَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ لَكَانَ أَحْسَنَ .
وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِثُلُثِهِ لَا مَعْنَى لِهَذَا الْعَطْفِ وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِيَكُونَ قَوْلُهُ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مُتَعَلِّقًا بِلَفْظِ الْوَصَايَا ، وَيُسْتَغْنَى حِينَئِذٍ عَمَّا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنْ قَوْلِهِ قَبْلَهُ لِدُخُولِهِ فِي الْمُبَالَغَةِ ، وَالتَّقْدِيرُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ فِيهِ ، أَيْ ثُلُثِ الدِّيَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا .
( بِخِلَافِ ) دِيَةِ ( الْعَمْدِ )

فَلَا تَدْخُلُ فِيهَا الْوَصَايَا وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ ضَرْبِهِ لِعَدَمِ عِلْمِ الْمَيِّتِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لِتَعَيُّنِ الْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقْتَلَهُ ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِالْجِنَايَةِ يَفْرِي وَدَجَهُ مَثَلًا ( وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ ) مِنْ الْجَانِي عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ ( وَعَلِمَ ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَبُولَهُ الدِّيَةَ فَتَدْخُلُ وَصَايَاهُ فِيهَا لِعِلْمِهِ بِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ ، سَوَاءٌ كَانَ الْإِيصَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَبْلَهُ وَعَاشَ بَعْدَهُ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ فِي الشَّامِلِ وَلَا مَدْخَلَ لِوَصِيَّةٍ فِي دِيَةِ عَمْدٍ وَإِنْ وُرِثَتْ كَمَالِهِ وَغَرِمَ الدَّيْنَ مِنْهَا .
وَلَوْ قَالَ إنْ قَبِلَ أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا أَوْ أَوْصَيْت بِثُلُثِهَا وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا شَيْءٌ فِي ثُلُثِهِ لَا إذَا أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ وَقَبِلَ أَوْلَادَهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ بِهَا

وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ ، أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ : فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ ، وَالْقَتْلُ ، وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ
وَإِنْ ) جَرَحَ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا أَوْ خَطَأً وَ ( عَفَا ) الْمَجْرُوحُ ( عَنْ جُرْحِهِ ) بِلَا مَالٍ ( أَوْ صَالَحَ ) الْجَانِيَ عَنْهُ بِمَالٍ ( فَ ) نَزَّا الْجُرْحُ حَتَّى ( مَاتَ ) الْمَجْرُوحُ مِنْهُ ( فَلِأَوْلِيَائِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ ) فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نَفْسٍ وَالْعَفْوُ أَوْ الصُّلْحُ إنَّمَا كَانَ جُرْحٌ فَلَهُمْ نَقْضُهُ وَلَهُمْ إمْضَاؤُهُ .
( وَ ) إنْ نَقَضُوهُ ( رَجَعَ ) الْجَانِي بِمَا دَفَعَهُ لِلْمَجْرُوحِ صُلْحًا إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا وَإِنْ أَمْضَوْهُ فَلَيْسَ لِلْجَانِي أَنْ يَقُولَ لِلْأَوْلِيَاءِ رُدُّوا إلَيَّ الْمَالَ الَّذِي دَفَعْته لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَاقْتُلُونِي .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ إلَخْ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ فَعَفَا ثُمَّ مَاتَ .
أَبُو الْحَسَنِ إنْ قَالَ عَفَوْت عَنْ الْيَدِ لَا غَيْرُ فَلَا إشْكَالَ ، وَإِنْ قَالَ عَنْ الْيَدِ وَمَا تَرَامَى إلَيْهِ مِنْ نَفْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا إشْكَالَ ، وَإِنْ قَالَ عَفَوْت فَقَطْ حُمِلَ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُ فِي الْحَالِ وَهُوَ قَطْعُ الْيَدِ وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا بِمَا فِيهِ الْكَافِيَةُ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَبَرِئَ

( وَ ) إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِهِ فَ ( لِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ ) أَيْ طَلَبُ حَلِفِ الْوَلِيِّ ( عَلَى ) عَدَمِ ( الْعَفْوِ ) عَلَى الْمَشْهُورِ ( فَإِنْ ) حَلَفَ الْوَلِيُّ عَلَى عَدَمِهِ سَقَطَتْ دَعْوَى الْقَاتِلِ وَاسْتَمَرَّ الْوَلِيُّ عَلَى حَقِّهِ ، فَإِنْ شَاءَ عَفَا ، وَإِنْ شَاءَ اقْتَصَّ ، وَإِنْ ( نَكَلَ ) الْوَلِيُّ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى عَدَمِ عَفْوِهِ ( رُدَّتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْيَمِينُ عَلَى الْقَاتِلِ ( وَحَلَفَ ) الْقَاتِلُ يَمِينًا ( وَاحِدَةً ) عَلَى عَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا كَانَ يَحْلِفُ وَاحِدَةً وَالْيَمِينُ تُرَدُّ عَلَى نَحْوِ مَا تَتَوَجَّهُ أَوَّلًا ( وَ ) إنْ حَلَفَ الْقَاتِلُ عَلَى الْعَفْوِ عَنْهُ ( بَرِئَ ) مِنْ الْقَتْلِ ، وَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْجَانِي عَفْوَ وَلِيٍّ اسْتَحْلَفَهُ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْقَاتِلُ الصِّقِلِّيُّ إنَّمَا يَحْلِفُ الْقَاتِلُ يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
عِيَاضٌ يَقُومُ مِنْهُ إلْزَامُ الْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ ، وَفِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ فِي هِبَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْكِرَاءِ وَالْإِقَالَةِ وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ ، وَلِهَذَا لَمْ يَرَ أَشْهَبُ يَمِينًا فِي دَعْوَى الْعَفْوِ ، وَاخْتَلَفَ شُيُوخُنَا فِي التَّنَازُعِ فِيهِ فَقِيلَ هُوَ اخْتِلَافُ قَوْلٍ ، وَقِيلَ اخْتِلَافُ حَالٍ ، فَلَا تَلْزَمُ الْيَمِينُ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى ، وَتَلْزَمُ مَعَ وُجُودِ التُّهْمَةِ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ لِأَشْهَبَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْحَلِفَ فِي الدَّمِ إنَّمَا هُوَ خَمْسُونَ يَمِينًا فَهَذَا أَرَادَ أَنْ يُوجِبَ عَلَيْهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ قَسَامَةً أَوْ مَعَ الْقَسَامَةِ قَسَامَةً أُخْرَى ، وَلَوْ رَضِيَ بِيَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ ، أَلَا تَرَى لَوْ اسْتَحْلَفَهُ فَلَمَّا قَامَ لِيَقْتُلَهُ قَالَ عَفَا عَنِّي .
قُلْت هَذَا يَرُدُّ تَعْلِيلَ قَوْلِهِ بِعَدَمِ تَوَجُّهِ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ دَعْوَى الْمَعْرُوفِ .

الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ ، وَلَمْ يُنَبِّهْ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى هَذَا الْبَحْثِ .
ابْنُ عَاشِرٍ وَالْمِسْنَاوِيُّ قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ إلَخْ يَرُدُّ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْعَفْوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ ، فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ هُنَا بِالنُّكُولِ وَالْيَمِينِ .
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ اخْتَلَفَ إذَا قَامَ لِلْقَاتِلِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْعَفْوِ فَفِي الشَّهَادَاتِ مِنْ مُخْتَصَرِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ ، وَنَحْوُهُ لِأَبِي عِمْرَانَ .
وَقَالَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْقَرَوِيِّينَ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، وَاحْتَجَّ بِمَسْأَلَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ادِّعَاءِ الْقَاتِلِ الْعَفْوَ .
قُلْت كُلُّ هَذَا قُصُورٌ مِنْ قَوْلِ عِيَاضٍ يَقُومُ مِنْهُ إلْزَامُ الْيَمِينِ فِي الدَّعْوَى الْمُجَرَّدَةِ ، وَهُوَ أَصْلٌ مُتَنَازَعٌ فِيهِ إلَخْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

وَتُلُوِّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ
( وَ ) إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ عَفْوَ الْوَلِيِّ عَنْهُ وَأَنْكَرَهُ الْوَلِيُّ وَطُلِبَتْ مِنْ الْقَاتِلِ بَيِّنَةٌ بِهِ بِالْعَفْوِ فَادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِهِ غَائِبَةً ( تَلَوَّمَ ) الْإِمَامُ ( لَهُ ) أَيْ الْقَاتِلِ وَأَمْهَلَهُ بِاجْتِهَادِهِ ( فِي دَعْوَى ) الْقَاتِلِ بَيِّنَةً غَائِبَةً شَاهِدَةً لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ لِإِحْضَارِ ( بَيِّنَتِهِ ) أَيْ الْقَاتِلِ ( الْغَائِبَةِ ) الشَّاهِدَةِ لَهُ بِالْعَفْوِ عَنْهُ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ وَعِيَاضٌ ، وَقَيَّدَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ ، وَالْقُرْبُ كَمَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ ادَّعَى الْقَاتِلُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَلَوَّمَ لَهُ فِيهَا الْإِمَامُ فَلَمْ يُقَيِّدْهَا الصِّقِلِّيُّ وَلَا عِيَاضٌ ، وَفِي رَجْمِهَا إنْ ادَّعَى الْقَاذِفُ أَنَّ مَقْذُوفَهُ عَبْدٌ وَزَعَمَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً فَإِنْ قَرُبَتْ تَلَوَّمَ الْإِمَامُ ، وَإِنْ بَعُدَتْ حُدَّ لَهُ ، فَعَلَى تَقْيِيدِهَا بِهَا يَكُونُ وِفَاقًا ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْهِنْدِيِّ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ فِي الْحُقُوقِ يَحْلِفُ هُنَا

وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ ، وَلَوْ نَارًا إلَّا بِخَمْرٍ ، أَوْ لِوَاطٍ ، وَسِحْرٍ ، وَمَا يُطَوِّلُ وَهَلْ وَالسُّمُّ ، أَوْ يُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ : تَأْوِيلَانِ ، فَيُغَرَّقُ ، وَيُخْنَقُ ، وَيُحَجَّرُ ، وَيُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ : كَذِي عَصَوَيْنِ ، وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا ،

( وَقُتِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاتِلُ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ إلَخْ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا ( بِ ) مِثْلِ ( مَا ) أَيْ الشَّيْءِ الَّذِي ( قَتَلَ ) الْقَاتِلُ الْمَقْتُولَ ( بِهِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ نَارًا ، بَلْ ( وَ ) لَوْ كَانَ ( نَارًا ) فَيُقْتَلُ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ } وقَوْله تَعَالَى { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ } وَاسْتَثْنَى مِمَّا قَتَلَ بِهِ فَقَالَ ( إلَّا ) قَتْلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا ( بِ ) إكْرَاهِهِ عَلَى شُرْبِ ( خَمْرٍ ) حَتَّى مَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِ ذَلِكَ ( وَ ) إلَّا قَتْلَهُ بِ ( لِوَاطٍ ) فَلَا يُقْتَلُ بِجَعْلِ نَحْوِ خَشَبَةٍ فِي دُبُرِهِ ( وَ ) إلَّا قَتْلَهُ بِ ( سِحْرٍ ) فَلَا يُجْبَرُ الْقَاتِلُ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ بِسِحْرٍ ( وَ ) إلَّا قَتْلَهُ بِ ( مَا ) أَيْ شَيْءٍ ( يُطَوِّلُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ تَطُولُ مَعَهُ الْحَيَاةُ وَلَا يُعَجَّلُ الْمَوْتُ كَنَخْسٍ بِإِبْرَةٍ فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ ، بَلْ يُقْتَلُ بِضَرْبِ عُنُقِهِ بِالسَّيْفِ فِي الْأَرْبَعَةِ لِتَحْرِيمِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَتَعْذِيبِ الرَّابِعِ مَعَ عَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِيهِ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ فِيهِ ، فَرُبَّ شَخْصٍ يَمُوتُ بِهِ سَرِيعًا وَآخَرُ يَطُولُ .
( وَهَلْ وَ ) إلَّا قَتْلَهُ بِ ( السُّمِّ ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَكْثَرِ وَضَمِّهَا لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ وَكَسْرِهَا لُغَةُ تَمِيمٍ ، فَلَا يُقْتَلُ بِمِثْلِهِ ، وَيَتَعَيَّنُ بِالسَّيْفِ ، وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ قَوْلُهَا وَمَنْ سَقَى رَجُلًا سُمًّا فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِغَيْرِ السُّمِّ ( أَوْ ) يُقْتَلُ بِهِ ( وَيُجْتَهَدُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ ( فِي قَدْرِهِ ) أَيْ السُّمِّ الَّذِي يَقْتُلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَمْزِجَةِ ، وَعَلَى هَذَا حَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) ابْنُ شَاسٍ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْقِصَاصِ مَرْعِيَّةٌ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ .
أَبُو بَكْرِ بْنُ

الْعَرَبِيِّ مَنْ قَتَلَ بِشَيْءٍ قُتِلَ بِهِ إلَّا فِي وَجْهَيْنِ ، وَفِي وَصْفَيْنِ الْأَوَّلُ الْمَعْصِيَةُ كَالْخَمْرِ وَاللِّوَاطِ .
الثَّانِي النَّارُ وَالسُّمُّ ، وَقِيلَ يُقْتَلُ بِالنَّارِ وَالسُّمِّ ، سَمِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ قُتِلَ بِتَغْرِيقٍ أَوْ سُمٍّ قُتِلَ بِمِثْلِ ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي السُّمِّ ، وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ فَقَالَ يَعْنِي يُوجِبُ الْقَوَدَ بِغَيْرِ السُّمِّ ، وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ كَتَأْوِيلِ أَصْبَغَ .
قَوْلَ مَالِكٍ فِيهِ وَإِذَا قَيَّدَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ بِالسُّمِّ فَأَحْرَى بِالنَّارِ خِلَافُ قَوْلِ أَصْبَغَ لِإِيقَادٍ بِالنَّارِ .
الْبَاجِيَّ الْمَشْهُورُ قَتْلُهُ بِمَا قَتَلَ بِهِ مِنْ نَارٍ أَوْ غَيْرِهَا .
( فَيُغَرَّقُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلًا الْقَاتِلُ بِالتَّغْرِيقِ ( وَيُخْنَقُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ ( وَيُحْجَرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ مُثَقَّلًا .
أَيْ يُضْرَبُ بِالْحَجَرِ الْقَاتِلِ بِهِ حَتَّى يَمُوتَ ( وَضُرِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْقَاتِلُ ( بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ ) وَشَبَّهَ فِي الضَّرْبِ بِالْعَصَا إلَى الْمَوْتِ فَقَالَ ( كَذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( عَصَوَيْنِ ) مُثَنَّى عَصَا ، أَيْ مَنْ ضَرَبَ مَعْصُومًا عَمْدًا عُدْوَانًا بِعَصَوَيْنِ فَمَاتَ فَيُضْرَبُ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّسَاوِي فِي عَدَدِ الضَّرَبَاتِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ ضُرِبَ بِالْعَصَا مِثْلَ الْعَدَدِ الْأَوَّلِ ، فَلَمْ يَمُتْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُضْرَبُ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ إنْ كَانَتْ الْعَصَا تُجْهِزُ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ قُتِلَ بِهَا ، وَأَمَّا ضَرَبَاتٌ فَلَا وَلْيَقْتُلْهُ بِالسَّيْفِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ رَأَى أَنَّهُ إنْ زِيدَ مِثْلُ الضَّرْبَتَيْنِ مَاتَ زَيْدٌ ذَلِكَ وَإِلَّا فَبِالسَّيْفِ وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ قُتِلَ الْأَوَّلُ بِالنَّبْلِ أَوْ بِرَمْيِ الْحِجَارَةِ أَوْ بِطَرْحٍ مِنْ جِدَارٍ أَوْ جَبَلٍ أَوْ عَلَى سَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ

فَالسَّيْفُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخْطِئُ فَيَصِيرُ تَفْوِيتًا ، وَأَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ الْقَوَدُ بِمِثْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُقْتَضَى الْحَدِيثِ ، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يُخْطِئَ فَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا يُقْتَلُ بِمِثْلِ مَا قَتَلَ مَنْ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِذَلِكَ ، وَأَمَّا مَنْ يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ .
( وَمُكِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا شَخْصٌ ( مُسْتَحِقٌّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْقَتْلِ ( مِنْ ) قَتْلِ الْقَاتِلِ بِ ( السَّيْفِ مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ قَتَلَ بِهِ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهِ غَالِبًا وَلِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْقِصَاصِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ مَهْمَا عَدَلَ إلَى السَّيْفِ مُكِّنَ

وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إنْ تَعَمَّدَهُ ، وَإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً : كَالْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ

( وَ ) إنْ جَنَى شَخْصٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ عَلَى عُضْوٍ مَعْصُومٍ عَمْدًا عُدْوَانًا ثُمَّ قَتَلَهُ كَذَلِكَ ( انْدَرَجَ ) فِي قَتْلِ النَّفْسِ ( طَرَفٌ ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ يَلِيهَا فَاءٌ كَعَيْنٍ وَيَدٍ وَرِجْلٍ ( إنْ تَعَمَّدَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ الْجَانِي الطَّرَفَ إنْ كَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُولِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْمَقْتُولِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ عَمْدًا وَقَتَلَ آخَرَ عَمْدًا فَيُقْتَلُ الْجَانِي فَقَطْ ، وَلَا يُقْطَعُ شَيْءٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَلَا تُفْقَأُ عَيْنُهُ ( إنْ لَمْ يَقْصِدْ ) الْجَانِي بِجِنَايَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ ( مُثْلَةً ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ، أَيْ تَمْثِيلًا وَتَشْوِيهًا ، فَإِنْ قَصَدَهَا فَلَا يَنْدَرِجُ الطَّرَفُ فِي الْقَتْلِ فَيُقْتَصُّ مِنْ الطَّرَفِ ثُمَّ يُقْتَلُ .
وَشَبَّهَ فِي الِانْدِرَاجِ فَقَالَ ( كَالْأَصَابِعِ ) الَّتِي قُطِعَتْ عَمْدًا عُدْوَانًا فَتَنْدَرِجُ ( فِي ) قَطْعِ ( الْيَدِ ) فَإِنْ قَطَعَ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ الْمُكَلَّفِ إلَخْ أَصَابِعَ مَعْصُومٍ عَمْدًا عُدْوَانًا ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ فَتُقْطَعُ يَدُ الْقَاطِعِ مِنْ كُوعِهَا ، وَيَكْفِي قَطْعُهَا فِي الْقِصَاصِ ، سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَصَابِعُ وَالْكَفُّ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ أَوْ لِشَخْصَيْنِ ، فَإِنْ قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ فَيُقْطَعُ لَهُمْ مِنْ الْمِرْفَقِ فَقَطْ ، وَتَنْدَرِجُ فِيهِ الْأَصَابِعُ وَالْكَفُّ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِقَطْعِ الْأَصَابِعِ أَوَّلًا التَّمْثِيلَ ، فَإِنْ قَصَدَهُ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ ثُمَّ كَفُّهُ .
وَمَفْهُومُ إنْ تَعَمَّدَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهُ فَلَا يَنْدَرِجُ ، فَإِنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ خَطَأً ثُمَّ قَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ ، وَدِيَةُ الْيَدِ عَلَى عَاقِلَتِهِ .
فِيهَا إنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ يُقْتَلُ وَلَا تُقْطَعُ يَدَاهُ وَلَا رِجْلَاهُ ، وَكُلُّ قِصَاصِ الْقَتْلِ يَأْتِي عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ إلَّا أَنْ يَفْعَلَهُ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْعَذَابِ .
أَصْبَغُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَاتِلُ بِقَطْعِ يَدِهِ الْعَبَثَ وَالْإِيلَامَ

يُقْتَلُ ، وَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فُعِلَ بِهِ مِثْلُهُ وَقَالَهُ ابْنُ مُزَيْنٍ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ وَفَقَأَ عَيْنَ آخَرَ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُرِدْ قَتْلَهُ قُتِلَ وَلَا تُقْطَعُ أَطْرَافُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ قَتْلَهُ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَتَلَهُ فَوْرًا قُتِلَ ، وَلَا يُقْطَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَقَالَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ أَرَادَ بِهِ مُثْلَةً وَهُوَ أَحْسَنُ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ قَطَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ يَدَهُ فَإِنْ قَطَعَ يَدَهُ بِنِيَّةٍ حَدَثَتْ كَفَى قَطْعُ يَدِهِ عَنْهُمَا ، وَإِنْ كَانَ بِنِيَّةِ قَطْعِ الْجَمِيعِ عَلَى وَجْهِ التَّعْذِيبِ ، جَرَى عَلَى قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَ أَشْهَبَ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَنَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالْقَتْلِ عَنْ الْقَطْعِ .
ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يُرِدْ الْمُثْلَةَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَمَالِكٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي الْيَدِ قَصْرُ الْخِلَافِ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ

وَدِيَةُ الْخَطَإِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ : بِنْتُ مَخَاضٍ ، وَوَلَدَا لَبُونٍ ، وَحِقَّةٌ : وَجَذَعَةٌ
( وَدِيَةُ ) الْقَتْلِ ( الْخَطَأِ ) ابْنُ عَرَفَةَ الدِّيَةُ مَالٌ يَجِبُ بِقَتْلِ آدَمِيٍّ حُرٍّ عَنْ دَمِهِ أَوْ بِجُرْحِهِ مُقَدَّرًا شَرْعًا لَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَخْرُجُ مَا يَجِبُ بِقَتْلِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ مِنْ قِيمَةِ بَهِيمَةٍ ، وَمَا يَجِبُ بِقَتْلِ رِقٍّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْحُكُومَةُ ( عَلَى ) عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ ( الْبَادِي ) أَيْ الْمَنْسُوبِ لِلْبَادِيَةِ لِسُكَّانِهَا لِلْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ إذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إبِلٌ فَالظَّاهِرُ تَكْلِيفُهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَى أَهْلِ حَاضِرَتِهِمْ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ ( مُخَمَّسَةٌ ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ خَمْسَةِ أَصْنَافٍ مِنْ نَوْعِ الْإِبِلِ رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا عِشْرُونَ ( بِنْتُ مَخَاضٍ ) أَيْ أُمِّ حَامِلِ مَخْضِ الْجَنِينِ وَتَحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا ( وَ ) أَرْبَعُونَ ( وَلَدَا ) بِفَتْحِ الدَّالِ مُثَنَّى وَلَدٍ ( لَبُونٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ أُمٍّ ذَاتِ لَبَنٍ عِشْرُونَ إنَاثًا وَعِشْرُونَ ذُكُورًا ( وَ ) عِشْرُونَ ( حِقَّةً وَ ) عِشْرُونَ ( جَذَعَةً ) هَذَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .

وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ
( وَرُبِّعَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ أُخِذَتْ الدِّيَةُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ مِنْ نَوْعِ الْإِبِلِ ( فِي ) قَتْلِ ( عَمْدٍ ) عُفِيَ عَنْهُ مِنْ جَمِيعِ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ أَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً لِأَنَّهَا فِي الْعَمْدِ غَيْرُ مَحْدُودَةٍ وَلَا مَعْلُومَةٍ حَالَّةً فِي مَالِ الْجَانِي وَتَرْبِيعُهَا ( بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ ) الذَّكَرِ مِنْ الْمُخَمَّسَةِ وَتُؤْخَذُ الْمِائَةُ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِهَذَا مَضَتْ السُّنَّةُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي الْعَمْدِ عَلَى أَهْلِ الْإِبِلِ .
ابْنُ نَافِعٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ إذَا قُبِلَتْ مُبْهَمَةً مُرَبَّعَةً يُطْرَحُ ابْنُ اللَّبُونِ .
الْبَاجِيَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ اصْطَلَحُوا عَلَى شَيْءٍ عُمِلَ بِهِ ، وَإِنْ اصْطَلَحُوا عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ أَوْ عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ رَجَعَ الْأَمْرُ إلَى دِيَةٍ مِثْلِ دِيَةِ الْخَطَأِ .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ الْمُبْهَمَةُ فِي الْعَمْدِ مُرَبَّعَةٌ ، وَفِيهَا دِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ مُبْهَمَةً فَهِيَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْنَانٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَكَذَا إذَا عَفَا بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ فَجَازَ عَلَى مَنْ يَفِي قُضِيَ لَهُ مِنْ حِسَابِ الدِّيَةِ الْمُرَبَّعَةِ .
ابْنُ شَاسٍ وَأَمَّا دِيَةُ الْعَمْدِ إذَا وَجَبَتْ فَمُرَبَّعَةٌ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ الْإِنَاثِ بَعْدَ إسْقَاطِ ابْنِ اللَّبُونِ .

وَثُلِّثَتْ فِي الْأَبِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ

( وَثُلِّثَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ أُخِذَتْ دِيَةُ الْعَمْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَصْنَافٍ ( فِي ) قَتْلِ ( الْأَبِ ) وَلَدَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَكِتَابِيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ ( مَجُوسِيًّا فِي ) قَتْلِ ( عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ الْأَبُ ( بِهِ ) بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِي الْقَتْلِ كَإِضْجَاعِهِ وَذَبْحِهِ أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَعُفِيَ عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ كَفِعْلِ قَتَادَةَ الْمُدْلِجِيِّ بِابْنِهِ حَذَفَهُ بِسَيْفٍ فَأَصَابَ سَاقَهُ فَنَزَّى جُرْحُهُ فَمَاتَ فَقَدِمَ سُرَاقَةُ بْنُ جُعْشُمٍ عَرِيفُهُ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُعْدُدْ لِي عَلَى مَاءِ قُدَيْدٍ عِشْرِينَ وَمِائَةَ بَعِيرٍ حَتَّى أَقْدَمَ عَلَيْك ، فَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ أَخَذَ مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ ثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خِلْفَةً ، ثُمَّ قَالَ أَيْنَ أَخُو الْمَقْتُولِ ، قَالَ هَا أَنَا ذَا ، قَالَ خُذْهَا فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ } ، كَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَفِي غَيْرِهِ ثُمَّ دَعَا بِأُمِّ الْمَقْتُولِ وَأَخِيهِ فَدَفَعَهَا لَهُمَا ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ { لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا مِمَّنْ قَتَلَهُ } ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ عَنْ الْخَطَأِ وَالْعَمْدُ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ ، فَفِي الْأَوَّلِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُخَمَّسَةٌ ، وَفِي الثَّانِي الْقِصَاصُ ، وَأَرَادَ بِالْأَبِ الْأَصْلَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ، فَشَمَلَ الْأُمَّ وَالْأَجْدَادَ دُونَ غَيْرِهِمْ قَالَهُ تت .
طفي الْمُدْلِجِيُّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، أَيْ الْمَنْسُوبُ لِبَنِي مُدْلِجٍ وَسُرَاقَةَ بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَجُعْشُمٍ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقُدَيْدٍ بِضَمِّ الْقَافِ وَدَالَيْنِ

مُهْمَلَيْنِ وَخَصَّ سُرَاقَةَ لِأَنَّهُ سَيِّدُ الْقَوْمِ وَأَمَرَهُ بِإِحْضَارِ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ لِيَخْتَارَ ا هـ .

: كَجُرْحِهِ بِثَلَاثِينَ حِقَّةً ، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً : بِلَا حَدِّ سِنٍّ

وَشَبَّهَ فِي التَّغْلِيظِ فَقَالَ ( كَجُرْحِهِ ) أَيْ الْأَبِ وَلَدَهُ عَمْدًا فَتُغَلَّظُ عَلَيْهِ دِيَتُهُ بِحَسَبِهِ كَمَا غُلِّظَتْ دِيَةُ النَّفْسِ ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ طفي كَجُرْحِهِ أَيْ الْعَمْدِ الْمُوجِبِ لِلتَّرْبِيعِ أَوْ التَّثْلِيثِ فِي النَّفْسِ يُوجِبُهُ فِي الْجُرْحِ أَيْضًا .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجُرْحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً .
ا هـ .
فَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي جُرْحِهِ لِلْأَبِ لِقُصُورِهِ ، وَلَوْلَا أَنَّهُ يَنْسِجُ عَلَى مِنْوَالِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ وَتُغَلَّظُ أَيْضًا فِي الْجِرَاحِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَأَنَّهُ مَوْضُوعُ الْخِلَافِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ ، كَجُرْحِهِ عَلَى مَعْنَى كَجُرْحِ مَا ذَكَرَ مِنْ مُوجِبِ التَّخْمِيسِ وَالتَّرْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ ، إذْ الْجُرْحُ تَابِعٌ لِلدِّيَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ، فَفِيهَا إنْ قَطَعَ رَجُلٌ أُصْبُعَ رَجُلٍ خَطَأً كَانَ فِي مَالِهِ ابْنَتَا مَخَاضٍ وَابْنَتَا لَبُونٍ وَحِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ ا هـ .
وَفِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ قُلْت لِعِيسَى مَنْ أُصِيبَتْ أُنْمُلَتُهُ قَالَ يَأْتِي بِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ ، فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا لِلْمَجْرُوحِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ ، وَلِلْجَارِحِ ثُلُثُ كُلِّ بَعِيرٍ مِنْهَا وَأُنْمُلَتَانِ يَأْتِي بِعَشْرٍ كَذَلِكَ يَكُونُ لِلْمَجْرُوحِ ثُلُثَا كُلِّ بَعِيرٍ ، وَإِنْ قُطِعَتْ أُصْبُعٌ عَمْدًا وَصَالَحَ عَلَى دِيَةٍ مُبْهَمَةٍ يَأْتِي بِثَمَانِيَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ وَاجِبِ أَسْنَانِ الْعَمْدِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ كُلِّ سِنٍّ بَعِيرٌ أَنْ تَكُونَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَأْتِي بِأَرْبَعَةِ أَبْعِرَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ وَاحِدٌ فَيَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا وَبِالنِّصْفِ .
وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ بَعِيرًا كَمَا فِي مَسَائِلِ الْحُكُومَةِ فَفِي الْمُرَبَّعَةِ يَأْتِي بِأَرْبَعَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ وَاحِدَةٌ يَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الرُّبُعُ مِنْ كُلٍّ ، وَفِي الْمُثَلَّثَةِ يَأْتِي بِثَلَاثَةٍ مِنْ كُلِّ سِنٍّ مِنْ أَسْنَانِهَا وَاحِدَةٌ يَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ

جَذَعَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ خِلْفَةٍ ، وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ .
وَيَكُونُ التَّثْلِيثُ ( بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ حَوَامِلَ فِي أَوَّلِ الْحَمْلِ أَوْ وَسَطِهِ أَوْ آخِرِهِ ( بِلَا حَدٍّ ) أَيْ تَحْدِيدٍ ( بِسِنٍّ ) فِي الْخَلِفَاتِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْعُ الْأُبُوَّةِ وَالْأُمُومَةِ إيجَابَ ضَرْبِ الْوَلَدِ فَمَاتَ مِنْهُ الْقِصَاصُ مِنْ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ ، وَإِذَا قَتَلَ الْأَبُ ابْنَهُ بِحَدِيدَةٍ حَذَفَهُ بِهَا أَوْ بِغَيْرِهَا مِمَّا يُقَادُ مِنْ غَيْرِ الْوَالِدِ فِيهِ دُرِئَ عَنْهُ الْقَوَدُ ، وَالْأُمُّ كَالْأَبِ ، وَأَبُ الْأَبِ كَالْأَبِ ، وَكَذَا قَطْعُ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ .
وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ التَّغْلِيظُ فِي الْجِرَاحِ إلَّا فِي الْأَبِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ وَالْأُمَّ ، إذْ لَمْ يُفَرِّقْ أَحَدٌ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا تُغَلَّظُ فِي جَدٍّ وَلَا جَدَّةٍ ، بِخِلَافِ قَوْلِهَا تُغَلَّظُ فِي الْجَدِّ ، أَرَادَ وَالْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ فَلَا تُغَلَّظُ عَلَى قَوْلِهَا فِي الْجَدِّ لِلْأَبِ وَلَا فِي الْجَدَّةِ أُمِّ أَبِ الْأُمِّ وَلَا أُمِّ أَبِ الْأَبِ ، وَهَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ تُغَلَّظُ فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ كُلِّهِمْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ .
وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ وَقَفَ فِي الْجَدِّ لِلْأُمِّ وَكُلَّمَا ثَبَتَ التَّغْلِيظُ انْتَفَى الْقِصَاصُ ، وَكُلَّمَا انْتَفَى ثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُشْبِهُ الْعَمْدَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ الْقَتْلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيمَا هُوَ مِنْ شِبْهِ الْعَمْدِ ، كَضَرْبِهِ بِعَصًا فَيَمُوتُ بِهِ ، أَوْ بِسَوْطٍ فَيَفْقَأُ عَيْنَهُ وَشِبْهِ ذَلِكَ .
وَفِيهَا أَضْجَعَ ابْنَهُ وَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ أَوْ صَنَعَتْ ذَلِكَ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا فَفِيهِ الْقَوَدُ ، وَأَكْثَرُ الْأَشْيَاخِ لَمْ يَذْكُرُوا فِي هَذَا الْقِصَاصَ خِلَافًا .

وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَوْ أَضْجَعَهُ فَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ بَطْنَهُ ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ قَتْلَ غِيلَةٍ ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُقْتَلُ بِهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ بِهِ بِحَالٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ كَذَا فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ .
وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا فِي الرَّجُلِ يَضْجَعُ ابْنَهُ فَيَذْبَحُهُ وَيَثْبُتُ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ ، وَاخْتَلَفُوا إذَا قَالَ الِابْنُ أَضْجَعَنِي أَبِي وَذَبَحَنِي وَمَاتَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُقْتَلُ بِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ سَمِعَهُ يَحْيَى ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْتَلُ بِهِ فِي مِثْلِ هَذَا .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا يَجْرَحُ الْأَبُ وَلَدَهُ أَوْ يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ بِحَالِ مَا صَنَعَ الْمُدْلِجِيُّ ، فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ فِيهِ .
الشَّيْخُ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ تُغَلَّظُ فِي الْجُرْحِ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَ عَنْهُ غَيْرَ ذَلِكَ فَالثَّابِتُ مِنْ قَوْلِهِ وَمَا عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ التَّغْلِيظُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمْدًا لَا شَكَّ فِيهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ مِثْلُ أَنْ يُضْجِعَهُ وَيَذْبَحَهُ أَوْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ فِي عَيْنِهِ تَعَمُّدًا لِفَقْئِهَا .
ابْنُ شَاسٍ إذَا ثَبَتَ الْقِصَاصُ فَإِنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ وَلَدِ الْأَبِ مِثْلَ الْعَصَبَةِ قَالَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ شَرْطُ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَجْدَادِ أَنْ يَكُونَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ غَيْرَ وَلَدِ الْأَبِ .
قُلْت عَبَّرَ عَنْهُ فِي آخِرِ فَصْلِ الْقِصَاصِ بِقَوْلِهِ يُكْرَهُ قِصَاصُ الِابْنِ مِنْ أَبِيهِ وَهُوَ نَصُّ دِيَاتِهَا إنْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَلَدَ الْقَاتِلِ فَقَدْ كَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْقِصَاصَ مِنْهُ ، وَقَالَ يُكْرَهُ أَنْ يُحْلِفَهُ فِي الْحَقِّ ، فَكَيْفَ يُقْتَصُّ مِنْهُ .
وَفَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْكَرَاهَةَ بِالتَّحْرِيمِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ قَذْفِهَا اسْتَثْقَلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ

تَعَالَى عَنْهُ أَنْ يُحَدَّ لِوَلَدِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَامَ بِحَقِّهِ حُدَّ لَهُ

وَعَلَى الشَّامِيِّ ، وَالْمِصْرِيِّ ، وَالْمَغْرِبِيِّ : أَلْفُ دِينَارٍ ، وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ : اثْنَا عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ، إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ ، فَيُزَادُ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ

( وَ ) عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً ( الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ ) شَرْعِيٌّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ ذَهَبٍ ( وَعَلَى ) عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ خَطَأً ( الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ) شَرْعِيٍّ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ وَرِقٍ .
الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَوَّمَ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الدِّيَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَعَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ حِينَ صَارَتْ أَمْوَالُهُمْ ذَهَبًا وَوَرِقًا وَتَرَكَ دِيَةَ الْإِبِلِ عَلَى أَهْلِهَا بِحَالِهَا ثُمَّ قَالَ لَا يُقْبَلُ مِنْ أَهْلِ صِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ صِنْفٌ غَيْرُهُ وَلَا يُقْبَلُ فِي الدِّيَةِ بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرَضٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ أَلْفُ دِينَارٍ فِيهَا كَأَهْلِ الشَّامِ الْجَلَّابُ وَالْمَغْرِبِ ابْنُ حَبِيبٍ وَالْأَنْدَلُسِ وَمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، وَعَلَى ذَوِي الْوَرِقِ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فِيهَا كَأَهْلِ الْعِرَاقِ وَفَارِسَ وَخُرَاسَانَ ، وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ أَشْهَبَ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ أَهْلُ ذَهَبٍ أَصْبَغُ هُمْ الْيَوْمَ كَذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ أَهْلَ الْإِبِلِ هُمْ الْبَوَادِي وَأَهْلُ الْعَمُودِ ، وَأَمَّا أَهْلُ الْأَمْصَارِ وَالْمَدَنِ فَأَهْلُ ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ ، وَقَوْلُ أَصْبَغَ هُمْ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَحْوَالَ أَهْلِ الْبِلَادِ تَنْتَقِلُ ، وَأَهْلِ الْأَنْدَلُسِ الْيَوْمَ أَهْلُ ذَهَبٍ ، وَقَدْ كَانُوا فِي الْقَدِيمِ أَهْلَ وَرِقٍ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي وَثَائِقِهِمْ وَقَالَهُ الْمُؤَرِّخُونَ .
قُلْت اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَلْفَ دِينَارٍ وَاثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ ( إلَّا فِي ) الدِّيَةِ ( الْمُثَلَّثَةِ ) عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ ( فَيُزَادُ ) عَلَى الْأَلْفِ دِينَارٍ لِأَهْلِ الذَّهَبِ ، وَعَلَى الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ لِأَهْلِ الْوَرِقِ وَنَائِبُ فَاعِلِ يُزَادُ ( نِسْبَةُ مَا ) أَيْ الْقَدْرِ الَّذِي ( بَيْنَ ) قِيمَتَيْ ، ( الدِّيَتَيْنِ ) الْمُخَمَّسَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ

لَقِيمَة الْمُخَمَّسَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ رُبُعًا زِيدَ عَلَى الْأَلْفِ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ رُبُعُهُ ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثًا زِيدَ ثُلُثُهُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الْمِائَةِ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ مُؤَجَّلَةٌ بِثَلَاثِ سِنِينَ ، فَإِذَا قِيلَ ثَمَانُونَ فَيُقَالُ وَمَا قِيمَتُهَا مُثَلَّثَةً حَالَّةً ، فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ فَمَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ عِشْرُونَ وَنِسْبَتُهُ لِلثَّمَانِينَ قِيمَةُ الْمُخَمَّسَةِ رُبُعٌ ، فَيُزَادُ عَلَى أَلْفٍ رُبُعُهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ ، وَعَلَى اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا رُبُعُهَا ثَلَاثَةُ آلَافٍ ، وَعُلِمَ مِنْ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَنَّ الْمُرَبَّعَةَ لَا تُغَلَّظُ فِي دِيَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ هُوَ وَابْنُ نَافِعٍ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِفَضْلِ مَا بَيْنَ أَسْنَانِ دِيَةِ الْخَطَأِ وَدِيَةِ الْعَمْدِ ، كَمَا فِي تَغْلِيظِ الدِّيَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ ظَاهِرُهَا وَلِيَحْيَى عَنْ أَشْهَبَ تُغَلَّظُ بِفَضْلِ مَا بَيْنَهُمَا ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ قِيمَةُ الْإِبِلِ الْمُغَلَّظَةِ مَا لَمْ تَنْقُصْ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي كَيْفِيَّةِ تَغْلِيظِ الْمُثَلَّثَةِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي تَغْلِيظِهَا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ قَوْلَانِ لِلْمَشْهُورِ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ أَوَّلِ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمَوَّازِيَّةِ ، وَفِيهَا تُغَلَّظُ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَيُحْمَلُ عَلَى دِيَةِ الْخَطَأِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ جُزْؤُهَا الْمُسَمَّى لِلْخَارِجِ مِنْ تَسْمِيَةِ فَضْلِ قِيمَةِ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً عَلَى قِيمَتِهَا فِي الْخَطَأِ .
عِيَاضٌ اخْتَلَفَ الْقَرَوِيُّونَ وَالصَّقَلِّيُّونَ هَلْ هَذَا التَّقْوِيمُ عَلَى أَنَّهَا حَالَّةٌ أَوْ مُنَجَّمَةٌ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي كَوْنِ التَّغْلِيظِ بِعِدْلِهَا أَوْ يُحْمَلُ الْفَضْلُ دُونَ تَسْمِيَةِ ثَالِثِهَا بِإِيجَابِ قِيمَةِ الْإِبِلِ مُغَلَّظَةً مَا

لَمْ تَنْقُصْ عَنْ دِيَةِ الْخَطَأِ ، وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ ، وَفِي تَغْلِيظِ دِيَةِ الْعَمْدِ قَوْلَانِ وَفِيهَا الْأَبُ يَجْرَحُ وَلَدَهُ أَوْ يَقْطَعُ شَيْئًا مِنْ أَعْضَائِهِ كَصُنْعِ الْمُدْلِجِيِّ ، فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ فِيهِ سَحْنُونٌ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ ، فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَا يُقَادُ مِنْهُ فِيهَا .
ابْنُ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجِرَاحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً فِي الْخِلَافِ فِي التَّغْلِيظِ وَصِفَتُهُ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ وَشَبَهَهَا مِنْ مَتَالِفِ الْجِرَاحِ لَا تَغْلِيظَ عَلَى الْأَبِ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِتَغْلِيظِ دِيَةِ الْعَمْدِ ، وَالتَّغْلِيظُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَأَصْحَابِهِمَا فِيمَا صَغُرَ مِنْ الْجِرَاحِ أَوْ كَبُرَ ، وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا التَّغْلِيظُ فِيمَا بَلَغَ الثُّلُثَ .
قُلْت ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ وَالْمُنَقِّلَةَ لَا تُغَلَّظُ فِيهَا ظَاهِرُ لَفْظِ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْجِرَاحِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَا تَغْلِيطَ فِي الْجِرَاحِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمَدَنِيَّةِ وَالْمَبْسُوطِ تُغَلَّظُ فِي الْجِرَاحِ كُلِّهَا ، أَوْ فَرَّقَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْعَمْدِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيهِ .
الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ رَضِيَ الْكِتَابِيُّونَ بِحُكْمِنَا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِالتَّغْلِيظِ فِي النَّفْسِ وَالْجِرَاحِ وَالْمَجُوسُ لَا تُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ .
رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَأَنْكَرَ سَحْنُونٌ قَوْلَ عَبْدِ الْمَلِكِ تُغَلَّظُ فِي الْمَجُوسِ ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنْ لَا تَغْلِيظَ عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ فِي سَمَاعٍ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57