كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ، وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْجُبْنَ لَا يُمْكِنُ كَيْلُهُ حَتَّى تُعْرَفَ نِسْبَةُ نَقْصِهِ مِنْ عَيْنِ اللَّبَنِ .
انْتَهَى .
نَعَمْ تُعْرَفُ النِّسْبَةُ بِوَزْنِهِمَا ، وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الذَّاهِبَ مِمَّا ذُكِرَ مَائِيَّةٌ لَا قِيمَةَ لَهَا أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ مِنْهُ عَيْنُهُ ، وَقِيمَتُهُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ .
( قَوْلُهُ : وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مِثْلَ الذَّاهِبِ كَالدُّهْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَلَخَّصَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَحِلَّ عَدَمِ ضَمَانِ نَقْصِ عَيْنِ الْعَصِيرِ مَا لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ فَإِنْ نَقَصَا ضَمِنَ الْعَيْنَ أَيْضًا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ نَقْصَ عَيْنِهِ لَا يَحْسُنُ تَوْجِيهُ الضَّمَانِ لَهُ اسْتِقْلَالًا لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ فَإِنْ وُجِدَ الضَّمَانُ بِسَبَبِ الْقِيمَةِ ضُمِنَتْ الْعَيْنُ تَبَعًا لَهَا .

( فَصْلٌ : لَوْ هَزِلَتْ ) الدَّابَّةُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا ( ثُمَّ سَمِنَتْ فَعَادَتْ الْقِيمَةُ لَمْ يَنْجَبِرْ ) نَقْصُهَا فَيَرُدُّهَا مَعَ أَرْشِ السِّمَنِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْعَائِدَ غَيْرُ الْأَوَّلِ ، وَعَوْدُ الْحُسْنِ كَعَوْدِ السِّمَنِ لَا كَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ ( وَكَذَا لَوْ كَسَرَ ) الْغَاصِبُ ( الْحُلِيَّ ) أَوْ الْإِنَاءَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ( ثُمَّ أَعَادَهُ ) لَمْ يَنْجَبِرْ نَقْصُهُ فَيَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ ؛ لِأَنَّ الْإِعَادَةَ صَنْعَةٌ أُخْرَى ، وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِهَا ( وَلَوْ ) نَسِيَ الْمَغْصُوبُ صَنْعَةً فَنَقَصَتْ قِيمَتُهُ ثُمَّ ( تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ ) أَوْ تَعَلَّمَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى ) بَلْ سَاوَاهَا أَوْ زَادَ عَلَيْهَا ( انْجَبَرَتْ ) أَيْ الصَّنْعَةُ أَيْ نَقْصُهَا بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ شَيْئًا جَدِيدًا بِخِلَافِ السِّمَنِ أَمَّا إذَا نَقَصَ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى فَيَضْمَنُ مَا بَقِيَ مِنْ النَّقْصِ ، وَيَنْجَبِرُ الْبَاقِي فَلَوْ عَلَّمَهُ سُورَةً أَوْ حِرْفَةً مِرَارًا ، وَهُوَ يَنْسَاهَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ ضَمِنَ أَكْثَرَ الْمَرَّاتِ نَقْصًا .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ فِي يَدِ الْمَالِكِ انْجَبَرَتْ أَيْضًا حَتَّى يَسْتَرِدَّ مِنْهُ الْغَاصِبُ الْأَرْشَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتَ يَعْنِي صَاحِبُ الْمَطْلَبِ عَنْ تَعَلُّمِهَا ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ فِيهِ عَدَمُ الِاسْتِرْدَادِ .
( لَا بِتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ أُخْرَى ) وَلَا بِإِحْدَاثِهَا فِي الْحُلِيِّ أَوْ نَحْوِهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِمَّا مَرَّ فِي إعَادَتِهِ ، وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ شَيْئًا جَدِيدًا وَلِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ ( وَلَوْ سَمِنَتْ ) عِنْدَهُ الدَّابَّةُ فَزَادَتْ قِيمَتُهَا عَمَّا كَانَتْ ( ثُمَّ هَزِلَتْ ) فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا ( مَرَّتَيْنِ ) بِأَنْ سَمِنَتْ بَعْدَ هُزَالِهَا الثَّانِي ثُمَّ هَزِلَتْ ( ضَمِنَ ) مَعَ رَدِّهَا أَرْشَ

نَقْصِ ( السَّمْنَيْنِ ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً فَبَلَغَتْ بِالسِّمَنِ أَلْفًا ثُمَّ بِتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ أَلْفَيْنِ فَنَسِيَتْهَا ) أَيْ الصَّنْعَةَ ( وَهَزِلَتْ ) أَيْ الدَّابَّةُ ( فَعَادَتْ ) قِيمَتُهَا ( مِائَةً ضَمِنَ ) مَعَ رَدِّهَا ( أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَقْصَى قِيَمِ الذَّاهِبِ مِنْهَا .
( وَلَا يُضْمَنُ ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ ، وَهُوَ ( سِمَنٌ مُفْرِطٌ ) قَائِمٌ ( بِجَارِيَةٍ لَا يُنْقِصُ فَوَاتُهُ الْقِيمَةَ ) إذَا فَاتَ وَلَوْ بِتَفْوِيتِهِ ؛ لِأَنَّ السِّمَنَ لَيْسَ لَهُ بَدَلٌ مُقَدَّرٌ بِخِلَافِ الْأُنْثَيَيْنِ فَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ بِأَنْ كَانَتْ مُعْتَدِلَةً فَسَمِنَتْ فِي يَدِ الْغَاصِبِ سِمَنًا مُفْرِطًا وَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَنْقُصْ حَقِيقَةً وَلَا عُرْفًا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الطَّبَرِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَفِيهِ نَظَرٌ .

( قَوْلُهُ : فَيَرُدُّهَا مَعَ أَرْشِ السِّمَنِ الْأَوَّلِ ) كَمَا لَوْ أَبَقَ الْعَبْدُ ثُمَّ عَادَ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ الْإِبَاقِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ تَذَكَّرَ الصَّنْعَةَ وَلَمْ يَنْقُصْ عَنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى انْجَبَرَتْ ) تَفْرِقَتُهُ بَيْنَ عَوْدِ السِّمَنِ وَتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ وَاضِحٌ لَكِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا فِي الصَّدَاقِ بِالنِّسْبَةِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عِنْدَ الْفِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ لَمَّا قَرَّرَ أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الرُّجُوعَ صَحَّحَ أَنَّ السِّمَنَ بَعْدَ الْهُزَالِ مَانِعٌ ، وَهُوَ وَاضِحٌ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهِ تَذَكُّرَ الصَّنْعَةِ ، وَمُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ هُنَا أَنْ لَا يَلْحَقَ بِهِ وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ ، وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَوْلُهُ : تَفْرِقَتُهُ إلَخْ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ قَالَ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ لِلْوَجْهِ الْأَوَّلِ بِمَا إذَا هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ الْمَمْهُورَةُ فِي يَدِهَا ثُمَّ سَمِنَتْ يَرْجِعُ فِي نِصْفِهَا ، وَإِنْ لَمْ تَرْضَ وَجَعَلُوا هَذَا مُتَّفَقًا عَلَيْهِ ثُمَّ فَرَّقُوا بَيْنَ السِّمَنِ ، وَإِعَادَةِ الصَّنْعَةِ بِأَنَّ عَوْدَ الصَّنْعَةِ لَا صُنْعَ لَهَا فِيهِ وَالصَّنْعَةُ عَادَتْ بِصُنْعِهَا وَالْتِزَامِهَا لِلْمُؤْنَةِ .
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ فِي الْكِتَابِ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ حُصِلَتْ بِاخْتِيَارِهَا وَلَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَآخَرُونَ أَنَّ مَسْأَلَةَ السِّمَنِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ أَيْضًا ، وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ ، وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا إذَا هَزَلَتْ الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ ثُمَّ سَمِنَتْ هَلْ يَغْرَمُ الْغَاصِبُ نُقْصَانَ الْهُزَالِ أَمْ يُقَامُ السِّمَنُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ فَلَا فَرْقَ إذَنْ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا إذَا نَسِيَ الْحِرْفَةَ ثُمَّ تَعَلَّمَهَا .
ا هـ .
وَ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَعَلَّ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ هُنَا فِيمَا إذَا نَسِيَ الصَّنْعَةَ عِنْدَ الزَّوْجِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا بَعْدَ الْإِصْدَاقِ فَتَكُونُ مَانِعَةً عَلَى أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ وَاضِحٌ ؛ لِأَنَّ

النَّظَرَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إلَى نَقْصِ الْقِيمَةِ ، وَعَدَمِهِ وَالنَّظَرَ فِي الصَّدَاقِ إلَى حُصُولِ الزِّيَادَةِ ، وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهَا ( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمَطْلَبِ ، وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ رَدَّهُ مَرِيضًا ثُمَّ بَرِئَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ بَرِئَ عِنْدَهُ قَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَسَكَتَ يَعْنِي صَاحِبَ الْمَطْلَبِ عَنْ تَعَلُّمِهَا ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بَعْدَ عَوْدِهِ لِلْمَالِكِ ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَّجَهُ عَدَمُ الِاسْتِرْدَادِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَا يُضْمَنُ سِمَنٌ مُفْرِطٌ بِجَارِيَةٍ ) أَيْ أَوْ عَبْدٍ أَمَّا الْمَأْكُولَةُ فَإِفْرَاطُ سِمَنِهَا زِيَادَةٌ فِي قِيمَتِهَا وَكَذَا غَيْرُهَا كَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ ) قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الضَّمَانُ ع يُجَابُ بِمَنْعِ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَاكَ فِي سِمَنٍ مُعْتَدِلٍ لَا يُنْقِصُ الْقِيمَةَ بَلْ يَزِيدُهُ فِيهَا ، وَهَذَا فِي سِمَنٍ مُفْرِطٍ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ ش قَالَ فِي الْخَادِمِ عَلَى قِيَاسِهِ إنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهِ سِلْعَةٌ أَوْ يَدٌ زَائِدَةٌ وَنَحْوُهَا مِنْ سِنٍّ شَاغِيَةٍ فَسَقَطَتْ فَرَادَتْ الْقِيمَةُ أَوْ لَمْ تَنْقُصْ فَلَا ضَمَانَ وَقَوْلُهُ : قِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ الضَّمَانُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ : لَوْ تَعَلَّمَتْ ) الْجَارِيَةُ الْمَغْصُوبَةُ ( الْغِنَاءَ ) فَزَادَتْ قِيمَتُهَا ( ثُمَّ نَسِيَتْهُ لَمْ يَضْمَنْهُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَمَا فِي كَسْرِ الْمَلَاهِي ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غِنَاءٍ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ، وَيُفَارِقُ صِحَّةَ بَيْعِهَا فِيمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِأَلْفَيْنِ ، وَقِيمَتُهَا سَاذَجَةٌ أَلْفٌ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ بِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى نَفْسِهَا لَا عَلَى الْغِنَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى مَا يُسَاوِي دِرْهَمًا بِأَلْفٍ بِخِلَافِ الْمَغْصُوبِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ رَدُّ الْعَيْنِ ، وَقَدْ رَدَّهَا ، وَكَالْجَارِيَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَبْدُ ، وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِيهِ مِنْ لُزُومِ تَمَامِ قِيمَتِهِ يُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ ( أَوْ أَتْلَفَ دِيكَ الْهِرَاشِ ) أَوْ كَبْشَ النِّطَاحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( ضَمِنَهُ غَيْرَ مُهَارِشٍ ) أَوْ نَاطِحٍ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَرَّمٌ .
( قَوْلُهُ : وَكَالْجَارِيَةِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَبْدُ ) أَيْ الْأَمْرَدُ الَّذِي يُخَافُ مِنْهُ الْفَسَادُ .

( فَرْعٌ : مَرَضُ الرَّقِيقِ ) الْمَغْصُوبِ ( وَتَمَعُّطُ شَعْرِهِ وَسُقُوطُ سِنِّهِ يَنْجَبِرُ بِعَوْدِهِ كَمَا كَانَ وَلَوْ ) عَادَ ( بَعْدَ الرَّدِّ ) لِلْمَالِكِ ( لَا ) سُقُوطُ ( صُوفِ الشَّاةِ وَوَرَقِ الشَّجَرِ ) فَلَا يَنْجَبِرَانِ بِعَوْدِهِمَا كَمَا كَانَا ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَقَوِّمَانِ فَيَغْرَمُهُمَا ، وَصِحَّةُ الرَّقِيقِ ، وَشَعْرُهُ وَسِنُّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ أَرْشَ النَّقْصِ بِفَقْدِهَا ، وَقَدْ زَالَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِي الْأَخِيرَيْنِ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّ عَوْدَهُمَا أَوْلَى بِعَدَمِ الْجَبْرِ مِنْ السِّمَنِ عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي سُقُوطِ سِنِّ الْمَثْغُورِ فِي الْجِنَايَاتِ ثُمَّ عَوْدِهَا قَدْ يُنَازَعُ فِيمَا قَالَهُ قَالَ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ قَالَ هُنَا ، وَفِي مَسْأَلَةِ السِّنِّ نَظَرٌ يُتَلَقَّى مِنْ أَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ إذَا قُلِعَ ثُمَّ عَادَ هَلْ تَجِبُ مَعَهُ حُكُومَةٌ أَوْ لَا .
( قَوْلُهُ : عَلَى أَنَّ كَلَامَهُمْ فِي سُقُوطِ سِنِّ الْمَثْغُورِ فِي الْجِنَايَاتِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا لَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا هُنَا ، وَمَا فِي الْجِنَايَاتِ ظَاهِرٌ إذْ الْمَدَارُ هُنَا عَلَى مَا لَا يُتَقَوَّمُ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( غَصَبَ عَصِيرًا فَتَخَمَّرَ ) عِنْدَهُ ( ضَمِنَهُ ) عَصِيرًا لِفَوَاتِ مَالِيَّتِهِ ( وَعَلَيْهِ إرَاقَتُهَا ) أَيْ الْخَمْرِ إنْ عُصِرَتْ بِقَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ إرَاقَتُهَا لِاحْتِرَامِهَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ ( فَلَوْ عَادَتْ خَلًّا ) عِنْدَهُ ( رَدَّهُ ) لِلْمَالِكِ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ ، وَإِنَّمَا انْتَقَلَ مِنْ صِفَةٍ إلَى أُخْرَى ( بِالْأَرْشِ ) أَيْ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الْعَصِيرِ لِحُصُولِهِ فِي يَدِهِ ( وَاسْتَرَدَّ ) مِنْهُ ( مَا غَرِمَ ) لَهُ مِنْ الْعَصِيرِ لِوُصُولِهِ إلَى عَيْنِ مَالِهِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ( وَلَوْ غَصَبَ بَيْضَةً فَتَفَرَّخَتْ ) عِنْدَهُ ( أَوْ بَذْرًا فَزَرَعَهُ ) وَنَبَتَ أَوْ بَذْرَ قَزٍّ فَصَارَ قَزًّا ( أَخَذَهُ الْمَالِكُ ) ؛ لِأَنَّهُ فَرْعُ مِلْكِهِ ( وَيَغْرَمُ ) لَهُ الْغَاصِبُ ( أَرْشَ النَّقْصِ إنْ كَانَ ) لِمَا مَرَّ ( وَلَوْ أَخَذَ خَمْرًا أَوْ جِلْدَ مَيِّتَةٍ فَتَخَلَّلَتْ ) أَيْ الْخَمْرَةُ ( وَدَبَغَهُ ) أَيْ الْجِلْدَ ( لَزِمَهُ رَدُّهُمَا ) أَيْ الْخَلِّ وَالْجِلْدِ لِلْمَالِكِ ؛ لِأَنَّهُمَا فَرْعُ مَا هُوَ مُخْتَصٌّ بِهِ .
وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ إخْرَاجُ الْخَمْرَةِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِمَامُ وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا ، وَهُوَ أَوْجُهُ ( إلَّا إنْ أَعْرَضَ ) الْمَالِكُ ( عَنْهُمَا ) أَيْ عَنْ الْخَمْرِ وَالْجِلْدِ فَلَا يَلْزَمُ الْآخِذَ رَدُّهُمَا وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُمَا .

( قَوْلُهُ : وَعَلَيْهِ إرَاقَتُهَا ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الَّذِي صَرَّحَ بِأَنَّ الْخَمْرَ تُرَاقُ هُوَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَيْ ، وَمَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ إرَاقَةُ الْخَمْرِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً ، وَمَذْهَبُ الْمَرَاوِزَةِ أَنَّ الْمُحْتَرَمَةَ لَا تُرَاقُ ( قَوْلُهُ : كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْأَصْلُ ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ جُعِلَتْ مُحْتَرَمَةً كَمَا لَوْ تَخَمَّرَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ بِلَا قَصْدِ الْخَمْرِيَّةِ لَكَانَ جَائِزًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَإِذَا صَارَ الْعَصِيرُ خَمْرًا عِنْدَ الْغَاصِبِ وَكَانَ الْمَالِكُ قَدْ عَصَرَهُ بِقَصْدِ الْخَلِّ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْغَاصِبِ إرَاقَتُهَا بَلْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِلَا شَكٍّ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ التَّخَمُّرَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا مُحْتَرَمَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ التَّخَمُّرِ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَ الْمَالِكِ .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجَهُ وُجُوبُ إرَاقَتِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا نَقَلَاهُ ؛ لِأَنَّ الْعَصِيرَ لَمَّا انْقَلَبَ عِنْدَ الْغَاصِبِ لَزِمَهُ مِثْلُهُ وَانْتَقَلَ حَقُّ الْمَالِكِ مِنْ الْعَصِيرِ الَّذِي قَدْ صَارَ خَمْرًا وَلَمْ يُوجَدْ مِنْ الْغَاصِبِ قَصْدٌ صَحِيحٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَخَمَّرَ فِي يَدِ الْمَالِكِ فِي حَالِ عَدَمِ الْقَصْدِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمْ يُوجِبُوا رَدَّهَا مَعَ غَرَامَةِ الْمِثْلِ ، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّهَا إلَى الْمَالِكِ فَلَا قَرَارَ لَهَا فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ إرَاقَتُهَا لِزَوَالِ الْحُرْمَةِ عَنْهَا فس ( قَوْلُهُ : وَسَوَّى الْمُتَوَلِّي بَيْنَهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ أَوْجُهُ ) قَالَ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ وَكَذَا غَيْرُ الْمُحْتَرَمَةِ فِي الْأَصَحِّ .
( فَرْعٌ ) لَوْ هَلَكَتْ الْبَهِيمَةُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا وَتَسْلِيمُ الْمَيِّتَةِ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ رَدِّهَا إلَى الْمَالِكِ بَلْ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ وَلَوْ غَصَبَ خَشَبًا أَوْ غَيْرَهُ فَأَحْرَقَهُ فَالرَّمَادُ لَهُ أَوْ لِلْمَالِكِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ

وَبِالثَّانِي أَفْتَى الْبَغَوِيّ وَفِي مُؤْنَةِ الرَّدِّ مَا أَشَرْنَا إلَيْهِ ، وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَوْ غَصَبَ وَثِيقَةً أَوْ سِجِلًّا ، وَأَتْلَفَهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكَاغَدِ ، وَإِنْ بَطَلَ الِاحْتِجَاجُ بِهِ وَلَوْ مَحَاهُ فَقَطْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَنْقُصَ قِيمَةُ الْكَاغَدِ فَيَغْرَمَ نَقْصَهُ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي آخِرِ الْوَدِيعَةِ .

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي الزِّيَادَةِ ، وَهِيَ عَيْنٌ ، وَأَثَرٌ فَالْأَثَرُ لَا حَقَّ لِلْغَاصِبِ فِيهِ ) لِتَعَدِّيهِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ ( وَهُوَ كَالْقِصَارَةِ وَالْحِيَاكَةِ وَالْخِيَاطَةِ بِخَيْطٍ لِلْمَالِكِ ) لَا بِخَيْطٍ لِغَيْرِهِ ( وَغَزْلِ الْقُطْنِ ) أَوْ نَحْوِهِ ( وَضَرْبِ النُّقْرَةِ ) أَيْ الْفِضَّةِ ( دَرَاهِمَ ) مَثَلًا وَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَضَرْبِ الطِّينِ لِبِنَاءٍ وَذَبْحِ الشَّاةِ وَشَيِّهَا ( وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ ) كَإِعَادَةِ الدَّرَاهِمِ سَبَائِكَ وَاللَّبِنَ طِينًا فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَالْقِصَارَةِ فَلَيْسَ لَهُ إجْبَارُهُ عَلَيْهَا بَلْ يَأْخُذُهُ بِحَالِهِ مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ عَمَّا كَانَ قَبْلَ الزِّيَادَةِ ( وَإِنْ رَضِيَ ) الْمَالِكُ ( بِهِ ) أَيْ بِمَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ بِحَالِهِ ( أُجْبِرَ ) الْغَاصِبُ ( عَلَى تَسْلِيمِهِ ) لَهُ بِحَالِهِ ( وَ ) عَلَى غُرْمِ ( أَرْشِ النَّقْصِ ) إنْ كَانَ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ غَرَضٌ فِي الْإِعَادَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( فَإِنْ نَسَجَ الثَّوْبَ ) مِنْ الْغَزْلِ ( أَوْ ضَرَبَ النُّقْرَةَ دَرَاهِمَ ) مَثَلًا ( كَانَ لِلْمَالِكِ أَخْذُهُ ) مَعَ أَرْشِ نَقْصِهِ إنْ كَانَ ( وَلَا يُكَلَّفُ ) الْغَاصِبُ ( نَقْصَ النَّسْجِ إلَّا فِي الْخَزِّ ) وَنَحْوِهِ فَيُكَلَّفُ نَقْصُهُ ( إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ ) فِي الْخَزِّ وَنَحْوِهِ دُونَ غَيْرِهِمَا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ إنْ رَضِيَ بِهِ الْمَالِكُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَعَلَيْهِ أَرْشُ نَقْصِ الْغَزْلِ ) إنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ بِنَقْضِهِ عَنْ قِيمَتِهِ فِي الْأَصْلِ ( لَا ) أَرْشُ نَقْصِ ( الصَّنْعَةِ ) .
وَهِيَ النَّسْجُ ( إلَّا إنْ نَقَضَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ ) لَهُ ( فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا ) أَيْضًا لِعَدَمِ الْإِذْنِ ( وَلَوْ خَشِيَ ) عَلَى نَفْسِهِ مِنْ بَقَائِهَا ( ضَرَرًا ) مِنْ تَعْزِيرٍ أَوْ غَيْرِهِ ( كَمَنْ ضَرَبَ الدَّرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ السُّلْطَانِ ) أَوْ عَلَى غَيْرِهِ عِيَارَهُ ( فَلَهُ إبْطَالُهَا ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ ) بِهِ الْمَالِكُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَ سَوَاءٌ أَرَضِيَ الْمَالِكُ بِبَقَائِهَا أَمْ سَكَتَ عَنْ الرِّضَا

وَالْمَنْعِ وَلَوْ ضَرَبَ الشَّرِيكُ الطِّينَ الْمُشْتَرَكَ لَبِنًا أَوْ السَّبَائِكَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَيَجُوزُ لَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ أَنْ يَنْقُضَهُ ، وَإِنْ رَضِيَ شَرِيكُهُ بِالْبَقَاءِ لِيَنْتَفِعَ بِمِلْكِهِ كَمَا كَانَ ( وَأَمَّا الْعَيْنُ فَكَالصَّبْغِ ) لِلثَّوْبِ ( وَنُقَدِّمُ عَلَيْهِ صُورَتَيْنِ ) لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِمَا ( إحْدَاهُمَا أَنْ يَغْصِبَ أَرْضًا فَيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ فَيَقْلَعُ مَجَّانًا ) لِتَعَدِّيهِ وَلَوْ أَرَادَ الْقَلْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ ) لِلْأَرْضِ ، وَإِنْ قَلَعَ ( وَفِي ) وُجُوبِ ( الْأَرْشِ ) مَعَهَا ( وَالتَّسْوِيَةِ ) عَلَيْهِ ( مَا سَبَقَ فِي نَقْلِ التُّرَابِ ) فَيَجِبَانِ عَلَيْهِ ( وَلَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ التَّمَلُّكَ ) لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ ( بِالْقِيمَةِ أَوْ الْإِبْقَاءَ ) لَهُ ( بِالْأُجْرَةِ لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْغَاصِبَ إجَابَتُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ بِلَا غَرَامَةٍ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ ( وَإِنْ غَصَبَ ) مِنْ غَيْرِهِ ( أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ وَبَذَرَهَا بِهِ فَلِلْمَالِكِ تَكْلِيفُهُ إخْرَاجَ الْبَذْرِ ) مِنْهَا ( وَأَرْشُ النَّقْصِ ، وَإِنْ رَضِيَ ) الْمَالِكُ ( بِهِ ) أَيْ بِبَقَاءِ الْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ ( لَمْ يُخْرِجْ ) هـ الْغَاصِبُ مِنْهَا .
( الثَّانِيَةُ لَوْ زَوَّقَ ) الْغَاصِبُ ( الدَّارَ الْمَغْصُوبَ بِمَا لَا يَتَحَصَّلُ مِنْهُ شَيْءٌ ) بِقَلْعِهِ ( لَمْ يَجُزْ ) لَهُ ( قَلْعُهُ ، وَإِنْ رَضِيَ بِهِ ) أَيْ بِبَقَائِهِ ( الْمَالِكُ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَيْهِ ) كَالثَّوْبِ إذَا قَصَّرَهُ ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَرْجِيحَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَقْوَى أَنَّ لَهُ إجْبَارَهُ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَلَيْسَ أَثَرًا مَحْضًا كَالْقِصَارَةِ .
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصِّلَ فِيهِ كَالْأَثَرِ بَيْنَ مَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ ، وَمَا لَا يُمْكِنُ قَلْعُهُ ( فَإِنْ تَحَصَّلَ ) مِنْهُ شَيْءٌ بِقَلْعِهِ ( فَلَهُ قَلْعُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ سَوَاءٌ

أَكَانَ لِلْمَقْلُوعِ قِيمَةٌ أَمْ لَا ( وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ ) عَلَى قَلْعِهِ ( وَلَوْ تَرَكَهُ ) الْغَاصِبُ ( لِلْمَالِكِ ) لِيَدْفَعَ عَنْهُ كُلْفَةَ الْقَلْعِ ( فَفِي إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهِ ، وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي الصَّبْغِ فِي الْفَرْعِ الْآتِي إذَا ثَبَتَ هَذَا ( عُدْنَا إلَى الصَّبْغِ فَإِذَا صَبَغَ ) الْغَاصِبُ ( الثَّوْبَ ) الْمَغْصُوبَ ( بِصَبْغِهِ ، وَكَانَ ) الْحَاصِلُ ( تَمْوِيهًا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ بِالِانْصِبَاغِ عَيْنُ مَالٍ فَكَالتَّزْوِيقِ ) فِيمَا مَرَّ ( وَإِنْ حَصَلَ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( وَلَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ اشْتَرَكَا ) فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالٍ انْضَمَّ إلَى مِلْكِ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ بِخِلَافِ نَحْوِ السِّمَنِ وَالْقِصَارَةِ وَالطَّحْنِ فَإِنَّهُ أَثَرٌ مَحْضٌ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَشَرَةً ، وَصَارَ الثَّوْبُ مَصْبُوغًا يُسَاوِي عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ فَهِيَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِالصَّنْعَةِ لِلْمُفْلِسِ ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمْلِكُ مَا كَانَ لَهُ مَعَ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الزَّائِدِ .
( وَلَوْ حَصَلَ ) فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ( نَقْصٌ أَوْ زِيَادَةٌ لِانْخِفَاضِ سِعْرِ أَحَدِهِمَا ) فِي النَّقْصِ ( أَوْ ارْتِفَاعِهِ ) فِي الزِّيَادَةِ ( عُمِلَ بِهِ ) فَيَكُونُ النَّقْصُ أَوْ الزِّيَادَةُ لَاحِقًا لِمَنْ انْخَفَضَ أَوْ ارْتَفَعَ سِعْرُ مَالِهِ ( أَوْ ) حَصَلَ ذَلِكَ ( بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمَا ) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ ( فَالنَّقْصُ ) فِي صُورَتِهِ ( عَلَى الصَّبْغِ ) ؛ لِأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَمِلَ ( وَالزِّيَادَةُ ) فِي صُورَتِهَا ( بَيْنَهُمَا ) ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْحَاصِلَةَ بِفِعْلِ الْغَاصِبِ إذَا أُسْنِدَتْ إلَى الْأَثَرِ الْمَحْضِ تُحْسَبُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ ) عَنْ قِيمَتِهِ بِلَا صَبْغٍ ( غَرِمَ ) مَعَ رَدِّهِ ( الْأَرْشَ ) لِتَقْصِيرِهِ ( وَلِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ ) أَيْ

الصَّبْغِ عَنْ الثَّوْبِ ( إنْ أَمْكَنَ وَلَوْ نَقَصَ ) بِهِ ( الثَّوْبُ ) وَرَضِيَ الْمَالِكُ بِإِبْقَائِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَالِكَ يَجْبُرُهُ عَلَيْهِ وَسَيَأْتِي ( وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ ) لِلنَّقْصِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( بَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ ) أَيْ الْفَصْلِ ( لَوْ طَلَبَهُ صَاحِبُ الثَّوْبِ ) كَمَا يُجْبَرُ عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ( وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إبْقَائِهِ ) فِي الثَّوْبِ ( بَقِيَ مُشْتَرَكًا كَمَا سَبَقَ ) فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُهُ .

( قَوْلُهُ : وَأَثَرٌ ) هُوَ الَّذِي لَا يَحْتَاجُ لِظُهُورِهِ إلَى عَيْنٍ تُسْتَعْمَلُ فِي الْمَحِلِّ أَوْ يَحْتَاجُ وَلَا تَبْقَى فِيهِ بَلْ تَزُولُ وَيَبْقَى الْأَثَرُ وَسَوَاءٌ عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ أَمْ بِأُجْرَةٍ ( قَوْلُهُ : وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى إعَادَتِهِ كَمَا كَانَ إنْ أَمْكَنَ ) إلْحَاقًا لِرَدِّ الصِّفَةِ بِرَدِّ الْعَيْنِ لِتَعَدِّيهِ بِفِعْلِهِ وَشَمِلَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ غَرَضٌ فِيهِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي ( قَوْلُهُ : أُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَهُ بِحَالِهِ ) فَلَيْسَ لَهُ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ ؛ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْمُرْهُ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي التُّرَابِ الْمَنْعُ مِنْ الْإِعَادَةِ فِي الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَغْصِبَ أَرْضًا فَيَبْنِيَ فِيهَا أَوْ يَغْرِسَ إلَخْ ) لَوْ كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مَغْصُوبِينَ مِنْ آخَرَ فَلِكُلٍّ مِنْ مَالِكَيْ الْأَرْضِ وَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ إلْزَامُ الْغَاصِبِ بِالْقَلْعِ ، وَإِنْ كَانَا لِصَاحِبِ الْأَرْضِ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ قَلْعُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ طَالَبَهُ بِالْقَلْعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ لَزِمَهُ قَلْعُهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ ، وَإِلَّا فَوَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِتَعَدِّيهِ وَالثَّانِي الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ وَلَوْ بَادَرَ أَجْنَبِيٌّ وَقَلَعَ الْغِرَاسَ وَالْبِنَاءَ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ غَرِمَ الْأَرْشَ وَفِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَفِي النَّظَرِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ عَدَمَ احْتِرَامِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ لَا مُطْلَقًا فس ، وَقَوْلُهُ أَحَدُهُمَا نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَرَادَ الْقَلْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ مَنْعُهُ ) وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ الْقَلْعِ صَحَّ أَوْ الْإِبْقَاءِ فَلَا أَوْ أَطْلَقَ فَوَجْهَانِ أَوْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ سَقَطَ أَرْشُ نَقْصِ الْقَلْعِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ كَانَ الْغِرَاسُ فِيهَا فَقَلَعَهُ الْغَاصِبُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ

قَائِمًا ، وَمَقْلُوعًا أَوْ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْأَرْضِ مَغْرُوسَةً ، وَمُفْرَغَةً أَوْ أَكْثَرَهُمَا وُجُودًا وَ مُسْتَهْلَكًا ضَمِنَ عَلَى الْأَوَّلِ أَعْلَى قِيَمِهِ قَائِمًا ، وَعَلَى الثَّانِي نَقْصَ الْأَرْضِ ، وَعَلَى الثَّالِثِ الْأَكْثَرَ وَقَوْلُهُ : مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ قَائِمًا ، وَمَقْلُوعًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ غَصَبَ أَرْضَهُ وَبَذْرَهُ إلَخْ ) أَوْ مِنْ ثَالِثٍ وَاشْتَرَاهُ مَالِكُهَا كَلَّفَهُ الْقَلْعَ وَرَجَعَ بِنَقْصِهِ دُونَ الْأَرْضِ وَلَوْ هَرَبَ وَتَشَاحَّا فِي مُؤْنَةِ الْقَلْعِ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ وَجْهَانِ ( قَوْلُهُ : وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ إلَخْ ) ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ : فَفِي إجْبَارِهِ عَلَى قَبُولِهِ وَجْهَانِ ) ذَكَرَ الْقَاضِي ضَابِطًا فِيمَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ فَقَالَ الْهِبَةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ أَحَدُهَا أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَمَيِّزَةً عَنْ مَالِهِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا بِلَا خِلَافٍ الثَّانِي أَنْ يَهَبَ لَهُ مَنْفَعَةً مُتَعَلِّقَةً بِمَالِهِ فَيُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا كَأَنْ أَصْدَقَ زَوْجَتَهُ رَقِيقًا فَسَمِنَ أَوْ تَعَلَّمَ صَنْعَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَرَضِيَتْ بِتَسْلِيمِ نِصْفِهِ لَهُ زَائِدًا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ .
الثَّالِثُ أَنْ يَهَبَ لَهُ عَيْنًا مُتَّصِلَةً بِمَالِهِ مِثْلَ الصَّبْغِ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَالْغِرَاسِ فِي الْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ فَفِي الْقَبُولِ وَجْهَانِ ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الضَّرْبِ الْأَوَّلِ مَحِلُّهُ إذَا خَلَا عَنْ غَرَضٍ شَرْعِيٍّ لِلْمُتَّهِبِ ، وَإِلَّا فَيَجِبُ الْقَبُولُ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ شَرِكَتُهُمَا فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَتْ عَلَى الْإِشَاعَةِ إلَخْ ) نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ ، وَأَوْضَحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ إنَّهُ حَاصِلُ كَلَامِ الْبَنْدَنِيجِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ وَارْتَضَاهُ قَالَ ، وَمِنْ فَوَائِدِهِ لَوْ زَادَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا فَازَ بِهِ صَاحِبُهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ هَلْ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ فِيهِ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ لَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ بَقِيَ كُلٌّ

عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ لَامْتَنَعَ بَيْعُ الثَّوْبِ جُمْلَةً وَاحِدَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ ، وَهُوَ بَاطِلٌ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي الصَّبْغِ الْمَصْبُوغِ بِهِ فَادَّعَاهُ الْغَاصِبُ ، وَأَنْكَرَهُ الْمَالِكُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إنْ كَانَ يُمْكِنُ فَصْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى صَبْغِ الثَّوْبِ وَصَاحِبُ الثَّوْبِ كَذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الصَّبَّاغُ أَجِيرًا مُنْفَرِدًا فَالْمُصَدَّقُ رَبُّ الثَّوْبِ ، وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَالْمُصَدَّقُ الصَّبَّاغُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْيَدَ فِي الْأَجِيرِ الْمُنْفَرِدِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَفِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْأَجِيرِ

( فَرْعٌ : لَوْ وَهَبَ ) الْغَاصِبُ ( لَهُ ) أَيْ لِمَالِكِ الثَّوْبِ ( الصَّبْغَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ ) كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ بِخِلَافِ نَعْلِ الدَّابَّةِ الْمَرْدُودَةِ بِعَيْبٍ ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ مُتَعَدٍّ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي ( وَلَوْ بَذَلَ صَاحِبُ الثَّوْبِ ) لِلْغَاصِبِ ( قِيمَتُهُ ) أَيْ الصَّبْغِ لِيَتَمَلَّكَهُ عَلَيْهِ ( لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ ) سَوَاءٌ أَمْكَنَ فَصْلُهُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ فِي الْعَارِيَّةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا بِخِلَافِ الْمُعِيرِ ؛ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْعَقَارِ عَسِرٌ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّوْبِ ( وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِانْفِرَادَ بِبَيْعِ مِلْكِهِ ) لِثَالِثٍ ( لَمْ يَجُزْ ) إذْ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَحْدَهُ كَبَيْعِ دَارٍ لَا مَمَرَّ لَهَا ( نَعَمْ لَوْ أَرَادَ الْمَالِكُ بَيْعَ الثَّوْبِ لَزِمَ الْغَاصِبَ الْبَيْعُ ) لِلصَّبْغِ ( مَعَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَضُرَّ بِالْمَالِكِ ( لَا عَكْسَهُ ) بِأَنْ أَرَادَ الْغَاصِبُ بَيْعَ الصَّبْغِ فَلَا يَلْزَمُ مَالِكَ الثَّوْبِ الْبَيْعُ مَعَهُ لِئَلَّا يَسْتَحِقَّ الْمُتَعَدِّي بِتَعَدِّيهِ إزَالَةَ مِلْكِ غَيْرِهِ ، وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلَيْ الْحُكْمَيْنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الصَّبْغُ لِثَالِثٍ لَمْ يَكُنْ كَالْغَاصِبِ فِيهِمَا ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي آخِرَ الْفَرْعِ ( وَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ مَغْصُوبًا مِنْ آخَرِ اشْتَرَكَا ) فِيهِ ، وَفِي الثَّوْبِ كَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لِلْغَاصِبِ ( فَإِنْ حَصَلَ ) فِي الْمَصْبُوغِ ( نَقْصٌ بِاجْتِمَاعِهِمَا ) أَيْ الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ أَيْ بِعَمَلِ الْغَاصِبِ ( اخْتَصَّ ) النَّقْصُ ( بِالصَّبْغِ كَمَا سَبَقَ ) فِيمَا إذَا كَانَ الصَّبْغُ لَهُ ( وَغَرِمَ الْغَاصِبُ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ ) قِيمَةَ صَبْغِهِ ( وَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ فَلَهُمَا تَكْلِيفُ الْغَاصِبِ ) الْفَصْلَ ( وَكَذَا لِصَاحِبِ الثَّوْبِ ) وَحْدَهُ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الصَّبْغِ وَحْدَهُ أَيْضًا ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ فَإِذَا حَصَلَ بِالْفَصْلِ نَقْصٌ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا

غَرِمَهُ الْغَاصِبُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ ) فَصْلُهُ ( بِأَنْ كَانَ ) الْحَاصِلُ ( تَمْوِيهًا فَكَمَا سَبَقَ فِي التَّزْوِيقِ ، وَإِنْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى مَصْبَغَةِ رَجُلٍ ) مَثَلًا ( فَانْصَبَغَ اشْتَرَكَا ) فِي الْمَصْبُوغِ مِثْلُ مَا مَرَّ ( وَلَمْ يُكَلَّفْ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ ، وَ ) لَا ( الْفَصْلَ ، وَ ) لَا ( الْأَرْشَ ) إنْ حَصَلَ نَقْصٌ إذْ لَا تَعَدِّيَ وَذِكْرُ حُكْمِ بَيْعِ الثَّوْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( فَرْعٌ : حَيْثُ كَانَ الصَّبْغُ لِمَالِكِ الثَّوْبِ فَالزِّيَادَةُ ) الْحَاصِلَةُ بِهِ ( لَهُ ) لَا لِلْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّهَا أَثَرٌ مَحْضٌ ( وَالنَّقْصُ عَلَى الْغَاصِبِ ) فَيَغْرَمُ أَرْشَهُ ( وَلِلْمَالِكِ إجْبَارُهُ عَلَى فَصْلِهِ إنْ أَمْكَنَ ) وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ فَصْلُهُ إذَا رَضِيَ الْمَالِكُ بِالْإِبْقَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ، وَقِيَاسُهُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا سَكَتَ الْمَالِكُ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ ، وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ فَبَلَغَتْ بِاجْتِمَاعِهِمَا ) - بِعَمَلِهِ ( ثَلَاثِينَ فَفَصَلَهُ بِإِذْنِهِ ) أَيْ الْمَالِكِ ( غَرِمَ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ الْعَشَرَةِ أَوْ ) فَصَلَهُ ( بِلَا إذْنٍ فَعَنْ ) أَيْ فَيَغْرَمُ نَقْصَ الثَّوْبِ عَنْ ( الْخَمْسَةَ عَشَرَ ) نِصْفِ الثَّلَاثِينَ ( فَإِنْ عَادَتْ قِيمَتُهُ ) مَصْبُوغًا ( عَشَرَةً لِلرُّخْصِ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الثَّوْبِ وَالصَّبْغِ ( عَلَى نِسْبَةٍ وَاحِدَةٍ فَهُمَا ) أَيْ الْمَالِكُ وَالْغَاصِبُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَصْبُوغِ ( سَوَاءٌ ) كَمَا كَانَ ( وَلَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ تَفَاوُتَ الْقِيمَةِ مَعَ رَدِّ الْعَيْنِ فَإِنْ فَصَلَهُ ) بَعْدَ عَوْدِ الْقِيمَةِ إلَى عَشَرَةٍ ( عُدْوَانًا فَسَاوَى الثَّوْبُ أَرْبَعَةً لَزِمَهُ خُمُسُ الثَّوْبِ مِنْ أَقْصَى قِيَمِهِ ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَإِنْ فَصَلَهُ بِإِذْنٍ ) مِنْ مَالِكِ الثَّوْبِ ( فَخُمُسُ الْعَشَرَةِ ) يَلْزَمُهُ .
( قَوْلُهُ : غَصَبَ ثَوْبًا قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَصَبَغَهُ بِصَبْغٍ لَهُ إلَخْ ) لَوْ اتَّجَرَ الْغَاصِبُ بِالْمَغْصُوبِ أَوْ بِمَالُ الْغَيْرِ فِي يَدِهِ وَدِيعَةً أَوْ رَهْنًا أَوْ سَوْمًا أَوْ عَارِيَّةً بِغَيْرِ إذْنِ الْمَالِكِ فَإِنْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ بَطَلَ وَلَا يَمْلِكُ الْعِوَضَ ، وَإِذَا تَسَلَّمَ وَفَاتَ غَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ ، وَمَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ إنْ أَمْكَنَ رَدُّهُ إلَى صَاحِبِ كُلِّ عَقْدٍ رَدَّهُ ، وَإِلَّا فَهُوَ مَالٌ ضَائِعٌ وَلَوْ أَسْلَمَ أَوْ اشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَسَلَّمَ الْمَغْصُوبَ صَحَّ الْعَقْدُ وَفَسَدَ التَّسْلِيمُ وَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَمْلِكُ الْغَاصِبُ مَا أَخَذَ ، وَأَرْبَاحَهُ .

( فَصْلٌ : وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ ) أَوْ نَحْوَهُ ( بِجِنْسِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ صَارَ كَالْهَالِكِ ) لَا مُشْتَرَكًا سَوَاءٌ أَخَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَمْ بِأَجْوَدَ أَمْ بِأَرْدَأَ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ ( وَمَلَكَهُ ) الْغَاصِبُ ( وَلَهُ إبْدَالُهُ أَوْ إعْطَاؤُهُ مِمَّا خَلَطَهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَجْوَدَ ) مِنْهُ ( لَا بِأَرْدَأَ ) ؛ لِأَنَّهُ دُونَ حَقِّهِ ( إلَّا بِرِضَاهُ ) فَلَهُ ذَلِكَ ( وَيَسْقُطُ ) عَنْهُ ( الْأَرْشُ ) كَمَا لَوْ أَخَذَ الْأَرْدَأَ مِنْ مَحِلٍّ آخَرَ ، وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ إلَى آخِرِهِ تَنَازَعَهُ إبْدَالُهُ ، وَإِعْطَاؤُهُ ، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ إنْ خَلَطَ الدَّرَاهِمَ بِمِثْلِهَا بِحَيْثُ لَا تَتَمَيَّزُ هَلَاكٌ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْجُهُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ مُتَمَيِّزٌ فِي نَفْسِهِ بِخِلَافِ الزَّيْتِ وَنَحْوِهِ مُنْتَقَضٌ بِالْحُبُوبِ .
وَلَوْ غَصَبَ وَرَقًا ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قُرْآنًا أَوْ غَيْرَهُ كَانَ كَالْهَالِكِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ رَدُّهُ بِحَالِهِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالصَّبْغِ فِيمَا مَرَّ ( وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ غَصَبَ مِنْ اثْنَيْنِ ) رَقِيقَيْنِ أَوْ نَحْوِهِمَا ( وَخَلَطَهُمَا ) فَيَكُونُ الْمَخْلُوطُ كَالْهَالِكِ ، وَيَمْلِكُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ أَوْفَقُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ وَلَا يَكُونُ كَالْهَالِكِ .
وَمِمَّا حَكَاهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ فِيهِ ، وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَالثَّانِيَ يَتَخَيَّرَانِ بَيْنَ الْقِسْمَةِ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْمِثْلِ ( وَلَوْ اخْتَلَطَا ) أَيْ الزَّيْتَانِ أَوْ نَحْوُهُمَا ( بِانْثِيَالٍ ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بِانْصِبَابٍ ( وَنَحْوِهِ ) كَصَبِّ بَهِيمَةٍ ( أَوْ بِرِضَاهُمَا ) أَيْ مَالِكَيْهِمَا ( فَمُشْتَرَكٌ ) لِعَدَمِ التَّعَدِّي ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ ( فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا

أَرْدَأَ أُجْبِرَ صَاحِبُهُ عَلَى قَبُولِ الْمُخْتَلِطِ ) ؛ لِأَنَّ بَعْضَهُ عَيْنُ حَقِّهِ وَبَعْضَهُ خَيْرٌ مِنْهُ ( لَا صَاحِبُ الْأَجْوَدِ ) فَلَا يُجْبَرُ ( أَخْذًا وَبَذْلًا ) أَيْ عَلَى الْأَخْذِ مِنْ الْمُخْتَلِطِ وَالْبَذْلِ مِنْهُ ( فَإِنْ أَخَذَ ) مِنْهُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ ( فَلَهُ الْأَرْشُ ) لِلنَّقْصِ لِتَعَدِّي الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ بِالْأَرْدَأِ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا رَجَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَخْلُوطِ لَا أَرْشَ لَهُ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ ( وَإِلَّا بَيْعَ ) الْمُخْتَلِطِ ( وَقُسِّمَ الثَّمَنُ ) بَيْنَهُمَا ( بِنِسْبَةِ الْقِيمَةِ ) فَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ صَاعِهِ دِرْهَمَيْنِ ، وَقِيمَةُ صَاعِ الْآخَرِ دِرْهَمًا قُسِّمَ الثَّمَنُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا ( فَإِنْ أَرَادَ قِسْمَةَ ) عَيْنِ ( الْمُتَفَاضِلَيْنِ فِي الْقِيمَةِ عَلَى نِسْبَةِ الْقِيمَةِ لَمْ تَجُزْ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْكَيْلِ وَنَحْوِهِ ) ، وَقَوْلُهُ هُنَا فَإِنْ كَانَ إلَى آخِرِهِ ، وَفِيمَا يَأْتِي فَإِنْ اتَّفَقَا إلَى آخِرِهِ إنَّمَا فَرَّعَهُ الْأَصْلُ عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ فَفَرَّعَهُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الِانْثِيَالِ وَنَحْوِهِ ، وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ ( وَإِنْ خَلَطَهُ بِغَيْرِ جِنْسِهِ كَزَيْتٍ بِشَيْرَجٍ وَدَقِيقِ حِنْطَةٍ بِدَقِيقِ شَعِيرٍ فَهَالِكٌ ) أَيْ فَكَالْهَالِكِ لِمَا مَرَّ وَلِبُطْلَانِ فَائِدَةِ خَاصِّيَّتِهِ ( يَمْلِكُهُ الْغَاصِبُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) قَدْ ( غُصِبَ وَانْثَالَ ) عَلَى الْآخَرِ ( فَمُشْتَرَكٌ ) لِمَا مَرَّ فِي اخْتِلَاطِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ .
( فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَتِهِ أَوْ بَيْعِهِ ، وَقِسْمَةِ الثَّمَنِ ) بَيْنَهُمَا ( جَازَ ) إذْ التَّفَاضُلُ جَائِزٌ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( وَلَتُّ السَّوِيقِ ) بِالزَّيْتِ وَنَحْوِهِ ( كَصَبْغِ الثَّوْبِ ) فِيمَا مَرَّ ( وَإِنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ كَإِخْرَاجِ الْحِنْطَةِ الْحَمْرَاءِ مِنْ السَّمْرَاءِ وَالزَّيْتِ مِنْ الْمَاءِ ) أَوْ مِنْ الزَّيْتِ كَأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَائِلٌ رَقِيقٌ وَاخْتَلَفَا لَوْنًا وَأُزِيلُ مَا بَيْنَهُمَا بِرِفْقٍ ( وَجَبَ ) عَلَى

الْغَاصِبِ التَّمْيِيزُ ، وَإِنْ شَقَّ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الرَّدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَّا تَمْيِيزُ بَعْضِهِ وَجَبَ ، قَالَهُ فِي الشَّامِلِ ( وَوَجَبَ ) عَلَيْهِ ( أَرْشُ النَّقْصِ ) إنْ حَصَلَ نَقْصٌ ( فَإِنْ سَرَى ) الْخَلْطُ ( إلَى التَّلَفِ فَكَمَا سَبَقَ ) فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ ( وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا ) مَثَلًا ( وَبَنَى عَلَيْهِ ) لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( إخْرَاجُهُ ) وَرَدُّهُ إلَى مَالِكِهِ ( إنْ بَقِيَ لَهُ قِيمَةٌ ، وَيَرُدُّ مَعَهُ الْأَرْشَ ) لِلنَّقْصِ إنْ كَانَ ( وَالْأُجْرَةَ ) أَيْضًا ( وَبِتَعَفُّنِهِ إنْ لَمْ تَبْقَ لَهُ قِيمَةٌ يَصِيرُ هَالِكًا ) أَيْ كَالْهَالِكِ ( فَلَوْ كَانَ ) اللَّوْحُ ( فِي سَفِينَةٍ فِي الْبَحْرِ لَمْ يُنْزَعْ ) مِنْهَا ( حَتَّى يُؤْمَنَ عَلَيْهَا ، وَ ) عَلَى ( مَا فِيهَا مِنْ نَفْسٍ مُحْتَرَمَةٍ ، وَمَالٍ ) مُحْتَرَمٍ ( وَلَوْ لِلْغَاصِبِ ) فَيُنْزَعُ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ مِنْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَدُومُ فِي الْبَحْرِ فَيَسْهُلُ الصَّبْرُ إلَى الشَّطِّ أَوْ نَحْوِهِ كَرَقْرَاقٍ بِخِلَافِ هَدْمِ الْبِنَاءِ لِرَدِّ اللَّوْحِ ( بَلْ يَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ ) إلَى تَيَسُّرِ النَّزْعِ ، وَخَرَجَ بِالْمُحْتَرَمِ غَيْرُهُ كَنَفْسِ الْحَرْبِيِّ وَمَالِهِ .

( فَصْلٌ : وَمَتَى خَلَطَ الْغَاصِبُ الزَّيْتَ أَوْ الشَّيْرَجَ ) ( قَوْلُهُ : بِجِنْسِهِ ) أَيْ مِنْ مَالِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ ) قَالَ الْفَتَى هَذِهِ الْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ تُفْسِدُ التَّصْوِيرَ فَإِنَّهُ مُتَعَذِّرٌ بِلَا شَكٍّ فَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ فَحَذَفْتهَا فَلْتُحْذَفْ مِنْ النُّسَخِ ( قَوْلُهُ : صَارَ كَالْهَالِكِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَلَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ، وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يُعْطِيَ الْمَالِكَ بَدَلَهُ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ فس ، وَقَوْلُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَّكَهُ إيَّاهُ بِعِوَضٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَلْ لِمَالِكِهِ حَقُّ الْحَبْسِ حَتَّى يَرْضَى بِذِمَّتِهِ فَكَيْفَ إذَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ ( قَوْلُهُ : لَا مُشْتَرَكًا ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُفْلِسِ إذَا خَلَطَ الْمَبِيعَ حَيْثُ جَعَلْنَا الْبَائِعَ شَرِيكًا فِيهِ أَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ الشَّرِكَةَ لَمْ يَصِلْ الْبَائِعُ إلَى حَقِّهِ تَامًّا بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ ، وَهَاهُنَا يَضْمَنُ الْغَاصِبُ الْبَدَلَ كُلَّهُ وَلَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا وَخَلَطَ فَظَاهِرٌ أَنَّ الْمَغْصُوبَ مِنْهُ أَوْلَى بِثُبُوتِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ : وَمَلَكَهُ الْغَاصِبُ ) أَيْ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لِمِلْكِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّ خَلْطَ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَوَى الْبُوَيْطِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِي الزَّيْتِ وَذَلِكَ جَارٍ فِي كُلِّ مِثْلِيٍّ ( قَوْلُهُ : كَانَ كَالْهَالِكِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا مِنْهُ إلَخْ ) وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ .
ا هـ .
وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ إنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ( قَوْلُهُ : فَلَا يُجْبَرُ أَخْذًا وَبَذْلًا ) ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ جَعَلَهُ كَالتَّالِفِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ انْثَالَتْ حِنْطَةٌ عَلَى حِنْطَةٍ مَبِيعَةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ كَمَا

لَوْ تَلِفَتْ ( قَوْلُهُ : وَهُوَ صَحِيحٌ إلَّا فِي أَخْذِ الْأَرْشِ إلَخْ ) هُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا بِجَعْلِ ضَمِيرِ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ اخْتَلَطَا رَاجِعًا إلَى الْمَغْصُوبَيْنِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ مَذْكُورٍ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ : أَوْ بِرِضَاهُمَا إذْ رِضَاهُمَا بِاخْتِلَاطِهِمَا لَا يُخْرِجُهُمَا عَنْ كَوْنِهِمَا مَغْصُوبَيْنِ ، وَعَلَى تَقْدِيرِ جَعْلِ قَوْلِهِ أَوْ بِرِضَاهُمَا لَا غَصْبَ مَعَهُ يَكُونُ قَوْلُهُ : فَلَهُ الْأَرْشُ رَاجِعًا إلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ قَوْلُهُ : وَإِنْ غَصَبَ لَوْحًا مَثَلًا ) أَيْ فَالْحَجَرُ وَالْآجُرُّ وَنَحْوُهُمَا كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ شَيْئًا كَانَ أَعَمَّ ( قَوْلُهُ : وَالْأُجْرَةَ أَيْضًا ) وَلَوْ كَانَتْ مَنَارَةَ مَسْجِدٍ تَطَوَّعَ بِهَا غَرِمَ نَقْصَهَا لِلْمَسْجِدِ لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( قَوْلُهُ : يَصِيرُ هَالِكًا ) فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَقِيمَتُهُ ( قَوْلُهُ : إنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ النَّزْعُ ) بِأَنْ خَافَ مِنْ نَزْعِهَا مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَّا الشَّيْنَ وَجَرَى عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَقَالَ قَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي الْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ ، وَهَذَا مِثْلُهُ وَاعْتَرَضَهُ شَيْخِي وَوَالِدِي بِأَنَّ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْخَيْطِ الْمَغْصُوبِ يَرُدُّ الِاسْتِثْنَاءَ فَإِنَّهُمَا قَالَا وَفِي مَعْنَى خَوْفِ الْهَلَاكِ كُلُّ مَحْذُورٍ وَيَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ وِفَاقًا وَخِلَافًا ثُمَّ قَالَا إنَّ الْحَيَوَانَ غَيْرَ الْمَأْكُولِ لَهُ حُكْمُ الْآدَمِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِبَقَاءِ الشَّيْنِ .
ا هـ .
فس

( فَرْعٌ : وَإِنْ خَاطَ ) شَيْئًا ( بِمَغْصُوبٍ نَزَعَهُ ) مِنْهُ وُجُوبًا وَرَدَّهُ إلَى مَالِكِهِ ( إنْ لَمْ يَبْلَ ) فَإِنْ بَلِيَ فَكَالْهَالِكِ ( لَا مِنْ جُرْحِ ) حَيَوَانٍ ( مُحْتَرَمٍ يُخَافُ بِهِ ) أَيْ بِالنَّزْعِ ( هَلَاكُهُ أَوْ مَا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ ) أَيْ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ مِنْهُ إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ ( إلَّا أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ ) فِي ذَلِكَ ( الشَّيْنُ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ ) بِخِلَافِ الْآدَمِيِّ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ ، وَلَوْ شَدَّ بِمَغْصُوبٍ جَبِيرَةً كَانَ كَمَا لَوْ خَاطَ بِهِ جُرْحًا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي ( وَلَا يُذْبَحُ لِنَزْعِهِ مَأْكُولًا ، وَلَوْ ) كَانَ ( لِلْغَاصِبِ ) كَغَيْرِ الْمَأْكُولِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ ذَبْحِ الْحَيَوَانِ لِغَيْرِ مَأْكَلِهِ ( وَيَضْمَنُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِكِهِ ( وَإِنْ خِيطَ ) أَيْ خَاطَ ( بِهِ ) الْغَاصِبُ جُرْحًا ( لِآدَمِيٍّ ) بِإِذْنِهِ ( فَالْقَرَارُ عَلَيْهِ وَلَوْ جَهِلَ ) الْغَصْبَ ( كَمَنْ قُرِّبَ لَهُ الطَّعَامُ الْمَغْصُوبُ فَأَكَلَهُ ) فَإِنَّ قَرَارَ الضَّمَانِ عَلَيْهِ ، وَإِنْ جَهِلَ الْغَصْبَ ( وَيُنْزَعُ ) الْخَيْطُ ( مِنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ آدَمِيًّا ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنْزَعْ فِي الْحَيَاةِ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ ( وَ ) يُنْزَعُ ( مِنْ حَيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ كَكَلْبٍ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَمُرْتَدٍّ ، وَكَذَا الزَّانِي الْمُحْصَنُ ) وَالْمُحَارِبُ ( وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ نَزْعُهُ مِنْ الْمُحْتَرَمِ يَجُوزُ غَصْبُهُ لَهُ ) ابْتِدَاءً لِيُخَاطَ بِهِ جُرْحُهُ ( إنْ لَمْ يُوجَدْ خَيْطٌ حَلَالٌ ) وَحَيْثُ يَجُوزُ نَزْعُهُ لَا يَجُوزُ غَصْبُهُ لِيُخَاطَ بِهِ الْجُرْحُ ، وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُحْتَرَمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ .

( قَوْلُهُ : إبْقَاءً لِحُرْمَتِهِ ) ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْحَيَوَانِ آكَدُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَالِ ؛ لِأَنَّهُ يَنْجَبِرُ بِرَدِّ بَدَلِهِ وَحَقُّ الْحَيَوَانِ لَا جَابِرَ لَهُ وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا لِحِفْظِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُنْزَعُ مِنْ حَيٍّ غَيْرِ مُحْتَرَمٍ إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي ذَلِكَ بِكَوْنِ الْحَيَوَانِ مُحْتَرَمًا حَالَةَ إرَادَةِ النَّزْعِ لَا حَالَ الْخِيَاطَةِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .

( فَرْعٌ : وَإِنْ وَقَعَ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ أَوْ دِينَارٍ فِي مَحْبَرَةٍ وَلَمْ يَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرٍ ) لِلْمِحْبَرَةِ ( أَوْ هَدْمٍ ) لِلْبَيْتِ فُعِلَ ذَلِكَ ( فَإِنْ كَانَ ) الْوُقُوعُ ( بِفِعْلِ صَاحِبِهِمَا ) أَيْ الْبَيْتِ وَالْمَحْبَرَةِ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا وَالْمُرَادُ بِتَفْرِيطِهِ ( فَلَا غُرْمَ عَلَى الْمَالِكِ ) لِلْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ ( وَإِلَّا غَرِمَ ) الْأَرْشَ ؛ لِأَنَّ الْكَسْرَ أَوْ الْهَدْمَ إنَّمَا فُعِلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ وَشَمِلَ هَذَا مَا لَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِتَفْرِيطِهِمَا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنَّمَا يَغْرَمُ النِّصْفَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّفْرِيطِ كَالْمُتَصَادَمِينَ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ وَقَعَ فَصِيلٌ فِي بَيْتٍ إلَخْ ) شَمِلَ دُخُولَهُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَهُوَ مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِ بِأَنَّ الْهَدْمَ وَالْكَسْرَ إنَّمَا فُعِلَ لِتَخْلِيصِ مِلْكِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِلَّا غَرِمَ ) قَالَ الْفَتَى شَمِلَ ، وَإِلَّا فِعْلَ الْأَجْنَبِيِّ فَاقْتَضَى أَنَّ مَالِكَ الْفَصِيلِ وَالدِّينَارِ يَغْرَمُ ، وَهُوَ بَعِيدٌ ، وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا فِيهَا فِعْلُ صَاحِبِ الدِّينَارِ وَالْفَصِيلِ فَيَغْرَمُ أَوْ وَقَعَ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ أَحَدٍ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ أَيْضًا فَهُوَ سَاكِتٌ عَنْ فِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَغْرَمَ هُوَ ( قَوْلُهُ : لَكِنَّ الْأَوْجَهَ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا كَانَ بِفِعْلِهِمَا بِدَلِيلِ تَشْبِيهِهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ قِيَاسَ التَّفْرِيطِ بِالِاصْطِدَامِ .

( فَرْعٌ : وَإِنْ أَدْخَلَتْ بَهِيمَةٌ رَأْسَهَا فِي قِدْرٍ ) وَلَمْ تَخْرُجْ إلَّا بِكَسْرِهَا ( كُسِرَتْ لِتَخْلِيصِهَا ) وَلَا تُذْبَحُ الْمَأْكُولَةُ لِذَلِكَ ( وَوَجَبَ الْأَرْشُ ) عَلَى مَالِكِهَا ( إنْ صَحِبَهَا مَالِكُهَا ) لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ حِفْظِهَا ( وَإِلَّا فَإِنْ تَعَدَّى ) مَالِكُ الْقِدْرِ ( بِوَضْعِ الْقِدْرِ بِمَوْضِعٍ لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوَّلُهُ فِيهِ حَقٌّ لِكَوْنِهِ قَدَرَ عَلَى دَفْعِ الْبَهِيمَةِ فَلَمْ يَدْفَعْهَا ( فَلَا أَرْشَ ) لِكَسْرِهَا عَلَى مَالِكِ الْبَهِيمَةِ ( وَإِلَّا وَجَبَ ) عَلَيْهِ الْأَرْشُ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى كُلٌّ مِنْهُمَا لَزِمَ مَالِكَ الْبَهِيمَةِ الْأَرْشُ وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ حُكْمُهُ كَمَا قَالَ الْقَمُولِيُّ حُكْمُ مَا مَرَّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ( وَإِنْ ابْتَلَعَتْ ) بَهِيمَةٌ ( جَوْهَرَةً لَمْ تُذْبَحْ ) لِتَخْلِيصِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ مَأْكُولَةً ( بَلْ يَغْرَمُ ) مَالِكُهَا ( الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَةَ الْجَوْهَرَةِ ( لِلْحَيْلُولَةِ ) ، وَإِنْ ابْتَلَعَتْ مَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْفَيْصُولَةِ هَذَا ( إنْ فَرَّطَ ) فِي حِفْظِهَا حَتَّى ابْتَلَعَتْ ذَلِكَ ( وَإِنْ ابْتَاعَهَا بِطَعَامٍ مُعَيَّنٍ فَأَكَلَتْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِوَجْهٍ مَضْمُونٍ عَلَى الْبَائِعِ اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ ) وَوَقَعَ ذَلِكَ قَبْضًا لِلثَّمَنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ مِنْهُ ( أَوْ ) بِوَجْهٍ ( غَيْرِ مَضْمُونٍ ) عَلَيْهِ ( انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ كَنَظَائِرِهِ ( أَوْ ) أَكَلَتْهُ ( بَعْدَ قَبْضِهِ لَقَدْ أَتْلَفَتْ مَالًا لِلْبَائِعِ ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ .
( قَوْلُهُ : وَلَا تُذْبَحُ مَأْكُولَةٌ لِذَلِكَ ) لِاحْتِرَامِهَا وَلَوْ دَخَلَتْ أُتْرُجَّةٌ مِنْ شَجَرَةٍ إنَاءً وَكَبِرَتْ وَلَا تَخْرُجُ إلَّا بِكَسْرِ الْإِنَاءِ أَوْ بِكَسْرِ الْأُتْرُجَّةِ فَإِنْ صَبِيًّا بِكَسْرِ الْإِنَاءِ أَوْ بِكَسْرِ الْأُتْرُجَّةِ فِيهِ فَذَاكَ ، وَإِلَّا فَكَإِدْخَالِ الْبَهِيمَةِ رَأْسَهَا .

( فَرْعٌ ) لَوْ غَصَبَ لُؤْلُؤَةً وَدَجَاجَةً فَابْتَلَعَتْ الدَّجَاجَةُ اللُّؤْلُؤَةَ يُقَالُ لَهُ إنْ لَمْ تَذْبَحْ الدَّجَاجَةَ غَرَّمْنَاك قِيمَةَ اللُّؤْلُؤَةِ ، وَإِنْ ذَبَحَتْهَا غَرَّمْنَاك أَرْشَ الدَّجَاجَةِ .
( قَوْلُهُ : فَابْتَلَعَتْ الدَّجَاجَةُ اللُّؤْلُؤَةَ إلَخْ ) ، وَإِنْ ابْتَلَعَهَا الْغَاصِبُ أَوْ دَابَّتُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شُرْبُ دَوَاءٍ لِإِخْرَاجِهَا وَلَمْ تُذْبَحْ الدَّابَّةُ بَلْ يَغْرَمُ بَدَلَهَا لِلْفُرْقَةِ وَلَوْ بَاعَ دَارًا وَفِيهَا حَبٌّ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِنَقْضِ الْبَابِ نُقِضَ ، وَعَلَى مَالِكِ الْحَبِّ إصْلَاحُهُ وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا وَشَقَّهُ نِصْفَيْنِ وَتَلِفَ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ فَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ الْقِيمَةُ بِالشَّقِّ ضَمِنَ نِصْفَهَا ، وَإِلَّا ضَمِنَ النَّقْصَ أَيْضًا .

( فَصْلٌ : وَلَوْ أَتْلَفَ ) شَخْصٌ ( خُفًّا ) مِنْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ غَصَبَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ( فَنَقَصَ الثَّانِي ، وَجَبَ أَرْشُهُ ، وَقِيمَةُ التَّالِفِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا عَشَرَةً فَبَقِيَتْ قِيمَةُ الثَّانِي ثَلَاثَةً لَزِمَهُ سَبْعَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا الْفَائِتَةُ بِالْإِتْلَافِ ( وَكَذَا ) يَلْزَمُهُ سَبْعَةٌ ( لَوْ غَصَبَهُمَا وَرَدَّ وَاحِدًا ) ، وَقِيمَتُهُ ثَلَاثَةٌ وَتَلِفَ الْآخَرُ ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْمَغْصُوبِ تَلِفَ وَبَعْضَهُ نَقَصَ ( وَلَوْ أَتْلَفَهُمَا رَجُلَانِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا ) مِنْهُمَا ( خَمْسَةٌ ) إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمَالِكِ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ لَوْ غَرَّمْنَا الْمُتْلِفَ خَمْسَةً ( وَإِنْ تَعَاقَبَا ) فِي الْإِتْلَافِ ( لَزِمَ الْأَوَّلَ سَبْعَةٌ ) وَالثَّانِيَ ثَلَاثَةٌ ( وَلَا يُتَمَّمُ لِسَارِقِهِ ) أَيْ أَحَدِهِمَا ( النِّصَابُ بِالْأَرْشِ ) فَلَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا بِسَرِقَةٍ ، وَقِيمَتُهُ مَعَ نَقْصِ الْبَاقِي نِصَابٌ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَتْلَفَ خُفًّا ) نَبَّهَ بِالْخُفَّيْنِ عَلَى إجْرَاءِ الْحُكْمِ فِي كُلِّ فَرْدَيْنِ لَا يَصْلُحُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِالْآخَرِ كَزَوْجَيْ النَّعْلِ ، وَمِصْرَاعَيْ الْبَابِ ، وَأَجْرَاهُ الدَّارِمِيُّ فِي زَوْجَيْ الطَّائِرِ إذَا كَانَ يُسَاوِي مَعَ زَوْجِهِ أَكْثَرَ وَلَوْ أَتْلَفَ وَلَدَ بَهِيمَةِ غَيْرِهِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهَا وَلَمْ تَكُنْ تَحْلُبُ إلَّا عَلَيْهِ فَأَجَابَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى عُجَيْلٌ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا بَيْنَ قِيمَتِهَا حَلُوبًا وَبَيْنَ قِيمَتِهَا وَلَا لَبَنَ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَةِ الْخُفِّ .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ : فِيمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَصَرُّفِ الْغَاصِبِ فَبَيْعُهُ وَشِرَاؤُهُ بِعَيْنِ الْمَغْصُوبِ بَاطِلٌ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ، وَفِي الذِّمَّةِ صَحِيحٌ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ ( فَإِنْ نَقَدَهُ عَمَّا اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ مَلَكَهُ ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ قَالَ لَمْ يُمْنَعْ مِلْكُهُ كَانَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ قَبْلَ النَّقْدِ ( وَلَمْ يَبْرَأْ مِنْ ثَمَنِهِ ) بِمَا نَقَدَهُ .
( قَوْلُهُ : بَاطِلٌ كُلٌّ مِنْهُمَا ) شَمِلَ مَا لَوْ كَثُرَ تَصَرُّفُهُ ، وَعَسُرَ تَتَبُّعُهُ بِالنَّقْضِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ وَطِئَ ) الْغَاصِبُ الْأَمَةَ ( الْمَغْصُوبَةَ جَاهِلَيْنِ ) بِتَحْرِيمِ الْوَطْءِ ( لِقُرْبِ عَهْدِهِ ) بِالْإِسْلَامِ ( أَوْ بُعْدٍ عَنْ بَلْدَةِ الْإِسْلَامِ ) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ بُعْدِ بَلَدٍ عَنْ الْإِسْلَامِ ( أَوْ عَالِمَيْنِ ) بِالتَّحْرِيمِ ( وَأَكْرَهَهَا ) عَلَى الْوَطْءِ ( أَوْ جَاهِلَةً ) وَحْدَهَا بِالتَّحْرِيمِ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( الْمَهْرُ ) لِسَيِّدِهَا ( لَا إنْ طَاوَعَتْهُ عَالِمَةً ) بِالتَّحْرِيمِ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ ( وَلَوْ جَهِلَ ) التَّحْرِيمَ إذْ لَا مَهْرَ لِلزَّانِيَةِ لِسُقُوطِ الْحُرْمَةِ بِزِنَاهَا ( فَلَوْ كَانَتْ بِكْرًا ) وَوَجَبَ مَهْرٌ ( فَمَهْرُ ثَيِّبٍ ) أَيْ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلِهَا ثَيِّبًا ( وَأَرْشُ بَكَارَةٍ ) لَا مَهْرُ مِثْلِهَا بِكْرًا لِوُجُوبِهِمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَانْفِكَاكِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مَعَ نَظَائِرِهِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ ( وَلَا يَسْقُطُ أَرْشُهَا ) أَيْ أَرْشُ بَكَارَتِهَا ( بِمُطَاوَعَتِهَا ) كَمَا لَا يَسْقُطُ أَرْشُ طَرَفِهَا بِإِذْنِهَا فِي قَطْعِهِ ( وَيَلْزَمُ الْعَالِمَ ) بِالتَّحْرِيمِ ( الْحَدُّ لَا الْمُكْرَهَةَ ) عَلَى الْوَطْءِ كَالْكُرْهِ عَلَيْهِ ( وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ) لِلْمَغْصُوبَةِ ( كَوَطْئِهِ ) أَيْ الْغَاصِبِ فِي الْحَدِّ وَالْمَهْرِ ( لَكِنَّ جَهْلَهُ ) التَّحْرِيمَ بِوَاسِطَةِ جَهْلِهِ ( بِغَصْبِهِ مُمْكِنٌ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِمَا مَرَّ مِنْ قُرْبِ عَهْدِ الْإِسْلَامِ إلَى آخِرِهِ ( وَيُطَالَبَانِ ) أَيْ الْغَاصِبُ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُ أَيْ يُطَالِبُهُمَا الْمَالِكُ ( بِالْمَهْرِ وَلَوْ تَكَرَّرَ وَطْءُ الْمُكْرَهِ ) لَهَا ( الْعَالِمِ ) بِالتَّحْرِيمِ ( تَكَرَّرَ الْمَهْرُ ) لِتَعَدُّدِ الْإِتْلَافِ مَعَ تَعَدُّدِ الشُّبْهَةِ الَّتِي هِيَ الْإِكْرَاهُ هُنَا ( لَا ) إنْ تَكَرَّرَ وَطْءُ ( الْجَاهِلِ ) وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَهْرَ قَبْلَ التَّكَرُّرِ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ شُبْهَةٌ وَاحِدَةٌ مُطَّرِدَةٌ فَأَشْبَهَ الْوَطْءَ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِرَارًا ، وَإِنْ وَطِئَهَا مَرَّةً عَالِمًا ، وَمَرَّةً جَاهِلًا ، وَجَبَ مَهْرَانِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ (

أَحْبَلَهَا ) الْغَاصِبُ أَوْ ( الْمُشْتَرِي ) مِنْهُ ( عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ ) لِلْوَطْءِ ( فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ ) لِلسَّيِّدِ ( غَيْرُ نَسِيبٍ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ زِنًا ( فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ، وَمَاتَ ضَمِنَهُ ) لِسَيِّدِهِ ( أَوْ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فَبَدَلُهُ لِسَيِّدِهِ ) أَوْ بِلَا جِنَايَةٍ فَفِي وُجُوبِ ضَمَانِهِ عَلَى الْمُحْبِلِ ، وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا ، وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ الْوُجُوبُ لِثُبُوتِ الْيَدِ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلْأُمِّ وَالثَّانِي الْمَنْعُ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِي حَمْلِ الْبَهِيمَةِ الْمَغْصُوبَةِ إذَا انْفَصَلَ مَيِّتًا فَإِنْ أَوْجَبْنَا الضَّمَانَ فَهُوَ قِيمَةُ يَوْمِ الِانْفِصَالِ لَوْ كَانَ حَيًّا ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَبِالثَّانِي ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ فَقَالَ ، وَمَيِّتًا بِلَا جِنَايَةٍ فَلَا ، وَكَذَا حَمْلُ الْبَهِيمَةِ وَنَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ تَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ لَكِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ مَسْأَلَةٍ إلَى أُخْرَى .
( وَإِنْ أَحَبَلَهَا الْغَاصِبُ ) أَوْ الْمُشْتَرِي ( جَاهِلًا ) بِالتَّحْرِيمِ ( فَهُوَ حُرٌّ نَسِيبٌ ) لِلشُّبْهَةِ ( وَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ ) لِمَالِك الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ رِقَّهُ بِظَنِّهِ ( يَوْمَ انْفِصَالِهِ ) إنْ انْفَصَلَ ( حَيًّا ) ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَبْلَهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ .
( لَا ) إنْ انْفَصَلَ ( مَيِّتًا ) ؛ لِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ ، وَأَنَّ الْمُحْبِلَ أَتْلَفَهُ ( إلَّا إنْ كَانَ ) انْفِصَالُهُ مَيِّتًا ( بِجِنَايَةٍ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْجَانِي غُرَّةٌ ) ؛ لِأَنَّ الِانْفِصَالَ عَقِبَ الْجِنَايَةِ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ كَانَ حَيًّا ، وَمَاتَ بِهَا ( وَلِلْمَالِكِ مُطَالَبَةُ الْغَاصِبِ ) أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ يُقَوَّمُ لَهُ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ ( بِعُشْرِ قِيمَةِ الْأُمِّ ) ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ الرَّقِيقَ بِهِ يُضْمَنُ ( فَيَأْخُذُهُ الْمَالِكُ إنْ سَاوَى قِيمَةَ الْغُرَّةِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْغُرَّةُ ) أَيْ قِيمَتُهَا ( أَكْثَرَ فَالزَّائِدُ

لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ضَمِنَ الْغَاصِبُ ) أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ( لِلْمَالِكِ عُشْرَ قِيمَةِ الْأُمِّ كَامِلًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْفَصَلَ مُتَقَوِّمًا كَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ؛ وَلِأَنَّ بَدَلَهُ إنَّمَا نَقَصَ عَنْ الْعُشْرِ بِسَبَبِ الْحُرِّيَّةِ الْحَاصِلَةِ بِظَنِّهِ ( وَإِنْ مَاتَ ) الْمُحْبِلُ ( قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَالْغُرَّةُ لِأَبِيهِ ) إنْ كَانَ هُوَ الْوَارِثُ ( وَهَلْ يَضْمَنُ ) أَبُوهُ مَا كَانَ يَضْمَنُهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ لَا ( ، وَجْهَانِ ) ، وَعَلَى الضَّمَانِ جَرَى الْقَاضِي وَوَجَّهَ الْإِمَامُ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ لَمْ يَغْصِبْ وَلَمْ يُفَوِّتْ وَلَا أُثْبِتَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ غَاصِبٍ وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرِكَةِ الْمُحْبِلِ .
( وَدَعْوَى الْجَهْلِ مِنْهُمَا بِتَحْرِيمِ وَطْءِ الْمَغْصُوبَةِ لَا تُقْبَلُ إلَّا مِنْ قَرِيبِ عَهْدِ بِالْإِسْلَامِ وَنَحْوِهِ ، وَأَمَّا دَعْوَى الْجَهْلِ ) بِهِ بِوَاسِطَةِ جَهْلِهِ ( بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً فَتُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ) مُطْلَقًا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يُحْبِلْ .
( وَيَضْمَنُ ) الْمُحْبِلُ فِي حَالَتَيْ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ( أَرْشَ ) نَقْصِ ( الْوِلَادَةِ فَإِنْ مَاتَتْ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهَا ) لِمَالِكِهَا ( سَقَطَ كُلُّ أَرْشٍ ) أَيْ أَرْشِ الْبَكَارَةِ ، وَأَرْشِ نَقْصِ الْوِلَادَةِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْقِيمَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ ( وَضَمِنَ الْقِيمَةَ ) كَالْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ .

( قَوْلُهُ : وَجَبَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ لِسَيِّدِهَا ) ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ الْفَاسِدِ فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ تَعَدِّيًا كَالْأَعْيَانِ بَلْ أَوْلَى ( قَوْلُهُ : فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهَا زَانِيَةٌ وَقَدْ نُهِيَ عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ ، وَهِيَ الزَّانِيَةُ وَالْمَهْرُ ، وَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ عَهِدْنَا أَنَّهُ يَتَأَثَّرُ بِفِعْلِهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ ارْتَدَّتْ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ أَرْضَعَتْ إرْضَاعًا مُفْسِدًا ( قَوْلُهُ : وَيَلْزَمُ الْعَالِمَ الْحَدُّ ) ؛ لِأَنَّهُ زِنًا وَيُسْتَثْنَى الْأَبُ وَنَحْوُهُ ( قَوْلُهُ : وَوَطْءُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ كَوَطْئِهِ ) لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ ( قَوْلُهُ : فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا ، وَمَاتَ ) أَيْ فِي يَدِهِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ اسْتَرْضَعَهَا الْمُشْتَرِي غَرِمَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا ، وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِهَا ، وَلَا يَجِبُ مِثْلُ اللَّبَنِ ، وَلَا قِيمَتُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَاةً مَغْصُوبَةً فَوَلَدَتْ فَاسْتَرْضَعَهَا سَخْلَتَهُ حَيْثُ غَرِمَ اللَّبَنَ ، وَإِنْ انْصَرَفَ إلَى السَّخْلَةِ ، وَعَادَ نَفْعُهُ إلَى الْمَالِكِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ كَمَا لَوْ غَصَبَ عَلَفًا فَعَلَفَهُ بَهِيمَةَ مَالِكِهِ ، وَإِذَا مَاتَتْ السَّخْلَةُ فِي يَدِهِ غَرِمَ قِيمَتَهَا وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَوْ غَصَبَ فَحْلًا ، وَأَنْزَاهُ عَلَى شَاةٍ فَالْوَلَدُ لِلْغَاصِبِ وَلَا شَيْءَ لِلْإِنْزَاءِ وَلَوْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ لَزِمَ الْأَرْشُ ( قَوْلُهُ : وَالثَّانِي الْمَنْعُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) قَالَ فِي التَّوَسُّطِ إنَّ مَا ذَكَرَهُ غَلَطٌ صَرِيحٌ فَإِنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي نُقِلَ عَنْهُ إنَّمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْجَاهِلِ بِالتَّحْرِيمِ ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ فِي الْعَالِمِ وَلَفْظُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ .
السَّادِسَةُ : لَوْ زَوَّجَ الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ فَوَطِئَهَا الزَّوْجُ جَاهِلًا إلَى أَنْ قَالَ ، وَإِنْ انْفَصَلَ الْوَلَدُ مَيِّتًا إلَخْ وَقَالَ هُنَا ، وَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ جَاهِلًا

بِالتَّحْرِيمِ فَالْوَلَدُ نَسِيبٌ حُرٌّ لِلشُّبْهَةِ ، وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِمَالِكِ الْجَارِيَةِ يَوْمَ الِانْفِصَالِ إنْ انْفَصَلَ حَيًّا ، وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ فَالْمَشْهُورُ أَيْ وَالْمَنْصُوصُ ، وَعَلَيْهِ جَرَى الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ انْفَصَلَ حَيًّا حَيَاةً غَيْرَ مُسْتَقِرَّةٍ ثُمَّ مَاتَ هَلْ يَكُونُ كَمَنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا أَمْ لَا .
ا هـ .
وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِهِمْ فِيمَا إذَا خَرَجَ مَيِّتًا بِأَنَّا لَمْ نَتَيَقَّنْ حَيَاتَهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فس قَوْلُهُ : وَالْأَوْجَهُ الضَّمَانُ مُتَعَلِّقًا بِتَرْكِهِ الْمُحْبِلَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِ الْوِلَادَةِ ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يَضْمَنُ رَاجِعٌ إلَى أَقْرَبِ مَذْكُورٍ ، وَهُوَ الْجَاهِلُ بِكَوْنِهَا مَغْصُوبَةً ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَكْثَرُ فَائِدَةً فَإِنَّ وُجُوبَ الْأَرْشِ عَلَى الْمُحْبِلِ شَامِلٌ لِحَالَةِ عِلْمِهِ وَجَهْلِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ مَاتَتْ بِهَا وَلَوْ بَعْدَ رَدِّهَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ رَدَّهَا ، وَهِيَ حُبْلَى فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمَالِكِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقَطَّانُ فِي الْمُطَارَحَاتِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي صُورَةِ الْعِلْمِ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ حَتَّى يُقَالَ مَاتَتْ بِوِلَادَةِ وَلَدِهِ وَنَقَلَ فِي صُورَةِ الْجَهْلِ قَوْلَيْنِ ، وَأَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الضَّمَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْأَصَحُّ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الرَّاجِحُ مَعَ الْجَهْلِ وُجُوبُ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ تَصْحِيحُهُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الرَّهْنِ ، وَمَعَ الْعِلْمِ فَقِيَاسُ الْمَذْكُورِ هُنَاكَ أَيْضًا عَدَمُ الْوُجُوبِ وَتَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ هُنَا ذُهُولٌ عَمَّا سَبَقَ فَوَقَعَ فِي التَّنَاقُضِ ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَزْنِيُّ بِهَا بِالطَّلْقِ فَلَا ضَمَانَ حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً .

( فَرْعٌ : إذْنُ الْمَالِكِ ) لِلْغَاصِبِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ ( بِالْوَطْءِ هَلْ يُسْقِطُ الْمَهْرَ ) فِيهِ ( قَوْلَانِ أَوْ ) يُسْقِطُ ( قِيمَةَ الْوَلَدِ فِيهِ طَرِيقَانِ ) رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ ، وَهُوَ قِيَاسُ نَظِيرِهِ فِي الرَّهْنِ ، وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ عَدَمِ سُقُوطِ قِيمَةِ الْوَلَدِ ، وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِالسُّقُوطِ تَسَمُّحٌ وَالْمُرَادُ هَلْ يَجِبُ ذَلِكَ أَوْ لَا .
( قَوْلُهُ : رَجَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ عَدَمَ سُقُوطِ الْمَهْرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُهُ تَرْجِيحُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ فَالْأَصَحُّ وُجُوبُهُمَا .
( فَرْعٌ ) لَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ تَقْتَضِي حُرِّيَّةَ الْوَلَدِ كَمَا لَوْ ظَنَّهَا الْوَاطِئُ زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ فَظَاهِرُ تَعْلِيلِهِمْ إلْحَاقُهَا بِوَطْءِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ وَقَالَ صَاحِبُ الْإِقْلِيدِ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ فَإِنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا فَالشُّبْهَةُ عَارِضَةٌ فِي يَدِ الْغَاصِبِ .

( فَصْلٌ : فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي الْجَاهِلُ ) بِالْغَصْبِ ( عَلَى الْغَاصِبِ ) إذَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ ( فَالْمُشْتَرِي يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْقِيَمِ فِي يَدِهِ ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ إلَى يَوْمِ التَّلَفِ كَالْغَاصِبِ ( وَلَا يَرْجِعُ ) عَلَيْهِ ( إلَّا بِالثَّمَنِ ) الَّذِي غَرَّمَهُ لَهُ ( وَلَوْ نَقَصَ عَنْهَا ) أَيْ عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِلْمَالِكِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ الَّتِي دَفَعَهَا لِلْمَالِكِ ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ عَقْدُ ضَمَانٍ فَلَمْ يَرْجِعْ عَلَى بَائِعِهِ بِهَا ( وَيَرْجِعُ ) عَلَيْهِ ( إذَا غَرِمَ ) لِلْمَالِكِ بَدَلَ ( مَنَافِعَ ، وَفَوَائِدَ لَمْ يَسْتَوْفِهَا ) بِخِلَافِ مَا غَرِمَهُ لَهُ مِنْ بَدَلِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ عَادَتْ إلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِإِتْلَافِهَا ( وَيَرْجِعُ بِنَقْصِ الْوِلَادَةِ ) أَيْ بِأَرْشِهِ ( وَقِيمَةِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ حُرًّا ) إذَا غَرِمَهُمَا لِلْمَالِكِ ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الْعَقْدِ عَلَى أَنْ لَا يَغْرَمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ .
وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ الْمُنْعَقِدِ حُرًّا سَبْقُ قَلَمٍ ( لَا مَا ضَمِنَ ) لَهُ ( مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَتَلَفِ عُضْوٍ ) فَلَا يَرْجِعُ بِهِ كَمَا لَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ تَلَفِ الْكُلِّ تَسْوِيَةً بَيْنَ الْجُمْلَةِ وَالْأَجْزَاءِ ( وَلَوْ قَلَعَ الْمَالِكُ غِرَاسَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( وَبِنَاءَهُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ عَلَى الْغَاصِبِ ) لِشُرُوعِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى ظَنِّ السَّلَامَةِ ، وَالضَّرَرُ إنَّمَا جَاءَ بِتَغْرِيرِ الْغَاصِبِ ( لَا بِنَفَقَةِ عَبْدٍ ) وَنَحْوِهِ ( وَخَرَاجِ أَرْضٍ ) ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِي الشِّرَاءِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهَا ( وَفِي رُجُوعِ الْمُتَّهَبِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْغَاصِبِ ( بِقِيمَةِ الْوَلَدِ ) الَّتِي غَرِمَهَا لِلْمَالِكِ ( ، وَجْهَانِ ) ، وَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّ الْوَاهِبَ مُتَبَرِّعٌ وَالْبَائِعَ ضَامِنُ سَلَامَةِ الْوَلَدِ بِلَا غُرْمٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهِبَ كَالْمُشْتَرِي .

( قَوْلُهُ : وَخَرَاجِ أَرْضٍ زَرَعَهَا ) أَوْ غَرَسَهَا لِمُسْتَحِقِّهَا ( قَوْلُهُ : وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْمُتَّهِبَ كَالْمُشْتَرِي ) الْأَصَحُّ عَدَمُ رُجُوعِهِ بِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي ذَكَرَهُ غَيْرُ صَحِيحٍ ، وَمُنَاقِضٌ لِمَا قَدَّمَهُ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَمَا قَالَهُ لَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَجِبَ لِلْبَائِعِ بَيْعًا فَاسِدًا عَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَةُ الْوَلَدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
ا هـ .
وَالْغَاصِبُ ، وَإِنْ كَانَ غَارًّا فَالْمُبَاشَرَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْغُرُورِ

( فَرْعٌ : يُطَالَبُ زَوْجُ مَغْصُوبَةٍ وَطِئَهَا جَاهِلًا ) بِالْغَصْبِ ( بِمَهْرِ مِثْلِهَا ) أَيْ يُطَالِبُهُ بِهِ مَالِكُهَا ( وَلَا يَرْجِعُ بِهِ ) عَلَى الْغَاصِبِ ؛ لِأَنَّهُ شَرَعَ فِيهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ الْمَهْرَ ( وَكَذَا ) لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ( بِأُجْرَتِهَا ) الْفَائِتَةِ ( عِنْدَهُ ) إنْ اسْتَخْدَمَهَا ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ بِالتَّزْوِيجِ عَلَى الِاسْتِخْدَامِ ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَخْدِمْهَا رَجَعَ ) بِأُجْرَتِهَا ( وَالضَّابِطُ ) فِي ذَلِكَ ( أَنَّ مَا غَرِمَهُ ) الشَّخْصُ ( وَقَدْ أُثْبِتَتْ يَدُهُ عَلَى يَدِ الْغَاصِبِ جَاهِلًا ) بِالْغَصْبِ ( فَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ ) كَالنَّفَقَةِ وَالْخَرَاجِ وَالْمَهْرِ ( لَمْ يَرْجِعْ بِهِ ) عَلَى الْغَاصِبِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ دَخَلَ عَلَى أَنْ لَا يَضْمَنُهُ كَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ ( رَجَعَ ) بِهِ ( إنْ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَا إذَا اسْتَوْفَاهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ ) عَلَيْهِ ( بِلَبَنٍ ) أَيْ بَدَلِ لَبَنِ شَاةٍ ( رَضَعَتْهُ سَخْلَةُ الْمَالِكِ ) وَغَرِمَ بَدَلَهُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَهُ وَلَا عَادَ نَفْعُهُ إلَيْهِ ، وَإِنَّمَا غَرَّمَهُ الْمَالِكُ اللَّبَنَ مَعَ أَنَّهُ انْصَرَفَ إلَى سَخْلَةِ الشَّاةِ ، وَعَادَ نَفْعُهُ لِمَالِكِهَا تَشْبِيهًا بِمَا لَوْ غَصَبَ عَلَفًا ، وَعَلَفَ بِهِ بَهِيمَةَ مَالِكِهِ .
( فَلَوْ اسْتَرْضَعَ مُشْتَرِي الْجَارِيَةِ وَلَدَهُ ) أَيْ أَرْضَعَ ( مِنْهَا ) وَلَدَهُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( أَوْ غَيْرَهُ ) أَيْ غَيْرَ وَلَدِهِ ( غَرِمَ لِلْمَالِكِ الْأُجْرَةَ وَلَمْ يَرْجِعْ بِهَا عَلَى الْغَاصِبِ ) كَالْمَهْرِ وَلَا يَجِبُ بَدَلُ اللَّبَنِ ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْآدَمِيَّاتِ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ ( وَيَرْجِعُ ) عَلَيْهِ ( مُسْتَأْجِرٌ ) لِلْمَغْصُوبِ ( غَرِمَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ) لِلْمَالِكِ ( بِالْمُسَمَّى ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ ( وَعَلَى الْمُسْتَعِيرِ مِنْ الْغَاصِبِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لِلْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ ( وَيَرْجِعُ ) مِنْهَا عَلَى الْغَاصِبِ ( بِمَا لَمْ يَسْتَوْفِهِ ) مِنْهَا بِخِلَافِ مَا اسْتَوْفَاهُ مِنْهَا .

( فَرْعٌ : مَا يَرْجِعُ بِهِ الْمُتَلَقِّي ) لِلْمَغْصُوبِ مِنْ الْغَاصِبِ ( عَلَى الْغَاصِبِ لَا يَرْجِعُ بِهِ الْغَاصِبُ عَلَيْهِ إنْ غَرِمَهُ ) لِلْمَالِكِ كَقِيمَةِ الْوَلَدِ وَأُجْرَةِ الْمَنَافِعِ الْفَائِتَةِ تَحْتَ يَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْقَرَارَ عَلَيْهِ ( وَيَرْجِعُ ) عَلَيْهِ ( بِمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ ) إنْ غَرِمَهُ لِلْمَالِكِ كَقِيمَةِ الْعَيْنِ وَالْأَجْزَاءِ وَالْمَنَافِعِ الَّتِي اسْتَوْفَاهَا .

( مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ ) لَوْ ( أَسْنَدَ خَشَبَةً إلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ مَالِكِهِ ( فَسَقَطَ بِإِسْنَادِهِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَالِ ( ضَمِنَهُ وَ ) ضَمِنَ ( مَا يَحْدُثُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ سُقُوطِهِ ( مِنْ تَلَفٍ ) لِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْنَدَهَا إلَيْهِ بِإِذْنِهِ ( وَكَذَا ) يَضْمَنُ ( مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ ) الْخَشَبَةُ الَّتِي أَسْنَدَهَا إلَى جِدَارٍ ( فِي الْحَالِ ) ، وَأَتْلَفَتْهُ ( وَإِنْ كَانَ الْجِدَارُ مِلْكَهُ ) بِخِلَافِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ لَا فِي الْحَالِ كَفَتْحِ رَأْسِ الزِّقِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِسْنَادُ إلَى جِدَارِ غَيْرِهِ بِإِذْنِ مَالِكِهِ أَمْ لَا ( وَإِنْ غَصَبَ دَارًا ، وَهَدَمَهَا ) ، وَأَتْلَفَ النَّقْضَ ( فَهَلْ يَضْمَنُ ) مَعَ النَّقْضِ ، وَمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْعَرْصَةِ ( الْأُجْرَةَ ) أَيْ أُجْرَةَ مِثْلِهَا دَارًا ( إلَى ) وَقْتِ ( الْهَدْمِ أَوْ إلَى ) وَقْتِ ( الرَّدِّ ، وَجْهَانِ ) جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالْأَوَّلِ وَبِأَنَّهُ يَضْمَنُ بَعْدَ ذَلِكَ أُجْرَةَ مِثْلِهَا عَرْصَةً .

قَوْلُهُ : وَإِنْ غَصَبَ دَارًا ، وَهَدَمَهَا فَهَلْ يَضْمَنُ الْأُجْرَةَ إلَخْ ) فَعُلِمَ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ إعَادَةِ الْجِدَارِ وَقَدْ مَرَّ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَيَجْرِي هَذَا فِي هَدْمِ جِدَارِ الْمَسْجِدِ ، وَإِنْ أَفْتَى السُّبْكِيُّ بِوُجُوبِهَا قَالَ وَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانُ الْأَرْشِ كَمَا قِيلَ فِي الْجِدَارِ الْمَمْلُوكِ وَالْمَوْقُوفِ وَقْفًا غَيْرَ تَحْرِيرٍ ؛ لِأَنَّهُمَا مَالَانِ وَالْمَسْجِدُ لَيْسَ بِمَالٍ بَلْ هُوَ كَالْحُرِّ وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ أُجْرَتُهُ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ حَتَّى تُسْتَوْفَى مَنْفَعَتُهُ .
ا هـ .
وَأَقُولُ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِ الْأَرْشُ أَيْضًا كَمَا مَرَّ كَالْحُرِّ ( قَوْلُهُ : أَوْ إلَى وَقْتِ الرَّدِّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى بِالنَّقْضِ جُعِلَتْ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فَتَلْزَمُهُ أُجْرَتُهَا دَارًا بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الرَّافِعِيِّ إذَا غَصَبَ عَبْدًا ، وَأَبَقَ فِي يَدِهِ وَغَرَّمْنَاهُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فَفِي وُجُوبِ أُجْرَتِهِ وَجْهَانِ وَلَوْ عَيَّبَهُ الْغَاصِبُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ لَزِمَهُ مَعَ ذَلِكَ الْأُجْرَةُ قَطْعًا ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا عَيَّبَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِهِ وَتَصَرُّفِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ الضَّمَانُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْآبِقِ فِي وَجْهٍ ( قَوْلُهُ : جَزَمَ الْمَحَامِلِيُّ وَالْعِمْرَانِيُّ بِالْأَوَّلِ وَبِأَنَّهُ يَضْمَنُ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ .

( وَلَوْ وَلَدَتْ ) الْأَمَةُ ( الْمَغْصُوبَةُ رَقِيقًا رَدَّهُمَا وَضَمِنَ أَرْشَ النَّقْصِ ) الْحَاصِلِ ( بِالْوِلَادَةِ وَالْغَاصِبُ ) لِشَابٍّ كَبِرَ عِنْدَهُ أَوْ جَارِيَةٍ نَاهِدٍ تَدَلَّى ثَدْيُهَا أَوْ أَمْرَدَ الْتَحَى أَوْ فَحْلٍ ضَرَبَ أُنْثَى ( يَضْمَنُ نَقْصَ الشَّابِّ بِالْكِبَرِ وَتَدَلِّيَ ) أَيْ وَنَقْصَ النُّهُودِ بِتَدَلِّي ( الثَّدْيِ النَّاهِدِ ، وَ ) نَقْصَ الْمُرُودَةِ ( بِالْتِحَاءِ الْأَمْرَدِ وَنَقْصَ الْفَحْلِ بِالضِّرَابِ وَنَحْوِهِ ) أَيْ وَنَحْوِ ذَلِكَ ( ثُمَّ الْوَلَدُ ) الْحَاصِلُ بِضَرْبِ الْفَحْلِ ( لِمَالِك الْأُمِّ ) ، وَإِنْ كَانَ الْغَاصِبَ ( وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْغَاصِبِ لِلْإِنْزَاءِ بِلَا نَقْصٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ ( وَإِنْ جَعَلَ ) الْخَشَبَ ( الْمَغْصُوبَ بَابًا ) وَسَمَّرَهُ ( بِمَسَامِيرَ لَهُ وَنَزَعَهَا ) مِنْهُ ( ضَمِنَ نَقْصَ قِيمَتِهِ فَلَوْ بَذَلَهَا ) لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( لَمْ يَجِبْ ) عَلَيْهِ ( قَبُولُهَا ، وَإِنْ غَصَبَ ثَوْبًا فَتَنَجَّسَ ) عِنْدَهُ ( لَمْ يَجُزْ لَهُ تَطْهِيرُهُ ) بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ ( وَلَا يُكَلَّفُ تَطْهِيرُهُ فَإِنْ طَهَّرَهُ ) فَنَقَصَ ( ضَمِنَ النَّقْصَ ) أَيْ أَرْشَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ ( فَعَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ ) أَيْ التَّطْهِيرِ ( وَأَرْشُهُ ) أَيْ أَرْشُ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ ( وَتَنْجِيسُ مَائِعٍ لَا يُمْكِنُ تَطْهِيرُهُ إهْلَاكٌ فَيَضْمَنُهُ ، وَإِنْ غَصَبَ ) شَخْصٌ ( مِنْ الْغَاصِبِ ) مَا غَصَبَهُ ( فَأَبْرَأَ الْمَالِكُ ) الْغَاصِبَ ( الْأَوَّلَ ) عَنْ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ التَّالِفِ ( صَحَّ الْإِبْرَاءُ ) ؛ لِأَنَّهُ مُطَالَبٌ بِقِيمَتِهِ فَهُوَ كَدَيْنٍ عَلَيْهِ ( أَوْ مَلَّكَهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ بَرِئَ وَانْقَلَبَ الضَّمَانُ عَلَى الثَّانِي ) لِلْأَوَّلِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ مَلَّكَهُ الْعَيْنَ الْمَغْصُوبَةَ ) أَيْ وَكَانَ قَادِرًا عَلَى انْتِزَاعِهَا .

( وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ الْمَالِكُ الْمَغْصُوبَ ( لِغَاصِبِ الْغَاصِبِ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الضَّمَانِ ) لِلْمَغْصُوبِ التَّالِفِ ( أَوْ وَهَبَهُ لَهُ ، وَأَقْبَضَهُ ) الْمَوْهُوبَ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ ( وَكَذَا لَوْ أَوْدَعَهُ ) عِنْدَهُ ( بَرِئَ ) الْغَاصِبُ ( الْأَوَّلُ لَا إنْ رَهَنَهُ ) عِنْدَ الثَّانِي أَوْ زَوَّجَهُ مِنْهُ أَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ فَلَا يَبْرَأُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( وَلَوْ رَدَّ ) الْغَاصِبُ ( الدَّابَّةَ إلَى الْإِصْطَبْلِ ) أَيْ إصْطَبْلِ مَالِكِهَا ( وَعَلِمَ ) بِهِ ( الْمَالِكُ ) وَلَوْ بِخَبَرِ ثِقَةٍ ( بَرِئَ ) بِخِلَافِ مَا قَبْلَ عِلْمِهِ وَلَوْ امْتَنَعَ الْمَالِكُ مِنْ الِاسْتِرْدَادِ رُفِعَ الْأَمْرُ إلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَهُ بِالْقَبْضِ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ نَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ أَلْقَاهُ فِي حِجْرِهِ - بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ الْمَغْصُوبُ فَوَضَعَ بَدَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلُهُ ؛ لِأَنَّ الْمَغْصُوبَ غَيْرُ مِلْكِهِ بِخِلَافِ بَدَلِهِ .

( قَوْلُهُ : فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبْضِ نَصَبَ نَائِبًا عَنْهُ ) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَأَخَذَهُ الْحَاكِمُ مِنْهُ فَهَلْ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَجْهَانِ أَقْيَسُهُمَا الْبَرَاءَةُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) فَعُلِمَ أَنَّ الْغَاصِبَ يَبْرَأُ مِنْ ضَمَانِ الْمَغْصُوبِ بِرَدِّهِ إلَى مَالِكِهِ أَوْ وَكِيلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ أَوْ وَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَالَ فِي التَّدْرِيبِ يَتَخَلَّصُ الْغَاصِبُ مِنْ عُهْدَةِ مَا غَصَبَهُ بِالرَّدِّ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ فَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إلَى مَنْ لَهُ تَسْلِيمُهُ شَرْعًا يَتَخَلَّصُ حَتَّى الْقَاضِي مَعَ رُشْدِ الْمَالِكِ .
ا هـ .
فَشَمِلَ رَدَّهُ إلَى الْمُسْتَعِيرِ أَوْ إلَى أَمِينٍ غَيْرِ مُلْتَقِطٍ غَصَبَ مِنْهُ كَعَبْدِ الْمَالِكِ فِيمَا أَخَذَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابِهِ وَآلَةِ حِرْفَتِهِ قَوْلُهُ : بَرِئَ مِنْ الضَّمَانِ ) قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا .

( وَإِنْ شَغَلَ ) شَخْصٌ ( بِمَتَاعِهِ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا ) إنْ لَمْ يُغْلِقْهُ ( فَإِنْ أَغْلَقَهُ لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْكُلِّ ) كَمَا يَلْزَمُهُ قِيمَةُ أَجْزَائِهِ بِالْإِتْلَافِ ، ( وَعَلَى الْمُشْتَرِي ) مِنْ الْغَاصِبِ ( ضَمَانُ مَا وَلَدَتْهُ ) الْعَيْنُ ( الْمَغْصُوبَةُ حَيًّا ، وَ ) ضَمَانُ ( ثِمَارِ الشَّجَرَةِ ) تَبَعًا لِأَصْلَيْهِمَا ( فَإِنْ أَكَلَهَا ) أَيْ الثِّمَارَ يَعْنِي أَتْلَفَهَا ( لَمْ يَرْجِعْ ) بِبَدَلِهَا ( وَإِنْ تَلِفَتْ رَجَعَ ) بِهِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ شَغَلَ بِمَتَاعِهِ بُقْعَةً مِنْ الْمَسْجِدِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهَا إلَخْ ) ، وَأَفْتَى الْغَزَالِيُّ وَالنَّوَوِيُّ بِأَنَّهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِهِ قَالَ فِي التَّوْشِيحِ كَذَا قَالَهُ فِي التَّتِمَّةِ وَصَحَّحَهُ أَبِي وَغَلِطَ ابْنُ رَزِينٍ فِي فَتْوَاهُ بِصَرْفِهَا فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَنْفَعَةُ الْمَسَاجِدِ وَالشَّوَارِعِ ، وَعَرَفَةَ وَالْمَقَابِرِ الْمَوْقُوفَةِ تُضْمَنُ بِالتَّفْوِيتِ دُونَ الْفَوَاتِ .

( كِتَابُ الشُّفْعَةِ ) بِإِسْكَانِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَهِيَ لُغَةً الضَّمُّ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته فَهِيَ ضَمُّ نَصِيبٍ إلَى نَصِيبٍ وَمِنْهُ شَفْعُ الْأَذَانِ ، وَشَرْعًا حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا خَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِّفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ فِي أَرْضٍ ، أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ } ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ { قُضِيَ بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ لَمْ يُقْسَمْ رَبْعَةٍ ، أَوْ حَائِطٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَإِنْ بَاعَهُ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ } وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَيْهِ وَالرَّابِعَةُ تَأْنِيثُ الرَّبْعِ وَهُوَ الْمَنْزِلُ وَالْحَائِطُ وَالْبُسْتَانُ وَمَفْهُومُ الْخَبَرِ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي الْبَيْعِ فَأَذِنَ لَهُ لَا شُفْعَةَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَلَمْ يَصِرْ إلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا تَمَسُّكًا بِبَقِيَّةِ الْأَخْبَارِ قَالَ وَالْخَبَرُ يَقْتَضِي إيجَابَ اسْتِئْذَانِ الشَّرِيكِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَمْ أَظْفَرْ بِهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَهَذَا الْخَبَرُ لَا مَحِيدَ عَنْهُ وَقَدْ صَحَّ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَاضْرِبُوا بِمَذْهَبِي عَرْضَ الْحَائِطِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ عَدَمِ الْحِلِّ فِي الْخَبَرِ عَلَى خِلَافِ الْأَوْلَى وَالْمَعْنَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ حِلًّا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ .
( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ : الْأَوَّلُ فِيمَا تَثْبُتُ بِهِ ) الشُّفْعَةُ ( وَلَهُ ) الْأَوْلَى وَلَهَا ( ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ ) وَالصِّيغَةُ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ لِلْمِلْكِ كَمَا سَيَأْتِي ( الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ فَلَا تَثْبُتُ إلَّا فِي أَرْضٍ وَتَوَابِعِهَا الْمُثَبَّتَةِ ) فِيهَا (

لِلدَّوَامِ كَالْبِنَاءِ وَتَوَابِعِهِ الدَّاخِلَةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ مِنْ الْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفِ ) وَالْمَسَامِيرِ وَالْمَفَاتِيحِ وَنَحْوِهَا ( وَحَجَرَيْ الطَّاحُونَةِ وَالْأَشْجَارِ ) فَلَا تَثْبُتُ فِي مَنْقُولٍ غَيْرِ تَابِعٍ لِمَا ذُكِرَ ، وَإِنْ بِيعَ مَعَهُ كَأَنْ بَاعَ الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ دُونَ الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ مِنْ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَدُومُ فَلَا يَدُومُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرَ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ فِي كَلَامِهِ ( وَيَأْخُذُهَا ) أَيْ الشَّفِيعُ الْأَشْجَارَ كَمَا مَرَّ ( بِثَمَرٍ حَادِثَةٍ ) بَعْدَ الْبَيْعِ ( لَمْ تُؤَبَّرْ ) عِنْدَ الْأَخْذِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَبِعَتْ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ فَتَتْبَعُهُ فِي الْأَخْذِ كَالْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ ( لَا إنْ أُبِّرَتْ ) عِنْدَهُ فَلَا يَأْخُذُهَا لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ ( وَيَأْخُذُ ) الثَّمَرَةَ ( الدَّاخِلَةَ فِي الْعَقْدِ بِالشَّرْعِ ) .
أَيْ بِغَيْرِ شَرْطٍ ( وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَخْذُ ) لَهَا ( حَتَّى أُبِّرَتْ ) لِدُخُولِهَا فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ حَقَّهُ تَعَلَّقَ بِهَا ، وَزِيَادَتَهَا بِالتَّأْبِيرِ كَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ فِي الشَّجَرَةِ .
( وَلَا يَأْخُذُ الدَّاخِلَةَ بِالشَّرْطِ ) لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ ( فَتَخْرُجُ الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ الْمَشْرُوطَةُ ) أَيْ الْمَشْرُوطُ دُخُولُهَا فِي الْبَيْعِ عَنْ الْأَرْضِ وَالنَّخِيلِ اللَّتَيْنِ يَأْخُذُهُمَا بِالشُّفْعَةِ ( بِحِصَّتِهَا ) مِنْ الثَّمَنِ ( كَالزَّرْعِ ) الْمَشْرُوطِ دُخُولُهُ فِي الْبَيْعِ ( وَالْجِزَّةِ الْأُولَى مِمَّا يَتَكَرَّرُ ) أَيْ الْجِزَّةِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي لَا تَدْخُلُ فِي مُطْلَقِ الْبَيْعِ ( وَيَبْقَى ) كُلُّ مَا لَا يَأْخُذُ مِنْ ثَمَرَةٍ وَزَرْعٍ وَجِزَّةٍ ( إلَى ) أَوَانِ ( الْجِذَاذِ فَإِنْ بَاعَ الْبِنَاءَ وَالشَّجَرَ دُونَ الْأَرْضِ ) الْمُتَخَلِّلَةِ ( وَلَوْ بِلْآسِ ) لِلْبِنَاءِ ( وَالْمُغْرَسِ ) لِلشَّجَرِ ( فَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ وَالْآسِ وَالْمُغْرَسِ لِأَنَّ الْأَرْضَ هُنَا تَابِعَةٌ وَالْمَتْبُوعُ مَنْقُولٌ .

( كِتَابُ الشُّفْعَةِ ) إنَّمَا جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الشُّفْعَةَ تِلْوَ بَابِ الْغَصْبِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْأَخْذِ قَهْرًا فَالْغَصْبُ مَأْخُوذٌ بِالْقَهْرِ عُدْوَانًا وَالشُّفْعَةُ مَأْخُوذَةٌ بِالْقَهْرِ مُبَاحًا .
( قَوْلُهُ : وَحُكِيَ ضَمُّهَا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَلِطَ مَنْ ضَمَّ الْفَاءَ .
( قَوْلُهُ : مِنْ شَفَعْت الشَّيْءَ ضَمَمْته ) وَقِيلَ : مِنْ الزِّيَادَةِ وَقِيلَ : مِنْ التَّقْوِيَةِ وَالْإِعَانَةِ لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِمَا يَأْخُذُهُ وَقِيلَ : مِنْ الشَّفَاعَةِ وَذُكِرَتْ عَقِبَ الْغَصْبِ لِأَنَّهَا تُؤْخَذُ قَهْرًا فَكَأَنَّهَا مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ تَحْرِيمِ أَخْذِ مَالِ الْغَيْرِ قَهْرًا .
( قَوْلُهُ : فِيمَا مَلَكَ بِعِوَضٍ ) أَيْ بِالْعِوَضِ الَّذِي تَمَلَّكَ بِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْمَعْنَى فِيهِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ إلَخْ ) لَا سُوءُ الْمُشَارَكَةِ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ أَظْفَرْ فِيهِ فِي كَلَامِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ) صَرَّحَ بِهِ الْفَارِقِيُّ قَالَ : لَكِنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَدَ لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ .
( قَوْلُهُ : وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَحَجَرَيْ الطَّاحُونَةِ ) وَالْأَشْجَارِ وَأُصُولِ زَرْعٍ يُجَزُّ مِرَارًا وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّجَرِ كَوْنُهُ حَيًّا وَيُقْصَدُ بِهِ الدَّوَامُ فَلَوْ كَانَ شَتْلًا يُقْصَدُ نَقْلُهُ لَمْ تَثْبُتْ فِيهِ .
( قَوْلُهُ : غَيْرِ تَابِعٍ ) خَرَجَ بِهِ الْمِفْتَاحُ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ فِيهِ تَبَعًا .
( قَوْلُهُ : وَيَأْخُذُهَا بِثَمَرَةٍ حَادِثَةٍ لَمْ تُؤَبَّرْ ) الْمُرَجَّحُ هُنَا ، وَفِي التَّفْلِيسِ تَنْزِيلُ الْحَادِثِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ مَنْزِلَةَ الْمُتَّصِلِ وَنَزَّلُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مَنْزِلَةَ الْمُنْفَصِلِ فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَارِقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ رَفْعٌ لِلْعَقْدِ وَيُنْسَبُ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ ، أَوْ تَدْلِيسٍ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَأْخُذَ الْحَادِثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّ الْآخِذَ وَهُوَ الشَّفِيعُ لَا يُنْسَبُ إلَى تَقْصِيرٍ

بَلْ الْمُقَصِّرُ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى ابْتِيَاعِ شِقْصٍ مُسْتَحَقٍّ بِالشُّفْعَةِ ، فَيَكُونُ مَا حَدَثَ لِلشَّفِيعِ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَكَذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسُ حَالُهُ حَالُ الْمُقَصِّرِينَ فَاسْتَحَقَّ بَائِعُهُ الرُّجُوعَ فِي الْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ الْحَادِثَةِ إذَا كَانَتْ عِنْدَ الْأَخْذِ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْأَخْذُ لَهَا حَتَّى أُبِّرَتْ ) بَلْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ : يَأْخُذُهَا ، وَإِنْ قُطِعَتْ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْأَرْضَ هُنَا تَابِعَةٌ وَالْمَتْبُوعَ مَنْقُولٌ ) قَالَ السُّبْكِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ عَرِيضًا فِي أَرْضٍ مَرْغُوبٍ فِيهَا وَبِنَاؤُهُ نَزْرٌ يَسِيرٌ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي هُنَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ هِيَ الْمَقْصُودَةُ قَالَ وَيُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ عَلَى الْغَالِبِ .
ا هـ .
وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ ، قَالَ السُّبْكِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ صَرَّحَ بِدُخُولِ الْأَسَاسِ وَالْمُغْرَسِ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَا مَرْئِيَّيْنِ قَبْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَرَهُمَا وَصَرَّحَ بِدُخُولِهِمَا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْأَصَحِّ قَالَ فَإِنْ قُلْت : كَلَامُهُمْ فِي الْبَيْعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَالَ : بِعْتُك الْجِدَارَ وَأَسَاسَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ ، وَإِنْ لَمْ يَرَ الْأَسَاسَ قُلْت : الْمُرَادُ بِذِكْرِ الْأَسَاسِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ الْجِدَارِ كَحَشْوِ الْجُبَّةِ أَمَّا الْأَسَاسُ الَّذِي هُوَ مَكَانُ الْبِنَاءِ فَهُوَ عَيْنٌ مُنْفَصِلَةٌ لَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى الْأَصَحِّ فَإِذَا صَرَّحَ بِهِ اُشْتُرِطَ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ .

( وَلَا ) شُفْعَةَ ( فِي عُلُوٍّ بِلَا سُفْلٍ ) ثَابِتٍ كَأَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ غُرْفَةٍ مَبْنِيَّةٍ عَلَى سَقْفٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا ؛ إذْ لَا قَرَارَ لَهُ ( وَلَوْ كَانَ السُّفْلُ مُشْتَرَكًا ) بَيْنَهُمَا ( وَالْعُلُوُّ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ ) أَيْ الْعُلُوَّ ( وَ ) بَاعَ ( نَصِيبَهُ مِنْ السُّفْلِ فَالشُّفْعَةُ ) ثَابِتَةٌ ( فِي نَصِيبِهِ ) مِنْ السُّفْلِ ( لَا فِي الْعُلُوِّ ) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهِ ( وَلَا حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِيهِ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ ( وَكَذَا لَوْ اشْتَرَكَا فِي أَرْضٍ فِيهَا شَجَرٌ لِأَحَدِهِمَا فَبَاعَهُ مَعَ نَصِيبِهِ مِنْهَا فَالشُّفْعَةُ ) ثَابِتَةٌ ( فِي الْأَرْضِ بِحِصَّتِهَا ) مِنْ الثَّمَنِ ( لَا فِي الشَّجَرِ ) لِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : وَلَا شُفْعَةَ فِي عُلُوٍّ بِلَا سُفْلٍ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ فِي الْأَرْضِ وَالتَّابِعِ حَتَّى لَوْ كَانَا مُشْتَرَكَيْنِ فِي الْعُلُوِّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثُ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَانِ وَشَرِكَتُهُمَا فِي السُّفْلِ مِنْ بِنَاءٍ وَأَرْضٍ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِكُلِّ شَرِيكٍ فِي بَيْعِ صَاحِبِهِ حَتَّى يَسْتَقِلَّ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ .
( قَوْلُهُ : إذْ لَا قَرَارَ لَهُ ) وَمَا لَا ثَبَاتَ لَهُ فِي نَفْسِهِ لَا يُفِيدُ ثَبَاتًا لِمَا هُوَ عَلَيْهِ .

( فَصْلٌ وَلَا تَثْبُتُ ) الشُّفْعَةُ ( فِيمَا لَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ ) إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ ( وَهُوَ مَا لَا تَبْقَى مَنْفَعَتُهُ الْمُعْتَادَةُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، وَإِنْ بَقِيَ غَيْرُهَا ) أَيْ غَيْرُ الْمُعْتَادَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ ( كَحَمَّامٍ لَا يَنْقَسِمُ حَمَّامَيْنِ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثِ الْمَرَافِقِ فِي الْحِصَّةِ الصَّائِرَةِ إلَى الشَّفِيعِ كَمِصْعَدٍ وَمَنُورٍ وَبَالُوعَةٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا الضَّرَرُ ، وَإِنْ كَانَ وَاقِعًا قَبْلَ الْبَيْعِ لَوْ اقْتَسَمَ الشَّرِيكَانِ لَكِنْ كَانَ مِنْ حَقِّ الرَّاغِبِ فِي الْبَيْعِ تَخْلِيصُ شَرِيكِهِ بِبَيْعِهِ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَلَّطَهُ الشَّرْعُ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ لَا فِيمَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ عَلَى الْقِسْمَةِ إذَا طَلَبَهَا شَرِيكُهُ ( وَتَثْبُتُ لِمَالِكِ عُشْرِ الدَّارِ الصَّغِيرَةِ إنْ بَاعَ مَالِكُ تِسْعَةِ الْأَعْشَارِ ) نَصِيبَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَبَ مِنْ مَالِكِ الْعُشْرِ الْقِسْمَةَ أُجْبِرَ عَلَيْهَا ( لَا عَكْسُهُ ) بِأَنْ بَاعَ مَالِكُ الْعُشْرِ نَصِيبَهُ فَلَا تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْآخَرِ لِأَمْنِهِ مِنْ الْقِسْمَةِ ؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهَا فَلَا يُجَابُ طَالِبُهَا .
( قَوْلُهُ : لِلتَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ بَيْنَ أَجْنَاسِ الْمَنَافِعِ ) عَلَّلَهُ الْجُرْجَانِيُّ بِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَاهَا فِيهِ لَمَا رَغِبَ أَحَدٌ فِي شِرَائِهِ خَوْفًا مِنْ الشَّفِيعِ وَلَا تُمْكِنُ مُقَاسَمَةُ الْمِلْكِ فِيهِ فَيُؤَدِّيَ إلَى ضَرَرِ الْبَائِعِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ .
( قَوْلُهُ : فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَثْبُتُ إلَّا فِيمَا يُجْبَرُ الشَّرِيكُ فِيهِ إلَخْ ) يَرُدُّ عَلَيْهِ قِسْمَةُ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْسُومَ فِيهَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي كَانَ يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ رَدٌّ .

( وَلَوْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ أَرْضٍ تَنْقَسِمُ وَفِيهَا بِئْرٌ لَا تَنْقَسِمُ ) وَ ( سَقَى مِنْهَا ثَبَتَتْ ) أَيْ الشُّفْعَةُ ( فِي الْأَرْضِ دُونَهَا ) أَيْ الْبِئْرِ بِخِلَافِ الشَّجَرِ الثَّابِتِ فِي الْأَرْضِ ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي مَحَلِّ الشُّفْعَةِ ، وَالْبِئْرُ مُبَايِنَةٌ عَنْهُ .
( قَوْلُهُ : دُونَهَا ) أَيْ الْبِئْرِ قَالَ شَيْخُنَا : هُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ ضَمَّ مَعَ الْمَشْفُوعِ غَيْرَهُ فَتَثْبُتُ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ .

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْآخِذُ ) بِالشُّفْعَةِ ( فَتَثْبُتُ لَلشَّرِيكِ فِي رَقَبَةِ الْعَقَارِ ) وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ( لَا لِلْجَارِ ) وَلَوْ مُلَاصِقًا لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ وَلَا لَلشَّرِيكِ فِي غَيْرِ رَقَبَةِ الْعَقَارِ كَالشَّرِيكِ فِي الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ كَأَنْ مَلَكَهَا بِوَصِيَّةٍ ( وَ ) لَكِنْ ( لَوْ قَضَى ) لِلْجَارِ ( بِهَا حَنَفِيٌّ لَمْ يُنْقَضْ ) حُكْمُهُ ( وَلَوْ ) كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا ( لِشَافِعِيٍّ ) كَنَظَائِرِهِ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ السَّابِقِ ) وَالْأَحَادِيثُ فِي الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الشَّرِيكِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ الْقَضَاءُ بِهَا لِشَافِعِيٍّ فَيَحِلُّ لَهُ بَاطِنًا ) حَتَّى لَوْ نَكَحَ شَافِعِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَمَ بِهِ حَنَفِيٌّ حَلَّ بَاطِنًا .

( وَتَثْبُتُ ) الشُّفْعَةُ ( لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ وَمُكَاتَبٍ عَلَى سَيِّدٍ ) كَعَكْسِهِمَا .

( فَرْعٌ : لَوْ بَاعَ نَصِيبًا يَنْقَسِمُ مِنْ مَمَرٍّ لَا يَنْفُذُ فَلِأَهْلِهِ الشُّفْعَةُ ) لِأَنَّهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُنْقَسِمِ وَبِخِلَافِ النَّافِذِ فِي الْغَالِبِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ غَالِبًا وَكَانَ يَنْبَغِي تَأْخِيرُ " يَنْقَسِمُ " عَنْ " مَمَرٍّ " وَتَعْبِيرُهُ بِ " نَصِيبًا " أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِنَصِيبِهِ الْمُحْتَاجِ إلَى قَوْلِ الْمُهِمَّاتِ ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَتَّصِلَ دَارُ الْبَائِعِ بِمِلْكٍ لَهُ ، أَوْ شَارِعٍ ، وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ بَاعَ دَارًا ، أَوْ اسْتَثْنَى مِنْهَا بَيْتًا وَالْأَصَحُّ فِيهَا الْبُطْلَانُ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْبَاقِي وَلِنُقْصَانِ الْمِلْكِ .

( وَلَوْ بَاعَ دَارًا ) لَهُ ( مَمَرُّهَا الْمُشْتَرَكُ يَنْقَسِمُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُمْ ) أَيْ لِلشُّرَكَاءِ ( فِي الدَّارِ ) لِانْتِفَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا ( وَكَذَا ) لَا شُفْعَةَ لَهُمْ ( فِي الْمَمَرِّ إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ ) آخَرَ ، أَوْ فَتْحُ بَابٍ لِلدَّارِ إلَى شَارِعٍ ، أَوْ مِلْكٍ لَهُ آخَرَ أَوْ نَحْوِهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْمُشْتَرِي وَالضَّرَرُ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ فَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ فَلَهُمْ الشُّفْعَةُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ .
أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى مَنْ لَهُ دَارٌ لَا مَمَرَّ لَهَا نَصِيبَ أَحَدِ شَرِيكَيْنِ فِي مَمَرٍّ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْمُشْتَرِيَ تَحْصِيلُ مَمَرٍّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِكَوْنِ الْمَمَرِّ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا ( وَلِصَحْنِ بُيُوتِ الْخَانِ وَمَجْرَى النَّهْرِ ) وَبِئْرِ الْمَزْرَعَةِ ( حُكْمُ الْمَمَرِّ ) أَيْ الشَّرِكَةُ فِي صَحْنِ الْخَانِ دُونَ بُيُوتِهِ ، وَفِي مَجْرَى الْمَاءِ دُونَ الْأَرْضِ ، وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ فِيمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : اعْلَمْ أَنَّ إفْرَادَ الْمَمَرِّ بِالْبَيْعِ يُنْقِصُ الدَّارَ فَيَكُونُ بَيْعُهُ كَبَيْعِ بَعْضٍ مُعَيَّنٍ يَنْقُصُ بِالْفَصْلِ ، وَالْقِيَاسُ عَدَمُ الصِّحَّةِ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ ، وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ الْعَبَّادِيِّ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةٍ : أَنَّ بَيْعَ الْجَرِيمِ وَحْدَهُ لَا يَصِحُّ ، وَالْمَمَرُّ مِنْ الْجَرِيمِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ هُنَاكَ ، وَحَلُّ الْإِشْكَالِ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الدَّارَ مُتَّصِلَةٌ بِالشَّارِعِ ، أَوْ بِمِلْكِ الْبَائِعِ وَإِذَا بَاعَ دَارًا لَهَا مَمَرَّاتٌ فِي دَرْبَيْنِ غَيْرِ نَافِذَيْنِ وَلَمْ يُمْكِنْ إحْدَاثُ ثَالِثٍ فَلَا يُمْكِنُ الشُّفْعَةُ فِيهِمَا وَتَرْكُ الدَّارِ بِغَيْرِ مَمَرٍّ وَهَلْ يُقْرَعُ ، أَوْ يُقَدَّمُ السَّابِقُ إلَى الطَّلَبِ ، أَوْ لَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ؟ فِيهِ نَظَرٌ ، قَالَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اُعْتُرِضَ مِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا هُنَا مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الْمَمَرِّ وَحْدَهُ مُنَزَّلٌ عَلَى صُوَرٍ : إحْدَاهَا صُورَةُ الْمُهِمَّاتِ .
الثَّانِيَةُ مُصَوَّرَةٌ فِي رَجُلَيْنِ دَارَاهُمَا مُتَقَابِلَتَانِ ، وَبَابُ إحْدَى الدَّارَيْنِ أَقْرَبُ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَبَابُ الْآخَرِ أَبْعَدُ فَأَرَادَ صَاحِبُ الْأَبْعَدِ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ الدَّرْبِ وَيَبِيعَ حَقَّهُ مِنْ الْمَمَرِّ إلَى بَابِ دَارِهِ الْأَسْفَلِ لِلَّذِي بَابُهُ أَقْرَبُ عَلَى أَنْ يَفْتَحَ الْمُشْتَرِي بَابًا يُوَازِي بَابَ الْبَائِعِ الْقَدِيمَ وَيَتْرُكَ لِلْمُشْتَرِي الْمَمَرَّ إلَيْهِ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى تَكَلُّفِ تَصْوِيرِهِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ مُتَّصِلَةً إلَى شَارِعٍ فَإِذَا بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَمَرِّ فَلِلشُّرَكَاءِ الْأَخْذُ .
الثَّالِثَةُ لَوْ كَانَ لِوَاحِدٍ ظَهْرُ دَارٍ إلَى دَرْبٍ مُنْسَدٍّ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَهُ الْحَقَّ الْمَذْكُورَ مِنْ الدَّرْبِ لِيَفْتَحَ الْبَابَ إلَيْهِ .
الرَّابِعَةُ إذَا كَانَ لَهُ دَارَانِ مُتَجَاوِرَتَانِ فِي

الدَّرْبِ فَبَاعَ حَقَّ مَمَرِّهِ مِنْ الْعُلْيَا الَّتِي أَسْفَلُ مِنْهَا وَأَرَادَ فَتْحَ بَابٍ بَيْنَ الدَّارَيْنِ مِنْ دَاخِلٍ وَسَدَّ بَابِ السُّفْلَى فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْبَيْعُ .
الْخَامِسَةُ إذَا كَانَتْ بُقْعَةُ دَارِهِ مُسْتَأْجَرَةً ، وَصُورَتُهُ أَنْ تَكُونَ أَرْضُ الدَّارِ كُلُّهَا مُحْتَكَرَةً ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ أَهْلُ الدَّرْبِ أَرَاضِيَ دُورِهِمْ وَيَشْتَرِيَ هُوَ مَعَهُمْ الْمَمَرَّ وَلَا يَشْتَرِيَ عَرْصَةَ دَارِهِ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَنْقَضِي مُدَّةُ إجَارَةِ عَرْصَةِ الدَّارِ وَيَخْتَارُ نَقْلَ آلَاتِهِ فَهَذَا قَدْ تَصَوَّرَ مِلْكَ الْمَمَرِّ خَاصَّةً فَإِذَا بَاعَهُ أَخَذَهُ الشُّرَكَاءُ .
الثَّانِي : قَوْلُهُ : وَاسْتَثْنَى لِنَفْسِهِ بَيْتًا لَا بُدَّ أَنْ يُزَادَ فِيهِ بِلَا حَرِيمٍ ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِ ذِرَاعٍ مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِالْقَطْعِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي بِئْرِ الْمَزْرَعَةِ دُونَ الْمَزْرَعَةِ كَالشَّرِكَةِ فِي الْمَمَرِّ ) قَالَ السُّبْكِيُّ : وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ مُنْفَصِلَةً عَنْ الْمَزْرَعَةِ فَلَوْ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِهَا وَالْأَرْضُ وَاحِدَةً - بَعْضُهَا مَزْرَعَةٌ وَبَعْضُهَا فِيهِ بِئْرٌ - فَالشُّفْعَةُ تَثْبُتُ فِي جَمِيعِ الْأَرْضِ أَصَالَةً وَفِي مَاءِ الْبِئْرِ تَبَعًا ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْقَسِمُ ؛ لِأَنَّهَا فِي مَحَلِّ الشُّفْعَةِ ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ الْمَزْرَعَةُ تَنْقَسِمُ وَيَجِيءُ مِنْهَا مَزْرَعَتَانِ ، وَقَوْلُهُ : " قَالَ السُّبْكِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا كَانَتْ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( تَرَافَعَ ) إلَيْنَا ( ذِمِّيَّانِ بَعْدَ أَخْذِ الشُّفْعَةِ - وَالثَّمَنُ خَمْرٌ ، أَوْ خِنْزِيرٌ - لَمْ نَنْقُضْهَا ، أَوْ قَبْلَهُ لَمْ نُثْبِتْهَا ) وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا لَا نُثْبِتُهَا مُطْلَقًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَصْدَقَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيَّةً مُسَلَّمًا ، ثُمَّ تَرَافَعَا إلَيْنَا .
( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُسَلَّمًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ ارْتَدَّ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ لَمْ تَبْطُلْ ) لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ ( وَوُقِفَتْ ) شُفْعَتُهُ ( فَإِنْ ) عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ أُخِذَ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ الْإِمَامِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ، وَإِنْ ( مَاتَ ) قَبْلَ عَوْدِهِ إلَيْهِ ( شَفَعَ الْإِمَامُ ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ ( وَيَرُدُّ بِعَيْبٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( إنْ كَانَ ) فَلَوْ اشْتَرَى مُسْلِمٌ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ مَعِيبًا ، أَوْ بِشَرْطِ الْخِيَارِ ، ثُمَّ ارْتَدَّ وَمَاتَ قَبْلَ عَوْدِهِ إلَى الْإِسْلَامِ كَانَ لِلْإِمَامِ رَدُّهُ وَهَذَا جَعَلَهُ الْأَصْلُ نَظِيرًا لِمَا قَبْلَهُ فَقَالَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا إلَى آخِرِهِ ( وَإِنْ ارْتَدَّ الْمُشْتَرِي فَالشَّفِيعُ عَلَى شُفْعَتِهِ ) .
( فَرْعٌ ) لَوْ كَانَ ( لِلْمَسْجِدِ شِقْصٌ ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ( مَمْلُوكٌ لَهُ بِشِرَاءٍ ، أَوْ هِبَةٍ لِيُصْرَفَ فِي عِمَارَتِهِ ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ ) نَصِيبَهُ ( فَلِلْمُقِيمِ أَنْ يَشْفَعَ ) أَيْ يَأْخُذَهُ بِالشُّفْعَةِ ( إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً ) كَمَا لَوْ كَانَ لِبَيْتِ الْمَالِ شَرِيكٌ فِي أَرْضٍ فَبَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَلِلْإِمَامِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً .

( وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ ) مِنْ أَرْضٍ مُشْتَرَكَةٍ ( مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ ) إذَا بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ وَلَا لِشَرِيكِهِ إذَا بَاعَ شَرِيكٌ آخَرُ نَصِيبَهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ وَلِانْتِفَاءِ مِلْكِ الْأَوَّلِ عَنْ الرَّقَبَةِ نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِ الثَّانِي .
( قَوْلُهُ : وَلَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ شِقْصٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ ) لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا تُسْتَحَقُّ بِهِ الشُّفْعَةُ .
( قَوْلُهُ : لِامْتِنَاعِ قِسْمَةِ الْوَقْفِ عَنْ الْمِلْكِ ) إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ بَيْعًا ( قَوْلُهُ : نَعَمْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَالنَّوَوِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَقَوْلُهُ : مِنْ جَوَازِ قِسْمَتِهِ عَنْهُ أَيْ إذَا كَانَتْ إفْرَازًا

( فَرْعٌ لِمَأْذُونٍ ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ ( لَمْ يَمْنَعْهُ السَّيِّدُ ) مِنْ أَخْذِ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُسْقِطْ حَقَّهُ مِنْهَا ( أَخْذُ الشُّفْعَةِ ) فِيمَا إذَا مَلَكَ شِقْصًا مِنْ أَرْضٍ ، ثُمَّ بَاعَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ ( وَكَذَا لِسَيِّدِهِ ) أَخْذُ الشُّفْعَةِ فِي ذَلِكَ ( وَلَهُ ) أَيْ لِسَيِّدِهِ ( مَنْعُهُ ) مِنْ الْأَخْذِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَهُ الْإِسْقَاطُ ( وَإِنْ أَحَاطَتْ بِهِ الدُّيُونُ وَ ) كَانَ ( فِيهِ ) أَيْ الْأَخْذِ ( غِبْطَةٌ ) كَمَا لَهُ مَنْعُهُ مِنْ سَائِرِ الِاعْتِيَاضَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا ) عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ ( لَازِمًا بِعِوَضٍ فَلَا شُفْعَةَ ) لِأَحَدِ مُشْتَرِيَيْنِ عَلَى الْآخَرِ ( إنْ اشْتَرَيَا ) عَقَارًا ، أَوْ شِقْصًا مِنْهُ ( مَعًا ) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ ( وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) فِي الْبَيْعِ ( إلَّا إذَا شُرِطَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَطْ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ ) الشَّفِيعُ فِي الْحَالِ ( لِأَنَّ الْمِلْكَ ) فِيهِ ( لَهُ ) حِينَئِذٍ وَالشَّفِيعُ مُتَسَلِّطٌ عَلَيْهِ بَعْدَ اللُّزُومِ فَقَبْلَهُ أَوْلَى بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الصَّادِقِ بِكَوْنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَلِلْبَائِعِ فَقَطْ فَلَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ الْخِيَارُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ الْبَائِعِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " شُرِطَ " بَ كَانَ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ خِيَارَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا وَيُتَصَوَّرَ انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِهِ بِإِسْقَاطِ الْآخَرِ خِيَارَ نَفْسِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ لَازِمًا لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ .
الْمُشْتَرِي وَعَدَمِ ثُبُوتِهَا فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْبَائِعِ ، أَوْ خِيَارِهِمَا لِعَدَمِ الْمِلْكِ الطَّارِئِ لَا لِعَدَمِ اللُّزُومِ .
( فَإِنْ بَاعَ الشَّرِيكُ الثَّانِي نَصِيبَهُ بَتًّا ) أَيْ بَيْعَ بَتٍّ ( قَبْلَ انْقِضَائِهَا ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ الثَّابِتِ لَهُمَا أَوْ لِلْبَائِعِ فَقَطْ فِي بَيْعِ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ نَصِيبَهُ ( لَمْ يَبْقَ ) لِلثَّانِي وَلَا لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ ( عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ شُفْعَةٌ ) وَإِنْ طَرَأَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ مِلْكُ الْأَوَّلِ ( لِزَوَالِ مِلْكِ الْبَائِعِ الثَّانِي ) فِي الْأُولَى وَتَقَدُّمِ سَبَبِ الشُّفْعَةِ وَهُوَ الْبَيْعُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فِي الثَّانِيَةِ ( وَتَثْبُتُ ) الشُّفْعَةُ ( فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ ) فِي الْأَوَّلِ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ فَقَطْ وَمِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ كَذَلِكَ ( فَإِنْ وُقِفَ ) الْمِلْكُ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا ( فَالشُّفْعَةُ مَوْقُوفَةٌ ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ

بِزَوَالِ الْمِلْكِ ( فَلَوْ أَخَذَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي بِالشُّفْعَةِ ( مَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْهُمَا ) فِي الْأَوَّلِ ( ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ ) الْأَوَّلَ ( لَمْ تَنْفَسِخْ شُفْعَتُهُ ) كَمَا يُحْكَمُ بِأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَادِثَةَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِلْكٌ لِمَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ .

( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِلْكُهُ طَارِئًا عَلَى مِلْكِ الْآخِذِ ) فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي .
( قَوْلُهُ : لِاسْتِوَائِهِمَا فِي وَقْتِ حُصُولِ الْمِلْكِ ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِأَحَدِهِمَا بِغَيْرِ شَرْطِ الْخِيَارِ وَلِلْآخَرِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَلَا بَيْنَ أَنْ يَسْبِقَ اللُّزُومُ لِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا ؛ لِأَنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ هُوَ الْبَيْعُ وَهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِيهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ فِي الْمَبِيعِ ) شَمِلَ مَا إذَا شَرَطَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا ، أَوْ عَنْهُمَا وَشَمِلَ الْخِيَارُ خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ قَوْلُهُ : وَيَثْبُتُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي لِمَنْ لَهُ الْمِلْكُ فِي الْأَوَّلِ إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ تَأَخُّرُ الْمُعَاوَضَةِ لَا تَأَخُّرُ الْمِلْكِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ أَخَذَهُ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِالْمِلْكِ مِنْهُمَا ثُمَّ فَسَخَ الْعَقْدَ لَمْ تَنْفَسِخْ شُفْعَتُهُ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مَقْصُودُ الرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إذَا أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ، ثُمَّ رَدَّ مَا كَانَ اشْتَرَاهُ - وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ - بَقِيَ حَقُّهُ فِي الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ وَلَا يَرْتَدُّ الْمَشْفُوعُ بِرَدِّ الشِّقْصِ الَّذِي اشْتَرَاهُ وَصَارَ بِهِ شَرِيكًا فَإِنَّهُ حَالَةَ الْأَخْذِ كَانَ شَرِيكًا فَإِذَا أَخَذَ اجْتَمَعَ فِي مِلْكِهِ الشِّقْصَانِ فَإِذَا رَدَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَرْتَدَّ الْآخَرُ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الشِّقْصَ الَّذِي صَارَ بِهِ شَرِيكًا وَأُخِذَ مِنْهُ قَدْ ارْتَدَّ وَنَظِيرُهُ مَا إذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا وَاطْمَأَنَّ مَعَهُ يُدْرِكُ الرَّكْعَةَ وَإِنْ نَوَى الْمُفَارَقَةَ فِي الرُّكُوعِ .

( فَصْلٌ : لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ ) أَيْ مَنْعُ مَنْ لَهُ فَسْخُ الْعَقْدِ ( مِنْ الْفَسْخِ ) لَهُ ( بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِهِ ) أَيْ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ لِأَنَّ حَقَّهُ سَابِقٌ لِثُبُوتِهِ بِالْبَيْعِ وَلِأَنَّ غَرَضَ الْعَاقِدِ اسْتِدْرَاكُ الظُّلَامَةِ وَتَحْصِيلُ الْعِوَضِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِأَخْذِ الشَّفِيعِ وَلِأَنَّ فِي تَقْدِيمِ الْعَاقِدِ عَلَيْهِ إبْطَالًا لِحَقِّهِ بِالْكُلِّيَّةِ فَقُدِّمَ ( وَ ) لَهُ الْمَنْعُ ( مِنْ الْإِقَالَةِ ) لِذَلِكَ ( وَلَهُ الْأَخْذُ ) بِالشُّفْعَةِ ( وَلَوْ فَسَخَ ) الْعَقْدَ قَبْلَهُ بِإِقَالَةٍ ، أَوْ عَيْبٍ أَوْ إفْلَاسٍ لِذَلِكَ وَيُفْسَخُ الرَّدُّ ، أَوْ نَقُولُ : تَبَيَّنَّا أَنَّ الرَّدَّ كَانَ بَاطِلًا قَالَهُ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهَذَا التَّرْدِيدُ وَجْهَانِ صَرَّحَ بِهِمَا الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ، وَفَائِدَتُهُمَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ فِي الْفَوَائِدِ مِنْ الرَّدِّ إلَى الْأَخْذِ انْتَهَى .
وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ تَبَعًا لِشُرَّاحِ الْحَاوِي ( لَا إنْ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( بِتَلَفِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ قَبْضِهِ ) فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ فِي الْفَسْخِ وَالِانْفِسَاخُ كَالْفَسْخِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : لِلشَّفِيعِ الْمَنْعُ مِنْ الْفَسْخِ بِعَيْبِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ إلَخْ ) شَمِلَ مَا إذَا بَاعَ شِقْصًا بِثَوْبٍ ، ثُمَّ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا وَأَرَادَ رَدَّهُ وَاسْتِرْدَادَ الشِّقْصِ ( قَوْلُهُ : أَوْ إفْلَاسٍ ) ، أَوْ انْفَسَخَ بِتَلَفِ الثَّمَنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْبَائِعُ .
( قَوْلُهُ : وَيُفْسَخُ الرَّدُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا التَّرْدِيدُ إلَخْ ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ قَوْلَهُ " وَهَذَا التَّرْدِيدُ " خَطَأٌ وَصَوَابُهُ التَّرَدُّدُ بِغَيْرِ يَاءٍ ( قَوْلُهُ : وَعَلَى الْأَوَّلِ مَشَيْت فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ إلَخْ ) وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ .
( قَوْلُهُ : فَلَا يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ ) وَهَذَا مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَنَقَلَهُ بَعْدُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ ، وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ : وَلَوْ اسْتَحَقَّ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَطَلَ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ ، وَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ تَلِفَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلَا وَأُبْدِلَ ( قَوْلُهُ : : وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَأْخُذُ بِهَا لِمَا مَرَّ إلَخْ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَلِهَذَا قَالَ فِي التَّهْذِيبِ : إنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْوَجْهَانِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ وَقَبَضَ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ ، ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِي الْعَبْدِ دُونَ الثَّوْبِ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ مُشْتَرِيهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَا يَبْطُلُ بِالتَّلَفِ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ

( وَالشَّفِيعُ أَوْلَى بِالشِّقْصِ ) الْمَشْفُوعِ ( مِنْ مُصَدَّقٍ ) لَهُ زَوْجَتُهُ حَيْثُ ( يَرْجِعُ ) فِيهِ أَوْ فِي نِصْفِهِ ( لِفُرْقَةٍ ) بِرِدَّةٍ ، أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ لِسَبْقِ حَقِّ الشَّفِيعِ ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ بِالْعَقْدِ ، وَالزَّوْجُ إنَّمَا يَثْبُتُ حَقُّهُ بِالْفُرْقَةِ وَلِأَنَّ حَقَّهُ أَقْوَى مِنْ حَقِّ الزَّوْجِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُبْطِلُ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ وَالزَّوْجُ لَا يُبْطِلُ تَصَرُّفَ الزَّوْجَةِ ( وَلَوْ كَانَتْ ) أَيْ الشُّفْعَةُ ( لِشَفِيعَيْنِ فَالشِّقْصُ ) مُشْتَرَكٌ ( بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ تَخَلَّلَ الطَّلَاقُ بَيْنَ أَخْذَيْهِمَا فِي النِّصْفِ ) الْمَشْفُوعِ إنْ وَقَعَتْ الْمُعَاوَضَةُ فِي النِّصْفِ بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا نِصْفَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَخْذِ الْآخَرِ فَلِلشَّفِيعِ الْآخَرِ النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الزَّوْجِ لِسَبْقِ حَقِّهِ ، وَقَوْلُهُ " فِي النِّصْفِ " مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذَيْهِمَا ، وَ " فِي " بِمَعْنَى " اللَّامِ " وَلَوْ تَرَكَ ذَلِكَ كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ .

( وَ ) الشَّفِيعُ أَوْلَى بِالشِّقْصِ ( مِنْ بَائِعٍ ) حَيْثُ ( يَرْجِعُ ) فِيهِ ( لِفَلَسٍ ) حَصَلَ لِلْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ لِذَلِكَ ( وَلَا يُخَصُّ ) حِينَئِذٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَا يَخْتَصُّ ( الْبَائِعُ دُونَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ ) بَلْ يُضَارِبُ مَعَهُمْ بِهِ ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ لَمَّا انْتَقَلَ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ الْتَحَقَ بِسَائِرِ الْغُرَمَاءِ .

( وَلَا شُفْعَةَ فِي مَمْلُوكٍ بِلَا عِوَضٍ كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ ) بِلَا ثَوَابٍ ، وَالْوَصِيَّةِ ؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِمَا أَخَذَ بِهِ الْمُتَمَلِّكُ وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْوَارِثَ مَقْهُورٌ فَلَمْ يَضُرَّ .
الشَّرِيكَ وَلِأَنَّ الْمُتَّهِبَ وَالْمُوصَى لَهُ تَقَلَّدَ الْمِنَّةَ مِنْ الْوَاهِبِ وَالْمُوصِي بِقَبُولِهِمَا تَبَرُّعَهُمَا فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ لَأَخَذَ عَنْ اسْتِحْقَاقٍ وَتَسَلُّطٍ فَلَا يَكُونُ مُتَقَلِّدًا لِلْمِنَّةِ ( فَلَوْ اقْتَضَتْ ) أَيْ الْهِبَةُ ( ثَوَابًا ) بِأَنْ ذَكَرَ الْعَاقِدَانِ ثَوَابًا مَعْلُومًا ( ثَبَتَتْ ) أَيْ الشُّفْعَةُ ( وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمَوْهُوبُ ) لِأَنَّهُ صَارَ بَيْعًا .

( وَتَثْبُتُ ) الشُّفْعَةُ ( إنْ جَعَلَ الشِّقْصَ أُجْرَةً وَكَذَا جُعْلًا بَعْدَ الْعَمَلِ ) لِأَنَّهُ مِلْكٌ بِمُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْجُعْلِ قَبْلَ الْعَمَلِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يُمَلِّكْ .

( وَلَوْ أَقْرَضَهُ الشِّقْصَ ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ قَرْضِهِ ( ثَبَتَتْ فِيهِ الشُّفْعَةُ ) إذَا مَلَكَهُ الْمُقْتَرِضُ كَمَا سَيَأْتِي بِزِيَادَةٍ ( وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ) أَوْ مُتْعَةً ، أَوْ عِوَضَ خُلْعٍ ( أَوْ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ كِتَابَةٍ ) وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْهُ لِذَلِكَ ( فَإِنْ عَوَّضَهُ ) أَيْ الْمُكَاتَبُ الشِّقْصَ ( عَنْ بَعْضِهَا ) أَيْ النُّجُومِ ( ثُمَّ عَجَزَ وَرَقَّ لَمْ تَبْقَ شُفْعَةٌ لِخُرُوجِهِ ) آخِرًا ( عَنْ الْعِوَضِ ) .
( قَوْلُهُ : وَقُلْنَا بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا وَقَعَ هُنَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَرْجُوحِ ا هـ .
قَالَ فِي الْمَيْدَانِ : الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ الْجَوَازُ وَيَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الصَّحِيحَ جَوَازُ الْحَوَالَةِ بِهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ مَبِيعٌ ، وَالنُّجُومَ ثَمَنٌ ، وَالثَّمَنُ يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّجُومِ إذَا بَاعَهَا مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ فِيهَا مَعْنَيَيْنِ غَيْرَ عَدَمِ الِاسْتِقْرَارِ : أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بَيْعُ دَيْنٍ مِنْ غَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَكُونُ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ مَا اشْتَرَاهُ ، أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَهَذَانِ الْمَعْنَيَانِ مُنْفَرِدَانِ فِي الِاعْتِيَاضِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ بِالِاعْتِيَاضِ يَعْتِقُ وَيَسْتَقِرُّ الْأَمْرُ فَلَا غُرُورَ وَهَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةُ فِي بَيْعِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ أَشَارَ إلَيْهَا الشَّافِعِيُّ وَذَكَرَهَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَخَرَجَ عَنْهُ الِاعْتِيَاضُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ الِاسْتِقْرَارِ

( فَرْعٌ لَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ إنْ خَدَمْتِ أَوْلَادِي شَهْرًا ) مَثَلًا بِقَيْدٍ صَرَّحَ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( بَعْدَ مَوْتِي فَلَكِ هَذَا الشِّقْصُ فَخَدَمَتْهُمْ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ ) مُعْتَبَرَةٌ مِنْ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا ، وَذِكْرُ الْخِدْمَةِ شَرْطٌ لَا عِوَضٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَتَثْبُتُ فِي شِقْصٍ أَوْصَى بِهِ لِمَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِنْ شَارَكَ التَّطَوُّعُ صُورَةَ الْمُسْتَوْلَدَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ لَكِنَّ الْمُقَابَلَةَ هُنَا ظَاهِرَةٌ قُلْتُهُ تَخْرِيجًا انْتَهَى .
وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ ؛ لِأَنَّ الْخِدْمَةَ لَمْ تَقَعْ لِلْمُوصِي بَلْ لِأَوْلَادِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ أَوْ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى التَّعْلِيقِ وَفِي هَذِهِ إلَى عَدَمِهِ فَعَلَيْهِ لَوْ تَرَكَ التَّعْلِيقَ فِي تِلْكَ وَأَتَى بِهِ فِي هَذِهِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ : وَخُصَّتْ أُمُّ الْوَلَدِ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحْرَمٌ لِأَوْلَادِهِ فَجَازَ لَهَا الدُّخُولُ عَلَيْهِمْ وَمُبَاشَرَةُ خِدْمَتِهِمْ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ : لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا .
قَوْلُهُ : وَكَأَنَّهُ نَظَرَ فِي تِلْكَ إلَى أَنَّهُ لَا مُعَاوَضَةَ فِي الْحَقِيقَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَقَالَ الْفَارِقِيُّ : لَا فَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ : وَلَوْ قَالَ لِمُسْتَوْلَدَتِهِ ، أَوْ غَيْرِهَا إنْ خَدَمْتِ ، أَوْ تَعَهَّدْتِ أَوْلَادِي بَعْدَ مَوْتِي مُدَّةَ كَذَا فَلَكِ الشِّقْصُ الْفُلَانِيُّ فَخَدَمَتْ مَلَكَتْ وَلَا شُفْعَةَ .
ا هـ .
وَعَبَّرَ الْقَمُولِيُّ فِي جَوَاهِرِهِ بِذَلِكَ .

( فَصْلٌ : لِقَيِّمٍ ) لِطِفْلَيْنِ شَرِيكَيْنِ فِي عَقَارٍ ( بَاعَ شِقْصَ أَحَدِ الطِّفْلَيْنِ الشُّفْعَةُ ) أَيْ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا ( لِلْآخَرِ ) لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ وَالْآخَرَ إلَى الْأَخْذِ ( لَا لِنَفْسِهِ ) إنْ كَانَ شَرِيكًا لِمَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَنْهُ لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ لِيَعُودَ النَّفْعُ إلَيْهِ وَلِهَذَا لَا يَبِيعُهُ مَالَ نَفْسِهِ ( إلَّا إنْ اشْتَرَى ) مِنْ شَرِيكِهِ شِقْصًا مِنْ عَقَارٍ ( لِلطِّفْلِ أَوْ كَانَ ) الْبَائِعُ ، أَوْ الْمُشْتَرِي لَهُ ( أَبًا ، أَوْ جَدًّا ) فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ ؛ إذْ لَا تُهْمَةَ لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْأُولَى وَلِقُوَّةِ الْوِلَايَةِ وَالشُّفْعَةِ فِي الثَّانِيَةِ وَكَالْقَيِّمِ فِيمَا ذُكِرَ الْوَصِيُّ وَالْحَاكِمُ وَكَالطِّفْلِ الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ .
( قَوْلُهُ : لِلتُّهْمَةِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ إلَخْ ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ أَوْ بِغِبْطَةٍ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِزَوَالِ الْعِلَّةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَيَانِ فَقَالَ فَإِنْ رَفَعَ الْوَصِيُّ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ مَنْ قَدَّرَ ثَمَنَ الشِّقْصِ فَبَاعَ بِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيُّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَجْهًا وَاحِدًا لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ ، .
ا هـ .
وَكَذَا قَالَ الشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ إنْ رُفِعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاكِمِ فَبَاعَهُ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ مَا سَبَقَ فِي الْوَكَالَةِ فِي بَيْعِ مَالِهِ مِنْ نَفْسِهِ .

( فَرْعٌ : الْوَكِيلُ وَلَوْ فِي الْبَيْعِ يَشْفَعُ ) أَيْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ( لِنَفْسِهِ ) فَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ صَاحِبَهُ فِي بَيْعِ نَصِيبِهِ فَبَاعَهُ أَوْ وَكَّلَ رَجُلٌ أَحَدَهُمَا فِي شِرَاءِ الشِّقْصِ فَلِلْوَكِيلِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّ الْمُوَكِّلَ نَاظِرٌ لِنَفْسِهِ ، يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ إنْ قَصَّرَ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِعَجْزِهِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَظَاهِرٌ .

( وَإِنْ وَكَّلَ ) شَرِيكٌ ( شَرِيكَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ فَبَاعَ ) الْوَكِيلُ ( نِصْفَ الْمُشْتَرَكِ ) أَيْ نِصْفَ نَصِيبِ كُلٍّ مِنْهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً ( بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْمُوَكِّلِ لَهُ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ مَعَ نِصْفِ نَصِيبِ الْمُوَكِّلِ إنْ شَاءَ ( شَفَعَ الْمُوَكِّلُ ) أَيْ أَخَذَ نَصِيبَ الْوَكِيلِ بِالشُّفْعَةِ ( وَكَذَا الْوَكِيلُ ) أَيْ يَأْخُذُ نَصِيبَ الْمُوَكِّلِ بِهَا وَمَا ذَكَرَ مِنْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً هُوَ مَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَا حَاجَةَ إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَبَرَ إذْنَهُ فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ بَيْعِ النِّصْفَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً رُدَّ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَنْقُولِ .
( قَوْلُهُ : وَكَذَا الْوَكِيلُ ) تَرْجِيحُ أَخْذِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا حَاجَةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَقَوْلُهُ : إلَى اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَيْ اعْتِبَارِ الْإِذْنِ وَبَيْعِ النِّصْفَيْنِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ ) الشُّرَكَاءِ فِي عَقَارٍ ( نَصِيبَهُ مِنْ الثَّانِي اشْتَرَكَ الْمُشْتَرِي وَالثَّالِثُ فِي الشُّفْعَةِ ) أَيْ فِي الْأَخْذِ بِهَا لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الشَّرِكَةِ فَإِنْ شَاءَ الثَّالِثُ أَخَذَ نِصْفَ الشِّقْصِ ، أَوْ تَرَكَهُ ( فَلَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي : خُذْ الْكُلَّ ) أَوْ اُتْرُكْهُ ( وَقَدْ أَسْقَطْت حَقِّي لَك لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَلَمْ يَسْقُطْ حَقُّ الْمُشْتَرِي ) مِنْ الشُّفْعَةِ ؛ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَقَرَّ عَلَى النِّصْفِ بِالشِّرَاءِ فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلشِّقْصِ شَفِيعَانِ حَاضِرٌ وَغَائِبٌ فَأَخَذَ الْحَاضِرُ الْكُلَّ فَحَضَرَ الْغَائِبُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ وَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَقُولَ : اُتْرُكْ الْكُلَّ أَوْ خُذْهُ فَقَدْ تَرَكْت حَقِّي وَلَا نَظَرَ إلَى تَشْقِيصِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِدُخُولِهِ فِي هَذَا الْعَقْدِ .

( وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ نَصِيبِهِ لِثَالِثٍ ، ثُمَّ بَاعَ مِنْهُ النِّصْفَ الْآخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ) أَيْ النِّصْفَ الْآخَرَ ( مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ ) فِي الْبَابِ الثَّانِي .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( بَاعَ الْمَرِيضُ شِقْصًا لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ يُسَاوِي أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ ، وَالْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ أَجْنَبِيَّانِ .
وَرَدُّ الْوَارِثِ ) الْبَيْعَ بَطَلَ فِي بَعْضِ الشِّقْصِ وَصَحَّ فِي بَعْضِهِ وَهُوَ مَجْهُولٌ ؛ إذْ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَبِيعِ إلَّا وَيَسْقُطُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ فَتَدُورُ الْمَسْأَلَةُ وَحِسَابُهَا أَنْ يُقَالَ : يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي شَيْءٍ مِنْ الشِّقْصِ بِنِصْفِ شَيْءٍ يَبْقَى مَعَ الْوَرَثَةِ أَلْفَانِ إلَّا نِصْفَ شَيْءٍ وَذَلِكَ يَعْدِلُ مِثْلَيْ الْمُحَابَاةِ وَهِيَ نِصْفُ شَيْءٍ ، فَمِثْلَاهَا شَيْءٌ فَتُجْبَرُ وَتُقَابَلُ فَتَعْدِلُ أَلْفَانِ شَيْئًا وَنِصْفًا ، وَالشَّيْءُ مِنْ شَيْءٍ وَنِصْفٍ ثُلُثَاهُ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْبَيْعَ ( صَحَّ فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ ) فَقَطْ ( وَقِيمَتُهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ ( أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ وَهُوَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ ( نِصْفُ هَذَا ) الْمَبْلَغِ فَتَكُونُ الْمُحَابَاةُ سِتَّمِائَةٍ وَسِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ ( فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ ثُلُثُ الشِّقْصِ وَثُلُثَا الثَّمَنِ ) وَهُمَا أَلْفٌ وَثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ ( وَذَلِكَ ضِعْفُ الْمُحَابَاةِ فَيَأْخُذُهُ ) أَيْ مَا صَحَّ فِيهِ الْبَيْعُ وَهُوَ ثُلُثَا الشِّقْصِ ( الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ثُلُثَيْ الثَّمَنِ أَمَّا إذَا مَلَّكَ غَيْرَهُ وَاحْتَمَلَ الثُّلُثُ الْمُحَابَاةَ ، أَوْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْبَيْعَ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِكُلِّ الثَّمَنِ .

( وَلَوْ كَانَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعُ ( وَارِثَيْنِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَارِثًا ) دُونَ الشَّفِيعِ ( فَيَبْطُلُ الْبَيْعُ ) فِي الْجَمِيعِ لِكَوْنِهِ مُحَابَاةً مَعَ الْوَارِثِ وَهِيَ مَرْدُودَةٌ ( وَلَا شُفْعَةَ ) لِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْوَارِثِ إنَّمَا تَبْطُلُ مَعَ الرَّدِّ دُونَ الْإِجَازَةِ فَمِنْ ثَمَّ قَالَ كَأَصْلِهِ : ( وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ ) كَمَا فِي الضَّرْبِ السَّابِقِ .

( وَإِنْ كَانَ الشَّفِيعُ وَارِثًا دُونَ الْمُشْتَرِي صَحَّ الْبَيْعُ ) فِي ثُلُثَيْ الشِّقْصِ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ ( وَأَخَذَ ) هُمَا ( الْوَارِثُ بِالشُّفْعَةِ ) لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ مَعَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ ، وَالشَّفِيعُ يَتَمَلَّكُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا مُحَابَاةَ مَعَهُ مِنْ الْمَرِيضِ وَلَوْ ذَكَرَ هَذَا مَعَ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ الْأَصْلُ بِالذِّكْرِ لِبَيَانِ الْخِلَافِ فِيهِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ زَعَمَ كُلٌّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ ) فِي دَارٍ اشْتَرَيَاهَا بِعَقْدَيْنِ ( أَنَّ شِرَاءَهُ سَابِقٌ ) وَأَنَّهُ ( يَسْتَحِقُّ بِهِ الشُّفْعَةَ عَلَى الْآخَرِ وَادَّعَى أَحَدُهُمَا ) ذَلِكَ ابْتِدَاءً أَوْ بِالْقُرْعَةِ بَعْدَ مَجِيئِهِمَا مَعًا وَتَنَازُعِهِمَا فِي الِابْتِدَاءِ ( حَلَفَ النَّافِي كَمَا أَجَابَ مَنْ نَفَى السَّبْقَ ) لِشِرَاءِ الْمُدَّعِي ( أَوْ ) نَفَى ( الِاسْتِحْقَاقَ ) أَيْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ فَلَا يَكْفِيهِ فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ : شِرَائِي سَابِقٌ ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ دَعْوَى بَلْ إمَّا أَنْ يَنْفِيَ سَبْقَ شِرَاءِ الْمُدَّعِي ، أَوْ اسْتِحْقَاقَهُ لِلشُّفْعَةِ أَوْ يَقُولَ : لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ ( وَلَا يَكْفِي الْمُدَّعِيَ أَنْ يَقُولَ : شِرَائِي سَابِقٌ بَلْ يَزِيدَ ) عَلَيْهِ ( وَأَنَا أَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ لَهَا مَانِعٌ ( وَفِي الْجَوَابِ يَكْفِيهِ ) أَيْ الْمُجِيبَ أَنْ يَقُولَ ( لَا يَلْزَمُنِي لَك شَيْءٌ ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ شِرَائِي سَابِقٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَكْفِي إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ حَلَفَ ) الْمُجِيبُ كَمَا أَجَابَ ( اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ ، ثُمَّ يَدَّعِي عَلَى الْأَوَّلِ ) بِمَا ذَكَرَ ( فَإِنْ حَلَفَ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ أَيْضًا ) فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ( وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمَا ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَحَلَفَ الْآخَرُ قَضَى ) لَهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى النَّاكِلِ فَلَوْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوَّلًا فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَخَذَ مَا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلنَّاكِلِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ مِلْكٌ يَأْخُذُ بِهِ ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ وَلِخَصْمِهِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ ( وَإِذَا أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً ) بِسَبْقِهِ ( تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا فَإِنْ عَيَّنَا ) أَيْ الْمُدَّعِيَانِ مَعَ الْبَيِّنَتَيْنِ ( وَقْتًا وَاحِدًا حُكِمَ بِأَنْ لَا سَبْقَ ) لِاحْتِمَالِ وُقُوعِ الْعَقْدَيْنِ مَعًا فَلَا شُفْعَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ ( وَالنَّظَرِ ) فِيهَا ( فِي أَطْرَافٍ ) ثَلَاثَةٍ : ( الْأَوَّلُ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ ) لِلشَّفِيعِ ( فَيُشْتَرَطُ ) فِي حُصُولِهِ لَهُ ( بَعْدَ الرُّؤْيَةِ ) مِنْهُ لِلشِّقْصِ ( وَالْعِلْمِ ) مِنْهُ ( بِالثَّمَنِ ) كَمَا فِي الْبَيْعِ ( أَنْ يَقُولَ : تَمَلَّكْت بِالشُّفْعَةِ ، أَوْ أَخَذْت بِهَا وَنَحْوَهُ ) كَ اخْتَرْتُ الْأَخْذَ بِهَا وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمُوَاطَأَةِ ( وَيَجِبُ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( تَمْكِينُهُ مِنْ الرُّؤْيَةِ ) بِأَنْ لَا يَمْنَعَهُ مِنْهَا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَسَبَبُهُ أَنَّهُ قَهْرِيٌّ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الشِّرَاءِ بِالْوَكَالَةِ ، وَفِي الْأَخْذِ مِنْ الْوَارِثِ ( وَلَا يَكْفِي ) فِي حُصُولِ الْمِلْكِ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَقُولَ ( أَنَا مُطَالِبٌ ) بِالشُّفْعَةِ إذْ الْمِلْكُ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الرَّغْبَةِ فِيهِ ( وَلَا يَمْلِكُهُ ) بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ بَلْ ( حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ ) عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَذَلَهُ لِلْبَائِعِ ( قَبْضًا كَقَبْضِ الْمَبِيعِ ) حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسَلُّمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا .
الشَّفِيعُ أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ التَّسْلِيمَ ، أَوْ يَقْبِضَ عَنْهُ ( أَوْ ) حَتَّى ( يَرْضَى بِذِمَّتِهِ حَيْثُ لَا رِبَا بِنَحْوِ صَفَائِحَ مِنْ ذَهَبٍ وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ وَلَوْ لَمْ يُسَلِّمْ الشِّقْصَ ) لَهُ ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِي الْمُعَاوَضَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبًا كَأَنْ بَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ عَلَيْهَا صَفَائِحُ ذَهَبٍ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ لَفْظَةِ " نَحْوِ " وَجَبَ التَّقَابُضُ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا كَمَا عُلِمَ مِنْ بَابِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ " وَالثَّمَنُ فِضَّةٌ " مَا لَوْ كَانَ ذَهَبًا فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ ( أَوْ بِأَنْ يَتَمَلَّكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَيَحْكُمَ لَهُ ) بِالشُّفْعَةِ ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ الْعِوَضَ ؛ لِأَنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْمُشْتَرِي

حَتَّى كَانَ الْعَقْدُ وَقَعَ لَهُ إلَّا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ فَإِذَا طَلَبَ وَتَأَكَّدَ طَلَبُهُ بِالْقَضَاءِ وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ ( لَا ) إنْ تَمَلَّكَهُ ( عِنْدَ الشُّهُودِ ) وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْإِشْهَادِ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ الْقَضَاءِ لِقُوَّتِهِ وَقِيلَ يَمْلِكُ بِهِ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَقَوْلُهُ " يَتَمَلَّكَ " مَعْطُوفٌ عَلَى " يَقْبِضَ " فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ " بِأَنْ " كَانَ أَوْلَى ، وَقَوْلِي " وَلَوْ عِنْدَ فَقْدِ الْقَاضِي " هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَلَا يَبْعُدُ التَّفْصِيلُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ هَرَبِ الْجِمَالِ حَيْثُ يَقُومُ الْإِشْهَادُ مَقَامَ الْقَضَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الضَّرَرَ هُنَاكَ أَشَدُّ مِنْهُ هُنَا .

الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْأَخْذِ ) .
( قَوْلُهُ : فَيُشْتَرَطُ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ إلَخْ ) لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا إحْضَارُ الثَّمَنِ وَلَا حُضُورُ الْمُشْتَرِي وَاسْتَشْكَلَ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ بِمَا سَيَذْكُرُ عَقِبَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ ، أَوْ مَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَحَدُهَا ، ثُمَّ قَالَ وَأَقْرَبُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ أَنَّ مَجْمُوعَ الثَّلَاثَةِ لَا يُشْتَرَطُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ : وَهَذَا الْحَمْلُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ بَلْ الْحَمْلُ الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ بِخُصُوصِهِ لَا يُشْتَرَطُ .
ا هـ .
وَهَذَا الْحَمْلُ الَّذِي ذَكَرَهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : مَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَجِيبٌ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَهُوَ قَوْلُهُ : أَخَذْت بِالشُّفْعَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ لِثُبُوتِهِ بِالنَّصِّ وَأَمَّا حُصُولُ الْمِلْكِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ مَا سَيَأْتِي .
ا هـ .
وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ : وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ يَرُدُّ مَا ذَكَرَهُ فس وَقَالَ الْعِرَاقِيُّ : يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مُقَارَنَةُ أَحَدِ هَذِهِ الْأُمُورِ لِلتَّمَلُّكِ وَالثَّانِي عَلَى اشْتِرَاطِ أَحَدِهَا بَعْدَ ذَلِكَ .
ا هـ .
، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ قَالَ شَيْخُنَا : قَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ مَعَ تَكْرَارِ " لَا " النَّافِيَةِ مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ وَتَكُونُ لَا مُؤَكِّدَةً أَوْ زَائِدَةً .
( قَوْلُهُ : أَنْ يَقُولَ إلَخْ ) الْكِتَابَةُ ، وَإِشَارَةُ الْأَخْرَسِ كَالنُّطْقِ .
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمُشْتَرِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يَمْلِكُهُ حَتَّى يَقْبِضَ الْمُشْتَرِي الْعِوَضَ ) إبْرَاؤُهُ مِنْهُ كَقَبْضِهِ .
( قَوْلُهُ : حَتَّى لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَسْلِيمِهِ خَلَّى بَيْنَهُمَا الشَّفِيعُ ) أَيْ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مَقْهُورٌ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ فَكَفَتْ

فِيهِ التَّخْلِيَةُ قَوْلُهُ : أَوْ رَفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي إلَخْ ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ .
( قَوْلُهُ : وَجَبَ أَنْ يَحْكُمَ لَهُ بِالْمِلْكِ لَهُ ) صَرَّحَ صَاحِبُ الْكَافِي بِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَكُونُ بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ يُسَاعِدُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْحُكْمِ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهَا ثَابِتَةٌ بِالشَّرْعِ قَبْلَ الْحُكْمِ .
( قَوْلُهُ : وَقِيلَ يَتَمَلَّكُهُ بِهِ ) وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْغَزَالِيِّ وَأَقَرَّهُ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِمَا وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ

( وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ ) لِلشَّفِيعِ ( عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ ) أَيْ عِوَضِهِ لِلْمُشْتَرِي وَإِنْ تَسَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَدَائِهِ الثَّمَنَ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُؤَخِّرَ حَقَّهُ بِتَأْخِيرِ الْبَائِعِ حَقَّهُ ( وَيُمْهَلُ ) الشَّفِيعُ ( ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ ( إنْ غَابَ مَالُهُ ، ثُمَّ ) إنْ انْقَضَتْ وَلَمْ يُحْضِرْ الثَّمَنَ ( يَفْسَخُهُ ) أَيْ التَّمَلُّكَ ( الْقَاضِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ خِيَارُ مَجْلِسٍ ) لِمَا مَرَّ فِي بَابِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيَتَوَقَّفُ وُجُوبُ تَسْلِيمِ الشِّقْصِ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَيْ عِوَضِهِ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا وَاضِحٌ فِي غَيْرِ الرِّضَا بِذِمَّتِهِ فَأَمَّا إذَا رَضِيَ بِذِمَّتِهِ فَالْقِيَاسُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يَكُونَ كَالْبَائِعِ حَتَّى يُجْبَرَ عَلَى التَّسْلِيمِ أَوَّلًا عَلَى الصَّحِيحِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ هُنَا ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَالشَّفِيعَ فِي رُتْبَةِ الْمُشْتَرِي .

( فَرْعٌ : الشَّفِيعُ يَرُدُّ ) جَوَازَ الشِّقْصِ ( بِالْعَيْبِ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( وَلَا يَتَصَرَّفُ ) فِيهِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَوْ سَلَّمَ الثَّمَنَ ) لِلْمُشْتَرِي ( فَإِنْ قَبَضَهُ ) الشَّفِيعُ ( بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ( وَأَفْلَسَ ) بِالثَّمَنِ ( رَجَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي ) كَمَا فِي الْبَيْعِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ ( وَيَتَصَرَّفُ ) فِيهِ ( الْمُشْتَرِي بَعْدَ الطَّلَبِ وَقَبْلَ التَّمَلُّكِ ) لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ التَّمَلُّكِ .

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا يَأْخُذُ بِهِ ) الشَّفِيعُ ( فَإِنْ بَاعَ ) الشَّرِيكُ ( الشِّقْصَ أَوْ أَسْلَمَهُ ) أَيْ جَعَلَهُ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ ( أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَيْنٍ ، أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ أَخَذَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ) فِي الْأُولَى ( أَوْ ) بِمِثْلِ ( الْمُسْلَمِ فِيهِ ) فِي الثَّانِيَةِ ( أَوْ ) بِمِثْلِ ( الدَّيْنِ ) فِي الثَّالِثَةِ ( أَوْ ) بِمِثْلِ ( النَّجْمِ ) فِي الرَّابِعَةِ ( إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً ) وَقُدِّرَ كُلٌّ مِنْهَا ( بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ فَإِنْ قُدِّرَ بِغَيْرِهِ كَمِائَةِ رِطْلٍ حِنْطَةً أُخِذَ بِهِ ) أَيْ بِمِثْلِهِ وَزْنًا ( فَإِنْ عُدِمَ الْمِثْلُ وَقْتَ الْأَخْذِ ، أَوْ كَانَ ) الْعِوَضُ ( مُتَقَوِّمًا فَالْقِيمَةُ ) يَأْخُذُ بِهَا وَاعْتِبَارُهُمْ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ فِيمَا ذُكِرَ مَقِيسٌ عَلَى الْغَصْبِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : وَيَظْهَرُ أَنَّ الشَّفِيعَ لَوْ مَلَكَ الثَّمَنَ قَبْلَ الْأَخْذِ تَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ لَا سِيَّمَا الْمُتَقَوِّمَ ؛ لِأَنَّ الْعُدُولَ عَنْهُ إنَّمَا كَانَ لِتَعَذُّرِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ ( وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْمُتَقَوِّمِ ) إذَا بِيعَ بِهِ ( قِيمَةُ يَوْمِ الْبَيْعِ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ إثْبَاتِ الْعِوَضِ وَاسْتِحْقَاقِ الشُّفْعَةِ ( وَإِنْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ ، أَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ أَوْ أَصْدَقَهُ ) امْرَأَةً ( أَوْ خَالَعَ ) زَوْجَتَهُ ( عَلَيْهِ ، أَوْ أَمْتَعَهُ ) مُطَلَّقَتَهُ ( أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ ) مِنْ الْأُولَى كَذَا فِي الْأَصْلِ أَيْضًا وَصَوَابُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ ( أَوْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ) لِمُدَّةِ الْإِجَارَةِ فِي الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّهَا قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ ( أَوْ مَهْرِهِ ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ ؛ لِأَنَّ الْبُضْعَ مُتَقَوِّمٌ ، وَقِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ( أَوْ مُتْعَتِهِ ) أَيْ الْمِثْلِ فِي الْخَامِسَةِ ؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ بِالطَّلَاقِ ، وَالشِّقْصُ عِوَضُهَا وَيُعْتَبَرُ مَهْرُ الْمِثْلِ ، أَوْ مُتْعَتُهُ ( حَالَ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْإِمْتَاعِ ) وَذِكْرُ اعْتِبَارِ حَالِ الِامْتِنَاعِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَإِنْ أَجْعَلَهُ ) أَيْ جَعَلَهُ جُعْلًا عَلَى

عَمَلٍ ( أَوْ أَقْرَضَهُ أَخَذَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ ) أَيْ الْعَمَلِ فِي الْأُولَى وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ بَعْدَ مِلْكِ الْمُسْتَقْرِضِ ) الشِّقْصَ ( بِقِيمَتِهِ ) فِي الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ .
قُلْنَا : الْمُقْتَرِضُ يَرُدُّ الْمِثْلَ الصُّورِيَّ .

( قَوْلُهُ : أَوْ نَجْمِ كِتَابَةٍ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ : وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَشَرْحِ اللُّبَابِ وَغَيْرِهَا جَزَمُوا هُنَا بِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ بِمِثْلِهَا ، أَوْ قِيمَتِهَا وَذَكَرُوا فِي الْكِتَابَةِ أَنَّ الِاعْتِيَاضَ وَالِاسْتِبْدَالَ عَنْ النُّجُومِ بَاطِلٌ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا صَعْبٌ مُشْكِلٌ وَتَكَلُّفٌ مُعْضِلٌ .
ا هـ .
يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْكِفَايَةِ عَامٌّ وَمَا ذُكِرَ هُنَا خَاصٌّ فَيُخَصُّ بِهِ الْعَامُّ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَنَاقِضِ فِيهَا كَلَامُ الْأَصْحَابِ اعْتِمَادُ مَا وَقَعَ فِي بَابِهَا وَوَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الصُّورَةِ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ إلَى حُصُولِ الْعِتْقِ بِالِاسْتِبْدَالِ الْمَذْكُورِ وَقُوَّةُ التَّصَرُّفِ فِي الْعَقَارِ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَ بَعْضُهُمْ : وَقَدْ يُتَكَلَّفُ ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْمَأْخُوذِ عِوَضًا عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى الْوَجْهِ الرَّاجِحِ فِيمَا إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : مَا تَوَهَّمَهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ عَلَى الِاعْتِيَاضِ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ ، وَإِذَا حَصَلَ الْمِلْكُ حَصَلَ الْعِتْقُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ ، وَقَوْلُهُ : إنَّ الصَّوَابَ جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ خَطَأٌ بَلْ الصَّوَابُ الْمَنْعُ ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِدَيْنِ السَّلَمِ .
ا هـ .
، وَقَوْلُهُ : عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ حَصَلَ الْمِلْكُ فِيهِ نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ : فَالْقِيمَةُ يَأْخُذُ بِهَا مِنْ نَقْدِ بَلَدِ الْبَيْعِ ) وَلَوْ ظَفِرَ بِهِ فِي غَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّضْيِيقِ ) الْأَوَّلُ أَصَحُّ وَلَهُ نَظَائِرُ .
( قَوْلُهُ : أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الدِّيَةِ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الصَّوَابُ بِقِيمَةِ الدَّمِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ

مُتْعَتِهِ ) وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ الْقَاضِي بِاجْتِهَادِهِ

( فَصْلٌ : إذَا بَاعَ ) الشِّقْصَ ( بِمُؤَجَّلٍ تَخَيَّرَ هُوَ ) أَيْ الشَّفِيعُ ( أَوْ وَارِثُهُ بَيْنَ تَعْجِيلِ الْمَالِ ) أَيْ عِوَضِ الثَّمَنِ ( وَيَأْخُذُ ) بِالشُّفْعَةِ ( فِي الْحَالِّ ، أَوْ يَصْبِرُ إلَى حُلُولِهِ وَيَأْخُذُ بِهِ ) حَالًّا ( وَلَوْ تَعَجَّلَ ) الْحُلُولَ ( بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي ) فَإِنَّهُ يَتَخَيَّرُ وَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ بِهِ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بِالتَّأْخِيرِ ؛ لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ بِعُذْرٍ وَلَوْ اخْتَارَ الصَّبْرَ إلَى الْحُلُولِ ، ثُمَّ عَنَّ لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ وَيَأْخُذَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ : فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَجْهًا وَاحِدًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنُ نَهْبٍ يَخْشَى مِنْهُ عَلَى الثَّمَنِ الْمُعَجَّلِ الضَّيَاعَ وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُنَجَّمًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : فَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَجَّلِ حَتَّى يَكُونَ لِلشَّفِيعِ عِنْدَ حُلُولِ النَّجْمِ الْأَوَّلِ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ إلَى حُلُولِ الْكُلِّ وَتَعْجِيلُ كُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْبَعْضِ أَنْ يُعْطِيَهُ وَيَأْخُذَ مَا يُقَابِلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي ، قَالَ : وَلَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الشِّقْصِ وَتَأْجِيلِ الثَّمَنِ إلَى مَحِلِّهِ فَأَبَى الشَّفِيعُ إلَّا الصَّبْرَ إلَى الْمَحِلِّ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَلَيْسَ عَلَيْهِ ) أَيْ الشَّفِيعِ ( إعْلَامُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( بِالطَّلَبِ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ وَمَا وَقَعَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إعْلَامُهُ سَبْقُ قَلَمٍ ( فَإِنْ بَاعَهُ ) الْمُشْتَرِي ( فِي الْمُدَّةِ أَخَذَهُ ) الشَّفِيعُ ( حِينَئِذٍ بِأَيِّ الثَّمَنَيْنِ شَاءَ ) وَيَكُونُ أَخْذُهُ بِالْأَوَّلِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ كَمَا اسْتَنْبَطَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ كَلَامِهِمْ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْفَسْخِ ( أَوْ أَخَّرَ ) الْأَخْذَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ ( وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ ) وَقَدْ يَكُونُ الثَّمَنُ فِي أَحَدِهِمَا أَقَلَّ ، أَوْ مِنْ جِنْسٍ أَسْهَلَ .

قَوْلُهُ : إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ تَخَيَّرَ ) لِأَنَّ إلْزَامَهُ بِالْحَالِّ إضْرَارٌ بِهِ ، وَأَخْذَهُ بِالْمُؤَجَّلِ إجْحَافٌ بِالْمُشْتَرِي لِاخْتِلَافِ الذِّمَمِ فَكَانَ مَا قُلْنَا دَافِعًا لِلضَّرَرَيْنِ وَجَامِعًا لِلْحَقَّيْنِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ كَانَ الشِّقْصُ مَغْصُوبًا فَلَهُ تَأْخِيرُ الْأَخْذِ إلَى حُضُورِهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَهَذَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الذِّمَمَ تَخْتَلِفُ ) أَيْ بِسَبَبِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَسُهُولَةِ الْمُعَامَلَةِ وَغَيْرِهَا .
( قَوْلُهُ : قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَكُنْ زَمَنُ نَهْبٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَلَيْسَ عَلَيْهِ إعْلَامُهُ بِالطَّلَبِ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وُجُوبِ إشْهَادِ الْمَرِيضِ عَلَى الطَّلَبِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ التَّوْكِيلِ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ : وَيَكُونُ أَخْذُهُ بِالْأَوَّلِ فَسْخًا لِلْعَقْدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ إلَى حُلُولِ الْمُؤَجَّلِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : كَذَا أَطْلَقَ التَّخْيِيرَ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَيْعُ الثَّانِي بِحَالٍّ فَإِنْ كَانَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ الشُّفْعَةِ بِالثَّانِي فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤَخَّرَ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ حَلَّ أَجَلُ الْبَيْعِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ اشْتَرَى شِقْصًا وَسَيْفًا ) مَثَلًا ( صَفْقَةً ) وَاحِدَةً ( أَخَذَهُ ) أَيْ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ ( بِحِصَّتِهِ ) أَيْ بِمِثْلِ حِصَّتِهِ ( مِنْ الثَّمَنِ ) مُوَزَّعًا عَلَيْهِمَا ( بِقِيمَتِهِمَا ) أَيْ بِاعْتِبَارِهَا فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِائَتَيْنِ وَقِيمَةُ الشِّقْصِ ثَمَانِينَ وَقِيمَةُ السَّيْفِ عِشْرِينَ أَخَذَ الشِّقْصَ بِأَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُمَا ( يَوْمَ الْبَيْعِ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ الْمُعَامَلَةِ ( وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ) وَإِنْ تَفَرَّقَتْ صَفْقَتُهُ لِدُخُولِهِ فِيهَا عَالِمًا بِالْحَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ جَهِلَ الْحَالَ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ انْتَهَى ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : وَسَيْفًا ) لَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَغَيْرَهُ لَكَانَ أَعَمَّ إذْ قَدْ يَكُونُ الْمَضْمُومُ إلَى الشِّقْصِ عَقَارًا لَا شُفْعَةَ فِيهِ ، أَوْ فِيهِ شُفْعَةٌ لَكِنْ لَا شَرِكَةَ فِيهِ لِلشَّفِيعِ ، أَوْ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ لَكِنْ اخْتَارَ أَخْذَ أَحَدِ الشِّقْصَيْنِ .
( قَوْلُهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ جَرَوْا فِي ذِكْرِ الْعِلْمِ عَلَى الْغَالِبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ : وَإِنْ تَعَيَّبَتْ الدَّارُ ) الْمُشْتَرَى بَعْضُهَا ( أَخَذَ بِالْكُلِّ ) أَيْ بِكُلِّ الثَّمَنِ ( أَوْ تَرَكَ ) كَتَعَيُّبِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ ( وَكَذَا ) يَأْخُذُ بِكُلِّ الثَّمَنِ ، أَوْ يَتْرُكُ ( لَوْ انْهَدَمَتْ بِلَا تَلَفٍ ) لِشَيْءٍ مِنْهَا ( فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ ) لِبَعْضِهَا ( فَبِالْحِصَّةِ ) مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ وَقَعَ تَلَفٌ لِبَعْضِهَا فَبِالْحِصَّةِ مِنْ الثَّمَنِ يَأْخُذُ الْبَاقِيَ ) ( تَنْبِيهٌ ) اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ فَتَلِفَ بَعْضُهَا نُظِرَ إنْ تَلِفَ شَيْءٌ مِنْ الْعَرْصَةِ بِأَنْ غَشِيَهَا سَيْلٌ فَغَرَّقَهَا أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ إتْلَافٌ لَا تَعْيِيبٌ قَدْ خَالَفَهُ فِي بَابِ حُكْمِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ تَعْيِيبٌ .
ا هـ .
وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فَإِنَّ مَا فِي بَيْعِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا غَرِقَتْ غَرَقًا تَنْكَشِفُ عَنْهُ الْأَرْضُ بِذَهَابِ الْمَاءِ وَمَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْضُبُ عَنْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ قَطْعًا ، وَسَوَاءٌ قُلْنَا الْغَرَقُ إتْلَافٌ ، أَوْ تَعْيِيبٌ فَلِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِالْحِصَّةِ لِحُصُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فِي أَخْذِ مَا خَفِيَتْ غَايَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى فِي الْمُسْتَقْبَلِ نُضُوبُ الْمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَخْذُهُ الْبَعْضَ يُفَرِّقُ الصَّفْقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي .

( فَصْلٌ مَا زِيدَ ) فِي الثَّمَنِ ( أَوْ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) بِنَوْعَيْهِ ( فَقَطْ يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ ) كَمَا مَرَّ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَيُلْحَقُ بِعِوَضِهِ الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ ( فَإِنْ حُطَّ الْكُلُّ ) أَيْ كُلُّ الثَّمَنِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ ( فَلَا شُفْعَةَ ) لَلشَّرِيكِ ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ هِبَةً عَلَى رَأْيٍ وَيَبْطُلُ عَلَى رَأْيٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مَا زِيدَ أَوْ حُطَّ بَعْدَهَا فَلَا يُلْحَقُ بِالثَّمَنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ " فَقَطْ " تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ .
( قَوْلُهُ : وَيَبْطُلُ عَلَى رَأْيٍ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ : وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إلَخْ ) قَالَ وَالِدُ النَّاشِرِيُّ : الْفَرْقُ بَيْنَ التَّوْلِيَةِ وَالشُّفْعَةِ أَنَّ التَّوْلِيَةَ يَلْحَقُ فِيهَا الْحَطُّ بَعْدَ الْخِيَارِ دُونَ الشُّفْعَةِ هُوَ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ عَقَدَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِذَا حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَهُوَ مَحْطُوطٌ عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ ثَمَنِهِ وَالشَّفِيعُ يَشْفَعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا بِنَفْسِهِ .

( فَصْلٌ : لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِعَبْدٍ ) مَثَلًا ( ثُمَّ رَدَّ الْبَائِعُ الْعَبْدَ بِعَيْبٍ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ ) بِالشُّفْعَةِ ( غَرِمَ لَهُ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ ) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ فَلَا يَنْقُصُ مِلْكُ الشَّفِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ ( فَلَوْ زَادَتْ ) .
قِيمَتُهُ ( أَوْ نَقَصَتْ عَنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَرْجِعْ بَاذِلُ الزِّيَادَةِ ) عَلَى صَاحِبِهِ ؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ مَلَكَهُ بِالْمَبْذُولِ فَلَا يَتَغَيَّرُ حُكْمُهُ ( وَمَتَى عَادَ الشِّقْصُ إلَى ) مِلْكِ ( الْمُشْتَرِي بِشِرَاءٍ ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْ ) هـ ( رَدُّهُ ) وَإِنْ طَلَبَهُ الْبَائِعُ ( وَلَا ) يَلْزَمُ الْبَائِعَ ( اسْتِرْدَادُهُ ) وَرَدُّ الْقِيمَةِ ، وَإِنْ طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا لَوْ غَرِمَ قِيمَةَ الْمَغْصُوبِ لِإِبَاقِهِ فَرَجَعَ ؛ لِأَنَّ مِلْكَ الْمَالِكِ لَمْ يَزُلْ بِخِلَافِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي .
( قَوْلُهُ : لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ ) أَيْ ؛ لِأَنَّهُ كَالْهَالِكِ فَيَأْخُذُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ وَيَشْهَدُ لِكَوْنِهِ كَالْهَالِكِ مَسْأَلَةُ بَيْعِ الْكَافِرِ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ بِثَوْبٍ ، ثُمَّ يَجِدُ بِالثَّوْبِ عَيْبًا وَقُلْنَا لَهُ رَدُّهُ وَاسْتِرْدَادُ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَجْعَلُ الْعَبْدَ كَالْهَالِكِ وَيَأْخُذُ قِيمَتَهُ .

( وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ ) الْمَعِيبِ ( فَأَخَذَ الْأَرْشَ ) مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِامْتِنَاعِ الرَّدِّ لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ ( فَإِنْ شَفَعَ ) أَيْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ ( بِقِيمَتِهِ ) أَيْ الْعَبْدِ ( سَلِيمًا لَمْ يَرْجِعْ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ ، وَإِلَّا ) بِأَنْ أَخَذَ بِقِيمَتِهِ مَعِيبًا ( رَجَعَ عَلَيْهِ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْأَرْشِ ) لِأَنَّ الشِّقْصَ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِالْعَبْدِ وَالْأَرْشِ ، وَوُجُوبُ الْأَرْشِ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ لِاقْتِضَائِهِ سَلَامَةَ الْعِوَضِ ( فَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِأَخْذِ الْعَبْدِ مَعِيبًا لَزِمَ الشَّفِيعَ قِيمَتُهُ مَعِيبًا فَإِنْ سَلَّمَ قِيمَتَهُ سَلِيمًا اسْتَرَدَّ قِسْطَ السَّلَامَةِ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ لَهُ إنَّمَا هُوَ بَدَلُ الثَّمَنِ بِصِفَاتِهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ سَلِيمًا فَلَا يَسْتَرِدُّ ذَلِكَ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ ، ثُمَّ قَالَ : وَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِنَا عَلَى الثَّانِي .
( قَوْلُهُ : وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ

( وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ عَلَى الْبَائِعِ وَكَذَا لِلشَّفِيعِ رَدُّهُ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( بِعَيْبٍ سَابِقٍ عَلَى الْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ سَوَاءٌ أَسَبَقَ الْبَيْعَ أَيْضًا أَمْ لَا وَكَذَا بِعَيْبٍ حَادِثٍ بَعْدَ الْأَخْذِ بِهَا وَقَبْلَ قَبْضِهِ الشِّقْصَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ ( وَبَعْدَ أَنْ شَفَعَ ) الشَّفِيعُ ( لَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي ) بِالْعَيْبِ ( وَلَا أَرْشَ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ ( إلَّا إنْ عَادَ ) الشِّقْصُ ( إلَيْهِ ) بِالْعَيْبِ ، أَوْ غَيْرِهِ ( وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فِي الشِّقْصِ مَنَعَهُ الرَّدَّ ) الْقَهْرِيَّ ( ثُمَّ إنْ أَخَذَ الْأَرْشَ ) مِنْ الْبَائِعِ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ ( حُطَّ عَنْ الشَّفِيعِ ) لِأَنَّهُ بَدَلُ صِفَةِ السَّلَامَةِ الَّتِي اسْتَحَقَّهَا الشَّفِيعُ كَمَا اسْتَحَقَّهَا الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلِأَنَّ الثَّمَنَ حِينَئِذٍ هُوَ الْبَاقِي .
( قَوْلُهُ : وَلِلْمُشْتَرِي رَدُّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ ) لَوْ أَمْسَكَهُ انْتِظَارًا لِلشَّفِيعِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : إنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهُ بِالْإِمْسَاكِ ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَزِمَهُ انْتِظَارُهُ وَلَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ بِالْإِمْسَاكِ ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَعَ تَعَلُّقِ حَقِّهِ عُذْرٌ ، وَفِي لُزُومِ انْتِظَارِهِ نَظَرٌ ، وَقَوْلُهُ : إنْ كَانَ غَائِبًا لَمْ يَلْزَمْهُ انْتِظَارُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ : وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ : اشْتَرَيْته بِصُبْرَةٍ ) مِنْ دَرَاهِمَ ، أَوْ غَيْرِهَا ( مَجْهُولَةٍ ) وَكَانَتْ غَائِبَةً ( لَمْ يُكَلَّفْ الْبَائِعُ إحْضَارَهَا ) وَلَا الْإِخْبَارَ عَنْ قَدْرِهَا فَإِنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وُزِنَتْ أَوْ كِيلَتْ لِيَأْخُذَ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهَا ( فَإِنْ تَلِفَتْ ) أَوْ لَمْ تَتْلَفْ وَتَعَذَّرَ الْعِلْمُ بِقَدْرِهَا ( تَعَذَّرَتْ الشُّفْعَةُ لِلْجَهْلِ فَلَوْ ادَّعَى ) الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ( عِلْمَهُ ) بِقَدْرِ الثَّمَنِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ حَقًّا لَهُ ( وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ كَفَى ) وَحَلَفَ كَمَا أَجَابَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِلْمِهِ بِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَيْرِهِ أَلْفًا فَقَالَ : لَا أَعْلَمُ كَمْ لَك عَلَيَّ حَيْثُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ مِنْهُ ؛ إذْ الْمُدَّعَى هُنَا هُوَ الشِّقْصُ لَا الثَّمَنُ الْمَجْهُولُ وَبِتَقْدِيرِ صِدْقِ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إنْكَارًا لِوِلَايَةِ الْآخِذِ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمَجْهُولٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ ( أَوْ ) قَالَ الْمُشْتَرِي ( لَمْ أَشْتَرِ بِهِ حَلَفَ كَذَلِكَ وَلِلشَّفِيعِ ) بَعْدَ حَلِفِ الْمُشْتَرِي ( أَنْ يَزِيدَ ) فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ( وَيُحَلِّفَهُ وَهَكَذَا ) يَفْعَلُ ( ثَانِيًا وَثَالِثًا وَأَكْثَرَ حَتَّى يَنْكُلَ ) الْمُشْتَرِي ( فَيُسْتَدَلَّ بِنُكُولِهِ فَيَحْلِفَ عَلَى مَا عَيَّنَهُ وَيَشْفَعَ ) لِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَسْتَنِدُ إلَى التَّخْمِينِ كَمَا فِي جَوَازِ الْحَلِفِ عَلَى خَطِّ أَبِيهِ إذَا سَكَنَتْ نَفْسُهُ إلَيْهِ ( وَقَوْلُهُ نَسِيت ) قَدْرَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ ( لَا يَكُونُ عُذْرًا ) لَهُ فِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ بَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ جَوَابٌ كَافٍ وَعَدَلَ إلَى ذَلِكَ عَنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ نَسِيت فَهُوَ كَالنُّكُولِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ يُجْعَلُ نَاكِلًا عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ قَالَ

بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ .

( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَ اشْتَرَيْته بِصُبْرَةٍ مَجْهُولَةٍ إلَخْ ) الْجَهَالَةُ فِي الثَّمَنِ جَهَالَتَانِ : جَهَالَةٌ تَزُولُ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ فَهَذِهِ لَا تُؤَثِّرُ فِي فَسَادِ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ بَاعَ خَلًّا وَخَمْرًا فَإِنَّ الْجَهَالَةَ مَوْجُودَةٌ حَالَةَ الْعَقْدِ وَتَزُولُ بِالتَّقْسِيطِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْقَطِيعَ كُلَّ شَاةٍ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الثَّمَنَ حَالَةَ الْعَقْدِ مَجْهُولُ الْمِقْدَارِ وَيَزُولُ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَجَهَالَةٌ لَا تَزُولُ فِي أَثْنَاءِ الْحَالِ وَتُفْسِدُ الْبَيْعَ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ ادَّعَى عِلْمَهُ لَمْ تُسْمَعْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْ قَدْرًا وَلَا عِلْمًا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ حَيْثُ يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ أَنَّ الزَّوْجَ عَالِمٌ بِالْمَهْرِ وَبِكَيْفِيَّتِهِ فَسَهُلَ عَلَيْهِ الْبَيَانُ مَعَ أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بِمَجْهُولٍ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ لَهُ غَرَضًا بِالْعَقْدِ بِهِ فَيَعْسُرُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ وَلَوْ قَالَ : اشْتَرَيْت بِعِشْرِينَ فَاعْتَمَدَ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ بِهَا ثُمَّ بَانَ خِلَافُهُ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا بَذَلَ زَائِدًا .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ عَيَّنَ قَدْرًا فَقَالَ الْمُشْتَرِي : لَا أَعْلَمُ قَدْرَهُ كَفَى ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْفَتَاوَى : لَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي : كَانَ الثَّمَنُ جُزَافًا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُ كَانَ أَلْفَ دِينَارٍ وَقَدْرًا مُعَيَّنًا لَا نَعْلَمُ تَحْدِيدَهُ إلَّا أَنَّهُ كَانَ دُونَ الْعَشَرَةِ فَقَالَ الشَّفِيعُ : أَزِنُ أَلْفًا وَعَشَرَةً فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَوَجَبَ تَسْلِيمُ الشِّقْصِ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لِلْمُشْتَرِي قَبْضُ تَمَامِ الْعَشَرَةِ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمِقْدَارِ الَّذِي أَعْطَاهُ لِلْبَائِعِ .
( قَوْلُهُ : وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَوْ قَالَ : نَسِيت فَهُوَ كَالنُّكُولِ ) كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ فَعَلَى رَأْيٍ هُوَ كَالنُّكُولِ فَسَبَقَ الْقَلَمُ إلَى مَا كُتِبَ ، وَصُورَةُ دَعْوَى الشَّفِيعِ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا أَنْ يَقُولَ فِي دَعْوَاهُ وَلَمْ يَسْتَحِقَّ عَلَيْهِ

تَسْلِيمَ الشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ ، وَعِبَارَةُ الْعَزِيزِ لَوْ قَالَ : نَسِيت مِقْدَارَ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَيْت بِهِ فَعَلَى رَأْيٍ يُجْعَلُ قَوْلُهُ : نَسِيت كَالنُّكُولِ وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الشَّفِيعِ .
ا هـ .
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ : وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ شَيْئًا لِغَيْرِهِ فِيهِ شُفْعَةٌ ، ثُمَّ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ الثَّمَنُ بِنِسْيَانٍ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَنَسِيت الثَّمَنَ ثُمَّ لَا شُفْعَةَ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً فَيُؤْخَذَ لَهُ بِبَيِّنَتِهِ .
ا هـ .
، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ صَارَ فِي الْحُكْمِ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَالْمَجْهُولُ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِهِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( خَرَجَ ثَمَنُ الشِّقْصِ الْمُعَيَّنِ ) بِرَفْعِهِ صِفَةً لِثَمَنٍ ( مُسْتَحَقًّا بَطَلَ الْبَيْعُ ) أَيْ بَانَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّ أَخْذَ الْعِوَضِ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمَالِكُ ( أَوْ ) خَرَجَ ( بَعْضُهُ ) كَذَلِكَ ( بَطَلَ فِيهِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي .
تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ ( وَكَذَا ) تَبْطُلُ ( الشُّفْعَةُ ) كُلُّهَا فِي الْأُولَى وَبَعْضُهَا فِي الثَّانِيَةِ لِتَرَتُّبِهَا عَلَى الْبَيْعِ ( وَإِنْ كَانَ ) الثَّمَنُ ( فِي الذِّمَّةِ ) وَخَرَجَ كَذَلِكَ ( صَحَّا ) أَيْ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَأَبْدَلَ الثَّمَنَ بِمَا يَجِبُ بَدَلُهُ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ ( وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ تَبَرَّعَ بِتَسْلِيمِهِ ( لِلْحَبْسِ ) أَيْ لِيَحْبِسَهُ إلَى أَنْ يَقْبِضَ الثَّمَنَ ( وَكَذَا لَوْ خَرَجَ ) الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ ، أَوْ الْمَبْذُولُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ ( رَدِيئًا ) يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالشُّفْعَةُ وَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُ الشِّقْصِ لِلْحَبْسِ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ مَا سَلَّمَهُ الشَّفِيعُ أَوْ خَرَجَ نُحَاسًا لَمْ تَبْطُلْ ) شُفْعَتُهُ ( وَلَوْ كَانَ عَالِمًا ) بِذَلِكَ لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُقَصِّرْ فِي الطَّلَبِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُعَيَّنِ كَ تَمَلَّكْتُ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَغَيْرِهِ كَ تَمَلَّكْتُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ ( نَعَمْ إنْ شَفَعَ بِالْعَيْنِ احْتَاجَ تَمَلُّكًا جَدِيدًا لَا إنْ شَفَعَ فِي الذِّمَّةِ ، أَوْ خَرَجَ ) مَا سَلَّمَهُ ( رَدِيئًا ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَمَلُّكٍ جَدِيدٍ فَعُلِمَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تَبْطُلُ بِخُرُوجِ مَا سَلَّمَهُ رَدِيئًا وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّ أَدَاءَهُ صَحِيحٌ بِدَلِيلِ مَا إذَا رَضِيَ بِهِ الْمُشْتَرِي ( وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ ) مِنْ الشَّفِيعِ ( وَلَوْ قُبِلَ ) أَيْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ ( مِنْهُ ) .

( قَوْلُهُ : تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : وَمِنْ هَذَا يُؤْخَذُ أَنَّ الصَّفْقَةَ تُفَرَّقُ فِي الثَّمَنِ كَمَا تُفَرَّقُ فِي الْمُثَمَّنِ وَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهَا لَا تُسْتَحَقُّ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ إلَخْ ) عُلِمَ أَنَّ صُورَتَهَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ .
( قَوْلُهُ : وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُ الرَّدِيءِ ) وَلَوْ قَبِلَ مِنْهُ قَالَ شَيْخُنَا : يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِأَنَّ ضَرَرَ الرَّدِيءِ أَكْثَرُ مِنْ ضَرَرِ الْمَعِيبِ ، إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْعَيْبِ الرَّدَاءَةُ فَلَزِمَهُ قَبُولُ الْمَعِيبِ بِالرِّضَا دُونَ الرَّدِيءِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( بَنَى الْمُشْتَرِي ، أَوْ غَرَسَ ) أَوْ زَرَعَ فِي الْمَشْفُوعِ ( وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّرِيكُ ) وَهُوَ الشَّفِيعُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ عَلِمَ ( قَلَعَ ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ وَالزَّرْعَ ( مَجَّانًا ) لَا بِحَقِّ الشُّفْعَةِ بَلْ ( لِعُدْوَانِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي عَلَى شَرِيكِهِ ( لَا إنْ بَنَى ) الْمُشْتَرِي فِي نَصِيبِهِ ( بَعْدَ الْقِسْمَةِ ، ثُمَّ شَفَعَ ) أَيْ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يَقْلَعُ مَجَّانًا ؛ لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِهِ الَّذِي يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ ، وَتَعَلُّقُ حَقِّ الشُّفْعَةِ لَا يُمَكِّنُ مِنْ الْقَلْعِ مَجَّانًا كَتَعَلُّقِ حَقِّ الرُّجُوعِ بِالْأَرْضِ الْمَوْهُوبَةِ ( وَيُتَصَوَّرُ ) ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ مَعَ أَنَّهَا تَتَضَمَّنُ غَالِبًا رِضَا الشَّفِيعِ بِتَمَلُّكِ الْمُشْتَرِي ( بِأَنْ أَظْهَرَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هِبَةٌ ) لَا بَيْعٌ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بَيْعٌ ( أَوْ ) أَظْهَرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ ( بِثَمَنٍ كَثِيرٍ ) ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ بِأَقَلَّ ( أَوْ ظَنَّهُ ) أَيْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ ( وَكِيلًا لِلْبَائِعِ ) فِيهَا ( أَوْ سَأَلَ ) الْمُشْتَرِي ( الْقِسْمَةَ مِنْ الْحَاكِمِ فِي غَيْبَتِهِ ) أَيْ الشَّفِيعِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْحَاكِمِ ( إجَابَتُهُ ) لِذَلِكَ ( وَلَوْ عَلِمَ بِالشُّفْعَةِ ) وَسَاغَ الْأَخْذُ بِهَا ، وَإِنْ صَارَ الشَّرِيكَانِ بِالْقِسْمَةِ جَارَيْنِ ؛ لِأَنَّ الْجِوَارَ إنَّمَا يَمْنَعُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ : إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ لِلشَّفِيعِ وَكِيلٌ بِالْقِسْمَةِ مَعَ شُرَكَائِهِ وَالْمُشْتَرِي مِنْهُمْ فَيُقَاسِمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ بِغَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَكِيلٌ فِي الْقِسْمَةِ ، وَفِي أَخْذِ الْأَشْقَاصِ بِالشُّفْعَةِ فَيَرَى فِي شِقْصِ الْحَظِّ فِي تَرْكِهِ فَيَتْرُكَهُ وَيُقَاسِمَ ، ثُمَّ يَقْدَمَ الشَّفِيعُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّ الْحَظَّ فِي الْأَخْذِ ( وَلِبِنَائِهِ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( حُكْمُ بِنَاءِ الْمُسْتَعِيرِ ) فِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْتَرْ الْقَلْعَ يُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ

الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَا مَرَّ ثَمَّ وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ ( إلَّا أَنَّهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( لَا يُكَلَّفُ التَّسْوِيَةَ ) لِلْأَرْضِ ( إنْ اخْتَارَ الْقَلْعَ ) لِأَنَّهُ كَانَ مُتَصَرِّفًا فِي مِلْكِهِ فَإِنْ حَدَثَ فِي الْأَرْضِ نَقْصٌ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ عَلَى صِفَتِهِ ، أَوْ يَتْرُكُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّ الْغِرَاسَ كَالْبِنَاءِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ مَعَ مَا قَدَّمْتُهُ التَّبْقِيَةَ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي الْعَارِيَّةِ وَالْمُصَنِّفِ سَالِمٌ مِنْ هَذَا ( وَيَبْقَى زَرْعُهُ ) إنْ زَرَعَ ( إلَى ) أَوَانِ ( الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ ) لِأَنَّهُ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْمُسْتَعِيرِ ( وَلِلشَّفِيعِ تَأْخِيرُ الشُّفْعَةِ ) أَيْ الْأَخْذِ بِهَا ( إلَى ) أَوَانِ ( الْحَصَادِ ) لِأَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ قَبْلُ وَيَخْرُجُ الثَّمَنُ عَنْ يَدِهِ ( وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ ) لِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ ( إلَى ) أَوَانِ ( جِذَاذِ الثَّمَرَةِ ) فِيمَا لَوْ كَانَ فِي الشِّقْصِ شَجَرٌ عَلَيْهِ ثَمَرَةٌ لَا تُسْتَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ ( وَجْهَانِ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَا تَمْنَعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمَأْخُوذِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ .

( قَوْلُهُ : لَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي ) شَمِلَ الْمُشْتَرِيَ أَوَّلًا وَمَنْ اشْتَرَى مِنْهُ ( قَوْلُهُ : قَلَعَ مَجَّانًا لِعُدْوَانِهِ ) أَيْ بِلَا أَرْشٍ ، وَغَرَّمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ الْأَرْضِ بِقَلْعِهِمَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ خَرَجَ الشِّقْصُ الْمَشْفُوعُ مُسْتَحَقًّا بَعْدَ أَنْ بَنَى فِيهِ الشَّفِيعُ ، أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ .
( قَوْلُهُ : وَصَرَّحَ ) أَيْ الْأَصْلُ مَعَ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ بِصُورَتَيْنِ إلَخْ ، سَابِعُهَا أَنْ يُوَكِّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ فِي الْقِسْمَةِ فَيُقَاسِمَهُ الشَّرِيكُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ وَالتَّوْكِيلِ ، وَثَامِنُهَا أَنْ يُخْبِرَهُ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَيُؤَخِّرَ الْأَخْذَ إلَى الْحُلُولِ وَيُطَالِبَهُ الْمُشْتَرِي بِالْقِسْمَةِ وَيُقَاسِمَهُ ، ثُمَّ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ ، وَتَاسِعُهَا أَنْ يَتْرُكَ الْوَلِيُّ الشُّفْعَةَ لِلْمَصْلَحَةِ وَيُقَاسِمَ ، ثُمَّ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَيَخْتَارَ الْأَخْذَ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ، وَعَاشِرُهَا أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا يُقَاسِمُ مَنْ يَشْتَرِي مِنْ شَرِيكِهِ فَقَاسَمَهُ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَصِحُّ وَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ ؛ لِأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْمُقَاسَمَةِ إسْقَاطٌ لِلشُّفْعَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَذَكَرَ الْمُتَوَلِّي صُورَةً يَكُونُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ فِيهَا مُحْتَرَمَيْنِ مِنْ غَيْرِ قِسْمَةٍ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَيَسْتَأْجِرَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَ آخَرَ لِلْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ وَيَشْتَرِيَ نَصِيبَ الثَّالِثِ ، ثُمَّ يَبْنِيَ فِي الْأَرْضِ وَيَغْرِسَ فَبِنَاؤُهُ وَغِرَاسُهُ مُحْتَرَمَانِ وَلِلشَّرِيكِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ وَفِيهِ نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ : وَلِبِنَائِهِ ) أَيْ وَغِرَاسِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُخَيَّرُ الشَّفِيعُ بَيْنَ الْقَلْعِ وَضَمَانِ الْأَرْشِ وَالتَّمَلُّكِ بِالْقِيمَةِ ) هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا فَإِنَّهُ خَيَّرَهُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ .
( قَوْلُهُ : وَبِأَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَخْتَارَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ خِلَافُ مَا مَرَّ لَهُ فِي

الْعَارِيَّةِ ) قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِهَا أَنَّ الزَّرْكَشِيَّ قَالَ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ لَيْسَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا زَعَمَهُ الشَّيْخَانِ بَلْ الْكُلُّ مُتَّفِقُونَ عَلَى التَّخْيِيرِ بَيْنَ الثَّلَاثِ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا فِي الصُّلْحِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قِيَاسُ نَظَائِرِهِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ إلَى جِذَاذِ الثَّمَرَةِ وَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : الرَّاجِحُ الْمَنْعُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ فِي شَرْحِ التَّلْخِيصِ وَإِنَّمَا حُكِيَ الْجَوَازُ احْتِمَالًا لِبَعْضِهِمْ قَالَ شَيْخُنَا : يُمْكِنُ حَمْلُ الْجَوَازِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ بِهَا تَنْقُصُ مَعَ بَقَائِهِ وَالْمَنْعِ عَلَى خِلَافِهِ كا .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ أَوْ بَاعَهُ ) أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ ( فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْوَقْفِ ) وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا شُفْعَةَ فِيهِ كَهِبَةٍ وَإِجَارَةٍ لِسَبْقِ حَقِّهِ فَلَا يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِالْفَلَسِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمُشْتَرِي ، وَحَقِّ رُجُوعِ الْمُطَلِّقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَى نِصْفِ الصَّدَاقِ يَبْطُلُ بِتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَبْطُلَانِ بِالْكُلِّيَّةِ بَلْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْبَدَلِ وَلَا كَذَلِكَ حَقُّ الشَّفِيعِ ( وَكَذَا ) لَهُ نَقْضُ ( الْبَيْعِ ) وَنَحْوِهِ مِمَّا فِيهِ شُفْعَةٌ كَإِصْدَاقٍ لِيَأْخُذَ بِهَا ( إنْ شَاءَ ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْ الثَّانِي ) كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي فَصْلِ إذَا بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْضِ الْفَسْخَ ، ثُمَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَلْ الْأَخْذَ بِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ فَسْخٌ كَمَا قَدَّمْتُهُ أَيْضًا فِي الْفَصْلِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا بِخِلَافِ تَصَرُّفِ الْأَبِ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَبَ هُوَ الْوَاهِبُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ تَصَرُّفِهِ بِخِلَافِ الشَّفِيعِ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : لَوْ وَقَفَ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ إلَخْ ) حُكْمُ جَعْلِهِ مَسْجِدًا حُكْمُ الْوَقْفِ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ وَقْفِ حِصَّةٍ مِنْ دَارِ مَسْجِدًا وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ وَقْفِ التَّحْرِيرِ وَغَيْرِهِ مِنْ رَيْعِ الْوَقْفِ وَقَبْلَ نَقْضِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : فَلِلشَّفِيعِ نَقْضُ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ إلَخْ ) عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَ أَنَّ تَصَرُّفَ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّهُ وَاقِعٌ فِي مِلْكِهِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ فَكَانَ كَتَصَرُّفِ الْوَلَدِ فِيمَا وَهَبَهُ لَهُ أَبُوهُ وَكَتَصَرُّفِ الْمَرْأَةِ فِي الصَّدَاقِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ .
( قَوْلُهُ : وَإِجَارَةٍ ) لِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا فَإِنْ أَمْضَاهَا فَالْأُجْرَةُ لِلْمُشْتَرِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَيْسَتْ فِي الرَّافِعِيِّ

( فَصْلٌ : لَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى عَفْوِ الشَّفِيعِ وَتَقْصِيرِهِ ) فِي الطَّلَبِ مَعَ إنْكَارِهِ لِذَلِكَ بَلْ الْمُصَدَّقُ الشَّفِيعُ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ ( وَيُصَدَّقُ ) الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ ( فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَ ) قَدْرِ ( قِيمَتِهِ إنْ تَلِفَ ) وَلَا بَيِّنَةَ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الشَّفِيعُ ( فَإِنْ نَكَلَ ) الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفَ الشَّفِيعُ أَخَذَهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الْبَائِعِ وَلَوْ لِلشَّفِيعِ ) يَعْنِي شَهَادَتَهُ لَهُ وَلِلْمُشْتَرِي ، لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِهِ إنْ شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا وَيَشْهَدُ لِحَقِّ نَفْسِهِ إنْ شَهِدَ لِلْمُشْتَرِي فَلَوْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً قُضِيَ بِهَا ( وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً تَعَارَضَتَا ) وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ ؛ لِأَنَّ النِّزَاعَ هُنَا فِيمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَا دَلَالَةَ لِلْيَدِ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُصَدَّقُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ تَصْدِيقُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ مَا يُكَذِّبُهُ الْحِسُّ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ أَلْفُ دِينَارٍ وَهُوَ يُسَاوِي دِينَارًا لَمْ يُصَدَّقْ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَتَحَالَفَا كَالْمُتَبَايِعِينَ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مُدَّعٍ وَمُبَاشِرٌ لِلْعَقْدِ وَهَاهُنَا الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي وَالشَّفِيعُ لَمْ يُبَاشِرْ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِمَا بَاشَرَهُ ) وَلِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ الشَّفِيعُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا عِلَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَى فِعْلِهِ إنْ شَهِدَ لِأَحَدِهِمَا ) أَيْ وَفِعْلُهُ مَقْصُودٌ بِخِلَافِ فِعْلِ الْمُرْضِعَةِ .

( وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي ) قَدْرِ ( الثَّمَنِ لَزِمَ الشَّفِيعَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ ) وَهُوَ مَا ادَّعَاهُ الْبَائِعُ لِاعْتِرَافِ الْمُشْتَرِي بِأَنَّ الْبَيْعَ جَرَى بِذَلِكَ ، وَالْبَائِعُ ظَالِمٌ بِالزِّيَادَةِ .

( قَوْلُهُ : وَإِنْ اخْتَلَفَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ لَزِمَ الشَّفِيعَ مَا ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ : وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ، وَإِنْ كَانَ غَارِمًا ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْغَارِمِ فِي حَالَةِ التَّلَفِ ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ وَلَا يَمْلِكُ بِالْغَرَامَةِ مَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَبْذُلُ بَدَلًا يَمْلِكُ بِهِ شِقْصًا لِغَيْرِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ يَنْزِعُ مِلْكَ غَيْرِهِ بِبَدَلٍ يَبْذُلُهُ فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَدْرِ ذَلِكَ الْبَدَلِ وَلِهَذَا لَمْ يَجْعَلُوا الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي الثَّمَنِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ مَعَ الْبَائِعِ فِيهِ لِأَنَّهُ يَنْزِعُ الْمِلْكَ مِنْ الْبَائِعِ وَالضَّابِطُ لِهَذِهِ الصُّوَرِ أَنَّا نَنْظُرُ فِي مُدَّعِي الْمِقْدَارِ فِي الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ فَإِنْ وَجَدْنَاهُ أَجْنَبِيًّا عَنْ الْعَقْدِ كَالشَّفِيعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ خَصْمِهِ جَزْمًا ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَجْنَبِيًّا عَنْ ذَلِكَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي يُرِيدُ بِدَعْوَاهُ إزَالَةَ مِلْكِ خَصْمِهِ عَمَّا هُوَ فِي مِلْكِهِ أَوْ لَا : إنْ كَانَ الْأَوَّلَ وَلَمْ يُعَارِضْهُ تَلَفٌ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يُرِيدُ إزَالَةَ مِلْكِهِ كَمَا سَبَقَ ، وَإِنْ عَارَضَهُ تَلَفٌ تَحْتَ يَدِ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ غَارِمًا جَرَى الْقَوْلَانِ ، وَإِنْ كَانَ غَارِمًا فَلَا يَجْرِي الْقَوْلَانِ وَيَجِيءُ وَجْهٌ ضَعِيفٌ حَتَّى فِي صُورَةِ الْإِقَالَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَقْدٌ قَائِمٌ فَإِنْ كَانَ جَاءَ التَّحَالُفُ فِي الْإِقَالَةِ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إزَالَةُ مِلْكِ خَصْمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغَارِمِ كَالْمَغْصُوبِ وَالْعَوَارِيّ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ ثَبَتَ خِلَافُهُ ) شَمِلَ مَا لَوْ ثَبَتَ بِيَمِينِ الْبَائِعِ الْمَرْدُودَةِ لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا إقْرَارٌ صَرِيحٌ بِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ النَّاقِصُ ، وَالْآخَرُ إقْرَارٌ تَقْدِيرِيٌّ بِأَنَّ الثَّمَنَ هُوَ الزَّائِدُ فَعَمِلْنَا

بِإِقْرَارِهِ الصَّرِيحِ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ وَبِالتَّقْدِيرِيِّ فِي حَقِّ الْبَائِعِ

( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّفِيعِ لِلْبَائِعِ ) لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ( دُونَ الْمُشْتَرِي ) وَفِي نُسْخَةٍ : لَا لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي تَقْلِيلِ الثَّمَنِ .
( قَوْلُهُ : لِعَدَمِ التُّهْمَةِ ) وَهُوَ مُقِرٌّ بِالْقَدْرِ الزَّائِدِ لِلْمُشْتَرِي وَهُوَ يُنْكِرُهُ

( وَإِنْ فُسِخَ الْبَيْعُ بِالتَّحَالُفِ ) أَوْ نَحْوِهِ أَوْ انْفَسَخَ ( بَعْدَ الْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ ( أُقِرَّتْ الشُّفْعَةُ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي قِيمَةَ الشِّقْصِ ) لِلْبَائِعِ ( وَلَوْ تَحَالَفَا ) الْأَوْلَى " أَوْ " ( قَبْلَ الْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ ( أَخَذَ ) بِالشُّفْعَةِ ( بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ ) لِأَنَّ الْبَائِعَ اعْتَرَفَ بِاسْتِحْقَاقِ الشَّفِيعِ الْأَخْذَ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَيَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْهُ ( وَالْعُهْدَةُ ) لِلْمَبِيعِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ .

( وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي شَرِكَةَ الطَّالِبِ ) لِلشُّفْعَةِ ( أَوْ ) أَنْكَرَ ( تَقَدُّمَ مِلْكِهِ ) عَلَى مِلْكِهِ ( حَلَفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) بِذَلِكَ لَا عَلَى الْبَتِّ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ ( فَإِنْ نَكَلَ ) الْمُشْتَرِي ( حَلَفَ الطَّالِبُ عَلَى الْبَتِّ وَأَخَذَ بِالشُّفْعَةِ ، وَإِنْ أَقَامَ الشَّرِيكُ ) بَعْدَ دَعْوَاهُ ( بَيِّنَةً عَلَى ثَالِثٍ أَنَّهُ اشْتَرَى الشِّقْصَ مِنْ ) شَرِيكِهِ ( الْغَائِبِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ) عَلَيْهِ ( الشُّفْعَةَ سُمِعَتْ ) بَيِّنَتُهُ ( وَأَخَذَهُ ) بِهَا ( ثُمَّ إنْ أَصَرَّ الْمُشْتَرِي عَلَى إنْكَارِهِ ) الشِّرَاءَ ( بَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الْمُدَّعِي ) وَإِنْ أَقَرَّ سُلِّمَ الثَّمَنُ إلَيْهِ وَيَمْلِكُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ هُنَا ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَقْضِ لَهُ الْقَاضِي بِالْمِلْكِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَصِحَّةِ الْأَخْذِ وَهُنَا غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِالْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ ( وَإِنْ أَقَامَ الثَّالِثُ ) مَعَ وُجُودِ بَيِّنَةِ الشَّرِيكِ ( بَيِّنَةً أَنَّهُ وَرِثَهُ ، أَوْ اتَّهَبَهُ تَعَارَضَتَا ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ ) أَيْ الْغَائِبَ ( أَعَارَهُ أَوْ أَوْدَعَهُ ) لَهُ ( فَلَا مُنَافَاةَ ) بَيْنَ دَعْوَاهُ وَدَعْوَى الشَّرِيكِ فَيَقْضِي لَهُ بِالشُّفْعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَعَارَهُ ، أَوْ أَوْدَعَهُ ، ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ أَنَّهُ غَصَبَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بِلَفْظِ الْإِعَارَةِ ، أَوْ الْإِيدَاعِ فَاعْتَمَدَهُ الشُّهُودُ بِخِلَافِ مَا إذَا انْقَطَعَ الِاحْتِمَالُ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( إلَّا إنْ تَأَخَّرَ تَارِيخُ الْإِيدَاعِ ) أَوْ الْإِعَارَةِ عَنْ تَارِيخِ الْبَيْعِ ( وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَوْدَعَهُ ) أَوْ أَعَارَهُ لَهُ ( وَهُوَ مِلْكُهُ فَيُرَاجِعُ الشَّرِيكُ ) الْغَائِبَ ( فَإِنْ صَدَّقَهُ ) أَيْ الثَّالِثُ ( سَقَطَ حُكْمُ الشِّرَاءِ ، وَإِنْ قَالَ : لَا حَقَّ لِي ) فِيهِ ( قَضَى بِالشُّفْعَةِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) لَهُ ( بَيِّنَةٌ وَادَّعَى ) هُوَ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الثَّالِثِ ( الشِّرَاءَ ) مِنْ شَرِيكِهِ الْغَائِبِ وَأَنَّهُ

يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الشُّفْعَةَ ( فَصَدَّقَهُ ) عَلَى ذَلِكَ ( شَفَعَ ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ لِتَصَادُقِهِمَا عَلَى الشِّرَاءِ خِلَافًا لِمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ( وَسَجَّلَ الْقَاضِي أَنَّهَا ثَبَتَتْ بِتَصَادُقِهِمَا ) فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا يَأْتِي فِي بَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَتَى لِلْقَاضِي جَمَاعَةٌ بِأَيْدِيهِمْ دَارٌ وَطَلَبُوا مِنْهُ قِسْمَتَهَا وَلَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً بِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ لَمْ يُجِبْهُمْ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي مُقِرٌّ بِأَنَّ الشِّقْصَ كَانَ لِذَلِكَ الْغَائِبِ فَأَمْكَنَ الْعَمَلُ بِتَصَادُقِهِمَا عَلَى انْتِقَالِهِ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إذَا قَدِمَ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْقِسْمَةِ فَإِنَّ الْمَنْعَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ مِلْكَهُمْ وَيَتَّخِذُونَ قِسْمَتَهَا ذَرِيعَةً لِدَعْوَى الْمِلْكِ .

( وَإِنْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ ) كَأَنْ قَالَ : لَمْ أَشْتَرِهِ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَهُ : وَرَثَتُهُ أَوْ اتَّهَبْتُهُ أَمْ لَا ( أَوْ ) زَعَمَ ( أَنَّهُ ) أَيْ الشَّرِيكَ ( لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ ، أَوْ ) قَالَ ( لَا يَلْزَمُنِي ذَلِكَ ) يَعْنِي تَسْلِيمَ الشِّقْصِ إلَيْهِ ( حَلَفَ عَلَى مَا أَجَابَ ) فَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ نَفْيُ الشِّرَاءِ وَلَا يَكْفِيهِ فِي الْأُولَى فِي شِقِّهَا الْأَوَّلِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الشُّفْعَةَ وَقِيلَ يَكْفِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ نَكَلَ ) الثَّالِثُ ( حَلَفَ الطَّالِبُ وَشَفَعَ ) أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ .

( وَلَوْ اعْتَرَفَ الشَّرِيكُ الْقَدِيمُ ) وَهُوَ الْبَائِعُ ( وَالشِّقْصُ فِي يَدِهِ بِالْبَيْعِ مِنْ الثَّالِثِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَأَخَذَ الشِّقْصَ مِنْهُ ) بِهَا ؛ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ يَتَضَمَّنُ إثْبَاتَ حَقٍّ لِلْمُشْتَرِي وَحَقٍّ لِلشَّفِيعِ فَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الشَّفِيعِ بِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي كَمَا لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي بِإِنْكَارِ الشَّفِيعِ ( وَسُلِّمَ الثَّمَنُ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ ( إنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِهِ وَعَلَيْهِ الْعُهْدَةُ ) أَيْ عُهْدَةُ الشِّقْصِ لِتَلَقِّي الْمِلْكِ مِنْهُ وَكَانَ الشَّفِيعُ هُوَ الْمُشْتَرِيَ .
( فَلَوْ امْتَنَعَ مِنْ قَبْضِهِ مِنْ الشَّفِيعِ فَهَلْ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمُشْتَرِي ) بِهِ أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالُهُ أَبْعَدَ عَنْ الشُّبْهَةِ ، وَالرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِالدَّرْكِ أَسْهَلُ ، ثُمَّ إنْ حَلَفَ الْمُشْتَرِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مِنْهُ وَكَانَتْ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ ( فَإِنْ اعْتَرَفَ ) مَعَ الْبَيْعِ ( بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ ، وَإِنْ قَالَ الثَّالِثُ اشْتَرَيْته لِغَيْرِي فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي الدَّعَاوَى ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا جَمِيعُ مَا هُنَاكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ وَالْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ وَافَقَ عَلَى ذَلِكَ انْتَقَلَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ ، وَإِنْ أَنْكَرَ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِلَا ثَمَنٍ وَكَذَا يَأْخُذَانِ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا أَوْ مَجْهُولًا لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى سَدِّ بَابِ الشُّفْعَةِ ، وَإِنْ كَانَ طِفْلًا مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ لِلْمُقِرِّ وِلَايَةٌ فَكَذَلِكَ ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ .

قَوْلُهُ : وَالشِّقْصُ فِي يَدِهِ ) يَلْحَقُ بِهِ مَا لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَقَالَ هُوَ عِنْدِي وَدِيعَةً لَهُ ، أَوْ عَارِيَّةً أَيْ أَوْ نَحْوَهُمَا كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ .
( قَوْلُهُ : أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ اعْتَرَفَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ وَبَقِيَ الثَّمَنُ فِي يَدِ الشَّفِيعِ عَيْنًا كَانَ ، أَوْ دَيْنًا ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ تَكَرَّرَ مِنْ الرَّافِعِيِّ تَخْرِيجُ الدَّيْنِ عَلَى الْأَوْجَهِ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّاجِحَ تَسْلِيطُ الشَّفِيعِ عَلَى التَّمَلُّكِ وَالتَّصَرُّفِ مَعَ كَوْنِ الثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ السَّابِقَةَ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ لَا بُدَّ مِنْ رَفْعِهِ إلَى الْقَاضِي لِيُلْزِمَهُ الْقَبْضَ ، أَوْ يُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ لِيَحْصُلَ الْمِلْكُ لِلشَّفِيعِ فَإِنْ فُرِضَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حُصُولُ الْمِلْكِ بِسَبَبٍ آخَرَ كَالْقَضَاءِ اسْتَقَامَ وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : إنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْعَيْنِ قَالَ : وَأَجْرَاهُ ابْنُ يُونُسَ فِي الدَّيْنِ أَيْضًا وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ هَذَا كَلَامُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ .
ا هـ .
، وَقَالَ ابْنُ النَّقِيبِ : هُنَاكَ الْمُشْتَرِي مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَهُنَا بِخِلَافِهِ وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَا : إنَّ الشَّفِيعَ هَاهُنَا لَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَأْخُذُ مَعَ بَقَاءِ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ مُعْتَرِفٌ بِالشِّرَاءِ وَصِحَّةِ الْأَخْذِ فَنَاسَبَ أَنَّ الْقَاضِيَ يَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُنَا - وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ - غَيْرُ مُعْتَرِفٍ بِالْمِلْكِ بِالْكُلِّيَّةِ فَكَيْفَ يُلْزِمُهُ الْقَاضِي بِقَبْضِ مَا لَا يَدَّعِيهِ وَيَعْتَرِفُ بِهِ ( قَوْلُهُ : بَلْ الْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْبَزَّارُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي التَّزَاحُمِ ) أَيْ تَزَاحُمِ الشُّفَعَاءِ ( فَالشُّفْعَةُ ) تَثْبُتُ لِلشُّرَكَاءِ ( عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ ) مِنْ الْمِلْكِ ( لَا ) قَدْرِ ( الرُّءُوسِ ) لِأَنَّهَا مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ فَتُقَدَّرُ بِقَدْرِهِ كَكَسْبِ الْمُشْتَرَكِ وَنِتَاجِهِ وَثِمَارِهِ فَلَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَبَاعَ الْأَوَّلُ حِصَّتَهُ أَخَذَ الثَّانِي سَهْمَيْنِ وَالثَّالِثُ سَهْمًا وَقِيلَ تَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ فَيُقْسَمُ النِّصْفُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ سَوَاءً ؛ لِأَنَّ سَبَبَ ثُبُوتِهَا اسْمُ الشَّرِكَةِ وَهُوَ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ .
كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَرَجَّحَ الْأَصْحَابُ الْأَوَّلَ لِمَا مَرَّ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَثْبُتُ لِدَفْعِ مُؤْنَةِ الْقِسْمَةِ كَمَا مَرَّ لَا لِدَفْعِ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ ، وَالْمُؤْنَةُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحِصَصِ فَأَخَذُوا بِقَدْرِهَا ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ مَا يَلْزَمُهُ بِالْقِسْمَةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : وَهَذَا خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ لَمَّا حَكَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأُمِّ قَالَ : وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُمَا فِي الشُّفْعَةِ سَوَاءٌ ، وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ .
( وَكَذَا ) تَثْبُتُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ ( إنْ وَرِثُوهَا ) لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ مُوَرِّثِهِ .

( قَوْلُهُ : فَالشُّفْعَةُ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ مِنْ الْمِلْكِ ) كَالْأُجْرَةِ فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرُوا رَجُلًا لِقِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ قَوْلُهُ : كَأُجْرَةِ كِتَابَةِ الصَّكِّ ) ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَكَوْنُ أُجْرَتِهَا عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِالسَّوَاءِ ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ حِصَصُهُمْ مَسْأَلَةٌ حَسَنَةٌ لَا أَسْتَحْضِرُ الْآنَ هَلْ ذُكِرَتْ فِي الْقَضَاءِ أَمْ لَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَهَبَ لِشَخْصٍ مَثَلًا ثُلُثَ دَارٍ وَلِآخَرَ نِصْفَهَا وَلِآخَرَ سُدُسَهَا فَأُجْرَةُ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِمْ بِالسَّوَاءِ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَتَفَاوَتُ فِي قَدْرِ الْحِصَصِ وَكَذَلِكَ حِفْظُ الشَّهَادَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أُجْرَةُ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ يَسْتَوِي فِيهَا الْمَالُ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ .
( قَوْلُهُ : وَبِهَذَا الْقَوْلِ أَقُولُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ السِّرَايَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السِّرَايَةَ مِنْ بَابِ الْإِتْلَافِ وَالشُّفْعَةَ مِنْ بَابِ مَرَافِقِ الْمِلْكِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : قَوْلُهُ : " إنَّ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ خِلَافُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ خَطَأٌ إنَّمَا تَسْتَقِيمُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ وَاحِدٌ .
ا هـ .
وَرُدَّ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلَانِ رَجَّحَ أَحَدَهُمَا اسْتَقَامَ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَذْهَبَهُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ ( تَنْبِيهٌ ) إنَّمَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِلْوَارِثِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ خَلَّفَ حَقًّا فَلِوَرَثَتِهِ } وَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَاتَ ) مَالِكُ دَارٍ ( عَنْ ابْنَيْنِ ، ثُمَّ ) مَاتَ ( أَحَدُهُمَا عَنْ ابْنَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا ) نَصِيبَهُ ( فَالشُّفْعَةُ ) تَثْبُتُ ( لِلْعَمِّ وَالْأَخِ ) لَا لِلْأَخِ فَقَطْ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْمِلْكِ ، وَالنَّظَرُ فِي الشُّفْعَةِ إلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ لَا إلَى سَبَبِ مِلْكِهِ ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الْمُحْوِجَ إلَى إثْبَاتِهَا لَا يَخْتَلِفُ ( وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ شَرِيكَيْنِ مَلَكَا بِسَبَبٍ ، وَغَيْرِهِمَا مِنْ الشُّرَكَاءِ ) مَلَكَ ( بِسَبَبٍ آخَرَ ) فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ( مِثَالُهُ بَيْنَهُمَا دَارٌ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ ، أَوْ وَهَبَهُ لِرَجُلَيْنِ ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فَالشُّفْعَةُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ) لِمَا مَرَّ .

( وَإِنْ مَاتَ ) شَخْصٌ ( عَنْ بِنْتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَخَلَّفَ دَارًا فَبَاعَتْ إحْدَاهُنَّ ) هَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إحْدَى الْبِنْتَيْنِ ( نَصِيبَهَا شَفَعْنَ كُلُّهُنَّ ) أَيْ الْبَاقِيَاتُ لَا أُخْتُهَا فَقَطْ ( وَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ نَصِيبِهِ مِنْ زَيْدٍ ثُمَّ بَاقِيَهُ مِنْ عَمْرٍو فَإِنْ شَفَعَ الشَّرِيكُ عَلَى ) النَّصِيبِ ( الْأَوَّلِ ) أَيْ اسْتَعْلَى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ ( انْفَرَدَ بِالثَّانِي ) لِزَوَالِ مِلْكِ مَنْ اشْتَرَاهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ الْأَوَّلُ بِالشُّفْعَةِ بَلْ عَفَا عَنْهَا ( شَارَكَهُ ) الْمُشْتَرِي ( الْأَوَّلُ ) لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ سَبَقَ الصَّفْقَةَ الثَّانِيَةَ وَاسْتَقَرَّ بِعَفْوِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ فَيَسْتَحِقُّ بِهِ ، وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ " الْأَوَّلُ " : فِي الْآخَرِ ، أَيْ : وَإِلَّا شَارَكَهُ الْأَوَّلُ فِي الْآخَرِ أَيْ فِي النَّصِيبِ الثَّانِي .

( فَصْلٌ : لَوْ عَفَا ) الشَّفِيعُ ( عَنْ بَعْضِ الشُّفْعَةِ سَقَطَ الْكُلُّ ) كَالْقِصَاصِ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : لَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الشُّفْعَةِ سَقَطَ الْكُلُّ ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ مَا لَمْ يَعْفُ عَنْهُ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ

( وَلَوْ عَفَا أَحَدُهُمَا ) أَيْ أَحَدُ شَفِيعَيْنِ عَنْ حَقِّهِ ( أَخَذَ الْآخَرُ الْكُلَّ ، أَوْ تَرَكَ ) هـ ؛ لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ ثَبَتَ لِكُلِّ وَاحِدٍ فِي جَمِيعِ الشِّقْصِ لِوُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَهُوَ الشَّرِكَةُ ، وَإِنَّمَا قُسِمَ عِنْدَ التَّزَاحُمِ لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ فَإِذَا أَسْقَطَ أَحَدُهُمَا حَقَّهُ زَالَتْ الزَّحْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَخَيَّرْنَاهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْمُنْفَرِدِ وَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَخْذِ نَصِيبِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي .

( وَلَوْ مَاتَ كُلٌّ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ عَنْ ابْنَيْنِ فَعَفَا أَحَدُهُمْ ) عَنْ حَقِّهِ ( صَارَتْ ) أَيْ الشُّفْعَةُ ( لِلثَّلَاثَةِ أَثْلَاثًا ) .

( فَرْعٌ لَوْ ادَّعَى ) الْمُشْتَرِي ( عَفْوَ الشَّفِيعَيْنِ الْوَارِثَيْنِ فَنَكَلَا ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ الْمُشْتَرِي وَسَقَطَتْ ) شُفْعَتُهُمَا ( أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا ) فَقَطْ ( لَمْ يَحْلِفْ الْمُشْتَرِي ) إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ فِي حَلِفِهِ فَإِنَّهُ ، وَإِنْ ثَبَتَ عَفْوُ أَحَدِهِمَا أَخَذَ الثَّانِي تَمَامَ الشِّقْصِ ( وَلِلْحَالِفِ مُخَاصَمَةُ أَخِيهِ فَإِنْ حَلَفَ ) أَخُوهُ ( النَّاكِلُ ) أَوْ صَدَّقَهُ الْحَالِفُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ ( اشْتَرَكَا ) فِي الشُّفْعَةِ وَلَا يَمْنَعُ النَّاكِلَ مِنْ الْحَلِفِ نُكُولُهُ فِي جَوَابِ الْمُشْتَرِي ( أَوْ نَكَلَ ) أَيْضًا ( وَحَلَفَ الْآخَرُ ) أَيْ الْحَالِفُ أَوَّلًا ( أَخَذَ الْجَمِيعَ ) بِالشُّفْعَةِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فَنَكَلَا مَا لَوْ حَلَفَا أَيْ عَلَى الْبَتِّ فَيَأْخُذَانِ بِالشُّفْعَةِ أَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي عَفْوَ مُوَرِّثِهِمَا فَإِنَّهُمَا إنَّمَا يَحْلِفَانِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( اسْتَحَقَّهَا ثَلَاثَةٌ ) كَأَنْ كَانَتْ دَارٌ لِأَرْبَعَةٍ ( بِالسَّوَاءِ ) فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ وَاسْتَحَقَّهَا الْبَاقُونَ ( فَحَضَرَ أَحَدُهُمْ أَخَذَ الْكُلَّ ، أَوْ تَرَكَهُ ) فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ لِئَلَّا تَتَبَعَّضَ الصَّفْقَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي لَوْ لَمْ يَأْخُذْ الْغَائِبَانِ ( وَلَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِحُضُورِهِمَا جَازَ ) لِعُذْرِهِ فِي أَنْ لَا يَأْخُذَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَلِأَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ فَيُؤَخَّرُ لِيُنْظَرَ هَلْ يَأْخُذُ الْغَائِبَانِ فَيَأْخُذُ مَعَهُمَا أَوْ لَا ( فَإِنْ أَخَذَ الْكُلَّ وَحَضَرَ الثَّانِي نَاصَفَهُ ) بِنِصْفِ الثَّمَنِ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا شَفِيعَانِ ( وَيَأْخُذُ الثَّالِثُ إنْ حَضَرَ مِنْ كُلٍّ ) مِنْ الْمُتَنَاصَفَيْنِ ( ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ ) إنْ شَاءَ ( فَإِنْ رَدَّ الْأَوَّلُ ) مَا أَخَذَهُ ( بِعَيْبٍ ) ثُمَّ حَضَرَ الثَّانِي ( فَلِلثَّانِي أَخْذُ الْكُلِّ ، وَإِنْ خَرَجَ الشِّقْصُ مُسْتَحَقًّا ) بَعْدَ مَا ذُكِرَ ( رَجَعَ الْأَوَّلُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَ ) رَجَعَ ( الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ وَ ) رَجَعَ ( الثَّالِثُ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ، كُلٌّ ) مِنْهُمْ يَرْجِعُ ( بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الْمَرْجُوعِ عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ الْأَوَّلُ بِالثَّمَنِ كُلِّهِ وَالثَّانِي بِالنِّصْفِ وَالثَّالِثُ بِالثُّلُثِ كَمَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ جَرَى بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ ( وَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَرَادَ أَخْذَ ثُلُثِ مَا فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ ) كَمَا يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ فَقَطْ .
( وَلَوْ بَنَى الْأَوَّلُ ، أَوْ غَرَسَ فِيمَا أَفْرَزَهُ لَهُ الْحَاكِمُ ) بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ ( ثُمَّ حَضَرَا لَمْ يَقْلَعَا عَلَيْهِ ) الْبِنَاءَ وَالْغِرَاسَ مَجَّانًا كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَقْلَعُ بِنَاءَ الْمُشْتَرِي وَغِرَاسَهُ مَجَّانًا وَلَوْ حَضَرَ اثْنَانِ فَأَخَذَا الشِّقْصَ وَاقْتَسَمَا مَعَ الْحَاكِمِ ، ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَلَهُ الْأَخْذُ ، وَإِبْطَالُ الْقِسْمَةِ فَإِنْ عَفَا

اسْتَمَرَّتْ الْقِسْمَةُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ ) أَيْ الْأَوَّلِ ( فَوَائِدُ ) مِنْ أُجْرَةٍ وَثَمَرَةٍ وَغَيْرِهِمَا ( فَكَالْمُشْتَرِي ) فِي أَنَّهَا تُسَلَّمُ لَهُ فَلَا يُزَاحِمُهُ فِيهَا الثَّانِي وَالثَّالِثُ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِ كَمَا لَا يُزَاحِمُ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ وَالثَّالِثُ مَعَ الثَّانِي كَالثَّانِي وَالثَّالِثِ مَعَ الْأَوَّلِ ( وَاعْلَمْ أَنَّ لِلثَّانِي أَخْذَ الثُّلُثِ مِنْ الْأَوَّلِ ) لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ الْحَقُّ عَلَيْهِ ؛ إذْ الْحَقُّ ثَبَتَ لَهُمْ أَثْلَاثًا ( فَإِنْ حَضَرَ الثَّالِثُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ ، أَوْ ثُلُثَ مَا فِي يَدِ كُلٍّ ) مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ( وَكَانَ الثَّانِي ) فِي الثَّانِيَةِ ( قَدْ أَخَذَ ) مِنْ الْأَوَّلِ ( النِّصْفَ اسْتَوَوْا ) فِي الْمَأْخُوذِ ( أَوْ ) أَخَذَ الثَّالِثُ ( ثُلُثَ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ الثَّانِي فَلَهُ ضَمُّهُ إلَى مَا فِي يَدِ الْأَوَّلِ وَيَقْتَسِمَانِهِ بِالسَّوِيَّةِ ) بَيْنَهُمَا فَتَصِحُّ قِسْمَةُ الشِّقْصِ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ الثُّلُثِ وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ تِسْعَةٍ يَضُمُّهُ إلَى سِتَّةٍ مِنْهَا فَلَا يَصِحُّ عَلَى اثْنَيْنِ فَتَضْرِبُ اثْنَيْنِ فِي تِسْعَةٍ فَلِلثَّانِي مِنْهَا اثْنَانِ فِي الْمَضْرُوبِ فِيهَا بِأَرْبَعَةٍ تَبْقَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةٌ ، وَإِذَا كَانَ رُبُعُ الدَّارِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَجُمْلَتُهَا اثْنَانِ وَسَبْعُونَ ، وَإِنَّمَا كَانَ لِلثَّالِثِ أَخْذُ ثُلُثِ الثُّلُثِ مِنْ الثَّانِي ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ .
( وَإِنْ شَفَعَ الْحَاضِرَانِ ، ثُمَّ غَابَ أَحَدُهُمَا فَحَضَرَ الثَّالِثُ وَلَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَهَلْ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْحَاضِرِ ) لِأَنَّهُ إذَا غَابَ أَحَدُهُمَا فَكَأَنَّ الْحَاضِرَيْنِ هُمَا الشَّفِيعَانِ فَيُسَوِّي بَيْنَهُمَا ( أَوْ ) يَأْخُذُ ( ثُلُثَهُ ) لِأَنَّهُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْهُ ( وَجْهَانِ ) وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ .
( فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ وَغَابَ الْحَاضِرُ وَقَدْ أَخَذَ ) أَيْ الثَّالِثُ ( مِنْهُ ) أَيْ

مِنْ الْحَاضِرِ ( النِّصْفَ ) أَيْ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ ( أَخَذَ مِنْ هَذَا ) الَّذِي حَضَرَ ( السُّدُسَ ) وَيَتِمُّ بِذَلِكَ نَصِيبُهُ ( أَوْ ) أَخَذَ مِنْهُ ( الثُّلُثَ فَالثُّلُثَ ) يَأْخُذُ مِنْ الْحَاضِرِ وَالشِّقْصُ فِي الْمَسْأَلَةِ يُقْسَمُ عَلَى الْأَوَّلِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ نِصْفٌ وَسُدُسٌ ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ اثْنَيْ عَشَرَ فَالْكُلُّ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ وَعَلَى الثَّانِي مِنْ سِتَّةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَلِنِصْفِهِ ثُلُثٌ ، وَإِذَا كَانَ الرُّبُعُ سِتَّةً فَالْكُلُّ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَمَّا إذَا قُضِيَ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ فَيَأْخُذُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ ثُلُثَ مَا بِيَدِهِ .

( قَوْلُهُ : فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ فَقَطْ ) أَيْ وَإِنْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَخَّرَ الْأَخْذَ لِحُضُورِهِمَا جَازَ ) مَحَلُّهُ مَا إذَا قَالَ أُؤَخِّرُ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الشُّرَكَاءِ فَإِنْ أَخَذُوا ، وَإِلَّا أَخَذْتُ ، أَوْ قَالَ أُؤَخِّرُ الْأَخْذَ إلَى حُضُورِ الشُّرَكَاءِ فَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا آخُذُ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِي سَوَاءٌ شَارَكَهُ الْغَائِبُونَ أَمْ لَا سَقَطَ حَقُّهُ صَرَّحَ بِهَا الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ مَنْ صَرَّحَ بِالْإِعْرَاضِ قَوْلُهُ : بِالْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ ) بِأَنْ نَصَبَ الْحَاكِمُ قَيِّمًا فِي الْقِسْمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَائِبَيْنِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ حَدَثَتْ مَعَهُ فَوَائِدُ فَكَالْمُشْتَرِي ) سَبَقَ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَكَيْفَ يُقَالُ : الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ وَالْفَوَائِدُ لِلشَّفِيعِ .
وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْفَوَائِدَ تَابِعَةٌ لِلْمِلْكِ وَهُوَ حَاصِلٌ لِلشَّفِيعِ وَالْعُهْدَةُ عَلَى مَنْ اُسْتُحِقَّتْ عَلَيْهِ الشُّفْعَةُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي فَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ : لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا مِنْ جُزْءٍ الْأَوْلَى مِنْهُ ثُلُثُهُ ) أَيْ وَتَرْكُكَ حَقَّك - وَهُوَ مُشَاطَرَةُ الْأَوَّلِ - لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ أَتْرُكَ أَنَا حَقِّي .
( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ اسْتَحَقَّهَا اثْنَانِ ) حَاضِرٌ وَغَائِبٌ ( فَعَفَا الْحَاضِرُ وَمَاتَ الْغَائِبُ فَلِوَرَثَةِ الْحَاضِرِ أَخْذُ الْكُلِّ ) بِالشُّفْعَةِ ، وَإِنْ عَفَا أَوَّلًا ؛ لِأَنَّهُ الْآنَ يَأْخُذُ بِحَقِّ الْإِرْثِ .

( فَصْلٌ : إنَّمَا مُنِعَ التَّبْعِيضُ ) فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ ( لِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ ) مِنْ وَاحِدٍ ( جَازَ ) لِلشَّفِيعِ ( أَخْذِ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ) فَقَطْ ؛ إذْ لَا تَفْرِيقَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَاعَ اثْنَانِ شِقْصًا لِوَاحِدٍ جَازَ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ اشْتَرَيَاهُ مِنْ اثْنَيْنِ جَازَ ) لِلشَّفِيعِ ( أَخْذُ رُبُعِهِ فَمَا فَوْقَهُ أَرْبَاعًا ) أَيْ نِصْفَهُ ، أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ ، أَوْ الْجَمِيعَ ( وَلَوْ وَكَّلَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ شَرِيكَهُ ) أَيْ أَحَدَ شَرِيكَيْهِ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ ( فَبَاعَ نَصِيبَهُمَا صَفْقَةً بِالْإِذْنِ ) فِي بَيْعِهِ كَذَلِكَ بَلْ ، أَوْ بِدُونِهِ ( لَمْ يُفَرِّقْهَا الثَّالِثُ ) بَلْ يَأْخُذْ الْجَمِيعَ ، أَوْ يَتْرُكْهُ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ اشْتَرَى الشِّقْصَ اثْنَانِ مِنْ وَاحِدٍ جَازَ لِلشَّفِيعِ أَخْذُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا ) الْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ لَا بِالْعَاقِدِ فَالْعِبْرَةُ فِي تَعَدُّدِهَا وَاتِّحَادِهِ بِالْمُوَكِّلِ لَا بِالْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ : صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ وَقَدْ عَكَسُوا هُنَا فَقَطَعُوا بِتَعَدُّدِهَا بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِلَافُ فِي تَعَدُّدِ الْبَائِعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّ أَحَدِهِمَا عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا بَاعَهُ جُمْلَةً وَالْأَخْذَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِالشُّفْعَةِ يُبَعِّضُ عَلَيْهِ مَا مَلَكَهُ جُمْلَةً .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ لَا بِالْمَعْقُودِ لَهُ ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الشُّفْعَةِ بِالْوَكِيلِ وَالْأَصَحُّ اعْتِبَارُ الْمُوَكِّلِ فَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ حِينَئِذٍ

( وَلَوْ كَانَتْ ) دَارٌ ( بَيْنَ اثْنَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ فِي بَيْعِ نِصْفِ نَصِيبِهِ ) مُطْلَقًا ، أَوْ ( مَعَ نَصِيبِ صَاحِبِ صَفْقَةٍ ) فَبَاعَ كَذَلِكَ ( فَلِلْمُوَكِّلِ إفْرَادُ نَصِيبِ الْوَكِيلِ بِالْأَخْذِ ) بِالشُّفْعَةِ بِحَقِّ النِّصْفِ الْبَاقِي لَهُ ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ اشْتَمَلَتْ عَلَى مَا لَا شُفْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِيهِ وَهُوَ مِلْكُهُ وَعَلَى مَا فِيهِ شُفْعَةٌ وَهُوَ مِلْكُ الْوَكِيلِ فَأَشْبَهَ مَنْ بَاعَ شِقْصًا وَثَوْبًا بِمِائَةٍ .

( وَإِنْ بَاعَ شِقْصَيْنِ مِنْ دَارَيْنِ صَفْقَةً جَازَ أَخْذُ أَحَدِهِمَا وَلَوْ اتَّحَدَ ) فِيهِمَا ( الشَّفِيعُ ) لِأَنَّهُ لَا يُفْضِي إلَى تَبْعِيضِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ .

.
( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا ) ( الشُّفْعَةُ ) أَيْ طَلَبُهَا بِأَنْ يَقُولَ : أَنَا طَالِبٌ ، أَوْ نَحْوَهُ ( بَعْدَ الْعِلْمِ ) أَيْ عِلْمِ الشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ ( عَلَى الْفَوْرِ ) وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّمَلُّكُ ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ( وَلَا يُكَلَّفُ ) الشَّفِيعُ بَعْدَ عِلْمِهِ ( غَيْرَ الْمُبَادَرَةِ الْمُعْتَادَةِ ) مِنْ عَدْوٍ وَنَحْوِهِ فَمَا يُعَدُّ تَقْصِيرًا فِي الطَّلَبِ يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَمَا لَا فَلَا ( وَلَا ) يُكَلَّفُ ( الْإِشْهَادَ ) عَلَى الطَّلَبِ ( إذَا سَارَ ) طَالِبًا فِي الْحَالِ ( أَوْ وَكَّلَ ) فِي الطَّالِبِ فَلَا تَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِتَرْكِهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِأَنَّ تَسَلُّطَ الشَّفِيعِ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَقْوَى مِنْ تَسَلُّطِ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ كَمَا لَا يَخْفَى ( وَلَا يُغْنِيهِ الْإِشْهَادُ عَنْ الرَّفْعِ ) إلَى الْقَاضِي .

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْقِطَاتِهَا ) .
( قَوْلُهُ : الشُّفْعَةُ بَعْدَ الْعِلْمِ عَلَى الْفَوْرِ ) الشُّفْعَةُ الَّتِي يَأْخُذُهَا الْوَلِيُّ لِمَحْجُورِهِ إذَا كَانَ فِيهَا غِبْطَةٌ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَلْ هِيَ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ عَلَى التَّرَاخِي قَطْعًا حَتَّى لَوْ أَخَّرَهَا ، أَوْ عَفَا عَنْهَا لَمْ تَسْقُطْ لِأَجْلِ الْيَتِيمِ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ .
( قَوْلُهُ : أَوْ وَكَّلَ فِي الطَّلَبِ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ ، أَوْ نَائِبِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ لَك أَنْ تَقُولَ مَعْنَاهُ " بِنَفْسِهِ إنْ قَدَرَ وَبِنَائِبِهِ إنْ عَجَزَ " لِيُوَافِقَ تَرْتِيبَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ وَلَك أَنْ تَقُولَ التَّوْكِيلُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْعَجْزِ وَصَرَّحَ ابْنُ السَّرَّاجِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّ لَهُ التَّوْكِيلَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَادِرًا مُتَمَكِّنًا بِنَفْسِهِ مِنْ الْمُبَادَرَةِ أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّوْكِيلَ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْمَرَضِ وَهُوَ فِقْهٌ وَاضِحٌ فَإِنَّ وَكِيلَ الْإِنْسَانِ قَائِمٌ مَقَامَهُ لَكِنْ لَمْ أَرَهُمْ ذَكَرُوا التَّوْكِيلَ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ بِالْمَرَضِ ، أَوْ نَحْوِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ يَتَعَيَّنُ طَرِيقًا لَا ؛ لِأَنَّهُ يَمْتَنِعُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِنَفْسِهِ .
ا هـ .
وَالْأَوَّلُ أَوْلَى فَإِنَّ الشُّفْعَةَ كَحَلِّ الْعِقَالِ وَالتَّوْكِيلَ مَعَ الْقُدْرَةِ يُعَدُّ تَقْصِيرًا وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ : وَإِذَا عَلِمَ ؛ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ وَجَبَتْ الْمُبَادَرَةُ عَادَةً بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ كَمَا ذُكِرَ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ .
( قَوْلُهُ : وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ ، وَاسْتِمْرَارُهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ ، وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ إظْهَارَ الطَّلَبِ ، وَالسَّيْرُ

يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ فس قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَوْ تَمَكَّنَ مِنْ إشْهَادِ جِيرَانِهِ لَيْلًا وَمُؤَاكَلَةً إذَا كَانَ عَلَى الطَّعَامِ فَلَمْ يَفْعَلْ فَفِي بُطْلَانِ شُفْعَتِهِ وَجْهَانِ لِلْقَاضِي أَظْهَرُهُمَا أَنَّهَا لَا تَبْطُلُ .
ا هـ .
سَكَتُوا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ يَأْكُلُ فَلَا يُسْتَحَبُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَهَلْ يَكُونُ عُذْرًا فِي تَأْخِيرِ الْأَخْذِ إلَى فَرَاغِهِ فِيهِ نَظَرٌ .
( قَوْلُهُ : بِأَنْ تَسَلَّطَ الشَّفِيعُ عَلَى الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْإِشْهَادَ ثَمَّ عَلَى الْفَسْخِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ وَهُنَا عَلَى الطَّلَبِ وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِلْمَقْصُودِ وَيُغْتَفَرُ فِي الْوَسَائِلِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَقَاصِدِ س

( فَإِنْ أَخَّرَ ) طَلَبَ الشُّفْعَةِ ( بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ ) لِتَقْصِيرِهِ ( وَيُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ مَرِيضٍ ) بِطَلَبِهَا وَإِنْ لَحِقَهُ فِي التَّوْكِيلِ مِنَّةٌ وَمُؤْنَةٌ إذَا ( تَعَذَّرَ طَلَبُهُ وَ ) تَوْكِيلُ ( خَائِفٍ ) مِنْ عَدُوٍّ ( وَمَحْبُوسٍ غَيْرِ مُقَصِّرٍ ) بِأَنْ حُبِسَ ظُلْمًا أَوْ بِدَيْنٍ هُوَ مُعْسِرٌ بِهِ عَاجِزٌ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ( كَغَيْرِ الْمَلِيءِ ) بِخِلَافِ مَرِيضٍ لَمْ يَتَعَذَّرْ طَلَبُهُ وَمَحْبُوسٍ مُقَصِّرٍ كَالْمَلِيءِ ( فَلَوْ لَمْ يَفْعَلُوا ) التَّوْكِيلَ ( أَوْ عَجَزُوا ) عَنْهُ ( وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ ) شُفْعَتُهُمْ لِتَقْصِيرِهِمْ ( فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي رَفَعَ ) الشَّفِيعُ أَمَرَهُ ( إلَى الْقَاضِي وَأَخَذَ ) بِالشُّفْعَةِ ( وَلَهُ ذَلِكَ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْقَاضِي وَالْأَخْذِ بِهَا ( مَعَ حُضُورِهِ ) كَنَظِيرِهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ .
( قَوْلُهُ : وَلَمْ يُشْهِدُوا عَلَى الطَّلَبِ بَطَلَتْ ) فَإِنْ أَشْهَدُوا وَلَوْ وَاحِدًا لَمْ تَبْطُلْ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ غَابَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ غَيْبَةً حَائِلَةً بَيْنَ الشَّفِيعِ وَبَيْنَ مُبَاشَرَةِ الطَّلَبِ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِهِ .

( فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي ) مِنْ بَلَدِهِ ( خَرَجَ لِطَلَبِهَا هُوَ أَوْ وَكِيلُهُ ) عِنْدَ بُلُوغِهِ الْخَبَرَ ( لَا إنْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا وَلَمْ يَجِدْ رُفْقَةً تُعْتَمَدُ ، أَوْ كَانَ ) إذْ ذَاكَ ( حَرٌّ وَبَرْدٌ مُفْرِطَانِ ) فَلَا يَلْزَمُهُ الْخُرُوجُ بَلْ لَهُ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَزُولَ ذَلِكَ .

( وَلْيُشْهِدْ ) رَجُلَيْنِ ، أَوْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ عَلَى الطَّلَبِ وُجُوبًا إذَا أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ وَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّوْكِيلُ فَإِنْ أَشْهَدَ رَجُلًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يَكْفِ لِأَنَّ بَعْضَ الْقُضَاةِ لَا يَحْكُمُ بِهِمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الرُّويَانِيِّ ، ثُمَّ قَالَ : وَلَا يَبْعُدُ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ عَلَى رَأْيٍ ، قُلْت : وَهُوَ قِيَاسُ مَا قَالَهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الْأَقْرَبُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ ( فَإِنْ عَجَزَ ) عَنْ الْإِشْهَادِ ( لَمْ يَجِبْ التَّلَفُّظُ بِالتَّمَلُّكِ ) كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ .
( قَوْلُهُ : وَلْيُشْهِدْ ) لَوْ قَالَ أَشْهَدْت فُلَانًا وَفُلَانًا وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ .
( قَوْلُهُ : وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( فَإِنْ عَلِمَ الْحَاضِرُ ) بِالْبَيْعِ ( وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ ) وَلَوْ نَافِلَةً ( أَوْ أَكْلٌ ، أَوْ لُبْسٌ ، أَوْ قَضَاءُ حَاجَةٍ أَوْ كَانَ فِي حَمَّامٍ ، أَوْ لَيْلًا فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ ) لَهُ تَأْخِيرُ الطَّلَبِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَلْزَمُهُ تَخْفِيفُ الصَّلَاةِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ وَكَحُضُورِ وَقْتِ الْأَرْبَعَةِ الْأُوَلِ وَالِاشْتِغَالِ بِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ، وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ اللُّبْسِ وَاللَّيْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ ( وَإِنْ لَقِيَهُ ) فِي غَيْرِ بَلَدِ الشِّقْصِ ( فَأَخَّرَ ) الْأَخْذَ إلَى الْعُودِ ( إلَى بَلَدِ الشِّقْصِ بَطَلَتْ ) شُفْعَتُهُ لِاسْتِغْنَاءِ الْآخِذِ عَنْ الْحُضُورِ عِنْدَ الشِّقْصِ .
( قَوْلُهُ : وَحَضَرَتْ صَلَاةٌ وَلَوْ نَافِلَةً ) الْمُضِيُّ إلَى الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ كَذَلِكَ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا .
( قَوْلُهُ : أَوْ لَيْلًا إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخَانِ فَحَتَّى يُصْبِحَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا " مُدَّةً إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ " وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ .
( قَوْلُهُ : فَأَخَّرَ لِذَلِكَ جَازَ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ مَتَى تَمَكَّنَ مِنْ الْمَسِيرِ لَيْلًا بِلَا كُلْفَةٍ لَزِمَهُ وَحَكَى فِي الْكِفَايَةِ عَنْ التَّتِمَّةِ نَحْوَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَالْمَعْنَى - وَالْفِقْهُ يَقْتَضِيهِ وَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ - إذَا جَمَعَتْهُمَا مَحَلَّةٌ أَوْ مَسْجِدٌ بَعْدَ الْغُرُوبِ ، أَوْ فِي صَلَاةِ الْعِشَاءِ ، أَوْ كَانَ الْبَائِعُ ، أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ الشُّهُودُ جِيرَانَهُ وَسَهُلَ عَلَيْهِ الِاجْتِمَاعُ بِأَحَدِهِمْ كَمَا فِي النَّهَارِ

( فَصْلٌ : وَإِنْ ) أَخَّرَ الطَّلَبَ ، ثُمَّ ( قَالَ : لَمْ أُصَدِّقْ ) مُخْبِرِي ( وَقَدْ أَخْبَرَهُ شَاهِدَانِ ) رَجُلَانِ ، أَوْ رَجُلٌ .
وَامْرَأَتَانِ ( وَكَذَا ) وَاحِدٌ ( مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ ) وَلَوْ عَبْدًا ، أَوْ امْرَأَةً ( أَوْ جَمْعٌ كَثِيرٌ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ ) عَلَى الْكَذِبِ وَلَوْ كُفَّارًا ( بَطَلَتْ ) شُفْعَتُهُ ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدَيْنِ مَقْبُولَةٌ ، وَخَبَرُ مَقْبُولِ الرِّوَايَةِ مَقْبُولٌ فِي الْإِخْبَارِ كَمَا هُنَا ، وَخَبَرُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ مُفِيدٌ لِلْعِلْمِ فَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَعْتَمِدَهُمْ فَلَوْ قَالَ فِي الْأَوَّلَيْنِ : جَهِلْت ثُبُوتَ الْعَدَالَةِ وَكَانَ مِثْلُهُ يَجُوزُ أَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ لَمْ يَبْعُدْ قَبُولُ قَوْلِهِ ؛ لِأَنَّ رِوَايَةَ الْمَجْهُولِ لَا تُسْمَعُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ : لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي وَهُمَا عَدْلَانِ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مُحْتَمَلٌ ، وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَكَفَاسِقٍ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ ؛ لِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُعَامَلَاتِ يَسْتَوِي فِيهِ خَبَرُ الْفَاسِقِ وَغَيْرِهِ إذَا وَقَعَ فِي النَّفْسِ صِدْقُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَخَرَجَ بِمَنْ لَا يُمْكِنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ غَيْرُهُمْ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ .

قَوْلُهُ : لَمْ يَبْعُدْ قَبُولُ قَوْلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ قَالَ أَخْبَرَنِي رَجُلَانِ وَلَيْسَا عَدْلَيْنِ عِنْدِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( فَرْعٌ ) أَخْبَرَهُ رَجُلَانِ وَكَانَا عَدْلَيْنِ عِنْدَهُ لَا عِنْدَ الْحَاكِمِ قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ وَفِيهِ نَظَرٌ فس قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَكُلُّ هَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْعِبْرَةُ بِمَا يَقَعُ فِي نَفْسِهِ مِنْ صِدْقٍ وَضِدِّهِ وَلَوْ مِنْ فَاسِقٍ وَغَيْرِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ فَتَسْقُطَ شُفْعَتُهُ ) أَيْ فِي الْبَاطِنِ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ هَذَا غَرِيبٌ وَهُوَ الْقِيَاسُ عِنْدِي

( فَرْعٌ وَإِنْ كَذَبَ ) عَلَيْهِ ( الْمُخْبِرُ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ ) كَأَنْ قَالَ : إنَّهُ دَرَاهِمُ فَبَانَ دَنَانِيرَ ( أَوْ ) فِي ( نَوْعِهِ ) كَأَنْ قَالَ : إنَّهُ سَابُورِيٌّ فَبَانَ هَرَوِيًّا ( أَوْ ) فِي ( زِيَادَتِهِ ) كَأَنْ قَالَ : إنَّهُ أَلْفٌ فَبَانَ خَمْسَمِائَةٍ ( أَوْ ) فِي ( حُلُولِهِ ) كَأَنْ قَالَ : إنَّهُ حَالٌّ فَبَانَ مُؤَجَّلًا ( لَا عَكْسِهِمَا ) كَأَنْ قَالَ : إنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ فَبَانَ أَلْفًا ، أَوْ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَبَانَ حَالًّا ( أَوْ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ ) كَأَنْ قَالَ : بَاعَ كُلَّ حِصَّتِهِ فَبَانَ أَنَّهُ بَاعَ بَعْضَهَا ، أَوْ عَكْسَهُ ( أَوْ فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ ) فَبَانَ عُمَرَ أَوْ مِنْهُ مَا لَوْ قَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي : اشْتَرَيْته لِنَفْسِي فَبَانَ وَكِيلًا ( أَوْ أَنَّهُمَا ) الْأَوْلَى ، أَوْ أَنَّهُ أَيْ الْمُشْتَرِيَ ( اثْنَانِ فَبَانَ وَاحِدًا ، أَوْ عَكْسِهِ ) أَيْ قَالَ : إنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاحِدٌ فَبَانَ اثْنَيْنِ ، أَوْ فِي قَدْرِ الْأَجَلِ كَأَنْ قَالَ بَاعَ بِمُؤَجَّلٍ إلَى شَهْرٍ فَبَانَ إلَى شَهْرَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَعَفَا ) أَوْ تَوَانَى قَبْلَ بَيَانِ مَا ذُكِرَ ( لَمْ تَبْطُلْ ) شُفْعَتُهُ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي قَوْلِهِ " لَا عَكْسِهِمَا " وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ صُورَتَيْ " لَا عَكْسِهِمَا " بِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّعْجِيلِ ( وَلَوْ قَالَ بَاعَ كُلَّهُ بِأَلْفٍ فَبَانَ بَعْضُهُ ) مَبِيعًا ( بِهِ بَطَلَ ) حَقُّهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْغَبْ فِي كُلِّهِ بِأَلْفٍ فَفِي بَعْضِهِ أَوْلَى .

( فَرْعٌ : وَإِنْ بَدَأَهُ ) أَيْ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ ( بِالسَّلَامِ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا ) فَلَا تَبْطُلْ الشُّفْعَةُ ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ قَبْلَ الْكَلَامِ سُنَّةٌ ( وَكَذَا لَوْ سَأَلَهُ ) ابْتِدَاءً ( عَنْ الثَّمَنِ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ : بِكَمْ اشْتَرَيْت لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا ؛ لِأَنَّهُ إنْ جَهِلَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَحْثِ عَنْهُ ، وَإِلَّا فَقَدْ يُرِيدُ تَحْصِيلَ إقْرَارِ الْمُشْتَرِي لِئَلَّا يُنَازِعَهُ فِيهِ ( أَوْ دَعَا لَهُ ) ابْتِدَاءً ( بِالْبَرَكَةِ فِي الصَّفْقَةِ ) نَحْوُ بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي صَفْقَتِك فَقَدْ يَدْعُو بِهَا لِيَأْخُذَ صَفْقَتَهُ مُبَارَكَةً ، أَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ لِانْتِظَارِ إدْرَاكِ الزَّرْعِ وَحَصَادِهِ ؛ إذْ لَا نَفْعَ قَبْلَهُ ، أَوْ لِخَلَاصِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ أَخَّرَ لِيَعْرِفَ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي أَنْ يَعْرِفَ مَا فِيهِ الْحَظُّ لَهُ ( فَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( اشْتَرَيْت رَخِيصًا ، أَوْ نَحْوَهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ : وَنَحْوَهُ كَقَوْلِهِ بِعْهُ ، أَوْ هَبْهُ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ ( بَطَلَتْ ) شُفْعَتُهُ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى فُضُولٌ لَا غَرَضَ فِيهِ وَفِيمَا عَدَاهَا رِضًى بِتَقْرِيرِ الشِّقْصِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ بَدَأَهُ بِالسَّلَامِ لَمْ يَكُنْ مُقَصِّرًا وَكَذَا لَوْ سَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ ، أَوْ دَعَا لَهُ إلَخْ ) لَوْ سَلَّمَ وَدَعَا لَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ الثَّمَنِ لَمْ يَضُرَّ .
( قَوْلُهُ : أَوْ لِخَلَاصِ الشِّقْصِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ مَغْصُوبًا ) هَذَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى انْتِزَاعِهِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الرُّويَانِيُّ أَوْ أَخَّرَ لِيَعْرِفَ الثَّمَنَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ وَهَبَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَلْ الْإِيصَاءُ بِحِصَّتِهِ ، أَوْ بِبَعْضِهَا كَالْهِبَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى الشَّفِيعُ ) وَقَدْ أَخَّرَ طَلَبَهُ ( لِعُذْرٍ بِغَيْبَةٍ ، أَوْ حَبْسٍ ، أَوْ مَرَضٍ ) وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ عُلِمَ ذَلِكَ ) الْعُذْرُ وَإِلَّا فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي ( أَوْ ) ادَّعَى ( الْجَهْلَ بِثُبُوتِهَا أَوْ فَوْرِيَّتِهَا فَكَمَا سَبَقَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ) فِي أَنَّهُ يُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ مَنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( بَاعَ الشَّفِيعُ نَصِيبَهُ ، أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ جَاهِلًا ) بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لَهُ أَوْ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ ، أَوْ نَحْوِهِ ( بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ ) لِزَوَالِ سَبَبِهَا وَهُوَ الشَّرِكَةُ ( وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْبَعْضَ ) أَوْ وَهَبَهُ عَالِمًا بِذَلِكَ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِسُقُوطِهَا فِي الْبَعْضِ فَسَقَطَتْ فِي الْكُلِّ كَمَا لَوْ عَفَا عَنْ الْبَعْضِ ( لَا جَاهِلًا ) لِعُذْرٍ مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ وَلَوْ زَالَ الْبَعْضُ قَهْرًا كَأَنْ مَاتَ الشَّفِيعُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَبْلَ الْأَخْذِ فَبِيعَ بَعْضُ حِصَّتِهِ فِي دَيْنِهِ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ وَبَقِيَ بَاقِيهَا لَهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَخَيُّلِ الْعَفْوِ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ جَاهِلًا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ : جَاهِلًا يَعُمُّ جَهْلَهُ بِالْبَيْعِ وَجَهْلَهُ بِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ وَلَمْ يُصَرِّحُوا بِالثَّانِيَةِ .
( قَوْلُهُ : لَا جَاهِلًا ) وَكَذَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ جَاهِلًا بِذَلِكَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لَهُ ، أَوْ لَهُمَا وَفُسِخَ الْبَيْعُ ، ثُمَّ عَلِمَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ قَالَهُ فِي الْمُرْشِدِ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا فَفِي سُقُوطِهَا وَجْهَانِ كَالْهَازِلِ بِالْبَيْعِ قَالَهُ فِي التَّجْرِيدِ وَقَضِيَّتُهُ تَرْجِيحُ السُّقُوطِ وَهُوَ الرَّاجِحُ ، وَإِنْ قَالَ الْقَمُولِيُّ وَلَوْ عَفَا عَنْ الشُّفْعَةِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ ثُبُوتَهَا لَهُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ .
( قَوْلُهُ : فَاَلَّذِي يَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : الصُّلْحُ عَنْهَا بِمَالٍ كَالصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ) فَلَا يَصِحُّ وَتَبْطُلُ شُفْعَتُهُ إنْ عَلِمَ بِفَسَادِهِ ( فَإِنْ صَالَحَهُ ) عَنْ الشُّفْعَةِ فِي الْكُلِّ ( عَلَى أَخْذِ الْبَعْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ ) لِأَنَّ الشُّفْعَةَ لَا تُقَابَلُ بِعِوَضٍ ( وَكَذَا الشُّفْعَةُ إنْ .
عَلِمَ بِبُطْلَانِهِ ، وَإِلَّا فَلَا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَذَكَرَ فِيهِ الْأَصْلُ أَقْوَالًا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ : وَلَوْ تَصَالَحَا عَلَى أَخْذِ بَعْضِ الشِّقْصِ فَهَلْ يَصِحُّ لِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالتَّبْعِيضِ أَمْ تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ أَمْ يَبْطُلُ الصُّلْحُ وَيَبْقَى خِيَارُهُ بَيْنَ أَخْذِ الْجَمِيعِ وَتَرْكِهِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ .
( فَصْلٌ ) .
( قَوْلُهُ : الصُّلْحُ عَنْهَا بِمَالٍ كَالصُّلْحِ عَنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَلَا يَصِحُّ ) لِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ لَا يَسْقُطُ إلَى مَالٍ فَلَمْ يَجُزْ إسْقَاطُهُ بِعِوَضٍ كَخِيَارِ الْمَجْلِسِ قَوْلُهُ : وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ) وَهُوَ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ

( مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ .
لِلْمُفْلِسِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ ) وَالْعَفْوُ عَنْهَا وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَصَرُّفٌ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحَجْرِ ( وَلَا يُزَاحِمُ الْمُشْتَرِي الْغُرَمَاءَ ) بَلْ يَبْقَى ثَمَنُ مُشْتَرَاهُ فِي ذِمَّةِ الشَّفِيعِ إلَى أَنْ يُوسِرَ وَلَهُ الرُّجُوعُ فِي مُشْتَرَاهُ إنْ جَهِلَ فَلَسَهُ ( وَلِلْعَامِلِ فِي الْقِرَاضِ أَخْذُهَا ، ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَأْخُذْهَا جَازَ ( لِلْمَالِكِ ) أَخْذُهَا ، وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ فَلِلْمَالِكِ الْأَخْذُ ( فَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِمَالُ الْقِرَاضِ ) شِقْصًا ( مِنْ شَرِيكِ الْمَالِكِ لَمْ يَشْفَعْ الْمَالِكُ ) لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ لَهُ فَلَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ ( فَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ شَرِيكَ الْبَائِعِ ) فِي الْمَبِيعِ مِنْهُ الشِّقْصُ وَاشْتَرَى بِمَالِ الْقِرَاضِ ( فَلَهُ الْأَخْذُ ) بِالشُّفْعَةِ ( لِنَفْسِهِ وَلَوْ ظَهَرَ ) فِي الْمَالِ رِبْحٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مِنْهُ شَيْئًا بِالظُّهُورِ ( وَإِنْ بَاعَ الْمَالِكُ شِقْصَهُ ) الَّذِي هُوَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ( فَلَا شُفْعَةَ لِلْعَامِلِ ) الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ ( وَلَوْ ظَهَرَ رِبْحٌ ) لِذَلِكَ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .

( وَلِلشَّفِيعِ تَكْلِيفُ الْمُشْتَرِي الْقَبْضَ ) لِلشِّقْصِ مِنْ الْبَائِعِ ( لِيَأْخُذَهُ مِنْهُ ) فَإِنْ كَانَ غَائِبًا نَصَبَ الْحَاكِمُ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَهُ ) أَيْضًا ( الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِعِ ) وَقِيلَ : لَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَعُهْدَتُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ إلَيْهِ مِنْهُ ، سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْبَائِعِ .
( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ أَخَذَهُ مِنْهُ أَمْ مِنْ الْبَائِعِ ) لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا قَبْضَ الشَّفِيعِ قَائِمًا مَقَامَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي .

( وَشَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ الشِّقْصِ ) فِي الشِّرَاءِ ( كَعَدَمِهِ ) فَلِكُلٍّ مِنْ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ بِشَرْطِهِ ( وَلَا رَدَّ لِشَفِيعٍ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ، وَإِنْ جَهِلَهُ الْمُشْتَرِي ) وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ الْأَرْشِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( وَعَفْوُ الشَّفِيعِ ) عَنْ الشُّفْعَةِ ( قَبْلَ الْبَيْعِ ) كَأَنْ قَالَ لِشَرِيكِهِ : بِعْ نَصِيبَك وَقَدْ عَفَوْت عَنْ الشُّفْعَةِ ، أَوْ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ فَلَا أُطَالِبَك بِالشُّفْعَةِ ( وَشَرْطُ الْخِيَارِ لَهُ ) أَيْ لِلشَّفِيعِ ( وَضَمَانُهُ الْعُهْدَةَ لِلْمُشْتَرِي ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ( لَا يَسْقُطُ شُفْعَتُهُ ) إذْ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ مَا يَقْتَضِي سُقُوطَهَا وَلِأَنَّ الْعَفْوَ قَبْلَ ثُبُوتِ الْحَقِّ لَغْوٌ .
( قَوْلُهُ : وَضَمَانُهُ الْعُهْدَةَ لِلْمُشْتَرِي ) كَأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ : بِعْنِي هَذَا بِكَذَا بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ لِي فُلَانٌ الْعُهْدَةَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَيَقُولَ : بِعْتُك ، وَيَقُولَ الشَّفِيعُ : ضَمِنْتهَا وَأَخَذْت الْمَبِيعَ بِالشُّفْعَةِ ؛ لِأَنَّ تَمَامَ الْعَقْدِ بِحُصُولِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَالضَّمَانِ ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِ .

( وَإِنْ عَفَا بَعْضُ الشُّفَعَاءِ ، ثُمَّ شَهِدَ عَلَى بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عَفَا قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُ ( إلَّا إنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ ) عَلَيْهِ ( قَبْلَ عَفْوِهِ ) بِأَنْ شَهِدَ ( وَرُدَّتْ ) شَهَادَتُهُ وَأَعَادَهَا بَعْدَ عَفْوِهِ فَلَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَفْوِ لَا تُقْبَلُ كَمَا أَفْهَمَهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّهُ يَجُرُّ الشِّقْصَ لِنَفْسِهِ .

( وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبَائِعِ بِعَفْوِ الشَّفِيعِ ) قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْصِدُ الرُّجُوعَ إلَى الْعَيْنِ بِتَقْدِيرِ الْإِفْلَاسِ ( وَلَوْ اسْتَوْفَى الثَّمَنَ فَوَجْهَانِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَوَقَّعُ الْعَوْدَ إلَى الْعَيْنِ بِسَبَبِ مَا انْتَهَى وَجَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِالْقَبُولِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي تَجْرِيدِهِ .
( قَوْلُهُ : وَرَجَّحَهُ ابْنُ كَجٍّ فِي تَجْرِيدِهِ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( وَتَقَدَّمَ بَيِّنَةُ الْعَفْوِ ) عَنْ الشُّفْعَةِ ( عَلَى بَيِّنَةِ الْأَخْذِ ) بِهَا ( وَلَوْ كَانَ مَعَهَا الْيَدُ ) فَلَوْ أَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً بِالْعَفْوِ وَالشَّفِيعُ بَيِّنَةً بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الشِّقْصُ بِيَدِهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي لِزِيَادَةِ عِلْمِهَا بِالْعَفْوِ .

( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّيِّدِ لِلْمُشْتَرِي بِشِرَاءِ شِقْصٍ فِيهِ شُفْعَةٌ لِمُكَاتَبِهِ ) وَإِنْ كَانَ فِي قَبُولِهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ لِمُكَاتَبِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِشَهَادَتِهِ إثْبَاتُ الشِّرَاءِ لِلْمُشْتَرِي ، وَالشُّفْعَةُ لِمُكَاتَبِهِ إنَّمَا تَثْبُتُ تَبَعًا بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِمُكَاتَبِهِ لَا تُقْبَلُ بِحَالٍ قَالَ الْإِمَامُ وَهَذَا يَجْرِي فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ لِمُكَاتَبِهِ ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُكَاتَبُ عَلَى شَخْصٍ شِرَاءَ شِقْصٍ هُوَ فِيهِ شَفِيعٌ وَغَرَضُهُ إثْبَاتُ الشُّفْعَةِ

( وَإِنْ بَاعَ شَرِيكُ الْمَيِّتِ ) نَصِيبَهُ وَقَدْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ وَارِثًا وَحَمْلًا ( فَلِلْوَارِثِ أَنْ يَشْفَعَ لَا لِلْحَمْلِ ) لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ ( بَلْ لَوْ انْفَصَلَ ) حَيًّا ( بَعْدُ ) .
أَيْ بَعْدَ شَفْعِ الْوَارِثِ ( لَمْ يُشَارِكْهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ : لَمْ يُشَارِكْ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْخُذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ .

( قَوْلُهُ : لَا لِلْحَمْلِ ) بَلْ لَوْ انْفَصَلَ بَعْدُ لَمْ يُشَارِكْ قَالَ فِي الْخَادِمِ هُوَ مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ وَلِلْمَنْقُولِ ، أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْحَمْلَ يُعْطَى حُكْمَ الْمَعْلُومِ وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ حَقٌّ يُورَثُ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَمَّا انْفَصَلَ الْحَمْلُ حَيًّا تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ وَرَثَةِ الْحَقِّ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهِ غِبْطَةٌ فَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّهِ الْأَخْذُ لَهُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَارِثِ وَيَكُونُ الْحَمْلُ كَالْغَائِبِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شِقْصًا وَكَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَبَاعَ صَاحِبُ الْبَاقِي نَصِيبَهُ وَقُلْنَا الْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَلَمَّا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ الْمُبْتَاعَ فِي مُدَّةِ خِيَارِهِ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ مِلْكَهُ كَانَ مَوْجُودًا حَالَةَ الْبَيْعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ كَذَلِكَ ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَحْرِ وَالرُّويَانِيَّ صَرَّحَ بِالْأَخْذِ لِلْحَمْلِ فَقَالَ فَإِذَا وَضَعَتْهُ فَلَهُ الْأَخْذُ الْآنَ وَلَا يَسْقُطُ بِالتَّأْخِيرِ ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ وَكَذَا سُلَيْمٌ فِي الْمُجَرَّدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ هُنَا شَيْءٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ الْمَسْأَلَةَ مِنْ التَّهْذِيبِ لِلْبَغَوِيِّ وَعِبَارَةُ التَّهْذِيبِ فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا لَهُ الشُّفْعَةُ ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَثْبُتُ لِلْجَنِينِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ يَثْبُتُ لِلْحَمْلِ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ ، ثُمَّ قَالَ وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ امْرَأَةٍ حَامِلٍ ، ثُمَّ بَاعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ لِلْمَرْأَةِ دُونَ الْحَمْلِ وَلَوْ خَرَجَ حَيًّا لَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمَرْأَةِ شَيْئًا ، ثُمَّ قَالَ وَإِذَا ثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ إرْثًا لِلْحَمْلِ فَهَلْ يَجُوزُ لِأَبِيهِ ، أَوْ جَدِّهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى .
ا هـ .
وَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ مِنْ قَوْلِهِ حَيًّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَى

قَوْلِهِ حَيًّا فِي الثَّانِيَةِ ، ثُمَّ الَّذِي فِي الرَّافِعِيِّ فِي النُّسَخِ الْمَشْهُورَةِ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ فَقَالَ إنْ قُلْنَا لَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَلَوْ انْفَصَلَ حَيًّا فَفِي جَوَازِ أَخْذِهَا لَهُ وَجْهَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا أَطْلَقَ فِي التَّتِمَّةِ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِي ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ لِلْحَمْلِ وَاحْتَجَّ لِلثُّبُوتِ بِأَنَّا نُثْبِتُهَا لِلْحَمْلِ بِسَبَبِ بَيْعٍ سَابِقٍ وَهُوَ إذَا بَاعَ الشِّقْصَ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ ، ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ قَبْلَ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ لَهُ ، وَإِذَا جَازَ اسْتِبْقَاءُ الشُّفْعَةِ لَهُ بِسَبَبِ بَيْعٍ سَابِقٍ عَلَى مَوْتِ أَبِيهِ كَانَ بِسَبَبِ بَيْعٍ مُتَأَخِّرٍ كَذَلِكَ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ : الْعَفْوُ عَنْ الشُّفْعَةِ أَفْضَلُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي نَادِمًا ، أَوْ مَغْبُونًا .

( وَإِنْ وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ لِلْمَيِّتِ وَوَرِثَهَا الْحَمْلُ أُخِّرَتْ لِانْفِصَالِهِ ) فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ الْأَخْذُ لَهُ قَبْلَ انْفِصَالِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ وُجُودُهُ وَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ الشِّقْصَ فَالشَّفِيعُ ) فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ثَمَنٍ وَنَقْصِ قِيمَةِ بِنَاءٍ وَغِرَاسٍ وَغَيْرِهِمَا كَأَنْ بَنَى فِيهِ أَوْ غَرَسَ بَعْدَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ ، ثُمَّ قَلَعَ الْمُسْتَحِقُّ بِنَاءَهُ وَغِرَاسَهُ ( كَالْمُشْتَرِي مِنْ الْغَاصِبِ ) فِيمَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ .

( وَلِلْوَارِثِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ التَّرِكَةَ ) فَلَوْ مَاتَ وَلَهُ شِقْصٌ مِنْ دَارٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَوْ مُسْتَغْرِقًا فَبَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ قَبْلَ بَيْعِ الشِّقْصِ فِي الدَّيْنِ فَلِلْوَارِثِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِي التَّرِكَةِ لِلْوَارِثِ .

( وَإِنْ بَاعَ الْوَرَثَةُ فِي الدَّيْنِ بَعْضَ دَارِ الْمَيِّتِ لَمْ يَشْفَعُوا وَلَوْ كَانُوا شُرَكَاءَ ) لَهُ فِيهَا ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا مَلَكُوهَا كَانَ الْمَبِيعُ جُزْءًا مِنْ مِلْكِهِمْ فَلَوْ أَخَذُوا بِالشُّفْعَةِ لَأَدَّى الْحَالُ أَنْ يَأْخُذُوا بِهَا مَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِمْ فَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ لَا يَأْخُذُ مَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِمَا بَقِيَ فِي مِلْكِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَ بِبَيْعِ شِقْصٍ مِنْ دَارِهِ لَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِهَا ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُهُ ، وَأَمَّا أَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمْ نَصِيبَ الْبَاقِي بِالشُّفْعَةِ فَلَا مَانِعَ مِنْهُ .

( فَصْلٌ الْحِيلَةُ فِي دَفْعِ الشُّفْعَةِ مَكْرُوهَةٌ ) لِمَا فِيهَا مِنْ إبْقَاءِ الضَّرَرِ ( لَا فِي ) دَفْعِ ( شُفْعَةِ الْجَارِ ) الَّذِي يَأْخُذُ بِهَا عِنْدَ الْقَائِلِ بِهَا ( وَهِيَ ) أَيْ الْحِيلَةُ فِي دَفْعِهَا ( مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ ) بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ ( بِكَثِيرٍ ، ثُمَّ يَأْخُذَ بِهِ عَرَضًا يُسَاوِي مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ ) عِوَضًا عَنْ الثَّمَنِ ، أَوْ يَحُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مَا يَزِيدُ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخِيَارِ ( أَوْ ) أَنْ ( يَشْتَرِيَ الْبَائِعُ ) أَوَّلًا ( الْعَرَضَ ) الْمَذْكُورَ ( بِالْكَسْرِ ثُمَّ يُعْطِيَهُ الشِّقْصَ ) عِوَضًا ( عَمَّا الْتَزَمَ ، أَوْ ) أَنْ ( يَشْتَرِيَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الشِّقْصِ ( جُزْءًا بِقِيمَةِ الْكُلِّ ، ثُمَّ يَهَبَهُ الْبَاقِيَ ) وَهَذِهِ الْحِيَلُ فِيهَا غَرَرٌ فَقَدْ لَا يَفِي صَاحِبُهُ ( أَوْ ) أَنْ ( يَبِيعَ بِمَجْهُولٍ مُشَاهَدٍ ) وَيَقْبِضَهُ ( وَيَخْلِطَهُ بِغَيْرِهِ بِلَا وَزْنٍ ) فِي الْمَوْزُونِ ، أَوْ يُنْفِقَهُ ، أَوْ يَضِيعَ مِنْهُ ( أَوْ ) أَنْ ( يَهَبَ كُلٌّ ) مِنْ مَالِكِ الشِّقْصِ وَآخِذِهِ ( لِلْآخَرِ ) بِأَنْ يَهَبَ لَهُ الشِّقْصَ بِلَا ثَوَابٍ ، ثُمَّ يَهَبَ لَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ ( ثُمَّ إنْ خَشِيَا عَدَمَ الْوَفَاءِ ) بِالْهِبَةِ ( وَكَّلَا أَمِينَيْنِ لِيَقْبِضَاهُمَا ) مِنْهُمَا ( مَعًا ) بِأَنْ يَهَبَهُ الشِّقْصَ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيُقَبِّضَهُ إيَّاهُ وَيَهَبَهُ الْآخَرُ قَدْرَ قِيمَتِهِ وَيَجْعَلَهُ فِي يَدِ أَمِينٍ لِيُقَبِّضَهُ إيَّاهُ ، ثُمَّ يَتَقَابَضَا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ .

( قَوْلُهُ : وَهِيَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَهُ الشِّقْصَ إلَخْ ) وَمِنْهَا وَهِيَ أَحْسَنُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْبِنَاءَ خَاصَّةً ثُمَّ يَتَّهِبَ مِنْهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْعَرْصَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَعِنْدِي صُورَةٌ أُخْرَى وَهِيَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ شَخْصٌ الشِّقْصَ مُدَّةً لَا يَبْقَى الشِّقْصُ أَكْثَرَ مِنْهَا بِأُجْرَةٍ يَسِيرَةٍ ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ مِثْلِهِ فَإِنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَا يَنْفَسِخُ بِالشِّرَاءِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ بَقَائِهِ وَذَلِكَ مِمَّا يُنَفِّرُهُ وِلِأَبِي حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيِّ مُصَنَّفٌ فِي الْحِيَلِ .

( كِتَابُ الْقِرَاضِ ) مُشْتَقٌّ مِنْ الْقَرْضِ وَهُوَ الْقَطْعُ سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ قَطَعَ لِلْعَامِلِ قِطْعَةً مِنْ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهَا وَقِطْعَةً مِنْ الرِّبْحِ وَيُسَمَّى أَيْضًا مُضَارَبَةً ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَضْرِبُ بِسَهْمٍ فِي الرِّبْحِ وَلِمَا فِيهِ غَالِبًا مِنْ السَّفَرِ الْمُسَمَّى ضَرْبًا قَالَ تَعَالَى { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ } الْآيَةَ وَمُقَارَضَةً وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ لِتَسَاوِيهِمَا فِي الرِّبْحِ ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْإِجْمَاعُ وَالْحَاجَةُ وَاحْتَجَّ لَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } وَالْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ } وَبِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ بِمَالِهَا إلَى الشَّامِ وَأَنْفَذَتْ مَعَهُ عَبْدَهَا مَيْسَرَةَ } .
وَحَقِيقَتُهُ عَقْدٌ يَتَضَمَّنُ دَفْعَ مَالٍ لِآخَرَ لِيَتَّجِرَ لَهُ فِيهِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ .
الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِ صِحَّتِهِ ) الْأَخْصَرُ " أَرْكَانُهُ " ( وَهِيَ خَمْسَةٌ ) رَأْسُ مَالٍ وَعَمَلٌ وَرِبْحٌ وَصِيغَةٌ وَعَاقِدَانِ ( الْأَوَّلُ رَأْسُ الْمَالِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَقْدًا ) خَالِصًا ( مَعْلُومًا مُعَيَّنًا مُسَلَّمًا لِلْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا عَلَى .
الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَا الْمَغْشُوشَةِ ) وَالْفُلُوسِ وَالْحُلِيِّ وَالتِّبْرِ وَسَائِرِ الْعُرُوضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ ؛ لِأَنَّ فِي الْقِرَاضِ إغْرَارًا ؛ إذْ الْعَمَلُ فِيهِ غَيْرُ مَضْبُوطٍ وَالرِّبْحُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَاخْتَصَّ بِمَا يَرُوجُ بِكُلِّ حَالٍ وَتَسْهُلُ التِّجَارَةُ بِهِ وَلِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ ثَمَنَانِ لَا يَخْتَلِفَانِ بِالْأَزْمِنَةِ وَالْأَمْكِنَةِ إلَّا قَلِيلًا وَلَا يُقَوَّمَانِ بِغَيْرِهِمَا ، وَالْعُرُوضُ تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا فَلَوْ رَجَعَتْ رَأْسَ مَالٍ لَزِمَ إمَّا أَخْذُ الْمَالِكِ جَمِيعَ الرِّبْحِ ، أَوْ أَخْذُ الْعَامِلِ بَعْضَ رَأْسِ الْمَالِ وَوَضْعُ الْقِرَاضِ عَلَى أَنْ

يَشْتَرِكَا فِي الرِّبْحِ وَيَنْفَرِدَ الْمَالِكُ بِرَأْسِ الْمَالِ ، وَجَعَلَ الرَّافِعِيُّ التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ أَشْهَرَ وَبَيَّنَهُ وَنَظَرَ فِيهِ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ .

( كِتَابُ الْقِرَاضِ ) ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ضَارَبَ لِخَدِيجَةَ } ) وَفِي الدَّارَقُطْنِيِّ : مُضَارَبَةُ الْعَبَّاسِ ، وَإِجَازَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْطُهُ فِيهِ وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ حَدِيثَ صُهَيْبٍ { ثَلَاثَةٌ فِيهِنَّ الْبَرَكَةُ وَعَدَّ مِنْهَا الْمُقَارَضَةَ } وَرَوَى أَبُو نُعَيْمٍ { خَيْرُ الْكَسْبِ كَسْبُ الْعَامِلِ إذَا نَصَحَ } ، وَفِي سَنَدِهِمَا ضَعْفٌ وَهُوَ رُخْصَةٌ خَارِجٌ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَاتِ كَمَا خَرَجَتْ الْمُسَاقَاةُ عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُخْلَقْ ، وَالْحَوَالَةُ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ، وَالْعَرَايَا عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي ابْتِدَاؤُهُ يُشْبِهُ الْوَكَالَةَ بِالْجُعْلِ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُ أَمَانَةٍ ، وَانْتِهَاؤُهُ يُشْبِهُ الْجَعَالَةَ إنْ قُلْنَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ بِالْقِسْمَةِ ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْعَامِلِ مَوْقُوفٌ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ ( قَوْلُهُ : وَحَقِيقَتُهُ عَقْدٌ إلَخْ ) الْقِرَاضُ شَرْعًا عَقْدٌ عَلَى نَقْدٍ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ الْعَامِلُ بِالتِّجَارَةِ لِيَكُونَ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ مَا يَشْرِطَانِهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ نَقْدًا خَالِصًا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ عَلَى نَقْدٍ تَعَلَّقَ بِهِ رَهْنٌ لَازِمٌ لِغَيْرِ الْعَامِلِ أَوْ كَانَ مُعَيَّنًا فِي مُعَاوَضَةِ غَيْرِ مُقْرَضٍ قُلْتُهُمَا تَخْرِيجًا .
ا هـ .
وَقَدْ يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّهَا تَصِحُّ فِي الْمَغْشُوشِ إنْ اسْتَمَرَّ رَوَاجُهُ فِي الْبَلَدِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ هُنَا بِمِثْلِهِ وَيُجَابَ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ تَصِحُّ فِي الْعَرَضِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ بِصِحَّةِ الْقِرَاضِ فِي الْمَغْشُوشِ الْمُسْتَهْلَكِ غِشُّهُ وَهُوَ قَوِيٌّ ، وَإِنْ كَانَ الْمَشْهُورُ خِلَافَهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْقِرَاضِ عَلَى نَقْدٍ خَالِصٍ فِي نَاحِيَةٍ لَا يَتَعَامَلُونَ بِهِ فِيهَا وَنَقَلَ الْغَزَالِيُّ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ قَدْ أَلْحَقَهُ شَيْخِي بِمَا يَرُوجُ مِنْ الْفُلُوسِ وَيُوَافِقُ الْأَوَّلَ قَوْلُ

ابْنِ الرِّفْعَةِ : وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ إذَا عَزَّ وُجُودُهُ ، أَوْ خِيفَ عِزَّتُهُ عِنْدَ الْمُفَاضَلَةِ ، وَقَوْلُهُ : " قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَصِحُّ عَلَى نَقْدٍ إلَخْ " أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ : " وَيُجَابَ بِأَنَّ الشَّرِكَةَ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ : " عَلَى أَنَّ الْجُرْجَانِيَّ قَالَ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ : " وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ إلَخْ " وَكَذَا قَوْلُهُ : " وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ إلَخْ " .
( قَوْلُهُ : مَعْلُومًا ) أَيْ قَدْرًا وَصِفَةً قَوْلُهُ : لَا الْمَغْشُوشَةِ ) ؛ لِأَنَّ الْغِشَّ لَوْ مُيِّزَ لَمْ يَصِحَّ الْقِرَاضُ عَلَيْهِ فَكَذَا عِنْدَ اخْتِلَاطِهِ

( فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى عَرَضٍ ) كَمَنْفَعَةٍ ( أَوْ عَلَى ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ ، أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ لَمْ يَصِحَّ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِمَا مَرَّ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلْجَهْلِ بِالْمِقْدَارِ وَلِتَعْلِيقِ الْعَقْدِ ، وَأَمَّا فِي الْأَخِيرَةِ فَقِيَاسًا عَلَى الْعَرَضِ بَلْ أَوْلَى .
( قَوْلُهُ : أَوْ عَلَى مَا فِي ذِمَّةِ فُلَانٍ لَمْ يَصِحَّ ) وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِ التَّصَرُّفِ إنْ قَالَ إذَا أُقْبِضْت فَقَدْ قَارَضْتُك وَأُجْرَةُ مِثْلِ التَّقَاضِي وَالتَّصَرُّفِ إنْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَيْهِ لِتَقْبِضَ وَتَتَصَرَّفَ .

( وَلَوْ قَارَضَهُ عَلَى أَلْفٍ وَعَيَّنَهُ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ ) كَالصَّرْفِ وَالسَّلَمِ وَقِيلَ : لَا يَجُوزُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا .
( قَوْلُهُ : وَبِهِ صَرَّحَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ ) وَإِنْ قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ الْأَفْقَهَ خِلَافُهُ

( وَإِنْ قَالَ ) لِمَدِينِهِ ( اعْزِلْ مَالِي الَّذِي فِي ذِمَّتِك فَعَزَلَهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ وَقَارَضَهُ عَلَيْهِ فَاشْتَرَى لَهُ ) أَيْ لِلْقِرَاضِ ( بِعَيْنِهِ ) شَيْئًا ( فَكَالْفُضُولِيِّ يَشْتَرِي بِعَيْنِ مَالِهِ لِلْغَيْرِ ) فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَا عَزَلَهُ لَهُ بِغَيْرِ قَبْضٍ ( وَلَوْ اشْتَرَاهُ لَهُ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ ) الْعَقْدُ ( لِلْآمِرِ ) لِأَنَّهُ اشْتَرَى لَهُ بِإِذْنِهِ وَقِيلَ لِلْمَأْمُورِ ؛ لِأَنَّ الْآمِرَ لَمْ يَمْلِكْ الثَّمَنَ ، وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ ( وَكَانَ الرِّبْحُ لَهُ ) أَيْ لِلْآمِرِ لِفَسَادِ الْقِرَاضِ ( وَلِلْعَامِلِ ) عَلَيْهِ ( أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) كَنَظَائِرِهِ مِنْ عُقُودِ الْقِرَاضِ الْفَاسِدَةِ .

( وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْنِ وَقَالَ : قَارَضْتُك ) وَفِي نُسْخَةٍ " وَقَارَضَهُ " ( عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ ) لِعَدَمِ التَّعْيِينِ كَالْبَيْعِ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَجْهُولَ الْقَدْرِ ، أَوْ الصِّفَةِ وَلَوْ مَرْئِيًّا لِلْجَهْلِ بِالرِّبْحِ وَيُفَارِقُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ بِأَنَّ الْقِرَاضَ عُقِدَ لِيَفْسَخَ ، وَيُمَيِّزَ بَيْنَ رَأْسِ الْمَالِ وَالرِّبْحِ بِخِلَافِ السَّلَمِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ فِيمَا قَالَهُ ، وَإِنْ عَيَّنَ الْأَلْفَ فِي الْمَجْلِسِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ لَكِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ الصِّحَّةَ حِينَئِذٍ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ أَعْطَاهُ أَلْفَيْنِ وَقَالَ قَارَضْتُك عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَصِحَّ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَنْوِيَا وَاحِدًا مُعَيَّنًا فَإِنْ نَوَيَاهُ صَحَّ قَطْعًا وَلَهُ نَظَائِرُ سَبَقَتْ فِي الْبَيْعِ .
( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ عَدَمُ صِحَّةِ الْقِرَاضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَهُوَ ظَاهِرٌ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ ) قَالَ شَيْخُنَا : يُرَدُّ بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ فَسَادَهَا مِنْ حَيْثُ الْجَهْلُ يَأْتِي ذَلِكَ فِي " قَارَضْتُك عَلَى أَلْفٍ " ، ثُمَّ عَيَّنَهُ وَقَدْ مَرَّ صِحَّتُهُ ، أَوْ مِنْ حَيْثُ الْإِبْهَامُ الْأَبْلَغُ مِنْ الْجَهْلِ قُلْنَا مَمْنُوعٌ بَلْ هُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي الْمُعَامَلَاتِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ صَحَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَيَصِحُّ قِرَاضُهُ عَلَى الْوَدِيعَةِ ) مَعَ الْوَدِيعِ ( وَكَذَا الْمَغْصُوبُ ) مَعَ غَاصِبِهِ لِتَعَيُّنِهِمَا فِي يَدِ الْعَامِلِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ ( وَيَبْرَأُ ) الْعَامِلُ ( بِإِقْبَاضِهِ ) لِلْمَغْصُوبِ ( الْبَائِعَ ) لَهُ ( مِنْهُ ) أَيْ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ ؛ لِأَنَّهُ أَقْبَضَهُ لَهُ بِإِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ وَمَا يَقْبِضُهُ مِنْ الْأَعْوَاضِ يَكُونُ أَمَانَةً بِيَدِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهِ مُضَمَّنٌ وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ صِحَّةَ الْقِرَاضِ مَعَ غَيْرِ الْوَدِيعِ وَالْغَاصِبِ بِشَرْطِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَإِنْ شَرَطَ كَوْنَ الْمَالِ فِي يَدِ الْمَالِكِ ) يُوفِي مِنْهُ ثَمَنَ مَا اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ ( أَوْ ) شَرَطَ ( عَمَلَهُ مَعَهُ ، أَوْ مُرَاجَعَتَهُ ) فِي التَّصَرُّفِ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِفَوَاتِ اسْتِقْلَالِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي الْقِرَاضِ وَلِأَنَّهُ فِي الْأُولَى وَالْأَخِيرَةِ قَدْ لَا يَجِدُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ ، أَوْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَى رَأْيِهِ فَيَفُوتُ التَّصَرُّفُ الرَّابِحُ وَكَالْمَالِكِ فِي ذَلِكَ نَائِبُهُ كَمُشْرِفٍ نَصَبَهُ .
( قَوْلُهُ : عَلَى الْوَدِيعَةِ مَعَ الْوَدِيعِ ) وَعَلَى الْمُشْتَرَكِ مَعَ الشَّرِيكِ وَعَلَى الْمُسْتَلَمِ .
( قَوْلُهُ : وَكَلَامُهُ يَشْمَلُ صِحَّةَ الْقِرَاضِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَالْغَاصِبِ بِشَرْطِهِ ) بِأَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ ، أَوْ الْعَامِلُ قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ لَا يُسَاعِدُهُ عَلَى رَأْيِهِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا التَّعْلِيلُ مُنْتَقِضٌ بِمَا إذَا قَارَضَ اثْنَيْنِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ مَوْضُوعَ الْقِرَاضِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ لِلْعَامِلِ وَالْمَالُ مِنْ الْمَالِكِ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا يُنَافِي مُقْتَضَاهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ أَحْسَنُ لِأَنَّ عَمَلَ الْمَالِكِ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ إذَا عَمِلَ فِي مَالِهِ

( وَلَوْ شَرَطَ عَمَلَ عَبْدِهِ مَعَهُ مُعَيَّنًا ) لَهُ ( لَا شَرِيكًا ) لَهُ ( فِي الرَّأْيِ جَازَ كَشَرْطِ ) إعْطَاءِ ( بَهِيمَتِهِ ) لَهُ لِيَحْمِلَ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ وَبَهِيمَتَهُ مَالٌ فَجُعِلَ عَمَلُهُمَا تَبَعًا لِلْمَالِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ وَبِخِلَافِ عَبْدِهِ إذَا جَعَلَهُ شَرِيكًا فِي الرَّأْيِ لِمَا مَرَّ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْبَهِيمَةُ مَعْلُومَيْنِ بِالرُّؤْيَةِ أَوْ الْوَصْفِ ، وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِغُلَامِهِ أَوْلَى لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ الْحُرَّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَبْدِهِ ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِمَنْفَعَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَ مِثْلَهُ الْأَذْرَعِيُّ فِي الْمُسَاقَاةِ ( وَإِنْ شَرَطَ لَهُ ) أَيْ لِعَبْدِهِ ( رِبْحًا جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ عَمَلَهُ مَعَهُ ) لِرُجُوعِ مَا شَرَطَهُ لِعَبْدِهِ إلَيْهِ .
( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ وَالْبَهِيمَةُ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ وَأَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَالِكِ فَسَدَ الْعَقْدُ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ التَّفْصِيلُ الَّذِي فَهَّمَهُ السُّبْكِيُّ حَسَنٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرِينَ أَنَّ الشَّرْطَ إذَا كَانَ مِنْ الْمَالِكِ لَمْ يَضُرَّ إذَا لَمْ نَجْعَلْ لَهُ يَدًا وَلَا تَصَرُّفًا وَرُبَّمَا رَأَيْته صَرِيحًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي التَّهْذِيبِ فِيمَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى نَفْسِهِ ، أَوْ شَرَطَ الْعَامِلُ عَلَيْهِ بَلْ فَرَضَهَا الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ فِي شَرْطِ الْمَالِكِ عَمَلَ غُلَامِهِ مَعَهُ .
( قَوْلُهُ : لِيَشْمَلَ أَجِيرَهُ الْحُرَّ ) أَيْ وَالْمُوصَى لَهُ بِمَنْفَعَتِهِ بَعْدَ إعْتَاقِ الْوَارِثِ إيَّاهُ ، وَأَجِيرَهُ الرَّقِيقَ .
( قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَعَبْدِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ يَصِحُّ ) الْقِرَاضُ ( فِي الْمَشَاعِ فَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ " فَإِنْ " ( خَلَطَ أَلْفَيْنِ بِأَلْفٍ لِآخَرَ وَشَارَكَهُ بِأَحَدِهِمَا وَقَارَضَهُ بِالْآخَرِ جَازَ ) لِأَنَّ الْإِشَاعَةَ لَا تَمْنَعُ التَّصَرُّفَ ( وَتَصَرَّفَا ) فِي الثُّلُثَيْنِ أَلْفَيْ .
الشَّرِكَةِ ( وَانْفَرَدَ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ ) أَلْفِ الْقِرَاضِ أَيْ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْأَقْرَبِ ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَشْبَهُ صِحَّتُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ .
قَوْلُهُ : قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَصِحُّ الْقِرَاضُ عَلَى غَيْرِ الْمَرْئِيِّ عَلَى الْأَقْرَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا رَآهُ فِي الْمَجْلِسِ .
( قَوْلُهُ : قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَشْبَهُ صِحَّتُهُ عَلَى نَقْدٍ أَبْطَلَهُ السُّلْطَانُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْعَمَلُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ تِجَارَةً ) وَتَوَابِعَ لَهَا كَنَشْرِ الثِّيَابِ وَطَيِّهَا كَمَا سَيَأْتِي ( غَيْرَ مُضَيَّقَةٍ ) بِالتَّعْيِينِ ( وَلَا مُؤَقَّتَةٍ ) بِوَقْتٍ ( فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيَطْحَنَهَا ، أَوْ ) أَنْ ( يَشْتَرِيَ النَّخْلَ لِثَمَرَتِهِ أَوْ شَبَكَةً لِيَصْطَادَ بِهَا ) وَالْفَوَائِدُ ( وَالصَّيْدُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَصِحَّ ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَهَالَةِ الْعِوَضِ بِالِاسْتِئْجَارِ فَإِنَّهَا أَعْمَالٌ مَضْبُوطَةٌ وَلِأَنَّ مَا حَصَلَ مِنْ ثَمَرَةِ النَّخْلِ لَيْسَ بِتَصَرُّفِ الْعَامِلِ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ " الصَّيْدُ " بِالْفَوَائِدِ كَانَ أَوْلَى وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الشَّبَكَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَوْ طَحَنَ الْحِنْطَةَ بِلَا شَرْطٍ لَمْ يَنْفَسِخْ الْقِرَاضُ ) كَمَا لَوْ زَادَ عَبْدٌ الْقِرَاضَ بِكِبَرٍ أَوْ سِمَنٍ ، أَوْ تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ ( لَكِنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ ) لِتَعَدِّيهِ فَيَغْرَمُ نَقْصَ الدَّقِيقِ إنْ نَقَصَ ( فَإِنْ بَاعَهُ لَمْ يَضْمَنْ ثَمَنَهُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِيهِ ( وَلَمْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الطَّحْنِ ) وَلَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ ( وَالرِّبْحُ بَيْنُهُمَا ) كَمَا شَرَطَا .

( قَوْلُهُ : وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ تِجَارَةً إلَخْ ) لِأَنَّ الْقِرَاضَ شُرِعَ رُخْصَةً لِحَاجَةِ مَنْ مَعَهُ مَالٌ إلَى تَحْصِيلِ الْأَرْبَاحِ فِيهِ بِالتِّجَارَةِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُهَا وَلَا يُمْكِنُهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا لِكَوْنِهَا غَيْرَ مَضْبُوطَةٍ فَاغْتُفِرَ فِيهَا الْجَهَالَةُ بِالْعِوَضَيْنِ كَمَا اُغْتُفِرَتْ فِي الْمُسَاقَاةِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ قَارَضَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ الْحِنْطَةَ وَيَطْحَنَهَا إلَخْ ) وَلَوْ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ ، إذْ الرِّبْحُ إنَّمَا يَنْشَأُ عَنْ الصَّنْعَةِ لَا التَّصَرُّفِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ شَبَكَةً لِيَصْطَادَ بِهَا ) أَوْ الدَّوَابَّ لِنِطَاحِهَا ، أَوْ الْعَقَارَ لِأُجْرَتِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَارَضَ عَلَى نَقْلِ رَأْسِ الْمَالِ إلَى مَوْضِعٍ وَشِرَاءِ أَمْتِعَةٍ مِنْ هُنَاكَ وَبَيْعِهَا ثَمَّ ، أَوْ بِمَوْضِعٍ آخَرَ قَالَ الْإِمَامُ الْجُمْهُورُ عَلَى فَسَادِ الْقِرَاضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي الْبَسِيطِ وَالْمَقْطُوعُ بِهِ فِي الْمُوَضِّحِ ، وَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَنَقَلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَطَائِفَةٍ الصِّحَّةَ وَاسْتَحْسَنَهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَالطَّرِيقُ الْعَقْدُ مُطْلَقًا ، ثُمَّ الْإِذْنُ فِي النَّقْلِ .
ا هـ .
وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَسَتَأْتِي آخِرَ الْبَابِ .
( قَوْلُهُ : لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْ جَهَالَةِ الْعِوَضِ بِالِاسْتِئْجَارِ إلَخْ ) أَوْ رَدَّ عَلَيْهِ الْجَعَالَةَ عَلَى عَمَلٍ يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالِاسْتِئْجَارِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْأَصَحَّ صِحَّتُهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجَعَالَةَ إذَا جُوِّزَتْ عَلَى مَا يَجُوزُ عَقْدُ الْإِجَارِ عَلَيْهِ انْتَفَتْ الْجَهَالَةُ بِالْكُلِّيَّةِ ؛ لِأَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا مَعْلُومَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَتْ بِالْجَوَازِ أَوْلَى وَالْقِرَاضُ لَوْ جُوِّزَ عَلَى مَا يُمْكِنُ تَحْصِيلُهُ بِالْإِجَارَةِ لَمْ تَنْتَفِ عَنْهُ جَهَالَةُ الْعِوَضِ وُجُودًا وَقَدْرًا وَلَيْسَ بِنَا حَاجَةٌ إلَى ارْتِكَابِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَالصَّيْدُ لِلصَّائِدِ ) أَيْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الشَّرِكَةَ

( وَإِنْ عَيَّنَ لَهُ التِّجَارَةَ فِيمَا يَنْدُرُ وُجُودُهُ ) كَيَاقُوتٍ أَحْمَرَ وَخَزٍّ أَدْكَنَ وَخَيْلٍ بَلَقٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ تَضْيِيقٌ يُخِلُّ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ ( فَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ صَحَّ وَلَوْ كَانَ يَنْقَطِعُ كَالرُّطَبِ ) لِانْتِفَاءِ التَّضْيِيقِ وَكَذَا إنْ نَدَرَ وَكَانَ بِمَكَانٍ يُوجَدُ فِيهِ غَالِبًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ .
( قَوْلُهُ : وَخَزٍّ أَدْكَنَ ) الدَّكَنُ يَضْرِبُ لَوْنُهُ إلَى السَّوَادِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ يَنْدُرْ صَحَّ ) الْمُرَادُ عُمُومُهُ حَالَةَ الْعَقْدِ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعَيَّنِ لِلتِّجَارَةِ لَا عُمُومُهُ فِي سَائِرِ الْأَزْمَانِ وَالْأَمْكِنَةِ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ كَانَ يَنْقَطِعُ ) كَالرُّطَبِ هَلْ يَرْتَفِعُ الْقِرَاضُ بِانْقِضَاءِ زَمَنِهِ ، أَوْ يَبْقَى إلَى أَوَانِهِ مِنْ قَابِلٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا .
( قَوْلُهُ : قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ ) أَوْ لَا يَبِيعَ ( إلَّا مِنْ زَيْدٍ ، أَوْ ) لَا يَشْتَرِيَ إلَّا ( هَذِهِ السِّلْعَةَ لَمْ يَصِحَّ ) لِلتَّضْيِيقِ عَلَى الْعَامِلِ وَلِأَنَّ الشَّخْصَ الْمُعَيَّنَ قَدْ لَا يُعَامِلُهُ وَقَدْ لَا يَجِدُ عِنْدَهُ مَا يَظُنُّ فِيهِ رِبْحًا وَقَدْ لَا يَبِيعُ إلَّا بِثَمَنٍ غَالٍ أَوْ لَا يَشْتَرِي إلَّا بِثَمَنٍ بَخْسٍ وَالسِّلْعَةُ الْمُعَيَّنَةُ قَدْ لَا يَجِدُ فِيهَا رِبْحًا ( فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُمَا ) أَيْ عَنْ شِرَاءِ السِّلْعَةِ وَعَنْ الشِّرَاءِ ، أَوْ الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ ( صَحَّ ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ شِرَاءُ غَيْرِ هَذِهِ السِّلْعَةِ وَالشِّرَاءُ ، أَوْ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ زَيْدٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي سُوقٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ بِخِلَافِ الْحَانُوتِ الْمُعَيَّنِ لِأَنَّ السُّوقَ الْمُعَيَّنَ كَالنَّوْعِ الْعَامِّ ، وَالْحَانُوتَ الْمُعَيَّنَ كَالْعَرَضِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَلَوْ قَالَ قَارَضْتُك مَا شِئْت ، أَوْ مَا شِئْت جَازَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَأْنُ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ .
( قَوْلُهُ : وَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ ، أَوْ لَا يَبِيعَ إلَّا مِنْ زَيْدٍ لَمْ يَصِحَّ ) وَقِيلَ إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا تَنْقَطِعُ عَنْهُ الْأَمْتِعَةُ غَالِبًا جَازَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِإِطْلَاقِ الْأَصْحَابِ لَا وَجْهٌ ، وَلِهَذَا لَمَّا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ الْمَاسَرْجِسِيِّ قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : لَوْ عَيَّنَ مُعَامَلَةَ اثْنَيْنِ ، أَوْ ثَلَاثَةٍ هَلْ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَاحِدِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا ، وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ وَالْوَاحِدُ مِثَالٌ وَقَوْلُهُ : : وَالْأَقْرَبُ نَعَمْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ نَهَاهُ عَنْهُمَا صَحَّ ) لَوْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ مَالِ الْقِرَاضِ لَمْ يَصِحَّ وَالْأَصَحُّ وَضَمِنَ الْمَالَ إنْ دَفَعَهُ .
( قَوْلُهُ : قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ إلَّا فِي سُوقٍ مُعَيَّنٍ صَحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ) بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ ؛ لِأَنَّهَا نِيَابَةٌ مَحْضَةٌ ، وَالْحَاجَةُ تَمَسُّ إلَيْهَا فِي أَشْغَالٍ خَاصَّةٍ ، وَالْقِرَاضُ مُعَامَلَةٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا غَرَضُ كُلٍّ مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَمَهْمَا كَانَ الْعَامِلُ أَبْسَطَ يَدًا كَانَتْ أَفْضَى إلَى مَقْصُودِهَا ( وَعَلَيْهِ الِامْتِثَالُ ) لِمَا عَيَّنَهُ ( إنْ عَيَّنَ ) كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُسْتَفَادَةِ بِالْإِذْنِ ( فَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ ) مِنْ الْمَنْسُوجِ ( لَا الْأَكْسِيَةَ ) وَنَحْوَهَا كَالْبُسُطِ عَمَلًا بِالْعُرْفِ لِأَنَّ بَائِعَهَا لَا يُسَمَّى بَزَّازًا .
( قَوْلُهُ : فَالْإِذْنُ فِي الْبَزِّ يَتَنَاوَلُ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْمَنْسُوجِ ) يَشْمَلُ الثِّيَابَ الْمَخِيطَةَ وَهُوَ الْأَصَحُّ

( وَلَوْ قَارَضَهُ سَنَةً لَمْ يَصِحَّ ) لِإِخْلَالِ التَّأْقِيتِ بِمَقْصُودِ الْقِرَاضِ فَقَدْ لَا يَجِدُ رَاغِبًا فِي السَّنَةِ أَوْ نَحْوِهَا وَلِمُخَالَفَتِهِ مُقْتَضَاهُ وَقَدْ يَحْتَاجُ الْعَامِلُ إلَى تَنْضِيضِ مَا بِيَدِهِ آخِرًا لِيَتَمَيَّزَ رَأْسُ الْمَالِ سَوَاءٌ اقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ زَادَ : عَلَى أَنْ لَا أَمْلِكَ الْفَسْخَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا .

( أَوْ ) قَارَضَهُ ( عَلَى مَنْعِهِ مِنْ الشِّرَاءِ بَعْدَهَا ) أَيْ بَعْدَ سَنَةٍ مَثَلًا ( لَا الْبَيْعِ صَحَّ ) لِحُصُولِ الِاسْتِرْبَاحِ بِالْبَيْعِ الَّذِي لَهُ فِعْلُهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ وَلِتَمَكُّنِ الْمَالِكِ مِنْ مَنْعِهِ مِنْ الشِّرَاءِ .
مَتَى شَاءَ فَجَازَ أَنْ يَتَعَرَّضَ لَهُ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَنْعِ مِنْ الْبَيْعِ فِيهِمَا ، وَمِثْلُهُ الْمَنْعُ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِرَاضِ بَيَانُ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا وَهُوَ الثَّمَرَةُ يَنْضَبِطُ بِالْمُدَّةِ وَلِأَنَّهُمَا قَادِرَانِ عَلَى فَسْخِ الْقِرَاضِ مَتَى أَرَادَا .
( قَوْلُهُ : لَا الْبَيْعِ ) أَيْ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ : وَلَك الْبَيْعُ بَعْدَهَا أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَلَا يُحْتَاجُ إلَى زِيَادَةِ " وَلَك الْبَيْعُ " كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّنْبِيهِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَاخْتَارَهُ فِي الْمَطْلَبِ فَذَكَرَهَا فِي شَرْحَيْ الرَّافِعِيِّ وَالرَّوْضَةِ وَالْكِفَايَةِ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّقْيِيدِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ عَلَّقَ الْقِرَاضَ ، وَكَذَا تَصَرُّفُهُ ) كَأَنْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ قَارَضْتُك أَوْ قَالَ قَارَضْتُك الْآنَ وَلَا تَتَصَرَّفْ حَتَّى يَنْقَضِيَ الشَّهْرُ ( بَطَلَ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك ، وَلَا تَمْلِكْ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالْأَجْزَاءِ ) كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ لَا بِالتَّقْدِيرِ كَدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ كَمَا سَيَأْتِي .
( قَوْلُهُ : الرُّكْنُ الثَّالِثُ الرِّبْحُ وَيُشْتَرَطُ اخْتِصَاصُهُمَا بِهِ ) لَوْ أَطْلَقَا الْعَقْدَ كَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْعَامِلِ فِيهِ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ رَبِحَ الْمَالُ أَمْ خَسِرَ وَيُخَالِفُ الشَّرِكَةَ إذَا أُطْلِقَتْ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِيهَا مَقْسُومٌ عَلَى الْأَمْلَاكِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ ( قَوْلُهُ : بِشَرِكَةٍ مَعْلُومَةٍ ) بِالْأَجْزَاءِ لِيَجْتَهِدَ فِي الْأَعْمَالِ الْمُحَصِّلَةِ لِلرِّبْحِ .

( فَإِنْ شَرَطَ إدْخَالَ ثَالِثٍ ) فِي الرِّبْحِ ( لَيْسَ بِعَامِلٍ وَلَا مَمْلُوكٍ لِأَحَدِهِمَا بَطَلَ ) الْعَقْدُ ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمَالِ ، أَوْ بِالْعَمَلِ وَلَيْسَ لِلثَّالِثِ الْمَذْكُورِ مَالٌ وَلَا عَمَلٌ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ فِي الْأُولَى مَعَ اثْنَيْنِ ، وَالْمَشْرُوطُ لِلْمَمْلُوكِ فِي الثَّانِيَةِ مَضْمُومٌ إلَى مَا شُرِطَ لِسَيِّدِهِ كَمَا مَرَّ .
( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَامِلًا ، أَوْ مَمْلُوكًا لِأَحَدِهِمَا فَيَصِحُّ ) فِي الْبَحْرِ : لَوْ قَالَ : ثُلُثُهُ لِي وَثُلُثُهُ لِدَابَّتِي وَثُلُثُهُ لَك فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا الْمَنْعُ وَالثَّانِي إنْ تَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ نَفْسَهُ وَأَضَافَ إلَى دَابَّتِهِ جَازَ .

( وَإِنْ شَرَطَ الْمَالِكُ إعْطَاءَ الثَّالِثِ مِنْ نَصِيبِهِ لَا ) مِنْ ( نَصِيبِ الْعَامِلِ صَحَّ وَلَمْ يَلْزَمْهُ ) لَهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ شَرْطِ إعْطَائِهِ مِنْ نَصِيبِ الْعَامِلِ لَا يَصِحُّ وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ ؛ إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ ، وَكَلَامُ الْأَصْلِ سَالِمٌ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْأُولَى وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ قَالَ : نِصْفُ الرِّبْحِ لَك وَنِصْفُهُ لِي ، وَمِنْ نَصِيبِي نِصْفُهُ لِزَوْجَتِي صَحَّ الْقِرَاضُ وَهَذَا وَعْدُ هِبَةٍ لِزَوْجَتِهِ ، وَلَوْ قَالَ لِلْعَامِلِ : لَك كَذَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَ ابْنَك أَوْ امْرَأَتَك نِصْفَهُ فَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حَامِدٍ : إنْ ذَكَرَهُ شَرْطًا فَسَدَ الْقِرَاضُ ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى .
وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ : فَسَدَ الْقِرَاضُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ غَيْرَ الشَّرْطِ .
( قَوْلُهُ : وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأُولَى مِنْ تَصَرُّفِهِ ، إذْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ مُفْسِدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ ) قَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْمَالِكِ لِقُوَّتِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي جَانِبِ الْعَامِلِ بَلْ مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَعْنَى عِبَارَةِ أَصْلِهِ .

( وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ ) فِيهِ ( وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ أَوْ ) كُلُّهُ ( لِي فَإِبْضَاعٌ ) أَيْ تَوْكِيلٌ بِلَا جُعْلٍ كَمَا لَوْ قَالَ أَبْضَعْتُكَ ( وَلَوْ قَالَ : قَارَضْتُكَ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك ، أَوْ ) كُلُّهُ ( لِي ) أَوْ سَكَتَ عَنْ الرِّبْحِ ( أَوْ ) قَالَ ( أَبَضْعَتك وَلَك نِصْفُ الرِّبْحِ ) أَوْ لَك كُلُّهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ ) رِعَايَةً لِلَّفْظِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ ، وَأُلْحِقَ بِهَا الْأَخِيرَتَانِ ، وَفَارَقَ ذَلِكَ : خُذْهُ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك بِأَنَّ اللَّفْظَ ثَمَّ صَرِيحٌ فِي عَقْدٍ آخَرَ .
( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ خُذْ الْمَالَ وَتَصَرَّفْ فِيهِ وَالرِّبْحُ كُلُّهُ لَك فَقَرْضٌ صَحِيحٌ ) لِأَنَّ لَفْظَ " تَصَرَّفْ " يَحْتَمِلُ التَّصَرُّفَ قِرَاضًا وَغَيْرَهُ وَقَدْ اقْتَرَنَ بِهِ مَا يُخْلِصُهُ لِأَحَدِهِمَا فَغُلِّبَ حُكْمُهُ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ إذَا اقْتَرَنَ بِهِ الْعِوَضُ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ .

( وَلَوْ قَالَ ) قَارَضْتُك ( عَلَى أَنَّ لَك ) أَوْ لِي ( جُزْءًا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ ) أَيْ الرِّبْحِ ( أَوْ دِينَارًا ) مَثَلًا ( أَوْ النِّصْفَ وَدِينَارًا أَوْ إلَّا دِينَارًا ) مَثَلًا ( أَوْ عَلَى أَنْ تُولِيَنِي دَابَّةً تَشْتَرِيهَا ) مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ أَنْ تَخُصَّنِي بِهَا ( أَوْ تَخُصَّنِي بِرُكُوبِهَا ، أَوْ بِرِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ ) مَثَلًا ( وَلَوْ كَانَا مَخْلُوطَيْنِ أَوْ ) عَلَى أَنَّك ( إنْ رَبِحْت أَلْفًا فَلَكَ نِصْفُهُ ، أَوْ أَلْفَيْنِ فَرُبُعُهُ ) لَك ( لَمْ يَصِحَّ ) لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الرِّبْحِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَلِانْتِفَاءِ الْعِلْمِ بِالْجُزْئِيَّةِ فِي الثَّلَاثَةِ التَّالِيَةِ لَهُمَا وَبِعَيْنِهَا فِي الْأَخِيرَةِ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَرْبَحُ فِيمَا قُدِّرَ فِيهِ إلَّا ذَلِكَ الْقَدْرَ فَيَفُوزُ بِهِ أَحَدُ الْعَاقِدَيْنِ وَلِأَنَّ الدَّابَّةَ فِي صُورَتِهَا الثَّانِيَةِ رُبَّمَا تَنْقُصُ بِالِاسْتِعْمَالِ وَيَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيهَا وَلِأَنَّهُ خَصَّصَ الْعَامِلَ فِي الَّتِي تَلِيهَا بِرِبْحِ بَعْضِ الْمَالِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ رِبْحِ أَحَدِ الْأَلْفَيْنِ ) لَوْ قَالَ قَارَضْتُك عَلَى هَذَا الْأَلْفِ وَلَك رِبْحُ نِصْفِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ فِي الْأَصَحِّ كَالْمُتَمَيِّزِينَ وَقِيلَ صَحِيحٌ كَمَا لَوْ قَالَ وَلَك نِصْفُ رِبْحِهِ وَلِي رِبْحُ نِصْفِهِ وَالْفَرْقُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ رِبْحَ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ صَارَ مُنْفَرِدًا بِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ حَقٌّ وَعَمِلَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مَجَّانًا وَلَيْسَ ذَلِكَ وَضْعَ الْقِرَاضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نِصْفُ الْكُلِّ لِي وَنِصْفُهُ لَك وَلَوْ شَرَطَ لِأَحَدِهِمَا رِبْحَ شَيْءٍ يَخْتَصُّ بِهِ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَرْبَحُ فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلَ حَقُّهُ ، أَوْ لَا يَرْبَحُ إلَّا فِي ذَلِكَ فَيَبْطُلُ حَقُّ الْآخَرِ .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70