كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( الْفَرْعُ الرَّابِعُ ) لَوْ ( ضَمِنَ ) فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ ( عُهْدَةَ ) ثَمَنِ ( الْأَرْضِ وَأَرْشَ نَقْصِ مَا يُغْرَسُ وَيُبْنَى فِيهَا إنْ قُلِعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا ) فِيمَا إذَا اشْتَرَاهَا شَخْصٌ وَغَرَسَ فِيهَا أَوْ بَنَى ثُمَّ ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً ( لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْأَرْشِ ) لِعَدَمِ وُجُوبِهِ عِنْدَ ضَمَانِهِ ( وَفِي الْعُهْدَةِ قَوْلًا تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ ) وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ وَقَوْلُهُ : إنْ قَلَعَ بِاسْتِحْقَاقِهَا تَصْوِيرٌ لِوُجُوبٍ الْأَرْشِ وَلَوْ ضَمِنَ الْأَرْشَ فَقَطْ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الِاسْتِحْقَاقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْقَلْعِ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُمَا صَحَّ إنْ عُلِمَ قَدْرُهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا مَرَّ وَمِمَّا يَأْتِي ( وَلَوْ شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ بِهِمَا ) أَيْ بِعُهْدَةِ الْأَرْضِ وَالْأَرْشِ فِيمَا ذُكِرَ ( كَفِيلًا فِي الْبَيْعِ فَكَشَرْطِ رَهْنٍ فَاسِدٍ فِي الْبَيْعِ ) فَيَبْطُلُ ، وَقَوْلُهُ : بِهِمَا مُتَعَلِّقٌ بِ كَفِيلًا ، وَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُ كَأَصْلِهِ كَانَ أَوْلَى

( فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ ) الدَّيْنِ ( غَيْرِ اللَّازِمِ ) إذَا لَمْ يَؤُلْ إلَى اللُّزُومِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( كَنُجُومِ الْمُكَاتَبِ ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا كَمَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لِلتَّوَثُّقِ ( وَيَصِحُّ ) الضَّمَانُ ( عَنْهُ بِغَيْرِهَا ) لِأَجْنَبِيٍّ ( لَا لِلسَّيِّدِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ غَيْرَهَا يَسْقُطُ أَيْضًا عَنْ الْمُكَاتَبِ بِعَجْزِهِ ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَيَصِحُّ ) الضَّمَانُ ( بِالثَّمَنِ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ ، وَلَوْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) لِأَنَّهُ بَعْدَهَا لَازِمٌ وَقَبْلَهَا آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ بِنَفْسِهِ عَنْ قُرْبٍ فَاحْتِيجَ فِيهِ إلَى التَّوَثُّقِ ، وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ فِي الثَّمَنِ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا إذَا مَنَعَهُ فَهُوَ ضَمَانٌ مَا لَمْ يَجِبْ ، وَمَا أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ الْمُتَّجَهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ، أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ ( وَ ) يَصِحُّ ( بِالصَّدَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ ) لِلُزُومِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَقِرًّا ، وَلَا نَظَرَ فِيهِ ، وَفِيمَا ضَمِنَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِهِمَا كَمَا لَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ سُقُوطِ اللَّازِمِ وَالْمُسْتَقِرِّ بِالْإِبْرَاءِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَنَحْوِهِمَا ( لَا ) ضَمَانُ ( مَالِ الْجَعَالَةِ ) فَلَا يَصِحُّ ( وَلَوْ شَرَعَ ) فِي الْعَمَلِ كَالرَّهْنِ بِهِ ( ، وَضَمَانُ الْمَنْفَعَةِ ) الثَّابِتَةِ ( فِي الذِّمَّةِ كَالْمَالِ ) فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا

( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ لِلْبَائِعِ : لَا أَعْرِفُك فَائْتِنِي بِمَنْ يَعْرِفُك فَقَالَ رَجُلٌ : أَنَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ خَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الرَّجُلِ قَوْلُهُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى أَنَّ تَصْحِيحَ الضَّمَانِ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَمْنَعُ نَقْلَ الْمِلْكِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ لَمْ يَصِحَّ الضَّمَانُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَلَامُ الْمُتَوَلِّي الْمُخَالِفُ لَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ ، وَهُوَ أَنَّ مِلْكَ الْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي فَالرَّاجِحُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ

( فَصْلٌ لَا يَصِحُّ ضَمَانُ الْمَجْهُولِ ) وَلَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَأَحَدِ الدَّيْنَيْنِ ، وَلَا مَا لَا يُتَبَرَّعُ بِهِ كَقِصَاصٍ وَشُفْعَةٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ كَالْبَيْعِ ، وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( الْإِبْرَاءُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْمَجْهُولِ ( لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ ) لِلْمَدِينِ مَا فِي ذِمَّتِهِ ( لَا إسْقَاطٌ ) كَالْإِعْتَاقِ ( فَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُمَا ) أَيْ الْمُبْرِئِ وَالْمُبْرَأِ ( بِالدَّيْنِ ) كَمَا فِي عَاقِدَيْ الْهِبَةِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّهُ تَبِعَ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ أَوْ أَخَّرَ الصَّدَاقَ ، وَتَصْحِيحُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالرَّوْضَةِ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُبْرَأِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَعَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ انْتَهَى ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ ، وَإِنْ كَانَ تَمْلِيكًا ، الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ نَعَمْ إنْ كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي مُقَابَلَةِ طَلَاقٍ اُعْتُبِرَ عِلْمُ الزَّوْجِ ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى مُعَاوَضَةٍ فَيَخُصُّ كَلَامَهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَلَى أَنَّهُ فِي الرَّجْعَةِ مِنْ الرَّوْضَةِ قَالَ الْمُخْتَارُ : إنَّ كَوْنَ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا أَوْ إسْقَاطًا مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُطْلَقُ فِيهَا تَرْجِيحٌ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُبْرِئَ مِنْ مَجْهُولٍ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَذْكُرَ عَدَدًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ الدَّيْنُ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا فَيَقُولُ : أَبْرَأْتُك مِنْ مِائَةٍ ، وَلَوْ قَالَ : أَبْرَأْتُك مِنْ الدَّعْوَى ، وَلَمْ يَبْرَأْ ، وَلَهُ الْعَوْدُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْإِبْرَاءِ عِلْمُ الْمُوَكِّلِ فَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْوَكِيلِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ ( وَإِنْ مَلَّكَهُ ) أَيْ مَدِينُهُ ( مَا فِي ذِمَّتِهِ بَرِئَ )

مِنْهُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ ( وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَالْإِبْرَاءِ ) وَاحْتَجَّ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ لِكَوْنِ الْإِبْرَاءِ تَمْلِيكًا ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ تَمْلِيكًا لَافْتَقَرَ إلَى نِيَّةٍ أَوْ قَرِينَةٍ كَمَا إذَا قَالَ لِعَبْدِهِ : مَلَّكْتُك رَقَبَتَك أَوْ لِزَوْجَتِهِ مَلَّكْتُك نَفْسَكَ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ ، وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ ( وَلَوْ أَبْرَأَ أَحَدَ خَصْمَيْهِ ) مُبْهَمًا ( لَمْ يَصِحَّ أَوْ ) أَبْرَأَ وَارِثٌ ( عَنْ دَيْنِ مُوَرِّثٍ ) لَهُ ( لَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ صَحَّ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِيهِمَا

( قَوْلُهُ : وَبِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَيْضًا يُعْلَمُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْجِنْسِ وَالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ ) لَوْ ضَمِنَ دَيْنًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ فَالْمَذْهَبُ الْجَوَازُ وَيَلْزَمُهُ عَلَى صِفَتَيْهِ مِنْ الْحُلُولِ أَوْ التَّأْجِيلِ ، وَقِيلَ : لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ حَالٌّ أَوْ مُؤَجَّلٌ حَكَاهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا ( فَرْعٌ ) هَلْ قَوْلُهُ : أَنْتَ فِي حِلٍّ مِنْ كَذَا صَرِيحٌ فِي الْإِبْرَاءِ أَوْ كِنَايَةٌ فِيهِ وَجْهَانِ .
ا هـ .
وَأَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَيَخُصُّ كَلَامُهُمْ بِمَا لَا عِوَضَ فِيهِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْإِبْرَاءُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ كَصُلْحِ الْحَطِيطَةِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ مِنْهُ كَمَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ ، وَأَشَارَ الشَّافِعِيُّ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ : لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيهِ أَيْ لِقِيَامِ صُورَةِ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ التَّنَاقُضُ ( قَوْلُهُ بَلْ يَخْتَلِفُ الرَّاجِحُ بِحَسَبِ الْمَسَائِلِ لِقُوَّةِ الدَّلِيلِ وَضَعْفِهِ ) أَيْ فَإِنَّهُمْ مَنَعُوا تَعْلِيقَهُ بِالشَّرْطِ وَأَبْطَلُوهُ مِنْ الْمَجْهُولِ ، وَمَنَعُوا إبْهَامَ الْمَحَلِّ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا دَيْنٌ فَقَالَ : أَبْرَأْت أَحَدَكُمَا ، وَلَوْ كَانَ إسْقَاطًا لَصَحَّ ذَلِكَ كُلُّهُ ، وَرَجَّحُوا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْمَدْيُونِ بِهِ ، وَلَا قَبُولُهُ وَأَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِ ، وَلَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لَشُرِطَ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِهَذَا تَوَسَّطَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فَقَالَ : إنَّهُ تَمْلِيكٌ فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ إسْقَاطٌ فِي حَقِّ الْمَدْيُونِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا يَكُونُ تَمْلِيكًا بِاعْتِبَارِ أَنَّ الدَّيْنَ مَالٌ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ مَالًا فِي حَقِّ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ فَإِنَّ أَحْكَامَ الْمَالِيَّةِ إنَّمَا

تَظْهَرُ فِي حَقِّهِ ا هـ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : اشْتِرَاطُ عِلْمِ الْمَدْيُونِ مُفَرَّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ قَبُولِهِ أَمَّا إذَا قُلْنَا : إنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ قَبُولُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ عِلْمُهُ ( قَوْلُهُ وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الْقَبُولُ فِي الْإِبْرَاءِ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا صَحَّحَهُ يُشْكَلُ بِمَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَقْفِ وَهُوَ أَنَّا إذَا شَرَطْنَا الْقَبُولَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ أَوْ لَمْ نَشْرِطْهُ فَإِنَّهُمْ قَالُوا هُنَاكَ : إذَا رَدَّ يَبْطُلُ حَقُّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبْرَاءِ يَمْلِكُ الدَّيْنَ فِي ذِمَّةِ مَنْ عَلَيْهِ ، وَيَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَبَرِ وَقَدْ نَفَذَ الْإِبْرَاءُ فَلَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِحُصُولِهِ فِي مِلْكِ الْمَدْيُونِ قَهْرًا مِمَّنْ كَانَ يَمْلِكُهُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَاقِفِ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ التَّصَرُّفَ فِيمَا وَقَفَهُ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَارْتَدَّ بِرَدِّهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَبُولُهُمْ لَبَعُدَ أَنْ يَدْخُلَ فِي مِلْكِ الْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا : يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ ، وَالْوَقْفُ تَمْلِيكٌ لِلرِّيعِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اسْتَحَلَّ مِنْهُ مِنْ غِيبَةٍ ) اغْتَابَهَا لَهُ وَ ( لَمْ يُبَيِّنْهَا ) لَهُ ( فَأَحَلَّهُ ) مِنْهَا ( فَهَلْ يَبْرَأُ ) مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَنْ قَطَعَ عُضْوًا مِنْ عَبْدٍ ثُمَّ عَفَا سَيِّدُهُ عَنْ الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ الْمَقْطُوعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَوَّلًا ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ رِضَاهُ ، وَلَا يُمْكِنُ الرِّضَا بِالْمَجْهُولِ ، وَيُفَارِقُ الْقِصَاصَ بِأَنَّ الْعَفْوَ عَنْهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ بِخِلَافِ إسْقَاطِ الْمَظَالِمِ ( وَجْهَانِ ) جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي ، قَالَ : لِأَنَّهُ قَدْ يُسَامَحُ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ ، وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْحَلِيمِيِّ وَغَيْرِهِ الْجَزْمُ بِهِ ( وَيَصِحُّ ضَمَانُ الْأَرْشِ ) بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( كَالْإِبْرَاءِ عَنْهُ وَلَوْ ) كَانَ الْمَضْمُونُ أَوْ الْمُبْرَأُ عَنْهُ ( إبِلًا ) حَتَّى إبِلَ الدِّيَةِ ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةُ السِّنِّ وَالْعَدَدِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ اُغْتُفِرَ جَهْلُ صِفَتِهَا فِي إثْبَاتِهَا فِي ذِمَّةِ الْجَانِي فَيُغْتَفَرُ فِي ضَمَانِهَا وَالْإِبْرَاءِ عَنْهَا تَبَعًا لَهُ ، وَيَرْجِعُ فِي صِفَتِهَا إلَى غَالِبِ إبِلِ الْبَلَدِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَبِإِبِلِ الدِّيَةِ ( وَيَرْجِعُ ) ضَامِنُهَا إنْ ضَمِنَهَا بِالْإِذْنِ ، وَغَرِمَهَا ( بِمِثْلِهَا لَا الْقِيمَةِ ) كَمَا فِي الْقَرْضِ ، وَقِيلَ : الْعَكْسُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ الدِّيَةِ عَنْ الْعَاقِلَةِ قَبْلَ الْحُلُولِ ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ بَعْدُ وَلَوْ سُلِّمَ ثُبُوتُهَا فَلَيْسَتْ لَازِمَةً وَلَا آيِلَةً إلَى اللُّزُومِ عَنْ قُرْبٍ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ( وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ ) مِنْ الدَّيْنِ ( مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْإِبْرَاءِ لِانْتِفَاءِ الْغَرَرِ ( وَتَعَيَّنَ ) لِلضَّمَانِ أَوْ لِلْإِبْرَاءِ ( مَا

يَلْزَمُ الْمُقِرَّ ) بِقَوْلِهِ : لِزَيْدٍ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ ، أَوْ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةٍ ، فَيَتَعَيَّنُ فِي الْأُولَى تِسْعَةٌ ، وَفِي الثَّانِيَةِ ثَمَانِيَةٌ كَمَا يَأْتِي إيضَاحُهُ فِي الْإِقْرَارِ لَكِنَّهُ ذُكِرَ تَبَعًا لِأَصْلِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : أَنْتِ طَالِقٌ مِنْ وَاحِدَةٍ إلَى ثَلَاثٍ وَقَعَ ثَلَاثٌ ، وَقِيَاسُهُ تَعَيُّنُ الْعَشَرَةِ فِي الْأُولَى هُنَا ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا عَلَيْهِ الرَّافِعِيُّ هُنَا ، وَعَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلنَّوَوِيِّ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ مَحْصُورٌ فِي عَدَدٍ فَالظَّاهِرُ اسْتِيفَاؤُهُ بِخِلَافِ الدَّيْنِ الَّذِي يُضْمَنُ وَيُبْرَأُ مِنْهُ ( وَإِنْ قَالَ جَاهِلًا ) بِقَدْرِ الدَّيْنِ ( ضَمِنْت ) لَك ( دَرَاهِمَك ) الَّتِي ( عَلَيْهِ فَهَلْ يَصِحُّ ) ضَمَانُهُ ( فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا ) لِدُخُولِهَا فِي اللَّفْظِ بِكُلِّ حَالٍ ( وَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ كَمَا لَوْ قَالَ : أَجَّرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ هَلْ يَصِحُّ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ قَالَ : وَمِثْلُهُ الْإِبْرَاءُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ فَإِنَّهُ أَبْطَلَ الْإِبْرَاءَ فِي غَيْرِ الْمُتَيَقَّنِ ، وَجَعَلَ الْمُتَيَقَّنَ عَلَى وَجْهَيْنِ مِنْ تَفْرِيق الصَّفْقَةِ ، هَذَا وَقَدْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ وَقْفَةٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ : أَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ يَقُولُ : الْمُتَيَقَّنُ دِرْهَمَانِ فَعَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِرْهَمَانِ ، وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الضَّامِنُ مِمَّنْ يَرَى ذَلِكَ ، وَمَا قَالَهُ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْإِبْرَاءِ

( قَوْلُهُ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِالثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ : وَلَوْ أَنَّهُ حَلَّلَهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَجَبَ لَهُ لَمْ يَبْرَأْ حَتَّى يُبَيِّنَ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ حَلَّلَهُ مِنْ كَذَا إلَى كَذَا ا هـ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ ضَمِنَ أَوْ أَبْرَأَ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ إلَخْ ) وَكَذَا لَوْ قَالَ : أُعْطُوهُ مِنْهُ وَاحِدًا إلَى عَشَرَةٍ ، وَحَكَى الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ إنْ أَرَادَ الْحِسَابَ فَلِلْمُوصَى لَهُ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ ؛ لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ جَمْعِ وَاحِدٍ إلَى عَشَرَةٍ عَلَى تَوَالِي الْعَدَدِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَالَ : لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُطَّرِدٌ فِي الْإِقْرَارِ ، وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَلَا يَكُونُ وَجْهًا ثَالِثًا فَمَتَى ثَبَتَ أَنَّهُ أَرَادَهُ لَزِمَهُ الْجُمْلَةُ قَطْعًا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ تَصْحِيحُ الْمَنْعِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الشَّهْرِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ كَلَامَهُ فِي التَّفْوِيضِ فِي الصَّدَاقِ يَقْتَضِي تَصْحِيحَ الصِّحَّةِ ) هُوَ الرَّاجِحُ ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ

( فَرْعٌ لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ زَكَاتَهُ صَحَّ ) كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ ( وَيُعْتَبَرُ الْإِذْنُ عِنْدَ الْأَدَاءِ ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ عَنْهُ غَيْرُهُ زَكَاتَهُ بِلَا ضَمَانٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِي الضَّمَانِ عَنْ الْحَيِّ أَمَّا الْمَيِّتُ فَيَجُوزُ أَدَاءُ الزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ ، وَإِنْ انْتَفَى الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ وَلَا فَرْقَ فِيمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَهُ ضَمَانٌ أَمْ لَا قَالَ : ثُمَّ إنْ كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ فَوَاضِحٌ ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعَيْنِ فَيَظْهَرُ صِحَّتُهَا أَيْضًا كَمَا أَطْلَقُوهُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ انْتَهَى فَيَجِبُ تَقْيِيدُ الْعَيْنِ هُنَا بِمَا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا ، وَلَمْ يُؤَدِّهَا ، وَفِي مَعْنَى الزَّكَاةِ الْكَفَّارَةُ
قَوْلُهُ كَالْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ : وَفِي تَشْبِيهِ ضَمَانِ عَيْنِ مَالِ الزَّكَاةِ بِضَمَانِ رَدِّ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ وَنَحْوِهَا نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ هُوَ غَلَطٌ ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ هَذَا أَنَّ الْعَيْنَ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً عَلَى مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ لَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا قَطْعًا .
ا هـ .
يُجَابُ بِأَنَّ كَلَامَيْهِمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الْأَوَّلِ صُدُورُ ضَمَانِهَا بَعْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْ إخْرَاجِهَا ، وَصُورَةُ الثَّانِي قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْهُ

( فَصْلٌ ) فِي كَفَالَةِ الْبَدَنِ ، وَتُسَمَّى أَيْضًا كَفَالَةَ الْوَجْهِ ( تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يَصِحُّ ضَمَانُهُ ، وَلَوْ جَهِلَ ) قَدْرَهُ ، أَوْ كَانَ زَكَاةً لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا وَاسْتُؤْنِسَ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِي مَوْثِقًا مِنْ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ } وَخَرَجَ بِمَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يَصِحُّ ضَمَانُهُ التَّكَفُّلُ بِبَدَنِ غَيْرِهِ كَالتَّكَفُّلِ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ لِلنُّجُومِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِلْمَ بِقَدْرِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِالْبَدَنِ لَا بِالْمَالِ ، وَقَوْلُهُ : كَأَصْلِهِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ يُوهِمُ أَنَّ الْكَفَالَةَ لَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عِنْدَهُ مَالٌ لِغَيْرِهِ ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ تَصِحُّ ، وَإِنْ كَانَ الْمَالُ أَمَانَةً كَوَدِيعَةٍ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي : أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِبَدَنِ الْمَحْبُوسِ وَالْغَائِبِ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْغَرَضِ مِنْهُمَا حَالًا ( أَوْ ) بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ ( عُقُوبَةٌ لِآدَمِيٍّ ) كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ لِأَنَّهَا حَقٌّ لَازِمٌ كَالْمَالِ وَلِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ ( لَا ) بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ ( لِلَّهِ ) تَعَالَى لِبِنَاءِ حَقِّهِ - تَعَالَى عَلَى الدَّرْءِ ، وَتَعْبِيرُهُ بِالْعُقُوبَةِ فِي حَقِّ اللَّهِ - تَعَالَى أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ فِيهِ بِالْحَدِّ لِشُمُولِهِ التَّعْزِيرَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ لَا يَتَحَتَّمُ اسْتِيفَاءُ الْعُقُوبَةِ فَإِنْ تَحَتَّمَ .
وَقُلْنَا : لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ فَيُشْبِهُ أَنْ يَحْكُمَ بِالصِّحَّةِ ( وَالضَّابِطُ ) لِصِحَّةِ الْكَفَالَةِ ( صِحَّتُهَا ) أَيْ وُقُوعِهَا ( بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْمَكْفُولِ مَعَ مَعْرِفَةِ الْكَفِيلِ لَهُ ؛ إذْ لَيْسَ لِأَحَدٍ إلْزَامُ غَيْرِهِ بِالْحُضُورِ إلَى الْحَاكِمِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إذْنُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ، وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِجَوَازِ التَّبَرُّعِ بِأَدَاءِ دَيْنٍ مِنْ

غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمَعْرِفَتِهِ كَمَا مَرَّ ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ مَعْرِفَةُ الْمَكْفُولِ لَهُ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْمَضْمُونِ لَهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ ، وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ ( بِمَنْ ) أَيْ بِبَدَنِ مَنْ ( لَزِمَهُ إجَابَةٌ إلَى مَجْلِسِ الْحُكْمِ أَوْ اسْتَحَقَّ إحْضَارَهُ ) إلَيْهِ عِنْدَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْحَقِّ ( كَدَعْوَى زَوْجِيَّتِهَا ) أَيْ كَالْكَفَالَةِ بِبَدَنِ امْرَأَةٍ يَدَّعِي رَجُلٌ زَوْجِيَّتَهَا ؛ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ إلَى مَا ذُكِرَ لَازِمَةٌ لَهَا ، وَلِأَنَّ الْحُضُورَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا ( وَعَكْسُهُ ) أَيْ وَكَالْكَفَالَةِ بِبَدَنِ رَجُلٍ تَدَّعِي امْرَأَةٌ زَوْجِيَّتَهُ لِذَلِكَ ، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا الْكَفَالَةُ بِهَا ) أَيْ بِالْمَرْأَةِ ( لِمَنْ ثَبَتَتْ زَوْجِيَّتُهُ ) وَكَذَا عَكْسُهُ فِيمَا يَظْهَرُ كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُولِيًا ( وَ ) تَصِحُّ ( بِبَدَنِ آبِقٍ ) لِمَالِكِهِ ( وَأَجِيرٍ ) لِمُسْتَأْجَرِهِ لِمَا ذَكَر وَقَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِالْعَيْنِ فَإِنْ اُحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْمُشْتَرَكِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ أَوْ عَنْ الْمُبْهَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي ( وَ ) بِبَدَنِ ( مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَنْكَرَ ) لِمَا ذُكِرَ وَلِأَنَّ مُعْظَمَ الْكَفَالَاتِ إنَّمَا يَقَعُ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ وَهَذَا يَشْمَلُ بَعْضَ مَنْ تَقَدَّمَ ( وَكَذَا ) بِبَدَنِ ( مَيِّتٍ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ ) فِي الْأَخِيرَيْنِ ( وَالْوَرَثَةِ ) فِي الْأَوَّلِ ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَحِقُّ إحْضَارَهُمْ ( لِيَشْهَدَ عَلَيْهِمْ ) أَيْ عَلَى صُورَتِهِمْ إذَا تَحَمَّلَ الشُّهُودُ كَذَلِكَ ، وَلَمْ يَعْرِفُوا اسْمَهُمْ وَنَسَبَهُمْ .
وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ قَبْلَ دَفْنِهِ فَإِنْ دُفِنَ لَمْ تَصِحَّ الْكَفَالَةُ ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ الْآتِي فِيمَا إذَا تَكَفَّلَ بِبَدَنِ الْحَيِّ فَمَاتَ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَيُطَالِبُونَ ) أَيْ الْوَلِيَّ وَالْوَرَثَةَ ( بِالْإِحْضَارِ ) عِنْدَ الْحَاجَةِ ، وَاعْتِبَارُ إذْنِ الْوَرَثَةِ وَمُطَالَبَتُهُمْ

بِالْإِحْضَارِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَدَخَلَ فِي الْوَرَثَةِ بَيْتُ الْمَالِ وَبَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ عَنْ غَيْرِ وَارِثٍ وَانْتَقَلَ مَالُهُ فَيْئًا لِبَيْتِ الْمَالِ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِإِذْنِ الْإِمَامِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ، وَأَمَّا السَّفِيهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ إذْنِهِ وَمُطَالَبَتِهِ دُونَ وَلِيِّهِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ إذْنُ وَلِيِّهِ لَا إذْنُهُ ( فَرْعٌ ) يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ مُعَيَّنًا كَمَا فِي ضَمَانِ الدَّيْنِ فَلَوْ ( كَفَلَ ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا ( بِأَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ) مُبْهَمًا أَيْ بِبَدَنِهِ ( لَمْ تَصِحَّ ) كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنْ قُلْت كَفَّلَ مُتَعَدٍّ بِنَفْسِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا } فَلِمَ عَدَّاهُ الْمُصَنِّفُ بِغَيْرِهِ قُلْت ذَاكَ بِمَعْنَى عَالٍ وَمَا هُنَا بِمَعْنَى ضَمِنَ وَالْتُزِمَ ، وَاسْتِعْمَالُ كَثِيرٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ لَهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ مُؤَوَّلٌ فَإِنَّ صَاحِبُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ وَغَيْرَهُمَا مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ لَمْ يَسْتَعْمِلُوهُ إلَّا مُتَعَدِّيًا بِغَيْرِهِ

فَصْلٌ ( قَوْلُهُ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ مَالٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : هَذَا التَّعْبِيرُ قَاصِرٌ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي جَوَازُ الْكَفَالَةِ بِالْحُقُوقِ كَالْمَرْأَةِ لِمَنْ يَدَّعِي زَوْجِيَّتَهَا ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ حَقٌّ تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِهِ سَوَاءٌ أَكَانَ ثَابِتًا فِي الظَّاهِرِ أَمْ لَا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : لَا تَصِحُّ بِبَدَنِ مَنْ عَلَيْهِ حَقٌّ مَالِيٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا إذَا صَحَّ ضَمَانُ ذَلِكَ فِي الذِّمَّةِ .
ا هـ .
وَسَيَأْتِي أَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ ضَمَانُ الزَّكَاةِ بِإِذْنِ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْأَدَاءُ بِإِذْنِهِ ( قَوْلُهُ لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَى مُعَامَلَةِ الْغَرِيبِ وَلَا يُوثَقُ بِمِلْكِهِ وَيُخَافُ عَدَمُ الظَّفَرِ بِهِ وَلَوْ ظَهَرَ الِاسْتِحْقَاقُ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ إنْ لَمْ يَخْرُجْ مُسْتَحَقًّا فَلَا ضَمَانَ ، وَإِنْ خَرَجَ بَانَ وُجُوبُ رَدِّ الثَّمَنِ وَصِحَّةُ الضَّمَانِ ، وَلَا جَهَالَةَ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَعْلُومٌ فَإِنْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ فَهُوَ بَعْضُ مَا ضَمِنَهُ فَلَا يَضُرُّ جَهَالَتُهُ كَصِحَّةِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْمَبِيعِ مُسْتَحَقًّا وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهَا فِي الْإِعْصَارِ كَالْمَالِ ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِالْعَبَّاسِ تَكَفَّلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِي سُفْيَانَ ( قَوْلُهُ كَالتَّكَفُّلِ بِبَدَنِ مُكَاتَبٍ لِلنُّجُومِ ) أَوْ بِبَدَنِ مَنْ أَخَذَهُ ظَالِمٌ لِيُصَادِرَهُ .
( قَوْلُهُ كَقِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا يَدْخُلُهُ الْمَالُ كَالْقِصَاصِ أَوْ لَا كَالْقَذْفِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ : وَيُشْبِهُ إلَخْ مَا تَفَقَّهَهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فَيُؤْخَذُ بِإِطْلَاقِهِمْ ، وَاسْتُشْكِلَ تَصْوِيرُ الْكَفَالَةِ بِحَدِّ اللَّهِ -

تَعَالَى ؛ لِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ ، وَأُجِيبَ بِتَصْوِيرِهِ بِأَنْ يَثْبُتَ عَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَا مِثْلًا فِي وَقْتٍ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاؤُهُ فِيهِ كَالْحَرِّ الشَّدِيدِ وَنَحْوِهِ فَيَجِيءُ مَنْ يَتَكَفَّلُ بِبَدَنِهِ لِيَتْرُكَهُ الْحَاكِمُ ( قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عِنْدَ الِاسْتِعْدَادِ لِلْحَقِّ ) أَيْ لِإِثْبَاتِهِ أَوْ اسْتِيفَائِهِ ( قَوْلُهُ وَبِبَدَنِ آبِقٍ وَأَجِيرٍ ) أَيْ وَغَائِبٍ ، وَمَحَلُّهُ فِي الْمُمْكِنِ حُضُورُهُ فَأَمَّا الْمُنْقَطِعُ الْخَبَرِ فَلَا يَجُوزُ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّجْرِيدِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الْجَوَازِ بِمَا إذَا كَانَ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ فَوْقَهَا وَلَكِنْ تَكَفَّلَ بِإِحْضَارِهِ إلَى مَكَان يَلْزَمُهُ الْحُضُورُ فِيهِ .
ا هـ .
مَا بَحَثَهُ مَرْدُودٌ ( قَوْلُهُ : أَوْ عَنْ الْمُبْهَمِ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : أَرَادَ بِهِ مُقَابِلَ الْمُبْهَمِ ، وَأَتَى بِهِ هُنَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنْ يُرَادَ بِالْمُعَيَّنِ غَيْرُ الْمُشْتَرَكِ فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُعَيَّنَ تَحْتَهُ أَمْرَانِ مُعَيَّنٌ خَاصٌّ وَمُشْتَرَكٌ ( قَوْلُهُ وَكَذَا بِبَدَنِ مَيِّتٍ ) قَالَ فِي الْقُوتِ : الظَّاهِرُ أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ الدَّفْنِ ، وَعِنْدَ الْأَمْنِ مِنْ التَّغَيُّرِ بِالتَّأْخِيرِ وَعِنْدَ عَدَمِ النَّقْلِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ ، وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ أَذِنَ فَلَا عِبْرَةَ بِإِذْنِهِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي بِلَا نَقْلٍ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ فِي الْقُوتِ : الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ الْوَلِيُّ ) فَلَوْ زَالَ الْحَجْرُ أَوْ انْعَزَلَ بَطَلَتْ مُطَالَبَتُهُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ فِي الْمَطْلَبِ ) اُعْتُبِرَ فِي الْمَطْلَبِ إذْنُ الْوَارِثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : يُتَّجَهُ اشْتِرَاطُ إذْنِ كُلِّ الْوَرَثَةِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ : الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْوَلِيِّ ، وَلَعَلَّهُ مُرَادُ ابْنِ الرِّفْعَةِ

وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُ : إنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ أَبٍ وَزَوْجَةٍ وَأَوْلَادٍ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ إذْنُ الْجَمِيعِ وَلَا يَكْفِي إذْنُ الْأَبِ فِي ذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ فِي حِجْرِهِ لِسَفَهٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ يَكْفِي إذْنُ وَارِثٍ وَاحِدٍ فَقَطْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْمَيِّتَ إذَا مَاتَ ، وَعَلَيْهِ صَوْمٌ وَصَامَ عَنْهُ الْأَجْنَبِيُّ كَفَاهُ أَنْ يَصُومَ بِإِذْنِ قَرِيبٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ الْوَجْهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ ( كَمَغْصُوبٍ أَوْ مَبِيعٍ لَمْ يَقْبِضْ وَمُسْتَعَارٍ ) كَمَا يَصِحُّ بِالْبَدَنِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا الْمَالُ ( وَيَبْرَأُ ) الضَّامِنُ ( بِرَدِّهَا ) لِلْمَضْمُونِ لَهُ ( وَكَذَا ) يَبْرَأُ ( بِتَلَفِهَا ) فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَمَا لَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ الدَّيْنُ ( وَلَوْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَةَ الْعَيْنِ ( إنْ تَلِفَتْ لَمْ يَصِحَّ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَيْنِ بِتَلَفِهَا وَلِعَدَمِ ثُبُوتِ الْقِيمَةِ ، وَمَحَلُّ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَيْنِ إذَا أَذِنَ فِيهِ وَاضِعُ الْيَدِ أَوْ كَانَ الضَّامِنُ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا مِنْهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ ( وَلَوْ تَكَفَّلَ بِعَبْدٍ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ جَازَ ) كَمَا يَجُوزُ بِبَدَنِ الْحُرِّ وَبِسَائِرِ الْأَعْيَانِ السَّابِقَةِ ( وَأَمَّا ) الْعَيْنُ ( غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ ) عَلَى مَنْ هِيَ بِيَدِهِ ( كَالْوَدِيعَةِ ) وَالْوَصِيَّةِ وَالْمُؤَجَّرِ وَلَوْ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ ( فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةِ الْعَيْنِ وَالرَّدِّ ، وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْأَمِينِ التَّخْلِيَةُ فَقَطْ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( ضَمَانُ تَسْلِيمِ الْمَرْهُونِ ) لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانٌ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ ( وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ ) أَيْ عُهْدَةِ الثَّمَنِ ( وَالثَّمَنُ مُعَيَّنٌ ) بَاقٍ بِيَدِ الْبَائِعِ ( ضَمَانُ عَيْنٍ ) وَتَعْبِيرِي بِعُهْدَةِ الثَّمَنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ بِعُهْدَةِ الْمَبِيعِ ، وَحَاصِلُ مَا ذُكِرَ أَنَّ ضَمَانَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ ضَمَانَ عَيْنٍ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ وَضَمَانُ ذِمَّةٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ كَوْنِهِ مُعَيَّنًا وَغَيْرَ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَصِحُّ بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِذَا قَبَضَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ تَعَيَّنَ ، وَلَا أَثَرَ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ فِي الْعَقْدِ قُلْت : بَلْ لَهُ أَثَرٌ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَا

يَبْطُلُ بِخُرُوجِهِ مُسْتَحَقًّا بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَيَّنِ فَالْمَضْمُونُ هُنَا رَدُّ الْعَيْنِ الْوَاجِبَةِ فِي الْعَقْد عَيْنًا حَتَّى لَوْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا مَرَّ ، وَالْمَضْمُونُ ثَمَّ مَالِيَّةُ الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَتْ كَذَلِكَ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّهَا حَتَّى لَوْ بَقِيَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ ، وَخَرَجَ الْمُقَابِلُ مُسْتَحَقًّا لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ بَدَلُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ تَفَقُّهًا ( فَإِنْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ بَعْدَ تَلَفِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ بِيَدِ الْبَائِعِ ( فَكَمَا ) لَوْ كَانَ ( فِي الذِّمَّةِ ) وَضَمِنَ الْعُهْدَةَ فَيَكُونُ ضَمَانَ ذِمَّةٍ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ يَصِحُّ ضَمَانُ رَدِّ كُلِّ عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ ) وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُ مُؤْنَةٌ رَدَّهَا ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ شَارِحُ التَّعْجِيزِ عَنْ الْأَصْحَابِ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا غَيْرُ الْمَضْمُونَةِ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُهَا ؛ لِأَنَّهَا إلَخْ ) وَلَا تَصِحُّ بِإِحْضَارِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْصُوبَةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَا مُؤْنَةَ لِرَدِّهَا قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ ضَعِيفٌ

( فَصْلٌ وَإِنْ عَيَّنَ ) الْكَفِيلُ فِي الْكَفَالَةِ ( لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ ) أَيْ لِتَسْلِيمِهِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ ( مَكَانًا تَعَيَّنَ وَمَتَى أُطْلِقَ حُمِلَ عَلَى مَوْضِعِ الْعَقْدِ ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِمَا ، وَكَلَامُهُمْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ مَوْضِعِ التَّسْلِيمِ ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهُ مَوْضِعُ التَّكَفُّلِ كَاللُّجَّةِ أَوْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَخْذًا بِمَفْهُومِ كَلَامِهِمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ، وَالتَّكَفُّلُ مَحْضُ الْتِزَامٍ ( فَإِنْ أَحْضَرَهُ فِي غَيْرِهِ ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ فِي الْأُولَى ، وَمَوْضِعِ الْعَقْدِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَامْتَنَعَ ) الْمَكْفُولُ لَهُ مِنْ تَسَلُّمِهِ ( لِغَرَضٍ ) كَفَوْتِ حَاكِمٍ أَوْ مُعَيَّنٍ ( جَازَ ) امْتِنَاعُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ امْتَنَعَ لَا لِغَرَضٍ ( تَسَلَّمَهُ الْحَاكِمُ عَنْهُ ) لِأَنَّ التَّسَلُّمَ حِينَئِذٍ لَازِمٌ لَهُ فَإِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ فِيهِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ سَلَّمَهُ إلَيْهِ وَأَشْهَدَ ) بِهِ شَاهِدَيْنِ ( وَيَبْرَأُ ) الْكَفِيلُ ( بِتَسْلِيمِهِ ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ ( مَحْبُوسًا بِحَقٍّ ) لِإِمْكَانِ إحْضَارِهِ وَمُطَالَبَتِهِ بِالْحَقِّ ( لَا ) مَحْبُوسًا بِغَيْرِ حَقٍّ لِتَعَذُّرِ تَسْلِيمِهِ وَلَا غَيْرَ مَحْبُوسٍ ( مَعَ مُتَغَلِّبٍ ) لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِتَسْلِيمِهِ ( وَ ) يَبْرَأُ ( بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ نَفْسَهُ ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ ( عَنْ جِهَتِهِ ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ سَلَّمْت نَفْسِي إلَيْك عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ كَمَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِأَدَاءِ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ ( لَا ) بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ ( عَنْ غَيْرِهَا ) أَيْ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْهُ إلَيْهِ هُوَ ، وَلَا أَحَدٍ عَنْ جِهَتِهِ حَتَّى لَوْ ظَفِرَ بِهِ الْمَكْفُولُ لَهُ ، وَلَوْ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَادَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ .
وَأَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ قَوْلُ أَصْلِهِ : وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ نَفْسَهُ عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ

لَمْ يَبْرَأْ الْكَفِيلُ لِتَنَاوُلِهِ مَا لَوْ سَلَّمَهُ لَا عَنْ جِهَةِ أَحَدٍ ( وَ ) يَبْرَأُ ( بِتَسْلِيمِ أَجْنَبِيٍّ لَهُ ) إنْ سَلَّمَهُ ( عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ وَبِإِذْنِهِ وَلَا يَلْزَمُ ) الْمَكْفُولَ لَهُ ( قَبُولُهُ إنْ سَلَّمَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْكَفِيلِ ) وَلَوْ عَنْ جِهَتِهِ لَكِنْ لَوْ قَبِلَ عَنْ جِهَتِهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ ( وَلَوْ كَفَلَ بِهِ رَجُلَانِ مَعًا ) أَوْ مُرَتَّبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَأَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا ) أَيْ سَلَّمَهُ ( لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ ، وَإِنْ قَالَ : سَلَّمْته عَنْ صَاحِبِي ) كَمَا لَوْ كَانَ بِالدَّيْنِ رَهْنَانِ فَانْفَكَّ أَحَدُهُمَا لَا يَنْفَكُّ الْآخَرُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَضَى أَحَدُ الضَّامِنَيْنِ الدَّيْنَ حَيْثُ يَبْرَأُ الْآخَرُ بِأَنَّ قَضَاءَ الدَّيْنِ يُبْرِئُ الْأَصِيلَ ، وَإِذَا بَرِئَ بَرِئَ كُلُّ ضَامِنٍ وَلَوْ كَفَلَ رَجُلٌ لِرَجُلَيْنِ فَسَلَّمَ إلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْآخَرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ تَكَافَلَا ) أَيْ الْكَفِيلَانِ ثُمَّ أَحْضَرَ أَحَدُهُمَا الْمَكْفُولَ بِهِ ( بَرِئَ مُحْضِرُهُ مِنْ الْكَفَالَتَيْنِ ) أَيْ كَفَالَتِهِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ ( وَالْآخَرُ ) يَبْرَأُ ( مِنْ الْأُخْرَى ) أَيْ الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ كَفِيلَهُ سَلَّمَ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ هُوَ ، وَلَا أَحَدٌ عَنْ جِهَتِهِ ( وَإِنْ قَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ ) لِلْكَفِيلِ ( أَبْرَأْتُك ) مِنْ حَقِّي ( بَرِئَ ) كَمَا يَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ ( أَوْ ) قَالَ ( لَا حَقَّ لِي عَلَى الْأَصِيلِ ) ، أَوْ قِبَلَهُ ( فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ ) لِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ ( وَالثَّانِي يُرَاجَعُ فَإِنْ فُسِّرَ بِشَيْءٍ ) مِنْهُ نَفْيُ الدَّيْنِ أَوْ نَفْيُ الْوَدِيعَةِ أَوْ الشَّرِكَةِ أَوْ نَحْوِهِمَا ( قُبِلَ ) قَوْلُهُ .
( فَإِنْ كَذَّبَاهُ ) أَوْ أَحَدُهُمَا فِي تَفْسِيرِهِ بِنَفْيِ الْوَدِيعَةِ أَوْ نَحْوِهَا ( حَلَفَ ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ قُلْت : وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ : لَا دَعْوَى لِي عَلَى زَيْدٍ وَقَالَ :

أَرَدْت فِي عِمَامَتِهِ وَقَمِيصِهِ لَا فِي دَارِهِ وَبُسْتَانِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ظَاهِرًا ( وَيُطَالَبُ ) الْكَفِيلُ ( بِإِحْضَارِ غَائِبٍ عَلِمَ ) هُوَ ، وَالطَّرِيقُ آمِنٌ وَأَمْكَنَهُ إحْضَارُهُ عَادَةً ( مَكَانَهُ وَلَوْ بَعُدَ ) بِأَنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ أَغَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ أَمْ كَانَ غَائِبًا عِنْدَهَا ( أَوْ مَاتَ ) أَيْ الْغَائِبُ وَكَذَا الْحَاضِرُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى ( مَا لَمْ يُدْفَنْ لِيَرَاهُ الشُّهُودُ ) فَيَشْهَدُونَ عَلَى صُورَتِهِ كَمَا لَوْ تَكَفَّلَ ابْتِدَاءً بِبَدَنِ مَيِّتٍ ( وَيُمْهَلُ ) الْكَفِيلُ ( مُدَّةَ إحْضَارِهِ ) أَيْ الْغَائِبِ ذَهَابًا وَإِيَابًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ لِلِاسْتِرَاحَةِ وَتَجْهِيزِ الْمَكْفُولِ ، وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ بِخِلَافِ مَا دُونَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ : فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ، وَلَمْ يَحْضُرْ حُبِسَ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : أَيْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ الدَّيْنَ ؛ لِأَنَّهُ مُقَصِّرٌ ، قَالَ : فَلَوْ أَدَّاهُ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّهُ إنَّمَا غَرِمَهُ لِلْفُرْقَةِ وَإِذَا حُبِسَ أُدِيمَ حَبْسُهُ إلَى أَنْ يَتَعَذَّرَ إحْضَارُ الْغَائِبِ بِمَوْتٍ أَوْ جَهْلٍ بِمَوْضِعِهِ أَوْ إقَامَتِهِ عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا حَذَفَ ذِكْرَ جَوَازِ الْحَبْسِ اكْتِفَاءً بِمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُهُ فِي الْفَصْلِ الْآتِي أَوْ لِأَنَّهُ يَرَى خِلَافَهُ تَبَعًا لِجَمْعٍ .
فَقَدْ جَزَمَ الرُّويَانِيُّ وَالْعَبَّادِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْمَنْعِ قَبْلَ حِكَايَتِهِمْ الْجَوَازَ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ : إنَّ الْمَنْعَ أَقْرَبُ ، قَالَ : وَالْقَائِلُونَ بِالْحَبْسِ قَاسُوهُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ فَإِنَّهُ هُنَا فِي حُكْمِ الْمُعْسِرِ الْمَدْيُونِ وَمِثْلُهُ لَا يُحْبَسُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إحْضَارِهِ ( فَلَوْ مَاتَ ) الْمَكْفُولُ بِهِ ( أَوْ تَسَتَّرَ لَمْ يَلْزَمْهُ ) أَيْ الْكَفِيلَ ( الْمَالُ ) لِأَنَّهُ

لَمْ يَلْتَزِمْهُ كَمَا لَوْ ضَمِنَ الْمُسْلَمَ فِيهِ فَانْقَطَعَ لَا يُطَالَبُ بِرَأْسِ الْمَالِ ( بَلْ لَوْ شَرَطَ إلْزَامَهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ : الْتِزَامَهُ ( إيَّاهُ بَطَلَتْ ) كَفَالَتُهُ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي مُقْتَضَاهُ ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ صَيَّرَ الضَّمَانَ مُعَلَّقًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَلَك أَنْ تَقُولَ : هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ فَقَطْ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ بِشَرْطِ رَدِّ مُكَسَّرٍ عَنْ صَحِيحٍ أَوْ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَوْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ بِشَرْطِ الْحُلُولِ بِجَامِعِ أَنَّهُ زَادَ خَيْرًا انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَشْرُوطَ فِي تِلْكَ صِفَةٌ تَابِعَةٌ وَفِي هَذِهِ أَصْلٌ يُفْرَدُ بِعَقْدٍ وَالتَّابِعُ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ قَالَ : وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ : كَفَلْت بِدَيْنِهِ بِشَرْطِ الْغُرْمِ أَوْ عَلَى أَنِّي أَغْرَمُ أَوْ نَحْوَهُ فَلَوْ قَالَ : كَفَلْت بَدَنَهُ ، فَإِنْ مَاتَ فَعَلَى الْمَالِ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ ، وَبَطَلَ الْتِزَامُ الْمَالِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الشَّرْطَ أَيْ ، وَإِلَّا بَطَلَتْ الْكَفَالَةُ أَيْضًا ، وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ ، وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى مَا مَرَّ .
( وَلَوْ مَاتَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَمْ تَبْطُلْ ) أَيْ الْكَفَالَةُ وَبَقِيَ الْحَقُّ لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ ( فَإِنْ خَلَّفَ وَرَثَةً وَغُرَمَاءَ وَوَصِيًّا بِتَفْرِيقِ الثُّلُثِ ) لِمَالِهِ ( لَمْ يَبْرَأْ ) أَيْ الْكَفِيلُ ( إلَّا بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْجَمِيعِ ، وَهَلْ يَكْفِي ) التَّسْلِيمُ إلَى ( الْمُوصَى لَهُ عَنْ ) التَّسْلِيمِ إلَى ( الْوَصِيِّ ) حَتَّى يَكْفِيَ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ مَعَ الْوَرَثَةِ وَالْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَلَّمَ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ ، وَإِنَّمَا الْوَصِيُّ نَائِبٌ أَوَّلًا ؛ لِأَنَّ لِلْوَصِيِّ وِلَايَةً عَلَى أَهْلِ الْوَصَايَا فَصَارَ كَوَلِيِّ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصَى لَهُ أَنْ

يَسْتَقِلَّ بِأَخْذِ مَا أُوصِيَ لَهُ بِهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْإِيصَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ لَا كَالْفُقَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ ( فَصْلٌ يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَكْفُولِ بِهِ ) لِمَا مَرَّ فِي ضَابِطِ الْكَفَالَةِ ( لَا ) رِضَا ( الْمَكْفُولِ لَهُ ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَضْمُونِ لَهُ ( فَلَوْ كَفَلَ بِهِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( لَمْ تَلْزَمْهُ إجَابَتُهُ ) أَيْ الْكَفِيلِ فَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ مُطَالَبَتُهُ ، وَإِنْ طَالَبَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْكَفِيلَ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ بِغَيْرِ إذْنٍ ، وَقِيلَ : تَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ إنْ طَالَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ كَأَنْ قَالَ لَهُ : أَخْرِجْ عَنْ حَقِّي ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ التَّوْكِيلَ فِيهِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَمَا رَجَّحَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ أَمْرَهُ بِطَلَبِهِ قَالَ : وَتَوْجِيهُ اللُّزُومِ بِتَضَمُّنِ الْمُطَالَبَةِ التَّوْكِيلَ بَعِيدٌ ( إلَّا إنْ سَأَلَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ إحْضَارَهُ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ : أَحْضِرْهُ ( إلَى الْقَاضِي فَإِنَّهُ ) إذَا أَحْضَرَهُ بِاسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي لَهُ ( يُجِيبُ ) وُجُوبًا لَا بِسَبَبِ الْكَفَالَةِ بَلْ ( لِأَنَّهُ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ ) فِي إحْضَارِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ .
وَقَدْ اسْتَدْعَاهُ الْقَاضِي ، وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ مَسَافَةِ الْعَدَوِيِّ ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرْت اسْتِدْعَاءَ الْقَاضِي تَبَعًا لِلْقَاضِي وَابْنِ الرِّفْعَةِ ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَقِّ لَوْ طَلَبَ إحْضَارَ خَصْمِهِ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ الْحُضُورُ مَعَهُ بَلْ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْحَقِّ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِاعْتِبَارِ إحْضَارِهِ إلَى الْقَاضِي مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَلَا حَبْسَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ ) فِيمَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ لِأَنَّهُ حُبِسَ عَلَى مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَلَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ هَذَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى لَوَافَقَ أَصْلَهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ

مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ إنَّمَا وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ مَعَ اسْتِدْعَاءِ الْقَاضِي ، وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إنْ لَمْ يُحْضِرْهُ وَقَدْ مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ

( قَوْلُهُ : وَإِنْ عَيَّنَ لِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ مَكَانًا تَعَيَّنَ إنْ كَانَ صَالِحًا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ وَرَضِيَ بِهِ وَإِلَّا فَالْجَزْمُ بِفَسَادِهَا ( قَوْلُهُ : وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَظِيرِهِ فِي السَّلَمِ الْمُؤَجَّلِ ) الْفَرْقُ : أَنَّ وَضْعَ السَّلَمِ التَّأْجِيلُ ، وَوَضْعُ الضَّمَانِ الْحُلُولُ ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْقِيتُ الْكَفَالَةِ وَذَاكَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ ، وَهَذَا بَابُ غَرَامَةٍ فَافْتَرَقَا وَيُشْتَرَطُ فِيمَا يَظْهَرُ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ الْمَكْفُولُ بِبَدَنِهِ ، وَإِلَّا فَتَفْسُدُ الْكَفَالَةُ وَلَا يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ مُطْلَقُ الْإِذْنِ فِي الْكَفَالَةِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إذَا كَانَ صَالِحًا ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ مَوْضِعٍ فَإِنْ أَطْلَقَ فَسَدَتْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ ع ( قَوْلُهُ : فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِتَسْلِيمِهِ مَحْبُوسًا بِحَقٍّ ) لَوْ قَالَ : ضَمِنْت إحْضَارَهُ كُلَّمَا طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ فَهَذَا قَدْ يَتَبَادَرُ إلَى الْفَهْمِ أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ الْعُهْدَةِ مَا دَامَ طَلَبُهُ ثَابِتًا عَلَى الْمَكْفُولِ بِبَدَنِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ السَّدِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ، وَأَنَّهُ يَكُونُ مُقْتَضَى التَّكْرِيرِ تَعْلِيقَ الضَّمَانِ عَلَى طَلَبِ الْمَكْفُولِ لَهُ ، وَتَعْلِيقُ الضَّمَانِ بَاطِلٌ .
ا هـ .
وَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ الضَّمَانِ ، وَأَنَّ الْخِلَافَ فِي التَّكَرُّرِ وَعَدَمِهِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ صِحَّةِ الضَّمَانِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ : ضَمِنْت إحْضَارَهُ إنْ طَلَبَهُ الْمَكْفُولُ لَهُ ش وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَا مَعَ مُتَغَلِّبٍ ) لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ تَسْلِيمَهُ ، وَلَيْسَ هُنَاكَ حَائِلٌ ، وَقَالَ الْمَكْفُولُ لَهُ مَا أَسْلَمْت إلَّا وَهُنَاكَ حَائِلٌ فَمِنْ الْقَوْلِ قَوْلُهُ :

وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الدَّبِيلِيُّ وَيَجْرِيَانِ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ إذَا اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ قَالَ : وَلَوْ سَلَّمَهُ فِي مَوْضِعٍ تُمْكِنُهُ مُطَالَبَتُهُ بِالْحَقِّ ثُمَّ أَخَذَهُ بِالْقَهْرِ بَرِئَ مِنْ ضَمَانِ الْبَيْعِ ، وَقَوْلُهُ : وَجْهَانِ حَكَاهُمَا إلَى آخِرِهِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا تَصْدِيقُ الْكَفِيلِ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَم وُجُودِ الْحَائِلِ ( قَوْلُهُ : وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ إلَخْ ) تَسْلِيمُ الْوَلِيِّ كَتَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ إذَا سَلَّمَا أَنْفُسَهُمَا عَنْ جِهَةِ الْكَفَالَةِ كَفَى ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ إذْ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمَا ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَ حَصَلَ التَّسْلِيمُ ، وَإِلَّا فَلَا د ، وَقَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عَنْ جِهَتِهِ ) بِأَنْ عَيَّنَ تِلْكَ الْجِهَةَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَقْبَلَهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَشْهَدَ الْمَكْفُولَ أَنَّهُ سَلَّمَ نَفْسَهُ عَنْ كَفَالَةِ فُلَانٍ ، وَبَرِئَ الْكَفِيلُ مِنْهَا ، وَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ الْإِشْهَادُ ، وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ يُسَلِّمَانِ أَنْفُسَهُمَا عَنْ جِهَةِ الْكَفِيلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِيهِ وَقْفَةٌ ؛ إذْ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِمَا ، وَلَمْ أَرَهُ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ قُبِلَ حَصَلَ التَّسْلِيمُ ، وَإِلَّا فَلَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَبْرَأْ الْآخَرُ ، وَإِنْ قَالَ : سَلَّمْت عَنْ صَاحِبِي ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَعَلَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْ الْمَكْفُولُ لَهُ وَلَمْ يَأْذَنْ الْكَفِيلُ فَأَمَّا إذَا قَبِلَ أَوْ أَذِنَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْرَأَ كَمَا لَوْ أَحْضَرَهُ أَجْنَبِيٌّ ، وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ فِي الْإِحْضَارِ بِخِلَافِ الِاثْنَيْنِ يَتَكَفَّلَانِ فَإِنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ أَحَدُهُمَا فَقَدْ خَرَجَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ فَلَا يَنْدَرِجُ فِي ذَلِكَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِصَاحِبِهِ قَالَ

شَيْخُنَا ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ لَا يَقَعُ إلَّا وَاجِبًا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُقْبَلُ اشْتِرَاكُهُ عَنْ صَاحِبِهِ فَكَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى إطْلَاقِهِ ، وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ مَرْدُودٌ ، وَقَوْلُهُ : وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا رَهَنَ بِالدَّيْنِ رَهْنَانِ فَانْفَكَّ أَحَدُهُمَا ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِإِسْقَاطِ الْمُسْتَحِقِّ حَقَّهُ مِنْ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ بِفَكِّ الرَّهْنِ ، وَإِلَّا فَبِالْأُولَى لَا يُتَصَوَّرُ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ الْأَصِيلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُطَالَبُ بِإِحْضَارِ غَائِبٍ عُلِمَ مَكَانُهُ ) وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : إنَّهُ لَا يُعْلَمُ مَكَانُهُ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَغَابَ بَعْدَ الْكَفَالَةِ أَمْ كَانَ غَائِبًا عِنْدَهَا ) سَوَاءٌ أَكَانَ بِبَلَدِ الْمَكْفُولِ حَاكِمٌ أَمْ لَا ، وَإِنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحُضُورُ مَعَ الْكَفِيلِ حِينَئِذٍ لِإِذْنِهِ لَهُ فِي الْكَفَالَةِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ أَمْ قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ مَعَ ذَلِكَ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِينَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالظَّاهِرُ إمْهَالُهُ لِانْتِظَارِ رُفْقَةٍ يَأْمَنُ مَعَهُمْ وَعِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالثُّلُوجِ الشَّدِيدَةِ وَالْأَوْحَالِ الْمُؤْذِيَةِ الَّتِي لَا تُسْلَكُ عَادَةً وَلَا يُرْهَقُ وَلَا يُحْبَسُ مَعَ هَذِهِ الْأَعْذَارِ .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ أَنَّ لَهُ اسْتِرْدَادَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبَكْرِيُّ : فِيهِ تَطْوِيلٌ الْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ .
ا هـ .
الْأَقْرَبُ خِلَافُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِالْأَدَاءِ لِيُخَلِّصَ نَفْسَهُ ع رَدَّهُ وَالِدِي بِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَبَرِّعٍ ، وَإِنَّمَا بَذَلَهُ لِلْحَيْلُولَةِ فس قَالَ شَيْخُنَا : عُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُسْتَرَدَّ مِنْهُ هُوَ الْمَكْفُولُ لَهُ عِنْدَ تَسْلِيمِ الْمَكْفُولِ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا غَرِمَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ

أَوْ تَسَتَّرَ ) أَيْ أَوْ هَرَبَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَلَك أَنْ تَقُولَ : هَلَّا بَطَلَ الشَّرْطُ كَمَا لَوْ أَقْرَضَهُ إلَخْ ) شَرْطُ الْمُكَسَّرِ عَنْ الصَّحِيحِ ، وَشَرْطُ أَنْ يُقْرِضَهُ غَيْرَهُ لَا يُنَافِي الْقَرْضَ بَلْ هُوَ ضَمُّ إرْفَاقٍ إلَى إرْفَاقٍ ، وَوَعْدٌ بِإِحْسَانٍ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ الْغُرْمِ فِيهَا مُنَافٍ لِمَوْضُوعِ الْكَفَالَةِ ، وَكَذَلِكَ شَرْطُ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا فَإِنَّهُ تَبَرَّعَ بِالْتِزَامِ التَّعْجِيلِ كَمَا تَبَرَّعَ بِأَصْلِ الْكَفَالَةِ فَلَا تَنَافِيَ فس ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الِاخْتِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ إلَخْ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ أَيْضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ ، وَقَالَ : أَرَدْت بِهِ مُعَيَّنًا ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَحَلُّهُ فِي الْمُوصَى لَهُ الْمَحْصُورِ إلَخْ ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِسَبَبِ مَالٍ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِسَبَبِهِ فَالْمُسْتَحِقُّ لِلْكَفَالَةِ الْوَارِثُ وَحْدَهُ ( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ إنْ قَصَدَ تَأْخِيرَهُ لِيُفِيدَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُشِيرُ كَلَامُهُ إلَى أَنَّ الْكَفِيلَ بِالْإِذْنِ يُحْبَسُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الرُّكْنُ الْخَامِسُ ) لِلضَّمَانِ الشَّامِلِ لِلْكَفَالَةِ ( صِيغَةُ لِالْتِزَامِ ) لِتَدُلَّ عَلَى الرِّضَا وَالْمُرَادُ بِهَا مَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ فَيَشْمَلُ اللَّفْظَ وَالْكِتَابَةَ وَإِشَارَةَ الْأَخْرَسِ ( كَضَمِنْتُ مَا لَكَ عَلَى فُلَانِ أَوْ تَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِإِحْضَارِ بَدَنِهِ أَوْ أَنَا بِالْمَالِ ) أَوْ بِإِحْضَارِهِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( أَوْ بِإِحْضَارِ الشَّخْصِ كَفِيلٌ أَوْ زَعِيمٌ أَوْ ضَامِنٌ أَوْ حَمِيلٌ أَوْ قَبِيلٌ ) أَوْ صَبِيرٌ أَوْ ضَمِينٌ أَوْ كَافِلٌ وَكُلُّهَا صَرَائِحُ وَفِي الْأَصْلِ لَفْظَةُ لَك بَعْدَ ضَمِنْت فَحَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ ( وَقَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ ) الَّذِي لَك عَلَيْهِ ( عَلَيَّ صَرِيحٌ ) لِأَنَّ عَلَى لِلِالْتِزَامِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا ) قَوْلُهُ خَلِّ عَنْهُ وَالْمَالُ ( عِنْدِي وَإِلَيَّ ) أَيْ أَوْ إلَيَّ أَوْ مَعِي فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِاحْتِمَالِهِ غَيْرَ الِالْتِزَامِ ، وَقَدْ تُسْتَشْكَلُ الثَّلَاثُ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ فَشَرْطٌ فَاسِدٌ ، وَإِلَّا فَضَمَانٌ بِشَرْطِ بَرَاءَةِ الْأَصِيلِ ، وَهُوَ فَاسِدٌ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَ : أَبْرِئْ الْكَفِيلَ ، وَأَنَا كَافِلُ الْمَكْفُولِ ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ خَلِّ عَنْ مُطَالَبَتِهِ الْآنَ أَيْ قَبْلَ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ أَرَادَ خَلِّ عَنْهَا أَبَدًا لِمُنَافَاتِهِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ بِالْكُلِّيَّةِ ( وَقَوْلُهُ أُؤَدِّي ) الْمَالَ ( وَأُحْضِرُ ) أَيْ أَوْ أُحْضِرُ الْمَالَ أَوْ الشَّخْصَ ( وَعْدٌ لَا يَلْزَمُ ) الْوَفَاءُ بِهِ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَا تُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ نَعَمْ إنْ صَحِبَهُ قَرِينَةُ الْتِزَامٍ فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ ( وَقَوْلُ كَفِيلٍ أَبْرَأَهُ الْمُسْتَحِقُّ ) ثُمَّ وَجَدَهُ مُلَازِمًا لِلْخَصْمِ خَلِّهِ وَ ( أَنَا بَاقٍ عَلَى الْكَفَالَةِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ ( كَافٍ ) فِي أَنَّهُ صَارَ كَفِيلًا

لِأَنَّهُ إمَّا مُبْتَدِئٌ بِالْكَفَالَةِ بِهَذَا اللَّفْظِ أَوْ مُخْبِرٌ بِهِ عَنْ كَفَالَةٍ وَاقِعَةٍ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ ، وَيُفَارِقُ مَا لَوْ فُسِخَتْ الْكِتَابَةُ فَقَالَ السَّيِّدُ : أَقْرَرْتُك عَلَى الْكِتَابَةِ حَيْثُ لَمْ تَعُدْ الْكِتَابَةُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ فَكَفَى فِيهِ ذَلِكَ مِنْ الْمُلْتَزِمِ بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا
( قَوْلُهُ : كَضَمِنْتُ مَالَك عَلَى فُلَانٍ أَوْ تَكَفَّلْت بِهِ إلَخْ ) لَوْ تَكَفَّلَ بِالْمَالِ وَالْبَدَنِ فَقَالَ ضَمِنْت مَالَك عَلَى فُلَانٍ وَتَكَفَّلْت بِبَدَنِهِ صَحَّ وَيَكُونُ ضَامِنًا وَكَفِيلًا وَلَوْ تَكَفَّلَ بِدَيْنٍ بِرَهْنٍ صَحَّ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنَّ صِحَّتَهُ قَرِينَةٌ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : لَكِنَّ الْقَرَائِنَ لَا تَنْفُلُ اللَّفْظَ إلَى الصَّرِيحِ ( قَوْلُهُ : فَيَنْبَغِي كَمَا فِي الْمَطْلَبِ صِحَّتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِكَلَامٍ لِلْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ : إنَّهُ كِنَايَةٌ فَإِنَّ الْعَامِّيَّ يَقْصِدُ بِهِ الِالْتِزَامَ فَإِذَا اعْتَرَفَ بِقَصْدِهِ بِهِ الضَّمَانَ أَوْ الْكَفَالَةَ أُلْزِمَ بِذَلِكَ .
ا هـ .
قَالَ وَالِدِي : وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيّ : لَوْ قَالَ : دَارِي لِزَيْدٍ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ ، فَإِنْ قَالَ : قَصَدْت بِالْإِضَافَةِ كَوْنَهَا مَعْرُوفَةً بِهِ وَنَحْوَ ذَلِكَ لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ فس ، وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ : طَلِّقِي نَفْسَك فَقَالَتْ : أُطَلِّقُ وَأَرَادَتْ الْإِنْشَاءَ فَإِنَّهُ يَقَعُ حَالًّا ، وَقَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَلَوْ قَالَ : خَلِّ عَنْ فُلَانِ ، وَالدَّيْنُ الَّذِي لَك عَلَيْهِ إلَيَّ أَوْ مَعِي أَوْ عِنْدِي فَهُوَ كِنَايَةٌ ( قَوْلُهُ : وَأَنَا عَلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ الْكَفَالَةِ ) مِثْلُهُ فَقَدْ عُدْت إلَى مَا كُنْت عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ الضَّمَانَ مَحْضُ غَرَرٍ وَغَبْنٍ إلَخْ ) وَبِأَنَّ مُعْظَمَ الِاعْتِمَادِ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى التَّعْلِيقِ ، وَهَذَا اللَّفْظُ لَا يَصْلُحُ لَهُ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ

( فَصْلٌ وَيَبْطُلُ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ ) الْوَاقِعَانِ ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلضَّامِنِ ) فِي الْأُولَى ( وَالْكَفِيلِ ) فِي الثَّانِيَةِ لِمُنَافَاتِهِ مَقْصُودَهُمَا ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْمُلْتَزِمَ فِيهِمَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْغَرَرِ أَمَّا شَرْطُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ فَلَيْسَ بِمُبْطِلٍ ؛ لِأَنَّ الْخِيَرَةَ فِي الْإِبْرَاءِ وَالطَّلَبِ إلَيْهِ أَبَدًا ، وَشَرْطُهُ لِلْأَجْنَبِيِّ كَشَرْطِهِ لِلضَّامِنِ ( وَ ) يَبْطُلَانِ ( بِالتَّوْقِيتِ ) كَضَمِنْتُ أَوْ كَفَلْت إلَى رَجَبٍ ( وَالتَّعْلِيقُ ) بِوَقْتٍ أَوْ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ : إذَا جَاءَ رَجَبٌ ، أَوْ إنْ لَمْ يُؤَدِّ مَا لَكَ غَدًا فَقَدْ ضَمِنْت أَوْ كَفَلْت كَالْبَيْعِ فِيهِمَا ( وَلَوْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ ضَمِنَ ) أَوْ كَفَلَ ( بِشَرْطِ خِيَارٍ ) مُفْسِدٍ ( وَبِتَوْقِيتٍ ) فَكَذَّبَهُ الْمُسْتَحِقُّ ( صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ ) بِيَمِينِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَبْعِيضِ الْإِقْرَارِ ، وَقَوْلُهُ : وَبِتَوْقِيتٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَالْوَاوُ فِيهِ بِمَعْنَى أَوْ ( وَإِنْ قَالَ ) الضَّامِنُ أَوْ الْكَفِيلُ ( لَا حَقَّ عَلَى مَنْ ) ضَمِنْت أَوْ ( كَفَلْت بِهِ صُدِّقَ الْمُسْتَحِقُّ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ أَيْ غَالِبًا ، وَالتَّرْجِيحُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ( فَإِنْ نَكَلَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( حَلَفَ ) الضَّامِنُ وَ ( الْكَفِيلُ وَبَرِئَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( وَحْدَهُ ) أَيْ دُونَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَالْمَكْفُولِ بِهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ : وَحْدَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ فِي هَذِهِ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ قَالَ الْكَفِيلُ : بَرِئَ الْمَكْفُولُ وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ ، وَبِهِ صَرَّحَ أَصْلُهُ ( وَيَبْطُلُ ) مَا ذُكِرَ ( بِشَرْطِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ لَا الْمُتَبَرَّعِ ) أَيْ الزِّيَادَةِ ( مِنْ الدَّيْنِ ) كَأَنْ ضَمِنَ رَجُلًا بِأَلْفٍ وَشَرَطَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ كُلَّ شَهْرٍ دِرْهَمًا ، وَلَا يَحْسِبُهُ مِنْ الدَّيْنِ وَلَا حَاجَةَ مَعَ قَوْلِهِ زِيَادَةٍ عَلَى الْمَالِ إلَى مَا

بَعْدَهُ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ إذْ لَيْسَ لَنَا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ لِيُسْتَثْنَى مِنْ الدَّيْنِ فَلَوْ قَالَ بِشَرْطِ إعْطَاءِ مَالٍ لَا آخَرَ مِنْ الدَّيْنِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ( وَ ) تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ ( بِقَوْلِهِ كَفَلْت بِزَيْدٍ فَإِنْ أَحْضَرْته وَإِلَّا فَبِعَمْرٍو ) كَفَلْت أَمَّا كَفَالَةُ زَيْدٍ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ كَفَلْت بِبَدَنِ هَذَا أَوْ ذَاكَ وَأَمَّا كَفَالَةُ عَمْرٍو فَلِتَعْلِيقِهَا ( وَبِقَوْلِهِ ) لِلْمَكْفُولِ لَهُ ( أَبْرِئْ الْكَفِيلَ ، وَأَنَا كَفِيلُ الْمَكْفُولِ ) لِأَنَّهُ تَكَفَّلَ بِشَرْطِ إبْرَاءِ الْكَفِيلِ ، وَهُوَ فَاسِدٌ ، وَفِي نُسْخَةٍ ، وَأَنَا كَافِلٌ بِالْمَالِ ، وَكُلٌّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِلْأَصْلِ الْأُولَى
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الضَّمَانَ وَالْكَفَالَةَ لَا يَكُونَانِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْكَفِيلَ بِإِقْدَامِهِ عَلَى الضَّمَانِ وَالْكَفَالَةِ مُصَدِّقٌ بِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهُ عَلَى ذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَصْدِيقَ الْمَكْفُولِ لَهُ لَا أَنَّ تَقَدُّمَ الثُّبُوتِ فِي الظَّاهِرِ شَرْطٌ فِيهِمَا ( قَوْلُهُ : إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِثُبُوتِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الْمُرَادُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ

( فَصْلٌ لَوْ نَجَّزَ الْكَفَالَةَ وَأَجَّلَ الْإِحْضَارَ بِمَعْلُومٍ ) نَحْوُ أَنَا كَفِيلٌ بِزَيْدٍ أُحْضِرُهُ بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ ضَمِنْت إحْضَارَهُ بَعْدَ شَهْرٍ ( جَازَ ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ كَمَا فِي الْوَكَالَةِ وَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِعَمَلٍ فِي الذِّمَّةِ فَجَازَ مُؤَجَّلًا كَالْعَمَلِ فِي الْإِجَارَةِ ( فَإِنْ أَحْضَرَهُ قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ ( فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ ) الَّذِي شَرَطَ التَّسْلِيمَ فِيهِ ، وَقَدْ مَرَّ وَخَرَجَ بِالْمَعْلُومِ مَا لَوْ أَجَّلَ بِمَجْهُولٍ كَالْحَصَادِ فَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ ( وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ ) أَيْ ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ حَالًّا ( صَحَّ ) إذْ الضَّمَانُ تَبَرُّعٌ فَيُحْتَمَلُ فِيهِ اخْتِلَافُ الدَّيْنَيْنِ فِي الصِّفَةِ لِلْحَاجَةِ ( وَلَزِمَ الْوَفَاءُ ) فِي الْأُولَى ( بِالتَّأْجِيلِ ) فَلَا يُطَالَبُ الضَّامِنُ إلَّا كَمَا الْتَزَمَ وَلَا نَقُولُ اُلْتُحِقَ الْأَجَلُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا ابْتِدَاءً وَلَا يَبْعُدُ الْحُلُولُ فِي حَقِّ الْأَصِيلِ دُونَ الْكَفِيلِ كَمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ ( لَا التَّعْجِيلِ ) فِي الثَّانِيَةِ أَيْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْوَفَاءُ بِهِ كَمَا لَوْ الْتَزَمَ الْأَصِيلُ التَّعْجِيلَ وَلِأَنَّهُ فَرْعُ الْأَصِيلِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَعَلَى هَذَا هَلْ يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ مَقْصُودًا أُمّ تَبَعًا لِقَضَاءِ حَقِّ الْمُشَابَهَةِ وَجْهَانِ ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُمَا فِيمَا لَوْ مَاتَ الْأَصِيلُ ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ .
وَرَجَّحَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي أَنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ فَالرَّاجِحُ الثَّانِي كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ أَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ حَالًا أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ حَالًّا أَوْ الْمُؤَجَّلَ مُؤَجَّلًا بِأَجَلِهِ أَوْ أَطْلَقَ لَزِمَهُ لِأَجَلِهِ ( أَوْ ) ضَمِنَ الْمُؤَجَّلَ مُؤَجَّلًا ( بِأَجَلٍ أَقْصَرَ ) مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ ( فَكَالْمُؤَجَّلِ ) أَيْ فَكَضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ ( حَالًّا ) بَعْدَ مُضِيِّ

الْأَقْصَرِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ ( وَيَحِلُّ عَلَيْهِ ) الدَّيْنُ ( بِمَوْتِ الْأَصِيلِ ) مُطْلَقًا فِي الْمُنْظَرِ بِهَا وَبَعْدَ مُضِيِّ الْأَقْصَرِ فِي الْمُنْظَرَةِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ أَجَّلَ بِأَجَلٍ أَطْوَلَ لَزِمَهُ لِأَجَلِهِ ، وَأَنَّهُ لَوْ تَكَفَّلَ كَفَالَةً مُؤَجَّلَةً بِبَدَنِ مَنْ تَكَفَّلَ بِغَيْرِهِ كَفَالَةً حَالَّةً صَحَّ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَلَوْ تَكَفَّلَ بِالْبَدَنِ أَوْ النَّفْسِ أَوْ الرُّوحِ ) أَوْ الْجِسْمِ ( وَكَذَا بِعُضْوٍ لَا يَبْقَى ) الشَّخْصُ ( دُونَهُ كَالرَّأْسِ وَالْقَلْبِ ) وَالْكَبِدِ وَالدِّمَاغِ ( أَوْ جُزْءٍ شَائِعٍ كَالرُّبْعِ وَالثُّمُنِ صَحَّ ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُ ذَلِكَ إلَّا بِتَسْلِيمِ كُلِّ الْبَدَنِ فَكَانَ كَالتَّكَفُّلِ بِكُلِّهِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُحْتَمَلَ فِيهِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِلْحَاجَةِ ( لَا ) مَا يَبْقَى الشَّخْصُ دُونَهُ ( كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ ) وَالْوَجْهِ وَالْعَيْنِ وَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْحَاوِي مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ كَالرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ وَلَا يُسَاعِدُهُ عَلَيْهِ الْمَعْنَى نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِهَا النَّفْسُ صَحَّ لَكِنَّهُ لَا يُلَائِمُ مَا قَرَنَهَا بِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ الَّتِي لَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهَا أَوْ التَّرْجِيحُ فِي الْجُزْءِ الشَّائِعِ وَفِي التَّفْصِيلِ فِي الْعُضْوِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا فِي الْأَنْوَارِ وَرَجَّحَهُ فِي الثَّانِي فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ ، وَجَزَمَ بِهِ الصَّيْمَرِيُّ وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ وَحَكَاهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ قَطْعِ الْمَاوَرْدِيِّ

( قَوْلُهُ فَكَمَا سَبَقَ فِي الْمَكَانِ ) فَيُنْظَرُ هَلْ لَهُ غَرَضٌ فِي الِامْتِنَاعِ كَتَأْجِيلِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَمْ لَا غَرَضَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ ضَمِنَ الْحَالَّ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَوْ عَكَسَ صَحَّ إلَخْ ) يَسْأَلُ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ مَا إذَا رَهَنَ عَنْ الدَّيْنِ الْحَالِّ ، وَشَرَطَ فِي الرَّهْنِ أَجَلًا لَمْ يَصِحَّ وَلَا عَكْسُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالضَّمَانُ وَالرَّهْنُ كِلَاهُمَا وَثِيقَةٌ ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الرَّهْنَ عَيْنٌ فَلَا يَدْخُلُهُ التَّأْجِيلُ وَالْحُلُولُ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ مَا فِي الذِّمَمِ ( قَوْلُهُ وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ قَالَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ ( قَوْلُهُ أَوْ الْمُؤَجَّلُ مُؤَجَّلًا إلَخْ ) يُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَجَّلِ مَعْرِفَتُهُ بِقَدْرِ الْأَجَلِ ، وَلَوْ قَالَ : كَفَلْت مُؤَجَّلًا ، وَقَالَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَجَّلًا ، وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا شَاهِدًا فَهَلْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَحْلِفُ كُلٌّ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى مُؤَجَّلًا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ : وَيَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِ الْأَصِيلِ ) يَحِلُّ عَلَى مَنْ مَاتَ دُونَ مَنْ جُنَّ وَيَحِلُّ أَيْضًا بِاسْتِرْقَاقِ الْحَرْبِيِّ ( قَوْلُهُ كَالرَّأْسِ وَالْوَجْهِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ الْأَعْضَاءِ الْوَجْهُ فَإِنَّ الْكَفَالَةَ بِهِ صَحِيحَةٌ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْجُمْلَةِ قَالَ تَعَالَى : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إلَّا وَجْهَهُ } .
ا هـ .
قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَإِنْ قَالَ : تَكَفَّلْت بِيَدِهِ أَوْ رِجْلِهِ أَوْ وَجْهِهِ أَوْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ فَسَدَتْ ( قَوْلُهُ لَا مَا يَبْقَى الشَّخْصُ بِدُونِهِ كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَفِي قَوْلِهِ لَا يُعَبَّرُ بِالْيَدِ عَنْ الْجُمْلَةِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَضَافَ الطَّلَاقَ إلَى الْيَدِ كَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِطَرِيقِ التَّعْبِيرِ بِالْيَدِ عَنْ الْجُمْلَةِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ قَالَ صَاحِبُ

الْمَيْدَانِ : مُرَادُ صَاحِبِ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الرَّأْسَ وَالرَّقَبَةَ كِلَاهُمَا يُعَبِّرُ عَنْ الشَّخْصِ نَفْسِهِ فَيُقَالُ : مِائَةُ رَأْسٍ وَمِائَةُ رَقَبَةٍ وَوَرَدَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا الْيَدُ فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِيهَا اسْتِعْمَالَ ذَلِكَ ، وَإِنْ صَحَّ اسْتِعْمَالُهُ مَجَازًا وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ مَا قَالُوهُ هُنَا وَفِي كِتَابِ الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِيهِمَا صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ) أَيْ وَغَيْرُهُ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ ) ( الْأَوَّلُ مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ لَهُمَا ) أَيْ لِلضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ بِأَنْ يُطَالِبَهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُطَالِبَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِالْجَمِيعِ أَوْ يُطَالِبَ أَحَدَهُمَا بِبَعْضِهِ وَالْآخَرَ بِبَاقِيهِ أَمَّا الضَّامِنُ فَلِخَبَرِ { الزَّعِيمُ غَارِمٌ } وَأَمَّا الْأَصِيلُ فَلِأَنَّ الدَّيْنَ بَاقٍ عَلَيْهِ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْتَحِقِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْمَضْمُونِ لَهُ لِتَنَاوُلِهِ الْوَارِثَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ أَفْلَسَ الضَّامِنُ وَالْمَضْمُونُ عَنْهُ فَقَالَ الضَّامِنُ لِلْحَاكِمِ بِعْ أَوَّلًا مَالَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ وَقَالَ الْمَضْمُونُ لَهُ أُرِيدُ أَبِيعُ مَالَ أَيِّكُمَا شِئْت قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْإِذْنِ أُجِيبَ الضَّامِنُ وَإِلَّا فَالْمَضْمُونُ لَهُ ( فَلَوْ شَرَطَ ) فِي الضَّمَانِ ( بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ بَطَلَتْ ) صِيغَتُهُ لِمُنَافَاةِ الشَّرْطِ مُقْتَضَاهَا ( وَإِنْ ضَمِنَ بِهِ ) أَيْ بِالدَّيْنِ وَالْأَوْلَى ضَمِنَهُ ( أَوْ كَفَلَ ) بِالْكَفِيلِ كَفِيلٌ ( آخَرُ وَبِالْآخَرِ آخَرُ وَهَكَذَا طَالَبَهُمْ ) الْمُسْتَحِقُّ بِمَا الْتَزَمُوا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى الِالْتِزَامِ ( فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ ) بِإِبْرَاءٍ أَوْ أَدَاءً أَوْ حَوَالَةٍ مِنْهُ ، أَوْ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ غَيْرِهَا ( بَرِءُوا ) كُلُّهُمْ لِسُقُوطِ الْحَقِّ ( أَوْ ) بَرِئَ ( غَيْرُهُ ) أَيْ غَيْرُ الْأَصِيلِ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ بِإِبْرَاءٍ ( بَرِئَ ) هُوَ ( وَمَنْ بَعْدَهُ ) لِأَنَّهُ فَرْعُهُ فَيَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ ( لَا مِنْ قَبْلِهِ ) لِأَنَّ الْأَصِيلَ لَا يَبْرَأُ بِبَرَاءَةِ فَرْعِهِ ؛ لِأَنَّهَا سُقُوطُ تَوْثِقَةٍ فَلَا يَسْقُطُ بِهَا الْحَقُّ كَفَكِّ الرَّهْنِ أَمَّا بَرَاءَتُهُ بِغَيْرِ الْإِبْرَاءِ فَيَبْرَأُ بِهَا مِنْ قَبْلِهِ أَيْضًا ( وَيَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ ) فِي غَيْرِ مَا مَرَّ فِي الضَّمَانِ الْمُؤَجَّلِ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا بِأَقْصَرَ ( عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا ) وَلَوْ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ لِخَرَابِ ذِمَّتِهِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْآخَرِ لِارْتِفَاقِهِ بِالْأَجَلِ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ، وَيُسْتَثْنَى مَعَ مَا

ذَكَرْته مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَهَنَ مِلْكَهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لِغَيْرِهِ لَمْ يَحِلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ دَيْنٍ فِي عَيْنٍ لَا فِي ذِمَّتِهِ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْدِيلِ بِخَرَابِ الذِّمَّةِ ( وَلِلضَّامِنِ ) بِالْإِذْنِ ( مُطَالَبَةُ الْمُسْتَحِقِّ بِإِبْرَائِهِ أَوْ طَلَبِ حَقِّهِ مِنْ التَّرِكَةِ ) أَيْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ لِأَنَّهَا قَدْ تَتْلَفُ فَلَا يَجِدُ مَرْجِعًا إذَا غَرِمَ ( وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ ضَامِنٍ سَلَّمُوا ) الدَّيْنَ مِنْ تَرِكَتِهِ لِمُسْتَحِقِّهِ ( مُطَالَبَةٌ ) لِلْمَضْمُونِ عَنْهُ ( قَبْلَ الْحُلُولِ لِلدَّيْنِ )

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهِ ) ( قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمُسْتَحِقِّ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ إلَخْ ) أَمَّا الْمُحْتَالُ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ ؛ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ بِالْحَوَالَةِ نَعَمْ الْمَضْمُونُ لَا يَشْمَلُ مَنْ يَرْجِعُ لَهُ الضَّمَانُ فِي الظَّاهِرِ وَمَنْ يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ فِي الْبَاطِنِ ، وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى مَنْ يَثْبُتُ لَهُ الدَّيْنُ بَاطِنًا ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ ضَمِنَ دَيْنًا لِآخَرَ ثُمَّ أَقَرَّ مِنْ الدَّيْنِ بِاسْمِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ، وَإِنَّمَا هُوَ الثَّالِثُ فَهَلْ لِمَنْ ثَبَتَ لَهُ الدَّيْنُ بِهَذَا الْإِقْرَارِ أَنْ يُطَالِبَ الضَّامِنَ الْمَذْكُورَ بِأَنَّ لَهُ الْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنْ كَانَ الضَّمَانُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرُؤَا ) اسْتَثْنَى فِي الْخَادِمِ مَا لَوْ جَنَى عَبْدٌ عَلَى حُرٍّ جِنَايَةً أَرْشُهَا مَثَلًا دِينَارٌ فَضَمِنَهُ السَّيِّدُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُمَّ رُهِنَ الْعَبْدَ عِنْدَهُ عَلَى الدِّينَارِ فَذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ عَنْ الْإِيضَاحِ لِلصَّيْمَرِيِّ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ قَدْ أَبْرَأَ الْعَبْدَ مِنْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ أَيْ بَعْدَ أَنْ ضَمِنَهُ السَّيِّدُ جَازَ رَهْنُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَبْرَأَهُ مِنْ ضَمَانِهَا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَكُونُ رَهْنًا بِالْجِنَايَةِ ، وَإِنَّمَا تَأَكَّدَ بِهِ ذَلِكَ بِضَمَانِ السَّيِّدِ ، وَإِذَا عَلِمْت هَذَا فَالسَّيِّدُ ضَامِنٌ ، وَلَا يَبْرَأُ بِإِبْرَاءِ الْعَبْدِ قَوْلُهُ أَوْ غَيْرُهُ بَرِئَ وَمَنْ بَعْدَهُ لَا مَنْ قَبْلَهُ ) وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنَ لَمْ يَبْرَأْ الْأَصِيلُ ؛ لِأَنَّ إبْرَاءَهُ إسْقَاطٌ لِلْوَثِيقَةِ ، وَهِيَ لَا تَقْتَضِي سُقُوطَ أَصْلِ الدَّيْنِ قَالَ فِي الْخَادِمِ : أَطْلَقَ الْإِبْرَاءَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الضَّمَانِ أَوْ الدَّيْنِ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُ يُرْشِدُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ إبْرَاؤُهُ مِنْ الضَّمَانِ أَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ

يَبْرَأَ الْأَصِيلُ ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ وَإِنَّمَا تَعَدَّدَتْ مَحَالُّهُ وَلَمْ أَرَ لَهُمْ فِيهِ تَصْرِيحًا قَالَ شَيْخُنَا لَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَوْ أَدَّى بَعْضَ الدَّيْنِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ بَاقِيهِ لَمْ يَبْرَأْ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُ الْإِبْرَاءَ مِنْ الْوَثِيقَةِ ، وَلَا مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ الْمَحَلِّيِّ لِتَنْزِيلِهَا عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ فَرَّعَهُ فَيَبْرَأُ بِبَرَاءَتِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْفَرْعَ يَسْقُطُ بِسُقُوطِ أَصْلِهِ كَمَا يَنْفَكُّ الرَّهْنُ بِالْبَرَاءَةِ ( فَرْعٌ ) لَوْ وَكَّلَ رَبُّ الدَّيْنِ الضَّامِنَ فِي أَنْ يُبْرِئَ الْأَصِيلَ صَحَّ وَبَرِئَا جَمِيعًا ، وَإِنْ وَكَّلَ الْأَصِيلَ فِي أَنْ يُبْرِئَ الضَّامِنَ صَحَّ وَبَرِئَ دُونَ الْأَصِيلِ ( قَوْلُهُ : وَيَحِلُّ الْمُؤَجَّلُ عَلَى مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا ) مِثْلُ الْمَوْتِ الِاسْتِرْقَاقُ ( قَوْلُهُ : مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ ضَامِنٍ سَلَّمُوا مُطَالَبَةٌ قَبْلَ الْحُلُولِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَيْسَ دَيْنٌ يَثْبُتُ بِغَيْرِ عَقْدٍ ، وَلَا إتْلَافٍ مُؤَجَّلًا إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : أَدِّ دَيْنِي إذَا حَلَّ فَأَدَّاهُ قَبْلَ الْحُلُولِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْأَجَلُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : لَا يَرْجِعُ بِالْكُلِّيَّةِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ، وَهُوَ بَعِيدٌ

( الْحُكْمُ الثَّانِي ) فِي مُطَالَبَةِ الضَّامِنِ الْأَصِيلَ بِالْأَدَاءِ وَعَدَمِهَا مَعَ مَا ذُكِرَ مَعَهُمَا ( لِلضَّامِنِ بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْأَصِيلِ ( الْمُطَالَبَةُ ) لَهُ ( بِخَلَاصِهِ ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ لِيَبْرَأَ هُوَ بِبَرَاءَتِهِ ( إنْ طُولِبَ ) بِهِ كَمَا أَنَّهُ يَغْرَمُهُ إذَا غَرِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُطَالِبْ بِهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَلَا طُولِبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الْمُعِيرِ لِلرَّهْنِ لَهُ طَلَبُ فَكِّهِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مَحْبُوسٌ عَنْهُ بِالْحَقِّ وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : وَلَوْ كَانَ الْأَصِيلُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِصِبًا فَلِلضَّامِنِ - بِإِذْنِ وَلِيِّهِ إنْ طُولِبَ طَلَبُ الْوَلِيِّ بِتَخْلِيصِهِ مَا لَمْ يَزُلْ الْحَجْرُ فَإِنْ زَالَ تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ، وَيُقَاسُ بِالصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ سَوَاءٌ أَكَانَ الضَّمَانُ بِإِذْنِهِمَا قَبْلَ الْجُنُونِ وَالْحَجْرِ أَمْ بِإِذْنِ وَلِيِّهِمَا بَعْدُ ( لَا ) الْمُطَالَبَةُ ( بِالْمَالِ ) لِيَدْفَعَهُ أَوْ بَدَلَهُ لِلْمُسْتَحِقِّ ( مَا لَمْ يُسَلِّمْ وَلَوْ حَبَسَ ) إذْ لَمْ يَفُتْ عَلَيْهِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ شَيْءٌ ، وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِهِ حُبِسَ أَوْ لَمْ يُحْبَسْ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ ، وَإِنْ حُبِسَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ ، وَلَا مُلَازَمَتُهُ ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ عَلَى الْأَصِيلِ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ ، وَفِي نُسْخَةٍ ، وَلَوْ حُبِسَ لَمْ يَحْبِسْهُ ، وَهِيَ الْمُوَافِقَةُ لِلْأَصْلِ لَكِنَّ الْأُولَى أَكْثَرُ فَائِدَةً ، وَاسْتُشْكِلَ عَدَمُ جَوَازِ حَبْسِهِ لَهُ ، وَإِنْ حُبِسَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْمُطَالَبَةِ بِخَلَاصِهِ حِينَئِذٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَالِي بِهَا .
وَأُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَتَهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي ذَلِكَ بَلْ مِنْ فَوَائِدِهَا إحْضَارُهُ مَجْلِسَ الْحُكْمِ ، وَتَفْسِيقُهُ إذَا امْتَنَعَ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ ، أَمَّا إذَا سَلَّمَ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ

وَحَبْسُهُ وَمُلَازَمَتُهُ ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الْأَصِيلُ الْمَالَ بِلَا مُطَالَبَةٍ ، وَقُلْنَا : لَا يَمْلِكُهُ أَيْ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَعَلَيْهِ رَدُّهُ وَيَضْمَنُهُ إنْ هَلَكَ كَالْمَقْبُوضِ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ فَلَوْ قَالَ لَهُ : اقْضِ بِهِ مَا ضَمِنْت عَنِّي فَهُوَ وَكِيلٌ ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ فِي النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ ( وَلَوْ أَبْرَأَ الضَّامِنُ الْأَصِيلَ أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا سَيَغْرَمُ ) فِيهِمَا ( أَوْ رَهَنَهُ الْأَصِيلُ ) شَيْئًا بِمَا ضَمِنَهُ ( أَوْ كَفَلَ ) أَيْ أَقَامَ بِهِ كَفِيلًا ( لَمْ يَصِحَّ ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لِلضَّامِنِ عَلَيْهِ حَقٌّ بِمُجَرَّدِ الضَّمَانِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بَدَلَ كَفَلَ يَضْمَنُ وَكُلٌّ صَحِيحٌ ( وَلَوْ شَرَطَهُ ) أَيْ شَرَطَ الضَّامِنُ ( فِي ) ابْتِدَاءِ ( الضَّمَانِ ) أَنْ يَرْهَنَهُ الْأَصِيلُ شَيْئًا بِمَا يَضْمَنُهُ ، أَوْ يُقِيمَ لَهُ بِهِ ضَامِنًا ( فَسَدَ ) الضَّمَانُ لِفَسَادِ الشَّرْطِ ، وَشُمُولُ كَلَامِهِ لِشَرْطِ الرَّهْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ : أَوْ صَالَحَهُ عَمَّا سَيَغْرَمُ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ : صَالَحَهُ عَنْ الْعَشَرَةِ الَّتِي سَيَغْرَمُهَا عَلَى خَمْسَةٍ

( قَوْلُهُ : وَفِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ ) أَيْ بِفَوَاتِ يَدِ مَالِكِهِ عَنْهُ وَمَنْعِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ فِيهِ ( قَوْلُهُ : إنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْأَصِيلِ ، وَلَوْ حُبِسَ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : لَكِنْ لَهُ أَنْ يَقُولَ : احْبِسُوا الْأَصِيلَ مَعِي قَالَ شَيْخُنَا : لَعَلَّهُ مِنْ بَابِ إرْهَاقِهِ إلَى خَلَاصِهِ عِنْدَ تَعَيُّنِهِ طَرِيقًا لَهُ حَيْثُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ مُعَانَدَتُهُ لَهُ كا ( قَوْلُهُ بِدَلِيلِ أَنَّ لِلْوَلَدِ مُطَالَبَةَ وَالِدِهِ بِدَيْنِهِ ) وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ ، وَأَنَّ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ مُطَالَبَتَهُ بِدَيْنِ الْكِتَابَةِ ، وَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ فَهُوَ وَكِيلٌ ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَوْ كَانَ الضَّامِنُ وَكِيلَ صَاحِبِ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَقَبَضَهُ لِمُوَكِّلِهِ كَانَ أَمِينًا وَقَدْ كَتَبْت عَلَيْهَا فَتْوَى فِي الْوَكَالَةِ

( الْحُكْمُ الثَّالِثُ الرُّجُوعُ وَلَا يَرْجِعُ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ ) مِنْ الْأَصِيلِ سَوَاءٌ أَدَّى بِإِذْنِهِ ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ بِالضَّمَانِ ، وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ أَمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِتَبَرُّعِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ لَمَا صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمَيِّتِ بِضَمَانِ أَبِي قَتَادَةَ لِبَقَاءِ الْحَقِّ ( وَ ) لَا ( مُتَبَرِّعٍ ) بِالْأَدَاءِ بِأَنْ ( أَدَّى بِلَا إذْنٍ ) لِتَبَرُّعِهِ بِخِلَافِ مَنْ أَوْجَرَ طَعَامَهُ لِمُضْطَرٍّ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ إبْقَاءً لِلْمُهْجَةِ ( فَلَوْ أَدَّيَا ) أَيْ الضَّامِنُ بِغَيْرِ إذْنٍ وَالْمُتَبَرِّعُ بِالْأَدَاءِ ( بِالْإِذْنِ رَجَعَ الْمُتَبَرِّعُ ) لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغَسَّالِ وَنَحْوِهِ بِأَنَّ الْمُسَامَحَةَ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي الْأَعْيَانِ ، وَمُرَادُهُ بِهَذَا الْمُتَبَرِّعُ الْمُؤَدِّي بِلَا ضَمَانٍ وَإِلَّا فَالْمَأْذُونُ لَهُ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ فَفِي إطْلَاقِ الْمُتَبَرِّعِ عَلَيْهِ تَجَوُّزٌ ( لَا الضَّامِنُ ) أَيْ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَدَّمَهُ ، وَكَأَنَّهُ أَعَادَهُ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ ( إلَّا إنْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ ) فَيَرْجِعُ كَغَيْرِ الضَّامِنِ وَلَوْ أَدَّى الْوَلِيُّ دَيْنَ مَحْجُورٍ بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ أَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ كَذَلِكَ رَجَعَ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ ( وَالضَّامِنُ بِالْإِذْنِ يَرْجِعُ ، وَلَوْ أَدَّى بِلَا إذْنٍ ) لِأَنَّهُ أَذِنَ فِي سَبَبِ الْأَدَاءِ نَعَمْ إنْ ثَبَتَ الضَّمَانُ بِالْبَيِّنَةِ وَهُوَ مُنْكِرٌ كَأَنْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ وَغَائِبٍ أَلْفًا ، وَأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ضَمِنَ مَا عَلَى الْآخَرِ بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ زَيْدٌ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً ، وَغَرَّمَهُ لَمْ يَرْجِعْ زَيْدٌ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ لِكَوْنِهِ مُكَذِّبًا لِلْبَيِّنَةِ فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَحَيْثُ ثَبَتَ الرُّجُوعُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ حَتَّى يَرْجِعَ فِي الْمُتَقَوِّمِ بِمِثْلِهِ صُورَةً وَمَحَلُّ رُجُوعِ الضَّامِنِ إذَا أَدَّى مِنْ مَالِهِ لَا مِنْ سَهْمِ الْغَارِمِينَ

كَمَا قَدَّمَهُ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ

( قَوْلُهُ : وَلَا يَرْجِعُ ضَامِنٌ بِغَيْرِ إذْنٍ مِنْ الْأَصِيلِ ) شَمِلَ مَا إذَا أَذِنَ لَهُ الْمَدْيُونُ فِي أَدَاءِ دَيْنِهِ فَضَمِنَهُ وَأَدَّى مِنْ جِهَةِ الضَّمَانِ ، وَمَا لَوْ قَالَ : أَدِّ عَنِّي مَا ضَمِنْتُهُ لِتَرْجِعَ بِهِ عَلَيَّ قَالَ شَيْخُنَا : عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ لَوْ أَدَّى عَنْ جِهَةِ الْإِذْنِ رَجَعَ قَوْلُهُ : لِلْعُرْفِ فِي الْمُعَامَلَاتِ ) وَلِأَنَّهُ صَرَفَ مَالَهُ إلَى مَنْفَعَةِ الْغَيْرِ بِإِذْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ : اعْلِفْ دَابَّتِي فَعَلَفَهَا فِي مِلْكِ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ( قَوْلُهُ : أَيْ لَا يَرْجِعُ كَمَا قَدَّمَهُ ) مَا قَدَّمَهُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ انْتِقَاءِ الْإِذْنِ فِي الضَّمَانِ وَالْأَدَاءِ ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ أَدَّى بِشَرْطِ الرُّجُوعِ فَيَرْجِعُ ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ بِالْمِثْلِ ، وَالْمُتَقَوِّمُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْقَرْضِ فَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِأَنَّ الْأَدَاءَ فِي ضِمْنِهِ إقْرَاضُ الْمُؤَدَّى عَنْهُ ، وَقَالَ الْقَمُولِيُّ : فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ مِثْلِيًّا رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِقِيمَتِهِ فِيهِ وَجْهَانِ كَالْقَرْضِ ( قَوْلُهُ وَالضَّامِنُ بِالْإِذْنِ يَرْجِعُ ) لَوْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : يَتَّجِهُ أَنَّهُ إنْ نَهَاهُ بَعْدَ الضَّمَانِ لَمْ يُؤَثِّرْ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنْ انْفَصَلَ عَنْ الْإِذْنِ فَهُوَ رُجُوعٌ أَوْ اتَّصَلَ بِهِ أَوْ أَفْسَدَهُ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يَتَّجِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَذِنَ إنْسَانٌ فِي الضَّمَانِ فَقَالَ الضَّامِنُ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلَانٍ فَإِذَا طُولِبَ وَأَدَّى هَلْ يَرْجِعُ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ، وَقِيَاسُ الْفِقْهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا رُجُوعَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ - تَعَالَى ، وَوَفَاءً بِنَذْرِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الضَّمَانِ ، وَهُوَ فَرْعٌ حَسَنٌ فَلْيُتَأَمَّلْ .
ا هـ .
أَمَّا لَوْ قَالَ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ : لِلَّهِ

عَلَيَّ أَنْ أُؤَدِّيَ دَيْنَ فُلَانٍ وَلَا أَرْجِعَ بِهِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا وَوَجْهُهُ أَنَّهُ صَارَ قُرْبَةً مُسْتَحَبَّةً تَنْعَقِدُ بِالنَّذْرِ ، وَمَا ذَكَرَهُ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ إنْ حُمِلَ عَلَى نَذْرٍ صَدَرَ مِنْهُ بَعْدَ إذْنِ الْأَصِيلِ وَقَبْلَ الضَّمَانِ أَوْ بَعْدَهُمَا وَقَصَدَ بِالْأَدَاءِ غَيْرَ جِهَةِ الضَّمَانِ فَظَاهِرٌ ، وَإِلَّا فَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهُ بَعْدَ الضَّمَانِ صَارَ الدَّيْنُ لَازِمًا لَهُ فَنَذْرُ أَدَائِهِ مِنْ بَابِ نَذْرِ الْوَاجِب وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ كا .
( تَنْبِيهٌ ) وَلَوْ ضَمِنَ عَبْدٌ دَيْنًا عَلَى سَيِّدِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ ، وَلَوْ بَعْدَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ السَّيِّدُ دَيْنًا عَلَى عَبْدِهِ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ قَبْلَ عِتْقِهِ ، أَوْ عَلَى مُكَاتَبِهِ بِإِذْنِهِ وَأَدَّاهُ بَعْدَ تَعْجِيزِهِ لَمْ يَرْجِعْ ، وَلَوْ ضَمِنَ فَرْعٌ عَنْ أَصْلِهِ صَدَاقَ زَوْجَتِهِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ طَرَأَ إعْسَارُهُ بِحَيْثُ وَجَبَ الْإِعْفَافُ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ مِنْ تَسْلِيمِ نَفْسِهَا حَتَّى تَقْبِضَ الصَّدَاقَ فَأَدَّاهُ الضَّامِنُ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ أَيْسَرَ الْمَضْمُونُ وَكَذَا لَوْ ضَمِنَهُ عَنْهُ عِنْدَ وُجُوبِ الْإِعْفَافِ بِإِذْنِهِ ثُمَّ أَدَّى ( قَوْلُهُ فَهُوَ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى غَيْرِ ظَالِمِهِ ) مِثْلُهُ لَوْ قَالَ الضَّامِنُ : أَقَبَضَك الْأَصِيلُ ، وَأَنْكَرَ الْأَصِيلُ وَلَمْ يَثْبُتْ ، وَسَلَّمَ الضَّامِنُ ( قَوْلُهُ وَمَحَلُّ رُجُوعِ الضَّامِنِ إذَا أَدَّى مِنْ مَالِهِ ) أَيْ وَلَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ الضَّمَانِ

( فَرْعٌ مِنْ الْأَدَاءِ أَنْ يُحِيلَ الضَّامِنُ ) الْمُسْتَحِقَّ عَلَى غَيْرِهِ ( أَوْ يُحَالُ عَلَيْهِ أَوْ يَصِيرَ ) الْحَقُّ ( إرْثًا لَهُ أَوْ يُصَالِحَ عَنْهُ ) الْمُسْتَحِقَّ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعَ بِهِ الضَّامِنُ بِالْإِذْنِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهَا دُونَ الضَّامِنِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ عَلَى مَا مَرَّ إلَّا فِي صَيْرُورَتِهِ إرْثًا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا لِكَوْنِهِ صَارَ لَهُ وَهُوَ بَاقٍ فِي ذِمَّةِ الْأَصِيلِ ( فَلَوْ صَالَحَ ) الضَّامِنُ الْمُسْتَحِقَّ ( عَنْ الْأَلْفِ ) الْمَضْمُونَةِ ( بِعَبْدٍ رَجَعَ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ ) مِنْ الْأَلْفِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ يَوْمَ الْأَدَاءِ وَقِسْ عَلَيْهِ فَلَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ أَوْ مِنْ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِثَوْبٍ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِخَمْسَةٍ ؛ لِأَنَّهَا الْمَغْرُومَةُ فِي الْأُولَى ، وَلِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ عَلَيْهَا فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَوْ بَاعَهُ الْعَبْدُ بِالدَّيْنِ ) الَّذِي ضَمِنَهُ ( رَجَعَ بِالدَّيْنِ ) عَلَى الْأَصِيلِ وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ دَخَلَ بِالْبَيْعِ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ انْتَقَلَ إلَى مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ وَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأُولَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِأَلْفٍ وَتَقَاصَّا رَجَعَ بِالْأَلْفِ ، وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى هُوَ مَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الرَّافِعِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ؛ وَلِهَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ : الْوَجْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ ، وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِيمَا شَرَحَهُ عَلَى الْمِنْهَاجِ وَالْأَمْرُ كَمَا قَالَا انْتَهَى وَقَدْ يُفَرَّقُ بِمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْآتِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَلَوْ أَدَّى مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ رَجَعَ بِالْمُكَسَّرَةِ ) لِأَنَّهَا الَّتِي غَرِمَهَا ( لَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ أَدَّى صِحَاحًا عَنْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَرْجِعُ بِالصِّحَاحِ لِتَبَرُّعِهِ بِالزَّائِدِ نَعَمْ إنْ تَسَاوَتْ قِيمَتُهُمَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ مِنْ الْأَدَاءِ أَنْ يُحِيلَ الضَّامِنُ أَوْ يُحَالُ عَلَيْهِ ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ : لَوْ أَبْرَأَ الْمُحْتَالُ الضَّامِنَ فَهَذِهِ فِيهَا وَقْفَةٌ كَبِيرَةٌ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْءٌ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ بِالرُّجُوعِ ؛ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ مِنْ غَيْرِ صَاحِب الدَّيْنِ ، وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ وَهَذَا الثَّانِي أَرْجَحُ ، قَالَ شَيْخُنَا : لَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ : قَرِينَةٌ أَنَّ مِنْ الْأَدَاءِ الْحَوَالَةَ ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ ثَبَتَ بِهَا الرُّجُوعُ فَمَحَلُّهُ لَهُ حَيْثُ لَمْ يُبْرِئْ الْمُسْتَحِقُّ الضَّامِنَ فَإِنْ أَبْرَأَهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا ، وَقَوْلُهُ : يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : لَا يَرْجِعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ إلَّا فِي صَيْرُورَتِهِ إرْثًا لَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : يُمْكِنُ تَنْزِيلُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ عَلَى صُورَتَيْنِ : إحْدَاهُمَا : أَنْ يَدْفَعَ الضَّامِنُ الدَّيْنَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ ثُمَّ مَاتَ فَوَرِثَهُ الضَّامِنُ قَبْلَ الرُّجُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِسَبَبِ عَوْدِهِ إلَيْهِ ، وَلَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَقُولَ : أَنْتَ لَمْ تَغْرَمْ شَيْئًا ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي دَفَعْته عَادَ إلَيْك ؛ لِأَنَّ لِلضَّامِنِ أَنْ يَقُولَ : اخْتَلَفَ السَّبَبُ لِأَنِّي دَفَعْته بِسَبَبِ الضَّمَانِ ، وَصَارَ إلَيَّ بِسَبَبِ الْإِرْثِ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ ، وَتَعْبِيرُ الرَّافِعِيِّ بِالصَّيْرُورَةِ دُونَ الِانْتِقَالِ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ ، وَيُقَاسُ بِذَلِكَ الصُّورَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا بِوَرَقَتَيْنِ فِيمَا لَوْ أَدَّى الضَّامِنُ الدَّيْنَ ثُمَّ وَهَبَهُ رَبُّ الْمَالِ لَهُ فَفِي رُجُوعِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ مِنْ الزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْأَصَحُّ الرُّجُوعُ وَالتَّعْبِيرُ بِالصَّيْرُورَةِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الصَّدَاقُ وَسَائِرُ التَّمْلِيكَاتِ ؛ لِأَنَّ الصَّيْرُورَةَ مَعْنَاهَا ذَهَابُ الشَّيْءِ ، وَعَوْدُهُ إلَى مَا كَانَ

الثَّانِيَةُ : ضَامِنُ الضَّامِنِ إذَا وَرِثَ دَيْنَ الْمَضْمُونِ لَهُ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ بِجِهَةِ الْإِرْثِ ، وَيَبْرَأُ هُوَ مِنْ الضَّمَانِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَيْهِ فَتُنَزَّلُ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ بِالْإِرْثِ مَنْزِلَةَ بَرَاءَتِهِ بِالْأَدَاءِ ، فَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ عَلَى الضَّامِنِ إنْ ضَمِنَ بِإِذْنِهِ ، وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَجِيءُ هَذَا فِي الضَّامِنِ لِرَبِّ الدَّيْنِ ؛ إذْ لَا وَاسِطَةَ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِجِهَةِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ ابْنُ الْعِمَادِ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ صَالَحَ عَنْ الْأَلْفِ الْمَضْمُونَةِ بِعَبْدٍ إلَخْ ) شَمِلَ دَيْنَ السَّلَمِ ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ لَمْ يَقَعْ عَنْهُ ، وَإِنَّمَا وَقَعَ عَنْ نَظِيرِهِ ، وَكَذَلِكَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ : بِعْتُك الْعَبْدَ بِمَا ضَمِنْته لَك صَحَّ فِي الْأَصَحِّ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا ضَمِنَهُ وَلَوْ كَانَ قَرْضًا لَرَجَعَ بِمَا بَاعَ بِهِ هَكَذَا بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ ) فَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ قَابَلَهُ بِالدَّيْنِ فَكَأَنَّهُ وَزَنَهُ وَفِي الْمُصَالَحَةِ سَامَحَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ الْحَقِّ .
ا هـ .
وَضَعَّفَهُ وَالِدِي بِأَنَّ الصُّلْحَ بَيْعٌ أَيْضًا فس

( مَسَائِلُ ) تَتَعَلَّقُ بِالرُّجُوعِ لَوْ ( صَالَحَهُ ) أَيْ الْمُسْتَحِقَّ ( الضَّامِنُ ) مِنْ الدَّيْنِ ( عَلَى الْبَعْضِ ) مِنْهُ ( أَوْ أَدَّى الْبَعْضَ ) لَهُ ( وَأَبْرَأَهُ ) الْمُسْتَحِقُّ ( مِنْ الْبَاقِي رَجَعَ بِمَا أَدَّى ) وَبَرِئَ فِيهِمَا ( وَبَرِئَ الْأَصِيلُ عَنْ الْبَاقِي فِي صُورَةِ الصُّلْحِ فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي صُورَةِ الْبَرَاءَةِ ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الضَّامِنِ لَا تَسْتَلْزِمُ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ ، وَإِنَّمَا بَرِئَ فِي تِلْكَ ، وَإِنْ كَانَ صُلْحُ الْحَطِيطَةِ إبْرَاءً فِي الْحَقِيقَةِ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ يُشْعِرُ بِقَنَاعَةِ الْمُسْتَحِقِّ بِالْقَلِيلِ عَنْ الْكَثِيرِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي ثُمَّ نَظَرَ فِيهِ بِأَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِيمَنْ جَرَى الصُّلْحُ مَعَهُ لَا مُطْلَقًا ، وَفَرَّقَ غَيْرُهُمْ بِأَنَّ الصُّلْحَ يَقَعُ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ ، وَبَرَاءَةُ الضَّامِنِ إنَّمَا تَقَعُ عَنْ الْوَثِيقَةِ

( وَلَوْ ضَمِنَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ عَنْ مُسْلِمٍ دَيْنًا فَصَالَحَ صَاحِبَهُ عَلَى خَمْرٍ لَغَا ) الصُّلْحُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ أَدَاءَ الضَّامِنِ لِلْمُسْتَحِقِّ يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْأَصِيلِ مَا أَدَّاهُ وَتَمْلِيكَهُ إيَّاهُ وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ هُنَا فَلَا يَبْرَأُ الْمُسْلَمُ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْخَمْرَ بِنَفْسِهِ

( وَلَوْ وَهَبَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( لِلضَّامِنِ مَا أَدَّى ) لَهُ ( رَجَعَ بِهِ ) كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ وَلَوْ قَالَ الْمُسْتَحِقُّ لِلضَّامِنِ : وَهَبْتُك الدَّيْنَ الَّذِي ضَمِنْته لِي كَانَ كَالْإِبْرَاءِ فَلَا رُجُوعَ
( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ وَهَبَتْ الصَّدَاقَ لِلزَّوْجِ إلَخْ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ الْعَائِدَ كَاَلَّذِي لَمْ يَعُدْ

( وَلَوْ ضَمِنَ رَجُلٌ عَنْ الضَّامِنِ وَأَدَّى ) الدَّيْنَ لِلْمُسْتَحِقِّ ( فَرُجُوعُهُ ) إنْ ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ الْأَوَّلِ لَا عَلَى الْأَصِيلِ ، وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَثْبُتْ بِأَدَائِهِ الرُّجُوعُ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَغْرَمْ ، وَبِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَوَّلِ فَرَجَعَ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصِيلِ بِشَرْطِهِ ، وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الضَّامِنَ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ : أَدِّ دَيْنِي فَأَدَّاهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ ، وَصَرَّحَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِبَعْضِ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَقَالَ فِي نُسْخَةٍ : فَرُجُوعُهُ عَلَيْهِ كَرُجُوعِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَصِيلِ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ بِإِذْنِ الْأَصِيلِ رَجَعَ عَلَيْهِ ، وَفِي أُخْرَى يَدُلُّ هَذَا الْأَخِيرُ فَلَوْ ضَمِنَ الْفَرْعُ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) ضَمِنَ ( عَنْهُمَا ) أَيْ عَنْ الضَّامِنِ وَالْأَصِيلِ ( بِإِذْنِهِمَا ) وَأَدَّى ( رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ ) مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ
( قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُ لَوْ ضَمِنَ عَنْ الْأَصِيلِ بِإِذْنِهِ رَجَعَ مَنْ أَدَّى مِنْهُمَا عَلَيْهِ لَا عَلَى الْآخَرِ ) صُورَتُهَا أَنْ يَضْمَنَ عَنْ الْأَصِيلِ وَحْدَهُ مَعَ وُجُودِ الضَّامِنِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ : أَوْ ضَمِنَ عَنْهُمَا ) إمَّا عَلَى التَّرْتِيبِ أَوْ دَفْعَةً ( قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ) وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْأَدَاءَ عَنْ أَحَدِهِمَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ دُونَ الْآخَرِ

( وَإِنْ ضَمِنَ اثْنَانِ عَنْ رَجُلٍ عَشَرَةً ) بِأَنْ ضَمِنَ ( كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( خَمْسَةً وَتَضَامَنَا فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ طَالَبَ الْأَصِيلَ بِخَمْسَةٍ وَصَاحِبَهُ بِخَمْسَةٍ ) وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْجَمِيعِ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَصِيلُ أَذِنَ لَهُ فِي الضَّمَانِ الْآخَرِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ ( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( أَدَّى ) أَحَدُهُمَا ( خَمْسَةً رَجَعَ عَلَى مَنْ أَدَّاهَا عَنْهُ ) مِنْهُمَا ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَا : ضَمِنَّا الْعَشَرَةَ فَهَلْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِكُلِّهَا كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ الَّتِي لَك عَلَى فُلَانٍ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِالْأَلْفِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَوَلِّي الْأَوَّلُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَبِهِ أَفْتَيْت ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ قَالَ الْمُتَوَلِّي : وَيُخَالِفُ الشِّرَاءَ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ عِوَضُ الْمِلْكِ فَبِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الْمِلْكِ يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ لَا مُعَاوَضَةَ فِيهِ ، وَقَالَ بِالثَّانِي الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالرُّويَانِيُّ ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ ( وَإِنْ ضَمِنَ الثَّمَنَ ) مَثَلًا لِلْبَائِعِ ( بِالْإِذْنِ وَأَدَّاهُ ) لَهُ ( ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بِرَدِّهِ بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِمَا ( رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ ) بِمَا أَدَّاهُ ( وَ ) رَجَعَ ( الْأَصِيلُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَخَذَهُ ) بِأَنْ يَرْجِعَ فِيهِ بِعَيْنِهِ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَبِبَدَلِهِ إنْ كَانَ تَالِفًا ( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( إمْسَاكُهُ ) أَيْ مَا أَخَذَهُ ( وَرَدُّ بَدَلِهِ ) كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَعَيَّنَ ثَمَنَهُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَأَرَادَ إمْسَاكَهُ وَرَدَّ مِثْلِهِ وَلِلتَّعْلِيلِ الْآتِي ( وَلَيْسَ لِلضَّامِنِ مُطَالَبَةُ الْبَائِعِ ) بِمَا

أَخَذَهُ ( لِأَنَّ الْأَدَاءَ ) مِنْهُ ( يَتَضَمَّنُ إقْرَاضَ الْمَضْمُونِ عَنْهُ ) مَا أَدَّاهُ ( وَتَمَلَّكَهُ ) إيَّاهُ .
( وَإِنْ ضَمِنَ ) الثَّمَنَ وَفِي نُسْخَةٍ ضَمِنَهُ ( بِلَا إذْنٍ ) وَأَدَّاهُ لِلْبَائِعِ ثُمَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ ( لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْأَصِيلِ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّهُ وَلَمْ يَرِدْ فِيهِ الْخِلَافُ فِي الصَّدَاقِ الْمُتَبَرَّعِ بِهِ ) إذَا طَلَّقَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَيَرُدُّ إلَى الْأَصِيلِ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَحْوَهُ وَالْمُتَبَرِّعُ أَبًا وَإِلَّا فَإِلَى الْمُتَبَرِّعِ وَتَقَدَّمَ إيضَاحُهُ فِي أَوَاخِرِ بَابِ خِيَارِ النَّقْصِ أَمَّا إذَا انْفَسَخَ الْعَقْدُ قَبْلَ أَدَاءِ الضَّامِنِ فَيَبْرَأُ هُوَ وَالْأَصِيلُ ( وَإِنْ أَقْرَضَهُمَا ) مَثَلًا ( عَشَرَةً وَتَضَامَنَا ) بِأَنْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ ( بِالْإِذْنِ ) مِنْهُ ( فَلَهُ مُطَالَبَتُهُمَا ) جَمِيعًا ، أَوْ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا بِهَا ( فَإِنْ أَدَّاهَا أَحَدُهُمَا بَرِئَا وَطَالَبَ صَاحِبَهُ بِخَمْسَةٍ ) لِإِذْنِهِ لَهُ فِي ضَمَانِهِ ( وَإِنْ أَدَّى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( خَمْسَةً عَنْ نَفْسِهِ بَرِئَ ) وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ ( أَوْ ) أَدَّاهَا ( عَنْ صَاحِبِهِ تَقَاصَّا ) وَبَرِئَا ( وَلَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَلَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا ) مِنْ نَفْسِهِ وَصَاحِبِهِ ( صَرَفَهَا عَمَّنْ شَاءَ ) مِنْهُمَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ مِنْ ضَمَانِهِ وَبَقِيَ عَلَى صَاحِبِهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ ، وَالْمُؤَدِّي ضَامِنٌ لَهُ ، أَوْ قَصَدَ صَاحِبَهُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَيْهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ وَصَاحِبُهُ ضَامِنٌ لَهُ أَوْ قَصَدَهُمَا فَلِكُلٍّ نِصْفُ حُكْمِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ قَالَ ) الْمُؤَدِّي لَهَا قَصَدْت نَفْسِي فَقَالَ لَهُ ( الْمُسْتَحِقُّ ) بَلْ ( قَصَدْت صَاحِبَك فَحَلَفَ لَهُ الْمُؤَدِّي لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ خَمْسَةُ صَاحِبِهِ ) وَبَرِئَ مِنْ خَمْسَتِهِ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بَدَلَ فَحَلَفَ إلَى آخِرِهِ بِقَوْلِهِ : صَدَقَ الْمُؤَدِّي بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ مِمَّا عَلَيْهِ لَكِنْ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَتُهُ بِخَمْسَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ عَلَيْهِ

خَمْسَةً أُخْرَى إمَّا بِالْأَصَالَةِ ، وَإِمَّا بِالضَّمَانِ .
( وَإِنْ أَبْرَأَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( أَحَدَهُمَا عَنْ الْعَشَرَةِ ) بَرِئَ أَصْلًا وَضَمَانًا وَ ( بَقِيَ عَلَى صَاحِبِهِ خَمْسَةٌ ) أَيْ الْخَمْسَةُ الْمُتَأَصِّلَةُ عَلَيْهِ وَبَرِئَ مِنْ الْأُخْرَى ( وَإِنْ أَبْرَأهُ عَنْ الْخَمْسَةِ الْمُتَأَصِّلَةِ ) عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْهَا وَصَاحِبُهُ مِنْ ضَمَانِهَا وَ ( طَالَبَ ) الْمُسْتَحِقُّ ( بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا أَوْ ) أَبْرَأَهُ ( عَنْ خَمْسَةِ الضَّمَانِ ) بَرِئَ مِنْهَا ( وَبَقِيَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ الْأَصْلِ وَعَلَى صَاحِبِهِ الْجَمِيعُ ) أَيْ الْأَصْلُ وَالضَّمَانُ ( وَإِنْ جَعَلَهَا ) أَيْ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْخَمْسَةِ ( عَنْ الْجِهَتَيْنِ ) أَيْ الْأَصْلِ وَالضَّمَانِ ( طَالَبَهُ ) أَيْ الْمُبْرَأُ ( بِخَمْسَةٍ ) فَقَطْ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ نِصْفِ الْأَصْلِ وَنِصْفِ الضَّمَانِ ( وَ ) طَالَبَ ( صَاحِبَهُ بِسَبْعَةٍ وَنِصْفٍ ) فَقَطْ لِبَرَاءَتِهِ مِنْ نِصْفِ الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا صَرَفَهَا إلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَلَوْ قَالَ الْمُبْرِئُ : أَبْرَأْتُك عَنْ الضَّمَانِ ، فَقَالَ : بَلْ عَنْ الْأَصْلِ صُدِّقَ الْمُبْرِئُ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ، وَتَصْدِيقُ الْمُبْرِئِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْبَرَاءَةِ عِلْمُ الْمُبْرَأِ بِقَدْرِ الدَّيْنِ لِتَضَمُّنِهِ صِحَّتَهَا مَعَ الْإِبْهَامِ ، وَالْحُكْمُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَاحِدٌ ( وَإِنْ ادَّعَى أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ ) مَثَلًا ( عَلَى حَاضِرٍ وَغَائِبٍ وَأَنَّهُمَا تَضَامَنَا ) بِالْإِذْنِ أَوْ أَنَّ الْحَاضِرَ فَقَطْ ضَمِنَ بِالْإِذْنِ وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً ، أَوْ أَقَرَّ الْحَاضِرُ ، وَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً لِلْإِثْبَاتِ عَلَى الْغَائِبِ ( فَسَلَّمَ ) لَهُ ( الْحَاضِرُ الْأَلْفَ رَجَعَ عَلَى الْغَائِبِ بِالنِّصْفِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَكْذِيبٌ لِلْبَيِّنَةِ ) وَإِلَّا كَأَنْ قَالَ مَا اشْتَرَيْنَا شَيْئًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ بِزَعْمِهِ فَلَا يُطَالِبُ غَيْرَ ظَالِمِهِ

( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ رَهَنَّا عَبْدَنَا هَذَا بِالْأَلْفِ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ تَوْثِقَةٌ كَالرَّهْنِ وَلِأَنَّهُمَا لَوْ كَفَلَا رَجُلًا لَزِمَ كُلًّا مِنْهُمَا إحْضَارُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْهُمَا رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى رَأْيٍ فِيهِ وَالْأَصَحُّ فِيهِ أَيْضًا التَّقْسِيطُ ( قَوْلُهُ أَوْ لِنِصْفِهَا كَقَوْلِهِمَا اشْتَرَيْنَا عَبْدَك إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأَفْتَى بِهِ فُقَهَاءُ عَصْرِ السُّبْكِيّ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ : لَا وَجْهَ لِهَذَا .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْقَلْبُ إلَيْهِ أَمْيَلُ إلَخْ ) وَبِهِ أَفْتَيْت عِنْدَ دَعْوَى الضَّامِنَيْنِ ذَلِكَ ، وَحَلِفِهِمَا عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ ظَاهِرٌ فِيهِ فس وَبِالتَّبْعِيضِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ فِي تَعْلِيقِهِ فَقَالَ إنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ ضَمِنَا لِرَجُلٍ أَلْفًا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِخَمْسِمِائَةٍ وَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِكُلِّ الْأَلْفِ ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الرَّجُلَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدَيْنِ ، وَمِثْلُهُ مَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ؛ لِأَنَّ الضَّامِنَيْنِ كَالْعَاقِدَيْنِ فَذَلِكَ يَتَبَعَّضُ ، وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ إذَا كَانَا فِي عَقْدٍ كَانَ مُتَبَعِّضًا كَالضَّامِنَيْنِ وَتَابَعَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ فَقَالَ فِي ثَلَاثَةٍ ضَمِنُوا أَلْفًا : إنَّهُ لَا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ إلَّا أَنْ يَقُولُوا : إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ضَامِنٌ لِجَمِيعِهِ ، وَمِثْلُهُ مَا فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ لِلصَّيْمَرِيِّ لَوْ ضَمِنَ عَشَرَةٌ عَنْ زَيْدٍ لِعَمْرٍو أَلْفًا كَانَتْ بَيْنَهُمْ عَلَى رُءُوسِهِمْ إلَّا أَنْ يَشْرِطُوا ذَلِكَ مُتَفَاضِلًا فَيَجُوزُ ا هـ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ : أَلْقِ مَتَاعَك فِي الْبَحْرِ ، وَأَنَا وَرُكَّابُ السَّفِينَةِ ضَامِنُونَ ، وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى التَّقْسِيطِ وَلَزِمَهُ مَا يَخُصُّهُ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ : الصَّحِيحُ عِنْدِي ، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يُطَالَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا بِنِصْفِ الدَّيْنِ ، وَلَا أَعْلَمُ

لِلْأَوَّلِ وَجْهًا فَإِنَّ الضَّمَانَ إنْشَاءُ عَقْدٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَا : اشْتَرَيْنَا عَبْدَك بِأَلْفٍ وَلَوْ كَانَ قَوْلُهُمَا جَمِيعًا ضِمْنًا يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمِنْت جَمِيعَ الْأَلْفِ لَلَزِمَ مِثْلُهُ فِي الشِّرَاءِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الْمُتَّجَهُ ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ، وَشَغْلُ ذِمَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالزَّائِدِ مَشْكُوكٌ فِيهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَدَّى الضَّامِنُ ) مَا ضَمِنَهُ فِي غَيْبَةِ الْأَصِيلِ ( وَلَمْ يَشْهَدْ ) بِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْغَرِيمُ ( لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنْتَفِعْ بِأَدَائِهِ إذْ الطَّلَبُ بِحَالِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ قَوْلِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) الْأَدَاءُ ( بِحُضُورِهِ ) أَيْ الْأَصِيلِ ( أَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ رَجَعَ ) الضَّامِنُ لِأَنَّ الْأَصِيلَ إذَا كَانَ حَاضِرًا كَانَ أَوْلَى بِالِاحْتِيَاطِ فَالتَّقْصِيرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَمَرَهُ بِتَرْكِهِ فَتَرَكَهُ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ بِالْأَدَاءِ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ عَنْ الْأَصِيلِ فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ الْبَيِّنَةِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْأَدَاءُ بِحُضُورِ الْأَصِيلِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْغَرِيمُ ( فَلَا ) رُجُوعَ لِلضَّامِنِ ؛ لِأَنَّهُ الْمُقَصِّرُ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ مَعَ كَوْنِ الْأَصْلِ هُوَ مَا يَدَّعِيهِ الْأَصْلُ ( وَكَذَا يَرْجِعُ ) إنْ أَشْهَدَ ( وَلَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ ) ؛ إذْ الشَّاهِدُ مَعَ الْيَمِينِ حُجَّةٌ كَافِيَةٌ وَلَا يَضُرُّ احْتِمَالُ الرَّفْعِ إلَى حَنَفِيٍّ كَمَا لَا يَضُرُّ غَيْبَتُهُ وَلَا مَوْتُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ ( أَوْ ) أَشْهَدَ ( مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ ) لِإِتْيَانِهِ بِحُجَّةٍ وَلِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ فَكَانَ مَعْذُورًا ( فَلَوْ قَالَ أَشْهَدْت ) بِالْأَدَاءِ شُهُودًا ( وَمَاتُوا ) أَوْ غَابُوا أَوْ طَرَأَ فِسْقُهُمْ ( فَكَذَّبَهُ الْأَصِيلُ ) فِي الْإِشْهَادِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَصِيلِ ) بِيَمِينِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَعَدَمُ الْإِشْهَادِ بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَّقَهُ الْأَصِيلُ يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ ( وَإِنْ كَذَّبَهُ الشُّهُودُ فَكَمَا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ ) فَلَا يَرْجِعُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّتْ امْرَأَةٌ بِنِكَاحٍ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ فَكَذَّبَاهَا لَا يَقْدَحُ فِي إقْرَارِهَا ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِحَقٍّ عَلَيْهَا فَلَمْ يَلْغُ بِإِنْكَارِهِمَا ، وَهَذَا يُرِيدُ أَنْ يُثْبِتَ لَهُ حَقًّا ( وَإِنْ

قَالُوا ) لَا نَدْرِي وَرُبَّمَا ( نَسِينَا فَتَرَدَّدَ ) الْإِمَامُ فِيهِ ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الرُّجُوعِ ، وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ ( وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ مَنْ يُسَافِرُ قَرِيبًا ) ؛ إذْ لَا يُفْضِي إلَى الْمَقْصُودِ ، وَمَتَى لَمْ يَشْهَدْ بِالْأَدَاءِ ( فَإِنْ حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ ) عَلَى عَدَمِهِ ( وَأَخَذَ مِنْ الْأَصِيلِ فَذَاكَ ) وَاضِحٌ ( أَوْ مِنْ الضَّامِنِ ) مَرَّةً ( ثَانِيَةً رَجَعَ ) الضَّامِنُ عَلَى الْأَصِيلِ ( بِأَقَلِّهِمَا ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ مُدَّعَاهُ ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِالثَّانِي أَوْ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمُبْرِئُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ الْأَصِيلِ مِنْ الزَّائِدِ وَكَالضَّامِنِ فِيمَا ذُكِرَ الْمُؤَدِّي بِالْإِذْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ أَدَّى الضَّامِنُ وَلَمْ يَشْهَدْ لَمْ يَرْجِعْ ) أَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ الْأَصِيلُ : لَا تَشْهَدْ فَلَمْ يَشْهَدْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا ، قَالَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ : وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ أَوْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ إلَخْ ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ أَوْ وَرَثَتُهُ الْمُطْلَقُو التَّصَرُّفِ ، وَهَلْ تَصْدِيقُ الْإِمَامِ حَيْثُ يَكُونُ الدَّيْنُ لِبَيْتِ الْمَالِ كَتَصْدِيقِ الْوَارِثِ الْخَاصِّ أَوْ تَصْدِيقِ غُرَمَاءِ مَنْ مَاتَ مُفْلِسًا كَتَصْدِيقِ رَبِّ الدَّيْنِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ، وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ قَالَ وَالِدِي : وَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْإِلْحَاقِ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ لِغَيْرِهِ فس وَقَوْلُهُ : قَالَ وَالِدِي وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ أَبْرَأَهُ عَنْ ضَمَانِهِ ، وَأَنْكَرَهُ فَأَحْضَرَ الضَّامِنُ شَاهِدَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمَضْمُونُ عَنْهُ فَفِي الْبَيَانِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالضَّمَانِ عَنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ، وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ ، وَحَكَاهُ فِي الْبَحْرِ أَيْضًا ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ : لَوْ ضَمِنَ مَالًا وَدَفَعَهُ ثُمَّ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ وَطَالَبَ الْأَصِيلَ بِالْحَقِّ فَإِنَّ الضَّامِنَ يَسَعُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ ، وَلَا يَقُولُ : مِنِّي كَالرُّفْقَةِ يَشْهَدُونَ عَلَى جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ قَطَعُوا الطَّرِيقَ عَلَى هَؤُلَاءِ تُقْبَلُ ، وَلَوْ قَالُوا : عَلَيْنَا لَمْ تُقْبَلْ قَالَ شَيْخُنَا : وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الضَّمَانَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ لِظُهُورِ تُهْمَتِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَشْهَدَ وَاحِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ : لِيَحْلِفَ مَعَهُ عَمَّا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الشَّهَادَةِ ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ ، فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَشْهَدْ قَطَعَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَكَانَ الْمُرَادُ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَا الْعَزْمَ عَلَى عَدَمِ الْحَلِفِ عِنْدَ

الْأَدَاءِ فَقَطْ ، وَقَوْلُهُ : وَكَانَ الْمُرَادُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلِتَعَذُّرِ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْبَاطِنِ إلَخْ ) لِأَنَّ طَلَبَ الِاسْتِزْكَاءَ ، وَمَعْرِفَةَ بَاطِنِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ مِنْ مَنْصِبِ الْحَاكِمِ فَلَا يُنْسَبُ فِي تَرْكِهِ إلَى تَقْصِيرٍ ( قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ لِلْإِمَامِ فِيهِ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ التَّرَدُّدَ لِلْأَصْحَابِ ؛ وَلِهَذَا صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ بِأَنَّهُمَا وَجْهَانِ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ رَجَّحَ عَدَمَ الرُّجُوعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجَعَلَهُ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ دَعْوَاهُ مَوْتَ الشَّاهِدِ ) قَالَ شَيْخُنَا : مَعْلُومٌ أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي مَوْتِ الشَّاهِدِ رُجُوعُهُ لِكَوْنِهِمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ أَوْلَى لَا تَسْتَلْزِمُ مُسَاوَاةَ حُكْمِ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُقَالُ : إنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى ضَعِيفٍ

( فَصْلٌ ضَمَانُ الْمَرِيضِ ) مَرَضَ الْمَوْتِ مُعْتَبَرٌ ( مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إلَّا ) إنْ كَانَ الضَّمَانُ ( عَنْ ) شَخْصٍ ( مُعْسِرٍ ) عِنْدَ مَوْتِ الضَّامِنِ ( أَوْ حَيْثُ لَا رُجُوعَ فَإِنَّهُ ) مُعْتَبَرٌ ( مِنْ الثُّلُثِ ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ مَا عَدَا مَسْأَلَةَ الْمُعْسِرِ أَوَائِلَ الْبَابِ ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَوْتُ الْمُعْسِرِ ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ( فَإِنْ خَرَجَ بَعْضُهُ ) أَيْ بَعْضُ مَا ضَمِنَهُ ( مِنْ الثُّلُثِ صَحِيحٌ فِيهِ فَقَطْ ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ ( وَيَبْطُلُ ) الضَّمَانُ ( بِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ ) الَّذِي عَلَى الضَّامِنِ وَفِي نُسْخَةٍ وَيَبْطُلُ بِدَيْنٍ عَلَيْهِ يَسْتَغْرِقُ ( التَّرِكَةَ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهَذَا مَرْدُودٌ بَلْ الْقَاعِدَةُ تَقْتَضِي صِحَّتَهُ وَيَتَوَقَّفُ تَنْفِيذُهُ عَلَى وَقْتِ الْمَوْتِ ، فَإِنْ حَصَلَتْ الْبَرَاءَةُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مَالٍ آخَرَ أَوْ أَجَازَهُ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ اسْتَمَرَّتْ صِحَّتُهُ ، وَإِلَّا حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ ، وَمَا قَالَهُ يَأْتِي فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْبُطْلَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا الْبَعْضُ ، وَلَعَلَّ مَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِالْبُطْلَانِ ( فَإِنْ ضَمِنَ الْمَرِيضُ ) بِالْإِذْنِ ( تِسْعِينَ ثُمَّ مَاتَ وَخَلَّفَ مِثْلَهَا وَخَلَّفَ الْأَصِيلُ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( نِصْفَهَا ) خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ ( فَإِنْ شَاءَ الْغَرِيمُ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ وَأَخَذَ ثُلُثَ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَهِيَ ) الْأَوْلَى وَهُوَ أَيْ ثُلُثُهَا ( ثَلَاثُونَ وَفَاتَ ) عَلَيْهِ ( الْبَاقِي ) وَهِيَ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَعَلَيْهِ لَا دَوْرَ .
( وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ سِتِّينَ وَضَارَبَ بِهَا وَرَثَتَهُ ) مَعَ الْغَرِيمِ ( فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ فَيَأْخُذُونَ ثَلَاثِينَ وَيَأْخُذُ ) هُوَ ( خَمْسَةَ عَشَرَ ) وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا يَغْرَمُهُ وَرَثَةُ الضَّامِنِ يَرْجِعُ إلَيْهِمْ مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِالْمُضَارَبَةِ فَتَزِيدُ تَرِكَةُ الْمَرِيضِ فَيَزِيدُ الْمَغْرُومُ فَيَزِيدُ الرَّاجِعُ وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِهِ أَنْ يَقُولَ : الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ وَالرَّاجِعُ مِثْلُ نِصْفِهِ ؛

إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ نِصْفُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ نِصْفُ شَيْءٍ فَمَثَلًا شَيْءٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئًا وَنِصْفًا فَيَكُونُ الشَّيْءُ سِتِّينَ فَيَكُونُ دَيْنًا لِوَرَثَةِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ وَقَدْ بَقِيَ لِلْغَرِيمِ ثَلَاثُونَ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَالِهِمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمَيْنِ وَسَهْمٍ ، وَتَرِكَتُهُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَأْخُذُ مِنْهَا الْوَرَثَةُ ثَلَاثِينَ وَالْغَرِيمُ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَيَتَعَطَّلُ عَلَيْهِ قَدْرُهَا وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ سِتِّينَ نِصْفُهَا بَقِيَ عِنْدَهُمْ ، وَنِصْفُهَا مِنْ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ ، وَذَلِكَ مَثَلًا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ وَيَقَعُ الْفَائِتُ فِي حَالَتَيْ الدَّوْرِ وَعَدَمِهِ تَبَرُّعًا إذَا لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا ( وَإِنْ خَلَّفَ الْأَصِيلُ ثَلَاثِينَ فَأَخَذَهَا ) الْغَرِيمُ ( أَعْطَى مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ ) وَلَا دَوْرَ ( وَإِنْ أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَخَذَ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَرَجَعَ وَرَثَتُهُ فِي تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بَخَمْسَةَ عَشَرَ ، وَالْبَاقِي لِلْغَرِيمِ ) وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ ، وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ الْمَأْخُوذُ شَيْءٌ وَالرَّاجِعُ مِثْلُ ثُلُثِهِ ؛ إذْ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ ثُلُثُ تَرِكَةِ الضَّامِنِ فَالْبَاقِي تِسْعُونَ إلَّا ثُلُثَيْ شَيْءٍ يَعْدِلُ مِثْلَيْ مَا فَاتَ بِالضَّمَانِ وَهُوَ ثُلُثَا شَيْءٍ فَمِثْلَاهُ شَيْءٌ وَثُلُثٌ فَالْبَاقِي يَعْدِلُ شَيْئًا وَثُلُثًا فَإِذَا جَبَرْنَا وَقَابَلْنَا عَدَلَتْ تِسْعُونَ شَيْئَيْنِ فَيَكُونُ الشَّيْءُ خَمْسَةً وَأَرْبَعِينَ وَيَكُونُ دَيْنًا لِوَرَثَةِ الضَّامِنِ عَلَى الْأَصِيلِ .
وَيَبْقَى مِثْلُهُ لِلْغَرِيمِ فَيَتَضَارَبُونَ بِمَا لَهُمْ فِي تَرِكَتِهِ بِسَهْمٍ وَسَهْمٍ فَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً وَيَكُونُ الْحَاصِلُ لِلْوَرَثَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَمَعَهُمْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَذَلِكَ مَثَلًا مَا فَاتَ عَلَيْهِمْ ، وَيَقَعُ الْفَائِتُ تَبَرُّعًا لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ خَلَّفَ الْأَصِيلُ سِتِّينَ وَأَخَذَهَا )

الْغَرِيمُ ( أَخَذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ ثَلَاثِينَ ، أَوْ أَخَذَ كُلَّ تَرِكَةِ الضَّامِنِ وَأَخَذَ وَرَثَتُهُ ) أَيْ الضَّامِنِ ( كُلَّ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ ) وَيَقَعُ الْبَاقِي تَبَرُّعًا وَلَا دَوْرَ مُطْلَقًا لِوَفَاءِ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ فَمَحَلُّ لُزُومِ الدَّوْرِ إذَا ضَمِنَ الْمَرِيضُ بِالْإِذْنِ وَأَخَذَ الْغَرِيمُ أَوَّلًا مِنْ تَرِكَتِهِ وَلَمْ تَفِ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ بِثُلُثَيْ الدَّيْنِ ( تَنْبِيهٌ ) قَدْ يُقَالُ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ أَوَّلًا لِمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّ تَسَلُّطَ الْمُوصَى لَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسَلُّطِ الْوَرَثَةِ عَلَى مِثْلَيْ مَا تَسَلَّطَ هُوَ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِعَيْنٍ حَاضِرَةٍ تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ ، وَبَاقِي مَالِهِ غَائِبٌ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَرْجِعَ الْمَوْجُودَ هُنَا حَاضِرٌ فَهُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يَغِبْ بَاقِي مَالِهِ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ ( فَرْعٌ ) بَاعَ مِنْ اثْنَيْنِ شَيْئًا وَشَرَطَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِلْآخَرِ بَطَلَ الْبَيْعُ قَالَ السُّبْكِيُّ : وَرَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ فِي حِسْبَتِهِ يَمْنَعُ أَهْلَ سُوقِ الرَّقِيقِ مِنْ الْبَيْعِ مُسْلِمًا ، وَمَعْنَاهُ إلْزَامُ الْمُشْتَرِي بِمَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ مِنْ الدَّلَالَةِ وَغَيْرِهَا قَالَ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالرَّقِيقِ وَهَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا فَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا فَلَا وَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ ضَمَانِ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ لِلْآخَرِ لَا يُمْكِنُ فِيهَا ذَلِكَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّهُ هُنَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَمْرًا آخَرَ ، وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ كَذَا إلَى جِهَةِ كَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُبْطِلًا مُطْلَقًا

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ ضَمَانُ الْمَرِيضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَكِنْ إذَا كَانَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بَعْدَ الْأَجَلِ ، وَقَدْ تَبَرَّعَ هُوَ بِالْأَدَاءِ فَهَلْ نَقُولُ : يَكُونُ كَالْبَيْعِ بِالْمُؤَجَّلِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَ هُنَاكَ الْبَيْعُ لَا يَعُودُ بِخِلَافِ هَذَا هَذَا مُحْتَمَلٌ ، وَهُوَ مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ ، وَقَوْلُهُ : فَهَلْ نَقُولُ : يَكُونُ كَالْبَيْعِ بِالْمُؤَجَّلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهَذَا مَرْدُودٌ إلَخْ ) اعْتِرَاضُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَقِيقَةَ التَّرِكَةِ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ بَعْدَ مَوْتِ صَاحِبِهِ فَمَعْنَى اسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهَا أَنَّ صَاحِبَهُ أَخَذَ جَمِيعَهَا بِدَيْنِهِ وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَضَّحَهُ الْمُصَنِّفُ بِتَعْبِيرِهِ عَنْهُ بِالْمَصْدَرِ ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ الْفِعْلُ ، وَكَتَبَ أَيْضًا مُرَادَهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا مُسْتَغْرِقًا أَيْ حَالَةَ الْمَوْتِ لَمْ يَبْرَأْ عَنْهُ صَاحِبُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُ حَالَةَ الضَّمَانِ فَإِنَّا لَا نَدْرِي هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ أَمْ لَا وَهَلْ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِبْرَةَ بِحَالَةِ الْمَوْتِ ، وَالْمَالُ يَغْدُو وَيَرُوحُ غ ( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ يَلْزَمُ الدَّوْرُ ) قَالَ الكوهكيلوني يَدْفَعُ الدَّوْرَ رُبَّمَا سَنَحَ لِي ، وَهُوَ أَنْ تَأْخُذَ مَخْرَجَ الْكَسْرِ الَّذِي حَصَلَتْ النِّسْبَةُ بِهِ بَيْنَ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ وَالدَّيْنِ ، وَتَأْخُذَ الْكَسْرَ مِنْهُ وَتَنْسُبَهُ إلَى الْبَاقِي مِنْ الْمَخْرَجِ وَتَزِيدَ عَلَى ثُلُثِ تَرِكَةِ الضَّامِنِ تِلْكَ النِّسْبَةَ ، وَيَدْفَعَ إلَى الْمَضْمُونِ لَهُ فَفِي الْأُولَى تَنْسُبُ وَاحِدًا إلَى وَاحِدٍ ، وَتَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ مِثْلَهُ فَيُدْفَعُ إلَى الْمَضْمُونِ لَهُ فَيَكُونُ سِتِّينَ ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَنْسُبُ وَاحِدًا إلَى اثْنَيْنِ ، وَتَزِيدُ نِصْفَ ثُلُثِ التَّرِكَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَيَدْفَعُهَا إلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَطَرِيقُ اسْتِخْرَاجِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ إلَخْ ) ضَابِطُهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَحِقَّ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ مَا يَزِيدُ

عَلَى ثُلُثِهَا بِمِقْدَارِ نِسْبَتِهِ إلَى كُلِّ الْمَأْخُوذِ كَنِسْبَةِ تَرِكَةِ الْأَصِيلِ إلَى الدَّيْنِ وَطَرِيقُهُ أَنْ يُزَادَ مِنْ الثُّلُثِ بِعَدَدِ الْكَسْرِ الَّذِي نَاسَبَتْ بِهِ تَرِكَةُ الْأَصِيلِ الدَّيْنَ عَلَى الثُّلُثِ مَا فَوْقَ ذَلِكَ الْكَسْرِ بِعَدَدِهِ ، فَإِنْ كَانَتْ النِّسْبَةُ بِالنِّصْفِ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ مِثْلُهُ ، وَإِنْ كَانَتْ بِالثُّلُثِ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ نِصْفٌ وَإِنْ كَانَتْ بِالْخَمْسِينَ يُزَادُ عَلَى الثُّلُثِ ثُلُثَاهُ وَعَلَى هَذَا ( قَوْلُهُ وَيَقَعُ لِلْبَاقِي تَبَرُّعًا ) قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ : فَائِدَةٌ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهَا إذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ لَا يَفِي بِهَا مَالُهُ وَكَانَ بِبَعْضِهَا ضَامِنٌ فَضَارَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مَعَ الْغُرَمَاءِ وَأَخَذَ بِالْحِصَّةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّجُوعَ عَلَى الضَّامِنِ بِالْقَدْرِ الْبَاقِي فَلَهُ ذَلِكَ وَإِذَا غَرِمَ وَكَانَ الضَّمَانُ بِحَيْثُ يَثْبُتُ الرُّجُوعُ لَا رُجُوعَ فِيمَا ظَهَرَ لِي وَشَاهِدُهُ قَوْلُهُمْ فِي ابْتِدَاءِ الْفَصْلِ : إنَّهُ إذَا شَاءَ أَخَذَ تَرِكَةَ الْأَصِيلِ كُلَّهَا وَرَجَعَ عَلَى وَرَثَةِ الضَّامِنِ بِالْبَاقِي ، وَيَقَعُ ذَلِكَ تَبَرُّعًا ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا مَرْجِعًا ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ لَا يُجْعَلَ كَغَرِيمٍ ظَهَرَ حَتَّى يَصِيرَ شَرِيكًا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي أَخَذَهُ وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي الْمُفْلِسِ إذَا قَسَّمَ مَالَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ ، وَكَانَ عَلَى بَعْضِهِمْ ضَامِنٌ فَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَا يُجْعَلُ ذَلِكَ كَدَيْنٍ حَادِثٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْخَصْمُ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ، وَدَلِيلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ رُجُوعِ الضَّامِنِ زِيَادَةُ صَاحِبِ الدَّيْنِ الَّذِي بِهِ ضَامِنٌ عَلَى الدُّيُونِ الَّتِي لَا ضَامِنَ بِهَا وَذَلِكَ مُحَالٌ

( كِتَابُ الشِّرْكَةِ ) بِكَسْرِ الشِّينِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ وَحُكِيَ فَتْحُ الشِّينِ وَكَسْرُ الرَّاءِ وَإِسْكَانُهَا وَشِرْكٌ بِلَا هَاءٍ ، وَهِيَ لُغَةً : الِاخْتِلَاطُ ، وَشَرْعًا : ثُبُوتُ الْحَقِّ فِي شَيْءٍ لِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ عَلَى جِهَةِ الشُّيُوعِ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ خَبَرُ { السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهُ كَانَ شَرِيكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْمَبْعَثِ وَافْتَخَرَ بِشَرِكَتِهِ بَعْدَ الْمَبْعَثِ } وَخَبَرُ { يَقُولُ اللَّهُ أَنَا ثَالِثُ الشَّرِيكَيْنِ مَا لَمْ يَخُنْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فَإِذَا خَانَهُ خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا } رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُمَا وَالْمَعْنَى أَنَا مَعَهُمَا بِالْحِفْظِ وَالْإِعَانَةِ فَأَمُدُّهُمَا بِالْمَعُونَةِ فِي أَمْوَالِهِمَا وَإِنْزَالِ الْبَرَكَةِ فِي تِجَارَتِهِمَا فَإِذَا وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا الْخِيَانَةُ رَفَعْت الْبَرَكَةَ وَالْإِعَانَةَ عَنْهُمَا وَهُوَ مَعْنَى خَرَجْت مِنْ بَيْنِهِمَا وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْحَقُّ الْمُشَاعُ بَيْنَ مُتَعَدِّدٍ ، وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( هِيَ كُلُّ حَقٍّ مُشَاعٍ بَيْنَ عَدَدٍ مُشْتَرَكٍ ) وَلَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَتِهِ فَلَوْ حَذَفَ لَفْظَ هِيَ لَاسْتَقَامَتْ وَوَافَقَتْ قَوْلَ أَصْلِهِ : كُلُّ ثَابِتٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَصَاعِدًا عَلَى الشُّيُوعِ يُقَالُ : هُوَ مُشْتَرَكٌ ثُمَّ بَيَّنَ الْحَقَّ بِقَوْلِهِ ( مِنْ عَيْنِ مَالٍ وَمَنْفَعَةٍ ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ كَمَنْفَعَةِ كَلْبِ صَيْدٍ ( وَغَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَشُفْعَةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ ( وَقَدْ تَحْدُثُ ) الشِّرْكَةُ ( قَهْرًا كَالْإِرْثِ أَوْ بِاخْتِيَارٍ كَالشِّرَاءِ وَهُوَ ) أَيْ مَا يَحْدُثُ بِالِاخْتِيَارِ مِنْ حَيْثُ ابْتِغَاءُ الرِّبْحِ ( مَقْصُودُ الْبَابِ ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( هُنَا ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَلَا يَصِحُّ مِنْ الشِّرْكِ ) هُوَ إمَّا لُغَةً فِي الشِّرْكَةِ كَمَا مَرَّ أَوْ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ شِرْكَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الشِّرْكَةِ أَيْ لَا يَصِحُّ مِنْ أَنْوَاعِهَا الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ ( إلَّا

شِرْكَةَ الْعِنَانِ ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ ظَهَرَ إمَّا لِأَنَّهَا أَظْهَرُ الْأَنْوَاعِ ، أَوْ لِأَنَّهُ ظَهَرَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَالُ الْآخَرِ أَوْ مِنْ عِنَانِ الدَّابَّةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ إمَّا لِاسْتِوَاءِ الشَّرِيكَيْنِ فِي وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ وَالْفَسْخِ وَاسْتِحْقَاقِ الرِّبْحِ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ كَاسْتِوَاءِ طَرَفَيْ الْعِنَانِ أَوْ لِمَنْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْآخَرَ التَّصَرُّفَ كَمَا يَشَاءُ كَمَنْعِ الْعِنَانِ الدَّابَّةَ أَوْ لِمَنْعِ الشَّرِيكِ نَفْسَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُشْتَرَكِ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ فِي سَائِرِ أَمْوَالِهِ كَمَنْعِ الْآخِذِ لِعِنَانِ الدَّابَّةِ إحْدَى يَدَيْهِ مِنْ اسْتِعْمَالِهَا كَيْفَ شَاءَ ، وَيَدُهُ الْأُخْرَى مُطْلَقَةٌ يَسْتَعْمِلُهَا كَيْفَ شَاءَ وَقِيلَ مِنْ عَنَّ الشَّيْءُ عَرَضَ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ عَرَضَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْآخَرَ ، وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنْ عَنَانِ السَّمَاءِ أَيْ سَحَابِهِ ؛ لِأَنَّهَا عَلَتْ كَالسَّحَابِ بِصِحَّتِهَا وَشُهْرَتِهَا وَلِهَذَا اتَّفَقُوا عَلَى صِحَّتِهَا ، وَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ : أَنَّهُ بِالْفَتْحِ أَيْضًا مِنْ عَنَّ إذَا ظَهَرَ ( وَأَرْكَانُهَا ثَلَاثَةٌ ) وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ ( الْأَوَّلُ الْعَاقِدَانِ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَتَصَرَّفُ فِي مَالِهِ بِالْمِلْكِ ، وَفِي مَالِ الْآخَرِ بِالْإِذْنِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحَلُّهُ إذَا أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَإِلَّا فَيُشْتَرَطُ فِي الْآذِنِ أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَفِي الْمَأْذُونِ لَهُ أَهْلِيَّةُ التَّوَكُّلِ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ أَعْمَى دُونَ الثَّانِي ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ فِي مَالِ مَحْجُورِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : وَقَدْ يُقَالُ بِمَنْعِهَا فِي الْأُولَى لِاسْتِلْزَامِهَا خَلْطَ مَالِ مَحْجُورِهِ قَبْلَ عَقْدِهَا بِلَا مَصْلَحَةٍ نَاجِزَةٍ بَلْ تُورِثُ نَقْصًا ، وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ

الْمَنْعُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّبَرُّعِ بِعَمَلِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَا ذَكَرَهُ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ ، قُلْت : بَلْ هُوَ قَوِيٌّ فِي الثَّانِيَةِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى : الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجَ جُزْءٍ مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ ، وَهُوَ الرِّبْحُ بِخِلَافِ الشِّرْكَةِ ، وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ ، وَلَهُ طِفْلٌ وَرَأَى الْوَلِيُّ الْمَصْلَحَةَ فِي الشِّرْكَةِ اسْتَدَامَهَا ( وَتُكْرَهُ مُشَارَكَةُ ذِمِّيٍّ وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ ) وَإِنْ كَانَ الْمُتَصَرِّفُ مُشَارِكَهُمَا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ لِمَا فِي أَمْوَالِهِمَا مِنْ الشُّبْهَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ شَارَكَ لِمَحْجُورِهِ اُعْتُبِرَ كَوْنُ الشَّرِيكِ عَدْلًا يَجُوزُ إيدَاعُ مَالِ الْمَحْجُورِ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ الرُّكْنُ

( كِتَابُ الشِّرْكَةِ ) ( قَوْلُهُ وَشَرْعًا ثُبُوتُ الْحَقِّ إلَخْ ) الشِّرْكَةُ لَيْسَتْ عَقْدًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هِيَ وَكَالَةٌ بِلَا عِوَضٍ قَوْلُهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ رَابِعًا وَهُوَ الْعَمَلُ ) أَيْ وَهُوَ التِّجَارَةُ إلَّا فِي الْحُبُوبِ وَالْمَوَاشِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْمُشَارَكَةُ عَلَيْهَا لِلزِّرَاعَةِ وَالرِّعَايَةِ ( قَوْلُهُ وَشَرْطُهُمَا أَهْلِيَّةُ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ ) أَيْ فِي الْمَالِ فَإِنَّ لِلسَّفِيهِ أَهْلِيَّةَ التَّوَكُّلِ وَالتَّوْكِيلِ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ وَالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِمَا وَلَا يَسْتَقِلُّ بِالشِّرْكَةِ جَزْمًا ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الشِّرْكَةِ لِلْوَلِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يُورِثُ نَقْصًا ) الْغَرَضُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ اقْتَضَتْ الشِّرْكَةَ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي فِي الثَّانِيَةِ الْمَنْعُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَأْذُونُ لَهُ الْمُكَاتَبَ إلَخْ ) كَلَامُهُمْ مُصَرِّحٌ بِهِ فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُهُ بِجُعْلٍ لَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى : الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَمَنْ لَا يَحْتَرِزُ مِنْ الرِّبَا وَنَحْوِهِ ) أَيْ كَالْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ ( قَوْلُهُ : نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْمُتَصَرِّفَ دُونَ مَا إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فس ، وَقَالَ الْغَزِّيِّ : هُوَ مَرْدُودٌ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ هُوَ الْمَأْذُونَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ

( الثَّانِي الصِّيغَةُ وَلَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْإِذْنِ ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ( فِي التَّصَرُّفِ ) بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ لِيَحْصُلَ لَهُ التَّسَلُّطُ عَلَى التَّصَرُّفِ ، وَفِي مَعْنَى اللَّفْظِ الْكِتَابَةُ وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ ( فَإِنْ قَالَا : اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا ، وَلَمْ يَتَصَرَّفْ كُلٌّ مِنْهُمَا إلَّا فِي نَصِيبِهِ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ ذَلِكَ إخْبَارًا عَنْ حُصُولِ الشِّرْكَةِ فِي الْمَالِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ حُصُولِهَا جَوَازُ التَّصَرُّفِ بِدَلِيلِ الْمَالِ الْمَوْرُوثِ شِرْكَةً نَعَمْ إنْ نَوَيَا بِذَلِكَ الْإِذْنَ فِي التَّصَرُّفِ كَانَ إذْنًا كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ ( فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ ( فَإِنْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ اتَّجِرْ ) أَوْ تَصَرَّفْ ( اتَّجَرَ فِي الْجَمِيعِ فِيمَا شَاءَ ، وَلَوْ لَمْ يَقُلْ ) لَهُ ( فِيمَا شِئْت ) كَالْقِرَاضِ ( وَلَا يَتَصَرَّفُ الْآخَرُ ) الْأَوْلَى الْقَائِلُ ( إلَّا فِي نَصِيبِهِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ ) الْآخَرُ فَيَتَصَرَّفُ فِي الْجَمِيعِ أَيْضًا وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ، وَفَرَضَهُ فِي الْجِنْسِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيمَا عَيَّنَهُ أَنْ يَعُمَّ وُجُودُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ ذَكَرَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ

( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَا : اشْتَرَكْنَا لَمْ يَكُنْ إذْنًا ) قَالَ شَيْخُنَا : أَيْ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الشِّرْكَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُرَادَةِ هُنَا ( قَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَالْأَذْرَعِيُّ وَتَعْلِيلُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِ نَفْسِهِ لَمْ يَصِحَّ ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ عَقَدَا الشِّرْكَةَ عَلَى أَنْ يُنِيبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي التَّصَرُّفِ فَسَدَتْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَا يَبْعُدُ أَنَّ شَرْطَ إنَابَةِ خَادِمِهِ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ كَالْقِرَاضِ وَيَجُوزُ كَوْنُ الْمَالِ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ غَيْرِهِمَا فَإِنْ شَرَطَ تَفَرُّدَ الْمُتَصَرِّفِ بِالْيَدِ فَفِي الصِّحَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ الصِّحَّةِ ( قَوْلُهُ وَمَتَى عَيَّنَ لَهُ جِنْسًا أَوْ نَوْعًا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) فِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا فِي عَقْدِ الشِّرْكَةِ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي نَوْعٍ مَخْصُوصٍ فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ عَلَى صَاحِبِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ بِمَالِهِ إلَّا نَوْعًا مَخْصُوصًا مِنْ الْمَالِ وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا أَصَحُّ .
ا هـ .
وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنْ الْأَصْلِ

الرُّكْنُ ( الثَّالِثُ الْمَالُ ) الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ ( وَتَجُوزُ الشِّرْكَةُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ ) بِالْإِجْمَاعِ ( وَلَوْ مَغْشُوشَةً ) إنْ ( رَاجَتْ ) عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِهَا فِي الْقِرَاضِ كَمَا سَيَأْتِي إيضَاحُهُ ثَمَّ ( وَكَذَا ) فِي سَائِرِ ( الْمِثْلِيَّاتِ ) كَالْبُرِّ وَالْحَدِيدِ ؛ لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ بِجِنْسِهَا ارْتَفَعَ مَعَهَا التَّمْيِيزُ فَأَشْبَهَتْ النَّقْدَيْنِ ( وَمِنْهَا التِّبْرَانِ ) أَيْ تِبْرُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِيهِمَا فَمَا أَطْلَقَهُ الْأَكْثَرُونَ هُنَا مِنْ مَنْعِ الشِّرْكَةِ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَسَوَّى بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْحُلِيِّ وَالسَّبَائِكِ فِي ذَلِكَ ( لَا فِي الْمُتَقَوِّمَاتُ ) غَيْرِ الْمُشَاعَةِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ الْخَلْطُ فِيهَا فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا مَعْنَى الشِّرْكَةِ ( وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ ) لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الشِّرْكَةِ ( لَا كَدَرَاهِمَ سُودٍ ) خُلِطَتْ ( بِبِيضٍ وَحِنْطَةٍ حَمْرَاءَ ) خُلِطَتْ ( بِبَيْضَاءَ ) لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُسْرٌ ( فَإِنْ لَمْ يُخْلَطَا ) كَذَلِكَ ( وَتَلِفَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا تَلِفَ عَلَيْهِ فَقَطْ وَتَعَذَّرَتْ الشِّرْكَةُ فِي الْبَاقِي وَ ) يُشْتَرَطُ ( أَنْ يَتَقَدَّمَ الْخَلْطُ عَلَى الْعَقْدِ ) فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَهُ وَلَوْ فِي مَجْلِسِهِ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَ الْعَقْدِ .
( وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا ) مِمَّا وَرِثُوهُ وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُمْ فِيهَا شُرَكَاءُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَبْلَغُ مِنْ الْخَلْطِ ؛ إذْ مَا مِنْ جُزْءٍ فِيهِ إلَّا وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمْ بِخِلَافِهِ فِي الْخَلْطِ فَإِذَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ الْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ ثُمَّ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ : وَغَيْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ ) مَعَ غَيْرِهِ ( فِي الْعُرُوضِ ) الْمُتَقَوِّمَةِ ( بَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ عَرَضِهِ بِنِصْفِ عَرَضِ صَاحِبِهِ وَتَقَابَضَا ) أَوْ بَاعَ كُلٌّ

مِنْهُمَا بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ بِثَمَنٍ فِي الذِّمَّةِ وَتَقَاصَّا كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ( وَأَذِنَ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ ) سَوَاءٌ أَتَجَانَسَ الْعَرَضَانِ أَمْ اخْتَلَفَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ وَعَلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ ، وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ النِّصْفِ بِالْبَعْضِ كَانَ أَوْلَى ( وَلَوْ خَلَطَ ) مَالَيْهِمَا حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا ( مَجْهُولًا ) لَكِنَّ ( مَعْرِفَتَهُ مُمْكِنَةٌ ) بِمُرَاجَعَةِ حِسَابٍ أَوْ وَكِيلٍ أَوْ غَيْرِهِمَا وَأَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ ( وَلَوْ تَصَرَّفَا قَبْلَ الْمَعْرِفَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا مَعَ إمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ بَعْدُ بِخِلَافِ مَا لَا تُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ وَلَوْ اشْتَبَهَ ثَوْبَاهُمَا لَمْ يَكْفِ لِلشِّرْكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( خَلَطَا قَفِيزًا ) مُقَوَّمًا ( بِمِائَةٍ بِقَفِيزٍ ) مُقَوَّمٍ ( بِخَمْسِينَ فَالشِّرْكَةُ أَثْلَاثٌ ) بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ فِي الْمِثْلِيِّ عَنْ تَسَاوِي الْأَجْزَاءِ فِي الْقِيمَةِ ، وَإِلَّا فَلَيْسَ هَذَا الْقَفِيزُ مِثْلًا لِذَلِكَ الْقَفِيزِ ، وَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فِي نَفْسِهِ ( وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ ) كَعَشَرَةٍ ( وَهَذَا دَرَاهِمُ ) كَمِائَةٍ ( فَاشْتَرَيَا بِهِمَا شَيْئًا ) كَعَبْدٍ ( قُوِّمَ غَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ ) مِنْهُمَا ( بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَعُرِفَ التَّسَاوِي وَالتَّفَاضُلُ ) .
فَإِنْ اسْتَوَيَا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ كَأَنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَقِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فَالشِّرْكَةُ مُنَاصَفَةٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَتَيْنِ فَبِالْأَثْلَاثِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْقَوْلَانِ فِيمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ اثْنَيْنِ عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ كَالْمَبِيعِ وَقَدْ صَحَّحُوا بُطْلَانَهُ ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ كُلٍّ مِنْ الثَّمَنِ مَجْهُولَةٌ عِنْدَ

الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَتْ تُعْلَمُ بِالتَّقْوِيمِ وَهُنَا كُلٌّ يَجْهَلُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمَبِيعِ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ الْبُطْلَانَ ، وَهَذَا التَّخْرِيجُ وَاضِحٌ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدِ وَعَزَاهُ لِلْأَصْحَابِ ، وَإِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَرَادَ الْقِيمَةَ نُظِرَ إلَى نَقْدِ الْبَلَدِ فَقَوَّمَا الْمَبِيعَ بِهِ وَقَوَّمَا مَالَ الْآخَرِ بِهِ وَيَكُونُ التَّقْوِيمُ حِينَ صَرْفِ الثَّمَنِ انْتَهَى ، وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ مَا مَرَّ وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ وَغَيْرُهُ .
وَهُوَ الْوَجْهُ فَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُخَرَّجِ عَلَيْهَا ، وَمَا أُجِيبَ بِهِ مِنْ أَنَّ التَّخْرِيجَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْعِلَّةِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ هُنَا مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا ثُمَّ لَيْسَ مُشْتَرِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفَ مِنْ الْعَبْدَيْنِ بَلْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عَبْدَهُ ، وَالثَّمَنُ مَجْهُولٌ فَبَطَلَ الْبَيْعُ ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا ، وَمِنْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَصَوُّرٌ بِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ مِنْ وَكِيلِهِمَا لِتَتَّحِدَ الصَّفْقَةُ لَيْسَ بِشَيْءٍ ؛ لِأَنَّهُ إذَا صَحَّ الشِّرَاءُ مُنَاصَفَةً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُجِيبُ فَلَا تَقْوِيمَ ، وَشِرَاءُ وَكِيلِ الِاثْنَيْنِ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا عُلِمَ مَا لِكُلٍّ مِنْ مُوَكِّلَيْهِ مِنْ الْمَبِيعِ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الثَّمَنِ النَّقْدِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَأَمَّا مَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بِعَيْنِ النَّقْدَيْنِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بِالْعَيْنِ وَكَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ

( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَطَتْ إلَخْ ) وَقِيمَتُهَا مُسْتَوِيَةٌ عِنْدَ الِارْتِفَاعِ وَالِانْخِفَاضِ غَالِبًا قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ خَلْطُ الْمَالَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزَانِ ) صُورَةُ الْخَلْطِ الْمَانِعِ مِنْ التَّمْيِيزِ أَنْ يَتَّحِدَ الْمَالَانِ جِنْسًا وَنَوْعًا وَصِفَةً وَكَتَبَ أَيْضًا : وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَعْرِفُ مَالَهُ بِعَلَامَةٍ جَعَلَهَا عَلَيْهِ كَدَرَاهِمَ لَا يَعْرِفُهَا غَيْرُهُمَا ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ التَّمْيِيزِ هَلْ تَصِحُّ الشِّرْكَةُ نَظَرًا إلَى حَالِ النَّاسِ أَوْ لَا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا ، قَالَ فِي الْبَحْرِ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ ا هـ وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْضُ الْمَالِ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَتَعَذَّرَ إثْبَاتُ الشِّرْكَةِ ع وَقَوْلُهُ أَوَّلًا نَظَرًا إلَى حَالِهِمَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إذْ لَا اشْتَرَاكَ حَالَةَ الْعَقْدِ إلَخْ ) لِأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةَ مِنْ الْمَعَانِي يَجِبُ تَحَقُّقُ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا ، وَمَعْنَى الشِّرْكَةِ الِاخْتِلَاطُ وَالِامْتِزَاجُ ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ فِي ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مَالَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَمَيِّزٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ ( قَوْلُهُ : وَالْوَرَثَةُ شُرَكَاءُ فِي الْعُرُوضِ وَغَيْرِهَا مِمَّا وَرِثُوهُ ، وَكَذَا لَوْ تَمَلَّكَهَا جَمَاعَةٌ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْبَغَوِيُّ : وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الِاشْتِرَاكِ مِنْ خَلْطِ الْمَالَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ جُزْءٍ هَاهُنَا إلَّا ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا وَهُنَاكَ ، وَإِنْ وَجَدَ الْخَلْطَ فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُمْتَازٌ عَنْ مَالِ الْآخَرِ .
( قَوْلُهُ : وَمَنْ أَرَادَ الشِّرْكَةَ فِي الْعُرُوضِ بَاعَ إلَخْ ) هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا فِي التَّبَايُعِ الشِّرْكَةَ فَإِنْ شَرَطَاهَا فَسَدَ الْبَيْعُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ جَمَاعَةٍ وَأَقَرَّهُ ، وَلَوْ مَلَكَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضًا ، وَهُمَا مُتَّفِقَانِ فِي الْوَصْفِ وَالْقِيمَةِ كَثَوْبَيْنِ وَالْتَبَسَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ الْتِبَاسًا مَأْيُوسَ الزَّوَالِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ شِرْكَةً ( قَوْلُهُ : أَوْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا

بَعْضَ عَرَضِهِ لِصَاحِبِهِ إلَخْ ) أَوْ اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَدْفَعُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَرَضَهُ بَدَلًا عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ التَّقَابُضُ لِيَسْتَقِرَّ الْمِلْكُ ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ قَبْلَهُ لَا يَصِحُّ فَوَكِيلُهُ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إمَّا بِمِلْكٍ أَوْ بِإِذْنٍ ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا جَائِزٌ ( قَوْلُهُ مَجْهُولًا ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ كَوْنُهُ مَفْعُولًا بِهِ ( قَوْلُهُ : بِنَاءً عَلَى قَطْعِ النَّظَرِ إلَخْ ) أَيْ صَحَّ الْعَقْدُ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ كَانَ لِهَذَا دَنَانِيرُ وَهَذَا دَرَاهِمُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : الْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ بِرِعَايَةِ الْجَوَابِ عَنْهُ الْآتِي فِي خَلْطِ الْوَالِدِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ : وَأَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَيْعَ ) أَيْ الصَّحِيحَ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَخْرِيجَ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : وَالتَّخْرِيجُ الْمَذْكُورُ ذَكَرَهُ فِي الشَّامِلِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : الِاحْتِمَالُ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ الشَّامِلِ سَاقِطٌ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَوْلَيْنِ أَنْ لَا يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ حَالَةَ الْعَقْدِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ عَلِمَاهُ أَوْ عَلِمَهُ أَحَدُهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ قَطْعًا ، وَهَذَا مَشْهُورٌ حَتَّى فِي التَّنْبِيهِ حَيْثُ قَالَ : وَلَوْ كَانَ لِرَجُلَيْنِ عَبْدَانِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَبَاعَاهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ، وَلَمْ يَعْلَمْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالَهُ أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ بَطَلَ الْبَيْعُ وَمَسْأَلَتُنَا هَذِهِ إنْ اتَّفَقَتْ قِيمَةُ النَّقْدَيْنِ فَقَدْ عَلِمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالَهُ ، وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّقْدَانِ فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ عِنْدَ الْعَقْدِ ، وَالثَّمَنُ هُنَا كَالثَّمَنِ هُنَاكَ .
وَقَوْلُهُ فِي الشَّامِلِ : إنَّ صُورَةَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ بِالْعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ نَقَدَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ يَكُونُ الْحُكْمُ هُوَ الصِّحَّةَ ، وَلَا حَاجَةَ إلَى تَقْوِيمِ

أَحَدِ النَّقْدَيْنِ ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ إذَا وُصِفَ اسْتَغْنَى عَنْ التَّقْوِيمِ قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَوْلُهُ : فَمَنْ لَهُ نَقْدُ الْبَلَدِ فَقَدْ عَلِمَ مَالَهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَمَا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ مِنْ الِاحْتِمَالِ ظَاهِرُ الْحَسَنِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةً فِي الْبُوَيْطِيِّ وَنَقَلَهَا هُوَ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا عَلَيْهَا وَلَعَلَّ مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ مِنْ تَفَارِيعِ ذَلِكَ الْقَوْلِ فِي الْعَبْدَيْنِ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الِاثْنَيْنِ مُشْتَرٍ نِصْفَ الْعَبْدِ ) التَّنْصِيفُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ لَمْ يُعَيَّنْ الثَّمَنُ أَمَّا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا فَلْيَكُنْ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُجَابُ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمَا عَالِمَانِ بِالنِّسْبَةِ حَالَ الشِّرَاءِ ؛ إذْ الْغَالِبُ مَعْرِفَةُ نِسْبَةِ النَّقْدِ غَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ الْغَالِبِ بِخِلَافِ الْعُرُوضِ ؛ إذْ الْقِيمَةُ فِيهَا لَا تَكَادُ تَنْضَبِطُ

( وَأَمَّا شِرْكَةُ الْأَبْدَانِ وَهِيَ ) أَنْ يَتَّفِقَ مُحْتَرِفَانِ ( عَلَى ) أَنَّ ( مَا يَكْتَسِبَانِ بِأَبْدَانِهِمَا ) بَيْنَهُمَا مُتَسَاوِيًا أَوْ مُتَفَاوِتًا مَعَ اتِّفَاقِ الصَّنْعَةِ أَوْ اخْتِلَافِهَا

( وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَا ( عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا يَكْتَسِبَانِ وَيَرْبَحَانِ ) بِأَبْدَانِهِمَا أَوْ أَمْوَالِهِمَا ( وَمَا يَلْتَزِمَانِ مِنْ غُرْمٍ وَيَحْصُلُ مِنْ غُنْمٍ بَيْنَهُمَا )
( قَوْلُهُ وَشِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ إلَخْ ) وَجْهُ بُطْلَانِهَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ، وَنَهْيُهُ عَنْ الْغُرُورِ ، وَهَذَا غُرُورٌ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدْرِي أَيَكْسِبُ صَاحِبُهُ شَيْئًا أَمْ لَا وَكَمْ قَدْرُ كَسْبِهِ ، وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِيهَا الْعَمَلُ كَمَا أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي شِرْكَةِ الْعِنَانِ الْمَالُ ، وَالْمَالُ لَوْ كَانَ مَجْهُولًا فِيهَا لَمْ تَصِحَّ فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَمَلُ مَجْهُولًا فِي هَذِهِ

( وَشِرْكَةُ الْوُجُوهِ ) وَهِيَ أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهَانِ عِنْدَ النَّاسِ لِيَشْتَرِيَا فِي الذِّمَّةِ بِمُؤَجَّلٍ ( عَلَى أَنَّ مَا يَشْتَرِيَانِ بِوُجُوهِهِمَا بِمُؤَجَّلٍ ) يَكُونُ بَيْنَهُمَا يَبِيعَانِهِ ، وَيُؤَدِّيَانِ الْأَثْمَانَ وَيَكُونُ الْفَاضِلُ بَيْنَهُمَا ( أَوْ ) أَنْ يَتَّفِقَ وَجِيهٌ وَخَامِلٌ ( عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَجِيهُ فِي الذِّمَّةِ وَيَبِيعَ الْخَامِلُ ) وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا ( أَوْ ) عَلَى أَنْ ( يَعْمَلَ الْوَجِيهُ ، وَالْمَالُ لِلْخَامِلِ وَهُوَ فِي يَدِهِ ) وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ لِيَبِيعَهُ بِزِيَادَةٍ ، وَيَكُونَ لَهُ بَعْضُ الرِّبْحِ ، وَأَشْهَرُ هَذِهِ التَّفَاسِيرِ الثَّلَاثَةِ الْأَوَّلُ انْتَهَى ، وَجَوَابُ أَمَّا قَوْلُهُ ( فَكُلُّهَا بَاطِلَةٌ ) لِخُلُوِّهَا عَنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ وَلِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهَا لَا سِيَّمَا شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنْ لَمْ تَكُنْ شِرْكَةُ الْمُفَاوَضَةِ بَاطِلَةً فَلَا بَاطِلَ أَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا إشَارَةً إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا وَسُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً مِنْ قَوْلِهِمْ : تَفَاوَضَا فِي الْحَدِيثِ إذَا شَرَعَا فِيهِ جَمِيعًا وَقِيلَ مِنْ قَوْلِهِمْ : قَوْمٌ فَوْضَى بِفَتْحِ الْفَاءِ أَيْ مُتَسَاوُونَ فَكُلُّ مَنْ اكْتَسَبَ شَيْئًا بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ بِتَفَاسِيرِ الثَّالِثِ فَهُوَ لَهُ يَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ وَلَا شِرْكَةَ فِيهِ لِلْآخَرِ ( إلَّا إذَا وُكِّلَ ) هـ وَفِي نُسْخَةٍ وُكِّلَ أَحَدُهُمَا ( أَنْ يَشْتَرِيَ فِي الذِّمَّةِ لَهُمَا عَيْنًا وَقَصَدَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ ) أَيْ الشِّرَاءَ لَهُمَا ( فَإِنَّهُمَا يَصِيرَانِ شَرِيكَيْنِ فِي الْعَيْنِ الْمَأْذُونِ فِيهَا ) وَإِلَّا إذَا حَصَلَ شَيْءٌ فِي النَّوْعَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنْ اكْتِسَابِ الْمُشْتَرِكَيْنِ لَهُ مُجْتَمِعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِحَسَبِ الشَّرْطِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأَوَّلِ ،

وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي الثَّانِي ، وَرُبَّمَا تَقَرَّرَ عِلْمُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَعَمُّ مِنْهُ فِي كَلَامِ أَصْلِهِ كَمَا يَعْرِفُهُ الْوَاقِفُ عَلَيْهِمَا وَهُوَ حَسَنٌ ، وَإِنْ كُنْت تَبِعْت الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَوْلُهُ ذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ مُوَكِّلُهُ بَلْ هُوَ الْوَجْهُ ( فَإِنْ أَرَادَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ شِرْكَةَ الْعِنَانِ ) كَأَنْ قَالَا تَفَاوَضْنَا أَوْ اشْتَرَكْنَا شِرْكَةَ عِنَانٍ ( جَازَ ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ
( قَوْلُهُ : أَنْ يَدْفَعَ خَامِلٌ مَالًا إلَى وَجِيهٍ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ مَعَ التَّصْرِيحِ بِالشِّرْكَةِ أَوْ قَصْدِهَا ( قَوْلُهُ أَشَارَ إلَى كَثْرَةِ الْغَرَرِ وَالْجَهَالَاتِ فِيهَا ) وَلِأَنَّهَا مَعْقُودَةٌ عَلَى أَنْ يُشَارِكَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا يَخْتَصُّ بِسَبَبِهِ فَلَمْ تَصِحَّ كَمَا لَا تَصِحُّ عَلَى مَا يَرِثَانِ أَوْ يَتَّهِبَانِ ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ خَالَفَ مُوجِبُهُ مُوجِبَ سَائِرِ الْعُقُودِ فِي الْأُصُولِ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَصِحَّ ( قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ ) قَالَ شَيْخُنَا : وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ ، فَإِنْ وَقَعَ بَعْدَ خَلْطٍ كَفَى ، وَإِنْ لَمْ يَصْدُرْ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ فِي الشِّرْكَةِ فِي الْعُرُوضِ : أَنْ يَبِيعَ بَعْضَ عَرَضِهِ بِبَعْضِ عَرَضِ الْآخَرِ ، وَيَأْذَنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ ، وَلَيْسَ مِنْهُ لَفْظُ شِرْكَةٍ بِخِلَافِ لَفْظِ الشِّرْكَةِ ، وَلَوْ مَعَ ذِكْرِ الْعِنَانِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ ) الْمَاءَ بِاتِّفَاقِهِمْ ( وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ ) عَقْدُ الشِّرْكَةِ ؛ لِأَنَّهَا مَنَافِعُ أَشْيَاءَ مُتَمَيِّزَةٍ ( وَالْمَاءُ ) الْحَاصِلُ بِالِاسْتِقَاءِ ( لِلْمُسْتَقِي إنْ كَانَ مِلْكَهُ أَوْ مُبَاحًا وَقَصَدَهُ لِنَفْسِهِ ) أَوْ أَطْلَقَ ( وَعَلَيْهِ ) لِكُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ ( الْأُجْرَةُ ) أَيْ أُجْرَةُ مِثْلِ مَالِهِ ( وَلَوْ قَصَدَ الشِّرْكَةَ بِالِاسْتِقَاءِ ) فِي الْمُبَاحِ وَفِي نُسْخَةٍ فِي الِاسْتِقَاءِ ( فَالْمُبَاحُ بَيْنَهُمْ ) لِجَوَازِ النِّيَابَةِ فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ ( وَقِسْمَتُهُ ) تَكُونُ ( عَلَى قَدْرِ أَجْرِ أَمْثَالِهِمْ ) لِحُصُولِهِ بِمَنَافِعَ مُخْتَلِفَةٍ ( بِلَا تَرَاجُعٍ ) بَيْنَهُمْ وَقِيلَ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالسَّوِيَّةِ اتِّبَاعًا لِلْقَصْدِ فَيَرْجِعُ الْمُسْتَقِي عَلَى كُلٍّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلُثِ أُجْرَةِ مَنْفَعَتِهِ ؛ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِنْهُ إلَّا الثُّلُثُ ، وَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ صَاحِبَيْهِ بِثُلْثَيْ أُجْرَةِ مَا لَهُ عَلَى صَاحِبهِ ، وَعَلَى الْمُسْتَقِي ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( وَإِنْ اسْتَأْجَرَ رَجُلٌ الْجَمَلَ ) مِنْ وَاحِدٍ ( وَالرَّاوِيَةَ ) مِنْ آخَرَ ( وَالْمُسْتَقِي ) لِاسْتِقَاءِ الْمَاءِ ( وَالْمَاءُ مُبَاحٌ ) فَإِنْ اسْتَأْجَرَ ( كُلًّا ) مِنْهُمْ ( فِي عَقْدٍ صَحَّ ) الْعَقْدُ ( وَإِنْ اسْتَأْجَرَهُمْ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَسَدَتْ ) أَيْ الْإِجَارَةُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنِ وَاحِدٍ ( وَ ) عَلَيْهِ ( لِكُلٍّ ) مِنْهُمْ ( أُجْرَةُ مِثْلِهِ ، وَالْمَاءُ لِلْمُسْتَأْجِرِ ) فِي الصُّورَتَيْنِ ( وَلَوْ قَصَدَ الْمُسْتَقِي ) بِهِ ( نَفْسَهُ ) وَلَا أَثَرَ لِلْفَسَادِ فِي الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ لِلْمُسْتَأْجِرِ ( وَإِنْ أَلْزَمَ ذِمَّتَهُمْ الِاسْتِقَاءَ بِمَالٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِأَلْفٍ ( صَحَّ ) عَقْدُ الْإِجَارَةِ ؛ إذْ لَيْسَتْ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ تُفْرَضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا ، وَإِنَّمَا عَلَى كُلٍّ

مِنْهُمْ ثُلُثُ الْعَمَلِ ، وَزَادَ عَلَى الرَّوْضَةِ قَوْلَهُ الِاسْتِقَاءُ لِيُوَافِقَ مَا فِي الرَّافِعِيِّ وَلِيَرْفَعَ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ إيهَامِ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِيمَا لَوْ أَلْزَمَ ذِمَّةَ رَجُلٍ جَمَلًا وَآخَرَ رَاوِيَةً وَآخَرَ الِاسْتِقَاءَ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُبْطِلَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهِ ( وَإِنْ أَلْزَمَ ) مَالِكُ بُرٍّ فِيمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ بَيْتُ رَحَى ، وَلِآخَرَ حَجَرُهَا وَلِآخَرَ بَغْلٌ يُدِيرُهُ وَآخَرُ يَطْحَنُ فِيهَا ( ذِمَّةَ الطَّحَّانِ وَمُلَّاكَ بَيْتِ الرَّحَى وَ ) حَجَرِ ( الرَّحَى وَالْبَغْلِ طَحْنَ بُرٍّ فِي عَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ وَكَانَ الْمُسَمَّى ) مِنْ الْأُجْرَةِ ( بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَمْلُوكَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ قَدْ اسْتَوْفَى رُبُعَهَا حَيْثُ أَخَذَ رُبُعَ الْمُسَمَّى ، وَانْصَرَفَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا إلَى أَصْحَابِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنْ اسْتَوَتْ أُجَرُهُمْ حَصَلَ التَّقَاصُّ ، وَإِلَّا رَجَعَ مَنْ زَادَتْ أُجْرَتُهُ بِالزَّائِدِ ، وَقَوْلُهُ فِي الذِّمَّةِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الْأَعْيَانَ ) أَيْ الطَّحَّانَ وَالْآلَاتِ الْمَذْكُورَةَ .
( وَكُلُّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ( فِي عَقْدٍ ) وَاحِدٍ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ ( بِالْمُسَمَّى ) فِيهِ ( أَوْ ) اسْتَأْجَرَهَا ( مَعًا فَسَدَ ) الْعَقْدُ كَشِرَاءِ عَبِيدِ جَمْعٍ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ كَمَا مَرَّ ( وَالْحُكْمُ ) فِيهِ ( كَمَا سَبَقَ ) فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْجَمَلِ وَالرَّاوِيَةِ وَالْمُسْتَقِي مِنْ أَنَّ لِكُلٍّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ ، وَإِنْ أَلْزَمَ مَالِكُ الْبُرِّ ذِمَّةَ الطَّحَّانِ الطَّحْنَ لَزِمَهُ ، وَعَلَيْهِ إذَا اسْتَعْمَلَ مَا لِأَصْحَابِهِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْهُمْ إجَارَةً صَحِيحَةً فَعَلَيْهِ الْمُسَمَّى صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبُذُورِ وَآلَةِ الْحَرْثِ مَعَ رَابِعٍ يَعْمَلُ عَلَى أَنَّ الْغَلَّةَ بَيْنَهُمْ ) لَمْ تَصِحَّ شِرْكَةً لِعَدَمِ اخْتِلَاطِ مَالَيْنِ ، وَلَا إجَارَةً

لِعَدَمِ تَقْدِيرِ الْمُدَّةِ وَالْأُجْرَةِ وَلَا قِرَاضًا ؛ إذْ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ رَأْسُ مَالٍ يَرْجِعُ إلَيْهِ عِنْدَ الِانْفِسَاخِ ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ مِنْ فَائِدَتِهِ لَا مِنْ عَيْنِهِ ، وَلَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهَا ( فَالزَّرْعُ لِمَالِكِ الْبَذْرِ ، وَلَهُمْ عَلَيْهِ الْأُجْرَةُ إنْ حَصَلَ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ بِأَنْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ ( فَلَا ) أُجْرَةَ لَهُمْ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُحَصِّلُوا لَهُ شَيْئًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا بَدَلَهُ ، وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ لَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ رِبْحٍ وَعَدَمِ حُصُولِهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي هُنَا مَوْجُودٌ ثَمَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ وُجِدَ فِيهِ صُورَةُ الْقِرَاضِ ، وَمَا هُنَا لَمْ يُوجَدْ فِيهِ ذَلِكَ ، وَلَا صُورَةُ شِرْكَةٍ ، وَلَا إجَارَةٍ بَلْ أَقْرَبُ الْأَشْيَاءِ بِهِ الْجَعَالَةُ الْفَاسِدَةُ وَالْعَامِلُ فِيهَا إنَّمَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ إذَا وُجِدَ فِيهَا الْغَرَضُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ أَخَذَ جَمَلًا لِرَجُلٍ ، وَرَاوِيَةً لِآخَرَ لِيَسْتَقِيَ ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ ) لَوْ دَفَعَ بَهِيمَةً أَوْ سَفِينَةً إلَى آخَرَ لِيَعْمَلَ عَلَيْهَا ، وَمَا رَزَقَهُ اللَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُشْتَرَكًا فَهِيَ شِرْكَةٌ فَاسِدَةٌ ، وَالْحُكْمُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا الْآنَ ، وَلَوْ دَفَعَ شَبَكَةً أَوْ كَلْبًا إلَى آخَرَ لِيَصْطَادَ ، وَالْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ ، قَالَ الْمُتَوَلِّي : وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ ، وَلِلْمَالِكِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْآلَةِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَلْيَكُنْ الْحُكْمُ كَمَا فِي الِاسْتِقَاءِ مِنْ الْمُبَاحِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ لَا يَخْفَى وَلَا يُنْكَرُ ( قَوْلُهُ : وَكَانَ الْمُسَمَّى بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا وَيَتَرَاجَعُونَ بِأَجْرِ الْمِثْلِ ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَالِ فَقَالَ : لَيْسَ هُنَا أَعْيَانٌ مُخْتَلِفَةٌ نَفْرِضُ جَهَالَةً فِي أُجُورِهَا ، وَإِنَّمَا عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتُهُ مِنْ الْعَمَلِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اشْتَرَكَ مَالِكُ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ إلَخْ ) وَكَذَا لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ وَرَقٌ وَلِآخَرَ بَزْرُ الْقَزِّ فَشَارَكَهُمَا ثَالِثٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ وَيَكُونَ الْفَيْلَجُ بَيْنَهُمْ لَمْ يَصِحَّ وَالْفَيْلَجُ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ ، وَعَلَيْهِ ثَمَنُ الْوَرَقِ وَأُجْرَةُ الْعَمَلِ وَلَوْ اشْتَرَكُوا فِي الْبَذْرِ أَوْ بَاعَ أَحَدُهُمْ بَعْضَ الدُّودِ مِنْ صَاحِبِهِ لَا يَشْتَرِكُونَ فِي الْفَيْلَجِ ، وَلَا نَظَرَ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الدُّودِ كَمَا لَا يَنْظُرُ فِي الْبَذْرِ الْمُشْتَرِكِ إلَى التَّفَاوُتِ فِيمَا يَنْبُتُ وَمَا لَا يَنْبُتُ قَالَ الْقَاضِي فِي الْفَتَاوَى : وَلَوْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحَدِهِمَا الْعَمَلَ ، وَمِنْ الْآخَرِ الْوَرَقُ لَمْ يَصِحَّ ، وَالْفَيْلَجُ بَيْنَهُمَا ، وَعَلَى صَاحِبِ الْوَرَقِ نِصْفُ أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَعَلَى الْعَامِلِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَرَقِ فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا وَالْوَرَقُ بَيْنَهُمَا صَحَّ وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْوَرَقِ أَوْ فِي الْعَمَلِ رَجَعَ صَاحِبُ الزِّيَادَةِ بِالزِّيَادَةِ وَإِنْ صَحَّتْ

الشِّرْكَةُ ، وَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ أَرْضًا عَلَى أَنْ يَغْرِسَهَا بِغِرَاسٍ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ وَالْغِرَاسُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ : وَلَيْسَ هَذَا شِرْكَةً وَلَا قِرَاضًا فَتَكُونُ الْأَرْضُ لِرَبِّهَا ، وَالْغِرَاسُ لِلْعَامِلِ ، وَلِرَبِّ الْأَرْضِ عَلَى الْعَامِلِ أُجْرَةُ أَرْضِهِ فَإِنْ طَالَبَهُ رَبُّ الْأَرْضِ بِالْقَلْعِ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ بِهِ لَزِمَهُ ، وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ تَنْقُصُ فَلِرَبِّهَا مُطَالَبَتُهُ بِهِ ، وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى إبْقَاءِ الْغِرَاسِ بِأُجْرَةٍ فَذَاكَ ، وَإِنْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : اقْلَعْ غِرَاسَكَ ، وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ وَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ : أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ رَبِّ الْأَرْضِ .
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ : اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : أُقِرُّهُ بِالْأُجْرَةِ قَدَّمْنَا قَوْلَ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَيُقَالُ لِلْآخَرِ : إنْ اخْتَرْت أَنْ تُقِرَّهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ وَإِلَّا فَاقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ ، وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : أُعْطِيك قِيمَةَ الْغِرَاسِ ، فَقَالَ رَبُّ الْغِرَاسِ : اقْلَعْ وَعَلَيْك مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ ، وَلَوْ قَالَ الْغَارِسُ : أَعْطِنِي قِيمَةَ غِرَاسِي ، وَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : بَلْ اقْلَعْ وَعَلَيَّ مَا نَقَصَ أَجَبْنَاهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ وَالْأُجْرَةِ ، فَقَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : خُذْ الْقِيمَةَ فَيَكُونُ الْكُلُّ لِي ، وَقَالَ الْغَارِسُ : بَلْ أُقِرُّهُ وَلَك الْأُجْرَةُ أَوْ قَالَ رَبُّ الْأَرْضِ : أَعْطِنِي الْأُجْرَةَ وَأُقِرُّهُ ، وَقَالَ : بَلْ أَعْطِنِي الْقِيمَةَ ، وَيَكُونُ الْكُلُّ لَك لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا يَطْلُبُهُ الْآخَرُ ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْغِرَاسِ زَرْعٌ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْأَرْضِ مُطَالَبَتُهُ بِقَلْعِهِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ إلَى الْحَصَادِ ( قَوْلُهُ : وَاسْتُشْكِلَ بِاتِّفَاقِهِمْ فِي الْقِرَاضِ إلَخْ ) هَذَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ إلَّا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي

الصَّحِيحِ وَهُوَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ إذَا لَمْ يَتْلَفْ الْمَالُ فِي يَدِهِ بِآفَةٍ فَإِنْ تَلِفَ بِهَا فِي يَدِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا فَكَذَا الْعَامِلُ فِي الْفَاسِدِ وَمِثْلُهُ الْعَامِلُ فِي الْجَعَالَةِ لَا يَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى أَوْ أُجْرَةَ الْمِثْلِ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَطْلُوبُ فِي يَدِ صَاحِبِهِ ، فَلَوْ رُدَّ الْآبِقُ مِنْ مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ وَمَاتَ عَلَى بَابِ دَارِ مَالِكِهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ، وَهُوَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا فَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ كَمَا صَوَّبَهُ النَّوَوِيُّ ، وَهُوَ الْقِيَاسُ الظَّاهِرُ ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ تَلِفَتْ تَحْتَ أَيْدِيهِمْ ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَضْمُونَةً تَحْتَ أَيْدِيهِمْ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا ضَمِنَهَا إذَا حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ بِالزَّرْعِ لِدُخُولِ مَنْفَعَتِهِمْ بِوَاسِطَتِهِ فِي ضَمَانِهِ قَوْلُهُ : وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ ) الْمُجِيبُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُمَا ( قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا الْجَوَابِ ) هَذَا الْجَوَابُ حَسَنٌ

( فَصْلٌ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ فَلَا يُسَافِرُ ) بِالْمَالِ ( وَلَا يُبْضِعُ ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَدْفَعُهُ لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ مُتَبَرِّعًا وَلَا يَبِيعُ نَسِيئَةً وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ ، وَلَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ( بِلَا إذْنٍ ) فِي الْجَمِيعِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الشِّرْكَةَ فِي الْحَقِيقَةِ تَوْكِيلٌ ، وَتَوَكُّلٌ وَمَعَ الْإِذْنِ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ نَعَمْ لَا يَسْتَفِيدُ رُكُوبَ الْبَحْرِ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي السَّفَرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْقِرَاضِ ( وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِ الْمَالِ ) الْمُشْتَرَكِ ( أَوْ بَاعَهُ بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ) فِيهِمَا ( صَحَّ فِي نَصِيبِهِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَانْفَسَخَتْ الشِّرْكَةُ فِي نَصِيبِهِ ( وَصَارَ الْمُشْتَرِي ) فِي الثَّانِيَةِ ، وَالْبَائِعُ فِي الْأُولَى ( شَرِيكَ شَرِيكِهِ ) سُمِّيَ الثَّانِي شَرِيكَهُ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ ( وَإِنْ اشْتَرَى بِالْغَبْنِ ) الْمَذْكُورِ ( فِي الذِّمَّةِ اخْتَصَّ ) الشِّرَاءُ ( بِهِ ) فَيَزِنُ الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ وَلَا يَضْمَنُ نَصِيبَ شَرِيكِهِ بِتَصَرُّفِهِ فِيهِ بِالْغَبْنِ مَا لَمْ يُسَلِّمْهُ كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ ، وَمِثْلُهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ نَسِيئَةً ، وَبِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ بِلَا إذْنٍ بِخِلَافِ مَا إذَا سَافَرَ بِهِ أَوْ أَبْضَعَهُ بِلَا إذْنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ فَلَا ضَمَانَ بِالسَّفَرِ بِهِ إلَى مَقْصِدِهِ ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ ، وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَلَا أَهْلُ الْبَلَدِ لِقَحْطٍ أَوْ عَدُوٍّ ، وَلَمْ تُمْكِنْهُ مُرَاجَعَةُ الشَّرِيكِ أَنَّ لَهُ السَّفَرَ بِالْمَالِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْوَدِيعَةِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ الشَّرِيكُ كَالْوَكِيلِ فِي التَّصَرُّفِ ) أَيْ بِالْمَصْلَحَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَشْتَرِي بِغَبْنٍ فَاحِشٍ ) الزِّيَادَةُ الْيَسِيرَةُ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ لَا أَثَرَ لَهَا ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا غَبْنٌ مَا كَمَا فِي الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ ، وَعَدْلُ الرَّهْنِ وَنَحْوُهُ إلَّا فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ هُوَ مَا كَانَ شَرْعًا عَامًّا كَمَا فِي التَّيَمُّمِ إذَا وُجِدَ الْمَاءُ يُبَاعُ بِزِيَادَةٍ يَسِيرَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ ، وَلَا تَلْزَمُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ؛ لِأَنَّ مَا وَصَفَهُ الشَّارِعُ وَهُوَ حَقٌّ لَهُ بُنِيَ عَلَى الْمُسَامَحَةِ ( قَوْلُهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْجَمِيعِ ) لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ : بِعْ بِمَا تَرَى وَجَبَ مُرَاعَاةُ النَّظَرِ ، أَوْ بِمَا شِئْت فَلَهُ الْبَيْعُ بِالْمُحَابَاةِ قَالَهُ فِي التَّجْرِيَةِ وَفُرِّقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ بِمَا تَرَى تَفْوِيضٌ إلَى الرَّأْيِ ، وَهُوَ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ بِمَا شِئْت سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقِرَاضِ أَنَّهُ يَبِيعُ بِالْعَرَضِ وَالْوَجْهُ أَنَّ الشَّرِيكَ كَذَلِكَ ، وَكَذَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ الْمَعِيبِ إنْ رَأَى ذَلِكَ مَصْلَحَةً ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْبَابَيْنِ الرِّبْحُ ، وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ اعْتِبَارَهُمْ النَّقْدَ قَالَ : هَذَا غَلَطٌ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الرِّبْحُ ، وَذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ بَلْ يَكُونُ فِي الْعُرُوضِ كَالْقِرَاضِ ( فَرْعٌ ) وَإِنْ اشْتَرَى بِلَا غَبْنٍ وَقَعَ لِلشَّرِكَةِ ، وَطُولِبَ بِكُلِّ الثَّمَنِ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ فَإِنْ سَلَّمَهُ مِنْ مَالِهِ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِهَا طَالَبَهُ شَرِيكُهُ بِحِصَّتِهِ ، أَوْ وَقَدْ نَضَّ فَهَلْ يُطَالِبُهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ مُطَالَبَتَهُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَقَدَ الشِّرْكَةَ بِمَفَازَةٍ ) كَانَا مِنْ أَهْلِ النُّجْعَةِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ لِكُلٍّ ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ( فَسْخُهَا ) أَيْ الشِّرْكَةِ مَتَى شَاءَ ( فَإِنْ فَسَخَ أَحَدُهُمَا بَطَلَتْ ) كَالْوَكَالَةِ فِيهِمَا ( وَانْعَزَلَا ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ التَّصَرُّفِ فِي مَالِ الْآخَر لِارْتِفَاعِ الْعَقْدِ ( وَإِنْ عَزَلَ ) أَحَدُهُمَا ( صَاحِبَهُ ) كَأَنْ قَالَ : عَزَلْتُك عَنْ التَّصَرُّفِ أَوْ لَا تَتَصَرَّفْ فِي نَصِيبِي ( لَمْ يَنْعَزِلْ الْعَازِلُ ) بَلْ مُخَاطَبُهُ فَقَطْ ؛ إذْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَقْتَضِي عَزْلَهُ بِخِلَافِ مُخَاطَبِهِ

( فَصْلٌ تَنْفَسِخُ ) الشِّرْكَةُ ( بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ ) كَالْوَكَالَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ الْحُكْمُ فِي الثَّالِثَةِ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِ فَإِذَا أَفَاقَ تَخَيَّرَ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ ، وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ ، أَوْ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا ( وَعَلَى وَلِيِّ الْوَارِثِ ) غَيْرِ الرَّشِيدِ فِي الْأُولَى ( وَالْمَجْنُونِ ) فِي الثَّانِيَةِ ( اسْتِئْنَافُهَا لَهُمَا ) وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ ( عِنْدَ الْغِبْطَةِ ) فِيهَا بِخِلَافِ مَا إذَا انْتَفَتْ الْغِبْطَةُ فِيهَا فَعَلَيْهِ الْقِسْمَةُ ، وَذِكْرُ حُكْمِ الْوَلِيِّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَمَّا إذَا كَانَ الْوَارِثُ رَشِيدًا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِ الشِّرْكَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةٌ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّ غَيْرِ الرَّشِيدِ اسْتِئْنَافُهَا إلَّا ( بَعْدَ قَضَاءِ ) مَا هُنَاكَ مِنْ ( دَيْنٍ وَوَصِيَّةٍ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ ) كَالْفُقَرَاءِ ؛ لِأَنَّ الْمَالَ حِينَئِذٍ كَالْمَرْهُونِ ، وَالشِّرْكَةُ فِي الْمَرْهُونِ بَاطِلَةٌ ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْوَارِثِ الرَّشِيدِ ، وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي وَلِيِّ الْوَارِثِ غَيْرِ الرَّشِيدِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ كَمَا تَقَرَّرَ ( وَلِلْمُعَيَّنِ ) اسْتِئْنَافُهَا مَعَ الْوَارِثِ أَوْ وَلِيِّهِ وَشَرِيكِهِ ( إنْ عُرِفَتْ مُشَارَكَتُهُمْ ) أَيْ الثَّلَاثَةِ ( فِيهَا ) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ أَيْ مَحَلِّهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ لِمُعَيَّنٍ فَهُوَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ أَيْ فَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ رَشِيدًا وَكَوْنِهِ غَيْرَ رَشِيدٍ ، وَهَذِهِ مُوَافِقَةٌ لِعِبَارَةِ الْأَصْلِ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ الْإِجْحَافِ وَيَنْفَسِخُ أَيْضًا بِطُرُقِ الْحَجْرِ بِالسَّفَهِ وَالْفَلَسِ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ لَا يَنْفُذُ مِنْهُمَا كَنَظِيرِهِ فِي الْوَكَالَةِ ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ أَيْضًا بِطُرُقِ الِاسْتِرْقَاقِ وَالرَّهْنِ

( قَوْلُهُ وَإِغْمَائِهِ ) مَحَلُّ الْفَسْخِ بِالْإِغْمَاءِ إذَا طَالَ زَمَنُهُ بِحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ صَلَاةً وَاحِدَةً لِمُرُورِ وَقْتِهَا ، فَلَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّ قَالَهُ فِي الْبَحْرِ كَالْمَاوَرْدِيِّ قَالَ شَيْخُنَا : ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ بِلَفْظِ التَّقْرِيرِ ) قَالَ فِي الْبَيَانِ : وَإِذَا أَذِنَ الْوَارِثُ الرَّشِيدُ لَلشَّرِيكِ فِي التَّصَرُّفِ أَوْ أَذِنَ الْوَلِيُّ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ عَرَضًا أَوْ نَقْدًا ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ إنَّمَا لَا تَجُوزُ ابْتِدَاءً عَلَى الْعُرُوضِ ، وَهَذَا اسْتِدَامَةُ شِرْكَةٍ ، وَلَيْسَ بِابْتِدَاءِ عَقْدٍ .
ا هـ .
قَالَ بَعْضُهُمْ : وَعَلَيْهِ يُنَزَّلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ ، وَلَكِنْ فِي عِبَارَتِهِمَا إيهَامٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ أَقْرَبُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَيَنْبَغِي أَنْ تَنْفَسِخَ أَيْضًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ الرِّبْحُ ) وَالْخُسْرَانُ ( فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ ) بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لَا الْأَجْزَاءِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ شُرِطَ ذَلِكَ أَمْ لَا ( لَا ) عَلَى قَدْرِ ( الْعَمَلِ ) وَإِنْ تَفَاوَتَا فِيهِ ؛ لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا شَيْئًا مِنْهُمَا فِي مُقَابَلَتِهِ لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ ( فَشَرْطُ التَّفَاضُلِ ) فِيهِمَا مَعَ التَّسَاوِي فِي الْمَالَيْنِ أَوْ بِالْعَكْسِ ( يُبْطِلُهَا ) ، وَالتَّصَرُّفُ صَحِيحٌ لِلْإِذْنِ وَيُقَسَّمُ الرِّبْحُ عَلَى قَدْر الْمَالَيْنِ ( وَلَوْ شُرِطَ زِيَادَةٌ ) فِي الرِّبْحِ ( لِلْأَكْثَرِ ) مِنْهُمَا ( عَمَلًا ) مُبْهَمًا كَانَ نَحْوَ : عَلَى أَنَّ لِلْأَكْثَرِ مِنَّا عَمَلًا كَذَا أَوْ مُعَيَّنًا نَحْوَ عَلَى أَنَّ لَكَ كَذَا إنْ كُنْت أَكْثَرَ عَمَلًا مِنِّي ( بَطَلَ الشَّرْطُ ) كَمَا لَوْ شُرِطَ التَّفَاوُتُ فِي الْخُسْرَانِ فَإِنَّهُ يَلْغُو ، وَيُوَزَّعُ الْخُسْرَانُ عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ ، وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ قِرَاضًا فَإِنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ ثَمَّ مُخْتَصًّا بِمَالِ الْمَالِكِ ، وَهُنَا بِمَالَيْهِمَا وَلِأَنَّ الْعَمَلَ فِي الشِّرْكَةِ لَا يُقَابَلُ بِعِوَضٍ وَبِذَلِكَ فَارَقَ صِحَّةَ الْمُسَاقَاةِ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَرَةِ ( وَوَجَبَ لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( أُجْرَةُ عَمَلِهِ ) عَلَى صَاحِبِهِ كَمَا فِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ ( وَكَذَا ) يَجِبُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ذَلِكَ ( عِنْدَ فَسَادِ الشِّرْكَةِ ) بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ( لِبَقَاءِ الْإِذْنِ فِي التَّصَرُّفِ .
فَإِنْ تَسَاوَيَا فِي أُجْرَةِ الْعَمَلِ وَقَعَ التَّقَاصُّ ) فِي الْجَمِيعِ إنْ تَسَاوَيَا فِي الْمَالِ أَيْضًا ، وَفِي بَعْضِهِ إنْ تَفَاوَتَا فِيهِ كَأَنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ ، وَأُجْرَةُ عَمَلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ فَثُلُثَا عَمَلِ الْأَوَّلِ فِي مَالِهِ ، وَثُلُثُهُ عَلَى الثَّانِي ، وَعَمَلُ الثَّانِي بِالْعَكْسِ فَيَكُونُ لِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ ثُلُثُ الْمِائَةِ لَهُ عَلَى الْأَوَّلِ ثُلُثَاهُ فَيَقَعُ التَّقَاصُّ بِثُلُثَيْهَا ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْأَوَّلِ بِثُلُثِهَا ( وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لَا عَمَلًا ) كَأَنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَلْفٌ وَسَاوَى عَمَلُ

أَحَدِهِمَا مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً ( وَشُرِطَ زِيَادَةٌ لِمَنْ عَمِلَ ) مِنْهُمَا ( أَكْثَرَ قَاصَصَ ) صَاحِبَهُ بِرُبُعِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ ( وَرَجَعَ ) عَلَيْهِ ( بِمَا زَادَ ) وَهُوَ رُبُعُهَا ؛ لِأَنَّ نِصْفَ عَمَلِهِ مِائَةٌ ، وَنِصْفُ عَمَلِ صَاحِبِهِ خَمْسُونَ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصِّ خَمْسُونَ ، وَإِنْ شُرِطَتْ الزِّيَادَةُ لِمَنْ عَمِلَ أَقَلَّ فَلَا رُجُوعَ لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ ، وَكَذَا لَوْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِأَصْلِ التَّصَرُّفِ لَا يَرْجِعُ بِنِصْفِ أُجْرَةِ عَمَلِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ مَفْهُومِ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْوَجْهُ فِي قَوْلِهِ التَّقَاصُصِ وَقَاصَصَ الْإِدْغَامُ ( فَإِنْ شُرِطَتْ ) أَيْ الزِّيَادَةُ ( لِوَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( إنْ زَادَ عَمَلُ الْآخَرِ لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا ) يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَوَّلِ ( وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ ) لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا أَلْفَانِ ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَتَانِ ، وَلِلْآخَرِ أَلْفٌ ، وَقِيمَةُ عَمَلِهِ مِائَةٌ فَلِصَاحِبِ الْأَكْثَرِ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ، وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ وَقَدْرُهُمَا مُتَّفِقٌ فَيَتَقَلَّصَانِ .
وَإِنْ كَانَ قِيمَةُ عَمَلِ صَاحِبِ الْأَقَلِّ مِائَتَيْنِ وَالْآخَرِ مِائَةً فَلِصَاحِبِ الْأَقَلِّ ثُلُثُ الْمِائَتَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَلِلْآخَرِ ثُلُثُ الْمِائَةِ عَلَيْهِ فَيَبْقَى لَهُ بَعْدَ التَّقَاصُّ مِائَةٌ وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ : وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ ، وَقَوْلُهُ : فَإِنْ شُرِطَتْ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ عَنْ قَوْلِهِ : وَلَوْ اسْتَوَيَا مَالًا لِيَصْلُحَ جَعْلُ قَوْلِهِ : وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ غَايَةً لَهُ وَكَلَامُ الْأَصْلِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ فَرَضَ الْمَشْرُوطُ لَهُ الزِّيَادَةُ مُعَيَّنًا ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَالِحٌ لَهُ وَلِلْمُبْهَمِ ، كَمَا تَقَرَّرَ إلَّا الْمَزِيدَةَ فَإِنَّهُ فَرَضَهَا فِي مُعَيَّنٍ

فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ الرِّبْحُ فِيهَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ ) ؛ لِأَنَّهُ ثَمَرَتُهَا فَكَانَ عَلَى قَدْرِهِمَا كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ ، فَأَثْمَرَتْ أَوْ شَاةٌ فَنَتَجَتْ ( قَوْلُهُ : لَخَالَفْنَا وَضْعَ الشِّرْكَةِ ) أَيْ وَاخْتَلَطَ عَقْدُ الشِّرْكَةِ بِالْقِرَاضِ ( فَرْعٌ ) إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى التَّفَاوُتِ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى رَأْسِ مَالِ حِصَّتِهِ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ قَاصَصَ وَرَجَعَ بِمَا زَادَ ) ؛ لِأَنَّ الشِّرْكَةَ عَقْدٌ يَقْصِدُ بِهِ الرِّبْحَ فَاسْتَحَقَّ الْعِوَضَ فِيهِ عَنْ الْعَمَلِ عِنْدَ فَسَادِهِ كَالْقِرَاضِ ( قَوْلُهُ : وَهَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ قَوْلِهِ : وَإِنْ تَفَاوَتَا فِي الْمَالِ ) هَذَا الْمِثَالُ لَا رُجُوعَ فِيهِ لِمَنْ زَادَ عَمَلُهُ لِتَبَرُّعِهِ بِمَا زَادَ مِنْهُ ؛ إذْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الزِّيَادَةَ شُرِطَتْ لِصَاحِبِهِ إنْ زَادَ عَمَلُهُ فَلَيْسَتْ مُسْتَثْنَاةً مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

( فَصْلٌ يَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدُ أَمَانَةٍ كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ وَالْخِيَانَةِ وَغَيْرِهِمَا ) مِمَّا يَأْتِي فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمِنْهُ لَوْ ادَّعَى التَّلَفَ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَحَرِيقٍ طُولِبَ بِبَيِّنَةٍ بِالسَّبَبِ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ ( وَيُصَدَّقُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( بِيَمِينِهِ فِي تَخْصِيصِهِ ) وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ ( بِمَا فِي يَدِهِ ) عَمَلًا بِهَا ( وَ ) فِي أَنَّ ( مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ وَهَذِهِ يُغْنِي عَنْهَا مَا قَبْلَهَا ( لَا إنْ ادَّعَى مِلْكَهُ بِالْقِسْمَةِ ) مَعَ قَوْلِ الْآخَرِ هُوَ بَاقٍ عَلَى شَرِكَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقِسْمَةِ ( وَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( مِلْكَ الْعَبْدِ ) مَثَلًا ( بِالْقِسْمَةِ ) وَهُوَ فِي يَدِهِمَا أَوْ يَدِ أَحَدِهِمَا بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا هَذَا نَصِيبِي مِنْ الْمُشْتَرَكِ وَأَنْتَ أَخَذْت نَصِيبك حَلِفًا ( وَ ) إذَا ( حَلَفَا ) أَوْ نَكَلَا ( جُعِلَ ) الْعَبْدُ ( مُشْتَرَكًا ) بَيْنَهُمَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ ( فَلِلْحَالِفِ ) الْعَبْدُ

( قَوْلُهُ : كَالْمُودِعِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ ) الْمُرَادُ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي رَدِّ نَصِيبِ الشَّرِيكِ بَعْدَ تَمْيِيزِهِ بِالْقِسْمَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ الْكُلِّ ، وَأَرَادَ طَلَبَ نَصِيبِهِ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي طَلَبِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : أَفَادَهُ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ ( قَوْلُهُ ثُمَّ يُصَدَّقُ فِي التَّلَفِ بِهِ بِيَمِينِهِ ) إذَا حَلَفَ أَنَّهُ تَلِفَ فَأَقَامَ شَرِيكُهُ بَيِّنَةً أَنَّهَا رَأَتْهُ فِي يَوْمٍ بَعْدَهُ فَهَلْ تَبْطُلُ يَمِينُهُ وَيَغْرَمُ أَوْ لَا بَلْ يَسْأَلُ فَإِنْ ذَكَرَ مَا تَسْلَمُ مَعَهُ يَمِينُهُ كَمَا إذَا قَالَ عَادَ إلَيَّ بَعْدَ التَّلَفِ ثُمَّ عَدِمْتُهُ لَمْ يَغْرَمْ ، وَإِلَّا غَرِمَ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ : وَعَدَمُ تَخْصِيصِهِ ) بِأَنْ قَالَ ذُو الْيَدِ : هُوَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ ، وَقَالَ الْآخَرُ : هُوَ مُخْتَصٌّ بِي ( قَوْلُهُ : وَفِي أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ أَوْ لِنَفْسِهِ ) سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ نَوَاهُ ( فَرْعٌ ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ كَوْنُهُ مَعِيبًا وَأَرَادَ رَدَّ حِصَّتِهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ عَلَى الْبَائِعِ أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ لِلشِّرْكَةِ ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْعِمْرَانِيُّ ( تَنْبِيهٌ ) ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِأَنَّ ذَلِكَ الْأَلْفَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ لَمْ يَكُنْ دَافِعًا لِبَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ إلَّا أَنَّهُ صَارَ مُتَعَدِّيًا فِيهِ فَيَضْمَنُهُ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَلَوْ قَالَ : أَنَا وَفُلَانٌ شَرِيكَانِ فِي هَذِهِ الدَّارِ فَهِيَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ ، فَلَوْ قَالَ : لِلْمُقَرِّ لَهُ الرُّبْعُ مَثَلًا فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَسْمَعُ ، وَيَحْلِفُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ مَا يَقُولُهُ مُحْتَمَلٌ وَالثَّانِي : لَا ، وَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْخُلْعِ بِالْأَوَّلِ فَلَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَرِيكَانِ فِي هَذَا الْمَالِ

اُسْتُفْسِرَتْ الْبَيِّنَةُ عَنْ مِقْدَارِ النَّصِيبَيْنِ فَإِنْ لَمْ تُبَيِّنْ ، وَالْمَالُ فِي يَدِهِمَا جُعِلَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَالْمُتَّجَهُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكٍ مَأْذُونٍ ) لَهُ فِي بَيْعِهِ ( تَسْلِيمَ الثَّمَنِ ) مَعَ إنْكَارِ الْبَائِعِ ( فَصَدَّقَهُ شَرِيكُهُ ) فِي دَعْوَاهُ ( سَقَطَ حَقُّهُ عَنْ الْمُشْتَرِي ) لِاعْتِرَافِهِ بِبَرَاءَتِهِ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّمْ شَيْئًا مِنْ الثَّمَنِ ( فَإِنْ حَلَفَ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ أَخْذ حَقَّهُ مِنْهُ ) بِيَمِينِهِ فِي الْأُولَى وَمُؤَاخَذَةً لِلْمُشْتَرِي بِاعْتِرَافِهِ بِلُزُومِ الْحَقِّ لَهُ بِالشِّرَاءِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَيْسَ ذَلِكَ قَضَاءً بِنُكُولِهِ فِيهَا ( وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ صَاحِبُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْآنَ ظُلْمٌ ( بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ الْبَائِعَ ) بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ لِزَعْمِهِ أَنَّهُ قَبَضَهُ ( وَتَحْلِيفِهِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا مَا قَبَضَ بِالْخُصُومَةِ ) الْجَارِيَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا حَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ فَتَنْقَطِعُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالتَّسْلِيمِ ، أَوْ أَقَرَّ بِهِ الْبَائِعُ ، فَلَوْ شَهِدَ لَهُ شَرِيكُ الْبَائِعِ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَصِيبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ جَرِّ مَنْفَعَةٍ لَهُ ، وَهُوَ مُطَالَبَتُهُ الْبَائِعَ بِحِصَّتِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ هُنَا ( فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ ) فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ حَلَفَ صَاحِبُهُ ( وَ ) إذَا ( حَلَفَ صَاحِبُهُ غَرِمَ لَهُ الْبَائِعُ ) حِصَّتَهُ ( وَلَمْ يَرْجِعْ ) بِهَا ( عَلَى الْمُشْتَرِي ) ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ شَرِيكَهُ ظَلَمَهُ ( وَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَهُ هُنَا ) أَيْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ .
( وَإِنْ كَانَ قَدْ نَكَلَ هُنَاكَ ) أَيْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ الْمُشْتَرِي ( لِأَنَّ هَذِهِ خُصُومَةٌ أُخْرَى ) مَعَ آخَرَ ( وَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ سَلَّمَ ) الثَّمَنَ ( إلَى ) الشَّرِيكِ ( الَّذِي لَمْ يَبِعْ وَصَدَّقَهُ الْبَائِعُ ) مَعَ إنْكَارِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ ( فَإِنْ كَانَ ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ ( مَأْذُونًا لَهُ ) مِنْ الْبَائِعِ ( فِي الْقَبْضِ ) لِلثَّمَنِ ( فَالْبَائِعُ هُنَا

كَصَاحِبِهِ ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ ( هُنَاكَ ) أَيْ فِيمَا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ فِي أَنَّهُ ( يَسْقُطُ حَقُّهُ ) عَنْ الْمُشْتَرِي لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ وَكِيلَهُ قَبَضَهُ ، وَفِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ بِيَمِينِهِ فِي أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّمْ الثَّمَنَ فَإِنْ حَلَفَ أَوْ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ أَخَذَ حَقَّهُ مِنْهُ وَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ الْبَائِعُ بَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَبِعْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَّا مَا قَبَضَ بِالْخُصُومَةِ وَإِنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ وَلَوْ شَهِدَ لَهُ الْبَائِعُ لَمْ يُقْبَلْ فِي نَصِيبِهِ فَإِنْ نَكَلَ الَّذِي لَمْ يَبِعْ فِي خُصُومَتِهِ مَعَ صَاحِبِهِ ، وَحَلَفَ صَاحِبُهُ غَرِمَ لَهُ الَّذِي لَمْ يَبِعْ حِصَّتَهُ ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي ، وَلِلَّذِي لَمْ يَبِعْ أَنْ يَحْلِفَ هُنَا ، وَإِنْ كَانَ قَدْ نَكَلَ هُنَاكَ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ خُصُومَةٌ أُخْرَى مَعَ آخَرَ فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ يَسْقُطُ حَقُّهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ كَانَ ) الَّذِي لَمْ يَبِعْ ( غَيْرَ مَأْذُونٍ ) لَهُ فِي الْقَبْضِ ( لَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْبَائِعِ ) عَنْ الْمُشْتَرِي ( فَيُطَالِبُ ) هـ ( بِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ حَقُّ الَّذِي لَمْ يَبِعْ أَيْضًا فَيُطَالِبُهُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْقَبْضِ .
( ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَائِع مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ ) لِلثَّمَنِ ( لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْجَمِيعِ ) أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ نَصِيبِ شَرِيكِهِ ( لِأَنَّهُ انْعَزَلَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِ نَصِيبِهِ فَإِنْ قَبَضَ ) الْبَائِعُ ( حَقَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ الشَّرِيكُ ) فِيمَا قَبَضَهُ ( لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ ) عَنْ الْوَكَالَةِ بِمَا ذُكِرَ ( بَلْ يُطَالِبُ ) الشَّرِيكُ ( الْمُشْتَرِيَ بِحَقِّ نَفْسِهِ ) وَقِيلَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَهُ وَيَأْخُذَ الْبَاقِيَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ شَائِعٌ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْإِرْثِ فَعَلَى هَذَا لَا

تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهَا شِرْكَةَ صَاحِبِهِ فِيمَا أَخَذَهُ ، وَعَلَى الْأَوَّلِ تُقْبَلُ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَرْجِيحِ الْأَصْلِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قَبْضَ نَصِيبِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِمَا يَأْتِي ، وَفِي نُسْخَةٍ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ إلَّا إنْ جَدَّدَ لِصَاحِبِهِ وَكَالَةً ، فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْجَمِيعِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي جَدَّدَ لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ وَفِي فَإِنَّهُ لِلْبَائِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِقَبْضِ شَرِيكِهِ الثَّمَنَ فَكَيْف يَتَوَكَّلُ لَهُ فِي قَبْضِ مَا لَيْسَ لَهُ بِزَعْمِهِ فَالْوَجْهُ جَعْلُ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ لِلْبَائِعِ وَالثَّانِي لِلَّذِي لَمْ يَبِعْ وَفِي التَّعْبِيرِ بِالتَّجَدُّدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْبَائِعِ مَجَازٌ ( وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَنْهِيًّا عَنْ الْقَبْضِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ ( قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِلْمُشْتَرِي ) عَلَى الشَّرِيكِ بِقَبْضِهِ الثَّمَنَ كَمَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ ( وَلَوْ بَاعَا عَبْدَهُمَا صَفْقَةً ) أَوْ وَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فَبَاعَهُ ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( قَبْضُ نَصِيبِهِ ) مِنْ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ انْفَرَدَ بِالْبَيْعِ فَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَهُ .
وَقَدْ يُقَالُ قِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الْمُشْتَرَكِ مِنْ إرْثٍ وَدَيْنِ كِتَابَةٍ أَنَّهُ يُشَارِكُهُ فِيهِ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْحَقِّ كَمَا هُوَ وَجْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ ، وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الثَّمَنَ مُشْتَرَكٌ بَلْ كُلٌّ يَمْلِكُ مِنْهُ نَصِيبَهُ مُنْفَرِدًا وَلَوْ سُلِّمَ فَيُجَابُ بِأَنَّ الِاتِّحَادَ الْمُقْتَضِيَ لِلْمُشَارَكَةِ فِيمَا يُقْبَضُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَتَأَتَّ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِالِاسْتِحْقَاقِ لِنَصِيبِهِ فِيمَا اشْتَرَكَا فِيهِ كَمَا فِي ذَيْنِك بِخِلَافِ هَذِهِ نَعَمْ قَدْ تُشْكَلُ هَذِهِ بِالْمُشْتَرَكِ بِالشِّرَاءِ مَعًا إذَا ادَّعَيَاهُ ، وَهُوَ فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِنِصْفِهِ فَإِنَّ الْآخَرَ

يُشَارِكُهُ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي الصُّلْحِ مَعَ أَنَّ شِرَاءَ أَحَدِهِمَا يَتَأَتَّى انْفِرَادُهُ عَنْ شِرَاءِ الْآخَرِ ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ ثَمَّ نَفْسُ الْمُدَّعِي ، وَهُنَا بَدَلُهُ فَأُلْحِقَ ذَاكَ بِذَيْنِك ، وَإِنْ تَأَتَّى الِانْفِرَادُ فِيهِ ( وَإِنْ أَزَالَ غَاصِبٌ يَدَ أَحَدِهِمَا عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْعَبْدِ أَيْ عَنْ نَصِيبِهِ فِيهِ بِأَنْ نَزَّلَ نَفْسَهُ مَنْزِلَتَهُ ( فَبَاعَهُ ) أَيْ الْعَبْدَ ( الْغَاصِبُ وَالشَّرِيكُ صَحَّ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ ) فَقَطْ ( لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِالْبَائِعِ ) أَيْ بِتَعَدُّدِهِ ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بَيْعُ نَصِيبِهِ إلَّا لِلْغَاصِبِ أَوْ الْقَادِرِ عَلَى انْتِزَاعِهِ مِنْهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا الْأَصْلُ أَيْضًا

قَوْلُهُ : فَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ : سَقَطَ حَقُّهُ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَسْقُطُ بِفَاءِ التَّفْرِيعِ ( قَوْلُهُ الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) الْأَوْلَى مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّهُ مُرَادُ أَصْلِهِ بِدَلِيلِ قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَهُمَا عَبْدٌ بَاعَهُ أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ قُلْنَا لِلْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ قَبْضُ الثَّمَنِ ؛ إذْ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ حَالٍّ مَأْذُونٌ لَهُ فِي الْقَبْضِ شَرْعًا ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ مُوَكِّلُهُ مَا لَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ ، فَقَوْلُ أَصْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْقَبْضِ لَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ نَهْيِ شَرِيكِهِ لَهُ عَنْ قَبْضِ نَصِيبِهِ .
( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى النَّوَوِيِّ لَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْغَرْسِ وَسَلَّمَهَا إلَى الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلشَّرِيكِ أَنْ يُطَالِبَ بِقِيمَةِ نَصِيبِهِ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ا هـ قَالَ الْغَزِّيِّ : وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِقَرَارِ الضَّمَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي .
ا هـ .
مَا اسْتَظْهَرَهُ مَرْدُودٌ وَإِنَّمَا قَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا بِهَامِشِ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ مَا نَصُّهُ : قَالَ الْغَزِّيِّ : سُئِلَتْ عَنْ شَرِيكٍ فِي يَدِهِ فَرَسٌ مُشْتَرَكٌ فَقَالَ لِشَرِيكِهِ : عَزَمْت عَلَى بَيْعِ نَصِيبِي فَقَالَ لَهُ : بِعْهُ مِمَّنْ شِئْت فَبَاعَهُ ، وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَظَهَرَ لِي أَنَّ مُجَرَّدَ إذْنِ الشَّرِيكِ فِي الْبَيْعِ لَيْسَ إذْنًا فِي التَّسْلِيمِ ؛ لِأَنَّ بَيْعَ حِصَّةِ الشَّرِيكِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ شَرِيكِهِ ، قَالَ شَيْخُنَا : هُوَ كَمَا قَالَ .
( تَنْبِيهٌ ) إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ هَذَا مِنْ مَالِ الشِّرْكَةِ بِكَذَا وَقَبَضَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ : لَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى

شَرِيكِهِ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى أَنْ يَسْتَحِقَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَرْجِعُ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِيَمِينِهِ قَبْضُهُ وَتَلَفُهُ ، وَالرُّجُوعُ ثَبَتَ بِسَبَبِ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ كَمَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ ، وَإِذَا شَهِدْنَ بِالْوِلَادَةِ ثَبَتَ وَلَوْ اشْتَرَى أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَيْنًا لِلشِّرْكَةِ فِي ذِمَّتِهِ فَطُولِبَ بِثَمَنِهِ ، فَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ ، فَإِنْ أَدَّاهُ لِعَدَمِ نَضُوضِ مَالِ الشِّرْكَةِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ ، وَإِنْ كَانَ مَعَ نَضُوضِهِ فَفِي رُجُوعِهِ بِهَا وَجْهَانِ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ عَلَى تَفَاوُتٍ بِإِرْثٍ بِإِقْرَارِهِمَا فَادَّعَى صَاحِبُ الْقَلِيلِ أَنَّ لَهُ زَائِدًا عَلَى مَا خَصَّهُ بِسَبَبِ رِبْحٍ حَدَثَ وَقَالَ صَاحِبُ الْكَثِيرِ : لَمْ يَحْدُثْ رِبْحٌ ، وَالْبَاقِي بَعْدَ حِصَّةِ صَاحِبِ الْقَلِيلِ لِي ، فَهَذِهِ وَقَعَتْ فِي الْبُرُلُّسِ وَأَفْتَيْت بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْكَثِيرِ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ ، فَإِنْ قُلْت : فَفِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إذَا ادَّعَى رِبْحًا ، وَقَالَ الْمَالِكُ : لَا رِبْحَ فَإِنَّك تُصَدِّقُ الْعَامِلَ عَلَى الْأَصَحِّ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ ، فَمَا الْفَرْقُ ، قُلْت : قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالِكَ أَثْبَتَ لِلْعَامِلِ عَلَى مَالِهِ عَمَلًا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ فَلَوْ صَدَّقْنَا الْمَالِكَ لَفَاتَ حَقُّ الْعَامِلِ بِالْكُلِّيَّةِ ؛ وَلِهَذَا صَارَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ إلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ .
وَالصَّوَابُ عِنْدِي خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّبْحِ ، وَعَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الْعَامِلِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ الْقَوَاعِدُ الشَّرْعِيَّةُ وَالشَّوَاهِدُ الْمَرْضِيَّةُ ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : مَا صَحَّحُوهُ مِنْ تَصْدِيقِ الْعَامِلِ سَبَبُهُ أَنَّ الْمَالِكَ يَدَّعِي أَنَّ الْعَامِلَ قَدْ اسْتَوْلَى عَلَى قَدْرٍ ، وَالْعَامِلُ يُنْكِرُهُ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِاسْتِيلَاءِ فَصُدِّقَ الْعَامِلُ بِخِلَافِ

الشِّرْكَةِ فَإِنَّهُمَا قَدْ اعْتَرَفَا بِأَنَّ مَالَ الشِّرْكَةِ بَيْنَهُمَا كَذَا ، وَبِأَنَّ رَأْسَ مَالِ أَحَدِهِمَا مِنْهُ كَذَا

( كِتَابُ الْوَكَالَةِ ) هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا لُغَةً : التَّفْوِيضُ ، شَرْعًا : تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ فِيمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ } وَقَوْلُهُ { اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا } وَهَذَا شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا وَوَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ } الْآيَةَ ، وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ السُّعَاةَ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ } وَخَبَرِ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ السَّابِقِ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَقَدْ { وَكَّلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمْرَو بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ فِي نِكَاحِ أُمِّ حَبِيبَةَ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا فَهِيَ جَائِزَةٌ بَلْ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ : إنَّهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى } وَلِخَبَرِ { اللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ } ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ : الْأَوَّلُ : فِي أَرْكَانِهَا ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ : الْأَوَّلُ : مَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ وَلَهُ شُرُوطٌ ) ثَلَاثَةٌ ( الْأَوَّلُ الْمِلْكُ ) لِلْمُوَكِّلِ ( فَلَا يَصِحُّ ) التَّوْكِيلُ ( فِي طَلَاقِ مَنْ سَيَنْكِحُهَا وَتَزْوِيجِ مَنْ سَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَنَحْوِهِ ) كَبَيْعِ عَبْدٍ سَيَمْلِكُهُ أَوْ إعْتَاقِ مَنْ سَيَمْلِكُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ نَعَمْ لَوْ جَعَلَ مَا لَا يَمْلِكُهُ تَبَعًا لِمَا يَمْلِكُهُ كَتَوْكِيلِهِ بِبَيْعِ عَبْدِهِ وَمَا سَيَمْلِكُهُ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرَّافِعِيِّ ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ الْمَوْجُودِ وَمَنْ سَيَحْدُثُ لَهُ مِنْ الْأَوْلَادِ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ عَبْدٍ وَأَنْ يُبْتَاعَ بِثَمَنِهِ كَذَا صَحَّ الشَّرْطُ

( كِتَابُ الْوَكَالَةِ ) ( قَوْلُهُ : وَشَرْعًا : تَفْوِيضُ شَخْصٍ أَمْرَهُ إلَى آخَرَ ) أَيْ لِيَفْعَلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ وَخَرَجَ بِهَذَا الْقَيْدِ الْإِيصَاءُ ( قَوْلُهُ : وَقَدْ وَكَّلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَرَ بْنَ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيَّ إلَخْ ) وَأَبَا رَافِعٍ فِي نِكَاحِ مَيْمُونَةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ( قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ دَاعِيَةٌ إلَيْهَا ) ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُحْسِنُ كُلَّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ مَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِيهِ ) قَدَّمَهُ ؛ لِأَنَّهُ الْمُهِمُّ فِي الْبَابِ ، وَعَلَيْهِ تَحْسُنُ إقَامَةُ الْأَدِلَّةِ الَّتِي هِيَ قَوَاعِدُ الْكِتَابِ ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ لِلْمُوَكِّلِ ) هَذَا فِيمَنْ يُوَكِّلُ فِي مَالِهِ ، وَإِلَّا فَالْوَلِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكُلُّ مَنْ جَوَّزْنَا لَهُ التَّوْكِيلَ فِي مَالِ الْغَيْرِ لَا يَمْلِكُونَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمُوَكِّلُ عَنْهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ عَجِيبٌ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّصَرُّفُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا مَحَلُّ التَّصَرُّفِ .
ا هـ .
قَالَ شَيْخِي وَوَالِدِي : وَمَا قَالَهُ هُوَ الْعَجِيبُ بَلْ الْمُرَادُ مَحَلُّ التَّصَرُّفِ بِلَا شَكٍّ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي ، وَأَمَّا الْكَلَامُ عَلَى التَّصَرُّفِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ فَسَيَأْتِي فِي الرُّكْنِ الثَّانِي فس ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مُبَاشَرَةِ مَا وُكِّلَ فِيهِ حَالَ التَّوْكِيلِ ) سَيَأْتِي فِي مَوَانِعِ النِّكَاحِ أَنَّهُ لَوْ وُكِّلَ فِي حَالِ إحْرَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ الْوَكِيلِ أَوْ الْمَرْأَةِ لِيُزَوِّجَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَأُطْلِقَ صَحَّ تَزْوِيجُهَا إذَا قَالَتْ لِوَلِيِّهَا ، وَهِيَ فِي نِكَاحٍ أَوْ عِدَّةٍ : أَذِنْت لَك فِي تَزْوِيجِي ، إذَا فَارَقَنِي زَوْجِي أَوْ انْقَضَتْ عِدَّتِي يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْإِذْنُ ( قَوْلُهُ : وَالْمَنْقُولُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ الصِّحَّةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ ، وَأَفْتَى بِهَا ابْنُ رَزِينٍ ( تَنْبِيهٌ ) حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ عَنْ الْأَصْحَابِ الصِّحَّةَ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ فِي بَيْعِ ثَمَرَةٍ

قَبْلَ إثْمَارِهَا ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهَذَا إنَّمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ الْوَجْهُ الْمَرْجُوحُ

( الثَّانِي قَبُولُ النِّيَابَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَابَةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ فِيمَا يَقْبَلُهَا ( فَلَا يَصِحُّ ) التَّوْكِيلُ ( فِي الشَّهَادَاتِ ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِاعْتِبَارِ أَلْفَاظِهَا مَعَ عَدَمِ تَوَقُّفِهَا عَلَى قَبُولٍ ، وَلِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهَا مَنُوطٌ بِعِلْمِ الشَّاهِدِ ، وَهُوَ غَيْرُ حَاصِلٍ لِلْوَكِيلِ وَهَذَا غَيْرُ تَحَمُّلِهَا الْجَائِزَ بِاسْتِرْعَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ( وَ ) لَا فِي ( الْأَيْمَانِ ) إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ لِتَعَلُّقِ حُكْمِهَا بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلَوْ ظِهَارًا ) ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ لِتَعَلُّقِهِ بِأَلْفَاظٍ وَخَصَائِصَ كَالْيَمِينِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَعَلَّ صُورَتَهُ أَنْ يَقُولَ أَنْتِ عَلَى مُوَكِّلِي كَظَهْرِ أُمِّهِ ، أَوْ جَعَلْت مُوَكِّلِي مُظَاهِرًا مِنْك قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ : مُوَكِّلِي يَقُولُ : أَنْتِ عَلَيْهِ كَظُهْرِ أُمِّهِ ، وَمَا ادَّعَى أَنَّهُ الْأَشْبَهُ ظَاهِرٌ أَنَّ الْأَشْبَهَ خِلَافُهُ ( وَ ) لَا فِي ( النَّذْرِ ، وَتَعْلِيقُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ) لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْجُمْهُورُ ، وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي فِيهِ أَوْجُهًا ثَالِثُهَا إنْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِقَطْعِيٍّ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ صَحَّ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّهُ يَمِينٌ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ ، وَفِي مَعْنَى التَّعْلِيقِ التَّدْبِيرُ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْقَاضِي : وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُعَلَّقًا وَمُدَبَّرًا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِهِمْ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّوْكِيلُ بِتَعْلِيقِ غَيْرِهِمَا كَتَعْلِيقِ الْوِصَايَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّهُمْ قَيَّدُوا بِهِ نَظَرًا لِلْغَالِبِ فَلَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ ( وَ ) لَا فِي ( مُلَازَمَةِ مَجْلِسِ الْخِيَارِ ) فَلَوْ اصْطَرَفَ اثْنَانِ فَأَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يُفَارِقَ الْمَجْلِسَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَوَكَّلَ وَكِيلًا فِي مُلَازَمَتِهِ لَمْ يَصِحَّ

وَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّ التَّعَبُّدَ فِي الْعَقْدِ مَنُوطٌ بِمُلَازَمَةِ الْعَاقِدِ ( وَ ) لَا فِي ( الْمَعَاصِي ) كَالْقَتْلِ وَالْقَذْفِ وَالسَّرِقَةِ ؛ لِأَنَّ حُكْمَهَا يَخْتَصُّ بِمُرْتَكِبِهَا ؛ لِأَنَّ كُلَّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ مَقْصُودٌ بِالِامْتِنَاعِ مِنْهَا ( وَ ) لَا فِي ( مَا لَا يَقْبَلُهَا ) أَيْ النِّيَابَةَ ( مِنْ الْعِبَادَاتِ ) كَالصَّلَاةِ وَالطَّهَارَةِ وَالِاعْتِكَافِ ؛ لِأَنَّ مُبَاشِرَهَا مَقْصُودٌ بِعَيْنِهِ ابْتِلَاءً بِخِلَافِ مَا يَقْبَلُهَا كَمَا سَيَأْتِي

( قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَدَاءَ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِ الشَّاهِدِ قَوْلُهُ وَلَا فِي الْأَيْمَانِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْعِبَادَاتِ ) ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْيَمِينِ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِين ) وَلِأَنَّهُ مُنْكَرٌ وَمَعْصِيَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَلَكِنْ سَيَأْتِي فِي الظِّهَارِ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مَعْنَى الطَّلَاقِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ غَلَّبُوا مَعْنَى الْيَمِينِ وَفِي بَعْضِهَا مَعْنَى الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَنْ يَقُولَ مُوَكِّلِي إلَخْ ) كَمَا قَالَهُ سَلِيمٌ فِي الدَّعْوَى أَنَّ الْوَكِيلَ يَقُولُ مُوَكِّلِي فُلَانٌ يَدَّعِي عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَنْعِ هَلْ يَصِيرُ بِتَوْكِيلِهِ مُعَلَّقًا وَمُدَبَّرًا وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا لَا وَعِبَارَةُ بَعْضِهِمْ الثَّالِثُ : أَيْ مِنْ شُرُوطِ الْوَكَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ مَا يُوَكَّلُ فِيهِ إقْرَارًا وَيَكُونَ بِنَفْسِ التَّوْكِيلِ مُقِرًّا ، وَلَيْسَتْ لَنَا مَسْأَلَةٌ يَحْصُلُ فِيهَا الْمَقْصُودُ بِمُجَرَّدِ التَّوْكِيلِ مِنْ غَيْرِ تَعَاطِي فِعْلٍ سِوَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ : وَلَا تَصِحُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ ، وَلَغَا التَّعْلِيقُ إنْ فُعِلَ ( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا فِي الْمَعَاصِي ) قَالَ فِي التَّدْرِيبِ : إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَا يُوصَفُ بِالصِّحَّةِ كَبَيْعِ الْحَاضِرِ لِلْبَادِي ، وَوَقْتِ النِّدَاءِ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَقِيَاسُهُ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا كَانَ مُبَاحًا فِي الْأَصْلِ ، وَحُرِّمَ لِعَارِضٍ صِحَّةُ التَّوْكِيلِ فِيهِ ، وَمَا كَانَ مُحَرَّمًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يَصِحُّ

( وَيَجُوزُ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ ) كَبَيْعٍ وَسَلَمٍ وَصَرْفٍ وَتَوْلِيَةٍ لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ ( وَ ) فِي ( الْفُسُوخِ ) كَفَسْخِ عَيْبٍ وَإِقَالَةٍ وَتَحَالُفٍ قِيَاسًا عَلَى الْعُقُودِ ، وَالْمُرَادُ الْفَسْخُ الَّذِي لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ عَلَى الْفَوْرِ وَحَصَلَ عُذْرٌ لَا يُعَدُّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ تَقْصِيرًا ( وَ ) فِي ( الْإِبْرَاءِ وَالْوَصِيَّةِ ) وَنَحْوِهَا كَالْوَقْفِ
( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ فِي عُقُودِ الْمُعَامَلَاتِ ) لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ فِي غَيْبَةِ مَالِكِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ ( قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْفَوْرِ ) وَحَصَلَ عُذْرٌ لَا يُعَدُّ بِهِ التَّأْخِيرُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ مُقَصِّرًا فَإِذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَهُوَ يَأْكُلُ أَوْ فِي حَمَّامٍ أَوْ لَيْلٍ لَمْ تَلْزَمْهُ الْمُبَادَرَةُ فَلَوْ وَكَّلَ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا ، وَلَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي كَانَ تَقْصِيرَا ، وَأَمَّا مَا هُوَ عَلَى التَّرَاخِي كَالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ فَوَاضِحٌ

( وَ ) فِي ( مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْحَجِّ ) وَالْعُمْرَةِ وَتَوَابِعِهِمَا ( وَالصَّدَقَةِ ) وَتَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ وَالْكَفَّارَةِ ( وَالذَّبَائِحِ ) كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ وَالْعَقِيقَةِ لِأَدِلَّةٍ مَعْرُوفَةٍ فِي أَبْوَابِهَا وَمِنْ ذَلِكَ تَجْهِيزُ الْمَوْتَى وَحَمْلُهُمْ وَدَفْنُهُمْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ : وَفِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ فِعْلَ الْغَاسِلِ يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ كَالْجِهَادِ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى
( قَوْلُهُ وَمَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ مِنْ الْعِبَادَاتِ كَالْحَجِّ ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ : يَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ الْوَقْفِ أَيْضًا فَإِنَّهُ قُرْبَةٌ وَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ يُقَالُ عَلَيْهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعِبَادَةُ لَا الْقُرْبَةُ وَالْعِبَادَةُ أَخَصُّ ؛ لِأَنَّهَا مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ ، وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ ، فَالْقُرْبَةُ تُوجَدُ بِدُونِ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ ، وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ مَا شَارَكَ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ ، وَقَوْلُهُ : يُقَالُ عَلَيْهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَفِي النِّكَاحِ وَتَنْجِيزِ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ ) وَنَحْوِهَا بِالنَّصِّ فِي النِّكَاحِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهِ فِي الْبَاقِي ( لَا فِي التَّعْيِينِ لِلطَّلَاقِ ) وَالْعَتَاقِ ( وَالنِّكَاحِ ) أَيْ لِمَحَالِّهَا ( مِمَّنْ طَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ ) أَوْ أَعْتَقَ إحْدَى إمَائِهِ ( أَوْ أَسْلَمَ عَنْ ) بِمَعْنَى عَلَى ( خَمْسٍ ) أَوْ أَكْثَرَ لِتَعَلُّقِهِ بِالشَّهْوَةِ وَالْمَيْلِ ( إلَّا إنْ عَيَّنَ لَهُ ) أَيْ لِلْوَكِيلِ الَّتِي يَخْتَارُهَا لِلطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَوْ اللَّاتِي يَخْتَارُهُنَّ لِلنِّكَاحِ فَيَصِحُّ التَّوْكِيلُ لِانْتِفَاءِ الْمَعْنَى
( قَوْلُهُ وَتَنْجِيزُ الطَّلَاقِ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ : شَرْطُهُ التَّعْيِينُ فَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَطْلِيقِ إحْدَى نِسَاؤُهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ

( وَيَجُوزُ فِي الْقَبْضِ ) لِلْحَقِّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ كَتَوْكِيلِ أَصْنَافِ الزَّكَاةِ فِي قَبْضِهَا لَهُمْ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ( وَ ) فِي ( الْإِقْبَاضِ ) لَهُ كَذَلِكَ نَعَمْ إنْ كَانَ عَيْنًا يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهَا بِنَفْسِهِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ دَفْعُهَا لِغَيْرِ مَالِكِهَا فَلَوْ سَلَّمَهَا لِوَكِيلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ مُفَرِّطًا لَكِنَّهَا إذَا وَصَلَتْ إلَى يَدِ مَالِكِهَا خَرَجَ الْمُوَكِّلُ عَنْ عُهْدَتِهَا ، وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِهِ لِلْعُرْفِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْوَكِيلُ فِي الْإِقْبَاضِ ( مُسْلِمًا ) عَنْ ذِمِّيٍّ ( فِي جِزْيَةٍ ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَ لَحْيَيْهِ وَضَرْبَ لِهْزِمَتَيْهِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ ( وَ ) يَجُوزُ ( فِي تَمَلُّكِ الْمُبَاحَاتِ وَإِحْيَاءِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ كَإِحْيَاءِ ( الْمَوَاتِ ) ؛ لِأَنَّهُ أَحَدُ أَسْبَابِ الْمِلْكِ كَالشِّرَاءِ فَيَمْلِكُهَا الْمُوَكِّلُ إذَا قَصَدَهُ الْوَكِيلُ لَهُ ( لَا ) فِي ( الِالْتِقَاطِ ) كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ فَلَوْ وَكَّلَهُ فِيهِ فَالْتَقَطَ كَانَ لَهُ دُونَ الْمُوَكِّلِ تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الْوِلَايَةِ لَا لِشَائِبَةِ الِاكْتِسَابِ ( وَلَا ) يَجُوزُ

( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ فِي الْقَبْضِ ) شَمِلَ كَلَامُهُ التَّوْكِيلَ فِي قَبْضِ الرِّبَوِيِّ ، وَرَأْسَ مَالِ السَّلَمِ إذَا قَبَضَهُ الْوَكِيلُ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ ، وَشَمِلَ أَيْضًا الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ ( قَوْلُهُ : قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمُتَوَلِّي لَمْ يَصِحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ سَلَّمَهَا لِوَكِيلِهِ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهَا كَانَ مُفَرِّطًا ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ صَحِيحٌ قَوْلُهُ وَصَرَّحَ الْجُورِيُّ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّهُ يَصِحُّ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ مِنْ عِيَالِهِ لِلْعُرْفِ ) ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَنْ أَرْسَلَهُ مَعَهُ مِنْ الْعِيَالِ أَهْلًا لِلتَّسْلِيمِ ( قَوْلُهُ لَا فِي الِالْتِقَاطِ ) يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْعُمُومِ ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي فِي اللُّقَطَةِ فَصُورَتُهُ فِي اللَّقْطِ بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ فَهُوَ خُصُوصٌ فَيَصِحُّ ؛ لِأَنَّ لَنَا وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ الِالْتِقَاطُ بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ وَلَيْسَ لَنَا وَجْهٌ بِوُجُوبِهَا قَبْلَ أَنْ تُوجَدَ فَافْتَرَقَتْ أَحْكَامُ اللُّقَطَةِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ ( قَوْلُهُ : كَمَا فِي الِاغْتِنَامِ ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : مَا رَجَّحَهُ هُنَا أَقْوَى لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الِاغْتِنَامِ مِنْ جِهَةِ اسْتِمْرَارِ الْمِلْكِ لِصَاحِبِ الْمُلْتَقَطِ وَاسْتِمْرَارِهِ لِصَاحِبِ الْمَغْنَمِ ، وَإِنْ أَزَالَتْهُ بِالْيَدِ الْجَدِيدَةِ فَاخْتَصَّتْ بِالْمِلْكِ بِخِلَافِ الِاحْتِطَابِ وَنَحْوِهِ

( التَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ ) بِأَنْ يَقُولَ لِغَيْرِهِ : وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَكِيلُ : أَقْرَرْت عَنْهُ بِكَذَا أَوْ جَعَلْته مُقِرًّا بِكَذَا ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ فَلَا يَقْبَلُ التَّوْكِيلَ كَالشَّهَادَةِ ( لَكِنَّ التَّوْكِيلَ فِيهِ إقْرَارٌ ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لِإِشْعَارِهِ بِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَيْهِ ، وَقِيلَ : لَيْسَ بِإِقْرَارٍ كَمَا أَنَّ التَّوْكِيلَ بِالْإِبْرَاءِ لَيْسَ إبْرَاءً ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ : وَكَّلْتُك لِتُقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِكَذَا ، فَلَوْ قَالَ : أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيَّ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا ، وَلَوْ قَالَ : أَقِرَّ لَهُ عَلَيَّ بِأَلْفٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا قَطْعًا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ
( قَوْلُهُ : لِإِشْعَارِهِ ثُبُوتَ الْحَقِّ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْمُرُ غَيْرَهُ بِأَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ إلَّا وَهُوَ ثَابِتٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ : بِعْنِي هَذِهِ الْعَيْنَ كَانَ إقْرَارًا لَهُ بِالْمِلْكِ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ بِمَالِكِيَّةِ الْبَيْعِ لَا بِمَالِكِيَّةِ الْمَبِيعِ ( قَوْلُهُ كَانَ إقْرَارًا قَطْعًا ) حَمْلًا لَهُ عَلَى الصِّدْقِ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيَصِحُّ فِي الْخُصُومَاتِ ) مِنْ جَانِب الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ رِضَا الْخَصْمِ أَوْ لَا سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مَالٍ أَمْ عُقُوبَةٍ لِغَيْرِ اللَّهِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي لِآيَةِ { فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ } وَلِأَنَّ ذَلِكَ تَوْكِيلٌ فِي خَالِصِ حَقِّهِ فَيُمْكِنُ مِنْهُ كَالتَّوْكِيلِ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ بِغَيْرِ رِضَا مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ( وَفِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ وَكَذَا الْحُدُودُ ) كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ { اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ } وَفِي غَيْرِهَا { وَاغْدُ يَا أُنَيْسٌ إلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا } بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ فِي قِصَاصِ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِمَا ، وَذِكْرُ الْعُقُوبَاتِ يُغْنِي عَنْ ذِكْرِ الْحُدُودِ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهَا وَأَرَادَ بِهَا حُدُودَ اللَّهِ - تَعَالَى لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ ( لَا ) فِي إثْبَاتِهَا فَلَا يَصِحُّ لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ نَعَمْ قَدْ يَقَعُ إثْبَاتُهَا بِالْوَكَالَةِ تَبَعًا بِأَنْ يَقْذِفَ شَخْصٌ آخَرَ فَيُطَالِبَهُ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَهُ أَنْ يَدْرَأَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِإِثْبَاتِ زِنَاهُ بِالْوَكَالَةِ وَبِدُونِهَا فَإِذَا ثَبَتَ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ
( قَوْلُهُ وَفِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَاتِ ) وَكَذَا الْحُدُودُ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِهَا ( قَوْلُهُ لِبِنَائِهَا عَلَى الدَّرْءِ ) فَالتَّوْكِيلُ فِي إثْبَاتِهَا مُنَافٍ لِلْمَقْصُودِ وَلِأَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ جَازَتْ فِيهِ لَكَانَتْ فِي الدَّعْوَى بِهَا ، وَهِيَ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ

( الشَّرْطُ الثَّالِثُ الْعِلْمُ بِهِ ) أَيْ بِمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّوْكِيلُ ( بِوَجْهٍ مَا ) أَيْ بِحَيْثُ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ ؛ لِأَنَّ تَجْوِيزَ الْوَكَالَةِ لِلْحَاجَةِ يَقْتَضِي الْمُسَامَحَةَ فِيهِ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا مِنْ وَجْهٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْغَرَرُ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَثُرَ ( فَقَوْلُهُ : وَكَّلْتُك فِي كُلِّ أُمُورِي ، أَوْ تَصَرَّفْ فِي أَمْوَالِي كَيْفَ شِئْت ) أَوْ نَحْوُهُ كَقَوْلِهِ : وَكَّلْتُك فِي كُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مِنْ أُمُورِي أَوْ فَوَّضْت إلَيْك جَمِيعَ الْأَشْيَاءِ ( بَاطِلٌ ) لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ ( وَيَجُوزُ ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ : وَكَّلْتُك ( فِي بَيْعِ أَمْوَالِي وَاسْتِيفَاءِ دُيُونِي وَاسْتِرْدَادِ وَدَائِعِي ، وَمُخَاصَمَةِ خُصَمَائِي وَلَوْ جَهِلَ الْخُصُومَ وَمَا فِيهِ الْخُصُومَةُ ) وَالْأَمْوَالَ وَالدُّيُونَ وَالْوَدَائِعَ وَمَنْ هِيَ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ لِقِلَّةِ الْغَرَرِ فِيهِ ( لَا بَيْعِ بَعْضِ مَالِي ) أَوْ طَائِفَةٍ مِنْهُ أَوْ سَهْمٍ ( وَلَا ) بِعْ ( هَذَاك أَوْ هَذَا ) فَلَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ وَفَارَقَتْ الْأُولَى الصُّوَرَ الْآتِيَةَ عَلَى الْأَثَرِ بِأَنَّ الْمُوَكِّلَ فِيهِ هُنَا مُبْهَمٌ ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ لَا عُمُومَ فِيهِ ، وَلَا خُصُوصَ بِخِلَافِهِ ثَمَّ ؛ لِأَنَّهُ مَعْرِفَةٌ عَامَّةٌ مَخْصُوصَةٌ ، وَفَارَقَتْ الثَّانِيَةَ قَوْلُهُ : بِعْ أَحَدَ عَبِيدِي بِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَجِدْ فِيهَا مَوْرِدًا يَتَأَثَّرُ بِهِ ؛ لِأَنَّ أَوْ لِلْإِبْهَامِ بِخِلَافِ الْأَحَدِ فَإِنَّهُ صَادِقٌ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ .
( وَلَوْ قَالَ بِعْ أَوْ هَبْ مِنْ مَالِي مَا شِئْت ) أَوْ اقْبِضْ مِنْ دُيُونِي مَا شِئْت ( أَوْ أَعْتِقْ ) أَوْ بِعْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الْآتِي ( مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْت ) قَالَ الْقَاضِي : أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت ( صَحَّ ) فِي الْبَعْضِ ( لَا فِي الْجَمِيعِ ) فَلَا يَأْتِي الْوَكِيلُ بِالْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي مَعَ مَا مَرَّ عَنْهُ : وَلَوْ قَالَ : طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شَاءَتْ فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَ كُلَّ مَنْ شَاءَتْ الطَّلَاقَ وَيُفَرَّقُ

بِأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي هَذِهِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ فَلَا تَصْدُقُ مَشِيئَةُ وَاحِدَةٍ بِمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى أَيُّ امْرَأَةٍ شَاءَتْ مِنْهُنَّ الطَّلَاقَ طَلِّقْهَا بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ إلَى الْوَكِيلِ فَصَدَقَتْ مَشِيئَتُهُ فِيمَا لَا يَسْتَوْعِبُ الْجَمِيعَ فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ مَشِيئَتِهِ فِيمَا يَسْتَوْعِبُهُ احْتِيَاطًا ( وَيَصِحُّ ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ ( تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت ) كَمَا لَوْ قَالَ : بِعْ مِنْ مَالِي مَا شِئْت ( فَرْعٌ لَا يَكْفِي فِي شِرَاءِ الرَّقِيقِ قَوْلُهُ : اشْتَرِ لِي رَقِيقًا حَتَّى يُبَيِّنَ النَّوْعَ ) كَتُرْكِيٍّ وَهِنْدِيٍّ ( وَلِلذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ ) تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ فَإِنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( وَتَبْيِينُ الْأَثْمَانِ لَيْسَ شَرْطًا ) إذْ تَعَلُّقُ الْغَرَضِ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ مِنْ ذَلِكَ نَفِيسًا أَوْ خَسِيسًا غَيْرُ بَعِيدٍ ( وَلَا يَصِحُّ ) التَّوْكِيلُ بِقَوْلِهِ ( اشْتَرِ لِي عَبْدًا كَمَا تَشَاءُ ) لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي الْقِرَاضِ اشْتَرِ مَنْ شِئْت مِنْ الْعَبِيدِ ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الرِّبْحُ ، وَالْعَامِلُ أَعْرَفُ بِهِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ ( اسْتِقْصَاءُ الْأَوْصَافِ ) أَيْ أَوْصَافِ السَّلَمِ وَلَا مَا يَقْرُبُ مِنْهَا .
( فَإِنْ تَبَايَنَتْ أَوْصَافُ نَوْعِ ذِكْرِ الصِّنْفِ ) كَحَطَّابِيٍّ وَقَفْجَاقِيٍّ فِي الرَّقِيقِ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلتِّجَارَةِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ فِيهِ ذِكْرُ نَوْعٍ وَلَا غَيْرِهِ بَلْ يَكْفِي اشْتَرِ مَا شِئْت مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مَا فِيهِ حَظٌّ كَالْقِرَاضِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ ، وَأَقَرَّهُ ( وَيُبَيِّنُ ) فِي تَوْكِيلِهِ ( فِي ) شِرَاءِ ( الدَّارِ الْمَحَلَّةَ ) أَيْ الْحَارَةَ ( وَالسِّكَّةَ ) أَيْ الزُّقَاقَ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْعِلْمَ بِالْبَلَدِ وَنَحْوِهَا مِنْ ضَرُورَةِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ ( وَفِي ) شِرَاءِ ( الْحَانُوتِ السُّوقَ ) لِيَقِلَّ الْغَرَرُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ

( قَوْلُهُ : فَقَوْلُهُ : وَكَّلْتُك فِي كُلِّ أُمُورِي إلَخْ ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الصِّحَّةِ فِي نَحْوِ كُلِّ أُمُورِي وَإِنْ كَانَ تَابِعًا لِمُعَيَّنٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ بِأَنَّ التَّابِعَ ثَمَّ الْمُعَيَّنُ بِخِلَافِهِ هُنَا لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا مَرَّ مِنْ الصِّحَّةِ فِي : وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا وَكُلٌّ مُسَلِّمٌ صِحَّةَ ذَلِكَ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ .
ا هـ .
ش الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ تَسْلِيمِهَا ( قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِيهِ ) فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أُمُورٌ لَوْ عَرَضَ تَفْصِيلُهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ لَأَنْكَرَهَا كَتَطْلِيقِ زَوْجَاتِهِ ، وَإِعْتَاقِ أَرِقَّائِهِ وَالصَّدَقَةِ بِجَمِيعِ مَالِهِ ، وَقَدْ مَنَعَ الشَّارِعُ بَيْعَ الْغَرَرِ ، وَهُوَ أَخَفُّ خَطَرًا مِنْ هَذَا ( قَوْلُهُ : وَاسْتِيفَاءِ دُيُونِي ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مُؤَجَّلَةً ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ قَبْضُ عِوَضِ الصَّرْفِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ، وَالْأُجْرَةُ فِي إجَارَةِ الذِّمَّةِ فِي غَيْبَةِ الْمُوَكِّلِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا : أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ فِي الْمُطَالَبَةِ بِحُقُوقِهِ دَخَلَ فِيهِ مَا يَتَجَدَّدُ مِنْ الْحُقُوقِ لَكِنْ قَالَ الْجُورِيُّ : لَوْ وَكَّلَهُ فِي كُلِّ حَقٍّ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ دَيْنٌ ثُمَّ حَدَثَ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُهُ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُوَكِّلٍ إلَّا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا يَوْمئِذٍ .
ا هـ .
لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا ؛ إذْ عَدَمُ الدُّخُولِ فِي مَسْأَلَةِ الْجُورِيُّ إنَّمَا هُوَ لِوَصْفِ الْحَقِّ فِيهَا بِكَوْنِهِ لِلْمُوَكِّلِ حَالَ التَّوْكِيلِ قَالَ شَيْخُنَا : وَلَا يَضُرُّنَا وُجُودُ الْإِضَافَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُ يَكْفِي فِيهَا أَدْنَى مُلَابَسَةٍ كَمَا فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَقَوِيَتْ فِيهَا بِاللَّامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمِلْكِ فَلَمْ يَدْخُلْ الْمُتَجَدِّدُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ أَعْتِقْ مِنْ عَبِيدِي مَنْ شِئْت أَوْ مَنْ رَأَيْت ) وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَةِ هُنَا رُؤْيَا الْقَلْبِ قَوْلُهُ : قَالَ الْقَاضِي : أَوْ طَلِّقْ مِنْ نِسَائِي مَنْ شِئْت ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : صَحَّ فِي

الْبَعْضِ ) لِأَنَّهُ وَكَّلَ الْأَمْرَ فِي التَّعْيِينِ إلَيْهِ فَخَفَّ الْغَرَرُ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي مَعَ مَا مَرَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت ) لَوْ وَكَّلَهُ فِي تَزْوِيجِ امْرَأَةٍ اُشْتُرِطَ تَعْيِينُهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْبَابِ الثَّانِي وَإِنْ رَجَّحَ فِي زِيَادَتِهَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَيَانِ الْأَوْلِيَاءِ عَدَمَ الِاشْتِرَاطِ ، وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ بِالِاشْتِرَاطِ قَالَ شَيْخُنَا : وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَزَوَّجْ لِي امْرَأَةً وَبَيْنَ تَزَوَّجْ لِي مَنْ شِئْت ظَاهِرٌ لِجَعْلِهِ الْأَمْرَ رَاجِعًا إلَى رَأْيِ الْوَكِيلِ فِي صُورَةِ مَنْ شِئْت مَعَ عُمُومِ اللَّفْظِ ، ( قَوْلُهُ : إذَا تَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِعَبْدٍ ، أَوْ أَمَةٍ إلَخْ ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ : يَكُونُ إذْنًا فِي أَعْلَى مَا يَكُونُ مِنْهُ وَيُرَاعَى حَالُ الْمُوَكِّلِ فَيَنْزِلُ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ

( وَإِذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِبْرَاءِ قَدْرَ الدَّيْنِ صَحَّ ) التَّوْكِيلُ فِيهِ ( وَلَوْ جَهِلَهُ الْوَكِيلُ وَالْمَدْيُونُ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي عِلْمِهِمَا بِهِ عَكْسَ الْبَيْعِ فِي نَحْوِ قَوْلِهِ بِعْ عَبْدِي بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ عِلْمُ الْوَكِيلِ فَقَطْ ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ تَتَعَلَّقُ بِهِ ثَمَّ وَلَا عُهْدَةَ فِي الْإِبْرَاءِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( أَبْرِهِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ دَيْنِي أَبْرَأَهُ عَنْ قَلِيلٍ مِنْهُ ) أَيْ عَنْ أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ، وَيُفَارِقُ عَدَمَ الصِّحَّةِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَقْدُ غَبْنٍ فَتُوُسِّعَ فِيهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( أَوْ ) أَبْرِهِ ( عَمَّا شِئْت مِنْهُ ) أَيْ مِنْ دَيْنِي ( فَلْيُبْقِ ) الْوَكِيلُ ( شَيْئًا مِنْهُ ) بَعْدَ إبْرَائِهِ عَمَّا عَدَاهُ ، وَلَزِمَ مِنْهُ اغْتِفَارُ جَهْلِ الْمُوَكِّلِ بِقَدْرِ الْمُبْرَأِ إذَا كَانَ جَمِيعُ الدَّيْنِ مَعْلُومًا ( أَوْ ) أَبْرِهِ ( عَنْ الْجَمِيعِ فَأَبْرَاهُ عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ صَحَّ ) بِخِلَافِ بَيْعِهِ لِبَعْضِ مَا وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ نَحْوِهِ لِتَضَمُّنِ التَّشْقِيصِ فِيهِ الْغَرَرَ ؛ إذْ لَا يَرْغَبُ عَادَةً فِي شِرَاءِ الْبَعْضِ نَعَمْ إنْ بَاعَهُ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ صَحَّ قَطْعًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِمَا يَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْجَمِيعِ بِقَدْرٍ يُقْطَعُ فِي الْعَادَةِ بِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي الْبَاقِي بِهِ

( قَوْلُهُ : قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ يُبْرِئُهُ عَمَّا شَاءَ بِشَرْطِ أَنْ يُبْقِيَ شَيْئًا غَلَطٌ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ : وَكَّلْتُك فِي أَنْ تُبْرِئَ فُلَانًا عَنِّي ، وَلَمْ يَقُلْ مِنْ كَذَا لَمْ يَصِحَّ ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ يَصِحُّ قَالَ الْقَاضِي : وَلَوْ قَالَ : وَكَّلْتُك لِتَكُونَ مُخَاصِمًا عَنِّي لَا يَكُونُ وَكِيلًا فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ : جَعَلْتُك مُخَاصِمًا وَمُحَاكِمًا ( قَوْلُهُ : أَوْ أَبْرِئْهُ عَمَّا شِئْت مِنْهُ ) قَالَ شَيْخُنَا : وَلَوْ حَذَفَ مِنْهُ ، وَقَالَ أَبْرِهِ : عَمَّا شِئْت أَبْقَى شَيْئًا احْتِيَاطًا لِلْمُوَكِّلِ ؛ إذْ الْمَعْنَى عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ بَاعَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الرُّكْنُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَيُشْتَرَطُ ) فِيهِمَا ( صِحَّةُ مُبَاشَرَتِهِمَا ) الْمُوَكَّلَ فِيهِ أَيْ مُبَاشَرَةُ الْمُوَكِّلِ إيَّاهُ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ ، وَمُبَاشَرَةُ الْوَكِيلِ إيَّاهُ لِنَفْسِهِ ( فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ ) صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمَى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ فِي التَّصَرُّفَاتِ ، وَلَا تَوْكِيلُ فَاسِقٍ فِي إنْكَاحِ ابْنَتِهِ وَلَا تَوْكِيلُ ( امْرَأَةٍ وَمُحْرِمٍ ) بِضَمِّ الْمِيمِ ( فِي نِكَاحٍ وَلَا إنْكَاحٍ ) إذْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمْ لِذَلِكَ ، وَصُورَةُ تَوْكِيلِ الْمُحْرِمِ أَنْ يُوَكَّلَ لِيَعْقِدَ لَهُ أَوْ لِمُوَلِّيَتِهِ حَالَ الْإِحْرَامِ ، فَإِنْ وَكَّلَهُ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ ، أَوْ أَطْلَقَ صَحَّ ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ دُونَ الْإِذْنِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي النِّكَاحِ وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ مَسْأَلَةِ الْمُوَكِّلِ فِي الْإِحْرَامِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا ) تَوْكِيلُ ( عَبْدٍ فِي إيجَابِهِ ) أَيْ النِّكَاحِ ، وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى ( وَيَصِحُّ ) تَوْكِيلُهُ ( فِي قَبُولِهِ ) كَمَا يَقْبَلُهُ لِنَفْسِهِ ( وَلَوْ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي قَبُولِهِ لِنَفْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ الْمَهْرِ وَالنَّفَقَةِ ( وَجُوِّزَ تَوْكِيلُ الْأَعْمَى لِغَيْرِهِ فِي عَقْدِ بَيْعٍ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا تُوقَفُ صِحَّتُهُ عَلَى الرُّؤْيَةِ كَالْإِجَارَةِ وَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ ( لِلضَّرُورَةِ ) فَهُوَ مُسْتَثْنًى مِنْ عَكْسِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ ، وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ صُوَرٌ مِنْهَا مَا لَوْ وَكَّلَ الْمُسْتَحِقُّ لِقِصَاصِ طَرَفٍ أَوْ حَدِّ قَذْفٍ بِاسْتِيفَائِهِ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِ الْبَائِعِ مَنْ يَقْبِضُ الثَّمَنَ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ ، وَمَا لَوْ وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ رَجُلًا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لَا عَنْهَا بَلْ عَنْهُ ، أَوْ

مُطْلَقًا فِي إنْكَاحِ مُوَلِّيَتِهِ وَمَا لَوْ وُكِّلَ مُحْرِمٌ بِالنِّكَاحِ لِيَعْقِدَ لَهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا تَقَرَّرَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ صُوَرٌ مِنْهَا غَيْرُ الْمُجْبَرِ إذَا أَذِنَتْ لَهُ مُوَلِّيَتُهُ فِي النِّكَاحِ وَنَهَتْهُ عَنْ التَّوْكِيلِ فِيهِ لَا يُوَكَّلُ بِهِ ، وَالظَّافِرُ بِحَقِّهِ لَا يُوَكِّلُ بِكَسْرِ الْبَابِ أَوْ نَحْوِهِ وَأَخْذِ حَقِّهِ وَيُحْتَمَلُ جَوَازُهُ عِنْدَ عَجْزِهِ ، وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ ، وَالْوَكِيلُ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّوْكِيلِ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَالسَّفِيهُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي النِّكَاحِ لَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ بِهِ ، فَإِنَّ حَجْرَهُ لَمْ يَرْتَفِعْ إلَّا عَنْ مُبَاشَرَتِهِ ، وَكَذَا الْعَبْدُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَعْضِ ذَلِكَ

( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ صَبِيٍّ ) مَحَلُّ عَدَمِ صِحَّةِ تَوْكِيلِ الصَّبِيِّ فِيمَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ مُبَاشَرَتُهُ فَيَجُوزُ تَوَكُّلُهُ فِي حَجِّ تَطَوُّعٍ وَذَبْحِ أُضْحِيَّةٍ وَتَفْرِقَةِ زَكَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ فس ( قَوْلُهُ وَلَا تَوْكِيلَ امْرَأَةٍ إلَخْ ) وَلَا خُنْثَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ بَانَ ذَكَرًا فَعَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مَالُ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا ( قَوْلُهُ : إذْ لَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُمْ لِذَلِكَ ) ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ أَقْوَى مِنْ تَصَرُّفِهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّ تَصَرُّفَهُ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ وَلِغَيْرِهِ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ ، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْأَقْوَى لَا يَقْدِرُ عَلَى الْأَضْعَفِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ : وَطَرَدَهُ الْقَاضِي فِيمَا لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ هَذَا الْخَمْرَ بَعْدَ تَخَلُّلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ لَا يُقَالُ هُوَ فِي مَعْدُومٍ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ مَوْجُودٌ مَنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ فَانْتَظَرْنَا تَبَدُّلَ صِفَتِهِ فَقَطْ ( قَوْلُهُ وَلَا عَبْدٍ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ وَفَاسِقٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَهُ فَبِنْتُ غَيْرِهِ أَوْلَى وَالْمُبَعَّضُ فِي ذَلِكَ كَالْعَبْدِ فِيمَا يَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ مَوْجُودَةٌ فِيهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُجْزَمَ بِصِحَّةِ تَوَكُّلِ الْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ إذَا قُلْنَا : إنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ .
ا هـ .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : قَضِيَّةُ الْعِلَّةِ تَجْوِيزُهُ لِلْمُكَاتَبِ فِي تَزْوِيجِ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ يُزَوِّجُ أَمَتَهُ ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي التَّتِمَّةِ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَوْ وَكَّلَ مُسْلِمًا فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِهِ الْكَافِرَةِ لَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ لَمْ يُزَوِّجْهَا ، وَلَوْ وَكَّلَهُ بِتَزْوِيجِ أَمَتِهِ الْكَافِرَةِ جَازَ ؛ لِأَنَّ لَهُ تَزْوِيجَهَا ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا لَوْ وَكَّلَ الْمُشْتَرِي بِإِذْنٍ الْبَائِعَ إلَخْ ) وَالْمُشْتَرِي

الْبَائِعَ وَالْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ فِي أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ عَنْهُ ( قَوْلُهُ : وَمَا لَوْ وَكَّلَ مُحْرِمٌ بِالنِّكَاحِ إلَخْ ) وَالْحَلَالُ مُحْرِمًا فِي التَّوْكِيلِ فِيهِ وَالْوَكِيلُ فِي التَّوْكِيلِ وَمَالِكَةُ الْأَمَةِ تُوَكِّلُ وَلِيَّهَا فِي تَزْوِيجِهَا ( قَوْلُهُ : وَالْمُسْلِمُ لَا يُوَكِّلُ كَافِرًا فِي اسْتِيفَاءِ قِصَاصٍ مِنْ مُسْلِمٍ ) وَكَذَا تَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ نِكَاحِ مُسْلِمَةٍ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَبْدُ إلَخْ ) وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ فِي الِاخْتِيَارِ إلَّا إذَا عَيَّنَ لِلْوَكِيلِ الْمُخْتَارَاتِ ، وَمِثْلُهُ مَنْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ، أَوْ أَعْتَقَ أَحَدَ رَقِيقَيْهِ ، وَالتَّوْكِيلُ فِي رَدِّ الْمَغْصُوبِ وَالْمَسْرُوقِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ ، وَالتَّوْكِيلُ فِي الْإِقْرَارِ

( وَيُوَكَّلُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ ) وَالْقَيِّمُ ( فِي بَيْعِ مَالِ الطِّفْلِ عَنْ الطِّفْلِ وَعَنْ نَفْسِهِ ) أَيْ عَنْهُمَا مَعًا أَوْ عَنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ نَقْلًا عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ فِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ الطِّفْلِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا لَمْ يَنْعَزِلْ الْوَكِيلُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ وَكِيلًا عَنْ الْوَلِيِّ ، وَذِكْرُ الْبَيْعِ وَالطِّفْلِ مِثَالٌ فَكَالْبَيْعِ مَا فِي مَعْنَاهُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَمَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ فِي الْوَصَايَا أَنَّهُ لَا يُوَكَّلُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ أَيْ فِيمَا يَتَوَلَّاهُ مِثْلُهُ فَعَلَيْهِ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى ذَاكَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ الْإِطْلَاقُ ( وَتَوْكِيلُ غَيْرِ الْمُجْبَرِ قَبْلَ الْإِذْنِ ) لَهُ مِنْ مُوَلِّيَتِهِ ( مَذْكُورٌ فِي النِّكَاحِ ) وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ

( قَوْلُهُ وَيُوَكِّلُ الْأَبُ وَالْوَصِيُّ فِي بَيْعِ مَالِ الطِّفْلِ ) أَيْ عَدْلًا ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَهُ فِي جَوَازِهِ عَنْ الطِّفْلِ نَظَرٌ ) وَجْهُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يَكُونُ عَنْ شَخْصٍ أَهْلٍ لِلتَّصَرُّفِ ، وَلَيْسَ الْيَتِيمُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَهْلًا لِلتَّصَرُّفِ ، فَإِسْنَادُ الْوَكَالَةِ إلَيْهِ غَيْرُ صَحِيحٍ لَكِنَّ جَوَابَ هَذَا أَنَّ تَصَرُّفَ الْوَصِيِّ بِطَرِيقِ الِاسْتِقْلَالِ لَا بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الْمُوصِي بِخِلَافِ الْوَكِيلِ ، وَكَلَامُ صَاحِبِ الْبَيَانِ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ حَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَصِيَّ يُوَكِّلُ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ دُونَ الْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَنْ الْوَلِيِّ ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَوْ وَكَّلَهُ عَنْهُمَا وَبَلَغَ رَشِيدًا انْعَزَلَ عَنْ الْوَلِيِّ دُونَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ فَيَتَصَرَّفُ عَنْهُ ( قَوْلُهُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ إلَخْ ) يُعْتَبَرُ فِي الْوَكِيلِ الْمَذْكُورِ الْعَدَالَةُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ تَوْكِيلِ الْوَصِيِّ هُوَ الصَّحِيحُ ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَنَّهُ لَا يُوَكَّلُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ وَالْمَعْنَى

( وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ ) الْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ ( فِي إذْنِ الدُّخُولِ ) أَيْ فِي الْإِذْنِ فِيهِ ( وَ ) فِي ( إيصَالِ الْهَدِيَّةِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ، وَفِي إخْبَارِهِ غَيْرَهُ بِطَلَبِ صَاحِبِ الْوَلِيمَةِ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا فِي الْبَيْعِ ( فَيُوَكِّلُ الصَّبِيُّ ) غَيْرَهُ ( فِيهِمَا حَيْثُ ) يَجُوزُ ( لِلْوَكِيلِ التَّوْكِيلُ ) فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ الصَّبِيُّ وَكِيلًا وَمُوَكِّلًا فَهُوَ بِالِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ مُسْتَثْنَى مِنْ عَكْسِ اعْتِبَارِ صِحَّةِ مُبَاشَرَةِ الْوَكِيلِ وَيُسْتَثْنَى مَعَهُ تَوْكِيلُ الْمَرْأَةِ بِالطَّلَاقِ وَسَيَأْتِي وَتَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ كَافِرًا بِشِرَاءِ مُسْلِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ وَتَوْكِيلُ الْوَلِيِّ امْرَأَةً لِتُوَكِّلَ رَجُلًا فِي تَزْوِيجِ مُوَلِّيَتِهِ ، وَتَوْكِيلُ مُعْسِرٍ مُوسِرًا بِنِكَاحِ أَمَةٍ ، وَتَوْكِيلُ شَخْصٍ بِقَبُولِ نِكَاحِ أُخْتِهِ أَوْ نَحْوِهَا حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِلْوِلَايَةِ
( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ تَوْكِيلُ الصَّبِيِّ الْمُمَيَّزِ الْمَأْمُونِ فِي إذْنِ الدُّخُولِ إلَخْ ) لِإِطْبَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانُ ، فَقَالَ : اذْهَبْ فَادْعُ لِي مُعَاوِيَةَ } قَالَ النَّوَوِيُّ : فِيهِ اعْتِمَادُ الصَّبِيِّ فِيمَا يُرْسَلُ فِيهِ مِنْ حَمْلِ هَدِيَّةٍ وَطَلَبِ حَاجَةٍ وَنَحْوِهِ .
ا هـ .
وَكَانَ يُرْسِلُ أَنَسًا فِي حَوَائِجِهِ ، وَهُوَ صَبِيٌّ وَدَفَعَ لِلنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ عَيْشًا مِنْ الطَّائِفِ لِيَدْفَعَهُ لِأُمِّهِ قَالَ : فَأَكَلْتُهُ فِي الطَّرِيقِ فَقَالَ : مَا فَعَلْت بِهِ فَقُلْت : أَكَلْته فَسَمَّانِي غَنْدَرَ وَيَتَصَرَّفُ الْمَهْدِيُّ إلَيْهِ فِي الْهَدِيَّةِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ جَارِيَةً اسْتَبَاحَ وَطْأَهَا وَكَتَبَ أَيْضًا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ كَالصَّبِيِّ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ ) الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا ( فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ ) كُلٌّ مِنْهُمْ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ ( لَا بِإِذْنٍ ) مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ وَالْغَرِيمِ لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ أَوْ مَالًا آخَرَ مِنْ مَوْلَاهُ صَحَّ وَلَيْسَ مِنْ لَازِمِ وُجُودِ الْإِذْنِ لِمَنْ ذُكِرَ صِحَّةُ تَصَرُّفِهِ فَلَا يَرِدُ عَدَمُ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ مِنْ السَّفِيهِ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ أَمَّا مَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَحَدُهُمْ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ فِي قَبُولِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهِ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الْعَبْدِ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خِلَافَهُ ( وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُفْلِسِ ، وَلَوْ لَزِمَهُ عُهْدَةً ) فِيمَا لَوْ وَكَّلَ فِيهِ كَمَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ
( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الرَّقِيقِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَيْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمْ مُوَكِّلًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ إلَخْ لَيْسَا مِمَّا دَخَلَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي كَوْنِهِ وَكِيلًا بِدَلِيلِ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ كَوْنَ الْمُفْلِسِ وَكِيلًا بَعْدُ هَذَا

( وَ ) يَصِحُّ ( تَوْكِيلُ السَّكْرَانِ بِمُحَرَّمٍ ) كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ بِخِلَافِ السَّكْرَانِ بِمُبَاحٍ كَدَوَاءٍ فَإِنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا فَلَوْ قَالَ : أَذِنْت لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ قَالَ لِرَجُلَيْنِ : وَكَّلْت أَحَدَكُمَا بِبَيْعِ دَارِي لَمْ يَصِحَّ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ ، وَفِي وَكِيلِ الْقَاضِي أَنْ يَكُونَ عَدْلًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا

( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْوَكِيلِ مُطْلَقًا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا إلَخْ ) نَعَمْ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ كَذَا مَثَلًا وَكُلُّ مُسْلِمٍ صَحَّ فِيمَا يَظْهَرُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ ش ( قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ ) وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ قَالَ : وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ أَحَدٍ فِيهَا اعْتِمَادًا عَلَى هَذَا إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ فِي شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ فِيهِ غَرَضٌ كَالتَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِتَعْيِينِهِ غَرَضٌ مِنْ الْعُهْدَةِ وَالرُّجُوعِ وَنَحْوِهِمَا فَلَوْ كَانَ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ كَالْعِتْقِ وَنَحْوِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ : فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ فَإِذَا قَالَ : وَكَّلْت كُلَّ مَنْ أَرَادَ فِي عِتْقِ عَبْدِي هَذَا ، أَوْ فِي تَزْوِيجِ أَمَتِي هَذِهِ فَلَا مَنْعَ مِنْ الصِّحَّةِ ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا أَنَّ تَعْمِيمَ الْمُوَكِّلِ فِيهِ لَا يَصِحُّ إلَّا فِي مُخَاصَمَةِ الْخُصَمَاءِ لِعَدَمِ الْغَرَرِ فَكَذَا هَذَا قَالَ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الْوَاقِعَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ أَنْ تَأْذَنَ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهَا لِكُلِّ عَاقِدٍ فِي الْبَلَدِ فِي تَزْوِيجِهَا وَقَدْ أَنْتَجَ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرْته صِحَّةَ هَذَا الْإِذْنِ إذْ لَا غَرَضَ لَهَا فِي أَعْيَانِ الْعِقَادِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ يَنْبَغِي إنْ صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ فِيمَا إذَا عَيَّنَتْ الزَّوْجَ وَلَمْ تُفَوِّضْ إلَّا صِيغَةَ الْعَقْدِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُرَادٌ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَا إذَا أَذِنَتْ فِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْعَاقِدُ فِي الْبَلَدِ مِنْ زَوْجٍ مُعَيَّنٍ بِكَذَا بِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَنَ بِإِذْنِهَا قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّعْيِينَ بِأَنْ سَبَقَ ذِكْرٌ مُعَيَّنٌ أَوْ كَانَتْ تَعْتَقِدُ أَنْ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يَجُزْ لِكُلِّ عَاقِدٍ تَزْوِيجُهَا وَإِلَّا جَازَ .
ا هـ .
وَمِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ التَّوْكِيلُ فِي الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ الصِّحَّةُ ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ غَرَضٌ ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ الْقُضَاةِ لَكِنْ اصْطَلَحَ

الشُّهُودُ أَنْ يَكْتُبُوا وَوَكَّلَا فِي ثُبُوتِهِ وَطَلَبِ الْحُكْمِ بِهِ وَكَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يُنْكِرُ ذَلِكَ ، وَيَقُولُ : لَيْسَ فِيهِ تَوْكِيلٌ لِمُعَيَّنٍ وَلَا لِمُبْهَمٍ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَكْتُبُوا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ نُقَبَاءِ الْحُكْمِ وَشُهُودِهِ وَغَيْرِهِمْ وَلَوْ قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ وَكِّلْ عَنَى صَحَّ كَمَا سَيَأْتِي وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ الْمُوَكِّلُ فس ، وَقَوْلُهُ : وَقَدْ أَنْتَجَ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرْتُهُ صِحَّةَ هَذَا الْإِذْنِ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ وَلَوْ وَكَّلَ امْرَأَةً فِي طَلَاقِ غَيْرِهَا جَازَ ) وَلَوْ سَفِيهَةً كَمَا يَجُوزُ أَنْ يُفَوِّضَ إلَيْهَا طَلَاقَ نَفْسِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ : وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُهَا فِي رَجْعَةِ نَفْسِهَا وَلَا رَجْعَةِ غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يُسْتَبَاحُ بِقَوْلِ النِّسَاءِ ا هـ وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى فَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِي الرَّجْعَةِ مَحَلُّهُ فِي الرَّجُلِ ( لَا ) فِي ( اخْتِيَارِ فِرَاقِ خَامِسَةِ مَنْ أَسْلَمَ ) بِإِضَافَةِ خَامِسَةٍ إلَى مَا بَعْدَهَا بِأَنْ أَسْلَمَ عَلَى خَمْسٍ مَثَلًا ، وَوَكَّلَ امْرَأَةً فِي اخْتِيَارٍ الْخَامِسَةِ لِلْفِرَاقِ فَلَا يَجُوزُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اخْتِيَارَهَا الْأَرْبَعَ لِلنِّكَاحِ ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَفُهِمَ مِمَّا قَالَهُ بِالْأُولَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَوْكِيلُهَا فِي الِاخْتِبَارِ لِلنِّكَاحِ وَسَوَاءٌ أَعَيَّنَ لَهَا الْمُوَكِّلُ مَنْ تَخْتَارُهَا أَمْ لَا وَمِثْلُهَا الْخُنْثَى ، فَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ فِيمَا إذَا عَيَّنَهَا الْمُوَكِّلُ مَحَلُّهُ فِي تَوْكِيلِ الرَّجُلِ
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِي التَّتِمَّةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَتَوْكِيلُ الْمُرْتَدِّ ) غَيْرَهُ ( كَتَصَرُّفِهِ ) فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَصِيَّةِ وُقِفَ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ لَمْ يَصِحَّ ، وَالتَّوْكِيلُ عَقْدٌ لَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ عَلَى الْجَدِيدِ فَلَا يَصِحُّ مُطْلَقًا وَهُوَ أَوْجَهُ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إنَّهُ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ وَمِنْ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ يَنْبَغِي صِحَّتُهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ وَأَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ أَصْلِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ بَلْ يُوقَفُ كَمِلْكِهِ بِأَنْ يُوقَفَ اسْتِمْرَارُهُ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ ارْتِدَادَهُ عَزْلٌ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ( وَلَوْ وَكَّلَهُ ) أَيْ الْمُرْتَدَّ ( أَحَدٌ صَحَّ تَصَرُّفُهُ ) لِوُقُوعِهِ لِغَيْرِهِ وَفُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ الْوَكِيلُ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي التَّوْكِيلِ ( وَيَصِحُّ تَوْكِيلُ كَافِرٍ فِي نِكَاحِ كِتَابِيَّةٍ ) وَلَوْ لِمُسْلِمٍ ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ نِكَاحَهَا لِنَفْسِهِ ( وَكَذَا ) فِي ( طَلَاقِ مُسْلِمَةٍ ) ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ طَلَاقَهَا كَأَنْ أَسْلَمَتْ كَافِرَةٌ بَعْدَ الدُّخُولِ فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فِي بَابِ الْخُلْعِ ( لَا فِي نِكَاحِهَا ) إيجَابًا وَقَبُولًا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ نِكَاحَهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ تَوْكِيلِهِ فِي شِرَاءِ مُسْلِمٍ أَوْ مُسْلِمَةٍ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ ، وَكَلَامُهُ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ لِشُمُولِهِ مَنْعَ التَّوْكِيلِ فِي الْإِيجَابِ ( وَلَا فِي ) اسْتِيفَاءِ ( قِصَاصِ مُسْلِمٍ ) وَلَوْ لِكَافِرٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ اسْتِيفَاءَهُ لِنَفْسِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا

( قَوْلُهُ وَهُوَ أَوْجَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ سَكِرَ أَحَدُهُمَا أَوْ ارْتَدَّ أَوْ نَامَ لَمْ يَنْعَزِلْ ( قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي الْبَيْعِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمِلْكَ يُتَصَوَّرُ لَهُ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي مَوَاضِعَ عَدِيدَةٍ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَنْكِحَ مُسْلِمَةً ابْتِدَاءً فَكَأَنَّهُ مَسْلُوبُ الْعِبَارَةِ فِي نِكَاحِهَا أَصْلًا وَنِيَابَةً .
ا هـ .
وَفُرِّقَ أَيْضًا بِأَنَّ الْبَيْعَ أَوْسَعُ مِنْ النِّكَاحِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَنْكِحُ الْمُسْلِمَةَ قَطْعًا ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُخْرِجُ مِنْ عِبَارَاتِ الْأَئِمَّةِ إنْ شَرَطَا لِوَكِيلٍ صِحَّةَ مُبَاشَرَتِهِ التَّصَرُّفَ لِنَفْسِهِ فِي جِنْسِ مَا وُكِّلَ فِيهِ فِي الْجُمْلَةِ أَوْ فِي عَيْنِهِ فَيَسْقُطُ اسْتِثْنَاءُ كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ السَّابِقَةِ

( وَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ الْمُكَاتَبِ ) غَيْرَهُ ( فِي التَّبَرُّعَاتِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ وَيَصِحُّ بِالْإِذْنِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِنَفْسِهِ فِيهِمَا ، وَخَرَجَ بِالتَّبَرُّعَاتِ غَيْرُهَا كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي تَصِحُّ مِنْهُ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ غَيْرَهُ مُطْلَقًا ( وَكَذَا ) لَا يَصِحُّ ( تَوَكُّلُهُ بِجُعْلٍ لَا يَفِي بِأُجْرَتِهِ ) لِتَبَرُّعِهِ بِعَمَلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ يَفِي بِهَا ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ : وَلَوْ وَكَّلَ مُكَاتَبًا بِجُعْلٍ يَفِي بِأُجْرَتِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ جُعْلٍ لَهُ حُكْمُ تَبَرُّعِهِ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الصِّيغَةُ فَيُشْتَرَطُ ) لِلْوَكَالَةِ ( الْإِيجَابُ كَوَكَّلْتُكَ ) بِكَذَا ( وَفَوَّضْت إلَيْك ) كَذَا أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَطَلِّقْ ( وَبِعْ وَأَعْتِقْ ) ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا بِرِضَاهُ ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ ( وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالرِّضَا وَالِامْتِثَالِ ) لِمَا فُوِّضَ إلَيْهِ ، وَلَوْ ( عَلَى التَّرَاخِي ) كَالْوَصِيَّةِ نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ ، أَوْ عَرَضَهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ عِنْدَ ثُبُوتِهَا عِنْدَهُ اُعْتُبِرَ الْقَبُولُ بِالِامْتِثَالِ فَوْرًا ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَانِ لَا يُسْتَثْنَيَانِ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لَا تَوْكِيلٌ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ ، وَالثَّانِي إنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ لِإِلْزَامِ الْحَاكِمِ إيفَاءَ حَقِّ الْغَرِيمِ لَا لِلْوَكَالَةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِالِامْتِثَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَأَفَادَ بِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَبُولَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( وَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ ) بِمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا سَوَاءٌ أَوُجِدَ الرِّضَا أَمْ لَا كَأَنْ أَكْرَهَهُ حَتَّى تَصَرَّفَ لَهُ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إبَاحَةٌ وَرَفْعُ حَجْرٍ كَإِبَاحَةِ الطَّعَامِ فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ نَعَمْ لَوْ كَانَ لِإِنْسَانٍ عَيْنٌ مُعَارَةٌ أَوْ مُؤَجَّرَةٌ أَوْ مَغْصُوبَةٌ فَوَهَبَهَا لِآخَرَ فَقَبِلَهَا ، وَأَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهَا ثُمَّ إنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَكَّلَ فِي قَبْضِهَا الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ أَوْ الْغَاصِبَ اُشْتُرِطَ قَبُولُهُ لَفْظًا وَلَا يُكْتَفَى بِالْفِعْلِ ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ ؛ لِأَنَّهُ اسْتِدَامَةٌ لِمَا سَبَقَ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى الرِّضَا بِقَبْضِهِ عَنْ الْغَيْرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ مَعَ مَا فِيهِ ( فَإِنْ رَدَّهَا ) أَيْ الْوَكِيلُ الْوَكَالَةَ ( وَنَدِمَ جُدِّدَتْ ) وُجُوبًا ؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ تَرْتَفِعُ فِي الدَّوَامِ بِالْفَسْخِ فَارْتِدَادُهَا بِالرَّدِّ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْلَى .
( وَلَوْ وَكَّلَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ صَحَّ )

التَّوْكِيلُ كَمَا أَنَّ الْعَزْلَ يَنْفُذُ قَبْلَ بُلُوغِ الْخَبَرِ لِلْوَكِيلِ ( وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَبَيْعِ مَنْ ظَنَّ حَيَاةَ أَبِيهِ ) مَا لَهُ فَبَانَ مَيِّتًا فَيَصِحُّ ( وَتَكْفِي الْكِتَابَةُ وَالرِّسَالَةُ ) فِي الْوَكَالَةِ ( وَلَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ ) كَقَوْلِهِ : إذَا قَدِمَ زَيْدٌ ، أَوْ جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَكَّلْتُك بِكَذَا ، أَوْ فَأَنْتَ وَكِيلِي فِيهِ ( بَطَلَتْ ) لِلشَّرْطِ ( وَنَفَذَ تَصَرُّفٌ صَادَفَ الْإِذْنَ ) فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ ، وَكَذَا حَيْثُ فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْإِذْنُ فَاسِدًا كَقَوْلِهِ : وَكَّلْت مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ ، قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ النِّكَاحَ فَيَنْفُذُ بَعْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فِي نَحْوِ : إذَا انْقَضَتْ عِدَّةُ بِنْتِي فَقَدْ وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا بِخِلَافِ نَحْوِ : وَكَّلْتُك بِتَزْوِيجِهَا ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ( وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ ) فَقَطْ كَقَوْلِهِ : وَكَّلْتُك بِبَيْعِ عَبْدِي وَبِعْهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ ، وَلَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بَعْدَ الشَّهْرِ .
( فَرْعٌ : لَوْ قَالَ : وَكَّلْتُك وَمَتَى ) أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا ( عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي ) أَوْ فَقَدْ وَكَّلْتُك ( صَحَّتْ فِي الْحَالِ ) لِوُجُودِ الْإِذْنِ ( فَلَوْ عَزَلَهُ لَمْ تَنْعَقِدْ ) أَيْ الْوَكَالَةُ بَلْ تَقَعُ فَاسِدَةً لِلتَّعْلِيقِ ( إلَّا أَنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ نَفَذَ ) تَصَرُّفُهُ ( لِلْإِذْنِ لَا إنْ كَرَّرَ عَزْلَهُ ) بِأَنْ قَالَ عَزَلْتُك أَوْ أَدَارَهُ كَالْوَكَالَةِ كَأَنْ قَالَ : مَتَى أَوْ إذَا أَوْ مَهْمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ ، أَوْ فَقَدْ عَزَلْتُك فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ إمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ تَعْلِيقَ الْوَكَالَةِ بِمَا ذُكِرَ لَا يَقْتَضِي عَوْدَهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلِتُقَاوِمَ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ وَاعْتِضَادَ الْعَزْلِ بِالْأَصْلِ ، وَهُوَ الْحَجْرُ فِي حَقِّ الْغَيْرِ ( فَفَائِدَةُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ ) مَعَ نُفُوذِ التَّصَرُّفِ فِي فَاسِدِهَا ( اسْتِقْرَارُ )

الْجُعْلِ ( الْمُسَمَّى ) إنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فِي الْفَاسِدَةِ ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ ، وَتَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا أَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ فِي النِّكَاحِ يُفْسِدُ الصَّدَاقَ الْمُسَمَّى ، وَيُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ ، وَإِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي النِّكَاحِ ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ كَرَّرَ عَزْلَهُ انْعَزَلَ ، فَفَائِدَةُ فَسَادِ الْوَكَالَةِ سُقُوطُ الْمُسَمَّى ، وَوُجُوبُ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ، وَالْكُلُّ صَحِيحٌ لَكِنَّ الثَّانِيَةَ أَوْفَقُ بِكَلَامِ الْأَصْلِ ( فَإِنْ قَالَ : كُلَّمَا عَزَلْتُك فَأَنْتَ وَكِيلِي تَكَرَّرَ الْإِذْنُ بِتَكَرُّرِ الْعَزْلِ ) لِاقْتِضَاءِ كُلَّمَا التَّكْرَارَ ( فَطَرِيقُهُ ) فِي أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْوَكِيلِ الْمَأْذُونِ فِيهِ بِالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ ( أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ فِي عَزْلِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ عَزْلُ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ قَدْ قَالَ : عَزَلْتُك أَوْ عَزَلَك أَحَدٌ عَنِّي فَلَا يَكْفِي التَّوْكِيلُ بِالْعَزْلِ بَلْ يَتَعَيَّنُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ .
( أَوْ يَقُولُ كُلَّمَا عُدْت وَكِيلِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ ) فَيَمْتَنِعُ تَصَرُّفُهُ وَاسْتُشْكِلَتْ إدَارَةُ الْعَزْلِ بِأَنَّهَا تَفْرِيعٌ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ كَمَا فَرَّعَهَا عَلَيْهِ الْأَصْلُ وَالْمُصَنِّفُ لَا يُفَرِّعُ عَلَى الضَّعِيفِ ، وَبِأَنَّهَا تَعْلِيقٌ لِلْعَزْلِ عَلَى الْوَكَالَةِ فَهُوَ تَعْلِيقٌ قَبْلَ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَزْلَ عَنْ الْوَكَالَةِ الَّتِي لَمْ تَصْدُرْ مِنْهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : إنْ مَلَكْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ وَهُوَ بَاطِلٌ ، وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْوَكَالَةَ ، وَإِنْ فَسَدَتْ بِالتَّعْلِيقِ فَالتَّصَرُّفُ نَافِذٌ لِلْإِذْنِ فَاحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِيَبْطُلَ الْإِذْنُ ، وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْعَزْلَ الْمُعَلَّقَ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِيمَا يَثْبُتُ فِيهِ التَّصَرُّفُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ السَّابِقِ عَلَى لَفْظِ الْعَزْلِ لَا فِيمَا يَثْبُتُ بِلَفْظِ الْوَكَالَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ ؛ إذْ لَا يَصِحُّ إبْطَالُ الْعُقُودِ قَبْلَ عَقْدِهَا ( وَتَعْلِيقُ الْعَزْلِ )

كَقَوْلِهِ : إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَأَنْتَ مَعْزُولٌ ( كَالْوَكَالَةِ ) الْمُعَلَّقَةِ فَيَفْسُدُ ، وَقِيلَ : يَصِحُّ ( وَهُوَ أَوْلَى ) مِنْهَا ( بِالصِّحَّةِ ) إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ قَبُولٌ قَطْعًا ، أَوْ التَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ وَعَلَى الْمُرَجَّحِ يُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْمَنْعِ كَمَا أَنَّ التَّصَرُّفَ يَنْفُذُ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ بِالتَّعْلِيقِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ ( وَيَصِحُّ تَوْقِيتُ الْوَكَالَةِ كَ وَكَّلْتُكَ شَهْرًا ) فَإِذَا مَضَى الشَّهْرُ امْتَنَعَ عَلَى الْوَكِيلِ التَّصَرُّفُ

( قَوْلُهُ : فَيُشْتَرَطُ الْإِيجَابُ إلَخْ ) وَجْهُ اعْتِبَارِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ أَنَّهَا إثْبَاتُ حَقِّ السَّلْطَنَةِ وَالتَّصَرُّفِ لِلْوَكِيلِ ، فَأَشْبَهَتْ سَائِرَ التَّمْلِيكَاتِ ( قَوْلُهُ : وَيَصِحُّ الْقَبُولُ بِالرِّضَا إلَخْ ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ : الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيمَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ ، فَإِذَا تَصَرَّفَ تَبَيَّنَّا أَنَّ الْقَبُولَ حَصَلَ قَبْلَ التَّصَرُّفِ لِيَكُونَ بَعْدَ الْقَبُولِ الْوَكَالَةُ ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْقَبُولُ بِالْفِعْلِ ؛ لِأَنَّهَا أَمْرٌ لِلْوَكِيلِ ، وَقَبُولُ الْأَمْرِ امْتِثَالُهُ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالتَّصَرُّفِ كَالْوَدِيعَةِ ، وَخَالَفَ بَقِيَّةَ الْعُقُودِ كَالْهِبَةِ بِأَنَّهَا مُتَضَمِّنَةٌ لِتَمْلِيكِ عَيْنٍ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْبَحْرِ : مَا مَعْنَى قَوْلِكُمْ : الْوَكَالَةُ تَفْتَقِرُ إلَى الْقَبُولِ وَتُجَوِّزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ قُلْنَا : لَهُ فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا : لَوْ تَمَكَّنَ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ لِلْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ لَزِمَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبُولِ لَا قَبْلَهُ إلَّا إنْ طَالَبَهُ ، وَيُحْتَمَلُ وُجُوبُهُ قَبْلَهُ لِبَرَاءَتِهِ بِهِ الثَّانِيَةُ : إذَا وَصَلَتْ الْعَارِيَّةُ لِيَدِ الْوَكِيلِ فِي قَبْضِهَا ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّهَا هِيَ زَالَ الضَّمَانُ عَنْ الْمُسْتَعِيرِ إنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَبْلَ الْوَكَالَةِ ، وَلَا يَزُولُ إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا ( قَوْلُهُ : نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ فِي إبْرَاءِ نَفْسِهِ إلَخْ ) أَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ زَمَانَ الْعَمَلِ وَخِيفَ فَوْتُهُ ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا وَكَّلَ مَنْ يَطْلُبُ لَهُ الْمَاءَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ يَشْتَرِي لَهُ السُّتْرَةَ وَنَحْوَ ذَلِكَ كَانَ كَأَنَّ الْمُوَكَّلُ فِيهِ يَخْشَى فَوَاتَهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمُبَادَرَةِ إلَى بَيْعِهِ كَالثَّلْجِ وَالرَّطْبِ عِنْدَ خَوْفِ الْفَسَادِ ( قَوْلُهُ : وَأَفَادَ بِهِ مَعَ مَا قَبْلَهُ أَنَّ الْقَبُولَ يَحْصُلُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَخْ ) مَحَلُّ الِاكْتِفَاءِ بِالْفِعْلِ فِي الْقَبُولِ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ جُعْلٍ فَالْوَكِيلُ بِجُعْلٍ لَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ لَفْظًا إنْ كَانَ الْإِيجَابُ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ دُونَ

صِيغَةِ الْأَمْرِ كَالْقِرَاضِ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ فِيهَا مُسْتَحَقٌّ يَقِينًا عِنْدَ وُجُودِ الْعَمَلِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مَضْبُوطًا لِتَكُونَ الْوَكَالَةُ بِالْجُعْلِ إجَارَةً كَمَا نَقَلَاهُ فِي بَابِ الْجَعَالَةِ عَنْ بَعْضِ التَّصَانِيفِ أَنَّ ( قَوْلَهُ فَسَدَتْ لِلشَّرْطِ ) ؛ لِأَنَّهَا عَقْدٌ يَمْلِكُ بِهِ التَّصَرُّفَ فِي الْحَيَاةِ لَمْ يُبْنَ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسِّرَايَةِ ، وَيُؤَثِّرُ فِيهِ الْجَهَالَةُ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ وَالْقِرَاضَ ( قَوْلُهُ : فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ ) أَيْ الْخَالِي عَنْ الْمُفْسِدِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِالْبَيْعِ ، وَشَرَطَ لَهُ جُعْلًا فَاسِدًا فَإِنَّ الْوَكَالَةَ فَاسِدَةٌ ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ النِّكَاحَ فَيَنْفُذُ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ إلَخْ ) كَمَا يَصِحُّ الْبَيْعُ بِالْإِذْنِ فِي الْوَكَالَةِ الْفَاسِدَةِ ، وَهُوَ خَطَأٌ صَرِيحٌ مُخَالِفٌ لِلْمَنْقُولِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِمَامُ : إذَا عَيَّنَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجًا سَوَاءٌ شَرَطْنَا التَّعْيِينَ أَمْ لَا فَلْيَذْكُرْهُ الْوَلِيُّ لِلْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَزَوَّجَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَصِحَّ ، وَكَذَا لَوْ زَوَّجَهُ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الظَّاهِرِ ؛ لِأَنَّ التَّفْوِيضَ الْمُطْلَقَ مَعَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مُعَيَّنٌ فَاسِدٌ ، وَأَيْضًا فَلَوْ اخْتَلَطَتْ مُحْرِمَةٌ بِنِسْوَةٍ مَحْصُورَاتٍ فَعَقَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُنَّ لَمْ يَصِحَّ النِّكَاحُ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَإِنْ ظَهَرَ كَوْنُهَا أَجْنَبِيَّةً ، وَكَذَلِكَ لَوْ عَقَدَ عَلَى خُنْثَى فَبَانَ امْرَأَةً لَمْ يَصِحَّ ، وَلَوْ قَبِلَ النِّكَاحَ لِزَيْدٍ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا زَيْدٌ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ ، وَلَوْ اشْتَرَى لَهُ بِوَكَالَةٍ فَأَنْكَرَهَا صَحَّ الشِّرَاءُ لِلْوَكِيلِ ، وَلَوْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ إذْنًا فَاسِدًا فِي النِّكَاحِ لَمْ يَسْتَفِدْ الْعَقْدَ الصَّحِيحَ ت ( قَوْلُهُ : وَلَا يَضُرُّ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ ) تَصِحُّ الْوَكَالَةُ

الْمُؤَقَّتَةُ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِ : وَكَّلْتُك فِي كَذَا شَهْرَ كَذَا وَإِذَا قَالَ النَّاظِرُ : إذَا مَاتَ فُلَانٌ فَفُلَانٌ مَكَانَهُ فِي وَظِيفَتِهِ ، قَالَ السُّبْكِيُّ : مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ أَنَّ فِيهِ وَجْهَيْ تَعْلِيقِهَا وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ : يَكُونُ نَائِبًا عَنْهُ فِي حَيَاتِهِ مُسْتَقِلًّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَإِنَّهُ أَوْلَى بِالْجِوَارِ ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ جُعِلَ تَبَعًا لِلْأَوَّلِ فَتَظْهَرُ صِحَّتُهُ إذَا كَانَ أَهْلًا إلَّا أَنْ يَصْدُرَ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ فَيَتَمَثَّلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُخَالِفْ الشَّرْعَ اتِّبَاعًا لِلْأَمْرِ لَا لِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ قَوْلُهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ : إنْ مَلَكْت فُلَانَةَ أَوْ تَزَوَّجْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ طَالِقٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُقَالُ عَلَيْهِ الْمُوَكِّلُ مَالِكٌ لِلْمَحَلِّ الْمُوَكَّلِ فِيهِ ، وَمَالِكٌ لِلتَّصَرُّفِ فِيمَا يُوَكِّلُ فِيهِ فَمَلَكَ أَنْ يُعَلِّقَ عَزْلَ الْوَكِيلِ عَلَى التَّوْكِيلِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ التَّوْكِيلُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنْ مَلَكْت عَبْدَ فُلَانٍ فَهُوَ حُرٌّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَالِكًا لِمَحَلِّ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ الْعَبْدُ فَكَانَ تَعْلِيقُ عِتْقِهِ عَلَى مِلْكِهِ بَاطِلًا وَجَوَابٌ ثَانٍ ، وَهُوَ أَنَّ فِي صُورَةِ التَّوْكِيلِ صَدَرَ قَوْلُهُ وَكَّلْتُك صَحِيحًا فَكَانَ مَا ذَكَرَهُ بَعْد ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَلْتُك صَحِيحًا وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَبَعًا صِحَّةُ تَعْلِيقِ الْعَزْلِ عَلَى التَّوْكِيلِ فَصَارَ كَقَوْلِك وَكَّلْتُك فِي بَيْعِ مَا هُوَ فِي مِلْكِي مِنْ الْعَبِيدِ وَمَا سَأَمْلِكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْإِذْنُ الْوَاقِعُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ فَاسِدٍ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : أَحَدُهَا قَطَعُوا بِاعْتِبَارِهِ ، الثَّانِي : قَطَعُوا بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ ، الثَّالِثُ : حَكَوْا فِيهِ خِلَافًا ، وَجَعَلُوا الرَّاجِحَ اعْتِبَارَهُ الرَّابِعَ حَكَوْا فِيهِ خِلَافًا ، وَجَعَلُوا الرَّاجِحَ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ ، وَقَدْ اشْتَمَلَ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ عَلَى تَمْثِيلِ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ

قَطَعَ بِاعْتِبَارِهِ فِيمَا إذَا قَالَ بِعْ كَذَا عَلَى أَنَّ لَك الْعُشْرَ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَقَطَعَ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي التَّصَرُّفُ فِيهِ ، وَرَجَّحَ صِحَّةَ التَّصَرُّفِ فِي الْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ وَرَجَّحَ عَدَمَ سُقُوطِ الْوَثِيقَةِ فِيمَا إذَا أَبْرَأَ الْمُرْتَهِنُ الْجَانِيَ ( قَوْلُهُ كَالْوَكَالَةِ الْمُعَلَّقَةِ ) كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُك فِي تَطْلِيقِ امْرَأَتِي إنْ رَضِيَ بِهِ أَخِي أَوْ فِي تَزْوِيجِ ابْنَتِي إنْ رَضِيَ بِهِ خَالِي ، وَالتَّعْلِيقُ فِي الصُّورَةِ لَا فِي الْمَعْنَى هَلْ يَمْتَنِعُ كَمَا إذَا قَالَ : إنْ كَانَ مَالِي قَدْ قَدِمَ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي بَيْعِهِ وَكَانَ قَدْ قَدِمَ فَفِي نَظِيرِ ذَلِكَ مِنْ النِّكَاحِ فِيمَا إذَا قَالَ إنْ كَانَ وُلِدَ لِي ابْنَةٌ فَقَدْ وَكَّلْتُك فِي نِكَاحِهَا وَكَانَتْ قَدْ وُلِدَتْ فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ وَجْهَانِ وَالْوَكَالَةُ يَنْبَغِي أَنْ تُرَتَّبَ وَأَوْلَى بِالصِّحَّةِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ ) ( وَهِيَ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ الْمُوَافَقَةُ ) فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ ( لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ ) الصَّادِرِ مِنْ الْمُوَكِّلِ ( أَوْ الْقَرِينَةِ ) فَإِنَّهَا قَدْ تَقْوَى فَيُتْرَكُ لَهَا إطْلَاقُ اللَّفْظِ كَمَا فِي أَمْرِهِ لَهُ فِي الصَّيْفِ بِشِرَاءِ الْجَمْدِ كَمَا سَيَأْتِي ، وَكَمَا لَوْ كَانَ يَأْكُلُ الْخُبْزَ فَقَالَ لِغَيْرِهِ : اشْتَرِ لِي لَحْمًا حُمِلَ عَلَى الْمَشْوِيِّ لَا عَلَى النِّيءِ ( فَيَبِيعُ ) وُجُوبًا ( عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) لِلْوَكَالَةِ بِأَنْ لَمْ تُقَيَّدْ بِثَمَنٍ وَلَا حُلُولٍ وَلَا تَأْجِيلٍ وَلَا نَقْدٍ ( بِثَمَنِ الْمِثْلِ ) فَأَكْثَرَ ( حَالًّا مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ) أَيْ بَلَدِ الْبَيْعِ لَا بَلَدِ التَّوْكِيلِ نَعَمْ إنْ سَافَرَ بِمَا وُكِّلَ فِيهِ إلَى بَلَدٍ بِغَيْرِ إذْنٍ ، وَبَاعَهُ فِيهَا اُعْتُبِرَ نَقْدُ بَلَدٍ حَقُّهُ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا ( فَإِنْ كَانَ ) بِالْبَلَدِ ( نَقْدَانِ فَبِأَغْلَبِهِمَا ) يَبِيعُ ( ثُمَّ أَنْفَعِهِمَا ) لِلْمُوَكِّلِ ( ثُمَّ يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا ) فَإِنْ بَاعَ بِهِمَا مَعًا قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ : جَازَ وَإِنْ كَانَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَلَا بِمُؤَجَّلٍ وَلَا بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ ، وَقِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ ( فَإِنْ خَالَفَ ) شَيْئًا مِمَّا ذُكِرَ ( ضَمِنَ ) الْمَبِيعَ ( بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي ) لَهُ بِإِقْبَاضِهِ لِتَعَدِّيهِ بِالْإِقْبَاضِ فَيَسْتَرِدُّهُ إنْ بَقِيَ ، وَإِلَّا غَرَّمَ الْمُوَكِّلُ مَنْ شَاءَ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ وَمِثْلَهُ فِي الْمِثْلِيِّ .
وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ فَلَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ كَمَا فِي بَيْعِ الْعَدْلِ الرَّهْنَ بِخِلَافِ مَا لَوْ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ الْمَشْرُوطُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ لَا يَبِيعُهُ ثَانِيًا بِالْإِذْنِ السَّابِقِ ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ أَمَّا قَبْلَ إقْبَاضِهِ فَلَا ضَمَانَ لِعَدَمِ التَّعَدِّي فِيهِ ( وَلَا يَضُرُّ غَبْنٌ يَسِيرٌ )

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70