كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( وَإِنْ تَيَقَّنَ حَدَثًا وَطُهْرًا ) كَأَنْ وُجِدَا مِنْهُ بَعْدَ الْفَجْرِ ( وَجَهِلَ السَّابِقَ ) مِنْهُمَا ( نَظَرَ فِيمَا قَبْلُ فَإِنْ كَانَ ) فِيهِ ( مُحْدِثًا فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الْحَدَثِ عَنْهَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ( أَوْ ) كَانَ فِيهِ ( مُتَطَهِّرًا فَهُوَ ) الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي تَأَخُّرِ الطَّهَارَةِ عَنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ هَذَا ( إنْ اعْتَادَ التَّجْدِيدَ ) لَهَا وَإِنْ لَمْ تَطَّرِدْ عَادَتُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ تَجْدِيدَهَا ( فَمُتَطَهِّرٌ ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ تَأَخُّرُهَا عَنْ الْحَدَثِ وَلَوْ تَذَكَّرَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُمَا مُتَطَهِّرًا أَوْ مُحْدِثًا أَخَذَ بِمَا قَبْلَ الْأَوَّلَيْنِ عَكْسُ مَا مَرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَهُمَا فِي الْمَعْنَى سَوَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَقْتُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الِاشْتِبَاه وِتْرًا أَخَذَ بِالضِّدِّ أَوْ شَفْعًا فَبِالْمِثْلِ بَعْدَ اعْتِبَارِ اعْتِيَادِ التَّجْدِيدِ وَعَدَمِهِ ( وَإِنْ جَهِلَ مَا قَبْلَهُمَا وَجَبَ الْوُضُوءُ ) لِتَعَارُضِ الِاحْتِمَالَيْنِ بِلَا مُرَجِّحٍ وَلَا سَبِيلَ إلَى الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ الْمَحْضِ فِي الطَّهَارَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَإِنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ بِالطَّهَارَةِ مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ فَلَا أَثَرَ لِتَذَكُّرِهِ ثُمَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ التَّذَكُّرِ وَعَدَمِهِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَتَحْقِيقُهُ وَصَحَّحَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ وُجُوبَ الْوُضُوءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ مَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَطَلَ يَقِينًا وَمَا بَعْدَهُ مُتَعَارِضٌ وَلَا بُدَّ مِنْ طُهْرٍ مَعْلُومٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَاخْتَارَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ، وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ : إنَّهُ الصَّحِيحُ عِنْدَ جَمَاعَاتٍ مِنْ مُحَقِّقِي أَصْحَابِنَا ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِذَهَابِ الْأَكْثَرِينَ إلَيْهِ ( وَمُوجِبُ الطَّهَارَةِ ) وُضُوءً وَغُسْلًا ( الْحَدَثُ أَوْ الْوَقْتُ أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ ) هَذَا مِنْ

زِيَادَتِهِ هُنَا وَتَعْبِيرُهُ بِالْوَقْتِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الشَّيْخَانِ وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَهُمَا مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْغُسْلِ أَنَّ مُوجِبَهَا الْحَدَثُ عِنْدَ الِانْقِطَاعِ وَالْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا لَكِنَّ النَّوَوِيَّ خَالَفَ فِي مَجْمُوعِهِ فِي مُوجِبِ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ الِانْقِطَاعُ
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يَعْتَدْ التَّجْدِيدَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ هُمَا وَهُوَ الْأَصَحُّ ) الْمُرَادُ : أَنَّهَا تَجِبُ بِالْحَدَثِ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَبِإِرَادَةِ الْقِيَامِ إلَى الْعِبَادَةِ وُجُوبًا مُضَيَّقًا

( فَرْعٌ ) فِيمَا يَتَّضِحُ بِهِ الْخُنْثَى وَهُوَ مَنْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَوْ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بَلْ لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا وَالثَّانِي لَا دَلَالَةَ لِلْبَوْلِ فِيهِ بَلْ يُوقَفُ أَمْرُهُ حَتَّى يَصِيرَ مُكَلَّفًا فَيُخْبِرُ بِمَيْلِهِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَلَا يَنْحَصِرُ ذَلِكَ فِي الْمَيْلِ بَلْ يُعْرَفُ أَيْضًا بِالْحَيْضِ وَالْمَنِيِّ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ ، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ اتِّضَاحَهُ بِقَوْلِهِ ( يَتَّضِحُ الْخُنْثَى بِالْبَوْلِ مِنْ فَرْجٍ فَإِنْ بَالَ ) مِنْ فَرْجِ الرِّجَالِ فَرَجُلٌ أَوْ مِنْ فَرْجِ النِّسَاءِ فَامْرَأَةٌ أَوْ ( مِنْهُمَا فَبِالسَّبْقِ ) لِأَحَدِهِمَا وَإِنْ تَأَخَّرَ انْقِطَاعُ الْآخَرِ ( ثُمَّ ) إنْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً اتَّضَحَ ( بِالتَّأَخُّرِ لَا الْكَثْرَةِ وَتَزْرِيقٌ وَتَرْشِيشٌ ) فَلَا يَتَّضِحُ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَلَوْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا وَزَادَ أَحَدُهُمَا أَوْ زَرِقَ أَوْ رَشَشَ بِهِ فَلَا اتِّضَاحَ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ آلَةَ الرِّجَالِ إذَا نَقَضَ مِنْهَا الْأُنْثَيَانِ كَانَ الْخُنْثَى مُشْكِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُسْتَدَلُّ بِنَقْصِهِمَا عَلَى الْأُنُوثَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْن الْمُسْلِم وَجَعَلَ الضَّابِطَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْعُضْوَانِ تَامَّيْنِ عَلَى الْعَادَةِ وَأَقُولُ بَلْ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ هَذَا إلَّا ذَاكَ إذْ هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ آلَتَا الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ إذَا نَقَصَ مِنْهَا الْأُنْثَيَانِ فَجَعَلَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ آلَةِ الرَّجُلِ ( وَيَتَّضِحُ ) أَيْضًا ( بِحَيْضٍ أَوْ إمْنَاءٍ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ ) مِنْ الْفَرْجَيْنِ .
( وَ ) سَوَاءٌ ( خَرَجَ مِنْهُ أَوْ مِنْهُمَا بِشَرْطِ التَّكَرُّرِ ) لِيَتَأَكَّدَ الظَّنُّ وَلَا يُتَوَهَّمُ كَوْنُهُ اتِّفَاقِيًّا ، وَقَوْلُهُ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْأُولَى وَفِي نُسْخَةٍ إنْ لَاقَ بِوَاحِدٍ وَتَكَرَّرَ وَخَرَجَ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَبِالْجُمْلَةِ فِي عِبَارَتِهِ

قَلَاقَةٌ وَتَرَكَ مَا فِي الْأَصْلِ مِنْ اعْتِبَارِ خُرُوجِ الْحَيْضِ أَوْ الْمَنِيِّ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ قَبْلَهُ لَا يُسَمَّى حَيْضًا وَلَا مَنِيًّا ، وَقَوْلُهُ بِشَرْطِ التَّكَرُّرِ أَيْ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ حَتَّى فِي الْبَوْلِ عَلَى الْمُتَّجَهِ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ : حَتَّى لَوْ بَالَ بِفَرْجِ الرِّجَالِ مَرَّةً ثُمَّ مَاتَ لَمْ يَرِثْ إرْثَ الذُّكُورِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ اتَّفَقَا ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا فِي الْبَوْلِ أَوْ خَرَجَ الْحَيْضُ أَوْ الْمَنِيُّ مِنْ غَيْرِ لَائِقٍ بِهِ كَأَنْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ الذَّكَرِ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ أَوْ مِنْ الْفَرْجِ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرِّجَالِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا بِصِفَةٍ وَمِنْ الْآخَرِ بِأُخْرَى أَوْ خَرَجَ مِنْ لَائِقٍ بِهِ لَكِنْ بِلَا تَكَرُّرٍ ( فَمُشْكِلٌ ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنِيَّ الرِّجَالِ يُخَالِفُ مَنِيَّ النِّسَاءِ فِي الصِّفَاتِ وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى خِلَافِهِ كَمَا سَيَأْتِي ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ فِيمَا إذَا اتَّفَقَا فِي الْبَوْلِ ابْتِدَاءً وَانْقِطَاعًا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْمَرَّاتِ فِي الْخُرُوجِ وَالسَّبْقِ وَالِانْقِطَاعِ حَتَّى لَوْ بَالَ بِفَرْجٍ مَرَّتَيْنِ وَبِالْآخَرِ ثَلَاثًا أَخَذْنَا بِذِي الثَّلَاثِ ، وَكَذَا فِي السَّبْقِ وَالِانْقِطَاعِ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ

( قَوْلُهُ : بَلْ لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا ) فَإِنْ فَقَدَ الْأُنْثَيَيْنِ خِلْقَةً قَالَ : بَعْضُهُمْ فَهُوَ أُنْثَى وَفِيهِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ : فَبِالسَّبَقِ لِأَحَدِهِمَا ) وَإِنْ تَأَخَّرَ انْقِطَاعُ الْآخَرِ فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى أَوْ بَالَ تَارَةً بِوَاحِدٍ وَأُخْرَى بِالْآخِرِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُ الْحَالَيْنِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَهُوَ مُشْكِلٌ ( قَوْلُهُ : فَلَا اتِّضَاحَ ) لَكِنْ إذَا اجْتَمَعَتْ الْكَثْرَةُ مَعَ التَّزْرِيقِ أَوْ التَّرْشِيشِ رَجَّحْنَا بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ التَّزْرِيقُ مَعَ الْكَثْرَةِ فِي الذَّكَرِ فَرَجُلٌ أَوْ فِي الْفَرْجِ فَامْرَأَةٌ أث .
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ ) هُوَ مَمْنُوعٌ إذَا الْكَلَامُ فِي صِفَاتِهِ كَالثَّخَانَةِ وَالْبَيَاضِ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالرِّقَّةِ وَالِاصْفِرَارِ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي خَوَاصِّهِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ ( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْقِيَاسُ .
إلَخْ ) أَثَرُ تَصْمِيمِهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الْمُسْلِمِ ) وَتَعَقَّبَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ كَثْرَةِ الْمَرَّاتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْكَثْرَةَ لَيْسَتْ مِنْ الْأَدِلَّةِ بَلْ يَسْتَمِرُّ الْإِشْكَالُ مَعَهَا .
ا هـ

( وَكَذَا إنْ بَالَ أَوْ أَمْنَى بِذَكَرِهِ وَحَاضَ بِفَرْجِهِ ) أَوْ بَالَ بِأَحَدِهِمَا وَأَمْنَى بِالْآخَرِ فَمُشْكِلٌ وَذَكَرَ الثَّانِيَةَ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجْرِ وَلَا أَثَرَ لِتَقَدُّمِ الْبَوْلِ وَتَكَرُّرِهِ الْمُقْتَضَيَيْنِ لِلِاتِّضَاحِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَارِضِ فَإِنْ قُلْت فِيهِ نَقْضُ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْمِ بِالْإِشْكَالِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالِاتِّضَاحِ قُلْنَا لَيْسَ ذَلِكَ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّا لَمْ نَتَعَرَّضْ لِلْأَحْكَامِ الْمَاضِيَةِ وَإِنَّمَا غَيَّرْنَا الْحُكْمَ لِانْتِفَاءِ الْمُرَجِّحِ الْآنَ وَصَارَ كَالْمُجْتَهِدِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ دَلِيلٌ أَخَذَ بِهِ ثُمَّ إذَا عَارَضَهُ دَلِيلٌ يَتَوَقَّفُ عَنْ الْأَخْذِ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَنْقُضُ مَا مَضَى نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ

( وَلَا أَثَرَ لِلِحْيَةٍ و ) لَا لِنُهُودِ ( ثَدْيٍ وَ ) لَا لِتَفَاوُتِ ( أَضْلَاعٍ ) وَإِنْ غَلَبَتْ اللِّحْيَةُ وَنُقْصَانُ ضِلْعٍ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِلذَّكَرِ وَالنُّهُودِ وَتَسَاوِي الْأَضْلَاعِ لِلْأُنْثَى وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ عَلَامَةً مُفِيدَةً لِلْقَطْعِ بِالْأُنُوثَةِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِالْمَنِيِّ أَوْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ بِقَوْلِ الْآتِي إلَّا إنْ حَبِلَ ( وَإِنْ عُدِمَ الدَّالُّ ) السَّابِقُ ( اُخْتُبِرَ ) وَفِي نُسْخَةٍ أُخْبِرَ وَفِي أُخْرَى سُئِلَ ( بَعْدَ بُلُوغٍ وَعَقْلٍ فَإِنْ مَالَ ) بِإِخْبَارِهِ ( إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ ) فَلَا يَكْفِي إخْبَارُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَعَقْلِهِ كَسَائِرِ الْأَخْبَارِ وَلَا بَعْدَهُمَا مَعَ وُجُودِ شَيْءٍ مِنْ الْعَلَامَاتِ السَّابِقَةِ لِأَنَّهَا مَحْسُوسَةٌ مَعْلُومَةُ الْوُجُودِ وَقِيَامُ الْمَيْلِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يَكْذِبُ فِي إخْبَارِهِ ( وَيَحْرُمُ ) عَلَيْهِ بَعْدَهُمَا ( أَنْ يَكْتُمَ مَا عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ ) بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْبِرَ بِهِ حَالًا فَإِنْ أَخَّرَهُ أَثِمَ وَفَسَقَ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالْإِخْبَارِ الِاكْتِفَاءُ بِذِكْرِهِ لِوَاحِدٍ وَهُوَ بَعِيدٌ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَإِخْبَارِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي بُلُوغِهِ وأصلامه وَغَيْرِهِمَا ( وَ ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ ( أَنْ يُخْبِرَ بِلَا مَيْلٍ ) فَلَا يُخْبِرُ بِالتَّشَهِّي ( فَإِنْ قَالَ لَا أَمِيلُ ) إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( أَوْ أَمِيلُ إلَى كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( فَمُشْكِلٌ وَلَوْ حَكَمَ بِذُكُورَتِهِ أَوْ أُنُوثَتِهِ بِقَوْلِهِ لَمْ يَنْقُضْ بِرُجُوعِهِ ) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهِ بِمُوجِبِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَمَحِلُّهُ فِيمَا عَلَيْهِ أَمَّا فِيمَا لَهُ فَيُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَنْهُ قَطْعًا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالنَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ ( وَلَا بِظُهُورِ عَلَامَةٍ إلَّا إنْ حَبِلَ ) فَيُنْقَضُ بِهِ الْحُكْمُ السَّابِقُ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا خِلَافَ مَا ظَنَنَّاهُ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ

إلَى النِّسَاءِ وَتَزَوَّجَ وَأَتَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ ثُمَّ حَبِلَ حُكِمَ بِأَنَّهُ امْرَأَةٌ وَبِأَنَّ حَبَلَ امْرَأَتِهِ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا نِكَاحَ وَعَلِمَ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ حَبَلَهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِمَيْلِهِ إلَى الرِّجَالِ ثُمَّ جَامَعَ فَأَتَتْ مَوْطُوءَتُهُ بِوَلَدٍ لَا يُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِسَّ لَا يُكَذِّبُهُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ احْتِيَاطًا حَكَى ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ جَدِّهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالدِّقَّةِ انْتَهَى .
لَكِنَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُنْقَضُ قَوْلُهُ بِظُهُورِ عَلَامَةٍ غَيْرِ الْحَبَلِ إنَّمَا هُوَ أَحَدُ احْتِمَالَيْنِ لِلرَّافِعِيِّ وَصَوَّبَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ فِيهَا كَالْمَجْمُوعِ إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَعَقَّبَهُمَا فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا أَنَّهُمَا لَمْ يَظْفَرَا فِيهَا بِنَقْلٍ وَهُوَ غَرِيبٌ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِالْعَمَلِ بِالْعَلَامَةِ وَفِي الرَّافِعِيِّ فِي خِيَارِ النِّكَاحِ مَا يَقْتَضِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ ( وَيُحْكَمُ بِمِيلِهِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ ) وَلَا يُرَدُّ قَوْلُهُ لِتُهْمَةٍ كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ لِلْإِمْكَانِ
( قَوْلُهُ : وَعَدَّ الْأَصْلُ خُرُوجَ الْوَلَدِ .
إلَخْ ) وَيَكْفِي بَعْضُ وَلَدٍ وَمُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ هِيَ مَبْدَأُ آدَمِيٍّ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ مَالَ إلَى النِّسَاءِ فَرَجُلٌ أَوْ إلَى الرِّجَالِ فَامْرَأَةٌ .
إلَخْ ) لَا مَنْ لَهُ ثُقْبَةٌ تُشْبِهُ الْفَرْجَ يَبُولُ بِهَا إنَّمَا يَتَّضِحُ بِمَيْلِهِ أَوْ بِحَيْضِهِ أَوْ مَنِيِّهِ الْمُتَّصِفِ بِصِفَةِ مَنِيِّ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى ( قَوْلُهُ : وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ شَاهِدَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَمَا لَوْ أَخْبَرَ صَبِيٌّ بِبُلُوغِهِ ) لِلْإِمْكَانِ إلَّا فِي ثُبُوتِ حَقٍّ لَهُ سَابِقٍ بِجِنَايَةٍ وَنَحْوِهَا فِي الْأَصَحِّ

( فَصْلٌ يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ ) صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ وَطَوَافٌ وَهُوَ هُنَا الْمَنْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ ( صَلَاةٌ ) وَلَوْ نَافِلَةً وَصَلَاةُ جِنَازَةٍ إجْمَاعًا ، وَلِآيَةِ { إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ } أَيْ قُمْتُمْ مُحْدِثِينَ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ } وَالْقَبُولُ يُقَالُ لِحُصُولِ الثَّوَابِ وَلِوُقُوعِ الْفِعْلِ صَحِيحًا وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي بِقَرِينَةِ الْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِهِ نَفْيَ الصِّحَّةِ فَالْمَعْنَى لَا تَصِحُّ صَلَاةٌ إلَّا بِوُضُوءٍ وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ ( وَطَوَافٌ ) وَلَوْ نَفْلًا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَوَضَّأَ لَهُ وَقَالَ : لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَلِخَبَرِ : { الطَّوَافِ بِمَنْزِلَةِ الصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَلَّ فِيهِ الْمَنْطِقَ فَمَنْ نَطَقَ فَلَا يَنْطِقْ إلَّا بِخَيْرٍ } ، رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ( وَسُجُودٌ ) لِتِلَاوَةِ أَوْ شُكْرٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الصَّلَاةِ .
أَمَّا سُجُودُ عَوَامِّ الْفُقَرَاءِ بَيْنَ يَدَيْ الْمَشَايِخِ فَحَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ وَلَوْ بِالطُّهْرِ ، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ كُفْرًا وقَوْله تَعَالَى { وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } مَنْسُوخٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ ( وَمَسُّ مُصْحَفٍ ) بِتَثْلِيثِ مِيمِهِ لَكِنَّ الْفَتْحَ غَرِيبٌ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يَمَسُّهُ إلَّا الْمُطَهَّرُونَ } بِمَعْنَى الْمُتَطَهِّرِينَ وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى أَصْلِهِ لَزِمَ الْخُلْفُ فِي كَلَامِهِ تَعَالَى لِأَنَّ غَيْرَ الْمُتَطَهِّرِ يَمَسُّهُ وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ خَبَرَ { لَا يَمَسُّ الْقُرْآنَ إلَّا طَاهِرٌ } فَإِنْ قُلْت لَا يَمَسَّهُ فِي الْآيَةِ نَهْيٌ لَا خَبَرٌ بِمَعْنَاهُ قُلْت يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُقُوعُ الطَّلَبِ صِفَةً وَهُوَ مُمْتَنِعٌ ( وَ ) مَسُّ ( وَرَقِهِ ) حَتَّى حَوَاشِيهِ وَمَا بَيْنَ سُطُورِهِ لِأَنَّ اسْمَ الْمُصْحَفِ يَقَعُ

عَلَى الْجَمِيعِ وُقُوعًا وَاحِدًا ( وَ ) مَسُّ ( جِلْدِهِ ) الْمُتَّصِلِ بِهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ وَلِهَذَا يَتْبَعُهُ فِي الْبَيْعِ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْبَيَانِ حِلُّ مَسِّهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حُرْمَةِ الِاسْتِنْجَاءِ بِهِ بِأَنَّ الِاسْتِنْجَاءَ أَفْحَشُ لَكِنْ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ أَيْضًا وَلَمْ يُنْقَلْ مَا يُخَالِفُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّهُ الْأَصَحُّ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ قَبْلَ انْفِصَالِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ تَنْقَطِعْ نِسْبَتُهُ عَنْ الْمُصْحَفِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ كَأَنْ جُعِلَ جِلْدَ كِتَابٍ لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ قَطْعًا ( وَ ) مَسُّ ( ظَرْفٍ ) فِيهِ الْمُصْحَفُ كَصُنْدُوقٍ وَخَرِيطَةٍ وَعِلَاقَةٍ ( مَنْسُوبٌ إلَيْهِ ) لِأَنَّهُ مُتَّخَذٌ وَمُعَدٌّ لَهُ كَالْجِلْدِ وَإِنْ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ : مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ لَكِنَّهُ أَسْقَطَ قَيْدَ كَوْنِهِ فِيهِ ( وَلَوْ مَسَّ مِنْ وَرَاءِ ثَوْبِهِ ) أَوْ ثَوْبِ غَيْرِهِ ( أَوْ فَقَدَ ) الْمَاسُّ ( الطَّهُورَيْنِ ) فَإِنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ لِمَا مَرَّ ( كَحَمْلِهِ ) لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ مَسِّهِ ( لَا حَمْلِهِ ) فِي ( أَمْتِعَةٍ ) إذَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ بِتَعْظِيمِهِ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَلَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ وَفَارَقَتْ الظَّرْفَ فِي الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ تَابِعٌ لِلْمُصْحَفِ بِخِلَافِهَا وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَتَاعَ الْوَاحِدَ كَالْأَمْتِعَةِ وَبِهِ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ

( فَصْلٌ ) يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ ( قَوْلُهُ : صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً إلَخْ ) هَذَا فِي غَيْرِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ ( قَوْلُهُ : وَفِي مَعْنَاهَا خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ الذِّكْرُ أَوْ الْقِرَاءَةُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ خُطْبَتَا الْجُمُعَةِ لِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِيهِمَا ( قَوْلُهُ : وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا ) تَحِيَّةً وَتَكْرِمَةً فَإِنَّ السُّجُودَ عِنْدَهُمْ كَانَ يَجْرِي مَجْرَاهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ خَرُّوا لِأَجْلِهِ سُجَّدًا لِلَّهِ شُكْرًا ، وَقِيلَ الضَّمِيرُ لِلَّهِ وَالْوَاوُ لِأَبَوَيْهِ وَإِخْوَتِهِ وَالرَّفْعُ مُؤَخَّرٌ عَنْ الْخُرُورِ وَإِنْ قُدِّمَ لَفْظًا لِلِاهْتِمَامِ بِتَعْظِيمِهِ لَهُمَا ب ( قَوْلُهُ : وَمَسُّ مُصْحَفٍ ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْقِيَامُ لِلْمُصْحَفِ بِدْعَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ ، وَفِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ وَالتِّبْيَانِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِلْفُضَلَاءِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْأَخْيَارِ فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ صَحَّ { أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَامَ لِلتَّوْرَاةِ } فَالْمُصْحَفُ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَشْرَفُ الْكُتُبِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ شَرْحُ الْإِسْنَوِيِّ ) أَيْ فِي مَطَالِعِ الدَّقَائِقِ ش ( قَوْلُهُ : عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يَحْرُمُ مَسُّهُ أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَمَّا أَخْذُ الْفَالِ مِنْهُ فَجَزَمَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَالطُّرْطُوشِيُّ وَالْقَرَافِيُّ الْمَالِكِيُّونَ بِتَحْرِيمِهِ وَأَبَاحَهُ ابْنُ بَطَّةَ مِنْ الْحَنَابِلَةِ وَمُقْتَضَى مَذْهَبِنَا كَرَاهَتُهُ ( قَوْلُهُ كَصُنْدُوقٍ ) أَيْ عُمِلَ عَلَى قَدْرِ الْمُصْحَفِ وَلَفْظُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي فُرُوقِهِ يَحْرُمُ حَمْلُ الْمُصْحَفِ فِي صُنْدُوقٍ مَصْنُوعٍ لَهُ مُخْتَصٍّ بِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَوْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ) حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُصْحَفُ فِي جِرَابٍ أَوْ كِيسٍ مَثَلًا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّهُ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْكِيسِ وَالْجِرَابِ يُحْمَلُ عَلَى

كَبِيرَيْنِ لَا يُعَدُّ مِثْلُهُمَا وِعَاءً لِلْمُصْحَفِ ( قَوْلُهُ : كَحَمْلِهِ ) وَقَعَ بَحْثٌ فِيمَا لَوْ حَمَلَ الْمُحْدِثُ مُتَطَهِّرًا أَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا مَعَهُ مُصْحَفٌ إذَا مَكَّنَاهُ مِنْهُ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ غ ( قَوْلُهُ : لَا حَمْلُهُ فِي أَمْتِعَةٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَصُورَتُهَا أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ قَطْعًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ وَحَذَفَتْهُ الرَّوْضَةُ وَتَبِعَهُمْ فِي التَّنْقِيحِ وَغَيْرِهِ وَعَلَّلُوا الْجَوَازَ بِأَنَّ الْمُصْحَفَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَحْدَهُ لَا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَصْلًا ، وَفِي الْمُجَرَّدِ لِسُلَيْمٍ الرَّازِيّ وَمِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَقْصِدَ نَقْلَ الْمَتَاعِ لَا غَيْرُ وَمُرَادُهُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَصْدِهِ نَقْلُ مَتَاعِهِ مِنْ غَيْرِ تَجْرِيدِ الْقَصْدِ إلَى نَقْلِ الْمُصْحَفِ كَمَا يَصْنَعُهُ الْمُنْتَقِلُ مِنْ مَنْزِلٍ إلَى غَيْرِهِ وَالْمُسَافِرُ بِأَمْتِعَتِهِ قَالَ شَيْخُنَا : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا حَمَلَهُ فِي أَمْتِعَةٍ لَا يَمَسُّهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ : لَوْ مَسَّهُ وَلَوْ بِحَائِلٍ حَرُمَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ( قَوْلُهُ : وَلَوْ مَعَ الْأَمْتِعَةِ ) تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى عِبَارَةِ سُلَيْمٍ لَكِنَّ مُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ فِي عَزِيزِهِ وَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ حِلُّهُ حِينَئِذٍ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَتَاعُ مَقْصُودًا بِالْحَمْلِ فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ لَمْ يَجُزْ وَشَمَلَ تَحْرِيمُ حَمْلِهِ مَا لَوْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَمْ يَخْرُجْ بِقَصْدِهِ الْمَذْكُورِ عَنْ كَوْنِهِ مُصْحَفًا وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالتَّمَائِمِ

( وَلَا ) يَحْرُمُ ( كَتْبُهُ ) أَيْ الْقُرْآنَ ( بِلَا مَسٍّ وَ ) حَمْلٍ لَا ( قَلْبِ وَرَقِهِ بِعُودِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا مَسٍّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ تَحْرِيمَهُ قَالَ : لِأَنَّهُ حَمْلُ بَعْضِ الْمُصْحَفِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْأَحْسَنُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَرَقَةُ قَائِمَةً فَمَيَّلَهَا بِالْعُودِ أَوْ وَضَعَ طَرَفَهُ عَلَيْهَا لَمْ يَحْرُمْ وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّهُ حَامِلٌ وَيَنْزِلُ الْكَلَامَانِ عَلَى هَذَا ، وَكَذَا فَعَلَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ وَفِيهِ إحَالَةٌ لِلْخِلَافِيَّةِ لِعَدَمِ التَّوَارُدِ عَلَى مَحِلٍّ وَاحِدٍ
( تَنْبِيهٌ ) مِنْ هُنَا يُؤْخَذُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا حَمَلَ مَنْ حَمَلَ الْمُصْحَفَ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَالْأَحْسَنُ .
إلَخْ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : إنَّهُ الْقِيَاسُ ( قَوْلُهُ : لِعَدَمِ التَّوَارُدِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ ) وَتَعْلِيلُهُمْ يَرُدُّهُ إذْ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِالتَّحْرِيمِ عَلَّلَهُ بِالْحَمْلِ وَلَا حَمْلَ فِي الْحَالَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ ، وَالْقَائِلُ بِالْحِلِّ عَلَّلَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَمْلٍ وَلَا مَسٍّ أَيْ عُرْفًا

( وَيَجُوزُ مَسُّ ) وَحَمْلُ ( تَوْرَاةٍ وَإِنْجِيلٍ وَمَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ ) وَإِنْ لَمْ يُنْسَخْ حُكْمُهُ لِزَوَالِ حُرْمَتِهَا بِالنَّسْخِ بَلْ وَبِالتَّبْدِيلِ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِخِلَافِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ فَقَطْ قَالَ الْمُتَوَلِّي فَإِنْ ظَنَّ أَنَّ فِي التَّوْرَاةِ وَنَحْوِهَا غَيْرَ مُبَدَّلٍ كُرِهَ مَسُّهُ ( وَ ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ ( مَا كُتِبَ ) مِنْ الْقُرْآنِ ( لِغَيْرِ دِرَاسَةٍ كَالتَّمَائِمِ ) جَمْعِ تَمِيمَةٍ أَيْ عَوْذَةٍ وَهِيَ مَا يُعَلَّقُ عَلَى الصَّغِيرِ ( وَمَا ) كُتِبَ مِنْهُ ( عَلَى الدَّرَاهِمِ ) وَالدَّنَانِيرِ ( وَالثِّيَابِ ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَتَبَ كِتَابًا إلَى هِرَقْلَ وَفِيهِ { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } الْآيَةَ وَلَمْ يَأْمُرْ حَامِلَهَا بِالْمُحَافَظَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ } وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تُقْصَدُ بِإِثْبَاتِ الْقُرْآنِ فِيهَا قِرَاءَتُهُ فَلَا يَجْرِي عَلَيْهَا أَحْكَامُ الْقُرْآنِ وَالتَّمْثِيلُ بِالتَّمَائِمِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتْوَى كِتَابِهِ الْحُرُوزِ مَكْرُوهَةٌ وَالْمُخْتَارُ تَرْكُ تَعْلِيقِهَا وَقَالَ فِي أُخْرَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَعْلِيقُهَا إذَا جُعِلَ عَلَيْهَا شَمْعٌ أَوْ نَحْوُهُ ( وَ ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ ( كُتُبِ التَّفْسِيرِ ) لِمَا مَرَّ وَلَيْسَ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ ( لَا ) كُتُبُ تَفْسِيرٍ ( وَالْقُرْآنُ أَكْثَرُ مِنْهُ ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا اسْتَوَيَا وَهُوَ قِيَاسُ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّ قَوْلَ التَّحْقِيقِ وَالْأَصَحَّ حِلُّ حَمْلِهِ فِي تَفْسِيرٍ هُوَ أَكْثَرُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فِيهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اسْتِوَاءِ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ لَائِحٌ ، وَإِذَا لَمْ يَحْرُمْ مَسُّ التَّفْسِيرِ وَلَا حَمْلُهُ كُرِهَا ( وَ ) يَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ ( كُتُبِ الْحَدِيثِ ) وَالْفِقْهِ وَالْأُصُولِ وَغَيْرِهَا لِمَا مَرَّ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ كُتُبَ التَّفْسِيرِ وَكُتُبَ الْحَدِيثِ مَعْطُوفَانِ عَلَى تَوْرَاةٍ

وَيَجُوزُ عَطْفُهُمَا عَلَى التَّمَائِمِ ( وَيُسْتَحَبُّ التَّطَهُّرُ لَهُ ) أَيْ لِكُلِّ مَنْ مَسَّ وَحَمَلَ كُتُبَ الْحَدِيثِ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي أُخْرَى الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ مَسُّ وَحَمْلُ كُتُبِ التَّفْسِيرِ لَا وَالْقُرْآنُ أَكْثَرُ ) قَالَ شَيْخُنَا : الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِيَّةِ مَجْمُوعُ الْحُرُوفِ حَتَّى لَوْ كَانَ ثَمَّ وَرَقَةٌ كُلُّهَا تَفْسِيرٌ وَهُوَ مِمَّا قُرْآنُهُ أَكْثَرُ أَوْ اسْتَوَيَا حَرُمَ مَسُّهَا وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْقُرْآنِ بَلْ الْحُرْمَةُ فِيهَا أَوْلَى مِنْ جِلْدٍ انْفَصَلَ ( قَوْلُهُ : يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ ) فِيهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيَحْرُمُ ) مَسُّ وَحَمْلُ ( مَا كُتِبَ بِلَوْحٍ ) أَيْ فِيهِ ( لِدِرَاسَةٍ عَلَى بَالِغٍ ) كَالْمُصْحَفِ ( وَلَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ ) مُمَيِّزٌ ( مِنْ ) مَسَّ وَحَمْلِ ( مُصْحَفٍ أَوْ ) لَوْحٍ ( يَتَعَلَّمُ مِنْهُ ) لِحَاجَةِ تَعَلُّمِهِ وَمَشَقَّةِ اسْتِمْرَارِهِ مُتَطَهِّرًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِي الْحَمْلِ الْمُتَعَلِّقِ بِالدِّرَاسَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ أَوْ كَانَ الْغَرَضُ آخَرَ مُنِعَ مِنْهُ جَزْمًا قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ، قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ الصَّبِيَّ لَوْ مَسَّهُ لِلتَّبَرُّكِ بِهِ حَرُمَ وَهُوَ بَاطِلٌ بَلْ إذَا أَبَحْنَا مَسَّهُ لَهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ حَمْلِهِ لِلدِّرَاسَةِ وَلِلتَّبَرُّكِ وَلِنَقْلِهِ إلَى مَكَان آخَرَ ، قَالَ وَهَذَا مَا يَقْتَضِيهِ صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ، أَمَّا غَيْرُ الْمُمَيِّزِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْهُ لِئَلَّا يَنْتَهِكَهُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُمَيِّزِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ يَتَعَلَّمُ مِنْهُ ، وَصَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ مَنْعِ الْمُمَيِّزِ بَيْنَ الْمُحْدِثِ وَالْجُنُبِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ السُّبْكِيّ فِي مُعِيدِ النِّعَمِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَقَالَ : وَلَمْ أَجِدْ تَصْرِيحًا بِتَمْكِينِهِ مِنْ ذَلِكَ حَالَ جَنَابَتِهِ ، وَالْقِيَاسُ الْمَنْعُ لِأَنَّهَا نَادِرَةٌ وَحُكْمُهَا أَغْلَطُ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ أَيْ لَا يَجِبُ مَنْعُهُ لِيُوَافِقَ قَوْلَ الْأَصْلِ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَالْمُعَلِّمِ مَنْعُ الصَّبِيِّ إلَى آخِرِهِ فَيُفِيدُ جَوَازَ مَنْعِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يُنْدَبُ مَنْعُهُ
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيُكْرَهُ كَتْبُهُ ) أَيْ الْقُرْآنِ ( عَلَى حَائِطٍ ) وَلَوْ لِمَسْجِدٍ ( وَعِمَامَةٍ ) لَوْ قَالَ وَثِيَابٌ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ كَانَ أَوْلَى ( وَطَعَامٌ ) وَنَحْوُهَا وَمَسْأَلَةُ الطَّعَامِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) يُكْرَهُ ( إحْرَاقُ خَشَبٍ نُقِشَ بِهِ ) أَيْ بِالْقُرْآنِ نَعَمْ إنْ قُصِدَ بِهِ صِيَانَةُ الْقُرْآنِ فَلَا كَرَاهَةَ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ تَحْرِيقُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْمَصَاحِفَ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَنْ وَجَدَ وَرَقَةً فِيهَا الْبَسْمَلَةُ وَنَحْوُهَا لَا يَجْعَلْهَا فِي شِقٍّ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْقُطُ فَتُوطَأُ وَطَرِيقُهُ أَنْ يَغْسِلَهَا بِالْمَاءِ أَوْ يَحْرِقَهَا بِالنَّارِ صِيَانَةً لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَعَرُّضِهِ لِلِامْتِهَانِ ( وَيَجُوزُ هَدْمُهُ ) أَيْ الْحَائِطِ ( وَلُبْسُهَا ) أَيْ الْعِمَامَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَأَكْلُهُ ) أَيْ الطَّعَامِ وَلَا تَضُرُّ مُلَاقَاتُهُ مَا فِي الْمَعِدَةِ بِخِلَافِ ابْتِلَاعِ قِرْطَاسٍ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يُكْرَهُ كَتْبُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ فِي إنَاءٍ لِيُسْقَى مَاؤُهُ لِلشِّفَاءِ فِيمَا يَقْتَضِيهِ الْمَذْهَبُ انْتَهَى .
وَوَقَعَ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ تَحْرِيمُهُ لِمَا يُلَاقِي مِنْ النَّجَاسَةِ الَّتِي فِي الْمَعِدَةِ ، وَأَمَّا أَكْلُ الطَّعَامِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ كَشُرْبِ مَا ذَكَرَ وَيُحْتَمَلُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمَكْتُوبَ فِي الشُّرْبِ يُمْحَى قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الْفَمِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّعَامِ

( قَوْلُهُ : صِيَانَةً لِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ تَعَرُّضِهِ لِلِامْتِهَانِ ) ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إنَّ الْإِحْرَاقَ أَوْلَى مِنْ الْغُسْلِ لِأَنَّ الْغُسَالَةَ قَدْ تَقَعُ عَلَى الْأَرْضِ .
وَقَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي الْمِنْهَاجِ : لَا يَجُوزُ تَمْزِيقُ الْوَرَقَةِ الَّتِي فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمُ رَسُولِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْطِيعِ الْحُرُوفِ وَتَفْرِيقِ الْكَلِمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ إزْرَاءِ الْمَكْتُوبِ ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ ابْتِلَاعِ قِرْطَاسٍ .
إلَخْ ) لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِمَا فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ أَكْلِهِ إذَا كَانَ عَلَى طَعَامٍ فَإِنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ إلَّا وَقَدْ زَالَتْ صُورَةُ الْكِتَابَةِ قَالَ : وَيَحْرُمُ أَنْ يَطَأَ عَلَى فِرَاشٍ أَوْ خَشَبٍ نُقِشَ بِالْقُرْآنِ وَفِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ لَا يَجُوزُ جَعْلُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي كَاغَدٍ كُتِبَ عَلَيْهِ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَعَ الْعِلْمِ أَثِمَ

( وَحَرُمَ كَتْبُهُ ) أَيْ الْقُرْآنِ ( بِنَجِسٍ ) وَعَلَى نَجِسٍ ( وَ ) كَذَا ( مَسُّهُ بِهِ لَا بِطَاهِرٍ مِنْ بَدَنٍ تَنَجَّسَ ) فَلَوْ كَانَ عَلَى بَعْضِ بَدَنِ الْمُتَطَهِّرِ نَجَاسَةٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فَمَسَّ الْمُصْحَفَ بِمَوْضِعِهَا حَرُمَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَلَا قَالَ الْمُتَوَلِّي : لَكِنْ يُكْرَهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَفِيهِ نَظَرٌ وَالتَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ( فَإِنْ خِيفَ عَلَى مُصْحَفٍ تَنَجُّسٌ أَوْ كَافِرٌ أَوْ تَلَفٌ ) بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( أَوْ ضَيَاعٌ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ حَمَلَهُ ) مَعَ الْحَدَثِ جُوِّزَ لِلضَّرُورَةِ بَلْ وُجُوبًا فِي غَيْرِ الْأَخِيرَةِ صِيَانَةً لَهُ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ قَالَ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَحْرُمَ السَّفَرُ بِهِ إلَى أَرْضِ الْكُفَّارِ إذَا خِيفَ وُقُوعُهُ فِي أَيْدِيهِمْ وَيَجُوزُ كَتْبُ آيَتَيْنِ وَنَحْوِهِمَا إلَيْهِمْ فِي أَثْنَاءِ كِتَابٍ أَيْ لِمَا مَرَّ وَيُمْنَعُ الْكَافِرُ مِنْ مَسِّهِ لِإِسْمَاعِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَانِدًا لَمْ يَجُزْ تَعْلِيمُهُ وَيُمْنَعُ تَعَلُّمَهُ فِي الْأَصَحِّ وَغَيْرُ الْمُعَانِدِ إنْ رُجِيَ إسْلَامُهُ جَازَ تَعْلِيمُهُ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَوْ ضَيَاعٌ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ شَامِلٌ لِلتَّطَهُّرِ بِالتُّرَابِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ وَهُوَ مَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ وَبَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ ، وَاخْتَارَهُ فِي التِّبْيَانِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّيَمُّمُ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ

( سُؤَالٌ ) قَالُوا تَحْرُمُ كِتَابَةُ اسْمِ اللَّهِ أَوْ الْقُرْآنِ بِنَجِسٍ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ وَفَمُهُ نَجِسٌ وَفَرَّقَ بِفُحْشِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ بِحَرْقٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ) كَأَنْ رَآهُ فِي يَدِ كَافِرٍ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَطَهُّرٍ ) وَلَا مِنْ إيدَاعِهِ مُسْلِمًا ثِقَةً ( قَوْلُهُ : وَاخْتَارَهُ فِي التِّبْيَانِ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ ت ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ) يَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُبِيحَ لِذِي الْحَدَثِ الدَّائِمِ حَمْلَهُ مَعَ الْوُضُوءِ وَهُوَ بَعِيدٌ

( وَكُرِهَ دَرْسُهُ ) أَيْ الْقُرْآنِ أَيْ قِرَاءَتُهُ ( بِفَمٍ نَجِسٍ ) احْتِرَامًا لَهُ ( وَجَازَ ) بِلَا كَرَاهَةٍ قِرَاءَتُهُ ( بِحَمَّامٍ ) وَبِطَرِيقٍ إنْ لَمْ يَلْتَهِ عَنْهَا وَإِلَّا كُرِهَتْ ( وَحَرُمَ تَوَسُّدُ مُصْحَفٍ وَإِنْ خَافَ سَرِقَتَهُ ، وَكَذَا عِلْمٍ ) أَيْ تَوَسَّدَ كِتَابَ عِلْمٍ ( إلَّا لِخَوْفٍ ) مِنْ سَرِقَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي تَوَسُّدِ الْمُصْحَفِ حَالَةَ الْخَوْفِ هُوَ مَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ كَمَا فِي تَوَسُّدِ الْعِلْمِ حِينَئِذٍ وَيَنْبَغِي جَوْزُ تَوَسُّدِهِ بَلْ وُجُوبُهُ إذَا خَافَ عَلَيْهِ مِنْ تَلَفٍ أَوْ تَنَجُّسٍ أَوْ كَافِرٍ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ الْعِلْمُ الْمُحْتَرَمُ

( وَيُسْتَحَبُّ كَتْبُهُ وَإِيضَاحُهُ ) إكْرَامًا لَهُ ( وَنَقْطُهُ وَشَكْلُهُ ) صِيَانَةً لَهُ مِنْ اللَّحْنِ وَالتَّحْرِيفِ ( وَقِرَاءَتُهُ نَظَرًا ) فِي الْمُصْحَفِ ( أَفْضَلُ ) مِنْهَا عَنْ ظَهْرِ الْقَلْبِ لِأَنَّهَا تَجْمَعُ الْقِرَاءَةَ وَالنَّظَرَ فِي الْمُصْحَفِ وَهُوَ عِبَادَةٌ أُخْرَى نَعَمْ إنْ زَادَ خُشُوعُهُ وَحُضُورُ قَلْبِهِ فِي الْقِرَاءَةِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ فَهِيَ أَفْضَلُ فِي حَقِّهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَغَيْرِهِ تَفَقُّهًا وَهُوَ حَسَنٌ ، ( وَهِيَ ) أَيْ الْقِرَاءَةُ ( أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرٍ لَمْ يُخَصَّ ) بِمَحِلٍّ أَمَّا ذِكْرُ خُصَّ بِمَحِلٍّ بِأَنْ وَرَدَ الشَّرْعُ .
بِهِ فِيهِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا لِتَنْصِيصِ الشَّارِعِ عَلَيْهِ

( وَنُدِبَ تَعَوُّذٌ لَهَا ) أَيْ لِلْقِرَاءَةِ ( جَهْرًا ) لِآيَةِ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ فَقُلْ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَكَانَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ يَقُولُونَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا بَأْسَ بِهِ لَكِنَّ الِاخْتِيَارَ الْأَوَّلُ .
قَالَ وَيَحْصُلُ بِكُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى تَعَوُّذٍ بِاَللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجْهَرُ بِالتَّعَوُّذِ وَإِنْ أَسَرَّ بِالْقِرَاءَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ عَلَى سُنَنِهَا إنْ جَهْرًا فَجَهْرٌ وَإِنْ سِرًّا فَسِرٌّ إلَّا فِي الصَّلَاةِ فَيُسِرُّ بِهِ مُطْلَقًا عَلَى الْأَصَحِّ ( وَ ) نُدِبَ ( إعَادَتُهُ لِفَصْلٍ ) طَوِيلٍ كَالْفَصْلِ بَيْنَ الرَّكَعَاتِ ( لَا ) يَسِيرٍ كَالْفَصْلِ بِنَحْوِ ( سُجُودِ تِلَاوَةٍ ) وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ فِي ذَلِكَ وَيَكْفِيهِ تَعَوُّذٌ وَاحِدٌ مَا لَمْ يَقْطَعْ قِرَاءَتَهُ بِكَلَامٍ أَوْ سُكُوتٍ طَوِيلٍ فَإِنْ قَطَعَهَا بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا اسْتَأْنَفَ التَّعَوُّذَ ، وَلَوْ سَجَدَ لِتِلَاوَةٍ ثُمَّ عَادَ لَمْ يَتَعَوَّذْ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَصْلٍ أَوْ فَصْلٍ يَسِيرٍ وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ لَوْ مَرَّ الْقَارِئُ عَلَى قَوْمٍ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَعَادَ إلَى الْقِرَاءَةِ فَإِنْ أَعَادَ التَّعَوُّذَ كَانَ حَسَنًا ( وَ ) نُدِبَ ( أَنْ يَجْلِسَ ) لِلْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوْقِيرِ ( وَ ) أَنْ ( يَسْتَقْبِلَ ) الْقِبْلَةَ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ ( وَ ) أَنْ ( يَقْرَأَ بِتَدَبُّرٍ وَتَخَشُّعٍ ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَبِهِ تَنْشَرِحُ الصُّدُورُ وَتَسْتَنِيرُ الْقُلُوبُ قَالَ تَعَالَى { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْك مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ } وَقَالَ { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ } وَالْأَخْبَارُ فِيهِ كَثِيرَةٌ

قَوْلُهُ : وَنُدِبَ تَعَوُّذٌ .
إلَخْ ) اسْتِحْبَابُ التَّعَوُّذِ وَالتَّسْمِيَةِ لِمَنْ يَسْتَفْتِحُ الْقِرَاءَةَ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الِاسْتِفْتَاحُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةٍ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهَا كَذَا رَأَيْته فِي زِيَادَاتِ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ نَقْلًا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالنَّقْلُ فِي التَّسْمِيَةِ غَرِيبٌ تُحْسَبُ لَهُ ح ( قَوْلُهُ : أَيْ أَرَدْت قِرَاءَتَهُ .
إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخُ بَهَاءُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَعَلَيْهِ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْإِرَادَةَ إنْ أُخِذَتْ مُطْلَقًا لَزِمَ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُجَرَّدِ إرَادَةِ الْقِرَاءَةِ حَتَّى لَوْ أَرَادَ ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَقْرَأَ تُسْتَحَبُّ لَهُ الِاسْتِعَاذَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنْ أُخِذَتْ الْإِرَادَةُ بِشَرْطِ اتِّصَالِهَا بِالْقِرَاءَةِ اسْتَحَالَ الْعِلْمُ بِوُقُوعِهَا وَيَمْتَنِعُ حِينَئِذٍ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِعَاذَةِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ بَقِيَ عَلَيْهِ قِسْمٌ آخَرُ بِاخْتِيَارِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ وَذَلِكَ أَنَّا إنَّمَا نَأْخُذُهَا مُقَيَّدَةً بِأَنْ لَا يَعِنَّ لَهُ صَارِفٌ عَنْ الْقِرَاءَةِ ( فَرْعٌ ) لَوْ عَرَضَ لَهُ صَوْتُ حَدَثٍ أَوْ رِيحُهُ سَكَتَ إلَى انْتِهَائِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَصْلٍ ) أَوْ فَصْلٍ يَسِيرٍ لِأَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الصَّلَاةِ ( قَوْلُهُ : سَلَّمَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ فِيهِ كَغَيْرِهِ ) ابْتِدَاءً وَرَدًّا خِلَافًا لِلْوَاحِدِيِّ

( وَ ) نُدِبَ ( تَحْسِينُ صَوْتٍ ) بِالْقُرْآنِ وَرَفْعُهُ بِهِ لِخَبَرِ { مَا أَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيٍّ مَا أَذِنَ لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَمَعْنَى أَذِنَ اسْتَمَعَ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الرِّضَا وَالْقَبُولِ ، وَلِخَبَرِ { زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ } وَخَبَرِ { مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ مِنَّا } رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَمَحِلُّ أَفْضَلِيَّةِ رَفْعِ الصَّوْتِ إذَا لَمْ يَخَفْ رِيَاءً وَلَمْ يَتَأَذَّ بِهِ أَحَدٌ وَإِلَّا فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الرَّفْعِ وَالْأَخْبَارِ الْمُقْتَضِيَةِ لِأَفْضَلِيَّةِ الْإِسْرَارِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ فِيهِ : وَاسْتَحَبَّ الْعُلَمَاءُ افْتِتَاحَ مَجْلِسِ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِرَاءَةِ قَارِئٍ حَسَنِ الصَّوْتِ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ
( قَوْلُهُ : وَنُدِبَ تَحْسِينُ صَوْتٍ بِالْقِرَاءَةِ ) وَطَلَبُهَا مِنْ حَسَنِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَالْإِسْرَارُ أَفْضَلُ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ تُوَسْوَس الْمَأْمُومُ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ قَعَدَ يَتَكَلَّمُ بِجِوَارِ الْمُصَلِّي وَكَذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ جَهْرًا عَلَى وَجْهٍ يُشَوِّشُ عَلَى الْمُصَلِّي بِجِوَارِهِ

( وَ ) نُدِبَ ( تَرْتِيلٌ ) لَهُ قَالَ تَعَالَى { وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا } وَلِأَنَّ قِرَاءَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مُرَتَّلَةً وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوْقِيرِ وَأَشَدُّ تَأْثِيرًا فِي الْقَلْبِ وَلِهَذَا يُنْدَبُ التَّرْتِيلُ لِلْأَعْجَمِيِّ الَّذِي لَا يَفْهَمُ مَعْنَاهُ ( وَ ) نُدِبَ ( إصْغَاءٌ إلَيْهِ ) لِمَا رَوَى الشَّيْخَانِ { عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْرَأْ عَلَيَّ الْقُرْآنَ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقْرَأُ عَلَيْك وَعَلَيْك أُنْزِلَ قَالَ : إنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْت عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى جِئْت إلَى هَذِهِ الْآيَةِ { فَكَيْفَ إذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِك عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا } قَالَ حَسْبُك الْآنَ فَالْتَفَتُّ إلَيْهِ فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ } ( وَ ) نُدِبَ ( بُكَاءٌ ) عِنْدَ الْقِرَاءَةِ وَهُوَ مِنْ صِفَةِ الْعَارِفِينَ قَالَ تَعَالَى { وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا } وَلِأَخْبَارٍ صَحِيحَةٍ مِنْهَا : خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ السَّابِقُ وَطَرِيقُهُ فِي تَحْصِيلِهِ أَنْ يَتَأَمَّلَ مَا يَقْرَأُ مِنْ التَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ وَالْمَوَاثِيقِ وَالْعُهُودِ ثُمَّ يُفَكِّرَ فِي تَقْصِيرِهِ فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ حُزْنٌ وَبُكَاءٌ فَلْيَبْكِ عَلَى فَقْدِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنْ الْمَصَائِبِ ، قَالَ فِي الْأَذْكَارِ : وَيُنْدَبُ التَّبَاكِي لِمَنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْبُكَاءِ
( قَوْلُهُ : وَنُدِبَ تَرْتِيلُهُ ) فَإِفْرَاطُ الْإِسْرَاعِ مَكْرُوهٌ وَحَرْفُ التَّرْتِيلِ أَفْضَلُ مِنْ حَرْفَيْ غَيْرِهِ

( وَحَرُمَ ) أَنْ يَقْرَأَ فِي الصَّلَاةِ وَخَارِجِهَا ( بِالشَّوَاذِّ ) وَهِيَ مَا نُقِلَ آحَادًا قُرْآنًا كَأَيْمَانِهِمَا فِي قِرَاءَةٍ : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْمَانَهُمَا لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ قُرْآنًا لِأَنَّ الْقُرْآنَ لِإِعْجَازِهِ النَّاسَ عَنْ الْإِتْيَانِ بِمِثْلِ أَقْصَرِ سُورَةٍ تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ تَوَاتُرًا ، وَالشَّاذُّ عِنْدَ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ النَّوَوِيُّ مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ أَبِي عَمْرٍو وَنَافِعٍ وَابْنِ كَثِيرٍ وَعَامِرٍ وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيُّ وَعِنْدَ آخَرِينَ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ مَا وَرَاءَ الْعَشَرَةِ السَّبْعَةِ السَّابِقَةِ وَأَبِي جَعْفَرٍ وَيَعْقُوبَ وَخَلَفٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَإِذَا قَرَأَ بِقِرَاءَةٍ مِنْ السَّبْعِ اسْتَحَبَّ أَنْ يُتِمَّ الْقِرَاءَةَ بِهَا فَلَوْ قَرَأَ بَعْضَ الْآيَاتِ بِهَا وَبَعْضَهَا بِغَيْرِهَا مِنْ السَّبْعِ جَازَ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا قَرَأَهُ بِالثَّانِيَةِ مُرْتَبِطًا بِالْأَوَّلِ ( وَ ) حَرُمَ أَنْ يَقْرَأَ ( بِعَكْسِ الْآيِ ) لِأَنَّهُ يُذْهِبُ إعْجَازَهُ وَيُزِيلُ حِكْمَةَ التَّرْتِيبِ ( وَكُرِهَ ) الْعَكْسُ ( فِي السُّوَرِ ) لِفَوَاتِ التَّرْتِيبِ إلَّا فِي تَعْلِيمٍ فَلَا يُكْرَهُ لِأَنَّهُ يَقَعُ مُتَفَرِّقًا وَلِأَنَّهُ أَسْهَلُ لِلتَّعْلِيمِ ( وَنُدِبَ خَتْمُهُ ) أَيْ الْقُرْآنِ ( أَوَّلَ نَهَارٍ أَوْ ) .
أَوَّلُ ( لَيْلٍ ) رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ التَّابِعِيِّ قَالَ كَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُخْتَمَ الْقُرْآنُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ أَوْ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَخَتْمُهُ أَوَّلَ النَّهَارِ أَفْضَلُ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ خَتَمَ وَحْدَهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ، وَنُدِبَ صِيَامٌ يَوْمَ الْخَتْمِ إلَّا أَنْ يُصَادِفَ يَوْمًا نَهَى الشَّرْعُ عَنْ صِيَامِهِ ( وَ ) نُدِبَ ( الدُّعَاءُ بَعْدَهُ وَحُضُورُهُ ) لِآثَارٍ وَرَدَتْ فِيهِمَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ الْحُيَّضَ بِالْخُرُوجِ يَوْمَ الْعِيدِ فَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ } ( وَ ) نُدِبَ ( الشُّرُوعُ بَعْدَهُ ) فِي خَتْمَةٍ أُخْرَى لِمَا

رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ خَيْرُ الْأَعْمَالِ الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ قِيلَ وَمَا هُمَا قَالَ افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ } وَعَنْ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا انْتَهَى فِي آخِرِ الْخَتْمَةِ إلَى سُورَةِ النَّاسِ قَرَأَ بِالْفَاتِحَةِ وَإِلَى الْمُفْلِحُونَ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ
( قَوْلُهُ : وَحَرُمَ بِالشَّوَاذِّ ) نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِهَا وَأَنَّهُ لَا يُصَلِّي خَلْفَ مَنْ قَرَأَ بِهَا وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الْجُمَّيْزِيِّ الْمَصْرِيِّ أَنَّهُ تَجُوزُ الْقِرَاءَةُ بِالشَّاذَّةِ الْمَرْوِيَّةِ بِالْآحَادِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ وَإِقْرَاؤُهَا وَأَفْتَى صَدْرُ الدِّينِ مَوْهُوبٌ الْجَزَرِيُّ بِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِالشَّوَاذِّ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا إلَّا فِي الْفَاتِحَةِ لِلْمُصَلِّي ( قَوْلُهُ : مَا وَرَاءَ السَّبْعَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَعِنْدَ آخَرِينَ مِنْهُمْ الْبَغَوِيّ .
.
.
إلَخْ ) وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَالْخَتْمُ فِي الصَّلَاةِ أَفْضَلُ ) وَأَنْ يَخْتِمَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ يَوْمَهُ إنْ أَمْكَنَ وَوَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضْلَهُ فَهُمْ حَرِيصُونَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ ، وَيُقَالُ إنَّ مُؤْمِنِي الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ

( وَ ) نُدِبَ ( كَثْرَةُ تِلَاوَتِهِ ) قَالَ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ } الْآيَةَ وَالْأَخْبَارُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ .
( وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ ) ، وَكَذَا نِسْيَانُ شَيْءٍ مِنْهُ لِخَبَرِ { عُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا } وَخَبَرُ { مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ لَقِيَ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ } رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد ( وَلْيَقُلْ نَدْبًا أُنْسِيت ) كَذَا أَوْ أَسْقَطَتْهُ ( لَا نَسِيته ) لِخَبَرِ { لَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ نَسِيت آيَةَ كَذَا ، وَكَذَا بَلْ هُوَ نُسِّيَ } وَخَبَرِ { بِئْسَمَا لِأَحَدِهِمْ أَنْ يَقُولَ نَسِيت آيَةَ كَيْتَ وَكَيْتَ بَلْ هُوَ نُسِّيَ } وَخَبَرِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْرَأُ فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَقَدْ ذَكَّرَنِي آيَةً كُنْت أُسْقِطْتُهَا } وَفِي رِوَايَةٍ { كُنْت أُنْسِيتهَا } رَوَاهَا كُلَّهَا الشَّيْخَانِ
( قَوْلُهُ : وَنِسْيَانُهُ كَبِيرَةٌ ) مَوْضِعُهُ إذَا كَانَ نِسْيَانُهُ تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا غ

( وَحَرُمَ تَفْسِيرُهُ بِلَا عِلْمٍ ) أَيْ الْكَلَامُ فِي مَعَانِيه لِمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَالْإِجْمَاعِ فَكُلُّ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ جَامِعٍ لِأَدَوَاتِهِ يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ لَكِنْ لَهُ أَنْ يَنْقُلَهُ عَنْ الْمُعْتَمَدِينَ مِنْ أَهْلِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ أَوْ الْعَنْكَبُوتِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ وَيُحَافِظَ عَلَى قِرَاءَةِ يس وَالْوَاقِعَةِ وَتَبَارَكَ الْمُلْكِ وَالْإِخْلَاصِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ كُلَّ وَقْتٍ وَكُلَّ لَيْلَةٍ إذَا أَوَى إلَى فِرَاشِهِ وَالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ الْبَقَرَةِ { آمَنَ الرَّسُولُ } إلَى آخِرِهَا كُلَّ لَيْلَةٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ : وَكُرِهَ دَرْسُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّ بَعْضَهُ مَذْكُورٌ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا بَلْ هُوَ نَفْسُهُ أَعَادَ بَعْضَهُ ثَمَّ
( قَوْلُهُ : وَلَا يُكْرَهُ أَنْ يُقَالَ سُورَةُ الْبَقَرَةِ .
إلَخْ ) وَلَا قِرَاءَةُ فُلَانٍ وَلَا يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بِغَيْرِ صِيغَةِ الْمَاضِي وَلَا النَّفْثُ مَعَ الْقُرْآنِ لِلرُّقْيَةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ فِعْلُهُ

( بَابُ الْغُسْلِ .
) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ مَصْدَرُ غَسَلَ الشَّيْءَ ، وَبِمَعْنَى الِاغْتِسَالِ كَقَوْلِهِ { غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ } وَبِضَمِّهَا مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمَاءِ الَّذِي يُغْتَسَلُ بِهِ فَفِيهِ عَلَى الْأَوَّلَيْنِ لُغَتَانِ الْفَتْحُ وَهُوَ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً وَالضَّمُّ وَهُوَ مَا يَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ أَوْ أَكْثَرُهُمْ ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ مِنْ سِدْرٍ وَنَحْوِهِ وَهُوَ بِالْمَعْنَيَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لُغَةً سَيَلَانُ الْمَاءِ عَلَى الشَّيْءِ وَشَرْعًا سَيَلَانُهُ عَلَى جَمِيعِ الْبَدَنِ ( مُوجِبُهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَمُوجِبُهُ خَمْسَةٌ وَعَدَّهُ الْأَصْلُ أَرْبَعَةً لِجَعْلِهِ النِّفَاسَ مُلْحَقًا بِالْحَيْضِ وَيَصِحُّ تَنْزِيلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ ( مَوْتٌ ) لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ وَالْمَوْتُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِمُفَارَقَةِ الرُّوحِ الْجَسَدَ وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْحَيَاةُ وَقِيلَ : عَرَضٌ يُضَادُّهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ } وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَدَّرَ ، وَالْعَدَمُ مُقَدَّرٌ ( وَخُرُوجُ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِانْقِطَاعِهِ ) أَيْ مَعَهُ لِآيَةِ { فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } أَيْ الْحَيْضِ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ إذَا أَقْبَلَتْ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْك الدَّمَ وَصَلِّي } وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ { فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي } وَقِيسَ بِالْحَيْضِ النِّفَاسُ بَلْ هُوَ دَمُ حَيْضٍ مُجْتَمِعٌ وَيُعْتَبَرُ مَعَ خُرُوجِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَانْقِطَاعِهِ الْقِيَامُ إلَى الصَّلَاةِ كَمَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالتَّحْقِيقِ وَإِنْ صَحَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّ مُوجِبَهُ الِانْقِطَاعُ فَقَطْ كَمَا قَدَّمْت ذَلِكَ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ

( بَابُ الْغُسْلِ ) ( قَوْلُهُ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ شَهِيدٍ ) يَرُدُّ عَلَى مَفْهُومِهِ السَّقْطُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَظْهَرْ أَمَارَةُ الْحَيَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غُسْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمِنْ مُوجِبَاتِهِ تَحَيُّرُ الْمُسْتَحَاضَةِ فَإِنَّهَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ ع ( قَوْلُهُ : وَقِيلَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا مَنْ شَأْنُهُ الْحَيَاةُ ) الْأَظْهَرُ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ أَنْ يُقَالَ عَدَمُ الْحَيَاةِ عَمَّا اتَّصَفَ بِهَا بِالْفِعْلِ

( وَ ) خُرُوجُ ( وَلَدٍ وَلَوْ عَلَقَةً وَمُضْغَةً ) وَ ( بِلَا بَلَلٍ ) لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ بَلَلٍ غَالِبًا فَأُقِيمَ مَقَامَهُ كَالنَّوْمِ مَعَ الْخَارِجِ وَتُفْطِرُ بِهِ الْمَرْأَةُ عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ( وَجَنَابَةٌ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } وَيَحْصُلُ ( بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ : الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ وَلَوْ مِنْ ) ذَكَرٍ ( أَشَلَّ ) أَوْ بِلَا قَصْدٍ أَوْ غَيْرِ مُنْتَشِرٍ ( أَوْ ) بِإِدْخَالِ ( قَدْرِهَا ) مِنْ فَاقِدِهَا ( فِي فَرْجٍ وَلَوْ ) مِنْ غَيْرِ مُشْتَهًى أَوْ ( دُبُرٍ أَوْ بِحَائِلٍ ) كَخِرْقَةٍ لَفَّهَا عَلَى ذَكَرِهِ وَلَوْ غَلِيظَةً لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ } وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ { وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ } ، وَأَمَّا الْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى اعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ كَخَبَرِ { إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } فَمَنْسُوخَةٌ وَأَجَابَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ هَذَا الْخَبَرِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ وَذِكْرُ الْخِتَانِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ بِدَلِيلِ إيجَابِ الْغُسْلِ بِإِيلَاجِ ذَكَرٍ لَا حَشَفَةَ لَهُ فِي دُبُرٍ أَوْ فَرْجِ بَهِيمَةٍ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ فِي فَرْجٍ فَكَانَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ انْضِمَامَهُمَا لِعَدَمِ إيجَابِهِ الْغُسْلَ بِالْإِجْمَاعِ بَلْ تَحَاذِيهِمَا يُقَالُ الْتَقَى الْفَارِسَانِ إذَا تَحَاذَيَا وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّا وَذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ إذْ الْخِتَانُ مَحِلُّ الْقَطْعِ فِي الْخِتَانِ وَخِتَانُ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ ، وَمَخْرَجُ الْبَوْلِ فَوْقَ مَدْخَلِ الذَّكَرِ ( وَهَذَا أَعْنِي ) أَثَرَ الْإِدْخَالِ ( بِالْحَائِلِ جَارٍ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ ) كَإِفْسَادِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تُنْتَقَضُ بِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ ح يُجَابُ بِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ خُرُوجَ مَنِيِّهَا إلَّا بِخُرُوجِ الْوَلَدِ كُلِّهِ لَا بِخُرُوجِ بَعْضِهِ ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ بِإِدْخَالِ حَشَفَةٍ ) لَوْ عَبَّرَ بِدُخُولِ حَشَفَةٍ كَانَ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : مِنْ فَاقِدِهَا ) أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ حَشَفَةُ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ دُبُرًا وَبِحَائِلٍ ) أَيْ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ

( وَ ) لَوْ كَانَ الْفَرْجُ ( مِنْ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتٍ ) فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ عَلَى الْمُولِجِ ( وَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ ) أَيْ الْمَيِّتِ لِانْقِطَاعِ تَكْلِيفِهِ وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُهُ بِالْمَوْتِ تَنْظِيفًا وَإِكْرَامًا وَلَا يَجِبُ بِوَطْئِهِ حَدٌّ لِخُرُوجِهِ عَنْ مَظِنَّةِ الشَّهْوَةِ كَمَا سَيَأْتِي

( وَ ) يَجِبُ الْغُسْلُ ( بِاسْتِدْخَالِ امْرَأَةٍ ) حَشَفَةً أَوْ قَدْرَهَا فِي فَرْجِهَا ( وَلَوْ مِنْ ذَكَرٍ مَقْطُوعٍ ) كَالنَّقْضِ بِمَسِّهِ ( وَمِنْ بَهِيمَةٍ ) مِنْ قِرْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْآدَمِيِّ وَأَوْلَى تَغْلِيظًا ( وَيَجْنُبُ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ أَوْلَجَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( أَوْ أُولِجَ فِيهِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ مُشْتَهًى أَمْ لَا ( وَبِكَمَالٍ ) لَهُ بِبُلُوغٍ وَإِفَاقَةٍ ( يَجِبُ ) عَلَيْهِ ( غُسْلٌ وَصَحَّ ) الْغُسْلُ ( مِنْ مُمَيِّزٍ وَيُجْزِئُهُ ) فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ إذَا بَلَغَ ، وَقَوْلُهُ وَصَحَّ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ وَيُجْزِئُهُ ( وَيُؤْمَرُ بِهِ ) بِأَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ الْوَلِيُّ وُجُوبًا ( كَالْوُضُوءِ وَ ) إدْخَالُ ( دُونَ الْحَشَفَةِ مُلْغًى ) فَلَا يُوجِبُ شَيْئًا مِنْ أَحْكَامِ الْجِمَاعِ لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ
قَوْلُهُ : وَيَجِبُ بِاسْتِدْخَالِ امْرَأَةٍ إلَخْ ) لَوْ خُلِقَ الْأَصْلِيُّ مُنْسَدًّا فَقَدْ سَبَقَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيلَاجِ بِهِ وَلَا فِيهِ حُكْمٌ بِلَا خِلَافٍ وَإِنَّ الْأَحْكَامَ مَنُوطَةٌ بِالْمُنْفَتِحِ تَحْتَ الْمَعِدَةِ ع ن وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ تَحْتَ الْمَعِدَةِ مِثَالٌ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ فَالْأَحْكَامُ مَنُوطَةٌ بِالْمُنْفَتِحِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ فَوْقَ الْمَعِدَةِ ( قَوْلُهُ : وَمِنْ بَهِيمَةٍ ) هَلْ يُعْتَبَرُ إيلَاجُ كُلِّ ذَكَرِهِ أَوْ إيلَاجُ قَدْرِ حَشَفَةٍ مُعْتَدِلَةٍ قَالَ الْإِمَامُ فِيهِ نَظَرٌ مَوْكُولٌ إلَى رَأْيِ الْفَقِيهِ انْتَهَى قَالَ شَيْخُنَا : الثَّانِي أَوْجُهُ

( وَإِيلَاجُ الْخُنْثَى ) ذَكَرَهُ فِي أَيْ فَرْجٍ كَانَ ( لَا أَثَرَ لَهُ ) لِاحْتِمَالِ زِيَادَتِهِ ( إلَّا نَقَضَ وُضُوءَ غَيْرِهِ ) وَهُوَ الْمُولَجُ فِيهِ ( بِنَزْعٍ مِنْ دُبُرٍ ) مُطْلَقًا ( أَوْ قُبُلٍ وَاضِحٍ ) أَيْ أُنْثَى ( أَوْ يُخَيَّرُ الْخُنْثَى بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ بِإِيلَاجِهِ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ ) لَا مَانِعَ مِنْ النَّقْضِ بِلَمْسِهِ ( أَوْ ) فِي ( دُبُرِ خُنْثَى أَوْلَجَ ) ذَكَرَهُ ( فِي قُبُلِهِ ) أَيْ الْمُولِجِ لِأَنَّهُ إمَّا جُنُبٌ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ فِيهِمَا وَأُنُوثَته وَذُكُورَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ مُحْدِثٌ بِتَقْدِيرِ أُنُوثَتِهِ فِيهِمَا مَعَ أُنُوثَةِ الْآخَرِ فِي الثَّانِيَةِ فَخُيِّرَ بَيْنَهُمَا لِمَا سَيَأْتِي أَمَّا إيلَاجُهُ فِي قُبُلِ خُنْثَى أَوْ فِي دُبُرِهِ وَلَمْ يُولِجْ الْآخَرَ فِي قُبُلِهِ فَلَا يُوجِبُ عَلَيْهِ شَيْئًا ، وَقَوْلُهُ : أَوْ فِي دُبُرِ خُنْثَى أُولِجَ فِي قُبُلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَكَذَا التَّخْيِيرُ فِي الْأُولَى وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ
( قَوْلُهُ وَإِيلَاجُ الْخُنْثَى لَا أَثَرَ لَهُ ) فَلَا يَجِبُ بِإِيلَاجِهِ أَوْ الْإِيلَاجِ فِي قُبُلِهِ غُسْلٌ إلَّا إذَا اجْتَمَعَا أَمَّا لَوْ وَضَحَ بِعَلَامَةٍ ظَاهِرَةٍ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهَا تَعْطِفُ الْحُكْمَ عَلَى مَا مَضَى فَتُوجِبُ الْغُسْلَ وَغَيْرَهُ ، وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( كَمَنْ شَكَّ هَلْ الْخَارِجُ مِنْ ذَكَرِهِ مَنِيٌّ أَوْ مَذْيٌ ) فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا ( وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى اخْتِيَارِهِ ) فَإِنْ جَعَلَهُ مَنِيًّا اغْتَسَلَ أَوْ مَذْيًا تَوَضَّأَ وَغَسَلَ مَا أَصَابَهُ لِأَنَّهُ إذَا أَتَى بِمُقْتَضَى أَحَدِهِمَا بَرِئَ مِنْهُ يَقِينًا وَالْأَصْلُ بَرَاءَتُهُ مِنْ الْآخَرِ وَلَا مُعَارِضَ لَهُ بِخِلَافِ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً مِنْ صَلَاتَيْنِ حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا وَالْأَصْلُ بَقَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَفَارَقَ مَا هُنَا مَا سَيَأْتِي فِي الزَّكَاةِ مِنْ وُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ بِتَزْكِيَةِ الْأَكْثَرِ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي الْإِنَاءِ الْمُخْتَلَطِ لِأَنَّ الْيَقِينَ ثَمَّ مُمْكِنٌ بِسَبْكِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا الَّذِي يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِطُهْرٍ وَلَا يَسْتَبِيحُ الصَّلَاةَ إلَّا بِطُهْرٍ مُتَيَقَّنٍ أَوْ مَظْنُونٍ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِفِعْلِ مُقْتَضَى الْحَدَثَيْنِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ غُسْلُ مَا أَصَابَ ثَوْبَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِأَحَدِهِمَا وَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَّا بِهِ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَتَى بِهِ إلَّا إذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا ( وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَحَدُهُمَا ) فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ حُكْمَ الظَّنِّ وَالشَّكِّ فِي أَبْوَابِ الطَّهَارَةِ وَاحِدٌ كَمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ : حَيْثُ يَلْزَمُهُ فِعْلُهُمَا لِاشْتِغَالِ ذِمَّتِهِ بِهِمَا جَمِيعًا .
إلَخْ ) مِثْلُهُ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لَا يَدْرِي هَلْ هِيَ بَقَرَةٌ أَوْ بَعِيرٌ أَوْ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِالْكُلِّ وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ نَذْرٌ وَشَكَّ هَلْ هُوَ صَوْمٌ أَوْ صَلَاةٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ عِتْقٌ ( قَوْلُهُ : عَلَى أَنَّهُ قِيلَ بِذَلِكَ هُنَا أَيْضًا ) وَصَحَّحَهُ فِي رُءُوسِ الْمَسَائِلِ

( وَإِنْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ خُنْثَى فَلَا شَيْءَ ) عَلَيْهِمَا مِنْ غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ ( فَإِنْ أَوْلَجَ ذَلِكَ الْخُنْثَى فِي وَاضِحٍ آخَرَ أَجْنَبَ يَقِينًا وَحْدَهُ ) لِأَنَّهُ جَامَعَ أَوْ جُومِعَ بِخِلَافِ الْآخَرِينَ لَا جَنَابَةَ عَلَيْهِمَا ( وَأَحْدَثَ ) الْوَاضِحُ ( الْآخَرُ ) بِالنَّزْعِ مِنْهُ ، وَقَوْلُهُ : فِي وَاضِحٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فِي فَرْجِ امْرَأَةٍ ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ : آخَرَ مَا لَوْ أَوْلَجَ الْخُنْثَى فِي الرَّجُلِ الْمُولِجِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَجْنُبُ

( وَمَنْ أَوْلَجَ أَحَدَ ذَكَرَيْهِ أَجْنَبَ إنْ كَانَ يَبُولُ بِهِ ) وَحْدَهُ ( وَلَا أَثَرَ لِلْآخَرِ فِي نَقْضِ الطَّهَارَةِ ) نَعَمْ إنْ كَانَا عَلَى سَنَنٍ وَاحِدٍ أَجْنَبَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي بَابِ الْأَحْدَاثِ ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَبُولُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لَا يَبُولُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الِانْسِدَادُ عَارِضًا الْأَمْرُ ( الثَّانِي خُرُوجُ الْمَنِيِّ ) أَيْ مَنِيِّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ الْخَارِجِ أَوَّلَ مَرَّةٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ ( وَلَوْ بَعْدَ غُسْلٍ ) مِنْ جَنَابَةٍ أَوْ لَمْ يُجَاوِزْ فَرْجَ الثَّيِّبِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ } وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ { جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ إنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ هَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ .
إذَا هِيَ احْتَلَمَتْ ؟ قَالَ : نَعَمْ إذَا رَأَتْ الْمَاءَ } سَوَاءٌ أَخَرَجَ ( مِنْ ) الْمَخْرَجِ ( الْمُعْتَادِ ) مُطْلَقًا ( أَوْ ) مِنْ ( تَحْتِ الصُّلْبِ ) مُسْتَحْكِمًا مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ فَإِنْ لَمْ يَسْتَحْكِمْ بِأَنْ خَرَجَ لِمَرَضٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْخَارِجَ مِنْ الدُّبُرِ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ قَوْلِ الْأَصْلِ أَوْ ثُقْبَةٍ فِي الصُّلْبِ أَوْ الْخُصْيَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ جَزَمَ فِي التَّحْقِيقِ بِمَا ضَعَّفَهُ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ لِلْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ الْمُعْتَادِ حُكْمَ الْمُنْفَتِحِ فِي بَابِ الْحَدَثِ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَنْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ تَحْتَ الصُّلْبِ لَعَلَّهُ لِاخْتِيَارِهِ مَا فِي التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ لَكِنْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ : مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ كَمَا تَقَرَّرَ قَالَ فِي

الْمُهِمَّاتِ : وَالصُّلْبُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ لِلرَّجُلِ أَمَّا الْمَرْأَةُ فَمَا بَيْنَ تَرَائِبِهَا وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ ( وَيُعْرَفُ ) الْمَنِيُّ ( بِتَدَفُّقٍ ) بِأَنْ يَخْرُجَ بِدَفَعَاتٍ قَالَ تَعَالَى { مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ } ( أَوْ تَلَذُّذٍ ) بِخُرُوجِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ مَعَ فُتُورِ الذَّكَرِ عَقِبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَأَسْقَطَهُ الْمُصَنِّفُ لِاسْتِلْزَامِ التَّلَذُّذِ لَهُ ( أَوْ رِيحٍ طَلَعَ أَوْ عَجِينٍ رَطْبًا وَ ) رِيحِ ( بَيَاضِ بَيْضٍ يَابِسًا ) وَإِنْ لَمْ يَتَدَفَّقْ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ بِهِ كَالْخَارِجِ مِنْهُ بَعْدَ الْغُسْلِ فَإِنْ فُقِدَتْ هَذِهِ الْخَوَاصُّ فَلَا غُسْلَ وَرَطْبًا وَيَابِسًا حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ ، وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَنَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ ( وَلَا أَثَرَ لِثَخَانَةٍ وَلَوْنٍ ) وَغَيْرِهِمَا مِنْ صِفَاتِ الْمَنِيِّ فَالثَّخَانَةُ وَالْبَيَاضُ فِي مَنِيِّ الرَّجُلِ وَالرِّقَّةُ وَالِاصْفِرَارُ فِي مَنِيِّ الْمَرْأَةِ فِي حَالِ اعْتِدَالِ الطَّبْعِ فَعَدَمُهَا لَا يَنْفِيهِ وَوُجُودُهَا لَا يَقْتَضِيهِ

( قَوْلُهُ أَيْ مَنِيِّ الشَّخْصِ نَفْسِهِ ) خَرَجَ بِهِ خُرُوجَهُ مِنْ دُبُرِ مَنْ جُومِعَ أَوْ قُبُلِ طِفْلَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ لَمْ تَقْضِ وَطَرَهَا وَالْمُرَادُ الْخُرُوجُ الْكُلِّيُّ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْبِكْرِ أَمَّا الثَّيِّبُ فَيَكْفِي خُرُوجُهُ إلَى بَاطِنِ فَرْجِهَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْهَا إذَا قَعَدَتْ مُتَقَرْفِصَةً ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بَعْدَ غُسْلٍ مِنْ جَنَابَةٍ ) شَمِلَ خُرُوجَهُ بَعْدَ غُسْلِهَا حَيْثُ قَضَتْ شَهْوَتَهَا وَمَا لَوْ رَآهُ فِي ثَوْبِهِ أَوْ فِرَاشٍ لَا يَنَامُ فِيهِ غَيْرُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ احْتِلَامًا ( قَوْلُهُ : مَعَ انْسِدَادِ الْأَصْلِيِّ .
.
.
إلَخْ ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ مِنْ أَحَدِ فَرْجَيْ الْمُشْكِلِ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ ) وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ دَمًا عَبِيطًا وَجَبَ الْغُسْلُ بِلَا خِلَافٍ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ ق ( قَوْلُهُ : وَمَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ .
.
.
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَيْضًا وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ ) أَيْ وَالتُّحْفَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هُوَ الْمَاشِي عَلَى الْقَوَاعِدِ فَلْيُعْمَلْ بِهِ ( قَوْلُهُ : وَالصُّلْبُ هُنَا عَلَى هَذَا كَالْمَعِدَةِ هُنَاكَ .
.
.
إلَخْ ) يَقْتَضِي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ لَا يَنْقُضُ كَمَا لَا يَنْقُضُ الْخَارِجُ مِنْ نَفْسِ الْمَعِدَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الْخَارِجَ مِنْ نَفْسِ الصُّلْبِ يُوجِبُ الْغُسْلَ فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ : وَنَفْسُ الصُّلْبِ هُنَا كَتَحْتِ الْمَعِدَةِ هُنَاكَ ، وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ الثَّانِي خُرُوجُ مَنِيِّهِ وَمَنِيِّهَا مِنْ طَرِيقِهِ الْمُعْتَادِ وَغَيْرِهِ حَيْثُ يُنْتَقَضُ الْوُضُوءُ بِالْمُنْفَتِحِ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهِيَ عِبَارَةٌ مُحَرَّرَةٌ ( قَوْلُهُ : كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ ) جَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ بَحْثًا ع ( قَوْلُهُ : بِدُفُعَاتٍ ) بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الْفَاءِ وَضَمِّهَا وَإِسْكَانِهَا جَمْعُ

دُفْعَةٍ بِالضَّمِّ ( قَوْلُهُ : فِي أَنَّ مَنِيَّهَا يُعْرَفُ بِالْخَوَاصِّ الْمَذْكُورَةِ ) نَقَلَ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ تَسْمِيَةَ مَنِيِّهَا بِالْمَاءِ الدَّافِقِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مِنْهَا يَتَدَفَّقُ ( قَوْلُهُ : وَنَقَلَهُ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّلَذُّذِ ) وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ التَّدَفُّقَ فِي مَنِيِّهَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّلَذُّذِ وَالرِّيحِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْحَقُّ ش

( وَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا ) أَيْ الْمَرْأَةِ ( مَنِيُّهُ ) أَيْ الرَّجُلِ بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ ( وَقَدْ قَضَتْ وَطَرَهَا ) أَيْ شَهْوَتَهَا بِهِ ( اغْتَسَلَتْ ) لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ اخْتِلَاطُ مَنِيِّهَا بِمَنِيِّهِ ، وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا لَوْ قَضَتْ وَطَرَهَا بِمَنِيٍّ اسْتَدْخَلَتْهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا وَجَبَ الْغُسْلُ وَهُوَ مُتَّجِهٌ لَكِنَّ تَصْوِيرَهُمْ ذَلِكَ بِالْجِمَاعِ كَمَا صَوَّرَتْهُ بِهِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ ، وَلَعَلَّهُمْ جَرَوْا فِي ذَلِكَ عَلَى الْغَالِبِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْضِ وَطَرَهَا كَصَغِيرَةٍ وَنَائِمَةٍ وَمُكْرَهَةٍ ( فَلَا ) غُسْلَ عَلَيْهَا ( كَمَنْ اسْتَدْخَلَتْهُ ) أَيْ الْمَنِيَّ فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا فَإِنَّهُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الِاسْتِدْخَالَ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ النُّصُوصُ الْوَارِدَةُ فِي الْبَابِ وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ
( قَوْلُهُ : بَعْدَ غُسْلِهَا مِنْ جِمَاعٍ ) أَيْ فِي قُبُلِهَا ( قَوْلُهُ : وَإِذَا خَرَجَ مِنْهَا الْمُخْتَلَطُ فَقَدْ خَرَجَ مِنْهَا مَنِيُّهَا ) وَالشَّارِعُ قَدْ يُقِيمُ الظَّاهِرَ مَقَامَ الْيَقِينِ كَمَا فِي تَنْجِيسِ الْمَاءِ الَّذِي بَالَتْ فِيهِ الظَّبْيَةُ اعْتِمَادًا عَلَى الظَّاهِرِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ اسْتِشْكَالُ وُجُوبِ اغْتِسَالِهَا بِأَنَّ يَقِينَ الطَّهَارَةِ لَا يُدْفَعُ بِظَنِّ الْحَدَثِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مُتَّجِهٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَا يَجِبُ ) الْغُسْلُ ( بِغُسْلِ مَيِّتٍ و ) لَا بِسَبَبِ ( جُنُونٍ وَإِغْمَاءٍ ) وَغَيْرِهَا مِمَّا سِوَى الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ حَتَّى يَثْبُتَ مَا يُخَالِفُهُ ، وَأَمَّا خَبَرُ { مَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ } فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْحَصْرِ فِي الْخَمْسَةِ بِتَنَجُّسِ جَمِيعِ الْبَدَنِ أَوْ بَعْضِهِ مَعَ الِاشْتِبَاهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ بَلْ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ فُرِضَ كَشْطُ جِلْدِهِ حَصَلَ الْغَرَضُ
( قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُوجِبًا لِلْغُسْلِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغُسْلِ عَنْ الْأَحْدَاثِ وَقَدْ يُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ مِنْ الْأَحْدَاثِ

( وَإِنْ رَأَى فِي فِرَاشِهِ أَوْ ثَوْبِهِ ) مَنِيًّا وَلَوْ بِظَاهِرِهِ ( لَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ مِنْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْغُسْلُ وَأَعَادَ كُلَّ صَلَاةٍ لَا يُحْتَمَلُ خُلُوُّهَا عَنْهُ وَيُسْتَحَبُّ ) الْغُسْلُ وَ ( إعَادَةُ مَا ) أَيْ صَلَاةٍ ( اُحْتُمِلَ ) خُلُوُّهَا عَنْهُ ( كَمَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُهُ مِنْ آخَرَ ) نَامَ مَعَهُ فِي فِرَاشٍ مَثَلًا ( فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْغُسْلُ ) فَيُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِعَادَةُ وَلَوْ أَحَسَّ بِنُزُولِ الْمَنِيِّ فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ فَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَلَا غُسْلَ عِنْدَنَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ

( فَصْلٌ ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ ( يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ وَشَيْئَانِ أَحَدُهُمَا الْقِرَاءَةُ ) لِلْقُرْآنِ ( بِقَصْدِهَا وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ ) كَحَرْفٍ لِلْإِخْلَالِ بِالتَّعْظِيمِ سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا ( فَلَا يَضُرُّ قِرَاءَةٌ بِنِيَّةِ الذِّكْرِ ) أَيْ ذِكْرِ الْقُرْآنِ أَوْ نَحْوِهِ كَمَوْعِظَةٍ وَحِكْمَةٍ ( كَ { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا } .
الْآيَةَ لِلرُّكُوبِ و ) لَا ( مَا جَرَى بِهِ لِسَانُهُ بِلَا قَصْدٍ ) لِشَيْءٍ مِنْ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَنَحْوِهِ لِعَدَمِ الْإِخْلَالِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ قُرْآنًا إلَّا بِالْقَصْدِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ وَمَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِيهِ لَكِنَّ أَمْثِلَتَهُمْ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ كَالْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَالْبَسْمَلَةِ وَالْحَمْدِ لَهُ وَإِنَّ مَا لَا يُوجَدُ نَظْمُهُ إلَّا فِي الْقُرْآنِ كَسُورَةِ الْإِخْلَاصِ وَآيَةِ الْكُرْسِيِّ يُمْنَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقِرَاءَةُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو طَاهِرٍ وَالْإِمَامُ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُمْ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا بَأْسَ بِهِ ( وَكَفَاقِدٍ ) لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ وَالْمَعْنَى وَفَاقِدُ ( الطَّهُورَيْنِ يَقْرَأُ ) أَيْ وُجُوبًا ( الْفَاتِحَةَ فَقَطْ لِلصَّلَاةِ ) لِأَنَّهُ مُضْطَرٌّ إلَيْهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ : لَا يَجُوزُ لَهُ قِرَاءَتُهَا كَغَيْرِهَا وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَقَطْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَلَا قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَلَا وَطْءُ الْحَائِضِ وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ فِي كِتَابِ التَّيَمُّمِ

( فَصْلٌ ) فِي حُكْمِ الْجُنُبِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بَعْضَ آيَةٍ كَحَرْفٍ ) صُورَةُ النُّطْقِ بِحَرْفٍ وَاحِدٍ أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْقُرْآنَ فَيَأْثَمَ وَإِنْ اقْتَصَرَ لِأَنَّهُ نَوَى مَعْصِيَةً وَشَرَعَ فِيهَا فَالتَّحْرِيمُ مِنْ حَيْثُ هَذِهِ الْجِهَةُ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُسَمَّى قَارِئًا فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ ر ( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ أَقَصَدَ مَعَ ذَلِكَ غَيْرَهَا أَمْ لَا ) لِخَبَرِ { لَا يَقْرَأْ الْجُنُبُ وَلَا الْحَائِضُ شَيْئًا مِنْ الْقُرْآنِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ لَكِنْ ضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ فِي تَخْرِيجِهِ لِأَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ لَهُ مُتَابَعَاتٌ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ قَوِيَ الْحَدِيثُ بِمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْمُتَابَعَاتِ ، وَارْتَفَعَ عَنْ التَّضْعِيفِ ( فَرْعٌ ) سُئِلَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ إبْلِيسَ وَجُنُودِهِ هَلْ يُصَلُّونَ وَيَقْرَؤُنَّ الْقُرْآنَ لِيُغَرَّ الْعَالِمُ الزَّاهِدُ مِنْ الطَّرِيقِ الَّتِي يَسْلُكُهَا فَأَجَابَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمَنْقُولِ يَنْفِي قِرَاءَتَهُمْ الْقُرْآنَ وُقُوعًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الصَّلَاةِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا الْفَاتِحَةَ وَقَدْ وَرَدَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ يُعْطُوا فَضِيلَةَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ ، وَهِيَ حَرِيصَةٌ لِذَلِكَ عَلَى اسْتِمَاعِهِ مِنْ الْإِنْسِ فَإِنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ كَرَامَةٌ أَكْرَمَ اللَّهُ بِهَا الْإِنْسَ غَيْرَ أَنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْجِنِّ يَقْرَؤُنَهُ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُهُ أَنَّ ذَلِكَ جَازَ فِيمَا يُوجَدُ نَظْمُهُ فِي غَيْرِ الْقُرْآنِ .
.
.
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَمَا لَا يُوجَدُ .
.
.
إلَخْ ) كَأَنْ كَرَّرَ فَقِيهٌ آيَةً لِلِاسْتِدْلَالِ أَوْ أَقَلَّ كَكَلِمَةٍ أَوْ أَشَارَ بِهَا أَخْرَسُ قَالَهُ الْقَاضِي .
( قَوْلُهُ : لَا حَاجَةَ لِلْكَافِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا بِتَعَسُّفٍ ) زَادَهَا تَبَعًا لِرَأْيٍ مَرْجُوحٍ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ الْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَفِي الْأَذْكَارِ وَغَيْرِهِ لِلنَّوَوِيِّ وَإِذَا لَمْ يَجِدْ الْجُنُبُ أَوْ الْحَائِضُ الْمَاءَ

تَيَمَّمَا وَجَازَ لَهُمَا الْقِرَاءَةُ فَإِنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ كَمَا لَوْ اغْتَسَلَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ تَيَمُّمُهُ لِعَدَمِ الْمَاءِ فِي الْحَضَرِ أَوْ فِي السَّفَرِ فَلَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بَعْدَهُ وَإِنْ أَحْدَثَ ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إنْ كَانَ فِي الْحَضَرِ صَلَّى بِهِ وَقَرَأَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقْرَأَ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ لِأَنَّ تَيَمُّمَهُ قَامَ مَقَامَ الْغُسْلِ وَلَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ وَصَلَّى وَقَرَأَ ثُمَّ أَرَادَ التَّيَمُّمَ لِحَدَثٍ أَوْ فَرِيضَةٍ أُخْرَى أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ وَفِيهِ وَجْهٌ ضَعِيفٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَحْرُمُ انْتَهَى وَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ مَفْهُومِ قَوْلِ الْإِرْشَادِ وَمُنِعَ نَفْلُ قِرَاءَةِ آيَةِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ لِفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَمَا لَوْ نَذَرَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ كُلَّ يَوْمٍ ثُمَّ فَقَدَ الطَّهُورَيْنِ يَوْمًا كَامِلًا فَمُقْتَضَاهُ جَوَازُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا

( وَلَهُ ) أَيْ الْجُنُبِ ( إجْرَاؤُهُ ) أَيْ الْقُرْآنِ ( عَلَى قَلْبِهِ وَنَظَرٌ فِي الْمُصْحَفِ ) ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَقِرَاءَةُ مَا نُسِخَتْ تِلَاوَتُهُ ) وَتَحْرِيكُ لِسَانِهِ وَهَمْسُهُ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ بِخِلَافِ إشَارَةِ الْأَخْرَسِ ( وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ ) فِي تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ ( كَالْجُنُبِ ) ، وَكَذَا فِي الْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ فِيهِ زِيَادَةٌ أَخَّرَهُ إلَى كِتَابِ الْحَيْضِ

( الثَّانِي الْمُكْثُ وَالتَّرَدُّدُ فِي الْمَسْجِدِ ) لَا عُبُورُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ } الْآيَةَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَيْ لَا تَقْرَبُوا مَوْضِعَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا عُبُورُ سَبِيلٍ بَلْ فِي مَوْضِعِهَا وَهُوَ الْمَسْجِدُ وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى { لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ } ( وَيُعْذَرُ ) فِيهِمَا لِلضَّرُورَةِ ( مَنْ ) ذَكَرَ أَنْ ( أُغْلِقَ عَلَيْهِ ) بَابُ الْمَسْجِدِ ( أَوْ خَافَ ) مِنْ خُرُوجِهِ ( وَلَوْ عَلَى مَالٍ ) أَوْ مَنَعَهُ مِنْهُ مَانِعٌ آخَرُ وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْسِلُ بِهِ ( فَيَتَيَمَّمُ ) أَيْ وُجُوبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيَحْسُنُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ حَسَنٌ ( إنْ وَجَدَ غَيْرَ تُرَابِهِ ) أَيْ الْمَسْجِدِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابَهُ وَهُوَ الدَّاخِلُ فِي وَقْفِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ بِهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَجِدْ إلَّا تُرَابًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ فَإِنْ خَالَفَ وَتَيَمَّمَ بِهِ صَحَّ
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يَجِدْ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ ) أَمَّا إذَا وَجَدَهُ كَأَنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ بِئْرٌ وَأَمْكَنَ الِاسْتِقَاءُ مِنْهَا أَوْ النُّزُولُ إلَيْهَا لِلْغُسْلِ وَجَبَ بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي الْخَادِمِ ( قَوْلُهُ : أَخْذًا مِنْ قَوْلِ أَصْلِهَا وَلْيَتَيَمَّمْ فَاللَّامُ الْأَمْرِ ) وَصَرَّحَ بِهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَالْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَهُوَ الْفِقْهُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْشِيحِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ التَّيَمُّمَ نَائِبٌ عَنْ الْغُسْلِ وَالْغُسْلَ وَاجِبٌ فَيَكُونُ النَّائِبُ عَنْهُ وَاجِبًا لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّ لَا يَنُوبُ عَنْ الْوَاجِبِ

( وَيُكْرَهُ ) لَهُ ( عُبُورٌ فِيهِ ) وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى ( لَا ) إنْ كَانَ الْعُبُورُ ( لِغَرَضٍ كَقُرْبِ طَرِيقٍ ) فَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ وَلَا خِلَافَ الْأَوْلَى وَخَالَفَ الْمُكْثَ لِلْآيَةِ وَلِأَنَّهُ لَا قُرْبَةَ فِيهِ وَفِي الْمُكْثِ قُرْبَةُ الِاعْتِكَافِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ تَحْرِيمِ الْقِرَاءَةِ وَالْمُكْثِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الْجُنُبِ وَنَحْوِهِ مَحِلُّهُ فِي الْمُسْلِمِ أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُمْنَعُ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ لَكِنْ لِقِرَاءَتِهِ شَرْطٌ قَدَّمْته وَلَيْسَ لِلْكَافِرِ وَلَوْ غَيْرَ جُنُبٍ دُخُولُ الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِحَاجَةٍ كَإِسْلَامٍ وَسَمَاعِ قُرْآنٍ وَأَنْ يَأْذَنَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي دُخُولِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ خُصُومَةٌ وَقَدْ قَعَدَ الْحَاكِمُ فِيهِ لِلْحُكْمِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ
( قَوْلُهُ : أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسِّ الْمُصْحَفِ أَنَّهُ يَتَوَسَّعُ فِي الْقِرَاءَةِ مَا لَا يَتَوَسَّعُ فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ بِدَلِيلِ جَوَازِ قِرَاءَةِ الْمُحْدِثِ بِخِلَافِ مَسِّ الْمُصْحَفِ

( وَلَا بَأْسَ بِنَوْمٍ فِيهِ ) وَلَوْ لِغَيْرِ أَعْزَبَ فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ وَغَيْرَهُمْ كَانُوا يَنَامُونَ فِيهِ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَعَمْ إنْ ضَيَّقَ عَلَى الْمُصَلِّينَ أَوْ شَوَّشَ عَلَيْهِمْ حَرُمَ النَّوْمُ فِيهِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ : وَلَا يَحْرُمُ إخْرَاجُ الرِّيحِ فِيهِ لَكِنَّ الْأَوْلَى اجْتِنَابُهُ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ } .
( فَإِنْ احْتَلَمَ فِيهِ خَرَجَ ) مِنْهُ وُجُوبًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا ( وَ ) خُرُوجُهُ ( مِنْ أَقْرَبِ بَابٍ أَوْلَى ) فَإِنْ عَدَلَ إلَى الْأَبْعَدِ وَلَوْ لِغَيْرِ عَرَضٍ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ( وَفَضْلُ مَاءِ جُنُبٍ وَحَائِضٍ طَهُورٌ ) خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ و ( لَا يُكْرَهُ ) اسْتِعْمَالُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعَ خِلَافُ الْمُخَالِفِ فِيهِ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ وَثُبُوتِ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِيهِ كَخَبَرِ عَائِشَةَ { كُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجَنَابَةِ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ تَخْتَلِفُ أَيْدِينَا فِيهِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ

( وَسُنَّ ) لِلْجُنُبِ ( غَسْلُ فَرْجٍ وَوُضُوءٌ لِجِمَاعٍ وَلِأَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَوْمٍ كَحَائِضٍ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ ) أَيْ الْحَيْضِ { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فَإِنَّهُ أَنْشَطُ لِلْعَوْدِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ غَسَلَ فَرْجَهُ وَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ جُنُبًا فَأَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَنَامَ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ } وَقِيسَ بِالْجُنُبِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهُمَا وَبِالْأَكْلِ الشُّرْبُ وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا وَالتَّنْظِيفُ وَقِيلَ لَعَلَّهُ يُنَشِّطُ لِلْغُسْلِ فَلَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِلَا وُضُوءٍ كُرِهَ لَهُ ، نَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ : وَأَمَّا طَوَافُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ تَوَضَّأَ بَيْنَهُمَا أَوْ تَرَكَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ
( قَوْلُهُ : الْحَائِضُ ) أَيْ وَنُفَسَاءُ ( قَوْلُهُ : وَالْحِكْمَةُ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفُ الْحَدَثِ غَالِبًا ) بِأَنْ نَوَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَكَذَا الْجُنُبُ إذَا لَمْ تَتَجَرَّدْ جَنَابَتُهُ

( فَصْلٌ ) فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ ( وَأَقَلُّ الْغُسْلِ ) شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا ( نِيَّةُ رَفْعِ الْجَنَابَةِ ) أَوْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ عَنْ جَمِيعِ الْبَدَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهَا مِنْ قَوْلِهِ ( أَوْ ) نِيَّةُ رَفْعِ ( الْحَدَثِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّعَرُّضِ لِلْجَنَابَةِ وَغَيْرِهَا أَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِغَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَلِتَعَرُّضِهِ لِلْمَقْصُودِ ، وَأَمَّا بِالْأَخِيرَةِ فَلِاسْتِلْزَامِ رَفْعِ الْمُطْلَقِ رَفْعُ الْمُقَيَّدِ وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ فَلَوْ نَوَى الْحَدَثَ الْأَكْبَرَ كَانَ تَأْكِيدًا وَهُوَ أَفْضَلُ وَلَوْ نَوَى جَنَابَةَ الْجِمَاعِ وَجَنَابَتَهُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ الْجَنَابَةَ وَحَدَثَهُ الْحَيْضُ أَوْ عَكْسُهُ صَحَّ مَعَ الْغَلَطِ دُونَ الْعَمْدِ كَنَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ وَالظَّاهِرُ ارْتِفَاعُ النِّفَاسِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ وَعَكْسِهِ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا اعْتَمَدَهُ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ : لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَيَانِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأَوْلَى فِي بَابِ صِفَةِ الْغُسْلِ

( فَصْلٌ ) فِي كَيْفِيَّةِ الْغُسْلِ ( قَوْلُهُ : أَوْ نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ مُطْلَقًا ) مَنْ بِهِ سَلَسُ الْمَنِيِّ الْقِيَاسُ إنَّهُ لَا يَكْفِيهِ نِيَّةُ الرَّفْعِ بَلْ يَنْوِي الِاسْتِبَاحَةَ أَوْ أَدَاءَ الْغُسْلِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ الْمُتَحَيِّرَةُ كَذَلِكَ إذَا اغْتَسَلَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهَا تَنْصَرِفُ إلَى حَدَثِهِ ) لِأَنَّ الْحَالَةَ وَالْهَيْئَةَ يُقَيِّدَانِ هَذَا بِالْمُطْلَقِ فَنَزَلَ عَلَى الْحَدَثِ الْقَائِمِ بِالنَّاوِي وَهُوَ الْجَنَابَةُ أَوْ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ دَفْعًا لِلْمَجَازِ ، وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ هُوَ الْمَانِعُ لِصِحَّةِ النِّيَّةِ هُنَا وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقُهُ حَقِيقَةً فِي الْأَصْغَرِ ( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ ارْتِفَاعُ النِّفَاسِ بِنِيَّةِ الْحَيْضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : مَعَ الْعَمَلِ ) قَالَ : شَيْخُنَا مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَقْصِدْ بِنِيَّتِهِ عَنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْحَاصِلِ بَعْدَ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْوَلَدِ فَلَا يَصِحُّ لِتَلَاعُبِهِ

( فَلَوْ نَوَى ) الْحَدَثَ ( الْأَصْغَرَ ) أَيْ رَفْعَهُ ( عَمْدًا فَلَا ) تَرْتَفِعُ جَنَابَتُهُ لِتَلَاعُبِهِ ( أَوْ غَلَطًا ارْتَفَعَتْ عَنْ أَعْضَائِهِ ) أَيْ الْأَصْغَرُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُحِلُّهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ غُسْلَهَا وَاجِبٌ فِي الْحَدَثَيْنِ وَقَدْ غَسَلَهَا بِنِيَّتِهِ ( لَا الرَّأْسُ ) فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ لِأَنَّ غُسْلَهُ وَقَعَ بَدَلًا عَنْ مَسْحِهِ الَّذِي هُوَ فَرْضُهُ فِي الْأَصْغَرِ وَهُوَ إنَّمَا نَوَى الْمَسْحَ وَالْمَسْحُ لَا يُغْنِي عَنْ الْغَسْلِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْحَقَ بِهِ بَاطِنُ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ لِكَوْنِ إيصَالِ الْمَاءِ غَيْرِ وَاجِبٍ فِي الْوُضُوءِ فَلَمْ تَتَضَمَّنْهُ نِيَّتُهُ رُدَّ بِأَنَّ غَسْلَ الْوَجْهِ هُوَ الْأَصْلُ فَإِذَا غَسَلَهُ فَقَدْ أَتَى بِالْأَصْلِ ، وَأَمَّا الرَّأْسُ فَالْأَصْلُ فِيهِ الْمَسْحُ وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْغَسْلُ ، وَالْمَسْحُ رُخْصَةً فَغَسْلُهُ غَيْرُ مَنْدُوبٍ بِخِلَافِ بَاطِنِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ غُسْلُهُ وَالْمَنْدُوبُ يَقَعُ عَنْ الْوَاجِبِ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي انْغِسَالِ اللَّمْعَةِ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ وَخَرَجَ بِأَعْضَاءِ الْأَصْغَرِ غَيْرُهَا فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ الْجَنَابَةُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِهِ ( أَوْ نَوَتْ الْحَائِضُ الْغُسْلَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْحَيْضِ ( أَوْ مِنْ حَدَثِهِ أَوْ لِتُوطَأَ صَحَّ ) الْغُسْلُ التَّصْرِيحُ بِالْأَوْلَى مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ لِوَطْءِ مُحْرِمٍ صَحَّ لَكِنَّهُ قَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ بِالزَّوْجِ فَقَالَ : لَوْ نَوَتْ تَمْكِينَ الزَّوْجِ مِنْ وَطْءٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِيمَا قُلْنَا ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْخُوَارِزْمِيِّ فَإِنَّهُ قَيْدٌ بِمَا إذَا نَوَتْ الْوَطْءَ الْحَلَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى

( قَوْلُهُ : لَا الرَّأْسَ فَلَا تَرْتَفِعُ عَنْهُ ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثُهُ الْأَصْغَرُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَقَدْ قَالُوا : إنَّهُ يُسَنُّ لَهُ الْوُضُوءُ وَالْأَفْضَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْغُسْلِ وَيَنْوِي بِهِ رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَيَرْتَفِعُ عَنْ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ مَعَ بَقَاءِ جَنَابَتِهَا ( قَوْلُهُ : بَاطِنُ لِحْيَةِ الرَّجُلِ الْكَثِيفَةِ ) وَعَارِضِيهِ ( قَوْلُهُ : أَنَّهَا لَوْ اغْتَسَلَتْ لِوَطْءٍ مُحَرَّمٍ صَحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنَّهُ قَيَّدَ بِمَا إذَا نَوَتْ الْوَطْءَ الْحَلَالَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ قَيْدٌ وَفِي كَلَامِهِمْ فِي بَابِ النِّيَّةِ إشَارَةٌ إلَيْهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ نَوَتْ الْغُسْلَ لِأَجْلِ وَطْءٍ حَرَامٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ مُطْلَقًا انْتَهَى .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ اطَّرَدَ فِيمَا لَوْ تَوَضَّأَ لِيُصَلِّيَ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ

( وَيُجْزِئُ فَرِيضَةُ الْغُسْلِ ) أَوْ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَوْلُهُ : ( لَا الْغُسْل ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ لَا نِيَّةَ الْغُسْلِ فَلَا تُجْزِئُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فَارِقًا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً بِخِلَافِ الْغُسْلِ وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الِاكْتِفَاءَ بِنِيَّةِ أَدَاءِ .
الْغُسْلِ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَاوِي الصَّغِيرُ وَمَنْ تَبِعَهُ ( وَلَا ) الْغُسْلُ ( لِمَا يُسَنُّ ) هُوَ ( لَهُ ) كَعُبُورِ مَسْجِدٍ وَأَذَانٍ مِنْ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَجُمُعَةٍ وَعِيدٍ فَلَا تُجْزِئُ ، وَكَذَا لَوْ نَوَاهُ لِمَا لَا يُسَنُّ لَهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ

( قَوْلُهُ : أَوْ الْغُسْلُ الْمَفْرُوضُ ) كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ الطَّهَارَةُ لِأَمْرٍ لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْغُسْلِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الْوُضُوءِ ( قَوْلُهُ : بِأَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً .
إلَخْ ) وَفَرَّقَ غَيْرُهُ أَيْضًا بِأَنَّ الْغُسْلَ قَدْ يَكُونُ عَنْ خُبْثٍ كَمَا يَكُونُ عَنْ حَدَثٍ فَاحْتِيجَ إلَى نِيَّةِ التَّمْيِيزِ وَبِأَنَّهُ يَقَعُ عَلَى الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ كَغُسْلِ الْجُمُعَةِ وَالْمَنْدُوبُ يُزَاحِمُ الْوَاجِبَ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ عَلَى الرَّجُلُ أَغْسَالٌ وَاجِبَةٌ وَمَنْدُوبَةٌ ، وَأَمَّا الْمُحْدِثُ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِي حَقِّهِ وُضُوءُ التَّحْدِيدِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ فَإِذَا نَوَى الْمُحْدِثُ الْوُضُوءَ انْصَرَفَ إلَى مَا يَرْفَعُ الْحَدَثَ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُفْهِمُ كَلَامُ الْمُصَنِّف الِاكْتِفَاءَ .
.
.
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) سَأَلَ ابْنُ ظَهِيرَةَ الْبُلْقِينِيُّ مَا الْحُكْمُ فِي خِضَابِ الْمَرْأَةِ بِالْعَفْصِ هَلْ يُبَاحُ أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُكَلَّفَةِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَمَا مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالسَّوَادِ الَّذِي أَبَاحُوا الْخِضَابَ بِهِ لِلْمَرْأَةِ بِشَرْطِهِ فَأَجَابَ الْحُكْمُ فِيهَا أَنَّ الْخِضَابَ الْمَذْكُورَ الَّذِي يُغَطِّي جُرْمَ الْبَشَرَةِ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ بِالْمَاءِ عِنْدَ الطَّهَارَةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ فِعْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَبَعْدَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ تَعَمُّدِ تَنْجِيسِ الْبَدَنِ مَعَ تَعَذُّرِ الْمَاءِ الَّذِي يُزِيلُ بِهِ النَّجَاسَةَ وَمُرَادُ الْأَصْحَابِ بِالْخِضَابِ الَّذِي أَبَاحُوهُ الْخِضَابَ الَّذِي لَا يَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ أَوْ يَمْنَعُهُ وَتُمْكِنُ إزَالَتُهُ عِنْدَ الطَّهَارَةِ الْوَاجِبَةِ انْتَهَى .
قَالَ النَّاشِرِيُّ وَمِمَّا سَمِعْته مِنْ وَالِدِي فِي الْمُذَاكَرَةِ أَنَّ خِضَابَ الْمَرْأَةِ بِالْعَفْصِ يُبَاحُ فِعْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْمَاءَ مِنْ الْوُصُولِ إلَى الْبَشَرَةِ لِكَوْنِهِ يُغْسَلُ بَعْدَ فِعْلِهِ بِقَلِيلٍ ، وَيُزَالُ جُرْمُهُ ثُمَّ يَتَنَفَّطُ الْجِسْمُ لِحَرَارَتِهِ

وَيَحْصُلُ مِنْ الْمُتَنَفِّطِ جُرْمٌ وَذَلِكَ الْجُرْمُ مِنْ نَفْسِ الْبَدَنِ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ رَفْعِ الْحَدَثِ

( وَيَجِبُ قَرْنُهَا ) أَيْ النِّيَّةِ ( بِأَوَّلِ فَرْضٍ ) وَهُوَ أَوَّلُ مَا يُغْسَلُ مِنْ الْبَدَنِ ( وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى السُّنَنِ وَعُزُوبِهَا ) قَبْلَ غُسْلِ شَيْءٍ مِنْ الْمَفْرُوضِ ( مَا ) مَرَّ ( فِي الْوُضُوءِ ) فَلَوْ خَلَا عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ السُّنَنِ لَمْ يُثَبْ عَلَيْهِ وَلَوْ أَتَى بِهَا مِنْ أَوَّلِ السُّنَنِ لَكِنَّهَا غَرَبَتْ قَبْلَ أَوَّلِ الْمَفْرُوضِ لَمْ يَجُزْ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْتَدِئَ بِالنِّيَّةِ مَعَ التَّسْمِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا قَالَ : وَإِذَا اغْتَسَلَ مِنْ إنَاءٍ كَإِبْرِيقٍ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنْوِيَ عِنْدَ غُسْلِ مَحِلِّ الِاسْتِنْجَاءِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ أَوْ يَحْتَاجُ إلَى الْمَسِّ فَيُنْتَقَضُ وُضُوءُهُ أَوْ إلَى كُلْفَةٍ فِي لَفِّ خِرْقَةِ عَلَى يَدِهِ ( وَ ) الشَّيْءُ الثَّانِي ( تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْمَاءِ شَعْرًا ) وَإِنْ كَثُفَ ( وَبَشَرًا ) وَظُفْرًا ( وَمَا ظَهَرَ مِنْ صِمَاخٍ وَأَنْفٍ مَجْدُوعٍ ) بِدَالٍ مُهْمَلَةٍ أَيْ مَقْطُوعٍ وَغَيْرِهِمَا ( وَمِنْ ثَيِّبٍ قَعَدَتْ لِقَضَاءِ حَاجَةٍ ) لِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَفِعْلُهُ مُبَيِّنٌ لِلتَّطَهُّرِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا } وَإِنَّمَا وَجَبَ غُسْلُ الْكَثِيفِ هُنَا دُونَ الْوُضُوءِ لِقِلَّةِ الْمَشَقَّةِ هُنَا وَكَثْرَتِهَا فِي الْوُضُوءِ لِتَكَرُّرِهِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَطَفَ عَلَى " شَعْرًا " قَوْلَهُ ( وَمَا تَحْتَ قُلْفَةٍ ) مِنْ الْأَقْلَفِ فَيَجِبُ غَسْلُهُ لِأَنَّهَا مُسْتَحِقَّةُ الْإِزَالَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَهَا إنْسَانٌ لَمْ يَضْمَنْهَا فَمَا تَحْتَهَا كَالظَّاهِرِ وَهِيَ بِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَبِفَتْحِهِمَا مَا يَقْطَعُهُ الْخِتَانُ مِنْ ذَكَرِ الْغُلَامِ ، وَيُقَالُ لَهَا غُرْلَةٌ بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ وَرَاءٍ سَاكِنَةٍ

( وَلَا تَجِبُ مَضْمَضَةٌ وَاسْتِنْشَاقٌ ) فِي الْغُسْلِ وَإِنَّمَا يُنْدَبَانِ فِيهِ كَمَا فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ ( فَإِنْ تَرَكَهُمَا ) جَمِيعَهُمَا أَوْ مَجْمُوعَهُمَا ( أَسَاءَ ) أَيْ ارْتَكَبَ مَكْرُوهًا ( كَالْوُضُوءِ ) لِتَرْكِهِ سُنَّةً أَوْ سُنَنًا مُؤَكَّدَةً ( وَأَعَادَهُمَا ) أَيْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ ( لَا هُوَ ) أَيْ الْوُضُوءَ هَذَا تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى نَقْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمَضْمَضَةَ أَوْ الِاسْتِنْشَاقَ أَوْ الْوُضُوءَ فَقَدْ أَسَاءَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنْ اسْتِحْبَابِ إعَادَةِ الْوُضُوءِ سَهْوٌ بَلْ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ انْتَهَى .
وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الرَّوْضَةِ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَدَارَكَ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِي نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَلَوْ سُلِّمَ فَلَيْسَ حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِالْوُضُوءِ كَمَا زَعَمَهُ الْمُعْتَرِضُ بَلْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ سَاكِتٌ عَنْهُ لِنُكْتَةٍ تُعْرَفُ مِمَّا يَأْتِي وَعِبَارَتُهُ كَمَا نَقَلَهَا هُوَ كَالنَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ عَنْهُ فَإِنْ تَرَكَ الْوُضُوءَ لِلْجَنَابَةِ أَوْ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَقَدْ أَسَاءَ وَيَسْتَأْنِفُ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : وَأَمَرَهُ بِاسْتِئْنَافِهِمَا دُونَ الْوُضُوءِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ فَأُحِبُّ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ دُونَ مَوْضِعِهِمْ فَأَمَرَهُ بِإِيصَالِهِ إلَيْهِمَا انْتَهَى .
وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَمَرَ بِاسْتِئْنَافِهِمَا دُونَهُ لِأَنَّهُمَا آكَدُ مِنْهُ وَلِاسْتِبْعَادِ اسْتِئْنَافِهِمَا دُونَهُ إذْ قَدْ عُهِدَ أَنَّهُمَا إذَا فَاتَا فِي الْوُضُوءِ لَمْ يَتَدَارَكَا وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَعْرُوفُ سَنُّ تَدَارُكِ الثَّلَاثَةِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ أَيْضًا فَقَالَ بَعْدَمَا قَدَّمْته عَنْهُ : قَالَ أَصْحَابُنَا : وَيُسْتَحَبُّ اسْتِئْنَافُ الْوُضُوءِ لَكِنَّ اسْتِحْبَابَ

الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ آكَدُ
( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا يُنْدَبَانِ فِيهِ كَمَا فِي غَسْلِ الْمَيِّتِ ) لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُجَرَّدَ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ إلَّا إذَا كَانَ بَيَانًا لِمَحَلٍّ تَعَلَّقَ بِهِ الْوُجُوبُ وَلَيْسَ الْأَمْرُ هُنَا كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَأَعَادَهُمَا لَا هُوَ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَدَلَ قَوْلِهِ : وَأَعَادَهُمَا لَا هُوَ وَأَعَادَهَا ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ دُونَ مَوْضِعِهِمَا إلَخْ ) وَلِأَنَّهُمَا عُضْوَانِ يَتَغَيَّرَانِ عِنْدَ طُولِ الْعَهْدِ بِالْمَاءِ فَأَمَرَ بِاسْتِئْنَافِهِمَا لِهَذَا الْمَعْنَى

( وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ بَاطِنِ الْعَيْنِ بَلْ لَا يُسَنُّ ) كَمَا لَا يَجِبُ وَلَا يُسَنُّ غَسْلُ بَاطِنِهَا ( وَلَا ) غَسْلُ ( بَاطِنِ عُقَدِ شَعْرٍ ) بَلْ يُسَامَحُ بِهِ ( وَلَا ) يَجِبُ ( نَقْضُ ضَفْر ) أَيْ شَعْرٍ مَضْفُورٍ ( يَصِلُهُ الْمَاءُ ) أَيْ يَصِلُ بَاطِنَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَصِلْهُ وَقَدَّمْت أَنَّ الضَّفْرَ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ ( وَأَكْمَلُهُ ) أَيْ الْغُسْلِ ( إزَالَةُ قَذَرٍ ) ظَاهِرٍ كَبُصَاقٍ وَمَنِيٍّ ( وَنَجَسٍ أَوْ لَا ) أَيْ قَبْلَ الْغُسْلِ اسْتِظْهَارًا ( وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلَةٌ ) وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَصِيرُ مُسْتَعْمَلًا إلَّا بِانْفِصَالِهِ عَنْ الْعُضْوِ كَمَا مَرَّ ( ثُمَّ ) بَعْدَ إزَالَةِ ذَلِكَ ( الْوُضُوءُ كَامِلًا ) .
لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ تَأْخِيرِ قَدَمَيْهِ عَنْ الْغُسْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَإِنْ ثَبَتَ تَأْخِيرُهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ : وَسَوَاءٌ أَقَدَّمَ الْوُضُوءَ كُلَّهُ أَمْ بَعْضَهُ أَمْ أَخَّرَهُ أَمْ فَعَلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ فَهُوَ مُحَصِّلٌ لِلسُّنَّةِ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَقْدِيمُهُ ( يَنْوِي بِهِ سُنَّةَ الْغُسْلِ إنْ تَجَرَّدَتْ الْجَنَابَةُ ) عَنْ الْحَدَثِ ( وَإِلَّا ) نَوَى بِهِ ( رَفْعَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَإِنْ قُلْنَا يَنْدَرِجُ ) فِي الْغُسْلِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ فِي بَابِ صِفَةِ الْوُضُوءِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ لَا حَاجَةَ إلَى إفْرَادِهِ بِنِيَّةٍ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ حَدَثٌ أَصْغَرُ أَوْ كَانَ وَقُلْنَا بِانْدِرَاجِهِ لَمْ يَكُنْ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً بَلْ مِنْ كَمَالِ الْغُسْلِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ تَكْفِي فِيهِ نِيَّةُ الْغُسْلِ كَمَا يَكْفِي فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ نِيَّةُ الْوُضُوءِ وَبِهِ صَرَّحَ أَبُو خَلَفٍ الطَّبَرِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا يُنَافِي ارْتِفَاعَ الْجَنَابَةِ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فِيمَا إذَا قَدَّمَهُ عَلَى الْغُسْلِ حُصُولُ صُورَةِ الْوُضُوءِ قَالَ النَّسَائِيّ وَلَعَلَّ مُرَادَ

الرَّافِعِيِّ بِمَا قَالَهُ الْإِشَارَةُ إلَى مَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ نِيَّتِهِ مَعَ نِيَّةِ الْغُسْلِ لَا نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ أَيْ فَيُرْجَعُ إلَى مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَيَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا قَائِلًا بِاسْتِحْبَابِ النِّيَّةِ لَا بِوُجُوبِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِحُكْمِ كُلِّ مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ عِبَادَةٍ كَالطَّوَافِ لِلْحَجِّ وَالسِّوَاكِ لِلْوُضُوءِ فَلَمْ يَزِدْ النَّوَوِيُّ عَلَى الرَّافِعِيِّ إلَّا التَّفْصِيلَ فِي كَيْفِيَّةِ النِّيَّةِ

( قَوْلُهُ : وَلَا يَجِبُ غَسْلُ شَعْرِ بَاطِنِ الْعَيْنِ ) أَوْ الْأَنْفِ أَوْ الْفَمِ ( قَوْلُهُ : بَلْ لَا يُسَنُّ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَسْتَرْسِلْ مِنْهَا فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا خَرَجَ ت ( قَوْلُهُ : وَقَدَّمْت أَنَّ الضَّفْرَ بِالضَّادِ لَا بِالظَّاءِ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ ضَفْرٌ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْمَاءَ لَيْسَ لَهُ قُوَّتَانِ قُوَّةٌ لِإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَقُوَّةٌ لِرَفْعِ الْحَدَثِ ( قَوْلُهُ : أَيْضًا وَإِنْ كَفَى لَهُمَا غَسْلَةٌ .
.
.
إلَخْ ) قَيَّدَهَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ نِيَّةِ الْوُضُوءِ بِالنَّجَاسَةِ الْحُكْمِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ أَوْجَهُ فَتَكْفِي الْغَسْلَةُ لَهُمَا إذَا زَالَ النَّجَسُ بِهَا وَإِنْ كَانَ عَيْنِيًّا س وَجَزَمَتْهُ التَّتِمَّةُ بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَتْ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ عَلَى عُضْوِ الْمُحْدِثِ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ سَبْعًا وَتَعْفِيرِهِ ثُمَّ يَغْسِلُهُ لِلْحَدَثِ لِاخْتِلَافِ الطَّهَارَتَيْنِ فَلَمْ تَتَدَاخَلَا وَبِهَذَا يُلْغَزُ فَيُقَالُ : رَجُلٌ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ أَلْفَ غَمْسَةٍ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ وَلَمْ تَرْتَفِعْ جَنَابَتُهُ أَيْ لِعَدَمِ التَّعْفِيرِ فِيهِ ، وَقَوْلُهُ فَلَمْ تَتَدَاخَلَا هَذَا بِنَاءٌ عَلَى مُعْتَقِدِهِ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ لَهُمَا بِوَاحِدَةٍ أَمَّا الْقَائِلُ بِالِاكْتِفَاءِ فَالْحُكْمُ عِنْدَهُ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ السَّابِعَةِ وَأَمَّا السَّابِعَةُ فَتَكْفِي لَهُمَا عِنْدَهُ إذَا عَفَّرَ فِيمَا عَدَاهَا أَوْ كَانَتْ كُدْرَةً ( قَوْلُهُ : قَالَ النَّسَائِيّ وَلَعَلَّ مُرَادَ الرَّافِعِيِّ .
إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا حَمْلُهُ لَيْسَ بِمَرْضِيٍّ ( فَرْعٌ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ لَا يَنْبَغِي لِلْجُنُبِ أَنْ يُزِيلَ شَيْئًا مِنْ أَجْزَائِهِ أَوْ دَمِهِ قَبْلَ غُسْلِهِ إذْ يُرَدُّ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ جُنُبًا وَيُقَالُ إنَّ كُلَّ شَعَرَةٍ تُطَالِبُهُ بِجَنَابَتِهَا

( وَتَجَرُّدُهَا ) أَيْ الْجَنَابَةِ عَنْ الْحَدَثِ أَيْ حُصُولُهَا مَعَ بَقَاءِ الْوُضُوءِ يَكُونُ ( بِنَحْوِ لِوَاطٍ ) كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ ( وَ ) إنْزَالٍ بِنَحْوِ ( ضَمٍّ بِحَائِلٍ ) لِامْرَأَةٍ ( وَفِكْرٍ وَنَظَرٍ ) وَنَوْمٍ مُمَكِّنٍ ( ثُمَّ ) بَعْدَ الْوُضُوءِ ( تَعَهَّدَ مَعَاطِفَهُ ) كَالْأُذُنِ وَغُضُونِ الْبَطْنِ ( وَ ) تَعَهَّدَ ( أُصُولَ شَعْرٍ ) لَهُ بِالْمَاءِ اسْتِظْهَارًا ( ثُمَّ يُفِيضُ ) الْمَاءَ ( عَلَى رَأْسِهِ ثُمَّ شِقِّهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ بِتَثْلِيثٍ ) لِغُسْلِ جَمِيعِ الْبَدَنِ ( وَذَلِكَ ) فِي كُلِّ مَرَّةٍ لِمَا تَصِلُهُ يَدُهُ كَالْوُضُوءِ وَتَأَسِّيًا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَعَهَّدُ مَا ذُكِرَ ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَيُدَلِّكُهُ ثَلَاثًا ثُمَّ بَاقِيَ جَسَدِهِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَغْسِلَ وَيُدَلِّكَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ الْمُقَدِّمَ ثُمَّ الْمُؤَخِّرَ ثُمَّ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ مَرَّةً ثُمَّ ثَانِيَةً ثُمَّ ثَالِثَةً كَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُتَّجِهَ إلْحَاقُهُ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ حَتَّى لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْمُؤَخَّرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُقَدَّمِ رُدَّ بِسُهُولَةِ مَا ذُكِرَ هُنَا عَلَى الْحَيِّ بِخِلَافِهِ فِي الْمَيِّتِ لِمَا يَلْزَمُ فِيهِ مِنْ تَكْرِيرِ تَقْلِيبِ الْمَيِّتِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْسَرِ وَأُخِّرَتْ إفَاضَةُ الْمَاءِ عَمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ الْإِسْرَافِ فِيهِ ، وَأَقْرَبُ إلَى الثِّقَةِ بِوُصُولِهِ فَإِنْ انْغَمَسَ فِي مَاءٍ فَإِنْ كَانَ فِي جَارٍ كَفَى فِي التَّثْلِيثِ أَنْ يُمِرَّ عَلَيْهِ مِنْهُ ثَلَاثَ جَرْيَاتٍ لَكِنْ قَدْ يَفُوتُهُ الدَّلْكُ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْهُ غَالِبًا تَحْتَ الْمَاءِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُضَيِّقُ نَفَسَهُ

( وَ ) إنْ كَانَ ( فِي رَاكِدٍ ) لَمْ يَكْفِ مُكْثُهُ بَلْ ( يَنْغَمِسُ ) فِيهِ ( ثَلَاثًا ) بِأَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ مِنْهُ وَيَنْقُلَ قَدَمَيْهِ وَاعْتِبَارُ انْفِصَالِهِ بِجُمْلَتِهِ بَعِيدٌ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ : وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّحَرُّكُ فِيهِ مِنْ مَقَامِهِ إلَى آخَرَ ثَلَاثًا وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ كَمَا فِي التَّسْبِيعِ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ فَإِنَّ حَرَكَتَهُ تَحْتَ الْمَاءِ كَجَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهِ ، وَكَانَ الرَّافِعِيُّ إنَّمَا اعْتَبَرَ الْغَمْسَ ثَلَاثًا لِيَأْتِيَ بِالدَّلْكِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ خَارِجَ الْمَاءِ ، وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ إلَى تَعْبِيرِهِ بِرَاكِدٍ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِنَهْرٍ لِيَسْلَمَ مِنْ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ النَّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا جَارِيًا ( وَأَتْبَعَتْ ) أَيْ وَأَكْمَلَهُ مَا مَرَّ ، وَأَنْ تُتْبِعَ ذَاتُ الْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ وَلَوْ بِكْرًا وَخَلِيَّةً بَعْدَ غُسْلِهَا ( أَثَرَ الدَّمِ مِسْكًا ) بِأَنْ تَجْعَلَهُ عَلَى قُطْنَةٍ أَوْ نَحْوِهَا وَتُدْخِلَهَا فِي قُبُلِهَا إلَى الْمَحِلِّ الَّذِي يَجِبُ غُسْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ تَطْيِيبًا لِلْمَحِلِّ { وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسَائِلَتِهِ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْحَيْضِ خُذِي فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرِي بِهَا فَلَمْ تَعْرِفْ مُرَادَهُ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْت تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْفِرْصَةُ : قِطْعَةُ صُوفٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْأَوْلَى الْمِسْكُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَجِدْهُ ( فَطِيبًا ) آخَرَ ( وَإِلَّا فَطِينًا ) بِالنُّونِ ( وَالْمَاءُ كَافٍ ) وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَ أَحْسَنُ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ : وَمُرَادُ الْمُعَبِّرِينَ بِالْأَوَّلِ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا بِلَا عُذْرٍ وَبِهَذَا بَطَلَ مَا اعْتَرَضَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّ عِبَارَةَ الرَّوْضَةِ

لَيْسَتْ صَحِيحَةً وَمَعْنَاهَا فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَالْمَاءُ كَافٍ عَنْ الْحَدَثِ مَعَ الْخُلُوِّ عَنْ سُنَّةِ الِاتِّبَاعِ وَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَافٍ عَنْ السُّنَّةِ وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَ الْمُحِدَّةُ فَلَا تُطَيِّبُ الْمَحِلَّ إلَّا بِقَلِيلِ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَدَدِ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ الْمُسْتَحَاضَةَ أَيْضًا فَقَالَ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَسْتَعْمِلَهُ لِأَنَّهُ يَتَنَجَّسُ بِخُرُوجِ الدَّمِ فَيَجِبُ غُسْلُهُ .
فَلَا يَبْقَى فِيهِ فَائِدَةٌ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ
( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَأَتْبَعَتْ أَثَرَ الدَّمِ مِسْكًا ) شَمَلَ تَعْبِيرُهُ بِأَثَرِ الدَّمِ الْمُسْتَحَاضَةَ إذَا شُفِيَتْ وَهُوَ مَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : كَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ ) فَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْبِكْرِ وَالثَّيِّبِ أَمَّا الصَّائِمَةُ فَلَا تَسْتَعْمِلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا قَطِينًا ) أَيْ أَوْ نَحْوَهُ ( قَوْلُهُ : وَالْمَاءُ كَافٍ ) أَيْ فِي دَفْعِ الْعَتَبِ الْمُتَوَجِّهِ بِسَبَبِ الْإِخْلَالِ بِالنِّسْبَةِ لِمَكَانِ الْعُذْرِ بِعَدَمِ الْوُجْدَانِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لَا فِي حُصُولِ ثَوَابِ السُّنَّةِ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَائِيُّ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَلَمْ أَرَهُ فِي الْعَزِيزِ هُنَا آتٍ ( قَوْلُهُ : وَيُسْتَثْنَى مِمَّا ذَكَرَ الْمُحِدَّةُ .
.
.
إلَخْ ) وَالظَّاهِرُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا أَنَّ الْمُحْرِمَةَ كَالْمُحِدَّةِ وَأَوْلَى لِقِصَرِ زَمَنِ الْإِحْرَامِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ تَحْرِيمِ الطِّيبِ فِيهِ ت وَيُحْتَمَلُ مَنْعُهَا مِنْ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ ، وَهُوَ الْحَقُّ كَمَا قَالَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَايَاتِيُّ ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ نَظَرٌ ) قَالَ شَيْخُنَا : فَالْأَوْجَهُ أَنَّهَا تَسْتَعْمِلُهُ تَطْيِيبًا لِلْمَحَلِّ وَلِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ

( وَأَنْ ) لَا ( يَنْقُصَ فِيهِ ) أَيْ فِي الْغُسْلِ ( عَنْ صَاعٍ ) أَيْ ( أَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ وَفِي الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ ) أَيْ ( رَطْلٍ وَثُلُثٍ ) بَغْدَادِيٍّ تَقْرِيبًا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ { كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ } فَعُلِمَ أَنَّ مَاءَهُمَا لَا يَجِبُ تَقْدِيرُهُ فَلَوْ نَقَصَ وَأَسْبَغَ كَفَى فَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ بِإِنَاءٍ فِيهِ قَدْرُ ثُلُثَيْ مُدٍّ } قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَدْ يُرْفَقُ بِالْقَلِيلِ فَيَكْفِي وَيُخْرَقُ بِالْكَثِيرِ فَلَا يَكْفِي وَمَحِلُّ سَنِّ الْمُدِّ وَالصَّاعِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ حَجْمُهُ كَحَجْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ بِالنِّسْبَةِ زِيَادَةً وَنَقْصًا وَالتَّعْبِيرُ بِأَنْ لَا يَنْقُصَ مَاءُ الْوُضُوءِ عَنْ مُدٍّ وَالْغُسْلِ عَنْ صَاعٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَكَثِيرٌ وَعَبَّرَ آخَرُونَ بِأَنَّهُ يُنْدَبُ الْمُدُّ وَالصَّاعُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَدُلُّ لَهُ الْخَبَرُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ لِأَنَّ الرِّفْقَ مَحْبُوبٌ لَكِنْ نَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا نَسَبَهُ لِلْأَصْحَابِ
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ زِيَادَةً وَنَقْصًا ) وَذَكَرَ فِي الْإِقْلِيدِ نَحْوَهُ ، وَقَالَ : فَلَوْ قِيلَ يَتَطَهَّرُ غَيْرَ مُسْرِفٍ وَلَا مُقْتِرٍ كَانَ أَضْبَطَ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ نَازَعَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِيمَا نَسَبَهُ لِلْأَصْحَابِ ) فَإِنَّ كَلَامَهُمْ يُشْعِرُ بِنَدْبِ زِيَادَةٍ لَا سَرَفَ فِيهَا لِأَنَّ الْمَنْدُوبَاتِ الْمَطْلُوبَةَ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ لَا تَتَأَتَّى إلَّا بِالزِّيَادَةِ قَطْعًا

( وَ ) أَنْ يَسْتَصْحِبَ النِّيَّةَ ذِكْرًا فِي جَمِيعِ الْأَفْعَالِ لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ ( وَ ) أَنْ ( لَا يَغْتَسِلَ فِي ) مَاءٍ ( رَاكِدٍ ) وَلَوْ كَثِيرًا أَوْ بِئْرٍ مُعَيَّنَةٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ بَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَغْتَسِلُ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ وَهُوَ جُنُبٌ فَقِيلَ كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلًا } قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ فِي الْبَيَانِ : وَالْوُضُوءُ فِيهِ كَالْغُسْلِ انْتَهَى .
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى وُضُوءِ الْجُنُبِ وَإِنَّمَا كُرِهَ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي طَهُورِيَّةِ ذَلِكَ الْمَاءِ أَوْ لِشَبَهِهِ بِالْمَاءِ الْمُضَافِ وَإِنْ كَانَتْ الْإِضَافَةُ لَا تُغَيِّرُهُ إذْ الْأَعْضَاءُ فِي الْأَغْلَبِ لَا تَخْلُو عَنْ الْأَعْرَاقِ وَالْأَوْسَاخِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَبْحِرِ ( وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْغُسْلِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهِمَا مَعَ مَا بَعْدَهُمَا ( كَمَا فِي الْوُضُوءِ ) فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِهِ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْغُسْلَ يُخَالِفُ الْوُضُوءَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ فِيهِ وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةٍ لِوُضُوءِ سُنَنِ كَثِيرَةٍ تَدْخُلُ هُنَا
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْبَيَانِ وَالْوُضُوءُ فِيهِ كَالْغُسْلِ ) شَمَلَ الْوُضُوءُ وُضُوءَ الْمُحْدِثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُنُبًا

( وَجَازَ تَكَشُّفٌ لَهُ ) أَيْ لِلْغُسْلِ ( فِي خَلْوَةٍ ) أَوْ بِحَضْرَةِ مَنْ يَجُوزُ نَظَرُهُ إلَى عَوْرَتِهِ ( وَالسِّتْرُ أَفْضَلُ ) لِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ { قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ : عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ ؟ قَالَ : احْفَظْ عَوْرَتَك إلَّا مِنْ زَوْجَتِك أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُك ، قُلْت : أَرَأَيْت إذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا ؟ قَالَ : اللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ مِنْ النَّاسِ } أَمَّا غُسْلُهُ بِحَضْرَةِ مَنْ يَحْرُمُ نَظَرُهُ إلَى عَوْرَتِهِ فَلَا يَجُوزُ مَعَ كَشْفِهَا كَمَا لَا يَجُوزُ كَشْفُهَا فِي الْخَلْوَةِ بِلَا حَاجَةٍ ( وَيُسَنُّ تَرْتِيبٌ ) لِلْغُسْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي ( لَا تَجْدِيدٌ ) لَهُ فَلَا يُسَنُّ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا لِأَنَّ مُوجِبَ الْوُضُوءِ أَغْلَبُ وُقُوعًا وَاحْتِمَالُ عَدَمِ الشُّعُورِ بِهِ أَقْرَبُ فَيَكُونُ الِاحْتِيَاطُ فِيهِ أَهَمَّ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ خَبَرَ { مَنْ تَوَضَّأَ عَلَى طُهْرٍ كُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ } ثُمَّ بَيَّنَ تَرْتِيبَ الْغُسْلِ بِقَوْلِهِ ( فَيَبْدَأُ بَعْدَ الْوُضُوءِ ) بِأَعْضَائِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِشَرَفِهَا ثُمَّ ( بِالرَّأْسِ ثُمَّ أَعْلَى الْبَدَنِ ) بِأَنْ يُفِيضَ الْمَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا مُبْتَدِئًا بِالْأَيْمَنِ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا كَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ ثُمَّ الْبَدَنِ مُبْتَدِئًا بِأَعْلَى ذَلِكَ كَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّ التَّرْتِيبَ قَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَلَوْ قَالَ ثُمَّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَذَلِكَ مُبْتَدِئًا بِالْأَعْلَى كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى
( قَوْلُهُ : يُسَنُّ تَجْدِيدُهُ إذَا صَلَّى بِالْأَوَّلِ صَلَاةً مَا ) الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِدَائِمِ الْحَدَثِ كَالْمُتَيَمِّمِ غ

( وَإِنْ أَحْدَثَ فِي أَثْنَائِهِ ) أَيْ الْغُسْلِ ( أَتَمَّ وَتَوَضَّأَ ) إنْ أَحْدَثَ بَعْدَ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَإِلَّا غَسَلَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ مِنْهَا كَمَا مَرَّ ( وَنُدِبَ ) لِمَنْ يَغْتَسِلُ مِنْ إنْزَالِ الْمَنِيِّ ( الْبَوْلُ قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الْغُسْلِ وَمُرَادُهُ لِيُوَافِقَ أَصْلَهُ وَغَيْرَهُ أَنَّهُ يُنْدَبُ الْغُسْلُ بَعْدَ الْبَوْلِ لِئَلَّا يَخْرُجَ بَعْدَهُ مَنِيٌّ وَعُلِمَ بِنَدْبِ ذَلِكَ جَوَازُ عَكْسِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ ( وَلَوْ بَقِيَتْ شَعْرَةٌ ) لَمْ تُغْسَلْ ( فَنَتَفَهَا ) يَعْنِي أَزَالَهَا بِنَتْفٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا ) وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ وَصَلَ إلَى أَصْلِهَا لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْغَسْلُ ( وَالْقَطْعُ ) لَيْسَ بِغَسْلٍ
( قَوْلُهُ : وَإِلَّا غَسَلَ مِنْهَا بِنِيَّةِ الْوُضُوءِ مَا أَحْدَثَ بَعْدَهُ مِنْهَا .
إلَخْ ) أَمَّا مَا لَمْ يَغْسِلْهُ مِنْهَا فَإِنَّ جَنَابَتَهُ بَاقِيَةٌ يَرْتَفِعُ بِإِتْمَامِ غُسْلِهِ حَدَثَاهَا ( قَوْلُهُ : فَنَتَفَهَا وَجَبَ غَسْلُ مَا تَحْتَهَا ) وَلَوْ بَقِيَ طَرَفُهَا لَمْ يُغْسَلْ فَقُطِعَ وَجَبَ غَسْلُ مَا ظَهَرَ قَالَهُ فِي الْبَيَانِ

( وَإِنْ اغْتَسَلَ جُنُبٌ ) يَوْمَ جُمُعَةٍ أَوْ عِيدٍ مَثَلًا ( لِلْفَرْضِ لَمْ يَحْصُلْ النَّفَلُ ) وَإِنَّمَا يَحْصُلُ الْفَرْضُ فَقَطْ ( كَعَكْسِهِ ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَنْدَرِجْ النَّفَلُ فِي الْفَرْضِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ فَأَشْبَهَ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَعَ فَرْضِهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ نَوَى بِصَلَاتِهِ الْفَرْضَ دُونَ التَّحِيَّةِ حَيْثُ تَحْصُلُ التَّحِيَّةُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا بِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ إشْغَالُ الْبُقْعَةِ وَقَدْ حَصَلَ وَلَيْسَ الْقَصْدُ هُنَا النَّظَافَةَ فَقَطْ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْمَاءِ

( وَإِنْ وَجَبَ عَلَيْهِ فَرْضَانِ ) كَغُسْلَيْ جَنَابَةٍ وَحَيْضٍ ( كَفَاهُ الْغُسْلُ لِأَحَدِهِمَا كَنَفْلَيْنِ ) نَحْوُ غُسْلَيْ جُمُعَةٍ وَعِيدٍ وَلَا يَضُرُّ التَّشْرِيكُ بِخِلَافِ نَحْوِ الظُّهْرِ مَعَ سُنَّتِهِ لِأَنَّ مَبْنَى الطَّهَارَةِ عَلَى التَّدَاخُلِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ، وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ .
.
.
إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ

( فَصْلٌ ) ( الْحَمَّامُ ) أَيْ دُخُولُهُ لِلْغُسْلِ فِيهِ ( مُبَاحٌ وَ ) لَكِنْ ( يُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ بِلَا عُذْرٍ ) لِخَبَرِ { مَا مِنْ امْرَأَةٍ تَخْلَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِهَا إلَّا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرْضُ الْعَجَمِ وَسَتَجِدُونَ فِيهَا بُيُوتًا يُقَالُ لَهَا الْحَمَّامَاتُ فَلَا يَدْخُلَنَّهَا الرِّجَالُ إلَّا بِالْأُزُرِ وَامْنَعُوهَا النِّسَاءَ إلَّا مَرِيضَةً أَوْ نُفَسَاءَ } وَلِأَنَّ أَمْرَهُنَّ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّسَتُّرِ وَلِمَا فِي خُرُوجِهِنَّ وَاجْتِمَاعِهِنَّ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَالْخَنَاثَى كَالنِّسَاءِ فِيمَا يَظْهَرُ وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى الْحَاجَةِ
قَوْلُهُ : الْحَمَّامُ مُبَاحٌ ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ الْغُسْلُ بِدُونِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَعُّمِ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ ( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ أَنْ لَا يَزِيدَ فِي الْمَاءِ عَلَى الْحَاجَةِ ) وَصَوْنُ عَوْرَتِهِ عَنْ نَظَرِ غَيْرِهِ وَمَسِّهِ ، وَغَضُّ بَصَرِهِ عَنْ عَوْرَةِ غَيْرِهِ وَنَهْيُهُ عَنْ كَشْفِهَا وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَنْتَهِي ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ أَكْثَرَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ لِعَدَمِ الْإِذْنِ لَفْظًا وَعُرْفًا

( وَآدَابُهُ ) أَيْ دَاخِلُ الْحَمَّامِ ( قَصْدُ التَّنْظِيفِ ) وَالتَّطْهِيرِ الدَّاخِلِ فِي التَّنْظِيفِ أَوْ الْمَفْهُومِ بِالْأَوْلَى ( لَا التَّرَفُّهُ ) وَالتَّنَعُّمُ ( وَتَسْلِيمُ الْأُجْرَةِ أَوَّلًا ) أَيْ قَبْلَ دُخُولِهِ ( وَالتَّسْمِيَةُ لِلدُّخُولِ ثُمَّ التَّعَوُّذُ ) كَانَ يَقُولُ : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الرِّجْسِ النَّجِسِ الْخَبِيثِ الْمُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ، وَيُقَدِّمُ فِي دُخُولِهِ يَسَارَهُ وَفِي خُرُوجِهِ يَمِينَهُ كَمَا مَرَّ فِي الِاسْتِنْجَاءِ ( وَيَذْكُرُ ) بِحَرِّهِ ( النَّارَ وَالْجَنَّةَ ) وَاقْتَصَرَ فِي الْمَجْمُوعِ عَلَى ذِكْرِ النَّارِ فَقَالَ : وَأَنْ يَذْكُرَ بِحَرَارَتِهِ حَرَارَةَ نَارِ جَهَنَّمَ لِشَبَهِهِ بِهَا ( وَرُجُوعُهُ ) أَيْ آدَابُهُ مَا ذَكَرَ وَرُجُوعُهُ ( عَنْ عُرْيَانَ ) فِيهِ فَإِذَا رَأَى فِيهِ عُرْيَانَا لَا يَدْخُلُهُ بَلْ يَرْجِعُ ( وَتَرْكُ الْمَاءِ الْحَارِّ إلَى أَنْ يَعْرَقَ وَالصَّمْتُ ) عِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ : وَأَنْ لَا يُعَجِّلَ بِدُخُولِ الْبَيْتِ الْحَارِّ حَتَّى يَعْرَقَ فِي الْأَوَّلِ وَأَنْ لَا يُكْثِرَ الْكَلَامَ وَأَنْ يَدْخُلَ وَقْتَ الْخَلْوَةِ أَوْ يَتَكَلَّفَ إخْلَاءَ الْحَمَّامِ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ إلَّا أَهْلُ الدِّينِ فَالنَّظَرُ إلَى الْأَبْدَانِ مَكْشُوفَةً فِيهِ شَوْبٌ مِنْ قِلَّةِ الْحَيَاءِ ، وَهُوَ مُذَكِّرٌ لِلْفِكْرِ فِي الْعَوْرَاتِ ثُمَّ لَا يَخْلُو النَّاسُ فِي الْحَرَكَاتِ عَنْ انْكِشَافِ الْعَوْرَاتِ فَيَقَعُ عَلَيْهَا الْبَصَرُ ( وَإِذَا خَرَجَ ) مِنْهُ ( اسْتَغْفَرَ ) اللَّهَ تَعَالَى ( وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ) فَقَدْ كَانُوا يَقُولُونَ : يَوْمُ الْحَمَّامِ يَوْمُ إثْمٍ وَيَشْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا فَرَغَ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ ( وَكُرِهَ دُخُولُهُ قُبَيْلَ الْمَغْرِبِ وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ ) وَدُخُولُهُ لِلصَّائِمِ ذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَالْمَحَامِلِيُّ ( وَ ) كُرِهَ مِنْ جِهَةِ الطِّبِّ ( صَبُّ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الرَّأْسِ وَشُرْبُهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ ) مِنْهُ فِيهِمَا ( لَا دَلْكُ غَيْرِهِ لِمُبَاحٍ ) عِبَارَةُ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَلَا بَأْسَ بِدَلْكِ غَيْرِهِ

إلَّا عَوْرَةً أَوْ مَظِنَّةَ شَهْوَةٍ ، وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ لِغَيْرِهِ : عَافَاك اللَّهُ وَلَا بِالْمُصَافَحَةِ وَهَذَا الْفَصْلُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مَا عَدَا إبَاحَةَ دُخُولِ الْحَمَّامِ لِلنِّسَاءِ وَكَرَاهَتَهُ لَهُنَّ بِلَا عُذْرٍ فَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الْجِزْيَةِ

( كِتَابُ التَّيَمُّمِ ) هُوَ لُغَةً الْقَصْدُ يُقَالُ : تَيَمَّمْت فُلَانًا وَيَمَّمْته وَتَأَمَّمْته وَأَمَّمْته أَيْ قَصَدْته وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } وَشَرْعًا إيصَالُ التُّرَابِ إلَى الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ بِشَرَائِطَ مَخْصُوصَةٍ وَخُصَّتْ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةُ وَهُوَ رُخْصَةٌ وَقِيلَ : عَزِيمَةٌ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَدَثُ أَكْبَرَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ } إلَى قَوْلِهِ { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا وَقِيلَ تُرَابًا حَلَالًا وَخَبَرُ مُسْلِمٍ { جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا } وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْآتِي بَعْضُهَا ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يُبِيحُهُ ) وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ لِخَوْفِ ضَرَرٍ ظَاهِرٍ وَأَسْبَابُ الْعَجْزِ سَبْعَةٌ هَذَا مَا فِي الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ جَعَلَ الْمُبِيحَ السَّبْعَةَ نَظَرًا لِلظَّاهِرِ فَقَالَ ( وَهُوَ سَبْعَةٌ : الْأَوَّلُ فَقْدُ الْمَاءِ فَإِنْ تَيَقَّنَ فَقْدَهُ ) حَوْلَهُ ( فَلَا طَلَبَ عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ عَبَثٌ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ جَوَّزَ وُجُودَهُ ( وَجَبَ عَلَيْهِ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ أَوْ ) طَلَبُ ( مَأْذُونِهِ ) كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } وَلَا يُقَالُ لَمْ يَجِدْ إلَّا بَعْدَ الطَّلَبِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةُ ضَرُورَةٍ وَلَا ضَرُورَةَ مَعَ إمْكَانِهَا بِالْمَاءِ وَلَا قَبْلَ الْوَقْتِ ( لَا غَيْرُهُ ) أَيْ غَيْرُ مَأْذُونِهِ فَلَا يَكْفِي طَلَبُهُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ أَوْ طَلَبَ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ شَاكًّا فِيهِ لَمْ يَصِحَّ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْدُ نَعَمْ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُشْعِرُ بِجَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِذْنِ فِي الطَّلَبِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهُوَ مُتَّجِهٌ انْتَهَى .
وَصُورَتُهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَطْلُبَ لَهُ فِيهِ أَوْ يُطْلَقُ لَا لِيَطْلُبَ

لَهُ قَبْلَهُ .
كَنَظِيرِهِ فِي الْمُحْرِمِ يُوَكِّلُ رَجُلًا لِيَعْقِدَ لَهُ النِّكَاحَ ، وَإِذَا طَلَبَ فِي الْوَقْتِ وَلَمْ يَتَيَمَّمْ عَقِبَ الطَّلَبِ لَا يَلْزَمُهُ إعَادَتُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَبَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ مُفَرِّطٌ بِالطَّلَبِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِ ( فَيَطْلُبُهُ بِأَنْ ) يُفَتِّشَ رَحْلَهُ ( ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ ) يَمِينًا وَشِمَالًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا إنْ كَانَ ( فِي مُسْتَوٍ ) مِنْ الْأَرْضِ ( وَيَتَأَمَّلَ مَوْضِعَ الْخُضْرَةِ وَالطَّيْرِ ) بِأَنْ يَخُصَّهُ بِمَزِيدِ احْتِيَاطٍ ( وَ ) إنْ كَانَ ( فِي غَيْرِ مُسْتَوٍ ) كَأَنْ كَانَ فِي وَهْدَةٍ أَوْ جَبَلٍ ( تَرَدَّدَ إنْ أَمِنَ ) نَفْسًا وَمَالًا وَعُضْوًا وَاخْتِصَاصًا مُحْتَرَمَاتٍ وَانْقِطَاعَاتٍ عَنْ الرُّفْقَةِ ( وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ ) عَنْ تِلْكَ الصَّلَاةِ فَإِنْ لَمْ يَأْمَنْ مَا ذَكَرَهُ أَوْ ضَاقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ إلَّا مَا يَسَعُهَا لَمْ يَجِبْ التَّرَدُّدُ لِلضَّرَرِ وَلِلْوَحْشَةِ فِي انْقِطَاعِهِ ، وَإِخْرَاجُ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا سَوَاءٌ كَثُرَ الْمَالُ أَمْ قَلَّ وَحَذْفُ مَعْمُولِ " أَمِنَ " لِيَشْمَلَ مَا قُلْنَاهُ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَقَوْلِهِ وَلَمْ يَضِقْ الْوَقْتُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَارِزِيُّ ، وَحَيْثُ طَلَبَ الْمَاءَ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ مِنْ مَحِلٍّ يُتَوَهَّمُ وُجُودُهُ فِيهِ ، وَإِذَا وَجَبَ تَرَدُّدُهُ فِيمَا ذَكَرَ تَرَدَّدَ ( إلَى حَدٍّ تُسْمَعُ اسْتِغَاثَتُهُ ) بِأَنْ يَسْمَعَهَا رُفْقَتُهُ ( مَعَ مَا الرُّفْقَةُ فِيهِ ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا مِنْ تَشَاغُلِهِمْ بِأَشْغَالِهِمْ وَتَفَاوُضِهِمْ فِي أَقْوَالِهِمْ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاسْتِوَاءِ الْأَرْضِ وَاخْتِلَافِهَا صُعُودًا وَهُبُوطًا وَيُسَمَّى ذَلِكَ حَدَّ الْغَوْثِ ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَدُورَ الْحَدُّ الْمَذْكُورُ لِأَنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ ضَرَرًا عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْمَاءِ فِي الْمَوْضِعِ الْبَعِيدِ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا أَوْ نَحْوَهُ بِقُرْبِهِ ثُمَّ يَنْظُرَ حَوَالَيْهِ انْتَهَى ،

فَإِنْ كَانَ هَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالتَّرَدُّدِ إلَيْهِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ

( كِتَابُ التَّيَمُّمِ ) ( قَوْلُهُ : وَهُوَ رُخْصَةٌ ) وَقِيلَ : عَزِيمَةٌ وَيَصِحُّ بِتُرَابِ الْوَقْفِ وَالْمَسْجِدِ وَالتُّرَابُ الْمَغْصُوبُ وَإِنْ حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ وَنَزَلَ فَرْضُهُ سُنَّةٌ أَرْبَعٌ أَوْ سِتٌّ أَوْ خَمْسٌ الصَّحِيحُ الثَّانِي ( قَوْلُهُ : وَهُوَ سَبْعَةٌ ) قَدْ نَظَمَهَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ : يَا سَائِلِي أَسْبَابَ حِلِّ تَيَمُّمِ هِيَ سَبْعَةٌ لِسَمَاعِهَا تَرْتَاحُ فَقْدٌ وَخَوْفٌ حَاجَةٌ إضْلَالُهُ مَرَضٌ يَشُقُّ جَبِيرَةً وَجِرَاحُ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا وَجَبَ طَلَبُهُ فِي الْوَقْتِ ) أَيْ وَقْتِ الصَّلَاةِ الَّتِي يَطْلُبُ الْمَاءَ لِطَهَارَتِهَا فَلَوْ طَلَبَهُ لِفَائِتِهِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الطَّلَبِ دَخَلَ الْوَقْتُ فَتَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْوَقْتِ بِذَلِكَ الطَّلَبِ جَازَ ، ذَكَرَهُ الْقَفَّالُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الطَّلَبُ لِلتَّطَوُّعِ قَالَ وَحَقِيقَةُ الْفَرْقِ أَنَّهُ إذَا كَانَ الطَّلَبُ لِمَا يَجِبُ الطَّلَبُ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ جَازَ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ الطَّلَبِ ا هـ وَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ طَلَبَ لِضَرُورَةِ عَطَشِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ مَعَهُ فَلَمْ يَجِدْهُ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَالَ فِي الْخَادِمِ : قَدْ يَجِبُ الطَّلَبُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ فِي أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَتْ الْقَافِلَةُ عَظِيمَةً لَا يُمْكِنُ اسْتِيعَابُهَا إلَّا بِالْمُبَادَرَةِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ فَإِنَّهُ يَجِب عَلَيْهِ تَعْجِيلُ الطَّلَبُ فِي أَظْهَرِ الِاحْتِمَالَيْنِ لِابْنِ الْأُسْتَاذِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ طَلَبَ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ صَادَفَ الْوَقْتَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ التَّرَدُّدُ الْمُسْتَوِي أَمَّا لَوْ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى دُخُولِ الْوَقْتِ ثُمَّ طَلَبَ صَحَّ قَطْعًا .
( قَوْلُهُ : أَوْ طَلَبَ مَأْذُونَهُ ) شَرْطُ الِاكْتِفَاءِ بِطَلَبِ مَأْذُونِهِ أَنْ يَكُونَ مَقْبُولَ الْخَبَرِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ اعْتِقَادُهُ صِدْقَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولَ الرِّوَايَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ت ( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ ) قُلْت اتِّجَاهُهُ ظَاهِرٌ ت

قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مُسْتَوٍ ) هُوَ مَوْضِعُ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّرَدُّدِ غَالِبًا تَوْشِيحٌ ( قَوْلُهُ : بِضَمِّ الرَّاءِ ) وَكَسْرِهَا وَفَتْحِهَا ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا اخْتِلَافٌ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَيْنَ الْمُرَادَيْنِ

( بِخِلَافِ وَاجِدِ الْمَاءِ لَوْ خَافَ الْفَوَاتَ ) أَيْ فَوَاتِ الْوَقْتِ ( إنْ تَوَضَّأَ فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاقِدٍ لِلْمَاءِ ( ثُمَّ ) إذَا تَيَمَّمَ ( لَا يُجَدِّدُ طَلَبًا ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُهُ ( لِتَيَمُّمٍ آخَرَ إلَّا إنْ تَوَهَّمَ ) وُجُودَ الْمَاءِ وَلَمْ يَجْرِ أَمْرٌ يُحْتَمَلُ بِسَبَبِهِ وُجُودُهُ فَيَلْزَمُهُ التَّجْدِيدُ ( وَ ) لَكِنْ ( يَكُونُ طَلَبُهُ ) الْمُجَدَّدُ ( أَخَفَّ ) مِنْ طَلَبِهِ الْأَوَّلِ ( وَإِنْ ) جَرَى أَمْرٌ يُحْتَمَلُ بِسَبَبِهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَأَنْ ( انْتَقَلَ ) مِنْ مَكَانِهِ ( أَوْ طَلَعَ رَكْبٌ أَوْ سَحَابَةٌ أَعَادَ الطَّلَبَ ) أَيْضًا لَكِنْ لَا يَكُونُ الثَّانِي أَخَفَّ مِنْ الْأَوَّلِ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا كُلِّهِ تَخَلَّلَ بَيْنَ التَّيَمُّمَيْنِ زَمَنٌ أَمْ لَا ( وَيُنَادِي فِي الرُّفْقَةِ ) أَيْ رُفْقَةِ مَنْزِلِهِ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ بِحَيْثُ يَعُمُّهُمْ إلَّا أَنْ يَضِيقَ وَقْتُ تِلْكَ الصَّلَاةِ ( مِنْ مَعَهُ مَاءٌ ) أَوْ مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَطْلُبَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ ( وَيَكْفِي أَنْ تَأْذَنَ الرُّفْقَةُ لِوَاحِدٍ ثِقَةٍ يَطْلُبُ ) لَهُمْ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بَدَلَ قَوْلِهِ : لِوَاحِدٍ بِثِقَةٍ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( فَإِنْ تَيَقَّنَهُ ) أَيْ وُجُودَ الْمَاءِ ( بِحَدِّ الْقُرْبِ وَهُوَ مَا يَقْصِدُهُ الرُّفْقَةُ لِلِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ ) كَالِاحْتِشَاشِ وَهُوَ فَوْقَ حَدِّ الْغَوْثِ الَّذِي يَقْصِدُهُ عِنْدَ التَّوَهُّمِ ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى لَعَلَّهُ يَقْرَبُ مِنْ نِصْفِ فَرْسَخٍ ( وَجَبَ الطَّالِبُ ) مِنْهُ ( إنْ أَمِنَ ) مَعَ مَا مَرَّ ( الْفَوَاتَ ) أَيْ فَوَاتَ الْوَقْتِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ أَوْ بِحَدِّهِ لَكِنْ لَمْ يَأْمَنْ مَا ذَكَرَ ( فَلَا ) يَجِبُ الطَّلَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ وَالضَّرَرِ ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالُ قَدْرًا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي تَحْصِيلِ الْمَاءِ ثَمَنًا أَوْ أُجْرَةً أَيْ فَيَجِبُ الطَّلَبُ مَعَ خَوْفِ ضَرَرِهِ وَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَلَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ انْتَهَى

إلَى الْمَنْزِلِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ وَلَوْ طَلَبَ الْمَاءَ خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ طَلَبُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ يَجِبُ طَلَبُهُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي رَحْلِهِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا نَقَلَ مَا قَالَهُ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ ، وَزَادَ النَّوَوِيُّ نَقْلَهُ عَنْ ظَاهِرِ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ : إنَّهُ الْحَقُّ

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاقِدٍ لِلْمَاءِ ) وَلَا مَانِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ وَشَمَلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ أُقِيمَتْ الْجُمُعَةُ وَخَافَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ فَوْتِهَا لَوْ تَوَضَّأَ وَالْمَاءُ حَاضِرٌ عِنْدَهُ يُمْكِنُهُ اسْتِعْمَالُهُ وَلَوْ تَيَمَّمَ لَأَدْرَكَهَا فَإِنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِمَا قَدَّمْنَاهُ ( قَوْلُهُ : وَيُنَادِي فِي الرُّفْقَةِ .
إلَخْ ) قُلْت وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي نِدَائِهِ مَنْ يَدُلُّنِي عَلَى الْمَاءِ مَنْ يَجُودُ بِهِ مَنْ يَبِيعُهُ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِثَمَنِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي التَّهْذِيبِ يُنَادِي مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ مَنْ يَبِيعُ مَاءً إنْ كَانَ مَعَهُ ثَمَنٌ ا هـ فَيَجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّهُ قَدْ يَدُلُّهُ عَلَيْهِ وَلَا يَهَبُهُ وَلَا يَبِيعُهُ وَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ : مَنْ يَجُودُ بِالْمَاءِ وَنَحْوِهِ سَكَتَ مَنْ لَا يَبْذُلُهُ مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ النِّدَاءَ لِأَنَّ الْبَيَّاعَ قَدْ يَظُنُّ أَنَّهُ يَسْتَوْهِبُهُ فَلَا يُجِيبُهُ ت ( قَوْلُهُ : مَنْ مَعَهُ مَاءٌ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَلَوْ بِثَمَنِهِ فَقَدْ يَسْمَحُ بِالْبَيْعِ لَا بِالْهِبَةِ ش وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَيْ فَوَاتِ الْوَقْتِ ) لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَسْعَى إلَى هَذَا الْحَدِّ لِأَشْغَالِهِ الدُّنْيَوِيَّةِ فَلِلْعِبَادَةِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : أَيْ فَيَجِبُ الطَّلَبُ مَعَ خَوْفِ ضَرَرِهِ ) يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ حَيَوَانًا يُخْشَى عَلَيْهِ مِنْ افْتِرَاسِ السَّبُعِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الطَّلَبُ مُرَاعَاةً لِحُرْمَةِ الرُّوحِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَحْرُسُهُ بِأُجْرَةٍ لَا تَزِيدُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ وَجَبَ عِلْمٌ مِنْ كَوْنِ مَا يَجِبُ بَذْلُهُ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُ الطَّلَبَ أَنْ يَكُونَ السِّرْجِينُ وَنَحْوُهُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ دُونَ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ كَمَا قَالُوا فِي الْوَصِيَّةِ بِالْكَلْبِ وَنَحْوِهِ : إنَّهَا تَصِحُّ حَيْثُ خَلَّفَ مَالًا وَإِنْ قَلَّ .
قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا غَفْلَةٌ عَنْ الْمَنْقُول فَإِنَّهُ يَجِبُ سَقْيُ الْمَاءِ لِلْكِلَابِ

فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِتَحْصِيلِ مَا لَيْسَ بِحَاصِلٍ وَتَضْيِيعِ الْكِلَابِ أَصْلًا ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ مَا قَاسَ عَلَيْهِ فِي الْخَوْفِ عَلَى هَلَاكِ الْكِلَابِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ خَوْفٌ عَلَى أَخْذِ الْغَيْرِ لَهَا ( قَوْلُهُ : وَقَالَ السُّبْكِيُّ : إنَّهُ الْحَقُّ ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ

( وَمَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ ) أَيْ وُجُودَهُ ( آخِرَ الْوَقْتِ فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ ) مِنْ تَعْجِيلِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْأَكْمَلُ وَلِأَنَّ فَضِيلَةَ الصَّلَاةِ وَلَوْ آخِرَ الْوَقْتِ أَبْلَغُ مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ أَوَّلَهُ لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا إلَى آخِرِ الْوَقْتِ جَائِزٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى أَدَائِهَا أَوَّلَهُ ، وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْوُضُوءِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَمَحِلُّهُ إذَا تَيَقَّنَهُ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَإِلَّا وَجَبَ التَّأْخِيرُ لِأَنَّ الْمَنْزِلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الطَّلَبِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مِنْ أَصْحَابِنَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ تَيَقَّنَ عَدَمَهُ آخِرَ الْوَقْتِ أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ أَوْ تَوَهَّمَهُ ( فَالتَّعْجِيلُ ) أَفْضَلُ لِتَحَقُّقِ فَضِيلَتِهِ دُونَ فَضِيلَةِ الْوُضُوءِ وَفَارَقَ نَدْبَ التَّأْخِيرِ فِيمَنْ رَجَا زَوَالَ عُذْرِهِ الْمُسْقِطِ لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ فَوَاتِهَا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ تُفْعَلُ أَوَّلَ الْوَقْتِ غَالِبًا وَتَأْخِيرُ الظُّهْرِ إلَى فَوَاتِهَا لَيْسَ بِفَاحِشٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ مَعَ أَنَّ رَاجِيَ الْمَاءِ لَا حَدَّ لِتَأْخِيرِهِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّأْخِيرُ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ وَيَخَافُ مَعَهُ فَوَاتَ الصَّلَاةِ ( كَمَرِيضٍ ) عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ مَثَلًا ( وَعَارٍ ) عَجَزَ عَنْ السُّتْرَةِ فَإِنَّهُمَا إنْ تَيَقَّنَّا الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمَا آخِرَ الْوَقْتِ فَالْأَفْضَلُ أَنَّهُمَا ( يَنْتَظِرَانِ الْقُدْرَةَ وَالسُّتْرَةَ آخِرَهُ ) وَإِلَّا فَالْأَفْضَلُ التَّعْجِيلُ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْقُدْرَةِ كَفَى وَإِدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمَرِيضِ مِنْ زِيَادَتِهِ فَيَشْمَلُ كَلَامُهُ مَنْ بِهِ سَلَسُ بَوْلٍ أَوْ نَحْوُهُ فَيَنْظُرُ فِيهِ هَلْ يَرْجُو الِانْقِطَاعَ أَوْ لَا ، وَمَا مَرَّ فِي التَّيَمُّمِ مَحِلُّهُ فِي الْمُسَافِرِ

( قَوْلُهُ : وَمَنْ تَيَقَّنَ الْمَاءَ آخِرَ الْوَقْتِ .
إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُهَذَّبِ وَإِنْ دَلَّ عَلَى مَاءٍ وَلَمْ يَخَافُ فَوْتَ الْوَقْتِ وَلَا انْقِطَاعًا عَنْ رُفْقَةٍ وَلَا ضَرَرًا فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ لَزِمَهُ طَلَبُهُ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ : هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ بِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَكَثِيرٌ مِنْ الْخُرَاسَانِيِّينَ أَوْ أَكْثَرُهُمْ ( قَوْلُهُ : فَانْتِظَارُهُ أَفْضَلُ ) ثُمَّ إنَّمَا يَكُونُ التَّأْخِيرُ أَفْضَلُ أَنْ لَوْ كَانَ يُصَلِّيهَا مُنْفَرِدًا أَوْ فِي جَمَاعَةٍ فِي الْحَالَيْنِ أَمَّا لَوْ كَانَ لَوْ قَدَّمَهَا بِالتَّيَمُّمِ لَصَلَّاهَا جَمَاعَةً وَلَوْ أَخَّرَهَا لَانْفَرَدَ فَالْوَجْهُ أَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ .
مِنْ مُفَضَّلِي التَّأْخِيرِ غ وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ هُنَا الْوُثُوقُ بِحُصُولِ الْمَاءِ بِحَيْثُ لَا يَتَخَلَّفُ عَادَةً لَا مَا يَنْتَفِي مَعَهُ احْتِمَالُ عَدَمِ الْحُصُولِ عَقْلًا ا ت .
( قَوْلُهُ : فَلَا وَجْهَ لِمَنْ أَطْلَقَ اسْتِحْبَابَ التَّأْخِيرِ مِنْ أَصْحَابِنَا ) الْأَصَحُّ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ

( أَمَّا الْمُقِيمُ فَلَا يَتَيَمَّمُ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى ) إلَى الْمَاء ( وَإِنْ فَاتَ بِهِ الْوَقْتُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ أَيْ لِتَيَمُّمِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَلَا يُرَدُّ جَوَازُ التَّيَمُّمِ لِلْبَرْدِ مَعَ وُجُوبِ الْقَضَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالْمُسَافِرِ وَالْمُقِيمِ فِيمَا إذَا خَافَ فَوَاتَ الْوَقْتِ لَوْ سَعَى إلَى الْمَاءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَإِنَّ الْحُكْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ هُوَ بِمَحَلٍّ يَغْلِبُ فِيهِ وُجُودُ الْمَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ ) عُلِمَ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْعَاصِيَ بِسَفَرِهِ كَالْمُقِيمِ إذْ الضَّابِطُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ وَعَدَمُهُ فَحَيْثُ وَجَبَ كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ التَّيَمُّمِ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ جَازَ

( وَالْأَفْضَلُ لِلْمُنْفَرِدِ الرَّاجِي ) يَقِينًا ( لِلْجَمَاعَةِ ) آخِرَ الْوَقْتِ ( التَّأْخِيرُ إنْ لَمْ يُفْحَشْ ) عُرْفًا فَإِنْ لَمْ يَرْجُهَا أَوْ رَجَاهَا مَعَ فُحْشِ التَّأْخِيرِ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ ، وَقَوْلُهُ : " إنْ لَمْ يُفْحَشْ " بَحْثٌ لِلنَّوَوِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ : قَطَعَ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ بِأَنَّ التَّأْخِيرَ أَفْضَلُ وَمُعْظَمُ الْخُرَاسَانِيِّينَ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ أَفْضَلُ ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ : هُوَ كَالتَّيَمُّمِ فَإِنْ تَيَقَّنَ الْجَمَاعَةَ آخِرَ الْوَقْتِ ، فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ إلَى آخِرِهِ ثُمَّ قَالَ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَوَسَّطَ ، فَيُقَالُ : إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ ، وَهَذَا جَعَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ احْتِمَالًا فَإِنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْكَلَامَ السَّابِقَ ثُمَّ اخْتَارَ أَنَّهُ إنْ تَيَقَّنَ حُصُولَ الْجَمَاعَةِ فَالتَّأْخِيرُ أَفْضَلُ لِتَحْصِيلِ شِعَارِهَا الظَّاهِرِ وَلِأَنَّهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَفَرْضُ عَيْنٍ عَلَى وَجْهٍ ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : إنْ فَحُشَ التَّأْخِيرُ فَالتَّقْدِيمُ أَفْضَلُ وَإِنْ خَفَّ فَالِانْتِظَارُ أَفْضَلُ ، ثُمَّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي هَذِهِ وَفِي نَظِيرَتِهَا السَّابِقَةِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا ( فَإِنْ صَلَّاهَا الْمُتَيَمِّمُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ أَوَّلَ الْوَقْتِ ثُمَّ أَعَادَهَا ) آخِرَهُ ( بِالْوُضُوءِ وَالْجَمَاعَةِ فَهُوَ النِّهَايَةُ ) فِي إحْرَازِ الْفَضِيلَةِ ، وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي صُورَةِ التَّيَمُّمِ بِأَنَّ الصَّلَاةَ بِهِ لَا يُسْتَحَبُّ إعَادَتُهَا بِالْوُضُوءِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا فِيمَنْ لَا يَرْجُو الْمَاءَ بَعْدُ بِقَرِينَةِ سِيَاقِ الْكَلَامِ
( قَوْلُهُ : وَقَالَ جَمَاعَةٌ هُوَ كَالتَّيَمُّمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلِلْمُسَافِرِ الْقَصْرُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْإِقَامَةَ آخِرَهُ ) أَيْ آخِرَ الْوَقْتِ لِوُجُودِ السَّبَبِ حِينَ الْفِعْلِ ( وَإِدْرَاكُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ تَثْلِيثِ الْوُضُوءِ ) وَسَائِرِ آدَابِهِ فَلَوْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ لَوْ أَكْمَلَ الْوُضُوءَ بِآدَابِهِ فَإِدْرَاكُهَا أَوْلَى مِنْ إكْمَالِهِ كَذَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ ثُمَّ قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ وَرُدَّ النَّظَرُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ بَلْ قِيلَ فَرْضُ عَيْنٍ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ النَّفْلِ ( وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا غَيْرِهَا ) مِنْ الرَّكَعَاتِ ( أَوْلَى ) مِنْ إدْرَاكِ ( الصَّفِّ الْأَوَّلِ ) لِيُدْرِكَ فَضْلَ الْجَمَاعَةِ اتِّفَاقًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَخِيرَةِ فَإِنَّ إدْرَاكَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْلَى مِنْ إدْرَاكِهِ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي الْأَمْرِ بِإِتْمَامِهِ وَفَضْلِهِ وَالِازْدِحَامِ عَلَيْهِ وَالِاسْتِهَامِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ تَفَقُّهًا ، وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْضَهَا وَفِي بَعْضِ مَا ذَكَرَهُ نَظَرٌ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ

( قَوْلُهُ : وَرُدَّ النَّظَرُ بِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فَرْضُ كِفَايَةٍ .
إلَخْ ) يَجِبُ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى وَاجِبِ الْوُضُوءِ لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ غ ( قَوْلُهُ : وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ لَا غَيْرِهَا أَوْلَى .
إلَخْ ) هَذَا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَنْبَغِي إذَا خَافَ فَوْتَ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ ن يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُقُوفُ مُتَأَخِّرًا أَوْ مُنْفَرِدًا لِيُدْرِكَ الْجُمُعَةَ ، وَإِنْ خَافَ فَوْتَ قِيَامِ الثَّانِيَةِ وَقِرَاءَتَهَا الْوَاجِبَةَ فَالْأَوْلَى أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ وَيَقِفَ فِي الصَّفِّ الْمُتَأَخِّرِ لِتَصِحَّ جُمُعَتُهُ إجْمَاعًا غ .
( قَوْلُهُ وَلِلْمَسْأَلَةِ نَظَائِرُ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بَعْضَهَا .
إلَخْ ) مِنْهَا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ أَتَى بِجَمِيعِ السُّنَنِ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ لَوَقَعَ الْجَمِيعُ فِي الْوَقْتِ فَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ يَأْتِي بِالْأَبْعَاضِ بِلَا إشْكَالٍ وَبِغَيْرِهَا عَلَى الظَّاهِرِ لِأَنَّ الصِّدِّيقَ كَانَ يُطَوِّلُ الْقِرَاءَةَ فِي الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ قَالَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَأْتِي بِهَا إلَّا إذَا أَدْرَكَ رَكْعَةً وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ فِعْلُ شَيْءٍ مِنْ السُّنَنِ إذَا مَنَعْنَا إخْرَاجَ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تِلْكَ لِأَنَّ الْكَلَامَ هَاهُنَا فِي إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِمَدِّهَا وَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ شَرْعٌ وَفِي الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُهَا وَصُورَةُ إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ أَنْ يُؤَخِّرَ الْإِحْرَامَ بِهَا إلَى أَنْ لَا يَبْقَى مِنْ الْوَقْتِ زَمَنٌ يَسَعُهَا

( وَلَا يَلْزَمُ الْبَدْوِيَّ النَّقْلَةُ لِلْمَاءِ ) أَيْ لِلتَّطَهُّرِ بِهِ ( عَنْ التَّيَمُّمِ ) وَقَوْلُهُ : وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يَنْتَظِرُ مُزَاحِمٌ عَلَى بِئْرٍ ) لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْهَا إلَّا وَاحِدٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تَنَاوَبَهَا جَمْعٌ ( أَوْ ثَوْبٌ ) لَا يُمْكِنُ أَنْ يَلْبَسَهُ إلَّا وَاحِدٌ وَاحِدٌ وَقَدْ تَنَاوَبَهُ عُرَاةٌ ( أَوْ مَقَامٌ ) لَا يَسَعُ إلَّا قَائِمًا وَاحِدًا وَقَدْ تَنَاوَبَهُ جَمْعٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ( نَوْبَةً ) لَهُ إنْ عَلِمَ انْتِهَاءَهَا إلَيْهِ ( بَعْدَ الْوَقْتِ بَلْ يُصَلِّي ) فِيهِ بِتَيَمُّمٍ ( أَوْ عَارِيًّا أَوْ قَاعِدًا وَلَا إعَادَةَ ) .
عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ ، وَجِنْسُ عُذْرِهِمْ غَيْرُ نَادِرٍ وَالْقُدْرَةُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تُؤَثِّرُ كَمَا فِي الْعَاجِزِ عَنْ الْقِيَامِ ، وَعَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فِي الْوَقْتِ مَعَ غَلَبَةِ ظَنِّ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِمَا بَعْدَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَنَجَّسَ ثَوْبُهُ ، وَكَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَوْ اشْتَغَلَ بِغُسْلِهِ بِهِ خَرَجَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُهُ لِأَنَّ الْبِئْرَ وَالثَّوْبَ وَالْمَقَامَ هُنَا لَيْسَتْ فِي قَبْضَتِهِ وَالثَّوْبُ ثَمَّ فِي قَبْضَتِهِ فَيَنْتَظِرُ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَوْ يَغْتَرِفُهُ مِنْ بِئْرٍ وَلَا مُزَاحِمَ لَهُ ، وَضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنَّهُ يَنْتَظِرُ وَلَا يُصَلِّي بِالتَّيَمُّمِ
وَقَوْلُهُ : وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( قَوْلُهُ : بَعْدَ الْوَقْتِ ) ضَيَّقَ الْوَقْتَ بِحَيْثُ تَصِيرُ الصَّلَاةُ قَضَاءً حُكْمُهُ حُكْمُ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ فَلَا يَنْتَظِرُ

( وَيَنْتَظِرُهَا ) أَيْ نَوْبَتَهُ إذَا تَوَقَّعَ انْتِهَاءَهَا إلَيْهِ ( فِي الْوَقْتِ ) لِيُصَلِّيَ مُتَوَضِّئًا وَمَسْتُورًا وَقَائِمًا ( وَعَلَيْهِ شِرَاءُ مَاءٍ لَا يَكْفِيهِ ) لِطَهَارَتِهِ ( لِيَسْتَعْمِلَ ) هـ ( وَلَوْ ) كَانَ اسْتِعْمَالُهُ ( لِمَيِّتٍ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ تُرَابًا ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا أَمَرَتْكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ } وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ وَجَدَ تُرَابًا وَقَوْلُهُ : وَلَوْ لِمَيِّتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُقَدِّمُ الْمَاءَ ) عَلَى التُّرَابِ وُجُوبًا فِي الِاسْتِعْمَالِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } وَهَذَا وَاجِدٌ لِلْمَاءِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلضَّرُورَةِ فَيَخْتَصُّ بِمَحِلِّهَا كَمَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ وُجُوبِ إعْتَاقِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ بِالنَّصِّ حَيْثُ قَالَ ثَمَّ { فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ } { لَمْ يَجِدْ } أَيْ لِرَقَبَةٍ { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ } وَهَذَا لَمْ يَجِدْهَا ، وَقَالَ هُنَا { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } وَهَذَا وَاجِدُهُ وَبِأَنَّ فِي وُجُوبِ بَعْضِ الرَّقَبَةِ مَعَ الشَّهْرَيْنِ جَمْعًا بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ ، وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ وَالتَّيَمُّمُ يَقَعُ عَنْ غَيْرِ الْمَغْسُولِ خَاصَّةً وَبِأَنَّ عِتْقَ بَعْضِ الرَّقَبَةِ لَا يُفِيدُ غَيْرَ مَا أَفَادَهُ الصَّوْمُ وَغُسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ يُفِيدُ مَا لَا يُفِيدُهُ التَّيَمُّمُ وَهُوَ رَفْعُ حَدَثِ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ

( قَوْلُهُ : وَيَنْتَظِرُهَا فِي الْوَقْتِ .
إلَخْ ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ حَاضِرًا بِأَنْ يَزْدَحِمَ مُسَافِرُونَ عَلَى بِئْرٍ وَيَتَيَقَّنَ حُضُورَ نَوْبَتِهِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ ا هـ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَقَامِ وَالسُّتْرَةِ قَالَ فِي الْخَادِمِ هَكَذَا قَطْعًا بِهِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ بِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ الْوُصُولَ إلَى الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَأَنْ يُصَلِّيَ عَارِيًّا وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ وَالتَّأْخِيرُ أَوْلَى فَكَيْفَ يَجْعَلُونَ التَّأْخِيرَ هُنَا وَاجِبًا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا يَتَوَقَّعُ قُدْرَتَهُ عَلَى الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ سَاعَةً فَسَاعَةً بِمُسَامَحَةِ النَّوْبَةِ لَهُ فَلَمْ يَحْصُلْ فِي الْحَالِ الْجَزْمُ بِعَدَمِ قُدْرَةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ فَإِنَّهُ جَازِمٌ بِأَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ .
( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ ) لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ أَعْضَائِهِ فَلَمْ يَسْقُطْ وُجُوبُهُ بِالْعَجْزِ عَنْ الْبَاقِي كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ جَرِيحًا أَوْ مَعْدُومًا وَلِأَنَّهُ شَرْطٌ مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى بَعْضِهِ لَزِمَهُ كَسَتْرِ الْعَوْرَةِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ ( قَوْلُهُ : وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالْغَايَةِ أَنْ يَقُولَ .
.
.
إلَخْ ) يُقَالُ عَلَيْهِ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ شِرَاؤُهُ عِنْدَ عَدَمِ كَمَالِ طَهَارَتِهِ فَيَجِبُ عِنْدَ كَمَالِهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } ) فَشَرَطَ لِلتَّيَمُّمِ عَدَمَ الْمَاءِ وَنَكَّرَ الْمَاءَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجِدُ مَا يُسَمَّى مَاءً

( وَالْمُحْدِثُ ) الْوَاجِدُ لِمَاءٍ لَا يَكْفِيهِ ( يُرَتِّبُ ) كَمَا لَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ ( لَا الْجُنُبُ ) الْوَاجِدُ لِذَلِكَ فَلَا تَرْتِيبَ عَلَيْهِ ( وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا ) كَمَا لَوْ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِانْدِرَاجِ الْحَدَثِ فِي الْجَنَابَةِ ( وَ ) لَكِنَّ ( أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ أَوْلَى ) بِالْغُسْلِ لِشَرَفِهَا ، قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : قَالَ أَصْحَابُنَا : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِمَوَاضِع الْوُضُوءِ وَرَأْسِهِ وَأَعَالِي بَدَنِهِ وَأَيُّهُمَا أَوْلَى فِيهِ خِلَافٌ نَقَلَ صَاحِبَا الْبَحْرِ وَالْبَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِرَأْسِهِ وَأَعَالِيهِ ، وَقَطَعَ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ بِاسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَالرَّأْسِ وَالْمُخْتَارُ تَقْدِيمُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ الرَّأْسِ ثُمَّ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ كَمَا يَفْعَلُ مَنْ يَغْسِلُ كُلَّ بَدَنِهِ ( ثُمَّ يَتَيَمَّمُ لِلْبَاقِي ) وَكَالْجُنُبِ فِيمَا ذَكَرَ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ

( وَيَجِبُ اسْتِعْمَالُ ) وَشِرَاءُ ( تُرَابٍ نَاقِصٍ ) فِي التَّيَمُّمِ ( وَ ) اسْتِعْمَالُ وَشِرَاءُ ( مَاءٍ ) نَاقِصٍ ( فِي بَعْضِ النَّجَاسَةِ ) لِمَا مَرَّ فِي مَاءِ طَهَارَةِ الْحَدَثِ ( لَا ثَلْجَ ) أَوْ بَرَدَ ( لَا يَذُوبُ ) فَلَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِعَدَمِ صُلُوحِهِ لِلْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَلَا يَلْزَمُ الْمُحْدِثَ اسْتِعْمَالُهُ فِي رَأْسِهِ لِوُجُوبِ التَّرْتِيبِ فَلَا يَصِحُّ مَسْحُ الرَّأْسِ مَعَ بَقَاءِ فَرْضِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ وَقِيلَ : يَلْزَمُهُ الْمَسْحُ بِهِ فِي الرَّأْسِ فَيَتَيَمَّمُ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِ الرَّأْسَ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ الرِّجْلَيْنِ وَلَا يُؤَثِّرُ هَذَا الْمَاءُ فِي صِحَّةِ التَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَهَذَا أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ وَالْمَحْذُورُ يَزُولُ بِمَا ذَكَرَ
( قَوْلُهُ : وَلَا يُمْكِنُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ يَجِبُ اسْتِعْمَالُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَوْ قِيلَ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ لَازِمٌ ( قَوْلُهُ : فَتَيَمَّمَ ) عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ تَيَمُّمًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ : وَالْمَحْذُورُ يَزُولُ بِمَا ذَكَرَ ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا لَوْ حَفِظَ آيَةً مِنْ وَسَطِ الْفَاتِحَةِ وَعَجَزَ عَنْ بَاقِيهَا فَإِنَّهُ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا قَبْلَهَا ثُمَّ يَأْتِي بِهَا ثُمَّ يَأْتِي بِبَدَلِ مَا بَعْدَهَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّيَمُّمَ بَدَلٌ عَنْ الْوُضُوءِ بِكَمَالِهِ وَفِي التَّكْلِيفِ بِالْإِتْيَانِ بِهِ هَاهُنَا عَنْ الْبَعْضِ تَكْلِيفٌ بِبَدَلَيْنِ كَامِلَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ عَنْ الْبَعْضِ الْمُبْدَلِ بِخِلَافِ الْقِرَاءَةِ ج

( وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ النَّاقِصِ ) عَنْ تَكْمِيلِ الطُّهْرِ وَبِتَوَهُّمِهِ كَمَا فِي الْكَامِلِ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي فِي الْبَابِ الثَّالِثِ ( وَتَعَيَّنَ لِلنَّجَاسَةِ مَاءٌ قَلِيلٌ ) لَا يَكْفِي إلَّا لَهَا أَوْ لِلْحَدَثِ فِيمَا إذَا ( وَجَدَهُ مُحْدِثٌ ) حَدَثًا أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ ( مُتَنَجِّس ) لِأَنَّ إزَالَتَهَا لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ يَتَعَيَّنُ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكْفِهَا سَوَاءٌ أَكَفَى الْحَدَثَ أَمْ لَا كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ وَمَحِلُّ تَعَيُّنِهِ لَهَا فِي الْمُسَافِرِ أَمَّا الْحَاضِرُ فَلَا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ نَعَمْ النَّجَاسَةُ أَوْلَى ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَجَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ وَمَجْمُوعِهِ لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ بِوُجُوبِ اسْتِعْمَالِهِ فِي النَّجَاسَةِ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ
( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَلِيلَ يَتَعَيَّنُ لَهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النَّجَاسَةِ أَشَدُّ مُنَافَاةً مِنْهَا بِالتَّيَمُّمِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ أَفْتَى الْبَغَوِيّ .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيَجِبُ غَسْلُهَا ) أَيْ النَّجَاسَةِ ( قَبْلَ التَّيَمُّمِ ) فَلَوْ تَيَمَّمَ قَبْلَ إزَالَتِهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ لَكِنَّهُ صَحَّحَ مِنْهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا الْجَوَازَ ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ فَإِنَّهُ الْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَالذَّخَائِرِ وَإِلَّا قِيسَ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .
هُنَاكَ عَنْ تَصْحِيحِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالشَّيْخِ نَصْرٍ وَالشَّاشِيُّ وَغَيْرِهِمْ ، وَنَقَلَ فِيهِ تَصْحِيحَ الْجَوَازِ عَنْ الْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ كَمَنْ تَيَمَّمَ عُرْيَانَا وَعِنْدَهُ سُتْرَةٌ قَالَ : وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ أَخَفُّ مِنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَلِهَذَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَ الْعُرْيِ بِلَا إعَادَةٍ بِخِلَافِ النَّجَاسَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحِلُّهُ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ فِي السَّفَرِ ( وَإِنْ أَتْلَفَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لِغَرَضٍ كَتَبَرُّدٍ وَتَنَظُّفٍ وَتَحَيُّرِ مُجْتَهِدٍ لَمْ يَعْصِ ) لِلْعُذْرِ ( أَوْ ) أَتْلَفَهُ ( عَبَثًا لَا قَبْلَ الْوَقْتِ ) بَلْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ ( عَصَى ) لِتَفْرِيطِهِ بِإِتْلَافِ مَا تَعَيَّنَ لِلطَّهَارَةِ ( وَلَا إعَادَةَ ) عَلَيْهِ إذَا تَيَمَّمَ فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَهُوَ فَاقِدٌ لِلْمَاءِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ وَلَهُ عَبْدٌ فَقَتَلَهُ أَوْ أَعْتَقَهُ وَكَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَمَّا إذَا أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَا إعَادَةَ أَيْضًا وَلَا عِصْيَانَ أَيْ مِنْ حَيْثُ إتْلَافُ مَاءِ الطَّهَارَةِ وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ ثَابِتٌ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ مَعَ أَنَّ عَدَمَ الْعِصْيَانِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ نَعَمْ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَرَّرْته قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَوْ أَحْدَثَ عَمْدًا بِلَا حَاجَةٍ فَيَتَّجِهُ

إلْحَاقُهُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا سَبَبٍ ( وَلَوْ بَاعَهُ أَوْ وَهَبَهُ فِي الْوَقْتِ بِلَا حَاجَةٍ لَهُ وَلَا لِلْمُشْتَرِي ) أَوْ الْمُتَّهِبِ ( كَعَطَشٍ لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ وَلَا هِبَتُهُ ) لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ تَسْلِيمِهِ شَرْعًا لِتَعَيُّنِهِ لِلطُّهْرِ وَبِهَذَا فَارَقَ صِحَّةَ هِبَةِ مَنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ أَوْ دُيُونٌ فَوَهَبَ مَا يَمْلِكُهُ ( وَلَا تَيَمُّمُهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ) لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ ( فَإِنْ عَجَزَ عَنْ اسْتِرْدَادِهِ تَيَمَّمَ ) وَصَلَّى ( وَقَضَى تِلْكَ الصَّلَاةَ ) الَّتِي فَوَّتَ الْمَاءَ فِي وَقْتِهَا التَّقْصِيرُ دُونَ مَا سِوَاهَا لِأَنَّهُ فَوَّتَ الْمَاءَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا ( وَلَا يَقْضِيهَا ) أَيْ تِلْكَ الصَّلَاةَ ( بِتَيَمُّمٍ فِي الْوَقْتِ ) بَلْ يُؤَخِّرُ الْقَضَاءَ إلَى وُجُودِ الْمَاءِ أَوْ حَالَةَ يَسْقُطُ الْفَرْضُ فِيهَا بِالتَّيَمُّمِ

( قَوْلُهُ : لَكِنَّهُ صَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ هُنَا الْجَوَازَ ) فَرَّقَ الْأَصْحَابُ بَيْنَ صِحَّةِ التَّيَمُّمِ فِي هَذِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ قَبْلَ الِاسْتِنْجَاءِ بِفُرُوقٍ مِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ مَحَلِّ النَّجْوِ نَاقِضَةٌ لِلطَّهَارَةِ مُوجِبَةٌ لِلتَّيَمُّمِ فَلَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَذَا فَرَّقَ الدَّارَكِيُّ وَتَبِعَهُ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَأَقَرَّهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ وَمِنْهَا أَنَّ نَجَاسَةَ غَيْرِ الِاسْتِنْجَاءِ لَا تَزُولُ إلَّا بِالْمَاءِ فَلَوْ قُلْنَا : لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ حَتَّى يُزِيلَهَا لَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ بِخِلَافِ الِاسْتِنْجَاءِ لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ حُكْمُهُ بِالْحَجْرِ فَيُمْكِنُهُ تَقْدِيمُ الْحَجْرِ حَتَّى يَصِحَّ تَيَمُّمُهُ فَلَزِمَهُ كَذَا فَرَّقَ الْمُتَوَلِّي فِي التَّتِمَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْوَافِي : وَهُوَ فَرْقٌ دَقِيقٌ نَفِيسٌ ( قَوْلُهُ : وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ ) بَلْ هُوَ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ : لَمْ يَعْصِ لِلْعُذْرِ ) جَعَلَ فِي التَّتِمَّةِ الضَّابِطَ فِي مَوْضِعِ الْجَزْمِ مَا إذَا صَرَفَهُ إلَى مُبَاحٍ ( قَوْلُهُ : فَيَتَّجِهُ إلْحَاقُهُ بِالْإِتْلَافِ بِلَا سَبَبٍ ) هُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : وَبِهَذَا فَارَقَ .
.
.
إلَخْ ) إذَا مُتَعَلِّقُ الدَّيْنِ الذِّمَّةُ ، وَقَدْ رَضِيَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ بِهَا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ حَجْرٌ فِي الْعَيْنِ وَالْكَفَّارَةُ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهَا عَلَى التَّرَاخِي فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ الْمَالَ بَعْدَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ فَرْضُ الْحَجِّ ( قَوْلُهُ : وَلَا تَيَمُّمُهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ ) أَيْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ فِي حَدِّ الْقُرْبِ فَرْعٌ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لَوْ خَرَقَ السُّتْرَةَ وَصَلَّى عَارِيًّا فَكَمَا لَوْ أَرَاقَ الْمَاءَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ كَمَا ذَكَرُوا فِي الْمَاءِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لِلسُّتْرَةِ

( وَإِنْ تَلِفَ ) الْمَاءُ ( فِي يَدِ الْمُتَّهِبِ ) أَوْ الْمُشْتَرِي ( فَكَالْإِرَاقَةِ ) فِي أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ وَصَلَّى لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ لَا إذَا أَتْلَفَ صَارَ فَاقِدًا لَهُ عِنْدَ التَّيَمُّمِ ( وَلَا يَضْمَنُهُ الْمُتَّهِبُ ) بِتَلَفِهِ فِي يَدِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْهِبَةَ الصَّحِيحَةَ لَا ضَمَانَ فِيهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ ، وَفَاسِدُ كُلِّ عَقْدٍ كَصَحِيحِهِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَمَا سَيَأْتِي نَعَمْ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَيْنًا لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُتَّهِبِ لِأَنَّ الْحَجْرَ فِيهِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ ( وَلَوْ مَرَّ بِمَاءٍ فِي الْوَقْتِ وَأَبْعَدَ ) الْأَوْلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَبَعُدَ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ ( ثُمَّ تَيَمَّمَ فَلَا إعَادَةَ ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ صَارَ فَاقِدًا لِلْمَاءِ عِنْدَ التَّيَمُّمِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ عَدَمَ وُجُوبِ الْوُضُوءِ ، وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ وَيَدُلُّ لَهُ وُجُوبُ قَبُولِ الْهِبَةِ وَعَلَى مَا قَالَهُ يَتَقَيَّدُ الْوُجُوبُ بِمَا سَيَأْتِي فِي وُجُوبِ قَبُولِ الْهِبَةِ الْمُبِيحِ ( الثَّانِي الْخَوْفُ فَإِنْ خَافَ ) مَنْ بِقُرْبِهِ مَاءٌ ( عَلَى ) مُحْتَرَمٍ مِنْ ( نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَالٍ ) وَلَوْ قَلِيلًا عَلَى مَا مَرَّ ( يَصْحَبُهُ ) مَعَهُ ( أَوْ يُفَارِقُهُ ) أَيْ يَخْلُفُهُ فِي رَحْلِهِ ( أَوْ ) خَافَ ( مِنْ انْقِطَاعِ رُفْقَةٍ ) أَيْ انْقِطَاعِهِ عَنْهَا وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ ( إنْ طَلَبَهُ ) شَرْطٌ لِلْخَوْفِ أَيْ فَإِنْ خَافَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ إنْ طَلَبَ الْمَاءَ ( تَيَمَّمَ ) لِفَقْدِهِ شَرْعًا ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَجَعَلُوا الْوَحْشَةَ بِانْقِطَاعِ الرُّفْقَةِ هُنَا مُرَخَّصَةً بِخِلَافِهَا فِي الْجُمُعَةِ ، وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الطُّهْرَ وَسِيلَةٌ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَالْوَسَائِلُ يُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأُصُولِ ، وَبِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَتَعْبِيرُهُ

بِنَفْسٍ وَعُضْوٍ وَمَالٍ شَامِلٌ لِلطَّالِبِ وَلِغَيْرِهِ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِنَفْسِهِ وَعُضْوِهِ وَمَالِهِ
( قَوْلُهُ : نَعَمْ لَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ إلَخْ ) هَذَا الِاسْتِدْرَاكُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَقْبُوضَ بِالْهِبَةِ الْفَاسِدَةِ مَضْمُونٌ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : فَمَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُتَّهِبِ ) لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُهُ عَلَى الْهِبَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ ( قَوْلُهُ : وَالْقِيَاسُ وُجُوبُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِأَنَّ السَّفَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ ) سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ فَرْقٌ آخَرُ

( وَكَذَا ) يَتَيَمَّمُ ( مَنْ فِي سَفِينَةٍ وَخَافَ مِنْ الْبَحْرِ لَوْ اسْتَقَى ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَخَافَ لَوْ اسْتَقَى مِنْ الْبَحْرِ وَبَيْنَهُمَا تَسَاوٍ إنْ قُدِّرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ اسْتَقَى مِنْ الْبَحْرِ وَجَعَلَ مِنْ الْبَحْرِ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ مُتَنَازَعًا فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ ذَلِكَ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ مُطْلَقٌ إنْ لُوحِظَ التَّنَازُعُ وَإِلَّا فَعُمُومٌ مِنْ وَجْهٍ

( وَيَجِبُ اتِّهَابُ الْمَاءِ ) عَلَى عَادِمِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ بِقَوْلِهِ ( فِي الْوَقْتِ ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ الْوَاهِبُ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ طَلَبِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَلَا تَعْظُمُ فِيهِ الْمِنَّةُ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ وُجُوبِ اتِّهَابِ الرَّقَبَةِ فِي الْكَفَّارَةِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشٍ وَلَوْ مَآلًا أَوْ لِغَيْرِهِ حَالًا أَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ لَمْ يَجِبْ اتِّهَابُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَنَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ وَأَقَرَّهُ ( وَ ) يَجِبُ ( اقْتِرَاضُهُ وَاسْتِعَارَةُ الْآلَةِ ) أَيْ .
آلَةِ السَّقْيِ مِنْ دَلْوٍ وَحَبْلٍ وَغَيْرِهِمَا فِي الْوَقْتِ بِالشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ لِخِفَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِمَا سَوَاءٌ أَجَاوَزَتْ قِيمَةُ الْآلَةِ ثَمَنَ الْمَاءِ أَمْ لَا إذْ الظَّاهِرُ السَّلَامَةُ ( لَا اتِّهَابُهَا ) أَيْ الْآلَةِ فَلَا يَجِبُ لِثِقَلِ الْمِنَّةِ وَالْمُرَادُ بِالِاتِّهَابِ وَالِاقْتِرَاضِ وَالِاسْتِعَارَةِ مَا يَعُمُّ الْقَبُولَ وَالسُّؤَالَ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْقَبُولِ
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُعَدُّ وَاجِدًا لِلْمَاءِ ) وَلَا تَعْظُمُ الْمِنَّةُ فِيهِ فَإِنْ وَهَبَ لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْ وَتَيَمَّمَ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ مِنْ تَفْوِيتِ التَّحْصِيلِ لَا الْحَاصِلِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَ الْمَاءُ الْمَوْهُوبُ بَاقِيًا وَلَمْ يَرْجِعْ الْبَاذِلُ عَنْ بَذْلِهِ فَصَلَّى بِالتَّيَمُّمِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ قَوْلًا وَاحِدًا قَوْلُهُ : لِخِفَّةِ الْمِنَّةِ فِيهِمَا ) قَيَّدَهُ الْبَغَوِيّ بِمَا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُعْطَاهُ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ ( فَرْعٌ ) لَوْ وَجَدَ مَنْ يَنْزِلُ الْبِئْرَ لِلِاسْتِقَاءِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَوَجَدَهَا أَوْ عَلِمَ وُصُولَ الْمَاءِ بِحَفْرٍ قَرِيبٍ لَيْسَ فِيهِ كَثِيرُ مُؤْنَةٍ وَمَشَقَّةٍ لَزِمَهُ وَمَنْ مَعَهُ مَاءُ أَمَانَةٍ أَوْ غَيْرِهَا تَيَمَّمَ وَلَا يُعِيدُ ، قَالَ شَيْخُنَا : سَيَأْتِي عَنْ قَرِيبٍ جِدًّا

( وَإِنْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ إنْ شَقَّهُ ) وَشَدَّ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ ( كَفَاهُ وَلَوْ بِعَصْرِ مَاؤُهُ لَزِمَهُ ) ذَلِكَ ( إنْ لَمْ يَنْقُصْ بِشِقِّهِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَكْثَرِ مِنْ أُجْرَةِ الْآلَةِ وَثَمَنِ الْمَاءِ ) وَذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ ثَوْبٌ يَصِلُ إلَى الْمَاءِ بِلَا شِقٍّ لَزِمَهُ إدْلَاؤُهُ لِيَبْتَلَّ وَيَعْصِرَ مَاءَهُ لِيَتَوَضَّأَ بِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ ، وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ أَوْ لِأَنَّ النَّظَرَ فِيهِ إلَى ثَمَنِ مِثْلِ الْمَاءِ فَقَطْ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الشِّقِّ مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَكْثَرِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ النَّظَرِ إلَى الْأَكْثَرِ هُوَ احْتِمَالٌ لِلشَّاشِيِّ وَادَّعَى أَنَّهُ الصَّوَابُ وَالْمَنْقُولُ النَّظَرُ إلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ عَدِمَ الْمَاءَ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَفَرَ مَحِلَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَحْصُلُ بِحَفْرٍ قَرِيبٍ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ وَجَبَ الْحَفْرُ وَإِلَّا فَلَا
( قَوْلُهُ : وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مِنْ النَّظَرِ .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَا يَجِبُ قَبُولُ هِبَةِ الثَّمَنِ ) أَيْ ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ ( وَ ) لَا قَبُولُ ( قَرْضِهِ وَلَوْ ) كَانَ قَبُولُهُمَا ( مِنْ أَبٍ ) أَوْ ابْنٍ ( وَلَوْ كَانَ ) قَابِلُ الْقَرْضِ ( مُوسِرًا بِمَالٍ غَائِبٍ ) لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ ثِقَلِ الْمِنَّةِ ، وَفِي الثَّانِي مِنْ الْحَرَجِ إنْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَعَدِمَ أَمْنَ مُطَالَبَتِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إذْ لَا يَدْخُلُهُ أَجَلٌ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالِاسْتِئْجَارِ كَمَا سَيَأْتِيَانِ وَإِنَّمَا وَجَبَ قَبُولُ قَرْضِ الْمَاءِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ عِنْدَ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ أَغْلَبُ مِنْهَا عَلَى الثَّمَنِ ( وَيَجِبُ شِرَاءُ الْمَاءِ وَآلَةِ السَّقْيِ وَاسْتِئْجَارُهَا ) لِأَنَّ ذَلِكَ وَسِيلَةٌ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ ( بِعِوَضِ الْمِثْلِ ) مِنْ ثَمَنٍ وَأُجْرَةٍ ( هُنَاكَ ) أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَكَان ( فِي تِلْكَ الْحَالِ ) اعْتِبَارًا بِحَالَةِ التَّقْوِيمِ بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ : ( إنْ لَمْ يَكُنْ حَالَ عَطَشٍ ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَنْتَهِ الْأَمْرُ إلَى سَدِّ الرَّمَقِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ حِينَئِذٍ وَرُبَّمَا يَرْغَبُ فِي الشَّرْبَةِ حِينَئِذٍ بِدَنَانِيرَ وَيَبْعُدُ فِي الرُّخْصِ إيجَابُ ذَلِكَ وَهَذَا مَا قَيَّدَ بِهِ الْإِمَامُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ ( لَا ) إنْ بِيعَ أَوْ أُوجِرَ ( بِزِيَادَةٍ ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ فَلَا يَجِبُ شِرَاءٌ وَلَا اسْتِئْجَارٌ ( وَإِنْ تُغُوبِنَ بِمِثْلِهَا ) لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ ، قَالَ فِي الْأَصْلِ : كَذَا قَالُوهُ وَلَوْ قِيلَ يَجِبُ التَّحْصِيلُ مَا لَمْ تُجَاوِزْ الزِّيَادَةُ ثَمَنَ مِثْلِ الْمَاءِ لَكَانَ حَسَنًا ، قَالَ الرَّافِعِيُّ : لِأَنَّ الْآلَةَ الْمُشْتَرَاةَ تَبْقَى لَهُ وَقَدْرُ ثَمَنِ الْمَاءِ يَحْتَمِلُ التَّلَفَ فِي هَذِهِ الْجِهَةِ وَرَدَّ الْبُلْقِينِيُّ الْبَحْثَ بِأَنَّهُ يَصِيرُ اللَّازِمُ لِلْمُكَلَّفِ أَمْرَيْنِ ثَمَنُ الْآلَةِ وَثَمَنُ الْمَاءِ وَرُبَّمَا تَقَعُ الْآلَةُ فِي الْبِئْرِ فَتُفَوِّتُ عَلَيْهِ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ ثَمَنُ الْمَاءِ قَالَ : وَلَوْ قِيلَ فِي صُورَةِ الْإِجَارَةِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا إذَا لَمْ تَزِدْ

الْأُجْرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمَاءِ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إنَّمَا كَلَّفَ بِالْمَاءِ فَلَا يُزَادُ عَلَى ثَمَنِهِ
( قَوْلُهُ : أَيْ ثَمَنِ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيَاسُ قَوْلِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ فِي بَابِ الْهِبَةِ أَنَّهُ لَوْ وَهَبَ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ الْآلَةِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ الْقَبُولُ ( فَرْعٌ ) لَوْ وَجَدَ خَابِيَةً وَنَحْوَهَا مُسَبَّلَةً فَلَيْسَ لَهُ التَّوَضُّؤُ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَوْضُوعَةٌ لِلشُّرْبِ فَقَطْ وَأَمَّا الصَّهَارِيجُ فَإِنْ وُقِفَتْ لِلشُّرْبِ فَكَالْخَابِيَةِ أَوْ لِلِانْتِفَاعِ جَازَ الْوُضُوءُ وَغَيْرُهُ ، وَإِنْ شَكَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَنَّبَ الْوُضُوءَ مِنْهَا وَقَالَ غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَابِيَةِ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْحَالِ الِاقْتِصَارُ فِيهَا عَلَى الشُّرْبِ أَيْ بِخِلَافِ الصِّهْرِيجِ قُلْت وَالْفَرْقُ حَسَنٌ يَحْتَمِلُ غ .
( قَوْلُهُ : بِعِوَضِ الْمِثْلِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الْمُرَادُ ثَمَنُ مِثْلِ الْمَاءِ الَّذِي يَكْفِي لِوَاجِبِ الطَّهَارَةِ أَمَّا الزَّائِدُ لِلسُّنَنِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَيَحْتَمِلُ اعْتِبَارُهُ ( قَوْلُهُ : وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَقَرَّهُ ) أَيْ وَهُوَ الْحَقُّ غ قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَيْضًا ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ ) اعْلَمْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ شَرْعًا عَامًّا كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

( فَإِنْ بِيعَ ) مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَاءِ وَالْآلَةِ ( نَسِيئَةً ) بِزِيَادَتِهَا بِأَنْ زِيدَ بِسَبَبِهَا مَا يَلِيقُ بِهَا ( وَجَبَ ) قَبُولُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ ثَمَنُ مِثْلِهِ وَإِنْ زَادَ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ نَقْدًا وَمِثْلُهُ الِاسْتِئْجَارُ نَسِيئَةً هَذَا ( إنْ كَانَ مُوسِرًا وَالْأَجَلُ يُوصِلُهُ ) أَيْ مُمْتَدًّا إلَى أَنْ يَصِلَ ( مَوْضِعُ مَالِهِ إنْ فَضَلَ ) الْأَحْسَنُ وَفَضَلَ أَيْ الثَّمَنُ ( عَنْ دَيْنِهِ ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا ( وَ ) عَنْ ( مُؤْنَتِهِ ) مِنْ مَطْعُومٍ وَمَلْبُوسٍ وَمَرْكُوبٍ بَلْ وَمَسْكَنٍ وَخَادِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِمَا ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُتَّجِهُ ( ذَهَابًا وَإِيَابًا ) إنْ كَانَ مُسَافِرًا ( وَ ) عَنْ ( نَفَقَةِ ) حَيَوَانٍ ( مُحْتَرَمٍ ) مَعَهُ ( وَكِسْوَةِ عَبْدِهِ ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا بَدَلَ لَهَا بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَجِبْ الْقَبُولُ وَخَرَجَ بِمَعَهُ مَا لَيْسَ مَعَهُ كَأَنْ يَكُونَ مَعَ رُفْقَتِهِ وَلَمْ يَعْدَمُوا نَفَقَتَهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَا يَكُونُ لَهُ وَلَيْسَ مَعَهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا مَعَهُ ، وَقَوْلُهُ وَكِسْوَةُ عَبْدِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ : وَكِسْوَةُ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَانَ أَوْلَى وَيُفَارِقُ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْقَادِرَ عَلَى شِرَاءِ الْمَاءِ بِمُؤَجَّلٍ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْبَدَلِ جَوَازُ الِانْتِقَالِ إلَيْهِ لِلْقَادِرِ عَلَى حُرَّةٍ بِمُؤَجَّلٍ بِأَنَّ مَا حَصَّلَهُ هُنَا بِالْمُؤَجَّلِ مَالٌ يَصْلُحُ لِجَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا هُوَ ضَرْبٌ مِنْ الِانْتِفَاعِ
( قَوْلُهُ : إنْ فَضَلَ عَنْ دَيْنِهِ ) لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَهَلْ يَجِبُ إعْطَاؤُهُ لِخَلَاصِهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْحَبْسِ فِيهِ نَظَرٌ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : إيجَابُ إعْطَائِهِ لِلْمُعْسِرِ الَّذِي لَا بَيِّنَةَ لَهُ بَعِيدٌ أَوْ غَلَطٌ ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : لَا وَجْهَ لِلنَّظَرِ بَلْ يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِالْوُجُوبِ فَكَمَا يَجِبُ فِدَاءُ الْأَسِيرِ مِنْ أَيْدِي الْكُفَّارِ يَجِبُ فِدَاءُ هَذَا مِنْ عُقُوبَةِ الْحَبْسِ

( وَالْمُحْتَرَمُ ) مِنْ الْحَيَوَانِ ( مَا يَحْرُمُ قَتْلُهُ ) وَغَيْرُهُ بِخِلَافِهِ كَحَرْبِيٍّ وَمُرْتَدٍّ وَخِنْزِيرٍ وَكَلْبٍ لَا يَنْفَعُ وَوَقَعَ لِلنَّوَوِيِّ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَقُورًا تَنَاقُضٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ .
وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَطْعِمَةِ وَنَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ الْمُبِيحِ ( الثَّالِثُ الْعَطَشُ فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ ) أَيْ بِالْمَاءِ أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ ( وَهُوَ يَخَافُ عَطَشَ ) حَيَوَانٍ ( مُحْتَرَمٍ ) مِنْ نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ ( فِي الْحَالِ أَوْ الْمَآلِ وَإِنْ رَجَا ) أَيْ ظَنَّ ( وُجُودَهُ ) بَلْ يَتَيَمَّمُ دَفْعًا لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ وَضَبْطُ الْعَطَشِ الْمُبِيحِ كَضَبْطِ الْمَرَضِ وَسَيَأْتِي

( قَوْلُهُ : وَكَلْبٌ لَا يَنْفَعُ ) قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَمَدُ كَوْنَهُ مُحْتَرَمًا لِأَنَّ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي كِتَابَيْ الْحَجِّ وَالْبَيْعِ قَالَ : إنَّهُ مُحْتَرَمٌ يَمْتَنِعُ قَتْلُهُ خِلَافَ مَا قَدَّمَهُ فِي التَّيَمُّمِ وَزَادَ فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ : فَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ النَّوَوِيِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ أَخَّرَ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ هُوَ مُسْتَقِلٌّ لَا تَابِعَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي التَّيَمُّمِ وَالْأَطْعِمَةِ .
( قَوْلُهُ : وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهِ .
.
.
إلَخْ ) الْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ يَخَافُ عَطَشَ حَيَوَانٍ ) هَلْ يَقْتَصِرُ فِي الشُّرْبِ عَلَى سَدِّ الرَّمَقِ أَوْ يَبْلُغُ الشِّبَعَ أَوْ يَبْلُغُ مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ وَالْجُوعِ كَالْعَطَشِ ( قَوْلُهُ : مُحْتَرَمٌ ) قَالَ شَيْخُنَا لَوْ كَانَ غَيْرَ الْمُحْتَرَمِ هُوَ الَّذِي مَعَهُ الْمَاءُ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى شُرْبِهِ فَهَلْ يَكُونُ كَغَيْرِهِ فِي أَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَإِنْ مَاتَ عَطَشًا أَوْ يَشْرَبُهُ وَيَتَيَمَّمُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِمُبَاشَرَتِهِ قَتْلَ نَفْسِهِ الْمُتَّجِهُ الثَّانِي

( وَلَا ) يَتَوَضَّأُ بِهِ ( إنْ احْتَاجَ بَيْعُهُ لِشِرَاءِ طَعَامٍ ) لِأَكْلِ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ أَوْ لِدَيْنٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا مَرَّ لِمَا قُلْنَاهُ ( وَلَا يَدَّخِرُهُ ) أَيْ الْمَاءَ ( لِطَبْخٍ بَلْ كَعْكٍ وَفَتِيتٍ ) بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيَأْكُلُ ذَلِكَ يَابِسًا وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِالْأُولَى صَاحِبُ الْمَجْمُوعِ وَبِهِمَا مَعًا الْقَمُولِيُّ وَلَمْ يُعَبِّرْ فِي الثَّانِيَةِ بِالِادِّخَارِ بَلْ بِمَا يَشْمَلُ الْحَالَ وَالْمَآلَ وَالْأَوْجَهُ فِيهَا أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ وَيَسْتَعْمِلُ الْمَاءَ فِي ذَلِكَ لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ فِي الْمَأْكَلِ ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ فِي فَتَاوِيهِ : قَوْلُ الْفُقَهَاءِ إنَّ حَاجَةَ الْعَطَشِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوُضُوءِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثَالًا وَيَلْحَقُ بِهِ حَاجَةُ الْبَدَنِ بِغَيْرِ الشُّرْبِ كَالِاحْتِيَاجِ لِلْمَاءِ لِعَجْنِ دَقِيقٍ وَلَتِّ سَوِيقٍ وَطَبْخِ طَعَامٍ بِلَحْمٍ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَّا لَنَبَّهَ عَلَيْهِ
( قَوْلُهُ : بَلْ بِمَا يَشْمَلُ الْحَالَ ) وَالْمَآلَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِعَجْنِ دَقِيقٍ وَلَتِّ سَوِيقٍ .
إلَخْ ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ إذَا حُمِلَ هَذَا عَلَى الِاحْتِيَاجِ الْحَالِيِّ

( وَيُقَدَّمُ ) وُجُوبًا ( شِرَاءُ الْمَاءِ لِعَطَشِ بَهِيمَتِهِ وَكَلْبِ صَيْدِهِ ) وَنَحْوِهِ عَلَى شِرَائِهِ لِطُهْرِهِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِبَهِيمَتِهِ وَكَلْبِ صَيْدِهِ بَلْ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا مَعَهُ مِنْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يَبِيعُهُ الْمَاءَ لِحَاجَةِ الْعَطَشِ بِقِيمَتِهِ لَزِمَهُ شِرَاؤُهُ ( فَلَوْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ ) مِنْ بَيْعِهِ ( إلَّا بِزِيَادَةٍ عَلَى الْقِيمَةِ فَاشْتَرَاهُ الْعَطْشَانُ كَارِهًا لَزِمَهُ الزَّائِدُ ) لِأَنَّهُ عَقْدٌ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ غَيْرَ الْمَاءِ بِأَضْعَافِ ثَمَنِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقِيلَ : لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الشِّرَاءِ عَلَيْهِ ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ يُرَجِّحْ مِنْهُمَا شَيْئًا

( وَلَهُ ) أَيْ لِلْعَطْشَانِ ( أَخْذُهُ ) أَيْ الْمَاءِ مِنْ مَالِكِهِ ( قَهْرًا ) إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَذْلِهِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ حَتَّى لَوْ أَدَّى إلَى هَلَاكِهِ كَانَ هَدَرًا لِأَنَّهُ ظَالِمٌ بِمَنْعِهِ أَوْ إلَى هَلَاكِ الظَّامِئِ مَضْمُونًا لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَكَالْعَطْشَانِ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَنْ مَعَهُ مُحْتَرَمٌ عَطْشَانُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( لَا ) أَخْذُهُ ( مِنْ ) مَالِكٍ ( عَطْشَانَ ) لِأَنَّ الْمَالِكَ أَحَقُّ بِبَقَاءِ مُهْجَتِهِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : وَلَوْ كَانَ مَالِكُهُ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْمَنْزِل الثَّانِي وَثَمَّ مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ أَوْ الثَّانِي لِتَحَقُّقِ حَاجَتِهِ فِي الْحَالِ وَجْهَانِ وَالرَّاجِحِ الثَّانِي كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الْأَطْعِمَةِ قَالَ : وَإِذَا عَطِشَ الْعَاصِي بِسَفَرِهِ وَمَعَهُ مَاءٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّيَمُّمُ حَتَّى يَتُوبَ ا هـ فَلَوْ خَالَفَ وَشَرِبَهُ قَبْلَ التَّوْبَةِ وَتَيَمَّمَ بَعْدَهَا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لَكِنَّهُ يَعْصِي كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ عَبَثًا

( وَهَلْ يَذْبَحُ ) قَهْرًا ( شَاةَ الْغَيْرِ ) الَّذِي لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهَا ( لِكَلْبِهِ ) الْمُحْتَرَمِ الْمُحْتَاجِ إلَى طَعَامٍ ؟ وَجْهَانِ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْقَاضِي هُنَا أَحَدُهُمَا وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي اقْتَصَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ نَعَمْ كَالْمَاءِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهَا بَذْلُهَا لَهُ .
وَالثَّانِي : لَا لِأَنَّ لِلشَّاةِ حُرْمَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهَا ذَاتُ رُوحٍ وَقَوْلُهُ : " لَا مِنْ عَطْشَانَ .
إلَخْ " مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يُكَلَّفُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ ) أَيْ الْمَاءَ فِي وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ ( ثُمَّ يُشْرِبُهُ ) لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْتِعْمَالِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالتَّوَضُّؤِ
( قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا وَعَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي اقْتَصَرَ فِي الْأَطْعِمَةِ نَعَمْ .
إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ ) لِأَنَّهُ مُسْتَقْدَرٌ ، وَلِأَنَّ شُرْبَهُ مَكْرُوهٌ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ غ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ غُسَالَةُ الذُّنُوبِ

( وَلَا أَنْ يَشْرَبَ النَّجِسَ مِنْ الْمَاءَيْنِ ) وَيَتَطَهَّرَ بِالطَّاهِرِ ( بِخِلَافِ الدَّابَّةِ ) فَإِنَّهُ يُكَلَّفُ لَهَا ذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تَعَافُهُ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَفْهَمَ تَعْبِيرُهُ بِأَنَّهُ لَا يُكَلِّفُ شُرْبُ مَا ذَكَرَ جَوَازَ شُرْبِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ فِي النَّجِسِ فَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ فِيهِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِاخْتِيَارِ الشَّاشِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ وَاَلَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ هُوَ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ عَنْ الزُّجَاجِيِّ بِضَمِّ الزَّايِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَآخَرِينَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّطَهُّرُ بِالطَّاهِرِ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَحِقًّا لِلتَّطَهُّرِ وَيَشْرَبُ النَّجِسَ ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّهُ الْمُفْتَى بِهِ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ فِي حَرْمَلَةَ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا ، وَلِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي تَحْقِيقِهِ : الْمُخْتَارُ شُرْبُ الطَّاهِرِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ مُقَابِلُهُ لِاصْطِلَاحِهِ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ مَا رَجَّحَ دَلِيلًا وَكَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافُهُ ا هـ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطَشِ الْحَالِيِّ وَالْمَآلِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَعِبَارَتُهُ فِي الْمَآلِيِّ : وَإِذَا كَانَ مَعَ الرَّجُلِ فِي السَّفَرِ مَاءٌ طَاهِرٌ وَنَجِسٌ وَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَكَانَ يَخَافُ الْعَطَشَ فِيمَا بَعْدُ إنْ تَوَضَّأَ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ يَتَحَرَّى وَيَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ فِي ظَنِّهِ وَيُمْسِكُ الْآخَرَ حَتَّى إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشِهِ شَرِبَهُ

( قَوْلُهُ : وَلَا أَنْ يَشْرَبَ النَّجِسَ .
إلَخْ ) لِأَنَّ الرُّخَصَ لَا يُضَيَّقُ فِيهَا هَذَا التَّضْيِيقُ وَيَبْعُدُ مِنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ إلْزَامُهُ التَّوَضُّؤِ بِالطَّهُورِ وَشُرْبِ النَّجِسِ مَعَ عِيَافَةِ النَّفْسِ وَالتَّأَذِّي بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمَذْهَبُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ جَمْعَ الْمُسْتَعْمَلِ لِيَشْرَبَ لِلْعِيَافَةِ فَكَيْفَ يُكَلَّفُ شُرْبَ النَّجِسِ وَهُوَ أَشَقُّ عَلَى النَّفْسِ مِنْ شُرْبِ الْمُسْتَعْمَلِ وَأَغْلَظُ وَإِذَا كَانَ يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ لِغَرَضِ التَّبَرُّدِ وَغَسْلِ الثَّوْبِ لِلتَّنَظُّفِ فَلَأَنْ يَجُوزَ شُرْبُهُ لِأَجْلِ التَّحَرُّزِ مِنْ النَّجَاسَةِ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : فَصَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ شُرْبُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : مِنْ أَنَّهُ يَشْرَبُ الطَّاهِرَ وَيَتَيَمَّمُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرُّجْحَانِ

( وَلَوْ عَطِشُوا وَلِمَيِّتٍ مَاءٌ شَرِبُوهُ ) وَضَمِنُوهُ لِلْوَارِثِ ( بِقِيمَتِهِ هُنَاكَ ) أَيْ بِمَكَانِ الشُّرْبِ بَلْ وَبِبَرِّيَّةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ ( لَا مِثْلُهُ ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمَاءِ لَا بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا كَانُوا بِبَرِّيَّةٍ لِلْمَاءِ فِيهَا قِيمَةٌ ثُمَّ رَجَعُوا إلَى وَطَنِهِمْ وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِيهِ وَأَرَادَ الْوَارِثُ تَغْرِيمَهُمْ فَلَوْ رَدُّوا الْمَاءَ لَكَانَ إسْقَاطًا لِلضَّمَانِ فَإِنْ فَرَضَ الْغُرْمَ بِمَكَانِ الشُّرْبِ أَوْ مَكَان آخَرَ لِلْمَاءِ فِيهِ قِيمَةٌ وَلَوْ دُونَ قِيمَتِهِ بِمَكَانِ الشُّرْبِ وَزَمَانِهِ غَرِمَ مِثْلَهُ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ ( وَلَوْ اجْتَمَعَا ) أَيْ الشَّارِبُ وَالْوَارِثُ ( فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ ) أَيْ تَسْلِيمِ الْقِيمَةِ فِي الْوَطَنِ فَإِنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ الْحَالُ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَالْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ كَمَا لَوْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا وَتَعَذَّرَ الْمِثْلُ فَغَرِمَ الْقِيمَةَ ثُمَّ وَجَدَ الْمِثْلَ لَيْسَ لِلْمَالِكِ رَدُّ الْقِيمَةِ وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ : وَلَوْ اجْتَمَعَا .
.
.
إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيَمَّمُوهُ ) أَيْ شَرِبُوا مَاءَ الْمَيِّتِ وَيَمَّمُوهُ حِفْظًا لَمُهَجِهِمْ وَلِأَنَّ الشُّرْبَ لَا بَدَلَ لَهُ بِخِلَافِ الْغُسْلِ ، وَخَرَجَ بِعَطَشِهِمْ مَا لَوْ احْتَاجُوا لَهُ لِلطَّهَارَةِ فَإِنَّهُمْ يَغْسِلُونَ الْمَيِّتَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَمَا بَقِيَ حَفِظُوهُ لِلْوَارِثِ وَيَحْرُمُ عَلَيْهِمْ الطَّهَارَةُ بِهِ بَلْ يَتَيَمَّمُونَ فَإِنْ تَطَهَّرُوا بِهِ أَثِمُوا وَضَمِنُوهُ

( قَوْلُهُ : غَرِمَ مِثْلَهُ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ ) ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمُصَنِّفُ : وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ ذَلِكَ جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ الصَّحِيحَةِ فِي سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِأَنَّ الْمَاءَ وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنَّ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ مِثْلِيًّا لِنَقْلِهِ مُؤْنَةً إذَا ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ التَّلَفِ لَا يُطَالَبُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ قَبُولُ الْمِثْلِ أَيْضًا ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِ الْقِيمَةِ لَوْ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ التَّلَفِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ الْقِيمَةِ عَلَى الصَّحِيحِ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ مَا قَالَهُ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ وُجُوبِ قِيمَةِ الْمَاءِ الْمُتْلَفِ فِي الْمَفَازَةِ أَنَّهُمَا لَوْ اجْتَمَعَا فِي الْبَلَدِ هَلْ يَثْبُتُ التَّرَادُّ فِيهِ وَجْهَانِ

( فَإِنْ أَوْصَى ) مَثَلًا ( بِمَاءٍ ) أَيْ بِصَرْفِهِ ( لِلْأَوْلَى ) بِهِ وَقَدْ حَضَرَ مُحْتَاجُونَ إلَيْهِ ( قُدِّمَ ) بِهِ وُجُوبًا عِنْدَ ضِيقِهِ وَنَدْبًا عِنْدَ اتِّسَاعِهِ ( الْعَطْشَانُ ) الْمُحْتَرَمُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ عَطْشَانَ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ قُدِّمَ ( الْمَيِّت ) وَلَوْ غَيْرَ مُتَنَجِّسٍ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاتِمَةُ أَمْرِهِ ، وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِهِ تَنْظِيفُهُ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ وَمِنْ طُهْرِ الْحَيِّ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالتَّيَمُّمِ فَإِنْ مَاتَ اثْنَانِ وَوُجِدَ الْمَاءُ قَبْلَ مَوْتِهِمَا قُدِّمَ ( الْأَوَّلُ ) لِسَبْقِهِ ( فَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ تَرْتِيبٌ وَلَا مَعِيَّةٌ أَوْ عُلِمَ التَّرْتِيبُ وَلَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ أَوْ عُلِمَ وَنُسِيَ ( أَوْ وُجِدَ الْمَاءُ بَعْدَهُمَا قُدِّمَ الْأَفْضَلُ ) لِأَفْضَلِيَّتِهِ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ الشَّامِلُ لِنِسْيَانِهِ كَمَا تَقَرَّرَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ : وَالْأَقْرَبُ اعْتِبَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ فَلَا يُقَدَّمُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالنَّسَبِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَقْدِيمِ الْأَفْضَلِ مِنْ الْجَنَائِزِ لِلْإِمَامِ قَالَ وَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ وَفِي التَّقْدِيمِ بِالْأُبُوَّةِ عَلَى الْبُنُوَّةِ وَبِالذُّكُورَةِ عَلَى الْأُنُوثَةِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ : يُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْأُمُّ عَلَى الْبِنْتِ هُوَ الظَّاهِرُ مَا قَالَهُ وَيُفَارِقُ مَا قَالُوهُ فِي اللَّحْدِ بِأَنَّ التَّقْدِيمَ فِيهِ دَائِمٌ وَلَا بَدَلَ بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْمُتَّجِهُ أَيْضًا فِي الصَّبِيِّ وَالْبَالِغِ اعْتِبَارُ الْأَفْضَلِيَّةِ ( فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْقُرْعَةُ ) يُقَدَّمُ بِهَا لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَظَاهِرٌ لَهُ إذَا تَعَدَّدَ الْعَطْشَانُ أَوْ مَنْ سَيَأْتِي فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَيِّتِينَ فِيمَا ذَكَرَ

( قَوْلُهُ قُدِّمَ الْعَطْشَانُ الْمُحْتَرَمُ ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ تَقْدِيمُ الْعَطْشَانِ الْمُحْتَرَمِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ آدَمِيٍّ أث وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ اجْتَمَعَ عَطْشَانَانِ قُدِّمَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ ( قَوْلُهُ وَهِيَ تَحْصُلُ بِالتَّيَمُّمِ ) وَقِيلَ الْحَيُّ الْمُتَنَجِّسُ أَوْلَى لِأَنَّ لِغَسْلِ الْمَيِّتِ بَدَلًا وَيَتَّجِهُ تَرْجِيحُهُ إذَا تَعَيَّنَ لِلْإِمَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا نُقِلَ عَنْ الْوَالِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ كَانَ يَرُدُّ هَذَا الْبَحْثَ وَيَعْتَمِدُ الْإِطْلَاقَ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّهُ مُتَمَكِّنٌ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ عَلَى قَبْرِهِ فَغُسْلُهُ يُفَوِّتُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ لَا تُفَوِّتُ ( قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِكَوْنِهِ أَقْرَبَ إلَى الرَّحْمَةِ ) مَشَى صَاحِبُ حِلِّ الْحَاوِي عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْأَفْضَلُ فِي إمَامَةِ الصَّلَاةِ ( قَوْلُهُ وَيَتَّجِهُ تَقْدِيمُ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ ) قَالَ شَيْخنَا فِي إطْلَاقِ تَقْدِيمِ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى

( وَلَا يُشْتَرَطُ ) لِاسْتِحْقَاقِ الْمَيِّتِ ذَلِكَ ( قَبُولُ الْوَارِثِ لَهُ كَالْكَفَنِ ) الْمُتَطَوَّعِ بِهِ عَلَيْهِ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ مَيِّتٌ أَوْ فَضَلَ مِنْهُ شَيْءٌ قُدِّمَ ( الْمُتَنَجِّسُ ) لِأَنَّ طُهْرَهُ لَا بَدَلَ لَهُ فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ التَّحْقِيقِ وَالْمَجْمُوعِ فِي مُحْدِثٍ مُتَنَجِّسٍ حَاضِرٍ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ صَرْفِ الْمَاءِ لِلنَّجَاسَةِ وَالْحَدَثِ لِلُّزُومِ الْإِعَادَةِ مَجِيئُهُ هُنَا فِي حَاضِرَيْنِ لِذَلِكَ وَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قُلْت : الْعِبْرَةُ هُنَا بِالْأَوْلَى لِتَنْصِيصِ الْمَالِكِ عَلَيْهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ثَمَّ أَنَّ الْمُتَنَجِّسَ وَإِنْ تَخَيَّرَ فَالنَّجِسُ أَوْلَى لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ ( ثُمَّ الْحَائِضُ ) أَوْ النُّفَسَاءُ لِعَدَمِ خُلُوِّهَا عَنْ النَّجِسِ غَالِبًا وَلِغِلَظِ حَدَثِهَا فَإِنْ اجْتَمَعَتَا قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا ( ثُمَّ الْجُنُبُ ) لِأَنَّ حَدَثَهُ أَغْلَظُ مِنْ حَدَثِ الْمُحْدِثِ وَهَذَا عَلَى تَفْصِيلِ ذِكْرِهِ بِقَوْلِهِ
( قَوْلُهُ : قُدِّمَ الْمُتَنَجِّسُ ) أَيْ وَلَوْ فِي الْحَضَرِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِحْقَاقِ ) وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِشَخْصٍ : اسْتَعْمِلْ هَذَا الْمَاءَ فِي أَوْلَى الطَّهَارَتَيْنِ تَعَيَّنَ اسْتِعْمَالُهُ فِي النَّجِسِ ( قَوْلُهُ : لِغِلَظِ حَدَثِهِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ اجْتَمَعَ مَنْ فِيهِ نَجَاسَةٌ مُغَلَّظَةٌ ، وَمَنْ فِيهِ مُتَوَسِّطَةٌ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ هُوَ الْقِيَاسُ يُرَدُّ بِأَنَّ مَعْنَى غِلَظِ وَالْجَنَابَةِ أَنَّهُ يَحْرُمُ بِهَا مَا لَمْ يَحْرُمْ بِالْحَدَثِ الْأَصْغَرِ وَأَنَّ النَّجَاسَةَ الْمُغَلَّظَةَ وَالْمُتَوَسِّطَةَ مُسْتَوِيَانِ فِيمَا يَحْرُمُ بِهِمَا

( وَلَوْ اجْتَمَعَ جُنُبٌ وَمُحْدِثٌ فَالْجُنُبُ أَوْلَى ) لِغِلَظِ حَدَثِهِ ( إلَّا ) إنْ كَفَى الْمَاءُ ( الْمُحْدِثَ دُونَهُ ) أَيْ الْجُنُبِ فَالْمُحْدِثُ أَوْلَى سَوَاءٌ فَضَلَ عَنْ وُضُوئِهِ شَيْءٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ يَرْتَفِعُ بِهِ حَدَثُهُ بِكَمَالِهِ دُونَ الْجُنُبِ فَقَوْلُهُ فِي نُسْخَةٍ وَلَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ قَيْدٌ مُضِرٌّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا التَّفْصِيلِ يَأْتِي فِي الْمَيِّتِ مَعَ الْمُتَنَجِّسِ وَفِي الْجُنُبِ مَعَ الْحَائِضِ قُلْت : بَلْ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِمَّنْ ذَكَرَ مَعَهُمَا مَعَ مِثْلِهِ قَالَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا عُيِّنَ الْمَكَانُ فَقَالَ : اصْرِفُوهُ لِلْأَوْلَى فِي هَذِهِ الْمَفَازَةِ فَإِنْ أَطْلَقَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْ مُحْتَاجِي غَيْرِهَا كَمَا لَوْ أَوْصَى لِأَعْلَمِ النَّاسِ إلَّا أَنَّ حِفْظَ الْمَاءِ وَنَقْلَهُ إلَى مَفَازَةٍ أُخْرَى كَالْمُسْتَبْعَدِ وَهَذَا حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ ، وَخَرَجَ بِالْوَصِيَّةِ وَنَحْوِهَا مَا لَوْ صَرَفَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ فَلَا يَجِبُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ التَّرْتِيبُ بَلْ يَصْرِفُهُ لِمَنْ شَاءَ إلَّا لِعَطْشَانَ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي غَيْرِهِ مَنْدُوبٌ
( قَوْلُهُ : قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقِيَاسُ هَذَا التَّفْصِيلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قُلْت بَلْ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : وَهَذَا حَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ ) إنَّمَا يَظْهَرُ أَثَرُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَلَدِ الْإِيصَاءِ مُحْتَاجٌ أَوْ وُجِدَ وَأَمْكَنَ أَنْ يُوجَدَ فِي غَيْرِهِ أَحْوَجَ مِنْهُ أَمَّا إذَا اجْتَمَعَ فِي بَلَدِ الْإِيصَاءِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ الْمُحْتَاجِينَ مِنْ الْعَطْشَانِ وَالْمَيِّتِ وَمَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ وَالْحَائِضِ وَالْجُنُبِ كَمَا فَرَضَهُ الْأَصْحَابُ فَلَا مَعْنَى لِلْبَحْثِ عَنْ الْمُحْتَاجِ فِي بَلَدٍ آخَرَ لَا سِيَّمَا وَالصَّرْفُ إلَى غَيْرِ بَلَدِ الْإِيصَاءِ خِلَافُ الْأَفْضَلِ

( وَلَوْ اغْتَسَلَ ) الْجُنُبُ ( إلَّا عُضْوًا وَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ وَتَيَمَّمَ ) لِلْحَدَثِ ( ثُمَّ وَجَدَ مَا عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ الْعُضْوِ تَعَيَّنَ لَهُ وَلَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ ) الثَّانِي لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ الْحَدَثِ وَلَمْ يَقْدِرْ بَعْدَهُ عَلَى مَا يَرْفَعُهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْمَجْمُوعِ

( وَلَوْ انْتَهَوْا ) أَيْ الْمُحْتَاجُونَ ( إلَى مَا يُبَاحُ ) وَلَمْ يُحْرِزُوهُ ( اُسْتُحِبَّ ) لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ ( إيثَارُ الْأَحْوَجِ بِإِحْرَازِهِ فَإِنْ أَحْرَزُوهُ لَمْ يَجُزْ الْإِيثَارُ ) لِأَنَّهُمْ مَلَكُوهُ مَعَ حَاجَتِهِمْ إلَيْهِ وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ بَيْنَ مَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ مِنْ طَلَبِ الْإِيثَارِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمِلْكِهِمْ لَهُ وَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ تَحْرِيمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مَلَكُوهُ لِفَرْضِهِ أَنَّهُمْ اسْتَوَوْا فِي إحْرَازِهِ وَكَلَامُ الرَّوْضَةِ لَا يَفِي بِذَلِكَ ثُمَّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُمْ الْإِمَامُ فِي الِاسْتِحْبَابِ ، وَيَقُولُ : لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَمَّا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا الْإِشْكَالُ ظَاهِرٌ فَإِنَّ إطْلَاقَهُمْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ وَهَبَ لِغَيْرِهِ الْأَحْوَجِ لَزِمَهُ الْقَبُولُ فَكَذَا مَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ فَيَلْزَمُهُ تَحْصِيلُ الطُّهْرِ وَمِنْ ثَمَّ ضَعَّفَ الزَّرْكَشِيُّ الْجَمْعَ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ قَالَ : وَإِنَّمَا يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ أَيْ الْمُحْوِجِ إلَى الْجَمْعِ بِحَمْلِ كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُحْتَاجِينَ لَا يَمْلِكُونَ الْمَاءَ بِالِاسْتِيلَاءِ وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ الْأَحْوَجُ فَالْأَحْوَجُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ لِأَوْلَى النَّاسِ فَحُمِلَ كَلَامُهُمْ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الِاسْتِيلَاءِ لِلْإِيثَارِ لِلْأَحْوَجِ لَا يَصِحُّ بَلْ لَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ غَيْرُ الْأَحْوَجِ وَأَحْرَزَهُ لَزِمَهُ دَفْعُهُ لِلْأَحْوَجِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْوَارِدِينَ عَلَى مَاءٍ مُبَاحٍ يَمْلِكُونَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُعَارِضْهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ تَعَلُّقُ الْأَحْوَجِ بِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ دَفْعُ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ رُبَّمَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَيُدْفَعُ إشْكَالُهُ بِأَنْ يُقَالَ يَجُوزُ لِغَيْرِ الْأَحْوَجِ الْعُدُولُ عَمَّا يُتَمَكَّنُ مِنْهُ لِلطَّهَارَةِ فِي الْمَاءِ الْمُبَاحِ مَعَ وُجُودِ أَحْوَجَ

مِنْهُ وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا الْمُبِيحُ
( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا جَمَعَ بِهِ الرَّافِعِيُّ .
إلَخْ ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ كَلَامُ الْحَاوِي يُشِيرُ إلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْجَمْعِ وَمِمَّنْ أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ ( قَوْلُهُ : وَيَلْتَزِمُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَيْضًا ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْأَحْوَجَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ تَمَلُّكِ الْمَاءِ الْمُبَاحِ بِإِحْرَازِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ مَالِكَهُ قَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِبَتِهِ لَهُ ، وَإِنْ سَمَحَ بِهَا لِغَيْرِهِ

( الرَّابِعُ الْجَهْلُ ) بِالْمَاءِ وَأَرَادَ بِالْجَهْلِ مَا يَشْمَلُ النِّسْيَانَ بِقَرِينَةٍ قَوْلِهِ ( فَإِذَا نَسِيَ بِئْرًا هُنَاكَ ) أَيْ بِمَحَلِّ نُزُولِهِ ( أَوْ مَاءٍ فِي رَحْلِهِ أَوْ ثَمَنِهِ أَوْ أَضَلَّهُمَا فِيهِ وَتَيَمَّمَ ) وَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَهُ وَوَجَدَهُ ( أَعَادَ ) الصَّلَاةَ ( وَإِنْ أَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ ) لِوُجُودِ الْمَاءِ مَعَهُ وَنِسْبَتُهُ فِي إهْمَالِهِ حَتَّى نَسِيَهُ أَوْ أَضَلَّهُ إلَى تَقْصِيرٍ وَالتَّصْرِيحُ بِإِضْلَالِ الثَّمَنِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ أَضَلَّ رَحْلَهُ ) فِي رِحَالٍ وَأَمْعَنَ فِي الطَّلَبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( أَوْ أُدْرِجَ فِيهِ ) أَيْ فِي رَحْلِهِ ( مَاءٌ وَلَمْ يَشْعُرْ ) بِهِ ( أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِئْرٌ خَفِيَّةٌ هُنَاكَ ) فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى ( فَلَا إعَادَةَ ) وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ فِي النِّسْيَانِ وَالْإِضْلَالُ فِي رَحْلِهِ وَتَحْرِيرُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْإِضْلَالِ بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعُ مِنْ مُخَيَّمِهِ فَكَانَ أَبْعَدَ عَنْ التَّقْصِيرِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ خَفِيَّةٌ مَا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةً فَيَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ الْمُبِيحِ
( قَوْلُهُ : أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِئْرٍ خَفِيَّةٍ هُنَاكَ ) أَيْ فِي مَكَان يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : بِأَنَّ مُخَيَّمَ الرُّفْقَةِ أَوْسَعَ مِنْ مُخَيَّمِهِ .
إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مُخَيَّمَهُ إنْ اتَّسَعَ كَمَا فِي مُخَيَّمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ يَكُونُ كَمُخَيَّمِ الرُّفْقَةِ س

( الْخَامِسُ الْمَرَضُ ) وَلَوْ فِي الْحَضَرِ لِآيَةِ { وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى } أَيْ وَخِفْتُمْ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَحْذُورًا فَتَيَمَّمُوا بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَرَضَ بِالْجُرْحِ وَالْجُدَرِيِّ وَنَحْوِهِمَا وَلِمَا فِي اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ ( فَيَتَيَمَّمُ مَرِيضٌ خَافَ تَلَفِ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ مَنْفَعَتِهِ ) أَيْ الْعُضْوِ وَلَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ تَلَفٍ بِعَلَى كَمَا فَعَلَ فِيمَا مَرَّ فِي الْمُبِيحِ الثَّانِي لَكَانَ أَوْلَى وَأَغْنَاهُ عَنْ قَوْلِهِ أَوْ مَنْفَعَتِهِ ( وَكَذَا ) يُبِيحُ التَّيَمُّمَ لِمُرِيدِهِ ( خَوْفَ مَرَضٍ مَخُوفٍ أَوْ ) خَوْفَ ( زِيَادَةٍ فِيهِ ) بِأَنْ خَافَ زِيَادَةَ الْأَلَمِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهُ ( أَوْ ) خَوْفَ زِيَادَةٍ ( فِي مُدَّتِهِ ) وَإِنْ لَمْ يَزِدْ الْأَلَمُ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا شِدَّةُ الضَّنَا وَهُوَ الْمَرَضُ الْمُدْنِفُ أَيْ اللَّازِمُ ( أَوْ ) خَوْفَ ( حُصُولِ شَيْنٍ قَبِيحٍ ) أَيْ فَاحِشٍ ( فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ ) لِأَنَّهُ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ وَيَدُومُ ضَرَرُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا وَالظَّاهِرُ مَا يَبْدُو فِي حَالِ الْمِهْنَةِ غَالِبًا كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَفِيهِ فِي الْجِنَايَاتِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ مَا لَا يُعَدُّ كَشْفُهُ هَتْكًا لِلْمُرُوءَةِ وَقِيلَ مَا عَدَا الْعَوْرَةَ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا يُوَافِقُ مَا هُنَا وَالشَّيْنُ الْأَثَرُ الْمُسْتَكْرَهُ مِنْ تَغَيُّرِ لَوْنٍ وَتَحَوُّلٍ وَاسْتِحْشَافٍ وَثُغْرَةٍ تَبْقَى وَلُحْمَةٍ تَزِيدُ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي أَثْنَاءِ الدِّيَاتِ وَإِنَّمَا يَتَيَمَّمُ بِمَا ذَكَرَ ( إنْ أَخْبَرَهُ ) بِكَوْنِهِ مَخُوفًا ( طَبِيبٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ( أَوْ عَرَفَ ) هُوَ ( ذَلِكَ وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُخْبِرْهُ مَنْ ذَكَرَ وَلَا كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ ( فَلَا ) يَتَيَمَّمُ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَنَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السِّنْجِيِّ وَأَقَرَّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ وَلَا مَنْ خَالَفَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ لَكِنْ جَزَمَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ بِأَنَّهُ يَتَيَمَّمُ فَتَعَارَضَ

الْجَوَابَانِ وَإِيجَابُ الطُّهْرِ بِالْمَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِحَالِ الْعِلَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلْهَلَاكِ بَعِيدٌ عَنْ مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ فَنَسْتَخِيرُ اللَّهَ تَعَالَى وَنُفْتِي بِمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي الْأَطْعِمَةِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ إنْ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ أَنَّهُ مَسْمُومٌ جَازَ لَهُ تَرْكُهُ وَالِانْتِقَالُ إلَى الْمَيِّتَةِ ا هـ .
قَالَ الْبَغَوِيّ وَإِذَا صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ أَعَادَ إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ كَمِنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَدُلُّهُ وَقَوْلُهُ : إذَا وَجَدَ الْمُخْبِرَ أَيْ وَأَخْبَرَهُ بِجَوَازِ التَّيَمُّمِ أَوْ بِعَدَمِهِ قَيْدٌ لِلْإِعَادَةِ لَا لِوُجُوبِهَا لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا قَيَّدَهَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهَا قَبْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ الْمُخْبِرَ وَاسْتَمَرَّ يَتَيَمَّمُ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إذَا بَرِئَ وَاكْتَفَى بِطَبِيبٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ طَرِيقَ ذَلِكَ الرِّوَايَةُ وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ بِكَوْنِ الْمَرَضِ مَخُوفًا فِي الْوَصِيَّةِ يُشْتَرَطُ فِيهِ اثْنَانِ لِلِاحْتِيَاطِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ ؛ وَلِأَنَّ لِلطُّهْرِ بِالْمَاءِ بَدَلًا لَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ

( قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
إلَخْ ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا { إنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي رَأْسِهِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَوَ لَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ لَمْ يُضَعِّفْهُ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ } ( قَوْلُهُ : لَكَانَ أَوْلَى ) فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زَوَالِ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ وَبَيْنَ نُقْصَانِهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ ج ( قَوْلُهُ : الْمُدْنِفُ ) بِكَسْرِ النُّونِ وَفَتْحِهَا قَوْلُهُ : وَلَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ ) قَالَ : الزَّرْكَشِيُّ قَدْ وَافَقَهُ الرُّويَانِيُّ ( قَوْلُهُ : إنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا خَافَ مِنْ الطَّعَامِ الْمُحْضَرِ إلَيْهِ .
إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَهُوَ أَنَّ الْوُضُوءَ لَازِمٌ لَهُ لِإِسْقَاطِ الصَّلَاةِ عَنْهُ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ إلَى بَدَلِهِ إلَّا بِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ بِخِلَافِ الطَّعَامِ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الْعِمَادِ فَرَّقَ بِمَا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ فَقَالَ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَشَكَكْنَا فِي الْمُبِيحِ فَلَا يَسْقُطُ الْوَاجِبُ بِتَوَهُّمِ حُصُولِ الضَّرَرِ كَمَا لَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ الْوَاجِبُ بِتَوَهُّمِ حُصُولِ الْبُرْءِ بِالدَّوَاءِ إذَا تَرَكَهُ الْمَجْرُوحُ وَكَمَا لَا يَسْقُطُ الْحَجُّ عَلَى مَنْ قَدَرَ عَلَى رُكُوبِ الْبَحْرِ عِنْدَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ بِتَوَهُّمِ الْعَضَبِ وَهَكَذَا شَأْنُ الْوَاجِبَاتِ كُلِّهَا إذَا شَكَكْنَا فِي وُجُودِ الْمُسْقِطِ لَا تَسْقُطُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ يَقِينًا أَوْ ظَنَّا بِعَلَامَةٍ

شَرْعِيَّةٍ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا وَجَبَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ) قَالَ شَيْخُنَا : لَكِنَّهُ لَوْ أَعَادَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُخْبِرِ لَمْ تَصِحَّ إعَادَتُهُ

( وَلَا يُبِيحُهُ ) أَيْ التَّيَمُّمَ ( شَيْنٌ يَسِيرٌ كَأَثَرِ جُدَرِيٍّ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِفَتْحِهِمَا وَكَقَلِيلِ سَوَادٍ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ ( وَلَا ) شَيْنٌ ( قَبِيحٌ فِي ) عُضْوٍ ( مَسْتُورٍ ) لِسَتْرِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ غَالِبًا ، قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْمُتَطَهِّرَ قَدْ يَكُونُ رَقِيقًا فَتَنْقُصُ قِيمَتُهُ نَقْصًا فَاحِشًا فَكَيْفَ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّيَمُّمُ مَعَ إبَاحَتِهِ فِيمَا لَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ بَيْعِ الْمَاءِ إلَّا بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا جَوَابَ عَنْهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمُوهُ فَيَلْزَمَهُمْ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ أَحَدٌ بَلْ الْمَنْعُ مِنْ التَّيَمُّمِ مُشْكِلٌ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ حُرًّا فَإِنَّ الْفَلَسَ مَثَلًا أَهْوَنُ عَلَى النُّفُوسِ مِنْ آثَارِ الْجُدَرِيِّ عَلَى الْوَجْهِ وَمِنْ الشَّيْنِ الْفَاحِشِ فِي الْبَاطِنِ لَا سِيَّمَا الشَّابَّةَ الْمَقْصُودَةَ لِلِاسْتِمْتَاعِ .
ا هـ .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الزِّيَادَةِ مُحَقَّقٌ بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الرَّقِيقِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الرَّقِيقَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مَعَ نَقْصِ الْمَالِيَّةِ لِأَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قُتِلَ وَإِنْ فَاتَتْ الْمَالِيَّةُ عَلَى السَّيِّدِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تَفْوِيتَ الْمَالِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ سَبَبُهُ تَحْصِيلَ الْمَاءِ لَا اسْتِعْمَالَهُ وَإِلَّا لَأَثَّرَ نَقْصُ الثَّوْبِ بِبَلِّهِ بِالِاسْتِعْمَالِ وَلَا قَائِلَ بِهِ ، وَأَمَّا الشَّيْنُ فَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ إذَا كَانَ سَبَبُهُ الِاسْتِعْمَالَ وَالضَّرَرُ الْمُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ فَوْقَ الضَّرَرِ الْمُعْتَبَرِ فِي التَّحْصِيلِ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ بِطَلَبِ الْمَاءِ تَيَمَّمَ وَلَوْ خَافَ خُرُوجَهُ بِالِاسْتِعْمَالِ لَا يَتَيَمَّمُ فَاعْتُبِرَ فِي الشَّيْنِ مَا يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ

وَهُوَ الْفَاحِشُ فِي الْعُضْوِ الظَّاهِرِ دُونَ الْيَسِيرِ وَالْفَاحِشُ فِي الْبَاطِنِ لِمَا مَرَّ
( قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي الزِّيَادَةِ مُحَقَّقٌ ) بِخِلَافِهِ فِي نَقْصِ الرَّقِيقِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِهِ الْوُجُوبُ قَالَ وَهَذَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يَجِبُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الْمُشَمَّسِ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَإِنْ كَانَ يَخْشَى مِنْهُ الْبَرَصَ لِأَنَّ حُصُولَهُ مَظْنُونٌ وَلِهَذَا لَوْ كَانَ يَقْطَعُ بِحُصُولِ الشَّيْنِ عَلَى الْعُضْوِ الْبَاطِنِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِعْمَالُ وَجَازَ التَّيَمُّمُ ( قَوْلُهُ : وَبِأَنَّهُ إنَّمَا لَزِمَ الرَّقِيقَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ .
.
.
إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْخُسْرَانَ فِي شِرَاءِ الْمَاءِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَعْمَلُ وَهُوَ الْمَاءُ بِخِلَافِهِ فِي اسْتِعْمَالِ الرَّقِيقِ ( قَوْلُهُ : بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الصَّلَاةَ قُتِلَ .
إلَخْ ) فَإِذَا قُدِّمَ حَقُّ اللَّهِ مَعَ فَوَاتِ الْمَالِيَّةِ يَقِينًا فَلَأَنْ يُقَدَّمَ مَعَ فَوَاتِ الْمَالِيَّةِ ظَنًّا مِنْ بَابِ أَوْلَى وَفِي كِلَا الْجَوَابَيْنِ نَظَرٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ عَدَمَ التَّحَقُّقِ جَازَ فِي الشَّيْنِ الظَّاهِرِ أَيْضًا وَقَدْ جَوَّزُوا لَهُ تَرْكَ الْغُسْلِ وَالْعُدُولَ إلَى التَّيَمُّمِ عِنْدَ خَوْفِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَأَمَّا الثَّانِي فَفِي مَسْأَلَةِ قَتْلِ الْعَبْدِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ لَوْ لَمْ تَقْتُلْهُ لَفَاتَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا لِأَنَّ الْوُضُوءَ لَهُ بَدَلٌ وَهُوَ التَّيَمُّمُ

( وَلَا ) يُبِيحُهُ ( التَّأَلُّمُ ) بِاسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ( بِقَرْحٍ ) أَيْ جُرْحٍ ( أَوْ بَرْدٍ ) أَوْ حَرٍّ أَوْ غَيْرِهِ كَصُدَاعٍ وَوَجَعِ ضِرْسِ وَحُمَّى ( لَا يَخَافُ ) مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ ( مَعَهُ ) مَحْذُورًا فِي الْعَاقِبَةِ ( أَوْ يَخَافُ ) مَعَ الْبَرْدِ مَحْذُورًا ( وَوَجَدَ نَارًا يُسَخِّنُ بِهَا ) الْمَاءَ أَوْ مَا يُدَثِّرُ بِهِ أَعْضَاءَهُ لِأَنَّهُ وَاجِدٌ لِلْمَاءِ قَادِرٌ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ بِلَا ضَرَرٍ شَدِيدٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَجِدَ مَعَ النَّارِ قِيمَةَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي التَّسْخِينِ كَقِدْرٍ وَحَطَبٍ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ يَخَافُ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ الْمُبِيحُ

( السَّادِسُ وَالسَّابِعُ الْجَبِيرَةُ ) وَهِيَ أَخْشَابٌ وَنَحْوُهَا تُرْبَطُ عَلَى الْكَسْرِ وَالِانْخِلَاعِ ( وَاللَّصُوقُ ) بِفَتْحِ اللَّام وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى جُرْحٍ مِنْ قُطْنَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( فَإِنْ ) ( احْتَاجَ إلَى وَضْعِهَا ) أَيْ الْجَبِيرَةِ ( لِكَسْرٍ ) أَوْ انْخِلَاعٍ ( أَوْ إلَى ) وَضْعِ ( لَصُوقٍ لِجِرَاحَةٍ ) بِأَنْ خَافَ شَيْئًا مِمَّا مَرَّ فِي الْمَرَضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلْيَضَعْهُمَا عَلَى طُهْرٍ ) كَالْخُفِّ ( وَيَسْتُرُ ) مِنْ الصَّحِيحِ تَحْتَهُمَا ( قَدْرَ الْحَاجَةِ ) لِلِاسْتِمْسَاكِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ ( فَإِنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهِمَا مَا ذَكَرْنَاهُ ) مِنْ الْخَوْفِ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ ( غَسَلَ وُجُوبًا مَا يُمْكِنُ ) غَسْلُهُ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ لِأَنَّ .
عِلَّةَ بَعْضِ الْعُضْوِ لَا تَزِيدُ عَلَى فَقْدِهِ وَلَوْ فُقِدَ وَجَبَ غَسْلُ الْبَاقِي فَكَذَا غَسْلُ مَا ذَكَرَ هُنَا ( وَ ) لَوْ ( مَا تَحْتَ أَطْرَافِ الْجَبِيرَةِ مِنْ صَحِيحٍ بِبَلِّ خِرْقَةٍ وَعَصْرِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ ) مِمَّا فِيهِ رِفْقُ لِتَغْسِل تِلْكَ الْمَحَالِّ بِالْمُتَقَاطَرِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أَمَسَّهُ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمُوا بِهِ ذَكَرَهُ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَمَا قِيلَ أَنَّهُ قَالَ مَسَحَهُ بِمَاءٍ سَهْوٌ ، وَقَوْلُهُ : وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمَا ) أَيْ الْجَبِيرَةِ وَاللَّصُوقِ إذَا كَانَا بِأَعْضَاءِ الطُّهْرِ ( مَسْحًا بِالْمَاءِ حِينَ يَغْسِلُ الْمُحْدِثُ الْعُضْوَ ) الْعَلِيلَ لِلتَّرْتِيبِ بِخِلَافِ الْجُنُبِ يَمْسَحُ مَتَى شَاءَ أَمَّا الْمَسْحُ { فَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْجُوجٍ احْتَلَمَ وَاغْتَسَلَ فَدَخَلَ الْمَاءُ شَجَّتَهُ وَمَاتَ إنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ رَأْسَهُ بِخِرْقَةٍ ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ ، وَأَمَّا اسْتِيعَابُهُ فَلِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ كَالتَّيَمُّمِ وَخَرَجَ بِالْمَاءِ التُّرَابُ فَلَا يَجِبُ الْمَسْحُ بِهِ

كَمَا سَيَأْتِي
( قَوْلُهُ : أَوْ نَحْوِهِمَا ) أَيْ كَقِشْرِ الْبَاقِلَاءِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْخَدْشِ وَالطِّلَاءِ عَلَيْهِ وَعَلَى شِقِّ الرِّجْلِ إذَا جَمَدَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : وَيَجِبُ اسْتِيعَابُهُمَا مَسْحًا .
إلَخْ ) لِأَنَّهُ مَسْحٌ أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ وَالْعَجْزِ عَنْ الْأَصْلِ فَوَجَبَ فِيهِ التَّعْمِيمُ كَالْمَسْحِ فِي التَّيَمُّمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرَّأْسِ أَنَّ فِي تَتْمِيمِهِ مَشَقَّةَ النَّزْعِ وَبَيْنَ الْخُفِّ أَنَّ فِيهِ ضَرَرًا فَإِنَّ الِاسْتِيعَابَ يُبْلِيهِ

( وَلَا يَتَقَدَّرُ الْمَسْحُ ) بِمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيفٌ وَلِأَنَّ السَّاتِرَ لَا يُنْزَعُ لِلْجَنَابَةِ بِخِلَافِ الْخُفِّ فِيهِمَا ( ثُمَّ ) بَعْدَمَا تَقَرَّرَ نَقُولُ : ( يَجِبُ التَّيَمُّمُ ) لِخَبَرِ الْمَشْجُوجِ السَّابِقِ وَهَذَا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ الْعُضْوِ الْعَلِيلِ وَمَسْحِ السَّاتِرِ لَهُ بَدَلٌ عَنْ غَسْلِ مَا تَحْتَ أَطْرَافِهِ مِنْ الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ بَدَلٌ عَمَّا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ أَوْ بِأَزْيَدَ وَغَسَلَ الزَّائِدِ كُلَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِطْلَاقُهُمْ وُجُوبُ الْمَسْحِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ السَّاتِرَ يَأْخُذُ زِيَادَةً عَلَى مَحِلِّ الْعِلَّةِ وَلَا يُغْسَلُ
( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّاتِرُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ فَقَطْ .
إلَخْ ) وَهُوَ كَذَلِكَ غ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُضْوُ جَرِيحًا وَوَاجِبُهُ التَّيَمُّمُ عَنْهُ وَغَسْلُ الْبَاقِي فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْتُرَ أَوْ لَا يَسْتُرَ

( فَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الْجَبِيرَةُ مَثَلًا ( بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ ) وَهُوَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ كَمَا سَيَأْتِي ( لَمْ يُمْسَحْ عَلَيْهَا بِالتُّرَابِ ) لِأَنَّهُ ضَعِيفٌ فَلَا يُؤَثِّرُ فَوْقَ حَائِلٍ بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّ تَأْثِيرَهُ فَوْقَ مَعْهُودٍ فِي الْخُفِّ لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ : فَإِنْ خَافَ .
إلَخْ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ فَيَجِبُ النَّزْعُ وَغَسْلُ مَوْضِعِ الْعِلَّةِ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَمَسْحُهُ بِالتُّرَابِ إنْ كَانَ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ

( وَإِنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ ) مَثَلًا عَلَى عَلِيلٍ وَهُوَ ( عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِمَحَلِّ التَّيَمُّمِ ( أَوْ عَلَى صَحِيحٍ ) لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِاسْتِمْسَاكِ وَإِنْ كَانَ عَلَى طُهْرٍ ( نَزَعَهَا ) لِيَفْعَلَ مَا مَرَّ هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ مِنْ نَزْعِهَا ( فَإِنْ خَافَ ) مِنْهُ ( تَرَكَ ) هَا لِلضَّرُورَةِ وَصَلَّى لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ ( وَقَضَى ) لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ وَبِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَسَيَأْتِي هَذَا مَعَ زِيَادَةٍ ، وَقَوْلُهُ : أَوْ عَلَى صَحِيحٍ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ : وَإِنْ وَضَعَ الْجَبِيرَةَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : يَنْبَغِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْ الْمُرَادِ بِالطُّهْرِ هَلْ هُوَ طُهْرٌ كَامِلٌ وَهُوَ مَا يُبِيحُ الصَّلَاةَ كَالْخُفِّ أَوْ الْمُرَادُ طَهَارَةُ الْمَحَلِّ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ ، وَصَرَّحَ الْإِمَامُ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاء بِالْأَوَّلِ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَهَا عَلَى وُضُوءٍ كَامِلٍ كَمَا فِي لُبْسِ الْخُفِّ انْتَهَى .
وَقَوْلُهُ : هَلْ هُوَ طُهْرٌ كَامِلٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لِفَوَاتِ شَرْطِ الْوَضْعِ عَلَى الطُّهْرِ .
إلَخْ ) أَمَّا إذَا وَضَعَهَا عَلَى طُهْرٍ فِي غَيْرِ مَحَلِّ التَّيَمُّمِ فَلَا يَقْضِي لِأَنَّهُ عُذْرٌ عَامٌّ فَيَشُقُّ مَعَهُ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَجِبْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَسَوَاءٌ فِيهِ الْمُقِيمُ وَالْمُسَافِرُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِجُرْحِهِ دَمٌ كَثِيرٌ بِحَيْثُ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَيَخَافُ مِنْ غَسْلِهِ مَحْذُورًا مِمَّا مَرَّ

( وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ ) وَنَحْوِهِ ( تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ ) عَلَى الْغُسْلِ لِيُزِيلَ الْمَاءُ أَثَرَ التُّرَابِ وَذِكْرُ الِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ تَقْدِيمُهُ فِي الْغُسْلِ فَإِنْ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ فِي رَأْسِهِ غَسَلَ مَا صَحَّ مِنْهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ جَرِيحِهِ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِيَ جَسَدِهِ وَفِي الْبَيَانِ فِيمَا إذَا كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ مِثْل ذَلِكَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الرَّوْضَةِ ثُمَّ قَالَ إنَّهُ حَسَنٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ مَا نُدِبَ .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَالْمُحْدِثُ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ ) بِهِ عِلَّةٌ ( حَتَّى يُكْمِلَهُ غُسْلًا ) وَمَسْحًا عَلَى السَّاتِرِ ( وَتَيَمُّمًا عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْعُضْوِ لِأَنَّ الْمَسْحَ وَالتَّيَمُّمَ بَدَلَانِ عَنْ غُسْلِهِ عَلَى مَا مَرَّ ( مُقَدِّمًا مَا شَاءَ ) مِنْهَا عَلَى الْبَاقِي لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّرْتِيبِ فِي ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ هُنَا أَيْضًا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَجَازَ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهُ لِلْعِلَّةِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاقِضِ فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَقْدِهِ بَلْ الْأَوْلَى هُنَا تَقْدِيمُهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا

( وَالْيَدَانِ كَعُضْوٍ ) فَيَتَيَمَّمُ لَهُمَا تَيَمُّمًا وَاحِدًا ( وَيُسْتَحَبُّ جَعْلُهُمَا كَعُضْوَيْنِ ) فَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثُمَّ صَحِيحُ الْيُمْنَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ عَلِيلِهَا أَوْ يُقَدِّمُ التَّيَمُّمُ عَلَى غَسْلِ صَحِيحِهَا ثُمَّ يَغْسِلُ صَحِيحَ الْيُسْرَى ثُمَّ يَتَيَمَّمُ عَنْ عَلِيلِهَا أَوْ بِعَكْسٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ ، وَكَذَا الرِّجْلَانِ

( فَإِنْ كَانَ فِي أَعْضَائِهِ الْأَرْبَعَةِ جِرَاحَةٌ وَلَمْ تَعُمَّهَا وَجَبَ ثَلَاثُ تَيَمُّمَاتٍ ) تَيَمُّمٌ لِلْوَجْهِ وَتَيَمُّمٌ لِلْيَدَيْنِ وَتَيَمُّمٌ لِلرِّجْلَيْنِ وَالرَّأْسُ يَكْفِي فِيهِ مَسْحُ مَا قَلَّ مِنْهُ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ عَمَّتْ الرَّأْسَ فَأَرْبَعَةٌ ) مِنْ التَّيَمُّمَاتِ ( وَإِنْ عَمَّتْ الْجَمِيعَ فَتَيَمُّمٌ وَاحِدٌ ) عَنْ الْجَمِيعِ لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ قِيلَ إذَا كَانَتْ الْجِرَاحَةُ فِي وَجْهِهِ وَيَدِهِ وَغَسَلَ صَحِيحَ الْوَجْهِ أَوَّلًا جَازَ تَوَالِي تَيَمُّمَيْهَا فَلِمَ لَا يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ كَمَنْ عَمَّتْ الْجِرَاحَةُ أَعْضَاءَهُ ؟ فَالْجَوَابُ إنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ فَلَوْ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ حَصَلَ تَطْهِيرُ الْوَجْهِ وَالْيَدِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ عَنْ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا .
لِسُقُوطِ التَّرْتِيبِ بِسُقُوطِ الْغُسْلِ وَفِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ
( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَمَّتْ الْجَمِيعَ إلَخْ ) لَوْ عَمَّتْ الْعِلَّةُ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ وَعَلَى كُلِّ عُضْوٍ سَاتِرٌ عَمَّهُ فَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ رَفْعِ السَّاتِرِ عَنْ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَيَمُّمِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ وَيُصَلِّي كَفَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ ثُمَّ يَقْضِي لَكِنَّهُ يُسَنُّ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ ( قَوْلُهُ : فَالْجَوَابُ أَنَّ التَّيَمُّمَ هُنَا فِي طُهْرٍ تَحَتَّمَ فِيهِ التَّرْتِيبُ ) أَيْ بَيْنَ وَجْهِهِ وَيَدَيْهِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهَا لَوْ عَمَّتْ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ كَفَاهُ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : ذَكَرْتُهُ مَعَ الْجَوَابِ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) عِبَارَتُهُ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا يُفِيدُ لِأَنَّ حُكْمَ التَّرْتِيبِ بَاقٍ فِيمَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ سَاقِطٌ فِي غَيْرِهِ فَيَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ عَنْ الْوَجْهِ وَالْيَدِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الطُّهْرَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ لَا يَتَجَزَّأُ تَرْتِيبًا وَعَدَمُهُ ش

( فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى الْجَبِيرَةِ وَ ) إلَى ( السَّتْرِ ) بِاللَّصُوقِ ( فِي الْكَسْرِ ) وَالِانْخِلَاعِ ( وَ ) فِي ( الْجُرْحِ وَخَافَ مِنْ الْغُسْلِ ) شَيْئًا مِمَّا مَرَّ ( غَسَلَ ) وُجُوبًا ( الصَّحِيحَ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ ) فَاضِلَةٍ عَمَّا مَرَّ فِيمَا لَوْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا ( كَالْأَقْطَعِ ) الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى مَنْ يُطَهِّرُهُ ( ثُمَّ تَيَمَّمَ ) وُجُوبًا ( كَمَا سَبَقَ ) فِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ تَقْدِيمُ التَّيَمُّمِ وَإِنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ عُضْوٍ حَتَّى يُكْمِلَهُ غَسْلًا وَتَيَمُّمًا عَنْهُ مُقَدِّمًا مَا شَاءَ ( وَيُمِرُّ ) وُجُوبًا ( تُرَابُ تَيَمُّمِهِ عَلَى مَوْضِعِ الْعِلَّةِ ) بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ ( إنْ أَمْكَنَ ) وَلَوْ عَلَى أَفْوَاهِ الْجُرْحِ إذْ لَا ضَرَرَ فِيهِ

( وَلَا يَجِبُ مَسْحُ الْعَلِيلِ بِالْمَاءِ ) وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ بِخِلَافِ مَسْحِ السَّاتِرِ فَإِنَّهُ مَسْحٌ عَلَى حَائِلٍ كَالْخُفِّ وَقَدْ وَرَدَ الْخَبَرُ بِهِ ( وَلَا ) يَجِبُ ( إلْقَاءُ ) أَيْ وَضْعُ ( الْجَبِيرَةِ ) أَوْ اللَّصُوقِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْعَلِيلِ ( لِمَسْحٍ ) أَيْ لِيَسْمَحَ عَلَيْهَا بِالْمَاءِ ( وَلَا لُبْسِ الْخُفِّ لِحَدَثٍ أَرْهَقَهُ لِيَكْفِيَ الْمَاءُ ) الَّذِي مَعَهُ لِوُضُوئِهِ لِأَنَّ الْمَسْحَ فِيهِمَا رُخْصَةٌ فَلَا يَلِيقُ بِهَا وُجُوبُ ذَلِكَ وَلَوْ أَحْدَثَ وَهُوَ لَابِسُهُ وَمَعَهُ مَا يَكْفِيهِ لِغَيْرِ رِجْلَيْهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَجَبَ الْمَسْحُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُ الْمَاءِ وَشِرَاؤُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَبِهِ صَرَّحَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَحَكَى فِيهِ الِاتِّفَاقَ ا هـ وَهُوَ ظَاهِرٌ خُصُوصًا إنْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهِ إخْرَاجُ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْضِهَا عَنْ وَقْتِهَا أَوْ قَضَاؤُهَا لِكَوْنِهِ فَقَدَ التُّرَابَ أَوْ وَجَدَهُ بِمَحِلٍّ لَا يَسْقُطُ فِيهِ فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ وَلَوْ لَبِسَهُ وَهُوَ يُدَافِعُ الْحَدَثَ فَفِي الْمَجْمُوعِ لَمْ يُكْرَهْ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ وَفَارَقَ الصَّلَاةَ بِأَنَّ مُدَافَعَتَهُ فِيهَا تُذْهِبُ الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُهَا بِخِلَافِ لُبْسِ الْخُفِّ
( قَوْلُهُ : إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بِلَا حَائِلٍ ) لِأَنَّهُ لِعَارِضٍ بِخِلَافِ مَسْحِ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ مُتَأَصِّلٌ

( وَالْفَصْدُ كَالْجُرْحِ ) الَّذِي يَخَافُ مِنْ غُسْلِهِ مَا مَرَّ فَيَتَيَمَّمُ لَهُ ( إنْ خَافَ الْمَاءَ ) أَيْ اسْتِعْمَالَهُ ( وَعِصَابَتُهُ كَالْجَبِيرَةِ ) فِي حُكْمِهَا السَّابِقِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَاللَّصُوقِ ( وَلِمَا بَيْنَ حَبَّاتِ الْجُدَرِيِّ حُكْمُ ) الْعُضْوِ ( الْجَرِيحِ إنْ خَافَ مِنْ غَسْلِهِ ) مَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَالْفَصْدُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ فِي بَحْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي جَوَاهِرِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( غَسَلَ الصَّحِيحَ وَتَيَمَّمَ عَنْ غَيْرِهِ ) مَعَ مَسْحِ السَّاتِرِ إنْ كَانَ ( ثُمَّ صَلَّى فَرِيضَةً وَلَمْ يُحْدِثْ أَعَادَ التَّيَمُّمَ وَحْدَهُ لِلْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى ) لَا لِلنَّفْلِ وَإِنْ كَثُرَ ( إنْ كَانَ جُنُبًا ) إذْ لَا تَرْتِيبَ فِي غُسْلِهِ ( وَكَذَا الْمُحْدِثُ ) يُعِيدُ التَّيَمُّمَ وَحْدَهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ هُنَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ فِي الْأَوَّلِ أَرْبَعَ تَيَمُّمَاتٍ أَعَادَهَا خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يُعِيدُهُ وَحْدَهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوُضُوءَ الْكَامِلَ لَا يُعَادُ فَكَذَا بَعْضُهُ وَلِأَنَّ مَا غَسَلَهُ ارْتَفَعَ حَدَثُهُ وَنَابَ التَّيَمُّمُ عَنْ غَيْرِهِ فَتَمَّ طُهْرُهُ وَإِنَّمَا أُعِيدَ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِهِ عَنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ لَا لِبُطْلَانِهِ وَإِلَّا لَمْ يَتَنَفَّلْ بِهِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ أَمَّا إذَا أَحْدَثَ فَيُعِيدُ مَعَ التَّيَمُّمِ الْوُضُوءَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَا يَلْزَمُهُ النَّزْعُ لَوْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ بِخِلَافِ الْخُفِّ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَشَقَّةِ هُنَا
( قَوْلُهُ : وَإِنْ تَعَدَّدَ هُنَا حَتَّى لَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ وُجُوبِ تَعَدُّدِ التَّيَمُّمِ مَرْدُودٌ

( وَإِنْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ وَتَيَمَّمَ عَنْ جِرَاحِهِ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَ ) أَدَاءِ ( فَرِيضَةٍ ) مِنْ صَلَاةٍ أَوْ طَوَافٍ ( لَمْ يَبْطُلْ حُكْمُ تَيَمُّمِهِ ) لِأَنَّهُ وَقَعَ عَنْ غَيْرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ الْحَدَثُ ( فَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي بِوُضُوئِهِ مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ ) وَقَوْلُهُ : مِنْ زِيَادَتِهِ حُكْمٌ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ
( قَوْلُهُ : وَإِنْ اغْتَسَلَ الْجُنُبُ وَتَيَمَّمَ عَنْ جِرَاحَةٍ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ بِرَأْسِهِ فَخَافَ إنْ غَسَلَ رَأْسَهُ نَزَلَ الْمَاءُ إلَيْهِ لَزِمَهُ غَسْلُ الرَّأْسِ بِأَنْ يَسْتَلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ أَوْ يَخْفِضَ رَأْسَهُ فَإِنْ خَافَ انْتِشَارَ الْمَاءِ وَضَعَ بِقُرْبِ الْجُرْحِ خِرْقَةً مَبْلُولَةً وَتَحَامَلَ عَلَيْهَا لِيُقَطِّرَ مِنْهَا مَا يَغْسِلُ بِهِ الصَّحِيحَ الْمُلَاصِقَ لَهَا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ ذَلِكَ أَمَسَّ مَا حَوَالَيْ الْجِرَاحَةِ مَاءً بِلَا إفَاضَةٍ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ غَسْلُ الرَّأْسِ دُونَ وُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهَا سَقَطَ غَسْلُ الرَّأْسِ وَإِنْ كَانَتْ بِظَهْرِهِ أَوْ كَانَ أَعْمَى اسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ وَلَوْ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إنْ وَجَدَهَا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَسَلَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَتَيَمَّمَ لِلْبَاقِيَّ وَأَعَادَ لِنُدْرَتِهِ

( وَإِنْ بَرِئَ ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ ( وَهُوَ عَلَى طَهَارَةٍ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ ) لِزَوْلِ عِلَّتِهِ ( وَوَجَبَ غَسْلُ مَوْضِعِ الْجَبِيرَةِ ) لَوْ قَالَ كَأَصْلِهِ مَوْضِعُ الْعُذْرِ كَانَ أَعَمَّ ( جُنُبًا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا وَ ) وَجَبَ غَسْلُ ( مَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ مَوْضِعِ الْعُذْرِ ( إنْ كَانَ مُحْدِثًا ) رِعَايَةً لِلتَّرْتِيبِ فَإِنَّهُ لَمَّا وَجَبَ إعَادَةُ تَطْهِيرِ عُضْوٍ لِبُطْلَانِهِ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ تَامَّ الطُّهْرِ فَإِذَا أَتَمَّهُ وَجَبَ إعَادَةُ مَا بَعْدَهُ كَمَا لَوْ أَغْفَلَ لَمْعَةً بِخِلَافِ الْجُنُبِ ( وَلَا يَسْتَأْنِفَانِ ) أَيْ ( الْجُنُبُ وَالْمُحْدِثُ ) ( الطَّهَارَةَ ) وَبُطْلَانُ بَعْضِهَا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ كُلِّهَا

( وَلَوْ تَوَهَّمَ الْبُرْءَ ) بِفَتْحِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا فَرَفَعَ السَّاتِرَ ( فَبَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَبْطُلْ تَيَمُّمُهُ ) بِخِلَافِ تَوَهُّمِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُبْطِلُهُ وَإِنْ بَانَ أَنْ لَا مَاءَ لِأَنَّ تَوَهُّمَهُ يُوجِبُ الطَّلَبَ وَتَوَهُّمَ الْبُرْءِ لَا يُوجِبُ الْبَحْثَ عَنْهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُرَدُّ تَوَقُّفُهُ بِأَنَّ طَلَبَ الْمَاءِ سَبَبٌ لِتَحْصِيلِهِ بِخِلَافِ طَلَبِ الْبُرْءِ لَيْسَ سَبَبًا لِتَحْصِيلِهِ وَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِقَوْلِ النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقُهُ لَوْ سَقَطَتْ جَبِيرَتُهُ عَنْ عُضْوِهِ فِي الصَّلَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ لَمْ يَبْرَأْ كَانْخِلَاعِ الْخُفِّ لِأَنَّ بُطْلَانَهَا لَيْسَ لِبُطْلَانِ تَيَمُّمِهِ بَلْ لِلتَّرَدُّدِ فِي بُطْلَانِهِ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُ بُطْلَانِهَا بِمَا إذَا طَالَ التَّرَدُّدَ أَوْ مَضَى مَعَهُ رُكْنٌ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ التَّرَدُّدِ ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيَّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَطْهُرْ مِنْ الصَّحِيحِ مَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَمَا هُنَاكَ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ انْدَمَلَ مَا تَحْتَ الْجَبِيرَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ وَصَلَّى بَعْدَهُ صَلَوَاتٍ وَجَبَ قَضَاؤُهَا وَلَوْ كَانَ عَلَى عُضْوِهِ جَبِيرَتَانِ فَرَفَعَ إحْدَاهُمَا لَمْ يَلْزَمْهُ رَفْعُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْخُفَّيْنِ لِأَنَّ لُبْسَهُمَا جَمِيعًا .
شَرْطٌ بِخِلَافِ الْجَبِيرَتَيْنِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ
( قَوْلُهُ : ثُمَّ رَأَيْت الزَّرْكَشِيُّ أَجَابَ بِحَمْلِ مَا هُنَا .
إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ مَا أَجَابَ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ تَشْبِيهِ النَّوَوِيِّ لَهُ بِانْخِلَاعِ الْخُفِّ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَهُ سَبْعَةُ أَرْكَانٍ ) عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَسِتَّةٌ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ بِإِسْقَاطِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ وَخَمْسَةٌ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ بِإِسْقَاطِ الْقَصْدِ أَيْضًا لِذَلِكَ ، وَكَذَا صَنَعَ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ : وَحَذَفَهُمَا جَمَاعَةٌ وَهُوَ أَوْلَى إذْ لَوْ حَسُنَ عَدُّ التُّرَابِ رُكْنًا لَحَسُنَ عَدُّ الْمَاءِ رُكْنًا فِي الطُّهْرِ بِهِ فَأَمَّا الْقَصْدُ فَدَاخِلٌ فِي النَّقْلِ الْوَاجِبِ قَرْنَ النِّيَّةُ بِهِ ( الْأَوَّلُ ) مِنْ السَّبْعَةِ ( التُّرَابُ الطَّاهِرُ الْخَالِصُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا وَهُوَ مُتَضَمِّنٌ لِخُلُوصِهِ ( غَيْرِ الْمُسْتَعْمَلِ ) كَمَا فِي الْمَاءِ فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِالتُّرَابِ الْمَذْكُورِ ( بِأَيِّ لَوْنٍ كَانَ ) كَمَا فِي الْمَاءِ ( فَيَصِحُّ بِبَطْحَاءَ ) وَهُوَ تُرَابٌ بِمَسِيلِ الْمَاءِ فِيهِ دِقَاقُ حَصًى ( وَسَبِخٍ ) بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ مَا لَا يُنْبِتُ هَذَا إذَا ( لَمْ يَعْلُهُ الْمِلْحُ ) فَإِنْ عَلَاهُ لَمْ يَصِحَّ التَّيَمُّمُ بِهِ لِأَنَّ الْمِلْحَ لَيْسَ بِتُرَابٍ ( وَتُرَابِ أَرَضِهِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ ( خَرَجَتْ ) بِهِ ( مِنْ مَدَرٍ ) لِأَنَّهُ تُرَابٌ ( لَا ) مِنْ ( خَشَبٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَإِنْ أَشْبَهَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَلَا أَثَرَ لِلُعَابِهَا ) الْمُخْتَلِطِ بِالتُّرَابِ كَتُرَابٍ مَعْجُونٍ بِخَلٍّ كَمَا سَيَأْتِي ( وَتَغَيَّرَ ) أَيْ وَلَا أَثَرَ لِتَغَيُّرِ ( حَمْأَةٍ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَتَسْكِينِ ثَانِيهِ أَيْ طِينٍ أَسْوَدَ ( وَ ) لَا تَغَيُّرِ ( طِينٍ ) هَذَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَالتَّصْرِيحُ بِهِمَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْعَامِّ كَفَى وَكَانَ أَوْضَحَ وَأَخْصَرَ

الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ التَّيَمُّمِ وَلَهُ سَبْعَةُ أَرْكَانٍ ) اعْتَذَرَ عَنْ عَدِّ التُّرَابِ رُكْنًا فِي التَّيَمُّمِ دُونَ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمَشْرُوطَ إطْلَاقُهُ لَيْسَ مُخْتَصًّا بِالْوُضُوءِ بَلْ يُعْتَبَرُ فِيهِ وَفِي الْغُسْلِ وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِخِلَافِ التُّرَابِ فَإِنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالتَّيَمُّمِ وَالْمُطَهِّرِ فِي غَسَلَاتِ الْكَلْبِ الْمَاءُ بِشَرْطِ امْتِزَاجِهِ بِهِ فِي غَسْلَةٍ مِنْهَا ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ التُّرَابُ .
إلَخْ ) كَمَا ثَبَتَ أَنَّ الطَّهَارَةَ بِالْمَائِعَاتِ تَخْتَصُّ بِأَعَمِّهَا وُجُودًا وَهُوَ الْمَاءُ وَجَبَ أَنْ تَخْتَصَّ الطَّهَارَةُ بِالْجَامِدَاتِ بِأَعَمِّهَا وُجُودًا وَهُوَ التُّرَابُ وَفِي كَلَامِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ فِي تَخْصِيصِ التَّيَمُّمِ بِالتُّرَابِ إظْهَارًا لِكَرَامَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّهُ مَخْلُوقٌ مِنْ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَخُصَّا بِكَوْنِهِمَا مُطَّهِّرَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا ( قَوْلُهُ : أَيْ تُرَابًا طَاهِرًا ) لِأَنَّ الطِّيبَ يُطْلَقُ عَلَى مَا تَسْتَطِيبُهُ النَّفْسُ وَعَلَى الْحَلَالِ وَعَلَى الطَّاهِرِ وَإِلَّا وَلَأَنْ لَا يَحْسُنَ وَصْفُ التُّرَابِ بِهِمَا فَتَعَيَّنَ الثَّالِثُ .
قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ هُوَ الطَّاهِرُ

( وَلَوْ شُوِيَ ) الطِّينُ ( وَتَسَوَّدَ ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ إذَا سُحِقَ لِأَنَّهُ تُرَابٌ ( لَا مَا صَارَ رَمَادًا أَوْ خَرِفًا أَوْ آجُرًّا ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَفِي نُسْخَةٍ وَآجُرٌّ بِالْوَاوِ
( قَوْلُهُ : وَلَوْ شُوِيَ الطِّينُ وَتَسَوَّدَ ) أَيْ بِأَنْ لَمْ تَبْطُلْ مِنْهُ قُوَّةُ الْإِنْبَاتِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا ) أَيْ وَصَارَ حَقِيقَةً أُخْرَى

( وَلَا ) يَصِحُّ التَّيَمُّمُ ( بِرَمْلٍ ) وَلَوْ نَاعِمًا ( بِلَا غُبَارٍ ) أَوْ بِغُبَارٍ لَكِنَّ الرَّمْلَ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ بِخِلَافِهِ إذَا لَمْ يَلْصَقْ بِهِ فَإِطْلَاقُهُ الرَّمْلِ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ لَهُ بِالْخَشِنِ ( وَلَا بِمَعْدِنٍ كَنَوْرَةٍ وَزِرْنِيخٍ ) وَجَصٍّ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تُرَابًا وَلَوْ جَازَ التَّيَمُّمُ بِجَمِيعِ الْأَرْضِ لَمَا عَدَلَ عَنْهَا إلَى التُّرَابِ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ { جُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدًا وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا } وَطَهَارَةُ التَّيَمُّمِ تَعَبُّدِيَّةٌ فَاخْتُصَّتْ بِمَا وَرَدَ كَالْوُضُوءِ بِخِلَافِ الدِّبَاغِ فَإِنَّهُ نَزْعُ الْفُضُولِ وَهُوَ يَحْصُلُ بِأَنْوَاعٍ
( قَوْلُهُ : فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ .
إلَخْ ) رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَأَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ : { جُعِلَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَنَا مَسْجِدًا وَتُرَابُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ }

( وَإِنْ انْتَفَضَ مِنْ كَلْبٍ تُرَابٌ ) أَوْ بَقِيَ عَلَيْهِ فَتَيَمَّمَ بِهِ ( وَلَمْ يَعْلَمْ تَرَطُّبَهُ ) عِنْدَ الْتِصَاقِهِ بِهِ بِمَاءٍ أَوْ عَرَقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( أَجْزَأَهُ ) لِأَنَّهُ طَاهِرٌ حَقِيقَةً أَوْ أَصَالَةً بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ
( قَوْلُهُ : وَإِنْ انْتَفَضَ مِنْ كَلْبٍ تُرَابٌ ) أَيْ أَوْ خِنْزِيرٍ

( وَلَا بِمُتَنَجِّسٍ كَمَقْبَرَةٍ تَيَقَّنَ نَبْشَهَا ) لِاخْتِلَاطِهَا بِصَدِيدِ الْمَوْتَى سَوَاءٌ أَوَقَعَ الْمَطَرُ عَلَيْهَا أَمْ لَا لِأَنَّ الصَّدِيدَ لَا يُذْهِبُهُ الْمَطَرُ كَمَا لَا يُذْهِبُ التُّرَابُ ، وَكَذَا كُلُّ مَا اخْتَلَطَ مِنْ الْأَنْجَاسِ بِالتُّرَابِ مِمَّا يَصِيرُ كَالتُّرَابِ أَمَّا إذَا لَمْ يَتَيَقَّنْ نَبْشَهَا فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِتُرَابِهَا بِلَا كَرَاهَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ طَهَارَتُهُ .

( وَلَا بِمُخْتَلِطٍ بِدَقِيقٍ وَزَعْفَرَانٍ وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوُ كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَمْلٍ نَاعِمٍ يَلْصَقُ بِالْعُضْوِ ( وَلَوْ قَلَّ ) الْخَلِيطُ بِأَنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي التُّرَابِ لِمَنْعِهِ وُصُولَهُ إلَى الْعُضْوِ لِكَثَافَتِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَاءِ

( فَلَوْ عَجَنَ التُّرَابَ بِخَلٍّ فَتَغَيَّرَ ) بِهِ ( ثُمَّ جَفَّ لَمْ يَضُرَّ ) فَيَصِحُّ التَّيَمُّمُ بِهِ ( وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ وَلَوْ مُتَنَاثِرًا ) مِنْ الْعُضْوِ بَعْدَ مَسِّهِ كَالْمَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ تَأَدَّى بِهِ فَرْضٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِلْمُتَنَاثِرِ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ
( قَوْلُهُ : إذَا انْفَصَلَ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ ) وَعَلَى هَذَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْ الْهَوَاءِ وَتَيَمَّمَ جَازَ ج هَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ الرَّافِعِيَّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا رَفَعَ يَدَهُ ثُمَّ أَعَادَهَا وَكَمَّلَ بِهَا مَسْحَ الْعُضْوِ ، فَقَوْلُهُ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ أَيْ انْفَصَلَ عَنْ الْيَدِ الْمَاسِحَةِ وَالْمَمْسُوحِ جَمِيعًا وَعِبَارَتُهُ ، وَإِنْ قُلْنَا : إنَّ الْمُتَنَاثِرَ مُسْتَعْمَلٌ فَإِنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الِاسْتِعْمَالِ إذَا انْفَصَلَ بِالْكُلِّيَّةِ وَأَعْرَضَ الْمُتَيَمِّمُ عَنْهُ لِأَنَّ فِي إيصَالِ التُّرَابِ إلَى الْأَعْضَاءِ عُسْرًا لَا سِيَّمَا مَعَ رِعَايَةِ الِاقْتِصَارِ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَيُعْذَرُ فِي رَفْعِ الْيَدِ وَرَدِّهَا كَمَا يُعْذَرُ فِي التَّقَاذُفِ الَّذِي يَغْلِبُ فِي الْمَاءِ وَلَا يُحْكَمُ بِاسْتِعْمَالِ الْمُتَقَاذِفِ ش

( الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ : النَّقْلُ ) أَيْ نَقْلُ التُّرَابِ إلَى الْعُضْوِ ( وَالْقَصْدُ ) إلَيْهِ لِلْآيَةِ فَإِنَّهَا آمِرَةٌ بِالتَّيَمُّمِ وَهُوَ الْقَصْدُ وَالنَّقْلُ طَرِيقُهُ ( فَإِنْ مَسَحَ بِمَا ) أَيْ تُرَابٍ ( سَفَتْهُ عَلَيْهِ الرِّيحُ أَوْ يَمَّمَهُ رَجُلٌ بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( لَمْ يُجْزِهِ وَلَوْ صَمَدَ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ ( لِذَلِكَ وَقَصَدَهُ ) لِانْتِفَاءِ الْقَصْدِ مِنْ جِهَتِهِ بِانْتِفَاءِ النَّقْلِ الْمُحَقِّقِ لَهُ وَمُجَرَّدًا لِقَصْدِ الْمَذْكُورِ لَا يَكْفِي وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَرَزَ لِلْمَطَرِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ فِيهِ الْغُسْلُ ، وَاسْمُهُ يُطْلَقُ وَلَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ أَمَّا إذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ ، فَيَجُوزُ وَلَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَوْلُهُ : مِنْ زِيَادَتِهِ صَمَدَ حَشْوٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى قَصَدَ
( قَوْلُهُ فَانْغَسَلَتْ أَعْضَاؤُهُ ) وَنَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ ( قَوْلُهُ : أَمَّا إذَا يَمَّمَهُ غَيْرُهُ بِإِذْنِهِ .
إلَخْ ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَأْذُونُ كَافِرًا أَمْ مَجْنُونًا أَمْ حَائِضًا أَمْ نُفَسَاءَ حَيْثُ لَا نَقْضَ

( فَلَوْ تَلَقَّاهُ ) أَيْ التُّرَابَ ( مِنْ الرِّيح بِكُمِّهِ أَوْ يَدِهِ وَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ أَوْ تَمَعَّكَ فِي التُّرَابِ ) وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ ( أَجْزَأَهُ ) لِأَنَّ قَصْدَهُ التُّرَابَ قَدْ تَحَقَّقَ بِذَلِكَ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَدَثَ بَعْدَ الضَّرْبِ وَقَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ يَضُرُّ ، وَكَذَا الضَّرْبُ قَبْلَ الْوَقْتِ أَوْ مَعَ الشَّكِّ فِي دُخُولِهِ مَعَ أَنَّ الْمَسْحَ بِالضَّرْبِ الْمَذْكُورِ لَا يَتَقَاعَدُ عَنْ التَّمَعُّكِ وَالضَّرْبُ بِمَا عَلَى الْكُمّ أَوْ الْيَدِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ فِي ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ كَانَ التُّرَابُ عَلَى يَدَيْهِ ابْتِدَاءً وَالْمَنْعُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ عَدَمِ تَجْدِيدِهَا لِبُطْلَانِهَا وَبُطْلَانِ النَّقْلِ الَّذِي قَارَنَتْهُ
قَوْلُهُ : وَيُجَابُ بِأَنَّا نَقُولُ بِجَوَازِهِ عِنْدَ تَجْدِيدِ النِّيَّةِ إلَخْ ) قَالَ الْفَتَى وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْوَاجِبَ تَحْدِيدُ إعَادَةِ النِّيَّةِ فَقَطْ وَجَوَازُ الْمَسْحِ بِذَلِكَ التُّرَابِ وَإِنَّ الْحَدَثَ إنَّمَا أَبْطَلَ النِّيَّةَ فَقَطْ لِمَا ذَكَرْنَاهُ

( وَإِنْ نَقَلَهُ ) مِنْ عُضْوٍ ( وَلَوْ مِنْ عُضْوٍ تَيَمَّمَ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ جَازَ ) لِتَحَقُّقِ النَّقْلِ بِذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ : رَدَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى نَقَلَهُ الْمُقَدَّرِ بَعْدَ لَوْ
( قَوْلُهُ : وَإِنْ نَقَلَهُ وَلَوْ مِنْ عُضْوٍ تَيَمَّمَ .
إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ التُّرَابَ لِيَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ مَسَحَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ بِذَلِكَ التُّرَابِ يَدَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ إلَى التُّرَابِ لِعُضْوٍ يَمْسَحُهُ بِهِ شَرْطٌ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْوُضُوءِ وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ لِيَدَيْهِ وَظَنَّ أَنَّهُ مَسَحَ الْوَجْهَ فَتَذَكَّرَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَمْسَحَ بِهِ وَجْهَهُ ا هـ وَمَا قَالَهُ ضَعِيفٌ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ النِّيَّةُ ) لِخَبَرِ : { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } ( وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَرْكَانِ ( وَ ) يَجِبُ ( اسْتِصْحَابُهَا ) ذِكْرًا ( إلَى مَسْحِ شَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ ) فَلَوْ غَرَبَتْ قَبْلَ الْمَسْحِ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ النَّقْلَ وَإِنْ كَانَ رُكْنًا غَيْرَ مَقْصُودٍ فِي نَفْسِهِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَالْمُتَّجِهُ الِاكْتِفَاءُ بِاسْتِحْضَارِهَا عِنْدَهُمَا وَإِنْ غَرَبَتْ بَيْنَهُمَا وَاسْتَشْهَدَ لَهُ بِكَلَامٍ لِأَبِي خَلَفٍ الطَّبَرِيِّ ( وَلَا تُجْزِيهِ إلَّا نِيَّةُ الِاسْتِبَاحَةِ ) لِمُفْتَقِرٍ إلَى طُهْرٍ كَصَلَاةٍ لِأَنَّهُ نَوَى مُقْتَضَاهُ ( لَا ) نِيَّةَ ( التَّيَمُّمِ وَ ) لَا نِيَّةَ ( فَرْضِهِ ) أَوْ نِيَّةَ فَرْضِ الطُّهْرِ أَوْ التَّيَمُّمِ الْمَفْرُوضِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ إنَّمَا يُؤْتَى بِهِ عَنْ ضَرُورَةٍ فَلَا يَصْلُحُ مَقْصِدًا وَلِهَذَا لَا يُنْدَبُ تَجْدِيدُهُ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ نَعَمْ إنْ تَيَمَّمَ نَدْبًا كَأَنْ تَيَمَّمَ لِلْجُمُعَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ غُسْلِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ تُجْزِيهِ نِيَّةُ التَّيَمُّمِ بَدَلَ الْغُسْلِ ( وَلَا ) نِيَّةُ ( رَفْعِ الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ لِبُطْلَانِهِ بِزَوَالِ مُقْتَضَيْهِ ، { وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَقَدْ تَيَمَّمَ عَنْ الْجَنَابَةِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ يَا عَمْرُو وَصَلَّيْت بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ فَقَالَ : إنِّي سَمِعْت اللَّهَ يَقُولُ { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } فَضَحِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَقَوْلُهُ : " أَوْ الطَّهَارَةِ عَنْهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

( قَوْلُهُ : الرَّابِعُ النِّيَّةُ ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ طَرِيقُهَا الْفِعْلُ فَافْتَقَرَتْ إلَى النِّيَّةِ كَالصَّلَاةِ وَاحْتَرَزْنَا بِالْمَحْضَةِ عَنْ الْعِدَّةِ وَبِطَرِيقِهَا الْفِعْلُ عَنْ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ طَرِيقَهُمَا التَّرْكُ وَكَتَبَ أَيْضًا عُلِمَ مِنْهُ اشْتِرَاطُ إسْلَامِ الْمُتَيَمِّمِ لَا فِي كِتَابِيَّةٍ انْقَطَعَ حَيْضُهَا أَوْ نِفَاسُهَا لِتَحَلَّ لِمُسْلِمٍ وَتَمْيِيزُهُ لَا فِي مَجْنُونَةٍ لِتَحِلَّ لِوَاطِئٍ ( قَوْلُهُ وَيَجِبُ قَرْنُهَا بِالنَّقْلِ ) أَيْ الضَّرْبِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْكِفَايَةِ وَعَبَّرَ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ قَبْلَ رَفْعِ يَدَيْهِ مِنْ التُّرَابِ ( قَوْلُهُ : وَلَا نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ .
.
.
.
إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مَعَهُ غَسْلُ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ وَإِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَرْفَعُهُ حِينَئِذٍ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُهُ ) فَإِنْ قِيلَ الْحَدَثُ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ هُوَ الْمَنْعُ وَالْمَنْعُ يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ قُلْنَا الْحَدَثُ مَنَعَ مُتَعَلِّقُهُ كُلَّ صَلَاةٍ فَرِيضَةً كَانَتْ أَوْ نَافِلَةً وَكُلَّ طَوَافٍ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ مَعَهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى أَحَدِ الْأَسْبَابِ وَهَذَا الْمَنْعُ الْعَامُّ الْمُتَعَلِّقُ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّيَمُّمِ إنَّمَا يَرْتَفِعُ بِهِ مَنْعُ خَاصِّ الْمُتَعَلِّقِ وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ النَّوَافِلِ فَقَطْ أَوْ مِنْ فَرِيضَةٍ وَاحِدَةٍ وَمَا يُسْتَبَاحُ مَعَهَا وَالْخَاصُّ غَيْرُ الْعَامِّ

( وَإِنْ نَوَى ) بِتَيَمُّمِهِ ( فَرْضًا وَنَفْلًا أَوْ فَرْضًا صَحَّ ) وَكَانَ مُسْتَبِيحًا ( لِفَرْضٍ وَنَفْلٍ ) عَمَلًا بِمَا نَوَاهُ فِي الْأُولَى وَاسْتِتْبَاعًا لِلنَّفْلِ فِي الْبَاقِي وَصَحَّ التَّيَمُّمُ فِي الْأَخِيرَةِ مَعَ أَنَّهُ نَوَى مَا لَا يُبَاحُ بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ لِأَنَّهُ نَوَى فَرْضًا وَزَادَ فَلَغَتْ الزِّيَادَةُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ ) لِلْفَرْضِ الَّذِي يَنْوِي اسْتِبَاحَتَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ تَعْيِينُ الْحَدَثِ الَّذِي يَنْوِي رَفْعَهُ
( قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ ) ( مَسْأَلَةٌ ) لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ فَرَضَ الظُّهْرَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ أَدَاءَ الظُّهْرِ خَمْسَ رَكَعَاتٍ غَيْرُ مُبَاحٍ وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ عُرْيَانَا مَعَ وُجُودِ الثِّيَابِ أَمَّا إذَا نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ مَقْصُورًا صَحَّ تَيَمُّمُهُ ثُمَّ لَهُ أَنْ يُتِمَّ كَمَا لَوْ نَوَى أَنْ يُصَلِّيَ بِهِ الصُّبْحَ فَلَمْ يَفْعَلْ بَلْ قَضَى الظُّهْرَ جَازَ مِنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ صَلَاةَ عِيدٍ مُسْتَقْبَلٍ قَبْلَ مَجِيئِهِ لَمْ تَصِحَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ وُقُوعُهُ فِي وَقْتِهِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَلَوْ نَوَى بِتَيَمُّمِهِ طَوَافًا عَلَيْهِ وَهُوَ بِمِصْرَ مَثَلًا صَحَّ لِدُخُولِ وَقْتِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ فِعْلِهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ

( فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا ) وَلَوْ نَذْرًا ( وَصَلَّى بِهِ غَيْرَهُ ) فَرْضًا أَوْ نَفْلًا فِي الْوَقْتِ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ ) صَلَّى بِهِ الْفَرْضَ الْمَنْوِيَّ ( فِي غَيْرِ وَقْتِهِ جَازَ ) ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعْيِينُ ( فَإِنْ عَيَّنَ ) فَرْضًا ( وَأَخْطَأَ ) فِي التَّعْيِينِ ( كَمَنْ نَوَى فَائِتَةً وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ ظُهْرًا أَوْ ) إنَّمَا ( عَلَيْهِ عَصْرٌ لَمْ يَصِحَّ ) تَيَمُّمُهُ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاسْتِبَاحَةِ وَاجِبَةٌ فِي التَّيَمُّمِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ التَّعْيِينُ فَإِذَا عَيَّنَ وَأَخْطَأَ لَمْ يَصِحَّ كَمَا فِي تَعْيِينِ الْإِمَامِ وَالْمَيِّتِ فِي الصَّلَاةِ بِخِلَافِ مِثْلِهِ فِي الْوُضُوءِ لِعَدَمِ وُجُوبِ نِيَّةِ الِاسْتِبَاحَةِ فِيهِ فَلَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهَا كَمَا لَوْ عَيَّنَ الْمُصَلِّي الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ وَلِأَنَّهُ يَرْفَعُ الْحَدَثَ فَيَسْتَبِيحُ مَا شَاءَ وَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ وَلَا يَرْفَعُ فَنِيَّتُهُ صَادَفَتْ اسْتِبَاحَةَ مَا لَا يُسْتَبَاحُ
( قَوْلُهُ : فَإِنْ عَيَّنَ فَرْضًا وَصَلَّى بِهِ غَيْرَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ تَيَمَّمَ لِطَوَافِ فَرْضٍ فَلَمْ يَطُفْ وَصَلَّى بِهِ مَكْتُوبَةً وَهُوَ كَذَلِكَ

( وَكَذَا ) لَا يَصِحُّ تَيَمُّمُ ( مَنْ شَكَّ ) أَوْ ظَنَّ ( هَلْ عَلَيْهِ فَائِتَةٌ فَتَيَمَّمَ ) لَهَا ( ثُمَّ ذَكَرَهَا ) لِأَنَّ وَقْتَ الْفَائِتَةِ بِالتَّذَكُّرِ كَمَا سَيَأْتِي قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّيَمُّمِ اسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ وَمَا لَمْ يَتَحَقَّقْهَا لَا يُبَاحُ لَهُ فِعْلُهَا قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ فَاسِدٌ فَإِنَّ فِعْلَهَا مُبَاحٌ بَلْ مُسْتَحَبٌّ قُلْت لَيْسَ بِفَاسِدٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ هُنَا اسْتِبَاحَتُهَا بِالتَّيَمُّمِ الْمَذْكُورِ لَا اسْتِبَاحَتُهَا مُطْلَقًا .

( وَيَتَنَفَّلُ مَنْ نَوَى ) بِتَيَمُّمِهِ ( فَرْضًا ) مَا شَاءَ مِنْ النَّوَافِلِ ( قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ ) اسْتِتْبَاعًا وَلَوْ ذَكَرَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ : وَنَفْلٌ كَانَ أَخْصَرَ مِنْ ذَلِكَ ( أَوْ ) نَوَى ( نَفْلًا اسْتَبَاحَهُ ) مَعَ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ نَحْوِ مَسِّ مُصْحَفٍ وَسُجُودِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ وَقِرَاءَةِ جُنُبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَمُكْثِهِ بِمَسْجِدٍ وَحِلِّ وَطْءٍ وَصَلَاةِ جِنَازَةٍ وَإِنْ تَعَيَّنَتْ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ ضَرُورَةً .
وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا ( وَإِنْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةٍ ) أَيْ لِمُطْلَقِهَا ( أَوْ مَسُّ مُصْحَفٍ ) أَوْ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ أَوْ شُكْرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ( أَوْ ) تَيَمَّمَتْ ( حَائِضٌ ) انْقَطَعَ حَيْضُهَا ( لِوَطْءٍ ) أَيْ لِحِلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ ( أَوْ ) تَيَمَّمَ ( جُنُبٌ لِاعْتِكَافٍ ) أَوْ قِرَاءَةِ قُرْآنٍ ( فَكَنَفَلٍ ) تَيَمَّمَ لَهُ فِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا الْفَرْضُ فِي الْأُولَى وَلَا الْفَرْضُ وَالنَّفَلُ فِيمَا عَدَاهَا وَوُجِّهَ فِي النَّفْلِ بِأَنَّهُ آكَدُ وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَبِحْ الْفَرْضَ فِي الْأُولَى لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّلَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّفْلِ كَمَا فِي التَّحَرُّمِ ( وَكَذَا ) لَوْ تَيَمَّمَ ( لِجِنَازَةٍ ) أَيْ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا وَإِنْ تَعَيَّنَتْ فَإِنَّهُ كَتَيَمُّمِهِ لِلنَّفْلِ فِي أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ مَا نَوَاهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لَا الْفَرْضِ الْعَيْنِيِّ
( قَوْلُهُ : وَالنَّفَلُ تَابِعٌ فَلَا يُجْعَلُ مَتْبُوعًا ) قِيلَ فَلَا يُفْرِدْ قُلْنَا الْحَاجَةُ قَدْ تَمَسُّ إلَيْهِ وَحْدَهُ ( قَوْلُهُ : أَوْ مَسُّ مُصْحَفٍ ) أَوْ حَمْلُهُ وَلَوْ عِنْدَ خَوْفٍ عَلَيْهِ مِنْ غَرَقٍ أَوْ حَرَقٍ أَوْ نَجَاسَةٍ أَوْ كَافِرٍ ( قَوْلُهُ : أَوْ قِرَاءَةُ قُرْآنٍ ) وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا عَيْنِيًّا كَتَعَلُّمِ الْفَاتِحَةِ

( وَإِنْ غَلِطَ ) فِي تَيَمُّمِهِ ( مِنْ ) الْحَدَثِ ( الْأَصْغَرِ إلَى الْأَكْبَرِ أَوْ عَكَسَ نَاوِيًا ) بِهِ ( الِاسْتِبَاحَةَ ) لِلصَّلَاةِ ( صَحَّ ) لِأَنَّ مُقْتَضَاهُمَا وَاحِدٌ وَلِأَنَّ الْجُنُبَ وَالْمُحْدِثَ يَنْوِيَانِ بِتَيَمُّمِهِمَا اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ فَلَا فَرْقَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ تَعْيِينُهَا فِي نِيَّتِهَا فَإِذَا نَوَى الظُّهْرَ فَقَدْ نَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَأَقَرَّهُ أَمَّا إذَا تَعَمَّدَ ذَلِكَ فَلَا يَصِحُّ تَيَمُّمُهُ لِتَلَاعُبِهِ
( قَوْلُهُ : نَاوِيًا لِاسْتِبَاحَةِ .
إلَخْ ) عَنْ ذَلِكَ الْحَدَثِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ غَلِطَ مِنْ الْأَصْغَرِ إلَى الْأَكْبَرِ .
إلَخْ ) ضَابِطُ مَا يَغْلَطُ فِي نِيَّتِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِيهِ التَّعْيِينَ كَمَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَزَمَانِهَا لَمْ يَضُرَّ الْغَلَطُ وَإِنْ اشْتَرَطَ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ أَوْ اشْتَرَطَ النِّيَّةَ دُونَ التَّعْيِينِ كَالِاقْتِدَاءِ وَتَعْيِينِ الْمَيِّتِ وَالْمَالِ الزَّكَوَيِّ ضَرَّ ( قَوْلُهُ : فَلَا فَرْقَ ) وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ

( فَلَوْ نَسِيَ ) مَنْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ ( الْجَنَابَةَ وَكَانَ يَتَيَمَّمُ فِيهِ يَوْمًا وَيَتَوَضَّأُ يَوْمًا ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَقْتًا بَدَلَ يَوْمًا وَالْمُرَادُ مِنْهَا مَا فِي الْمَجْمُوعِ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ وُجُودِ الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ عِنْدَ عَدَمِهِ ( أَعَادَ صَلَوَاتِ الْوُضُوءِ ) دُونَ صَلَوَاتِ التَّيَمُّمِ لِاسْتِبَاحَةِ مَا صَلَّاهُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى

( الرُّكْنُ الْخَامِسُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ ) وَلَوْ بِغَيْرِ يَدِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } ( لَا ) مَسْحُ ( مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ ) أَوْ نَدَرَ فَلَا يَجِبُ وَلَا يُنْدَبُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخِلَافِ الْمَاءِ
( قَوْلُهُ : مَسْحُ الْوَجْهِ ) أَوْ الْوَجْهَيْنِ

( السَّادِسُ مَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ ) لِلْآيَةِ لَا مَسْحُ مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ أَوْ نَدَرَ فَلَوْ قَالَ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ مَسْحُ الْوَجْهِ وَظَاهِرِ اللِّحْيَةِ وَالْيَدَيْنِ مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ لَا مَنْبَتِ شَعْرٍ وَإِنْ خَفَّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى
( قَوْلُهُ : مَسْحُ الْيَدَيْنِ مَعَ الْمَرْفِقَيْنِ ) مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فِي غَسْلِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ بَعْضُهَا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا يَأْتِي هُنَا وَكَذَا زِيَادَةُ يَدٍ وَأُصْبُعٍ وَتَدَلِّي جِلْدَةٍ ( قَوْلُهُ : لِلْآيَةِ ) وَلِخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ { التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلذِّرَاعَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ } وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ وَلِأَنَّهُ مَمْسُوحٌ فِي التَّيَمُّمِ فَكَانَ كَغَسْلِهِ كَالْوَجْهِ

( السَّابِعُ التَّرْتِيبُ بِتَقْدِيمِ ) مَسْحِ ( الْوَجْهِ ) عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ كَمَا فِي الْوُضُوءِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ أَكْبَرَ بِخِلَافِ الْغُسْلِ مِنْهُ لِأَنَّ الْبَدَنَ فِيهِ وَاحِدٌ فَهُوَ كَعُضْوٍ فِي الْوُضُوءِ ، وَأَمَّا الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ فِي التَّيَمُّمِ فَمُخْتَلِفَانِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ التَّمَعُّكَ يَجِبُ فِيهِ التَّرْتِيبُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ لَا يَجِبُ فِي حَالَةٍ حَتَّى يَكُونَ كَالْغُسْلِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا تَقْدِيمُ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( وَلَا ) يَسْقُطُ التَّرْتِيبُ بِالنِّسْيَانِ كَسَائِرِ الْأَرْكَانِ ( وَيَجِبُ النَّقْلُ مَرَّتَيْنِ ) وَإِنْ أَمْكَنَ بِمَرَّةٍ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا .
لِخَبَرِ الْحَاكِمِ { التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ ضَرْبَةٌ لِلْوَجْهِ وَضَرْبَةٌ لِلْيَدَيْنِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ } وَرَوَى أَبُو دَاوُد { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَيَمَّمَ بِضَرْبَتَيْنِ مَسَحَ بِإِحْدَاهُمَا وَجْهَهُ وَبِالْأُخْرَى ذِرَاعَيْهِ } لَكِنَّ الْأَوَّلَ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ عُمَرَ وَالثَّانِي فِيهِ رَاوٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَكْثَرِ الْمُحَدِّثِينَ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَعَ هَذَا صَحَّحَ وُجُوبَ الضَّرْبَتَيْنِ وَقَالَ : إنَّهُ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لِعَمَّارٍ لَمَّا أَجْنَبَ وَتَمَرَّغَ فِي التُّرَابِ لِعَدَمِ الْمَاءِ : إنَّمَا كَانَ يَكْفِيك أَنْ تَقُولَ بِيَدَيْك هَكَذَا ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ الْأَرْضَ ضَرْبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ نَفَّضَهُمَا ثُمَّ مَسَحَ الشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ ، وَظَاهِرَ كَفَّيْهِ وَوَجْهَهُ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَأَجَابَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَيَانُ صُورَةِ الضَّرْبِ لِلتَّعْلِيمِ لَا بَيَانُ جَمِيعِ مَا يَحْصُلُ بِهِ التَّيَمُّمُ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَا يَخْفَى ضَعْفُهُ

( قَوْلُهُ : وَإِنْ أَمْكَنَ بِمَرَّةٍ بِخِرْقَةٍ ) قَالَ شَيْخُنَا : بِأَنْ يَمْسَحَ بِبَعْضِهَا وَجْهَهُ وَبِبَاقِيهَا يَدَيْهِ مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ ( قَوْلُهُ : لِخَبَرِ الْحَاكِمِ { التَّيَمُّمُ ضَرْبَتَانِ } إلَخْ ) وَلِأَنَّ الِاسْتِيعَابَ غَالِبًا لَا يَتَأَتَّى بِدُونِهِمَا فَأَشْبَهَ الْأَحْجَارَ الثَّلَاثَةَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ وَلِأَنَّ الزِّيَادَةَ جَائِزَةٌ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ جَازَ أَيْضًا النُّقْصَانُ لَمْ يَبْقَ لِلتَّقْيِيدِ بِالْعَدَدِ فَائِدَةٌ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِمْ وَاسْتِدْلَالِهِمْ بِحَدِيثِ عَمَّارٍ وَنَحْوِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّرْبَ بِالْيَدَيْنِ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِحَسَبِ ضَرْبَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا ضَرَبَ يَدًا ثُمَّ يَدًا ( فَرْعٌ ) .
قَالَ فِي الْعُبَابِ فَلَوْ نَقَلَ لِوَجْهِهِ فَتَذَكَّرَ أَنَّهُ قَدْ مَسَحَهُ أَوْ لِيَدَيْهِ ظَانًّا مَسْحَ وَجْهِهِ فَبَانَ بِخِلَافِهِ بَطَلَ نَقْلُهُ ا هـ قَالَ شَيْخُنَا : وَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ تَبِعَ فِيهِ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ

( وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ ) عَلَى مَرَّتَيْنِ نَعَمْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِيعَابُ بِهِمَا لَمْ تُكْرَهْ الزِّيَادَةُ بَلْ تَجِبُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ فَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْعِبَارَةَ الْأُولَى وَعِبَارَتُهُ السَّادِسَةُ أَيْ مِنْ السُّنَنِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى ضَرْبَتَيْنِ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ : الزِّيَادَةُ عَلَى مَسْحَةٍ لِلْوَجْهِ وَمَسْحِهِ لِلْيَدَيْنِ مَكْرُوهَةٌ

( وَلَا تَرْتِيبَ ) وَاجِبٌ ( فِيهِ ) أَيْ فِي النَّفْلِ ( فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا وَمَسَحَ بِوَاحِدَةٍ الْوَجْهَ وَبِالْأُخْرَى الْيَدَ جَازَ ) وَفَارَقَ الْمَسْحَ بِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ وَالْمَسْحَ أَصْلٌ
( قَوْلُهُ : فَلَوْ ضَرَبَ بِيَدَيْهِ مَعًا .
إلَخْ ) وَلَوْ ضَرَبَ الْيَمِينَ قَبْلَ الْيَسَارِ ثُمَّ مَسَحَ بِيَسَارِهِ وَجْهَهُ وَبِيَمِينِهِ يَسَارَهُ جَازَ أَيْضًا وَلَوْ مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ لَكَانَ أَوْلَى

( وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ ) فَلَوْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى تُرَابٍ نَاعِمٍ وَعَلِقَ بِهَا غُبَارٌ كَفَى ( وَإِنْ نَقَلَ ) هُوَ ( أَوْ مَأْذُونُهُ فَأَحْدَثَ الْآمِرُ ) الْأُولَى لِيَشْمَلَ الصُّورَتَيْنِ فَأَحْدَثَ الْمُتَيَمِّمُ ( بَطَلَ ) نَفْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ غَسَلَ فِي الْوُضُوءِ وَجْهَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ أَخْذِ الْمَاءِ وَقَبْلَ غَسْلِ وَجْهِهِ لَا يَبْطُلُ لِعَدَمِ وُجُوبِ نَقْلِ الْمَاءِ وَقَصْدِهِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَقِيَاسًا عَلَى الْأُولَى كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ فِيهَا بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ لِعَدَمِ وُجُودِ الْقَصْدِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ الْآمِرِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اكْتَرَاهُ لِيَحُجَّ عَنْهُ ثُمَّ جَامَعَ فِي زَمَنِ إحْرَامِ الْأَجِيرِ لَا يَبْطُلُ حَجُّهُ وَعَلَى هَذَا يُجَابُ عَنْ قِيَاسِ الْأَصْلِ بِأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهَا بَاشَرَ النَّقْلَ بِنَفْسِهِ فَبَطَلَ بِحَدَثِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْمَقِيسَةِ هَذَا وَلَكِنَّ الْقَاضِي فَرَّعَ مَا قَالَهُ عَلَى أَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْآمِرِ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ النَّقْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ وَحِينَئِذٍ لَمْ يَتَوَارَدْ كَلَامُهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ لَكِنَّهُ صَرَّحَ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَنَّ نِيَّتَهُ تَجِبُ عِنْدَ النَّقْلِ فَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَالْكِفَايَةِ فَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ مَا فِيهِمَا غَلِطَ عَلَيْهِ غَلَطٌ اسْتَنَدَ فِيهِ لِرُؤْيَتِهِ الْفَتَاوَى فَقَطْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَفْتَى بِخِلَافِ مَا فِي مُصَنَّفِهِ وَالْأَخْذُ بِمَا فِي الْمُصَنِّفِ أَوْلَى أَمَّا حَدَثُ الْمَأْمُورِ فَلَا يُؤَثِّرُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَثِّرْ كَنَظِيرِهِ فِي حَجِّ الْأَجِيرِ لِأَنَّ النِّيَّةَ هُنَا مِنْ الْآمِرِ وَثَمَّ مِنْ الْمَأْمُورِ

قَوْلُهُ : وَلَا يَتَعَيَّنُ الضَّرْبُ ) إلَّا فِي مَوْضِعِ صُلْبٍ ( قَوْلُهُ : فَأَحْدَثَ الْآمِرُ ) فِي نُسْخَةٍ لَا الْآمِرُ وَفِي أُخْرَى أَوْ الْآمِرُ وَاقْتَصَرَ الْأَصْفُونِيُّ عَلَى أَنَّ حَدَثَ أَحَدِهِمَا لَا يَضُرُّ لِكَوْنِهِ الْمَنْقُولَ ( قَوْلُهُ : بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَاضِي عَدَمَ الْبُطْلَانِ ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ

( كَنَقْلٍ ) لِتُرَابٍ ( بِمَسٍّ مِنْ بَشَرَةِ امْرَأَةٍ ) تَنْقُضُ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ لِمُقَارَنَةِ الْحَدَثِ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَمَسَّهَا كَأَنْ كَثُرَ التُّرَابُ

( فَرْعٌ وَسُنَنُهُ ) أَيْ التَّيَمُّمِ ( التَّسْمِيَةُ ) وَلَوْ جُنُبًا وَنَحْوَهُ ( وَالْبُدَاءَةُ بِالْيُمْنَى وَأَعْلَى الْوَجْهِ ) كَالْوُضُوءِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ : ظَاهِرُ عِبَارَةِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا اسْتِحْبَابَ فِي الْبُدَاءَةِ بِشَيْءٍ مِنْ الْوَجْهِ دُونَ شَيْءٍ ( وَ ) الْإِتْيَانُ فِي مَسْحِ الْيَدَيْنِ ( بِالْكَيْفِيَّةِ الْمَشْهُورَةِ ) فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى سِوَى الْإِبْهَامِ عَلَى ظُهُورِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى سِوَى الْإِبْهَامِ بِحَيْثُ لَا يُخْرِجُ أَنَامِلَ الْيُمْنَى عَنْ مَسْبَحَةِ الْيُسْرَى وَلَا مَسْبَحَةَ الْيُمْنَى عَنْ أَنَامِلِ الْيُسْرَى وَيُمِرُّهَا عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُمْنَى فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ ضَمَّ أَطْرَافَ أَصَابِعِهِ إلَى حَرْفِ الذِّرَاعِ وَيُمِرُّهَا إلَى الْمِرْفَقِ ثُمَّ يُدِيرُ بَطْنَ كَفِّهِ إلَى بَطْنِ الذِّرَاعِ فَيُمِرُّهَا عَلَيْهِ رَافِعًا إبْهَامَهُ فَإِذَا بَلَغَ الْكُوعَ أَمَرَّ إبْهَامَ الْيُسْرَى عَلَى إبْهَامِ الْيُمْنَى ثُمَّ يَفْعَلُ بِالْيُسْرَى كَذَلِكَ ثُمَّ يَمْسَحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي ( وَإِمْرَارُ التُّرَابِ عَلَى كُلِّ الْعَضُدِ ) كَالْوُضُوءِ وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ وَزَادَ قَوْلَهُ كُلٌّ تَأْكِيدًا
( قَوْلُهُ : وَهِيَ أَنْ يَضَعَ بُطُونَ أَصَابِعِ الْيُسْرَى إلَخْ ) طَاهِرُ الْكَيْفِيَّةِ يَقْتَضِي اسْتِحْبَابَ جَعْلِ الْمَاسِحَةِ فَوْقَ الْمَمْسُوحَةِ لِلتَّعْبِيرِ بِعَلَى ، وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ نَصِّهِ فِي الْأُمِّ أَنَّهُ يُعْكَسُ بِأَنْ يَجْعَلَ بَطْنَ رَاحَتَيْهِ مَعًا إلَى فَوْقَ ثُمَّ يُمِرُّ الْمَاسِحَةَ وَهِيَ مِنْ تَحْتَ لِأَنَّهُ أَحْفَظُ لِلتُّرَابِ ح قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ الْيُسْرَى هِيَ الْمَاسِحَةُ فَكَانَتْ بِالْوَضْعِ أَوْلَى ثُمَّ لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا أَنَّ ذِكْرَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى لَيْسَ شَرْطًا فِي الْإِتْيَانِ بَمَطْلُوبِيَّةِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَلَوْ عَكَسَ حَصَلَ وَفَاتَتْ سُنَّةُ تَقْدِيمِ الْيُمْنَى

( وَكَذَا الْمُوَالَاةُ ) بَيْنَ الْمَسْحَيْنِ بِتَقْدِيرِ التُّرَابِ مَاءً ( وَبَيْنَهُ ) أَيْ التَّيَمُّمَ ( وَبَيْنَ الصَّلَاةِ ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهَا ( وَتَجِبُ ) الْمُوَالَاةُ بِقِسْمَيْهَا ( فِي تَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ وَوُضُوئِهِ ) تَخْفِيفًا لِلْمَانِعِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَتَكَرَّرُ وَهُوَ مُسْتَغْنٍ عَنْهُ بِالْمُوَالَاةِ وَقَوْلُهُ : وَبَيْنَهُ .
إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وُجُوبُ الْمُوَالَاةِ بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالصَّلَاةِ فِي دَائِمِ الْحَدَثِ
( قَوْلُهُ : وَتَجِبُ فِي تَيَمُّمِ دَائِمِ الْحَدَثِ .
إلَخْ ) تَجِبُ أَيْضًا فِي وُضُوءِ السَّلِيمِ عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ

( وَ ) يُسَنُّ ( أَنْ لَا يَرْفَعَ الْيَدَ عَنْ عُضْوٍ قَبْلَ تَمَامِهِ ) مَسْحًا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُ لِأَنَّ الْبَاقِيَ بِالْمَاسِحَةِ يَصِيرُ بِالْفَصْلِ مُسْتَعْمَلًا وَرُدَّ بِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ هُوَ الْبَاقِي بِالْمَمْسُوحَةِ ، وَأَمَّا الْبَاقِي بِالْمَاسِحَةِ فَفِي حُكْمِ التُّرَابِ الَّذِي تَضْرِبُ عَلَيْهِ الْيَدُ مَرَّتَيْنِ ( وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ فِي الضَّرْبَتَيْنِ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِزِيَادَةِ آثَارِ الْغُبَارِ بِاخْتِلَافِ مَوَاقِعِ الْأَصَابِعِ إذَا تَفَرَّقَتْ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِيُسْتَغْنَى بِالْوَاصِلِ عَنْ الْمَسْحِ بِمَا عَلَى الْكَفِّ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي الْأُولَى عَدَمُ صِحَّةِ تَيَمُّمِهِ لِمَنْعِ الْغُبَارِ الْحَاصِلِ فِيهَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَوُصُولِ الْغُبَارِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّا نَمْنَعُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى التَّفْرِيقِ فِي الْأُولَى أَجْزَأَهُ لِعَدَمِ وُجُوبِ تَرْتِيبِ النَّقْلِ كَمَا مَرَّ فَحُصُولُ التُّرَابِ الثَّانِي إنْ لَمْ يَزِدْ الْأَوَّلَ قُوَّةً لَمْ يَنْقُصْهُ وَأَيْضًا الْغُبَارُ عَلَى الْمَحَلِّ لَا يَمْنَعُ الْمَسْحَ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ غَشِيَهُ غُبَارُ السَّفَرِ لَا يُكَلَّفُ نَفْضُهُ لِلتَّيَمُّمِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَوْلُ الْبَغَوِيّ يُكَلَّفُ نَفْضُ التُّرَابِ مَحْمُولٌ عَلَى تُرَابٍ يَمْنَعُ وُصُولَ التُّرَابِ إلَى الْمَحَلِّ ( وَالتَّخْلِيل ) لِلْأَصَابِعِ بَعْدَ مَسْحِ الْيَدَيْنِ احْتِيَاطًا ( وَيَجِبُ ) التَّخْلِيلُ ( إنْ لَمْ يُفَرِّقْ ) أَصَابِعَهُ ( فِي الثَّانِيَةِ ) لِأَنَّ مَا وَصَلَ إلَيْهِ قَبْلَ مَسْحِ الْوَجْهِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ فِي حُصُولِ الْمَسْحِ

( وَمَسْحُ إحْدَى الرَّاحَتَيْنِ بِالْأُخْرَى عِنْدَ الْفَرَاغِ ) مِنْ مَسْحِ الذِّرَاعَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا تَأَدَّى بِضَرْبِهِمَا بَعْدَ مَسْحِ الْوَجْهِ وَإِنَّمَا جَازَ مَسْحُ الذِّرَاعَيْنِ بِتُرَابِهِمَا لِعَدَمِ انْفِصَالِهِ وَلِلْحَاجَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ مَسْحُ الذِّرَاعُ بِكَفِّهَا فَصَارَ كَنَقْلِ الْمَاءِ مِنْ بَعْضِ الْعُضْوِ إلَى بَعْضِهِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ بِنَقْلِ الْمَاءِ تَقَاذُفَهُ الَّذِي يَغْلِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( وَتَخْفِيفُ التُّرَابِ ) مِنْ كَفَّيْهِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا إنْ كَانَ كَثِيرًا بِالنَّفْضِ أَوْ النَّفْخِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ الْحَاجَةِ لِخَبَرِ عَمَّارٍ وَغَيْرِهِ وَلِئَلَّا تَتَشَوَّهَ بِهِ الْخِلْقَةُ أَمَّا مَسْحُ التُّرَابِ مِنْ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَالْأَحَبُّ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ الصَّلَاةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَنَزْعُ الْخَاتَمِ فِي الْأُولَى ) لِيَكُونَ الْمَسْحُ بِجَمِيعِ الْيَدِ اتِّبَاعًا لِلسُّنَّةِ ( وَيَجِبُ ) نَزْعُهُ ( فِي الثَّانِيَةِ ) لِيَصِلَ التُّرَابُ إلَى مَحَلِّهِ وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ بِخِلَافِهِ فِي الطُّهْرِ بِالْمَاءِ لِأَنَّ التُّرَابَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَإِيجَابُ نَزْعِهِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْمَسْحِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ وَإِيجَابُهُ لَيْسَ لِعَيْنِهِ بَلْ لِإِيصَالِ التُّرَابِ لِمَا تَحْتَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى غَالِبًا إلَّا بِالنَّزْعِ ( وَعَدَمِ التَّكْرَارِ ) لِلْمَسْحِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ فِيهِ تَخْفِيفُ التُّرَابِ ( وَأَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَهُ ) كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ ( وَنُدِبَ الِاسْتِقْبَالُ ) بِهِ لِلْقِبْلَةِ كَالْوُضُوءِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ : نُدِبَ ( وَلَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ بِيَدِهِ النَّجِسَةِ لَمْ يَجُزْ كَالْمَسْحِ عَلَيْهَا ) كَمَا لَا يَصِحُّ غُسْلُهَا عَنْ الْحَدَثِ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ التَّيَمُّمَ لِإِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَلَا إبَاحَةَ مَعَ الْمَانِعِ فَأَشْبَهَ التَّيَمُّمَ قَبْلَ الْوَقْتِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي تَنَجُّسِ سَائِرِ الْبَدَنِ ، وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70