كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

مُشَدَّدًا مَمْدُودًا أَيْ قَلِيلَةُ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ وَتُسَمَّى الرَّسْحَاءُ بِرَاءٍ فَسِينٍ فَحَاءٍ مُهْمَلَاتٍ .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا كَوْنُهَا زَلَّاءَ لَيْسَ بِعَيْبٍ وَقَيَّدَ بِالْيَسِيرِ وَفِي التَّوْضِيحِ الزَّلَّاءُ بِالْمَدِّ صَغِيرَةُ الْأَلْيَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْيَسِيرِ ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ : إلَّا أَنْ تَكُونَ نَاقِصَةَ الْخِلْقَةِ ( وَ ) لَا يُرَدُّ رَقِيقٌ وَلَا بَهِيمٌ بِ ( كَيٍّ ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَشَدِّ الْيَاءِ ( لَمْ يُنْقِصْ ) الْقِيمَةَ وَإِلَّا رُدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُنْقِصْ الْخِلْقَةَ وَلَا الْجَمَالَ .
فِي الشَّامِلِ لَا كَيِّ خُفٍّ وَلَمْ يُنْقِصْ الثَّمَنَ .
وَقِيلَ : إلَّا أَنْ يُخَالِفَ لَوْنَ الْجَسَدِ أَوْ يَكُونَ مُتَفَاحِشًا فِي مَنْظَرِهِ ، أَوْ كَثِيرًا مُتَفَرِّقًا ، أَوْ فِي الْفَرْجِ ، أَوْ مَا وَالَاهُ ، أَوْ فِي الْوَجْهِ .
وَقِيلَ : إنْ كَانَ مِنْ الْبَرْبَرِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ بِخِلَافِ الرُّومِ أَيْ لِأَنَّ عَادَةَ الْبَرْبَرِ الْكَيُّ لِغَيْرِ عِلَّةٍ بِخِلَافِ الرُّومِ فَلَا يَكُونُ إلَّا لِعِلَّةٍ .
.

وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ .
فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ ، وَمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ ، وَمُرِّ قِثَّاءٍ ، وَلَا قِيمَةَ .

( وَ ) لَا يُرَدُّ الرَّقِيقُ بِ ( تُهْمَةٍ ) لَهُ وَهُوَ عِنْدَ بَائِعِهِ ( بِسَرِقَةٍ حُبِسَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ الرَّقِيقُ ( فِيهَا ) أَيْ بِسَبَبِ تُهْمَتِهِ بِهَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ ( ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ مِنْهَا بِثُبُوتِ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ ، أَوْ قَوْلُ الْمَسْرُوقِ مِنْهُ وَجَدْت مَتَاعِي عِنْدَ آخَرَ عَلَى وَجْهِ السَّرِقَةِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ عِنْدِي ، وَمَفْهُومُ ظَهَرَتْ أَنَّهُ إنْ لَمْ تَظْهَرْ بَرَاءَتُهُ يُرَدُّ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَأَوْلَى إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ ( وَ ) لَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِظُهُورِ ( مَا ) أَيْ عَيْبٍ بَاطِنِيٍّ ( لَا يُطَّلَعُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْعَيْبِ ( إلَّا بِتَغْيِيرٍ ) فِي ذَاتِهِ حَيَوَانًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ، كَغِشِّ بَطْنِ الْحَيَوَانِ وَ ( كَسُوسِ الْخَشَبِ ) وَقِيلَ : يُرَدُّ بِهِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : لَا يُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ ، وَيُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَ طَارِئًا كَوَضْعِهِ فِي مَكَان نَدِيٍّ ، وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْمَازِرِيُّ ، أَوْ خِلَافٌ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ تَأْوِيلَانِ وَقِيلَ : يُغْتَفَرُ الْيَسِيرُ ( وَ ) فَسَادُ بَطْنِ ( الْجَوْزِ ) هِنْدِيٌّ وَغَيْرُهُ وَالْبُنْدُقِ وَالتِّينِ ( وَمُرِّ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الرَّاءِ أَيْ مَرَارَةُ ( قِثَّاءٍ ) وَخِيَارٍ وَبَيَاضِ بِطِّيخٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الشَّامِلِ ، وَثَالِثُهَا إنْ كَانَ قَلِيلًا يُمْكِنُ اخْتِيَارُهُ بِالْخُضْرَةِ كَقِثَّاءَتَيْنِ أَوْ جَوْزَتَيْنِ دُونَ كَسْرٍ رَدَّ لَا مَا كَثُرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّهُ فَاسِدًا أَوْ أَكْثَرُهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ يَسِيرًا فِي كَثِيرٍ فَلَا يُرَدُّ وَإِلَّا ظَهَرَ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ الرَّدَّ مَعَ وُجُودِهِ مُرًّا أَوْ غَيْرَ مُسْتَوٍ يُوفَى لَهُ بِشَرْطِهِ .
ا هـ .
وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ عَلَى الظَّاهِرِ ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَوْلِ الْأُمِّ وَأَهْلُ السُّوقِ يَرُدُّونَهُ إذَا وَجَدُوهُ مُرًّا وَلَا أَدْرِي بِمَ رَدُّوا ذَلِكَ إنْكَارًا لِرَدِّهِ ا هـ

قَالَهُ الْحَطّ ( وَلَا قِيمَةَ ) لِلْمُشْتَرَى فِي الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرِّ الْقِثَّاءِ .
.

وَرُدَّ الْبَيْضُ .
( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ ( الْبَيْضُ ) لِظُهُورِ عَيْبِهِ لِأَنَّهُ يُطَّلَعُ عَلَيْهِ بِدُونِ كَسْرِهِ ، قَالَ فِيهَا : لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ فَسَادُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ ، فَإِنْ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ مَكْسُورًا وَرَجَعَ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ قَدْ دَلَّسَ ، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمَا بَيْنَ قِيمَتَيْهِ إنْ كَانَتْ لَهُ قِيمَةٌ يَوْمَ بَيْعِهِ بَعْدَ كَسْرِهِ ، وَإِلَّا رَجَعَ بِثَمَنِهِ كُلِّهِ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ بَيْعِهِ ، وَإِنْ كَسَرَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَلَا يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَمْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ ، وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ .
وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ ؛ .
إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاجِهَتَهَا ، أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ كَمِلْحِ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ .

( وَلَا ) رُدَّ الْبَيْعُ بِسَبَبِ وُجُودِ ( عَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ ) الْحَطّ عَيْبُ الدَّارِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ ثَمَنَهَا فَلَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَسُقُوطِ شُرَافَةٍ وَخَلْعِ بَلَاطَةٍ وَخَطِيرٍ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَ ثَمَنِهَا وَيُخْشَى مِنْهُ سُقُوطُهَا فَتُرَدُّ بِهِ وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعِ حَائِطٍ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمُتَوَسِّطَ بِدَلِيلٍ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ بِإِضَافَةِ قِيمَةٍ إلَى ضَمِيرِ الْعَيْبِ كَمَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِيٍّ ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ عَدَمُ الرَّدِّ بِالْيَسِيرِ بِالْأَوْلَى .
فِي الشَّامِلِ وَاغْتُفِرَ سُقُوطُ شُرَافَةٍ وَنَحْوِهَا وَاسْتِحْقَاقُ حَمْلِ جُذُوعٍ أَوْ جِدَارٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَرْبَعَ جَدَرَاتٍ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ كَاسْتِحْقَاقِ أَقَلِّهَا ، وَتُرَدُّ الْعُرُوض بِالْعَيْبِ الْيَسِيرِ ، وَقِيلَ : كَالدُّورِ ا هـ .
وَقِيلَ : إنَّ الدُّورَ تُرَدُّ بِالْيَسِيرِ ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْيَسِيرَ فِيهَا لَا يَعِيبُ إلَّا مَوْضِعُهُ وَيَصْلُحُ وَيَزُولُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى شَيْءٌ مِنْهُ ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا فَيَعِيبُ جَمِيعُهُ وَلَا يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ ، وَأَنَّهَا لَا تَنْفَكُّ عَنْ الْعَيْبِ ، فَلَوْ رُدَّ بِالْيَسِيرِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ ، وَإِنَّ الدُّورَ تُشْتَرَى لِلْقُنْيَةِ فَيُتَسَامَحُ فِي عَيْبِهَا الْيَسِيرِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا .
وَعَنْ ابْنِ رِزْقٍ مَسْأَلَةُ الدُّورِ أَصْلٌ يُرَدُّ إلَيْهِ سَائِرُ الْمَبِيعَاتِ فِي الْعُيُوبِ وَسَمِعْتُهُ يَذْكُرُ التَّفْرِقَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ ، وَيَقُولُ مَسْأَلَةُ الدَّارِ ضَعِيفَةٌ فَلِذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَى تَوْجِيهِهَا .
( وَفِي قَدْرِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي لَا يُرَدُّ بِهِ وَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ ( تَرَدُّدٌ ) فَقِيلَ : بِالْعَادَةِ فَمَا قَضَتْ بِقِلَّتِهِ فَقَلِيلٌ وَمَا قَضَتْ بِكَثْرَتِهِ فَكَثِيرٌ وَهُوَ الْأَصْلُ .
وَقِيلَ : مَا نَقَصَ مُعْظَمَ الثَّمَنِ فَكَثِيرٌ وَمَا دُونَهُ فَيَسِيرٌ قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ ، أَوْ مَا نَقَصَ

عَنْ الثُّلُثِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ الرُّبُعِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي إيجَابِ مُطْلَقِ الْعَيْبِ الْمُؤَثِّرِ فِي الثَّمَنِ حُكْمُ الرَّدِّ وَلَوْ فِي الدُّورِ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ يَسِيرِهِ فِي الدُّورِ وَغَيْرِهَا ، ثَالِثُهَا فِي غَيْرِهَا فَقَطْ .
الْبَاجِيَّ عَنْ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ وَابْنِ سَهْلٍ عَنْ نَقْلِ الْكِتَابِ الْجَامِعِ أَقْوَالُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
الْمُؤَلِّفُ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ الْحَكَمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رِوَايَةُ زِيَادٍ مَنْ وَجَدَ فِي ثَوْبٍ ابْتَاعَهُ يَسِيرُ خَرْقٍ يَخْرُجُ فِي الْقَطْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ فَلَمْ يَرُدَّ بِهِ وَوَضَعَ قَدْرَ الْعَيْبِ ، وَكَذَا فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ مَعَ نَقْلِهِ عَنْ الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ لَا يُرَدُّ إلَّا بِعَيْبٍ كَثِيرٍ تُخَافُ عَاقِبَتُهُ وَعِيَاضٌ عَنْ ابْنِ رِزْقٍ مُتَأَوِّلًا عَلَيْهِ مَسَائِلَ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرَهَا مُحْتَجًّا لَهُ بِمُتَقَدَّمِ قَوْلِهَا فِي الْكَيِّ ، وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ عَنْ الْمَذْهَبِ ، وَعَلَيْهِ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ الشَّيْخِ وَعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ عُيُوبُ الدُّورِ ثَلَاثَةٌ يَسِيرٌ لَا يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ لَغْوٌ وَخَطِيرٌ يَسْتَغْرِقُ مُعْظَمَهُ ، أَوْ يُخْشَى سُقُوطُ حَائِطٍ يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ ، وَمُتَوَسِّطٌ يَرْجِعُ بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ كَصَدْعٍ يَسِيرٍ بِحَائِطٍ ، وَفِي حَدِّ الْكَثِيرِ بِثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ رُبُعِهِ ثَالِثُهَا مَا قِيمَتُهُ عَشَرَةُ مَثَاقِيلَ : وَرَابِعُهَا عَشَرَةٌ مِنْ مِائَةٍ وَخَامِسُهَا لَا حَدَّ لِمَا بِهِ الرَّدُّ بِمَا أَضَرَّ .
( وَرَجَعَ ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ( بِقِيمَتِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ ( كَصَدْعٍ ) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَيْنِ أَيْ شَقِّ ( جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ ( عَلَيْهَا ) أَيْ الدَّارِ الِانْهِدَامُ ( مِنْهُ ) أَيْ بِسَبَبِ صَدْعِ الْجِدَارِ ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَوْ خِيفَ سُقُوطُ الْجِدَارِ مِنْ صَدْعِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ .
وَقَالَ

عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُمَا : تُرَدُّ بِهِ ، وَتَأَوَّلُوا أَنَّهُ إنْ خَشِيَ هَدْمَ الْحَائِطِ مِنْ الصَّدْعِ فِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ .
وَقِيلَ : يُرَدُّ لِخَوْفِ هَدْمِ الْحَائِطِ إذَا كَانَ يُنْقِصُ الدَّارَ كَثِيرًا .
عِيَاضٌ وَهُوَ صَحِيحُ الْمَعْنَى ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ لَمْ يَرَ لَهُ الرَّدَّ بِهَدْمِ الْحَائِطِ بِأَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ ، فَكَيْفَ يَرُدُّ إذَا كَانَ بِهِ صَدْعٌ .
وَفَرَّقَ الْآخَرُونَ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ لِأَخْذِهِ قِيمَتَهُ مِنْ الْبَائِعِ ، بِخِلَافِ صَدْعِهِ فَإِنَّهُ يَضْطَرُّهُ إلَى بِنَائِهِ وَالنَّفَقَةِ فِيهِ .
وَنَصُّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا لِلصَّدْعِ فِي الْجِدَارِ ، وَشِبْهِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنْ تَتَهَدَّمَ مِنْهُ رَدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ : وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ كَانَ يَخَافُ عَلَى الدَّارِ أَنَّهُ لَوْ خِيفَ عَلَى الْحَائِطِ فَلَا تُرَدُّ بِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ .
الْحَطّ وَانْظُرْ مَا نَسَبَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَهَا مَعَ قَوْلِهَا وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ بِهَا صَدْعًا ، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ وَإِلَّا فَلَا ا هـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا إنْ وُجِدَ بِالدَّارِ صَدْعٌ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَهَا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا ، وَتَعَقَّبَ عَبْدُ الْحَقِّ اخْتِصَارَهَا .
أَبُو سَعِيدٍ يَخَافُ مِنْهُ سُقُوطَ الْجِدَارِ لِأَنَّ لَفْظَهَا يُخَافُ مِنْهُ سُقُوطُهَا .
قُلْت اخْتَصَرَهَا الشَّيْخُ عَلَى لَفْظِهَا ، وَيُؤَكِّدُ التَّعَقُّبَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الدَّارِ مِنْ الصَّدْعِ الْهَدْمَ غَرِمَ الْبَائِعُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا تَفْسِيرٌ لَهَا ، وَلَوْ خِيفَ مِنْ صَدْعِ الْحَائِطِ هَدْمُهُ فَفِي رَدِّ الدَّارِ بِهِ .
ثَالِثُهَا إنْ كَانَ يُنْقِصُهَا كَثِيرًا وَصَدْعُ الْجِدَارِ الَّذِي لَا يَخَافُ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ مُتَوَسِّطٌ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) الْجِدَارُ الْمُنْصَدِعُ ( وَاجِهَتَهَا ) أَيْ الْحَائِطِ

الْمُوَاجِهَةِ لِدَاخِلِ الدَّارِ وَهُوَ الَّذِي فِيهِ بَابُهَا وَنَقَصَ ثَمَنُهَا ثُلُثَهُ أَوْ رُبُعَهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَتُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ لَهُ .
( أَوْ ) أَيْ وَتُرَدُّ الدَّارُ ( بِقَطْعِ ) أَيْ عَدَمِ ( مَنْفَعَةٍ ) مِنْ مَنَافِعِهَا وَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بِصِيغَةِ الْمَصْدَرِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضٍ يَقْطَعُ بِالْمُثَنَّاةِ تَحْتَ بِصِيغَةِ مُضَارِعٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَكُونُ ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرُ الْجِدَارِ ( كَمِلْحِ بِئْرِهَا ) أَيْ الدَّارِ حَالَ كَوْنِهَا ( بِمَحِلِّ ) الْمَاءِ ذِي ( الْحَلَاوَةِ ) تَمْثِيلٌ لِقَطْعِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى وَتَشْبِيهٌ بِهِ فِي الرَّدِّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ مِلْحِ بِئْرِهَا إلَخْ بِأَوْ الْعَاطِفَةِ عَلَى قَطْعِ عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ عَلَى جَوَازِهِ بِأَوْ لِعَدِّهِ فِي التَّوْضِيحِ مِنْهُ .
وَفِي الشَّامِلِ وَفَسَادِ أَسَاسِهَا أَوْ غَوْرِ مَائِهَا أَوْ مُلُوحَتِهِ بِمَحِلِّ الْعُذُوبَةِ أَوْ تَعْفِينِ قَوَاعِدِهَا أَوْ فَسَادِ حُفْرَةِ مِرْحَاضِهَا كَثِيرٌ .
الْوَانُّوغِيُّ الْبَقُّ عَيْبٌ وَلَوْ فِي السَّرِيرِ وَكَثْرَةُ النَّمْلِ عَيْبٌ ، وَفِي سُوءِ الْجَارِ خِلَافٌ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَاجِعٍ إلَى أَحْوَالِهَا .
الْمَشَذَّالِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْخِلَافُ الَّذِي أَشَارَ لَهُ حَكَاهُ فِي الطِّرَازِ ابْنُ الْمَوَّازِ سُوءُ جَارِ الْمُكْتَرَاةِ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : لَيْسَ بِعَيْبٍ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ أَبُو صَالِحٍ الْحَرَّانِيُّ : سَمِعْت مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَقُولُ تُرَدُّ الدَّارُ مِنْ سُوءِ الْجِيرَانِ وَلَمْ يَأْتِ إلَّا مِنْ هَذَا الطَّرِيقِ .
الْمَشَذَّالِيُّ .
سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَالِكًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا يَقُولُ : اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْجَارِ السُّوءِ فِي دَارِ إقَامَةٍ .
ابْنُ رُشْدٍ الْمِحْنَةُ بِجَارِ السُّوءِ عَظِيمَةٌ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ رَدُّ الدَّارِ بِسُوءِ الْجَارِ وَمَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ جِيرَانَهَا

يَشْرَبُونَ فَلَهُ رَدُّهَا .
الصِّقِلِّيُّ مَنْ اكْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ لَهَا جِيرَانَ سُوءٍ فَذَلِكَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ الْوَانُّوغِيُّ وَفِي الشُّؤْمِ وَالْجَانِّ نَظَرٌ ، وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَيْبٍ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُمَا عَيْبٌ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُهُمَا قَطْعًا وَلَا تُسْكَنُ الدَّارُ بِهِمَا غَالِبًا ، وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ .
ابْنُ عَبْدِ الْغَفُورِ حَكَى عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ كَثْرَةَ الْقَمْلِ فِي ا الثِّيَابِ عَيْبٌ فَرْوًا كَانَتْ أَوْ صُوفًا أَوْ كَتَّانًا .
.

وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ ، لَكِنَّهُ عَيْبٌ ؛ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ .
.

( وَإِنْ قَالَتْ ) الْأَمَةُ لِمُشْتَرِيهَا : ( أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ اللَّامِ لِبَائِعِي أَيْ أُمِّ وَلَدِهِ وَأَوْلَى حُرَّةٌ وَكَذَا الذَّكَرُ وَثَبَتَ قَوْلُهُمَا ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُمَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ خِيَارٍ ( لَمْ تَحْرُمْ ) الْأَمَةُ بِقَوْلِهَا أُمُّ وَلَدٍ عَلَى الْمُشْتَرِي لِاتِّهَامِهَا بِالْكَذِبِ لِتَرْجِعَ لِبَائِعِهَا ( لَكِنَّهُ ) أَيْ قَوْلَهَا أُمُّ وَلَدٍ ( عَيْبٌ ) فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِهِ وَ ( إنْ رَضِيَ ) الْمُشْتَرِي ( بِهِ ) أَيْ عَيْبِ دَعْوَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ وَأَرَادَ بَيْعَهَا ( بَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا لِمُرِيدِ شِرَائِهَا أَنَّهَا ادَّعَتْ ذَلِكَ وَعَجَزَتْ عَنْ إثْبَاتِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَدَعْوَى الْعَبْدِ الْحُرِّيَّةَ يَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ لِأَنَّ النُّفُوسَ تَكْرَهُ الْإِقْدَامَ عَلَى مِثْلِ هَذَا لِاحْتِمَالِ صِدْقِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ ، وَلَوْ عُلِمَ كَذِبُهُمَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَشْوِيشًا عَلَى مَالِكِهِمَا وَالتَّعَرُّضُ بِعَرْضِهِ .
وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَنْدَلُسِيِّينَ : إذَا أَقَامَ الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ شَاهِدًا بِحُرِّيَّتِهِ فَلَا يُحْكَمُ لَهُ بِهَا وَقُضِيَ لِلْمُبْتَاعِ بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ إنْ أَحَبَّ لِأَنَّهُ عَيْبٌ ، فَلَوْ قَالَ : وَلَغَا قَوْلُهُ أَنَا حُرٌّ وَنَحْوُهُ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ إنْ قَالَهُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ وَبَيَّنَهُ إنْ بَاعَهُ مُطْلَقًا لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ وَكَانَ أَظْهَرَ وَأَبْلَغَ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الْحُرْمَةِ وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى صِدْقِهَا فِي الْأُمُومَةِ أَوْ فِي الْحُرِّيَّةِ كَشُهْرَةِ الْإِغَارَةِ عَلَى الْأَحْرَارِ وَسَبْيِهِمْ مَعَ شِرَائِهَا مِنْ تِلْكَ الْجِهَةِ وَفِيهِ خِلَافٌ ، فَقِيلَ : كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : عَلَى مُشْتَرِيهَا إثْبَاتُ الرَّقَبَةِ .
.

وَتَصْرِيَةَ الْحَيَوَانِ .
كَالشَّرْطِ : كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ .
مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ .

( وَتَصْرِيَةُ ) أَيْ تَأْخِيرُ حَلْبِ ( الْحَيَوَانِ ) شَاةً كَانَ أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً أَوْ فَرَسًا أَوْ حِمَارَةً أَوْ أَمَةً لِإِرْضَاعٍ لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا وَيَكْثُرَ حَلْبُهَا ثُمَّ بَيْعُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ ( كَالشَّرْطِ ) لِكَوْنِ ذَلِكَ لَبَنَهَا فِي كُلِّ حَلْبَةٍ ثُمَّ تَظْهَرُ بِخِلَافِهِ ، فَلِمُشْتَرِيهَا رَدُّهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِعْلِيٌّ .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّ التَّغْرِيرَ الْفِعْلِيَّ كَالشَّرْطِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ بِالْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ الْمُشْتَرِي بِهِ كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالٍ فَعَلَهُ الْعَبْدُ دُونَ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ وَمِنْهُ صِبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ لِيُوهِمَ أَنَّهُ جَدِيدٌ ، وَمِنْهُ رَقْمُ أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَ بِهِ السِّلْعَةَ عَلَيْهَا وَبَيْعُهَا بِرَقْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا شَدَّدَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَرَاهَتَهُ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ ، وَإِنْ فَاتَ رَدَّ قِيمَتَهُ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ .
الصِّقِلِّيُّ عَنْ ابْنِ أَخِي هِشَامٍ يُخَيَّرُ فِي قِيَامِهَا وَفِي فَوَاتِهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَثَمَنِهَا .
وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ الْغَرَرُ بِالْقَوْلِ لَا يَضْمَنُ بِهِ وَفِيهِ خِلَافٌ ، وَبِالْفِعْلِ يَضْمَنُ بِلَا خِلَافٍ ، فَالْأَوَّلُ كَصَيْرَفِيٍّ يَنْقُدُ الدَّرَاهِمَ ثُمَّ يَظْهَرُ فِيهَا زَائِفٌ ، وَالْخَيَّاطُ يَقِيسُ الثَّوْبَ وَيَقُولُ : يَكْفِي فَيُفَصِّلُهُ فَيَنْقُصُ وَالدَّلِيلُ يُخَطِّئُ الطَّرِيقَ ، وَالْغَارُّ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ يَقُولُ : إنَّهَا حُرَّةٌ وَمَنْ أَعَارَ شَخْصًا إنَاءً مَخْرُوقًا عَالِمًا بِهِ قَائِلًا إنَّهُ صَحِيحٌ ، وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ فِي رَمَضَانَ : فَإِنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ عَلِمَ طُلُوعَهُ فَعَلَى الضَّمَانِ يُؤَدَّبُ وَيَتَأَكَّدُ أَدَبُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ ، وَإِذَا ضَمِنَاهُ يَلْزَمُهُ الْمِثْلُ أَوْ الْقِيمَةُ بِمَوْضِعِ مَا هَلَكَ ، وَالثَّانِي كَمَنْ

لَقَّمَ شَخْصًا بِيَدِهِ فِي رَمَضَانَ بَعْدَ الْفَجْرِ ، وَمَسَائِلُ التَّدْلِيسِ وَصَبْغُ الثَّوْبِ الْقَدِيمِ وَتَلَطُّخُ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَمِنْ الْأَوَّلِ مَا فِي مَسَائِلِ أَجْوِبَةِ الْقَرَوِيِّينَ فِي الْقَائِلِ بِعْ سِلْعَتَكَ لِفُلَانٍ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ وَمَلِيءٌ فَوَجَدَهُ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ .
الْمَازِرِيُّ لَوْ كَانَتْ التَّصْرِيَةُ فِي غَيْرِ الْأَنْعَامِ كَالْأُتُنِ وَالْآدَمِيَّاتِ فَلِلْمُبْتَاعِ مَقَالٌ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا تَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ وَيَجِبُ تَسْلِيمُهُ .
ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ الْخَطَّابِيِّ التَّصْرِيَةُ فِي الْآدَمِيَّاتِ كَالْأَنْعَامِ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا : لَا تُرَدُّ الْأَمَةُ بِهَا .
وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ كَالشَّرْطِ فَقَالَ : ( كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ ) أَوْ جَعْلِ دَوَاةٍ وَقَلَمٍ بِيَدِهِ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَمَرَ بِهِ ( فَيَرُدُّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُصَرَّى كَانَ مِنْ النَّعَمِ أَمْ لَا ( بِصَاعٍ ) أَيْ مَعَهُ إنْ كَانَ مِنْ النَّعَمِ ، وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُ الصَّاعِ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْحَلْبُ حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَنَحْوُهُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ وَتُعَدُّ بِتَعَدُّدِهَا ، وَدَلِيلُ رَدِّ الصَّاعِ مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ { : لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ ، فَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِبَهَا إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ } وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا نَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ { الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } ابْنُ يُونُسَ حَدِيثُ { الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ } عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ .
ابْنُ عَرَفَةَ إذَا رَدَّ لِلتَّصْرِيَةِ فَفِي لَغْوِ لَبَنِهَا وَرَدِّ صَاعٍ بَدَلَهُ سَمَاعُ الْقَرِينَيْنِ وَالْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى نَسْخِ حَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ بِحَدِيثِ { الْخَرَاجِ

بِالضَّمَانِ } وَتَخْصِيصِهِ بِهِ الْبَاجِيَّ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ .
قُلْت ضَعَّفَ حَدِيثَ { الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ } غَيْرُ وَاحِدٍ .
ا هـ .
وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ وَأَثْبَتُ .
وَشَرْطُ الصَّاعِ كَوْنُهُ ( مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ ) لِأَهْلِ بَلَدِ الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ وَلَوْ كَثُرَ جِدًّا أَوْ قَلَّ جِدًّا إنْ اخْتَلَفَ قُوتُهُمْ كَحِنْطَةٍ وَتَمْرٍ وَأُرْزٍ وَدَخَنٍ ، هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْبَاجِيَّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ، وَقِيلَ : يَتَعَيَّنُ رَدُّ التَّمْرِ لِقَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي خَبَرِ { لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ } إلَخْ ، هَذَا حَدِيثٌ مُتَّبَعٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَأْيٌ وَلِذَا صَدَّرَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ .
وَأُجِيبَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ اقْتِصَارٌ عَلَى غَالِبِ قُوتِ الْمَدِينَةِ إذْ ذَاكَ وَتُصَرُّوا بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ وَالْإِبِلُ مَفْعُولُهُ ، هَذِهِ رِوَايَةُ الْمُتْقِنِينَ قَالَهُ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ مِنْ صَرَّى رُبَاعِيًّا كَزَكَّى ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { : فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ } وَالرِّوَايَةُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ ثَانِيهِ ، وَصَدَّرَ بِهَا النَّوَوِيُّ مِنْ صَرَّ ثُلَاثِيًّا ، وَرُوِيَ أَيْضًا بِالضَّبْطِ الْأَوَّلِ وَرَفَعَ الْإِبِلَ بِالنِّيَابَةِ عَنْ الْفَاعِلِ مِنْ صُرَّ ثُلَاثِيًّا أَيْضًا ، وَلَوْ كَانَ غَالِبُ قُوتِهِمْ اللَّبَنَ فَالظَّاهِرُ رَدُّ صَاعٍ مِنْ لَبَنِ غَيْرِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقُوتِ غَالِبٌ فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ : يَدْفَعُ صَاعًا مِمَّا شَاءَ وَقِيلَ : مِنْ الْوَسَطِ .
.

وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ ، .
لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً ، أَوْ لَمْ تُصَرَّ ، وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ ، إلَّا إنْ قُصِدَ وَاشْتُرِيَتْ فِي وَقْتِ حِلَابِهَا ، وَكَتَمَهُ .

( وَحَرُمَ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ ( رَدُّ اللَّبَنِ ) الَّذِي حُلِبَ مِنْ الْمُصَرَّاةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ لِطَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِوُجُوبِ رَدِّ الصَّاعِ عِوَضَ اللَّبَنِ ، وَهَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ بِالْأَوْلَى ، وَاقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ رَدِّهِ إذْ الْأَصْلُ أَنْ يُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ عَيْنُ شَيْئِهِ وَأَنَّهُ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بِالتَّصْرِيَةِ قَبْلَ حَلْبِهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ رَدُّ اللَّبَنِ مَعَ الصَّاعِ ، وَأَنَّهُ يَحْرُمُ رَدُّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِهِ .
( لَا ) تُرَدُّ الْمُصَرَّاةُ بِالتَّصْرِيَةِ ( إنْ عَلِمَهَا ) الْمُشْتَرِي ( مُصَرَّاةً ) اللَّخْمِيُّ إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ قَبْلَ أَنْ يَحْلِبَهَا فَلَهُ رَدُّهَا قَبْلَ حِلَابِهَا وَإِمْسَاكِهَا لِيَخْتَبِرَهَا بِحِلَابِهَا ، وَهَلْ نَقْصُ تَصْرِيَتِهَا يَسِيرٌ أَمْ لَا ، وَكَذَا إنْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا مَا صُرِّيَتْ بِهِ لَهُ رَدُّهَا وَإِمْسَاكُهَا حَتَّى يَحْلِبَهَا وَيَعْلَمَ عَادَتَهَا .
ابْنُ عَرَفَةَ يَجِبُ أَنْ لَا يَرُدَّهَا بَعْدَ إمْسَاكِهَا مَا ذُكِرَ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا أَمْسَكَهَا إلَّا لِذَلِكَ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ بِذَلِكَ قَبْلَ إمْسَاكِهَا ( أَوْ ) أَيْ وَلَا تُرَدُّ إنْ ( لَمْ تُصَرَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( وَ ) قَدْ ( ظَنَّ ) الْمُشْتَرِي حَالَ شِرَائِهَا ( كَثْرَةَ اللَّبَنِ ) لِكِبَرِ ضَرْعِهَا مَثَلًا فَتَخَلَّفُ ظَنُّهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا إنْ قُصِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مِنْ اتِّخَاذِهَا اللَّبَنُ لَا لَحْمُهَا وَلَا عَمَلُهَا ( وَ ) قَدْ ( اُشْتُرِيَتْ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ ( وَقْتَ كَثْرَةِ حِلَابِهَا ) كَفَصْلِ الرَّبِيعِ أَوْ عَقِبَ وِلَادَتِهَا ( وَ ) قَدْ ( كَتَمَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ عَدَمَ كَثْرَةِ لَبَنِهَا ، فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهَا بِلَا صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مُصَرَّاةً .

طفي ظَاهِرُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ فِي فَرْضِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ ظَنُّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ وَعَلَيْهِ شَرَحَهُ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِهِ ، وَقَيَّدَهُ س وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا ، وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا وَإِنْ لَمْ تَتَوَفَّرْ الشُّرُوطُ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لَا فِي الْفَرْضِ وَلَا فِي الْقَيْدِ ، لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ لَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ ، وَإِنَّمَا هِيَ مَسْأَلَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَلَيْسَتْ مُقَيَّدَةً بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حَلْبَ مِثْلِهَا ، فَفِيهَا وَمَنْ بَاعَ شَاةً حَلُوبًا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَحْلُبُ ، فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ وَالْبَائِعُ يَعْلَمُ مَا تَحْلُبُ وَكَتَمَهُ فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْضَاهَا أَوْ يَرُدَّهَا ، كَصُبْرَةٍ يَعْلَمُ الْبَائِعُ كَيْلَهَا دُونَ الْمُبْتَاعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ لِلْمُبْتَاعِ ، وَكَذَلِكَ مَا تُنُوفِسَ فِي لَبَنِهِ مِنْ بَقَرٍ وَإِبِلٍ وَلَوْ بَاعَهَا فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا ثُمَّ حَلَبَهَا الْمُبْتَاعُ حِينَ الْإِبَّانِ فَلَمْ يَرْضَهَا فَلَا رَدَّ لَهُ كَانَ الْبَائِعُ يَعْرِفُ حِلَابَهَا أَمْ لَا ا هـ .
وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ لِكِبَرِ الضَّرْعِ فَكَانَ لَحْمًا فَلَا يَثْبُتُ لَهُ بِهِ خِيَارٌ ، وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فَوَجَدَ حِلَابَهَا قَلِيلًا فَلَا رَدَّ لَهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ مِقْدَارَ حِلَابِهَا فَبَاعَهَا لَهُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ مَا عَلِمَهُ مِنْهَا فَلَهُ الْخِيَارُ لِأَنَّهُ صَارَ كَبَائِعِ طَعَامٍ يَعْلَمُ كَيْلَهُ جُزَافًا دُونَ الْمُشْتَرِي فَلَهُ رَدُّهُ ، وَلَوْ كَانَ فِي غَيْرِ إبَّانِ لَبَنِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ مِنْهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : بَلْ يَرُدُّهَا وَلَوْ اشْتَرَاهَا فِي غَيْرِ الْإِبَّانِ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ حِلَابَهَا .
وَقَالَ مُحَمَّدٌ : إنْ زِيدَ فِي ثَمَنِهَا لِمَكَانِ اللَّبَنِ فَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُعْلِمَهُ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا

اللَّبَنَ ، وَاقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى كَلَامِهَا وَالْجَوَاهِرِ ، وَاخْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَلَامَ الْجَوَاهِرِ فَأَوْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ الشُّرُوطَ مَعَ قَيْدِ الظَّنِّ فَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ وَمَنْ قَلَّدَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ ، فَقَدْ ظَهَرَ لَكَأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّرُوطِ مُسْتَقِلَّةٌ وَأَنَّ كَلَامَهُ فِيهَا مُطْلَقٌ غَيْرُ مُقَيَّدٍ بِكَوْنِهَا تُحْلَبُ حِلَابَ مِثْلِهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَهَا بِذَلِكَ غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ خِلَافُهُ فَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَهُ رَدُّهَا فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ وَالْعِلْمُ وَعَدَمُهُ إنَّمَا يَظْهَرَانِ فِي حُكْمِ التَّدْلِيسِ ا هـ .
فَأَيْنَ الْعَيْبُ إذَا كَانَتْ تُحْلَبُ حَلْبَ أَمْثَالِهَا ا هـ ، وَنَقَلَهُ الْبُنَانِيُّ وَأَقَرَّهُ .
أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ ، فَإِنَّ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ حَلُوبًا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الشُّرُوطَ فِي ظَنِّ كَثْرَةِ اللَّبَنِ ، وَكَذَا قَوْلُهَا فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ فِي اللَّبَنِ ، وَكَذَا قَوْلُ الْجَوَاهِرِ لَوْ ظَنَّ غَزَارَةَ اللَّبَنِ إلَخْ ، إذْ الظَّاهِرُ رُجُوعُ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ إلَخْ لَهُ وَلِلْمُشَبَّهِ بِهِ ، وَتَقْيِيدُ " س " وعج بِحَلْبِهَا حَلْبَ مِثْلِهَا ظَاهِرٌ لَا يَنْبَغِي التَّوَقُّفُ فِيهِ لِأَنَّ نَقْصَهَا عَنْ حَلْبِ أَمْثَالِهَا عَيْبٌ الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ فَيُرَدُّ بِهِ بِدُونِ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ كَمَا قَالَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَلَا بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ .
وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً ، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ ، وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَأْوِيلَانِ .
.

( وَلَا ) يَجِبُ رَدُّ صَاعٍ إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ بَعْدَ حَلْبِهَا ( بِ ) عَيْبٍ ( غَيْرَ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ عَلَى الْأَحْسَنِ ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ مِنْ الْخِلَافِ ، وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّ مُصَرَّاةً ( وَتَعَدَّدَ ) الصَّاعُ ( بِتَعَدُّدِهَا ) أَيْ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْدُودَةِ بِالتَّصْرِيَةِ بَعْدَ حَلْبِهَا ( عَلَى الْمُخْتَارِ ) عِنْدَ اللَّخْمِيِّ ( وَالْأَرْجَحِ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ وَالْأَظْهَرِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ .
ابْنُ زَرْقُونٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ .
وَقَالَ الْأَكْثَرُ : يُكْتَفَى بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا إذْ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةُ اللَّبَنِ وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ ، بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا وَمَحِلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُشْتَرَاةِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِعَدَدِهَا اتِّفَاقًا .
( وَإِنْ حُلِبَتْ ) بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً ( ثَالِثَةً فَإِنْ حَصَلَ ) لِمُشْتَرِيهَا ( الِاخْتِبَارُ ) بِالْمُوَحَّدَةِ لِقَدْرِ لَبَنِهَا ( بِ ) الْحَلْبَةِ ( الثَّانِيَةِ فَهُوَ ) أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثَةً ( رِضًا بِهَا ) فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا .
( وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( ذَلِكَ ) أَيْ رَدُّهَا بَعْدَ الْحَلْبَةِ الثَّالِثَةِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ مَا رَضِيَهَا ( وَفِي كَوْنِهِ ) أَيْ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ ( خِلَافًا ) لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهُمَا قَوْلَانِ ، وَعَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ ، قَالَ : وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَحْسَنُ وَطَائِفَةٌ أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِيَارُ بِالثَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ الصِّقِلِّيُّ ( تَأْوِيلَانِ ) .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : عج الْمُرَادُ بِالْحَلْبَةِ الْيَوْمُ ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ " س " .
طفي وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ .
فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّةً لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا حَلَبَهَا الثَّانِيَةَ وَفِي

الْجَوَاهِرِ حَتَّى يَحْلِبَهَا ثَانِيَةً ، فَإِذَا احْتَلَبَهَا الثَّالِثَةَ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَفِي الْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ نَاقِصَةً عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ لَهُ رَدُّهَا ، فَإِنْ حَلَبَهَا ثَالِثَةً ، وَكَذَا فِي عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ عَبَّرَ بِالْأَيَّامِ .
وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ : ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَلْبَةَ الثَّانِيَةَ لَا تَمْنَعُ الرَّدَّ لِأَنَّ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَأْخُذُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إذْ لَمْ تَكُنْ فِي رِوَايَتِهِ ، لَكِنْ هُوَ مَعْنَى الثَّلَاثِ حَلَبَاتٍ ، وَنَقَلَهُ الْأَبِيُّ وَأَقَرَّهُ .
وَقَالَ فِي تَنْبِيهَاتِهِ : لَمْ يَأْخُذْ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " بِمَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ ذِكْرِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، إذْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَتِهِ وَجَعَلَهَا الْمُخَالِفُونَ أَصْلًا فِي أَجَلِ الْخِيَارِ وَمَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَرَ لَهُ أَجَلًا مَحْدُودًا إلَّا بِقَدْرِ مَا تُخْتَبَرُ فِيهِ ، وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا ، وَقَدْ تَكُونُ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْمُرَادَ بِهَا ثَلَاثُ حَلَبَاتٍ وَهُوَ نِهَايَةُ مَا تُخْتَبَرُ بِهِ الْمُصَرَّاةُ .
ا هـ .
فَكَأَنَّ عج وَمَنْ مَعَهُ غَابَ عَنْهُمْ هَذَا كُلُّهُ الْبُنَانِيُّ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُقَيِّدَ بِالْحَلْبِ الْمُعْتَادِ كَبُكْرَةٍ وَعَشِيَّةٍ مَثَلًا .
الثَّانِي : ابْنُ عَاشِرٍ إذَا تَأَمَّلْت كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِيهَا مِنْ التَّفْصِيلِ وَجَدْتُهَا لَا تَقْبَلُ التَّأْوِيلَ لِتَصْرِيحِهَا بِالتَّفْصِيلِ ، وَتَبَيَّنَ لَك أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي كَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى خِلَافِ اصْطِلَاحِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : مَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِنْ حُلِبَتْ ثَالِثَةً إلَخْ إذَا حُلِبَتْ بِحُضُورِ الْمُشْتَرِي .
وَأَمَّا إذَا حُلِبَتْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَهُ رَدُّهَا إذَا قَدِمَ ، وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا بِصَاعٍ فَقَطْ وَمَا زَادَ خَرَاجٌ بِالضَّمَانِ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ ، وَمَحِلُّهُ فِي حَلْبِهَا فِي غَيْرِ زَمَنِ

الْخِصَامِ فَحَلْبُهَا فِيهِ لَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي .
.

وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ ، وَوَارِثٍ رَقِيقًا فَقَطْ : بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ ، وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا ، .
وَتَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِيهِ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ ، .
وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ وَوَصَفَهُ أَوْ أَرَاهُ لَهُ وَلَمْ يُجْمِلْهُ .
.

( وَمَنَعَ مِنْهُ ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ ( بَيْعُ حَاكِمٍ ) عَلَى مَدِينٍ مُفْلِسٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَائِبٍ لِتَوْفِيَةِ دَيْنِهِ أَوْ غَانِمِينَ لِقِسْمَةِ ثَمَنِهِ بَيْنَهُمْ ( وَ ) بَيْعُ ( وَارِثٍ ) لِقَضَاءِ دَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِ الْمَيِّتِ أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّتِهِ ، وَمَفْعُولُ بَيْعُ الْمُضَافُ لِفَاعِلِهِ قَوْلُهُ ( رَقِيقًا ) وَقَوْلُهُ ( فَقَطْ ) رَاجِعٌ لِحَاكِمٍ وَوَارِثٍ أَيْ لَا غَيْرِهِمَا وَلِلرَّقِيقِ أَيْ لَا غَيْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَى اعْتِبَارِ بَيْعِ الْمِيرَاثِ فَفِي كَوْنِهِ مَا بِيعَ مِنْهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ فَقَطْ أَوْ وَمَا بِيعَ لِقَسْمِ الْوَرَثَةِ قَوْلَانِ لِلْبَاجِيِّ وَعِيَاضٍ عَنْ غَيْرِهِ ( بَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( أَنَّهُ ) أَيْ الرَّقِيقَ ( إرْثٌ ) .
الْبُنَانِيُّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الْوَارِثِ فَقَطْ كَالْمُدَوَّنَةِ وَنَصَبَهَا وَبَيْعُ السُّلْطَانِ الرَّقِيقَ فِي الدُّيُونِ وَالْمَغْنَمِ وَغَيْرِهِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْبَرَاءَةَ ، وَكَذَا بَيْعُ الْمِيرَاثِ فِي الرَّقِيقِ إذْ ذَكَرَ أَنَّهُ مِيرَاثٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَرَاءَةَ .
ا هـ .
فَظَاهِرُهَا أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حَاكِمٌ ، بِخِلَافِ بَيْعِ الْوَارِثِ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَكَادُ يَخْفَى لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى حَمْلِ الْمُصَنِّفِ هَذَا قَوْلُهُ بَعْدُ وَخُيِّرَ وَمُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا إذَا ثَبَتَ لِلْمُشْتَرِي مَنْ الْحَاكِمِ التَّخْيِيرُ عِنْدَ جَهْلِهِ أَنَّهُ حَاكِمٌ ، فَلَوْ أَرَادَ ظَاهِرَهَا لَقَالَ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ خَاصًّا بِالْوَارِثِ ، وَبَقِيَ قَوْلُهُ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ عَلَى إطْلَاقِهِ ، وَلِذَا حَمَلَ " ق " وَغَيْرُهُ كَلَامَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَنَصُّهُ قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " : بَيْعُ الْمِيرَاثِ وَبَيْعُ السُّلْطَانِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ سُلْطَانٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَحْبِسَ بِلَا عُهْدَةٍ .
ابْنُ يُونُسَ هَذَا

أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مُتَوَلِّيهِ أَنَّهُ بَيْعُ مِيرَاثٍ أَوْ مُفْلِسٍ .
ا هـ .
فَهَذَا هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ظَنَّهُ غَيْرَهُمَا ، وَبِهِ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ حَقِيقَةَ الْبَيَانِ وَحُصُولَ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِهِمَا ، إذْ الْمُرَادُ حُصُولُ الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ الْمَدَارُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهَاتِ ، وَأَنَّ هَذَا الْقَيْدَ مَحْذُوفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ فَمَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ تت هُوَ الصَّوَابُ وَرَدُّ عج عَلَيْهِ غَيْرُ صَوَابٍ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : شَرْطُ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ عَدَمُ عِلْمِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ الْعَيْبَ ، فَإِنْ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ فَلَيْسَ بَيْعُهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ لِأَنَّهُ تَدْلِيسٌ .
الثَّانِي : مَفْهُومُ رَقِيقًا فَقَطْ أَنَّ بَيْعَهُمَا غَيْرَهُ مِنْ عَرْضٍ وَدَابَّةٍ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ وَلَوْ شَرَطَهَا فَلَا يَنْفَعُ شَرْطُهُ ، وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ إذَا ظَهَرَ .
الثَّالِثُ : ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَعْنَى الْبَرَاءَةِ الْتِزَامُ الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْبَيْعِ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ بِشَيْءٍ مِنْ سَبَبِ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الَّتِي لَمْ يَعْلَمْهَا قَدِيمَةً كَانَتْ أَوْ مَشْكُوكًا فِيهَا .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : الْبَرَاءَةُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ .
( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ ( مُشْتَرٍ ) رَقِيقًا مِنْ حَاكِمٍ أَوْ وَارِثٍ ( ظَنَّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ ( غَيْرَهُمَا ) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ .
الْبُنَانِيُّ وَصَوَابُهُ مُشْتَرٍ جَهِلَهُمَا لِيَشْمَلَ عَدَمَ ظَنِّهِ شَيْئًا بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَتَنْفَعُهُ دَعْوَاهُ جَهْلَهُمَا .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ لِأَنَّ جَهْلَ الْحُكْمِ لَا

يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِهِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ أَقْرَبُ .
( وَ ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ ( تَبَرِّي غَيْرِهِمَا ) أَيْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ ( فِي ) بَيْعِ ( هـ ) أَيْ الرَّقِيقِ ( مِمَّا ) أَيْ عَيْبٍ ( لَمْ يَعْلَمْ ) هـ الْبَائِعُ الْمُتَبَرِّي مِنْهُ فَلَا يَرُدُّ بِهِ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الشِّرَاءِ ( إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ عِنْدَ بَائِعِهِ حُدَّتْ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهِ ، وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ وَجَوَّزَ أَنَّ بِهِ عَيْبًا أَخْفَاهُ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ مَجْبُولٌ عَلَى إخْفَاءِ عُيُوبِهِ وَإِظْهَارِ بَرَاءَتِهِ مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ فَلَا يَنْفَعُهُ تَبَرِّيهِ مِنْ عُيُوبِهِ ، وَمَتَى ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَلِمُشْتَرِيهِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ .
وَمَفْهُومٌ فِيهِ أَنَّ تَبَرِّي غَيْرِهِمَا فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ الْعَقْلُ وَعَدَمُهُ ، فَالرَّقِيقُ يُمْكِنُهُ كَتْمُ عُيُوبِهِ لِرَغْبَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ بَعْضِ سَادَاتِهِ وَإِظْهَارُهَا لِكَرَاهَتِهِ فِي بَقَائِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَغَيْرُهُ لَيْسَ لَهُ عَقْلٌ ، فَظُهُورُ الْعَيْبِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَدْلِيسِ بَائِعِهِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيُّ لَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي الْقَرْضِ لِأَنَّهُ إنْ أَسْلَفَ رَقِيقًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبِهِ كَانَ سَلَفًا جَرَّ نَفْعًا ا هـ .
وَأَمَّا قَضَاءُ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ التَّبَرِّي فِيهِ إلَّا إذَا وَقَعَ التَّبَرِّي فِي قَضَائِهِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ لِتُهْمَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ ، وَهِيَ تَرْجِعُ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا .
وَالثَّانِي : ابْنُ عَرَفَةَ لَا يَرُدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَجَبَ حَلِفُهُ مَا عَلِمَهُ وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .

الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَفِي كَوْنِ حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ وَنَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ أَوْ نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ مُتَعَقِّبًا قَوْلَهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ فِي الْبَرَاءَةِ بِمَا عَلِمَ .
وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الثَّانِي .
وَإِذَا عَلِمَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ عَيْبَ مَبِيعِهِ حَاكِمًا كَانَ أَوْ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُمَا ( بَيَّنَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ وُجُوبًا ( أَنَّهُ ) أَيْ الْعَيْبَ ( بِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( وَوَصَفَهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي وَصْفًا شَافِيًا بَعْدَ إعْلَامِهِ بِهِ إنْ كَانَ خَفِيًّا كَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ كَاشِفًا حَقِيقَتَهُ لِأَنَّ مِنْهُ مَا يُغْتَفَرُ وَمِنْهُ مَا لَا يُغْتَفَرُ ( أَوْ أَرَاهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ ( لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِمَّا يُرَى كَقَطْعٍ وَكَيٍّ ( وَلَمْ يُجْمِلْهُ ) أَيْ الْبَائِعُ الْعَيْبَ حِينَ بَيَانِهِ بِأَنَّهُ يَذْكُرُهُ وَحْدَهُ مُفَصَّلًا بِأَنْ يَقُولَ : يَسْرِقُ كَذَا مِنْ كَذَا أَوْ يَأْبَقُ إلَى كَذَا وَيَغِيبُ كَذَا ، ثُمَّ يَأْتِي بِنَفْسِهِ أَوْ يُؤْتَى بِهِ إذَا خَافَ مَثَلًا أَوْ بِلَا سَبَبٍ ، أَوْ يَشْرَبُ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ كُلَّ مَرَّةٍ أَوْ يَزْنِي بِالْإِمَاءِ فَقَطْ أَوْ بِالْحَرَائِرِ أَوْ مُطْلَقًا ، فَإِنْ أَجْمَلَهُ وَحْدَهُ كَسَارِقٍ أَوْ آبِقٍ أَوْ شَارِبٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ كَسَارِقٍ زَانٍ وَفِيهِ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَلَا يَكْفِي .
الْبِسَاطِيُّ نُكْتَةٌ تَمَسَّكَ بَعْضُ الْمُعَاصِرِينَ بِظَاهِرِ قَوْلِهِمْ إذَا أَجْمَلَ لَا يُفِيدُ فَقَالَ : لَا يُفِيدُ مُطْلَقًا وَلَوْ ظَهَرَ أَنَّهُ سَرَقَ دِرْهَمًا وَنَازَعْتُهُ ، وَقُلْت : إنَّهُ يُفِيدُ فِيمَا يَسْرِقُ عَادَةً لَا إنْ ظَهَرَ أَنَّهُ نَقَّبَ أَوْ أَتَى مِنْ ذَلِكَ بِالْعَظِيمِ الَّذِي لَا يَخْطُرُ بِالْبَالِ فَلَا يُفِيدُ وَمَاتَ وَلَمْ يَرْجِعْ وَأَنَا بَاقٍ عَلَى قَوْلِي لَمْ أَرْجِعْ عَنْهُ ا هـ .
الْحَطّ مَا قَالَهُ هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي لَا يَشُكُّ فِيهِ ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ

كَالصَّرِيحِ فِيهِ ، وَنَصُّهَا مَنْ بَاعَ بَعِيرًا فَتَبَرَّأَ مِنْ دَبَرَاتِهِ فَإِنْ كَانَتْ مُنْغَلَّةً مُفْسِدَةً لَمْ يُبَرَّأْ أَوْ إنْ أَرَاهُ إيَّاهَا حَتَّى يَذْكُرَ مَا فِيهَا مِنْ نَغَلٍ وَغَيْرِهِ ، وَكَذَا إنْ تَبَرَّأَ فِي عَبْدٍ مِنْ سَرِقَةٍ أَوْ إبَاقٍ وَالْمُبْتَاعُ يَظُنُّ إبَاقَ لَيْلَةٍ أَوْ إلَى مِثْلِ الْعَوَالِي أَوْ سَرِقَةَ رَغِيفٍ فَيُوجَدُ يَنْقُبُ ، أَوْ أَبَقَ إلَى مِثْلِ مِصْرَ أَوْ الشَّامِ فَلَا يُبَرَّأُ حَتَّى يُبَيِّنَ أَمْرَهُ .
ا هـ .
مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ يَأْبَقُ لَيْلَةً أَوْ يَسْرِقُ رَغِيفًا بَرِئَ ، وَفِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْوَاضِحَةِ قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " وَأَصْحَابُهُ وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ مِنْهُ فَاحِشٌ وَمِنْهُ خَفِيفٌ فَلَا يُبَرَّأُ مِنْ فَاحِشَةٍ حَتَّى يَصِفَ تَفَاحُشَهُ مِنْ ذَلِكَ الْإِبَاقُ أَوْ السَّرِقَةُ أَوْ الدَّبَرَةُ بِالْبَعِيرِ وَمِثْلُهُ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ كَيٍّ أَوْ آثَارٍ بِالْجَسَدِ أَوْ مِنْ عُيُوبِ فَرْجٍ فَيُوجَدُ مُتَفَاحِشًا فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَهُ الرَّدُّ ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْعُيُوبِ ، وَذَكَرَ مِثْلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
ا هـ .
وَفِيهَا وَإِذَا تَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ فَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً وَمِنْهَا الْمُتَفَاحِشُ لَمْ يُبَرَّأْ حَتَّى يَذْكُرَ أَيَّ عَيْبٍ إلَّا مِنْ الْيَسِيرِ ، فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ .
ا هـ .
وَإِنْ أَتَى بِلَفْظٍ يَشْمَلُ الْعُيُوبَ كُلَّهَا كَثِيرَةً وَقَلِيلَةً وَهُوَ يَعْلَمُ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ وَسُكَّرًا فِي مَاءٍ فَلَا يَنْفَعُهُ هَذَا فِي شَيْءٍ ، فَفِيهَا مَنْ أَكْثَرَ فِي بَرَاءَتِهِ ذِكْرَ أَسْمَاءِ الْعُيُوبِ لَمْ يُبَرَّأْ إلَّا مِنْ عَيْبٍ يُرِيهِ إيَّاهُ وَيُوقِفُهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ إنْ شَاءَ ا هـ .
.

وَزَوَالُهُ إلَّا مُحْتَمِلَ الْعَوْدَ وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ وَطَلَاقِهَا وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ وَالْأَحْسَنُ ، أَوْ بِالْمَوْتِ فَقَطْ وَهُوَ الْأَظْهَرُ ، .
أَوْ لَا ، أَقْوَالٌ .

( وَ ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ ( زَوَالُهُ ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ ( إلَّا ) عَيْبًا ( مُحْتَمِلَ الْعَوْدِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ الرُّجُوعِ بَعْدَ زَوَالِهِ ، كَبَوْلٍ بِفَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ ، وَسَلَسِ بَوْلٍ ، وَسُعَالٍ مُفْرَطٍ ، وَاسْتِحَاضَةٍ ، وَنُزُولِ دَمٍ مِنْ قُبُلِ ذَكَرٍ ، وَبَيَاضِ عَيْنٍ ، وَنُزُولِ مَاءٍ مُسْتَمِرٍّ ، وَجُذَامٍ ، وَبَرَصٍ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ : إنَّهُ يَعُودُ ، فَإِنَّ زَوَالَهُ وَلَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ لِقَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ : عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُبَيِّنَ حُصُولَ الْبَوْلِ فِي الْفَرْشِ وَإِنْ انْقَطَعَ لِأَنَّ عَوْدَتَهُ لَا تُؤْمَنُ وَابْنُ الْمَوَّازِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ انْقَطَعَ الْبَوْلُ عَنْ الْجَارِيَةِ فَلَا يَبِيعُهَا حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ ، وَكَذَلِكَ الْخُيُولُ فَهُوَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْبَوْلِ فَإِذَا انْقَطَعَ انْقِطَاعًا بَيِّنًا مَضَى لَهُ السُّنُونَ الْكَثِيرَةُ فَمَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ، وَأَمَّا انْقِطَاعٌ لَا يُؤْمَنُ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ فَلِلْمُبْتَاعِ الرَّدُّ ا هـ ( وَفِي زَوَالِهِ ) أَيْ عَيْبِ التَّزَوُّجِ ( بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ ) لِلْعَبْدِ الَّتِي دَخَلَ بِهَا أَوْ الزَّوْجِ لِلْأَمَةِ الَّذِي دَخَلَ بِهَا إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِيهِ أَيْضًا ، فَلَوْ قَالَ الزَّوْجَ لَشَمِلَهُمَا وَيَقُولُ : وَطَلَاقُهُ أَيْ الزَّوْجِ الشَّامِلُ لَهُمَا بِإِضَافَةِ اسْمِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَوْ مَفْعُولِهِ .
ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا عَيْبُ الزَّوْجِيَّةِ فِي الْأَمَةِ وَالْعَبْدِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يَذْهَبُ بِارْتِفَاعِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ لَا ؟ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ، وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ ( وَطَلَاقِهَا ) أَيْ الزَّوْجَةِ وَكَالطَّلَاقِ لِلْفَسْخِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ( وَهُوَ ) أَيْ الزَّوَالُ بِالْمَوْتِ أَوْ الطَّلَاقِ ( الْمُتَأَوَّلُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الَّذِي فَهِمْت الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ فَضْلٍ ( وَالْأَحْسَنُ ) عِنْدَ التُّونُسِيِّ فِي قَوْلِهَا وَإِذَا اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ

فِي عِدَّةٍ مِنْ طَلَاقٍ فَلَمْ يَعْلَمْ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَلَا رَدَّ لَهُ بِمَا زَالَ مِنْ زَوْجِيَّةٍ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ .
( أَوْ ) يَزُولُ ( بِالْمَوْتِ فَقَطْ ) دُونَ الطَّلَاقِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ ( وَهُوَ الْأَظْهَرُ ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْمَوْتَ يَقْطَعُ التَّعَلُّقَ دُونَ الطَّلَاقِ .
الْحَطّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا وَفِي التَّوْضِيحِ الْقَوْلُ الثَّانِي لِأَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَوْتِ دُونَ الطَّلَاقِ ابْنُ حَبِيبٍ إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً أَيْ فِي الْمَوْتِ .
ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ ( أَوْ لَا ) يَزُولُ عَيْبُ التَّزَوُّجِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَهُ لَا يَصْبِرُ عَنْهُ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " .
الْبِسَاطِيُّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْ هَذَا ( أَقْوَالٌ ) ثَلَاثَةٌ فِي التَّزَوُّجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ بِدُونِ تَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ مَعَ الْوَطْءِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ ، أَوْ مَعَ تَسَلُّطٍ عَلَيْهِ فَلَا يَزُولُ وَلَوْ لَمْ يَطَأْ وَلَا بِإِذْنِهِ بِدُونِ تَسَلُّطٍ وَوَطْءٍ فَيَزُولُ بِأَحَدِهِمَا اتِّفَاقًا .
وَأَشْعَرَ فَرْضُهَا فِي التَّزَوُّجِ أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِعَبْدِهِ أَمَةً وَوَطِئَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ عِنْدَ بَيْعِهِ ، وَبِهِ صَرَّحَ التُّونُسِيُّ ، وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِجَرَيَانِ عِلَّةِ تَعَلُّقِ الْقَلْبِ فِيهِ .
.

وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا إلَّا مَا لَا يُنَقِّصُ ؛ كَسُكْنَى الدَّارِ .
.

( وَ ) مَنَعَ رَدَّ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ ( مَا ) أَيْ شَيْءٌ ( يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا ) مِنْ الْمُشْتَرِي بِهِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ صَرَاحَةً أَوْ ظُهُورًا مِنْ قَوْلٍ كَرَضِيتُ أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَكِتَابَةٍ وَتَزْوِيجٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِصَنْعَةٍ ( إلَّا مَا ) أَيْ شَيْئًا ( لَا يُنَقِّصُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً ، أَوْ بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَضَمٍّ وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْمَبِيعَ .
الْبُنَانِيُّ الِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا لَا يُنَقِّصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ دَلَّ عَلَيْهِ لَمَنَعَ الرَّدَّ ، وَالْحَاصِلُ مِنْ كَلَامِ " ز " وَغَيْرِهِ أَنَّ الِاسْتِغْلَالَ إمَّا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ أَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ .
أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ رِضًا مُطْلَقًا ، وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ رِضًا مُطْلَقًا ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَإِنْ كَانَ مُنَقِّصًا كَالرُّكُوبِ فَهُوَ رِضًا ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُنَقِّصٍ فَلَيْسَ رِضًا ( كَسُكْنَى الدَّارِ ) بِنَفْسِهِ أَوْ إسْكَانِهَا غَيْرَهُ عَلَى مَا يُقَيِّدُهُ قَوْلُهُ الْآتِي ، وَوَقْفٍ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكِتَابِ وَاغْتِلَالَ الْحَائِطِ زَمَنَ الْخِصَامِ ، أَيْ أَنَّهُ يُخَاصِمُ الْبَائِعَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ ، وَكَذَا مَا نَشَأَ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ إلَّا لِطُولِ سُكُوتِهِ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ فَلَا يَرُدُّ بَعْدَهُ كَسُكْنَى دَارٍ وَاغْتِلَالِ حَائِطٍ بَعْدَهُ ، وَقَبْلَ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ دَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ وَلَوْ فِي زَمَنِهِ فَرَضِيَ لِأَنَّ شَأْنَهُ التَّنْقِيصُ بِخِلَافِ السُّكْنَى وَنَحْوِهَا ، وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْفَسْخِ لَهُ لِأَنَّهُ فِي غَلَّةٍ لَا تُنْقِصُ كَلَبَنٍ ، وَفِي غَلَّةٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مُنَقِّصَةٍ أَمْ لَا لَا فِيمَا يُنَقِّصُ بَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ وَلَوْ فِي

زَمَنِ الْخِصَامِ وَلَا فِي الَّتِي لَا تُنَقِّصُ قَبْلَ الْخِصَامِ وَبَعْدَ عِلْمِ الْعَيْبِ .
.

وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ فِي كَالْيَوْمِ ، لَا كَمُسَافِرٍ اضْطَرَّ لَهَا أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ أَشْهَدَ ؛ فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِيَ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ : كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُ التَّلَوُّمِ ، وَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْخِلَافِ : تَأْوِيلَانِ .
ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً مُؤَرَّخَةً ، وَصِحَّةَ الشِّرَاءِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا .

( وَ ) إنْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الْمَبِيعِ بَعْدَ شِرَائِهِ وَسَكَتَ مُدَّةً ثُمَّ أَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ رِضًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي كَوْنَهُ رِضًا بِهِ ( حَلَفَ ) الْمُشْتَرِي أَنَّ سُكُوتَهُ لَيْسَ رِضًا ( إنْ سَكَتَ ) الْمُشْتَرِي بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَ الْمَبِيعِ عَنْ رَدِّهِ ( بِلَا عُذْرٍ ) مَانِعٍ لَهُ مِنْ رَدِّهِ ( فِي الْيَوْمِ ) وَنَحْوِهِ ، فَإِنْ حَلَفَ فَلَهُ الرَّدُّ وَإِنْ نَكَلَ فَلَا ، فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ مَضَى بَعْدَ عِلْمِهِ ، وَقْتٌ يَرُدُّ فِي مِثْلِهِ وَلَكِنْ لَا يُعَدُّ رَاضِيًا لِقُرْبِهِ كَيَوْمٍ وَنَحْوِهِ وَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ رِضًا وَلَا كَانَ إلَّا عَلَى الْقِيَامِ ، وَمَفْهُومُ فِي الْيَوْمِ أَنَّهُ لَوْ سَكَتَ زَمَنًا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ فَلَا يَرُدُّ وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ إنْ سَكَتَ لِعُذْرٍ فَلَهُ الرَّدُّ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا .
( لَا ) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِعَيْبِ الدَّابَّةِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي سَفَرٍ وَنَحْوُهُ رُكُوبٌ ( كَمُسَافِرٍ ) وَمُكْرَهٍ ( اُضْطُرَّ ) الْمُسَافِرُ أَوْ نَحْوُهُ ( لَهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ فِي الرُّكُوبِ ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَضْطَرَّ لِرُكُوبِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْهُ رَدُّهَا ، فَفِي الشَّامِلِ وَعُذِرَ مُسَافِرٌ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ وَنُدِبَ لَهُ الْإِشْهَادُ عَلَى أَنَّ رُكُوبَهَا لَيْسَ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهَا .
ا هـ .
وَالرَّقِيقُ كَالدَّابَّةِ وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ لِلرُّكُوبِ وَالِاسْتِعْمَالِ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ : لَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ بُدًّا مِنْ رُكُوبِهَا أَوْ الْحَمْلِ عَلَيْهَا فِي سَفَرِهِ أَوْ غَزْوِهِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهِ وَيَرْكَبُهَا أَوْ يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِدُ فِيهِ مَا يَرْكَبُهُ أَوْ يَحْمِلُ

عَلَيْهِ ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ ، وَلَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ ( أَوْ ) أَيْ وَلَا يَمْنَعُ رُكُوبَ الدَّابَّةِ فِي الْحَضَرِ بَعْدَ عِلْمِ عَيْبِهَا رَدَّهَا إنْ ( تَعَذَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( قَوْدُهَا ) أَيْ الدَّابَّةِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ لِصُعُوبَتِهَا أَوْ كَوْنِ مُشْتَرِيهَا مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ ( لِ ) شَخْصٍ ( حَاضِرٍ ) أَيْ غَيْرِ مُسَافِرٍ رَكِبَهَا لِمَحِلِّهِ مَثَلًا بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهَا .
وَأَمَّا رُكُوبُهَا لِرَدِّهَا فَلَا يَمْنَعُ رَدَّهَا وَلَوْ تَيَسَّرَ قَوْدُهَا ( فَإِنْ ) عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَيْبَ الْمَبِيعِ وَأَرَادَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَوَجَدَهُ قَدْ ( غَابَ بَائِعُهُ ) عَنْ الْبَلَدِ ( أَشْهَدَ ) الْمُشْتَرِي عَدْلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِالْعَيْبِ ثُمَّ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ الْحَاضِرِ ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ الرَّدِّ الْمَفْهُومِ مِنْ رَدِّ الْمُقَدَّرِ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ لَهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ ( أَعْلَمَ ) الْمُشْتَرِي ( الْقَاضِيَ ) بِشَأْنِهِ الْحَطّ نَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالذَّخِيرَةِ ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ إنْ قَدِمَ رَبُّهُ ، وَأَنَّهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ لَهُ وَكِيلٌ ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ ، فَإِنَّهُ يُرْفَعُ لِلْقَاضِي ، وَأَنَّهُ إنْ لَمْ يُرْفَعْ لَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا قَدِمَ وَهُوَ خِلَافُ مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ الْمَذْهَبَ ، وَنَصُّهُ وَغَيْبَةُ بَائِعِ الْمَعِيبِ لَا تُسْقِطُ حَقَّ مُبْتَاعِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ أَقَامَ بِيَدِهِ عَبْدٌ اشْتَرَاهُ سِتَّةَ أَشْهُرٍ لِغَيْبَةِ بَائِعِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ لِسُلْطَانٍ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ لَهُ الرُّجُوعُ بِعَيْبِهِ ، وَيُعْذَرُ بِغِيبَةِ الْبَائِعِ لِنَقْلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ وَلِأَنَّهُ يَرْجُو مُوَافَقَةَ الْبَائِعِ إنْ قَدِمَ ، وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ اسْتَشْهَدَ شَهِيدَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ إشْهَادَهُ شَرْطٌ

فِي رَدِّهِ أَوْ فِي سُقُوطِ يَمِينِهِ إنْ قَدِمَ بَائِعُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَا أَعْرِفُهُ لِغَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَلَهُ الْقِيَامُ فِي غَيْبَتِهِ أَنَّ لَهُ عَدَمَ الْقِيَامِ .
وَقَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنَّهُ رَضِيَ بِالْعَيْبِ لِأَنَّهُ إذَا حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِالرِّضَا وَقَالَ : إنَّ مُخَبِّرًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْيَمِينَ تَتَوَجَّهُ بِلَا كَلَامٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ عب فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلِهِ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَرُدَّ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَائِمًا ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ إنْ هَلَكَ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ ، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ إنْ هَلَكَ لِمَا يَأْتِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ إلَّا بِالرِّضَا بِرَدِّهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ إنْ حَضَرَ الْبَائِعُ ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ ، وَقَبْلَ ذَلِكَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ إذَا قَدِمَ تَحْلِيفُ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَخْبَرَنِي بِهِ مُخْبِرٌ فَيُسْتَثْنَى الْغَائِبُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي وَلَا الرِّضَا إلَخْ .
وَعَطَفَ عَلَى أَعْلَمُ قَوْلَهُ ( فَتَلَوَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلٍ الْوَاوُ أَيْ تَرَبَّصَ الْقَاضِي زَمَنًا يَسِيرًا ( فِي ) الْحُكْمِ بِالرَّدِّ عَلَى بَائِعٍ ( بَعِيدِ الْغَيْبَةِ ) بِأَنْ كَانَ عَلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ مَعَ الْخَوْفِ ( إنْ رُجِيَ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ ( قُدُومُهُ ) أَيْ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ مِنْ غَيْبَتِهِ .
" غ " كَذَا فِي النُّسَخِ الْمُصَحَّحَةِ عَلَى أَنَّ رَجَاءَ قُدُومِهِ شَرْطٌ فِي التَّلَوُّمِ ، وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ التَّلَوُّمِ لِمَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ ، وَمَفْهُومُ بَعِيدِ الْغَيْبَةِ أَنَّ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ أَوْ يُوَكِّلَ ، فَإِنْ أَبَى حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ كَالْحَاضِرِ أَفَادَهُ " غ " عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَبِي

الْحَسَنِ عَلَيْهَا .
وَشَبَّهَ فِي التَّلَوُّمِ فَقَالَ : ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( لَمْ يُعْلَمْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَفَتْحِ اللَّامِ ( قُدُومُهُ ) أَيْ الْغَائِبِ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ ( عَلَى الْأَصَحِّ ) عِنْدَ أَبِي الْأَصْبَغِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي مَرْوَانَ بْنِ مَالِكٍ مِنْ أَئِمَّةِ قُرْطُبَةَ فَكَّ اللَّهُ تَعَالَى أَسْرَهَا .
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ : مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ فَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ حَتَّى تَزِيدَ الْبَيِّنَةُ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَيَقُولُونَ بِحَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ، وَهَذَا مُحَالٌ فِي النَّظَرِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُكَلَّفَ مَنْ قَالَ : لَا أَعْلَمُ حَيْثُ غَابَ أَنْ يَزِيدَ مَغِيبًا بَعِيدًا ، فَيُجْعَلُ عَالِمًا مَنْ قَدْ انْتَفَى مِنْ عِلْمِهِ ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ ، وَاسْتَدَلَّ أَبُو الْأَصْبَغِ عَلَى صِحَّةِ مَا صَوَّبَ بِمَسَائِلَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِلَّا سَمِعَهُ وَبَسَطَهَا فِي نَوَازِلِهِ ، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَفَادَهُ " غ " .
( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ ( أَيْضًا ) أَيْ كَمَا فِيهَا التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ الْقُدُومَ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ ( نَفْيُ ) أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ ( التَّلَوُّمِ ) لِمَنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ .
" غ " أَشَارَ بِهَذَا الْقَوْلِ الْمُتَيْطِيُّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ : إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ قُضِيَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَذْكُرْ التَّلَوُّمَ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَسْمِ مِنْهَا ( وَفِي حَمْلِهِ ) أَيْ مَا فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ الَّذِي سَكَتَ فِيهِ عَنْ التَّلَوُّمِ لِبَعِيدِ الْغَيْبَةِ الْمَرْجُوِّ قُدُومُهُ ( عَلَى الْخِلَافِ ) لِمَا فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ مِنْ التَّلَوُّمِ لَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَأَمَّا الْبَعِيدُ الْغَيْبَةِ فَيُتَلَوَّمُ لَهُ إذَا كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ بِرَدِّ الْعَبْدِ ثُمَّ يَبِيعُهُ عَلَيْهِ الْإِمَامُ ، وَيَقْضِي الْمُبْتَاعُ

ثَمَنَهُ الَّذِي نَقَدَ بَعْدَ أَنْ تَقُولَ : بَيِّنَتُهُ أَنَّهُ نَقَدَ الثَّمَنَ وَهُوَ كَذَا وَكَذَا دِينَارًا ، فَمَا فَضَلَ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِلْغَائِبِ عِنْدَ أَمِينٍ وَإِنْ كَانَ نُقْصَانٌ رَجَعَ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ ثَمَنِهِ ا هـ ، فَحَمَلَهُمَا بَعْضُ الشُّيُوخِ عَلَى الْخِلَافِ .
وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ : الْمَوْضِعَانِ مُتَّفِقَانِ وَكَأَنَّهُ قَالَ : يَتَلَوَّمُ لَهُ الْإِمَامُ إنْ طَمِعَ بِقُدُومِهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ضَيْعَةً ، فَإِنْ خَافَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَطْمَعْ بِقُدُومِ الْغَائِبِ بَاعَ الْعَبْدَ .
ا هـ .
فَقَوْلُهُ نَفْيُ التَّلَوُّمِ فِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ ، أَيْ ذِكْرُ التَّلَوُّمِ ، وَلَوْ قَالَ : وَفِيهَا أَيْضًا السُّكُوتُ عَنْ التَّلَوُّمِ لَكَانَ أَبْيَنَ أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ ( تَأْوِيلَانِ ) الْبُنَانِيُّ وَنَحْوُ مَا لِلْمُتَيْطِيِّ لِأَبِي الْحَسَنِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ ، وَرَدَّهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ التَّصْرِيحَ بِنَفْيِ التَّلَوُّمِ ، وَيَتَبَيَّنُ هَذَا بِكَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ فَإِنَّهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعُيُوبِ ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ كَانَ يَطْمَعُ بِقُدُومِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ قُضِيَ عَلَيْهِ ، قَالَ مَا نَصُّهُ : قَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ : إنَّهُ يُتَلَوَّمُ لِلْغَائِبِ إنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ .
وَقَالَ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ فِيمَنْ أَسْلَمَ عَبْدُهُ النَّصْرَانِيُّ وَالسَّيِّدُ غَائِبٌ : إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِيهِ وَكَتَبَ لَهُ فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا بِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُنْتَظَرُ ، لِأَنَّ مَالِكًا " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " قَالَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ تُسْلِمُ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ : إنْ كَانَ قَرِيبًا نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَسْلَمَ قَبْلَهَا ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدًا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا تَزَوَّجَتْ مَكَانَهَا وَلَا يُنْتَظَرُ قُدُومُهُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فَأَسْقَطَ

فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ التَّلَوُّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ ، وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ أَبُو عُمَرَ بْنُ الْقَطَّانِ فِي جَوَابِهِ فِي التَّلَوُّمِ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ ا هـ بِلَفْظِهِ فَأَنْتَ تَرَى الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ فِي كِتَابِ التِّجَارَةِ بِعَدَمِ الِانْتِظَارِ مَرَّتَيْنِ ، وَهُوَ عَدَمُ التَّلَوُّمِ ، فَقَوْلُهُ وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ مَعْنَاهُ عَلَى ظَاهِرِهِ أَيْ وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُتَلَوَّمُ لَهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَيَتَأَتَّى التَّوْفِيقُ مَعَهُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يُرْجَ قُدُومُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( ثُمَّ ) بَعْدَ تَمَامِ زَمَنِ التَّلَوُّمِ ( قَضَى ) الْقَاضِي لِلْمُشْتَرِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ ( إنْ أَثْبَتَ ) الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي ( عُهْدَةً ) أَيْ شِرَاءَهُ الْمَبِيعَ بِهَا أَيْ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ عَيْبِ الرَّقِيقِ وَقُبِلَتْ الشَّهَادَةُ ، وَإِنْ كَانَتْ بِالنَّفْيِ لِتَعَلُّقِهِ بِمُعَيَّنٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ أَوْ الْإِسْلَامِ وَهِيَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ .
وَقِيلَ : وَالْعَيْبُ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْهَا لَا تَنْفَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ، فَإِذَا اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِ شِرَائِهِ عَلَيْهَا ( مُؤَرَّخَةً ) أَيْ الْعُهْدَةُ ، وَفِي نِسْبَةِ التَّارِيخِ لَهَا تَجَوُّزٌ إذْ الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً الشِّرَاءُ لِيُعْلَمَ مِنْ تَارِيخِهَا قِدَمُ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثُهُ .
( وَ ) أَثْبَتَ أَيْضًا ( صِحَّةَ الشِّرَاءِ ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ إذَا حَضَرَ فَسَادَهُ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِصِحَّتِهِ ( إنْ لَمْ يَحْلِفْ ) الْمُشْتَرِي ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ ، فَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهِمَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِمَا بِبَيِّنَةٍ ، زَادَ الْمُوَثَّقُونَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالْعَيْبِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَسْتَخْدِمْ الرَّقِيقَ بَعْدَهُ وَإِنْ

أَرَادَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ وَأَنَّهُ كَذَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَلَهُ جَمْعُ هَذِهِ الْفُصُولِ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ ، وَمَفْهُومُ عَلَيْهِمَا أَنَّ التَّارِيخَ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ ، وَكَذَا مِلْكُ بَائِعِهِ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَيَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الرِّضَا إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ .
تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ عَهْدَ تَشَرُّطٍ فِي قَوْلِهِ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ الْمُوجِبَاتِ .
أَبُو الْحَسَنِ يَثْبُتُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةِ شُرُوطٍ وَثَلَاثَةِ أَيْمَانٍ أَحَدُهَا أَنْ يُثْبِتَ أَنَّهُ ابْتَاعَ ، الثَّانِي : مِقْدَارُ الثَّمَنِ .
الثَّالِثُ : نَقْدُهُ .
الرَّابِعُ : أَمَدُ التَّبَايُعِ .
الْخَامِسُ : ثُبُوتُ الْعَيْبِ .
السَّادِسُ : أَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ الثَّمَنِ .
السَّابِعُ : أَنَّهُ أَقْدَمُ مِنْ أَمَدِ التَّبَايُعِ .
الثَّامِنُ : ثُبُوتُ الْغَيْبَةِ التَّاسِعُ : بُعْدُهَا .
وَأَمَّا الْأَيْمَانُ الثَّلَاثَةُ فَحَلِفُهُ أَنَّهُ ابْتَاعَ بَيْعًا صَحِيحًا ، وَأَنَّهُ لَمْ يَتَبَرَّأْ إلَيْهِ مِنْ الْعَيْبِ وَلَمْ يُبَيِّتْهُ لَهُ وَلَا أَرَاهُ إيَّاهُ فَرَضِيَهُ .
وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عَلِمَهُ وَلَهُ جَعْلُهَا فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ .
الثَّانِي : زَادَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى التِّسْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مِلْكَ بَائِعُهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ إلَى حِينِ الشِّرَاءِ .
الثَّالِثُ : مَحَلُّ اشْتِرَاطِ الْإِثْبَاتِ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَقَدَهُ الثَّمَنَ إذَا لَمْ يَمْضِ مِنْ الزَّمَنِ مَا لَوْ أَنْكَرَ الْبَائِعُ قَبْضَهُ كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ أَنَّهُ دَفَعَهُ لَهُ كَعَامٍ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَعِشْرِينَ عَامًا وَنَحْوِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
الرَّابِعُ : " د " لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَكُونُ فِي الْفَاسِدِ أَيْضًا فَلِمَ أُلْزِمَ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ

صِحَّةِ شِرَائِهِ أَوْ الْحَلِفَ عَلَيْهَا .
الْبُنَانِيُّ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا قُلْت : إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ قَالَ : لَمْ أَسْمَعْهُ وَأَرَى إنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ ابْتَاعَهُ بَيْعًا حَرَامًا وَنَقَدَ ثَمَنَهُ وَلَمْ يَفُتْ بِحَوَالَةٍ سَوْقُ حُكْمٍ فِيهِ كَالصَّحِيحِ ، وَإِنْ فَاتَ جَعَلَهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَيَتَرَادَّانِ الْفَضْلَ مَتَى الْتَقَيَا .
ا هـ .
وَبِهِ يَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ .
وَفِي النُّكَتِ إذَا أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً أَنَّهُ ابْتَاعَ فَاسِدًا وَفَاتَ الْمَبِيعُ وَحُكِمَ بِالْقِيمَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَفِيهَا فَضْلٌ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْبَائِعُ ، فَإِنَّ السُّلْطَانَ يَأْخُذُهُ بَلْ يُبْقِيهِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَحْكُمُ لِلْغَائِبِ فِي أَخْذِ دُيُونِهِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مَفْقُودًا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ ، أَوْ يَقُولُ الَّذِي عَلَيْهِ : لَا أُرِيدُ بَقَاءَهُ فِي ذِمَّتِي .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ .
.

وَفَوْتُهُ حِسًّا كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ ، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا ، وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ .
.

( وَ ) مَنَعَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ( فَوْتُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( حِسًّا ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ السِّينِ ، أَيْ فَوْتًا مَحْسُوسًا بِتَلَفٍ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حُكْمًا ( كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ ) وَتَنْجِيزِ عِتْقٍ وَصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَتَعَيَّنَ لَهُ الْأَرْشُ ، وَهُوَ لِلْوَاهِبِ أَوْ الْمُتَصَدِّقِ إذْ لَمْ يَهَبْ أَوْ يَتَصَدَّقْ إلَّا بِالْمَبِيعِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ حِسًّا بِتَلَفٍ أَوْ حُكْمًا بِعِتْقٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ تَدْبِيرٍ فَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ تَعَيَّنَ الْأَرْشُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ عِوَضٍ ، فَإِنْ كَانَ مَغْلُوبًا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِهِ مِثْلُ كَوْنِهِ عَبْدًا فَيَمُوتُ أَوْ يَقْتُلُهُ الْمُشْتَرِي خَطَأً أَوْ يَغْصِبُ مِنْهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ وَإِنْ كَانَ بِاخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ عَمْدًا أَوْ هِبَتِهِ أَوْ عِتْقِهِ ، فَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ ا هـ .
وَفِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ تَعَذَّرَ لِعَقْدٍ آخَرَ ، فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ فَالْأَرْشُ أَيْ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَرَوَى ابْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إذَا تَصَدَّقَ بِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ فَفَوْتٌ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ، وَهَذَا فِي غَيْرِ هِبَةِ الثَّوَابِ إذْ هِيَ كَالْبَيْعِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَقَالَ سَحْنُونٌ وَعِيسَى : الْأَرْشُ لِلْمُتَصَدِّقِ لَا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ .
وَفِي الشَّامِلِ لَوْ أَخَذَ الْأَرْشَ لِمَرَضِ الْعَبْدِ عِنْدَهُ أَوْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ صَحَّ أَوْ عَجَزَ فَاتَ ا هـ .
إذَا فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ ( فَيُقَوَّمُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْقَافِ وَالْوَاوِ مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي مُقَوَّمًا كَانَ أَوْ مِثْلِيًّا حَالَ كَوْنِهِ ( سَالِمًا ) مِنْ الْعَيْبِ بِمِائَةٍ مَثَلًا

( وَ ) حَالَ كَوْنِهِ ( مَعِيبًا ) بِثَمَانِينَ مَثَلًا ( وَيُؤْخَذُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ ( بِ ) مِثْلِ ( النِّسْبَةِ ) لِمَا نَقَصَتْهُ قِيمَتُهُ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا ( مِنْ الثَّمَنِ ) وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ، فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بَيْعًا صَحِيحًا وَلَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ وَقَدْ حَالَتْ الْأَسْوَاقُ وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَبَضَهَا الْمُبْتَاعُ وَمَاتَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ ، فَالنَّظَرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ إذْ الْبَيْعُ صَحِيحٌ يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى مَاتَتْ عِنْدَ بَائِعهَا إنْ كَانَتْ لَا تَتَوَاضَعُ وَبِيعَتْ عَلَى الْقَبْضِ .
.

وَوَقَفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ لِخَلَاصِهِ ، وَرَدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ : كَعَوْدِهِ لَهُ بِعَيْبٍ .
أَوْ مِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ : كَبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ ؛ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا ، .
أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ ؛ فَلَا رُجُوعَ : وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ .
.

( وَ ) لَوْ عَلَّقَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ حَقًّا لِغَيْرِهِ بِرَهْنِهِ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ إجَارَتِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ الَّذِي لَهُ رَدُّهُ بِهِ ( وُقِفَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ الْمَبِيعُ ( فِي ) صُورَةِ ( رَهْنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ ( وَ ) فِي صُورَةِ ( إجَارَتِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ وَنَحْوِهَا كَإِخْدَامِهِ وَإِعَارَتِهِ ، وَصِلَةُ وُقِفَ ( لِخَلَاصِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ مِنْ الرَّهْنِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ الْمَرْهُونِ فِيهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْهُ أَوْ تَمَامِ عَمَلِ الْإِجَارَةِ أَوْ انْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِخْدَامِ وَالْإِعَارَةِ ( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ لِبَائِعِهِ بَعْدَ خَلَاصِهِ ( إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ) الْمَبِيعُ وَهُوَ مَرْهُونٌ أَوْ مُؤَجَّرٌ مَثَلًا ، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى فِيهِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ إلَخْ .
الْحَطّ حُكْمُ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَهِبَةِ الثَّوَابِ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ حَتَّى تَعُودَ لَهُ السِّلْعَةُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي الْأُمِّ : وَالرَّهْنُ وَالْبَيْعُ وَالْإِجَارَةُ إذَا أَصَابَ الْعَيْبُ بَعْدَهُنَّ أَوْ أَجَّرَ فَلَا أَرَاهُ فَوْتًا ، وَمَتَى رَجَعَتْ إلَيْهِ بِافْتِكَاكِ الرَّهْنِ أَوْ انْقِضَاءِ أَجَلِ الْإِجَارَةِ فَأَرَى لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إنْ كَانَتْ بِحَالِهَا ، فَإِنْ دَخَلَهَا عَيْبٌ مُفْسِدٌ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِهَا ا هـ .
ثُمَّ قَالَ : وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يُشْهِدَ الْآنَ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِنَّ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ ، وَلَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَأَبِي الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ لَهُ رَدٌّ بَعْدَ رُجُوعِهِ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ إذَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا بِشَيْءٍ ، أَمَّا لَوْ قَامَ عَلَيْهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ لِيَدِهِ فَقُضِيَ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ

لِخُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ .
أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ أُصُولِهِمْ .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ أَنَّهُ لَهُ الرَّدُّ قَامَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يَقُمْ لِأَنَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ الْقِيَامِ عَلَيْهِ لِعِلَّةٍ فَارْتَفَعَ الْحُكْمُ بِارْتِفَاعِهَا .
وَشَبَّهَ فِي الرَّدِّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ فَقَالَ : ( كَعَوْدِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بَيْعِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ ، وَصِلَةُ عَوْدِهِ ( بِعَيْبٍ ) ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرَى سَوَاءٌ كَانَ قَدِيمًا مِنْ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَالْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِعُهْدَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ، أَوْ بِتَفْلِيسِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي قَبْلَ دَفْعِ ثَمَنِهِ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ( أَوْ ) عَوْدُهُ لَهُ ( بِمِلْكٍ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ اللَّامِ ( مُسْتَأْنَفٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ ( كَبَيْعٍ ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ .
ابْنُ يُونُسَ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ يَقُولُ : إنَّمَا اشْتَرَيْتُهُ لِأَرُدَّهُ عَلَيْكَ ( أَوْ هِبَةٍ ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ لَهُ ( أَوْ إرْثٍ ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ .
( فَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ غَيْرَ عَالِمٍ بِعَيْبِهِ ( لِأَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِالْعَيْبِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ تَقْيِيدِهِ بِبَيْعِهِ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَبِعَدَمِ تَدْلِيسِ بَائِعِهِ مَا دَامَ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِيهَا ، وَإِنْ اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا ثُمَّ بِعْتَهُ فَادَّعَيْت بَعْدَ بَيْعِهِ أَنَّ الْعَيْبَ كَانَ بِالْعَبْدِ عِنْدَ بَائِعِهِ مِنْكَ فَلَيْسَ لَكَ خُصُومَتُهُ الْآنَ إذْ لَوْ ثَبَتَ لَمْ أُرْجِعْكَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، فَإِنْ رَجَعَ الْعَبْدُ إلَيْكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَلَكَ الْقِيَامُ

بِعَيْبِهِ ، ثُمَّ قَالَ : لَوْ وَهَبَهُ لَكَ مُشْتَرِيهِ مِنْكَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ لَرَجَعَ عَلَيْك بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِعْت بِهِ مِنْهُ ثُمَّ لَك رَدُّهُ عَلَى بَائِعِكَ الْأَوَّلِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِكَ مِنْهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ .
ابْنُ يُونُسَ وَلَا يُحَاسِبُكَ بِبَقِيَّةِ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضْت مِنْ وَاهِبِكَ بَعْدَ الَّذِي رَدَدْت إلَيْهِ مِنْهُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِأَنَّ مَا بَقِيَ فِي يَدِك إنَّمَا وَهَبَهُ غَيْرُهُ .
أَبُو الْحَسَنِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهَا وَلَا كَلَامَ لَهُ ، أَمَّا إذَا بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ فَوَاضِحٌ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِثَمَنِهِ الَّذِي دَفَعَهُ ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَلِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا فَبَيْعُهُ رِضًا مِنْهُ بِعَيْبِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَالنَّقْصُ لِحَوَالَةِ السُّوقِ لَا لِلْعَيْبِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ ، قَالَ : إلَّا أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ مِثْلَ بَيْعِهِ بِهِ ظَانًّا حُدُوثَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ بَائِعِهِ وَبَاعَهُ وَكِيلُهُ ظَانًّا ذَلِكَ فَيَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْمُصَنِّفُ .
وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ قَوْلَ مُحَمَّدٍ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَبِذَلِكَ صَرَّحَ غَيْرُهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ الْجَلَّابِ عَلَى أَنَّهُ تَقْيِيدٌ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ قَوْلَ مُحَمَّدٍ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ .
( أَوْ ) بَاعَهُ الْمُشْتَرِي ( لَهُ ) أَيْ بَائِعِهِ ( بِمِثْلِ ثَمَنِهِ ) الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْآنَ سَوَاءٌ بَاعَهُ لَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ دَلَّسَ أَمْ لَا ، لَكِنَّ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدَّهُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُدَلِّسْ فِي بَيْعِهِ إنْ بَاعَهُ لَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى

عَيْبِهِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ حُدُوثِهِ عِنْدَهُ ( أَوْ ) بَاعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ لِبَائِعِهِ ( بِأَكْثَرَ ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِهِ ( إنْ دَلَّسَ ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ أَيْ لَمْ يُبَيِّنْ الْعَيْبَ عَالِمًا بِهِ حِينَ بَيْعِهِ أَوْ لَا ( فَلَا رُجُوعَ ) لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ الثَّانِي عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِشِرَائِهِ عَالِمًا بِعَيْبِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْعَيْبَ حِينَ بَيْعِهِ ( رَدَّ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا بِشَدِّ الدَّالِ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ( ثُمَّ رُدَّ ) كَذَلِكَ أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدَّهُ بِهِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ ، فَإِنْ كَانَ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ وَإِلَّا فَلِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ ، فَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّ بَيْعَهُ لَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ رِضًا بِهِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .
.

وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ ، .
وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ ؛ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ .
يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي : .

( وَ ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ ( لَهُ ) أَيْ لِبَائِعِهِ ( بِأَقَلَّ ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ ( كَمَّلَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ دَلَّسَ أَمْ لَا .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ النَّقْصِ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَحُجَّةٍ .
ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ لِأَجْنَبِيٍّ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
الْمِسْنَاوِيُّ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ فِي رُجُوعِ سِلْعَتِهِ لِيَدِهِ بِخِلَافِ بَيْعِهَا لِأَجْنَبِيٍّ فَفِيهِ ضَرَرٌ عَلَيْهِ ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ بِأَقَلَّ لِبَائِعِهِ فَلَا يُكَمِّلُ لَهُ وَلَوْ دَلَّسَ لِرِضَاهُ بِهِ ، فَإِنْ قِيلَ : لِمَ لَمْ يَحْكُمْ بِالرَّدِّ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ كَبَيْعِهِ لَهُ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الرَّدَّ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِاخْتِيَارِهِ وَالشَّأْنُ اخْتِيَارُهُ الرَّدَّ إنْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ ، وَالتَّمَسُّكُ إنْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ فَلِذَا عَبَّرَ فِي الْأَوَّلِ بِالرَّدِّ وَفِي الثَّانِي بِالتَّكْمِيلِ .
( وَتَغَيُّرُ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَضَمِّ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلَةً ( الْمَبِيعِ ) الْمَعِيبِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا أَمْ لَمْ يَخْرُجْ ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّغَيُّرُ فِي ذَاتِهِ بِسَبَبِهِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ ، أَوْ فِي حَالِهِ كَالتَّزَوُّجِ وَالسَّرِقَةِ ( إنْ تَوَسَّطَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْمَخْرَجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكُ بِالْمَبِيعِ وَ ( أَخْذُ ) أَرْشِ الْعَيْبِ ( الْقَدِيمِ ) مِنْ الْبَائِعِ ( وَ ) لَهُ ( رَدُّهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ ( وَدَفْعُ ) أَرْشِ الْعَيْبِ ( الْحَادِثِ ) عِنْدَهُ لِبَائِعِهِ .
الْحَطّ تَغَيُّرُهُ تَارَةً يَكُونُ بِنَقْصٍ وَتَارَةً بِزِيَادَةٍ وَتَارَةً بِهِمَا وَالنَّقْصُ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ : التَّغَيُّرُ يُنْقِصُ فِي قِيمَتِهِ كَحَوَالَةِ سُوقِهِ وَهَذَا لَا

يُعْتَبَرُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
الثَّانِي : تَغَيُّرُ حَالِهِ دُونَ بَدَنِهِ كَزَوَاجٍ وَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ .
الثَّالِثُ : نَقْصُ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ هُنَا وَقَسَّمَهُ إلَى خَفِيفٍ وَمُتَوَسِّطٍ وَمُفِيتٍ .
الرَّابِعُ : نَقْصُ غَيْرِ عَيْنِ الْمَبِيعِ مِثْلُ شِرَاءِ نَخْلٍ مُثْمِرٍ قَبْلَ إبَارِهِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ عَبْدٍ بِمَالِهِ فَيَذْهَبُ الْمَالُ بِتَلَفٍ أَوْ ثَمَرُ النَّخْلِ بِجَائِحَةٍ ، ثُمَّ يَعْلَمُ الْمُشْتَرِي عَيْبَهُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ هَذَا لَا يُعْتَبَرُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَالتَّمَاسُكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ ، وَذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَزَاهُ الْبَاجِيَّ لِعِيسَى .
الْخَامِسُ : نَقْصُهُ بِجِنَايَةِ الْمُبْتَاعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ذَكَرَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
وَالْمُنْتَقَى وَالرَّجْرَاجِيِّ ، وَصَرَّحَ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَقَالَ : وَأَمَّا النَّقْصُ بِحَوَالَةِ السُّوقِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْإِمْسَاكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ أَعْلَمْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ أَنَّ حَوَالَتَهُ لَيْسَتْ فَوْتًا فِي الرَّدِّ بِعَيْبِ الْمُشْتَرِي إلَّا رِوَايَةً شَاذَّةً لِابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَنَّهَا فَوْتٌ فِي الطَّعَامِ .
ا هـ .
وَأَمَّا التَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ فَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ إلَخْ وَالتَّغَيُّرُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ .
تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : مَحَلُّ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ بِلَا أَرْشٍ وَإِلَّا فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ .
الثَّانِي : اسْتَثْنَى مِنْ التَّغَيُّرِ

الْمُتَوَسِّطِ سِمَنَ الدَّابَّةِ الْمَعِيبَةِ بِقَدِيمٍ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ، وَإِنْ عَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ الْمُتَوَسِّطِ .
( وَقُوِّمَا ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ الْعَيْبَانِ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ تَقْوِيمًا مُصَوَّرًا ( بِتَقْوِيمِ ) الشَّيْءِ ( الْمَبِيعِ ) ثَلَاثَةَ تَقْوِيمَاتٍ إنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي رَدَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَحْدَهُ وَمَعِيبًا بِهِمَا ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَقَطْ ابْنُ الْحَاجِبِ يُقَوَّمُ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي قِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ إذَا اُحْتِيجَ إلَى قِيمَتِهَا مَعًا أَوْ قِيمَةِ الْقَدِيمِ وَحْدَهُ يَوْمَ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ .
ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَمْسَكَ قُوِّمَ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ .
الْمُوَضِّحُ أَيْ فَإِنْ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَسُّكَ بِالْمَعِيبِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْقَدِيمِ حَيْثُ يُخَيَّرُ فَيَكْفِي حِينَئِذٍ تَقْوِيمَانِ يُقَوِّمُ صَحِيحًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَيَأْخُذُ نِسْبَةَ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا عَشَرَةً وَمَعِيبًا ثَمَانِيَةً فَقِيمَةُ الْعَيْبِ خُمُسُ الثَّمَنِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهِ عَلَى الْبَائِعِ ، فَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ بِخُمُسِهَا ثَلَاثَةً .
ابْنُ الْحَاجِبِ وَإِنْ رَدَّ قَوَّمَ ثَالِثًا بِهِمَا ، الْمُوَضِّحُ أَيْ وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ تَقْوِيمًا ثَالِثًا بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَمَا نَقَصَتْهُ الْقِيمَةُ الثَّالِثَةُ عَنْ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ نُسِبَ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى ، وَيَرُدُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ تِلْكَ النِّسْبَةَ مِنْ الثَّمَنِ وَهَكَذَا قَالَ الْبَاجِيَّ

: وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرَادَ الرَّدَّ فَالْقِيمَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ لَا بُدَّ مِنْهُمَا ، فَإِذَا تَقَدَّمَتَا جُعِلَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ أَصْلًا ثُمَّ يُقَوِّمُهَا قِيمَةً ثَالِثَةً بِالْعَيْنِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَيَرُدُّ مِنْ ثَمَنِ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ ذَلِكَ ، فَلَوْ قِيلَ فِي مِثَالِنَا : قِيمَتُهَا بِالْعَيْبَيْنِ سِتَّةٌ عُلِمَ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الرُّبُعَ فَيَرْجِعُ مِنْ ثَمَنِهِ بِذَلِكَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْعَيْبِ الْأَوَّلِ اثْنَا عَشَرَ فَيَرُدُّ مَعَ الْمَعِيبِ رُبُعَ ثَمَنِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا .
ا هـ .
وَإِنْ شِئْت قُلْت يَرُدُّ خُمُسَ الثَّمَنِ .
ا هـ .
كَلَامُ التَّوْضِيحِ .
( تَنْبِيهٌ ) الْحَطّ ظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ قَبْلَ التَّقْوِيمِ أَبُو الْحَسَنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَفَرَّقَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ اسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ بِأَنَّ الْعَيْبَ لَمَّا فَاتَ بَعْضُهُ وَوَجَبَ أَنْ لَا يَرُدَّهُ إلَّا بِمَا نَقَصَهُ سُومِحَ فِي إمْسَاكِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ .
وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُ شَيْءٍ إذَا رَدَّ الْبَاقِي ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ : لَا يُخَيَّرُ فِي الْمَعِيبِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِهِ لِأَنَّهُ إنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَبْلَ تَقْوِيمِهِ لَزِمَ شِرَاؤُهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ نُصُوصِ الْمَذْهَبِ ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَيُعْتَبَرُ التَّقْوِيمُ ( يَوْمَ ضَمِنَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( الْمُشْتَرِي ) أَيْ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا يَوْمَ الْمَبِيعِ وَلَا الْقَدِيمِ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثِ يَوْمَ الْحُكْمِ كَمَا قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْمُعَدَّلِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَكْثَرُ عِبَارَاتِهِمْ يَوْمَ الْبَيْعِ ، وَعَدَلَ

عَنْهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ يَحْتَاجُ لِمُوَاضَعَةٍ ، وَعِبَارَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ تَشْمَلُهُ وَشِبْهَهُ .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ يُعْتَبَرُ وَقْتُ ضَمَانِ ذَاتِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْغَائِبُ وَالْمَحْبُوسَةُ بِالثَّمَنِ وَالْفَاسِدُ اتِّفَاقًا وَاخْتِلَافًا .
.

وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ .
أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ .
.

( وَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( إنْ زَادَ ) الْبَيْعُ عِنْدَهُ ( بِكَصِبْغٍ ) بِكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَا يُصْبَغُ بِهِ كَزَعْفَرَانٍ .
الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُرَادُ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَاخْتَارَ ابْنُ عَاشِرٍ ضَبْطَهُ بِالْفَتْحِ مَصْدَرًا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُدَوَّنَةِ ، وَنَصُّهَا وَلَوْ فَعَلَ بِالثَّوْبِ مَا زَادَتْ بِهِ قِيمَتُهُ مِنْ صَبْغٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَهُ حَبْسُهُ وَأَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ رَدُّهُ ، وَيَكُونُ بِمَا زَادَتْ الصَّنْعَةُ شَرِيكًا لَهُ .
ا هـ .
وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ بِالْكَسْرِ وَخِيَاطِهِ وَكَمَدٍ وَكُلُّ مَا أَضَافَهُ لِلْمَبِيعِ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَصْلًا أَوْ إلَّا بِفَسَادٍ ، وَالْمُبْتَدَأُ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لَهُ الْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ مِنْ قَوْلِهِ ( أَنْ يَرُدَّ ) بِفَتْحٍ فَضَمٍّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ لِبَائِعِهِ ( وَيَشْتَرِكَ ) الْمُشْتَرِي مَعَ الْبَائِعِ فِي الْمَبِيعِ ( بِ ) مِثْلِ نِسْبَةِ ( مَا زَادَ ) مِنْ قِيمَتِهِ بِصِبْغِهِ أَوْ خِيَاطَتِهِ أَوْ كَمَدِهِ عَلَى قِيمَتِهِ خَالِيًا عَنْ ذَلِكَ مَعِيبًا لِقِيمَتِهِ مُشْتَمِلًا عَلَى ذَلِكَ ، فَإِنْ قُوِّمَ قُوِّمَ مَصْنُوعًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَغَيْرَ مَصْنُوعٍ بِعَشَرَةٍ شَارَكَهُ بِثُلُثِهِ دَلَّسَ بَائِعُهُ أَمْ لَا ، أَوْ يَتَمَسَّكُ وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ وَمَفْهُومُ إنْ زَادَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ بِالصِّبْغِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ شَيْءٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالتَّمَسُّكُ بِهِ ، وَلَا أَرْشَ لِلْعَيْبِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَأَنَّهُ إنْ نَقَصَ فَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ .
وَيُعْتَبَرُ لِقِيمَةِ ( يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ ، كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ " غ " بَعْضُهَا بِخَطِّ تت ، وَفِي خَطِّهِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ عَنْ الْقُورِيِّ لَا الْحُكْمُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي .
الْحَطّ فِي

الْمُقَدِّمَاتِ الزِّيَادَةُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ زِيَادَةٌ بِحَوَالَةِ سُوقٍ وَزِيَادَةٌ حَالَ الْمَبِيعِ نَحْوَ تَعْلِيمِ صَنْعَةٍ وَتَخْرِيجٍ تَزِيدُ قِيمَتُهُ بِهِ وَهُمَا لَا يُعْتَبَرَانِ وَلَا يُوجِبَانِ خِيَارًا لِلْمُبْتَاعِ ، فَفِيهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةَ سُوقٍ ، ثُمَّ قَالَ فِيهَا : وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا أَعْجَمِيًّا فَعَلَّمَهُ الْبَيَانَ أَوْ صَنْعَةً نَفِيسَةً فَارْتَفَعَ ثَمَنُهُ أَوْ ابْتَاعَ أَمَةً وَعَلَّمَهَا الطَّبْخَ وَالْغَسْلَ أَوْ نَحْوَهُمَا فَارْتَفَعَ ثَمَنُهَا ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فَوْتًا ، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ يَرُدَّ .
بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ لِمَا أَخْرَجَ فِي تَعْلِيمِهَا ، وَاسْتَشْهَدَ بِنَقْلِ الْمَبِيعِ الْآتِي وَزِيَادَةٌ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ إحْدَاثِ شَيْءٍ فِيهِ كَسِمَنِ الدَّابَّةِ وَكِبَرِ الصَّغِيرِ ، وَبِشَيْءٍ مِنْ جِنْسِهِ مُضَافٍ إلَيْهِ كَوَلَدٍ وَفِيهِ خِلَافٌ يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ سِمَنِهَا وَزِيَادَةٌ مُضَافَةٌ لِلْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ ، كَاكْتِسَابِ الرَّقِيقِ مَالًا بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَإِثْمَارِ النَّخْلِ وَالشَّجَرِ ، فَهَذَا لَا يُوجِبُ خِيَارًا اتِّفَاقًا ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْعَبْدِ وَمَالِهِ وَالنَّخْلِ وَثَمَرِهِ مَا لَمْ يَطِبْ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ سَقْيِهِ وَعِلَاجِهِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْإِمْسَاكِ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ ، وَزِيَادَةٌ أَحْدَثَهَا الْمُشْتَرِي كَالصِّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْكَمَدِ وَمَا أَشْبَهَهَا مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ إلَّا بِفَسَادٍ ، فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ يُوجِبُ تَخْيِيرَهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَالْمُشَارَكَةِ ا هـ .
ر الْوَجْهُ الْخَامِسُ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالرَّابِعِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الثَّالِثِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسِمَنِهَا " غ " وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ إذَا حَدَثَتْ زِيَادَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ ،

وَاخْتَارَ التَّمَسُّكَ أَنْ يُقَوِّمَ الْمَبِيعَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا وَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَهُمَا لِقِيمَتِهِ سَالِمًا وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ قَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ غَيْرَ مَصْنُوعٍ ، ثُمَّ قَوَّمَ مَصْنُوعًا وَنَسَبَ مَا زَادَتْهُ الثَّانِيَةُ إلَيْهَا وَشَارَكَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِنِسْبَتِهِ فِي الْمَبِيعِ ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى ثَمَانِينَ وَالثَّانِيَةُ تِسْعِينَ شَارَكَ بِتِسْعَةٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ بَيْعِهِ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَيَوْمَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ .
.

وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ ، .
وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ .
إنْ نَقَصَ : .
كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ ، وَأَخْذِهِ مِنْهُ بِأَكْثَرَ ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ .

( وَ ) إذَا حَدَّثَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ ( جُبِرَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ ( بِهِ ) أَيْ الزَّائِدِ الْعَيْبُ ( الْحَادِثُ ) بِالْمَبِيعِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ ، فَإِنْ سَاوَاهُ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ : إنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَقَصَ وَرَدَّهُ غَرِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا ، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْقَدِيمِ ، وَإِنْ زَادَ وَتَمَسَّكَ بِهِ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ ، وَإِنْ رَدَّ شَارَكَ بِالزَّائِدِ .
الْحَطّ وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَزِيَادَةٌ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَسُّكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ، وَإِنْ اخْتَارَ الرَّدَّ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ : يُقَوِّمُ أَرْبَعَ تَقْوِيمَاتٍ سَالِمًا ثُمَّ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ثُمَّ بِالْحَادِثِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ .
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا حَاجَةَ لِتَقْوِيمِهِ سَالِمًا وَلَا لِتَقْوِيمِهِ بِالْحَادِثِ ، وَإِنَّمَا يُقَوِّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَيُشَارِكُ فِي الْمَبِيعِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ ، ثُمَّ قَالَ : نَعَمْ يَحْتَاجُ لِثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إذَا شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ أَمْ لَا ، فَيُقَوِّمُ سَالِمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثُمَّ بِالزِّيَادَةِ فَإِنْ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ زَادَ حَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ بِالزِّيَادَةِ ، وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَانَ كَعَيْبٍ مُسْتَقِلٍّ .
ا هـ .
وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ هَلْ جَبَرَتْ الصَّنْعَةُ الْعَيْبَ أَمْ لَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قَدْرِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ مِنْ الثَّمَنِ ، وَلَا يَعْرِفُ هَذَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ سَالِمًا ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ إنْ شَكَّ فِي الزِّيَادَةِ هَلْ جَبَرَتْ الْحَادِثَ أَمْ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ تَقْوِيمَاتٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، وَذَلِكَ إذَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ

الْقَدِيمِ .
وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَكْفِي ثَلَاثُ تَقْوِيمَاتٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ : وَإِنْ نَقَصَتْ الصَّنْعَةُ عَنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ .
ا هـ .
وَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّ الزِّيَادَةَ جَبَرَتْ الْعَيْبَ الْحَادِثَ بِأَنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَتِهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَّا لِتَقْوِيمَيْنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ ( وَفُرِقَ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ مُخَفَّفًا ( بَيْنَ ) بَائِعٍ ( مُدَلِّسٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ كَاتِمٍ لِعَيْبِ مَبِيعِهِ عَالِمًا بِهِ ذَاكِرًا لَهُ ( وَ ) بَائِعٍ ( غَيْرِهِ ) أَيْ الْمُدَلِّسِ ( إنْ نَقَصَ ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ عَيْبًا قَدِيمًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِصِبْغِهِ مَثَلًا بِمَا لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِنَقْصِهِ ، وَإِنْ تَمَسَّكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ رَدَّ أَعْطَى أَرْشَ الْحَادِثِ ، وَإِنْ تَمَسَّكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ بِكَصِبْغٍ فَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ ، قَالَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ : وَإِنْ حَدَثَتْ زِيَادَةٌ كَالصِّبْغِ أَخَذَ الْأَرْشَ أَوْ يَرُدُّ وَيَكُونُ شَرِيكًا إلَخْ مَا نَصُّهُ ، فَلَوْ كَانَ الصِّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ رَدُّهُ بِغَيْرِ غُرْمٍ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ الْأَرْشَ .
ا هـ .
وَهَذَا مُرَادُهُ فِي مُخْتَصَرِهِ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ نَقْصٍ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ كَلَامَهُ الْآنَ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ وَتَفْصِيلِهَا ، وَسَيَتَكَلَّمُ عَلَى التَّغَيُّرِ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ فِعْلِهِ اُنْظُرْ طفي ، قَالَ : وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ نَسْخُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ

فَتَعْمِيمُ كَلَامِهِ تَخْلِيطٌ لِلْمَسَائِلِ وَإِيقَاعٌ لِلتَّدَافُعِ فِي كَلَامِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّ كَلَامَهُ هُنَا فِي تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ بِلَا دَفْعِ أَرْشِ النَّقْصِ وَالْقَطْعِ الْمُعْتَادِ الْآتِي وَإِنْ كَانَ مُقَيَّدًا بِالتَّدْلِيسِ جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي حَيِّزِ الْيَسِيرِ الَّذِي هُوَ كَالْعَدَمِ ، وَأَنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِلَا شَيْءٍ وَالرَّدِّ كَذَلِكَ فَإِدْخَالُهُ هُنَا يُوجِبُ التَّنَاقُضَ فِي كَلَامِهِ .
ثُمَّ قَالَ : وَعَلَى مَا قُلْنَا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحَرَّرٌ غَنِيٌّ عَنْ التَّقْيِيدِ سَالِمٌ مِنْ التَّدَافُعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَشَبَّهَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَقَالَ ( كَهَلَاكِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ ( مِنْ ) أَيْ بِسَبَبِ عَيْبِ ( التَّدْلِيسِ ) وَبِسَبَبِ عَيْبٍ غَيْرِ التَّدْلِيسِ ، فَإِنْ سَرَقَ الرَّقِيقُ الْمَبِيعَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبَقَ أَوْ حَارَبَ فَهَلَكَ فِيهَا ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ دَلَّسَ بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ فَمِنْ الْمُشْتَرِي وَلَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ كَمَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ، وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ : ( أَوْ أَخْذِهِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شِرَاءِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ ( مِنْهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( بِ ) ثَمَنٍ ( أَكْثَرَ ) مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ، ثُمَّ لِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ وَإِلَّا رَدَّ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ وَأَعَادَهَا لِجَمْعِهَا مَعَ نَظَائِرِهَا وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ : ( وَتَبَرٍّ ) بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَشَدِّ الرَّاءِ مِنْ بَائِعِ رَقِيقٍ ( مِمَّا ) أَيْ عَيْبِ ( لَمْ يَعْلَمْ ) هـ ( الْبَائِعُ بِحَسَبِ إخْبَارِهِ ) وَقَدْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ ، فَإِنْ كَانَ

فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ نَفَعَتْهُ بَرَاءَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ وَكَتَمَهُ وَكَذَبَ فِي قَوْلِهِ لَمْ أَعْلَمْ بِهِ عَيْبًا فَلَا تَنْفَعُهُ بَرَاءَتُهُ وَيَتَبَيَّنُ كَذِبُهُ بِإِقْرَارِهِ أَوْ شَهَادَةٍ عَلَيْهِ بِعِلْمِهِ بِهِ حَالَ بَيْعِهِ .
.

وَرَدُّ سِمْسَارٍ جُعْلًا ، .
وَمَبِيعٍ لِمَحِلِّهِ إنْ رَدَّ بِعَيْبٍ ، وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ ، وَإِلَّا فَاتَ كَعَجْفِ دَابَّةٍ ، وَسِمَنِهَا ، وَعَمًى ، وَشَلَلٍ ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ .

( وَرَدُّ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ ( سِمْسَارٍ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ دَلَّالٍ تَوَسَّطَ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي بَيْعِ الْمَعِيبِ وَهُوَ فَاعِلُ رَدَّ وَمَفْعُولُهُ ( جُعْلًا ) أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّهُ لَهُ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ الْبَائِعُ دَلَّسَ السِّمْسَارُ أَمْ لَا .
ابْنُ يُونُسَ إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِحُكْمٍ فَإِنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ جُعْلَهُ لَهُ كَإِقَالَتِهِ وَالِاسْتِحْقَاقُ كَالْعَيْبِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ إنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمَعِيبَ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارَ الْجُعْلَ إنْ لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ الْعَيْبَ ، فَإِنْ كَانَ عَلِمَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَوَاطَأَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا ، وَعِنْدَ الْقَابِسِيِّ لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ فِي حَالِ عِلْمِهِ إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ أَخَذَ الْجُعْلَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ فَلَهُ أَخْذُ الْجُعْلِ مِنْ الْبَائِعِ وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يُدَلِّسْ ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ .
وَعَطَفَ عَلَى هَلَاكِهِ فَقَالَ : ( وَرَدُّ مَبِيعٍ ) مَعِيبٍ نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَحِلِّهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَاخْتَارَ رَدَّهُ لِبَائِعِهِ فَرَدَّهُ ( لِمَحِلِّهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ ( إنْ رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمَبِيعُ عَلَى الْبَائِعِ ( بِعَيْبٍ ) قَدِيمٍ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرَى لَهُ إلَى بَيْتِهِ مَثَلًا وَلَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إنْ سَافَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ أَنَّ الْمُشْتَرِي أَرَادَ السَّفَرَ بِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا ( رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ الْمَبِيعُ ، أَيْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي

عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ ( إنْ قَرُبَ ) الْمَوْضِعُ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَيْهِ وَهُوَ مَا لَا كُلْفَةَ فِي نَقْلِهِ إلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْرُبْ ( فَاتَ ) الرَّدُّ وَلِلْمُشْتَرِي أَرْشُ الْعَيْبِ .
الْحَطّ وَيَفْتَرِقُ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ فِي مَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا إحْدَاهُمَا : تَأْدِيبُ الْمُدَلِّسِ وَعَدَمُ تَأْدِيبِ غَيْرِهِ ، فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : مَنْ بَاعَ عَبْدًا أَوْ وَلِيدَةً وَبِهِ عَيْبٌ غَرَّ بِهِ وَدَلَّسَهُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ وَيُرَدُّ عَلَيْهِ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا كَمَا قَالَ وَهُوَ مِمَّا لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى مَنْ غَشَّ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَلَّسَ لَهُ بِعَيْبٍ أَنْ يُؤَدَّبَ عَلَى ذَلِكَ مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ لِأَنَّهُمَا حَقَّانِ مُخْتَلِفَانِ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ تَعَالَى لِتَنَاهِي النَّاسِ عَنْ حُرُمَاتِهِ تَعَالَى ، وَالْآخَرُ لِلْمُدَلَّسِ عَلَيْهِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ .
الثَّانِيَةُ : فِي اللُّبَابِ مِنْ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ حُكْمُ مَا يَأْخُذُهُ الْمَكَّاسُ بِأَنْ اشْتَرَى حِمَارًا وَأَدَّى مَكْسَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ وَالرُّجُوعَ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمْ يَحْضُرْنِي نَقْلٌ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَا وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ يُونُسَ إلَى الْخِلَافِ فِي مُبْتَاعٍ أَدَّى مَكْسًا ثُمَّ أَخَذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ هَلْ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ دَفْعُهُ أَمْ لَا : وَأُجْرِيَ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْ لِصٍّ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ أَوْ بِهِ ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ ظُلْمٌ فَهُوَ مِمَّنْ أَخَذَ مِنْهُ وَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشُّفْعَةِ وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ وَتَقَدَّمَ لَهُ فِي الْجِهَادِ وَالْأَحْسَنُ فِي الْمُفْدَى مِنْ لِصٍّ أَخْذُهُ بِالْفِدَاءِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ مَنْ رَدَّ بِعَيْبٍ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ لِلسُّلْطَانِ إنْ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا وَإِلَّا فَلَا .
( تَنْبِيهَانِ )

الْأَوَّلُ : فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْبَائِعُ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَقٌّ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ .
الثَّانِي : فِيهَا وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ دَلَّسَ لَهُ فَأَنْكَرَهُ أَحْلَفَهُ ، فَإِنْ قَالَ : عَلِمْتُهُ وَأُنْسِيتُهُ حِينَ الْبَيْعِ حَلَفَ أَنَّهُ نَسِيَهُ .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فَإِنْ ادَّعَى نِسْيَانَهُ حَلَفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ إلَّا بَعْدَ اخْتِيَارِ الْمُبْتَاعِ الرَّدَّ ، إذْ لَا مَعْنَى لِيَمِينِهِ إذَا اخْتَارَ التَّمَسُّكَ وَالرُّجُوعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ التَّدْلِيسِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ عَيْبٍ قَدِيمٍ عِنْدَ الْبَائِعِ فَقَالَ : ( كَعَجَفِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ إثْرُهَا فَاءٌ أَيْ هُزَالِ ( دَابَّةٍ ) مِنْ النَّعَمِ أَوْ غَيْرِهِ ( وَسِمَنِهَا ) الْحَطّ أَمَّا الْعَجَفُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ الْمُوجِبِ لِخِيَارِ الْمُبْتَاعِ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالتَّمَسُّكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ .
وَقَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ : إنَّهُ مِنْ الْمُفِيتِ الَّذِي يُوجِبُ الرُّجُوعَ بِالْقِيمَةِ وَيَمْنَعُ الرَّدَّ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ : لَمْ يُخْتَلَفْ فِي هُزَالِ الدَّابَّةِ أَنَّهُ فَوْتٌ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْهُزَالُ ا هـ ، فَفِي هُزَالِ الدَّابَّةِ طَرِيقَتَانِ ، وَأَمَّا سِمَنُهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ : اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي سِمَنِ الدَّوَابِّ فَرَآهُ مَرَّةً فَوْتًا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بِهِ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ، وَمَرَّةً لَمْ يَرَهُ فَوْتًا ، وَقَالَ : لَيْسَ لَهُ إلَّا الرَّدُّ .
ا هـ .
وَزَادَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَوْلًا ثَالِثًا إنَّهُ فَوْتٌ خَرَّجَهُ عَلَى الْكِبَرِ .
ابْنُ

عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ فِي لَغْوِ السِّمَنِ وَكَوْنِهِ مِنْ الثَّالِثِ أَوْ الثَّانِي ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالتَّخْرِيجُ عَلَى الْكِبَرِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : يَتَبَادَرُ لِلْفَهْمِ مِنْ جَمْعِ الْمُصَنِّفِ الْهُزَالَ وَالسِّمَنَ أَنَّ السِّمَنَ عَيْبٌ يَرُدُّ أَرْشَهُ مَعَ الدَّابَّةِ إذَا رُدَّتْ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى زِيَادَةِ الْبَدَنِ بِالسِّمَنِ : الْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ .
الثَّانِي : ابْنُ عَرَفَةَ صَلَاحُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ بَيْنِ السِّمَنِ لَغْوٌ .
الثَّالِثُ : مَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ الرَّقِيقِ وَسِمَنَهُ لَيْسَا فَوْتًا وَهُوَ كَذَلِكَ .
ابْنُ رُشْدٍ أَمَّا هُزَالُ الذَّكَرِ مِنْ الرَّقِيقِ وَسِمَنُهُ فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَأَمَّا سِمَنُ الْجَوَارِي وَعَجَفُهُنَّ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِفَوْتٍ وَرَآهُ ابْنُ حَبِيبٍ يُخَيَّرُ بِهِ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالْإِمْسَاكِ وَأَخْذِ قِيمَةِ الْعَيْبِ ( وَعَمًى وَشَلَلٍ وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ ) الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ أَمَةٍ ، فَالْعَبْدُ كَذَلِكَ ، فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النُّقْصَانُ بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ كَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ وَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ ، وَشِبْهِهِ مِمَّا تَنْقُصُ بِهِ قِيمَتُهُ فَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : إنَّ تَزْوِيجَ الْأَمَةِ نُقْصَانٌ وَلَا يَرُدُّهَا إلَّا وَمَا نَقَصَهَا النِّكَاحُ أَيْ أَوْ يَمْسِكُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : مَا أَحْدَثَ الْعَبْدُ مِنْ زِنًا أَوْ شُرْبٍ أَوْ سَرِقَةٍ فَلَيْسَ بِنَقْصٍ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ بِأَنَّ التَّزْوِيجَ عَيْبٌ يُعْلَمُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ بِخِلَافِ الزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ قَبْلَ شِرَائِهِ ا هـ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ : وَأَمَّا النَّقْصُ

بِتَغَيُّرِ حَالِ الْمَبِيعِ مِثْلَ تَزْوِيجِ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ زِنَاهُ أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ شِبْهِهِ مِمَّا يُنْقِصُ قِيمَتُهُ فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ تَزْوِيجَ الرَّقِيقِ عَيْبٌ مَعَ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ ، وَذَكَرَ الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ فِي زَوَالِهَا بِمَوْتٍ أَوْ فِرَاقٍ ، ثُمَّ قَالَ : فَإِذَا كَانَتْ الزَّوْجِيَّةُ الْبَاقِيَةُ عَيْبًا اتِّفَاقًا وَالزَّائِلَةُ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ فَهِيَ فَوْتٌ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْمَبِيعِ مَعَ مَا نَقَصَهُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ وَالتَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ .
وَأَمَّا عُيُوبُ الْأَخْلَاقِ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا عُيُوبٌ يَرُدُّ أَرْشَهَا إنْ رَدَّ الْمَبِيعَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْآخَرُ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِعُيُوبٍ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
ا هـ .
وَاقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَى التَّزْوِيجِ تَبَعًا لَهَا وَلْيُرَتَّبْ عَلَيْهِ جَبْرُهُ بِالْوَلَدِ .
.

وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ .
إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ ، أَوْ يَقِلَّ ؛ .
فَكَالْعَدَمِ : كَوَعْكٍ ، وَرَمَدٍ ، وَصُدَاعٍ ، وَذَهَابِ ظُفُرٍ ، وَخَفِيفِ حُمَّى ، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ ، وَقَطْعِ مُعْتَادٍ .
.

( وَجُبِرَ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ تَزَوُّجُ الْأَمَةِ ( بِالْوَلَدِ ) الَّذِي وَلَدَتْهُ الْأَمَةُ مِنْ تَزْوِيجِ الْمُشْتَرِي .
ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ وَعِنْدِي أَنَّ الْجَبْرَ بِالْوَلَدِ لِكَوْنِهِ عَنْ عَيْبِ النِّكَاحِ فَكَأَنَّهُ بِجَبْرِهِ لَمْ يَكُنْ ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِهِ غَيْرَ عَيْبِ النِّكَاحِ .
اللَّخْمِيُّ مَوْتُ الْوَلَدِ كَعَدَمِ وِلَادَتِهِ ، وَهَلْ جَبْرُ الْوَلَدِ عَيْبُ التَّرْوِيجِ مُطْلَقٌ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَيْهِ ، أَوْ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ كَقِيمَةِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا بُدَّ أَنْ يَدْفَعَ مَا بَقِيَ مَعَ الْوَلَدِ ، وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ الْأَكْثَرُونَ وَهُوَ الصَّحِيحُ ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَنَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ .
" غ " أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ صِفَةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ : قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةٌ وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانُونَ ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِهِ وَبِعَيْبِ النِّكَاحِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ ثَمَانِينَ فَقَدْ جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ النِّكَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ أَوْ رَدُّهَا وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَا ذُكِرَ سَبْعِينَ خُيِّرَ فِي إمْسَاكِهَا وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ وَهُوَ خُمُسُ ثَمَنِهَا وَرَدِّهَا وَدَفْعِ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ وَهُوَ الْعُشْرُ .
ا هـ .
وَهُوَ مَعْنَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ .
ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ ثُمَّ وَجَدَ فِيهَا عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ رَدُّهَا بِوَلَدِهَا وَحَبْسُهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ وَقَوْلُهُ ( إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ الْبَائِعُ ( بِ )

الْعَيْبِ ( الْحَادِثِ ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِلَا أَخْذِ أَرْشِهِ ( أَوْ يَقِلَّ ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَشَدِّ اللَّامِ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا .
فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ فِي الْيَسِيرِ فَقِيلَ : مَا أَثَّرَ نَقْصًا يَسِيرًا فِي الثَّمَنِ ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَقِيلَ : مَا لَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ نَقْصًا أَصْلًا ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَبْهَرِيُّ ، وَلَفْظُهَا وَلَا يُفِيتُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَوَالَةُ سُوقٍ وَلَا نَمَاءٌ وَلَا عَيْبٌ خَفِيفٌ حَدَثَ عِنْدَهُ لَيْسَ بِمُفْسِدٍ كَرَمَدٍ وَكَيٍّ وَدُمَّلٍ وَحُمَّى وَصُدَاعٍ ، وَإِنْ نَقَصَهُ ذَلِكَ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي مِثْلِ هَذَا انْتَهَى ( فَ ) هُوَ ( كَالْعَدَمِ ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْقَلِيلِ فَقَالَ : ( كَوَعْكٍ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَرَضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهُ بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهُ ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ الْمُوضِحَةُ وَنَحْوُهَا ، فَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَرَدَّهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَخَذَ أَرْشَهَا .
وَأَمَّا إنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَإِنْ رَدَّهُ رَدَّ مَعَهُ مَا شَانَهُ نَقَلَهُ فِي الْمُنْتَقَى وَمَثَّلَهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ ( وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ( وَذَهَابِ ظُفُرٍ ) فِيهَا أَثَرُ مَا سَبَقَ عَنْهَا ، وَكَذَلِكَ ذَهَابُ الظُّفُرِ ثُمَّ قَالَ : وَأَمَّا زَوَالُ الْأُنْمُلَةِ فَكَذَلِكَ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً .
أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي أَنَّهُ خَفِيفٌ فِي الْوَخْشِ خَاصَّةً ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ ( وَخَفِيفِ حُمَّى ) وَهِيَ مَا لَا تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ ( وَوَطْءِ ثَيِّبٍ وَقَطْعِ ) أَيْ تَفْصِيلٍ لِشُقَّةٍ وَنَحْوِهَا ( مُعْتَادٍ ) لِلْمُشْتَرَى أَوْ بِبَلَدِ التَّجْرِبَةِ .
الْحَطّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ مِنْ الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يُرَدُّ أَرْشُهُ

سَوَاءٌ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمُدَلِّسِ وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَفْهُومُ مُعْتَادٍ فَوْتُهُ بِغَيْرِ الْمُعْتَادِ قَالَ فِيهَا : فَإِنْ قَطَعَ الثِّيَابَ قُمُصًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً ثُمَّ ظَهَرَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ فَالْمُبْتَاعُ مُخَيَّرٌ فِي حَبْسِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ عَيْبِهِ أَوْ رَدِّهِ وَمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ ، فَإِنْ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِمَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ إنْ رَدَّهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَكَذَلِكَ الْجُلُودُ تُقْطَعُ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ الْمُشْتَرِي بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ فِيهِ فَسَادٌ فَإِنْ فَعَلَ فِيهِ مَا لَا يُفْعَلُ فِي مِثْلِهِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ الْوَشِيّ خِرَقًا أَوْ تَبَابِينَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَذَلِكَ فَوْتٌ ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ ا هـ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ وَأَمَّا النَّقْصُ بِمَا أَحْدَثَهُ الْمُبْتَاعُ فِي الْمَبِيعِ مِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَحْدُثَ فِي مِثْلِهِ كَصِبْغِ الثَّوْبِ وَتَقْطِيعِهِ فَيَنْقُصُ ثَمَنُهُ فَهَذَا فَوْتٌ بِاتِّفَاقٍ ، وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهِ وَدَفْعِ أَرْشِ نَقْصِهِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَدْفَعُ لَهُ أَرْشَ نَقْصِهِ .
الْحَطّ إذَا عَلِمْت هَذَا فَعَدُّ الْمُصَنِّفِ الْقَطْعَ الْمُعْتَادَ فِي الْعَيْبِ الْخَفِيفِ الَّذِي يَرُدُّ بِهِ بِلَا شَيْءٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا هُوَ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَهُوَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فِي التَّمَسُّكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالرَّدِّ وَدَفْعِ مَا نَقَصَهُ الْقَطْعُ الْمُعْتَادُ .
.

وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ .
فَالْأَرْشُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ وَهَرَمٍ ، وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ ، وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ : إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَهُ كَمَوْتِهِ فِي إبَاقِهِ .
.

( وَ ) التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ ( الْمُخْرِجُ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمَبِيعَ ( عَنْ ) الْغَرَضِ ( الْمَقْصُودِ ) مِنْهُ ( مُفِيتٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْفَاءِ لِرَدِّهِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ ، وَإِذَا فَاتَ رَدَّهُ ( فَالْأَرْشُ ) لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ حَقُّ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ دَلَّسَ أَمْ لَا ، فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ ، وَلِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَتِهِ مَا نَقَصَتْهُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى ، وَظَاهِرُهُ تَعَيُّنُ الْأَرْشِ وَلَوْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ الَّذِي لَمْ يُذْهِبْ عَيْنَهُ وَيَرُدُّ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَعَلَيْهِ يَطْلُبُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُتَوَسِّطِ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَيْضًا ، وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَابِرٌ لِلْحَادِثِ عِنْدَهُ إذْ لَمْ يَذْكُرُوهُ إلَّا فِي الْمُتَوَسِّطِ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَفَوْتُهُ حِسًّا إلَخْ ، لِأَنَّهُ فِيمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ، وَمَا هُنَا فِيمَا بَقِيَ فِيهَا وَحَدَثَ فِيهِ تَغَيُّرٌ مُفِيتٌ .
وَمَثَّلَ لِلْمُخْرِجِ فَقَالَ : ( كَكِبَرِ ) حَيَوَانٍ ( صَغِيرٍ ) آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعِيرًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ جِنْسٌ وَالْكَبِيرَ جِنْسٌ .
الْحَطّ هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ، وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مُتَوَسِّطٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ هَدْمَ الْعَقَارِ أَوْ بِنَاءً فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ نَفَقَةُ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ فَوْتٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ يَسِيرًا ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَيْسَ بِفَوْتٍ إلَّا أَنْ يُنْفِقَ النَّفَقَةَ الْكَثِيرَةَ ، وَأَمَّا يَسِيرُ الْهَدْمِ فَيَرُدُّهُ بِهِ مَعَ مَا نَقَصَهُ ( وَهَرَمٍ ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ ضَعْفِ قُوَّةٍ عَنْ جَمِيعِ الْمَنْفَعَةِ أَوْ أَكْثَرِهَا .
وَقِيلَ : مُتَوَسِّطٌ ، وَشَهَرَهُ فِي الْجَوَاهِرِ .
وَقِيلَ : خَفِيفٌ وَأَنْكَرَ ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهِ فَنَقَلَ الْأَبْهَرِيُّ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ ضَعْفُ قُوَّتِهِ وَذَهَابُ مَنْفَعَتِهِ كُلِّهَا أَوْ أَكْثَرِهَا .
وَقَالَ

عَبْدُ الْوَهَّابِ : ضَعَفَهُ ضَعْفًا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ .
الْبَاجِيَّ الصَّحِيحُ عِنْدِي ضَعَفَهُ عَنْ مَنْفَعَتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهَا .
( وَافْتِضَاضِ ) بِالْقَافِ أَوْ الْفَاءِ وَضَادَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَيْ إزَالَةُ بَكَارَةِ أَمَةٍ ( بِكْرٍ ) عَلِيَّةٍ أَوْ وَخْشٍ .
الْحَطّ عَدَّهُ فِي الْمُفِيتِ مُخَالِفًا لِلْمَنْصُوصِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ و " غ " ، وَقَيَّدَ الْبَاجِيَّ بِالْعَلِيَّةِ ، وَنَصُّ الشَّامِلِ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَكَاقْتِضَاضِ بِكْرٍ ، وَقِيلَ : فَوْتٌ ، وَقِيلَ : إلَّا فِي الْوَخْشِ فَكَالْعَدِمِ ( وَقَطْعٍ ) لِشُقَّةٍ ( غَيْرِ مُعْتَادٍ ) كَبَرَانِسَ أَوْ قِلَاعٍ لِمَرْكَبٍ أَوْ قَلَانِسَ أَوْ شُقَّةِ الْحَرِيرِ تَبَابِينَ أَيْ سَرَاوِيلَاتٍ صَغِيرَةٍ تَسْتُرُ الْعَوْرَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَبَعْضِ الْمُخَفَّفَةِ فَقَطْ ، سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَرْشُ فَقَالَ : ( إلَّا أَنْ يَهْلِكَ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْمَبِيعُ ( بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ) مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَنْ عَلِمَهُ وَقْتَ بَيْعِهِ وَكَتَمَهُ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقَتَلَ ( أَوْ ) يَهْلِكَ ( بِ ) شَيْءٍ ( سَمَاوِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِلسَّمَاءِ أَيْ لَا دَخْلَ لِآدَمِيٍّ فِيهِ ( زَمَنَهُ ) أَيْ عَيْبِ التَّدْلِيسِ ( كَمَوْتِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ الَّذِي دَلَّسَ بَائِعُهُ بِإِبَاقِهِ فَأَبَقَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَمَاتَ ( فِي ) زَمَنِ ( إبَاقِهِ ) بِأَنْ اقْتَحَمَ نَهْرًا أَوْ تَرَدَّى مِنْ شَاهِقٍ أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ أَوْ مَاتَ بِلَا سَبَبٍ أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ مَاتَ أَمْ لَا أَوْ دَلَّسَ بِجُنُونِهِ فَاخْتَنَقَ أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ أَوْ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنَهُ وَبِقَوْلِهِ فِي إبَاقِهِ عَنْ مَوْتِهِ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَقَطْ .
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ : مَنْ

بَاعَ عَبْدًا دَلَّسَ فِيهِ بِعَيْبٍ فَهَلَكَ الْعَبْدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ نَقَصَ فَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ فَيَرُدُّ جَمِيعَ ثَمَنِهِ ، كَتَدْلِيسِهِ بِمَرَضِهِ فَمَاتَ بِهِ أَوْ بِسَرِقَتِهِ فَيَسْرِقُ فَتُقْطَعُ يَدُهُ فَيَمُوتُ بِهِ ، أَوْ بِإِبَاقِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ .
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : أَوْ بِجُنُونِهِ فَيُخْنَقُ فَيَمُوتُ .
قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُقِيمَ الْمُبْتَاعُ الْبَيِّنَةَ فِيمَا حَدَثَ مِنْ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ .
وَأَمَّا مَا حَدَثَ بِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرُدُّهُ إلَّا مَعَ مَا نَقَصَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْبِسُهُ وَيَرْجِعُ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ كَمَا فَسَّرْنَا ا هـ .
أَبُو الْحَسَنِ ظَاهِرُ قَوْلِهِ فَيَأْبَقُ فَيَهْلِكُ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَضْمَنُهُ إذَا دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ إلَّا إذَا هَلَكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، بَلْ يَضْمَنُ إذَا أَبَقَ وَغَابَ عَرَفَ هَلَاكَهُ أَمْ لَا وَهُوَ بَيِّنٌ فِي الْأُمَّهَاتِ ، وَلَفْظُهَا أَوْ أَبَقَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ يُونُسَ بِقَوْلِهِ فَهَلَكَ أَوْ ذَهَبَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَظَاهِرُ الْأُمَّهَاتِ ضَمَانُهُ بِنَفْسِهِ إبَاقُهُ الْحَطّ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ ، وَذَكَر نَصَّهُمَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ هُوَ قَوْلُهُ سَابِقًا كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ ذَكَرَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَهُنَا لِأَنَّهُ مَحِلُّهُ .
الْحَطّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ وَأَبَقَ الرِّقُّ وَمَاتَ فِي إبَاقِهِ أَوْ لَمْ يَرْجِعْ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا بِقِيمَةِ الْإِبَاقِ فَقَطْ ، وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ ، قَالَ : رَوَى سَحْنُونٌ أَنَّ السَّبْعَةَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ قَالُوا فِيمَنْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ فَهَلَكَ بِذَلِكَ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مُبْتَاعُهُ ثَمَنَهُ كُلَّهُ .
بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ دَلِيلُهُ الْمَرْأَةُ تَغُرُّ مِنْ نَفْسِهَا فَلِزَوْجِهَا الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِجَمِيعِ

الصَّدَاقِ إلَّا مَا يَسْتَحِلُّ بِهِ فَرْجَهَا لِأَنَّهَا مُدَلِّسَةٌ بِعَيْبِهَا فَكَذَلِكَ هَذَا ، ثُمَّ قَالَ : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : إذَا دَلَّسَ بِالْإِبَاقِ فَأَبَقَ الْعَبْدُ فَقَامَ الْمُبْتَاعُ بِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ : لَمْ يَأْبَقْ مِنْكَ وَقَدْ غَيَّبْتَهُ أَوْ بِعْتَهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَيْسَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرُ مِنْ يَمِينِهِ أَنَّهُ مَا غَيَّبَهُ وَلَا بَاعَهُ وَلَقَدْ أَبَقَ مِنْهُ ثُمَّ يَأْخُذُ ثَمَنَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ ا هـ .
.

وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي ، وَهَلَكَ بِعَيْبِهِ : رَجَعَ عَلَى الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ عَلَى بَائِعِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ؛ فَإِنْ زَادَ : فَلِلثَّانِي ، وَإِنْ نَقَصَ : فَهَلْ يُكَمِّلُهُ ؟ قَوْلَانِ : .
.

( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ ( الْمُشْتَرِي ) قَبْلَ عِلْمِهِ عَيْبَهُ ( وَهَلَكَ ) الْمَبِيعُ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ( بِعَيْبِهِ ) أَيْ التَّدْلِيسِ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ( رَجَعَ ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي ( عَلَى ) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ( الْمُدَلِّسِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ ) رُجُوعُهُ ( عَلَى بَائِعِهِ ) وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ لِعَدَمِهِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ بَعِيدًا وَلَا مَالَ لَهُ ، وَصِلَةُ رَجَعَ ( بِالثَّمَنِ ) الْأَوَّلِ فَإِنْ سَاوَى الثَّمَنَ الثَّانِي فَوَاضِحٌ ( فَإِنْ زَادَ ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي ( فَ ) الزَّائِدُ ( لِ ) لْبَائِعِ اَ ( لثَّانِي ) فَيَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ .
الْمُصَنِّفُ وَفِي قَبْضِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي الزَّائِدَ عَلَى ثَمَنِهِ نَظَرٌ ، إذْ لَيْسَ وَكِيلًا عَنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ ، وَقَدْ يُبَرِّئُ الثَّانِي الْبَائِعَ الْأَوَّلَ مِنْهُ .
( وَإِنْ نَقَصَ ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ عَنْ ثَمَنِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَلَمْ يُعْطِهِ الْمُدَلِّسُ غَيْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( فَهَلْ يُكَمِّلُهُ ) أَيْ الثَّمَنَ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي الْبَائِعُ ( الثَّانِي ) لِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ الزَّائِدَ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ أَوْ لَا يُكَمِّلُهُ لَهُ لِرِضَاهُ بِاتِّبَاعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي قَوْلَانِ .
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ رُجُوعِهِ عَلَى الثَّانِي ، فَجَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ الصَّبْرُ حَتَّى يَتَيَسَّرَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى بَائِعِهِ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ .
وَقَيَّدَ الْمُوَضِّحُ الْقَوْلَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْعَيْبِ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي ، وَإِلَّا كَمَّلَ لَهُ قِيمَةَ الْعَيْبِ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الثَّانِي بِمِائَةٍ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ وَنَقَصَهُ عَيْبُهُ عِشْرِينَ خُمُسَ الْمِائَةِ فَيُكَمِّلُ الثَّانِي لِلثَّالِثِ أَرْشَ الْعَيْبِ بِعَشَرَةٍ .
وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى

بَائِعِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ رُجُوعُهُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِشَيْءٍ ، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ عَلَى بَائِعِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ بَائِعُهُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَالَهُ " د " ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ .
وَقَالَ الطِّخِّيخِيُّ : يَرْجِعُ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ .
.

وَلَمْ يُحَلِّفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ إلَّا بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ .

( وَ ) إنْ ظَهَرَ لِلْمُشْتَرِي عَيْبٌ قَدِيمٌ فِيمَا اشْتَرَاهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي عِلْمَهُ بِهِ حِينَ شِرَائِهِ ( لَمْ يَحْلِفْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَاللَّامِ مُشَدَّدَةً وَبِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ ( مُشْتَرٍ ) شَيْئًا عَلِمَ عَيْبَهُ الْقَدِيمَ بَعْدَ شِرَائِهِ وَأَرَادَ رَدَّهُ بِهِ عَلَى بَائِعِهِ فَ ( اُدُّعِيَتْ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ ( رُؤْيَتُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْعَيْبَ حِينَ شِرَائِهِ فَأَنْكَرَهَا الْمُشْتَرِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ وَلَهُ رَدُّهُ بِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا ) أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ دَعْوَى رُؤْيَتِهِ ( بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ ) مِنْ الْبَائِعِ الْعَيْبَ لِلْمُشْتَرِي حِينَ شِرَائِهِ ، أَوْ كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ ، أَوْ خَفِيًّا وَأَقَرَّ الْمُشْتَرِي بِتَقْلِيبِ الْمَبِيعِ وَمُعَايَنَتِهِ فَيَحْلِفُ فِي الثَّلَاثَةِ وَلَهُ الرَّدُّ ، فَإِنْ نَكَلَ فَلَا رَدَّ لَهُ فِيهَا ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا وَأَقَرَّ بِالْمُعَايَنَةِ وَالتَّقْلِيبِ وَالرِّضَا فَلَا رَدَّ لَهُ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا ا هـ عِبْ .
الْبُنَانِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ مِنْ الْحَلِفِ وَالرَّدِّ خِلَافَ مَا سَيَأْتِي لَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ ، وَخِلَافُ مَا حَقَّقَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ عَدَمِ الرَّدِّ بِهِ ، وَحُكِيَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقُ ، وَنَصُّهُ كَلَامُ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ الظَّاهِرَ مُشْتَرَكٌ أَوْ مُشَكَّكٌ يُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى كُلِّ مَنْ اخْتَبَرَ الْمَبِيعَ تَقْلِيبًا ، كَكَوْنِ الْعَبْدِ مُقْعَدًا أَوْ مَطْمُوسَ الْعَيْنَيْنِ ، وَعَلَى مَا يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَلَا يَخْفَى غَالِبًا عَلَى مَنْ تَأَمَّلَ كَكَوْنِهِ أَعْمَى وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ ، فَالْأَوَّلُ لَا قِيَامَ بِهِ ، وَالثَّانِي يُقَامُ بِهِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا .
ثُمَّ

اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ اُنْظُرْ " غ " فِيهِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ .
وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : يَرُدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ كَانَ مِمَّا لَا يَخْفَى ، فَقَالَ مُحَمَّدٌ : طَالَتْ إقَامَتُهُ أَوْ لَمْ تَطُلْ .
ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَشُكُّ أَنَّهُ لَا يَخْفَى مِثْلَ قَطْعِ الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ أَوْ الْعَوَرِ .
قَالَ اللَّخْمِيُّ : أَمَّا الْعَوَرُ فَإِنْ كَانَ قَائِمَ الْعَيْنِ وَقَدْ ذَهَبَ نُورُهَا فَيَصِحُّ أَنْ يُرَدَّ بِهِ ، وَإِنْ طَالَ ، وَإِنْ كَانَ مَطْمُوسَ الْعَيْنِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَإِنْ قَرُبَ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ الشِّرَاءِ .
وَلَوْ قِيلَ : لَا يُصَدَّقُ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ لَكَانَ وَجْهًا ، وَكَذَا قَطْعُ الْيَدِ إذَا كَانَ قَدْ قَلَبَ يَدَيْهِ وَإِنْ قَالَ : كَتَمَنِي الْعَبْدُ هَذِهِ الْيَدَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا قَرُبَ وَقَطْعُ الرِّجْلِ أَبْيَنُ أَنْ لَا يُمْكِنَ مِنْ الرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِفَوْرِ مَا تَصَرَّفَ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ وَكَانَ الشِّرَاءُ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : وَلَوْ ابْتَاعَ بَعْضُ النَّخَّاسِينَ عَبْدًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَتَّى ضَرَعَ وَنَقَصَ حَالُهُ فَوَجَدَ عَيْبًا لَمْ أَرَ أَنْ يُرَدَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَى ، فَإِنْ وَجَدَ رِبْحًا بَاعَ وَإِلَّا خَاصَمَ ، فَأَرَى أَنْ يُلْزِمَ هَؤُلَاءِ فِيمَا عَلِمُوا وَفِيمَا لَمْ يَعْلَمُوا .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَاَلَّذِي هُوَ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ كَانَ عَيْبًا يَخْفَى أَحْلَفَ أَنَّهُ مَا رَآهُ وَرَدَّ وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ لَزِمَهُ ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ : مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَأَشْهَدَ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ حَلَفَ مَا رَآهُ وَرَدَّهُ إنْ أَحَبَّ ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عِنْدَ التَّقْلِيبِ لَزِمَهُ ، وَلَا رَدَّ لَهُ ، وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ أَنَّهُ قَلَّبَ وَرَضِيَ رَدَّهُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مَعًا

قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَأَصْبَغُ .
.

وَلَا الرِّضَا بِهِ إلَّا بِدَعْوَى مُخْبِرٍ .
.
( وَ ) إنْ أَرَادَ الْمُبْتَاعُ رَدَّ الْمَبِيعِ بِعَيْبِهِ الْقَدِيمِ فَادَّعَى عَلَيْهِ بَائِعُهُ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ ابْتِيَاعِهِ وَأَنْكَرَ الْمُبْتَاعُ رِضَاهُ بِهِ بَعْدَهُ فَ ( لَا ) يَحْلِفُ مُشْتَرٍ ادَّعَى عَلَيْهِ ( الرِّضَا بِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَأَنْكَرَهُ ( إلَّا ) إنْ حَقَّقَ الْبَائِعُ ذَلِكَ عَلَيْهِ ( بِدَعْوَى ) الْبَائِعِ إخْبَارَ ( مُخْبِرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ : يَحْلِفُ الْبَائِعُ أَوَّلًا أَنَّ مُخْبِرًا صَادِقًا أَخْبَرَهُ بِرِضَاهُ ثُمَّ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَهُ وَلَهُ رَدُّهُ ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ الْمُخْبِرَ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ ، فَإِنْ سَمَّاهُ وَكَانَ عَدْلًا وَسُئِلَ الْمُخْبِرُ فَشَهِدَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي .
فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَرَدَّ .
الْبُنَانِيُّ هَذَا التَّفْصِيلَ كُلَّهُ خِلَافُ مَا عَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ ، وَنَصُّهُ فَفِي حَلِفِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِ الْبَائِعِ أُخْبِرْت بِرِضَاكَ بِالْعَيْبِ مُطْلَقًا .
ثَالِثُهَا إنْ عَيَّنَ الْمُخْبِرَ وَلَوْ مَسْخُوطًا أَوْ حَلَفَ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِهِ .
وَرَابِعُهَا : هَذَا بِزِيَادَةِ خَبَرِ صِدْقٍ .
وَخَامِسُهَا : لَا يَحْلِفُ إلَّا بِتَعْيِينِ مُخْبِرٍ مَسْتُورٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَالْوَاضِحَةِ ، وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ ، وَالثَّالِثُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَلَا بَائِعَ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ .
( وَ ) مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ عِنْدَهُ فَادَّعَى قِدَمَهُ وَأَرَادَ رَدَّهُ فَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَنْكَرَ قِدَمَهُ فَلَا يَحْلِفُ ( بَائِعٌ أَنَّهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( لَمْ يَأْبَقْ ) عِنْدَهُ ( لِإِبَاقِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ عِنْدَ مُشْتَرِيهِ ( بِالْقُرْبِ ) مِنْ شِرَائِهِ إذْ هَذَا لَا يَسْتَلْزِمُ قِدَمَهُ وَلِئَلَّا يُعَنِّتَهُ بِتَحْلِيفِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ ، وَظَاهِرِهَا سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِإِخْبَارِ مُخْبِرٍ صَادِقٍ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ .
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ : يَحْلِفُ الْبَائِعُ فِي تَحْقِيقِ الدَّعْوَى وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي تَعْيِينِ الْمُخْبِرِ هُنَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ ، وَأَصْلُ اللُّغَةِ أَنَّ الْآبِقَ مَنْ هَرَبَ بِلَا سَبَبٍ وَالْهَارِبَ مَنْ فَرَّ لِزِيَادَةِ عَمَلٍ أَوْ شُغْلٍ ، وَالْفُقَهَاءُ يَسْتَعْمِلُونَ الْآبِقَ فِيهِمَا ، وَعِبَارَةُ الشَّامِلِ لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِ عَبْدٍ لَهُ : يُمْكِنُ أَنَّهُ أَبَقَ أَوْ سَرَقَ عِنْدَكَ وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ عِنْدَهُ فَلَا يَمِينَ لَهُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا ، وَفِيهَا لَوْ أَبَقَ بِقُرْبِ بَيْعِهِ فَقَالَ : أَخْشَى أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ .
وَإِنْ قَالَ : أُخْبِرْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَك وَقَدْ أَبَقَ عِنْدِي أَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فَقَالَ لَهُ : احْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ عِنْدَكَ لَزِمَهُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَذَا إنْ قَالَ : عَلِمْت أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَكَ اتِّفَاقًا إنْ عَلِمَ إبَاقَهُ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ .
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ إنْ قَالَ : أَبَقَ عِنْدَكَ أَوْ سَرَقَ أَوْ زَنَى أَوْ جُنَّ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ حَلَّفَهُ خِلَافًا لِ أَشْهَبَ وَهُوَ ظَاهِرُهَا ا هـ .
.

و هَلْ يُفْرَقُ بَيْنَ أَكْثَرِ الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ بِالزَّائِدِ .
وَأَقَلِّهِ بِالْجَمِيعِ أَوْ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا .
أَوْ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيْنَهُ أَوْ لَا ؟ أَقْوَالٌ .
.

( وَ ) إنْ بَيَّنَ الْبَائِعِ بَعْضَ عَيْبِ مَبِيعِهِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ عَيْبِهِ فَ ( هَلْ يُفْرَقُ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ ( بَيْنَ ) بَيَانِ ( أَكْثَرِ الْعَيْبِ ) بِأَنْ قَالَ : يَأْبَقُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ يَأْبَقُ عِشْرِينَ فَ ( يَرْجِعُ ) الْمُشْتَرِي ( بِ ) أَرْشِ الْعَيْبِ ( الزَّائِدِ ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ وَهِيَ الْخَمْسَةُ فِي الْمِثَالِ بِأَنْ يُقَوِّمَ مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ فَقَطْ ثُمَّ يُقَوِّمُ مَعِيبًا بِالْمُبَيَّنِ وَالْمَكْتُومِ مَعًا ، وَيَنْسِبُ نَقْصَ الْقِيمَةِ الثَّانِيَةِ لِلْقِيمَةِ الْأُولَى وَيَرُدُّ الْبَائِعُ مِثْلَ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ ، فَإِذَا قِيلَ : قِيمَتُهُ بِالْمُبَيَّنِ وَحْدَهُ عَشَرَةٌ وَقِيمَتُهُ بِهِمَا ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ ثَمَنِهِ .
( وَ ) بَيَّنَ بَيَانَ ( أَقَلِّهِ ) أَيْ الْعَيْبِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي ( بِالْجَمِيعِ ) أَيْ ثَمَنِهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ وَهَلَاكِهِ فِيمَا كَتَمَهُ ( أَوْ ) يَرْجِعُ ( بِ ) أَرْشِ الْعَيْبِ ( الزَّائِدِ ) عَلَى مَا بَيَّنَهُ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِبَيَانِ الْأَكْثَرِ وَالْهَلَاكِ فِيمَا بَيَّنَ أَوْ فِيمَا كَتَمَ ، وَاعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا الثَّانِي إنَّمَا فَرَضَهُ فِي بَيَانِ النِّصْفِ قَالَهُ عِبْ .
زَادَ طفي وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُوَافِقَ مَا قَبْلَهُ فِي بَيَانِ الْأَكْثَرِ أَوْ الْأَقَلِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الرُّجُوعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا ، وَقَدْ أَحْسَنَ فِي الشَّامِلِ مَسَاقَهُ فَقَالَ : لَوْ كَتَمَ بَعْضَ عَيْبِهِ فَقَالَ : أَبَقَ شَهْرًا وَقَدْ أَبَقَ سَنَةً ، أَوْ ذَكَرَ دُونَ مَسَافَةِ إبَاقِهِ فَهَلَكَ فِي إبَاقِهِ فَقِيلَ : إنْ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ لَهُ فَالْأَرْشُ فَقَطْ ، وَفِيمَا كَتَمَهُ فَالثَّمَنُ كُلُّهُ .
وَقِيلَ : إنْ قَالَ : أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ .
وَقِيلَ : إنْ بَيَّنَ لَهُ الْأَكْثَرَ فَقِيمَةُ مَا كَتَمَ أَوْ الْأَقَلَّ فَجَمِيعُ الثَّمَنِ ا هـ كَلَامُ طفي .
الْبُنَانِيُّ

وَهَذَا اغْتِرَارٌ مِنْهُمَا بِأَوَّلِ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَلَيْسَ كَمَا فَهِمَا ، وَنَصُّ " ق " وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ مُطْلَقًا فَلَمْ يَعْتَبِرْهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا وَنَصُّهُ وَقَالَ غَيْرُهُ : إذَا قَالَ : أَبَقَ مَرَّةً وَقَدْ كَانَ أَبَقَ مَرَّتَيْنِ فَأَبَقَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهَلَكَ بِسَبَبِ الْإِبَاقِ فَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ مَا كَتَمَهُ بِخِلَافِ إنْ دَلَّسَ بِجَمِيعِ الْإِبَاقِ ا هـ .
فَانْظُرْ قَوْلَهُ بِخِلَافِ إلَخْ فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصْفِ مَا عَدَا الْجَمِيعِ فَيُصَدَّقُ عَلَى الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ كَمَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ ، فَلَمْ يَشْرُقْ بِمَا ذَكَرَ لِلِاعْتِرَاضِ ، نَعَمْ فِيهِ اعْتِرَاضٌ آخَرُ وَنَصُّهُ هَذِهِ الْأَقْوَالُ فِي ابْنِ يُونُسَ لَيْسَتْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَمُقْتَضَى إطْلَاقِ خَلِيلٍ أَنَّ كُلَّ صُورَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فَانْظُرْ فِي ذَلِكَ ا هـ .
وَجَوَابُهُ أَنَّ مُقْتَضَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَقْوَالَ فِيمَا إذَا بَيَّنَ بَعْضَ الْعَيْبِ فَبَعْضُهَا يَنْظُرُ لِلْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ وَبَعْضُهَا وَذَلِكَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
أَوْ ) يُفْرَقُ ( بَيْنَ هَلَاكِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( فِيمَا بَيَّنَهُ ) الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ فَقَطْ ( أَوْ لَا ) يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ ، بَلْ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ فِي الْجَوَابِ ( أَقْوَالٌ ) .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : تت فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ فِي الْقَوْلِ الْأَخِيرِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ عَيْنُ الْحُكْمِ .
الثَّانِي : تت لَمْ يَذْكُرْ هُنَا حُكْمَ بَيَانِ النِّصْفِ .
الثَّالِثُ : عِبْ لَوْ قَالَ : بَدَلَ " أَوْ لَا " " أَوْ غَيْرَهُ " لَكَانَ أَظْهَرَ ، إذْ رُبَّمَا يَسْرِي لِلذِّهْنِ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لَا قَوْلٌ رَابِعٌ ، وَأَنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ يُفْرَقُ وَلْيَسْلَمْ مِنْ عَطْفِهِ بِأَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الَّتِي لَا تَكُونُ إلَّا بِشَيْئَيْنِ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَقَوْلِ حُمَيْدٍ الْهِلَالِيُّ الصَّحَابِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى

عَنْهُ .
قَوْمٌ إذَا سَمِعُوا الصَّرِيخَ رَأَيْتَهُمْ مَا بَيْنَ مُلْجِمٍ مُهْرَهُ أَوْ سَافِعٍ قَالَهُ د .
.

وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ .
وَرُجِعَ بِالْقِيمَةِ ، إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرَ ، .
أَوْ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ ، أَوْ أُمًّا وَوَلَدَهَا .
.

( وَ ) إنْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ الْمُتَعَدِّدِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَلِلْمُشْتَرِي ( رَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ عَلَى بَائِعِهِ ) وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ ( بِحِصَّتِهِ ) أَيْ الْبَعْضِ الْمَرْدُودِ مِنْ ثَمَنِ الْجَمِيعِ وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْهُ ، وَذَلِكَ بِتَقْوِيمِ السَّلِيمِ وَحْدَهُ ، وَالْمَعِيبِ وَحْدَهُ ، وَجَمْعِ الْقِيمَتَيْنِ ، وَنِسْبَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِمَجْمُوعِهِمَا أَوْ تَقْوِيمِهِمَا مَعًا ، ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحْدَهُ وَنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا ، وَعَلَى كُلٍّ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ ثَمَنِهِمَا مِثْلُ نِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِلْمَجْمُوعِ أَوْ لِقِيمَتِهِمَا مَعًا ، هَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا .
( وَ ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا ( رَجَعَ ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إذَا رَدَّ الْبَعْضَ الْمَعِيبَ عَلَيْهِ ( بِ ) حِصَّةِ الْبَعْضِ الْمَعِيبِ مِنْ ( الْقِيمَةِ ) لِلثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ ( إنْ كَانَ الثَّمَنُ ) لِلْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ الَّذِي ظَهَرَ عَيْبٌ فِي بَعْضِهِ ( سِلْعَةً ) بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ شَيْئًا مُقَوَّمًا فِي الشَّارِحِ وتت وَ ق وَالتَّوْضِيحِ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لِقِيمَةِ الْمَجْمُوعِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ الثَّمَنُ .
تت كَسِتَّةِ كُتُبٍ بِدَارٍ ظَهَرَ عَيْبٌ بِأَحَدِهَا وَرُدَّ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ لِقِيمَتِهَا مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ عَلَى الْأَصَحِّ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ ، فَإِنْ قُوِّمَتْ السِّتَّةُ بِسِتِّمِائَةٍ وَالْمَعِيبُ بِمِائَةٍ رَجَعَ بِسُدُسِ قِيمَةِ الدَّارِ لَا بِسُدُسِ الدَّارِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ، وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْحُكْمِ ، وَيَلْزَمُهُ التَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ ) الْبَعْضُ الْمَعِيبُ ( الْأَكْثَرَ ) مِنْ النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ قِيمَتِهِ ، بَلْ إمَّا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يَرُدُّهُ

أَوْ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ .
ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا خِلَافُ قَوْلِ التُّونُسِيِّ إنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ : إمَّا أَنْ تَأْخُذَهُ كُلَّهُ أَوْ تَرُدَّهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ .
الثَّانِي : إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ الرِّضَا بِالْجَمِيعِ ، أَوْ الرِّضَا بِالسَّالِمِ وَحْدَهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ ابْنُ يُونُسَ الْقَضَاءُ أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَشْيَاءَ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَأَلْفَى فِي بَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ ، وَفِيهِ رَجَاءُ الْفَضْلِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرِّضَا بِالْمَعِيبِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدُّ جَمِيعِ الصَّفْقَةِ ، وَكَذَا مَنْ ابْتَاعَ أَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً فَوَجَدَ بِصِنْفٍ مِنْهَا عَيْبًا ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ يَقَعَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ سِتُّونَ أَوْ سَبْعُونَ وَهُوَ مِائَةٌ فَلْيَرُدَّ الْجَمِيعَ .
ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ أَوْقَعَ الْمَعِيبَ نِصْفُ الثَّمَنِ فَأَقَلُّ فَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ ، وَلَا يَرُدُّ إلَّا الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ وَقَعَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ الثَّمَنِ فَهُوَ وَجْهُهَا ، ثُمَّ قَالَ : وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ : إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ وَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَهُ ذَلِكَ ا هـ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مِثْلِيٍّ وَالْعَيْبُ بِأَعْلَاهُ فَفِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ ابْتَاعَ سِلَعًا فَوَجَدَ بِبَعْضِهَا عَيْبًا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ ، فَإِنْ كَانَ وَجْهَهَا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ جَمِيعِهَا أَوْ الرِّضَا بِالْمَعِيبِ .
الثَّالِثُ : إذَا كَانَ الْمَعِيبُ الْأَكْثَرَ فَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ

بِالسَّالِمِ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ .
ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ مَنْ ابْتَاعَ عَبْدَيْنِ ظَهَرَ بِأَعْلَاهُمَا عَيْبٌ فَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ رَدَّ الْأَعْلَى أَوْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَحْبِسَ الْأَدْنَى لِأَنَّهُ كَشِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ .
الرَّابِعُ : قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا زَادَتْ حِصَّتُهُ بِالْمَعِيبِ عَلَى النِّصْفِ وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَهُوَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ .
الْخَامِسُ : مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ وَجْهِ الصَّفْقَةِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا ، فَأَمَّا إذَا انْتَقَضَ وَظَهَرَ الْعَيْبُ فِي الْبَاقِي فَلَا تَفْرِيقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا وَفَاتَ .
قَالَ فِي النُّكَتِ : إذَا اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَأَلْفَى الْآخَرَ مَعِيبًا يَرُدُّ الْمَعِيبَ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا قَدْ فَاتَ ، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا لَمْ يَفُتْ فَهَهُنَا يَفْتَرِقُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهُ وَقِيمَةَ الْهَالِكِ وَرَجَعَ فِي عَيْنِ عَرْضِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَهَا رَجَعَ بِحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْضِ لَا فِي عَيْنِهِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَفْتَرِقْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ مِنْ غَيْرِهِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا لِأَنَّهُ إنْ كُلِّفَ أَنْ يَرُدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ رَدَّهَا عَيْنًا وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ فَلَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إنْ كَانَ عَرْضًا قَدْ فَاتَ صَارَ كَالْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى قِيمَتِهِ وَهِيَ عَيْنٌ ا هـ ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا فِي ذَلِكَ .
السَّادِسُ : فِيهَا إنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ مِنْ الْعَبْدَيْنِ وَصَفَاهُ ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي صِفَتِهِ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلِلْمُبْتَاعِ

بِيَمِينِهِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ وَأَصْبَغُ : الْقَوْلُ لِلْمُبْتَاعِ انْتَقَدَ أَوْ لَا وَبِهِ أَخَذَ مُحَمَّدٌ .
( أَوْ ) يَكُونُ الْمَعِيبُ ( أَحَدَ ) شَيْئَيْنِ ( مُزْدَوِجَيْنِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ حَقِيقَةً كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَمِصْرَاعَيْنِ ، أَوْ حُكْمًا كَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِحِصَّتِهِ ، وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ إلَّا بِرِضَاهُمَا لِإِمْكَانِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرِدَّةٌ أُخْرَى يَتِمُّ بِهَا الِانْتِفَاعُ فَلَا يَلْزَمُ إضَاعَةُ الْمَالِ ( أَوْ ) يَكُونُ الْمَعِيبُ ( أُمًّا ) رَقِيقَةً ( وَوَلَدَهَا ) الرَّقِيقَ غَيْرَ الْمُثْغِرِ الْمَبِيعَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ ، أَيْ أَحَدُهُمَا فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُ وَحْدَهُ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الْمُحَرَّمَةِ إنْ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ وَإِلَّا جَازَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ خُفَّيْنِ أَوْ نَعْلَيْنِ أَوْ مِصْرَاعَيْنِ ، أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَفْتَرِقُ فَأَصَابَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا بَعْدَ قَبْضِهِمَا أَوْ قَبْلَهُ ، فَإِمَّا رَدَّهُمَا جَمِيعًا أَوْ قَبِلَهُمَا جَمِيعًا ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِأَخٍ لِصَاحِبِهِ أَوْ كَانَتْ نِعَالًا فُرَادَى فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي شِرَاءِ الْجُمْلَةِ .
ابْنُ يُونُسَ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ حَبْسُهُ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ وَحُكْمُ الْأُمِّ تُبَاعُ مَعَ وَلَدِهَا فَيُوجَدُ بِأَحَدِهِمَا عَيْبٌ حُكْمُ مَا لَا يَفْتَرِقُ .
ابْنُ رُشْدٍ كُلُّ زَوْجَيْنِ لَا يُنْتَفَعُ بِأَحَدِهِمَا دُونَ صَاحِبِهِ كَخُفَّيْنِ وَنَعْلَيْنِ وَسِوَارَيْنِ وَقُرْطَيْنِ فَوُجُودُ الْعَيْبِ بِأَحَدِهِمَا كَوُجُودِهِ بِهِمَا جَمِيعًا .
فِي التَّوْضِيحِ وَلِهَذَا كَانَ الصَّحِيحُ فِيمَنْ أَتْلَفَ أَحَدَ مُزْدَوِجَيْنِ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُمَا ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَتْلَفَ سِفْرًا مِنْ دِيوَانٍ سِفْرَيْنِ فَقِيلَ : يَرُدُّ السَّالِمَ وَمَا نَقَصَ بِأَنْ يُقَالَ : مَا قِيمَتُهُ كَامِلًا ، فَإِنْ عِشْرُونَ قِيلَ : مَا قِيمَةُ السَّالِمِ وَحْدَهُ ، فَإِنْ

قِيلَ : خَمْسَةٌ رَدَّهُ وَخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِ عَبْدِ الْوَهَّابِ يَغْرَمُ قِيمَتَهُمَا .
الْحَطّ وَالظَّاهِرُ إذَا بِيعَ الدِّيوَانُ وَظَهَرَ عَيْبٌ فِي أَحَدِ سِفْرَيْهِ رَدَّهُمَا مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
.

وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشَرَةً بِثَوْبٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ : فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ ، وَرَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ .
.

( وَ ) إنْ اشْتَرَى أَشْيَاءَ مُقَوَّمَةً كَثِيَابٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَاسْتَحَقَّ أَكْثَرَهَا فَ ( لَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِ ) بَعْضٍ ( أَقَلَّ ) أَيْ قَلِيلٍ مِنْ مَبِيعٍ مُقَوَّمٍ مُتَعَدِّدٍ ( اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ ) أَيْ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِانْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِاسْتِحْقَاقِ أَكْثَرِ الْمَبِيعِ فَالتَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ إنْشَاءُ شِرَاءٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ ، إذْ لَا يَعْلَمُ حِصَّةَ الْبَاقِي مِنْ الثَّمَنِ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمُسْتَحَقِّ وَالْبَاقِي وَنِسْبَةِ قِيمَةِ الْبَاقِي لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ ، وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ ، وَرَأَى أَنَّهَا جَهَالَةٌ طَرَأَتْ بَعْدَ تَمَامِ الشِّرَاءِ كَالْجَهَالَةِ الطَّارِئَةِ بِظُهُورِ عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، إذْ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ الْعَيْبِ الِاسْتِحْقَاقَ وَهُوَ لَا يُخَالِفُهُ .
( وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ ) عَطْفٌ عَلَى دِرْهَمَانِ أَوْ مَفْعُولٌ مَعَهُ ( تُسَاوِي ) السِّلْعَةُ ( عَشَرَةً ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ سِلْعَةٍ بِيعَا ( بِثَوْبٍ ) فَقِيمَتُهُ بِحَسَبِ تَرَاضِيهِمَا اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا ( فَاسْتُحِقَّتْ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ أَيْ ظَهَرَتْ ( السِّلْعَةُ ) مِلْكًا لِغَيْرِ بَائِعِهَا أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ قَدِيمٌ وَرَدَّهَا مُشْتَرِيهَا فَهِيَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ ، إذْ هِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِهَا ( وَ ) قَدْ ( فَاتَ الثَّوْبُ ) الَّذِي هُوَ ثَمَنُ الدِّرْهَمَيْنِ وَالسِّلْعَةُ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ بِهِمَا بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى ( فَلَهُ ) أَيْ مُشْتَرِيهِ السِّلْعَةُ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ وَالدِّرْهَمَانِ بِالثَّوْبِ ( قِيمَةُ الثَّوْبِ ) الْفَائِتِ ( بِكَمَالِهِ ) وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا ( وَرَدُّ ) مُشْتَرِي السِّلْعَةِ وَالدِّرْهَمَيْنِ وُجُوبًا ( الدِّرْهَمَيْنِ ) الْبَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ السِّلْعَةِ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالدِّرْهَمَيْنِ وَأَخْذُ خَمْسَةِ أَسْدَاسِ قِيمَةِ الثَّوْبِ وَهِيَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَجَازَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ تَمَسُّكًا بِأَقَلَّ مَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ لِأَنَّ شَرْطَ حُرْمَتِهِ عَدَمُ

فَوَاتِ الثَّمَنِ وَقَدْ فَاتَ هُنَا .
الْحَطّ يَعْنِي أَنَّهُ لَمَّا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ وَفَاتَ الثَّوْبُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ فَقَدْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ فَيَرُدُّ الدِّرْهَمَيْنِ ، وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ إنْ فَاتَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ يَرْجِعُ فِي خَمْسَةِ أَسْدَاسِ الثَّوْبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِقِيمَتِهَا إنْ فَاتَ ، فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ مِنْهَا وَرَدَّ لَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ لَهُ خَمْسَةَ أَسْدَاسِ الْقِيمَةِ وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةً قَاصَصَهُ بِدِرْهَمَيْنِ وَرَدَّ لَهُ سَبْعَةً عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَرُدُّ سَبْعَةً وَنِصْفًا ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجَعَ بِعَشَرَةٍ اتِّفَاقًا ، وَيُقَاصِصُ بِالدِّرْهَمَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَمْلِكُهُمَا عَلَى مُقَابِلِهِ بِغَيْرِ مُقَاصَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ .
طفي تَفْرِيعُ هَذِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ مُطْلَقٌ فَاتَ الْعِوَضُ أَمْ لَا ، مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُ الْفَسْخِ مَعَ فَوَاتِهِ فِي الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ ، وَلَمْ يُنَبِّهُوا عَلَى هَذَا .
وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَسْأَلَةَ الدِّرْهَمَيْنِ هَذِهِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ قَالَ : وَنَفْسُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَقَدَّمَا فِي الْعُيُوبِ فِيمَنْ رَدَّ أَعْلَى الْمَعِيبِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ ، لِأَنَّ الْمَرْدُودَ كَالْمُسْتَحَقِّ وَفَوَاتُ الْأَدْنَى كَالدِّرْهَمَيْنِ ا هـ .
وَنَصُّ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي الْعُيُوبِ وَإِذَا رَدَّ أَعْلَى الْمَبِيعِ وَفَاتَ أَدْنَاهُ وَعِوَضُهُ عَيْنٌ أَوْ غَيْرُ مِثْلِيٍّ فَاتَ ، فَفِي مُضِيِّ الْأَدْنَى بِمَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ قِيمَتِهِ لِأَخْذِ كُلِّ الثَّمَنِ مُطْلَقًا ثَالِثُهَا : إنْ لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ مَنَابِهِ مِنْ الثَّمَنِ ا هـ .
وَفِيهِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ الْفَوَاتِ ،

لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ أَعْرِفْهَا لِغَيْرِهِ اعْتَرَضَهُ " ق " بِأَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَدْ ذَكَرَهَا وَذَكَرَ نَصَّهُ فَانْظُرْهُ فِيهِ .
قُلْت وَالْعُذْرُ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّتُهَا ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ دِيوَانِهِ .
.

وَرَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ .
( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصَانِ شَيْئًا مِنْ وَاحِدٍ وَوَجَدَا فِيهِ عَيْبًا جَازَ ( رَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ ) لِشَيْءٍ ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ صَاحِبِهِ ، وَلَوْ أَبَى بَائِعُهُ وَقَالَ : لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي ، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَ قَبْلَهُ : إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا أَوْ التَّمَسُّكُ مَعًا وَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ .

وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ .
وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ أَوْ قِدَمِهِ ، إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي .
وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ .
وَقُبِلَ لِلتَّعَذُّرِ غَيْرُ عُدُولٍ وَإِنْ مُشْتَرِكَيْنِ ، وَيَمِينُهُ بِعْتُهُ وَفِي ذِي التَّوْفِيَةِ ، وَأَقْبَضْتُهُ ، وَمَا هُوَ .
بِهِ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ ، وَعَلَى الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ .
.

( وَ ) إنْ اشْتَرَى شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ شَخْصَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَوَجَدَ فِيهِ عَيْبًا قَدِيمًا جَازَ رَدُّ مُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ شَيْئًا ظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ ( عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ ) نَصِيبَهُ مِنْهُ دُونَ نَصِيبِ الْآخَرِ الْمَازِرِيُّ وَتُعَدُّ صَفْقَتُهُمَا صَفْقَتَيْنِ ( وَ ) إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَيْبًا قَدِيمًا فِي الْبَيْعِ خَفِيًّا كَزِنًا وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَ ( الْقَوْلُ ) لِلْبَائِعِ ( فِي ) نَفْيِ وُجُودِ ( الْعَيْبِ ) الْقَدِيمِ الْخَفِيِّ فِي الْمَبِيعِ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ وَهِيَ سَلَامَةُ الْمَبِيعِ إلَّا لِضَعْفِ قَوْلِهِ ، فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَوْلٍ فِي فَرْشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ إنْ أَقَرَّتْ عِنْدَ غَيْرٍ ( أَوْ ) أَيْ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ الْعَيْبِ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ ( قِدَمِهِ ) أَيْ الْعَيْبِ بِيَمِينٍ تَارَةً وَدُونَهَا تَارَةً كَمَا يَأْتِي ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَدِيمٌ آخَرُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينِ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ قَدِيمٌ .
وَنَصُّ التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي الْعَيْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ ، وَأَمَّا إنْ صَاحَبَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ وَجَبَ الرَّدُّ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَصَارَ مُدَّعِيًا عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي الْحَادِثِ ، وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ .
ا هـ .
وَمِثْلُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ وَجَبَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ ، وَالْبَائِعُ يُرِيدُ نَقْصَهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ حَدَثَ عِنْدَكَ فَهُوَ مُدَّعٍ .
ابْنُ عَرَفَةَ سَبَقَهُ بِهِ الْبَاجِيَّ .
وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قِدَمِهِ فَقَالَ : ( إلَّا بِشَهَادَةِ ) أَهْلِ ( عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي ) بِقِدَمِهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِلَا يَمِينٍ إنْ قَطَعَتْ بِصِدْقِهِ (

وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ ( بِصِدْقِهِ ) مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ ، فَإِنْ ظَنَّتْ قِدَمَهُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ ظَنَّتْ حُدُوثَهُ أَوْ شَكَّتْ حَلَفَ الْبَائِعُ .
وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ قَطَعَتْ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَبِحُدُوثِهِ فَلِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ ، وَمَعْنَى شَهَادَةِ الْعَادَةِ شَهَادَةُ أَهْلِهَا مُسْتَدِلِّينَ بِهَا وَأَوْلَى شَهَادَتُهُمْ بِالْمُعَايَنَةِ .
وَهَذَا فِي عَيْبٍ يَخْفَى عِنْدَ التَّقْلِيبِ كَالْعَمَى مَعَ سَلَامَةِ الْحَدَقَةِ .
وَأَمَّا الظَّاهِرُ لِلَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ قَلَّبَ الْمَبِيعَ كَالْإِقْعَادِ وَطَمْسِ الْعَيْنَيْنِ فَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي شَهَادَةُ الْعَادَةِ بِقِدَمِهِ وَلَوْ قَطَعَتْ لَحَمَلَهُ عَلَى عِلْمِهِ حِينَ شِرَائِهِ وَرِضَاهُ بِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ النَّظَرِ فِي الْعَيْبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُوجِبُ الرَّدَّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يُوجِبُهُ فَلِلْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ وَابْنِ مُزَيْنٍ وَغَيْرِهِمَا يَسْقُطَانِ لِأَنَّهُ تَكَاذُبُ بَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ إنْ تَكَافَآ فِي الْعَدَالَةِ وَإِلَّا حُكِمَ بِالْأَعْدَلِ .
قُلْت : الْجَارِي عَلَى قَوْلِ الْغَيْرِ فِيهَا تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ لِأَنَّهَا زَادَتْ لِقَوْلِهَا الْأَصْلُ السَّلَامَةُ ثُمَّ وَجَدْت لِابْنِ سَهْلٍ أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ أَفْتَى بِهَذَا قَائِلًا هُوَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ .
الْحَطّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَرَدَّهُ بِعَيْبٍ فَقَالَ الْبَائِعُ : لَيْسَ هَذَا مَبِيعِي فَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ : الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هُوَ مَا غَيْرُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ .
( وَقُبِلَ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ فِي الْإِخْبَارِ بِحُدُوثِ أَوْ قِدَمِ الْعَيْبِ بِوُجُودِهِ أَوْ عَدَمِهِ ( لِلتَّعَذُّرِ ) مِنْ الْعُدُولِ ، وَنَائِبُ فَاعِلِ قُبِلَ ( غَيْرُ عُدُولٍ ) إنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ ، بَلْ ( وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ ) أَيْ كُفَّارًا لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ ، زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْوَاجِبُ فِي قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ

سَلَامَتُهُ مِنْ جُرْحَةٍ الْكَذِبِ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ اتِّفَاقًا ، وَيَكْفِي الْوَاحِدُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ .
وَمَفْهُومُ لِلتَّعَذُّرِ عَدَمُ قَبُولِ غَيْرِ الْعَدْلِ مَعَ وُجُودِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَالْمَازِرِيِّ ، وَكَلَامُ ابْنِ شَاسٍ يَقْتَضِي أَنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَهُمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ ، وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا بِدَاخِلِ جَسَدِ الْجَارِيَةِ غَيْرَ فَرْجِهَا وَالْبَقْرِ عَنْهُ وَنَظَرِ الرِّجَالِ لَهُ قَوْلَانِ ، وَمَا بِفَرْجِهَا فَامْرَأَتَانِ ، وَقَيَّدَ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ بِتَوْجِيهِ الْقَاضِي لِلِاطِّلَاعِ عَلَى عَيْبِ عَبْدٍ حَيٍّ حَاضِرٍ ، فَإِنْ أَشْهَدَ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ أَوْ غَابَ الْعَبْدُ أَوْ مَاتَ فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ اتِّفَاقًا ( وَيَمِينُهُ ) أَيْ الْبَائِعِ عَلَى عَدَمِ الْعَيْبِ أَوْ حُدُوثِهِ صِيغَتُهَا ( بِعْتُهُ ) وَمَا هُوَ بِهِ أَيْ الشَّيْءُ الَّذِي ادَّعَى الْمُشْتَرِي قِدَمَ عَيْبِهِ وَشَهِدَتْ الْعَادَةُ بِحُدُوثِهِ ظَنًّا أَوْ شَكَّتْ .
( وَ ) يَزِيدُ ( فِي ) يَمِينِهِ عَلَى عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ عَيْبِ الْمَبِيعِ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( التَّوْفِيَةِ ) أَيْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ ( وَأَقْبَضْتُهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي ( وَمَا هُوَ ) أَيْ الْعَيْبُ مَوْجُودٌ ( بِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بِذِي التَّوْفِيَةِ قَبْلَهَا مِنْ بَائِعِهِ ، وَمِثْلُ ذِي التَّوْفِيَةِ الْغَائِبُ وَالْمُوَاضَعَةُ وَالثِّمَارُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَذُو عُهْدَةٍ الثَّلَاثَةِ وَالْخِيَارُ ، وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ ( بَتًّا فِي ) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ ( الظَّاهِرِ ) كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَالْعَوَرِ وَضَعْفِ الْبَصَرِ ( وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي ) عَدَمِ أَوْ حُدُوثِ الْعَيْبِ ( الْخَفِيِّ ) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ .
فَإِنْ قِيلَ : تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْبَائِعِ فِي عَدَمِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ ، وَكَلَامُهُ هُنَا يُفِيدُ حَلِفَهُ عَلَيْهِ قِيلَ : يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى شَهَادَةِ وَاحِدٍ بِهِ وَنُكُولِ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ ، فَرُدَّتْ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ

قِيلَ : قَاعِدَةُ الْيَمِينِ كَوْنُهَا عَلَى نَقِيضِ الدَّعْوَى وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ .
قِيلَ : هُوَ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهَا وَسَكَتَ عَنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي ، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ : يَحْلِفُ عَلَى الْعِلْمِ فِيهِمَا .
لِأَنَّ التَّدْلِيسَ وَصْفُ الْبَائِعِ لَا الْمُشْتَرِي ، وَقِيلَ : كَالْبَائِعِ ، وَقِيلَ : عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا .
.

وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَمْ تُرَدَّ ؛ بِخِلَافِ وَلَدٍ ، .
وَثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ ، وَصُوفٍ تَمَّ : .
كَشُفْعَةٍ ، وَاسْتِحْقَاقٍ ، وَتَفْلِيسٍ ، .
وَفَسَادٍ .
وَدَخَلَتْ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ ؛ إنْ رَضِيَ الْقَبْضَ ، أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ ، وَلَمْ يُرَدَّ بِغَلَطٍ إنْ سُمِّيَ بِاسْمِهِ .

( وَالْغَلَّةُ ) النَّاشِئَةُ مِنْ الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ بِلَا تَحْرِيكٍ كَلَبَنٍ وَصُوفٍ ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا تَنْقُصُ ( لَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ ( لِلْفَسْخِ ) لِلْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ إدْخَالِ الْمَبِيعِ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ بِرِضَاهُ بِرَدِّهِ إلَيْهِ أَوْ ثُبُوتِ الْعَيْبِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ كَمَا يَأْتِي .
وَأَمَّا الْبَيْعُ غَيْرُ اللَّازِمِ كَبَيْعِ الْفُضُولِيِّ مَعَ عِلْمِ الْمُشْتَرِي فَلَا غَلَّةَ لَهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَغَاصِبٍ ، إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ إنْ جَذَّهَا قَبْلَ زَهْوِهَا أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ ، وَإِنْ جَذَّهَا بَعْدَ طِيبِهَا فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ .
( وَلَمْ ) أَيْ وَلَا ( تُرَدَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْغَلَّةُ لِلْبَائِعِ مَعَ الْمَبِيعِ الْمَرْدُودِ لَهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ صَرَّحَ بِهِ لِإِفَادَةِ عَوْدِ ضَمِيرٍ لَهُ لِلْمُشْتَرِي وَلِيَخْرُجَ مِنْهُ قَوْلُهُ ( بِخِلَافِ وَلَدِ ) الْبَهِيمَةِ أَوْ أَمَةٍ اُشْتُرِيَتْ حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَرُدُّ وَلَدَهَا مَعَهَا ، وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِوِلَادَتِهَا إنْ لَمْ تَنْقُصْ بِهَا أَوْ جَبَرَهَا الْوَلَدُ وَإِلَّا رَدَّ أَرْشَهَا مَعَهُمَا الْحَطّ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ إنَاثِ الْحَيَوَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَعْقِلُ أَمْ لَا ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَهَا وَلَدَهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا حَامِلًا أَوْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ، وَفِيهَا إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَكَ ثُمَّ رَدَدْتهَا بِعَيْبٍ رَدَدْت وَلَدَهَا مَعَهَا ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَكَ ، وَكَذَلِكَ مَا وَلَدَتْ الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ وَالْإِبِلُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ فِي الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ

تَنْقُصَهَا فَتَرُدُّ مَا نَقَصَهَا .
ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ يَجْبُرُ النَّقْصَ جَبَرَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ فِي الْأَمَةِ تَلِدُ ثُمَّ يَرُدُّهَا بِعَيْبٍ .
( وَ ) بِخِلَافِ ( ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مُثَقَّلَةً حِينَ شِرَاءِ أَصْلِهَا اشْتِرَاطُهَا مَعَهُ إذْ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إلَّا بِهِ ، فَإِنْ رَدَّ الْأَصْلَ بِعَيْبِهِ رَدَّهَا مَعَهُ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : لَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ ، وَاتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ عَلَى عَدَمِ رَدِّ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَ فِي الضَّرْعِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَهُ فِيهَا .
أَبُو الْحَسَنِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُصَرَّاةً يَوْمَ شِرَائِهَا فَيَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبِ تَصْرِيَتِهَا .
ا هـ .
وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَرُدُّهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ رَدَّ مَكِيلَتَهَا إنْ عُلِمَتْ ، وَقِيمَتَهَا إنْ لَمْ تُعْلَمْ ، وَثَمَنَهَا إنْ كَانَ بَاعَهَا قَالَهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
( وَ ) بِخِلَافِ ( صُوفٍ تَمَّ ) وَقْتَ الشِّرَاءِ فَيَرُدُّهُ مَعَ الْغَنَمِ إنْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ لِأَنَّ لَهُ حِصَّةً مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ جَزَّهُ وَفَاتَ رَدَّ وَزْنَهُ إنْ عَلِمَ ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَرَةِ أَنَّ رَدَّ الْأَصْلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِبْقَاءَ الثَّمَرَةِ بَيْعٌ لِلثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ إلَّا بِشُرُوطٍ مُنْتَقَيَةٍ هُنَا ، وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بِبَيْعٍ .
الْحَطّ فِيهَا مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا عَلَيْهَا صُوفٌ تَمَّ وَجَزَّهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ .
ابْنُ يُونُسَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ كَمُشْتَرِي ثَوْبَيْنِ يَفُوتُ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ ثُمَّ يَجِدُ بِالْبَاقِي عَيْبًا .
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَزْنَهُ رَدَّ قِيمَتَهُ وَالْأَشْبَهُ مَا قَدَّمْنَا ، وَهَذَا عَلَى قِيَاسِ مَنْ قَالَ

: إذَا فَاتَ الْأَدْنَى مِنْ الثَّوْبَيْنِ رَدَّ قِيمَتَهُ مَعَ الْأَرْفَعِ الْمَعِيبِ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنْ نَقَضْت صَفْقَتِي فَلَا يَلْزَمُنِي الْغَبْنُ فِي الْأَدْنَى ا هـ .
الْحَطّ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ .
( فَرْعٌ ) اللَّخْمِيُّ إنْ وَجَدَ الْعَيْبَ بَعْدَ أَنْ عَادَ إلَيْهَا الصُّوفُ وَرَدَّهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلصُّوفِ الْأَوَّلِ ، لِأَنَّ هَذَا كَالْأَوَّلِ وَهُوَ أَبْيَنُ فِي هَذَا مِنْ جَبْرِ الْعَيْبِ بِالْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ بِغَلَّةٍ وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ فَجَبَرَهُ بِمَالِهِ ، حَبْسُهُ أَوْلَى .
( تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : فِيهَا إنْ رَدَدْت الثَّمَرَةَ مَعَ النَّخْلِ فَلَكَ أَجْرُ سَقْيِك وَعِلَاجِك .
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ فِيمَا إذَا اشْتَرَى النَّخْلَ بِالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ قَبْلَ طِيبِهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا بِثَمَرَتِهَا عِنْدَ الْجَمِيعِ ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ إلَّا بَعْدَ طِيبِ الثَّمَرَةِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَيَرْجِعُ بِالسَّقْيِ وَالْعِلَاجِ .
وَقَالَ أَشْهَبُ : إذَا جَذَّ الثَّمَرَةَ فَهِيَ غَلَّةٌ .
الثَّانِي : فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ طَابَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا إذَا رَدَّ أُصُولَهَا مِنْ بَابِ أَحْرَى .
وَفُهِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ يَوْمَ الشِّرَاءِ لَمْ تُؤَبَّرْ فَلَا تُرَدُّ وَهِيَ غَلَّةٌ لِلْمُشْتَرِي ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ كَانَ قَدْ جَذَّهَا ، سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الشِّرَاءِ أَوْ حَدَثَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ، فَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ طِيبِهَا أَوْ بَعْدَهُ ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ فَيَرُدُّهَا مَعَ أَصْلِهَا ، سَوَاءٌ أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ ، وَيَرْجِعُ بِسَقْيِهَا وَعِلَاجِهَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ إزْهَائِهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ لَمْ تُجَذَّ .
الثَّالِثُ : لَوْ جَذَّ الثَّمَرَةَ قَبْلَ طِيبِهَا وَبَعْدَ تَأْبِيرِهَا فَفِي الْمُقَدِّمَاتِ

لَمْ أَعْلَمْ لِأَصْحَابِنَا نَصًّا فِيهِ ، وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ فَوْتٌ لِأَنَّهُ يَعِيبُ الْأَصْلَ ، وَيُنْقِصُ قِيمَتَهُ فَيَرُدُّهُ وَنَقْصَهُ ، أَوْ يُمْسِكُهُ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ ، وَكَذَا جَذُّهَا قَبْلَ إبَارِهَا .
الرَّابِعُ : مَفْهُومُ قَوْلِهِ ثُمَّ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهَا وَلَا صُوفَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهَا صُوفٌ غَيْرُ تَامٍّ ثُمَّ حَدَثَ الصُّوفُ عِنْدَهُ أَوْ تَمَّ فَلَا يَرُدُّهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا جَزَّهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ .
اللَّخْمِيُّ سَوَاءٌ جَزَّهُ فِي وَقْتِ جُزَازِهِ أَوْ قَبْلَهُ ، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ جَزِّهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ : يَخْتَلِفُ فِيهِ هَلْ يَكُونُ غَلَّةً بِتَمَامِهِ ، أَوْ حَتَّى يَتَعَسَّلَ أَوْ يُجَزَّ قِيَاسًا عَلَى الثَّمَرَةِ هَلْ هِيَ غَلَّةٌ بِطِيبِهَا أَوْ بِيُبْسِهَا أَوْ بِجُذَاذِهَا ، فَالتَّمَامُ كَالطِّيبِ وَالتَّعْسِيلُ كَالْيُبْسِ وَالْجَزُّ كَالْجُذَاذِ ا هـ قَالُوا : إذَا قَالَ : يَخْتَلِفُ فَهُوَ تَخْرِيجٌ مِنْهُ ، وَاَلَّذِي فِي الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ مَا لَمْ يَجُزَّهُ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْغَنَمِ .
قَالَ : وَلَا يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِشَيْءٍ مِنْ نَفَقَتِهِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ النَّخْلِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ لِلْغَنَمِ غَلَّةً تَبْتَغِي مِنْهَا غَيْرَ الصُّوفِ ، وَلَوْ جَزَّهُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَكَانَ رِضًا بِهِ ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ قَالَهُ الْحَطّ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ رَدِّ الْغَلَّةِ فَقَالَ : ( كَ ) مُشْتَرٍ شِقْصًا فِي أُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ يَبِسَتْ أَوْ جَذَّهَا ثُمَّ أُخِذَتْ مِنْهُ الْأُصُولُ بِ ( شُفْعَةٍ ) فَقَدْ فَازَ بِهَا ( وَاسْتِحْقَاقٍ ) أَيْ رَفْعِ مِلْكِ بَائِعٍ لِأُصُولٍ مُثْمِرَةٍ بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ اشْتَرَطَهَا مُشْتَرِيهَا وَيَبِسَتْ عِنْدَهُ أَوْ جَذَّهَا بِثُبُوتِ مِلْكِهَا لِغَيْرِهِ قَبْلَهُ فَقَدْ فَازَ الْمُشْتَرِي بِثَمَرَتِهَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : إذَا ابْتَاعَ النَّخْلَ وَالثَّمَرَةُ مَأْبُورَةٌ أَوْ مُزْهِيَةٌ وَاشْتَرَطَهَا ثُمَّ

اسْتَحَقَّ حِمْلَ نِصْفِهَا وَاسْتَشْفَعَ فَلَهُ نِصْفُ النَّخْلِ وَنِصْفُ الثَّمَرَةِ بِاسْتِحْقَاقِهِ ، وَعَلَيْهِ لِلْمُبْتَاعِ فِي ذَلِكَ قِيمَةُ مَا سَقَى وَعَالَجَ ، وَيَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ عَلَى الْبَائِعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ أَخَذَ الشُّفْعَةَ فِي النِّصْفِ الْبَاقِي فَذَلِكَ لَهُ ، وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَرَةِ بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأَصْلِ مَا لَمْ تُجَذَّ أَوْ تَيْبَسْ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْعِلَاجِ أَيْضًا ، وَإِنْ قَامَ بَعْدَ الْيُبْسِ أَوْ الْجُذَاذِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ كَمَا لَوْ بِيعَتْ حِينَئِذٍ .
وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقِيمَتِهِ مِنْ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ يَوْمَ الصَّفْقَةِ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ وَقَعَ لَهَا حِصَّةٌ مِنْهُ ( وَ ) مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ أُبِّرَ وَلَمْ يَدْفَعْ ثَمَنَهَا حَتَّى فَلَّسَ وَجَذَّهَا وَأَخَذَ الْبَائِعُ النَّخْلَ لِ ( تَفْلِيسٍ ) لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ فَازَ بِالثَّمَرَةِ الَّتِي جَذَّهَا فِيهَا ، وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ نَخْلًا لَا ثَمَرَ فِيهَا أَوْ فِيهَا ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ أَوْ لَمْ يُؤَبَّرْ ثُمَّ فَلَّسَ وَفِي النَّخْلِ ثَمَرٌ حَلَّ بَيْعُهُ فَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الْأَصْلِ وَالثَّمَرَةِ مَا لَمْ تُجَذَّ ، إلَّا أَنْ يُعْطِيَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ .
ا هـ .
وَفِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ وَأَمَّا مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً أَوْ غَنَمًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَوَجَدَ الْبَائِعُ الْأَمَةَ قَدْ وَلَدَتْ وَالْغَنَمَ قَدْ تَنَاسَلَتْ فَلَهُ أَخْذُ الْأُمَّهَاتِ وَأَوْلَادِهَا كَرَدِّهَا بِعَيْبٍ ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ غَلَّةٍ أَوْ صُوفٍ جَزَّهُ أَوْ لَبَنٍ حَلَبَهُ فَكُلُّ ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ ، وَكَذَلِكَ النَّخْلُ تُجْنَى ثَمَرَتُهَا فَهِيَ كَالْغَلَّةِ ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى الْغَنَمِ صُوفٌ قَدْ تَمَّ يَوْمَ الشِّرَاءِ ، أَوْ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ قَدْ أُبِّرَ وَاشْتَرَطَهُ فَلَيْسَ كَالْغَلَّةِ .
( وَ ) كَمَنْ اشْتَرَى أُصُولًا مُثْمِرَةً بِثَمَرَةٍ مُؤَبَّرَةٍ وَاشْتَرَطَهَا شِرَاءً فَاسِدًا وَأَزْهَتْ عِنْدَهُ ثُمَّ فُسِخَ شِرَاؤُهُ بِ ( فَسَادِ ) فَالثَّمَرَةُ لَهُ .
الْحَطّ وَأَمَّا فِي

الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَلَمْ أَقِفْ الْآنَ عَلَى نَصٍّ صَرِيحٍ فِيهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الْبُنَانِيُّ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ وَهِيَ الْعَيْبُ وَالشُّفْعَةُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالتَّفْلِيسُ وَالْفَسَادُ ، لَكِنْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ ثَمَرَةٍ أَوْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَجَذَّهَا الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ ، وَإِنْ لَمْ يَجُذَّهَا فَفِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ يَسْتَحِقُّهَا بِمُجَرَّدِ الزَّهْوِ ، وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِالْيُبْسِ ، وَفِي التَّفْلِيسِ بِالْجَذِّ وَهُوَ الْقَطْعُ ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ " غ " بِقَوْلِهِ : وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا قَالَ : التَّاءُ فِي تُجَذُّ لِلتَّفْلِيسِ ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ فِي عَفَزَ لِلْعَيْبِ ، وَالْفَسَادِ وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ ، وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ ا هـ وَقَالَ غَيْرُهُ : الْفَائِزُونَ بِغَلَّةٍ هُمْ خَمْسَةٌ لَا يُطْلَبُونَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ مَنْ رَدَّ فِي عَيْبٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ وَبِشُفْعَةٍ فَلْسٍ مَعَ اسْتِحْقَاقٍ فَالْأَوَّلَانِ بِزَهْوِهَا فَازَا بِهَا وَالْجَذُّ فِي فَلْسِ وَيُبْسِ الْبَاقِي .
ا هـ .
وَنَصَّ " غ " أَمَّا غَيْرُ الثَّمَرَةِ فَوَاضِحٌ ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ فَشَهَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا إذَا أَزْهَتْ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، وَتُرَدُّ مَعَ أُصُولِهَا وَإِنْ أَزْهَتْ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ تَيْبَسْ وَتُرَدُّ مَعَهَا ، وَإِنْ يَبِسَتْ فِي التَّفْلِيسِ مَا لَمْ تُجَذَّ .
قَالَ : وَكَانَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَرَى أَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فَرْقٌ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ ، وَأَنَّهُ يُخْرِجُ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا مَا هُوَ مَنْصُوصٌ فِي الْأُخْرَى ، وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِ غَيْرِهِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ ، وَقَدْ كُنْت نَظَمْت هَذَا الْمَعْنَى فِي رَجَزٍ مَعَ زِيَادَةِ بَعْضِ الْفَوَائِدِ فَقُلْت :

الْخَرْجُ بِالضَّمَانِ فِي التَّفْلِيسِ وَالْعَيْبُ عَنْ جَهْلٍ وَعَنْ تَدْلِيسِ وَفَاسِدٌ وَشُفْعَةٌ وَمُسْتَحِقُّ ذِي عِوَضٍ وَلَوْ كَوَقْفٍ فِي الْأَحَقِّ وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَفَيَا يَضْبِطُهُ تُجَذُّ عَفْزًا شِسْيَا الْخَرْجُ وَالْخَرَاجُ لُغَتَانِ اجْتَمَعَتَا فِي قِرَاءَةِ نَافِعٍ وَمَنْ وَافَقَهُ { أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ خَيْرٌ } وَدَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ مِنْ قَوْلِنَا كَوَقْفِ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْحُرِّيَّةِ ، وَمَعْنَى فِي الْأَحَقِّ فِي الْقَوْلِ الْأَحَقِّ تَلْوِيحًا بِقَوْلِ الْمُغِيرَةِ وَمَنْ وَافَقَهُ ، وَمَعْنَى اُنْتُقِيَ اُخْتِيرَ وَهُوَ مَبْنِيٌّ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَالتَّاءُ فِي تُجَذّ لِلتَّفْلِيسِ ، وَالْجِيمُ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ ، وَلِلْعَيْنِ وَالْفَاءِ فِي عَفْرًا لِلْعَيْبِ وَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ ، وَالزَّايُ لِلزَّهْوِ ، وَالشِّينُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ وَاخْتَصَرْتُهَا فِي بَيْتٍ مِنْ الْمُجْتَثِّ فَقُلْت : ضَمِنَ بِخَرْجٍ وَفِيًّا تَجُذَّ عَفْزًا شِسْيَا عَلَى أَنَّا مَسْبُوقُونَ بِهَذَا التَّرْكِيبِ الَّذِي هُوَ تَجُذُّ عَفْرًا شِسْيَا سَبَقَ إلَيْهِ الْوَانُّوغِيُّ ( وَدَخَلْت ) السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِعَيْبِ ( فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ ) بَائِعُهَا ( بِالْقَبْضِ ) لَهَا مِنْ مُبْتَاعِهَا وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا وَلَمْ يَمْضِ زَمَنٌ يُمْكِنُ قَبْضُهَا فِيهِ ( أَوْ ) لَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا وَ ( ثَبَتَ ) عَيْبُهَا الْمُوجِبُ لِرَدِّهَا ( عِنْدَ حَاكِمٍ ) وَحَكَمَ بِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ ) الْحَاكِمُ ( بِهِ ) أَيْ الرَّدِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى حَاضِرٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ .
وَمَفْهُومُ إنْ رَضِيَ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ حَاكِمٍ لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ ، ظَاهِرُهُ وَلَوْ وَافَقَهُ عَلَى قِدَمِ الْعَيْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ ( وَلَمْ ) أَيْ لَا ( يُرَدَّ ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الْمَبِيعُ ( بِغَلَطٍ ) أَيْ جَهْلٍ بِاسْمِهِ

الْخَاصِّ بِهِ ( إنْ سُمِّيَ ) بِضَمِّ السِّينِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُشَدَّدَةً الْمَبِيعُ ( بِاسْمِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ الْعَامِّ الَّذِي يَعُمُّهُ وَغَيْرُهُ ، كَبَيْعِ حَجَرٍ مُعَيَّنٍ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ فَتَبَيَّنَ يَاقُوتًا أَوْ زُمُرُّدًا أَوْ أَلْمَاسًا فَقَدْ فَازَ بِهِ الْمُشْتَرِي ، وَلَيْسَ لِبَائِعِهِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حَجَرًا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا .
وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَفْهُومُ بِاسْمِهِ أَنَّهُ لَوْ سُمِّيَ بِاسْمِ غَيْرِهِ يُرَدُّ وَهُوَ كَذَلِكَ ، كَبَيْعِ شَيْءٍ بِاسْمِ يَاقُوتَةٍ فَتُوجَدُ حَجَرًا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ ، وَكَبَيْعِ زُجَاجَةٍ فَتُوجَدُ يَاقُوتَةً فَلِلْبَائِعِ رَدُّهَا .
سُئِلَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَمَّنْ بَاعَ مُصَلَّى فَقَالَ الْمُشْتَرِي : أَتَدْرِي مَا هَذَا الْمُصَلَّى هُوَ وَاَللَّهِ خَزٌّ ، فَقَالَ الْبَائِعُ : مَا عَلِمْت أَنَّهُ خَزٌّ وَلَوْ عَلِمْتُهُ مَا بِعْتُهُ بِهَذَا الثَّمَنِ قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ : هُوَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا شَيْءَ لِلْبَائِعِ ، لَوْ شَاءَ لَتَثَبَّتَ قَبْلَ بَيْعِهِ ، وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ مَرَوِيًّا ثُمَّ قَالَ : لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ إنَّمَا ظَنَنْتُهُ كَذَا وَكَذَا لَوْ قَالَ مُبْتَاعُهُ : مَا اشْتَرَيْتُهُ إلَّا ظَنًّا أَنَّهُ خَزٌّ وَلَيْسَ بِخَزٍّ ، فَهَذَا مِثْلُهُ ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ حَجَرًا بِثَمَنٍ يَسِيرٍ ثُمَّ إذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ أَوْ زَبَرْجَدَةٌ تَبْلُغُ مَالًا كَثِيرًا لَوْ شَاءَ اسْتَبْرَأَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ : أَخْرِجْ لِي ثَوْبًا مَرَوِيًّا بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ لَهُ ثَوْبًا أَعْطَاهُ إيَّاهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مِنْ أَثْمَانِ أَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ هَذَا يَحْلِفُ فِيهِ وَيَأْخُذُ ثَوْبَهُ .
ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ خِلَافُ هَذَا أَنَّ مَنْ اشْتَرَى يَاقُوتَةً وَهُوَ يَظُنُّهَا حَجَرًا وَلَا يَعْرِفُهَا الْبَائِعُ وَلَا الْمُبْتَاعُ فَيَجِدُهَا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ ، أَوْ يَشْتَرِي الْقُرْطَ يَظُنُّهُ ذَهَبًا فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَإِنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ فِي

الْوَجْهَيْنِ ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ وَسَمَّاهُ بِاسْمٍ يَصْلُحُ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، مِثْلَ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذَا الْحَجَرَ ، أَوْ قَوْلِ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذَا الْحَجَرَ فَيَشْتَرِيهِ وَهُوَ يَظُنُّهُ يَاقُوتَةً فَيَجِدُهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ ، أَوْ يَبِيعُ الْبَائِعُ يَظُنُّهُ غَيْرَ يَاقُوتَةٍ فَإِذَا هُوَ يَاقُوتَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الشِّرَاءُ ، وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّهُ غَيْرُ يَاقُوتَةٍ وَالْبَائِعُ الْبَيْعَ وَإِنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ عَلَى رِوَايَةِ أَشْهَبَ وَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي الْوَجْهَيْنِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ وَأَمَّا إذَا سَمَّى أَحَدُهُمَا الشَّيْءَ بِغَيْرِ اسْمِهِ مِثْلُ قَوْلِ الْبَائِعِ أَبِيعُكَ هَذِهِ الْيَاقُوتَةَ فَيَجِدُهَا غَيْرَ يَاقُوتَةٍ ، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي بِعْنِي هَذِهِ الزُّجَاجَةَ ثُمَّ يَعْلَمُ الْبَائِعُ أَنَّهَا يَاقُوتَةٌ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الشِّرَاءَ لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ وَالْبَيْعَ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ ، وَكَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُصَلَّى وَشِبْهِهِ .
وَأَمَّا الْقُرْطُ يَظُنُّهُ الْمُشْتَرِي ذَهَبًا وَلَا يَشْتَرِطُ أَنَّهُ ذَهَبٌ فَيَجِدُهُ نُحَاسًا فَلَا اخْتِلَافَ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ إنْ كَانَ قَدْ صِيغَ بِصِفَةِ أَقْرَاطِ الذَّهَبِ ، أَوْ غُسِلَ بِذَهَبٍ .
وَاخْتُلِفَ إذَا أَلْغَزَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي التَّسْمِيَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : ذَلِكَ يُوجِبُ الرَّدَّ كَالتَّصْرِيحِ ، وَحُكِيَ عَنْ شُرَيْحٍ الْقَاضِي أَنَّهُ اُخْتُصِمَ إلَيْهِ فِي رَجُلٍ مَرَّ بِرَجُلٍ مَعَهُ ثَوْبٌ مَصْبُوغٌ الصِّبْغَ الْهَرَوِيَّ فَقَالَ لَهُ : بِكَمْ هَذَا الْهَرَوِيُّ قَالَ : بِكَذَا فَاشْتَرَاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِهَرَوِيٍّ وَإِنَّمَا صُبِغَ صِبْغَ الْهَرَوِيِّ فَأَجَازَ بَيْعَهُ ، قَالَ : وَلَوْ اسْتَطَاعَ أَنْ يُزَيِّنَ ثَوْبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذِهِ الزِّينَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَهُ هَرَوِيَّ الصِّبْغِ حَتَّى يَقُولَ : هَرَوِيُّ هَرَاةَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَرُدُّهُ ، وَعِنْدِي أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ .

وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ : إنْ بَاعَهُ الْحَجَرَ فِي سُوقِ الْجَوْهَرِ فَوَجَدَهُ صَخْرَةً فَلِلْمُبْتَاعِ الْقِيَامُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّهُ جَوْهَرٌ ، وَإِنْ بَاعَهُ فِي مِيرَاثٍ أَوْ فِي غَيْرِ سُوقِ الْجَوْهَرِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقِيَامُ ، وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ ، وَهَذَا يَجْرِي عِنْدِي عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْأَلْغَازِ .
وَوَجْهُ تَفْرِقَةِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَيْنَ الَّذِي يَبِيعُ الْيَاقُوتَةَ جَاهِلًا بِهَا وَبَيْنَ مَنْ قَصَدَ إخْرَاجَ ثَوْبٍ بِدِينَارٍ فَأَخْرَجَ ثَوْبًا بِأَرْبَعَةٍ أَنَّ الْأَوَّلَ جَهِلَ وَقَصَّرَ إذْ لَمْ يَسْأَلْ مَنْ يَعْلَمُ مَا هُوَ ، وَالثَّانِي غَلِطَ ، وَالْغَلَطُ لَا يُمْكِنُ التَّوَقِّي مِنْهُ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ ثَوْبِهِ إذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِهِ مِنْ رَسْمٍ أَوْ شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى حُضُورِ مَا صَارَ بِهِ إلَيْهِ فِي مُقَاسَمَةٍ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالرُّجُوعُ بِالْغَلَطِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَفِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ .
ا هـ .
وَمَحِلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ وَكِيلًا وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ بِلَا نِزَاعٍ .
.

وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ ، .
وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ ، أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ ؟ تَرَدُّدٌ .
.

( وَلَا ) يُرَدُّ الْمَبِيعُ ( بِغَبْنٍ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ زِيَادَةٍ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي وَنَقْصٍ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ إنْ وَافَقَ الْعَادَةَ ، بَلْ ( وَلَوْ خَالَفَ ) الْغَبْنُ ( الْعَادَةَ ) ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْجَهْلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا غَبَنَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ ، وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ، وَأَقَامَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ لَهَا مَعْنًى مِنْ أَجْلِهِ وَجَبَ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ ا هـ .
وَقَالَ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ : لَوْ بَاعَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَارْتَهَنَ رَهْنًا وَكَانَ مُشْتَرِيهَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ السَّفَهِ جَازَ .
ابْنُ رُشْدٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا قِيَامَ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ بِالْغَبْنِ ، وَلَمْ أَعْرِفْ فِي الْمَذْهَبِ نَصَّ خِلَافٍ فِي ذَلِكَ ، وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ سَمَاعَ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ عَلَى الْخِلَافِ ، وَتَأَوَّلَ مِنْهُ وُجُوبَ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْمُكَايَسَةِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّهُ رَأَى لَهُ الرَّدَّ بِالْغَبْنِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى الْبَيْعِ مَخَافَةَ الْحِنْثِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ .
وَقَدْ حَكَى بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَأَرَاهُ ابْنَ الْقَصَّارِ وُجُوبَ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ ، دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ } ، وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا ظُلْمَ فِي غَبْنِ غَيْرِ الْمُسْتَرْسِلِ ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ فَهُوَ حَقٌّ يَجِبُ الْقِيَامُ بِهِ ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ عَلَى

ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَمَةِ الزَّانِيَةِ { بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ } ، { وَبِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا تَشْتَرِهِ وَلَوْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ } ، وَهَذَانِ لَا دَلِيلَ فِيهِمَا لِخُرُوجِهِمَا عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْقِلَّةِ مِثْلُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعَقِيقَةِ وَلَوْ بِعُصْفُورٍ ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا وَلَوْ بِقَدْرِ مَفْحَصِ قَطَاةٍ بَنَى اللَّهُ تَعَالَى لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ } ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا كَثِيرٌ .
( وَهَلْ ) لَا يَرُدُّ بِالْغَبْنِ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ ) الْجَاهِلُ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِلْعَالِمِ بِهِ ( وَيُخْبِرُهُ ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ بِهِ ( بِجَهْلِهِ ) بِالثَّمَنِ وَيَقُولُ لَهُ يَعْنِي كَمَا تَبِيعُ النَّاسُ ، أَوْ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ فَإِنِّي لَمْ أَعْلَمْ الثَّمَنَ فَيَغْبِنُهُ بِالزِّيَادَةِ فِي الْبَيْعِ وَالنَّقْصِ فِي الشِّرَاءِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ ( أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ ) أَيْ الْجَاهِلُ الْعَالِمَ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ ، أَيْ أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ الْإِخْبَارُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتِئْمَانِهِ فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا ، وَالْأَمْرُ بِخِلَافِهِ ، فَلَهُ رَدُّهُ أَوْ لَا يُرَدُّ بِهِ مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الِاسْتِسْلَامِ ( تَرَدُّدٌ ) " غ " اقْتَصَرَ هُنَا عَلَى طَرِيقَتَيْنِ مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ ، وَتَرَكَ مِنْهَا طَرِيقَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ ، فَلَوْ قَالَ هُنَا : وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا لِغَيْرِ عَارِفٍ أَوْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ لَاسْتَوْفَاهَا ابْنُ رُشْدٍ وَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ إذَا كَانَ عَلَى الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ وَاجِبٌ بِإِجْمَاعٍ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَبْنُ الْمُسْتَرْسِلِ ظُلْمٌ .
وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْقِيَامِ

بِالْغَبْنِ طُرُقًا ، الْأُولَى : طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ ، وَالثَّانِيَةُ : طَرِيقَةُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَنَصُّهُ أَبُو عُمَرَ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْمُسْتَسْلِمِ الْمُسْتَنْصِحِ يُوجِبُ لِلْمَغْبُونِ الْخِيَارَ فِيهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ الطَّرِيقَةَ الثَّالِثَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ ، وَنَصُّهُ الْبَاجِيَّ عَنْ الْقَاضِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِمَا لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ عَادَةً وَأَحَدُهُمَا لَا يَعْلَمُ سِعْرَ ذَلِكَ إذَا زَادَ الْغَبْنُ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ ، وَالْمُتَعَارَفُ فِيهِ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا ، بِالْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : وَحَصَلَ فِي التَّوْضِيحِ ثَلَاثُ طُرُقٍ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِرْسَالِ وَالِاسْتِنَامَةِ فَالْقِيَامُ بِالْغَبْنِ وَاجِبٌ ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ فَلَا قِيَامَ بِالْغَبْنِ اتِّفَاقًا .
الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ : لِلْمَازِرِيِّ فَإِنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ غَيْرُ عَارِفٍ بِقِيمَتِهِ فَقَالَ الْبَائِعُ : قِيمَتُهُ كَذَا فَلَهُ الرَّدُّ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِثَمَنِهِ فَلَا رَدَّ لَهُ ، وَلَا خِلَافَ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ ، وَفِيمَا عَدَاهُمَا قَوْلَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ ا هـ .
وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ : لِعَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي ثُبُوتِ الْغَبْنِ لِغَيْرِ الْعَارِفِ ، وَفِي الْعَارِفِ قَوْلَانِ .
ا هـ .
الْحَطّ مَا عَزَاهُ الْمَعُونَةُ عَكْسُ مَا فِيهَا ، وَنَصُّهَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ كَبَيْعِ مَا يُسَاوِي أَلْفًا بِمِائَةٍ ، أَوْ شِرَاءِ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِأَلْفٍ ، فَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى خِيَارَ الْمَغْبُونِ مِنْهُمَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا خِيَارَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الرَّشَادِ وَالْبَصَرِ بِتِلْكَ السِّلْعَةِ ، وَإِنْ كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلِلْمَغْبُونِ الْخِيَارُ .
ا هـ .
وَنَحْوُهُ فِي التَّلْقِينِ .
تَنْبِيهَاتٌ ) الْأَوَّلُ : الْحَطّ قَوْلُهُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ فِيهِ

ثَلَاثَ طُرُقٍ الْأُولَى لَا قِيَامَ بِهِ وَلَوْ اسْتَسْلَمَ ، وَأَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ اسْتَأْمَنَهُ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ عَلَى طَرِيقَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ الْمَعُونَةِ ، وَجَعَلَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ فِيهَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ .
الثَّانِي : الْحَطّ تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الِاسْتِئْمَانِ وَالِاسْتِرْسَالِ هُوَ الْمَذْهَبُ ، وَأَنَّهُ لَا يُقَامُ بِهِ فِي غَيْرِهِ إمَّا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ ، فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَلَا بِغَبْنٍ وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ إلَّا الْمُسْتَرْسِلَ لَكَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى رَاجِحِ الْمَذْهَبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
الثَّالِثُ : فِي الشَّامِلِ الْغَبْنُ مَا خَرَجَ عَنْ الْعَادَةِ ، وَقِيلَ : الثُّلُثُ وَقِيلَ : مَا زَادَ عَلَيْهِ .
الرَّابِعُ : عُلِمَ أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ لَا قِيَامَ بِهِ ، وَعِبَارَةُ الْجَوَاهِرِ إذَا قُلْنَا بِإِثْبَاتِ الْخِيَارِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ فَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي تَقْدِيرِهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ حَدَّهُ بِالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : لَا حَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَوَائِدُ بَيْنَ التُّجَّارِ ، فَمَا عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ التَّغَابُنِ الَّذِي يَكْثُرُ وُقُوعُهُ بَيْنَهُمْ وَيَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَلَا مَقَالَ فِيهِ لِلْمَغْبُونِ بِاتِّفَاقٍ ، مَا خَرَجَ عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِلْمَغْبُونِ فِيهِ الْخِيَارُ .
الْخَامِسُ : اُتُّفِقَ عَلَى الْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِيمَا بَاعَهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ .
ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عُمَرَ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ النَّائِبَ عَنْ غَيْرِهِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَصِيٍّ إذَا بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ أَنَّهُ مَرْدُودٌ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ وَأَصْحَابُهُ يَذْهَبُونَ إلَى أَنَّ مَا يَتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ هُوَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ ، وَمَا كَانَ دُونَ ذَلِكَ لَا يُرَدُّ فِيهِ الْبَيْعُ إذْ لَمْ يَقْصِدْ إلَيْهِ وَيَمْضِي بِاجْتِهَادِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَأَشْبَاهِهِمَا ، ثُمَّ

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عُمَرَ أَنَّ قَدْرَ الْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ كَقَدْرِهِ فِيمَنْ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ لَقِينَاهُ يَكْرَهُ ذَلِكَ وَيَقُولُ : غَبْنُ بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ وَهُوَ الصَّوَابُ ، لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَقَوْلِهَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ أَوْ ابْتَاعَ بِمَا لَا يُشْبِهُ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَلْزَمُكَ .
السَّادِسُ : إذَا قُلْنَا بِالْقِيَامِ بِالْغَبْنِ فِي بَيْعِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ وَغَيْرِهِمَا ، فَاَلَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّ لِلْقَائِمِ بِهِ نَقْضَ الْبَيْعِ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ ، وَأَمَّا فِي فَوَاتِهَا فَلَا نَقْضَ لَهُ وَأَنَّ الْقِيَامَ بِالْغَبْنِ يَفُوتُ بِالْبَيْعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَرُدَّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِكُلِّ حَادِثٍ ، .
إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ ، .
وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ، وَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَرْشُ : .
كَالْمَوْهُوبِ لَهُ ، إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ .
.

( وَرُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ الرَّقِيقُ خَاصَّةً ( فِي ) بَيْعِهِ بِشَرْطِ ( عُهْدَةِ ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي اللَّيَالِي ( الثَّلَاثِ ) بِأَيَّامِهَا مِنْ كُلِّ مَا يَحْدُثُ بِهِ فِيهَا فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ ( بِكُلِّ ) عَيْبٍ ( حَادِثٍ ) بِهِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ بِدِينِهِ أَوْ خُلُقِهِ أَوْ بَدَنِهِ وَلَوْ مَوْتًا أَوْ غَرَقًا أَوْ حَرْقًا أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ أَوْ قَتَلَ نَفْسَهُ ، قَالَ فِيهَا : وَمَا بِيعَ مِنْ الرَّقِيقِ لِغَيْرِ بَرَاءَةٍ فَمَاتَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَصَابَهُ مَرَضٌ أَوْ عَيْبٌ أَوْ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ دَاءٌ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ ، وَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ أَوْ غَرِقَ أَوْ سَقَطَ مِنْ حَائِطٍ أَوْ خَنَقَ نَفْسَهُ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَلَوْ جُرِحَ أَوْ قُطِعَ لَهُ عُضْوٌ كَانَ أَرْشُهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ أَوْ رَدِّهِ ا هـ وَمِنْ الْعُتْبِيَّةِ ابْنُ الْقَاسِمِ مَا حَدَثَ بِالْعَبْدِ فِي الثَّلَاثِ مِنْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ شُرْبِ خَمْرٍ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِبَاقٍ فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ بِذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَتْهُ حُمَّى أَوْ عَمَشٌ أَوْ بَيَاضٌ بِعَيْنِهِ وَمَا ذَهَبَ قَبْلَ الثَّلَاثِ فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ أَشْهَبُ أَمَّا الْحُمَّى فَلَا يَعْلَمُ ذَهَابَهَا وَلْيَتَأَنَّ بِهِ ، فَإِنْ عَاوَدَتْهُ بِالْقُرْبِ رَدَّهُ وَإِنْ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّ بُدُوَّ ذَلِكَ فِيهَا وَنَصُّهَا قَبْلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْهَا إذَا أَصَابَ الْعَبْدَ حُمَّى فِي الثَّلَاثِ أَوْ بَيَاضٌ ثُمَّ ذَهَبَ فِيهَا فَلَا يُرَدُّ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ لَا يُرَدُّ الْعَبْدُ بِذَهَابِ مَالِهِ فِي الثَّلَاثِ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ فَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ أَفَادَهُ الْحَطّ .
( إلَّا أَنْ يَبِيعَ ) الْمَالِكُ رَقِيقَهُ ( بِ ) شَرْطِ ( بَرَاءَةٍ ) مِنْ كُلِّ عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَعْلَمْهُ بَعْدَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ فَلَا يَرُدُّهُ بِحَادِثٍ فِيهَا .

أَحْمَدُ بَابَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مُتَّصِلٌ ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ كَالْإِبَاقِ وَالسَّرِقَةِ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا حَدَثَ بِهِ مِثْلُهُ فِيهَا ، وَيَرُدُّهُ بِمَا عَدَاهُ ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ تت وَأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ ، وَالْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ سُقُوطَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِتَبَرِّيهِ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ إذْ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ ، وَبِهَذَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لَهَا ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ الْأَوَّلِ لِدُخُولِهِ فِي هَذَا ، وَلَا عَكْسَ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ سَابِقًا ، وَإِذَا عَلِمَهُ بَيَّنَ أَنَّهُ بِهِ إلَخْ .
ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ فِي الثَّلَاثِ فَهُوَ مِنْ بَائِعِهِ ، إلَّا أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعَ بَرَاءَةٍ .
ا هـ .
وَخَصَّ اللَّقَانِيُّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْعُهْدَةِ الْمُعْتَادَةِ فَقَطْ قَائِلًا أَمَّا الْبَيْعُ بِالْعُهْدَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الَّتِي حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا ، فَيَرُدُّ فِيهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ الَّذِي بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ ، فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ ، قِسْمٌ يَرُدُّ فِيهِ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ إنْ اُعْتِيدَتْ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَتَبَرَّأْ مِنْ قَدِيمٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعْتَادَةً وَتَبَرَّأَ مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ سَقَطَ حُكْمُهَا فَلَا يَرُدُّ بِقَدِيمٍ وَلَا حَادِثٍ وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ ، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا رَدَّ بِالْحَادِثِ فِيهَا دُونَ الْقَدِيمِ عَلَى مَا لِلَّقَانِيِّ ، وَلَا رَدَّ عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ عِبْ .
( وَدَخَلَتْ ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ ( فِي الِاسْتِبْرَاءِ ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ لِأَنَّهَا الَّتِي تُوجِبُ ضَمَانَ الْبَائِعِ .
ابْنُ رُشْدٍ إذَا أَقَامَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَزْيَدَ فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ الثَّلَاثِ وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ ، وَالْمُوَاضَعَةُ فِي السَّنَةِ إنَّمَا تَكُونُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ مُضِيِّ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءِ ، قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ

، وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي هَذَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْهَا فِي شَيْءٍ فَيَبْدَأُ بِالِاسْتِبْرَاءِ ثُمَّ بِالثَّلَاثِ ثُمَّ بِالسَّنَةِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَالثَّانِي : أَنَّهُنَّ يُتَدَاخَلْنَ فَتُبْتَدَأُ الْمُوَاضَعَةُ وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةُ السَّنَةِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَعُهْدَةَ الثَّلَاثِ يَتَدَاخَلَانِ فَيُبْتَدَآنِ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ ، وَعُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ تَمَامِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ ، وَدَلِيلُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُهْدَتَيْنِ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَالْمُوَاضَعَةَ فِي ضَمَانِ كُلِّ حَادِثٍ بِخِلَافِ عُهْدَةِ السَّنَةِ .
( تَنْبِيهَانِ ) الْأَوَّلُ : عُهْدَةُ الثَّلَاثِ وَالِاسْتِبْرَاءُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ بَعْدَ انْبِرَامِهِ قَالَهُ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ .
الثَّانِي : لَا يُحْسَبُ مِنْ الثَّلَاثِ الْيَوْمُ الَّذِي عُقِدَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْمَشْهُورِ نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا .
( وَالنَّفَقَةُ ) عَلَى الرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِعُهْدَةِ الثَّلَاثِ زَمَنَهَا وَمِنْهَا الْكِسْوَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ ( وَلَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ ( الْأَرْشُ ) لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا ، وَشَبَّهَ فِي الْكَوْنِ لِلْبَائِعِ فَقَالَ كَ ) الْمَالِ ( الْمَوْهُوبِ لَهُ ) أَيْ الرَّقِيقِ زَمَنَهَا ( إلَّا ) الرَّقِيقَ ( الْمُسْتَثْنَى ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ الْمُشْتَرَطَ ( مَالُهُ ) لِمُشْتَرِيهِ فَلَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ زَمَنَهَا .
" غ " كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَهُوَ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةُ مِنْ رَدِّ الِاسْتِثْنَاءِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ ، وَضَمِيرُ لَهُ الثَّانِي لِلْعَبْدِ ، وَفِي بَعْضِهَا وَالنَّفَقَةُ وَمِنْهَا الْكُسْوَةُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ عَلَى بَائِعِهِ وَالْأَرْشُ

لِلْجِنَايَةِ عَلَيْهِ زَمَنَهَا .
وَشَبَّهَ فِي حُكْمِ الْأَرْشِ فَقَالَ : كَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ لِلرَّقِيقِ زَمَنَهَا ، وَخَبَرُ الْأَرْشِ لَهُ أَيْ الْبَائِعِ .
" غ " وَعَلَى هَذَا فَلَهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَضَمِيرُهُ لِلْبَائِعِ وَلَامُهُ لِلْمِلْكِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ وَالْمَوْهُوبِ ، وَبِمَعْنَى عَلَى بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَهُمْ اللَّعْنَةُ } ، فَفِيهِ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ ، وَالْفَصْلُ بِالْخَبَرِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْحَطّ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ خَبَرَ النَّفَقَةِ حُذِفَ لِلْعِلْمِ بِهِ أَيْ عَلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ وَالْأَرْشُ أَيْ إذَا جَنَى عَلَى الْعَبْدِ فِي زَمَنِهَا فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ الْخِيَارَ فِي قَبُولِهِ مَعِيبًا بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَرَدَّهُ ، وَقَوْلُهُ كَالْمَوْهُوبِ أَيْ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِيهَا أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ يُرِيدُ أَوْ نَمَا مَالُهُ بِرِبْحٍ فَهُوَ لِبَائِعِهِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَذَلِكَ لَهُ قَالَهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى .
ابْنُ رُشْدٍ الْقِيَاسُ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ وَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْسَانٌ ، وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ ، لَكِنْ قَيَّدَهُ الشُّيُوخُ بِمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى .
( فَرْعٌ ) لَمْ يَتَكَلَّمْ الْمُصَنِّفُ عَلَى غَلَّةِ الرَّقِيقِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ : غَلَّتُهُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمَشْهُورِ .
الْمُوَضِّحُ هَذَا قَرِيبٌ مِنْ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ ، وَفِي نَقْلِهِمَا نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّ مَا رَبِحَ فِي الثَّلَاثِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ ، ثُمَّ ذُكِرَ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنْ الْقَاضِيَ أَبَا مُحَمَّدٍ أَشَارَ إلَى ارْتِفَاعِ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ وَأَنَّهَا لِلْمُشْتَرِي ، قَالَ : وَلَكِنَّ الْمَنْصُوصَ هُنَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : لَمْ أَعْرِفْ فِي الْغَلَّةِ نَصًّا لِمَا تَقَدَّمَ وَتَجْرِي عَلَى نَمَاءِ

مَالِهِ بِالْعَطِيَّةِ لِلْبَائِعِ وَلِابْنِ شَاسٍ الْغَلَّةُ لِمُبْتَاعِهِ وَرَأَى بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ .
ا هـ .
وَفِي الشَّامِلِ وَفِي الْغَلَّةِ خِلَافٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ ، لَا بِكَضَرْبَةٍ إنْ شُرِطَا أَوْ اُعْتِيدَا ، .
وَلِلْمُشْتَرِي : إسْقَاطُهُمَا .
.

( وَ ) رُدَّ الرَّقِيقُ ( فِي ) بَيْعِهِ بِشَرْطِ ( عُهْدَةِ ) أَيْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لَهُ فِي ( السَّنَةِ ) مِنْ جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ ( بِ ) حُدُوثِ ( جُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ ) قَالَ فِيهَا : وَلَوْ جُنَّ فِي رَأْسِ شَهْرٍ وَاحِدٍ مِنْ السَّنَةِ ثُمَّ لَمْ يُعَاوِدْهُ لَرُدَّ ، إذْ لَا يُعْرَفُ ذَهَابُهُ ، وَلَوْ جُنَّ عِنْدَهُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ ثُمَّ انْقَطَعَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يُبَيِّنَ إذْ لَا يُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ ، وَلَوْ أَصَابَهُ فِي السَّنَةِ جُذَامٌ أَوْ بَرَصٌ وَبَرِئَ قَبْلَ عِلْمِهِ الْمُبْتَاعَ فَلَا يُرَدُّ إلَّا أَنْ يَخَافَ عُودَتَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِجَرَبٍ أَوْ حُمْرَةٍ ، وَإِنْ انْسَلَخَ وَوَرِمَ وَلَا بِالْبَهَقِ فِي السَّنَةِ وَلَوْ أَصَابَهُ صَمَمٌ أَوْ خَرَسٌ فَلَا يُرَدُّ إذَا كَانَ مَعَهُ عَقْلُهُ .
ابْنُ شَاسٍ إنَّمَا اخْتَصَّتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا ، وَيَظْهَرُ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ مِنْ الْعَادَةِ بِاخْتِصَاصِ تَأْثِيرِ ذَلِكَ السَّبَبِ بِذَلِكَ الْفَصْلِ .
وَقَيَّدَ الْجُنُونَ بِقَوْلِهِ ( بِ ) فَسَادِ ( طَبْعٍ ) مِنْ الطَّبَائِعِ الْأَرْبَعَةِ كَغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ ( أَوْ ) بِ ( مَسِّ جِنٍّ ) الرَّقِيقَ أَيْ دُخُولِهِ فِيهِ وَتَغْيِيبِهِ عَنْ إحْسَاسِهِ لِأَنَّهُ لَا يَزُولُ ، وَإِنْ زَالَ فَالْغَالِبُ عَوْدُهُ ( لَا ) إنْ كَانَ الْجُنُونُ ( بِكَضَرْبَةٍ ) وَطَرِبَةٍ وَخَوْفٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ لِإِمْكَانِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَتِهِ وَأَمْنِ عَوْدِهِ وَقَدَّمَ رَدَّهُ بِجُنُونٍ أَصْلُهُ بِطَبْعٍ فَقَطْ لِسَرَيَانِهِ لَا بِمَسِّ جِنٍّ أَوْ ضَرْبَةٍ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ ، وَذَكَرَ هُنَا رَدَّهُ بِالْأَوَّلِينَ حَيْثُ بِيعَ بِعُهْدَةِ سَنَةٍ ، فَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِهَا فَلَا يُرَدُّ بِالْحَادِثِ وَيُرَدُّ بِالْقَدِيمِ إنْ كَانَ بِطَبْعٍ أَوْ مَسِّ جِنٍّ لَا بِكَضَرْبَةٍ لِقَوْلِهِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ .
وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِالْعُهْدَتَيْنِ ( إنْ شُرِطَا ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ

وَجَرَّدَ الْفِعْلَ مِنْ تَاءِ التَّأْنِيثِ الْوَاجِبَةِ فِي رَافِعِ ضَمِيرِ مُؤَنَّثٍ وَلَوْ مَجَازِيَّ التَّأْنِيثِ بِاعْتِبَارِ عِنْوَانِ الضَّمَانَيْنِ ( أَوْ ) لَمْ تُشْتَرَطَا وَ ( اُعْتِيدَا ) فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ الْحَطّ يُرِيدُ أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا ، وَلَعَلَّهُ اكْتَفَى عَنْهُ بِقَوْلِهِ اُعْتِيدَ أَوْ فِي اشْتِرَاطِهِمَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمَا ، وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْتَرَى عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهَا الضَّمَانُ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ قَالَ فِي النَّوَادِرِ : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : وَإِذَا كَتَبَ فِي الشِّرَاءِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْعُهْدَةِ وَلَهُ عُهْدَةُ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ ، إذْ لَمْ تَجْرِ فِيهِمْ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الْعَمَلِ بِهِمَا إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا وَلَمْ تُعْتَادَا وَلَمْ يَحْمِلْ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهِمَا ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ ، وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْكَمُ بِهَا بَيْنَهُمْ وَإِنْ اشْتَرَطُوهَا ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْمَدَنِيِّينَ يَجِبُ حَمْلُ النَّاسِ عَلَيْهَا وَعَلَى رِوَايَةِ الْمِصْرِيِّينَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ يُسْتَحَبُّ حَمْلُهُمْ عَلَيْهَا .
وَرَوَى أَشْهَبُ لَا يُحْمَلُ أَهْلُ الْآفَاقِ عَلَيْهَا اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ بُنَانِيٌّ ( وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا ) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ عِنْدَ الْبَائِعِ بَعْدَ وُقُوعِ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ أَوْ إعَادَةٍ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ ، فَلَهُ تَرْكُ الْقِيَامِ بِمَا يَحْدُثُ زَمَنَهُمَا لَا يُقَالُ هَذَا إسْقَاطٌ لِلشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ : سَبَبُ وُجُوبِهِ جَرَى وَهُوَ زَمَانُ الْعُهْدَةِ ، وَلِلْبَائِعِ ذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ لَا بَعْدَهُ ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلُهُ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ أَيْ لَا يُعْمَلُ بِشَرْطِ عَدَمِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ ، وَالْكَلَامُ هُنَا

فِي ضَمَانِ مَا يَحْدُثُ بِالْمَبِيعِ فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ الْحَطّ اُنْظُرْ إذَا شَرَطَ الْبَائِعُ إسْقَاطَهُمَا حُكِيَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ ، وَحُكِيَ بَعْدَ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى ثِيَابِ مِهْنَةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ لَا يُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْمُخْتَصَرِ هُنَاكَ فَقَالَ : وَهَلْ يُوَفَّى بِعَدَمِهَا أَوْ لَا كَمُشْتَرَطِ زَكَاةِ مَا لَمْ يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ إلَخْ ، وَقَدْ بَسَطْت الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ فِي تَحْرِيرِ الْكَلَامِ عَلَى مَسَائِلِ الِالْتِزَامِ ، وَمُلَخَّصُ مَا فِيهَا إذَا كَانَتْ جَارِيَةٌ بِالْبَيْعِ عَلَى الْعُهْدَةِ وَاشْتَرَطَ الْبَائِعُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ إسْقَاطَهَا عَنْهُ فَقِيلَ : يَصِحُّ الْبَيْعُ وَيُوَفَّى لَهُ بِالشَّرْطِ وَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ : يَسْقُطُ الشَّرْطُ وَلَا يُوَفَّى لَهُ بِهِ حَكَاهُمَا اللَّخْمِيُّ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ وَخَرَجَ ثَالِثًا بِفَسَادِ الْبَيْعِ لِفَسَادِ الشَّرْطِ ، وَرَدَّهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ هَذَا فِي الشَّرْطِ الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ ، وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ اخْتِلَافًا مَشْهُورًا فَلَا يُوجِبُ فَسَادًا ، ثُمَّ قَالَ : وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ قَوِيٌّ مُرَجَّحٌ ، وَأَمَّا الثَّالِثُ فَضَعِيفٌ .
وَالْأَظْهَرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ فِي مُخْتَصَرِهِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ

وَالْمُحْتَمِلُ بَعْدَهُمَا مِنْهُ ، لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ أَوْ مُخَالَعٍ ، أَوْ مُصَالَحٍ فِي دَمِ عَمْدٍ ، .
أَوْ مُسْلَمٍ فِيهِ ، أَوْ بِهِ : أَوْ قَرْضٍ ، أَوْ عَلَى صِفَةٍ ، أَوْ مُقَاطَعٍ بِهِ مُكَاتَبٌ ، أَوْ مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ وَمُشْتَرًى لِلْعِتْقِ ، أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ .
.

( وَ ) إنْ بِيعَ رَقِيقٌ بِعُهْدَةِ ثَلَاثٍ أَوْ سَنَةٍ وَظَهَرَ فِيهِ عَيْبٌ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّتِهِمَا اُحْتُمِلَ حُدُوثُهُ بِهِ فِي مُدَّتِهِمَا أَوْ بَعْدَهَا ، فَالْعَيْبُ أَيْ الَّذِي ظَهَرَ بِالرَّقِيقِ الْمَبِيعِ بِالْعُهْدَتَيْنِ بَعْدَ زَمَانِهِمَا ( الْمُحْتَمِلُ ) حُدُوثُهُ ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ وَفِيهِمَا ضَمَانُهُ ( مِنْهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى الْأَصَحِّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ هُنَا مَعَ تَعَقُّبِهِ لَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَلَمَّا اسْتَثْنَى بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَسَائِلَ لَيْسَ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَلَا سَنَةٍ ، وَعَدَّهَا الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ : رُدَّ بِمَا مَرَّ فِي غَيْرِ رَقِيقٍ مُنْكَحٍ بِهِ ( لَا فِي ) رَقِيقٍ ( مُنْكَحٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ النُّونِ أَيْ مُزَوَّجٍ بِفَتْحِ الْوَاوِ ( بِهِ ) أَيْ مَجْعُولٌ صَدَاقًا ، فَالْعُهْدَتَانِ سَاقِطَتَانِ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ وَالْجَهْلِ مَا لَا يَجُوزُ فِي الْبَيْعِ ، وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى نِحْلَةً وَالنِّحْلَةُ الْعَطِيَّةُ بِلَا عِوَضٍ إنْ لَمْ تُشْتَرَطَا فِيهِ ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِمَا فِيهِ وَفَاءً بِالشَّرْطِ لِأَنَّ فِيهِ غَرَضًا وَمَالِيَّةً قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ ، هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ أَشْهَبُ : فِيهِ الْعُهْدَةُ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ .
قَالَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " أَشْبَهُ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ النِّكَاحُ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُخَالَعٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ خَالَعَتْ بِهِ الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لَهُ عَلَيْهَا لِأَنَّ سَبِيلَهُ الْمُنَاجَزَةُ غَالِبًا وَلِاغْتِفَارِ الْغَرَرِ فِيهِ وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا كَانَتْ تَمْلِكُ بِهِ نَفْسَهَا مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا لَا يَتَعَقَّبُهُ رَدٌّ وَلَا فَسْخٌ وَجَبَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الْعِوَضَ مِلْكًا تَامًّا نَاجِزًا ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُصَالَحٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ بِهِ ( فِي دَمِ عَمْدٍ ) فِيهِ قِصَاصٌ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ عَلَى إقْرَارٍ

فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِهَذَا ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَشْيَةِ التَّلَفِ كَالْأَمَةِ أَوْ خَطَأً ، فَإِنْ كَانَ عَلَى إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ فَمَعْنَاهُ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَبَيْعٌ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ عُهْدَةٌ لِشَبَهِهِ الْهِبَةَ فِي حَقِّ دَافِعِهِ وَلِاقْتِضَائِهِ الْمُنَاجَزَةَ لِأَخْذِهِ عَلَى تَرْكِ الْخُصُومَةِ فَلَا تَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ عُهْدَةٌ وَلَوْ اُسْتُحِقَّ لَمَا رَجَعَ بِالْعِوَضِ عَلَى حُكْمِ الْبَيْعِ وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ أَوْ دَمٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِيهِ اتِّقَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ا هـ الْبُنَانِيُّ تَعْلِيلُهُ سُقُوطَهَا فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِنْكَارِ وَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ الْعُهْدَةِ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ لَا فِي الذِّمَّةِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُسْلَمٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مَدْفُوعٍ ( فِيهِ ) رَأْسُ سَلَمٍ إلَى نِصْفِ شَهْرٍ مَثَلًا ، فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ : فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّهُ مُشْتَرًى ابْنُ رُشْدٍ .
وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِعَدَمِ الْعُهْدَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرًى بِعَيْنِهِ ، وَإِنَّمَا هُوَ ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ بِصِفَةٍ فَأَشْبَهَ الْقَرْضَ ( أَوْ ) رَقِيقٍ مُسْلَمٍ ( بِهِ ) أَيْ مَجْعُولِ رَأْسِ مِثْلِ سَلَمٍ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ ابْنِ الْعَطَّارِ أَنَّ الرَّقِيقَ إذَا كَانَ رَأْسَ مَالٍ لَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ صَحِيحٌ لِأَنَّ السَّلَمَ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَهَذَا قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ ( أَوْ ) رَقِيقِ ( قَرْضٍ ) أَيْ مُقْرَضٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ، فَإِذَا اقْتَرَضَ شَخْصٌ رَقِيقًا سَلِيمًا ثُمَّ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ

فِي الْعُهْدَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ مِثْلِهِ سَلِيمًا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرَضُ بِرَدِّهِ مَعِيبًا فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ ابْنِ رُشْدٍ لَا اخْتِلَافَ أَنَّهُ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمُقْتَرَضِ إذْ لَيْسَ مَبِيعًا ، وَالْعُهْدَةُ إنَّمَا جَاءَتْ فِيمَا اشْتَرَى مِنْ الرَّقِيقِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ مَبِيعٍ وَهُوَ غَائِبٌ ( عَلَى صِفَةٍ ) أَيْ وَصْفِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْمُشْتَرَى عَلَى صِفَةٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِأَنَّ وَجْهَ بَيْعِهِ يَقْتَضِي إسْقَاطَهَا لِاقْتِضَائِهِ التَّنَاجُزَ إذَا كَانَ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ الْغَائِبَ عَلَى مَا أَدْرَكَتْ الصَّفْقَةُ حَيًّا مَجْمُوعًا فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ ، فَإِنْ اشْتَرَطَ الصِّفَةَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ عُهْدَةٌ لِأَنَّ بَيْعَ الصِّفَةِ بَيْعٌ مُنَجَّزٌ قَاطِعٌ لِلضَّمَانِ وَالْعُهْدَةِ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَحَمَلَ مَالِكٌ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " الْبَيْعَ عَلَى ذَلِكَ مَرَّةً ، وَمَرَّةً جَعَلَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ فَيَكُونُ قَبْضُهُ لَهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ قَبْضًا نَاجِزًا لَا عُهْدَةَ فِيهِ ا هـ الْحَطّ .
مَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ الْبَائِعَ إنْ شَرَطَ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ مِنْهُ إنْ أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ ، فَإِذَا وَصَلَ لِلْمُشْتَرَى وَقَبَضَهُ كَانَ ذَلِكَ مُسْقِطًا لِضَمَانِهِ وَعُهْدَتِهِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُقَاطَعٍ ) بِفَتْحِ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ ( بِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ رَقِيقٌ ( مُكَاتَبٌ ) مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ الَّذِي أُعْتِقَ عَلَى أَدَائِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلسَّيِّدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَقَدْ أَشْبَهَ الْمُسْلَمَ فِيهِ الثَّابِتَ فِي الذِّمَّةِ فَسَقَطَتْ الْعُهْدَةُ وَفِي الْوَاضِحَةِ لَا عُهْدَةَ فِي الرِّقِّ الْمَوْهُوبِ لِلثَّوَابِ لِبَيْعِهِ عَلَى الْمُكَارَمَةِ لَا عَلَى

الْمُكَايَسَةِ ، وَهُوَ يُشْبِهُ الْعَبْدَ الْمُنْكَحَ بِهِ فَيَدْخُلُهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي فِي الْمُنْكَحِ بِهِ وَاخْتُلِفَ فِي الْعُهْدَةِ فِي الرِّقِّ الْمُسْتَقَالِ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ : فِيهِ الْعُهْدَةُ ، وَقَالَ سَحْنُونٌ : لَا عُهْدَةَ فِيهِ ، وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ وَإِلَّا فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ أَفَادَهُ الْحَطّ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مَبِيعٍ عَلَى كَمُفَلِّسٍ ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ إنْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ ، وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَبِيعٌ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ غَالِبٍ لِوَفَاءِ دَيْنٍ أَوْ نَفَقَةٍ كَزَوْجَةٍ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُشْتَرًى ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ( لِلْعِتْقِ ) سَوَاءٌ كَانَ عَلَى إيجَابِهِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِالشِّرَاءِ أَوْ عَلَى التَّخْيِيرِ أَوْ عَلَى الْإِبْهَامِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِلتَّشَوُّفِ لِلْحُرِّيَّةِ ، وَلِلتَّسَاهُلِ فِي ثَمَنِهِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ ) مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ ثَابِتٍ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ عَلَى إنْكَارٍ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ أَوْ قَضَاءِ الْقَرْضِ أَوْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ تَخْلِيصَ الْحَقِّ يُغْتَفَرُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا وَأَكْثَرُ مِنْهُ عَادَةً ، وَلِلْحَثِّ عَلَى حُسْنِ الِاقْتِضَاءِ ، وَلِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ لِئَلَّا يَكُونَ دَيْنًا بِدَيْنِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ بِيعَ وَ ( رُدَّ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَشَدِّ الدَّالِ عَلَى بَائِعِهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَا عُهْدَةَ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِبَائِعِهِ لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ لَا بَيْعٌ ثَانٍ .

أَوْ وُرِثَ ، .
أَوْ وُهِبَ أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا ، أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ .
أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ ، أَوْ بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ ، أَوْ مُكَاتَبٍ بِهِ ، أَوْ الْمَبِيعِ فَاسِدًا ، وَسَقَطَتَا بِكَعِتْقٍ فِيهِمَا .
.
.

( أَوْ ) رَقِيقٍ ( وُرِثَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ فِي الْقِسْمَةِ عَلَى بَاقِيهِمْ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( وُهِبَ ) بِضَمِّ الْوَاوِ وَكَسْرِ الْهَاءِ لِثَوَابٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ فَأَحْرَى لِغَيْرِ ثَوَابٍ ( أَوْ ) أَمَةٍ ( اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا ) فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِلْمَوَدَّةِ بَيْنَهُمَا الْمُقْتَضِيَةِ عَدَمَ رَدِّهَا بِمَا يَحْدُثُ فِيهَا فِي الثَّلَاثِ أَوْ السَّنَةِ ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ شِرَاءَهَا لِزَوْجِهَا كَذَلِكَ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا يُفِيدُهُ تَخْصِيصُ الْأَمَةِ فَلَهَا الْعُهْدَةُ عَلَى بَائِعِهِ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا بِانْفِسَاخِ النِّكَاحِ ، وَلَيْسَ لَهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ ) مَثَلًا وَاشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْوَصِيَّةِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ لِأَنَّهَا رُبَّمَا تُؤَدِّي لِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ مُوصًى بِبَيْعِهِ ( مِمَّنْ أَحَبَّ ) هـ الرَّقِيقَ فَلَا عُهْدَةَ لِمُشْتَرِيهِ عَالِمًا بِهَا لِذَلِكَ ( أَوْ ) رَقِيقٍ مُعَيَّنٍ مُوصًى ( بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ ) فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ، فَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَفِيهِ لِلْعُهْدَةِ ( أَوْ ) رَقِيقٍ ( مُكَاتَبٍ بِهِ ) مُعَيَّنًا رَقِيقٌ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ ( أَوْ ) الرَّقِيقِ ( الْمَبِيعِ ) بَيْعًا ( فَاسِدًا ) الْمَرْدُودِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْفَسَادِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ لِبَائِعِهِ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِأَنَّ رَدَّهُ فَسْخٌ لِلْبَيْعِ .
( تَنْبِيهٌ ) جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا عِشْرُونَ مَسْأَلَةً وَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ اللَّقَانِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ طفي وَإِنَّمَا أَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ مِمَّا عَدَّهُ الْمُتَيْطِيُّ الْمَقَالَ مِنْهُ ، وَلِذَا لَمَّا عَدَّهَا " ق " كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ قَالَ : وَمَا تَرَكَ خَلِيلٌ إلَّا الْمَقَالَ مِنْهُ ، فَلَعَلَّهُ سَقَطَ مِنْ النَّاسِخِ لِنُسْخَةِ الْمُتَيْطِيِّ ( وَسَقَطَتَا ) أَيْ الْعُهْدَتَانِ ( بِكَعِتْقٍ ) نَاجِزٍ وَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ لِلرَّقِيقِ

الْمُشْتَرَى بِهِمَا مِنْ مُشْتَرِيهِ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْعُهْدَتَيْنِ فَلَيْسَ لَهُ قِيَامٌ بِعَيْبٍ حَدَثَ فِيهِ بَعْدُ كَعِتْقِهِ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَيْضًا هُوَ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ : يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ أَحْسَنُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَهَرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ قَالَهُ تت .

وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا بِقَبْضِهِ بِكَيْلٍ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ ، وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ ، بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ عَلَى الْأَرْجَحِ فَكَالْقَرْضِ ، وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ .
وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ ، وَغَيْرِهِ بِالْعُرْفِ .

( وَضَمِنَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ شَخْصٌ ( بَائِعٌ ) شَيْئًا ( مَكِيلًا ) كَحَبٍّ وَغَايَةُ ضَمَانِهِ ( لِيَقْبِضَهُ ) أَيْ الْمَكِيلَ مُبْتَاعُهُ ( بِكَيْلٍ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ أَوْ بِمَعْنَى بَعْدُ صِلَةُ قَبْضٍ ، فَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ ، وَالْقَبْضُ فِي الْمَكِيلِ بِكَيْلٍ وَشَبَّهَ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ : ( كَ ) شَيْءٍ ( مَوْزُونٍ ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ وَزْنِهِ ( وَ ) شَيْءٍ ( مَعْدُودٍ ) فَيَضْمَنُهُ بَائِعُهُ فِي حَالِ عَدِّهِ ( وَالْأُجْرَةُ ) لِلْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدِّ الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ التَّوْفِيَةُ لِلْمُشْتَرِي ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ لِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ ، وَأُجْرَةُ كَيْلِ الثَّمَنِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ بَائِعُهُ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ ، بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ( بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ بِثَمَنِهِ ( وَالتَّوْلِيَةِ ) أَيْ تَرْكِ الْمَبِيعِ بِثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ ( وَالشَّرِكَةِ ) أَيْ تَرْكِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ ثَمَنِهِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَالْأُجْرَةُ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا فَعَلَ مَعْرُوفًا ، فَلَا يَغْرَمُ ، وَلِذَا كَانَ السَّائِلُ الْمُقِيلَ : وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ لَكَانَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ .
فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ : قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ إلَخْ أَيْ فَالْأُجْرَةُ عَلَى سَائِلِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُقَالَ أَوْ الْمُقِيلَ : إلَخْ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا ( فَ ) هِيَ ( كَالْقَرْضِ ) لِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ مَعْدُودٍ الَّذِي أُجْرَةُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ عَدِّهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ لِأَنَّهُ صَنَعَ مَعْرُوفًا فَلَا يَغْرَمُ ، وَالْأُجْرَةُ فِي قَضَائِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ أَيْضًا اتِّفَاقًا ( وَاسْتَمَرَّ ) الضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ مَا دَامَ الْمَبِيعُ ( بِمِعْيَارِهِ ) أَيْ آلَةِ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ إنْ تَوَلَّى كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ الْبَائِعُ ، ، بَلْ ( وَلَوْ تَوَلَّاهُ ) أَيْ الْكَيْلَ

أَوْ الْوَزْنَ ( الْمُشْتَرِي ) الْبُنَانِيُّ الصُّوَرُ هُنَا أَرْبَعٌ ، الْأُولَى : أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا وَإِلَّا فَرَاغٌ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا الثَّانِيَةُ : أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْكَيْلَ أَوْ الْوَزْنَ وَيُسَلِّمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِيُفْرِغَهُ فِي وِعَائِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا ، حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ : قُلْت : قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ بَائِعِهِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ حَاصِلِ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ فِي كَوْنِهِ مِنْ بَائِعِهِ أَوْ مُبْتَاعِهِ ثَالِثُهَا : إنْ وَلَّى مُبْتَاعُهُ كَيْلَهُ فَمِنْهُ .
الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " مُصِيبَتُهُ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ : مُصِيبَتُهُ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى الْوَزْنَ بِنَفْسِهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيُفْرِغَ قَبْضًا لِنَفْسِهِ .
الرَّابِعَةُ : أَنْ لَا يُحْضِرَ ظَرْفَ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا أَوْ جُلُودًا أَوْ أَزْيَارًا ، فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ لِأَنَّهُ قَبَضَ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ ، وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ لِوُجُودِ الْقَبْضِ حَقِيقَةً ، فَعَلَيْكَ بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ زُبْدَةُ الْفِقْهِ ، وَقَرَّرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا الْحَطّ الْبُرْزُلِيُّ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْمِكْيَالِ إذَا امْتَلَأَ فَهَلْ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ ، وَكَيْفَ لَوْ صَبَّهُ فِي الْقِمْعِ فَأُرِيقَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ فَأَجَابَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَصِلَ إلَى إنَاءِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ التَّوْفِيَةِ ، وَلَا

فَرْقَ بَيْنَ إرَاقَتِهِ مِنْ مِكْيَالِهِ أَوْ مِنْ قِمْعِهِ فَقَالَ السَّائِلُ : الْقِمْعُ مِنْ مَنَافِعِ الْمُشْتَرِي تَطَوَّعَ لَهُ الْبَائِعُ بِهِ وَلَوْ كَانَ الْإِنَاءُ وَاسِعًا لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْقِمْعِ ، قَالَ : وَإِنْ كَانَ فَإِنَّ الْبَائِعَ لَمَّا الْتَزَمَ صَبَّهُ لَزِمَهُ مَا حَدَثَ بَعْدَهُ فَقَالَ السَّائِلُ : لَوْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ : لَا أَصُبُّ فِي الْإِنَاءِ الضَّيِّقِ حَتَّى تَأْتِيَ بِإِنَاءٍ وَاسِعٍ أَوْ قِمْعٍ ، فَقَالَ : الْقَوْلُ قَوْلُهُ ، وَاخْتَارَهُ السَّائِلُ وَقَالَ غَيْرُهُ : الْقِمْعُ يَلْزَمُ الْبَائِعَ كَالْمِكْيَالِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ سَنَدُ مَنْ بَاعَ زَيْتًا وَأَفْرَغَ عَلَى زَيْتٍ فِي إنَاءِ الْمُبْتَاعِ تَمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ فِيهِ وَلَمْ يَدْرِ فِي أَيِّ الزَّيْتَيْنِ كَانَتْ حُكِمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ فِي زَيْتِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّهَا فِي إنَائِهِ وَقَبْضُ بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ مَصْدَرُ قَبَضَ بِفَتْحِهَا مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ ( الْعَقَارِ ) الْمَبِيعِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ الْمُوجِبُ لِنَقْلِ ضَمَانٍ لِلْمُبْتَاعِ ، وَخَبَرُ قَبْضُ مُصَوَّرٌ ( بِالتَّخْلِيَةِ ) بَيْنَهُمَا وَتَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ مَفَاتِيحِهِ إنْ كَانَتْ وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْ الْبَائِعُ أَمْتِعَتَهُ مِنْهُ إلَّا دَارَ سُكْنَى الْبَائِعِ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْلَائِهَا مِنْهَا ( وَقَبْضُ غَيْرِهِ ) أَيْ الْعَقَارِ الْمَبِيعِ ( بِالْعُرْفِ ) بَيْنَ النَّاسِ كَحِيَازَةِ الثَّوْبِ وَاسْتِلَامِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ " ق " بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا تَوْفِيَةَ فِيهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَوَقْفٍ وَهِبَةٍ وَرَهْنٍ ، فَلَوْ قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ لَكَانَ مُنَاسِبًا الْحَطّ تَنْبِيهَاتٌ : الْأَوَّلُ : نَبَّهَ عَلَى الْقَبْضِ فِي الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْعَقْدِ

الصَّحِيحِ ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالْعَقْدِ لِأَنَّهُ قَدَّمَ فِي آخِرِ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ ضَمَانَهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِقَبْضِهِ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَالِكَ الْقَبْضَ مَا هُوَ فَبَيَّنَهُ هُنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ الثَّانِي : التَّمْكِينُ مِنْ الْقَبْضِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُوَثَّقِينَ أَنْزَلَهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ ، فَفِي مُخْتَصَرِ الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ إنْزَالُ الْمُبْتَاعِ مَنْزِلَتَهُ فِي الْمَبِيعِ فَيَقُولُ أُنْزِلُهُ فِيهِ مَنْزِلَتَهُ ، فَإِنْ تَأَخَّرَ إنْزَالُهُ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أُنْزِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَعْنَاهُ أَمْكَنَهُ مِنْ قَبْضِهِ وَحَوْزِهِ إيَّاهُ ا هـ .
.

وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ ، إلَّا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ وَلِلْإِشْهَادِ فَكَالرَّهْنِ ، وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ ، .
وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ ، .
وَإِلَّا الثِّمَارَ لِلْجَائِحَةِ ، وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي لِلتَّنَازُعِ .
.

( وَضُمِنَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ ضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ شِرَاءً صَحِيحًا بِلَا خِيَارٍ وَلَا تَوْفِيَةٍ فِيهِ وَلَا عُهْدَةِ ثَلَاثٍ ( بِالْعَقْدِ ) الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ ، فَلَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي مِنْ فُضُولِيٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ صَغِيرٍ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِمْ أَوْ بِخِيَارٍ إلَّا بَعْدَ إجَازَةِ الْمَالِكِ وَالسَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَبَتِّ الْبَيْعِ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ الضَّمَانِ بِالْعَقْدِ فَقَالَ ( إلَّا ) السِّلْعَةَ ( الْمَحْبُوسَةَ ) أَيْ الْمُؤَخَّرَةَ عِنْدَ بَائِعِهَا ( لِ ) قَبْضِ ( الثَّمَنِ ) الْحَالِّ مِنْ مُشْتَرِيهَا ( أَوْ لِلْإِشْهَادِ ) مِنْ بَائِعِهَا عَلَى تَسْلِيمِهَا لِمُبْتَاعِهَا أَوْ عَلَى أَنَّ ثَمَنَهَا حَالٌّ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ مُؤَجَّلٌ ( فَ ) يَضْمَنُهَا بَائِعُهَا ضَمَانًا ( كَ ) ضَمَانِ ( الرَّهْنِ ) فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ ، وَبَيْنَ مَا هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ وَمَا هَلَكَ بِدُونِهَا طفي الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا عَدَا الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ ، أَمَّا لَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَوْنَهُ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَتَبِعَ فِي اسْتِثْنَاءِ الْمَحْبُوسَةِ لِذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ لَمْ يَقُلْ كَالرَّهْنِ ، وَمُرَادُهُ الضَّمَانُ فِيهِمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ قَرَّرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، فَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا .
ثُمَّ قَالَ : فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْهَا أَنَّ ضَمَانَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَجَاءَ الِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ حَسَنًا وَوَافَقَ مَا يَأْتِي لَهُ فِي السَّلَمِ ، فَإِنَّهُ جَرَى فِيهِ عَلَى هَذَا وَكَأَنَّهُ غَرَّهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ تَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ .
ا هـ .
مَعَ أَنَّهُ حَادَ عَنْهُ فِي بَابِ السَّلَمِ ، وَلَعَلَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ

الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلِهِ كَوْنِهِ مَشْهُورًا ( وَإِلَّا ) الْمَبِيعَ ( الْغَائِبَ ) عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا ( فَبِالْقَبْضِ ) يَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا الْعَقَارَ الْمَبِيعَ عَلَى صِفَةٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ جُزَافًا فَيَضْمَنُهُ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى سَلَامَتِهِ حِينَ الْعَقْدِ ، فَإِنْ بِيعَ مُذَارَعَةً أَوْ تَنَازَعَا فِي سَلَامَتِهِ حِينَهُ فَبِقَبْضِهِ كَغَيْرِهِ إلَّا لِشَرْطِ ضَمَانِهِ مُبْتَاعَهُ أَفَادَهُ عب ( وَإِلَّا ) الْأَمَةَ ( الْمُوَاضَعَةَ فَبِخُرُوجِهَا ) أَيْ الْأَمَةِ ( مِنْ الْحَيْضَةِ ) تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مُشْتَرِيهَا الْحَطّ تَبِعَ فِي هَذَا ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِنَّهُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ : وَقِيلَ : لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِالْقَبْضِ كَالْغَائِبِ وَالْمُوَاضَعَةِ مَا نَصُّهُ ذِكْرُ الْمُوَاضَعَةِ هُنَا لَيْسَ بِالْبَيِّنِ لِأَنَّ ضَمَانَ بَائِعِهَا يَنْتَهِي إلَى خُرُوجِ الْأَمَةِ مِنْ الْحَيْضَةِ لَا إلَى قَبْضِهَا مُشْتَرِيهَا ا هـ زَادَ فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْبَاجِيَّ أَنَّ ضَمَانَهَا إلَى رُؤْيَةِ الدَّمِ ، قَالَ : لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَجَازَ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِمْتَاعَ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ ا هـ .
ثُمَّ قَالَ : وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ أَنَّ الْبَاجِيَّ إنَّمَا أَخَذَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَأَنَّ الْمَشْهُورَ خِلَافُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ ، وَنَصُّهَا وَأَكْرَهُ تَرْكَ الْمُوَاضَعَةِ وَائْتِمَانَ الْمُبْتَاعِ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنْ فَعَلَا أَجْزَأَ إنْ قَبَضَهَا عَلَى الْأَمَانَةِ وَهِيَ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى تَدْخُلَ فِي أَوَّلِ دَمِهَا .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْبَاجِيَّ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، وَنَصُّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ وَالْمُوَاضَعَةَ يَرْتَفِعُ بِظُهُورِ الْحَيْضِ ، فَإِنَّهُ بِأَوَّلِ الدَّمِ قَدْ

خَرَجَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَسَقَطَتْ سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُوَاضَعَةِ ، وَتَقَرَّرَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا ، وَهَلْ يَحِلُّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا أَوْ لَا : قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ذَلِكَ بِأَوَّلِ مَا تَدْخُلُ فِي الدَّمِ ، وَيَجِيءُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مَا رَأَتْهُ مِنْ الدَّمِ حَيْضٌ ا هـ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ : بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَوَّلِ دُخُولِهَا فِي الدَّمِ صَارَتْ إلَى ضَمَانِ الْمُشْتَرِي عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَلَّ لَهُ تَقْبِيلُهَا وَتَلَذُّذُهُ بِهَا ، وَخَالَفَهُ ابْنُ وَهْبٍ ، وَقَالَ : حَتَّى تَسْتَمِرَّ الْحَيْضَةُ لِإِمْكَانِ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ وَاسْتِمْرَارِهِ .
ا هـ .
فَلَمْ يَحْكِ قَوْلًا بِاسْتِمْرَارِ الضَّمَانِ إلَى خُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
نَفَقَةُ الْمُوَاضَعَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَالَهُ فِي الرِّسَالَةِ وَمَفْهُومُ الْمُوَاضَعَةِ أَنَّ ضَمَانَ الْمُسْتَبْرَأَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهِ الْجُزُولِيُّ وَإِلَّا الثِّمَارَ ) الْمَبِيعَةَ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى رُءُوسِ شَجَرِهَا فَيَضْمَنُهَا بَائِعُهَا ( لِ ) وَقْتِ أَمْنِ ا ( لْجَائِحَةِ ) بِتَنَاهِي طِيبِهَا وَمَفْهُومُ الْجَائِحَةِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ غَيْرِ الْجَائِحَةِ كَغَصْبِ مُعَيَّنٍ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي " ق " ، فَالْأَوْضَحُ وَإِلَّا الثِّمَارَ فَتُضْمَنُ جَائِحَتُهَا لَا مِنْهَا ( وَ ) إنْ بِيعَ عَرْضٌ أَوْ مِثْلِيٌّ غَيْرُ عَيْنٍ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْبَائِعُ : لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي : لَا أَدْفَعُ الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ ( بُدِئَ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مُشَدَّدَةً ( الْمُشْتَرِي ) بِالْجَبْرِ عَلَى دَفْعِ الثَّمَنِ النَّقْدِ ( لِلتَّنَازُعِ ) أَيْ عِنْدَ تُنَازِعْهُ مَعَ الْبَائِعِ لِعَرْضٍ أَوْ مِثْلِيٍّ غَيْرِ عَيْنٍ فِي الدَّفْعِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ الْحَطّ هَذَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ ، وَأَمَّا فِيهِ فَلَا

يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا سَنَدُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَنٌ وَمُثَمَّنٌ ، فَالثَّمَنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَمَا عَدَاهُمَا مُثَمَّنٌ ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَثْمَانِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ : يَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ أَوَّلًا وَقَالَ قَبْلَهُ : إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ وَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا : لَا أَدْفَعُ حَتَّى أَقْبِضَ فَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّسْلِيمُ قَبْلَ الْآخَرِ وَقِيلَ : لَهُمَا إنْ تَرَاخَى قَبْضُكُمَا فُسِخَ الصَّرْفُ ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ فَفِي الدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا وَالدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا يُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ عَلَّاقَةَ الْمِيزَانِ وَيَأْمُرُ كُلَّ وَاحِدٍ أَنْ يَأْخُذَ عَيْنَ صَاحِبِهِ ، وَفِي الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ يُوَكِّلُ عَدْلًا يَقْبِضُ مِنْهُمَا وَيُسَلِّمُ لَهُمَا فَيَقْبِضُ مِنْ هَذَا فِي وَقْتِ قَبْضِهِ مِنْ هَذَا ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُثَمَّنَاتِ كَعَرْضٍ بِعَرْضٍ وَتَشَاحَّا فِي الْإِقْبَاضِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إلَّا أَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْفَسِخُ بِتَرَاخِي الْقَبْضِ عَنْهُ وَلَا بِافْتِرَاقِهِمَا مِنْ مَجْلِسِهِ ا هـ .
( فَرْعٌ ) فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ فِي الْمُفِيدِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ دَابَّةً أَوْ عَرْضًا وَزَعَمَ أَنَّهُ مَعِيبٌ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِ ثَمَنِهِ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي الْعَيْبِ ، وَقَالَ الْبَائِعُ : لَا أُحَاكِمُك فِيهِ حَتَّى أَقْتَضِيَ ثَمَنَهُ ، فَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ : إنْ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي يُقْضَى فِيهَا مِنْ سَاعَتِهِ فَلَا يَنْقُدُهُ حَتَّى يُحْكَمَ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ كَانَ يَتَطَاوَلُ أَمْرُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِ ثَمَنِهِ ثُمَّ يَبْتَدِئَا الْخُصُومَةَ بَعْدُ عَبْدُ الْحَقِّ وَبِهَذَا قَالَ الْقَرَوِيُّونَ ابْنُ مُغِيثٍ : وَبِهِ مَضَتْ الْفُتْيَا مِنْ شُيُوخِ قُرْطُبَةَ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَنْدَلُسِ ، وَرَأَيْت أَبَا الْمُطَرِّفِ يُفْتِي بِهِ غَيْرَ مَرَّةٍ وَحَكَاهُ عَنْ

خَلَفِ بْنِ عَبْدِ الْغَفُورِ عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالِاسْتِغْنَاءِ ( فَرْعٌ ) فِي النَّوَادِرِ إنْ اخْتَلَفَ النُّقَّادُ فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ جِيَادٌ وَبَعْضُهُمْ رَدِيئَةٌ فَلَا يُعْطَى إلَّا مَا اجْتَمَعُوا عَلَى جَوْدَتِهِ وَمَا لَا يُشَكُّ فِيهِ ، وَالْمُخْتَلَفُ فِيهِ صَارَ مَعِيبًا بِاخْتِلَافِهِمْ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَعِيبًا ا هـ أَفَادَهُ الْحَطّ .

وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ : يَفْسَخُ .
وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إنْ غَيَّبَ .
.

( وَ ) إنْ بِيعَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ بَيْعًا بَتًّا صَحِيحًا وَتَلِفَ وَهُوَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهِ فَ ( التَّلَفُ ) لِلْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا صَحِيحًا مُنْبَرِمًا ( وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ ) بِتَوْفِيَةٍ أَوْ خَوْفِ جَائِحَةٍ أَوْ مُوَاضَعَةٍ أَوْ غَيْبَةٍ وَكَانَ تَلَفُهُ ( بِسَمَاوِيٍّ ) ثَابِتٍ أَوْ مُتَصَادَقٍ عَلَيْهِ وَخَبَرُ التَّلَفِ ( يَفْسَخُ ) بَيْعَهُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ ، بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ وَقَبْلَ دَفْعِهِ لِلْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ لِتَعَلُّقِهِ بِذِمَّتِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ وَبَيْعِ الْخِيَارِ ( وَ ) إنْ لَمْ يَثْبُتْ السَّمَاوِيُّ وَلَمْ يَتَصَادَقَا عَلَيْهِ ( خُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً نَائِبُ فَاعِلِهِ ( الْمُشْتَرِي ) بَتًّا صَحِيحًا ( إنْ غَيَّبَ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالتَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةً أَيْ أَخْفَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يُثْبِتْ بِبَيِّنَةٍ وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ مَبِيعِهِ وَتَمَسُّكِهِ ، وَطَلَبَ بَائِعُهُ بِمِثْلِهِ أَوْ قِيمَتِهِ ، فَإِنْ حَلَفَ الْبَائِعُ تَعَيَّنَ فَسْخُهُ كَمَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ قَوْلِهِ وَمِنْكَ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ وَنَقَضَ السَّلَمَ وَحَلَفَ وَالْأَخِيرُ الْآخَرُ فَاتَّفَقَ مَا هُنَا وَمَا يَأْتِي فِيهِ ، ثُمَّ إنَّ مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ مِنْ التَّخْيِيرِ فِيمَا وُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ جَارٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً ، وَلِذَا ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَالتَّلَفُ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ يُفْسَخُ .
وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ كَالرَّهْنِ

فَلَا تَدْخُلُ هُنَا إذْ لَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا ، وَإِنَّمَا لَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ فَلَا مُوجِبَ لِتَخْيِيرِهِ ، فَإِدْخَالُ " س " وَمَنْ تَبِعَهُ لَهَا هُنَا غَيْرُ ظَاهِرٍ ، فَلَوْ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا عَلَى أَنَّ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ ضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ أَصَالَةً لَصَحَّ إدْخَالُهَا هُنَا ، فَتَأَمَّلْ مَا قُلْنَاهُ فِي هَذَا الْمَحِلِّ مِمَّا لَمْ نُسْبَقْ إلَيْهِ وَشُدَّ يَدَكَ عَلَيْهِ ، إذْ لَمْ نَرَ مَنْ حَقَّقَهُ مِنْ شُرَّاحِهِ قَالَهُ طفي الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْقِيمَةِ يَجْرِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ضَمَانَهَا كَالرَّهْنِ أَيْضًا ، وَعَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ هُنَا فِي قَوْلِهِ ، وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إنْ غَيَّبَ وَعَلَيْهِ مَا يَجْرِي مَا يَأْتِي فِي السَّلَمِ وَيُتَّفَقُ الْمَحِلَّانِ وَنَصُّ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي تَحَصَّلَ فِي تَلَفِ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ لِلثَّمَنِ أَنَّهُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَفِيهَا قَوْلَانِ ، أَحَدُهُمَا أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ بَائِعِهَا وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ ، وَالثَّانِي أَنَّ مُصِيبَتَهَا مِنْ مُشْتَرِيهَا ، وَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ، أَحَدُهَا : أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا كَانَتْ قِيمَتُهَا مِثْلَ ثَمَنِهَا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ، وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ قَالَهُ سَحْنُونٌ وَثَانِيهَا : تَصْدِيقُهُ بِيَمِينِهِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهَا أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ مُبْتَاعُهَا ، وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُصَدِّقَهُ فَيَفْسَخُ الْبَيْعَ أَوْ يُضَمِّنُهُ الْقِيمَةَ وَيُثْبِتُ الْبَيْعَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ مِنْ الْبَائِعِ ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى التَّلَفِ .
وَثَالِثُهَا : تَصْدِيقُ بَائِعِهَا بِيَمِينِهِ عَلَى تَلَفِهَا وَتَلْزَمُهُ

قِيمَتُهَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا أَوْ أَكْثَرَ ، وَثَبَتَ الْبَيْعُ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ الْمَحْبُوسَةَ لِلثَّمَنِ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ .
وَرَابِعُهَا أَنَّ بَائِعَهَا مُصَدَّقٌ بِيَمِينِهِ فِي تَلَفِهَا وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهَا فَلَا يُصَدَّقُ لِاتِّهَامِهِ بِدَفْعِهَا فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ الْمُبْتَاعُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ تَصْدِيقِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهَا وَدَفْعِ ثَمَنِهَا وَعَدَمِهِ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ مُصِيبَةَ السِّلْعَةِ الْمَحْبُوسَةِ بِالثَّمَنِ مِنْ الْمُبْتَاعِ إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهَا عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِ .
ا هـ .
وَنَقَلَهُ الْمُوَضِّحُ وَابْنُ عَرَفَةَ ، وَتَبَيَّنَ لَكَ بِقَوْلِهِ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ أَنَّ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ يَجْرِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْمَحْبُوسَةِ كَالرَّهْنِ ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا يَجْرِي عَلَى مُقَابَلَةِ وَأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ يَصِحُّ إدْخَالُهَا هُنَا ، وَأَنَّ مَسْأَلَةَ السَّلَمِ الْآتِيَةَ تَجْرِي عَلَى مَا هُنَا أَيْضًا ، لَكِنَّ التَّخْيِيرَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ بَعْدَ نُكُولِهِ عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ ، وَنَقَلَهَا عَنْهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَجْرَى مَسْأَلَةَ السَّلَمِ عَلَى حُكْمِ ضَمَانِ الرَّهْنِ ، وَذَكَرَ فِيهَا تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ نُكُولِ الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

أَوْ عُيِّبَ أَوْ اُسْتُحِقَّ .
شَائِعٌ وَإِنْ قَلَّ ، وَتَلَفُ بَعْضِهِ أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ : كَعَيْبٍ بِهِ

( أَوْ عُيِّبَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُثَقَّلًا نَائِبُهُ ضَمِيرُ الْمَبِيعِ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِهِ بَائِعَهُ فَيُخَيَّرُ مُبْتَاعُهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِهِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ وَلَا أَرْشَ لَهُ وَرَدِّهِ وَالرُّجُوعِ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ طفي يَنْبَغِي أَوْ يَتَعَيَّنُ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ عَنْ الْفَاعِلِ ، أَيْ تَخَيَّرَ الْمُشْتَرِي إنْ تَغَيَّبَ الْمَبِيعُ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ ضَمَانِ بَائِعِهِ لِيُطَابِقَ مَا قَالَهُ ، وَهَكَذَا فَرَضَهَا فِي الْجَوَاهِرِ ، وَنَصُّهُ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْمَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ زَمَنَ ضَمَانِهِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَار ، فَإِنْ أَجَازَ فَبِكُلِّ الثَّمَنِ لَا أَرْشَ لَهُ .
ا هـ .
وَابْنُ الْحَاجِبِ تَابِعٌ لَهُ فَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَتَلِفَ الْمَبِيعُ الْبَتُّ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ وَتَعَيُّبُهُ يُثْبِتُ الْخِيَارَ .
ا هـ .
عَلَى ضَبْطِهِ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ : وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ مُعَيَّنًا قَبْلَ ضَمَانِ مُبْتَاعِهِ بِغَيْرِ سَبَبِ بَائِعِهِ كَاسْتِحْقَاقِهِ يَنْقُضُ بَيْعَهُ ، وَتَغَيُّرُهُ حِينَئِذٍ بِنَقْصٍ كَعَدَمِهِ يُوجِبُ تَخْيِيرَ مُبْتَاعِهِ ، وَقُلْت أَوْ يَتَعَيَّنُ لِأَنَّ تَقْرِيرَهُ عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ عَيَّبَهُ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي ، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ أَيْ الْمَبِيعِ فِي التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيُوجِبُ غُرْمَ الْأَرْشِ ، وَكَوْنِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا ، وَيَفُوتُ الْكَلَامُ عَلَى الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ ا هـ عِبْ .
وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي هُنَا مَعَ أَنَّ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ بَائِعِهَا لِانْبِرَامِ الْعَقْدِ هُنَا ، فَالسِّلْعَةُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ ( أَوْ اُسْتُحِقَّ ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ مَبِيعٍ مُعَيَّنٍ فِي ضَمَانِ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرِي جُزْءٍ ( شَائِعٌ ) فِيهِ إنْ كَثُرَ كَثُلُثِهِ ، بَلْ ( وَإِنْ قَلَّ ) الْجُزْءُ الشَّائِعُ الْمُسْتَحَقُّ كَسَبْعَ عَشَرَةَ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57