كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

كَانَتْ عَلَى حَالَتِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقِهَا .
وَأَمَّا الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرُ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا ، أَوْ بِحَبْسِهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا فَرَبُّهَا يُخَيِّرُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي ، أَوْ يَأْخُذُهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ ، وَلَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَالسَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ وَلَا كِرَاءٌ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا ، وَلَوْلَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لَجَعَلْت عَلَى السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ كِرَاءَ رُكُوبِهِ إيَّاهَا وَأُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا كَالْمُكْتَرِي ، وَلَكِنِّي آخُذُ فِيهِمَا بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ا هـ .
الْبَاجِيَّ الْفَرْقُ أَنَّ الْغَاصِبَ غَصَبَ الرَّقَبَةَ فَيَضْمَنُهَا دُونَ مَنَافِعِهَا ، بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ فَتَعَدَّى عَلَى الْمَنَافِعِ فَضَمِنَهَا .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَضْمَنُ غَلَّةَ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ رِبَاعٍ وَحَيَوَانٍ ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ صَرَّحَ الْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ وَغَيْرُهُمَا بِتَشْهِيرِهِ ، وَشَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ .
.

كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا وَأَمَرَهُ الْغَاصِبُ بِالصَّيْدِ وَصَيْدُ عَبْدٍ ، وَجَارِحٍ

( وَ ) لَهُ ( صَيْدُ ) أَيْ مَصِيدُ ( عَبْدٍ ) مَغْصُوبٍ اتِّفَاقًا ( وَ ) مَصِيدُ ( جَارِحٍ ) كَبَازٍ وَكَلْبٍ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ عَبْدًا وَأَمَرَهُ الْغَاصِبُ بِالصَّيْدِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ صَيْدَهُ لِرَبِّهِ ، وَإِنْ كَانَ آلَةً كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ صَيْدَهُ لِلْغَاصِبِ ، وَعَلَيْهِ أَجْرُ انْتِفَاعِهِ بِهِ .
وَإِنْ كَانَ فَرَسًا فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْآلَاتِ ، وَإِنْ كَانَ جَارِحًا كَالْبَازِي وَالْكَلْبِ فَهَلْ يُلْحَقُ بِالْعَبْدِ أَوْ بِالْآلَاتِ قَوْلَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُخْتَلَفْ أَنَّ الَّذِي يَتَعَدَّى عَلَى فَرَسٍ أَوْ قَوْسٍ أَوْ نَبْلٍ فَيَصِيدُ بِهِ ، فَإِنَّ الصَّيْدَ لِلْمُتَعَدِّي وَعَلَيْهِ أَجْرُ مِثْلِ الْفَرَسِ وَالْقَوْسِ وَالنَّبْلِ ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ أَيْضًا فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ فَبَعَثَهُ يَصْطَادُ أَنَّ الصَّيْدَ لِصَاحِبِ الْعَبْدِ .
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ تَعَدَّى عَلَى كَلْبٍ أَوْ بَازٍ فَاصْطَادَ بِهِ وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، أَنَّهُ كَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدٍ فَأَرْسَلَهُ يَصْطَادُ لَهُ ، لِأَنَّ الْعَمَلَ إنَّمَا هُوَ لِلْكَلْبِ وَالْبَازِي لِأَنَّهُمَا هُمَا التَّابِعَانِ الصَّيْدَ الْآخِذَانِ لَهُ ، وَإِنَّمَا لِلْمُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ الْإِرْسَالُ وَالْإِشْلَاءُ خَاصَّةً ، فَوَجَبَ كَوْنُ صَاحِبِ الْكَلْبِ وَالْبَازِي أَحَقَّ بِالصَّيْدِ لِأَنَّ لَهُ فِي صَيْدِهِ شَيْئَيْنِ الِاتِّبَاعَ وَالْأَخْذَ ، وَلَيْسَ لِلْمُتَعَدِّي فِيهِ إلَّا التَّحْرِيضُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى مَا تُؤُوِّلَ مِنْ مَذْهَبِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ أَنَّ الزَّرْعَ يَكُونُ فِيهَا لِمَنْ أَخْرَجَ شَيْئَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي غُرْمِ الْغَاصِبِ غَلَّةَ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا وَنَفْيِهِ ، ثَالِثُهَا : غَلَّةُ الرِّبَاعِ وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ لَا الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ ، وَرَابِعُهَا : مَا اسْتَقَلَّ لَا مَا اُسْتُغِلَّ .
وَخَامِسُهَا : غَلَّةُ الرِّبَاعِ وَالنَّخْلِ لَا غَلَّةُ الْعَبْدِ وَالْحَيَوَانِ ، ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي غَلَّةِ الْمَغْصُوبِ فَقَالَ أَشْهَبُ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَغْصُوبِ تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا

يَوْمَ قَبْضِهَا أَوْ أَكْثَرُ مَا انْتَهَتْ إلَيْهِ وَإِنْ تَلِفَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ ، وَاَلَّذِينَ قَالُوا حُكْمُهَا خِلَافُ حُكْمِ الْمَغْصُوبِ اخْتَلَفُوا بَعْدَ إجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ بِبَيِّنَةٍ لَا يَضْمَنُهَا ، وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهَا فَلَا يُصَدَّقُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ .
وَتَحْصِيلُ اخْتِلَافِهِمْ أَنَّ مَا تَوَلَّدَ عَنْ الْمَغْصُوبِ عَلَى هَيْئَتِهِ وَخِلْقَتِهِ وَهُوَ الْوَلَدُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَرُدُّهُ ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ وَهُوَ السَّمْنُ وَاللَّبَنُ وَالصُّوفُ وَشِبْهُهُ فِي كَوْنِهِ لِلْغَاصِبِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ قَوْلَانِ وَإِنْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْغَلَّةِ وَأَخْذِ الْغَلَّةِ دُونَ قِيمَتِهِ ، وَمَا كَانَ غَيْرُ مُتَوَلِّدٍ كَالْأَكْرِيَةِ وَالْخَرَاجَاتِ فِي وُجُوبِ رَدِّهَا وَنَفْيِهِ .
ثَالِثُهَا يَرُدُّ إنْ أَكْرَى أَوْ انْتَفَعَ لَا إنْ عَطَّلَ .
وَرَابِعُهَا إنْ أَكْرَى لَا إنْ انْتَفَعَ أَوْ عَطَّلَ .
وَخَامِسُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْأُصُولِ ا هـ .
.

وَكِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ كَمَرْكَبٍ نَخِرٍ ، وَأَخَذَ مَا لَا عَيْنَ لَهُ قَائِمَةٌ ، وَصَيْدِ شَبَكَةٍ وَمَا أَنْفَقَ فِي الْغَلَّةِ

وَ ) لَهُ ( كِرَاءُ أَرْضٍ بُنِيَتْ ) دَارًا أَوْ نَحْوَهَا وَسَكَنَهَا الْغَاصِبُ أَوْ اسْتَغَلَّهَا .
اللَّخْمِيُّ لَمْ أَعْلَمْهُمْ اخْتَلَفُوا فِيمَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَاهَا ثُمَّ سَكَنَ أَوْ اسْتَغَلَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ سِوَى غَلَّةِ الْقَاعَةِ ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ خَاصَّةً ، فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً وَبَنَى فِيهَا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوْ غَرَسَ فَلْيَقْتَسِمَا ، فَإِنْ وَقَعَ بِنَاؤُهُ أَوْ غَرْسُهُ فِي حِصَّتِهِ دَفَعَ لِشَرِيكِهِ أُجْرَةَ الْأَرْضِ فِيمَا مَضَى ، وَإِنْ وَقَعَ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ خُيِّرَ مَنْ وَقَعَتْ فِي حِصَّتِهِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا أَوْ أَمْرِهِ بِقَلْعِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَحَكَى اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ فِيمَنْ غَصَبَ بِنَاءً خَرِبًا وَأَصْلَحَهُ وَاغْتَلَّهُ فَقَالَ أَشْهَبُ مَا زَادَ فِي غَلَّتِهِ فَلِلْغَاصِبِ كَسَاحَةٍ يَعْمُرْهَا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ وَوَافَقَ أَصْبَغُ أَشْهَبَ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَبْيَنُ فَيُقَوَّمُ الْأَصْلُ قَبْلَ إصْلَاحِهِ فَيُنْظَرُ مَا كَانَ يُؤَاجَرُ بِهِ مِمَّنْ يُصْلِحُهُ فَيَغْرَمُهُ ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلِلْغَاصِبِ .
وَرَأَى مُحَمَّدٌ أَنَّ جَمِيعَ الْغَلَّةِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَلَهُ أَخْذُ الدَّارِ مُصْلَحَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةُ مَا لَوْ نَزَعَهُ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ وَرَأَى الْمَالِكَ يَسْتَحِقُّ الْبِنَاءَ بِقِيمَتِهِ فَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ .
وَشَبَّهَ فِي أَنَّ كِرَاءَ الْأَصْلِ الْخَرِبِ لِمَنْ يُصْلِحُهُ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدَ بِالْإِصْلَاحِ لِلْغَاصِبِ فَقَالَ ( كَمَرْكَبٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَفِينَةٍ ( نَخِرٍ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ بَالٍ مُتَخَرِّبٍ غَصَبَهُ وَأَصْلَحَهُ وَاسْتَغَلَّهُ فَغَلَّةُ الْأَصْلِ لِلْمَالِكِ وَالزَّائِدُ لِلْغَاصِبِ بِأَنْ يُقَالَ كَمْ تُسَاوِي أُجْرَتُهُ نَخِرًا لِمَنْ يُعَمِّرُهُ وَيَسْتَغِلُّهُ ، فَمَا قِيلَ لَزِمَ الْغَاصِبَ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْجَمِيعُ لِلْمَالِكِ .
اللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَبْيَنُ .
ابْنُ رَاشِدٍ أَقْيَسُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ

الثَّانِي أَظْهَرُ .
( وَ ) إذَا أَخَذَ الْمَالِكُ الْمَرْكَبَ ( أَخَذَ ) مَعَهُ بِلَا عِوَضٍ ( مَا ) أَيْ الْمُصْلَحَ بِهِ الَّذِي ( لَا عَيْنَ ) أَيْ ذَاتَ ( لَهُ ) بَعْدَ قَلْعِهِ ( قَائِمَةٌ ) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ كَالزِّفْتِ وَالْقُلْفُطَةِ .
وَأَمَّا مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالْحِبَالِ وَالْمَجَاذِيفِ وَالسَّوَارِي وَالْقِلَاعِ وَالْهُلْبِ الَّذِي يُرْمَى فِي الْبَحْرِ لِحَبْسِ الْمَرْكَبِ عَنْ السَّيْرِ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ إنْ كَانَ الْمَرْكَبُ فِي مَرْسَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ وَتَوَقَّفَ سَيْرُهُ إلَى بَلَدِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجِدْ بَدَلَهُ يُسَيِّرُهَا بِهِ إلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ، فَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَرْكَبِ بَيْنَ دَفْعِ قِيمَتِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ كَيْفَ كَانَتْ وَتَسْلِيمِهِ لِلْغَاصِبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ غَصَبَ مَرْكَبًا خَرِبًا وَأَنْفَقَ فِي قَلْفَطَتِهِ وَرَقَبَتِهِ وَآلَتِهِ ثُمَّ اغْتَلَّ فِيهِ غَلَّةً كَثِيرَةً فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ مَصْلُوحًا بِجَمِيعِ غَلَّتِهِ ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيمَا أَنْفَقَ الْغَاصِبُ إلَّا فِي الصَّارِي وَالْأَرْجُلِ وَالْحِبَالِ ، وَمَا لَهُ ثَمَنٌ إنْ أُخِذَ فَلِلْغَاصِبِ أَخْذُهُ ، وَإِنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا تُوجَدُ فِيهِ آلَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَرْيِهِ حَتَّى يَرِدَ إلَى مَوْضِعِهِ ، وَمَا لَا يُوجَدُ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ فَرَبُّهُ مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ ذَلِكَ بِقِيمَتِهِ .
( وَ ) لَهُ كِرَاءُ ( صَيْدِ شَبَكَةٍ ) وَشَرَكٍ وَرُمْحٍ وَنَبْلٍ وَقَوْسٍ وَحَبْلٍ وَسَيْفٍ مَغْصُوبَةٍ فَصَيْدٍ مَجْرُورٌ عَطْفٌ عَلَى أَرْضٍ ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الِاصْطِيَادُ .
وَأَمَّا الْمَصِيدُ بِهَا فَهُوَ لِلْغَاصِبِ اتِّفَاقًا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَهُ صَيْدُ شَبَكَةٍ وَالضَّمِيرُ الْغَاصِبُ ، وَالصَّيْدُ بِمَعْنَى الْمَصِيدِ ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهَا تَشْتِيتُ مَرْجِعِ ضَمِيرِ لَهُ فَإِنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ رَاجِعٌ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، وَهُنَا رَاجِعٌ لِلْغَاصِبِ ، وَلَا يُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ أَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءَ الشَّبَكَةِ .
وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا صَيْدَ شَبَكَةٍ

أَيْ لَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَا صِيدَ بِشَبَكَتِهِ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ ، وَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ آلَةً كَسَيْفٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّيْدَ لِلْغَاصِبِ وَمِثْلُ السَّيْفِ الشِّبَاكُ وَالْحِبَالَاتُ .
( وَمَا ) أَيْ الْمَالِ الَّذِي ( أَنْفَقَ ) هـ الْغَاصِبُ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَعَلَفِ الدَّابَّةِ الْمَغْصُوبَةِ وَمُؤْنَةُ الرَّقِيقِ الْمَغْصُوبِ وَكِسْوَتُهُ وَسَقْيُ الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَعِلَاجُهَا وَحَصْدُ الزَّرْعِ الْمَغْصُوبِ وَدَرْسُهُ وَتَذْرِيَتُهُ وَسَقْيُ الشَّجَرِ الْمَغْصُوبِ وَعِلَاجُهُ كَائِنٌ ( فِي الْغَلَّةِ ) لِلْمَغْصُوبِ لَا يَتَعَدَّاهَا إلَى ذِمَّةِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ غَلَّةٌ أَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فَلَا رُجُوعَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ ، ثُمَّ رَجَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ مِنْ الْغَلَّةِ فِي النَّفَقَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
الْمُصَنِّفُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْغَاصِبَ وَإِنْ ظَلَمَ لَا يُظْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى غُرْمِ الْغَاصِبِ الْغَلَّةَ فِي رُجُوعِهِ بِالنَّفَقَةِ فِيهَا طَرِيقَانِ .
اللَّخْمِيُّ فِي رُجُوعِهِ بِنَفَقَةِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ ثَلَاثَةٌ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ يَرْجِعُ بِهِ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْغَلَّةَ ، ثُمَّ قَالَ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْحَائِطُ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ بِيَدِ رَبِّهِ اسْتَأْجَرَ لَهُ فَهُوَ كَطَعَامِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَسْتَأْجِرُ لَهُ ، لِأَنَّ لَهُ عَبِيدًا وَدَوَابَّ وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُمْ بَعْدَ غَصْبِ الْحَائِطِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ بَعْضُ ذَلِكَ رَجَعَ بِأَجْرِ مَا يَعْجِزُ رَبُّ الْحَائِطِ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُمْ رَبُّهُمْ بَعْدَ غَصْبِ الْحَائِطِ كَانَ عَلَيْهِ أَجْرُ مَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْأَجْرَ الَّذِي أَخَذَهُ فِيهِمْ وَلِأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى رَجُلٍ فَسَقَى لَهُ شَجَرَهُ أَوْ حَرَثَ أَرْضِهِ أَوْ

حَصَدَ زَرْعَهُ ثُمَّ سَأَلَهُ أَجْرَ ذَلِكَ إنْ كَانَ رَبُّ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِمَّنْ لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهَا فَعَلَيْهِ أَجْرُهَا ، وَإِنْ كَانَ يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ مَنْ يَلِي ذَلِكَ لَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَأَرَى أَنَّ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ الْأَقَلَّ مِنْ إجَارَةِ الْمِثْلِ فِيمَا عَمِلَهُ الْغَاصِبُ ، أَوْ مَا أَجَرَ هُوَ بِهِ عَبِيدَهُ أَوْ الْغَلَّةَ .
قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّ ثَالِثَ الْأَقْوَالِ هُوَ اخْتِيَارُهُ كَعَدِّ ابْنِ رُشْدٍ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ اخْتِيَارَهُ قَوْلًا ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِ أَصْبَغَ ثَالِثًا لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَسْأَلَةِ غَاصِبٍ لِنَصِّ قَوْلِهِ تَعَدَّى مُفَسِّرًا لَهُ بِقَوْلِهِ فَسَقَى إلَخْ الصِّقِلِّيُّ لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهَا بِرُجُوعِ الْغَاصِبِ بِمَا أَنْفَقَ وَسَقَى وَعَالَجَ وَرَعَى فِي الْغَلَّةِ ، قَالَ وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ سَبَبًا لِلْغَلَّةِ وَأَخَذَ بِهِ مُحَمَّدٌ .
قَالَ إذْ لَيْسَ بِعَيْنٍ قَائِمَةٍ وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَخْذِهِ وَلَا هُوَ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ بَعْدَ قَلْعِهِ .
قُلْت وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا لِسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
.

وَهَلْ إنْ أَعْطَاهُ فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فَبِهِ ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ تَرَدُّدٌ

( وَ ) إذَا كَانَ لِإِنْسَانٍ شَيْءٌ مُقَوَّمٌ سَامَهُ أَشْخَاصٌ بِقَدْرٍ وَاحِدٍ مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الدَّرَاهِمِ وَغَصَبَهُ غَاصِبٌ وَأَتْلَفَهُ فَ ( هَلْ ) يَلْزَمُ الْغَاصِبَ الثَّمَنُ الَّذِي سَامَهُ الْأَشْخَاصُ ( إنْ ) كَانَ ( أَعْطَاهُ ) أَيْ سَامَ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ ( مُتَعَدِّدٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْأُولَى ( عَطَاءً ) أَيْ ثَمَنًا وَاحِدًا كَعَشَرَةٍ ( فَ ) يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ( بِهِ ) أَيْ الْعَطَاءِ الْوَاحِدِ لَا بِقِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ ( أَوْ ) يَضْمَنُهُ ( بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ ) أَيْ الْعَطَاءِ الْوَاحِدِ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ ( وَمِنْ الْقِيمَةِ ) وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى ( تَرَدُّدٌ ) مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي قَوْلِ عِيسَى ، هَلْ هُوَ خِلَافٌ لِقَوْلَيْ مَالِكٍ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ ، أَوْ هُوَ تَفْسِيرٌ لَهُمَا ، فَقَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِالْعَطَاءِ أَيْ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فِيهَا كَمَا قَالَ سَحْنُونٌ ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ بِالْقِيمَةِ أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ فِيهِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمَا فِي الْمَعْنَى .
وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مَنْ تَسَوَّقَ بِسِلْعَةٍ فَأَعْطَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِهَا ثَمَنًا ثُمَّ اسْتَهْلَكَهَا رَجُلٌ فَلْيَضْمَنْ مَا أُعْطِيَ فِيهَا ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهَا إذَا كَانَ عَطَاءً قَدْ تَوَاطَأَ عَلَيْهِ النَّاسُ ، وَلَوْ أَرَادَ الْبَيْعَ بِهِ بَاعَ لِأَنَّ هَذَا يُعَيِّنُ الْقِيمَةَ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقِيمَةُ .
وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ أَفَادَهُ تت ، وَنَحْوُهُ لِلْحَطِّ ، زَادَ فَظَاهِرُ كَلَامِ الْعُتْبِيِّ وَابْنِ يُونُسَ أَيْضًا أَنَّ الْمُسْتَهْلِكَ لَا يَضْمَنُ إلَّا مَا أُعْطِيَ فِيهَا ، سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ

نَقَصَ ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافُهُ .
قَالَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يَنْظُرُ لِقِيمَتِهَا مَعْنَاهُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ ، فَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ فِيهَا فَقَوْلُ عِيسَى يَضْمَنُ الْأَكْثَرَ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَأَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي فَهْمِ كَلَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَلَوْ قَالَ وَعَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ أَعْطَى فِيهِ مُتَعَدِّدٌ عَطَاءً فِيهِ ، وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ الْقِيمَةِ ؟ تَرَدُّدٌ لَكَانَ وَاضِحًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَإِنْ وَجَدَ غَاصِبُهُ بِغَيْرِهِ وَغَيْرِ مَحِلِّهِ ، فَلَهُ تَضْمِينُهُ ، وَمَعَهُ أَخَذَهُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ لِكَبِيرِ حَمْلٍ

( وَإِنْ ) غَصَبَ شَخْصٌ مُقَوَّمًا وَانْتَقَلَ لِآخَرَ وَتَبِعَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَ ( وَجَدَ ) الْمَغْصُوبَ مِنْهُ ( غَاصِبَهُ ) مُصْطَحِبًا ( بِغَيْرِهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الْمُقَوَّمِ ( وَ ) فِي ( غَيْرِ مَحِلِّهِ ) أَيْ الْغَصْبِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( تَضْمِينُهُ ) أَيْ الْغَاصِبَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ .
ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا لِمَا عَلَيْهِ فِي الصَّبْرِ إلَى رُجُوعِهِ إلَى مَحِلِّهِ مِنْ الضَّرَرِ ، وَلَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَحِلِّهِ ، وَيَلْزَمُ الْغَاصِبَ أَوْ وَكِيلَهُ الرُّجُوعُ مَعَهُ لِإِقْبَاضِ ذَلِكَ ( وَ ) إنْ وَجَدَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ مَحِلِّهِ وَالْمَغْصُوبُ الْمُقَوَّمُ ( مَعَهُ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( أَخَذَهُ ) الْمَغْصُوبَ الْمُقَوَّمَ مِنْ الْغَاصِبِ عِنْدَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، ظَاهِرُهُ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ عَرْضًا لِأَنَّ نَقْلَهُ لَيْسَ فَوْتًا وَهَذَا ( إنْ لَمْ يَحْتَجْ ) الْمَغْصُوبُ ( لِكَبِيرِ حَمْلٍ ) كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ ، فَإِنْ احْتَاجَ لِكَبِيرِ حَمْلٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ وَجَدَهُ فِي غَيْرِ مَكَانِهِ فَثَالِثُهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ حَيَوَانًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهُ ، وَفِي غَيْرِهِ تَخَيَّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ .
الْمُوَضَّحُ الْأَوَّلُ لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ ، وَالثَّانِي يُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَظَاهِرُ رِوَايَتِهِ عَنْ أَشْهَبَ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ وَنَسَبَهُ الْمُصَنِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ ذِكْرِهِ وَهَذَا فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ إلَى الْكِرَاءِ عَلَيْهِ كَالدَّوَابِّ وَوَخْشِ الرَّقِيقِ ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى الْكِرَاءِ عَلَيْهِ فَحُكْمُهُ كَالْعَرْضِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَبِهَا صَدَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ فِي كَوْنِ نَقْلِهِ

مِنْ بَلَدٍ لِآخَرَ فَوْتًا فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ غَيْرَ فَوْتٍ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ ، ثَالِثُهَا فَوْتٌ فِي الْعُرُوضِ وَالرَّقِيقِ لَا فِي الْحَيَوَانِ غَيْرُهُ لِأَصْبَغَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَهُ طفي .
ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ لَيْسَ لِرَبِّهِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهِ لِبَلَدِ الْغَصْبِ وَلِلْمُغِيرَةِ مَنْ نَقَلَ خَشَبَةً مِنْ عَدَنَ لِجِدَّةِ بِمِائَةِ دِينَارٍ جُبِرَ نَاقِلُهَا عَلَى عَوْدِهَا لِمَحِلِّهَا ، قَالَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ أَخْطَأَ مُسْتَأْجِرٌ عَلَى حَمْلِ شَيْءٍ لِبَلَدِ فَحَمَلَهُ إلَى غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُقِلَ مِنْهُ وَأَخْذِهِ بِغُرْمِ كِرَائِهِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَخْذِهِ بِدُونِ غُرْمٍ أَصْبَغَ لِرَبِّهِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهِ لِمَا مِنْهُ نَقَلَهُ أَوْ أَخَذَهُ مَجَّانًا ، إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ رَبَّهُ كَانَ رَاغِبًا فِي وُصُولِهِ فَيَلْزَمُهُ كِرَاءُ مِثْلِهِ أَفَادَهُ تت " ق " ابْنُ حَارِثٍ اتَّفَقُوا إذَا غَصَبَهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً ثُمَّ لَقِيَهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ ، وَلَا تَجِبُ لَهُ قِيمَتُهُ عَبْدًا أَوْ جَارِيَةً ثُمَّ لَقِيَهُ بِهَا بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ ذَلِكَ بِعَيْنِهِ وَلَا تَجِبُ لَهُ قِيمَتُهُ وَلَا أَنْ يَأْخُذَهُ بِرَدِّهِ إلَى مَوْضِعِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَوْ وَجَدَ الْغَاصِبَ خَاصَّةً فَلَهُ تَضْمِينُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَقِيَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْغَاصِبَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي غَصَبَهُ فِيهِ يَعْنِي وَلَيْسَ مَعَهُ الْمَغْصُوبُ فَأَرَادَ أَنْ يُغَرِّمَهُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ا هـ .
وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ النَّقْلُ فَوْتٌ فِي الرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ دُونَ الْحَيَوَانِ .
قَالَ الْبَاجِيَّ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ الْعَبْدِ وَالدَّوَابِّ ، وَيُخَيَّرُ فِي الْبَزِّ وَالْعُرُوضِ فِي أَخْذِ

عَيْنِهَا أَوْ قِيمَتِهَا .
ابْنُ يُونُسَ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ وَالرَّقِيقِ يُسْرَقُ فَيَجِدُهُ رَبُّهُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ ، قَالَ أَمَّا الطَّعَامُ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبَ وَالسَّارِقَ بِمِثْلِهِ فِي مَوْضِعِ سَرِقَتِهِ وَأَمَّا الْعَبِيدُ وَالدَّوَابُّ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُمْ إلَّا حَيْثُ وَجَدَهُمْ لَا غَيْرَ ذَلِكَ ، أَرَادَ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرُوا ، وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَرَبُّهَا يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ بِمَوْضِعِ سَرِقَتِهِ وَأَشْهَبُ يُخَيِّرُهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ أَيْضًا .
.

لَا إنْ هَزِلَتْ جَارِيَةٌ ، أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ صَنْعَةً ثُمَّ عَادَ أَوْ خَصَاهُ فَلَمْ يَنْقُصْ أَوْ جَلَسَ عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ

( لَا ) خِيَارَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( إنْ هَزِلَتْ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَضَمِّهَا وَكَسْرِ الزَّايِ ، أَيْ رَقَّتْ ( جَارِيَةٌ ) عِنْدَ غَاصِبِهَا ثُمَّ عَادَتْ لِسِمَنِهَا فَلَيْسَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَخْذُهَا ( أَوْ نَسِيَ عَبْدٌ ) مَغْصُوبٌ ( صَنْعَةً ) عِنْدَ الْغَاصِبِ ( ثُمَّ عَادَ ) الْعَبْدُ لِمَعْرِفَتِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ ، وَتَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ قَائِلًا لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمَا .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ هَزِلَتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ ذَكَرَهَا حَصَلَ الْجَبْرُ .
ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ فِي الْمَذْهَبِ نَصًّا فِي هَذَا إلَّا لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، بَلْ الْغَزَالِيُّ قَالَ فِي وَجِيزِهِ وَلَوْ هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ أَوْ نَسِيَ الْعَبْدُ الصَّنْعَةَ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا أَوْ أَبْطَلَ صَنْعَةَ الْإِنَاءِ ثُمَّ أَعَادَ مِثْلَهُ فَفِي حُصُولِ الْجَبْرِ وَجْهَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْإِنَاءَ لَا يَنْجَبِرُ بِذَلِكَ ، وَمَسْأَلَةُ الْغَصْبِ عِنْدِي تَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الْمُودِعِ يَتَعَدَّى عَلَى الْوَدِيعَةِ ثُمَّ يُعِيدُهَا لِحَالِهَا فِي الْمِثْلِيِّ مِنْهَا .
وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمَا أَنَّ الْهُزَالَ فِي الْجَارِيَةِ يُوجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ ضَمَانَهَا وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِمَا .
وَمَفْهُومُ قَوْلِهَا وَمَنْ غَصَبَ شَاةً فَهَرِمَتْ فَهُوَ فَوْتٌ مَعَ قَوْلِهَا فِي سَلَمِهَا الثَّانِي ، أَنَّ هُزَالَ الْجَارِيَةِ لَغْوٌ ، بِخِلَافِ هُزَالِ الدَّابَّةِ خِلَافُ ذَلِكَ .
أَوْ خَصَاهُ ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ( فَلَمْ يَنْقُصْ ) ثَمَنُهُ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا أَخْذُهُ وَعَدَمُ نَقْصِهِ صَادِقٌ بِبَقَائِهِ بِحَالِهِ وَبِزِيَادَتِهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ نَقَصَ يَضْمَنُ نَقْصَهُ نَصَّ عَلَى الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ فِي الْجَوَاهِرِ ، وَزَادَ وَيُعَاقَبُ " غ " بِهَذَا جَزَمَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَاَلَّذِي فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ

الْعُيُوبِ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ عَدَا عَلَى غُلَامٍ فَخَصَاهُ فَزَادَ فِي ثَمَنِهِ ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ الْخِصَاءُ .
ابْنُ رُشْدٍ أَرَادَ إذَا لَمْ يُرِدْ تَضْمِينَهُ وَاخْتَارَ حَبْسَهُ ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ يُقَوَّمُ عَلَى قَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْهُ عِنْدَ غَيْرِ أَهْلِ الطَّوْلِ مِنْ الْأَعْرَابِ وَشِبْهِهِمْ الَّذِينَ لَا رَغْبَةَ لَهُمْ فِي الْخُصْيَانِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى عَبْدٍ دَنِيءٍ يُنْقِصُ مِنْ مِثْلِهِ الْخِصَاءُ ، فَمَا نَقَصَ مِنْهُ كَانَ عَلَى الْجَانِي عَلَى هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ذَلِكَ الْجُزْءُ مِنْ قِيمَتِهِ ، وَقَدْ تَأَوَّلَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يَقَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي قِيمَتِهِ ، فَيَجْعَلَ ذَلِكَ نُقْصَانًا مِنْهَا يَكُونُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ وَذَلِكَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ إنْ خَصَاهُ فَقَطَعَ أُنْثَيَيْهِ أَوْ ذَكَرَهُ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَإِنْ قَطَعَهُمَا جَمِيعًا فَقِيمَتُهُ مَرَّتَيْنِ كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ إذَا قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ دِيَتَانِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْمُوضِحَةِ أَنَّهُ يَكُونُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ قِيمَةٌ بِحِسَابِ الْجُزْءِ مِنْ دِيَتِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إذَا زَادَهُ الْخِصَاءُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ ، وَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَشِبْهِهِمَا مِمَّا لَا نُقْصَانَ فِيهِ بَعْدَ بُرْئِهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي هَذَا الْفَصْلِ حَسَنٌ ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدُوسٍ هَذَا هُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ ، زَادَ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ ، وَمَعَ هَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ مَنْ خَصَى عَبْدًا فَنَقَصَهُ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ كَجِرَاحِهِ ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ نَظَرٌ إلَى مَا يَنْقُصُ

مِنْ أَوْسَطِ صِنْفِهِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ عُشْرًا كَانَ لَهُ عُشْرُ ثَمَنِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ الْخِصَاءُ فِي ثَمَنِهِ الثُّلُثَ ، فَعَلَى الْجَانِي ثُلُثَ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ زَادَ فِيهِ مِثْلَ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ غَرِمَ جَمِيعَ قِيمَتِهِ وَهُوَ بَعِيدٌ فِي الْمَعْنَى ، وَإِنْ سَاعَدَهُ اللَّفْظُ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا يُنْقِصُ مِنْهُ الْخِصَاءُ الَّذِي زَادَ فِي قِيمَتِهِ كَمْ كَانَ يُنْقِصُ مِنْهُ لَوْ لَمْ يُرْغَبْ فِيهِ مِنْ أَجَلِ خِصَائِهِ إذْ لَا شَكَّ فِي نَقْصِ الْخِصَاءِ بَعْضَ مَنَافِعِهِ فَأَرَادَ فِي الرِّوَايَةِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى مَا نَقَصَ مِنْهُ الْخِصَاءُ لَوْ لَمْ يُرْغَبْ فِيهِ لِأَجْلِ خِصَائِهِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ زَادَ فِيهِ نُظِرَ إلَى عَبْدٍ دَنِيءٍ يُنْقِصُ مِثْلَهُ الْخِصَاءُ ، فَيُقَالُ مَا يُنْقِصُهُ أَنْ لَوْ أُخْصِيَ فَيُقَالُ خَمْسَةٌ فَيَغْرَمُ الْجَانِي خُمُسَ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ النَّبِيلِ الرَّائِعِ أَكْثَرَ مِمَّا يُنْقِصُ مِنْ قِيمَةِ الْوَخْشِ ، فَمَا أَوَّلْنَاهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَصَحُّ .
وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْجَانِي ، وَاَلَّذِي أَقُولُ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَعَلَى الْجَانِي جَمِيعُ قِيمَتِهِ لِأَنَّ الْخِصَاءَ يَقْطَعُ النَّسْلَ ، وَفِيهِ فِي الْحُرِّ كَمَالُ الدِّيَةِ فَيَكُونُ فِيهِ فِي الْعَبْدِ كَمَالُ قِيمَتِهِ قِيَاسًا عَلَى مُوضِحَتِهِ وَمُنَقِّلَتِهِ وَمَأْمُومَتِهِ ا هـ .
الْحَطّ يُؤْخَذُ مِمَّا هُنَا أَنَّ الْخِصَاءَ لَيْسَ مِثْلَهُ وَلَوْ كَانَ مِثْلَهُ لَعَتَقَ عَلَى الْغَاصِبِ ، وَغَرِمَ لِرَبِّهِ قِيمَتَهُ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ ا هـ .
( أَوْ جَلَسَ ) شَخْصٌ ( عَلَى ثَوْبِ غَيْرِهِ فِي صَلَاةٍ

) وَقَامَ صَاحِبُ الثَّوْبِ فَانْقَطَعَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَالِسِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى ، وَلَا يَجِدُ النَّاسُ مِنْ هَذَا بُدًّا فِي الصَّلَوَاتِ وَالْمَجَالِسِ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَمُطَرِّفٌ ، وَعَلَيْهِ فَلَا خُصُوصِيَّةَ لِقَوْلِهِ فِي صَلَاةٍ " غ " كَذَا لِابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأُخِذَ مِنْ قَوْلِهَا ضَمَانُ مَوْتِ فَرَسِ أَحَدِ الْمُصْطَدِمَيْنِ فِي مَالِ الْآخَرِ ، وَحَدُّهُ ضَمَانُ الْجَالِسِ عَلَى الثَّوْبِ وَحْدَهُ ، وَقَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ لَا بِأَخْذٍ مِنْهَا ، وَلَا ظَهَرَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا كَمُحْرِمٍ حَبَسَ صَيْدًا لِمُحْرِمٍ فَقَتَلَهُ عب .
وَعَلَّلَ الْمُصَنِّفُ عَدَمَ ضَمَانِ الْجَالِسِ أَيْضًا بِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِقَطْعِهِ وَالْجَالِسُ تَسَبَّبَ سَبَبًا ضَعِيفًا ، وَالْمُبَاشِرُ يُقَدَّمُ عَلَى ذِي السَّبَبِ الضَّعِيفِ ، بِخِلَافِ السَّبَبِ الْقَوِيِّ فَيَضْمَنَانِ مَعًا كَمَا سَيَقُولُ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ ، ثُمَّ قَالَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَطِئَ عَلَى نَعْلِ غَيْرِهِ فَمَشَى صَاحِبُ النَّعْلِ فَانْقَطَعَ فَيَضْمَنُ الْوَاطِئُ قِيمَةَ الْمَقْطُوعَةِ وَأَرْشَ نَقْصِ الْأُخْرَى فِيمَا يَظْهَرُ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّلَاةَ وَنَحْوَهَا يُطْلَبُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا ، بِخِلَافِ الطُّرُقِ ، وَلَا حَقَّ لَهُ فِي مُزَاحَمَةِ غَيْرِهِ وَمِثْلُ وَطْءِ النَّعْلِ قَطْعُ حَامِلِ حَطَبٍ ثِيَابَ مَارٍّ بِطَرِيقٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَنْذَرَ وَيَنْبَغِي عَدَمُهُ مَعَهُ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَمِثْلُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ فَتْحُ بَابٍ أُسْنِدَتْ لَهُ جَرَّةُ زَيْتٍ مَثَلًا فَانْكَسَرَتْ فَقَدْ نَفَى الضَّمَانَ عَنْهُ .
ابْنُ رُشْدٍ فَقَالَ لَمْ أَذْكُرْ فِيهِ نَصًّا لِأَحَدٍ ، وَيَجْرِي فِيهِ عَلَى أُصُولِهِمْ قَوْلَانِ تَضْمِينُ الْفَاتِحِ وَعَدَمُهُ وَبِهِ كُنْت أَقْضِي .
ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ أَبِي زَعْبَلٍ مَا نَصُّهُ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ

اللَّهُ عَنْهُ " فِي رَجُلٍ وَضَعَ جَرَّةً حِذَاءَ بَابِ رَجُلٍ فَفَتَحَ الرَّجُلُ بَابَهُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِالْجَرَّةِ ، وَقَدْ كَانَ مُبَاحًا لَهُ وَغَيْرَ مَمْنُوعٍ أَنْ يَفْتَحَ بَابَهُ ، وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَضَمَّنَهُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَيْسَ هُوَ فِي نَفْسِ مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِذَاءَ بَابِ رَجُلٍ مَعَ قَوْلِهِ أَخِيرًا أَنْ يَفْتَحَ بَابَهُ وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْجَرَّةَ لَمْ تُوضَعْ عَلَى خَشَبِ الْبَابِ ، بَلْ بِقُرْبِهِ ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ أَعْرِفْ فِيهَا نَصًّا ، وَفَرَّقَ بَعْضَ الشُّيُوخِ بَيْنَ فَتْحِ الْبَابِ الْمَعْهُودِ فَتْحُهُ فَلَا يَضْمَنُ ، وَبَيْنَ فَتْحِ الْمَعْهُودِ عَدَمُ فَتْحِهِ فَيَضْمَنُ قُلْت وَلَا يَتَخَرَّجُ عَلَى مَوْتِ الصَّيْدِ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُحْرِمِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى .
الشَّعْبِيُّ مَنْ أَفْتَى بِغُرْمِ مَا لَا يَجِبُ فَقَضَى بِهِ غَرِمَهُ ، قَالَهُ أَصْبَغُ بْنُ خَلِيلٍ ا هـ .
عب اخْتَارَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْخَطَأَ وَالْعَمْدَ سَوَاءٌ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ .
الْبُنَانِيُّ ذَكَرَ أَبُو الْحَسَنِ مَسْأَلَةِ ابْنِ رُشْدٍ ، وَحَكَى فِيهَا قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ ، وَنَسَبَهُمَا لِابْنِ سَهْلٍ ، ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ سَهْلٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرْهُ الْآنَ ا هـ .
وَالظَّاهِرُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ ، وَأَنَّهُمَا سَوَاءٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ ، وَنَقَلَهُ الْوَانُّوغِيُّ ، وَنَصُّهُ سُئِلَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الَّذِي جَعَلَ جَرَّةً عَلَى بَابِ رَجُلٍ فَفَتَحَ الْبَابَ فَانْكَسَرَتْ الْجَرَّةُ فَيَضْمَنُهَا الْفَاتِحُ ، وَبَيْنَ مَنْ بَنَى تَنُّورًا فِي دَارِهِ لِخَبْزِهِ فَاحْتَرَقَتْ مِنْهُ الدَّارُ وَبُيُوتُ الْجِيرَانِ فَلَا يَضْمَنُ حَسْبَمَا فِي كِتَابِ الدُّورِ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ وَإِيقَادِ التَّنُّورِ ،

فَقَالَ الْفَرْقُ أَنَّ فَاتِحَ الْبَابِ كَانَ فَتْحُهُ لَهُ وَجِنَايَتُهُ عَلَى الْجَرَّةِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُبَاشِرٌ لِكَسْرِهَا ، وَالْبَانِي أَوَّلُ فِعْلِهِ جَائِزٌ وَلَا جِنَايَةَ فِيهِ ، وَإِنَّمَا نَشَأَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ بِمُبَاشِرٍ فَافْتَرَقَا .
الْوَانُّوغِيُّ لَمْ يَقِفْ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى كَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْهَا مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ مَاءً أَوْ نَارًا فَوَصَلَ لِأَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ ، فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ إلَيْهَا ذَلِكَ فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ ذَلِكَ لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ وَكَذَا الْمَاءُ وَمَا قَتَلَتْ النَّارُ مِنْ نَفْسٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ مُرْسِلِهَا ، وَمِثْلُهُ لِلشَّيْخِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ الْمَازِرِيُّ مَنْ نَصَبَ شَبَكَةً لِحِرْزِ غَنَمِهِ مِنْ الذِّئْبِ فَمَاتَ فِيهَا إنْسَانٌ ضَمِنَهُ مَعْنَاهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَكَادُ يَسْلَمُ مِنْ الْمُرُورِ عَلَيْهَا آدَمِيٌّ ا هـ .
.

أَوْ دَلَّ لِصًّا ، أَوْ أَعَادَ مَصُوغًا عَلَى حَالِهِ ، وَعَلَى غَيْرِهَا فَقِيمَتُهُ : كَكَسْرِهِ ؛ أَوْ غَصَبَ مَنْفَعَةً فَتَلِفَتْ الذَّاتُ أَوْ أَكَلَهُ مَالِكُهُ ضِيَافَةً

( أَوْ دَلَّ لِصًّا ) بِكَسْرِ اللَّامِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ سَارِقًا عَلَى مَالٍ فَسَرَقَهُ أَوْ دَلَّ غَاصِبًا عَلَى مَالٍ فَغَصَبَهُ ، وَلَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا عَرَفَاهُ فَلَا يَضْمَنُهُ الدَّالُّ .
أَبُو مُحَمَّدٍ وَضَمَّنَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا " ق " أَبُو مُحَمَّدٍ مَنْ أَخْبَرَ بِمُطْمَرِ رَجُلٍ سَارِقًا أَوْ أَخْبَرَ بِهِ غَاصِبًا ، وَقَدْ بَحَثَ عَنْ مُطْمَرِهِ أَوْ مَالِهِ فَدَلَّهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَلَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا عَرَفُوهُ فَضَمَّنَهُ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا وَلَمْ يُضَمِّنْهُ بَعْضُهُمْ .
أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَمَّا الرَّجُلُ يَأْتِي السُّلْطَانُ بِأَسْمَاءِ قَوْمٍ وَمَوَاضِعِهِمْ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ الَّذِي يَظْلِمُهُمْ بِهِ السُّلْطَانُ ظُلْمٌ فَيَنَالُهُمْ بِسَبَبِ تَعْرِيفِهِ بِهِمْ غُرْمٌ أَوْ عُقُوبَةٌ فَأَرَاهُ ضَامِنًا لِمَا غَرَّمَهُمْ مَعَ الْعُقُوبَةِ الْمُوجِعَةِ .
ابْنُ يُونُسَ أَشْهَبُ إذَا دَلَّ مُحْرِمٌ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِمَا الْجَزَاءُ جَمِيعًا وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لَا جَزَاءَ عَلَى الدَّالِّ فَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَجْرِي مَسَائِلُ الدَّالِّ فِيمَا ذَكَرْنَا .
الْمَازِرِيُّ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ بِقَوْلٍ كَصَيْرَفِيٍّ قَالَ فِيمَا عَلِمَهُ زَائِفًا طَيِّبًا ، وَكَخَبَرٍ عَمَّنْ أَرَادَ صَبَّ زَيْتٍ فِي إنَاءٍ مَعَ عِلْمِهِ مَكْسُورًا بِأَنَّهُ صَحِيحٌ وَكَدَالٍّ ظَالِمًا عَلَى مَالٍ أَخْفَاهُ رَبُّهُ عَنْهُ قَوْلَانِ ، كَقَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ مَنْ دَلَّ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ بِدَلَالَتِهِ .
الْحَطّ اُنْظُرْ كَيْفَ مَشَى هُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَعَ أَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى ذَلِكَ ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ كَمَا سَيَأْتِي ، وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ مَشَى عَلَى هَذَا الْقَوْلِ هُنَا لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي دَلَالَةِ الْمُحْرِمِ عَلَى الصَّيْدِ ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ فِي النَّوَادِرِ ، وَنَقَلَ فِيهَا الْقَوْلَيْنِ بِالتَّضْمِينِ وَعَدَمِهِ ،

ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُمَا قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَنَا أَقُولُ بِتَضْمِينِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ التَّغْرِيرِ ، وَكَذَا نَقَلَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ أَفْتَى بِالضَّمَانِ .
( أَوْ ) غَصَبَ مَصُوغًا وَكَسَرَهُ ( وَأَعَادَ ) الْغَاصِبُ شَيْئًا ( مَصُوغًا ) بَعْدَ كَسْرِهِ ( عَلَى حَالِهِ ) الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِمُجَرَّدِ كَسْرِهِ وَاسْتَظْهَرَ " ق " .
ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابَ فِيمَنْ كَسَرَ حُلِيًّا اغْتَصَبَهُ ثُمَّ رَدَّهُ عَلَى هَيْئَتِهِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيَاغَةَ غَيْرُ تِلْكَ ، فَكَأَنَّهُ أَفَاتَ الْحُلِيَّ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ أَفَاتَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ ( وَ ) إنْ أَعَادَهُ ( عَلَى غَيْرِهَا ) أَيْ حَالِهِ الْأَوَّلِ ( فَقِيمَتُهُ ) أَيْ الْمَصُوغِ يَضْمَنُهَا غَاصِبُهُ .
" ق " ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ صَاغَهُ عَلَى غَيْرِ هَيْئَتِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ .
وَشَبَّهَ فِي لُزُومِ الْقِيمَةِ فَقَالَ ( كَكَسْرِهِ ) أَيْ الْمَصُوغِ غَاصِبُهُ وَلَمْ يَصُغْهُ عَلَى هَيْئَتِهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا فَتَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ غَصْبِهِ ، إلَى هَذَا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ قَبْلَهُ يَغْرَمُ قِيمَةَ صِيَاغَتِهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَلْزَمُهُ صَوْغُهُ عَلَى حَالِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ ( أَوْ غَصَبَ ) أَيْ قَصَدَ الْغَاصِبُ بِاسْتِيلَائِهِ عَلَى الشَّيْءِ قَهْرًا تَعَدِّيًا ( مَنْفَعَةً ) أَيْ اسْتِيفَاءَهَا لَا تَمَلُّكَ الذَّاتِ ( فَتَلِفَتْ الذَّاتُ ) الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا مَنْفَعَتُهَا فَلَا يَضْمَنُهَا الْمُتَعَدِّي .
" ق " ابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ سَكَنَ دَارًا غَاصِبًا لِلسُّكْنَى مِثْلَ مَا سَكَّنَ السَّوْدَة حِينَ دَخَلُوا فَانْهَدَمَتْ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا قِيمَةَ السُّكْنَى ، إلَّا أَنْ تَنْهَدِمَ مِنْ فِعْلِهِ وَأَمَّا لَوْ غَصَبَ رَقَبَةَ الدَّارِ فَانْهَدَمَتْ ضَمِنَ مَا انْهَدَمَ وَكِرَاءَ مَا سَكَنَ

وَقَالَهُ أَصْبَغُ ( أَوْ أَكَلَهُ ) أَيْ الطَّعَامَ الْمَغْصُوبَ ( مَالِكُهُ ) أَيْ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِأَنْ قَدَّمَهُ لَهُ غَاصِبُهُ ( ضِيَافَةً ) فَأَكَلَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهُ طَعَامُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَاصِبِهِ لِأَنَّهُ تَسَبَّبَ وَمَالِكَهُ بَاشَرَ وَأَحْرَى إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ حِينَ أَكَلَهُ أَنَّهُ طَعَامُهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ، وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ ضِيَافَةً لَشَمِلَ أَكْلَهُ مُكْرَهًا مِنْ غَاصِبِهِ وَأَكْلَهُ خُفْيَةً عَنْهُ بِأَنْ دَخَلَ الْمَالِكُ دَارَ الْغَاصِبِ وَأَكَلَهُ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ غَاصِبُهُ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ .
" ق " ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَدَّمَ الْغَاصِبُ الطَّعَامَ لِمَالِكِهِ فَأَكَلَهُ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِهِ ، بَلْ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى أَكْلِهِ لَبَرِئَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا أَكَلَهُ طَائِعًا فَلَمْ أَعْرِفْهُ لِغَيْرِهِ وَالْجَارِي عَلَى الْمَذْهَبِ أَنْ لَا يُحَاسَبَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِمَا يَقْضِي عَلَيْهِ ، لَوْ أَطْعَمَهُ مِنْ مَالِهِ لَيْسَ بِسَرَفٍ فِي حَقِّ الْآكِلِ .
وَأَمَّا أَكْلُهُ مُكْرَهًا فَهُوَ كَمَنْ أَكْرَهَ رَجُلًا عَلَى إتْلَافِ مَالٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ .
.

أَوْ نَقَصَتْ لِلسُّوقِ ، أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ : كَسَارِقٍ ، وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ : كِرَاءُ الزَّائِدِ ، إنْ سَلِمَتْ ، وَإِلَّا خُيِّرَ فِيهِ ، وَفِي قِيمَتِهَا وَقْتَهُ

( أَوْ نَقَصَتْ ) قِيمَةُ الْمَغْصُوبِ ( لِ ) تَغَيُّرِ ( السُّوقِ ) أَيْ الْقِيمَةِ وَالْمَغْصُوبُ بَاقٍ بِحَالِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى غَاصِبِهِ .
" ق " فِيهَا مَا اغْتَصَبَهُ غَاصِبٌ فَأَدْرَكَهُ رَبُّهُ بِعَيْنِهِ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي بَدَنِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى نَقْصِ قِيمَتِهِ بِاخْتِلَافِ سُوقِهِ طَالَ زَمَانُ ذَلِكَ سِنِينَ أَوْ كَانَ سَاعَةً وَاحِدَةً ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ بَدَنِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَعَدِّي فِي حَبْسِ الدَّابَّةِ مِنْ مُكْتَرٍ وَمُسْتَعِيرٍ يَأْتِي بِهَا أَحْسَنَ حَالًا ، فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ الْكِرَاءِ أَوْ تَضْمِينِهِ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي لِأَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا إلَّا فِي الْحَبْسِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ سُوقٌ أَوْ بَدَنٌ .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَا أَصْلُهُ الْأَمَانَةِ فَتَعَدَّى فِيهِ بِإِكْرَاءٍ أَوْ رُكُوبٍ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ فَهَذَا سَبِيلُهُ ، وَهُوَ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ .
ابْنُ يُونُسَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ ، وَلَا يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْمُتَعَدِّي وَكَمَا كَانَ يَضْمَنُ فِي النَّقْصِ الْيَسِيرِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَضْمَنَ فِي نَقْصِ السُّوقِ ، وَقَدْ نَحَا ابْنُ الْقَاسِمِ إلَى الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا لَوْلَا خَوْفُهُ مُخَالَفَةَ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
( أَوْ ) غَصَبَ دَابَّةً وَسَافَرَ بِهَا وَ ( رَجَعَ ) الْغَاصِبُ ( بِهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ ( مِنْ سَفَرٍ ) وَلَمْ تَتَغَيَّرُ عَنْ حَالِهَا الَّذِي غَصَبَهَا وَهِيَ بِهِ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهَا مِنْ قِيمَتِهَا وَلَا كِرَائِهَا إنْ قَصُرَ السَّفَرُ ، بَلْ ( وَلَوْ بَعُدَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ طَالَ أَفَادَهُ تت .
" ق " ابْنُ الْقَاسِمِ مَا اغْتَصَبَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَرَقَ وَطَالَ مُكْثُهُ بِيَدِهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهُ إذَا كَانَ عَلَى حَالِهِ ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقِهِ ، بِخِلَافِ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا

فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا ، وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، ثُمَّ قَالَ وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ إنْ سَافَرَ غَاصِبُ الدَّابَّةِ سَفَرًا بَعِيدًا ثُمَّ رَدَّهَا بِحَالِهَا خُيِّرَ رَبُّهَا .
ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَمْرُ الْمُكْتَرِي وَالْغَاصِبِ وَاحِدٌ .
الْحَطّ قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ وَلَوْ بَعُدَ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا لِيُبَيِّنَ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ مِنْ الْغَاصِبِ لَيْسَ بِفَوْتٍ يُوجِبُ تَخْيِيرَ رَبِّهَا فِيهَا ، وَفِي قِيمَتِهَا ، وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهُ يُوجِبُ ذَلِكَ مِنْ الْمُتَعَدِّي كَالْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَيْسَ مُعَارِضًا لِمَا تَقَدَّمَ ، وَمَنْ حَمَلَهُ عَلَى نَفْيِ الْكِرَاءِ مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ يَحْتَاجُ أَنْ يُقَيِّدَ مَا تَقَدَّمَ بِذَلِكَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَمَّا عَدَّدَ بَعْضَ مَا يَكُونُ فَوْتًا يُوجِبُ تَخْيِيرَ رَبِّ السِّلْعَةِ فِيهَا وَفِي قِيمَتِهَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّابَّةِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ بِحَالِهَا فَلَا يَلْزَمُ سِوَاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، بِخِلَافِ تَعَدِّي الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ ، وَفِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سَتَأْتِي مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا ، وَأَشَارَ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ اُسْتُغِلَّ أَوْ اُسْتُعْمِلَ إلَخْ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا الْحَصْرُ الَّذِي أَعْطَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ لَمْ يَلْزَمْ سِوَاهَا ، يَحْتَمِلُ أَنْ يَبْقَى عَلَى ظَاهِرِهِ فَلَا يَكُونُ عَلَى الْغَاصِبِ كِرَاءٌ فِي سَفَرِهِ عَلَى الدَّابَّةِ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ نَفْيَ قِيمَةِ الدَّابَّةِ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا رَبُّ الدَّابَّةِ فِي التَّعَدِّي لَا كِرَائِهَا .
ا هـ .
وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْأَقْوَالَ فِي الْغَلَّةِ قَالَ فِي كَلَامِهِ هُنَا يَحْتَمِلُ ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَذْكُرْ أَوَّلًا إلَّا الْمَشْهُورَ ، وَهُوَ ضَمَانُ غَلَّةِ الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَعْمَلِ مُطْلَقًا ، فَيُحْمَلُ كَلَامُهُ هُنَا

عَلَى نَفْيِ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُقَيَّدَ فَيَصِحَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي تَقْرِيرُ تت يُنَاقِضُ تَعْمِيمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ غَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ .
وَالْجَوَابُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، فَفِيهَا وَمَا اغْتَصَبَ أَوْ سَرَقَ مِنْ دَوَابَّ أَوْ رَقِيقٍ فَاسْتَعْمَلَهَا شَهْرًا وَطَالَ مُكْثُهَا بِيَدِهِ أَوْ أَكْرَاهَا وَقَبَضَ كِرَاءَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ مِنْ كِرَائِهَا ، وَإِنَّمَا لِرَبِّهَا عَيْنُ شَيِّهِ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَتَهَا إذَا كَانَتْ عَلَى حَالِهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فِي بَدَنٍ ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى تَغَيُّرِ سُوقٍ وَمَا قَدَّمَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ هُوَ مَا شَهَّرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَ الْمَازِرِيُّ وَصَاحِبُ الْمُعِينِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ الصَّحِيحُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّ مَذْهَبَهَا أَنَّهُ لَا يَرُدُّ غَلَّةَ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ ، بِخِلَافِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَالْإِبِلِ وَالْغَنَمِ ، وَلَك أَنْ تَخُصَّ قَوْلَهُ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ بِغَيْرِ الدَّوَابِّ وَالرَّقِيقِ فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِهَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ .
وَتَقْرِيرُ تت فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ ، وَأَصْلُهُ لِلتَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ رَجَعَ بِالدَّابَّةِ مِنْ سَفَرٍ بَعِيدٍ بِحَالِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ سِوَاهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَأَمَّا تَقْرِيرُ الْحَطّ لِقَوْلِهِ أَوْ رَجَعَ بِهَا مِنْ سَفَرٍ أَنَّهُ بَيَّنَ بِهِ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ لَيْسَ بِفَوْتٍ يُوجِبُ خِيَارَ رَبِّهَا فِيهَا وَفِي قِيمَتِهَا ، وَلَيْسَ مَقْصُودُهُ أَنَّهُ لَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ فَبَعِيدٌ عَنْ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَصَدَ مُحَاذَاةَ الْمُدَوَّنَةِ ، بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ بِالسَّارِقِ بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْكِرَاءِ فِي الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوِهِ ، فَأَفَادَ أَنَّ مُرَادَهُ نَفْيُ الْكِرَاءِ فِي الْغَاصِبِ ، فَهُوَ كَقَوْلِهَا عَقِبَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ كِرَاءُ مَا رَكِبَا مِنْ الدَّوَابِّ ، بِخِلَافِ

مَا سُكِنَ مِنْ الرَّبْعِ أَوْ زُرِعَ .
وَأَمَّا الْمُكْتَرِي أَوْ الْمُسْتَعِيرُ يَتَعَدَّى الْمَسَافَةَ تَعَدِّيًا بَعِيدًا أَوْ يَحْبِسُهَا أَيَّامًا كَثِيرَةً وَلَمْ يَرْكَبْهَا ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ التَّعَدِّي أَوْ أَخْذِهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ ، وَلَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ وَالسَّارِقُ أَوْ الْغَاصِبُ لَيْسَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا قِيمَةٌ وَلَا كِرَاءٌ إذَا رَدَّهَا بِحَالِهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْلَا مَا قَالَهُ مَالِكٌ لَجَعَلَتْ عَلَى السَّارِقِ كِرَاءَ رُكُوبِهِ إيَّاهَا أَوْ أُضَمِّنُهُ قِيمَتَهَا إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا كَالْمُكْتَرِي ، وَلَكِنْ آخُذُ فِيهَا بِقَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَبِنَصِّهَا تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِهِ وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ إلَخْ مِنْ الْإِجْمَالِ ، وَقَدْ تَوَلَّى تَفْصِيلَهُ الْحَطَّابُ وَ " ج " .
وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فَقَالَ ( كَسَارِقٍ ) دَابَّةً سَافَرَ بِهَا وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا وَلَوْ تَغَيَّرَ سُوقُهَا أَوْ طَالَ حَبْسُهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمَالِكِ ( فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ دَابَّةً الْمَسَافَةَ الَّتِي اسْتَأْجَرَهَا لَهَا أَوْ الْحَمْلُ كَذَلِكَ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْمُسْتَعِيرَ ( كِرَاءُ الزَّائِدِ ) عَلَى الْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ أَوْ الْمُسْتَعَارِ لَهَا أَوْ الْحَمْلِ كَذَلِكَ ( إنْ سَلِمَتْ ) الدَّابَّةُ عَلَى الْمَشْهُورِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْلَمْ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً رَبُّهَا ( فِي ) كِرَاءِ ( هـ ) أَيْ الزَّائِدِ مَعَهَا ( وَفِي قِيمَتِهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ مُعْتَبَرَةً ( وَقْتَهُ ) أَيْ التَّعَدِّي .
" ق " ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ يَتَعَدَّى ثُمَّ يَرُدُّهَا بِحَالِهَا أَنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا مَعَ كِرَاءِ حَبْسِهِ إيَّاهَا بَعْدَ الْمَسَافَةِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي ، بِخِلَافِ

السَّارِقِ وَالْغَاصِبِ .
وَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ زَادَ مُكْتَرِي الدَّابَّةِ أَوْ مُسْتَعِيرُهَا فِي الْمَسَافَةِ مِيلًا أَوْ أَكْثَرَ فَعَطِبَتْ ضَمِنَ وَخُيِّرَ رَبُّهَا ، فَإِمَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَلَا كِرَاءَ لَهُ فِي الزِّيَادَةِ ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ كِرَاءَ الزِّيَادَةِ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ وَلَهُ عَلَى الْمُكْتَرِي الْكِرَاءُ الْأَوَّلُ بِكُلِّ حَالٍ ، وَلَوْ رَدَّهَا بِحَالِهَا وَالزِّيَادَةُ يَسِيرَةٌ مِثْلُ الْبَرِيدِ وَالْيَوْمِ وَشِبْهِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ الزِّيَادَةِ .
ا هـ .
فَقَوْلُهُ وَلَهُ فِي تَعَدِّي كَمُسْتَأْجِرٍ كِرَاءُ الزَّائِدِ إنْ سَلِمَتْ ، عَنَى بِهِ الزَّائِدَ الْيَسِيرَ .
.

وَإِنْ تَعَيَّبَ ، وَإِنْ قَلَّ كَكَسْرِ نَهْدَيْهَا ، أَوْ جَنَى هُوَ أَوْ أَجْنَبِيٌّ ، خُيِّرَ فِيهِ : كَصَبْغِهِ فِي قِيمَتِهِ وَأَخْذِ ثَوْبِهِ ، وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ

( وَإِنْ تَعَيَّبَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَغْصُوبُ الْمُقَوَّمُ بِسَمَاوِيٍّ وَهُوَ فِي حَوْزِ غَاصِبِهِ إنْ كَثُرَ عَيْبُهُ ، بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) عَيْبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَمَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْقَلِيلِ بِقَوْلِهِ ( كَكَسْرِ ) أَيْ انْكِسَارِ وَارْتِخَاءِ ( نَهْدَيْهَا ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْهَاءِ مُثَنَّى نَهْدٍ كَذَلِكَ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ ، أَيْ ثَدْيَيْ الْجَارِيَةِ وَكَانَتْ حِينَ غَصْبِهَا قَائِمَتَهُمَا ( أَوْ جَنَى هُوَ ) أَيْ الْغَاصِبُ ( أَوْ ) جَنَى ( أَجْنَبِيٌّ ) عَلَى الْمَغْصُوبِ ، وَجَوَابُ إنْ تَعَيَّبَ قَوْلُهُ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً الْمَالِكُ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَعِيبِ وَفِيهِ إجْمَالٌ ، وَتَفْصِيلُهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِسَمَاوِيٍّ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَخْذِ الْمَغْصُوبِ بِلَا أَرْشٍ لِعَيْبِهِ وَتَرْكِهِ ، وَأَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ .
قَالَ فِيهَا وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ بِيَدِ غَاصِبِهَا مِنْ عَيْبٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ فِي أَخْذِهَا مَعِيبَةً أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ غَصْبِهَا ، وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ أَنْ يُلْزِمَ رَبَّهَا أَخْذَهَا وَيُعْطِيهِ مَا نَقَصَهَا إذَا اخْتَارَ رَبُّهَا أَخْذَ قِيمَتِهَا .
ا هـ .
وَذَكَرَ هَذِهِ الصُّورَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا .
وَفِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِجِنَايَةِ الْغَاصِبِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ مِنْ الْغَاصِبِ وَتَرْكِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْهُ يَوْمَ غَصْبِهِ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي قَطَعَ يَدَ الْجَارِيَةِ فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْخُذَهَا وَمَا نَقَصَهَا أَوْ يَدَعَهَا وَيَأْخُذَ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا .
ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَهَا أَرَادَ يَوْمَ الْجِنَايَةِ .
وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ هَذَا ، وَعَزَاهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا بِغَيْرِ أَرْشٍ

أَوْ أَخْذِ الْقِيمَةِ ، وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ الْمَذْهَبَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْأَوَّلَ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْت ، وَلَمْ أَرَ مَنْ رَجَّحَ الثَّانِيَ وَلَا مَنْ شَهَّرَهُ .
وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ تُعَيِّبُهُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ يُخَيَّرُ رَبُّهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ عَيْبِهِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ ، أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ مِنْ الْغَاصِبِ يَوْمَ غَصْبِهِ وَيَتَّبِعُ الْغَاصِبُ الْجَانِيَ بِالْأَرْشِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ ، قَالَ فِيهَا وَلَوْ قَطَعَ يَدَهَا أَيْ الْجَارِيَةِ أَجْنَبِيٌّ ثُمَّ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا أَخْذُ الْغَاصِبِ بِمَا نَقَصَهَا ، وَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا يَوْمَ غَصْبِهَا ، ثُمَّ لِلْغَاصِبِ اتِّبَاعُ الْجَانِي بِمَا جَنَى عَلَيْهَا ، وَإِنْ شَاءَ رَبُّهَا أَخَذَهَا وَاتَّبَعَ الْجَانِيَ بِمَا نَقَصَهَا دُونَ الْغَاصِبِ .
ا هـ .
وَذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافًا أَيْضًا ، أَفَادَهُ الْحَطّ .
وَشَبَّهَ فِي التَّخْيِيرِ فَقَالَ ( كَصَبْغِهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ ثَوْبًا أَبْيَضَ فَلَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِأَنْ زَادَتْ أَوْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا فَيُخَيَّرُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ( فِي ) أَخْذِ ( قِيمَتِهِ ) أَبْيَضَ يَوْمَ غَصْبِهِ ( أَوْ أَخْذِ ثَوْبِهِ ) مَصْبُوغًا ( وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا صَبَغَ بِهِ كَالزَّعْفَرَانِ لِلْغَاصِبِ ، وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِصَبْغِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهُ فِي أَخْذِهِ وَأَرْشِ نَقْصِهِ ، أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِذَا صَبَغَ الثَّوْبَ خُيِّرَ الْمَالِكُ بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالثَّوْبِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الصِّبْغِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الصِّبْغِ ، أَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا صَبَغَ الْغَاصِبُ الثَّوْبَ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ أَوْ لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِيمَا ذُكِرَ ، وَيَدُلُّ عَلَى مَا قَيَّدْنَا بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ فِي قَسِيمِهِ أَمَّا لَوْ نَقَصَتْ

إلَخْ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، لِأَنَّهُ عَيْبٌ فَكَسَائِرِ الْعُيُوبِ ا هـ .
قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ إلَخْ نَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَإِذَا كَانَ عَيْبًا فَالظَّاهِرُ أَنْ يَغْرَمَ الْغَاصِبُ الْأَرْشَ إذَا اخْتَارَ رَبُّ الثَّوْبِ أَخْذَهُ لِحُدُوثِهِ مِنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ تَغْرِيمُهُ الْأَرْشَ مَعَ أَخْذِ السِّلْعَةِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ مِنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْهَا وَلَك أَخْذُ مَا خَاطَهُ الْغَاصِبُ بِلَا غُرْمِ أَجْرِ الْخِيَاطَةِ لِتَعَدِّيهِ .
قُلْت الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصَّبْغَ بِإِدْخَالِ صَنْعَةٍ فِي الْمَغْصُوبِ فَأَشْبَهَ الْبِنَاءَ وَالْخِيَاطَةُ مُجَرَّدُ عَمَلٍ فَأَشْبَهَتْ التَّزْوِيقَ .

وَفِي بِنَائِهِ فِي أَخْذِهِ ، وَدَفْعِ قِيمَةَ نَقْضِهِ بَعْدَ سُقُوطِ كُلْفَةٍ لَمْ يَتَوَلَّهَا ؛

( وَ ) إنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا فَيُخَيَّرُ مَالِكُهَا ( فِي ) أَخْذِ ( بِنَائِهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ أَوْ غَرْسِهِ ( وَدَفْعِ قِيمَةِ نَقْضِهِ ) بِضَمِّ النُّونِ وَإِعْجَامِ الضَّادِ أَيْ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ مَنْقُوضًا ( بَعْدَ سُقُوطِ ) أُجْرَةِ ( كُلْفَةٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ نَقْضِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ ( لَمْ يَتَوَلَّهَا ) أَيْ يُبَاشِرُ الْغَاصِبُ الْكُلْفَةَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِابْتِيَاعِهِ ، أَيْ لَمْ يَكُنْ شَأْنُهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ شَأْنُهُ الِاسْتِئْجَارَ عَلَيْهَا إذَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِهَا ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ تَوَلِّيَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَحْوِ خَدَمِهِ فَلَا يَسْقُطُ مِنْ قِيمَةِ النَّقْضِ شَيْءٌ ، وَسَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الشِّقِّ الثَّانِي وَهُوَ تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ بِهَدْمِ بِنَائِهِ أَوْ قَلْعِ شَجَرِهِ وَنَقْلِ أَنْقَاضِهِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا فَغَرَسَ فِيهَا غَرْسًا أَوْ بَنَى فِيهَا بِنَاءً ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَبُّهَا قِيلَ لِلْغَاصِبِ اقْلَعْ الْأُصُولَ وَالْبِنَاءَ إنْ كَانَ لَك فِيهِ مَنْفَعَةٌ ، إلَّا أَنْ يَشَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ وَالْأَصْلِ مَقْلُوعًا .
ابْنُ الْمَوَّازِ بَعْدَ طَرْحِ أُجْرَةِ الْقَلْعِ فَذَلِكَ لَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مِمَّنْ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ وَلَا بِعَبِيدِهِ ، وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ إنَّهُ لَا يُحَطُّ مِنْ ذَلِكَ أَجْرُ الْقَلْعِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا .
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ دَحُونٍ ، وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ هَدَمَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْهَدْمِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بُنْيَانِ الْغَاصِبِ مَا لَهُ قِيمَةٌ إذَا قَلَعَهُ فَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ } ، وَنَصُّهَا وَكُلُّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لِلْغَاصِبِ بَعْدَ قَلْعِهِ كَالْجِصِّ وَالنَّقْشِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ ، وَكَذَا مَا

حَفَرَ مِنْ بِئْرٍ .
ا هـ .
فَحَاصِلُهُ أَنَّ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَخْذَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ بَعْدَ قَلْعِهِ بِلَا عِوَضٍ .
.

وَمَنْفَعَةَ الْبُضْعِ ، وَالْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ ، كَحُرٍّ بَاعَهُ وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ ، وَمَنْفَعَةَ غَيْرِهِمَا بِالْفَوَاتِ

( وَ ) إنْ غَصَبَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَوَطِئَهَا فَيَضْمَنُ ( مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْفَرْجِ بِالتَّفْوِيتِ أَيْ الْوَطْءِ ، فَعَلَيْهِ صَدَاقُ مِثْلِهَا وَلَوْ ثَيِّبًا إنْ كَانَتْ حُرَّةً ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً ( وَ ) إنْ غَصَبَ شَخْصًا حُرًّا وَاسْتَعْمَلَهُ فِي عَمَلٍ فَيَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الشَّخْصِ ( الْحُرِّ بِالتَّفْوِيتِ ) أَيْ الِاسْتِعْمَالِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُفَوِّتْ الْبُضْعَ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ الْحُرَّةَ وَلَا الْأَمَةَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَلَوْ اخْتَلَى بِهَا وَمَنَعَهَا مِنْ التَّزَوُّجِ وَالْوِلَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ رَائِعَةً وَكَذَا إنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْحُرَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَهُ وَلَوْ عَطَّلَهُ عَنْ عَمَلِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً .
ابْنُ شَاسٍ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَا تُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ ، فَفِي وَطْءِ الْحُرَّةِ مَهْرُ مِثْلِهَا وَلَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا ، وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا وَكَذَا مَنْفَعَةُ بَدَنِ الْحُرِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ لَا يُضْمَنُ إلَّا بِالتَّفْوِيتِ هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهَا فِي السَّرِقَةِ وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ إنْ رَجَعَ شَاهِدَا الطَّلَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا ، وَكَذَا فِي مُتَعَمِّدَةٍ إرْضَاعَ مَنْ يُوجِبُ رَضَاعُهَا فَسْخَ نِكَاحٍ ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَمَنْ مَنَعَ حُرَّةً أَوْ أَمَةً التَّزْوِيجَ فَلَا يَضْمَنُ صَدَاقًا ، لَمْ أَعْلَمْ فِيهِ خِلَافًا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مَا يَتَخَرَّجْ مِنْهُ خِلَافٌ لِبَعْضِ الشُّيُوخِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ مِنْ التَّخْرِيجِ لَمْ أَعْرِفْهُ لِأَحَدٍ ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي النِّكَاحِ مَا يُنَاسِبُ هَذَا الْأَصْلَ ، وَهُوَ مَنْعُ مَنْفَعَةِ النِّكَاحِ تَعَدِّيًا إلَّا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ بَاعَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ بِمَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ زَوْجُهَا عَلَى جِمَاعِهَا فِيهِ فَلَهُ الصَّدَاقُ ، وَلَا أَرَى لِلزَّوْجَةِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ شَيْئًا إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا أَوْ مِنْ

سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً .
ابْنُ عَرَفَةَ وَإِشَارَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إلَى تَخْرِيجِ مَسْأَلَةِ كِتَابِ الْغَصْبِ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ غَيْرُ تَامٍّ ، وَهَذَا لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ لَمْ يَقُلْ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ بِالْعُضْوِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا إنَّمَا اخْتَارَ سُقُوطَ عِوَضِهَا الْمَالِيِّ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ عِوَضًا فِيهَا لِطَالِبِهِ بِتَعَمُّدِ إتْلَافِهَا ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمَالِ بِالتَّعَدِّي ثُبُوتُ الْمَالِ عَنْ مُجَرَّدِ مَنْفَعَةِ الْبُضْعِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَالِيٍّ ، وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ مَالِيٌّ .
وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَخَرَّجَ فِيهِ بَعْضُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ مَا عَطَّلَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ كَالدَّارِ يُغْلِقُهَا وَالْعَبْدِ يَمْنَعُ مِنْهُ سَيِّدَهُ مُدَّةً ، ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ ، وَهَذَا أَيْضًا لَمْ أَعْرِفْهُ لِلْمَازِرِيِّ ، إنَّمَا ذَكَرَ إذَا غَابَ غَاصِبٌ عَلَى رَائِعَةٍ شَكَّ فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا فِي ضَمَانِهِ إيَّاهَا قَوْلَا الْأَخَوَيْنِ وَابْنِ الْقَاسِمِ ، وَلَهُ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّ شَهِيدَيْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْبِنَاءِ إذَا رَجَعَا فَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِمَا .
وَأَوْجَبَ الشَّافِعِيُّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " غَرَامَتَهُمَا لِإِتْلَافِهِمَا مَنَافِعَ الْبُضْعِ ، وَهِيَ مِمَّا يُقَدَّمُ عَلَى الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ ، وَاعْتَمَدَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ لَهُ زَوْجَتَانِ أَرْضَعَتْ كُبْرَاهُمَا صُغْرَاهُمَا فَحَرُمَتَا عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهَا فِيمَا حَرَّمَتْ بِهِ فَرْجَهَا عَلَيْهِ ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ قَتَلَ زَوْجَةَ رَجُلٍ لَا يَغْرَمُ لَهُ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ مِنْ مُتْعَةٍ .
وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَفِي الْأَمَةِ مَا نَقَصَهَا هُوَ نَصُّهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَالْأَمَةُ كَالسِّلْعَةِ عَلَى وَاطِئِهَا غَصْبًا مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ كَانَتْ ثَيِّبًا أَوْ بِكْرًا ، وَمِثْلُهُ فِي الْقَذْفِ وَفِي الرُّهُونِ مِنْهَا إنْ وَطِئَ الْأَمَةِ مُرْتَهِنُهَا فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا ، وَكَذَا إنْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ ،

فَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَالْمُرْتَهِنُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ .
قُلْت فِي تَفْرِقَتِهِ فِي الثَّيِّبِ بَيْنَ وَطْئِهَا طَائِعَةً وَمُكْرَهَةً نَظَرٌ وَالصَّوَابُ عَكْسُ تَفْرِقَتِهِ ، لِأَنَّهُ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا طَائِعَةً أَحْدَثَ فِيهَا عَيْبًا هُوَ زِنَاهَا وَلَيْسَ هُوَ كَذَلِكَ فِي وَطْئِهَا مُكْرَهَةً لِأَنَّهَا غَيْرُ زَانِيَةٍ وَتَقَدَّمَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّ زِنَاهَا عَيْبٌ .
وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ ( كَ ) شَخْصٍ ( حُرٍّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ ( بَاعَهُ ) أَيْ الْحُرَّ شَخْصٌ مُتَعَدٍّ عَلَيْهِ ( وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ ) أَيْ الْحُرِّ وَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ أَوْ ظُنَّ أَوْ شُكَّ فِيهِ فَيُكَلَّفُ بَائِعُهُ بِطَلَبِهِ ، فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ أُغْرِمَ دِيَتَهُ كَامِلَةً لِوَرَثَتِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ رُشْدٍ نَزَلْت بِطُلَيْطِلَةَ فَكَتَبَ قَاضِيهَا لِمُحَمَّدِ بْنِ بَشِيرٍ قَاضِي قُرْطُبَةَ ، فَجَمَعَ ابْنُ بَشِيرٍ أَهْلَ الْعِلْمِ فَأَفْتَوْا بِذَلِكَ ، فَكَتَبَ أَنْ غَرِّمْهُ دِيَتَهُ كَامِلَةً فَقَضَى عَلَيْهِ بِهَا .
الْحَطّ فِي مَسَائِلِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَكِتَابِ الِاسْتِيعَابِ وَكِتَابِ الْفُصُولِ فِيمَنْ بَاعَ حُرًّا مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ ، قَالَ يُحَدُّ أَلْفَ جَلْدَةٍ وَيُسْجَنُ سَنَةً ، فَإِذَا أُيِسَ مِنْهُ أَدَّى دِيَتَهُ إلَى أَهْلِهِ ا هـ ، وَانْظُرْ قَوْلَهُ أَلْفَ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي عُقُوبَةِ قَاتِلِ الْعَمْدِ مِائَةً .
ابْنُ يُونُسَ مَنْ اتَّفَقَ مَعَ حُرٍّ عَلَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِالرَّقَبَةِ لِيَبِيعَهُ وَيَقْتَسِمَانِ ثَمَنَهُ فَفَعَلَا وَهَلَكَ الْبَائِعُ فَيَضْمَنُ الْمُقِرُّ الثَّمَنَ لِلْمُبْتَاعِ لِتَغْرِيرِهِ .
( وَ ) يَضْمَنُ الْمُتَعَدِّي مَنْفَعَةَ ( غَيْرِهِمَا ) أَيْ الْبُضْعِ وَالْحُرِّ ( بِالْفَوَاتِ ) أَيْ عَدَمِ حُصُولِ الْمَنْفَعَةِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَعَدِّي ، وَلَا بِاسْتِعْمَالِ غَيْرِهِ كَدَارٍ غَلَّقَهَا وَرَقِيقٍ وَدَابَّةٍ حَبَسَهُمَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهُمَا عِنْدَ مُطَرِّفٍ .
وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَصُوِّبَ وَتَقَدَّمَ أَنَّ

مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ ضَمَانِهَا بِفَوَاتِهَا وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، فَقَدْ ذَكَرَ فِيهَا قَوْلَيْنِ مَشْهُورًا وَمُصَوَّبًا قَالَهُ تت .
" غ " هَذَا مُنَاقِضٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ اعْتَمَدَ الْمَشْهُورَ أَوَّلًا وَالْمُصَوَّبَ ثَانِيًا .
" ق " لَمْ يَذْكُرْ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَقَدْ قَالَ ضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ .
عب هَذَا إذَا غَصَبَ الْمَنْفَعَةَ فَلَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَغَلَّةُ مُسْتَعْمَلٍ لِأَنَّهُ فِي غَاصِبِ الذَّاتِ وَنَحْوُهُ لِلْخَرَشِيِّ .
.

وَهَلْ يَضْمَنُ شَاكِيهِ لِمُغَرِّمٍ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ الرَّسُولِ إنْ ظَلَمَ ، أَوْ الْجَمِيعَ ، أَوْ لَا ؟ أَقْوَالٌ

( وَ ) إنْ شَكَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ غَاصِبَهُ لِظَالِمٍ فَغَرَّمَهُ زَائِدًا عَمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ فَ ( هَلْ يَضْمَنُ ) مَغْصُوبٌ مِنْهُ ( شَاكِيهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُغَرِّمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ صِلَةُ شَاكِي وَفَتْحُهَا صِلَةُ يَضْمَنُ مَالًا ( زَائِدًا عَلَى قَدْرِ ) أُجْرَةِ ( الرَّسُولِ ) الَّذِي يَجْلِبُهُ لِلْقَاضِي ( إنْ ظَلَمَ ) الشَّاكِي فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ وَجَدَ حَاكِمًا مُنْصِفًا وَاشْتَكَاهُ إلَى الظَّالِمِ عَالِمًا بِأَنَّهُ يَتَجَاوَزُ الْحَدَّ الشَّرْعِيَّ وَيُغَرِّمَهُ زَائِدًا عَمَّا يَلْزَمُهُ غُرْمُهُ ، وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ .
وَمَفْهُومُ إنْ ظَلَمَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ فِي شَكْوَاهُ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنُهُ أَخْذُ حَقِّهِ إلَّا بِشَكْوَاهُ لِلظَّالِمِ فَلَا يَغْرَمُ الزَّائِدَ عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ ، وَيَغْرَمُ أُجْرَتَهُ فَقَطْ لِأَنَّهَا عَلَى الطَّالِبِ .
( أَوْ ) يَضْمَنُ الشَّاكِي لِمُغَرِّمِ الظَّالِمِ ( الْجَمِيعَ ) أَيْ جَمِيعَ مَا غَرَّمَهُ الظَّالِمُ لِلْمَشْكُوِّ ابْنُ يُونُسَ بِهِ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِنْ لَمْ يَظْلِمْ فِي شَكْوَاهُ فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا أَصْلًا ( أَوْ لَا ) يَضْمَنُ لِلشَّاكِي شَيْئًا مُطْلَقًا ، وَإِنْ ظَلَمَ فِي شَكْوَاهُ وَإِنْ أَثِمَ وَأُدِّبَ إنْ ظَلَمَ وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ فِي الْجَوَابِ ( أَقْوَالٌ ) ثَلَاثَةٌ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ فِي تَضْمِينِ مَنْ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَالْمُعْتَدِي يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا قَدَّمَهُ إلَيْهِ يَتَجَاوَزُ فِي ظُلْمِهِ ، وَيُغَرِّمُهُ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ ، وَقَدْ أَثِمَ ، وَكَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُفْتِي فِي مِثْلِ هَذَا إذَا كَانَ هَذَا السَّاعِي إلَى السُّلْطَانِ الظَّالِمِ أَوْ الْعَامِلِ وَهُوَ ظَالِمٌ لَهُ فِي شَكْوَاهُ فَإِنَّهُ ضَامِنٌ لِمَا أَغْرَمَهُ الْوَالِي بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَإِنْ كَانَ السَّاعِي مَظْلُومًا وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْتَصِفَ مِمَّنْ ظَلَمَهُ إلَّا بِالسُّلْطَانِ فَشَكَاهُ فَأَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ وَعَدَا عَلَيْهِ ظُلْمًا فَلَا شَيْءَ عَلَى

الشَّاكِي لِأَنَّ النَّاسَ يَلْجَئُونَ مِنْ الظَّلَمَةِ إلَى السُّلْطَانِ ، وَيَلْزَمُ السُّلْطَانَ مَتَى قَدَرَ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَغْرَمَ الشَّاكِيَ ظُلْمًا ، وَكَذَلِكَ مَا أَغْرَمَتْ الرُّسُلُ إلَى الْمَشْكِيِّ وَهُوَ مِثْلُ مَا أَغْرَمَهُ السُّلْطَانُ أَوْ الْوَالِي يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ ظُلْمِ الشَّاكِي وَعَدَمِهِ ، وَكَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتِي بِأَنْ يُنْظَرَ إلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَأْجَرَ الشَّاكِي رَجُلًا فِي إحْضَارِ الْمَشْكِيِّ ، فَذَلِكَ عَلَى الشَّاكِي عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا أَغْرَمَتْهُ الرُّسُلُ فَيُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الظَّالِمِ وَالْمَظْلُومِ حَسْبَمَا قَدَّمْنَاهُ .
" غ " زَائِدًا مَفْعُولُ يَضْمَنُ ، وَفَاعِلُ ظَلَمَ الشَّاكِي .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَمْ يَغْرَمْ زَائِدًا عَلَى قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ فَقَطْ قَوْلُهُ أَوْ الْجَمِيعَ أَيْ أَوْ يَضْمَنَ إنْ ظَلَمَ جَمِيعَ الْمَغْرَمِ مِنْ قَدْرِ أُجْرَةِ الرَّسُولِ وَالزَّائِدَ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَظْلِمْ لَا يَغْرَمُ الْقَدْرَ وَلَا الزَّائِدَ ، وَبِهَذَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَوْلِهِ أَوَّلًا ، أَيْ أَوْ لَا يَضْمَنُ الشَّاكِي الظَّالِمُ شَيْئًا فَأَحْرَى إنْ لَمْ يَظْلِمْ فَهَذَا مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ وَاَللَّذَانِ قَبْلَهُ مَفْهُومَا مُخَالَفَةٍ ، فَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَقْوَالِ ابْنِ يُونُسَ الثَّلَاثَةِ .
وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَكَأَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ ، وَنَصُّهُ الْمَازِرِيُّ فِي ضَمَانِ الْمُتَسَبِّبِ فِي إتْلَافٍ بِقَوْلِهِ كَصَيْرَفِيٍّ ، قَالَ فِيمَا عَلِمَهُ زَائِفًا طَيِّبًا وَكَخَبَرِ مَنْ أَرَادَ صَبَّ زَيْتٍ فِي إنَاءٍ عَلِمَهُ مَكْسُورًا بِأَنَّهُ صَحِيحٌ ، وَكَدَالٍّ ظَالِمًا عَلَى مَا أَخْفَاهُ رَبُّهُ عَنْهُ قَوْلَانِ ، وَعَزَاهُمَا أَبُو مُحَمَّدٍ لِلْمُتَأَخِّرِينَ .
الْمَازِرِيُّ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي لُزُومِ الْجَزَاءِ مَنْ دَلَّ مُحْرِمًا عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَهُ بِدَلَالَتِهِ ، وَلَوْ شَكَا رَجُلٌ رَجُلًا لِظَالِمٍ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ فِي الْمَشْكُوِّ أَوْ يُغَرِّمُهُ مَالًا

وَالْمَظْلُومُ لَا تِبَاعَةَ لِلشَّاكِي عَلَيْهِ ، فَفِي ضَمَانِ الشَّاكِي مَا غَرِمَهُ الْمَشْكُوُّ قَوْلَانِ ، وَثَالِثُهَا قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَظْلُومًا .
الْحَطّ اُنْظُرْ إذَا شَكَاهُ لِظَالِمٍ لَا يَتَوَقَّفُ فِي قَتْلِ النَّفْسِ فَضَرَبَهُ حَتَّى مَاتَ ، فَهَلْ يَلْزَمُ الشَّاكِيَ شَيْءٌ أَمْ لَا ا هـ .
قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِ كَحُرٍّ بَاعَهُ إلَخْ ، فَقَدْ قَالُوا لَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ ، بَلْ كُلُّ مَنْ فَعَلَ بِحُرٍّ فِعْلًا تَعَذَّرَ عَوْدُهُ مَعَهُ ، فَهَذَا حُكْمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَمَلَكَهُ إنْ اشْتَرَاهُ ، وَلَوْ غَابَ أَوْ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ لَمْ يُمَوِّهْ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِفَضْلَةٍ أَخْفَاهَا

( وَمَلَكَهُ ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ ( إنْ اشْتَرَاهُ ) أَيْ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حَاضِرًا بِبَلَدِ شِرَائِهِ ، بَلْ ( وَلَوْ غَابَ ) الْمَغْصُوبُ بِبَلَدٍ آخَرَ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ سَلَامَتُهُ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ إنَّمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ غَائِبًا إذَا عَرَفَ قِيمَتَهُ وَبَذَلَ مَا يَجُوزُ بَذْلُهُ فِيهَا ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمَغْصُوبِ لِغَاصِبِهِ رَدُّهُ لِرَبِّهِ مُدَّةً ، وَهُوَ أَحَدُ شِقَّيْ التَّرَدُّدِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ ، وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةٌ تَرَدُّدٌ .
" غ " أَشَارَ بِهِ إلَى قَوْلِهَا فِي كِتَابِ الصَّرْفِ وَلَوْ غَصَبَك جَارِيَةً جَازَ أَنْ تَبِيعَهَا مِنْهُ هِيَ غَائِبَةٌ بِبَلَدٍ آخَرَ ، وَيَنْقُدَك إذَا وَصَفَهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِهِ ، وَالدَّنَانِيرُ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ .
وَأَشَارَ بِالْإِغْيَاءِ إلَى خِلَافِ أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّمَا يَجُوزُ أَنْ تَبِيعَهَا مِنْهُ وَهِيَ غَائِبَةٌ إذَا عَرَفَ الْقِيمَةَ ، وَبَذَلَ مَا يَجُوزُ فِيهَا وَالْقَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَصْلِ السَّلَامَةِ وَوُجُوبِ الْقِيمَةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَنْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ بَيْعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ يَدِ غَاصِبِهِ وَيَبْقَى بِيَدِ رَبِّهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ ، كَمَا شَرَطَهُ بَعْضُهُمْ وَقَبِلَهُ فِي التَّوْضِيحِ مَعَ أَنَّهُ قَالَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ وَمَغْصُوبٌ إلَّا مِنْ غَاصِبِهِ ، وَهَلْ إنْ رُدَّ لِرَبِّهِ مُدَّةٌ تَرَدُّدٌ .
( أَوْ ) أَيْ وَمَلَكَهُ إنْ ( غَرِمَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ دَفَعَ الْغَاصِبُ ( قِيمَتَهُ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِأَنْ ادَّعَى إبَاقَهُ أَوْ تَلَفَهُ وَغَرَّمَهُ قِيمَتَهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ ( إنْ لَمْ يُمَوِّهْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً ، أَيْ يَكْذِبْ الْغَاصِبُ فِي دَعْوَاهُ تَلَفَ الْمَغْصُوبِ أَوْ إبَاقَهُ فَإِنْ مَوَّهَ فِيهِ فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ رَدُّ الْقِيمَةِ وَأَخْذُ عَيْنِ شَيِّهِ .
" ق " فِيهَا

لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَضَى عَلَى الْغَاصِبِ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ ظَهَرَتْ الْأَمَةُ بَعْدَ الْحُكْمِ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ أَخْفَاهَا فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فَلَا يَأْخُذُهَا رَبُّهَا إلَّا أَنْ تَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنْ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِتَمَامِ قِيمَتِهَا ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، قَالَ وَمَنْ قَالَ لَهُ أَخْذُهَا فَقَدْ أَخْطَأَ .
( وَ ) إنْ غَابَ الْمَغْصُوبُ وَوَصَفَهُ غَاصِبُهُ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ وَصْفِهِ ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَكْمَلُ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ ( رَجَعَ ) مَالِكُ الْمَغْصُوبِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( بِفَضْلَةٍ ) أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا ( أَخْفَا ) الْغَاصِبُ سَبَبَ ( هَا ) أَيْ الْفَضْلَةِ ، وَهُوَ الْوَصْفُ الْمُوجِبُ لَهَا .
" غ " أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِمَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ أَفْضَلَ مِنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ فَلِرَبِّهَا الرُّجُوعُ بِتَمَامِ الْقِيمَةِ وَكَأَنَّ الْغَاصِبَ لَزِمَتْهُ الْقِيمَةُ فَجَحَدَ بَعْضَهَا .
عِيَاضٌ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهَا لِرَبِّ الْجَارِيَةِ أَخْذُهَا وَرَدُّ مَا أَخَذَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا وَحَبَسَ مَا أَخَذَ مِنْ الْقِيمَةِ ، وَحَصَّلَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلُ : انْحِصَارُ حَقِّهِ فِي تَمَامِ قِيمَتِهَا لِلْمُدَوَّنَةِ .
وَالثَّانِي تَخْيِيرُهُ فِيهِ وَفِي أَخْذِهَا وَيَرُدُّ مَا أَخَذَ وَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَهُ أَشْهَبُ .
وَالثَّالِثُ : تَخْيِيرُهُ فِي أَخْذِهَا ، وَفِي التَّمَسُّكِ بِمَا أَخَذَ فَقَطْ لِبَعْضِ رِوَايَاتِهَا ، قَالَ وَعَبَّرَ الْمَازِرِيُّ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْمَشْهُورِ وَلَمْ يُفَسِّرْ مُقَابِلَهُ فَيَحْتَمِلُ كُلًّا مِنْ الْأَخِيرَيْنِ ، وَكَانَ يَمْضِي لَنَا إجْرَاءُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّكْفِيرِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْيَ الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ لِلْمَوْصُوفِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِنَفْيِهِ ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّكْفِيرِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفْيَ الصِّفَةِ الثَّابِتَةِ لِلْمَوْصُوفِ يَسْتَلْزِمُ الْقَوْلَ بِنَفْيِهِ .
الْحَطّ

أَشْهَبُ مَنْ قَالَ لَهُ أَخْذُهَا فَقَدْ أَخْطَأَ كَمَا لَوْ نَكَلَ الْغَاصِبُ وَحَلَفْت عَلَى صِفَتِك ثُمَّ ظَهَرَتْ خِلَافَ ذَلِكَ كُنْت قَدْ ظَلَمْته فِي الْقِيمَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْك بِمَا زِدْت عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ لَهُ رَدُّ الْجَارِيَةِ .
ا هـ .
وَانْظُرْ لَوْ وَصَفَهَا الْغَاصِبُ ثُمَّ ظَهَرَتْ أَنْقَصَ مِمَّا وَصَفَهَا فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ أَمْ لَا ، وَكَذَا لَوْ وَصَفَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثُمَّ ظَهَرَتْ أَزْيَدَ .
.

وَالْقَوْلُ لَهُ فِي تَلَفِهِ وَنَعْتِهِ وَقَدْرِهِ ، وَحَلَفَ : كَمُشْتَرٍ مِنْهُ ، ثُمَّ غَرِمَ لِآخِرِ رُؤْيَتِهِ ؛

( وَ ) إنْ ادَّعَى الْغَاصِبُ تَلَفَ الْمَغْصُوبِ وَأَنْكَرَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَ ( الْقَوْلُ لَهُ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( فِي ) دَعْوَى ( تَلَفِهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ ( وَ ) إنْ اخْتَلَفَ الْغَاصِبُ وَالْمَغْصُوبُ مِنْهُ فِي وَصْفِ الْمَغْصُوبِ لِتَقْوِيمِهِ بِحَسَبِهِ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ ( فِي نَعْتِهِ ) أَيْ وَصْفِ الْمَغْصُوبِ إنْ وَصَفَهُ بِمَا يُشْبِهُ ، وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَا فِي ذَاتِهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ غَصَبَنِي هَذَا الْعَبْدَ فَقَالَ بَلْ هَذَا فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ ( وَالْقَوْلُ ) لِلْغَاصِبِ إنْ اخْتَلَفَا فِي ( قَدْرِهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ( وَحَلَفَ ) الْغَاصِبُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ إنْ أَشْبَهَ ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَأَشْبَهَ رَبُّهُ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَقَالَ ابْنُ نَاجِي يَحْلِفَانِ وَيُقْضَى بَيْنَهُمَا بِأَوْسَطِ الْقِيَمِ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ بِكُلِّ حَالٍ وَإِنْ قَالَ عُمْيًا صُمًّا وَمُرَاعَاةُ الشَّبَهِ غَلَطٌ ، وَإِنَّمَا هُمْ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي نَقْلِهِ وَالْكَثْرَةُ لِلثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ .
ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ .
الْحَطّ فِي الْوَسَطِ أَيْ الْغَاصِبُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْقَدْرِ وَالْوَصْفِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
هَذَا يُوهِمُ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْيَمِينِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ لَمْ أَرَ فِي الْأُمَّهَاتِ وُجُوبَ الْيَمِينِ عَلَى الْغَاصِبِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ ، لَكِنْ نَصَّ فِيهَا فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي تَلَفَهُ ، وَ كَذَا فِي رَهْنِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُمَا وَقَدْ نَصَّ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى وُجُوبِ الْيَمِينِ هُنَا فِي التَّلَفِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ فِيهَا إذَا ادَّعَى الْغَاصِبُ هَلَاكَ مَا غَصَبَ مِنْ أَمَةٍ أَوْ سِلْعَةٍ فَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ

غَاصِبُهَا بِيَمِينِهِ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْهَلَاكِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأَمَةَ وَالسِّلْعَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ الْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى ، وَكَذَا فِي رَهْنِ مَا يُغَابُ ، وَكَيْفَ يَكُونُ الْغَاصِبُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَى مَا قَالَهُ هُنَاكَ الْمَغْصُوبُ صَدَّقَهُ أَوْ أَقَامَ عَلَى مَا ادَّعَى بَيِّنَةً ا هـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
" ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ أَمَةً وَادَّعَى هَلَاكَهَا وَاخْتَلَفَا فِي صِفَتِهَا صُدِّقَ الْغَاصِبُ فِي صِفَتِهَا مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ ، فَإِنْ أَتَى بِمَا لَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ .
وَمَنْ انْتَهَبَ صُرَّةً ثُمَّ قَالَ كَانَ فِيهَا كَذَا وَادَّعَى الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ انْتَهَبَهَا وَطَرَحَهَا فِي مُتْلِفٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهَبِ مِنْهُ .
ابْنُ يُونُسَ إذَا طَرَحَهَا وَلَمْ يَفْتَحْهَا وَلَمْ يَدْرِ مَا فِيهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْتَهَبِ مِنْهُ بِيَمِينِهِ فِيمَا يُشْبِهُ لِأَنَّهُ يَدَّعِي تَحْقِيقًا .
وَإِنْ غَابَ الْغَاصِبُ عَلَيْهَا ، وَقَالَ الَّذِي فِيهَا كَذَا وَكَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ .
تت يَدْخُلُ فِي تَخَالُفِهِمَا فِي الْقَدْرِ مَسْأَلَتَانِ ، الْأُولَى غَاصِبُ صُرَّةٍ يُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ مَثَلًا وَلَا يَدْرِي مَا فِيهَا وَلَمْ يَفْتَحْهَا ، أَوْ لَا يُلْقِيهَا وَيَدَّعِي رَبُّهَا أَنَّهَا كَذَا ، وَيُخَالِفُهُ الْغَاصِبُ ، فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ عِنْدَ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى لِإِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ مَا فِيهَا بِاطِّلَاعٍ سَابِقٍ أَوْ بِحَبْسِهَا .
وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ كِنَانَةَ وَأَشْهَبُ الْقَوْلُ لِرَبِّهَا بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ لِادِّعَائِهِ تَحْقِيقًا وَالْآخَرِ تَخْمِينًا وَإِنْ غَابَ عَلَيْهَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينِهِ .
الثَّانِيَةُ : قَوْمٌ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ وَلَمْ

يَشْهَدْ أَحَدٌ بِعَيْنِ الْمَنْهُوبِ ، بَلْ بِالْإِغَارَةِ وَالنَّهْبِ ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ مُحْتَجًّا لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الصُّرَّةِ .
وَقَالَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ مُطَرِّفٌ الْقَوْلُ لِلْمُغَارِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ ، وَ الْمُدَوَّنَةُ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا فَفِيهَا عَنْ مَالِكٍ إذَا انْتَهَبَهَا أَوْ غَصَبَهَا بِحَضْرَةِ بَيِّنَةٍ ، ثُمَّ قَالَ كَانَ فِيهَا كَذَا وَادَّعَى رَبُّهَا أَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْغَاصِبِ بِيَمِينِهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ طَرَحَهَا فِي مُتْلِفٍ أَمْ لَا .
ا هـ .
وَإِنْ أَخَذَ وَاحِدٌ مِنْ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ الْجَمِيعُ كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارَبِينَ .
وَشَبَّهَ فِي التَّصْدِيقِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ بِالْيَمِينِ فَقَالَ ( كَ ) شَخْصٍ ( مُشْتَرٍ مِنْهُ ) أَيْ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ ثُمَّ ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ قَدْرَهُ أَوْ صِفَتَهُ وَخَالَفَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ، وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ لَهُ غَاصِبٌ أَمْ لَا ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا ، وَاَلَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ لَوْ ادَّعَى الْمُبْتَاعُ التَّلَفَ صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَقِيقٍ وَحَيَوَانٍ ، وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ ، وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ هَلَكَ ، وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ ، وَأَقَرَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، قَالَ وَكَذَلِكَ يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ .
قِيلَ وَإِذَا صُدِّقَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ كَالرَّهْنِ وَالْعَوَارِيِّ ، وَأَطْلَقَ هُنَا أَفَادَهُ تت .
" ق " مَنْ رَسْمٍ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى سِلْعَةً فَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا اُغْتُصِبَتْ مِنْهُ فَزَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا هَلَكَتْ ، قَالَ إنْ كَانَتْ حَيَوَانًا فَهُوَ مُصَدَّقٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ

عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ، وَأُحْلِفَ أَنَّهَا هَلَكَتْ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا .
قِيلَ فَإِنْ كَانَ بَاعَهَا ، قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنُهَا ، وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي الثَّمَنِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ جَيِّدَةٌ ، وَقَوْلُهُ يَحْلِفُ إنْ ادَّعَى تَلَفَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ غَيَّبَهَا ، وَمِثْلُهُ يَجْرِي فِي الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ وَالصَّانِعِ يَدَّعُونَ تَلَفَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ .
وَبَيَّنَ مَتَى يَضْمَنُ مَا يُغَالُ عَلَيْهِ فَقَالَ ( ثُمَّ غَرِمَ ) الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ ( لِ ) حَالِهَا يَوْمَ آخِرِ ( رُؤْيَةٍ ) رُئِيَ الْمَغْصُوبُ عِنْدَهُ عَلَيْهَا بَعْدَ شِرَائِهِ ، بِخِلَافِ الصَّانِعِ وَالْمُرْتَهِنِ يَدَّعِي ضَيَاعَهُ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ عِنْدَهُ بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُمَا قَبَضَاهُ عَلَى الضَّمَانِ وَلَمَّا غَيَّبَاهُ اُتُّهِمَا فِي اسْتِهْلَاكِهِ فَأَشْبَهَا الْمُتَعَدِّيَ ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَقَدْ قَبَضَهُ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ فَلَا يُتَّهَمُ .
الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي التَّلَفِ وَالنَّعْتِ وَالْقَدْرِ وَيَحْلِفُ ، وَالْمَنْقُولُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي هَلَاكِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يَذْكُرُوا حَلِفَهُ ، لَكِنْ شَبَّهُوهُ بِالرُّهُونِ وَالْعَوَارِيِّ فَاقْتَضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ عَلَى التَّلَفِ وَيَغْرَمُ الْقِيمَةَ .
وَقِيلَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ ، وَقَالُوا إذَا بَاعَهُ يَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ .
وَقَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي قَدْرِهِ هَذَا مَا رَأَيْته فِي الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَيَانِ وَالتَّوْضِيحِ فِي رَسْمِ اسْتَأْذَنَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْغَصْبِ ، سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَمَّنْ اشْتَرَى سِلْعَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ فَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهَا غُصِبَتْ مِنْهُ فَزَعَمَ مُشْتَرِيهَا هَلَاكَهَا ، فَقَالَ إنْ كَانَتْ حَيَوَانًا صُدِّقَ ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ وَأُحْلِفَ وَأُغْرِمَ قِيمَتَهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى هَلَاكِهَا بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ، كَسَرِقَةٍ

وَغَرَقٍ وَنَارٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
قِيلَ فَإِنْ بَاعَهَا ، قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا ثَمَنُهَا .
قِيلَ لَهُ فَإِنْ قَالَ بِعْتُهَا بِكَذَا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ إلَّا قَوْلُهُ أَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ .
قَالَ قَوْلُهُ مَقْبُولٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْرَفُ الشَّيْءُ فِي يَدَيْهِ ثُمَّ يَتَغَيَّرُ عِنْدَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ بِكَسْرٍ أَوْ عَوَرٍ أَوْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ قَالَ يَحْلِفُ إذَا ادَّعَى تَلَفَ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ غَيَّبَهَا ا هـ .
وَقَالَ أَصْبَغُ يُصَدَّقُ فِي ضَيَاعِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ الْيَمِينِ عَلَى الْمَشْهُورِ مَعَ الضَّمَانِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
.

وَلِرَبِّهِ : إمْضَاءُ بَيْعِهِ ، وَنَقْضُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي ، وَإِجَازَتُهُ

( وَ ) إنْ بَاعَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ فَ ( لِرَبِّهِ ) أَيْ الْمَغْصُوبِ الَّذِي بَاعَهُ غَاصِبُهُ ( إمْضَاءُ بَيْعِهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ الْمَغْصُوبَ لِصِحَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ، وَظَاهِرُهُ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِهِ أَمْ لَا ، كَانَ الْمَالِكُ حَاضِرًا حِينَ بَيْعِهِ أَوْ لَا ، قَرِيبَ الْمَكَانِ بِحَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى مُشْتَرِيهِ فِي الصَّبْرِ إلَى عِلْمِ مَا عِنْدَهُ أَوْ لَا ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ ، وَفِي كُلٍّ خِلَافٌ .
" ق " فِيهَا مَنْ غَصَبَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً وَبَاعَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ وَهِيَ بِحَالِهَا فَلَيْسَ لَهُ تَضْمِينُ الْغَاصِبِ قِيمَتَهَا وَإِنْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا أَوْ يَأْخُذَ الثَّمَنَ مِنْ الْغَاصِبِ كَمَا وَجَدَهَا بِيَدِ الْغَاصِبِ ، وَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ يَغْرَمُهُ وَلَيْسَ الرِّضَا بِبَيْعِهِ يُوجِبُ لَهُ حُكْمَ الْأَمَانَةِ فِي الثَّمَنِ ، وَفِيهَا أَيْضًا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ غَرِمَ الْمُبْتَاعُ الْقِيمَةَ لِرَبِّهِ يَوْمَ لُبْسِهِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ ، وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَضْمَنُهُ ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ضَمِنَهُ ا هـ .
اللَّخْمِيُّ إذَا بَاعَ الْغَاصِبُ الْعَبْدَ ثُمَّ أَتَى صَاحِبُهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ سُوقُهُ وَلَا بَدَنُهُ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ ، ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَائِمَ الْعَيْنِ وَأَجَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَيْعَهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَاسِدَ الذِّمَّةِ بِالْحَرَامِ أَوْ غَيْرِهِ ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْغَاصِبِ وَهُوَ فَقِيرٌ وَأَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَقِيلَ يَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْهُ .
ا هـ .
وَضَعَّفَ فِي

النَّوَادِرِ الثَّانِيَ وَأَنْكَرَهُ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : اللَّخْمِيُّ إنْ عَلِمَ الْمُبْتَاعُ أَنَّ بَائِعَهُ غَاصِبٌ وَأَرَادَ رَدَّ الْبَيْعِ قَبْلَ قُدُومِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ ، وَلَهُ ذَلِكَ إذَا بَعُدَتْ لِتَضَرُّرِهِ بِالصَّبْرِ إلَى قُدُومِهِ .
الثَّانِي : إذَا غُصِبَ الْمُشْتَرَكُ بِاسْمِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَهَلْ ذَلِكَ مِنْهُمَا أَوْ خَاصٌّ بِمَنْ أُخِذَ بِاسْمِهِ .
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ الَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْمَأْخُوذَ بَيْنَهُمَا وَالْبَاقِيَ بَيْنَهُمَا ، وَبِهَذَا أَفْتَى السُّيُورِيُّ وَبَحَثَ فِيهِ الْبُرْزُلِيُّ .
( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ رَقِيقًا مِنْ غَاصِبٍ وَأَعْتَقَهُ فَلِرَبِّهِ ( نَقْضُ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ آخِرُهُ ضَادٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ فَسْخُ وَرَدُّ ( عِتْقِ الْمُشْتَرِي ) الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ الْغَاصِبِ وَأَخَذَهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى الْغَاصِبِ ( وَ ) لَهُ ( إجَازَتُهُ ) بِالزَّايِ أَيْ إمْضَاءُ وَتَنْفِيذُ عِتْقِ الْمُشْتَرِي ، وَاتَّبَعَ الْغَاصِبَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ بِثَمَنِهِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ ، وَإِنْ أَجَازَهُ فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ ، وَمَا تَرَتَّبَ عَلَيْهِ مِنْ شَهَادَةٍ وَإِرْثٍ وَنَحْوِهِمَا .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ وَرِثَتْ الْأَمَةُ الْأَحْرَارَ وَشَهِدَتْ الشَّهَادَاتِ ثُمَّ أَجَازَ مَالِكُهَا بَيْعَهَا أَوْ أَغْرَمَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهَا فَلَا يُنْقَضُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا نُقِضَ ذَلِكَ كُلُّهُ ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهَا فَاقْتَصَّتْ عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ ثُمَّ أَخَذَهَا سَيِّدُهَا رَجَعَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْإِمَامِ بِدِيَةِ الْيَدِ ، وَيَرْجِعُ سَيِّدُهَا عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَهَا أَفَادَهُ تت .
" ق " فِي التَّهْذِيبِ مَنْ غَصَبَ أَمَةً فَبَاعَهَا فَقَامَ رَبُّهَا وَقَدْ أَعْتَقَهَا الْمُبْتَاعُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَنَقْضُ عِتْقِهَا نَقَصَتْ أَمْ زَادَتْ ، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ ، فَإِنْ أَجَازَهُ فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهَا بِالْعَقْدِ الْأَوَّلِ .
.

وَضَمِنَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ فِي عَمْدٍ لَا سَمَاوِيٍّ
( وَ ) مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مَغْصُوبًا غَيْرَ عَالِمٍ وَأَتْلَفَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ ( ضَمِنَ ) شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) قِيمَةَ مَا اشْتَرَاهُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ يَوْمَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ ( لَمْ يَعْلَمْ ) حِينَ شِرَائِهِ كَوْنَهُ مَغْصُوبًا ( فِي ) إتْلَافِهِ بِفِعْلٍ ( عَمْدٍ ) كَأَكْلِ طَعَامٍ ، وَإِبْلَاءِ ثَوْبٍ يَلْبَسُهُ ، وَهَدْمِ بِنَاءٍ .
وَمَفْهُومُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِغَصْبِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ غَاصِبِهِ كَمَا سَيَأْتِي .
وَنَظَرَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَغْرِيمِهِ قِيمَتَهُ يَوْمَ لُبْسِهِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِيهِ ، وَهُوَ إذَا لَبِسَهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَلَمْ يَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ بِإِتْلَافِهِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا حَصَلَ هَلَاكُهُ بِانْتِفَاعِهِ بِهِ لَمْ يُفَرَّقْ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَعَدِّي إلَّا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ شَبَّهَهُ بِقَتْلِهِ ، فَلِذَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ لُبْسِهِ وَكَمَا لَوْ كَانَ مَرْهُونًا أَوْ مُودَعًا عِنْدَهُ .
وَحُكْمُ الْمُصَنِّفُ بِتَضْمِينِ الْمُشْتَرِي لَا يُنَافِي قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي تَغْرِيمِ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلَ الْمِثْلِيِّ أَوْ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَتَضْمِينِ الْغَاصِبِ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ ثَمَنَهُ ( لَا ) يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي غَيْرُ الْعَالِمِ مَا تَلِفَ عِنْدَهُ ( بِ ) أَمْرٍ ( سَمَاوِيٍّ ) بِفَتْحِ السِّينِ مُخَفَّفًا أَيْ مَنْسُوبٍ لِلسَّمَاءِ لِصُدُورِهِ مِنْ خَالِقِهَا مِنْ غَيْرِ تَسَبُّبِ الْمُشْتَرِي فِيهِ .
.

وَغَلَّةٍ ، وَهَلْ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ ؟ تَأْوِيلَانِ

( وَ ) وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُشْتَرِي غَيْرِ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ ( فِي غَلَّةٍ ) اسْتَغَلَّهَا مِمَّا اشْتَرَاهُ فَيَفُوزُ بِهَا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ ، وَنَفْيُ ضَمَانِهِ السَّمَاوِيَّ يَقْتَضِي ضَمَانَهُ الْغَلَّةَ ، وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ نَفْيَ الضَّمَانِ إنَّمَا يَقْتَضِي نَفْيَ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ إذَا كَانَ نَفْيًا مُطْلَقًا ، وَالْمَنْفِيُّ هُنَا ضَمَانُ السَّمَاوِيِّ فَقَطْ .
( وَهَلْ الْخَطَأُ ) فِي إتْلَافِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مُشْتَرِيهِ غَيْرِ الْعَالِمِ بِغَصْبِهِ ( كَالْعَمْدِ ) مِنْهُ فِي ضَمَانِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْقِيَاسُ ( أَوْ هُوَ ) أَيْ الْخَطَأُ ( كَالسَّمَاوِيِّ ) فِي عَدَمِ ضَمَانِهِ الْمُشْتَرِي غَيْرِ الْعَالِمِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ ، فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَفِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِي حَمْلِهَا عَلَى أَيِّ الْقَوْلَيْنِ فَجَعَلَ فِي الْبَيَانِ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ مُفَسِّرًا لَهَا وَحَمَلَ مَا فِيهَا مِنْ الضَّمَانِ إذَا قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهَا عَلَى الْعَمْدِ ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ جِنَايَتِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ أَيْ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ رُبَّمَا تُؤَوَّلُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ .
فَإِنْ قُلْت الْحُكْمُ بِأَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ مَعَ الْحُكْمِ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ الْخَطَأَ وَالسَّمَاوِيَّ مُتَنَافِيَانِ ، قُلْت لَا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَضْمَنْ يَضْمَنُ الْغَاصِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، أَفَادَهُ تت ، وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَلَبِسَهُ حَتَّى أَبْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ غَرِمَ الْمُبْتَاعُ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ يَوْمَ لُبْسِهِ ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ قِيمَتَهُ يَوْمَ غَصْبِهِ أَوْ أَجَازَ بَيْعَهُ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَلَوْ تَلِفَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا

يَضْمَنُهُ ، وَلَوْ تَلِفَ عِنْدَ غَاصِبِهِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى ضَمِنَهُ ا هـ .
أَشْهَبُ إنْ اُسْتُحِقَّتْ بَعْدَ مَوْتِهَا عِنْدَ مُشْتَرِيهَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ لِأَجَلٍ رَجَعَ عَلَى غَاصِبِهَا بِثَمَنِهَا إلَّا بِتَدْبِيرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَكِتَابُهُ نَقَلَهُ الشَّيْخُ وَابْنُ يُونُسَ " ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْجَارِيَةَ مُبْتَاعُهَا مِنْ غَاصِبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَتْلِهَا ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْغَاصِبِ بِالثَّمَنِ لِأَنَّ الْإِمَامَ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ مَا ابْتَاعَهُ مِنْ طَعَامٍ فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابٍ فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا فَلِلْمُسْتَحِقِّ ذَلِكَ أَخْذٌ بِمِثْلِ الطَّعَامِ وَقِيمَةِ الثِّيَابِ ، وَإِنَّمَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُبْتَاعِ كُلُّ مَا عُرِفَ هَلَاكُهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَمَّا مَا كَانَ هَلَاكُهُ مِنْ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ .
عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ عَمْدًا ، وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ ، فَهُوَ كَمَا لَوْ ذَهَبَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَشْهَبُ الْخَطَأُ كَالْعَمْدِ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ ابْنُ رُشْدٍ تَفْرِقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى تَفْسِيرُ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا لَمْ يُفَرَّقْ فِيهَا بَيْنَ عَمْدٍ وَخَطَأٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ وِفَاقٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا بَعْضُهُمْ .
.

وَوَارِثُهُ ، وَمَوْهُوبُهُ إنْ عَلِمَا : كَهُوَ ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْغَاصِبِ ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةِ مَوْهُوبِهِ ، فَإِنْ أَعْسَرَ ، فَعَلَى الْمَوْهُوبِ

( وَ ) إنْ مَاتَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ الْمَغْصُوبَ لِشَخْصٍ فَقَبِلَهُ مِنْهُ فَ ( وَارِثُهُ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( وَمَوْهُوبُهُ ) أَيْ الَّذِي وَهَبَ الْغَاصِبُ الْمَغْصُوبَ لَهُ حُكْمُهُمَا فِي ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ وَغَلَّتِهِ ( كَ ) حُكْمِهِ ( هُوَ ) أَيْ الْغَاصِبِ فِيهِ ( إنْ عَلِمَا ) أَيْ وَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ بِغَصْبِهِ ، لِأَنَّ عِلْمَهُمَا بِهِ هُوَ صَيَّرَهُمَا غَاصِبَيْنِ مُتَعَدِّيَيْنِ فِي اسْتِيلَائِهِمَا عَلَى الْمَغْصُوبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا مِنْ غَاصِبِهِ أَوْ قَبِلَهُ مِنْهُ هِبَةً وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَهُوَ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَالضَّمَانِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْهُوبُهُ بِغَصْبِهِ ( بُدِئَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِالْغَاصِبِ ) فِي تَغْرِيمِهِ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ الْمَوْهُوبِ وَغَلَّتِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا ، وَقِيلَ يُبْدَأُ بِالْمَوْهُوبِ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ ، وَقِيلَ يُخَيَّرُ الْمَالِكُ فِي اتِّبَاعِ أَيِّهِمَا شَاءَ .
( وَ ) إنْ بُدِئَ بِالْغَاصِبِ ( رَجَعَ ) الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ ( بِغَلَّةِ ) الْمَغْصُوبِ الْمُسْتَغَلَّةِ ( مَوْهُوبِهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ اللَّخْمِيُّ اتِّفَاقًا لِأَنَّ هِبَتَهُ لَا تُسْقِطُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةَ الْمُتَرَتِّبَةَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ غَصْبِهِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ( فَإِنْ أَعْسَرَ ) الْغَاصِبُ ( فَ ) يَرْجِعُ الْمَالِكُ بِالْغَلَّةِ ( عَلَى الْمَوْهُوبِ ) لَهُ مِنْ الْغَاصِبِ لِمُبَاشَرَتِهِ إتْلَافَهَا ، وَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ الرُّجُوعُ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ إنْ أَيْسَرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا مِنْ غَاصِبِ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُ زَمَنًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ مَثَلًا وَلَمْ يَدْرِ بِمَ كَانَ لَهُ فَاسْتَغَلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ ، وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ

هُوَ الَّذِي غَصَبَ هَذَا الشَّيْءَ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ مِنْ مُوَرِّثِهِ فَغَلَّةُ مَا مَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ ، فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الشِّرَاءِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ ، وَمَنْ غَصَبَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا فَوَهَبَهُمْ لِرَجُلٍ فَاغْتَلَّهُمْ وَأَخَذَ كِرَاءَهُمْ ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَالِمًا بِغَصْبِهِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الرُّجُوعُ بِالْغَلَّةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَرْجِعَ أَوَّلًا بِالْغَلَّةِ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا رَجَعَ بِهَا عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَكَذَلِكَ مَنْ غَصَبَ ثَوْبًا أَوْ طَعَامًا فَوَهَبَهُ لِرَجُلٍ فَأَكَلَهُ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ حَتَّى أَبْلَاهُ أَوْ كَانَتْ دَابَّةً فَبَاعَهَا وَأَكَلَ ثَمَنَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ بَعْدَ فَوَاتِهَا بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَعَلَى مَا ذُكِرَ ، وَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ نَفْسَهُ اغْتَلَّ الْعَبْدَ وَأَخَذَ كِرَاءَ الدَّارِ لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الْغَلَّةَ وَالْكِرَاءَ لِلْمُسْتَحَقِّ ، وَلَوْ مَاتَ الْغَاصِبُ وَتَرَكَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ فَاسْتَغَلَّهَا وَلَدُهُ كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ وَغَلَّتُهَا لِلْمُسْتَحِقِّ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَكُونُ فِي عَدَمِ الْوَاهِبِ أَحْسَنَ حَالًا مِنْ الْوَارِثِ أَوَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ قَمْحًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثِيَابًا فَلَبِسَهَا حَتَّى أَبْلَاهَا أَوْ شَاةً فَذَبَحَهَا وَأَكَلَ لَحْمَهَا ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ رَجُلٌ أَنَّهُ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ غُرْمَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يُوضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ ، وَإِنْ هَلَكَ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَانْتِفَاعِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ وَقَامَتْ بِهَلَاكِ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالرَّبْعِ وَانْهَدَمَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ ، فَكَمَا كَانَ الْمُشْتَرِي حِينَ أَكَلَ أَوْ لَبِسَ لَا يَضَعُ عَنْهُ شِرَاؤُهُ الضَّمَانَ كَانَ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ أَحْرَى أَنْ

يَرُدَّ مَا اسْتَغَلَّ فِي عُدْمِ الْوَاهِبِ لِأَنَّهُ أَخَذَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ بِغَيْرِ ثَمَنٍ .
مُحَمَّدٌ وَأَشْهَبُ مَنْ وَهَبَهُ الْغَاصِبُ لَهُ الْغَلَّةُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ كَالْمُشْتَرِي ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ أَنَّ مَا اسْتَغَلَّ الْمُشْتَرِي مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ أَوْ سَكَنَ أَوْ زَرَعَ لَهُ ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّةٍ وَلَا كِرَاءٍ وَلَا عَلَى الْغَاصِبِ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عَلَى الْغَاصِبِ لَا يُحَاسِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ كِرَاءٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِغَصْبِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَيَكُونُ كَالْغَاصِبِ ا هـ .
وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ دُورًا أَوْ أَرْضِينَ أَوْ حَيَوَانًا أَوْ ثِيَابًا أَوْ مَا لَهُ غَلَّةٌ أَوْ نَخْلًا فَأَثْمَرَتْ عِنْدَهُ فَالْغَلَّةُ وَالثَّمَرَةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ إلَى يَوْمِ يَسْتَحِقُّهَا رَبُّهَا .
وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ إنَّمَا وَهَبَهُ ذَلِكَ لَرَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْغَلَّةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي عُدْمِ الْغَاصِبِ وَيَكُونُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ قِيمَةُ عَمَلِهِ وَعِلَاجِهِ ا هـ .
مِنْهَا .

وَلُفِّقَ شَاهِدٌ بِالْغَصْبِ لِآخَرَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ : كَشَاهِدٍ بِمِلْكِك : لِثَانٍ بِغَصْبِك ، وَجُعِلَتْ ذَا يَدٍ ، لَا مَالِكًا ، إلَّا أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ ، وَيَمِينَ الْقَضَاءِ

( وَ ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِأَنَّهُ غَصَبَ مِنْهُ مَالًا فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا بِمُعَايَنَةِ غَصْبِهِ وَشَاهِدًا آخَرَ بِإِقْرَارِهِ لَهُ بِهِ ( لُفِّقَ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَكَسْرِ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ ضُمَّ ( شَاهِدٌ ) شَهِدَ ( بِ ) مُعَايَنَةِ ( الْغَصْبِ ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي ( لِ ) شَهَادَةِ شَاهِدٍ ( آخَرَ ) شَهِدَ لِلْمُدَّعِي ( عَلَى إقْرَارِهِ ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( بِالْغَصْبِ ) لِمَالِ الْمُدَّعِي وَثَبَتَ الْغَصْبُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيُحْكَمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِرَدِّ الْمَغْصُوبِ بِعَيْنِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَعِوَضِهِ إنْ كَانَ فَاتَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَكهَا تَمَّتْ الشَّهَادَةُ .
أَبُو الْحَسَنِ أَيْ بِالْغَصْبِ ، وَقُضِيَ لَك بِهَا بِلَا يَمِينِ الْقَضَاءِ وَلَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ عِيَاضٌ إذْ قَدْ تَكُونُ بِيَدِك وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِأُجْرَةٍ وَلَا يُعَارِضُ مَا هُنَا قَوْلُهَا لَوْ شَهِدَ رَجُلٌ بِقَتْلِ خَطَأٍ وَآخَرُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِالْقَسَامَةِ لِأَنَّهُ هُنَا أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فَلَزِمَهُ إقْرَارُهُ وَهُنَاكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ إقْرَارُهُ أَفَادَهُ تت .
وَشَبَّهَ فِي التَّلْفِيقِ فَقَالَ ( كَشَاهِدٍ بِمِلْكِك ) لِمَا ادَّعَيْت غَصْبَهُ مِنْك ( لِ ) شَاهِدٍ ( ثَانٍ ) شَهِدَ ( بِغَصْبِك ) أَيْ بِغَصْبِهَا مِنْك ( وَجُعِلْتَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَفَتْحِ تَاءِ خِطَابِ الْمُدَّعِي ( ذَا ) أَيْ صَاحِبَ ( يَدٍ ) أَيْ حَائِزًا فَقَطْ لِلْمُدَّعَى بِهِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَائِزًا وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَيَعْنِي بِلَا يَمِينٍ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ لِاجْتِمَاعِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى حَوْزِ الْمَشْهُودِ لَهُ ، فَإِنْ فَاتَتْ أَوْ تَعَيَّبَتْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا إلَّا إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَهَذَا الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا تَبِعَ

فِيهِ مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ لِعِيَاضٍ ، وَنَقَلَ " غ " كَلَامَهُ وَسَيَأْتِي .
وَعَطَفَ عَلَى ذَا يَدٍ أَوْ حَائِزًا بِلَا فَقَالَ ( لَا مَالِكًا ) لَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ شَاهِدَ الْغَصْبِ لَمْ يُثْبِتْ لَك مِلْكًا لِاحْتِمَالِ أَنَّك حُزْتهَا بِإِيدَاعٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ إجَارَةٍ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ تَحْلِفَ ) يَا مُدَّعِي ( مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ ) أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ حَقٌّ وَأَنَّك مَالِكٌ لَهُ ( وَ ) تَحْلِفُ أَيْضًا ( يَمِينَ الْقَضَاءِ ) أَنَّك لَمْ تَبِعْهَا وَلَمْ تَتَصَدَّقْ بِهَا وَلَمْ تَهَبْهَا وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِك بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ لِأَنَّ شَاهِدَ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَك غَصْبًا لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِك بِوَجْهٍ مِمَّا تَقَدَّمَ ، وَهَذَا عَلَى ثُبُوتِ الْوَاوِ ، وَكَمَا فِي الْأَقْفَهْسِيِّ مِنْ مُسْوَدَّةِ الْمُصَنِّفِ ، وَكَثِيرٍ وَعِنْدَ الشَّارِحِينَ بِغَيْرِ وَاوٍ فَيَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً يَجْمَعُ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا .
" غ " هَاتَانِ مَسْأَلَتَانِ ، أَمَّا الْأُولَى : فَقَالَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ ، وَشَاهِدًا آخَرَ عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَكهَا تَمَّتْ الشَّهَادَةُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْغَصْبِ ، وَيُقْضَى لَك بِهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْقَضَاءِ وَلَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ إذْ قَدْ تَكُونُ بِيَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً أَوْ رَهْنًا أَوْ بِأُجْرَةٍ .
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ : فَقَالَ فِيهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا لَك وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ غَصَبَكهَا فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ مِلْكِك لَهَا فَيُقْضَى لَك بِهَا وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ غَصْبِك ، فَإِنْ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ كَانَ لَك أَنْ تَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ بِالْغَصْبِ وَتُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ ، هَكَذَا اخْتَصَرَهَا أَبُو سَعِيدٍ وَأَكْثَرُهُمْ ، تَبَعًا لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَاَلَّذِي فِي الْأُمَّهَاتِ لَوْ أَنِّي أَقَمْت شَاهِدًا عَلَى أَنَّهُ غَصَبَنِيهَا وَأَقَمْت آخَرَ عَلَى أَنَّهَا جَارِيَتِي قَالَ لَأَرَاهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً ، فَإِنْ دَخَلَ

الْجَارِيَةَ نَقْصٌ حَلَفَ مَعَ الَّذِي شَهِدَ لَهُ أَنَّهُ غَصَبَهَا وَأَخَذَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ .
قَالَ عِيَاضٌ لَمْ يَجْعَلْهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً ، إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى الْغَصْبِ فَيُضَمِّنَهُ الْقِيمَةَ فِي الْفَوَاتِ ، وَلَا عَلَى الْمِلْكِ فَيَأْخُذَهَا بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ فِي الْقِيَامِ أَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْهَا ، وَأَنَّهَا مِلْكُهُ ، إذْ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُ الْغَصْبِ بِالْمِلْكِ التَّامِّ ، وَإِذْ لَوْ شَهِدَ بِالْمِلْكِ التَّامِّ مَا حَكَمَ لِرَبِّهَا حَتَّى يَحْلِفَ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ ، وَلَوْ تَمَّتْ الشَّهَادَةُ بِالْغَصْبِ لَمْ تَتِمَّ بِالْمِلْكِ إذْ يَقُولُ لَا أَدْرِي أَنَّهَا مِلْكُهُ وَلَعَلَّهَا عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ أَوْ رَهْنٌ أَوْ بِإِجَارَةٍ ، وَإِنَّمَا رَأَيْته أَخَذَهَا مِنْ يَدِهِ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَجَعَ عَمَّا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ ، وَقَالَ أَرَاهُمَا شَهَادَةً وَاحِدَةً لِمَا قُلْنَاهُ ، وَجَعَلَهُمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى شَهَادَةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَقُلْ تَامَّةً لِأَنَّهَا تُوجِبُ فِي قِيَامِهَا تَقْدِيمَ يَدِ الْقَائِمِ عَلَيْهَا دُونَ الْحُكْمِ لَهُ بِمِلْكِهَا حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَيَمِينِ الْقَضَاءِ حَتَّى لَوْ جَاءَ آخَرُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْمِلْكِ أَوْ شَاهِدٍ عَلَيْهِ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ كَانَ أَحَقَّ بِهِ ، إلَّا أَنْ يَحْلِفَ هَذَا مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَمِينُهُ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ مُعَارِضٌ لِشَاهِدَيْنِ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ يَرْجَحُ عَلَيْهِ الشَّاهِدَانِ ؟ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتَصَرَهَا أَبُو مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ الْمِلْكِ وَلَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ الْغَصْبِ ، وَتَبِعَهُ أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ ، وَقَدْ قَالَ بَعْدَ هَذَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ فَقَدْ شَهِدُوا أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي أَهِيَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَمْ لَا ، ثُمَّ قَالَ أَمَا كُنْت تَرْدُدْهُ عَلَيْهِ وَهَذَا إنَّمَا أَرَادَ رَدَّهَا إلَيْهِ بِتَقْدِيمِ يَدِهِ

عَلَيْهَا عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ ، .
ا هـ .
وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ قَوْلَهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ لَا شَاهِدَ مِلْكٍ فِي الْأُولَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ أَقَمْت شَاهِدًا أَنَّ فُلَانًا غَصَبَك هَذِهِ الْأَمَةَ وَشَاهِدًا آخَرَ أَنَّهَا لَك فَقَدْ اجْتَمَعَا عَلَى إيجَابِ مِلْكِك لَهَا فَيُقْضَى لَك بِهَا بَعْدَ أَنْ تَحْلِفَ أَنَّك مَا بِعْت وَلَا وَهَبْت كَمَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا بِبَيِّنَةٍ وَذَلِكَ إذَا ادَّعَاهَا الْغَاصِبُ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى إيجَابِ الْغَصْبِ .
ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ شَهَادَتُهُمَا مُخَالِفَةٌ ، فَإِذَا لَمْ تَفُتْ حَلَفَ مَعَ أَيِّ الشَّاهِدَيْنِ شَاءَ .
إنْ حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ حَلَفَ لَقَدْ شَهِدَ شَاهِدُهُ بِحَقٍّ وَرُدَّتْ إلَى يَدِهِ بِالْحِيَازَةِ فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ مِلْكًا وَشَاهِدُ الْمِلْكِ لَمْ يُثْبِتْ لَهُ غَصْبًا ، إذْ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ إلَى الَّذِي هِيَ بِيَدِهِ ، فَلَمَّا لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى مِلْكٍ وَلَا عَلَى غَصْبٍ حَلَفَ كَمَا قَدَّمْنَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ دَخَلَ الْجَارِيَةَ نَقْصٌ كَانَ لَك أَنْ تَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَتُضَمِّنَ الْغَاصِبَ الْقِيمَةَ قَوْلُهُ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ لَا مَالِكًا لَمْ يَذْكُرْ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَا لِبَعْضِ الْفُقَهَاءِ مُعَارِضٌ لَهَا ، وَإِنَّمَا هُوَ إذَا حَلَفَ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَلَمْ يَذْكُرْ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ خَلِيلٌ أَنْ يَحْلِفَ .
طفي أَنْتَ تَرَى أَنَّ ابْنَ يُونُسَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا عَلَى عَدَمِ التَّلْفِيقِ ، وَأَنَّ الشَّهَادَةَ مُخْتَلِفَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ أَحَدِهِمَا لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِشَهَادَةٍ .
وَأَمَّا عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّلْفِيقِ فَلَا يَحْتَاجُ لِلْيَمِينِ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ عَلَى الْحَوْزِ ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهَا

الْمُصَنِّفُ مَعَهُ ، بَلْ قَالَ وَجُعِلْتَ ذَا يَدٍ فَقَطْ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحَانِ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْمِلْكِ وَالْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِ الْغَصْبِ وَهْمٌ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ سَلَكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ طَرِيقَ عِيَاضٍ فِي التَّلْفِيقِ وَكَوْنِهَا شَهَادَةً بِالْمِلْكِ غَيْرِ التَّامِّ ، وَطَرِيقُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَأَبِي سَعِيدٍ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُخْتَصِرِينَ أَنَّهَا شَهَادَةٌ تَامَّةٌ يُقْضَى بِهَا بِالْمِلْكِ مَعَ يَمِينِ الْقَضَاءِ اُنْظُرْ التَّنْبِيهَاتِ وَ " غ " ، فَقَدْ نَقَلَ كَلَامَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ وَلَمَّا لَمْ يَقِفْ " ق " عَلَى كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ خَالَفَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَوَهَمَ الشَّارِحَانِ فَحَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَصْرِيحِ الْمُصَنِّفِ بِالتَّلْفِيقِ وَلِعَدَمِ ذِكْرِهِ الْيَمِينَ .
.

وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ : حُدَّتْ لَهُ

( وَإِنْ ادَّعَتْ ) امْرَأَةٌ ( اسْتِكْرَاهًا ) أَيْ إكْرَاهًا عَلَى الزِّنَا بِهَا كَذَا وُجِدَ فِي نُسْخَةِ الْمُصَنِّفِ وَبَعْدَهُ بَيَاضٌ خَالٍ عَنْ الْكِتَابَةِ فَكَتَبَ فِيهِ تِلْمِيذُهُ الْأَقْفَهْسِيُّ بِخَطِّهِ ( عَلَى ) رَجُلٍ ( غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ ) الْإِكْرَاهُ عَلَى الزِّنَا لِعَدَالَتِهِ ، وَصِلَةُ ادَّعَتْ ( بِلَا تَعَلُّقٍ ) مِنْهَا بِالرَّجُلِ الَّذِي ادَّعَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ زِنَاهُ بِهَا ( حُدَّتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الدَّالِ كَذَلِكَ بِسَبَبِ قَذْفِهَا ( لَهُ ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ غَيْرِ اللَّائِقِ بِهِ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ الشَّارِحَانِ .
وَفِي الشَّامِلِ وَحُدَّتْ مُدَّعِيَةُ الْإِكْرَاهِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ وَنَظَرَ الْحَاكِمُ إنْ اُتُّهِمَ .
ا هـ .
وَفِي غَصْبِ الْمُقَدِّمَاتِ إنْ ادَّعَتْ الِاسْتِكْرَاهَ عَلَى رَجُلٍ صَالِحٍ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ وَهِيَ غَيْرُ مُتَعَلِّقَةٍ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الرَّجُلِ ، وَأَنَّهَا تُحَدُّ لَهُ حَدَّ الْقَذْفِ وَحَدَّ الزِّنَا إنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ فَيَتَخَرَّجُ وُجُوبُ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي حَدِّ مَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَوْ بِوَطْءِ حُرَّةٍ وَادَّعَى أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَيُحَدُّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، إلَّا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهِ وَلَا يُحَدُّ عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ ، وَهُوَ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ فَهَذَا يُسْقِطُ عَنْهَا حَدَّ الزِّنَا لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَتُحَدُّ حَدَّ الْقَذْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ عَلَى فَاسِقٍ وَلَمْ تَأْتِ مُتَعَلِّقَةً بِهِ فَلَا تُحَدُّ لَهُ الْقَذْفَ وَلَا تُحَدُّ حَدَّ الزِّنَا أَيْضًا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَا صَدَاقَ لَهَا ، وَيَنْظُرُ الْإِمَامُ فِي أَمْرِهِ .
وَإِنْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهَذَا الْفَاسِقِ سَقَطَ عَنْهَا حَدُّ الْقَذْفِ وَحَدُّ الزِّنَا .
وَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ اُنْظُرْ الْمُقَدِّمَاتِ ، فَقَدْ أَطَالَ هُنَا ، وَذَكَرَهَا

ابْنُ عَرَفَةَ فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ أَفَادَهُ " غ " وَ " ق " .
الْحَطّ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِلَا تَعَلُّقٍ أَنَّهَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ لَا تُحَدُّ لَهُ .
وَمَفْهُومُ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَائِقًا بِهِ لَا تُحَدُّ لَهُ وَلَوْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ .
وَفِي الْإِكْمَالِ وَلَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ مِثْلَ هَذَا عِنْدَنَا عَلَى أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ حُدَّتْ لَهُ لِلْقَذْفِ وَكَذَّبْنَاهَا ، وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهَا ، وَلَا تَلْحَقُهُ تَبِعَةٌ بِقَوْلِهَا إلَّا أَنْ تَأْتِيَ مُتَعَلِّقَةً بِهِ تَدْمَى مُسْتَغِيثَةً لِأَوَّلِ حَالِهَا وَكَانَ لَمْ يَشْتَهِرْ بِخَيْرٍ وَلَمْ يُعْرَفْ بِذَكَاءٍ .
وَأَمَّا إنْ جَاءَتْ مُتَعَلِّقَةً بِمَنْ لَا يَلِيقُ ذَلِكَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
وَاخْتُلِفَ عِنْدَنَا فِي حَدِّهَا لِقَذْفِهِ فَقِيلَ تُحَدُّ .
وَقِيلَ لَا تُحَدُّ لِمَا بَلَغَتْ مِنْ فَضِيحَةِ نَفْسِهَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا لِلزِّنَا وَلِبَعْضِ أَصْحَابِنَا فِي الْمُشْتَهِرَةِ بِذَلِكَ مِثْلِ صَاحِبَةِ جَرِيرٍ أَنَّهَا تُحَدُّ لِلزِّنَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا تُصَدَّقُ بِتَعَلُّقِهَا وَفَضِيحَتِهَا نَفْسَهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَزَلْ مُفْتَضِحَةً بِحَالِهَا ، وَهَذَا صَحِيحٌ فِي النَّظَرِ ا هـ .
.

وَالْمُتَعَدِّي : جَانٍ عَلَى بَعْضٍ غَالِبًا

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْغَاصِبِ عَقَّبَهُ الْكَلَامَ عَلَى الْمُتَعَدِّي لِتَنَاسُبِهِمَا فَقَالَ ( وَ ) الشَّخْصُ ( الْمُتَعَدِّي ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ التَّعَدِّي الْمَازِرِيُّ هُوَ غَيْرُ الْغَصْبِ أَحْسَنُ مَا مُيِّزَ بِهِ عَنْهُ أَنَّ التَّعَدِّيَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ الرَّقَبَةَ أَوْ إتْلَافِهِ أَوْ بَعْضِهِ دُونَ قَصْدٍ تَمَلُّكِهِ .
قُلْت وَحَاصِلُ مَسَائِلِ التَّعَدِّي أَنَّهُ الِانْتِفَاعُ بِمَالِ الْغَيْرِ دُونَ حَقٍّ فِيهِ خَطَؤُهُ كَعَمْدِهِ ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا إذْنِ قَاضٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِفَقْدِهِمَا ، فَيَدْخُلُ تَعَدِّي الْمُقَارِضِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ وَالْأَجَانِبِ شَخْصٌ ( جَانٍ ) بِجِيمٍ وَنُونٍ مِنْ الْجِنَايَةِ ( عَلَى بَعْضٍ ) مِنْ شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَشْمَلْ هَذَا تَعَدِّيَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ دَابَّةً الْمَسَافَةِ الَّتِي اكْتَرَى أَوْ اسْتَعَارَ لَهَا لِتَعَدِّيهِ عَلَيْهَا كُلِّهَا زَادَ لِإِدْخَالِهِ ( غَالِبًا ) إذْ مَفْهُومُهُ أَنَّ مِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ التَّعَدِّيَ عَلَى جَمِيعِ الشَّيْءِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَكَاسْتِعْمَالِ مُودَعٍ بِالْفَتْحِ وَدِيعَةً .
" غ " اخْتَصَرَ هُنَا قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِيهَا الْمُتَعَدِّي يُفَارِقُ الْغَاصِبَ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ جَنَى عَلَى بَعْضِ السِّلْعَةِ وَالْغَاصِبَ أَخَذَهَا ، كَكَسْرِ الصَّفْحَةِ وَتَحْرِيقِ الثَّوْبِ وَزَادَ غَالِبًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُكْتَرِيَ وَالْمُسْتَعِيرَ إذَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ يَكُونُ حُكْمُهُمَا حُكْمَ الْمُتَعَدِّي لَا حُكْمَ الْغَاصِبِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ دَابَّةٌ أَوْ ثَوْبٌ فَاسْتَعْمَلَهَا فَهَذَا الْفَرْقُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْهَا لَا يَكْفِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُهُ لَا يَعُمُّ صُوَرَ التَّعَدِّي بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّ جِنَايَةَ الْمُكْتَرِي وَالْمُسْتَعِيرِ عَلَى الدَّابَّةِ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَنْ أَجْزَائِهَا مِلْكَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا

مَأْخُوذَةً وَجِنَايَتُهُمَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِهِ ، وَلِذَا فُرِّقَ فِيهَا بَيْنَ هِبَةِ الْعَبْدِ وَبَيْنَ هِبَةِ خِدْمَتِهِ لِرَجُلٍ حَيَاتَهُ وَرَقَبَتَهُ بَعْدَهُ لِآخَرَ فِي زَكَاةِ فِطْرِهِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ .
وَمُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ أَنَّ الْمُتَعَدِّيَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي شَيْءٍ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ غَصَبَ السُّكْنَى فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا أُجْرَةَ السُّكْنَى .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ لِلذَّاتِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهُ مِلْكَ رَقَبَتِهَا فَهُوَ مُتَعَدٍّ ، وَقَدْ عُلِمَ الْفَرْقُ فِي الْمَذْهَبِ بَيْنَ الْمُتَعَدِّي وَالْغَاصِبِ وَهُوَ حَسَنٌ لَوْ طَرَدُوهُ ، وَلَكِنَّهُمْ جَعَلُوا الْمُتَعَدِّيَ عَلَى الدَّابَّةِ الْمُكْتَرَاةِ أَوْ الْمُعَارَةِ ضَامِنًا لِلرَّقَبَةِ .
فَإِنْ قُلْت الْمُتَعَدِّي عَلَى الدَّابَّةِ نَاقِلٌ لَهَا .
قُلْت أَسْقَطَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَصْفَ النَّقْلِ فِي حَدِّ الْمَغْصُوبِ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ فِي ضَمَانِ الْغَاصِبِ ، وَكَذَا يَنْبَغِي فِي الْمُتَعَدِّي .
قُلْت ظَاهِرُ لَفْظِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَشَارِحِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الدَّارَ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا سَكَنَ جَمِيعَهَا أَوْ بَعْضَهَا ، وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ شَاسٍ عَنْ الْمَذْهَبِ .
قَالَ لَوْ غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ إلَّا مَوْضِعَ سُكْنَاهُ فَلَا يَضْمَنُ ، وَلَوْ انْهَدَمَ مَسْكَنُهُ لَضَمِنَ قِيمَتَهُ وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ إجْرَاءُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حُكْمِ هَلَاكِ الْمُتَعَدِّي فِيهِ مُدَّةَ التَّعَدِّي بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ لَا تَسَبُّبَ فِيهِ لِلْمُتَعَدِّي ، وَتَقَدَّمَ تَحْصِيلُهُ فِي الْعَارِيَّةِ ، فَنَقْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى لَغْوِ ضَمَانِهِ بِذَلِكَ ، وَنَقْلُ ابْنُ شَاسٍ عَلَى ضَمَانِهِ بِذَلِكَ ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ لَك ضَعْفُ مُنَاقَضَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّعَدِّي بِالسُّكْنَى وَمَسْأَلَةِ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ لِأَنَّ الْهَلَاكَ فِي زَمَنِ التَّعَدِّي بِالرُّكُوبِ لَا يُعْلَمُ كَوْنُهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْمُتَعَدِّي ،

وَالْهَدْمُ يُعْلَمُ كَوْنُهُ لَا بِسَبَبِهِ وَقِيَاسُهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ التَّعَدِّيَ عَلَى الْغَصْبِ وَاضِحٌ رَدُّهُ بِمَا فَرَّقَ بِهِ أَهْلُ الْمَذْهَبِ بَيْنَ التَّعَدِّي وَالْغَصْبِ مِنْ ذَلِكَ اعْتِبَارُ لَازِمَيْ ذَاتَيْهِمَا لَازِمُ ذَاتِ الْغَصْبِ قَصْدُ تَمَلُّكِ الرَّقَبَةِ ، فَلَمْ يَفْتَقِرْ مَعَهُ فِي الضَّمَانِ إلَى نَقْلٍ وَلَازِمُ ذَاتِ التَّعَدِّي الْبَرَاءَةُ مِنْ قَصْدِ تَمَلُّكِ الذَّاتِ فَنَاسَبَ وَقْفَ ضَمَانِهَا عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهَا بِالنَّقْلِ .
.

فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ : كَقَطْعِ ذَنَبِ دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ ، أَوْ أُذُنِهَا .
أَوْ طَيْلَسَانِهِ ، أَوْ لَبَنِ شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ ، وَقَلْعِ عَيْنَيْ عَبْدٍ أَوْ يَدَيْهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَنَقْصِهِ ، أَوْ قِيمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ فَنَقْصِهِ : كَلَبَنِ بَقَرَةٍ ، وَيَدِ عَبْدٍ أَوْ عَيْنِهِ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ ، إنْ قُوِّمَ ، وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ فِي الْفَاحِشِ عَلَى الْأَرْجَحِ ، وَرَفَا الثَّوْبَ مُطْلَقًا ، وَفِي أُجْرَةِ الطَّبِيبِ : قَوْلَانِ

( فَإِنْ أَفَاتَ ) الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ النَّفْعَ ( الْمَقْصُودَ ) مِمَّا تَعَدَّى هُوَ عَلَيْهِ ( كَقَطْعِ ) ذَنَبِ ( دَابَّةٍ ذِي هَيْئَةٍ ) أَيْ عَظَمَةٍ وَعُلُوِّ مَنْزِلَةٍ كَقَاضٍ وَإِمَامٍ ( أَوْ ) قَطْعِ ( أُذُنِهَا ) عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ وَصَوَّبَهَا اللَّخْمِيُّ ( أَوْ طَيْلَسَانِهِ ) أَيْ ذِي الْهَيْئَةِ بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ مَا يَجْعَلُهُ عَلَى رَأْسِهِ فِي الشِّتَاءِ لِدَفْعِ الْبَرْدِ وَقَلَنْسُوَتِهِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِلْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا ، إذْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ لَا يَنْتَفِعُ بِهِمَا ذُو الْهَيْئَةِ ، وَالدَّابَّةُ تَشْمَلُ الْبَغْلَةَ وَالْفَرَسَ وَالْحِمَارَ الْفَارِهَ ، وَنُسْخَةُ الْأَقْفَهْسِيِّ وَالْبِسَاطِيِّ بَغْلَةٍ بَدَلَ دَابَّةٍ .
( وَ ) قَطْعِ ( لَبَنِ ) نَحْوِ ( شَاةٍ هُوَ الْمَقْصُودُ ) مِنْ اقْتِنَائِهَا ، وَكَذَا تَقْلِيلُهُ عِنْدَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ ، وَمَفْهُومُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا فَإِتْلَافُهُ يُوجِبُ أَرْشَهُ فَقَطْ ( وَ ) كَ ( قَلْعِ عَيْنَيْ ) مُثَنَّى عَيْنٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ لِ ( عَبْدٍ أَوْ ) قَطْعِ ( يَدَيْهِ ) وَجَوَابُ فَإِنْ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ ( فَلَهُ ) أَيْ مَالِكِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ ( أَخْذُهُ ) أَيْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ ( وَ ) أَخْذُ أَرْشِ ( نَقْصِهِ وَ ) لَهُ تَرْكُهُ لِلْمُتَعَدِّي وَأَخْذُ ( قِيمَتِهِ ) مِنْهُ يَوْمَ تَعَدِّيهِ .
" ق " اللَّخْمِيُّ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ يَسِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ ، وَيَسِيرٌ أَبْطَلَ ذَلِكَ مِنْهُ ، وَكَثِيرٌ لَمْ يُبْطِلْ الْغَرَضَ مِنْهُ ، وَكَثِيرٌ أَبْطَلَ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَالْيَسِيرُ الَّذِي يُبْطِلُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ فِيهِ خِلَافٌ .
ابْنُ الْقَصَّارِ يَضْمَنُ جَمِيعَهُ ، فَإِنْ قَطَعَ ذَنَبَ دَابَّةِ الْقَاضِي أَوْ أُذُنَهَا ضَمِنَهَا وَكَذَا مَرْكُوبُ كُلِّ مَنْ يُعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ لَا يَرْكَبُ مِثْلَ ذَلِكَ

فَذَلِكَ سَوَاءٌ ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ حِمَارًا أَوْ بَغْلًا أَوْ غَيْرَهُمَا ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْكُوبِ وَالْمَلْبُوسِ كَقَلَنْسُوَةِ الْقَاضِي وَطَيْلَسَانِهِ وَعِمَامَتِهِ ، وَكَذَا مَنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَلْبَسُ مِثْلَ ذَلِكَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيمَا قَصَدَ إلَيْهِ ، فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَخَوَيْنِ لَوْ تَعَدَّى عَلَى شَاةٍ بِأَمْرٍ قَلَّ لَبَنُهَا بِهِ ، فَإِنْ كَانَ عُظْمُ مَا تُرَادُ لَهُ اللَّبَنَ ضَمِنَ قِيمَتَهَا إنْ شَاءَ رَبُّهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ غَزِيرَةَ اللَّبَنِ فَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا نَقَصَهَا .
وَأَمَّا النَّاقَةُ وَالْبَقَرَةُ فَإِنَّمَا فِيهِمَا مَا نَقَصَهُمَا ، وَإِنْ كَانَتَا غَزِيرَتَيْ اللَّبَنِ لِأَنَّ فِيهِمَا مَنَافِعُ غَيْرُهُ بَاقِيَةٌ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ فَقَأَ عَيْنَيْ عَبْدِ رَجُلٍ أَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَقَدْ أَبْطَلَهُ ، وَيَضْمَنُ الْجَارِحُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْهُ ، مِثْلُ أَنْ يَفْقَأَ لَهُ عَيْنًا وَاحِدَةً أَوْ جَدَعَ أَنْفَهُ وَشِبْهَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَعْتِقْ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ قَطَعَ الْوَاحِدَةَ مِنْ صَانِعٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ اتِّفَاقًا .
وَإِنْ لَمْ يُفِتْهُ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمُتَعَدِّي الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ ( فَ ) أَرْشُ ( نَقْصِهِ ) أَيْ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ يَسْتَحِقُّهُ مَالِكُهُ مِنْ الْمُتَعَدِّي ، وَمَثَّلَ لِغَيْرِ الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ ( كَلَبَنِ بَقَرَةٍ ) أَوْ نَاقَةٍ وَلَوْ مَقْصُودًا مِنْهُمَا لِأَنَّ فِيهِمَا مَنَافِعُ غَيْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَبَنُ الْبَقَرَةِ الْمَقْصُودُ كَلَبَنِ الشَّاةِ ( وَ ) قَطْعِ ( يَدِ عَبْدٍ وَ ) قَلْعِ ( عَيْنِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ لَا يُفِيتُ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ لِبَقَاءِ مَنَافِعِهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ يَدَيْهِ وَعَيْنَيْهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَانِعًا ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَطَرِيقُ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ أَنَّهُ إنْ قَطَعَ يَدَ الصَّانِعِ أَوْ قَلَعَ عَيْنَهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ

اتِّفَاقًا .
( وَ ) إنْ تَعَدَّى عَلَى رَقِيقِ غَيْرِهِ بِقَطْعٍ أَوْ فَقْءٍ ، ( عَتَقَ ) بِفَتَحَاتٍ لِرَقِيقٍ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُتَعَدِّي ( إنْ قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُتَعَدِّي بِأَنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ تَغْرِيمَهُ قِيمَتَهُ ، وَمَفْهُومُ إنْ قُوِّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ اخْتَارَ سَيِّدُهُ أَخْذَهُ وَأَرْشَ نَقْصِهِ فَلَا يَعْتِقُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ مُفِيتِ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ .
وَأَشَارَ إلَى الْمُفِيتِ بِقَوْلِهِ ( وَلَا مَنْعَ لِصَاحِبِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِقَطْعٍ أَوْ فَقْءٍ مِنْ التَّقْوِيمِ وَالْعِتْقِ عَلَى الْمُتَعَدِّي ( فِي ) التَّعَدِّي ( الْفَاحِشِ ) الْمُفَوِّتِ الْغَرَضَ الْمَقْصُودَ كَقَطْعِ يَدَيْهِ أَوْ قَلْعِ عَيْنَيْهِ ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْجَانِيَ عَلَى الْعَبْدِ جِنَايَةً مُفْسِدَةً يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ ، إنَّمَا هَذَا إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ .
وَأَمَّا إنْ أَبَى فَلَهُ أَخْذُ الْعَبْدِ وَمَا نَقَصَهُ وَلَيْسَ الْعِتْقُ بِأَمْرٍ وَجَبَ لِلْعَبْدِ لَا بُدَّ مِنْهُ .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالصَّوَابُ مِنْ هَذَا ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ أَنَّهُ إذَا أَفْسَدَهُ هَكَذَا أَنْ يَغْرَمَ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقَ عَلَيْهِ مَا أَحَبَّ سَيِّدُهُ أَوْ كَرِهَ ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ عِوَضُهُ فَهُوَ مُضَادٌّ فِي تَرْكِ قِيمَتِهِ صَحِيحًا وَأَخْذِ مَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَإِحْرَامِ الْعَبْدِ الْعِتْقَ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ ، مِثْلُ أَنْ يَقْفَأَ عَيْنَهُ الْوَاحِدَةَ أَوْ يَقْطَعَ يَدَهُ الْوَاحِدَةَ لَمْ يَذْهَبْ بِهَا أَكْثَرُ مَنَافِعِهِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَمَا نَقَصَهُ ، لِأَنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ أَوْ يَغْرَمُ الْجَانِي قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَدَبًا لَهُ لِتَعَدِّيهِ وَظُلْمِهِ ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَأَشْهَبُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ يَسِيرَةً مِثْلَ أَنْ يَجْدَعَ أُذُنَهُ أَوْ يَقْطَعَ

أُصْبُعَهُ وَلَمْ يُفْسِدْهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ طفي فَاخْتِلَافُ ابْنِ يُونُسَ وَبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ إنَّمَا هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا وَمَنْ تَعَدَّى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ أَوْ قَطَعَ لَهُ جَارِحَةً أَوْ جَارِحَتَيْنِ فَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادًا فَاحِشًا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِيهِ كَبِيرُ مَنْفَعَةٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
فَالْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِ الْمُصَنِّفِ التَّأْوِيلَانِ ، لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَقْتَصِرْ ابْنُ يُونُسَ عَلَى ذَلِكَ وَجَعَلَ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثًا مُفْسِدًا فَاحِشًا ، وَكَثِيرًا غَيْرَ مُفْسِدٍ ، وَيَسِيرًا أَرَادَ الْمُصَنِّفُ الْإِشَارَةَ إلَى اخْتِيَارِهِ ، وَلِذَا قَيَّدَ بِالْفَاحِشِ إشَارَةً إلَى أَنَّ غَيْرَهُ لَهُ الْمَنْعُ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَرَفَا ) بِالْفَاءِ أَيْ أَصْلَحَ الْمُتَعَدِّي ( الثَّوْبَ ) الَّذِي خَرَقَهُ بِتَعَدِّيهِ عَلَيْهِ وَشَعَبَ الْقَصْعَةَ الَّتِي شَقَّهَا رَفْوًا ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسَارَةِ أَوْ الْكَثْرَةِ وَيَغْرَمُ أَرْشَ نَقْصِهِ بَعْدَ رَفْوِهِ فِي الْيَسِيرِ اتِّفَاقًا ، وَفِي الْكَثِيرِ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُتَقَدِّمِينَ .
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ لَا يَلْزَمُهُ رَفْوُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ ضِعْفَ قِيمَتِهِ كُلِّهِ وَالْمُتَعَدِّي لَا يَلْزَمُهُ إلَّا قِيمَتُهُ ( وَفِي ) لُزُومِ ( أُجْرَةِ الطَّبِيبِ ) الَّذِي يُدَاوِي الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ بِقَطْعِ أَوْ فَقْءِ الْمُتَعَدِّي تَنْزِيلًا لِلتَّطْبِيبِ مَنْزِلَةَ الرَّفْوِ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ وَعَدَمِ لُزُومِهَا لِأَنَّ الرَّفْوَ مُحَقَّقٌ نَفْعُهُ بِخِلَافِ التَّطْبِيبِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَشَهَّرَهُ بَعْضُهُمْ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى صَحْفَةٍ أَوْ عَصًا لِرَجُلٍ فَكَسَرَهَا أَوْ خَرَقَ ثَوْبَهُ ، فَإِنْ أَفْسَدَ ذَلِكَ فَسَادًا كَثِيرًا خُيِّرَ رَبُّهُ فِي أَخْذِ قِيمَتِهِ جَمِيعِهِ أَوْ أَخْذِهِ بِعَيْنِهِ وَأَخْذِ مَا نَقَصَ مِنْ الْمُتَعَدِّي ،

وَإِنْ كَانَ الْفَسَادُ يَسِيرًا فَلَا خِيَارَ لَهُ ، وَإِنَّمَا لَهُ مَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِ الثَّوْبِ .
ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا أَفْسَدَ الثَّوْبَ فَسَادًا كَثِيرًا وَاخْتَارَ رَبُّهُ أَخْذَهُ وَمَا نَقَصَهُ فَإِنَّمَا يَعْنِي أَنْ يُرْفَى وَيُخَاطَ وَتُشْعَبُ الْقَصْعَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا قَالَ فِي الْفَسَادِ الْيَسِيرِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الثَّوْبَ وَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ رَفْوِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْيَسِيرِ وَالْكَثِيرِ ، بِخِلَافِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي أَنْ يَغْرَمَ إلَّا مَا نَقَصَ بَعْدَ أَنْ يُدَاوِيَ الدَّابَّةَ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا يُنْفَقُ عَلَى الْمُدَاوَاةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ ، وَلَا يُعْلَمُ هَلْ تَرْجِعُ إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَمْ لَا ، وَالرَّفْوُ وَالْخِيَاطَةُ مَعْلُومٌ مَا يُنْفَقُ عَلَيْهِمَا وَيَرْجِعَانِ إلَى مَا كَانَا .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا الَّذِي ذُكِرَ فِي الْفَسَادِ الْكَثِيرِ فِي الثَّوْبِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَا نَقَصَهُ بَعْدَ الرَّفْوِ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِهِمْ ، وَوَجْهُ فَسَادِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ فِي رَفْوِ الثَّوْبِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ صَحِيحًا ، وَذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) وَإِنْ زَرَعَ فَاسْتُحِقَّتْ فَإِنْ لَمْ يُنْتَفَعْ بِالزَّرْعِ : أُخِذَ بِلَا شَيْءٍ ، وَإِلَّا فَلَهُ قَلْعُهُ ، إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ

( بَابٌ ) ( فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الِاسْتِحْقَاقِ ) وَيَتَوَقَّفُ بَيَانُ أَحْكَامِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَتِهِ وَسَبَبِهِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ وَحُكْمِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ مِنْ تَرَاجُمِ كُتُبِهَا ، وَعَرَّفَهُ بِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ بِغَيْرِ عِوَضٍ .
قَوْلُهُ رَفْعُ جِنْسٌ شَمِلَ الْمُعَرَّفَ وَغَيْرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّفْعِ ، وَإِضَافَتُهُ لِلْمِلْكِ فَصْلٌ مُخْرِجٌ رَفْعَ غَيْرِ الْمِلْكِ .
وَقَوْلُهُ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ فَصْلٌ ثَانٍ مُخْرِجٌ رَفْعَ الْمِلْكِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ جِنَايَةٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ أَسْبَابِ رَفْعِ الْمِلْكِ ، وَقَوْلُهُ أَوْ حُرِّيَّةٍ عَطْفٌ عَلَى مِلْكٍ أَيْ أَوْ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ حُرِّيَّتِهِ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَصْلٌ ثَالِثٌ مُخْرِجٌ رَفْعَ مِلْكٍ مَا عُرِفَ لِمُعَيَّنٍ مَعْصُومٍ بَعْدَ بَيْعِهِ أَوْ قَسْمِهِ مِنْ الْغَنِيمَةِ ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مَنْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ إلَّا بِثَمَنِهِ أَوْ قِيمَتِهِ الَّتِي قُوِّمَ بِهَا .
وَقَالَ فِي اللُّبَابِ هُوَ الْحُكْمُ بِإِخْرَاجِ الْمُدَّعَى فِيهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ إلَى يَدِ مُدَّعِيهِ بَعْدَ ثُبُوتِ سَبَبِهِ وَشُرُوطِهِ وَانْتِفَاءِ مَوَانِعِهِ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ فِي بَعْضِ الْحَوَاشِي هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْ تَعْرِيفٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ اعْتِصَارُ الْهِبَةِ .
ا هـ .
وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَكِسٍ لِعَدَمِ شُمُولِهِ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ وَهُوَ اسْتِحْقَاقٌ شَرْعِيٌّ وَقَدْ يُقَالُ يَشْمَلُهُ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْحُرِّيَّةِ يَمْلِكُ مَنْفَعَةَ نَفْسِهِ وَاسْتِحْقَاقَهُ بِرِقِّيَّتِهِ يَرْفَعُ مِلْكَهُ عَنْهَا أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
الْعَدَوِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ لَوْ أَرَادَ ذَلِكَ لَكَانَ الْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ اسْتِحْقَاقَ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ بِرِقِّيَّتِهِ ،

فَالتَّقْدِيرُ أَوْ رَفْعُ حُرِّيَّةٍ كَذَلِكَ أَيْ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ .
فَإِنْ قُلْتَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ الِاسْتِحْقَاقَ بِحُرِّيَّةٍ فَالْجَوَابُ لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّهُ لَيْسَ اسْتِحْقَاقًا حَقِيقِيًّا ، وَأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَيْهِ مَجَازٌ فَلَا حَاجَةَ لِإِدْخَالِهِ فِي التَّعْرِيفِ ، وَعَدَمُ إدْخَالِهِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِ إدْخَالِ الِاسْتِحْقَاقِ بِرِقِّيَّةِ مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ ، كَذَا قِيلَ ، وَفِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَ رَفْعُ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ قَبْلَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ حُكْمُهُ الْوُجُوبُ عِنْدَ تَيَسُّرِ سَبَبِهِ فِي الرُّبُعِ عَلَى عَدَمِ يَمِينِ مُسْتَحِقِّهِ وَعَلَى يَمِينِهِ مُبَاحٌ كَغَيْرِ الرُّبُعِ لِأَنَّ الْحَلِفَ مَشَقَّةٌ ا هـ .
أَقُولُ الظَّاهِرُ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ الرِّقِّيَّةِ وَاجِبٌ عِنْدَ تَيَسُّرِ سَبَبِهِ ، وَبِغَيْرِهِمَا مُبَاحٌ عِنْدَهُ وَلَوْ عَلَى عَدَمِ الْيَمِينِ لِأَنَّ تَرْكَهُ لَيْسَ مِنْ الْإِضَاعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا ، وَسَبَبُهُ قِيَامُ الْبَيِّنَةِ عَلَى عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَحَقِّ أَنَّهُ مِلْكُ الْمُدَّعِي لَا يَعْلَمُونَ خُرُوجَهُ وَلَا خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ عَنْهُ حَتَّى الْآنَ ، وَالشَّهَادَةُ بِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَعْمُولِ بِهِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ ، وَشُرُوطُهُ ثَلَاثَةٌ ، الْأَوَّلُ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَحِيَازَتُهُ وَهِيَ أَنْ يَبْعَثَ الْقَاضِي عَدْلَيْنِ ، وَقِيلَ أَوْ عَدْلًا مَعَ الشُّهُودِ الَّذِينَ شَهِدُوا بِالْمِلْكِيَّةِ ، فَإِذَا كَانَتْ دَارًا مَثَلًا قَالُوا لَهُمَا مَثَلًا هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي شَهِدْنَا فِيهَا عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ الشَّهَادَةَ الْمُقَيَّدَةَ أَعْلَاهُ .
الثَّانِي : الْأَعْذَارُ فِي ذَلِكَ إلَى الْحَائِزِ ، فَإِنْ ادَّعَى مَدْفَعًا أَجَّلَهُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ .
الثَّالِثُ : يَمِينُ الِاسْتِبْرَاءِ .
وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ ، الْأَوَّلِ : أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي جَمْعِ الْأَشْيَاءِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ

وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ .
الثَّانِي : لَا يَمِينَ فِي الْجَمِيعِ قَالَهُ ابْنُ كِنَانَةَ .
الثَّالِثِ : أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَقَارِ وَيَحْلِفُ فِي غَيْرِهِ وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ عِنْدَ الْأَنْدَلُسِيِّينَ .
وَفِي سِجِلَّاتِ الْبَاجِيَّ لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ غَاصِبٍ فَلَا يَحْلِفُ .
ابْنُ سَلْمُونٍ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْأَصْلِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ خَصْمُهُ مَا يُوجِبُهَا .
وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ كَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ ا هـ ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا فَيَكْتُبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا يَعْرِفُ شُهُودُهُ فُلَانًا وَيَعْلَمُونَ لَهُ مَالًا وَمِلْكًا جَارِيَةً ، وَصِفَتُهَا كَذَا ، أَوْ فَرَسًا أَوْ ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا لَا يَعْلَمُونَ لَهُ فِي ذَلِكَ بَيْعًا وَلَا تَفْوِيتًا ، وَلَا أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ حَتَّى الْآنِ .
وَقَيَّدُوا عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُمْ عَلَى عَيْنِ الثَّوْبِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الْجَارِيَةِ فِي كَذَا ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ ، وَنَصُّهُ حَلَفَ بِإِذْنِ الْقَاضِي بِقَرْيَةِ كَذَا فُلَانٌ الْمَذْكُورُ فِي رَسْمِ الِاسْتِرْعَاءِ بِكَذَا ، بِحَيْثُ يَجِبُ وَكَمَا تَجِبُ يَمِينًا قَالَ فِيهَا وَبِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ مَا بِعْتُ الْفَرَسَ أَوْ الثَّوْبَ أَوْ الْجَارِيَةَ الْمَشْهُودَ لِي بِهِ فِيهِ ، وَلَا فَوَّتَهُ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِي بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ حَتَّى الْآنِ وَمَنْ حَضَرَ الْيَمِينَ الْمَنْصُوصَةَ عَنْ الْإِذْنِ وَاسْتَوْعَبَهَا مِنْ الْحَالِفِ وَعَرَفَهُ قَيَّدَ عَلَى ذَلِكَ شَهَادَتَهُ فِي كَذَا وَكَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى عَيْنِ الْجَارِيَةِ أَوْ الْفَرَسِ أَوْ الثَّوْبِ ، وَهُوَ يُشِيرُ إلَيْهَا فِي يَمِينِهِ ، زِيَادَةُ بَيَانِ الْيَمِينِ فِي هَذَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ الْمَعْمُولِ بِهِ .
بِخِلَافِ الْأُصُولِ فَلَا يَمِينَ فِيهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ .
وَحَكَى ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ أَنْ لَا يَمِينَ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْخَصْمُ مَا يُوجِبُهَا ، وَتَكُونُ الْيَمِينُ عَلَى

النَّصِّ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ .
وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ مَالُهُ وَمِلْكُهُ وَأَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ .
ابْنُ سَهْلٍ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ فَرَجٍ .
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا كَانَتْ الْجَارِيَةُ غَائِبَةً فَالشَّهَادَةُ فِيهَا عَلَى النَّعْتِ وَالِاسْمِ جَائِزَةٌ ، فَإِنْ وُجِدَتْ جِوَارِي كَثِيرَةٌ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ يُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ الْمُسْتَحِقُّ وَأَثْبَتَ عِنْدَهُ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ سِوَاهَا فَلَا يُكَلَّفُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ .
ا هـ .
وَمَانِعُهُ فِعْلٌ وَسُكُوتٌ ، فَالْفِعْلُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ حَائِزِهِ ، فَلَوْ قَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ خَوْفَ أَنْ يُغَيِّبَهُ ، فَإِذَا أَثْبَتَهُ رَجَعْتُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ .
أَصْبَغُ إلَّا أَنْ تَكُونَ بَيِّنَتُهُ بَعِيدَةً جِدًّا ، وَيَشْهَدُ قَبْلَ شِرَائِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لِذَلِكَ فَذَلِكَ يَنْفَعُهُ وَإِنْ اشْتَرَاهُ ، وَهُوَ يَرَى أَنْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ ، ثُمَّ وَجَّهَ بَيِّنَةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَأَخْذُ ثَمَنِهِ أَصْبَغُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ .
وَأَمَّا السُّكُوتُ ، فَمِثْلُ أَنْ يَتْرُكَ الْقِيَامَ بِلَا مَانِعٍ مُدَّةَ الْحِيَازَةِ قَالَهُ فِي اللُّبَابِ .
( وَإِنْ زَرَعَ ) غَاصِبٌ أَوْ مُتَعَدٍّ أَرْضًا ( فَاسْتُحِقَّتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْأَرْضُ ، أَيْ قَامَ مَالِكُهَا عَلَى زَارِعِهَا وَرَفَعَ مِلْكَهُ أَيْ حَوْزَهُ لِلتَّصَرُّفِ بِإِثْبَاتِ مِلْكِهِ قِبَلَهُ بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ ، إذْ مُرَادُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمِلْكِ فِي تَعْرِيفِهِ مُطْلَقَ الْحَوْزِ لِلتَّصَرُّفِ وَالْكَوْنُ تَحْتَ الْيَدِ مَجَازًا وَقَرِينَتُهُ إضَافَةُ رَفْعِ إلَيْهِ إذْ الْمِلْكُ الْحَقِيقِيُّ لَا يُرْفَعُ بِذَلِكَ ، وَبِهَذَا سَقَطَ قَوْلُ طفي ، الِاسْتِحْقَاقُ الْمَشْهُورُ هُوَ أَنْ يَكُونَ مِنْ ذِي شُبْهَةٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَسَبَقَ الْبِسَاطِيُّ طفي إلَى مَا قَالَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( فَإِنْ لَمْ

يُنْتَفَعْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ ( بِالزَّرْعِ ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ طَوْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ إذَا قُلِعَ بِأَنْ لَمْ يُنْبِتْ أَوْ نَبَتَ وَصَغَرَ ( أُخِذَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ، أَيْ فَلِلْمُسْتَحِقِّ الْأَرْضَ أَخْذُ الزَّرْعِ مَعَهَا ( بِلَا شَيْءٍ ) يَغْرَمُهُ لِلزَّارِعِ عِوَضًا عَنْ الْبَذْرِ وَالْحَرْثِ وَالسَّقْيِ وَغَيْرِهَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ فِي تَزْوِيقِ الْجِدَارِ وَشَبَهِهِ وَأَحْرَى لَا شَيْءَ لِلْمُتَعَدِّي إنْ حَرَثَهَا وَاسْتُحِقَّتْ قَبْلَ زَرْعِهَا .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أُخِذَ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِأَخْذِهِ ، وَلَوْ أَرَادَ الزَّارِعُ قَلْعَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَلَهُ أَخْذُهُ بِغَيْرِ شَيْءٍ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ إبْقَاؤُهُ لِزَارِعِهِ بِكِرَاءٍ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ، لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهُ مَجَّانًا كَانَ إبْقَاؤُهُ بِكِرَاءٍ بَيْعًا لَهُ فِي الْحَقِيقَةِ بِالْكِرَاءِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ ، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ لِلْغَرَرِ وَخَرَجَ جَوَازُهُ عَلَى أَنَّ مَنْ مَلَكَ أَوْ يَمْلِكُ لَا يُعَدُّ مَالِكًا وَنَظَرَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ ، فَيَخْرُجُ عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا لَا يُعَدُّ مُنْتَقِلًا إذْ عَلَيْهِ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا بَيْعُ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى تَبْقِيَتِهِ .
وَمَنَعَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى عَدِّهِ مُنْتَقِلًا ، أَفَادَهُ تت .
طفي قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَأْمُرُهُ بِقَلْعِهِ إلَخْ .
فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شَاءَ أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ مَجَّانًا كَمَا فِي ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِمْ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ إنْ كَانَ الزَّرْعُ صَغِيرًا إذَا قُلِعَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَضَى بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِلَا ثَمَنٍ

وَلَا زَرِيعَةٍ وَلَا شَيْءٍ وَمَا عَزَاهُ لِلتَّوْضِيحِ لَيْسَ فِيهِ ، وَنَصُّهُ وَإِنْ كَانَ قِيَامُهُ بَعْدَ الزَّرْعِ وَقَبْلَ ظُهُورِهِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَقَبْلَ الِانْتِقَاعِ بِهِ فِيهِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ أَوْ يَأْخُذَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ ا هـ .
( وَإِلَّا ) لَمْ يَبْلُغْ الزَّرْعُ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ بِأَنْ اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ بَعْدَ بُلُوغِهِ طَوْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ إذَا قُلِعَ وَلَوْ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ ( قَلْعُهُ ) أَيْ أَمَرَ زَارِعَهُ بِهِ ( إنْ لَمْ يَفُتْ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الْفَاءِ ، أَيْ يَمْضِ ( وَقْتُ مَا ) أَيْ الزَّرْعِ الَّذِي ( تُرَادُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ الْأَرْضُ ( لَهُ ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِ زَرْعِ الْمُتَعَدِّي أَمْ لَا كَمَا لَوْ زُرِعَتْ سِمْسِمًا وَأَرَادَ الْمُسْتَحِقُّ زَرْعَهَا مِقْثَأَةً أَوْ بَقْلًا .
ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ قَلْعَهُ بَعْدَ خُرُوجِ إبَّانِ الزَّرْعِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ تَصْلُحُ لِزَرْعِ الْمَقَاثِي وَالْبُقُولِ ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَمْ يَقْصِدْ إضْرَارَ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُتَعَدِّي بِتَكْلِيفِهِ بِقَلْعِ زَرْعِهِ ، وَإِنَّمَا رَغِبَ فِي الِانْتِفَاعِ بِأَرْضِهِ لِلْمِقْثَأَةِ أَوْ الْبَقْلِ إذْ قَدْ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ بِهَذَا أَكْثَرَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِالزَّرْعِ .
وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ خِلَافُ هَذَا ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ .
الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ مَا زَرَعَهُ فِيهَا الْغَاصِبُ أَوْ الْمُتَعَدِّي فَقَطْ ، وَظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا وَقَرَّرَهُ الْبِسَاطِيُّ بِالْأَوَّلِ أَفَادَهُ تت .
طفي تَنْبِيهٌ " غ " شَمِلَ قَوْلُهُ مَا تُرَادُ لَهُ الزَّرْعَ وَالْمَقَاثِيَ وَالْبَقْلَ وَغَيْرَهَا مِنْ جِنْسِ مَا زَرَعَ الْمُتَعَدِّي فِيهَا وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، وَهَذَا خِلَافُ مَا لِأَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ ، وَخِلَافُ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَغَيْرُهُ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ إبَّانَ مَا زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا خَاصَّةً ، وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا فِي

تَوْضِيحِهِ ، فَلَعَلَّهُ اعْتَمَدَ هُنَا مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ ثُمَّ سَاقَ نَصَّهُ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ تت ، وَفِيمَا قَالَهُ " غ " نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلُ : لَيْسَ الْمُرَادُ وَلَا الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَا تُرَادُ لَهُ مَا قَالَ ، وَإِنَّمَا مُرَادُ مَا تُرَادُ تِلْكَ الْأَرْضُ وَتُقْصَدُ لَهُ وَهُوَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا غَالِبًا لَا كُلُّ شَيْءٍ ، وَلَوْ أَرَادَ مَا قَالَ " غ " لَقَالَ إنْ لَمْ نُفِتْ الِانْتِفَاعَ بِهَا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ وَأَنْصَفَ .
الثَّانِي : أَنَّهُ حَمَلَ كَلَامَ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى إبَّانِ مَا زَرَعَ الْغَاصِبُ فِيهَا ، وَكَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ يَظْهَرُ مِنْهُ خِلَافُهُ ، وَنَصُّهُ عَلَى نَقْلِ الْمُوضِحِ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَاللَّفْظُ لَهُمَا .
عَبْدُ الْحَقِّ إنَّمَا يُرِيدُونَ إبَّانَ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فِيهَا لَا غَيْرُهُ ، فَإِذَا فَاتَ إبَّانُ مَا يُزْرَعُ فِيهَا فَلَيْسَ لِرَبِّ الْأَرْضِ تَكَلُّفُ الْغَاصِبِ الْقَلْعَ ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهَا مَقْثَأَةٌ أَوْ شَيْءٌ غَيْرُ الَّذِي زَرَعَ فِيهَا وَهَذَا لِأَصْبَغَ مُبَيَّنٌ هَكَذَا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَهَكَذَا حَفِظْت عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ ا هـ .
فَقَوْلُهُ إبَّانُ الشَّيْءِ الْمَزْرُوعِ فِيهَا أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُزْرَعَ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ مِنْهَا هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْهُ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِهِ ، وَلِذَا حَادَ عَنْ عِبَارَةِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ فِي صَغِيرِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ الزَّرْعِ الْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ وَالْمُرَادُ بِإِبَّانِ الزِّرَاعَةِ إبَّانُ الشَّيْءِ الَّذِي يُزْرَعُ فِيهَا لَا غَيْرُهُ .
ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَّا فَيَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي زَرَعَ مَا شَأْنُهُ أَنْ لَا يُزْرَعَ فِيهَا وَفَاتَ إبَّانُهُ وَلَمْ يَفُتْ إبَّانُ الْمَقْصُودِ مِنْ تِلْكَ الْأَرْضِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ ، وَتَفُوتُ ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُولَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَلَا غَيْرُهُ ، وَبِنَقْلِ كَلَامِ

الشَّارِحِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ تت الْمُرَادُ بِالْإِبَّانِ إبَّانُ مَا زَرَعَ فِيهَا الْغَاصِبُ فَقَطْ ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ .
وَمَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ هُوَ قَوْلُهَا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا وَزَرَعَ فِيهَا وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا إلَخْ ، ثُمَّ قَالَتْ وَإِنْ كَانَتْ تُزْرَعُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ إلَخْ فَعَلَّقَتْ الْأَمْرَ عَلَى عَادَتِهَا وَمَا يُقْصَدُ مِنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ لَفْظَ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ أَصْبَغَ يَدُلُّ لِمَا فَهِمَهُ " غ " ، وَنَصُّهَا وَمَنْ تَعَدَّى فَزَرَعَ أَرْضَ رَجُلٍ فَقَامَ عَلَيْهِ بِمَدٍّ إبَّانِ الْحَرْثِ وَقَدْ كَبَرَ الزَّرْعُ وَاشْتَدَّ فَأَرَادَ قَلْعَ الزَّرْعِ ، وَقَالَ أُرِيدُ أَكْرِيهَا مَقْثَأَةً أَوْ أَزْرَعُهَا بَقْلًا وَهِيَ أَرْضُ سَقْيٍ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ إبَّانِ الزَّرْعِ إلَّا كِرَاؤُهَا وَإِنْ كَانَتْ أَرْضَ سَقْيٍ يَنْتَفِعُ بِمَا ذَكَرْت ، وَإِنَّمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَفُتْ إبَّانُ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا وَلَا حُجَّةَ لَهُ أَنَّهُ يُرِيدُ قَلْبَهَا وَالْكِرَاءُ لَهُ عِوَضٌ عَنْ ذَلِكَ ا هـ .

وَلَهُ أَخْذُهُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَإِلَّا فَكِرَاءُ السَّنَةِ : كَذِي شُبْهَةٍ

( وَلَهُ ) أَيْ مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ ( أَخْذُهُ ) أَيْ الزَّرْعِ الَّذِي يُنْتَقَعُ بِهِ وَوَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ لَمْ يَفُتْ فَلَهُ أَخْذُهُ ( بِقِيمَتِهِ ) مَقْلُوعًا مَطْرُوحًا مِنْهَا أُجْرَةُ قَلْعِهِ وَتَسْوِيَةُ الْأَرْضِ إنْ كَانَ الزَّارِعُ لَوْ كُلِّفَ بِهِ يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ .
وَمَفْهُومُ بِقِيمَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مَجَّانًا ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ فَقَالَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَفُتْ إلَخْ بِأَنْ فَاتَ وَقْتُ مَا تُرَادُ لَهُ ( فَكِرَاءُ السَّنَةِ ) كُلِّهَا يَلْزَمُ الزَّارِعَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ وَيَبْقَى زَرْعُهُ فِيهَا إلَى انْتِهَائِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ قَلْعُهُ ، إذْ لَوْ قُلِعَ فَلَا يُنْتَفَعُ بِالْأَرْضِ فِي تِلْكَ السَّنَةِ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ تَعَدَّى عَلَى أَرْضِ رَجُلٍ فَزَرَعَهَا فَقَامَ رَبُّهَا وَقَدْ نَبَتَ الزَّرْعُ فَإِنْ قَامَ فِي إبَّانٍ يُدْرَكُ فِيهِ الْحَرْثُ فَلَهُ قَلْعُهُ ، يُرِيدُ وَعَلَى زَارِعِهِ قَلْعُهُ وَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ .
أَشْهَبُ وَكَذَلِكَ غَاصِبُ الْأَرْضِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا إذَا قُلِعَ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ قَضَى بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ بِلَا ثَمَنٍ وَلَا زَرِيعَةٍ وَلَا شَيْءٍ .
ابْنُ الْمَوَّازِ لَوْ كَانَ صَغِيرًا جِدًّا فِي الْإِبَّانِ فَأَرَادَ رَبُّ الْأَرْضِ تَرْكَهُ وَأَخْذَ الْكِرَاءِ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَحْكُمُ بِهِ لِرَبِّ الْأَرْضِ ، فَكَأَنَّهُ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِكِرَاءِ الْأَرْضِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا كَانَ فِي الْإِبَّانِ وَهُوَ إذَا قُلِعَ يُنْتَقَعُ بِهِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُ الْكِرَاءِ أَوْ أَمْرُهُ بِقَلْعِهِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَمْرٍ يَجُوزُ ، وَإِنْ رَضِيَ الزَّارِعُ أَنْ يَتْرُكَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ جَازَ إذَا رَضِيَ رَبُّ الْأَرْضِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ نَفْعٌ تُرِكَ لِرَبِّ الْأَرْضِ إلَّا أَنْ يَأْبَاهُ فَيَأْمُرَهُ

بِقَلْعِهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ } ، وَهَذَا عِرْقٌ ظَالِمٌ .
وَلِأَنَّ مَنَافِعَهَا غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِلزَّارِعِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا فَلَيْسَ لَهُ إشْغَالُهَا عَلَى رَبِّهَا ، فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ وَقَدْ فَاتَ الْإِبَّانُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَا يَنْتَفِعُ الْمَالِكُ بِأَرْضِهِ إنْ قَلَعَ الزَّرْعَ فَقِيلَ لَهُ قَلْعُهُ .
وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ قَلْعُهُ ، وَإِنَّمَا لَهُ كِرَاءُ أَرْضِهِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ } .
وَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنَّ الزَّرْعَ إذَا سُبِّلَ لَا يُقْلَعُ لِأَنَّ قَلْعَهُ مِنْ الْفَسَادِ الْعَامِّ لِلنَّاسِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ نَحْرِ الْفَتِيِّ مِنْ الْإِبِلِ مِمَّا فَوْقَهُ الْحُمُولَةُ وَذَوَاتُ الدَّرِّ مِنْ الْغَنَمِ .
قَالَ غَيْرُهُ وَكَمَا نُهِيَ عَنْ تَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَاحْتِكَارِ الطَّعَامِ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمَنَعَ الْخَاصَّ مِنْ بَعْضِ مَنَافِعِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْعَامَّةِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ زَرَعَ الْغَاصِبُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ الْأَرْضِ قَبْلَ الْحَرْثِ وَبَعْدَهُ وَلَا عِوَضَ عَلَيْهِ عَنْ الْحَرْثِ بِانْفِرَادِهِ ، وَأَخَذَ الزَّرْعَ إذَا لَمْ يَبْرُزْ أَوْ بَرَزَ وَلَمْ يَبْلُغْ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ إنْ قُلِعَ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَةٌ فَهُوَ لِلْغَاصِبِ ، وَاخْتُلِفَ إذَا أَحَبَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيُقِرَّهُ هَلْ لَهُ ذَلِكَ وَأَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ أَصْوَبُ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى الْبَقَاءِ فِيمَا يَزِيدُ لِلْبَقَاءِ نَمَاءٌ ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يُسَلِّمُ ، وَهَذَا يَدْفَعُ قِيمَتَهُ مَطْرُوحًا .
وَشَبَّهَ فِي حُكْمِ اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ قَبْلَ فَوَاتِ الْإِبَّانِ فَقَالَ ( كَ ) اسْتِحْقَاقُ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ مِنْ شَخْصٍ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( شُبْهَةٍ ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ مَا تُرَادُ لَهُ مَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ سَنَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا ،

وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ زَرْعِهِ وَلَا أَخْذُهُ .
بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِلْبَنِينَ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمْرِ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعًا فَالْغَلَّةُ لَهُ بِالضَّمَانِ إلَى يَوْمِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ كِرَاءَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ أَوْ يَفْسَخَ ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْضًا تُزْرَعُ فِي السَّنَةِ مَرَّةً فَاسْتَحَقَّهَا وَهِيَ مَزْرُوعَةٌ قَبْلَ فَوَاتِ إبَّانِ الزَّرْعِ ، فَكِرَاءُ تِلْكَ الْمُدَّةِ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ الزَّرْعِ لِأَنَّ الْمُكْتَرِيَ زَرَعَ فِيهَا بِوَجْهِ شُبْهَةٍ .
طفي لَك أَنْ تُبْقِيَ الْوَارِثَ هُنَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَوْ كَانَ وَارِثًا غَاصِبًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي لُزُومِ كِرَاءِ السَّنَةِ وَلَا يُؤْمَرُ بِقَلْعِ زَرْعِهِ ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ وَارِثِ الْغَاصِبِ وَوَارِثِ غَيْرِهِ ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِي الْغَلَّةِ ، فَوَارِثُ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ شُبْهَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ قَلْعِ زَرْعِهِ وَوَارِثُ صَاحِبِ الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ ذُو شُبْهَةٍ مُطْلَقًا ، وَقَدْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَارِثُ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَأَمَّا قَوْلُهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ ، وَكَذَا إنْ وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يُدْرَ بِمَ كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ فَمَحْمُولٌ عَلَى وَارِثِ الْمَجْهُولِ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَهُوَ غَاصِبٌ أَمْ لَا ، وَلِذَا ضَبَطَ قَوْلَهُ وَلَمْ يُدْرَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ .

أَوْ جُهِلَ حَالُهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِيمَا بَيْنَ مُكْرٍ وَمُكْتَرٍ

( أَوْ ) اسْتِحْقَاقُ أَرْضٍ مَزْرُوعَةٍ مِنْ شَخْصٍ ( جُهِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ ( حَالُهُ ) فِي كَوْنِهِ غَاصِبًا أَوْ مُتَعَدِّيًا أَوْ ذَا شُبْهَةٍ بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاء غَيْرِ عَالِمٍ بِغَصْبِ بَائِعِهِ قَبْلَ فَوَاتِ وَقْتِ مَا تُرَادُ لَهُ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ سَنَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا ، وَلَيْسَ لَهُ قَلْعُ زَرْعِهِ .
" ق " فِيهَا وَإِنْ اسْتَحَقَّهَا بَعْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتَرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ لِلْمُسْتَحِقِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكِرَاؤُهَا لِلَّذِي أَكْرَاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا ، وَكَانَتْ فِي يَدِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ، وَكَذَا إنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا أَمَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بَعْدَ الْأَمَدِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبْتَاعِ ، وَإِذَا كَانَ مُكْرِي الْأَرْضِ لَمْ يَعْلَمْ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ مُبْتَاعٌ فَزَرَعَهَا الْمُكْتَرِي مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ فَمُكْتَرِيهَا كَالْمُشْتَرِي يَعْنِي فِي الْغَلَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ .
( وَ ) إنْ اكْتَرَى شَخْصٌ أَرْضًا بِمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْكِرَاءَ ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ قَبْلَ حَرْثِهَا وَالْعَمَلِ فِيهَا انْفَسَخَ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ عَيْنَ شَيْئِهِ الَّذِي اُكْتُرِيَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَالْمُكْرِي أَرْضَهُ ، وَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْدَ حَرْثِهَا ( فَاتَتْ ) الْأَرْضُ أَيْ لَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهَا ( بِ ) سَبَبِ ( حَرْثِهَا ) قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ وَفَوَاتِهَا ( فِيمَا ) أَيْ الْحُكْمِ الَّذِي ( بَيْنَ مُكْرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ( وَمُكْتَرٍ ) فَلَا يُفْسَخُ الْكِرَاءُ وَأَخَذَ الْمُكْرِي كِرَاءَ مِثْلِ الْأَرْضِ مِنْ الْمُكْتَرِي .
" ق " فِيهَا مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَاسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ تُزْرَعَ وَتُحْرَثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ .
ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ قَالَ مُسْتَحِقُّ ذَلِكَ الشَّيْءِ أَجَزْت بَيْعَهُ وَأَخَذَ الْأَرْضَ مَحْرُوثَةً فَذَلِكَ لَهُ بَعْدَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الْحَارِثِ

قِيمَةَ حَرْثِهِ ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ ، وَقَدْ قَالُوا فِيمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا بَعْدَ حَرْثِهَا أَنَّهُ يَدْفَعُ قِيمَةَ الْحَرْثِ وَيَأْخُذُهَا ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْحَارِثِ أَعْطِهِ كِرَاءَ سَنَةٍ ، فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا بِحَرْثِهَا لِمُسْتَحِقِّهَا .
" غ " السِّيَاقُ يُعْطِي أَنَّ هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ ، وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ فَقَالَ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَحْرُثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ .
عِيَاضٌ هُوَ بَيَّنَ أَنَّ نَفْسَ الْحِرَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي ، فَأَنْتَ تَرَى الْمُصَنِّفَ قَدْ اسْتَعْمَلَ عِبَارَةَ عِيَاضٍ بِعَيْنِهَا .
الْحَطّ أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِهَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِثَوْبٍ أَوْ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ بِمَا يُوزَنُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ يَعْرِفَانِ وَزْنَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَزْرَعَ أَوْ يَحْرُثَ انْفَسَخَ الْكِرَاءُ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا زَرَعَ أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ كِرَاءِ الْأَرْضِ ، وَفِي كِرَاءِ الْأَرَضِينَ وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا ، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا بِحَدِيدٍ أَوْ رَصَاصٍ أَوْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَا وَزْنَهُ ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ زَرَعَهَا أَوْ حَرَثَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ .
وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا بِعَبْدٍ أَوْ بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الْحَرْثِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ مِثْلِهَا ، وَكَذَلِكَ إنْ اكْتَرَاهَا بِحَدِيدٍ أَوْ

نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ وَقَدْ عَرَفَا وَزْنَهُ ، فَإِنَّ الْكِرَاءَ يُنْتَقَضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ زَرَعَهَا أَوْ حَرَثَهَا أَوْ أَحْدَثَ فِيهَا عَمَلًا فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْمِثْلِ ا هـ .
عِيَاضٌ هُوَ بَيَّنَ أَنَّ نَفْسَ الْحِرَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يَزْرَعْ فَوْتٌ وَلِلْمُكْرِي كِرَاءُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ زُرِعَتْ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّ ذَلِكَ فَوْتٌ بَيْنَ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي ، فَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ ، وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِأَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حُرِثَتْ الْأَرْضُ أَوْ لَمْ تُحْرَثْ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا ، وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ فَإِنْ أَبَى قِيلَ لَهُ أَعْطِ كِرَاءَ سَنَةٍ ، وَإِلَّا أَسْلِمْهَا بِلَا شَيْءٍ

وَلِلْمُسْتَحِقِّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ لِلْكِرَاءِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لِلْأَرْضِ ( أَخْذُهَا ) أَيْ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ كِرَاؤُهَا الْمُعَيَّنُ أَوْ نَفْسُهَا بَعْدَ حَرْثِهَا مِنْ مُكْتَرِيهَا ( وَدَفْعُ كِرَاءِ الْحَرْثِ ) لِمُكْتَرِيهَا الَّذِي حَرَثَهَا ( فَإِنْ أَبَى ) أَيْ امْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّ مِنْ دَفْعِ أُجْرَةِ حَرْثِهَا ( قِيلَ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( لَهُ ) أَيْ الْمُكْتَرِي ( أَعْطِ ) الْمُسْتَحِقَّ ( كِرَاءَ سَنَةٍ ) وَازْرَعْهَا ، فَإِنْ أَعْطَاهُ ذَلِكَ فَوَاضِحٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ قِيلَ لَهُ ( أَسْلِمْهَا ) أَيْ الْأَرْضَ لِلْمُسْتَحِقِّ ( بِلَا شَيْءٍ ) لَك فِي حَرْثِك .
" ق " يَحْيَى سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ عَمَّنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا وَقَدْ قَلَّبَهَا الَّذِي كَانَتْ بِيَدِهِ وَأَنْعَمَ حَرْثَهَا لِيَزْرَعَهَا فَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَعْطَاهُ قِيمَةَ عَمَلِهِ وَأَخَذَهَا ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلَّذِي اُسْتُحِقَّتْ فِي يَدَيْهِ إنْ شِئْت فَاغْرَمْ كِرَاءَهَا ، وَإِنْ شِئْت فَأَسْلِمْهَا بِمَا فِيهَا مِنْ الْعَمَلِ وَلَا شَيْءَ لَك .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ زَبَّلَهَا لِأَنَّهُ اسْتَهْلَكَ فِيهَا .
ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ إذْ لَيْسَ بِمُتَعَدٍّ ، وَإِنَّمَا عَمِلَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَلَا يُظْلَمُ عَمَلُهُ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِنْ شِئْت فَأَسْلِمْهَا وَلَا شَيْءَ لَك عَلَى غَيْرِ أَصْلٍ .
قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إذَا أَبَى أَنْ يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي كِرَائِهَا ذَلِكَ الْعَامِ رَبُّ الْأَرْضِ بِقِيمَةِ كِرَائِهَا غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ وَرَبُّ الْحَرْثِ بِقِيمَتِهِ ، وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَحْيَا أَرْضًا وَهُوَ يَظُنُّهَا مَوَاتًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قِيلَ لِمُسْتَحِقِّهَا ادْفَعْ قِيمَةَ عِمَارَتِهِ ، فَإِنْ أَبَى فَشَرِيكَانِ فِيهَا ، هَذَا بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَهَذَا بِقِيمَةِ عِمَارَتِهِ .
ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنْ يُقَوِّمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَهُ عَلَى حِدَتِهِ وَلَا تُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِمَا زَادَتْ الْعِمَارَةُ إذْ قَدْ لَا تَزِيدُ .
الْحَطّ يَصِحُّ أَنَّهُ أَرَادَ مُسْتَحِقَّ

الْأَرْضِ أَوْ مُسْتَحِقَّ الثَّوْبِ أَوْ الْعَبْدِ الْمُكْتَرِي بِهِ أَوْ هُمَا مَعًا لِأَنَّ حُكْمَهُمَا وَاحِدٌ .
أَبُو الْحَسَنِ ابْنُ يُونُسَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ إنْ أَرَادَ مُسْتَحِقُّ الْعَبْدِ أَنْ يُجِيزَ بَيْعَ عَبْدِهِ بِمَنْفَعَةِ الْأَرْضِ ، وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ إنْ لَمْ تُحْرَثْ لَكَانَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ حُرِثَتْ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَى الْمُكْتَرِي حَقَّ حَرْثِهِ وَيَأْخُذَ الْأَرْضَ ، لِأَنَّهُ كَمُسْتَحِقٍّ لِمَنْفَعَتِهَا وَوَجَدَ مَنْفَعَتَهَا بَاقِيَةً فَهُوَ كَمَنْ اسْتَحَقَّ أَرْضًا بَعْدَ أَنْ حَرَثَهَا مُكْتَرِيهَا فِي أَنَّهُ يَدْفَعُ إلَيْهِ حَقَّ حَرْثِهَا وَيَأْخُذُ أَرْضَهُ ، فَإِنْ امْتَنَعَ دَفَعَ لَهُ الْمُكْتَرِي كِرَاءَ سَنَةٍ ، فَإِنْ امْتَنَعَ سَلَّمَهَا بِحَرْثِهَا فَحُكْمُ مُسْتَحِقِّ الْعَبْدِ فِي ثَمَنِهِ كَحُكْمِ مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ .
وَفِي كَلَامِ عِيَاضٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ ، وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ وَإِلَّا أَسْلَمَهَا بِلَا شَيْءٍ بِأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَجْعَلَهُمَا شَرِيكَيْنِ فِي كِرَاءِ ذَلِكَ الْعَامِ الْأَرْضَ مَحْرُوثَةً الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ كِرَائِهَا غَيْرَ مَحْرُوثَةٍ ، وَالْمُكْتَرِي بِقِيمَةِ حَرْثِهِ وَعَمَلِهِ ، وَقَالَ هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِقِيمَةِ السَّقْيِ وَالْعِلَاجِ .
طفي قَرَّرَ الشَّارِحُ الْمَسْأَلَةَ كُلَّهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ ، وَنَقَلَ كَلَامَ الْمُسْتَخْرَجَةِ وَقَرَّرَ الْفَوَاتَ بِقَوْلِهِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا مِنْ آخَرَ وَحَرَثَهَا ، فَإِنَّهَا تَفُوتُ فِيمَا بَيْنَهُمَا وَيُقَرُّ فِيهَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا حَتَّى يَدْفَعَ كِرَاءَ حَرْثِهَا .
ا هـ .
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ فِي مَعْنَى الْفَوَاتِ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ حَيْثُ كَانَ لَهُ أَخْذُهَا فَلَا فَوَاتَ ، وَقَدْ عَرَّضَ " ح " بِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَى اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ الْمُكْتَرَاةِ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُحِقَّتْ لَمْ يَبْقَ لِلْمُكْرِي كَلَامٌ حُرِثَتْ أَوْ لَمْ تُحْرَثْ .
ا هـ .
وَكَذَا ابْنُ

غَازِيٍّ حَيْثُ قَالَ السِّيَاقُ يُعْطِي أَنَّ هَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ ، وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَإِنَّمَا فَرْضُهُ فِيهَا فِي اسْتِحْقَاقِ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ ا هـ فَتَعَيَّنَ أَنَّ قَوْلَهُ وَفَاتَتْ بِحَرْثِهَا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ وَقَوْلَهُ وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُهَا إلَخْ ، يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَنْ يَكُونَ مَسْأَلَةً مُسْتَقِلَّةً فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَرْضِ ، أَشَارَ بِهِ لِمَا فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِهِ لَهُمَا مَعًا إذْ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ فِيمَا ذُكِرَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .

وَفِي سِنِينَ يَفْسَخُ أَوْ يُمْضِي ، إنْ عَرَفَ النِّسْبَةَ ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي لِلْعُهْدَةِ ، وَانْتَقَدَ إنْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ ، وَأُمِنَ هُوَ

( وَ ) إنْ أَكْرَى الْأَرْضَ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ لِتُزْرَعَ أَوْ تُغْرَسَ أَوْ تُبْنَى ( فِي سِنِينَ ) وَزُرِعَتْ أَوْ غُرِسَتْ أَوْ بُنِيَتْ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ قَبْلَ تَمَامِهَا وَقَامَ مُسْتَحِقُّهَا فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ أُجْرَةِ مَا مَضَى مِنْ السِّنِينَ ، وَيُخَيَّرُ فِي بَاقِيهَا فَ ( يَفْسَخُ ) مُسْتَحِقُّ الْأَرْضِ كِرَاءَهَا فِي بَاقِي السِّنِينَ إنْ شَاءَ فَسَخَهُ فِيهَا ( أَوْ يُمْضِي ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُسْتَحِقُّهَا كِرَاءَ بَاقِيهَا إنْ شَاءَ إمْضَاءَهُ وَيَسْتَحِقُّ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الْكِرَاءِ ( إنْ ) كَانَ ( عَرَفَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( النِّسْبَةَ ) لِمَا يَخُصُّ بَاقِيَهَا لِجُمْلَةِ الْكِرَاءِ كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ لِأَنَّ إمْضَاءَهُ إنْشَاءٌ لِعَقْدِ الْكِرَاءِ فِي الْبَاقِي فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ عِلْمُهُ مَا يَخُصُّهُ ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَلَيْسَ لَهُ الْإِمْضَاءُ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ بِمَجْهُولٍ فَيَتَعَيَّنُ فَسْخُهُ فِي الْبَاقِي .
" ق " ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا سِنِينَ لِبِنَاءٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ فَبَنَى فِيهَا أَوْ زَرَعَ أَوْ غَرَسَ وَكَانَتْ تُزْرَعُ السَّنَةَ كُلَّهَا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقٌّ قَبْلَ تَمَامِ الْأَمَدِ ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي أَكْرَاهَا مُبْتَاعًا فَلَهُ غَلَّتُهَا بِضَمَانِهَا إلَى يَوْمِ اسْتِحْقَاقِهَا ، وَلِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يُجِيزَ كِرَاءَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَوْ يَفْسَخَ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُجِيزُ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَمْ يُجِزْ جَمْعَ سِلْعَتَيْنِ لِرَجُلَيْنِ فِي بَيْعِهِمَا حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَنُوبُ مَا بَقِيَ لِيُجِيزَ بِكِرَاءٍ مَعْلُومٍ ، فَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ حِصَّةُ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِئِذٍ .
( وَلَا خِيَارَ لِلْمُكْتَرِي ) فِي فَسْخِ الْكِرَاءِ فِي بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ أَمْضَاهُ الْمُسْتَحِقُّ ، وَصِلَةُ خِيَارٍ ( لِ ) يَتَخَلَّصَ الْمُكْتَرِي مِنْ ( الْعُهْدَةِ ) أَيْ ضَمَانُ كِرَاءِ الْبَاقِي إذَا ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ آخَرُ ( وَانْتَقَدَ ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ كِرَاءَ بَاقِي الْمُدَّةِ مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ أَمْضَى كِرَاءَهُ أَيْ يَقْضِي لَهُ بِأَخْذِهِ حَالًّا ( إنْ )

كَانَ ( انْتَقَدَ ) أَيْ قَبَضَ الْمُكْرِي ( الْأَوَّلُ ) كِرَاءَ جَمِيعِ الْمُدَّةِ مِنْ الْمُكْتَرِي حَالًّا ( وَأُمِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( هُوَ ) أَيْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مَأْمُونًا بِأَنْ كَانَ عَدْلًا مَلِيًّا حَسَنَ الْمُعَامَلَةِ .
" ق " فِيهَا وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا سَنَةً مِنْ غَيْرِ غَاصِبٍ فَلَمْ يَنْقُدْهُ الْكِرَاءُ حَتَّى اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ فِي نِصْفِهِ السَّنَةِ ، فَكِرَاءُ مَا مَضَى لِلْمُكْرِي الْأَوَّلِ وَلِلْمُسْتَحِقِّ فَسْخُ مَا بَقِيَ أَوْ الرِّضَا بِهِ فَلَهُ كِرَاءُ بَقِيَّةِ السَّنَةِ ، فَإِنْ أَجَازَ الْكِرَاءَ فِيمَا بَقِيَ فَلَيْسَ لِلْمُكْتَرِي فَسْخُهُ فِرَارًا مِنْ عُهْدَتِهِ ، إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَسْكُنُ ، فَإِنْ عَطِبَتْ الدَّارُ أَدَّى بِحِسَابِ مَا سَكَنَ ، وَلَوْ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ كِرَاءَ السَّنَةِ لَهَا لَدَفَعَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ حِصَّةَ كِرَاءِ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ يَخَفْ مِنْ دَيْنٍ يُحِيطُ بِهِ وَنَحْوِهِ ، وَلَا يُرَدُّ بَاقِي الْكِرَاءِ عَلَى الْمُكْتَرِي .
أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ مَأْمُونٍ قِيلَ لِلْمُكْتَرِي إنْ شِئْتَ أَنْ تَدْفَعَ إلَى الْمُسْتَحَقِّ كِرَاءَ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَتَسْكُنَ ، فَإِنْ أَبَى قِيلَ لِلْمُسْتَحِقِّ إنْ شِئْت أَنْ تُجِيزَ الْكِرَاءَ عَلَى أَنْ لَا تَأْخُذَ إلَّا كِرَاءَ مَا سَكَنَ كُلَّمَا سَكَنَ شَيْئًا أَخَذَتْ بِحِسَابِهِ ، وَإِلَّا فَلَكَ الْفَسْخُ لِكِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ .
ابْنُ يُونُسَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي دَارٍ يَخَافُ عَلَيْهَا الْهَدْمَ .
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ صَحِيحَةَ الْبِنَاءِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَقِدَ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُكْتَرِي مِنْ خَوْفِ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِسُكْنَى الدَّارِ مِنْ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ .
الْعَدَوِيُّ يَرِدُ أَنْ يُقَالَ يَخَافُ الْمُكْتَرِي أَنْ يَسْتَحِقَّهُ آخَرُ فَيُضَيِّعَ عَلَيْهِ مَا افْتَقَدَهُ الْمُسْتَحِقُّ الْأَوَّلُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَلَا وَجْهَ لِبَحْثِ ابْنِ يُونُسَ .

وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ أَوْ الْمَجْهُولِ لِلْحُكْمِ : كَوَارِثٍ ، وَمَوْهُوبٍ ، وَمُشْتَرٍ مِنْهُ ، إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ : كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى مِثْلِهِ ، إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ

( وَالْغَلَّةُ ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمُسْتَحَقِّ بِالْفَتْحِ ( لِ ) حَائِزِهِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( الشُّبْهَةِ ) فِي حَوْزِهِ كَمُكْتَرٍ وَمُشْتَرٍ ( أَوْ الْمَجْهُولِ ) حَالُهُ الَّذِي لَمْ يُعْلَمْ أَغَاصِبٌ هُوَ أَوْ ذُو شُبْهَةٍ مُنْتَهِيًا اسْتِحْقَاقُهَا ( لِلْحُكْمِ ) بِالِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ تَكُونُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ لِلْمُسْتَحِقِّ .
" ق " فِي الْحَدِيثِ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لِلشَّيْءِ الَّذِي اغْتَلَّهُ وَلَوْ هَلَكَ فِي يَدِهِ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْهُ وَضَاعَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الَّذِي نَقَدَهُ فِيهِ فَالْغَلَّةُ لَهُ بِضَمَانِهِ ، فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبِيدًا مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ ، وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ الْوَاهِبَ لِأَبِيهِ غَصَبَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا أَوْ مِمَّنْ هَذَا الْمُسْتَحِقُّ وَارِثُهُ فَغَلَّةُ مَا مَضَى لِلْمُسْتَحِقِّ ، فَإِنْ جَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ أَغَاصِبٌ هُوَ أَمْ لَا فَهُوَ عَلَى الشِّرَاءِ ، حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ غَاصِبٌ .
الْحَطّ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اُخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ الشَّيْءُ الْمُسْتَحَقُّ فِي ضَمَانِ مُسْتَحِقِّهِ ، وَتَكُونُ غَلَّتُهُ لَهُ وَيَجِبُ التَّوْقِيفُ بِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا حَتَّى يُقْضَى بِهِ لَهُ ، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ بِهَا لِلطَّالِبِ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يَجِبُ تَوْقِيفُ الْأَصْلِ الْمُسْتَحَقِّ تَوْقِيفًا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ وَلَا تَوْقِيفَ غَلَّتِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الرِّبَاعَ الَّتِي لَا تَحُولُ وَلَا تَزُولُ لَا تُوقَفُ مِثْلُ مَا يَحُولُ وَيَزُولُ ، وَإِنَّمَا تُوقَفُ وَقْفًا يَمْنَعُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِيهَا .

وَالْقَوْلِ الثَّانِي : أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إذَا ثَبَتَ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ .
وَالثَّالِثِ : إذَا شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِّ الَّذِي يَكُونُ بِهِ الثَّمَرَةُ فِي اسْتِحْقَاقِ أَصْلِهَا غَلَّةً يَسْتَوْجِبُهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِبُلُوغِهَا إلَيْهِ ، إمَّا بِالْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ ، وَإِمَّا بِثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ ، وَإِمَّا بِأَنْ يَشْهَدَ لِلْمُسْتَحِقِّ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْمَذْكُورِ فِي ذَلِكَ ، فَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ ، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ ، وَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَا لَمْ تُطْلَبْ إنْ اشْتَرَى الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ الْأَصْلَ قَبْلَ إبَارِ الثَّمَرَةِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بَعْدَهُ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ جُذَّتْ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ مَا لَمْ تُجَذَّ ، فَإِنْ جُذَّتْ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي .
وَإِنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَثَمَرَتُهُ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ الثَّمَرَةُ لِلْمُسْتَحِقِّ كَيْفَ كَانَتْ يَبِسَتْ ، أَوْ جَذَّهَا أَوْ بَاعَهَا أَوْ أَكَلَهَا وَيَغْرَمُ مَكِيلَتَهَا إنْ عَرَفَهَا وَإِلَّا فَقِيمَتُهَا .
وَإِنْ كَانَ بَاعَهَا يَغْرَمُ ثَمَنَهَا الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إنْ فَاتَتْ ، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ مُبْتَاعِهَا خُيِّرَ فِي أَخْذِهَا أَوْ إنْفَاذِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهَا وَإِنْ تَلِفَتْ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهَا لَا تَصِيرُ غَلَّةً لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِالْيُبْسِ أَوْ الْجِذَاذِ .
وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا تَصِيرُ غَلَّةً لَهُ بِطِيبِهَا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا إذَا أَزْهَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَلَّةً لَهُ بِطِيبِهَا ، وَيَأْخُذُ الْمُسْتَحِقُّ النَّخْلَ وَحْدَهُ ، وَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ

وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا نَابَ الثَّمَرَةَ لِبَقَائِهَا بِيَدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتِرَاؤُهُ إيَّاهَا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مُشْتَرٍ اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْإِبَارِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ : أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ اشْتَرَاهَا قَبْلَ إبَارِهَا .
وَالثَّانِي : اشْتِرَاؤُهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَهُ .
وَالثَّالِثُ : اشْتِرَاؤُهَا بِثَمَرَتِهَا بَعْدَ إزْهَائِهَا وَطِيبِهَا وَالنَّفَقَةِ الْقِيَاسُ جَرَيَانُهَا عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ فِي الْغَلَّةِ .
فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يَجِبُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَنْفَقَ عَلَى مَا فِي ضَمَانِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ .
وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَجِبُ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِوُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ، وَكَوْنِ الْغَلَّةِ لَهُ مِنْ حِينَئِذٍ .
وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنْ لَا فَرْقَ بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةِ فِي كَوْنِهِمَا تَابِعَيْنِ لِلضَّمَانِ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَالصَّوَابُ وَفَرَّقَ فِي رَسْمِ حَمَلَ صَبِيًّا مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى بَيْنَ النَّفَقَةِ وَالْغَلَّةِ فَقَالَ النَّفَقَةُ مِمَّنْ تَصِيرُ إلَيْهِ ، وَالْغَلَّةُ لِلَّذِي هُوَ فِي يَدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ ، وَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ فَقَالَ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَمَثَّلَ لِذِي الشُّبْهَةِ فَقَالَ ( كَوَارِثٍ ) الْحَطّ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْوَارِثِ سَوَاءٌ كَانَ وَارِثًا مِنْ غَاصِبٍ أَوْ مِنْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، فَإِنَّ وَارِثَ الْغَاصِبِ لَا غَلَّةَ لَهُ بِاتِّفَاقٍ ، سَوَاءٌ انْتَفَعَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَكْرَى لِغَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ ، وَيُفْهَمُ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَوَارِثُهُ وَمَوْهُوبُهُ كَهُوَ ، وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهَا وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا أَوْ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ

يَعْلَمْ فَاسْتَغَلَّهُمْ زَمَانًا ، فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ بِضَمَانِهِ ، وَكَذَلِكَ إذَا وَرِثَهُمْ عَنْ أَبِيهِ وَلَمْ يَدْرِ بِمَا كَانُوا لِأَبِيهِ فَاسْتَغَلَّهُمْ ثُمَّ اُسْتُحِقُّوا فَالْغَلَّةُ لِلْوَارِثِ ا هـ .
( وَ ) كَشَخْصٍ ( مَوْهُوبٍ ) لَهُ مِنْ غَاصِبٍ الْحَطّ أَرَادَ إذَا كَانَ الْغَاصِبُ مُوسِرًا فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَيَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْغَلَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِغَلَّةٍ مَوْهُوبَةٍ فَإِنْ أَعْسَرَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ اللَّخْمِيُّ إذَا وَهَبَ مَا غَصَبَهُ فَاغْتَلَّهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَقَالَ أَشْهَبُ الْمَوْهُوبُ لَهُ كَالْمُشْتَرِي ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِثْلَهُ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ فَإِنْ أَعْدَمَ أَوْ غَابَ فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَهُوَ أَبْيَنُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعَالِمِ بِالْغَصْبِ ، وَوَارِثِ الْغَاصِبِ ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وَارِثِهِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْغَاصِبَ ، فَكَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْعَالِمُ بِهِ .
ا هـ .
فَالْوَارِثُ هُنَا إمَّا وَارِثُ الْمُشْتَرِي أَوْ وَارِثُ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَوْ وَارِثُ ذِي الشُّبْهَةِ وَلِابْنِ رُشْدٍ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ، وَفِيهَا وَلَوْ وَهَبَ ذَلِكَ لِأَبِيهِ رَجُلٌ وَجَهِلَ أَمْرَ الْوَاهِبِ حُمِلَ عَلَى الشِّرَاءِ .
( وَ ) كَشَخْصٍ ( مُشْتَرٍ ) مِنْ غَاصِبٍ .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْغَصْبِ يُرِيدُ وَلَا يَرْجِعُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْغَاصِبِ بِالْغَلَّةِ مِنْ يَوْمِ بَيْعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ ( إنْ لَمْ يَعْلَمُوا ) أَيْ وَارِثُ غَيْرِ الْغَاصِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي بِالْغَصْبِ " ق " فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ فَالْغَلَّةُ لِلْمُبْتَاعِ .
ابْنُ زَرْبٍ مَنْ وَرِثَ مَالًا فَاسْتَحَقَّ حَبْسًا فَلِلْوَارِثِ مَا اغْتَلَّ وَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ سَهْلٍ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ اشْتَرَى بِكْرًا فَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ

بِحُرِّيَّتِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لَا صَدَاقَ وَلَا مَا نَقَصَهَا وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا فَالْغَلَّةُ لِلْمُسْتَحِقِّ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِلْمُ الْوَارِثِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ أَبِي عِمْرَانَ لَا يُنْظَرُ لِمَعْرِفَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِمَعْرِفَةِ النَّاسِ لِذَلِكَ .
وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَإِنَّمَا يَنْظُرُ لِمَعْرِفَةِ نَفْسِهِ ، فَإِنْ كَانَ عَارِفًا بِأَنَّ الْبَائِعَ غَاصِبٌ فَلَا غَلَّةَ لَهُ وَإِلَّا كَانَتْ لَهُ .
( بِخِلَافِ ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( دَيْنٍ ) عَلَى مَيِّتٍ طَرَأَ ذُو الدَّيْنِ ( عَلَى وَارِثِ ) الْمَدِينِ وَقَدْ تَرَكَ عَقَارًا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَارِثُهُ وَاسْتَغَلَّهُ ثُمَّ ظَهَرَ دَيْنٌ عَلَى الْمَيِّتِ يَغْتَرِقُ الْعَقَارَ وَغَلَّتَهُ فَيَرُدُّ الْوَارِثُ لِذِي الدَّيْنِ الْعَقَارَ وَغَلَّتَهُ ، فَهَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لِذِي الشُّبْهَةِ كَوَارِثٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا وَارِثًا طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ ، فَلَوْ قَالَ بِخِلَافِ وَارِثٍ طَرَأَ عَلَيْهِ ذُو دَيْنٍ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَنْسَبُ بِالْإِخْرَاجِ مِمَّا مَرَّ ، وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ غَلَّةَ التَّرِكَةِ لِذِي دَيْنٍ وَلَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فَإِذَا كَانَتْ التَّرِكَةُ ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ وَاتَّجَرَ الْوَارِثُ أَوْ وَصِيُّهُ فِيهَا فَصَارَتْ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ ، وَظَهَرَ عَلَى الْمَيِّتِ سِتُّمِائَةِ دِينَارٍ دَيْنًا فَيَسْتَحِقُّ ذُو الدَّيْنِ جَمِيعَ السِّتِّمِائَةِ الَّتِي بِيَدِ الْوَارِثِ أَوْ وَصِيِّهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ الْمَخْزُومِيُّ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الثَّلَاثَمِائَةِ الَّتِي تَرَكَهَا الْمَيِّتُ .
نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ قَالَهُ " د " الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ وَلَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَجْرِ الْوَارِثِ إلَخْ ، فِيهِ نَظَرٌ ، وَاَلَّذِي انْفَصَلَ عَنْهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْعَلَّامَةُ سَيِّدِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَاجِّ كَمَا رَأَيْته بِخَطِّهِ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْأَيْتَامِ لَا لِرَبِّ

الدَّيْنِ ، وَأَنَّ مَا فِي " ز " غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْحَطّ أَشَارَ إلَى مَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى فِي الْوَرَثَةِ يَقْتَسِمُونَ التَّرِكَةَ فَتَنْمُو فِي أَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَطْرَأُ عَلَيْهِمْ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهَا بِنَمَائِهَا أَنَّهُمْ يَرُدُّونَ مَا أَخَذُوا بِنَمَائِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا نَقَصَ إلَّا أَنْ يَسْتَهْلِكُوهُ فَعَلَيْهِمْ عِوَضُهُ ، وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُمْ بِأَشْيَاءَ بِأَعْيَانِهَا وَأَمَّا مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ التَّرِكَةِ فَحُوسِبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ ، أَوْ اشْتَرَاهُ الْمُوصَى لَهُمْ فَحُوسِبُوا بِهِ فِي وَصَايَاهُمْ فَلَهُمْ نَمَاؤُهُ ، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ فَيُحَاسَبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ ، وَفِي وَصَايَاهُمْ وَبَيْنَ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَدَفَعَ الثَّمَنَ لَهُمْ ، ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّارِحِ فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ وَالْبِسَاطِيُّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِرَجُلٍ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَدَفَعَ لَهُ فِيهِ مِلْكًا وَرِثَهُ فَاغْتَلَّهُ ذُو الدَّيْنِ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ فَغَيْرُ صَحِيحٍ ، وَلَا وَجْهَ لَهُ لِنَصِّ الْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْمُوثَقِينَ ، عَلَى أَنَّ التَّصْيِيرَ فِي الدَّيْنِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُمْ وَحُوسِبُوا بِهِ فِيمَا أَوْصَى لَهُمْ بِهِ أَوْ فِي مِيرَاثِهِمْ فَلَهُمْ نَمَاؤُهُ ، وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
طفي لَيْسَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى تَصْرِيحٌ بِرَدِّ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ الْغَلَّةَ لِذِي الدَّيْنِ إلَّا مَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فَنَمَاؤُهُ لِلْغُرَمَاءِ ، وَفِيهِ بُعْدٌ ، إذْ رُبَّمَا يُقَالُ الْمُرَادُ نَمَاؤُهُ فِي بَدَنِهِ أَوْ بِوِلَادَةٍ وَلِذَا لَمَّا نَقَلَ " ق " قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ لَا خِلَافَ إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَ مَا أَكَلُوهُ

أَوْ اسْتَهْلَكُوهُ أَوْ اسْتَنْفَقُوهُ ، قَالَ يَبْقَى النَّظَرُ فِي الْغَلَّةِ ، وَمُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ بَعْدُ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهَا .
ا هـ .
عَلَى أَنَّ هَذَا السَّمَاعَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِطُرُقِ الْغَرِيمِ ، فَيَكُونُ ضَمَانُ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ أَوْ نَمَا مِنْ جَمِيعِ الْوَرَثَةِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
وَأَشَارَ لِقَوْلِهِمَا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَمَّا مَا مَاتَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هَلَكَ بِيَدِهِ وَضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ بَاطِلَةً لِلدَّيْنِ ثُمَّ قَالَتْ لَا يَضْمَنُ الْوَرَثَةُ مَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ وَيَضْمَنُونَ مَا ذَهَبَ بِانْتِفَاعِهِمْ .
ا هـ .
فَقَدْ اضْطَرَبَ قَوْلُهَا ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَدْ اضْطَرَبَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ ، وَقَدْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَالظَّاهِرُ عَلَى الْمَشْهُورِ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ جَمِيعِهِمْ فِي السَّمَاوِيِّ أَوْ الْغَلَّةِ لَهُمْ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ اعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ ، وَصَوَّبَ مَا قَالَهُ " ح " وَمَا قَالَهُ طفي غَلَطٌ نَشَأَ مِنْ عَدَمِ فَهْمِ كَلَامِ الْبَيَانِ ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ وَانْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى الْمَشْهُورِ فَإِنَّ مَا هَلَكَ بِيَدِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِسَمَاوِيٍّ لَا يَضْمَنُهُ ، وَحْدَهُ بَلْ ضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ لِتَبَيُّنِ أَنَّهُ لَمْ تَقَعْ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهُ لِلْغُرَمَاءِ ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُمْ يَضْمَنُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَقَطْ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا فَضَلَ شَيْءٌ بِيَدِهِمْ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ دَخَلَ فِيهِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَنْ هَلَكَ حَظُّهُ وَمَنْ بَقِيَ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي

بَابِ الْقِسْمَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَكَذَا مَا نَمَا بِيَدِ أَحَدِهِمْ وَفَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ مَنْ نَمَا بِيَدِهِ ، بَلْ يَكُونُ بَيْنَهُمْ لِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ بَيْنَهُمْ ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا حَكَاهُ " ق " عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ كَانُوا يَضْمَنُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَبِهَذَا أَيْضًا جَمَعُوا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ ، وَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ اضْطَرَبَ .
قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ مُرَادُهُ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ ، بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ قَالَ بِانْتِقَاضِ الْقِسْمَةِ مَرَّةً ، وَقَالَ مَرَّةً بِعَدَمِ انْتِفَاضِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُمْ لَا يَضْمَنُونَ السَّمَاوِيَّ لِلْغُرَمَاءِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا دِيوَانٍ حَتَّى فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَضَيْحٍ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْغَلَّةَ لَيْسَتْ لَهُمْ ، وَإِنَّمَا هِيَ لِلْغُرَمَاءِ يَكْمُلُ دَيْنُهُمْ بِهَا كَمَا فَهِمَهُ " ح " وَلَا يَكُونُ مِنْهَا لِلْوَرَثَةِ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ الدَّيْنِ ، وَأَنَّ اسْتِظْهَارَ طفي غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى غَيْرِ أَسَاسٍ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ انْتِقَاضَ الْقِسْمَةِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ بِطُرُوءِ غَرِيمٍ عَلَيْهِمْ ، نَصُّهُمَا وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ اقْتَسَمُوا مَالَ الْمَيِّتِ ضَامِنُونَ لِمَا أَكَلُوا أَوْ اسْتَهْلَكُوا مِنْ ذَلِكَ .
وَأَمَّا مَا ذَهَبَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيهِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الطَّارِئِ عَلَيْهِمْ وَلَا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ، وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى عَلَى شَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَتْبَعُونَ الَّذِي جَنَى عَلَيْهِ ا هـ .
وَعِبَارَةُ الْمُقَدِّمَاتِ نَصُّهَا فَأَمَّا الْقِسْمَةُ فَتُنْقَضُ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا تُنْقَضُ عِنْدَ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ ،

وَاضْطَرَبَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي انْتِقَاضِهَا فَمَرَّةً قَالَ إنَّهَا تُنْقَضُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فَيَخْرُجُ الدَّيْنُ الطَّارِئُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَالِ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي ، ثُمَّ قَالَ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ فِي أَنَّ الْوَرَثَةَ لَا يَضْمَنُونَ بِالْقِسْمَةِ التَّلَفَ بِأَمْرٍ مِنْ السَّمَاءِ إذَا لَحِقَ الدَّيْنَ ا هـ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ ذِي دَيْنٍ عَلَى وَارِثٍ فَقَالَ : ( كَوَارِثٍ طَرَأَ عَلَى ) وَارِثٍ ( مِثْلِهِ ) فِي الِاسْتِحْقَاقِ ، وَأَوْلَى عَلَى مَنْ هُوَ مَحْجُوبٌ بِهِ بَعْدَ اسْتِغْلَالِ الْمَطْرُوءِ عَلَيْهِ التَّرِكَةُ ، فَإِنَّ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ لَا يَخْتَصُّ بِالْغَلَّةِ ، فَإِنْ كَانَا مُتَسَاوِيَيْنِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ فَيَقْسِمَانِهَا وَإِنْ كَانَ الطَّارِئُ يَجْحَدُ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ فَجَمِيعُهَا لِلطَّارِئِ ، قَالَ " د " فَلَوْ قَالَ طَرَأَ عَلَيْهِ مِثْلُهُ كَانَ أَوْلَى ، فَيَضْمَنُ الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ الْغَلَّةَ لِلطَّارِئِ الَّتِي تَخُصُّهُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَنْتَفِعَ ) الْمَطْرُوءُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَكَانَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ ، وَمَا فِي التَّوْضِيحِ وتت وعب وَالْخَرَشِيِّ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي نَصِيبِهِ مَا يَكْفِيهِ تَحْرِيفٌ مِنْ النَّاقِلِ لَا شَكَّ فِيهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ بَابَا وطفي وَالْبَنَّانِيُّ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِالطَّارِئِ ، وَأَنْ يَفُوتَ الْإِبَّانُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ فَلَا يُحَاسِبُ الطَّارِئُ الْمَطْرُوءَ عَلَيْهِ بِانْتِفَاعِهِ .
" ق " ابْنُ رُشْدٍ إنْ طَرَأَ عَلَى الْوَارِثِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُ بِالْوِرَاثَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَرُدُّ مَا اغْتَلَّ وَسَكَنَ لِانْتِفَاءِ وُجُوهِ الضَّمَانِ عَنْهُ ، فَإِنْ طَرَأَ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ شَرِيكُهُ فِي الْمِيرَاثِ فَاخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا سَكَنَ وَلَمْ يُكْرِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْكِرَاءِ عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ الْوَارِثِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ وَفِيهَا إنْ اسْتَحَقَّ الْأَرْضَ بَعْدَ إبَّانِ الزِّرَاعَةِ وَقَدْ زَرَعَهَا مُشْتَرِيهَا أَوْ مُكْتَرٍ مِنْهُ فَلَا كِرَاءَ

لِلْمُسْتَحِقِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكِرَاؤُهَا لِلَّذِي أَكْرَاهَا إنْ لَمْ يَكُنْ غَاصِبًا وَكَانَتْ فِي يَدِهِ بِشِرَاءٍ أَوْ مِيرَاثٍ ، وَكَذَلِكَ إنْ سَكَنَ الدَّارَ مُشْتَرِيهَا أَوْ أَكْرَاهَا أَمَدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ بَعْدَ الْأَمَدِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ وَكِرَاؤُهَا لِلْمُبَاعِ ، وَإِذَا كَانَ مُكْرِي الْأَرْضَ وَارِثًا طَرَأَ لَهُ أَخٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ ، وَأَمَّا إنْ سَكَنَهَا هَذَا الْوَارِثُ أَوْ زَرَعَ فِيهَا لِنَفْسِهِ ثُمَّ طَرَأَ أَخٌ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَنْ وَرِثَ دَارًا فَسَكَنَهَا ثُمَّ قَدِمَ أَخٌ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي السُّكْنَى .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْكِرَاءُ فِي هَذَا بِخِلَافِ السُّكْنَى .

وَإِنْ غَرَسَ ، أَوْ بَنَى : قِيلَ لِلْمَالِكِ أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا ؛ فَإِنْ أَبَى : فَلَهُ دَفْعُ قِيمَةِ الْأَرْضِ ، فَإِنْ أَبَى : فَشَرِيكَانِ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ ، إلَّا الْمُحَبَّسَةَ : فَالنَّقْضُ ؛

( وَإِنْ غَرَسَ ) ذُو الشُّبْهَةِ ( أَوْ بَنَى ) فِي أَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ ( قِيلَ لِلْمَالِكِ ) الَّذِي اسْتَحَقَّهَا مِنْ ذِي الشُّبْهَةِ بَعْدَ غَرْسِهِ أَوْ بِنَائِهِ بِهَا ( أَعْطِهِ ) أَيْ الْبَانِيَ أَوْ الْغَارِسَ بِشُبْهَةٍ ( قِيمَتَهُ ) أَيْ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا ) وَخُذْ الْأَرْضَ بِبِنَائِهَا أَوْ غَرْسِهَا ( فَإِنْ أَبَى ) أَيْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ إعْطَاءِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ قَائِمًا ( فَلَهُ ) أَيْ الْغَارِسِ أَوْ الْبَانِي بِشُبْهَةٍ ( دَفَعَ قِيمَةَ الْأَرْضِ ) لِمَالِكِهَا خَالِيَةً مِنْ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ ( فَإِنْ أَبَى ) أَيْ امْتَنَعَ الْبَانِي أَوْ الْغَارِسُ مِنْ دَفْعِ قِيمَةِ الْأَرْضِ ( فَ ) هُمَا ( شَرِيكَانِ ) الْمَالِكُ بِقِيمَةِ أَرْضِهِ وَالْبَانِي أَوْ الْغَارِسُ بِقِيمَةِ بِنَائِهِ أَوْ غَرْسِهِ ، وَبِهَذَا قَضَى سَيِّدُنَا الْإِمَامُ عُمَرُ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ ( يَوْمَ الْحُكْمِ ) " ق " الْمَازِرِيُّ فِي كَوْنِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بِنَاءٍ أَوْ يَوْمَ الْمُحَاكَمَةِ قَوْلَانِ ، وَلَمْ يُشْهِرْ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلًا مِنْهُمَا ( إلَّا ) الْأَرْضَ ( الْمُحَبَّسَةَ ) الَّتِي بَنَى أَوْ غَرَسَ فِيهَا ذُو شُبْهَةٍ ( فَ ) لَا يُقَالُ لِلنَّاظِرِ عَلَيْهَا أَعْطِهِ قِيمَتَهُ قَائِمًا ، فَإِنْ أَبَى إلَخْ ، وَيَتَعَيَّنُ ( النَّقْضُ ) أَيْ هَدْمُ الْبِنَاءِ وَقَلْعُ الْغَرْسِ عَلَى الْبَانِي أَوْ الْغَارِسِ .
" ق " فِيهَا مَنْ بَنَى دَارِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ هَدْمُهُ .
سَحْنُونٌ كَأَنَّهُ نَحَا إلَى أَنَّ النَّقْضَ لَمَّا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ ، وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَمَنْ بَنَى فِي أَرْضٍ فَثَبَتَ أَنَّهَا حَبْسٌ فَإِنَّ بِنَاءَهُ يُهْدَمُ .
ابْنُ عَبْدُوسٍ كَيْفَ يُهْدَمُ بِنَاءٌ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَقَالَ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَتَهُ قُلْتُ أَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ فَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ يَكُونُ ذَلِكَ بَيْعًا لِلْحَبْسِ وَسَحْنُونٌ يَسْمَعُ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ فَقُلْت يُعْطِي الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ

قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَلَمْ يَرَ ذَلِكَ .
الْحَطّ يَعْنِي إلَّا الْأَرْضَ الْمُسْتَحَقَّةَ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا حَمْلُ أَنْقَاضِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْخِلَافَ فِيهَا ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ تُسْتَحَقَّ الْأَرْضُ بِحَبْسٍ فَلَيْسَ لِلْبَانِي إلَّا حَمْلُ أَنْقَاضِهِ إذْ لَيْسَ ثَمَّ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَلَا يَكُونَانِ شَرِيكَيْنِ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْحَبْسِ .
ا هـ .
وَهَذَا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُعْطِيهِ قِيمَةَ النَّقْضِ ، فَإِنْ وُجِدَ مَنْ يُعْطِيهِ ذَلِكَ فَيَدْفَعُ لَهُ وَلَا امْتِنَاعَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ كَمَا صُرِّحَ بِهَذَا فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ ، وَنَصُّهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ فِيمَنْ بَنَى مَسْجِدًا وَصَلَّى فِيهِ نَحْوَ السَّنَتَيْنِ ثُمَّ بَاعَهُ مِمَّنْ نَقَضَهُ وَبَنَاهُ بَيْتًا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ قَالَ يَفْسَخُ مَا فَعَلَ ، وَيُرَدُّ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مَسْجِدًا ، وَهُوَ كَالْحَبْسِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا تَحْوِيلُهُ وَلِلْبَانِي نَقْضُ بِنَائِهِ ، وَإِنْ شَاءَ فَلْيَحْتَسِبْ فِي تَرْكِهِ ، وَإِنْ أَرَادَ نَقْضَهُ فَأَعْطَاهُ مُحْتَسِبٌ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا لِيُقِرَّهُ لِلْمَسْجِدِ أَجِيرُ الْبَانِي عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَا لَا حَاجَةَ بِهِ مِنْهُ ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِهِ فَيَتْرُكُ ذَلِكَ كُلَّهُ .
قُلْتُ فَنَقْضُ الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ أَيَجِبُ عَلَى مَنْ نَقَضَهُ أَنْ يُعِيدَهُ كَمَا كَانَ ، قَالَ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ قَائِمًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي نَقْضِهِ وَهَدْمِهِ ثُمَّ يَبْنِي بِتِلْكَ الْقِيمَةِ .
ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ لِي أَصْبَغُ مِثْلَهُ .

وَضَمِنَ قِيمَةَ الْمُسْتَحَقَّةَ ، وَوَلَدَهَا يَوْمَ الْحُكْمِ ، وَالْأَقَلَّ ، إنْ أَخَذَ دِيَةً

( وَ ) مَنْ اشْتَرَى أَمَةً وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِرَقَبَتِهَا لِغَيْرِهِ ( ضَمِنَ ) ( قِيمَةَ ) الْأَمَةِ ( الْمُسْتَحَقَّةِ ) بِرَقَبَةٍ لِمُسْتَحِقِّهَا ( وَ ) ضَمِنَ قِيمَةَ ( وَلَدِهَا ) لِمُسْتَحِقِّهَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي تَقْوِيمِهَا ( يَوْمَ الْحُكْمِ ) وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
" قِ " فِيهَا مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَأَوْلَدَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَلِمُسْتَحَقِّهَا أَخْذُهَا إنْ شَاءَ مَعَ قِيمَةِ وَلَدِهَا عَبِيدًا يَوْمَ الْحُكْمِ ، وَعَلَى هَذَا جَمَاعَةُ النَّاسِ ، وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ وَهُوَ قَوْلُ عَلِيٍّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَقَالَ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا يَوْمَ يَسْتَحِقُّهَا ، زَادَ ابْنُ يُونُسَ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى الْمُبْتَاعِ ، وَإِذَا أُخِذَتْ مِنْهُ كَانَ قَارًّا عَلَيْهَا وَعَلَى وَلَدِهِ .
ابْنِ حَبِيبٍ ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فَقَالَ لَيْسَ لِمُبْتَاعِهَا إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ وَطِئَهَا وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِوَلَدِهَا وَبِهِ أَفْتَى لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ أُمُّ وَلَدِهِ إبْرَاهِيمَ ، وَقِيلَ أُمُّ وَلَدِهِ مُحَمَّدٌ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ بِقَوْلِهِ وَبِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ أُمِّ وَلَدِهِ ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَغَيْرُهُ ، وَبِهِ أَقُولُ .
ابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْقَضَاءُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ فَالْوَلَدُ فِيهِ لَاحِقٌ وَلَا يَلْحَقُ فِي الْوَطْءِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ ، وَأَنَّ الْوَلَدَ بِخِلَافِ الْغَلَّةِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ .
أَشْهَبُ فِي وَلَدِ الْمَغْرُورِ بِالشِّرَاءِ أَوْ النِّكَاحِ إنَّمَا لَزِمَ الْأَبَ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ غَلَّةً فَيَكُونُ لَهُ حُكْمُهَا ، وَلَا يُرَقُّ فَيَأْخُذُهُ سَيِّدُ الْأَمَةِ ، وَجُعِلَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِأَنَّهُ حُرٌّ فِي الرَّحِمِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ حِينَئِذٍ ، وَهَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي تَعَلُّقِ حَقِّ مُسْتَحِقِّهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَيْنِهَا

اضْطِرَابٌ ، فَإِنْ أَعْدَمَ الْأَبُ اتَّبَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ وَقِيمَةِ الْأَمَةِ ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ مُوسِرًا أَخَذَ مِنْ مَالِهِ قِيمَتَهُ فَقَطْ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَبِيهِ إنْ أَيْسَرَ .
ابْنُ يُونُسَ اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
إنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَالِابْنُ مَلِيًّا فَلْيَأْخُذْ مِنْ الِابْنِ قِيمَةَ نَفْسِهِ ، وَهِيَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ فَيَجِبُ أَنْ يَسْتَحِقَّ سَيِّدُ أُمِّهِ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ وَقِيمَتُهُ بِمَالِهِ أَكْثَرُ مِنْ مَالِهِ ، فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَخْذُ قِيمَتِهِ مِنْ مَالِهِ ، فَلَعَلَّ ابْنَ الْقَاسِمِ إنَّمَا قَالَ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ بِغَيْرِ مَالِهِ ، وَبِهِ يَصِحُّ قَوْلُهُ يَأْخُذُ قِيمَتَهُ مِنْ مَالِهِ .
قَالَ فِي الْمَجْمُوعَةِ إنْ كَانَ لِلْوَلَدِ مَالٌ كَسَبَهُ فَلَا يُقَوَّمُ بِمَالِهِ ، بِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ الْأَبُ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْوَلَدِ شَيْءٌ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْلَدَهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى مُبْتَاعِهَا فِي وَطْئِهَا إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَهُوَ كَذَلِكَ .
اللَّخْمِيُّ لَوْ اُسْتُحِقَّتْ حَامِلًا فَعَلَى أَنَّهُ يَأْخُذُهَا تُؤَخَّرُ لِوَضْعِهَا فَيَأْخُذُهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا ، فَإِنْ أَسْقَطَتْ أَوْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ ، وَعَلَى أَخْذِ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ يَأْخُذُ قِيمَتَهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ وَلَا يَنْتَظِرُ وَضْعَهَا ، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا يَوْمَ حَمَلَتْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
( وَ ) إنْ قَتَلَ الْوَلَدُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ضَمِنَ أَبُوهُ لِمُسْتَحِقِّ أُمِّهِ .
( الْأَقَلَّ ) مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا حَيًّا وَمِنْ دِيَتِهِ ( إنْ ) كَانَ ( أَخَذَ ) أَبُوهُ ( دِيَةً ) مِنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ عَاقِلَتِهِ فِي قَتْلِهِ خَطَأً ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ أَبُوهُ دِيَتَهُ بِأَنْ عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ .
لِلْمُسْتَحِقِّ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
" ق " ابْنُ يُونُسَ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدُ خَطَأً فَدِيَتُهُ لِأَبِيهِ مُنَجَّمَةً بِثَلَاثِ سِنِينَ وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهَا قِيمَتُهُ يَأْخُذُ فِيهَا أَوَّلَ نَجْمٍ ،

فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ أَخَذَ تَمَامَهَا مِنْ الثَّانِي ثُمَّ مِمَّا يَلِيهِ حَتَّى تَتِمَّ ، ثُمَّ يُورَثُ عَنْ الِابْنِ مَا فَضَلَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَوْ قَتَلَ الْوَلَدُ عَمْدًا فَصَالَحَ الْأَبُ فِيهِ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ فَعَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَتْلِهِ ، فَإِنْ كَانَ مَا أَخَذَ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ رَجَعَ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْقَاتِلِ بِالْأَقَلِّ مِنْ تَمَامِ الْقِيمَةِ أَوْ الدِّيَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَإِنْ قَتَلَ عَمْدًا فَلِأَبِيهِ الْقِصَاصُ وَالْعَفْوُ ، وَلَا مَقَالَ لِلْمُسْتَحِقِّ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا عَلَى الْأَبِ .

لَا صَدَاقَ حُرَّةٍ أَوْ غَلَّتَهَا

( وَ ) مَنْ اشْتَرَى أَمَةً بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَوَطِئَهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِحُرِّيَّتِهَا فَ ( لَا ) يَضْمَنُ ( صَدَاقَ حُرَّةٍ ) اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا ثُمَّ اسْتَحَقَّتْ نَفْسَهَا بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ صَدَاقَهَا عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْرُوفُ ، وَلَا مَا نَقَصَهَا فِي الشَّامِلِ عَلَى الْأَصَحِّ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي ( غَلَّتَهَا ) أَيْ الْحُرَّةِ كَمَنْ وَرِثَ دَارًا مَثَلًا فَاسْتُحِقَّتْ حَبْسًا فَلَا خَرَاجَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً فَوَطِئَهَا وَهِيَ ثَيِّبٌ أَوْ بِكْرٌ فَافْتَضَّهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ لَا صَدَاقَ وَلَا مَا نَقَصَهَا .
ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ رَأَى لَمَّا وُطِئَتْ عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ لَهَا صَدَاقٌ ، وَكَذَلِكَ يَقُولُ لَوْ اغْتَلَّهَا أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي وَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا غَلَّةَ لَهُ إذْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وَلِأَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَرَجَعَ بِثَمَنِهِ .
الْحَطّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَذْهَبُ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ لَا يَرْجِعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا اغْتَلَّهُ مِنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ وَأُجْرَةِ عَمَلِهِ وَلَا بِأُجْرَةِ مَا اسْتَخْدَمَهُ فِيهِ وَكَذَا لَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهَا ، بِخِلَافِ جُرْحِهِ وَأَخَذَ السَّيِّدُ أَرْشَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالْأَرْشِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ جَارِحِهِ .
وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ اشْتَرَاهُ مَعَهُ أَوْ أَفَادَهُ الْعَبْدُ مِنْ فَضْلِ خَرَاجِهِ أَوْ عَمَلِهِ ، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ ، أَوْ وُهِبَ لَهُ فَانْتَزَعَهُ سَيِّدُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِهِ .
أَمَّا لَوْ وَهَبَ لَهُ السَّيِّدُ مَالًا أَوْ اسْتَخْيَرَهُ بِمَالٍ فَاسْتَفَادَ فِيهِ ، وَقَالَ إنَّمَا دَفَعْته

إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَبْدِي ، وَكُنْتُ أَرَى أَنَّ لِي انْتِزَاعَهُ مَتَى شِئْتُ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ .
وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ اتَّجِرْ بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِك فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَأْسُ مَالِهِ .
وَاخْتُلِفَ إذَا أَعْطَاهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ مَوْلَاهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ ، فَقِيلَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ، وَقِيلَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ ، قَالَهُ جَمِيعَهُ فِي رَسْمِ يُدَبَّرُ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ ، وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الْمُسْتَحَقَّةُ بِحَبْسٍ لَا يَرْجِعُ بِغَلَّتِهَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُفْتَى بِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ مِنْ نَوَازِلِهِ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ يَدُهُ بِالْحَبْسِ .
فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَاسْتَغَلَّهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِغَلَّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا عَالِمًا بِالْحَبْسِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِغَلَّتِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِذَلِكَ ، ذَكَرَهُ ابْنُ سَهْلٍ ، وَنَصَّهُ ابْنُ الْعَطَّارِ إذَا فَسَخَ بَيْعَ الْحَبْسِ فَغَلَّتُهُ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَ ثُبُوتِ تَحْبِيسِهِ لِلْمُبْتَاعِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَبْسِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ، وَمَا كَانَ فِي رُءُوسِ الشَّجَرِ مِنْ التَّمْرِ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ فَهُوَ لِلَّذِي ثَبَتَ لَهُ أَصْلُ التَّحْبِيسِ فِي حِينِ ثَبَاتِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي إبَّانِ الْحَرْثِ فَعَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ ، وَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَثَبَتَ عَدَمُهُ حَلَفَ لِلْمُبْتَاعِ وَأَخَذَ مِنْ غَلَّةِ الْحَبْسِ عَامًا بِعَامٍ ، فَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ رَجَعَ الْحَبْسُ إلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُبْتَاعِ شَيْءٌ مِنْهُ ، فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْحَبْسِ كَبِيرًا عَالِمًا بِالتَّحْبِيسِ عُوقِبَ

بِالْأَدَبِ وَالسِّجْنِ عَلَى بَيْعِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ .
ابْنُ سَهْلٍ يَنْبَغِي إنْ كَانَ مَالِكًا لِنَفْسِهِ مَعَ ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ طَلَبُ الْمُبْتَاعِ بِشَيْءٍ مِنْ الْغَلَّةِ ، وَإِنْ عَلِمَ حِينَ ابْتِيَاعِهِ أَنَّهُ حُبِسَ .
وَقَدْ نَزَلْتُ بِقُرْطُبَةَ ، وَأَفْتَيْتُ فِيهَا بِذَلِكَ ، وَخَالَفَنِي فِيهَا غَيْرِي وَخِلَافُهُ خَطَأٌ ا هـ .
وَصَرَّحَ لِهَذَا الْمَشَذَّالِيُّ ، وَنَصُّهُ سَأَلَ اللُّؤْلُؤِيُّ عَمَّنْ حُبِسَ عَلَيْهِ حَبْسٌ فَبَاعَهُ وَالْمُشْتَرِي عَالِمٌ بِأَنَّهُ حَبْسٌ فَاسْتَغَلَّهُ مُدَّةً ثُمَّ نَقَضَ الْبَيْعَ ، فَقَالَ لَا يَرُدُّ الْغَلَّةَ لِأَنَّ الْبَائِعَ عَالِمٌ فَهُوَ وَاهِبٌ الْغَلَّةَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ أَوْ يَكُونَ الْحَبْسُ مُعَقَّبًا فَلِشَرِيكِهِ نَصِيبُهُ مِنْهَا ا هـ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي التُّحْفَةِ ، إذْ قَالَ فِيهَا : وَمَا يَبِيعُ مَنْ عَلَيْهِ حُبِسَا يُرَدُّ مُطْلَقًا وَمَعْ عِلْمٍ أَسَا وَالْخَلْفُ فِي الْمُبْتَاعِ هَلْ يُعْطِي الْكِرَا وَاتَّفَقُوا مَعْ عِلْمِهِ قَبْلَ الشِّرَا ابْنُ النَّاظِمِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ سَهْلٍ مُعَارِضٌ لِمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ مِنْ الِاتِّفَاقِ عَلَى رَدِّ الْغَلَّةِ إذَا عَلِمَ قَبْلَ الشِّرَاءِ ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ سَهْلٍ لَا يَخْلُو مِنْ نَظَرٍ وَالْأَظْهَرُ رُجْحَانُ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُ فِي تَسْوِيغِ الْغَلَّةِ لِلْعَالِمِ بِالتَّحْبِيسِ قَبْلَ ابْتِيَاعِهِ وَتَمْكِينِهِ مِنْ ثَمَرَةِ عَقْدٍ بَاطِلٍ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا ، إذْ عِلْمُهُ بِالتَّحْبِيسِ قَبْلَ الشِّرَاءِ دُخُولٌ عَلَى فَسْخِهِ وَرُجُوعُ ثَمَنِهِ لَهُ بَعْدَ غَيْبَةِ بَائِعِهِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ سَلَفٌ ، وَالْغَلَّةُ مَنْفَعَةٌ فِي السَّلَفِ ا هـ .

وَإِنْ هَدَمَ مُكْتَرٍ تَعَدِّيًا : فَلِلْمُسْتَحِقِّ النَّقْضُ وَقِيمَةُ الْهَدْمِ ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ مُكْرِيهِ كَسَارِقِ عَبْدٍ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ؛ بِخِلَافِ مُسْتَحِقِّ مُدَّعِي حُرِّيَّةً ، إلَّا الْقَلِيلَ ،

( وَإِنْ ) اكْتَرَى شَخْصٌ دَارًا مَثَلًا مِنْ ذِي شُبْهَةٍ ، وَ ( هَدَمَ ) الـ ( مُكْتِرِ ) ي الدَّارَ هَدْمًا ( تَعَدِّيًا ) بِأَنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ مُكْرِيهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الدَّارُ ( فَلِلْمُسْتَحِقِّ ) عَلَى الْمُكْتَرِي الْمُتَعَدِّي بِالْهَدْمِ ( النُّقْضُ ) بِضَمِّ النُّونِ وَبِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَنْقُوضِ مِنْ حَجَرٍ وَآجُرَ وَخَشَبٍ وَنَحْوِهَا ( وَقِيمَةُ ) أَيْ أَرْشُ نَقْصِ ( الْهَدْمِ ) بِأَنْ تُقَوَّمَ الدَّارُ مَثَلًا مَبْنِيَّةً وَمَهْدُومَةً ، وَيَلْزَمُ الْهَادِمَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ إنْ لَمْ يَبَرَّهُ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ مُكْرِيهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( أَبْرَأَهُ ) أَيْ الْهَادِمُ ( مُكْرِيهِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ الَّذِي أَكْرَى لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْهَدْمِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ ، وَمَفْهُومُ تَعَدِّيًا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الْهَدْمِ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ مُكْرِيهِ فَلَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْهَدْمِ ، وَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَّا النَّقْضُ إنْ بَقِيَ أَوْ ثَمَنُهُ إنْ بِيعَ وَفَاتَ .
وَشَبَّهَ فِي غُرْمِ الْمُتَعَدِّي وَإِنْ أَبْرَأَهُ الْجَائِزُ فَقَالَ ( كَسَارِقِ عَبْدٍ ) بِإِضَافَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ لِمَفْعُولِهِ ، أَيْ رُقَّ مِنْ مُبْتَاعٍ أَبْرَأَهُ الْمُبْتَاعُ مِنْ قِيمَتِهِ ( ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْعَبْدُ فَلِمُسْتَحِقِّهِ قِيمَتُهُ عَلَى سَارِقِهِ لَا عَلَى مُبْتَاعِهِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَهَدَمَهَا تَعَدِّيًا ثُمَّ قَامَ مُسْتَحِقُّهَا فَلَهُ أَخْذُ النَّقْضِ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا وَقِيمَةُ الْهَدْمِ مِنْ الْهَادِمِ وَلَوْ كَانَ الْمُكْرِي قَدْ تَرَكَ لِلْمُكْتَرِي قِيمَةَ الْهَدْمِ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَرَجَعَ بِهَا الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الْهَادِمِ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ بِتَعَدِّيهِ ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُكْرِي ، إذْ لَمْ يَتَعَدَّ وَفَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ ، وَهُوَ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَسَرَقَهُ مِنْهُ رَجُلٌ فَتَرَكَ لَهُ قِيمَتَهُ ، ثُمَّ قَامَ رَبُّهُ فَإِنَّمَا يَتْبَعُ السَّارِقَ خَاصَّةً فِي التَّنْبِيهَاتِ .

قَوْلُهُ قِيمَةُ الْهَدْمِ قِيلَ بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهَا بُقْعَةً وَأَنْقَاضًا وَقِيمَتِهَا بِذَلِكَ الْبِنَاءِ ، وَقِيلَ مَا أُفْسِدَ مِنْ الْبِنَاءِ .
وَعِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ يَضْمَنُ مَا يُنْفِقُ فِي الْبِنَاءِ .
وَقِيلَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مِنْ مُسْتَحِقِّهَا ثُمَّ يَغْرَمُ لَهُ مَا أَفْسَدَ مِنْ الْهَدْمِ .
أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُ عِيَاضٍ بِمَا بَيْنَهَا بُقْعَةً يَعْنِي مَعَ الْأَنْقَاضِ ثُمَّ قَالَ وَرَأَيْتُهُ أَيْ الْقَوْلَ الْأَخِيرَ فِي كَلَامِ التَّنْبِيهَاتِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ يَأْخُذُ النَّقْضَ مُسْتَحِقُّهُ ، فَعَلَى مَا فِي التَّنْبِيهَاتِ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا ، وَيَكُونُ النَّقْضُ لَهُ كَالْمُتَعَدِّي عَلَى سِلْعَةٍ بِإِفْسَادٍ كَثِيرٍ أَفَاتَ الْمَقْصُودَ مِنْهَا فَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا وَتَكُونُ لَهُ ، وَعَلَى مَا فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ يَكُونُ هُوَ التَّأْوِيلُ الثَّانِي .
وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ غَلَّتَهَا فَقَالَ ( بِخِلَافِ ) شَخْصٍ ( مُسْتَحِقٍّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ شَخْصٍ ( مُدَّعِي ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ ( حُرِّيَّةً ) لِنَفْسِهِ نَزَلَ بَلَدًا وَاسْتَعْمَلَهُ شَخْصٌ فِي أَعْمَالٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِرَقَبَتِهِ لِشَخْصٍ فَلَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ ( إلَّا ) الْعَمَلَ ( الْقَلِيلَ ) كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَشِرَاءِ فَاكِهَةٍ أَوْ لَحْمٍ مِنْ سُوقٍ قَرِيبٍ .
" ق " فِيهَا لَوْ نَزَلَ عَبْدٌ بِبَلَدٍ وَادَّعَى الْحُرِّيَّةَ فَاسْتَعَانَهُ رَجُلٌ فَعَمِلَ لَهُ عَمَلًا لَهُ بَالٌ مِنْ غِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ أَجْرٍ أَوْ وَهَبَهُ مَالًا ، فَلِرَبِّهِ إذَا اسْتَحَقَّهُ أَخْذُ قِيمَةِ عَمَلِهِ مِمَّنْ اسْتَعْمَلَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلًا لَا بَالَ لَهُ كَسَقْيِ الدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ عَمَلِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، فَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ أَمْ لَا .
وَفِي النُّكَتِ إذَا اسْتَأْجَرَهُ رَجُلٌ فِي عَمَلٍ وَدَفَعَ إلَيْهِ الْأُجْرَةَ ثُمَّ أَتَى سَيِّدُهُ وَقَدْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ الْأُجْرَةَ فَلَا غُرْمَ عَلَى

الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ إنْ كَانَ ظَاهِرَ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي الدَّفْعِ إلَيْهِ ، وَكَذَا حَكَى بَعْضُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ الشُّيُوخِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ إنْ طَالَتْ إقَامَةُ الْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَتْ حُرِّيَّتُهُ وَإِلَّا غَرِمَ دَافِعُ الْأَجْرِ ثَانِيَةً ، وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ ، وَقَالَ يَغْرَمُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لِأَنَّ الْعَبْدَ بَاعَ سِلْعَةَ مَوْلَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَبْرَأُ مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَغَيْرِ مُسْتَحِقٍّ ، قَالَ وَهَذَا عِنْدِي أَقْيَسُ ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ مَاتَ فَأُنْفِذَتْ وَصَايَاهُ وَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ ا هـ كَلَامُ الشَّارِحِ .

وَلَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ : فَكَالْمَبِيعِ ، وَرُجِعَ لِلتَّقْوِيمِ

( وَ ) مَنْ بَنَى مَسْجِدًا بِأَرْضِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا غَيْرُهُ فَ ( لَهُ هَدْمُ مَسْجِدٍ ) وَيَأْخُذُ الْبَانِي نَقْضَهُ يَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَهُ إبْقَاؤُهُ مَسْجِدًا .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ بَنَى دَارِهِ مَسْجِدًا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ فَلَهُ هَدْمُهُ كَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَعْتَقَهُ نَمْ اُسْتُحِقَّ فَلِرَبِّهِ نَقْضُ بَيْعِهِ وَعِتْقُهُ .
سَحْنُونٌ كَأَنَّهُ نَحَا إلَى أَنَّ النَّقْضَ لَمَّا كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَأْخُذُ قِيمَتَهُ وَلَكِنْ يَأْخُذُهُ وَيَجْعَلُهُ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ .
( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ سِلَعًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ( وَاسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بَعْضٌ ) مِنْهَا ( فَ ) حُكْمُهُ ( كَ ) حُكْمِ ( الْمَبِيعِ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْبَيْعِ ، وَفِي أُخْرَى الْعَيْبِ وَهِيَ أَنَصُّ عَلَى الْمَقْصُودِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَيَجُوزُ وَفِيهَا قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ اشْتَرَى ثِيَابًا كَثِيرَةً فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ قَبْلَ قَبْضِهَا أَوْ بَعْدَهُ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ أَقَلَّهَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَقَطْ وَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ .
مُحَمَّدٌ بِأَنْ يَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ اُنْتُقِضَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَرُدَّ مَا بَقِيَ ، ثُمَّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِمَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ ، إذْ لَا يَعْرِفُ حَتَّى يُقَوَّمَ وَقَدْ وَجَبَ الرَّدُّ فَصَارَ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَلَوْ كَانَ مَا ابْتَاعَ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتُحِقَّ الْقَلِيلُ مِنْهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَلَزِمَهُ مَا بَقِيَ .
وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّهُ ، وَكَذَلِكَ فِي جُزْءٍ شَائِعٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ

الرِّضَا بِهِ .
الْبُنَانِيُّ حَاصِلُ اسْتِحْقَاقِ الْبَعْضِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ شَائِعًا أَوْ مُعَيَّنًا ، فَإِنْ كَانَ شَائِعًا مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ وَلَيْسَ مِنْ رِبَاعِ الْغَلَّةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي التَّمَاسُكِ وَالرُّجُوعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي رَدّ بَاقِيهِ وَأَخْذِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ اسْتَحَقَّ أَقَلَّهُ أَوْ أَكْثَرَهُ ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَنْقَسِمُ أَوْ كَانَ مُتَّخِذًا لِلْغَلَّةِ خُيِّرَ فِي اسْتِحْقَاقِ الثُّلُثِ وَوَجَبَ التَّمَسُّكُ فِيمَا دُونَهُ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ كَانَ مِنْ مُقَوَّمٍ كَعُرُوضٍ وَحَيَوَانٍ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ بِالْقِيمَةِ لَا بِالتَّسْمِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ ، وَإِنْ كَانَ وَجَّهَهَا تَعَيَّنَ رَدُّ الْبَاقِي وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَقَلُّهُ رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ خُيِّرَ فِي التَّمَسُّكِ بِبَاقِيهِ وَالرُّجُوعِ بِحِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الثَّمَنِ ، وَفِي رَدِّهِ وَأَخْذِ جَمِيعِ الثَّمَنِ ، وَكَذَا فِي اسْتِحْقَاقِ جُزْءٍ شَائِعٍ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ لِأَنَّ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومَةٌ قَبْلَ التَّمَسُّكِ بِهِ .
( وَ ) إنْ اشْتَرَى سِلَعًا فِي صَفْقَةٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا أَوْ ظَهَرَ عَيْبُهُ ( رُجِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ ( لِلتَّقْوِيمِ ) مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِحَسَبِ الصِّفَاتِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ حَالَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يُسَمَّى لِلشَّيْءِ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ لِاجْتِمَاعِهِ مَعَ غَيْرِهِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا كَثِيرَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً فَإِنَّمَا يَقَعُ لِكُلِّ سِلْعَةٍ مِنْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الثَّمَنِ يَوْمَ وَقَعَتْ الصَّفْقَةُ ، وَمَنْ ابْتَاعَ صُبْرَةَ قَمْحٍ وَصُبْرَةَ شَعِيرٍ جِزَافًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ صُبْرَةٍ خَمْسِينَ دِينَارًا وَثِيَابًا أَوْ رَقِيقًا عَلَى أَنَّ لِكُلِّ عَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مِنْ

الثَّمَنِ كَذَا فَاسْتُحِقَّتْ إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ أَوْ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ أَوْ أَحَدُ الثِّيَابِ ، فَإِنَّ الثَّمَنَ يُقْسَمُ عَلَى جَمِيعِ الصَّفْقَةِ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا سَمَّيَا مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبِعْ هَذِهِ بِكَذَا إلَّا عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِكَذَا قَبَضَهَا يَحْمِلُ بَعْضًا .
مُحَمَّدٌ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْحِصَّةِ الَّتِي قَابَلَتْ مِنْهُ الْمُسْتَحَقَّ ، أَرَادَ مِثْلَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَبْدًا وَقَدْ اسْتَحَقَّ رُبُعَ الصَّفْقَةِ فَيَرْجِعُ بِرُبُعِ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَلَا يَرْجِعُ فِي عَيْنِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَ عَيْبًا بِبَعْضِ الصَّفْقَةِ .

وَلَهُ رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ اُسْتُحِقَّ أَفْضَلُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ كَأَنْ صَالَحَ عَنْ عَيْبٍ بِآخَرَ ، وَهَلْ يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ يَوْمَ الصُّلْحِ أَوْ يَوْمَ الْبَيْعِ ؟ تَأْوِيلَانِ

( وَ ) إنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاسْتُحِقَّ أَجْوَدُهُمَا فَ ( لَهُ ) أَيْ الْمُبْتَاعِ ( رَدُّ أَحَدِ عَبْدَيْنِ ) اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَ ( اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ( أَفْضَلُهُمَا ) وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ ، فَلَعَلَّ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ بِجَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَمَا تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الْحَطّ كَذَا قَالَ أَبُو سَعِيدٍ فِي تَهْذِيبِهِ ، وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا بِحُرِّيَّةٍ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ كَانَ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجَّهَهَا لَزِمَهُ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ .
أَبُو الْحَسَنِ لَيْسَ فِي الْأُمَّهَاتِ فَلَهُ رَدُّ الْبَاقِي ، وَإِنَّمَا رَدَّ الْبَاقِيَ فَهَذِهِ مُتَعَقَّبَةٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ فَهُوَ كَقَوْلِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ .
ا هـ .
وَمَا وَرَدَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ ( بِحُرِّيَّةٍ ) لَا مَفْهُومَ لَهُ إذْ اسْتِحْقَاقُ أَحَدِهِمَا بِرَقَبَةٍ كَذَلِكَ وَقَدْ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ فَكَالْعَيْبِ ، وَإِنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا صَفْقَةٌ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا فَتُرَدُّ كُلُّهَا وَلَمْ تُرَدَّ كُلُّهَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
" غ " كَذَا فَرْضُ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
أَبُو الْحَسَنِ لَمْ يَرَهُ مِنْ بَابِ صَفْقَةٍ جَمَعَتْ حَلَالًا وَحَرَامًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ ، فَجَعَلَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ الْعُيُوبِ وَكَذَا مَنْ اشْتَرَى شَاتَيْنِ مَذْبُوحَتَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا غَيْرَ زَكِيَّةٍ أَوْ قُلَّتَيْ خَلٍّ فَوَجَدَ إحْدَاهُمَا خَمْرًا ، أَوْ دَارًا فَوَجَدَ بَعْضَهَا حَبْسًا مَقْبَرَةً أَوْ غَيْرَهَا .
ا هـ .
فَكَأَنَّهُ قَصَدَ الْوَجْهَ

الْمُشْكِلَ .
وَشَبَّهَ بِمَا تَقَدَّمَ فِي التَّفْصِيلِ فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ بَيْنَ كَوْنِهِ وَجَّهَ الصَّفْقَةَ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَكَوْنِهِ غَيْرَ وَجَّهَهَا فَيَجُوزُ ذَلِكَ فَقَالَ : ( كَأَنْ ) اشْتَرَى عَبْدًا مَثَلًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ يُبِيحُ رَدَّهُ فَأَرَادَ رَدَّهُ فَ ( صَالَحَ ) الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ ( عَنْ عَيْبٍ ) ظَهَرَ فِي الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ ( بِ ) عَبْدٍ ( آخَرَ ) مَثَلًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّهُمَا بِيعَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُمَا وَجَّهَهَا فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَإِلَّا جَازَ .
" غ " وَالْحَطّ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَأَنْ صَالَحَ بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ ، فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَالْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَصَالَحَ عَنْهُ بِعَبْدٍ آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا كَحُكْمِ اشْتِرَائِهِمَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَأَصَابَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ عَنْ الْعَيْبِ بِعَبْدٍ آخَرَ دَفَعَهُ إلَيْهِ جَازَ ، وَكَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَلْيُفِضْ الثَّمَنَ عَلَيْهِمَا وَيَنْظُرُ هَلْ هُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي فِيمَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ فِي صَفْقَةٍ .
وَشَبَّهَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِتِلْكَ كَمَا فِي تَهْذِيبِ أَبِي سَعِيدٍ إلَّا أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَيَكُونُ فِي هَذِهِ أَيْضًا كَذَلِكَ ، وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَصَالَحَ مِنْهُ عَلَى عَبْدٍ آخَرَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَسَبِيلُهُمَا سَبِيلُ مَا اشْتَرَى فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، يُرِيدُ إنْ كَانَا مُتَكَافِئَيْنِ أَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَدْنَى وَرَجَعَ بِمَا يَنُوبُ الْمُسْتَحِقَّ ، وَلَزِمَ

الْآخَرَ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ الْأَوَّلَ أَوْ الْآخَرَ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَجْوَدُ رُدَّ الْآخَرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَهَلْ يُقَوَّمُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُثْقَلًا أَيْ يُعْتَبَرُ الْعَبْدُ ( الْأَوَّلُ ) الْمُشْتَرَى بِصِفَاتِهِ ( يَوْمَ الصُّلْحِ ) مَعَ تَقْوِيمِ الْمُصَالِحِ بِهِ يَوْمَهُ .
عِيَاضٌ لِأَنَّهُ يَوْمُ تَمَامِ قَبْضِهِمَا وَقَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ ( أَوْ ) يُقَوَّمُ الْأَوَّلُ ( يَوْمَ الْبَيْعِ ) وَالثَّانِي يَوْمَ الصُّلْحِ ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ فِي الْجَوَابِ ( تَأْوِيلَانِ ) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا كَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ ، وَعَابَ أَبُو عِمْرَانَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ فَقَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيهَا فِيهِمَا كَأَنَّهُمَا فِي صَفْقَةٍ ، وَهُوَ قَالَ فِي صَفْقَتَيْنِ .

وَإِنْ صَالَحَ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ مُدَّعِيهِ : رَجَعَ فِي مُقِرٍّ بِهِ لَمْ يَفُتْ ، وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ : كَإِنْكَارٍ عَلَى الْأَرْجَحِ ، لَا إلَى الْخُصُومَةِ

( وَإِنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ ) وَ ( صَالَحَ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُدَّعِيَ بِشَيْءٍ ( وَاسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ ( مَا ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ الَّذِي ( بِيَدِ مُدَّعِيهِ ) أَيْ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( رَجَعَ ) الْمُدَّعِي عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( فِي ) شَيْءٍ مُعَيَّنٍ ( مُقَرٍّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ ( بِهِ ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ ( لَمْ يَفُتْ ) الْمُقِرَّ بِهِ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ وَلَا ذَاتٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ ( وَإِلَّا ) لَمْ يَفُتْ بِأَنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ ( فَ ) يَرْجِعُ الْمُدَّعِي ( فِي عِوَضِهِ ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ الْمُعَيَّنِ وَهُوَ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ رَجُلٍ ثُمَّ اصْطَلَحَ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ فَاسْتُحِقَّ مَا أَخَذَ الْمُدَّعِي فَلْيَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ فَلْيَأْخُذْ مِنْهُ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ ، فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ .
ابْنُ يُونُسَ تَحْصِيلُهُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي شَيْئِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ كَالْبَيْعِ ، فَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْعِوَضِ لِشُمُولِهِ الْقِيمَةَ وَالْمِثْلَ .
وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بِالْعِوَضِ فَقَالَ ( كَ ) ادِّعَائِهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِيَدِ آخَرَ فَأَنْكَرَهُ وَصَالَحَهُ عَلَى ( إنْكَارٍ ) بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْمُصَالَحُ بِهِ فَلِلْمُدَّعِي الرُّجُوعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا ، وَمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ( عَلَى الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ .
" ق " سَحْنُونٌ إنْ اُسْتُحِقَّ مَا قَبَضَ الْمُدَّعِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ فَلْيَرْجِعْ بِقِيمَةِ مَا قَبَضَ أَوْ مِثْلِهِ إنْ وُجِدَ لَهُ مِثْلٌ .
ابْنُ اللَّبَّادِ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ

أَصْحَابِنَا أَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ إلَى الْخُصُومَةِ .
ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ قَوْلُ سَحْنُونٍ لِأَنَّ الرُّجُوعَ لِلْخُصُومَةِ غَرَرٌ ، إذْ لَا يَدْرِي مَا يَصِحُّ لَهُ إنْ رَجَعَ لَهَا فَلَا يَرْجِعْ مِنْ مَعْلُومٍ إلَى مَجْهُولٍ ، وَيَكُونُ كَمَنْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَجَبَ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ، إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ ، فَكَذَا هُنَا .
الْحَطّ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ كَالْإِنْكَارِ عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ وَإِنْ فَاتَ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِتَغَيُّرِ بَدَنٍ أَوْ سُوقٍ فَيَرْجِعُ فِي عِوَضِهِ أَيْ عِوَضِ الشَّيْءِ الْمُقَرِّ بِهِ ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْإِنْكَارِ بِعِوَضِ الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ ، وَهَذَا يُفَرِّقُهُ ذِهْنُ الطَّالِبِ لِأَنَّهُ فِي الْإِقْرَارِ ثَبَتَ الشَّيْءُ لَهُ ، وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَلَمْ يَثْبُتْ ، فَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ عِوَضَ الْمُصَالَحِ بِهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَ ( لَا ) يَرْجِعُ ( إلَى الْخُصُومَةِ ) لِلْغَرَرِ كَمَا تَقَدَّمَ طفي رَامَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كُلِّهَا اخْتِصَارَ الْمُدَوَّنَةِ ، فَلَمْ تُسَاعِدْهُ الْعِبَارَةُ ، فَلَوْ قَالَ فَفِي قِيمَتِهِ لَطَابَقَ قَوْلَهَا ، فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ أَخَذَ قِيمَتَهُ .
ا هـ .
وَلَا نَقَلَ " ق " لَفْظَهَا قَالَ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ وَإِلَّا فَفِي عِوَضِهِ .
وَقَالَ " غ " لَا يَخْلُو هَذَا الْكَلَامُ مِنْ نَظَرٍ ، لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ الْفَائِتِ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ ، وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ ، فَهَذَا صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ ، وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ تَشْبِيهُ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ بِهِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِعِوَضِهِ عَرْضَ الْمُسْتَحَقِّ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فِي نَفْسِهِ ، وَلَكِنَّ تَشْبِيهَ مَسْأَلَةِ الْإِنْكَارِ بِهِ صَحِيحٌ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ

، وَقَدْ أَشَارَ الْحَطّ لِدَفْعِ اسْتِشْكَالِ " غ " بِتَقْرِيرِهِ السَّابِقِ وَقَوْلِهِ وَهَذَا يُفَرِّقُهُ ذِهْنُ الطَّالِبِ إلَخْ ، وَتَبِعَهُ " ز " وَهُوَ ظَاهِرٌ وَإِنْ قَالَ الْبُنَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَمَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فَفِي الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ ، وَإِلَّا فَبِقِيمَتِهِ ، وَفِي الْإِقْرَارِ لَا يَرْجِعُ : كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ ، لَا إنْ قَالَ دَارِهِ ؛

( وَ ) إنْ اُسْتُحِقَّ ( مَا ) أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ الَّذِي ( بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَفِي ) الصُّلْحِ عَلَى ( الْإِنْكَارِ يَرْجِعُ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي ( بِمَا ) أَيْ عَيْنِ الْمُصَالَحِ بِهِ الَّذِي ( دَفَعَ ) هـ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي إنْ لَمْ يَفُتْ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ ذَاتٍ ( فَ ) يَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي ( بِقِيمَتِهِ ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصُّلْحِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ .
( وَ ) إنْ اُسْتُحِقَّ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( فِي ) الصُّلْحِ عَلَى ( الْإِقْرَارِ ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ ( لَا يَرْجِعُ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْمُدَّعِي ( بِشَيْءٍ ) لِإِقْرَارِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعِي الْأَوَّلِ الَّذِي صَالَحَهُ ، وَأَنَّ الْمُدَّعِيَ الثَّانِيَ ظَلَمَهُ فِيهِ .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلْيَرْجِعْ بِمَا دَفَعَ إنْ لَمْ يَفُتْ ، فَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ وَهُوَ عَرْضٌ أَوْ حَيَوَانٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ .
أَشْهَبُ وَإِنْ اصْطَلَحَا عَلَى الْإِقْرَارِ فَاسْتُحِقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ فَلْيَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ .
الطَّحَاوِيُّ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي ، وَإِنَّمَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا .
قَالَ وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ .
أَبُو الْحَسَنِ وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ ، وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ تَأْخُذُ النُّسْخَةَ وَتَرْجِعُ عَلَى بَائِعِك بِالثَّمَنِ أَوْ تُخَاصِمْ ، ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَك .
ا هـ .
الْحَطّ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ إلَخْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِي مَعْنَى الْحُكَّامِ إذَا أَعْذَرَ

لِلَّذِي أَلْقَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ لَا حُجَّةَ لِي إلَّا أَنْ أَرْجِعَ عَلَى مَنْ بَاعَ ، فَإِنْ ادَّعَى مَطْعَنًا فِي الشُّهُودِ أُجِّلَ فَإِنْ عَجَزَ حُكِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أُعْذِرَ لَهُ فِيهَا ، فَإِذَا طَعَنَ فِيهَا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا ، وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ مِنْهُ شَيْءٌ وَادَّعَى فِيهِ دَافِعًا وَعَجَزَ عَنْهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ فَقَالَ ( كَعِلْمِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي شَيْئًا وَاسْتُحِقَّ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ ( صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ ) الَّذِي بَاعَهُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ بِمَا ذُكِرَ فَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ .
عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ لِتَحَقُّقِهِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ ظَلَمَهُ ، قَالَ غَيْرُهُمَا لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ ( لَا ) يَنْتَفِي رُجُوعُ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِثَمَنِ الْمُسْتَحَقِّ ( إنْ قَالَ ) الْمُشْتَرِي حَالَ قِيَامِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ هَذِهِ ( دَارُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ لِأَنَّ هَذَا لَا يُفِيدُ عِلْمُهُ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ .
" ق " الْمُتَيْطِيُّ مَنْ ابْتَاعَ مِلْكًا وَعَلِمَ صِحَّةَ تَمَلُّكِ بَائِعِهِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ تَحْوِيرُهُ لَهُ وَلَا إنْزَالُهُ فِيهِ ، فَإِنْ دَفَعَهُ عَنْهُ دَافِعٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَقَوْلُنَا ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ مَثَلًا أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْبَائِعِ بِأَنْ يُقَالَ دَارُهُ لِاخْتِلَافِهِمْ فِيهَا ، فَقِيلَ إذَا أُضِيفَ ذَلِكَ إلَيْهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ الْمُبْتَاعِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إقْرَارٌ بِتَحَقُّقِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ .
وَقَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ الَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِنْ أَضَافَ الْمَبِيعَ إلَيْهِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا مَضَى عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي عَقْدِ الْوَثَائِقِ يَفْتَتِحُونَهَا بِاشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ

فُلَانٍ مَا حَوَتْهُ أَمْلَاكُهُ ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إضَافَةِ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ إقْرَارٌ مِنْ الْمُبْتَاعِ بِتَمَلُّكِ الْبَائِعِ لَهُ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ دَارُهُ بِزَعْمِهِ ، وَلَوْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ صَرَّحَ بِتَمْلِيكِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ رِوَايَتَانِ ، وَاَلَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ الرُّجُوعُ هَذَا فِي صَرِيحِ الْإِقْرَارِ ، فَكَيْفَ فِي هَذِهِ الْإِضَافَةِ الَّتِي لَا تَحْتَمِلُهُ إلَّا بِبُعْدٍ .
وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ غَيْرُ الْأُصُولِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالْعُرُوضِ تُكْتَبُ فِي اسْتِحْقَاقِهَا يُعَرِّفُ شُهُودَهُ أَنَّهُ مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ حَتَّى الْآنِ ، فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ ذَلِكَ عَنْ مِلْكِهِ ، فَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِرْعَاءُ وَالْيَمِينُ أَعْذِرُ إلَى الَّذِي أَلْقَى ذَلِكَ بِيَدِهِ ، فَإِنْ ادَّعَى مِدْفَعًا أَجَّلَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُ إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى حَلِّ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ أَكْذَبَ مَا ثَبَتَ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ مِدْفَعًا رَجَعَ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ مِنْهُ وَتُكْتَبُ أَعْذَرَ إلَى فُلَانٍ فِيمَا ثَبَتَ فَقَالَ لَا مَقَالَ لِي فِي ذَلِكَ وَلَا مِدْفَعَ إلَّا الرُّجُوعُ عَلَى مَنْ ابْتَعْتُ مِنْهُ .

وَفِي عَرْضٍ بِعَرْضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ ، إلَّا نِكَاحًا وَخُلْعًا ، وَصُلْحَ عَمْدٍ ، وَمُقَاطَعًا بِهِ عَنْ عَبْدٍ أَوْ مُكَاتَبٍ أَوْ عُمْرَى ؛

( وَ ) إنْ بِيعَ عَرْضٌ بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا فَيَرْجِعُ الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ ( فِي ) بَيْعِ ( عَرْضٍ ) بِسُكُونِ الرَّاءِ فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ كَعَبْدٍ ( بِعَرْضٍ ) كَجَمَلٍ ( بِمَا ) أَيْ الْعَرْضِ الَّذِي ( خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ) أَيْ الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ إنْ لَمْ يَفُتْ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ ( أَوْ ) بِ ( قِيمَتِهِ ) أَيْ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إنْ فَاتَ وَكَانَ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ ، وَإِلَّا فَبِمِثْلِهِ " ق " لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ بَاعَ عَبْدًا بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا مِنْ يَدِ مُبْتَاعِهِ أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي عَبْدِهِ الَّذِي أَعْطَاهُ فَيَأْخُذُهُ إنْ وُجِدَ ، وَإِنْ فَاتَ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا قِيمَتُهُ يَوْمَ الصَّفْقَةِ وَلَا يَجْتَمِعُ لِأَحَدٍ فِي هَذَا خِيَارٌ فِي أَخْذِ السِّلْعَةِ أَوْ قِيمَتِهَا .
أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى يَوْمُ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ الْهِبَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ الرُّجُوعِ بِمَا خَرَجَ أَوْ قِيمَتِهِ فَقَالَ : ( إلَّا نِكَاحًا ) أَصْدَقَهَا فِيهِ عَرْضًا ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى زَوْجِهَا بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ لَا بِبَعْضِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ وَصَدَاقِ مِثْلِهَا بَعْدَهُ ( وَ ) إلَّا ( خُلْعًا ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ طَلَاقًا بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ عَلَى دَافِعِ الْعَرْضِ بِقِيمَتِهِ لَا بِالْعِصْمَةِ وَلَا بِخُلْعِ الْمِثْلِ .
" ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ بِشِقْصٍ مِنْ دَارٍ فَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَهُ فَلْيَأْخُذْهُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ لَا بِصَدَاقِ مِثْلِهَا وَمَنْ نَكَحَ بِعَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهَا تَرُدُّهُ وَتَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِقِيَمِهِ الْعَبْدِ لَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا ، وَتَبْقَى زَوْجَةً لَهُ وَالْخُلْعُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ .
أَشْهَبُ سَوَاءٌ اُسْتُحِقَّ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ

بِقِيمَتِهِ .
( وَ ) إلَّا ( صُلْحَ ) جَانٍ مَجْنِيًّا عَلَيْهِ أَوْ وَلِيَّهُ عَنْ جُرْحٍ أَوْ قَتْلٍ ( عَمْدٍ ) لَا دِيَةَ لَهُ مُقَدَّرَةٌ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ بِعَرْضٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ الرُّجُوعُ عَلَى الْجَانِي بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ ، وَلَا يَرْجِعُ لِلْقِصَاصِ " ق " فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ صَالَحَ عَنْ دَمِ عَمْدٍ عَلَى عَبْدٍ جَازَ ذَلِكَ ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْعَبْدُ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ لِعِوَضِهِ وَلَا سَبِيلَ إلَى الْقَتْلِ ( أَوْ ) عَرْضًا ( مُقَاطَعًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بِهِ عَنْ ) عِتْقِ ( عَبْدٍ ) قِنٍّ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ فَلِلسَّيِّدِ الرُّجُوعُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ إلَى مِلْكِ الْعَبْدِ " ق " وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ فَالْعِتْقُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ ، وَهَذَا بَيِّنٌ لَا شَكَّ فِيهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَالٌ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ .
ا هـ .
اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ .
وَنَقَلَ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ رَجَعَ إلَى رُجُوعِ السَّيِّدِ عَلَى عَبْدِهِ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ ، وَعَلَى هَذَا يَنْزِلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( أَوْ ) عَرْضًا مُقَاطَعًا بِهِ عَنْ كِتَابَةِ ( مُكَاتَبٍ ) ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَلِسَيِّدِهِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَرْضِ عَلَيْهِ لَا بِنُجُومِ الْكِتَابَةِ .
" ق " فِيهَا لِمَالِكٍ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عَرْضٍ مَوْصُوفٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَقَبَضَهُ وَأَعْتَقَ الْعَبْدَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مَا دَفَعَ الْعَبْدُ مِنْ ذَلِكَ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَرُدَّ الْعِتْقَ ، وَلَكِنْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ ذَلِكَ .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ قَاطَعَ سَيِّدُهُ عَلَى عَبْدٍ فَاسْتُحِقَّ فَلْيَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ .
الْحَطّ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ

وَإِذَا بِعْت عَبْدَك مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَةٍ لَهُ فَقَبَضْتهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْت بِهَا عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَك رَدُّهَا عَلَيْهِ ، وَكَأَنَّك انْتَزَعْتَهَا مِنْهُ وَأَعْتَقْته ، وَلَوْ بِعْته نَفْسَهُ بِهَا وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ رَجَعْت عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَتِهِ كَمَا لَوْ قَاطَعْت مَكَاتِبُك عَلَى أَمَةٍ فِي يَدَيْهِ فَقَبَضْتهَا وَأَعْتَقْته وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْت بِهَا عَيْبًا فَإِنَّك تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا ، وَهَذَا كَالنِّكَاحِ بِهَا ، بِخِلَافِ الْبُيُوعِ ا هـ .
قَوْلُهُ وَلَوْ بِعْته بِهَا نَفْسَهُ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ .
ابْنُ يُونُسَ قَالَ يَحْيَى وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ ، وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَاطَعْت مُكَاتَبَك إلَخْ .
أَرَادَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَجُوزُ أَنْ يُقَاطِعَ الْمُكَاتَبَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدِهِ ، فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ فَلَا خِلَافَ فِي هَذَا لِأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ ، فَهُوَ بِخِلَافِ الْقِنِّ .
وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ فِي صِفَتِهِ .
ابْنُ يُونُسَ فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَفِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ا هـ .
وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ مَعَ بَقِيَّةِ النَّظَائِرِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُعَيَّنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَعَلَّ الصَّوَابَ عَلَى الْمُعَيَّنِ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَقَطْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فِي يَدِهِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، وَلِقَوْلِ الْبُنَانِيِّ فِي أَوَّلِ الْقَوْلَةِ ، وَإِنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا قَاطَعَهُ عَلَى عَبْدٍ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَبَعْدُ فَلَعَلَّهُ خَاصٌّ بِالْمُقَاطَعَةِ لِلْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَإِلَّا فَقَدْ

نَصُّوا عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ مُعَيَّنٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لِغَرَرِهِ وَالْعَجْزِ عَنْ تَسْلِيمِهِ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .
( أَوْ ) عَرْضًا مُصَالَحًا بِهِ عَنْ ( عُمْرَى ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ مَقْصُورًا ، أَيْ مَنْفَعَةِ نَحْوِ الدَّارِ وَهَبَهَا مَالِكُهَا لِزَيْدٍ مَثَلًا حَيَاةَ الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ الْعَرْضُ الْمُصَالَحُ بِهِ ، أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ ، أَوْ كَانَ شِقْصًا فَأُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَلِلْمَوْهُوبِ لَهُ قِيمَةُ الْعَرْضِ عَلَى الْوَاهِبِ أَوْ الشَّافِعِ .
الْحَطّ أَرَادَ أَنَّ مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا حَيَاتَهُ دَارًا ثُمَّ أَعْطَى الْمُعَمِّرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ الثَّانِيَةِ الْمُعَمَّرَ بِفَتْحِهَا عَبْدًا عِوَضًا عَلَى مَا جَعَلَهُ لَهُ مِنْ الْعُمْرَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى رَجُلٌ عَبْدَ رَجُلٍ لِيَعْمُرَهُ دَارًا فَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْحَطّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ سِتَّ نَظَائِرَ ، وَالسَّابِعَةُ الصُّلْحُ عَنْ الْإِنْكَارِ إذَا اُسْتُحِقَّ .
الْعُتْبِيُّ الْمُصَالَحُ بِهِ .
الْخَرَشِيُّ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السَّبْعِ ، وَهِيَ النِّكَاحُ ، وَالْخُلْعُ ، وَصُلْحُ الْعَمْدِ عَنْ إقْرَارٍ ، وَصُلْحُهُ عَنْ الْإِنْكَارِ ، وَالْقُطَاعَةُ ، وَالْكِتَابَةُ ، وَالْعُمْرَى ، وَسَكَتَ عَنْ الْأَخْذِ فِيهَا بِالشُّفْعَةِ وَعَنْ الرَّدِّ فِيهَا بِعَيْبٍ ، وَقَدْ مَرَّتْ فِي بَابِ الصُّلْحِ نَثْرًا وَنَظْمًا ، فَهِيَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ أُنْفِذَتْ وَصِيَّةَ مُسْتَحَقٍّ بِرِقٍّ : لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ وَحَاجٌّ : إنْ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ ، وَأَخَذَ السَّيِّدُ مَا بِيعَ ، وَلَمْ يَفُتْ بِالثَّمَنِ : كَمَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ ، إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ ، وَمَا فَاتَ ، فَالثَّمَنُ : كَمَا لَوْ دَبَّرَ ، أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ .

( وَإِنْ ) نَزَلَ عَبْدٌ بِبَلَدٍ مُدَّعِيًا الْحُرِّيَّةَ وَأَوْصَى بِتَفْرِقَةِ مَالٍ وَحَجٍّ عَنْهُ ثُمَّ مَاتَ وَ ( أُنْفِذَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْفَاءِ ( وَصِيَّةُ ) شَخْصٍ ( مُسْتَحَقٍّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بِرِقٍّ ) لِشَخْصٍ بَعْدَ مَوْتِهِ صُورَتُهَا أَنَّ شَخْصًا نَزَلَ بِبَلَدٍ وَادَّعَى أَنَّهُ حُرٌّ وَأَوْصَى بِوَصِيَّةٍ وَمَاتَ فَأُنْفِدَتْ وَصِيَّتَهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ بِرَقَبَتِهِ لَهُ ( لَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ ) أَنْفَذَ وَصِيَّتَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ مَا أَنْفَذَهُ وَصَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ ( وَ ) لَمْ يَضْمَنْ شَخْصٌ ( حَاجٌّ ) حَجَّ نِيَابَةً عَنْهُ بِأُجْرَةٍ بِإِيصَائِهِ بِهِ مَا أَنْفَقَهُ فِي حَجِّهِ ( إنْ عُرِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمُسْتَحَقُّ بِالْفَتْحِ بِالْحُرِّيَّةِ بَيْنَ النَّاسِ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُعْرَفْ بِهَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَالْحَاجُّ لِتَصَرُّفِهِ فِي مَالٍ مُسْتَحِقٍّ بِالْكَسْرِ بِلَا إذْنٍ ، وَهُوَ كَذَلِكَ نَصَّ عَلَيْهِ الْبَاجِيَّ .
( وَأَخَذَ السَّيِّدُ ) اُسْتُحِقَّ بِكَسْرِ الْحَاءِ مَا وَجَدَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ وَ ( مَا بِيعَ ) مِنْهَا ( وَلَمْ يَفُتْ ) بِيَدِ مُشْتَرِيهِ ، وَصِلَةُ أَخَذَ ( بِالثَّمَنِ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فَيَدْفَعُهُ لِمُشْتَرِيهِ ، وَشَبَّهَ فِي النُّفُوذِ فَقَالَ ( كَ ) شَخْصٍ ( مَشْهُودٍ بِمَوْتِهِ ) فِي غَيْبَتِهِ بِيعَتْ تَرِكَتُهُ مِنْ رَقِيقٍ وَغَيْرِهِ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا فَيَنْفُذُ بَيْعُ مَا فَاتَ ( إنْ عُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ ) الشَّاهِدَةُ بِمَوْتِهِ بِأَنْ رَأَتْهُ صَرِيعًا فِي مَعْرَكَةِ الْقَتْلَى ، وَتُرَدّ لَهُ زَوْجَتُهُ وَيَأْخُذُ مَا وَجَدَهُ مِنْ مَتَاعِهِ لَمْ يُبَعْ ، وَمَا بِيعَ وَلَمْ يَفُتْ لَهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ ، وَمَا فَاتَ عِنْدَ مُبْتَاعِهِ بِتَغَيُّرِ بَدَنِهِ أَوْ عِتْقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ أَوْ تَدْبِيرِهِ أَوْ إيلَادِهِ مَضَى بَيْعُهُ وَيَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ بِأَنْ تَعَمَّدَتْ الزُّورَ ( فَ ) الْمُشْتَرِي مَتَاعَهُ ( كَالْغَاصِبِ ) فِي تَخْيِيرِ الْمَالِكِ بَيْنَ أَخْذِ شَيْئِهِ

وَإِجَازَةِ بَيْعِهِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ .
وَذَكَرَ مَفْهُومَ وَلَمْ يَفُتْ فَقَالَ ( وَمَا فَاتَ ) مِنْ مَتَاعِ مَنْ مَاتَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ بِرَقَبَتِهِ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ نَفَذَ بَيْعُهُ ( فَالثَّمَنُ ) الَّذِي بِيعَ بِهِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ ، وَمَثَّلَ لِلْفَوَاتِ فَقَالَ ( كَمَا لَوْ دَبَّرَ ) الْمُشْتَرِي الرَّقِيقَ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ ( أَوْ كَبِرَ ) بِكَسْرِ الْبَاءِ ( صَغِيرٌ ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي .
" ق " فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَوْصَى بِحَجٍّ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ مَاتَ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَأُنْفِذَتْ وَصِيَّتُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ رَقَبَتُهُ ، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا بِالْحُرِّيَّةِ فَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ وَلَا مُتَوَلِّي الْحَجَّ شَيْئًا ، وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مَا وَجَدَهُ قَائِمًا مِنْ تَرِكَتِهِ لَمْ يُبَعْ ، وَمَا بِيعَ وَهُوَ قَائِمٌ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ إلَّا بِثَمَنِهِ ، وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِيمَنْ شَهِدَ بِمَوْتِهِ بَيِّنَةٌ فَبِيعَتْ تَرِكَتُهُ وَتَزَوَّجَتْ زَوْجَتُهُ ثُمَّ قَدِمَ حَيًّا ، فَإِنْ ذَكَرَ الشُّهُودُ مَا يُعْذَرُونَ بِهِ فِي دَفْعِ الْكَذِبِ عَنْهُمْ مِثْلَ رُؤْيَتِهِ فِي مَعْرَكَةِ الْقَتْلَى صَرِيعًا فَيَنْظُرُونَ مَوْتَهُ أَوْ مَطْعُونًا ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ حَيَاتُهُ ، أَوْ شَهِدُوا عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِمْ فَهَذَا تُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ ، وَلَيْسَ لَهُ مِنْ مَتَاعِهِ إلَّا مَا وَجَدَهُ لَمْ يُبَعْ ، وَمَا بِيعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا .
وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ عَيْنُهُ بِيَدِ مُبْتَاعِهِ أَوْ تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ فِي بَدَنِهِ أَوْ فَاتَ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ فَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ كُلَّهُ ، فَإِنْ لَمْ تَأْتِ الْبَيِّنَةُ بِمَا تُعْذَرُ بِهِ مِنْ شُبْهَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِمْ فَذَلِكَ كَتَعَمُّدِهِمْ الزُّورَ ، فَلْيَأْخُذْ مَتَاعَهُ حَيْثُ وَجَدَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ

وَتُرَدُّ إلَيْهِ زَوْجَتُهُ ، وَلَهُ أَخْذُ مَا أُعْتِقَ مِنْ عَبْدٍ أَوْ كُوتِبَ أَوْ دُبِّرَ أَوْ كَبِرَ أَوْ أَمَةٍ أَوْ وَلَدَتْ فَلْيَأْخُذْهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَالْمَغْصُوبَةِ يَجِدُهَا بِيَدِ مُشْتَرٍ .
ابْنُ يُونُسَ يُشْبِهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَسْأَلَةُ مَنْ بَاعَ الْحَاكِمُ مَتَاعَهُ فِي دَيْنٍ ثَبَتَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ كَانَ دَفَعَهُ فَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ الَّذِي بِيعَ حَتَّى يَدْفَعَ ثَمَنَهُ لِمُبْتَاعِهِ .
ابْنُ يُونُسَ أَعْرِفُ أَنَّ كُلَّ مَا بَاعَهُ الْإِمَامُ يَظُنُّهُ لِرَجُلٍ ، فَإِذَا هُوَ لِغَيْرِهِ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ بِالثَّمَنِ أَصْلُهُ مَا بِيعَ فِي الْمَغَانِمِ .
الْبُنَانِيُّ وَبِنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ يَظْهَرُ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فِيهِ نَظَرٌ ، سَوَاءٌ أَعَدْته لِمَنْ وُجِدَ الْمَتَاعُ عِنْدَهُ أَوْ لِلْمُتَصَرِّفِ فِي الْمَالِ .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَمْ يَجْعَلْهُ فِيهَا كَالْغَاصِبِ كَمَا رَأَيْت إذْ لَوْ كَانَ كَهُوَ لَحُدَّ ، وَلَمْ يَلْحَقْ الْوَلَدُ بِهِ ، بَلْ هُوَ كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ، وَلِذَا أُلْحِقَ الْوَلَدُ بِهِ وَحُكْمُهُ فِيهَا بِأَخْذِ الْأَمَةِ ، وَقِيمَةِ الْوَلَدِ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ ، إذْ هُوَ الَّذِي أَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا الثَّانِي فَكَذَلِكَ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهَا كَالْمَغْصُوبَةِ يَجِدُهَا بِيَدِ الْمُشْتَرِي .
الْحُكْمُ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَكَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ لَأَجَادَ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( بَابٌ ) الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ

بَابٌ فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الشُّفْعَةِ وَأَحْكَامِهَا ( الشُّفْعَةُ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصْلُ فِي تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ الْجَاهِلَ كَانَ إذَا اشْتَرَى حَائِطًا أَوْ مَنْزِلًا أَوْ شِقْصًا مِنْ حَائِطٍ أَوْ مَنْزِلٍ أَتَاهُ الْمُجَاوِرُ أَوْ الشَّرِيكُ فَشَفَعَ إلَيْهِ أَنْ يُوَلِّيَهُ إيَّاهُ لِيَتَّصِلَ لَهُ الْمِلْكُ أَوْ يَنْدَفِعَ عَنْهُ الضَّرَرُ حَتَّى يُشَفِّعَهُ فِيهِ ، فَسُمِّيَ ذَلِكَ شُفْعَةً وَالْآخِذُ شَفِيعًا وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ مَشْفُوعًا عَلَيْهِ ، أَيْ حَقِيقَتُهَا شَرْعًا ( أَخْذُ شَرِيكٍ ) الْحَطّ تَمَامُ الرَّسْمِ قَوْلُهُ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللَّازِمُ اخْتِيَارًا بِمُعَاوَضَةٍ عَقَارًا بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ .
ا هـ .
وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّهَا أَخْذُ الشَّرِيكِ حِصَّةً جَبْرًا شِرَاءً ، وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَسْمٌ لِلْأَخْذِ بِهَا لَا لِمَاهِيَّتِهَا وَهِيَ غَيْرُ أَخْذِهَا لِأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُ وَلِنَقِيضِهِ وَهُوَ تَرْكُهَا ، وَالْمَعْرُوضُ لِشَيْئَيْنِ مُتَنَاقِضَيْنِ لَيْسَ عَيْنَ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا اجْتَمَعَ النَّقِيضَانِ ، وَرَسَمَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهَا اسْتِحْقَاقُ شَرِيكٍ أَخْذَهُ مَبِيعَ شَرِيكِهِ بِثَمَنِهِ ا هـ .
الْحَطّ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الشُّفْعَةِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ .
الْبُنَانِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الشُّفْعَةَ هِيَ الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ ، وَلَيْسَتْ مَعْرُوضَةً لَهُ وَلِلتَّرْكِ ، إذْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ أَنَّهُ شُفْعَةٌ .
قُلْت لَا خَفَاءَ فِي صِحَّةِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَكَلَامُهُمْ صَرِيحٌ فِيهِ ، وَتَعْلِيلُ عَدَمِ ظُهُورِهِ بِعَدَمِ صِدْقِ الشُّفْعَةِ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ بِهَا غَفْلَةٌ ظَاهِرَةٌ ، إذْ ابْنُ عَرَفَةَ صَرَّحَ بِأَنَّهَا لَا تُصَدَّقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْآخِذِ ، وَأَنَّهَا مَعْرُوضَةٌ لَهُمَا ، وَهَذَا ظَاهِرٌ لَا خَفَاءَ فِيهِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57