كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

مَا يَعْلَمُ الْأَمْنَ فِيهِ ، وَقَوْلُ مُطَرِّفٍ وَإِنْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ أَيْ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَتَخَلَّفَ الظَّنُّ .
وَأَمَّا الْقُدُومُ فَشَرْطُهُ ظَنُّ السَّلَامَةِ ضَرُورَةَ أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ مِنْ التَّعْزِيرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَنَّ فَاعِلَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تُوجِبُ الْحَدَّ لَا يَسْتَوْجِبُ الْحَدَّ فَضْلًا عَنْ الْقَتْلِ عَلَى أَنَّ اسْتِيجَابَ الْحَدِّ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِيجَابَ الْقَتْلِ ، بَلْ مِنْهُ مَا يَسْقُطُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَحَدِّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالْفِرْيَةِ وَزِنَا الْبِكْرِ فَاسْتِشْكَالُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَنْظِيرُ الْمُوَضِّحِ فِي شَرْطِ عِلْمِ السَّلَامَةِ وَتَعَقُّبُ طفي كُلُّ ذَلِكَ قُصُورٌ وَغَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ عَمَّا تَقَدَّمَ وَعَمَّا هُنَا ، وَالْكَمَالُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى .

كَطَبِيبٍ جَهِلَ ، أَوْ قَصَّرَ ، أَوْ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ ، وَلَوْ إذْنَ عَبْدٍ بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ ، أَوْ خِتَانٍ ؛

وَشَبَّهَ فِي ضَمَانِ مَا سَرَى فَقَالَ ( كَطَبِيبٍ جَهِلَ ) قَوَاعِدَ الطِّبِّ فَدَاوَى بِغَيْرِ عِلْمٍ وَأَتْلَفَ الْمَرِيضَ بِمُدَاوَاتِهِ أَوْ أَحْدَثَ بِهِ عَيْبًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ( أَوْ ) عَلِمَ قَوَاعِدَ التَّطْبِيبِ وَ ( قَصَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا فِي تَطْبِيبِهِ فَسَرَى لِلتَّلَفِ أَوْ التَّعْيِيبِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ( أَوْ ) عَلِمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ وَطَبَّبَ مَرِيضًا ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ فَأَتْلَفَهُ أَوْ عَيَّبَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ ( أَوْ ) طَبَّبَ بِإِذْنٍ ( غَيْرِ مُعْتَبَرٍ ) لِكَوْنِهِ مِنْ صَبِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ إذَا كَانَ الْإِذْنُ فِي قَطْعِ يَدٍ مَثَلًا ، بَلْ ( وَلَوْ إذْنَ ) مَنْ لَا يُعْتَبَرُ إذْنُهُ ( بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ ) فَأَدَّى إلَى تَلَفٍ أَوْ عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ .
ابْنُ رُشْدٍ تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا عَالَجَ الْمَرِيضَ فَسَقَاهُ فَمَاتَ مِنْ سَقْيِهِ ، أَوْ كَوَاهُ فَمَاتَ مِنْ كيه ، أَوْ قَطَعَ مِنْهُ شَيْئًا فَمَاتَ مِنْ قَطْعِهِ ، أَوْ خَتَنَ الْحَجَّامُ الصَّبِيَّ فَمَاتَ مِنْ خَتْنِهِ ، أَوْ قَلَعَ ضِرْسَ الرَّجُلِ فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي مَالِهِ وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ إنْ لَمْ يُخْطِئَا فِي فِعْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْ السُّلْطَانِ إلَى الْأَطِبَّاءِ وَالْحَجَّامِينَ أَنْ لَا يَقْدَمُوا عَلَى مَا فِيهِ غَرَرٌ إلَّا بِإِذْنِهِ فَفَعَلُوهُ بِلَا إذْنِهِ فَنَشَأَ مِنْهُ مَوْتٌ أَوْ تَلَفُ حَاسَّةٍ أَوْ عُضْوٍ فَعَلَيْهِمْ الضَّمَانُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقَالَ ابْنُ دَحُونٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا مَا دُونَ الثُّلُثِ ، وَهَذَا خِلَافُ الرِّوَايَةِ .
وَإِنْ أَخْطَأَ كَأَنْ سَقَى الْمَرِيضَ مَا لَا يُوَافِقُ مَرَضَهُ فَمَاتَ أَوْ زَلَّتْ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ الْقَاطِعِ فَتَجَاوَزَ فِي الْقَطْعِ أَوْ الْكَاوِي فَتَجَاوَزَ فِي الْكَيِّ فَمَاتَ مِنْهُ ، أَوْ قَلَعَ الْحَجَّامُ غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِقَلْعِهِ فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يَغِرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ

عَنْهُ " فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ، وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ قَوْلُ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ وَظَاهِرُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي الْمَجْمُوعَةِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إنْ أَمَرَهُ عَبْدٌ أَنْ يَخْتِنَهُ أَوْ يَحْجِمَه أَوْ يَقْطَعَ عِرْقَهُ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدٌ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ فَعَلَ فِعْلًا يَجُوزُ لَهُ مِنْ طَبِيبٍ وَشِبْهِهِ فَتَوَلَّدَ مِنْهُ الْهَلَاكُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَوْ أَخْطَأَ فِيهِ أَوْ فِي مُجَاوِرِهِ أَوْ قَصَّرَ فَالضَّمَانُ كَالْخَطَأِ .

وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ ؛

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَتَأْجِيجِ ) أَيْ إيقَادِ ( نَارٍ فِي يَوْمٍ ) أَيْ وَقْتِ رِيحٍ ( عَاصِفٍ ) أَيْ شَدِيدٍ فَأَحْرَقَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مَنْ أَجَّجَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْهَا مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضٍ نَارًا أَوْ مَاءً فَوَصَلَ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يَصِلَ ذَلِكَ إلَيْهَا فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ وُصُولُ ذَلِكَ إلَيْهَا لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ وَمَا قَتَلَتْ النَّارُ مِنْ نَفْسٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ مُرْسِلِهَا .
وَشَبَّهَ ابْنُ رُشْدٍ بِهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي رَجُلٍ طَبَخَ سُكَّرًا فِي قِدْرٍ سَتَرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِقَصَبٍ وَكَانَ صَبِيٌّ نَائِمًا خَلْفَ الْقَصَبِ لَا عِلْمَ لِلطَّابِخِ بِهِ فَفَارَتْ الْقَدْرُ بِمَا فِيهَا فَأَصَابَ الصَّبِيَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ سَحْنُونٍ مَا قَتَلَتْهُ النَّارُ يُنْظَرُ فِيهِ مَنْ يَجُوزُ لَهُ إيقَادُهَا وَمَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ .
قُلْت يُرِيدُ سُقُوطَ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَثُبُوتِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الثَّانِي .
أَشْهَبُ إنْ تَخَاوَفُوا عَلَى زُرُوعِهِمْ فَقَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَهَدَرٌ لَا دِيَةَ لَهُمْ عَلَى عَاقِلَةٍ وَلَا عَلَى غَيْرِهَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ سُئِلَ ابْنُ كِنَانَةَ عَمَّنْ أَشْعَلَ نَارًا فِي حَائِطٍ فَعَدَتْ عَلَى غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْهُ مِنْ زَرْعٍ أَوْ حَائِطٍ أَوْ مَسْكَنٍ أَوْ غَيْرِهَا فَقَالَ عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَشْعَلَ فِيهِ لَا مَا عَدَتْ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُقَوَّمُ مِنْهُ خِلَافُ مَا فِي هَذَا الْأَصْلِ ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ عَدَمَ ضَمَانِهِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ كِنَانَةَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ الْمُتَعَدِّي ، وَالضَّمَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَصَدَهُ حَيْثُ أَوْقَدَ النَّارَ حِينَ هُبُوبِ الرِّيحِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ

الضَّمَانِ فِيمَا لَمْ يَقْصِدْهُ عَدَمُهُ فِيمَا قَصَدَهُ ، وَجَوَابُ ابْنِ كِنَانَةَ هُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ اللَّخْمِيِّ الْمَذْهَبَ خِلَافَ مُقْتَضَى نَقْلِ أَبِي حَفْصٍ عَنْهُ ، فَفِي كِتَابِ الدُّورِ مِنْهَا أَنَّ شَرْطَ رَبِّ الدَّارِ عَلَى مُكْتَرِيهَا أَنْ لَا يُوقِدَ فِيهَا نَارًا فَأَوْقَدَ الْمُكْتَرِي فِيهَا نَارًا لِخُبْزِهِ فَأَحْرَقَتْ الدَّارَ ضَمِنَ .
اللَّخْمِيُّ إنْ أَحْرَقَتْ الدَّارَ وَغَيْرَهَا ضَمِنَ الدَّارَ الْمُكْتَرَاةَ فَقَطْ إنْ كَانَ الْإِيقَادُ بِصِفَةِ لَوْ أَذِنَ رَبُّ الدَّارِ فِيهِ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ يَلِيهِ فِيهِ مَقَالٌ .
وَإِنْ كَانَ بِصِفَةٍ يَكُونُ لِجَارِهِ مَنْعُهُ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا احْتَرَقَ .
بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ أَحْرَقَتْ فُرْنُهُ دُورَ جِيرَانِهِ فَهُوَ غَيْرُ ضَامِنٍ أَنَّ هَذَا فَعَلَ مَا لَا يَجُوزُ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ لَوْلَا الشَّرْطُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي دَارِهِ لِسَارِقٍ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَا يَسْقُطُ فِيهَا مِنْ سَارِقٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ، وَمِثْلُهُ نَقْلُ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ .

وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ مَالٍ ، وَأُنْذِرَ صَاحِبُهُ ، وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ

وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الضَّمَانِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ أَيْضًا فَقَالَ ( وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ ) أَيْ حَائِطٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ ( مَالَ ) أَيْ حَدَثَ مَيَلَانُهُ مَيَلَانًا غَيْرَ ظَاهِرٍ بَعْدَ بِنَائِهِ مُسْتَقِيمًا فَإِنْ كَانَ بَنَاهُ مَائِلًا فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا ( وَأُنْذِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُعْلِمَ بِمَيَلَانِهِ وَطُلِبَ بِإِصْلَاحِهِ ( صَاحِبُهُ ) وَأُشْهِدَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّنْ لَهُ النَّظَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَدَارَكْهُ وَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ، فَإِنْ ظَهَرَ مَيَلَانُهُ وَتَرَاخَى فِي إصْلَاحِهِ حَتَّى سَقَطَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ لَمْ يُنْذَرْ ( وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ ) بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ تَرْمِيمُهُ أَوْ هَدْمُهُ أَوْ إسْنَادُهُ فِيهِ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى سَقَطَ ، فَإِنْ لَمْ يَمِلْ أَوْ لَمْ يُنْذَرْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُهُ بَعْدَ الْإِنْذَارِ بِأَنْ سَقَطَ عَقِبَهُ بِلَا تَأَخُّرٍ يُمْكِنُ فِيهِ تَدَارُكُهُ فَلَا يَضْمَنُ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُعْتَبَرُ الْإِشْهَادُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ مَنْ لَهُ النَّظَرُ .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ صَاحِبُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ مَثَلًا لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانَهُ إذْ لَيْسَ لَهُ هَدْمُهُ بِدُونِ إذْنِ صَاحِبِهِ وَالضَّمَانُ فِي مَالِ صَاحِبِهِ .
وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَعَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَضْمَنُ حَتَّى يَقْضِيَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ بِهَدْمِهِ وَلَا يَفْعَلُهُ ، وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ حَتَّى يَبْلُغَ حَدًّا يَجِبُ عَلَيْهِ هَدْمُهُ فِيهِ لِشِدَّةِ مَيَلَانِهِ وَيَتْرُكُهُ فَيَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إشْهَادٌ وَحُكْمٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ مَنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ عَلَى رَأْسِ إنْسَانٍ فَلَا يَضْمَنُهُ ، وَكَذَا الظُّلَّةُ وَالْعَسْكَرُ .
قُلْت هُوَ قَوْلُهَا مَعَ غَيْرِهَا وَمَا شَرَعَ الرَّجُلُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِيزَابٍ أَوْ ظُلَّةٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ سَرْبٍ لِلْمَاءِ

أَوْ لِلرِّيحِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ ، أَوْ حَفَرَ شَيْئًا يَجُوزُ لَهُ فِي دَارِهِ أَوْ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ بِئْرًا لِمَطَرٍ أَوْ مِرْحَاضٍ إلَى جَانِبِ حَائِطِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا عَطِبَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ .
وَفِيهَا وَالْحَائِطُ الْمَخُوفُ إذَا أُشْهِدَ عَلَى رَبِّهِ بِهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ أَحَدٌ فَرَبُّهُ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدُوا عَلَيْهِ فَلَا يَضْمَنُ .
قُلْت فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الْمَائِلِ لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَأَحْرَى فِي غَيْرِ الْمَائِلِ .
الصِّقِلِّيُّ لِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ إنْ بَلَغَ مَا لَا يَجُوزُ لِرَبِّهِ تَرْكُهُ لِشِدَّةِ مَيْلِهِ وَالتَّغْرِيرِ فِيهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ ضَامِنٌ لِمَا أُصِيبَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ السُّلْطَانُ فِي هَدْمِ حَائِطٍ عَلَى حُسْنِ نَظَرٍ لِلرَّعِيَّةِ فَهُوَ ضَامِنٌ ، وَأَمَّا نَهْيُ النَّاسِ وَإِشْهَادُهُمْ فَلَيْسَ بِلَازِمٍ لَهُ .
وَحُكِيَ عَنْ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ إنْ أَنْكَرَ مَا قِيلَ مِنْ غَرِّ الْحَائِطِ اُحْتِيجَ إلَى التَّقَدُّمِ إلَيْهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِأَنَّ حَائِطَهُ مُخِيفٌ نَفَعَتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ دُونَ حُكْمٍ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ مَالَ وَلَمْ يُتَدَارَكْ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ وَجَبَ الضَّمَانُ فَجَعَلَ الْإِمْكَانَ شَرْطًا وَهُوَ صَوَابٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَنَاهُ مَائِلًا ضَمِنَ مُطْلَقًا وَاضِحٌ ، وَمَا صَنَعَهُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ مِنْ حَفْرِ بِئْرٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ وَنَحْوِهِ ضَمِنَ مَا أُصِيبَ بِذَلِكَ .

أَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ

( أَوْ عَضَّهُ ) أَيْ الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ مَعْصُومًا ( فَسَلَّ ) الْمَعْضُوضُ ( يَدَهُ فَقَلَعَ ) الْمَعْضُوضُ ( أَسْنَانَهُ ) أَيْ الْعَاضِّ .
الْحَطّ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ هَلْ دِيَةُ أَسْنَانِهِ أَوْ الْقَوَدُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ ضَمِنَ أَسْنَانَهُ عَلَى الْأَصَحِّ يَعْنِي دِيَةَ أَسْنَانِهِ وَالْأَصَحُّ عَبَّرَ عَنْهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْمَشْهُورِ ، وَنُقِلَ مُقَابِلُهُ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ أَظْهَرُ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ { رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ فَاخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَك } .
زَادَ أَبُو دَاوُد وَإِنْ شِئْت أَنْ تُمَكِّنَهُ مِنْ يَدِك فَيَعَضَّهَا ثُمَّ تَنْزِعَهَا مِنْ فِيهِ .
ابْنُ الْمَوَّازِ الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ مَالِكٌ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ لَمْ يُخَالِفْهُ ، وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُ شُيُوخِ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ الْمَعْضُوضَ لَمْ يُمْكِنْهُ النَّزْعُ إلَّا بِذَلِكَ ، وَحُمِلَ تَضْمِينُ الْأَصْحَابِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ النَّزْعُ بِرِفْقٍ بِحَيْثُ لَا تَنْقَلِعُ أَسْنَانُ الْعَاضِّ فَصَارَ مُتَعَدِّيًا فِي الزِّيَادَةِ فَلِذَلِكَ ضَمَّنُوهُ .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا دِيَةَ لَك } ، وَفِي رِوَايَةٍ فَأَبْطَلَهُ قَوْلُهُ هَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ فِي إسْقَاطِ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فِي ذَلِكَ ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِالْقِصَاصِ فِيمَا عَلِمْت ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الضَّمَانِ فَأَسْقَطَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا ، وَضَمَّنَهُ الشَّافِعِيُّ وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَنَزَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ عَلَى مَنْ أَمْكَنَهُ نَزْعُ يَدِهِ بِرِفْقٍ فَانْتَزَعَهَا بِعُنْفٍ .
وَحَمَلَ بَعْضُ

أَصْحَابِنَا الْحَدِيثَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مُتَحَرِّكَ الثَّنَايَا وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ صَحِيحٍ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْ صَرِيحِ الْحَدِيثِ ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ مِنْ مُوَافَقَةِ أَبِي حَنِيفَةَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَهُوَ أَعْرَفُ بِمَذْهَبِهِ .
وَفِي مُسْلِمٍ { مَا دَفَعَ يَدَك حَتَّى يَقْضَمَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا } .
الْقُرْطُبِيُّ هُوَ أَمْرٌ عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى { بِمَ تَأْمُرُنِي تَأْمُرُنِي أَنْ آمُرَهُ أَنْ يَدَعَ يَدَهُ فِي فِيك تَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ } ، فَمَعْنَاهُ أَنَّك لَا تَدَعُ يَدَك فِي فِيهِ يَقْضَمُهَا ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَأْمُرَ بِذَلِكَ .
ا هـ .
زَادَ النَّوَوِيُّ فَكَيْفَ تُنْكِرُ عَلَيْهِ نَزْعَ يَدِهِ مِنْ فِيك وَتَطْلُبُ بِمَا جَنَى فِي جَبْذَتِهِ .
وَيَقْضَمُهَا بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُضَارِعُ قَضِمَ بِكَسْرِهَا ، يُقَالُ قَضِمَتْ الدَّابَّةُ شَعِيرَهَا إذَا أَكَلَتْهُ بِأَطْرَافِ أَسْنَانِهَا .
وَخَضَمَتْهُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ إذَا أَكَلَتْهُ بِفِيهَا كُلِّهِ ، وَقِيلَ الْخَضْمُ أَكْلُ الرُّطَبِ ، وَالْقَضْمُ أَكْلُ الْيَابِسِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْحَسَنِ يَخْضِمُونَ وَيَقْضِمُونَ ، وَالْمَوْعِدُ الْقِيَامَةُ ، وَالْفَحْلُ ذَكَرُ الْإِبِلِ .

أَوْ نَظَرَ لَهُ مِنْ كَوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ فَالْقَوَدُ ، وَإِلَّا فَلَا :

( أَوْ نَظَرَ ) شَخْصٌ ( لَهُ ) أَيْ الشَّخْصِ الَّذِي فِي بَيْتِهِ الْمَغْلُوقِ عَلَيْهِ بَابُهُ ( مِنْ كَوَّةٍ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ طَاقَةٍ ( فَقَصَدَ ) الْمَنْظُورُ إلَيْهِ ( عَيْنَهُ ) أَيْ النَّاظِرِ بِرَمْيِهَا بِنَحْوِ حَصَاةٍ أَوْ نَخَسَهَا بِنَحْوِ عُودٍ فَفَقَأَهَا ( فَالْقَوَدُ ) أَيْ الْقِصَاصُ مِنْ عَيْنِ الْمَنْظُورِ لَهُ حَقٌّ لِلنَّاظِرِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْمَنْظُورُ عَيْنَ النَّاظِرِ بِأَنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ زَجْرِهِ فَصَادَفَ عَيْنَهُ ( فَلَا ) قَوَدَ عَلَى الْمَنْظُورِ وَفِي عَيْنِ النَّاظِرِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَنْظُورِ ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْحَطّ وَابْنِ مَرْزُوقٍ ، وَنَصُّ الْحَطّ هَذَا أَيْضًا مَعْطُوفٌ عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمَضْمُونَ أَيْضًا هَلْ هُوَ الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذِهِ كَاَلَّتِي قَبْلَهَا .
الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى لَوْ رَمَى إنْسَانٌ أَحَدًا يَنْظُرُ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ فَأَصَابَ عَيْنَهُ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا أَيْضًا فِي ذَلِكَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُمْ عَلَى إثْبَاتِ الضَّمَانِ وَأَقَلُّهُمْ نَفْيَهُ ، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَبِالثَّانِي الشَّافِعِيُّ ، فَأَمَّا نَفْيُهُ فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَوْ امْرُؤٌ اطَّلَعَ عَلَيْك بِغَيْرِ إذْنٍ فَحَذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْك جُنَاحٌ } ، وَأَمَّا إثْبَاتُهُ فَلِأَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إنْسَانٌ لِعَوْرَةِ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَسْتَبِيحُ فَقْءَ عَيْنِهِ ، فَالنَّظَرُ إلَيْهِ فِي بَيْتِهِ أَوْلَى أَنْ لَا يُسْتَبَاحَ بِهِ .
وَمَحْمَلُ الْحَدِيثِ عِنْدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ رَمَاهُ لِيُنَبِّهَهُ عَلَى أَنَّهُ فَطِنَ بِهِ أَوْ لِيَدْفَعَهُ عَنْ ذَلِكَ غَيْرَ قَاصِدٍ فَقْءَ عَيْنِهِ فَانْفَقَأَتْ عَيْنُهُ خَطَأً فَالْجُنَاحُ مُنْتَفٍ ، وَهُوَ الَّذِي نُفِيَ فِي الْحَدِيثِ .
وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَا ذِكْرَ لَهَا فِيهِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ

لِلْقُرْطُبِيِّ ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْقَائِلِينَ بِالضَّمَانِ يَقُولُونَ سَوَاءً قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ أَوْ لَا إلَّا أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ فَقْءَ عَيْنِهِ فَفِعْلُهُ جَائِزٌ ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الدِّيَةَ .
وَإِنْ قَصَدَ فَقْءَ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَضْمَنُ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْقَوَدَ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، فَفِي الْجَوَاهِرِ وَلَوْ نَظَرَ إلَى حَرِيمِ إنْسَانٍ مِنْ كَوَّةٍ أَوْ صِيرِ بَابٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ قَصْدُ عَيْنِهِ بِمِدْرَاةٍ أَوْ غَيْرِهَا ، وَفِيهِ الْقَوَدُ إنْ فَعَلَ ، وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الْإِنْذَارِ فِي كُلِّ دَفْعٍ ، وَإِنْ كَانَ الْبَابُ مَفْتُوحًا فَأَوْلَى أَنْ لَا يَجُوزَ قَصْدُ عَيْنِهِ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَعَلَى هَذَا فَالضَّمَانُ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ أَوْ نَظَرَ مِنْ كَوَّةٍ فَقَصَدَ عَيْنَهُ هُوَ الْقَوَدُ ، وَاَلَّذِي نُفِيَ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا هُوَ الْقَوَدُ أَيْضًا دُونَ الدِّيَةِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَالصِّيرُ بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ شَقُّ الْبَابِ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ .

كَسُقُوطِ مِيزَابٍ أَوْ بَغْتِ رِيحٍ لِنَارٍ : كَحَرْقِهَا قَائِمًا لِطَفْئِهَا
وَشَبَّهَ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الْمَنْفِيَّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ فَقَطْ ، وَأَمَّا ضَمَانُ الدِّيَةِ فَهُوَ ثَابِتٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت ، وَالنَّفْيُ فِي الْمُشَبَّهِ ضَمَانُ الْقَوَدِ وَالدِّيَةِ مَعًا فَقَالَ ( كَسُقُوطِ مِيزَابٍ ) مِنْ بَيْتٍ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَأَتْلَفَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُصَنِّفِ يَنْبَغِي إجْرَاءُ هَذَا عَلَى مَا سَبَقَ فِي الْجِدَارِ ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مَنْ سَقَطَ مِيزَابُهُ إلَخْ ( أَوْ بَغْتِ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَجْءِ ( رِيحٍ لِنَارٍ ) مُوقَدَةٍ وَقْتَ سُكُونِهَا فَأَشْعَلَتْهَا وَنَقَلَتْهَا حَتَّى أَحْرَقَتْ نَفْسًا أَوْ مَالًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مُوقِدِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا .
وَفِي نَفْيِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا فَقَالَ ( كَحَرْقِهَا ) أَيْ النَّارِ شَخْصًا ( قَائِمًا لِطَفْئِهَا ) خَوْفًا عَلَى نَفْسِهِ أَوْ بَيْتِهِ أَوْ زَرْعِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ مُوقِدُهَا وَتَقَدَّمَ قَوْلُ أَشْهَبَ لَوْ كَانُوا لَمَّا خَافُوا عَلَى زَرْعِهِمْ مِنْ النَّارِ قَامُوا لِرَدِّهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ فَدِمَاؤُهُمْ هَدَرٌ إلَخْ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ أُوقِدَتْ فِي يَوْمٍ عَاصِفِ الرِّيحِ .

وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ بَعْدَ الْإِنْذَارِ لِلْفَاهِمِ ، وَإِنْ عَنْ مَالٍ وَقَصْدُ قَتْلِهِ ، إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ .

( وَجَازَ ) أَيْ لَا يُمْنَعُ ( دَفْعُ ) آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ غَيْرِهِ ( صَائِلٌ ) أَيْ مُقْبِلٍ عَلَى شَخْصٍ لِقَتْلِهِ أَوْ أَخْذِ حَرِيمِهِ أَوْ مَالَهُ ( بَعْدَ الْإِنْذَارِ ) أَيْ الْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ يُقَاتِلُهُ ( لِلْفَاهِمِ ) لِلْخِطَابِ لَا لِمَجْنُونٍ وَبَهِيمٍ إنْ كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ ، بَلْ ( وَإِنْ عَنْ مَالٍ ) وَيَدْفَعُهُ بِغَيْرِ قَتْلِهِ وَلَا يَقْصِدُ قَتْلَهُ ، فَإِنْ أَدَّى دَفْعَهُ إلَى قَتْلِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الدَّافِعِ ( وَ ) جَازَ لِلدَّافِعِ ( قَصْدُ قَتْلِهِ ) أَيْ الصَّائِلِ أَوَّلًا ( إنْ عَلِمَ ) الدَّافِعُ ( أَنَّهُ ) أَيْ الصَّائِلَ ( لَا يَنْدَفِعُ ) عَنْهُ ( إلَّا بِهِ ) أَيْ قَتْلِهِ ، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ ، وَنَصُّهُ لَا يَقْصِدُ الْمَصُولُ عَلَيْهِ الْقَتْلَ إنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ الدَّفْعَ ، فَإِنْ أَدَّى إلَى الْقَتْلِ فَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِقَتْلِهِ فَجَائِزٌ قَصْدَ قَتْلِهِ ابْتِدَاءً .
ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ فِي الْجَمَلِ إذَا صَالَ عَلَى الرَّجُلِ فَخَافَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ .
وَلِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ قَتَلَ رَجُلٌ الْجَمَلَ الصَّئُولَ بَعْدَ التَّقَدُّمِ لِرَبِّهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَرَادَهُ وَصَالَ عَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ يُرِيدُ يَمِينَهُ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ إذَا كَانَ بِوَضْعٍ لَيْسَ يَحْضُرُهُ النَّاسُ ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) فَسَّرْت الْجَوَازَ بِعَدَمِ الِامْتِنَاعِ لِيَشْمَلَ الْوُجُوبَ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ وَالْبُضْعِ وَاجِبٌ فِي التَّوْضِيحِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ هُنَا وَاجِبًا لِأَنَّ بِهِ يُتَوَصَّلُ إلَى إحْيَاءِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ .
ا هـ .
وَذَكَرَ ابْنُ الْفَرَسِ وَالْقُرْطُبِيُّ قَوْلَيْنِ فِي الْوُجُوبِ قَالَا وَالْأَصَحُّ الْوُجُوبُ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ كُلُّ مَعْصُومٍ

مِنْ نَفْسٍ وَبُضْعٍ وَمَالٍ وَأَعْظَمُهَا حُرْمَةُ النَّفْسِ وَأَمْرُهُ بِيَدِهِ إنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ أَوْ دَفَعَ عَنْهَا ، لَكِنْ إنْ كَانَ زَمَنَ فِتْنَةٍ فَالصَّبْرُ أَوْلَى ، وَإِنْ قَصَدَهُ وَحْدَهُ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ .
قَالَ وَالسَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ .

لَا جُرْحٌ ، إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ ، بِلَا مَشَقَّةٍ .
( لَا ) يَجُوزُ ( جُرْحٌ ) مِنْ الْمَصُولِ عَلَيْهِ لِلصَّائِلِ ( إنْ قَدَرَ ) الْمَصُولُ عَلَيْهِ ( عَلَى الْهَرَبِ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ مِنْ الصَّائِلِ ( بِلَا مَضَرَّةٍ ) تَلْحَقُهُ فَيَجِبُ هَرَبُهُ مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَوْ قَدَرَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ عَلَى الْهُرُوبِ مِنْ الصَّائِلِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ دَفْعُهُ بِجَرْحِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَهُ دَفْعُهُ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ كَقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ إذَا تَعَارَضَ ضَرَرٌ ارْتَكَبَ أَخَفَّهُمَا .
( تَنْبِيهٌ ) عِيَاضٌ كَانَ ابْنُ نَجِيبٍ صُلْبًا فِي الْحَقِّ مِنْ أَهْلِ التَّقَدُّمِ فِي الْعِلْمِ وَالْفُتْيَا أَفْتَى فِي رَجُلٍ يُصِيبُ بِعَيْنِهِ بِإِلْزَامِهِ دَارِهِ قِيَاسًا عَلَى الْإِبِلِ الصَّائِلَةِ وَالْمَاشِيَةِ الْعَادِيَةِ إنَّهَا تُبْعَدُ حَتَّى لَا يَتَأَذَّى النَّاسُ مِنْهَا .
الْقُرْطُبِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ يُقْتَلُ الْجَرَادُ إذَا حَلَّ بِأَرْضٍ فَأَفْسَدَ زَرْعَهَا وَثَمَرَهَا ، وَقَدْ رُخِّصَ فِي قَتْلِ الْمُسْلِمِ الصَّائِلِ إذَا أَرَادَ أَخْذَ الْمَالِ فَالْجَرَادُ أَوْلَى نَقَلَهُ " ق " .

وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ لَيْلًا ، فَعَلَى رَبِّهَا ، وَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، لَا نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ ، وَسُرِّحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ ، وَإِلَّا : فَعَلَى الرَّاعِي .
.

( وَمَا ) أَيْ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ الَّذِي ( أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ ) الْمَأْكُولَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْمَزَارِعِ وَالْحَوَائِطِ ( لَيْلًا ) لَا نَهَارًا ( فَعَلَى رَبِّهَا ) أَيْ الْبَهَائِمِ ضَمَانُهُ لِتَفْرِيطِهِ فِي مَنْعِهَا إنْ كَانَ مَا أَتْلَفَتْهُ قَدْرَ قِيمَتِهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا ، بَلْ ( وَإِنْ زَادَ ) مَا أَتْلَفَتْهُ ( عَلَى قِيمَتِهَا ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
الْبَاجِيَّ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَا أَصَابَتْهُ الْمَاشِيَةُ بِالنَّهَارِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهَا ، وَمَا أَصَابَتْهُ بِاللَّيْلِ ضَمِنَهُ ، وَسَمِعَ أَشْهَبُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْظَرًا عَلَيْهِ أَمْ غَيْرَ مُحْظَرٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ جَمِيعُ الْأَشْيَاءِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ .
الْبَاجِيَّ وَهَذَا فِي مَوْضِعٍ تَتَدَاخَلُ فِيهِ الزِّرَاعُ وَالْمَرَاعِي .
وَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي ضَمَانِهِ قِيمَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمَاشِيَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَاشِيَةَ فِي قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ وَالْمَاشِيَةُ رَبُّهَا هُوَ الْجَانِي .
وَيُقَوَّمُ مَا أَفْسَدَتْهُ قَبْلَ تَمَامِهِ ( عَلَى الرَّجَاءِ ) لِسَلَامَتِهِ مِنْ الْجَائِحَةِ حَتَّى يَتِمَّ ( وَالْخَوْفِ ) مِنْ إصَابَتِهَا لَهُ قَبْلَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَوْ أَفْسَدَتْ الزَّرْعَ وَهُوَ صَغِيرٌ فَفِيهِ قِيمَتُهُ لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَيْعُهُ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ هَذَا الزَّرْعِ لِمَنْ يَشْتَرِيهِ أَنْ لَوْ جَازَ بَيْعُهُ عَلَى رَجَاءِ تَمَامِهِ وَخَوْفِ عَدَمِ تَمَامِهِ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا خَطَرٌ تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِسَبَبِهِ ، وَهَكَذَا عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي تَقَوُّمِ مَا يُرْجَى تَمَامُهُ وَيُخَافُ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهِ مِنْ الزَّرْعِ وَالثِّمَارِ وَغَيْرِهِمَا كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُدَبَّرٍ وَنَحْوِهِمَا ، فَفِي رَسْمِ حَلِفٍ لِيَرْفَعَنَّ أَمْرَهُ إلَى السُّلْطَانِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الزَّرْعِ تَأْكُلُهُ الْمَاشِيَةُ يُقَوَّمُ عَلَى حَالِ مَا يُرْجَى مِنْ تَمَامِهِ وَيُخَافُ

مِنْ هَلَاكِهِ لَوْ كَانَ يَحِلُّ بَيْعُهُ .
ا هـ .
وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ ، وَنَصُّهُ عَلَى أَرْبَابِهَا قِيمَةُ مَا أَفْسَدَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ أَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَقْوِيمِهِ إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ لِهَيْئَتِهِ ، وَأَمَّا إنْ رَعَى صَغِيرًا وَرَجَا عَوْدَهُ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ لَا يَسْتَأْنِي بِهِ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُسْتَأْنَى بِهِ ، وَاخْتُلِفَ إنْ حَكَمَ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ مَضَتْ الْقِيمَةُ لِصَاحِبِ الزَّرْعِ وَلَهُ زَرْعُهُ .
وَقِيلَ تُرَدُّ كَالْبَصَرِ يَعُودُ ، وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يُقَوَّمْ حَتَّى عَادَ لِهَيْئَتِهِ ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ تَسْقُطُ الْقِيمَةُ وَيُؤَدَّبُ الْمُفْسِدُ .
وَقَالَ أَصْبَغُ لَا تَسْقُطُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّ الرَّاجِحَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ فِي الْجَمِيعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
( لَا ) يَضْمَنُ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ ( نَهَارًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا ) أَيْ الْبَهَائِمِ ( رَاعٍ وَ ) إنْ ( سُرِّحَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ أُطْلِقَتْ لِتَرْعَى ( بُعْدَ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ، أَيْ فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ عَنْ ( الْمَزَارِعِ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ ( فَ ) الضَّمَانُ ( عَلَى الرَّاعِي ) إنْ فَرَّطَ فِي مَنْعِهَا عَنْ الْمَزَارِعِ .
ابْنُ رُشْدٍ عَلَى هَذَا حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ الْحَدِيثَ ، أَيْ الْوَارِدَ فِي { نَاقَةِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ دَخَلَتْ حَائِطَ رَجُلٍ فَأَفْسَدَتْهُ فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْحَوَائِطِ بِحِفْظِهَا نَهَارًا وَمَا أَفْسَدَتْهُ لَيْلًا فَعَلَى أَرْبَابِهَا } .
الْبَاجِيَّ مَا جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ بِإِرْسَالِ مَوَاشِيهِمْ فِيهِ لَيْلًا وَنَهَارًا فَأَحْدَثَ رَجُلٌ فِيهِ زَرْعًا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي لَيْلًا وَلَا نَهَارًا ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

بَابٌ ) إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ ، بِلَا حَجْرٍ .

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْإِعْتَاقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ( إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ ) عِيَاضٌ وَالْقَرَافِيُّ وَابْنُ رَاشِدٍ الْعِتْقُ ارْتِفَاعُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ .
الْحَطّ لَيْسَ بِمَانِعٍ كَتَعْرِيفِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ فَخَرَجَ بِحَقِيقِيٍّ اسْتِحْقَاقُ رَقِيقٍ بِحُرِّيَّةٍ وَخَرَجَ بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ فِدَاءُ الْأَسِيرِ مِنْ حَرْبِيٍّ سَبَاهُ أَوْ مِمَّنْ صَارَ لَهُ مِنْهُ ، وَبِعَنْ آدَمِيٍّ رَفْعُهُ عَنْ غَيْرِ آدَمِيٍّ ، وَبِحَيٍّ رَفْعُهُ عَنْ آدَمِيٍّ بِمَوْتِهِ .
الْحَطّ قَوْلُهُ رَفْعُ مِلْكٍ يَصْدُقُ بِرَفْعِ مِلْكِ شَخْصٍ عَنْ رَقِيقٍ وَانْتِقَالُهُ لِمِلْكٍ آخَرَ بِعِوَضٍ أَوْ دُونَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ ، وَيَصْدُقُ عَلَى رَفْعِ مِلْكِ الْحَرْبِيِّ عَنْ رَقِيقِهِ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ حَتَّى غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ ، فَإِنَّهُ حُرٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَلَيْسَ هَذَا عِتْقًا اصْطِلَاحًا ، وَعَلَى وَقْفِ الرَّقِيقِ عَلَى الْقَوْلِ بِارْتِفَاعِ مِلْكِ الْوَاقِفِ عَنْ الْوَقْفِ وَلَوْ قَالَ رَفْعُ الْمِلْكِ الْحَقِيقِيِّ لِمُسْلِمٍ عَنْ آدَمِيٍّ حَيٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْجِيرِ مَنْفَعَتِهِ لَسَلِمَ مِنْ جَمِيعِ مَا أُورِدَ عَلَيْهِ ، وَاللَّامُ فِي الْمِلْكِ لِلْحَقِيقَةِ ، أَيْ لِأَنَّ رَفْعَ الْحَقِيقَةِ يَسْتَلْزِمُ رَفْعَ جَمِيعِ أَفْرَادِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الْبُنَانِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ رَفْعَ بِمَعْنَى إزَالَةٍ ، وَالنَّكِرَةُ بَعْدَهُ تَعُمُّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى السَّلْبِ ، وَبِأَنَّ الْحَاصِلَ لِعَبْدِ الْحَرْبِيِّ الَّذِي أَسْلَمَ وَبَقِيَ إلَى أَنْ غُنِمَ ارْتِفَاعٌ وَهُوَ عَبَّرَ بِرَفْعٍ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ قَوْلَهُ لَا بِسِبَاءٍ مُحَرَّمٍ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ ، لِأَنَّ مُحْتَرِزَهُ لَيْسَ فِيهِ رَفْعُ مِلْكٍ حَقِيقِيٍّ ، وَأَنَّ قَوْلَهُ حَيٌّ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ رَفْعُ مِلْكٍ ، لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالْمَوْتِ ارْتِفَاعٌ لَا رَفْعٌ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَنْعِ

عِتْقِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مِنْ السَّائِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ .
الثَّانِي : الْإِعْتَاقُ مِنْ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ ، وَلِذَا شُرِعَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَغَيْرِهِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ تَعَالَى بِكُلِّ إرْبٍ مِنْهَا إرْبًا مِنْهُ مِنْ النَّارِ } .
زَادَ الْبُخَارِيُّ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهَا } .
الثَّالِثُ : فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْفُوظَة لَوْ أَعْتَقَ مَنْ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ فَالظَّاهِرُ صِحَّةُ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ لَوْ عَاشَ لَا يَعُودُ رَقِيقًا فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْحُرِّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِ فِي صَفِّ الْأَحْرَارِ ، وَيُجَرُّ الْوَلَاءُ لِمُعْتِقِهِ وَلَوْ قُذِفَ حُدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ حُرٌّ فَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ ، وَبَقِيَ النَّظَرُ فِي ثَوَابِ إعْتَاقِهِ هَلْ هُوَ كَثَوَابِ إعْتَاقِ الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ خَلَّصَهُ مِنْ الرِّقِّ وَلِأَنَّهُ تَصِحُّ هِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ .
الرَّابِعُ : مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَظِيمِ قَدْرِ الْإِعْتَاقِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَنْ يَجْزِي وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ } .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ لَمَّا كَانَ الْوَالِدُ سَبَبًا لِوُجُودِ الْوَلَدِ وَذَلِكَ مِنْ أَعْظَمِ النِّعَمِ كَانَ الَّذِي يُشْبِهُ ذَلِكَ إخْرَاجَ الْوَلَدِ وَالِدَهُ مِنْ عُدْمِ الرِّقِّ لِوُجُودِ الْحُرِّيَّةِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ كَالْمَعْدُومِ ، وَرُبَّمَا كَانَ الْمَعْدُومُ خَيْرًا مِنْهُ .
الْخَامِسُ : طفي قَوْلُهُ زَادَ الْبُخَارِيُّ { حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ } ، هَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَفِيهَا نَظَرٌ لِأَنَّ مُسْلِمًا

ذَكَرَ { حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ } فِي حَدِيثِ الْعُضْوِ كَمَا تَقَدَّمَ .
فَإِنْ قُلْت لَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ عَرَفَةَ الزِّيَادَةُ فِي حَدِيثِ الْإِرْبِ ، فَإِنَّ مُسْلِمًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ { حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ } .
قُلْت حَدِيثُ كُلِّ إرْبٍ مِنْهَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْبُخَارِيُّ فَضْلًا عَنْ الزِّيَادَةِ وَالْإِرْبُ بِكَسْرِ الْهَمْزِ الْعُضْوُ .
وَإِضَافَةُ إعْتَاقِ ( مُكَلَّفٍ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ ، وَشَمِلَ السَّكْرَانَ بِحَرَامٍ فَيَصِحُّ إعْتَاقُهُ لِإِدْخَالِهِ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ ، فَفِي عِتْقِهَا الثَّانِي عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزٌ إذَا كَانَ غَيْرَ مُوَلًّى عَلَيْهِ .
أَبُو الْحَسَنِ أَمَّا الطَّافِحُ فَكَالْبَهِيمَةِ لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ نَقَلَهُ الْحَطّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبُيُوعِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ أَمَّا سَكْرَانُ لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ ، بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ .
ا هـ .
وَأَمَّا التَّفْصِيلُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ : لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودُ فَإِنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ عَقْلِهِ ، قَالَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ ( بِلَا حَجْرٍ ) عَلَى الْمُكَلَّفِ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي أَعْتَقَهُ .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ ، وَلَكِنْ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ ، بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ ، فَإِنْ كَانَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ أَوْ رِقٍّ فَلَا يَصِحُّ إعْتَاقُهُ ، وَإِنْ كَانَ لِدَيْنٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ أَوْ مَرَضٍ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ ، وَيَتَوَقَّفُ

لُزُومُهُ عَلَى إجَازَةِ رَبِّ الدَّيْنِ وَالزَّوْجِ وَالْوَارِثِ ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي الْمَفْهُومِ لَا بَأْسَ بِهِ فَلَا حَاجَةَ لِتَفْسِيرٍ يَصِحُّ بِيَلْزَمُ مَعَ الْبَحْثِ فِيهِ بِأَنَّهُ مَجَازٌ بِلَا قَرِينَةٍ ، وَأَنَّهُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْكَافِرِ عِتْقُهُ إذْ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ بِلَا حَجْرٍ ، إذْ الصَّحِيحُ خِطَابُهُ بِالْفُرُوعِ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ، فَفِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْهَا وَلَوْ دَخَلَ إلَيْنَا حَرْبِيٌّ بِأَمَانٍ وَكَاتَبَ عَبْدَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ ، وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيُّ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ إلَى الرِّقِّ أَوْ بَيْعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ .
ابْنُ يُونُسَ لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَانَهُ عَنْهُ وَنَحْوُهُ فِي جِنَايَاتِهَا اُنْظُرْ الْحَطّ .

وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ لِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضِهِ .
( وَ ) بِلَا ( إحَاطَةِ دَيْنٍ ) بِمَالِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ ، فَإِنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ ( وَ ) أَعْتَقَ رَقِيقًا فَ ( لِغَرِيمِهِ ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِمَالِهِ ( رَدُّهُ ) أَيْ الْإِعْتَاقِ وَبِيعَ الرَّقِيقُ فِي الدَّيْنِ إنْ اُسْتُغْرِقَ جَمِيعُهُ ( أَوْ ) رَدُّ ( بَعْضِهِ ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْهُ كُلَّهُ كَإِعْتَاقِهِ مَنْ قِيمَتُهُ عِشْرُونَ وَالدَّيْنُ عَشْرَةٌ وَلَا مَالَ لَهُ سِوَاهُ ، فَلِرَبِّ الدَّيْنِ رَدُّ إعْتَاقِ نِصْفِهِ وَبَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي نِصْفَهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ ، فَفِي التَّوْضِيحِ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ إلَّا كَامِلًا بِيعَ جَمِيعُهُ .
وَاخْتُلِفَ فِيمَا يَبْقَى مِنْ ثَمَنِهِ ، فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَصْنَعُ بِهِ مَا يَشَاءُ ، وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ جَعْلُهُ فِي عِتْقٍ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ .

إلَّا أَنْ يَعْلَمَ وَيَطُولَ .

وَلِلْغَرِيمِ الرَّدُّ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَعْلَمَ ) الْغَرِيمُ إعْتَاقَ مَدِينِهِ وَيَسْكُتَ ( وَيَطُولَ ) زَمَنُ سُكُوتِهِ ، وَهَلْ الطُّولُ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يَشْتَهِرُ فِيهِ الْعَتِيقُ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتُ لَهُ فِيهِ أَحْكَامُهَا مِنْ إرْثٍ وَقَبُولِ شَهَادَةٍ وَنَحْوِهِمَا أَوْ بِمُضِيِّ أَرْبَعِ سِنِينَ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
" غ " يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَطُولَ مَعْطُوفًا بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
طفي قَوْلُهُ وَيَطُولَ بِالْوَاوِ وَفِي نُسْخَةِ تت ، وَعَلَيْهَا شَرَحَ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ ، قَالَ يَعْنِي : الرَّدُّ الْمَذْكُورُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ بَعْدَ عِلْمِ الْغَرِيمِ بِالْعِتْقِ ، فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِعِتْقِ الْمِدْيَانِ وَسَكَتَ حَتَّى طَالَ ذَلِكَ ثُمَّ قَامَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ ، وَفِي شَامِلِهِ وَلَوْ سَكَتَ بَعْدَ الْعِتْقِ وَطَالَ فَلَا رَدَّ .
وَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ رَدِّ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ ، وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ ، وَنَصُّهُ فَإِنْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ الْقِيَامِ بَعْدَ الْعِتْقِ ثُمَّ قَامُوا فَقَالَ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ قَامُوا بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعٍ وَهُوَ بِالْبَلَدِ ، وَقَالُوا لَمْ نَعْلَمْ بِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُمْ عَلِمُوا ، وَفِي أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ .
وَرَوَى مُحَمَّدٌ اسْتَحْسَنَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ طَالَ حَتَّى وَرِثَ الْأَحْرَارَ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ .
قَالَ

ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ .
وَقَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا ذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي لَعَلَّ السَّيِّدَ أَيْسَرَ فِيهِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِبَيِّنَةٍ قَاطِعَةٍ اتِّصَالَ عُدْمِهِ مَعَ غَيْبَةِ الْغُرَمَاءِ وَعَدَمِ عِلْمِهِمْ رُدَّ عِتْقُهُ وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ فِي ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ عَلِمَتْ بِعِتْقِهِ وَلَمْ أُنْكِرْهُ لِمَا اعْتَقَدْت أَنَّ الدَّيْنَ لَمْ يُحِطْ بِمَالِهِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْفُذُ عِتْقُهُ وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ لَا يُرَدُّ لِدَيْنِ هَذَا الْغَرِيمِ وَيُرَدُّ لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ مَعَهُ هَذَا ، وَقَالَ أَصْبَغُ يُرَدُّ لِهَذَا الْغَرِيمِ وَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ .
ا هـ .
كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فَقَدْ ظَهَرَ لَك مِنْ هَذِهِ النُّقُولِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ ، إذْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ ، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الرِّضَا بِعِتْقِهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ مَعَ الْعِلْمِ ، فَقَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ غَيْرُ مُتَوَارِدَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ خِلَافًا لتت فِي جَعْلِهِمَا مُتَوَارِدَيْنِ فِي الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْهُ .
وَأَحْسَنُ مِنْ عِبَارَتِهِ قَوْلُ الشَّارِحِ فِي صَغِيرِهِ اُخْتُلِفَ فِي حَدِّ الطُّولِ ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَرْبَعُ سِنِينَ ، وَفَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغَرِيمُ ، وَلَوْ قَالَ الْغَرِيمُ لَمْ أَعْلَمْ بِإِعْتَاقِهِ فَلَهُ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا أَكْثَرَ ا هـ .
وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَعْتَقَ فِي عُسْرِهِ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَيْسَرَ لَنَفَذَ الْعِتْقُ ، وَقَوْلُهَا أَيْضًا لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلَهُ مَالٌ سِوَاهُ يَغْتَرِقُهُ الدَّيْنُ ، وَيَغْتَرِقُ نِصْفَ الْعَبْدِ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ حَتَّى أَعْدَمَ فَلَا يُبَاعُ لِغُرَمَائِهِ مِنْ الْعَبْدِ إلَّا مَا كَانَ يُبَاعُ

لَهُمْ لَوْ قَامُوا يَوْمَ أُعْتِقَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ قِيَامُهُ بِمُجَرَّدِ الْعِلْمِ وَالسُّكُوتِ ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ الْمُتَقَدِّمِ فَانْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ قَوْلِ " غ " فِي قَوْلِهِ وَيَطُولُ يَنْبَغِي عَطْفُهُ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ بِشَهَادَةِ النُّقُولِ ، وَتَبِعَهُ عج ، وَعَلَى هَذَا إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ وَعَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ شَرْحُ " ز " وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ فِي مَنْعِ الرَّدِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا النَّقْلِ ، فَفِي التَّوْضِيحِ لَوْ سَكَتَ الْغُرَمَاءُ عَنْ عِتْقِ الْمَدِينِ وَطَالَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قِيَامٌ ، وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ إعْتَاقَهُ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لَهُمْ ذَلِكَ فِي أَرْبَعِ سِنِينَ لَا فِي أَكْثَرَ ، وَقَالَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَفَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الطُّولَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِأَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتَ لَهُ أَحْكَامُهَا بِالْوِرَاثَةِ وَقَبُولِ الشَّهَادَةِ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْغُرَمَاءُ .
أَصْبَغُ وَذَلِكَ فِي التَّطَاوُلِ الَّذِي أَتَتْ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ أَوْقَاتٌ أَفَادَ فِيهَا وَفَاءَ الدَّيْنِ وَلَوْ تَيَقَّنَ بِالشَّهَادَةِ الْقَاطِعَةِ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَدِيمًا مُتَّصِلَ الْعُدْمِ مَعَ غَيْبَةِ الْغَرِيمِ وَعَدَمِ عِلْمِهِ لَرُدَّ مُعْتَقُهُ وَلَوْ وُلِدَ لَهُ سَبْعُونَ وَلَدًا ، وَلَوْ أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ ثُمَّ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ أَعْسَرَ فَقَالَ ، الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ ، وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ ، فَقَدْ أَفَادَ أَنَّ الطُّولَ وَحْدَهُ كَافٍ مَعَ قَوْلِهِمْ لَمْ نَعْلَمْ وَالْعِلَّةُ إمَّا كَوْنُهُ مَظِنَّةَ الْعِلْمِ وَالرِّضَا أَوْ احْتِمَالُ أَنْ يَكُونَ أَفَادَ مَالًا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ ، فَقَوْلُ طفي عَلَى مَا ارْتَضَاهُ " غ " إذَا طَالَ يَسْقُطُ قِيَامُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ أَوْ

نَحْوِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِلَّةِ الثَّانِيَةِ ، وَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الْعِلْمِ وَحْدَهُ هَلْ يَمْنَعُ الرِّضَا إذَا سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ أَوْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الطُّولِ لَيْسَ فِيمَا رَأَيْنَاهُ مِنْ النَّقْلِ مَا دَلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْعَطْفِ بِأَوْ ، وَزَعَمَ طفي أَنَّ النَّقْلَ الْمُتَقَدِّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الطُّولِ مَعَ الْعِلْمِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَلِذَلِكَ اخْتَارَ نُسْخَةَ الْوَاوِ تَبَعًا لِلشَّارِحِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قُلْت النُّصُوصُ الْمُتَقَدِّمَةُ لَيْسَ فِيهَا اشْتِرَاطُ الْعِلْمِ مَعَ الطُّولِ فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَالْبَنَّانِيُّ ، ثُمَّ رَأَيْت الْحَطَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ خِلَافًا فِي الطُّولِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْعِلْمِ ، وَنَصُّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ .
وَاخْتُلِفَ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى طَالَ الْأَمْرُ وَجَازَتْهُ شَهَادَتُهُ وَوَرِثَ الْأَحْرَارَ فَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ .
وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَفَادَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ مَالًا ثُمَّ ذَهَبَ مَعَ حُرْمَةِ الْعِتْقِ .
ا هـ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ يُفِيدُ مَالًا وَلَوْ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ : رَقِيقًا : لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقٌّ لَازِمٌ بِهِ
( أَوْ ) إلَّا أَنْ ( يُفِيدَ ) السَّيِّدُ ( مَالًا ) يَفِي بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُرَدَّ الْعِتْقُ حَتَّى أَعْسَرَ ثُمَّ قَامَ الْغَرِيمُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ عِتْقِهِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَإِنْ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِالدَّيْنِ فَلَا يُرَدُّ عِتْقه إنْ أَفَادَهُ قَبْلَ قِيَامِ الْغَرِيمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ بَيْعِ الرَّقِيقِ فِي الدَّيْنِ ، بَلْ ( وَلَوْ ) أَفَادَهُ بَعْدَ بَيْعِهِ مِنْ السُّلْطَانِ بِخِيَارٍ وَقَبْلَ ( نُفُوذِ الْبَيْعِ ) قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ بِخِيَارِ الْبَيْعِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ .
رَوَى أَشْهَبُ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى لَوْ رَدَّ الْإِمَامُ عِتْقَهُ ثُمَّ أَيْسَرَ قَبْلَ بَيْعِهِ عَتَقَ .
الْبَاجِيَّ عَلَى هَذَا لَا يَطَؤُهَا بَعْدَ يُسْرِهِ ، وَفِيهَا مَنْ رَدَّ غُرَمَاؤُهُ عِتْقَهُ فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِغُرَمَائِهِ بَيْعُهُ دُونَ إذْنِ الْإِمَامِ ، فَإِنْ فَعَلَ أَوْ فَعَلُوا ثُمَّ رُفِعَ لِلْإِمَامِ بَعْدَ يُسْرِهِ رَدَّ الْبَيْعَ وَنَفَذَ عِتْقُهُ ، وَمَفْعُولُ إعْتَاقٍ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ ( رَقِيقًا ) قِنًّا أَوْ ذَا شَائِبَةٍ مِنْ مُكَاتَبٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا ( لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( حَقٌّ ) لِغَيْرِ مُعْتِقِهِ ( لَازِمٌ ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ إسْقَاطُهُ عَنْهُ كَدَيْنٍ تَدَايَنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِمُرْتَهِنٍ ، أَوْ لِمَجْنِيٍّ عَلَيْهِ أَوْ لِرَبِّ دَيْنٍ صَحَّ إعْتَاقُهُ ، وَتَوَقَّفَ لُزُومُهُ عَلَى إمْضَاءِ ذِي الْحَقِّ .

بِهِ ، وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ ، وَالتَّحْرِيرِ وَإِنْ فِي هَذَا الْيَوْمِ ، بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ ؛

ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّانِي الرَّقِيقُ هُوَ كُلُّ إنْسَانٍ مَمْلُوكٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ حَقٌّ لَازِمٌ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ ، كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ فَقَوْلُنَا لَمْ يُزَاحِمْ إلَخْ ، لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأً وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ جِنَايَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْهُ فِي ذِمَّتِهِ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَرُدَّ عِتْقُهُ .
ا هـ .
" ق " وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُعْتَقُ كُلُّ ذِي رِقٍّ مَمْلُوكٍ لِمُعْتِقِهِ حِينَ تَعَلَّقَ الْعِتْقُ بِهِ كَانَ مِلْكُهُ مُحَصَّلًا أَوْ مُقَدَّرًا لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لَا مَعَهُ ، فَقَوْلِي مَمْلُوكٌ لِمُعْتِقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِ غَيْرِهِ أَنْتَ حُرٌّ مِنْ مَالِي فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ سَيِّدُهُ أَنَا أَبِيعُهُ مِنْك .
وَمَنْ قَالَ لِأَمَةِ غَيْرِهِ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَابْتَاعَهَا فَوَطِئَهَا فَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ اشْتَرَيْتُك وَقَوْلِي مُقَدَّرًا لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَاشْتَرَاهُ أَوْ بَعْضَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ ، وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ ، وَقَوْلِي لَمْ يُزَاحِمْ مِلْكَهُ إيَّاهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لِقَوْلِهَا مَعَ غَيْرِهَا وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَ قَتِيلًا خَطَأٌ ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ حَمْلَ دِيَتِهِ وَظَنَنْت أَنَّهَا لَزِمَتْ ذِمَّتَهُ وَيَكُونُ حُرًّا حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ ، وَرُدَّ عِتْقُهُ وَقَوْلِي لَا مَعَهُ كَمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ ، ثُمَّ بَاعَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَرُدَّ ثَمَنُهُ .
وَصِلَةُ إعْتَاقٍ ( بِهِ ) أَيْ بِمَادَّةِ لَفْظِ إعْتَاقِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ مُعْتَقٌ وَأَنَا مُعْتِقُك ( أَوْ بِ ) مَادَّةِ ( فَكِّ الرَّقَبَةِ ) مِنْ الرِّقِّيَّةِ نَحْوِ فَكَكْت رَقَبَتَك مِنْ الرِّقِّيَّةِ أَوْ أَنْتَ مَفْكُوكٌ مِنْهَا أَوْ أَنَا فَاكٌّ لَهَا

مِنْهَا ( وَ ) بِمَادَّةِ ( التَّحْرِيرِ ) نَحْوُ حَرَّرْتُك وَأَنْتَ مُحَرَّرٌ وَأَنَا مُحَرِّرٌ لَك وَأَنْتَ حُرٌّ .
ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الثَّالِثُ الصِّيغَةُ وَصَرِيحُهَا الْإِعْتَاقُ وَفَكُّ الرَّقَبَةِ وَالتَّحْرِيرُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى مَاهِيَّةِ الْعِتْقِ صَرِيحُهَا مَا لَا يَقْبَلُ صَرْفُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ إكْرَاهٍ بِمَالٍ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ بِهِ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ إنْ أَطْلَقَهُ أَوْ قَيَّدَهُ بِالدَّوَامِ وَالْأَبَدِ ، بَلْ ( وَ ) إنْ قَيَّدَهُ بِزَمَنٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ ( فِي هَذَا الْيَوْمِ أَوْ ) الشَّهْرِ أَوْ الْعَامِ فَيَكُونُ حُرًّا أَبَدًا وَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ عَتَقَ لِلْأَبَدِ ، وَفِيهَا إنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ ، وَقَالَ أَرَدْت عِتْقَهُ مِنْ الْعَمَلِ لَا الْحُرِّيَّةِ صُدِّقَ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ حَالَ كَوْنِ الصِّيغَةِ الصَّرِيحَةِ بِمَا تَقَدَّمَ ( بِلَا قَرِينَةٍ ) صَرَفَهَا عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ كَمَقَامِ ( مَدْحٍ ) لِلرَّقِيقِ عَلَى عَمَلٍ حَسَنٍ أَوْ ذَمٍّ لَهُ عَلَى عَمَلٍ قَبِيحٍ ، فَإِنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ فِي مَقَامِ مَدْحِهِ أَوْ ذَمِّهِ ، وَقَالَ أَرَدْت مَدْحَهُ أَوْ ذَمَّهُ فَلَا يَعْتِقُ بِذَلِكَ .
فِيهَا مَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ .

أَوْ خُلْفٍ ، أَوْ دَفْعِ مَكْسٍ ، وَبِلَا مِلْكَ ، أَوْ سَبِيلَ لِي عَلَيْك ، إلَّا لِجَوَابٍ

ابْنُ شَاسٍ لَوْ قَالَ فِي الْمُسَاوَمَةِ هُوَ عَبْدٌ جَيِّدٌ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِصَرْفِ الْقَرِينَةِ لَهُ إلَى مَدْحِهِ ( أَوْ خُلْفٍ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّام أَيْ مُخَالَفَةً لَسَيِّدِهِ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ ، أَيْ أَنْتَ تَفْعَلُ فِعْلَ الْحُرِّ فِي الْعِصْيَانِ وَعَدَمِ الِانْقِيَادِ ، فَإِنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَقَدْ خَالَفَهُ وَعَانَدَهُ ، وَقَالَ لَمْ أُرِدْ عِتْقَهُ ، وَإِنَّمَا أَرَدْت زَجْرَهُ وَالتَّهَكُّمَ بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، " غ " أَوْ خُلْفٍ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ ، وَكَذَا قَرَنَ الْعِصْيَانَ بِالْمَدْحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَقَالَ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ ، أَوْ قَالَ لَهُ يَا حُرُّ وَلَمْ يُرِدْ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحُرِّيَّةَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ إنَّك تَعْصِينِي فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ كَالْحُرِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ وَمَنْ ضَبَطَهُ حَلِفَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ ، وَجَعَلَهُ بِمَعْنَى الْقَسَمِ فَقَدْ صَحَّفَ اللَّفْظَ ، وَذَهَبَ عَنْ الْمَعْنَى .
( أَوْ ) قَرِينَةُ إكْرَاهكَ ( دَفْعِ مَكْسٍ ) فَإِنْ طَلَبَ مِنْهُ مَكْسَهُ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَى ذَلِكَ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلِي لِغَيْرِ إكْرَاهٍ لِقَوْلِهَا مَنْ مَرَّ عَلَى عَاشِرٍ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْحُرِّيَّةَ فَلَا عِتْقَ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَا يَعْتِقُ أَيْضًا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ دَفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ ظُلْمًا ( وَ ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ ( بِ ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ ( لَا مِلْكَ ) لِي عَلَيْك ( أَوْ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك ) فِي حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يَقُولَ لَهُ ( لِجَوَابٍ ) لَهُ فِي عَدَمِ مُطَاوَعَتِهِ وَعَدَمِ انْقِيَادِهِ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ ابْتِدَاءً لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك

أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ هُوَ جَوَابُ لِكَلَامٍ قَبْلَهُ صُدِّقَ فِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ .

وَبِكَوَهَبْت لَك نَفْسَك ؛ وَبِكَاسْقِنِي ، أَوْ اذْهَبْ ؛ أَوْ اُعْزُبْ بِالنِّيَّةِ ؛

( وَ ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ ( بِ ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ ( كَوَهَبْت لَك نَفْسَك ) وَأَعْطَيْتُك نَفْسَك .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَمِعْت مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " يَقُولُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِعَبْدِهِ وَهَبْت لَك نَفْسَك أَنَّهُ حُرٌّ ، وَسَأَلْت مَالِكًا عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِعَبْدِهِ نِصْفَهُ ، قَالَ هُوَ حُرٌّ كُلُّهُ ( وَ ) يَحْصُلُ الْإِعْتَاقُ ( بِ ) قَوْلِهِ لِرَقِيقِهِ ( كَاسْقِنِي ) نَاوِيًا بِهِ إعْتَاقًا ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( اذْهَبْ ) نَاوِيًا بِهِ ذَلِكَ ( أَوْ ) بِقَوْلِهِ لَهُ ( اُعْزُبْ ) بِضَمِّ الزَّايِ ، أَيْ أَبْعِدْ ( بِالنِّيَّةِ ) لِلْإِعْتَاقِ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ وَهِيَ كِنَايَاتٌ خَفِيَّةٌ ، وَأَمَّا وَهَبْت لَك نَفْسَك فَكِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ يَحْصُلُ بِهَا الْإِعْتَاقُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ بِهَا كَالصَّرِيحِ فَلَا يَرْجِعُ لَهُ قَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ ، وَفِي إعَادَتِهِ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي إشَارَةٌ إلَى هَذَا .
ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْكِنَايَةُ وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَاذْهَبْ وَاعْزُبْ وَشَرْطُهَا النِّيَّةُ .
ا هـ .
فَظَاهِرُهُمَا اشْتِرَاطُ النِّيَّةِ فِي وَهَبْتُك لِنَفْسِك وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، حَتَّى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ لَا يَكَادُ يُوجَدُ ، وَحَادَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عِبَارَتِهِمَا .
الشَّارِحُ مُرَادُهُ عَدَمُ اشْتِرَاطِهَا فِي وَهَبْتُك ، وَلِذَا أَعَادَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِاسْقِنِي وَمَا بَعْدَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَتَحْصِيلُ الصِّيغَةِ أَنَّ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْعِتْقِ بِالنِّيَّةِ وَلَا غَيْرِهَا صَرِيحٌ ، وَمَا يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ بِذَاتِهِ وَيَنْصَرِفُ عَنْهُ بِالنِّيَّةِ وَنَحْوِهَا كِنَايَةٌ ظَاهِرَةٌ ، وَمَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ كِنَايَةٌ خَفِيَّةٌ فَالْأَوَّلُ كَأَعْتَقْتُك وَأَنْتَ حُرٌّ وَلَا قَرِينَةَ لَفْظِيَّةٌ قَارَنَتْهُ ، وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ الْيَوْمَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ ، وَكَقَوْلِهِ لَا سَبِيلَ لِي عَلَيْك أَوْ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك ، وَالثَّالِثُ وَاضِحٌ ، وَفِي كَوْنِهِ عِتْقًا بِاللَّفْظِ أَوْ بِالنِّيَّةِ قَوْلَانِ

لِظَاهِرِ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ وَزَعْمِ اللَّخْمِيُّ .

وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ إنْ عَلَّقَ هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ .

( وَعَتَقَ ) الرَّقِيقُ ( عَلَى الْبَائِعِ ) فَيُرَدُّ ثَمَنُهُ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَلَا يَطْلُبُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَقْبِضْهُ ( إنْ عَلَّقَ هُوَ ) أَيْ الْبَائِعُ عِتْقَهُ عَلَى بَيْعِهِ وَأَكَّدَ الضَّمِيرَ الْمُسْتَتِرَ بِالْبَارِزِ لِيَصِحَّ عَطْفُ ( وَالْمُشْتَرِي ) عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُتَّصِلِ عِتْقُهُ أَيْضًا ( عَلَى الْبَيْعِ ) رَاجِعٌ لِلْبَائِعِ بِأَنْ قَالَ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ( وَالشِّرَاءِ ) رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ لَهُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إنْ قَالَ الْبَائِعُ إنْ بِعْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ .
وَقَالَ الْمُشْتَرِي إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَبَاعَهُ لَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ فَيَرُدُّ ثَمَنَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ .
اللَّخْمِيُّ وَقَالَ رَبِيعَةُ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ .
قُلْت وَعَزَاهُ الصِّقِلِّيُّ أَيْضًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ إنْ قَالَ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ إلَى سَنَةٍ ، فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَيَكُونُ حُرًّا إلَى سَنَةٍ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا حُرِّيَّةَ لَهُ وَهُوَ رِقٌّ لِمُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقَعُ الْحِنْثُ بَعْدَ بَيْعِهِ فَإِنَّمَا أَعْتَقَ مِلْكَ غَيْرِهِ وَوَافَقَ مَالِكًا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يَقُلْ إلَى سَنَةٍ .
قُلْت تَعْلِيلُهُ مَسْأَلَةٌ إلَى سَنَةٍ يُوجِبُ اسْتِوَاءَ الْمَسْأَلَتَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ بِعْتُك يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ اسْتِحْسَانٌ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَالْقِيَاسُ فِيهَا قَوْلُ مَنْ قَالَ لَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ ، لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ الْبَائِعِ بَعْدَ حُصُولِ الْعَبْدِ لِمُشْتَرِيهِ ، وَمِثْلُهُ اخْتَارَ اللَّخْمِيُّ .
وَفِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ بِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ كَتَبْدِئَتِهِ فِي الْوَصَايَا أَوْ بِأَنَّ مَحْمَلُهُ فَأَنْتَ

حُرٌّ قَبْل بَيْعِي إيَّاكَ .
ثَالِثُهَا حِنْثُهُ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ الْمُنْكَشِفِ بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْحِنْثِ بِالْأَقَلِّ .
لِلَّخْمِيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَإِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي وَسَحْنُونٍ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي افْتِقَارِهِ إلَى حُكْمٍ قَوْلَانِ ، وَفِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ بِعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ وَرَدَّ الثَّمَنَ ، وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ مَعَ ذَلِكَ إنْ ابْتَعْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ فَعَلَى الْبَائِعِ يَعْتِقُ لِأَنَّهُ مُرْتَهِنٌ بِيَمِينِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْأَوْلَى لَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ وَهُوَ رِقٌّ لِلْمُشْتَرِي يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، كَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ .
وَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِ الْمَشْهُورِ فَقِيلَ لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالْبَيْعَ وَقَعَا مَعًا فَغَلَبَ الْعِتْقُ لِقُوَّتِهِ .
وَقِيلَ لِأَنَّ مَحْمَلَهُ أَنْتَ حُرٌّ بِبَيْعِي إيَّاكَ ، وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَفْسِ قَوْلِهِ بِعْت قَبْلَ قَوْلِ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ .

وَبِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي : إنْ اشْتَرَيْتُك :
( وَ ) عَتَقَ الرَّقِيقُ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ ( بِ ) سَبَبِ ( الِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ ) لِعَدَمِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِ الصِّحَّةِ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَشْمَلُ الْفَاسِدَ أَيْضًا ( فِي ) قَوْلِهِ لِرَقِيقٍ ( إنْ اشْتَرَيْتُك ) فَأَنْتَ حُرٌّ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ لِعَبْدٍ إنْ اشْتَرَيْتُك أَوْ مَلَكْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ فَابْتَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَرَدَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ .
ابْنُ رُشْدٍ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَنْقُلُ الْمِلْكَ لَا يَحْنَثُ .
الصِّقِلِّيُّ لِابْنِ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ بَاعَهُ وَبَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا يَحْنَثُ .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَحْنَثُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ .
الصِّقِلِّيُّ هَذَا صَوَابٌ .

كَأَنْ اشْتَرَى نَفْسَهُ فَاسِدًا .
وَشَبَّهَ فِي : الْعِتْقِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( اشْتَرَى ) الرِّقُّ ( نَفْسَهُ ) مِنْ مَالِكِهِ شِرَاءً ( فَاسِدًا ) فَيَعْتِقُ وَلَا يُفْسَخُ الشِّرَاءُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ ، ثُمَّ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَى الرَّقِيقَ نَفْسَهُ بِهِ مِمَّا يُمْلَكُ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ وَلَوْ فِيهِ غَرَرٌ كَآبِقٍ وَشَارِدٍ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْعَبْدِ غَيْرُهُ ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ثُمَّ أَعْتَقَهُ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْلَكُ كَخَمْرٍ وَخِنْزِيرٍ ، فَإِنْ عَيَّنَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَيُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُقْتَلُ الْخِنْزِيرُ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ .
وَفِيهَا إنْ اشْتَرَى الْعَبْدَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ وَلَا يُرَدُّ وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَتِهِ وَلَا غَيْرِهَا ، بِخِلَافِ شِرَاءِ غَيْرِهِ إيَّاهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ هُوَ حُرٌّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَلِلسَّيِّدِ مَا بَاعَهُ بِهِ غَرَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ، وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ ، وَقَوْلُهَا عَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ هَذَا إذَا بَاعَهُ بِخَمْرٍ مَضْمُونَةٍ .
وَقَالَ أَحْمَدُ مُيَسَّرٌ إنْ أَعْتَقَهُ عَلَى خَمْرٍ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ حُرٌّ وَتُرَاقُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ يَتْبَعُهُ بِهَا فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَهُوَ وِفَاقٌ لَهَا .

وَالشِّقْصُ ، وَالْمُدَبَّرُ ، وَأُمُّ الْوَلَدِ ، وَوَلَدُ عَبْدِهِ مِنْ أَمَتِهِ ، وَإِنْ بَعْدَ يَمِينِهِ ، وَالْإِنْشَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ ، أَوْ لِي ، أَوْ رَقِيقِي ، أَوْ عَبِيدِي ، أَوْ مَمَالِيكِي

( وَ ) إنْ قَالَ الْمُكَلَّفُ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْهُ فَكُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ وَحَنِثَ عَتَقَ عَلَيْهِ ( الشِّقْصُ ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَإِهْمَالِ الصَّادِ ، أَيْ الْجُزْءِ الَّذِي مَلَكَهُ مِنْ رَقِيقٍ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا ( وَ ) عَتَقَ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ ( الْمُدَبَّرُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا ، أَيْ الَّذِي عُلِّقَ عَلَى مَوْتِهِ فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ بِحِنْثِهِ ( وَأُمُّ الْوَلَدِ ) لَهُ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا بِهِ ( وَ ) عَتَقَ عَلَيْهِ ( وَلَدُ ) أَيْ ابْنُ وَبِنْتُ ( عَبْدِهِ ) أَيْ الْحَالِفِ ( مِنْ أَمَتِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ إنْ كَانَ مَوْلُودًا قَبْلَ انْعِقَادِ يَمِينِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) وُلِدَ ( بَعْدَ ) انْعِقَادِ ( يَمِينِهِ ) فِي التَّوْضِيحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُضَارِعَ ظَاهِرٌ فِي الْحَالِ .
الشَّارِحُ وَالْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرِّ أَوْ حِنْثٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ قَالَ مَمْلُوكِي حُرٌّ فِي يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا أَوْ غَيْرِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ وَمُدَبَّرُوهُ وَمُكَاتَبُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَكُلُّ شِقْصٍ لَهُ مَمْلُوكٌ ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ وُلِدُوا قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ .
وَأَمَّا عَبِيدُ عَبِيدِهِ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِمْ فَلَا يُعْتَقُونَ وَيَكُونُ مَا لَهُمْ تَبَعًا .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَعْتِقُ مَا وُلِدَ لِعَبِيدِهِ بَعْدَ يَمِينِهِ لَأَفْعَلَن لَا فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ لَا فَعَلْت مَا كَانَ حَمْلًا يَوْمَ يَمِينِهِ .
قُلْت فِي عِتْقِهَا الثَّانِي مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَنْتِ حُرَّةٌ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا إلَى أَجَلِ كَذَا فَتَلِدُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهُمْ بِمَنْزِلَتِهَا إذَا عَتَقَتْ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَا بَيْعُ وَلَدِهَا .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا

أَنَّهُمْ لَا يَدْخُلُونَ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى حِنْثٍ وَهُوَ قَوْلُ الْمُغِيرَةِ .
وَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ عَلَى بِرٍّ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَدْخُلُوا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، وَاسْتَحْسَنَهُ عَلِيٌّ مَرَّةٍ ، وَقَالَ مَرَّةً تَعْتِقُ بِغَيْرِ وَلَدِهَا ، وَإِنْ ضَرَبَ لِفِعْلِهِ أَجَلًا فَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ شِقْصٍ مَمْلُوكٍ كَانَ لَهُ إنْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ عَبْدٍ شَرِيكٍ وَلَوْ كَانَ عَبِيدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ قُسِمُوا فَمَا صَارَ لِلْحَالِفِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ .
الصِّقِلِّيُّ هَذَا إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَالْكِتَابُ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ ، وَعَنْ ابْنِ الْكَاتِبِ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ إنَّمَا يَجْرِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي أَرْضٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا بَعْضًا مِنْهَا مُعَيَّنًا فَإِنَّهَا تُقْسَمُ ، فَإِنْ وَقَعَ الْمَبِيعُ فِي حَظِّ الْبَائِعِ مَضَى بَيْعُهُ ، إنْ وَقَعَ فِي حَظِّ شَرِيكِهِ نُقِضَ ، وَأَبَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ .
( وَالْإِنْشَاءِ ) أَيْ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ ، أَيْ وَعِتْقُ الشِّقْصِ وَمَا بَعْدَهُ فِي التَّعْلِيقِ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ ، أَيْ كَالتَّعْلِيقِ فِي عِتْقِ مَا ذُكِرَ ( فِي ) قَوْلِهِ ( مَنْ يَمْلِكُهُ ) حُرٌّ إنْ فَعَلَ كَذَا أَوْ إنْ لَمْ يَفْعَلْهُ وَحَنِثَ أَوْ نَجَّزَهُ بِلَا تَعْلِيقٍ ( أَوْ ) قَوْلُهُ مَمْلُوكٌ ( لِي ) حُرٌّ كَذَلِكَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( رَقِيقِي ) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( عَبِيدِي ) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ ( أَوْ ) قَوْلُهُ ( مَمَالِيكِي ) أَحْرَارٌ كَذَلِكَ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : نُسْخَةُ " غ " وَالْإِمَاءُ فِيمَنْ يَمْلِكُهُ ، قَالَ أَيْ وَكَذَا تَدْخُلُ الْإِمَاءُ فِي لَفْظِ مَنْ أَمْلِكُ وَمَا بَعْدَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالْأُنْثَى فِيمَنْ أَمْلِكُ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ ، وَأَمَّا الْإِنْشَاءُ بِالنُّونِ وَالشِّينِ فَهُوَ هُنَا ضَلَالٌ مُبِينٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْ الْإِمَاءِ لَعَلِمْنَا دُخُولَهُنَّ مِنْ قَوْلِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَلَا مِرْيَةَ

أَنَّهُ عُوِّلَ هُنَا عَلَى قَوْلِ فَضْلٍ بِدُخُولِهِنَّ فِي لَفْظِ الْعَبِيدِ لِتَصْوِيبِهِ .
اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَمَا رَبُّك بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } وَلِأَنَّهُ جَمْعٌ مُكَسَّرٌ ، وَقَدْ نُقِلَ هَذَا كُلُّهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ يُونُسَ ابْنُ سَحْنُونٍ وَيَدْخُلُ فِي رَقِيقِي الْإِنَاثُ لَا فِي عَبِيدِي .
عبق وَقَدْ عَلِمْت صِحَّةَ " وَالْإِنْشَاءُ " ، وَكَأَنَّهُ رَدَّهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ عَطْفَهُ عَلَى التَّعْلِيقِ يُوهِمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ مِنْ الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ ، لَكِنَّهُ مِثْلُ ذَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ مُبِينٌ ، إذْ يُقَالُ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ أَوْ يُرَادُ بِالْإِنْشَاءِ مَا قَابَلَ التَّعْلِيقَ الصُّورِيَّ .
طفي الْإِنْشَاءُ نُسْخَةُ الشَّارِحِ ، قَالَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْإِنْشَاءُ إلَى أَنَّ حُكْمَ الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ وَغَيْرِهِ فِيمَا ذُكِرَ سَوَاءٌ وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ا هـ .
وَأَشَارَ لِقَوْلِهَا مَنْ قَالَ ، مَمْلُوكٌ لَهُ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا عَتَقَ عَلَيْهِ عَبِيدُهُ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا ، وَإِنَّمَا قَالَ " غ " لَفْظُ الْإِنْشَاءِ بِالنُّونِ وَالشِّينِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَشْمَلُهُ الْيَمِينُ لَا فِي نَوْعِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى الْعِتْقِ ، لَكِنْ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ ضَلَالٌ مُبِينٌ لِصِحَّةِ مَعْنَاهُ وَإِنْ نَبَا عَنْ الْمَقَامِ فَالْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ هَذِهِ الْعِبَارَةِ .
الثَّانِي : عِيَاضٌ " رَقِيقِي " يَشْمَلُ الذُّكُورَ وَالْإِنَاثَ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ عَبِيدِي يَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ .
وَقَالَ فَضْلٌ يَشْمَلُهَا وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا رَبُّك بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } وَأَمَّا مَمَالِيكِي فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ شُمُولُهُ لَهُمَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
الثَّالِثُ : الْبِسَاطِيُّ مِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِغَلَبَةِ لَفْظِ الْمَمَالِيكِ عَلَى الْبِيضِ وَالْعَبِيدِ عَلَى السُّودِ كَمَا هُوَ عِنْدَنَا الْآنَ ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْمَفْتُونُ فِي وَصِيَّةِ

أَمِيرٍ لِمَمَالِيكِهِ ا هـ .
تت قَدْ يُقَالُ هَذَا لَا يَحْتَاجُ لِنَظَرٍ ، لِأَنَّ الْفَتْوَى وَالْحُكْمَ يَدُورَانِ مَعَ الْعُرْفِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَرَافِيُّ وَغَيْرُهُ .

لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ : كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا

( لَا ) يَعْتِقُ ( عَبِيدُ عَبِيدِهِ ) فِي قَوْلِهِ مَنْ يَمْلِكُهُ إلَخْ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِمْ كُلَّ لَفْظٍ مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ ، إذْ لَيْسُوا مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَا عَبِيدَهُ وَلَا رَقِيقَهُ ، بَلْ لِسَيِّدِهِمْ الْعَبْدُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ عِنْدَنَا ، وَعُورِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا فِي نُذُورِهَا فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ ، ثُمَّ رَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ فَيَحْنَثُ .
فَأُجِيبَ بِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ وَاللَّخْمِيُّ بِمُرَاعَاةِ النِّيَّةِ فِي الْيَمِينِ وَهِيَ فِيهَا عُرْفًا رَفْعُ الْمِنَّةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ عَبْدِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ، وَبِأَنَّ الْحِنْثَ يَقَعُ بِأَدْنَى سَبَبٍ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ ( أَمْلِكُهُ أَبَدًا ) أَيْ فِي جَمِيعِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ عُمْرِهِ فَهُوَ حُرٌّ ، فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَمْلِكُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ ، سَوَاءً قَالَهُ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِ يَمِينٍ لِمَا فِي تَعْمِيمِهِ مِنْ الْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ ، فَإِنْ عَيَّنَ زَمَنًا كَعِشْرِينَ سَنَةً أَوْ شَخْصًا كَنَاصِحٍ أَوْ بَلَدًا كَدِمَشْقَ أَوْ صِنْفًا كَالصَّقْلَبِيِّ لَزِمَهُ لِعَدَمِ الْحَرَجِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ ، مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ عَتَقَ مَنْ فِي مِلْكِهِ وَأَوْلَادُ عَبِيدِهِ مِنْ إمَائِهِمْ ، بِخِلَافِ عَبِيدِ عَبِيدِهِ ، وَبِخِلَافِ كُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا ، فَإِنْ قَالَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَكَذَلِكَ ، بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ فِي مِلْكِهِ .
وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ حُرٌّ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ وَلَا رَقِيقَ لَهُ فَأَفَادَ رَقِيقًا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا أَفَادَ بَعْدَ يَمِينِهِ قَبْلَ تَزَوُّجِهَا وَلَا بَعْدَهُ .
وَقَالَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت هَذِهِ الدَّارَ أَبَدًا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا مَلَكَ يَوْمَ حَلَفَ ،

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ وَلَا بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ الْيَمِينُ بِالصَّدَقَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ فَدَخَلَهَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَنْ عِنْدَهُ مِنْ عَبْدٍ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ مَنْ يَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَمَا لَوْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا أَبَدًا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ إنَّمَا أَوْقَعَ مَالِكٌ الْأَبَدَ عَلَى الدُّخُولِ وَأَشْهَبُ أَوْقَعَهُ عَلَى كُلِّ الْمِلْكِ .
وَأَمَّا مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ حُرٌّ وَكُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هَاهُنَا أَبَدًا لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لَا تَكُونُ لِمَا مَضَى لَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ أَشْتَرِي فِيمَا هُوَ مَالِكُهُ بَعْدُ فَهُوَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَمْلِكُهُ ، أَفَادَهُ الْمَوَّاقُ .
ابْنُ عَرَفَةَ عِيَاضٌ يَمِينُهُ بِمَا يَمْلِكُهُ إنْ قَيَّدَهُ بِالْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ اخْتَصَّتْ بِهِمَا وَإِنْ أَهْمَلَهُ فَفِي تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ وَعُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ اخْتِلَافٌ وَالْعُمُومُ أَشْبَهُ ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ لُبَابَةَ وَمَسَائِلُ الْكِتَابِ مُضْطَرِبَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ ، وَفِي ضَيْح ذَكَرَ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ ، لَكِنَّهُ قَالَ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ النَّاسِ حَمْلُهُ عَلَى الْحَالِ ، وَلِذَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ ، فَعَلَى تَخْصِيصِهِ بِالْحَالِ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ فِيمَا عِنْدَهُ دُونَ مَا يَتَجَدَّدُ لَهُ ، وَعَلَى عُمُومِهِ فِي الِاسْتِقْبَالِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيه أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ فِي يَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُ أَوْ

يَشْتَرِي كَانَ عِنْدَهُ يَوْمَ حَلَفَ رَقِيقٌ أَمْ لَا .

وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ ، وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ

( وَوَجَبَ ) الْعِتْقُ ( بِالنَّذْرِ ) لِأَنَّهُ مَنْدُوبٌ مُعَلَّقًا كَأَنْ كَانَ كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ كَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ ( وَ ) إنْ نَذَرَهُ رَشِيدٌ بِدُونِ تَعْلِيقٍ أَوْ بِهِ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَامْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ بِهِ ( لَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يُقْضَ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ، أَيْ فَلَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فِيهِمَا ( إلَّا بِ ) عِتْقِ ( بَتٍّ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ التَّاءِ ، أَيْ نَاجِزٍ حَاصِلٍ بِصِيغَتِهِ أَوْ بِحُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ لَا مُعَلَّقٍ قَبْلَ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( مُعَيَّنٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْمُثَنَّاةِ مُثَقَّلَةً مُتَعَلِّقَةً كَعَبْدِي هَذَا أَوْ عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ فَيُقْضَى عَلَيْهِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ إنْ شَاءَ رَجَعَ فِيهَا ، وَمَنْ بَتَّ عِتْقَ عَبْدِهِ أَوْ حَنِثَ بِهِ فِي يَمِينٍ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ ، وَلَوْ وَعَدَ بِالْعِتْقِ أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ وَأُمِرَ بِعِتْقِهِ .
اللَّخْمِيُّ مَنْ قَالَ عَلَيَّ عِتْقُ عَبْدٍ لَزِمَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا فَلَا يُجْبَرُ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا ، فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، لَا يُجْبَرُ وَلِأَشْهَبَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ إنْ قَالَ لَا أَفِي قُضِيَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَفْعَلُ تُرِكَ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ فَلَا يَعْتِقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ جَعَلَ شَيْئًا لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ ، فَعَلَى هَذَا يُجْبَرُ فِي الْعِتْقِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ .
قُلْت فَفِي الْقَضَاءِ عَلَى نَاذِرِ عِتْقٍ بِهِ ثَالِثُهَا إنْ كَانَ مُعَيَّنًا لِتَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّذْرِ لِلْمَسَاكِينِ ، وَقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَقَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَيَجِبُ بِالنَّذْرِ وَلَا يُقْضَى إلَّا بِالْيَمِينِ ، وَالْحِنْثُ مُشْكِلٌ يُوجِبُ عَلَى النَّاظِرِ فِي كَلَامِهِ حِيرَةً مَعَ يُسْرِ

الْعِبَارَةِ عَنْ حَقِيقَةِ الْمَذْهَبِ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ .

وَهُوَ فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ
( وَهُوَ ) أَيْ الْعِتْقُ ( فِي خُصُوصِ ) مُتَعَلِّقِ ( هـ ) كَأَنْ مَلَكْت فُلَانًا أَوْ كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ مِنْ الْحَبَشِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً كَالطَّلَاقِ الْخَاصِّ مُتَعَلِّقُهُ فِي اللُّزُومِ ( وَ ) هُوَ فِي ( عُمُومِ ) مُتَعَلِّقِ ( هـ ) كُلُّ مَنْ أَمْلِكُهُ حُرٌّ كَالطَّلَاقِ الْعَامِّ مُتَعَلِّقُهُ كَكُلِّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ " رَحِمَهُ اللَّهُ " فِي كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ لَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إلَّا فِيمَا يَمْلِكُهُ يَوْمَ حَلَفَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ حِنْثِهِ أَوْ بَعْدَهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ الْعِتْقُ كَالطَّلَاقِ فِي عُمُومِهِ لِعِتْقِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِلْكُهُ فَهُوَ غَيْرُ لَازِمِهِ عِنْدَنَا .
قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِيمَنْ قَالَ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَوْ كُلُّ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ أَشْتَرِيهِ أَوْ أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فِي غَيْرِ يَمِينٍ أَوْ يَمِينٍ حَنِثَ بِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَنْ يُمْلَكُ أَوْ يُشْتَرَى كَانَ عِنْدَهُ رَقِيقٌ يَوْمَ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَ مَنْ عِنْدَهُ حِينَئِذٍ أَوْ بَاعَ أَمْ لَا لِأَنَّهُ قَدْ عَمَّ الْجَوَارِيَ وَالْغِلْمَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ عَبْدًا أَوْ يَخُصَّ جِنْسًا أَوْ بَلَدًا أَوْ يَضْرِبَ أَجَلًا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ، كَقَوْلِهِ مِنْ الصَّقَالِبَةِ أَوْ مِنْ الْبَرَابِرِ أَوْ مِنْ مِصْرَ أَوْ مِنْ الشَّامِ أَوْ إلَى ثَلَاثِينَ سَنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يَحْيَا إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ ، وَهَذَا كَمَنْ عَمَّ أَوْ خَصَّ فِي الطَّلَاقِ .

وَمَنْعٍ مِنْ وَطْءٍ ، وَبَيْعٍ فِي صِيغَةِ حِنْثٍ
( وَ ) هُوَ فِي ( مَنْعٍ ) لِلسَّيِّدِ ( مِنْ وَطْءٍ ) لِلْأَمَةِ الَّتِي عَلَّقَ عِتْقَهَا ( وَ ) مَنْعٍ مِنْ ( بَيْعٍ ) لِلرَّقِيقِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ ( فِي صِيغَةِ حِنْثٍ ) كَأَنْ لَمْ يَفْعَلْ كَذَا فَأَمَتُهُ فُلَانَةُ حُرَّةٌ أَوْ عَبْدُهُ فُلَانٌ حُرٌّ فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَبَيْعِهَا وَالْعَبْدِ حَتَّى يَفْعَلَهُ ، وَمَفْهُومُ حَنِثَ عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهُمَا فِي الْبِرِّ وَهُوَ كَذَلِكَ ، فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ حَلَفَ بِعِتْقٍ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ لَا أَفْعَلُ ، كَذَا فَهُوَ عَلَى بِرٍّ ، وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ مَاتَ فَلَا يَلْزَمُ وَرَثَتَهُ عِتْقٌ ، وَأَمَّا إنْ قَالَ إنْ لَمْ أَفْعَلْ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَهُوَ عَلَى حِنْثٍ وَيُمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَيْعِ وَلَا أَمْنَعُهُ الْخِدْمَةَ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ فِعْلِهِ عَتَقَ رَقِيقُهُ مِنْ ثُلُثِهِ إذْ هُوَ حِنْثٌ ، وَقَدْ وَقَعَ بِمَوْتِهِ .
وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا الْحَالِفُ إنْ فَعَلْت فَلَهُ الْبَيْعُ وَالتَّصَرُّفُ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ بَعْدَ الْيَمِينِ فَهَلْ يَدْخُلُ وَلَدُهَا فِي الْيَمِينِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي ذَلِكَ وَقَالَ أَصْبَغُ لَا يَدْخُلُ وَلَا أَرَى رِوَايَةَ دُخُولِهِ إلَّا وَهْمًا .
أَشْهَبُ إنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ عَفَا عَنْ فُلَانٍ فَلَا يَنْفَعُهُ بَيْعُهُ ثُمَّ عَفْوُهُ عَنْهُ لِأَنَّ مَعْنَى يَمِينِهِ لَأُعَاقِبَنَّهُ فَهُوَ كَالْحَالِفِ لَأَفْعَلَنَّ لَا كَمَنْ حَلَفَ لَا فَعَلْت .

وَعِتْقِ عُضْوٍ .
وَ ) هُوَ فِي ( عِتْقِ عُضْوٍ ) كَيَدِك حُرَّةٌ كَالطَّلَاقِ لِجُزْءِ الزَّوْجَةِ فِي سَرَيَانِهِ لِبَاقِي الذَّاتِ وَعَتَقَ جَمِيعُهَا .
فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ يَدُك حُرَّةٌ أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ ، كَمَا لَوْ طَلَّقَ عُضْوًا مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ .
الْخَرَشِيُّ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ عِتْقُ الْبَاقِي لِحُكْمٍ كَالطَّلَاقِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْعِتْقِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْجُمْلَةِ .
شب أَيْ فِي التَّكْمِيلِ فَقَطْ وَتَبْعِيضُ الْعِتْقِ لَا أَدَبَ فِيهِ لِجَوَازِهِ .
عب يُؤَدَّبُ مُجَزِّئُ الْعِتْقِ لِقَوْلِ التَّلْقِينِ لَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً وَتَبِعَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَرَدَّهُ الْبُنَانِيُّ بِأَنَّ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ رُشْدٍ حَمَلَا نَفْيَ الْجَوَازِ فِي التَّلْقِينِ عَلَى الْكَرَاهَةِ .
وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ لَيْسَ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ بَلْ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ فَلَا يُؤَدَّبُ تت .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : هَلْ يَتَوَقَّفُ عِتْقُ الْبَاقِي عَلَى حُكْمٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
اللَّخْمِيُّ وَهُوَ مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَوَّلًا ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا عَتَقَ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِحُكْمٍ وَلَا غَيْرِهِ .
الثَّانِي .
سَكَتَ عَنْ عِتْقِ نَحْوِ الْكَلَامِ وَالشَّعْرِ ، وَيَجْرِي اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ فِي ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَسَحْنُونٍ السَّابِقَيْنِ فِي الطَّلَاقِ ، فَقَالَ أَصْبَغُ بِاللُّزُومِ وَدَرَجَ عَلَيْهِ فِيهِ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ بِعَدَمِهِ .

وَتَمْلِيكِهِ الْعَبْدَ وَجَوَابُهُ : كَالطَّلَاقِ

( وَ ) هُوَ فِي ( تَمْلِيكِهِ ) أَيْ الْعِتْقَ ( لِلْعَبْدِ ) وَتَخْيِيرِهِ فِيهِ وَتَوْكِيلِهِ عَلَيْهِ كَتَمْلِيكِ الطَّلَاقِ لِلزَّوْجَةِ فِي تَوَقُّفِ لُزُومِهِ عَلَى رِضَا الْمُمَلِّكِ ( وَ ) هُوَ فِي ( جَوَابِهِ ) أَيْ تَمْلِيكِ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ ( كَالطَّلَاقِ ) فِيهَا ابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ مَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ عِتْقَهُ ، وَقَالَ لَهُ أَعْتِقْ نَفْسَك فِي مَجْلِسِك هَذَا وَفَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِ ، فَقَالَ اخْتَرْت نَفْسِي فَإِنْ قَالَ الْعَبْدُ نَوَيْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ صُدِّقَ وَعَتَقَ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ ، إنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ .
ابْنُ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ قَوْلِ الْعَبْدِ اخْتَرْت نَفْسِي وَقَوْلِ الزَّوْجَةِ الْمُمَلَّكَةِ اخْتَرْت نَفْسِي لِأَنَّ اخْتِيَارَ الْعَبْدِ نَفْسَهُ يَكُونُ بِغَيْرِ عِتْقِهِ ، كَبَيْعِهِ وَهِبَتِهِ ، وَاخْتِيَارَ الزَّوْجَةِ نَفْسَهَا لَا يَكُونُ إلَّا بِالطَّلَاقِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَعْتِقُ الْعَبْدُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْتُ نَفْسِي وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ ، وَفِيهَا إنْ قَالَ الْعَبْدُ أَنَا أَدْخُلُ الدَّارَ ، وَقَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ الْعِتْقَ فَلَا عِتْقَ لَهُ ، إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَحْرُفِ الْعِتْقِ ، بِخِلَافِ قَوْلِ السَّيِّدِ لَهُ اُدْخُلْ الدَّارَ مُرِيدًا بِهِ عِتْقَهُ ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَلْزَمُ فَالْعَبْدُ فِي هَذَا كَالْمَرْأَةِ تَقُولُ أَنَا أَدْخُلُ بَيْتِي فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إنَّهَا أَرَادَتْ بِهِ الطَّلَاقَ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْقَوْلُ فِيمَنْ مَلَّكَ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْعِتْقَ كَالْقَوْلِ فِي تَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ الطَّلَاقَ فِي أَنَّ ذَلِكَ فِي يَدِ الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا عَنْ الْمَجْلِسِ أَوْ يَطُلْ .
الْبُنَانِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَجَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ إلَى قَوْلِهِ فِيهِ ، أَوْ قَالَ : يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالْمَدْعُوَّةُ وَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ مَنْصُوصَةٍ فِيمَنْ قَالَ يَا مَرْزُوقُ فَأَجَابَهُ رَبَاحٌ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ فَقِيلَ يَعْتِقَانِ .
وَقِيلَ : لَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا .
وَقِيلَ يَعْتِقُ الْمَدْعُوُّ فَقَطْ ،

وَقِيلَ يُعْتَقُ الْمُجِيبُ فَقَطْ وَخَرَّجُوهَا فِي الطَّلَاقِ .
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

إلَّا لِأَجَلٍ ، وَإِحْدَاكُمَا ، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ .
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ تَشْبِيهِ الْعِتْقِ بِالطَّلَاقِ فَقَالَ ( إلَّا ) الْعِتْقَ ( لِأَجَلٍ ) كَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ فَلَيْسَ كَالطَّلَاقِ لِأَجَلٍ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَعْدَ عَامٍ فِي التَّنْجِيزِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ فَلَا يُنَجَّزُ الْعِتْقُ ، وَيَبْقَى الرَّقِيقُ عَلَى حُكْمِ رِقِّهِ فِي خِدْمَتِهِ لَا فِي وَطْئِهِ إنْ كَانَ أَمَةً إلَى تَمَامِ الْأَجَلِ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهُ .
فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ أَعْتَقَ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِمَنْ أَعْتَقَهُ بِالْخِدْمَةِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ ، لَكِنْ يُمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ ( وَإِلَّا ) فِي قَوْلِهِ لِأَمَتَيْهِ ( إحْدَاكُمَا ) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا ( فَلَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( الِاخْتِيَارُ ) لِأَمَةٍ مِنْهُمَا لِلْعِتْقِ وَالْأُخْرَى لِلْبَقَاءِ عَلَى الرِّقِّيَّةِ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْمَالِكِيِّينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَتَطْلُقَانِ مَعًا وَلَا اخْتِيَارَ لَهُ ، وَجَعَلَ لَهُ الْمَدَنِيُّونَ مِنْ أَئِمَّتِنَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ الِاخْتِيَارَ فِي الطَّلَاقِ كَالْعِتْقِ ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِأَنَّ الْعِتْقَ يَتَبَعَّضُ وَيُجْمَعُ بِالسَّهْمِ فِي إحْدَاهُمَا ، بِخِلَافِ الطَّلَاقِ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقِ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ فَحَنِثَ فَإِنْ كَانَ نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً طَلُقَتْ الَّتِي نَوَى خَاصَّةً وَهُوَ مُصَدَّقٌ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ طَلُقَتَا جَمِيعًا .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ قَالَ رَأْسٌ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ وَلَمْ يَنْوِ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي عِتْقِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ لِعَبْدَيْهِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ .

وَإِنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ : فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً
وَ ) إلَّا قَوْلَهُ لِأَمَتِهِ ( إنْ حَمَلْتِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ مِنِّي ( فَأَنْتِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( حُرَّةٌ فَلَهُ ) أَيْ السَّيِّدِ ( وَطْؤُهَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( فِي كُلِّ طُهْرٍ ) مِنْ حَيْضِهَا ( مَرَّةً ) وَالْبُعْدُ عَنْهَا ، فَإِنْ حَمَلَتْ عَتَقَتْ وَإِنْ حَاضَتْ فَلَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْهُ مَرَّةً ، وَهَكَذَا حَتَّى تَحْمِلَ .
وَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ وَوَطِئَهَا نُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا .
ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِأَمَةٍ يَطَؤُهَا إنْ حَمَلْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً ، قِيلَ لَهُ وَلِمَ لَا يَتَمَادَى عَلَى وَطْئِهَا ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كُلُّ مَنْ وُطِئَتْ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى الْحَمْلِ إلَّا الشَّاذَّةَ ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ ، فَإِذَا وَطِئَهَا مَرَّةً طَلُقَتْ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْأَمَةِ .

وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ : لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا ، إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ ؛

( وَإِنْ جَعَلَ ) مَالِكُ الرَّقِيقِ ( عِتْقَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ مُفَوَّضًا ( لِ ) شَخْصَيْنِ ( اثْنَيْنِ ) مَعًا ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الِاثْنَيْنِ بِعِتْقِهِ ( إنْ لَمْ يَكُونَا ) أَيْ الِاثْنَانِ ( رَسُولَيْنِ ) فَإِنْ كَانَا رَسُولَيْنِ فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ بِعِتْقِهِ .
شب الْمُرَادُ بِالرَّسُولَيْنِ مَنْ أَرْسَلَهُمَا لَيَعْتِقَاهُ إذَا وَصَلَا إلَيْهِ ، وَجَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ بِعِتْقِهِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمَا مَنْ أَمَرَهُمَا بِتَبْلِيغِهِ عِتْقَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ أَمْرِهِمَا بِهِ بَلَّغَاهُ مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُبَلِّغَاهُ .
وَفِيهَا مَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ يَعْتِقُ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى عِتْقِهِ ، وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ بِذَلِكَ ، وَكَذَا إنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْجَوَابُ وَاحِدٌ .
الْبِسَاطِيُّ كَلَامُهَا مُشْكِلٌ وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَهُ زَادَ إشْكَالُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهَا أَوَّلًا أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا ، وَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ تَقْسِيمُهُ بَعْدُ إلَى التَّفْوِيضِ وَالْإِرْسَالِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا ، فَكَيْفَ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ .
وَأَجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهَا وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ لَيْسَ قَسِيمًا لِقَوْلِهِ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا وَلَا مَعْطُوفًا عَلَيْهِ .
وَإِنَّمَا هُوَ قَسِيمٌ لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ وَمَعْطُوفٌ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ إلَيْهِمَا تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ ، قَالَ وَهَذَا الْجَوَابُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الظَّاهِرِ يَزُولُ بِهِ إشْكَالُ كَلَامِهَا لَا إشْكَالُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ .
قُلْت وَبِجَوَابِ شب الْمُتَقَدِّمِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ عَنْ كَلَامِهَا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ،

وَإِنْ اسْتَبْعَدَهُ الْبُنَانِيُّ ، إذْ كَأَنَّهَا قَالَتْ فَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَلَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا وَإِنْ فَوَّضَهُ إلَيْهِمَا وَجَعَلَ لِكُلٍّ .
الِاسْتِقْلَالَ عَتَقَ بِذَلِكَ ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ جَعَلَ عِتْقَهُ لِاثْنَيْنِ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِقْلَالَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ : فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا
( وَإِنْ قَالَ ) السَّيِّدُ لِأَمَتَيْهِ ( إنْ دَخَلْتُمَا ) هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ ، أَوْ قَالَ الزَّوْجُ لِزَوْجَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ ( فَدَخَلَتْ ) هَا ( وَاحِدَةٌ ) مِنْ الْأَمَتَيْنِ أَوْ الزَّوْجَتَيْنِ وَلَمْ تَدْخُلْ الْأُخْرَى مِنْهُمَا ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ السَّيِّدِ ، وَكَذَا الزَّوْجُ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْأَمَتَيْنِ ، وَكَذَا الزَّوْجَتَانِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ حَمْلًا لِكَلَامِهِمَا عَلَى كَرَاهَتِهِ اجْتِمَاعِهِمَا .
فِيهَا لِمَا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا مِنْ التَّخَاصُمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ فَقَطْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ ، وَإِنْ دَخَلْت يَا فُلَانَةُ فَأَنْتِ حُرَّةٌ .
فِيهَا الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَنْ قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ إحْدَاهُمَا حَنِثَ وَعَتَقَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إنْ دَخَلْتُمَا هَذِهِ الدَّارَ فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ ، أَوْ لِزَوْجَتَيْهِ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْهَا إحْدَاهُمَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَدْخُلَاهَا جَمِيعًا ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٌ .
ابْنُ يُونُسَ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا ، وَعَلَى هَذَا وَقَعَتْ يَمِينُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْوَاحِدَةِ .
الْبُنَانِيُّ الْأَوْلَى ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَعَ مَسَائِلِ الْمُوَافَقَةِ بَيْنَ الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ .

وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ : الْأَبَوَانِ ، وَإِنْ عَلَوَا ، وَالْوَلَدُ وَإِنْ سَفُلَ : كَبِنْتٍ ،

( وَعَتَقَ ) بِفَتَحَاتٍ لَازِمٌ مِنْ بَابَيْ دَخَلَ وَضَرَبَ ( بِنَفْسِ الْمِلْكِ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ إضَافَتُهُ لِلْبَيَانِ فَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ، ( الْأَبَوَانِ ) لِمَالِكِهِمَا أَيْ الْأُمِّ وَالْأَبِ فَفِيهِ تَغْلِيبُ الْأَبِ إنْ لَمْ يَعْلُوا ، بَلْ ( وَإِنْ عَلَوَا ) أَيْ ارْتَفَعَا بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ كَالْجَدَّةِ وَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ أَوْ الْأَبِ .
ابْنُ شَاسٍ النَّظَرُ الثَّانِي فِي خَوَاصِّ الْعِتْقِ وَهِيَ سِتٌّ الْخَاصَّةُ الثَّانِيَةُ مِنْهَا عِتْقُ الْقَرَابَةِ ، فَمَنْ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ أَحَدُ عَمُودَيْهِ أَعْنِي أُصُولَهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَعْلَى الْآبَاءُ وَالْأُمَّهَاتُ وَالْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَآبَاؤُهُمْ وَأُمَّهَاتُهُمْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَمِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَإِنْ عَلَوَا وَفُصُولُهُ وَهُوَ الْعَمُودُ الْأَسْفَلُ أَعْنِي الْمَوْلُودَ مِنْ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الْوَلَدِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَإِنْ سَفُلُوا عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَسَوَاءٌ دَخَلَ عَلَيْهِ قَهْرًا بِالْإِرْثِ أَوْ اخْتِيَارًا بِالْعَقْدِ وَيُلْحَقُ بِالْعَمُودَيْنِ الْجَنَاحُ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَالْأَخَوَاتُ أَيِّ جِهَةٍ كَانُوا دُونَ أَوْلَادِهِمْ ( وَ ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ ( الْوَلَدُ ) لِمَالِكِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى إنْ لَمْ يَسْفُلْ ، بَلْ ( وَإِنْ سَفُلَ ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ أَيْ نَزَلَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ إنْ كَانَ لِابْنٍ ، بَلْ وَإِنْ كَانَ ( لِبِنْتٍ ) " غ " كَبِنْتٍ وَإِنْ سَفَلَتْ تَنْبِيهًا عَلَى انْدِرَاجِ أَوْلَادِهَا كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِمَا ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لِبِنْتٍ بِاللَّامِ مَكَانِ الْكَافِ كَأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْإِغْيَاءِ ، أَيْ وَإِنْ كَانَ السَّافِلُ لِبِنْتٍ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ لِابْنٍ فَيَرْجِعُ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ ، فَلَفْظُ الْوَلَدِ عَلَى الْأَوَّلِ خَاصٌّ بِالذِّكْرِ لِتَشْبِيهِ الْبِنْتِ بِهِ ، وَهُوَ عَلَى الثَّانِي شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَهُوَ أَوْلَى لِتَعْمِيمِ الْحُكْمِ فِي الْأَعْلَيِينَ وَالْأَسْفَلِينَ .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ عَلَى الْأَوَّلِ الْوَلَدُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَيْضًا وَالْكَافُ

لِلتَّمْثِيلِ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ .

وَأَخٌ ، وَأُخْتٌ مُطْلَقًا ، وَإِنْ بِهِبَةٍ ، أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ؛ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي ، وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ .

( وَ ) عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ ( أَخٌ وَأُخْتٌ ) لِلْمَالِكِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ شَقِيقًا وَلَا يَعْتِقُ بِهِ أَوْلَادُ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَلَا الْأَعْمَامُ وَلَا الْعَمَّاتُ وَلَا الْأَخْوَالُ وَلَا الْخَالَاتُ وَلَا أَوْلَادُهُمْ عَلَى الْمَشْهُورِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَصْرِ عِتْقِ الْقَرَابَةِ عَلَى مَنْ لَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ وِلَادَةٌ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَعَكْسُهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ الْأَخِ مُطْلَقًا ، ثَالِثُهَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ .
لِلَّخْمِيِّ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ وَالْمَشْهُورُ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ مَعَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ ، ثُمَّ قَالَ وَيَجِبُ عِتْقُهُ بِنَفْسِ مِلْكِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالْجَلَّابُ عَنْ الْمَذْهَبِ .
اللَّخْمِيُّ وَرَوَاهُ مُحَمَّدٌ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ وَقْفَهُ فِي الْإِخْوَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى الْحُكْمِ .
غ " لَا يَخْفَاك وُجُوبُ رَفْعِهِمَا عَطْفًا عَلَى الْأَبَوَانِ وَامْتِنَاعِ جَرِّهِمَا عَطْفًا عَلَى بِنْتٍ ، فَلَوْ عَرَّفَهُمَا كَانَ أَوْلَى إنْ حَصَلَ مِلْكُ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ، بَلْ ( وَإِنْ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ) فَيَعْتِقُونَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ ( إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي ) بِالْكَسْرِ أَنَّ الْمُعْطَى لَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ الرَّقِيقُ إنْ قَبِلَ الْمُعْطَى لَهُ بِالْفَتْحِ مَا ذُكِرَ ، بَلْ ( وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ ) الْمُعْطَى لَهُ مَا ذُكِرَ .
ابْنُ الْمَوَّازِ مَنْ وَرِثَ أَبَاهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ أَشْهَبُ هُوَ حُرٌّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا وَرِثَهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَا يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ .
ابْنُ يُونُسَ أَرَادَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ فِيهِ كَالْمِيرَاثِ ، وَقَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا .
أَبُو عُمَرَ

كُلٌّ مِنْ هَؤُلَاءِ يَعْتِقُ عَلَى مَالِكِهِ سَاعَةَ يَتِمُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ بِأَيِّ وَجْهٍ مَلَكَهُ مِنْ بَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عِلْمَ الْمُعْطِي شَرْطٌ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا فِي ضَيْح وَبِهِ اعْتَرَضَ الشَّارِحُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَأَشَارَ " ز " إلَى جَوَابِهِ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي مُقَدَّرٍ وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ ، عَلَى أَنَّ " ح " تَوَقَّفَ فِي ثُبُوتِ هَذَا الْقَيْدِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوُجُودِ الدَّيْنِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ تَعَرُّضٌ لِهَذَا الْقَيْدِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي ضَيْح وَغَيْرِهِ فِيمَا إذَا وَهَبَ لَهُ أَبُوهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ بِأَنَّهُ أَبُوهُ فَهَلْ يُبَاعُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ وَجَزَمَ ابْنُ يُونُسَ وَالْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ ، ثُمَّ قَالَ وَقَفْت عَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ فَرَأَيْته صَرَّحَ بِهَذَا الْقَيْدِ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا لَا دَلِيلَ فِيهِ عَلَى مَا قَالَ ، ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ مَنْ وَقَفَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلْيُحِقَّهُ .
طفي فقي ظَهَرَ لَك صِحَّةُ التَّعَقُّبِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الْمَوَّاقُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُفْلِسِ وَلَوْ وَرِثَ أَبَاهُ بِيعَ لَا وُهِبَ لَهُ إلَخْ .
الْبُنَانِيُّ قُلْت نَصُّ الْمَوَّاقِ صَرِيحٌ فِي الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ ، وَنَصُّهُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ يُبَاعُ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لِأَنَّ الْوَاهِبَ يَقُولُ لَمْ أَهَبْهُ وَلَمْ أَتَصَدَّقْ بِهِ عَلَيْهِ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ .
ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ ابْنَ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَاهِبُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ أَنَّهُ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلْيُبَعْ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ كَالْمِيرَاثِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا ،

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي هَذَا الْقَيْدِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
طفي قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ وَإِنْ بِهِبَةٍ إلَخْ ، رَدًّا لِقَوْلِ أَصْبَغَ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْبَلَهُ ، لَكِنْ قَالَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَجَعَلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ عَتِيقًا وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِقَرِيبِهِ عَتَقَ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ ، وَكَذَا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ .

وَوَلَاؤُهُ لَهُ ، وَلَا يُكَمَّلُ فِي جُزْءٍ لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ ، أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ .

( وَالْوَلَاءُ ) عَلَى الْقَرِيبِ الَّذِي عَتَقَ بِنَفْسِ مِلْكِهِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَوَّلًا إذَا لَمْ يَقْبَلْ فَالْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ .
ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَلَاءُ لِلْمُوصَى لَهُ قَبِلَهُ أَوْ رَدَّهُ ( وَ ) إنْ وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَوْصَى بِجُزْءٍ مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا لِمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَ ( لَا يُكَمَّلُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعِتْقُ ( فِي ) هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ( جُزْءٍ ) مِنْ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا ( لَمْ يَقْبَلْهُ ) أَيْ الْجُزْءَ شَخْصٌ ( كَبِيرٌ ) رَشِيدٌ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ الْجُزْءُ فَقَطْ وَلَا يَسْرِي فِي بَاقِي الرَّقَبَةِ ، سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُعْطِي أَوْ غَيْرِهِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ يُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ اشْتَرَى نِصْفَ أَبِيهِ أَوْ نِصْفَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِمَّنْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ أَوْ كَانَ لِاثْنَيْنِ فَاشْتَرَى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ مِنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ ، وَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَقِيَّتُهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ إلَّا مَا مَلَكَ وَيَبْقَى بَاقِيهِ رَقِيقًا عَلَى حَالِهِ يَخْدُمُ مُسْتَرِقَّهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْهُ ، وَيَعْمَلُ لِنَفْسِهِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَيُوقَفُ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَإِذَا أَوْصَى لَهُ بِبَعْضِ أَبِيهِ فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ ، وَإِنْ رَدَّهُ فَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا رَدَّهُ عَتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ ، قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَمَّا مَنْ وَرِثَ شِقْصًا مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا مَا وَرِثَ فَقَطْ ، وَلَا تُقَوَّمُ بَقِيَّتُهُ وَإِنْ كَانَ مَلِيئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَجُرَّ الْمِيرَاثَ إلَى

نَفْسِهِ ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى رَفْعِهِ ، وَفِي الشِّرَاءِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هُوَ جَرَّهَا إلَى نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى دَفْعِهَا .
( أَوْ قَبِلَهُ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ، أَيْ الْجُزْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمُوصَى بِهِ لِصَغِيرٍ ( وَلِيٌّ صَغِيرٌ ) فَلَا يُقَوَّمُ بَاقِيهِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَوْ أَوْصَى لِصَغِيرٍ بِشِقْصِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ وَرِثَهُ فَقَبِلَهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ فَإِنَّمَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ذَلِكَ الشِّقْصُ فَقَطْ ، وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الصَّبِيِّ بَقِيَّتُهُ وَلَا عَلَى الْأَبِ أَوْ الْوَصِيُّ الَّذِي قَبِلَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى الصَّبِيِّ وَكُلُّ مَا جَازَ بَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ عَلَى الصَّبِيِّ فَقَبُولُ هِبَتِهِ لَهُ جَائِزٌ لِلْأَبِ وَالْوَصِيِّ .

لَا بِإِرْثٍ ، أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَيُبَاعُ .
( لَا ) يَعْتِقُ الْأَبَوَانِ وَمَنْ بَعْدَهُمَا إنْ مَلَكَهُمْ مَنْ يَعْتِقُونَ عَلَيْهِ ( بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَ ) الْحَالُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ مَنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ ( دَيْنٌ ) مُحِيطٌ بِمَالِهِ يَفِي بِهِ ( فَيُبَاعُ ) الرَّقِيقُ الْمَوْرُوثُ أَوْ الْمُشْتَرَى فِي وَفَاءِ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْوَارِثِ أَوْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَعْتِقُ عَلَيْهِ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا إذَا وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِلْغُرَمَاءِ .
ابْنُ يُونُسَ أَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ أَعْنِي مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلْيُبَعْ فِي دَيْنِهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ وَرِثَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .

وَبِالْحُكْمِ ، إنْ عَمَدَ لِشَيْنٍ بِرَقِيقِهِ ، أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ ، أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ : غَيْرُ سَفِيهٍ ، وَعَبْدٍ ، وَذِمِّيٍّ بِمِثْلِهِ ، وَزَوْجَةٍ ، وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ ، وَمَدِينٍ :

( وَ ) عَتَقَ عَلَى الْمَالِكِ وُجُوبًا ( بِالْحُكْمِ ) عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ بِنَفْسِ الْمُثْلَةِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ ( إنْ عَمَدَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ ، أَيْ قَصَدَ الْمَالِكُ ( لِشَيْنٍ ) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ تَشْيِينٍ وَتَمْثِيلٍ ( بِرَقِيقِهِ ) الْقِنِّ أَوْ ذِي الشَّائِبَةِ ، وَمَفْهُومُ عَمَدَ أَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَمَفْهُومُ لِشَيْنٍ أَنَّهُ إنْ عَمَدَ لِمُدَاوَاتِهِ أَوْ عَمَدَ لَا لِشَيْنٍ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِيهِمَا ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُطْلَقَ الْعَمْدِ كَافٍ فِي إيجَابِ الْعِتْقِ أَفَادَهُ تت .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ الْمُثْلَةِ وَلَا يَكْفِي تَعَمُّدُ الضَّرْبِ وَحْدَهُ ، وَبِهِ قَرَّرَهُ " ز " ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ : وَفِي شَرْطِ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ أَوْ بِهِ مَعَ قَصْدِ الْمُثْلَةِ قَوْلَانِ لِظَاهِرِهَا لِقَوْلِهَا إنْ كَوَى عَبْدَهُ تَدَاوِيًا أَوْ أَصَابَهُ عَلَى وَجْهِ الْأَدَبِ مِنْ كَسْرٍ أَوْ قَطْعِ جَارِحَةٍ فَلَا يَعْتِقُ ، وَإِنَّمَا يَعْتِقُ بِمَا تَعَمَّدَ بِهِ ، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ دِينَارٍ لَا يَكُونُ مُثْلَةً بِضَرْبِهِ أَوْ رَمْيِهِ وَإِنْ تَعَمَّدَهُ إلَّا أَنْ يَتَعَمَّدَ الْمُثْلَةَ بِضَجْعِهِ لِيُمَثِّلَ بِهِ ، وَهَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْغَالِبَ شَفَقَةُ الْإِنْسَانِ عَلَى مَالِهِ .
( أَوْ ) عَمَدَ لِشَيْنٍ بِ ( رَقِيقِ رَقِيقِهِ أَوْ ) بِرَقِيقٍ ( لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ ) أَوْ السَّفِيهِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ .
ابْنُ شَاسٍ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ الثَّانِيَةِ الْعِتْقُ بِالْمُثْلَةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ مَنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِهِ عَمْدًا مُثْلَةَ شَيْنٍ عَتَقَ عَلَيْهِ وَعُزِّرَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْعِتْقِ بِتَمْثِيلِ السَّيِّدِ بِذِي رِقٍّ لَهُ .
فِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ

بِعَبْدٍ لِعَبْدِهِ عَتَقُوا عَلَيْهِ ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا شَرْطُ الْمُثْلَةِ بِمُطْلَقِ الْعَمْدِ لِلضَّرْبِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً .
وَفِيهَا مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ بِأُمِّ وَلَدِهِ أَوْ بِمُدَبَّرِهِ أَوْ بِعَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَغَرِمَ قِيمَتَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَفْهُومُهَا أَنَّ عَبْدَ الْكَبِيرِ كَعَبْدِ الْأَجْنَبِيِّ ، وَقَالَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَفِيهًا فِي وِلَايَتِهِ فَهُوَ كَالصَّغِيرِ .
وَفَاعِلُ عَمَدَ ( غَيْرُ سَفِيهٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اعْتِبَارِ تَمْثِيلِ السَّفِيهِ كَالرَّشِيدِ وَلَغْوِهِ قَوْلَانِ ، وَاَلَّذِي ثَبَتَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ لَغْوُهُ ( وَ ) غَيْرُ ( عَبْدٍ ) ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَمْثِيلُ الْمَدِينِ بِعَبْدِهِ وَالْعَبْدِ بِعَبْدِهِ لَغْوٌ ( وَ ) غَيْرُ ( ذِمِّيٍّ بِ ) عَبْدٍ لَهُ ( بِمِثْلِهِ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ ، أَيْ شَبَهِهِ فِي الذِّمِّيَّةِ بِأَنْ مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِمِثْلِهِ أَوْ بِذِمِّيٍّ أَوْ ذِمِّيٌّ بِمُسْلِمٍ ، فَإِنْ مَثَّلَ ذِمِّيٌّ بِمِثْلِهِ فَلَغْوٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ تَمْثِيلُ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ يُوجِبُ عِتْقَهُ عَلَيْهِ ، وَفِي تَمْثِيلِهِ بِعَبْدِهِ النَّصْرَانِيِّ قَوْلَانِ لِأَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ اُحْتُرِزَ بِالذِّمِّيِّ عَنْ الْمُعَاهَدِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ قَالَهُ أَشْهَبُ ، قَالَ وَيَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ عَلَى الذِّمِّيِّ إلَّا أَنْ يُمَثِّلَ بِعَبْدِهِ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَاخْتَارَهُ أَصْبَغُ ( وَ ) غَيْرُ ( زَوْجَةٍ وَ ) غَيْرُ شَخْصٍ ( مَرِيضٍ ) مَرَضًا مَخُوفًا ( فِي ) تَمْثِيلِهِمَا بِرَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِمَا أَوْ رَقِيقِ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ ( زَائِدِ ) الْقِيمَةِ عَلَى ( الثُّلُثِ ) مِنْ مَالِهِمَا بِأَنْ كَانَ الْمُمَثِّلَ لَيْسَ زَوْجَةً وَلَا مَرِيضًا ، أَوْ كَانَ أَحَدَهُمَا وَمَثَّلَ بِمَا قِيمَتُهُ قَدْرُ الثُّلُثِ أَوْ أَقَلُّ ، فَإِنْ كَانَ زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا

مَثَّلَ بِمَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الثُّلُثِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ تَمْثِيلِ ذَاتِ الزَّوْجِ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا وَلُزُومِ عِتْقِهَا بِهِ وَلَوْ كَرِهَ الزَّوْجُ نَقْلًا اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ ( وَ ) غَيْرُ ( مَدِينٍ ) بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ مَدِينًا بِمَا لَا وَفَاءَ لَهُ بِهِ فَتَمْثِيلُهُ لَغْوٌ كَمَا تَقَدَّمَ .

كَقَلْعِ ظُفْرٍ ، وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ ، أَوْ جَسَدٍ أَوْ سِنٍّ ، أَوْ سَحْلِهَا أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ ، أَوْ حَلْقِ شَعْرِ أَمَةٍ رَفِيعَةٍ ، أَوْ لِحْيَةِ تَاجِرٍ .
وَمَثَّلَ لِلشَّيْنِ فَقَالَ ( كَقَلْعِ ظُفْرٍ ) عِيَاضٌ يَعْتِقُ بِهِ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا .
فِيهَا قَطْعُ الْأُنْمُلَةِ مُثْلَةٌ الْأَخَوَانِ إنْ قَلَعَ ظُفْرَهُ أَوْ ضِرْسَهُ أَوْ سِنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ( أَوْ قَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ أَوْ ) قَطْعِ بَعْضِ ( جَسَدٍ ) رَوَى مُحَمَّدٌ إنْ قَطَعَ عُرْفَ أُذُنِهِ أَوْ بَعْضَ جَسَدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) قَلْعِ ( سِنٍّ أَوْ سَحْلِهَا ) بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ بِرَدِّ السِّنِّ .
ابْنُ شَاسٍ سَحْلُ الْأَسْنَانِ بَرْدُهَا حَتَّى تَذْهَبَ مَنْفَعَتُهَا ( أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ ) نَقَلَ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ خَرَمَ أَنْفَ عَبْدِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ ( أَوْ حَلْقِ شَعْرِ ) رَأْسِ ( أَمَةٍ رَفِيعَةٍ ) أَيْ جَمِيلَةٍ ( أَوْ ) حَلْقِ ( لِحْيَةِ ) عَبْدٍ ( تَاجِرٍ ) رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَلْقُ رَأْسِ الْعَبْدِ النَّبِيهِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ مُثْلَةٌ لَا فِي غَيْرِهِمَا .
ابْنُ الْحَاجِبِ حَلْقُ رَأْسِ الْأَمَةِ وَلِحْيَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ بِشَيْنٍ إلَّا فِي التَّاجِرِ الْمُحْتَرَمِ وَالْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ

أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ ، لَا غَيْرِهِ ، وَفِي غَيْرهَا فِيهِ : قَوْلَانِ .
وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ ، لَا فِي عِتْقٍ بِمَالٍ .

( أَوْ وَسْمِ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَعْلِيمِ ( وَجْهٍ بِنَارٍ ) ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدِهِ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ النَّارِ وَغَيْرِهَا ابْنُ عَرَفَةَ الْحَرْقُ بِالنَّارِ لَيْسَ بِمُثْلَةٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ مَنْظَرُهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
أَصْبَغُ مَنْ كَتَبَ فِي وَجْهِ عَبْدٍ أَوْ جَبْهَتِهِ أَنَّهُ آبِقٌ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ .
أَصْبَغُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بِذِرَاعِهِ أَوْ بَاطِنِ جَسَدِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلِابْنِ وَهْبٍ مَنْ عَرَّفَ بِالْإِبَاقِ فَرَسَمَ سَيِّدُهُ فِي وَجْهِهِ عَبْدُ فُلَانٍ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَكَذَا لَوْ فَعَلَهُ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ عَتَقَ عَلَيْهِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ .
( لَا ) وَسْمِ ( غَيْرِ الْوَجْهِ ) بِالنَّارِ كَوَسْمِ ذِرَاعِهِ أَوْ دَاخِلِ جَسَدِهِ بِهَا إخْرَاجٌ مِنْ الْمُثْلَةِ فَلَا يَعْتِقُ بِهِ ، وَتَقَدَّمَ هَذَا عَنْ أَصْبَغَ ( وَفِي ) وَسْمِ الرَّقِيقِ بِ ( غَيْرِهَا ) أَيْ النَّارِ كَإِبَرٍ بِمِدَادٍ ( فِيهِ ) أَيْ الْوَجْهِ ( قَوْلَانِ ) بِالْعِتْقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ وَعَدَمِهِ وَهُوَ لِأَشْهَبَ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( وَ ) إنْ مَثَّلَ الْمَالِكُ بِمَمْلُوكِهِ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَ ( الْقَوْلُ السَّيِّدُ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ ) الْمُوجِبِ لِلْعِتْقِ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ .
" ق " رَجَعَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّ مَنْ فَقَأَ عَيْنَ عَبْدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ فَقَالَا فَعَلَ ذَلِكَ بِنَا عَمْدًا ، وَقَالَ السَّيِّدُ وَالزَّوْجُ بَلْ أَدَّبْتُهُمَا فَأَخْطَأْت إلَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ حَتَّى يَظْهَرَ الْعَدَاءُ وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَالِكُ رَقِيقَهُ وَتَنَازَعَا فِي كَوْنِهِ مَجَّانًا أَوْ عَلَى مَالٍ فَ ( لَا ) يَكُونُ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ ( فِي ) دَعْوَى ( عِتْقٍ بِمَالٍ ) بَلْ الْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِيَمِينِهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ الْقَوْلُ قَوْلُ

السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَعْتَقْته عَلَى مَالٍ ، وَقَالَ الْعَبْدُ عَلَى غَيْرِ مَالٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ وَيَحْلِفُ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ إذَا خَصَى الْمَالِكُ عَبْدَهُ فَإِنْ كَانَ قَصَدَ تَعْذِيبَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ غَارَ مِنْهُ لِرُؤْيَتِهِ يَتَعَرَّضُ لِحَرِيمِهِ فَقَصَدَ تَنْكِيلَهُ بِخِصَائِهِ كَمَا وَرَدَ عَنْ { عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِزِنْبَاعِ عَبْدٍ يُسَمَّى سِنْدَارًا أَوْ ابْنَ سَنْدَرٍ وَجَدَهُ يُقَبِّلُ جَارِيَتَهُ فَجَدَعَ أَنْفَهُ وَجَبَّهُ فَأَعْتَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ أَوْ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ فَهُوَ حُرٌّ وَهُوَ مَوْلًى لِلَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ } ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ حَصَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ مَرَضٌ فَأَدَّى عِلَاجُهُ وَمُدَاوَاتُهُ إلَى خِصَائِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ خَصَاهُ لِيَزِيدَ ثَمَنُهُ فَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا نَقَلَهُ الْجُزُولِيُّ وَغَيْرُهُ .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ خِصَاءُ الْآدَمِيِّ لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ وَهُوَ مُثْلَةٌ وَتَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَكَذَا قَطْعُ سَائِرِ أَعْضَائِهِ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَلَا قَوَدٍ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ .
الثَّانِي : الْوَسْمُ وَالْإِشْعَارُ مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ نَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرِيطَةِ الشَّيْطَانِ وَعَنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَالْوَسْمُ الْكَيُّ بِالنَّارِ ، وَأَصْلُهُ التَّعْلِيمُ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ وَثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ رَأَيْت فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِيسَمُ وَهُوَ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ وَالْفَيْءِ وَغَيْرَهَا حَتَّى يَعْرِفَ كُلٌّ مَالَهُ فَيُؤَدِّيَ حَقَّهُ وَلَا يُجَاوِزَهُ إلَى غَيْرِهِ } .
الثَّالِثُ : ابْنُ

عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمُثْلَةُ بَيِّنَةً فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِحُكْمٍ ، وَفِي كَوْنِ الْبَيِّنَةِ كَذَلِكَ قَوْلَا مَالِكٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَائِلًا فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ لَوْ قَطَعَ أُذُنَيْهِ وَلِسَانَهُ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَرِثَهُ سَيِّدُهُ بِالرِّقِّ وَأَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لِقَوْلِهِ مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ مُثْلَةً بَيِّنَةً فَهُوَ حُرٌّ حِينَ مَثَّلَ بِهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ ، وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ ، وَذَكَرَ الصِّقِلِّيُّ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ قَالَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِالْمُثْلَةِ صَارَ حُرًّا وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَهُوَ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ .
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُثْلَةُ الْمَشْهُورَةُ الَّتِي لَا شَكَّ فِيهَا فَهُوَ حُرٌّ بِهَا بِغَيْرِ قَضِيَّةٍ ، وَأَمَّا مُثْلَةٌ شُكَّ فِيهَا فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِالْحُكْمِ .
قُلْت إنْ جَعَلْنَا الْمَشْهُورَةَ أَخَصَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ ، وَمَا شُكَّ يَصْدُقُ عَلَى الْبَيِّنَةِ اتَّفَقَ نَقْلَا اللَّخْمِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ وَإِلَّا اخْتَلَفَا .

وَبِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ ، إنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَالْبَاقِي لَهُ .
كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ ، إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ .

( وَ ) عَتَقَ ( بِالْحُكْمِ ) عَلَى الْمَالِكِ ( جَمِيعُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( إنْ أَعْتَقَ ) الْمَالِكُ ( جُزْءًا ) مِنْهُ وَلَوْ قَلِيلًا كَرُبُعِ عُشْرٍ أَوْ يَدٍ ( وَالْبَاقِي ) مِنْ الرَّقِيقِ مَمْلُوكٌ ( لَهُ ) أَيْ مُعْتِقُ الْجُزْءِ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يَعْتِقُ بِلَا حُكْمٍ وَهُوَ ظَاهِرُهَا فِي كِتَابِ الْعِتْقِ ا هـ .
تت ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا مَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ عَتَقَ جَمِيعُهُ .
اللَّخْمِيُّ اخْتَلَفَ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَلْ عَتَقَ بَقِيَّتُهُ بِنَفْسِ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ وَفَرَّقَ مَرَّةً فَقَالَ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فَحَتَّى يَحْكُمَ وَالْأَحْسَنُ وَقْفُهُ عَلَى الْحُكْمِ فِيهِمَا ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ .
ابْنُ رُشْدٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مَنْ أَعْتَقَ نِصْفَ عَبْدِهِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَلَمْ يَرْفَعْ حَتَّى مَاتَ السَّيِّدُ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ ، هَذَا مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ .
وَقِيلَ يَكُونُ كُلُّهُ حُرًّا بِسَرَيَانِ الْعِتْقِ فِي جَمِيعِهِ حَكَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ .
وَشَبَّهَ فِي تَكْمِيلِ الْعِتْقِ بِالْحُكْمِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ مَقْرُونٌ بِكَافِ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( بَقِيَ ) فِي الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ جُزْؤُهُ جُزْءٌ ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ مُعْتِقِ الْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا فَيُكَمَّلُ عِتْقُ بَاقِيهِ عَلَى مُعْتِقِ جُزْئِهِ ( إنْ دَفَعَ ) مُعْتِقُ الْجُزْءِ ( الْقِيمَةَ ) لِلْجُزْءِ الْبَاقِي لِشَرِيكِهِ مُعْتَبَرَهً ( يَوْمَهُ ) أَيْ الْحُكْمِ بِعِتْقِ الْبَاقِي ، هَذَا قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَجَمَاعَةٍ ، هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَعَلَى أَنَّ عِتْقَ الْبَاقِيَ بِالسَّرَيَانِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ عَتَقَ الْجُزْءُ ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَضَاءِ ، وَعَتَقَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَعَلَى الْأَظْهَرِ يُقَوَّمُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ

الْعِتْقِ .
الْمُوَضِّحُ هَذَا إذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ خَاصَّةً ، وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ الْعِتْقَ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ .
طفي لَيْسَ يَوْمَهُ ظَرْفًا لِدَفَعَ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ دَفْعِهَا يَوْمَهُ .
وَإِنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْ الْقِيمَةِ ، أَيْ مُعْتَبَرَةً وَتَبِعَ فِي تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ ، وَنَصُّهُ أَبُو مُحَمَّدٍ : أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ ، أَنَّ السِّرَايَةَ إنَّمَا تَحْصُلُ بِالتَّقْوِيمِ وَدَفْعِ الْقِيمَةِ لِلشَّرِيكِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ نُصُوصُ الْمَالِكِيَّةِ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ فِيهَا النَّصُّ عَلَى اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ فِي حُصُولِ الْعِتْقِ وَإِنَّمَا اشْتَرَطُوا فِي التَّقْوِيمِ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ الشَّرِيكُ الْقِيمَةَ فَيَتْبَعُ بِهَا ذِمَّةَ الْمَلِيءِ ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَتَبِعَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفُ ، وَنَصُّهُ فِي الْمَعُونَةِ إنَّمَا شَرَطْنَا فِي إعْتَاقِ حِصَّةِ الشَّرِيكِ أَخْذَهُ الْقِيمَةَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَكَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ ، وَإِلَّا فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ } ا هـ .
وَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ، فَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلْقُرْطُبِيِّ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْإِعْطَاءِ مَعًا لَوْ وُجِدَ تَقْوِيمٌ دُونَ إعْطَاءٍ فَلَا يَكْمُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِمَجْمُوعِهِمَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِكَايَاتِ الْأَصْحَابِ عَنْ الْمَذْهَبِ ، غَيْرَ أَنَّ سَحْنُونًا قَالَ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ إنَّهُ حُرٌّ بِتَقْوِيمِ الْإِمَامِ ، فَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَوْ كَانَ مُحَصِّلًا لِلْعِتْقِ لَلَزِمَ أَنْ يَتْبَعَ الشَّرِيكُ ذِمَّةَ الْمُعْتِقِ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَذَلِكَ لَا يَمْشِي عَلَى الْقَوْلِ بِالسَّرَايَةِ

وَلَا عَلَى مُرَاعَاةِ التَّقْوِيمِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ ، فَالْخِلَافُ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ نَعَمْ الْمَذْهَبُ عَدَمُ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى دَفْعِ الْقِيمَةِ ، فَفِيهَا إنْ ابْتَعْت أَنْتَ وَأَجْنَبِيٌّ أَبَاك فِي صَفْقَةٍ جَازَ الْبَيْعُ وَعَتَقَ عَلَيْك وَضَمِنْت لِلْأَجْنَبِيِّ قِيمَةَ نَصِيبِهِ ا هـ .

وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ ،
( وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( مُسْلِمًا ) سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ وَالْعَبْدُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا ( أَوْ ) كَانَ ( الْعَبْدُ ) مُسْلِمًا وَالْمُعْتِقُ كَافِرًا ، سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُعْتِقُ وَالْعَبْدُ كَافِرَيْنِ فَلَا يُقَوَّمُ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكُهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ شَاسٍ إنْ أَعْتَقَ الْمُسْلِمَ قُوِّمَ عَلَيْهِ مُسْلِمًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ غَيْرَ مُسْلِمٍ وَإِنْ أَعْتَقَ الذِّمِّيَّ فَفَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَأَلْزَمَ الذِّمِّيَّ التَّقْوِيمَ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا وَأَسْقَطَهُ إذَا كَانَ ذِمِّيًّا ، وَلَا خِلَافَ فِي التَّقْوِيمِ إذَا كَانَ السَّيِّدَانِ مُسْلِمَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ ذِمِّيًّا كَمَا لَمْ يَخْتَلِفْ أَنَّا لَا نُلْزِمُهُمَا التَّقْوِيمَ إذَا كَانُوا ذِمِّيَّيْنِ ، وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكَانِ ذِمِّيَّيْنِ وَالْعَبْدُ مُسْلِمٌ فَفِي التَّقْوِيمِ رِوَايَتَانِ .

وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا ، أَوْ بِبَعْضِهَا : فَمُقَابِلُهَا ، وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفَلَّسِ
( وَإِنْ أَيْسَرَ ) الْمُعْتِقُ ( بِهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ كُلِّهَا فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ جَمِيعُهُ ( أَوْ ) أَيْسَرَ ( بِبَعْضِهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ وَأَعْسَرَ بِبَاقِيهَا ( فَ ) يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ( مُقَابِلُهَا ) أَيْ الْقِيمَةِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَيَبْقَى بَاقِيهَا رَقِيقًا لِشَرِيكِهِ .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوسِرْ بِشَيْءٍ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ .
ابْنُ شَاسٍ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا بِالْبَعْضِ لَسَرَى بِذَلِكَ الْقَدْرِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ .
( وَ ) يُعْتَبَرُ فِي يُسْرِهِ بِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا كَوْنُهَا ( فَضَلَتْ ) زَادَتْ ( عَنْ مَتْرُوكِ ) أَيْ مَا يُتْرَكُ لِلشَّخْصِ ( الْمُفَلَّسِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَاللَّامِ مُثَقَّلًا ، أَيْ الْمَحْكُومِ بِخَلْعِ مَالِهِ لِقِسْمَتِهِ عَلَى غُرَمَائِهِ لِنَقْصِهِ عَنْ دُيُونِهِمْ عَلَيْهِ كَمَلْبُوسِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ وَمَلْبُوسِ عِيَالِهِ كَذَلِكَ وَدَارِ سُكْنَاهُ الَّتِي لَا فَضْلَ فِيهَا عَنْ سُكْنَاهُ وَمَا يَقْتَاتُهُ هُوَ وَعِيَالُهُ إلَى ظَنِّ يُسْرِهِ فِيهَا يُبَاعُ عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْبَالِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ إلَّا كِسْوَتُهُ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَعِيشَةُ الْأَيَّامِ .
ابْنُ شَاسٍ كَمَا فِي الدُّيُونِ الَّتِي عَلَيْهِ .

وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ ، لَا بِإِرْثٍ ، وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ ، لَا إنْ كَانَ حُرَّ الْبَعْضِ
( وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ ) أَيْ الْجُزْءِ ( بِاخْتِيَارِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ بِأَنْ اشْتَرَاهُ أَوْ قَبِلَ هِبَتَهُ أَوْ صَدَقَتَهُ أَوْ الْوَصِيَّةُ لَهُ بِهِ وَهُوَ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ لَا إنْ وَرِثَ جُزْءَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ مِلْكِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ بَاقِيهِ ( وَإِنْ ابْتَدَأَ ) السَّيِّدُ ( الْعِتْقَ ) فِي الرَّقَبَةِ ( لَا إنْ كَانَ ) الرَّقِيقُ ( حُرَّ الْبَعْضِ ) بِأَنْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ ثُمَّ أَعْتَقَ ثَانِيهِمْ نَصِيبَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُبْتَدِئُ لِتَبْعِيضِ الْعِتْقِ ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ حُرًّا فَلَا يُقَوَّمُ .

وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ ، وَإِلَّا فَعَلَى حِصَصِهِمَا ، إنْ أَيْسَرَا ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ

( وَ ) إنْ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ مُوسِرُونَ فِي رَقِيقٍ وَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ أَيْضًا ( قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَصِيبُ الثَّالِثِ ( عَلَى ) الْمُعْتِقِ ( الْأَوَّلِ ) وَحْدَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ فِي الرَّقَبَةِ إنْ كَانَ إعْتَاقُ الثَّانِي بَعْدَ إعْتَاقِ الْأَوَّلِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِعْتَاقُ مِنْهُمَا فِي وَقْتَيْنِ بِأَنْ أَعْتَقَا حِصَّتَيْهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ( فَ ) تُقَوَّمُ حِصَّةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ ( حِصَصِهِمَا ) عَلَى الْمَشْهُورِ لَا عَلَى رُءُوسِهِمَا بِأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ ، وَأَعْتَقَ الْأَوَّلُ وَلِلثَّانِي دَفْعَةً ، فَعَلَى الْأَوَّلِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ سُدُسِ قِيمَتِهِ ، وَعَلَى الثَّانِي خُمُسَاهُ ( إنْ أَيْسَرَا ) أَيْ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُونَا مُوسِرَيْنِ ، فَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَا تَقْوِيمَ ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا ( فَ ) يُقَوَّمُ نَصِيبُ الثَّالِثِ ( عَلَى الْمُوسِرِ ) مِنْهُمَا .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، لَوْ كَانَ الْعَبْدُ لِثَلَاثَةٍ تَفَرَّقَ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ نَصِيبَهُ وَهُمَا مَلِيئَانِ ، فَأَرَادَ الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ أَنْ يُضَمِّنَ الثَّانِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يُضَمِّنَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ عَدِيمًا فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ، وَلَوْ أَعْتَقَا جَمِيعًا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَلِيئًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا قُوِّمَ جَمِيعُ بَاقِيهِ عَلَى الْمُوسِرِ .
" غ " وَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُسْلِمًا إلَى قَوْلِهِ وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ هَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ مَعْطُوفَةٍ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ فَشُرُوطُ التَّكْمِيلِ سِتَّةٌ إلَّا أَنَّهُ كَرَّرَ إنْ فِي الْمَعْطُوفَاتِ مَا عَدَا

الثَّالِثِ ، وَلَوْ أَسْقَطَهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي أَثْنَائِهَا أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا فَكَلَامٌ مُسْتَقِلٌّ لَوْ أَثْبَتَ فِيهِ إنْ لَكَانَ أَوْلَى .

وَعُجِّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ أُمِنَ .
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا أَوْ أَعْتَقَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ كَذَلِكَ وَهُوَ مَلِيءٌ فِيهِمَا ( عُجِّلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا تَقْوِيمُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَلَيْهِ ( فِي ثُلُثِ ) مَالِ ( مَرِيضٍ ) مَرَضًا مَخُوفًا سَابِقٌ عَلَى عِتْقِ الشِّقْصِ أَوْ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُ عَلَى الصَّوَابِ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ يَوْمُ التَّقْوِيمِ لَا يَوْمُ الْعِتْقِ ( أُمِنَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ ، أَيْ تَغَيُّرُ مَالِ الْمَرِيضِ بِأَنْ كَانَ عَقَارًا ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ مَالُهُ فَلَا يُعَجَّلُ التَّقْوِيمُ عَلَيْهِ بَلْ يُؤَخَّرُ ، فَإِنْ صَحَّ صِحَّةُ بَيِّنَةٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَالِهِ الَّذِي يُتْرَكُ لِلْمُفْلِسِ وَإِنْ مَاتَ قُوِّمَ فِي ثُلُثِهِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ نِصْفِ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ جَمِيعَهُ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا عَتَقَ عَلَيْهِ الْآنَ جَمِيعُهُ وَغَرِمَ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ فَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُهُ وَلَا نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَعْتِقُ جَمِيعُهُ فِي الثُّلُثِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ حَظِّ شَرِيكِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَبْلَغُهُ وَرُقَّ مَا بَقِيَ وَإِنْ عَاشَ لَزِمَهُ عِتْقُ بَقِيَّتِهِ .

وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ .
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ شِقْصَهُ فِي رَقِيقٍ وَهُوَ صَحِيحٌ أَوْ مَرِيضٌ وَلَمْ يُطَّلَعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ ( لَمْ ) الْأَوْلَى فَلَا ( يُقَوَّمْ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ لِدَفْعِ نَصِيبِ الشَّرِيكِ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَمَسِّكِ بِحَظِّهِ رَقِيقًا ( عَلَى ) شَخْصٍ ( مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ ) بِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقِيقِ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِوَارِثِهِ بِمُجَرَّدِ مَوْتِهِ ، فَإِنْ كَانَ أَوْصَى بِهِ قُوِّمَ فِي بَاقِي ثُلُثِهِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ فِي صِحَّتِهِ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُعْتِقُ إلَّا مَا أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَيِّتٍ ، وَكَذَا لَوْ فَلَّسَ .
أَشْهَبُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا إنْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ وَتَقْوِيمِ حَظِّ شَرِيكٍ عَلَيْهِ فَأَبَى شَرِيكُهُ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ .

وَقُوِّمَ كَامِلًا بِمَالِهِ بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ
( وَ ) إذَا قُوِّمَ مَنْ أُعْتِقَ بَعْضُهُ وَهُوَ مُشْتَرَكٌ ( قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ حَالَ كَوْنِهِ ( كَامِلًا ) مُقَدَّرًا رِقُّهُ كُلُّهُ ثُمَّ تُقْسَمُ قِيمَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ بِحَسَبِ حُظُوظِهِمْ فِيهِ وَيُحْكَمُ عَلَى مُعْتَقِ بَعْضِهِ بِدَفْعِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا لَهُ ، وَلَا يُقَوَّمُ نَصِيبُ الشَّرِيكِ وَحْدَهُ لِنَقْصِ قِيمَتِهِ عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَامِلًا حَالَ كَوْنِهِ مَصْحُوبًا ( بِمَالِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ .
الشَّيْخُ أَبُو عِمْرَانَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّ جَمِيعَهُ مَمْلُوكٌ عَلَى مَا يَسْوَى فِي مُخْبَرَتِهِ وَصَنْعَتِهِ وَبِمَالِهِ وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ ( بَعْدَ ) عَرْضِ عِتْقِ بَاقِيهِ عَلَى شَرِيكِهِ وَ ( امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ ) أَيْ مُعْتِقِ بَعْضِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ عِتْقِ نَصِيبِهِ .
قَالَ الْإِمَام مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يُقَوَّمُ إلَّا بَعْدَ تَخْيِيرِ الشَّرِيكِ فِي الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ .

وَنُقِضَ لَهُ بَيْعٌ مِنْهُ ، وَتَأْجِيلُ الثَّانِي ، أَوْ تَدْبِيرُهُ ،
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ عَالِمًا بِعِتْقِ شَرِيكِهِ أَوْ لَا ( نُقِضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، أَيْ رُدَّ ( لَهُ ) أَيْ التَّقْوِيمِ ( بَيْعٌ ) حَاصِلٌ ( مِنْهُ ) أَيْ الشَّرِيكِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُوسِرٌ ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ وَقُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ ( وَ ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُوسِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا نَاجِزًا وَأَعْتَقَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهُ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَهُ أَوْ كَاتَبَهُ نُقِضَ ( تَأْجِيلُ الثَّانِي ) أَيْ عِتْقُهُ نَصِيبَهُ لِأَجَلٍ ( أَوْ تَدْبِيرُهُ ) أَوْ كِتَابَتُهُ ، وَيُقَوَّمُ كَامِلًا عَلَى مَنْ نَجَّزَ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوَّلًا .
الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا مَضَى تَأْجِيلُ الثَّانِي أَوْ تَدْبِيرُهُ أَوْ كِتَابَتُهُ .
فِيهَا إذَا أَعْتَقَ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنَصِيبِهِ أَوْ يُعْتِقُهُ إلَى أَجَلٍ إنَّمَا لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ مُبَتَّلًا أَوْ يُقَوَّمَ عَلَى شَرِيكِهِ .
وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَلِيءُ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ حِصَّتَهُ إلَى أَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ رُدَّ إلَى التَّقْوِيمِ إلَّا أَنْ يُبَتَّلَ .

وَلَا يَنْتَقِلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا وَإِذَا حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرِهِ : مَضَى :
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمَلِيءُ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ وَخُيِّرَ شَرِيكُهُ فِي عِتْقِ نَصِيبِهِ أَوْ تَقْوِيمِهِ فَاخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ أَرَادَ الِانْتِقَالَ إلَى اخْتِيَارِ الْآخَرِ فَ ( لَا يُنْتَقَلُ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا ) أَيْ الْعِتْقِ وَالتَّقْوِيمِ ، ظَاهِرُهُ كَانَ اخْتِيَارُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ بِتَخْيِيرِ الْمُعْتِقِ أَوْ الْحَاكِمِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ فِي يُسْرِهِ فَقَالَ شَرِيكُهُ أَنَا أُقَوِّمُ عَلَيْهِ نَصِيبِي ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَا أُعْتِقُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا التَّقْوِيمُ ( وَإِذَا ) أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْمُعْسِرُ نَصِيبَهُ فِي الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ فَ ( حُكِمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بِ ) جَوَازِ ( بَيْعِهِ ) أَيْ شَرِيكِهِ حِصَّتَهُ ( لِعُسْرِهِ ) أَيْ الْمُعْتِقِ ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ ( مَضَى ) الْحُكْمُ بِالْبَيْعِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ .
" غ " وَإِنْ حُكِمَ بِمَنْعِهِ لِعُسْرٍ مَضَى ، كَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِمَنْعِهِ ضِدُّ إجَازَتِهِ ، وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ عَائِدٌ عَلَى التَّقْوِيمِ ، فَهَذَا مُخْتَصَرُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَإِذَا حُكِمَ بِسُقُوطِ التَّقْوِيمِ لِإِعْسَارِهِ فَلَا تَقْوِيمَ بَعْدُ .

كَقَبْلَهُ ، ثُمَّ أَيْسَرَ ، إنْ كَانَ بَيِّنَ الْعُسْرِ وَحَضَرَ الْعَبْدُ
ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْمُضِيِّ وَعَدَمِ التَّقْوِيمِ فَقَالَ ( كَ ) عُسْرِ الْمُعْتِقِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْعِتْقِ ( ثُمَّ أَيْسَرَ ) الْمُعْتِقُ فَقَامَ شَرِيكُهُ حِينَ يُسْرِهِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ ( إنْ كَانَ ) الْمُعْتِقُ ( بَيِّنَ ) بِكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا أَيْ ظَاهِرَ ( الْعُسْرِ ) حِينَ إعْتَاقِهِ نَصِيبَهُ وَعَلِمَهُ النَّاسُ وَشَهِدُوا بِأَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يَطْلُبْ التَّقْوِيمَ لِعُسْرِهِ ( وَحَضَرَ الْعَبْدُ ) أَيْ كَانَ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ حِينَ عِتْقِ شِقْصِهِ ، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا وَقَدِمَ بَعْدَ يُسْرِ الْمُعْتِقِ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعْتِقُ بَيِّنَ الْعُسْرِ حِينَ إعْتَاقِهِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ مُعْسِرٌ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ فَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ شَرِيكُهُ حَتَّى أَيْسَرَ فَقَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، قَدِيمًا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ إنْ كَانَ يَوْمَ أَعْتَقَ يَعْلَمُ النَّاسُ عُسْرَهُ وَالْعَبْدُ حَاضِرٌ وَالْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ وَإِنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الْقِيَامَ لِأَنَّهُ لَوْ خَاصَمَ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِعَدَمِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا فَلَمْ يَقْدُمْ حَتَّى أَيْسَرَ الْمُعْتِقُ بِقِيمَتِهِ لَقُوِّمَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَاضِرِ .

وَأَحْكَامُهُ قَبْلَهُ : كَالْقِنِّ .
( وَأَحْكَامُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ ( قَبْلَهُ ) أَيْ التَّقْوِيمِ ( كَ ) أَحْكَامِ ( الْقِنِّ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ النُّونِ ، أَيْ خَالِصِ الرَّقَبَةِ فِي شَهَادَتِهِ وَجِنَايَتِهِ وَحَدِّهِ وَغَلَّتِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعُهُ .

وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ .
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مُعْسِرٌ وَطَلَبَ الشَّرِيكُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ مِنْ الرَّقِيقِ أَنْ يَسْعَى فِي اكْتِسَابِ مَالٍ يَدْفَعُهُ لَهُ فِي جُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ ، أَوْ طَلَبَ الْعَبْدُ ذَلِكَ فَ ( لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ ) أَيْ سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِ مَالٍ يَشْتَرِي بِهِ بَعْضَهُ الرَّقِيقَ مِنْ مَالِكِهِ لِتَتِمَّ حُرِّيَّتُهُ لَا يَلْزَمُهُ إنْ طَلَبَهُ الْمُتَمَسِّكُ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْعَبْدُ فَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ ، فَمَفْعُولُ يَلْزَمُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ الْعَبْدَ أَوْ السَّيِّدَ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إذَا كَانَ الْمُعْتِقُ لِبَعْضِهِ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ ، فَذَلِكَ لَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَذْهَبُ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ .
الشَّيْخُ رَوَى الْأَخَوَانِ لَا يَسْتَسْعِي الْعَبْدُ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا إلَّا أَنْ يَطَّوَّعَ لِسَيِّدِهِ بِذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ .
ابْنُ شَاسٍ وَكَذَا لَوْ عَرَضَ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ مَالًا وَيَعْتِقَ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ ، وَكَذَا مَا اسْتَفَادَهُ مِنْ قَبْلُ .
قُلْت لِأَنَّهُ مُعْتَقٌ بَعْضُهُ .
وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَيْسَ لِسَيِّدِ الْمُعْتِقِ بَعْضُهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ ، وَعَبَّرَ عَنْهُ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ وَلَا أَنْ يَقْبَلَ مَالَ الْغَيْرِ وَيَعْتِقَ بِهِ .

وَلَا قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ ، وَلَا تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ بِرِضَا الشَّرِيكِ .
( وَ ) إنْ دَفَعَ أَجْنَبِيٌّ مَالًا لِلْمُعْسِرِ الَّذِي أَعْتَقَ شِقْصَهُ أَوْ لِلْعَبْدِ لِيَدْفَعَهُ لَلشَّرِيك الْمُتَمَسِّكِ بِجُزْئِهِ الرَّقِيقِ لِتَكْمِيلِ عِتْقِهِ فَ ( لَا ) يَلْزَمُهُ ( قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ ) لِتَكْمِيلِ عِتْقِ الرَّقَبَةِ بِهِ ( وَ ) إنْ كَانَ مُعْتِقُ الشِّقْصِ مُعْسِرًا وَرَضِيَ شَرِيكُهُ بِتَقْوِيمِ حِصَّتِهِ عَلَيْهِ وَتَخْلِيدِ قِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ إلَى يُسْرِهِ فَلَا يَلْزَمُ ( تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ ) لِلشِّقْصِ الرَّقِيقِ ( فِي ذِمَّةِ ) الْمُعْتِقِ شِقْصَهُ ( الْمُعْسِرِ بِرِضَا الشَّرِيكِ ) الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ شِقْصَهُ بِهِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْمُعْسِرِ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ .

وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لِأَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ عِنْدَهُ ، إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي ، فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ .
( وَمَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ ) مِنْ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَكِ عِتْقًا ( لِأَجَلٍ ) كَسَنَةٍ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ ( قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الرَّقِيقُ كُلُّهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ مُعْتِقَ الشِّقْصِ لِأَجَلٍ وَيَدْفَعُ لِشَرِيكِهِ حِصَّتَهُ مِنْ قِيمَتِهِ ( لِيُعْتَقَ جَمِيعُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( عِنْدَهُ ) أَيْ لِأَجَلٍ فَيَسْتَوِي الشِّقْصَانِ فَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُ شِقْصِ الْمُعْتِقِ لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ وَلَا شِقْصُ شَرِيكِهِ بِتَبَعِيَّتِهِ فِي الْعِتْقِ لِشِقْصِهِ ، وَظَاهِرُهُ قُرْبُ الْأَجَلِ أَوْ بُعْدُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ كَظَاهِرَةِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَلِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّ بُعْدَ الْأَجَلِ أَخَّرَ التَّقْوِيمَ إلَى حُلُولِهِ ( إلَّا أَنْ يَبُتَّ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ أَيْ يُنَجِّزَ الشَّرِيكُ ( الثَّانِي ) عِتْقَ نَصِيبِهِ ( فَ ) يَبْقَى ( نَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ ) مِنْ عِتْقِهِ لِلْأَجَلِ .
فِيهَا إنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ مِنْ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَا يُعْتَقُ إلَّا عِنْدَ الْأَجَلِ ، وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ أَعْتَقَ حَظَّهُ مِنْ عَبْدٍ إلَى سَنَةٍ وَأَعْتَقَ الْآخَرُ بَتْلًا رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقَالَ أَحْسَنُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى حَالِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .

دَبَّرَ بِفَتَحَاتِ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ حِصَّته مِنْ رَقِيق أَيْ عَلَّقَ عِتْقهَا عَلَى مَوْته وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ : تَقَاوَيَاهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرُ .

( وَإِنْ دَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا شَرِيكٌ ( حِصَّتَهُ ) مِنْ رَقِيقٍ أَيْ عَلَّقَ عِتْقَهَا عَلَى مَوْتِهِ ( تَقَاوَيَاهُ ) أَيْ تَزَايَدَ الشَّرِيكَانِ فِي قِيمَةِ الرَّقِيقِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا وَيُسَلِّمَهُ لَهُ الْآخَرُ ، وَفَسَّرَ مُطَرِّفٌ الْمُقَاوَاةَ بِأَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةُ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ عَلَيْهَا ، فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِلْمُدَبِّرِ أَتُسَلِّمُهُ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ ، وَهَكَذَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى أَحَدِهِمَا ( لِيُرَقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ ( كُلُّهُ ) إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُتَمَسِّكِ ( أَوْ يُدَبَّرَ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ كُلُّهُ إنْ وَقَفَ عَلَى الْمُدَبِّرِ .
الْبُنَانِيُّ مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْمُقَاوَاةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُدَبَّرِ فَيَكُونُ مُدَبَّرًا كُلُّهُ تَنْزِيلًا لِلتَّدْبِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِتْقِ .
طفي اُنْظُرْ مَعَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ بِغَيْرِ إذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ ، وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ ، وَكَأَنَّ الْمُقَاوَاةَ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ضَعِيفَةٌ ، وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ بَرِيءٌ فِي كُتُبِهِ ا هـ .
وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى قَوْلِ الْأَخَوَيْنِ بِتَحَتُّمِ الْمُقَاوَاةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّقِلِّيُّ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ مَنْ دَبَّرَ حَظَّهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الرِّضَا بِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَظِّهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَأَخَذَ بِهَا ابْنُ حَبِيبٍ ، وَكَذَا رَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
الْبُنَانِيُّ فِي كِتَابِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَدَبَّرَ أَحَدُهُمْ حَظَّهُ ثُمَّ أَعْتَقَ آخَرُ وَتَمَسَّكَ الثَّالِثُ ، فَإِنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مَلِيًّا قُوِّمَ عَلَيْهِ حَظُّ شَرِيكَيْهِ وَعَتَقَ جَمِيعُهُ ،

وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلِلْمُتَمَسِّكِ مُقَاوَاةُ الَّذِي دَبَّرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعِتْقُ قَبْلَ التَّدْبِيرِ وَالْمُعْتِقُ عَدِيمٌ فَلَا يَلْزَمُ الَّذِي دَبَّرَ مُقَاوَاةُ الْمُتَمَسِّكِ ، إذْ لَوْ أَعْتَقَ بَعْدَ عِتْقِ الْمُعْدِمِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا ا هـ .
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَإِنْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبَهُ : فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ .
( وَلَوْ ) أَعْتَقَ مُوسِرٌ حَظَّهُ مِنْ رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَلَمَّا أُرِيدَ تَقْوِيمُهُ عَلَيْهِ ( ادَّعَى ) الشَّخْصُ ( الْمُعْتِقُ ) بِكَسْرِ التَّاءِ ( عَيْبَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ عَيْبًا خَفِيفًا تَنْقُصُ قِيمَتُهُ بِهِ كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ شَرِيكَهُ الْمُتَمَسِّكَ عَلِمَهُ وَأَنْكَرَ شَرِيكُهُ عِلْمَهُ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُعْتِقِ ( اسْتِحْلَافُهُ ) أَيْ الشَّرِيكِ الْمُتَمَسِّكِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيَّ لَوْ ادَّعَى عَيْبًا بِالْعَبْدِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ فَفِي وُجُوبِ حَلِفِهِ ثَانِي قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ ، وَأَوَّلُ قَوْلَيْهِ وَفَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ فِي دَعْوَى عَيْبِهِ ، وَعَلِمَ الْآخَرُ بِهِ ، وَتَبِعَهُ الْمُوَضِّحُ وَالشَّارِحُ وتت .
طفي فَيُعَمُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْفَرْضَيْنِ .

وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ ، أَوْ أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا : قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ
( وَ ) إنْ أَعْتَقَ عَبْدٌ شِقْصًا لَهُ مِنْ عَبْدٍ فَ ( إنْ ) كَانَ قَدْ ( أَذِنَ السَّيِّدُ ) الْأَعْلَى الْحُرُّ لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ شِقْصِهِ ( أَوْ ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ وَلَكِنْ ( أَجَازَ ) السَّيِّدُ ( عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا ) لَهُ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ ( قُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْعَبْدُ الْمُعْتِقُ شِقْصَهُ كُلَّهُ ( فِي مَالِ السَّيِّدِ ) الْأَعْلَى الْحُرِّ لِأَنَّهُ الْمُعْتِقُ فِي الْحَقِيقَةِ وَالْوَلَاءُ لَهُ ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ مَالٌ يَفِي بِحِصَّةِ شَرِيكِ عَبْدِهِ غَيْرَ عَبْدِهِ فَوَاضِحٌ .

وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْمُعْتِقِ : بِيعَ
( وَإِنْ ) لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَ عَبْدِهِ وَ ( اُحْتِيجَ ) فِي تَكْمِيلِ عِتْقِ الْعَبْدِ الْأَسْفَلِ ( لِبَيْعِ ) الْعَبْدِ الْأَعْلَى ( الْمُعْتِقِ ) بِكَسْرِ التَّاءِ الشِّقْصَ ( بِيعَ ) الْعَبْدُ الْأَعْلَى الْمُعْتِقُ وَدُفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مِنْ قِيمَةِ عَتِيقِهِ وَيُلْغَزُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَسْأَلَةٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ لِعِتْقِ عَبْدِهِ ، نَظَمَ فِي قَوْلِهِ : يَحِقُّ لِجَفْنِ الْعَيْنِ إرْسَالُ دَمْعِهِ عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَمَا ذَنْبُهُ حَتَّى يُبَاعَ وَيُشْتَرَى وَقَدْ بَلَغَ الْمَمْلُوكُ غَايَةَ قَصْدِهِ وَيَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ إنْ شَاءَ فَاعْلَمَنْ كَذَا حَكَمُوا وَالْعَقْلُ قَاضٍ بِرَدِّهِ فَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ لَيْسَ مُدْرِكًا لِقُبْحٍ وَلَا حُسْنٍ فَقِفْ عِنْدَ حَدِّهِ وَعَارَضَهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ فَقَالَ : أَلَا دَعْ مَقَالًا قَدْ قَضَيْنَا بِرَدِّهِ فَمَا بِيعَ سَيِّدٌ قَطُّ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ فَإِنَّ الَّذِي قَدْ أَنْفَذَ الْعِتْقَ مَالِكٌ لِكُلٍّ وَهَذَا السَّيِّدُ مِنْ بَعْضِ وُجْدِهِ فَبِعْنَاهُ كَيْ نَدْفَعَ جِنَايَتَهُ الَّتِي جَنَى بِإِجَازَتِهِ لِفِعْلَةِ عَبْدِهِ بِتَنْقِيصِ مَالِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ فَحَافِظْ عَلَى دَفْعِ التَّعَدِّي وَرَدِّهِ وَقَالَ صَرِيحُ الْعَقْلِ مَنْ لَمْ يَكُنْ جَنَى لِيَمْلِكَ مَنْ يَجْنِي وَيَظْفَرَ بِقَصْدِهِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الْعَقْلَ قَاضٍ بِرَدِّهِ أَتَى قَوْلُهُ بُطْلًا بِصَفْحَةِ خَدِّهِ وَإِدْرَاكُ عَقْلِ الْمَرْءِ لِلْحُسْنِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَقُبْحٍ فَانْتَبِهْ عِنْدَ وِرْدِهِ وَإِلَّا فَمَا أَبْكَاهُ إذْ سَالَ دَمْعُهُ عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ نَعَمْ لَيْسَ لِلْعَقْلِ انْفِرَادٌ بِمَا يَرَى مِنْ الْحُكْمِ دُونَ الشَّرْعِ قِفْ عِنْدَ حَدِّهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَقِّ بِالْجِدِّ آخِذًا خَلَطَ هَزْلَهُ وَاَللَّهِ فِيهِ بِجِدِّهِ أَفَادَهُ شب .

وَإِنْ أَعْتَقَ أَوَّلَ وَلَدٍ : لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي ، وَلَوْ مَاتَ
وَإِنْ أَعْتَقَ ) رَشِيدٌ ( أَوَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( وَلَدٍ ) تَلِدُهُ أَمَتُهُ مِنْ زَوْجِهَا فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ تَوْأَمَيْنِ فِي بَطْنٍ ذَكَرَيْنِ أَوْ أُنْثَيَيْنِ أَوْ ذَكَرًا وَأُنْثَى عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا حَيًّا أَوْ مَيِّتًا وَ ( لَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي ) إنْ نَزَلَ الْأَوَّلُ حَيًّا ، بَلْ ( وَلَوْ مَاتَ ) الْأَوَّلُ ، فِيهَا لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِيهِ حُرٌّ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدَةٍ عَتَقَ أَوَّلُهُمَا خُرُوجًا ، فَإِنْ خَرَجَ الْأَوَّلُ مَيِّتًا فَلَا عِتْقَ لِلثَّانِي .

وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا ، أَوْ دَبَّرَهُ : فَحُرٌّ ، وَإِنْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ ؛ إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسَلٍ عَلَيْهَا ، فَلِأَقَلِّهِ ،
( وَإِنْ أَعْتَقَ ) الْمَالِكُ الرَّشِيدُ ( جَنِينًا ) فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ زَوْجِهَا ( أَوْ دَبَّرَهُ ) أَيْ السَّيِّدُ الْجَنِينَ فَمَا تَلِدُهُ مِنْ هَذَا الْحَمْلِ ( فَ ) هُوَ ( حُرٌّ ) إنْ كَانَ أَعْتَقَهُ وَمُدَبَّرٌ إنْ كَانَ دَبَّرَهُ إنْ وَلَدَتْهُ لِمُدَّةِ الْحَمْلِ الْمُعْتَادَةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا ، بَلْ ( وَإِنْ ) وَلَدَتْهُ ( لِأَكْثَرِ ) أَيْ أَطْوَلِ مُدَّةِ ( الْحَمْلِ ) خَمْسَ سِنِينَ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا لِزَوْجٍ ) لِلْأَمَةِ ( مُرْسَلٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ، أَيْ مُطْلَقٍ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الْأَمَةِ وَلَمْ يَظْهَرْ لِحَمْلِهَا حِينَ عَتَقَ جَنِينُهَا أَوْ تَدْبِيرُهُ ( فَ ) يُعْتَقُ أَوْ يُدَبَّرُ مَنْ وَلَدَتْهُ ( لِأَقَلَّ ) مِنْ ( أَقَلِّهِ ) أَيْ زَمَنِ الْحَمْلِ بِأَنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي عِتْقِهَا .
الثَّانِي إنْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ أَوْ دَبَّرَهُ وَهِيَ حَامِلٌ يَوْمَئِذٍ ، فَمَا أَتَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْحَمْلِ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَحُرٌّ أَوْ مُدَبَّرٌ ، وَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ وَلَمْ يَعْلَمْ حَمْلَهَا يَوْمَ عِتْقِهِ فَلَا يَعْتِقُ هَاهُنَا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعِتْقِ ، وَلَوْ كَانَتْ الْأَمَةُ يَوْمَ الْعِتْقِ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ مِنْ زَوْجٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ مَا أَتَتْ بِهِ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِ سِنِينَ ، قَالَ غَيْرُهُ إنْ كَانَ زَوْجُهَا مُرْسَلًا عَلَيْهَا وَلَيْسَتْ بَيِّنَةَ الْحَمْلِ أُنْظِرَ إلَى حَدِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا فَإِنْ وَلَدَتْ إلَى أَقْصَى حَمْلِ النِّسَاءِ فَهُوَ حُرٌّ .

وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ دَيْنٌ ، وَرُقَّ .

( وَ ) إنْ فَلَّسَ مَنْ أَعْتَقَ جَنِينَ أَمَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ غَيْرِهِ ( بِيعَتْ ) الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا لِوَفَاءِ دَيْنِ سَيِّدِهَا ( إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ ) لِجَنِينِهَا مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ وَفَاعِلُ سَبَقَ ( دَيْنٌ ) عَلَى سَيِّدِهَا الَّذِي أَعْتَقَ جَنِينَهَا وَلَا مَفْهُومَ لِسَبْقِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَوْ سَبَقَ عِتْقُهُ فَتُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ أَيْضًا ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الَّذِي يُعْتِقُ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ فِي صِحَّتِهِ فَلَا تُبَاعُ وَهِيَ حَامِلٌ إلَّا فِي دَيْنٍ اسْتَدَانَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتُبَاعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا وَيَرِقُّ جَنِينُهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ .
فَأَمَّا إنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ بَعْدَ وَضْعِهَا فَانْظُرْ ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ بَعْدَ عِتْقِ جَنِينِهَا عَتَقَ وَلَدُهَا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا وَلَدَتْهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَتُبَاعُ الْأَمَةُ وَحْدَهَا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُفَارِقُهَا وَلَدُهَا ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ عِتْقِهِ بِيعَ الْوَلَدُ لِلْغُرَمَاءِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُ الْأُمِّ بِدَيْنِهِمْ .
الْبُنَانِيُّ تَحْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْغُرَمَاءَ إمَّا أَنْ يَقُومُوا قَبْلَ وَضْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ ، فَإِنْ قَامُوا قَبْلَ وَضْعِهَا بِيعَتْ الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرَهَا سَوَاءٌ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَيْنِ ، وَإِنْ قَامُوا بَعْدَ وَضْعِهِ فَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ الدَّيْنَ بِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ ، وَفَّى ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ أَمْ لَا وَلَا يُفَارِقُهَا ، وَإِنْ سَبَقَ الدَّيْنُ الْعِتْقَ بِيعَ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَفِ ثَمَنُهَا بِهِ ، هَذَا الَّذِي فِيهَا .
" غ " وَبِيعَتْ وَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ دَيْنًا ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ بِدُخُولِ وَاوِ الْكِنَايَةِ عَلَى إنْ وَرَفَعَ الْعِتْقَ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصَبَ دَيْنًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ ، وَبِهَذَا يُوَافِقُ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ .
طفي هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ .

وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ ، أَوْ عِتْقٍ ، وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاءُ وَلِيِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ بِمَالِهِ .
( وَ ) إذَا بِيعَتْ الْأَمَةُ الْحَامِلُ أَوْ أُعْتِقَتْ فَ ( لَا يُسْتَثْنَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ النُّونِ جَنِينُهَا ( بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ ) وَإِذَا سَبَقَ عِتْقُهُ الدَّيْنَ فَلَا تُبَاعُ حَتَّى تَضَعَهُ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يَجُزْ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ ( اشْتِرَاءُ وَلِيٍّ ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَمَفْعُولِهِ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقًا ( يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ ) كَأَحَدِ أُصُولِهِ وَإِخْوَتِهِ ( بِمَالِهِ ) أَيْ الصَّغِيرِ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَسَقَطَ لَفْظُ وَلَدٍ مِنْ نُسْخَتَيْ الشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَثَبَتَ بِخَطِّ الْأَقْفَهْسِيِّ " غ " إسْقَاطُ وَلَدٍ أَوْلَى لِيَعُمَّ الْوَلِيُّ الْأَبَ وَغَيْرَهُ أَوْ إنَّ غَيْرَهُ أَحْرَى .
طفي مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفَرَضَهَا فِي الْأَبِ يَشْتَرِي لِابْنِهِ .
عِيَاضٌ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً ، وَاخْتُلِفَ إذَا وَقَعَ فَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " ، عَنْهُمَا أَنَّهُمْ يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَبُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ بِلُزُومِ عِتْقِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِمَا فَلَا يَعْتِقُونَ عَلَى الِابْنِ ، وَاخْتُلِفَ فِي عِتْقِهِمْ عَلَى الْأَبِ وَبَقَائِهِمْ عَلَى الرِّقِّ وَأَجْرَى الْأَبَ مَجْرَى الْوَكِيلِ ، وَإِلَى هَذَا نَحَا اللَّخْمِيُّ ، وَذَهَبَ غَيْرُهُ مِنْ الْقَرَوِيِّينَ إلَى أَنَّ الْأَبَ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ، وَأَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْأَبِ وَلَا عَلَى الِابْنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدٌ ابْنَهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ وَعَبْدُ الْحَقِّ .

وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ
( وَلَا ) يَجُوزُ اشْتِرَاءُ ( عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ ( لَهُ ) أَيْ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ ( مَنْ ) أَيْ رَقِيقًا ( يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ الْمُشْتَرِي كَأَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ ، وَمَفْهُومُ وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّ الْمَأْذُونَ يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ قَالَهُ تت .
طفي نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، فَإِنْ وَقَعَ فَقَالَ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى الْمَأْذُونُ لَهُ مِنْ قَرَابَةِ سَيِّدِهِ مَنْ لَوْ مَلَكَهُمْ السَّيِّدُ عَتَقُوا عَلَيْهِ وَالْعَبْدُ لَا يَعْلَمُ بِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ يَغْتَرِقُهُمْ ا هـ .
قَوْلُهُ فَإِنَّهُمْ يَعْتِقُونَ ، أَيْ عَلَى السَّيِّدِ وَمَعَ الْعِلْمِ لَا يَعْتِقُونَ ، هَذَا مَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَغَيْرِهِ ، وَبِهِ قَرَّرَ " ج " .

وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ ، وَإِلَّا غَرِمَهُ
( وَإِنْ دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ ) أَيْ الْعَبْدَ مِنْ مَالِكِهِ ( بِهِ ) أَيْ الْمَالِ ( فَإِنْ ) كَانَ ( قَالَ ) الْعَبْدُ لِلْمَدْفُوعِ لَهُ الْمَالُ ( اشْتَرِنِي لِنَفْسِك ) أَوْ لِتُعْتِقَنِي وَاشْتَرَاهُ بِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِعِتْقِهِ ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ ( إنْ ) كَانَ ( اسْتَثْنَى ) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي ( مَالَهُ ) أَيْ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ وَلِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَدْ اشْتَرَى الْعَبْدَ وَمَالَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ حِينَ شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ فِي الْعَبْدِ وَحْدَهُ وَ ( غَرِمَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ثَمَنَ الْعَبْدِ لِبَائِعِهِ وَأَمَّا الثَّمَنُ الْأَوَّلُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ الْمُطْلَقِ .

وَبِيعَ فِيهِ ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ : كَلِتَعْتِقَنِي
وَ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ ( بِيعَ ) الْعَبْدُ ( فِيهِ ) أَيْ الثَّمَنِ ، فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فَالزَّائِدُ لِلْمُشْتَرِي ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْهُ فَالنَّاقِصُ عَلَيْهِ ( وَ ) إذَا أَعْتَقَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَغَرِمَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَ ( لَا رُجُوعَ لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( عَلَى الْعَبْدِ ) بِعِوَضِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ ( وَالْوَلَاءُ لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي .
فِي عِتْقِهَا الثَّانِي إذَا دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ ، وَقَالَ لَهُ اشْتَرِنِي بِهِ لِنَفْسِك أَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ وَيُعْتِقَهُ فَقَبِلَ الرَّجُلُ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُ الثَّمَنَ ثَانِيَةً ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ فَلْيَغْرَمْهُ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ وَيَرِقُّ لَهُ الْآخَرُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ رَدَّ عِتْقَ الْعَبْدِ وَبِيعَ فِي ثَمَنِهِ ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ أُعْطِيَهُ السَّيِّدُ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ ذَلِكَ الْفَضْلِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ بَعْدَ بَيْعِ الْعَبْدِ كَانَ فِي ذِمَّةِ الرَّجُلِ .

وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي : فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ ، إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ ، وَإِلَّا رُقَّ

( وَإِنْ قَالَ ) الْعَبْدُ حِينَ دَفَعَ الْمَالَ لِلرَّجُلِ اشْتَرِنِي بِهِ ( لِنَفْسِي ) فَقَبِلَ وَاشْتَرَاهُ ( فَ ) هُوَ ( حُرٌّ ) بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ تَوَلَّاهُ الرَّجُلُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ ( وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ ) وَهَذَا ( إنْ ) كَانَ ( اسْتَثْنَى ) أَيْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي ( مَالَهُ ) حِينَ شِرَائِهِ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ حِينَ شِرَائِهِ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ بَقِيَ الْعَبْدُ عَلَى رَقَبَتِهِ ( لِبَائِعِهِ ) ابْنِ الْمَوَّازِ إنْ كَانَ قَالَ لَهُ الْعَبْدُ اشْتَرِنِي بِهَذَا الْمَالِ لِنَفْسِي فَفَعَلَ وَاسْتَثْنَى مَالَهُ فَهُوَ حُرٌّ مَكَانَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ نَفْسَهُ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الْبَائِعِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ عَادَ رِقًّا لِبَائِعِهِ وَالْمَالُ لَهُ وَلَا يَتْبَعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ مَلِيًّا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا .
" غ " وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ ، فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ كَلِتَعْتِقَنِي ، أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ دَفَعَ الْعَبْدُ مَالًا لِرَجُلٍ إلَخْ ، نَصُّهَا السَّابِقُ ، ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَبِيعَ فِيهِ يَنْطَبِقُ عَلَى الرَّقِيقِ مِنْهُمَا وَالْعَتِيقِ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي مَالٌ بِيعَ الرَّقِيقُ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ إلَخْ ، نَصُّهَا السَّابِقُ ثُمَّ قَالَ قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالْعَتِيقِ مِنْهُمَا دُونَ الرَّقِيقِ ، وَلَكِنْ لَوْ قَالَ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَتِيقِ لَمْ يَزِدْهُ إلَّا خَيْرِ ، فَهَذَا إذًا كَقَوْلِهِ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ ، وَيَعْتِقُ الَّذِي شَرَطَ الْعِتْقَ وَلَا يَتْبَعُهُ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِنَفْسِي فَحُرٌّ وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا رُقَّ لِبَائِعِهِ قَدْ عَلِمْت مَعْنَاهُ وَلَيْسَ هَذَا الْقِسْمُ فِي

الْمُدَوَّنَةِ وَإِنَّمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ .
وَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَحْسَنَ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَأَجَادَ مَا شَاءَ ، فَلَعَلَّ مَنْ قَالَ لَمْ يُحْسِنْ سِيَاقَهَا لَمْ يَثْبُتْ فِي نُسْخَتِهِ كَلِتَعْتِقَنِي .

وَإِنْ أَعْتَقَ عَبِيدًا فِي مَرَضِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ ، وَلَوْ سَمَّاهُمْ ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ
( وَإِنْ أَعْتَقَ ) مَالِكٌ رَشِيدٌ ( عَبِيدًا ) سِتَّةً مَثَلًا ، أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ ( فِي مَرَضِهِ ) الْمَخُوفِ وَمَاتَ مِنْهُ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ لِخَبَرِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ { رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمْ فَدَعَا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيدًا لِتَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِ الثُّلُثِ } وَهُوَ لَا يَجُوزُ ( أَوْ أَوْصَى ) الْمَرِيضُ ( بِعِتْقِهِمْ ) وَلَمْ يُسَمِّهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا عَبِيدِي مَثَلًا ، بَلْ ( وَلَوْ سَمَّاهُمْ ) بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ إذَا مِتّ فَأَعْتِقُوا فُلَانًا وَفُلَانًا إلَخْ وَمَاتَ ( وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ ) لِمَالِ الْمَيِّتِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ .

أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ : أُقْرِعَ : كَالْقِسْمَةِ ،

( وَ ) أَوْصَى ( بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ ) أَيْ الْعَبِيدِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ ( أَوْ ) أَوْصَى بِ ( عِتْقِ ) عَدَدٍ ( سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ ) مِنْهُ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ ( أُقْرِعَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الرَّاءِ بَيْنَهُمْ ( كَ ) الْإِقْرَاعِ السَّابِقِ فِي بَابِ ( الْقِسْمَةِ ) بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَصِفَتُهَا فِيمَا عَدَا أَوْ بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ أَنْ يُقَوَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتُكْتَبَ قِيمَتُهُ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ ، ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ مِنْهَا وَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَنْ فِيهَا ، فَإِنْ سَاوَتْ الثُّلُثَ أُعْتِقَ وَمُزِّقَتْ بَقِيَّةُ الْأَوْرَاقِ ، وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَيْهِ أُعْتِقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ ، وَرُقَّ بَاقِيهِ وَبَاقِي الْعَبِيدِ ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ أُعْتِقَ وَأُخْرِجَتْ وَرَقَةٌ أُخْرَى وَعُمِلَ بِمَا فِيهَا كَمَا عُمِلَ بِمَا فِي الْأُولَى ، وَهَكَذَا وَإِنْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ ، فَإِنْ عَيَّنَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ سَلَكَ بِهِ نَحْوَ مَا مَرَّ ، وَإِنْ سَمَّى عَدَدًا وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَيُنْسَبُ عَدَدُهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ ، وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ حَيْثُ أَمْكَنَتْ تَجْزِئَتُهُمْ ، فَإِنْ كَانَ أَعْتَقَ عَشَرَةً مِنْ عَبِيدِهِ وَهُمْ أَرْبَعُونَ فَنِسْبَةُ الْعَشَرَةِ إلَى الْأَرْبَعِينَ الرُّبُعُ فَتُجْعَلُ كُلُّ عَشَرَةٍ جُزْءًا مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى قِيمَتِهِ ، وَيُكْتَبُ فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي ثَلَاثِ وَرَقَاتٍ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُرْمَى كُلُّ وَرَقَةٍ عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ أُعْتِقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا أُعْتِقَ مِنْهُ مَا يَحْمِلُهُ فَيُكْتَبُ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ وَقِيمَتُهُ فِي وَرَقَةٍ ، وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَيُفْعَلُ بِهَا مَا مَرَّ وَانْظُرْ مَوَاهِبَ الْقَدِيرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْقُرْعَةُ هُنَا لَقَبٌ لِتَعْيِينِ مُبْهَمٍ فِي الْعِتْقِ لَهُ بِخُرُوجِ اسْمِهِ لَهُ مِنْ مُخْتَلِطٍ بِهِ

بِإِخْرَاجٍ يَمْتَنِعُ فِيهِ قَصْدُ عَيْنِهِ ، وَفِيهَا مَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِيدِهِ أَوْ بَتْلِهِمْ فِي مَرَضِهِ ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ جَمِيعُهُمْ إنْ حَمَلَهُمْ الثُّلُثُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَتَقَ مِنْهُمْ مَبْلَغُهُ بِالسَّهْمِ ، وَإِنْ قَالَ ثُلُثُ رَقِيقِي أَحْرَارٌ أَوْ نِصْفُهُمْ أَوْ ثُلُثَاهُمْ عَتَقَ مَا سَمَّى بِالْقُرْعَةِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ مِمَّا سَمَّى .
أَبُو عُمَرَ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِيمَنْ أَوْصَى بِعِتْقِ عَبِدِهِ فِي مَرَضِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ فَيُعْتَقُ ثُلُثُهُمْ بِالسَّهْمِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَكْثَرُهُمْ ، أَنَّ هَذَا حُكْمُ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِهِ بَتْلًا وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِي الْوَصِيَّةِ لَا فِي الْبَتْلِ .
الْبَاجِيَّ وَقَالَهُ أَبُو زَيْدٍ ، قَالَ وَإِذَا قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ فِي الْعِتْقِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يُسْهَمُ فِي الْعِتْقِ إذَا كَانَ لِلْمَالِكِ مَالٌ غَيْرُهُمْ .
ابْنُ مُزَيْنٍ سَمِعْت مُطَرِّفًا يَقُولُ مِثْلَهُ ، وَقَالَ هُوَ الَّذِي لَا تَعْرِفُ غَيْرَهُ ، وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ .
وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
الصِّقِلِّيُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ إنَّمَا الْقُرْعَةُ فِيمَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ لِلْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقَاسُ عَلَيْهِ .

إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ : فَيُتَّبَعُ
وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ ) الْمُوصِي فِي عِتْقِهِمْ ( فَيُتَّبَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ تَرْتِيبُهُ بِلَا قُرْعَةٍ ، وَالتَّرْتِيبُ إمَّا فِي الزَّمَانِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا قَبْلُ أَوْ فِي وَقْتِ كَذَا ، وَفُلَانًا فِي وَقْتِ كَذَا ، وَإِمَّا بِأَدَاةٍ مُرَتَّبَةٍ كَثُمَّ وَالْفَاءِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا ، أَوْ فَفُلَانًا أَوْ بِالْوَصْفِ كَأَعْتِقُوا الْأَعْلَمَ فَاَلَّذِي يَلِيهِ أَوْ الْأَصْلَحَ ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فَيُعْتِقُ الْأَوَّلُ جَمِيعَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ قَدْرَ مَحْمَلِهِ مِنْهُ ، فَإِنْ زَادَ الثُّلُثُ عَلَى قِيمَتِهِ فَيُعْتِقُ الثَّانِي كُلَّهُ إنْ حَمَلَهُ الْبَاقِي وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلِهِ وَهَكَذَا اللَّخْمِيُّ مَنْ أَعْتَقَ عَبِيدَهُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ بُدِئَ بِالْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحْدِثَ مَا يُنْقِضُ عِتْقَ الْأَوَّلِ .
ابْنُ عَرَفَةَ نَحْوُهُ قَوْلُ نَحْوِهِ ابْنُ شَاسٍ لَوْ أَعْتَقَ عَلَى تَرْتِيبٍ فَالسَّابِقُ مُقَدَّمٌ .

أَوْ يَقُولَ ثُلُثَ كُلٍّ ، أَوْ أَنْصَافَهُمْ ، أَوْ أَثْلَاثَهُمْ
( أَوْ يَقُولَ ) فِي وَصِيَّتِهِ أَعْتِقُوا ( ثُلُثَ كُلٍّ ) مِنْ عَبِيدِي فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ لَهُ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ ( أَوْ ) يَقُولُ فِي إيصَائِهِ أَعْتِقُوا ( أَنْصَافَهُمْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ جَمْعُ نِصْفٍ فَيُتَّبَعُ بِأَنْ يُعْتِقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ نِصْفَهُ إنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ وَإِلَّا أَعْتَقَ مِنْ كُلِّ عَبْدٍ مَحْمَلَهُ ( أَوْ ) يَقُولَ أَعْتِقُوا ( أَثْلَاثَهُمْ ) فَكَذَلِكَ ، فِيهَا مَنْ قَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَثْلَاثُ رَقِيقِي أَوْ أَنْصَافُهُمْ أَحْرَارٌ أَوْ ثُلُثُ كُلِّ رَأْسٍ أَوْ نِصْفُ كُلِّ رَأْسٍ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَا ذُكِرَ إنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهُ ، وَلَا يَبْدَأُ بِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ ثُلُثُهُ عَتَقَ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ مِمَّا سُمِّيَ بِالْحِصَصِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ سَهْمٍ .
ابْنُ يُونُسَ وَيَفْتَرِقُ فِي هَذَا الصِّحَّةُ مِنْ الْمَرَضِ أَوْ الْوَصِيَّةِ .

وَتَبِعَ سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ ، إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ ؛
( وَ ) مَنْ أَعْتَقَ رَقِيقَهُ أَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ وَلِلرَّقِيقِ دَيْنٌ عَلَى مُعْتِقِهِ ( تَبِعَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ الْعَتِيقُ إنْ شَاءَ ( سَيِّدَهُ ) الَّذِي أَعْتَقَهُ ( بِدَيْنٍ ) لَهُ عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ ) أَيْ يَشْتَرِطْ السَّيِّدُ حِينَ إعْتَاقِهِ ( مَالَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ لِأَنَّ مَالَهُ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ ، فَإِنْ كَانَ اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ حِينَ إعْتَاقِهِ فَلَا يَتْبَعُهُ بِالدَّيْنِ ، وَيَأْخُذُ مَا مَعَهُ مِنْ الْمَالِ ، فِيهَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَلِلْعَبْدِ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَهُ السَّيِّدُ ، أَوْ يُسْتَثْنَى مَالُهُ مُجْمَلًا فَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا عَتَقَ تَبِعَهُ مَالُهُ .
ابْنُ يُونُسَ بِأَنْ يَقُولَ حِينَ الْإِعْتَاقِ اشْهَدُوا أَنِّي انْتَزَعْت الْمَالَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ إنِّي أَعْتَقْتُهُ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي فَيَبْقَى مَالُهُ لِسَيِّدِهِ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ انْتِزَاعًا لِمَا فِي مِلْكِ الْعَبْدِ .

وَرُقَّ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ
وَإِنْ ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رِقُّهُ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ حُكِمَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِلْمُدَّعِي ( إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ ) وَاحِدٌ عَدْلٌ ( بِرِقِّهِ ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ مَالٌ فَيَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ، فِيهَا مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ عَبْدُهُ فَلَا يُحَلِّفُهُ وَإِنْ جَاءَ بِشَاهِدٍ حَلَفَ مَعَهُ وَاسْتَرَقَّهُ ا هـ .
فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَيْسَ رِقَّهُ ، فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ بِهَا شَاهِدٌ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ .

أَوْ تَقَدُّمِ دَيْنٍ وَحَلَفَ
( أَوْ ) أَعْتَقَ شَخْصٌ رَقِيقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ مَالَهُ وَادَّعَى مُسْتَحِقُّهُ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى إعْتَاقِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِ ( تَقَدُّمِ ) بِضَمِّ الدَّالِ مُثَقَّلًا ( دَيْنٍ ) عَلَى إعْتَاقِهِ ( وَحَلَفَ ) مَنْ شَهِدَ لَهُ الشَّاهِدُ عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ نُقِضَ إعْتَاقُهُ وَرُقَّ الرَّقِيقُ لِلْغَرِيمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدٍ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ، فِيهَا مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ ثُمَّ قُضِيَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ تَقَدَّمَ الْعِتْقَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَذَلِكَ يُرِيدُ بِهِ الْعِتْقَ

وَاسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِالْوَلَاءِ
( وَ ) إنْ ادَّعَى مُكَلَّفٌ عَلَى مَيِّتٍ لَا وَارِثَ لَهُ أَنَّهُ مَوْلَاهُ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِوَلَائِهِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى طِبْقِ شَهَادَتِهِ ( اُسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ لَا يُعَجَّلُ ( بِ ) دَفْعِ ( الْمَالِ ) الَّذِي تَرَكَهُ الْمَيِّتُ لِلْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ إتْيَانِ غَيْرِهِ بِأَثْبَتَ مِنْهُ وَالنَّسَبُ كَالْوَلَاءِ ( إنْ شَهِدَ ) لِلْمُدَّعِي ( بِالْوَلَاءِ ) أَوْ النَّسَبِ شَاهِدٌ ( وَاحِدٌ ) وَحَلَفَ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ آلَتْ إلَى الْمَالِ ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَاءُ وَالنَّسَبُ لَا يَثْبُتَانِ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ فِيهَا إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَان أَعْتَقَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ لَا يَجُزْ بِذَلِكَ الْوَلَاءِ ، وَرُوِيَ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ وَارِثٌ مَعْرُوفُ النَّسَبِ وَأَتَى مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ زَوْجُهُ أَوْ وَلَدُهُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنْ قَرَابَتِهِ وَأَقَامَ شَاهِدًا قُضِيَ لَهُ بِالْمَالِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَسَبُهُ وَلَا لِلْمَرْأَةِ نِكَاحٌ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ كَانَ لَهُ مَا فَضَلَ عَلَى نِصْفِهَا .

أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ وَارِثُهُ ، وَحَلَفَ

أَوْ ) ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَيِّتٍ لَيْسَ لَهُ وَارِثٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ وَارِثُهُ بِالنَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ ( اثْنَانِ ) بِالسَّمَاعِ بِمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ يَشْهَدَا ( أَنَّهُمَا ) أَيْ الِاثْنَيْنِ ( لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ ) مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ ( أَنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( مَوْلَاهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ أَعْتَقَهُ هُوَ أَوْ مَنْ جَرَّ لَهُ وَلَاءَهُ ( أَوْ ) أَنَّهُ ( وَارِثُهُ ) بِنَسَبٍ أَوْ زَوْجِيَّةٍ ( وَحَلَفَ ) الْمُدَّعِي مَعَ الِاثْنَيْنِ عَلَى الْبَتِّ اُسْتُؤْنِيَ بِدَفْعِ الْمَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ دُفِعَ لَهُ وَلَا يَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ وَلَا النَّسَبُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ أَصْلِ السَّمَاعِ شَاهِدًا وَاحِدًا .
فِيهَا إنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَنَّ هَذَا الْمَيِّتَ مَوْلَى فُلَانٍ لَا يَعْلَمَانِ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ اُسْتُؤْنِيَ بِالْمَالِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّهُ غَيْرُهُ قُضِيَ لَهُ بِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ .
الْبُنَانِيُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ عَقِبَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَلَا يُجَرُّ بِذَلِكَ الْوَلَاءُ ، وَعَلَى هَذَا فَقَدْ صَرَّحَ هُنَا بِعَدَمِ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَابِ الْوَلَاءِ وَهُوَ تَابِعٌ فِي هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ .
وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا قَائِلًا أَنَّهُ مَذْهَبُهَا ، وَقَيَّدَهَا بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِكَوْنِ الشَّهَادَةِ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ لِاحْتِمَالِ اسْتِفَاضَةِ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ دُونَ الْوَلَاءِ .
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ بِالْبَلَدِ فَيَبْعُدُ اسْتِفَاضَةُ ذَلِكَ عَنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَيُقْضَى بِذَلِكَ فِي الْمَالِ وَالْوَلَاءِ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، فَأَمَّا أَنْ تَجْعَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا قَالَهُ طفي ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ لِقَوْلِهِ أَكْثَرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُقْضَى بِالسَّمَاعِ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ .

وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ ؛ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَمْ تَجُزْ ، وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ
( وَإِنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ ) ابْنًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَعْتَقَ عَبْدًا ( أَوْ أَقَرَّ ) ابْنُ الْمَيِّتِ ( أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ عَبْدًا ) وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مُنْكِرُونَ فِيهِمَا ( لَمْ تَجُزْ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الشَّهَادَةُ وَلَا الْإِقْرَارُ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يُقَوَّمُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ذَلِكَ الْعَبْدُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الشَّاهِدِ أَوْ الْمُقِرِّ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ هُنَا عَلَى غَيْرِ الْمُقِرِّ ، وَإِنَّمَا عُمِلَ بِالشَّاهِدِ وَيَمِينٍ فِي الْوَلَاءِ وَالنَّسَبِ بِاعْتِبَارِ الْمَالِ .
فِيهَا إنْ شَهِدَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ أَوْ أَقَرَّ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَ هَذَا الْعَبْدَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُ وَلَا إقْرَارُهُ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ، إذْ لَيْسَ هُوَ الْمُعْتِقُ فَيَلْزَمُهُ التَّقْوِيمُ وَجَمِيعُ الْعَبْدِ رَقِيقٌ ، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُقِرِّ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ مِنْهُ ، وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي رَقَبَةٍ يُعْتِقُهَا وَوَلَاؤُهَا لِأَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ ، وَمَا لَمْ يَبْلَعْ رَقَبَةً يُعَيَّنُ بِهِ فِي رَقَبَةٍ ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَفِي آخَرَ نَجْمٌ مُكَاتَبٌ ، وَكَذَا فِي إقْرَارِ غَيْرِ الْوَلَدِ مِنْ سَائِرِ الْوَرَثَةِ ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَبْدُ الَّذِي أَقَرَّ الْوَارِثُ أَنَّ أَبَاهُ أَعْتَقَهُ فِي سَهْمِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ ، كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا رُدَّتْ شَهَادَتُهُ بِعِتْقِهِ أَوْ وَرِثَهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ .

وَإِنْ شَهِدَ عَلَى شَرِيكِهِ بِعِتْقِ نَصِيبِهِ : فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ ، إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى نَفْيِهِ كَعُسْرِهِ .
( وَإِنْ شَهِدَ ) أَحَدُ شَرِيكَيْنِ ( عَلَى شَرِيكِهِ ) فِي رَقِيقٍ ( بِعِتْقِ نَصِيبِهِ ) أَيْ الشَّرِيكِ وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِانْفِرَادِهِ بِهَا ( فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ ) مِنْ ذَلِكَ الرَّقِيقِ ( حُرٌّ ) لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى شَرِيكِهِ وَيُعْتَقُ ، وَإِنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ فِي عَدَمِ تَقْوِيمِهِ ( إنْ أَيْسَرَ شَرِيكُهُ ) أَيْ الشَّاهِدِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ، أَيْ كَانَ مُوسِرًا حِينَ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ ( وَالْأَكْثَرُ ) مِنْ الرُّوَاةِ ( عَلَى نَفْيِهِ ) أَيْ عَدَمِ عِتْقِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ حُرِّيَّةِ نَصِيبِ الشَّاهِدِ فَقَالَ ( كَعُسْرِهِ ) أَيْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ شَهِدَ رَجُلٌ بِأَنَّ شَرِيكَهُ فِي الْعَبْدِ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ ، فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَنَصِيبُ الشَّاهِدِ حُرٌّ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ .
وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَعْتِقُ مِنْهُ شَيْءٌ ، سَوَاءٌ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا .
سَحْنُونٌ وَهَذَا أَجْوَدُ ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ الرُّوَاةِ ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَيْضًا ، إذْ لَوْ جَازَ هَذَا لَمْ يَشَأْ شَرِيكٌ أَنْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ بِغَيْرِ تَقْوِيمٍ إلَّا فَعَلَ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

بَابٌ ) التَّدْبِيرُ : تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وَإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ ، لَا عَلَى وَصِيَّةٍ

بَابٌ ) فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ ( التَّدْبِيرُ ) أَيْ حَقِيقَتُهُ شَرْعًا ( تَعْلِيقُ ) شَخْصٍ ( مُكَلَّفٍ ) أَيْ مُلْزَمٍ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ فَخَرَجَ تَعْلِيقُ صَغِيرٍ وَمَجْنُونٍ وَدَخَلَ تَعْلِيقُ السَّكْرَانِ بِحَرَامٍ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ .
الْمُصَنِّفُ الْأَقْرَبُ لُزُومُ تَدْبِيرِهِ كَعِتْقِهِ ( رَشِيدٍ ) يُخْرِجُ تَعْلِيقَ السَّفِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجَةً فِي زَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْمُكَلَّفُ ( زَوْجَةً ) فَيَلْزَمُ تَدْبِيرُهَا ( فِي ) رَقِيقٍ ( زَائِدِ ) الْقِيمَةِ عَلَى ( الثُّلُثِ ) لِمَالِهَا فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ لِبَقَائِهِ عَلَى حُكْمِ الرِّقِّ لِمَوْتِهَا ، فَيَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا ، هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ سِوَاهُ ، وَمَفْعُولُ " تَعْلِيقُ " الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ ( الْعِتْقَ ) أَخْرَجَ تَعْلِيقَ غَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَصَدَقَةٍ وَمَشْيٍ لِمَكَّةَ ، وَصِلَةُ تَعْلِيقُ ( بِمَوْتِهِ ) أَيْ الْمُكَلَّفِ أَخْرَجَ تَعْلِيقُ الْمُكَلَّفِ الرَّشِيدِ الْعِتْقَ بِغَيْرِهِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ التَّعْلِيقِ عَلَى وَجْهِ اللُّزُومِ ( لَا عَلَى ) وَجْهِ ( وَصِيَّةٍ ) غَيْرِ لَازِمَةٍ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا أَخْرَجَ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ .
ابْنُ عَرَفَةَ التَّدْبِيرُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقَ مَمْلُوكٍ مِنْ ثُلُثِ مَالِكِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِعَقْدٍ لَازِمٍ فَيَخْرُجُ الْعِتْقُ لِأَجَلٍ ، وَالْإِيلَادُ وَالْإِيصَاءُ بِالْعِتْقِ .
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى الْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْوَصِيَّةِ ، وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ بِالْإِضَافِيَّاتِ وَهُوَ مُجْتَنَبٌ لِإِجْمَالِهِ .
قُلْت : لَا أَعْرِفُ هَذَا حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي مَوْضِعِهِ ، وَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ مَلْزُومَةً لِلْإِجْمَالِ ، وَلِذَا وَقَعَتْ فِي تَعْرِيفَاتِهِمْ كَثِيرًا كَقَوْلِ الْقَاضِي : الْقِيَاسُ حَمْلُ مَعْلُومٍ بِإِضَافَةِ حَمْلِ إلَى مَعْلُومٍ ، وَقَوْلُهُمْ فِي تَعْرِيفِ التَّنَاقُضِ اخْتِلَافُ قَضِيَّتَيْنِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَوْ تَعَقَّبَهُ

بِاشْتِمَالِهِ عَلَى التَّرْكِيبِ وَهُوَ وَقْفُ مَعْرِفَةِ الْمُعَرَّفِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهُ لَيْسَتْ أَعَمَّ ، وَلَا أَخَصَّ كَانَ صَوَابًا ، وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ هَارُونَ بِعَدَمِ طَرْدِهِ ، فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ مَا عُلِّقَ عَلَى مَوْتِ غَيْرِ مَالِكِهِ ، وَهُوَ مِنْ الْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ .
وَأَجَابَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مَوْتُ مَالِكِهِ ، وَرُدَّ بِأَنَّ عَلَى غَيْرِ وَصِيَّةٍ إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِ مَوْتِ مَالِكِهِ لَا عَلَى انْحِصَارِهِ فِيهِ فَهِيَ عِنَايَةٌ فِي التَّعْرِيفِ ، وَيُنْقَضُ أَيْضًا بِحُكْمِ عِتْقِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ عِتْقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى مَوْتِ مَالِكِهَا ، وَلَا يُجَابُ بِعَدَمِ تَعْلِيقِهِ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِ " مُعَلَّقٌ " التَّعْلِيقُ اللَّفْظِيُّ خَرَجَ عَنْهُ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي ، فَإِنَّهُ لَا تَعْلِيقَ فِيهِ لَفْظًا ، وَإِنْ أُرِيدَ الْمُعَلَّقُ مَعْنًى فَعِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ كَذَلِكَ .
وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ ، تَعْلِيقٌ مَعْنَوِيٌّ وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ غَيْرُ نَحْوِيٍّ ، وَتَعْلِيقٌ لَفْظِيٌّ نَحْوِيٌّ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ ، فَالْأَوَّلُ يَشْمَلُ عِتْقَ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ مُعَلَّقٌ مَعْنًى عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهَا ، وَاللَّفْظِيُّ يَشْمَلُ النَّحْوِيَّ ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِأَدَاةِ الشَّرْطِ ، وَيَشْمَلُ نَحْوَ أَنْتَ مُدَبَّرٌ وَدَبَّرْتُكَ .
وَمُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ اللَّفْظِيُّ الشَّامِلُ لِلنَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَالْخَارِجُ عَنْهُ عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنَّهَا مُتَبَايِنَةٌ .
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَرَفَةَ بِعَقْدٍ لَازِمٍ الْوَصِيَّةَ لَا يُقَالُ : خَرَجَتْ بِ يُوجَبْ لِأَنَّهَا لَا تُوجَبُ ، لِأَنَّ مُرَادَهُ بِ يُوجَبْ بِسَبَبٍ فَلَا يُفِيدُ اللُّزُومَ .
اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " التَّدْبِيرُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ ، فَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَنْهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهُ

السَّابِقُ قَبْلَ إيقَاعِهِ النَّدْبُ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ وَبَعْدَهُ اللُّزُومُ الْمُعَرِّضُ لِرَفْعِهِ بِأَقْوَى مِنْهُ ، وَفِي كَوْنِ لُزُومِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَوَصِيَّةٍ بِعِتْقٍ مُلْتَزَمٍ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَنْهَا ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ ، أَوْ لِأَنَّهُ كَعِتْقٍ الْتَزَمَهُ مَالِكُهُ فِي حَيَاتِهِ وَوَقَفَ إنْفَاذُهُ عَلَى مَوْتِهِ كَعِتْقِ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ لَا أَنَّهُ أَوْقَفَ الْتِزَامَهُ عَلَى مَوْتِهِ طَرِيقًا .
التُّونُسِيُّ مَعَ ظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ حَسْبَمَا يَأْتِي فِي الصِّيغَةِ وَظَاهِرُ نَقْلِ الصِّقِلِّيِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، ثُمَّ قَالَ الْمُدَبِّرُ هُوَ الْمَالِكُ السَّالِمُ عَنْ حَجْرِ التَّبَرُّعِ .
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ : تَدْبِيرُ ذَاتِ الزَّوْجِ عَبْدًا لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ نَافِذٌ لَا رَدَّ لِزَوْجِهَا فِيهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ تَدْبِيرِهَا إيَّاهُ كُلَّهُ وَبَيْنَ عِتْقِهَا إيَّاهُ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُخْرِجُ مِنْ يَدِهَا شَيْئًا هُوَ مَوْقُوفٌ مَعَهَا حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ ثُلُثِهَا فَلَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ ، وَكَرِهَهُ سَحْنُونٌ وَرَآهُ خَطَأً لَا شَكَّ فِيهِ ، وَقَالَهُ الْأَخَوَانِ .
ابْنُ رُشْدٍ رَوَى عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ ، وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ يَحْيَى السَّبَائِيِّ فِي امْرَأَةٍ دَبَّرَتْ نِصْفَ عَبْدٍ لَا تَمْلِكُ غَيْرَهُ وَلَهَا زَوْجٌ لَا يُدَبَّرُ عَلَيْهَا كُلُّهُ وَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا ذَكَرْت لِأَنَّ زَوْجَهَا يَمْنَعُهَا مِنْ ذَلِكَ ، وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ نَظَرٌ ، وَقِيَاسُ مَذْهَبِهِ أَنْ لَا يَكُونَ مُدَبَّرًا مِنْهُ إلَّا ثُلُثُهُ .

( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : " غ " قَوْلُهُ مُكَلَّفٍ لَا شَكَّ فِي إخْرَاجِهِ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ تَابِعًا لِابْنِ شَاسٍ ، وَشَرْطُهُ التَّمْيِيزُ لَا الْبُلُوغُ فَيَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ ، وَلَوْ كَانَ صَغِيرًا وَهُوَ مُشْكِلٌ ، إذْ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْتِزَامَاتِهِ ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْهُ الْوَصِيَّةُ إذَا مَاتَ اسْتِحْسَانًا ، وَلِمَا رُوِيَ عَنْ الْمَاضِينَ فِيهَا ؛ لِأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَنْهَا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ التَّدْبِيرِ إذَا لَزِمَهُ ، وَقَدْ نَصَّ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى أَنَّ تَدْبِيرَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ ، وَكُلُّ مَنْ رَأَيْته مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ يُنْكِرُ هَذَا الْمَوْضِعَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَكَذَا اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ هَارُونَ ، وَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الِاسْتِشْكَالُ وَاضِحٌ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ لَا حُجَّةَ لِزَوْجِهَا إنَّمَا هِيَ وَصِيَّةٌ ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ : لَا يَجُوزُ تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَحْتَلِمْ ، وَفِي الْبَيَانِ أَمَّا الصَّغِيرُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقُهُ ، وَلَا عِتْقُهُ ، وَلَا شَيْءٌ مِنْ أَفْعَالِهِ .
وَفِي النَّوَادِرِ : تَدْبِيرُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ وَصِيَّتِهِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تُخْرَجُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ ، وَأَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ فِيهَا وَفِيهَا عِتْقُ السَّكْرَانِ وَتَدْبِيرُهُ جَائِزَانِ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ شَرْطُهُ التَّمْيِيزُ .
الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ مَا أَفَادَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِنَا أَنَّ تَدْبِيرَ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَنْقَلِبُ وَصِيَّةً كَمَا اعْتَمَدَهُ عج .
طفي قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَقِبَ قَوْلِهِ وَاضِحٌ إنْ حُمِلَ قَوْلُهُ يَنْفُذُ عَلَى اللُّزُومِ ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى صِحَّتِهِ دُونَ لُزُومِهِ فَيَصِيرُ كَالْوَصِيَّةِ ، فَيَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ الْكَلَامُ فِي التَّدْبِيرِ

اللَّازِمِ ، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَهُوَ وَصِيَّةٌ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ وَاضِحَةٌ ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا .
عج قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَنْفُذُ مِنْ الْمُمَيِّزِ غَيْرُ ظَاهِرٍ ، سَوَاءٌ أُرِيدَ بِهِ اللُّزُومُ أَوْ الصِّحَّةُ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي التَّدْبِيرِ لَا فِي الْوَصِيَّةِ .

الثَّانِي : الْبُنَانِيُّ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَمْ يَتَعَرَّضْ مَنْ رَأَيْت مِنْ الشُّيُوخِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ التَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ ، وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا بِاللُّزُومِ وَعَدَمِهِ ، وَهَذَا فَرْعٌ عَنْ مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا ؛ إذْ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَرُبَّمَا يُؤْخَذُ الْفَرْقُ بَيْنَ حَقِيقَتَيْهِمَا مَعًا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ وَالتَّدْبِيرِ أَنَّ التَّدْبِيرَ عِتْقٌ أَوْجَبَهُ السَّيِّدُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ إلَى أَجَلٍ آتٍ لَا مَحَالَةَ ، فَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِقَوْلٍ وَلَا فِعْلٍ كَالْعِتْقِ إلَى أَجَلٍ ، لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ بِعَقْدِهِ عِتْقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَيَاتِهِ وَالْمُوصِي بِالْعِتْقِ لَمْ يَعْقِدْ عَلَى نَفْسِهِ عِتْقًا ، وَإِنَّمَا أَمَرَ أَنْ يُعْتَقَ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَالْعِتْقُ إنَّمَا يُعْقَدُ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَنْ وَكَّلَ مَنْ يَبِيعُ عَبْدَهُ أَوْ يَهَبُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْ تَوْكِيلِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ مَا لَمْ يُنْفِذْ الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ ، فَالتَّدْبِيرُ عِتْقٌ نَاجِزٌ حَالٌّ فِي عَيْنِ الْعَبْدِ ، وَنَازِلٌ فِيهِ تَرَاخَى حُكْمُهُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ كَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ وَالْمُوصَيْ بِعِتْقِهِ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ عِتْقٌ وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ إلَّا مَا يَعْقِدُهُ الْمُوصَيْ إلَيْهِ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي ا هـ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْفَرْقُ عَنْ نَفْسِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ : إنَّ التَّدْبِيرَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ عِدَةٌ ، وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا .

كَإِنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي ، أَوْ سَفَرِي هَذَا ، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ، مَا لَمْ يُرِدْهُ ، وَلَمْ يُعَلِّقْهُ ، أَوْ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ

وَمَثَّلَ لِلْوَصِيَّةِ الَّتِي لَا تَلْزَمُ فَقَالَ ( كَ ) قَوْلِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ ( إنْ مِتُّ ) بِضَمِّ التَّاءِ ( مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي ) هَذَا .
الْبُنَانِيُّ يَصِحُّ تَقْدِيرُ الْجَوَابِ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَيَصِحُّ تَقْدِيرُهُ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي الثَّانِي .
وَقَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابُ ابْنِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ لَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ يُونُسَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ قَائِمٌ عِنْدِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَهَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مُحْتَمَلٍ لَأَنْ يَكُونَ أَوْ لَا يَكُونَ ، وَهُوَ مَوْتُهُ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ الْمُعَيَّنِ .
( أَوْ ) قَوْلُهُ : أَنْتَ حُرٌّ ( بَعْدَ مَوْتِي ) فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا مَا لَمْ يُرِدْ التَّدْبِيرَ بِهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ يَوْمَ أَمُوتُ ، قَالَ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيمَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَأَرَادَ بَيْعَهُ فَإِنَّهُ يُسْأَلُ ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ وَجْهَ الْوَصِيَّةِ صُدِّقَ ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ بِهِ التَّدْبِيرَ صُدِّقَ وَمُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ هِيَ وَصِيَّةٌ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا التَّدْبِيرَ ، وَمَحَلُّ كَوْنِ قَوْلِهِ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَكَوْنِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَصِيَّةٌ ( إنْ لَمْ يُرِدْهُ ) أَيْ الْقَائِلُ التَّدْبِيرَ ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ التَّدْبِيرَ بِإِحْدَى الصِّيغَتَيْنِ فَهُوَ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ .
( وَ ) إنْ لَمْ يُعَلِّقْهُ أَيْ الْقَائِلُ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي عَلَى شَيْءٍ بِصِيغَةٍ بَرَّ أَوْ حَنِثَ ، فَإِنْ عَلَّقَهُ كَذَلِكَ لَزِمَهُ .
فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهُ ، وَإِنْ قَالَ : إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي فَكَلَّمَهُ لَزِمَهُ مَا أَوْجَبَ مِنْ عِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ ثُلُثِهِ وَصَارَ شَبِيهًا بِالتَّدْبِيرِ .
ابْنُ عَرَفَةَ فَجَعَلَ

الْمُعَلَّقَ أَشَدَّ مِنْ الْمُطْلَقِ ، وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ النُّذُورِ فَجَعَلَ الْمُطْلَقَ فِيهِ أَخَفَّ مِنْ الْمُعَلَّقِ .
وَفِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ إذَا قَيَّدَ تَدْبِيرَهُ بِشَرْطٍ كَقَوْلِهِ إنْ مِتُّ فِي سَفَرِي أَوْ مَرَضِي أَوْ فِي هَذَا الْبَلَدِ أَوْ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتَ مُدَبَّرٌ هَلْ هِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ التَّدْبِيرَ .
طفي فَقَوْلُهُ : إنْ لَمْ يُرِدْهُ قَيْدٌ فِي الثَّلَاثَةِ ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ قَيْدٌ فِي قَوْلٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِي .
( أَوْ ) قَوْلُهُ أَنْتَ ( حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ ) مَثَلًا أَوْ شَهْرٍ أَوْ عَامٍ فَهِيَ وَصِيَّةٌ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهَا .
فِيهَا إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَهُوَ فِي الثُّلُثِ ، وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ .

بِ دَبَّرْتُكَ ، وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ، أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي
وَذَكَرَ الصِّيَغَ الصَّرِيحَةَ فِي التَّدْبِيرِ مُعَلِّقًا لَهَا بِتَعْلِيقٍ فَقَالَ : ( بِدَبَّرْتُكَ وَأَنْتَ مُدَبَّرٌ ) بِضَمٍّ فَفَتْحَتَيْنِ مُثَقَّلًا ( أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي ) عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْ يَقُولَ : أَنْتَ مُدَبَّرٌ أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي .
ابْنُ شَاسٍ مِنْ أَرْكَانِ التَّدْبِيرِ اللَّفْظُ وَصَرِيحُهُ بِ دَبَّرْتُكَ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى تَعْلِيقِ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ ، كَمَا إذَا قَيَّدَ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ كَقَوْلِهِ : إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا ، فَإِنَّ هَذَا يَكُونُ وَصِيَّةً لَا تَدْبِيرًا .
أَمَّا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي أَوْ يَوْمَ أَمُوتُ فَهَذِهِ وَصِيَّةٌ مَا لَمْ يَنْوِ بِهَا التَّدْبِيرَ .
ابْنُ عَرَفَةَ الصِّيغَةُ مَا دَلَّ عَلَى حَقِيقَتِهِ عُرْفًا .
الْبَاجِيَّ عَبْدُ الْوَهَّابِ لَفْظُ التَّدْبِيرِ أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي أَوْ مُدَبَّرًا ، وَإِذَا مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ وَشِبْهِهِ مِمَّا يُعْلَمُ بِهِ إيجَابُ عِتْقِهِ بِمَوْتِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ ، زَادَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ قَوْلَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَنْتَ حُرٌّ مَتَى مَا مِتُّ أَوْ إنْ مِتُّ وَلَا مَرْجِعَ لِي فِيك وَشِبْهِ هَذَا أَفْرَدَهُ بِكِتَابٍ أَوْ جَعَلَهُ فِي ذِكْرِ وَصَايَاهُ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .

وَنَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وَأَوْجَرَ لَهُ .
وَ ) إنْ دَبَّرَ نَصْرَانِيٌّ عَبْدَهُ الَّذِي أَسْلَمَ وَاشْتَرَاهُ مُسْلِمًا ( نَفَذَ تَدْبِيرُ نَصْرَانِيٍّ لِ ) عَبْدٍ لَهُ ( مُسْلِمٍ ) بَعْدَ تَدْبِيرِهِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ قَبْلَ شِرَائِهِ ( وَأُوجِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُدَبَّرُ لِمُسْلِمٍ ( لَهُ ) أَيْ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ النَّصْرَانِيِّ حَقَّهُ مِنْ خِدْمَتِهِ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ يَسْتَخْدِمُهُ لِأَنَّهُ إذْلَالٌ لِلْمُسْلِمِ بِخِدْمَةِ الْكَافِرِ .
فِيهَا إنْ أَسْلَمَ مُدَبَّرُ النَّصْرَانِيِّ أَوْ ابْتَاعَ مُسْلِمًا وَدَبَّرَهُ أَجَزْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَبَضَ غَلَّتَهُ ، وَلَا يَتَعَجَّلُ رِقَّهُ بِبَيْعِهِ وَقَدْ يَعْتِقُ بِمَوْتِ النَّصْرَانِيِّ ، فَإِنْ أَسْلَمَ رَجَعَ إلَيْهِ عَبْدُهُ وَكَانَ لَهُ وَلَاؤُهُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : لَا يَجُوزُ لِلنَّصْرَانِيِّ شِرَاءُ مُسْلِمٍ ، فَإِنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ ثُمَّ دَبَّرَهُ عَتَقَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَنَعَنَا مِنْ بَيْعِهِ عَلَيْهِ بِتَدْبِيرِهِ اُنْظُرْ الْحَاشِيَةَ .

وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا : كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ ، وَصَارَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ ؛ إنْ عَتَقَ ، وَقُدِّمَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ ؛

وَ ) إنْ دَبَّرَ أَمَتَهُ الْحَامِلَ مِنْ غَيْرِهِ ( تَنَاوَلَ ) تَدْبِيرُهَا ( الْحَمْلَ مَعَهَا ) فِيهَا إنْ دَبَّرَ حَامِلًا فَوَلَدُهَا مُدَبَّرٌ بِمَنْزِلَتِهَا ، وَشَبَّهَ فِي التَّنَاوُلِ فَقَالَ ( كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ( مِنْ أَمَتِهِ ) أَيْ الْمُدَبَّرُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ تَدْبِيرِ أَبِيهِ فَيَصِيرُ مُدَبَّرًا كَأَبِيهِ ، وَإِنْ حَمَلَتْ بِهِ قَبْلَهُ فَلَا يَكُونُ مُدَبَّرًا ، وَهُوَ رِقٌّ لِسَيِّدِ أَبِيهِ .
فِيهَا مَا وُلِدَ لِلْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ التَّدْبِيرِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَهُوَ مُدَبَّرٌ مِثْلَهُ ( وَصَارَتْ ) أَمَةُ الْمُدَبَّرِ ( بِهِ ) أَيْ وَلَدُهَا بَعْدَ التَّدْبِيرِ ( أُمَّ وَلَدٍ ) لِلْمُدَبَّرِ ( إنْ عَتَقَ ) الْمُدَبَّرُ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ ، وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ .
فِيهَا كُلُّ مَا وُلِدَ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ مِمَّا حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ عَقْدِ تَدْبِيرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِ يَعْتِقُ مَعَهُ فِي الثُّلُثِ ، فَإِذَا عَتَقَا كَانَتْ الْأُمُّ أُمَّ وَلَدَيْهِ لَهُ كَانَ الْوَلَدُ الْآنَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا .
( وَ ) إنْ ضَاقَ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ عَنْ قِيمَتَيْ الْمُدَبَّرِ وَوَلَدِهِ ( قُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ( الْأَبُ ) الْمُدَبَّرُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ وَلَدِهِ ( فِي ) الْعِتْقِ مِنْ ثُلُثِ مَالِ السَّيِّدِ حَالَ ( الضِّيقِ ) لِلثُّلُثِ عَنْهُمَا .
الْحَطّ مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى اسْتِظْهَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ : الْمَنْقُولُ خِلَافُهُ ، وَنَصُّهُ وَإِذَا كَانَ الِابْنُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِ فَهَلْ يُحَاصُّ أَبَاهُ عِنْدَ ضِيقِ الثُّلُثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمُدَبَّرِينَ فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ خِلَافًا لِابْنِ نَافِعٍ فِي قَوْلِهِ يَعْتِقُ مِنْهُمْ مَحْمِلُ الثُّلُثِ بِالْقُرْعَةِ ، أَوْ يَكُونُ الْأَبُ مُقَدَّمًا فِي الثُّلُثِ لِتَقَدُّمِ تَدْبِيرِهِ عَلَى تَدْبِيرِ وَلَدِهِ كَمُدَبَّرَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الظَّاهِرُ الثَّانِي ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .
ا هـ .
فَكَلَامُهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ

ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافُ الْمَنْقُولِ .
فِيهَا وَغَيْرِهَا وَنَصُّهَا وَمَا .
وَلَدَتْهُ الْمُدَبَّرَةُ أَوْ وَلَدُ الْمُدَبَّرِ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ تَدْبِيرِهِ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ أَوْ بَعْدَهُ ، فَهُوَ بِمَنْزِلَتِهِمَا ، وَالْمُحَاصَّةُ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ فِي الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مَحْمِلُ الثُّلُثِ مِنْ جَمِيعِهِمْ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ .
أَبُو الْحَسَنِ قَالَ : وَالْمُحَاصَّةُ إلَخْ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ إيثَارُ الْآبَاءِ عَلَى الْأَبْنَاءِ .

وَلِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ ، إنْ لَمْ يَمْرَضْ ، وَرَهْنُهُ ، وَكِتَابَتُهُ ، لَا إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ
( وَلِلسَّيِّدِ ) الْمُدَبِّرِ ( نَزْعُ ) أَيْ أَخْذُ ( مَالِهِ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ إلْفَهُ وَلِغُرَمَائِهِ فِي تَفْلِيسِهِ لِقُوَّةِ رَقَبَتِهِ ( مَا لَمْ يَمْرَضْ ) سَيِّدُهُ مَرَضًا مَخُوفًا ، فَإِنْ مَرِضَ مَرَضًا مَخُوفًا فَلَيْسَ لَهُ نَزْعُهُ لَا لِنَفْسِهِ ، وَلَا لِغُرَمَائِهِ .
فِيهَا لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يُجْبِرُوا الْمُفْلِسَ عَلَى انْتِزَاعِ مَالِ وَلَدِهِ أَوْ مُدَبَّرِهِ ، وَلَهُ هُوَ انْتِزَاعُهُ إنْ شَاءَ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ يَنْتَزِعُهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ إنْ شَاءَ لِنَفْسِهِ ، وَإِنْ مَرِضَ ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْتَزِعُهُ لِوَرَثَتِهِ ، وَفِي التَّفْلِيسِ يَنْتَزِعُهُ لِنَفْسِهِ .
ابْنُ شَاسٍ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَالِ مُدَبَّرِهِ مَا لَمْ يُفْلِسْ أَوْ يَمْرَضْ ، وَلَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ أَخْذُ مَالِهِ .
( وَ ) لَهُ ( رَهْنُهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ فِي دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَى تَدْبِيرِهِ مُطْلَقًا أَوْ مُتَأَخِّرٍ عَنْهُ عَلَى أَنْ يُبَاعَ فِيهِ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ لَا فِي حَيَاتِهِ .
اللَّخْمِيُّ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْهَنَ مُدَبَّرَهُ ( وَ ) لِلسَّيِّدِ ( كِتَابَتُهُ ) أَيْ مُكَاتَبَةُ مُدَبَّرِهِ .
اللَّخْمِيُّ إذَا كَاتَبَ السَّيِّدُ مُدَبَّرَهُ جَازَتْ ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا بَقِيَ مُدَبَّرًا ( لَا ) يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ ( إخْرَاجُهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ مِنْ التَّدْبِيرِ ( لِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ ) بِفَسْخِ تَدْبِيرِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ هِبَتِهِ أَوْ صَدَقَتِهِ وَيَجُوزُ ، بَلْ يُنْدَبُ إخْرَاجُهُ لِلْحُرِّيَّةِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِ أَوْ كِتَابَتِهِ .
فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْمُدَبَّرِ الشَّيْخُ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَةٌ بِهِ ، وَأَجَازَ ابْنُ لُبَابَةَ بَيْعَهُ إذَا تَخَلَّفَ عَلَى مَوْلَاهُ وَأَفْتَى بِهِ الْقُورِيُّ مَرَّةً وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ .

وَفُسِخَ بَيْعُهُ ، إنْ لَمْ يَعْتُقْ ؛ وَالْوَلَاءُ لَهُ : لِمُكَاتَبٍ
( وَ ) إنْ بِيعَ الْمُدَبَّرُ ( فُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( بَيْعُهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ ( إنْ لَمْ يُعْتَقْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي مَضَى بَيْعُهُ وَإِعْتَاقُهُ ( وَ ) يَكُونُ ( الْوَلَاءُ لَهُ ) أَيْ لِمُشْتَرِيهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَمْضِي لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِسَيِّدِهِ ، سَوَاءٌ حَمَلَ ثُلُثُهُ جَمِيعَهُ وَعَتَقَ الْمُدَبَّرُ كُلُّهُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ ، وَأَعْتَقَ لِانْعِقَادِ وَلَائِهِ لِمُدَبِّرِهِ قَبْلَ عِتْقِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَنْتَقِلُ لَهُ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لِمُدَبِّرِهِ .
الْجَلَّابُ مَنْ بَاعَ مُدَبَّرَهُ فُسِخَ بَيْعُهُ ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ مُبْتَاعُهُ قَبْلَ فَسْخِ بَيْعِهِ فَفِيهِ رِوَايَتَانِ ، إحْدَاهُمَا : أَنَّ عِتْقَهُ نَافِذٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَيُسْتَحَبُّ لِبَائِعِهِ جَعْلُ فَضْلِ ثَمَنِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي مُدَبَّرٍ مِثْلِهِ .
وَشَبَّهَ فِي مَنْعِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ إنْ لَمْ يُعْتَقْ وَمُضِيِّهِ إنْ أَعْتَقَ فَقَالَ ( كَ ) بَيْعِ ( الْمُكَاتَبِ ) فَلَا يَجُوزُ ، وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ إنْ لَمْ يُعْتَقْ فِيهَا لِاتِّبَاعِ رَقَبَةِ الْمُكَاتَبِ ، فَإِنْ بِيعَتْ رُدَّ بَيْعُهَا مَا لَمْ يَفُتْ بِعِتْقٍ ، وَوَلَاؤُهُ لِمُعْتَقِهِ

جَنَى الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ وَسَيِّدُهُ حَيّ وَإِنْ جَنَى ، فَإِنْ فَدَاهُ ، وَإِلَّا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ ، تَقَاضِيًا ، وَحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا ، وَرَجَعَ ، إنْ وَفَّى

( وَإِنْ جَنَى ) الْمُدَبَّرُ عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ ، وَسَيِّدُهُ حَيٌّ خُيِّرَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِسْلَامِهِ فِي جِنَايَتِهِ ( فَإِنْ فَدَاهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرَ سَيِّدُهُ بَقِيَ بِحَالِهِ مُدَبَّرًا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ وَأَسْلَمَهُ لِمُسْتَحِقِّ الْجِنَايَةِ ( أَسْلَمَ ) سَيِّدُهُ ( خِدْمَتَهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ يَسْتَوْفِي مِنْهَا أَرْشَ جِنَايَتِهِ إسْلَامًا ( تَقَاضِيًا ) أَيْ عَلَى أَنْ يَقْتَضِيَ الْأَرْشَ مِنْ ثَمَنِهَا .
فَإِذَا اسْتَوْفَاهُ ، وَالسَّيِّدُ حَيٌّ رَجَعَتْ خِدْمَتُهُ لَهُ لَا تَمْلِيكًا لِجَمِيعِهَا إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ .
الْجَلَّابُ وَإِنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ جِنَايَةً فَجِنَايَتُهُ فِي خِدْمَتِهِ دُونَ رَقَبَتِهِ ، وَالسَّيِّدُ بِالْخِيَارِ فِي افْتِكَاكِهَا بِأَرْشِ جِنَايَتِهِ ، وَفِي إسْلَامِ خِدْمَتِهِ إلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَيُقَاصِصَهُ بِأُجْرَةِ خِدْمَتِهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ فَإِنْ اسْتَوْفَاهُ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ مُدَبَّرًا عَلَى حَالِهِ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَهُ ، وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ الْمُدَبَّرُ مِنْ ثُلُثِهِ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ .
( وَ ) إنْ جَنَى الْمُدَبَّرُ الَّذِي أُسْلِمَتْ خِدْمَتُهُ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ جِنَايَةً ثَانِيَةً قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْأَوَّلِ أَرْشَهُ مِنْ خِدْمَتِهِ ( حَاصَّهُ ) أَيْ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ الْأُولَى شَخْصٌ ( مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِيًا ) فِي خِدْمَتِهِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِنِسْبَةِ أَرْشِ كُلِّ جِنَايَةٍ لِمَجْمُوعِ أَرْشَيْهِمَا .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا مَعَ غَيْرِهَا ، وَأَمَّا الْمُدَبَّرُ يَجْنِي فَتُسْلَمُ خِدْمَتُهُ ثُمَّ يَجْنِي عَلَى آخَرَ فَإِنَّهُ يُحَاصِصُ الْأَوَّلَ فِي الْخِدْمَةِ وَلَا يُخَيَّرُ سَيِّدُهُ هَا هُنَا وَلَا مَنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ .
ابْنُ شَاسٍ خَرَّجَ أَبُو الْقَاسِمِ وَجْهًا آخَرَ وَهُوَ تَخْيِيرُ الْمَجْرُوحِ الْأَوَّلِ فِي افْتِكَاكِهِ وَإِسْلَامِهِ ، فَإِنْ افْتَكَّهُ اخْتَصَّ بِخِدْمَتِهِ ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْهَا ،

قُلْت هُوَ الْجَارِي عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي حَكَاهُ التُّونُسِيُّ أَنَّ إسْلَامَهُ إنَّمَا هُوَ لِخِدْمَتِهِ أَجْمَعَ .
( وَ ) إنْ اسْتَوْفَى وَلِيُّ الْجِنَايَةِ أَرْشَهَا فِي خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ وَسَيِّدُهُ حَيٌّ ( رَجَعَ ) الْمُدَبَّرُ عَلَى حَالِهِ مُدَبَّرًا ( إنْ وَفَّى ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَوْ الْجِنَايَتَيْنِ بِخِدْمَتِهِ فِي حَيَاةِ سَيِّدِهِ

، وَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ : اُتُّبِعَ بِالْبَاقِي ، أَوْ بَعْضُهُ بِحِصَّتِهِ ، وَخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إسْلَامِ مَا رُقَّ ، أَوْ فَكِّهِ وَقُوِّمَ بِمَالِهِ ، وَإِذَا لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ ، إلَّا بَعْضَهُ : عَتَقَ ، وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مَلِيءٍ : بِيعَ بِالنَّقْدِ ، وَإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ : اُسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ ، وَإِلَّا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ : عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ

( وَإِنْ عَتَقَ ) الْمُدَبَّرُ الْجَانِي الْمُسْلِمُ لِلْوَلِيِّ ( بِمَوْتِ سَيِّدِهِ ) وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ قَبْلَ التَّوْفِيَةِ ( اُتُّبِعَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ مُثَقَّلَةً وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الْمُدَبَّرُ ( بِالْبَاقِي ) مِنْ الْأَرْشِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ( أَوْ ) عَتَقَ ( بَعْضُهُ ) وَرُقَّ بَاقِيهِ لِضِيقِ الثُّلُثِ اُتُّبِعَ فِيمَا عَتَقَ مِنْهُ ( بِحِصَّتِهِ ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُعْتَقِ مِنْ رَقَبَتِهِ مِنْ الْأَرْشِ .
( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( الْوَارِثُ ) لِسَيِّدِهِ ( فِي إسْلَامِ مَا ) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا مِنْ الْمُدَبَّرِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ وَلِيِّهِ ( أَوْ ) فِي ( فَكِّهِ ) بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْشِ .
الْجَلَّابُ وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَهُ مَالٌ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِهِ الْمُدَبَّرُ عَتَقَ وَصَارَ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَالٌ غَيْرُهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ وَرُقَّ ثُلُثَاهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ ، وَثُلُثُ مَا بَقِيَ فِي خِدْمَتِهِ ، وَالْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي إسْلَامِ ثُلُثَيْهِ ، وَفِي افْتِكَاكِهِ بِثُلُثَيْ مَا بَقِيَ مِنْ أَرْشِ جِنَايَتِهِ .
( وَقُوِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمُدَبَّرُ ( بِمَالِهِ ) أَيْ الْمُدَبَّرُ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ بِأَنْ يُقَالَ : مَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّ لَهُ الْمَالَ كَذَا عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ عَقَارًا ، فَإِذَا قِيلَ كَذَا اُنْظُرْ ، فَإِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ عَتَقَ وَتَبِعَهُ مَالُهُ .
( وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ ) لِمَالِ السَّيِّدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ ، وَمِنْهُ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ ( إلَّا بَعْضَهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ ( عَتَقَ ) الْبَعْضُ الَّذِي حَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَرُقَّ بَاقِيهِ ( وَبَقِيَ الْمَالُ ) الَّذِي لِلْمُدَبِّرِ كَمَا ( بِيَدِهِ ) أَيْ فِي مِلْكِ الْمُدَبِّرِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ بَعْدَ وَفَاةِ سَيِّدِهِ بِمَالِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بَعْضُهُ

وَأَقَرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ .
ابْنُ شَاسٍ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَمَالُهُ مِائَةَ دِينَارٍ وَتَرَكَ سَيِّدُهُ مِائَةَ دِينَارٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ نِصْفُهُ وَيَبْقَى مَالُهُ بِيَدِهِ ، لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ مِائَتَانِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَنْزِعْ السَّيِّدُ مَالَ الْمُدَبَّرَةِ حَتَّى مَاتَ قُوِّمَتْ فِي الثُّلُثِ بِمَالِهَا فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهَا عَتَقَ وَأَقَرَّ الْمَالُ كُلُّهُ بِيَدِهَا .
الصِّقِلِّيُّ لِسَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَمَالُهَا مِائَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهَا مِائَةً عَتَقَ نِصْفُهَا وَبَقِيَ مَالُهَا بِيَدِهَا لِأَنَّ قِيمَتَهَا بِمَالِهَا مِائَتَانِ وَثُلُثُ سَيِّدِهَا مِائَةٌ ، وَقَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
ابْنُ حَبِيبٍ وَرَوَاهُ الْأَخَوَانِ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ ، وَقَالَ يُجْمَعُ هُوَ وَمَالُهُ لِمَالِ سَيِّدِهِ ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ بِمَالِهِ عَتَقَ وَبَقِيَ مَالُهُ بِيَدِهِ ، وَإِنْ حَمَلَ رَقَبَتَهُ وَبَعْضَ مَالِهِ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَدَعْ غَيْرَ الْمُدَبَّرِ وَمَالِهِ ، وَقِيمَةُ رَقَبَتِهِ مِائَةٌ وَمَالِهِ ثَمَانِمِائَةٍ عَتَقَ وَلَهُ مِنْ مَالِهِ مِائَتَانِ .
ابْنُ حَبِيبٍ انْفَرَدَ بِهَذَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " عَنْهُمْ ، وَبِقَوْلِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَقُولُ .
( فَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ ( دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا ( عَلَى ) شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) بِالْبَلَدِ حِينَ التَّقْوِيمِ ( مَلِيءٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ مُوسِرٍ ( بِيعَ ) أَيْ قُوِّمَ الدَّيْنُ بِعَرَضٍ ثُمَّ قُوِّمَ الْعَرَضُ ( بِالنَّقْدِ ) الْحَالِّ ، فَإِنْ كَانَ عَشَرَةً ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةٌ ، وَبِيَدِهِ عَشَرَةٌ عَتَقَ مِنْهُ نِصْفُهُ لِأَنَّ قِيمَتَهُ بِمَالِهِ عِشْرُونَ ، وَالثُّلُثُ عَشَرَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ عَشَرَةً ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَشَرَةً وَتَرَكَ سَيِّدُهُ عَشَرَةً عَتَقَ الْمُدَبَّرُ

كُلُّهُ .
( وَإِنْ ) كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ ( قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ ) أَيْ الْمَدِينِ الْمَلِيءِ ( اُسْتُؤْنِيَ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ النُّونِ أَيْ اُنْتُظِرَ بِتَقْوِيمِ الْمُدَبَّرِ ( قَبْضُهُ ) أَيْ الدَّيْنِ مِنْ الْمَدِينِ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَدِينُ حَاضِرًا ، وَلَا قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا ( بِيعَ ) مِنْ الْمُدَبَّرِ الْقَدْرُ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ ثُلُثُ مَالِ السَّيِّدِ الْحَاضِرِ .
( فَإِنْ حَضَرَ ) الْمَدِينُ ( الْغَائِبُ ) مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ ( أَوْ أَيْسَرَ ) الْمَدِينُ ( الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ ) أَيْ مَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ( عَتَقَ مِنْهُ ) أَيْ مَا بِيعَ مِنْ الْمُدَبَّرِ بِثُلُثِ مَا قَبَضَ مِنْ الدَّيْنِ ( حَيْثُ كَانَ ) الْبَيْعُ بِيَدِ وَارِثٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ، وَلَوْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَعْتَقَهُ نَقَضَ عِتْقُهُ ، هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " اللَّخْمِيُّ إنْ ضَاقَ الثُّلُثُ وَلِلسَّيِّدِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَائِبٍ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ وَهُوَ حَالٌّ اُسْتُؤْنِيَ بِالْعِتْقِ حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْنَ ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ أَوْ كَانَ عَلَى حَاضِرٍ مُعْدِمٍ بِيعَ الْمُدَبَّرُ لِلْغُرَمَاءِ الْآنَ ، فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ وَالْعَبْدُ بِيَدِ الْوَارِثِ أَعْتَقَ فِي ثُلُثِ ذَلِكَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ ، وَاخْتُلِفَ إذَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْوَارِثِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ : يَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الدَّيْنِ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ لِلْمُدَبَّرِ فِيهِ .
وَقَالَ عِيسَى وَأَصْبَغُ : يُعْتَقُ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ .

وَإِنْ كَانَ السَّيِّد غَيْر مَلِيء يَوْم قَوْله لِعَبْدِهِ أَنْتَ حُرّ ، قَبْل مَوْتِي بِسَنَةِ وَأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئًا لَمْ يُوقَفْ ؛ فَإِنْ مَاتَ نُظِرَ ، فَإِنْ صَحَّ اُتُّبِعَ بِالْخِدْمَةِ وَعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَإِلَّا فَمِنْ الثُّلُثِ ، وَلَمْ يَتَّبِعْ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ ، ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ

( وَمَنْ قَالَ ) لِعَبْدِهِ ( أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ ) فَهُوَ عِتْقٌ لَازِمٌ وَمَوْتُهُ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَقْتَهُ ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ غَيْرُ مَعْلُومٍ ، وَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ فَ ( إنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا ) خَدَمَهُ عَبْدُهُ وَلَا يُوقِفُ شَيْءٌ خِدْمَتَهُ ( فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ نُظِرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ إلَى حَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ .
( فَإِنْ ) كَانَ قَدْ ( صَحَّ ) السَّيِّدُ فِي ذَلِكَ ( اُتُّبِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا السَّيِّدُ ( بِ ) أُجْرَةِ الْخِدْمَةِ ) فِي كُلِّ السَّنَةِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَتْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ أَوَّلِهَا ( وَعَتَقَ ) الْعَبْدُ ( مِنْ رَأْسِ ) أَيْ جَمِيعِ ( الْمَالِ ) الَّذِي لِسَيِّدِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ قَدْ صَحَّ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ ( فَ ) يُعْتَقُ الْعَبْدُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) لِمَالِ سَيِّدِهِ يَوْمَهُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فِي مَرَضِهِ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى ( يَتَّبِعْ ) الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِشَيْءٍ فِي نَظِيرِ خِدْمَتِهِ لَهُ فِي السَّنَةِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ يُعْتَقُ مِنْ الثُّلُثِ فَغَلَّتُهُ لِسَيِّدِهِ .
( وَإِنْ كَانَ ) السَّيِّدُ ( غَيْرَ مَلِيءٍ ) يَوْمَ قَوْلِهِ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ ، قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ ( وُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( خَرَاجُ ) أَيْ أُجْرَةُ خِدْمَةِ ( سَنَةٍ ) بِأَنْ يُؤَاجِرَ الْعَبْدَ لِأَجْنَبِيٍّ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ جُمُعَةٍ أَوْ كُلَّ شَهْرٍ ، وَتُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ عَدْلٍ وَيَخْدِمُ الْعَبْدُ الْأَجْنَبِيَّ تِلْكَ السَّنَةَ ( ثُمَّ ) بَعْدَ تَمَامِهَا وَسَيِّدُهُ حَيٌّ كُلَّمَا يَخْدِمُ الْعَبْدُ غَيْرَ سَيِّدِهِ يَوْمًا أَوْ أُسْبُوعًا أَوْ شَهْرًا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ تُجْعَلُ أَمَانَةً عِنْدَ الْعَدْلِ وَ ( يُعْطَى ) بِفَتْحِ الطَّاءِ ( السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ خَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي تَمَّتْ أُجْرَةُ ( مَا ) أَيْ الزَّمَنِ الَّذِي ( خَدَمَ ) الْعَبْدُ ( نَظِيرَهُ ) مِنْ السَّنَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنْ

يَوْمٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ ، وَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ الثَّانِيَةُ يَشْرَعُ فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ ، وَيُفْعَلُ فِي خَرَاجِهَا وَخَرَاجِ السَّنَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مِثْلَ مَا فُعِلَ فِيمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يَمُوتَ السَّيِّدُ فَيَنْظُرَ لِحَالِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَنَةٍ هَلْ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا ، فَإِنْ كَانَ صَحِيحًا عَتَقَ الْعَبْدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَأَخَذَ جَمِيعَ الْمَوْقُوفِ ، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مِنْ الْمَوْقُوفِ ، بَلْ هُوَ لِوَرَثَةِ سَيِّدِهِ لِمَا تَقَدَّمَ أَفَادَهُ تت .
" ق " أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ رُشْدٍ ، وَنَصُّهُ إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيًّا تُرِكَ لَهُ عَبْدُهُ يَخْدِمُهُ ، فَإِذَا مَاتَ السَّيِّدُ نُظِرَ نَظَرًا ثَانِيًا ، فَإِنْ كَانَ لِأَجَلٍ حَلَّ وَالسَّيِّدُ صَحِيحٌ عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَأُعْطِيَ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهِ قِيمَةَ خِدْمَتِهِ سَنَةً ، وَإِنْ كَانَ الْأَجَلُ حَلَّ مَرَضَ مَوْتِ السَّيِّدِ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِخِدْمَةٍ ، وَأَمَّا إنْ كَانَ السَّيِّدُ فِي النَّظَرِ الْأَوَّلِ عَدِيمًا ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يُخَارَجُ وَيُوقَفُ خَرَاجُهُ ، فَإِذَا أَمْضَتْ سَنَةٌ وَشَهْرٌ بَعْدَهَا يُوقَفُ خَرَاجُ هَذَا الشَّهْرِ ، وَيُعْطَى السَّيِّدُ خَرَاجَ أَوَّلِ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ .
وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ : وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَيْرَ مَلِيءٍ خُورِجَ الْعَبْدُ وَأُوقِفَ خَرَاجُهُ ، فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَشَهْرٌ مِنْ بَعْدِهَا مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُ كُلُّ شَهْرٍ مِنْ الْخَرَاجِ فَكُلَّمَا مَضَى شَهْرٌ مِنْ هَذِهِ وُقِفَ خَرَاجُهُ وَأُعْطِيَ السَّيِّدُ خَرَاجَ شَهْرٍ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ الْمَاضِيَةِ .

وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا
( وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ ) الْمُدَبِّرِ قَتْلًا ( عَمْدًا ) عُدْوَانًا لِاسْتِعْجَالِهِ الْعِتْقَ قَبْلَ أَوَانِهِ فَعُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ ، وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ قِصَاصًا ، فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ الْوَرَثَةُ رُقَّ لَهُمْ وَلَوْ قَتَلَهُ خَطَأً عَتَقَ فِي ثُلُثِ مَالِهِ لَا دِيَتِهِ وَهِيَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ فِي مُدَبَّرٍ قَتَلَ سَيِّدَهُ عَمْدًا لَا يُعْتَقُ فِي ثُلُثٍ وَلَا فِي دِيَةٍ ، وَيُبَاعُ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ .

وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ ، وَبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ ، وَلَهُ حُكْمُ الرِّقِّ ؛ وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ
( وَ ) بَطَلَ التَّدْبِيرُ ( بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ ( وَلِلتَّرِكَةِ ) الَّتِي تَرَكَهَا سَيِّدُهُ سِوَاهُ كَمَا تَرَكَ السَّيِّدُ عَشَرَةً ، وَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ خَمْسَةٌ ، وَالدَّيْنُ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ ( وَ ) بَطَلَ ( بَعْضُهُ ) أَيْ التَّدْبِيرِ ( بِمُجَاوَزَةِ ) بِالزَّايِ أَيْ تَعَدِّي ( الثُّلُثِ ) قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ أَمْ لَا ، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَيِّدُهُ خَمْسَةً ، وَقِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَثُلُثُهُمَا ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ ، وَنِسْبَتُهُ لَقِيمَتِهِ ثُلُثَانِ فَيُعْتَقُ ثُلُثَاهُ وَيُرَقُّ ثُلُثُهُ .
ابْنُ شَاسٍ يَرْتَفِعُ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْدًا وَبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ وَلِلتَّرِكَةِ وَبِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ ، وَهَذَا الْقِسْمُ يَرْفَعُ كَمَالَ حُرِّيَّتِهِ لَا أَصْلَهَا ، فَإِذَا دُبِّرَ عَبْدٌ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ عَتَقَ بِمَوْتِهِ ثُلُثُهُ ( وَلَهُ ) أَيْ الْمُدَبَّرِ ( حُكْمُ الرِّقِّ ) الْقِنِّ فِي خِدْمَتِهِ وَالِاسْتِمْتَاعِ بِالْأَمَةِ وَحُدُودِهِ وَالْجِنَايَةِ مِنْهُ .
وَعَلَيْهِ إنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَيًّا ، بَلْ ( وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ ) الْمُدَبَّرُ ( فِي ) ثُلُثِ ( مَا وُجِدَ ) مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ النَّظَرِ فِي شَأْنِ الْمُدَبَّرِ فَلَا يُنْظَرُ لِمَا وُجِدَ مِنْ التَّرِكَةِ قَبْلَهُ ، فِيهَا وَلِلْمُدَبَّرِ حُكْمُ الْأَرِقَّاءِ فِي خِدْمَتِهِ وَحُدُودِهِ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ حَتَّى يُعْتَقَ فِي الثُّلُثِ ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ النَّظَرِ فِيهِ لَا يَوْمَ مَوْتِ سَيِّدِهِ .

وَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ : عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ : فَمُعْتَقٌ لِأَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ

( وَ ) إنْ قَالَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ ( أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ عَتَقَ ) الرَّقِيقُ ( مِنْ الثُّلُثِ أَيْضًا ) أَيْ كَمَا يُعْتَقُ مِنْهُ الَّذِي عُلِّقَ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِهِ فَقَطْ إنْ حَمَلَهُ ، وَإِلَّا فَمَحْمِلُهُ ( وَ ) تَدْبِيرُهُ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ ( لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ ) فِيهَا لِمَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ قَالَ : إنْ مَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ، وَإِنْ مِتُّ فَأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ ، وَقَالَهُ أَشْهَبُ .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ بِذِكْرِ الْأَجْنَبِيِّ فِيهِ : وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الرُّقْبَى .
اللَّخْمِيُّ إنْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي وَمَوْتِ فُلَانٍ كَانَ حُرًّا مِنْ الثُّلُثِ ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ آخِرَهُمَا ، وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ عَتَقَ مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَرُقَّ الْبَاقِي ، وَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ أَوَّلًا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي عِتْقِ بَاقِيهِ وَلَهُمْ الْخِدْمَةُ حَتَّى يَمُوتَ فُلَانٌ أَوْ يَعْتِقَ مِنْهُ مَا حَمَلَ الثُّلُثُ بَتْلًا وَيُرَقُّ الْبَاقِي .
ابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ كَيْفَ عَيَّنُوا هُنَا أَنَّهُ تَدْبِيرٌ لَازِمٌ مَعَ قَوْلِهِمْ فِي نَظِيرَتِهَا ، بَلْ هِيَ أَحْرَى مِنْهَا أَنَّهَا وَصِيَّةٌ حَتَّى يَنْوِيَ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقَ ، وَهِيَ قَوْلُهُ : أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ، وَلَمْ يُرِدْهُ وَلَمْ يُعَلِّقْهُ ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَ عِتْقَهُ هُنَا عَلَى مَوْتِ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا لَا تُعَلَّقُ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يُجْعَلْ مِنْ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ لِتَعْلِيقِهِ عَلَى مَوْتِهِ ، وَهُوَ لَا يُعَلَّقُ عَلَيْهِ .
( وَ ) إنْ قَالَ لِرِقِّهِ ( أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ ) مَثَلًا ( فَ ) هُوَ ( مُعْتَقٌ ) بِفَتْحِ التَّاءِ ( لِأَجَلٍ ) لَا مُدَبَّرٌ فَيُعْتَقُ ( مِنْ رَأْسِ ) أَيْ جَمِيعِ ( الْمَالِ ) إنْ كَانَ السَّيِّدُ صَحِيحًا حِينَ قَالَ ذَلِكَ ، فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَمِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّ تَبَرُّعَاتِ الْمَرِيضِ كُلَّهَا

مِنْهُ .
ابْنُ يُونُسَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ فِي صِحَّتِهِ أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بِشَهْرٍ فَهُوَ مُعْتَقٌ إلَى أَجَلٍ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَلَا يَلْحَقُهُ دَيْنٌ ، وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ مَوْتِ فُلَانٍ فَيَخْدِمُ الْعَبْدُ الْوَرَثَةَ إلَى مَوْتِ فُلَانٍ أَوْ إلَى تَمَامِ شَهْرٍ عَقِبَ مَوْتِهِ إنْ كَانَ قَالَهُ وَيَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ، وَلَوْ قَالَهُ السَّيِّدُ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ الْعَبْدُ فِي الثُّلُثِ إلَى أَجَلِهِ وَيَخْدِمُ الْوَرَثَةَ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ وَعَتَقَ مَحْمِلُ الثُّلُثِ مِنْ الْعَبْدِ بَتْلًا .
مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مَنْ أَحَالَ فِي وَصِيَّتِهِ عَلَى ثُلُثِهِ ، وَضَاقَ عَنْهَا خُيِّرَ وَرَثَتُهُ فِي إنْفَاذِ وَصِيَّتِهِ ، فَإِنْ أَبَوْا إنْفَاذَهَا يُقَالُ لَهُمْ : سَلِّمُوا ثُلُثَيْ مَالِ الْمَيِّتِ إلَى أَهْلِ الْوَصَايَا أَوْ أَنْفِذُوا مَا قَالَهُ الْمَيِّتُ ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

بَابٌ ) نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ ، وَحَطُّ جُزْءٍ آخِرًا

( بَابٌ ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ وَالْمُكَاتَبِ ( نُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مُكَاتَبَةُ ) ابْنُ عَرَفَةَ الْكِتَابَةُ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ أَخْرَجَ الْعِتْقَ مَجَّانًا وَقَوْلُهُ مُؤَجَّلٍ أَخْرَجَ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ حَالٍّ وَهِيَ الْقِطَاعَةُ ، وَلِذَا فِيهَا لَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْعَبْدِ أَخْرَجَ الْعِتْقَ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ غَيْرِهِ ، وَقَوْلُهُ مَوْقُوفٌ بِالرَّفْعِ صِفَةُ " عِتْقٌ " أَخْرَجَ الْعِتْقَ الْمُعَجَّلَ عَلَى أَدَاءِ مَالٍ مِنْ الْعَبْدِ إلَى أَجَلٍ فَلَيْسَ بِكِتَابَةٍ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ الصَّوَابُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا إلَخْ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِيهِ لَا نَفْسُهُ وَأَقَرَّهُ الرَّصَّاعُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَحُكْمُهَا النَّدْبُ عَلَى الْمَعْرُوفِ .
اللَّخْمِيُّ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُوَطَّإِ سَمِعْت بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ يَتْلُو قَوْله تَعَالَى { وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا } وَقَوْلَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ { فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ } فَحَمَلَهَا عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ ، وَقَالَهُ مُطَرِّفٌ فِي الْمَبْسُوطِ .
الْبَاجِيَّ ابْنُ شَعْبَانَ هِيَ عَلَى النَّدْبِ .
إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَعَبْدُ الْوَهَّابِ هِيَ عَلَى الْإِبَاحَةِ ، وَرَوَاهَا ابْنُ الْجَلَّابِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا يُعْرَفُ بِسُوءٍ وَسِعَايَتُهُ مِنْ مُبَاحٍ ، وَقَدْرُ الْكِتَابَةِ لَيْسَ بِأَكْثَرَ مِنْ خَرَاجِهِ بِكَثِيرٍ فَمُبَاحَةٌ ، وَإِنْ عُرِفَ بِالسُّوءِ وَالْأَذِيَّةِ فَمَكْرُوهَةٌ وَإِنْ كَانَتْ سِعَايَتُهُ مِنْ حَرَامٍ فَمُحَرَّمَةٌ .
وَإِضَافَةُ " مُكَاتَبَةُ " ( أَهْلِ تَبَرُّعٍ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ حُرٍّ رَشِيدٍ غَيْرِ مُفْلِسٍ وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ .
الْخَرَشِيُّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَمُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةٌ ، وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ أَوْ

زَوْجَةً أَوْ مَرِيضًا فِي زَائِدِ ثُلُثِهِمَا صَحَّتْ وَوُقِفَتْ عَلَى الْإِجَازَةِ لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ .
الْعَدَوِيُّ بُطْلَانُهَا مِنْ الصَّبِيِّ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَتَصِحُّ مِنْهُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ ، وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ ( حُكْمُ مُكَاتَبَتِهِ ) بِحَرَامٍ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ ، وَتَبْطُلُ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَالسَّفِيهُ كَالصَّبِيِّ كَمَا فِي ضَيْح وَالْبَدْرِ وعج ، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ تَصِحُّ .
ابْنُ شَاسٍ أَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ ثَالِثُهَا السَّيِّدُ ، وَشَرْطُهُ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَتَجُوزُ كِتَابَةُ الْقَيِّمِ عَبْدَ الطِّفْلِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمَّا قَالَ الْمُصَنِّفُ نُدِبَ وَهُوَ مَقْصُورٌ عَلَى أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ التَّصَرُّفِ ، وَغَيْرُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَهُ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ لَكِنْ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ إذَا طَلَبَ فَضْلًا ، وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ بِلَا مُحَابَاةٍ ؛ إذْ لَا مَانِعَ مِنْ نَدْبِهَا مِنْهُمْ ، وَذِكْرُهُ الْجَوَازَ فِي الْمَرِيضِ لَا يُنَافِيهِ ، أَفَادَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ .
( وَ ) نُدِبَ لِلسَّيِّدِ ( حَطُّ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الطَّاءِ كَذَلِكَ أَيْ إسْقَاطُ ( جُزْءٍ ) مِنْ الْمَالِ الَّذِي كَاتَبَ بِهِ رَقِيقَهُ وَنُدِبَ كَوْنُهُ ( آخِرًا ) مِنْهُ فِيهَا مَعَ الْمُوَطَّأِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } هُوَ أَنْ يَضَعَ عَنْ الْمُكَاتَبِ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا .
أَبُو عُمَرَ هَذَا عَلَى النَّدْبِ وَلَا يُقْضَى بِهِ .

وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ

( وَ ) إنْ دَعَا السَّيِّدُ رَقِيقَهُ إلَى كِتَابَتِهِ فَأَبَاهَا فَ ( لَا يُجْبَرُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ( الْعَبْدُ عَلَيْهَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ .
الْجَلَّابُ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّهُ يَجْبُرُهُ ( وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( الْجَبْرُ ) لِلرَّقِيقِ عَلَى الْكِتَابَةِ إنْ أَبَاهَا أَخَذَهُ أَبُو إِسْحَاقَ مِنْ قَوْلِهَا مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ لَزِمَ الْعَبْدَ الْغَائِبَ ، وَإِنْ كَرِهَ لِأَنَّ هَذَا يُؤَدِّي عَنْهُ وَيَتْبَعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَى الْحُرِّ بِمِلْكِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي جَبْرِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى الْكِتَابَةِ ، فَرَوَى إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي لَهُ جَبْرُهُ وَهُوَ الْآتِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ بَتْلًا عَلَى مَالٍ عَلَيْهِ بَعْدَ عِتْقِهِ دَيْنًا فَأَحْرَى الْكِتَابَةُ .
قُلْت يُرَدُّ بِتَحَقُّقِ الْعِتْقِ فِي هَذَا ، وَالْكِتَابَةُ مَعْرُوضَةٌ لِلْعَجْزِ بَعْدَ أَدَاءِ جُلِّهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ .
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهِ فَلَهُ مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٍ إنَّهَا تَلْزَمُهُ ، وَقَالَ فِي الْعِتْقِ الثَّانِي مَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ : أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ لِي كَذَا وَلَمْ يُسَمِّ الْأَجَلَ إنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا إنْ لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ الْعَبْدُ ، وَاخْتَارَ ابْنُ بُكَيْر وَإِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي الْجَبْرَ .
اللَّخْمِيُّ لِسَيِّدِهِ جَبْرُهُ إنْ كَانَتْ بِأَزْيَدَ مِنْ خَرَاجِهِ بِيَسِيرٍ .
الْمُتَيْطِيُّ اُخْتُلِفَ هَلْ لِلسَّيِّدِ جَبْرُ عَبْدِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ ، فَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهَا .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ إلَّا بِرِضَاهُ ، وَحَكَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوثَقِينَ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْقَضَاءُ .
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .

الْعَدَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْجَبْرُ ضَعِيفٌ .
قُلْت الْمَأْخُوذُ مِمَّا تَقَدَّمَ لِابْنِ عَرَفَةَ تَرْجِيحُ الْجَبْرِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : أُورِدَ عَلَى الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ : وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا الْجَبْرُ أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَهُ أَيْضًا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْحَصْرَ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي إِسْحَاقَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا .
فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَقْوَ عِنْدَهُ أَخْذَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْهَا .
الثَّانِي : أُورِدَ عَلَى أَخْذِ أَبِي إِسْحَاقَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا آلَ فِيهَا الْأَمْرُ إلَى عِتْقٍ عَلَى مَالٍ يَتْبَعُهُ بِهِ الْحَاضِرُ ، فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَعْتَقَ عَلَى مَالٍ يَكُونُ دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَهَذَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ رِضَا الْعَبْدِ ، وَيُجَابُ عَنْ هَذَا بِمَنْعِ لُزُومِ الْأَيْلُولَةِ الْمَذْكُورَةِ لِاحْتِمَالِ عَجْزِ الْحَاضِرِ وَعَجْزِ الْغَائِبِ أَيْضًا بَعْدَ تَأْدِيَتِهِ جُلَّ نُجُومِهَا فَيُرَقَّانِ ، بِخِلَافِ الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ يَكُونُ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ فَإِنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ كَمَا فَرَّقَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

بِكَاتَبْتُكَ ، وَنَحْوَهُ بِكَذَا وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ

وَصِلَةُ مُكَاتَبَةُ ( بِكَاتَبْتُكَ وَنَحْوِهِ ) كَأَنْتَ مُكَاتَبٌ وَبِعْتُك نَفْسَك ( بِكَذَا ) دِينَارًا مَثَلًا .
ابْنُ شَاسٍ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ الصِّيغَةُ .
ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ مِثْلُ كَاتَبْتُك عَلَى كَذَا فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا ( وَظَاهِرُهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ ( اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ ) أَيْ التَّأْجِيلِ بِنَجْمٍ ، أَيْ هِلَالٍ أَوْ أَكْثَرَ لِلْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ كَقَوْلِهَا وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا نُجِّمَتْ ، وَقَوْلِهَا وَلَا تَكُونُ حَالَّةً وَإِنْ كَرِهَ السَّيِّدُ ، وَالْكِتَابَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُنَجَّمَةٌ ، وَعَنَى بِالنَّاسِ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
( وَصُحِّحَ ) بِضَمِّ الصَّادِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَيْنِ مُثَقَّلًا ( خِلَافُهُ ) أَيْ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّنْجِيمِ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ : وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهَا أَجَلًا نُجِّمَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَرِهَ سَيِّدُهُ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ كِتَابَةِ مِثْلِهِ وَقَدْرِ قُوَّتِهِ ، وَلَا تَكُونُ لَهُ حَالَّةً ، وَالْكِتَابَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُنَجَّمَةٌ ا هـ فَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَالطُّرْطُوشِيُّ : ظَاهِرُ قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا بُدَّ مِنْ تَنْجِيمِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ ، نَقَلَهُ عَنْ ضَيْح عَنْ عِيَاضٍ ، وَإِيَّاهُ تَبِعَ هُنَا وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ الْمَذْهَبُ جَوَازُهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً ، وَإِنَّمَا مَنَعَهَا حَالَّةً الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ تَجُوزُ الْكِتَابَةُ عِنْدَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً ، فَإِنْ وَقَعَتْ مَسْكُوتًا عَنْهَا أُجِّلَتْ ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً مُنَجَّمَةً ، هَذَا قَوْلُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي رِسَالَتِهِ : الْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ فِيمَا رَضِيَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ مِنْ الْمَالِ مُنَجَّمًا فَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا مُنَجَّمَةً وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ

الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا مَنَعَهَا حَالَّةً الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قُلْت قَوْلُ الشَّيْخِ وَغَيْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهَا حَالَّةً .
بَلْ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا فَقَطْ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْجِيمَ وَاجِبٌ عُرْفًا بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى السَّكْتِ حُمِلَتْ عَلَى التَّنْجِيمِ ، لِأَنَّهُ الْمَعْرُوفُ بَيْنَ النَّاسِ وَلَمْ يَحْمِلْ أَحَدٌ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا ، أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ ، وَلِهَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الْمُرَادُ بِالِاشْتِرَاطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اللُّزُومُ ، فَإِذَا خُولِفَ هَذَا اللَّازِمُ فَلَا تَبْطُلُ ، بَلْ تَصِحُّ وَتُنَجَّمُ .

وَجَازَ بِغَرَرٍ : كَآبِقٍ ، وَجَنِينٍ ، وَعَبْدِ فُلَانٍ ، لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ
( وَجَازَ ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَقْدُ الْكِتَابَةِ ( بِ ) ذِي ( غَرَرٍ كَآبِقٍ ) وَشَارِدٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ ( وَجَنِينٍ ) لِأَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ الْكِتَابَةُ بِالْغَرَرِ جَائِزَةٌ ، وَلَا تُشْبِهُ الْبَيْعَ ، وَلَا النِّكَاحَ فَتَجُوزُ بِالْآبِقِ وَالشَّارِدِ وَالْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ الْغَرَرُ فِي مِلْكِ الْعَبْدِ جَازَ وَكَرِهَهُ أَشْهَبُ ، وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ .
ابْنُ شَاسٍ وَتَجُوزُ بِعَبْدِ فُلَانٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
( وَ ) تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِ ( عَبْدِ فُلَانٍ لَا ) تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِ ( لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ ) لِشِدَّةِ غَرَرِهِ لِكَثْرَةِ التَّفَاوُتِ بَيْنَ أَفْرَادِهِ .
فِيهَا لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لِتَعَذُّرِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَتِهِ .
عِيَاضٌ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ، خِلَافُ قَوْلِ غَيْرِهِ بِتَسْوِيَتِهِ بَيْنَ الْوُصَفَاءِ وَاللُّؤْلُؤِ .
وَفِيهَا إنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ بِوُصَفَاءَ حُمْرَانَ أَوْ سُودَانَ وَلَمْ يَصِفْهُمْ جَازَ وَعَلَيْهِ الْوَسَطُ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ .
الصِّقِلِّيُّ إنْ لَمْ يَصِفْ الْجِنْسَ وَفِي الْبَلَدِ سُودَانُ وَحُمْرَانُ وَلَا غَالِبَ مِنْهُمَا أَعْطَى النِّصْفَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَقَالَ نَحْوَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَبَعْضُ شُيُوخِنَا ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ عَدَدًا بَطَلَتْ الْكِتَابَةُ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : لَا تُفْسَخُ ، وَعَلَيْهِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ وَصْفَيْنِ .
مُحَمَّدٌ وَأَجَازَ غَيْرُهُ كِتَابَتَهُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ كَوُصَفَاءَ وَلَمْ يُسَمِّهِمْ ، وَاخْتُلِفَ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ إذَا لَمْ يُسَمِّ عَدَدًا فَقِيلَ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ .
وَقِيلَ : تَمْضِي بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ مَا لَمْ تَنْقُصُ عَنْ لُؤْلُؤَتَيْنِ .

أَوْ كَخَمْرٍ ، وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ
( وَ ) لَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ مُتَمَوِّلٍ شَرْعًا ( كَخَمْرٍ ) وَخِنْزِيرٍ ، فَإِنْ وَقَعَتْ مَضَتْ ( وَرَجَعَ ) الْمُكَاتَبُ ( لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ ) عِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا لَمْ يَصِحَّ بِتَمَلُّكِ الْمُكَاتَبِ بِهِ كَالْخَمْرِ رَجَعَ بِالْقِيمَةِ وَلَا تُفْسَخُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْرَبُ تَفْسِيرُ هَذَا بِقَوْلِهَا : وَإِذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى هَذَا إلَّا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيمَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بِالْأَحْرَى وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي اللُّؤْلُؤِ الْفَسْخُ ، وَيَلْزَمُ فِي الْخَمْرِ بِالْأَوْلَى .
الْبُنَانِيُّ يَشْهَدُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ فِي كَخَمْرٍ قَوْلُهَا : إذَا اشْتَرَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ شِرَاءً فَاسِدًا فَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ ، وَلَا يَتْبَعُهُ سَيِّدُهُ بِقِيمَةٍ ، وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ نَفْسَهُ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ ، وَنَقَلَ " غ " فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا قَالَ فِي الْكِتَابَةِ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ : إنَّهَا بَاطِلَةٌ ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَاتَبَهُ بِلُؤْلُؤٍ غَيْرِ مَوْصُوفٍ لَمْ يَجُزْ .
ابْنُ يُونُسَ ، وَقِيلَ : يَرْجِعُ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ .

وَفَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ أَوْ كَذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسِهِ

( وَ ) جَازَ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ ( فَسْخُ ) أَيْ تَرْكُ ( مَا ) أَيْ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ الَّذِي ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْمُكَاتَبِ ( فِي ) شَيْءٍ ( مُؤَخَّرٍ ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا ، وَإِنْ كَانَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ .
فِيهَا إنْ كَانَ كَاتَبَهُ بِطَعَامٍ مُؤَجَّلٍ جَازَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَنْهُ بِدَرَاهِمَ مُعَجَّلَةٍ ، وَلَا بَأْسَ أَنْ تَفْسَخَ مَا عَلَى مُكَاتَبِك مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ فِي عَرَضٍ مُعَجَّلٍ أَوْ مُؤَجَّلٍ مُخَالِفٍ لِلْعَرَضِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ، لِأَنَّ نُجُومَ الْكِتَابَةِ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ ، لِأَنَّهُ لَا يُحَاصُّ بِهَا فِي فَلَسِ مُكَاتَبِهِ وَلَا مَوْتِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ : إنْ جِئْتنِي بِكَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : إنْ جِئْتنِي بِأَقَلَّ مِنْهُ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ ( أَوْ كَ ) أَخْذِ ( ذَهَبٍ ) مِنْ الْمُكَاتَبِ بَدَلًا ( مِنْ وَرِقٍ ) مُكَاتَبٍ بِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ عَكْسَهُ ، وَهُوَ أَخْذُ وَرِقٍ بَدَلًا مِنْ ذَهَبٍ مُكَاتَبٍ بِهِ ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ عِنْدَ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ؛ لِأَنَّ النُّجُومَ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ مَا تَقَدَّمَ .
اللَّخْمِيُّ إذَا فَسَخَ الدَّنَانِيرَ فِي الدَّرَاهِمِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ أَوْ فَسَخَ الدَّنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ ، فَأَجَازَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْ الْعِتْقَ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْعِتْقَ ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ عَيْنًا فَفَسَخَهَا فِي عَرَضٍ وَعَكْسِهِ ، فَإِنْ أَخَذَ مَا انْتَقَلَ إلَيْهِ نَقْدًا جَازَ اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ أَوْ أَقْرَبَ أَوْ أَبْعَدَ جَازَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا عِنْدَ سَحْنُونٍ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ الْعِتْقَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .

وَمُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ مَا لِمَحْجُورِهِ بِالْمَصْلَحَةِ ، وَمُكَاتَبَةُ أَمَةٍ وَصَغِيرٍ : وَإِنْ بِلَا مَالٍ وَكَسْبٍ ،
( وَ ) جَازَ ( مُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ ) أَبٍ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ مُقَدَّمِ قَاضٍ ( مَا ) أَيْ رَقِيقًا ( لِمَحْجُورِهِ ) الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ السَّفِيهِ ( بِالْمَصْلَحَةِ ) لِلْمَحْجُورِ .
فِيهَا لِلْوَصِيِّ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَ مَنْ يَلِيهِ عَلَى النَّظَرِ ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ ؛ إذْ لَهُ انْتِزَاعُهُ مِنْهُ وَإِبْقَاؤُهُ رَقِيقًا فَلَا مَصْلَحَةَ لِلْمَحْجُورِ فِي عِتْقِهِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ ( وَ ) جَازَ لِلسَّيِّدِ ( مُكَاتَبَةُ ) مَنْ لَا يَكْتَسِبُ كَ ( أَمَةٍ وَصَغِيرٍ ) إنْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ مِنْ نَحْوِ صَدَقَةٍ أَوْ كَسْبٍ ، بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَا ( بِلَا مَالٍ وَ ) لَا ( كَسْبٍ ) وَمَنَعَهَا أَشْهَبُ .
فِيهَا لَا بَأْسَ بِكِتَابَةِ الصَّغِيرِ وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ إنْ كَانَ يَسْأَلُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ لَا تَجُوزُ ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُكَاتَبَةَ الْأَمَةِ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهَا وَالصَّغِيرِ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِالْأَدَاءِ ، أَوْ يَكُونَ بِيَدِهِ مَا يُؤَدِّي عَنْهُ فَيُؤْخَذُ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ فَيُتْلِفُهُ لِسَفَهِهِ وَيَرْجِعُ رِقًّا مِثْلَ قَوْلِ الْغَيْرِ ، هَذَا نَقْلُ الْبَاجِيَّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ فِي الصَّغِيرِ وَالْأَمَةِ الَّتِي لَا صَنْعَةَ لَهَا وَرَوَى الدِّمْيَاطِيُّ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهُ .
الْبَاجِيَّ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً بَيِّنَةً ، يَحْتَمِلُ أَنْ يُجِيزَ أَشْهَبُ كِتَابَتَهُ لِقُوَّتِهِ عَلَى السِّعَايَةِ ، وَمَنْ لَا حِرْفَةَ لَهُ أَجَازَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِتَابَتَهُ ، وَرُوِيَ مَنْعُهَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ ، وَبِهِ قَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ مِنْ أَصْحَابِنَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ : وَجَوَازُ مُكَاتَبَةِ الصَّغِيرِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِجَبْرِ الرَّقِيقِ عَلَيْهَا ؛ إذْ رِضَا الصَّغِيرِ لَا يُعْتَبَرُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ .

وَبَيْعُ كِتَابَةٍ ، أَوْ جُزْءٍ لَا نَجْمٍ ، فَإِنْ وَفَّى : فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ : وَإِلَّا رُقَّ لِلْمُشْتَرِي

( وَ ) جَازَ لِلسَّيِّدِ ( بَيْعُ ) جَمِيعِ نُجُومِ ( كِتَابَةٍ ) لِلْمُكَاتَبِ أَوْ لِغَيْرِهِ ( أَوْ ) بَيْعُ ( جُزْءٍ مِنْهَا ) أَيْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ كَرُبُعِهَا .
فِيهَا لَا بَأْسَ بِبَيْعِ كِتَابَةِ الْمُكَاتَبِ إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَبِعَرَضٍ نَقْدًا ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا فَبِعَرَضٍ مُخَالِفٍ أَوْ بِعَيْنٍ نَقْدًا فِيهِمَا ، وَمَا تَأَخَّرَ كَانَ دَيْنًا بِدَيْنٍ .
عَبْدُ الْوَهَّابِ هَذَا إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ بَاعَهَا لَهُ جَازَ عَلَى كُلِّ حَالٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ الْمُكَاتَبِ اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِأَنَّ ذَاتَهُ مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ ، فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا ، وَاغْتِفَارُ الْغَرَرِ ، إنَّمَا هُوَ فِي عَقْدِهَا ؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا ( لَا ) يَجُوزُ بَيْعُ ( نَجْمٍ ) مُبْهَمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ مِنْهَا وَقَدْرُ النُّجُومِ مُخْتَلِفٌ أَوْ مُتَّفِقٌ ، وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِمَجْمُوعِهَا لِلْجَهَالَةِ ، فَإِنْ عُرِفَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ لَهُ جَازَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ حِينَئِذٍ إمَّا النَّجْمُ ، وَإِمَّا جُزْءُ الرَّقَبَةِ ، وَالْغَالِبُ تَسَاوِيهِمَا ؛ إذْ الْغَالِبُ تَسَاوِي الْكِتَابَةِ وَالْقِيمَةِ .
الْجَلَّابُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ نَجْمٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ ، وَعَنْهُ فِي بَيْعِ جُزْءِ كِتَابَتِهِ رِوَايَتَانِ .
ابْنُ مَرْزُوقٍ مَحَلُّ مَنْعِ بَيْعِ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِجُمْلَةِ النُّجُومِ ، فَإِنْ عُلِمَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ لِجُمْلَةِ النُّجُومِ جَازَ بَيْعُهُ لِوُقُوعِهِ عَلَى مَعْلُومٍ ، وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ ، نَقَلَهُ الْخَرَشِيُّ وعب وشب .
طفي لَمْ أَرَ مَنْ شَرَطَ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ جَهْلَ قَدْرِهِ ، إذْ لَوْ جَازَ مَعَ مَعْرِفَةِ قَدْرِهِ لَمْ يَكُنْ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْهَمِ لِاشْتِرَاطِهِمْ فِي جَوَازِ بَيْعِهِ مَعْرِفَةَ قَدْرِهِ مَعَ أَنَّهُمْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا ، فَأَجَازُوا بَيْعَ الْمُبْهَمِ مَعْرُوفَ الْقَدْرِ ، وَأَطْلَقُوا مَنْعَ بَيْعِ الْمُعَيَّنِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَصْبَغُ

وَسَحْنُونٌ إنَّمَا يُكْرَهُ بَيْعُ نَجْمٍ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا ، وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ ثُمَّ قَالَ : وَإِجَازَتُهُمَا بَيْعَ نَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ النُّجُومُ فِي الْعَدَدِ أَوْ اخْتَلَفَتْ إنْ عُرِفَ عَدَدُهَا وَعَدَدُ كُلِّ نَجْمٍ ا هـ وَمُرَادُهُ بِالْكَرَاهَةِ الْمَنْعُ ، وَمَنْعُ الْعَيْنِ مُطْلَقًا لِكَثْرَةِ جَهَالَتِهِ .
الْبُنَانِيُّ عَلَّلَ الْمَنْعَ فِي الْمُعَيَّنِ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّهُ غَرَرٌ بِاقْتِضَائِهِ أَوْ أَخْذِ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ بِالْعَجْزِ عَنْهُ ، وَهَذَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ إذَا عُلِمَ قَدْرُهُ وَنِسْبَتُهُ مِنْ جُمْلَةِ النُّجُومِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَإِنْ بِيعَتْ الْكِتَابَةُ كُلُّهَا أَوْ جُزْؤُهَا أَوْ نَجْمٌ مِنْهَا بِشَرْطِهِ ( فَإِنْ وَفَّى ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْفَاءِ مُثَقَّلًا الْمُكَاتَبُ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ ( فَ ) قَدْ عَتَقَ وَيَكُونُ ( الْوَلَاءُ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِ ) الَّذِي كَاتَبَهُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَى ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوَفِّ الْمُكَاتَبُ لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَى بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ ( رُقَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ صَارَ الْمُكَاتَبُ كُلُّهُ أَوْ جُزْؤُهُ رَقِيقًا ( لِلْمُشْتَرِي ) فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا إنْ أَدَّى لِلْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ فَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِ الْكِتَابَةِ وَإِنْ عَجَزَ رُقَّ لِمُشْتَرِيهَا .

وَإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا ، إنْ وُرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ ، وَمُكَاتَبَتُهُ بِلَا مُحَابَاةٍ ، وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ

( وَ ) جَازَ ( إقْرَارُ ) شَخْصٍ ( مَرِيضٍ بِقَبْضِ ) نُجُومِ ( هَا ) أَيْ الْكِتَابَةِ مِنْ مُكَاتَبِهِ فِي صِحَّتِهِ ( إنْ وُرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَرِيضُ حَالَ كَوْنِهِ ( غَيْرَ كَلَالَةٍ ) أَيْ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ فِي إقْرَارِهِ حِينَئِذٍ ، إذْ الشَّأْنُ الشَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ ، فَلَوْ قَالَ وَلَدٌ بَدَلَ غَيْرِ كَلَالَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ وُرِثَ كَلَالَةً أَيْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ فِيهِ تَفْصِيلٌ ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْكِتَابَةَ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِقَبْضِهَا عُمِلَ بِإِقْرَارِهِ ، وَإِلَّا مَضَى فِي الثُّلُثِ ، وَلَا يَمْضِي فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ إلَّا بِإِمْضَاءِ الْوَارِثِ الرَّشِيدِ ، وَإِنْ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ ، وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وُرِثَ غَيْرَ كَلَالَةٍ أَوْ لَا ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَيُخَيَّرُ وَارِثُهُ فِي إمْضَاءِ كِتَابَتِهِ أَوْ عِتْقِ مَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ .
فِيهَا إنْ كَاتَبَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ ، وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ كُلِّ كِتَابَتِهِ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ جَازَ ، وَإِنْ وُرِثَ كَلَالَةً ، وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ قُبِلَ قَوْلُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ .
( وَ ) جَازَ ( مُكَاتَبَتُهُ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ، أَيْ الْمَرِيضِ رَقِيقَهُ ( بِلَا مُحَابَاةٍ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ ، أَيْ نَقْصٍ عَمَّا يُكَاتَبُ بِهِ مِثْلُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِلَا مُحَابَاةٍ بِأَنْ كَانَتْ بِهَا وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ ( فَفِي ثُلُثِهِ ) أَيْ السَّيِّدِ مَا حَابَى بِهِ ، فَإِنْ حَمَلَهُ مَضَى وَإِلَّا فَلَا ، فِيهَا إنْ كَاتَبَ مَرِيضٌ عَبْدَهُ وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ فَإِنْ لَمْ يُحَابِ جَازَ كَبَيْعِهِ وَمُحَابَاتِهِ فِي ثُلُثِهِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : هِيَ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِتْقِ ، وَتُوقَفُ نُجُومُهُ ، فَإِنْ مَاتَ .
سَيِّدُهُ وَحَمَلَهُ ثُلُثُهُ مَضَى ، وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إمْضَائِهِ وَعَتَقَ ثُلُثُهُ بِمَا فِي يَدِهِ ، وَقَالَهُ الرُّوَاةُ ، وَلَا يُعَجِّلُ عِتْقَهُ إلَّا

أَنْ يَكُونَ لِسَيِّدِهِ مَالٌ مَأْمُونٌ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِيمَا لَمْ يُحَابِ فِيهَا وَقَبَضَهَا قَوْلَيْنِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ، أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا مِثْلُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ حُرًّا ، وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ ، وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا كَالْعِتْقِ ، فَإِنْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ مَضَى ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوا الْكِتَابَةَ أَوْ يُعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا .
اللَّخْمِيُّ وَافَقَ الْغَيْرُ ابْنَ الْقَاسِمِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ، وَأَمَّا إذَا حَابَاهُ وَقَبَضَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ تُجْعَلُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ فِي الثُّلُثِ بِخِلَافِ مُحَابَاةِ الْمَرِيضِ فِي الْبَيْعِ هَا هُنَا ، إنَّمَا تُجْعَلُ فِي الثُّلُثِ الْمُحَابَاةُ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ فِي الْمَرَضِ عَتَاقَةٌ ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ رَقَبَتَهُ جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهَا رُدَّتْ النُّجُومُ الْمَقْبُوضَةُ ثُمَّ أَعْتَقَ مَحْمِلُ الثُّلُثِ بِمَالِهِ ، فَعُلِمَ أَنَّ الْغَيْرَ يَسْتَوِي عِنْدَهُ الْمُحَابَاةُ وَعَدَمُهَا ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ يُونُسَ إنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُحَابَاةِ وَعَدَمِهَا ، فَإِنْ لَمْ يُحَابِ ، وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ عُجِّلَ عِتْقُ الْعَبْدِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يُحَابِ فِي بَيْعِهِ ، وَإِنْ حَابَى وَحَمَلَهَا لِثُلُثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وَقْفِهِ حَتَّى يَمُوتَ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ وَصِيَّةٌ .
وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِي الْوَجْهَيْنِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إجَازَةِ مَا فَعَلَهُ الْمَرِيضُ أَوْ يَرُدُّوا إلَى الْمُكَاتَبِ مَا قَبَضَ مِنْهُ وَيُعْتِقُوا مَحْمِلَ الثُّلُثِ بَتْلًا .
وَأَمَّا إنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ مُطْلَقًا ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ مَضَى عَقْدُ الْكِتَابَةِ وَإِلَّا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ لِقَوْلِهَا كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِهِ ، قِيلَ لِلْوَرَثَةِ امْضُوا كِتَابَتَهُ ، فَإِنْ أَبَوْا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ

مَحْمِلُ الثُّلُثِ بَتْلًا ا هـ بُنَانِيٌّ .

وَمُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ : فَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ يَوْمَ الْعَقْدِ ، وَهُمْ ، وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلَاءُ مُطْلَقًا : فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ ، وَيَرْجِعُ إنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَى الدَّافِعِ ؛ وَلَمْ يَكُنْ زَوْجًا : وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ بِمَوْتِ وَاحِدٍ

( وَ ) جَازَ ( مُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ ) أَرِقَّاءَ ( لِمَالِكٍ ) وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ ( فَتُوَزَّعُ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالزَّايِ مُثَقَّلًا ، أَيْ تُقَسَّمُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِمْ ( عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا ، أَيْ قُدْرَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمَاعَةِ الْمُكَاتَبِينَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ( عَلَى الْأَدَاءِ ) أَيْ دَفْعِ الْمَالِ الْمُكَاتَبِ بِهِ لِلسَّيِّدِ مُعْتَبَرَةٌ ( يَوْمَ الْعَقْدِ ) لِلْكِتَابَةِ لَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قَدْرِ قِيَمِهِمْ وَلَا عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ الْحَادِثَةِ بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُمْ صَغِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَسْبِ يَوْمَ الْعَقْدِ ثُمَّ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ ( وَهُمْ ) أَيْ الْمُكَاتَبُونَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ إنْ اسْتَمَرَّتْ قُدْرَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ ، بَلْ ( وَإِنْ زَمِنَ ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ مَرِضَ ( أَحَدُهُمْ ) مَرَضًا مُلَازِمًا لَهُ فَهُمْ ( حُمَلَاءُ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودًا أَيْ مُتَضَامِنُونَ حُمَلَاءُ ( مُطْلَقًا ) عَنْ شَرْطِهِ حَالَ مُكَاتَبَتِهِمْ عَلَى مَعْرُوفٍ ، مَذْهَبُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ هِيَ سَنَةُ الْكِتَابَةِ عِنْدَنَا ، أَيْ بِخِلَافِ حِمَالَةِ الدُّيُونِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِشَرْطِهَا .
وَإِذَا حَلَّتْ النُّجُومُ وَبَعْضُهُمْ مَلِيءٌ وَبَعْضُهُمْ مُعْدِمٌ ( فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ ) مِنْهُمْ ( الْجَمِيعُ ) الْمُكَاتَبُ بِهِ ، وَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بَعْدَ أَدَاءِ الْجَمِيعِ ، فَإِنْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَمْلِيَاءَ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَّا مَا يَخُصُّهُ بِالْقِسْمَةِ ( وَ ) إنْ أَدَّى الْمَلِيءُ مِنْهُمْ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ ( يَرْجِعُ ) عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِسْمَتِهَا ( إنْ لَمْ يَعْتِقْ ) الْمُؤَدَّى عَنْهُ ( عَلَى الدَّافِعِ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ أَصْلَهُ وَلَا فَرْعَهُ وَلَا حَاشِيَتَهُ الْقَرِيبَةَ ( وَلَمْ يَكُنْ ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ ( زَوْجًا ) لِلدَّافِعِ ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57