كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

يَدُلُّ عَلَى مَرْجِعِ هَذَا الضَّمِيرِ وَتَنَازَعَ فِي بَعْدِ تُسْبَى وَتُسْلِمَ فَلَا يَهْدِمُ سَبْيُنَا نِكَاحَهُمَا ، وَيُقَرَّانِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ ، لَكِنْ يُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ سَبْيٌ وَبِإِسْلَامِهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ وَبِعَدَمِ الْبُعْدِ بَيْنَ إسْلَامِهِمَا ، وَمِثْلُ إسْلَامِهَا عِتْقُهَا ، وَلَا يَصِحُّ عَوْدُ ضَمِيرِ بَعْدَهُ عَلَى السَّبْيِ مُرَادًا بِهِ سَبْيُ الرَّجُلِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا سُبِيَا انْهَدَمَ النِّكَاحُ بِلَا تَفْصِيلٍ ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا عَوْدُهُ لِقُدُومِهِ بِأَمَانٍ لِمَا عَلِمْت أَيْضًا أَنَّهَا إذَا سُبِيَتْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ بِأَمَانٍ فَلَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِحَالٍ ا هـ عب .
( وَوَلَدُهُ ) أَيْ الْحَرْبِيِّ ، الَّذِي أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ فِي بَلَدِهِ حَتَّى غَزَاهَا الْمُسْلِمُونَ فَغَنِمُوا وَلَدَهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ سَابِقًا وَرُقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ ( وَمَالُهُ ) أَيْ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ كَذَلِكَ ( فَيْءٌ ) أَيْ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ الَّذِي دَخَلَ بَلَدَهُ فَالْأَوْلَى غَنِيمَةٌ وَاَلَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ حُرٌّ اتِّفَاقًا وَزَوْجَتُهُ غَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا .
وَكَذَا مَهْرُهَا فَقِيلَ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِمِلْكِهِ جُزْأَهَا ، وَقِيلَ لَا ( مُطْلَقًا ) أَيْ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا جَاءَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْنَا وَتَرَكَ وَلَدَهُ بِبَلَدِهِ أَمْ لَمْ يَجِئْ ( لَا ) يَكُونُ فَيْئًا ( وَلَدٌ صَغِيرٌ ) وُلِدَ بِدَارِ الْحَرْبِ ( لِكِتَابِيَّةٍ ) أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَالْأَوْلَى ذِمِّيَّةٌ حُرَّةٌ ( سُبِيَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ سَبَاهَا حَرْبِيٌّ مِنْ بَلَدِ الْإِسْلَامِ إلَى بَلَدِهِ وَوَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ ( أَوْ ) وَلَدٌ صَغِيرٌ ( لِمُسْلِمَةٍ ) حُرَّةٍ سُبِيَتْ وَوَطِئَهَا سَابِيهَا فَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ غَنِمَ الْمُسْلِمُونَ الْحَرْبِيَّ وَالْحُرَّةَ الْكِتَابِيَّةَ أَوْ الْمُسْلِمَةَ وَأَوْلَادَهُمَا الصِّغَارَ فَهُمْ أَحْرَارٌ تَبَعًا لِأُمِّهِمْ ،

وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ أَنَّ الْكَبِيرَ لِكِتَابِيَّةٍ فَيْءٌ .
( وَهَلْ كِبَارُ ) الْحُرَّةِ ( الْمُسْلِمَةِ فَيْءٌ ) وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا ( أَوْ ) فَيْءٌ ( إنْ قَاتَلُوا ) الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْحَرْبِيِّينَ فَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا فَهُمْ أَحْرَارٌ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) فِي قَوْلِهَا وَأَمَّا الْكِبَارُ إذَا بَلَغُوا وَقَاتَلُوا فَهُمْ فَيْءٌ ، فَحَمَلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا وَرَأَى ابْنُ شَبْلُونَ أَنَّ الشَّرْطَ لَا مَفْهُومَ لَهُ ، وَأَنَّ الْمَقْصُودَ كَوْنُهُمْ بِحَالٍ يُمْكِنُهُمْ فِيهِ الْقِتَالُ ( وَوَلَدُ الْأَمَةِ ) الَّتِي سَبَاهَا حَرْبِيٌّ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَأَوْلَدَهَا غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَ وَلَدِهَا ( لِمَالِكِهَا ) صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ ، وَفِي شَرْحِ أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الرِّسَالَةِ وَابْنِ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَتْبَعُ أُمَّهُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّيَّةِ .

( فَصْلٌ ) عَقْدُ الْجِزْيَةِ : إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ : صَحَّ سِبَاؤُهُ ، مُكَلَّفٍ حُرٍّ قَادِرٍ مُخَالِطٍ ، لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ سُكْنَى غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْيَمَنِ .

( فَصْلٌ ) فِي الْجِزْيَةِ وَأَحْكَامِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْجِزْيَةُ الْعَنْوِيَّةُ مَا لَزِمَ الْكَافِرَ مِنْ مَالٍ لَا مِنْهُ بِاسْتِقْرَارِهِ تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَصَوْنِهِ ا هـ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْهُمْ .
( عَقَدَ الْجِزْيَة ) الرَّمَاصِيُّ صَوَابُهُ الذِّمَّةُ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ لِأَنَّ الْجِزْيَةَ اصْطِلَاحًا هِيَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمْ فَلَا مَعْنَى لِإِضَافَةِ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَأْذُونَ فِيهِ ، فَفِي الْحَدِّ خَفَاءٌ وَتَعْمِيَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُفْهَمُ مِنْ السِّيَاقِ ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ عَقْدُ الذِّمَّةِ وَالنَّظَرُ فِي أَرْكَانِهِ وَأَحْكَامِهِ .
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ نَفْسُ الْعَقْدِ وَهُوَ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتِهِمْ وَالذَّبِّ عَنْهُمْ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ وَالِاسْتِسْلَامِ مِنْ جِهَتِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَاقِدُ وَهُوَ الْإِمَامُ فَانْظُرْ كَيْفَ أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى الذِّمَّةِ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَوَّمَ عَلَى عِبَارَتِهِ فَلَمْ يُسَاعِدْهُ الْمَرَامُ ، فَقَوْلُهُ إذْنُ الْإِمَامِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ الْتِزَامُ تَقْرِيرِهِمْ إذْ الِالْتِزَامُ وَالْإِذْنُ مُتَلَازِمَانِ ، وَالْمَأْذُونُ فِيهِ تَقْرِيرُهُمْ فِي دَارِنَا وَحِمَايَتُهُمْ وَالذَّبُّ عَنْهُمْ إلَّا أَنَّ الْحِمَايَةَ وَالذَّبَّ الْمُطَابِقَ لَهُمَا الِالْتِزَامُ لَا الْإِذْنُ ، فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَاصِرَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ الْجِزْيَةُ الْمَالُ الَّذِي يَعْقِدُ عَلَيْهِ الْكِتَابِيُّ الذِّمَّةَ ( إذْنُ الْإِمَامِ لِكَافِرٍ ) وَلَوْ قُرَشِيًّا فَتُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا لِلشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ اتِّفَاقًا طَرِيقَةٌ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الرَّاجِحِ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ .
وَقَالَ الْمَازِرِيُّ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ

الْمُصَنِّفِ وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ وَلِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةٌ أُخْرَى لَا تُؤْخَذُ مِنْهُمْ إجْمَاعًا ، إمَّا لِمَكَانَتِهِمْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لِأَنَّ قُرَيْشًا أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ ، فَإِنْ وُجِدَ كَافِرٌ فَمُرْتَدٌّ الْمَازِرِيُّ وَإِنْ ثَبَتَتْ الرِّدَّةُ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي عَدَمِ أَخْذِهَا مِنْهُمْ صَحَّ سِبَاؤُهُ ) بِالْمَدِّ أَيْ أَسْرُهُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ ، وَاحْتُرِزَ بِالْإِمَامِ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لَمْ يَصِحَّ ، لَكِنْ يَمْنَعُ الِاغْتِيَالَ أَيْ الْقَتْلَ الْأَسْرُ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إذَا بَذَلُوهُ وَرَآهُ مَصْلَحَةً إمْضَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ غَائِلَتَهُمْ .
ا هـ .
وَشَمِلَ قَوْلُهُ لِكَافِرٍ كُلَّ كَافِرٍ شُمُولًا بَدَلِيًّا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي الْإِثْبَاتِ وَلِأَنَّهُ الْمُنَاسِبُ لِغَرَضِهِ هُنَا ، وَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْجَهْمِ مِنْ أَنَّهَا لَا تُؤْخَذُ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ إجْمَاعًا لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ مَرْجُوحَةٌ كَمَا مَرَّ وَأَتَى بِقَوْلِهِ كَافِرٍ لَا لِإِخْرَاجِ الْمُسْلِمِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ ضَرْبُهَا عَلَيْهِ ، بَلْ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ لِيَخْرُجَ الْمُرْتَدُّ فَلَا يَصِحُّ سَبْيُهُ ، إذْ لَا يُقَرُّ عَلَى رِدَّتِهِ ، وَالْمُعَاهَدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ عَهْدِهِ وَلَوْ طَالَ مُقَامَهُ عِنْدَنَا فَلَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ إلَّا أَنْ يَضْرِبَهَا الْإِمَامُ عَلَيْهِ حِينَ يُرِيدُ الْإِقَامَةَ فَيَصِيرُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ الرُّجُوعُ إلَى بَلَدِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ قَدِمَ حَرْبِيٌّ وَأَرَادَ الْإِقَامَةَ نَظَرَ السُّلْطَانُ فَإِنْ ضَرَبَهَا ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ فَفِي تَمْكِينِهِ قَوْلَانِ صَحَّ الْقَوْلُ بِتَمْكِينِهِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَالْأَظْهَرُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلِيَخْرُجَ بِهِ أَيْضًا الرَّاهِبُ وَالرَّاهِبَةُ الْحَرْبِيَّيْنِ ،

وَيَخْرُجَانِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ الْآتِي " مُخَالِطٍ " .
( مُكَلَّفٍ ) فَلَا تُؤْخَذُ مِنْ صَغِيرٍ فَإِنْ بَلَغَ أُخِذَتْ مِنْهُ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ بِهِ الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِهِ ، وَلَعَلَّهُ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ تُؤْخَذُ أَوَّلَ السَّنَةِ أَوْ لِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ ( حُرٍّ ) وَمَحَلُّ أَخْذِهَا عِنْدَ حُدُوثِ الْبُلُوغِ وَالْحُرِّيَّةِ إذَا تَقَدَّمَ لِضَرْبِهَا عَلَى كِبَارِهِمْ الْأَحْرَارِ حَوْلٌ ، وَتَقَدَّمَ لَهُ هُوَ عِنْدَنَا حَوْلٌ صَبِيًّا أَوْ رَقِيقًا وَإِلَّا فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ حِينَئِذٍ ، وَإِذَا أُخِذَتْ عِنْدَ بُلُوغِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ ثَانِيًا إلَّا بَعْدَ تَمَامِ حَوْلٍ مِنْ يَوْمِ أَخْذِهَا مِنْهُ وَالْعَاجِزُ عَنْهَا إذَا قَدَرَ عَلَيْهَا لَا يُطَالَبُ بِمَا مَضَى قَبْلَ قُدْرَتِهِ ، وَتُؤْخَذُ مِنْهُ حَالَ قُدْرَتِهِ كَبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ ( قَادِرٍ ) وَلَوْ عَلَى بَعْضِهَا فَاَلَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا تُطْلَبُ مِنْهُ .
مُخَالِطٍ ) لِأَهْلِ دِينِهِ وَلَوْ رَاهِبَ كَنِيسَةٍ أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ زَمِنًا ، أَوْ أَعْمَى ، وَلَا رَأْيَ لَهُمْ فَيَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ وَضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ إلَّا رَاهِبَ الْكَنِيسَةِ ، وَخَرَجَ غَيْرُ الْمُخَالِطِ كَرَاهِبِ دَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ أَوْ غَارٍ بِلَا رَأْيٍ وَمَنْ لَهُ رَأْيٌ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبِ جِزْيَةٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ .
ابْنُ رُشْدٍ وَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ مُخَالَفَةَ مَا وَصَفْنَاهُ مِنْ وُجُوهِ الِاجْتِهَادِ كَانَ ذَلِكَ لَهُ ( لَمْ يُعْتِقْهُ ) أَيْ الْكَافِرَ الْمَوْصُوفَ بِمَا تَقَدَّمَ ( مُسْلِمٌ ) بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ بِأَنْ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِ مِلْكٌ لِمُسْلِمٍ وَلَا لِذِمِّيٍّ أَوْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَوْ ذِمِّيٌّ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ .
الْبُنَانِيُّ الْعَبْدُ الْكَافِرُ إذَا أُعْتِقَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ

وَهَذَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ لِأَنَّهُ كَأَحَدِهِمْ سَوَاءً أَعْتَقَهُ حَرْبِيٌّ أَوْ ذِمِّيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي مُعْتَقِ بَلَدِ الْإِسْلَامِ .
وَأَمَّا مُعْتَقُ بَلَدِ الْحَرْبِ فَعَلَيْهِ الْجِزْيَةُ بِكُلِّ حَالٍ ا هـ .
وَإِمَّا أَنْ يُعْتَقَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَهَذَا إنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ إلَّا إذَا حَارَبَ وَأُسِرَ ، وَهَذَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ صَحَّ سِبَاؤُهُ وَإِنْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ تَبَعًا لِسَيِّدِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ سِبَاؤُهُ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ ، فَلَوْ قَالَ صَحَّ سَبْيُهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ذِمِّيٌّ لَوَفَّى بِهِ ، إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُهُ لَمْ يُعْتِقْهُ مُسْلِمٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ صَحَّ سَبْيُهُ بَلْ هُوَ مُضِرٌّ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ مُعْتَقَ الْمُسْلِمِ بِأَرْضِ الْحَرْبِ لَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ، كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَصِلَةُ إذْنُ فِي ( سُكْنَى غَيْرِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ) الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَمَا فِي حُكْمِهَا مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ ( وَالْيَمَنِ ) وَهِيَ جَزِيرَةُ الْعَرَب الَّتِي قَالَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَبْقِيَنَّ دِينَانِ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَب } .
أَبُو عُبَيْدَةَ مَا بَيْنَ حَفِيرِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ آخِرُ الْعِرَاقِ وَأَوَّلُ الشَّامِ إلَى أَقْصَى الْيَمَنِ طُولًا ، وَفِي الْعَرْضِ مَا بَيْنَ تَبْرِيزَ وَهِيَ آخِرُ الْيَمَنِ إلَى مُنْقَطَعِ السَّمَاوَةِ وَهُوَ آخِرُ حَدِّ الشَّامِ مِنْ جِهَةِ الْيَمَنِ وَهِيَ آخِرُ بِلَادِ سَبَأٍ ، وَكَانَ يَخْرُجُ الْمُسَافِرُ مِنْ سَبَأٍ لِهَذِهِ بِلَا زَادٍ وَهِيَ مَسِيرَةُ شَهْرٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا لِكَثْرَةِ الْقُرَى بَيْنَهُمَا .

وَلَهُمْ الِاجْتِيَازُ بِمَالٍ لِلْعَنَوِيِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ ، أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي سَنَةٍ وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا ، وَنُقِّصَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ ، وَلَا يُزَادُ ، وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شُرِطَ ، وَإِنْ أُطْلِقَ فَكَالْأَوَّلِ وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلَ حَرُمَ قِتَالُهُ مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا

( و لَهُمْ ) أَيْ الْكُفَّارِ عَنَوِيِّينَ أَوْ صُلْحِيَّيْنِ ( الِاجْتِيَازُ ) أَيْ الْمُرُورُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَظَاهِرٌ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ ، وَلَهُمْ إقَامَةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ احْتَاجُوا لَهَا لِدُخُولِهِمْ أَيَّامَ عُمَرَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِجَلْبِهِمْ طَعَامًا مِنْ الشَّامِ إلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِنُورِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَرَبَهُ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَمَامٍ يَسْتَوْفُونَ ثَمَنَهُ وَيَنْظُرُونَ فِي حَوَائِجِهِمْ ، وَمُنِعَ سُكْنَى أَحْرَارِهِمْ بِالْجَزِيرَةِ ظَاهِرٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ ، وَكَذَا عَبِيدُهُمْ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ ( بِمَالٍ لِلْعَنَوِيِّ ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي فُتِحَتْ بَلَدُهُ بِالْعَنْوَةِ أَيْ الْقَهْرِ وَالْقِتَالِ ( أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ ) شَرْعِيَّةً إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ ( أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا ) شَرْعِيًّا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِمَا اُعْتُبِرَ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا خُيِّرَ الْإِمَامُ ( فِي ) كُلِّ ( سَنَةٍ ) قَمَرِيَّةٍ .
( وَالظَّاهِرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَخْذُهَا ( آخِرُهَا ) أَيْ السَّنَةِ إنْ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِيهِ ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ أَوَّلَهَا أُخِذَتْ فِيهِ لِتَأْدِيَةِ تَأْخِيرِهَا لِآخِرِهَا لِسُقُوطِهَا ( وَنُقِّصَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَإِهْمَالِ الصَّادِ ( الْفَقِيرُ ) مِنْ الْأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَأُخِذَ مِنْهُ ( بِوُسْعِهِ ) وَلَوْ دِرْهَمًا وَسَقَطَ عَنْهُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدُ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ( وَلَا يُزَادُ ) عَلَى الْأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ أَوْ الْأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا لِكَثْرَةِ يَسَارِ الذِّمِّيِّ ( وَلِلصُّلْحِيِّ ) أَيْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي مُنِعَ نَفْسُهُ وَبَلَدُهُ مِنْ اسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهِمَا وَصَالَحَهُمْ ( مَا شُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ سَوَاءً كَانَ قَدْرَ الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ ( وَإِنْ أُطْلِقَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ اللَّامِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الصُّلْحِ أَيْ لَمْ

يُبَيِّنْ فِيهِ قَدْرَ الْمَالِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ ( فَ ) الصُّلْحِيُّ ( كَالْأَوَّلِ ) أَيْ الْعَنْوِيِّ فِي أَنَّ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا .
( وَالظَّاهِرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ ( إنْ بَذَلَ ) أَيْ دَفَعَ الصُّلْحِيُّ لِلْإِمَامِ الْقَدْرَ الْأَوَّلَ ) أَيْ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا بَعْدَ وُقُوعِ الصُّلْحِ مُطْلَقًا وَجَبَ قَبُولُهُ مِنْهُ وَ ( حَرُمَ ) رَدُّهُ عَلَيْهِ وَ ( قِتَالُهُ ) ابْنُ رُشْدٍ نَصَّ ابْنُ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ لَا حَدَّ لَهَا إلَّا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ ، وَهُوَ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ ، أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلَّ مَا يَلْزَمُ أَهْلَ الْحَرْبِ الرِّضَا بِهِ لِأَنَّهُمْ مَالِكُونَ لِأَمْرِهِمْ وَإِنَّ لِأَقَلِّهَا حَدًّا إذَا بَذَلُوهُ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ } وَلَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِي ذَلِكَ حَدًّا .
وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَذْهَبِ عِنْدِي أَقَلُّهَا مَا فَرَضَ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَى أَهْلِ الْعَنْوَةِ فَإِذَا بَذَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْحَرْبِ فِي الصُّلْحِ عَلَى أَنْ يُؤَدُّوهُ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ لَزِمَ الْإِمَامَ قَبُولُهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ ، وَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ فِي الصُّلْحِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ .
ا هـ .
فَقَدْ خَالَفَ ابْنُ رُشْدٍ ابْنَ حَبِيبٍ فِي قَوْلِهِ لَا حَدَّ لَهَا إلَّا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ إذْ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ إذَا بَذَلُوا لَهُ قَدْرَ الْعَنْوِيَّةِ فَلَهُ أَنْ لَا يُصَالِحَهُمْ ، وَعِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ يَلْزَمُهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ قِتَالُهُمْ ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلَ إلَخْ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الصَّوَابَ تَعْلِيقُ قَوْلِهِ مَعَ الْإِهَانَةِ بِبَذْلٍ لِيُحْرَزَ قَيْدُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَلَا يُقَالُ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ ذَكَرَ مَا لِابْنِ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ مُخَالِفٌ

لَهُ كَمَا قِيلَ إذْ عَادَتُهُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يَقُولَ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ عَلَى أَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ يُمْكِنُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِكَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ وَإِنْ قَالَ فِيهِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ وَتَبِعَهُ الْبُنَانِيُّ تت تَنْكِيتُ إتْيَانِهِ بِصِيغَةِ الِاسْمِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ غَيْرُ بَيِّنٍ ( مَعَ الْإِهَانَةِ ) لَهُمْ ( عِنْدَ أَخْذِهَا ) مِنْهُمْ بِالْغِلْظَةِ وَالشِّدَّةِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّمَلُّقِ وَالرِّفْقِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ } أَيْ اسْتِعْلَاءً مِنْكُمْ عَلَيْهِمْ أَوْ نَقْدًا يَدًا بِيَدٍ وَلَا يُرْسِلُونَ بِهَا { وَهُمْ صَاغِرُونَ } مَاشُونَ كَارِهُونَ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَذْمُومُونَ غَيْرُ مَحْمُودِينَ وَلَا مَأْجُورِينَ ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَدَّاهَا صُفِعَ عَلَى قَفَاهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ نَائِبٍ إذْ الْمَقْصُودُ حُصُولُ الْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُقْتَضِيًا لِرَغْبَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ .

وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ : كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ : وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا لِلظُّلْمِ

وَسَقَطَتَا ) أَيْ الْجِزْيَتَانِ الْعَنْوِيَّةُ وَالصُّلْحِيَّةُ ( بِالْإِسْلَامِ ) وَبِالْمَوْتِ وَالتَّرَهُّبِ الطَّارِئِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ مُتَجَمِّدَةً عَنْ سِنِينَ وَلَوْ مُوسِرًا فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ التَّحَيُّلُ عَلَى إسْقَاطِهَا فِي السِّنِينَ الْمُنْكَسِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ ، وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ وَالتَّرَهُّبِ فَانْظُرْ هَلْ تَسْقُطُ الْمُتَجَمِّدَةُ مَعَ الْيُسْرِ أَوْ لَا وَسَقَطَتَا أَيْضًا بِالْفَقْرِ وَالْجُنُونِ ، وَانْظُرْ هَلْ حَتَّى الْمُتَجَمِّدَةُ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا إنْ عَقَلَ أَوْ اسْتَغْنَى أَوْ يُطَالَبُ وَهُوَ الظَّاهِرُ إذْ لَمْ يَعُدُّوهُمَا فِيمَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ مِنْهَا وَسُقُوطُهَا بِالتَّرَهُّبِ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهِ لَا جِزْيَةَ مَعَهُ بِأَنْ يَنْعَزِلَ بِدَيْرٍ أَوْ صَوْمَعَةٍ ، وَبِأَنْ لَا يَقْصِدَ بِهِ إسْقَاطَهَا .
الْبَاجِيَّ مَنْ اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سِنِينَ إنْ كَانَ فَرَّ مِنْهَا أُخِذَتْ مِنْهُ لِمَا مَضَى وَإِنْ كَانَ لِعُسْرٍ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي السُّقُوطِ فَقَالَ ( كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ ) الَّتِي قَدَّرَهَا سَيِّدُنَا عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَلَيْهِمْ مَعَ الْجِزْيَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى مَنْ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ مَدِينَةٌ قُرْبَ الْكُوفَةِ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مُدْيَانِ بِضَمِّ فَسُكُونٍ مُثَنَّى مُدْيٍ ، كَذَلِكَ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ مَكُّوكًا بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْكَافِ وَالْمَكُّوكُ صَاعٌ وَنِصْفٌ ، وَقِيلَ أَكْثَرُ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ وَعَلَى مَنْ بِمِصْرَ كُلَّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ إرْدَبُّ حِنْطَةٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ ، وَعَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ كِسْوَةٍ كَانَ عُمَرُ يَكْسُوهَا النَّاسَ لَا أَدْرِي مَا هِيَ .
( وَإِضَافَةِ ) أَيْ تَضْيِيفِ ( الْمُجْتَازِ ) أَيْ الْمَارِّ عَلَيْهِمْ فِي مِصْرٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( ثَلَاثًا )

مِنْ الْأَيَّامِ وَحَذَفَ التَّاءَ مَعَ أَنَّ الْمَعْدُودَ مُذَكَّرٌ لِجَوَازِ حَذْفِهَا مَعَ حَذْفِهِ ، وَلَكِنَّ الْأَوْلَى إثْبَاتُهَا حِينَئِذٍ ( لِلظُّلْمِ ) مِنْ الْوُلَاةِ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ عِلَّةً لِسُقُوطِ الْأَرْزَاقِ وَالضِّيَافَةِ عَنْهُمْ .
( تَتِمَّةٌ ) يُؤْخَذُ مِنْ الذِّمِّيِّينَ الْمُنْتَقِلِينَ مِنْ أُفُقٍ لِآخَرَ لِلتِّجَارَةِ عُشْرُ الثَّمَنِ إنْ بَاعُوا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عُشْرُ مَا قَدِمُوا بِهِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِمْ وَإِنْ قَدِمُوا بِعَيْنٍ وَاشْتَرَوْا بِهَا عَرْضًا فَيُؤْخَذُ عُشْرُ الْعَرْضِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِنْ قَدِمُوا بِعَرْضٍ وَاشْتَرَوْا بِهِ عَرْضًا فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ عُشْرُ مَا اشْتَرَوْا وَلَا يَتَكَرَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ بِتَكَرُّرِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِأُفُقٍ وَاحِدٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ ، فَإِنْ بَاعُوا بِأُفُقٍ كَالشَّامِ وَاشْتَرَوْا بِآخَرَ كَمِصْرِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي الْأَوَّلِ عُشْرُ الثَّمَنِ وَعُشْرُ الْمُشْتَرِي فِي الثَّانِي وَيَتَكَرَّرُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ إنْ قَدِمُوا بَعْدَ ذَهَابِهِمْ لِأُفُقِهِمْ وَلَوْ مِرَارًا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُؤْخَذُ كُلَّمَا يَقْدُمُونَ وَيَبِيعُونَ أَوْ يَشْتَرُونَ ، وَوُجُوبُ الْعُشْرِ فِي غَيْرِ حَمْلِهِمْ الطَّعَامَ لِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِمَا مِنْ الْقُرَى ، وَفِيهِ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ نِصْفُ الْعُشْرِ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ الْمُرَادُ بِالطَّعَامِ جَمِيعُ أَنْوَاعِهِ أَوْ مَا عَدَا الْقَطَانِيِّ ، فَمُقْتَضَى ابْنِ نَاجِي الْأَوَّلُ ، وَمُقْتَضَى التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ قَصْرِهِ عَلَى الْحِنْطَةِ وَالزَّيْتِ وَالْحَرْبِيِّ الْمُؤَمَّنِ فِي الْعُشْرِ وَنِصْفِهِ كَالذِّمِّيِّ ، لَكِنْ يَفْتَرِقَانِ فِي أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحَرْبِيَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ ، بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ شِرَائِهِ بَعْدَ وُصُولِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ثَانِيهِمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا بَاعَ بِأُفُقٍ وَاشْتَرَى بِآخَرَ يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ الْعُشْرُ ، وَالْمُؤَمَّنُ لَا يَتَكَرَّرُ عَلَيْهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا عَبْدُ الْحَقِّ بِأَنَّ أَمَانَ

الْحَرْبِيِّ عَامٌّ فِي كُلِّ أُفُقٍ مِنْ بِلَادِ الْإِمَامِ الَّذِي أَمَّنَهُ وَغَيْرِهَا فَجَمِيعُ بِلَادِ الْإِسْلَامِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَبَلَدٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ لِتَأْمِينٍ بِكَوْنِهِ تَحْتَ ذِمَّتِنَا وَالْإِمَامُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي سُكْنَى أُفُقٍ خَاصٍّ وَهُوَ الَّذِي تُؤْخَذُ مِنْهُ فِيهِ الْجِزْيَةُ .
ابْنُ نَاجِي مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ أُفُقَهُ مَحَلُّ أَخْذِ جِزْيَتِهِ وَعِمَالَاتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْمَدِينَةُ وَالشَّامُ أُفُقَانِ .

وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ ؛ فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ .

( وَالْعَنَوِيُّ ) الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْإِمَامُ الذِّمَّةَ بِالْجِزْيَةِ ( حُرٌّ ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ الْمَنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ { فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ } وَالْمَنُّ الْإِعْتَاقُ فَلَهُمْ هِبَةُ أَمْوَالِهِمْ وَصَدَقَتُهَا وَالْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فِي دِينِهِمْ .
( وَإِنْ مَاتَ ) الْعَنْوِيُّ ( أَوْ أَسْلَمَ ) الْعَنْوِيُّ ( فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ مَالَهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءً اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَيَحْيَى وَابْنِ حَبِيبٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ مَا اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ لِلْمُسْلِمِينَ وَمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ لِوَارِثِهِ فِي دِينِهِ ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قِيَاسٍ قَائِلًا لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ إنْ كَانَ عِتْقًا فَمَا بِأَيْدِيهِمْ لَهُمْ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ إسْلَامُهُمْ عِتْقًا فَلَا تَكُونُ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ ، وَلَكِنْ نَقَلَ الْبَاجِيَّ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَقَرَّهُ وَجَعَلَهُ ابْنُ يُونُسَ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ .
وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ أَنَّهُمْ عَبِيدٌ مَأْذُونٌ لَهُمْ فِي التَّجْرِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
وَلَا يُخَالِفُ مَا هُنَا وَقْفَ الْأَرْضِ بِمُجَرَّدِ فَتْحِهَا لِأَنَّهَا تُرِكَتْ لَهُ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى الْجِزْيَةِ وَيَدْفَعُ خَرَاجَهَا لِلْإِمَامِ ، فَإِنْ مَاتَ خَرَجَتْ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِوَارِثِهِ فَمُرَادُهُ الْأَرْضُ الَّتِي وُقِفَتْ بِفَتْحِهَا ، وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهَا بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَكَمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْعَنَوِيِّ وَارِثٌ فِي دِينِهِ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي الْفَرَائِضِ وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كُورَتِهِ فَفِي غَيْرِ الْعَنْوِيِّ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ جَمْعًا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ .

وَفِي الصُّلْحِ إنْ أُجْمِلَتْ ، فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ ، وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ ، وَوَرِثُوهَا ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ فَهِيَ لَهُمْ ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِلَا وَارِثٍ ، فَلِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ بَيْعُهَا ، وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ

( وَ ) الْحُكْمُ ( فِي ) أَرْضِ وَمَالِ أَهْلِ ( الصُّلْحِ إنْ أُجْمِلَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْجِزْيَةِ عَلَى الْبَلَدِ بِمَا حَوَتْ مِنْ أَرْضٍ وَرِقَابٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ مَا يَخُصُّ الرِّقَابَ وَلَا مَا يَخُصُّ الْأَرْضَ ( فَلَهُمْ ) أَيْ الْكُفَّارِ الصَّالِحِينَ ( أَرْضُهُمْ ) يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا كَيْفَ شَاءُوا أَوْ لَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ وَلَا يَنْقُصُ مِنْهَا بِنُقْصَانِهِمْ وَلَا يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْهَا إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِهَا لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ .
( وَ ) لَهُمْ ( الْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ ) كُلِّهِ لِأَنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ ( وَ ) إنْ مَاتَ أَحَدُهُمْ ( وَرِثُوهَا ) أَيْ وَرَثَتُهُ أَوْ أَهْلُ دِينِهِ الْأَرْضَ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ ، وَكَذَا مَالُهُ فَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا لِلْمُسْلِمِينَ ( وَإِنْ فُرِّقَتْ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُثَقَّلَةً الْجِزْيَةُ ( عَلَى الرِّقَابِ ) كَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا ، وَكَذَا إنْ فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ فُرِّقَتْ عَلَيْهِمَا ( فَهِيَ ) أَيْ الْأَرْضُ ( لَهُمْ ) يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا وَيَرِثُونَهَا ، وَكَذَا مَا لَهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَمُوتَ ) أَحَدُهُمْ ( بِلَا وَارِثٍ ) لَهُ فِي دِينِهِمْ ( فَلِلْمُسْلِمِينَ ) أَرْضُهُ وَمَالُهُ ( وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ ) وَمَا بَقِيَ لِلْمُسْلِمِينَ .
( وَإِنْ فُرِّقَتْ ) الْجِزْيَةُ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْأَرْضِ كَعَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا ( أَوْ ) فُرِّقَتْ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ كَكُلِّ رَأْسٍ كَذَا ، وَكُلِّ فَدَّانٍ كَذَا ( فَلَهُمْ ) أَيْ الْمُصَالِحِينَ ( بَيْعُهَا ) أَيْ الْأَرْضِ ( وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ ) فِيهَا ، وَالْمُرَادُ بِخَرَاجِهَا الْمَضْرُوبِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ فَيَسْقُطَ عَنْهُ وَعَنْ الْمُشْتَرِي وَمَفْهُومُ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا أَنَّهَا إنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا ، أَوْ أُجْمِلَتْ

عَلَيْهِمَا فَخَرَاجُهَا عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الصُّلْحِ ، وَإِنْ أَسْلَمَ الصُّلْحِيُّ فَلَهُ أَرْضُهُ وَمَالُهُ سَوَاءً أُجْمِلَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمَا أَوْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لِأَنَّهَا إمَّا أَنْ تُجْمَلَ عَلَى الرِّقَابِ وَالْأَرْضِ وَإِمَّا أَنْ تُفَرَّقَ عَلَيْهِمَا ، وَإِمَّا أَنْ تُفَرَّقَ عَلَى الرِّقَابِ دُونَ الْأَرْضِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الرِّقَابِ ، وَفِي الْجَمِيعِ لَهُمْ أَرْضُهُمْ وَمَالُهُمْ يَهَبُونَ وَيَقْسِمُونَ وَيَبِيعُونَ وَيَرِثُونَ إلَّا أَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ يُفَارِقُ غَيْرَهُ فِي أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا وَارِثٍ فَأَرْضُهُ وَمَالُهُ لِأَهْلِ دِينِهِ ، وَلَهُ حِينَئِذٍ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَفِي غَيْرِهِ مَنْ مَاتَ بِلَا وَارِثٍ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِهِ وَإِذَا فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الرِّقَابِ ، فَاخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ مَشْهُورُهَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا يَجُوزُ الْبَيْعُ وَخَرَاجُهَا عَلَى بَائِعِهَا وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ ، إنْ شُرِطَ ، وَإِلَّا فَلَا : كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ .

( وَلِلْعَنَوِيِّ ) أَيْ الَّذِي فُتِحَتْ بَلَدُهُ بِقِتَالٍ ( إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ ) بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ الَّتِي أُقِرَّ عَلَى سُكْنَاهَا ( إنْ شُرِطَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْإِحْدَاثُ أَيْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ فِيهِ حِينَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ فَلَا يُنَافِي الْعَنْوَةَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ فِيهِ حِينَهُ بِأَنْ مَنَعَهُ أَوْ سَكَتَ ( فَلَا ) يَجُوزُ لَهُ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا كَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا فَيْءٌ لَيْسَتْ لَهُمْ وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ ، وَمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ فَتْحِهِمْ وَسَكَنُوا مَعَهُمْ فِيهِ كَالْفُسْطَاطِ وَالْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ وَإِفْرِيقِيَّةَ وَشَبَهِهَا مِنْ مَدَائِنِ الشَّامِ فَلَيْسَ لَهُمْ إحْدَاثُ ذَلِكَ فِيهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوفَى بِهِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ كُلُّ بَلَدٍ اُفْتُتِحَ عَنْوَةً وَأُقِرُّوا فِيهِ وَوَقَفَتْ أَرْضُهُ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ وَإِعْطَاءَاتِهِمْ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ كَنَائِسِهِمْ الَّتِي فِيهَا وَلَا أَنْ يُحْدِثُوا فِيهَا كَنَائِسَ .
ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ .
أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ إنْ شَرَطُوا ذَلِكَ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ فَاخْتَلَفَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْغَيْرُ فَابْنُ الْقَاسِمِ جَذَبَهَا لِأَرْضِ الْإِسْلَامِ ، وَغَيْرُهُ جَذَبَهَا لِأَرْضِ الصُّلْحِ ا هـ .
وَهَكَذَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي جَوَازِ إحْدَاثِ ذَوِي الذِّمَّةِ الْكَنَائِسَ بِبَلَدِ الْعَنْوَةِ الْمُقَرِّ بِهَا أَهْلُهَا وَفِيمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ فَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ وَتَرَكَهَا إنْ كَانَتْ ثَالِثُهَا تُتْرَكُ وَلَا تَحْدُثُ لِلَّخْمِيِّ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ قَائِلًا وَلَوْ كَانُوا مُنْعَزِلِينَ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَائِلًا إلَّا أَنْ

يَكُونُوا أَعْطَوْا ذَلِكَ ا هـ .
( كَرَمِّ ) أَيْ إصْلَاحِ ( الْمُنْهَدِمِ ) مِنْ الْكَنَائِسِ الْقَدِيمَةِ بِأَرْضِ الْعَنْوَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْعِ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ جَوَازُهُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا الْكَنَائِسَ فِي بِلَادِ الْعَنْوَةِ لِأَنَّهَا فَيْءٌ وَلَا تُورَثُ عَنْهُمْ وَلَوْ أَسْلَمُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فِيهَا شَيْءٌ .
وَمَا اخْتَطَّهُ الْمُسْلِمُونَ عِنْدَ فَتْحهمْ وَسَكَنُوهُ مَعَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ إحْدَاثُ ذَلِكَ فِيهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ عَهْدٌ فَيُوفَى بِهِ .
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ لَيْسَ لَهُمْ الْإِحْدَاثُ فِي بَلَدِ الْعَنْوَةِ مَفْهُومُهُ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يَرُمُّوا مَا كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْجَوَازُ فِي الصُّلْحِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَيَجُوزُ لَهُمْ بِأَرْضِ الصُّلْحِ أَيْ إحْدَاثُ الْكَنَائِسِ وَتَرْكُ قَدِيمِهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ بِهَا مُسْلِمُونَ وَإِلَّا فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَائِلًا وَلَوْ شُرِطَ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَيُمْنَعُونَ مِنْ رَمِّ قَدِيمِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ شَرْطًا فَيُوفَى لَهُمْ بِهِ .
الْمَوَّاقُ بَعْدَ نَقْلِهِ فَتَبَيَّنَ أَنَّ لِلصُّلْحِيِّ إحْدَاثَ كَنِيسَةٍ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، فَلَعَلَّ الْمُخْرَجَ قُدِّمَ وَأُخِّرَ ا هـ ، أَيْ قُدِّمَ كَرَمِّ الْمُنْهَدِمِ وَأَصْلُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ .
طفي وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ .

وَلِلصُّلْحِيِّ الْإِحْدَاثُ ، وَبَيْعُ عَرْصَتِهَا أَوْ حَائِطٍ ؛ لَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ إلَّا لِمَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ
( وَلِلصُّلْحِيِّ ) أَيْ الْمَنْسُوبُ لِلصُّلْحِ لِفَتْحِ بَلَدِهِ بِهِ ( الْإِحْدَاثُ ) لِكَنِيسَةٍ بِبَلَدٍ لَمْ يَسْكُنْهَا الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ شَرَطَهُ أَوْ لَا وَإِلَّا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِجَوَازِهِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَنْعِهِ ( وَ ) لِلصُّلْحِيِّ ( بَيْعُ عَرْصَتِهَا ) أَيْ أَرْضِ كَنِيسَتِهِ ( أَوْ حَائِطٍ ) لِكَنِيسَتِهِ .
وَأَمَّا الْعَنْوِيُّ فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُ عَرْصَتِهَا لِأَنَّهَا وُقِفَتْ بِفَتْحِهَا ( لَا ) يَجُوزُ لِلصُّلْحِيِّ وَلَا لِلْعَنَوِيِّ إحْدَاثُ كَنِيسَةٍ ( بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ) الَّتِي نُقِلُوا إلَيْهَا أَوْ الَّتِي انْفَرَدَ بِاخْتِطَاطِهَا الْمُسْلِمُونَ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِ ) خَوْفِ تَرْتِيبِ ( مَفْسَدَةٍ أَعْظَمَ ) مِنْ الْإِحْدَاثِ عَلَى عَدَمِهِ فَيُمَكَّنُونَ مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ .

وَمُنِعَ : رُكُوبَ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ ، وَالسُّرُوجِ ، وَجَادَّةَ الطَّرِيقِ ، وَأُلْزِمَ بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ ، وَعُزِّرَ لِتَرْكِ الزُّنَّارِ ، وَظُهُورِ السُّكْرِ ، وَمُعْتَقَدِهِ ، وَبَسْطِ لِسَانِهِ ، وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ ، وَكُسِرَ النَّاقُوسُ .

( وَمُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الذِّمِّيُّ ( رُكُوبَ الْخَيْلِ ) وَلَوْ غَيْرَ نَفِيسَة ( وَالْبِغَالِ ) النَّفِيسَةِ وَالْجِمَالِ فِي عُرْفِ قَوْمٍ كَالْخَيْلِ وَفِي عُرْفِ آخَرِينَ كَالْحَمِيرِ .
( وَ ) مِنْهُ رُكُوبُ ( السُّرُوجِ ) وَلَوْ عَلَى الْحَمِيرِ ، وَمِنْ الرُّكُوبِ الْمُعْتَادِ وَإِنَّمَا يَرْكَبُونَ عَلَى الْحَمِيرِ عَلَى أُكُفٍ أَيْ بَرَاذِعَ صَغِيرَةٍ عَرْضًا أَيْ جَاعِلًا رِجْلَيْهِ لِجَانِبٍ وَاحِدٍ ( وَ ) مُنِعَ ( جَادَّةَ ) أَيْ وَسَطِ ( الطَّرِيقِ ) إذَا لَمْ يَكُنْ خَالِيًا ( وَأُلْزِمَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الزَّايِ ( بِلُبْسٍ يُمَيِّزُهُ ) عَنْ هَيْئَةِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِهِمْ ( وَعُزِّرَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الزَّايِ مُثَقَّلَةٍ أَيْ أُدِّبَ الذِّمِّيُّ ( لِتَرْكِ ) شَدِّ ( الزُّنَّارِ ) بِضَمِّ الزَّايِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ مَا يُشَدُّ بِهِ وَسَطُهُ عَلَامَةً عَلَى ذُلِّهِ وَنَحْوِهِ كَالْبُرْنِيطَةِ وَالطُّرْطُورِ فِي الْإِرْشَادِ لَا يُكَنُّونَ وَلَا تُشَيَّعُ جَنَائِزُهُمْ .
زَرُّوقٌ لِأَنَّ التَّكْنِيَةَ تَعْظِيمٌ وَإِكْرَامٌ ، وَكَذَا تَشْيِيعُ جَنَائِزِهِمْ وَلَوْ قَرِيبًا وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَلْقِيبِهِ بِفُلَانِ الدِّينِ وَالْأَشْبَهُ مَنْعُهُ .
تت تَجُوزُ تَكْنِيَةُ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ إلَّا بِهَا أَوْ خِيفَ مِنْ ذِكْرِهِ بِاسْمِهِ فِتْنَةً .
وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ مَا يُفِيدُ جَوَازَ مُخَاطَبَتِهِ بِمُعَلِّمٍ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُقْصَدْ تَعْظِيمُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَأَفْتَى يَاسِينُ الْمَالِكِيُّ بِحُرْمَةِ تَعْظِيمِهِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ بِمُعَلِّمٍ أَوْ غَيْرِهِ .
( وَ ) عَزَّرَهُ لِ ( ظُهُورِ ) أَيْ إظْهَارِ ( السُّكْرِ ) فِي مَجْلِسٍ غَيْرِ خَاصٍّ بِهِمْ فَيَشْمَلُ الْأَسْوَاقَ وَحَارَاتِهِمْ الَّتِي يَدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ وَلَوْ لِبَيْعٍ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ ، وَأَمَّا لَوْ أَظْهَرُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ وَعَلِمْنَاهُ بِرَفْعِ أَصْوَاتِهِمْ أَوْ بِرُؤْيَتِهِمْ مِنْ دَارِنَا الْمُقَابِلَةِ لَهُمْ فَلَا ( وَ ) إظْهَارِ ( مُعْتَقَدِهِ ) فِي الْمَسِيحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ لَا مَا فِيهِ

ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ كَتَغْيِيرِ مُعْتَقَدِهِمْ فَيُنْتَقَضُ عَهْدُهُ بِإِظْهَارِهِ ، وَكَإِظْهَارِ سُكْرِهِ وَمُعْتَقَدِهِ إظْهَارُ قِرَاءَتِهِمْ بِكَنَائِسِهِمْ بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ ( وَبَسْطِ لِسَانِهِ ) عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بِحَضْرَتِهِ لِانْتِهَاكِهِ حُرْمَتِهِ أَيْ تَكَلُّمِهِ وَعَدَمِ احْتِرَامِهِ الْمُسْلِمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَبًّا وَلَا شَتْمًا .
( وَأُرِيقَتْ الْخَمْرُ ) إنْ أَظْهَرَهَا وَحَمَلَهَا مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ وَإِلَّا ضَمِنَهَا وَمَنْ أَرَاقَهَا لِتَعَدِّيهِ .
وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ لَهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْحَاكِمِ ، وَيُؤَدَّبُ مَنْ أَظْهَرَ خِنْزِيرًا أَوْ صَلِيبًا فِي أَعْيَادِهِمْ أَوْ اسْتِسْقَائِهِمْ وَيُكْسَرُ .
وَفِي الْجَوَاهِرِ وَالشَّرْحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ تُكْسَرُ آنِيَةُ الْخَمْرِ إذَا ظَهَرَتْ ( وَكُسِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( النَّاقُوسُ ) آلَةٌ مِنْ خَشَبٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ يَضْرِبُونَ بِهَا لِاجْتِمَاعِهِمْ لِصَلَاتِهِمْ إنْ أَظْهَرُوهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ كَسَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَإِنْ أَظْهَرُوا نَاقُوسًا كَسَرْنَاهُ .

وَيَنْتَقِضُ بِقِتَالٍ ، وَمَنْعِ جِزْيَةٍ ، وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ ، وَبِغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ، وَغُرُورِهَا وَتَطَلُّعِهِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَبِّ نَبِيٍّ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ ، قَالُوا : كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ ، أَوْ لَمْ يُرْسَلْ ، أَوْ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ ، أَوْ تَقَوَّلَهُ ، أَوْ عِيسَى خَلَقَ مُحَمَّدًا ، أَوْ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ حِينَ أَكَلَتْهُ الْكِلَابُ ، وَقُتِلَ إنْ لَمْ يُسْلِمْ .

( وَيُنْتَقَضُ ) عَقْدُ الذِّمَّةِ ( بِقِتَالٍ ) أَيْ إظْهَارِ الْخُرُوجِ عَنْ الذِّمَّةِ عَلَى وَجْهِ الْمُحَارَبَةِ لَا دَفْعِهِ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ يُرِيدُ قَتْلَهُ ( وَمَنْعِ جِزْيَةٍ وَتَمَرُّدٍ عَلَى الْأَحْكَامِ ) الشَّرْعِيَّةِ بِإِظْهَارِهِ عَدَمَ الْمُبَالَاةِ بِهَا مُسْتَعِينًا عَلَى ذَلِكَ بِجَارِهِ أَوْ اسْتِمَالَةِ ذِي جَرَاءَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَخْشَاهُ الْحَاكِمُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ .
( وَغَصْبِ حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ ) عَلَى الزِّنَا بِهَا وَزَنَى بِهَا بِالْفِعْلِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ رَأَوْهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَقِيلَ يَكْفِي اثْنَانِ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى نَقْضِ الْعَهْدِ وَهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالرَّاجِحُ الْأُولَى لِأَنَّهُ الَّذِي رُجِعَ إلَيْهِ وَلِأَنَّ النَّقْضَ إنَّمَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الزِّنَا .
تت وَلَهَا صَدَاقُ مِثْلِهَا مِنْ مَالِهِ وَوَلَدُهَا مِنْهُ عَلَى دِينِهَا لَا أَبَ لَهُ ، وَكَذَا إنْ زَنَى بِهَا طَائِعَةً كَمَا فِي الشَّاذِلِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَابْنِ نَاجِي عَلَى الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَوْلُهُمْ الْوَلَدُ تَابِعٌ لِأَبِيهِ فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ مَحَلُّهُ فِي الْمَنْسُوبِ لِأَبِيهِ وَوَلَدُ الزِّنَا مَقْطُوعٌ عَنْ الزَّانِي ( وَغُرُورِهَا ) أَيْ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَيْ إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ مُسْلِمٌ وَتَزَوَّجَهَا وَوَطِئَهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَالِمَةً بِهِ وَوَطِئَهَا فَلَيْسَ نَاقِضًا ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَزِنَاهُ بِهَا طَائِعَةً وَزِنَاهُ بِأَمَةٍ مُسْلِمَةٍ وَلَوْ مُكْرَهَةً إلَّا أَنْ يُعَاهَدَ عَلَى أَنَّهُ إنْ أَتَى بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتَقَضَ عَهْدُهُ .
( وَتَطَلُّعِهِ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ ) أَيْ وَاطِّلَاعِ الْحَرْبِيِّينَ عَلَيْهَا بِكِتَابَتِهَا وَإِرْسَالِهَا لَهُمْ بِأَنْ كَتَبَ لَهُمْ أَنَّ الْمَوْضِعَ الْفُلَانِيَّ لِلْمُسْلِمِينَ لَا حَارِسَ بِهِ لِيَأْتُوا مِنْهُ .
وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ وَجَدْنَا فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا كَاتِبًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ قُتِلَ لِيَكُونَ نَكَالًا لِغَيْرِهِ ( وَسَبِّ نَبِيٍّ ) مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَنَا وَإِنْ

أَنْكَرَهَا الْيَهُودُ كَدَاوُد وَسُلَيْمَانَ ، بِخِلَافِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ عِنْدَنَا كَالْخَضِرِ ( بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ ) أَيْ بِمَا لَمْ يُقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ ، فَإِنْ سَبَّ بِمَا أَقَرَّ عَلَى كُفْرِهِ بِهِ كَلَمْ يُرْسَلْ إلَيْهِمْ أَوْ عِيسَى إلَهٌ فَلَا يُنْتَقَضْ عَهْدُهُ لِهَذَا الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ نَعَمْ يُؤَدَّبُ لِإِظْهَارِهِ .
( قَالُوا ) أَيْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ مِثَالُ مَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ ( كَلَيْسَ بِنَبِيٍّ ) تَبَرَّأَ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِمَّا كَفَرُوا بِهِ قَالَهُ تت .
وَقَالَ أَحْمَدُ نِسْبَتُهُ لِغَيْرِهِ لَيْسَتْ لِلتَّبَرُّؤِ مِنْ التَّمْثِيلِ بِهِ بَلْ لِقُبْحِهِ فَالضَّمِيرُ لِلْكَافِرِينَ وَهُوَ تَمْثِيلٌ لِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ كَقَوْلِهِمْ لَيْسَ إلَخْ ( أَوْ لَمْ يُرْسَلْ ) بِفَتْحِ السِّينِ ( أَوْ لَمْ يُنَزَّلْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَالزَّايِ مُثَقَّلًا أَوْ سُكُونِ النُّونِ مُخَفَّفًا أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ( عَلَيْهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قُرْآنٌ أَوْ تَقَوَّلَهُ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ قَالَ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ ( أَوْ عِيسَى ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( خَلَقَ مُحَمَّدًا ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَسْتَحْيِ هَذَا الْقَائِلُ مِنْ الْكَذِبِ فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلُوا عِيسَى قَبْلَ وِلَادَةِ مُحَمَّدٍ بِقُرُونٍ عَدِيدَةٍ ( أَوْ مِسْكِينٌ مُحَمَّدٌ ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( يُخْبِركُمْ أَنَّهُ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِي الْجَنَّةِ مَا لَهُ ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ( لَمْ يَنْفَعْ نَفْسَهُ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( حِينَ أَكَلَتْهُ ) عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَيْ عَضَّتْ سَاقَهُ ( الْكِلَابُ ) الْبِسَاطِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ قَوْلَهُمْ مِسْكِينٌ إلَخْ لَيْسَ دَاخِلًا تَحْتَ التَّبَرُّؤِ إذْ لَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا كَفَرُوا بِهِ .
( وَقُتِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ السَّابُّ بِمَا لَمْ يَكْفُرْ بِهِ وُجُوبًا وَغَاصِبٌ وَغَارُّ الْمُسْلِمَةِ ( إنْ لَمْ يُسْلِمْ ) بِضَمٍّ

فَسُكُونٍ ، وَأَمَّا الْمُطَّلِعُ عَلَى عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَيَرَى فِيهِ الْإِمَامُ رَأْيَهُ بِقَتْلٍ أَوْ اسْتِرْقَاقٍ وَالْمُقَاتِلُ كَذَلِكَ بِزِيَادَةِ الْجِزْيَةِ وَالْفِدَاءِ وَالْمَنِّ ، وَكَذَا مَانِعُ الْجِزْيَةِ وَالْمُتَمَرِّدُ عَلَى الْأَحْكَامِ .
وَمَفْهُومٌ إنْ لَمْ يُسْلِمْ أَنَّهُ إنْ أَسْلَمَ إسْلَامًا غَيْرَ فَارٍّ بِهِ مِنْ الْقَتْلِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ فَلَا يُقْتَلُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَف } تت لَا يُقَالُ لَهُ أَسْلِمْ وَلَا يُقْتَلُ إذَا أَسْلَمَ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ السَّابَّ يُقْتَلُ وَلَوْ تَابَ ، لِأَنَّا عَلِمْنَا بُغْضَ الْكَافِرِ النَّبِيَّ وَتَنْقِيصَهُ إيَّاهُ بِقَلْبِهِ ، وَمَنَعْنَاهُ مِنْ إظْهَارِهِ فَلَمْ يَزِدْنَا سَبُّهُ إلَّا مُخَالَفَتَهُ الْأَمْرَ وَنَقْضَهُ الْعَهْدَ .
فَإِذَا أَسْلَمَ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ بِنَصِّ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ فَإِنَّا ظَنَنَّا بَاطِنَهُ كَظَاهِرِهِ فَأَبْدَى لَنَا خِلَافَ ذَلِكَ أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ أَمَّا وُجُوبُ الْقَتْلِ فِي السَّبِّ فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الرِّسَالَةِ وَصَدَّرَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَحَكَى عَلَيْهِ عِيَاضٌ فِي الشِّفَاءِ الِاتِّفَاقَ ، وَأَمَّا فِي غَصْبِ الْمُسْلِمَةِ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْجَوَاهِرِ وَهُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ ، إلَّا إنَّهُمَا عَلَّلَا وُجُوبَ قَتْلِهِ بِالنَّقْضِ وَهُوَ لَا يُوجِبُهُ ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَبَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِتُونُسَ وَلَدًا مُسْلِمًا لِأَهْلِ الْحَرْبِ النَّازِلِينَ بِهَا بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ فَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِصَلْبِهِ وَقَتْلِهِ ، وَأَفْتَى غَيْرُهُ بِنَقْضِ عَهْدِهِ ، وَنَظَرَ الْإِمَام فِيهِ بِرَأْيِهِ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ السَّبِّ يُوجِبُ الرُّجُوعَ لِلْأَصْلِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأُمُورِ السَّابِقَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ خَرَجَ لِدَارِ الْحَرْبِ وَأُخِذَ : اُسْتُرِقَّ ؛ إنْ لَمْ يُظْلَمْ ، وَإِلَّا فَلَا : كَمُحَارَبَتِهِ .

( وَإِنْ خَرَجَ ) الذِّمِّيُّ مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ ( لِدَارِ الْحَرْبِ ) نَاقِضًا الْعَهْدَ بِخُرُوجِهِ ( وَأُخِذَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَسَرَهُ الْمُسْلِمُونَ ( اُسْتُرِقَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَشَدِّ الْقَافِ أَيْ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ خُيِّرَ الْإِمَامُ فِيهِ وَفِي بَقِيَّةِ الْوُجُوهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْأَسِيرِ لِرَدِّ قَوْلِ أَشْهَبَ لَا يُسْتَرَقُّ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَصِيرُ رِقًّا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ بِإِعْتَاقِ مِنْ رَقٍّ سَابِقٍ حَتَّى لَا تُنْقَضَ وَإِنَّمَا تُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا آمَنِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْمُسْلِمِينَ بِمَا بَذَلُوهُ ، فَلَمَّا امْتَنَعُوا وَخَرَجُوا لِدَارِ الْحَرْبِ كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعُ .
ابْنُ رُشْدٍ اتَّفَقَ أَصْحَابُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَلَى اتِّبَاعِ قَوْلِهِ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا نَقَضُوا الْعَهْدَ وَمَنَعُوا الْجِزْيَةَ وَخَرَجُوا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَنَّهُمْ يَصِيرُونَ حَرْبًا وَعَدُوًّا يُسْبَوْنَ وَيُقْتَلُونَ إلَّا أَشْهَبُ قَائِلًا لَا يَعُودُ الْحُرُّ إلَى الرِّقِّ ، وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ مَالِكٍ مَعَهُ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ مِنْ قَوْلِ أَشْهَبَ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَمْ تَثْبُتْ لَهُمْ بِإِعْتَاقِ مِنْ رَقٍّ مُتَقَدِّمٍ فَلَا يُنْقَضُ ، وَإِنَّمَا تُرِكُوا عَلَى حَالِهِمْ مِنْ الْجِزْيَةِ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا آمَنِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَدِمَائِهِمْ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا بَذَلُوهُ مِنْ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ، فَإِذَا مَنَعُوا لَمْ يَصِحَّ الْعِوَضُ وَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ الرُّجُوعُ فِيهِ وَذَلِكَ أَيْضًا كَالصُّلْحِ يَنْعَقِدُ بَيْنَ أَهْلِ الْحَرْبِ وَالْمُسْلِمِينَ عَلَى شُرُوطٍ ، فَإِذَا لَمْ يُوفُوا بِهَا انْتَقَضَ الصُّلْحُ ا هـ .
إنْ لَمْ يُظْلَمْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ اللَّامِ الذِّمِّيُّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ خَرَجَ لِظُلْمٍ لَحِقَهُ وَأُخِذَ ( فَلَا ) يُسْتَرَقُّ وَيُرَدُّ لِجِزْيَتِهِ وَيُصَدَّقُ فِي

قَوْلِهِ إنَّهُ خَرَجَ لِظُلْمٍ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهِ وَصُرِّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبَّهَ بِهِ فِي عَدَمِ الِاسْتِرْقَاقِ بِقَوْلِهِ ( كَمُحَارَبَتِهِ ) أَيْ قَطْعُ الذِّمِّيِّ الطَّرِيقَ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لِأَخْذِ مَالٍ أَوْ مَنْعِ سُلُوكٍ غَيْرِ مُظْهِرٍ الْخُرُوجَ عَنْ الذِّمَّةِ فَلَا يُسْتَرَقُّ وَيُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْمُحَارِبِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ صَلْبٍ أَوْ قَطْعٍ مِنْ خِلَافٍ أَوْ نَفْيٍ ، وَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ نَقْضِ عَهْدِهِ بِقِتَالِهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ أَظْهَرَهُ ، وَهَذَا فِيمَنْ تَلَصَّصَ .

وَإِنْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ وَحَارَبُوا فَكَالْمُرْتَدِّينَ .
( وَإِنْ ارْتَدَّ ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَام ( جَمَاعَةٌ ) بَعْدَ تَقَرُّرِ إسْلَامِهِمْ ( وَحَارَبُوا ) بَعْدَ ارْتِدَادِهِمْ الْمُسْلِمِينَ كَمُحَارَبَةِ الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أُسِرُوا ( فَكَالْمُرْتَدِّينَ ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْأَصْلِيِّينَ فَيُحْكَمُ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِحُكْمِ الْكُفَّارِ النَّاقِضِينَ لِلْعَهْدِ فَيُسْتَتَابُ كِبَارُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا وَمَالُهُمْ فَيْءٌ ، وَيُجْبَرُ صِغَارُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِتَابَةٍ ، وَلَا بِحُكْمِ الْحَرْبِيِّينَ كَمَا قَالَهُ أَصْبَغُ .
أَمَّا إذَا حَارَبُوا كَمُحَارَبَةِ الْمُسْلِمِينَ فَيُخَيَّرُ فِيهِمْ الْإِمَامُ لِلْحِرَابَةِ ثُمَّ يَنْظُرُ فِيهِمْ كَمَا يَنْظُرُ فِي الْمُرْتَدِّينَ وَكَانُوا فِي مَوْضُوعِ الْمُصَنِّفِ كَالْمُرْتَدِّينَ نَظَرًا لِسَبْقِ الِارْتِدَادِ الْحِرَابَةَ وَهُوَ الرَّاجِحُ .
وَقِيلَ كَالْمُحَارِبِينَ نَظَرًا لِلْحِرَابَةِ الطَّارِئَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ ارْتَدَّ جَمَاعَةٌ مَنَعُوا أَنْفُسَهُمْ فَأُخِذُوا فَفِي الْحُكْمِ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ أَوْ الْحَرْبِيِّينَ نَقْلًا ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ .

وَلِلْإِمَامِ الْمُهَادَنَةُ لِمَصْلَحَةٍ ؛ إنْ خَلَا عَنْ : كَشَرْطِ بَقَاءِ مُسْلِمٍ وَإِنْ بِمَالٍ ، إلَّا لِخَوْفٍ ، وَلَا حَدَّ وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ اسْتَشْعَرَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ وَأَنْذَرَهُمْ

( وَ ) تَجُوزُ ( لِلْإِمَامِ ) أَوْ نَائِبِهِ فَقَطْ ( الْمُهَادَنَةُ ) أَيْ صُلْحُ الْحَرْبِيِّ عَلَى تَرْكِ قِتَالِهِ مُدَّةً لَيْسَ هُوَ فِيهَا تَحْتَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ ( لِمَصْلَحَةٍ ) مُسْتَوِيَةٍ فِيهَا وَفِي عَدَمِهَا فَإِنْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا فَقَطْ تَعَيَّنَتْ وَفِي عَدَمِهَا فَقَطْ امْتَنَعَتْ فَاللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ ( إنْ خَلَا ) أَيْ الْمُهَادَنَةُ وَذُكِّرَ نَظَرًا لِعِنْوَانِ الصُّلْحِ أَوْ الْعَقْدِ ( عَنْ ) شَرْطٍ فَاسِدٍ ، فَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ ( كَشَرْطِ بَقَاءِ ) أَسِيرٍ ( مُسْلِمٍ ) بِأَيْدِيهِمْ أَوْ قَرْيَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ خَالِيَةٍ لَهُمْ أَوْ حُكْمٍ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكَافِرٍ بِحُكْمِهِمْ فَلَا تَجُوزُ بِغَيْرِ مَالٍ بَلْ ( وَإِنْ بِمَالٍ ) يَدْفَعُهُ الْكُفَّارُ لِلْإِمَامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الْأَعْلَوْنَ } وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْفَاسِدُ مُصَوَّرًا بِمَالٍ يَدْفَعُهُ الْإِمَامُ لِلْحَرْبِيِّينَ .
الْمَازِرِيُّ لَا يُهَادِنُ الْإِمَامُ الْحَرْبِيَّ بِإِعْطَائِهِ مَالًا لِأَنَّهُ عَكْسُ مَصْلَحَةِ شَرْعِ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْهُمْ إلَّا لِضَرُورَةِ التَّخَلُّصِ مِنْهُمْ خَوْفَ اسْتِيلَائِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَقَدْ { شَاوَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَحَاطَ الْقَبَائِلُ بِالْمَدِينَةِ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ وَسَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ فِي أَنْ يَبْذُلَ لِلْمُشْرِكِينَ ثُلُثَ الثِّمَارِ لَمَّا خَافَ أَنْ تَكُونَ الْأَنْصَارُ مَلَّتْ الْقِتَالَ ، فَقَالَا إنْ كَانَ هَذَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ، وَإِنْ كَانَ رَأْيًا فَمَا أَكَلُوا مِنْهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَمْرَةً إلَّا بِشِرَاءٍ أَوْ قَرْيٍ ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَعَزَّنَا اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَزْمَهُمْ عَلَى الْقِتَالِ تَرَكَهُ } ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْطَاءُ جَائِزًا عِنْدَ الضَّرُورَةِ مَا شَاوَرَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( إلَّا لِخَوْفٍ ) مِمَّا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا مِنْ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ كَاسْتِيلَائِهِمْ عَلَى

الْمُسْلِمِينَ ( وَلَا حَدَّ ) لِمُدَّةِ الْمُهَادَنَةِ وَاجِبٌ وَالرَّأْيُ فِيهَا لِلْإِمَامِ بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ ( وَنُدِبَ أَنْ لَا تَزِيدَ ) مُدَّتُهَا ( عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) لِاحْتِمَالِ حُدُوثِ قُوَّةٍ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَهَذَا حَيْثُ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَفِي غَيْرِهَا ( وَإِنْ اسْتَشْعَرَ ) أَيْ ظَنَّ الْإِمَامُ ظَنًّا قَوِيًّا ( خِيَانَتَهُمْ ) أَيْ الْحَرْبِيِّينَ بِظُهُورِ أَمَارَاتِهَا فِي مُدَّةِ الْمُهَادَنَةِ ( نَبَذَهُ ) أَيْ نَقَضَ الْإِمَامُ الصُّلْحَ وُجُوبًا خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمَهْلَكَةِ بِالتَّمَادِي عَلَى الْمُهَادَنَةِ ، فَيَسْقُطُ الْيَقِينُ بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ لِلضَّرُورَةِ .
( وَأَنْذَرَهُمْ ) وُجُوبًا أَيْ أَعْلَمَ الْإِمَامُ الْحَرْبِيِّينَ بِنَقْضِهِ عَهْدَهُمْ وَأَنَّهُ يُقَاتِلُهُمْ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ خِيَانَتَهُمْ نَبَذَهُ بِلَا إنْذَارٍ .

وَوَجَبَ الْوَفَاءُ وَإِنْ بِرَدِّ رَهَائِنَ ، وَلَوْ أَسْلَمُوا كَمَنْ أَسْلَمَ ، وَإِنْ رَسُولًا ؛ إنْ كَانَ ذَكَرًا .
( وَوَجَبَ ) عَلَى الْإِمَامِ ( الْوَفَاءُ ) لَهُمْ بِمَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ رَدِّ رَهَائِنِهِمْ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ عَهْدُنَا لَهُمْ مُتَلَبِّسًا ( بِرَدِّ رَهَائِنَ ) كُفَّارٍ عِنْدَنَا بَاقِينَ عَلَى كُفْرِهِمْ ، بَلْ ( وَلَوْ أَسْلَمُوا ) هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ سَحْنُونٌ وَمَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا رَأَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْهِمْ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرُّسُلِ وَالرَّهَائِنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ سَحْنُونًا رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَسْلَمَ رَسُولُ أَهْلِ الْحَرْبِ رُدَّ إلَيْهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَلَوْ شَرَطُوهُ وَثَالِثُهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطُوهُ ا هـ .
فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْوَفَاءِ بِالرَّدِّ فَقَالَ ( كَمَنْ أَسْلَمَ ) مِنْهُمْ عِنْدَنَا وَلَيْسَ رَهْنًا فَيُرَدُّ إلَيْهِمْ إنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولًا ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( رَسُولًا ) مِنْهُمْ إلَيْنَا بَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَرْطَهُمْ قَاصِرٌ عَلَى مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ هَارِبًا لَا طَائِعًا وَرَسُولًا ، وَهَذَا كُلُّهُ ( إنْ كَانَ ) مَنْ أَسْلَمَ مِنْ الرَّهَائِنِ أَوْ الرُّسُلِ أَوْ غَيْرِهِمْ ( ذَكَرًا ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِمْ ، وَلَوْ شَرَطُوا رَدَّهَا صَرِيحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إلَى الْكُفَّارِ } .

وَفُدِيَ بِالْفَيْءِ ، ثُمَّ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ بِمَالِهِ ، وَرَجَعَ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ غَيْرِهِ عَلَى الْمَلِيِّ وَالْمُعْدِمِ ؛ إنْ لَمْ يَقْصِدْ صَدَقَةً وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ ؛ إلَّا مَحْرَمًا أَوْ زَوْجًا إنْ عَرَفَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ ، إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ وَيَلْتَزِمَهُ ، وَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ ، وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ عَلَى الْعَدَدِ ، إنْ جَهِلُوا قَدْرَهُمْ وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ فِي الْفِدَاءِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ .

( وَفُدِيَ ) .
بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مَنْ أَسْلَمَ وَرُدَّ إلَى الْكُفَّارِ مِنْ الرَّهَائِنِ وَالرُّسُلِ وَغَيْرِهِمْ وَأَوْلَى الْمُسْلِمُ الْأَصْلِيُّ الْمَأْسُورُ عِنْدَهُمْ ( بِالْفَيْءِ ) أَيْ مَالِ بَيْتِ الْمَالِ وُجُوبًا عَلَى الْإِمَامِ ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ الذِّمِّيُّ فَلَا يُفْدَى بِفَيْءٍ وَلَا بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُ فِي مَالِهِ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِالْفَيْءِ فُدِيَ ( بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ ) الَّذِينَ يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ قُطْرِهِ لَا مَنْ بَعُدَ وَاجِدًا .
رَوَى أَشْهَبُ وَلَوْ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا لَمْ يَخْشَ اسْتِيلَاءَ الْعَدُوِّ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فِدَاؤُهُ بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ فُدِيَ ( بِمَالِهِ ) أَيْ الْأَسِيرِ ، وَقُدِّمَ مَالُ الْمُسْلِمِينَ لِيَحْمِلَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ وَتَخْلِيصُهُ بِهِ بِلَا مَالٍ ، هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَطَرِيقَةُ ابْنِ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ سَحْنُونٍ تَقْدِيمُ مَالِهِ عَلَى الْفَيْءِ ، وَاخْتَارَهَا اللَّخْمِيُّ .
( وَرَجَعَ ) الْفَادِي الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا بِغَيْرِ عِلْمِ الْإِمَامِ عَلَى الْمُفْدِي الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ وَفِدَاءُ هَذَا كَجِنَايَتِهِ ، فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِيهِ وَفِدَائِهِ ( بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فِيهِمَا يُدْفَعُ لِلْفَادِي بِمَحَلِّ الْفِدَاءِ ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَقِيمَتُهُ فِيهِ ( وَقِيمَةُ غَيْرِهِ ) أَيْ الْمِثْلِيِّ وَهُوَ الْمُقَوَّمُ ، وَمِثْلُ مَا قَالَهُ لِلْبَاجِيِّ وَابْنُ بَشِيرٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ بِالْمِثْلِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ إنْ كَانَ الرُّجُوعُ يَقُولُ الْمُفْدِي افْدِنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَالْمِثْلُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ قَرْضٌ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ الْمُقَوَّمَ الْمُفْدَى بِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ تَقَرُّرٌ فِي ذِمَّةِ الْمُفْدِي وَلَا الْتَزَمَهُ قَبْلَ صَرْفِهِ فِي الْفِدَاءِ ، فَصَارَ دَفْعُهُ كَهَلَاكِهِ .

وَاسْتَشْكَلَ الرُّجُوعُ بِأَنَّ كَوْنَ فِدَائِهِ وَاجِبًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالْمُفْدِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَهُ ، كَدِيَةِ قَتْلِ الْخَطَأِ ، وَأَيْضًا لَوْ كَانَ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ لَكَانَ فِدَاؤُهُ بِمَالِهِ الْمَوْجُودِ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ مُقَدَّمًا عَلَى مَالِهِمْ .
وَلَمَّا كَانَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمْ فَائِدَةٌ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فِيمَا إذَا فَدَاهُ مُعَيَّنٌ عَالِمًا أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يُفْدِيهِ بِالْفَيْءِ وَلَا بِمَا يَجْمَعُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ جَاهِلًا وُجُوبَهُ عَلَى الْإِمَامِ قَاصِدًا الرُّجُوعَ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَقْدِيمَ مَالِ الْمُفْدِي عَلَى الْفَيْءِ فَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاس أَنْ لَا يُتَّبَعَ الْمُفْدَيْ بِشَيْءٍ .
وَصِلَةُ رَجَعَ ( عَلَى الْمَلِيءِ ) يَأْخُذُهُ مِنْهُ الْآنَ ( وَ ) عَلَى ( الْمُعْدِمِ ) بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ .
طفي هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
اللَّخْمِيُّ الْقِيَاسُ أَنْ يَأْخُذَ مَا افْتَدَاهُ بِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمِنْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْمَذْهَبُ لِأَنَّ فِدَاءَهُ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ فَيُرْجَعُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ .
ا هـ .
وَهَذَا اخْتِيَارٌ لَهُ ، فَقَوْلُهُ وَهَذَا الْمَذْهَبُ أَيْ مُقْتَضَاهُ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ إنْ فَدَى أَسِيرًا لَا مَالَ لَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّبِعَهُ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْإِمَامِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ خِلَافُ هَذَا وَهُوَ بَعِيدٌ ا هـ .
وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْفَادِي الْمُعَيَّنِ ( إنْ لَمْ يَقْصِدْ ) الْفَادِي بِفِدَائِهِ ( صَدَقَةً ) بِأَنْ قَصَدَ الرُّجُوعَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَصْدِ الصَّدَقَةِ وَعَدَمِهِ إذْ هَذَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ ( وَلَمْ يُمْكِنْ الْخَلَاصُ بِدُونِهِ ) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ بِدُونِ شَيْءٍ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ أَمْكَنَ بِأَقَلَّ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ فَيُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يُمْكِنُ خَلَاصُهُ بِهِ

فَقَطْ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ الْمُفْدَى ( مَحْرَمًا ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالرَّاءِ لِلْفَادِي مِنْ النَّسَبِ فَقَطْ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ( أَوْ زَوْجًا ) لَهُ وَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْفَادِي عَلَيْهِ ( إنْ ) كَانَ ( عَرَفَهُ ) أَيْ الْفَادِي الْمُفْدَى بِالْمَحْرَمِيَّةِ أَوْ الزَّوْجِيَّةِ ( أَوْ ) لَمْ يَعْرِفْهُ بِالْمَحْرَمِيَّةِ وَ ( عَتَقَ ) الْمُفْدَى ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْفَادِي عَلَى تَقْدِيرِ مِلْكِهِ كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ لِأَنَّهُ لِشِدَّةِ الِاتِّصَالِ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ التَّبَرُّعِ فَلَا يُرْجَعُ عَلَيْهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ ) أَيْ الْمُفْدَى الْفَادِيَ ( بِهِ ) أَيْ الْفِدَاءِ ( وَيَلْتَزِمُ ) الْمُفْدَيْ الْفِدَاءَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَا رُجُوعَ إلَّا أَنْ يَأْمُرَهُ مُلْتَزِمًا وَقَرَّرَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَنَسَبَهُ لِنَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْ سَحْنُونٍ .
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا خِلَافًا هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْتِزَامٍ مَعَ الْأَمْرِ أَوْ يَكْفِي الْأَمْرُ وَحْدَهُ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ أَنَّ الَّذِي يَفْدِي امْرَأَتَهُ لَا يَتَّبِعُهَا وَنِسْبَتُهُ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَخَوَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فَدَاهَا بِأَمْرِهَا وَطَلَبِهَا فَيُرْجَعُ عَلَيْهَا .
قَالَ فَضْلٌ مَعْنَاهُ أَنَّهَا قَالَتْ لَهُ أَفِدْنِي وَأُعْطِيك الْفِدَاءَ فَيَكُونُ مِنْ السَّلَفِ .
وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ رُجُوعُهُ عَلَيْهَا بِمَا فَدَاهَا بِهِ بِأَمْرِهَا وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَهُ ذَلِكَ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ فَضْلٌ .
ا هـ .
فَبَانَ بِهَذَا أَنَّ الْوَاوَ عَلَى بَابِهَا ، وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ .
( وَقُدِّمَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْفَادِي فِي رُجُوعِهِ بِالْفِدَاءِ ( عَلَى غَيْرِهِ ) أَيْ الْفَادِي مِنْ غُرَمَاءِ الْمُفْدَيْ لِأَنَّ الْفِدَاءَ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ وَذِمَّتِهِ وَبِالْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ وَالدَّيْنُ بِذِمَّتِهِ فَقَطْ ،

وَيُقَدَّمُ فِيمَا بِيَدِهِ بَلْ ( وَلَوْ فِي غَيْرِ مَا بِيَدِهِ ) أَيْ الْمُفْدِي كَمَالِهِ الَّذِي بِبَلَدِهِ وَدَارِهِ وَعَلَى غُرَمَائِهِ وَيُقْسَمُ الْفِدَاءُ ( عَلَى الْعَدَدِ ) لِرُءُوسِ الْمَفْدِيِّينَ ( إنْ جَهِلُوا ) أَيْ الْحَرْبِيُّونَ ( قَدْرَهُمْ ) أَيْ الْمَفْدِيِّينَ رِفْعَةً وَخِسَّةً وَغِنًى وَفَقْرًا فَإِنْ عَلِمُوهُ قُسِمَ عَلَى قَدْرِ مَا يُفْدَى بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ عَادَتِهِمْ كَثَلَاثَةٍ يُفْدَى أَحَدُهُمْ عَادَةً بِعَشْرَةٍ وَآخَرُ بِعِشْرِينَ وَآخَرُ بِخَمْسَةٍ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ سُبْعَا الْفِدَاءِ ، وَعَلَى الثَّانِي أَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ وَعَلَى الثَّالِثِ سُبْعُهُ .
( وَالْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ ) الْمُفْدَى مِنْ مُعَيَّنٍ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ بِيَمِينٍ سَوَاءً أَشْبَهَ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَشْهَدْ لِلْفَادِي عَلَى دَفْعِ الْفِدَاءِ لِلْحَرْبِيِّ ( فِي ) إنْكَارِ أَصْلِ ( الْفِدَاءِ ) بِأَنْ قَالَ خَلَّصْتَنِي بِلَا مَالٍ ( أَوْ ) إنْكَارِ ( بَعْضِهِ ) أَيْ الْفِدَاءِ بِأَنْ قَالَ فَدَيْتَنِي بِعَشَرَةٍ وَالْفَادِي بِأَكْثَرَ مِنْهَا إنْ كَانَ الْمُفْدَى بِيَدِ الْفَادِي .
بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) الْمُفْدَى ( فِي يَدِهِ ) أَيْ الْفَادِي وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِهِ قَالَ " غ " وَهُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ اخْتِلَافُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَقَالَ الْأَوَّلُ الْقَوْلُ لِلْأَسِيرِ وَلَوْ كَانَ فِي يَدِ الْفَادِي وَجَعَلَ سَحْنُونٌ الْقَوْلَ لِلْفَادِي إنْ كَانَ الْمُفْدَى بِيَدِهِ .

وَجَازَ بِالْأَسْرَى الْمُقَاتَلَةُ وَالْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ عَلَى الْأَحْسَنِ .
( وَجَازَ ) فِدَاءُ أَسِرْ الْمُسْلِمِينَ ( بِ ) الْكُفَّارِ ( الْأَسْرَى ) فِي أَيْدِينَا ( الْمُقَاتِلَةِ ) أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْقِتَالُ إذَا لَمْ يَرْضَوْا إلَّا بِذَلِكَ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ مُتَرَقِّبٌ ، وَخَلَاصُ الْمُسْلِمِ مُحَقَّقٌ ، وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يُخْشَ مِنْهُمْ وَإِلَّا مُنِعَ ( وَبِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٍ ، وَمَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَصِفَةُ مَا يُفْعَلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْمُرَ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ بِدَفْعِ ذَلِكَ إلَى الْعَدُوِّ وَيُحَاسِبُهُمْ بِقِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ الْجِزْيَةِ ، فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَيْهِ وَيَجُوزُ ابْتِيَاعُ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ جَوَازُ الْفِدَاءِ بِذَلِكَ ، وَلَوْ أَمْكَنَ بِغَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَيْضًا وَيُفْهَمُ الْجَوَازُ بِالطَّعَامِ بِالْأَوْلَى .
الْبُنَانِيُّ كَيْفَ يَكُونُ ظَاهِرُ النَّقْلِ ذَلِكَ مَعَ تَعْلِيلِهِمْ الْجَوَازَ بِالضَّرُورَةِ .

وَلَا يُرْجَعُ عَلَى مُسْلِمٍ .
( وَلَا يَرْجِعُ ) فَادٍ مُسْلِمٌ ( بِهِ ) أَيْ بِعِوَضِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ الَّذِي فَدَى بِهِ الْأَسِيرَ سَوَاءً كَانَ عِنْدَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ ( عَلَى ) مُفْدًى ( مُسْلِمٍ ) وَلَا عَلَى كَافِرٍ أَيْضًا لِوُجُوبِ إرَاقَةِ الْخَمْرِ وَتَسْرِيحِ الْخِنْزِيرِ أَوْ قَتْلِهِ عَلَيْهِ ، فَلَوْ حَذَفَ عَلَى لَوَافَقَ ذَلِكَ لَكِنْ فِي الطِّخِّيخِيِّ تَبَعًا لِلشَّارِحِ أَنَّهُ يَرْجِعُ الْفَادِي الْمُسْلِمُ عَلَى الْكَافِرِ ، وَمَفْهُومُ فَادِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْفَادِي بِهِمَا كَافِرًا فَيَرْجِعُ عَلَى مُسْلِمٍ مُفْدًى بِقِيمَتِهِمَا عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ سَوَاءً اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ ، فَإِنْ فَدَى بِهِ كَافِرًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ سَوَاءً اشْتَرَاهُ أَوْ كَانَ عِنْدَهُ إنْ تَرَافَعَا إلَيْنَا فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ سَوَاءً اشْتَرَاهُ إلَخْ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ دُونَ مَا نَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ الطِّخِّيخِيِّ ، وَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ عِنْدَهُمْ لَا بِثَمَنِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ حَيْثُ اشْتَرَاهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِثَمَنِهِ لَا بِقِيمَتِهِ اُنْظُرْ الْحَطّ وَالْمَوَّاقَ .

وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ : قَوْلَانِ .
( وَفِي ) جَوَازِ فِدَاءِ الْمُسْلِمِ الْأَسِيرِ بِ ( الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ ) وَعَدَمِهِ ( قَوْلَانِ ) لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ جَوَازُهُ وَإِنْ كَثُرَ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ سَحْنُونٍ خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ مَا لَمْ تَكُنْ الْخَيْلُ وَالسِّلَاحُ أَمْرًا كَثِيرًا تَكُونُ لَهُمْ بِهِ الْقُدْرَةُ الظَّاهِرَةُ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ وَهُوَ كَمَا قَالَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالْمُفَادَاةِ بِالْخَمْرِ بِخِلَافِ الْخَيْلِ .
ا هـ .
وَجَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا أَيْضًا .
طفي وَلَمْ أَرَ مَنْ جَعَلَهُ تَقْيِيدًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ حُكْمَ الْفِدَاءِ بِالطَّعَامِ فَإِنِّي لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا .
وَفِي الْمُنْتَقَى ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى أَنَّهُ يُفْدَى مِنْ الْأَمْوَالِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ وَلَا يَتَقَوَّوْنَ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ مِنْ رَقِيقٍ مُسْلِمٍ فَلَا يُفْدَوْنَ بِهِ لِأَنَّهُ فِدَاءُ مُسْلِمٍ بِمُسْلِمٍ وَحَقُّهُمَا وَاحِدٌ فِي وُجُوبِ الِاسْتِنْقَاذِ مِنْهُمْ ، وَكَذَا الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ نُمَلِّكَهُمْ شَيْئًا مِنْهُ ، وَكَذَا مَا يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كَالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَشْهَبُ يُفْدَوْنَ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْمَالِ مِمَّا يُمْكِنُنَا أَنْ نَمْلِكَهُ وَنُمَلِّكَهُمْ إيَّاهُ فَأَجَازَ إفْدَاءَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُفْدَوْنَ بِكُلِّ شَيْءٍ حَاشَا الْمُسْلِمِينَ فَجَوَّزَهُ بِالْخَمْرِ ا هـ فَهَذِهِ ضَوَابِطُهُمْ تُخَرَّجُ عَلَيْهَا الْمَسْأَلَةُ ا هـ كَلَامُ طفي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بَابٌ ) الْمُسَابَقَةُ : بِجُعْلٍ فِي الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ ، وَبَيْنَهُمَا .
وَالسَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ .
( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَابَقَةِ الَّتِي يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ ( الْمُسَابَقَةُ ) جَائِزَةٌ ( بِجُعْلٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ مَالٍ يُجْعَلُ بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ أَوْ مَنْ حَضَرَ ( فِي الْخَيْلِ ) مِنْ الْجَانِبَيْنِ ( وَالْإِبِلِ ) كَذَلِكَ ( وَبَيْنَهُمَا ) أَيْ الْخَيْلِ مِنْ جَانِبٍ وَالْإِبِلِ مِنْ جَانِبٍ ، وَأَوْلَى بِغَيْرِ جُعْلٍ .
الْقَرَافِيُّ الْمُسَابَقَةُ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ثَلَاثِ قَوَاعِدَ لِلْمَنْعِ الْقِمَارِ وَتَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ أَكْلِهِ وَحُصُولِ الْعِوَضِ وَالْمُعَوَّضِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ ، وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ إنْ تَوَقَّفَ أَصْلُ الْجِهَادِ عَلَيْهَا وَالنَّدْبُ إنْ تَوَقَّفَتْ الْبَرَاعَةُ فِيهِ عَلَيْهَا وَالْإِبَاحَةُ إنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهَا شَيْءٌ .
( وَ ) الْمُسَابَقَةُ جَائِزَةٌ فِي رَمْيِ جِنْسِ ( السَّهْمِ إنْ صَحَّ بَيْعُهُ ) أَيْ الْجُعْلُ فَلَا تَصِحُّ بِمَا فِيهِ غَرَرٌ وَلَا بِمَجْهُولٍ وَلَا خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ حُرٍّ وَتَجُوزُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ عَنْهُ أَوْ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ بِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ عَمَلٍ مَعْرُوفٍ أَوْ عَفْوٍ عَنْ جِنَايَةِ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ ، فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِبَيْعِهِ مُطْلَقُ الْمُعَاوَضَةِ بِهِ .

وَعُيِّنَ الْمَبْدَأُ وَالْغَايَةُ وَالْمَرْكَبُ وَالرَّامِي وَعَدَدُ الْإِصَابَةِ وَنَوْعُهَا مِنْ خَزْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَأَخْرَجَهُ مُتَبَرِّعٌ ، أَوْ أَحَدُهُمَا ، فَإِنْ سَبَقَ غَيْرُهُ ؛ أَخَذَهُ ، وَإِنْ سَبَقَ هُوَ ، فَلِمَنْ حَضَرَ

( وَعُيِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ فِي الْمُسَابَقَةِ بِدَوَابَّ أَوْ سِهَامٍ ( الْمَبْدَأُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُبْتَدَأُ مِنْهُ ( وَالْغَايَةُ ) أَيْ الْمَكَانُ الَّذِي يُنْتَهَى إلَيْهِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمَسَافَتَيْنِ ( وَ ) عُيِّنَ ( الْمَرْكَبُ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ أَوْ إبِلٍ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِالْوَصْفِ فَلَا يَكْفِي ذِكْرُ النَّوْعِ بِالْأَوْلَى وَهُوَ كَذَلِكَ .
فَفِي الْجَوَاهِرِ مِنْ شُرُوطِ الْمُسَابَقَةِ مَعْرِفَةُ أَعْيَانِ مَا يَتَسَابَقُ عَلَيْهِ .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْفَرَسَيْنِ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ تَرَاهَنَا بِثَنِيَّتَيْنِ فَأَدْخَلَ أَحَدُهُمَا رُبَاعِيًّا أَوْ قَارِحًا فَلَا يُعَدُّ سَبْقُهُ سَبْقًا ، وَلَوْ أَدْخَلَ بَدَلَ الرُّبَاعِيِّ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا أَوْ حَوْلِيًّا أَوْ هَجِينًا بَدَلَ عَرَبِيٍّ كَانَ سَبْقُهُ سَبْقًا .
ا هـ .
يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ لَا عَلَى جَوَازِهِ ابْتِدَاءً بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ أَفَادَهُ الرَّمَاصِيُّ ، وَيُشْتَرَطُ تَقَارُبُهُمَا فِي الْجَرْيِ وَجَهْلُهُمَا سَبْقَ أَحَدِهِمَا .
( وَ ) عُيِّنَ ( الرَّامِي ) وَإِنْ جُهِلَ رَمْيُهُ ( وَ ) عُيِّنَ ( عَدَدُ الْإِصَابَةِ ) لِلْغَرَضِ فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ ( وَنَوْعُهَا ) أَيْ الْإِصَابَةِ ( مِنْ خَزْقٍ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ آخِرُهُ قَافٌ وَهُوَ ثَقْبُهُ بِلَا ثُبُوتٍ فِيهِ ( أَوْ غَيْرِهِ كَخَسْقٍ ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ فَمُهْمَلَةٍ وَهُوَ ثَقْبُهُ وَالثُّبُوتُ فِيهِ وَخَرْمٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَهُوَ خَدْشُ طَرَفِهِ وَسَطْحٍ وَحَوَابِيٍّ وَهُوَ الْوُقُوعُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَالْوَثْبِ إلَيْهِ وَخَاصِرِيٍّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَصَادٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ إصَابَةُ جَانِبِهِ بِدُونِ خَدْشٍ ( وَأَخْرَجَهُ ) أَيْ الْجُعْلَ شَخْصٌ ( مُتَبَرِّعٌ ) غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنِ لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ مِنْهُمَا ( أَوْ ) أَخْرَجَهُ ( أَحَدُهُمَا ) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ ( فَإِنْ ) كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ (

سَبَقَ غَيْرُهُ ) أَيْ مُخْرِجُ الْجُعْلِ ( أَخَذَهُ ) أَيْ السَّابِقُ الْجُعْلَ ( وَإِنْ سَبَقَ هُوَ ) إي مُخْرِجُ الْجُعْلَ ( فَ ) هُوَ ( لِمَنْ حَضَرَ ) الْمُسَابَقَةَ صَحَّ الْعَقْدُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّصْرِيحُ فِيهِ بِهَذَا فَيَصِحُّ مَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ وَيُحْمَلَانِ عَلَيْهِ ، وَأَشْعَرَ فَرْضُهُ فِي اثْنَيْنِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْنَ جَمَاعَةٍ أَخْرَجَ الْجُعْلَ أَحَدُهُمْ لَا يَكُونُ حُكْمُهَا كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَحُكْمُهُ إنْ سَبَقَ غَيْرُهُ أَخَذَهُ وَإِنْ سَبَقَ هُوَ كَانَ لِلَّذِي يَلِيهِ فِي السَّبْقِ سَوَاءً شَرَطُوا هَذَا أَوْ أَطْلَقُوا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ الْجَوَاهِرِ .
فَإِنْ شَرَطَ مُخْرِجُهُ رُجُوعَهُ إلَيْهِ إنْ سَبَقَ بَطَلَ وَهَلْ لَهُ الْأَكْلُ مَعَهُمْ مِنْهُ أَمْ لَا كَالصَّدَقَةِ تَعُودُ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهَا قَوْلَانِ ، وَيُعْتَبَرُ فِي السَّبْقِ الْعُرْفُ ، فَإِنْ كَانَ بِمُجَاوَزَةِ دَابَّةِ أَحَدِهِمَا لِبَعْضِ دَابَّةِ الْآخَرِ أَوْ لِجُمْلَتِهَا أَوْ سَبَقَا بِبَاعٍ مَثَلًا عُمِلَ بِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عُرْفٌ فَقِيلَ بِسَبْقِ الْأُذُنَيْنِ وَقِيلَ بِالصَّدْرِ وَقِيلَ بِكَوْنِ رَأْسِ الثَّانِي عِنْدَ مُؤَخَّرِ الْأَوَّلِ ، وَكَذَا فِي السِّهَامِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْجُعْلَ لِمَنْ حَضَرَ .

لَا إنْ أَخْرَجَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ ، وَلَوْ بِمُحَلِّلٍ يُمْكِنُ سَبْقُهُ ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّهْمِ وَالْوَتَرِ .

( لَا ) تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ ( إنْ أَخْرَجَا ) أَيْ الْمُتَسَابِقَانِ جُعْلَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ أَوْ مُتَفَاوِتَيْنِ ( لِيَأْخُذَهُ ) أَيْ الْمُخْرَجَ بِالْفَتْحِ كُلِّهِ ( السَّابِقُ ) مِنْهُمَا بِالدَّابَّةِ أَوْ السَّهْمِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ فَرَجَعَ إلَى أَصْلِ الْمَنْعِ .
فَإِنْ وَقَعَ فَسْخٌ وَرُدَّ كُلُّ جُعْلٍ لِمُخْرِجِهِ فَإِنْ سَكَتَا عَمَّنْ يَأْخُذُ مَا أَخْرَجَاهُ ، فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ .
وَهَلْ يُرَدُّ كُلُّ جُعْلٍ لِرَبِّهِ ؟ أَوْ يَكُونُ لِمَنْ حَضَرَ ، فَإِنْ أَخْرَجَاهُ لِيَأْخُذَهُ الْمَسْبُوقُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُهُ ، وَيُمْنَعُ إخْرَاجُهُمَا لِيَأْخُذَهُ السَّابِقُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا مُحَلِّلٌ .
بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَا ( بِمُحَلِّلٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ مَعَ شَخْصٍ لَمْ يُخْرِجْ شَيْئًا ( يُمْكِنُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ ( سَبْقُهُ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمُحَلِّلُ الْمُخْرِجَيْنِ لِقُوَّةِ دَابَّتِهِ وَوُفُورِ قُوَّةِ سَاعِدِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمْ أَخَذَ الْجَمِيعَ فَلَا تَجُوزُ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ أَحَدِ الْمُخْرِجَيْنِ وَأَخْذِهِ الْجُعْلَيْنِ .
وَمَفْهُومُ يُمْكِنُ سَبْقُهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ بِمَسْبُوقِيَّتِهِ فَيَمْتَنِعُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَعَدَمِهِ ، وَإِنْ قُطِعَ بِسَابِقِيَّتِهِ جَازَ قَطْعًا قَالَهُ أَحْمَدُ ، وَفِيهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ شَرْطَهَا جَهْلُ كُلِّ جَرْيِ دَابَّةِ صَاحِبِهِ لَا يُقَالُ الشَّرْطُ فِي دَابَّتَيْ الْمُخْرِجَيْنِ لَا فِي دَابَّةِ الْمُحَلِّلِ ، لِأَنَّا نَقُولُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْبِقُهُمَا فَهُوَ قِمَارٌ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَرَّةً بِجَوَازِهِ مَعَ الْمُحَلِّلِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا كَاثْنَيْنِ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ .
وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي مُسَابَقَةِ السِّهَامِ ( تَعْيِينُ السَّهْمِ ) الَّذِي يُرْمَى بِهِ بِرُؤْيَةٍ أَوْ وَصْفٍ ( وَ ) لَا تَعْيِينُ (

الْوَتَرِ ) بِرِقَّةٍ أَوْ طُولٍ أَوْ ضِدِّهِمَا وَلَا تَعْيِينُ الْقَوْسِ فَتَجُوزُ بِعَرَبِيَّتَيْنِ أَوْ فَارِسِيَّتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا تَبْدِيلُ عَرَبِيَّةٍ بِفَارِسِيَّةٍ وَلَا عَكْسُهُ ، وَإِنْ تَنَاضَلَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ جَازَ ذَلِكَ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ دُخُولَهُمَا عَلَى الْمُخْتَلِفَيْنِ يُؤْذِنُ بِعَدَمِ قَصْدِ صِنْفِ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا عَلَى الْمُتَمَاثِلَيْنِ وَجَوَازِهَا بِعَرَبِيَّةٍ وَفَارِسِيَّةٍ ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ عَلَى إصَابَةِ الْغَرَضِ ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى بَعْدَ الرَّمْيَةِ فَلَا تَجُوزُ لِأَنَّ رَمْيَ الْفَارِسِيَّةِ أَبْعَدُ لِخِفَّتِهَا كَالْمُسَابَقَةِ بِدَابَّتَيْنِ مَقْطُوعٍ بِسَبْقِ إحْدَاهُمَا

وَلَهُ مَا شَاءَ ، وَلَا مَعْرِفَةُ الْجَرْيِ ، وَالرَّاكِبُ ، وَلَمْ يُحْمَلْ صَبِيٌّ ، وَلَا اسْتِوَاءُ الْجُعْلِ ، أَوْ مَوْضِعُ الْإِصَابَةِ ، أَوْ تَسَاوِيهِمَا : وَإِنْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ عَارِضٌ أَوْ انْكَسَرَ ، أَوْ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ ، أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ : لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا ، بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ .
وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا

( وَلَهُ ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَسَابِقَيْنِ بِالسِّهَامِ ( مَا شَاءَ ) الْمُسَابَقَةُ بِهِ مِنْ السِّهَامِ وَالْأَوْتَارِ وَالْقِسِيِّ ( وَلَا ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُسَابَقَةِ بِالْخَيْلِ وَالْإِبِلِ ( مَعْرِفَةُ ) كُلِّ وَاحِدٍ حَالَ ( الْجَرْيِ ) لِفَرَسِ مُسَابِقِهِ ، بَلْ يُشْتَرَطُ جَهْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا حَالَ الْأُخْرَى وَإِلَّا كَانَ قِمَارًا مَمْنُوعًا عَلَى أَصْلِهِ .
( وَلَا ) يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ ( الرَّاكِبِ وَلَمْ يُحْمَلْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُتَسَابَقِ بِهَا ( صَبِيٌّ ) أَيْ تُكْرَهُ الْمُسَابَقَةُ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ وَبَيْنَ صَبِيٍّ وَبَالِغٍ ( وَلَا ) يُشْتَرَطُ ( اسْتِوَاءُ ) أَيْ تَسَاوِي فَرْدَيْ ( الْجُعْلِ ) فَيَجُوزُ قَوْلُ الْمُتَبَرِّعِ إنْ سَبَقَ فُلَانٌ فَلَهُ كَذَا وَإِنْ سَبَقَ فُلَانٌ الْآخَرَ فَلَهُ أَقَلُّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرُ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِوَاءُ ( مَوْضِعِ الْإِصَابَةِ ) فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا إصَابَةَ مَوْضِعٍ مِنْ الْغَرَضِ وَالْآخَرُ خِلَافَهُ ( أَوْ تَسَاوِيهِمَا ) أَيْ الْمُتَسَابِقَيْنِ فِي الْمَسَافَةِ وَلَا فِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ .
( وَإِنْ عَرَضَ لِسَهْمٍ ) فِي طَرِيقِهِ ( عَارِضٌ ) فَعَطَّلَ سَيْرَهُ لِلْغَرَضِ ( أَوْ انْكَسَرَ ) السَّهْمُ أَوْ الْقَوْسُ ( أَوْ ) عَرَضَ ( لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ أَوْ ) لِصَاحِبِهِ ( نَزْعُ سَوْطٍ ) فَقَلَّ جَرْيُ فَرَسِهِ ( لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا ) بِذَلِكَ لِعُذْرِهِ ( بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ أَوْ حَرَنِ الْفَرَسِ ) أَوْ نُفُورِهِ عَنْ دُخُولِ السُّرَادِقِ أَيْ الْخَيْمَةِ أَوْ سُقُوطِهِ مَنْ عَلَيْهِ أَوْ قَطْعِ اللِّجَامِ ( وَجَازَ ) التَّسَابُقُ ( فِيمَا عَدَاهُ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَبَيْنَ الْإِبِلِ وَبَيْنَ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ وَالسِّهَامِ كَالسُّفُنِ وَالطَّيْرِ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ وَالْجَرْيِ بِالْإِقْدَامِ وَرَمْيِ الْحِجَارَةِ وَالصِّرَاعِ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ حَالَ كَوْنِهِ ( مَجَّانًا ) بِلَا جُعْلٍ لِقَصْدِ

الِانْتِفَاعِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ كَفِعْلِ الْفُسَّاقِ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
وَنَصُّهَا تَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ فِيهِ لِلنَّفْعِ بِهِ ، وَأَمَّا لِطَلَبِ الْمُغَالَبَةِ فَقِمَارٌ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْفُسُوقِ وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَة ، وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ كُلُّ ذَلِكَ إذَا قُصِدَ بِهِ الِانْتِفَاعُ وَالِارْتِيَاضُ لِلْحَرْبِ ا هـ .

وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ .
( وَ ) جَازَ ( الِافْتِخَارُ ) أَيْ ذِكْرُ الْمَفَاخِرِ بِالِانْتِسَابِ إلَى أَبٍ أَوْ قَبِيلَةٍ ( عِنْدَ الرَّمْيِ ) بِالسَّهْمِ لِأَنَّهُ أَغْرَى لِغَيْرِهِ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { يَوْمَ حُنَيْنٍ أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ مِنْ سُلَيْمٍ } وَالْعَوَاتِكُ جَمْعُ عَاتِكَة وَهُنَّ جَدَّاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَنَزَلَ فِيهِ عَنْ بَغْلَتِهِ ، وَقَالَ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبَ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ } ، وَهُنَّ تِسْعُ عَوَاتِكَ عَاتِكَةُ بِنْتُ هِلَالٍ أُمُّ جَدِّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ بْنِ هِلَالٍ أُمُّ هَاشِمٍ وَعَاتِكَةُ بِنْتُ الْأَرْقَسِ بْنِ مُرَّةَ أُمُّ وَهْبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ زُهْرَةَ جَدِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ آمِنَةِ بِنْتِ وَهْبٍ ، وَسَائِرُ الْعَوَاتِكِ أُمَّهَاتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ بَنِي سُلَيْمٍ ا هـ .
وَقَالَ الْهَرَوِيُّ فِي كِتَابِ الْعَرَبِيَّيْنِ الْعَوَاتِكُ ثَلَاثُ نِسْوَةٍ فَذَكَرَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَ وَزَادَ الْعُلْيَا عَمَّةَ الْوُسْطَى وَالْوُسْطَى عَمَّةَ السُّفْلَى وَبَنُو سُلَيْمٍ يَفْتَخِرُونَ بِهَذِهِ الْوِلَادَةِ .
وَيَجُوزُ التَّبَخْتُرُ فِي الْمَشْيِ فِي الْحَرْبِ { لِفِعْلِ أَبِي دُجَانَةَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّهَا مِشْيَةٌ يُبْغِضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْضِعِ }

وَالرَّجْزُ
وَ ) جَازَ ( الرَّجْزُ ) فِي الْمُسَابَقَةِ وَالْحَرْبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ خَرَجْت فِي آثَارِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ : أَنَا أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعْ الْيَوْمُ يَوْمُ الرُّضَّعْ .

وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحُ ، وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ، لَا حَدِيثُ الرَّامِي
( وَ ) جَازَتْ ( التَّسْمِيَةُ ) لِلنَّفْسِ كَأَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ .
( وَ ) جَازَ ( الصِّيَاحُ ) عِنْدَ الرَّمْيِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْجِيعِ وَإِرَاحَةِ النَّفْسِ مِنْ التَّعَبِ ( وَالْأَحَبُّ ) أَيْ الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ ( ذِكْرُ اللَّهِ ) تَعَالَى بِالتَّكْبِيرِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الْمُسَابَقَةِ وَالْمُجَاهَدَةِ ( لَا حَدِيثُ ) أَيْ تَكَلُّمُ ( الرَّامِي ) بِغَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ فُحْشًا وَإِلَّا فَيُكْرَهُ .
وَقَالَ " غ " بَعْدَ ذِكْرِ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَإِلَى الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا حَدِيثُ الرَّمْيِ فَلَامَهُ جَارَّةٌ تَعْلِيلِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِجَازِ ، وَجُمْلَةُ وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُمَا هَذَا الَّذِي انْقَدَحَ لِي فِي فَهْمِهِ بَعْدَ أَنْ ظَفِرْت بِنُسَخٍ هُوَ فِيهَا هَكَذَا فَاللَّامُ جَرٍّ دَاخِلَةٍ عَلَى أَحَادِيثَ جَمْعِ حَدِيثٍ ، وَالْوَاقِعُ فِي سَائِرِ النُّسَخِ الَّتِي رَأَيْتهَا لَا حَدِيثُ بِلَا النَّافِيَةِ ، وَكَذَا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
عب وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ وَوَجْهُهُ أَنَّ حَدِيثَ بِمَعْنَى تَكَلُّمِ الرَّامِي بِغَيْرِ أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ ، وَكَأَنَّهُ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّ نُسْخَةَ لَا حَدِيثُ لَا يَجُوزُ حَدِيثٌ بِمَعْنَى أَحَادِيثِ الرَّمْيِ الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ ، وَهُوَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ قَبْلُ وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ فَادَّعَى التَّصْحِيفَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَزِمَ الْعَقْدُ كَالْإِجَارَةِ .
( وَلَزِمَ الْعَقْدُ ) بَيْنَ الْمُتَسَابِقَيْنِ إذَا وَقَعَ بِجُعْلٍ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا حَلُّهُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ حَالَ كَوْنِهِ ( كَ ) عَقْدِ ( الْإِجَارَةِ ) فِي شَرْطِ تَكْلِيفِ الْعَاقِدِ وَرُشْدِهِ .

( بَابٌ ) خُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُجُوبِ : الضُّحَى وَالْأَضْحَى ، وَالتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ بِحَضَرٍ ، وَالسِّوَاكِ وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي ، وَالْمُشَاوَرَةِ وَقَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ ، وَإِثْبَاتِ عَمَلِهِ ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ وَتَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ ، وَحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَكْلِهِ كَثُومٍ ، أَوْ مُتَّكِئًا ، وَإِمْسَاكِ كَارِهَتِهِ ، وَتَبَدُّلِ أَزْوَاجِهِ ، وَنِكَاحِ الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ ، وَمَدْخُولَتِهِ لِغَيْرِهِ وَنَزْعِ لَأْمَتِهِ حَتَّى يُقَاتِلَ ، وَالْمَنِّ لِيَسْتَكْثِرَ وَخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَالْحُكْمِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ وَنِدَائِهِ مِنْ وَرَاءِ الْحُجْرَةِ وَبِاسْمِهِ وَإِبَاحَةِ الْوِصَالِ وَدُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ وَبِقِتَالٍ وَصَفِيِّ الْمَغْنَمِ وَالْخُمُسِ وَيُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ وَبِلَفْظِ الْهِبَةِ وَزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ وَبِلَا مَهْرٍ وَوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ وَبِلَا قَسْمٍ وَيَحْكُمُ لِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَيَحْمِي لَهُ وَلَا يُورَثُ .

( بَابٌ ) فِي أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَتَوَابِعِهِ وَابْتَدَأَهُ بِخَصَائِصِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ مُعْتَمِدًا نَقْلَ كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ عِنْدَ قَوْله تَعَالَى { خَالِصَةً لَك مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ، وَلَهُ وَلِلْمُصَنِّفِ بَعْضُ زِيَادَاتٍ عَلَى مَا فِي الْأَحْكَامِ قَالَهُ " غ " عب ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَعَ أَنَّهُمْ بِصَدَدِ بَيَانِ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَأَحْكَامِ الْخَصَائِصِ قَدْ مَضَتْ بِمَوْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلتَّنْوِيهِ بِعَظِيمِ قَدْرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَلِئَلَّا يَتَأَسَّى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا فَذِكْرُهَا مَنْدُوبٌ أَوْ وَاجِبٌ .
وَاسْتَظْهَرَ الثَّانِي وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ وَاجِبٌ وَمُحَرَّمٌ وَمُبَاحٌ .
وَالْأَوَّلُ : قِسْمَانِ وَاجِبٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْرِيفًا لَهُ وَتَكْثِيرًا لِثَوَابِهِ ، فَإِنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ يَزِيدُ عَلَى ثَوَابِ التَّطَوُّعِ بِسَبْعِينَ دَرَجَةً كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ ، وَإِنْ ضَعَّفَهُ ابْنُ حَجَرٍ .
وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ الْقُدْسِيُّ { وَمَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْءٍ أَحَبُّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْت عَلَيْهِ } .
وَوَاجِبٌ عَلَيْنَا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْرِيفًا لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالثَّانِي : قِسْمَانِ أَيْضًا حَرَامٌ عَلَيْهِ وَحَرَامٌ عَلَيْنَا لَهُ .
( فَرْعٌ ) لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جُنُونٌ وَلَوْ قَلَّ زَمَنُهُ وَلَا إغْمَاءٌ طَوِيلٌ جَزَمَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا عَمًى كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ ، فَلَمْ يَعْمَ نَبِيٌّ قَطُّ ، وَمَا رُوِيَ فِي شُعَيْبٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَثْبُتْ وَيَعْقُوبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَتْ بِهِ غِشَاوَةٌ وَزَالَتْ ، أَوْ إنَّهُ اسْتَحَالَ السَّوَادُ بَيَاضًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنْ الْحُزْنِ } ، وَكَانَ

يُبْصِرُ بِهِمَا فَقَوْلُهُ تَعَالَى { فَارْتَدَّ بَصِيرًا } ، أَيْ مِنْ حَالَةِ الْبَيَاضِ وَقِيلَ عَمِيَ سِتَّ سِنِينَ .
خُصَّ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( النَّبِيُّ ) مُحَمَّدٌ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ وَيُحْتَمَلُ وَمِنْ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ أَنَّهُ خُصَّ بِمَجْمُوعِهَا فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ شَارَكُوهُ فِي بَعْضِهَا ( بِوُجُوبِ ) صَلَاةِ ( الضُّحِي ) عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَلُّهَا رَكْعَتَانِ لِخَبَرِ { كُتِبَ عَلَيَّ رَكْعَتَا الضُّحَى وَهُمَا لَكُمْ سُنَّةٌ } ، وَخَبَرُ الْبَيْهَقِيّ كَمَا فِي الْأُنْمُوذَجِ { ثَلَاثٌ هُنَّ عَلَيَّ فَرَائِضُ وَلَكُمْ تَطَوُّعٌ الْفَجْرُ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الضُّحَى } ، وَكَذَا فِي الْحَطّ .
وَفِي تت التَّهَجُّدُ بَدَلُ الْفَجْرِ ، وَالضُّحَى بَدَلُ رَكْعَتَا الضُّحَى ، وَهَذَا شَاذٌّ ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَنْدُوبٌ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئِ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا { أَنَّهُ صَلَّاهَا فِي بَيْتِهَا ثَمَانِ رَكَعَاتٍ } ، وَرُوِيَ { أَنَّهُ صَلَّاهَا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ } ، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ صَلَّاهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَلَكِنَّهُ رَغَّبَ فِيهَا بِقَوْلِهِ { مَنْ صَلَّاهَا اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } كَمَا فِي الْبُدُورِ السَّافِرَةِ وَالْمَوَاهِبِ اللَّدُنْيَّةِ ، وَمِنْ فَوَائِدِهَا إجْزَاؤُهَا عَنْ الصَّدَقَاتِ الَّتِي تُصْبِحُ عَلَى الْمَفَاصِلِ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ، وَيُجْزِي عَنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى الْقَرَافِيُّ عَلَى التِّرْمِذِيِّ مَا اشْتَهَرَ بَيْنَ الْعَوَامّ أَنَّ مَنْ صَلَّاهَا ثُمَّ قَطَعَهَا يَعْمَى فَصَارَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِتَرْكِهَا أَصْلًا لَا أَصْلَ لَهُ ، بَلْ هُوَ مِمَّا أَلْقَاهُ الشَّيْطَانُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ لِيُحَرِّمَهُمْ .
( وَ ) بِوُجُوبِ ( الْأَضْحَى ) أَيْ الضَّحِيَّةِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا وَإِلَّا فَهُوَ مُخَاطَبٌ

بِالْهَدْيِ كَغَيْرِهِ ( وَ ) بِوُجُوبِ ( التَّهَجُّدِ ) أَيْ نَفْلِ اللَّيْلِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمِنْ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَك } الْإِسْرَاءُ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْفَرَائِضِ الْخَمْسِ وَهُوَ صَلَاةٌ بَعْدَ نَوْمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ ( وَ ) بِوُجُوبِ ( الْوِتْرِ بِحَضَرٍ ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَدَلِيلُ عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ عَلَيْهِ بِسَفَرٍ فِعْلُهُ فِيهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ ( وَ ) بِوُجُوبِ ( السِّوَاكِ ) لِكُلِّ صَلَاةٍ حَضَرًا وَسَفَرًا ( وَ ) بِوُجُوبِ ( تَخْيِيرِ نِسَائِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَقَامِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ وَمُفَارَقَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ طَلَبًا لِلدُّنْيَا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّخْيِيرَ الَّذِي يُوقِعُ فِيهِ الثَّلَاثَ كَمَا ظَنَّ قَوْمٌ ، أَبُو الْحَسَنِ هَذَا سُوءُ ظَنٍّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخَيَّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ .
وَرَوَى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { حِينَ خَيَّرَ نِسَاءَهُ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَبِعَهَا بَقِيَّتُهُنَّ عَلَى ذَلِكَ } ، وَنَزَلَتْ آيَةُ التَّخْيِيرِ وَفِي عِصْمَتِهِ التِّسْعُ اللَّاتِي تُوُفِّيَ عَنْهُنَّ .
( تَتِمَّةٌ ) بَقِيَ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ إذَا رَأَى مَا يُعْجِبُهُ لَبَّيْكَ إنَّ الْعَيْشَ عَيْشُ الْآخِرَةِ وَأَنْ يُؤَدِّيَ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَامِلَةً لَا خَلَلَ فِيهَا ، وَإِتْمَامُ كُلِّ تَطَوُّعٍ شَرَعَ فِيهِ وَدَفْعُهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، وَتَكْلِيفُهُ وَحْدَهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا كُلِّفَ النَّاسُ جَمِيعهَا وَمُطَالَبَتُهُ بِمُشَاهَدَةِ الْحَقِّ مَعَ مُشَاهَدَةِ الْخَلْقِ بِالنَّفْسِ وَالْكَلَامِ وَاسْتِغْفَارِهِ سَبْعِينَ لِلْغَيْنِ عَلَى قَلْبِهِ ، وَوُضُوءُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ، وَتَجْدِيدُ الْوُضُوءِ لِرَدِّ السَّلَامِ ، وَالْكَلَامُ وَهَذَانِ نُسِخَا ( وَ ) خُصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوُجُوبِ ( طَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ ) عَلَيْنَا أَيْ طَلَاقُنَا الزَّوْجَةَ الَّتِي رَغِبَ فِي نِكَاحِهَا نَبِيُّنَا

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ وَقَعَ لَكِنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ رَغِبَ فِي تَزَوُّجِ زَوْجَةِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمَا عَامًّا لِسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ .
وَأَمَّا تَزَوُّجُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوْجَةَ غَيْرِهِ بَعْدَ طَلَاقِهَا بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَقَدْ وَقَعَ فِي زَيْنَبَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } وَإِنَّمَا كَانَتْ رَغْبَتُهُ فِي بَقَائِهَا زَوْجَةً لِزَيْدٍ تَحَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْمُنَافِقِينَ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ ، وَقَدْ مَنَعَ النَّاسُ مِنْهُ لِتَبَنِّيه زَيْدًا .
وَاَلَّذِي أَخْفَاهُ إنَّمَا هُوَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى لَهُ بِتَزَوُّجِهَا بَعْدَ زَيْدٍ فَأَخْفَاهُ خَشْيَةَ تَطَرُّقِ الْأَلْسُنِ إلَيْهِ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَبَنَّى زَيْدًا فَكَانَ لِهَذَا الْمُوجِبِ يَقُولُ لَهُ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك خَشْيَةَ وُجُوبِ تَزَوُّجِهَا عَلَيْهِ إذَا طَلَّقَهَا زَيْدٌ وقَوْله تَعَالَى { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك } مَعْنَاهُ لِئَلَّا يَجِبَ عَلَيْك زَوَاجُهَا إذَا طَلَّقَهَا لَا مَحَبَّتُهَا مَعَ قَوْلِهِ ذَلِكَ ، وَقَالَ لَهُ ذَلِكَ حِينَ شَكَا زَيْدٌ لَهُ مِنْهَا وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِك مَا أُمِرْت بِهِ مِنْ تَزَوُّجِهَا بَعْدَ طَلَاقِ زَيْدٍ لَا حُبُّهَا مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ أَيْ مُظْهِرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِوُجُوبِ تَزَوُّجِك إيَّاهَا ، وَتَخْشَى النَّاسَ أَنْ يَقُولُوا تَزَوَّجَ زَوْجَةَ ابْنِهِ وَاَللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ لِمَا أَرَادَ مِنْ إبْطَالِ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حُرْمَةِ تَزَوُّجِ زَوْجَةِ مَنْ تَبَنَّاهُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ وَنَحْوُهُ لِلسَّيِّدِ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ وَزَادَ وَلَا خَفَاءَ أَنَّ إخْفَاءَهُ عَزِيمَةَ تَزَوُّجِ زَيْنَبَ أَمْرٌ دُنْيَوِيٌّ خَوْفًا مِنْ أَعْدَاءِ الدِّينِ لَيْسَ

مِنْ الصَّغَائِرِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ الْكَبَائِرِ غَايَتُهُ تَرْكُ الْأَوْلَى بَلْ وَكَذَا مَيَلَانُ الْقَلْبِ .
ا هـ .
أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنْ لَوْ وَقَعَ .
( وَ ) خُصَّ بِوُجُوبِ ( إجَابَةِ الْمُصَلِّي ) أَيْ يَجِبُ عَلَى الْمُصَلِّي إجَابَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا دَعَاهُ وَهُوَ فِيهَا وَأَحْرَى غَيْرُ الْمُصَلِّي .
وَعُمُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى يَقْضِي بِبُطْلَانِ صَلَاةٍ مُجِيبَةٍ ، لِمَنْ قَالَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِهَا وَعَزَاهُ السَّفَاقِسِيُّ لِابْنِ كِنَانَةَ .
قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَهَذِهِ الْخِصِّيصَةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ .
الْعَجْمَاوِيُّ مِثْلُ الْإِجَابَةِ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ ابْتِدَاءُ الْمُصَلِّي النَّبِيَّ بِالْخِطَابِ بِقَوْلِهِ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك قَالَهُ النَّوَوِيُّ .
عج وَالظَّاهِرُ قَصْرُهُ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ كَمِثَالِهِ لَا مَا كَانَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا .
وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِإِجَابَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَابَتِهِ بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ .
أَوْ بِنَحْوِ مَا فَعَلْت الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ جَوَابًا لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ عَلَى فِعْلَتِهِ ، هَذَا فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا وَقَعَ لِأُبَيٍّ .
وَانْظُرْ إنْ وَقَعَتْ بَعْدَهَا فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ خُصُوصِيَّةِ الْحَيَاةِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَيَاتِهِ الْأَصْلِيَّةِ ا هـ عب .
( وَ ) مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْمُشَاوَرَةِ ) لِذَوِي الْأَحْلَامِ مِنْ أَصْحَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْآرَاءِ فِي الْحُرُوبِ تَطْبِيبًا لِقُلُوبِهِمْ وَتَأْلِيفًا لَهُمْ لَا يَسْتَفِيدُ مِنْهُمْ عِلْمًا ، فَالْخُصُوصِيَّةُ لَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَامِلَ الْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ ، وَتَجِبُ عَلَيْهِ الْمُشَاوَرَةُ .
قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ إنَّمَا كَانَ

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشَاوِرُ فِي الْحُرُوبِ وَفِيمَا لَيْسَ فِيهِ حُكْمٌ بَيْنَ النَّاسِ ، وَأَمَّا مَا فِيهِ الْأَحْكَامُ فَلَا يُشَاوِرُ فِيهِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِهَا إنَّمَا يُلْتَمَسُ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنْهُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَأَنْزَلْنَا إلَيْك الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ } الْآيَةَ .
وَأَمَّا غَيْرُ الْأَحْكَامِ فَرُبَّمَا رَأَوْا بِأَعْيُنِهِمْ أَوْ سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَرَهُ وَلَمْ يَسْمَعْهُ ، وَيَجِبُ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مُشَاوَرَةُ الْعُلَمَاءِ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِيمَا أُشْكِلَ عَلَيْهِمْ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ وَوُجُوهِ الْكِتَابِ ، وَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَعِمَارَتِهَا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ ابْنِ عَطِيَّةَ الشُّورَى مِنْ قَوَاعِدِ الدِّينِ وَعَزَائِمِ الْأَحْكَامِ وَمَنْ لَا يَسْتَشِيرُ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ فَعَزْلُهُ وَاجِبٌ .
( وَ ) خُصَّ بِوُجُوبِ ( قَضَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ ) الْمُسْلِمِ مِنْ مَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَاصِّ بِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَأَمَّا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَيُشَارِكُهُ فِيهِ جَمِيعُ الْوُلَاةِ إذَا عَجَزَ عَنْ وَفَائِهِ وَتَدَايُنِهِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ أَوْ تَابَ ، وَأَحَادِيثُ الْحَبْسِ عَنْ الْجَنَّةِ بِالدَّيْنِ مَنْسُوخَةٌ اتِّفَاقًا لِوُجُوبِ قَضَائِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ بِالشَّرْطَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ قَبْلَ الْفُتُوحَاتِ .
( وَ ) خُصَّ بِوُجُوبِ ( إثْبَاتِ عَمَلِهِ ) أَيْ عَدَمِ تَرْكِهِ بِالْكُلِّيَّةِ لِدَلَالَتِهِ عَلَى نَسْخِهِ لَا أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي الضُّحَى حَتَّى نَقُولَ لَا يَدَعُهَا وَيَدَعَهَا حَتَّى نَقُولَ لَا يُصَلِّيهَا ، وَكَذَا فِي الصَّوْمِ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ فَيُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ فَيَصُومُ .
( وَ ) خُصَّ بِوُجُوبِ ( مُصَابَرَةِ

الْعَدُوِّ الْكَثِيرِ ) الزَّائِدُ عَلَى الضَّعْفِ وَلَوْ أَهْلَ الْأَرْضِ لِأَنَّهُ تَعَالَى وَعَدَهُ بِالْعِصْمَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَاَللَّهُ يَعْصِمُك مِنْ النَّاسِ } أَيْ مِنْ قَتْلِهِمْ لَك فَلَا يُنَافِي شَجَّ وَجْهِهِ وَكَسْرَ رُبَاعِيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( وَ ) خُصَّ بِوُجُوبِ ( تَغْيِيرِ الْمُنْكَرِ ) عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَيْنًا بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ سُكُونَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ لَهُ ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
( وَ ) خُصَّ ( بِحُرْمَةِ الصَّدَقَتَيْنِ ) الْوَاجِبَةِ كَالزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ وَالتَّطَوُّعِ ( عَلَيْهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِ الشَّرِيفِ عَنْ أَوْسَاخِ الْمُتَصَدِّقِينَ ، وَكَوْنُ يَدِهِمْ هِيَ الْعُلْيَا وَيَدُهُ السُّفْلَى ، وَقَدْ أَبْدَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا الْفَيْءَ الْمَأْخُوذَ بِالْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّ عَلَى عِزِّ آخِذِهِ وَذُلِّ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ ( وَعَلَى آلِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ فَقَطْ وَلَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ .
ابْن عَبْدَ الْبَرِّ زَوْجَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالرَّاجِحُ جَوَازُهُمَا لِمَوَالِيهِ وَعَدَمُ حُرْمَةِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى آلِهِ .
وَشَرْطُ حُرْمَةِ الْفَرْضِ عَلَيْهِمْ غِنَاهُمْ أَوْ إعْطَاؤُهُمْ كِفَايَتَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَإِلَّا فَهِيَ مُبَاحَةٌ لَهُمْ أَضَرَّ بِهِمْ الْفَقْرُ أَوْ بَلَغُوا إبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَإِعْطَاؤُهُمْ حِينَئِذٍ أَفْضَلُ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِهِمْ ، وَمِمَّا حَرُمَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَطَلُّعُهُ إلَى مَا مُنِعَ بِهِ النَّاسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ } الْآيَةَ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( أَكْلِ كَثُومٍ ) وَبَصَلٍ وَفُجْلٍ وَسَائِرِ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ إذَا كَانَ نِيئًا لِمُنَاجَاتِهِ الْمَلَائِكَةَ وَالرَّائِحَةُ الْكَرِيهَةُ تُؤْذِيهِمْ ، فَإِنْ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَتْ رَائِحَتُهُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ ( أَوْ ) أَكْلُهُ

حَالَ كَوْنِهِ ( مُتَّكِئًا ) أَيْ مُتَرَبِّعًا قَالَهُ عِيَاضٌ وَالْخَطَّابِيُّ أَوْ مَائِلًا عَلَى جَنْبِهِ قَالَهُ الْفَاكِهَانِيُّ أَوْ مُسْتَنِدًا بِلَا مَيْلٍ قَالَهُ أَحْمَدُ ( وَ ) خُصَّ حُرْمَةُ ( إمْسَاكِ كَارِهَتِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِغَيْرَتِهَا مِنْ زَوْجَاتِهِ الْجِبِلِّيَّةِ الَّتِي لَا قُدْرَةَ لَهَا عَلَى تَرْكِهَا لَا لِذَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِصْمَتِهِ لِخَبَرِ { الْعَائِذَةِ الْقَائِلَةِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْك فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا لَقَدْ اسْتَعَذْت بِمَعَاذٍ الْحَقِي بِأَهْلِك } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ النُّعْمَانِ ، وَقِيلَ مُلَيْكَةُ اللَّيْثِيَّةُ فَإِنْ كَرِهَتْهُ لِذَاتِهِ كَفَرَتْ فَبَانَتْ ، قَوْلُهُ مَعَاذٍ بِفَتْحِ الْمِيمِ مَصْدَرٌ أَوْ اسْمُ مَكَان قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ ، أَيْ تَحَصَّنَتْ بِمَلَاذٍ وَمَلْجَأٍ .
وَضَبَطَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ بِضَمِّهَا أَيْ الَّذِي يُسْتَعَاذُ بِهِ وَقَوْلُهُ الْحَقِي هَمْزَةٌ لِلْوَصْلِ مِنْ لَحِقَ كَفَرِحَ وَأَجَازَ الْقَسْطَلَّانِيُّ قَطْعَهَا مِنْ أَلْحَقَ لُغَةً فِي لَحِقَ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( تَبَدُّلِ ) أَيْ تَبْدِيلِ ( أَزْوَاجِهِ ) اللَّاتِي خَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يَحِلُّ لَك النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلَا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ } الْآيَةَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَيْ لَا يَحِلُّ لَك أَنْ تُطَلِّقَ امْرَأَةً مِنْ أَزْوَاجِك وَتَنْكِحَ غَيْرَهَا وَهَذَا لَمْ يُنْسَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( نِكَاحِ ) الْحُرَّةِ ( الْكِتَابِيَّةِ وَالْأَمَةِ ) الْمُسْلِمَةِ أَحْمَدُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ جَوَازَهُ لِغَيْرِهِ مَشْرُوطٌ بِخَوْفِ الْعَنَتِ وَعَدَمِ مَا يَتَزَوَّجُ بِهِ حُرَّةٌ وَهُمَا مَنْفِيَّانِ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِصْمَتِهِ وَإِبَاحَةِ تَزَوُّجِهِ بِلَا مَهْرٍ وَتَسَرِّيهِ بِكِتَابِيَّةٍ مُبَاحٌ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( مَدْخُولَتِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي مَاتَ عَنْهَا ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ عَلَيْهِ إجْمَاعًا .
وَكَذَا الَّتِي مَاتَ عَنْهَا

قَبْلَ دُخُولِهِ بِهَا فَلَا مَفْهُومَ لِمَدْخُولَتِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَوْتِ ، وَأَمَّا مُطَلَّقَتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَتَحِلُّ لِغَيْرِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَهُمْ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِرَجْمِ الْمُسْتَعِيذَةِ إذْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ وَتَرَكَهَا لَمَّا أُخْبِرَ بِمُفَارِقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ ، وَلَا تَحْرُمُ مُطَلَّقَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ بِنَائِهِ وَقَبْلَ مَسِّهِ الَّتِي وَجَدَ بَيَاضًا بِكَشْحِهَا وَتَحْرُمُ سَرِيَّتُهُ وَأُمُّ وَلَدٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ زَوْجَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعَ عَشْرَةَ عَقَدَ عَلَى خَمْسٍ وَبَنَى بِثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمَاتَ عَنْ تِسْعٍ ، وَفِي بَقَاءِ نِكَاحِهِنَّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَانْقِطَاعِهِ خِلَافٌ ، وَفِي وُجُوبِ عِدَّتِهِنَّ خِلَافٌ .
وَجْهُ الثُّبُوتِ أَنَّهُنَّ مُتَوَفًّى عَنْهُنَّ وَهِيَ عِبَادَةٌ .
وَوَجْهُ النَّفْيِ أَنَّهُنَّ لَا يَنْتَظِرْنَ إبَاحَةً فَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ ، وَقَدْ وَرَدَ : الْأَنْبِيَاءُ أَحْيَاءٌ فِي قُبُورِهِمْ يُصَلُّونَ وَيَحُجُّونَ وَنَظَمَ تت أَسْمَاءَ اللَّاتِي مَاتَ عَنْهُنَّ بِقَوْلِهِ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ تِسْعِ نِسْوَةٍ إلَيْهِنَّ تُعْزَى الْمَكْرُمَاتُ تُنْسَبُ فَعَائِشَةُ مَيْمُونَةُ وَصَفِيَّةُ وَحَفْصَةُ تَتْلُوهُنَّ هِنْدُ وَزَيْنَبُ جُوَيْرِيَةُ مَعَ رَمْلَةَ ثُمَّ سَوْدَةَ ثَلَاثٌ وَسِتٌّ نَظْمُهُنَّ مُهَذَّبُ ( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( نَزْعِ لَأْمَتِهِ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ جَمْعُهَا لَأْمٍ بِسُكُونِهَا أَيْ آلَةِ حَرْبِهِ كَخُوذَةٍ وَدِرْعٍ ( حَتَّى يُقَاتِلَ ) فِيهِ مُسَامَحَةً ، وَالْأَوْلَى حَتَّى يُلَاقِيَ الْعَدُوَّ أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى إنْ اُحْتِيجَ لَهُ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( الْمَنِّ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ إعْطَائِهِ شَيْئًا ( لِيَسْتَكْثِرَ ) أَيْ يَطْلُبُ أَكْثَرَ مِنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ } أَيْ لَا

تُعْطِ عَطِيَّةً لِتَطْلُبَ أَكْثَرَ مِنْهَا ، أَوْ لَا تُعْطِ الْأَغْنِيَاءَ فَتُصِيبَ مِنْهُمْ أَضْعَافَهَا ، أَوْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً تَنْتَظِرُ ثَوَابَهَا ، أَوْ لَا تَمْنُنْ بِعَمَلِك أَوْ لَا تَمْنُنْ عَلَى النَّاسِ بِنُبُوَّتِك فَتَأْخُذَ مِنْهُمْ أَجْرًا ، أَوْ لَا تَضْعُفْ عَنْ الْخَيْرِ أَنْ تَسْتَكْثِرَ مِنْهُ ، أَوْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً مُسْتَكْثِرًا لَهَا بِأَنْ تَعُدَّهَا كَثِيرَةً أَيْ لَا تَسْتَكْثِرْ مَا تَمُنُّ بِهِ أَقْوَالٌ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( خَائِنَةِ الْأَعْيُنِ ) أَيْ إظْهَارِ خِلَافِ مَا فِي ضَمِيرِهِ ، فَشُبِّهَ بِالْخِيَانَةِ فِي الْإِخْفَاءِ أَوْ الِانْخِدَاعِ عَمَّا وَجَبَ وَالْأَوَّلُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَيْرِ الْحُرُوبِ ، وَحَدِيثُ { إنَّا لَنَبَشُّ فِي وُجُوهِ قَوْمٍ وَقُلُوبُنَا تَلْعَنُهُمْ } مِنْ قَبِيلِ الْحَرْبِ مَعْنَى وَنَبَشُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ مِنْ بَابِ عَلِمَ وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ إذَا أَرَادَ سَفَرَ الْغَزْوِ التَّوْرِيَةُ بِغَيْرِهِ حَذَرًا مِنْ إفْسَادِ الْمُنَافِقِينَ ، فَكَانَ يَسْأَلُ عَنْ حَالِ جِهَةِ غَيْرِ الَّتِي أَرَادَ غَزْوَهَا لِيُخْفِيَ عَنْهُمْ الَّتِي أَرَادَهَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنُوا مِنْ إفْسَادِ مَا نَوَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( الْحُكْمِ بَيْنَهُ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَبَيْنَ مُحَارِبِهِ ) عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( رَفْعِ الصَّوْتِ عَلَيْهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِهِ { لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ } وَيَحْرُمُ رَفْعُ الصَّوْتِ عَلَى حَدِيثِهِ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيًّا فَإِذَا قُرِئَ كَلَامُهُ وَجَبَ عَلَى كُلِّ حَاضِرٍ أَنْ لَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْرِضُ عَنْهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ } الْآيَةَ وَكَلَامُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ وَلَهُ مِنْ الْحُرْمَةِ مِثْلُ

مَا لِلْقُرْآنِ إلَّا فِي مَعَانٍ مُسْتَثْنَاةٍ وَيُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ لِأَنَّهُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، وَعِنْدَ قَبْرِهِ الشَّرِيفِ .
وَقِيَامُ قَارِئِ حَدِيثِهِ لِأَحَدٍ وَقِيلَ تُكْتَبُ عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ .
( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ ( نِدَائِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( مِنْ وَرَاءِ ) أَيْ خَلْفِ ( الْحُجْرَةِ ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُحْتَجِبِ بِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِحَائِطٍ وَنَحْوِهِ ، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَحْتَجِبُ فِي شُغْلِهِ الْمُهِمِّ فَحَرُمَ إزْعَاجُهُ وَقَطْعُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ سُوءُ أَدَبٍ ، وَهَذَا يُقَيِّدُ أَنَّ نِدَاءَهُ مِنْ وَرَائِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لَا يَحْرُمُ كَأَنْ يُنَادِيَهُ مَنْ لَا يَحْصُلُ لَهُ بِنِدَائِهِ إزْعَاجٌ كَخَادِمِهِ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَك مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ } ( وَ ) خُصَّ بِحُرْمَةِ نِدَائِهِ ( بِاسْمِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ أَمْ لَا غَيْرَ مَقْرُونٍ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ ، فَفِي خَبَرِ ابْنِ فُدَيْكٍ عَنْ بَعْضِ مَنْ أَدْرَكَ قَالَ { بَلَغَنَا أَنَّ مَنْ وَقَفَ عِنْدَ قَبْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا مُحَمَّدُ سَبْعِينَ مَرَّةً نَادَاهُ مَلَكٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا فُلَانُ لَا تَسْقُطُ لَك الْيَوْمَ حَاجَةٌ } ، وَكَنِدَائِهِ بِاسْمِهِ نِدَاؤُهُ بِكُنْيَتِهِ قَالَهُ ابْنُ حَجَرٍ أَخْذًا مِنْ قَوْله تَعَالَى { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا } قَالَ تِلْمِيذُهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ أَنَّ النِّدَاءَ بِالْكُنْيَةِ لَا تَعْظِيمَ فِيهِ مَمْنُوعٌ إذْ هِيَ تَعْظِيمٌ بِاتِّفَاقٍ ، وَلِهَذَا امْتَنَعَتْ تَكْنِيَةُ الْكَافِرِ .
وَاحْتِيجَ لِلْجَوَابِ عَنْ حِكْمَةِ تَكْنِيَةِ عَبْدِ الْعُزَّى بِأَبِي لَهَبٍ فِي قَوْله تَعَالَى { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ } الْمَسَدُ ، مَعَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا

لِأَنَّهَا تَعْظِيمٌ فَالْأَوْجَهُ جَوَازُ نِدَائِهِ بِكُنْيَتِهِ وَإِنْ كَانَ نِدَاؤُهُ بِوَصْفِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ أَعْظَمُ .
وَرُدَّ بِأَنَّ مُقْتَضَى آيَةِ النُّورِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يُنَادَى بِكُنْيَتِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ بِهَا بَعْضَهُمْ .
وَالْحَافِظُ لَمْ يُعَلِّلْ الْحُرْمَةَ بِتَرْكِ التَّعْظِيمِ حَتَّى يُتَّجَهَ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ زَكَرِيَّا قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ عَلَى الْخَصَائِصِ .
( وَ ) خُصَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( بِإِبَاحَةِ الْوِصَالِ ) فِي الصِّيَامِ بِأَنْ يَصُومَ أَيَّامًا بِلَا فِطْرٍ بَيْنَهَا لَيْلًا وَهُوَ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَا لَسْت كَأَحَدِكُمْ ، أَنَا أَبِيتُ عِنْدَ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي } ، قِيلَ مِنْ طَعَامِ وَشَرَابِ الْجَنَّةِ وَهُمَا لَا يُفْطِرَانِ ، وَقِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ التَّقْوِيَةِ وَالْإِعَانَةِ .
( وَ ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ ( دُخُولِ مَكَّةَ بِلَا إحْرَامٍ ) مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ كَحَصْرِ عَدُوٍّ ( وَ ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ دُخُولِهَا ( بِقِتَالٍ ) ثُمَّ نُسِخَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ ( وَ ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ ( صَفِيِّ ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَشَدِّ الْيَاءِ أَيْ مُخْتَارِ ( الْمَغْنَمِ ) لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَسْمِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ وَعِيَالِهِ ، وَمِنْهُ كَانَتْ صَفِيَّةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا ( وَ ) خُصَّ بِإِبَاحَةِ ( الْخُمُسِ ) مِنْ الْمَغْنَمِ صَوَابُهُ خُمُسُ الْخُمُسِ كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ ، وَنَصُّهُ مِنْ خَوَاصِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَفِيُّ الْمَغْنَمِ وَالِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ أَوْ الْخُمُسِ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا الِاسْتِبْدَادُ بِخُمُسِ الْخُمُسِ وَالثَّانِي الِاسْتِبْدَادُ بِجَمِيعِ الْخُمُسِ ، فَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى الثَّانِي ، وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ .
وَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إنَّمَا وَالَى الْجَيْشَ كَرَجُلٍ مِنْهُمْ لَهُ مِثْلُ الَّذِي لَهُمْ

وَعَلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا حَقَّ لِلْإِمَامِ مِنْ رَأْسِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجُلِّ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّفِيُّ مَخْصُوصٌ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَإِنَّهُ رَآهُ لِكُلِّ إمَامٍ وَكَذَا لَا حَقَّ لَهُ فِي الْخُمُسِ إلَّا الِاجْتِهَادُ فِي قَسْمِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { مَا لِي مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ، وَمَا مِثْلُ هَذَا إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ } .
( وَ ) خُصَّ بِأَنَّهُ ( يُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ ) وَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ وَلَوْ لَمْ تَرْضَ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا وَلَكِنْ إذَا كَرِهَتْ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِقَامَةَ حَرُمَ عَلَيْهِ إمْسَاكُهَا فِي عِصْمَتِهِ ( وَ ) يُزَوِّجُ ( مَنْ شَاءَ ) مِنْ الرِّجَالِ أَوْ النِّسَاءِ بِغَيْرِ إذْنٍ ( وَ ) يُزَوِّجُ مِنْ نَفْسِهِ وَمَنْ شَاءَ ( بِلَفْظِ الْهِبَةِ ) بِلَا ذِكْرِ صَدَاقٍ ( وَ ) خُصَّ بِجَوَازِ أَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ ( بِزَائِدٍ عَلَى أَرْبَعٍ ) مِنْ النِّسْوَةِ وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ .
وَ ) خُصَّ بِأَنْ يُزَوِّجَ نَفْسَهُ وَمَنْ شَاءَ ( بِلَا مَهْرٍ ) يُدْفَعُ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً ( وَ ) بِلَا ( وَلِيٍّ ) لِلْمَرْأَةِ ( وَ ) بِلَا ( شُهُودٍ وَبِإِحْرَامٍ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمَا لِخَبَرِ ابْنِ عَبَّاسٍ { نَكَحَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ } ، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَهُوَ حَلَالٌ ، وَعَنْهَا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا " فِي مُسْلِمٍ { تَزَوَّجَنِي وَنَحْنُ حَلَالَانِ بِسَرِفٍ } ( وَبِلَا ) وُجُوبِ ( قَسْمٍ ) عَلَيْهِ بَيْنَ زَوْجَاتِهِ .
وَخُصَّ بِإِبَاحَةِ مُكْثِهِ فِي الْمَسْجِدِ جُنُبًا وَعَدَمِ انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ بِنَوْمِهِ وَلَا بِلَمْسَةٍ ( وَيَحْكُمُ ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لِنَفْسِهِ ) عَلَى خَصْمِهِ لِعِصْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجَوْرِ ( وَ ) يَحْكُمُ ( لِوَلَدِهِ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَصْمِهِ لِذَلِكَ وَيَشْهَدُ عَلَى خَصْمِهِ وَخَصْمِ وَلَدِهِ لِذَلِكَ ( وَيَحْمِي ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ

يَمْنَعُ النَّبِيُّ غَيْرَهُ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ فِي الْمَوَاتِ ( لَهُ ) أَيْ لِنَفْسِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأُنْمُوذَجِ وَيَحْمِي الْمَوَاتَ وَلَا يُنْقَضُ مَا حَمَاهُ .
( وَلَا يُورَثُ ) النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا { إنَّا مَعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ } بِرَفْعِ صَدَقَةٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مَا .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَرِثُ وَهُوَ الرَّاجِحُ ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَرِثَ مِنْ أَبِيهِ أُمَّ أَيْمَنَ بَرَكَةَ الْحَبَشِيَّةَ وَبَعْضَ غَنَمٍ } وَغَيْرَهُمَا وَبَحَثَ بِأَنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى إرْثًا لِأَنَّهُ قَبْلَ مَشْرُوعِيَّتِهِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَصَمَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ فَمَا حَصَلَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَهَا مُوَافِقٌ لِمَا حَصَلَ بَعْدَهَا ، وَفِي الذَّخِيرَةِ رَأَيْت كَلَامًا لِلْعُلَمَاءِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ أَيْضًا .
ا هـ .
وَهَذَا لَا يُعَادِلُ الْأَوَّلَ فِي الْجَوَاهِرِ .
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ذَكَرْته فِي قِسْمِ التَّحْلِيلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَارَبَ الْمَوْتَ فَقَدَ أَكْثَرَ مَالِهِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا الثُّلُثُ وَبَقِيَ مِلْكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .

( بَابٌ ) نُدِبَ لِمُحْتَاجٍ ذِي أُهْبَةٍ نِكَاحُ بِكْرٍ وَنَظَرُ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا فَقَطْ بِعِلْمٍ وَحَلَّ لَهُمَا حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ كَالْمِلْكِ .

فَصْلٌ فِي النِّكَاحِ ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( لِ ) رَجُلٍ ( مُحْتَاجٍ ) أَيْ رَاغِبٍ تَائِقٍ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَوْ لَا أَوْ غَيْرِ رَاغِبٍ وَرَجَا النَّسْلَ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ لَهُ حُكْمًا ، وَمَحَلُّ هَذَا إنْ لَمْ يَخْشَ الْعَنَتَ وَإِلَّا وَجَبَ وَلَوْ مَعَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِنْ حَرَامٍ أَوْ مَعَ وُجُودِ بَعْضِ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرِ هَذَا .
قَالَ فِي الشَّامِلِ يَتَعَيَّنُ لِخَوْفِ عَنَتٍ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَسَرٍّ نِكَاحُ مَنْ لَمْ يَكْفِهِ الصَّوْمُ ، وَخُيِّرَ فِيهِ وَفِي تَسَرٍّ قَدَرَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَفَّهُ الصَّوْمُ وَجَبَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَالنِّكَاحُ أَوْلَى .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ النِّكَاحُ لِلْقَادِرِ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِهِ حَاجَةٌ إلَيْهِ مَنْدُوبٌ أَوْ لِلْوَلَدِ ، وَإِنْ كَانَ عِنِّينًا أَوْ حَصُورًا أَوْ عَقِيمًا فَهُوَ مُبَاحٌ لَهُ .
وَالْمُحْتَاجُ لَهُ وَلَا صَبْرَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَتَسَرَّرُ بِهِ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ الْعَنَتَ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لَهُ وَخَشِيَ أَنْ لَا يَقُومَ بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِيهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ لَهُ وَكَذَا الْمَرْأَةُ ا هـ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ .
ابْنُ بَشِيرٍ يَحْرُمُ عَلَى مَنْ لَمْ يَخَفْ الْعَنَتَ وَعَجَزَ عَنْ الْوَطْءِ أَوْ النَّفَقَةِ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ ، وَفِي الشَّامِلِ وَمُنِعَ لِمُضِرٍّ بِامْرَأَةٍ لِعَدَمِ وَطْءٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ لِكَسْبٍ حَرُمَ وَلَمْ يَخَفْ عَنَتًا .
وَقَالَ ابْنُ رَحَّالٍ خَائِفُ الْعَنَتِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ مُكَلَّفٌ بِتَرْكِ الزِّنَا لِأَنَّهُ فِي طَوْقِهِ ، وَبِتَرْكِ التَّزَوُّجِ الْحَرَامِ فَلَا يَحِلُّ فِعْلُ مُحَرَّمٍ لِدَفْعِ مُحَرَّمٍ وَإِنَّمَا يُصَارُ لِهَذَا عِنْدَ الِاضْطِرَارِ كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا بِالزِّنَا ، وَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِعَجْزِهِ عَنْ الْوَطْءِ وَرَضِيَتْ جَازَ ، وَكَذَا إنْ عَلِمَتْ الرَّشِيدَةُ بِعَجْزِهِ عَنْ النَّفَقَةِ وَرَضِيَتْ وَلَا يَجُوزُ مَعَ الِاكْتِسَابِ الْحَرَامِ وَإِنْ رَضِيَتْ بِهِ .
( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( أُهْبَةٍ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ

وَسُكُونِ الْهَاءِ أَيْ قُدْرَةٍ عَلَى صَدَاقٍ وَنَفَقَةٍ وَوَطْءٍ ، فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ شَيْءٍ مِنْهَا فَلَا يُنْدَبُ لَهُ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّخْصَ إمَّا رَاغِبٌ فِيهِ أَوْ لَا ، وَالرَّاغِبُ إمَّا أَنْ يَخْشَى الْعَنَتَ أَوْ لَا ، فَالرَّاغِبُ إنْ خَشِيَ الْعَنَتَ وَعَجَزَ عَنْ التَّسَرِّي وَلَمْ يَكْفِهِ الصَّوْمُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّزَوُّجُ وَلَوْ أَدَّى لِلْإِنْفَاقِ مِنْ كَسْبٍ حَرَامٍ أَوْ مُقْتَضَى التَّحْرِيمِ غَيْرُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَخْشَهُ نُدِبَ لَهُ رَجَا النَّسْلَ أَمْ لَا وَلَوْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ ، وَغَيْرُ الرَّاغِبِ إنْ عَطَّلَهُ عَنْ تَطَوُّعٍ كُرِهَ لَهُ وَلَوْ رَجَا النَّسْلَ وَإِلَّا نُدِبَ لَهُ إنْ رَجَا النَّسْلَ ، وَإِلَّا أُبِيحَ لَهُ .
وَالْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَنْدُوبُ وَالْجَائِزُ وَالْمَكْرُوهُ مُقَيَّدَةٌ بِعَدَمِ مُوجِبِ التَّحْرِيمِ وَإِلَّا حَرُمَ وَيَجْرِي مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَرْأَةِ أَيْضًا .
وَزَادَ ابْنُ رَحَّالٍ وَجْهًا لِوُجُوبِهِ عَلَيْهَا وَهُوَ عَجْزُهَا عَنْ قُوتِهَا وَعَدَمُ سِتْرِهَا بِغَيْرِهِ .
وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( نِكَاحُ ) ابْنُ حَجَرٍ النِّكَاحُ لُغَةً الضَّمُّ وَالتَّدَاخُلُ وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْوَطْءِ ، وَيُسَمَّى بِهِ الْعَقْدُ مَجَازًا لِكَوْنِهِ سَبَبًا لَهُ ، ثُمَّ قَالَ وَشَرْعًا حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ لِكَثْرَةِ وُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الْعَقْدِ حَتَّى قِيلَ لَمْ يَرِدْ فِي الْقُرْآنِ إلَّا لَهُ ، وَلَا يَرِدُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى { حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ } لِأَنَّ شَرْطَ الْوَطْءِ فِي التَّحْلِيلِ إنَّمَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ وَالْعَقْدُ لَا بُدَّ مِنْهُ ، فَمَعْنَى قَوْله تَعَالَى { حَتَّى تَنْكِحَ } حَتَّى تَتَزَوَّجَ أَيْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ هَذَا كَافٍ بِمُجَرَّدِهِ لَكِنْ بَيَّنَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَفْهُومِ الْغَايَةِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ .
وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ .
وَقِيلَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا .
وَهَذَا الَّذِي تَرَجَّحَ

فِي نَظَرِي وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْعَقْدِ ا هـ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لُغَةً حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ وَشَرْعًا بِالْعَكْسِ .
ابْنُ عَرَفَةَ النِّكَاحُ عَقْدٌ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةِ التَّلَذُّذِ بِآدَمِيَّةٍ غَيْرُ مُوجِبٍ قِيمَتَهَا بِبَيِّنَةٍ قَبْلَهُ غَيْرُ عَالِمٍ عَاقِدُهُ حُرْمَتَهَا إنْ حَرَّمَهَا الْكِتَابُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْآخَرِ فَيَخْرُجُ عَقْدُ تَحْلِيلِ الْأَمَةِ إنْ وَقَعَ بِبَيِّنَةٍ ، وَيَدْخُلُ نِكَاحُ الْخَصِيِّ وَالطَّارِئَيْنِ لِأَنَّهُ بِبَيِّنَةٍ صَدَقَا فِيهَا وَلَا يَبْطُلُ عَكْسُهُ نِكَاحُ مُدَّعِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ وَطْئِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ فُشُوِّ بِنَائِهِ بِاسْمِ النِّكَاحِ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمُ حَدِّهِ لِلشُّبْهَةِ لَا لِثُبُوتِ نِكَاحِهِ ا هـ .
قَوْلُهُ عَلَى مُجَرَّدِ مُتْعَةٍ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً وَالْأَصْلُ مُتْعَةُ التَّلَذُّذِ الْمُجَرَّدَةِ فَخَرَجَ بِالْمُتْعَةِ الْبَيْعُ وَالْكِرَاءُ ، وَبِالتَّلَذُّذِ الْمُتْعَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ كَالْجَاهِ وَالْوِلَايَةِ ، وَبِالْمُجَرَّدَةِ شِرَاءُ أَمَةٍ لِوَطْئِهَا .
وَقَوْلُهُ بِآدَمِيَّةٍ قَالَ الرَّصَّاعُ أَخْرَجَ التَّلَذُّذَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ، قَالَ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ الْعَقْدَ عَلَى جِنِّيَّةٍ وَهُوَ بَعِيدٌ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ نِكَاحُ الْجِنِّ الْإِنْسَ جَائِزٌ عَقْلًا فَإِنْ صَحَّ نَقْلًا فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا بَقِيَ عَلَى أَصْلِ الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ .
وَقَوْلُهُ بِبِيتَةِ الرَّصَّاعُ حَالٌ مِنْ التَّلَذُّذِ أَخْرَجَ بِهِ صُوَرَ الزِّنَا وَأُورِدَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَبْطُلُ عَكْسُهُ أَنَّ مَا وَقَعَ فِيهِ الدُّخُولُ دُونَ إشْهَادٍ يُفْسَخُ بِطَلْقَةٍ وَهُوَ فَرْعُ النِّكَاحِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لِإِقْرَارِهِمَا بِالْعَقْدِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ الْإِجْمَاعِ صَوَابُهُ أَوْ بِتَكْرِيرٍ أَوْ إلَّا أَنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى وَفَرَّ مِنْ رَكَاكَةِ اللَّفْظِ .
وَقَوْلُ بَعْضِهِمْ صَوَابُهُ وَالْإِجْمَاعُ بِالْوَاوِ فَاسِدٌ ، وَكَذَا قَوْلٌ آخَرُ صَوَابُهُ أَوْ وَالْإِجْمَاعُ بِوَاوٍ عَقِبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ا هـ بُنَانِيٌّ .
( بِكْرٍ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَرْأَةٌ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَالْأَوْلَى وَبِكْرٍ لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لِجَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَلَّا تَزَوَّجْت بِكْرًا تُلَاعِبُهَا وَتُلَاعِبُك وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُك } .
وَنُدِبَ لِمُرِيدِ تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ ( نَظَرُ وَجْهِهَا ) لِيَعْلَمَ هَلْ هِيَ جَمِيلَةٌ أَمْ لَا ( وَ ) نَظَرُ ( كَفَّيْهَا ) لِيَعْلَمَ هَلْ بَدَنُهَا مُخْصِبٌ أَوْ لَا ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا إلَى كُوعَيْهَا بِلَا قَصْدِ تَلَذُّذٍ إنْ لَمْ يَعْلَمْ عَدَمَ إجَابَتِهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَوَلِيِّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً ، وَإِلَّا حَرُمَ إنْ خَشِيَ فِتْنَةً ، وَإِلَّا كُرِهَ وَإِنْ جَازَ نَظَرُ وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَكَفَّيْهَا مَعَ الْأَمْنِ وَعَدَمِ قَصْدِ التَّلَذُّذِ لِأَنَّ فِعْلَ هَذَا مَظِنَّةُ التَّلَذُّذِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا غَيْرَ الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا نَفْيُ النَّدْبِ الصَّادِقِ بِالْجَوَازِ .
وَمَحَلُّ النَّدْبِ إنْ كَانَ نَظَرَ وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا ( بِعِلْمٍ ) مِنْهَا إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَمِنْ وَلِيِّهَا وَإِلَّا كُرِهَ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْفُسَّاقُ لِنَظَرِ وُجُوهِ النِّسَاءِ وَكُفُوفِهِنَّ وَيَقُولُوا نَحْنُ خُطَّابٌ .
وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ نَظَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّهُمَا وَإِنْ لَمْ يَكُونَا عَوْرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ لِمَا فِي الْمَسِّ مِنْ زِيَادَةِ الْمُبَاشَرَةِ ، وَأَنَّهُ لَا يُنْدَبُ لَهَا نَظَرُ وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ .
الْحَطّ لَا نَصَّ فِيهِ عِنْدَنَا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي جَمَالِهِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيَّةِ ، وَيَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ عَلَى نَظَرِهِمَا ، وَيُنْدَبُ لَهَا .
وَأَمَّا نَظَرُهَا مَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَمُبَاحٌ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَرْأَةً لَا مَنْدُوبٌ مِنْ حَيْثُ وَكَالَتُهَا عَنْ الْخَاطِبِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى الْخِطْبَةِ فَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ أَنْظُرُ هَلْ يُفَوِّضُ لَهُ فِي النَّظَرِ إلَيْهِمَا عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ لَهُ ، ثُمَّ قَالَ

وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ مَا لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً مِنْ النَّظَرِ إلَيْهِمَا .
وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ نَظَرَ الْخَاطِبِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَكَيْفَ يَسُوغُ لِوَكِيلِهِ .
الْبُنَانِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الرَّمَاصِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عُطِفَ عَلَى نِكَاحٍ وَبِهِ قَرَّرُوهُ ، وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْجَوَازُ وَبِهِ عَبَّرَ فِي تَوْضِيحِهِ .
وَفِي الرِّسَالَةِ لَا بَأْسَ ، وَفِي مَوْضِعٍ أُرَخِّصُ .
وَحَمَلَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { اذْهَبْ فَانْظُرْ إلَيْهَا } عَلَى أَنَّهُ أَمْرُ إرْشَادٍ ، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ .
وَقَالَ عَقِبَهُ وَقِيلَ إنَّهُ أَمْرُ نَدْبٍ لِلْأَحَادِيثِ الْآمِرَةِ بِذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ سُمِحَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لِمُرِيدِ تَزَوُّجِ امْرَأَةٍ نَظَرُهُ إلَيْهَا بِإِذْنِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ إلَى وَجْهِهَا .
الْمَازِرِيُّ وَيَدَيْهَا ثُمَّ قَالَ وَاخْتَارَ ابْنُ الْقَطَّانِ كَوْنَ النَّظَرِ إلَيْهِمَا مَنْدُوبًا إلَيْهِ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِالْأَمْرِ بِهِ .
ا هـ .
فَأَنْتَ تَرَى الْأَبِيَّ حَكَى النَّدْبَ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ ، وَابْنُ عَرَفَةَ لَمْ يَنْسُبْهُ إلَّا لِابْنِ الْقَطَّانِ .
( وَحَلَّ ) أَيْ جَازَ ( لَهُمَا ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ مُبِيحٍ لِلْوَطْءِ نَظَرُ جَمِيعِ جَسَدِ صَاحِبِهِ ( حَتَّى نَظَرُ الْفَرْجِ ) وَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ { إذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَلَا يَنْظُرْ إلَى فَرْجِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى } .
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ إنَّهُ مَوْضُوعٌ .
وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي الْمِيزَانِ عَنْ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ إنَّهُ مَوْضُوعٌ لَا أَصْلَ لَهُ .
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ هَذَا مَوْضُوعٌ وَأَقَرَّهُ غَيْرُهُ .
زَرُّوقٌ جَوَازُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَكِنْ كَرِهُوهُ لِلطِّبِّ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْبَصَرَ وَيُورِثُ قِلَّةَ الْحَيَاءِ فِي الْوَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ فِي النَّصِيحَةِ يُكْرَهُ نَظَرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِفَرْجِ صَاحِبِهِ لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْبَصَرَ وَيُذْهِبُ الْحَيَاءَ وَقَدْ يَرَى مَا

يَكْرَهُ فَيُؤَدِّي إلَى الْبِغَاءِ .
وَقَالَتْ { عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا مَا رَأَيْت ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا رَأَى مِنِّي وَإِنْ كُنَّا لَنَغْتَسِلُ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ } .
وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ النَّظَرِ حَتَّى لِلْفَرْجِ فَقَالَ ( كَالْمِلْكِ ) التَّامِّ الْمُسْتَقِلِّ بِهِ بِلَا مَانِعِ مَحْرَمِيَّةٍ وَنَحْوِهَا فَيَحِلُّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْمَمْلُوكَةِ نَظَرُ جَمِيعِ الْآخَرِ حَتَّى الْفَرْجِ لَا مُبَعَّضَةٍ وَمُشْتَرَكَةٍ ، وَمُحَرَّمِ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمُتَزَوِّجَةٍ .
.

وَتَمَتُّعٌ بِغَيْرِ دُبُرٍ .
( وَ ) حَلَّ لَهُمَا ( تَمَتُّعٌ بِغَيْرِ ) وَطْءِ ( دُبُرٍ ) فَيَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ .
الْبُرْزُلِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ وَأَمَّا التَّمَتُّعُ بِظَاهِرِهِ فَقَدْ فَاوَضْتُ فِيهِ بَعْضَ أَصْحَابِنَا لَا شُيُوخِنَا لِعَدَمِ الْجَسَارَةِ عَلَيْهِمْ فِي مِثْلِ هَذَا ، فَأَجَابَ بِإِبَاحَتِهِ وَلَمْ يُبْدِ لَهُ وَجْهًا ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ كَسَائِرِ جَسَدِهَا وَجَمِيعُهُ مُبَاحٌ إذْ لَمْ يَرِدْ مَا يَخُصُّ بَعْضَهُ عَنْ بَعْضٍ بِخِلَافِ بَاطِنِهِ ، وَالْأَمْرُ عِنْدِي فِيهِ اشْتِبَاهٌ فَإِنْ تَرَكَهُ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَإِلَّا فَلَا حَرَجَ لِعُسْرِ الِاحْتِرَازِ مِنْهُ وَاعْتَمَدَهُ الْحَطّ وَاللَّقَانِيُّ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ فَرْحُونٍ وَلَوْ بِاسْتِمْنَاءٍ .

وَخُطْبَةٌ بِخِطْبَةٍ وَعَقْدٍ وَتَقْلِيلُهَا
( وَ ) نُدِبَ ( خُطْبَةٌ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ كَلَامٌ مُشْتَمِلٌ عَلَى حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَصَلَاةٍ وَسَلَامٍ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ وَحَدِيثٍ مُتَعَلِّقَيْنِ بِالنِّكَاحِ وَالِانْتِقَالِ بِأَمَّا بَعْدُ لِالْتِمَاسِ النِّكَاحِ ( بِخِطْبَةٍ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عِنْدَ الْتِمَاسِ النِّكَاحِ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ مِنْ الْوَلِيِّ لِإِجَابَتِهِ أَوْ الِاعْتِذَارِ لَهُ .
( وَ ) نُدِبَ خُطْبَةٌ بِ ( عَقْدٍ ) لِلنِّكَاحِ مِنْ الْوَلِيِّ بِالْإِيجَابِ ثُمَّ مِنْ الزَّوْجِ بِالْقَبُولِ فَهِيَ أَرْبَعُ خُطَبٍ ، وَيُمْكِنُ ضَبْطُ خُطَبِهِ بِصِيغَةِ جَمْعٍ بِضَمِّ الْخَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مُضَافًا لِضَمِيرِ النِّكَاحِ فَالْفَصْلُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِخُطْبَةِ الزَّوْجِ مُغْتَفَرٌ ، وَكَذَا بِسُكُوتٍ أَوْ كَلَامٍ قَدْرَهَا ( وَ ) نُدِبَ ( تَقْلِيلُهَا ) أَيْ الْخُطْبَةِ .

وَإِعْلَانُهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( إعْلَانُهُ ) أَيْ إظْهَارُ عَقْدِ النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفِّ } أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ .
وَأَمَّا الْخِطْبَةُ بِالْكَسْرِ فَيُنْدَبُ إخْفَاؤُهَا كَالْخِتَانِ قَالَهُ الْحَطّ .

وَتَهْنِئَتُهُ وَالدُّعَاءُ لَهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَهْنِئَتُهُ ) أَيْ الْعَرُوسِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَيْ إدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِ عَقِبَ الْعَقْدِ وَالْبِنَاءِ نَحْوَ سَرَّنَا مَا فَعَلْت وَهُوَ مِنْ خَيْرِ الْأَفْعَالِ وَفِيهِ الْبَرَكَةُ ( وَ ) نُدِبَ ( الدُّعَاءُ لَهُ ) أَيْ الْعَرُوسِ كَذَلِكَ كَبَارَكَ اللَّهُ لَكُمَا وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا فِي خَيْرٍ .

وَإِشْهَادُ عَدْلَيْنِ غَيْرِ الْوَلِيِّ بِعَقْدِهِ وَفُسِخَ إنْ دَخَلَا بِلَاهُ .

( وَ ) نُدِبَ لِلْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ ( إشْهَادُ عَدْلَيْنِ ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عَدْلَانِ كَفَى مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِالْكَذِبِ وَاسْتُحْسِنَ الْإِكْثَارُ مِنْ الشُّهُودِ حِينَئِذٍ ( غَيْرِ الْوَلِيِّ ) أَيْ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ عَقْدِ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ فَلَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ وَلَوْ تَوَلَّى غَيْرُهُ الْعَقْدَ لِاتِّهَامِهِ بِالسَّتْرِ عَلَيْهَا وَدَفْعِ الْمَعَرَّةِ عَنْ نَفْسَهُ ( بِعَقْدِهِ ) أَيْ عِنْدَ النِّكَاحِ صِلَةُ إشْهَادٍ وَالنَّدْبُ مُنْصَبٌّ عَلَى كَوْنِ الْإِشْهَادِ عِنْدَ عَقْدِهِ ، وَأَمَّا كَوْنُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَوَاجِبٌ شُرِطَ فِي دَوَامِهِ وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ بِدُونِ إشْهَادٍ أَفَادَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ النِّكَاحُ ( إنْ دَخَلَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ خَلْوَةً بِنَاءً ( بِلَاهُ ) أَيْ الْإِشْهَادِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ بَائِنَةٍ لِأَنَّهَا جَبْرِيَّةٌ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إذْ لَا يَشَاءُ اثْنَانِ الِاجْتِمَاعَ عَلَى فَسَادٍ فِي خَلْوَةٍ إلَّا فَعَلَا وَادَّعَيَا سَبْقَ عَقْدٍ بِلَا إشْهَادٍ فَيَرْتَفِعُ حَدُّ الزِّنَا وَالتَّعْزِيرُ ، فَإِنْ أَرَادَ مُعَاشَرَتَهَا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَقْدٍ جَدِيدٍ شَرْعِيٍّ وَتَبْقَى لَهُ طَلْقَتَانِ .
وَمَحَلُّ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِعَدَمِهِ مَنْ يَرَاهُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدَا أَحَدًا عِنْدَ الْعَقْدِ وَلَقِيَا مَعًا رَجُلَيْنِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَشْهَدَاهُمَا عَلَى وُقُوعِ الْعَقْدِ بَيْنَهُمَا كَفَى فِي الْوَاجِبِ وَفَاتَ الْمَنْدُوبُ لِأَنَّهُ كَحُضُورِهِمَا الْعَقْدَ فِي الْجُمْلَةِ .
وَإِنْ أَشْهَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدَيْنِ بَعْدَهُ كَفَى أَيْضًا وَسَمَّاهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ شَهَادَةَ الْأَبْدَادِ بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ التَّفَرُّقِ إنْ كَانَ شَاهِدَا أَحَدِهِمَا غَيْرَ شَاهِدَيْ الْآخَرِ وَإِلَّا فَلَا تُسَمَّى بِهَذَا خِلَافًا لعج لِصِحَّةِ نَقْلِ شَاهِدَيْنِ عَنْ شَاهِدٍ ثُمَّ عَنْ آخَرَ فَأَحْرَى هَذِهِ هَذَا الَّذِي أَفَادَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَنَصُّ التَّهْذِيبِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَبْدَادِ فِي النِّكَاحِ وَالْعِتْقِ .
أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ الْأَبْدَادُ الْمُفْتَرِقُونَ بِأَنْ لَا

يَجْتَمِعَ الشُّهُودُ عَلَى إشْهَادِ الْوَلِيِّ وَالْمُتَنَاكِحِينَ بِأَنْ عَقَدُوا النِّكَاحَ وَتَفَرَّقُوا وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ أَشْهِدْ مَنْ لَقِيت بِهَذَا فَسَّرَهُ الشَّيْخُ فِي الْمُخْتَصَرِ فَيَكُونُ عَلَى هَذَا شَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ ، وَشَاهِدَانِ عَلَى الْوَلِيِّ ، وَشَاهِدَانِ عَلَى الْمَرْأَةِ إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ فِي حُكْمِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا ذَاتَ أَبٍ كَانُوا أَرْبَعَةً ، وَإِنْ أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا شَاهِدَيْنِ ثُمَّ لَقِيَهُمَا الْآخَرُ فَأَشْهَدَهُمَا أَيْضًا فَلَيْسَتْ شَهَادَةَ أَبْدَادٍ .
عِيَاضٌ وَهَذَا عَلَى أَصْلِنَا وَمَشْهُورُ مَذْهَبِنَا أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ ا هـ .
قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ شَهَادَةَ أَبْدَادٍ أَيْ لَا تُسَمَّى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ التَّبَدُّدِ أَيْ التَّفَرُّقِ وَلَا تَفَرُّقَ هُنَا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ كَمَا فَهِمَهُ عج قَائِلًا لَا يُنْتَفَعُ بِهَا ، كَمَا تُفِيدُهُ عِبَارَةُ التَّبْصِرَةِ ، وَنَصُّهَا لِابْنِ فَرْحُونٍ بَعْدَ ذِكْرِهِ أَنَّ الزِّنَا لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَيُلْحَقُ بِهَذَا اللِّعَانُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ أَقَلَّ شُهُودِهِ أَرْبَعَةٌ وَشَهَادَةُ الْأَبْدَادِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ شَاهِدَانِ عَلَى الْأَبِ وَشَاهِدَانِ عَلَى الزَّوْجِ ، فَإِنْ أَشْهَدَ أَحَدُهُمَا الشَّاهِدَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشْهَدَهُمَا الْآخَرُ فَلَا تُسَمَّى شَهَادَةَ أَبْدَادٍ .
ا هـ .
أَيْ مَعَ قَبُولِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ وَلَا يُنْتَفَعُ بِهَا كَمَا فَهِمَهُ عج .

وَلَا حَدَّ إنْ فَشَا وَلَوْ عَلِمَ .
( وَ ) إنْ ثَبَتَ الْوَطْءُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَ ( لَا حَدَّ ) عَلَيْهِمَا ( إنْ فَشَا ) أَيْ شَاعَ وَاشْتَهَرَ الدُّخُولُ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ أَوْ النِّكَاحُ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ .
طفي وَكُلٌّ صَحِيحٌ إذْ الْمَقْصُودُ نَفْيُ الِاسْتِتَارِ بِوَلِيمَةٍ وَضَرْبِ دُفٍّ وَدُخَانٍ ، أَوْ كَانَ عَلَى الْعَقْدِ أَوْ عَلَى ابْتِنَائِهِمَا بِاسْمِ النِّكَاحِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ غَيْرُ الْوَلِيِّ لَا هُوَ ، وَلَوْ تَوَلَّى الْعَقْدَ غَيْرُهُ أَوْ جَاءَا مُسْتَفْتِيَيْنِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ جَهِلَا وُجُوبَ الْإِشْهَادِ قَبْلَ الدُّخُولِ .
بَلْ ( وَلَوْ عَلِمَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا وُجُوبَ الْإِشْهَادِ قَبْلَهُ نَظَرًا لِلْفُشُوِّ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْحَدُّ عِنْدَ عَدَمِهِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَهِلَا وُجُوبَ الشَّهَادَةِ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْفُشُوُّ مَعَ الْعِلْمِ لَا يُسْقِطُ الْحَدَّ .

وَحَرُمَ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ وَفُسِخَ إنْ لَمْ يَبْنِ .

( وَحَرُمَ خِطْبَةُ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْتِمَاسُ نِكَاحِ امْرَأَةٍ ( رَاكِنَةٍ ) أَيْ مَائِلَةٍ وَرَاضِيَةٍ لِخَاطِبٍ سَابِقٍ ( غَيْرِ فَاسِقٍ ) عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورِ حَالٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ مُجْبَرَةً فَالْمُعْتَبَرُ رُكُونُ مُجْبِرِهَا إنْ قُدِّرَ صَدَاقٌ مِنْ الْخَاطِبِ السَّابِقِ بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالدَّالِ ( صَدَاقٌ ) مِنْ السَّابِقِ ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ لَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ قَبْلَ تَقْدِيرِ الصَّدَاقِ .
فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُوَطَّإِ .
وَفِي الْمَوَّاقِ مُقْتَضَى نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ كِلَا الْقَوْلَيْنِ مَشْهُورٌ ، فَالْمُنَاسِبُ وَهَلْ لَوْ لَمْ يُقَدَّرْ صَدَاقٌ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَإِنْ رَدَّ وَلِيُّ الْمُجْبَرَةِ فَلَا تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا كَخِطْبَةِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ الَّتِي رُدَّتْ قَبْلَ خِطْبَةِ الثَّانِي فَلَا يُعْتَبَرُ رَدُّ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رُكُونِ وَلِيِّهَا ، وَلَا رُكُونُهَا مَعَ رَدِّهِ ، وَلَا رُكُونُ أُمِّ أَوْ وَلِيِّ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ مَعَ رَدِّهَا ، وَلَا رَدُّ أُمِّهَا أَوْ وَلِيِّهَا مَعَ رُكُونِهَا .
وَشَرْطُ الرَّدِّ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ كَوْنُهُ لَيْسَ بِسَبَبِ خِطْبَةِ الثَّانِي وَإِلَّا فَلَا يَنْفِيهَا .
وَمَفْهُومُ لِغَيْرِ فَاسِقٍ أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ خِطْبَةُ رَاكِنَةٍ لِفَاسِقٍ ، وَهَذَا كَذَلِكَ إنْ كَانَ الثَّانِي عَدْلًا أَوْ مَسْتُورًا ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا كَالْأَوَّلِ حَرُمَ عَلَيْهِ .
فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
وَالصُّوَرُ تِسْعٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ إمَّا عَدْلٌ وَإِمَّا مَسْتُورٌ وَإِمَّا فَاسِقٌ ، وَالثَّانِي كَذَلِكَ ، فَتَحْرُمُ فِي سَبْعٍ وَتَجُوزُ فِي اثْنَتَيْنِ ، أَفَادَ الْمُصَنِّفُ سِتَّةً بِمَنْطُوقِ قَوْلِهِ رَاكِنَةٍ لِغَيْرِ فَاسِقٍ ، وَثَلَاثَةً بِمَفْهُومِهِ لِصِدْقِ غَيْرِ الْفَاسِقِ بِالْعَدْلِ وَالْمَسْتُورِ فَتَحْرُمُ خِطْبَةُ الرَّاكِنَةِ لِأَحَدِهِمَا مِنْ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورٍ أَوْ فَاسِقٍ .
وَمَفْهُومُ جَوَازِ خِطْبَةِ الرَّاكِنَةِ لِفَاسِقٍ مِنْ عَدْلٍ أَوْ مَسْتُورٍ وَمَنْعِهَا مِنْ فَاسِقٍ وَالذِّمِّيَّةُ

الرَّاكِنَةُ لِذِمِّيٍّ تَحْرُمُ خِطْبَتُهَا وَلَوْ مِنْ عَدْلٍ لِإِقْرَارِهِ عَلَى دِينِهِ وَعَدَمِ إقْرَارِ الْفَاسِقِ عَلَى فِسْقِهِ ، وَخَبَرُ { لَا يَخْطُبُ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ } خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ .
زَرُّوقٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الرُّكُونَ التَّقَارُبُ بِوَجْهٍ يُفْهِمُ إذْعَانَ كُلِّ وَاحِدٍ لِشَرْطِ صَاحِبِهِ وَإِرَادَةِ عَقْدِهِ .
( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُ الثَّانِي عَلَى رَاكِنَةٍ لِلْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ وُجُوبًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْهُ الْأَوَّلُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّانِي بِخِطْبَةِ الْأَوَّلِ ( إنْ لَمْ يَبْنِ ) الثَّانِي حَيْثُ اسْتِمْرَارُ الرُّكُونِ أَوْ رَجَعَتْ لِخِطْبَةِ الثَّانِي ، فَإِنْ رَجَعَتْ لِغَيْرِهَا فَلَا يُفْسَخُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْكُمْ بِعَدَمِ فَسْخِ نِكَاحِ الثَّانِي حَاكِمٌ يَرَاهُ وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخْ ا هـ عب .
الْبُنَانِيُّ هَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ أَبُو عُمَرَ فِي فَسْخِهِ ثَالِثَ الرِّوَايَاتِ قَبْلَ الْبِنَاءِ .
ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيحًا أَصْلًا مَعَ أَنَّ أَبَا عُمَرَ شَهَّرَ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ ، لَكِنْ قَيَّدَهُ بِالِاسْتِحْبَابِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ تَشْهِيرَهُ هُنَا .
وَفِي التَّوْضِيحِ وَحَذَفَ مِنْهُ الِاسْتِحْبَابَ فِيهِمَا .
وَنَصُّ أَبِي عُمَرَ فِي كَافِيهِ وَالْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتِحْبَابًا لِأَنَّهُ تَعَدَّى مَا نُدِبَ إلَيْهِ ، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا مَضَى النِّكَاحُ فَلَا يُفْسَخُ .
ا هـ .
وَبِهِ يَجْمَعُ بَيْنَ مَا هُنَا وَقَوْلِهِ الْآتِي وَنُدِبَ عَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ .

وَصَرِيحُ خِطْبَةِ مُعْتَدَّةٍ وَمُوَاعَدَتُهَا كَوَلِيِّهَا كَمُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ وَلَوْ بَعْدَهَا وَبِمُقَدِّمَتِهِ فِيهَا أَوْ بِمِلْكٍ كَعَكْسِهِ لَا بِعَقْدٍ أَوْ بِزِنًا أَوْ بِمِلْكٍ عَنْ مِلْكٍ .

( وَ ) حَرُمَ ( صَرِيحُ خِطْبَةٍ ) بِكَسْرِ الْخَاءِ أَيْ الْتِمَاسُ نِكَاحِ مَرْأَةٍ ( مُعْتَدَّةٍ ) مِنْ طَلَاقِ غَيْرِهِ وَلَوْ رَجْعِيًّا أَوْ مَوْتِهِ لَا مِنْ طَلَاقِهِ هُوَ إذْ لَهُ تَزَوُّجُهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالثَّلَاثِ وَالتَّصْرِيحُ التَّنْصِيصُ وَالْإِفْصَاحُ .
( وَ ) حَرُمَ ( مُوَاعَدَتُهَا ) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ بِأَنْ يَعِدَهَا وَتَعِدَهُ بِالتَّزَوُّجِ وَشَبَّهَ فِي التَّحْرِيمِ فَقَالَ ( كَ ) صَرِيحِ خِطْبَةٍ وَمُوَاعَدَةِ ( وَلِيِّهَا ) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ الْمُجْبِرِ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَكَذَا غَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، لَكِنْ حَكَى ابْنُ رُشْدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مُوَاعَدَةَ غَيْرِ الْمُجْبِرِ مَكْرُوهَةٌ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ ، فَيُفِيدُ مُسَاوَاتَهُ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ ، بَلْ أَرْجَحِيَّتَهُ عَلَيْهِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ زَرُّوقٍ وَمُوَاعَدَتُهَا حَرَامٌ وَلَوْ كَانَتْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْ زِنًا وَوَلِيُّهَا الْمُجْبِرُ مِثْلُهَا وَغَيْرُهُ تُكْرَهُ مُوَاعَدَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ أَيْضًا فَقَالَ ( كَ ) خِطْبَةِ وَمُوَاعَدَةِ ( مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ زِنًا ) وَلَوْ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُتَخَلِّقَ مِنْ مَائِهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ ، وَالْأَوْلَى وَإِنْ مِنْ زِنًا لِيَشْمَلَ الْغَصْبَ وَغَيْرَهُ وَلَا يُقَالُ دَخَلَتْ بِالْكَافِ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا الْمُدْخِلُ كَافُ التَّمْثِيلِ نَعَمْ يُقَالُ إذَا حَرُمَتْ الْخِطْبَةُ وَالْمُوَاعَدَةُ فِي اسْتِبْرَاءِ الزِّنَا عَلِمَتْ حُرْمَتَهُمَا فِي اسْتِبْرَاءِ غَيْرِهِ بِالْأَحْرَى ، لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الزِّنَا أَخَفُّهَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْوِيبِ .
( وَتَأَبَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( تَحْرِيمُهَا ) أَيْ الْمُعْتَدَّةِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ بَائِنًا وَمِثْلُهَا الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ غَيْرِهِ ( بِوَطْءٍ ) بِنِكَاحٍ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فِيهَا ، بَلْ ( وَإِنْ بِشُبْهَةٍ ) لِنِكَاحٍ بِأَنْ وَطِئَهَا فِيهَا بِلَا عَقْدٍ لِظَنِّهَا زَوْجَتَهُ ،

وَشَمِلَ كَلَامُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ مَنْ وُطِئَتْ بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ إمَّا مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبِ غَيْرِهِ أَوْ مُعْتَدَّةٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ لِإِتْيَانِهِمَا فِي قَوْلِهِ كَعَكْسِهِ .
وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً أَوْ مُسْتَبْرَأَةً مِنْهُ لَمْ يَتَأَبَّدْ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ بِوَطْئِهِ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ مَبْتُوتَةٌ قَبْلَ زَوْجٍ وَإِنْ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ صَرِيحُ خِطْبَةِ الْمُسْتَبْرَأَةِ .
وَبَالَغَ عَلَى تَأْيِيدِ الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ فَقَالَ ( وَلَوْ ) كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ فَهِيَ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ بِوَطْءٍ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ وَطِئَهَا بَعْدَهَا مُسْتَنِدًا لِعَقْدِهِ عَلَيْهَا فِيهَا وَلَا تَرْجِعُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لِأَنَّ وَطْأَهَا بِشُبْهَةٍ بَعْدَ فَرَاغِ عِدَّتِهَا بِدُونِ عَقْدٍ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَهَا عَلَيْهِ وَلَوْ صَرَّحَ لَهَا بِخِطْبَتِهَا فِي عِدَّتِهَا وَمَنْ عَقَدَ عَلَى مُطَلَّقَةٍ طَلَاقًا رَجْعِيًّا مِنْ غَيْرِهِ وَوَطِئَهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلِذَا قَيَّدْنَا طَلَاقَ غَيْرِهِ بِالْبَائِنِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَتَأَبَّدُ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا إلَخْ ، وَصَدَّرَ تت بِالثَّانِي وَاقْتَصَرَ أَحْمَدُ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ تَرْجِيحُ عَدَمِ التَّأْبِيدِ .
وَفِي الشَّامِلِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ لِأَنَّ وَطْأَهَا كَوَطْءِ الَّتِي لَمْ تَطْلُقْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُمْ الرَّجْعِيَّةُ زَوْجَةٌ إلَّا فِيمَا اُسْتُثْنِيَ ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْهُ ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَالَ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ فِي الرَّجْعِيَّةِ التَّحْرِيمُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) تَأَبَّدَ ( بِمُقَدِّمَتِهِ ) أَيْ الْوَطْءِ ( فِيهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ ، وَكَذَا فِي اسْتِبْرَائِهَا مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ أَوْ

مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا فِي هَذِهِ الْخَمْسَةِ بِالْمُقَدِّمَاتِ الْمُسْتَنِدَةِ لِعَقْدِ نِكَاحٍ دُونَ الْمُسْتَنِدَةِ لِشُبْهَتِهِ ، فَمَنْ قَبَّلَ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ مُعْتَقِدًا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ وَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ بِالْمُقَدِّمَةِ الْمُسْتَنِدَةِ لِلْمِلْكِ الْوَاقِعَةِ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ دُونَ الْمُسْتَنِدَةِ لِشُبْهَةِ نِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ فَقَالَ ( أَوْ ) كَانَ وَطْؤُهُ ( بِمِلْكٍ ) أَوْ شُبْهَتِهِ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحِ غَيْرِهِ أَوْ شُبْهَتِهِ فَيَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا بِالْوَطْءِ وَشَبَّهَ فِي التَّأْبِيدِ فَقَالَ ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ وَطْئِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ وَهِيَ مُسْتَبْرَأَةٌ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ يُؤَيِّدُ تَحْرِيمَهَا فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ أَيْضًا ، فَصُوَرُ تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ بِوَطْءٍ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً هَذِهِ الثَّمَانِيَةُ وَالثَّمَانِيَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا بِوَطْءٍ وَإِنْ بِشُبْهَةٍ ( لَا ) يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ ( بِعَقْدٍ ) عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ لَمْ تُوطَأْ فَفِي التَّأْبِيدِ قَوْلَانِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ عَدَمُهُ فَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا ( أَوْ ) بِوَطْءٍ ( بِزِنًا ) أَوْ غَصْبٍ لِمُعْتَدَّةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مُسْتَبْرَأَةٍ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِنْ زِنَا غَصْبٍ فَلَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ فِي هَذِهِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً .
( أَوْ ) وَطْءٍ ( بِمِلْكٍ ) أَوْ شُبْهَتِهِ فِي اسْتِبْرَاءٍ ( عَنْ مِلْكٍ ) أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ عَنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ ، فَهَذِهِ ثَمَانٍ تُضَافُ لِلِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ فَتَتِمُّ عِشْرُونَ صُورَةً لَا تَأْبِيدَ فِيهَا لِلتَّحْرِيمِ بِالْوَطْءِ ، فَالصُّوَرُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ سِتٍّ فِي مِثْلِهَا وَهِيَ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ

الْمُسْتَبْرَأَةُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ شُبْهَتِهِ أَوْ مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ ، وَكُلُّهَا مُسْتَفَادَةٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ قِيَاسِ الْغَصْبِ عَلَى الزِّنَا أَوْ شُمُولِهِ لَهُ وَشُبْهَةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَصُوَرُ الْمُقَدِّمَاتِ وَالْعَقْدِ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا .

أَوْ مَبْتُوتَةٍ قَبْلَ زَوْجٍ كَالْمَحْرَمِ وَجَازَ تَعْرِيضٌ كَفِيكِ رَاغِبٌ وَالْإِهْدَاءِ .

( أَوْ ) وَطْءِ ( مَبْتُوتَةٍ ) بِعَقْدٍ مِنْ مُطَلِّقِهَا فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ ( قَبْلَ زَوْجٍ ) غَيْرِهِ فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَاءَ مَاؤُهُ وَلِأَنَّ مَنْعَهُ مِنْهَا لَيْسَ لِعِدَّتِهَا وَإِنَّمَا هُوَ لِبَتِّهَا وَعَدَمِ تَزَوُّجِهَا غَيْرَهُ وَلِذَا لَوْ تَزَوَّجَهَا غَيْرُهُ وَطَلَّقَهَا بَعْدَ بِنَائِهِ بِهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا مُطْلَقًا وَتَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الثَّانِي وَوَطِئَهَا وَلَوْ بَعْدَهَا تَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ مَفْهُومُ قَبْلَ زَوْجٍ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ التَّأْبِيدِ فَقَالَ ( كَ ) وَطْءِ ( الْمَحْرَمِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ الَّذِي لَا تَدُومُ مَحْرَمِيَّتُهُ كَأُخْتِ الزَّوْجَةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فَيُفْسَخُ نِكَاحُهَا وَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ ، فَإِنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ مَاتَتْ فَلَهُ تَزَوُّجُهَا ، وَإِمَّا دَائِمُ الْمَحْرَمِيَّةِ كَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ فَلَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ هُنَا لِأَنَّهُ فِيمَنْ يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا بِالْوَطْءِ وَيُحْتَمَلُ ضَبْطُهُ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا كَنِكَاحِ خَامِسَةٍ ، وَنِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ ، وَجَمْعٍ بَيْنَ مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ بِوَطْءٍ ، أَوْ هَارِبٍ بِامْرَأَةٍ ، أَوْ مُفْسِدِهَا عَلَى زَوْجِهَا فَلَا يَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ ، وَقِيلَ يَتَأَبَّدُ فِيهِمَا .
ابْنُ عُمَرَ الْهَارِبُ بِالْمَرْأَةِ قِيلَ يَتَأَبَّدُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ تَزَوُّجِهَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ .
وَكَذَا الْمُخَلَّفُ الَّذِي يُفْسِدُ الْمَرْأَةَ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى يَتَزَوَّجَهَا فَقِيلَ يَتَأَبَّدُ فِيهَا التَّحْرِيمُ وَالْمَشْهُورُ لَا يَتَأَبَّدُ .
ا هـ .
لَكِنْ أَفْتَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْفَاسِيِّينَ بِالتَّأْبِيدِ فِيهِمَا ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعَمَلِيَّاتِ : وَأَبَّدُوا التَّحْرِيمَ فِي مُخَلَّفٍ وَهَارِبٍ سِيَّانَ فِي مُحَقَّفٍ وَذَكَرَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مَنْ سَعَى فِي فِرَاقِ امْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا لِيَتَزَوَّجَهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ

التَّزَوُّجِ بِهَا وَإِنْ تَزَوَّجَهَا فُسِخَ قَبْلُ وَبَعْدُ ( وَجَازَ تَعْرِيضٌ ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ لِمُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةَ غَيْرِهِ بَائِنًا لَا رَجْعِيًّا فَيَحْرُمُ التَّعْرِيضُ لَهَا إجْمَاعًا نَقَلَهُ الْقُرْطُبِيُّ ، وَجَوَازُهُ فِي غَيْرِهَا لِمَنْ يُمَيِّزُ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَالتَّعْرِيضِ .
وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَالَهُ الشَّاذِلِيُّ وَالْأَقْفَهْسِيُّ .
فِي التَّوْضِيحِ التَّعْرِيضُ ضِدُّ التَّصْرِيحِ مَأْخُوذٌ مِنْ عُرْضِ الشَّيْءِ بِالضَّمِّ وَهُوَ جَانِبُهُ وَضَابِطُهُ أَنْ يَذْكُرَ فِي كَلَامِهِ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَقْصُودِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّ إشْعَارَهُ بِالْمَقْصُودِ أَتَمُّ وَيُسَمَّى تَلْوِيحًا .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَالْكِنَايَةَ هِيَ التَّعْبِيرُ عَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ كَقَوْلِنَا فِي طُولِ الْقَامَةِ وَالْكَرَمِ طَوِيلُ النِّجَادِ وَكَثِيرُ الرَّمَادِ ( كَفِيك رَاغِبٌ وَ ) جَازَ ( الْإِهْدَاءُ ) لِلْمُعْتَدَّةِ مِنْ وَفَاةٍ أَوْ طَلَاقِ غَيْرِهِ الْبَائِنِ لَا الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا فَيَحْرُمُ كَالْمُوَاعَدَةِ ، فَإِنْ أَهْدَى أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وتت .
وَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ غَيْرَ الْمُعْتَدَّةِ مِثْلُهَا .
وَذَكَرَ اللَّقَانِيُّ عَنْ الْبَيَانِ أَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْإِعْرَاضُ مِنْهُ ، فَإِنْ أَعْرَضَتْ عَنْهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى لِأَجْلِهِ لَمْ يَتِمَّ لَهُ ، وَفِي الْمِعْيَارِ لِلرَّجُلِ الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ بِمَا أَعْطَى فِي اخْتِلَاعِهَا مِنْ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ إذَا جَاءَ التَّعَذُّرُ وَالِامْتِنَاعُ مِنْ قِبَلِهَا لِأَنَّ الَّذِي أَعْطَى مِنْ أَجْلِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ التَّعَذُّرُ مِنْ قِبَلِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ التَّمْكِينَ كَالِاسْتِيفَاءِ ا هـ .
وَلَعَلَّ هَذَا كُلَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عُرْفٌ بِالرُّجُوعِ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ اتِّفَاقًا .

وَتَفْوِيضُ الْوَلِيِّ الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ وَذِكْرُ الْمَسَاوِي وَكُرِهَ عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا
( وَ ) نُدِبَ عَلَى ظَاهِرِ لَفْظِ الْوَاضِحَةِ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ .
( تَفْوِيضُ الْوَلِيِّ ) وَالزَّوْجِ ( الْعَقْدَ لِفَاضِلٍ ) لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ وَلِلِاقْتِدَاءِ بِالسَّلَفِ الصَّالِحِ ، وَمَفْهُومُ لِفَاضِلٍ أَنَّ تَفْوِيضَهُ لِغَيْرِهِ خِلَافُ الْأَوْلَى ( وَ ) جَازَ ( ذِكْرُ الْمَسَاوِئِ ) أَيْ الْعُيُوبِ الَّتِي لِلزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ الْمُسْتَشَارِ إذَا عَرَفَهَا غَيْرُهُ ، وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ نُصْحٌ لِلْمُسْتَشِيرِ ، وَهَذِهِ لِلْجُزُولِيِّ .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إذَا اسْتَشَارَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ ذِكْرُهَا وَلَوْ عَرَفَهَا غَيْرُهُ وَإِلَّا نُدِبَ .
وَقَالَ عج يَجُوزُ إنْ لَمْ يَسْأَلْهُ عَنْهَا وَإِلَّا وَجَبَ لِأَنَّهُ نُصْحٌ .
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( عِدَةٌ ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ وَعْدٌ بِالنِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ ( مِنْ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الرَّجُلِ وَالْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِهِ لِلْآخَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَحْصُلُ مَا وَعَدَ بِهِ ، فَيَكُونُ مِنْ خُلْفِ الْوَعْدِ أَوْ لِخَشْيَةِ عِدَةِ الْآخَرِ فَيَقَعُ الْحَرَامُ .

وَتَزَوُّجُ امْرَأَةً زَانِيَةٍ أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا وَنُدِبَ فِرَاقُهَا ، وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَزْوِيجُ ) مَرْأَةٍ ( زَانِيَةٍ ) أَيْ مُتَجَاهِرَةٍ بِالزِّنَا مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِهِ عَلَيْهَا قَالَهُ عج ، أَيْ لِأَنَّ مَنْ ثَبَتَ عَلَيْهَا تُحَدُّ فَتَطْهُرُ وَإِلَّا فَهِيَ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ ، أَوْ أَنَّهَا تَحْرُمُ حَيْثُ لَمْ تَتُبْ وَلَمْ تُحَدَّ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى الْمَعْصِيَةِ ( أَوْ ) تَزَوُّجُ امْرَأَةٍ ( مُصَرَّحٍ لَهَا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ مُثَقَّلَةً ، أَيْ بِالْخِطْبَةِ فِي عِدَّتِهَا مِنْ غَيْرِهِ فَيُكْرَهُ لِلْمُصَرِّحِ تَزَوُّجُهَا ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْعِدَّةِ فَبَعْدَ مُتَعَلِّقٌ بِتَزَوُّجِ الْمُقَدَّرِ لَا بِمُصَرِّحٍ .
( وَ ) نُدِبَ بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( فِرَاقُهَا ) أَيْ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا بِهَا فِيهَا إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا ( وَ ) نُدِبَ ( عَرْضُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ مَرْأَةٍ ( رَاكِنَةٍ ) قَبْلَ خِطْبَتِهِ ( لِ ) خَاطِبٍ ( غَيْرٍ ) أَيْ مُغَايِرٍ لِلْخَاطِبِ الثَّانِي وَهُوَ عَدْلٌ أَوْ مَسْتُورٌ مُطْلَقًا أَوْ فَاسِقٌ وَالثَّانِي مِثْلُهُ ، وَصِلَةُ عَرْضٍ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْغَيْرِ الَّذِي كَانَ رَكَنَ إلَيْهَا وَرَكَنَتْ إلَيْهِ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتِحْبَابٌ وَهُوَ الصَّوَابُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْكَافِي وَإِنْ أَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ هُنَا وَالتَّوْضِيحِ .

وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ وَبِصَدَاقٍ وَهَبْتُ وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ كَذَلِكَ تَرَدُّدٌ وَكَقَبِلْتُ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ .

( وَرُكْنُهُ ) أَيْ النِّكَاحِ عَامٌّ لِلْأَرْكَانِ الْأَرْبَعَةِ أَوْ الْخَمْسَةِ بَعْدَ الْمَحَلِّ رُكْنَيْنِ بِإِضَافَتِهِ لِلضَّمِيرِ ، أَيْ الَّتِي يَتَوَقَّفُ وُجُودُهُ عَلَيْهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً فِي مَاهِيَّتِهِ ( وَلِيٌّ ) لِلْمَرْأَةِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحٌ بِدُونِهِ ( وَصَدَاقٌ ) بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ أَيْضًا فَلَا يَنْعَقِدُ نِكَاحٌ بِإِسْقَاطِهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ لِصِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ وَالتَّحْكِيمِ ( وَمَحَلٌّ ) أَيْ زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ مَعْلُومَانِ خَالِيَانِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ ( وَصِيغَةٌ ) الْحَطّ الظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ وَالصِّيغَةَ وَالْوَلِيَّ شَرْطَانِ ، وَأَمَّا الصَّدَاقُ وَالشُّهُودُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُمَا مِنْ أَرْكَانِهِ وَلَا مِنْ شُرُوطِهِ لِصِحَّتِهِ بِدُونِهِمَا لِأَنَّ الْمُضِرَّ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ ، وَالدُّخُولُ بِلَا إشْهَادٍ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الزَّوْجَيْنِ ذَاتَانِ وَالنِّكَاحَ مَعْنًى فَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُمَا رُكْنَيْنِ لَهُ ، وَبِهَذَا اعْتَرَضَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ حَيْثُ جَعَلَا أَرْكَانَ الطَّلَاقِ الْأَهْلَ وَالْمَحَلَّ وَالْقَصْدَ ، فَقَالَ مَا نَصُّهُ وَجَعْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعَيْنِ لِلْغَزَالِيِّ الْكُلَّ أَرْكَانًا لَهُ يُرَدُّ بِأَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ حَقِيقَتِهِ وَكُلُّ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ شَيْءٍ غَيْرُ رُكْنٍ لَهُ ا هـ .
وَلَا يُجَابُ عَنْ الْحَطّ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الرُّكْنَ مَجَازًا عَلَى مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْمَاهِيَةُ لِأَنَّا نَقُولُ تَفْصِيلُهُ يَمْنَعُ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُجَابُ بِذَلِكَ عَمَّنْ لَمْ يُفَصِّلْ كَابْنِ شَاسٍ وَابْن الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ .
وَالْحَقُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّكْنِ مَا لَا تُوجَدُ الْمَاهِيَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إلَّا بِهِ ، فَتَدْخُلُ الْخَمْسَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ كُلُّهَا لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا مِنْ عَاقِدَيْنِ وَهُمَا شَرْعًا الْوَلِيُّ وَالزَّوْجُ ، وَعَلَى مَعْقُودٍ عَلَيْهِ وَهِيَ الزَّوْجَةُ

وَالصَّدَاقُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ ذِكْرُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ الْعَقْدُ إلَّا بِصِيغَةٍ وَقَدْ خَصَّهَا الشَّارِعُ بِمَا ذَكَرَهُ ، وَكَلَامُ الْحَطّ إنَّمَا يَتَنَزَّلُ عَلَى الْحَقِيقَةِ اللُّغَوِيَّةِ وَلَيْسَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا .
وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّتِهِ فَقَالَ ( بِأَنْكَحْتُ ) أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْوَلِيِّ ( وَزَوَّجْتُ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَالْوَاوُ مُشَدَّدَةٌ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ فَأَحَدُ اللَّفْظَيْنِ كَافٍ وَلَوْ بِدُونِ ذِكْرِ صَدَاقٍ ( وَبِصَدَاقٍ وَهَبْت ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مُقَدَّرٍ أَيْ ذِكْرِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ حَالٌ مِنْ وَهَبْت الْمَقْصُودُ لَفْظُهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى أَنْكَحْت ، أَيْ وَبِلَفْظِ وَهَبْت مَعَ ذِكْرِ صَدَاقٍ حَقِيقَةً بِأَنْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك بِرُبْعِ دِينَارٍ مَثَلًا ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ قَالَ وَهَبْتهَا لَك تَفْوِيضًا .
فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَهَبْت وَلَمْ يَذْكُرْ صَدَاقًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا لَمْ يَنْعَقِدْ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّرَدُّدُ الْآتِي ضَعِيفٌ كَمَا فِي الشَّامِلِ ، وَيُشْتَرَطُ اللَّفْظُ مِنْ الْقَادِرِ عَلَيْهِ وَتَقُومُ مَقَامُهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ أَوْ كِتَابَتُهُ .
( وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ ) لِمِلْكِ الزَّوْجِ عِصْمَةَ الزَّوْجَةِ ( مُدَّةَ الْحَيَاةِ ) لَهُمَا ( كَبِعْتُ ) وَتَصَدَّقْتُ وَمَنَحْتُ وَأَعْطَيْتُ وَمَلَكْتُ وَأَحْلَلْت وَأَبَحْت ، وَقُصِدَ بِهِ النِّكَاحُ مَعَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا ( كَذَلِكَ ) أَيْ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت مُطْلَقًا ، وَوَهَبْتُ مَعَ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ فِي انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِكُلٍّ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ بِهِ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الرَّاجِحُ مِنْهُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ نَقَلَ الْحَطّ عَنْ الشَّامِلِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ أَوْ لَمْ يُسَمَّى صَدَاقًا فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ اتِّفَاقًا .
ابْنُ عَرَفَةَ صِيغَتُهُ مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَفْظِ التَّزْوِيجِ أَوْ الْإِنْكَاحِ وَفِي قَصْرِهَا عَلَيْهِمَا نَقْلًا الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ

دِينَارٍ مَعَ الْمُغِيرَةِ وَمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ا هـ .
وَفِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَتْ طُرُقُ الشُّيُوخِ فِي نَقْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَا عَدَاهُمَا ، أَيْ أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ فَذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْأَشْرَافِ وَاللُّبَابِ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِهِ إلَى أَنَّهُ يَنْعَقِدُ بِكُلِّ لَفْظٍ يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ دُونَ التَّوْقِيتِ .
وَذَهَبَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْتُ وَزَوَّجْتُ إلَّا لَفْظَ الْهِبَةِ .
فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ا هـ .
فَعُلِمَ أَنَّ التَّرَدُّدَ بَيْنَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَوَهَبْت بِصَدَاقٍ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ وَلَغْوِهَا قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَابْنِ رُشْدٍ فِي جَمِيعِ مَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت وَوَهَبْت بِصَدَاقٍ .
ا هـ .
فَذَكَرَ التَّرَدُّدَ الْمَذْكُورَ فِي لَفْظِ الصَّدَقَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَطُّ بِأَنَّ الصَّدَقَةَ دَاخِلَةٌ فِي التَّرَدُّدِ ، قَالَ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّامِلِ .
( وَكَقَبِلْتُ ) مِنْ الزَّوْجِ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ مُدْخِلَةٌ لِمَا أَشْبَهَ قَبِلْتُ كَرَضِيتُ وَنَفَّذْتُ وَأَتْمَمْتُ فَلَا يُشْتَرَطُ زِيَادَةُ نِكَاحِهَا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ ( وَ ) يَنْعَقِدُ النِّكَاحُ ( بِ ) قَوْلِ الزَّوْجِ ابْتِدَاءً لِلْوَلِيِّ ( زَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ ) الْوَلِيُّ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت فَمَتَى تَلَفَّظَ الْوَلِيُّ أَوْ الزَّوْجُ بِلَفْظِ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ فَيَكْفِي أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ بِأَيِّ صِيغَةٍ ، وَمَتَى خَلَا لَفْظُهُمَا مَعًا عَنْهُمَا لَمْ يَنْعَقِدْ إلَّا لَفْظُ الْهِبَةِ مَعَ الصَّدَاقِ ، وَدَلَّ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ وَيُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَنَصُّهُ : وَالنِّكَاحُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ خِلَافًا لِأَبِي ثَوْرٍ ، وَيَلْزَمُ فِيهِ الْفَوْرُ فِي

الطَّرَفَيْنِ فَإِنْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ يَسِيرًا جَازَ ا هـ .
وَتَقَدَّمَ اغْتِفَارُهُ بِالْخِطْبَةِ وَلَا يُغْتَفَرُ التَّفْرِيقُ الْكَثِيرُ إلَّا فِي الْإِيصَاءِ بِالتَّزْوِيجِ فَيُغْتَفَرُ لِلْإِجْمَاعِ وَسَيَأْتِي قَوْلُهُ وَصَحَّ إنْ مِتُّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي إلَخْ .
وَفِي النِّهَايَةِ لِحَفِيدِ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا تَرَاخِي الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ فِي الْعَقْدِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ كَانَ يَسِيرًا ، وَمَنَعَهُ مُطْلَقًا الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَأَجَازَهُ مُطْلَقًا أَبُو حَنِيفَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأَمَدِ الطَّوِيلِ وَالْيَسِيرِ لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ا هـ وَمِثْلُهُ فِي الْمِعْيَارِ مِنْ جَوَابِ الْبَرْجِينِيِّ .
الْحَطُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَارٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي الْمِعْيَارِ أَيْضًا عَنْ الْبَاجِيَّ مَا يَقْتَضِي الِاتِّفَاقَ عَلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ مَعَ تَأَخُّرِ الْقَبُولِ عَنْ الْإِيجَابِ مِنْ الْوَلِيِّ الْمُجْبِرِ ، وَمِثْلُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ زَوَّجْت ابْنَتِي فُلَانًا إنْ رَضِيَ أَنَّ لَهُ الرِّضَا بِإِجْمَاعٍ .
ابْنِ غَازِيٍّ بَعْدَ نَقْلِهِ وَقَدْ قَبِلَ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدِ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ .
ا هـ .
وَبِهَذَا أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَالْقُورِيُّ قَائِلًا لَيْسَ عِنْدَنَا فِي الْمَسْأَلَةِ غَيْرُ هَذَا إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ مَا فِي الْقَوَانِينَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْفَوْرُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَعِلْمِ الْإِيجَابِ ، أَيْ الْعِلْمِ بِهِ فَيَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ الْجَمَاعَةُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
قُلْت الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْجَمَاعَةِ أَنَّهُ فِي الْإِيصَاءِ بِالتَّزْوِيجِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْقَوَانِينَ وَالنِّهَايَةِ لِأَنَّهُ فِي الْعَقْدِ فِي الطَّرَفَيْنِ أَيْ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالزَّوْجِ الْحَاضِرَيْنِ بِمَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَمَا أَفَادَهُ عب وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلَزِمَ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ
( وَلَزِمَ ) النِّكَاحُ بِتَمَامِ صِيغَتِهِ إنْ اسْتَمَرَّ رِضَاهُمَا بِهِ بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ) أَحَدُهُمَا بِهِ أَوْ هُمَا بِهِ بَعْدَ تَمَامِهَا بِأَنْ ذَكَرَاهَا بِقَصْدِ الْهَزْلِ أَوْ بِلَا قَصْدٍ لِأَنَّ هَزْلَ النِّكَاحِ جَدٌّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالرَّجْعَةِ فَمَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ مِنْ عَدَمِ اللُّزُومِ إذَا عُلِمَ الْهَزْلُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ ، وَاخْتُلِفَ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا مَعَ إقْرَارِهِ بِعَدَمِ قَصْدِ النِّكَاحِ حِينَ الْهَزْلِ فَقِيلَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا .
وَقِيلَ لَا يُمَكَّنُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ قَالَهُ الْحَطُّ ، وَتَمْكِينُهُ مِنْهَا مُشْكِلٌ مَعَ إقْرَارِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ يُرَادَ تَمْكِينُهُ ظَاهِرًا وَفِيهِ شَيْءٌ ا هـ .
بَلْ لَا شَيْءَ فِيهِ مَعَ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مِنْ لُزُومِهِ الْهَازِلَ كَمَنْ تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ حَلَّ الْعِصْمَةِ بِأَنْ كَانَ لَا قَصْدَ لَهُ أَوْ قَصَدَ بِهِ الْهَزْلَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَزِمَ وَلَوْ هَزَلَ وَرَدَّ بِلَوْ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْهَازِلَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ .

وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إضْرَارٍ لَا عَكْسُهُ .
( وَجَبَرَ ) الشَّخْصُ ( الْمَالِكُ ) الْمُسْلِمُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( أَمَةً وَعَبْدًا ) عَلَى النِّكَاحِ ( بِلَا إضْرَارٍ ) فَلَا يُجْبِرُهُمَا مَعَهُ كَتَزْوِيجِ رَفِيعَةٍ بِعَبْدٍ أَسْوَدَ غَيْرِ صَالِحٍ أَوْ عَبْدِهِ بِمَنْ لَا خَيْرَ فِيهَا ، أَوْ تَزْوِيجُ أَحَدِهِمَا بِذِي عَاهَةٍ كَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ ( لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا يُجْبِرُ الرَّقِيقُ مَالِكَهُ عَلَى تَزْوِيجِهِ وَلَوْ تَضَرَّرَ الرَّقِيقُ مِنْ عَدَمِ التَّزَوُّجِ ، وَلَوْ قَصَدَ الْمَالِكُ بِمَنْعِهِ مِنْهُ إضْرَارَهُ إذْ لَا حَقَّ لِلرَّقِيقِ فِي الْوَطْءِ ، نَعَمْ يُنْدَبُ لِلْمَالِكِ تَزْوِيجُهُ إلَّا أَنْ يُخْشَى الزِّنَا فَيُجْبَرُ عَلَى تَزْوِيجِهِ أَوْ بَيْعِهِ لِخَبَرِ { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُوَضِّحُ .

وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ وَلَهُ الْوِلَايَةُ وَالرَّدُّ .

( وَلَا ) يُجْبِرُ ( مَالِكُ بَعْضٍ ) وَالْبَعْضُ الْآخَرُ رِقٌّ لِآخَرَ مُبَعَّضَهُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( وَلَهُ ) أَيْ مَالِكِ الْبَعْضِ ( الْوِلَايَةُ ) عَلَى الْأَمَةِ الَّتِي بَعْضُهَا رِقٌّ لَهُ وَبَعْضُهَا الْآخَرُ حُرٌّ فَلَا تُزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِهِ ( وَ ) لَهُ ( الرَّدُّ ) لِنِكَاحِ الْعَبْدِ الْمُبَعَّضِ الَّذِي عَقَدَهُ بِلَا إذْنِهِ لِإِدْخَالِهِ عَيْبًا فِي الْبَعْضِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْهُ ، وَيَتَحَتَّمُ رَدُّهُ نِكَاحَ الْمُبَعَّضَةِ بِلَا إذْنِهِ وَلَوْ عَقَدَ لَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ الشُّرَكَاءِ فِيهَا ، نَقَلَهُ أَحْمَدُ عَنْهَا ، قَالَ وَلَمْ يَلْزَمْ مَعَ أَنَّ الْعَاقِدَ وَلِيٌّ مُسَاوٍ غَيْرُ مُجْبِرٍ لِأَنَّ الْقَائِمَ هُنَا أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ بِمِلْكِهِ بَعْضَهَا .
وَإِنْ اتَّفَقَ الشُّرَكَاءُ عَلَى تَزْوِيجِ رَقِيقِهِمْ فَلَهُمْ جَبْرُهُ عَلَيْهِ لِصَيْرُورَتِهِمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ .
عج لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّدَّ لَيْسَ قَسِيمًا لِلْوِلَايَةِ بَلْ هُوَ قِسْمٌ مِنْهَا ، وَقِسْمُهَا الْآخَرُ الْإِجَازَةُ وَلَمْ يَكْتَفِ بِهَا عَنْهُ لِأَنَّهَا لَا تَسْتَلْزِمُهُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْأَقْرَبَ غَيْرَ الْمُجْبِرِ لَا يَفْسَخُ تَزْوِيجَ الْأَبْعَدِ .
الرَّمَاصِيُّ الْحَطُّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا مَالِكُ بَعْضٍ إلَخْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَا يُجْبَرُ وَلَكِنَّهُ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ فِي الْوِلَايَةِ وَالرَّدِّ ، وَذَكَرَ تَقْرِيرَ التَّوْضِيحِ لِقَوْلِهِ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُمَا وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ مَنْ بَعْضُهَا حُرٌّ إذَا تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ لَهُ الْبَعْضُ فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ ، إذْ غَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمُشْتَرَكَةُ فِيهَا الْجَبْرُ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرَكَاءِ عَلَيْهِ ، وَالْمُعْتَقُ بَعْضُهَا لَا جَبْرَ فِيهَا أَصْلًا قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ نِصْفُهَا حُرٌّ وَنِصْفُهَا رِقٌّ فَلَا تَتَزَوَّجُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا وَلَا لِسَيِّدِهَا أَنْ يُزَوِّجَهَا إلَّا بِإِذْنِهَا ا هـ .
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ يُخَيَّرُ فِي إجَازَةِ

نِكَاحِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَرَدِّهِ لَا تَحَتُّمَ رَدِّهِ ، وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى هَذَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَحْرَى هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهَا تَحَتُّمَ الرَّدِّ إلَّا فِي الْمُشْتَرَكَةِ إنْ زَوَّجَهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ، وَقَدْ تَبِعَ " س " الْحَطُّ عَلَى مَقَالَتِهِ هَذِهِ وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهَا حَتَّى قَالَ فِي قَوْلِهِ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رَدِّ نِكَاحِ كُلِّ أُنْثَى بِشَائِبَةٍ تَزَوَّجَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهَا وَلَوْ أَجَازَهُ ، وَلَهُ الْخِيَارُ فِي الذُّكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي شَائِبَةِ التَّبْعِيضِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَائِبَةٍ وَشَائِبَةٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَهَا فِي الْمُكَاتَبَةِ وَقَالَ يُوهِمُ الصِّحَّةَ وَالْخِيَارُ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الذُّكُورِ قَالَ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ ا هـ .
وَلَمَّا لَمْ يَتَّضِحْ لَهُ شَيْءٌ أَحَالَ النَّاظِرَ عَلَى التَّأَمُّلِ وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْهُ بِمَا قُلْنَا ، وَلَوْ حَمَلَ الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ مَا احْتَاجَ لِلتَّأَمُّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ كَمَالِكِ الْجَمِيعِ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَهُ الْحَطُّ لِأَنَّ مَالِكَ الْجَمِيعِ مُجْبِرٌ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ أَمَتُهُ أَوْ زُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَبَ فَسْخُهُ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِي كَلَامِ الْمُتَيْطِيَّةِ ، وَلَا نُسَلِّمُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْأَحْرَوِيَّةِ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَةَ أَحْرَزَتْ نَفْسَهَا فَهِيَ أَقْوَى مِنْ الْمُبَعَّضَةِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَالْمُخْتَارُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ .

( وَالْمُخْتَارُ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ وَاخْتَارَ ( وَلَا ) يُجْبِرُ السَّيِّدُ ( أُنْثَى بِشَائِبَةِ ) مِنْ حُرِّيَّةٍ غَيْرِ التَّبْعِيضِ السَّابِقِ كَأُمِّ وَلَدٍ وَيَتَحَتَّمُ رَدُّ نِكَاحِهَا بِتَزْوِيجِهِ لَهَا جَبْرًا أَوْ تَزْوِيجِهَا غَيْرَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ .
وَقَوْلُهُ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ وَكُرِهَ لَهُ تَزْوِيجُهَا وَإِنْ بِرِضَاهَا وَاوُهُ لِلْحَالِ وَإِنْ مُؤَكِّدَةٌ قَالَهُ عج .
طفي هَذَا ظَاهِرُ قَوْلِهَا لِسَيِّدِهَا فَسْخُ نِكَاحِهَا إنْ تَزَوَّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، إذْ لَوْ كَانَ لَهُ جَبْرُهَا لَتَحَتَّمَ فَسْخُهُ كَنِكَاحِ الْقِنِّ ، وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَصَدَّرَ بِهِ الْمُتَيْطِيُّ وَنَصُّهُ ، وَحَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي إجْبَارِهِ أُمَّ وَلَدِهِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا وُجُوبُهُ وَنَحْوُهُ فِيهَا ، وَالْأُخْرَى نَفْيُهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْفُتْيَا أَنَّهُ إنْ وَقَعَ إنْكَاحُهُ لَهَا مِنْ غَيْرِهِ نَفَذَ وَلَا يُفْسَخُ ، وَنَحْوُهُ لِصَاحِبِ الْمُعِينِ .
وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي جَبْرِهَا رُجُوعُ مَالِكٍ إلَى سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ نَفْيُهُ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ ثُبُوتُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هُوَ ظَاهِرُهَا فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ وَقَوْلِ مُحَمَّدٍ .
ا هـ .
وَأَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِهِ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ .
وَأَكْرَهُ أَنْ يُزَوِّجَ الرَّجُلُ أُمَّ وَلَدِهِ ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا يَفْسَخُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَمْرٌ بَيِّنٌ مِنْ الضَّرَرِ فَيَفْسَخُ فَقَدْ بَانَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ جَبْرُهَا بِكَرَاهَةٍ ، وَأَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ، وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهَا فَهُوَ عَلَى ظَاهِرِهِ فَجَعْلُ الْوَاوِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ بِرِضَاهَا لِلْحَالِ غَيْرُ صَحِيحٍ .
وَنَصُّ تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ بِتَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ ، فَقِيلَ لَهُ إجْبَارُهُمْ ، وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُمْ ، وَقِيلَ يُنْظَرُ إلَى مَنْ يَنْتَزِعُ مَالَهُ فَلَهُ جَبْرُهُ وَمَا لَا فَلَا ، وَقِيلَ لَهُ إجْبَارُ

الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَالصَّوَابُ مَنْعُهُ مِنْ إجْبَارِ الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُكَاتَبِ ، بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ وَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرُبَ الْأَجَلُ ، وَيُمْنَعُ مِنْ إجْبَارِ الْإِنَاثِ كَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ ا هـ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ تَفْصِيلَهُ لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْأَقْوَالِ الَّتِي نَقَلَهَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالِاسْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَحْمَدُ الْمُخْتَارُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ وَلَا أُنْثَى بِشَائِبَةٍ ، أَيْ مَا يُذْكَرُ وَقَوْلُهُ وَلَا أُنْثَى عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ وَلَا مَالِكُ عُطِفَ عَلَى مَالِكِ الْبَعْضِ أَيْ وَلَا يُجْبِرُ مَالِكُ أُنْثَى إلَخْ .

وَمُكَاتَبٍ بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَيَقْرُبْ الْأَجَلُ
( وَ ) لَا يُجْبِرُ مَالِكُ ( مُكَاتَبٍ ) ا لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ ( بِخِلَافِ مُدَبَّرٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ فَلِمَالِكِهِ جَبْرُهُ عَلَى النِّكَاحِ ( وَمُعْتَقٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ ( لِأَجَلٍ ) فَلِمَالِكِهِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ ) مَرَضًا مَخُوفًا شَرْطٌ فِي جَبْرِ الْمُدَبَّرِ ( وَ ) إنْ لَمْ ( يَقْرُبْ الْأَجَلُ ) شَرْطٌ فِي جَبْرِ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ بِالْعُرْفِ كَشَهْرٍ قَالَهُ أَحْمَدُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَدِّهِ أَيْ قُرْبِ الْأَجَلِ بِالْأَشْهُرِ أَوْ الشَّهْرِ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ .
ا هـ .
وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ لِتَصْدِيرِهِ وَعَزْوِهِ وَالْمُخْدَمَةُ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا وَرِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ إنْ كَانَ مَرْجِعُهَا لِحُرِّيَّةٍ وَإِلَّا كَفَى رِضَا مَنْ لَهُ الْخِدْمَةُ .

ثُمَّ أَبٌ
( ثُمَّ ) يُجْبِرُ ( أَبٌ ) رَشِيدٌ وَالسَّفِيهُ إنْ كَانَ ذَا عَقْلٍ وَدِينٍ فَلَهُ جَبْرُ ابْنَتِهِ وَإِلَّا نَظَرَ وَلِيُّهُ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَتَزَوُّجِ بِنْتِهِ كَيَتِيمَةٍ ، وَهَلْ يَلِي عَقْدَهَا السَّفِيهُ أَوْ وَلِيُّهُ قَوْلَانِ ، وَإِنْ عَقَدَ قَبْلَ نَظَرِ وَلِيِّهِ نَظَرَ وَلِيُّهُ فِيهِ ، فَإِنْ حَسُنَ أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ ، وَلِلْأَبِ الرَّشِيدِ الْجَبْرُ وَلَوْ لِقَبِيحِ مَنْظَرٍ أَوْ أَعْمَى أَوْ أَقَلَّ حَالًا وَمَالًا أَوْ بِرُبْعِ دِينَارٍ وَصَدَاقُ مِثْلِهَا أَلْفُ دِينَارٍ وَلَا كَلَامَ لَهَا وَلَا لِغَيْرِهَا رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .

وَجَبَرَ الْمَجْنُونَةَ وَالْبِكْرَ وَلَوْ عَانِسًا إلَّا لِكَخَصِيٍّ عَلَى الْأَصَحِّ .
( وَجَبَرَ ) الْأَبُ الرَّشِيدُ بِنْتَهُ ( الْمَجْنُونَةَ ) الْمُطْبَقَةَ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ ، وَاَلَّتِي تُفِيقُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهَا إنْ كَانَتْ بَالِغَةً ثَيِّبًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ فَالْقَاضِي ( وَ ) جَبَرَ الْأَبُ الرَّشِيدُ بِنْتَهُ ( الْبِكْرَ ) الَّتِي لَمْ تَزُلْ بَكَارَتُهَا إنْ لَمْ تَكُنْ عَانِسًا بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَتْ ( عَانِسًا ) أَيْ مُقِيمَةً عِنْدَ أَبِيهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا مُدَّةً طَوِيلَةً عَرَفَتْ فِيهَا مَصَالِحَ نَفْسِهَا قَبْلَ خِطْبَتِهَا ، وَهَلْ سِنُّهَا ثَلَاثُونَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ ، أَوْ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ ، أَوْ أَرْبَعُونَ ، أَوْ خَمْسٌ وَأَرْبَعُونَ ، أَوْ مِنْهَا إلَى السِّتِّينَ ؟ أَقْوَالٌ .
وَيُجْبِرُهَا وَلَوْ زَادَ عَلَى سِنِّ التَّعْنِيسِ لِكُلِّ وَاحِدٍ غَيْرِ كَخَصِيٍّ وَلَوْ لَا يَلِيقُ بِهَا لِأَنَّ شَأْنَ الْأَبِ الْحَنَانُ وَالشَّفَقَةُ وَإِنْ لَمْ يُوجَدَا بِالْفِعْلِ .
( إلَّا لِكَخَصِيٍّ ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ فَقَطْ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ فَقَطْ ، حَيْثُ كَانَ لَا يُمْنِي فَلَا يُجْبِرُهَا لَهُ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ الْبَاجِيَّ قَالَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ عِنْدِي لِتَحَقُّقِ ضَرَرِهَا بِهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَى النَّظَرِ عَلِمَتْ بِهِ أَمْ لَا ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَجْنُونٌ يَخَافُ عَلَيْهَا مِنْهُ ، وَأَبْرَصُ مُتَسَلِّخٌ ، وَأَجْذَمُ مُتَقَطِّعٌ مُنِعَ الْكَلَامَ وَتَغَيَّرَ رِيحُهُ ، وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَبْرَأُ قَبْلَهُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْعِنِّينُ وَسَائِرُ الْمَعِيبِينَ بِعَيْبٍ يُرَدُّ بِهِ الزَّوْجُ أَفَادَهُ تت .
وَقَوْلُهُ مُتَسَلِّخٌ وَمُتَقَطِّعٌ مُنِعَ الْكَلَامَ إلَخْ ، لَيْسَ بِقَيْدٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَرَصَ الْمُحَقَّقَ وَالْجُذَامَ الْبَيِّنَ مُسْقِطَانِ جَبْرَهُ مُطْلَقًا وَالْفَاسِقُ الشِّرِّيبُ إنْ كَرِهَتْهُ .

وَالثَّيِّبَ إنْ صَغُرَتْ أَوْ بِعَارِضٍ أَوْ بِحَرَامٍ وَهَلْ إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا تَأْوِيلَانِ لَا بِفَاسِدٍ وَإِنْ سَفِيهَةً
( وَ ) جَبَرَ أَبِ ( الثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ ) عَنْ الْبُلُوغِ وَلَوْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ ، فَإِنْ بَلَغَتْ بَعْدَ تَأَيُّمِهَا صَغِيرَةً فَلَا يُجْبِرُهَا هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُجْبِرُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا ( أَوْ ) بَلَغَتْ وَثُيِّبَتْ ( بِعَارِضٍ ) كَوَثْبَةٍ أَوْ عُودٍ ( أَوْ بِحَرَامٍ ) مِنْ زِنًا أَوْ غَصْبٍ وَلَوْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَيُقَدَّمُ أَبُوهَا عَلَى ابْنِهَا مِنْهُ .
( وَهَلْ ) يُجْبِرْهَا ( إنْ لَمْ تُكَرِّرْ الزِّنَا ) فَإِنْ كَرَّرَتْهُ حَتَّى اشْتَهَرَتْ بِهِ وَحُدَّتْ فِيهِ فَلَا يُجْبِرُهَا أَوْ يُجْبِرُهَا مُطْلَقًا ( تَأْوِيلَانِ ) وَظَاهِرُهَا جَبْرُهَا مُطْلَقًا .
وَصَرَّحَ الْقُشْتَالِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ ، وَالتَّقْيِيدُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ ، وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ مَنْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ وَتَأَيَّمَتْ بَالِغَةً وَظَهَرَ فَسَادُهَا وَعَجَزَ وَلِيُّهَا عَنْ صَوْنِهَا فَيُجْبِرُهَا أَبُوهَا عَلَى النِّكَاحِ ، وَكَذَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ ، لَكِنَّ الْأَحْسَنَ رَفْعُ غَيْرِ الْأَبِ لِلْحَاكِمِ ، فَإِنْ زَوَّجَهَا بِلَا رَفْعٍ مَضَى اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا ابْنُ عَرَفَةَ ( لَا ) إنْ ثُيِّبَتْ بَالِغَةٌ ( بِ ) نِكَاحٍ ( فَاسِدٍ ) مُخْتَلَفٍ فِيهِ أَوْ مُجْمَعٍ عَلَى فَسَادِهِ دَرَأَ الْحَدَّ دَخَلَ فِيهِ الزَّوْجُ وَأَزَالَ بَكَارَتَهَا ثُمَّ زَالَتْ عِصْمَتُهُ بِفَسْخٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ فَلَا يُجْبِرُهَا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِيهِ وَدَرْئِهِ الْحَدَّ وَعِدَّتُهَا بِبَيْتِهِ الَّذِي كَانَتْ تَسْكُنُهُ إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ ( سَفِيهَةً ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ وِلَايَةِ الْمَالِ وِلَايَةُ الْبُضْعِ ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْرَأُ الْحَدَّ فَكَالْحَرَامِ فَلَهُ جَبْرُهَا فِيهِ قَالَهُ تت .

وَبِكْرًا رُشِّدَتْ أَوْ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا سَنَةً وَأَنْكَرَتْ
( وَ ) يُجْبِرُ ( بِكْرًا رُشِّدَتْ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الشِّينِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا بِقَوْلِهِ لَهَا بِحَضْرَةِ عَدْلَيْنِ رَشَّدْتُك وَرَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك ، أَوْ أَنْتِ مُرَشَّدَةٌ أَوْ أَطْلَقْت يَدَك فِي التَّصَرُّفِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ بَعْدَ ثُبُوتِ رُشْدِهَا عِنْدَهُ بِالتَّجْرِبَةِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَهِيَ بَالِغَةٌ ، فَتَصَرُّفُهَا فِي الْمَالِ مَاضٍ ، وَلَا تُزَوَّجُ إلَّا إذَا رَضِيَتْ بِالْقَوْلِ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يُجْبِرُ بِكْرًا ( أَقَامَتْ ) مَعَ زَوْجِهَا ( بِبَيْتِهَا ) السَّاكِنَةِ مَعَهُ فِيهِ ( سَنَةً ) مِنْ حِينِ دُخُولِهَا ثُمَّ تَأَيَّمَتْ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ ( وَأَنْكَرَتْ ) مَسَّ زَوْجِهَا لَهَا وَلَوْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ ، وَمَفْهُومُ أَقَامَتْ بِبَيْتِهَا أَنَّهُ إنْ عَلِمَ عَدَمَ خَلَوْتِهِ بِهَا وَعَدَمَ وُصُولِهِ إلَيْهَا فَلَا يَرْتَفِعُ إجْبَارُهُ عَنْهَا وَلَوْ أَقَامَتْ مَعْقُودًا عَلَيْهَا سِنِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَجَبَرَ وَصِيٌّ أَمَرَهُ أَبٌ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهُ الزَّوْجَ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَهُوَ فِي الثَّيِّبِ وَلِيٌّ

( وَجَبَرَ وَصِيٌّ ) وَلَوْ بَعُدَ كَوَصِيِّ وَصِيِّ مَنْ يُجْبِرُهَا الْأَبُ ( أَمَرَهُ ) أَيْ الْوَصِيَّ ( أَبٌ ) مُجْبِرٌ ( بِهِ ) أَيْ الْجَبْرِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِجَبَرَ صَرِيحًا كَأَجْبِرْهَا أَوْ ضِمْنًا كَزَوِّجْهَا صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً ( أَوْ عَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْأَبُ لِلْوَصِيِّ ( الزَّوْجَ ) وَلَوْ ذَا زَوْجَاتٍ أَوْ سَرَارٍ ، وَلَوْ طَرَأَ لَهُ هَذَا وَكَانَ حِينَ الْإِيصَاءِ أَعْزَبَ ، قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَيَلْزَمُ الْوَلِيَّ إنْ فَرَضَ مَهْرَ مِثْلِهَا وَكَانَ غَيْرَ فَاسِقٍ قَالَهُ أَصْبَغُ فَلَيْسَ الْوَصِيُّ كَالْأَبِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ ، فَإِنْ عَيَّنَ فَاسِقًا شِرِّيبًا فَلَا عِبْرَةَ بِهِ إذْ لَيْسَ لِلْأَبِ جَبْرُهَا عَلَيْهِ ، وَكَذَا مَنْ طَرَأَ فِسْقُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِجَبْرِهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ الزَّوْجَ بِأَنْ قَالَ لَهُ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْت ( فَ ) فِي جَبْرِهِ وَعَدَمِهِ ( خِلَافٌ ) نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَالْوَاضِحَةِ أَنَّ لَهُ جَبْرَهَا بِخِلَافِ وَصِيٍّ فَقَطْ أَوْ وَصِيٍّ عَلَى بُضْعِ بَنَاتِي أَوْ عَلَى تَزْوِيجِهِنَّ فَلَا يُجْبِرُ ، ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُزَوِّجَ إلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي سَائِرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ .
ا هـ .
فَقَدْ رَجَّحَ عَدَمَ الْجَبْرِ .
وَفِي الْقَلْشَانِيِّ تَرْجِيحُ الْجَبْرِ ، وَنَصُّهُ وَإِنْ قَالَ الْأَبُ لِلْوَصِيِّ زَوِّجْهَا مِمَّنْ أَحْبَبْتَ فَ الْمَشْهُورُ لَهُ الْجَبْرُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ وَالْقَاضِي وَابْنُ الْقَصَّارِ لَا يُجْبِرُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ فَيَجِبُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ هُنَا فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْجِيحَ يَكُونُ بِهِ التَّشْهِيرُ ذَكَرَهُ الْحَطُّ فِي الْخِطْبَةِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي قَوْلِهِ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي وَنَصُّهُ ابْنُ بَشِيرٍ فَلَوْ قَالَ أَنْتَ وَصِيٌّ عَلَى إنْكَاحِ بَنَاتِي فَفِي جَبْرِهِنَّ قَوْلَانِ لِمُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ .
ا هـ .
لَكِنْ لِعَدَمِ التَّشْهِيرِ لَا يَصِحُّ إدْخَالُهَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ، وَبِمَا ذُكِرَ تَعْلَمُ

مَا فِي قَوْلِ الرَّمَاصِيِّ الصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ أَوْ إبْدَالُهُ بِإِلَّا فَقَوْلَانِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْوَصِيُّ ( فِي الثَّيِّبِ ) بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ أَوْ دَارِئٍ الْحَدَّ الْبَالِغَةِ مِنْ الْعَاقِلَةِ الْمُوصَى عَلَى تَزْوِيجِهَا ( وَلِيٌّ ) مِنْ أَوْلِيَائِهَا يُزَوِّجُهَا بِرِضَاهَا فِي مَرْتَبَةِ أَبِيهَا فِيهَا ، وَإِنْ زَوَّجَ وَلِيُّ الثَّيِّبِ جَازَ عَلَى الْوَصِيِّ كَجَوَازِهِ لِلْأَخِ عَلَى الْأَبِ .
وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَصِيُّ جَازَ عَلَى الْوَلِيِّ .

وَصَحَّ إنْ مِتُّ فَقَدْ زَوَّجْت ابْنَتِي : بِمَرَضٍ وَهَلْ إنْ قَبِلَ بِقُرْبِ مَوْتِهِ ؟ تَأْوِيلَانِ .
ثُمَّ لَا جَبْرَ فَالْبَالِغُ

( وَصَحَّ ) النِّكَاحُ فِي قَوْلِ الْأَبِ ( إنْ مِتُّ ) بِضَمِّ التَّاءِ ( فَقَدْ زَوَّجْتُ ابْنَتِي ) لِفُلَانٍ ، وَكَانَ قَوْلُهُ ( بِمَرَضٍ ) مَخُوفٍ أَمْ لَا طَالَ أَمْ لَا إذَا مَاتَ بِهِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ مِنْ وَصَايَا الْمُسْلِمِينَ .
الْمُصَنِّفُ لَوْلَا الْإِجْمَاعُ لَكَانَ الْقِيَاسُ بُطْلَانَهُ لِأَنَّ الْمَرَضَ قَدْ يَطُولُ فَيَتَأَخَّرُ الْقَبُولُ عَنْ الْإِيجَابِ سَنَةً وَنَحْوَهَا .
وَمَفْهُومُ بِمَرَضٍ أَنَّهُ لَوْ قَالَهُ بِصِحَّةٍ لَمْ يَصِحَّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَرِيضِ خَرَجَتْ عَنْ الْأَصْلِ لِلْإِجْمَاعِ وَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى الْأَصْلِ ، فَإِنْ صَحَّ مِنْ مَرَضِهِ بَطَلَتْ وَصِيَّتُهُ وَلَا يُقَاسُ السَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ عَلَى الْأَبِ فِي بِنْتِهِ لِذَلِكَ وَلِانْتِقَالِ الْمِلْكِ لِلْوَارِثِ .
( وَهَلْ ) صِحَّتُهُ ( إنْ قَبِلَ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الزَّوْجُ النِّكَاحَ ( بِقُرْبِ مَوْتِهِ ) أَيْ عَقِبَ مَوْتِ الْأَبِ وَلَا يَشْمَلُ قَبُولَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقُرْبٍ لِدَفْعِهِ بِقَوْلِهِ إنْ مِتُّ أَوْ يَصِحُّ ، وَإِنْ قَبْلُ مَعَ بُعْدٍ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَالْقُرْبُ بِالْعُرْفِ ، وَقِيلَ سَنَةً .
الْبَرْمُونِيُّ لَعَلَّ الْقَوْلَ الثَّانِيَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ عِلْمِ الزَّوْجِ بِذَلِكَ حَتَّى طَالَ وَقَبِلَ حِينَ عِلْمِهِ بِهِ ، فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَيَنْبَغِي الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ صِحَّتِهِ .
( ثُمَّ ) بَعْدَ السَّيِّدِ وَالْأَبِ وَوَصِيِّهِ ( لَا جَبْرَ ) لِأَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ لِيَتِيمَةٍ لَا وَصِيَّ لَهَا ( فَالْبَالِغُ ) تُزَوَّجُ بِإِذْنِهَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فِي بُلُوغِهَا قَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ فِيمَنْ غَابَ أَبُوهَا غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَلَا يُرْجَى قُدُومُهُ أَوْ عَلَى كَشَهْرَيْنِ وَيُزَوِّجُهَا الْقَاضِي وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ ، وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ وَيَأْتِي لَهُ أَيْضًا فِي بَابِ الْحَجْرِ ، وَصُدِّقَ أَيْ الشَّخْصُ فِي دَعْوَى الْبُلُوغِ إنْ لَمْ يَرِبْ أَيْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ ، فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ فَلَا يُصَدَّقُ ، وَبِهَذَا يُقَيَّدُ

كَلَامُ الْبُرْزُلِيُّ .

إلَّا يَتِيمَةً خِيفَ فَسَادُهَا وَبَلَغَتْ عَشْرًا ، وَشُووِرَ الْقَاضِي وَإِلَّا صَحَّ ، إنْ دَخَلَ وَطَالَ

وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الْبَالِغِ فَقَالَ ( إلَّا يَتِيمَةً ) أَيْ صَغِيرَةً مَاتَ أَبُوهَا وَلَا وَصِيَّ لَهَا فَتُزَوَّجُ إذَا ( خِيفَ فَسَادُهَا ) بِفَقْرٍ أَوْ زِنًا أَوْ نَحْوِهِ ، وَذَكَرُوا الشُّرُوطَ مَيْلُهَا لِلرِّجَالِ وَاحْتِيَاجُهَا .
وَمُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغَةِ وَلَيْسَتْ يَتِيمَةً لَا تُزَوَّجُ مُطْلَقًا .
وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ لَا خِلَافَ أَنَّ غَيْرَ الْبَالِغِ إذَا قَطَعَ أَبُوهَا النَّفَقَةَ عَنْهَا وَخُشِيَ ضَيْعَتُهَا أَنَّهَا تُزَوَّجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ أَيْ إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعِيدَةً .
وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ عَشْرًا وَلَمْ تَأْذَنْ بِالْقَوْلِ قَالَهُ عج ، وَجَوَابُهُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ " يَتِيمَةً " .
( وَبَلَغَتْ ) الْيَتِيمَةُ ( عَشْرًا ) مِنْ السِّنِينَ تَامَّةً ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهَا لَا تُزَوَّجُ حَتَّى تَبْلُغَ لَكِنَّ الْعَمَلَ بِمَا فِي الْمَتْنِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا حَكَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا بِشَرْطِ بُلُوغِهَا عَشْرَ سِنِينَ وَمُشَاوِرَةِ الْقَاضِي ، وَزَادَ غَيْرُهُ : وَإِذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَمَيْلِهَا إلَى الرِّجَالِ .
الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ .
ا هـ .
لَكِنْ قَوْلُهُ الْمُتَيْطِيُّ إلَخْ يُوهِمُ أَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ خَوْفِ الْفَسَادِ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ بَشِيرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ فِيمَنْ كَانَتْ مُحْتَاجَةً وَبَلَغَتْ عَشْرًا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا الْفَسَادُ .
وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَحْتَ حَاجَةٍ مُلِحَّةٍ وَهِيَ فِي سِنِّ مَنْ تُوطَأُ فَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ جَوَازُ نِكَاحِهَا بِإِذْنِهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ فِي بِنْتِ عَشْرِ سِنِينَ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْفُتْيَا ا هـ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ فَاَلَّتِي خِيفَ فَسَادُهَا مَسْأَلَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَنَصَّ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا ابْنُ

عَبْدِ السَّلَامِ ، وَالْمُحْتَاجَةُ هِيَ الَّتِي نَصَّ عَلَى الْعَمَلِ فِيهَا .
الْمُتَيْطِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمُصَنِّفُ ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ يُؤْخَذُ الْعَمَلُ بِذَلِكَ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ بِالْأَحْرَى أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحِينَ أَدْرَجُوا الْحَاجَةَ فِي خَوْفِ الْفَسَادِ .
( وَشُووِرَ ) بِتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَضَمِّ الشِّينِ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ أَيْ اسْتَأْذَنَ ( الْقَاضِي ) فِي تَزْوِيجِهَا لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ يُتْمُهَا وَفَقْرُهَا ، وَخُلُوُّهَا مِنْ وَصِيٍّ وَزَوْجٍ وَعِدَّةٍ ، وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ ، وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا فِي الدِّينِ وَالْحَالِ ، وَأَنَّ الصَّدَاقَ مَهْرُ مِثْلِهِ ، وَأَنَّ الْجَهَازَ الَّذِي جُهِّزَتْ بِهِ مُنَاسِبٌ لَهَا فَيَأْذَنُ لِوَلِيٍّ فِي تَزْوِيجِهَا ، وَبَقِيَ شَرْطُ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَيَأْتِي فِي الْأَبْكَارِ الَّتِي تَأْذَنُ بِالْقَوْلِ أَوْ يَتِيمَةٍ .
وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّهَا لَا تُجْبَرُ وَظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ جَبْرُهَا وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ اشْتِرَاطِ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ .
وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّهَا تُزَوَّجُ بِعَشْرَةِ شُرُوطٍ خَشْيَةِ فَسَادِهَا ، وَفَقْرِهَا ، وَبُلُوغِهَا عَشْرًا ، وَمَيْلِهَا لِلرِّجَالِ ، وَمُكَافَئَةِ الزَّوْجِ ، وَصَدَاقِ مِثْلِهَا ، وَجِهَازِ مِثْلِهَا ، وَثُبُوتِهَا عِنْدَ الْقَاضِي ، وَرِضَاهَا بِهِ ، وَإِذْنِهَا بِالْقَوْلِ فِي الْعَقْدِ لِمَنْ يَتَوَلَّاهُ .
الْبُنَانِيُّ لَمْ يَذْكُرْ مُشَاوَرَةَ الْقَاضِي .
ابْنُ رُشْدٍ وَلَا الْمُتَيْطِيُّ وَلَا ابْنُ شَاسٍ وَلَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا أَبُو الْحَسَنِ وَلَا غَيْرُهُمْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ ، وَإِنَّمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا الْعَمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا ، فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الرَّفْعَ لَهُ لِيَثْبُتَ عِنْدَهُ الْمُوجِبَاتُ كَمَا قَالَ عج وَتَلَامِذَتُهُ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَغَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكْمُلْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ وَزُوِّجَتْ مَعَ فَقْدِهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا ( صَحَّ ) تَزْوِيجُهَا ( إنْ ) كَانَ ( دَخَلَ ) الزَّوْجُ

بِهَا ( وَطَالَ ) الزَّمَانُ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ تَلِدُ فِيهَا وَلَدَيْنِ غَيْرَهُ تَوْأَمَيْنِ وَلَدَتْهُمَا بِالْفِعْلِ أَوْ لَا ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ الزَّوْجُ بِهَا أَوْ لَمْ يَطُلْ فُسِخَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
الْبُنَانِيُّ عُمْدَةُ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا تَشْهِيرُ الْمُتَيْطِيِّ لَهُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُشْهِرْهُ إلَّا فِي الْغُنْيَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأَى غَيْرَهَا أَحْرَى بِذَلِكَ .
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَشْهُورُ هُوَ الْفَسْخُ ، أَبَدًا مَهْمَا اخْتَلَّ وَاحِدٌ مِنْ الشُّرُوطِ اُنْظُرْ الْحَطُّ .

وَقُدِّمَ ابْنٌ ، فَابْنُهُ ، فَأَبٌ ، فَابْنُهُ ، فَجَدٌّ ، فَعَمٌّ فَابْنُهُ .
وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْمُخْتَارِ فَمَوْلًى ثُمَّ هَلْ الْأَسْفَلُ وَبِهِ فُسِّرَتْ ؟ أَوْ لَا وَصُحِّحَ فَكَافِلٌ ، وَهَلْ إنْ كَفَلَ عَشْرًا أَوْ أَرْبَعًا أَوْ مَا يُشْفِقُ ؟ تَرَدُّدٌ وَظَاهِرُهَا شَرْطُ الدَّنَاءَةِ ، فَحَاكِمٌ ، فَوِلَايَةُ عَامَّةِ مُسْلِمٍ

( وَقُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا فِي تَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِ غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ ( ابْنٌ ) لِلْمَخْطُوبَةِ وَلَوْ مِنْ زِنًا إنْ ثُيِّبَتْ بِنِكَاحٍ صَحِيحٍ ، أَوْ دَارِءٍ الْحَدَّ ثُمَّ زَنَتْ فَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ ، فَإِنْ ثُيِّبَتْ بِزِنًا وَأَتَتْ بِهِ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً قُدِّمَ أَبُوهَا وَوَصِيُّهَا عَلَى ابْنِهَا ( فَابْنُهُ ) أَيْ الِابْنِ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى النَّمَطِ الْمُتَقَدِّمِ لِأَنَّهُ عُصُوبَةٌ فِي الْمِيرَاثِ وَغَيْرِهِ دُونَ الْأَبِ ( فَأَبٌ ) شَرْعِيٌّ لَا مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَاءِ زِنَاهُ لِأَنَّ الزَّانِيَ لَا وَلَدَ لَهُ ( فَأَخٌ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( فَابْنُهُ ) أَيْ الْأَخِ وَإِنْ سَفَلَ ( فَجَدٌّ ) عَلَى الْمَشْهُورِ دَنِيَّةٌ ( فَعَمٌّ ) لِغَيْرِ أُمٍّ ( فَابْنُهُ ) أَيْ الْعَمِّ وَإِنْ سَفَلَ .
( وَقُدِّمَ الشَّقِيقُ ) عَلَى الَّذِي لِأَبٍ فِي الْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ ( وَالْمُخْتَارِ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْأَخَ الشَّقِيقَ وَالْأَخَ لِأَبٍ فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ فَيُزَوِّجَانِ مَعًا أَوْ يَقْتَرِعَانِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا ، فَالْخِلَافُ مَنْصُوصٌ فِي الْأَخَوَيْنِ فَقَطْ .
قَالَ وَتَقْدِيمُ الشَّقِيقِ أَحْسَنُ ، وَشَهَرَهُ فِي الْمُعْتَمَدِ ، وَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ ، وَالْأَخُ لِلْأُمِّ لَيْسَ وَلِيًّا كَالْجَدِّ لَهَا ( فَمَوْلًى ) لَهَا أَعْلَى بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِهِ ثُمَّ عَصَبَتُهُ عَلَى مَا مَرَّ ، أَيْ فِي تَرْتِيبِ الْعَصَبَةِ .
أَحْمَدُ اسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا كُلِّهِ بِقَوْلِهِ فَمَوْلًى لِشُمُولِهِ مَنْ ذُكِرَ بِالْجَرِّ ، فَإِنْ قُلْت فَاتَهُ التَّرْتِيبُ قُلْت لَا يَتَّصِفُونَ بِكَوْنِهِمْ مَوَالِيَ حَقِيقَةً إلَّا بِهَذَا التَّرْتِيبِ ، فَمُعْتِقُ الْمُعْتِقِ مَثَلًا لَيْسَ مَوْلًى مَعَ وُجُودِ

عَصَبَةِ الْمُعْتِقِ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ مَوْلًى أَعْلَى ( هَلْ ) تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ لِلْعَتِيقِ وَهُوَ الْمَوْلَى ( الْأَسْفَلُ ) الذَّكَرُ فَقَطْ أَيْ تَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْعَقْدِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَتْهُ ( وَبِهِ ) أَيْ كَوْنُ الْأَسْفَلِ وَلِيًّا ( فُسِّرَتْ ) الْمُدَوَّنَةُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ مُشَدَّدَةً .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِهِ فَسَّرَ جَمِيعُ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا وَقَعَ لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي نِكَاحِهَا الْأَوَّلِ وَالصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ حَقًّا فِي الْوِلَايَةِ ( أَوْ لَا ) وِلَايَةَ لَهُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَتْهُ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَالْكَافِي ( وَصُحِّحَ ) أَيْ صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ .
الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَثْبُتُ بِالتَّعْصِيبِ ( فَكَافِلٌ ) ذَكَرٌ أَيْ مَنْ قَامَ بِأُمُورِهَا حَتَّى بَلَغَتْ عِنْدَهُ وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ مِنْهَا فَيُزَوِّجُهَا بِإِذْنِهَا كَمَا هُوَ سِيَاقُ الْمُصَنِّفِ .
( وَهَلْ إنْ كَفَلَ ) هَا ( عَشْرًا ) مِنْ السِّنِينَ ( أَوْ أَرْبَعًا أَوْ ) لَا حَدَّ بِأَعْوَامٍ بَلْ كَفَلَهَا ( مَا ) أَيْ زَمَنًا ( يُشْفِقُ ) فِيهِ عَلَيْهَا بِالْفِعْلِ فِي الْجَوَابِ ( تَرَدُّدٌ ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَقَلُّ ذَلِكَ أَرْبَعُ سِنِينَ ، وَقِيلَ عَشْرُ سِنِينَ وَالْأَوْلَى أَنْ لَا حَدَّ إلَّا مَا يُوجِبُ الْحَنَانَةَ وَالشَّفَقَةَ .
( وَظَاهِرُهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( شَرْطُ الدَّنَاءَةِ ) لِلْمَكْفُولَةِ فِي وِلَايَةِ كَافِلِهَا ، فَإِنْ كَانَ لَهَا قَدْرٌ فَقَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا وَلِيُّهَا أَوْ السُّلْطَانُ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُهَا إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ كَالنَّصِّ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَيْضًا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ .
وَقَالَ اللَّقَانِيُّ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ ( فَحَاكِمٌ ) يُقِيمُ السُّنَّةَ وَيَعْتَنِي بِمَا يَجُوزُ بِهِ الْعَقْدُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ ابْنُ لُبَابَةَ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ فَظَاهِرُهُ اعْتِمَادُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْإِطْلَاقُ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ

صِحَّتُهَا وَإِهْمَالُهَا وَخُلُوُّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ وَرِضَاهَا بِالزَّوْجِ ، وَأَنَّهُ كُفْؤُهَا دِينًا وَحُرِّيَّةً وَنَسَبًا وَحَالًا وَمَالًا ، وَمَهْرُ مِثْلِهَا إنْ لَمْ تَكُنْ رَشِيدَةً وَبَكَارَتُهَا أَوْ ثُيُوبَتُهَا ( فَوِلَايَةٌ عَامَّةٌ ) أَيْ كُلُّ رَجُلٍ ( مُسْلِمٍ ) وَيَدْخُلُ فِيهَا الزَّوْجُ فَيَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ كَابْنِ عَمِّهَا وَنَحْوِهِ ، وَوَجْهُ عُمُومِهَا أَنَّهَا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَإِنْ قَامَ بِهَا وَاحِدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي عَلَى حَدِّ فَرْضِ الْكِفَايَةِ .

وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيئَةٍ مَعَ خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ
( وَصَحَّ ) النِّكَاحُ ( بِهَا ) أَوْ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ ( فِي ) مَرْأَةٍ ( دَنِيئَةٍ ) كَمَسْلَمَانِيَّةٍ وَعَتِيقَةٍ وَسَوْدَاءَ مِنْ قِبْطِ مِصْرَ الْقَادِمِينَ إلَى الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ لَيْسَ لَهَا مَالٌ وَلَا جَمَالٌ ( مَعَ ) وَلَيْسَ ( خَاصٍّ لَمْ يُجْبِرْ ) ذِي نَسَبٍ أَوْ وَلَاءٍ دَخَلَ الزَّوْجُ بِهَا أَمْ لَا ، وَتَعْبِيرُهُ بِصَحَّ يُفِيدُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ ابْتِدَاءً وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ الْآتِي وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ وَلَمْ يَجُزْ بِالْأَحْرَى إذْ مَا هُنَا أَشَدُّ مِمَّا يَأْتِي .
وَفِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَشْهُورُ جَوَازُهُ ابْتِدَاءً .
وَفِي الْحَطُّ يُكْرَهُ ابْتِدَاءً .
الْبُنَانِيُّ الْجَوَازُ هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ رِوَايَةُ عَلِيٍّ مَعَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ إنْكَاحٌ بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ سُلْطَانٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ عَبَّرَ بِالصِّحَّةِ لِلتَّشْبِيهِ ، وَلَوْ مَشَى عَلَى الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكَانَ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

كَشَرِيفَةٍ وَدَخَلَ وَطَالَ ، وَإِنْ قَرُبَ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إنْ غَابَ الرَّدُّ ، وَفِي تَحَتُّمِهِ إنْ طَالَ قَبْلَهُ : تَأْوِيلَانِ

وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ ( كَ ) تَزْوِيجِ مَرْأَةٍ ( شَرِيفَةٍ ) بِوِلَايَةِ الْإِسْلَامِ الْعَامَّةِ أَوْ بِعَاصِبٍ أَبْعَدَ مَعَ خَاصٍّ أَقْرَبَ غَيْرِ مُجْبِرٍ أَيْ ذَاتِ قَدْرٍ ( دَخَلَ ) الزَّوْجُ بِهَا ( وَطَالَ ) الزَّمَنُ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ مَضَى مَا تَلِدُ فِيهِ وَلَدَيْنِ غَيْرَ تَوْأَمَيْنِ كَثَلَاثِ سِنِينَ ( وَإِنْ قَرُبَ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الزَّمَنُ فِي الشَّرِيفَةِ بَعْدِ الدُّخُول ( فَ ) لِلْوَلِيِّ ( الْأَقْرَبِ ) مِنْ الَّذِي تَوَلَّى الْعَقْدَ بِعُصُوبَةٍ أَوْ وِلَايَةِ إسْلَامٍ ( أَوْ الْحَاكِمِ إنْ ) عُدِمَ الْأَقْرَبُ أَوْ ( غَابَ ) عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ ( الرَّدُّ ) أَيْ فَسْخُ النِّكَاحِ ، فَإِنْ غَابَ غَيْبَةً قَرِيبَةً وُقِفَ الزَّوْجُ عَنْهَا وَكَتَبَ لِلْغَائِبِ .
وَمَفْهُومُ إنْ غَابَ أَنَّهُ إنْ حَضَرَ وَلَمْ يُدْخِلْ نَفْسَهُ فِيهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَتَكَلَّمُ فِيهِ بِرَدٍّ وَلَا إمْضَاءٍ فَالْخِيَارُ لِلْحَاكِمِ .
وَكَذَا إنْ سَكَتَ فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ لُبٍّ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِرِضَا الْأَقْرَبِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَا قَدَّمَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ ، ذَكَرَهُ فِي نَوَازِلِهِ فِي نِكَاحِ عَقْدٍ خَالٍ مَعَ حُضُورِ أَخٍ شَقِيقٍ وَرِضَاهُ دُونَ تَقْدِيمٍ مِنْهُ فَلَيْسَ حُضُورُ الْأَخِ عَقْدَ النِّكَاحِ وَرِضَاهُ بِعَقْدِ الْخَالِ بِشَيْءٍ ، فَحُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مَنْ يَتَوَلَّاهُ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ .
ا هـ .
بُنَانِيٌّ .
( وَفِي تَحَتُّمِهِ ) أَيْ الرَّدِّ ( إنْ طَالَ ) الزَّمَنُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الدُّخُولِ سَوَاءٌ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَهُ ، وَعَدَمِ تَحَتُّمِهِ فَلِلْأَقْرَبِ أَوْ الْحَاكِمِ إجَازَتُهُ ( تَأْوِيلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ التَّبَّانِ ، وَالثَّانِي لِابْنِ سَعْدُونٍ ، يُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا مَا لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَهَذَا مُقْتَضَى تَعْلِيلِ أَحْمَدَ تَحَتُّمَ الْفَسْخِ بِشُبْهَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَفْسَخُ وَقْتَ اطِّلَاعِنَا عَلَيْهِ أَشْبَهَ مَا دَخَلَا عَلَى تَقْيِيدِهِ

بِمُدَّةٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمَا وَلَوْ حَصَلَ طُولٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، فَيُقَيَّدُ قَوْلُهُ كَشَرِيفَةٍ دَخَلَ وَطَالَ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ طُولٌ قَبْلَهُ قَالَهُ عب .

وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ إنْ لَمْ يُجْبِرْ ، وَلَمْ يَجُزْ كَأَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ .
( وَ ) صَحَّ النِّكَاحُ ( بِ ) تَوَلِّي وَلِيٍّ ( أَبْعَدَ مَعَ ) وُجُودِ وَلِيٍّ ( أَقْرَبَ ) كَعَقْدِ عَمٍّ مَعَ وُجُودِ أَخٍ أَوْ أَبٍ مَعَ ابْنٍ أَوْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ أَخٍ شَقِيقٍ ( إنْ لَمْ يُجْبِرْ ) الْأَقْرَبُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ، فَإِنْ كَانَ الْأَقْرَبُ مُجْبِرًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ إلَخْ ( وَلَمْ يَجُزْ ) الْقُدُومُ عَلَى الْعَقْدِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ بِهَا فِي دَنِيَّةٍ وَمَا بَعْدَهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ .
وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَطْ فَقَالَ ( كَ ) عَقْدِ ( أَحَدِ الْمُعْتِقَيْنِ ) لِأَمَةٍ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْآخَرِ فَيَصِحُّ دُونَ عَدَمِ الْجَوَازِ إذْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً .
وَمِثْلُ الْمُعْتِقَيْنِ كُلُّ وَلِيَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ كَوَصِيَّيْنِ وَأَبَوَيْنِ غَيْرِ مُجْبِرَيْنِ أَلْحَقَتْهَا الْقَافَةُ بِهِمَا ، وَأَخَوَيْنِ شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَعَمَّيْنِ كَذَلِكَ .
وَأَمَّا عَقْدُ أَحَدِ الْمُجْبِرَيْنِ كَشَرِيكَيْنِ فِي أَمَةٍ أَوْ وَصِيَّيْنِ عَلَى يَتِيمَةٍ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُهُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْآخَرُ .

وَرِضَاءُ الْبِكْرِ صَمْتٌ : كَتَفْوِيضِهَا .
وَنُدِبَ إعْلَامُهَا بِهِ ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا دَعْوَى جَهْلِهِ فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ ، وَإِنْ مَنَعَتْ أَوْ نَفَرَتْ لَمْ تُزَوَّجْ ، لَا إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ : كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ ، أَوْ عُضِلَتْ ، أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ

( وَرِضَاءُ الْبِكْرِ ) غَيْرِ الْمُجْبَرَةِ بِالزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ ( صَمْتٌ ) لِامْتِنَاعِهَا غَالِبًا مِنْ الْإِعْرَابِ بِالْقَوْلِ لِحَيَائِهَا وَمَعَرَّتِهَا بِمَيْلِهَا لِلرِّجَالِ ، وَأَصْلُ الْمَعْنَى وَصَمْتُ الْبِكْرِ رِضًا إذْ الْقَصْدُ الْإِخْبَارُ عَنْ الصَّمْتِ بِأَنَّهُ رِضًا لَا عَكْسُهُ ، فَقُلِبَ مُبَالَغَةً ، كَخَبَرِ { ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ } .
وَلَمَّا كَانَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ صَمْتِهَا رِضًا بِالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ كَوْنُهُ رِضًا بِتَوَلِّي وَلِيِّهَا عَقْدَهَا شَبَّهَهُ بِهِ فِيهِ فَقَالَ ( كَتَفْوِيضِهَا ) أَيْ الْبِكْرِ الْغَيْرِ الْمُجْبَرَةِ الْعَقْدَ لِوَلِيِّهَا فَصَمْتُهَا رِضًا بِهِ ، فَإِذَا قِيلَ لَهَا نَشْهَدُ عَلَيْك أَنَّك فَوَّضْت الْعَقْدَ عَلَيْك لِوَلِيِّك فُلَانٍ أَوْ هَلْ تُفَوِّضِينَ لَهُ الْعَقْدَ فَسَكَتَتْ فَهُوَ رِضًا غَابَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ حَضَرَتْ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ تُسْأَلْ وَأَرَادَتْ التَّفْوِيضَ لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا بَلْ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بِهِ ، وَهَذَا فِي الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَوْ الْخَاصَّةِ مَعَ التَّعَدُّدِ وَالتَّسَاوِي كَشَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ ، أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْعَقْدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا خَاصًّا وَاحِدًا وَرَضِيَتْ بِالزَّوْجِ وَالْمَهْرِ فَلَيْسَ لَهَا مَنْعُهُ مِنْ مُبَاشَرَةِ عَقْدِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِتَفْوِيضِهَا لَهُ أَفَادَهُ عب .
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إعْلَامُهَا ) أَيْ الْبِكْرِ ( بِهِ ) أَيْ بِأَنَّ صَمْتَهَا رِضًا بِأَنْ يُقَالَ لَهَا خَطَبَك فُلَانٌ بِصَدَاقٍ مِنْ نَوْعِ كَذَا قَدْرُهُ كَذَا حَالُّهُ وَمُؤَجَّلُهُ كَذَا ، فَإِنْ صَمَتَتْ قِيلَ لَهَا صَمْتُك رِضًا وَسَنُنْفِذُ لَك ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ تَرْضِ فَتَكَلَّمِي ، وَظَاهِرُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَرَّةٍ وَلِابْنِ شَعْبَانَ ثَلَاثًا .
( وَ ) إنْ اُسْتُؤْذِنَتْ الْبِكْرُ فِي ذَلِكَ فَصَمَتَتْ فَعَقَدَ عَلَيْهَا فَأَنْكَرَتْ وَادَّعَتْ عَدَمَ الرِّضَا ، وَأَنَّهَا جَهِلَتْ كَوْنَ صَمْتِهَا رِضًا فَ ( لَا يُقْبَلُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( مِنْهَا ) أَيْ الْبِكْرِ ( دَعْوَى جَهْلِهِ ) أَيْ كَوْنِ صَمْتِهَا رِضًا لِشُهْرَتِهِ بَيْنَ النَّاسِ

فَتُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ فِي دَعْوَى جَهْلِهِ وَتَحَيُّلِهَا عَلَى فَسْخِ النِّكَاحِ لِعَارِضٍ عَرَضَ لَهَا بَعْدَ الرِّضَا ( فِي تَأْوِيلِ الْأَكْثَرِ ) الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ وَقِلَّةِ الْمَعْرِفَةِ .
وَقِيلَ إنْ عُرِفَتْ بِالْبَلَهِ قُبِلَ مِنْهَا دَعْوَى جَهْلِهِ .
وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ تَأْوِيلَ الْأَقَلِّ قَبُولُ دَعْوَاهَا جَهْلَهُ مُطْلَقًا .
الْمُصَنِّفُ وَلَعَلَّهُ عَلَى أَنَّ إعْلَامَهَا بِهِ وَاجِبٌ .
( وَإِنْ مَنَعَتْ ) الْبِكْرُ حِينَ اسْتِئْذَانِهَا بِنُطْقٍ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ ( أَوْ نَفَرَتْ ) أَيْ غَضِبَتْ وَكَرِهَتْ ذَلِكَ ( لَمْ تُزَوَّجْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ لِعَدَمِ رِضَاهَا وَإِلَّا فَاتَتْ فَائِدَةُ اسْتِئْذَانِهَا ، فَإِنْ زُوِّجَتْ فَيُفْسَخُ وَلَوْ دَخَلَ وَطَالَ وَلَوْ أَجَازَتْهُ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ رِضَاهَا بَعْدَ مَنْعِهَا ( لَا ) يُمْنَعُ تَزْوِيجُهَا ( إنْ ضَحِكَتْ أَوْ بَكَتْ ) عِنْدَ اسْتِئْذَانِهَا لِدَلَالَةِ ضَحِكِهَا عَلَى رِضَاهَا بِمَا اُسْتُؤْذِنَتْ فِيهِ صَرِيحًا ، وَبُكَاهَا عَلَيْهِ ضِمْنًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَلَى فَقْدِ أَبِيهَا وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ حَيًّا لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِئْذَانِهَا ، فَإِنْ أَتَتْ بِمُتَنَافِيَيْنِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ الْأَخِيرِ ، فَإِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ ضَحِكَهَا اسْتِهْزَاءٌ وَبُكَاهَا مَنْعٌ فَلَا تُزَوَّجُ ، وَيَنْبَغِي إطَالَةُ الْجُلُوسِ مَعَهَا حَتَّى يَتَّضِحَ أَمْرُهَا .
( وَالثَّيِّبُ ) غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ ( تُعْرِبُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ ، أَيْ تُبَيِّنُ مُرَادَهَا بِصَرِيحِ اللَّفْظِ مِنْ تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَالصَّدَاقِ وَتَفْوِيضِ الْعَقْدِ لِوَلِيِّهَا إنْ غَابَتْ عَنْ مَجْلِسِهِ ، فَإِنْ حَضَرَتْهُ كَفَى صَمْتُهَا فِي هَذَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ .
وَعَنْ الْكَافِي لَا يَكُونُ سُكُوتُ الثَّيِّبِ إذْنًا مِنْهَا فِي نِكَاحِهَا وَلَا تُنْكَحُ إلَّا بِإِذْنِهَا قَوْلًا وَاحِدًا .
وَعَبَّرَ بِتُعْرِبُ تَبَرُّكًا بِحَدِيثِ { الْبِكْرِ تُسْتَأْمَرُ وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا وَالثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا بِلِسَانِهَا } وَشَبَّهَ فِي

الْإِعْرَابِ فَقَالَ ( كَبِكْرٍ رُشِّدَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ رَشَّدَهَا أَبُوهَا أَوْ وَصِيُّهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا بَعْدَ رِضَاهَا بِالْقَوْلِ ( أَوْ ) بِكْرٍ ( عُضِلَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ مَنَعَهَا أَبُوهَا مِنْ النِّكَاحِ لَا لِمَصْلَحَتِهَا بَلْ لِإِضْرَارِهَا فَرَفَعَتْ شَأْنَهَا لِلْحَاكِمِ فَأَرَادَ تَزْوِيجَهَا لِامْتِنَاعِ أَبِيهَا مِنْهُ وَعَدَمِ امْتِثَالِ أَمْرِهِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ نُطْقِهَا ، فَإِنْ أَرَادَ أَبُوهَا تَزْوِيجَهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِذْنِهَا ( أَوْ زُوِّجَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَرَادَ وَلِيُّهَا غَيْرُ الْأَبِ وَوَصِيُّهُ تَزْوِيجُهَا ( بِ ) صَدَاقٍ ( عَرْضٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ غَيْرِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ وَهِيَ مِنْ قَوْمٍ لَا يُزَوِّجُونَ بِهِ فَيُشْتَرَطُ إعْرَابُهَا بِالْقَوْلِ ، فَإِنْ زَوَّجَهَا أَبُوهَا أَوْ وَصِيُّهُ بِهِ أَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يُزَوِّجُونَ بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ نُطْقُهَا ، فَقَوْلُهُ أَوْ زُوِّجَتْ بِعَرْضٍ فِي الْيَتِيمَةِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْغَرْنَاطِيِّ فِي عَدِّ النَّظَائِرِ الَّتِي تُعْرِبُ بِالنُّطْقِ الْمُرَشَّدَةُ وَالْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ غَيْرُ الْمُعَنَّسَةِ إذَا أَصُدِقَتْ عَرْضًا ، وَلِقَوْلِ الْمُقْرِي فِي قَوَاعِدِهِ كُلُّ بِكْرٍ تُسْتَأْمَرُ فَإِذْنُهَا صَمْتُهَا إلَّا الْمُرَشَّدَةُ وَالْمُعَنَّسَةُ وَالْمُصْدَقَةُ عَرْضًا ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ سَلْمُونٍ لَكِنْ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْبَاجِيَّ وُالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ الْيَتِيمَةُ الَّتِي يُسَاقُ لَهَا مَالٌ نُسِبَتْ مَعْرِفَتُهُ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا وَصِيٌّ فَلَمْ يَخُصُّوهُ بِالْعَرْضِ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِيهَا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْيَتِيمَةُ الْمُهْمَلَةُ وَتَقْيِيدُهَا بِكَوْنِ تَزْوِيجِهَا بِعَرْضٍ مُوَافِقٌ لِلْغِرْنَاطِيُّ وَالْمُقْرِي وَابْنِ سَلْمُونٍ ، وَعَبَّرَ غَيْرُهُمْ بِاَلَّتِي يُسَاقُ لَهَا مَالٌ نُسِبَتْ مَعْرِفَتُهُ لَهَا وَهَذَا يَشْمَلُ الْعَرْضَ وَالْعَيْنَ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَلَا تَكْفِي

إشَارَتُهَا وَإِنْ كَفَتْ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الصَّدَاقَ تَابِعٌ لِلنِّكَاحِ لِأَنَّهُ رُكْنُهُ أَوْ شَرْطُهُ وَالنِّكَاحُ لَا تَكْفِي فِيهِ الْإِشَارَةُ .

أَوْ بِرِقٍّ ، أَوْ بِعَيْبٍ أَوْ يَتِيمَةٍ أَوْ اُفْتِيتَ عَلَيْهَا
( أَوْ ) بِكْرٌ زُوِّجَتْ ( بِ ) زَوْجٍ ( رِقٍّ ) وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَمُبَعَّضٍ وَمُدَبَّرٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ ، فَيُشْتَرَطُ نُطْقُهَا بِالْقَوْلِ وَلَوْ مُجْبَرَةً وَلَوْ عَلَى أَنَّهُ كُفُؤٌ لِلْحُرَّةِ فِي عَبْدِ أَبِيهَا لِزِيَادَةِ مَعَرَّتِهَا بِهِ ، وَهَلْ كَذَا عَبْدُ غَيْرِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ أَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ كُفْئِهَا لَا عَلَى أَنَّهُ كُفْؤُهَا احْتِمَالَانِ .
( أَوْ ) زُوِّجَتْ بِذِي ( عَيْبٍ ) مُوجِبٍ لِخِيَارِهَا كَجُنُونٍ وَجُذَامٍ وَلَوْ مُجْبَرَةً ( أَوْ يَتِيمَةٍ ) خِيفَ فَسَادُهَا مُهْمَلَةً فَشَرْطُ تَزْوِيجِهَا إذْنُهَا بِالْقَوْلِ وَهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي شُرُوطِ تَزْوِيجِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ ( أَوْ ) بِكْرٍ غَيْرِ مُجْبَرَةٍ ( اُفْتِيتَ ) أَيْ تُعُدِّيَ ( عَلَيْهَا ) وَعُقِدَ لَهَا بِغَيْرِ إذْنِهَا ثُمَّ اُسْتُؤْذِنَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهَا بِالْقَوْلِ .

وَصَحَّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ
( وَصَحَّ ) عَقْدُ الْمُفْتَاتِ ( إنْ قَرُبَ رِضَاهَا ) بِهِ مِنْهُ .
عِيسَى بِأَنْ يُعْقَدَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ السُّوقِ وَيُسَارُ إلَيْهَا بِالْخَبَرِ مِنْ وَقْتِهِ وَالْيَوْمُ طُولٌ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغْتَفَرُ الْفَضْلُ بِالْيَوْمَيْنِ وَالْخَمْسَةُ كَثِيرَةٌ .
وَفِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ حَدَّ قَوْمٌ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَكَانَ الْعَقْدُ ( بِالْبَلَدِ ) الَّذِي بِهِ الْمُفْتَاتُ عَلَيْهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَلَدُ كَبِيرًا عُقِدَ فِي أَحَدِ طَرَفَيْهِ وَالْمَرْأَةُ فِي طَرَفِهِ الْآخَرِ ، فَإِنْ كَانَا بِبَلَدَيْنِ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ تَقَارَبَا ( وَلَمْ يُقِرَّ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلَ الرَّاءِ الْوَلِيُّ بِالِافْتِيَاتِ ( حَالَ الْعَقْدِ ) بِأَنْ سَكَتَ حِينَهُ أَوْ ادَّعَى إذْنَهَا فِيهِ وَخَالَفَتْهُ ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ وَيُفْسَخُ اتِّفَاقًا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ .

ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَاجِيَّ النِّكَاحَ الْمَوْقُوفَ وَنَصُّهُ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الَّذِي عَقَدَهُ الْوَلِيُّ عَلَى وَلِيَّتِهِ بِشَرْطِ إجَازَتِهَا ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْهَا بَعْدُ وَأَنَّهُ قَدْ أَمْضَى مَا بِيَدِهِ وَأَنَّهَا إنْ أَجَازَتْهُ فَالنِّكَاحُ قَدْ نَفَذَ مِنْ قِبَلِ الْوَلِيِّ ، قَالَ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ إنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُعْقَدَ النِّكَاحُ الْمَوْقُوفَ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ وَإِذْنِ الْمَرْأَةِ فِيهِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا صِفَةَ وَقْفِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ أَصْحَابُنَا جَوَازَهُ ، فَإِنْ ادَّعَى الْإِذْنَ وَوَافَقَتْهُ عَلَيْهِ صَحَّ مُطْلَقًا قَرُبَتْ مُوَافَقَتُهَا أَوْ بَعُدَتْ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا تَرُدَّ قَبْلَ رِضَاهَا ، وَأَنْ لَا يُفْتَاتَ عَلَى الزَّوْجِ أَيْضًا .
وَالِافْتِيَاتُ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ الْوَلِيِّ كَالِافْتِيَاتِ عَلَيْهَا .

وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ : فَوَّضَ لَهُ أُمُورُهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ ، وَهَلْ إنْ قَرُبَ ؟ تَأْوِيلَانِ .

( وَإِنْ ) عَقَدَ نِكَاحَ مُجْبَرَةٍ ابْنُ مُجْبِرِهَا أَوْ أَخُوهُ أَوْ أَبَوَاهُ بِلَا إذْنِهِ وَقَدْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْمُجْبِرَ فَوَّضَ لِلْعَاقِدِ أُمُورَهُ وَ ( أَجَازَ مُجْبِرٌ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مَالِكُ الْعَقْدِ عَلَى مُجْبَرَتِهِ بِلَا إذْنِهِ ( فِي ) حَالِ صُدُورِهِ مِنْ ( ابْنٍ ) لِلْمُجْبِرِ ( وَأَخٍ لَهُ وَجَدٍّ ) وَأَوْلَى أَبٌ لَهُ ، هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَأَلْحَقَ ابْنُ حَبِيبٍ بِهِمْ سَائِرَ الْأَوْلِيَاءِ إذَا قَامُوا هَذَا الْمَقَامَ .
الْأَبْهَرِيُّ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَكَذَا الْأَجْنَبِيُّ لِأَنَّ الْعِلَّةَ تَفْوِيضُ الْأَبِ فَلَا فَرْقَ ، وَكَلَامُهَا مُحْتَمِلٌ لِمُوَافَقَتِهِمَا وَمُخَالَفَتِهِمَا وَمُوَافَقَةِ ابْنِ حَبِيبٍ خَاصَّةً قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ( فَوَّضَ ) الْمُجْبِرُ بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا بِنَصٍّ أَوْ عَادَةٍ ( لَهُ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الِابْنِ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ ( أُمُورَهُ ) أَيْ الْمُجْبِرِ وَثَبَتَ تَفْوِيضُهُ لَهُ ( بِبَيِّنَةٍ ) شَهِدَتْ بِأَنَّهُ قَالَ لَهُ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ، وَلَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِالْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ إذْ لَوْ صَرَّحَ لَهُ بِأَحَدِهِمَا لَمْ يَحْتَجْ لِإِجَازَةٍ بَعْدُ أَوْ بِأَنَّهَا رَأَتْهُ يَتَصَرَّفُ لَهُ تَصَرُّفًا عَامًّا كَتَصَرُّفِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ ، فَإِنْ شَهِدَتْ بِتَصَرُّفِهِ لَهُ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ فَلَا تَكْفِي وَجَوَابُ إنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ ( جَازَ ) أَيْ مَضَى النِّكَاحُ وَنَفَذَ فَلَا يُفْسَخُ .
( وَهَلْ ) مَحَلُّ جَوَازِهِ بِإِجَازَتِهِ ( إنْ قَرُبَ ) مَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْعَقْدِ قَالَهُ حَمْدِيسٌ ، أَوْ مُطْلَقًا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ لِأَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا زَوَّجَتْ بِنْتَ أَخِيهَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ غَائِبٌ بِالشَّامِ ثُمَّ كُلِّمَ فِيهِ فَأَمْضَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَظُنُّ أَنَّهَا وُكِّلَتْ عَلَى الْعَقْدِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَظُنُّ أَنَّهَا وُكِّلَتْ عَلَى الْعَقْدِ .
أَنَّ الْحُكْمَ فِي تَزْوِيجِ الثَّلَاثَةِ مَا تَقَدَّمَ

عَقَدُوا بِأَنْفُسِهِمْ ، أَوْ وَلَّوْا غَيْرَهُمْ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا صَحَّ تَوْكِيلُ أَخِيهَا إيَّاهَا عَلَى أَنْ تُوَكِّلَ عَلَى عَقْدِ بِنْتِهِ لَا عَلَى مُبَاشَرَتِهِ فَلَهَا وِلَايَةٌ بِالتَّوْكِيلِ كَالْوَصِيَّةِ وَمَفْهُومُ " فِي ابْنٍ " إلَخْ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ إذَا زَوَّجَ بِنْتَ مُوَكِّلِهِ بِلَا إذْنِهِ لَمْ يَمْضِ وَيُفْسَخُ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَمَفْهُومُ فَوَّضَ لَهُ إلَخْ أَنَّ عَقْدَ الِابْنِ وَنَحْوِهِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ لَهُ لَا بُدَّ مِنْ فَسْخِهِ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمُجْبِرُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَمَفْهُومُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ تَفْوِيضَهُ بِإِقْرَارِهِ لَا يُعْتَبَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَمَفْهُومُ إنْ أَجَازَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُجِزْهُ لَا يَمْضِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ لَا يُزَوِّجُ ابْنَةَ الْمُجْبِرِ وَلَا يَبِيعُ دَارَ السُّكْنَى وَلَا عَبْدَ الْخِدْمَةِ ، وَلَا يُطَلِّقُ الزَّوْجَةَ لِمُوَكِّلِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ لِعَدَمِ دُخُولِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فِي تَفْوِيضِ التَّوْكِيلِ عُرْفًا إلَّا بِالنَّصِّ عَلَيْهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ ، وَعَلَيْهِ الْحَطُّ وَسَالِمٌ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ أَنَّ الْمُفَوَّضَ لَهُ بِالنَّصِّ مِنْ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ لَهُ فِعْلُ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ ، وَيَمْضِي وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ مُوَكِّلُهُ لِأَنَّهُ وَلِيٌّ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ أَجْنَبِيٌّ .

وَفُسِخَ تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ابْنَتَهُ فِي : كَعَشْرٍ ، وَزَوَّجَ الْحَاكِمُ فِي : كَإِفْرِيقِيَّةَ ، وَظُهِّرَ مِنْ مِصْرَ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِيطَانِ : كَغَيْبَةِ الْأَقْرَبِ الثَّلَاثَ ، وَإِنْ أُسِرَ أَوْ فُقِدَ ، فَالْأَبْعَدُ : كَذِي رِقٍّ ، وَصِغَرٍ وَعَتَهٍ ، وَأُنُوثَةٍ ، لَا فِسْقٍ وَسَلَبَ الْكَمَالَ

( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( تَزْوِيجُ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ الْحَاكِمِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ كَابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ ( ابْنَتَهُ ) أَيْ الْمُجْبِرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَتَفْوِيضِهِ ، وَكَذَا أَمَتُهُ وَلَوْ أَجَازَهُ وَلَمْ يَقُلْ مُجْبَرَتَهُ لِاخْتِصَاصِ التَّقْسِيمِ الْآتِي بِالْحُرَّةِ ، وَصِلَةِ تَزْوِيجٍ ( فِي ) غَيْبَتِهِ الْقَرِيبَةِ الَّتِي عَلَى مَسَافَةٍ ( كَعَشْرٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ذَهَابًا فَقَطْ وَإِنْ أَجَازَهُ الْأَبُ وَوَلَدَتْ أَوْلَادًا إنْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يَتَبَيَّنْ إضْرَارُهُ بِغَيْبَتِهِ ، وَإِلَّا كَتَبَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُزَوِّجَهَا وَإِلَّا زَوَّجْنَاهَا عَلَيْك ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَفْسَخُ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ ، وَإِلَّا إذَا عَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَخِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ فَيُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ وَلَا يُفْسَخُ قَالَهُ سَالِمٌ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ .
( وَزَوَّجَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فَاعِلُهُ ( الْحَاكِمُ ) مُجْبَرَةَ أَبٍ غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ ( فِي كَإِفْرِيقِيَّةَ ) أَيْ الْقَيْرَوَانِ كَانَتْ مَحَلَّ الْحَاكِمِ سَابِقًا وَمَحَلُّهُ الْآنَ تُونُسُ وَهُمَا عِمَالَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَطَالَتْ إقَامَتُهُ بِهَا بِحَيْثُ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ بِسُرْعَةٍ ، وَلَوْ دَامَتْ نَفَقَتُهَا وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الرَّاجِحُ قَالَهُ الْحَطُّ .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ إلَّا إذَا عَدِمَتْ النَّفَقَةَ وَخِيفَ عَلَيْهَا الضَّيْعَةُ وَاعْتَمَدَهُ الرَّمَاصِيُّ .
( وَظُهِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا كَوْنُ مَبْدَأِ الْمَسَافَةِ إلَى إفْرِيقِيَّةَ ( مِنْ مِصْرَ ) الْعَتِيقَةِ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ كَانَ بِهَا حِينَ التَّمْثِيلِ بِإِفْرِيقِيَّةَ حَالَ إقْرَائِهِ بِجَامِعِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَبَيْنَهُمَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ .
وَقَالَ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ

بِهَا حِينَ ذَلِكَ وَبَيْنَهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ لِلْإِمَامِ لَا لِابْنِ الْقَاسِمِ .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلَةً وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِمَا تَقَدَّمَ ( بِ ) شَرْطِ ( الِاسْتِيطَانِ ) بِنَحْوِ إفْرِيقِيَّةَ بِالْفِعْلِ ، فَلَا تَكْفِي مَظِنَّتُهُ .
وَأَخَّرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا التَّأْوِيلَ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ضَعَّفَهُ وَقَالَ لَا وَجْهَ لَهُ ، وَأَمَّا مَنْ خَرَجَ لِنَحْوِ تِجَارَةٍ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْمَسَافَةِ نَاوِيًا عَوْدَهُ وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَلَا تُزَوَّجُ ابْنَتُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) تَعَارَضَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ كَعَشْرٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ كَإِفْرِيقِيَّةَ فِي غَيْبَتِهِ فَوْقَ كَعَشْرٍ وَدُونَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةٍ ، وَالْمُعْتَبَرُ مَفْهُومُ الثَّانِي فَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ ، فَإِنْ زَوَّجَهَا فَلَا يُفْسَخُ ، قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ عج قَائِلِينَ كَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُهُ .
وَشَبَّهَ فِي تَزْوِيجِ الْحَاكِمِ فَقَالَ ( كَغَيْبَةِ ) الْوَلِيِّ ( الْأَقْرَبِ ) غَيْرِ الْمُجْبِرِ ( الثَّلَاثَ ) مِنْ الْأَيَّامِ فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْغَائِبِ غَالِبًا وَلَا يُزَوِّجُهَا الْأَبْعَدُ ، فَإِنْ زَوَّجَهَا صَحَّ كَمَا عُلِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَبِأَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ لَمْ يُجْبِرْ ، وَمَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثِ كَالثَّلَاثِ ، وَمَا نَقَصَ عَنْهَا يُنْتَقَلُ فِيهِ لِلْأَبْعَدِ بَعْدَ الْكَتْبِ لِلْأَقْرَبِ بِأَنَّهُ إنْ حَضَرَ وَإِلَّا زَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَزْوِيجُ الْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ طَلَبِهَا وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عَضْلُ الْغَائِبِ تَنْزِيلًا لِغَيْبَتِهِ مَنْزِلَةَ عَضَلِهِ .
( وَإِنْ أُسِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْوَلِيُّ كَانَ مُجْبِرًا أَوْ لَا ( أَوْ فُقِدَ ) كَذَلِكَ ( فَ ) الْوَلِيُّ ( الْأَبْعَدُ ) يُزَوِّجُهَا وَلَوْ جَرَتْ عَلَيْهَا النَّفَقَةُ وَلَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا ضَيْعَةٌ .
الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْقَضَاءُ لَا الْحَاكِمُ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ

الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْأَسِيرَ وَالْمَفْقُودَ كَذِي الْغَيْبَةِ الْبَعِيدِ فَلَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُمَا إلَّا الْحَاكِمُ وَلَا يُنْتَقَلُ لِلْأَبْعَدِ وَصَوَّبَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ قَائِلًا لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ، لَكِنْ يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُتَيْطِيَّ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ إلَّا فِي الْمَفْقُودِ ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأَسِيرِ ، وَنَصُّهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَبُ مَفْقُودًا قَدْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَا تُعْلَمُ حَيَاتُهُ وَلَا مَوْتُهُ فَيَجُوزُ إنْكَاحُ الْأَوْلِيَاءِ وَظَاهِرُهُ بِرِضَاهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِهِ الْقَضَاءُ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الثَّمَانِيَةِ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ فَقْدِهِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ فِيهَا لَا تُزَوَّجُ بِحَالٍ .
ا هـ .
وَقِيَاسُ الْأَسِيرِ عَلَى الْمَفْقُودِ لَا يَصِحُّ لِعِلْمِ حَيَاةِ الْأَسِيرِ وَعَدَمِ صِحَّةِ الْقِيَاسِ مَعَ النَّصِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَسَكَتَ عَنْ الْمَجْنُونِ وَالْمَحْبُوسِ وَالْحُكْمُ لَا تُزَوَّجُ بِنْتُهُمَا لِرَجَاءِ بُرْءِ الْأَوَّلِ وَخُرُوجِ الثَّانِي .
وَفِي التَّوْضِيحِ إنَّ هَذَا فِيمَنْ يُفِيقُ ، وَأَمَّا الْمُطْبَقُ فَلَا وِلَايَةَ لَهُ .
وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ إنَّ وَصِيَّ الْمَجْنُونِ يُزَوِّجُ بِنْتَه كَيَتِيمَةٍ وَلِمُحَمَّدٍ انْتِقَالُ الْحَقِّ لِلْأَبْعَدِ اُنْظُرْ الْحَطُّ .
وَشَبَّهَ فِي تَزْوِيجِ الْأَبْعَدِ فَقَالَ ( كَ ) وَلِيٍّ ( ذِي رِقٍّ ) أَيْ رَقِيقٍ ( وَ ) ذِي ( صِغَرٍ ) أَيْ صَغِيرٍ ( وَ ) ذِي ( عَتَهٍ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَنَّاةِ أَيْ ضَعِيفِ الْعَقْلِ وَنَاقِصِ التَّمْيِيزِ ( وَ ) ذِي ( أُنُوثَةٍ ) أَيْ أُنْثَى .
الشَّارِحُ يَعْنِي أَنَّ الْأَقْرَبَ إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِوَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِلْأَبْعَدِ عَنْهُ ، وَفِي هَذَا الْكَلَامِ مَعَ مَا يَأْتِي إشَارَةٌ لِشُرُوطِ الْوَلِيِّ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ الذُّكُورَةُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ ، وَعَدَمُ الْإِحْرَامِ ، وَعَدَمُ الْكُفْرِ لِلْمُسْلِمَةِ ، وَعَدَمُ السَّفَهِ مَعَ عَدَمِ الرَّأْيِ ، وَعَدَمُ الْفِسْقِ .
وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ

الْأُنْثَى لَا تَنْتَقِلُ وِلَايَتُهَا لِلْأَبْعَدِ بَلْ تُوَكِّلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ .
الْحَطُّ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُ شُرُوطِ الْوَلِيِّ بِنَفْيِ الْوِلَايَةِ عَمَّنْ اتَّصَفَ بِضِدِّهَا فَهُوَ مُشَبَّهٌ بِمَا تَقَدَّمَ فِي سُقُوطِ الْوِلَايَةِ لَا فِي الِانْتِقَالِ ، فَقَدْ لَا يَكُونُ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَيُشْكِلُ ذِكْرُهُ الْأُنُوثَةَ سَوَاءٌ قُلْنَا التَّشْبِيهُ فِي الِانْتِقَالِ أَوْ فِي السُّقُوطِ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَكُنْ وَصِيَّةً وَلَا مَالِكَةً وَلَا مُعْتِقَةً لَا يُمْكِنُ وَصْفُهَا بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّ أُنُوثَتَهَا لَا تُفَارِقُهَا ، بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ فَإِنَّ الْمَانِعَ لَهُمْ عَارِضٌ غَيْرُ ذَاتِيٌّ يُرْتَجَى زَوَالُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( لَا ) يُزَوَّجُ الْأَبْعَدُ فِي ذِي ( فِسْقٍ وَسَلَبَ ) الْفِسْقُ ( الْكَمَالَ ) عَنْ تَوَلِّيهِ الْعَقْدَ وَصَيَّرَهُ مَكْرُوهًا فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ عَدْلٌ فِي دَرَجَتِهِ .
الْفَاكِهَانِيُّ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَسْلُبُهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ مُسْتَتِرًا أَوْ مُنْتَهِكًا .
وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْفَاسِقِ الْمُتَسَتِّرِ الَّذِي عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَنَفَةِ ، وَأَمَّا الْمُنْتَهِكُ الَّذِي لَا يُبَالِي بِمَا تَنْسُبُ إلَيْهِ وَلِيَّتُهُ فَإِنَّهُ مَسْلُوبُ الْوِلَايَةِ اتِّفَاقًا .

وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ ، وَوَصِيَّةٌ ، وَمُعْتِقَةٌ وَإِنْ أَجْنَبِيًّا : كَعَبْدٍ أُوصِيَ ، وَمُكَاتَبٍ فِي أَمَةٍ طَلَبَ فَضْلًا وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ

( وَوَكَّلَتْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( مَالِكَةُ ) أَمَةٍ ( وَوَصِيَّةٌ ) عَلَى يَتِيمَةٍ حُرَّةٍ ( وَمُعْتِقَةٌ ) لِأَمَةٍ ذَكَرًا مُسْتَوْفِيًا شُرُوطَ الْوَلِيِّ عَلَى تَزْوِيجِ الْأَمَةِ وَالْيَتِيمَةِ وَالْعَتِيقَةِ لِأَنَّ لَهُنَّ حَقًّا فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ لَكِنْ مَنَعَتْهُنَّ الْأُنُوثَةُ مِنْ مُبَاشَرَتِهَا إنْ كَانَ الذَّكَرُ قَرِيبًا لِلْمُوَكِّلَةِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( أَجْنَبِيًّا ) مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ وَلَوْ مَعَ حُضُورِ أَوْلِيَائِهَا أَوْ مِنْ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهَا فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ لَا فِي الثَّالِثَةِ لِأَنَّ وَلِيَّ النَّسَبِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُعْتِقَةِ ، وَأَمَّا الذَّكَرُ الْمَمْلُوكُ أَوْ الْمَحْجُورُ أَوْ الْعَتِيقُ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ مُبَاشَرَةُ الْعَقْدِ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَيُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجِ الْجَمِيعِ وَيَصِحُّ مُبَاشَرَةُ الْعَبْدِ وَالْمَحْجُورِ وَالْعَتِيقِ الْعَقْدَ لِنَفْسِهِ ، إنْ قُلْت قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ التَّوْكِيلَ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا يَصْلُحُ مُبَاشَرَةُ الْمُوَكِّلِ لَهُ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ .
قُلْت مَا تَقَرَّرَ فِي الْمُوَكِّلِ الْأَصْلِيِّ ، وَالْمُوَكِّلُ هُنَا وَكِيلٌ عَنْ غَيْرِهِ فَوَكِيلُهُ وَكِيلٌ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلْمُبَاشَرَةِ .
وَشَبَّهَ فِي التَّوْكِيلِ فَقَالَ ( كَعَبْدٍ أُوصِيَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الصَّادِ عَلَى يَتِيمَةٍ فَيُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ عَلَيْهَا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ ، فَوَكِيلُهُ نَائِبُ نَائِبٍ وَلَا يَضُرُّهُ رَقَبَتُهُ السَّالِبَةُ لِوِلَايَتِهِ عَلَى ابْنَتِهِ مَثَلًا إذْ لَوْ ثَبَتَتْ وِلَايَتُهُ عَلَيْهَا كَانَتْ أَصْلِيَّةً ، وَلَوْ وَكَّلَ فِيهَا كَانَ وَكِيلُهُ نَائِبَ وَلِيٍّ أَصْلِيٍّ ، وَالْأَصَالَةُ مَسْلُوبَةٌ إلَّا الْمُكَاتَبُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ ( وَمُكَاتَبٌ ) فَيُوَكِّلُ ( فِي ) تَزْوِيجِ ( أَمَةٍ ) لَهُ إذَا ( طَلَبَ ) الْمُكَاتَبُ ( فَضْلًا ) أَيْ زَائِدًا عَلَى مَا يَجْبُرُ عَيْبَ تَزْوِيجِهَا وَعَلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا مَعًا ، كَأَنْ يَكُونَ صَدَاقُ مِثْلِهَا عَشْرَةً وَقِيمَتُهَا غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ خَمْسِينَ وَمُتَزَوِّجَةٍ أَرْبَعِينَ ،

وَأَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ فَلَهُ ذَلِكَ إنْ أَحَبَّ سَيِّدُهُ بَلْ ( وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ ) أَيْ الْمُكَاتِبِ ذَلِكَ لِإِحْرَازِهِ نَفْسَهُ وَمَالَهُ مَعَ عَدَمِ تَبْذِيرِهِ فِيهِ وَإِنْ تَوَلَّى الْعَبْدُ الْوَصِيُّ أَوْ الْمُكَاتَبُ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ فُسِخَ ، وَلَوْ أَجَازَهُ عَاصِبُ الْمَحْجُورَةِ أَوْ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ .

وَمَنَعَ إحْرَامٌ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ كَكُفْرٍ لِمُسْلِمَةٍ وَعَكْسِهِ ، إلَّا لِأَمَةٍ وَمُعْتَقَةٍ مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ الْجِزْيَةِ ، وَزَوَّجَ الْكَافِرُ لِمُسْلِمٍ .
وَإِنْ عَقَدَ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ تُرِكَ ، وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ

( وَمَنَعَ إحْرَامٌ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَوَلِيِّهَا وَالزَّوْجِ عَقْدَ النِّكَاحَ وَفُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَبَعْدَهُ وَلَوْ وَلَدَتْ الْأَوْلَادَ وَلَا يَتَأَبَّدُ التَّحْرِيمُ وَلَا يُوَكِّلُونَ وَلَا يُجِيزُونَ ، وَيَسْتَمِرُّ الْمَنْعُ فِي الْحَجِّ لِتَمَامِ الْإِفَاضَةِ إنْ قَدَّمَ سَعْيَهُ وَإِلَّا فَلِتَمَامِ سَعْيِهِ كَالْعُمْرَةِ ، وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُ عَنْ حَلْقِهَا أَوْ تَقْصِيرِهَا ، فَإِنْ عَقَدَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْإِفَاضَةِ وَقَبْلَ صَلَاةِ رَكْعَتَيْهِ فُسِخَ إنْ قَرُبَ الْعَقْدُ مِنْ الطَّوَافِ وَإِلَّا فَلَا يُفْسَخُ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الشَّيْخُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ أَفَاضَ وَنَسِيَ الرَّكْعَتَيْنِ فَإِنْ نَكَحَ بِالْقُرْبِ فُسِخَ بِطَلْقَةٍ ، وَإِنْ تَبَاعَدَ جَازَ نِكَاحُهُ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ : الْقُرْبُ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْجِعَ فَيَبْتَدِئَ طَوَافَهُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْعَقْدِ فِي الثَّلَاثَةِ أَوْ أَحَدِهِمْ ، فَإِنْ وَكَّلَ حِلًّا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَأَحَدُهُمْ مُحْرِمٌ فَسَدَ ، وَإِنْ وَكَّلَ مُحْرِمًا فَلَمْ يَعْقِدْ إلَّا وَالْجَمِيعُ حِلٌّ صَحَّ .
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ السُّلْطَانِ الْمُحْرِمُ يَسْتَنِيبُ حِلًّا وَلَوْ قَاضِيًا فَيَصِحُّ عَقْدُهُ حَالَ إحْرَامِ السُّلْطَانِ لِضَرُورَةِ عُمُومِ مَصَالِحِ النَّاسِ .
وَكَذَا الْقَاضِي خِلَافًا لِفَتْوَى ابْنِ السُّبْكِيّ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ ، وَيَمْنَعُ الْإِحْرَامُ الْخِطْبَةَ أَيْضًا لَا شِرَاءَ جَارِيَةٍ وَلَوْ لِوَطْئِهَا .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَنْعِهِ وَرُدَّ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالشِّرَاءِ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ إلَّا مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ وَيَشْتَرِي مَنْ لَا يَحِلُّ وَطْؤُهُ وَيَمْنَعُ الْإِحْرَامُ حُضُورَ الْعَقْدِ ، وَانْظُرْ هَلْ يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ عَلَيْهِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ .
وَشَبَّهَ فِي الْمَنْعِ فَقَالَ ( كَكُفْرٍ ) فَيَمْنَعُ عَقْدَ النِّكَاحِ ( لِمُسْلِمَةٍ ) وَلَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ سَوَاءٌ كَانَ ذِمِّيًّا أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا عَلَى مُسْلِمَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَنْ

يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ أَبَدًا ( وَعَكْسِهِ ) أَيْ لَا يَكُونُ الْمُسْلِمُ وَلِيًّا لِلْكَافِرَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } ، فِي التَّهْذِيبِ لَا يَجُوزُ لِنَصْرَانِيٍّ عَقْدُ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ وَيَعْقِدُ نِكَاحَ وَلِيَّتِهِ النَّصْرَانِيَّةِ لِمُسْلِمٍ إنْ شَاءَ ، وَلَا يَعْقِدُ وَلِيُّهَا الْمُسْلِمُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَهْلِ الْكُفْرِ { مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ } وَتَعَقَّبَهُ أَبُو الْحَسَنِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ فِي أَهْلِ الْكُفْرِ ، وَالْآيَةُ إنَّمَا نَزَلَتْ فِيمَنْ أَسْلَمَ وَلَمْ يُهَاجِرْ فَالْكَافِرُ أَوْلَى ، وَكَانَتْ الْهِجْرَةُ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ اُنْظُرْ كَيْفَ اسْتَدَلَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَهِيَ مَنْسُوخَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ " عَكْسِهِ " فَقَالَ ( إلَّا ) وِلَايَةَ مُسْلِمٍ ( لِأَمَةٍ ) لَهُ كَافِرَةٍ فَلَا تُمْنَعُ فَيُزَوِّجُهَا لِكَافِرٍ فَقَطْ سَيِّدُهَا الْمُسْلِمُ ( وَ ) كَافِرَةٍ ( مُعْتَقَةٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ مُسْلِمٍ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ( مِنْ غَيْرِ نِسَاءِ ) أَهْلِ ( الْجِزْيَةِ ) بِأَنْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا لِمُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ إنْ كَانَتْ كِتَابِيَّةً ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجِزْيَةِ بِأَنْ أَعْتَقَهَا مُسْلِمٌ بِبَلَدِهِمْ أَوْ أَعْتَقَهَا كَافِرٌ وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُزَوِّجُهَا إلَّا أَنْ تُسْلِمَ هِيَ ( وَزَوَّجَ ) بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا ( الْكَافِرُ ) كَافِرَةً لَهُ وِلَايَةُ نِكَاحِهَا ( لِمُسْلِمٍ ) مَعَ اجْتِمَاعِ أَرْكَانِ النِّكَاحِ وَشُرُوطِهِ فِي الْإِسْلَامِ غَيْرَ إسْلَامِ وَلِيِّهَا ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ لِمُسْلِمٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ مَنْعُهُ ، فَتَزْوِيجُهُ لِكَافِرٍ أَحْرَى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَافِرَةِ وَلِيٌّ كَافِرٌ فَأُسْقُفُهُمْ فَإِنْ امْتَنَعَ وَرَفَعَتْ أَمْرَهَا

لِلسُّلْطَانِ جَبَرَهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا لِأَنَّهُ مِنْ رَفْعِ الظُّلْمِ الَّذِي لَهُ نَظَرُهُ .
( وَإِنْ عَقَدَهُ مُسْلِمٌ لِكَافِرٍ ) عَلَى كَافِرَةٍ قَرِيبَةٍ أَوْ مُعْتَقَةٍ لَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ مِنْهُ ( تُرِكَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُهُ وَلَا يُفْسَخُ لِأَنَّا إذَا لَمْ نَتَعَرَّضْ لَهُمْ فِي الزِّنَا إذَا لَمْ يُعْلِنُوهُ فَأَوْلَى النِّكَاحُ الْفَاسِدُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَدْ ظَلَمَ الْمُسْلِمُ نَفْسَهُ لِإِعَانَتِهِ إيَّاهُمْ عَلَى نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، فَإِنْ عُقِدَ لِمُسْلِمٍ فُسِخَ أَبَدًا وَلَوْ أُخْتَ الْعَاقِدِ إلَّا مُعْتَقَتَهُ وَأَمَتَهُ كَمَا تَقَدَّمَ ( وَعَقَدَ السَّفِيهُ ذُو الرَّأْيِ ) أَيْ الدِّينِ وَالْعَقْلِ عَلَى وَلِيَّتِهِ إذْ سَفَهُهُ لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ وَلِيًّا وَلَوْ مُجْبِرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ ، وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ السَّفَهِ وَالرَّأْيِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الرَّأْيِ الْعَمَلُ بِمُقْتَضَاهُ .
وَصِلَةُ عَقَدَ ( بِإِذْنِ وَلِيِّهِ ) أَيْ السَّفِيهِ لَكِنْ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ عَقْدِهِ ، فَإِنْ عَقَدَ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ وَنَظَرَ وَلِيُّهُ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا أَمْضَاهُ وَإِلَّا رَدَّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَنْظُرْ مَضَى وَمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ عَقْدُهُ مَاضٍ بِلَا نِزَاعٍ ، وَأَمَّا ضَعِيفُ الرَّأْيِ فَيُفْسَخُ عَقْدُهُ .
فِي الْمَوَّاقِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصَ التَّمْيِيزِ خُصَّ بِالنَّظَرِ فِي تَعْيِينِ الزَّوْجِ وَصِيُّهُ وَتُزَوَّجُ بِنْتُهُ كَيَتِيمَةٍ .
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ يَلِي عَقْدَهَا هَلْ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ وَلَوْ عَقَدَ حَيْثُ مُنِعَ مِنْهُ نُظِرَ ، فَإِنْ كَانَ نَظَرًا مَضَى وَإِلَّا فَرَّقَ بَيْنَهُمَا كَعَقْدِ غَيْرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ الَّذِي لَا رَأْيَ لَهُ .

وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ الْجَمِيعَ
( وَصَحَّ تَوْكِيلُ زَوْجٍ ) فِي الْعَقْدِ لَهُ عَلَى أُنْثَى ( الْجَمِيعَ ) أَيْ مِمَّنْ اتَّصَفَ بِمَانِعٍ مِنْ مُبَاشَرَةِ الْعَقْدِ عَلَى الْأُنْثَى فَفِي سَمَاعِ عِيسَى لَا بَأْسَ أَنْ يُوَكِّلَ الرَّجُلُ نَصْرَانِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى عَقْدِ نِكَاحِهِ .
ا هـ .
إلَّا الْمُحْرِمَ وَالْمَعْتُوهَ وَغَيْرَ الْمُمَيِّزِ .
ابْنُ حَبِيبٍ : الصَّبِيُّ إذَا عَقِلَ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ الزَّوْجَ ، قَالَهُ مَنْ كَاشَفْته عَنْهُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .
وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالصِّحَّةِ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا ابْتِدَاءً أَيْضًا لِأَجَلٍ .

لَا وَلِيٍّ إلَّا كَهُوَ ، وَعَلَيْهِ الْإِجَابَةُ لِكُفْءٍ ، وَكُفْؤُهَا أَوْلَى ، فَيَأْمُرُهُ الْحَاكِمُ ، ثُمَّ زَوَّجَ

قَوْلُهُ ( لَا ) يَصِحُّ تَوْكِيلُ رَجُلٍ حُرٍّ ( وَلِيٍّ ) لِامْرَأَةٍ عَلَى عَقْدِهَا ( إلَّا ) شَخْصًا ( كَهُوَ ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ فِي الِاتِّصَافِ بِالذُّكُورَةِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَعَدَمِ الْإِحْرَامِ وَعَدَمِ الْكُفْرِ لِلْمُسْلِمَةِ وَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الضَّمِيرِ قَلِيلٌ .
( وَعَلَيْهِ ) أَيْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ غَيْرِ الْمُجْبِرِ أَوْ الْمُجْبِرِ الَّذِي تَبَيَّنَ عَضْلُهُ ( الْإِجَابَةُ لِ ) خَاطِبٍ ( كُفْءٍ ) رَضِيَتْ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْوَلِيُّ بِهِ ، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ دُونَهَا فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُجْبِرًا .
( وَ ) إنْ رَضِيَتْ بِكُفْءٍ وَوَلِيُّهَا بِكُفْءٍ آخَرَ فَ ( كُفْؤُهَا أَوْلَى ) أَيْ مُقَدَّمٌ وُجُوبًا إنْ لَمْ تَكُنْ مُجْبَرَةً أَوْ مُجْبَرَةً وَتَبَيَّنَ ضَرَرُهَا لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِدَوَامِ الْعِشْرَةِ ( فَيَأْمُرُهُ ) أَيْ الْوَلِيَّ ( الْحَاكِمُ ) أَنْ يُزَوِّجَهَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَنْ رَضِيَتْ بِهِ .
( ثُمَّ ) إنْ امْتَنَعَ سَأَلَهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ فَإِنْ رَآهُ صَوَابًا زَجَرَهَا وَرَدَّهَا إلَيْهِ وَإِلَّا عَدَّهُ عَاضِلًا بِرَدِّ أَوَّلِ خَاطِبٍ كُفْءٍ وَ ( زَوَّجَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْحَاكِمُ الْمَرْأَةَ لِخَاطِبِهَا الَّذِي رَضِيَتْ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنْ أَبَى الْوَلِيُّ زَوَّجَهَا عَلَيْهِ الْحَاكِمُ .
الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ عَلَى هَذَا عَمَلُ النَّاسِ فِي غَيْرِ الْأَبِ فِي الْبِنْتِ الْبِكْرِ ، وَوَقَفُوهُ فِي الْبِكْرِ عَلَى ثُبُوتِ بَكَارَتِهَا وَبُلُوغِهَا وَكَفَاءَةِ الْخَاطِبِ وَرِضَاهَا بِهِ وَبِالْمَهْرِ ، وَأَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا وَخُلُوِّهَا مِنْ زَوْجٍ وَعِدَّةٍ ، وَأَنْ لَا وَلِيَّ غَيْرَهُ .
وَفِي الثَّيِّبِ عَلَى ثُبُوتِ ثُيُوبَتَهَا وَمِلْكِهَا أَمْرَ نَفْسِهَا وَمَا بَعْدَ الْكَفَاءَةِ سِوَى أَنَّهُ مَهْرُ مِثْلِهَا .
وَفِي الْكَفَاءَةِ قَوْلَانِ قَالَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَيَعْقِدُ السُّلْطَانُ لِأَنَّهُ كَالْحَاكِمِ عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ إلَى غَيْرِ الْعَاضِلِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : فَصَرَّحَ بِأَنَّهَا تَنْتَقِلُ لِلْحَاكِمِ لَا إلَى الْأَبْعَدِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ .
ثُمَّ قَالَ :

وَالْمُزَوِّجُ مَعَ عَضْلِ الْأَبِ الْحَاكِمُ بِلَا إشْكَالٍ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ تَنْتَقِلُ الْوِلَايَةُ إلَى الْحَاكِمِ لَا إلَى الْأَبْعَدِ .

وَلَا يَعْضُلُ أَبٌ بِكْرًا بِرَدٍّ مُتَكَرِّرٍ حَتَّى يُتَحَقَّقَ ، وَإِنْ وَكَّلَتْهُ مِمَّنْ أَحَبَّ عَيَّنَ ، وَإِلَّا فَلَهَا الْإِجَازَةُ ، وَلَوْ بَعُدَ لَا الْعَكْسُ .

( وَلَا يَعْضُلُ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لَا يُعَدُّ عَاضِلًا ( أَبٌ بِكْرًا ) مُجْبَرَةً لَهُ ( بِرَدٍّ ) بِالتَّنْوِينِ ( مُتَكَرِّرٍ ) لِخَاطِبَيْنِ وَخَاطِبٍ وَاحِدٍ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ وَالشَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِمَصَالِحِهَا مِنْهَا فَيُحْمَلُ عَلَى عِلْمِهِ مِنْ حَالِهَا أَوْ حَالِ خَاطِبِهَا مَا لَا يُوَافِقُ فَلَا يُحْكَمُ بِعَضْلِهِ بِالرَّدِّ الْمُتَكَرِّرِ ( حَتَّى يُتَحَقَّقَ ) بِضَمٍّ فَفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا عَضْلُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ قَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ ، فَإِنْ تَحَقَّقَ وَلَوْ بِرَدِّ مَرَّةٍ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِتَزْوِيجِهَا ، فَإِنْ امْتَنَعَ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ وَلَا يَسْأَلُهُ عَنْ وَجْهِ امْتِنَاعِهِ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ تَحَقُّقِ الْعَضْلِ .
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَعْضُولَةَ تُعْرِبُ بِالْقَوْلِ ، وَمَفْهُومُ بِكْرٍ أَنَّ مَنْ لَا تُجْبَرُ يُعَدُّ عَاضِلًا لَهَا بِرَدِّ أَوَّلِ كُفْءٍ كَالْوَصِيِّ الْمُجْبِرِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَيْسَ كَالْأَبِ فِي هَذَا فَإِنْ زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ قَبْلَ تَحَقُّقِ عَضْلِهِ فُسِخَ أَبَدًا .
لِخَاطِبَيْنِ وَخَاطِبٍ وَاحِدٍ ( وَإِنْ وَكَّلَتْهُ ) أَيْ الْمَرْأَةُ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى تَزْوِيجِهَا ( مِمَّنْ ) أَيْ رَجُلٍ أَوْ الرَّجُلِ الَّذِي ( أَحَبَّ ) هـ الْوَكِيلُ أَوْ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَحَبَّ الْوَكِيلُ رَجُلًا ( عَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْوَكِيلُ الرَّجُلَ الَّذِي أَحَبَّهُ لِمُوَكِّلَتِهِ لِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النِّسَاءِ فِي أَعْيَانِ وَصِفَاتِ الرِّجَالِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ وَعَقَدَ لَهَا عَلَيْهِ ( فَلَهَا ) أَيْ الْمُوَكِّلَةِ ( الْإِجَازَةُ ) أَيْ الْإِمْضَاءُ لِعَقْدِ وَكِيلِهَا إنْ قَرُبَ مَا بَيْنَ عَقْدِهِ وَعِلْمِهَا بِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ بِعَدَمِ تَعْيِينِهِ وَأَنَّهُ لَازِمٌ ، وَسَوَاءٌ زَوَّجَهَا الْوَكِيلُ لِغَيْرِهِ أَوْ لِنَفْسِهِ .
هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

فِيهَا ، وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ زَوَّجَهَا لِغَيْرِهِ لَزِمَهَا وَلِنَفْسِهِ خُيِّرَتْ .
وَإِنْ وَكَّلَتْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا مِمَّنْ أَحَبَّتْ عَيَّنَ ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ إنْ قَرُبَ رِضَاهَا بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ ( لَا ) يَرُدُّ الزَّوْجُ النِّكَاحَ فِي ( الْعَكْسِ ) لِلصُّورَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَهُوَ تَوْكِيلُ الرَّجُلِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً عَلَى تَزْوِيجِهِ مِمَّنْ أَحَبَّهَا الْوَكِيلُ فَزَوَّجَهُ بِلَا تَعْيِينٍ فَقَدْ لَزِمَهُ النِّكَاحُ اتِّفَاقًا إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ لَائِقَةً بِحَالِهِ قَالَهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ لِإِمْكَانِ تَخَلُّصِهِ مِنْهُ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ ، وَلَمْ يَنْظُرُوا لِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِإِدْخَالِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِتَفْوِيضِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا زَوَّجَتْهُ الْوَكِيلَةُ نَفْسَهَا فَلَهُ رَدُّهُ ، لِأَنَّ مَنْ وُكِّلَ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ نَفْسِهِ إلَّا بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ ، فَإِنْ وَكَّلَ الرَّجُلُ مَنْ يُزَوِّجُهُ مِمَّنْ أَحَبَّهَا الْمُوَكِّلُ فَزَوَّجَهُ بِلَا تَعْيِينٍ فَلَهُ الرَّدُّ .

وَلِابْنِ عَمٍّ وَنَحْوَهُ تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ ، إنْ عَيَّنَ بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا وَتَرْضَى وَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ
( وَلِابْنِ عَمٍّ ) لِمَرْأَةٍ وَكَّلَتْهُ عَلَى تَزْوِيجِهَا ( وَنَحْوِهِ ) أَيْ ابْنِ الْعَمِّ فِي جَوَازِ تَزَوُّجِ وَلِيَّتِهِ كَمُعْتِقٍ وَحَاكِمٍ وَوَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ وَكَافِلٍ وَوَلِيِّ إسْلَامٍ ( إنْ عَيَّنَ ) ابْنُ الْعَمِّ أَوْ نَحْوُهُ نَفْسَهُ لِمُوَكِّلَتِهِ وَرَضِيَتْ بِهِ ( تَزْوِيجُهَا مِنْ نَفْسِهِ ) تَزْوِيجًا مُصَوَّرًا ( بِتَزَوَّجْتُك بِكَذَا ) مِنْ الْمَهْرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ بَعْدَ هَذَا ( وَتَرْضَى ) الزَّوْجَةُ بِالْمَهْرِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهَا وَيُشْهِدُ عَدْلَيْنِ عَلَى تَزْوِيجِهَا لِنَفْسِهِ وَرِضَاهَا ( وَتَوَلَّى ) ابْنُ الْعَمِّ وَنَحْوُهُ ( الطَّرَفَيْنِ ) أَيْ الْإِيجَابَ وَالْقَبُولَ ، ذَكَرَهُ وَإِنْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا قَبْلَهُ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ .

وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْعَقْدَ ، صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ
( وَإِنْ ) أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِإِذْنِهَا لِوَلِيِّهَا فِي الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَ ( أَنْكَرَتْ الْعَقْدَ ) أَيْ حُصُولَهُ وَأَرَادَتْ عَزْلَ الْوَكِيلِ عَنْهُ وَادَّعَى حُصُولَهُ ( صُدِّقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْوَكِيلُ ) فِي إخْبَارِهِ بِحُصُولِ الْعَقْدِ بِلَا يَمِينٍ ( إنْ ادَّعَاهُ ) أَيْ الْعَقْدَ ( الزَّوْجُ ) لِإِقْرَارِهَا بِالْإِذْنِ ، وَالْوَكِيلُ قَامَ مَقَامَهَا .
فَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ الزَّوْجُ صُدِّقَتْ فِي نَفْيِهِ فَإِنْ وَافَقَتْهُ عَلَى حُصُولِ الْعَقْدِ وَادَّعَتْ عَزْلَهُ عَنْهُ قَبْلَهُ وَخَالَفَهَا الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ عَقَدَهُ قَبْلَ عَزْلِهَا صُدِّقَ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ مَا بَيْنَ التَّوْكِيلِ وَالتَّنَازُعِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ مِنْهَا صُدِّقَتْ قَالَهُ عج .

وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ الْمُتَسَاوُونَ فِي الْعَقْدِ أَوْ الزَّوْجِ ، نَظَرَ الْحَاكِمُ
( وَإِنْ تَنَازَعَ الْأَوْلِيَاءُ ) لِمَرْأَةٍ ( الْمُتَسَاوُونَ ) فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ كَالْأَبْنَاءِ وَالْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَالْأَعْمَامُ كَذَلِكَ ( فِي ) تَوَلِّي ( الْعَقْدِ ) مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَيْنِ الزَّوْجِ ( أَوْ ) تَنَازَعُوا فِي تَعْيِينِ ( الزَّوْجِ ) وَلَمْ تُعَيِّنْ الزَّوْجَةُ وَاحِدًا أَوْ عَيَّنَتْ غَيْرَ كُفْءٍ ( نَظَرَ الْحَاكِمُ ) فِيمَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ مِنْهُمْ فِي الْأُولَى وَفِيمَنْ يُزَوِّجُهَا مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ فَيَأْمُرُهُمْ بِتَزْوِيجِهَا مِنْهُ وَلَا يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ ، فَإِنْ عَيَّنَتْ كُفُؤًا أَوْ عَيَّنَ لَهَا فَرَضِيَتْ بِهِ تَعَيَّنَ بِلَا رَفْعٍ لِلْحَاكِمِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَظَرِ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَنَازُعِهِمْ فِي الْعَقْدِ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ حَبِيبٍ وَجَعَلَهُ تَفْسِيرًا لِلْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّهُ يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمْ ، فَإِنْ تَسَاوَوْا فِي الْفَضْلِ فَأَسَنُّهُمْ ، فَإِنْ اسْتَوَوْا فِيهِ أَيْضًا زَوَّجَ الْجَمِيعُ .

وَإِنْ أَذِنَتْ لِوَلِيَّيْنِ فَعَقَدَا ، فَلِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ الثَّانِي بِلَا عِلْمٍ ، وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ ، وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ أَوْ لِبَيِّنَةٍ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ ، لَا إنْ أَقَرَّ أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ

( وَإِنْ أَذِنَتْ ) غَيْرُ مُجْبَرَةٍ ( لِوَلِيَّيْنِ ) مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ أَوْ أَذِنَ مُجْبِرٌ لِاثْنَيْنِ يَعْقِدَانِ عَلَى مُجْبَرَتِهِ ( فَعَقَدَا ) أَيْ الْوَلِيَّانِ فِي وَقْتَيْنِ وَعَلِمَ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( فَ ) هِيَ ( لِلْأَوَّلِ ) أَيْ الزَّوْجِ الَّذِي تَقَدَّمَ الْعَقْدُ لَهُ ، وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَفُسِخَ بِلَا طَلَاقٍ إنْ عَقَدَا بِزَمَنٍ ، وَقَوْلُهُ الْآتِي أَوْ جُهِلَ الزَّمَنُ .
وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلْأَوَّلِ ( إنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ ) الزَّوْجُ ( الثَّانِي ) بِالزَّوْجَةِ حَالَ كَوْنِهِ ( بِلَا عِلْمٍ ) مِنْهُ بِأَنَّهُ ثَانٍ ، بِأَنْ لَمْ يَتَلَذَّذْ أَصْلًا أَوْ تَلَذَّذَ بِهَا عَالِمًا بِأَنَّهُ ثَانٍ وَشَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي بِلَا طَلَاقٍ فِي التَّوْضِيحِ ، وَبِطَلَاقٍ لِلْقُورِيِّ ، وَلَا يُحَدُّ بِدُخُولِهِ عَالِمًا بِالْأَوَّلِ قَالَهُ الْقُورِيُّ .
فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ فَهِيَ لَهُ قَضَى بِهِ عُمَرُ بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَمُعَاوِيَةُ لِلْحَسَنِ عَلَى ابْنِهِ يَزِيدَ إنْ تَقَدَّمَ تَفْوِيضُهَا لِوَلِيِّهَا الَّذِي عَقَدَ لِلثَّانِي .
بَلْ ( وَلَوْ تَأَخَّرَ تَفْوِيضُهُ ) أَيْ الثَّانِي أَيْ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ فَهِيَ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ ، أَيْ إذَا تَلَذَّذَ الثَّانِي بِلَا عِلْمِ الْأَوَّلِ كَانَتْ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ لِلْوَلِيِّ الَّذِي عَقَدَ لَهُ مُتَأَخِّرًا عَنْ الْإِذْنِ لِعَاقِدِ الْأَوَّلِ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ إنْ فَوَّضَتْ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ الْآخَرِ فَالنِّكَاحُ لِلْأَوَّلِ ، وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الثَّانِي وَلَوْ دَخَلَ ، وَعَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ يُفْسَخُ نِكَاحُ الْأَوَّلِ بِطَلَاقٍ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ .
وَمَحَلُّ كَوْنِهَا لِلثَّانِي الْمُتَلَذِّذِ بِلَا عِلْمٍ ( إنْ لَمْ تَكُنْ ) الْمَرْأَةُ حَالَ عَقْدِ أَوْ تَلَذُّذِ الثَّانِي بِهَا ( فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ ) لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ بِأَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي

حَيَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا بَعْدَ تَمَامِ عِدَّتِهِ ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ عَقَدَ عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّتِهِ فُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِي ، وَرُدَّتْ لِتَكْمِيلِ عِدَّةِ الْأَوَّلِ إنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ وَرِثَتْهُ وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا وَقَدْ عَقَدَ فِيهَا ، وَالصُّوَرُ الْعَقْلِيَّةُ عَشْرٌ لِأَنَّ عَقْدَ الثَّانِي إمَّا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ فِي عِدَّتِهِ أَوْ بَعْدَهَا .
فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ فَفِي الْأُولَيَيْنِ وَالْأَخِيرَتَيْنِ هِيَ لِلثَّانِي وَفِي الْوُسْطَيَيْنِ لِلْأَوَّلِ .
وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي إنْ تَلَذَّذَ بِهَا فِيهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ فَإِمَّا أَنْ يَتَلَذَّذَ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِيهَا أَوْ بَعْدَهَا فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ هِيَ فِيهَا لِلْأَوَّلِ ، وَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهَا عَلَى الثَّانِي فِيهَا إلَّا إذَا تَلَذَّذَ بِهَا بَعْدَهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ وَبَالَغَ فِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَيْ فَإِنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ الْأَوَّلِ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي إذَا كَانَ عَقَدَهُ فِي عِدَّةِ الْأَوَّلِ .
بَلْ ( وَلَوْ تَقَدَّمَ الْعَقْدُ ) مِنْ الثَّانِي عَلَى عِدَّةِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ فِي حَيَاتِهِ فَلَا تَكُونُ لِلثَّانِي ( عَلَى الْأَظْهَرِ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ .
الْحَطُّ اللَّائِقُ بِقَاعِدَةِ الْمُصَنِّفِ الْإِشَارَةُ لِابْنِ رُشْدٍ هُنَا بِصِيغَةِ فَعَلَ لِأَنَّهُ مِنْ نَفْسِهِ لَا مِنْ خِلَافٍ خَرَّجَهُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْمَفْقُودِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ عَقَدَ الثَّانِي عَلَيْهَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِ وَتَلَذَّذَ بِهَا فِي عِدَّتِهِ فَهِيَ لِلثَّانِي وَلَا تَرِثُ الْأَوَّلَ بِمَنْزِلَةِ عَقْدِهِ وَتَلَذُّذِهِ فِي حَيَاتِهِ .
وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ

فِي كَوْنِهَا لِلثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَتَلَذَّذَ الْأَوَّلُ بِهَا قَبْلَهُ .
وَاسْتُشْكِلَتْ مَسْأَلَةُ ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا مِنْ جِهَةِ تَصْوِيرِهَا بِأَنَّهَا إنْ أَذِنَتْ لِوَلِيٍّ فِي الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ الزَّوْجَ ، وَإِلَّا فَلَهَا الْخِيَارُ فَإِنْ عَيَّنَ كُلٌّ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ الزَّوْجَ الَّذِي أَرَادَهُ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ مُطْلَقًا لِعِلْمِهَا الثَّانِي لِأَنَّ عِلْمَهَا وَعِلْمَ الْوَلِيِّ الثَّانِي كَعِلْمِ الزَّوْجِ الثَّانِي ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَنْ أَرَادَهُ فَلَهَا الْبَقَاءُ عَلَى مَنْ تُرِيدُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْأَوَّلَ أَوْ الثَّانِيَ .
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِحَمْلِهَا عَلَى تَعْيِينِهِمَا وَنِسْيَانِهَا إذْنَهَا لِلْأَوَّلِ حِينَ إذْنِهَا لِلثَّانِي أَوْ اتِّفَاقُهُمَا فِي الِاسْمِ فَظَنَّتْهُمَا وَاحِدًا أَوْ عَقَدَا لَهَا بِالْبَلَدِ وَعَرَضَا عَلَيْهَا الْعَقْدَيْنِ بِالْقُرْبِ ، وَرَضِيَتْ بِأَحَدِهِمَا لَا مُعَيَّنًا ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا الْمُتَأَخِّرَ بِحَيْثُ تَعْلَمُ ذَلِكَ وَتَعْمَلُ بِهِ أَوْ عَيَّنَ لَهَا أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْعَقْدِ وَالْآخَرَ بَعْدَهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي كَيْفَ يَحْكُمُ بِهَا لِلثَّانِي بِشُرُوطِهِ مَعَ تَزَوُّجِهِ زَوْجَةَ غَيْرِهِ ، وَجَوَابُهُ اتِّبَاعُ الْإِجْمَاعِ .
وَحُمِلَ خَبَرُ أَبِي دَاوُد { أَيُّمَا امْرَأَةٍ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ فَهِيَ لِلْأَوَّلِ } عَلَى عَدَمِ دُخُولِ الثَّانِي بِشُرُوطِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ عَقْدُ كُلٍّ مِنْهُمَا ( بِلَا طَلَاقٍ ) لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِمَا ( إنْ عَقَدَا ) أَيْ الْوَلِيَّانِ عَلَى الْمَرْأَةِ لِزَوْجَيْنِ ( بِزَمَنٍ ) وَاحِدٍ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا أَوْ شَكًّا أَوْ وَهْمًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ ، سَوَاءٌ دَخَلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَالَ الشَّارِحُ إنْ دَخَلَ أَحَدُهُمَا فَهِيَ لَهُ .
( أَوْ ) عَقَدَا بِزَمَنَيْنِ وَفُسِخَ عَقْدُ الثَّانِي ( لِ ) شَهَادَةِ ( بَيِّنَةٍ ) عَلَيْهِ ( بِعِلْمِهِ ) أَيْ الثَّانِي

قَبْلَ تَلَذُّذِهِ ( أَنَّهُ ثَانٍ ) بِلَا طَلَاقٍ وَلَا يُحَدُّ قَالَهُ الْقُورِيُّ ، وَتَسْتَبْرِئُ مِنْهُ .
ثُمَّ تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ ، وَكَذَا عِلْمُ الْمَرْأَةِ أَنَّهُ ثَانٍ ( لَا ) تُرَدُّ لِلْأَوَّلِ ( إنْ أَقَرَّ ) الثَّانِي بَعْدَ تَلَذُّذِهِ بِعِلْمِهِ أَنَّهُ ثَانٍ قَبْلَهُ .
وَيُفْسَخُ نِكَاحُهُ بِطَلَاقٍ وَتُكْمِلُ عَلَيْهِ الْمَهْرَ لِاتِّهَامِهِ بِالْكَذِبِ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِلَا طَلَاقٍ وَلَا يُحَدُّ بِالْأُولَى مِمَّنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِعِلْمِهِ قَبْلَهُ ( أَوْ جُهِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( الزَّمَنُ ) الَّذِي عُقِدَ فِيهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ الْمُتَقَدِّمُ وَلَا الْمُتَأَخِّرُ مَعَ تَحَقُّقِ وُقُوعِهِمَا فِي زَمَنَيْنِ فَيُفْسَخَانِ بِطَلَاقٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا ، وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَنِكَاحُهُ ثَابِتٌ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِيهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نَقَلَهُ الْحَطُّ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَالرَّجْرَاجِيُّ وَالْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُفْسَخَانِ بِطَلَاقٍ دَخَلَا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَالْأَوْضَحُ السَّابِقُ .

وَإِنْ مَاتَتْ وَجُهِلَ الْأَحَقُّ فَفِي الْإِرْثِ قَوْلَانِ ، وَعَلَى الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ ، وَإِلَّا فَزَائِدُهُ ، وَإِنْ مَاتَ الرَّجُلَانِ فَلَا إرْثَ ، وَلَا صَدَاقَ ، وَأَعْدَلِيَّةُ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ

( وَإِنْ مَاتَتْ ) ذَاتُ الْوَلِيَّيْنِ ( وَجُهِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الزَّوْجُ ( الْأَحَقُّ ) بِهَا مِنْ الزَّوْجَيْنِ ( فَفِي ) ثُبُوتِ ( الْإِرْثِ ) لَهُمَا مَعًا فَلَهُمَا مَعًا مِيرَاثُ زَوْجٍ وَاحِدٍ مَقْسُومًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِتَحَقُّقِ الزَّوْجِيَّةِ وَعَدَمُ تَعَيُّنِ مُسْتَحِقِّهَا لَا يَضُرُّ وَعَدَمُ إرْثِهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّكَّ فِي عَيْنِ الْمُسْتَحَقِّ كَالشَّكِّ فِي سَبَبِ الْإِرْثِ ( قَوْلَانِ ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَأَكْثَرِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَالثَّانِي لِلتُّونُسِيِّ ، وَمَحَلُّهُمَا فِي جَهْلِ السَّابِقِ وَدَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ ( وَعَلَى ) الْقَوْلِ بِثُبُوتِ ( الْإِرْثِ فَالصَّدَاقُ ) وَاجِبٌ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَامِلًا لِإِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ لَهَا فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ دَفْعِ مَا أَقَرَّ بِهِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِالْإِرْثِ بَلْ بِعَدَمِهِ ( فَزَائِدُهُ ) أَيْ الصَّدَاقِ عَلَى الْمِيرَاثِ أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا زَادَ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى إرْثِهِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ فَمَنْ لَمْ يَزِدْ صَدَاقُهُ عَلَى إرْثِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَأْخُذُ مَا زَادَ عَلَى صَدَاقِهِ مِنْ الْإِرْثِ أَنْ لَوْ كَانَ يَرِثُ وَهَذَا مَحَلُّ اخْتِلَافِ الْقَوْلَيْنِ .
فَإِنْ زَادَ مَا يَرِثُهُ عَلَى صَدَاقِهِ فَعَلَى الْإِرْثِ لَهُ الزَّائِدُ ، وَعَلَى عَدَمِهِ لَا شَيْءَ لَهُ فَيَتَّفِقَانِ عَلَى عَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ إنْ كَانَ إرْثُ كُلٍّ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِهِ أَوْ قَدْرَهُ .
وَاخْتَلَفَا إنْ زَادَ إرْثُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى صَدَاقِهِ .
التُّونُسِيُّ هَذَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ الْأَوَّلُ ، فَإِنْ شَكَّا فَلَا غُرْمَ فَإِنْ لَمْ تَتْرُكْ شَيْئًا غَرِمَ كُلُّ وَاحِدٍ صَدَاقَهُ كَامِلًا أَفَادَهُ عب .
الْبُنَانِيُّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مِنْ حَيْثُ الصَّدَاقُ بَلْ فِي الْإِرْثِ خَاصَّةً ، فَانْظُرْ مَا وَجْهُ مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَزَائِدُهُ مَعَ قَوْلِهِ فَالصَّدَاقُ ، وَمَا أَحْسَنَ عِبَارَةَ أَبِي الْحَسَنِ وَصَاحِبِ اللُّبَابِ وَنَصُّهُمَا مَنْ كَانَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57