كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

حَرْفُ اسْتِثْنَاءٍ ( أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ نَاصِبٌ ( يَلْغُوَ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَتَكَلَّمُ الْخَطِيبُ بِكَلَامٍ لَاغٍ سَاقِطٍ خَارِجٍ عَنْ نِظَامِ الْخُطْبَةِ كَسَبِّ مَنْ لَا يَجُوزُ سَبُّهُ ، وَمَدْحِ مَنْ لَا يَجُوزُ مَدْحُهُ ، وَقِرَاءَةِ كِتَابٍ غَيْرِ مُتَعَلِّقٍ بِالْخُطْبَةِ ، وَكَلَامٍ لَا يَعْنِي فَلَا يَحْرُمُ مِنْ غَيْرِهِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ حَبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَمُقَابِلُهُ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْضًا لَا يَنْبَغِي الْكَلَامُ حَالَ لَغْوِ الْإِمَامِ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْحُرْمَةِ مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهَا فَقَالَ ( وَكَ ) ابْتِدَاءِ ( سَلَامٍ ) فَيَحْرُمُ حَالَ الْخُطْبَتَيْنِ ( وَرَدِّهِ ) أَيْ السَّلَامِ فَيَحْرُمُ حَالُهُمَا وَلَوْ بِإِشَارَةٍ ، وَنَقَلَ ابْنُ هَارُونَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ جَوَازَ رَدِّهِ بِالْإِشَارَةِ ، وَأَنْكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَاعْتَرَضَهُ مُصْطَفَى بِنَقْلِ أَبِي الْحَسَنِ جَوَازَهُ بِهَا عَنْ اللَّخْمِيِّ .
الْبُنَانِيُّ لَمْ أَجِدْ فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ أَبِي الْحَسَنِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ مُصْطَفَى .
( وَنَهْيِ ) شَخْصٍ ( لَاغٍ ) فَيَحْرُمُ مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ اُسْكُتْ لِحَدِيثِ { إذَا قُلْت لِصَاحِبِك وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْصِتْ فَقَدْ لَغَوْتَ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فِي صَحِيحِهِمَا ، لَكِنْ لَمْ يُرِدْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُقَالَ بَيْنَ يَدَيْهِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَلَمْ يُفْعَلْ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا فِي زَمَنِ أَحَدٍ مِنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَإِنَّمَا هِيَ بِدْعَةٌ ابْتَدَعَهَا أَهْلُ الشَّامِ وَتَبِعَهُمْ النَّاسُ ، وَيَدُلُّ لَهَا { قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجَرِيرٍ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِمِنًى يَوْمَ النَّحْرِ اسْتَنْصَتَ النَّاسَ

ثُمَّ خَطَبَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ( وَحَصْبِهِ ) أَيْ رَمْيِ اللَّاغِي بِالْحَصْبَاءِ زَجْرًا لَهُ فَيَحْرُمُ ( وَإِشَارَةٍ لَهُ ) أَيْ اللَّاغِي بِأَنْ يَسْكُتَ فَتَحْرُمُ .
( وَابْتِدَاءِ صَلَاةٍ ) نَافِلَةٍ فَتَحْرُمُ ( بِ ) مُجَرَّدِ ( خُرُوجِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ عَلَى جَالِسٍ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَيَقْطَعُ مُطْلَقًا بَلْ ( وَإِنْ لِ ) شَخْصٍ ( دَاخِلٍ ) الْمَسْجِدَ حَالَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِلْخُطْبَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَيَقْطَعُ إنْ أَحْرَمَ بِهَا عَامِدًا ، وَلَوْ عَقَدَ رَكْعَةً لَا إنْ أَحْرَمَ بِهَا نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَا يَقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً ، وَقَالَ السُّيُورِيُّ يَجُوزُ النَّفَلُ لِلدَّاخِلِ حِينَئِذٍ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِحَدِيثِ سُلَيْكٍ الْغَطَفَانِيِّ ، وَفِيهِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ لَمَّا جَلَسَ إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ لِلْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ يَجْلِسْ } .
وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا وَدَخَلَ يَطْلُبُ شَيْئًا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ لِيَتَفَطَّنَ النَّاسُ لَهُ فَيَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَصْحَبْهُ عَمَلٌ فَهُوَ مَنْسُوخٌ .
( وَلَا يَقْطَعُ ) الْمُتَنَفِّلُ ( إنْ دَخَلَ ) الْخَطِيبُ لِلْخُطْبَةِ ، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِهَا ، وَلَوْ عَلِمَ دُخُولَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً .

وَفُسِخَ بَيْعٌ ، وَإِجَارَةٌ وَتَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ ، وَإِقَالَةٌ وَشُفْعَةٌ بِأَذَانٍ ثَانٍ ، فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ : كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ لَا نِكَاحٌ وَهِبَةٌ وَصَدَقَةٌ

( وَفُسِخَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( بَيْعٌ ) حَرَامٌ ، وَقَعَ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ مَعَ مَنْ لَمْ تَلْزَمْهُ فِيهَا ، فَإِنْ تَبَايَعَ اثْنَانِ تَلْزَمُهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فُسِخَ الْبَيْعُ ، وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يُفْسَخُ .
ا هـ .
وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى غَيْرِ مَنْفَعَةٍ وَلَا مُتْعَةِ لَذَّةٍ ( وَإِجَارَةٌ ) كَذَلِكَ ، وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَنْفَعَةٍ ، وَأَرَادَ بِهَا مَا شَمِلَ الْكِرَاءَ ( وَتَوْلِيَةٌ ) ، وَهُوَ تَرْكُ مَبِيعٍ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ( وَشَرِكَةٌ ) ، وَهُوَ تَرْكُ بَعْضِ مَبِيعٍ لِغَيْرِ بَائِعٍ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ ( وَإِقَالَةٌ ) ، وَهُوَ تَرْكُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ .
( وَشُفْعَةٌ ) ، وَهُوَ أَخْذُ شَرِيكٍ فِي عَقَارِ مَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ مِنْهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ، وَتَنَازَعَ بَيْعٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ( بِأَذَانٍ ثَانٍ ) أَيْ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ ، وَهُوَ الَّذِي يُؤَذَّنُ عَقِبَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَفْهُومُ بِأَذَانٍ ثَانٍ أَنَّهَا قَبْلَهُ لَا تُفْسَخُ إلَّا إذَا بَعُدَتْ دَارُهُ وَوَجَبَ عَلَيْهِ السَّعْيُ قَبْلَهُ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ فَاشْتَغَلَ بِهِ عَنْ السَّعْيِ فَيُفْسَخُ ( فَإِنْ فَاتَ ) الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِتَغَيُّرِ قِيمَتِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ أَوْ أَعْلَى مِنْهُ ( فَ ) لَا يُفْسَخُ وَتَلْزَمُهُ ( الْقِيمَةُ ) لِلْمَبِيعِ مُعْتَبَرَةً ( حِينَ الْقَبْضِ ) لِلْمَبِيعِ مِنْ بَائِعِهِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ حِينَ الْعَقْدِ ، وَقَالَ الْمُغِيرَةُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ ، وَقِيلَ لَا يُفْسَخُ وَلَوْ لَمْ يَفُتْ ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُ التَّوْبَةُ وَمَحَلُّ حُرْمَةِ الْبَيْعِ مَا لَمْ يُنْتَقَضْ وُضُوءُهُ وَيَحْتَجُّ لِشِرَاءِ مَاءٍ لِلْوُضُوءِ بِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ .
وَاخْتَلَفَ أَشْيَاخُ ابْنِ نَاجِي فِي جَوَازِ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ نَاجِي وَالْحَطّ جَوَازَهُ لَهُ ، وَهُوَ صَرِيحُ قَوْلِ أَبِي الْحَسَنِ فِي تَعْلِيلِ الْجَوَازِ ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْ

الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الصَّلَاةِ ، وَبَيْعُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ لِيُتَوَصَّلَ إلَى الصَّلَاةِ فَلِذَا جَازَ ( كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ) أَيْ بِسَبَبٍ غَيْرِ وُقُوعِهِ عِنْدَ الْأَذَانِ الثَّانِي أَوْ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ ، وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَعْدَ وُقُوعِهِ كَمَا عَلِمْت ، وَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى مَنْعِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلٍّ فَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ ، وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا التَّشْبِيهِ بَعْدَ تَتْمِيمِ الْحُكْمِ ( لَا ) يُفْسَخُ ( نِكَاحٌ ) بِأَذَانٍ ثَانٍ ، وَإِنْ حَرُمَ ، وَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مُتْعَةِ لَذَّةٍ .
( وَهِبَةٌ ) ، وَهُوَ تَمْلِيكُ ذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ لِوَجْهِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ ( وَصَدَقَةٌ ) ، وَهُوَ تَمْلِيكُ ذَاتٍ بِلَا عِوَضٍ لِثَوَابِ الْآخِرَةِ ( ، وَكِتَابَةٌ ) أَيْ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى الرَّقِيقِ ( وَخُلْعٌ ) أَيْ طَلَاقٌ بِعِوَضٍ وَالْحِكْمَةُ فِي عَدَمِ فَسْخِ هَذِهِ الْعُقُودِ ، وَإِنْ حَرُمَتْ أَيْضًا لِإِشْغَالِهَا عَنْ السَّعْيِ الْوَاجِبِ لِلْجُمُعَةِ أَنَّهُ يَضُرُّ الزَّوْجَةَ وَالْمَوْهُوبَ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ ، وَتَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَالزَّوَاجِ ، وَأَمَّا الْعُقُودُ السَّابِقَةُ فَلَا يَضُرُّ فَسْخُهَا أَحَدَ الْعَاقِدَيْنِ لِرُجُوعِ كُلِّ عِوَضٍ لِصَاحِبِهِ .

وَعُذْرُ تَرْكِهَا وَالْجَمَاعَةِ : شِدَّةُ وَحَلٍ وَمَطَرٍ ، أَوْ جُذَامٌ وَمَرَضٌ ، وَتَمْرِيضٌ وَإِسْرَافُ قَرِيبٍ وَنَحْوِهِ ، وَخَوْفٌ عَلَى : مَالٍ ، أَوْ حَبْسٍ ، أَوْ ضَرْبٍ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ ، أَوْ حَبْسُ مُعْسِرٍ ، وَعُرْيٌ ، وَرَجَاءُ عَفْوِ قَوَدٍ ، وَأَكْلُ : كَثُومٍ : كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ بِلَيْلٍ ، لَا عُرْسٌ ، أَوْ عَمًى ، أَوْ شُهُودُ عِيدٍ ، وَإِنْ أَذِنَ الْإِمَامُ .

( وَعُذْرُ ) إبَاحَةِ ( تَرْكِهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ ( وَ ) تَرْكِ الصَّلَاةِ مَعَ ( الْجَمَاعَةِ ) وَمَفْهُومُ عُذْرُ أَنَّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُهَا ، وَهَلْ يَفْسُقُ بِتَرْكِهَا مَرَّةً أَوْ ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً بِلَا عُذْرٍ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَصْبَغَ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ ، وَهُوَ الْحَقُّ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا مَرَّةً صَغِيرَةٌ وَتَرْكَهَا ثَلَاثًا غَيْرُ مُتَوَالِيَةٍ كَذَلِكَ ، وَلَا يُجَرَّحُ الْعَدْلُ بِصَغِيرَةٍ غَيْرِ الْخِسَّةِ إلَّا إذَا كَثُرَتْ لِدَلَالَتِهَا عَلَى تَهَاوُنِهِ فِي دِينِهِ .
ا هـ .
عَدَوِيٌّ وَخَبَرُ عُذْرُ ( شِدَّةُ ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ( وَحَلٍ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُهُ أَوْحَالٌ وَسُكُونُهَا وَجَمْعُهُ أَوْحُلٌ ، وَهُوَ مَا يَحْمِلُ وَسَطَ النَّاسِ عَلَى خَلْعِ الْمَدَاسِ ( وَ ) شِدَّةُ ( مَطَرٍ ) ، وَهُوَ مَا يَحْمِلُ وَسَطَ النَّاسِ عَلَى تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ .
( وَ ) شِدَّةُ ( جُذَامٍ ) فَالْجُذَامُ الْيَسِيرُ لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِهَا .
وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاخْتُلِفَ فِي الْجُذَامِ فَقَالَ سَحْنُونٌ مُسْقِطٌ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا يُسْقِطُ ، وَالتَّحْقِيقُ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا تَضُرُّ رَائِحَتُهُ وَمَا لَا تَضُرُّ .
ا هـ .
بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا يَنْعَزِلُ فِيهِ عَنْ النَّاسِ تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ النَّاسُ وَلَوْ طَرِيقًا مُتَّصِلًا ، وَإِلَّا وَجَبَتْ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ عِبَادِهِ ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْبَرَصِ .
( وَمَرَضٌ ) يَشُقُّ مَعَهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَدَّ ، وَمِنْهُ كِبَرُ السِّنِّ الَّذِي يَشُقُّ الْإِتْيَانُ مَعَهُ مَاشِيًا وَرَاكِبًا .
فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ مَاشِيًا لَا رَاكِبًا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ إنْ كَانَتْ لَهُ دَابَّةٌ أَوْ لَمْ تُجْحَفْ بِهِ الْأُجْرَةُ ، وَإِلَّا فَلَا ، قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ ( وَتَمْرِيضٌ ) لِأَجْنَبِيٍّ لَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ وَخَشِيَ عَلَيْهِ بِتَرْكِهِ وَحْدَهُ الضَّيْعَةَ أَوْ لِقَرِيبٍ

خَاصٍّ كَوَلَدٍ وَوَالِدٍ وَزَوْجٍ مُطْلَقًا ، وَغَيْرُ الْخَاصِّ كَالْأَجْنَبِيِّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَيْدَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ تَمْرِيضَ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا خَاصًّا أَوْ غَيْرَهُ عُذْرًا مُطْلَقًا بِدُونِ اعْتِبَارِ الْقَيْدَيْنِ ( وَإِشْرَافُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ أَيْ قُرْبِ شَخْصٍ ( قَرِيبٍ ) مِنْ الْمَوْتِ ( وَ ) إشْرَافُ ( نَحْوِهِ ) أَيْ الْقَرِيبِ كَصَدِيقٍ وَرَفِيقٍ وَزَوْجٍ ، وَإِنْ لَمْ يُمَرِّضْهُ ، وَأَوْلَى مَوْتُهُ ، وَكَذَا شِدَّةُ مَرَضِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُشْرِفْ .
فَلَوْ نَصَّ عَلَى شِدَّةِ مَرَضِهِ لَفُهِمَ مِنْهُ الْإِسْرَافُ بِالْأَوْلَى رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَجُوزُ التَّخَلُّفُ لِلنَّظَرِ فِي أَمْرِ الْمَيِّتِ مِنْ إخْوَانِهِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ إنْ خِيفَ ضَيْعَتُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَدْخَلِ مِنْ جَوَازِ التَّخَلُّفِ لِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَخَفْ ضَيْعَتَهُ وَلَا تَغَيُّرَهُ .
ا هـ عَدَوِيٌّ .
( وَخَوْفٌ عَلَى مَالٍ ) لَهُ بَالٌ وَلَوْ لِغَيْرِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يُجْحِفُ بِصَاحِبِهِ ، وَكَذَا الْخَوْفُ عَلَى الْعِرْضِ كَقَذْفٍ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ الدِّينِ كَإِلْزَامِهِ قَتْلَ شَخْصٍ أَوْ ضَرْبِهِ ظُلْمًا ، أَوْ بَيْعَةَ ظَالِمٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى مُخَالَفَتِهِ بِيَمِينٍ يَحْلِفُهَا عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ عَنْ طَاعَتِهِ ( أَوْ حَبْسٌ أَوْ ضَرْبٌ ) أَيْ الْخَوْفُ مِنْهُمَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّا ( وَالْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ ( وَالْأَصَحُّ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ فَالْأَوْلَى الْمُخْتَارُ .
( أَوْ حَبْسُ ) مَدِينٍ ( مُعْسِرٍ ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَظَاهِرُهُ الْمِلَاءُ فَخَافَ إنْ خَرَجَ يُحْبَسُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ عُسْرَهُ ، فَيُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ فِي الْبَاطِنِ ، وَإِنْ حَكَمَ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُعَدُّ هَذَا

عُذْرًا ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَيْهِ بِالْحَبْسِ حَتَّى يُثْبِتَ عُسْرَهُ حُكْمٌ بِحَقٍّ ، وَأَمَّا مَنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ فَلَا عُذْرَ لَهُ وَلَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَبْسُهُ نَعَمْ إنْ خَافَ الْحَبْسَ ظُلْمًا دَخَلَ فِيمَا مَرَّ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ الْجُمُعَةَ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ يَخَافُ غُرَمَاءَهُ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفُ خَوْفَ الْغَرِيمِ مَعَ الْإِعْسَارِ .
ا هـ .
ابْنُ رُشْدٍ كَانَ عَدِيمًا وَخَشِيَ أَنْ يَسْجُنَهُ غُرَمَاؤُهُ فَقَالَ سَحْنُونٌ لَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِعِلْمِهِ مِنْ بَاطِنِ حَالِهِ مَا لَوْ ظَهَرَ لَا يُحْبَسُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { ، وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } فَهُوَ مَظْلُومٌ فِي الْبَاطِنِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِحَقٍّ فِي الظَّاهِرِ ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ شَبَّهَ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ لَا يُحْبَسُ إذَا تَحَقَّقَ عُسْرُهُ ، فَإِنْ خَشِيَ حَبْسَهُ مَعَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ لِفَسَادِ الْحَالِ فَيُبَاحُ تَخَلُّفُهُ اتِّفَاقًا ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ظُلْمٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ، فَلَوْ قَالَ كَحَبْسِ مُعْسِرٍ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْمُخْتَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ .
( وَعُرْيٌ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ الْحَطّ عَنْ بَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ أَيْ عَدَمُ وُجُودِ سَاتِرٍ لِعَوْرَةٍ زَادَ الْخَرَشِيُّ الَّتِي تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِكَشْفِهَا .
ابْنُ عَاشِرٍ فَلَا يُقَيَّدُ بِاللَّائِقِ فَإِنْ وَجَدَ سَاتِرًا لِسَوْأَتَيْهِ دُونَ أَلْيَتَيْهِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ ، وَلَا عُذْرَ لَهُ فِي التَّخَلُّفِ وَلَوْ أَزَرَى بِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا بَعِيدٌ ، وَقِيلَ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَسْتُرُهُ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَتْهُ وَلَوْ أَزَرَى بِهِ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ ، وَقَرَّرَ الْعَدَوِيُّ عَنْ شَيْخِهِ الصَّغِيرِ أَنْ لَا يَجِدَ مَا يَلِيقُ مِثْلُهُ وَلَا يُزْرَى بِهِ ، وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَاءِ ( وَرَجَاءُ ) بِالْمَدِّ أَيْ ظَنُّ ( عَفْوِ قَوَدٍ ) أَيْ

قِصَاصٍ وَجَبَ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى مِثْلِهِ بِقَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ بِاخْتِفَائِهِ وَتَخَلُّفِهِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَكَالْقَوَدِ حَدُّ الْقَذْفِ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ .
( وَأَكْلُ كَثُومٍ ) وَبَصَلٍ ، وَكُلِّ ذِي رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ وَحَرُمَ أَكْلُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ وَلَيْسَ لَهُ مَا يُزِيلُ رَائِحَتَهُ ، وَبِمَسْجِدٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ ، وَأَكْلُهُ فِي غَيْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قِيلَ يَحْرُمُ ، وَقِيلَ يُكْرَهُ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ ، وَإِلَّا حَرُمَ اتِّفَاقًا .
ا هـ عَدَوِيٌّ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِسْقَاطِ فَقَالَ ( كَرِيحٍ عَاصِفَةٍ ) أَيْ شَدِيدَةٍ ( بِلَيْلٍ ) فَتُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ جَمَاعَةِ الْعِشَاءِ لِشِدَّةِ الْمَشَقَّةِ وَمَفْهُومُ بِلَيْلٍ أَنَّهَا لَا تُبِيحُهُ نَهَارًا عَنْ الْجُمُعَةِ وَلَا عَنْ غَيْرِهَا ، وَكَذَا الْبَرْدُ وَالْحَرُّ مَا لَمْ يَشْتَدَّ جِدًّا بِحَيْثُ يُجَفِّفَانِ الْمَاءَ لِأَهْلِ الْبَادِيَةِ ، وَإِلَّا كَانَا عُذْرًا مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ كَالزَّحْمَةِ الشَّدِيدَةِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ( لَا ) يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ ابْتِنَاؤُهُ بِ ( عِرْسٍ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ عَرُوسٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يُبِيحُهُ ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي إقَامَتِهِ عِنْدَهَا سَبْعًا إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَثَلَاثًا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا .
وَفِي خُرُوجِهِ مِنْ عِنْدِهَا وَهْمُ أَنَّهُ ذَهَبَ لِضَرَّتِهَا .
( أَوْ عَمًى ) إذَا كَانَ يَهْتَدِي بِنَفْسِهِ أَوْ لَهُ مَنْ يَقُودُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ لَا تُجْحِفُ بِهِ ، وَإِلَّا فَيُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ ( أَوْ شُهُودُ ) صَلَاةِ ( عِيدٍ ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الْخَارِجِينَ عَنْ الْمِصْرِ بِكَفَرْسَخٍ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْهَا ، وَلَا عَنْ الْجَمَاعَةِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ الْإِمَامُ فِي التَّخَلُّفِ بَلْ ( وَإِنْ أَذِنَ ) لَهُمْ ( الْإِمَامُ ) فِي التَّخَلُّفِ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِلَّهِ وَحْدَهُ .
وَقَالَ

مُطَرِّفٌ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إذْنُ الْإِمَامِ لِأَهْلِ الْقُرَى الَّتِي حَوْلَهُ قَرْيَةُ الْجُمُعَةِ فِي تَخَلُّفِهِمْ عَنْهَا حِينَ سَعَوْا ، وَأَتَوْا لِصَلَاةِ الْعِيدِ عُذْرٌ يُبِيحُ لَهُمْ التَّخَلُّفَ عَنْهَا ، وَأَمَّا إذْنُهُ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ فَلَيْسَ عُذْرًا .

( فَصْلٌ ) رُخِّصَ لِقِتَالٍ جَائِزٍ أَمْكَنَ تَرْكُهُ لِبَعْضٍ .
( فَصْلٌ ) فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ ( رُخِّصَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ سُهِّلَ اسْتِنَانًا عَلَى الرَّاجِحِ الَّذِي فِي الرِّسَالَةِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ ابْنِ يُونُسَ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ نَدْبًا ( لِقِتَالٍ جَائِزٍ ) أَيْ غَيْرِ مُحَرَّمٍ بِأَنْ كَانَ وَاجِبًا كَقِتَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُحَارِبِينَ الْقَاصِدِينَ الدَّمَ أَوْ الْحَرِيمَ ، أَوْ مُبَاحًا كَقِتَالِ مُرِيدِ الْمَالِ مِنْهُمْ وَمَفْهُومُ جَائِزٍ عَدَمُ التَّرْخِيصِ فِي الْقِتَالِ الْحَرَامِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ وَالْمُحَارِبِينَ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَالْمَعْصُومِينَ الْمَارِّينَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا ، وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا .
( أَمْكَنَ تَرْكُهُ ) أَيْ الْقِتَالِ ( لِبَعْضٍ ) مِنْ جَمَاعَةِ الْإِمَامِ لِكَوْنِ الْبَعْضِ الْآخَرِ يَكْفِي فِي مُقَاوَمَةِ الْعَدُوِّ وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ .

قَسَّمَهُمْ ، وَإِنْ وِجَاهَ الْقِبْلَةِ ، أَوْ عَلَى دَوَابِّهِمْ قِسْمَيْنِ ، وَعَلَّمَهُمْ ، وَصَلَّى بِأَذَانٍ ، وَإِقَامَةٍ بِالْأُولَى فِي الثُّنَائِيَّةِ رَكْعَةً ، وَإِلَّا رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ قَامَ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا أَوْ قَارِئًا فِي الثُّنَائِيَّةِ ، وَفِي قِيَامِهِ بِغَيْرِهَا .
تَرَدُّدٌ ، وَأَتَمَّتْ الْأُولَى وَانْصَرَفَتْ ، ثُمَّ صَلَّى بِالثَّانِيَةِ مَا بَقِيَ وَسَلَّمَ .
فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ .

( قَسَّمَهُمْ ) أَيْ جَمَاعَةَ الْإِمَامِ أَوَّلَ الْمُخْتَارِ قِيلَ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ إنْ أَيِسُوا مِنْ انْكِشَافِهِ فِيهِ ، وَإِنْ تَرَدَّدُوا فِيهِ وَسَطَهُ ، وَإِنْ رَجَوْهُ آخِرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ وَجَمَاعَتُهُ وُجَاهَ الْقِبْلَةِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانُوا ( وُجَاهَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ مُوَاجِهِي ( الْقِبْلَةِ ) بِأَنْ كَانَ الْعَدُوُّ وُجْهَتَهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَسْمِهِمْ حِينَئِذٍ وَصَلَاتِهِمْ جَمَاعَةً وَاحِدَةً .
( أَوْ ) كَانَ الْمُسْلِمُونَ رَاكِبِينَ ( عَلَى دَوَابِّهِمْ ) فَيُصَلُّونَ بِالْإِيمَاءِ حِينَئِذٍ لِلضَّرُورَةِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ كَوْنِ الْمُومِئِ لَا يَقْتَدِي بِمُومِئٍ وَمَفْعُولُ قَسَّمَ الثَّانِي ( قِسْمَيْنِ ) تَسَاوَيَا أَمْ لَا حَاضِرِينَ كَانُوا أَوْ مُسَافِرِينَ وَلَوْ قَلُّوا كَثَلَاثَةٍ يُصَلِّي اثْنَانِ رَكْعَةً أَوْ رَكْعَتَيْنِ وَيَحْرُسُ الثَّالِثُ كَمَا فِي الطِّرَازِ وَالذَّخِيرَةِ ، وَسَوَاءٌ كَانُوا فِي بَحْرٍ أَوْ بَرٍّ ، وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ جُمُعَةً فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ كُلِّ طَائِفَةٍ اثْنَيْ عَشَرَ غَيْرَ الْإِمَامِ تَنْعَقِدُ بِهِمْ ، وَاغْتُفِرَ عَدَمُ بَقَاءِ طَائِفَةٍ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ لِلسَّلَامِ لِلضَّرُورَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي السَّفَرِ .
( وَعَلَّمَهُمْ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْإِمَامُ جَمَاعَتَهُ صِفَتَهَا وُجُوبًا إنْ جَهِلُوهَا أَوْ خَافَ تَخْلِيطَهُمْ لِشِدَّةِ الْهَوْلِ ، وَإِلَّا فَنَدْبًا لِاحْتِمَالِ تَطَرُّقِ الْخَلَلِ لِشِدَّتِهِ ( وَصَلَّى ) الْإِمَامُ ( بِأَذَانٍ ، وَإِقَامَةٍ ) أَيْ عَقِبَهُمَا ( بِ ) الطَّائِفَةِ ( الْأُولَى ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ( فِي ) الصَّلَاةِ ( الثُّنَائِيَّةِ ) كَصُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَمَقْصُورَةٍ ( رَكْعَةً ) وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى تُقَاتِلُ الْعَدُوَّ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الصَّلَاةُ ثُنَائِيَّةً بِأَنْ كَانَتْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً ( فَ ) يُصَلِّي بِالْأُولَى ( رَكْعَتَيْنِ ) وَيَتَشَهَّدُ بِهَا ( ثُمَّ قَامَ ) الْإِمَامُ وَالطَّائِفَةُ تَأْتَمُّ بِهِ فِي الْقِيَامِ ،

فَإِذَا اسْتَقَلَّ قَائِمًا فَارَقُوهُ بِالنِّيَّةِ حَالَ كَوْنِهِ ( سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا ) بِالنَّصْرِ عَلَى الْعَدُوِّ ، وَهَزْمِهِ ، وَكَشْفِ غُمَّتِهِ أَوْ مُسَبِّحًا ( أَوْ قَارِئًا فِي ) الصَّلَاةِ ( الثُّنَائِيَّةِ ) اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ .
( وَفِي قِيَامِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ لِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا لَا قَارِئًا خَوْفًا مِنْ فَرَاغِ الْفَاتِحَةِ قَبْلَ إتْيَانِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَيَرْكَعُ عَقِبَهَا وَيَرْفَعُ وَتَفُوتُهَا الصَّلَاةُ ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ الثُّنَائِيَّةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ وَرُبَاعِيَّةٍ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتِمْرَارُهُ جَالِسًا سَاكِتًا أَوْ دَاعِيًا وَيُشِيرُ لِلطَّائِفَةِ الْأُولَى بِالْقِيَامِ عِنْدَ تَمَامِ تَشَهُّدِهِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ أَيْضًا وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنِ كِنَانَةَ ، وَحِكَايَةُ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْقِيَامِ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالْخِلَافُ فِي غَيْرِهَا طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَعِيَاضٍ ، وَهِيَ الْأَصَحُّ لِمُوَافَقَتِهَا الْمُدَوَّنَةَ ، وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَزِيزَةَ تَحْكِي الْخِلَافَ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالِاتِّفَاقَ عَلَى الْجُلُوسِ فِي غَيْرِهَا ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ فَابْنُ بَشِيرٍ وَعِيَاضٌ نَقَلَا عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ الْخِلَافَ فِي قِيَامِهِ فِي غَيْرِ الثُّنَائِيَّةِ .
وَنَقَلَ ابْنُ بَزِيزَةَ عَنْهُمْ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِهِ فِي غَيْرِهَا .
( وَأَتَمَّتْ ) الطَّائِفَةُ ( الْأُولَى ) صَلَاتَهَا بِرَكْعَةٍ إنْ كَانَتْ ثُنَائِيَّةً وَثُلَاثِيَّةً وَبِرَكْعَتَيْنِ إنْ كَانَتْ رُبَاعِيَّةً أَفْذَاذًا ( وَانْصَرَفَتْ ) الْأُولَى لِقِتَالِ الْعَدُوِّ ( ثُمَّ صَلَّى ) الْإِمَامُ ( بِ ) الطَّائِفَةِ ( الثَّانِيَةِ ) عَقِبَ اقْتِدَائِهَا بِهِ ( مَا بَقِيَ ) مِنْ الصَّلَاةِ ، وَهِيَ رَكْعَةٌ فِي الثُّنَائِيَّةِ وَالثُّلَاثِيَّةِ وَرَكْعَتَانِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ ( وَسَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ مِنْ الصَّلَاةِ ( فَأَتَمُّوا ) أَيْ الْآخَرُونَ صَلَاتَهُمْ ( لِأَنْفُسِهِمْ ) أَيْ أَفْذَاذًا

قَضَاءً فَيَقْرَءُونَ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ لَيْلِيَّةً ، فَإِنْ أَمَّهُمْ أَحَدُهُمْ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ فَقَطْ ، وَلَوْ نَوَى الْإِمَامَةَ إلَّا الْمُتَلَاعِبَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَدِي بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ .

وَلَوْ صَلَّوْا بِإِمَامَيْنِ أَوْ بَعْضٌ فَذًّا جَازَ
( وَلَوْ صَلَّوْا ) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْقَوْمُ الْمُقَاتِلُونَ قِتَالًا جَائِزًا جَمَاعَتَيْنِ مُتَعَاقِبَتَيْنِ ( بِإِمَامَيْنِ ) جَازَ أَيْ صَحَّ مَعَ الْكَرَاهَةِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ ( أَوْ ) صَلَّى ( بَعْضٌ ) مِنْهُمْ ( فَذًّا ) وَبَعْضٌ آخَرُ مِنْهُمْ بِإِمَامٍ أَوْ صَلَّوْا كُلُّهُمْ أَفْذَاذًا ( جَازَ ) أَيْ مَضَى فَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ ، وَإِنْ كُرِهَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ .

، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَّرُوا .
لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ ،
( وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ) تَرْكُ الْقِتَالِ مِنْ لِبَعْضٍ بِأَنْ تَوَقَّفَتْ مُقَاوَمَةُ الْعَدُوِّ عَلَى الْجَمِيعِ ( أَخَّرُوا ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلًا أَيْ الْقَوْمُ الصَّلَاةَ نَدْبًا فَيَظْهَرُ إنْ رَجَوْا انْكِشَافَ الْعَدُوِّ فِي الْوَقْتِ ( لِآخِرِ ) الْوَقْتِ ، وَإِنْ أَيِسُوا مِنْهُ فِيهِ صَلَّوْا صَلَاةَ الْتِحَامٍ فِي أَوَّلِهِ ، وَإِنْ تَرَدَّدُوا فِيهِ أَخَّرُوا لِوَسَطِهِ كَذَا فِي النَّصِّ زَادَ الْمُصَنِّفُ مِنْ نَفْسِهِ ( الْمُخْتَارَ ) وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ هَارُونَ الضَّرُورِيَّ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مُقْتَضَى الْقِيَامِ عَلَى رَاجِي الْمَاءِ ، فَإِنْ انْكَشَفَ الْعَدُوُّ فَظَاهِرٌ .
وَفِي الذَّخِيرَةِ مَا يُؤَيِّدُ أَنَّهُ الْمُخْتَارُ ابْنُ نَاجِي لَا يَبْعُدُ كَوْنُهَا ذَاتَ قَوْلَيْنِ كَالرَّاعِفِ الَّذِي تَمَادَى بِهِ الدَّمُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ ، فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ الِاخْتِيَارِيُّ .
وَنَقَلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ قَوْلًا إنَّهُ يُعْتَبَرُ الضَّرُورِيُّ .

وَصَلَّوْا إيمَاءً .
كَأَنْ دَهَمَهُمْ عَدُوٌّ بِهَا
( وَ ) إنْ لَمْ يَنْكَشِفْ وَبَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ ( صَلَّوْا إيمَاءً ) أَفْذَاذًا إنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ سَوَاءٌ كَانُوا رَاكِبِينَ أَوْ رَاجِلِينَ لِمَشَقَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ .
وَشَبَّهَ فِي الْقَسْمِ إنْ أَمْكَنَ تَرْكُ الْقِتَالِ لِبَعْضِ الْقَوْمِ وَصَلَاتُهُمْ إيمَاءً أَفْذَاذًا إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَقَالَ ( كَأَنْ دَهَمَهُمْ ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَالْهَاءِ أَيْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ ( عَدُوٌّ ) ، وَهُمْ ( بِهَا ) أَيْ مُتَلَبِّسُونَ بِالصَّلَاةِ فَإِنْ أَمْكَنَ بَعْضَهُمْ تَرْكُ الْقِتَالِ قَطَعَتْ طَائِفَةٌ لِقِتَالِ الْعَدُوِّ ، وَيُصَلِّي الْإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الْبَاقِيَةِ مَعَهُ بَانِيًا عَلَى مَا فَعَلَهُ رَكْعَةً فِي الثُّنَائِيَّةِ وَرَكْعَتَيْنِ فِي غَيْرِهَا عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ ، خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُونَ وَيَبْتَدِئُونَ الْقَسْمَ مِنْ أَوَّلِهَا .
وَمَحَلُّ الْقَسْمِ إنْ كَانَ الْإِمَامُ لَمْ يَشْرَعْ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ الصَّلَاةِ فَإِنْ فَاجَأَهُمْ بَعْدَهُ وَجَبَ قَطْعُ جَمَاعَةٍ وُجُوبًا كِفَائِيًّا لِقِتَالِ الْعَدُوِّ ، وَأَتَمَّ الْبَاقُونَ صَلَاتَهُمْ وَذَهَبُوا لِلْعَدُوِّ وَابْتَدَأَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي قَطَعَتْ صَلَاتَهَا أَفْذَاذًا أَوْ بِإِمَامٍ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَعْضَهُمْ تَرْكُهُ صَلَّوْهَا أَفْذَاذًا عَلَى حَسَبِ اسْتِطَاعَتِهِمْ مُشَاةً وَرُكْبَانًا بِإِيمَاءٍ إنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ، فَذًّا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَقْطَعُونَ .

وَحَلَّ لِلضَّرُورَةِ مَشْيٌ وَرَكْضٌ ، وَطَعْنٌ وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ وَكَلَامٌ ، وَإِمْسَاكُ مُلَطَّخٍ
( وَحَلَّ ) فِي صَلَاةِ الِالْتِحَامِ مَا حَرُمَ فِي غَيْرِهَا ( لِلضَّرُورَةِ ) مِنْهُ ( مَشْيٌ ) وَجَرْيٌ ( وَرَكْضٌ ) بِقَدَمٍ لِدَابَّةٍ ( وَطَعْنٌ ) فِي الْعَدُوِّ بِرُمْحٍ أَوْ سِكِّينٍ ( وَعَدَمُ تَوَجُّهٍ ) لِلْقِبْلَةِ ( وَكَلَامٌ ) أَجْنَبِيٌّ لِغَيْرِ صَلَاحِهَا اُحْتِيجَ لَهُ فِي الْقِتَالِ مِنْ تَحْذِيرٍ ، وَإِغْرَاءٍ ، وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ ( وَإِمْسَاكُ ) شَيْءٍ مُلَطَّخٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بِدَمٍ كَبِغَيْرِهِ إنْ اُحْتِيجَ لَهُ .
هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مَحَلُّ ضَرُورَةٍ .

وَإِنْ ، أَمِنُوا بِهَا : أَتَمَّتْ صَلَاةَ أَمْنٍ
( وَإِنْ أَمِنُوا ) بِقَصْرِ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ حَصَلَ لَهُمْ إلَّا مِنْ الْعَدُوِّ ، وَهُمْ مُتَلَبِّسُونَ ( بِهَا ) أَيْ صَلَاةُ الْخَوْفِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَلَاةَ قِسْمَةٍ أَوْ الْتِحَامٍ ( أُتِمَّتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَشَدِّ الْمِيمِ ، أَيْ الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهَا ( صَلَاةَ أَمْنٍ ) فَفِي صَلَاةِ الْمُسَايَفَةِ يُتِمُّ كُلٌّ مِنْهُمْ صَلَاتَهُ فَذًّا ، وَفِي صَلَاةِ الْقَسْمُ إنْ حَصَلَ الْأَمْنُ مَعَ الْأُولَى اسْتَمَرَّتْ مَعَهُ وَدَخَلَتْ الثَّانِيَةُ مَعَهُ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ قَوْلِهِ تُصَلَّى الثَّانِيَةُ بِإِمَامٍ آخَرَ وَلَا تَدْخُلُ مَعَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ بِصَلَاةِ خَوْفٍ ، وَأَتَمَّهَا صَلَاةَ أَمْنٍ صَارَ كَمَنْ أَحْرَمَ جَالِسًا ثُمَّ قَدِرَ عَلَى الْقِيَامِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَلَا يُحْرِمُ أَحَدٌ قَائِمًا خَلْفَهُ .
وَإِنْ حَصَلَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهَا ، وَقَبْلَ دُخُولِ الثَّانِيَةِ رَجَعَ إلَيْهِ وُجُوبًا مَنْ لَمْ يَفْعَلْ لِنَفْسِهِ شَيْئًا وَمَنْ فَعَلَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا انْتَظَرَ الْإِمَامَ حَتَّى يَلْحَقَهُ وَاقْتَدَى بِهِ فِي الْبَاقِي وَلَوْ السَّلَامَ ، وَإِنْ حَصَلَ مَعَ الثَّانِيَةِ صَحَّتْ صَلَاةُ الَّتِي أَتَمَّتْ لِنَفْسِهَا .

وَبَعْدَهَا ، لَا إعَادَةَ : كَسَوَادٍ ظُنَّ عَدُوًّا فَظَهَرَ نَفْيُهُ
( وَ ) إنْ حَصَلَ الْأَمْنُ ( بَعْدَ ) إتْمَامٍ ( هَا ) بِصِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فَ ( لَا إعَادَةَ ) عَلَيْهِمْ .
وَشَبَّهَ نَفْيَ الْإِعَادَةِ فَقَالَ ( كَسَوَادٍ ) أَيْ جَمْعٍ مِنْ النَّاسِ ( ظُنَّ ) بِضَمِّ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ السَّوَادُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ ( عَدُوًّا ) فَصَلَّوْا صَلَاةَ خَوْفٍ عَلَى وَجْهِ الْقَسْمِ أَوْ الِالْتِحَامِ ( فَظَهَرَ نَفْيُهُ ) أَيْ الْعَدُوِّ فَلَا تُعَادُ .
.

وَإِنْ سَهَا ، مَعَ الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا ، وَإِلَّا سَجَدَتْ الْقَبْلِيَّ مَعَهُ ، وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ .
وَإِنْ صَلَّى فِي ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ رُبَاعِيَّةٍ بِكُلٍّ رَكْعَةً : بَطَلَتْ الْأُولَى ، وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ : كَغَيْرِهِمَا عَلَى الْأَرْجَحِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ .

( وَإِنْ سَهَا ) الْإِمَامُ ( مَعَ ) الطَّائِفَةِ ( الْأُولَى سَجَدَتْ بَعْدَ إكْمَالِهَا ) صَلَاتَهَا الْقَبْلِيَّ قَبْلَ سَلَامِهَا وَالْبَعْدِيَّ بَعْدَهُ ، إلَّا أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَيْهَا سُجُودٌ لِنَقْصٍ بَعْدَهُ فَارَقْته فَيَغْلِبُ وَتَسْجُدُ قَبْلَ السَّلَامِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُخَاطَبُ بِالسُّجُودِ لِسَهْوِ الْإِمَامِ الْأُولَى بَلْ الثَّانِيَةُ سَوَاءٌ سَهَا الْإِمَامُ مَعَهَا أَوْ مَعَ الْأُولَى أَوْ بَيْنَهُمَا ( سَجَدَتْ ) الثَّانِيَةُ ( الْقَبْلِيَّ مَعَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ قَبْلَ قِيَامِهَا لِلْقَضَاءِ وَلَوْ تَرَكَهُ الْإِمَامُ ( وَ ) سَجَدَتْ ( الْبَعْدِيَّ بَعْدَ الْقَضَاءِ ) وَبَعْدَ سَلَامِهَا فَإِنْ سَجَدَتْهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بَطَلَتْ .
( وَإِنْ صَلَّى ) الْإِمَامُ ( فِي ) صَلَاةٍ ( ثُلَاثِيَّةٍ ) ، وَهِيَ الْمَغْرِبُ ( أَوْ ) فِي صَلَاةٍ ( رُبَاعِيَّةٍ ) كَظُهْرٍ تَامَّةٍ ( بِكُلٍّ ) مِنْ الطَّوَائِفِ الثَّلَاثَةِ أَوْ الْأَرْبَعَةِ ( رَكْعَةً بَطَلَتْ ) صَلَاةُ الطَّائِفَةِ ( الْأُولَى ) لِمُفَارَقَتِهَا الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ ( وَ ) صَلَاةُ الطَّائِفَةِ ( الثَّالِثَةِ فِي ) الصَّلَاةِ ( الرُّبَاعِيَّةِ ) لِذَلِكَ ، وَمَفْهُومُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الرُّبَاعِيَّةِ صِحَّةُ صَلَاةِ الثَّانِيَةِ مُطْلَقًا ، وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ كَصَلَاةِ الْإِمَامِ ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ .
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَ ) صَلَاةٍ ( غَيْرِهَا ) أَيْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ ، وَهِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالثَّانِيَةُ مُطْلَقًا وَالثَّالِثَةُ فِي الثُّلَاثِيَّةِ وَالرَّابِعَةُ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ بِبُطْلَانِهَا عَلَى جَمِيعِهِمْ لِمُخَالَفَةِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْرُوعَةِ لِلضَّرُورَةِ ( وَصُحِّحَ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْحَاءِ أَيْ صَحَّحَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ ( خِلَافُهُ ) أَيْ بُطْلَانِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَهُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ ، وَهُوَ

الرَّاجِحُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِتَقْدِيمِهِ .

( فَصْلٌ ) سُنَّ لِعِيدٍ : رَكْعَتَانِ : لِمَأْمُورِ الْجُمُعَةِ ، مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ .

( فَصْلٌ ) فِي صَلَاةِ الْعِيدِ ( سُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ عَيْنًا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ كِفَايَةٌ .
وَقِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ نَقَلَهُ ابْنُ حَارِثٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ ، وَحَكَى فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ .
قَالَ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ شَيْخُنَا الْفَقِيهُ ابْنُ رِزْقٍ وَصِلَةُ سُنَّ ( لِعِيدٍ ) أَيْ فِيهِ أَوْ لِأَجَلِهِ أَيْ جِنْسِهِ الصَّادِقِ بِالْفِطْرِ وَالْأَضْحَى وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْكَدَ مِنْ الْآخَرِ ، وَيَاؤُهُ يَدُلُّ عَلَى وَاوٍ لِسُكُونِهَا إثْرَ كَسْرَةٍ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعَوْدِ لِعَوْدِهِ ، وَلَا يُرَادُ أَنَّ سَائِرَ الْأَيَّامِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَسْتَلْزِمُهَا ؛ لِأَنَّهَا مُجَرَّدُ مُنَاسَبَةٍ .
وَقَالَ عِيَاضٌ لِعَوْدِهِ بِالْفَرَحِ ، وَقِيلَ تَفَاؤُلًا بِعَوْدِهِ عَلَى مَنْ أَدْرَكَهُ ، وَقِيَاسُ تَكْسِيرِهِ بِالْوَاوِ وَلِرَدِّهِ لِلْأَصْلِ .
وَعَدَلُوا عَنْهُ إلَى تَكْسِيرِهِ بِالْيَاءِ دَفْعًا لِالْتِبَاسِ جَمْعِهِ بِجَمْعِ عَوْدٍ .
وَأَوَّلُ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدُ الْفِطْرِ فِي ثَانِيَةِ الْهِجْرَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ ( رَكْعَتَانِ ) وَصِلَةُ سُنَّ ( لِمَأْمُورٍ ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ مَأْمُورٍ بِ ( الْجُمُعَةِ ) أَمْرَ إيجَابٍ ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا أُطْلِقَ انْصَرَفَ إلَى أَكْمَلِهِ فَدَخَلَ الْغَرِيبُ الْمُقِيمُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فِي قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لَا عَبْدٌ وَامْرَأَةٌ وَصَبِيٌّ وَمُسَافِرٌ وَخَارِجٌ عَنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تُسَنُّ لَهُمْ نَعَمْ تُنْدَبُ لَهُمْ وَلَا يُنْدَبُ عِيدُ الْأَضْحَى لِحَاجٍّ ، وَلَا لِأَهْلِ مِنًى غَيْرِ الْحُجَّاجِ جَمَاعَةً بَلْ أَفْذَاذًا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِصَلَاةِ الْحُجَّاجِ مَعَهُمْ وَوَقْتُهَا ( مِنْ ) ، وَقْتِ ( حِلِّ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ جَوَازِ ( النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ ) الْعَدَوِيِّ هَذَا بَيَانٌ لِلْوَقْتِ الَّذِي لَا كَرَاهَةَ فِيهِ ، وَوَقْتُ صِحَّتِهَا بِتَمَامِ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَغَيْرِهَا مِنْ النَّوَافِلِ ، فَإِنْ صُلِّيَتْ عَقِبَ الطُّلُوعِ ، وَقَبْلَ الِارْتِفَاعِ صَحَّتْ مَعَ

الْكَرَاهَةِ انْتَهَى .
قُلْت يُؤَيِّدُهُ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤْتِيَ بِالصَّلَاةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ وَلِمُطَالَبَتِهِ ، وَلَا يَنْبَغِي تَأْخِيرُهَا عَنْ ذَلِكَ .
وَقَوْلُ التَّلْقِينِ وَقْتُهَا إذَا أَشْرَقَتْ شَبَّ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِشَافِعِيٍّ صَلَّاهَا عَقِبَ الطُّلُوعِ بِمَنْزِلَةِ الِاقْتِدَاءِ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَلِّدْهُ فِيمَا يَظْهَرُ .
وَانْظُرْهُ مَعَ قَوْلِ أَبِي حَيَّانَ فِي مُخْتَصَرِ الْمِنْهَاجِ ، وَوَقْتُهَا مَا بَيْنَ طُلُوعٍ وَزَوَالٍ وَيُسَنُّ تَأْخِيرُهَا لِتَرْتَفِعَ كَرُمْحٍ .
انْتَهَى .
فَإِنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي كَرَاهَتِهَا قَبْلَ الِارْتِفَاعِ وَنَحْوُ مَا لشب لعب وَكَتَبَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فِيهِ نَظَرٌ .
وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُخَالِفِ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ لِلْفَرْقِ بِوُجُودِ السَّبَبِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ ، وَهُوَ دُخُولُ الْوَقْتِ ، وَإِلَّا لَصَحَّتْ الْجُمُعَةُ بِاقْتِدَائِهِ بِحَنْبَلِيٍّ صَلَّاهَا قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَمَا أَظُنُّ مَالِكِيًّا يَقُولُ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُغْتَفَرُ فِي السُّنَّةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ ، أَوْ ؛ لِأَنَّ مُدْرِكَ الْحَنْبَلِيِّ فِي جَوَازِ الْجُمُعَةِ قَبْلَهُ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ مُدْرِكِ الشَّافِعِيِّ فِي الْعِيدِ ، لَكِنْ يَرُدُّهُ أَنَّ السَّبَبَ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ لَمْ يَدْخُلْ فَلَمْ يُخَاطَبْ بِهَا الْمَالِكِيُّ قَالَهُ ابْنُ عَبٍّ .
وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْت ، وَقَرَّرَهُ النَّفْرَاوِيُّ ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ صِحَّتِهَا .
وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ .
تت وَلَا أَذَانَ لَهَا وَلَا إقَامَةَ ، وَهَلْ أَوَّلُ مَنْ ابْتَدَعَ الْأَذَانَ فِي الْعِيدَيْنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَوْ مُعَاوِيَةُ أَوْ هِشَامٌ أَقْوَالٌ

وَلَا يُنَادِي الصَّلَاةَ جَامِعَةً
( وَلَا يُنَادَى ) بِفَتْحِ الدَّالِ لِفِعْلِهَا بِنَحْوِ قَوْلِ ( الصَّلَاةَ جَامِعَةً ) أَيْ يُكْرَهُ أَوْ يُخَالِفُ الْأَوْلَى لِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ فِيهَا وَبِالْكَرَاهَةِ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَالْجُزُولِيِّ .
وَصَرَّحَ ابْنُ نَاجِي وَابْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُمَا بِأَنَّهُ بِدْعَةٌ .
وَمَا ذَكَرَهُ الْخَرَشِيُّ مِنْ أَنَّهُ جَائِزٌ غَيْرُ صَوَابٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ بِذَلِكَ فِيهَا فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي الْعِيدِ ، وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي الْكُسُوفِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الْإِكْمَالِ وَقِيَاسُ الْعِيدِ عَلَى الْكُسُوفِ لَا يَصِحُّ لِتَكَرُّرِ الْعِيدِ وَشُهْرَتِهِ وَنُدُورِ الْكُسُوفِ .
نَعَمْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ أَوَّلَ بَابِ الْأَذَانِ أَنَّ عِيَاضًا اسْتَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَا يُؤَذَّنُ لَهَا الصَّلَاةَ جَامِعَةً لَكِنْ الْمُصَنِّفُ لَمْ يُعَرِّجْ عَلَيْهِ .
انْتَهَى بْن .

وَافْتَتَحَ بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ بِالْإِحْرَامِ ، ثُمَّ بِخَمْسٍ غَيْرِ الْقِيَامِ مُوَالًى .
( وَافْتَتَحَ ) نَدْبًا صَلَاةَ الْعِيدِ ( بِسَبْعِ تَكْبِيرَاتٍ ) قَبْلَ الْقِرَاءَةِ مُتَلَبِّسَةً ( بِ ) تَكْبِيرَةِ ( الْإِحْرَامِ ) أَيْ يَعُدُّهَا مِنْهَا ، فَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى الْقِرَاءَةِ مَنْدُوبٌ .
وَمَفْهُومُ سَبْعٍ بِالْإِحْرَامِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا ، فَإِنْ اقْتَدَى مَالِكِيٌّ بِشَافِعِيٍّ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى ثَمَانِيًا بِالْإِحْرَامِ فَلَا يَتْبَعُهُ فِي التَّكْبِيرَةِ الثَّامِنَةِ وَعَدَمِ النَّقْصِ عَنْهَا ، فَإِنْ اقْتَدَى بِحَنَفِيٍّ يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى أَرْبَعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الثَّانِيَةِ ثَلَاثًا عَقِبَهَا فَلَا يَتْبَعُهُ فِي النَّقْصِ وَلَا فِي التَّأْخِيرِ .
( ثُمَّ ) افْتَتَحَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ( بِخَمْسٍ ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ ، ( غَيْرِ ) تَكْبِيرَةِ ( الْقِيَامِ ) حَالَ التَّكْبِيرِ ( مُوَالًى ) بِضَمِّ الْمِيمِ مُخَفَّفًا أَصْلُهُ مُوَالِيًا بِفَتْحِ اللَّامِ وَالْيَاءِ فَأُبْدِلَتْ الْيَاءُ أَلِفًا لِتَحَرُّكِهَا عَقِبَ فَتْحٍ وَحُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ أَيْ مُتَوَالِيًا بِلَا فَصْلٍ ، بَيْنَ أَفْرَادِهِ .

إلَّا بِتَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ ، بِلَا قَوْلٍ ، وَتَحَرَّاهُ مُؤْتَمٌّ لَمْ يَسْتَمِعْ
( إلَّا بِ ) قَدْرِ ( تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ ) مِنْ الْإِمَامِ ( بِلَا قَوْلٍ ) مِنْ الْإِمَامِ حَالَ فَصْلِهِ بِقَدْرِ تَكْبِيرِ الْمُؤْتَمِّ بِهِ ، أَيْ يُكْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَسْبِيحًا أَوْ تَهْلِيلًا أَوْ اسْتِغْفَارًا أَوْ دُعَاءً .
( وَتَحَرَّاهُ ) أَيْ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ شَخْصٌ ( مُؤْتَمٌّ ) بِهِ ( لَمْ يَسْمَعْ ) الْمُؤْتَمُّ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ .

، وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ وَسَجَدَ بَعْدَهُ ، وَإِلَّا تَمَادَى
( وَكَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ أَتَى بِالتَّكْبِيرِ اسْتِنَانًا شَخْصٌ ( نَاسِيهِ ) تَكْبِيرَ الْعِيدِ السَّابِقَ عَلَى الْقِرَاءَةِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ إذَا ذَكَرَهُ فِيهَا أَوْ عَقِبَهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ وَأَعَادَهَا عَقِبَهُ نَدْبًا ( إنْ لَمْ يَرْكَعْ ) أَيْ لَمْ يَنْحَنِ لِلرُّكُوعِ ، فَإِنْ انْحَنَى لَهُ رَجَعَ لِلتَّكْبِيرِ عَامِدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ لِسُنَّةٍ ( وَسَجَدَ ) الْآتِي بِالتَّكْبِيرِ الَّذِي أَعَادَ الْقِرَاءَةَ عَقِبَهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ السَّلَامِ لِزِيَادَةِ الْقِرَاءَةِ الَّتِي قَدَّمَهَا عَلَى التَّكْبِيرِ ، فَإِنْ لَمْ يُعِدْ الْقِرَاءَةَ عَقِبَهُ فَلَا يَسْجُدُ ، وَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ ، إذْ لَمْ يَفُتْهُ إلَّا مَنْدُوبُ تَقْدِيمِ التَّكْبِيرِ عَلَيْهَا وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ إنْ لَمْ يَرْكَعْ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ حُكْمَ السُّجُودِ فَقَالَ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَرْكَعْ بِأَنْ رَكَعَ أَيْ انْحَنَى لِلرُّكُوعِ قَبْلَ تَذَكُّرِ التَّكْبِيرِ الْمَنْسِيِّ ( تَمَادَى ) فِي رُكُوعِهِ وُجُوبًا شَرْطًا ، وَلَا يَرْجِعُ مِنْهُ لِلتَّكْبِيرِ لِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ بِشُرُوعِهِ فِي انْحِنَاءِ الرُّكُوعِ ، فَإِنْ رَجَعَ مِنْ رُكُوعِهِ لِلتَّكْبِيرِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِرُجُوعِهِ مِنْ فَرْضٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ لِسُنَّةٍ ، بِخِلَافِ مَنْ رَجَعَ مِنْ الْفَاتِحَةِ لِلتَّشَهُّدِ لِلْخِلَافِ فِيهَا .

وَسَجَدَ غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ قَبْلَهُ
( وَسَجَدَ ) الشَّخْصُ ( غَيْرُ الْمُؤْتَمِّ ) مِنْ إمَامٍ وَفَذٍّ ( قَبْلَهُ ) أَيْ السَّلَامِ النَّقْصُ بِتَرْكِ التَّكْبِيرِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا ، وَلَوْ وَاحِدَةً ؛ لِأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ .
وَيَسْجُدُ لِلزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَاحِدَةً بَعْدَهُ .
وَمَفْهُومُ غَيْرِ الْمُؤْتَمِّ أَنَّ الْمُؤْتَمَّ الَّذِي تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ، وَأَتَى بِهِ إمَامُهُ وَتَذَكَّرَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يَسْجُدُ لِحَمْلِهِ الْإِمَامِ عَنْهُ .

وَمُدْرِكُ الْقِرَاءَةِ : يُكَبِّرُ ، فَمُدْرِكُ الثَّانِيَةِ : يُكَبِّرُ خَمْسًا ، ثُمَّ سَبْعًا بِالْقِيَامِ ، وَإِنْ فَاتَتْ قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ .
( وَ ) شَخْصٌ مَسْبُوقٌ ( مُدْرِكٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مُحْرِمٌ خَلْفَ الْإِمَامِ حَالَ ( الْقِرَاءَةِ ) لِلْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ ( يُكَبِّرُ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ يَأْتِي بِالتَّكْبِيرِ اسْتِنَانًا ، وَأَوْلَى مُدْرِكٌ بَعْضَ التَّكْبِيرِ فَيَتْبَعُهُ فِيمَا أَدْرَكَهُ مِنْهُ ، ثُمَّ يَأْتِي بِمَا فَاتَهُ مِنْهُ وَلَا يَأْتِي بِهِ فِي خِلَالِ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ ( فَمُدْرِكُ ) قِرَاءَةِ الرَّكْعَةِ ( الثَّانِيَةِ يُكَبِّرُ خَمْسًا ) غَيْرَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا آخِرُ صَلَاتِهِ وَعَلَى أَنَّهَا أَوَّلُهَا يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ ، فَإِنْ وَجَدَ الْإِمَامَ فِي الْقِرَاءَةِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ هُوَ فِي الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ فَقَالَ عج الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ سَبْعًا بِالْإِحْرَامِ احْتِيَاطًا فَإِنْ تَبَيَّنَتْ أُولَى فَظَاهِرٌ ، وَإِنْ تَبَيَّنَتْ ثَانِيَةً قَضَى الْأُولَى بِسِتٍّ غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ .
وَقَالَ اللَّقَانِيُّ يُشِيرُ لِلْمَأْمُومِينَ فَإِنْ أَفْهَمُوهُ عَمِلَ عَلَى مَا فَهِمَ ، وَإِلَّا رَجَعَ لِمَا قَالَهُ عج .
( ثُمَّ ) يُكَبِّرُ فِي قَضَاءِ الرَّكْعَةِ الْأُولَى ( سَبْعًا بِ ) تَكْبِيرَةِ ( الْقِيَامِ ) قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ مُدْرِكَ رَكْعَةٍ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ ، وَأُجِيبَ بِبِنَائِهِ عَلَى قِيَامِهِ بِهِ ( وَإِنْ فَاتَتْ ) الثَّانِيَةُ الْمَسْبُوقَ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ عَقِبَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا ( قَضَى ) الْمَسْبُوقُ الرَّكْعَةَ ( الْأُولَى بِسِتٍّ ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ .

وَهَلْ بِغَيْرِ الْقِيَامِ : تَأْوِيلَانِ .

( وَهَلْ بِغَيْرِ ) تَكْبِيرَةِ ( الْقِيَامِ ) فَيَكُونُ سَبْعًا بِهَا أَوْ السِّتَّ فَقَطْ ، وَلَا يُكَبِّرُ لِلْقِيَامِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِلشَّارِحِينَ فِي قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ مَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ كَبَّرَ وَجَلَسَ ، ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّكْبِيرَاتِ .
فَسَّرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِسِتٍّ ؛ فَفَهِمَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَسَنَدٌ عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ السِّتَّ هِيَ التَّكْبِيرُ الْمُخْتَصُّ بِالْعِيدِ ثُمَّ تَكْبِيرَةٌ يَقُومُ بِهَا لَا تَخْتَصُّ بِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا أَتَى بِتَكْبِيرِ الْعِيدِ ، وَهِيَ سِتٌّ .
وَفَهِمَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى الثَّانِي عَبْدُ الْحَقِّ هِيَ السِّتُّ فَقَطْ ، وَيُعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي جَلَسَ عَقِبَهَا فِي قَضَاءِ الثَّانِيَةِ ، وَهِيَ خَمْسٌ بِغَيْرِ الْقِيَامِ لِوُضُوحِهِ قَالَهُ تت الرَّمَاصِيُّ لَيْسَ اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَفْظَ أَبِي سَعِيدٍ إنَّمَا لَفْظُهُ ، وَمَنْ أَدْرَكَ الْجُلُوسَ كَبَّرَ وَجَلَسَ ثُمَّ يَقْضِي بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ التَّكْبِيرَ وَالصَّلَاةَ .
ا هـ .
فَتَعَقَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فَقَالَ نَقَصَ أَبُو سَعِيدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا الَّذِي يَقْضِي وَنَصُّ لَفْظِهَا فِي الْأُمِّ فَإِذَا قَضَى الْإِمَامُ صَلَاتَهُ قَامَ فَكَبَّرَ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ ، فَقَوْلُهُ فِي الْأُمِّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُكَبِّرُ سِتًّا وَيَعْتَدُّ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي كَبَّرَهَا قَبْلَ جُلُوسِهِ وَأَعْرِفُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا اخْتِلَافًا هَلْ يُكَبِّرُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا ، وَهُوَ شَيْءٌ مُحْتَمَلٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ فِي الْفَرَائِضِ إذَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الْجُلُوسَ فَكَبَّرَ وَجَلَسَ قَدْ قَالَ إنَّهُ إذَا قَامَ كَبَّرَ هَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ ، فَقَدْ يَقُولُ قَائِلٌ كَمَا جَعَلَهُ هُنَا يُكَبِّرُ فَكَذَا فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ يُكَبِّرُ إذَا قَامَ .
وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهُ قَدْ قِيلَ ذَلِكَ وَلَكِنْ قَالَ فِي الْأُمِّ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ التَّكْبِيرِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ

يُكَبِّرُ سِتًّا فَقَطْ .
وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا وَقَعَ لَهُ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ أَنَّهُ فِي الْفَرِيضَةِ سَلَّمَ الْإِمَامُ فَهُوَ مُبْتَدِئٌ لِلْقِيَامِ ، وَلَا بُدَّ لِمُبْتَدِئِ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ مِنْ تَكْبِيرٍ ، فَاسْتُحِبَّ ذَلِكَ لِهَذَا .
وَأَمَّا فِي صَلَاةِ الْعِيدِ فَهُوَ حِينَ قِيَامِهِ يُكَبِّرُ غَيْرَ تَكْبِيرَةٍ فَمَا خَلَا مُبْتَدَأَ قِيَامِهِ مِنْ تَكْبِيرٍ فَافْتَرَقَا .

وَنُدِبَ : إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ ، وَغُسْلٌ ، وَبَعْدَ الصُّبْحِ وَتَطَيُّبٌ وَتَزَيُّنٌ ، وَإِنْ لِغَيْرِ مُصَلٍّ ، وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ ، وَفِطْرٌ قَبْلَهُ فِي الْفِطْرِ ، وَتَأْخِيرُهُ فِي النَّحْرِ ، وَخُرُوجٌ بَعْدَ الشَّمْسِ ، وَتَكْبِيرٌ فِيهِ حِينَئِذٍ لَا قَبْلَهُ ، وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَجَهْرٌ بِهِ

( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( إحْيَاءُ لَيْلَتِهِ ) أَيْ الْعِيدِ بِالْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ ، وَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَاسْتِغْفَارٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ أَحْيَا لَيْلَةَ الْعِيدِ وَلَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ يَوْمَ تَمُوتُ الْقُلُوبُ .
} وَمَعْنَى عَدَمِ مَوْتِ قَلْبِهِ عَدَمُ تَحَيُّرِهِ عِنْدَ النَّزْعِ .
وَفِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ بِأَنْ يَكُونَ قَلْبُهُ عِنْدَ النَّزْعِ مُطْمَئِنًّا ، وَكَذَا فِي الْقَبْرِ وَالْقِيَامَةِ .
وَالْمُرَادُ بِالْيَوْمِ الزَّمَنُ الشَّامِلُ لِوَقْتِ النَّزْعِ وَوَقْتِ الْقِيَامَةِ الْحَاصِلِ فِيهِمَا التَّحَيُّرُ ، وَقِيلَ لَمْ يَمُتْ قَلْبُهُ بِحُبِّ الدُّنْيَا حَتَّى تَصُدَّهُ عَنْ الْآخِرَةِ .
وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِإِحْيَاءِ مُعْظَمِ اللَّيْلِ ، وَقِيلَ بِثُلُثِهِ الْأَخِيرِ ، وَقِيلَ بِسَاعَةٍ وَنَحْوِهِ فِي أَذْكَارِ النَّوَوِيِّ ، وَقِيلَ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ فِي جَمَاعَةٍ وَالْأَوْلَى اللَّيْلُ كُلُّهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( غُسْلٌ ) كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ ، وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِأَوَّلِ السُّدُسِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ ( وَ ) نُدِبَ ( بَعْدَ ) صَلَاةِ ( الصُّبْحِ ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَشْهُورَ نَدْبُهُ ، وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَرَجَّحَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ وَالْفَاكِهَانِيُّ سُنِّيَّتَهُ ، وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّصَالُهُ بِالْغَدِ ، وَإِلَى الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهُ لِلْيَوْمِ لَا لَهَا ( وَتَطَيُّبٌ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً ( وَتَزَيُّنٌ ) كَذَلِكَ بِالثِّيَابِ الْجَدِيدَةِ إنْ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِمُصَلٍّ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ بِالنِّسْبَةِ ( لِغَيْرِ مُصَلٍّ ) رَاجِعٌ لِلْإِحْيَاءِ وَمَا بَعْدَهُ ، وَلَا يَنْبَغِي تَرْكُ إظْهَارِ الزِّينَةِ وَالتَّطْبِيبِ فِي الْأَعْيَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا تَقَشُّفًا ؛ لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَهَا أَيَّامَ فَرَحٍ وَسُرُورٍ وَزِينَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ .
وَوَرَدَ { إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ } وَلَا يُنْكَرُ لَعِبُ

الصِّبْيَانِ فِيهَا ، وَضَرْبُ الدُّفِّ .
فَقَدْ وَرَدَ إقْرَارُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
( وَمَشْيٌ فِي ذَهَابِهِ ) لِلْمُصَلَّى ؛ لِأَنَّهُ عَبْدٌ ذَاهِبٌ لِخِدْمَةِ مَوْلَاهُ ، فَطُلِبَ تَوَاضُعُهُ رَجَاءً لِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ ، وَإِحْسَانِهِ إلَيْهِ إذَا لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ الْمَشْيُ ، إذْ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا ، وَمَفْهُومُ فِي ذَهَابِهِ عَدَمُ نَدْبِهِ فِي رُجُوعِهِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِفَرَاغِ الْعِبَادَةِ وَنُدِبَ رُجُوعٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى لِشَهَادَتِهِمَا وَالتَّصَدُّقِ عَلَى فُقَرَائِهِمَا ، وَإِغَاظَةٍ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِيهِمَا وَلِذَا طُلِبَ الْخُرُوجُ لِلصَّحْرَاءِ مَعَ إظْهَارِ الزِّينَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( فِطْرٌ ) ، وَكَوْنُهُ عَلَى رُطَبٍ فَتَمْرٍ فَمَاءٍ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْخُرُوجِ إلَى الْمُصَلَّى ( فِي ) عِيدِ ( الْفِطْرِ ) مُبَادَرَةً بِامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي أَوْجَبَ صَوْمَ يَوْمٍ وَفِطْرَ الَّذِي يَلِيهِ ( وَ ) نُدِبَ ( تَأْخِيرُهُ ) أَيْ الْفِطْرِ ( فِي ) عِيدِ ( النَّحْرِ ) لِيُفْطِرَ عَلَى زِيَادَةِ كَبِدِ أُضْحِيَّتِهِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَفَاؤُلًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ الَّذِينَ أَوَّلُ طَعَامِهِمْ زِيَادَةُ كَبِدِ الْحُوتِ كَمَا فِي الصَّحِيحِ .
وَالْحَقُّ مَنْ لَا يُضَحَّى عَنْهُ يُضَحِّي حِفْظًا لِلسُّنَّةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( خُرُوجٌ ) مِنْ الْبَيْتِ لِصَلَاةِ الْعِيدِ ( بَعْدَ ) طُلُوعِ ( الشَّمْسِ ) هَذَا مَصَبُّ النَّدْبِ ، وَأَصْلُ الْخُرُوجِ سُنَّةٌ لِمَنْ قَرُبَتْ دَارُهُ ، وَإِلَّا فَيَخْرُجْ بِقَدْرِ مَا يُدْرِكُ الصَّلَاةَ ، وَيُنْدَبُ لِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ خُرُوجِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ بِحَيْثُ يَشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ بِمُجَرَّدِ وُصُولِهِ الْمُصَلَّى .
( وَ ) نُدِبَ ( تَكْبِيرٌ فِيهِ ) أَيْ الْخُرُوجِ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا ( حِينَئِذٍ ) أَيْ حِينَ كَوْنِهِ بَعْدَ الشَّمْسِ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ إنْ خَرَجَ قَبْلَ طُلُوعِهَا ، وَصَرَّحَ بِهِ فَقَالَ ( لَا ) يُنْدَبُ التَّكْبِيرُ حَالَ خُرُوجِهِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ طُلُوعِ الشَّمْسِ ،

هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ فَلَا يُشْرَعُ قَبْلَ وَقْتِهَا ( وَصُحِّحَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا ، أَيْ صَحَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْخِلَافِ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُحِّحَ ( خِلَافُهُ ) أَيْ قَوْلُنَا لَا قَبْلَهُ ، وَهُوَ التَّكْبِيرُ حَالَ خُرُوجِهِ قَبْلَهُ ، وَهُوَ مَا فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ دُخُولِ وَقْتِ التَّكْبِيرِ بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ الْأَوْلَى .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي ابْتِدَائِهِ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ الْإِسْفَارِ أَوْ الِانْصِرَافِ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَابِعُهَا وَقْتُ غُدُوِّ الْإِمَامِ تَحَرِّيًا لِلَّخْمِيِّ عَنْهَا وَلِابْنِ حَبِيبٍ وَلِرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ وَلِابْنِ سَلَمَةَ .
( وَ ) نُدِبَ ( جَهْرٌ بِهِ ) أَيْ التَّكْبِيرِ بِإِسْمَاعِ مَنْ يَلِيهِ وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى يَعْقِرَهُ فَهِيَ بِدْعَةٌ .

، وَهَلْ لِمَجِيءِ الْإِمَامِ أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ ؟ تَأْوِيلَانِ :
( وَهَلْ ) يَنْتَهِي التَّكْبِيرُ ( لِمَجِيءِ الْإِمَامِ ) لِلْمُصَلَّى ( أَوْ لِقِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ ) أَيْ إحْرَامِهِ بِهَا ، قَالَهُ عج ، وَقَالَ الْعَدَوِيُّ أَيْ دُخُولُهُ مَحَلَّ صَلَاتِهِ الْخَاصَّ بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي الصَّلَاةِ بِالْفِعْلِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا ، الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ ، وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ فِي تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَتَكْبِيرِ الْمَأْمُومِينَ ابْنُ نَاجِي افْتَرَقَ النَّاسُ بِالْقَيْرَوَانِ فِرْقَتَيْنِ بِحَضْرَةِ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي التَّكْبِيرِ ، إذَا فَرَغَتْ أَحَدُهُمَا مِنْهُ كَبَّرَتْ الْأُخْرَى فَسُئِلَا عَنْهُ فَاسْتَحْسَنَاهُ .

وَنَحْرُهُ أُضْحِيَّتَهُ بِالْمُصَلَّى .
( وَ ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ ( نَحْرُ أُضْحِيَّتِهِ بِالْمُصَلَّى ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْمَحَلُّ الْمُعَدُّ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ الصَّحْرَاءِ ، لِيُعْلِمَ النَّاسَ نَحْرَهُ وَيَجُوزُ لِغَيْرِهِ .
وَهَذَا فِي الْمِصْرِ الْكَبِيرِ فَلَا يُنْدَبُ فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ لِعِلْمِ النَّاسِ نَحْرَهُ بِدُونِهِ .

وَإِيقَاعُهَا بِهِ إلَّا بِمَكَّةَ
( وَ ) نُدِبَ ( إيقَاعُهَا ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ ( بِهِ ) أَيْ الْمُصَلَّى وَصَلَاتُهُ بِمَسْجِدٍ بِلَا ضَرُورَةٍ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ ( إلَّا بِمَكَّةَ ) فَتُنْدَبُ فِي مَسْجِدِهَا لِمُشَاهَدَةِ الْكَعْبَةِ .
وَهِيَ عِبَادَةٌ ، لِخَبَرِ { يَنْزِلُ عَلَى هَذَا الْبَيْتِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ رَحْمَةً سِتُّونَ لِلطَّائِفِينَ ، وَأَرْبَعُونَ لِلْمُصَلِّينَ ، وَعِشْرُونَ لِلنَّاظِرِينَ } مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا تُصَلَّى الْعِيدُ بِمَوْضِعَيْنِ فِي مِصْرٍ وَشَرْطُ إمَامِهَا أَنْ لَا يَكُونَ مُعِيدًا فَمَنْ صَلَّى فِي مَحَلٍّ وَانْتَقَلَ لِآخَرَ فَلَا تَصِحُّ خَلْفَهُ ، وَتُعَادُ إلَى الزَّوَالِ

وَرَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ فَقَطْ ، وَقِرَاءَتُهَا بِكَسَبِّحْ ، وَالشَّمْسِ ، وَخُطْبَتَانِ كَالْجُمُعَةِ ، وَسَمَاعُهُمَا ، وَاسْتِقْبَالُهُ وَبَعْدِيَّتِهِمَا ، وَأُعِيدَتَا ، إنْ قُدِّمَتَا ، وَاسْتِفْتَاحٌ بِتَكْبِيرٍ ، وَتَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ

( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُ يَدَيْهِ فِي أُولَاهُ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، أَيْ التَّكْبِيرِ ، وَهِيَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ ( فَقَطْ ) فَرَفْعُهُمَا بِغَيْرِهَا مَكْرُوهٌ ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى .
( وَ ) نُدِبَ ( قِرَاءَتُهَا ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ ( بِكَسَبِّحْ ) اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى بِتَمَامِهَا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى ( وَالشَّمْسِ ) وَضُحَاهَا فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا شَابَهَهُمَا مِنْ وَسَطِ الْمُفَصَّلِ ( وَ ) نُدِبَ ( خُطْبَتَانِ ) لِصَلَاةِ الْعِيدِ ( كَ ) خُطْبَتَيْ ( الْجُمُعَةِ ) فِي الْجُلُوسِ قَبْلَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَالْقِيَامُ وَالْجَهْرُ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى سُنِّيَّتِهِمَا ، وَنَصُّهُ خُطْبَةُ الْعِيدِ إثْرَ الصَّلَاةِ سُنَّةٌ .
ابْنُ حَبِيبٍ يَذْكُرُ فِيهِمَا أَحْكَامَ زَكَاةِ الْفِطْرِ فِي عِيدِهِ وَالْأُضْحِيَّةَ فِي عِيدِهَا ، وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهِمَا تَمَادَى لِبَعْدِيَّتِهِمَا .
( وَ ) نُدِبَ ( سَمَاعُهُمَا ) أَيْ الْإِنْصَاتُ حَالَ الْخُطْبَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ وَيُكْرَهُ الْكَلَامُ .
هَذِهِ رِوَايَةُ الْقَرِينَيْنِ وَابْنِ وَهْبٍ وَظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْوُجُوبُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ يَنْصِتُ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءُ كَالْجُمُعَةِ .
وَرَوَى الْقَرِينَانِ وَابْنُ وَهْبٍ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِمَا كَالْجُمُعَةِ .
وَقَرَّرَ ابْنُ رُشْدٍ السَّمَاعَ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَتَأَوَّلَهُ الْحَطّ بِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ وَاسْتَبْعَدَهُ الرَّمَاصِيُّ ( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِقْبَالُهُ ) أَيْ ذَاتِ الْخَطِيبِ حَالَ خُطْبَتِهِ ، فَلَا يَكْفِي اسْتِقْبَالُ جِهَتِهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَهْلِ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَغَيْرِهِمْ لِعَدَمِ انْتِظَارِهِمْ صَلَاةً .
( وَ ) نُدِبَ ( بَعْدِيَّتِهِمَا ) أَيْ كَوْنُهُمَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالرَّاجِحُ سُنِّيَّتُهَا ( وَأُعِيدَتَا ) أَيْ الْخُطْبَتَانِ نَدْبًا ( إنْ قُدِّمَتَا ) عَلَى الصَّلَاةِ ، وَقَرُبَ وَاسْتِنَانًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِفْتَاحٌ ) لَهُمَا ( بِتَكْبِيرٍ وَ ) نُدِبَ ( تَخَلُّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِسَبْعٍ فِي الِاسْتِفْتَاحِ

وَثَلَاثٍ فِي التَّحْلِيلِ كَمَا قِيلَ .
وَنُدِبَ تَكْبِيرُ سَامِعِهِ سِرًّا ابْنِ حَبِيبٍ فِي الْوَاضِحَةِ وَالسُّنَّةُ أَنْ يَفْتَتِحَ خُطْبَتَيْهِ بِالتَّكْبِيرِ وَلَيْسَ فِيهِ حَدٌّ ، وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةَ فَلَا يُنَافِي النَّدْبَ .

وَإِقَامَةُ ، مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ
( وَ ) نُدِبَ ( إقَامَةُ ) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ ( مَنْ ) أَيْ شَخْصٌ ( لَمْ يُؤْمَرْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ ( بِهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ وُجُوبًا أَوْ الْعِيدِ اسْتِنَانًا لِعَدَمِ اسْتِيفَائِهِ شُرُوطَهَا كَصَبِيٍّ وَرِقٍّ وَمَرْأَةٍ وَمُسَافِرٍ ، وَأَهْلِ قَرْيَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ إلَّا الْحُجَّاجَ ، فَتُكْرَهُ لَهُمْ جَمَاعَةً ، وَأَفْذَاذًا .
وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ إقَامَتَهَا مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا عَنْ تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ فَذًّا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ فِعْلُهَا فَذًّا أَوْ جَمَاعَةً وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ .
وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُقِيمُهَا فَذًّا لَا جَمَاعَةً فَتُكْرَهُ .
وَقِيلَ لَا يُقِيمُهَا إلَّا جَمَاعَةً وَلَا فَذًّا كَذَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ ( أَوْ ) يُؤْمَرُ بِهَا وَ ( فَاتَتْهُ ) أَيْ صَلَاةُ الْعِيدِ الْمَأْمُورِ بِهَا اسْتِنَانًا مَعَ الْإِمَامِ لِعُذْرٍ أَوْ لَا فَيُنْدَبُ لَهُ صَلَاتُهَا فَذًّا لَا جَمَاعَةً عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ قُلْت كَوْنُهَا سُنَّةَ عَيْنٍ يَقْتَضِي أَنَّهَا تُسَنُّ لِمَنْ فَاتَتْهُ .
قُلْت سُنِّيَّتُهَا عَيْنًا مَشْرُوطَةً بِفِعْلِهَا مَعَ الْإِمَامِ أَوْ هَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ كِفَايَةٍ .

وَتَكْبِيرُهُ إثْرَ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً ، وَسُجُودِهَا الْبَعْدِيِّ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ .
لَا نَافِلَةٍ وَمَقْضِيَّةٍ فِيهَا مُطْلَقًا ، وَكَبَّرَ نَاسِيهِ إنْ قَرُبَ .
وَالْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ إمَامُهُ ، وَلَفْظُهُ وَهُوَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا ، وَإِنْ قَالَ بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَحَسَنٌ .
وَكُرِهَ تَنَفُّلٌ بِمُصَلًّى قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا .
لَا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا .

( وَ ) نُدِبَ ( تَكْبِيرُهُ ) أَيْ الْمُصَلِّي وَلَوْ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ مُسَافِرًا ، وَتُسْمِعُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا فَقَطْ وَالذَّكَرُ مَنْ يَلِيهِ ( إثْرَ ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَوْ فَتْحِهِمَا أَيْ عَقِبَ ( خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً ) حَاضِرَةً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ إثْرَ سِتَّ عَشْرَةَ فَرِيضَةً مِنْ ظُهْرِ الْعَاشِرِ لِظُهْرِ الرَّابِعِ ( وَ ) إثْرَ ( سُجُودِ ) سَهْوِ ( هَا ) أَيْ الْفَرِيضَةِ ( الْبَعْدِيِّ ) إنْ كَانَ ، وَقَبْلَ الْمُعَقِّبَاتِ مُبْتَدَأَةً ( مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ ) أَوَّلَ أَيَّامِهِ ، وَهُوَ عَاشِرُ ذِي الْحَجَّةِ لِصُبْحِ رَابِعِهِ ( لَا ) يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ إثْرَ ( نَافِلَةٍ وَمَقْضِيَّةٍ فِيهَا ) أَيْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا فَاتَتْهُ فِي الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ ، أَوْ فِي غَيْرِهَا فَيُكْرَهُ عَقِبَهُمَا .
( وَكَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ أَتَى بِالتَّكْبِيرِ ( نَاسِيهِ ) أَوْ مُتَعَمِّدُ تَرْكِهِ ( إنْ قَرُبَ ) بِالْعُرْفِ وَعَدَمِ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْجِدِ ( وَ ) كَبَّرَ الشَّخْصُ ( الْمُؤْتَمُّ إنْ تَرَكَهُ ) أَيْ التَّكْبِيرَ ( إمَامُهُ ) وَنُدِبَ لَهُ تَنْبِيهُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِالْكَلَامِ ( وَ ) نُدِبَ ( لَفْظُهُ ) أَيْ التَّكْبِيرِ الْوَارِدِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَهُوَ ) كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا ) مُتَوَالِيَاتٍ بِدُونِ زِيَادَةٍ فَهِيَ بِدْعَةٌ .
( وَإِنْ قَالَ ) الْمُكَبِّرُ ( بَعْدَ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَكْبِيرَتَيْنِ ) مُدْخِلًا عَلَيْهِمَا وَاوَ الْعَطْفِ ( وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَ ) هَذَا ( حَسَنٌ ) وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ ، وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ .
وَقِيلَ هَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ حَسَنٌ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( تَنَفُّلٌ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالنُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً ( بِمُصَلًّى ) لِلْعِيدِ ( قَبْلَهَا ) لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِإِعَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ ، الَّذِينَ يَرَوْنَ عَدَمَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ خَلْفَ

غَيْرِ مَعْصُومٍ ( وَبَعْدَهَا ) أَيْ الْعِيدِ ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِلصَّحْرَاءِ بِمَنْزِلَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ ( لَا ) يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ ( بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا ) أَيْ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا إنْ صُلِّيَتْ بِهِ لِطَلَبِ التَّحِيَّةِ قَبْلَهَا وَنُدُورِ حُضُورِ أَهْلِ الْبِدَعِ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ .

( فَصْلٌ ) سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ : رَكْعَتَانِ سِرًّا ، بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ ، وَرَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ لِخُسُوفِ قَمَرٍ كَالنَّوَافِلِ جَهْرًا بِلَا جَمْعٍ

( فَصْلٌ ) فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ .
( سُنَّ ) عَيْنًا لِلْمَأْمُورِ بِالصَّلَاةِ وَلَوْ نَدْبًا عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَقِيلَ كِفَايَةً سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ رِقًّا ، حَاضِرًا أَوْ مُسَافِرًا .
ابْنُ حَبِيبٍ .
صَلَاةُ الْخُسُوفِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ نَقَلَهُ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَفِي تَعَلُّقِهَا بِكُلِّ مَأْمُورٍ بِالصَّلَاةِ وَخُصُوصِهَا بِمَنْ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ وَاسْتَغْرَبَ أَمْرَ الصَّبِيِّ بِالْكُسُوفِ اسْتِنَانًا وَبِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَالْعِيدِ الْأَوْكَدِ مِنْ الْكُسُوفِ نَدْبًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ مُتَكَرِّرَةٌ فَخَفَّ طَلَبُهَا مِنْهُ لِئَلَّا يَشُقَّ عَلَيْهِ ، وَبِتَكَرُّرِ الْعِيدِ بِالنِّسْبَةِ لِلْكُسُوفِ وَبِأَنَّ الْكُسُوفَ آيَةٌ مَخُوفَةٌ لِلْعِبَادِ ، وَالصَّبِيُّ مَرْجُوُّ الْقَبُولِ فَتَأَكَّدَ طَلَبُهَا مِنْهُ وَلَمْ يُخَاطَبْ بِخُسُوفِ الْقَمَرِ ، وَإِنْ كَانَ آيَةً أَيْضًا لِغَلَبَةِ نَوْمِهِ مِنْ الْغُرُوبِ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُ مُصِيبَةَ الشَّمْسِ إنْ كَانَ مَأْمُورُ الصَّلَاةِ بَلَدِيًّا .
بَلْ ( وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ ) أَيْ بَدْوِيٍّ مَنْسُوبٍ لِلْعَمُودِ لِرِفْعَةِ بَيْتِهِ عَلَيْهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ اللَّامِ .
( وَمُسَافِرٍ لَمْ يَجِدَّ سَيْرُهُ ) لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ مُهِمٍّ بِأَنْ تَرَاخَى سَيْرُهُ أَوْ جَدَّ لِغَيْرِ مُهِمٍّ ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ جَدَّ لِمُهِمٍّ فَلَا تُسَنُّ لَهُ قَرَّرَهُ تت وعبق وَالسَّنْهُورِيُّ الْعَدَوِيُّ ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ .
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَصِلَةُ سُنَّ ( لِكُسُوفِ الشَّمْسِ ) أَيْ ذَهَابِ ضِيَائِهَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا حَتَّى لَا يَعْرِفَهُ إلَّا أَهْلُ الْهَيْئَةِ وَالْحِسَابِ قَبْلُ .
الْخُسُوفُ وَالْكُسُوفُ مُتَرَادِفَانِ عَلَى ذَهَابِ الضَّوْءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا لِشَمْسٍ أَوْ قَمَرٍ .
وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ ضَوْءِ الْقَمَرِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
قَالَ فِي الْقَامُوسِ ، وَهُوَ

الْمُخْتَارُ ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَرُدَّ بِقَوْلِهِ وَخَسَفَ الْقَمَرُ وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ بَعْضِ الضَّوْءِ وَالْخُسُوفُ ذَهَابُ جَمِيعِهِ ، وَقِيلَ الْكُسُوفُ ذَهَابُ الضَّوْءِ كُلِّهِ وَالْخُسُوفُ تَغَيُّرُ اللَّوْنِ وَمَفْهُومُ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُشْرَعُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآيَاتِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يُصَلَّى لِلزَّلْزَلَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْآيَاتِ .
وَحَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ أَشْهَبَ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَهُ .
وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ ( رَكْعَتَانِ ) يَقْرَأُ فِيهِمَا ( سِرًّا ) ؛ لِأَنَّهُ نَقْلٌ نَهَارِيٌّ لَا خُطْبَةَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ جَهْرًا لِئَلَّا يَسْأَمَ الْمَأْمُومُونَ وَاسْتَحَبَّهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَبِهِ عَمِلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ ( بِزِيَادَةِ قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ ) فِي الرَّكْعَتَيْنِ اسْتِنَانًا .
فَفِي كُلِّ رَكْعَةٍ قِيَامٌ وَرُكُوعٌ زَائِدَانِ عَلَى قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا الْأَصْلِيَّيْنِ ، وَهُمَا الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ الْأَوَّلَانِ ، فَإِنْ سَهَا عَنْهُمَا سَجَدَ قَبْلَ السَّلَامِ .
( وَرَكْعَتَانِ ) الْمُتَبَادَرُ عَطْفُهُ عَلَى رَكْعَتَانِ الْمُتَقَدِّمِ فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى سُنِّيَّةِ صَلَاةِ الْخُسُوفِ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَشَهَّرَهُ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى نَدْبِهَا وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَصَرَّحَ الْقَلْشَانِيُّ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ ، وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ اللَّخْمِيُّ وَالْجَلَّابُ سُنَّةٌ ابْنُ بَشِيرٍ وَالتَّلْقِينُ فَضِيلَةٌ .
ا هـ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ رَكْعَتَانِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ كَالنَّوَافِلِ وَأَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا فَيَكُونُ مَاشِيًا عَلَى نَدْبِهَا .
( رَكْعَتَانِ ) أَيْ فَرَكْعَتَانِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ بِعَاطِفٍ مَحْذُوفٍ ، وَهَكَذَا حَتَّى يَنْجَلِيَ أَوْ يَغِيبَ أَوْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ .
وَأَصْلُ النَّدْبِ يَحْصُلُ بِرَكْعَتَيْنِ ، وَالزِّيَادَةُ أَكْمَلُ ( لِخُسُوفِ ) أَيْ ذَهَابِ ضَوْءِ ( قَمَرٍ ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ مَا لَمْ يَقُلْ جِدًّا ( كَالنَّوَافِلِ ) فِي الْكَيْفِيَّةِ بِلَا زِيَادَةِ

قِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ يَقْرَأُ فِيهِمَا ( جَهْرًا ) ؛ لِأَنَّهُ نَفْلٌ لَيْلِيٌّ ( بِلَا جَمْعٍ ) مِنْ النَّاسِ لِلصَّلَاةِ فَيُصَلُّونَهَا أَفْذَاذًا فِي بُيُوتِهِمْ .
وَوَقْتُهَا اللَّيْلُ كُلُّهُ ، وَفِي صَلَاتِهَا عَقِبَ الْفَجْرِ إذَا لَمْ يَغِبْ أَوْ طَلَعَ الْقَمَرُ مُنْخَسِفًا قَوْلَانِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْإِمَامِ التِّلْمِسَانِيِّ عَلَى الْجَوَازِ لِوُجُودِ سَبَبِهَا ، وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ عَلَى عَدَمِهِ لِلنَّهْيِ عَنْ النَّفْلِ بَعْدَ الْفَجْرِ ، وَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لَهَا وَفِعْلُهَا فِي الْمَسْجِدِ .
.

وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ
( وَنُدِبَ ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ ( بِالْمَسْجِدِ ) لَا بِالْمُصَلَّى خَوْفًا مِنْ انْجِلَائِهَا قَبْلَ وُصُولِهِ فَتَفُوتُ السُّنَّةُ ، وَهَذَا إنْ صُلِّيَتْ جَمَاعَةً كَمَا هُوَ الْمَنْدُوبُ ، وَأَمَّا الْفَذُّ فَيُصَلِّيهَا فِي بَيْتِهِ .

وَقِرَاءَةُ الْبَقَرَةِ ، ثُمَّ مُوَالِيَاتِهَا فِي الْقِيَامَاتِ
( وَ ) نُدِبَ ( قِرَاءَةُ ) سُورَةِ ( الْبَقَرَةِ ) عَقِبَ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الْأَوَّلِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى .
( ثُمَّ ) نُدِبَ قِرَاءَةُ ( مُوَالِيَاتِهَا ) أَيْ السُّوَرِ الطِّوَالِ الَّتِي تَلِي الْبَقَرَةَ ( فِي ) بَقِيَّةِ ( الْقِيَامَاتِ ) فَيَقْرَأُ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى عَقِبَ الْفَاتِحَةِ سُورَةَ آلِ عِمْرَانَ ، وَفِي الْأَوَّلِ مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ النِّسَاءِ ، وَفِي الثَّانِي مِنْ الثَّانِيَةِ عَقِبَهَا سُورَةَ الْمَائِدَةِ ، وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ يُفِيدُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ إنَّمَا هُوَ طُولُ الْقِرَاءَةِ بِقَدْرِهَا سَوَاءٌ قَرَأَ هَذِهِ السُّوَرَ أَوْ قَرَأَ غَيْرَهَا وَنَصُّهَا ، وَنُدِبَ أَنْ يَقْرَأَ نَحْوَ الْبَقَرَةِ ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ إرْجَاعُ الْمَتْنِ إلَيْهِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ نَحْوِ الْبَقَرَةِ إلَخْ .
وَقِيلَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فَيُرَدُّ إلَيْهِ كَلَامُهَا يَجْعَلُ إضَافَةَ نَحْوِ لِلْبَيَانِ وَاسْتُظْهِرَ ، وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ ، كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْحَطّ وَنَصِّ ابْنِ عَرَفَةَ .
وَفِي إعَادَةِ الْفَاتِحَةِ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي وَالرَّابِعِ قَوْلَا الْمَشْهُورِ وَابْنِ مَسْلَمَةَ .

وَوَعْظٌ بَعْدَهَا
وَ ) نُدِبَ ( وَعْظٌ ) مِنْ الْإِمَامِ لِلنَّاسِ ( بَعْدَهَا ) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ يَنْصَحُهُمْ فِيهِ وَيُذَكِّرُهُمْ بِالْعَوَاقِبِ وَيَأْمُرُهُمْ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَيُقَالُ السَّعِيدُ مَنْ اتَّعَظَ بِغَيْرِهِ وَالشَّقِيُّ مَنْ اتَّعَظَ بِهِ غَيْرُهُ .
وَجَلَّ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْوَعْظِ .
وَإِنَّ تَسْمِيَةَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَهُ خُطْبَةً ؛ لِأَنَّهُ مَوْعِظَةٌ عَلَى سَبِيلِ مَا يَأْتِي فِي الْخُطَبِ .
رَوَى ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَسْتَقْبِلُ الْإِمَامُ النَّاسَ بَعْدَ سَلَامِهِ فَيُذَكِّرُهُمْ وَيُخَوِّفُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَدْعُوا اللَّهَ وَيُكَبِّرُوا وَيَتَصَدَّقُوا .
ابْنُ يُونُسَ وَلَا خُطْبَةَ مُرَتَّبَةً فِيهَا .

وَرَكَعَ كَالْقِرَاءَةِ وَسَجَدَ كَالرُّكُوعِ
( وَرَكَعَ ) أَيْ أَطَالَ فِي كُلِّ رُكُوعٍ ( كَ ) طُولِ ( الْقِرَاءَةِ ) الَّتِي قَبْلَهُ نَدْبًا ، وَقِيلَ اسْتِنَانًا فَيَسْجُدُ إنْ تَرَكَهُ سَهْوًا أَوْ يُسَبِّحُ فِيهِ فَقَطْ ( وَسَجَدَ ) أَيْ أَطَالَ السُّجُودَ نَدْبًا أَوْ اسْتِنَانًا ( كَ ) إطَالَةِ ( الرُّكُوعِ ) الثَّانِي وَلَا يُطِيلُ الْجُلُوسَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ إجْمَاعًا ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَرِّبُ الرُّكُوعَ مِنْ الْقِرَاءَةِ فِي الطُّولِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهَا وَيُقَرِّبُ السُّجُودَ مِنْ الرُّكُوعِ لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهُ قَدْرَهُ ، وَيُفِيدُ هَذَا التَّشْبِيهَ فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ لَا يُسَاوِي الْمُشَبَّه بِهِ .
عَبْدُ الْوَهَّابِ تَطْوِيلُ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْدُوبٌ سَنَدٌ سَنَةٌ يَسْجُدُ لِتَرْكِهَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْحَطّ وَزَرُّوقٌ ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ الْمَتْنِ بِتَغْيِيرِ الْأُسْلُوبِ وَمَحَلُّ نَدْبِ التَّطْوِيلِ مَا لَمْ يَضُرَّ الْمَأْمُومِينَ أَوْ يُخَفْ خُرُوجُ وَقْتِهَا قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ قِيَامِهَا خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ عَقِبَ مَرَضِهَا حَتَّى تَجَلَّاهَا الْغَشْيُ ، أَيْ الْإِغْمَاءُ وَجَعَلَتْ تَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهَا .
لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مُخَصِّصَةً لِلنَّهْيِ عَنْ التَّطْوِيلِ الضَّارِّ بِالْمَأْمُومِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَوَقْتُهَا : كَالْعِيدِ
( وَوَقْتُهَا ) أَيْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ ( كَ ) وَقْتِ صَلَاةِ ( الْعِيدِ ) فِي أَنَّهُ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ فَلَوْ طَلَعَتْ مَكْسُوفَةً أَوْ زَالَتْ كَذَلِكَ أَوْ كَسَفَتْ بَعْدَهُ فَلَا تُصَلَّى عَلَى رِوَايَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ وَقْتَ الْكُسُوفِ مِنْ حِلِّ النَّافِلَةِ لِلزَّوَالِ .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِغُرُوبِهَا .
وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ طُلُوعِهَا إلَى الْعَصْرِ .

وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ بِالرُّكُوعِ
( وَتُدْرَكُ الرَّكْعَةُ ) مَعَ الْإِمَامِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ ( بِالرُّكُوعِ ) الثَّانِي مَعَهُ ؛ لِأَنَّهُ الْفَرْضُ كَالْفَاتِحَةِ قَبْلَهُ ، وَأَمَّا الرُّكُوعُ الْأَوَّلُ فَسُنَّةٌ كَالْقِيَامِ قَبْلَهُ وَالْفَاتِحَةُ الَّتِي فِيهِ .
وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ فَرْضٌ مُطْلَقًا .
وَمَا زَادَ عَلَيْهَا مَنْدُوبٌ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِمَّا نَقَلَهُ الْحَطّ عَنْ سَنَدٍ ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ كُلَّ قِرَاءَةٍ يَعْقُبُهَا رُكُوعٌ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا أُمُّ الْقُرْآنِ إنْ كَانَ مُشْكِلًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْقِيَامَ الْأَوَّلَ مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ ذَكَرُوا أَنَّهُ سُنَّةٌ فَلَمْ يَكُنْ الظَّرْفُ كَمَظْرُوفِهِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ لَا تَقْرَأْ الْفَاتِحَةَ فِي الْقِيَامِ الثَّانِي مِنْ كُلِّ رَكْعَةٍ ؛ لِأَنَّهَا رَكْعَتَانِ ، وَالْفَاتِحَةُ لَا تُكَرَّرُ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ شَاذٌّ وَفِيهِ الْإِشْكَالُ السَّابِقُ .
وَزِيَادَةُ خُلُوِّ الْقِيَامِ الْوَاجِبِ عَنْ الْفَاتِحَةِ إنْ كَانَ .
قَالَ الْقِيَامُ الْأَوَّلُ سُنَّةٌ وَالثَّانِي وَاجِبٌ كَمَا قَالَ غَيْرُهُ .

وَلَا تُكَرَّرُ .
( وَلَا تُكَرَّرُ ) صَلَاةُ كُسُوفِ الشَّمْسِ إنْ أَتَمَّتْ قَبْلَ انْجِلَائِهَا وَالزَّوَالُ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ أَتَمُّوا صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالشَّمْسُ بِحَالِهَا فَلَا يُعِيدُوا الصَّلَاةَ وَلَكِنْ يَدْعُونَ ، وَمَنْ شَاءَ تَنَفَّلَ قَالَ عج أَيْ يُمْنَعُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ صَلَاةٍ لَا يَسُوغُ فِعْلُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ إلَّا عِنْدَ سَبَبِهَا الْخَاصِّ ، وَقَدْ أُخِذَ مُسَبِّبُهُ وَهِيَ الصَّلَاةُ الْأُولَى .
ا هـ وَتَبِعَهُ عب .
وشب إلَّا أَنْ تَنْجَلِيَ وَتَنْكَسِفَ ثَانِيًا قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَكَرَّرَ السَّبَبُ الثَّانِي .
وَكَذَا إنْ كَسَفَتْ ثَانِي يَوْمٍ سَنَدٌ لَوْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْقَمَرُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ الْكُسُوفَ كُلَّ مَرَّةٍ .

، وَإِنْ انْجَلَتْ فِي أَثْنَائِهَا ، فَفِي إتْمَامِهَا كَالنَّوَافِلِ : قَوْلَانِ .
( وَإِنْ انْجَلَتْ ) الشَّمْسُ كُلُّهَا ( فِي أَثْنَائِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ عَقِبَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا ( فَفِي إتْمَامِهَا ) أَيْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ ( كَالنَّوَافِلِ ) بِقِيَامٍ وَرُكُوعٍ فَقَطْ بِلَا تَطْوِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ بِالْكَيْفِيَّةِ السَّابِقَةِ لِسَبَبٍ ، وَقَدْ زَالَ ، أَوْ عَلَى سُنَّتِهَا لَكِنْ بِلَا تَطْوِيلٍ .
وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ انْجَلَتْ قَبْلَ إتْمَامِ رَكْعَةٍ أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ اتِّفَاقًا .
وَقِيلَ تُقْطَعُ وَلَكِنَّهُ ضَعِيفٌ جِدًّا .
حَتَّى قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ لَا خِلَافَ فِي إتْمَامِهَا فَلَا يَنْبَغِي حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ لِاطِّلَاعِهِ عَلَى أَرْجَحِيَّةِ غَيْرِهِ ، وَإِنْ انْجَلَى بَعْضُهَا أُتِمَّتْ بِهَيْئَتِهَا اتِّفَاقًا ، وَإِنْ زَالَتْ الشَّمْسُ فِي أَثْنَائِهَا فَإِنْ كَانَ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا قَبْلَهُ أُتِمَّتْ بِصِفَتِهَا لِإِدْرَاكِ الْوَقْتِ بِرَكْعَةٍ ، وَإِلَّا أُتِمَّتْ كَالنَّوَافِلِ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .

وَقُدِّمَ فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ ، ثُمَّ كُسُوفٌ
( وَقُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وُجُوبًا عَلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ ( فَرْضٌ خِيفَ فَوَاتُهُ ) كَقِتَالِ عَدُوٍّ فَجَاءُوا لِإِنْقَاذِ أَعْمَى أَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ هَلَاكِهِ ، وَجِنَازَةٍ خِيفَ تَغَيُّرُهَا فَلَا يُقَالُ وَقْتُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ لَيْسَ وَقْتَ صَلَاةِ فَرْضٍ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ تَزَاحُمُهُمَا .
( ثُمَّ ) قُدِّمَ ( كُسُوفٌ ) عَلَى صَلَاةِ عِيدِ فِطْرٍ أَوْ أَضْحَى نَدْبًا لِئَلَّا تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ قَبْلَ الزَّوَالِ فَتَفُوتُ سُنَّةُ الْكُسُوفِ وَوَقْتُ الْعِيدِ مُحَقَّقُ الْبَقَاءِ إلَى الزَّوَالِ فَيُؤَخَّرُ ، وَإِنْ كَانَ أَوْكَدَ وَاسْتُشْكِلَ اجْتِمَاعُ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ فِي يَوْمٍ ؛ لِأَنَّ الْكُسُوفَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ الشَّهْرِ وَعِيدُ الْفِطْرِ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْهُ وَبَيْنَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فِيهِ مَنْزِلَةٌ تَامَّةٌ ثَلَاثَ عَشْرَةَ دَرَجَةً وَعِيدُ الْأَضْحَى عَاشِرُهُ وَبَيْنَهُمَا عَشَرُ مَنَازِلَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَلَاثِينَ دَرَجَةً وَسَبَبُ الْكُسُوفِ حَيْلُولَةُ الْقَمَرِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّمْسِ ، فَلَا يُمْكِنُ إلَّا حَالَ اجْتِمَاعِهِمَا بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَذَلِكَ فِي الْيَوْمِ التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ .
هَذَا كَلَامُ أَهْلِ الْهَيْئَةِ .
وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ الْكُسُوفَ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ فَاعِلٌ مُخْتَارٌ فَيَتَصَرَّفُ بِمَا يُرِيدُ .
وَفِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ لِلْحَطِّ أَنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ إنَّ الشَّمْسَ كُسِفَتْ يَوْمَ مَوْتِ الْحُسَيْنِ ، وَكَانَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ .
وَوَرَدَ أَنَّهَا كُسِفَتْ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ وَلَدُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ مَوْتُهُ فِي الْعَاشِرِ مِنْ الشَّهْرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ .
وَقِيلَ فِي رَابِعِهِ ، وَقِيلَ فِي رَابِعِ عَشَرِهِ .
وَعَلَى كُلٍّ فَهُوَ مُبْطِلٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْهَيْئَةِ .

ثُمَّ عِيدٌ وَأُخِّرَ الِاسْتِسْقَاءُ لِيَوْمٍ آخَرَ
( ثُمَّ ) قُدِّمَ ( عِيدٌ ) عَلَى اسْتِسْقَاءٍ ؛ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ مِنْهُ ( وَأُخِّرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ ( الِاسْتِسْقَاءُ ) أَيْ صَلَاتُهُ عَنْ الْعِيدِ نَدْبًا ( لِيَوْمٍ آخَرَ ) ؛ لِأَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ يَوْمُ تَجَمُّلٍ ، وَإِظْهَارِ زِينَةٍ ، وَالِاسْتِسْقَاءُ يَكُونُ فِي ثِيَابِ الْمِهْنَةِ إنْ لَمْ يُضْطَرَّ ، وَإِلَّا فُعِلَ مَعَ الْعِيدِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ .
فَلَوْ اجْتَمَعَ الِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ قُدِّمَ الْكُسُوفُ لِئَلَّا يَفُوتَ بِالِانْجِلَاءِ وَيُصَلَّى الِاسْتِسْقَاءُ بَعْدَهُ .

( فَصْلٌ ) سُنَّ الِاسْتِسْقَاءُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ بِنَهْرٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ، وَإِنْ بِسَفِينَةٍ رَكْعَتَانِ جَهْرًا
فَصْلٌ ) فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ( سُنَّ ) عَيْنًا لِذَكَرٍ بَالِغٍ وَلَوْ عَبْدًا مَعَ الْإِمَامِ وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ ( الِاسْتِسْقَاءُ ) أَيْ صَلَاتُهُ وَنُدِبَ لِمُتَجَالَّةٍ وَصَبِيٍّ وَمَنْ فَاتَتْهُ ( لِزَرْعٍ ) أَيْ نَبَاتِهِ أَوْ حَيَاتِهِ ( أَوْ ) لِأَجْلِ ( شُرْبٍ ) لِآدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَصِلَةُ الِاسْتِسْقَاءِ ( بِنَهْرٍ ) كَنِيلٍ تَوَقَّفَ أَوْ تَخَلَّفَ ( أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ النَّهْرِ كَمَطَرٍ كَذَلِكَ أَوْ عَيْنٍ كَذَلِكَ ، وَمَفْهُومُ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ أَنَّ الِاسْتِسْقَاءَ لِطَلَبِ السَّعَةِ وَالْمَزِيدِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ سُنَّةً ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَهُوَ مَنْدُوبٌ بِبَلَدٍ أَوْ صَحْرَاءَ بَلْ ( وَإِنْ بِسَفِينَةٍ ) بِبَحْرٍ مِلْحٍ أَوْ عَذْبٍ لَا يَصِلُ إلَيْهِ ( رَكْعَتَانِ ) بَدَلُ كُلٍّ مِنْ الِاسْتِسْقَاءِ أَوْ خَبَرٌ مَحْذُوفٌ وَيَقْرَأُ فِيهِمَا ( جَهْرًا ) نَدْبًا ؛ لِأَنَّهَا ذَاتُ خُطْبَةٍ وَلَا تَرِدُ ظُهْرُ عَرَفَةَ ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لِتَعْلِيمِ الْمَنَاسِكِ لَا لَهَا .

، وَكُرِّرَ إنْ تَأَخَّرَ
( وَكُرِّرَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الِاسْتِسْقَاءُ اسْتِنَانًا لِلزَّرْعِ أَوْ الشُّرْبِ فِي يَوْمٍ آخَرَ .
قَالَهُ عبق وَتَعَقَّبَهُ الرَّمَاصِيُّ وَالْبَنَّانِيُّ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا الْجَوَازُ .
الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ النَّدْبُ الْأَمِيرُ .
الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ عبق ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلِّ أَمْرٍ عَلَى حُكْمِهِ الْأَصْلِيِّ ( إنْ تَأَخَّرَ ) الْمَطْلُوبُ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ ، أَوْ حَصَلَ دُونَ الْكِفَايَةِ

، وَخَرَجُوا ضُحًى
( وَخَرَجُوا ) نَدْبًا إلَى الْمُصَلَّى ( ضُحًى ) ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُهَا لِلزَّوَالِ

مُشَاةً : بِبِذْلَةِ ، وَتَخَشُّعٍ مَشَايِخُ وَمُتَجَالَّةٌ ، وَصِبْيَةٌ .
حَالَ كَوْنِهِمْ ( مُشَاةً ) تَوَاضُعًا ، وَإِظْهَارًا لِلْفَاقَةِ ( بِ ) ثِيَابٍ ( بِذْلَةٍ ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مِهْنَةٍ وَخِسَّةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلَابِسِهَا .
( وَتَخَشُّعٍ ) أَيْ إظْهَارِ خُشُوعٍ وَخُضُوعٍ ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الْإِجَابَةِ ( مَشَايِخُ ) أَيْ رِجَالٌ بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ وَاوِ خَرَجُوا وَالضَّمِيرُ مُقَدَّرٌ أَيْ مِنْهُمْ ( وَ ) مَرْأَةٌ ( مُتَجَالَّةٌ ) أَيْ عَجُوزٌ وَلَوْ بَقِيَ فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ وَكُرِهَ لِشَابَّةٍ غَيْرِ مَخْشِيَّةٍ وَلَا تُمْنَعُ إنْ خَرَجَتْ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةٍ ( وَصِبْيَةٌ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ جَمْعُ صَبِيٍّ يَعْقِلُونَ الْقُرْبَةَ .

لَا مَنْ لَا يَعْقِلُ مِنْهُمْ
( لَا ) يَخْرُجُ ( مَنْ لَا يَعْقِلُ ) أَيْ يَعْرِفُ الْقُرْبَةَ ( مِنْهُمْ ) أَيْ الصَّبِيَّةُ .

وَبَهِيمَةٌ
( وَ ) لَا تَخْرُجُ ( بَهِيمَةٌ ) مِنْ الْأَنْعَامِ أَوْ غَيْرِهَا فَخُرُوجُهُمْ مَكْرُوهٌ عَلَى الْمَشْهُورِ ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ ، وَقِيلَ يُنْدَبُ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَلَوْلَا أَشْيَاخٌ رُكَّعٌ وَأَطْفَالٌ رُضَّعٌ وَبَهَائِمُ رُتَّعٌ لَصُبَّ عَلَيْكُمْ الْعَذَابُ صَبًّا } .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَوْلَا وُجُودُهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ لَوْلَا حُضُورُهُمْ

وَحَائِضٌ .
( وَ ) لَا ( حَائِضٍ ) وَنُفَسَاءُ فَيُكْرَهُ خُرُوجُهُمَا وَلَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ .

وَلَا يُمْنَعُ ذِمِّيٌّ ، وَانْفَرَدَ لَا بِيَوْمٍ .
( وَلَا يُمْنَعُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ مِنْ الْخُرُوجِ لِلِاسْتِسْقَاءِ كَافِرٍ ( ذِمِّيٍّ ) بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ إلَى الذِّمَّةِ أَيْ الْعَهْدِ مِنْ الْإِمَامِ بِالْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي نَظِيرِ الْتِزَامِهِ الْجِزْيَةَ وَنُفُوذِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فِيهِ .
وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ كِتَابِيًّا كَانَ أَوْ مَجُوسِيًّا ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ صَلِيبِهِ إنْ انْعَزَلَ عَنْ الْمُسْلِمِينَ بِمَكَانٍ ، وَإِلَّا مُنِعَ .
( وَانْفَرَدَ ) الذِّمِّيُّ عَنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا بِمَكَانٍ ( لَا بِيَوْمٍ ) أَيْ زَمَنٍ ابْنُ حَبِيبٍ يَخْرُجُونَ وَقْتَ خُرُوجِ النَّاسِ وَيَعْتَزِلُونَهُمْ فِي نَاحِيَةٍ وَلَا يَخْرُجُونَ قَبْلَ النَّاسِ وَلَا بَعْدَهُمْ ، خَشْيَةَ أَنْ يَسْبِقَ الْقَدَرُ بِالسَّقْيِ فِي وَقْتِهِ فَيُفْتَتَنُ بِهِ ضُعَفَاءُ الْإِيمَانِ .

ثُمَّ خَطَبَ : كَالْعِيدِ ، وَبَدَّلَ التَّكْبِيرَ بِالِاسْتِغْفَارِ ، وَبَالَغَ فِي الدُّعَاءِ آخِرَ الثَّانِيَةِ مُسْتَقْبِلًا ، ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ : يَمِينَهُ يَسَارَهُ بِلَا تَنْكِيسٍ .
( ثُمَّ خَطَبَ ) الْإِمَامُ عَقِبَ فَرَاغِهِ مِنْ الصَّلَاةِ نَدْبًا خُطْبَتَيْنِ ( كَ ) خُطْبَتَيْ ( الْعِيدِ ) فِي الْجُلُوسِ قَبْلَهُمَا وَبَيْنَهُمَا وَالتَّوَكُّؤِ عَلَى عَصًا وَلَا يَدْعُو لِأَحَدٍ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى الدُّعَاءِ بِرَفْعِ مَا بِهِمْ ( وَبَدَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ ( التَّكْبِيرَ ) الَّذِي فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ ( بِالِاسْتِغْفَارِ ) بِلَا حَدٍّ فَيَفْتَحُهُمَا وَيُخَلِّلُهُمَا بِهِ بِلَا حَدٍّ ( وَبَالَغَ ) الْإِمَامُ وَالْحَاضِرُونَ ( فِي الدُّعَاءِ ) بِرَفْعِ مَا نَزَلَ بِهِمْ ( آخِرَ ) الْخُطْبَةِ ( الثَّانِيَةِ ) أَيْ عَقِبَ فَرَاغِهَا حَالَ كَوْنِهِ ( مُسْتَقْبِلًا ) الْقِبْلَةَ ( ثُمَّ حَوَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْإِمَامُ ( رِدَاءَهُ يَمِينَهُ يَسَارَهُ ) أَيْ يَجْعَلُ مَا عَلَى يَمِينِهِ عَلَى يَسَارِهِ وَعَكْسُهُ .
فَيَأْخُذُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى مِنْ خَلْفِهِ طَرَفَ الرِّدَاءِ الَّذِي عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى كَتِفِهِ الْأَيْمَنِ ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ كَذَلِكَ مَا عَلَى الْأَيْمَنِ وَيَجْعَلُهُ عَلَى الْأَيْسَرِ ( بِلَا تَنْكِيسٍ ) لِلرِّدَاءِ ، أَيْ جَعْلُ حَاشِيَتِهِ الْعُلْيَا سُفْلَى وَعَكْسُهُ تَفَاؤُلًا بِتَحْوِيلِ اللَّهِ تَعَالَى حَالَهُمْ مِنْ الْجَدْبِ إلَى الْخِصْبِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ التَّحْوِيلَ عَقِبَ الِاسْتِقْبَالِ ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ .

وَكَذَا الرِّجَالُ ، فَقَطْ قُعُودًا .
( وَكَذَا ) أَيْ الْإِمَامُ فِي تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ ( الرِّجَالُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ النِّسَاءِ ؛ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ حَالَ كَوْنِهِمَا ( قُعُودًا ) وَلَا يُكَرِّرُ الْإِمَامُ وَلَا الرِّجَالُ التَّحْوِيلَ

وَنُدِبَ خُطْبَةٌ بِالْأَرْضِ
( وَنُدِبَ خُطْبَةٌ ) أَيْ جِنْسُهَا الصَّادِقُ بِخُطْبَتَيْنِ ( بِالْأَرْضِ ) مَصَبُّ النَّدْبِ تَوَاضُعًا ، وَتُكْرَهُ عَلَى الْمِنْبَرِ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ

وَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ
( وَ ) نُدِبَ ( صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَبْلَهُ ) أَيْ الْخُرُوجِ لِلْمُصَلَّى فَيَخْرُجُونَ مُفْطِرِينَ لِلتَّقَوِّي عَلَى الدُّعَاءِ كَالْحُجَّاجِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَرُدَّ بِأَنَّ الْحُجَّاجَ مُسَافِرُونَ فَيُضْعِفُهُمْ الصَّوْمُ ، وَهَؤُلَاءِ مُقِيمُونَ فَلَا يُضْعِفُهُمْ ، فَلِذَا اعْتَمَدَ الْبُنَانِيُّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ يَخْرُجُونَ صَائِمِينَ وَارْتَضَاهُ الْعَدَوِيُّ .

وَصَدَقَةٌ ،
( وَ ) نُدِبَ ( صَدَقَةٌ ) قَبْلَهُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهَا تَدْفَعُ الْبَلَاءَ وَتَجْلِبُ الرَّحْمَةَ وَالرِّزْقَ

وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا الْإِمَامُ ،
( وَلَا يَأْمُرُ بِهِمَا ) أَيْ الصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ ( الْإِمَامُ ) النَّاسَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَأْمُرُ بِهِمَا فَتَجِبُ طَاعَتُهُ ، قَالَهُ عبق الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَصُّ الْبَيَانِ ابْنُ حَبِيبٍ لَوْ أَمَرَهُمْ الْإِمَامُ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ آخِرُهَا الْيَوْمُ الَّذِي يَبْرُزُونَ فِيهِ كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ .
الْمَوَّاقُ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الصَّوْمِ مَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَلَا يَنْفِي عَلَى الْعُمُومِ وَيُوَكَّلُونَ فِيهِ لِاخْتِيَارِهِمْ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ الْإِمَامُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ وَحْدَهُ فَفِيهِ قَوْلَانِ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ يَحُضُّ الْإِمَامُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَأْمُرُ بِالطَّاعَةِ وَالْحَذَرِ مِنْ الْمَعْصِيَةِ .
ابْنُ شَاسٍ يَأْمُرُهُمْ بِالتَّقَرُّبِ وَالصَّدَقَةِ وَحَكَى الْجُزُولِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَى هَذَا فَالْمُعْتَمَدُ فِي الصَّدَقَةِ الْأَمْرُ بِهَا وَفِي الصَّوْمِ عَدَمُ الْأَمْرِ بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .

بَلْ بِتَوْبَةٍ ، وَرَدِّ تَبِعَةٍ
بَلْ ) يَأْمُرُهُمْ ( بِتَوْبَةٍ ) أَيْ إقْلَاعٍ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَتَنْدَمُ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا مَعْصِيَةً وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ إلَيْهَا ، وَإِنْ عَادَ فَلَا تُنْتَقَضُ ، وَيَجِبُ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ ( وَ ) بِ ( رَدِّ تَبِعَةٍ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ مَظْلَمَةٌ مَوْجُودَةٍ بِعَيْنِهَا إلَى أَهْلِهَا ، وَهَذَا تَضَمَّنَتْهُ التَّوْبَةُ وَإِلَّا عَدَمُ الْإِقْلَاعِ الَّذِي هُوَ رُكْنُهَا .
فَإِنْ فَاتَتْ عَيْنُهَا فَرَدُّ عِوَضِهَا وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ التَّوْبَةِ عَلَيْهِ لِصِحَّتِهَا مِنْ بَعْضِ الذُّنُوبِ وَتَوْبَةُ الْكَافِرِ مِنْ الْكُفْرِ بِالْإِيمَانِ مَقْبُولَةٌ قَطْعًا .
وَتَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ الْعَاصِي مَقْبُولَةٌ ظَنًّا عَلَى التَّحْقِيقِ .
وَقِيلَ قَطْعًا .
وَعَلَى كُلٍّ إذَا أَذْنَبَ بَعْدَهَا لَا تَعُودُ ذُنُوبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ .
وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورُ عَدَمُ قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الْكُفْرِ وَالْمَعْصِيَةِ عِنْدَ الْغَرْغَرَةِ وَعِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا .
وَقِيلَ تُقْبَلُ تَوْبَةُ الْمُؤْمِنِ عِنْدَهُمَا دُونَ الْكَافِرِ .

وَجَازَ تَنَفُّلٌ : قَبْلَهَا ، وَبَعْدَهَا .
( وَجَازَ تَنَفُّلٌ قَبْلَهَا ) أَيْ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ( وَبَعْدَهَا ) وَلَوْ بِالْمُصَلَّى .
وَفَرَّقَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعِيدِ بِأَنَّهُ نُسُكٌ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِهِ وَبِمَحَلِّهِ شَعِيرَةٌ مِنْ شَعَائِرِ الدِّينِ فَكَانَ اخْتِصَاصُ مَحَلِّهَا بِهَا فِي يَوْمِهَا مِنْ خُصُوصِ حُكْمِهَا .
وَالِاسْتِسْقَاءُ إنَّمَا قَصَدَ الْإِقْلَاعَ عَنْ الْخَطَايَا وَالِاسْتِغْفَارَ وَالْإِقْبَالَ عَلَى التَّقْوَى وَالْإِكْثَارَ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ .
وَلِذَا اُسْتُحِبَّ فِيهِ الْعِتْقُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالتَّذَلُّلُ وَالْخُشُوعُ وَالدُّعَاءُ فَكَانَ التَّنَفُّلُ بِهِ أَلْيَقَ وَأَحْسَنَ .

وَاخْتَارَ إقَامَةَ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ بِمَحَلِّهِ لِمُحْتَاجٍ .
قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ .
( وَاخْتَارَ ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( إقَامَةَ ) أَيْ صَلَاةِ ( غَيْرِ الْمُحْتَاجِ ) لِلْمَاءِ لِلِاسْتِسْقَاءِ ، وَهُوَ بِمَحَلِّهِ نَدْبًا ( لِلْمُحْتَاجِ ) لِلْمَاءِ لِزَرْعٍ أَوْ شُرْبٍ وَلَوْ بَعُدَ مَكَانُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَاوُنٌ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى .
( قَالَ ) الْمَازِرِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( وَفِيهِ ) أَيْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ ( نَظَرٌ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ وَلَوْ فَعَلُوهُ لَنُقِلَ إلَيْنَا فَالْوَجْهُ كَرَاهَةُ صَلَاةِ غَيْرِ الْمُحْتَاجِ لِلْمُحْتَاجِ وَيَدْعُو لَهُ كَمَا تُفِيدُهُ السُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ .

فَصْلٌ ) فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ
فَصْلٌ ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَيِّتِ ( فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ ) الْمُسْلِمِ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمَسْبِيِّ الْمَجُوسِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَتْ لَهُ حَيَاةٌ مُحَقَّقَةٌ وَلَيْسَ شَهِيدَ مَعْرَكَةٍ الْمَوْجُودُ كُلُّهُ أَوْ جُلُّهُ .
وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ فَرْحُونٍ

بِمُطَهِّرٍ .
وَلَوْ بِزَمْزَمَ ،
وَصِلَةُ غُسْلُ ( بِ ) مَاءٍ ( مُطَهِّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ رَافِعٍ لِلْحَدَثِ وَحُكْمِ الْخَبَثِ ، وَهُوَ الْمُطْلَقُ .
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يَجُوزُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ ( وَلَوْ بِ ) مَاءِ ( زَمْزَمَ ) لِأَنَّهُ طَهُورٌ يَرْفَعُ الْحَدَثَ وَحُكْمَ الْخَبَثِ وَتُرْجَى بَرَكَتُهُ لِلْمَيِّتِ .
وَأَشَارَ بِوَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَجُوزُ غُسْلُ مَيِّتٍ وَلَا نَجَاسَةَ بِهِ لِتَشْرِيفِهِ وَتَكْرِيمِهِ .
وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْكَرَاهَةِ فَيُوَافِقُ الْمَشْهُورَ .

وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ
( وَ ) فِي وُجُوبِ ( الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ) كِفَايَةٌ فِيهِمَا .
وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ نَاجِي وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ .
وَشَهَّرَهُ الْفَاكِهَانِيُّ

كَدَفْنِهِ ، وَكَفْنِهِ ، وَسُنِّيَّتِهِمَا : خِلَافٌ
وَشَبَّهَ فِي الْوُجُوبِ كِفَايَةً فَقَطْ فَقَالَ ( كَدَفْنِهِ ) أَيْ مُوَارَاةِ الْمَيِّتِ فِي التُّرَابِ ( وَكَفْنِهِ ) بِسُكُونِ الْفَاءِ أَيْ إدْرَاجِ الْمَيِّتِ فِي الْكَفَنِ فَيَجِبَانِ كِفَايَةً اتِّفَاقًا ( وَسُنِّيَّتِهِمَا ) أَيْ غُسْلِ الْمَيِّتِ حَكَاهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَابْنُ الْجَلَّابِ وَشَهَّرَهَا ابْنُ بَزِيزَةَ .
وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ .
وَاسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَنَدٌ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ أَرْجَحُهُ الْأَوَّلُ .

وَتَلَازَمَا ،
( وَتَلَازَمَا ) أَيْ الْغُسْلُ وَالصَّلَاةُ أَوْ بَدَلُهُ ، وَهُوَ التَّيَمُّمُ فِي الطَّلَبِ فَكُلُّ مَنْ وَجَبَ غُسْلُهُ أَوْ تَيَمُّمُهُ وَجَبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَجِبْ غُسْلُهُ وَلَا تَيَمُّمُهُ لَا تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ .
مِثَالُ الْأَوَّلِ الْمَيِّتُ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَة ، وَمِثَالُ الثَّانِي مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ وَصْفٌ مِنْهَا عج لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ مَنْ خُشِيَ تَقَطُّعُ جَسَدِهِ بِغُسْلِهِ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُغَسَّلُ لِقِيَامِ تَيَمُّمِهِ مَقَامَ غُسْلِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَيَمُّمُهُ أَيْضًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، لِقَوْلِهِ وَتَلَازَمَا وَعَلَى هَذَا مُعْظَمُ أَشْيَاخِي وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ .
وَقِيلَ يُصَلَّى عَلَيْهِ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ تَلَازُمُهُمَا فِي الطَّلَبِ .
بِمَعْنَى أَنَّ كُلَّ مَنْ طُلِبَ غُسْلُهُ طُلِبَتْ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ ، وَمَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ وَتَيَمُّمُهُ لِمَا ذُكِرَ فَغُسْلُهُ مَطْلُوبٌ ابْتِدَاءً ، لَكِنْ سَقَطَ لِتَعَذُّرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا مَنْ فُقِدَ مِنْهُ شَرْطٌ فَلَا يُطْلَبُ غُسْلُهُ ابْتِدَاءً ، وَكَذَا الصَّلَاةُ عَلَيْهِ .
وَبِهَذَا قَرَّرَ مُصْطَفَى .

وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ تَعَبُّدًا بِلَا نِيَّةٍ
( وَغُسِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ ( كَ ) غُسْلِ ( الْجَنَابَةِ ) فِي الْإِجْزَاءِ وَالْكَمَالِ إلَّا مَا اخْتَصَّ بِالْمَيِّتِ مِنْ تَكْرِيرِ الْغُسْلِ وَالسِّدْرِ وَغَيْرِهِمَا حَالَ كَوْنِ غُسْلِهِ ( تَعَبُّدًا ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُتَعَبَّدًا بِهِ أَيْ مَأْمُورًا بِهِ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ أَيْ حِكْمَةٍ أَصْلًا .
هَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ .
أَوْ مِنْ غَيْرِ اطِّلَاعٍ عَلَى عِلَّتِهِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ .
وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ ، وَهُوَ أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى وَأَحْكَامَهُ هَلْ يَجُوزُ خُلُوُّهَا عَنْ الْحُكْمِ أَوْ لَا ؟ وَكَوْنُهُ تَعَبُّدًا .
قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مُعَلِّلٌ بِالنَّظَافَةِ وَيَنْبَنِي عَلَى الْخِلَافِ غُسْلُ الْمُسْلِمِ أَبَاهُ الْكَافِرَ ، مَثَلًا هَلْ يَجُوزُ ؟ .
فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي حَالَ كَوْنِهِ ( بِلَا نِيَّةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ تَعَبُّدٌ فِي الْغَيْرِ وَلِذَا صَحَّ مِنْ الذِّمِّيَّةِ .

، وَقُدِّمَ الزَّوْجَانِ
( وَقُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( الزَّوْجَانِ ) أَيْ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا عَلَى قَرِيبِهِ .
وَلَوْ أَوْصَى الْمَيِّتُ بِخِلَافِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ أَكْثَرَ مِنْ زَوْجَةٍ اشْتَرَكْنَ فِي تَغْسِيلِ زَوْجِهِنَّ وَيُقَدَّمُ الزَّوْجُ فِي إنْزَالِ زَوْجَتِهِ قَبْرَهَا ، وَإِلْحَادِهَا عَلَى عَصَبَتِهَا لَا يَدْفِنُهَا فِي تُرْبَتِهِ حَيْثُ طَلَبَ عَصَبَتُهَا دَفْنَهَا فِي تُرْبَتِهِمْ ابْنُ عَرَفَةَ سُئِلَتْ عَمَّنْ مَاتَتْ ، وَأَرَادَ زَوْجُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِ وَعَصَبَتُهَا دَفْنَهَا بِمَقْبَرَتِهِمْ فَأَجَبْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ عَصَبَتِهَا ، أَخْذًا مِنْ مَسْأَلَةِ الْبَدْوِيَّةِ الَّتِي طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا وَانْتَقَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ ، فَإِنَّهَا تَنْتَقِلُ مَعَهُمْ لِعَدَمِ النَّصِّ فِيهَا .
وَنَسَبَهُ الْعَبْدُوسِيُّ وَابْنُ غَازِيٍّ لِلْقُصُورِ فَإِنَّهَا مَنْصُوصَةٌ .
كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ مِنْ الِاسْتِغْنَاءِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَا تُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ فِي دَفْنِ زَوْجِهَا عَلَى عَصَبَتِهِ .

إنْ صَحَّ النِّكَاحُ ، إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَاسِدُهُ بِالْقَضَاءِ
إنْ صَحَّ النِّكَاحُ ) ابْتِدَاءً أَوْ انْتِهَاءً بِفَوَاتِ فَاسِدِهِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ .
وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ تَقْدِيمِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ إنْ فَسَدَ وَلَمْ يَفُتْ .
وَهُوَ كَذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا إنْ وُجِدَ مَنْ يَجُوزُ تَغْسِيلُهُ الْمَيِّتَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَانْتَهَى الْأَمْرُ لِلتَّيَمُّمِ فَغَسَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ مِنْ تَحْتِ ثَوْبٍ أَحْسَنَ لِإِجَازَتِهِ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَفُوتَ فَاسِدُهُ ) أَيْ النِّكَاحِ بِدُخُولٍ أَوْ طُولٍ فَيُقَدَّمُ الْحَيُّ مِنْهُمَا فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ مِنْهُمَا لِصِحَّةِ النِّكَاحِ بِفَوَاتِهِ وَصِلَةُ قُدِّمَ ( بِالْقَضَاءِ ) بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِيهِ مَعَ غَيْرِهِ إنْ أَرَادَ الْحَيُّ مِنْهُمَا الْمُبَاشَرَةَ غُسْلَ الْمَيِّتِ لَا التَّوْكِيلَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ حُرًّا .

، وَإِنْ رَقِيقًا : أَذِنَ سَيِّدُهُ ، أَوْ قَبْلَ بِنَاءٍ أَوْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ
بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْحَيُّ مِنْهُمَا ( رَقِيقًا أَذِنَ ) لَهُ ( سَيِّدُهُ ) فِي تَغْسِيلِ زَوْجَةِ الْمَيِّتِ وَلَا يَكْفِي إذْنُهُ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَظَاهِرِهِ ، وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَ مُطْلَقًا أَوْ الزَّوْجَةُ الْمَيِّتَةُ أَمَةً .
وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قُضِيَ لِزَوْجَتِهِ بِتَغْسِيلِهِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَذِنَ لَهَا سَيِّدُهَا فِي تَغْسِيلِهِ ، وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ قُضِيَ لِزَوْجِهَا بِتَغْسِيلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِ ( وَإِنْ ) إلَى مَذْهَبِ سَحْنُونٍ مِنْ أَنَّهُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَلَا يُقْضَى لِزَوْجَتِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً .
وَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنْ كَانَتْ أَمَةً فَلَا يُقْضَى لِزَوْجِهَا بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رَقِيقًا ، وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً قُضِيَ لَهُ بِهِ حُرًّا كَانَ أَوْ رِقًّا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَفْهُومُ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَدَمُ الْقَضَاءِ لَهُ بِهِ إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ .
وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بَلْ ( أَوْ ) ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا ( قَبْلَ بِنَاءٍ ) مِنْهُمَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ ( أَوْ ) ، وَإِنْ كَانَ ( بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ ( عَيْبٌ ) يُثْبِتُ الْخِيَارَ لِلْآخَرِ فِي إمْضَاءِ النِّكَاحِ وَرَدِّهِ لِفَوَاتِهِ بِالْمَوْتِ وَلُزُومِ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ إنْ لَمْ تَخْرُجْ الزَّوْجَةُ مِنْ الْعِدَّةِ .

أَوْ وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ .
أَوْ ) ، وَإِنْ ( وَضَعَتْ ) الزَّوْجَةُ جَنِينَهَا اللَّاحِقَ بِزَوْجِهَا الْمَيِّتِ ( بَعْدَ مَوْتِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ فَيُقْضَى لَهَا بِهِ ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ ثَبَتَ لَهَا بِمَوْتِهِ .
فَلَا يُسْقِطُهُ خُرُوجُهَا مِنْ الْعِدَّةِ كَالْمِيرَاثِ

وَالْأَحَبُّ نَفْيُهُ ، إنْ تَزَوَّجَ أُخْتَهَا أَوْ تَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ
( وَالْأَحَبُّ ) أَيْ الْمَنْدُوبُ ( نَفْيُهُ ) أَيْ غُسْلُ الزَّوْجِ الْحَيِّ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ ( إنْ تَزَوَّجَ ) الزَّوْجُ ( أُخْتَهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ عَقِبَ مَوْتِهَا ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ .
( أَوْ ) مَاتَ الزَّوْجُ فَوَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ وَ ( تَزَوَّجَتْ ) الزَّوْجَةُ زَوْجًا ( غَيْرَهُ ) فَالْأَحَبُّ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ .
؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَلَ الِاسْتِحْبَابَ فِي الْأُولَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ فِي هَذِهِ مَا نَصُّهُ ، وَكَذَا عِنْدِي إذَا وَلَدَتْ الْمَرْأَةُ وَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا تُغَسِّلَهُ .
خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ .

لَا رَجْعِيَّةً
( لَا ) تُغَسِّلُ مُطَلَّقَةٌ ( رَجْعِيَّةٌ ) مُطَلِّقَهَا إنْ مَاتَ ، وَهِيَ فِي عِدَّتِهِ .
وَلَا يُغَسِّلُهَا مُطَلِّقُهَا إنْ مَاتَتْ فِيهَا لِحُرْمَةِ اسْتِمْتَاعِهِ بِهَا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .
بِخِلَافِ الْمَوْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا فَيُغَسِّلُ الْحَيُّ الْمَيِّتَ لِبَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ .

، وَكِتَابِيَّةً إلَّا بِحَضْرَةِ مُسْلِمٍ .
( وَ ) لَا تُغَسِّلُ زَوْجَةً ( كِتَابِيَّةً ) زَوْجَهَا الْمُسْلِمَ ( إلَّا بِحَضْرَةِ ) شَخْصٍ ( مُسْلِمٍ ) عَارِفٍ بِكَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ فَيَقْضِي لَهَا بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لِلنَّظَافَةِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَعَلَى أَنَّهُ لِلتَّعَبُّدِ ؛ لِأَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ

وَإِبَاحَةُ الْوَطْءِ لِلْمَوْتِ بِرِقٍّ : تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ .
( وَإِبَاحَةُ ) أَيْ جَوَازُ ( الْوَطْءِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إبَاحَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ ( لِلْمَوْتِ ) وَصِلَةُ إبَاحَةُ ( بِ ) سَبَبِ ( رِقٍّ ) وَلَوْ مَعَ شَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَأُمِّ وَلَدٍ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ عَبْدًا وَخَبَرُ إبَاحَةٍ الْوَطْءُ ( تُبِيحُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ) أَيْ لِلسَّيِّدِ عَلَيْهَا وَلَهَا عَلَيْهِ ، لَكِنْ لَا يُقْضَى لَهَا عَلَى عَصَبَةِ سَيِّدِهَا اتِّفَاقًا ، فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ لَهَا فِيهِ .
أَمَّا السَّيِّدُ فَيُقْضَى لَهُ عَلَى عَصَبَةِ أَمَتِهِ .
وَمَفْهُومُ إبَاحَةِ الْوَطْءِ أَنَّ الْأَمَةَ الَّتِي يُمْنَعُ وَطْؤُهَا كَمُكَاتَبَةٍ وَمُبَعَّضَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ وَمُشْتَرَكَةٍ ، وَأَمَةِ قِرَاضٍ ، وَأَمَةِ مُفْلِسٍ ، مَوْقُوفَةٍ لِلْبَيْعِ ، وَمُتَزَوِّجَةٍ وَمُؤْلًى أَوْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا لَا تُغَسِّلُ سَيِّدَهَا وَلَا يُغَسِّلُهَا .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالْمُؤْلَى أَوْ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَالزَّوْجَةُ كَذَلِكَ أَنَّ الْغُسْلَ فِي الزَّوْجَةِ مَنُوطٌ بِعَقْدِ النِّكَاحِ ، وَفِي الْأَمَةِ بِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ .

ثُمَّ أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ ، ثُمَّ أَجْنَبِيٌّ
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُ زَوْجَيْنِ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ غَابَ قُدِّمَ ( أَقْرَبُ أَوْلِيَائِهِ ) أَيْ الرَّجُلِ الْمَيِّتِ فِي تَغْسِيلِهِ ، فَاَلَّذِي يَلِيهِ فِي الْقُرْبِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ ، وَإِنْ سَفَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ فَجَدُّ أَبٍ فَعَمُّهُ كَذَلِكَ فَابْنُهُ فَجَدُّ جَدٍّ ، وَهَكَذَا يُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى فَرْعِهِ وَالْفَرْعُ عَلَى أَصْلِ أَصْلِهِ ، وَيُقَدَّمُ شَقِيقٌ عَلَى ذِي أَبٍ فِي الْأُخُوَّةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامُ وَبَنِيهِمْ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ أَوْ غَابَ أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ غُسْلِهِ رَجُلٌ ( أَجْنَبِيٌّ ) .

ثُمَّ امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ غَسَّلَتْهُ ( امْرَأَةٌ مَحْرَمٌ ) بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ، أَوْ صِهْرٍ كَزَوْجَةِ ابْنِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
وَقَالَ سَنَدٌ لَا تُغَسِّلُهُ مَحْرَمُ الصِّهْرِ

، وَهَلْ تَسْتُرُهُ ، أَوْ عَوْرَتَهُ ؟ تَأْوِيلَانِ
( وَهَلْ تَسْتُرُهُ ) أَيْ الْمَحْرَمُ الْمَيِّتَ جَمِيعَهُ وُجُوبًا ( أَوْ ) تَسْتُرُ ( عَوْرَتَهُ ) فَقَطْ ، بِالنِّسْبَةِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا وَالرَّاجِحُ الثَّانِي .
وَعَلَيْهِمَا إنْ لَمْ تَجِدْ سَاتِرًا تَغُضُّ بَصَرَهَا وَتُغَسِّلُهُ .

ثُمَّ يُمِّمَ لِمِرْفَقَيْهِ : كَعَدَمِ الْمَاءِ
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ تَكُنْ مَحْرَمٌ بَلْ أَجْنَبِيَّةٌ فَقَطْ ( يُمِّمَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَتْ الْمَرْأَةُ الْأَجْنَبِيَّةُ الرَّجُلَ ( لِمِرْفَقَيْهِ ) وَشَبَّهَ فِي تَيْمِيمِهِ لِمِرْفَقَيْهِ فَقَالَ ( كَعَدَمِ الْمَاءِ ) الْكَافِي لِغُسْلِ الْمَيِّتِ فَيُيَمَّمُ لِمِرْفَقَيْهِ ، فَإِنْ وُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ غُسِّلَ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَكَذَا إنْ جَاءَ رَجُلٌ عَقِبَ تَيْمِيمِ الْأَجْنَبِيَّةِ .

وَتَقْطِيعِ الْجَسَدِ ، وَتَزْلِيعِهِ
( وَ ) كَخَوْفِ ( تَقْطِيعِ الْجَسَدِ ) أَيْ انْفِصَالِ بَعْضِهِ عَنْ بَعْضٍ بِمُجَرَّدِ صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِ ( وَتَزْلِيعِهِ ) أَيْ انْسِلَاخِ جِلْدِهِ بِذَلِكَ فَيَحْرُمُ تَغْسِيلُهُ ، وَيَجِبُ تَيْمِيمُهُ لِمِرْفَقَيْهِ فِي الْحَالَيْنِ .

وَصُبَّ عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ : مَاءٌ كَمَجْدُورٍ : إنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ ،
( وَصُبَّ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ ( عَلَى مَجْرُوحٍ أَمْكَنَ ) الصَّبُّ عَلَيْهِ بِأَنْ لَمْ يُخَفْ تَقَطُّعُهُ وَلَا تَزَلُّعُهُ وَنَائِبُ فَاعِلِ صُبَّ ( مَاءٌ ) بِالْمَدِّ وَيَسْقُطُ الدَّلْكُ ، وَشَبَّهَ فِي صَبِّ الْمَاءِ بِلَا دَلْكٍ فَقَالَ ( كَمَجْدُورٍ ) أَيْ مَيِّتٍ بِالْجُدَرِيِّ بَعْدَ تَقَيُّحِهِ وَتَفَجُّرِهِ ، فَيُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِ بِلَا دَلْكٍ ( إنْ لَمْ يُخَفْ ) تَقَطُّعُهُ وَلَا ( تَزَلُّعُهُ ) وَمَفْهُومُ أَمْكَنَ ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَزَلُّعُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ صَبُّ الْمَاءِ وَخِيفَ تَقَطُّعُهُ أَوْ تَزَلُّعُهُ يُيَمَّمُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .

وَالْمَرْأَةِ أَقْرَبُ امْرَأَةٍ
( وَالْمَرْأَةِ ) الْمَيِّتَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَهَا أَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهُ لَهَا أَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ التَّوْكِيلَ تُغَسِّلُهَا ( أَقْرَبُ امْرَأَةٍ ) لَهَا فَتُقَدَّمُ بِنْتُهَا فَبِنْتُ ابْنِهَا وَإِنْ سَفَلَ فَأُمُّهَا فَأُخْتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ أَخِيهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَجَدَّتُهَا فَعَمَّتُهَا لِغَيْرِ أُمٍّ فَبِنْتُ عَمِّهَا لِغَيْرِ أُمٍّ ، وَهَكَذَا وَتُقَدَّمُ الشَّقِيقَةُ .

ثُمَّ أَجْنَبِيَّةٌ ، وَلُفَّ شَعْرُهَا ، وَلَا يُضْفَرُ ،
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ تُوجَدْ مَرْأَةٌ قَرِيبَةٌ أَوْ تَعَذَّرَ تَغْسِيلُهَا غَسَّلَتْهَا مَرْأَةٌ ( أَجْنَبِيَّةٌ وَلُفَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُشَدَّدًا ( شَعْرُهَا ) أَيْ الْمَيِّتَةِ عَلَى رَأْسِهَا كَالْعِمَامَةِ ( وَلَا يُضْفَرُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَفْعَلُ بِالشَّعْرِ كَيْفَ شَاءَ مَنْ لَفَّهُ ، وَأَمَّا الضَّفْرُ فَلَا أَعْرِفُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ الْأَمْرِ الْوَاجِبِ ، وَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى حَسَنٌ فِي الْفِعْلِ .
ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُضْفَرَ .
قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَدْ ضَفَرْنَا شَعْرَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ ضَفَائِرَ نَاصِيَتَهَا ، وَقَرْنَيْهَا .

ثُمَّ مَحْرَمٌ فَوْقَ ثَوْبٍ ،
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً غَسَّلَهَا رَجُلٌ ( مَحْرَمٌ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ لَهَا بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةٌ غَلِيظَةٌ وَجَاعِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا حَائِلًا مُعَلَّقًا مِنْ أَعْلَى إلَى أَسْفَلَ يَحُولُ بَصَرَهُ عَنْ رُؤْيَتِهَا مُدْخِلًا يَدَيْهِ مِنْ تَحْتِهِ ، أَوْ ( فَوْقَ ثَوْبٍ ) سَاتِرٍ لِبَدَنِهَا مَسْدُولٍ عَلَيْهَا .

ثُمَّ يُمِّمَتْ لِكُوعَيْهَا
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا رِجَالٌ أَجَانِبُ ( يُمِّمَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ، وَكَسْرِ الْمِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً أَيْ يَمَّمَ الْمَرْأَةَ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ ( لِكُوعَيْهَا ) فَقَطْ وَجَازَ مَسُّ وَجْهِهَا ، وَكَفَّيْهَا لِلضَّرُورَةِ مَعَ بُعْدِ اللَّذَّةِ بِالْمَوْتِ .

وَسُتِرَ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتَيْهِ ، وَإِنْ زَوْجًا ،
( وَسَتَرَ ) الْغَاسِلُ الْمَيِّتَ ( مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ ) إنْ كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( زَوْجًا ) وُجُوبًا فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَنَدْبًا فِيمَا بَعْدَهَا .
فَهِيَ فِي مُطْلَقِ الطَّلَبِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ نَاجِي .
وَقَالَ الشَّاذِلِيُّ وُجُوبًا فِي الزَّوْجِ أَيْضًا .
وَتَبِعَهُ عب وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ ظَاهِرَةٌ .

وَرُكْنُهَا النِّيَّةُ
( وَرُكْنُهَا ) أَيْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ( النِّيَّةُ ) بِأَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ اسْتِحْضَارُ فَرْضِيَّتِهَا وَلَا كَوْنُهُ ذَكَرًا مَثَلًا وَلَا وَضْعُهَا عَنْ الْأَعْنَاقِ فَتُعَادُ عَلَى مَنْ لَمْ تَنْوِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ اعْتَقَدَ اثْنَيْنِ وَاحِدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ أَعَادَهَا عَلَى غَيْرِهِ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمَا مَعًا .
وَإِنْ اعْتَقَدَ الْوَاحِدُ اثْنَيْنِ أَوْ جَمَاعَةً فَلَا يُعِيدُهَا لِتَضَمُّنِهِمَا الْوَاحِدَ .

، وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ .
( وَأَرْبَعُ تَكْبِيرَاتٍ ) كُلُّ تَكْبِيرَةٍ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ فَلَوْ جِيءَ بِجِنَازَةٍ بَعْدَ تَكْبِيرَةٍ عَلَى الْأُولَى تَكْبِيرَةٌ أَوْ أَكْثَرُ فَلَا يُشْرِكُهَا مَعَهَا فَيُتِمُّ الصَّلَاةَ عَلَى الْأُولَى وَيَبْتَدِئُهَا عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ الْأُولَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } ، وَإِنْ شَرَكَهُمَا .
فَإِنْ سَلَّمَ عَقِبَ أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ بَطَلَتْ عَلَى الثَّانِيَةِ لِنَقْصِ تَكْبِيرِهَا عَنْ أَرْبَعٍ ، وَإِنْ كَبَّرَ عَلَيْهَا أَرْبَعًا بَطَلَتْ عَلَى الْأُولَى لِزِيَادَةِ تَكْبِيرِهَا عَلَى أَرْبَعٍ .

، وَإِنْ زَادَ لَمْ يُنْتَظَرْ ،
( وَإِنْ زَادَ ) الْإِمَامُ عَلَى أَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ عَمْدًا ( لَمْ يُنْتَظَرْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ فَيُسَلِّمُونَ عَقِبَ التَّكْبِيرِ وَصَحَّتْ لِلْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ كَالرَّكْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنْ انْتَظَرُوهُ صَحَّتْ فِيمَا يَظْهَرُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهَلْ انْتِظَارُهُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ الظَّاهِرُ الثَّانِي .
وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْتَظِرُونَهُ لِيُسَلِّمُوا عَقِبَهُ .
ابْنُ الْمَوَّازِ أَشْهَبُ لَوْ كَبَّرَ الْإِمَامُ خَامِسَةً فَلْيَسْكُتُوا حَتَّى يُسَلِّمَ فَيُسَلِّمُونَ بِسَلَامِهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ يَقْطَعُونَ .
ا هـ .
وَظَاهِرُهُ كَبَّرَ الْخَامِسَةَ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا أَوْ تَأْوِيلًا .

وَالدُّعَاءُ
( وَالدُّعَاءُ ) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ مِنْ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ وَفَذٍّ أَقَلُّهُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ وَنَحْوُهُ ، وَأَحْسَنُهُ دُعَاءُ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَهُوَ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُك وَرَسُولُك ، وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ اللَّهُمَّ إنْ كَانَ مُحْسِنًا فَزِدْ فِي إحْسَانِهِ وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا فَتَجَاوَزْ عَنْ سَيِّئَاتِهِ اللَّهُمَّ لَا تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ .
ا هـ .
وَيَقُولُ فِي الْمَرْأَةِ اللَّهُمَّ إنَّهَا أَمَتُك وَبِنْتُ عَبْدِك وَبِنْتُ أَمَتِك إلَخْ .
وَفِي الطِّفْلِ الذَّكَرِ اللَّهُمَّ إنَّهُ عَبْدُك وَابْنُ عَبْدِك وَابْنُ أَمَتِك أَنْتَ خَلَقْته وَرَزَقْته ، وَأَنْتَ أَمَتَّهُ ، وَأَنْتَ تُحْيِيهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لِوَالِدَيْهِ سَلَفًا وَذُخْرًا وَفَرَطًا ، وَأَجْرًا وَثَقِّلْ بِهِ مَوَازِينَهُمَا ، وَأَعْظِمْ بِهِ أُجُورَهُمَا وَلَا تَفْتِنَّا ، وَإِيَّاهُمَا بَعْدَهُ اللَّهُمَّ أَلْحِقْهُ بِصَالِحِ سَلَفِ الْمُؤْمِنِينَ فِي كَفَالَةِ إبْرَاهِيمَ ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ وَعَافِهِ مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ جَهَنَّمَ .
وَيَزِيدُ عَقِبَهُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِأَسْلَافِنَا ، وَأَفْرَاطِنَا وَمَنْ سَبَقَنَا بِالْإِيمَانِ اللَّهُمَّ مَنْ أَحْيَيْته مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْته مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ .
وَيُثَنِّي فِي الدُّعَاءِ إنْ كَانَا اثْنَيْنِ ، وَيَجْمَعُ إنْ كَانُوا جَمَاعَةً ، وَيُغَلِّبُ الْمُذَكَّرَ عَلَى الْمُؤَنَّثِ .

وَدَعَا بَعْدَ الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ
( وَدَعَا ) وُجُوبًا ( بَعْدَ ) التَّكْبِيرَةِ ( الرَّابِعَةِ عَلَى الْمُخْتَارِ ) لِلَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ سَنَدٌ .
قَالَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا لَمْ يَثْبُتْ الدُّعَاءُ بَعْدَ الرَّابِعَةِ .
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ أَثْبَتَ سَحْنُونٌ الدُّعَاءَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ ، وَخَالَفَهُ سَائِرُ الْأَصْحَابِ .
وَمِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ ، وَقَرَّرَ الْعَدَوِيُّ آخِرًا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَفَاضِلُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لِاعْتِمَادِهِ .

، وَإِنْ وَالَاهُ ، أَوْ سَلَّمَ بَعْدَ ثَلَاثٍ : أَعَادَ وَإِنْ دُفِنَ ، فَعَلَى الْقَبْرِ ، وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ .

( وَإِنْ وَالَاهُ ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ إثْرَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ ( أَوْ سَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُصَلِّي عَلَى الْجِنَازَةِ ( بَعْدَ ثَلَاثٍ ) مِنْ التَّكْبِيرَاتِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا وَطَالَ ( أَعَادَ ) الصَّلَاةَ فِيهِمَا لِفَقْدِ رُكْنِهَا وَهُوَ الدُّعَاءُ فِي الْأُولَى وَالتَّكْبِيرَةُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُطِلْ بَنَى بِنِيَّةٍ ، وَأَتَمَّ التَّكْبِيرَ ، وَلَا يَبْنِي بِتَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعٍ فَإِنْ كَبَّرَ حَسِبَهُ مِنْ الْأَرْبَعِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَصَوَّبَ ابْنُ نَاجِي بِنَاءً بِتَكْبِيرٍ ذَكَرَهُ تت فِي الثَّانِيَةِ وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْأُولَى .
وَالظَّاهِرُ بِنَاؤُهُ فِيهَا عَلَى تَكْبِيرَةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَةَ صَارَتْ أُولَى بِبُطْلَانِ مَا قَبْلَهَا أَفَادَهُ عب .
( وَإِنْ دُفِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْمَيِّتُ ( فَ ) يُصَلَّى ( عَلَى الْقَبْرِ ) وَلَا يُخْرَجُ ، وَإِنْ لَمْ يَطُلْ ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ .
وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا تُعَادُ فِيهَا عَلَى الْقَبْرِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ .
وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي الْحَطّ وَغَفَلَ الْمَوَّاقُ عَمَّا فِي الشَّارِحِ فَاعْتَرَضَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ مِنْ عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الثَّانِيَةِ .
ا هـ عب الرَّمَاصِيُّ اعْتَرَضَ الْمَوَّاقُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فَقَالَ قَوْلُ خَلِيلٍ ، وَإِنْ دُفِنَ فَعَلَى الْقَبْرِ ، مُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ كَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ تَامَّةِ التَّكْبِيرِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ تُعَادُ مَا لَمْ يُدْفَنْ فَإِنْ دُفِنَ تُرِكَ وَلَا يُكْشَفُ وَلَا تُعَادُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ دُفِنَ إلَخْ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ مِنْ دُونِ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ أَنَّهُ يُخْرَجُ مَا لَمْ يَفُتْ فَيُصَلَّى عَلَى

قَبْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ دُفِنَ دُونَ صَلَاةٍ أُخْرِجَ لَهَا مَا لَمْ يَفُتْ ، فَإِنْ فَاتَ فَفِي الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ ، وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَأَشْهَبَ وَرِوَايَةِ الْمَبْسُوطِ .
وَشَرْطُ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَطُلْ حَتَّى يَذْهَبَ الْمَيِّتُ بِفِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ وَفِي كَوْنِ الْفَوَاتِ إهَالَةَ التُّرَابِ عَلَيْهِ أَوْ الْفَرَاغَ مِنْ دَفْنِهِ ثَالِثُهَا خَوْفُ تَغَيُّرِهِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ ، وَالثَّانِي لِسَمَاعِ عِيسَى بْنِ وَهْبٍ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَعِيسَى .
ثُمَّ قَالَ الرَّمَاصِيُّ وَلَمَّا نَقَلَ عج تَعَقَّبَ الْمَوَّاقُ ، قَالَ وَلَكِنْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ .
وَذَكَرَ الْحَطّ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ ا هـ وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدَهُ فَاعْجَبْ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّ كَلَامَ الْجُمْهُورِ فِي إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ فِي الْجُمْلَةِ ، أَيْ إذَا فَاتَ الْإِخْرَاجُ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهَا مُطْلَقًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِي الْفُرُوعِ هَلْ يُخْرَجُ لَهَا أَمْ لَا ؟ وَبِمَ يَفُوتُ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ وَلَيْسَ الْجُمْهُورُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْقَبْرِ مُطْلَقًا إذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَا اخْتَلَفَتْ الْفُرُوعُ ، فَكَيْفَ يُسْتَدَلُّ بِهِ وَالرِّسَالَةُ لَا تَتَقَيَّدُ بِالْمَشْهُورِ .
وَقَدْ قَالَ الْجُزُولِيُّ وَابْنُ عُمَرَ اُنْظُرْ قَوْلَ أَبِي مُحَمَّدٍ هَلْ هُوَ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِفَوَاتِهِ بِنَصْبِ اللَّبِنِ ، أَوْ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ بِفَرَاغِ دَفْنِهِ وَلَا دَلِيلَ لَهُ فِيمَا شَهَّرَهُ الْحَطّ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمَشْهُورُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ ا هـ .
وَأَرَادَ بِذَلِكَ مُخَالَفَةَ مَنْ قَالَ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ أَصْلًا .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْمَوَّاقِ صَحِيحٌ .
وَالْمُصَنِّفُ جَرَى عَلَى مُخْتَارِ اللَّخْمِيِّ ؛ لِأَنَّهُ فِي تَوْضِيحِهِ لَمَّا

نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مُطْلَقًا .
كَمَا هُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ .
ا هـ .
فَهُوَ مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لَكِنْ لَا يَنْبَغِي لَهُ اعْتِمَادُ اخْتِيَارِ اللَّخْمِيِّ وَاسْتِظْهَارُهُ وَتَرْكُ الْمَنْصُوصِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ .
الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ كَمَنْ دُفِنَ بِغَيْرِ صَلَاةٍ ، وَقَيَّدَ كَلَامَهُ بِفَوَاتِ إخْرَاجِهِ بِخَشْيَةِ تَغَيُّرِهِ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ .
( وَتَسْلِيمَةٌ خَفِيفَةٌ ) أَيْ يَسُرُّهَا نَدْبًا .

وَسَمَّعَ الْإِمَامُ مَنْ يَلِيهِ
( وَسَمَّعَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( الْإِمَامُ ) نَدْبًا ( مَنْ يَلِيهِ ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقِ أَنَّهُ يُسْمِعُ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ .
وَقَالَ عج أَيْ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَقَطْ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالرِّسَالَةِ أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَرُدُّ عَلَى الْإِمَامِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، خِلَافًا لِقَوْلِ الْوَاضِحَةِ يُنْدَبُ رَدُّهُ ثَانِيَةً عَلَيْهِ .
وَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ تَفْسِيرٌ لِسَائِرِ الرِّوَايَاتِ ضَعِيفٌ وَفُرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ بِالْعَمَلِ وَطَلَبِ الْإِسْرَاعِ بِالْجِنَازَةِ .

وَصَبَرَ الْمَسْبُوقُ لِلتَّكْبِيرِ ،
( وَصَبَرَ ) وُجُوبًا الشَّخْصُ ( الْمَسْبُوقُ ) بِالتَّكْبِيرِ مِنْ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ وَوَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ وَصِلَةُ صَبَرَ ( لِلتَّكْبِيرِ ) مِنْ الْإِمَامِ فَيُكَبِّرُ عَقِبَهُ ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ بِمَنْزِلَةِ رَكْعَةٍ فِي الْجُمْلَةِ ، فَإِنْ كَبَّرَ حَالَ دُعَائِهِمْ فَإِنْ أَلْغَاهَا صَحَّتْ صَلَاتُهُ ، وَإِنْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ لِقَضَائِهَا فِي صُلْبِ الْإِمَامِ .
وَمَفْهُومُ الْمَسْبُوقِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي التَّكْبِيرِ يُكَبِّرُ مَعَهُمْ بِلَا تَأْخِيرٍ وَمَفْهُومُ لِلتَّكْبِيرِ أَنَّ مَنْ وَجَدَهُمْ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَ الرَّابِعَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ .
وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ سَنَدٌ ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ، فَالدَّاخِلُ فِيهِ كَقَاضِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ .
وَعَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَدْخُلُ مَعَهُمْ وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَسْبُوقَ لَا يَصْبِرُ لِلتَّكْبِيرِ فَيُكَبِّرُ حَالَ دُعَائِهِمْ وَيَعْتَدُّ بِهِ ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَةَ لَا تَفُوتُ بِالْفَرَاغِ مِنْهَا وَالشُّرُوعِ فِي الدُّعَاءِ عَقِبَهَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِهَا بَلْ بِالتَّكْبِيرَةِ الَّتِي تَلِيهَا .

وَدَعَا إنْ تُرِكَتْ ، وَإِلَّا وَالَى

( وَدَعَا ) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ وَتَكْبِيرِهِ ( إنْ تُرِكَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ حَتَّى يُتِمَّ صَلَاتَهُ عَلَيْهَا ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ تُتْرَكُ الْجِنَازَةُ لِلْمَسْبُوقِ بِأَنْ شَرَعُوا فِي رَفْعِهَا بِفَوْرِ سَلَامِ الْإِمَامِ ( وَالَى ) أَيْ تَابَعَ الْمَسْبُوقُ التَّكْبِيرَ بِلَا دُعَاءٍ بَيْنَهُ لِئَلَّا تَصِيرَ صَلَاتُهُ عَلَى غَائِبٍ ، وَاسْتُشْكِلَ بِرُكْنَيْهِ الدُّعَاءَ فَكَيْفَ يُتْرَكُ تَخَلُّصًا .
مِنْ مَكْرُوهٍ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُكْنِيَّتَهُ لِغَيْرِ الْمَسْبُوقِ كَالْقِيَامِ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ .
الرَّمَاصِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُهُ ، وَهُوَ مُوَالَاتُهُ مُطْلَقًا .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي قَضَاءِ التَّكْبِيرِ مُتَتَابِعًا أَوْ بِدُعَاءِ ثَالِثِهَا يُخَيَّرُ وَرَابِعُهَا إنْ تُرِكَ الْمَيِّتُ لِرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ مَعَهَا وَابْنِ عُمَرَ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ شَعْبَانَ مَعَ تَخْرِيجِ اللَّخْمِيِّ عَلَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ .
وَابْنُ عُمَرَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْجَلَّابِ وَنَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ تَأَخَّرَ رَفْعُهَا أَمْهَلَ فِي دُعَائِهِ ، وَإِلَّا فَإِنْ دَعَا خَفَّفَ وَلَمَّا وَجَّهَ الْمَازِرِيُّ قَوْلَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُكَبِّرُ تَبَعًا بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَإِنْ رُفِعَتْ الْجِنَازَةُ كَانَ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ فِي قَوْلِ الْمَازِرِيِّ ، وَإِنْ لَمْ تُرْفَعْ كَانَ فِي مَعْنَى تَكْرِيرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَنْصُوصَ فِي الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ سُبِقَ بِبَعْضِ التَّكْبِيرِ إذَا تُرِكَتْ لَهُ الْجِنَازَةُ لَا يُكَبِّرُ تَبَعًا بَلْ يَدْعُو .
ا هـ .
فَاعْتَمَدَ كَلَامَ الْجَلَّابِ وَغَيْرِهِ زَعْمًا مِنْهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَنْ لَهُ الْقَدَمُ الرَّاسِخُ فِي التَّحْقِيقِ مَعَ عُلُوِّ طَبَقَتِهِ .
وَمَا دَرَى أَنَّ الْمَازِرِيَّ وَجَّهَ قَوْلَ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ

وَعِنْدَهُ يَأْتِي بِهِ تَبَعًا مُطْلَقًا كَمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الزَّعْمِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْكَمَالُ لِلَّهِ .
وَقَدْ جَرَى ابْنُ شَاسٍ عَلَى مَا لِلْجَلَّابِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ الْبُنَانِيُّ نَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَفْصِيلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُخَالِفًا لِإِطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ وِفَاقًا لَهُ .
ا هـ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَهُ عَلَى الْوِفَاقِ فَلَيْسَ كَلَامُهُ مُخَالِفًا لَهَا ، وَبِهَذَا يَسْقُطُ مَا فِي الرَّمَاصِيِّ مِنْ التَّهْوِيلِ وَالِاعْتِرَاضِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِمُخَالَفَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَبَقِيَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ الْقِيَامُ لَهَا .
.

وَكُفِّنَ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ ،
( وَكُفِّنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا الْمَيِّتُ ( بِمَلْبُوسِهِ لِ ) صَلَاةِ ( جُمُعَةٍ ) نَدْبًا لِرَجَاءِ بَرَكَتِهِ إنْ اتَّفَقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْضَى بِهِ إنْ تَنَازَعُوا وَيُحْتَمَلُ بِمِثْلِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ إنْ لَمْ يُوصِ بِأَقَلَّ مِنْهُ تت .
، وَكُفِّنَ الْمَيِّتُ بِمَلْبُوسِهِ لِجُمُعَةٍ وَعِيدٍ أَيْ فِي مِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِ قَدْرِ حَالِهِ بِأَنْ كَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَخُشُونَتُهُ وَرِقَّتُهُ عَلَى قَدْرِ حَالِهِ ، وَحَمَلَهُ الْمُصَنِّفُ كَابْنِ هَارُونَ عَلَى مَلْبَسِهِ حَالَ حَيَاتِهِ لَا فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ إذْ النَّقْصُ وَالزِّيَادَةُ عَنْهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمُعْتَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ فِيمَا كَانَ يَلْبَسُهُ لِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ تَبَرُّكًا .
الرَّمَاصِيُّ قَوْلُهُ أَيْ فِي مِثْلِهِ هَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ قَالَ فِي الْبَيَانِ وَيُكَفَّنُ فِي مِثْلِ مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ فِي حَيَاتِهِ وَيُقْضَى بِهِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِيهِ .
ا هـ .
وَإِذَا عَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى الْوُجُوبِ إشَارَةً لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُقْضَى بِهِ ، قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُكَفَّنُ إلَخْ نَحْوُهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ حَبِيبٍ يُسْتَحَبُّ إيصَاؤُهُ أَنْ يُكَفَّنَ فِي ثِيَابِ جُمُعَتِهِ وَصَلَاتِهِ ، وَإِحْرَامِ حَجِّهِ .

وَقُدِّمَ : كَمَؤُونَةِ الدَّفْنِ ،
( وَقُدِّمَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْكَفَنُ مِنْ مَجْمُوعِ التَّرِكَةِ وَشَبَّهَ فِي التَّقْدِيمِ فَقَالَ ( كَمَؤُنَةِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الْهَمْزِ أَيْ أُجْرَةِ ( الدَّفْنِ ) وَمُقَدِّمَاتُهُ مِنْ غُسْلٍ وَحَنُوطٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرِ قَبْرٍ وَحِرَاسَةٍ إنْ اُحْتِيجَ لَهَا

عَلَى دَيْنِ غَيْرِ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ سُرِقَ ، ثُمَّ إنْ وُجِدَ وَعُوِّضَ : وُرِّثَ
وَصِلَةُ قُدِّمَ ( عَلَى ) مَا تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ مِنْ ( دَيْنِ ) شَخْصٍ ( غَيْرِ ) الشَّخْصِ ( الْمُرْتَهِنِ ) بِكَسْرِ الْهَاءِ أَيْ الْمُتَوَثَّقِ فِي دِينِهِ بِرَهْنٍ بِخِلَافِ الْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى الْكَفَنِ وَمُؤَنُ الدَّفْنِ كَالرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ وَالْإِيلَادِ وَزَكَاةِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ وَبَالَغَ فِي تَقْدِيمِ الْكَفَنِ عَلَى الدَّيْنِ غَيْرِ الْمَرْهُونِ فِيهِ فَقَالَ ( وَلَوْ سُرِقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ فَيُكَفَّنُ فِي آخَرَ قَبْلَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَلَوْ قُسِمَتْ التَّرِكَةُ ( ثُمَّ إنْ وُجِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الْمَسْرُوقُ ( وَ ) قَدْ ( عُوِّضَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا بِآخَرَ ( وُرِثَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْكَفَنُ الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ سَرِقَتِهِ فَيُقْسَمُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ .

إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ : كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ ، وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ لَا زَوْجِيَّةٍ ، وَالْفَقِيرُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ .
( إنْ فُقِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ عُدِمَ ( الدَّيْنُ ) عَلَى الْمَيِّتِ وَإِلَّا جُعِلَ فِيهِ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِرْثِ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ فَقَالَ ( كَأَكْلِ السَّبُعِ الْمَيِّتِ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَتَكْمِيلِ عَمَلِهِ بِنَصْبِ الْمَفْعُولِ فَيُورَثُ الْكَفَنُ إنْ فُقِدَ الدَّيْنُ ، وَإِلَّا فَيُجْعَلُ فِيهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ آنِفًا مِنْ الْكَفَنِ وَالْمُؤَنِ وَاجِبٌ ( عَلَى ) الشَّخْصِ ( الْمُنْفِقِ ) عَلَى الْمَيِّتِ ( بِ ) سَبَبِ ( قَرَابَةٍ ) كَأُبُوَّةٍ وَبُنُوَّةٍ ( أَوْ ) بِسَبَبِ مِلْكِ ( رِقٍّ لَا ) عَلَى الْمُنْفِقِ بِسَبَبِ ( زَوْجِيَّةٍ ) وَلَوْ فَقِيرَةً ؛ لِأَنَّهَا فِي نَظِيرِ الِاسْتِمْتَاعِ ، وَقَدْ انْقَطَعَ بِالْمَوْتِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا ، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ فَقِيرَةً ( وَ ) الْمَيِّتُ ( الْفَقِيرُ ) الَّذِي لَا مُنْفِقَ لَهُ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) إنْ وُجِدَ وَتَيَسَّرَ أَخْذُهَا مِنْهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ أَخْذُهَا مِنْهُ ( فَ ) مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ ( عَلَى ) جَمَاعَةِ ( الْمُسْلِمِينَ ) الَّذِينَ فِي بَلَدِهِ فَرْضُ كِفَايَةٍ .

وَنُدِبَ : تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى
( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِمَنْ قَامَتْ بِهِ عَلَامَةُ مَوْتِهِ ( تَحْسِينُ ظَنِّهِ بِاَللَّهِ تَعَالَى ) بِتَغْلِيبِ رَجَائِهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ عَلَى خَوْفِهِ عِقَابَهُ لِحَدِيثِ { أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي } .
وَفِي رِوَايَةٍ فَلْيَظُنَّ بِي مَا شَاءَ .
وَفِي رِوَايَةٍ { إنْ ظَنَّ خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ } .
وَحَدِيثُ { لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاَللَّهِ تَعَالَى } وَيَسْتَعِينُ عَلَيْهِ بِتَفَكُّرِهِ فِي سَعَةِ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَفِيِّ لُطْفِهِ ، وَأَنَّهُ رَحِيمٌ بِعِبَادِهِ غَفُورٌ شَكُورٌ رَءُوفٌ وَدُودٌ يُضَاعِفُ الْحَسَنَاتِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ .
وَحَدِيثُ { مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ } .
وَيُنْدَبُ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ الْأَصِحَّاءِ أَنْ يَذْكُرَ لَهُ مَا يُقَوِّي رَجَاءَهُ مِنْ سَعَةِ عَفْوِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَحْمَتِهِ كَحَدِيثِ { جَعَلَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ مِائَةَ رَحْمَةٍ ادَّخَرَ مِنْهَا لِلْآخِرَةِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ رَحْمَةً وَجَعَلَ فِي الدُّنْيَا وَاحِدَةً يَرْحَمُ الْعِبَادَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى تَرْحَمَ الْفَرَسُ وَلَدَهَا أَنْ تَطَأَهُ بِحَافِرِهَا ، وَإِذَا فَنِيَتْ الدُّنْيَا ضَمَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الرَّحْمَةَ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا لِلتِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ الَّتِي أَعَدَّهَا لِلْآخِرَةِ فَتَكْمُلُ الرَّحَمَاتُ فِيهَا مِائَةُ رَحْمَةٍ } أَوْ كَمَا قَالَ ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ الَّذِي لَمْ تَقُمْ بِهِ عَلَامَةُ الْمَوْتِ فَيُغَلِّبُ الْخَوْفَ عَلَى الرَّجَاءِ لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى التَّقْوَى ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ .
وَقِيلَ يُغَلِّبُ الرَّجَاءَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ فَجْأَةً ، وَقِيلَ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا كَجَنَاحَيْ طَائِرٍ إنْ مَالَ بِأَحَدِهِمَا سَقَطَ .

وَتَقْبِيلُهُ عِنْدَ إحْدَادِهِ عَلَى أَيْمَنَ ، ثُمَّ ظَهْرٍ
وَ ) نُدِبَ لِمَنْ حَضَرَهُ ( تَقْبِيلُهُ ) أَيْ تَوْجِيهُ الْمُحْتَضَرِ لِلْقِبْلَةِ عَلَى يَمِينِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى يَسَارِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى ظَهْرِهِ وَرِجْلَاهُ لَهَا ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسِهِ لَهَا ( عِنْدَ إحْدَادِهِ ) أَيْ انْفِتَاحِ بَصَرِ الْمَيِّتِ وَشُخُوصِهِ لِلسَّمَاءِ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعُهُ وَصِلَةُ تَقْبِيلُ ( عَلَى ) جَنْبٍ ( أَيْمَنَ ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى جَنْبٍ أَيْسَرَ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى ( ظَهْرٍ ) وَرِجْلَاهُ لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ فَعَلَى بَطْنِهِ وَرَأْسُهُ لِلْقِبْلَةِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الْأَيْسَرَ اسْتِبْشَاعًا لَهُ .

وَتَجَنُّبِ حَائِضٌ وَجُنُبٍ لَهُ ،
( وَ ) نُدِبَ ( تَجَنُّبُ حَائِضٌ ) وَنُفَسَاءَ ( وَ ) شَخْصٍ ( جُنُبٍ ) بِجِمَاعٍ أَوْ إخْرَاجِ مَنِيٍّ بِلَذَّةٍ مُعْتَادَةٍ أَوْ احْتِلَامٍ ( لَهُ ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ ، وَكَذَا سَائِرُ مَا تَكْرَهُهُ الْمَلَائِكَةُ كَكَلْبٍ وَتِمْثَالٍ وَآلَةِ لَهْوٍ فَلَا يُتْرَكُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي فِيهِ ، وَيُنْدَبُ تَبْخِيرُهُ بِمَا لَهُ رَائِحَةٌ ذَكِيَّةٌ كَالْعُودِ وَرَشُّهُ بِنَحْوِ مَاءِ وَرْدٍ لِلْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ لِلْقَبْضِ ، وَطَرْدِ الشَّيَاطِينِ الْفَائِتِينَ وَحُضُورُ أَحَبِّ أَهْلِهِ إلَيْهِ ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ لَهُ وَلِلْحَاضِرِينَ لِرَجَاءِ إجَابَتِهِ بِتَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ الْحَاضِرِينَ ، وَإِبْعَادُ مَنْ لَا صَبْرَ لَهُ ، وَطَهَارَتُهُ وَطَهَارَةُ كُلِّ مَا تَعَلَّقَ بِهِ وَتَرْكُ الْبُكَاءِ بِمُجَرَّدِ إسَالَةِ الدُّمُوعِ .

وَتَلْقِينُهُ الشَّهَادَةَ ، وَتَغْمِيضُهُ ، وَشَدُّ لَحْيَيْهِ إذَا قَضَى ، وَتَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ بِرِفْقٍ ، وَرَفْعُهُ عَنْ الْأَرْضِ ، وَسَتْرُهُ بِثَوْبٍ ، وَوَضْعُ ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ ، وَإِسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ إلَّا الْغَرِقِ .
وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ ، وَتَجْرِيدُهُ ، وَوَضْعُهُ عَلَى مُرْتَفِعٍ ، وَإِيثَارُهُ كَالْكَفَنِ لِسَبْعٍ ؛ وَلَمْ يَعُدْ : كَالْوُضُوءِ لِنَجَاسَةٍ وَغُسِلَتْ ، وَعَصْرُ بَطْنِهِ بِرِفْقٍ ، وَصَبُّ الْمَاءِ فِي غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ بِخِرْقَةٍ ، وَلَهُ الْإِفْضَاءُ إنْ اضْطَرَّ ، وَتَوْضِئَتُهُ ، وَتَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ ، وَأَنْفِهِ بِخِرْقَةٍ ، وَإِمَالَةُ رَأْسِهِ بِرِفْقٍ لِمَضْمَضَةٍ ، وَعَدَمُ حُضُورِ غَيْرِ مُعِينٍ ، وَكَافُورٌ فِي الْأَخِيرَةِ ، وَنُشِّفَ .

( وَ ) نُدِبَ ( تَلْقِينُهُ ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ ( الشَّهَادَةَ ) بِأَنْ يُقَالَ بِقُرْبِهِ بِصَوْتٍ هَادٍ يَسْمَعُهُ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، فَإِنْ قَالَهَا الْمُحْتَضَرُ فَلَا تُعَادُ إلَّا إذَا تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ دُنْيَوِيٍّ فَتُعَادُ لِتَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْهَا فَتُقَالُ بَعْدَ سَكْتَةٍ .
وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ أَحَبَّ النَّاسِ إلَيْهِ ، وَأَنْ لَا يَكُونَ وَارِثَهُ إلَّا ابْنَهُ ، وَأَنْ لَا يُقَالَ لَهُ قُلْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَادِفُ قَوْلَهُ لَا لِرَدِّ الْفَتَّانَاتِ فَيُسِيءُ الْمُلَقِّنُ ظَنَّهُ بِهِ .
وَقَدْ اتَّفَقَ هَذَا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لَهُ وَلَدُهُ عَبْدُ اللَّهِ ، وَهُوَ مَغْمُورٌ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ فَحَزِنَ وَلَدُهُ حُزْنًا شَدِيدًا لِظَنِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَأَفَاقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ غَمْرَتِهِ ، وَأَخْبَرَ وَلَدَهُ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ حَضَرَهُ إذْ ذَاكَ ، وَقَالَ لَهُ نَجَوْت مِنِّي يَا أَحْمَدُ لِيُدْخِلَ عَلَيْهِ عُجْبَهُ بِنَفْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَحْمَدُ لَا بَعْدُ أَيْ لَا أَنْجُو مِنْك إلَّا بَعْدَ مَوْتِي وَمَا دُمْت حَيًّا فَإِنِّي عَلَى حَذَرٍ مِنْك .
( وَ ) نُدِبَ ( تَغْمِيضُهُ ) إذَا قَضَى أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ تَحْسِينًا لِهَيْئَتِهِ ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ عَيْنَيْهِ مَفْتُوحَتَيْنِ يُشَوِّهُهُ ( وَ ) نُدِبَ ( شَدُّ لَحْيَيْهِ ) الْأَسْفَلِ وَالْأَعْلَى بِعِصَابَةٍ عَرِيضَةٍ مِنْ تَحْتِ ذَقَنِهِ وَيَرْبِطُهَا فَوْقَ رَأْسِهِ لِئَلَّا تَدْخُلَ الْهَوَامُّ فِي جَوْفِهِ ( إذَا قَضَى ) أَيْ تَحَقَّقَ مَوْتُهُ بِانْقِطَاعِ نَفَسِهِ مَثَلًا لَا قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفْزَعَهُ ( وَ ) نُدِبَ ( تَلْيِينُ مَفَاصِلِهِ ) عَقِبَ مَوْتِهِ بِأَنْ يَقْبِضَ ، أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطَهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَيُثْنِي ذِرَاعَهُ عَلَى عَضُدِهِ كَذَلِكَ وَسَاقَيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ كَذَلِكَ وَفَخِذَيْهِ عَلَى بَطْنِهِ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ عُرُوقَهُ ، وَأَعْصَابَهُ تَمْتَدُّ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ فَإِنْ تُرِكَ

كَذَلِكَ يَبِسَتْ وَتَعَسَّرَ عَلَى غَاسِلِهِ تَقْلِيبُهُ وَخَلْعُ ثِيَابِهِ وَنَحْوِهِمَا ( بِرِفْقٍ ) أَيْ لُطْفٍ وَلِينٍ وَخِفَّةٍ فِي التَّغْمِيضِ وَالشَّدِّ وَالتَّلْيِينِ لِتَأَذِّي الْمَيِّتِ لِمَا يَتَأَذَّى لَهُ الْحَيُّ .
( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( عَنْ الْأَرْضِ ) عَلَى نَحْوِ سَرِيرٍ لِئَلَّا يُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَتَنَالَهُ الْهَوَامُّ ( وَ ) نُدِبَ ( سَتْرُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ حَتَّى وَجْهِهِ ( بِثَوْبٍ ) بَعْدَ نَزْعِ ثِيَابِهِ إلَّا الْقَمِيصَ ، كَمَا فُعِلَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْنًا لَهُ عَنْ الْأَعْيُنِ ( وَ ) نُدِبَ ( وَضْعُ ) شَيْءٍ ( ثَقِيلٍ عَلَى بَطْنِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ قَبْلَ تَغْسِيلِهِ كَسَيْفٍ أَوْ حَجَرٍ خَوْفَ انْتِفَاخِهِ ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فَطِينٌ مَبْلُولٌ ( وَ ) نُدِبَ ( إسْرَاعُ تَجْهِيزِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ وَدَفْنُهُ خَوْفَ تَغَيُّرِهِ ( إلَّا ) الْمَيِّتَ ( الْغَرِقَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَنَحْوُهُ كَالصَّعِقِ وَاَلَّذِي مَاتَ فَجْأَةً أَوْ تَحْتَ هَدْمٍ أَوْ بِمَرَضِ السَّكْتَةِ فَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَتَحَقَّقَ مَوْتُهُ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( لِلْغُسْلِ سِدْرٌ ) أَيْ وَرَقُ النَّبْقِ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَأَمَّا الْأُولَى فَهِيَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ لِلتَّطْهِيرِ بِأَنْ يُدَقَّ نَاعِمًا وَيُجْعَلَ فِي مَاءٍ قَلِيلٍ وَيُخَضُّ حَتَّى تَبْدُوَ رَغْوَتُهُ وَيُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ وَيُعْرَكُ بِهِ جَسَدُهُ حَتَّى يَذْهَبَ بِهِ مَا فِيهِ مِنْ وَسَخٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَالصَّابُونُ أَوْ الْأُشْنَانُ أَوْ الْغَاسُولُ ثُمَّ يُصَبُّ عَلَى الْمَيِّتِ الْمَاءُ الْقَرَاحُ وَيُعْرَكُ حَتَّى يَذْهَبَ السِّدْرُ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فَهَذِهِ صِفَةُ الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُنَظَّفْ بِهَا فَإِنَّهَا تُكَرَّرُ إلَى أَنْ يُنَظَّفَ وَالْغَسْلَةُ الثَّالِثَةُ بِالْمَاءِ وَالطِّيبِ لِلتَّطْيِيبِ ، وَأَفْضَلُهُ الْكَافُورُ ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ جَسَدَ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُذَابَ فِي الْمَاءِ وَيُغَسَّلَ بِهِ الْمَيِّتُ ، وَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ بَعْدَهُ مَاءٌ قَرَاحٌ لِئَلَّا يُذْهِبَ الطَّيِّبَ ثُمَّ

يُنَشَّفُ وَيُكَفَّنُ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَجْرِيدُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ مِنْ ثِيَابِهِ مَعَ سَتْرِهِ مِنْ سُرَّتِهِ لِرُكْبَتِهِ حَالَ تَغْسِيلِهِ لِيَسْهُلَ إنْقَاؤُهُ وَلَوْ أَنْحَلَهُ الْمَرَضُ ( وَ ) نُدِبَ ( وَضْعُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ ( عَلَى ) شَيْءٍ ( مُرْتَفِعٍ ) ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ ( وَ ) نُدِبَ ( إيتَارُهُ ) أَيْ تَغْسِيلُهُ وِتْرًا أَنْقَاهُ الشَّفْعُ كَأَرْبَعٍ وَسِتٍّ لِلسَّبْعِ فَإِنْ انْتَقَى بِثَمَانٍ فَلَا تُنْدَبُ تَاسِعَةٌ .
وَشَبَّهَ فِي نَدْبِ الْإِيتَارِ فَقَالَ ( كَالْكَفَنِ ) فَيُنْدَبُ إيتَارُهُ فَالثَّلَاثَةُ خَيْرٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ وَمِنْ الْأَرْبَعَةِ إلَّا الْوَاحِدَ فَالِاثْنَانِ خَيْرٌ مِنْهُ ( لِسَبْعٍ ) لِلْمَرْأَةِ وَلِخَمْسٍ لِلرَّجُلِ وَالزِّيَادَةُ عَلَى سَبْعٍ لِلْمَرْأَةِ وَخَمْس الرَّجُلِ إسْرَافٌ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى لَا ( يُعَدْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لِإِيعَادِ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ فِيمَا يَظْهَرُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِعَادَةِ فَقَالَ ( كَالْوُضُوءِ ) لِلْمَيِّتِ فَلَا يُعَادَانِ ( لِ ) خُرُوجِ ( نَجَاسَةٍ ) مِنْ فَرْجِ الْمَيِّتِ أَوْ جِمَاعٍ فِيهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ غُسْلُهُ وَلَا وُضُوءُهُ بِحَدَثِهِ ، وَالْغُسْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ تَعَبُّدًا قَدْ حَصَلَ ( وَغُسِلَتْ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ النَّجَاسَةُ مِنْ جَسَدِهِ ، وَكَفَنِهِ وُجُوبًا أَوْ اسْتِنَانًا عَلَى مَا مَرَّ فِي إزَالَتِهَا ( وَ ) نُدِبَ ( عَصْرُ بَطْنِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَ تَغْسِيلِهِ خَوْفَ خُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ تَكْفِينِهِ ( بِرِفْقٍ ) لِئَلَّا يَخْرُجَ شَيْءٌ مِنْ أَمْعَائِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( صَبُّ الْمَاءِ ) مُتَوَالِيًا ( فِي ) حَالِ ( غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( بِخِرْقَةٍ ) كَثِيفَةٍ يَلُفُّهَا الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ وُجُوبًا وَلَا يُبَاشِرُهُمَا بِيَدِهِ مَعَ إمْكَانِهَا ( وَلَهُ ) أَيْ الْغَاسِلِ ( الْإِفْضَاءُ ) بِيَدِهِ بِدُونِ حَائِلٍ لِفَرْجَيْ الْمَيِّتِ ( إنْ اضْطَرَّ ) الْغَاسِلُ ( لَهُ ) لِلْإِفْضَاءِ بِأَنْ كَانَ بِهِمَا نَجَاسَةٌ مُتَوَقِّفٌ زَوَالُهَا عَلَى الدَّلْكِ ،

وَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا يَجْعَلُهُ عَلَى يَدِهِ فِيهَا إنْ احْتَاجَ أَنْ يُبَاشِرَ بِيَدِهِ فَعَلَ .
اللَّخْمِيُّ مَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَهُوَ أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ إزَالَتَهَا لِعِلَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا إلَّا بِمُبَاشَرَةِ غَيْرِهِ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَمَسَّ فَرْجَهُ لِإِزَالَتِهَا مِنْهُ وَتَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَى حَالَتِهِ فَالْمَيِّتُ أَوْلَى بِذَلِكَ فَلَا يَكْشِفُ وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ مِنْهُ إذْ لَا يَكُونُ الْمَيِّتُ فِي إزَالَتِهَا أَعْلَى مِنْ الْحَيِّ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَوْضِئَتُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ مَرَّةً مَرَّةً كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ آنِفًا وَغُسِلَ كَالْجَنَابَةِ الْبَاجِيَّ عَلَى الْقَوْلِ بِتَكْرِيرِ الْوُضُوءِ بِتَكْرِيرِ الْغُسْلِ يُوَضِّئُهُ مَرَّةً مَرَّةً لِئَلَّا تَقَعَ الزِّيَادَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْهَا .
وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ تَكْرِيرِهِ بِتَكْرِيرِهِ يُوَضِّئُهُ ثَلَاثًا ثَلَاثًا فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى ( وَ ) نُدِبَ ( تَعَهُّدُ أَسْنَانِهِ ، وَأَنْفَهُ بِخِرْقَةٍ ) غَيْرِ الَّتِي لَفَّهَا عَلَى يَدِهِ حَالَ غَسْلِ مَخْرَجَيْهِ مَبْلُولَةً فِي تَوْضِئَتِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( إمَالَةُ رَأْسِهِ ) بِرِفْقٍ ( الْمَضْمَضَةُ وَ ) نُدِبَ ( عَدَمُ حُضُورِ ) شَخْصٍ ( غَيْرِ مُعَيَّنٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَكَسْرِ الْعَيْنِ أَيْ مُسَاعِدٍ لِلْغَاسِلِ فَيُكْرَهُ حُضُورُهُ لِكَرَاهَةِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ خُصُوصًا إنْ كَانَ أَضْنَاهُ الْمَرَضُ .
( وَ ) نُدِبَ ( كَافُورٌ ) طِيبٌ أَبْيَضُ ؛ لِأَنَّهُ بَارِدٌ يَشُدُّ الْجِسْمَ وَغَيْرُهُ مِنْ الطَّيِّبِ يَحْصُلُ بِهِ الْمَنْدُوبُ ، وَلَكِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ ثَانٍ ( فِي ) مَاءِ الْغَسْلَةِ ( الْأَخِيرَةِ ) لِتَطْيِيبِ رَائِحَتِهِ فَلَا يُصَبُّ عَلَيْهِ مَاءٌ قَرَاحٌ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الطَّيِّبَ مِنْهُ ، وَالْمَقْصُودُ بَقَاؤُهُ ( وَنُشِّفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ مِنْ مَاءِ الْغُسْلِ الْبَاقِي بِبَدَنِهِ نَدْبًا ؛ قَبْلَ تَكْفِينِهِ بِثَوْبٍ طَاهِرٍ نَظِيفٍ لِئَلَّا يَبُلَّ الْكَفَنَ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْبَلَا بِحَرَارَةِ الْقَبْرِ .

وَاغْتِسَالُ غَاسِلِهِ
( وَ ) نُدِبَ ( اغْتِسَالُ غَاسِلِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ تَغْسِيلِهِ تَنْشِيطًا لِنَفْسِهِ ، وَإِذْهَابًا لِفُتُورِهَا مِنْ مُعَانَاةِ جَسَدِ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّهُ يَحْمِلُهُ عَلَى بَذْلِ جَهْدِهِ فِي تَغْسِيلِهِ وَتَنْظِيفِهِ وَعَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ وَمَا يُصِيبُ بَدَنَهُ مِنْ مَاءِ غُسْلِهِ فِي الْمُوَطَّأِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ { مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ } ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَقِيلَ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ وَحُمِلَ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَقِيلَ مُعَلَّلٌ وَحُمِلَ عَلَى النَّدْبِ ، وَاخْتُلِفَ فِي الْعِلَّةِ فَقِيلَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ إذَا غَسَّلَهُ نَاوِيًا الِاغْتِسَالَ لَا يُبَالِي بِمَا يَتَطَايَرُ عَلَيْهِ مِنْهُ فَهُوَ سَبَبٌ لِمُبَالَغَتِهِ فِي تَغْسِيلِهِ .
وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنْ يُغَسِّلَ مَا بَاشَرَهُ بِهِ أَوْ تَطَايَرَ عَلَيْهِ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ نُجِّسَ بِالْمَوْتِ وَلَمْ يُؤْمَرْ بِغَسْلِ ثِيَابِهِ لِلْمَشَقَّةِ .

وَبَيَاضُ الْكَفَنِ ، وَتَجْمِيرُهُ
( وَ ) نُدِبَ ( بَيَاضُ الْكَفَنِ وَتَجْمِيرُهُ ) بِالْجِيمِ أَيْ تَطْيِيبُهُ بِالْبَخُورِ وَتَخْمِيرُهُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَضْعُ بَعْضِهِ عَلَى بَعْضٍ لِيَعْلَقَ الْبَخُورُ بِهِ وَنُدِبَ كَوْنُهُ قُطْنًا ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُفِّنَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ أَسْتَرُ مِنْ الْكَتَّانِ .

وَعَدَمُ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْغُسْلِ .
( وَ ) نُدِبَ ( عَدَمُ تَأَخُّرِهِ ) أَيْ التَّكْفِينِ ( عَنْ الْغُسْلِ ) لِطَلَبِ الْإِسْرَاعِ فِي تَجْهِيزِهِ وَدَفْنِهِ

وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ
( وَ ) نُدِبَ ( الزِّيَادَةُ عَلَى ) الْكَفَنِ ( الْوَاحِدِ ) فَالِاثْنَانِ أَفْضَلُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَا شَفْعًا ، وَهُوَ وِتْرٌ .

وَلَا يُقْضَى بِالزَّائِدِ إنْ شَحَّ الْوَارِثُ
( وَلَا يُقْضَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ ( بِالزَّائِدِ ) عَلَى الْكَفَنِ الْوَاحِدِ ( إنْ شَحَّ ) أَيْ بَخِلَ ( الْوَارِثُ ) أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ إذْ لَا يُقْضَى بِمَنْدُوبٍ قَرَّرَهُ اللَّقَانِيُّ .
وَقَرَّرَ عج أَنَّ الْمُرَادَ الزَّائِدُ فِي الصِّفَةِ عَلَى مَا كَانَ يَلْبَسُهُ فِي جُمَعِهِ ، وَأَعْيَادِهِ ، وَأَمَّا الزَّائِدُ عَلَى الْوَاحِدِ فَيُقْضَى بِهِ وَلَوْ شَحَّ الْوَارِثُ ؛ لِأَنَّ تَكْفِينَهُ فِي ثَلَاثٍ حَقٌّ وَاجِبٌ لِمَخْلُوقٍ وَاقْتَصَرَ الْخَرَشِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْتَمَدَهُ الصَّغِيرُ وعب عَلَى الثَّانِي وَاعْتَمَدَهُ الْبُنَانِيُّ .
وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمَتْنِ الْأَوَّلُ وَلَا يُقَالُ الثَّانِي يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ آنِفًا وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ إذْ الْمَنْدُوبُ لَا يُقْضَى بِهِ ، وَقَوْلُهُ الْآتِي ، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّ الْقَضَاءِ بِالثَّلَاثِ إذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ تَرِكَةٌ وَطُلِبَ تَكْفِينُهُ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ مَنْدُوبَةً ، وَالْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ إلَخْ ، إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ ، وَكَفَّنَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ .

إلَّا أَنْ يُوصِيَ فَفِي ثُلُثِهِ
( إلَّا أَنْ يُوصِيَ ) الْمُحْتَضَرُ بِتَكْفِينِهِ بِزَائِدٍ عَلَى وَاحِدٍ ( فَ ) يُقْضَى بِتَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ( فِي ثُلُثِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُوصِ بِزَائِدٍ عَلَى خَمْسَةِ الرَّجُلِ وَسَبْعَةِ الْمَرْأَةِ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ

، وَهَلْ الْوَاجِبُ ثَوْبٌ يَسْتُرُهُ ، أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْبَاقِي سُنَّةٌ ؟ خِلَافٌ
( وَهَلْ الْوَاجِبُ ) فِي كَفَنِ الرَّجُلِ ( ثَوْبٌ يَسْتُرُ ) بَدَنَ ( هـ ) كُلَّهُ الْمُصَنِّفُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَسَتْرُ جَمِيعِ بَدَنِهَا وَلَوْ وَجْهَهَا ، وَكَفَّيْهَا وَاجِبٌ اتِّفَاقًا ( أَوْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ ، وَ ) سَتْرُ ( الْبَاقِي سُنَّةٌ ) فِيهِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ ابْنُ غَازِيٍّ سَلَّمَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْأَوَّلَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَنُسِبَ الثَّانِي لِلتَّقْيِيدِ وَالتَّقْسِيمِ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ هُنَا أَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّشْهِيرِ .
عج هُمَا قَوْلَانِ لَمْ يُشْهَرَا فَالْمُنَاسِبُ قَوْلَانِ فِي الْمَجْمُوعِ الرَّاجِحُ أَوَّلُهُمَا .

وَوِتْرُهُ ، وَالِاثْنَانِ عَلَى الْوَاحِدِ ، وَالثَّلَاثَةُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ
( وَ ) نُدِبَ ( وِتْرُهُ ) أَيْ الْكَفَنِ إلَّا الْوَاحِدَ بِدَلِيلِ مَا يَلِيهِ ، وَأَكْمَلُ كَفَنِ الرَّجُلِ خَمْسَةٌ وَالْمَرْأَةِ سَبْعَةٌ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا أَرَى أَنْ يُجَاوِزَ السِّتَّةَ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ السَّرَفِ ( وَ ) نُدِبَ ( الِاثْنَانِ ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهِمَا ( عَلَى ) التَّكْفِينِ فِي الثَّوْبِ ( الْوَاحِدِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا أَسْتَرُ مِنْهُ وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِكَرَاهَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ ( وَالثَّلَاثَةُ ) أَيْ التَّكْفِينُ فِيهَا مُقَدَّمٌ ( عَلَى ) التَّكْفِينِ ( بِالْأَرْبَعَةِ ) وَالْخَمْسَةِ عَلَى السِّتَّةِ لِلْوَتَرِيَّةِ .

وَتَقْمِيصُهُ وَتَعْمِيمُهُ ، وَعَذَبَةٌ فِيهَا ، وَأُزْرَةٌ وَلِفَافَتَانِ وَالسَّبْعُ لِلْمَرْأَةِ ، وَحَنُوطٌ دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ ، وَعَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ بِمَنَافِذِهِ ، وَالْكَافُورُ فِيهِ وَفِي مَسَاجِدِهِ وَحَوَاسِّهِ وَمَرَاقِّهِ .

( وَ ) نُدِبَ ( تَقْمِيصُهُ ) أَيْ إلْبَاسُ الْمَيِّتِ قَمِيصًا مُعْتَادًا بِأَكْمَامٍ ( وَتَعْمِيمُهُ ) بِعِمَامَةٍ ( وَ ) نُدِبَ ( عَذَبَةٌ فِيهَا ) قَدْرُ ذِرَاعٍ تُطْرَحُ عَلَى وَجْهِهِ فِي التَّوْضِيحِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمَيِّتَ يُقَمَّصُ وَيُعَمَّمُ أَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّعْمِيمِ فَهُوَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَسُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ هَلْ يُعَمَّمُ مِنْ الْيَمِينِ أَوْ الْيَسَارِ فَقَالَ لَا أَدْرِي إلَّا أَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْمَيِّتِ ، وَأَمَّا اسْتِحْبَابُ التَّقْمِيصِ فَفِي الْوَاضِحَةِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَمَّصَ وَلَا يُعَمَّمَ ، وَحِكَايَةُ ابْنِ الْقَصَّارِ كَرَاهَةُ التَّقْمِيصِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( أُزْرَةٌ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ تَسْتُرُهُ مِنْ فَوْقِ سُتْرَتِهِ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ تَحْتَ الْقَمِيصِ ( وَلِفَافَتَانِ ) فَوْقَهُ فَهَذِهِ خَمْسَةُ الرَّجُلِ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَهِيَ خِرْقَةٌ تُشَدُّ عَلَى قُطْنٍ بَيْنَ فَخِذَيْهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ وَاللِّثَامُ خِرْقَةٌ عَلَى قُطْنٍ يُجْعَلُ عَلَى فَمِهِ ، وَأَنْفِهِ خِيفَةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا ( وَالسَّبْعُ ) مِنْ الْأَثْوَابِ ( لِلْمَرْأَةِ ) أُزْرَةٌ مِنْ تَحْتِ إبْطَيْهَا إلَى كَعْبَيْهَا ، وَقَمِيصٌ وَخِمَارٌ تُخَمَّرُ بِهِ رَأْسُهَا وَرَقَبَتُهَا ، وَأَرْبَعُ لَفَائِفَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا الْحُفَّاظُ وَاللِّثَامُ .
( وَ ) نُدِبَ ( حَنُوطٌ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ النُّونِ ، أَيْ طِيبٌ يُجْعَلُ ( دَاخِلَ كُلِّ لِفَافَةٍ ) وَدَاخِلَ الْأُزْرَةِ وَالْقَمِيصِ ( وَ ) يُجْعَلُ الْحَنُوطُ ( عَلَى قُطْنٍ يُلْصَقُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( بِمَنَافِذِهِ ) أَيْ فَمِهِ ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ ، وَقُبُلِهِ وَدُبُرِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( الْكَافُورُ فِيهِ ) أَيْ الْحَنُوطِ أَيْ الْمَنْدُوبُ كَوْنُهُ كَافُورًا ( وَ ) نُدِبَ جَعْلُ الْحَنُوطِ ( فِي مَسَاجِدِهِ ) أَيْ أَعْضَائِهِ

الَّتِي سَجَدَ عَلَيْهَا جَبْهَتِهِ ، وَكَفَّيْهِ وَرَقَبَتِهِ وَصَدْرِ قَدَمَيْهِ ( وَحَوَاسِّهِ ) أَيْ فَمِهِ ، وَأَنْفِهِ وَعَيْنَيْهِ وَأُذُنَيْهِ ( وَمَرَاقِّهِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَشَدِّ الْقَافِ ، أَيْ مَا رَقَّ مِنْ بَدَنِهِ كَإِبْطَيْهِ وَرَفْغَيْهِ وَعُكَنِهِ وَخَلْفَ أُذُنَيْهِ وَتَحْتَ حَلْقِهِ وَرُكْبَتَيْهِ الْمُصَنِّفُ الْحَذَرُ الْحَذَرُ مِنْ فِعْلِ بَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ إدْخَالِ قُطْنٍ دُبُرَهُ ، وَأَنْفَهُ وَفَمَهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ .

، وَإِنْ مُحْرِمًا وَمُعْتَدَّةً ، وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ :
( وَإِنْ ) كَانَ الْمَيِّتُ ( مُحْرِمًا ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( وَمُعْتَدَّةً ) مِنْ وَفَاةٍ مُبَالَغَةٌ فِي نَدْبِ تَحْنِيطِهِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ بِمَوْتِهِ ( وَلَا يَتَوَلَّيَاهُ ) أَيْ الْمُحْرِمُ وَالْمُعْتَدَّةُ تَحْنِيطَ الْمَيِّتِ لِحُرْمَةِ مَسِّهِمَا الطِّيبَ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ زَوْجَ الْمُعْتَدَّةِ إلَّا أَنْ تَكُونَ وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِهِ فَتُحَنِّطُهُ لِوَفَاءِ عِدَّتِهَا .

وَمَشْيُ مُشَيِّعٍ ، وَإِسْرَاعُهُ ، وَتَقَدُّمُهُ وَتَأَخُّرُ رَاكِبٍ وَمَرْأَةٍ
( وَ ) نُدِبَ ( مَشْيُ مُشَيِّعٍ ) بِضَمِّ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ أَيْ مُوصِلٌ لَهَا لِلْقَبْرِ فِي ذَهَابِهِ تَوَاضُعًا فِي الشَّفَاعَةِ لِلْمَيِّتِ ، وَكُرِهَ رُكُوبُهُ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي رُجُوعِهِ لِتَمَامِ الْعِبَادَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( إسْرَاعُهُ ) أَيْ الْمُشَيِّعِ حَامِلًا لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا كَإِسْرَاعِ الشَّابِّ فِي قَضَاءِ أَمْرٍ مُهِمٍّ ، وَيُكْرَهُ خَبَبُهُ لِإِذْهَابِهِ الْخُشُوعَ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَقَدُّمُهُ ) أَيْ الْمُشَيِّعِ الْمَاشِي عَلَى الْجِنَازَةِ ؛ لِأَنَّهُ شَافِعٌ ( وَ ) نُدِبَ ( تَأَخُّرُ ) مُشَيِّعٍ ( رَاكِبٍ ) عَنْ الْجِنَازَةِ لِئَلَّا يَضُرَّ الْمُشَيِّعِينَ الْمَاشِينَ ( وَ ) نُدِبَ تَأَخُّرُ ( مَرْأَةٍ ) مُشَيِّعَةٍ عَنْ الرَّاكِبِ

وَسَتْرُهَا بِقُبَّةٍ .
( وَ ) نُدِبَ ( سَتْرُهَا ) أَيْ الْمَيِّتَةِ حَالَ حَمْلِهَا لِلصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ ( بِقُبَّةٍ ) عَلَى النَّعْشِ مُبَالَغَةً فِي سَتْرِهَا .
ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ عَلَى النَّعْشِ أَيْ فَوْقَ الْقُبَّةِ وِشَاحٌ أَوْ رِدَاءٌ مَا لَمْ يُجْعَلْ مِثْلُ الْأَخْمِرَةِ الْمُلَوَّنَةِ فَلَا أُحِبُّهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَرَ الْكَفَنُ بِثَوْبٍ سَاذَجٍ وَنَحْوِهِ وَيُنْزَعُ عِنْدَ الدَّفْنِ ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ الْآنَ مِنْ وَضْعِ الثِّيَابِ الْمُلَوَّنَةِ وَالْحُلِيِّ وَالنُّقُودِ وَالْجَوَاهِرِ فَوْقَ النَّعْشِ فَهُوَ أَمْرٌ مُنْكَرٌ لِعَدَمِ عَمَلِ السَّلَفِ ذَلِكَ ، وَلِمُنَافَاتِهِ لِحَالِ الْمَوْتِ وَلِقَصْدِ الرِّيَاءِ وَالْمُبَاهَاةِ وَالتَّفَاخُرِ .

وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ بِأُولَى التَّكْبِيرِ
( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُ الْيَدَيْنِ ) حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ ( بِأُولَى التَّكْبِيرِ ) فَقَطْ وَرَفْعُهُمَا فِي غَيْرِ أُولَاهُ خِلَافُ الْأَوْلَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ يَرْفَعُهُمَا عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ .
وَقِيلَ لَا يَرْفَعُهُمَا لَا عِنْدَ الْأُولَى وَلَا عِنْدَ غَيْرِهَا

وَابْتِدَاءٌ بِحَمْدٍ وَصَلَاةٍ عَلَى نَبِيِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ .
( وَ ) نُدِبَ ( ابْتِدَاءً ) عَقِبَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ ، وَقَبْلَ الدُّعَاءِ ( بِحَمْدٍ ) لِلَّهِ تَعَالَى ( وَصَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ ) سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) عَقِبَ الْحَمْدِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَفِي الطِّرَازِ لَا يَكُونُ الْحَمْدُ وَالصَّلَاةُ إلَّا عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى فَقَطْ وَيَدْعُو عَقِبَ غَيْرِهَا بِلَا حَمْدٍ وَصَلَاةٍ ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِلنَّوَادِرِ .
وَتُكْرَهُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَقِبَ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى .

وَإِسْرَارُ دُعَاءٍ
( وَ ) نُدِبَ ( إسْرَارُ دُعَاءٍ ) وَلَوْ لَيْلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { اُدْعُوَا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وَلِقَوْلِهِ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ مَرَّ بِقَوْمٍ يَجْهَرُونَ بِالتَّهْلِيلِ ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أَصَمَّ وَلَا غَائِبًا } أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ

وَرَفْعُ صَغِيرٍ عَلَى أَكُفٍّ
( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُ ) أَيْ حَمْلُ مَيِّتٍ ( صَغِيرٍ ) لِدَفْنِهِ ( عَلَى أَكُفٍّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْكَافِ وَشَدِّ الْفَاءِ ، أَصْلُهُ كْفُفُ بِسُكُونِ الْكَافِ وَضَمِّ الْفَاءِ الْأُولَى فَنُقِلَتْ الضَّمَّةُ لِلْكَافِ وَأُدْغِمَتْ الْفَاءُ فِي جَمْعِ كَفٍّ أَيْ كَفَّيْنِ حَذَرًا مِنْ الرِّيَاءِ وَالتَّفَاخُرِ ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ بِعِظَمِ الْمَيِّتِ .

وَوُقُوفُ إمَامٍ بِالْوَسَطِ وَمَنْكِبَيْ الْمَرْأَةِ
( وَ ) نُدِبَ ( وُقُوفُ إمَامٍ ) لِلْمُصَلِّينَ عَلَى جِنَازَةٍ ( بِالْوَسَطِ ) بِفَتْحِ السِّينِ لِلْمَيِّتِ الذَّكَرِ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ بِنَحْوِ ذِرَاعٍ أَوْ شِبْرٍ ( وَمَنْكِبَيْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَكَسْرِ الْكَافِ مُثَنَّى مَنْكِبٍ حُذِفَتْ نُونُهُ لِإِضَافَتِهِ أَيْ كَتِفَيْ ( الْمَرْأَةِ ) الْمَيِّتَةِ حَالَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا لِئَلَّا يَتَذَكَّرَ مَا يُنَافِي الصَّلَاةَ وَوُقُوفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَطَ مَرْأَةٍ لِعِصْمَتِهِ مِنْ تَذَكُّرِ مَا يُنَافِيهَا

رَأْسُ الْمَيِّتِ عَنْ يَمِينِهِ
( رَأْسُ الْمَيِّتِ مِنْ يَمِينِهِ ) أَيْ الْمُصَلِّي نَدْبًا تَشْرِيفًا لِلرَّأْسِ وَتَفَاؤُلًا بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ ، إلَّا إذَا كَانَ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ فَيُنْدَبُ جَعْلُ رَأْسِهِ عَنْ يَسَارِ الْمُصَلِّي تَأَدُّبًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ حُجْرَتَهُ الشَّرِيفَةَ الَّتِي فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِهَةُ يَسَارِ مَنْ فِي الرَّوْضَةِ الشَّرِيفَةِ الَّتِي بَيْنَ قَبْرِهِ وَمِنْبَرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ جَعَلَ فِيهَا رَأْسَ الْمَيِّتِ عَنْ الْيَمِينِ لَزِمَ أَنَّ رِجْلَيْهِ جِهَةُ رَأْسِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذِهِ إسَاءَةُ أَدَبٍ .

وَرَفْعُ قَبْرٍ كَشِبْرٍ مُسَنَّمًا ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى كَرَاهَتِهِ ، فَيُسَطَّحُ
( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُ قَبْرٍ ) بِتُرَابٍ ( كَشِبْرٍ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مُسَنَّمًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ ( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزَةِ ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فُهِمَتْ عَلَى نَدْبِ التَّسْنِيمِ ( عَلَى كَرَاهَتِهِ ) أَيْ التَّسْنِيمِ ( فَيُسَطَّحُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ السِّينِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ يُسَوِّي وَسَطَهُ بِأَطْرَافِهِ مَعَ رَفْعِهِ بِالتُّرَابِ كَشِبْرٍ وَسَبَبُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ فِي قَبْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبْرِ أَبِي بَكْرٍ ، وَقَبْرِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا بِأَنَّهَا مُسَنَّمَةٌ ، وَأَنَّهَا مُسَطَّحَةٌ وَرِوَايَةُ التَّسْنِيمِ أَثْبَتُ .

وَحَثْوُ قَرِيبٍ فِيهِ ثَلَاثًا
( وَحَثْوُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ صَبُّ شَخْصٍ ( قَرِيبٍ ) مِنْ الْقَبْرِ حَالَ دَفْنِ الْمَيِّتِ ( فِيهِ ) حَثْوًا ( ثَلَاثًا ) بِيَدَيْهِ مَعًا مِنْ تُرَابِهِ قَائِلًا مَعَ الْأَوَّلِ { مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ } وَمَعَ الثَّانِي { وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ } وَمَعَ الثَّالِثِ { وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } .

وَتَهْيِئَةُ طَعَامٍ لِأَهْلِهِ وَتَعْزِيَةٌ .

( وَ ) نُدِبَ ( تَهْيِئَةُ ) أَيْ إعْدَادُ ، وَإِهْدَاءُ ( طَعَامٍ لِأَهْلِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ لِكَوْنِهِمْ نَزَلَ بِهِمْ مَا شَغَلَهُمْ عَنْ صُنْعِ طَعَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ مَا لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى الْبُكَاءِ بِرَفْعِ صَوْتٍ أَوْ قَوْلٍ قَبِيحٍ فَيَحْرُمُ الْإِهْدَاءُ لَهُمْ ؛ لِأَنَّهُ يُعِينُهُمْ عَلَى الْحَرَامِ ، وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى طَعَامِ بَيْتِ الْمَيِّتِ فَبِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ ، إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَرَثَةِ صَغِيرٌ ، وَإِلَّا فَهُوَ حَرَامٌ ، وَمِنْ الضَّلَالِ الْفَظِيعِ وَالْمُنْكَرِ الشَّنِيعِ وَالشَّمَاتَةِ الْبَيِّنَةِ وَالْحَمَاقَةِ غَيْرِ الْهَيِّنَةِ تَعْلِيقُ الثَّرَيَاتِ ، وَإِدَامَةُ الْقَهَوَاتِ فِي بُيُوتِ الْأَمْوَاتِ وَالِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِلْحِكَايَاتِ وَتَضْيِيعُ الْأَوْقَاتِ فِي الْمَنْهِيَّاتِ مَعَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَاتِ .
وَلَا يَتَفَكَّرُونَ فِيمَنْ دَفَنُوهُ فِي التُّرَابِ تَحْتَ الْأَقْدَامِ وَوَضَعُوهُ فِي بَيْتِ الظَّلَامِ وَالْهَوَامِّ وَلَا فِي وَحْشَتِهِ وَضَمَّتِهِ ، وَهَوْلِ السُّؤَالِ وَلَا فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ الْحَالُ الرَّوْحُ وَالرَّيْحَانُ وَالنَّعِيمُ أَوْ الضَّرْبُ بِمِقْمَعِ الْحَدِيدِ وَالِاشْتِغَالُ بِنَارِ الْجَحِيمِ ، وَلَوْ نَزَلَ عَلَيْهِمْ كِتَابٌ بِانْتِهَاءِ الْمَوْتِ ، وَأَنَّهُمْ مُخَلَّدُونَ بَعْدَهُ لَقُلْنَا إنَّمَا يَفْعَلُونَهُ فَرَحًا بِذَلِكَ وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ ، وَأَصَمَّهُمْ ، وَإِنْ سُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ أَجَابُوا بِاتِّبَاعِ الْعَادَةِ وَالْمُبَاهَاةِ وَمَحْمَدَةِ النَّاسِ وَالزِّيَادَةِ فَهَلْ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ ، كَلًّا بَلْ هُوَ شَرٌّ وَخُسْرَانٌ وَضَيْرٌ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَعْزِيَةٌ ) لِأَهْلِهِ ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ ، وَأَهْلِهِ إلَّا مَخْشِيَّةَ الْفِتْنَةِ ، وَالصَّبِيَّ الَّذِي لَمْ يُمَيِّزْ ، وَالْأَفْضَلُ كَوْنُهَا بَعْدَ الدَّفْنِ وَبِبَيْتِ الْمَيِّتِ وَمُدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَلَا تَعْزِيَةَ بَعْدَهَا إلَّا لِمَنْ كَانَ غَائِبًا وَشَرَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا إسْلَامَ الْمَيِّتِ فَلَا يُعَزَّى مُسْلِمٌ بِقَرِيبِهِ أَوْ زَوْجِهِ الْكَافِرِ ، وَقَالَ

ابْنُ رُشْدٍ يُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ وَلَيْسَ لَهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ .

وَعَدَمُ عُمْقِهِ ، وَاللَّحْدُ
( وَ ) نُدِبَ ( عَدَمُ عُمْقِهِ ) أَيْ الْقَبْرِ ؛ لِأَنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ فَيَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بَرَكَتُهَا وَشَرُّهَا أَسْفَلُهَا .
( وَ ) نُدِبَ ( اللَّحْدُ ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الَّتِي لَا تَتَهَايَلُ بِأَنْ يُحْفَرَ مِنْ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ بِقَدْرِ مَا يَحْرُسُ الْمَيِّتَ وَيَمْنَعُ رَائِحَتَهُ ثُمَّ يَحْفِرُ تَحْتَ الْجَانِبِ الَّذِي إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهِ الْمَيِّتُ عَلَى جَنْبِهِ الْيَمِينِ وَوَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ وَيُسَدُّ فَمُ اللَّحْدِ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِهِ بِلَبِنٍ ، وَيَرُدُّ التُّرَابُ الَّذِي حُفِرَ فِي مَوْضِعِهِ وَالزَّائِدُ يُجْعَلُ فَوْقَ الْأَرْضِ الَّتِي تَحْتَهَا الْمَيِّتُ ، وَيُكَبَّبُ كَسَنَامِ الْبَعِيرِ لِخَبَرِ { اللَّحْدُ لَنَا وَالشَّقُّ لِغَيْرِنَا } فَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ رَخْوَةً تَتَهَايَلُ إذَا حُفِرَ تَحْتَهَا تَعَيَّنَ الشَّقُّ بِأَنْ يُحْفَرَ بِقَدْرِ ذَلِكَ كَذَلِكَ حُفْرَةً وَاسِعَةً ، ثُمَّ يُحْفَرُ فِي وَسَطِهَا بِقَدْرِ الْمَيِّتِ وَيُدْفَنُ فِيهَا كَذَلِكَ وَيُسَدُّ فَمُ الشِّقِّ بِلَبِنٍ وَيُرَدُّ التُّرَابُ فِي مَوْضِعِهِ وَيُكَبَّبُ الزَّائِدُ عَلَيْهِ كَالسَّنَامِ .

وَضَجْعٌ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقَبَّلًا
( وَ ) نُدِبَ ( ضَجْعٌ ) بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ إرْقَادٌ لِلْمَيِّتِ ( فِيهِ ) أَيْ الْقَبْرِ لَحْدًا كَانَ أَوْ شَقًّا ( عَلَى ) جَنْبٍ ( أَيْمَنَ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مُقَبَّلًا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْبَاءِ مُثَقَّلًا أَيْ مَجْعُولًا وَجْهُهُ لِلْقِبْلَةِ ، وَقَوْلُ بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنِ قَبُولٍ أَوْ نَحْوِ هَذَا وَجَعْلُ يَدِهِ الْيُمْنَى أَمَامَهُ وَالْيُسْرَى عَلَى جَسَدِهِ ، وَإِنْ دُفِنَ بِلَا لَحْدٍ وَلَا شَقٍّ كَتُرَبِ مِصْرَ أُسْنِدَ بِالتُّرَابِ مِنْ خَلْفِهِ ، وَأَمَامِهِ لِئَلَّا يَنْقَلِبَ عَلَى وَجْهِهِ أَوْ عَلَى ظَهْرِهِ .
وَهَذَا لَيْسَ دَفْنًا شَرْعِيًّا ، وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مِصْرَ وَنَحْوِهَا تَسَاهُلًا .

وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ ، كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ
( وَتُدُورِكَ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ أُدْرِكَ الْمَيِّتُ نَدْبًا ( إنْ خُولِفَ ) فِي دَفْنِهِ مَا تَقَدَّمَ بِأَنْ جُعِلَ ظَهْرُهُ لِلْقِبْلَةِ أَوْ جُعِلَ وَجْهُهُ لِلْمَشْرِقِ أَوْ الْمَغْرِبِ ، أَوْ جُعِلَ عَلَى أَيْسَرِهِ أَوْ ظَهْرِهِ أَوْ بَطْنِهِ وَصِلَةُ تُدُورِكَ ( بِالْحَضْرَةِ ) لِلدَّفْنِ بِأَنْ يُسَوَّى التُّرَابُ عَلَيْهِ .
وَمَثَّلَ لِلْمُخَالَفَةِ بِقَوْلِهِ ( كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ ) أَيْ جَعْلِهِمَا مَوْضِعَ رَأْسِهِ بِأَنْ دُفِنَ عَلَى يَسَارِهِ ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ بَاقِيَ الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ .

وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ
وَعَطَفَ عَلَى مِثَالٍ مُشَبِّهًا فِي مُطْلَقِ التَّدَارُكِ فَقَالَ ( وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ ) لِلْمَيِّتِ أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَيُتَدَارَكُ وُجُوبًا بِإِخْرَاجِهِ وَتَغْسِيلِهِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ .
ابْنُ رُشْدٍ تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الْغُسْلِ فَقَطْ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ .
وَالْفَوَاتُ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ .

وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ ، إنْ لَمْ يَخَفْ التَّغَيُّرُ .
( وَ ) كَ ( دَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ ) فَيُتَدَارَكُ بِإِخْرَاجِهِ مِنْهَا وَدَفْنِهِ فِي مَقْبَرَةِ الْمُؤْمِنِينَ ( إنْ لَمْ يُخَفْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَيْهِ ( التَّغَيُّرُ ) يَقِينًا أَوْ ظَنًّا فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ فَلَا يُخْرَجُ وَيُصَلَّى عَلَى قَبْرِهِ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ ، أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَتَلَازُمُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي الطَّلَبِ لَا فِي الْفِعْلِ وَيُتْرَكُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَعِيسَى وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْمَوَّاقُ .
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يَفُوتُ تَدَارُكُهُ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ فَقَطْ بِالْفَرَاغِ مِنْ دَفْنِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُخَفْ تَغَيُّرُهُ ، وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْحَطّ فَخُصَّ الشَّرْطُ بِدَفْنِ الْمُسْلِمِ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ .

وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ ، ثُمَّ قَرْمُودٍ ، ثُمَّ آجُرٍّ ، ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ
( وَ ) نُدِبَ ( سَدُّهُ ) أَيْ اللَّحْدِ أَوْ الشَّقِّ قَبْلَ رَدِّ التُّرَابِ فِيهِ ( بِلَبِنٍ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ طُوبٍ نِيءٍ ( ثُمَّ ) سَدُّهُ بِ ( لَوْحٍ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ لَبِنٌ ( ثُمَّ ) سَدُّهُ بِ ( قَرْمُودٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ طِينٍ مَصْنُوعٍ عَلَى هَيْئَةِ وُجُوهِ الْخَيْلِ إنْ لَمْ يُوجَدْ لَوْحٌ ( ثُمَّ آجُرٍّ ) بِمَدِّ الْهَمْزِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ ، أَيْ طُوبٍ مَحْرُوقٍ إنْ لَمْ يُوجَدْ قَرْمُودٌ ( ثُمَّ ) سَدُّهُ بِ ( حَجَرٍ ) إنْ لَمْ يُوجَدْ آجُرٌّ ( ثُمَّ ) سَدُّهُ بِ ( قَصَبٍ ) فَارِسِيٍّ إنْ لَمْ يُوجَدْ حَجَرٌ ( وَسَنُّ ) بِفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ النُّونِ أَيْ صَبُّ ( التُّرَابِ ) عَلَى الْمَيِّتِ إذَا لَمْ يُوجَدْ شَيْءٌ مِمَّا تَقَدَّمَ ( أَوْلَى مِنْ ) دَفْنِهِ بِ ( التَّابُوتِ ) أَيْ الْخَشَبِ الَّذِي حُمِلَ عَلَيْهِ إلَى الْقَبْرِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِيِّ النَّصَارَى ، وَقَدْ أُمِرْنَا بِمُخَالَفَتِهِمْ ، وَكُرِهَ فَرْشُ نَحْوِ مِضْرَبَةٍ تَحْتَهُ وَمِخَدَّةٍ تَحْتَ رَأْسِهِ .

وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةِ ابْنَ : كَسَبْعٍ .
( وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ صَبِيًّا ذَكَرًا ( ابْنَ كَسَبْعٍ ) مِنْ السِّنِينَ وَدَخَلَتْ الثَّامِنَةُ بِالْكَافِ لَا ابْنَ تِسْعٍ ، وَإِنْ جَازَ لَهَا نَظَرُ عَوْرَتِهِ لِلْمُرَاهِقَةِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ النَّظَرِ جَوَازُ الْغُسْلِ لِمَا فِيهِ الْمَسُّ بِالْيَدِ .

وَرَجُلٌ : كَرَضِيعَةٍ
( وَ ) جَازَ غُسْلُ ( رَجُلٍ ) صَبِيَّةً ( كَرَضِيعَةٍ ) أَيْ وَبِنْتَ سَنَتَيْنِ وَشَهْرَيْنِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَيَجُوزُ لَهُ تَغْسِيلُ بِنْتِ سَنَتَيْنِ وَثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لَا بِنْتِ ثَلَاثِ سِنِينَ وَإِنْ جَازَ لَهُ نَظَرُ عَوْرَتِهَا إلَى خَمْسِ سِنِينَ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنْ كَانَتْ الصَّبِيَّةُ مُطِيقَةً لِلْوَطْءِ فَلَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ تَغْسِيلُهَا اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَتْ رَضِيعَةً جَازَ اتِّفَاقًا وَاخْتُلِفَ فِيمَا بَيْنَهُمَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُغَسِّلُهَا وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ يُغَسِّلُهَا ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ الْأَوْلَى مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ .

وَالْمَاءُ الْمُسَخَّنُ
( وَ ) جَازَ ( الْمَاءُ الْمُسَخَّنُ ) أَيْ تَغْسِيلُ الْمَيِّتِ بِهِ كَالْبَارِدِ .

وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى ،
( وَ ) جَازَ ( عَدَمُ الدَّلْكِ ) فِي تَغْسِيلِ الْمَيِّتِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى تَعْمِيمِهِ بِالْمَاءِ ( لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى ) كَثْرَةً تُوجِبُ الْمَشَقَّةَ الْخَارِجَةَ عَنْ الْعَادَةِ بِسَبَبِ الدَّلْكِ ، وَجَازَ عَدَمُ التَّغْسِيلِ لِذَلِكَ وَيُيَمَّمُ مَنْ أَمْكَنَ تَيْمِيمُهُ مِنْهُمْ وَعَلَى كُلٍّ فَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَاحِدَةً عَلَى الْأَصَحِّ قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَصَوَّبَهُ الْبُنَانِيُّ ، وَقَالَ عج لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ

وَتَكْفِينٌ : بِمَلْبُوسٍ ، أَوْ مُزَعْفَرٍ ، أَوْ مُوَرَّسٍ
( وَ ) جَازَ ( تَكْفِينُ ) الْمَيِّتِ ( بِمَلْبُوسٍ ) حَالَ حَيَاتِهِ نَظِيفٌ طَاهِرٌ لَمْ يَشْهَدْ فِيهِ مَشَاهِدَ الْخَيْرِ ، وَإِلَّا كُرِهَ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَنُدِبَ فِي الثَّالِثِ وَالْجَدِيدُ أَوْلَى ( أَوْ ) بِكَفَنٍ ( مُزَعْفَرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الزَّايِ وَالْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٍ بِزَعْفَرَانٍ ( أَوْ ) بِكَفَنٍ ( مُوَرَّسٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَالرَّاءِ مُشَدَّدَةً آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ أَيْ مَصْبُوغٌ بِالْوَرْسِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الطِّيبِ .

وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ ، وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ
( وَ ) جَازَ ( حَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ ) النَّعْشُ وَعَلَيْهِ الْمَيِّتُ صَادِقٌ بِأَقَلَّ مِنْهَا إلَى وَاحِدٍ ، وَأَزْيَدَ مِنْهَا بِلَا نِهَايَةٍ ، فَلَا مَزِيَّةَ لِعَدَدٍ عَلَى عَدَدٍ .
وَقِيلَ يُنْدَبُ لِحَمْلِهِ أَرْبَعَةٌ ، وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ .
( وَ ) جَازَ ( بَدْءٌ ) فِي حَمْلِ النَّعْشِ ( بِأَيِّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْيَاءِ اسْمٌ مَوْصُولٌ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ مُضَافُ ( نَاحِيَةٍ ) أَيْ جَانِبٍ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُصْفُورٍ وَابْنِ الضَّائِعِ بِجَوَازِ إضَافَةِ أَيْ الْمَوْصُولَةِ لِلنَّكِرَةِ وَالْمَعْنَى بِالنَّاحِيَةِ الَّتِي يَشَاءُ الْحَامِلُ الْبَدْءَ بِهَا مِنْ مُقَدَّمِهِ الْأَيْمَنِ أَوْ الْأَيْسَرِ أَوْ مُؤَخَّرِهِ كَذَلِكَ .

وَالْمُعَيِّنُ مُبْتَدِعٌ ،
( وَالْمُعَيِّنُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَكَسْرِ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ مُشَدَّدَةً لِلْبَدْءِ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَأَشْهَبَ الْقَائِلِ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْمَنِ فَيَضَعُهُ الْحَامِلُ عَلَى مَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ الْأَيْسَرِ .
وَابْنُ حَبِيبٍ الْقَائِلُ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ يَسَارِ السَّرِيرِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَسَارِهِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِ يَمِينِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ الرَّمَاصِيُّ فِي أَجْوِبَتِهِ الْيَمِينُ وَالْيَسَارُ لِلسَّرِيرِ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ بِاعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رَأْسِهِ وَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ يَمِينِ السَّرِيرِ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ .
وَعَبَّرَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ قَوْلِ أَشْهَبَ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ الْمَيِّتِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ بِمُؤَخَّرِهِ إلَخْ .
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ يَبْدَأُ بِمُقَدَّمِ السَّرِيرِ الْأَيْسَرِ ، وَهُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ إلَخْ فَيَأْتِي عَلَى اعْتِبَارِ اسْتِقْبَالِ الْحَامِلِ لَهُ إذَا أَتَى مِنْ جِهَةِ رِجْلَيْهِ ؛ لِأَنَّ يَسَارَ السَّرِيرِ حِينَئِذٍ هُوَ يَمِينُ الْمَيِّتِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ أَشْهَبَ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ اتَّفَقَ مَعَ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الِابْتِدَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الْخَتْمِ وَخَبَرِ الْمُعَيِّنُ ( مُبْتَدِعٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ، وَكَسْرِ الدَّالِ أَيْ مُخْتَرِعٌ لِأَمْرٍ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرِيعَةِ مِنْ نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْجِنَازَةِ مِنْ أَيْ جَوَانِبِ السَّرِيرِ شِئْت بَدَأَتْ وَلَك أَنْ تَحْمِلَ بَعْضَ الْجَوَانِبِ وَتَدَعَ بَعْضًا وَإِنْ شِئْت لَمْ تَحْمِلْ ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ يَبْدَأُ بِالْيَمِينِ بِدْعَةٌ انْتَهَى سَنَدٌ بَدَّعَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِتَخْصِيصِهِ فِي حُكْمِ الشَّرْعِ مَا لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا نَصَّ فِيهِ وَلَا إجْمَاعَ ، وَهَذِهِ سِمَةُ الْبِدْعَةِ .

وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ ، أَوْ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي : كَأَبٍ ، وَزَوْجٍ ، وَابْنٍ ، وَأَخٍ
( وَ ) جَازَ ( خُرُوجُ ) مَرْأَةٍ ( مُتَجَالَّةٍ ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا لِجِنَازَةِ كُلِّ أَحَدٍ ( أَوْ ) مَرْأَةٍ شَابَّةٍ ( إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا ) أَيْ الشَّابَّةِ ( الْفِتْنَةُ ) لِلرِّجَالِ بِتَعَلُّقِ نُفُوسِهِمْ بِهَا ( فِي ) جِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا ( كَأَبٍ ) لَهَا وَأُمٍّ ( وَزَوْجٍ ) لَهَا ( وَابْنٍ ) وَبِنْتٍ لَهَا ( وَأَخٍ ) وَأُخْتٍ مُطْلَقًا ، وَكُرِهَ خُرُوجُهَا لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَحَرُمَ عَلَى مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَمِثْلُ الشَّابَّةِ غَيْرُ الْمَخْشِيَّةِ الْمُتَجَالَّةُ الَّتِي فِيهَا إرْبٌ لِلرِّجَالِ

وَسَبْقُهَا
( وَ ) جَازَ لِمُشَيِّعٍ ( سَبْقُهَا ) أَيْ الْجِنَازَةِ لِمَوْضِعِ دَفْنِهَا لَا لِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَخِلَافُ الْأَوْلَى .

وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا
( وَ ) جَازَ لِلْمُشَيِّعِينَ لِلْجِنَازَةِ مُشَاةً أَوْ رُكْبَانًا ( جُلُوسٌ ) بِمَوْضِعِ دَفْنِهَا أَوْ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا ( قَبْلَ وَضْعِهَا ) عَلَى أَكْتَافِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا بِالْأَرْضِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا أَوْ دَفْنِهَا ، وَجَازَ اسْتِمْرَارُهُمْ قَائِمِينَ حَتَّى تُوضَعَ

وَنَقْلٌ ، وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ ،
( وَ ) جَازَ ( نَقْلٌ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ أَيْ تَحْوِيلٌ لِلْمَيِّتِ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ قَبْلَ دَفْنِهِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَنْفَجِرَ حِينَ نَقْلِهِ ، وَأَنْ لَا تُنْتَهَكَ حُرْمَتُهُ ، وَأَنْ يَكُونَ لِمَصْلَحَةٍ كَالْخَوْفِ عَلَيْهِ مِنْ بَحْرٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ رَجَاءِ بَرَكَةِ الْمَحَلِّ الْمَنْقُولِ إلَيْهِ أَوْ دَفْنِهِ بَيْنَ أَهْلِهِ أَوْ قُرْبِ زِيَارَةِ أَهْلِهِ لَهُ ، وَإِلَّا حَرُمَ ، وَيَجُوزُ مَعَ الشُّرُوطِ .
( وَإِنْ ) كَانَ ( مِنْ بَدْوٍ ) إلَى حَضَرٍ وَالْمُنَاسِبُ قَلْبُ الْمُبَالَغَةِ بِأَنْ يُقَالَ ، وَإِنْ مِنْ حَضَرٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ بِمَعْنَى إلَى .

وَبُكًى عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ : بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ ، وَقَوْلٍ قَبِيحٍ
( وَ ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى ( بُكًى ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مَقْصُورًا أَيْ إسَالَةُ دَمْعٍ ( عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ ) أَيْ الْمَوْتِ حَالَ كَوْنِهِ ( بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ ) فَإِنْ كَانَ بِرَفْعِ صَوْتٍ حَرُمَ وَيُسَمَّى حِينَئِذٍ بُكَاءً بِالْمَدِّ ( وَ ) بِلَا ( قَوْلٍ قَبِيحٍ ) فَإِنْ كَانَ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ كَمَخْطُوفٍ وَمَنْهُوبٍ وَغَيْرِ مُسْتَحِقِّ الْمَوْتِ حَرُمَ .

وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ .
( وَ ) جَازَ ( جَمْعُ أَمْوَاتٍ ) ، وَأَوْلَى جَمْعُ مَيِّتَيْنِ ( بِقَبْرٍ ) وَاحِدٍ ( لِضَرُورَةٍ ) كَكَثْرَةِ الْمَوْتَى وَضِيقِ الْمَكَانِ وَتَعَذُّرِ الْحَافِرِ وَلَوْ فِي أَوْقَاتٍ .
فَلَا يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرٍ لِدَفْنِ آخَرَ فِيهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ذُكُورًا كَانُوا أَوْ إنَاثًا ، أَوْ بَعْضُهُمْ ذُكُورًا أَوْ بَعْضُهُمْ إنَاثًا كَانُوا أَقَارِبَ أَوْ أَبَاعِدَ .
وَلَا يَجُوزُ لَمُّ عِظَامِ الْمَيِّتِ الْقَدِيمِ وَلَا تَكْسِيرُهَا ، وَكُرِهَ جَمْعُهُمْ بِقَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ

وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ .
( وَوَلِيَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ ، وَكَسْرِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ جُعِلَ وَالِيًا وَمُبَاشِرًا ( الْقِبْلَةَ ) مِنْ الْقَبْرِ الْمَيِّتُ ( الْأَفْضَلُ ) مِنْ بَاقِي الْأَمْوَاتِ الْمَجْمُوعِينَ مَعَهُ فِي الدَّفْنِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ نَدْبًا فَيُقَدَّمُ الذَّكَرُ عَلَى الْأُنْثَى ، وَالْكَبِيرُ عَلَى الصَّغِيرِ ، وَالْحُرُّ عَلَى الرِّقِّ ، وَالْعَدْلُ عَلَى غَيْرِهِ ، وَالْعَالِمُ عَلَى الْجَاهِلِ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ .

أَوْ بِصَلَاةٍ
( أَوْ بِصَلَاةٍ ) عَطْفٌ عَلَى بِقَبْرٍ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِلَا ضَرَرٍ بِدَلِيلِ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ إفْرَادِ كُلِّ وَاحِدٍ بِصَلَاةٍ لِرَجَاءِ عَوْدِ بَرَكَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ .

يَلِي الْإِمَامَ : رَجُلٌ ، فَطِفْلٌ ، فَعَبْدٌ ، فَخَصِيٌّ ، فَخُنْثَى كَذَلِكَ .
وَفِي الصِّنْفِ أَيْضًا : الصَّفُّ

( يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ ) أَيْ غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ ، كَذَلِكَ حُرٌّ ( فَطِفْلٌ ) حُرٌّ ( فَعَبْدٌ ) غَيْرُ خَصِيٍّ وَلَا مَجْبُوبٍ كَذَلِكَ أَيْ رَجُلٌ فَطِفْلٌ ( فَخَصِيٌّ ) أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَمَجْبُوبٌ أَيْ مَقْطُوعُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَيَيْنِ مَعًا كَذَلِكَ أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ ( فَخُنْثَى ) مُشْكِلٌ ( كَذَلِكَ ) أَيْ حُرٌّ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ فَعَبْدٌ كَبِيرٌ فَصَغِيرٌ ، فَأُنْثَى حُرَّةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ ، فَأَمَةٌ كَبِيرَةٌ فَصَغِيرَةٌ ، فَالْأَصْنَافُ خَمْسَةٌ فِي كُلِّ صِنْفٍ أَرْبَعٌ .
( وَ ) جَازَ ( فِي الصِّنْفِ ) الْوَاحِدِ كَالْفُحُولِ فَقَطْ وَالْمَخَاصِي كَذَلِكَ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوَالِي وَالْمَعْطُوفُ عَلَى فَاعِلِ جَازَ ( الصَّفُّ ) مُمْتَدًّا مِنْ الْيَمِينِ إلَى الشِّمَالِ بِأَنْ يُجْعَلَ الْحُرُّ أَمَامَ الْإِمَامِ وَالْحُرُّ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ وَالْعَبْدُ الْكَبِيرُ عَنْ يَسَارِهِ وَالْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَمِينِهِ ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ .
وَقِيلَ يُجْعَلُ الْعَبْدُ الصَّغِيرُ عَنْ يَسَارِهِ أَيْضًا ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَصْنَافِ عج ، وَهَلْ يُجْعَلُ عَنْ يَمِينِ الْإِمَامِ مَفْضُولُ الْأَفْضَلِ بِحَيْثُ تَكُونُ رِجْلَاهُ عِنْدَ رَأْسِ الْأَفْضَلِ وَبَاقِي الْأَصْنَافِ تُجْعَلُ كُلُّهَا عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ عَلَى تَرْتِيبِ الْمُصَنِّفِ ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ .
أَوْ يُجْعَلُ مَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَمِينِ جِهَةَ الْيَسَارِ وَمَفْضُولُ مَنْ عَلَى جِهَةِ الْيَسَارِ عَلَى الْيَمِينِ ، وَهَكَذَا .
وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ عب وشب ، وَعَلَى هَذَا فَالتَّفَاوُتُ بِالْقُرْبِ تَارَةً وَالتَّيَامُنُ أُخْرَى ، وَأَمَّا عَلَى مَا فِي الشَّارِحِ فَبِالْقُرْبِ دَائِمًا إلَّا الثَّانِي فَمَزِيَّتُهُ عَلَى الثَّالِثِ التَّيَامُنُ وَيَجُوزُ الصَّفُّ فِي الْأَصْنَافِ الْمُجْتَمِعَةِ فَلَا مَفْهُومَ لِلصِّنْفِ .

وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ ،

( وَ ) جَازَ بِمَعْنَى نُدِبَ لِلرِّجَالِ خَاصَّةً ( زِيَارَةُ الْقُبُورِ بِلَا حَدٍّ ) أَيْ تَحْدِيدٍ بِيَوْمٍ مِنْ الْأُسْبُوعِ أَوْ وَقْتٍ مِنْ الْيَوْمِ أَوْ بِمُدَّةِ مُكْثٍ عِنْدَهَا مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَلَغَنِي أَنَّ الْأَرْوَاحَ بِفِنَاءِ الْمَقَابِرِ فَلَا تَخْتَصُّ زِيَارَتُهَا بِيَوْمٍ بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا خُصَّ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِفَضْلِهِ وَالْفَرَاغِ فِيهِ أَوْ دُعَاءٌ ، وَيَنْبَغِي مَزِيدُ الِاعْتِبَارِ بِحَالِ الْمَوْتَى حَالَ زِيَارَتِهِمْ ، وَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ وَعَدَمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْكَلَامِ الدُّنْيَوِيِّ وَالْحَذَرُ مِنْ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ صَدَقَاتِ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنَّهُ مِنْ أَقْبَحِ مَا يَكُونُ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا تَذْكِرَةً } .
ا هـ وَفَعَلَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَقُولُ { السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدَّارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ يَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ، وَإِنَّا بِكُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَاحِقُونَ اللَّهُمَّ اُرْزُقْنَا أَجْرَهُمْ وَلَا تَفْتِنَّا بَعْدَهُمْ } .
الْقُرْطُبِيُّ يَنْبَغِي لِمَنْ عَزَمَ عَلَى زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَنْ يَتَأَدَّبَ بِأَدَبِهَا وَيُحْضِرَ قَلْبَهُ فِي إتْيَانِهَا وَلَا يَكُونُ حَظُّهُ التَّطْوَافَ عَلَى الْأَجْدَاثِ فَإِنَّهَا حَالَةٌ تُشَارِكُهُ فِيهَا الْبَهِيمَةُ بَلْ يَقْصِدُ بِزِيَارَتِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَإِصْلَاحَ قَلْبِهِ وَنَفْعَ الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ .
وَيُسَلِّمُ إذَا دَخَلَ الْمَقَابِرَ وَيُخَاطِبُهُمْ خِطَابَ الْحَاضِرِينَ فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ ، وَإِذَا وَصَلَ إلَى قَبْرِ مَعْرِفَتِهِ سَلَّمَ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَأْتِيهِ مِنْ تِلْقَاءِ وَجْهِهِ وَيَعْتَبِرُ بِحَالِهِ .
وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ مَرَّ عَلَى الْمَقَابِرِ ، وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً ثُمَّ ، وَهَبَ أَجْرَهُ لِلْأَمْوَاتِ أُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِهِمْ } .
وَعَنْ الْحَسَنِ مَنْ دَخَلَ الْمَقَابِرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الْأَجْسَادِ الْبَالِيَةِ وَالْعِظَامِ النَّخِرَةِ وَالْأَرْوَاحِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الدُّنْيَا ، وَهِيَ بِك مُؤْمِنَةٌ أَدْخِلْ عَلَيْهَا رَوْحًا مِنْك وَسَلَامًا مِنِّي كُتِبَ لَهُ بِعَدَدِهِمْ حَسَنَاتٌ .

وَكُرِهَ : حَلْقُ شَعْرِهِ ، وَقَلْمُ ظُفُرِهِ .
وَهُوَ بِدْعَةٌ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ، وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( حَلْقُ ) أَيْ إزَالَةُ ( شَعْرِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ الَّذِي يَجُوزُ حَلْقُهُ حَالَ حَيَاتِهِ كَشَعْرِ رَأْسِهِ ، وَإِبْطِهِ ، وَإِلَّا حَرُمَ كَشَعْرِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَرَأْسِ الْمَرْأَةِ ( وَ ) كُرِهَ ( قَلْمُ ظُفُرِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمَذْكُورُ مِنْ حَلْقِ الشَّعْرِ ، وَقَلْمِ الظُّفُرِ ( بِدْعَةٌ ) فِيهَا لِمَالِكٍ أَكْرَهُ أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِمِجْمَرَةٍ أَوْ تُقَلَّمُ أَظْفَارُهُ أَوْ تُحْلَقُ عَانَتُهُ وَأَرَى ذَلِكَ بِدْعَةً مِمَّنْ فَعَلَهُ .
الْبَاجِيَّ لَا يُحْلَقُ لَهُ شَعْرٌ وَلَا يُخْتَنُ وَلَا يُقَلَّمُ ظُفْرُهُ وَيُنَقَّى الْوَسَخُ مِنْ أَظْفَارِهِ وَغَيْرِهَا فِي الْمَدْخَلِ إذَا فُرِغَ مِنْ غُسْلِهِ يُنَظَّفُ مَا تَحْتَ أَظْفَارِهِ بِعُودٍ أَوْ بِغَيْرِهِ وَلَا يُقَلَّمُهَا ، ثُمَّ قَالَ وَيُسَرِّحُ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ بِمُشْطٍ وَاسِعِ الْأَسْنَانِ بِرِفْقٍ فَإِنْ خَرَجَ فِيهِ شَعْرٌ جَمَعَهُ ، وَأَلْقَاهُ فِي كَنَفِهِ .
سَحْنُونٌ وَلَا يَفْعَلُ هُوَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِذَلِكَ أَمَّا لِقَصْدِ الرَّاحَةِ فَجَائِزٌ .

وَضُمَّ مَعَهُ إنْ فُعِلَ ،
( وَضُمَّ ) بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ جَمِيعُ الشَّعْرِ الْمَحْلُوقِ وَالظُّفْرِ الْمَقْلُومِ ( مَعَهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي كَفَنِهِ ( إنْ فُعِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْحَلْقُ أَوْ الْقَلَمُ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
زَادَ ، وَكَذَلِكَ مَا سَقَطَ مِنْ جَسَدِهِ مِنْ ذَلِكَ .
أَشْهَبُ وَمَا سَقَطَ مِنْهُ مِنْ شَعْرٍ أَوْ غَيْرِهِ جُعِلَ فِي أَكْفَانِهِ .
تت لَمْ يُعَيِّنْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الضَّمِّ .
عج هُوَ الْوُجُوبُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِهِ بِأَنَّهُ جُزْءٌ .
عب وشب هَذَا مُشْكِلٌ يَكُونُ الْفِعْلُ مَكْرُوهًا وَالظَّاهِرُ نَدْبُهُ كَمَا قَالَ اللَّقَانِيُّ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَجْزَاءَ لَا تَجِبُ مُوَارَاتُهَا وَلَوْ وَجَبَ لَحَرُمَتْ الْإِزَالَةُ الْبُنَانِيُّ الظَّاهِرُ لَا إشْكَالَ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ جُزْءًا حَقِيقِيًّا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ فَلَا يُعْطَى حُكْمُهُ .

وَلَا تُنْكَأُ قُرُوحُهُ ، وَيُؤْخَذُ عَفْوُهَا
( وَلَا تُنْكَأُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَسُكُونِ النُّونِ آخِرُهُ هَمْزٌ أَيْ لَا تُفَجَّرُ وَلَا تُعْصَرُ ( قُرُوحُهُ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَالرَّاءِ أَيْ جُرُوحُهُ وَدَمَامِيلُهُ ( وَيُؤْخَذُ ) أَيْ يُزَالُ بِالْغُسْلِ أَوْ بِغَيْرِهِ نَدْبًا ( عَفْوُهَا ) أَيْ مَا سَالَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ وَلَوْ دُونَ دِرْهَمٍ لِلنَّظَافَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَا يُغَيَّرُ عَنْ هَيْئَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا أَصْلًا .
وَفِي الْجَلَّابِ وَمَنْ بِهِ قُرُوحٌ غُسِلَ بِالْمَاءِ السُّخْنِ وَأُخِذَ عَفْوُهَا وَلَا تُنْكَأُ .
تت أَيْ تُعْصَرُ قُرُوحُهُ كَدَمَامِلَ وَبَثَرَاتٍ وَجِرَاحَاتٍ وَنَحْوِهَا ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِخُرُوجِ مَا فِيهِ ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فَيُتْرَكُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي مَاتَ عَلَيْهَا .
الْبِسَاطِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِإِتْيَانِهِ بِالْفِعْلِ بَعْدَ عَدِّ شَيْءٍ مِنْ الْمَكْرُوهَاتِ وَفِي الْمَجْهُولِ أَيْ يُزَالُ مَا سَالَ مِنْهَا مِنْ الدَّمِ وَالْقَيْحِ مِمَّا تَسْهُلُ إزَالَتُهُ .
ا هـ .
وَيُحْتَمَلُ إزَالَةُ مَا بَقِيَ فِيهَا بَعْدَ عَصْرِهَا لِئَلَّا يُلَوَّثَ الْكَفَنُ وَالْأَوَّلُ صَرَّحَ بِهِ سَنَدٌ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ لَا يُنْكَأُ ذَلِكَ فِي ضَوَامِرِهِ ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالظَّاهِرِ كَمَا فِي الْجُنُبِ ، وَإِنَّمَا يُعْصَرُ بَطْنُهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ شَيْءٌ فِي الْكَفَنِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا فِي بَطْنِ الْقُرُوحِ فَإِنَّهُ إذَا أُخِذَ عَفْوُهُ لَمْ تَبْقَ مَادَّةٌ تَنْصَبُّ إلَيْهِ بِسُرْعَةٍ بِحَسَبِ ذَهَابِ جَرْيِ حَيَاتِهِ وَضِيقِ مَجَارِي الدَّمِ .

، وَقِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ
( وَ ) كُرِهَ ( قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ لَيْسَتْ الْقَارَّةُ وَالْبَخُورُ مِنْ الْعَمَلِ ابْنُ رُشْدٍ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحُكِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ قَرَأَ يس أَوْ قُرِئَتْ عِنْدَ رَأْسِهِ وَهُوَ فِي سَكَرَاتِ الْمَوْتِ بَعَثَ اللَّهُ مَلَكًا إلَى مَلَكِ الْمَوْتِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى عَبْدِي الْمَوْتَ } قَالَ ، وَإِنَّمَا كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ اسْتِنَانًا وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ .
ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ وَجْهُ مَا فِي السَّمَاعِ أَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا تَدَبُّرُ أَحْوَالِ الْمَيِّتِ لِيُتَّعَظَ بِهَا ، وَهُوَ مُشْغِلٌ عَنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ فَيُؤَدِّي لِإِسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ الْعَدَوِيُّ فَالْقِرَاءَةُ عِنْدَهُ مَكْرُوهَةٌ قَصَدَ بِهَا اسْتِنَانًا أَمْ لَا لِمُنَافَاتِهَا الْمَقْصُودَ ، وَكَذَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَعَلَى قَبْرِهِ فَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ

كَتَجْمِيرِ الدَّارِ ، وَبَعْدَهُ ، وَعَلَى قَبْرِهِ ،

( كَتَجْمِيرِ ) أَيْ تَبْخِيرِ ( الدَّارِ ) لِإِزَالَةِ رَائِحَةِ الْمَوْتِ فِي زَعْمِهِ فَيُكْرَهُ ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْعَمَلِ ؛ وَلِأَنَّ الْمَوْتَ لَا رَائِحَةَ لَهُ فَإِنْ كَانَ لِإِزَالَةِ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ نُدِبَ وَعَطَفَ عَلَى عِنْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ ( وَ ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ عَلَى الْمَيِّتِ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْمَوْتِ ( وَعَلَى قَبْرِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ ، وَلِمُنَافَاتِهَا لِلْمَقْصُودِ مِنْ التَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّوْضِيحِ .
مَذْهَبُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَرَاهَةُ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ وَنَقَلَهَا سَيِّدِي ابْنُ أَبِي حَمْزَةَ قَائِلًا ؛ لِأَنَّا مُكَلَّفُونَ بِالتَّفَكُّرِ فِيمَا قِيلَ لَهُمْ وَمَاذَا لَقُوا وَنَحْنُ مُكَلَّفُونَ بِالتَّدَبُّرِ فِي الْقُرْآنِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى إسْقَاطِ أَحَدِ الْعَمَلَيْنِ .
ا هـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي الْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ قَبِلَ عِيَاضٌ اسْتِدْلَالَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَبْرِ بِحَدِيثِ الْجَرِيدَتَيْنِ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ ضَابِطُهُ : إنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَوَهَبَ ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِمَيِّتٍ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ .
الْقَرَافِيُّ : الْقُرُبَاتُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ حَجَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى عَبْدِهِ فِي ثَوَابِهِ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ نَقْلَهُ إلَى غَيْرِهِ كَالْإِيمَانِ وَالتَّوْحِيدِ ، وَقِسْمٌ اُتُّفِقَ عَلَى جَوَازِ نَقْلِهِ وَهُوَ الْقُرُبَاتُ الْمَالِيَّةُ ، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، وَهُوَ الصَّوْمُ وَالْحَجُّ وَالْقِرَاءَةُ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّهَا بَدَنِيَّةٌ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلَّا مَا سَعَى } .
وَلِحَدِيثِ { إذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ عِلْمٌ يُنْتَفَعُ بِهِ وَصَدَقَةٌ جَارِيَةٌ وَوَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ } .
وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ

وَابْنُ حَنْبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قِيَاسًا عَلَى الدُّعَاءِ .
وَلِحَدِيثِ { صَلِّ لَهُمَا مَعَ صَلَاتِك وَصُمْ لَهُمَا مَعَ صَوْمِك } يَعْنِي أَبَوَيْهِ وَجَوَابُ الْأَوَّلِ أَنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَمْرُ أَنَّ الْمَطْلُوبَ بِهِ نَحْوُ الْمَغْفِرَةِ فَهَذَا الَّذِي يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ وَثَوَابِهِ ، وَهَذَا خَاصٌّ بِالدَّاعِي وَالْقِيَاسُ عَلَيْهِ يَقْتَضِي قَصْرَ ثَوَابِ الْقِرَاءَةِ عَلَى الْقَارِئِ ، وَمِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ نُعَارِضُهُمَا بِمَا تَقَدَّمَ .
وَيُرَجَّحُ مَا ذَهَبْنَا إلَيْهِ بِمُوَافَقَتِهِ الْأَصْلَ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الِاسْتِمَاعِ وَلَا يَصِحُّ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ عَنْهُ .
وَالظَّاهِرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقِرَاءَةِ لِحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّكْلِيفِ فَقَدْ حَصَلَتْ بَرَكَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَيْلِ وَالدَّوَابِّ وَغَيْرِهِمَا كَمَا ثَبَتَ بِالْجُمْلَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُهْمَلُ أَمْرُ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ فَلَعَلَّ الْوَاقِعَ فِي ذَلِكَ هُوَ الْوُصُولُ لَهُمْ وَلَيْسَ هَذَا حُكْمًا شَرْعِيًّا ، وَكَذَا التَّهْلِيلُ يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ وَيَعْتَمِدَ عَلَى فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ .

وَصِيَاحٌ خَلْفَهَا
( وَ ) كُرِهَ ( صِيَاحٌ ) أَيْ رَفْعُ صَوْتٍ بِاسْمِهَا وَالثَّنَاءِ عَلَيْهَا ( خَلْفَهَا ) أَيْ الْجِنَازَةِ أَوْ أَمَامَهَا أَوْ شِمَالَهَا ، لِمُخَالَفَتِهِ لِلْعَمَلِ وَالْمُبَاهَاةِ ، وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ وَعِظَمِ الْمُصِيبَةِ

، وَقَوْلُ : اسْتَغْفِرُوا لَهَا
( وَ ) كُرِهَ ( قَوْلُ اسْتَغْفِرُوا لَهَا ) ؛ لِأَنَّهَا بِدْعَةٌ وَلِذَا لَمَّا سَمِعَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ لِقَائِلِهِ لَا غَفَرَ اللَّهُ لَهُ

وَانْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ أَوْ بِلَا إذْنٍ ، إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا ،
( وَ ) كُرِهَ ( انْصِرَافٌ عَنْهَا بِلَا صَلَاةٍ ) عَلَيْهَا وَلَوْ طَوَّلُوا أَوْ لِحَاجَةٍ أَوْ بِإِذْنِ أَهْلِهَا ( أَوْ ) انْصِرَافٌ عَنْهَا قَبْلَ دَفْنِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ أَهْلِهَا ( إنْ لَمْ يُطَوِّلُوا ) وَمَفْهُومُ بِلَا إذْنٍ جَوَازُهُ بِإِذْنِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُطَوِّلُوا وَمَفْهُومُ أَنْ يُطَوِّلُوا جَوَازُهُ إنْ طَوَّلُوا وَلَوْ بِلَا إذْنٍ ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا .

وَحَمْلُهَا بِلَا وُضُوءٍ
( وَ ) كُرِهَ ( حَمْلُهَا ) وَالْمَشْيُ مَعَهَا ( بِلَا وُضُوءٍ ) لِتَأْدِيَتِهِ إلَى عَدَمِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مَاءٌ يُتَوَضَّأُ بِهِ بِمَوْضِعِ الصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَانْتِظَارُهُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ .

وَإِدْخَالُهُ بِمَسْجِدٍ ، وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِيهِ .

( وَ ) كُرِهَ ( إدْخَالُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( بِمَسْجِدٍ ) عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ طَهَارَتِهِ صِيَانَةً لَهُ عَمَّا يُحْتَمَلُ خُرُوجُهُ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَى نَجَاسَتِهِ فَإِدْخَالُهُ مُحَرَّمٌ ( وَ ) كُرِهَ ( الصَّلَاةُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( فِيهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَانَ الْمَيِّتُ خَارِجَهُ ؛ لِأَنَّهَا وَسِيلَةٌ لِإِدْخَالِهِ فِيهِ هَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَلَّابِ ، وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ وُضِعَتْ قُرْبَ الْمَسْجِدِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا مَنْ بِالْمَسْجِدِ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ ، وَقَالَهُ ابْنُ يُونُسَ .
ابْنُ نَاجِي لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إذَا ضَاقَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ بِأَهْلِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا فَرْقَ فِي كَرَاهِيَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فِي الْمَسْجِدِ بَيْنَ كَوْنِهَا فِيهِ أَوْ خَارِجَهُ ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ فَعَلَهُ لَمْ يَأْثَمْ وَلَمْ يُؤْجَرْ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ أُجِرَ ؛ لِأَنَّ حَدَّ الْمَكْرُوهِ مَا تَرْكُهُ أَفْضَلُ مِنْ فِعْلِهِ .
وَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ الْكَرَاهَةَ وَالْجَوَازَ وَالْمَنْعَ أَبُو عُمَرَ مَا فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَّى عَلَى سَهْلٍ فِي الْمَسْجِدِ } هُوَ مِنْ أَصَحِّ مَا رُوِيَ .
وَأَجَازَهَا عَلَيْهِ فِيهِ ابْنُ حَنْبَلٍ وَالشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَهِيَ السُّنَّةُ الْمَعْمُولُ بِهَا فِي زَمَنِ الْخَلِيفَتَيْنِ صَلَّى عُمَرُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِيهِ .
وَصَلَّى صُهَيْبٌ عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِيهِ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَرَوَاهُ الْمَدَنِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
اللَّخْمِيُّ ، وَهَذَا أَحْسَنُ .
ابْنُ الْعَرَبِيِّ إلَّا أَنَّ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِاحْتِرَاسِهِ وَحَسْمِهِ لِلذَّرَائِعِ مَنَعَ

إدْخَالَهُمْ فِيهِ خَشْيَةَ اسْتِرْسَالِ النَّاسِ فِيهِ ، وَقَدْ مَنَعَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا دُخُولَ النِّسَاءِ فِيهِ وَحَسْمُ الذَّرَائِعِ فِيمَا لَا يَكُونُ مِنْ اللَّوَازِمِ دَاخِلٌ فِي الدِّينِ .

وَتَكْرَارُهَا
( وَ ) كُرِهَ ( تَكْرَارُهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ صُلِّيَتْ أَوَّلًا جَمَاعَةً ، سَوَاءٌ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً أَوْ أَفْذَاذًا أَوْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أَوْ أُعِيدَتْ كَذَلِكَ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا جَمَاعَةً .

وَتَغْسِيلُ جُنُبٍ : كَسِقْطٍ
( وَ ) كُرِهَ ( تَغْسِيلُ جُنُبٍ ) الْمَيِّتَ فَهِيَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ لِكَرَاهَتِهِ الْمَلَائِكَةُ وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَ ) تَغْسِيلِ ( سِقْطٍ ) نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً فَيُكْرَهُ وَلَوْ أُسْقِطَ بَعْدَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَيُنْدَبُ غَسْلُ دَمِهِ وَيَجِبُ لَفُّهُ بِخِرْقَةٍ وَمُوَارَاتُهُ وَيُنْدَبُ كَوْنُهَا بِالْمَقْبَرَةِ .

وَتَحْنِيطُهُ ، وَتَسْمِيَتُهُ ، وَصَلَاةٌ عَلَيْهِ
( وَ ) كَ ( تَحْنِيطِهِ ) أَيْ تَطْيِيبِ السِّقْطِ فَيُكْرَهُ ( وَ ) كَ ( تَسْمِيَتِهِ ) أَيْ السِّقْطِ بِاسْمٍ فَتُكْرَهُ ( وَ ) كَ ( الصَّلَاةِ عَلَيْهِ ) أَيْ السِّقْطِ فَتُكْرَهُ

، وَدَفْنُهُ بِدَارٍ ، وَلَيْسَ عَيْبًا بِخِلَافِ الْكَبِيرِ
( وَ ) كَ ( دَفْنِهِ ) أَيْ السِّقْطِ ( بِدَارٍ ) هَذَا مَصَبُّ الْكَرَاهَةِ إذْ أَصْلُ دَفْنِهِ وَاجِبٌ .
( وَلَيْسَ ) دَفْنُهُ بِدَارٍ ( عَيْبًا ) مُوجِبًا لِخِيَارِ مُشْتَرِيهَا بَيْنَ رَدِّهَا وَالتَّمَاسُكِ بِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إذَا ظَهَرَ فِيهَا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ بَائِعُهَا ، إذْ لَيْسَ لِقَبْرِهِ حُرْمَةُ قَبْرِ الْكَبِيرِ .
قِيلَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ وَجَدَ الْمُشْتَرِي فِيهَا سِقْطًا قَالَ لَا أَرَى السِّقْطَ عَيْبًا ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى ، قِيلَ أَفَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِهِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ .
ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَاسُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ .
( بِخِلَافِ ) دَفْنِ ( الْكَبِيرِ ) أَيْ مَنْ مَاتَ بَعْدَ اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ بِدَارٍ فَيَجُوزُ ، وَإِنْ بِيعَتْ بِدُونِ بَيَانِهِ لِلْمُشْتَرِي رَدَّهَا بِهِ لِحُرْمَةِ انْتِفَاعِهِ بِقَبْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ ، فَإِنْ قِيلَ هَذَا عَيْبٌ يَسِيرٌ ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ ، أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ تُمْكِنْ إزَالَتُهُ نُزِّلَ مَنْزِلَةَ الْكَثِيرِ فِي إيجَابِ الرَّدِّ ، وَدَفْنُ الْكَبِيرِ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ .
ابْنُ سَحْنُونٍ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَشْتَرِي الدَّارَ فَيَجِدُ فِيهَا قَبْرًا قَدْ كَانَ الْبَائِعُ دَفَنَهُ ، قَالَ أَرَى أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ ؛ لِأَنَّ مَوْضِعَ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ كَأَنَّهُ حَبْسٌ .
الْإِبْيَانِيُّ جَائِزٌ أَنْ يُدْفَنَ الرَّجُلُ فِي دَارِهِ .

لَا حَائِضَ
( لَا ) يُكْرَهُ تَغْسِيلُ ( حَائِضٍ ) لِلْمَيِّتِ لِعَدَمِ قُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِ حَدَثِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ ، وَإِذًا لَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا صَارَتْ كَالْجُنُبِ .

وَصَلَاةُ فَاضِلٍ عَلَى بِدْعِيٍّ أَوْ مُظْهِرِ كَبِيرَةٍ

( وَ ) كُرِهَ ( صَلَاةُ ) شَخْصٍ ( فَاضِلٍ ) أَيْ صَاحِبِ فَضْلٍ بِعِلْمٍ أَوْ عَمَلٍ أَوْ خِلَافَةٍ ( عَلَى ) مَيِّتٍ ( بِدْعِيٍّ ) أَيْ صَاحِبِ بِدْعَةٍ فِي اعْتِقَادِهِ لَمْ يَكْفُرْ بِهَا عَلَى الصَّحِيحِ كَقَدَرِيٍّ وَحَرُورِيٍّ فِي الْمُنْتَقَى : أَهْلُ كُلِّ نَقْصٍ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْإِيمَانِ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ الْمُتَمَسِّكِينَ بِالْإِيمَانِ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لَهُمْ وَزَجْرًا لِغَيْرِهِمْ عَنْ مِثْلِ حَالِهِمْ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا مَا رَوَى جَابِرٌ عَنْ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَاهِقٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ } .
عج مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَإِلَّا فَلَا تُكْرَهُ صَلَاةُ الْفَاضِلِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ فَرْضَهَا لَا يُسْقِطُهُ بِدَعُهُمْ وَلَا كَبَائِرُهُمْ مَا تَمَسَّكُوا بِالْإِسْلَامِ فِيهَا لَا يُسَلَّمُ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ وَلَا يُنَاكَحُونَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُمْ جُمُعَةٌ وَلَا غَيْرُهَا وَلَا تُشْهَدُ جَنَائِزُهُمْ .
سَحْنُونٌ زَجْرًا لَهُمْ وَيُسْتَتَابُ أَهْلُ الْأَهْوَاءِ فَإِنْ تَابُوا ، وَإِلَّا قُوتِلُوا .
أَبُو الْحَسَنِ هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ إذَا دَعَوْا إلَى بِدْعَتِهِمْ وَتُكْرَهُ السُّكْنَى مَعَهُمْ فِي بِلَادِهِمْ لِئَلَّا تَنْزِلَ عَلَيْهِمْ سَخْطَةٌ فَتُصِيبُهُ مَعَهُمْ ، أَوْ يُظَنُّ مِنْهُمْ فَيُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِسُوءِ الظَّنِّ بِهِ أَوْ مَخَافَةَ سَمَاعِ كَلَامِهِمْ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِ شَكٌّ فِي اعْتِقَادِهِ .
( أَوْ ) شَخْصٍ ( مُظْهِرِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ ، وَكَسْرِ الْهَاءِ مَعْصِيَةٍ ( كَبِيرَةٍ ) كَزِنًا وَشُرْبِ مُسْكِرٍ فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُصَلَّى عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ وَيُصْنَعُ بِهِ مَا يُصْنَعُ بِمَوْتَى الْمُسْلِمِينَ وَيُورَثُ وَإِثْمُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَفِي الْمُسْتَخْرَجَةِ يُصَلَّى عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَلَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْإِسْلَامِ حَدَثٌ أَحْدَثَهُ وَلَا جُرْمٌ

اجْتَرَمَهُ ا هـ .
ابْنُ يُونُسَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ } إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ أَنْ يُصَلُّوا عَلَى الْبُغَاةِ ، وَأَهْلِ الْبِدَعِ .
أَبُو إِسْحَاقَ ، وَهَذَا عَلَى بَابِ الرَّدْعِ وَيُصَلِّي عَلَيْهِمْ النَّاسُ ، وَكَذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَهِرِينَ بِالْمَعَاصِي .

وَالْإِمَامُ عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ بِحَدٍّ أَوْ قَوَدٍ ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَهُ فَتَرَدُّدٌ

( وَ ) كُرِهَ صَلَاةُ ( الْإِمَامِ ) أَيْ الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ ( عَلَى مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ ) إمَّا ( بِحَدٍّ ) كَمُحَارِبٍ وَتَارِكِ صَلَاةٍ وَزَانٍ مُحْصَنٍ ( أَوْ قَوَدٍ ) أَيْ قِصَاصٍ كَقَاتِلٍ كُفْءٍ إنْ تَوَلَّاهُ الْإِمَامُ بَلْ ( وَلَوْ تَوَلَّاهُ ) أَيْ الْقَتْلَ ( النَّاسُ دُونَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ وَمَفْهُومُ الْقَتْلِ أَنَّ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ كَزَانٍ بِكْرٍ مَاتَ مِنْهُ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ لِلْإِمَامِ وَلَا لِأَهْلِ الْفَضْلِ .
فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كُلُّ مَنْ قَتَلَهُ الْإِمَامُ فِي قِصَاصٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ حَدٍّ مِنْ الْحُدُودِ فَلَا يُصَلِّي عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَكَذَلِكَ مُحَارِبٌ قَتَلَهُ النَّاسُ دُونَ الْإِمَامِ ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْقَتْلُ فَأَمَّا مَنْ جَلَدَهُ الْإِمَامُ فِي زِنًا فَمَاتَ فَلَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ حَدَّهُ الْجَلْدُ لَا الْقَتْلُ .
وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلْإِمَامِ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَرْجُومِ لِصَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَاعِز وَالْغَامِدِيَّةِ وَعَلَّلَ الْمَشْهُورَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ .
ابْنُ رُشْدٍ لَا يُعَدُّ فِي انْتِقَامِهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِمَا شَرَعَهُ فِي الدُّنْيَا وَشَفَاعَتُهُ لَهُ فِي الْعَاقِبَةِ فِي الدَّارِ الْأُخْرَى ، لِحَدِيثِ { اللَّهُمَّ مَنْ لَعَنْتُهُ أَوْ حَدَدْتُهُ فَاجْعَلْهُ طُهْرًا لَهُ } أَوْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عج تَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ الْإِمَامَ بِالْكَرَاهَةِ يَحْتَمِلُ اعْتِبَارَهُ فَلَا تُكْرَهُ لِغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ لِقَوْلِهَا وَيُصَلِّي عَلَيْهِ النَّاسُ غَيْرُ الْإِمَامِ ، وَهَذَا يُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ بِأَنَّهُ مُنْتَقِمٌ فَلَا يَشْفَعُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْقَاضِي وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ خَاصَّةً أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ قُتِلَ فِي حَدٍّ وَيَحْتَمِلُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ فَتُكْرَهُ صَلَاةُ أَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ أَيْضًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمَهُ فِي تَارِكِ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ فَاضِلٍ وَخُصَّ

الْإِمَامُ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ تَوَلَّاهُ النَّاسُ دُونَهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا شَارِحُ الرِّسَالَةِ .
( وَإِنْ مَاتَ ) مَنْ حَدُّهُ الْقَتْلُ ( قَبْلَهُ ) أَيْ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ ( فَ ) فِي كَرَاهَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ ، وَأَهْلِ الْفَضْلِ عَلَيْهِ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَعَدَمُهَا ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ .
اللَّخْمِيُّ أَرَى فِيمَنْ حُكْمُهُ الْأَدَبُ أَوْ الْقَتْلُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدَّبَ بِذَلِكَ أَنْ يَجْتَنِبَ الْإِمَامُ ، وَأَهْلُ الْفَضْلِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ رَدْعًا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْيَاءِ .
وَنَصَّ أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يُصَلِّي عَلَيْهِ الْعَدَوِيُّ الْأَظْهَرُ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ .

وَتَكْفِينٌ بِحَرِيرٍ ،
( وَ ) كُرِهَ ( تَكْفِينٌ ) لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ( بِحَرِيرٍ ) فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي أَكْفَانِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ الْخَزَّ لِأَنَّ سَدَاهُ الْحَرِيرُ ، وَكَرِهَ الْأَكْفَانَ فِي الْحَرِيرِ مَحْضًا .
ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ فِي كَفَنِ الرِّجَالِ بِالْعَلَمِ مِنْ الْحَرِيرِ ، وَأَجَازَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ وَهْبٍ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ .
وَحَمَلَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْمَنْعِ كَظَاهِرِ الْجَلَّابِ ، وَأَبْقَاهَا جَمَاعَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا .

أَوْ نَجِسٍ ، وَكَأَخْضَرَ ، وَمُعَصْفَرٍ أَمْكَنَ غَيْرُهُ .
( وَ ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِكَفَنٍ ( نَجِسٍ ) بَهْرَامُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجَلَّابِ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ ، وَأَظْهَرُ مِنْهُ فِيهِ قَوْلُ أَشْهَبَ الْكَفَنُ الْجَدِيدُ وَالْخَلِقُ سَوَاءٌ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا لِنَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ إلَّا أَنْ يُؤَوَّلَ الْوُجُوبُ بِوُجُوبِ السُّنَنِ أَيْ التَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ قَرْنِهَا بِالْوَسَخِ وَنَحْوِهِ ، قَوْلُ الْكَافِي لَا يُكَفَّنُ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ عَنْهُ .
عج يُقَدَّمُ الْحَرِيرُ عَلَى النَّجِسِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا .
( وَ ) كُرِهَ تَكْفِينٌ بِ ( كَأَخْضَرَ ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ مِنْ كُلِّ مَصْبُوغٍ بِمَا لَا طِيبَ فِيهِ كَمَصْبُوغٍ بِنِيلَةٍ ( وَمُعَصْفَرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مَصْبُوغٌ بِعُصْفُرٍ ، وَهُوَ نَوَّارُ الْقُرْطُمِ ( أَمْكَنَ غَيْرُهُ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ الْحَرِيرِ وَالنَّجِسِ وَالْمَصْبُوغِ بِغَيْرِ مُطَيِّبٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ وَلَا يَجْتَمِعُ وُجُوبٌ ، وَكَرَاهَةٌ ابْنُ عَرَفَةَ مَا اُضْطُرَّ إلَيْهِ مِنْ مَتْرُوكٍ فُعِلَ .

وَزِيَادَةُ رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ
( وَ ) كُرِهَ ( زِيَادَةُ ) كَفَنِ ( رَجُلٍ عَلَى خَمْسَةٍ وَ ) زِيَادَةُ كَفَنِ امْرَأَةٍ ( عَلَى سَبْعَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ مُخَالِفٌ لِلْعَمَلِ .

وَاجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى ، وَإِنْ سِرًّا ،
، ( وَ ) كُرِهَ ( اجْتِمَاعُ نِسَاءٍ لِبُكًى ) بِالْقَصْرِ أَيْ إرْسَالٌ لِلدُّمُوعِ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ ( وَإِنْ سِرًّا ) لِلْحَالِ ؛ لِأَنَّ الْبُكَاءَ بِرَفْعِ الصَّوْتِ مُحَرَّمٌ ، وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَقَصْرُ مَا قَبْلَهَا عَلَى أَدْنَى الرَّفْعِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَالسِّرِّ وَالْمُحَرَّمُ الرَّفْعُ الْعَالِي كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبُرْزُلِيُّ .

وَتَكْبِيرُ نَعْشٍ ،
( وَ ) كُرِهَ ( تَكْبِيرُ نَعْشٍ ) لِلْمَيِّتِ الصَّغِيرِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ الْمُبَاهَاةِ ، وَإِظْهَارِ عِظَمِ الْمُصِيبَةِ

وَفَرْشُهُ بِحَرِيرٍ
( وَ ) كُرِهَ ( فَرْشُهُ ) أَيْ النَّعْشِ ( بِحَرِيرٍ ) وَلَوْ لِامْرَأَةٍ وَمَفْهُومُ فَرْشٍ إنْ سَتَرَ بِهِ جَائِزٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُلَوَّنًا بِأَلْوَانٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَإِلَّا كُرِهَ .
ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ إعْظَامُ النَّعْشِ وَأَنْ يُفْرَشَ تَحْتَ الْمَيِّتِ قَطِيفَةُ حَرِيرٍ أَوْ خَزٍّ وَلَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يُفْرَشُ إلَّا ثَوْبٌ طَاهِرٌ .
ا هـ وَلَعَلَّ التَّفْرِقَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرِيرِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُمَا فِي تَكْفِينٍ بِالْحَرِيرِ سَوَاءٌ عَلَى الْمَذْهَبِ ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ حَبِيبٍ لِلنِّسَاءِ فَجَرَى هُنَا عَلَى أَصْلِهِ .
عج يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ اعْتِمَادُ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ هُنَا إذَا لَمْ يَنْقُلُوا غَيْرَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ فِي التَّكْفِينِ فِي الْحَرِيرِ إسْرَافٌ لَيْسَ فِي مُجَرَّدِ فَرْشِهِ .

وَإِتْبَاعُهُ بِنَارٍ
( وَ ) كُرِهَ ( إتْبَاعُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( بِنَارٍ ) أَيْ حَمْلُهَا مَعَهُ حَالَ تَشْيِيعِهِ لِلدَّفْنِ لِلتَّشَاؤُمِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا بَخُورٌ لَهُ بَالٌ فَكَرَاهَةٌ أُخْرَى لِإِضَاعَةِ الْمَالِ ، فَإِنْ كَانَ فِي مَبَاخِرَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرُمَ كَإِلْبَاسِ الرِّجَالِ الْحَامِلِينَ لَهَا الْحَرِيرَ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْفَرَحِ الْمُنَافِي لِلْحُزْنِ عَلَى الْمَيِّتِ وَالتَّدَبُّرِ فِي حَالِ الْمَوْتِ وَمَا يَتْبَعُهُ ، وَلَكِنَّ الْهَوَى أَعْمَاهُمْ ، وَأَصَمَّهُمْ ، وَنَصُّ الْأُمَّهَاتِ : وَكَرِهَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنْ يُتْبَعَ الْمَيِّتُ بِنَارٍ تَفَاؤُلًا فِي هَذَا الْمَقَامِ .
أَبُو الْحَسَنِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ طِيبٌ ، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهِ طِيبٌ فَيَزْدَادُ وَجْهًا آخَرَ ، وَهُوَ السَّرَفُ إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ .

وَنِدَاءٌ بِهِ بِمَسْجِدٍ أَوْ بَابِهِ ، لَا بِكَحِلَقٍ بِصَوْتٍ خَفِيٍّ
( وَ ) كُرِهَ ( نِدَاءٌ بِهِ ) أَيْ الْمَيِّتِ بِأَنْ يُقَالَ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ فُلَانٌ مَاتَ فَاسْعَوْا لِجِنَازَتِهِ ( بِمَسْجِدٍ ) لِكَرَاهَةِ رَفْعَ الصَّوْتِ فِيهِ وَلَوْ بِالْعِلْمِ زِيَادَةً عَنْ الْحَاجَةِ ( أَوْ بَابِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّهُ ذَرِيعَةٌ لِرَفْعِهِ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مِنْ فِعْلِ الْجَاهِلِيَّةِ ( لَا ) يُكْرَهُ الْإِعْلَامُ ( بِحِلَقٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ جَمْعُ حَلْقَةٍ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ ( بِصَوْتٍ خَفِيٍّ ) بَلْ يُنْدَبُ لِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ لِتَشْيِيعِهِ .

، وَقِيَامٌ لَهَا ،
( وَ ) كُرِهَ ( قِيَامٌ لَهَا ) أَيْ الْجِنَازَةِ مِنْ جَالِسٍ مَرَّتْ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ سَبَقَهَا لِلْقَبْرِ ، وَكَذَا اسْتِمْرَارُ مُشَيِّعِهَا قَائِمًا حَتَّى تُوضَعَ ، وَقَدْ نُسِخَ هَذَا كُلُّهُ بِمَا رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُومُ لِلْجِنَازَةِ ثُمَّ جَلَسَ ، وَأَمَرَهُمْ بِالْجُلُوسِ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مَرَّةً ، وَكَانَ يَشْتَبِهُ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فَلَمَّا نُهِيَ .
انْتَهَى .
وَقَدْ رَوَى الْكَرَاهَةَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَجَوَّزَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَجَعَلَ الْقَائِمَ لَهَا مَأْجُورًا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ تَرَكَهُ .
ابْنُ حَبِيبٍ إنْ مَرَّتْ بِهِ الْجِنَازَةُ فَلَا يَعْرِضُ عَنْهَا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَفَاءِ .
ابْنُ عَرَفَةَ نُسِخَ الْقِيَامُ لِلْجِنَازَةِ وَفِي كَوْنِهِ مِنْ وُجُوبِهِ لِنَدْبِهِ أَوْ لِإِبَاحَتِهِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لِإِبَاحَتِهِ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بَلْ هُوَ مَنْدُوبٌ ، وَأَمَّا الْقِيَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَلَيْسَ مَنْسُوخًا .
ا هـ .
ابْنُ غَازِيٍّ وَعَلَى هَذَا فَلَا كَرَاهَةَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَرْوَحَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَمَّا نُهِيَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَوْ مِمَّا فِي النَّوَادِرِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ الَّذِي أَخَذَ بِهِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يَقُومُ ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَى الْبَاجِيَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " أَوْلَى لِحَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ فِيهِ ثُمَّ جَلَسَ بَعْدَهُ سَنَدٌ وَيُعَضِّدُهُ حَدِيثُ عُبَادَةَ وَفِيهِ { اجْلِسُوا خَالِفُوهُمْ } ، وَهَذَا أَمْرٌ فَوَجَبَ أَنْ يَقْتَضِيَ اسْتِحْبَابَ مُخَالَفَةِ الْيَهُودِ .

وَتَطْيِينُ قَبْرٍ أَوْ تَبْيِيضُهُ ، وَبِنَاءٌ عَلَيْهِ أَوْ تَحْوِيزٌ ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ ، وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ : كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ بِلَا نَقْشٍ

( وَ ) كُرِهَ ( تَطْيِينُ قَبْرٍ ) أَيْ تَلْبِيسُهُ بِالطِّينِ ( أَوْ تَبْيِيضُهُ ) بِالْجِيرِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ فِي تَطْيِينِهِ مِنْ خَارِجِهِ وَعَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مِنْ دَاخِلِهِ وَخَارِجِهِ لِمَا وَرَدَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّهُ قَالَ إذَا طُيِّنَ الْقَبْرُ فَلَا يَسْمَعُ صَاحِبُهُ الْأَذَانَ وَلَا الدُّعَاءَ وَلَا يَعْلَمُ زَائِرَهُ } .
( وَ ) كُرِهَ ( بِنَاءٌ عَلَيْهِ ) أَيْ الْقَبْرِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَجْصِيصَ الْقُبُورِ وَالْبِنَاءَ عَلَيْهَا { وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْنَى عَلَى الْقُبُورِ أَوْ تُقَصَّصُ } .
وَرُوِيَ تُجَصَّصُ الْمَازِرِيُّ مَعْنَاهُ تُبَيَّضُ بِالْجَيَّارِ أَوْ بِالتُّرَابِ الْأَبْيَضِ وَالْقَصَّةُ الْجِيرُ ، وَهُوَ الْجَصُّ .
ابْنُ يُونُسَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا وَتَفَاخُرِهَا وَالْمَيِّتُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ .
اللَّخْمِيُّ كَرِهَ مَالِكٌ " رَضٍ " تَجْصِيصَ الْقُبُورِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَزِينَةِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتِلْكَ مَنَازِلُ الْآخِرَةِ وَلَيْسَتْ بِمَوْضِعٍ لِلْمُبَاهَاةِ ، وَإِنَّمَا يُزَيِّنُ الْمَيِّتُ عَمَلَهُ فِي النَّوَادِرِ كَرِهَ مَالِكٌ " رض " أَنْ يُرَصَّصَ عَلَى الْقُبُورِ بِالْحِجَارَةِ وَالطِّينِ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا بِطُوبٍ أَوْ حِجَارَةٍ .
وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَهَى عَنْ الْبِنَاءِ عَلَيْهَا وَالْكِتَابَةِ وَالتَّجْصِيصِ .
وَرَوَى جَابِرٌ " رض " { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ تُرَبَّعَ الْقُبُورُ أَوْ يُبْنَى عَلَيْهَا أَوْ يُكْتَبَ فِيهَا أَوْ تُقَصَّصَ } وَرُوِيَ تَجْصِيصٌ ، وَأَمَرَ بِهَدْمِهَا وَتَسْوِيَتِهَا .
( أَوْ تَحْوِيزٌ ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ إدَارَةُ بِنَاءٍ عَلَى الْقَبْرِ .
ابْنُ رُشْدٍ الْبِنَاءُ عَلَى نَفْسِ الْقَبْرِ مَكْرُوهٌ ، وَأَمَّا الْبِنَاءُ حَوَالَيْهِ فَإِنَّمَا يُكْرَهُ مِنْ نَاحِيَةِ التَّضْيِيقِ عَلَى النَّاسِ ، وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَمْلَاكِ .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْبِنَاءِ تَمْيِيزَ الْقَبْرِ مِنْ غَيْرِهِ فَحَكَى اللَّخْمِيُّ فِيهِ الْجَوَازَ وَالْكَرَاهَةَ ، وَأَخَذَهَا مِنْ

إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَا كُرِهَ فِيهَا إلَّا الْبِنَاءُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْعَلَامَةُ .
( وَإِنْ بُوهِيَ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ، وَكَسْرِ الْهَاءِ ( بِهِ ) أَيْ الْمَذْكُورِ مِنْ تَطْيِينِ الْقَبْرِ أَوْ تَبْيِيضِهِ أَوْ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ أَوْ التَّحْوِيزِ ( حَرُمَ ) الْحَطّ فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَطْيِينَ الْقَبْرِ أَيْ جَعْلُ الطِّينِ عَلَيْهِ وَالْحِجَارَةِ مَكْرُوهٌ ، وَكَذَلِكَ تَبْيِيضُهُ إذَا لَمْ يُقْصَدْ بِذَلِكَ الْمُبَاهَاةُ فَإِنْ قُصِدَ بِهِ الْمُبَاهَاةُ حَرُمَ ( وَجَازَ لِلتَّمْيِيزِ ) بَيْنَ الْقُبُورِ وَفَاعِلُ جَازَ الْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ ( كَحَجَرٍ ) إذْ هُوَ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ يُغْرَزُ عَلَى الْقَبْرِ عَلَامَةً عَلَيْهِ ( أَوْ خَشَبَةٍ ) كَذَلِكَ ( بِلَا نَقْشٍ ) لِاسْمِهِ أَوْ تَارِيخِ مَوْتِهِ عَلَى الْحَجَرِ أَوْ الْخَشَبَةِ ، وَإِلَّا كُرِهَ ، وَإِنْ بُوهِيَ بِهِ حَرُمَ .
وَيَنْبَغِي حُرْمَةُ نَقْشِ الْقُرْآنِ ، وَأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى مُطْلَقًا لِتَأْدِيَتِهِ إلَى الِامْتِهَانِ ، وَكَذَا نَقْشُهَا عَلَى الْحِيطَانِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الرَّجُلُ عَلَى الْقَبْرِ حَجَرًا أَوْ خَشَبَةً أَوْ عُودًا يَعْرِفُ بِهِ قَبْرَ وَلِيِّهِ مَا لَمْ يَكْتُبْ فِي ذَلِكَ وَلَا أَرَى قَوْلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا تَجْعَلُوا حَجَرًا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ مِنْ فَوْقِهِ عَلَى مَعْنَى الْبِنَاءِ .
ابْنُ حَبِيبٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُجْعَلَ فِي طَرَفِ الْقَبْرِ الْحَجَرُ الْوَاحِدُ لِئَلَّا يُحْفَرَ مَوْضِعُهُ إذَا عَفَى أَثَرُهُ .

وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ فَقَطْ ، وَلَوْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ ،

( وَلَا يُغَسَّلُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ وَفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالسِّينِ مُشَدَّدَةً أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسَّلَ شَخْصٌ ( شَهِيدُ مُعْتَرَكٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ الْكَافِرِينَ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ سَائِرِ الشُّهَدَاءِ كَالْمَبْطُونِ وَالْغَرِيقِ وَالْحَرِيقِ وَالْمَطْعُونِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُمْ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِمْ ، فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالشَّهِيدُ فِي الْمُعْتَرَكِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُكَفَّنُ وَلَا يُحَنَّطُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيُدْفَنُ بِثِيَابِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ إذَا قُتِلَ بِبَلَدِ الْكُفْرِ .
} بَلْ ( وَلَوْ ) قُتِلَ الْمُسْلِمُ ( بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ ) بِأَنْ غَزَا الْحَرْبِيُّونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَدَخَلُوا أَرْضَهُمْ .
هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ بَشِيرٍ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ يُغَسَّلُ وَنَسَبَهُ فِي الْجَوَاهِرِ لِابْنِ الْقَاسِمِ .
سُئِلَ أَصْبَغُ عَنْ أَهْلِ الْحَرْبِ يُغِيرُونَ عَلَى بَعْضِ ثُغُورِ الْإِسْلَامِ فَيَقْتُلُونَ الرِّجَالَ فِي مَنَازِلِهِمْ فِي غَيْرِ مُعْتَرَكٍ وَلَا مُجْتَمَعٍ وَلَا مُلَاقَاةٍ فَقَالَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ فَسَأَلْت ابْنَ وَهْبٍ فَقَالَ لَهُ هُمْ شُهَدَاءُ قَالَ ، وَهُوَ رَأْيِي .
قِيلَ لِأَصْبَغَ وَسَوَاءٌ عِنْدَك قَتَلُوهُمْ غَافِلِينَ أَوْ مُقَاصَفَةً قَالَا نَعَمْ هُمْ شُهَدَاءُ ، قِيلَ فَإِنْ قَتَلُوا امْرَأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَهُمْ عِنْدَك مِثْلُ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ وَبِأَيِّ قِتْلَةٍ قُتِلُوا بِسِلَاحٍ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَالَ هُمْ عِنْدِي سَوَاءٌ يُصْنَعُ لَهُمْ مَا يُصْنَعُ بِالشُّهَدَاءِ .
ابْنُ رُشْدٍ الْمَنْصُوصُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ مَذْهَبِ ابْنِ وَهْبٍ وَفِيهَا دَلِيلٌ عَلَى مِثْلِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ .
ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ أَقُولُ وَلَوْ مَرْأَةً أَوْ صَبِيَّةً أَوْ

صَبِيًّا ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ ، وَهُوَ وِفَاقٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .
( أَوْ لَمْ يُقَاتِلْ ) الْمُسْلِمُ الْحَرْبِيِّينَ بِأَنْ كَانَ غَافِلًا أَوْ نَائِمًا الْحَطّ لَا فَرْقَ فِيمَنْ قُتِلَ فِي مَعْرَكَةِ الْمُشْرِكِينَ بَيْنَ قَتْلِهِ مِنْ سَبَبِهِمْ أَوْ غَيْرِ سَبَبِهِمْ ، وَسَوَاءٌ قَتَلَهُ الْمُشْرِكُونَ بِأَيْدِيهِمْ ، أَوْ حَمَلَ عَلَيْهِمْ فَتَرَدَّى فِي بِئْرٍ أَوْ سَقَطَ مِنْ شَاهِقٍ ، أَوْ عَنْ فَرَسِهِ فَانْدَقَّ عُنُقُهُ ، أَوْ رَجَعَ عَلَيْهِ سَهْمُهُ أَوْ سَيْفُهُ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ شَهِيدٌ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُونَ فِي الْمُعْتَرَكِ مُسْلِمًا ظَنُّوا أَنَّهُ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ مَا دَاسَتْ الْخَيْلُ مِنْ الرِّجَالِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُغَسَّلُونَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَلَا يُغَسَّلُ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ إنْ كَانَ غَيْرَ جُنُبٍ .

وَإِنْ أَجْنَبَ ، عَلَى الْأَحْسَنِ
بَلْ ( وَإِنْ أَجْنَبَ ) أَيْ كَانَ شَهِيدُ الْمُعْتَرَكِ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ ( عَلَى الْأَحْسَنِ ) مِنْ الْخِلَافِ عِنْدَ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ لِانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ بِالْمَوْتِ .
ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَصْبَغَ قُتِلَ حَنْظَلَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَوْمَ أُحُدٍ ، وَهُوَ جُنُبٌ فَلَمْ يَصْنَعْ فِيهِ شَيْئًا .
قَالَ أَشْهَبُ لَا يُغَسَّلُ الشَّهِيدُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ جُنُبًا وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ ؛ لِأَنَّ غُسْلَ الْجُنُبِ عِبَادَةٌ مُتَوَجِّهَةٌ عَلَى الْأَحْيَاءِ عِنْدَ الْقِيَامِ لِلصَّلَاةِ ، وَقَدْ ارْتَفَعَتْ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ هَذَا الْقَوْلِ .
ابْنُ يُونُسَ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ يُغَسَّلُ بَهْرَامُ قِيلَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَقْرَبُ .
تت ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ نَاجِي ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ الْفَتْوَى وَشَاهِدُ الْمَشْهُورِ حَنْظَلَةُ بْنُ عَامِرٍ الْأَنْصَارِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ جُنُبًا وَلَمْ يُغَسَّلْ وَغَسَّلَتْهُ الْمَلَائِكَةُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَسُمِّيَ الْغَسِيلَ ، وَتَغْسِيلُ الْمَلَائِكَةِ لَيْسَ هُوَ الْغُسْلُ الْمَعْهُودُ بِالْمَاءِ وَلَوْ وَجَبَ غُسْلُهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ لَأَمْرَهُمْ بِهِ قَالَهُ سَنَدٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَائِضَ كَذَلِكَ قَالَ لِخَبَرِ { زَمِّلُوهُمْ بِكُلُومِهِمْ } الْحَدِيثَ ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ كَرَوْثٍ فَتُزَالُ بِخِلَافِ دَمِهِ إذْ الْأَصْلُ فِي النَّجَاسَةِ الْإِبْعَادُ ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيثُ فِي دَمِهِ خَاصَّةً وَلِأَنَّهُ شَهِيدٌ عَلَى خَصْمِهِ فَتُرِكَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَاعْتِبَارًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ إجْمَاعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا .

لَا إنْ رُفِعَ حَيًّا ، وَإِنْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ
( لَا ) يُتْرَكُ غُسْلُ شَهِيدِ الْمُعْتَرَكِ ( إنْ رُفِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ حُمِلَ الشَّهِيدُ مِنْ مَوْضِعِ الْقِتَالِ حَالَ كَوْنِهِ ( حَيًّا ) ثُمَّ مَاتَ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بَلْ ( وَإِنْ أُنْفِذَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْفَاءِ نَائِبُ فَاعِلِهِ ( مَقَاتِلُهُ ) وَلَمْ يُغْمَرْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ بَشِيرٍ وَعَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا يُوَافِقُهُ .
وَطَرِيقَةُ سَحْنُونٍ أَنَّهُ مَتَى رُفِعَ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ أَوْ مَغْمُورًا فَلَا يُغَسَّلُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ ، وَقَوْلُ سَحْنُونٍ ضَعِيفٌ وَاعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ بِتَغْسِيلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بِمَحْضَرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ مَعَ أَنَّهُ رُفِعَ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ وَالْمَازِرِيِّ مَا ظَاهِرُهُ يُوَافِقُ الْمُصَنِّفَ وَجَعَلَ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُقَابِلًا لِلْمَشْهُورِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَاتِلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ ذِمِّيًّا فَتَغْسِيلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَاسْتَثْنَى مِمَّنْ رُفِعَ حَيًّا فَقَالَ .

إلَّا الْمَغْمُورَ ،
( إلَّا الْمَغْمُورَ ) أَيْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ إلَى أَنْ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقْتَلُهُ .

وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ ، وَإِلَّا زِيدَ
( وَدُفِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الشَّهِيدُ ( بِثِيَابِهِ ) الَّتِي مَاتَ فِيهَا وُجُوبًا ( إنْ ) كَانَتْ مُبَاحَةً عج يَشْتَرِطُ فِي ثِيَابِهِ كَوْنَهَا مُبَاحَةً ، وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ دَفْنُهُ بِهَا وَيُشْتَرَطُ ( سُتْرَتُهُ ) أَيْ الشَّهِيدِ كُلِّهِ فَتُمْنَعُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتُرْهُ ( زِيدَ ) بِكَسْرِ الزَّايِ عَلَيْهَا مَا يَسْتُرُهُ فَإِنْ وُجِدَ عُرْيَانًا سُتِرَ جَمِيعُ جَسَدِهِ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَا عَلِمْت أَنَّهُ يُزَادُ فِي كَفَنِهِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ .
أَشْهَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيمَا لَا يُوَارِيهِ أَوْ سُلِبَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْبَغُ إنْ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَشَاءَ وَلِيُّهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهَا فَذَلِكَ وَاسِعٌ ابْنُ رُشْدٍ مَنْ عَرَّاهُ الْعَدُوُّ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِ تَكْفِينِهِ بَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ كَفَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشُّهَدَاءَ فِي يَوْمِ أُحُدٍ اثْنَيْنِ فِي ثَوْبٍ ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى ثِيَابِهِ إذَا كَانَ فِيهَا مَا يُجْزِيهِ فَلَا بَأْسَ بِهَا سَنَدٌ لَيْسَ لِوَلِيِّهِ نَزْعُ ثِيَابِهِ وَتَكْفِينُهُ بِغَيْرِهَا ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا إنْ سَتَرَتْهُ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِيهَا مَا عَلِمْت أَنْ يُزَادَ فِي كَفَنِ الشَّهِيدِ شَيْءٌ أَكْثَرُ مِمَّا عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ بِذَلِكَ ، وَالْأَوَّلُ أَحَقُّ بِالِاتِّبَاعِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ .

بِخُفٍّ ، وَقَلَنْسُوَةٍ وَمِنْطَقَةٍ قَلَّ ثَمَنُهَا وَخَاتَمٍ قَلَّ فَصُّهُ ؛ لَا دِرْعٍ وَسِلَاحٍ ؛
وَنُدِبَ دَفْنُهُ ( بِخُفٍّ ) فِي رِجْلَيْهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا يُنْزَعُ ( وَ ) بِ ( قَلَنْسُوَةٍ ) عَلَى رَأْسِهِ حَالَ قَتْلِهِ مِنْ طَرْبُوشٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنْزَعُ ( وَ ) بِ ( مِنْطَقَةٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا يَحْتَزِمُ بِهِ فِي وَسَطِهِ حَالَ قَتْلِهِ فَلَا تُنْزَعُ ( قَلَّ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً ( ثَمَنُهَا ) أَيْ قِيمَةُ الْمِنْطَقَةِ ( وَ ) بِ ( خَاتَمٍ ) مِنْ فِضَّةٍ دِرْهَمَيْنِ فِي إصْبَعِهِ حَالَ قَتْلِهِ ( قَلَّ فَصُّهُ ) بِتَثْلِيثِ الْفَاءِ وَكَسْرُهَا لَيْسَ بِلَحْنٍ أَيْ قِيمَتُهُ فَإِنْ كَانَ الْخَاتَمُ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ كَثُرَتْ قِيمَةُ فَصِّهِ أَوْ الْمِنْطَقَةِ نُزِعَ الْأُجْهُورِيُّ لَا بُدَّ فِي الْخَاتَمِ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ ، وَإِلَّا نُزِعَ فِيهَا .
لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ثِيَابِهِ وَلَا فَرْوٌ وَلَا خُفٌّ وَلَا قَلَنْسُوَةٌ مُطَرِّفٌ وَلَا خَاتَمُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَفِيسَ الْفَصِّ وَلَا مِنْطَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا خَطَرٌ .
( لَا ) يُدْفَنُ الشَّهِيدُ بِآلَةِ حَرْبٍ قُتِلَ ، وَهِيَ مَعَهُ كَ ( دِرْعٍ ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ ثَوْبٍ مَنْسُوجٍ مِنْ حَدِيدٍ تَبْقَى بِهِ السِّلَاحُ ( وَسِلَاحٍ ) بِكَسْرِ السِّينِ كَسَيْفٍ وَرُمْحٍ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ يُنْزَعُ مِنْهُ الدِّرْعُ وَالسَّيْفُ وَجَمِيعُ السِّلَاحِ فِي الْجَوَاهِرِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُتْرَكَ عَلَيْهِ خُفَّاهُ ، وَقَلَنْسُوَتُهُ وَلَا يُنْزَعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إلَّا السِّلَاحُ مَا كَانَ مِنْ دِرْعٍ أَوْ مِغْفَرٍ أَوْ بَيْضَةٍ أَوْ سَاعِدٍ أَوْ سَيْفٍ مُتَقَلِّدًا بِهِ أَوْ مِنْطَقَةٍ أَوْ مَهَامِيزَ وَمَا كَانَ مِنْ الْحَدِيدِ كُلُّهُ .

وَلَا دُونَ الْجُلِّ .

( وَلَا ) يُغَسَّلُ ( دُونَ ) أَيْ أَقَلَّ مِنْ ( الْجُلِّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ ثُلُثَيْ الْجَسَدِ وَلَوْ مَعَ الرَّأْسِ ، وَمَفْهُومُ دُونَ الْجُلِّ أَنَّهُ يُصَلَّى عَلَى الْجُلِّ أَيْ الثُّلُثَيْنِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ نَاجِي اتِّفَاقًا ، وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُصَلَّى عَلَى يَدٍ أَوْ رِجْلٍ وَلَا عَلَى الرَّأْسِ مَعَ الرِّجْلَيْنِ ، وَإِنَّمَا يُصَلَّى عَلَى أَكْثَرِ الْجَسَدِ تَعَارَضَ مَفْهُومَاهُ فِي النِّصْفِ وَشَهَّرَ فِي الْمُعْتَمَدِ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَعْتَمِدْهُ الْمُصَنِّفُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهَا وَلَوْ وُجِدَ الْأَكْثَرُ مُقَطَّعًا ، وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوُجُودِهِ لَا صِفَتِهِ قَالَهُ فِي الطِّرَازِ وَتَعْبِيرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَكْثَرِ الْجَسَدِ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالْجُلِّ لِشُمُولِ عِبَارَتِهَا مَنْعَ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ وُجِدَ نِصْفُهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا مَعَ رَأْسِهِ .
كَمَا رَوَاهُ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ مَالِكٍ مُوَافِقًا لِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ دُونَ عِبَارَتِهِ ذَكَرَهُ سَنَدٌ أَفَادَهُ تت .
عج قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ أَيْ دُونَ جُلِّ الْجَسَدِ ، وَهُوَ مَا عَدَا الرَّأْسَ فَإِذَا وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسِهِ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الذَّاتَ لِاقْتِضَائِهِ تَغْسِيلَ مَنْ وُجِدَ نِصْفُ جَسَدِهِ وَرَأْسُهُ ، وَقَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ يَقْتَضِي تَغْسِيلَ مَا فَوْقَ النِّصْفِ وَدُونَ الثُّلُثَيْنِ .
وَلَكِنْ نَصَّ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى نَقْلِ ابْنِ عُمَرَ يُفِيدُ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلَّى عَلَى الثُّلُثَيْنِ .
الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ قَوْلُهُ وَلَا دُونَ الْجُلِّ النَّهْيُ فِيهِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَعِلَّتُهُ لُزُومُ الصَّلَاةِ عَلَى غَائِبٍ .
عج عَبَّرَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ لَا تَجُوزُ .
وَعَبَّرَ اللَّخْمِيُّ بِمَنْعِهَا فَإِنْ حُمِلَ كَلَامُهُمَا عَلَى الْكَرَاهَةِ كَمَا فِي أَحْمَدَ وَرُدَّ كَيْفَ يُتْرَكُ وَاجِبٌ خَوْفَ مُصَادَفَةِ مَكْرُوهٍ عبق

يُقَالُ مَا هُنَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ ، وَهُوَ اسْتِنَانُ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَعَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى غَائِبٍ مُحَرَّمَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّهَا هُنَا لَمْ تُشْرَعْ بِالْكُلِّيَّةِ إذْ شَرْطُهَا وُجُودُ الْجُلِّ .
وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ يُصَلَّى عَلَى الرَّأْسِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُصَلَّى عَلَى عُضْوٍ وَاحِدٍ بَعْدَ تَغْسِيلِهِ .
وَقَالَ ابْنُ سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَى مَا وُجِدَ مِنْهُ وَيَنْوِي بِهَا الْمَيِّتَ ابْنُ يُونُسَ وَبِهِ أَقُولُ .

وَلَا مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ ، وَإِنْ صَغِيرًا ارْتَدَّ ، أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ ؛

( وَلَا ) يُغَسَّلُ شَخْصٌ ( مَحْكُومٌ ) مِنْ الشَّارِعِ ( بِكُفْرِهِ ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ تَعَبُّدٌ كَزِنْدِيقٍ وَسَاحِرٍ وَمُرْتَدٍّ وَمَجُوسِيٍّ ، وَكِتَابِيٍّ إنْ كَانَ بَالِغًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ ( صَغِيرًا ) مُمَيِّزًا ( ارْتَدَّ ) عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ بَعْدَ تَقَرُّرِهِ لَهُ إلَى أَيِّ دِينٍ يُخَالِفُهُ لِاعْتِبَارِ رِدَّتِهِ كَإِسْلَامِهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا تَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُهَا إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي وَلَدِ الْمُسْلِمِ يَرْتَدُّ قَبْلَ أَنْ يَحْتَلِمَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ ، وَإِنْ مَاتَ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ .
وَاخْتُلِفَ فِي الصَّغِيرِ مِنْ وَلَدِ أَهْلِ الْكِتَابِ يَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ ، وَهُوَ مِمَّنْ لَا ذِمَّةَ لَهُ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حُكْمِ الْكَافِرِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَمْ لَا ، وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ أَوْ اشْتَرَاهُ مِنْ حَرْبِيٍّ قَدِمَ بِهِ أَوْ تَوَالَدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ مِنْ عَبِيدِهِ النَّصْرَانِيِّينَ كَانَ مِنْ نِيَّةِ صَاحِبِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ فِي الْإِسْلَامِ أَوْ لَا .
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ و ابْنِ الْقَاسِمِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَلَا يُغَسَّلُ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ إنْ لَمْ يَنْوِ بِهِ سَابِيهِ الْإِسْلَامَ بَلْ ( أَوْ نَوَى بِهِ سَابِيهِ ) أَوْ مُشْتَرِيهِ ( الْإِسْلَامَ ) فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِنْ اشْتَرَى صَغِيرًا آدَمِيًّا أَوْ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ فَمَاتَ صَغِيرًا فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَوَى بِهِ سَيِّدُهُ الْإِسْلَامَ ، إلَّا أَنْ يُجِيبَ إلَى الْإِسْلَامِ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَعْقِلُ الْإِسْلَامَ وَيَعْرِفُ مَا أَجَابَ إلَيْهِ .
ا هـ .
وَهَذَا فِي الْكِتَابِيِّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ عَلَى الرَّاجِحِ وَالْكِتَابِيُّ

الْكَبِيرُ أَيْ الَّذِي يَعْقِلُ دِينَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا وَمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ الْحُكْمِ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ فَهُوَ فِي الْمَجُوسِيِّ ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ اتِّفَاقًا إنْ كَانَ صَغِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُ أَبَوَاهُ أَوْ أَحَدُهُمَا ، وَعَلَى الرَّاجِحِ إنْ كَانَ كَبِيرًا ، وَهَلْ يَكُونُ مُسْلِمًا بِمُجَرَّدِ مِلْكِهِ الْمُسْلِمَ ، وَهُوَ لِابْنِ دِينَارٍ مَعَ رِوَايَةِ مَعْنٍ أَوْ حَتَّى يَنْوِيَ مَالِكُهُ إسْلَامَهُ .
وَهُوَ لِابْنِ وَهْبٍ أَوْ حَتَّى يَقْدُمَ مِلْكُهُ وَيُزَيِّيَهُ بِزِيِّ الْإِسْلَامِ وَيُشَرِّعَهُ بِشَرَائِعِهِ وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ .
أَوْ حَتَّى يَعْقِلَ وَيُجِيبَ بَعْدَ إثْغَارِهِ نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ خَامِسُهَا حَتَّى يُجِيبَ بَعْدَ احْتِلَامِهِ ، وَهُوَ لِسَحْنُونٍ وَعَزَا عِيَاضٌ الْأَوَّلَيْنِ لِرِوَايَتَيْنِ فِيهَا .
وَعَلَيْهِمَا إذَا مَاتَ قَبْلَ جَبْرِهِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ .

إلَّا أَنْ يُسْلِمَ : كَأَنْ أَسْلَمَ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ .
( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ نَاصِبٌ ( يُسْلِمَ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ الْكِتَابِيُّ الْمُمَيِّزُ بِأَمْرٍ يُعْرَفُ أَنَّهُ عَقَلَهُ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ .
اللَّخْمِيُّ إذَا أَسْلَمَ ابْنُ الْكَافِرِ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً هُوَ إسْلَامٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مُشْرِكَةً جَازَ وَطْؤُهَا فَعَلَى هَذَا إذَا مَاتَتْ يُصَلَّى عَلَيْهَا ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَحْسَنُ أَنَّ لِمَنْ ارْتَدَّ حُكْمَ الْكَافِرِ وَلِمَنْ أَسْلَمَ حُكْمَ الْمُسْلِمِ ، وَقَدْ كَانَ إسْلَامُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَبْلَ بُلُوغِهِمَا .
وَشَبَّهَ فِي التَّغْسِيلِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( أَسْلَمَ ) الْكَافِرُ مِنْ غَيْرِ سَبْيٍ ( وَنَفَرَ ) أَيْ هَرَبَ ( مِنْ أَبَوَيْهِ ) إلَيْنَا وَمَاتَ وَلَوْ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ .
ابْنُ بَشِيرٍ إنْ أَسْلَمَ بَعْضُ أَوْلَادِ الْكُفَّارِ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَنَفَرَ مِنْ أَبَوَيْهِ فَفِي قَبُولِ إسْلَامِهِ قَوْلَانِ الْمَازِرِيُّ لَا خِلَافَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَوْلَادِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ مَقْطُوعٌ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ .

وَإِنْ اخْتَلَطُوا غُسِّلُوا ، وَكُفِّنُوا ،
( وَإِنْ اخْتَلَطُوا ) أَيْ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِمْ بِمُسْلِمِينَ غَيْرِ شُهَدَاءَ ( غُسِّلُوا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ جَمِيعًا وُجُوبًا ؛ لِأَنَّ تَغْسِيلَ الْمُسْلِمِينَ وَاجِبٌ وَقَدْ تَوَقَّفَ عَلَى تَغْسِيلِ الْكَافِرِينَ لِاخْتِلَاطِهِمْ بِهِمْ وَمَا تَوَقَّفَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ فَهُوَ وَاجِبٌ ، وَمُؤْنَةُ غُسْلِهِمْ ، وَكَفَنِهِمْ وَدَفْنِهِمْ مِنْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ قِيلَ لَا حَقَّ لِلْكَافِرِ فِيهِ وَلَا فِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ قِيلَ تَجْهِيزُ الْمُسْلِمِينَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى تَجْهِيزِ الْكَافِرِينَ فَوَجَبَ بِوُجُوبِهِ ( وَكُفِّنُوا ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ الْمُخْتَلِطُونَ وُجُوبًا جَمِيعًا لِذَلِكَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا لِذَلِكَ .

وَمُيِّزَ الْمُسْلِمُ بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ
( وَمُيِّزَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا نَائِبُ فَاعِلِهِ ( الْمُسْلِمُ ) وَصِلَةُ مُيِّزَ ( بِالنِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ ) بِأَنْ يَنْوِيَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِ مِنْهُمْ وَدُفِنُوا جَمِيعًا وُجُوبًا فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ .
لِذَلِكَ ، وَإِنْ اخْتَلَطَ الْمَحْكُومُ بِكُفْرِهِ بِشَهِيدِ مَعْرَكَةٍ فَلَا يُغَسَّلُونَ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَيُدْفَنُونَ بِثِيَابِهِمْ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ اخْتَلَطَ مُسْلِمٌ غَيْرُ شَهِيدٍ غُسِلَ الْجَمِيعُ ، وَكُفِّنُوا بِثِيَابِهِمْ وَصُلِّيَ عَلَيْهِمْ احْتِيَاطًا لَهُمَا .

وَلَا سِقْطٌ لَمْ يَسْتَهِلَّ ، وَلَوْ تَحَرَّكَ أَوْ عَطَسَ ، أَوْ بَالَ ، أَوْ رَضَعَ ؛ إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ ، وَغُسِلَ دَمُهُ ، وَلُفَّ بِخِرْقَةٍ ، وَوُورِيَ

( وَلَا ) يُغَسَّلُ ( سِقْطٌ ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ ( لَمْ يَسْتَهِلَّ ) أَيْ لَمْ تَسْتَقِرَّ حَيَاتُهُ بِأَنْ نَزَلَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَيَاةً ضَعِيفَةً إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَمْ يَعْطِسْ وَلَمْ يَبُلْ وَلَمْ يَرْضِعْ بَلْ ( وَلَوْ تَحَرَّكَ ) حَرَكَةً ضَعِيفَةً لَا تَدُلُّ عَلَى تَحْقِيقِ الْحَيَاةِ .
( أَوْ عَطَسَ أَوْ بَالَ أَوْ رَضَعَ ) رَضَاعًا يَسِيرًا لَا يَدُلُّ عَلَى اسْتِقْرَارِ حَيَاتِهِ ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى رَدِّ الْخِلَافِ فِي الْأَرْبَعَةِ .
اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْحَرَكَةِ وَالرَّضَاعِ وَالْعُطَاسِ وَالْبَوْلِ فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يَكُونُ لَهُ بِذَلِكَ حُكْمُ الْحَيَاةِ وَعَارَضَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِإِنْكَارِ دَلَالَةِ الرَّضَاعِ عَلَى الْحَيَاةِ لِأَنَّا نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّهُ مُحَالٌ بِالْعَادَةِ أَنْ يَرْضِعَ الْمَيِّتُ وَلَيْسَ الرَّضَاعُ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَكُونُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الطَّبِيعَةِ وَالِاخْتِيَارِيَّة كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الْعُطَاسُ يَكُونُ مِنْ الرِّيحِ وَالْبَوْلُ مِنْ اسْتِرْخَاءِ الْمَوَاسِكِ ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ الْقَصْدِ إلَيْهِ ، وَالتَّشَكُّكُ فِي دَلَالَتِهِ عَلَى الْحَيَاةِ يَطْرُقُ إلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ عُلُومٍ ضَرُورِيَّةٍ فَالصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِ إنَّهُ كَالِاسْتِهْلَالِ بِالصُّرَاخِ ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْمَيِّتِ لِضَعْفِ حَيَاتِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ حَيٌّ حَيَاةً غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ لَا أَنَّهُ مَيِّتٌ حِينَ رَضَاعِهِ حَقِيقَةً .
ابْنُ حَبِيبٍ ، وَإِنْ أَقَامَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ وَيَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَتَحَرَّكُ حَتَّى لَمْ يُسْمَعْ لَهُ صَوْتٌ ، وَإِنْ خَفِيًّا وَاسْتَشْكَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
قَالَ : وَأَشْكَلُ مِنْهُ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ إنْ أَقَامَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَتَنَفَّسُ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَصْرُخْ ثُمَّ مَاتَ فَلَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَيَسِيرُ الْحَرَكَةِ لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا .
إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَحَرَكَتُهُ كَحَرَكَتِهِ فِي الْبَطْنِ لَا يُحْكَمُ لَهُ فِيهَا بِحَيَاةٍ .
عَبْدُ الْوَهَّابِ قَدْ يَتَحَرَّكُ

الْمَقْتُولُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَبَوْلُهُ لَغْوٌ ، وَقِيلَ إنْ تَحَرَّكَ حَرَكَةً بَيِّنَةً أَوْ رَضَعَ أَوْ عَطَسَ فَلَهُ حُكْمُ الْحَيِّ بِذَلِكَ .
اللَّخْمِيُّ ، وَهُوَ فِي الرَّضَاعِ أَحْسَنُ .
أَبُو إِسْحَاقَ الصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ ؛ لِأَنَّ الْعُطَاسَ حَالٌ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَطْنِ أَيْ يُكْرَهُ تَغْسِيلُ السِّقْطِ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ نَفْيِ تَغْسِيلِ السِّقْطِ فَقَالَ ( إلَّا أَنْ تَتَحَقَّقَ الْحَيَاةُ ) لَهُ بِعَلَامَةٍ مِنْ عَلَامَاتِهَا كَصُرَاخٍ ، وَكَثْرَةِ رَضَاعٍ .
تت الرَّضَاعُ الْكَثِيرُ يَدُلُّ عَلَى الْحَيَاةِ اتِّفَاقًا فَيَجِبُ تَغْسِيلُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ ( وَغُسِلَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( دَمُهُ ) أَيْ السِّقْطِ رَوَى عَلِيٌّ يُغْسَلُ الدَّمُ عَنْ السِّقْطِ لَا كَغُسْلِ الْمَيِّتِ .
تت فَقَوْلُهُ لَا يُغْسَلُ أَيْ الْغُسْلَ الشَّرْعِيِّ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ .
عج اُنْظُرْ حُكْمَ غُسْلِ دَمِهِ وَقَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّدْبِ ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ ، وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَنَّهُ يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ مَا لَا يُطْلَبُ فِي الْحَيِّ كَأَثَرِ الدُّمَّلِ السَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَبْلُغُ دِرْهَمًا .
ا هـ .
وَاسْتَظْهَرَ عب وشب الثَّانِيَ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ، وَفِي قَوْلِ عج يُطْلَبُ فِي الْمَيِّتِ إلَخْ إنَّ هَذَا لَيْسَ مَيِّتًا ، وَإِلَّا لَوَجَبَ تَغْسِيلُهُ ، وَإِنَّ غُسْلَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ مِنْ أَثَرِ الدُّمَّلِ مَنْدُوبٌ ، لِلْحَيِّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ نَصَّ ابْنِ حَبِيبٍ صَرِيحٌ فِي النَّدْبِ ، وَهُوَ لَا بَأْسَ أَنْ يُغْسَلَ عَنْهُ الدَّمُ وَيُلَفُّ فِي خِرْقَةٍ .
( وَلُفَّ ) بِضَمِّ اللَّامِ وَشَدِّ الْفَاءِ أَيْ السِّقْطُ ( بِخِرْقَةٍ وَوُورِيَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ الْأُولَى ، وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ دُفِنَ السِّقْطُ وُجُوبًا فِيهِمَا قَالَهُ عج .

وَلَا يُصَلَّى عَلَى قَبْرٍ ، إلَّا أَنْ يُدْفَنَ بِغَيْرِهَا
( وَلَا يُصَلَّى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً ( عَلَى قَبْرٍ ) بَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ قَبْلَ دَفْنِهِ قَالَ فِيهَا وَمَنْ أَتَى ، وَقَدْ فَرَغَ النَّاسُ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ ، وَلَا عَلَى الْقَبْرِ ، وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَى مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ عبق أَيْ تُمْنَعُ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ إذْ غَايَتُهَا تَكْرَارُ الصَّلَاةِ وَحُكْمُهُ الْكَرَاهَةُ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَعْبِيرُ ابْنِ عَرَفَةَ بِالْمَنْعِ مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِمَا ذَكَرْنَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يُدْفَنُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الْفَاءِ الْمَيِّتُ ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ فَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وُجُوبًا إنْ خِيفَ تَغَيُّرُهُ ، وَإِلَّا أُخْرِجَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَحَلُّ الصَّلَاةِ عَلَى قَبْرِهِ إذَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَنُ حَتَّى يُظَنَّ فَنَاؤُهُ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا عَظْمُ الذَّنَبِ .

وَلَا غَائِبٍ
( وَلَا ) يُصَلَّى عَلَى ( غَائِبٍ ) كَغَرِيقٍ ، وَأَكِيلِ سَبُعٍ وَمَيِّتٍ فِي أَرْضِ الْكُفَّارِ .
قَالَ أَحْمَدُ أَيْ تُكْرَهُ وَنَصُّهُ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَمَنَعَهَا مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ .
لَكِنْ اللَّخْمِيُّ يُطْلِقُ الْمَنْعَ كَثِيرًا عَلَى الْكَرَاهَةِ ، وَقِيلَ تَحْرُمُ .
ابْنُ رُشْدٍ الْعِلَّةُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْجَسَدِ عِنْدَ مَالِكٍ ، وَأَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهَا لَا تَجُوزُ عَلَى غَائِبٍ وَاسْتَخَفُّوهَا إذَا غَابَ الْيَسِيرُ مِنْهُ كَثُلُثِهِ فَدُونَهُ .
عَجَّ ظَاهِرُهُ حُرْمَتُهَا وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ إلَيْهِ ، وَاقْتَصَرَ عب عَلَى الْكَرَاهَةِ ، وَقَالَ شب الْمُعْتَمَدُ التَّحْرِيمُ خِلَافًا لِقَوْلِ عِيَاضٍ بِالْكَرَاهَةِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُصَلَّى عَلَى غَرِيقٍ أَوْ قَتِيلٍ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ شَيْءٌ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ أَبِي سَلَمَةَ يُصَلَّى عَلَيْهِ .
تت وَصَلَاتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ يَوْمَ مَوْتِهِ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ عَدَمِ صَلَاةِ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهَا أَعْظَمُ الرَّغْبَةِ وَأَيْضًا الْأَرْضُ رَفَعَتْهُ لَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُشَاهِدٌ لَهُ قَبْلَ دَفْنِهِ فَهِيَ كَصَلَاةِ إمَامٍ عَلَى مَيِّتٍ رَآهُ وَلَمْ يَرَهُ الْمَأْمُومُونَ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهَا ، وَرَدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْجَوَابَيْنِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ وَالرَّفْعِ يَفْتَقِرُ لِدَلِيلٍ وَلَيْسَ بِمَوْجُودٍ .

وَلَا تُكَرَّرُ
( وَلَا تُكَرَّرُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْأُولَى أَيْ الصَّلَاةُ عَلَى الْمَيِّتِ أَيْ يُكْرَهُ تَكْرَارُهَا إذَا صُلِّيَتْ جَمَاعَةً مُطْلَقًا أَوْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ ، كَذَلِكَ فَإِنْ أُعِيدَتْ جَمَاعَةً فَلَا يُكْرَهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ تُكْرَهُ الْإِعَادَةُ فِي ثَلَاثٍ وَتُنْدَبُ فِي وَاحِدَةٍ .
عب ، وَهِيَ عَلَى طَرِيقِ الْبَسْطِ تِسْعَةٌ ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ أَوَّلًا إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ بِلَا إمَامٍ أَوْ بِهِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ .
وَالْإِعَادَةُ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى بِإِمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مُطْلَقًا ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ كُرِهَتْ الْإِعَادَةُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ مُتَعَدِّدٍ بِلَا إمَامٍ وَنُدِبَتْ جَمَاعَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقَالَ أَبُو عُمَرَ الصَّلَاةُ عَلَى الْقَبْرِ أَوْ عَلَى مَنْ صُلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ الْغَائِبِ مُبَاحٌ لَمْ يَنْهَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَلَا رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُجْمَعْ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَفِعْلُ الْخَيْرِ لَا يَجِبُ الْمَنْعُ مِنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ لَا مُعَارِضَ لَهُ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ

وَالْأَوْلَى بِالصَّلَاةِ : وَصِيٌّ رُجِيَ خَيْرُهُ ، ثُمَّ الْخَلِيفَةُ ، لَا فَرْعُهُ ، إلَّا مَعَ الْخِطْبَةِ ثُمَّ أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ ، وَأَفْضَلُ وَلِيٍّ ، وَلَوْ وَلِيَّ امْرَأَةٍ

( وَالْأَوْلَى ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ الْأَحَقُّ ( بِ ) إمَامَةِ ( الصَّلَاةِ ) عَلَى الْمَيِّتِ ( وَصِيٌّ ) أَوْصَى الْمَيِّتُ بِأَنَّهُ يُصَلِّي عَلَيْهِ إمَامًا ( رُجِيَ ) بِضَمِّ الرَّاءِ ، وَكَسْرِ الْجِيمِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( خَيْرُهُ ) أَيْ بَرَكَتُهُ ، وَقَبُولُ شَفَاعَتِهِ وَمَفْهُومُ رُجِيَ خَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ أَوْصَاهُ لِكَرَاهَةِ عَاصِبِهِ ، وَإِغَاظَتِهِ فَلَا تُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ وَيُقَدَّمُ عَاصِبُهُ عَلَى وَصِيِّهِ إنْ كَانَ عَدْلًا خَيْرًا لَا يُقَصِّرُ فِي الدُّعَاءِ لَهُ ، وَإِلَّا قُدِّمَ عَلَيْهِ الْوَصِيُّ أَوْ مَنْ بَعْدَهُ لِئَلَّا يُقَصِّرَ فِي الدُّعَاءِ وَالشَّفَاعَةِ لَهُ ، وَالْإِمَامُ عَمُودُ الصَّلَاةِ وَالْمَأْمُومُونَ تَبَعٌ لَهُ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ وَصِيٌّ فَالْأَوْلَى بِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ ( الْخَلِيفَةُ ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لَا فَرْعُهُ ) أَيْ نَائِبُهُ ( إلَّا ) نَائِبَهُ فِي الْحُكْمِ ( مَعَ الْخُطْبَةِ ) لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَلِيفَةُ وَلَا نَائِبُهُ فِيهِمَا فَالْأَوْلَى بِهَا ( أَقْرَبُ الْعَصَبَةِ ) لِلْمَيِّتِ فَيُقَدَّمُ ابْنٌ فَابْنُهُ ، وَإِنْ نَزَلَ فَأَبٌ فَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ فَقَطْ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَجَدٌّ فَعَمٌّ لِغَيْرِ أُمٍّ فَابْنُهُ كَذَلِكَ فَأَبُ الْجَدِّ فَعَمُّ الْأَبِ فَابْنُهُ .
( وَ ) إنْ تَعَدَّدَ الْعَاصِبُ لِمَيِّتٍ أَوْ أَكْثَرَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ قُدِّمَ ( أَفْضَلُ وَلِيٍّ ) بِزِيَادَةِ فِقْهٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ غَيْرِهِمَا إنْ كَانَ الْأَفْضَلُ وَلِيَّ الرَّجُلِ الْمَجْمُوعِ مَعَ الْمَرْأَةِ فِي الصَّلَاةِ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ الْأَفْضَلُ ( وَلِيَّ الْمَرْأَةِ ) الْمَجْمُوعَةِ مَعَ الرَّجُلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا فَيُقَدَّمُ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ الْأَفْضَلُ عَلَى وَلِيِّ الرَّجُلِ الْمَفْضُولِ اعْتِبَارًا بِفَضْلِ الْوَلِيِّ لَا بِفَضْلِ الْمَيِّتِ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُقَدَّمُ وَلِيُّ الذَّكَرِ عَلَيْهِ .
ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي الْجِنَازَتَيْنِ تَحْضُرَانِ جَمِيعًا

جِنَازَةُ رَجُلٍ وَجِنَازَةٌ امْرَأَةٍ لَيْسَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ وَلَا إلَى أَوْلِيَاءِ الرَّجُلِ وَلَكِنْ يُنْظَرُ إلَى الْفَضْلِ وَالسِّنِّ فَيُقَدَّمُ بِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَوْلِيَاءُ الرَّجُلِ أَحَقُّ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَرْأَةِ .

وَصَلَّى النِّسَاءُ دُفْعَةً ، وَصُحِّحَ تَرَتُّبُهُنَّ ،
( وَصَلَّى النِّسَاءُ ) عَلَى الْجِنَازَةِ عِنْدَ عَدَمِ الرِّجَالِ ( دُفْعَةً ) أَفْذَاذًا وَلَا يُنْظَرُ لِسَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِالتَّكْبِيرِ أَوْ السَّلَامِ فَإِذَا فَرَغْنَ كُرِهَ لِمَنْ أَتَتْ مِنْهُنَّ أَنْ تُصَلِّيَ ( وَصُحِّحَ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ ، وَهُوَ ابْنُ الْحَاجِبِ ( تَرَتُّبُهُنَّ ) فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ مَاتَ رَجُلٌ مَعَ نِسَاءٍ لَا رِجَالَ مَعَهُنَّ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ أَفْذَاذًا وَلَا تَؤُمُّهُنَّ إحْدَاهُنَّ .
ابْنُ لُبَابَةَ دُفْعَةً وَاحِدَةً .
ابْنُ كِنَانَةَ يُحْرِمْنَ مَعًا مُجْتَمَعَاتٍ وَلَا نَظَرَ لِتَفَاوُتِ تَكْبِيرِهِنَّ وَلَا سَبْقِ بَعْضِهِنَّ بَعْضًا بِسَلَامٍ ، وَإِذَا فَرَغْنَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ فَاتَهَا مِنْهُنَّ صَلَاةٌ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ ، وَإِلَّا كَانَتْ مَكْرُوهَةً وَرَدَّهُ الْقَابِسِيُّ بِرِوَايَةِ الْغَسَّالِ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ تَرَتُّبَهُنَّ فِي مَعْنَى تَكْرَارِ الصَّلَاةِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إلَى تَأْخِيرِ الْمَيِّتِ وَالسُّنَّةُ تَعْجِيلُهُ .

وَالْقَبْرُ حَبْسٌ : لَا يُمْشَى عَلَيْهِ
( وَالْقَبْرُ ) لِغَيْرِ سِقْطٍ ( حَبْسٌ ) عَلَى الدَّفْنِ فَقَطْ فَإِنْ نُقِلَ الْمَيِّتُ مِنْهُ أَوْ فَنَى فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ الدَّفْنِ كَزَرْعٍ وَبِنَاءِ بَيْتٍ .
مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَوْضِعُ الْقَبْرِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَلَا الِانْتِفَاعُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ حَبْسٌ قِيلَ لَهُ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِمَوْضِعِ السِّقْطِ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ حُرْمَةُ الْمَوْتَى .
ابْنُ سَحْنُونٍ الْقِيَامُ جَوَازُ الِانْتِفَاعِ بِهِ ( لَا يُمْشَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يُكْرَهُ الْمَشْيُ ( عَلَيْهِ ) إنْ كَانَ مُسَنَّمًا وَالطَّرِيقُ دُونَهُ وَظُنَّ بَقَاءُ شَيْءٍ مَحْسُوسٍ ، مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ بِهِ ، وَإِلَّا جَازَ وَلَوْ بِنَعْلٍ ، وَكَذَا الْجُلُوسُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ مِنْ الْمَشْيِ ، وَمَا وَرَدَ مِنْ حُرْمَةِ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْجُلُوسِ عَلَيْهِ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ ، وَكَذَا فَسَّرَهُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَتَوَسَّدُهَا وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا .

وَلَا يُنْبَشُ مَا دَامَ بِهِ ، إلَّا أَنْ يَشِحَّ رَبُّ كَفَنٍ غُصِبَهُ ، أَوْ قَبْرٍ بِمِلْكِهِ

( وَلَا يُنْبَشُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ أَيْ يَحْرُمُ أَنْ يُحْفَرَ الْقَبْرُ ( مَا دَامَ ) الْمَيِّتُ أَيْ مُدَّةَ تَحَقُّقِ أَوْ ظَنِّ بَقَاءِ الْمَيِّتِ أَوْ شَيْءٍ مِنْ عِظَامِهِ الْمَحْسُوسَةِ ( بِهِ ) أَيْ فِي الْقَبْرِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظُنَّ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مَحْسُوسٌ مِنْ الْمَيِّتِ فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِلدَّفْنِ فِيهِ فَقَطْ ، لَا لِزِرَاعَةٍ وَلَا بِنَاءِ دَارٍ ، وَقَيَّدَ الْجُزْءَ بِالْمَحْسُوسِ احْتِرَازًا عَنْ عُجْبِ الذَّنَبِ فَدَوَامُهُ بِهِ لَا يَحْرُمُ نَبْشُهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحَسُّ فِي الْمَدْخَلِ .
اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ مُسْلِمٌ وَقْفٌ عَلَيْهِ مَا دَامَ شَيْءٌ مِنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ حَتَّى يَفْنَى فَإِذَا فَنَى فَيُدْفَنُ فِيهِ غَيْرُهُ فَإِنْ بَقِيَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِظَامِهِ فَالْحُرْمَةُ ثَابِتَةٌ لِجَمِيعِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحْفَرَ عَلَيْهِ ، وَلَا أَنْ يُدْفَنَ مَعَهُ غَيْرُهُ ، وَلَا يُكْشَفُ عَنْهُ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ قَدْ غُصِبَ ا هـ .
الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ لِلْمَيِّتِ حُرْمَةٌ تَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِهِ مِنْ قَبْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ ، كَنِسْيَانِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِيهِ ، وَإِلْحَاقِ دَفْنٍ آخَرَ مَعَهُ بِأَبْوَابِ الضَّرُورَةِ الْمُبِيحَةِ لِإِخْرَاجِهِ يَفْتَقِرُ إلَى نَظَرٍ وَبَسْطٍ طَوِيلٍ .
( إلَّا أَنْ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( يَشِحَّ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَشَدِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ( رَبُّ ) أَيْ مَالِكُ ( كَفَنٍ غُصِبَهُ ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ لِيَشْمَلَ غَصْبَ الْمَيِّتِ وَغَيْرِهِ فَيُنْبَشُ إنْ امْتَنَعَ رَبُّ الْكَفَنِ مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ ( أَوْ ) يَشِحُّ رَبُّ ( قَبْرٍ ) حُفِرَ ( بِمِلْكِهِ ) بِغَيْرِ إذْنِهِ ، وَأَبَى مِنْ أَخْذِ قِيمَتِهِ وَطَلَبَ نَبْشَهُ فَيُنْبَشُ وَيُخْرَجُ ابْنُ بَشِيرٍ مَوْضِعُ الْقَبْرِ إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ الدَّفْنِ فَلَا يَجُوزُ دَفْنُ غَيْرِ الْمَالِكِ فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ فَإِنْ حَفَرَ قَبْرًا فَجَاءَ

غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ وَأَرَادَ الْمَالِكُ إخْرَاجَهُ فَلَهُ ذَلِكَ ، إلَّا أَنْ يَطُولَ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ دُفِنَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ بِدُونِ إذْنِهِ فَفِي إخْرَاجِهِ الْمَالِكِ مُطْلَقًا أَنَّ إنْ كَانَ بِالْفَوْرِ نَقْلَا ابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ .
الشَّيْخُ إنْ طَالَ فَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِظَاهِرِ أَرْضِهِ .

أَوْ نَسِيَ مَعَهُ مَالٌ ، وَإِنْ كَانَ بِمَا يَمْلِكُ فِيهِ الدَّفْنَ بُقِّيَ وَعَلَيْهِمْ قِيمَتُهُ
( أَوْ نَسِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( مَعَهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ فِي الْقَبْرِ ( مَالٌ ) لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَلَّ أَوَّلُهُ وَشَحَّ الْوَارِثُ وَلَهُ بَالٌ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ الْمَيِّتُ ، وَإِلَّا جُبِرَ غَيْرُ الْوَارِثِ عَلَى أَخْذِ عِوَضِهِ ، وَلَا شَيْءَ لِوَارِثِهِ .
فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ إنْ نُسِيَ فِي الْقَبْرِ كِيسًا أَوْ ثَوْبًا نُبِشَ ، وَإِنْ طَالَ إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْوَارِثُ قِيمَتَهُ .
سَحْنُونٌ إنْ كَانَ مَا دُفِنَ مَعَ الْمَيِّتِ لِغَيْرِهِ وَشَحَّ صَاحِبُهُ أَخْرَجَ نَفِيسًا أَوْ غَيْرَهُ ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْمَيِّتُ فَلَا سَبِيلَ إلَى إخْرَاجِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْقَبْرُ الْمَحْفُورُ ( بِمَا ) أَيْ مَكَان ( يُمْلَكُ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ ( فِيهِ ) صِلَةُ ( الدَّفْنِ ) كَأَرْضٍ مُحَبَّسَةٍ لَهُ أَوْ مُبَاحَةٍ فَدُفِنَ فِيهِ مَيِّتٌ بِغَيْرِ إذْنِ حَافِرِهِ ( بُقِّيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُثَقَّلًا أَيْ الْمَيِّتُ فِي الْقَبْرِ .
( وَعَلَيْهِمْ ) أَيْ وَرَثَةِ الْمَدْفُونِ فِيهِ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ أُجْرَةُ الْحَفْرِ .
الْمَوَّاقُ ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَمْلُوكًا لِلدَّفْنِ فَهُوَ حَبْسٌ فَإِنْ حَفَرَ فِيهِ وَجَاءَ غَيْرُهُ فَدَفَنَ فِيهِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُخْرَجُ وَيَبْقَى مَا الَّذِي يَجِبُ لِحَافِرِهِ ، فَقِيلَ حَفْرُ قَبْرٍ ثَانٍ ، وَقِيلَ قِيمَةُ الْحَفْرِ ، وَقِيلَ أَقَلُّهُمَا ، وَقِيلَ أَكْثَرُهُمَا لِظُلْمِهِ .

وَأَقَلُّهُ ، مَا مَنَعَ رَائِحَتَهُ وَحَرَسَهُ وَبُقِرَ عَنْ مَالٍ كَثُرَ ، وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ

( وَأَقَلُّهُ ) أَيْ الْقَبْرِ انْخِفَاضًا ( مَا مَنَعَ ) عَنْ النَّاسِ ( رَائِحَتَهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ ( وَحَرَسَهُ ) أَيْ الْمَيِّتَ مِنْ أَكْلِ سَبُعٍ ( وَبُقِرَ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ ، وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ شُقَّ بَطْنُ الْمَيِّتِ .
( عَنْ مَالٍ ) ابْتَلَعَهُ فِي حَيَاتِهِ وَمَاتَ ، وَهُوَ فِي بَطْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ( كَثُرَ ) بِفَتْحٍ بِضَمٍّ أَيْ الْمَالُ بِأَنْ كَانَ نِصَابَ زَكَاةٍ ابْنُ الْقَاسِمِ فِيمَنْ ابْتَلَعَ جَوْهَرًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ يُشَقُّ فِيمَا لَهُ بَالٌ ، وَقَالَ مَرَّةً لَا يُشَقُّ ، وَإِنْ كَثُرَ .
سَحْنُونٌ وَيُبْقَرُ عَلَى دَنَانِيرَ فِي بَطْنِ الْمَيِّتِ ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ يُؤْلِمُهُ مَا يُؤْلِمُ الْحَيَّ وَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ سَحْنُونٌ لَا يُبْقَرُ عَمَّا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي كَوْنِهِ مَا دُونَ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ نِصَابِ الزَّكَاةِ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يُشَقُّ وَلَوْ كَانَتْ جَوْهَرَةً تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ .
فِي التَّوْضِيحِ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ الْخِلَافَ إذَا ابْتَلَعَهُ لِقَصْدٍ صَحِيحٍ كَحِفْظٍ أَوْ مُدَاوَاةٍ فَإِنْ كَانَ لِحِرْمَانِ وَارِثِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِي وُجُوبِ بَقْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ كَغَاصِبٍ شَبَّ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي قَدْرِهِ بَعْدَ كَثِيرٍ فَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ الْإِحَالَةُ عَلَى الْعُرْفِ ، وَهَذَا كُلُّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَانِ .
بَلْ ( وَلَوْ ) ثَبَتَ ( بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) أَجَابَ أَبُو عِمْرَانَ عَنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُدْفَنْ أَنَّهُ بَلَعَ دَنَانِيرَ لَهُ بِأَنْ يَحْلِفَ لَيُبْقَرَ بَطْنُهُ قَائِلًا اُخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ .
عب فَإِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْبَقْرِ كَذِبُهُ عُزِّرَ فَقَطْ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ بَقْرِهِ وقَوْله تَعَالَى { وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ } فِي حَالِ الْحَيَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ التَّهْوِينِ عَلَى مَنْفُوذِ الْمُقَاتِلِ مِنْ الْقَوْلِ بِعَدَمِ

قَتْلِهِ بِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى .

لَا عَنْ جَنِينٍ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى الْبَقْرِ إنْ رُجِيَ ، وَإِنْ قُدِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ مَحَلِّهِ فُعِلَ ،

( لَا ) تُبْقَرُ بَطْنُ مَيِّتَةٍ عَنْ ( جَنِينٍ ) حَيٍّ رُجِيَ لِإِخْرَاجِهِ ؛ لِأَنَّ سَلَامَتَهُ مَشْكُوكَةٌ فَلَا تُنْتَهَكُ حُرْمَتُهَا لَهُ وَالْمَالُ مُحَقَّقُ الْخُرُوجِ .
فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا تُبْقَرُ بَطْنُ الْمَيِّتَةِ إذَا كَانَ جَنِينُهَا يَضْطَرِبُ فِيهَا وَلَا تُدْفَنُ بِهِ مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ تَغَيَّرَتْ إنْ قُلْت هُوَ فِي بَطْنِهَا يَمُوتُ كَدَفْنِهِ سَوَاءٌ قُلْت مَوْتُهُ فِي بَطْنِهَا لَيْسَ مِنْ فِعْلِنَا وَلَمَّا لَمْ يَرِدْ لَنَا إذْنٌ بِالشَّقِّ لَمْ يَسَعْنَا إلَّا عَدَمُ التَّعَرُّضِ لَهَا أَصْلًا حَتَّى يَقْضِيَ اللَّهُ مَا أَرَادَهُ ، وَبَقَاءُ الْمَيِّتِ بِلَا دَفْنٍ أَخَفُّ مِنْ دَفْنِ الْحَيِّ فَارْتَكَبْنَا أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْوَاوِ مُثَقَّلًا ، وَإِسْكَانِ التَّاءِ أَيْ فُهِمَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا ) كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ الْبَقْرِ ( عَلَى الْبَقْرِ ) بِسُكُونِ الْقَافِ أَيْ شَقِّ بَطْنِهَا لِإِخْرَاجِ جَنِينِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَأَصْبَغَ تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ( إنْ رُجِيَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ خُرُوجُهُ حَيًّا ، وَكَانَ فِي السَّابِعِ أَوْ التَّاسِعِ فَأَكْثَرَ الشَّيْخُ عَنْ سَحْنُونٍ إنْ كَمُلَتْ حَيَاتُهُ وَرُجِيَ خَلَاصُهُ بُقِرَ ، قَالَ أَصْبَغُ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ عِنْدِي مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ .
وَقَدْ رَأَى أَهْلُ الْعِلْمِ قَطْعَ الصَّلَاةِ لِخَوْفِ وُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى فِي بِئْرٍ ، وَقَطْعُهَا مِنْ غَيْرِ هَذَا فِيهِ إثْمٌ وَلَكِنْ أُبِيحَ لِإِحْيَاءِ نَفْسٍ مُؤْمِنَةٍ فَيُبَاحُ بَقْرُ الْمَيِّتَةِ لِإِحْيَاءِ وَلَدِهَا الَّذِي يَتَحَقَّقُ مَوْتُهُ لَوْ تُرِكَ وَاَلَّذِي يَقَعُ فِي بِئْرٍ قَدْ يَحْيَا لَوْ تُرِكَ إلَى فَرَاغِ الصَّلَاةِ فَالْبَقْرُ أَوْلَى مِنْ قَطْعِ الصَّلَاةِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحَيَّ لَوْ أَصَابَهُ أَمْرٌ فِي جَوْفِهِ يَتَحَقَّقُ أَنَّ حَيَاتَهُ بِاسْتِخْرَاجِهِ لِبَقْرٍ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ مَعَ أَنَّ حُرْمَةَ الْحَيِّ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَيِّتِ .
اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ لَوْ أَسْقَطَتْهُ فِيهِ ، وَهِيَ حَيَّةٌ لَا

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57