كتاب : منح الجليل شرح مختصر خليل
المؤلف : محمد بن أحمد عليش

، أَوْ بِأُمِّيٍّ إنْ وُجِدَ قَارِئٌ أَوْ قَارِئٌ بِكَقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، أَوْ عَبْدٍ فِي جُمُعَةٍ ، أَوْ صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ ، وَبِغَيْرِهِ تَصِحُّ وَإِنْ لَمْ تَجُزْ

( أَوْ ) بِاقْتِدَاءِ أُمِّيٍّ ( بِأُمِّيٍّ ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ الْفَاتِحَةِ فَصَلَاتُهُمَا بَاطِلَةٌ ( إنْ وُجِدَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ رَجُلٌ ( قَارِئٌ ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ صِحَّةُ صَلَاتِهِمَا إنْ لَمْ يُوجَدْ قَارِئٌ ، فَإِنْ اقْتَدَى أُمِّيٌّ بِمِثْلِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَارِئٍ فَطَرَأَ قَارِئٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ ، فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ أَتَمَّا وَإِلَّا فَيَقْطَعَانِ وَيَقْتَدِيَانِ بِالْقَارِئِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، قَالَ سَنَدٌ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ بُطْلَانُ صَلَاةِ الْأُمِّيِّ إذَا أَمْكَنَهُ الْإِتْمَامُ بِالْقَارِئِ فَلَمْ يَفْعَلْ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَجِبُ الْإِتْمَامُ كَالْمَرِيضِ الْجَالِسِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتَمَّ بِالْقَائِمِ ا هـ ، فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا وُجِدَ قَارِئٌ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ اتِّفَاقًا .
( أَوْ ) بِاقْتِدَاءٍ بِ ( قَارِئٍ ) ( بِ ) قِرَاءَةٍ شَاذَّةٍ مُخَالِفَةٍ لِرَسْمِ الْمُصْحَفِ الْعُثْمَانِيِّ ( كَقِرَاءَةِ ) عَبْدِ اللَّهِ ( ابْنِ مَسْعُودٍ ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَامْضُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَكَقِرَاءَةِ لَا تَكُونُوا كَاَلَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرِئَ مِمَّا قَالُوا فَلَا تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ بِقَارِئٍ قِرَاءَةً شَاذَّةً مُوَافِقَةً لِرَسْمِهِ .
وَإِنْ حُرِّمَتْ كَقِرَاءَةِ أَفَلَا يَنْظُرُونَ إلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خَلَقْتُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَضَمِّ التَّاءِ ، وَكَذَا رُفِعَتْ وَنُصِبَتْ وَسُطِحَتْ فَالْقِرَاءَةُ بِالشَّاذِّ حَرَامٌ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ الْأَرْبَعَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الْقِرَاءَاتِ الْعَشَرَةِ .
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالرَّمْلِيُّ السَّبْعَةُ الَّتِي لَيْسَتْ فِي الشَّاطِبِيَّةِ ( أَوْ ) بِاقْتِدَاءٍ بِ ( عَبْدٍ فِي ) صَلَاةِ ( جُمُعَةٍ ) وَإِنْ بِشَائِبَةٍ كَمُكَاتَبٍ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنْ قَامَتْ مَقَامَ الظُّهْرِ إذَا صَلَّاهَا ( أَوْ ) بِاقْتِدَاءٍ بِ ( صَبِيٍّ فِي فَرْضٍ ) لِأَنَّهُ مُتَنَفِّلٌ ( وَبِغَيْرِهِ ) أَيْ الْفَرْضِ صِلَةُ ( تَصِحُّ ) إمَامَتُهُ لِلْبَالِغِ بَعْدَ وُقُوعِهَا ( وَإِنْ لَمْ تَجُزْ

) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَاوُهُ لِلْحَالِ أَيْ ابْتِدَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ تَجُوزُ ابْتِدَاءً فِي النَّفْلِ ، وَإِمَامَتُهُ لِمِثْلِهِ جَائِزَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا ، وَلَا يَنْوِي الصَّبِيُّ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فَرْضًا وَلَا نَفْلًا ، فَإِنْ نَوَى الْفَرْضَ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ وَبُطْلَانِهَا رِوَايَتَانِ اسْتَظْهَرْت مِنْهُمَا الصِّحَّةَ .

وَهَلْ بِلَاحِنٍ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْفَاتِحَةِ ، وَبِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ : خِلَافٌ

( وَهَلْ ) تَبْطُلُ بِاقْتِدَاءٍ ( بِلَاحِنٍ ) فِي قِرَاءَتِهِ ( مُطْلَقًا ) عَلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ بِفَاتِحَةٍ وَبِتَغْيِيرِهِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ لَيْسَ قُرْآنًا لِأَنَّ أَرْكَانَ الْقُرْآنِ الثَّلَاثَةَ مُوَافَقَةُ الْعَرَبِيَّةَ وَرَسْمُ الْمُصْحَفِ وَصِحَّةُ الْإِسْنَادِ ( أَوْ ) لَا يَصِحُّ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إنْ كَانَ لَحْنُهُ ( فِي ) خُصُوصِ ( الْفَاتِحَةِ ) أَوْ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْت أَوْ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ امْتَنَعَ ابْتِدَاءً مَعَ وُجُودِ غَيْرِهِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ كُرِهَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ ، وَيَجُوزُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَهِيَ سِتَّةُ أَقْوَالٍ وَكُلُّهَا مُطْلَقَةٌ إلَّا قَوْلَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمَنْعُ ابْتِدَاءً مَعَ الصِّحَّةِ ، فَقَيَّدَهُ بِوُجُودِ غَيْرِ لَاحِنٍ ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي جَاهِلٍ يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ أَمْكَنَهُ الِاقْتِدَاءُ بِغَيْرِ لَاحِنٍ أَمْ لَا ، وَأَمَّا مُتَعَمِّدُ اللَّحْنِ فَصَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ اتِّفَاقًا وَالسَّاهِي صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا وَالْعَاجِزُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ التَّعَلُّمَ صَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ اتِّفَاقًا أَيْضًا وَأَرْجَحُهَا صِحَّةُ صَلَاتِهِ وَصَلَاةُ الْمُقْتَدِي بِهِ لِاتِّفَاقِ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهَا .
وَأَمَّا حُكْمُ الْإِقْدَامِ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِاللَّاحِنِ فَبِالْمُعْتَمَدِ حَرَامٌ وَبِالْأَلْكَنِ جَائِزٌ وَبِالْجَاهِلِ مَكْرُوهٌ إنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِلَّا فَحَرَامٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ اللَّحْنِ الْجَلِيِّ وَالْخَفِيِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ .
( وَ ) هَلْ تَبْطُلُ صَلَاةُ مُقْتَدٍ ( بِغَيْرِ مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ ) مُعْجَمَيْنِ أَوْ صَادٍ وَسِينٍ مُهْمَلَيْنِ وَذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَزَايٍ مُطْلَقًا أَوْ تَبْطُلُ إنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ فِيهِ ( خِلَافٌ ) فِي التَّشْهِيرِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمُتَعَمِّدِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ غَيْرِ مُمَيِّزٍ .
ابْنُ عَاشِرٍ كَانَ الْمُصَنِّفُ صَرَّحَ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى عَيْنِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي اللَّاحِنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَنْسَبُ كَغَيْرِ

مُمَيِّزٍ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَوْ وَمِنْهُ غَيْرُ مُمَيِّزٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ ا هـ .
وَهُوَ كَمَا قَالَ فَإِنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا ذَكَرُوا الْخِلَافَ فِي اللَّاحِنِ قَالُوا وَمِنْهُ مَنْ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ ضَادٍ وَظَاءٍ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ .

وَأَعَادَ بِوَقْتٍ فِي : كَحَرُورِيٍّ
( وَأَعَادَ ) نَدْبًا ( بِوَقْتٍ ) اخْتِيَارِيٍّ ( فِي ) اقْتِدَاءٍ بِإِمَامٍ بِدْعِيٍّ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ ( كَحَرُورِيٍّ ) أَيْ مَنْسُوبٍ لِحَرُورَاءَ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْكُوفَةِ خَرَجَ بِهَا قَوْمٌ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَقَمُوا عَلَيْهِ فِي تَحْكِيمِهِ أَبَا مُوسَى وَعَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَعَلَى مُعَاوِيَةَ فِي خُرُوجِهِ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَكَفَّرُوهُمَا بِالذَّنْبِ فَقَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قِتَالًا شَدِيدًا ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَدَرِيَّ وَكُلَّ ذِي عَقِيدَةٍ بَاطِلَةٍ مُخْتَلَفٍ فِي كُفْرِهِ بِهَا ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى كُفْرِهِ كَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الرَّسُولُ ، وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَخْطَأَ فِي تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ لِسَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ انْدَرَجَ فِي قَوْلِهِ آنِفًا وَبِمَنْ بَانَ كَافِرًا ، وَالْمُتَّفَقُ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ كَمُفَضِّلِ عَلِيٍّ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا لَا يُعِيدُ الْمُقْتَدِي بِهِ .
وَهَذَا بَيَانٌ لِلْحُكْمِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالْقُدُومُ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِنَحْوِ الْحَرُورِيِّ مُحَرَّمٌ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ مَكْرُوهٌ .

وَكُرِهَ : أَقْطَعُ ، وَأَشَلُّ
( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ ( أَقْطَعُ وَأَشَلُّ ) يَدًا أَوْ رِجْلًا أَيْ إمَامَتُهُمَا وَلَوْ لِمِثْلِهِمَا حَيْثُ لَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ حَالَ السُّجُودِ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَطْعُ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَإِنْ حَسُنَ حَالُهُ ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ كَرَاهَةِ إمَامَتِهِمَا مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ .
وَنَصَّهُ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ وَجُمْهُورُ أَصْحَابِنَا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِمَامَةِ الْأَقْطَعِ وَالْأَشَلِّ لِمِثْلِهِمَا وَلِغَيْرِ مِثْلِهِمَا وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَالْأَعْيَادِ وَسَوَاءٌ كَانَا يَضَعَانِ الْعُضْوَ عَلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا .

وَأَعْرَابِيٌّ لِغَيْرِهِ وَإِنْ أَقْرَأَ
( وَ ) كُرِهَ ( أَعْرَابِيٌّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ مَنْسُوبٌ لِلْأَعْرَابِ كَذَلِكَ أَيْ سُكَّانِ الْبَادِيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لُغَتُهُمْ عَرَبِيَّةً أَوْ عَجَمِيَّةً ( لِغَيْرِهِ ) أَيْ إمَامَتُهُ لِحَضَرِيٍّ سَوَاءٌ كَانَتْ بِحَاضِرَةٍ أَوْ بِبَادِيَةٍ .
وَلَوْ كَانَا بِمَنْزِلِ الْأَعْرَابِيِّ لِجَفَائِهِ وَغِلْظَتِهِ فَلَا يَصْلُحُ لِلشَّفَاعَةِ اللَّازِمَةِ لِلْإِمَامِ إنْ سَاوَى الْأَعْرَابِيُّ الْحَضَرِيَّ فِي الْقُرْآنِ أَوْ زَادَ الْحَضَرِيُّ فِيهِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْأَعْرَابِيُّ ( أَقْرَأَ ) أَيْ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنْ الْحَضَرِيِّ أَوْ أَحْكَمَ قِرَاءَةً مِنْهُ .

وَذُو سَلَسٍ وَقُرُوحٍ ، لِصَحِيحٍ
( وَ ) كُرِهَ ( ذُو ) أَيْ صَاحِبُ ( سَلَسٍ ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ بَوْلٍ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ فَلَا يُسْتَطَاعُ حَبْسُهُ ( وَ ) ذُو ( قُرُوحٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ جَمْعُ قَرْحٍ بِفَتْحِهَا أَيْ جُرُوحٍ يَسِيلُ مِنْهَا دَمٌ وَنَحْوُهُ أَيْ إمَامَتُهُمَا ( لِصَحِيحٍ ) أَيْ سَلِيمٍ مِنْ السَّلَسِ وَالْقُرُوحِ ، وَكَذَا سَائِرُ أَصْحَابِ الْمَعْفُوَّاتِ ، فَمَنْ تَلَبَّسَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَإِمَامَتُهُ لِلسَّلِيمِ مِنْهَا مَكْرُوهَةٌ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْحَدَثَ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ وَلَا يُقَالُ هَذَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ بَيْنَ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَمَأْمُومِهِ ارْتِبَاطٌ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ صَحِيحَةً صَحَّتْ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ مَعَ الْكَرَاهَةِ .
وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ إذَا عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ صَاحِبِهِ عُفِيَ عَنْهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، وَعَلَى هَذَا فَلَا تُكْرَهُ إمَامَتُهُ لِغَيْرِهِ ، وَلَكِنْ هَذَا خِلَافُ الْمَشْهُورِ .
وَأَمَّا صَلَاةُ غَيْرِهِ بِثَوْبِهِ فَاقْتَصَرَ فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَنْعِهَا قَائِلًا إنَّمَا عُفِيَ عَنْ النَّجَاسَةِ لِلْمَعْذُورِ خَاصَّةً فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ .
وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي شَرْحِ ابْنَ الْحَاجِبِ فِيهَا قَوْلَيْنِ ، وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْكَرَاهَةَ بِالصَّحِيحِ تَبِعَ فِيهِ ابْنُ الْحَاجِبِ مَعَ أَنَّهُ تَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ظَاهِرَ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْخِلَافَ لَا يَخْتَصُّ بِإِمَامَةِ الصَّحِيحِ ، ثُمَّ قَالَ وَبِالْجُمْلَةِ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالصَّحِيحِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ خَالَفَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي التَّقْيِيد ، وَأَطْلَقَا الْكَرَاهَةَ .
وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَدْ أَقَرَّا تَقْيِيدَ ابْنِ الْحَاجِبِ

وَإِمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ
( وَ ) كُرِهَ ( إمَامَةُ مَنْ يُكْرَهُ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ كَرِهَهُ أَقَلُّ الْجَمَاعَةِ غَيْرَ ذِي الْفَضْلِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَرِهَهُ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ أَوْ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمْ وَإِنْ قَلَّ فَإِمَامَتُهُ مُحَرَّمَةٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَعَنَ اللَّهُ مَنْ أَمَّ قَوْمًا وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ ، } وَلِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَأَنْ تُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ كَرَاهَتُهُ لِارْتِكَابِهِ أُمُورًا مُزْرِيَةً مُوجِبَةً لِلزُّهْدِ فِيهِ وَالْكَرَاهَةِ لَهُ ، وَلِتَسَاهُلِهِ فِي السُّنَنِ كَالْوِتْرِ وَالْعِيدِ وَالنَّوَافِلِ كَالرَّوَاتِبِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَرَاهَتِهِ لِغَرَضٍ فَاسِدٍ .

وَتَرَتُّبُ : خَصِيٍّ ، وَمَأْبُونٍ ، وَأَغْلَفَ ، وَوَلَدِ زِنَى وَمَجْهُولِ حَالٍ ، وَعَبْدٍ بِفَرْضٍ
( وَ ) كُرِهَ ( تَرَتُّبُ خَصِيٍّ ) أَيْ مَقْطُوعِ الذَّكَرِ أَوْ الْأُنْثَيَيْنِ ( وَمَأْبُونٍ ) أَيْ مُتَكَسِّرٍ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ أَوْ مُشْتَهٍ فِعْل الْفَاحِشَةَ بِهِ لِدَاءٍ بِدُبُرِهِ وَلَمْ تُفْعَلْ بِهِ ، أَوْ مَنْ فُعِلَتْ بِهِ وَتَابَ وَإِلَّا فَهُوَ أَرْذَلُ الْفَاسِقِينَ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتُكْرَهُ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( وَ ) تَرَتُّبُ ( أَغْلَفَ ) أَيْ غَيْرِ مَخْتُونٍ وَالْمُعْتَمَدُ كَرَاهَةُ إمَامَتِهِ مُطْلَقًا .
( وَ ) تَرَتُّبُ ( وَلَدِ زِنَا وَمَجْهُولِ حَالٍ ) أَيْ لَمْ تُعْرَفْ عَدَالَتُهُ وَلَا فِسْقُهُ أَوْ أَبُوهُ كَلَقِيطٍ لَا غَرِيبٍ لِاتِّمَانِ النَّاسِ عَلَى أَنْسَابِهِمْ إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ مَجْهُولَ الدِّينِ إمَامٌ أَوْ نَاظِرٌ عَادِلٌ أَوْ جَمَاعَةٌ مُسْلِمُونَ عَالِمُونَ بِأَحْكَامِ الْإِمَامَةِ ، فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لِأَنَّ شَأْنَ مَنْ ذُكِرَ أَنَّهُمْ لَا يُرَتِّبُونَ إلَّا عَدْلًا .
ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ لَا يَأْتَمَّ إلَّا بِمَنْ يَعْرِفُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا رَاتِبًا .
ابْنُ عَرَفَةَ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَةُ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ لِذِي هَوًى لَا يَقُومُ فِيهَا بِمُوجَبِ التَّرْجِيحِ الشَّرْعِيِّ ، فَلَا يَأْتَمُّ بِرَاتِبٍ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْكَشْفِ عَنْهُ .
وَكَذَا كَانَ يَفْعَلُ مَنْ أَدْرَكْت عَالِمًا دَيِّنًا .
( وَ ) تَرَتُّبُ ( عَبْدٍ ) وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ ، وَصِلَةُ تَرَتُّبُ ( بِفَرْضٍ ) مِنْ الْخَمْسِ أَوْ سُنَّةٍ مِنْ الْخَمْسِ وَلَوْ أَصْلَحَ الْقَوْمِ وَأَعْلَمَهُمْ .
وَمَفْهُومُ بِفَرْضٍ جَوَازُ تَرَتُّبِهِ فِي نَفْلٍ كَتَرَاوِيحَ وَهُوَ كَذَلِكَ .
هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يَجُوزُ تَرَتُّبُهُ فِي الْفَرْضِ كَالنَّفْلِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ أَصْلَحَهُمْ فَلَا يُكْرَهُ

وَصَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ ، أَوْ أَمَامَ الْإِمَامِ بِلَا ضَرُورَةٍ .
( وَ ) كُرِهَ ( صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ ) جَمْعُ أُسْطُوَانَةٍ أَيْ الْعَوَامِيدِ بِأَنْ تَكُونَ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِوَضْعِ النِّعَالِ فَلَا يَخْلُو عَنْ النَّجَاسَةِ السَّاقِطَةِ مِنْهَا .
وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ الشَّيَاطِينِ ( أَوْ أَمَامَ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ أَيْ قُدَّامَ ( الْإِمَامِ ) أَوْ فِي مُحَاذَاتِهِ ( بِلَا ضَرُورَةٍ ) رَاجِعٌ لِلصَّلَاةِ بَيْنَ الْأَسَاطِينِ أَيْضًا ، وَمَفْهُومُ بِلَا ضَرُورَةٍ انْتِفَاءُ الْكَرَاهَةِ بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ .

وَاقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا : كَأَبِي قُبَيْسٍ .

( وَ ) كُرِهَ ( اقْتِدَاءُ مَنْ بِأَسْفَلِ السَّفِينَةِ بِمَنْ بِأَعْلَاهَا ) لِعَدَمِ تَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْ مُرَاعَاةِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ ، وَمَفْهُومُهُ جَوَازُ اقْتِدَاءِ مَنْ بِأَعْلَاهَا بِمَنْ بِأَسْفَلِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ لِتَمَامِ تَمَكُّنِهِمْ مِنْهَا .
وَشَبَّهَ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَالَ ( كَ ) اقْتِدَاءِ مَنْ عَلَى جَبَلِ ( أَبِي قُبَيْسٍ ) بِضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ اسْمُ جَبَلٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ جِهَةَ مَا بَيْنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَالرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَيُكْرَهُ لِمَنْ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَدِيَ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ ضَبْطِ أَحْوَالِ الْإِمَامِ لِلْبُعْدِ الَّذِي بَيْنَهُمَا .
فَإِنْ قِيلَ صِحَّةُ صَلَاةِ مَنْ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ مُشْكِلَةٌ لِارْتِفَاعِهَا عَنْ الْبَيْتِ وَمَنْ بِمَكَّة وَنَحْوِهَا وَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ اسْتِقْبَالُ عَيْنِ الْكَعْبَةِ .
قُلْت صِحَّتُهَا بِنَاءً عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِاسْتِقْبَالِ هَوَائِهَا وَهُوَ مُتَّصِلٌ مِنْهَا إلَى السَّمَاءِ .
وَأَيْضًا اسْتِقْبَالُهَا مَعَ الِارْتِفَاعِ عَنْهَا مُمْكِنٌ كَإِمْكَانِهِ مِمَّنْ عَلَى الْأَرْضِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ وَقُعَيْقِعَانَ بِصَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
ابْنُ يُونُسَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ مُرَاعَاةَ فِعْلِهِ فِي الصَّلَاةِ .
ابْنُ بَشِيرٍ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي صَلَاةِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِصِحَّتِهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهَا ، وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ مُرَاعَاةُ فِعْلِ الْإِمَامِ صَحَّتْ ، وَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ بَطَلَتْ وَهَذَا يُعْلَمُ بِالْمُشَاهَدَةِ .
عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إنَّمَا كَرِهَ الصَّلَاةَ لِبُعْدِهِ عَنْ الْإِمَامِ ، فَإِنْ فَعَلَ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ .
وَكَذَلِكَ رَأَيْت فِي مَسَائِلَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ الْإِبْيَانِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَامَّةٌ وَلَا أَدْرِي كَيْفَ قَالُوا ذَلِكَ وَالْإِمَامُ لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ

سَهْوٌ لَمْ يَعْرِفْ مَنْ هُنَاكَ بِذَلِكَ ، وَأَمَّا مَنْ صَلَّى عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ أَوْ قُعَيْقِعَانَ وَحْدَهُ فَصَلَاتُهُ تَامَّةٌ ، وَإِنْ كَانَ يَعْلُو الْكَعْبَةَ لِأَنَّهَا مِنْ الْأَرْضِ إلَى السَّمَاءِ ا هـ .
وَقُعَيْقِعَانُ بِالتَّصْغِيرِ جَبَلٌ بِمَكَّةَ عَالٍ مِنْ جِهَتِهَا الْغَرْبِيَّةِ مُقَابِلٌ لِأَبِي قُبَيْسٍ وَالْمَسْجِدُ الْحَرَامُ الْمُشْتَمِلُ عَلَى الْكَعْبَةِ بَيْنَهُمَا .

وَصَلَاةُ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ وَبِالْعَكْسِ
( وَ ) كَ ( صَلَاةِ رَجُلٍ بَيْنَ نِسَاءٍ ) عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَأَمَامَهُ وَخَلْفَهُ ( وَبِالْعَكْسِ ) أَيْ صَلَاةُ امْرَأَةٍ بَيْنَ رِجَالٍ عَنْ يَمِينِهَا وَعَنْ شِمَالِهَا أَوْ أَمَامَهَا وَخَلْفَهَا ، وَأَمَّا صَلَاتُهَا خَلْفَهُمْ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ

.
وَإِمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ .
وَتَنَفُّلُهُ بِمِحْرَابِهِ
( وَ ) كُرِهَ ( إمَامَةٌ بِمَسْجِدٍ بِلَا رِدَاءٍ ) عَلَى كَتِفَيْهِ وَلَوْ كَانَا مَسْتُورَيْنِ بِثَوْبٍ وَمَفْهُومُ إمَامَةٍ أَنَّ الْمَأْمُومِيَّةَ وَالْفَذِّيَّةَ بِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَمَفْهُومُ بِمَسْجِدٍ أَنَّ الْإِمَامَةَ بِغَيْرِهِ بَلَاهُ لَا تُكْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَوْلَى .
( وَ ) كُرِهَ ( تَنَفُّلُهُ ) أَيْ الْإِمَامِ ( بِمِحْرَابِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ وَكَذَا جُلُوسُهُ بِهِ عَلَى هَيْئَةِ صَلَاتِهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ مَنْ دَخَلَ أَنَّهُ يُصَلِّي فَرْضًا فَيَقْتَدِيَ بِهِ وَلِخَبَرِ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ بِوَجْهِهِ أَيْ الْتَفَتَ إلَيْهِمْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدْبِرْ الْقِبْلَةَ فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ وَكَذَا اسْتِدْبَارُ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ }

.
وَإِعَادَةُ جَمَاعَةٍ بَعْدَ الرَّاتِبِ وَإِنْ أَذِنَ ، وَلَهُ الْجَمْعُ إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ قَبْلَهُ ، إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ كَثِيرًا

( وَ ) كُرِهَ ( إعَادَةُ ) أَيْ صَلَاةِ ( جَمَاعَةٍ بَعْدَ ) صَلَاةِ الْإِمَامِ ( الرَّاتِبِ ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِيهِ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَرَاهَةِ تَبَعًا لِلرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ .
وَعَبَّرَ ابْنُ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا وَلَا تُجْمَعُ صَلَاةٌ فِي مَسْجِدٍ مَرَّتَيْنِ إلَّا مَسْجِدًا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ رَاتِبٌ .
وَنَسَبَ أَبُو الْحَسَنِ الْجَوَازَ لِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ابْنُ نَاجِي مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا صَلَّى الرَّاتِبُ فِي وَقْتِهِ الْمَعْلُومِ ، فَلَوْ قَدَّمَ عَنْ وَقْتِهِ وَجَاءَتْ الْجَمَاعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ فَلَهُمْ الْجَمْعُ فِيهِ .
وَمَفْهُومُ بَعْدَ الرَّاتِبِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ قَبْلَهُ فَهِيَ مَكْرُوهَةٌ الصَّلَاةِ بَعْدَهُ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِلَا خِلَافٍ .
وَإِنْ رُتِّبَ أَئِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ فِي جِهَاتِ الْمَسْجِدِ الْأَرْبَعَةِ كَمَا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ بِمَحَلَّيْنِ كَمَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانُوا يُصَلُّونَ دُفْعَةً وَاحِدَةً فَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَقُلْ بِجَوَازِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مَنْ صَحَّتْ عَقِيدَتُهُ وَلَا مَنْ فَسَدَتْ لِتَأْدِيَتِهِ لِلتَّخْلِيطِ وَلِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مِنْ زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى زَمَنِ حُدُوثِ هَذِهِ الْبِدْعَةِ فِي الْقَرْنِ السَّادِسِ ، وَإِنْ كَانُوا يَتَعَاقَبُونَ كَمَا هُوَ الْوَاقِعُ الْآنَ بِالْمَسْجِدَيْنِ الْأَشْرَفَيْنِ فَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْكَرَاهَةِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْجَوَازِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَوَاضِعَهُمْ كَمَسَاجِدَ مُتَعَدِّدَةٍ وَبِتَقْرِيرِ أَوْلِيَاءِ الْأُمُورِ .
وَمِنْهُمْ مَنْ أَفْتَى بِالْمَنْعِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ الَّذِي اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ مَسْجِدٌ لَهُ رَاتِبٌ صَلَّى فِيهِ ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهِ جَاءَتْ جَمَاعَةٌ أُخْرَى فَأَرَادُوا إقَامَةَ تِلْكَ

الصَّلَاةِ جَمَاعَةً فَهَذَا مَوْضِعُ الْخِلَافِ .
وَأَمَّا حُضُورُ جَمَاعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ تُقَامُ الصَّلَاةُ فَيَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ الرَّاتِبُ يُصَلِّي وَأُولَئِكَ جُلُوسٌ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ تَدْعُوهُمْ لِذَلِكَ تَارِكُونَ إقَامَةَ الصَّلَاةِ مَعَ الرَّاتِبِ مُتَشَاغِلُونَ بِالنَّفْلِ أَوْ الْحَدِيثِ أَوْ الْمُطَالَعَةِ ، حَتَّى تَنْقَضِيَ صَلَاةُ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ وَتَبْقَى جَمَاعَةٌ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا ثُمَّ يَقُومُ الَّذِي يَلِيهِ .
كَذَلِكَ فَالْأَئِمَّةُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا تَجُوزُ .
وَاحْتِجَاجُهُ بِأَنَّ الْبِقَاعَ كَمَسَاجِدَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } وقَوْله تَعَالَى { مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى } وقَوْله تَعَالَى { لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى } وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا إلَخْ ، وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَخْ } .
وَتَقْرِيرُ وَلِيِّ الْأَمْرِ مَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَإِذْنِهِ لِمَالِكِيٍّ فِي التَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ أَوْ شُرْبِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَوْ تَرْكِ الْفَاتِحَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ نِكَاحٍ بِلَا وَلِيٍّ .
وَلَمْ يَأْذَنْ الشَّارِعُ بِتَعَدُّدِ الْجَمَاعَةِ فِي حَالِ الْقِتَالِ الَّذِي يَعْظُمُ فِيهِ الْخَوْفُ ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْهَوْلُ ، وَتَتَلَاطَمُ فِيهِ الصُّفُوفُ ، وَتَتَخَالَفُ فِيهِ السُّيُوفُ ، بَلْ أَمَرَ بِقَسْمِ الْقَوْمِ وَصَلَاتِهِمْ بِإِمَامٍ وَاحِدٍ مُتَعَاقِبِينَ ، وَأَلَّفَ هَؤُلَاءِ الْمَانِعُونَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ تَآلِيفَ عَظِيمَةً ، وَذَكَرُوا فِيهَا أَدِلَّةً كَثِيرَةً وَرَدُّوا عَلَى الْمُجِيزِينَ ، وَشَنَّعُوا عَلَيْهِمْ غَايَةَ التَّشْنِيعِ ، حَتَّى رَجَعُوا عَنْ إجَازَتِهِمْ لَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اُنْظُرْ الْحَطَّابَ وَإِعَادَةُ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الرَّاتِبِ مَكْرُوهَةٌ إنْ لَمْ يَأْذَنْ الرَّاتِبُ فِي الْجَمْعِ بَلْ ( وَإِنْ أَذِنَ ) الرَّاتِبُ لِلْجَمَاعَةِ الَّذِينَ اجْتَمَعُوا بَعْدَ صَلَاتِهِ فِي جَمْعِهِمْ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ

لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِغَيْرِهِ فِي أَذِيَّتِهِ لَا يَحِلُّ لَهُ أَذِيَّتُهُ .
( وَلَهُ ) أَيْ الرَّاتِبِ ( الْجَمْعُ ) فِي مَحَلِّهِ ( إنْ جَمَعَ غَيْرُهُ ) أَيْ الرَّاتِبِ فِي مَحَلِّهِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الرَّاتِبِ بِغَيْرِ إذْنِهِ ( إنْ لَمْ يُؤَخِّرْ ) الرَّاتِبُ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ تَأْخِيرًا ( كَثِيرًا ) فَإِنْ أَذِنَ لِأَحَدٍ فِي الصَّلَاةِ مَكَانَهُ نِيَابَةً عَنْهُ أَوْ أَخَّرَ عَنْ عَادَتِهِ تَأْخِيرًا كَثِيرًا يَضُرُّ بِالْجَمَاعَةِ ، فَجَمَعُوا قَبْلَهُ كُرِهَ لَهُ الْجَمْعُ حِينَئِذٍ .
اللَّخْمِيُّ مَنْ شَأْنُهُ يُصَلِّي إذَا غَابَ إمَامُهُمْ فَيُصَلِّي بِهِمْ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْمُعْتَادِ أَوْ بَعْدَهُ بِيَسِيرٍ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ لِأَنَّ هَذِهِ مُسَابَقَةٌ وَتَعَدٍّ مِنْهُ .

وَخَرَجُوا ، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ : فَيُصَلُّونَ بِهَا أَفْذَاذًا إنْ دَخَلُوهَا .
( وَ ) إنْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ مَسْجِدًا لَهُ رَاتِبٌ فَوَجَدُوهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ ( خَرَجُوا ) نَدْبًا لِيَجْمَعُوا خَارِجَهُ أَوْ مَعَ رَاتِبٍ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَلَا يُصَلُّونَ فِيهِ أَفْذَاذًا لِفَوَاتِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ ( إلَّا بِ ) أَحَدِ ( الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ ) مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ عَلَى سَاكِنِهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إذَا دَخَلُوهُ فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ فَلَا يَخْرُجُونَ ( فَيُصَلُّونَ بِ ) أَحَدِ ( هَا أَفْذَاذًا ) لِفَضْلِ صَلَاةِ فَذِّهَا عَلَى صَلَاةِ جَمَاعَةِ غَيْرِهَا ( إنْ دَخَلُوا ) أَحَدَ ( هَا ) فَوَجَدُوا رَاتِبَهُ قَدْ أَتَمَّ صَلَاتَهُ .
وَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَعَمِلُوا بِتَمَامِ صَلَاةِ الرَّاتِبِ فَيَجْمَعُونَ خَارِجَهُ وَلَا يَدْخُلُونَهُ لِيُصَلُّوا بِهِ أَفْذَاذًا إنْ أَمْكَنَهُمْ الْجَمْعُ خَارِجَهُ وَإِلَّا دَخَلُوهُ وَصَلَّوْا بِهِ أَفْذَاذًا .

وَقَتْلُ : كَبُرْغُوثٍ بِمَسْجِدٍ ، وَفِيهَا يَجُوزُ طَرْحُهَا خَارِجَهُ ، وَاسْتُشْكِلَ
( وَ ) كُرِهَ ( قَتْلُ كَبُرْغُوثٍ ) وَقَمْلَةٍ وَبَقَّةٍ وَذُبَابَةٍ ( بِمَسْجِدٍ ) لِأَنَّهُ مَحَلُّ رَحْمَةٍ وَمُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ مَيْتَتِهَا ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( يَجُوزُ طَرْحُهَا ) أَيْ الْقَمْلَةِ الدَّاخِلَةِ بِالْكَافِ حَيَّةً ( خَارِجَهُ ) أَيْ الْمَسْجِدِ ( وَاسْتُشْكِلَ ) بِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لَهَا وَبِأَنَّهَا تَصِيرُ عَقْرَبًا قَلَّ مَنْ تَلْدَغُهُ إلَّا مَاتَ ، وَمَفْهُومُ خَارِجَهُ كَرَاهَةُ طَرْحِهَا فِيهِ حَيَّةً قَالَ فِيهَا وَلَا يُلْقِهَا فِيهِ وَلْيَصُرَّهَا أَيْ فِي طَرْفِ ثَوْبِهِ ، ثُمَّ يَقْتُلْهَا خَارِجَهُ ، وَطَرْحُ مَيْتَتِهَا فِيهِ حَرَامٌ لِنَجَاسَتِهَا وَقِيلَ يَحْرُمُ طَرْحُهَا حَيَّةً بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ .
وَيَجُوزُ طَرْحُ الْبُرْغُوثِ وَشِبْهِهِ حَيًّا فِي الْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ ، وَيُكْرَهُ طَرْحُهُ مَيِّتًا فِي الْمَسْجِدِ لِأَنَّهُ تَعْفِيشٌ لَهُ .

وَجَازَ اقْتِدَاءٌ : بِأَعْمَى
( وَجَازَ ) بِمَرْجُوحِيَّةٍ ( اقْتِدَاءٌ بِ ) رَجُلٍ ( أَعْمَى ) إذْ الِاقْتِدَاءُ بِالْبَصِيرِ الْمُسَاوِي لَهُ فِي الْفَضْلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَمِنْ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَيَرَى الْإِشَارَةَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقِيلَ الْأَعْمَى أَفْضَلُ لِأَنَّهُ أَخْشَعُ وَأَبْعَدُ عَنْ الِاشْتِغَالِ بِمَا يُبْصِرُهُ .
وَقِيلَ هُمَا سِيَّانِ .

وَمُخَالِفٍ فِي الْفُرُوعِ

( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ ( مُخَالِفٍ ) لِلْمُقْتَدِي بِهِ ( فِي ) الْأَحْكَامِ ( الْفُرُوعِ ) الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ مِنْ الْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ وَالْإِبَاحَةِ وَالتَّحْرِيمِ وَالْكَرَاهَةِ وَالصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ وَالشَّرْطِيَّةِ وَالسَّبَبِيَّةِ وَالْمَانِعِيَّةِ .
وَاحْتُرِزَ بِالْفُرُوعِ مِنْ الْأُصُولِ وَهِيَ الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِمُعْتَقَدَاتِ الْقُلُوبِ مِنْ وُجُوبٍ وَاسْتِحَالَةٍ وَجَوَازٍ ، فَالِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِيهَا إمَّا مُحَرَّمٌ إنْ اُتُّفِقَ عَلَى كُفْرِهِ ، وَإِمَّا مَكْرُوهٌ إنْ اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِهِ .
وَإِمَّا خِلَافُ الْأَوْلَى إنْ اُتُّفِقَ عَلَى مُجَرَّدِ فِسْقِهِ .
وَيَحُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِالْمُخَالِفِ فِي الْفُرُوعِ .
وَلَوْ أَتَى بِمَانِعٍ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ وَلَيْسَ مَانِعًا فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ كَتَرْكِ الدَّلْكِ وَالْمُوَالَاةِ وَالنِّيَّةِ ، وَتَكْمِيلِ مَسْحِ الرَّأْسِ ، وَكَمَسِّ الذَّكَرِ ، وَالتَّقْبِيلِ عَلَى الْفَمِ ، وَاللَّمْسِ بِقَصْدِ اللَّذَّةِ .
أَوْ وِجْدَانِهَا وَالتَّوَضُّؤِ بِالنَّبِيذِ ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ مَذْهَبُ الْإِمَامِ لَا الْمَأْمُومِ .
وَأَمَّا شُرُوطُ الِاقْتِدَاءِ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ لَا الْإِمَامِ فَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِمُتَنَقِّلٍ أَوْ مُعِيدٍ أَوْ مُؤَدٍّ بِقَاضٍ ، أَوْ عَكْسِهِ ، أَوْ مُفْتَرِضٍ بِغَيْرِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ .
وَأَمَّا أَرْكَانُ الصَّلَاةِ فَهَلْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ كَشُرُوطِ الصَّلَاةِ فَتَصِحُّ خَلْفَ حَنَفِيٍّ يَتْرُكُ الرَّفْعَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالَ ، وَبِهَذَا صَرَّحَ الْعَدَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْخَرَشِيِّ ، أَوْ الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْبِيرِ الْعَوْفِيِّ بِالشُّرُوطِ وَمَا فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ .
قَالَ لَوْ عَلِمْت أَنَّ رَجُلًا يَتْرُكُ الْقِرَاءَةَ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ أُصَلِّ خَلْفَهُ ، هَذِهِ طَرِيقَةُ الْعَوْفِيِّ ، وَطَرِيقَةُ سَنَدٍ الْمُعْتَبَرُ مَذْهَبُ الْمَأْمُومِ فِي

الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ ، وَطَرِيقَةُ الْقَرَافِيِّ وَابْنِ نَاجِي الْمُعْتَبَرُ فِيهَا مَذْهَبُ الْإِمَامِ .

أَلِكُنَّ ( وَأَلْكَنَ )
( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءُ سَالِمٍ بِإِمَامٍ ( أَلْكَنَ ) أَيْ عَاجِزٍ عَنْ إخْرَاجِ بَعْضِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخْرَجِهِ لِعُجْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَا يَنْطِقُ بِالْحَرْفِ أَصْلًا أَوْ يَنْطِقُ بِهِ مُتَغَيِّرًا كَأَنْ يَجْعَلَ اللَّامَ ثَاءً مُثَلَّثَةً أَوْ تَاءً مُثَنَّاةً أَوْ الرَّاءَ لَامًا .

وَمَحْدُودٍ
( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ ( مَحْدُودٍ ) أَيْ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدٌّ شَرْعِيٌّ لِشُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ قَذْفٍ أَوْ زِنًا أَوْ سَرِقَةٍ إنْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ ، عَلَى أَنَّ الْحَدَّ زَاجِرٌ .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ جَابِرٌ فَلَا تُشْتَرَطُ التَّوْبَةُ ، وَمَفْهُومُ مَحْدُودٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْحَدِّ وَلَمْ يُحَدَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ .
فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ بِالْعَفْوِ عَنْ حَقِّ مَخْلُوقٍ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ فِيهِ أَوْ إتْيَانِ الْإِمَامِ تَائِبًا وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ جَازَ الِاقْتِدَاءُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا .

وَعِنِّينٍ
( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ ( عِنِّينٍ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ مُشَدَّدَةً أَيْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ أَوْ صَغِيرِ الذَّكَرِ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يَتَأَتَّى بِهِ وِقَاعٌ

( وَمُجَذَّمٍ ، إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ ، فَلْيُنَحَّ ) .
( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءٌ بِإِمَامٍ ( مُجَذَّمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْجِيمِ وَالدَّالِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةٍ ، أَيْ مَرِيضٍ بِدَاءِ الْجُذَامِ نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى الْعَافِيَةَ وَمِثْلُهُ الْمُبَرَّصُ فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَشْتَدَّ ) جُذَامُهُ بِأَنْ يُؤْذِيَ غَيْرَهُ بِرَائِحَتِهِ مَثَلًا ( فَلْيُنَحَّ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتٍ وَفَتْحِ النُّونِ وَالْحَاءُ الْمُهْمَلَةُ مُشَدَّدَةٌ أَيْ يُؤْمَرُ بِالْبُعْدِ عَنْ النَّاسِ بِالْكُلِّيَّةِ وُجُوبًا فَإِنْ امْتَنَعَ جُبِرَ

وَصَبِيٍّ بِمِثْلِهِ
( وَ ) جَازَ اقْتِدَاءُ ( صَبِيٍّ بِمِثْلِهِ ) فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَغَيْرِهَا لَا بَالِغٍ بِهِ وَلَوْ فِي نَفْلٍ

وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَا عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ يَسَارِهِ بِمَنْ حَذْوَهُ
( وَ ) جَازَ ( عَدَمُ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ ( إلْصَاقِ مَنْ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ مَأْمُومٍ مُصَلٍّ ( عَلَى يَمِينِ الْإِمَامِ أَوْ ) مَنْ عَلَى ( يَسَارِهِ بِمَنْ ) أَيْ مَأْمُومٍ صَلَّى ( حَذْوَهُ ) بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ خَلْفَ ظَهْرِ الْإِمَامِ ، وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَقَطْ ، فَيَجُوزُ عَدَمُ إلْصَاقِهِمَا مَعًا بِمَنْ خَلْفَهُ .
وَعَدَمُ إلْصَاقِ مَنْ عَلَى يَمِينِهِ بِمَنْ عَلَى يَسَارِهِ .
وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ خِلَافُ الْأَوْلَى لِأَنَّهُ تَقْطِيعٌ لِلصَّفِّ وَوَصْلُهُ مُسْتَحَبٌّ .

وَصَلَاةُ مُنْفَرِدٍ خَلْفَ صَفٍّ ، وَلَا يَجْذِبُ أَحَدًا ، وَهُوَ خَطَأٌ مِنْهُمَا
( وَ ) جَازَ ( صَلَاةُ ) مَأْمُومٍ مُقْتَدٍ بِالْإِمَامِ الَّذِي خَلْفَهُ صَفٌّ ( مُنْفَرِدٍ ) عَنْ الْمَأْمُومِينَ ( خَلْفَ صَفٍّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ .
وَإِلَّا كُرِهَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَفَضِيلَةُ الصَّفِّ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الدُّخُولُ فِيهِ ( وَلَا يَجْذِبُ ) بِتَقْدِيمِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى الْبَاءِ وَعَكْسُهُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا مَقْلُوبَ الْآخَرِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَامِلُ التَّصْرِيفِ ، وَالْقَلْبُ لَا يَكُونُ فِيهِ ، أَفَادَهُ فِي الْقَامُوسِ الْمَأْمُوم الْمُنْفَرِدُ خَلْفَ صَفٍّ ( أَحَدًا ) مِنْ الصَّفِّ وَإِنْ جَذَبَ أَحَدًا فَلَا يُطِيعُهُ الْمَجْذُوبُ ( وَهُوَ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْجَذْبِ وَالْإِطَاعَةِ ( خَطَأٌ مِنْهُمَا ) أَيْ مَكْرُوهٌ مِنْ الْجَاذِبِ وَالْمُطِيعِ .

وَإِسْرَاعٌ لَهَا بِلَا خَبَبٍ
( وَ ) جَازَ ( إسْرَاعٌ ) فِي الْمَشْيِ ( لَهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ لِإِدْرَاكِ فَضْلِهَا إسْرَاعًا يَسِيرًا ( بِلَا خَبَبٍ ) أَيْ جَرْيٍ مُذْهِبٍ لِلْخُشُوعِ فَيُكْرَهُ .
وَلَوْ خَافَ فَوَاتَ إدْرَاكِهَا وَلَوْ جُمُعَةً لِأَنَّ لَهَا بَدَلًا .
وَلِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَذِنَ فِي السَّعْيِ مَعَ السَّكِينَةِ فَانْدَرَجَتْ الْجُمُعَةُ وَغَيْرُهَا ، إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَحَلٍّ لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ وَيَضِيقُ الْوَقْتُ بِحَيْثُ يَخْشَى فَوَاتَهُ إنْ لَمْ يَخُبَّ فَيَجِبُ

وَقَتْلُ عَقْرَبٍ أَوْ فَأْرٍ بِمَسْجِدٍ
( وَ ) جَازَ ( قَتْلُ عَقْرَبٍ ) أَرَادَتْهُ أَمْ لَا ( أَوْ فَأْرٍ ) وَصِلَةُ قَتْلُ ( بِمَسْجِدٍ ) لِإِذَايَتِهِمَا مَعَ التَّحَفُّظِ مِنْ تَقْذِيرِهِ وَتَعْفِيشِهِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ بِصَلَاةٍ لَا تَبْطُلُ بِذَلِكَ وَلَوْ انْحَطَّ مَرَّةً .

وَإِحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ لَا يَعْبَثُ وَيُكَفُّ إذَا نُهِيَ
( وَ ) جَازَ ( إحْضَارُ صَبِيٍّ بِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ شَأْنُهُ ( لَا يَعْبَثُ وَيَكُفُّ ) عَنْ الْعَبَثِ ( إذَا نُهِيَ ) عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَعَهَا يُجَنَّبُ الصَّبِيُّ الْمَسْجِدَ إنْ كَانَ يَعْبَثُ أَوْ لَا يُكَفُّ إذَا نُهِيَ ا هـ .
الْبُنَانِيُّ فَإِذَا كَانَ يُجَنَّبُ مَعَ أَحَدِهِمَا لَزِمَ أَنْ لَا يَجُوزَ حُضُورُهُ إلَّا مَعَ فَقْدِهِمَا مَعًا وَنِسْبَةُ هَذَا لِلْمُدَوَّنَةِ تُفِيدُ تَرْجِيحَهُ وَعَلَيْهِ قَالُوا وَعَلَى بَابِهَا ، وَمَفْهُومُ لَا يَعْبَثُ إلَخْ أَنَّهُ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْعَبَثَ أَوْ عَدَمَ الْكَفِّ فَلَا يَجُوزُ إحْضَارُهُ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِحَدِيثِ { جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ مَجَانِينَكُمْ وَصِبْيَانَكُمْ } وَلِلسَّمَاعِ وَنَصِّهَا الْمُتَقَدِّمَيْنِ .

وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ ، أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ ، ثُمَّ قَدَمِهِ ، ثُمَّ يَمِينِهِ ، ثُمَّ أَمَامَهُ .

( وَ ) جَازَ ( بَصْقٌ بِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ ( إنْ حُصِّبَ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُشَدَّدًا أَيْ فُرِشَ بِالْحَصْبَاءِ أَيْ دَقِيقِ الْحَصَى فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ إنْ لَمْ يُفْرَشْ بِحَصِيرٍ ( أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ ) أَيْ الْمُحَصَّبِ إنْ فُرِشَ بِحَصِيرٍ وَمِثْلُهُ الْمُتَرَّبُ ، وَمَفْهُومُ إنْ حُصِّبَ أَنَّهُ إنْ بُلِّطَ فَلَا يَجُوزُ الْبَصْقُ إنْ لَمْ يُفْرَشْ وَلَا تَحْتَ حَصِيرِهِ إنْ فُرِشَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَمَفْهُومُ تَحْتَ حَصِيرِهِ امْتِنَاعُ الْبَصْقِ فَوْقَ حَصِيرِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ يَسِيرًا لَا يُؤَدِّي لِلتَّقْذِيرِ وَلَمْ يَتَأَذَّ أَحَدٌ بِهِ ، وَإِلَّا حُرِّمَ .
ابْنُ عِلَاقٍ يُنَزَّهُ الْمَسْجِدُ عَنْ إمَاطَةِ الْأَذَى بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجَسًا كَتَقْلِيمِ الْأَظْفَارِ وَالْمَضْمَضَةِ وَالْوُضُوءِ بِهِ ( ثُمَّ ) تَحْتَ ( قَدَمِهِ ) أَيْ الشَّخْصِ الْيُسْرَى عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ جِهَةِ يَسَارِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَدٌ ثُمَّ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى إنْ كَانَ بِجِهَةِ يَسَارِهِ أَحَدٌ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْبَصْقُ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى بَصَقَ ( يَمِينَهُ ) إنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَحَدٌ ، فَإِنْ كَانَ بِهِ أَحَدٌ بَصَقَ تَحْتَ قَدَمِهِ الْيُمْنَى .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْتَ الْقَدَمِ الْيُمْنَى بَصَقَ ( أَمَامَهُ ) وَفَاتَهُ الْبَصْقُ بِثَوْبِهِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ فِي الْمُصَلِّي فَلَا يُطْلَبُ مِنْ غَيْرِهِ قَالَهُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ ، وَبِهِ قَرَّرَ الْمِسْنَاوِيُّ .
وَاخْتَارَ الرَّمَاصِيُّ أَنَّهُ فِي الْمُصَلِّي وَغَيْرِهِ مِثْلَ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ لِإِطْلَاقِ عِيَاضٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ .
وَلِقَوْلِ الْأَبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنْ كَانَ النَّهْيُ لِتَعْظِيمِ الْقِبْلَةِ فَيَعُمُّ غَيْرَ الْمُصَلِّي وَغَيْرَ الْمَسْجِدِ ، لَكِنْ يَتَأَكَّدُ فِي الْمَسْجِدِ وَهَذَا التَّرْتِيبُ وَالتَّفْصِيلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبَصْقٌ بِهِ إنْ حُصِّبَ فَقَطْ لَكِنْ الَّذِي أَفَادَهُ عِيَاضٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ الْيُسْرَى مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ .
عج لَوْ

قَالَ الْمُصَنِّفُ وَبَصْقٌ بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ ، ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَتَحْتَ قَدَمِهِ ، ثُمَّ يَمِينِهِ ، ثُمَّ أَمَامَهُ فِي مُحَصَّبٍ فَقَطْ لَأَتَى بِالْمَسْأَلَةِ مُسْتَوْفَاةً سَالِمَةً مِنْ التَّعْقِيدِ .
وَقَوْلِي بِمُحَصَّبٍ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ يَشْمَلُ الْمُصَلِّيَ وَغَيْرَهُ وَقَوْلِي أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَوْقَ الْحَصْبَاءِ .
وَقَوْلِي كَفِي طَرْفِ ثَوْبِهِ لِمُصَلٍّ وَإِنْ بِغَيْرِهِ أَيْ وَإِنْ بِغَيْرِ الْمُحَصَّبِ .
وَقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ إلَخْ فِيهِ إفَادَةٌ أَنَّ جِهَةَ الْيَسَارِ وَتَحْتَ الْقَدَمِ مَرْتَبَةٌ وَاحِدَةٌ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَلِّيَ يَبْصُقُ بِطَرْفِ ثَوْبِهِ مُطْلَقًا ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَبْصُقَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَإِنْ كَانَ مُبَلَّطًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ مُحَصَّبًا فَلَهُ ذَلِكَ عَلَى التَّرْتِيبِ الَّذِي ذَكَرْنَا .
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُصَلِّي فَيَبْصُقُ فِي خِلَالِ الْحَصْبَاءِ أَوْ تَحْتَ حَصِيرِهِ لَكِنْ لَا يُطْلَبُ مِنْهُ التَّرْتِيبُ الْمُتَقَدِّمُ .
وَقَوْلِي مُحَصَّب فَقَطْ يَرْجِعُ لِقَوْلِي ثُمَّ عَنْ يَسَارِهِ وَمَا بَعْدَهُ .
وَاخْتِصَاصُ جَوَازِ الْبَصْقِ تَحْتَ الْحَصِيرِ بِالْمُحَصَّبِ تَبِعْت فِيهِ غَيْرَ وَاحِدٍ .
وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ يُفِيدُ جَرَيَانَهُ فِي الْمُبَلَّطِ ، وَالنُّخَامَةُ كَالْبَصْقِ وَجَوَازُهُمَا مُقَيَّدٌ بِالْمَرَّةِ وَالْمَرَّتَيْنِ لَا أَكْثَرَ وَبِأَنْ لَا يَتَأَذَّى بِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا مُنِعَ ا هـ .

وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ ، وَاسْتِسْقَاءٍ ، وَشَابَّةٍ لِمَسْجِدٍ وَلَا يُقْضَى عَلَى زَوْجِهَا بِهِ

( وَ ) جَازَ ( خُرُوجُ ) مَرْأَةٍ ( مُتَجَالَّةٍ ) لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا غَالِبًا ( لِ ) صَلَاةِ ( عِيدٍ وَ ) صَلَاةِ ( اسْتِسْقَاءٍ ) وَلِلْفَرْضِ بِالْأَحْرَى وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَالْمُتَجَالَّةُ الَّتِي لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا أَصْلًا تَخْرُجُ لِمَا ذُكِرَ وَلِمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلِجِنَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ .
( وَ ) جَازَ خُرُوجُ مَرْأَةٍ ( شَابَّةٍ ) غَيْرِ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالْجَمَالِ وَإِلَّا فَلَا تَخْرُجْ لِشَيْءٍ أَصْلًا ( لِمَسْجِدٍ ) لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَعَ الْجَمَاعَةِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَقَرَابَتِهَا بِشَرْطِ عَدَمِ الطِّيبِ وَالزِّينَةِ ، وَأَنْ لَا تُخْشَى مِنْهَا الْفِتْنَةَ ، وَأَنْ تَخْرُجَ فِي رَدِيءِ ثِيَابِهَا ، وَأَنْ لَا تُزَاحِمَ الرِّجَالَ ، وَأَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ مَأْمُونَةً مِنْ تَوَقُّعِ الْمَفْسَدَةِ وَإِلَّا حُرِّمَ .
ابْنُ رُشْدٍ تَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدِي أَنَّ النِّسَاءَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ : عَجُوزٌ انْقَطَعَتْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا فَهَذِهِ كَالرَّجُلِ ، فَتَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرْضِ وَلِمَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِلْمِ ، وَتَخْرُجُ لِلصَّحْرَاءِ لِلْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَلِجِنَازَةِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا .
وَمُتَجَالَّةٌ لَمْ تَنْقَطِعْ حَالَةُ الرِّجَالِ مِنْهَا بِالْجُمْلَةِ ، فَهَذِهِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِلْفَرَائِضِ وَمَجَالِسِ الْعِلْمِ وَالذِّكْرِ وَلَا تُكْثِرُ التَّرَدُّدَ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا ، أَيْ يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ فِي الرِّوَايَةِ .
وَشَابَّةٌ غَيْرُ فَارِهَةٍ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ تَخْرُجُ لِلْمَسْجِدِ لِصَلَاةِ الْفَرْضِ جَمَاعَةً وَفِي جَنَائِزِ أَهْلِهَا وَأَقَارِبِهَا وَلَا تَخْرُجُ لِعِيدٍ وَلَا اسْتِسْقَاءٍ وَلَا لِمَجَالِسِ ذِكْرٍ أَوْ عِلْمٍ .
وَشَابَّةٌ فَارِهَةٌ فِي الشَّبَابِ وَالنَّجَابَةِ فَهَذِهِ الِاخْتِيَارُ لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا ا هـ .
وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقِسْمَ الثَّانِيَ .
كَالْأَوَّلِ فِي الْحُكْمِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فَقَالَ عِنْدَ قَوْلِهَا وَتَخْرُجُ الْمُتَجَالَّةُ إنْ أَحَبَّتْ مَا نَصُّهُ

ظَاهِرُهُ انْقَطَعَتْ مِنْهَا حَالَةُ الرِّجَالِ أَمْ لَا .
( وَلَا يُقْضَى ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ( عَلَى زَوْجِهَا ) أَيْ الشَّابَّةِ ( بِهِ ) أَيْ الْخُرُوجِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ فَيُفْهَمُ مِنْهُ الْقَضَاءُ عَلَى زَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ بِخُرُوجِهَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنْ مَنَعَهَا مِنْهُ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَرْأَةِ شَابَّةً كَانَتْ أَوْ مُتَجَالَّةً وَهُوَ ظَاهِرُ السَّمَاعِ ، وَلَكِنْ الْأَوْلَى لِزَوْجِ الْمُتَجَالَّةِ عَدَمُ مَنْعِهَا وَأَمَّا مَخْشِيَّةُ الْفِتْنَةِ فَيُقْضَى عَلَيْهَا بِمَنْعِ خُرُوجِهَا .

وَاقْتِدَاءُ ذَوِي سُفُنٍ بِإِمَامٍ
( وَ ) جَازَ ( اقْتِدَاءُ ذَوِي ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيْ أَصْحَابِ وَرُكَّابِ ( سُفُنٍ ) بِضَمِّ السِّينِ وَالْفَاءِ جَمْعُ سَفِينَةٍ مُتَقَارِبَةٍ فِي الْمَرْسَى أَوْ سَائِرَةٍ ( بِإِمَامٍ ) وَاحِدٍ فِي بَعْضِهَا يَسْمَعُونَ أَقْوَالَهُ أَوْ أَقْوَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ ، أَوْ يَرَوْنَ أَفْعَالَهُ أَوْ أَفْعَالَ مَنْ مَعَهُ فِي سَفِينَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ .
وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي السَّفِينَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ مِنْ طُرُوُّ مَا يُفَرِّقُهُمْ مِنْ رِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ .
فَإِنْ فَرَّقَهُمْ الرِّيحُ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِالْإِمَامِ اسْتَخْلَفُوا مَنْ يُتِمُّ بِهِمْ ، وَإِنْ شَاءُوا أَتَمُّوا أَفْذَاذًا فَإِنْ اجْتَمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا أَوْ لَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ رَجَعُوا لِإِمَامِهِمْ وُجُوبًا وَإِلَّا بَطَلَتْ وَإِذَا رَجَعُوا لَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا جَرَى عَلَى قَوْلِهِ .
وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ عَنْ رُكُوعٍ إلَخْ ، وَإِنْ عَمِلُوا عَمَلًا غَيْرَ الْقِرَاءَةِ أَوْ اسْتَخْلَفُوا فَلَا يَرْجِعُونَ لَهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ .

وَفَصْلُ مَأْمُومٍ بِنَهْرٍ صَغِيرٍ أَوْ طَرِيقٍ
( وَ ) جَازَ ( فَصْلُ مَأْمُومٍ ) عَنْ إمَامِهِ ( بِنَهْرٍ صَغِيرٍ ) أَيْ غَيْرِ مَانِعٍ مِنْ سَمَاعِ أَقْوَالِ الْإِمَامِ أَوْ مَأْمُومِيهِ أَوْ رُؤْيَةِ أَفْعَالِهِ أَوْ أَفْعَالِ مَأْمُومِيهِ ، وَمَفْهُومُ صَغِيرٍ امْتِنَاعُ الْفَصْلِ بَيْنَهُمَا بِنَهْرٍ كَبِيرٍ مَانِعٍ مِمَّا ذُكِرَ ( أَوْ طَرِيقٍ ) صَغِيرٍ كَذَلِكَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ لِأَهْلِ الْأَسْوَاقِ أَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً وَإِنْ فَرَّقَتْ الطَّرِيقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ إمَامِهِمْ

وَعُلُوُّ مَأْمُومٍ ؛ وَلَوْ بِسَطْحٍ .
لَا عَكْسُهُ ، وَبَطَلَتْ بِقَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ الْكِبْرَ ، إلَّا بِكَشِبْرٍ .
وَهَلْ يَجُوزُ إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ ؟ تَرَدُّدٌ

( وَ ) جَازَ ( عُلُوُّ مَأْمُومٍ ) عَلَى إمَامِهِ بِغَيْرِ سَطْحٍ بَلْ ( وَلَوْ بِسَطْحٍ ) فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ عُلُوًّا يَضْبِطُ مَعَهُ أَحْوَالَ إمَامِهِ بِسُهُولَةٍ .
فَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ كُرِهَ ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ حَرُمَ ( لَا ) يَجُوزُ ( عَكْسُهُ ) أَيْ عُلُوِّ الْمَأْمُومِ وَهُوَ عُلُوُّ الْإِمَامِ أَيْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ .
وَقِيلَ يُمْنَعُ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا ( وَبَطَلَتْ ) الصَّلَاةُ ( بِ ) سَبَبِ ( قَصْدِ إمَامٍ وَمَأْمُومٍ بِهِ ) أَيْ الْعُلُوِّ ( الْكِبْرَ ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ يَسِيرًا ، وَأَنَّهُ لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا الْكِبْرَ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْآخَرِ أَوْ بَعْضُ الْمَأْمُومِينَ عَلَى بَعْضٍ أَوْ بِالصَّلَاةِ عَلَى نَحْوِ سَجَّادَةٍ فَلَا تَبْطُلُ .
وَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا عَكْسَهُ فَقَالَ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ ( بِكَشِبْرٍ ) أَوْ ذِرَاعٍ أَوْ بِقَصْدِ تَعْلِيمٍ أَوْ ضَرُورَةٍ كَضِيقِ مَكَان أَوْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ صَلَّى رَجُلٌ بِجَمَاعَةٍ أَوْ فَذًّا فِي مَكَان عَالٍ فَاقْتَدَى بِهِ شَخْصٌ أَوْ أَكْثَرُ فِي مَكَان أَسْفَلَ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ عَلَى ذَلِكَ .
( وَهَلْ يَجُوزُ ) عُلُوُّ الْإِمَامِ عَلَى الْمَأْمُومِ بِأَكْثَرَ مِنْ كَشِبْرٍ ( إنْ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ ) فِي الْمَكَانِ الْعَالِي ( طَائِفَةٌ ) مِنْ الْمَأْمُومِينَ ( كَغَيْرِهِمْ ) أَيْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي الْمَكَانِ السَّافِلِ فِي الشَّرَفِ وَالْمِقْدَارِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مَنْ مَعَهُ أَدْنَى رُتْبَةً مِنْ الْمُقْتَدِينَ بِهِ فِي السَّافِلِ ، أَوْ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَحَلُّ الْعَالِي مُعَدًّا لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ عُمُومًا .
فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ وَكَسِلَ بَعْضُهُمْ فَصَلَّى أَسْفَلَ فَلَا مَنْعَ وَلَا كَرَاهَةَ اتِّفَاقًا ، وَالْأَحْسَنُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ تَرَدُّدٌ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ عُلُوِّ الْإِمَامِ

سَوَاءٌ حُمِلَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْحُرْمَةِ هَلْ ذَلِكَ مُطْلَقًا ، أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَعَ الْإِمَامِ طَائِفَةٌ كَغَيْرِهِمْ أَوْ صَلَّى وَحْدَهُ ، أَوْ مَعَ طَائِفَةٍ أَشْرَفَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مَحَلُّهُ إنْ كَانَ وَحْدَهُ فِي الْمَكَانِ الْمُرْتَفِعِ أَوْ مَعَهُ فِيهِ أَشْرَافُ النَّاسِ .
فَإِنْ كَانَ مَعَهُ طَائِفَةٌ مِنْ عُمُومِ النَّاسِ أَوْ مِثْلَ غَيْرِهِمْ فَلَا مَنْعَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ .

، وَمُسْمِعٌ وَاقْتِدَاءٌ بِهِ ، أَوْ بِرُؤْيَةٍ ، وَإِنْ بِدَارٍ
( وَ ) جَازَ ( مُسْمِعٌ ) بِضَمِّ الْمِيمِ الْأُولَى وَكَسْرِ الثَّانِيَةِ مُخَفَّفَةً إنْ سَكَنَتْ السِّينُ وَمُثَقَّلَةً إنْ فُتِحَتْ أَيْ اتِّخَاذِهِ وَنَصْبَهُ لَيُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ ، بِرَفْعِ صَوْتِهِ بِالتَّكْبِيرِ فَيَعْلَمُونَ فِعْلَ الْإِمَامِ ( وَ ) جَازَ ( اقْتِدَاءٌ ) بِالْإِمَامِ ( بِ ) سَبَبِ سَمَاعِ صَوْتِ ( هـ ) أَيْ الْمُسْمِعِ وَالْأَفْضَلُ رَفْعُ الْإِمَامِ صَوْتَهُ حَتَّى يُسْمِعَ الْمَأْمُومِينَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمُسْمِعِ .
وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُسْمِعُ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ خُنْثَى مُشْكِلًا أَوْ مُحْدِثًا أَوْ كَافِرًا وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ .
وَقِيلَ إنَّهُ وَكِيلُ الْإِمَامِ وَنَائِبُهُ فَلَا يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ شُرُوطَ الْإِمَامِ ، وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلَ زَادَهَا الْوَنْشَرِيسِيُّ فِي نَظْمِ إيضَاحِ الْمَسَالِكِ لِوَالِدِهِ فَقَالَ : هَلْ الْمُسَمِّعُ وَكِيلٌ أَوْ عَلَمَ عَلَى صَلَاةِ مَنْ تَقَدَّمَ فَأَمَّ عَلَيْهِ تَسْمِيعُ صَبِيٍّ أَوْ مَرَّهْ أَوْ مُحْدِثٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْكَفَرَهْ وَاخْتَارَ الْأَوَّلَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّقَانِيُّ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ( أَوْ ) اقْتِدَاءٌ بِالْإِمَامِ ( بِ ) سَبَبِ ( رُؤْيَةٍ ) لِلْإِمَامِ أَوْ لِمَأْمُومِهِ إنْ كَانَ الْمَأْمُومُ الْمُعْتَمِدُ بِمَحَلِّ الْإِمَامِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْمَأْمُومُ ( بِدَارِ ) وَالْإِمَامُ بِمَسْجِدٍ أَوْ دَارٍ أُخْرَى .

وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ ، بِخِلَافِ الْإِمَامِ : وَلَوْ بِجِنَازَةٍ ، إلَّا جُمُعَةً وَجَمْعًا ، وَخَوْفًا وَمُسْتَخْلَفًا : كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ، وَاخْتَارَ فِي الْأَخِيرِ : خِلَافَ الْأَكْثَرِ ، وَمُسَاوَاةٌ فِي الصَّلَاةِ ، وَإِنْ بِأَدَاءٍ وَقَضَاءٍ ، أَوْ بِظُهْرَيْنِ مِنْ يَوْمَيْنِ ، إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ

( وَشَرْطُ ) صِحَّةِ ( الِاقْتِدَاءِ ) مِنْ الْمَأْمُومِ بِإِمَامِهِ ( نِيَّتُهُ ) أَيْ الِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ أَوَّلَ صَلَاتِهِ ، فَلَوْ أَحْرَمَ فَذًّا ثُمَّ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بِغَيْرِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِعَدَمِ نِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَوَّلَ الصَّلَاةِ فحط الشَّرْطِيَّةُ قَوْلُنَا أَوَّلَ صَلَاتِهِ فَالْمُنَاسِبُ التَّصْرِيحُ بِهِ وَتَفْرِيعُ لَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ ، فَلَا يُقَالُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الِاقْتِدَاءَ يَتَحَقَّقُ خَارِجًا بِدُونِ نِيَّتِهِ ، وَتَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الشَّرْطِ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الِاقْتِدَاءُ هُوَ نِيَّةُ الْمُتَابَعَةِ فَجَعْلُهَا شَرْطًا فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ .
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَوَّلِيَّةِ لَا عَلَى النِّيَّةِ ، فَإِنْ نَوَى الِاقْتِدَاءَ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَذًّا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَوْ غَيْرِهَا حَصَلَ الِاقْتِدَاءُ فَاسِدًا لِعَدَمِ شَرْطِ صِحَّتِهِ وَهُوَ الْأَوَّلِيَّةُ .
( بِخِلَافِ ) نِيَّةِ ( الْإِمَامِ ) الْإِمَامَةَ فَلَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا وَلَا فِي صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ إنْ كَانَ إمَامًا بِغَيْرِ جِنَازَةٍ بَلْ ( وَلَوْ ) كَانَ إمَامًا ( بِجِنَازَةٍ ) لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا ، وَأَشَارَ بِوَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ شَرْطُ صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا .
فَإِنْ صُلِّيَتْ أَفْذَاذًا أُعِيدَتْ مَا لَمْ تُدْفَنْ ( إلَّا جُمُعَةً ) فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا نِيَّةُ الْإِمَامَةِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهَا وَكُلُّ مَا كَانَتْ الْجَمَاعَةُ شَرْطًا فِيهِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِيهِ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ لِانْفِرَادِهِمْ .
الْعَدَوِيُّ لَا يَخْفَى أَنَّ النِّيَّةَ الْحُكْمِيَّةَ تَكْفِي وَهِيَ لَازِمَةٌ لِتَقَدُّمِ الْإِمَامِ لِلْإِمَامَةِ فِي الْجُمُعَةِ وَالْجَمْعِ وَصَلَاةِ الْخَوْفِ وَالِاسْتِخْلَافِ ، فَلَا فَائِدَةَ لِاشْتِرَاطِهَا فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِنِيَّتِهَا عَدَمُ نِيَّةِ الِانْفِرَادِ .
( وَ ) إلَّا ( جَمْعًا

) بَيْنَ مَغْرِبٍ وَعِشَاءٍ لَيْلَةَ الْمَطَرِ وَنَحْوَهُ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ شَرْطٌ فِيهِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ إحْرَامِهِمَا عَلَى الظَّاهِرِ .
وَقَدْ تَرَدَّدَ ابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ فِي هَذِهِ النِّيَّةِ هَلْ مَحَلُّهَا الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ أَوْ هُمَا ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَيْضًا وَتَكُونُ عِنْدَ الْأُولَى مُسْتَحَبَّةٌ لِلثَّانِيَةِ وَهِيَ وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ فَلَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ .
بِخِلَافِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَوَاجِبٌ شَرْطٌ فِيهِمَا .
فَإِنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا .
وَإِنْ تُرِكَتْ فِي الثَّانِيَةِ بَطَلَتْ فَقَطْ .
الْعَدَوِيُّ هَكَذَا الْفِقْهُ وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لِوُقُوعِ الْأُولَى فِي وَقْتِهَا مُسْتَوْفِيَةً أَرْكَانَهَا وَشُرُوطَهَا .
الْبُنَانِيُّ قَوْلُهُ إنْ تُرِكَتْ فِيهِمَا بَطَلَتَا فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا وَجْهَ لِبُطْلَانِ الْأُولَى وَإِنَّمَا تَبْطُلُ الثَّانِيَةُ .
وَ ) إلَّا ( خَوْفًا ) أَيْ صَلَاتُهُ بِقِسْمِ الْقَوْمِ فَنِيَّةُ الْإِمَامَةِ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا إذْ الْجَمَاعَةُ شَرْطٌ فِيهَا .
فَإِنْ نَوَى الِانْفِرَادَ بَطَلَتْ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَفَادَهُ عبق .
الْعَدَوِيُّ الصَّوَابُ بُطْلَانُهَا عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَقَطْ لِأَنَّهَا فَارَقَتْ الْإِمَامَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْمُفَارَقَةِ .
وَأَمَّا صَلَاةُ الْإِمَامِ وَالطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَصَحِيحَةٌ ا هـ .
وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ عبق بِتَلَاعُبِ الْإِمَامِ وَإِخْلَالِهِ بِكَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ بِانْتِظَارِ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ ، فَالصَّوَابُ كَلَامُ عبق عَبْدِ الْوَهَّابِ إذَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ بِطَائِفَتَيْنِ ، فَلَا بُدَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْوِيَ الْإِمَامَةَ لِأَنَّ صَلَاتَهَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَا تَصِحُّ إلَّا جَمَاعَةً ا هـ .
وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَهُ الْحَطّ فَكَلَامُ عبق هُوَ الصَّوَابُ .
( وَ ) إلَّا ( مُسْتَخْلَفًا ) بِفَتْحِ اللَّامِ فَشَرْطُ صِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ نِيَّتُهُ الْإِمَامَةَ لِيُمَيِّزَ بَيْنَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَمَا انْتَقَلَ إلَيْهِ مِنْ

الْإِمَامِيَّةِ .
فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ مَا لَمْ يَنْوِ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْإِمَامِ مَعَ كَوْنِهِ مَأْمُومًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَلَاعُبِهِ .
وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَأْمُومِينَ فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ فِي الْحَالَيْنِ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا .
وَشَبَّهَ فِي اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ ( كَفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ) فِي الصَّلَاةِ فَشَرْطُ حُصُولِهِ لِلْإِمَامِ نِيَّةُ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا أَوَّلًا .
فَإِنْ شَرَعَ فِي صَلَاةٍ مُنْفَرِدًا فَائْتَمَّ بِهِ بَالِغٌ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ وَنَوَى الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُمَا .
وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ حَتَّى أَتَمَّ أَوْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ حَصَلَ الْفَضْلُ لِلْمَأْمُومِ لَا لَهُ فَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ لِتَحْصِيلِ الْفَضْلِ وَبِهِ يُلْغَزُ إمَامٌ صَلَّى بِقَوْمٍ حَصَلَ لَهُمْ فَضْلُ الْجَمَاعَةِ ، وَلَهُ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ أُخْرَى ا هـ بْن .
( وَاخْتَارَ ) اللَّخْمِيُّ مِنْ نَفْسِهِ ( فِي ) هَذَا الْحُكْمِ ( الْأَخِيرِ ) وَهُوَ حُصُولُ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِلْإِمَامِ ( خِلَافَ ) قَوْلِ ( الْأَكْثَرِ ) أَيْ أَنَّ نِيَّةَ الْإِمَامَةِ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا حَصَلَ الْفَضْلُ لَهُ أَيْضًا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
( وَ ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ ( مُسَاوَاةٌ ) بَيْنَ إمَامٍ وَمَأْمُومِهِ ( فِي ) ذَاتِ ( الصَّلَاةِ ) فَلَا تَصِحُّ ظُهْرٌ خَلْفَ عَصْرٍ وَلَا عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُسَاوَاةُ بَطَلَتْ إنْ كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ بَيْنَهُمَا فِي الذَّاتِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ ( بِأَدَاءٍ ) لِإِحْدَى الصَّلَاتَيْنِ ( وَقَضَاءٍ ) لِلْأُخْرَى كَظُهْرٍ قَضَاءً خَلْفَ ظُهْرٍ أَدَاءً أَوْ عَكْسِهِ وَصَلَاةُ مَالِكِيٍّ الظُّهْرَ مُقْتَدِيًا بِشَافِعِيٍّ فِيهَا بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ صَحِيحَةٌ لِأَنَّهُمَا بِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْمَأْمُومِ أَدَاءٌ ، وَبِاعْتِبَارِ مَذْهَبِ الْإِمَامِ قَضَاءٌ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَذْهَبَيْنِ .
( أَوْ بِ ) زَمَانٍ كَ ( ظُهْرَيْنِ ) مَثَلًا ( مِنْ يَوْمَيْنِ ) كَظُهْرِ يَوْمِ

الِاثْنَيْنِ خَلْفَ ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ ذَاتِ الصَّلَاةِ وَصِفَتِهَا وَزَمَنِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ ( إلَّا نَفْلًا خَلْفَ فَرْضٍ ) فَيَجُوزُ كَضُحًى خَلْفَ صُبْحٍ بَعْدَ شَمْسٍ وَيُغْتَفَرُ اخْتِلَافُهُمَا بِالْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ بِالْأَوْلَى مِنْ اغْتِفَارِ اخْتِلَافِهِمَا بِالذَّاتِ وَرَكْعَتَيْ نَفْلٍ خَلْفَ سَفَرِيَّةٍ أَوْ أَخِيرَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ أَرْبَعٍ خَلْفَ رُبَاعِيَّةٍ حَضَرِيَّةٍ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِأَرْبَعٍ .

وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ كَالْعَكْسِ
( وَلَا يَنْتَقِلُ مُنْفَرِدٌ ) بِصَلَاةٍ ( لِجَمَاعَةٍ ) بِنِيَّةِ الِاقْتِدَاءِ فِي أَثْنَائِهَا لِفَوَاتِ مَحَلِّهَا ، وَهُوَ أَوَّلُ الصَّلَاةِ فَهَذَا مِنْ فَوَائِدِ قَوْلِهِ وَشَرْطُ الِاقْتِدَاءِ نِيَّتُهُ فَالْأَوْلَى تَفْرِيعُهُ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَشَبَّهَ فِي الِامْتِنَاعِ الِانْتِقَالَ فَقَالَ ( كَالْعَكْسِ ) أَيْ انْتِقَالُ مَنْ فِي جَمَاعَةٍ لِلِانْفِرَادِ فَإِنْ انْتَقَلَ مُنْفَرِدٌ لِجَمَاعَةٍ أَوْ مَنْ فِيهَا لِلِانْفِرَادِ بَطَلَتْ .
وَأَمَّا انْتِقَالُ مُنْفَرِدٍ لِإِمَامَةٍ فَجَائِزٌ كَأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ أَحَدٌ فَيَنْوِيَ الْإِمَامَةَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْعَكْسِ صَلَاةُ الْقِسْمَةِ وَالِاسْتِخْلَافُ وَالسَّهْوُ وَالرُّعَافُ ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْجَمَاعَةِ مَعَ بَقَائِهَا ، وَفِي هَذِهِ الِانْتِقَالُ عَنْهَا بَعْدَ ذَهَابِهَا بُنَانِيٌّ وَمَحَلُّ امْتِنَاعِ الِانْتِقَالِ عَنْ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ يَضُرَّ الْإِمَامُ بِالْمَأْمُومِ فِي التَّطْوِيلِ وَإِلَّا فَلَهُ الِانْتِقَالُ .

وَفِي مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ : قَوْلَانِ
( وَفِي ) لُزُومِ اتِّبَاعِ مَأْمُومٍ ( مَرِيضٍ ) مَرَضًا مَانِعًا عَنْ الْقِيَامِ ( اقْتَدَى بِ ) إمَامٍ ( مِثْلِهِ ) فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ ( فَصَحَّ ) الْمَأْمُومُ وَقَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَيَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ ، لَكِنْ مِنْ قِيَامٍ لِدُخُولِهِ مَعَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ وَعَدَمِ لُزُومِ اتِّبَاعِهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الِانْتِقَالُ عَنْهُ وَإِتْمَامُهَا فَذًّا كَاقْتِدَاءِ قَادِرٍ بِمِثْلِهِ فَطَرَأَ عَجْزُ الْإِمَامِ ( قَوْلَانِ ) لَمْ يَطَّلِعْ الْمُصَنِّفُ عَلَى رَاجِحِيَّةِ أَحَدِهِمَا وَفِي مَفْهُومِ مَرِيضٍ اقْتَدَى بِمِثْلِهِ فَصَحَّ تَفْصِيلٌ .
فَإِنْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِصَحِيحٍ ثُمَّ صَحَّ الْمُقْتَدِي أَوْ اقْتَدَى مَرِيضٌ بِمِثْلِهِ فَصَحَّ الْإِمَامُ أَوْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْمَأْمُومُ فَيَلْزَمُهُ الْإِتْمَامُ مَعَ الْإِمَامِ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ ، وَإِنْ اقْتَدَى صَحِيحٌ بِمِثْلِهِ فَمَرِضَ الْإِمَامُ فَيَلْزَمُ الْمَأْمُومَ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمَأْمُومِيَّةِ وَإِتْمَامُهَا فَذًّا أَوْ إمَامًا لِإِمَامِهِ .

وَمُتَابَعَةٌ فِي إحْرَامٍ وَسَلَامٍ .
فَالْمُسَاوَاةُ ، وَإِنْ بِشَكٍّ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ ، مُبْطِلَةٌ .
إلَّا الْمُسَاوَقَةُ : كَغَيْرِهِمَا لَكِنْ سَبْقُهُ مَمْنُوعٌ ، وَإِلَّا كُرِهَ

( وَ ) شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ ( مُتَابَعَةٌ ) أَيْ اتِّبَاعُ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ وَتَأَخُّرُهُ عَنْهُ ( فِي ) تَكْبِيرَةِ ( إحْرَامٍ وَسَلَامٍ ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ بِأَنْ يُكَبِّرَ بَعْدَ تَكْبِيرِ الْإِمَامِ وَيُسَلِّمَ بَعْدَ سَلَامِهِ ، فَإِنْ سَبَقَهُ فِي أَحَدِهِمَا وَلَوْ بِحَرْفٍ أَوْ سَاوَاهُ فِي الِابْتِدَاءِ بَطَلَتْ ، وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ فَهَذِهِ سِتٌّ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ وَلَوْ بِحَرْفٍ صَحَّتْ إنْ خَتَمَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ فَهَاتَانِ صُورَتَانِ .
وَإِنْ خَتَمَ قَبْلَهُ بَطَلَتْ فَالصُّوَرُ تِسْعٌ الصَّلَاةُ بَاطِلَةٌ فِي سَبْعٍ مِنْهَا وَصَحِيحَةٌ فِي اثْنَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُومُ عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا إلَّا مَنْ سَلَّمَ سَاهِيًا قَبْلَ إمَامِهِ فَيُسَلِّمُ بَعْدَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ .
فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ بَعْدَهُ وَطَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ ( فَالْمُسَاوَاةُ ) مِنْ الْمَأْمُومِ لِإِمَامِهِ فِي الْإِحْرَامِ أَوْ السَّلَامِ وَأَوْلَى السَّبَقُ إنْ كَانَتْ مِنْ مُتَحَقِّقِ الْمَأْمُومِيَّةِ بَلْ : ( وَإِنْ بِشَكٍّ ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ( فِي الْمَأْمُومِيَّةِ ) وَالْإِمَامِيَّةِ أَوْ الْفَذِّيَّةِ ( مُبْطِلَةٌ ) لِصَلَاةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ خَتَمَ بَعْدَهُ ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا أَوْ إمَامًا أَوْ فَذًّا أَوْ فِي كَوْنِهِ مَأْمُومًا مَعَ شَكِّهِ فِي أَحَدِهِمَا وَسَاوَاهُ أَوْ سَبَقَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِ .
وَكَذَا إذَا شَكَّا مَعَهُ فِي ذَلِكَ وَتَسَاوَيَا وَإِلَّا فَعَلَى السَّابِقِ مِنْهُمَا ، وَمَفْهُومُ فِي الْمَأْمُومِيَّةِ أَنَّهُ إذَا شَكَّ أَحَدُهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِسَبَقِهِ أَوْ مُسَاوَاتِهِ الْآخَرَ فِيهِمَا ، أَوْ فِي أَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ مَأْمُومٌ فِي الْوَاقِعِ .
وَكَذَا شَكُّ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْإِمَامِيَّةِ وَالْفَذِّيَّةِ وَنِيَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا إمَامَتُهُ لِلْآخَرِ صَحَّتْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا .
( لَا ) تَبْطُلُ ( الْمُسَاوَقَةُ ) أَيْ الْمُتَابَعَةُ فَوْرًا وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يُكَبِّرَ أَوْ يُسَلِّمَ إلَّا بَعْدَ سُكُونِهِ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْإِبْطَالِ فَقَالَ ( كَ ) سَبْقِ أَوْ

مُسَاوَاةِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي ( غَيْرِهِمَا ) أَيْ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ مِنْ رُكُوعٍ وَسُجُودِهِ ، أَوْ رَفْعٍ مِنْهُمَا فَلَا يُبْطِلُهَا ( لَكِنْ سَبْقُهُ ) أَيْ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ( مَمْنُوعٌ ) وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ إنْ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَهُ بِأَنْ رَكَعَ أَوْ سَجَدَ قَبْلَهُ وَانْتَظَرَهُ حَتَّى رَكَعَ أَوْ سَجَدَ وَرَفَعَ بَعْدَهُ أَوْ مَعَهُ أَوْ قَبْلَهُ .
فَإِنْ سَبَقَهُ بِالرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ بِأَنْ سَجَدَ أَوْ رَكَعَ وَرَفَعَ قَبْلَ سُجُودِ الْإِمَامِ أَوْ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ إنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ .
( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ فِي غَيْرِهِمَا بِأَنْ سَاوَاهُ فِيهِ ( كُرِهَ ) فَالْمَنْدُوبُ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَهُ وَيُدْرِكَهُ فِيهِ .
عِيَاضٌ اُخْتُلِفَ فِي الْمُخْتَارِ فِي اتِّبَاعِهِ فِي غَيْرِ الْإِحْرَامِ وَالسَّلَامِ هَلْ هُوَ بِإِثْرِ شُرُوعِهِ أَوْ بِإِثْرِ تَمَامِ فِعْلِهِ كَاسْتِوَائِهِ قَائِمًا .
وَأَمَّا فِعْلُهُ الرُّكْنَ بَعْدَ فَرَاغِ الْإِمَامِ مِنْهُ كَرُكُوعِهِ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ فِي غَيْرِ الْأُولَى فَحَرَامٌ وَتَبْطُلُ فِي الْأُولَى إنْ اعْتَدَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ فِي صُلْبِ الْإِمَامِ ، وَكَسُجُودٍ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ سَاجِدًا فِي الْأَخِيرَةِ حَتَّى سَلَّمَ الْإِمَامُ كُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ .

وَأُمِرَ الرَّافِعُ بِعَوْدِهِ : إنْ عَلِمَ إدْرَاكَهُ قَبْلَ رَفْعِهِ ، لَا إنْ خَفَضَ .
( وَأُمِرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ وَكَسْرِ الْمِيمِ الْمَأْمُومُ ( الرَّافِعُ ) مِنْ رُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ ، وَصِلَةُ أُمِرَ ( بِعَوْدَةٍ ) أَيْ رُجُوعِ الْمَأْمُومِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي رَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ إمَامِهِ وَرَفْعِهِ مِنْهُ بَعْدَ رَفْعِ إمَامِهِ مِنْهُ ( إنْ عَلِمَ ) الْمَأْمُومُ أَوْ ظَنَّ ( إدْرَاكَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ( قَبْلَ رَفْعِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ .
فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ إدْرَاكِهِ فِيهِ قَبْلَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِعَوْدِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ بِحَالِهِ حَتَّى يَلْحَقَهُ الْإِمَامُ .
( لَا ) يُؤْمَرُ الْمَأْمُومُ بِالْعَوْدِ إلَى الرَّفْعِ ( إنْ خَفَضَ ) لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ قَبْلَ خَفْضِ إمَامِهِ لَهُ فَيَثْبُتُ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا حَتَّى يَلْحَقَهُ إمَامُهُ لِأَنَّ الْخَفْضَ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ بَلْ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالرُّجُوعِ كَالرَّافِعِ قَبْلَهُ .
وَهَلْ الْعَوْدُ سُنَّةٌ وَهُوَ لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، أَوْ وَاجِبٌ وَهُوَ لِلْبَاجِيِّ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَلَمْ يُرَجِّحْ أَحَدَهُمَا وَمَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ أَخَذَ فَرْضَهُ مَعَ الْإِمَامِ قَبْلَ رَفْعِهِ أَوْ خَفْضِهِ بِأَنْ اطْمَأَنَّ مَعَهُ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ثُمَّ رَفَعَ قَبْلَهُ أَوْ فِي الْقِيَامِ أَوْ الْجُلُوسِ ثُمَّ خَفَضَ قَبْلَهُ وَإِلَّا عَادَ وُجُوبًا اتِّفَاقًا فَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ .
وَإِنْ تَرَكَهُ سَهْوًا فَكَالْمَزْحُومِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ رَفَعَ أَوْ خَفَضَ قَبْلَ أَخْذِ فَرْضِهِ سَهْوًا .
فَإِنْ رَفَعَ قَبْلَهُ عَمْدًا بَطَلَتْ بِمُجَرَّدِ الرَّفْعِ .
بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَ فَرْضَهُ سَوَاءٌ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ أَوْ لَمْ يَعْتَدَّ ، لِأَنَّهُ إنْ اعْتَدَّ بِمَا فَعَلَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِتَرْكِ رُكْنٍ .
وَإِنْ أَعَادَهُ كَانَ مُتَعَمِّدًا لِزِيَادَةِ رُكْنٍ .

وَنُدِبَ تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ثُمَّ رَبِّ مَنْزِلٍ وَالْمُسْتَأْجِرِ عَلَى الْمَالِكِ : وَإِنْ عَبْدًا كَامْرَأَةٍ ، وَاسْتَخْلَفَتْ .
ثُمَّ زَائِدِ فِقْهٍ ، ثُمَّ حَدِيثٍ ، ثُمَّ قِرَاءَةٍ ، ثُمَّ عِبَادَةٍ ، ثُمَّ بِسِنِّ إسْلَامٍ ، ثُمَّ بِنَسَبٍ ، ثُمَّ بِخُلُقٍ ، ثُمَّ بِلِبَاسٍ إنْ عَدِمَ نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ ، وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ : كَوُقُوفِ ذَكَرٍ عَنْ يَمِينِهِ ، وَاثْنَيْنِ خَلْفَهُ ، وَصَبِيٌّ عَقَلَ الْقُرْبَةَ : كَالْبَالِغِ .
وَنِسَاءٌ خَلْفَ الْجَمِيعِ ، وَرَبُّ الدَّابَّةِ أَوْلَى بِمُقَدَّمِهَا ، وَالْأَوْرَعُ ، وَالْعَدْلُ وَالْحُرُّ وَالْأَبُ ، وَالْعَمُّ عَلَى غَيْرِهِمْ

( وَنُدِبَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ ( تَقْدِيمُ سُلْطَانٍ ) أَيْ ذِي سَلْطَنَةٍ وَإِمَارَةٍ سَوَاءٌ كَانَ الْإِمَامَ الْأَعْظَمَ أَوْ نَائِبَهُ لِلصَّلَاةِ إمَامًا عَلَى الْحَاضِرِينَ مَعَهُ الصَّالِحِينَ لِلْإِمَامَةِ .
وَلَوْ كَانُوا أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ أَوْ رَاتِبَ مَسْجِدٍ ، وَالنَّدْبُ لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ سُلْطَانٌ نُدِبَ تَقْدِيمُ ( رَبِّ ) أَيْ مَالِكِ ( مَنْزِلٍ ) أَوْ رَاتِبِ مَسْجِدٍ مَثَلًا .
وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْقَهَ وَأَفْضَلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِدَارِهِ وَأَدْرَى بِأَحْوَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ ( وَ ) يُنْدَبُ تَقْدِيمُ ( الْمُسْتَأْجِرِ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ الْمُعْمِرِ الدَّارَ ( عَلَى الْمَالِكِ ) لِذَاتِ الدَّارِ لِأَنَّ مَالِكَ مَنْفَعَتِهَا أَدْرَى بِأَحْوَالِهَا مِنْ مَالِكِ ذَاتِهَا .
إنْ كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا حُرًّا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مَالِكُ ذَاتِهَا أَوْ مَنْفَعَتِهَا ( عَبْدًا ) أَيْ رَقِيقًا مَا لَمْ يَكُنْ سَيِّدُهُ حَاضِرًا وَإِلَّا قُدِّمَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ .
وَشَبَّهَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْإِمَامَةِ فَقَالَ ( كَامْرَأَةٍ ) مَالِكَةٍ ذَاتَ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتَهَا فَالْحَقُّ لَهَا فِي الْإِمَامَةِ وَلَكِنْ لَا تُبَاشِرُهَا ( وَاسْتَخْلَفَتْ ) نَدْبًا صَالِحًا لِلْإِمَامَةِ ، وَالْأَوْلَى اسْتِخْلَافُهَا الْأَفْضَلَ وَمِثْلُهَا ذَكَرَ مُسْلِمٌ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ مَالِكٍ لِذَاتِ الدَّارِ أَوْ مَنْفَعَتِهَا .
وَقِيلَ وُجُوبًا وَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ إذْ مَنْ قَالَ وُجُوبًا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تُبَاشِرُهَا بِنَفْسِهَا وَمَنْ قَالَ نَدْبًا أَرَادَ أَنَّهَا لَا تَتْرُكُ الْقَوْمَ هَدَرًا ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَبَّ مَنْزِلٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ ( زَائِدِ فِقْهٍ ) أَيْ عِلْمٍ بِأَحْكَامِ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فِيهِ ، وَلَوْ زَادَ عَلَيْهِ فِي غَيْرِهِ .
( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ فِقْهٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ ( حَدِيثٍ ) بِكَثْرَةِ رِوَايَةٍ أَوْ حِفْظٍ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ زَائِدِ الْفِقْهِ ، وَقُدِّمَ زَائِدُ الْفِقْهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ

أَدْرَى بِأَحْكَامِ وَأَحْوَالِ الصَّلَاةِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ حَدِيثٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ ( قِرَاءَةٍ ) بِكَثْرَةِ حِفْظٍ أَوْ تَمَكُّنٍ مِنْ إخْرَاجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا أَوْ كَثْرَةِ تِلَاوَةٍ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ زَائِدَ قِرَاءَةٍ نُدِبَ تَقْدِيمُ زَائِدِ ( عِبَادَةٍ ) مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَغَيْرِهِمَا ( ثُمَّ ) عِنْدَ التَّسَاوِي فِي الْعِبَادَةِ فَالتَّقْدِيمُ ( بِسِنِّ إسْلَامٍ ) أَيْ تَقَدُّمِهِ فِيهِ عَلَى غَيْرِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ حِينِ الْوِلَادَةِ فِي ابْنِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ حِينِ الْإِسْلَامِ فِيمَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ فَابْنُ عِشْرِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الْمُسْلِمِينَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ أَبْنَاءِ الْكَافِرِينَ أَسْلَمَ مُنْذُ عَشْرِ سِنِينَ .
( ثُمَّ ) يُقَدَّمُ ( بِ ) شَرَفٍ أَوْ عِلْمِ ( نَسَبٍ ) فَيُقَدَّمُ الْقُرَشِيُّ عَلَى غَيْرِهِ وَمَعْلُومُ النَّسَبِ عَلَى مَجْهُولِهِ ( ثُمَّ بِخَلْقٍ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ أَيْ حُسْنِ صُورَةٍ وَجَمَالِ ظَاهِرٍ ( ثُمَّ بِخُلُقٍ ) بِضَمِّهِمَا أَيْ حُسْنِ طَبِيعَةٍ وَجَمَالِ بَاطِنٍ بِحِلْمٍ وَكَرَمٍ وَرَأْفَةٍ وَرَحْمَةٍ .
وَمِنْهُمْ مَنْ عَكَسَ الضَّبْطَ وَاسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَكِنْ الَّذِي تَلَقَّاهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ شُيُوخِهِ الضَّبْطُ الْأَوَّلُ .
( ثُمَّ ) بِحُسْنِ ( لِبَاسٍ ) شَرْعِيٍّ وَهُوَ النَّظِيفُ الصَّفِيقُ غَيْرُ الْبَالِي الَّذِي لَا يَنْزِلُ عَنْ الْكَعْبِ الْخَالِي عَنْ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَعَنْ شِدَّةِ الضِّيقِ وَالِاتِّسَاعِ وَمَحَلُّ اسْتِحْقَاقِ مَنْ ذُكِرَ التَّقَدُّمَ لِلْإِمَامَةِ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ ( إنْ عَدِمَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِ الدَّالِ ( نَقْصَ مَنْعٍ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَسُكُونِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ ثَانِيهِمَا مِنْ إضَافَةِ السَّبَبِ لِلْمُسَبِّبِ ، أَيْ عَيْبٍ مُوجِبٍ لِمَنْعِ إمَامَتِهِ كَعَجْزِهِ عَنْ رُكْنٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فِسْقٍ مُتَعَلِّقٌ بِالصَّلَاةِ ( أَوْ ) عَدِمَ نَقْصَ ( كُرْهٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ وَصْفٍ مُوجِبٍ لِكَرَاهَةِ إمَامَتِهِ ، كَقَلَفٍ وَأَعْرَابِيَّةٍ وَفِي مَفْهُومِ

الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا كَانَ النَّاقِصُ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ .
وَيُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ لِكَامِلٍ وَعَدَمُ تَرْكِ الْأَمْرِ لِغَيْرِهِ إنْ كَانَ نَقْصُهُ غَيْرَ كُفْرٍ وَجُنُونٍ ، فَإِنْ كَانَ أَحَدَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ غَيْرَهُمَا سَقَطَ حَقُّهُ فَلَا يُسْتَخْلَفُ .
( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ ) نَقْصَ مَنْعٍ أَوْ كُرْهٍ إنْ كَانَ سُلْطَانًا أَوْ رَبَّ مَنْزِلٍ .
وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُمَا فَلَا حَقَّ لَهُ فَهُوَ كَالْعَدَمِ وَالْحَقُّ لِمَنْ بَعْدَهُ ، وَفِي تَقْرِيرِهِ وَجْهَانِ آخَرَانِ أَحَدُهُمَا لِلشَّارِحِ وَالْبِسَاطِيِّ وَالْمَوَّاقِ وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَهُ مُبَاشَرَةُ الْإِمَامَةِ مِنْ إمَامٍ وَرَبِّ مَنْزِلٍ يُنْدَبُ لَهُ إذَا حَضَرَ مَعَهُ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِمَامَةِ ، اسْتِنَابَتُهُ لِقَوْلِ حَبِيبٍ أَحَبُّ إلَيَّ إنْ حَضَرَ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَوْ أَعْدَلُ مِنْهُ أَنْ يُوَلِّيَهُ ذَلِكَ .
الثَّانِي لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتِنَابَةُ النَّاقِصِ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ عَدِمَ وَهُوَ فِي السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ دُونَ غَيْرِهِمَا ، وَهُوَ شَرْطٌ فِي رَبِّ الْمَنْزِلِ وَمَنْ بَعْدَهُ .
وَالْمَعْنَى أَنَّ رَبَّ الْمَنْزِلِ وَزَائِدَ الْفِقْهِ إلَخْ إنَّمَا يُقَدَّمُ إذَا عَدِمَ اسْتِنَابَةَ النَّاقِصِ وَهُوَ السُّلْطَانُ وَرَبُّ الْمَنْزِلِ ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُخْتَصًّا بِالسُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا .
وَشَبَّهَ فِي النَّدْبِ فَقَالَ ( كَوُقُوفِ ذَكَرٍ ) بَالِغٍ مُقْتَدٍ بِإِمَامٍ وَحْدَهُ ( عَنْ يَمِينِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ وَنُدِبَ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ قَلِيلًا .
فَإِنْ اقْتَدَى بِهِ آخَرُ نُدِبَ لِمَنْ عَلَى الْيَمِينِ التَّأَخُّرُ حَتَّى يَكُونَا خَلْفَ الْإِمَامِ وَلَا يَتَقَدَّمُ الْإِمَامُ ( وَ ) وُقُوفُ ذَكَرَيْنِ بَالِغَيْنِ ( اثْنَيْنِ ) فَأَكْثَرَ ( خَلْفَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ ( وَصَبِيٌّ ) مُبْتَدَأٌ ( عَقَلَ ) أَيْ عَرَفَ ( الْقُرْبَةَ ) أَيْ ثَوَابَهَا وَالْجُمْلَةُ نَعْتُ صَبِيٍّ مُسَوِّغُ الِابْتِدَاءِ بِهِ (

كَالْبَالِغِ ) فِي الْوُقُوفِ مَعَ الْإِمَامِ ، فَإِنْ كَانَ وَحْدَهُ وَقَفَ عَنْ يَمِينِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَقَفَا خَلْفَهُ وَمَفْهُومُ عَقَلَ إلَخْ .
أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا يَقِفُ حَيْثُ يَشَاءُ ( وَنِسَاءٌ ) أَيْ جِنْسُهُنَّ الصَّادِقُ بِوَاحِدَةٍ فَأَكْثَرَ يُنْدَبُ وُقُوفُهُنَّ ( خَلْفَ الْجَمِيعِ ) مِمَّنْ تَقَدَّمَ فَمَعَ إمَامٍ وَحْدَهُ خَلْفَهُ وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ خَلْفَهُمَا ، وَمَعَ إمَامٍ مَعَهُ رِجَالٌ خَلْفَهُ خَلْفَهُمْ .
وَرَبُّ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ مَالِكُ ( الدَّابَّةِ ) الَّتِي أَكْرَاهَا لِشَخْصٍ يَرْكَبُ مَعَهُ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ( أَوْلَى بِ ) رُكُوبِهِ عَلَى ( مُقَدَّمِهَا ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ أَوْ سُكُونِهَا وَفَتْحِ الدَّالِ مُشَدَّدَةً عَلَى فَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا مُخَفَّفَةً عَلَى سُكُونِهَا لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا .
وَذَكَرَ هَذِهِ هُنَا وَإِنْ كَانَتْ مِنْ مَسَائِلِ الْإِجَارَةِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَقْدِيمِ الْأَفْقَهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَصَالِحِ الصَّلَاةِ .
وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَوْلَى بِمُقَدَّمِ الدَّابَّةِ صَاحِبُهَا وَصَاحِبُ الدَّارِ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ إذَا صَلَّوْا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لِأَحَدٍ ا هـ .
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لِأَنَّ صَاحِبَ الدَّابَّةِ أَعْلَمُ بِطِبَاعِهَا وَبِمَوَاضِعِ الضَّرْبِ مِنْهَا وَصَاحِبَ الدَّارِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِالْقِبْلَةِ فِيهَا وَبِالْمَوَاضِعِ الطَّاهِرَةِ مِنْهَا ، وَكِلَاهُمَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَقِيهَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِ وَهِيَ دَلَالَةٌ حَسَنَةٌ .
( وَ ) قُدِّمَ ( الْأَوْرَعُ ) أَيْ الزَّائِدُ فِي الْوَرَعِ وَهُوَ التَّارِكُ لِبَعْضِ الْمُبَاحَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الشُّبُهَاتِ عَلَى الْوَرِعِ ، وَهُوَ التَّارِكُ الشُّبُهَاتِ خَوْفَ الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمَاتِ ( وَ ) قُدِّمَ ( الْعَدْلُ ) عَلَى مَجْهُولِ الْحَالِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْعَدْلِ الْأَعْدَلُ يُقَدَّمُ عَلَى الْعَدْلِ أَوْ الْمُرَادُ عَدْلُ الشَّهَادَةِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَاسِقًا

كَمُغَفَّلٍ وَأَمَّا الْفَاسِقُ فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ( وَالْحُرُّ ) عَلَى الْعَبْدِ ( وَالْأَبُ ) عَلَى ابْنِهِ وَلَوْ زَادَ فِقْهًا ( وَالْعَمُّ ) عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلَوْ زَائِدَ فِقْهٍ أَوْ أَكْبَرَ سِنًّا مِنْ عَمِّهِ .
عج مَرْتَبَةُ هَذَيْنِ عَقِبَ مَرْتَبَةِ رَبِّ الْمَنْزِلِ فَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُهُمَا هُنَاكَ ا هـ .
وَهَذَا يُفِيدُ تَقْدِيمَ السُّلْطَانِ وَرَبِّ الْمَنْزِلِ عَلَى أَبِيهِمَا وَعَمِّهِمَا ( عَلَى غَيْرِهِمْ ) رَاجِعٌ لِلْأَوْرَعِ وَمَنْ بَعْدَهُ .

وَإِنْ تَشَاحَّ مُتَسَاوُونَ لَا لِكِبْرٍ اقْتَرَعُوا
( وَإِنْ تَشَاحَّ ) أَيْ تَنَازَعَ فِي التَّقَدُّمِ لِلْإِمَامَةِ جَمَاعَةٌ ( مُتَسَاوُونَ ) فِيمَا تَقَدَّمَ لِحِيَازَةِ ثَوَابِهَا أَوْ الْمُرَتَّبِ لَهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ، أَوْ الْوَقْفِ لِفَقْرِهِمْ وَاسْتَوَوْا فِيهِ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَفْقَرُ ( لَا لِكِبْرٍ ) بِسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ ( اقْتَرَعُوا ) فَإِنْ تَشَاحُّوا فِيهَا لِكِبْرٍ فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهَا لِفِسْقِهِمْ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ خَلْفَهُمْ

وَكَبَّرَ الْمَسْبُوقُ لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ بِلَا تَأْخِيرٍ لَا لِجُلُوسٍ ، وَقَامَ بِتَكْبِيرٍ إنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ ، إلَّا مُدْرِكَ التَّشَهُّدِ

( وَكَبَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( الْمَسْبُوقُ ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا اسْتِنَانًا عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ تَكْبِيرَةً لِخَفْضِهِ ( لِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ ) وَصِلَةُ كَبَّرَ ( بِلَا تَأْخِيرٍ ) لِلِاقْتِدَاءِ بِالْإِمَامِ حَتَّى يَرْفَعَ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ سُجُودِهِ ، أَيْ يَحْرُمُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَتَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ فِيهِ لِتَأْدِيَتِهِ لِلطَّعْنِ فِي الْإِمَامِ .
وَإِنْ شَكَّ فِيهِ نُدِبَ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ وَيُكْرَهُ تَأْخِيرُهُ إنْ وَجَدَهُ سَاجِدًا مُطْلَقًا .
وَقِيلَ يَحْرُمُ أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ مُعِيدًا لِفَضْلِ الْجَمَاعَةِ ، وَيَعْلَمُ أَنَّهَا الرَّكْعَةُ الْأَخِيرَةُ أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ وُجُوبًا لِلنَّهْيِ عَنْ إعَادَةِ الصَّلَاةِ لِغَيْرِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَقِيلَ نَدْبًا ( لَا ) يُكَبِّرُ الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ جَالِسًا بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ لِتَشَهُّدٍ تَكْبِيرَةٍ عَقِبَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ( لِجُلُوسٍ ) فَيَجْلِسُ سَاكِنًا ( وَقَامَ ) الْمَسْبُوقُ عَقِبَ سَلَامِ إمَامِهِ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ ، وَصِلَةُ قَامَ ( بِتَكْبِيرٍ إنْ ) كَانَ ( جَلَسَ ) الْمَسْبُوقُ مَعَ إمَامِهِ ( فِي ثَانِيَتِهِ ) أَيْ الْمَسْبُوقِ بِأَنْ أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ أَوْ ثُلَاثِيَّةٍ ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً لَا حَالَ قِيَامِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَتْنِ .
وَمَفْهُومُ فِي ثَانِيَتِهِ أَنَّهُ إنْ جَلَسَ فِي أُولَاهُ بِأَنْ أَدْرَكَ الْأَخِيرَةَ مُطْلَقًا أَوْ فِي ثَالِثَتِهِ كَمَسْبُوقٍ بِأُولَى رُبَاعِيَّةٍ فَيَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ جَلَسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ ، وَقَدْ رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ بِتَكْبِيرٍ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْقِيَامِ .
وَلَمَّا دَخَلَ فِي مَفْهُومِ فِي ثَانِيَتِهِ مُدْرِكُ التَّشَهُّدَ وَكَانَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ اسْتَثْنَاهُ فَقَالَ ( إلَّا مُدْرِكَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ مُحَصِّلَ ( التَّشَهُّدِ ) الْأَخِيرِ

مَعَ الْإِمَامِ أَوْ الْقِيَامِ عَقِبَ الرُّكُوعِ الْأَخِيرِ أَوْ السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ ، فَيَقُومُ بِتَكْبِيرٍ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً .
وَهَذَا يَقْتَضِي تَأْخِيرَ التَّكْبِيرِ إلَى اعْتِدَالِهِ قَائِمًا هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَوَى سَنَدٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ مَنْ جَلَسَ فِي ثَانِيَتِهِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مُدْرِكَ نَحْوِ التَّشَهُّدِ كَذَلِكَ .
وَنَقَلَ زَرُّوقٌ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّ الْمَسْبُوقَ يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ مُطْلَقًا .
قَالَ وَكَانَ شَيْخُنَا الْقُورِيُّ يُفْتِي بِهِ الْعَامَّةَ لِئَلَّا يَعْكِسُوا .

وَقَضَى الْقَوْلَ وَبَنَى الْفِعْلَ

( وَقَضَى ) الْمَسْبُوقُ ( الْقَوْلَ ) أَيْ الْقِرَاءَةَ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ مَعَ الْإِمَامِ آخِرَ صَلَاتِهِ وَمَا فَاتَهُ أَوْ لَهَا بِالنِّسْبَةِ لَهَا فَيَقْضِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ بِسُورَةٍ وَجَهْرٍ إنْ كَانَتْ لَيْلِيَّةً ( وَبَنَى الْفِعْلَ ) أَيْ مَا عَدَا الْقِرَاءَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ مَا أَدْرَكَهُ أَوَّلَ صَلَاتِهِ ، وَمَا فَاتَهُ آخِرَهَا فَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَالَهُ عج وِفَاقًا لِلْجُزُولِيِّ وَابْنِ عُمَرَ .
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْبَيَانِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُوَضِّحُ وَالْقَلْشَانِيُّ وَابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُمْ أَنَّ مُدْرِكَ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى .
وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ الَّذِي يَقْضِي الْقِرَاءَةَ وَالْقُنُوتَ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ بُنَانِيٌّ ، فَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْمَغْرِبِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ .
وَيَأْتِي بِرَكْعَةٍ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا لِأَنَّهُ بَانٍ الْفِعْلَ ، وَلَا يُكَبِّرُ حَتَّى يَعْتَدِلَ قَائِمًا لِأَنَّهُ قَامَ مِنْ ثَانِيَةٍ وَيَقْرَأُ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا لِأَنَّهُ قَاضٍ الْقَوْلَ .
وَمُدْرِكُ الثَّانِيَةَ مِنْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْرَأُ فَاتِحَةً وَسُورَةً جَهْرًا لِذَلِكَ .
وَمُدْرِكُ أَخِيرَةَ الْعِشَاءِ يَقُومُ بِلَا تَكْبِيرٍ وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا وَيَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً كَذَلِكَ ، وَلَا يَتَشَهَّدُ عَقِبَهَا وَيُصَلِّي رَكْعَةً بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا لِأَنَّهَا الرَّابِعَةُ .
وَمُدْرِكُ أَخِيرَتَيْهَا يَقُومُ بِتَكْبِيرٍ وَيَقْضِي الرَّكْعَتَيْنِ بِسُورَتَيْنِ جَهْرًا .
وَمُدْرِكُ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ لَا يَقْنُتُ فِي قَضَاءِ الْأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَيَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ قَضَاءً كَانَتْ أَوْ بِنَاءً ، وَالْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَظَنَّ أَنَّهُ إنْ تَمَادَى بِسَكِينَةٍ بِلَا إحْرَامٍ حَتَّى يَصِلَ إلَى الصَّفِّ يُدْرِكُ الرُّكُوعَ فِيهِ مَعَ الْإِمَامِ

قَبْلَ رَفْعِهِ مِنْهُ وَخَافَ تَخَلُّفَ ظَنِّهِ بِرَفْعِ الْإِمَامِ قَبْلَ ذَلِكَ فَتَفُوتُهُ الرَّكْعَةُ أَحْرَمَ .

وَرَكَعَ مَنْ خَشِيَ فَوَاتَ رَكْعَةٍ دُونَ الصَّفِّ ، إنْ ظَنَّ إدْرَاكَهُ قَبْلَ الرَّفْعِ ، يَدِبُّ كَالصَّفَّيْنِ لِآخِرِ فُرْجَةٍ : قَائِمًا ، أَوْ رَاكِعًا .
لَا سَاجِدًا ، أَوْ جَالِسًا .

( وَرَكَعَ ) نَدْبًا احْتِيَاطًا لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ ( مَنْ ) أَيْ الْمَسْبُوقُ الَّذِي ( خَشِيَ ) أَيْ خَافَ ( فَوَاتَ رَكْعَةٍ ) مَعَ الْإِمَامِ بِرَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِهَا مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الصَّفِّ وَإِحْرَامِهِ وَرُكُوعِهِ فِيهِ إنْ لَمْ يُحْرِمْ وَيَرْكَعْ خَارِجَهُ ، وَصِلَةُ رَكَعَ ( دُونَ ) أَيْ قُرْبَ الصَّفِّ إنْ ظَنَّ ) أَيْ الْمَسْبُوقُ ( إدْرَاكَهُ ) أَيْ الصَّفِّ بِمَشْيِهِ لَهُ فِي رُكُوعِهِ ( قَبْلَ الرَّفْعِ ) مِنْ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا فَلَا يُحْرِمُ وَلَا يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ ، فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَسَاءَ وَأَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الرَّكْعَةُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ ، فَيَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ بِلَا كَرَاهَةٍ لِئَلَّا تَفُوتَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ هَذَا قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَرْكَعُ دُونَ الصَّفِّ لِإِدْرَاكِ الرَّكْعَةِ وَتَقْدِيمًا لَهَا عَلَى الصَّفِّ عَكْسَ قَوْلِ الْإِمَامِ وَرَجَّحَ التُّونُسِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُ الْإِمَامِ أَوْلَى عِنْدِي بِالصَّوَابِ وَإِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ فَ ( يَدِبُّ ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ يَمْشِي بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ ( كَالصَّفَّيْنِ ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أَقْصَى مَا يَدِبُّهُ صَفَّانِ لَا أَكْثَرُ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَحْسِبُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا الَّذِي يَدْخُلُهُ ، وَصِلَةُ يَدِبُّ ( لِآخِرِ فُرْجَةٍ ) إنْ تَعَدَّدَتْ فُرَجُ الصُّفُوفِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْبُوقِ وَهِيَ الْأَوْلَى بِالنِّسْبَةِ لِلْإِمَامِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمَامَ الْمَسْبُوقِ أَوْ يَمِينَهُ أَوْ شِمَالَهُ يَدِبُّ لَهَا حَالَ كَوْنِهِ ( قَائِمًا ) فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ إنْ خَابَ ظَنُّهُ وَرَفَعَ الْإِمَامُ عَقِبَ رُكُوعِهِ فِي الْأُولَى فَلَيْسَ الْمُرَادُ قَائِمًا حَالَ رَفْعِهِ مِنْ رُكُوعِ الْأُولَى ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ لِأَنَّ الدَّبِيبَ مَظِنَّةُ

الطُّولِ وَهُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِي رَفْعِ الرُّكُوعِ فَإِنْ دَبَّ فِيهِ فَلَا تَبْطُلُ مُرَاعَاةً لِظَاهِرِهَا .
( أَوْ ) يَدِبُّ حَالَ كَوْنِهِ ( رَاكِعًا ) فِي أُولَاهُ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ ، فَلَوْ قَالَ رَاكِعًا أَوْ قَائِمًا فِي ثَانِيَتِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَدِبُّ رَاكِعًا لِئَلَّا تَتَجَافَى يَدَاهُ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَ ( لَا ) يَدِبُّ ( سَاجِدًا أَوْ جَالِسًا ) اتِّفَاقًا لِلْعُسْرِ وَالْقُبْحِ .

وَإِنْ شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ أَلْغَاهَا
( وَإِنْ ) أَحْرَمَ مَسْبُوقٌ وَالْإِمَامُ رَاكِعٌ وَ ( شَكَّ فِي الْإِدْرَاكِ ) لِلرَّكْعَةِ وَعَدَمِهِ ( أَلْغَاهَا ) أَيْ الْمَسْبُوقُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ لَمْ يَعْتَدَّ بِالرَّكْعَةِ وَيَتَمَادَى مَعَ الْإِمَامِ وَيَقْضِيهَا عَقِبَ سَلَامِهِ ، وَمَفْهُومُ شَكَّ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ فَهُمَا أَوْلَى بِإِلْغَائِهَا .
وَإِنْ تَحَقَّقَ الْإِدْرَاكَ أَوْ ظَنَّهُ وَجَبَ الِاعْتِدَادُ بِهَا لِأَنَّ الظَّنَّ كَالْيَقِينِ فِي الْعَمَلِيَّاتِ .
وَإِنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ عَدَمَ الْإِدْرَاكِ فَإِنْ تَحَقَّقَ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ فَلَا يَرْكَعْ .
وَإِنْ رَكَعَ فَلَا يَرْفَعْ وَإِنْ رَفَعَ فَقِيلَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَلَوْ أَلْغَاهَا لِتَعَمُّدِ الزِّيَادَةِ .
وَقِيلَ إنْ اعْتَدَّ بِهِ بَطَلَتْ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ إمَامِهِ ، وَإِنْ أَلْغَاهَا لَمْ تَبْطُلْ وَيَحْمِلُ الْإِمَامُ الزِّيَادَةَ .
وَإِنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ اسْتِقْلَالَ إمَامِهِ قَائِمًا قَبْلَ رُكُوعِهِ وَرَكَعَ وَجَزَمَ بَعْدَ الْإِدْرَاكِ أَوْ ظَنَّهُ ، فَهَلْ يَرْفَعُ مِنْ رُكُوعِهِ أَوْ لَا يَرْفَعُ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَرْفَعُ فَإِنْ رَفَعَ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ أَوْ لَا قَوْلَانِ .

وَإِنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ ، وَنَوَى بِهَا الْعَقْدَ ، أَوْ نَوَاهُمَا ، أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا ، أَجْزَأَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ نَاسِيًا لَهُ : تَمَادَى الْمَأْمُومُ فَقَطْ

( وَإِنْ كَبَّرَ ) الْمَسْبُوقُ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ رَاكِعًا لِخَفْضِهِ لِ ( رُكُوعٍ ) أَيْ فِيهِ أَوْ عِنْدَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ ( وَنَوَى ) الْمَسْبُوقُ ( بِهِ ) أَيْ التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ ( الْعَقْدَ ) لِلصَّلَاةِ أَيْ الْإِحْرَامِ بِهَا فَقَطْ وَلَمْ يَنْوِ بِهِ سُنَّةَ الرُّكُوعِ ( أَوْ نَوَاهُمَا ) أَيْ الْإِحْرَامَ وَالرُّكُوعَ مَعًا بِهِ ( أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا ) أَيْ لَمْ يَنْوِ بِهِ أَحَدَهُمَا ( أَجْزَأَ ) التَّكْبِيرُ الَّذِي حَصَلَ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ فِي تَكْبِيرِ الْإِحْرَامِ الْفَرْضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ، وَحَمْلًا لِتَكْبِيرِهِ عَلَى الْإِحْرَامِ فِي الثَّالِثَةِ بِقَرِينَةِ حَالِهِ وَتَغْلِيبًا لِلْأَكْمَلِ وَالْأَقْوَى .
( وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ ) أَيْ الْإِحْرَامَ بِتَكْبِيرِهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَنَوَى بِهِ تَكْبِيرَ الرُّكُوعِ السُّنَّةَ حَالَ كَوْنِهِ ( نَاسِيًا لَهُ ) أَيْ الْإِحْرَامِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِتَرْكِهِ رُكْنَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَ ( تَمَادَى ) وُجُوبًا ( الْمَأْمُومُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ الْعَاجِزَيْنِ عَنْ الْفَاتِحَةِ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ احْتِيَاطًا لِحُرْمَةِ الصَّلَاةِ ، وَلَحِقَ الْإِمَامَ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَرَى صِحَّتَهَا لِحَمْلِ الْإِمَامِ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ عَنْ مَأْمُومِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا .
وَقِيلَ يَقْطَعُ الْجُمُعَةَ لِئَلَّا تَفُوتَهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الرَّكْعَةِ أُولَى أَوْ غَيْرَهَا .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ كَانَتْ أُولَى تَمَادَى وَإِلَّا قَطَعَ وَاسْتَأْنَفَ وَمَفْهُومُ نَاسِيًا قَطْعُ مُتَعَمَّدٍ تَرْكَهُ وَمَفْهُومُ فَقَطْ أَنَّ الْإِمَامَ وَالْفَذَّ يَقْطَعَانِ وَيَسْتَأْنِفَانِ الصَّلَاةَ بِإِحْرَامٍ مَتَى تَذَكَّرَا أَنَّهُمَا نَسِيَا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَكَبَّرَا بِنِيَّةِ الرُّكُوعِ خَاصَّةً وَمَفْهُومُ إنْ كَبَّرَ لِرُكُوعٍ إلَخْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُكَبِّرْ لَا يَتَمَادَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَيُصَرِّحُ بِهَذَا .

وَفِي تَكْبِيرِ السُّجُودِ : تَرَدُّدٌ ، وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ اسْتَأْنَفَ .
.
( وَفِي ) تَمَادِي الْمَأْمُومِ الْمُقْتَصِرِ عَلَى ( تَكْبِيرِ السُّجُودِ ) الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وُجُوبًا عَلَى بَاطِلَةٍ إنْ اسْتَمَرَّ نَاسِيًا حَتَّى عَقَدَ رَكْعَةً أُخْرَى ، وَإِنْ تَذَكَّرَ قَبْلَهُ قَطَعَ نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَعَدَمُ تَمَادِيهِ وَقَطْعُهُ مُطْلَقًا عَقَدَ رَكْعَةً أَمْ لَا وَهَذَا نَقْلُ اللَّخْمِيِّ عَنْ الْمَوَّازِ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ .
وَإِنْ كَبَّرَ عِنْدَ السُّجُودِ وَنَوَى بِهِ الْعَقْدَ أَوْ نَوَاهُمَا أَوْ لَمْ يَنْوِهِمَا أَجْزَأَ .
( وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ ) الْمُصَلِّي عِنْدَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الَّذِي وَجَدَ الْإِمَامَ بِهِ نَاسِيًا تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَةَ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَى النِّيَّةِ وَتَذَكَّرَ فِي الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ أَوْ بَعْدَهُ ( اسْتَأْنَفَ ) صَلَاتَهُ بِتَكْبِيرَةِ إحْرَامٍ وَلَا يَتَمَادَى الْمَأْمُومُ عَلَى صَلَاةٍ بَاطِلَةٍ لِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ الْمُكَبِّرِ وَلَا يَحْتَاجُ لِقَطْعٍ بِسَلَامِ أَوْ كَلَام مَثَلًا

( فَصْلٌ ) نُدِبَ لِإِمَامٍ : خَشِيَ تَلَفَ مَالٍ ، أَوْ نَفْسٍ ، أَوْ مُنِعَ الْإِمَامَةَ لِعَجْزٍ ، أَوْ الصَّلَاةَ بِرُعَافٍ ، أَوْ سَبْقِ حَدَثٍ ، أَوْ ذِكْرِهِ : اسْتِخْلَافٌ ، وَإِنْ بِرُكُوعٍ ، أَوْ سُجُودٍ ، وَلَا تَبْطُلُ إنْ رَفَعُوا بِرَفْعِهِ قَبْلَهُ .

( فَصْلٌ ) فِي أَحْكَامِ اسْتِخْلَافِ إمَامٍ ( نُدِبَ لِإِمَامٍ ) انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِنِيَّةٍ وَتَكْبِيرَةٍ لَا مَنْ تَرَكَ إحْدَاهُمَا ( خَشِيَ ) أَيْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ( تَلَفَ مَالٍ ) بِتَمَادِيهِ إمَامًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِ هَلَاكِ مَعْصُومٍ أَوْ شِدَّةَ ضَرَرِهِ كَثُرَ الْمَالُ أَوْ قَلَّ ، اتَّسَعَ الْوَقْتُ أَوْ ضَاقَ ، أَوْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَلَفِهِ مَا ذُكِرَ ، وَكَثُرَ الْمَالُ وَاتَّسَعَ الْوَقْتُ ، وَالْأَوْجَبُ التَّمَادِي وَمِثْلُ الْإِمَامِ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ الْفَذُّ وَالْمَأْمُومُ .
( أَوْ ) خَشِيَ تَلَفَ أَوْ شِدَّةَ أَذَى ( نَفْسٍ ) مَعْصُومَةٍ بِالنِّسْبَةِ لَهُ كَوُقُوعِ صَبِيٍّ أَوْ أَعْمَى فِي بِئْرٍ أَوْ نَارٍ ( أَوْ مُنِعَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ الْإِمَامُ ( الْإِمَامَةَ ) أَيْ مِنْهَا ( لِ ) طَرَيَان ( عَجْزٍ ) عَنْ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ ، وَقِيَامٍ أَوْ قَوْلِيٍّ كَفَاتِحَةٍ وَسَلَامٍ ( أَوْ ) مُنِعَ الْإِمَامُ ( الصَّلَاةَ بِ ) سَبَبِ ( رُعَافٍ ) قَطَعَ فَيَسْتَخْلِفُ عَلَى الْمَأْمُومِينَ وَيَقْطَعُ وَلَا تَبْطُلُ عَلَيْهِمْ ، هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ .
وَقَدْ شَهَّرَ ابْنُ رُشْدٍ اسْتِخْلَافَ الْإِمَامِ الَّذِي سَقَطَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَبْطَلَتْ صَلَاتَهُ أَوْ تَذَكَّرَهَا فِي بَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ ، فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إشَارَةٌ إلَى مَا شَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي سُقُوطِ النَّجَاسَةِ أَوْ تَذَكُّرِهَا ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ الِاسْتِخْلَافُ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ بِالْأَوْلَى .
( أَوْ ) مُنِعَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ بِسَبَبِ ( سَبْقِ حَدَثٍ ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْهُ غَلَبَةً فِيهَا ( أَوْ ) بِسَبَبِ ( ذِكْرِهِ ) أَيْ تَذَكُّرِ الْحَدَثِ فِيهَا فَتَبْطُلُ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَحْدَهُ فِيهِمَا كَرُعَافِ الْقَطْعِ ، فَيَسْتَخْلِفُ وَلَهَا نَظَائِرُ كَمَنْ شَكَّ ، وَهُوَ إمَامٌ هَلْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا .
وَمِنْهَا ، وَإِنْ لَمْ يَنْدُبْ مِنْ الْإِمَامِ الِاسْتِخْلَافَ جُنُونُهُ أَوْ مَوْتُهُ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَنَائِبُ فَاعِلِ نُدِبَ ( اسْتِخْلَافٌ ) وَيُكْرَهُ لَهُ تَرْكُ

الْمَأْمُومِينَ بِلَا خَلِيفَةٍ ، وَهَذَا لَا يُنَافِي وُجُوبَ تَأَخُّرِهِ عَنْ الْإِمَامَةِ أَوْ قَطْعِهِ الصَّلَاةَ إنْ حَصَلَ سَبَبُ الِاسْتِخْلَافِ بِقِيَامٍ أَوْ جُلُوسٍ بَلْ ( وَإِنْ ) حَصَلَ سَبَبُهُ ( بِرُكُوعٍ أَوْ سُجُودٍ ) وَيَرْفَعُ الْإِمَامُ الْأَوَّلُ بَعْدَ الِاسْتِخْلَافِ مِنْ الرُّكُوعِ بِلَا تَسْمِيعٍ وَمِنْ السُّجُودِ بِلَا تَكْبِيرٍ لِئَلَّا يَقْتَدُوا بِهِ فِي الرَّفْعِ ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُ بِهِمْ مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ الْخَلِيفَةُ فَيَدِبُّ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا لِيَرْفَعَ بِهِمْ لِلضَّرُورَةِ هُنَا .
( وَلَا تَبْطُلُ ) صَلَاةُ الْمَأْمُومِينَ ( إنْ رَفَعُوا ) مِنْ الرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ ( بِرَفْعِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِحَدَثِهِ حَالَ رَفْعِهِمْ مَعَهُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ ، فَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا رَفَعُوا بِرَفْعِهِ جَهْلًا أَوْ سَهْوًا أَوْ غَلَطًا فَإِنْ اقْتَدَوْا بِهِ عَمْدًا مَعَ عِلْمِهِمْ حَدَثَهُ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ الْبُنَانِيَّ .
وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عَوْدِهِمْ مَعَ الْخَلِيفَةِ لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ وَلَوْ أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ حُصُولِ الْعُذْرِ لَهُ .
فَإِنْ لَمْ يَعُودُوا فَإِنْ كَانُوا أَخَذُوا فَرْضَهُمْ مَعَ الْأَوَّلِ قَبْلَ عُذْرِهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُمْ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ ، وَأَمَّا الْخَلِيفَةُ فَشَرْطُ صِحَّةِ صَلَاتِهِ إعَادَتُهُ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ الَّذِي حَصَلَ الْعُذْرُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَرَفَعَ مِنْهُ قَبْلَ اسْتِخْلَافِهِ لِبُطْلَانِهِ عَلَى الْإِمَامِ بِحُصُولِ الْعُذْرِ فِيهِ ، وَهُوَ نَائِبُهُ فِي إكْمَالِ الصَّلَاةِ فَلَا يَبْنِي عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا قَبْلَهُ ، وَإِلَّا كَانَتْ الصَّلَاةُ نَاقِصَةً رُكْنًا .

وَلَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَلَوْ أَشَارَ لَهُمْ بِالِانْتِظَارِ ، وَاسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ ، وَتَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ ، وَتَأَخَّرَ مُؤْتَمًّا فِي الْعَجْزِ ، وَمَسْكُ أَنْفِهِ فِي خُرُوجِهِ ، وَتَقَدُّمُهُ إنْ قَرُبَ ، وَإِنْ بِجُلُوسِهِ

( وَ ) نُدِبَ ( لَهُمْ ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ الِاسْتِخْلَافُ ( إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ ) الْإِمَامُ الَّذِي حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ ، وَلَهُمْ إتْمَامُهَا أَفْذَاذًا إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ، وَإِلَّا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الِاسْتِخْلَافُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ ، وَمَحَلُّ اسْتِخْلَافِهِمْ إنْ لَمْ يَفْعَلُوا لِأَنْفُسِهِمْ فِعْلًا قَبْلَهُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ ، وَيَسْتَخْلِفُونَ إنْ لَمْ يُشِرْ لَهُمْ الْأَوَّلُ بِانْتِظَارِهِ بَلْ ( وَلَوْ أَشَارَ ) الْإِمَامُ الْأَوَّلُ ( لَهُمْ ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ ( بِالِانْتِظَارِ ) مِنْهُمْ لَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ وَيُكْمِلَ بِهِمْ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى قَوْلِ ابْنِ نَافِعٍ إنْ أَشَارَ بِهِ فَحَقٌّ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُقَدِّمُوا غَيْرَهُ حَتَّى يَرْجِعَ إلَيْهِمْ فَيُتِمَّ بِهِمْ ، وَسَيَنُصُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِخْلَافُ الْأَقْرَبِ ) مِنْ الصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ لِيَسْهُلَ عَلَيْهِمْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ ، وَلِأَنَّهُ أَدْرَى بِأَحْوَالِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( تَرْكُ كَلَامٍ فِي كَحَدَثٍ ) سَبَقَهُ أَوْ تَذَكَّرَهُ فَيُشِيرُ لِمَنْ يُقَدِّمُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ لِلسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ وَالْحَيَاءِ .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ كَحَدَثٍ عَنْ اسْتِخْلَافِهِ لِعُذْرٍ لَا يُبْطِلُهَا كَرُعَافِ بِنَاءٍ ، وَعَجْزٍ عَنْ رُكْنٍ فَتَرْكُ الْكَلَامِ فِيهِ وَاجِبٌ ( وَتَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ صَارَ الْأَوَّلُ ( مُؤْتَمًّا ) وُجُوبًا بِالنِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِيَ الْمَأْمُومِيَّةَ .
وَاغْتُفِرَتْ فِي الْأَثْنَاءِ هُنَا وَإِنْ كَانَ شَرْطُهَا الْأَوَّلِيَّةَ لِلضَّرُورَةِ وَصِلَةُ تَأَخَّرَ ( فِي ) طُرُوُّ ( الْعَجْزِ ) لَهُ عَنْ رُكْنٍ ، وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ عَنْ مَحَلِّهِ فَمَنْدُوبٌ .
( وَ ) نُدِبَ لَهُ ( مَسْكُ أَنْفَهُ فِي ) حَالِ ( خُرُوجِهِ ) لِيُوهِمَ أَنَّ بِهِ رُعَافًا ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ الرِّيَاءِ وَالْكَذِبِ ، بَلْ مِنْ بَابِ التَّجَمُّلِ وَاسْتِعْمَالِ الْحَيَاءِ وَطَلَبِ السَّلَامَةِ مِنْ تَكَلُّمِ النَّاسِ فِيهِ ( وَ ) نُدِبَ ( تَقَدُّمُهُ ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِفَتْحِ اللَّامِ لِمَوْضِعِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ ( إنْ قَرُبَ ) الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ

مِنْ مَوْضِعِ الْأَوَّلِ كَصَفَّيْنِ ، فَإِنْ بَعُدَ مِنْ مَحَلِّ الْأَوَّلِ فَلَا يَتَقَدَّمُ وَيُتِمُّ بِهِمْ ، وَهُوَ فِي مَحَلِّهِ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ ، وَيَتَقَدَّمُ بِحَالَتِهِ الَّتِي هُوَ بِهَا حَالَ اسْتِخْلَافِهِ إنْ كَانَ بِقِيَامٍ أَوْ رُكُوعٍ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ مُتَلَبِّسًا ( بِجُلُوسِهِ ) أَوْ سُجُودِهِ لِلضَّرُورَةِ هُنَا .

، وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ صَحَّتْ : كَأَنْ اسْتَخْلَفَ مَجْنُونًا ، وَلَمْ يَقْتَدُوا بِهِ ، أَوْ أَتَمُّوا وُحْدَانًا ، أَوْ بَعْضُهُمْ ، أَوْ بِإِمَامَيْنِ ؛ إلَّا الْجُمُعَةَ ، وَقَرَأَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ ، وَابْتَدَأَ بِسِرِّيَّةٍ ، إنْ لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلَ

( وَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ ) أَيْ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ وَلَوْ لِغَيْرِ اشْتِبَاهٍ ، وَأَتَمَّ بِهِمْ ( صَحَّتْ ) صَلَاتُهُمْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْكِبْرَ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ .
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَخْلَفَ بِالْفَتْحِ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِخْلَافِ بَلْ حَتَّى يُقْبِلَ وَيَفْعَلَ بِهِمْ فِعْلًا ، وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ .
وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَحْصُلُ لَهُ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ ، فَإِنْ تَقَدَّمَ غَيْرُهُ بَطَلَتْ وَشَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ ( اسْتَخْلَفَ ) الْأَوَّلُ ( مَجْنُونًا ) وَنَحْوَهُ مِمَّنْ لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ .
( وَلَمْ يَقْتَدُوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ ( بِهِ ) أَيْ الْمَجْنُونِ بِأَنْ أَتَمُّوا أَفْذَاذًا فِي غَيْرِ جُمُعَةٍ أَوْ اسْتَخْلَفُوا مَنْ تَصِحُّ إمَامَتُهُ فَأَتَمَّ بِهِمْ ، فَإِنْ اقْتَدَوْا بِالْمَجْنُونِ وَعَمِلَ بِهِمْ عَمَلًا بَطَلَتْ فَلَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهِمْ الِاقْتِدَاءَ بِهِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَكُونُ إمَامًا إلَّا بِالْعَمَلِ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ .
وَعَلَى قَوْلِ بَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ تَبْطُلُ وَلَوْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ وَاعْتَمَدَ عج طَرِيقَةً ثَالِثَةً .
حَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ لَهُ رُتْبَةُ الْإِمَامَةِ بِمُجَرَّدِ اسْتِخْلَافِهِ ، بَلْ حَتَّى يَقْتَدُوا بِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا فَإِنْ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهِمْ مَجْنُونًا وَاقْتَدُوا بِهِ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعَهُ عَمَلًا ، وَهَذِهِ ظَاهِرُ الْمَتْنِ .
( أَوْ أَتَمُّوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ الصَّلَاةَ حَالَ كَوْنِهِمْ ( وُحْدَانًا ) بِضَمِّ الْوَاوِ جَمْعُ وَاحِدٍ كَرُكْبَانٍ وَرَاكِبٍ وَفُرْسَانٍ وَفَارِسٍ أَيْ أَفْذَاذًا فَصَلَاتُهُمْ صَحِيحَةٌ إنْ لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ظَاهِرَةً ، وَلَوْ تَرَكُوا الْفَاتِحَةَ مَعَ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ مَعَ خُرُوجِهِمْ عَنْ الْخَلِيفَةِ ، ؛ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ لَهُ الْإِمَامَةُ إلَّا

بِاتِّبَاعِهِمْ إيَّاهُ وَعَمَلِهِمْ مَعَهُ عَمَلًا عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ .
وَالظَّاهِرُ عَدَمُ إثْمِهِمْ ، وَإِذَا لَمْ يُدْرِكُوا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً ، وَأَتَمُّوا وُحْدَانًا فَلَهُمْ الْإِعَادَةُ فِي جَمَاعَةٍ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ شَخْصٌ صَلَّى إمَامًا وَيُعِيدُ فِي جَمَاعَةٍ وَجَمَاعَةٌ صَلَّوْا مَأْمُومِينَ وَيُعِيدُونَ فِي جَمَاعَةٍ .
( أَوْ ) أَتَمَّ ( بَعْضُهُمْ ) وُحْدَانًا وَبَعْضٌ آخَرُ بِخَلِيفَةٍ ( أَوْ ) أَتَمُّوا طَائِفَتَيْنِ ( بِإِمَامَيْنِ ) كُلُّ طَائِفَةٍ بِإِمَامٍ ، وَقَدْ أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ ، كَجَمَاعَةٍ وَجَدُوا إمَامًا فِي مَسْجِدٍ بِجَمَاعَةٍ فَقَدَّمُوا غَيْرَهُ صَلَّى بِهِمْ خَلْفَهُ ( إلَّا الْجُمُعَةَ ) فَلَا تَصِحُّ وُحْدَانًا ، وَتَصِحُّ لِلطَّائِفَةِ الَّتِي صَلَّتْ مَعَ مَنْ اسْتَخْلَفَهُ الْإِمَامُ إنْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ .
فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ وَاحِدًا مِنْهُمَا صَحَّتْ لِلسَّابِقِينَ إنْ اسْتَوْفَوْا الشُّرُوطَ ، وَإِنْ اسْتَوَيَا بَطَلَتْ عَلَيْهِمَا .
وَلَوْ صَلَّوْا مَعَ الْأَوَّلِ رَكْعَةً قَبْلَ الْعُذْرِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسُوا كَالْمَسْبُوقِ الَّذِي أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ ، ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي رَكْعَةً تَقَدَّمَتْ بِشُرُوطِهَا بِخِلَافِهِمْ فَرَكْعَتُهُمْ بِنَاءً وَلَا يَصِحُّ رَكْعَةٌ مِنْ الْجُمُعَةِ بِنَاءً فَذًّا .
( ، وَقَرَأَ ) الْخَلِيفَةُ ( مِنْ انْتِهَاءِ ) قِرَاءَةِ الْإِمَامِ ( الْأَوَّلِ ) نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ إنْ عَلِمَ مَا انْتَهَى الْأَوَّلُ إلَيْهِ بِجَهْرِ أَوْ إخْبَارِ الْأَوَّلِ أَوْ سَمَاعِهِ لِقُرْبِهِ مِنْهُ ( وَابْتَدَأَ ) الْخَلِيفَةُ الْقِرَاءَةَ وُجُوبًا ( بِسِرِّيَّةٍ ) أَوْ جَهْرِيَّةٍ ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ ) الْخَلِيفَةُ انْتِهَاءَ الْأَوَّلِ ، فَلَوْ قَالَ مِنْ انْتِهَاءِ الْأَوَّلِ إنْ عَلِمَ ، وَإِلَّا ابْتَدَأَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ ، وَأَشْمَلَ .

وَصِحَّتُهُ بِإِدْرَاكِ مَا قَبْلَ الرُّكُوعِ ، وَإِلَّا فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ : صَحَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا : كَعَوْدِ الْإِمَامِ لِإِتْمَامِهَا ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ

( وَصِحَّتُهُ ) أَيْ الِاسْتِخْلَافِ مَشْرُوطَةٌ ( بِإِدْرَاكِ ) الْمُسْتَخْلَفِ بِالْفَتْحِ مَعَ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ قَبْلَ الْعُذْرِ ( مَا ) أَيْ جُزْءٌ مِنْ صَلَاةِ الْمُسْتَخْلِفِ بِالْكَسْرِ ( قَبْلَ ) عَقْدِ ( الرُّكُوعِ ) بِالرَّفْعِ مِنْهُ مُعْتَدِلًا مُطْمَئِنًّا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا ، بِأَنْ أَحْرَمَ عَقِبَ إحْرَامِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ أَوْ حَالَ الْقِرَاءَةِ أَوْ حَالَ هَوِيِّ الرُّكُوعِ أَوْ حَالَ الرُّكُوعِ أَوْ الرَّفْعِ مِنْهُ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ ، أَوْ أَحْرَمَ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ كَذَلِكَ أَوْ أَحْرَمَ حَالَ رُكُوعِ الْإِمَامِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ عَقِبَ إحْرَامِهِ ، وَهُوَ قَائِمٌ ، أَوْ حَالَ هَوِيِّهِ لِلرُّكُوعِ أَوْ حَالَ رُكُوعِهِ أَوْ فِي رَفْعِهِ مِنْهُ إلَخْ .
وَأَحْرَمَ حَالَ رَفْعِ الْإِمَامِ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَكَعَ بِحَيْثُ تَقْرُبُ رَاحَتَاهُ مِنْ رُكْبَتَيْهِ قَبْلَ تَمَامِ رَفْعِ الْإِمَامِ .
وَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ إلَّا بَعْدَهُ فَحَصَلَ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ .
وَالضَّابِطُ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْعُذْرُ قَبْلَ تَمَامِ الرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ صَحَّ اسْتِخْلَافُ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَهُ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ .
وَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ إلَّا مَنْ أَدْرَكَ الرُّكُوعَ مَعَهُ مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ وَمَنْ اقْتَدَى بِهِ بَعْدَ تَمَامِ رَفْعِهِ مِنْهُ ، وَقَبْلَ الْعُذْرِ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ .
وَقَوْلُنَا مِنْ تِلْكَ الرَّكْعَةِ لِيَشْمَلَ مَنْ فَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةٍ ، وَأَدْرَكَ سُجُودَهَا ، وَقَامَ مَعَ الْإِمَامِ لِتَالِيَتِهَا فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ فَيَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ لِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْمُسْتَخْلَفِ فِيهَا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِهَا ، وَهُوَ الْقِيَامُ ، وَلْيَخْرُجْ مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً فَأَكْثَرَ وَفَاتَهُ رُكُوعُ رَكْعَةِ الْعُذْرِ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَفْعَلُ بَاقِيَهَا

لِمُجَرَّدِ مُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ وَلَا يَأْتِي فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ ، وَإِنْ زُوحِمَ مُؤْتَمٌّ إلَخْ لِانْقِطَاعِ الْإِمَامَةِ فَهَذَا مُخَصِّصٌ لِذَاكَ اُنْظُرْ عج .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ جُزْءًا قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ بِأَنْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ بَعْدَهُ حَالَ قِيَامِهِ أَوْ هَوِيِّهِ لِلسَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ فِيهَا أَوْ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، أَوْ فِي الثَّانِيَةِ فَحَصَلَ الْعُذْرُ لِلْإِمَامِ ، أَوْ أَدْرَكَ مَا قَبْلَ رُكُوعِهَا وَغَفَلَ أَوْ نَعَسَ ، أَوْ زُوحِمَ عَنْ رُكُوعِهَا حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ مِنْهُ فَحَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ .
وَجَوَابُ إنْ الشَّرْطِيَّةِ الَّتِي أُدْغِمَتْ نُونُهَا بَعْدَ إبْدَالِهَا لَا مَا لِقُرْبِ مَخْرَجِهِمَا فِي لَامِ لَا النَّافِيَةِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ ، وَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ ؛ لِأَنَّ تَتْمِيمَهُ الرَّكْعَةَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَةِ الْإِمَامِ فَيُلْغِيهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ صَلَاتِهِ ، وَهُمْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ إتْمَامُهَا بِالْأَصَالَةِ وَيَعْتَدُّونَ بِهَا ، فَلَزِمَ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِشِبْهِ مُتَنَفِّلٍ وَمُعْتَدٍّ بِغَيْرِ مُعْتَدٍّ وَمُلْغٍ .
فَإِنْ لَمْ يَقْتَدُوا بِهِ فَلَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُمْ ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ فَصَحِيحَةٌ إنْ أَتَمَّ الرَّكْعَةَ الْمُسْتَخْلَفَ فِيهَا وَأَلْغَاهَا .
فَإِنْ لَمْ يُتِمَّهَا أَوْ اعْتَدَّ بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَسْقَطَهُ سَهْوًا .
وَقَوْلُهُ ( فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ ) إلَخْ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَحَقُّهُ التَّقْدِيمُ عَلَى فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ ، وَكَأَنَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ أَخَّرَهُ سَهْوًا وَمَسَاقُهُ عَلَى الصَّوَابِ هَكَذَا .
وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ فَكَأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ أَوْ بَنَى بِالْأُولَى أَوْ الثَّالِثَةِ صَحَّتْ ، وَإِلَّا فَلَا وَشَرَحَهُ عَلَى هَذَا الْمَسَاقِ .
( وَإِنْ جَاءَ ) الْمُسْتَخْلَفُ

بِالْفَتْحِ أَيْ اقْتَدَى بِالْإِمَامِ ( بَعْدَ ) حُصُولِ ( الْعُذْرِ ) لِلْإِمَامِ ( فَ ) هُوَ ( كَأَجْنَبِيٍّ ) أَيْ غَيْرِ مَأْمُومٍ وَالْكَافُ زَائِدَةٌ ؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ حَقِيقَةً لِانْحِلَالِ الْإِمَامَةِ عَنْ الْأَوَّلِ بِالْعُذْرِ ، فَلَا يَصِحُّ اسْتِخْلَافُهُ اتِّفَاقًا وَتَبْطُلُ صَلَاةُ مَنْ ائْتَمَّ بِهِ مِنْهُمْ ، وَأَمَّا صَلَاتُهُ هُوَ ( فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ ) صَلَاةً مُنْفَرِدًا بِأَنْ ابْتَدَأَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَبْنِ عَلَى صَلَاةِ الْأَوَّلِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ .
( أَوْ بَنَى ) عَلَى صَلَاةِ الْإِمَامِ ظَنًّا مِنْهُ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ ، وَكَانَ بِنَاؤُهُ ( بِ ) الرَّكْعَةِ ( الْأُولَى ) مُطْلَقًا بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْإِمَامَ قَرَأَ بَعْضَ الْفَاتِحَةِ أَتَمَّهَا أَوْ أَتَمَّ الْفَاتِحَةَ قَرَأَ هُوَ السُّورَةَ أَوْ أَتَمَّ السُّورَةَ رَكَعَ هُوَ بِدُونِ قِرَاءَةٍ صَحَّتْ صَلَاتُهُ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْوِيلِ ، وَمُرَاعَاةُ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْفَاتِحَةِ فِي الْجُلِّ أَوْ النِّصْفِ أَوْ رَكْعَةٍ .
أَوْ ) بَنَى بِ ( الثَّالِثَةِ ) مِنْ رُبَاعِيَّةٍ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ كَالْإِمَامِ الْأَوَّلِ لِظَنِّهِ صِحَّةَ اسْتِخْلَافِهِ ، وَقَضَى الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةٍ وَسُورَةٍ جَهْرًا إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ عِشَاءً ( صَحَّتْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُنْفَرِدِ إلَّا فِي الْقِرَاءَةِ لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ ، وَقَدْ عُذِرَ فِي مُخَالَفَتِهِ بِمَا تَقَدَّمَ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَبْنِ بِالْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ رُبَاعِيَّةٍ بِأَنْ بَنَى بِالثَّانِيَةِ مُطْلَقًا أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ ثُلَاثِيَّةٍ أَوْ الرَّابِعَةِ .
( فَلَا ) تَصِحُّ صَلَاتُهُ لِإِخْلَالِهِ بِهَيْئَتِهَا لِجُلُوسِهِ فِي مَحَلِّ الْقِيَامِ ، وَقِيَامِهِ فِي مَحَلِّ الْجُلُوسِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ " فَإِنْ صَلَّى لِنَفْسِهِ إلَخْ جَوَابَ الشَّرْطِ .
وَإِنْ كَانَ مُغْنِيًا عَنْ تَقْدِيرِ الْجَوَابِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَ رَكْعَةِ الِاسْتِخْلَافِ يَسْتَحِيلُ بِنَاؤُهُ بِالْأُولَى

أَوْ الثَّالِثَةِ لِفَوَاتِهَا ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ إلَّا فِيمَنْ جَاءَ بَعْدَ الْعُذْرِ ، وَأَمَّا مَنْ جَاءَ قَبْلَهُ وَفَاتَهُ الرُّكُوعُ فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ مُطْلَقًا بِشَرْطِ تَكْمِيلِهِ رَكْعَةَ الْإِمَامِ ، وَإِلْغَائِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الصِّحَّةِ فَقَالَ ( كَعَوْدِ الْإِمَامِ ) الْأَصْلِيِّ بَعْدَ زَوَالِ عُذْرِهِ الْمَانِعِ مِنْ الصَّلَاةِ كَسَبْقِ الْحَدَثِ وَرُعَافِ الْقَطْعِ وَصِلَةُ عَوْدٍ ( لِإِتْمَامِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ إمَامًا لَهُمْ كَمَا كَانَ قَبْلَ الْعُذْرِ فَتَبْطُلُ عَلَيْهِمْ إنْ اقْتَدَوْا بِهِ سَوَاءٌ اسْتَخْلَفَ حَالَ خُرُوجِهِ أَمْ لَا فَعَلُوا فِعْلًا قَبْلَ عَوْدِهِ لَهُمْ أَمْ لَا ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ .
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَصِحُّ .
ابْنُ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ بِالْبِنَاءِ فِي الْحَدَثِ وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ بُطْلَانُهَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ بِحَدَثِهِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَصَارَ مُبْتَدِئًا لَهَا مِنْ وَسَطِهَا وَعَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَمُوا قَبْلَهُ .
وَأَمَّا الْعُذْرُ الْمَانِعُ مِنْ الْإِمَامَةِ فَقَطْ كَرُعَافِ الْبِنَاءِ فَعَوْدُهُ لِإِتْمَامِهَا بِهِمْ لَا يُبْطِلُ صَلَاتَهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا عَمَلًا ، وَإِلَّا بَطَلَتْ أَفَادَهُ عج وعب .
ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ مَنْ اسْتَخْلَفَ لِحَدَثِهِ بَعْدَ رَكْعَةٍ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ رَجَعَ فَأَخْرَجَ خَلِيفَتَهُ وَتَقَدَّمَ فَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَجَلَسُوا حَتَّى أَتَمَّ لِنَفْسِهِ وَسَلَّمَ بِهِمْ صَحَّتْ لِتَأَخُّرِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِقُدُومِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَدُّمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ، وَقَصْرُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى الْإِمَامِ الرَّاعِفِ الْبَانِي ، وَهْمٌ ، وَقُصُورٌ ا هـ .
شَيْخُ مَشَايِخِنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْأَمِيرُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا اتَّفَقَ عَلَى الْبِنَاءِ اتَّفَقَ عَلَى الصِّحَّةِ

وَالْبِنَاءُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي رُعَافِ الْبِنَاءِ ، فَالصِّحَّةُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا فِيهِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ اسْتِخْلَافٌ وَلَا عَمَلُ رُكْنٍ كَمَا قَالَ عج وعب ، وَلِذَا جَعَلَ ابْنُ عَرَفَةَ قَصْرَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِلَافَ عَلَى رُعَافِ الْبِنَاءِ وَهْمًا ، وَقُصُورًا فَالْوَهْمُ الْغَلَطُ فِي حُكْمِ رُعَافِ الْبِنَاءِ فَإِنَّهَا الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا .
وَلَمَّا جَعَلَهُ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ اقْتَضَى أَنَّ الْمَشْهُورَ فِيهِ الْبُطْلَانُ وَالصَّوَابُ الصِّحَّةُ اتِّفَاقًا ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي غَيْرِهِ ، وَالْقُصُورُ عَنْ النَّقْلِ الْمُصَرِّحِ بِالْحَدَثِ وَفَهِمَ الْبُنَانِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ تَعْمِيمُ الْخِلَافِ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ فَرَدَّ عَلَى عج وعب وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْت .

وَجَلَسَ لِسَلَامِهِ الْمَسْبُوقُ : كَأَنْ سُبِقَ هُوَ ؛ لَا الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ مُسَافِرٌ ، لِتَعَذُّرِ مُسَافِرٍ ، أَوْ جَهْلِهِ ؛ فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ ، وَيَقُومُ غَيْرُهُ لِلْقَضَاءِ ، وَإِنْ جَهِلَ مَا صَلَّى أَشَارَ فَأَشَارُوا ، وَإِلَّا سُبِّحَ بِهِ .

( وَ ) إنْ اسْتَخْلَفَ الْإِمَامُ مَسْبُوقًا عَلَى مَسْبُوقٍ وَغَيْرِهِ وَأَتَمَّ الْخَلِيفَةُ صَلَاةَ الْإِمَامِ الْأَوَّلِ فَيُشِيرُ إلَيْهِمْ جَمِيعًا بِالْجُلُوسِ وَيَقُومُ الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ وَحْدَهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ الْإِمَامُ بِهِ ، وَ ( جَلَسَ لِ ) انْتِظَارِ ( سَلَامِهِ ) أَيْ الْخَلِيفَةِ عَقِبَ قَضَائِهِ الْمَأْمُومَ ( الْمَسْبُوقَ ) فَإِذَا سَلَّمَ الْخَلِيفَةُ قَامَ الْمَسْبُوقُ غَيْرُهُ لِقَضَاءِ مَا سَبَقَهُ بِهِ الْإِمَامُ ، فَإِنْ لَمْ يَجْلِسْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ سَلَامُهُ عَنْ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ لِقَضَائِهِ فِي صُلْبِ مَنْ صَارَ إمَامَهُ .
وَشَبَّهَ فِي وُجُوبِ انْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ صِلَتُهُ ( سُبِقَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ ( هُوَ ) أَيْ الْمُسْتَخْلَفُ بِالْفَتْحِ وَحْدَهُ فَالْمُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ غَيْرُ الْمَسْبُوقِينَ يَنْتَظِرُونَ سَلَامَ الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ وَيُسَلِّمُونَ عَقِبَهُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ فِي السَّلَامِ ، وَأَبْرَزَ نَائِبَ الْفَاعِلِ بِقَوْلِهِ هُوَ لِإِفَادَةِ قَصْرِ السَّبْقِ عَلَى الْخَلِيفَةِ وَلِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَوْدِهِ عَلَى الْمَسْبُوقِ الْأَقْرَبِ فِي الذَّكَرِ وَلَا مَعْنَى لَهُ ، وَانْتِظَارُهُمْ أَخَفُّ مِنْ سَلَامِهِمْ قَبْلَهُ .
وَقِيلَ يُسْتَخْلَفُ عَلَيْهِمْ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ قَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ .
( لَا ) يَجْلِسُ مَأْمُومٌ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ ( الْمُقِيمُ يَسْتَخْلِفُهُ ) إمَامٌ ( مُسَافِرٌ ) عَلَى مُقِيمِينَ وَمُسَافِرِينَ وَلَمَّا كَانَتْ إمَامَةُ الْمُقِيمِ لِلْمُسَافِرِ مَكْرُوهَةً كَرَاهَةً شَدِيدَةً عَلَّلَ الْمُصَنِّفُ اسْتِخْلَافَ الْمُقِيمِ عَلَى الْمُسَافِرِ بِقَوْلِهِ ( لِتَعَذُّرِ ) اسْتِخْلَافِ ( مُسَافِرٍ ) لِعَدَمِ صَلَاحِيَّتِهِ لِلْإِمَامَةِ ( وَ ) لِ ( لِجَهْلِهِ ) أَيْ جَهْلِ عَيْنِهِ أَوْ كَوْنِهِ خَلْفَهُ .
وَإِذَا لَمْ يَنْتَظِرْ سَلَامَ الْمُقِيمِ ( فَيُسَلِّمُ ) الْمَأْمُومُ ( الْمُسَافِرُ ) عِنْدَ قِيَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ لِإِتْمَامِ صَلَاتِهِ عَقِبَ إكْمَالِهِ

صَلَاةَ الْأَوَّلِ .
( وَيَقُومُ غَيْرُهُ ) أَيْ الْمُسَافِرِ ، وَهُوَ الْمَأْمُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَ كَمَالِ صَلَاةِ الْأَوَّلِ ( لِلْقَضَاءِ ) أَيْ لِإِكْمَالِ صَلَاتِهِ بِنَاءً وَالتَّعْبِيرُ عَنْهُ بِالْقَضَاءِ تَسَمُّحٌ فَذًّا لِدُخُولِهِ عَلَى عَدَمِ السَّلَامِ مَعَ الْأَوَّلِ ، وَلَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْخَلِيفَةِ فِيمَا يُكْمِلُ بِهِ صَلَاتَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاءٌ فِي صَلَاةٍ بِإِمَامَيْنِ ثَانِيهِمَا غَيْرُ خَلِيفَةٍ عَنْ أَوَّلِهِمَا فِيمَا يَأْتِي بِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَمْ يَسْتَخْلِفْ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .
وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَالْمِصْرِيِّينَ قَاطِبَةً أَنَّهُ يَجْلِسُ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ لِانْتِظَارِ سَلَامِ الْخَلِيفَةِ الْمُقِيمِ ، فَيُسَلِّمُ الْمُسَافِرُ عَقِبَ سَلَامِهِ وَيَقُومُ الْمُقِيمُ عَقِبَهُ لِلْإِتْمَامِ .
( وَإِنْ جَهِلَ ) الْخَلِيفَةُ ( مَا صَلَّى ) الْأَوَّلُ ، وَقَدْ ذَهَبَ ( أَشَارَ ) الْخَلِيفَةُ مُسْتَفْهِمًا مِنْ الْمَأْمُومِينَ عَنْ عَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ ( فَأَشَارُوا ) أَيْ الْمَأْمُومُونَ لِلْخَلِيفَةِ بِعَدَدِ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ ، فَإِنْ فَهِمَ بِالْإِشَارَةِ فَوَاضِحٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ بِهَا أَوْ كَانَ أَعْمَى أَوْ فِي ظَلَامٍ ( سُبِّحَ ) بِضَمِّ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ نَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ فِيهِ تَقْدِيرُهُ هُوَ أَيْ اللَّهُ ( بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ تَفْهِيمِ الْخَلِيفَةِ عَدَدَ مَا صَلَّى الْأَوَّلُ ، فَإِنْ فَهِمَ ، وَإِلَّا كَلَّمُوهُ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ التَّسْبِيحِ عَلَى الْإِشَارَةِ الْمُفْهِمَةِ وَتَبْطُلُ بِتَقْدِيمِ الْكَلَامِ عَلَى التَّسْبِيحِ أَوْ الْإِشَارَةِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْإِفْهَامُ .
وَالْكَلَامُ هُنَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَيْهِ الْإِفْهَامُ وَنَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ .
ابْنُ رُشْدٍ ، وَهُوَ الْجَارِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ لَا يُبْطِلُهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ .

، وَإِنْ قَالَ لِلْمَسْبُوقِ : أَسْقَطْت رُكُوعًا عَمِلَ عَلَيْهِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ ، وَسَجَدَ قَبْلَهُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ بَعْدَ صَلَاةِ إمَامِهِ .
السَّفَر

( وَإِنْ قَالَ ) الْإِمَامُ الْأَصْلِيُّ ( لِلْمَسْبُوقِ ) الَّذِي اسْتَخْلَفَهُ وَلِلْمَأْمُومِينَ ( أَسْقَطْت رُكُوعًا ) أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا تَبْطُلُ الرَّكْعَةُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ أَوْ مِمَّا لَا تَبْطُلُ بِفَوَاتِ تَدَارُكِهِ وَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ قَبْلَ السَّلَامِ كَالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ وَالْجُلُوسِ الْأَوَّلِ ( عَمِلَ ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ ( عَلَيْهِ ) أَيْ قَوْلُهُ أَسْقَطْت رُكُوعًا وَفَاعِلُ عَمِلَ ( مَنْ ) أَيْ الْمَأْمُومُ الَّذِي ( لَمْ يَعْلَمْ ) أَوْ يَظُنُّ ( خِلَافَهُ ) أَيْ قَوْلِ الْإِمَامِ أَسْقَطْت رُكُوعًا بِأَنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ أَوْ شَكَّ فِيهِمَا وَمَفْهُومُ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ خِلَافَهُ لَا يَعْمَلُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ خَلِيفَةً أَوْ لَا .
( وَسَجَدَ ) الْخَلِيفَةُ الْمَسْبُوقُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي عَمِلَ فِيهَا بِقَوْلِ الْإِمَامِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ السَّلَامِ عَقِبَ فَرَاغِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِلْقَضَاءِ ( إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ ) أَيْ تَنْفَرِدْ ( زِيَادَةٌ ) بِأَنْ تَمَحَّضَ النَّقْصُ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِتَرْكِ الْفَاتِحَةِ أَوْ السُّورَةِ أَوْ الْجُلُوسِ الْأَوَّلِ أَوْ نَحْوَهَا أَوْ اجْتَمَعَ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ كَمَا إذَا أَخْبَرَهُ عَقِبَ عَقْدِ الثَّالِثَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا لِإِحْدَى الْأُولَيَيْنِ بَطَلَتْ ، وَصَارَتْ الثَّالِثَةُ ثَانِيَةً ، وَقَرَأَهَا بِفَاتِحَةٍ فَقَطْ سِرًّا فَنَقَصَ السُّورَةَ ، وَزَادَ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَطَلَتْ أَوْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فِي قِيَامِ الرَّابِعَةِ أَوْ عَقِبَ عَقْدِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ إحْدَى الْأُولَيَيْنِ .
وَمَفْهُومُ إنْ لَمْ تَتَمَحَّضْ زِيَادَةٌ أَنَّهَا إنْ تَمَحَضَّتْ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ بَعْدَ السَّلَامِ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ قَبْلَ عَقْدِ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ أَسْقَطَ رُكُوعًا أَوْ سُجُودًا فَالتَّدَارُكُ مُمْكِنٌ وَلَا نَقْصَ مَعَهُ ، وَكَذَا إذَا اسْتَخْلَفَ فِي الرَّابِعَةِ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ مِنْ الثَّالِثَةِ .
وَقَوْلُهُ ( بَعْدَ ) كَمَالِ ( صَلَاةِ إمَامِهِ ) أَيْ الْأَصْلِيِّ ، وَقَبْلَ قِيَامِهِ لِقَضَاءِ مَا عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سَجَدَ قَبْلَهُ ، وَقَدْ

نَبَّهْت عَلَيْهِ فِيمَا تَقَدَّمَ ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ سُجُودِ إمَامِهِ الَّذِي كَانَ يَفْعَلُهُ فِيهِ ، وَهَذَا نَائِبُهُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخَلِيفَةُ أَدْرَكَ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ ، وَإِلَّا فَلَا يَسْجُدُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّهْوِ .
وَقَدْ يُقَالُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَسْجُدُ ؛ لِأَنَّهُ لِنِيَابَتِهِ عَنْ الْإِمَامِ يُطْلَبُ بِمَا يُطْلَبُ بِهِ الْإِمَامُ فَيُطْلَبُ بِسُجُودِ السَّهْوِ .
وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً مَعَ الْإِمَامِ فَهَذَا يُقَيِّدُ مَا سَبَقَ فِي السَّهْوِ .
كَذَا فِي عبق وَالْخَرَشِيِّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) سُنَّ لِمُسَافِرٍ : غَيْرِ عَاصٍ بِهِ وَلَاهٍ : أَرْبَعَةَ بُرُدٍ ، وَلَوْ بِبَحْرٍ ذَهَابًا قُصِدَتْ دُفْعَةً

( فَصْلٌ ) فِي أَحْكَامِ صَلَاةِ السَّفَرِ ( سُنَّ ) بِضَمِّ السِّينِ وَشَدِّ النُّونِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ .
عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ كَوْنُهُ سُنَّةً هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ ، وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ ، وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ا هـ .
وَقِيلَ فَرْضٌ .
وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ .
وَقِيلَ مُبَاحٌ .
وَعَلَى السُّنِّيَّةِ فَفِي آكَدِيَّتِهِ عَلَى الْجَمَاعَةِ وَعَكْسِهِ قَوْلَا ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْمُسَافِرُ إلَّا مُقِيمًا يَقْتَدِي بِهِ فَلَا يَقْتَدِي بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ .
وَيُنْدَبُ اقْتِدَاؤُهُ بِهِ عَلَى الثَّانِي ( لِ ) شَخْصٍ ( مُسَافِرٍ ) رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ وَلَوْ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ بِأَنْ كَانَ بِطَيَرَانٍ أَوْ خُطْوَةٍ فِي لَحْظَةٍ ( غَيْرِ عَاصٍ بِهِ ) أَيْ بِسَبَبِ السَّفَرِ فَالْعَاصِي بِهِ كَالْآبِقِ وَالْعَاقِّ .
وَقَاطِعِ الطَّرِيقِ لَا يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ ، بَلْ يُمْنَعُ .
وَقِيلَ يُكْرَهُ ، فَإِنْ تَابَ فِي أَثْنَائِهِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَهَا أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ ، وَإِلَّا فَلَا .
وَإِنْ عَصَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ أَتَمَّ وُجُوبًا مِنْ حِينِهِ ، فَإِنْ قَصَرَ الْعَاصِي بِهِ فَلَا يُعِيدُ عَلَى الصَّوَابِ ، وَأَثِمَ أَوْ أَسَاءَ .
وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِهِ عَنْ الْعَاصِي فِيهِ كَشَارِبٍ وَزَانٍ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ اتِّفَاقًا .
( وَ ) غَيْرِ ( لَاهٍ ) بِهِ فَاللَّاهِي بِهِ كَالْمُسَافِرِ لِمُجَرَّدِ التَّسَلِّي لَا يُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ بَلْ يُكْرَهُ .
وَقِيلَ يُبَاحُ فَإِنْ قَصَرَ فَلَا يُعِيدُ وَصِلَةُ مُسَافِرٍ قَوْلُهُ ( أَرْبَعَةَ بُرُدٍ ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالرَّاءِ جَمْعُ بَرِيدٍ ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ أَلْفَا ذِرَاعٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَخَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ وَالذِّرَاعُ مِنْ طَيِّ الْمِرْفَقِ لِآخِرِ الْوُسْطَى ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ إصْبَعًا عَرْضًا وَالْأُصْبُعُ سِتُّ شُعَيْرَاتٍ وَالشُّعَيْرَةُ سِتُّ شَعَرَاتٍ مِنْ شَعْرِ الْبِرْذَوْنِ وَحَدُّهَا بِالزَّمَنِ مَرْحَلَتَانِ أَيْ سَيْرُ

يَوْمَيْنِ مُعْتَدِلَيْنِ مَعَ لَيْلَتِهِمَا ، أَوْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِسَيْرِ الْإِبِلِ الْمُثْقَلَةِ بِالْأَحْمَالِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ النُّزُولِ لِلصَّلَاةِ وَالرَّاحَةِ ، وَإِصْلَاحِ الْمَتَاعِ ، وَقَضَاءِ الْحَاجَةِ إنْ كَانَ سَفَرُهَا بِبَرٍّ .
بَلْ ( وَلَوْ ) ، وَكَانَ سَفَرُهَا ( بِبَحْرٍ ) كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا تَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ أَوْ تَأَخَّرَتْ إنْ كَانَ السَّفَرُ فِيهِ بِالْمَجَاذِيفِ أَوْ بِهَا وَبِالرِّيحِ أَوْ بِالرِّيحِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَتْ مَسَافَةُ الْبَحْرِ مُطْلَقًا أَوْ تَأَخَّرَتْ ، وَكَانَتْ مَسَافَةُ الْبَرِّ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ ، وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ فِي مَسَافَةِ الْبَرِّ ، وَتُعْتَبَرُ مَسَافَةُ الْبَحْرِ وَحْدَهَا ، فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ ، وَإِلَّا فَلَا .
هَذَا تَفْصِيلُ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْعَوْفِيُّ فِي شَرْحِ قَوَاعِدِ عِيَاضٍ وَاعْتَمَدَهُ عج وَالْعَدَوِيُّ .
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ يُضَمُّ الْبَحْرُ لِلْبَرِّ مُطْلَقًا .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ السَّفَرَ فِي الْبَحْرِ إنْ كَانَ بِجَانِبِ الْبَرِّ فَالْعِبْرَةُ بِأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ ، وَإِلَّا فَبِسَفَرِ يَوْمَيْنِ فَلَيْسَ الْخِلَافُ فِي قَصْرِ الْمُسَافِرِ فِي الْبَحْرِ ، بَلْ فِي تَحْدِيدِ الْمَسَافَةِ بِأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ حَالَ كَوْنِ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ ( ذَهَابًا ) أَيْ مَذْهُوبًا فِيهَا أَوْ ذَاتَ ذَهَابٍ أَوْ هِيَ الذَّهَابُ مُبَالَغَةً أَيْ لَيْسَتْ مُلَفَّقَةً مِنْ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ ( قُصِدَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ أَيْ أَرْبَعَةُ الْبُرُدِ ، فَإِنْ لَمْ تُقْصَدْ كَهَائِمٍ وَطَالِبِ رَعْيٍ فَلَا يُسَنُّ الْقَصْرُ ( دَفْعَةً ) بِفَتْحِ الدَّالِ أَيْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فِي أَثْنَائِهَا ، وَإِلَّا فَلَا يَقْصُرُ فِيهَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا دَفْعَةً أَنْ يُسَيِّرَهَا سِيرَةً وَاحِدَةً ، وَلَا يَنْزِلُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهَا أَصْلًا ؛ لِأَنَّ فِي هَذَا مَشَقَّةً فَادِحَةً وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ .

إنْ عَدَّى الْبَلَدِيُّ : الْبَسَاتِينَ الْمَسْكُونَةَ ، وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالَ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ ، وَالْعَمُودِيُّ : حِلَّتَهُ ، وَانْفَصَلَ غَيْرُهُمَا : قَصْرُ رُبَاعِيَّةٍ وَقْتِيَّةٍ ، أَوْ فَائِتَةٍ فِيهِ ، وَإِنْ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ

وَذَكَرَ شَرْطَ الْقَصْرِ بِقَوْلِهِ ( إنْ عَدَّى ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالدَّالِ مُثَقَّلًا أَيْ تَعَدَّى وَجَاوَزَ ( الْبَلَدِيُّ ) أَيْ مُبْتَدِئُ السَّفَرِ مِنْ بَلَدٍ لَهُ بَسَاتِينُ مَسْكُونَةٌ ( الْبَسَاتِينَ ) جَمْعُ بُسْتَانٍ أَيْ الْجَنَائِنُ الْمُتَّصِلَةُ بِالْبَلَدِ وَلَوْ حُكْمًا بِارْتِفَاقِ سَاكِنِيهَا بِأَهْلِ الْبَلَدِ فِي أَمْرِ مَعَاشِهِمْ مِنْ طَحْنٍ وَخَبْزٍ وَنَحْوِهِمَا ( الْمَسْكُونَةَ ) بِالزَّوْجَاتِ وَالْعِيَالِ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْعَامِ كَالرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ إنْ سَافَرَ بَيْنَهَا أَوْ مُحَاذِيهَا يَمِينًا أَوْ شِمَالًا .
ا هـ .
عبق الْبُنَانِيُّ إنْ سَافَرَ بَيْنَهَا فَقَطْ فَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَتُهَا إنْ حَاذَاهَا إذْ غَايَتُهَا أَنَّهَا كَجُزْءٍ مِنْ الْبَلَدِ ، فَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدِّي الْمَزَارِعِ وَالْبَسَاتِينِ الْمُنْفَصِلَةِ وَغَيْرِ الْمَسْكُونَةِ .
وَلَوْ كَانَ فِيهَا حُرَّاسٌ وَعَمَلَةٌ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ قَوْلِهَا وَيُتِمُّ الْمُسَافِرُ حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ .
( وَتُؤُوِّلَتْ ) بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَالْهَمْزِ وَكَسْرِ الْوَاوِ مُشَدَّدَةً أَيْ حُمِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( أَيْضًا عَلَى ) شَرْطِ ( مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ بِ ) النِّسْبَةِ لِ ( قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ ) بِحَمْلِ قَوْلِهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْهَا .
رَوَى مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ إنْ كَانَتْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهَا حَتَّى يُجَاوِزَ بُيُوتَهَا بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ السُّورِ إنْ كَانَ لَهَا سُورٌ ، وَإِلَّا فَمِنْ آخِرِ بِنَائِهَا .
وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَرْيَةَ جُمُعَةٍ فَتَكْفِي مُجَاوَزَةُ الْبَسَاتِينِ فَقَطْ .
وَاخْتُلِفَ هَلْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ مُفَسِّرَةٌ لِلْمُدَوَّنَةِ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ رُشْدٍ ، وَعَلَى هَذَا فَكَلَامُهَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ الْمُتَقَدِّمِ أَوْ مُحَالِفَةٌ لَهَا ، وَأَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِلْمُعْتَمَدِ ، وَقَوْلُهَا حَتَّى يَبْرُزَ عَنْ قَرْيَتِهِ أَيْ بِمُجَاوَزَةِ

الْبَسَاتِينِ ، وَهُوَ رَأْيُ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ ، وَإِلَى مَا ذُكِرَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ أَيْ تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ مُطْلَقًا ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ تَأْوِيلُ الْمُخَالَفَةِ ، وَعَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْأَرْبَعَةُ الْبُرُدُ مِنْ مُجَاوَزَةِ الْبَسَاتِينِ .
وَعَلَى مُقَابِلِهِ فَهَلْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالُ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْبُرُدِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَغَيْرُهُ أَوَّلًا تَحْسِبُهُ مِنْهَا .
وَصَوَّبَهُ ابْنُ نَاجِي عبق وَالْخَرَشِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ تَزِدْ الْبَسَاتِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ ، وَإِلَّا اتَّفَقَ الْقَوْلَانِ عَلَى مُجَاوَزَتِهَا .
وَكَذَا إنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ الْبُنَانِيُّ أَلْحَقَ إطْلَاقَ الْخِلَافِ سَوَاءٌ زَادَتْ الْبَسَاتِينُ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْأَمْيَالِ أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَمْيَالِ عَلَى الْبَسَاتِينِ .
وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ الْحَاجِّ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ ، وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ يُفِيدُ أَنَّ قَرْيَةَ غَيْرِ الْجُمُعَةِ الَّتِي زَادَتْ بَسَاتِينُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ اتَّفَقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا .
وَأَنَّ قَرْيَةَ الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَّفِقُوا فِيهَا عَلَى اشْتِرَاطِ مُجَاوَزَةِ بَسَاتِينِهَا وَاكْتَفَى فِيهَا مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي رِوَايَةِ مُطَرِّفٍ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ سُورِهَا أَوْ طَرَفِ بِنَائِهَا ، وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَ ) إنْ عَدَّى ( الْعَمُودِيُّ ) أَيْ الْبَدْوِيُّ الَّذِي رَفَعَ بَيْتَهُ عَلَى عَمُودٍ مِنْ خَشَبٍ فَلِذَا نُسِبَ إلَيْهِ ( حِلَّتَهُ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَشَدِّ اللَّامِ أَيْ مَنْزِلَةَ بُيُوتِ قَوْمِهِ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً حَيْثُ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ أَيْ الْجَدِّ الَّذِي انْتَسَبُوا إلَيْهِ وَالدَّارُ أَيْ الْمَنْزِلَةُ الَّتِي نَزَلُوا فِيهَا أَوْ الدَّارُ فَقَطْ فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ مِنْهُمْ حَتَّى يُجَاوِزَ جَمِيعَ بُيُوتِهِمْ .
وَلَوْ سَارَ فِيهَا أَيَّامًا ؛ لِأَنَّ مَا

بَيْنَهَا بِمَنْزِلَةِ الْفَضَاءِ وَالرِّحَابِ الَّذِي بَيْنَ الْأَبْنِيَةِ وَأَمَّا إنْ جَمَعَهُمْ اسْمُ الْحَيِّ فَقَطْ دُونَ الدَّارِ بِأَنْ اشْتَرَكُوا فِي النَّسَبِ وَافْتَرَقُوا فِي دَارَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَتُعْتَبَرُ كُلُّ حِلَّةٍ عَلَى حِدَتِهَا إذَا لَمْ يَرْتَفِقْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ ( وَ ) إنْ ( انْفَصَلَ ) عَنْ مَسْكَنِهِ ( غَيْرُهُمَا ) أَيْ الْبَلَدِيِّ وَالْعَمُودِيِّ كَسَاكِنِ غَارٍ فِي جَبَلٍ ، وَقَرْيَةٍ لَا بَسَاتِينَ لَهَا مُتَّصِلَةً إلَخْ ، فَسَاكِنُ الْغَارِ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ خُرُوجِهِ مِنْهُ وَسَاكِنُ الْقَرْيَةِ الَّتِي لَا بَسَاتِينَ لَهَا ، كَذَلِكَ يَقْصُرُ بِمُجَاوَزَةِ بُيُوتِهَا أَوْ أَبْنِيَتِهَا الْخَرِبَةِ الَّتِي فِي طَرَفِهَا وَسَاكِنُ الْبَسَاتِينِ يَقْصُرُ بِمُجَاوَزَتِهَا ، سَوَاءٌ اتَّصَلَتْ بِالْبَلَدِ أَمْ لَا وَنَائِبُ فَاعِلِ سُنَّ ( قَصْرُ ) صَلَاةٍ ( رُبَاعِيَّةٍ ) نِسْبَةً لِأَرْبَعٍ عَدَدِ رَكَعَاتِهَا لَا ثُنَائِيَّةٍ وَلَا ثُلَاثِيَّةٍ ( وَقْتِيَّةٍ ) أَيْ ذَاتِ وَقْتٍ مَحْدُودٍ حَاضِرٍ سَافَرَ فِيهِ وَلَوْ ضَرُورِيًّا فَيَقْصُرُ الظُّهْرَيْنِ مَنْ وَصَلَ مَحَلَّ الْقَصْرِ قُبَيْلَ الْغُرُوبِ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ، وَلَوْ تَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُمَا إلَيْهِ ، وَإِنْ وَصَلَهُ لِرَكْعَتَيْنِ قَصَرَ الْعَصْرَ لِاخْتِصَاصِ الْوَقْتِ بِهَا ، وَأَتَمَّ الظُّهْرَ ؛ لِأَنَّهَا فَاتَتْ ، وَهُوَ مُقِيمٌ .
( أَوْ فَاتَتْهُ فِيهِ ) أَيْ السَّفَرِ وَلَوْ قَضَاهَا ، وَهُوَ مُقِيمٌ وَفَاتَتْهُ فِي الْحَضَرِ تُقْضَى تَامَّةً وَلَوْ فِي السَّفَرِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُسَافِرُ نُوتِيًّا بِأَهْلِهِ بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ الْمُسَافِرُ ( نُوتِيًّا ) أَيْ خَادِمَ سَفِينَةٍ مُسَافِرًا ( بِأَهْلِهِ ) أَيْ زَوْجَتِهِ فَيَقْصُرُ ( إلَى مَحَلِّ الْبَدْءِ ) الْمُتَبَادَرِ مِنْهُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي ابْتَدَأَ الْقَصْرَ مِنْهُ حَالَ خُرُوجِهِ ، فَيَعْتَرِضُ بِأَنَّهُ خِلَافُ قَوْلِهَا .
وَإِذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ فَلْيَقْصُرْ حَتَّى يَدْخُلَ الْبُيُوتَ أَوْ يُقَارِبَهَا فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُنْتَهَى الْقَصْرِ لَيْسَ مَحَلَّ بَدْئِهِ .
أُجِيبَ بِحَمْلِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مُنْتَهَى سَفَرِهِ فِي حَالِ ذَهَابِهِ لَا فِي

حَالِ رُجُوعِهِ فَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ ، أَيْ يَقْصُرُ فِي ذَهَابِهِ إلَى نَظِيرِ مَحَلِّ الْبَدْءِ فَكَلَامُهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ .
أَوْ الْمُرَادُ إلَى الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِبَدْءِ الْقَصْرِ مِنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّذِي وَصَلَ هُوَ إلَيْهِ ، وَهُوَ الْبَسَاتِينُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ ذَلِكَ .
أَوْ الْحِلَّةُ فِي الْعَمُودِيِّ ، أَوْ مَحَلُّ الِانْفِصَالِ فِي غَيْرِهِمَا .
وَأَمَّا كَلَامُهَا فَمَحْمُولٌ عَلَى مُنْتَهَى الْقَصْرِ فِي الرُّجُوعِ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى كَلَامِهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الدُّخُولِ لِلْقُرْبِ فَلَا يَظْهَرُ الْعَطْفُ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَالْعَطْفَ لِلتَّفْسِيرِ ، أَيْ الْمُرَادُ بِدُخُولِهَا الْقُرْبُ مِنْهَا وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ مِيلٍ ، وَبِأَنَّ الدُّخُولَ لِمَنْ اسْتَمَرَّ سَائِرًا وَالْقُرْبَ لِمَنْ نَزَلَ خَارِجَهَا لِاسْتِرَاحَةٍ مَثَلًا وَبِأَنَّهُمَا قَوْلَانِ .

لَا أَقَلَّ إلَّا كَمَكِّيٍّ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ وَرُجُوعِهِ
( لَا ) يَقْصُرُ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُسَافِرَ ( أَقَلَّ ) مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ أَيْ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ إنْ قَصَرَهَا فِي خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ مِيلًا .
وَتَصِحُّ فِي أَرْبَعِينَ فَأَكْثَرَ وَلَا تُعَادُ اتِّفَاقًا .
وَإِنْ حَرُمَ وَتَصِحُّ فِيمَا بَيْنَ الْخَمْسَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ ، وَلَا تُعَادُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ .
وَقِيلَ تُعَادُ فِي الْوَقْتِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا أَقَلَّ فَقَالَ ( إلَّا كَمَكِّيٍّ ) وَمَنْوِيٍّ وَمُزْدَلِفِيٍّ وَعَرَفِيٍّ وَمُحَصَّبِيٍّ فَيُسَنُّ لَهُ الْقَصْرُ ( فِي خُرُوجِهِ ) مِنْ مَحَلِّهِ ( لِعَرَفَةَ ) لِلْحَجِّ .
( وَ ) فِي ( رُجُوعِهِ ) لِبَلَدِهِ سَوَاءٌ بَقِيَ عَلَيْهِ عَمَلٌ مِنْ النُّسُكِ بِغَيْرِ بَلَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، فَيَقْصُرُ الْمَنْوِيَّ فِي رُجُوعِهِ مِنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ الْعَاشِرِ لِمِنًى لِلْمَبِيتِ وَالرَّمْيِ بِهَا وَالْمُزْدَلِفِيُّ وَالْعَرَفِيُّ وَالْمُحَصَّبِيُّ فِي رُجُوعِهِمْ لِبِلَادِهِمْ .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ وَرُجُوعِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الْأَمْكِنَةِ يُتِمُّ بِمَكَانِهِ .
وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ عَمَلٌ بِغَيْرِهِ كَمَكِّيٍّ رَجَعَ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَكَّةَ لِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ الْعَرَفِيِّ لِقَوْلِهِ فِي خُرُوجِهِ لِعَرَفَةَ ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ كَالْمَكِّيِّ فَيَقْصُرُ فِي خُرُوجِهِ لِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَمَكَّةَ وَرُجُوعِهِ إلَيْهَا وَيُتِمُّ بِهَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ .
وَقَالَ الْبَاجِيَّ لَا يَقْصُرُ الْعَرَفِيُّ وَاسْتِنَانُ الْقَصْرِ فِي الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ لِلسُّنَّةِ .

وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا ، وَلَوْ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ .
وَلَا عَادِلٌ عَنْ قَصِيرٍ بِلَا عُذْرٍ .
وَلَا هَائِمٌ .
وَطَالِبُ رَعْيٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ قَطْعَ الْمَسَافَةِ قَبْلَهُ وَلَا مُنْفَصِلٌ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً إلَّا أَنْ يَجْزِمَ بِالسَّيْرِ دُونَهَا .

( وَلَا ) يَقْصُرُ ( رَاجِعٌ ) بَعْدَ سَفَرِهِ مِنْ مَحَلٍّ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا أَمْ لَا وَصِلَةُ رَاجِعٌ ( لِدُونِهَا ) أَيْ مِنْ دُونِ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ ؛ لِأَنَّ رُجُوعَهُ سَفَرٌ مُسْتَقِلٌّ ، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَسَافَةُ وَصَلَاتُهُ الْمَقْصُورَةُ فِي ذَهَابِهِ قَبْلَ رُجُوعِهِ صَحِيحَةٌ فَلَا يُعِيدُهَا هَذَا إنْ رَجَعَ تَارِكًا السَّفَرَ بَلْ ( وَلَوْ ) رَجَعَ لِلْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ ( لِشَيْءٍ نَسِيَهُ ) وَيَعُودُ لِسَفَرِهِ ، فَإِنْ رَجَعَ لِغَيْرِهِ لِشَيْءٍ نَسِيَهُ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ .
وَمَفْهُومُ لِدُونِهَا أَنَّهُ إذَا رَجَعَ بَعْدَهَا يَقْصُرُ فِي رُجُوعِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فُهِمَ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّهُ سَفَرٌ مُسْتَقِلٌّ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ إذَا رَجَعَ مِنْ دُونِهَا لِشَيْءٍ نَسِيَهُ قَصَرَ فِي رُجُوعِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ السَّفَرَ .
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَطَنَهُ قَبْلَ رُجُوعِهِ ، وَإِلَّا أَتَمَّ فِي رُجُوعِهِ اتِّفَاقًا .
( وَلَا ) يَقْصُرُ ( عَادِلٌ ) فِي سَفَرِهِ ( عَنْ ) طَرِيقٍ ( قَصِيرٍ ) أَيْ دُونَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ إلَى طَرِيقٍ فِيهِ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ وَصِلَةُ عَادِلٍ ( بِلَا عُذْرٍ ) ؛ لِأَنَّهُ لَاهٍ بِسَفَرِهِ .
وَمُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ إنْ قَصَرَ فَلَا يُعِيدُ وَهُوَ الظَّاهِرُ .
وَفِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ اللَّاهِيَ بِصَيْدٍ وَشِبْهِهِ لَا يَقْصُرُ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِقَصْرِهِ فَلَا شَكَّ فِي قَصْرِ هَذَا فَهَذَا مُحْتَرَزُ غَيْرِ لَاهٍ ، وَمَفْهُومُ بِلَا عُذْرٍ أَنَّهُ إنْ عَدَلَ لِعُذْرٍ كَمَكْسٍ لَهُ بَالٌ وَوَحَلٌ وَوَعْرٌ وَخَوْفٌ مِنْ سَبُعٍ أَوْ قَاطِعِ طَرِيقٍ وَتِجَارَةٍ وَزِيَادَةِ قَصْرٍ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَلَا ) يَقْصُرُ ( هَائِمٌ ) أَيْ مُتَجَرِّدٌ عَنْ الْأَهْلِ وَالتَّوَطُّنِ سَائِحٌ فِي الْبِلَادِ أَيِّ بَلَدٍ تَيَسَّرَ لَهُ فِيهِ الْقُوتُ أَقَامَ فِيهِ مَا شَاءَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ سَفَرَ أَرْبَعَةِ بُرُدٍ ( وَ ) لَا يَقْصُرُ ( طَالِبُ رَعْيٍ ) لِنَحْوِ إبِلٍ أَوْ بَقَرٍ أَوْ غَنَمٍ يَرْتَعُ حَيْثُ يَجِدُ الْكَلَأَ لِعَدَمِ

قَصْدِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَعْلَمَ ) كُلٌّ مِنْ الْهَائِمِ وَالرَّاعِي ( قَطْعَ ) أَيِّ سَفَرٍ وَمُجَاوَزَةَ ( الْمَسَافَةِ ) أَيْ أَرْبَعَةِ الْبُرُدِ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُقِيمُ فِيهِ الْهَائِمُ وَيَجِدُ الرَّاعِي الْكَلَأَ فِيهِ فَيَقْصُرُ لِقَصْدِهِ الْمَسَافَةَ حِينَئِذٍ مِنْهُمَا مُحْتَرَزُ قَصَدْت .
( وَلَا ) يَقْصُرُ شَخْصٌ ( مُنْفَصِلٌ ) أَيْ خَارِجٌ مِنْ الْبَلَدِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ ، وَأَقَامَ بِمَحَلٍّ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ حَالَ كَوْنِهِ ( يَنْتَظِرُ رُفْقَةً ) يُسَافِرُ مَعَهَا لَا يَدْرِي وَقْتَ مَجِيئِهَا فِي كُلِّ حَالٍ ( إلَّا أَنْ يَجْزِمَ ) الْمُنْفَصِلُ ( بِالسَّيْرِ ) أَيْ السَّفَرِ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ بِهِ ( دُونَهَا ) أَيْ الرُّفْقَةِ أَوْ بِمَجِيئِهَا قَبْلَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فَيَقْصُرُ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ مُقِيمٌ بِهِ ، فَلَوْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ السَّيْرِ دُونَهَا أَوْ جَزَمَ بِمَجِيئِهَا بَعْدَ تَمَامِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ فِيهِ ، وَهَذَا مُحْتَرَزُ دَفْعَةً .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ الْبَلَدِ عَازِمًا عَلَى السَّفَرِ ، وَأَقَامَ قَبْلَ سَفَرِهِ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ يَنْتَظِرُ رُفْقَةً تَلْحَقُهُ لَا يُسَافِرُ دُونَهَا وَلَمْ يَعْلَمْ وَقْتَ لُحُوقِهَا فَيُتِمُّ مُدَّةَ انْتِظَارِهِ .
فَإِنْ نَوَى انْتِظَارَهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فَإِنْ لَمْ تَلْحَقْهُ سَافَرَ دُونَهَا أَوْ عَلِمَ لُحُوقَهَا قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْأَيَّامِ قَصَرَ مُدَّةَ انْتِظَارِهَا .

وَقَطَعَهُ : دُخُولُ بَلَدِهِ ، وَإِنْ بِرِيحٍ إلَّا مُتَوَطِّنٌ كَمَكَّةَ رَفَضَ سُكْنَاهَا ، وَرَجَعَ نَاوِيًا السَّفَرَ .

( وَقَطَعَهُ ) أَيْ الْقَصْرَ ( دُخُولُ بَلَدِهِ ) الرَّاجِعِ هُوَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنَهُ أَمْ لَا ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ فَإِذَا كَفَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي قَطْعِ الْقَصْرِ فَالْفِعْلُ الْمُحَصِّلُ لَهَا بِالظَّنِّ أَوْلَى إنْ دَخَلَهُ مُخْتَارًا .
بَلْ ( وَإِنْ ) دَخَلَهُ ( بِرِيحٍ ) غَالِبَةٍ مِنْ جِهَةِ الْبَحْرِ فَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ بِرَدِّ غَاصِبٍ فَلَا يُقْطَعُ الْقَصْرُ لِإِمْكَانِ التَّخَلُّصِ مِنْهُ بِشَفَاعَةٍ أَوْ هُرُوبٍ أَوْ اسْتِعَانَةٍ ، فَهُوَ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ بِخِلَافِ الرِّيحِ فَلَا حِيلَةَ تَنْفَعُ مِنْهَا ، وَمِثْلُ رَدِّ الرِّيحِ جُمُوحُ الدَّابَّةِ ، وَأَشَارَ بِالْمُبَالَغَةِ لِقَوْلِ سَحْنُونٍ بِجَوَازِ الْقَصْرِ لِمَنْ غَلَبَتْهُ الرِّيحُ وَرَدَّتْهُ لِبَلَدِهِ .
( إلَّا ) شَخْصًا ( مُتَوَطِّنًا ) أَيْ مُقِيمًا إقَامَةً قَاطِعَةً الْقَصْرَ بِبَلَدٍ ( كَ ) مُجَاوِرٍ بِ ( مَكَّةَ ) الْمُشَرَّفَةِ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ ( رَفَضَ سُكْنَاهَا ) وَسَافَرَ مِنْهَا لِلتَّوَطُّنِ بِغَيْرِهَا عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ ( وَرَجَعَ ) لَهَا بَعْدَ سَيْرِ الْمَسَافَةِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ دُونِهَا أَتَمَّ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ .
وَلَا رَاجِعٌ لِدُونِهَا قَالَهُ الرَّمَاصِيُّ حَالَ كَوْنِهِ ( نَاوِيًا السَّفَرَ ) مِنْهَا عَقِبَ قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَلَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهَا فَيَقْصُرُ حَالَ إقَامَتِهِ بِهَا ، وَمِثْلُ نِيَّةِ السَّفَرِ خُلُوُّ الذِّهْنِ ، فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ نِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ .
الْبُنَانِيُّ حَمَلَهُ الْحَطّ وَالْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُمَا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ ، وَأَقَامَ بِهَا بِضْعَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَوْطَنَهَا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْجُحْفَةِ ثُمَّ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ وَيُقِيمَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجَ مِنْهَا فَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يُتِمُّ فِي يَوْمَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ يَقْصُرُ .
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ .
ا هـ .
وَوَجَّهَ ابْنُ يُونُسَ

الْأَوَّلَ بِأَنَّ الْإِقَامَةَ فِيهَا أَكْسَبَتْهَا حُكْمَ الْوَطَنِ ، وَوَجَّهَ الثَّانِيَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ وَطَنَهُ حَقِيقَةً وَعَلَى هَذَا حَمَلَ الرَّمَاصِيُّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ اعْتَرَضَ قَوْلَهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَلَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا غَيْرِهَا وَلَا فَائِدَةَ فِيهِ .
وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى مَسْأَلَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ ، وَهِيَ مَا إذَا أُخْرِجَ مِنْ وَطَنِهِ لِمَوْضِعٍ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ رَافِضًا سُكْنَى وَطَنِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ لَهُ غَيْرَ نَاوٍ الْإِقَامَةَ بِهِ كَانَ نَاوِيًا السَّفَرَ أَوْ خَالِي الذِّهْنِ ، فَإِنَّهُ يَقْصُرُ .
فَإِنْ لَمْ يَرْفُضْ سُكْنَاهُ أَتَمَّ قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَنَقَلَهُ الرَّمَاصِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَحِينَئِذٍ فَالتَّوَطُّنُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، وَقَوْلُهُ رَفَضَ سُكْنَاهَا شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ .

وَقَطَعَهُ : دُخُولُ وَطَنِهِ ، أَوْ مَكَانِ زَوْجَةٍ دَخَلَ بِهَا فَقَطْ ، وَإِنْ بِرِيحٍ غَالِبَةٍ .
وَنِيَّةُ دُخُولِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ .
وَنِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةِ أَيَّامَ صِحَاحٍ ، وَلَوْ بِخِلَالِهِ إلَّا الْعَسْكَرِ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْعِلْمِ بِهَا عَادَةً لَا الْإِقَامَةُ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ سَفَرُهُ ، وَإِنْ نَوَاهَا بِصَلَاةٍ : شَفَعَ وَلَمْ تَجُزْ حَضَرِيَّةً وَلَا سَفَرِيَّةً ، وَبَعْدَهَا أَعَادَ فِي الْوَقْتِ .

( وَقَطَعَهُ ) أَيْضًا ( دُخُولُ وَطَنِهِ ) الْمَارُّ هُوَ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَحَلٍّ غَيْرِ وَطَنِهِ وَسَافَرَ مِنْهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَوَطَنُهُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ فَلَمَّا مَرَّ عَلَيْهِ دَخَلَهُ فَيُتِمُّ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ ، فَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ وَقَطَعَهُ دُخُولُ بَلَدِهِ ( أَوْ ) دُخُولُ ( مَكَان ) أَيْ بَلَدِ ( زَوْجَةٍ ) أَوْ سُرِّيَّةٍ ( دَخَلَ بِهَا فَقَطْ ) أَيْ لَا مَكَانِ قَرَابَةٍ كَأُمٍّ ، وَأَبٍ وَلَا مَكَانِ زَوْجَةٍ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْوَطَنِ وَمَظِنَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ .
وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ دُخُولُ أَنَّ الْمُرُورَ عَلَى الْوَطَنِ أَوْ مَكَانِ الزَّوْجَةِ بِلَا دُخُولٍ لَا يَقْطَعُهُ .
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُرُورُ بِشَرْطِ دُخُولِهِ أَوْ نِيَّةِ دُخُولِهِ لَا إنْ اجْتَازَ .
وَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى إلْحَاقِ السُّرِّيَّةِ بِالزَّوْجَةِ إنْ دَخَلَ وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ مُخْتَارًا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ دُخُولُهُ ( بِرِيحٍ غَالِبَةٍ ، وَ ) قَطَعَهُ أَيْضًا ( نِيَّةُ دُخُولِهِ ) وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ الَّذِي فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ ( وَلَيْسَ بَيْنَهُ ) أَيْ الْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ مِنْهُ ( وَبَيْنَهُ ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمَنْوِيِّ دُخُولُهُ ( الْمَسَافَةُ ) أَيْ أَرْبَعَةُ بُرُدٍ كَمُقِيمٍ بِمَكَّةَ الْمُشَرَّفَةِ وَوَطَنُهُ أَوْ مَكَانُ زَوْجَتِهِ الْجِعْرَانَةِ سَافَرَ مِنْهَا لِلْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ ، وَنَوَى حِينَ خُرُوجِهِ أَنْ يَدْخُلَ الْجِعْرَانَةِ فَيُتِمَّ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْجِعْرَانَةِ ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ الْمَسَافَةِ .
وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِالْجِعْرَانَةِ ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ اعْتَبَرَ الْمَسَافَةَ الْبَاقِيَةَ لِمُنْتَهَى سَفَرِهِ .
فَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ قَصَرَ ، وَإِلَّا فَلَا وَمَفْهُومُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ الْمَسَافَةُ أَنَّهُ إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا الْمَسَافَةُ يَقْصُرُ فِيمَا بَيْنَهُمَا ثُمَّ يَعْتَبِرُ الْبَاقِيَ أَيْضًا .
وَقَوْلُنَا

حِينَ خُرُوجِهِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا طَرَأَتْ نِيَّةُ الدُّخُولِ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ فَيَسْتَمِرُّ عَلَى الْقَصْرِ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ النِّيَّةِ وَالْمَحَلُّ الْمَنْوِيُّ دُخُولُهُ أَقَلُّ مِنْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ .
( وَ ) قَطَعَهُ أَيْضًا ( نِيَّةُ إقَامَةِ أَرْبَعَةٍ صِحَاحٍ ) مُشْتَمِلَةٍ عَلَى عِشْرِينَ صَلَاةً فَمَنْ دَخَلَ فَجْرَ السَّبْتِ نَاوِيًا الْإِقَامَةَ إلَى غُرُوبِ الثُّلَاثَاءِ وَالْخُرُوجَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ لَمْ يَنْقَطِعْ قَصْرُهُ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ تَمَّتْ الْأَيَّامُ الْأَرْبَعَةُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً .
وَمَنْ دَخَلَ قَبْلَ عَصْرِهِ وَلَمْ يُصَلِّ الظُّهْرَ نَاوِيًا السَّفَرَ بَعْدَ صُبْحِ الْأَرْبِعَاءِ يَقْصُرُ .
؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ عِشْرُونَ صَلَاةً لَيْسَ مَعَهُ إلَّا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ صِحَاحٍ وَاعْتَبَرَ سَحْنُونٌ الْعِشْرِينَ فَقَطْ هَذَا إذَا كَانَتْ نِيَّةُ الْإِقَامَةِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ بَلْ ( وَلَوْ ) حَدَثَتْ ( بِخِلَالِهِ ) أَيْ أَثْنَاءَ سَفَرِهِ .
وَأَشَارَ بِ وَلَوْ إلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ نِيَّةَ إقَامَةِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا تَقْطَعُ الْقَصْرَ إلَّا إذَا كَانَتْ فِي انْتِهَاءِ السَّفَرِ أَوْ ابْتِدَائِهِ .
وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي خِلَالِهِ فَلَا تَقْطَعُهُ فَلَهُ الْقَصْرُ إذَا خَلَّلَ سَفَرَهُ بِإِقَامَاتٍ لَمْ يَنْوِهَا فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِهِ فَكُلَّمَا سَافَرَ قَصَرَ وَلَوْ دُونَ الْمَسَافَةِ وَالْأَوْلَى وَنُزُولٌ بِمَكَانٍ نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ صِحَاحٍ بِهِ وَلَوْ بِخِلَالِهِ ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ يَنْتَهِي قَصْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ مَحَلِّهَا وَمَحَلِّ الْإِقَامَةِ الْمَسَافَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
وَإِذَا سَافَرَ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي نَوَى الْإِقَامَةَ بِهِ فَلَا يَقْصُرُ حَتَّى يَصِلَ لِمَحَلِّ الْقَصْرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِهِ وَسَافَرَ عَلَى أَقْوَى الطَّرِيقَتَيْنِ لَا بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ عَلَى السَّفَرِ .
أَمَّا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ بِمَحَلٍّ وَرَجَعَ عَنْ نِيَّتِهَا قَبْلَهَا فَإِنَّهُ يَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ .
( إلَّا

الْعَسْكَرَ ) يَنْوِي الْإِقَامَةَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ ( بِدَارِ الْحَرْبِ ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُخَافُ فِيهِ الْعَدُوُّ ، سَوَاءٌ كَانَتْ دَارَ كُفَّارٍ أَوْ مُسْلِمِينَ فَلَا يَنْقَطِعُ قَصْرُهُ .
وَأَمَّا الْأَسِيرُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَيُتِمُّ مَا دَامَ مُقِيمًا بِهَا فَإِنْ هَرَبَ لِلْجَيْشِ فَيَقْصُرُ بِمُجَرَّدِ انْفِصَالِهِ مِنْ الْبَيْتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ ، وَلَا يُشْتَرَطُ مُجَاوَزَةُ بِنَاءِ الْبَلَدِ وَلَا بَسَاتِينِهَا ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مِنْ الْجَيْشِ .
وَإِنْ هَرَبَ لِغَيْرِ الْجَيْشِ قَصَرَ إنْ عَدَّى الْبَسَاتِينَ أَوْ الْبِنَاءَ عَلَى مَا مَرَّ .
وَمَفْهُومُ بِدَارِ الْحَرْبِ أَنَّ الْعَسْكَرَ الْمُقِيمَ بِدَارِ الْإِسْلَامِ أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي لَا يَخَافُ فِيهِ الْعَدُوَّ يُتِمُّ .
( أَوْ ) أَيْ ، وَقَطَعَهُ أَيْضًا ( الْعِلْمُ بِهَا ) أَيْ إقَامَةُ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ فِي مَحَلٍّ ( عَادَةً ) فَيُتِمُّ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا كَمَا عُلِمَ مِنْ أَنَّ عَادَةَ الْحُجَّاجِ إذَا دَخَلُوا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ بِأَنْوَارِ سَاكِنِهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُونَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَيُتِمُّونَ سَوَاءٌ نَوَوْا الْإِقَامَةَ بِهَا أَمْ لَا ، وَاحْتَرَزَ بِالْعِلْمِ عَنْ الشَّكِّ فِيهَا فَلَا يَقْطَعُ الْقَصْرَ ( لَا ) يَقْطَعُ الْقَصْرَ ( الْإِقَامَةُ ) الْمُجَرَّدَةُ عَنْ نِيَّتِهَا وَالْعِلْمُ بِهَا عَادَةً كَإِقَامَتِهِ لِحَاجَةٍ يَظُنُّ قَضَاءَهَا قَبْلَ تَمَامِ الْأَيَّامِ الْأَرْبَعَةِ ، فَيَقْصُرُ فِيهَا إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ سَفَرُهُ بَلْ ( وَإِنْ تَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ بَعُدَ وَتَرَاخَى ( سَفَرُهُ ) بِطُولِ إقَامَتِهِ فَهُوَ كَقَوْلِ الْبَاجِيَّ .
وَلَوْ كَثُرَتْ إقَامَتُهُ وَفِي نُسْخَةٍ بِيَاءِ الْجَرِّ ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الْمُجَرَّدَةُ فِي آخِرِ سَفَرِهِ وَفِيهَا نَظَرٌ ، لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يَقْصُرُ فِي الْإِقَامَةِ الَّتِي فِي آخِرِ سَفَرِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الرُّجُوعَ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ الْحَطّ .
أَوْ يَظُنُّ وَلَوْ تَخَلَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ لَا مَعَ الِاحْتِمَالِ .
وَسُئِلَ ابْنُ سِرَاجٍ

عَنْ مُسَافِرٍ يُقِيمُ فِي بَلَدٍ وَلَا يَدْرِي كَمْ يَجْلِسُ فِيهِ فَهَلْ يَبْقَى عَلَى قَصْرِهِ أَمْ لَا ، فَأَجَابَ إنْ كَانَ الْبَلَدُ فِي أَثْنَاءِ سَفَرِهِ قَصَدَ مُدَّةَ إقَامَتِهِ ، وَإِنْ كَانَ فِي مُنْتَهَاهُ أَتَمَّ فَمَا فِي هَذِهِ النُّسْخَةِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ ( وَإِنْ نَوَاهَا ) أَيْ الْإِقَامَةَ الْقَاطِعَةَ لِلْقَصْرِ ( بِصَلَاةٍ ) أَيْ فِيهَا أَحْرَمَ بِهَا مَقْصُورَةً قَطَعَهَا إنْ لَمْ يَعْقِدْ رَكْعَةً مِنْهَا ، وَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً مِنْهَا ( شَفَعَ ) هَا بِأُخْرَى نَدْبًا وَسَلَّمَ .
( وَلَمْ تُجْزِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ إنْ أَتَمَّهَا ( حَضَرِيَّةً ) لِعَدَمِ نِيَّتِهِ ( وَلَا سَفَرِيَّةً ) لِانْقِطَاعِ قَصْرِهِ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ ، وَمِثْلُ نِيَّتِهَا إدْخَالُهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ السَّفَرِيَّةِ وَطَنَهُ أَوْ مَكَانَ زَوْجَتِهِ بِغَلَبَةِ رِيحٍ ( وَ ) إنْ نَوَاهَا ( بَعْدَ ) تَمَامِ ( هَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( أَعَادَ ) هَا تَامَّةً نَدْبًا ( فِي الْوَقْتِ ) الْمُخْتَارِ ؛ لِأَنَّ نِيَّتَهُ بِحَسَبِ الْعَادَةِ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ تَرَدُّدٍ قَبْلَهَا فِي الْإِقَامَةِ ، فَإِذَا جَزَمَ بِهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَلَعَلَّهُ كَانَ مُتَرَدِّدًا فِيهَا حَالَ صَلَاتِهِ فَاحْتِيطَ لَهُ بِالْإِعَادَةِ .

، وَإِنْ اقْتَدَى مُقِيمٌ بِهِ ، فَكُلٌّ عَلَى سُنَّتِهِ ، وَكُرِهَ كَعَكْسِهِ وَتَأَكَّدَ ، وَتَبِعَهُ وَلَمْ يُعِدْ .

( وَإِنْ اقْتَدَى ) شَخْصٌ ( مُقِيمٌ ) إقَامَةً قَاطِعَةً الْقَصْرَ ( بِهِ ) أَيْ الْقَاصِرُ ( فَكُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عَلَى سُنَّتِهِ ) أَيْ طَرِيقَتِهِ ، وَهُوَ إتْمَامُ الْمَأْمُومِ وَقَصْرُ الْإِمَامِ فَلَا يُخَالِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقَتَهُ لِمُوَافَقَةِ الْآخَرِ ( وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ اقْتِدَاءُ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ لِمُخَالَفَةِ الْمَأْمُومِ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا إلَّا إذَا كَانَ الْمُسَافِرُ فَاضِلًا أَوْ مُسِنًّا فِي الْإِسْلَامِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ .
وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ، وَنَقَلَهُ الْحَطّ عَلَى وَجْهٍ يَقْتَضِي اعْتِمَادَهُ وَذَكَرَ مُصْطَفَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ إطْلَاقُ الْكَرَاهَةِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُرَجَّحٌ .
وَشَبَّهَ فِي الْكُرْهِ فَقَالَ ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ اقْتِدَاءِ الْمُقِيمِ بِالْمُسَافِرِ ، وَهُوَ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ .
( وَتَأَكَّدَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ اشْتَدَّ الْكُرْهُ فِي اقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ لِلُزُومِ مُخَالَفَةِ الْمُسَافِرِ سُنَّةَ الْقَصْرِ الَّتِي هِيَ أَوْكَدُ مِنْ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ .
وَلَا كَرَاهَةَ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ الْجَمَاعَةُ أَوْكَدُ مِنْ الْقَصْرِ ( وَتَبِعَهُ ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْمُسَافِرُ إمَامَهُ الْمُقِيمَ فِي الْإِتْمَامِ وُجُوبًا إنْ أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً .
وَلَوْ نَوَى الْقَصْرَ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ ، وَكَأَنْ أَتَمَّ وَمَأْمُومُهُ مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ نَوَى الْقَصْرَ ، وَأَتَمَّ عَمْدًا ، وَفِي قَوْلِهِ ، وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا مِنْ بُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ الَّذِي ظَنَّ الْجَمَاعَةَ مُسَافِرِينَ فَنَوَى الْقَصْرَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُقِيمُونَ .
وَأَجَابَ مُصْطَفَى بِأَنَّ نِيَّةَ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَمُخَالَفَتَهَا أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ أَلْغَاهُ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ مَرَّ عَلَى قَوْلٍ فَمَرَّ هُنَا عَلَى اغْتِفَارِهِ لِمُتَابَعَةِ الْإِمَامِ وَفِيمَا يَأْتِي عَلَى عَدَمِ اغْتِفَارِهِ وَلَا مُعَارَضَةَ مَعَ الِاخْتِلَافِ .
( وَلَمْ يُعِدْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ مُخَفَّفًا الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ

الَّتِي صَلَّاهَا مَعَ الْإِمَامِ الْمُقِيمِ تَامَّةً ، هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ إعَادَتُهَا مَقْصُورَةً بِوَقْتٍ .
فَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ الْمَأْمُومُ الْمُسَافِرُ مَعَ إمَامِهِ الْمُقِيمِ رَكْعَةً فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِتْمَامَ أَتَمَّ ، وَأَعَادَهَا بِوَقْتٍ .
وَإِنْ كَانَ نَوَى الْقَصْرَ قَصَرَهَا ، وَقَدْ صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْإِعَادَةِ لِابْنِ رُشْدٍ ، وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِعَادَةِ .
قَالَ : وَهُوَ الرَّاجِحُ ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ وَالْقَصْرَ سُنَّةٌ وَالْفَضِيلَةُ لَا تَسُدُّ لَهُ مَسَدَّ السُّنَّةِ .
ا هـ .
قَوْلُهُ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ فَضِيلَةٌ إحْدَى طَرِيقَتَيْنِ وَالْأُخْرَى أَنَّهَا سُنَّةٌ .

وَإِنْ أَتَمَّ مُسَافِرٌ نَوَى إتْمَامًا : أَعَادَ بِوَقْتٍ ، وَإِنْ سَهْوًا : سَجَدَ وَالْأَصَحُّ إعَادَتُهُ : كَمَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ وَالْأَرْجَحُ الضَّرُورِيُّ إنْ تَبِعَهُ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ كَأَنْ قَصَرَ عَمْدًا وَالسَّاهِي : كَأَحْكَامِ السَّهْوِ ، وَكَأَنْ أَتَمَّ ، وَمَأْمُومُهُ بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ عَمْدًا .
وَسَهْوًا أَوْ جَهْلًا فَفِي الْوَقْتِ ، وَسَبَّحَ مَأْمُومُهُ وَلَا يَتْبَعُهُ وَسَلَّمَ الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ ، وَأَتَمَّ غَيْرُهُ بَعْدَهُ أَفْذَاذًا ، وَأَعَادَ فَقَطْ بِالْوَقْتِ

( وَإِنْ أَتَمَّ ) شَخْصٌ ( مُسَافِرٌ ) صَلَاتَهُ الرُّبَاعِيَّةَ ، وَقَدْ ( نَوَى ) حِينَ إحْرَامِهِ ( إتْمَامًا ) عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي ( أَعَادَ ) نَدْبًا صَلَاتَهُ مَقْصُورَةً إنْ بَقِيَ حُكْمُ الْقَصْرِ وَحَضَرِيَّةً إنْ انْتَهَى قَصْرُهُ ( بِوَقْتٍ ) وَلَا يَسْجُدُ ؛ لِأَنَّ إتْمَامَهُ وَاجِبٌ بِسَبَبِ نِيَّتِهِ ( وَإِنْ ) نَوَى الْإِتْمَامَ ( سَهْوًا ) عَنْ كَوْنِهِ مُسَافِرًا أَوْ عَنْ الْقَصْرِ وَأَتَمَّهَا سَهْوًا أَوْ عَمْدًا ( سَجَدَ ) بَعْدَ السَّلَامِ نَظَرًا لِسَهْوِهِ فِي النِّيَّةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يُعِيدُهَا ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ( وَ ) الْقَوْلُ ( الْأَصَحُّ إعَادَتُهُ ) بِوَقْتٍ .
وَشَبَّهَ فِي الْإِعَادَةِ فَقَالَ ( كَمَأْمُومِهِ ) تَبَعًا لَهُ ( بِوَقْتٍ ) وَلَا يَسْجُدُ هَذِهِ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، وَرَجَعَ إلَيْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَاخْتَارَهَا سَحْنُونٌ بِقَوْلِهِ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ لَكَانَ عَلَيْهِ فِي عَمْدِهِ أَنْ يُعِيدَ أَبَدًا ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالْأَصَحِّ لِتَرْجِيحِ سَحْنُونٍ .
( وَ ) الْقَوْلُ ( الْأَرْجَحُ ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْخِلَافِ أَنَّ الْوَقْتَ هُنَا ( الضَّرُورِيُّ ) ، وَقِيلَ الِاخْتِيَارِيُّ فِي جَامِعِ ابْنِ يُونُسَ .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْوَقْتُ فِي ذَلِكَ النَّهَارِ كُلِّهِ .
وَقَالَ الْإِبْيَانِيُّ الْوَقْتُ فِي ذَلِكَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ .
وَمَحَلُّ إعَادَةِ مَأْمُومِهِ بِوَقْتٍ فِي عَمْدِهِ وَسَهْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا وَسُجُودِهِ السَّهْوَ مَعَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَصِحَّةِ صَلَاتِهِ ( إنْ اتَّبَعَهُ ) فِي الْإِتْمَامِ أَيْ فِي نِيَّةِ الْإِتْمَامِ بِأَنْ نَوَى الْمَأْمُومُ الْإِتْمَامَ كَمَا نَوَاهُ إمَامُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ بِأَنْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ ظَانًّا أَنَّ إمَامَهُ أَحْرَمَ بِهِمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِمَامَ نَوَى الْإِتْمَامَ فَلَمْ يَتْبَعْهُ عَمْدًا أَوْ جَهْلًا أَوْ تَأْوِيلًا ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِمُخَالَفَتِهِ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا .
وَشَبَّهَ فِي

الْبُطْلَانِ فَقَالَ ( كَأَنْ قَصَرَ ) الْمُسَافِرُ صَلَاتَهُ ( عَمْدًا ) مُرَادُهُ بِهِ بِدَلِيلِ مُقَابَلَتِهِ بِالسَّهْوِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ وَالتَّأْوِيلَ بَعْدَ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ وَلَوْ سَهْوًا فَتَبْطُلُ فِي الِاثْنَتَيْ عَشَرَ صُورَةً لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ ( وَ ) الْقَاصِرُ ( السَّاهِي ) فِي قَصْرِهِ عَنْ نِيَّةِ الْإِتْمَامِ مُطْلَقًا ( كَأَحْكَامِ السَّهْوِ ) الْحَاصِلُ لِمُقِيمٍ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ ، فَإِنْ طَالَ أَوْ خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَطَلَتْ ، وَإِنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ جَبَرَهَا وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ ، وَأَعَادَ بِالْوَقْتِ .
كَمُسَافِرٍ أَتَمَّ وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي الْبُطْلَان مُشَبِّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( وَكَأَنْ أَتَمَّ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ أَيْ صَلَّى الْمُسَافِرُ الرُّبَاعِيَّةَ أَرْبَعًا .
( وَ ) تَبِعَهُ ( مَأْمُومُهُ ) فِي الْإِتْمَامِ أَوْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِيهِ ( بَعْدَ نِيَّةِ قَصْرٍ ) وَمَعْمُولُ أَتَمَّ قَوْلُهُ ( عَمْدًا ) فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَصَلَاةُ مَأْمُومِهِ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ ( وَ ) إنْ أَتَمَّ ( سَهْوًا أَوْ جَهْلًا ) ، وَأَوْلَى تَأْوِيلًا وَقَدْ نَوَى الْقَصْرَ ( فَ ) يُعِيدُ ( فِي الْوَقْتِ ) وَالتَّأْوِيلُ هُنَا هُوَ مُرَاعَاةُ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ جَوَازِ الْقَصْرِ فِي سَفَرِ الْأَمْنِ وَتَخْصِيصِهِ بِسَفَرِ الْخَوْفِ مِنْ الْكُفَّارِ كَظَاهِرِ الْآيَةِ ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا لَا تَقْصُرُ وَتَحْتَجُّ بِأَنَّهَا أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ فَجَمِيعُ الْأَرْضِ وَطَنُهَا أَوْ بِتَفْصِيلِ الْإِتْمَامِ .
( وَ ) إنْ قَامَ الْإِمَامُ لِلْإِتْمَامِ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا بَعْدَ نِيَّةِ الْقَصْرِ ( سَبَّحَ مَأْمُومُهُ ) إنْ عَلِمَ بِسَهْوِهِ أَوْ جَهْلِهِ فَإِنْ رَجَعَ سَجَدَ لِسَهْوِهِ وَصَحَّتْ صَلَاتُهُ ( وَ ) إنْ تَمَادَى فَ ( لَا يَتْبَعُهُ ) أَيْ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ فِي الْإِتْمَامِ بَلْ يَجْلِسُ لِفَرَاغِهِ مُقِيمًا كَانَ الْمَأْمُومُ أَوْ مُسَافِرًا ( وَسَلَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا مَأْمُومُهُ ( الْمُسَافِرُ بِسَلَامِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ ( وَأَتَمَّ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا ( غَيْرُهُ ) أَيْ الْمُسَافِرِ

، وَهُوَ الْمُقِيمُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ سَلَامِ الْإِمَامِ حَالَ كَوْنِهِمْ ( أَفْذَاذًا ) لَا مُؤْتَمِّينَ بِغَيْرِهِ لِامْتِنَاعِ الِاقْتِدَاءِ بِإِمَامَيْنِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي غَيْرِ الِاسْتِخْلَافِ ( وَأَعَادَ ) الْإِمَامُ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمَأْمُومِينَ إذْ لَا خَلَلَ فِي صَلَاتِهِمْ لِعَدَمِ اتِّبَاعِهِمْ لَهُ ( بِالْوَقْتِ ) وَلَوْ الضَّرُورِيُّ .

، وَإِنْ ظَنَّهُمْ سَفْرًا فَظَهَرَ خِلَافُهُ : أَعَادَ أَبَدًا ، إنْ كَانَ مُسَافِرًا : كَعَكْسِهِ .

( وَإِنْ ) دَخَلَ مُصَلٍّ مَعَ قَوْمٍ ( ظَنَّهُمْ سَفْرًا ) بِسُكُونِ الْفَاءِ اسْمُ جَمْعٍ لِسَافَرَ كَرَكْبٍ وَرَاكِبٍ أَيْ مُسَافِرِينَ نَاوِينَ الْقَصْرَ فَنَوَاهُ ( فَظَهَرَ ) لَهُ ( خِلَافُهُ ) ، وَأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ شَيْءٌ ( أَعَادَ ) صَلَاتَهُ الَّتِي صَلَّاهَا مَعَهُمْ ( أَبَدًا إنْ كَانَ ) الدَّاخِلُ ( مُسَافِرًا ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ فَقَدْ خَالَفَ إمَامَهُ نِيَّةً وَفِعْلًا ، وَإِنْ أَتَمَّ فَقَدْ خَالَفَهُ نِيَّةً وَخَالَفَ فِعْلُهُ نِيَّةَ نَفْسِهِ هَذَا إنْ ظَهَرَ خِلَافُهُ ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَوَجْهُ الْبُطْلَانِ احْتِمَالُ حُصُولِ الْمُخَالَفَةِ الْمَذْكُورَةِ فَقَدْ حَصَلَ شَكٌّ فِي الصِّحَّةِ فَوَجَبَ الْبُطْلَانُ .
وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ مُسَافِرًا أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا لَأَتَمَّ صَلَاتَهُ وَلَا يَضُرُّهُ كَوْنُهُمْ عَلَى خِلَافِ ظَنِّهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِإِمَامِهِ نِيَّةً وَفِعْلًا وَمُوَافَقَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ ، وَمَفْهُومُ ظَهَرَ خِلَافُهُ أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ وِفَاقُهُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ .
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَتَبْطُلُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ .
وَشَبَّهَ فِي الْبُطْلَانِ وَالْإِعَادَةِ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا فَقَالَ ( كَعَكْسِهِ ) ، وَهُوَ ظَنُّهُمْ مُقِيمِينَ فَنَوَى الْإِتْمَامَ فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُسَافِرُونَ أَوْ لَمْ يَظْهَرْ شَيْءٌ فَيُعِيدُ أَبَدًا إنْ كَانَ مُسَافِرًا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ قَصَرَ لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ لِنِيَّتِهِ .
وَأَمَّا إنْ أَتَمَّ فَمُقْتَضَى الْقِيَاسِ الصِّحَّةُ كَاقْتِدَاءِ مُقِيمٍ بِمُسَافِرٍ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُسَافِرَ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْمُوَافَقَةِ ، وَكَانَتْ خِلَافَ سُنَّتِهِ فَقَدْ عَلَّقَ نِيَّةَ الْإِتْمَامِ عَلَى نِيَّتِهِ مِنْ الْإِمَامِ فَلَمْ يَجْزِمْ النِّيَّةَ ، وَشَرْطُهَا الْجَزْمُ وَبَحَثَ فِيهِ بِاقْتِضَائِهِ الْبُطْلَانَ .
وَلَوْ ظَهَرَتْ الْمُوَافَقَةُ كَمَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ بِشَرْطِ أَنَّهُ زَيْدٌ قَالُوا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ .
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لِعَدَمِ جَزْمِ النِّيَّةِ ، وَأَمَّا الْمُقِيمُ الْمُقْتَدِي بِمُسَافِرٍ فَنَوَى الْإِتْمَامَ نِيَّةً

جَازِمَةً ؛ لِأَنَّهُ فَرْضُهُ فَصَحَّتْ صَلَاتُهُ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ الدَّاخِلُ مُقِيمًا فَصَلَاتُهُ صَحِيحَةٌ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ اقْتَدَى بِمُسَافِرٍ .

وَفِي تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ تَرَدُّدٌ .

( وَفِي ) صِحَّةِ صَلَاةِ الْمُسَافِرِ بِ ( تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ ) مَعًا عَمْدًا أَوْ سَهْوًا إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا أَوْ فَذًّا بِأَنْ نَوَى صَلَاةَ الظُّهْرِ مَثَلًا وَلَمْ يَنْوِ قَصْرًا وَلَا إتْمَامًا وَعَدَمَهَا ( تَرَدُّدٌ ) سَوَاءٌ صَلَّاهَا سَفَرِيَّةً أَوْ حَضَرِيَّةً عَلَى الصَّوَابِ .
تت هَذَا كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إذَا دَخَلَ تَارِكًا لِنِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فَفِي صِحَّةِ صَلَاتِهِ قَوْلَانِ ، وَتَبِعَهُ هُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا إمَّا لِاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدُ ، وَإِمَّا تَقْلِيدًا لِابْنِ الْحَاجِبِ .
الرَّمَاصِيُّ قَرَّرَهُ تت كَمَا تَرَى ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَبِهِ قَرَّرَ ابْنُ رَاشِدٍ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ الثَّالِثَةُ إنْ أَتَمَّ أَوْ قَصَرَ فَفِي الصِّحَّةِ قَوْلَانِ .
ا هـ .
وَمُرَادُهُ بِالثَّالِثَةِ تَرْكُ النِّيَّتَيْنِ إمَّا سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا ابْنُ رَاشِدٍ الْقَوْلَانِ اللَّذَانِ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ لَمْ أَقِفْ عَلَيْهِمَا ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَتَخَرَّجَا عَلَى تِلْكَ الْقَاعِدَةِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَابْنُ فَرْحُونٍ .
وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَقَرَّرَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ .
ا هـ .
قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا قُلْنَا الْقَصْرُ غَيْرُ فَرْضٍ فَهَلْ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَنْوِيَهُ عِنْدَ عَقْدِ الْإِحْرَامِ حَكَى الْإِمَامُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِرِيُّ عَنْ بَعْضِ أَشْيَاخِهِ أَنَّهُ قَالَ يَصِحُّ أَنْ يَلْتَزِمَ الْقَصْرَ أَوْ الْإِتْمَامَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ ، وَيَصِحُّ أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ ، قَالَ ، وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّ عَدَدَ الرَّكَعَاتِ لَا يَلْزَمُ الْمُصَلِّيَ أَنْ يَعْتَقِدَهُ فِي نِيَّتِهِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ .
ا هـ .
وَبَعْضُ أَشْيَاخِهِ هُوَ اللَّخْمِيُّ وَبِعِبَارَةٍ فِي الْمُرَتَّبِ عَلَى الْمُسَافِرِ عِنْدَ تَرْكِ نِيَّةِ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ خِلَافٌ فَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا ، وَقَصْرِهَا إذْ يَجُوزُ

الْإِحْرَامُ عِنْدَهُ عَلَى الْخِيَارِ فِي الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ ، وَعِنْدَ سَنَدٍ لَزِمَهُ الْإِتْمَامُ .
عج فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي وُجُوبِ حَاضِرَةٍ إنْ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ وَتَخْيِيرُهُ فِيهَا وَفِي صَلَاةِ سَفَرٍ تَرَدُّدٌ لِإِفَادَةِ بَيَانِ مَا يُخَاطَبُ بِهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْقَصْرِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ لَا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ الْعَدَوِيُّ يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ فِي أَوَّلِ صَلَاةٍ صَلَّاهَا فِي السَّفَرِ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ لَهُ نِيَّةُ الْقَصْرِ فَيُتَّفَقُ عَلَى الصِّحَّةِ فِيمَا بَعْدُ إذَا قَصَرَ لِانْسِحَابِ نِيَّةِ الْقَصْرِ عَلَيْهِ فَهِيَ مَوْجُودَةٌ حُكْمًا ، وَكَذَا يُقَالُ إذَا نَوَى الْإِتْمَامَ عِنْدَ أَوَّلِ صَلَاةٍ ثُمَّ تَرَكَ نِيَّةَ الْقَصْرِ وَالْإِتْمَامِ فِيمَا بَعْدَهَا ، وَأَتَمَّ ا هـ .

وَنُدِبَ : تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ ، وَالدُّخُولُ ضُحًى .
( وَنُدِبَ ) لِلْمُسَافِرِ ( تَعْجِيلُ الْأَوْبَةِ ) أَيْ الرُّجُوعِ لِوَطَنِهِ عَقِبَ قَضَاءِ وَطَرِهِ وَاسْتِصْحَابُ هَدِيَّةٍ بِقَدْرِ حَالِهِ ( وَالدُّخُولُ ضُحًى ) أَيْ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَابْتِدَاءُ دُخُولِهِ الْمَسْجِدَ لِتَتَأَهَّبَ زَوْجَتُهُ لِقُدُومِهِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ لِئَلَّا يَرَى شَعِثًا يَكْرَهُهُ فَيَتَسَبَّبُ عَنْهُ الْفِرَاقُ .
وَيُكْرَهُ الدُّخُولُ لَيْلًا لِذِي زَوْجَةٍ لَمْ تَعْلَمْ وَقْتَ قُدُومِهِ سَوَاءٌ طَالَتْ غَيْبَتُهُ أَمْ لَا .
وَمَنْ عَلِمَ وَقْتَ قُدُومِهِ لَا يُكْرَهُ دُخُولُهُ لَيْلًا كَمَنْ لَا زَوْجَةَ لَهُ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ " رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنَهُمْ أَوْ يَطْلُبُ عَثَرَاتِهِمْ } وَالطُّرُوقُ الدُّخُولُ مِنْ بُعْدٍ وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَرَادَ السَّفَرَ أَنْ يَأْتِيَ إخْوَانَهُ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَيُوَدِّعُهُمْ وَلِمَنْ قَدِمَ مِنْهُ أَنْ يَمْكُثَ فِي مَحَلِّهِ وَإِتْيَانُ إخْوَانِهِ إلَيْهِ لِتَهْنِئَتِهِ بِالسَّلَامَةِ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ .
وَقِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عِنْدَ التَّوْدِيعِ أَنْكَرَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ التَّاجُورِيُّ قَائِلًا لَمْ تَرِدْ فِي السُّنَّةِ ، وَقَالَ عج بَلْ وَرَدَ فِيهَا مَا يَدُلُّ لِجَوَازِهَا .

وَرُخِّصَ لَهُ جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ بِبَرٍّ ، وَإِنْ قَصُرَ وَلَمْ يَجِدَّ ، بِلَا كُرْهٍ ، وَفِيهَا شَرْطُ الْجِدِّ : لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ بِمَنْهَلٍ زَالَتْ بِهِ ، وَنَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، وَقَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَخَّرَ الْعَصْرَ ، وَبَعْدَهُ : خُيِّرَ فِيهَا ، وَإِنْ زَالَتْ رَاكِبًا : أَخَّرَهُمَا ؛ إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ أَوْ قَبْلَهُ ، وَإِلَّا فَفِي وَقْتَيْهِمَا : كَمَنْ لَا يُضْبَطُ نُزُولُهُ وَكَالْمَبْطُونِ ، وَلِلصَّحِيحِ فِعْلُهُ ، وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ ؟ تَأْوِيلَانِ .

( وَرُخِّصَ ) بِضَمِّ الرَّاءِ ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أُذِنَ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَوْلَى ( لَهُ ) أَيْ الْمُسَافِرِ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً ، رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا كَمَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَخَصَّهُ ابْنُ عِلَاقٍ بِالرَّاكِبِ وَنَائِبُ فَاعِلِ رُخِّصَ ( جَمْعُ الظُّهْرَيْنِ ) لِمَشَقَّةِ فِعْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي أَوَّلِ مُخْتَارِهِ بِسَبَبِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ وَصِلَةُ جَمْعُ ( بِبَرٍّ ) أَيْ فِيهِ لَا فِي بَحْرٍ قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا إنْ طَالَ سَفَرُهُ بِأَنْ كَانَ أَرْبَعَةَ بُرُدٍ بَلْ ( وَإِنْ قَصُرَ ) سَفَرُهُ عَنْهَا لَكِنْ بِشَرْطِ عَدَمِ الْعِصْيَانِ وَاللَّهْوِ بِالسَّفَرِ ، فَإِنْ جُمِعَا فَلَا إعَادَةَ بِالْأَوْلَى مِنْ الْقَصْرِ إنْ جَدَّ فِي سَيْرِهِ لِإِدْرَاكِ أَمْرِ فَوَاتِهِ بَلْ ( وَ ) إنْ ( لَمْ يَجِدَّ ) الْمُسَافِرُ فِي سَيْرِهِ ( بِلَا كُرْهٍ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ كَرَاهَةٍ صِلَةُ رُخِّصَ نَعَمْ هُوَ خِلَافُ الْأَوْلَى ( وَفِيهَا ) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ ( بِشَرْطِ الْجِدِّ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَيْ الِاجْتِهَادِ فِي السَّيْرِ ( لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ ) خَشِيَ فَوَاتَهُ كَرُفْقَةٍ أَوْ مَوْسِمٍ أَوْ مَرِيضٍ وَنَصُّهَا وَلَا يَجْمَعُ الْمُسَافِرُ إلَّا إذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ .
وَيَخَافُ فَوَاتَ أَمْرٍ فَيَجْمَعُ وَظَاهِرُهَا سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ مُهِمًّا أَمْ لَا ، لَا لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ ، وَهُوَ جَوَازُ الْجَمْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ جَدَّ بِهِ السَّيْرُ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ كَانَ جِدُّهُ لِإِدْرَاكِ أَمْرٍ خَشِيَ فَوَاتَهُ أَمْ لِأَجْلِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ وَاَلَّذِي حَكَى تَشْهِيرَهُ الْإِمَامُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبْدَلَ مَنْ بِبَرٍّ ( بِمَنْهَلٍ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ .
بَيْنَهُمَا نُونٌ سَاكِنَةٌ أَصْلُهُ الْمَوْرِدُ ثُمَّ نُقِلَ لِمَكَانِ نُزُولِ الْمُسَافِرِ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ مَاءٌ بَدَلُ بَعْضٍ وَضَمِيرُهُ مُقَدَّرٌ أَيْ مِنْهُ ( زَالَتْ ) الشَّمْسُ عَلَى الْمُسَافِرِ ، وَهُوَ نَازِلٌ ( بِهِ ) أَيْ الْمَنْهَلِ ( وَنَوَى ) الِارْتِحَالَ مِنْهُ وَ ( النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ) فَيُصَلِّيهِمَا قَبْلَ

ارْتِحَالِهِ فَتَكُونُ الظُّهْرُ فِي مُخْتَارِهَا وَالْعَصْرُ فِي ضَرُورِيِّهَا الْمُقَدَّمِ الْمُخْتَصِّ بِالْمُسَافِرِ وَالْحَاجِّ يَوْمَ عَرَفَةَ وَالْمَرِيضِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ .
( وَ ) إنْ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ ( قَبْلَ الِاصْفِرَارِ ) صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَ ( أَخَّرَ الْعَصْرَ ) وُجُوبًا لِيُصَلِّيَهَا فِي مُخْتَارِهَا ، فَإِنْ قَدَّمَهَا مَعَ الظُّهْرِ صَحَّتْ وَنُدِبَتْ إعَادَتُهَا فِي مُخْتَارِهَا بَعْدَ نُزُولِهِ ( وَ ) إنْ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ ( بَعْدَ ) دُخُولِ ( هـ ) أَيْ الِاصْفِرَارِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ ( وَخُيِّرَ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الْمُثَنَّاةِ تَحْتُ ( فِيهَا ) أَيْ الْعَصْرِ بَيْنَ تَقْدِيمِهَا مَعَ الظُّهْرِ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَتَأْخِيرِهَا إلَى الِاصْفِرَارِ ؛ لِأَنَّهَا فِي الضَّرُورِيِّ عَلَيْهِمَا .
وَلَكِنْ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا ؛ لِأَنَّ الِاصْفِرَارَ ضَرُورِيٌّ لِكُلِّ مَعْذُورٍ إنْ أَخَّرَهَا فَلَا يُؤَذَّنُ لَهَا لِكَرَاهَةِ الْأَذَانِ فِي الضَّرُورِيِّ ، وَإِنْ قَدَّمَهَا أُذِنَّ لَهَا تَبَعًا لِلظُّهْرِ فَهُوَ اخْتِيَارِيٌّ حُكْمًا .
( إنْ زَالَتْ ) الشَّمْسُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ ( رَاكِبًا ) أَيْ سَائِرًا رَاكِبًا كَانَ أَوْ مَاشِيًا عَلَى مَا فِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ( أَخَّرَهُمَا ) أَيْ الظُّهْرَيْنِ حَتَّى يَنْزِلَ إنْ شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا الظُّهْرَ فِي آخِرِ مُخْتَارِهَا وَالْعَصْرَ فِي أَوَّلِ مُخْتَارِهَا ، وَلَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا جَمْعَ تَقْدِيمٍ ، وَإِنْ قَدَّمَهُمَا صَحَّتْ الْعَصْرُ وَنُدِبَ إعَادَتُهَا بَعْدَ النُّزُولِ ( إنْ نَوَى الِاصْفِرَارَ ) أَيْ النُّزُولَ فِيهِ ( أَوْ ) نَوَى النُّزُولَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الِاصْفِرَارِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ النُّزُولَ فِي الِاصْفِرَارِ وَلَا قَبْلَهُ بِأَنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ ( فَ ) يُصَلِّيهِمَا ( فِي وَقْتَيْهِمَا ) الْمُخْتَارَيْنِ الظُّهْرَ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرَ أَوَّلَ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ ، وَيُسَمَّى جَمْعًا صُورِيًّا أَيْ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْحَقِيقَةِ

لِإِيقَاعِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ ، وَالْجَمْعُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ قَرْنُهُمَا مَعَ كَوْنِ إحْدَاهُمَا فِي غَيْرِ مُخْتَارِهَا مُقَدَّمَةً أَوْ مُؤَخَّرَةً عَنْهُ .
وَشَبَّهَ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا فَقَالَ ( كَمَنْ ) أَيْ مُسَافِرٍ زَالَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ رَاكِبٌ حَالَ كَوْنِهِ ( لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ ) أَيْ لَا يَدْرِي هَلْ يَنْزِلُ قَبْلَ الِاصْفِرَارِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَ الْغُرُوبِ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ آخِرَ الْقَامَةِ الْأُولَى وَالْعَصْرَ أَوَّلَ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ زَالَتْ عَلَى مَنْ لَا يَضْبِطُ نُزُولَهُ ، وَهُوَ نَازِلٌ فَيُصَلِّي الظُّهْرَ قَبْلَ ارْتِحَالِهِ وَيُؤَخِّرُ الْعَصْرَ .
وَعَطَفَ عَلَى الْمُشَبَّهِ فِي فِعْلِهِمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُشَبَّهًا آخَرَ فِيهِ فَقَالَ ( ، وَكَالْمَبْطُونِ ) أَيْ الْمَرِيضِ بِبَطْنِهِ الَّذِي يَشُقُّ عَلَيْهِ فِعْلُ كُلِّ صَلَاةٍ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ ( وَلِ ) لِشَخْصِ ا ( الصَّحِيحِ ) السَّالِمِ مِنْ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ ( فِعْلُهُ ) أَيْ الْجَمْعِ الصُّورِيِّ لَكِنْ تَفُوتُهُ فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ .
( وَهَلْ الْعِشَاءَانِ كَذَلِكَ ) أَيْ الظُّهْرَيْنِ فِي التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ بِتَنْزِيلِ الْغُرُوبِ مَنْزِلَةَ الزَّوَالِ ، وَالثُّلُثِ الْأَوَّلِ مَنْزِلَةَ مَا قَبْلَ الِاصْفِرَارِ وَالثُّلُثِ الثَّانِي إلَى الْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الِاصْفِرَارِ ، وَالْفَجْرِ مَنْزِلَةَ الْغُرُوبِ ، وَعَلَيْهِ إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ نَازِلٌ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ قَدَّمَهُمَا قَبْلَ ارْتِحَالِهِ .
وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ عَقِبَ الشَّفَقِ الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَخَّرَ الْعِشَاءَ ، وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثَيْنِ الْآخَرَيْنِ خُيِّرَ فِي الْعِشَاءِ .
وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ سَائِرٌ وَنَوَى النُّزُولَ فِي الثُّلُثِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ أَخَّرَهُمَا .
وَإِنْ نَوَى النُّزُولَ بَعْدَ الْفَجْرِ جَمَعَهُمَا فِي وَقْتَيْهِمَا مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِامْتِدَادِ مُخْتَارِ الْمَغْرِبِ إلَى غُرُوبِ الشَّفَقِ ، وَلَهُ قُوَّةٌ خُصُوصًا فِي

السَّفَرِ أَوَّلِيًّا كَذَلِكَ ، فَلَا يَجْمَعُهُمَا بَلْ يُصَلِّي كُلَّ صَلَاةٍ فِي مُخْتَارِهَا ؛ لِأَنَّ وَقْتَهُمَا لَيْسَ وَقْتَ رَحِيلٍ ، فِيهِ ( تَأْوِيلَانِ ) أَيْ فَهْمَانِ لِشَارِحِيهَا فِيمَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ نَازِلًا .
وَأَمَّا مَنْ غَرَبَتْ عَلَيْهِ سَائِرًا فَهُمَا كَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ بِاتِّفَاقٍ .
وَالرَّاجِحُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ .
وَلَفْظُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ فِي الْجَمْعِ عِنْدَ الِارْتِحَالِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ .
وَقَالَ سَحْنُونٌ الْحُكْمُ مُسَاوٍ فَقِيلَ إنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ تَفْسِيرٌ .
وَقِيلَ خِلَافٌ .
ا هـ .
وَعَزَا ابْنُ بَشِيرٍ الْأَوَّلَ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ ، وَالثَّانِيَ لِلْبَاجِيِّ وَرَجَّحَ الْأَوَّلَ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ هَارُونَ .

وَقَدَّمَ خَائِفُ الْإِغْمَاءِ ، وَالنَّافِضِ وَالْمَيْدِ ، وَإِنْ سَلِمَ أَوْ قَدَّمَ وَلَمْ يَرْتَحِلْ أَوْ ارْتَحَلَ قَبْلَ الزَّوَالِ وَنَزَلَ عِنْدَهُ فَجَمَعَ ؛ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ

( وَقَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا جَوَازًا .
وَقِيلَ نَدْبًا الْعَصْرُ مَعَ الظُّهْرِ وَالْعِشَاءُ مَعَ الْمَغْرِبِ شَخْصٌ ( خَائِفُ ) حُصُولِ ( الْإِغْمَاءِ ) أَيْ اسْتِتَارِ الْعَقْلِ بِالْمَرَضِ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْعَصْرِ أَوْ الْعِشَاءِ إلَى آخِرِهِ .
( وَ ) خَائِفُ الْحُمَّى ( النَّافِضِ ) كَذَلِكَ ( وَ ) خَائِفُ ( الْمَيْدِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ الدَّوْخَةِ إنْ قَامَ كَذَلِكَ ، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يُمْنَعُ التَّقْدِيمُ وَيُصَلِّي الثَّانِيَةَ بِوَقْتِهَا بِقَدْرِ طَاقَتِهِ وَلَوْ بِالْإِيمَاءِ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ وَقْتُهَا سَقَطَتْ عَنْهُ وَاسْتُظْهِرَ ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ اسْتِغْرَاقِ إغْمَائِهِ الْوَقْتَ فَلَا ضَرُورَةَ تَدْعُو إلَى التَّقْدِيمِ كَخَوْفِ الْحَيْضِ وَالْمَوْتِ فَلَمْ يُشْرَعْ لَهُ التَّقْدِيمُ .
وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْحَيْضَ وَالْمَوْتَ يُسْقِطَانِ الصَّلَاةَ قَطْعًا ، وَفِي إسْقَاطِ الْإِغْمَاءِ خِلَافٌ وَبِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْحَيْضِ الِاسْتِغْرَاقُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ وَفِي هَذَا أَنَّهُ يَقْتَضِي عَكْسَ الْحُكْمِ ، فَإِنْ قَدَّمَ وَحَصَلَ مَا خِيفَ مِنْهُ فَظَاهِرٌ .
( وَإِنْ سَلِمَ ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْمَخُوفُ أَعَادَ الثَّانِيَةَ فِي الْوَقْتِ فِي التَّوْضِيحِ إذَا جَمَعَ أَوَّلَ الْوَقْتِ لِلْخَوْفِ عَلَى عَقْلِهِ ثُمَّ لَمْ يَذْهَبْ عَقْلُهُ ، فَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ يُعِيدُ الْأَخِيرَةَ .
سَنَدٌ يُرِيدُ فِي الْوَقْتِ وَعِنْدَ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يُعِيدُ فَسَقَطَ قَوْلُ الْمَوَّاقِ الَّذِي فِي نَصِّ أَصْبَغَ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُعِيدُ .
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ إنْ سَلِمَ أَعَادَ فَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُعِيدُ أَبَدًا خِلَافَ مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ ( أَوْ قَدَّمَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْمُسَافِرُ الَّذِي زَالَتْ أَوْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ نَازِلٌ ثَانِيَةَ الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ مَعَ أُولَاهُمَا لِنِيَّتِهِ الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ( وَلَمْ يَرْتَحِلْ ) فِي يَوْمِهِ أَوْ لَيْلِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ لِمَانِعٍ أَوْ غَيْرِهِ

أَعَادَ الثَّانِيَةَ بِوَقْتٍ .
( أَوْ ) الْمُسَافِرُ الَّذِي ( ارْتَحَلَ ) أَيْ سَارَ ( قَبْلَ الزَّوَالِ ) ، وَأَدْرَكَهُ الزَّوَالُ سَائِرًا ( وَنَزَلَ عِنْدَهُ ) أَيْ الزَّوَالِ وَنَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ أَوْ الْإِقَامَةِ إلَى الْغُرُوبِ وَالِارْتِحَالِ بَعْدَهُ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا وَظَنَّ جَوَازَ الْجَمْعِ جَهْلًا ( فَجَمَعَ ) الظُّهْرَيْنِ أَوْ الْعِشَاءَيْنِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ ( أَعَادَ ) نَدْبًا الصَّلَاةَ ( الثَّانِيَةَ ) ، وَهِيَ الْعَصْرُ أَوْ الْعِشَاءُ ( فِي الْوَقْتِ ) وَلَوْ الضَّرُورِيَّ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ إنْ كَانَ نَوَى الِارْتِحَالَ وَالنُّزُولَ بَعْدَ الْغُرُوبِ فِيهِمَا .
الْبُنَانِيُّ فِي كُلٍّ مِنْ الْفَرْعِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا جَمْعُهُ نَاوِيًا الِارْتِحَالَ بَعْدَ الْجَمْعِ لِجِدِّ السَّيْرِ ثُمَّ يَبْدُو لَهُ فَلَا يَرْتَحِلُ ، وَالثَّانِيَةُ جَمْعُهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي الِارْتِحَالِ بَعْدَهُ سَوَاءٌ نَوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ أَصْلًا لَكِنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ السَّفَرَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ الْقَاطِعَةِ لَهُ ، فَفِي الْأُولَى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ فِي الْفَرْعَيْنِ .
وَفِي الثَّانِيَةِ يُعِيدُ الْعَصْرَ فِي الْوَقْتِ ، وَهَذَا كُلُّهُ يُفْهَمُ مِنْ نَقْلِ الْحَطّ ، فَإِنْ حُمِلَ الْفَرْعَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ سَقَطَ عَنْهُ الِاعْتِرَاضُ بِمُرُورِهِ عَلَى خِلَافِ الْمُعْتَمَدِ .

وَفِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ فَقَطْ بِكُلِّ مَسْجِدٍ لِمَطَرٍ أَوْ طِينٍ مَعَ ظُلْمَةٍ لَا طِينٍ أَوْ ظُلْمَةٍ أُذِّنَ لِلْمَغْرِبِ كَالْعَادَةِ ، وَأُخِّرَ قَلِيلًا ، ثُمَّ صُلِّيَا وِلَاءً : إلَّا قَدْرَ أَذَانٍ مُنْخَفِضٍ بِمَسْجِدٍ ، وَإِقَامَةٍ ، وَلَا تَنَفُّلَ بَيْنَهُمَا .
وَلَمْ يَمْنَعْهُ ، وَلَا بَعْدَهُمَا .

( وَ ) رُخِّصَ نَدْبًا لِمَزِيدِ الْمَشَقَّةِ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ فِي مُخْتَارِهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ ( فِي جَمْعِ الْعِشَاءَيْنِ ) جَمْعَ تَقْدِيمٍ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا الظُّهْرَيْنِ لِعَدَمِ مَزِيدِ الْمَشَقَّةِ فِي صَلَاةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مُخْتَارِهَا غَالِبًا وَصِلَةُ جَمْعِ ( بِكُلِّ مَسْجِدٍ ) خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِمَسْجِدِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمَنْ خَصَّ بِهِ وَبِمَسْجِدِ مَكَّةَ وَلَوْ غَيْرَ مَسْجِدِ جُمُعَةٍ أَوْ خُصَّا لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ هَكَذَا الشَّرْعُ ، وَالْعَمَلُ وَلَيْسَ اجْتِهَادِيًّا فَلَا يُقَالُ فِيهِ تَقْدِيمُ وَسِيلَةِ سُنَّةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى وَاجِبِ الْوَقْتِ وَوَسِيلَةُ السُّنَّةِ سُنَّةٌ عَلَى أَنَّهَا وَسِيلَةٌ غَيْرُ مُتَعَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْبُيُوتِ بَعْدَ وَقْتِ الْعِشَاءِ .
وَقَدْ وَرَدَ قَوْلُ الْمُؤَذِّنِ لَيْلَةَ الْمَطَرِ أَلَا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ وَنَظِيرُ هَذَا مَا سَبَقَ مِنْ الْأَمْرِ بِالسَّكِينَةِ الْمَنْدُوبَةِ فِي السَّعْيِ لِلصَّلَاةِ .
وَلَوْ فَاتَتْ الْجُمُعَةُ الْوَاجِبَةُ فَإِنَّا مُتَعَبَّدُونَ بِمَا نُؤْمَرُ وَصِلَةُ جَمْعِ ( لِمَطَرٍ ) أَوْ بَرَدٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَاقِعٌ أَوْ مُتَوَقَّعٌ بِعَلَامَةٍ مُعْتَادَةِ قَبْلَ مَجِيءِ الْمَسْجِدِ أَوْ بَعْدَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الثَّلْجَ الْكَثِيرَ الَّذِي يَتَعَسَّرُ نَقْضُهُ كَالْمَطَرِ .
وَسُئِلَ عَنْهُ ابْنُ سِرَاجٍ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ نَصًّا .
وَإِنْ جَمَعُوا لِتَوَقُّعِ الْمَطَرِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَنْبَغِي إعَادَةُ الْعِشَاءِ فِي وَقْتِهَا كَمَسْأَلَةِ ، وَإِنْ سَلِمَ أَعَادَ بِوَقْتٍ .
( أَوْ ) لِ ( طِينٍ ) كَثِيرٍ يَحْمِلُ أَوْسَطَ النَّاسِ عَلَى خَلْعِ الْمَدَاسِ وَلَوْ لَمْ يَعُمَّ الطُّرُقَ فَيَجُوزُ لِمَنْ لَيْسَ فِي طَرِيقِهِ الْجَمْعُ ، تَبَعًا لِمَنْ هُوَ فِي طَرِيقِهِ عَلَى الظَّاهِرِ ( مَعَ ظُلْمَةٍ ) لِآخِرِ شَهْرٍ لَا لِغَيْمٍ لِاحْتِمَالِ زَوَالِهَا بِسُرْعَةٍ ( لَا لِطِينٍ ) فَقَطْ وَلَوْ مَعَ شِدَّةِ رِيحٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ( أَوْ ظُلْمَةٍ ) فَقَطْ اتِّفَاقًا وَلَوْ مَعَ رِيحٍ شَدِيدٍ ( أُذِنَّ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الذَّالِ

الْمُعْجَمَةِ مُثَقَّلَةٍ أَوْ بِفَتْحَتِهِمَا كَذَلِكَ ( لِلْمَغْرِبِ كَ ) أَذَانِ ( الْعَادَةِ ) فِي كَوْنِهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ عَلَى الْمَنَارِ بِرَفْعِ الصَّوْتِ .
( وَأُخِّرَ ) بِضَمِّ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مُشَدَّدَةً صَلَاةُ الْمَغْرِبِ نَدْبًا تَأْخِيرًا أَوْ زَمَنًا ( قَلِيلًا ) لِقَدْرِ ثَلَاثِ الرَّكَعَاتِ الْمُخْتَصِّ بِالْمَغْرِبِ فَتُصَلَّى الْمُشْتَرَكَتَانِ اللَّتَانِ صَارَتَا لِجَمْعِهِمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ فِي الْوَقْتِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا ، فَانْدَفَعَ تَصْوِيبُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ بِعَدَمِ التَّأْخِيرِ بِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهُ ، وَفِيهِ إخْرَاجُ الْمَغْرِبِ عَنْ مُخْتَارِهَا وَلَعَلَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِنَدْبِ تَأْخِيرِ الظُّهْرِ قَلِيلًا فِي جَمْعِهَا مَعَ الْعَصْرِ فِي السَّفَرِ رِفْقًا بِالْمُسَافِرِ .
( ثُمَّ صُلِّيَا ) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ مُثْقَلَةً أَيْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ ( وِلَاءً ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودًا أَيْ بِلَا فَصْلٍ بَيْنَهُمَا ( إلَّا قَدْرَ ) فِعْلِ ( أَذَانٍ ) نَدْبًا ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جَمَاعَةٍ لَمْ تُطْلَبْ غَيْرُهَا بِصَوْتٍ ( مُنْخَفِضٍ ) لِلسُّنَّةِ وَلَا يُسْقِطُ سُنَّةَ الْأَذَانِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّفَقِ ، وَصِلَةُ أَذَانٍ ( بِمَسْجِدٍ ) أَيْ فِيهِ لَا عَلَى الْمَنَارِ لِئَلَّا يُشَكِّكَ مَنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ أَوْ أَفْطَرَ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيُعِيدُ صَلَاتَهَا وَيَقْضِي صَوْمَهُ إنْ كَانَ فَرْضًا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَمَامَ مِحْرَابِهِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ بِصِحَّتِهِ ( وَإِقَامَةٍ ) عَطْفٌ عَلَى أَذَانٍ .
( وَلَا تَنَفُّلَ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَالنُّونِ وَضَمُّ الْفَاءِ مُشَدَّدَةً مَشْرُوعٌ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِصَيْرُورَتِهِمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ .
وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ يَمْنَعُ الْفَصْلَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِنَفْلٍ .
وَكَذَا بِكَلَامٍ الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنْعِ الْكَرَاهَةُ فِيهِمَا إذْ لَا وَجْهَ لِلْحُرْمَةِ ، وَسَوَاءٌ جَمْعُ التَّقْدِيمِ وَجَمْعُ

التَّأْخِيرِ ( وَلَمْ ) الْأَوْلَى وَلَا ؛ لِأَنَّ لَمْ لِلنَّفْيِ فِي الْمَاضِي وَالْفَقِيهُ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ ( يَمْنَعْهُ ) أَيْ التَّنَفُّلَ بَيْنَهُمَا الْجَمْعُ إنْ وَقَعَ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ حَتَّى يَغِيبَ الشَّفَقُ وَلَوْ شَكًّا فَيَمْنَعُهُ .
( وَلَا ) تَنَفُّلَ ( بَعْدَهُمَا ) أَيْ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ أَيْ يُكْرَهُ فِي الْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْجَمْعِ انْصِرَافُ النَّاسِ فِي الضَّوْءِ وَالتَّنَفُّلُ بَعْدَهُمَا قَدْ يُفَوِّتُ هَذَا الْفَرْضَ ، فَإِنْ جَلَسُوا فِي الْمَسْجِدِ حَتَّى غَابَ الشَّفَقُ فَقَالَ ابْنُ الْجَهْمِ يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ وُجُوبًا عَلَى الظَّاهِرِ ، وَسَمِعَ ابْنُ نَافِعٍ وَأَشْهَبُ لَا يُعِيدُونَ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ إنْ جَلَسُوا فِيهِ كُلُّهُمْ أَوْ جُلُّهُمْ أَعَادُوا وَإِلَّا فَلَا .

وَجَازَ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ ، يَجِدُهُمْ بِالْعِشَاءِ .
وَلِمُعْتَكِفٍ بِمَسْجِدٍ : كَأَنْ انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ ، لَا إنْ فَرَغُوا فَيُؤَخَّرُ لِلشَّفَقِ ، إلَّا بِالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى ، وَلَا الْمَرْأَةُ وَالضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا وَلَا مُفْرَدٌ بِمَسْجِدٍ : كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَج عَلَيْهِ .

( وَجَازَ ) الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ لِلْمَطَرِ وَنَحْوَهُ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ ) عَنْ جَمَاعَةٍ الْجَمْعُ وَلَوْ صَلَّاهَا مَعَ جَمَاعَةٍ صَلَّاهَا آخَرِينَ حَالَ كَوْنِهِ ( يَجِدُهُمْ ) أَيْ الْمُنْفَرِدُ جَمَاعَةَ الْجَمْعِ مُتَلَبِّسِينَ ( بِ ) صَلَاةِ ( الْعِشَاءِ ) فَيَدْخُلُ مَعَهُمْ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ وَلَوْ رَكْعَةً وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ ، وَإِنْ نُدِبَ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ لِأَجْلِ الْمُخْرَجَاتِ الْآتِيَةِ ، وَمَفْهُومُ مُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ أَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ فِي الْعِشَاءِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ شَرْطًا ، وَلَا يُصَلِّي الْمَغْرِبَ فِي الْمَسْجِدِ لِامْتِنَاعِ الصَّلَاةِ بِهِ مَعَ صَلَاةِ الْإِمَامِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْخُرُوجُ مِنْهُ وَاضِعًا يَدَهُ عَلَى أَنْفِهِ فَيُصَلِّي الْمَغْرِبَ وَيُؤَخِّرُ الْعِشَاءَ إلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ .
وَبَنَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَطَاءِ اللَّهِ وَابْنُ الْحَاجِبِ هَذَا الْجَوَازَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ تُجْزِي عِنْدَ الثَّانِيَةِ ، وَبَنَوْا عَلَى مُقَابِلِهِ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَلَا إنْ حَدَثَ السَّبَبُ بَعْدَ الْأُولَى .
( وَ ) جَازَ الْجَمْعُ أَيْ نُدِبَ ( لِ ) شَخْصٍ ( مُعْتَكِفٍ ) وَمُجَاوِرٍ غَرِيبٍ ( بِمَسْجِدٍ ) تَبَعًا لَهُمْ فَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ أَوْ الْمُجَاوِرُ إمَامًا رَاتِبًا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْإِمَامَةِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يُنِيبَ مَنْ يَؤُمُّهُمْ إذَا كَانَ فِيهِمْ صَالِحٌ لِلْإِمَامَةِ غَيْرُهُ ، وَإِلَّا صَلَّى بِهِمْ قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ .
وَشَبَّهَ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ صِلَتُهُ ( انْقَطَعَ الْمَطَرُ بَعْدَ الشُّرُوعِ ) فِي الْمَغْرِبِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ ، وَلَوْ قَبْلَ عَقْدِ رَكْعَةٍ مِنْهَا فَيَجُوزُ الْجَمْعُ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهِ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِمْ إنْ لَمْ يُعِدْ وَمَفْهُومُ بَعْدَ الشُّرُوعِ أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمَطَرِ ، وَإِنْ وُجِدَ طِينٌ كَثِيرٌ مَعَ ظُلْمَةٍ جَازَ

، وَإِلَّا فَلَا .
( لَا ) يَجُوزُ الْجَمْعُ لِمُنْفَرِدٍ بِالْمَغْرِبِ ( إنْ ) وَجَدَهُمْ قَدْ ( فَرَغُوا ) أَيْ جَمَاعَةُ الْجَمْعِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلَوْ حُكْمًا بِأَنْ وَجَدَهُمْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْأَوَّلَ فَدَخَلَ مَعَهُمْ فَإِذَا هُوَ الْأَخِيرُ وَجَبَ الشَّفْعُ إذْ مِنْ شَرْطِ الْجَمْعِ الْجَمَاعَةُ وَحِينَئِذٍ فَ ( يُؤَخِّرُ ) الْعِشَاءَ وُجُوبًا ( لِ ) مَغِيبِ ا ( لشَّفَقِ إلَّا بِ ) أَحَدِ ( الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ ) مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ ، وَأَزْكَى السَّلَامِ ، وَمَسْجِدِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِالشَّامِ ، فَإِنَّ الْمُنْفَرِدَ بِالْمَغْرِبِ الَّذِي وَجَدَهُمْ فَرَغُوا يُصَلِّي فِيهِ الْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ بِنِيَّةِ الْجَمْعِ ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْمَغْرِبَ بِغَيْرِهَا فَلَهُ الْجَمْعُ بِهَا مُنْفَرِدَ الْعِظَمِ فَضْلُ فَذِّهَا عَلَى جَمَاعَةِ غَيْرِهَا .
( وَلَا ) يَجُوزُ الْجَمْعُ ( إنْ حَدَثَ السَّبَبُ ) مِنْ مَطَرٍ أَوْ سَفَرٍ ( بَعْدَ ) الشُّرُوعِ فِي ( الْأُولَى ) بِنَاءً عَلَى وُجُوبِ نِيَّةِ الْجَمْعِ عِنْدَ الْأُولَى ، وَهُوَ الرَّاجِحُ ، لَكِنْ إنْ جَمَعُوا فَلَا يُعِيدُونَ الْعِشَاءَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ نِيَّةَ الْجَمْعِ عِنْدَ الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهَا وَاجِبٌ غَيْرُ شَرْطٍ كَمَا مَرَّ ( وَلَا ) تَجْمَعُ ( الْمَرْأَةُ ) لَا الرَّجُلُ ( الضَّعِيفُ بِبَيْتِهِمَا ) الْمُجَاوِرِ لِلْمَسْجِدِ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِمَا فِي عَدَمِ الْجَمْعِ ، فَإِنْ جَمَعَا تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ الَّتِي فِي الْمَسْجِدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِجَوَازِ جَمْعِهِمَا تَبَعًا لَهُمْ ، وَمَفْهُومُ بِبَيْتِهِمَا جَوَازُ جَمْعِهِمَا بِالْمَسْجِدِ تَبَعًا لِلْجَمَاعَةِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
( وَلَا ) يَجْمَعُ ( مُنْفَرِدٌ بِمَسْجِدٍ ) وَيَنْصَرِفُ لِبَيْتِهِ وَيُصَلِّي فِيهِ الْعِشَاءَ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّفَقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاتِبًا لَهُ مَنْزِلٌ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ فَيَجْمَعُ وَحْدَهُ نَاوِيًا الْإِمَامَةَ وَالْجَمْعَ وَيَنْصَرِفُ لِمَنْزِلِهِ .
وَأَمَّا إنْ كَانَ مُقِيمًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَا يَجْمَعُ وَحْدَهُ وَشَبَّهَ

فِي عَدَمِ الْجَمْعِ فَقَالَ ( كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ ) أَيْ لَا مَشَقَّةَ ( عَلَيْهِمْ ) فِي فِعْلِ كُلِّ صَلَاةٍ فِي مُخْتَارِهَا كَأَهْلِ الزَّوَايَا وَالرُّبُطِ وَالْمُنْقَطِعِينَ بِمَدْرَسَةٍ أَوْ تُرْبَةٍ فَلَا يَجْمَعُونَ إلَّا تَبَعًا لِمَنْ يَأْتِي لِلصَّلَاةِ مَعَهُمْ مِنْ إمَامٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَمَحَلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَنَازِلُ يَنْصَرِفُونَ إلَيْهَا ، وَإِلَّا نُدِبَ لَهُمْ الْجَمْعُ اسْتِقْلَالًا قَالَهُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ .
وَأَفْتَى الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ أَهْلَ الْمَدَارِسِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْمَسْجِدِ يُنْدَبُ لَهُمْ الْجَمْعُ فِي الْمَسْجِدِ اسْتِقْلَالًا .
وَإِنَّ السَّاكِنَ بِهَا يَجُوزُ لَهُ الْجَمْعُ بِهِ إمَامًا ؛ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ كَالْمُعْتَكِفِ ، بَلْ هُمْ جِيرَانُهُ .
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجْمَعُ جَارُ الْمَسْجِدِ وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِغَيْرِهِ ، وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ كَجَمَاعَةٍ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمُقِيمِينَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَدَلِيلُهُ مَا فِي الصَّحِيحِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ إمَامًا وَحُجْرَتُهُ مُلْتَصِقَةٌ بِالْمَسْجِدِ وَلَهَا خَوْخَةٌ } .
إلَيْهِ الْبُنَانِيُّ ، وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ إذْ قَدْ نَصَّ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ مِنْ الْمَسْجِدِ إنَّمَا يَجْمَعُ تَبَعًا لِلْبَعِيدِ ، وَنَصُّهُ ، وَإِنَّمَا أُبِيحَ الْجَمْعُ لِقَرِيبِ الدَّارِ وَالْمُعْتَكِفِ لِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ .
ا هـ .
قُلْت لَيْسَ فِي نَصِّ ابْنِ يُونُسَ مَا ادَّعَاهُ مِنْ أَنَّ قَرِيبَ الدَّارِ لَا يَجْمَعُ إلَّا تَبَعًا ، وَإِنَّمَا عَلَّلَ بِإِدْرَاكِ فَضْلِ الْجَمَاعَةِ ، وَهِيَ الْعِلَّةُ فِي جَمْعِ الْبَعِيدِ أَيْضًا ، وَأَيْضًا عَلَى فَرْضِ أَنَّ فِيهِ ذَلِكَ فَلَا يَقْوَى عَلَى مُعَارَضَةِ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْلًا عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَيْهِ ، فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .

( فَصْلٌ ) شَرْطُ الْجُمُعَةِ : وُقُوعُ كُلِّهَا بِالْخُطْبَةِ وَقْتَ الظُّهْرِ لِلْغُرُوبِ ، وَهَلْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ ؟ وَصُحِّحَ ، أَوْ لَا : رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا :

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الْجُمُعَةِ وَسُنَنِهَا وَمَنْدُوبَاتِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا وَمُسْقِطَاتِهَا وَمَا يُنَاسِبُهَا ( شَرْطُ ) صِحَّةِ صَلَاةِ ( الْجُمُعَةِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَحُكِيَ إسْكَانُهَا وَفَتْحُهَا ، وَكَسْرُهَا ( وُقُوعُ ) هَا ( كُلِّهَا ) فَكُلُّ تَوْكِيدٌ لِمَحْذُوفٍ ، فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ كُلًّا الْمُضَافَ لِلضَّمِيرِ يَلْزَمُ الِابْتِدَاءُ أَوْ التَّوْكِيدُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِعَامِلٍ لَفْظِيٍّ ، وَحَذْفُ الْمُؤَكَّدِ بِالْفَتْحِ أَجَازَهُ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ وَالصَّفَّارُ ، وَإِنْ مَنَعَهُ الْأَخْفَشُ وَ ابْنُ جِنِّيٍّ وَ ابْنُ مَالِكٍ لِمُنَافَاةِ الْحَذْفِ التَّوْكِيدَ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الْمُضَافِ إلَيْهِ الْإِضَافَةُ فَنَخْلُصُ مِنْ ضَعِيفٍ بِضَعِيفٍ أَيْ جَمِيعِهَا ( بِالْخُطْبَةِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَعَهَا وَالْمُرَادُ جِنْسُهَا الْمُتَحَقِّقُ فِي خُطْبَتَيْنِ ، وَصِلَةُ وُقُوعُ ( وَقْتَ الظُّهْرِ ) مِنْ الزَّوَالِ ( لِلْغُرُوبِ ، وَهَلْ ) مَحَلُّ صِحَّتِهَا إنْ وَقَعَتْ مَعَ خُطْبَتَيْهَا وَقْتَ الظُّهْرِ ( إنْ أَدْرَكَ ) أَيْ بَقِيَ بَعْدَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الْغُرُوبِ مَا يُدْرِكُ فِيهِ ( رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ ) فَإِنْ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَا يَسَعُ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ وَتَتَعَيَّنُ صَلَاةُ الظُّهْرِ .
( وَصُحِّحَ ) هَذَا الْقَوْلُ ، وَهِيَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ، بِضَمِّ الصَّادِ ، وَكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مُثَقَّلًا أَيْ صَحَّحَهُ عِيَاضٌ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ لِلْغُرُوبِ أَيْ لِقُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْوَقْتَ إذَا ضَاقَ اخْتَصَّ بِالْأَخِيرَةِ ( أَوْ لَا ) يُشْتَرَطُ بَقَاءُ رَكْعَةٍ لِلْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَهِيَ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ .
فَقَوْلُهُ لِغُرُوبٍ عَلَى هَذَا أَيْ حَقِيقَةً ، وَهَذَا عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْوَقْتِ إذَا ضَاقَ بِالْأَخِيرَةِ وَصَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِهِ الْمُعْتَمَدَ .
ثُمَّ حَكَى الْخِلَافَ كَمَا هُوَ

إصْلَاحُهُ ، أَوْ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ قَوْلَهُ لِلْغُرُوبِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْأُصُولِيِّينَ .
وَعَلَى كُلٍّ لَا يُقَالُ جَزْمُهُ بِهِ أَوَّلًا يُنَافِي حِكَايَةَ الْخِلَافِ بَعْدَهُ وَالْجُمُعَةُ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ كَالظُّهْرِ فِي الْمُخْتَارِ وَالضَّرُورِيِّ ، فَلَيْسَ جَمِيعُهُ مُخْتَارًا لَهَا فِي جَوَابِ الِاسْتِفْهَامِ قَوْلَانِ ( رُوِيَتْ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ وَسُكُونِ تَاءِ التَّأْنِيثِ أَيْ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ ( عَلَيْهِمَا ) أَيْ الْقَوْلَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنْ سِيَاقِ الْكَلَامِ ، فَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَتَّابٍ لَهَا ، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ الْعَصْرَ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ .
وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ ، وَإِذَا أَخَّرَ الْإِمَامُ الصَّلَاةَ حَتَّى دَخَلَ وَقْتُ الْعَصْرِ فَلْيُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَا لَمْ تَغِبْ الشَّمْسُ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ بَعْضَ الْعَصْرِ إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ .
عِيَاضٌ هَذَا أَصَحُّ ، وَأَشْبَهُ بِرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا .
وَظَاهِرُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا أَبُو بَكْرٍ التُّونُسِيُّ فَإِنْ عَقَدَ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا قَبْلَ الْغُرُوبِ فَخَرَجَ وَقْتُهَا أَتَمَّهَا جُمُعَةً ، وَإِنْ لَمْ يَعْقِدْ ذَلِكَ بَنَى ، وَأَتَمَّهَا ظُهْرًا ، وَهَذَا إذَا دَخَلَ مُعْتَقِدًا اتِّسَاعَ الْوَقْتِ لِرَكْعَتَيْنِ أَوْ لِثَلَاثٍ ، أَمَّا لَوْ دَخَلَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسَعُ إلَّا رَكْعَةٌ بَعْدَ الْخُطْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا وَلَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً بَعْدَ الْغُرُوبِ ، هَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ مُصْطَفَى .

بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ أَوْ أَخْصَاصٍ ، لَا خِيَمٍ
( بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ ) أَيْ سُكْنَاهُ لَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ مِنْهُ ، وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الِاسْتِيطَانَ شَرْطُ وُجُوبٍ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَذِكْرُهُ هُنَا مَعَ شُرُوطِ الصِّحَّةِ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ ، وَاسْتِيطَانٌ بِمَعْنَى مُسْتَوْطَنٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ ، وَإِضَافَتُهُ مِنْ إضَافَةِ مَا كَانَ صِفَةً أَيْ وُقُوعُهَا فِي بَلَدٍ مُسْتَوْطَنٍ ، وَهَذَا شَرْطُ صِحَّةٍ وَالْآتِي فِي شُرُوطِ الْوُجُوبِ هُوَ اسْتِيطَانُ الشَّخْصِ ، فَإِذَا اسْتَوْطَنَ جَمَاعَةً تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ بَلَدًا وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا إيقَاعُهَا فِي الْبَلَدِ الْمُسْتَوْطَنِ ، فَإِنْ وَقَعَتْ خَارِجَهُ فَلَا تَصِحُّ ، وَإِذَا أَخَذَ الْكُفَّارُ بَلَدَ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَيْهِ وَصَارَ تَحْتَ حُكْمِهِمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا الْمُسْلِمِينَ مِنْ إقَامَةِ الشَّعَائِرِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ .
( أَوْ ) اسْتِيطَانُ ( أَخْصَاصٍ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خُصٍّ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَشَدِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ ، أَيْ بَيْتٍ مِنْ نَحْوِ قَصَبٍ فَارِسِيٍّ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ ( لَا ) الْجُمُعَةُ بِاسْتِيطَانِ ( خِيَمٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ جَمْعُ خَيْمَةٍ بَيْتٌ مِنْ نَحْوِ شَعْرٍ ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهَا التَّحْوِيلُ مِنْ مَحَلٍّ لِآخَرَ فَهِيَ كَالسُّفُنِ .
نَعَمْ إنْ كَانَتْ عَلَى كَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ وَجَبَتْ عَلَى أَهْلِهَا الْجُمُعَةُ فِي الْجَامِعِ تَبَعًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّونَ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ الَّذِينَ تَنْعَقِدُ الْجُمُعَةُ بِهِمْ .

وَبِجَامِعٍ مَبْنِيٍّ مُتَّحِدٍ .

( وَ ) شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ وُقُوعُهَا ( بِجَامِعٍ ) أَيْ فِيهِ مِنْ الْإِمَامِ وَالِاثْنَا عَشَرَ ( مَبْنِيٍّ ) بِنَاءً مُعْتَادًا لِأَهْلِ الْبَلَدِ وَلَوْ خُصًّا لِأَهْلِ الْأَخْصَاصِ فَلَا تَصِحُّ فِي أَرْضٍ خَالِيَةٍ عَنْ الْبِنَاءِ وَلَوْ حُوِّطَتْ بِأَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا ، أَوْ مَبْنِيَّةٍ بِبِنَاءٍ أَدْنَى مِنْ الْبِنَاءِ الْمُعْتَادِ لِأَهْلِ الْبَلَدِ كَخُصٍّ لِأَهْلِ بَلَدٍ أَوْ مَبْنِيٍّ بِطُوبٍ نِيءٍ لِمَنْ عَادَتُهُمْ الْبِنَاءُ بِالْحَجَرِ ، أَوْ الطُّوبِ الْمَحْرُوقِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُتَّصِلًا بِالْبَلَدِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا بِحَيْثُ يَنْعَكِسُ عَلَيْهِ دُخَّانُهَا وَحَدَّهُ بَعْضُهُمْ بِأَرْبَعِينَ ذِرَاعًا أَوْ بَاعًا ، فَلَوْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهَا فَلَا تَصِحُّ فِيهِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْ إنْشَائِهِ ، فَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا بِهَا أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا فَانْهَدَمَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَارَ بَعِيدًا عَنْهَا صَحَّتْ فِيهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ .
وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَقِيلَ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ مَعًا كَالْإِمَامِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَسْجِدًا إلَّا إذَا بُنِيَ وَسُقِّفَ إذْ قَدْ يُعْدَمُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَلَا تَجِبُ ، فَصَحَّ كَوْنُهُ شَرْطَ وُجُوبٍ إذْ لَزِمَ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُهُ ، وَإِذَا وُجِدَ فَلَا تَصِحُّ إلَّا فِيهِ فَصَحَّ كَوْنُهُ شَرْطَ صِحَّةٍ أَيْضًا فَلِذَا أَفْتَى الْبَاجِيَّ أَهْلَ قَرْيَةٍ انْهَدَمَ مَسْجِدُهُمْ وَحَضَرَتْ الْجُمُعَةُ قَبْلَ بِنَائِهِ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ لَهُمْ الْجُمُعَةُ فِيهِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يَعُودُ غَيْرَ مَسْجِدٍ بِهَدْمِهِ ، وَإِنْ تَوَقَّفَتْ مَسْجِدِيَّتُهُ ابْتِدَاءً عَلَى بِنَائِهِ .
وَقِيلَ الْمَسْجِدُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ شَرْطُ صِحَّةٍ فَقَطْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ يَكُونُ مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ وَتَحْبِيسِهِ لِلصَّلَاةِ فِيهِ فَلَا يُعْدَمُ مَوْضِعٌ يَصِحُّ اتِّخَاذُهُ مَسْجِدًا .
وَحِينَئِذٍ فَمَا يَكُونُ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ شَرْطَ صِحَّةٍ فَقَطْ ( مُتَّحِدٍ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ ، فَإِنْ تَعَدَّدَ فَلَا تَصِحُّ فِي الْجَمِيعِ .

وَالْجُمُعَةُ لِلْعَتِيقِ ، وَإِنْ تَأَخَّرَ أَدَاءً .
لَا ذِي بِنَاءٍ خَفَّ ، وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ ، وَقَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ ، وَإِقَامَةِ الْخَمْسِ : تَرَدُّدٌ ، وَصَحَّتْ بِرَحْبَتِهِ ، وَطُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ ضَاقَ ، أَوْ اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ .
لَا انْتَفَيَا : كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ ، وَسَطْحِهِ ، وَدَارٍ ، وَحَانُوتٍ ، وَبِجَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ ، بِلَا حَدٍّ أَوَّلًا ، وَإِلَّا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ : بَاقِينَ لِسَلَامِهَا بِإِمَامٍ مُقِيمٍ إلَّا الْخَلِيفَةُ يَمُرُّ بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ ، وَبِغَيْرِهَا تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ

( وَالْجُمُعَةُ ) الصَّحِيحَةُ ( لِ ) لِجَامِعِ ا ( لِعَتِيقِ ) أَيْ الَّذِي صُلِّيَتْ فِيهِ قَبْلَ غَيْرِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ بِنَاؤُهُ عَنْ غَيْرِهِ إنْ تَقَدَّمَ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِيهِ عَلَى أَدَائِهَا فِي الْجَدِيدِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ الْأُولَى أَيْضًا بَلْ ( وَإِنْ تَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا الْعَتِيقُ ( أَدَاءً ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ أَدَاءُ الْجُمُعَةِ فِي الْعَتِيقِ عَنْ أَدَائِهَا فِي الْجَدِيدِ فَهِيَ فِي الْجَدِيدِ بَاطِلَةٌ وَصَحِيحَةٌ فِي الْعَتِيقِ مَا لَمْ يُهْجَرْ الْعَتِيقُ ، فَإِنْ هُجِرَ وَصُلِّيَتْ فِي الْجَدِيدِ وَحْدَهُ صَحَّتْ فِيهِ مَا دَامَ الْعَتِيقُ مَهْجُورًا ، فَإِنْ صُلِّيَتْ فِيهِ بَطَلَتْ فِي الْجَدِيدِ إلَّا أَنْ يَتَنَاسَى الْعَتِيقُ بِالْمَرَّةِ فَتَكُونُ الْجُمُعَةُ لِلثَّانِي قَالَهُ اللَّخْمِيُّ .
وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ هُجِرَ الْعَتِيقُ لِمُوجِبٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ دَخَلُوا عَلَى دَوَامِ هَجْرِهِ أَمْ لَا وَمَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ حَنَفِيٌّ بِصِحَّتِهَا بِالْجَدِيدِ تَبَعًا بِحُكْمِهِ بِلُزُومِ نَحْوِ عِتْقٍ مُعَلَّقٍ عَلَى صِحَّتِهَا فِي الْجَدِيدِ بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ لِرَقِيقِهِ إنْ صَحَّتْ الْجُمُعَةُ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَصُلِّيَتْ فِيهِ مَعَ صَلَاتِهَا فِي الْعَتِيقِ ، فَذَهَبَ الرَّقِيقُ إلَى الْحَاكِمِ الْحَنَفِيِّ فَحَكَمَ بِلُزُومِ عِتْقِهِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِ الْعَتِيقِ فِي مَذْهَبِهِ فَسَرَى حُكْمُهُ لِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا عِتْقُهُ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَصَحَّتْ عِنْدَنَا أَيْضًا ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِرَفْعِ الْخِلَافِ ، وَسَوَاءٌ كَانَ التَّعْلِيقُ مِنْ بَانِي الْمَسْجِدِ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجُمُعَةِ السَّابِقَةِ عَلَى الْحُكْمِ وَالْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ ، وَلَا يُحْكَمُ بِصِحَّةِ الْجُمُعَةِ صَرَاحَةً ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يَدْخُلُ الْعِبَادَاتِ اسْتِقْلَالًا ، وَيَدْخُلُهَا تَبَعًا قَالَهُ الْقَرَافِيُّ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ يَدْخُلُهَا اسْتِقْلَالًا وَمَا لَمْ يَحْتَاجُوا لِصَلَاتِهَا

بِالْجَدِيدِ لِضِيقِ الْعَتِيقِ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَوْسِعَتِهِ لِمُلَاصَقَتِهِ لِجَبَلٍ أَوْ بَحْرٍ ، أَوْ أَدَاءُ تَوْسِعَتِهِ لِتَخْلِيطٍ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ بِحَيْثُ إنْ اجْتَمَعُوا فِي الْعَتِيقِ يَقْتَتِلُونَ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ حَاكِمٌ ، فَإِنْ زَالَتْ الْعَدَاوَةُ أَوْ مَنَعَهُمْ حَاكِمٌ مِنْ الْقِتَالِ فَلَا تَصِحُّ إلَّا فِي الْعَتِيقِ ، فَإِنْ عَادَتْ الْعَدَاوَةُ أَوْ ارْتَفَعَ الْحُكْمُ صَحَّتْ فِي الْجَدِيدِ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا ( لَا ) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِي جَامِعٍ ( ذِي ) أَيْ صَاحِبِ ( بِنَاءٍ خَفَّ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ مُشَدَّدَةً أَيْ قَلَّ وَنَقَصَ عَنْ بِنَاءِ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُعْتَادِ عَطْفٌ عَلَى مِقْدَارِ أَيْ ذِي بِنَاءٍ مُعْتَادٍ .
( وَفِي اشْتِرَاطِ سَقْفِهِ ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ سَقْفُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ لَا نَحْوِ صِحَّتِهِ وَعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ تَرَدُّدٌ وَاَلَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ فِي دَوَامِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَسْجِدًا ابْتِدَاءً إلَّا إذَا كَانَ مَسْقُوفًا فَإِذَا هُدِمَ وَزَالَ سَقْفُهُ فَهَلْ تَزُولُ عَنْهُ الْمَسْجِدِيَّةُ ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ أَوْ لَا ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ ، وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ سَالِمٌ وتت وعج أَنَّهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ ، وَاَلَّذِي رَجَّحَهُ الْحَطّ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا .
( وَ ) فِي اشْتِرَاطِ ( قَصْدِ تَأْبِيدِهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ ( بِهِ ) أَيْ الْجَامِعِ وَعَدَمِهِ ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ تَرَدُّدٌ ، وَمَحَلُّ اشْتِرَاطِ قَصْدِ تَأْبِيدِهَا بِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ نُقِلَتْ مِنْ مَسْجِدٍ لِآخَرَ أَمَّا إنْ أُقِيمَتْ فِيهِ ابْتِدَاءً فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَقْصِدُوا عَدَمَهُ بِأَنْ قَصَدُوا التَّأْبِيدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدُوا شَيْئًا مِنْهُمَا ( وَ ) فِي اشْتِرَاطِ ( إقَامَةِ ) الصَّلَوَاتِ ( الْخَمْسِ بِهِ ) أَيْ الْجَامِعِ لِصِحَّتِهِمَا بِهِ فَإِنْ بُنِيَ لِلْجُمُعَةِ خَاصَّةً أَوْ تَعَطَّلَتْ الْخَمْسُ بِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَلَا تَصِحُّ

الْجُمُعَةُ فِيهِ ، وَعَدَمُ اشْتِرَاطِهَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ ( تَرَدُّدٌ ) فِي الْحُكْمِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ حَذَفَهُ مِنْ الْأَوَّلِينَ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ .
وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ الشِّقَّ الثَّانِيَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي عِبَارَةِ بَعْضِ مُتَأَخِّرِي الْمَذْهَبِ فِي الْفَرْعِ الْأَخِيرِ .
وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ فِيهِ لِاشْتِرَاطِ ابْنِ بَشِيرٍ وَسُكُوتِ غَيْرِهِ عَنْهُ ، فَنَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ التَّصْرِيحِ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ إذْ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ .
( وَصَحَّتْ ) الْجُمُعَةُ مِنْ مَأْمُومٍ لَا إمَامٍ فَشَرْطُ صِحَّتِهَا خُطْبَتُهُ وَصَلَاتُهُ فِي الْجَامِعِ ، وَلَوْ ضَاقَ ؛ لِأَنَّهُ مَتْبُوعٌ ، وَصِحَّتُهَا فِي غَيْرِهِ بِالتَّبَعِيَّةِ لِمَنْ فِيهِ وَالْمَتْبُوعُ لَا يَكُونُ تَابِعًا ( بِرَحْبَتِهِ ) أَيْ مَا زِيدَ خَارِجَ سُوَرِ الْجَامِعِ الْمُحِيطِ بِهِ لِتَوْسِعَتِهِ كَالْمُحِيطِ بِقُبَّةِ جَامِعِ مُحَمَّدٍ بِيكْ الْمُقَابِلِ لِلْجَامِعِ الْأَزْهَرِ بِالْقَاهِرَةِ وَبِقُبَّةِ السُّنِّيَّةِ بِبُولَاقَ ، وَلَيْسَ لِلْأَزْهَرِ رَحْبَةٌ .
( وَ ) بِ ( طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ ) بِالْجَامِعِ بِلَا حَائِلٍ مِنْ بُيُوتٍ وَحَوَانِيتَ وَلَا حَدَّ لَهَا وَلَوْ طَالَتْ كَمِيلَيْنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مُسَاوِيَةً لِلْمَسْجِدِ أَوْ كَوْنِهِ مُرْتَفِعًا عَنْهَا بِحَيْثُ يَصْعَدُ إلَيْهِ بِدَرَجٍ أَوْ كَوْنِهَا مُرْتَفِعَةً عَنْهُ بِحَيْثُ يَنْزِلُ إلَيْهِ مِنْهَا بِدَرَجٍ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بِهَا أَرْوَاثُ الدَّوَابِّ ، وَأَبْوَالُهَا .
وَقَيَّدَهَا عَبْدُ الْحَقِّ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ قَائِمَةً إلَّا أَعَادَ أَبَدًا إذَا وَجَدَ مَا يَبْسُطُهُ عَلَيْهَا ، وَإِلَّا كَانَ كَمَنْ صَلَّى بِثَوْبٍ نَجِسٍ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ ، وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ الْكَلَامُ الْآنَ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهَا بَلْ فِي عَدَمِ ضَرَرِ الْفَصْلِ بِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْفَصْلُ بِالنَّجِسِ يَضُرُّ كَالْحَنَفِيَّةِ .
وَمَفْهُومُ مُتَّصِلَةٍ أَنَّهُ لَوْ فَصَلَ بَيْنَ حِيطَانِهِ وَبَيْنَ الطَّرِيقِ بُيُوتٌ أَوْ حَوَانِيتُ كَالطَّرِيقِ الَّتِي بِجَانِبِ

الْأَزْهَرِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ وَجِهَةِ الْمَغْرِبِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا ، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ سَالِمٍ .
وَاسْتَظْهَرَ الْعَدَوِيُّ صِحَّتَهَا عَلَى مَسَاطِبِ الْحَوَانِيتِ ، وَمِثْلُ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ الدُّورُ وَالْحَوَانِيتُ الْمُتَّصِلَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْجُورَةً ، وَالْمَدَارِسُ الْمُتَّصِلَةُ كَاَلَّتِي حَوْلَ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ كَالْجَوْهَرِيَّةِ وَالطَّرْبَسِيَّةِ والابتغاوية .
وَأَمَّا الْأَرْوِقَةُ الَّتِي فِيهِ فَهِيَ مِنْهُ وَإِنْ اخْتَصَّ بِهَا بَعْضُ النَّاسِ فَهُوَ تَعَدٍّ وَغَصْبٌ لِبَعْضِ الْجَامِعِ الْمُبَاحِ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ .
وَعَلَى أَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا ، وَإِنْ حُجِرَتْ ، وَعَلَى مُقَابِلِهِ لَا تَصِحُّ فِيهَا إنْ حُجِرَتْ .
وَمَقَامَاتُ الْأَوْلِيَاءِ الَّتِي بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ كَمَقَامِ أَبِي مَحْمُودٍ الْحَنَفِيِّ وَالسَّيِّدَةِ زَيْنَبَ وَسَيِّدِنَا الْحُسَيْنِ مِنْ الطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ فَتَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهَا وَلَوْ لَمْ تُفْتَحْ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ وَمَحَلُّ الصِّحَّةِ فِي الرَّحْبَةِ وَالطُّرُقِ الْمُتَّصِلَةِ .
( إنْ ضَاقَ ) الْجَامِعُ ( أَوْ ) لَمْ يَضِقْ ، وَ ( اتَّصَلَتْ الصُّفُوفُ ) بِالرَّحْبَةِ أَوْ الطَّرِيقِ الْمُتَّصِلَةِ ( لَا ) تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِرَحْبَةٍ وَلَا طَرِيقٍ مُتَّصِلَةٍ إنْ ( انْتَفَيَا ) أَيْ الضِّيقُ وَاتِّصَالُ الصُّفُوفِ ، وَاَلَّذِي لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ صِحَّتُهَا إنْ انْتَفَيَا أَيْضًا ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ الشَّدِيدَةِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُشَبِّهَ بِهِ قَوْلَهُ كَبَيْتِ الْقَنَادِيلِ ) الْمُعَدِّ لِخَزْنِهَا ، وَإِصْلَاحِهَا فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ فِيهِ لِحَجْرِهِ ، وَمِثْلُهُ بَيْتُ الْحُصُرِ وَالْبُسُطِ وَمَاءِ السَّقْيِ ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ وَبَحَثَ سَنَدٌ فِيهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْمَسْجِدِ ، وَقُصِرَ عَلَى بَعْضِ مَصَالِحِهِ فَهُوَ أَخَفُّ مِنْ الصَّلَاةِ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ

نِسَاءَهُ صَلَّيْنَ الْجُمُعَةَ فِيهَا عَلَى عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى أَنْ مُتْنَ ، وَهِيَ أَشَدُّ تَحْجِيرًا مِنْ بَيْتِ الْقَنَادِيلِ .
وَيُجَابُ بِأَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لَهُنَّ لِلتَّشْدِيدِ عَلَيْهِنَّ فِي لُزُومِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ } .
( وَسَطْحِهِ ) أَيْ الْجَامِعِ فَلَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَاقَ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ .
ابْنُ شَاسٍ ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ .
وَقِيلَ تَصِحُّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا مَعَ الْكَرَاهَةِ ، وَهُوَ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَشْهَبَ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَقِيلَ تَصِحُّ عَلَيْهِ لِخُصُوصِ الْمُؤَذِّنِ ، وَهُوَ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ أَيْضًا .
وَقِيلَ يَجُوزُ عَلَيْهِ إنْ ضَاقَ الْمَسْجِدُ ، وَهُوَ قَوْلُ حَمْدِيسٍ ، وَمَفْهُومُ سَطْحِهِ صِحَّتُهَا بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ لَمْ تُحْجَرْ .
( وَ ) لَا تَصِحُّ فِي ( دَارٍ وَحَانُوتٍ ) مُتَّصِلِينَ بِالْجَامِعِ إنْ كَانَا مَحْجُورَيْنِ ، وَإِلَّا صَحَّتْ فِيهِمَا ( وَ بِ ) حُضُورِ ( جَمَاعَةٍ ) عَطْفٌ عَلَى بِاسْتِيطَانِ بَلَدٍ ( تَتَقَرَّى ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا أَيْ تَعْمُرُ ( بِهِمْ قَرْيَةٌ ) بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِقُونَ فِي مَعَاشِهِمْ بِغَيْرِهِمْ وَيَدْفَعُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ الْعَدُوَّ غَالِبًا ( بِلَا حَدٍّ ) فِي عَدَدٍ مَخْصُوصٍ كَخَمْسِينَ ( أَوَّلًا ) بِشَدِّ الْوَاوِ مُنَوَّنًا أَيْ أَوَّلَ جُمُعَةٍ تُقَامُ فِي الْبَلَدِ ، فَإِنْ حَضَرَ مِنْهُمْ فِيهَا مَنْ لَا تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ فَلَا تَصِحُّ وَلَوْ اثْنَيْ عَشَرَ .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْجُمُعَةُ الْأُولَى ( فَتَجُوزُ ) الْجُمُعَةُ ( بِ ) حُضُورِ ( اثْنَيْ عَشَرَ ) رَجُلًا أَحْرَارًا مُتَوَطِّنِينَ غَيْرَ الْإِمَامِ ( بَاقِينَ ) مَعَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ بِحَيْثُ لَا تَفْسُدُ صَلَاةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ ( لِسَلَامِهَا ) وَمَفْهُومُ بَاقِينَ إلَخْ أَنَّهُ لَوْ فَسَدَتْ صَلَاةُ أَحَدِهِمْ وَلَوْ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بَطَلَتْ عَلَى الْجَمِيعِ ،

هَذَا الَّذِي فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ، وَاَلَّذِي فَهِمَهُ الْحَطّ مِنْهُ أَنَّ الْجَمَاعَةَ الَّذِينَ تَتَقَرَّى الْقَرْيَةُ بِهِمْ شَرْطُ وُجُوبٍ وَصِحَّةٍ ، وَلَكِنْ يَكْفِي فِي صِحَّةِ الْجُمُعَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى أَوْ غَيْرَهَا حُضُورُ اثْنَيْ عَشَرَ مِنْهُمْ غَيْرَ الْإِمَامِ مِنْ أَوَّلِ الْخُطْبَةِ لِلسَّلَامِ وَاعْتَمَدَهُ الْأَشْيَاخُ وَالْمَوَّاقُ لِهَذَا وَبِحُضُورِ اثْنَيْ عَشَرَ بَاقِينَ لِسَلَامِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ تَتَقَرَّى بِهِمْ قَرْيَةٌ .
وَيُمْكِنُ تَنْزِيلُ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ عِنْدَ تَوَجُّهِ خِطَابِهِمْ بِهَا وَوُجُوبِهَا عَلَيْهِمْ ، وَقَوْلُهُ ، وَإِلَّا فَتَجُوزُ إلَخْ أَيْ ، وَإِلَّا يُعْتَبَرُ حَالُ الْخِطَابِ وَاعْتُبِرَ حَالُ فِعْلِهَا فَتَجُوزُ بِاثْنَيْ عَشَرَ إلَخْ وَفِي الْجُمُعَةِ الْأُولَى وَغَيْرِهَا .
فَلَوْ تَفَرَّقَ مَنْ تَقَرَّتْ بِهَا فِي أَشْغَالِهِمْ كَحَرْثٍ أَوْ حَصَادٍ وَبَقِيَ مِنْهُمْ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ ، فَإِنْ ارْتَحَلُوا مِنْهَا وَبَقِيَ فِيهَا اثْنَا عَشَرَ وَالْإِمَامُ جَمَّعُوا إنْ رَحَلَ غَيْرُهُمْ إلَى أَمَاكِنَ قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُهُمْ الِاسْتِغَاثَةُ بِهِمْ عِنْدَ هُجُومِ عَدُوٍّ ، وَإِلَّا فَلَا .
( بِإِمَامٍ ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ إمَامٍ ( مُقِيمٍ ) بِالْبَلَدِ الَّذِي تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهِ إقَامَةً قَاطِعَةً حُكْمَ السَّفَرِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُتَوَطِّنِينَ بِهِ لِغَيْرِ الْخُطْبَةِ وَلَوْ سَافَرَ عَقِبَ الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ .
وَأَمَّا الْمُقِيمُ خَارِجًا عَنْ كَفَرْسَخٍ فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ فَيَلْزَمُ اقْتِدَاءُ مُفْتَرِضٍ بِشِبْهِ مُتَنَفِّلٍ هَذَا قَوْلُ ابْنِ غَلَّابٍ وَابْنِ عُمَرَ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
وَفِي حَاشِيَةِ الطَّرَابُلْسِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ لَا تَصِحُّ إمَامَةُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ بِقَرْيَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ ، وَاسْتَثْنَى مِنْ

مَفْهُومِ مُقِيمٍ فَقَالَ ( إلَّا الْخَلِيفَةَ ) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامَةِ وَالْحَكَمِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْإِمَامَةِ وَالْحَكَمِ كَالْبَاشَا لَا فِي الْحُكْمِ فَقَطْ كَالْقَاضِي حَالَ كَوْنِهِ ( يَمُرُّ ) ، وَهُوَ مُسَافِرٌ سَفَرَ قَصْرٍ ( بِقَرْيَةِ جُمُعَةٍ ) أَيْ وَجَبَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى أَهْلِهَا لِاسْتِيفَائِهِمْ شُرُوطَهَا مِنْ عَمَلِهِ قَبْلَ صَلَاتِهِمْ .
( وَ ) الْحَالُ أَنَّهُ ( لَا تَجِبُ ) الْجُمُعَةُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ الْخَلِيفَةِ لِكَوْنِهِ مُسَافِرًا أَرْبَعَةَ بُرُدٍ فَيُنْدَبُ أَنْ يَؤُمَّهُمْ فِيهَا ، وَإِنْ مَرَّ عَلَيْهِمْ بَعْدَ صَلَاتِهِمْ فَيُصَلِّي ظُهْرًا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ بِهِمْ ، وَإِنْ حَضَرَ ، وَهُمْ فِيهَا وَلَوْ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ وَيَبْتَدِئُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ وَيَبْتَدِئُ الْخُطْبَةَ أَيْضًا ، وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ إنْ قَدِمَ بَعْدَ عَقْدِ رَكْعَةٍ .
( وَ ) إنْ مَرَّ الْخَلِيفَةُ ( بِغَيْرِهَا ) أَيْ قَرْيَةِ الْجُمُعَةِ لِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ أَهْلِهَا شُرُوطَ الْجُمُعَةِ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ بِهِمْ فَإِنَّهَا ( تَفْسُدُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ ) فِيهَا لِمَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنْ جَهِلَ الْإِمَامُ الْمُسَافِرُ فَجَمَعَ بِأَهْلِ قَرْيَةٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الْجُمُعَةُ لِصِغَرِهَا لَمْ تُجْزِهِمْ وَلَمْ تُجْزِهِ .

وَبِكَوْنِهِ الْخَاطِبَ إلَّا لِعُذْرٍ وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ لِعُذْرٍ قَرُبَ عَلَى الْأَصَحِّ
( وَبِكَوْنِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ ( الْخَاطِبَ ) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ كَوْنُ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهَا هُوَ الَّذِي خَطَبَ الْخُطْبَتَيْنِ ، فَإِنْ خَطَبَ شَخْصٌ وَصَلَّى شَخْصٌ آخَرُ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ ( إلَّا لِ ) طَرَيَان ( عُذْرٍ ) لِلْخَاطِبِ مَنَعَهُ مِنْ الْإِمَامَةِ كَجُنُونٍ وَمَوْتٍ وَرُعَافٍ مَعَ بُعْدِ الْمَاءِ فَيُصَلِّي غَيْرُهُ بِهِمْ وَلَا يُعِيدُ الْخُطْبَةَ .
( وَوَجَبَ انْتِظَارُهُ ) أَيْ الْخَاطِبِ ( لِعُذْرٍ قَرُبَ ) زَوَالُهُ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ بِقَدْرِ أُولَتَيْ رُبَاعِيَّةٍ بِفَاتِحَةٍ وَمَا تَحْصُلُ بِهِ السُّنَّةُ مِمَّا زَادَ عَلَيْهَا كَسَبْقِ حَدَثٍ أَوْ رُعَافِ بِنَاءٍ مَعَ قُرْبِ الْمَاءِ ( عَلَى ) الْقَوْلِ ( الْأَصَحِّ ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ أَبِي حَازِمٍ ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِسَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِلْقَرِيبِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ فَيُنْدَبُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ ، فَإِنْ تَرَكَهُ اسْتَخْلَفُوا وُجُوبًا مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ فَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمْ بِلَا اسْتِخْلَافٍ صَحَّتْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ .
وَمَفْهُومُ قَرُبَ لَا يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِلْبَعِيدِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ فِي طَرَيَان الْعُذْرِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ تَمَامِهَا أَوْ عَقِبَهُ ، فَإِنْ حَصَلَ لَهُ الْعُذْرُ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ إلَى أَنْ يَبْقَى لِدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ مَا يَسَعُ الْخُطْبَتَيْنِ وَالرَّكْعَتَيْنِ ثُمَّ يُصَلُّونَ الْجُمُعَةَ إنْ أَمْكَنَتْهُمْ بِدُونِهِ ، وَإِلَّا انْتَظَرُوهُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِقْدَارُ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَيُصَلُّونَ الظُّهْرَ أَفْذَاذًا آخِرَ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .

وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً ، تَحْضُرُهُمَا الْجَمَاعَةُ ، وَاسْتَقْبَلَهُ غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ، وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ لَهُمَا : تَرَدُّدٌ .

( وَبِخُطْبَتَيْنِ قَبْلَ الصَّلَاةِ ) فِي الْجَامِعِ فَلَا تَصِحَّانِ بِرِحَابٍ وَلَا طُرُقٍ مُتَّصِلَةٍ وَلَا عَلَى دِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ الْمَحْجُورَةِ فَلَوْ خَطَبَ بَعْدَ الصَّلَاةِ أَعَادَ الصَّلَاةَ عَقِبَ الْخُطْبَةِ إنْ قَرُبَ ، وَإِلَّا اسْتَأْنَفَهُمَا لِأَنَّ شَرْطَهُمَا اتِّصَالُ الصَّلَاةِ بِهِمَا ، وَكَوْنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ وَالْجَهْرُ بِهِمَا .
وَلَوْ كَانَ الْجَمَاعَةُ عَجَمًا لَا يَعْرِفُونَ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ أَوْ صُمًّا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهِمْ يُحْسِنُهُمَا عَرَبِيَّتَيْنِ فَلَا تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ بُكْمًا فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ فَالْقُدْرَةُ عَلَى الْخُطْبَتَيْنِ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ .
وَكَوْنُهُمَا ( مِمَّا تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ خُطْبَةً ) بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ تُطْلِقُ الْخُطْبَةَ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى مَا يُقَالُ فِي الْمَحَافِلِ مِنْ الْكَلَامِ الْمُنَبَّهِ بِهِ عَلَى أَمْرٍ مُهِمٍّ لَدَيْهِمْ ، وَالْمُرْشِدِ لِمَصْلَحَةٍ تَعُودُ عَلَيْهِمْ حَالِيَّةٌ أَوْ مَآلِيَّةٌ .
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَوْعِظَةٌ فَضْلًا عَنْ تَحْذِيرٍ وَتَبْشِيرٍ ، وَقُرْآنٍ يُتْلَى ، وَقَوْلُ ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَقَلُّهَا حَمْدُ اللَّهِ وَصَلَاةٌ وَسَلَامٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَحْذِيرٌ وَتَبْشِيرٌ ، وَقُرْآنٌ يُتْلَى .
ا هـ .
مُقَابِلُ الْمَشْهُورِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ .
وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَكُلٌّ مِنْ الْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقُرْآنِ مَنْدُوبٌ ، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهَا سَجْعًا فَلَوْ نَظَمَهَا أَوْ نَثَرَهَا صَحَّتْ نَعَمْ تُنْدَبُ إعَادَتُهَا إنْ لَمْ يُصَلِّ ، فَإِنْ صَلَّى فَلَا تُعَادُ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَيُنْدَبُ التَّرَضِّي فِيهَا عَنْ الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءُ لِعُمُومِ الْمُسْلِمِينَ وَالدُّعَاءُ فِيهَا لِلسُّلْطَانِ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ أَتْبَاعِهِ ، وَإِلَّا وَجَبَ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْخُطْبَةِ الْأُولَى قَالَهُ الْخَرَشِيُّ فِي كَبِيرِهِ ( تَحْضُرُهُمَا ) أَيْ

الْخُطْبَتَيْنِ ( الْجَمَاعَةُ ) الِاثْنَا عَشَرَ الْأَحْرَارُ الْمُتَوَطِّنُونَ مِنْ أَوَّلِهِمَا ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ فَلَا يَكْتَفِي بِهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا كَرَكْعَتَيْنِ مِنْ الصَّلَاةِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا إصْغَاؤُهُمْ .
وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ حُضُورَ الْخُطْبَتَيْنِ فَرْضُ عَيْنٍ وَلَوْ زَادَ عَدَدُهُمْ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْعَيْنِيَّةَ إنْ كَانَ عَدَدُهُمْ اثْنَيْ عَشَرَ فَمَا زَادَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُهُمَا .
( و اسْتَقْبَلَهُ ) أَيْ ذَاتُ الْخَاطِبِ لَا جِهَتُهُ وُجُوبًا .
وَقِيلَ اسْتِنَانًا وَرُجِّحَ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ صَرِيحُهَا وَنَصُّهَا ، وَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ يَخْطُبُ فَحِينَئِذٍ يَجِبُ قَطْعُ الْكَلَامِ وَاسْتِقْبَالُهُ وَالْإِنْصَاتُ إلَيْهِ وَالثَّانِي قَوْلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ الْعَدَوِيُّ ، وَقِيلَ مُسْتَحَبٌّ ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا قَعَدَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاسْتَقْبِلُوهُ بِوُجُوهِكُمْ ، وَاصْغَوْا إلَيْهِ بِأَسْمَاعِكُمْ ، وَارْمُقُوهُ بِأَبْصَارِكُمْ } .
وَظَاهِرُ الْحَدِيثِ طَلَبُ اسْتِقْبَالِهِ بِمُجَرَّدِ قُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَاَلَّذِي فِي نَصِّهَا الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ عِنْدَ شُرُوعِهِ فِي الْخُطْبَةِ وَفَاعِلُ اسْتَقْبَلَهُ ( غَيْرُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ) فَيُغَيِّرُونَ جِلْسَتَهُمْ الَّتِي كَانَتْ لِلْقِبْلَةِ .
وَأَمَّا أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ اسْتِقْبَالُهُ ، وَقَدْ تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي اسْتِثْنَائِهِ أَهْلَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ ابْنَ الْحَاجِبِ .
ابْنُ عَرَفَةَ جَعَلَهُ مَنْ لَقِيتُهُ خِلَافَ الْمَذْهَبِ ، وَهُوَ اسْتِقْبَالُ ذَاتِهِ لِلْجَمِيعِ مَنْ يَرَاهُ وَمَنْ لَا يَرَاهُ مَنْ يَسْمَعُهُ وَمَنْ لَا يَسْمَعُهُ كَمَا ظَاهِرُ الْحَدِيثِ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْتَقْبِلُهُ أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ بِوُجُوهِهِمْ لَا بِذَوَاتِهِمْ فَلَا

يَنْتَقِلُونَ مِنْ مَوَاضِعِهِمْ .
( وَفِي وُجُوبِ قِيَامِهِ ) أَيْ الْخَاطِبِ ( لَهُمَا ) فِي الْخُطْبَتَيْنِ عَلَى جِهَةِ الشَّرْطِيَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَسُنِّيَّتُهُ وَهُوَ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعِنْدَ الْقَصَّارِ وَعَبْدِ الْوَهَّابِ فَإِنْ خَطَبَ جَالِسًا أَسَاءَ وَصَحَّتْ ( تَرَدُّدٌ ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي الْحُكْمِ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ .

وَلَزِمَتْ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الذَّكَرَ بِلَا عُذْرٍ ، الْمُتَوَطِّنَ ، وَإِنْ بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ الْمَنَارِ : كَأَنْ أَدْرَكَ الْمُسَافِرُ النِّدَاءَ قَبْلَهُ ، أَوْ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ قَدِمَ ، أَوْ بَلَغَ ، أَوْ زَالَ عُذْرُهُ لَا بِالْإِقَامَةِ إلَّا تَبَعًا .

( وَلَزِمَتْ ) الْجُمُعَةُ ( الْمُكَلَّفَ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْكَافِ وَاللَّامِ مُثْقَلَةً أَيْ الْبَالِغَ الْعَاقِلَ فِيهِ مُسَامَحًا إذْ لَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ ( الْحُرَّ ) لَا الرَّقِيقَ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ ( الذَّكَرَ ) لَا الْمَرْأَةَ لَكِنْ الشَّارِعُ جَعَلَهَا بَدَلًا عَنْ الظُّهْرِ لِلْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَنَحْوِهِمَا مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ ، فَإِنْ صَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ عَنْ الظُّهْرِ وَحَصَلَ لَهُ الثَّوَابُ لِلْحُضُورِ فَفِعْلُهُ الْجُمُعَةَ فِيهِ الْوَاجِبُ وَزِيَادَةٌ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ مِنْ الدَّيْنِ وَالْوُضُوءِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُسْقِطِ لَهُ بَعْدَهُ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى التَّخْيِيرِ .
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ وَالْمُسَافِرِ عَلَى التَّخْيِيرِ إذْ لَوْ كَانَتْ مَنْدُوبَةً لَهُمْ لَمْ تَكْفِ عَنْ الْوَاجِبِ .
وَرُدَّ بِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمُخَيَّرَ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ أُمُورٍ مُتَسَاوِيَةٍ بِأَنْ يُقَالَ الْوَاجِبُ إمَّا هَذَا ، وَإِمَّا هَذَا .
وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْتَوْفِ شُرُوطَ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ابْتِدَاءً ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْجُمُعَةُ مُشْتَمِلَةً عَلَى شُرُوطِ الظُّهْرِ وَزِيَادَةً كَفَتْ عَنْ الظُّهْرِ .
وَلِلْقَرَافِيِّ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ هَذَا الِاصْطِلَاحَ وَيَقُولُ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ مَا يَكْفِي وَاحِدٌ مِنْهُ فِي بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ هَذَا التَّعَبُ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَنْوِي الْفَرْضِيَّةَ بِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَنُبْ عَنْ الْوَاجِبِ إلَّا وَاجِبٌ فَالنَّدْبُ مِنْ حَيْثُ سَعْيُهُ لِحُضُورِهَا فَقَطْ أَفَادَهُ فِي ضَوْءِ الشُّمُوعِ ، وَهُوَ مَيْلٌ لِقَوْلِ الْقَرَافِيِّ إنَّهَا فِي حَقِّهِمْ مِنْ الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ ، وَإِلَّا فَكَيْفَ يَتَأَتَّى نِيَّةُ الْوَاجِبِ بِغَيْرِهِ وَعَلَى فَرْضِهِ فَلَا يُقَيَّدُ كَصَلَاةِ صَبِيٍّ الظُّهْرَ مَثَلًا بِنِيَّةِ الْفَرْضِ ، ثُمَّ بُلُوغُهُ فِي وَقْتِهَا فَتَلْزَمُهُ إعَادَتُهَا حَالَ كَوْنِ الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُكَلَّفِ .
( بِلَا عُذْرٍ )

مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِيَةِ الْمُسْقِطَةِ لَهَا ( الْمُتَوَطِّنَ ) بِبَلَدِهَا بَلْ ( وَإِنْ ) كَانَ تَوَطُّنُهُ ( بِقَرْيَةٍ نَائِيَةٍ ) أَيْ بَعِيدٍ عَنْ بَلَدِهَا ( بِكَفَرْسَخٍ ) أَيْ ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ وَثُلُثٍ ( مِنْ الْمَنَارِ ) أَيْ الْمَحَلِّ الْمُعْتَادِ لِلْأَذَانِ بِهِ لِلْجُمُعَةِ ، لَكِنْ الْمُتَوَطِّنُ بِبَلَدِهَا تَنْعَقِدُ بِهِ وَالْمُتَوَطِّنُ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ لَا تَنْعَقِدُ بِهِ .
وَشَبَّهَ فِي اللُّزُومِ فَقَالَ ( كَأَنْ ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَسُكُونِ النُّونِ حَرْفٌ مَصْدَرِيٌّ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَافُ التَّشْبِيهِ ( أَدْرَكَ ) أَيْ لَحِقَ ( الْمُسَافِرُ ) مِنْ بَلَدِ الْجُمُعَةِ ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا وَفَاعِلُ أَدْرَكَ ( النِّدَاءَ ) أَيْ الْأَذَانَ الثَّانِيَ ، وَصِلَةُ أَدْرَكَ ( قَبْلَهُ ) أَيْ مُجَاوَزَةُ كَالْفَرْسَخِ ، وَمِثْلُ الْأَذَانِ الزَّوَالُ عَلَى مَا لِابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَرَفَةَ مِنْ تَعْلِيقِ الرُّجُوعِ بِالزَّوَالِ سَمِعَ النِّدَاءَ أَوْ لَا .
وَعَلَّقَهُ الْبَاجِيَّ وَسَنَدٌ بِالْأَذَانِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَلْزَمُ الرُّجُوعَ إلَّا بِسَمَاعِ النِّدَاءِ أَفَادَهُ الْبُنَانِيُّ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِبَلَدِهَا إنْ عِلْم أَوْ ظَنَّ إدْرَاكَ رَكْعَةٍ مِنْهَا ، وَإِلَّا فَلَا .
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا ، وَأَقَامَ بِهَا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ سَافَرَ مِنْهَا فَأَدْرَكَهُ النِّدَاءُ أَوْ الزَّوَالُ قَبْلَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الرُّجُوعُ ، وَمَالَ إلَيْهِ الْعَدَوِيُّ .
وَقَالَ النَّاصِرُ يَلْزَمُهُ وَمِثْلُهُ فِي الْبُنَانِيِّ وَمَنْ سَافَرَ مِنْ بَلَدِهِ قَبْلَ الزَّوَالِ وَجَاوَزَ كَالْفَرْسَخِ قَبْلَهُ ، وَأَدْرَكَهُ نِدَاءُ بَلَدٍ آخَرَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ اعْتِبَارًا بِشَخْصِهِ ، وَتَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِهَا وَبِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ الصَّغِيرُ أَوْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِبَلَدِهِ ، فَلَا تَصِحُّ إمَامَتُهُ لِأَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَاسْتَظْهَرَهُ الْعَدَوِيُّ .
( أَوْ صَلَّى ) الْمُسَافِرُ ( الظُّهْرَ ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ وَحْدَهَا أَوْ مَجْمُوعَةً مَعَ الْعَصْرِ كَذَلِكَ قَبْلَ قُدُومِهِ ( ثُمَّ قَدِمَ ) وَطَنَهُ أَوْ مَحَلَّ زَوْجَتِهِ

الْمَدْخُولِ بِهَا أَوْ مَحَلًّا نَوَى إقَامَةَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ بِهِ وَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ ، فَإِنْ كَانَ قَدْ صَلَّى الْعَصْرَ أَيْضًا وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ قَدِمَ فَوَجَدَهُمْ لَمْ يُصَلُّوا الْجُمُعَةَ وَجَبَ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ مَعَهُمْ ، وَيُعِيدُ الْعَصْرَ نَدْبًا كَمَنْ قَدَّمَهَا عَلَى الظُّهْرِ نَاسِيًا ، فَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الْجُمُعَةَ مَعَهُمْ فَهَلْ يُعِيدُ الظُّهْرَ أَوْ لَا .
وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إلَخْ الثَّانِي لِعُذْرِهِ بِالسَّفَرِ قَالَهُ الْعَدَوِيُّ .
( أَوْ ) صَلَّى الصَّبِيُّ الظُّهْرَ ثُمَّ ( بَلَغَ ) قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ ، وَكَذَا إنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ ثُمَّ بَلَغَ وَوَجَدَ جُمُعَةً أُخْرَى فَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ أَعَادَهَا ظُهْرًا ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ الْأَوَّلَ وَلَوْ جُمُعَةً نَفْلٌ فَلَا يَكْفِي عَنْ الْفَرْضِ ( أَوْ ) صَلَّى مَعْذُورٌ بِعُذْرٍ مُسْقِطِ الْجُمُعَةِ الظُّهْرَ ثُمَّ ( زَالَ عُذْرُهُ ) قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَتَجِبُ عَلَيْهِ مَعَهُمْ ( لَا ) تَجِبُ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْحُرِّ الذَّكَرِ ( بِالْإِقَامَةِ ) بِبَلَدِهَا أَوْ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ الْقَاطِعَةِ حُكْمَ السَّفَرِ بِلَا تَوَطُّنٍ ( إلَّا تَبَعًا ) لِأَهْلِ الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ ، وَإِنْ صَحَّتْ إمَامَتُهُ لَهُمْ وَمِثْلُهُ مُتَوَطِّنٌ خَارِجَهَا بِكَفَرْسَخٍ .

وَنُدِبَ تَحْسِينُ هَيْئَةٍ ، وَجَمِيلُ ثِيَابٍ ، وَطِيبٌ ، وَمَشْيٌ ، وَتَهْجِيرٌ ، وَإِقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ مُطْلَقًا بِوَقْتِهَا ، وَسَلَامُ خَطِيبٍ لِخُرُوجِهِ لَا صُعُودِهِ ، وَجُلُوسُهُ أَوَّلًا ، وَبَيْنَهُمَا ، وَتَقْصِيرُهُمَا وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ ، وَرَفْعُ صَوْتِهِ ، وَاسْتِخْلَافُهُ لِعُذْرٍ : حَاضِرُهَا ، وَقِرَاءَةٌ فِيهِمَا ، وَخَتْمُ الثَّانِيَةِ بِيَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ ، وَأَجْزَأَ اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ ، وَتَوَكُّؤٌ عَلَى كَقَوْسٍ ، وَقِرَاءَةُ الْجُمُعَةِ ، وَإِنْ لِمَسْبُوقٍ ، وَ { هَلْ أَتَاك } .
وَأَجَازَ بِالثَّانِيَةِ : بِسَبِّحْ أَوْ الْمُنَافِقُونَ

( وَنُدِبَ ) أَيْ تَأَكَّدَ لِمُرِيدِ حُضُورِهَا ( تَحْسِينُ هَيْئَةٍ ) كَقَصِّ شَارِبٍ وَظُفُرٍ وَنَتْفِ إبْطٍ وَاسْتِحْدَادٍ إنْ احْتَاجَ لِذَلِكَ وَسِوَاكٍ .
وَقَدْ يَجِبُ إنْ كَانَتْ رَائِحَتُهُ كَرِيهَةً وَتَوَقَّفَتْ إزَالَتُهَا عَلَيْهِ ( وَجَمِيلُ ) أَيْ بَيَاضُ ( ثِيَابٍ ) أَيْ لُبْسُهُ وَلَوْ عَتِيقًا وَجَمِيلُ الْعِيدِ الْجَدِيدِ وَلَوْ غَيْرَ أَبْيَضَ .
وَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا لَبِسَ الْجَدِيدَ غَيْرَ الْأَبْيَضِ قَبْلَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَهَا ؛ لِأَنَّهُ مَطْلُوبٌ لِلْيَوْمِ لَا لِصَلَاةِ الْعِيدِ ، وَالْأَبْيَضُ غَيْرُ الْجَدِيدِ حَالَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْجَدِيدُ أَبْيَضَ لَبِسَهُ الْيَوْمَ كُلَّهُ .
( وَ ) نُدِبَ ( طِيبٌ ) أَيْ تَطَيُّبٌ بِطِيبٍ مُذَكَّرٍ ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ رِيحُهُ وَيَخْفَى لَوْنُهُ كَمِسْكٍ وَزَبَدٍ ، أَوْ مُؤَنَّثٍ ، وَهُوَ مَا يَظْهَرُ لَوْنُهُ وَيَخْفَى رِيحُهُ كَوَرْدٍ وَيَاسَمِينٍ لِلْمَلَائِكَةِ الْوَاقِفِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ ، وَرُبَّمَا صَافَحُوهُ أَوْ لَمَسُوهُ وَلَا حَظَّ لَهُمْ مِنْ الدُّنْيَا إلَّا الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ، وَهَذِهِ الْمَنْدُوبَاتُ الثَّلَاثَةُ خَاصَّةٌ بِالرِّجَالِ وَمُحَرَّمَةٌ عَلَى النِّسَاءِ الْمَرِيدَاتِ حُضُورَ الْجُمُعَةِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ فِي مَحَلِّ الْعِبَادَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( مَشْيٌ ) عَلَى قَدَمَيْهِ فِي ذَهَابِهِ فَقَطْ تَوَاضُعًا لِسَيِّدِهِ الَّذِي هُوَ ذَاهِبٌ لِعِبَادَتِهِ وَاغْتِنَامًا لِتَحْرِيمِهِ عَلَى النَّارِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ } ، أَيْ طَاعَةُ اللَّهِ .
وَشَأْنُ الْمَاشِي الِاغْبِرَارُ ، وَإِنْ اتَّفَقَ عَدَمُهُ فِي قَرِيبِ الْمَنْزِلِ وَاغْبِرَارُ قَدِمَ الرَّاكِبِ نَادِرٌ فَالِاغْبِرَارُ لَازِمٌ لِلْمَشْيِ عَادَةً ، فَأُطْلِقَ اسْمُ اللَّازِمِ وَأُرِيدَ مَلْزُومُهُ ، وَهُوَ الْمَشْيُ عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ .
وَأَمَّا فِي رُجُوعِهِ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ الْمَشْيُ لِانْقِضَاءِ الْعِبَادَةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَهْجِيرٌ ) أَيْ ذَهَابٌ لَهَا فِي الْهَاجِرَةِ أَيْ شِدَّةِ

الْحَرِّ وَيُكْرَهُ التَّبْكِيرُ خَشْيَةَ الرِّيَاءِ وَلِمُخَالَفَةِ عَمَلِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَسَائِرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ ، وَذَلِكَ فِي السَّاعَةِ السَّادِسَةِ الَّتِي يَلِيهَا الزَّوَالُ ، وَهِيَ الْمُقَسَّمَةُ فِي الْحَدِيثِ إلَى السَّاعَاتِ أَيْ الْأَجْزَاءِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ اغْتَسَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ، ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً ، فَإِذَا خَرَجَ الْإِمَامُ حَضَرَتْ الْمَلَائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ } هَذَا الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ الْبَاجِيَّ وَشَهَّرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ .
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ التَّقْسِيمُ السَّاعَةُ السَّابِعَةُ الَّتِي تَلِي الزَّوَالَ .
وَرُدَّ بِأَنَّ الْإِمَامَ يَخْرُجُ لِلْخُطْبَةِ فِي أَوَّلِهَا وَتَحْضُرُ الْمَلَائِكَةُ لِاسْتِمَاعِهَا .
( وَ ) نُدِبَ لِلْإِمَامِ ( إقَامَةُ أَهْلِ السُّوقِ ) أَيْ أَمْرُهُمْ بِالْقِيَامِ مِنْهَا وَتَرْكِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ( مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَنْ تَلْزَمُهُمْ الْجُمُعَةُ وَصِلَةُ إقَامَةُ ( بِوَقْتِ ) خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَصَلَاتِ ( هَا ) مِنْ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ إلَى سَلَامِهِ مِنْ الصَّلَاةِ ، وَأُقِيمَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بَالُ مَنْ تَلْزَمُهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِالرِّبْحِ فَيَضُرُّ مَنْ تَلْزَمُهُ .
وَلِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً لِاشْتِغَالِ مَنْ تَلْزَمُهُ عَنْهَا بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَعَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَإِقَامَتُهُ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ .
( وَ ) نُدِبَ ( سَلَامُ خَطِيبٍ ) عَلَى الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ فِي الْمَسْجِدِ ( لِخُرُوجِهِ ) عَلَى النَّاسِ لِلْخُطْبَةِ أَيْ عِنْدَهُ ، وَإِنْ كَانَ السَّلَامُ فِي

ذَاتِهِ سُنَّةً وَرَدُّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ( لَا ) يُنْدَبُ سَلَامُهُ عِنْدَ انْتِهَاءِ ( صُعُودِهِ ) أَيْ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ فَيُكْرَهُ ، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ ؛ لِأَنَّهُ مَعْدُومٌ شَرْعًا ، وَهُوَ كَالْمَعْدُومِ حِسًّا قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ .
وَاسْتَظْهَرَ الْبَدْرُ وُجُوبَ رَدِّهِ ( وَ ) نُدِبَ ( جُلُوسُهُ ) أَيْ الْخَطِيبِ عَلَى الْمِنْبَرِ ( أَوَّلًا ) بِفَتْحِ الْهَمْزِ وَشَدِّ الْوَاوِ أَيْ عَقِبَ صُعُودِهِ إلَى الْأَذَانِ ( وَ ) جُلُوسُهُ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُمَا وَالِاسْتِرَاحَةِ .
ابْنُ عَاتٍ قَدْرَ { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } وَهَذَا مِنْ السَّهْوِ لِأَنَّ الْجُلُوسَ الْأَوَّلَ سُنَّةٌ عَلَى الْمَشْهُورِ .
وَقِيلَ مَنْدُوبٌ ، وَالثَّانِي سُنَّةٌ اتِّفَاقًا بَلْ قِيلَ بِفَرْضِيَّتِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَقْصِيرُهُمَا ) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ ( وَالثَّانِيَةُ أَقْصَرُ ) مِنْ الْأُولَى نَدْبًا ( وَ ) نُدِبَ ( رَفْعُ صَوْتِهِ ) بِهِمَا لِلْمُبَالَغَةِ فِي الْإِسْمَاعِ وَالْجَهْرُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهِمَا ( وَ ) نُدِبَ ( اسْتِخْلَافُهُ ) أَيْ الْخَطِيبِ ( لِعُذْرٍ ) حَصَلَ لَهُ فِيهِمَا أَوْ بَعْدَهُمَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ نُدِبَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا ( حَاضِرَهَا ) أَيْ الْخُطْبَةِ هَذَا مَحَطُّ النَّدْبِ .
وَأَصْلُ الِاسْتِخْلَافِ مَنْدُوبٌ مِنْ الْإِمَامِ وَوَاجِبٌ مِنْ الْمَأْمُومِينَ إنْ لَمْ يَسْتَخْلِفْ الْإِمَامُ ( وَ ) نُدِبَ ( قِرَاءَةٌ فِي أُولَاهُمَا ) { ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فِي خُطْبَتِهِ الْأُولَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا } إلَى قَوْله تَعَالَى { فَوْزًا عَظِيمًا } } ابْنُ يُونُسَ يَنْبَغِي أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأُولَى سُورَةً تَامَّةً مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ .
( وَ ) نُدِبَ ( خَتْمُ الثَّانِيَةِ بِ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ ، وَأَجْزَأَ ) أَيْ كَفَى فِي حُصُولِ الْمَنْدُوبِ أَنْ يَقُولَ فِي خَتْمِهَا بَدَلَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ ( اُذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ ) وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ .
وَأَمَّا خَتْمُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ }

الْآيَةُ ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ قَرَأَهَا فِي آخِرِهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِوَضًا عَمَّا كَانَ يَخْتِمُ بِهِ بَنُو أُمَيَّةَ خُطَبَهُمْ مِنْ سَبِّ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَكِنْ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ .
( وَ ) نُدِبَ ( تَوَكُّؤٌ ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَالْوَاوِ وَضَمِّ الْكَافِ مُشَدَّدَةً يَلِيهَا هَمْزٌ اسْتِنَادٌ حَالِ الْخُطْبَةِ ( عَلَى كَقَوْسٍ ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ عَرَبِيٍّ لِطُولِهَا ، وَقُرْبِهَا مِنْ الِاسْتِقَامَةِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السَّيْفَ وَالْعِصِيَّ ، وَهِيَ أَوْلَى مِنْهُمَا .
( وَ ) نُدِبَ ( قِرَاءَةُ ) سُورَةِ ( الْجُمُعَةِ ) فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى لِلْإِمَامِ بَلْ ( وَإِنْ لِ ) شَخْصٍ ( مَسْبُوقٍ ) بِهَا فَيُنْدَبُ لَهُ قِرَاءَتُهَا فِي قَضَائِهَا ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْرَأْهَا الْإِمَامُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَهَلْ أَتَاك ) فِي الثَّانِيَةِ ( وَأَجَازَ ) الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ الْقِرَاءَةَ ( بِ ) الرَّكْعَةِ ( الثَّانِيَةِ ) أَيْ فِيهَا ( بِسَبِّحْ ) اسْمَ رَبِّك الْأَعْلَى ( أَوْ الْمُنَافِقُونَ ) فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ هَذَا هُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الثَّانِيَةِ هَلْ أَتَاك أَوْ سَبِّحْ وَالْمُنَافِقُونَ .
وَاحْتَجَّ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْبَاجِيِّ وَالْمَازِرِيِّ ، وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّهَا أَقْوَالٌ .
وَقِيلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَلْ أَتَاك مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ قَوْلُ الْكَافِي .

وَحُضُورُ مُكَاتَبٍ ، وَصَبِيٍّ .
وَعَبْدٍ ، وَمُدَبَّرٍ : أَذِنَ سَيِّدُهُمَا
( وَ ) نُدِبَ ( حُضُورُ مُكَاتَبٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَوْ كَسْرِهَا أَيْ مُعْتَقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ الْجُمُعَةَ ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَيِّدُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ ( وَ ) نُدِبَ حُضُورُ ( صَبِيٍّ ) الْجُمُعَةَ لِيَعْتَادَهَا ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلِيُّهُ وَمُسَافِرٌ لَا مَضَرَّةَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهَا وَلَا تَشْغَلُهُ عَنْ حَوَائِجِهِ ، وَالْأَخِيرُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ ( وَ ) نُدِبَ حُضُورُ ( عَبْدٍ ) قِنٍّ ( وَ ) عَبْدٍ ( مُدَبَّرٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ مُشَدَّدَةً أَيْ مُعَلَّقٌ عِتْقُهُ عَلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ ( أَذِنَ ) لَهُمَا ( سَيِّدُهُمَا ) فِي حُضُورِ الْجُمُعَةِ كَمُبَعَّضٍ فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ وَفِي يَوْمِهِ كَمُكَاتَبٍ ، وَيُنْدَبُ لِلسَّيِّدِ الْإِذْنُ .

وَأَخَّرَ الظُّهْرَ : رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ ، وَإِلَّا فَلَهُ التَّعْجِيلُ ، وَغَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا لِرَكْعَةٍ : لَمْ يُجْزِهِ ، وَلَا يَجْمَعُ الظُّهْرَ إلَّا ذُو عُذْرٍ ، وَاسْتُؤْذِنَ إمَامٌ وَوَجَبَتْ إنْ مَنَعَ ، وَأَمِنُوا ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ .

( وَأَخَّرَ ) بِفَتَحَاتٍ مُثَقَّلًا نَدْبًا ( الظُّهْرَ ) مَعْذُورٌ بِعُذْرٍ مُبِيحٍ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ ( رَاجٍ زَوَالَ عُذْرِهِ ) قَبْلَ صَلَاتِهَا كَمَحْبُوسٍ ظَنَّ الْخَلَاصَ وَمُسَافِرٍ ظَنَّ الْقُدُومَ وَمَرِيضٍ ظَنَّ الْعَافِيَةَ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَرْجُهُ قَبْلَهَا بِأَنْ تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ اسْتِمْرَارَهُ إلَى فَوَاتِهَا أَوْ شَكَّ فِيهِ ( فَلَهُ التَّعْجِيلُ ) لِلظُّهْرِ عَلَى جِهَةِ الْأَوْلَوِيَّةِ لِيُدْرِكَ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ لَكِنْ عَقِبَ فَرَاغِ الْجُمُعَةِ .
( وَ ) الشَّخْصُ ( غَيْرُ الْمَعْذُورِ ) الَّذِي لَزِمَتْهُ الْجُمُعَةُ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ كَمُقِيمٍ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ أَوْ خَارِجَ الْبَلَدِ بِكَفَرْسَخٍ مِنْ النَّارِ .
( إنْ صَلَّى الظُّهْرَ ) فَذًّا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ حَالَ كَوْنِهِ ( مُدْرِكًا ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ فَكَسْرٍ أَيْ مُحَصِّلًا ( لِرَكْعَةٍ ) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْجَمَاعَةِ عَلَى فَرْضِ سَعْيِهِ لَهَا تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا ( لَمْ تُجْزِهِ ) ظُهْرُهُ فِي بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَبَعْدَهَا ظُهْرًا أَبَدًا إنْ لَمْ تُمْكِنْهُ الْجُمُعَةُ ، وَإِلَّا لَزِمَتْهُ ، هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا وَالظُّهْرَ بَدَلُهَا فِي الْفِعْلِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَلَمْ يُصَلِّهَا وَسَوَاءٌ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ عَازِمًا عَلَى عَدَمِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ أَمْ لَا عَامِدًا أَوْ سَاهِيًا ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ إحْرَامِ الظُّهْرِ مُدْرِكًا رَكْعَةً مِنْ الْجُمُعَةِ لَوْ سَعَى لَهَا أَجْزَأَتْهُ ظُهْرُهُ .
وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ غَيْرُ الْمَعْذُورِ إنْ صَلَّى الظُّهْرَ مُدْرِكًا رَكْعَةً تُجْزِئُهُ إذْ كَيْفَ يُعِيدُهَا أَرْبَعًا ، وَقَدْ صَلَّاهَا أَرْبَعًا .
وَلِأَنَّهُ قَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ ، وَهُوَ الظُّهْرُ .
وَبَنَى الْمَازِرِيُّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرْضُ يَوْمِهَا أَوْ بَدَلٌ عَنْ الظُّهْرِ ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فَتُجْزِئُهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ وَلَوْ كَانَ يُدْرِكُ الرَّكْعَتَيْنِ .
( وَلَا يَجْمَعُ ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ أَيْ لَا

يُصَلِّي ( الظُّهْرَ ) فِي جَمَاعَةٍ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَيْ يُكْرَهُ ( إلَّا ذُو ) أَيْ صَاحِبُ ( عُذْرٍ ) كَثِيرِ الْوُقُوعِ كَمَرَضٍ وَحَبْسٍ وَسَفَرٍ فَيُسَنُّ لَهُمْ الْجَمْعُ ، وَيُنْدَبُ تَأْخِيرُهُمْ عَنْ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، وَإِخْفَاءُ جَمَاعَتِهِمْ فَلَا يُؤَذِّنُونَ وَلَا يَجْمَعُونَ فِي مَسْجِدٍ لَهُ رَاتِبٌ لِئَلَّا يُتَّهَمُوا بِالزُّهْدِ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ فَيُكْرَهُ الْجَمْعُ لِمَنْ فَاتَتْهُ لِعُذْرٍ نَادِرِ الْوُقُوعِ كَخَوْفِ بَيْعَةِ أَمِيرٍ ظَالِمٍ وَنِسْيَانٍ .
وَإِنْ جَمَعُوا فَلَا يُعِيدُونَ .
ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّ النَّهْيَ لَمْ يَرْجِعْ لِأَصْلِ الصَّلَاةِ بَلْ لِوَصْفِهَا ، وَهُوَ الْجَمْعُ فَهِيَ مُجْزِئَةٌ بِأَصْلِهَا مَكْرُوهَةٌ بِوَصْفِهَا .
( وَاسْتُؤْذِنَ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزِ ، وَكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فِي ابْتِدَاءِ إقَامَتِهَا بِبَلَدٍ مُسْتَوْفٍ لِشُرُوطِهَا لَا جُمُعَةَ فِيهِ ( إمَامٌ ) أَيْ سُلْطَانٌ أَوْ نَائِبُهُ نَدْبًا ، فَإِنْ أَذِنَ فِيهَا أَوْ سَكَتَ وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهَا ( وَوَجَبَتْ ) صَلَاةُ الْجُمُعَةِ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ الْمُسْتَوْفِينَ شُرُوطَهَا ( إنْ مَنَعَ ) الْإِمَامُ إقَامَتَهَا فِيهِ ( وَأَمِنُوا ) بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ لَمْ يَخَافُوا مِنْ ضَرَرِهِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَأْمَنُوا أَوْ صَلَّوْا الْجُمُعَةَ مَعَ مَنْعِهِ ( لَمْ تُجْزِ ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ أَيْ لَمْ تَصِحَّ وَيُعِيدُونَهَا ظُهْرًا ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ لَا تَحِلُّ وَمَا لَا يَحِلُّ لَا يَكْفِي فِعْلُهُ عَنْ الْوَاجِبِ قَالَهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ .
وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ غَازِيٍّ الْإِجْزَاءَ وَضَبَطَ تُجْزِ بِفَتْحٍ فَضَمٍّ قَائِلًا فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِوُجُودِهِ فِيمَا إذَا مَنَعَ ، وَأَمِنُوا وَالنَّصُّ وُجُوبُهَا حِينَئِذٍ ، وَمَحَلُّ هَذَا إنْ مَنَعَهُمْ جَوْرًا .
وَأَمَّا إنْ مَنَعَهُمْ اجْتِهَادًا لِرُؤْيَتِهِ عَدَمَ اسْتِيفَائِهِمْ شُرُوطَهَا فَلَا تُجْزِيهِمْ وَيُعِيدُونَهَا ظُهْرًا أَبَدًا .

وَسُنَّ غُسْلٌ مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ ، وَأَعَادَ إنْ تَغَذَّى ، أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا .
لَا لِأَكْلٍ خَفَّ

وَسُنَّ ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ مُثَقَّلًا لِمُرِيدِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ( غُسْلٌ ) صِفَتُهُ كَصِفَةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ ( مُتَّصِلٌ بِالرَّوَاحِ ) أَيْ الذَّهَابِ إلَى الْجَامِعِ وَلَوْ قَبْلَ الزَّوَالِ ، وَيُغْتَفَرُ يَسِيرُ الْفَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ لِلصَّلَاةِ لَا لِلْيَوْمِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ ، وَقِيلَ وَاجِبٌ ، وَقِيلَ مَنْدُوبٌ .
وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ لَا يُذْهِبُهَا إلَّا الْغُسْلُ ، وَإِلَّا وَجَبَ اتِّفَاقًا .
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَهَارًا وَنِيَّتُهُ وَاتِّصَالُهُ بِالتَّهْجِيرِ ، فَلَوْ رَاحَ قَبْلَهُ مُتَّصِلًا غُسْلُهُ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ ، وَقِيلَ يُجْزِئُهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ اغْتَسَلَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَرَاحَ فَلَا يُجْزِئُهُ .
وَقَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي ، وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ يُجْزِئُهُ .
وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ مُرِيدُهَا تَلْزَمُهُ بَلْ ( وَلَوْ لَمْ تَلْزَمْهُ ) كَعَبْدٍ وَامْرَأَةٍ وَمُسَافِرٍ وَصَبِيٍّ ( وَأَعَادَ ) الْمُغْتَسِلُ غُسْلَهُ اسْتِنَانًا لِبُطْلَانِهِ ( إنْ تَغَذَّى ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ أَكَلَ بَعْدَهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ فِي غَيْرِ حَالِ سَعْيِهِ لَهَا لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّوَاحِ لِلْجَامِعِ ( أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا ) خَارِجَهُ فِي غَيْرِ حَالِ ذَهَابِهِ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الطُّولِ وَمَفْهُومٌ اخْتِيَارًا أَنَّهُ إنْ نَامَ غَلَبَةً فَلَا يُعِيدُهُ مَا لَمْ يُطِلْ .
وَكَذَا إنْ أَكَلَ أَوْ نَامَ اخْتِيَارًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ فِي حَالَ سَعْيِهِ إلَيْهِ فِي عَرَبِيَّةٍ مَثَلًا .
عبق يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْأَكْلِ بِالِاخْتِيَارِ أَيْضًا .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ خِلَافُ إطْلَاقِهِمْ فِيهِ ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ عَبْدُ الْحَقِّ النَّوْمَ الْعَدَوِيُّ الْمُعْتَمَدُ رُجُوعُهُ لَهُمَا مَعًا فَالْمَغْلُوبُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا يُعِيدُ لَا ) يُعَادُ الْغُسْلُ ( لِأَكْلٍ خَفَّ ) أَيْ قَلَّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ قَصْرُهُ الِاغْتِفَارَ عَلَى خَفِيفِ الْأَكْلِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّوْمَ الْخَفِيفَ لَا يُغْتَفَرُ ، وَكَلَامُ ابْنِ حَبِيبٍ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ

الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ الْخَفِيفَيْنِ فَالنَّوْمُ الْقَصِيرُ لَا يَضُرُّ أَفَادَهُ الْعَدَوِيُّ كَكُلِّ فِعْلٍ خَفِيفٍ .

وَجَازَ تَخَطٍّ قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ ، وَاحْتِبَاءٌ فِيهَا ، وَكَلَامٌ بَعْدَهَا لِلصَّلَاةِ ، وَخُرُوجُ كَمُحْدِثٍ بِلَا إذْنٍ ، وَإِقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ قَلَّ سِرًّا : كَتَأْمِينٍ .
وَتَعَوُّذٍ عِنْدَ ذِكْرِ السَّبَبِ : كَحَمْدِ عَاطِسٍ سِرًّا .

( وَجَازَ ) لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ ( تَخَطٍّ ) لِلصُّفُوفِ لِفُرْجَةٍ وَكُرِهَ لِغَيْرِهَا ( قَبْلَ جُلُوسِ الْخَطِيبِ ) عَلَى الْمِنْبَرِ الْجِلْسَةَ الْأُولَى وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَدَمُ جَوَازِهِ بَعْدَهُ ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ لِفُرْجَةٍ ، وَيَجُوزُ بَعْدَ الْخُطْبَةِ ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَوْ لِغَيْرِ فُرْجَةٍ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَمَفْهُومُ تَخَطٍّ جَوَازُ الْمَشْيِ بَيْنَ الصُّفُوفِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ حَالَ الْخُطْبَةِ ( وَ ) جَازَ ( احْتِبَاءٌ ) بِيَدٍ أَوْ ثَوْبٍ ( فِيهَا ) أَيْ الْخُطْبَةِ لِجَالِسٍ لِاسْتِمَاعِهَا .
( وَ ) جَازَ ( كَلَامٌ بَعْدَهَا ) أَيْ الْخُطْبَةِ ( لَا ) ابْتِدَاءِ إقَامَةِ ( الصَّلَاةِ ) ، وَكُرِهَ حِينَهَا وَبَعْدَهَا لِلْإِحْرَامِ وَحَرُمَ بَعْدَ إحْرَامِ الْإِمَامِ أَفَادَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقْلُ الْمَوَّاقِ وَالْحَطّ جَوَازَ الْكَلَامِ حِينَ الْإِقَامَةِ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَجُوزُ الْكَلَامُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ الْخُطْبَةِ ، وَقَبْلَ الصَّلَاةِ .
وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا { كَانَتْ الصَّلَاةُ تُقَامُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَاجِي الرَّجُلَ طَوِيلًا قَبْلَ أَنْ يُكَبِّرَ } ، وَأَمَّا الْكَلَامُ بَعْدَ الْإِحْرَامِ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى كَرَاهَتِهِ إلَّا أَنْ يُشَوِّشَ عَلَى غَيْرِهِ فَيَحْرُمَ .
( وَ ) جَازَ ( خُرُوجُ ) مَعْذُورٍ مِنْ الْمَسْجِدِ ( كَمُحْدِثٍ ) وَرَاعِفٍ حَالَ الْخُطْبَةِ لِإِزَالَةِ مَانِعِهِ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ الْخَطِيبِ هَذَا مَحَطُّ الْجَوَازِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْخُرُوجَ وَاجِبٌ وَالْأَوْلَى الِاسْتِئْذَانُ ( وَ ) جَازَ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مَنْدُوبٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ( إقْبَالٌ عَلَى ذِكْرٍ ) مِنْ تَسْبِيحٍ وَتَهْلِيلٍ وَحَوْقَلَةٍ وَنَحْوِهَا أَيْ فِعْلُهُ حَالَ الْخُطْبَةِ وَنَعَتَ ذِكْرِ بِجُمْلَةِ ( قَلَّ ) الذِّكْرُ كَوْنُهُ ( سِرًّا ) وَمَفْهُومُ قَلَّ مَنْعُ الْكَثِيرِ مُطْلَقًا ، وَمَفْهُومُ سِرًّا مَنْعُ الْجَهْرِ بِالْيَسِيرِ .
الْبُنَانِيُّ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَنْعِ هَذَا كَرَاهَتُهُ .

وَأَمَّا الْجَهْرُ بِالْكَثِيرِ فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَمِنْهُ مَا يُفْعَلُ بِدِكَّةِ الْمُبَلِّغِينَ .
وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ فَقَالَ ( كَتَأْمِينٍ ) أَيْ قَوْلِ آمِينَ ( وَتَعَوُّذٍ ) أَيْ قَوْلِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِغْفَارَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَنَازَعَ تَأْمِينٌ وَتَعَوُّذٌ ( عِنْدَ ) ذِكْرِ ( السَّبَبِ ) لَهُمَا وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا النَّدْبُ ، وَالْقِلَّةُ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهِ فَلِذَا قُلْت شَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَوَازِ ، وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ يَعْنِي النَّدْبَ أَيْضًا فَقَالَ ( كَحَمْدِ ) شَخْصٍ ( عَاطِسٍ ) ، وَإِتْيَانِ الْمُصَنِّفِ بِالْكَافِ فِي هَذَا مَعَ تَرْكِ عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْكَافَ الْأَوَّلَ لِلتَّمْثِيلِ كَمَا قِيلَ ، وَإِنْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ التَّأْمِينَ وَنَحْوَهُ عَنْهُ سَبَبُهُ مَنْدُوبٌ وَغَيْرُ مُقَيَّدٍ بِالْيَسَارَةِ وَمَا قَبْلَهَا خِلَافُ الْأَوْلَى وَمُقَيَّدٌ بِهَا حَالَ كَوْنِ التَّأْمِينِ وَمَا بَعْدَهُ ( سِرًّا ) وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ جَوَازِهِمَا جَهْرًا .
وَهَذَا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إنَّ التَّأْمِينَ وَالتَّعَوُّذَ عِنْدَ السَّبَبِ لَا يُفْعَلَانِ إلَّا سِرًّا ، وَالْجَهْرُ بِهِمَا مَمْنُوعٌ .
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُفْعَلَانِ وَلَوْ جَهْرًا لَيْسَ بِالْعَالِي وَالْعُلُوُّ بِدْعَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ ، وَفِيهَا { مَنْ عَطَسَ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ حَمِدَ اللَّهَ سِرًّا } ا هـ .
وَهَلْ الْحَمْدُ مَنْدُوبٌ أَوْ سُنَّةٌ رَجَّحَ عبق وشب الْأَوَّلَ ، وَاقْتَصَرَ تت عَلَى الثَّانِي ، وَأَقَرَّهُ مُصْطَفَى .

وَنَهْيُ خَطِيبٍ ، أَوْ أَمْرُهُ ، وَإِجَابَتُهُ
( وَ ) جَازَ ( نَهْيُ خَطِيبٍ ) عَنْ مُنْكَرٍ رَآهُ حَالَ خُطْبَتِهِ نَحْوُ لَا تَتَكَلَّمْ لِمَنْ تَكَلَّمَ وَلَا تَتَخَطَّ لِمَنْ تَخَطَّى ( أَوْ أَمْرُهُ ) بِمَعْرُوفٍ نَحْوُ قُمْ صَلِّ الْقَضَاءَ أَوْ قُلْ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لِمَرِيدِ الْإِسْلَامِ ( وَ ) جَازَ ( إجَابَتُهُ ) أَيْ الْخَطِيبِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يَجُوزُ لِمَنْ أَمَرَهُ أَوْ نَهَاهُ الْخَطِيبُ بِأَنَّهُ تَرَكَ مَا أَمَرَهُ بِهِ أَوْ فَعَلَ مَا نَهَاهُ عَنْهُ لِعُذْرٍ { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ لِسُلَيْكٍ أَصَلَّيْت فَقَالَ لَا فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا } .
ا هـ .
وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ إجَابَةُ الْخَطِيبِ سَائِلًا حَالَ الْخُطْبَةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ صَارَ ثُمُنُهَا تُسْعًا لِمَنْ سَأَلَهُ حَالَ خُطْبَتِهِ .

وَكُرِهَ تَرْكُ طُهْرٍ فِيهِمَا ، وَالْعَمَلِ يَوْمَهَا وَبَيْعٌ : كَعَبْدٍ بِسُوقٍ وَقْتَهَا وَتَنَقُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا ، أَوْ جَالِسٍ عِنْدَ الْأَذَانِ وَحُضُورُ شَابَّةٍ ، وَسَفَرٌ بَعْدَ الْفَجْرِ ، وَجَازَ قَبْلَهُ ، وَحَرُمَ بِالزَّوَالِ .
كَكَلَامٍ فِي خُطْبَتَيْهِ بِقِيَامِهِ ، وَبَيْنَهُمَا ، وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ ، إلَّا أَنْ يَلْغُوَ عَلَى الْمُخْتَارِ ، وَكَسَلَامٍ ، وَرَدِّهِ وَنَهْيِ لَاغٍ ، وَحَصَبِهِ أَوْ إشَارَةٍ لَهُ وَابْتِدَاءِ صَلَاةٍ بِخُرُوجِهِ ، وَإِنْ لِدَاخِلٍ .
وَلَا يَقْطَعُ إنْ دَخَلَ .

وَكُرِهَ ) بِضَمٍّ فَكَسْرٍ لِلْخَطِيبِ ( تَرْكُ طُهْرٍ ) أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ ( فِيهِمَا ) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ فَلَيْسَتْ الطَّهَارَةُ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِمَا عَلَى الْمَشْهُورِ ، نَعَمْ هِيَ شَرْطُ كَمَالٍ ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ جُنُبًا ( وَ ) كُرِهَ تَرْكُ ( الْعَمَلِ ) أَيْ الْخِيَاطَةِ أَوْ الْحِيَاكَةُ مَثَلًا ( يَوْمَهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ إنْ قَصَدَ بِهِ تَعْظِيمَ الْيَوْمِ كَسَبْتِ الْيَهُودِ ، وَأَحَدِ النَّصَارَى ، فَإِنْ كَانَ لِلرَّاحَةِ جَازَ ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّجَرُّدِ لِلْعِبَادَةِ نُدِبَ ( وَ ) كُرِهَ ( بَيْعُ كَعَبْدٍ ) مُسَافِرٍ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ ، وَمَفْعُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ شَيْئًا وَالْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ أَيْ تَعَامُلِهِ مَعَ مِثْلِهِ ( بِسُوقٍ وَقْتَهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْجِلْسَةِ الْأُولَى إلَى السَّلَامِ ، وَمَفْهُومُ كَعَبْدٍ حُرْمَةُ بَيْعِ مَنْ تَلْزَمُهُ وَقْتَهَا مُطْلَقًا ، وَمَفْهُومُ بِسُوقٍ جَوَازُ بَيْعِ كَعَبْدٍ بِغَيْرِهَا وَمَفْهُومُ وَقْتِهَا كَذَلِكَ .
( وَ ) كُرِهَ ( تَنَفُّلُ إمَامٍ قَبْلَهَا ) أَيْ الْجُمُعَةِ حَيْثُ دَخَلَ لِرُقِيِّ الْمِنْبَرِ ، فَإِنْ دَخَلَ قَبْلَ وَقْتِهِ أَوْ لِانْتِظَارِ الْجَمَاعَةِ نُدِبَتْ لَهُ التَّحِيَّةُ ( أَوْ ) تَنَفَّلَ ( جَالِسٌ ) فِي الْمَسْجِدِ يُقْتَدَى بِهِ ( عِنْدَ الْأَذَانِ ) الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ جَالِسٍ جَوَازُهُ لِدَاخِلٍ لِلتَّنَقُّلِ قَبْلَهُ ، وَمَفْهُومُ يُقْتَدَى بِهِ أَنَّ مَنْ لَا يُقْتَدَى بِهِ لَا يُكْرَهُ تَنَفُّلُهُ عِنْدَهُ وَمَفْهُومُ عِنْدَ الْأَذَانِ جَوَازُهُ قَبْلَهُ وَالتَّنَفُّلُ عِنْدَ أَذَانِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ كَذَلِكَ ، وَكَذَا بَعْدَهَا إلَى انْصِرَافِ النَّاسِ أَوْ دُخُولِ وَقْتِ انْصِرَافِهِمْ إنْ لَمْ يَنْصَرِفُوا أَوْ دُخُولِهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ .
( وَ ) كُرِهَ ( حُضُورُ شَابَّةٍ ) غَيْرِ مَخْشِيَّةِ الْفِتْنَةِ الْجُمُعَةَ لِكَثْرَةِ زِحَامِهَا وَيَحْرُمُ لِمَخْشِيَّتِهَا وَيَجُوزُ لِعَجُوزٍ لَا أَرَبَ فِيهَا وَيُكْرَهُ لِمَنْ فِيهَا أَرَبٌ ( وَ ) كُرِهَ لِمَنْ تَلْزَمُهُ ( سَفَرٌ بَعْدَ ) طُلُوعِ ( الْفَجْرِ )

يَوْمَهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ وَابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إبَاحَتَهُ لِعَدَمِ خِطَابِهِ بِهَا ، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ تَفْوِيتُهُ مَشْهَدُ الْخَيْرِ ( وَجَازَ ) السَّفَرُ ( قَبْلَهُ ) أَيْ الْفَجْرِ ( وَحَرُمَ ) سَفَرُ مَنْ تَلْزَمُهُ ( بِالزَّوَالِ ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إدْرَاكَهَا بِبَلَدٍ بِطَرِيقِهِ أَوْ يَخْشَى عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ بِذَهَابِ رُفْقَتِهِ وَسَفَرِهِ وَحْدَهُ ابْنُ رُشْدٍ يُكْرَهُ السَّفَرُ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ، وَيَحْرُمُ بِطُلُوعِهَا وَبِنَاءُ الْحَطّ عَلَى أَنَّهَا فَرْضُ عَيْنٍ وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ كَرَاهَتُهُ عَدَوِيٌّ .
وَشَبَّهَ فِي الْحُرْمَةِ فَقَالَ ( كَكَلَامٍ ) مِنْ غَيْرِ الْخَطِيبِ وَمُجِيبِهِ ( فِي ) حَالِ ( خُطْبَتَيْهِ ) لَا حَالَ جُلُوسِهِ قَبْلَهُمَا حَالَ كَوْنِهِمَا ( بِقِيَامِهِ ) أَيْ الْخَطِيبِ ( وَ ) فِي حَالِ جُلُوسِهِ ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ الْخُطْبَتَيْنِ وَالتَّرَضِّي عَلَى الصَّحَابَةِ وَالدُّعَاءُ لِلسُّلْطَانِ مُلْحَقَانِ بِالْخُطْبَةِ فَيَحْرُمُ الْكَلَامُ حَالَهُمَا قَرَّرَهُ الْعَدَوِيُّ لِسَامِعِهِمَا بَلْ ( وَلَوْ لِغَيْرِ سَامِعٍ ) لِبُعْدٍ أَوْ صَمَمٍ إنْ كَانَ بِالْجَامِعِ أَوْ رَحْبَتِهِ لَا خَارِجَهُمَا وَلَوْ سَمِعَ ، وَمِثْلُ الْكَلَامِ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ وَتَحْرِيكُ مَا لَهُ صَوْتٌ كَوَرَقٍ وَثَوْبٍ جَدِيدٍ وَسُبْحَةٍ قَالَهُ عبق .
الْبُنَانِيُّ فِيهِ نَظَرٌ الرَّاجِحُ حُرْمَةُ الْكَلَامِ وَقْتَ الْخُطْبَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ رَحْبَتِهِ أَوْ خَارِجًا عَنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِالطَّرِيقِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ سَوَاءٌ سَمِعَ الْخُطْبَةَ أَوْ لَمْ يَسْمَعْهَا لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّ الصَّمْتَ وَاجِبٌ عَلَى غَيْرِ السَّامِعِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ .
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَتَى وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْصَاتُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْجُمُعَةَ ا هـ .
وَقَالَ الْأَخَوَانِ لَا يَجِبُ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ .
وَقِيلَ إذَا دَخَلَ رِحَابَ الْمَسْجِدِ ( إلَّا ) بِكَسْرِ الْهَمْزِ وَشَدِّ اللَّامِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57