كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْأَدَاءِ ) لِشَهَادَةِ الْفَرْعِ ( لَا تُسْمَعُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إلَّا ) عِنْدَ تَعَذُّرِ أَوْ تَعَسُّرِ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ ( لِغَيْبَةِ الْأَصْلِ فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى أَوْ مَوْتٍ أَوْ عَمًى ) لَا تُسْمَعُ مَعَهُ الشَّهَادَةُ ( أَوْ جُنُونٍ أَوْ مَرَضٍ مَشَقَّتُهُ ظَاهِرَةٌ ) بِأَنْ يَجُوزَ لِأَجْلِهِ تَرْكُ الْجُمُعَةِ ( وَخَوْفٍ ) مِنْ غَرِيمٍ ( وَسَائِرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ ) فَلَا تُسْمَعُ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الرِّوَايَةِ لِأَنَّ بَابَهَا أَوْسَعُ وَلِهَذَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ إنَّمَا جُوِّزَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هُنَا وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَوْتَ الْأَصْلِ وَجُنُونَهُ وَعَمَاهُ لَا يَمْنَعُ شَهَادَةَ الْفَرْعِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ طَرَيَان الْعُذْرِ وَهَذَا فِي الْمُسَوِّغِ لِلشَّهَادَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا ذُكِرَ مِنْ ضَابِطِ الْمَرَضِ هُنَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَهُوَ بَعِيدٌ نَقْلًا وَعَقْلًا وَبَيَّنَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ إلْحَاقَهُ سَائِرَ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ بِالْمَرَضِ لَا يُمْكِنُ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَإِنْ أَكَلَ مَالَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ عُذِرَ فِي الْجُمُعَةِ وَلَا يَقُولُ أَحَدٌ هُنَا بِأَنَّ أَكْلَ شُهُودِ الْأَصْلِ ذَلِكَ يُسَوِّغُ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ عِنْدَ التَّأَمُّلِ ( لَا مَا يَعُمُّ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ ) مِنْ الْأَعْذَارِ ( كَالْمَطَرِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ ) فَلَا تُسْمَعُ مَعَهُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَهَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عُذْرًا فِي حَقِّهِ فَلَوْ تَجَشَّمَ الْفَرْعُ الْمَشَقَّةَ وَحَضَرَ وَأَدَّى قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَهُوَ حَسَنٌ ( وَلَا يُكَلَّفُ الْقَاضِي أَوْ نَائِبُهُ الْحُضُورَ ) إلَى الْأَصْلِ ( لِيَسْمَعَ ) شَهَادَتَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الِابْتِذَالِ

( قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الْأَدَاءِ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ وَقَعَ بِمَرْوٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَمَلًا وَذَهَبَ بِهِ إلَى مَكَّةَ فَاسْتُحِقَّ وَأَشْهَدَ الْمُشْتَرِي هُنَاكَ لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى بَائِعِهِ فَأَفْتَى بِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ إذَا شَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ اشْتَرَى جَمَلًا صِفَتُهُ كَذَا وَقَبَضَهُ وَدَفَعَ الثَّمَنَ ثُمَّ اسْتَحَقَّهُ رَجُلٌ بِعَيْنَةِ وَقَبَضَهُ مِنْ يَدِهِ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ السَّابِقِ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ شُهُودُ الشِّرَاءِ أُشْهِدُوا عَلَى شَهَادَتِهِمْ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ بِعَيْنِهِ اشْتَرَاهُ فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ ثُمَّ إنَّ شُهُودَ الْفَرْعِ صَحِبُوا الْمُشْتَرِيَ وَالْمُشْتَرَى إلَى حَالَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَشَهِدُوا بِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ هُوَ الَّذِي أَشْهَدَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ هُوَ الْمَبِيعُ مِنْ فُلَانٍ الْبَائِعِ وَيُتَصَوَّرُ فِي الْحَضَرِ إنْ شَهِدَ شُهُودُ الْفَرْعِ بِأَنَّ عَيْنًا قَدْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدِ فُلَانٍ بِالْبَيِّنَةِ بِمَشْهَدِنَا وَكَانَ قَدْ أَشْهَدْنَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ مِنْ فُلَانٍ فَيَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا حِينَئِذٍ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَيْسَ فِي مَسَائِلِ الشَّرْعِ شَيْءٌ تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْفَرْعِ مَعَ شَهَادَةِ الْأَصْلِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ إذْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِلِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الِانْفِرَادِ لَا تَنْفَعُ وَكَذَا شَهَادَةُ الْأَصْلِ عَلَى الِانْفِرَادِ عَلَى التَّصَيُّنِ لَا تُفِيدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ إذًا .
( قَوْلُهُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرٍ أَوْ تَعَسُّرِ الْأَصْلِ ) لِأَنَّ الْأَقْوَى فِي بَابِ الشَّهَادَةِ لَا يُتْرَكُ مَعَ إمْكَانِهِ وَشَهَادَةُ الْأَصْلِ أَقْوَى مِنْ شَهَادَةِ الْفَرْعِ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ نَفْسَ الْحَقِّ وَشَهَادَةُ الْفَرْعِ إنَّمَا تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ وَلِأَنَّ احْتِمَالَ الْخَطَأِ وَالْخَلَلِ يَكْثُرُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَخُذْ مِنْ هَذَا إنَّ فَرْعَ الْفَرْعِ لَا يُقْبَلُ مَعَ حُضُورِ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ فَرْعٌ لِلْأَصْلِ الْحَقِيقِيِّ مِنْ طَرِيقِ

الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ وَسَائِرِ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ ) لَيْسَ مِنْ الْأَعْذَارِ الِاعْتِكَافُ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُمْ فِي بَابِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ هُنَا ( قَوْلُهُ كَذَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ ) لَمْ يَظْهَرْ لِي حَقِيقَةُ مَا أَرَادَهُ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي اسْتَدْرَكَهُ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْعُذْرَ الْعَامَّ يَشْمَلُ الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ فَكَمَا لَا يُكَلَّفُ الْأَصْلُ الْحُضُورَ مَعَهُ لَا يُكَلَّفُ الْفَرْعُ أَيْضًا الْحُضُورَ فَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَعَلَّ مُرَادَ الْغَزَالِيِّ وَإِمَامِهِ بِذَلِكَ أَنَّا لَا نُكَلِّفُ الْأَصْلَ الْحُضُورَ مَعَ الْعُذْرِ الْعَامِّ كَمَا لَا نُكَلِّفُهُ إيَّاهُ مَعَ الْعُذْرِ الْخَاصِّ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَقَدْ يُسْمَحُ لِلْفَرْعِ بِالْحُضُورِ لِلْأَدَاءِ فِي الْمَطَرِ وَالْوَحْلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْذَارِ الْعَامَّةِ فَيُقْبَلُ كَمَا يُقْبَلُ عِنْدَ الْعُذْرِ الْخَاصِّ عِنْدَ عَدَمِ بَذْلِ الْأَصْلِ السَّعْيَ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْعُذْرِ وَوُجُودِ فَرْعٍ يُؤَدِّي وَقْتَئِذٍ غ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ مُشَارَكَةَ غَيْرِهِ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ حَسَنٌ ) هُوَ ظَاهِرٌ

( فَصْلٌ تُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ وَتَعْرِيفُهُمْ ) مِنْ الْفَرْعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ عَدَالَتِهِمْ وَلَا تُعْرَفُ عَدَالَتُهُمْ مَا لَمْ يُعْرَفُوا وَلِيَتَمَكَّنَ الْخَصْمُ مِنْ جَرْحِهِمْ إذَا عَرَفَهُمْ ( فَلَا يَكْفِي ) قَوْلُ الْفَرْعِ ( أَشْهَدَنِي عَدْلٌ ) أَوْ نَحْوُهُ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُ لَوْ سَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ يَسُدُّ بَابَ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ ( وَلِفَرْعٍ تَزْكِيَةُ أَصْلٍ ) لَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا ( لَا ) تَزْكِيَةُ ( أَحَدِ الشَّاهِدَيْنِ الْآخَرَ ) لِأَنَّهَا مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ هُنَا وَالْمُزَكِّي قَائِمٌ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي وَبِمَا قَالَهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ بَلْ لَهُ إطْلَاقُهَا ثُمَّ الْقَاضِي يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي شَهَادَتِهِ لِصِدْقِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ ( فَرْعٌ ) لَوْ اجْتَمَعَ أَصْلٌ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ قُدِّمَ عَلَيْهِمَا فِي الشَّهَادَةِ كَمَا لَوْ كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيه يَسْتَعْمِلُهُ ثُمَّ يَتَيَمَّمُ قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ

( قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْأُصُولِ ) أَفْهَمَ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ وُجُوبَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ قَاضِيًا وَلَوْ قَالَ أَشْهَدَنِي قَاضٍ مِنْ قُضَاةِ بَغْدَادَ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَيْسَ بِهَا سِوَاهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ ( فَرْعٌ ) شَاهِدُ أَصْلٍ وَفَرْعَا أَصْلٍ آخَرَ تُقَدَّمُ شَهَادَةِ الْأَصْلِ ثُمَّ شَهَادَةُ الْفَرْعِ كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ لَا يَكْفِيهِ يَسْتَعْمِلُهُ أَوَّلًا ثُمَّ يَتَيَمَّمُ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَةِ آخَرَ أَنَّ الْأَرْضَ الَّتِي حُدُودُهَا كَذَا لِفُلَانٍ وَلَمْ يَعْرِفْ شَاهِدُ الْفَرْعِ عَيْنَ الْأَرْضِ وَهِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ شَاهِدِ الْأَصْلِ قَالَ الرُّويَانِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ نَاقِلٌ لِلشَّهَادَةِ غَيْرُ مُبْتَدِئٍ لَهَا كَمَا أَنَّ النَّاقِلَ لِلْخَبَرِ عَنْ الصَّحَابِيِّ لَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ عَنْهُ

( الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ ) عَنْ الشَّهَادَةِ ( فَإِنْ رَجَعُوا ) أَيْ الشُّهُودُ ( عَنْ الشَّهَادَةِ ) قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا ( لَمْ يُحْكَمْ بِهَا وَإِنْ أَعَادُوهَا ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي عُقُوبَةٍ أَمْ غَيْرِهَا لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَيَنْتَفِي ظَنُّ الصِّدْقِ ( وَلَا يُفَسَّقُونَ ) بِرُجُوعِهِمْ ( إلَّا أَنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا ) شَهَادَةَ الزُّورِ فَيُفَسَّقُونَ
( الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ ) ( قَوْلُهُ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ ) كَقَوْلِهِمْ رَجَعْنَا عَنْهَا أَوْ أَبْطَلْنَاهَا أَوْ فَسَخْنَاهَا أَوْ رَدَدْنَاهَا أَوْ هِيَ بَاطِلَةٌ وَفِي مَعْنَى الرُّجُوعِ طُرُوُّ مَا يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ وَكَتَبَ هَلْ يَلْتَحِقُ بِالرُّجُوعِ مَا لَوْ تَضَمَّنَتْ الشَّهَادَةُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ عَمْرًا فِي كَذَا وَلَكِنْ نَعْلَمُ رُجُوعَهُ فِي وَكَالَتِهِ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَفِيهِ جَوَابَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَسْمَعُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ وَالثَّانِي يَسْمَعُهَا بِالْوَكَالَةِ فَإِنْ ادَّعَى مُدَّعٍ الرُّجُوعَ حِينَئِذٍ تُسْمَعُ شَهَادَتُهُمْ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَصِيَّةِ وَصَرِيحُ الرُّجُوعِ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي وَلَوْ قَالَ أَبْطَلْت شَهَادَتِي أَوْ فَسَخْتهَا أَوْ رَدَدْتهَا فَهَلْ يَكُونُ رُجُوعًا فِيهِ وَجْهَانِ فِي رَوْضَةِ شُرَيْحٍ قَالَ وَلَوْ قَالَ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ كَانَ رُجُوعًا وَمَا ذَكَرَهُ قَبْلَ الْحُكْمِ ظَاهِرٌ فِيمَا يَتَوَقَّفُ بَعْدَ الْأَدَاءِ عَلَى الْحُكْمِ فَأَمَّا مَا يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَمَا بَعْدَ الْحُكْمِ .
ا هـ .
وَأَرْجَحُ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهُ رُجُوعٌ ( قَوْلُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ بِهَا ) قَالَ النَّاشِرِيُّ هَلْ الرُّجُوعُ مَعَهُ كَذَلِكَ أَمْ لَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ

( وَلَوْ رَجَعُوا ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ ( فِي زِنًا حُدُّوا ) حَدَّ الْقَاذِفِ وَإِنْ قَالُوا غَلِطْنَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْبِيرِ وَكَانَ حَقُّهُمْ التَّثَبُّتَ وَكَمَا لَوْ رَجَعُوا عَنْهَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ ) وَإِنْ أَعَادُوهَا لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَالُوا ) لِلْحَاكِمِ بَعْدَ شَهَادَتِهِمْ ( تَوَقَّفْ ) عَنْ الْحُكْمِ ( ثُمَّ قَالُوا ) لَهُ ( اُحْكُمْ ) فَنَحْنُ عَلَى شَهَادَتِنَا ( حَكَمَ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ رُجُوعُهُمْ وَلَا بَطَلَتْ أَهْلِيَّتُهُمْ وَإِنْ عَرَضَ شَكٌّ فَقَدْ زَالَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يُرْجَعُ فِي ذَلِكَ إلَى اجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ رِيبَةٌ حَكَمَ وَإِنْ دَامَتْ أَوْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَسَاهُلٍ فَلَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْأَلَهُمْ عَنْ سَبَبِ التَّوَقُّفِ هَلْ هُوَ لِشَكٍّ طَرَأَ أَمْ لِأَمْرٍ ظَهَرَ لَهُمْ فَإِنْ قَالُوا لِشَكٍّ طَرَأَ قَالَ لَهُمْ بَيِّنُوهُ فَإِنْ ظَهَرَ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْحُكْمِ ( بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ ) مِنْهُمْ لِأَنَّهَا صَدَرَتْ مِنْ أَهْلٍ جَازِمٍ وَالتَّوَقُّفُ الطَّارِئُ قَدْ زَالَ
( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ

( وَإِنْ رَجَعُوا ) عَمَّا شَهِدُوا بِهِ ( بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ بِمَالٍ أَوْ عَقْدٍ وَلَوْ نِكَاحًا نَفَذَ الْحُكْمُ ) بِهِ وَاسْتَوْفَى إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتَوْفَى إذْ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ ( أَوْ بِعُقُوبَةٍ وَلَوْ لِآدَمِيٍّ لَمْ يَسْتَوْفِ ) لِتَأَثُّرِهَا بِالشُّبْهَةِ وَوُجُوبِ الِاحْتِيَاطِ فِيهَا ( وَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فِي قَتْلٍ أَوْ رَجْمٍ أَوْ جَلْدٍ مَاتَ مِنْهُ أَوْ قَطْعٍ بِجِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا اُقْتُصَّ مِنْهُمْ مُمَاثَلَةً ) أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُمْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مُوَزَّعَةً عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ كَمَا مَرَّ فِي الْجِنَايَاتِ وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرِ الْحَجْرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتٌ يَسِيرٌ لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ وَيُخَالِفُ مَا تَقَرَّرَ مَا لَوْ رَجَعَ الرَّاوِي عَنْ رِوَايَةِ خَبَرٍ يُوجِبُ الْقَوَدَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ فَلَمْ يَقْصِدْ الرَّاوِي الْقَتْلَ .
( وَقُدِّمَ حَدُّ قَذْفٍ ) لَزِمَهُمْ عَلَى قَتْلِهِمْ لِيَتَأَتَّى الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ( أَوْ ) قَالُوا ( أَخْطَأْنَا ) فِي شَهَادَتِنَا ( فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ ) فَتَكُونُ فِي مَالِهِمْ ( لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْ ) لِأَنَّ إقْرَارَهُمْ لَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي هَذَا مُتَدَافِعٌ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ كَثِيرٍ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهِ ( وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا ) لَوْ ادَّعَوْا أَنَّهَا تَعْرِفُ خَطَأَهُمْ وَأَنَّ عَلَيْهِمْ الدِّيَةَ وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ ابْنِ كَجٍّ احْتِمَالُ أَنَّ لَهُمْ تَحْلِيفَهَا لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا لَغَرِمُوا .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ

الْعَاقِلَةِ بِأَنَّ الْجَانِيَ إذَا اعْتَرَفَ بِالْخَطَأِ وَكَذَّبَتْهُ الْعَاقِلَةُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فَيَكُونُ الصَّحِيحُ خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَإِنَّ الشَّاهِدَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ مَا دَخَلَ ثَمَّ فِي كَلَامِهِ انْتَهَى عَلَى أَنَّ ابْنَ الْقَطَّانِ لَمْ يَجْزِمْ بِذَلِكَ بَلْ حَكَى وَجْهَيْنِ كَمَا حَكَاهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ حِكَايَةِ الدَّارِمِيِّ عَنْهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَدْ يَرَى الْقَاضِي فِيمَا إذَا قَالُوا أَخْطَأْنَا تَعْزِيرَهُمْ لِتَرْكِهِمْ التَّحَفُّظَ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَصْلُ وَأَقَرَّهُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمِ التَّعْزِيرِ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَالْقَاضِي مُجَلِّي لَكِنْ جَمَعَ الْأَذْرَعِيُّ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ بِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَرَادُوا أَنَّهُ لَا يَتَحَتَّمُ التَّعْزِيرُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إلَى رَأْيِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ ( وَرُجُوعُ الْقَاضِي وَحْدَهُ كَرُجُوعِهِمْ ) فَإِنْ قَالَ تَعَمَّدْت الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الزُّورِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ أَوْ أَخْطَأْت فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَةٍ كَذَّبَتْهُ

( قَوْلُهُ أَوْ عَقْدٍ ) أَيْ أَوْ فَسْخٍ ( قَوْلُهُ وَجَلْدٍ ) أَيْ وَمَاتَ مِنْ الْجَلْدِ كَمَا قَيَّدَهُ الْمُحَرَّرُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَاتَ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَأْتِي فِي الْجَلْدِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحُكْمِ فَإِنْ جُلِدَ الْحَدَّ لَا يُقْتَلُ غَالِبًا فَلَا قِصَاصَ وَلَا تُغَلَّظُ الدِّيَةُ تَغَلَّظَ الْعَمْدِ الْمَحْضِ فَإِنْ خَرَجَ الْجَلْدُ عَنْ الْحَدِّ حَتَّى صَارَ يَقْتُلُ غَالِبًا فَقَدْ خَرَجَ عَنْ الْمَقْصُودِ قَالَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا إذَا لَمْ يَمُتْ مِنْ الْجَلْدِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُمْ يُعَزَّرُونَ وَإِنْ حَصَلَ أَثَرٌ يَقْتَضِي الْحُكُومَةَ وَجَبَتْ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ مِنْ الْأَصْحَابِ وَفِي نَصِّ الْمُخْتَصَرِ مَا يَقْتَضِيهِ حَيْثُ قَالَ وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَلِكَ فِيهِ قِصَاصٌ أَغْرَمُوهُ وَعَزَّرُوا ا هـ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَنْ يَقْتُلُهُ ذَلِكَ الْجَلْدُ غَالِبًا ( قَوْلُهُ وَأَفَادَ كَلَامُهُ أَنَّهَا تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مَعَ سُكُوتِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْعَاقِلَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ الْمَعْرُوفِ عَدَمَ التَّعْزِيرِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْخَطَأَ جَائِزٌ عَلَيْهِمْ

( فَإِنْ رَجَعُوا ) أَيْ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ ( مَعًا فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ ) إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا ( وَالدِّيَةُ ) عَلَيْهِمْ ( مُنَاصَفَةً ) لِاعْتِرَافِهِمْ بِسَبَبِ قَتْلِهِ عَمْدًا عُدْوَانًا قَالَ فِي الْأَصْلِ كَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ انْتَهَى وَرُدَّ الْقِيَاسُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَسْتَقِلُّ بِالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا إذَا قَضَى بِعِلْمِهِ بِخِلَافِ الشُّهُودِ وَيُرَدُّ أَيْضًا بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِ الشُّهُودِ وَحْدَهُمْ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ ( وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ ) لِلدَّمِ وَلَوْ ( مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ ) الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ ( أَوْ ) رَجَعَ ( الْمُزَكِّي ) لِلشُّهُودِ وَلَوْ قَبْلَ شَهَادَتِهِمْ ( لَزِمَهُ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ ) لِأَنَّهُ بِالتَّزْكِيَةِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلِمْت كَذِبَهُمْ وَقَوْلِهِ عَلِمْت فِسْقَهُمْ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَقَالَ الْقَفَّالُ مَحِلُّهُ إذَا قَالَ عَلِمْت كَذِبَهُمْ فَإِنْ قَالَ عَلِمْت فِسْقَهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُمْ قَدْ يُصَدَّقُونَ مَعَ فِسْقِهِمْ ( وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ ) مِنْ شَاهِدَيْنِ ( تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَلَا قِصَاصَ ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ الْعَمْدِ لِعِدْوَانٍ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمَا بِإِقْرَارِهِ بَلْ يَلْزَمُهُمَا دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ ( أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا تَعَمَّدْت وَصَاحِبِي أَخْطَأَ أَوْ ) قَالَ تَعَمَّدْت ( وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ لَا وَهُوَ مَيِّتٌ أَوْ غَائِبٌ ) لَا يُمْكِنُ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى تَعَمَّدْت وَقَالَ صَاحِبُهُ أَخْطَأْت ( فَلَا قِصَاصَ ) لِمَا مَرَّ وَقِسْطُ الْمُتَعَمِّدِ مِنْ الدِّيَةِ مُغَلَّظٌ وَقِسْطُ الْمُخْطِئِ مِنْهَا مُخَفَّفٌ أَوْ قَالَ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي وَهُوَ غَائِبٌ ( أَوْ مَيِّتٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَوْ ) قَالَ (

كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( تَعَمَّدْت وَلَا أَعْلَمُ حَالَ صَاحِبِي ) أَوْ تَعَمَّدْت وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي كَمَا فَهِمَ بِالْأَوْلَى ( أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ) قَوْلِهِ ( تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُمَا وَإِنْ اعْتَرَفَ ) أَحَدُهُمَا ( بِعَمْدِهِمَا وَالْآخَرُ بِعَمْدِهِ وَخَطَّأَ صَاحِبَهُ ) أَوْ بِخَطَئِهِ وَحْدَهُ أَوْ بِخَطَئِهِمَا ( اُقْتُصَّ مِنْ الْأَوَّلِ ) لِاعْتِرَافِهِ بِتَعَمُّدِهِمَا جَمِيعًا لَا مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ أَوْ بِخَطَأٍ ( أَوْ رَجَعَ ) أَحَدُهُمَا ( وَحْدَهُ وَقَالَ تَعَمَّدْنَا لَا ) إنْ قَالَ ( تَعَمَّدْت اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَا أَثَرَ لِقَوْلِهِمْ ) بَعْدَ رُجُوعِهِمْ ( لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ ) بِقَوْلِنَا كَمَنْ رَمَى سَهْمًا إلَى رَجُلٍ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَصَدَهُ لَكِنْ قَالَ لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ ( إلَّا لِقُرْبِ عَهْدٍ ) مِنْهُمْ ( بِالْإِسْلَامِ ) أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ ( فَيَكُونُ شِبْهَ عَمْدٍ ) لِانْتِفَاءِ تَمَحَّضَ عَمْدِ الْعُدْوَانِ فَعَلَيْهِمْ وَاجِبُهُ ( فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلًا ثَلَاثَ سِنِينَ ) إلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمْ الْعَاقِلَةُ فَيَجِبُ عَلَيْهَا

( قَوْلُهُ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْجَمِيعِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْوَلِيِّ وَالشُّهُودِ مِنْ أَنَّهُمْ إذَا رَجَعُوا اخْتَصَّ الْقِصَاصُ بِالْوَلِيِّ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ كَالْوَالِي فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يَحْكُمَ وَلَا يُقَالُ هُوَ مَلْجَأٌ لِأَنَّ رُجُوعَهُ وَاعْتِرَافَهُ بِالتَّعَمُّدِ يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَخْتَصُّ الْقِصَاصُ بِالْقَاضِي كَمَا يَخْتَصُّ بِالْوَلِيِّ ا هـ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ إلَخْ ) أَجَابَ عَنْهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْقَتْلَ حَصَلَ بِجِهَةِ الشَّهَادَةِ وَهِيَ الْحَامِلَةُ بِشَهَادَتِهَا عَلَى الْقَتْلِ وَبِجِهَةِ الْحُكْمِ وَهِيَ الْفَاعِلَةُ لِلْقَتْلِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا نَوْعُ اسْتِقْلَالٍ وَنَوْعُ مُشَارَكَةٍ فَإِذَا اخْتَصَّتْ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ بِالرُّجُوعِ لَزِمَهَا الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهَا فِي جِهَتِهَا وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الشُّهُودِ إذَا رَجَعُوا : إنَّهُ يَلْزَمُهُمْ الْقِصَاصُ عِنْدَ التَّعَمُّدِ أَوْ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى جِهَةِ الْحُكْمِ حَتَّى تُوجِبَ عَلَى الشُّهُودِ نِصْفَ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِهِمْ فِي جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا رَجَعَ وَحْدَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ كُلُّ الدِّيَةِ نَظَرًا إلَى اسْتِقْلَالِ جِهَةِ الْحُكْمِ كَاسْتِقْلَالِ جِهَةِ الشَّهَادَةِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْجِهَتَانِ فَلَا تَرْجِيحَ وَتَثْبُتُ الْمُشَارَكَةُ وَفِي قَاتِلِي أَبِي جَهْلٍ { قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِلَاكُمَا قَتَلَهُ } وَخَصَّ بِالسَّلْبِ مَنْ وَجَدَ لَهُ مُرَجِّحًا كَذَلِكَ هُنَا يَخُصُّ الضَّمَانُ مَنْ وُجِدَ مِنْهُ الرُّجُوعُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا إذَا رَجَعَا قَالَ وَفِي الْمَطْلَبِ أَنَّ الْأَصْحَابَ وَجَّهُوا الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْغُرْمِ عَلَى الْقَاضِي وَالشُّهُودِ عِنْدَ رُجُوعِهِمْ بِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْقَاتِلِينَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي عِنْدَ الِانْفِرَادِ الْقَطْعَ بِإِيجَابِ الْجَمِيعِ لِأَنَّ أَحَدَ الْقَاتِلَيْنِ لَوْ انْفَرَدَ لَغَرِمَ

الْجَمِيعُ وَفَارَقَ رُجُوعَ أَحَدِ الشُّهُودِ فَإِنَّهُمْ بِجُمْلَتِهِمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ إذْ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمْ بِالْقَتْلِ وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ فَإِنَّا إذَا نَزَّلْنَاهُمَا مَنْزِلَةَ الْقَاتِلِينَ فَكَانَ يَنْبَغِي تَوْزِيعُ الدِّيَةِ فِي حَالَةِ الِانْفِرَادِ وَحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ وَأَمَّا فَرْضُ انْفِرَادِ أَحَدِ الْقَاتِلِينَ فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ الْقَتْلَ وُجِدَ مِنْ الْكُلِّ فَلَا يُفْرَضُ خِلَافُهُ ا هـ .
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَلْزَمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ إذَا انْفَرَدُوا بِالرُّجُوعِ سِوَى النِّصْفِ بَلْ لَا يُطَالَبُونَ بِشَيْءٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكُلَّ إذَا رَجَعُوا يَخْتَصُّ الْغُرْمُ بِالْوَلِيِّ وَأَنْ لَا يُطَالِبَ الْقَاضِي بِشَيْءٍ عِنْدَ انْفِرَادِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النِّصَابَ إذَا بَقِيَ بَعْدَ الرُّجُوعِ لَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ شَيْئًا بَلْ الْوَاجِبُ أَنَّهُمْ كَالشَّرِيكَيْنِ وَلَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ بِالْغُرْمِ وَلَا كَذَلِكَ الشُّهُودُ فَإِنَّهُمْ كَالْقَاتِلِ الْوَاحِدِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ الْوَلِيُّ لِلدَّمِ وَلَوْ مَعَهُمْ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَمَّا فِيهِ فَلَا أَثَرَ لِرُجُوعِ الْوَلِيِّ وَحْدَهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِهِ وَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ وَصَدَّرَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَنَابَ فِيهِ غَيْرَهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَحِينَئِذٍ فَالظَّاهِرُ تَخْرِيجُهُ عَلَى الْإِكْرَاهِ الْعَادِي كَتَقْدِيمِهِ الطَّعَامَ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ إكْرَاهٌ كَانَ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَإِلَّا فَقَدْ شَابَهَ حَالُهُ مَعَ الشُّهُودِ مَعَ الْقَاضِي إذَا رَجَعُوا دُونَ الْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَتْلَ مُسْتَنِدٌ لِقَوْلِ الْجَمِيعِ مَعَ أَنَّهُ لَا إكْرَاهَ فِيهِ فَيَجِبُ الْقَطْعُ بِإِيجَابِهِ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَمِيعِ .
ا هـ .
تَصْوِيرُ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ لِلْمَسْأَلَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ( قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ

الْمُزَكِّي لِلشُّهُودِ إلَخْ ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ بِالْقَتْلِ .
( تَنْبِيهٌ ) لَوْ رَوَى خَبَرًا فِي وَاقِعَةِ قِصَاصٍ لَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ تَعَمَّدْت فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ فِي آخِرِ الْأَقْضِيَةِ الْمَنْعُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ وَفِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْقَوَدُ كَالشَّاهِدِ إذَا رَجَعَ وَقَوْلُهُ فَعَنْ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ تَعَمَّدْت ) تَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ إصْرَارَ صَاحِبِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ تَعَمَّدَ فَهُوَ قَاصِدٌ لِقَتْلِهِ بِحَقٍّ فَكَانَ كَشَرِيكِ الْقَاتِلِ قِصَاصًا أَوْ الْقَاطِعِ حَدًّا وَذَلِكَ مُقْتَضٍ لِإِيجَابِ الْقِصَاصِ عَلَى الَّذِي قَالَ تَعَمَّدْت .
ا هـ .
الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ أَوْ نَشْأَتِهِمْ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ ) أَوْ قَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهَا تَجْرَحُ بِأَسْبَابٍ تَقْتَضِي الْجَرْحَ

( وَلَوْ رَجَعَا ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِمَا يُوجِبُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِالْبَيْنُونَةِ ) بِطَلَاقٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ أَوْ نَحْوِهَا ( غَرِمَا ) لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ مَا يَتَقَوَّمُ كَمَا لَوْ شَهِدَا بِعِتْقِ عَبْدٍ ثُمَّ رَجَعَا فَيَغْرَمَانِ ( مَهْرَ الْمِثْلِ وَلَوْ قَبْلَ الدُّخُولِ ) أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا عَنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلِفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ لَا يَغْرَمَانِ قَبْلَ دَفْعِهِ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَتْ ( كَمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقٍ وَفَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ قَبْلَ دُخُولٍ ) وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ ( وَكَذَا لَوْ لَمْ يَشْهَدَا بِالْفَرْضِ ) لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَى الزَّوْجِ الْبُضْعَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ مُفَوِّضَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ وَقَضَى الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَالْمُتْعَةِ ثُمَّ رَجَعَا غَرِمَا مَهْرَ الْمِثْلِ دُونَ الْمُتْعَةِ

( قَوْلُهُ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَكْفِي التَّفْرِيقُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَالتَّفْرِيقُ يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ الْقَاضِيَ قَدْ يَقْضِي بِالتَّفْرِيقِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا لَمْ يُرِدْ الْفِرَاقَ لِأَنَّ قَوْلَهُمَا فِي الرُّجُوعِ مُحْتَمَلٌ وَلَا يُرَدُّ الْقَضَاءُ بِقَوْلٍ مُحْتَمَلٍ .
( قَوْلُهُ بِالْبَيْنُونَةِ ) بِطَلَاقٍ بَائِنٍ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِهِ كَالثَّالِثَةِ أَوْ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ مَجَّانًا وَكَتَبَ أَيْضًا دَخَلَ فِي عِبَارَتِهِمْ مَا لَوْ شَهِدُوا عَلَى رَجْعِيَّةٍ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ الْأَرْجَحُ عِنْدِي لِأَنَّهُمْ قَطَعُوا عَلَيْهِ مِلْكَ الرَّجْعَةِ الَّذِي هُوَ كَمِلْكِ الْبُضْعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ مَهْرِ الْمِثْلِ صُوَرٌ إحْدَاهُمَا إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ لَمْ يُغَرِّمُوا الْوَرَثَةَ شَيْئًا كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لِأَنَّ الْغُرْمَ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بُضْعِهِ وَلَا حَيْلُولَةَ هُنَا قَالَ وَهَذَا فِقْهٌ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الثَّانِيَةُ إذَا لَمْ يَرْجِعُوا إلَّا بَعْدَ أَنْ أَبَانَهَا بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ عَلَى زَعْمِهِ فِي بَقَاءِ عِصْمَتِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْضًا عَلَى قِيَاسِ مَا تَقَدَّمَ بَلْ أَوْلَى لِتَقْصِيرِهِ بِالْبَيْنُونَةِ بِاخْتِيَارِهِ الثَّالِثَةَ إذَا قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ إمَّا قَبْلَ رُجُوعِهِمْ أَوْ بَعْدَهُ إنَّهُمْ مُحِقُّونَ فِي شَهَادَتِهِمْ فَلَا رُجُوعَ لَهُ الرَّابِعَةَ إذَا رَجَعُوا عَنْ شَهَادَتِهِمْ بِالطَّلَاقِ عَلَى عِوَضٍ عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ قَدْرَ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا غُرْمَ عَلَى مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ ابْنِ الْحَدَّادِ وَالْبَغَوِيِّ فِيمَا إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَلْفَانِ أَنَّ عَلَيْهَا أَلْفًا .
وَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مِنْ الْمَرْأَةِ أَلْفٌ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَرْجَحُ التَّغْرِيمُ فَلَا يُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ لَا فِي عَدَمِ

الْغُرْمِ وَلَا فِي غُرْمِ تَكْمِلَةِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْعِوَضُ الْمَشْهُودُ بِهِ أَلْفًا وَكَانَ مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفَيْنِ الْخَامِسَةُ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ قِنًّا فَلَا غُرْمَ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ لَا لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا وَلَا لِمَالِكِهِ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِزَوْجَةِ عَبْدِهِ فَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا غَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ بِقِسْطِ الْحُرِّيَّةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَالَ وَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ عَلَى مَجْنُونٍ أَوْ غَائِبٍ فَالْأَرْجَحُ أَنَّ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ تَغْرِيمَهُمْ وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إنْكَارٌ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا ) أَوْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِمَاعِ بِهَا أَوْ لَا

( وَلَوْ رَجَعَا ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا ( فِي طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فَلَا غُرْمَ ) عَلَيْهِمَا ( حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ ) لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْمُرَاجَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا غَرِمَا كَمَا فِي الْبَائِنِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَمَدٍ وَالْأَصَحُّ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيمَا قَالَهُ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ دَفْعِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ ( وَلَوْ غَرِمَا ) لِرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( فِي الطَّلَاقِ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( اسْتَرَدَّا مَا غَرِمَا ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنَّ شَهَادَتَهُمَا لَمْ تُفَوِّتْ عَلَى الزَّوْجِ شَيْئًا ( أَوْ ) شَهِدَا ( أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِأَلْفٍ وَدَخَلَ ) بِهَا ( ثُمَّ رَجَعَا ) بَعْدَ الْحُكْمِ ( غَرِمَا لَهَا مَا نَقَصَ عَنْ مَهْرِ مِثْلِهَا ) إنْ كَانَ الْأَلْفُ دُونَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي إنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ دَخَلَ بِهَا يَغْرَمَانِ مَا نَقَصَ وَهُوَ مَا أَطْلَقَهُ ابْنُ كَجٍّ وَهَذَا الْبَحْثُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْهُ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ مَنْقُولَهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا شَيْئًا بَلْ الْمُتْلِفُ هُوَ الزَّوْجُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الرَّاجِحُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ ( أَوْ ) شَهِدَا ( أَنَّهُ طَلَّقَهَا ) أَيْ زَوْجَتَهُ ( أَوْ أَعْتَقَهَا ) أَيْ أَمَتَهُ ( بِأَلْفٍ وَمَهْرُهَا أَوْ قِيمَتُهَا أَلْفَانِ ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( غَرِمَا أَلْفًا ) وَقِيلَ يَغْرَمَانِ

مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ لَمْ يَذْكُرَا عِوَضًا وَأَمَّا الْأَلْفُ فَمَحْفُوظٌ عِنْدَهُ لَهَا إنْ قَبَضَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيهِ وَإِلَّا فَيُقِرُّ عِنْدَهَا حَتَّى تَدَّعِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ قَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَرِيبًا فِي التَّفْرِيقِ بِالْبَيْنُونَةِ تَرْجِيحُ الثَّانِي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَبِهِ جَزَمَ الدَّارِمِيُّ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ الْعَبْدَ يُؤَدِّي مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِلسَّيِّدِ وَالزَّوْجَةِ بِخِلَافِهِ
( قَوْلُهُ ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَقْتَضِي أَنْ لَا نِكَاحَ إلَخْ ) وَكَذَا لَوْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَشَمِلَتْ عِبَارَتُهُ مَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا وَمَا لَوْ حَدَثَ الرَّضَاعُ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِكَوْنِهِ صَغِيرَةً وَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِأَنَّهُ لَا نِكَاحَ بَيْنَهُمَا غَرَّمَهُمَا مَهْرَ الْمِثْلِ ( فَرْعٌ ) لَوْ شَهِدَا لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ بِأَنَّهُ تَزَوَّجَهَا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ أَخُوهَا لَمْ يَضْمَنَا لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَعْلَمَا الْغَيْبَ وَكَذَا لَوْ شَهِدَا بِبَيْعِ عَبْدٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَوْ بِخُلْعٍ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَهَا قَبْلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا أَوْ شَهِدَا لَهُ أَنَّهُ أَقْرَضَهُ كَذَا فِي وَقْتِ كَذَا ثُمَّ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْمُقْرِضَ أَبْرَأَهُ لَمْ يَضْمَنَا وَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقَابِضُ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى إقْرَارٍ ظَاهِرٍ قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ) هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ غُرْمًا لَهَا وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الثَّانِي هُوَ قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا غُرْمَ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الرَّافِعِيَّ أَشَارَ إلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) شَهِدَا ( بِعِتْقٍ ) لِرَقِيقٍ ( وَلَوْ لِأُمِّ وَلَدٍ ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( غَرِمَا الْقِيمَةَ ) وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِوَقْتِ الشَّهَادَةِ كَمَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ لِأَنَّهُ وَقْتَ نُفُوذِ الْعِتْقِ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةٍ مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ تُؤْخَذُ مِنْهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ حَتَّى يَسْتَرِدَّاهَا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ غُصِبَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَشَرَطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ بَعْضُهُ اسْتَرَدَّ قَدْرَ مَا خَرَجَ
( قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا اتَّصَلَ بِهَا الْحُكْمُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ ثَانِيهِمَا اعْتِبَارُ أَكْثَرِ قِيمَةً إلَخْ ) هَذَا فِي الْمُتَقَوِّمِ أَمَّا الْمِثْلِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَلِهَذَا أَلْحَقُوهُ بِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ غ ر ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ قِيمَةَ أُمِّ الْوَلَدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِاسْتِرْدَادِهَا فِي الْمُدَبَّرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) شَهِدَا ( بِإِيلَادٍ أَوْ تَدْبِيرٍ ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( غَرِمَا ) الْقِيمَةَ ( بَعْدَ الْمَوْتِ ) لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ إنَّمَا يَزُولُ بَعْدَهُ ( أَوْ شَهِدَا بِتَعْلِيقِ طَلَاقٍ ) أَوْ عِتْقٍ بِصِفَةٍ ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( فَبَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ ) يَغْرَمَانِ الْمَهْرَ أَوْ الْقِيمَةَ لِمَا مَرَّ ( أَوْ ) شَهِدَا ( بِكِتَابَةٍ ) لِرَقِيقٍ ( ثُمَّ رَجَعَا ) بَعْدَ الْحُكْمِ ( وَعَتَقَ بِالْأَدَاءِ ) ظَاهِرًا ( فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ ) كُلَّهَا لِأَنَّ الْمُؤَدِّيَ مِنْ كَسْبِهِ وَهُوَ لِسَيِّدِهِ ( أَوْ نَقَصَ النُّجُومُ عَنْهَا ) لِأَنَّهُ الْفَائِتُ وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهُهُمَا الثَّانِي وَعَزَاهُ الدَّارِمِيُّ لِابْنِ سُرَيْجٍ وَلَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ ( أَوْ ) شَهِدَا ( أَنَّهُ وَقَفَهُ عَلَى مَسْجِدٍ ) أَوْ جِهَةٍ عَامَّةٍ أَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَغَيْرِهِمَا ( أَوْ ) أَنَّهُ ( جَعَلَ شَاتَه أُضْحِيَّةً ) ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ ( فَالْقِيمَةُ ) يَغْرَمَانِهَا ( وَيَغْرَمَانِ لِذِي مَالٍ ) شَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ لِآخَرَ وَلَوْ كَانَ عَيْنًا ثُمَّ ( حُكِمَ بِهِ وَغَرِمَهُ ) لَهُ وَفِي نُسْخَةٍ وَدَفَعَهُ ثُمَّ رَجَعَا لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا مَا غَرِمَهُ ( وَ ) يَغْرَمَانِ ( لِعَاقِلَةٍ ) شَهِدَا عَلَى مَنْ تَحَمَّلَتْ عَنْهُ بِجِنَايَةٍ أَوْجَبَتْ مَالًا وَحُكِمَ بِهَا وَ ( غَرِمَتْ ) ثُمَّ رَجَعَا ( وَ ) يَغْرَمَانِ فِيمَا إذَا شَهِدَا عَلَى شَرِيكٍ مُوسِرٍ بِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فِي رَقِيقٍ مُشْتَرَكٍ وَحَكَمَ بِهِ ثُمَّ رَجَّعَا قِيمَةَ ( مَا عَتَقَ ) بِالْإِعْتَاقِ ( لِشَرِيكٍ ) وَهُوَ الْمُعْتِقِ ( وَ ) قِيمَةَ ( سِرَايَتِهِ ) أَيْ الْعِتْقِ بِمَعْنَى الْإِعْتَاقِ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ
( قَوْلُهُ فَهَلْ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشْبَهَهُمَا الثَّانِي ) نَقَلَ الْبَكْرِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَنْ الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْأَشْبَهَ الْأَوَّلُ

( وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ أَوْ أُصُولٌ ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ ( غَرِمُوا أَوْ ) رَجَعَ ( كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( فَالْفُرُوعُ ) أَيْ فَالْغَارِمُ الْفُرُوعُ فَقَطْ لِأَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ إشْهَادَ الْأُصُولِ وَيَقُولُونَ كَذَبْنَا فِيمَا قُلْنَا وَالْحُكْمُ وَقَعَ بِشَهَادَتِهِمْ ( وَعُزِّرَ مُتَعَمِّدٌ ) فِي شَهَادَتِهِ الزُّورَ بِاعْتِرَافِهِ إذَا ( لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ ) بِأَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ بِرُجُوعِهِ قِصَاصٌ وَلَا حَدٌّ ( وَدَخَلَ ) التَّعْزِيرُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الْحَدِّ ( إنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَوْ اسْتَوْفَى ) الْمَشْهُودُ لَهُ ( بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا ثُمَّ وَهَبَهُ لِلْخَصْمِ أَوْ شَهِدَا بِإِقَالَةٍ ) مِنْ عَقْدٍ ( وَحُكِمَ بِهَا ثُمَّ رَجَعَا فَلَا غُرْمَ ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الْغَارِمَ عَادَ إلَى مَا غَرِمَهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَرْعٌ ) لَوْ لَمْ يَقُولَا رَجَعْنَا لَكِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِرُجُوعِهِمَا لَمْ يَغْرَمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ

( قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ فُرُوعٌ وَأُصُولٌ غَرِمُوا ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ إذَا رَجَعَ شَاهِدَا الْأَصْلِ فَقَالَا أَشْهَدْنَا الْفَرْعَ عَلَيْنَا غَالِطِينَ فِي الشَّهَادَةِ فَالْغُرْمُ عَلَيْهِمَا دُونَ الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالَا لَمْ نُشْهِدْ الْفُرُوعَ عَلَى شَهَادَتِنَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى الْفُرُوعِ وَلَوْ قَالُوا عَلِمْنَا أَنَّ شُهُودَ الْأُصُولِ كَذَبَةٌ غَرِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا مَا عَلِمْنَا كَذِبَهُمْ ثُمَّ ظَهَرَ لَنَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالُوا إنَّهُمَا أَشْهَدَانَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ سَأَلُوا فَإِنْ قَالُوا عَرَفْنَا ذَلِكَ قَبْلَ الْحُكْمِ ضَمِنُوا وَإِنْ قَالُوا لَمْ نَعْرِفْهُ إلَّا بَعْدَ الْحُكْمِ فَلَا ضَمَانَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّ الْحَقَّ بَاقٍ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ) قَالَ شَيْخُنَا سَأَلَ الْوَالِدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ بَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عِنْدَ حَاكِمٍ شَافِعِيٍّ بِأَمْرٍ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ ثُمَّ أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً شَهِدَتْ بِرُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَمَّا شَهِدَا بِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ فَهَلْ تُسْمَعُ أَمْ لَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ تُسْمَعُ وَتَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْحُكْمِ لِتَبَيُّنِ أَنْ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ كَمَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِفِسْقِ الشَّاهِدَيْنِ وَقْتَ الْحُكْمِ بِخِلَافِ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُمَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ

( فَصْلٌ إذَا رَجَعُوا ) عَنْ شَهَادَتِهِمْ ( غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ ) سَوَاءٌ أَرَجَعُوا مَعًا أَمْ مُرَتَّبًا وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا ( أَوْ ) رَجَعَ ( بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ نِصَابٌ فَلَا غُرْمَ وَلَا قِصَاصَ ) عَلَى الرَّاجِعِينَ .
( وَإِنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا ) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَنْ بَقِيَ ( وَإِنْ رَجَعُوا ) فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ ( إلَّا وَاحِدًا غَرِمُوا النِّصْفَ ) لَا الْقِسْطَ بِحَسَبِ عَدَدِ الرُّءُوسِ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ ( وَعَلَى امْرَأَتَيْنِ ) رَجَعَتَا ( مَعَ رَجُلٍ نِصْفٌ ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعٌ لِأَنَّهُمَا نِصْفُ الْحُجَّةِ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ الْبَاقِي ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الرَّجُلِ إذَا رَجَعَ ( مَعَ ) نِسَاءِ ( أَرْبَعٍ فِي رَضَاعٍ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ ( ثُلُثٌ ) وَعَلَيْهِنَّ ثُلُثَاهُ إذْ كُلُّ ثِنْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ وَهَذِهِ الشَّهَادَةُ تَنْفَرِدُ بِهَا النِّسَاءُ فَلَا يَتَعَيَّنُ الرَّجُلُ لِلنِّصْفِ ( فَإِنْ رَجَعَ ) هُوَ ( أَوْ ثِنْتَانِ ) مِنْهُنَّ ( فَلَا غُرْمَ ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ حُجَّةٍ ( وَعَلَيْهِ ) إذَا شَهِدَ ( مَعَ عَشْرٍ ) فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَجَعُوا ( سُدُسٌ ) وَعَلَى كُلِّ ثِنْتَيْنِ سُدُسٌ ( فَإِنْ رَجَعَ ) مِنْهُنَّ ( ثَمَانٍ أَوْ هُوَ ) وَلَوْ ( مَعَ سِتٍّ فَلَا غُرْمَ ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مَعَ سَبْعٍ غَرِمُوا الرُّبْعَ لِبُطْلَانِ رُبْعِ الْحُجَّةِ ( أَوْ ) رَجَعَ ( كُلُّهُنَّ دُونَهُ غَرِمْنَ نِصْفًا أَوْ ) رَجَعَ ( هُوَ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمُوا النِّصْفَ ) لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا أَوْ مَعَ تِسْعٍ غَرِمُوا ثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ ( وَهُوَ كَامْرَأَتَيْنِ ) فَعَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْهِمَا ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَالنِّسَاءِ ( فِي مَالٍ وَرَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ ثَمَانٍ غَرِمَ النِّصْفَ دُونَهُنَّ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِنَّ إلَّا نِصْفُ الْحَقِّ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُنَّ مَنْ يَتِمُّ بِهِ ذَلِكَ ( أَوْ ) رَجَعَ ( مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِ نِصْفٌ وَهُنَّ ) عَلَيْهِمْ ( رُبْعٌ ) لِبَقَاءِ رُبْعُ الْحُجَّةِ .
( وَإِنْ شَهِدُوا

بِإِحْصَانِهِ ) أَيْ شَخْصٍ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِزِنَاهُ ( فَرُجِمَ أَوْ ) شَهِدُوا ( بِالصِّفَةِ ) الْمُعَلَّقِ بِهَا طَلَاقٌ أَوْ عِتْقٌ وَشَهِدَ آخَرُونَ بِتَعْلِيقِ ذَلِكَ ( فَطَلُقَتْ ) أَوْ عَتَقَتْ ( ثُمَّ رَجَعُوا ) كُلُّهُمْ ( فَلَا غُرْمَ ) عَلَى شُهُودِ الْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ إذْ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْإِحْصَانِ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً عَلَى الزَّانِي وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ وَشَهَادَتُهُمْ فِي الصِّفَةِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ وَالْحُكْمُ إنَّمَا يُضَافُ إلَى السَّبَبِ لَا إلَى الشَّرْطِ عَلَى الْأَصَحِّ هَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْبَغَوِيِّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْمَعْرُوفُ الْغُرْمُ فَقَدْ صَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْجُرْجَانِيُّ انْتَهَى وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُزَكِّيَ يَغْرَمُ فَشُهُودُ الْإِحْصَانِ وَالصِّفَةِ كَذَلِكَ بَلْ أَوْلَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيَّنٌ لِلشَّاهِدِ الْمُتَسَبِّبِ فِي الْقَتْلِ وَمَقْتُولِهِ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ بِالْإِحْصَانِ أَوْ الصِّفَةِ ( وَإِنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ ) عَلَى شَخْصٍ ( بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَرَجَعَ وَاحِدٌ ) مِنْهُمْ ( عَنْ مِائَةٍ وَآخَرُ عَنْ مِائَتَيْنِ وَالثَّالِثُ عَنْ ثَلَثِمِائَةٍ وَالرَّابِعُ عَنْ أَرْبَعِمِائَةٍ فَالرُّجُوعُ ) الَّذِي لَا يَبْقَى مَعَهُ حُجَّةٌ ( عَنْ مِائَتَيْنِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمِائَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ فِيهِمَا ( فَمِائَةٌ يَغْرَمُهَا الْأَرْبَعَةُ ) بِاتِّفَاقِهِمْ ( وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مِائَةٍ يَغْرَمُهَا غَيْرُ الْأَوَّلِ بِالسَّوِيَّةِ ) لِاخْتِصَاصِهِمْ بِالرُّجُوعِ عَنْهَا وَالرُّبْعُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ لِبَقَاءِ رُبْعِ الْحُجَّةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ وَمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ بِمَا رَجَعَ عَنْهُ وَمَا قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ الْآخَرُ لَا غُرْمَ فِيهِ

قَوْلُهُ إذَا رَجَعُوا غَرِمُوا بِالسَّوِيَّةِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَسْأَلَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا شَهِدُوا بِعِوَضِ الْمَالِ الَّذِي فَوَّتُوهُ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ كَأَنْ شَهِدُوا بِشُفْعَةٍ أَوْ بَيْعٍ وَالثَّمَنُ مِثْلُ الْقِيمَةِ ثُمَّ رَجَعُوا فَلَا غُرْمَ كَمَا حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ إنَّهُ فِقْهٌ ظَاهِرٌ مَعْمُولٌ بِهِ الثَّانِيَةُ إذَا ادَّعَى بَالِغٌ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ هَذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ ظُلْمًا وَادَّعَى صَاحِبُ الْيَدِ أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِهَا ثُمَّ رَجَعُوا لَمْ يَغْرَمُوا لِلْعَبْدِ شَيْئًا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْمَنْقُولَ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَبْدٌ أَنَّ مَالِكَهُ أَعْتَقَهُ وَأَجْنَبِيٌّ أَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ قَوْلًا وَاحِدًا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ لَمْ يُقْبَلْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ ( قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقَلَّ الْحُجَّةِ أَمْ زَادُوا ) قَالُوا تَعَمَّدْنَا أَمْ أَخْطَأْنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الرَّجُلِ نِصْفٌ ) الْخُنْثَى فِي ذَلِكَ كَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ بِمَثَابَتِهَا فِي الشَّهَادَةِ قَالَهُ ابْنُ الْمُسْلِمِ وَفَرَّعَ الْبَارِزِيُّ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ عَلَى شَيْءٍ وَأَخَذُوا أُجْرَةً يَكُونُ لِلْمَرْأَتَيْنِ نِصْفُهَا وَلِلرَّجُلِ النِّصْفُ الْآخَرُ كَالْغُرْمِ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِكَمَالٍ ) كَمَا لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ قُذِفَ وَادَّعَى أَنَّهُ عَبْدٌ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَجُلِدَ ثَمَانِينَ فَمَاتَ ثُمَّ رَجَعَ الْكُلُّ فَلَا شَيْءَ عَلَى شَاهِدَيْ الْحُرِّيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُزَكِّيَ مُعَيِّنٌ لِلشَّاهِدِ ) لِأَنَّهُ بِتَزْكِيَتِهِ أَلْجَأَ الْقَاضِيَ إلَى الْحُكْمِ الْمُفْضِي إلَى الْقَتْلِ مَعَ أَنَّ شَهَادَتَهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِشُهُودِ الزِّنَا الْمُفْضِيَةِ شَهَادَتُهُمْ إلَى الْقَتْلِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ أَنَّ الثَّلَاثَ إنَّمَا

يَغْرَمُونَ نِصْفَ الْمِائَةِ ) هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ شَهِدَ لِمُدَّعِيهَا يَعْنِي الْأَرْبَعَمِائَةِ أَحَدُهُمْ بِمِائَةٍ وَآخَرُ بِمِائَتَيْنِ وَثَالِثٌ بِثَلَثِمِائَةٍ وَرَابِعٌ بِأَرْبَعِمِائَةٍ فَالثَّابِتُ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِذَا رَجَعُوا غَرِمُوهَا عَلَى الْأَوَّلِ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ لِأَنَّهُ فِي مِائَةٍ أَخَذَ أَرْبَعَةً وَعَلَى الثَّانِي ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ نَصِيبُهُ مِنْ الْمِائَةِ الْأُولَى وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّانِيَةِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ ثَمَانِيَةٌ وَخَمْسُونَ وَثُلُثٌ نَصِيبُهُ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَنَصِيبُهُ مِنْ الثَّالِثَةِ خَمْسُونَ وَإِنْ حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ الرَّابِعِ فَغُرْمُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ مَا بِهِ الْحُكْمُ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْقَوَاعِدِ مَنْ شَهِدَ بِحَقٍّ يَعْلَمُهُ فَإِنْ كَانَ صَادِقًا أُجِرَ عَلَى قَصْدِهِ وَطَاعَتِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا بِسَبَبِ سُقُوطِ الْحَقِّ الَّذِي تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ بِهِ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ بِسُقُوطِهِ أُثِيبَ عَلَى قَصْدِهِ وَلَا يُثَابُ عَلَى شَهَادَتِهِ لِأَنَّهَا مُضِرَّةٌ بِالْخَصْمَيْنِ وَفِي تَفَرُّعِهِ وَرُجُوعِهِ عَلَى الظَّالِمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَظْلُومِ نَظَرٌ إذْ الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ فِي الْأَسْبَابِ وَالْمُبَاشَرَاتِ سِيَّانِ فِي بَابِ الضَّمَانِ

( فَصْلٌ إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِشُهُودٍ فَبَانُوا مَرْدُودِينَ ) فِي شَهَادَتِهِمْ لِكُفْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ فِسْقٍ أَوْ غَيْرِهَا ( فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ ) أَيْ حُكْمَهُ ( يُنْقَضُ ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بُطْلَانُهُ ( فَتَعُودُ الْمُطَلَّقَةُ ) بِشَهَادَتِهِمْ ( زَوْجَةً وَالْمُعْتَقَةُ ) بِهَا ( أَمَةً فَإِنْ اُسْتُوْفِيَ ) بِهَا ( قَطْعٌ أَوْ قَتْلٌ ) أَوْ حَدٌّ أَوْ تَعْزِيرٌ ( فَعَلَى عَاقِلَةِ الْقَاضِي ) الضَّمَانُ ( وَلَوْ فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى ) لِتَفْرِيطٍ بِتَرْكِ الْبَحْثِ التَّامِّ عَنْ حَالِ الشُّهُودِ سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهُ الْمُدَّعِي وَلَوْ بِنَائِبِهِ أَمْ الْقَاضِي فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ يَقُولُ اسْتَوْفَيْت حَقِّي ( فَإِنْ كَانَ ) الْمَحْكُومُ بِهِ ( مَالًا ) وَلَوْ ( تَالِفًا ضَمِنَهُ الْمَحْكُومُ لَهُ ) وَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِتْلَافِ بِالْقِصَاصِ حَيْثُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِيهِ بِأَنَّ الْإِتْلَافَ إنَّمَا يُضْمَنُ إذَا وَقَعَ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَحُكْمُ الْقَاضِي أَخْرَجَهُ عَنْ التَّعَدِّي وَأَمَّا الْمَالُ فَإِذَا حَصَلَ بِيَدِ إنْسَانٍ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ مَضْمُونًا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ تَعَدٍّ ( فَلَوْ كَانَ ) الْمَحْكُومُ لَهُ ( مُعْسِرًا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ غَائِبًا ( غَرِمَ الْقَاضِي ) لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لَا عَاقِلَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بَدَلَ نَفْسٍ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهَا ( وَرَجَعَ بِهِ ) عَلَى الْمَحْكُومِ لَهُ ( إذَا أَيْسَرَ ) أَوْ حَضَرَ ( وَلَا غُرْمَ عَلَى الشُّهُودِ ) لِأَنَّهُمْ ثَابِتُونَ عَلَى شَهَادَتِهِمْ زَاعِمُونَ صِدْقَهُمْ بِخِلَافِ الرَّاجِعِينَ وَلَا عَلَى الْمُزَكِّينَ لِأَنَّ الْحُكْمَ غَيْرُ مَبْنِيٍّ عَلَى شَهَادَتِهِمْ مَعَ أَنَّهُمْ تَبَعٌ لِلشُّهُودِ

( كِتَابُ الدَّعَاوَى ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا ( وَالْبَيِّنَاتِ ) الدَّعْوَى لُغَةً الطَّلَبُ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى { وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ } وَأَلِفُهَا لِلتَّأْنِيثِ وَشَرْعًا إخْبَارٌ عَنْ وُجُوبِ حَقٍّ لِلْمُخْبِرِ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ حَاكِمٍ وَالْبَيِّنَةُ الشُّهُودِ سُمُّوا بِهَا لِأَنَّ بِهِمْ يَتَبَيَّنُ الْحَقُّ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَخْبَارٌ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { وَلَكِنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينَ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ } وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ جَانِبَ الْمُدَّعِي ضُعِّفَ لِدَعْوَاهُ خِلَافَ الْأَصْلِ فَكُلِّفَ الْحُجَّةَ الْقَوِيَّةَ وَجَانِبَ الْمُنْكِرِ قَوِيَ فَاكْتُفِيَ مِنْهُ بِالْحُجَّةِ الضَّعِيفَةِ ( وَفِيهِ أَبْوَابٌ ) سَبْعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي الدَّعْوَى وَفِيهِ مَسَائِلُ ) سَبْعَةٌ ( الْأُولَى فِي مُوجِبِ الرَّفْعِ ) إلَى الْقَاضِي ( فَإِنْ كَانَ ) الْحَقُّ ( عُقُوبَةً كَقِصَاصٍ وَ ) حَدِّ ( قَذْفٍ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ ) فِيهَا ( إلَى الْقَاضِي ) فَلَا يَسْتَقِلُّ صَاحِبُهَا بِاسْتِيفَائِهَا لِعِظَمِ خَطَرِهَا كَمَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ نَعْمَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ أَوْ حَدُّ قَذْفٍ وَكَانَ فِي بَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ السُّلْطَانِ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي أَوَاخِرِ قَوَاعِدِهِ لَوْ انْفَرَدَ بِحَيْثُ لَا يُرَى يَنْبَغِي أَنْ لَا يُمْنَعَ مِنْ الْقَوَدِ لَا سِيَّمَا إذَا عَجَزَ عَنْ إثْبَاتِهِ وَقَدَّمْتُ هَذَا أَيْضًا فِي بَابِ اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ .
( وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ ) عِنْدَ غَيْرِهِ ( وَخَشِيَ بِأَخْذِهَا ) اسْتِقْلَالًا ( فِتْنَةً ) يُشْتَرَطُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخَلَاصِ بِهِ بِغَيْرِ إثَارَةِ فِتْنَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا ( أَوْ ) كَانَ لَهُ ( دَيْنٌ عَلَى مُقِرٍّ غَيْرِ مُمْتَنِعٍ )

مِنْ أَدَائِهِ ( طَالَبَهُ ) بِهِ لِيُؤَدِّيَهُ وَلَيْسَ - لَهُ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا مِنْ مَالِهٍ لِأَنَّ الْخِيَارَ فِي تَعْيِينِ الْمَالِ الْمَدْفُوعِ إلَى الْمَدِينِ ( فَإِنْ ) خَالَفَ وَ ( أَخَذَ مِنْ مَالِهِ ) شَيْئًا ( رَدَّهُ ) إلَيْهِ إنْ بَقِيَ ( فَإِنْ تَلِفَ ) عِنْدَهُ ( ضَمِنَهُ فَإِنْ اتَّفَقَا ) أَيْ الْحَقَّانِ ( جَاءَ التَّقَاصُّ وَإِنْ كَانَ ) الدَّيْنُ ( عَلَى ) مُقِرٍّ ( مُمَاطِلٍ ) بِهِ ( أَوْ مُنْكِرٍ ) لَهُ ( يَحْتَاجُ ) فِي أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ ( إلَى بَيِّنَةٍ أَوْ تَحْلِيفٍ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ ) اسْتِقْلَالًا وَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ رَفَعَهُ إلَى الْقَاضِي ( جِنْسَ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ بِهِ ) وَلَا يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي لِخَبَرِ هِنْدَ { خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ } وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ مَشَقَّةً وَمُؤْنَةً وَتَضْيِيعَ زَمَانٍ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ تَقْدِيمُ النَّقْدِ عَلَى غَيْرِهِ نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ عَلَيْهَا احْتِيَاطًا لِلْإِبْضَاعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا يَأْخُذْ إلَّا قَدْرَ حِصَّتِهِ بِالْمُضَارَبَةِ إنْ عَلِمَهَا .
( وَيُنَقِّبُ ) جَوَازًا ( لَهُ ) أَيْ لِأَخْذِهِ ( الْحِرْزَ إنْ لَمْ يَصِلْ ) إلَيْهِ ( إلَّا بِهِ ) أَيْ بِالنَّقْبِ الشَّامِلِ لِكَسْرِ الْبَابِ لِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا اسْتَحَقَّ الْوُصُولَ إلَيْهِ ( بِلَا ضَمَانٍ ) عَلَيْهِ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْحِرْزُ لِلدَّيْنِ وَغَيْرَ مَرْهُونٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِفَلَسٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهِ وَمِثْلُهُ سَائِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ كَإِجَارَةٍ وَوَصِيَّةٍ بِمَنْفَعَةٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وَكَّلَ بِذَلِكَ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ فَعَلَ ضَمِنَ ( ثُمَّ يَتَمَلَّكُ الْجِنْسَ )

الْمَأْخُوذَ أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ بَدَلًا عَنْهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَجْهُهُ أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ إنَّمَا يَجُوزُ لِمَنْ يَقْصِدُ أَخْذَ حَقِّهِ بِلَا شَكٍّ ؛ وَلِهَذَا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ لَوْ أَخَذَهُ لِيَكُونَ رَهْنًا بِحَقِّهِ لَمْ يَجُزْ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ مُقَارِنًا لِلْأَخْذِ كَفَى وَلَا حَاجَةَ إلَى اشْتِرَاطِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ - فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ عَنْ حَقِّهِ مَلَكَهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ ثُمَّ قَالَ فَمَعْنَى يَتَمَلَّكُهُ يَتَمَوَّلُهُ وَيَتَصَرَّفُ فِيهِ ( وَلَهُ ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ ( إنْ لَمْ يَطَّلِعْ الْقَاضِي ) بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ عَلَى الْحَالِ ( بِيعَ غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرُ جِنْسِ حَقِّهِ لِأَنَّ الْمَدِينَ بِامْتِنَاعِهِ سَلَّطَهُ عَلَى الْبَيْعِ كَالْأَخْذِ وَلَيْسَ لَهُ تَمَلُّكُهُ وَإِنْ كَانَ قَدْرَ حَقِّهِ فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْقَاضِي لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِإِذْنِهِ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مُؤْنَةٌ وَمَشَقَّةٌ فَوْقَ الْعَادَةِ وَإِلَّا فَلَا يَبْعُدَ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِأَخْذِ الْجِنْسِ وَغَيْرِهِ وَقَيَّدَ الْأَصْلُ جَوَازَ بَيْعِهِ اسْتِقْلَالًا بِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ أَيْضًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا مَعَ وُجُودِهَا وَبَحَثَهُ بَعْضُهُمْ وَقَالَ بَلْ هِيَ أَوْلَى مِنْ عِلْمِ الْقَاضِي لِأَنَّ الْحُكْمَ بِعِلْمِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِهِ بِهَا وَإِنَّمَا يَبِيعُ ( بِالنَّقْدِ ) أَيْ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِ حَقِّهِ ( وَيَشْتَرِي ) بِهِ ( الْجِنْسَ ) أَيْ جِنْسَ حَقِّهِ ( إنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا ) أَيْ نَقْدُ الْبَلَدِ وَيَنْبَغِيَ أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ( فَإِنْ قَصَّرَ ) فِيهِ ( وَتَلِفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ ) مِنْ قِيمَتِهِ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ إلَى حِينِ تَلَفِهِ كَالْغَاصِبِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ

لِغَرَضِهِ كَالْمُسْتَامِ بَلْ أَوْلَى لِعَدَمِ إذْنِ الْمَالِكِ وَلِأَنَّ الْمُضْطَرَّ إذَا أَخَذَ ثَوْبَ غَيْرِهِ لِدَفْعِ الْحَرِّ وَتَلِفَ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ فَكَذَا هُنَا ( وَإِنْ أَخَّرَ بَيْعَهُ ) الْأَوْلَى وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ ( ضَمِنَ نَقْصَ الْقِيمَةِ لَا إنْ رَدَّهُ ) أَيْ الْمَأْخُوذَ فَلَا يَضْمَنُ نَقْصَ قِيمَتِهِ كَالْغَاصِبِ ( وَزِيَادَتَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ ) لِمَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ ( أَوْ التَّمَلُّكِ ) لِجِنْسِ حَقِّهِ مِلْكٌ ( لِلْمَالِكِ ) وَقَوْلُهُ كَالرَّوْضَةِ أَوْ التَّمَلُّكُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ جِنْسَ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ ( فَإِنْ بَاعَهُ الْآخِذُ وَتَمَلَّكَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَفَّاهُ الْمَدْيُونُ ) دَيْنَهُ ( رَدَّ ) إلَيْهِ ( قِيمَتَهُ كَغَاصِبٍ رَدَّ ) الْمَغْصُوبَ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ ( وَقَدْ تَمَلَّكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ ثَمَنَ مَا ظَفِرَ بِهِ ) مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمَغْصُوبِ ( مِنْ مَالِ الْغَاصِبِ ) فَإِنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ مَا أَخَذَهُ وَبَاعَهُ لَكِنْ مَنْعُ الْأَخْذِ هُنَا وَتَمَلُّكُهُ الثَّمَنَ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ دَفْعِ الْغَرِيمِ وَمَا دَامَ الْمَغْصُوبُ بَاقِيًا فَهُوَ الْمُسْتَحَقُّ وَالْقِيمَةُ تُؤْخَذُ لِلْحَيْلُولَةِ .
فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَهُنَا الْمُسْتَحَقُّ الدَّيْنُ فَإِذَا بَاعَ وَأَخَذَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَرُدَّ شَيْئًا وَلَا يُعْطِيَ شَيْئًا وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْأُمِّ ( فَإِنْ أَخَذَ ) مِنْ مَالٍ غَرِيمِهِ ( فَوْقَ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ ) أَيْ وَأَخَذَ قَدْرَهُ فَقَطْ ( مُمْكِنٌ ضَمِنَ الزَّائِدَ ) لِتَعَدِّيهِ بِأَخْذِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخَذَ قَدْرَ حَقِّهِ فَقَطْ ( فَلَا ) يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِحَقِّهِ مَعَ الْعُذْرِ بِخِلَافِ الْعُذْرِ بِخِلَافِ قَدْرِ حَقِّهِ ( وَالِانْتِفَاعُ بِالْمَأْخُوذِ تَعَدٍّ ) فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ قَدْرِ حَقِّهِ ) فَقَطْ ( بَاعَ الْجَمِيعَ ) وَأَخَذَ مِنْ ثَمَنِهِ قَدْرَ حَقِّهِ ( وَرَدَّ مَا زَادَ ) عَلَيْهِ إلَى غَرِيمِهِ (

بِهِبَةٍ وَنَحْوِهَا ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ ذَلِكَ بَاعَ مِنْهُ بِقَدْرِ حَقِّهِ وَرَدَّ مَا زَادَ كَذَلِكَ ( وَيَتَمَلَّكُ دَرَاهِمَ مُكَسَّرَةً عَنْ صِحَاحٍ ) لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ مَعَ إسْقَاطِ بَعْضِ حَقِّهِ ( لَا عَكْسَهُ ) وَقِيمَةُ الصِّحَاحِ أَكْثَرُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ ( فَلْيَبِعْهَا بِدَنَانِيرَ وَيَشْتَرِي بِهَا ) دَرَاهِمَ ( مُكَسَّرَةً وَيَتَمَلَّكُهَا ) فَلَا يَبِيعُهَا بِدَرَاهِمَ مُكَسَّرَةٍ لَا مُتَفَاضِلًا لِلرِّبَا وَلَا مُتَسَاوِيًا أَيْ وَقِيمَتُهَا أَكْثَرُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ لِلْإِجْحَافِ بِالْغَرِيمِ ( وَلَهُ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ غَرِيمِ غَرِيمِهِ ) كَأَنْ يَكُونُ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرو دَيْنٌ وَلِعَمْرٍو عَلَى بَكْرٍ مِثْلُهُ فَلِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ بَكْرٍ مَا لَهُ عَلَى عَمْرٍو .
( وَإِنْ رَدَّ ) الْغَرِيمُ ( إقْرَارَهُ ) أَيْ إقْرَارَ غَرِيمِ الْغَرِيمِ ( لَهُ ) أَوْ جَحَدَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ اسْتِحْقَاقَ رَدِّ الدَّيْنِ عَلَى الْغَرِيمِ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ بِمَالِ الْغَرِيمِ وَأَنْ يَكُونَ غَرِيمُ الْغَرِيمِ جَاحِدًا أَوْ مُمْتَنِعًا أَيْضًا وَعَلَى الِامْتِنَاعِ يُحْمَلُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ فِي الْمَتْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّرْطِ الْأَخِيرِ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذَ أَنْ يُعْلِمَ الْغَرِيمَ بِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِ غَرِيمِهِ حَتَّى إذَا طَالَبَهُ الْغَرِيمُ بَعْدُ كَانَ هُوَ الظَّالِمَ ( وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ ) لَهُ عَلَى آخَرَ جَاحِدٍ لَهُ ( بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ ) لَهُ عَلَيْهِ ( قَدْ قُضِيَ ) أَيْ أُدِّيَ وَلَمْ يَعْلَمُوا أَدَاءَهُ ( وَلَهُ جَحْدُ مَنْ جَحَدَهُ ) أَيْ وَلِأَحَدِ الْغَرِيمَيْنِ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ مِثْلُ مَا لَهُ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ جَحَدَ حَقَّ الْآخَرِ إنْ جَحَدَ الْآخَرُ حَقَّهُ لِيَحْصُلَ التَّقَاصُّ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ النَّقْدَيْنِ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دُونَ مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ جَحَدَ مِنْ حَقِّهِ بِقَدْرِهِ

كِتَابُ الدَّعَاوَى وَالْبَيِّنَاتِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ قِيلَ إنَّ أَوَّلَ دَعْوَى وَقَعَتْ فِي الْأَرْضِ دَعْوَى قَابِيلِ عَلَى هَابِيلِ أَنَّهُ أَحَقُّ بِنِكَاحِ تَوْأَمَتِهِ فَتَنَازَعَا إلَى آدَمَ فَأَمَرَهُمَا بِمَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا بِقَوْلِهِ { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ } فَقَتَلَ قَابِيلُ هَابِيلَ فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلًا فِي الْأَرْضِ ( قَوْلُهُ اُشْتُرِطَ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي ) الْقَاضِي مَثَلٌ فَالْمُحَكِّمُ كَذَلِكَ وَالْمَنْصُوبُ لِلْمَظَالِمِ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ وَالْوَزِيرُ وَالْمُحْتَسِبُ وَنَحْوُهُمْ إذَا تَضَمَّنَتْ وِلَايَاتُهُمْ ذَلِكَ وَالسَّيِّدُ يَسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى رَقِيقِهِ وَفُهِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالِاشْتِرَاطِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَوْفَاهُ بِدُونِ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ لَكِنْ يَقَعُ فِي الْقِصَاصِ الْمَوْقِعَ فَتُحْمَلُ عِبَارَتُهُ عَلَى أَنَّهُ شَرْطٌ لِلْجَوَازِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا إذَا قُتِلَ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ قُذِفَ فَلَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الدَّعْوَى عِنْدَ قَاضٍ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يُحْتَاجُ لِدَعْوَى الْحِسْبَةِ بَلْ فِي سَمَاعِهَا خِلَافٌ ثَانِيهُمَا قُتِلَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ الَّذِي لَمْ يَتُبْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا تُشْتَرَطُ فِيهِ دَعْوَى لِأَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبٍ ( قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ وَجَبَ لَهُ تَعْزِيرٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقِيَاسُ الْقِصَاصِ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ لَهُ عَيْنٌ عِنْدَ غَيْرِهِ إلَخْ ) وَلَيْسَ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ حَبْسُهَا عَنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي ذِي الْيَدِ الْعَادِيَةِ وَمَنْ فِي حُكْمِهَا أَمَّا لَوْ كَانَتْ بِيَدِ أَمِينٍ بَاذِلٍ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَخْذُهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَلَا عِلْمِهِ وَلَا دُخُولَ مَنْزِلِهِ لِأَجْلِهَا وَإِنْ لَمْ يَخَفْ ضَرَرًا بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ

وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَقْبُوضًا وَالْبَائِعُ بَاذِلٌ لَهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْأَذَى وَالْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ أَلَا تَرَاهُمْ بَوَّبُوا بَابَ أَخْذِ الْحَقِّ مِمَّنْ يَمْنَعُهُ .
ا هـ .
وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَدَخَلَ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ عَيْنُ جِلْدِ الْمَيِّتَةِ وَالسِّرْقِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ الِاخْتِصَاصُ إذَا غُصِبَ وَلَا بَيِّنَةً لَكِنْ هَلْ يَجُوزُ كَسْرُ الْبَابِ وَنَقْبُ الْجِدَارِ إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِلْوُصُولِ إلَيْهِ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا إلَّا لِلْمَالِ .
ا ث وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ الْمَنْعُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فِتْنَةَ ) أَوْ ضَرَرًا ( قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ فِيهِ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي ) اعْتَرَضَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُحَرَّمُ عَلَيْهِ أَخْذُ عَيْنِهِ مِمَّنْ هِيَ فِي يَدِهِ وَإِنْ خَافَ فِتْنَةً لَا يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهَا إلَى ارْتِكَابِ مَفْسَدَةِ مُقْتَضِيَةٍ لِلتَّحْرِيمِ وَتَعْبِيرُهُ يَقْتَضِي امْتِنَاعُ الْأَخْذِ بِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ السَّلَامَةُ جَازَ وَالْفِتْنَةُ امْتَنَعَ وَإِنْ اسْتَوَيَا فَاحْتِمَالَانِ وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ تَغْلِيبًا لِلْمَحْذُورِ وَنَظِيرُهُ رُكُوبُ الْبَحْرِ لِحَجِّ الْفَرْضِ ، وَتَعَيُّنُ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّفْعَ إلَى مَنْ لَهُ إلْزَامُ الْحُقُوقِ وَالْإِجْبَارِ وَعَلَيْهَا مِنْ أَمِيرٍ وَوَزِيرٍ وَمُحْتَسِبٍ وَلَا سِيمَا إذَا عُلِمَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَتَخَلَّصُ إلَّا عِنْدَهُمْ ر ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَخْشَهَا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِأَخْذِهَا ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَكُونَ الْعَيْنُ تَحْتَ يَدٍ عَادِيَةٍ وَلِهَذَا قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَيْ عَيْنًا غُصِبَتْ مِنْهُ وَكَذَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي يَدِ مَنْ ائْتَمَنَهُ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَبَذَلَ لَهُ الثَّمَنَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَ لَهُ

الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِرْغَابِ بِظَنِّ الذِّهَابِ بَلْ سَبِيلُهُ الطَّلَبُ وَمَنْ لَهُ الْعَيْنُ حَقِيقَةً هُوَ مَالِكُهَا فَيَخْرُجُ مَنْ يَسْتَحِقُّ مَنْفَعَتَهَا كَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا بَلْ مُقْتَضَى عِبَارَتِهِمْ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ بِالْأَخْذِ لِلْمَالِكِ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ الْتِحَاقُ مَنْ ذَكَرْنَاهُ بِالْمَالِكِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُؤَبَّدَةً وَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَهُمَا فِي التَّقَدُّمِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسْتَحِقُّ بِمِلْكٍ أَوْ وِلَايَةٍ وَسَيَأْتِي مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ تَجْوِيزِ الْأَخْذِ لِوَلِيِّ الطِّفْلِ وَهَذَا فِي مَعْنَاهُ ر .
( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى مُمَاطِلٍ ) مِثْلُهُ الْمُتَوَارِي وَالْمُتَعَزِّزُ وَالْهَارِبُ ( قَوْلُهُ أَوْ مُنْكِرٍ لَهُ ) أَيْ وَلَوْ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ وَكَتَبَ أَيْضًا بِمَا يَتَحَقَّقُ امْتِنَاعُهُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ أَحَدُهُمَا بِجُحُودِهِ بَعْدَ رَفْعِهِ إلَى الْحَاكِمِ وَالثَّانِي بِأَنْ يُطَالِبَهُ فَيَأْبَى وَإِنْ لَمْ يَرْفَعْهُ لِحَاكِمٍ وَأَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ بِذَلِكَ مَا لَوْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ وَعَجَزَ عَنْ الْأَخْذِ لِقُوَّةِ سُلْطَانِ الْغَرِيمِ قَالَ فِي الْكَافِي وَكَذَا لَوْ كَانَ بَابُ الْحَاكِمِ فَاسِدًا وَكَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلِلْمَرْءِ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حَقِّهِ وَحَقِّ مَنْ يَلِي أَمَرَهُ مِنْ مَالِ مَنْ جَحَدَهُ إذَا قُدِّرَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَقِّهِ أَوْ قِيمَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا عَرَضًا بَاعَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ مِقْدَارَ حَقِّهِ .
ا هـ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِي مَعْنَى الْمُنْكِرِ غَيْرُ مَقْبُولِ الْإِقْرَارِ كَالسَّفِيهِ وَنَحْوِهِ لَكِنْ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ مَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى صَغِيرٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ إنْ ظَفَرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ وَنَبَّهَ الْبُلْقِينِيُّ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْجَزْمِ

بِأَخْذِ الْجِنْسِ مَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا فَهُوَ كَغَيْرِ الْجِنْسِ حَتَّى يَجِيءَ فِيهِ الْخِلَافُ وَنَصُّ الْمُخْتَصَرِ يَدُلُّ لِذَلِكَ حَيْثُ قَالَ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ حَيْثُ وَجَدَهُ بِوَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ لَهُ بَاعَ عَرَضَهُ وَاسْتَوْفَى مِنْ ثَمَنِهِ حَقَّهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْحَابَ قَسَّمُوا الْمَالَ الْمُدَّعَى بِهِ إلَى عَيْنٍ وَدَيْنٍ وَبَقِيَ قِسْمٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْمَنْفَعَةُ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَعَرَّضَ لِذِكْرِهَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهَا كَالْعَيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الْعَيْنِ فَلَهُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ تِلْكَ الْعَيْنِ بِيَدِهِ إنْ لَمْ يَخَفْ فِتْنَةً وَكَالدَّيْنِ إنْ وَرَدَتْ عَلَى الذِّمَّةِ فَلَوْ قَدَرَ عَلَى تَحْصِيلِهَا بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ ذَلِكَ بِشَرْطِهِ ع وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ لَا سِيَّمَا الْمُؤَبَّدَةُ كَالْمَالِكِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ فَغَيْرُهُ ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ قَدَرَ عَلَى الْجِنْسِ عِنْدَ الظَّفْرِ لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهِ قَطْعًا وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ حِينَئِذٍ أَوْ احْتَاجَ فِي أَخْذِهِ إلَى رُكُوبٍ خَطَرٍ لِشِدَّةِ إحْرَازِهِ أَخَذَ غَيْرَهُ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ فِي الرَّفْعِ إلَيْهِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ فِيهِ غَرَرَا لِأَنَّ الشُّهُودَ رُبَّمَا جُرِحُوا ( قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ فِي أَخْذِ غَيْرِ الْجِنْسِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ أَخْذِ غَيْرِ الْأَمَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بِهِ ) بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ التَّخَلُّصُ بِالْقَاضِي أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا حَرَّرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ أَنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي دَفْعِ الصَّائِلِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى مُنْكِرٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَوْجِيهِ جَوَازِ كَسْرِ

بَابِ الْغَرِيمِ وَنَقْبِ جِدَارِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ الْمُمْتَنِعِ أَوْ الْمُنْكِرِ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَوْ الْغَائِبِ الْمَعْذُورِ أَوْ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ أَوْ غَرِيمِ الْغَرِيمِ وَفِي مَعْنَى الْمَالِ الْمُخْتَصِّ كَمَا تَفَقَّهَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِلْمَدِينِ ) أَيْ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بِلَا عُذْرٍ أَمَّا الْغَائِبُ ا لَمَعْذُورِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مِلْكِهِ وَلَا فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي وَلَوْ وُكِّلَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ بِمُجَرَّدِ أَخْذِهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمَقُولُ خِلَافُهُ .
ا هـ .
فَقَوْلُ الشَّيْخَيْنِ لَهُ تَمَلُّكُهُ أَيْ تَمَوُّلُهُ وَالتَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْأَخْذِ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إنْشَاءِ تَمْلِيكٍ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِذَا وُجِدَ الْقَصْدُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَعِبَارَةُ تَعْلِيقِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فَإِنْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ إنْ كَانَ مِنْ ذَلِكَ النَّوْعِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا أَخَذَهُ مِلْكَهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكِ .
ا هـ .
بَيَاضٌ بِالْأَصْلِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ فَإِذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ انْتَهَى ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَصِيرُ عَلَى مِلْكِهِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ لِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اخْتِيَارِهِ التَّمَلُّكَ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِمْ فَإِنَّهُمْ عَبَّرُوا بِقَوْلِهِمْ مَلَكَهُ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فَإِنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ بِقَصْدِ الِاسْتِيفَاءِ وَالشَّارِعِ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَقَبَضَهُ إيَّاهُ الْحَاكِمُ أَوْ الْمَدِينُ فَإِنَّهُ

يَمْلِكُهُ وَلِهَذَا قَالَ الدَّارِمِيُّ إنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْجِنْسِ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ لَا بِالْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ وَوَافَقَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ ) لِأَنَّهُ بِأَخْذِ الْجِنْسِ عَنْ الْحَقِّ صَارَ مُسْتَوْفِيًا فَمِلْكٌ وَقَالَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَيَمْلِكُهُ إنْ كَانَ بِصِفَتِهِ وَإِلَّا فَكَغَيْرِ الْجِنْسِ وَسَيَأْتِي .
ا هـ .
( قَوْلُهُ أَوْ نَائِبِهِ ) قَالَ فِي التَّوْشِيحِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَوَكَّلَ لَهُ إلَّا مَنْ يُعْتَقَدُ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَعَلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْ عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ قُلْت فَمَا فَائِدَةُ عَدَمِ وُجُوبِ الْمُرَافَعَةِ إذَا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِالْبَيْعِ قُلْت فَائِدَتُهُ فِيمَا إذَا ظَفَرَ بِالْجِنْسِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُبَادِرَ إلَى بَيْعِ مَا أَخَذَهُ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ ) لَوْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَشْتَرِيهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ أَخَّرَهُ لَذَهَبَتْ مَالِيَّتُهُ أَوْ مُعْظَمُهَا فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهُ بَدَّلَا عَنْ حَقِّهِ بِالْقِيمَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْجَوَازُ هُنَا نَظَرَا لَهُمَا جَمِيعًا وَإِنْ مَنَعْنَاهُ مِنْ تَمَلُّكِهِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ الْجَوَازُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَّرَ فِيهِ وَتَلَفَ الْمَأْخُوذُ ضَمِنَهُ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ ) قَدْ مَرَّ أَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ فَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ بِهَذَا الْقَصْدِ فَكَلَامُهُمْ هُنَا فِي غَيْرِ الْجِنْسِ وَمَحَلُّهُ فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لِيُبَاعَ وَيَسْتَوْفِي مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ أَخَذَهُ بِقَصْدِ الْبَدَلِيَّةِ فَالْوَجْهُ الْجُرْمُ بِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ بِمُجَرَّدِ الْأَخْذِ كَمَا لَوْ أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ بِهَذِهِ النِّيَّةِ وَأَوْلَى وَلَوْ لَمْ يَجِدْ

مَنْ يَشْتَرِي الْمَأْخُوذَ إلَّا مُؤَجَّلًا هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ وَيَتَمَلَّكُ الثَّمَنَ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَقَدْرِهِ وَيَرْضَى بِالْأَجَلِ لِلضَّرُورَةِ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ وَالْأَقْرَبُ الْمَنْعُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمِثْلَ هُنَا بِمِثْلِهِ وَيَكُونُ كَلَامُهُمْ مَفْرُوضًا فِي قِيمَةِ الْمُتَقَوِّمِ غ وَقَوْلُهُ هَلْ لَهُ بَيْعُهُ كَذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْمَأْخُوذَ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَقَدْ بَحَثَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بَاقِيًا وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْقِيمَةِ إذْ الْبَيْعُ لَا يَكُونُ صَحِيحًا لَا بِالْقِيمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ تَالِفًا فَقَدْ قُلْنَا أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّى بِتَرْكِ الْبَيْعِ حَتَّى تَلْفِتْ الْعَيْنُ كَانَتْ قِيمَتُهَا قِصَاصًا عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَاضِحٌ وَظَنِّي أَنَّ الْإِمَامَ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ وَلَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِ مَعَ ظُهُورِ الْفَرْقِ .
ا هـ .
وَهَذَا هُوَ الْوَجْهُ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ مَا وَفَّاهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِي النِّهَايَةِ فِي صُورَةِ الْغَصْبِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ لَا فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فَوْقَ حَقِّهِ ) وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِمْ إنَّهُ إذَا أَخَذَ جِنْسَ حَقِّهِ مَلَكَهُ إذَا كَانَ عَلَى صِفَةِ حَقِّهِ أَوْ دُونَهَا أَمَّا لَوْ كَانَ فَوْقَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ أَوْ الصِّفَةِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَطْعًا لِأَنَّهُ اسْتِيفَاءٌ قَهْرِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ الْأَجْوَدِ فِيهِ وَالضَّابِطُ فِيمَا يَظْهَرُ إنْ كَانَ مَا يُجْبَرُ الْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ مِثْلِهِ إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ أَجْوَدَ مِنْ حَقِّهِ نَوْعًا أَوْ صِفَةً فَلَا كَمَا لَوْ كَانَ حَقُّهُ مِنْ نَوْعٍ رَدِيءٍ ، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ نَوْعٍ جَيِّدٍ أَوْ كَانَ حَقُّهُ مَعِيبًا وَالْمَأْخُوذُ

سَلِيمًا وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ دُونَ حَقِّهِ فِي النَّوْعِ وَ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ بِالْعَكْسِ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ إذَا رَضِيَ بِهِ وَسَامَحَ بِالْجَوْدَةِ نَعَمْ لَوْ كَانَ حَقُّهُ وَجَبَ عَنْ سَلَمٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يَسْتَبْدِلَ عَنْهُ غَيْرَ نَوْعِهِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُ النَّوْعِ هُنَا كَاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ إقْرَارَهُ لَهُ أَوْ جَحَدَ إلَخْ ) قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ عِلْمُ الْغَرِيمَيْنِ بِالْأَخْذِ وَتَنْزِيلِ مَالِ الثَّانِي مَنْزِلَةَ مَالِ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ وَشَرْطُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَظْفَرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْآخِذُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَهُ اسْتِيفَاءُ دَيْنٍ بِشُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ قَدْ قُضِيَ ) يُظْهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ غَيْرِهِمَا حَيْثُ نُوجِبُ الْيَمِينَ عَلَى عَدَمِ الْمُسْقِطَاتِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ وَهُوَ إنَّمَا يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِذَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ غَيْرَهُ لَمْ يُطَابِقْ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْحُكْمِ وَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ فَهَلْ لَهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى صَدَاقِهَا وَتَحْلِفُ عَلَيْهِ وَتَأْخُذُ الدَّيْنَ وَتَوَفِّيهِ عَنْهُ فَأَجَابَ إنْ كَانَتْ ضَمِنَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا أَوْ بِإِذْنِهِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُؤَدِّيَ عَنْهُ الدَّيْنَ أَوَّلًا ثُمَّ تَحْلِفُ عَلَى مِقْدَارِ الدَّيْنِ أَنَّهَا مُسْتَحِقَّةٌ لِهَذَا الْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَصِفَهُ بِكَوْنِهِ صَدَاقًا فَإِنَّهَا لَا يَلْزَمُهَا التَّعَرُّضَ لِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ مُشْكِلٌ غ

( الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْمُدَّعِي ) وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُهُ ) وَلِذَلِكَ جُعِلَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ الْيَمِينِ الَّتِي جُعِلَتْ عَلَى الْمُنْكِرِ لِيَنْجَبِرَ ضَعْفُ جَانِبِ الْمُدَّعِي بِقُوَّةِ حُجَّتِهِ وَضَعْفُ حُجَّةِ الْمُنْكِرِ بِقُوَّةِ جَانِبِهِ كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تُحْوِجُ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيُطَالِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجَّتِهِ إذَا تَخَاصَمَا وَقِيلَ الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالِبْ بِشَيْءٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَ لَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ فَإِذَا طَالَبَ زَيْدٌ عَمْرًا بِحَقٍّ فَأَنْكَرَ فَزَيْدٌ خَالَفَ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ مِنْ بَرَاءَةِ عَمْرٍو وَلَوْ سَكَتَ تُرِكَ وَعَمْرٌو يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ وَلَوْ سَكَتَ لَمْ يُتْرَكْ فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَزَيْدٌ مُدَّعٍ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَالْمَذْكُورِ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ قَالَ ) الزَّوْجُ وَقَدْ أَسْلَمَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ ( قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْلَمْنَا مَعًا ) فَالنِّكَاحُ بَاقٍ ( وَقَالَتْ ) بَلْ أَسْلَمْنَا ( مُرَتَّبًا ) فَالنِّكَاحُ مُرْتَفِعٌ ( فَالزَّوْجُ ) عَلَى الْأَصَحِّ ( مُدَّعٍ ) لِأَنَّ وُقُوعَ الْإِسِلَامَيْنِ مَعًا بِخِلَافِ الظَّاهِرِ وَهِيَ مُدَّعًى عَلَيْهَا وَعَلَى الثَّانِي هِيَ مُدَّعِيَةٌ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ تُرِكَتْ وَهُوَ مُدَعًّى عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُتْرَكُ لَوْ سَكَتَ لِزَعْمِهِمَا انْفِسَاخَ النِّكَاحِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَحْلِفُ الزَّوْجَةُ وَيَرْتَفِعُ النِّكَاحُ وَعَلَى الثَّانِي يَحْلِفُ الزَّوْجُ وَيَسْتَمِرُّ النِّكَاحُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَرْجُوحٍ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا ( أَسْلَمْتِ قَبْلِي فَلَا نِكَاحَ ) بَيْنَنَا ( وَلَا مَهْرَ ) لَك ( وَقَالَتْ ) بَلْ أَسْلَمْنَا ( مَعًا صُدِّقَ ) فِي الْفُرْقَةِ بِلَا يَمِينٍ

وَفِي الْمَهْرِ ( بِيَمِينِهِ ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَصُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا عَلَى الثَّانِي لِأَنَّهَا لَا تُتْرَكُ بِالسُّكُوتِ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَزْعُمُ سُقُوطَ الْمَهْرِ فَإِذَا سَكَتَتْ وَلَا بَيِّنَةَ جُعِلَتْ نَاكِلَةً وَحَلَفَ هُوَ وَسَقَطَ الْمَهْرُ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مُدَّعٍ ) لِأَنَّهُ يَزْعُمُ الرَّدَّ الَّذِي هُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ لَكِنَّهُ ( يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّهُ أَثَبَتَ يَدَهُ لِغَرَضِ الْمَالِكِ وَقَدْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يَحْسُنُ تَكْلِيفُهُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالِكَ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تُرِكَ ( وَفِي التَّحَالُفِ كُلٌّ ) مِنْ الْخَصْمَيْنِ ( مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ ) لِاسْتِوَائِهِمَا

( قَوْلُهُ وَهُوَ مَنْ يُخَالِفُ قَوْلُهُ : الظَّاهِرَ ) الظَّاهِرُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الْمَطْلُوبُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلِيلُهُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الظَّنُّ الْأَرْجَحُ وَيُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ اسْتِصْحَابُ مَا كَانَ مِنْ وُجُودٍ وَعَدَمٍ وَكُلٌّ مِنْهَا مُتَعَذِّرٌ هُنَا لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ الْأَوَّلُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ مُدَّعِيًا أَبَدًا لِأَنَّ دَلِيلًا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ هَذَا وَآخَرُ عَلَى بَرَاءَةِ هَذَا وَإِنْ أُرِيدَ الثَّانِي فَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْقَرَائِنِ الْوَاقِعَةِ فِي الْحَادِثَةِ فَتَارَةٌ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُ الطَّالِبِ وَأُخْرَى صِدْقُ الْمَطْلُوبِ وَإِنْ أُرِيدَ الثَّالِثُ فَلَمْ تُجْعَلْ الْمَرْأَةُ مُدَّعَى عَلَيْهَا إذَا قُلْنَا بِالْأَظْهَرِ وَهِيَ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا بَلْ تَتْرُكُ اسْتِصْحَابَ الْأَصْلِ الَّذِي كَانَ كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ يَلْتَزِمُ الثَّالِثُ وَيُمْنَعُ كَوْنُ الْمَرْأَةِ لَيْسَتْ مُسْتَصْحِبَةً بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ ر وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ نَعْنِي بِهِ الْقَدْرَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُعَيَّنَةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الِاسْتِصْحَابَ فَإِنْ قَالَ الْمَرْأَةُ لَا تَسْتَصْحِبُ شَيْئًا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ تَسْتَصْحِبُ بَقَاءَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْكُفْرِ عِنْدَ إسْلَامِ الْآخَرِ أَوْ نَقُولُ نَعْنِي بِهِ مَا يَخْرُجُ عَلَى وَفْقِ الْغَالِبِ الْمُسْتَمِرِّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَاقُبَ كَذَلِكَ لَا التَّسَاوُقَ ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ إلَخْ ) شَمِلَ مَا إذَا جَاءَا نَا مَعًا وَمَا إذَا جَاءَتْنَا أَوَّلًا وَعَكْسَهُ ( قَوْلُهُ فَالزَّوْجُ عَلَى الْأَصَحِّ مُدَّعٍ ) يُمْكِنُ أَنْ يَعْكِسَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَيُقَالُ هِيَ الْمُدَّعِيَةُ لِزَعْمِهَا ارْتِفَاعُ النِّكَاحِ وَالظَّاهِرُ دَوَامُهُ غ ( قَوْلُهُ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ) لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ

النِّكَاحِ فَهُوَ كَالْأَمِينِ إذَا ادَّعَى الرَّدَّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرَّاجِحِ وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ هُنَا خِلَافَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحَلُّ الْخِلَافِ مَجِيئُهُمَا مُسْلِمَيْنِ فَلَوْ جَاءَتْنَا مُسْلِمَةً ثُمَّ جَاءَ وَادَّعَى إسْلَامَهُمَا مَعًا صُدِّقَتْ قَطْعًا .
قَوْلُهُ وَالْأَمِينُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ ) أَيْ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُ

( فَصْلٌ لِلدَّعْوَى ) أَيْ لِصِحَّتِهَا ( شَرْطَانِ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَصْلُ الْأَمْرِ وَإِيصَالُ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَذَلِكَ يَسْتَدْعِي الْعِلْمَ ( بِبَيَانِ جِنْسِ الْمُدَّعَى ) بِهِ ( وَنَوْعِهِ وَقَدْرِهِ ) وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ إنْ كَانَ دَيْنًا نَقْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ ( وَكَذَا ) بِبَيَانِ ( صِحَّةِ وَتَكَسُّرِ نَقْدَانِ أَثَّرَا ) فِي قِيمَتِهِ بِأَنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُ بِهِمَا كَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ ظَاهِرِيَّةٍ صِحَاحٍ أَوْ مُكَسَّرَةٍ فَلَا يَكْفِي إطْلَاقُ النَّقْدِ وَإِنْ غَلَبَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَارَقَ الْبَيْعُ وَنَحْوُهُ بِأَنَّ زَمَنَ الْعَقْدِ يُقَيِّدُ صِفَةَ الثَّمَنِ بِالْغَالِبِ مِنْ النُّقُودِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِزَمَنِ الدَّعْوَى لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا نَعَمْ مُطْلَقُ الدِّينَارِ يَنْصَرِفُ إلَى الدِّينَارِ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ أَمَّا إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ قِيمَةُ النَّقْدِ بِالصِّحَّةِ وَالتَّكَسُّرِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِهِمَا لَكِنْ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ دَيْنَ السَّلَمِ فَاعْتَبَرَا بَيَانَهُمَا فِيهِ وَأَضَافَ الْمُصَنِّفُ صِحَّةً إلَى مِثْلِ مَا أُضِيفَ إلَيْهِ تَكَسُّرٌ ( وَ ) بِبَيَانِ ( صِفَةِ سَلَمٍ فِي ) دَعْوَى ( عَيْنٍ تَنْضَبِطُ ) بِالصِّفَةِ كَحُبُوبٍ وَحَيَوَانٍ .
( وَلَا يَجِبُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ ) أَيْ قِيمَةُ الْعَيْنِ وَإِنْ تَلِفَتْ اكْتِفَاءً بِالصِّفَةِ ( وَ ) لَكِنْ ( يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي ) دَعْوَى ( مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ عِنْدَ التَّلَفِ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ لَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُ الْجِنْسِ فَيَقُولُ عَبْدٌ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَلَوْ غَصَبَ مِنْهُ غَيْرُهُ عَيْنًا فِي بَلَدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ فِي أُخْرَى وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَلِنَقْلِهَا مُؤْنَةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ لِأَنَّهَا الْمُسْتَحَقَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِذَا رَدَّ الْعَيْنَ رَدَّ

الْقِيمَةَ كَمَا لَوْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَفْسِهِ وَخَرَجَ بِ تَنْضَبِطُ مَا لَا يَنْضَبِطُ كَالْجَوَاهِرِ فَيُعْتَبَرُ ذِكْرُ الْقِيمَةِ فَيَقُولُ جَوْهَرٌ قِيمَتُهُ كَذَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمْ ( وَيُقَوَّمُ بِفِضَّةِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ ) ادَّعَى بِهِ ( كَعَكْسِهِ ) أَيْ كَمَا يُقَوَّمُ بِذَهَبِ سَيْفٍ مُحَلًّى بِفِضَّةٍ ( وَ ) يُقَوَّمُ ( بِأَحَدِهِمَا ) السَّيْفُ ( إنْ حُلِّيَ بِهِمَا ) لِلضَّرُورَةِ كَمَا جَزَمَ بِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنْ الْأَصْلُ صَحَّحَ فِي الْغَصْبِ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ ثُمَّ إنَّ الْحُلِيَّ يُضْمَنُ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الرِّبَا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْعُقُودِ لَا فِي الْغَرَامَاتِ وَالْمُصَنِّفُ جَرَى ثُمَّ عَلَى أَنَّ تِبْرَ الْحُلِيِّ يُضْمَنُ بِمِثْلِهِ وَصِفَتِهِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ثُمَّ ( وَيُقَوَّمُ مَغْشُوشُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ كَعَكْسِهِ ) فَيَدَّعِي مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِرْهَمًا أَوْ مِائَةَ دِرْهَمٍ مِنْ نَقْدِ كَذَا قِيمَتُهَا كَذَا دِينَارًا قَالَ فِي الْأَصْلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّهُ جَوَابٌ عَلَى أَنَّ الْمَغْشُوشَ مُتَقَوِّمٌ فَإِنْ جَعَلْنَاهُ مِثْلِيًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهَا وَهُوَ الْأَصَحُّ .
( وَيُبَيِّنُ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ النَّاحِيَةَ وَالْبَلَدَ وَالْمَحَلَّةَ وَالسِّكَّةَ وَالْحُدُودَ ) وَأَنَّهُ فِي يَمْنَةِ دَاخِلِ السِّكَّةِ أَوْ يَسْرَتِهِ أَوْ صَدْرِهَا ذَكَرُهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْقِيمَةِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَيُسْتَثْنَى ) مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ ( صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارٍ ) وَلَوْ بِنِكَاحٍ كَالْإِقْرَارِ بِهِ ( وَ ) فِي ( وَصِيَّةٍ ) تَحَرُّزًا عَنْ ضَيَاعِهَا وَلِأَنَّهَا تَحْتَمِلُ الْجَهْلَ

فَكَذَا دَعْوَاهَا ( وَ ) فِي ( فَرْضٍ لِمُفَوِّضَةٍ ) لِأَنَّهَا تَطْلُبُ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا فَلَا يُتَصَوَّرُ مِنْهَا الْبَيَانُ وَمِثْلُهُ الْمُتْعَةُ وَالْحُكُومَةُ وَالرَّضْخُ وَحَطُّ الْكِتَابَةِ وَالْغُرَّةُ وَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْمَجْهُولِ فِي إبِلِ الدِّيَةِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ صِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ فِيهَا ( أَوْ ) فِي ( مَمَرٍّ أَوْ ) حَقِّ ( إجْرَاءِ مَاءٍ فِي أَرْضٍ حُدِّدَتْ ) اكْتِفَاءً بِتَجْدِيدِ الْأَرْضِ وَقِيلَ يُشْتَرَطُ بَيَانُ قَدْرِ الْمَمَرِّ وَالْمَجْرَى وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( كَالشَّهَادَةِ بِهَا ) أَيْ بِالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ لِتَرَتُّبِهَا عَلَيْهَا ( وَلَوْ ) أَحْضَرَ وَرَقَةً فِيهَا دَعْوَاهُ ثُمَّ ( ادَّعَى مَا فِي الْوَرَقَةِ وَهُوَ مَوْصُوفٌ ) بِمَا مَرَّ ( فَوَجْهَانِ ) الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ إذَا قَرَأَهُ الْقَاضِي أَوْ قُرِئَ عَلَيْهِ

( فَصْلٌ لِلدَّعْوَى شَرْطَانِ ) ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ مَعْلُومَةً ) فَيَقْدَحُ فِيهَا جَهَالَةٌ تَمْنَعُ مِنْ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَتَوْجِيهِ الْمُطَالَبَةِ نَحْوِهِ وَصِفَتِهِ الَّتِي يَخْتَلِفُ بِهَا الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ صَاعًا بِرْنِيًّا لِصِدْقِهِ بِالرُّطَبِ وَالْبَلَحِ وَالتَّمْرِ ( قَوْلُهُ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهَا ) مُقْتَضَى تَعْلِيلِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ النَّقْدُ عَنْ بَيْعٍ بَاعَهُ فِي الْوَقْتِ جَازَ الْإِطْلَاقُ وَحُمِلَ عَلَى نَقْدِ الْبَلَدِ كَالْبَيْعِ وَبِهِ صَرَّحَ الدَّبِيلِيُّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ وَزْنِهِ ) حَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِ الْوَزْنِ الْمَعْرُوفِ مِنْ الذَّهَبِ أَمَّا لَوْ كَانَ فِي بَلَدٍ يُعَبِّرُونَ بِهِ عَنْ قَدْرٍ يَسِيرٍ مِنْ نَقْدِهِمْ مِنْ الْفِضَّةِ كَمَا هُوَ فِي كَثِيرٍ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ وَغَيْرِهَا مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَالْعِرَاقِ وَأَعْرَابِ هَذِهِ الْأَمْصَارِ فَإِذَا كَانَ الْمُدَّعِي أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ هَؤُلَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَيِّنَ فِي الدَّعْوَى مُرَادَهُ بِالدِّينَارِ لِئَلَّا يَقَعَ الْحُكْمُ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ أَوْ الْوَاجِبِ غ ( قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَاهُ مُطْلَقُ الدِّرْهَمِ ) وَهَلْ يَكْفِي الدِّرْهَمُ الْفُلُوسُ إطْلَاقَهُ ، كَالدِّرْهَمِ الْفِضَّةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ مِقْدَارِهِ كَسَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَمْكِنَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي غ ( تَنْبِيهٌ ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مَتَى ادَّعَى نَقْدًا وَلَمْ يُعَيِّنْ فِيهِ جِهَةً يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْحُلُولُ كَالْقَرْضِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِلْحُلُولِ وَيَدُلُّ لَهُ مَا حَكَاهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ وَلَكِنْ يَجِبُ ذِكْرُهَا فِي دَعْوَى مُتَقَوِّمٍ تَلِفَ )

قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَيْنُ مَبِيعَةً لَمْ تُقْبَضْ وَتَلِفَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَالْوَاجِبُ حِينَئِذٍ الثَّمَنُ عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ قَبَضَهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَبْلَ التَّلَفِ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ مَبِيعَةً لَزِمَهُ ذِكْرُ ثَمَنِهَا لِضَمَانِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الْمَبِيعِ بِالثَّمَنِ قُلْتُ تَلَفُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ قُبَيْلَ التَّلَفِ وَانْتِقَالِ الثَّمَنِ إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَقَّ فِي الْبَيْعِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ صُوَرِ الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ أَصْلًا فَلَا يَنْبَغِي اسْتِدْرَاكُهَا ع ( قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ مَعَهَا لِذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ الصِّفَاتِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ذَكَرَ قِيمَتَهَا وَإِنْ لَمْ تَتْلَفْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ ) وَفِي الْحَاوِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالنَّوْعَ وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْأَلْوَانِ ذَكَرَ اللَّوْنَ ثُمَّ حَرَّرَ الدَّعْوَى وَنَفَى الْجَهَالَةَ بِذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ مَعْلُومًا إلَّا بِهَا .
( قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ بِأَحَدِهِمَا إنْ حُلَى بِهِمَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَعْنِي بِأَيِّهِمَا شَاءَ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا عِنْدَ التَّقَارُبِ فِي الْمِقْدَارِ أَمَّا لَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا فَيَنْبَغِي أَنْ نُقَوِّمَهُ بِالنَّقْدِ الْآخَرِ لَا مَحَالَةَ مِثَالُهُ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمِ نُقَوِّمُهُ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِالدَّنَانِيرِ ( قَوْلُهُ كَذَا جَزَمَ الْأَصْلُ هُنَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لِرِبَا إلَخْ ) قَالَ وَأَحْسَنُ مِنْهُ تَرْتِيبُ الْبَغَوِيّ وَهُوَ أَنَّ صِفَةَ الْحُلِيِّ مُتَقَوِّمَةٌ وَفِي ذَاتِهِ الْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي التِّبْرِ فَإِنْ قُلْنَا مُتَقَوِّمٌ ضِمْنَ الْكُلَّ بِنَقْدِ الْبَلَدِ كَيْفَ كَانَ وَإِنْ قُلْنَا مِثْلِيَّ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَأَصَحُّهُمَا يَضْمَنُ الْوَزْنَ بِالْمِثْلِ وَالصَّنْعَةِ بِنَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ أَمْ

مِنْ غَيْرِهِ ا هـ قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُشْتَرَطَ التَّعَرُّضُ لِلْقِيمَةِ ) وَبِهِ صَرَّحَ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ فَقَالَ قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ دَرَاهِمُ زَائِفَةٌ فَادَّعَاهَا لَمْ تُسْمَعْ لِأَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ حَتَّى يَقُولَ قِيمَتُهَا كَذَا وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ قِيمَةِ الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ إذَا كَانَتْ تَجُوزُ فِي الْبَلَدِ وَيُتَعَامَلُ عَلَيْهَا وَكَانَتْ مَعْلُومَةً وَأَصْلُهُ الْوَجْهَانِ فِي جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِالدَّرَاهِمِ الْمَغْشُوشَةِ ا هـ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْبَحْثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عِنْدَنَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّا وَإِنْ قُلْنَا إنَّ الْمَغْشُوشَ مِثْلِيٌّ فَذَاكَ فِيمَا تَظْهَرُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ مِنْ الْأَعْيَانِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إذَا كَانَ مَغْشُوشًا لَمْ تَظْهَرْ مُمَاثَلَةٌ لِغَيْرِهِ فِي الدَّعْوَى فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْقِيمَةِ عَلَى الصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرهَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَوْ يَقُولُ فِي الدَّعْوَى مِنْ مَغْشُوشِ بَلَدِ كَذَا أَوْ قَدْ ظَهَرَتْ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى صِحَّةُ دَعْوَى مَجْهُولٍ فِي إقْرَارِهِ إلَخْ ) قَدْ أَنْهَى بَعْضُهُمْ الصُّوَرَ الْمُسْتَثْنَاةَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ إلَى مِائَةِ صُورَةٍ وَصُورَتَيْنِ ( قَوْلُهُ الظَّاهِرُ مِنْهُمَا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَفِيهِ أَفْتَيْت

الشَّرَطُ ( الثَّانِي أَنْ تَكُونَ ) الدَّعْوَى ( مُلْزِمَةً فَلَوْ ادَّعَى ) عَلَى غَيْرِهِ ( هِبَةً أَوْ بَيْعًا أَوْ دَيْنًا ) أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا الْغَرَضُ مِنْهُ تَحْصِيلُ الْحَقِّ ( فَلْيَذْكُرْ ) فِي دَعْوَاهُ ( وُجُوبَ التَّسْلِيمِ ) كَأَنْ يَقُولَ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَى أَوْ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ وَيَفْسَخُ الْبَائِعُ وَيَكُونُ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا أَوْ مَنْ عَلَيْهِ مُفْلِسًا ( وَلَوْ قَصَدَ ) بِالدَّعْوَى دَفْعَ ( الْمُنَازَعَةِ ) لَا تَحْصِيلَ الْحَقِّ ( فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعَنِيهَا سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ ( وَإِنْ لَمْ يَقُلْ هِيَ فِي يَدِهِ ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُنَازِعَهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّارُ بِيَدِهِ ( وَلِلْقَاضِي طَلَبُ الْجَوَابِ ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْهُ الْمُدَّعِي ) لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنْ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى ( وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى ) مِنْ الْمُدَّعِي عَلَى خَصْمِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بَيْنَهُمَا مُخَالَطَةً ) وَلَا مُعَامَلَةً وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ طَبَقَاتِ النَّاسِ فَتَصِحُّ دَعْوَى دَنِيءٍ عَلَى شَرِيفٍ وَإِنْ شَهِدَتْ قَرَائِنُ الْحَالِ بِكَذِبِهِ كَأَنْ ادَّعَى دَنِيءٌ اسْتِئْجَارَ أَمِيرٍ أَوْ فَقِيهٍ لِعَلْفِ دَوَابِّهِ وَكَنْسِ بَيْتِهِ ( وَإِنْ ادَّعَى شَيْئًا مَعْلُومًا ) وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدَيْنِ ( فَشَهِدَا لَهُ بِإِقْرَارٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِغَصْبِ ثَوْبٍ ) مَثَلًا ( لَمْ يَصِفَاهُ لَغَتْ ) شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْبَيِّنَةِ أَنْ تُبَيِّنَ مَا شَهِدَتْ بِهِ وَلِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ مُوَافَقَتُهَا لِلْمُدَّعِي فِي دَعْوَاهُ وَلَيْسَتْ كَالْإِقْرَارِ إذْ يَشْتَرِطُ فِيهَا مَا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ( وَلَوْ ادَّعَى دَرَاهِمَ مَجْهُولَةً قَالَ لَهُ الْقَاضِي بَيِّنْ أَقَلَّ مَا يَتَحَقَّقُ أَوْ ) ادَّعَى ( ثَوْبًا ) مَجْهُولًا ( لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ إذْ لَا وَجْهَ لِلْأَخْذِ بِالْأَقَلِّ مِنْ صِفَةِ ثَوْبٍ عَيَّنَهُ أَيْ عِنْدَهُ قَالَهُ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ الشَّرْطُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ مُلْزَمَةً ) مُقْتَضَى كَلَامُهُمْ إنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تَصِحُّ بِمَا يُضْمَنُ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ تُسْمَعُ بِالْكَلْبِ الَّذِي يُقْتَنَى وَالسِّرْجِينِ وَنَحْوِهِ لِطَلَبِ الرَّدِّ لَا لِلضَّمَانِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَيْ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَشَرْطُهَا أَيْضًا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُنَاقِضَةٍ لِمَا قَبْلَهَا وَأَنْ تَكُونَ جَازِمَةً وَأَنْ لَا تَكُونَ فِيمَا يُكَذِّبهُ الْحِسُّ وَأَنْ تَكُونَ بَيْنَ يَدَيْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ فِي غَيْرِ أَبْوَابِ الزَّكَاةِ وَمَوَاضِعِ الْحَاجَاتِ وَالضَّرُورَاتِ وَأَنْ تَكُونَ صَادِرَةً فِي مَحَلِّ عَمَلِ الْحَاكِمِ وَأَنْ تَكُونَ فِي غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْ تَقَعَ بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ فِي الْبَلَدِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ إقَامَتُهَا لِغَرَضِ الْمُدَّعِي الْغَرَضَ الْمُعْتَبَرَ أَوْ لِفَائِدَةٌ مُحَصَّلَةٍ كَالتَّسْجِيلِ بِسَبَبِ الْأَمْلَاكِ وَالْوُقُوفَاتِ وَنَحْوِهَا الَّتِي تَنْشَأُ الدَّعْوَى فِيهَا مِنْ غَيْرِ حُضُورِ خَصْمٍ وَلَا مُطَالِبٍ وَأَنْ تَنْشَأَ فِيمَا هُوَ مِلْكُ الْمُدَّعِي وَمُضَافٌ إلَيْهِ فِي الْحَالِ وَأَنْ لَا يَسْبِقَ فِيهَا حُكْمُ حَاكِمٍ وَلَا مُحَكِّمٌ صَالِحٌ لِلْقَضَاءِ وَشَرْطُ الْمُدَّعِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُدَّعَى بِهِ أَوْ وَكِيلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَسْتَقِلُّ بِإِنْشَاءِ الدَّعْوَى مُنْفَرِدًا وَشَرْطُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا مُلْتَزِمًا غَالِبًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحَالَةٍ وَأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا أَوْ مُقِرًّا مُمْتَنِعًا ( فَرْعٌ ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ ذُكِرَ فِي التَّوْشِيحِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَتُسْمَعُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَاظِرًا وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى ( فَرْعٌ ) لَوْ ادَّعَى الرَّهْنَ عِنْدَ وَلَمْ يَدَّعِ الْقَبْضَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ ( قَوْلُهُ فَلِيَذْكُرْ وُجُوبَ التَّسْلِيمِ ) فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إيهَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي

دَعْوَى الْهِبَةِ وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إلَيْهِ تَمَّتْ الدَّعْوَى وَتَوَجَّهَ الْجَوَابُ عَلَى الْخَصْمِ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَصَلَ تَسَامُحٌ فِي التَّعْبِيرِ أَوْ يَكُونَ قَوْلُهُ الْمَذْكُورُ مُؤْذِنًا بِإِقْبَاضٍ مُتَقَدِّمٍ ثُمَّ حَصَلَ الْمَنْعُ

الْمَسْأَلَةُ ( الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً ) بِمَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ تَكْلِيفُ حُجَّةٍ بَعْدَ قِيَامِ حُجَّةٍ وَلِأَنَّهُ كَالطَّعْنِ فِي الشُّهُودِ وَلِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ } ( إلَّا إنْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَدَاءً ) لِلْحَقِّ ( أَوْ إبْرَاءً ) مِنْهُ ( أَوْ شِرَاءً ) لَهُ ( وَنَحْوَهُ ) كَاتِّهَابِهِ وَقَبْضِهِ ( قَبْلَ ) إقَامَةِ ( الْبَيِّنَةِ وَكَذَا بَعْدَهَا إنْ أَمْكَنَ ) ذَلِكَ بِأَنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ ( فَيَحْلِفُ ) الْمُدَّعِي ( عَلَى نَفْيِهِ ) وَهُوَ أَنَّهُ مَا نَادَى مِنْهُ الْحَقَّ وَلَا أَبْرَأَهُ مِنْهُ وَلَا بَاعَهُ لَهُ وَلَا وَهَبَهُ إيَّاهُ ( لَا ) إنْ ادَّعَى ( بَعْدَ الْحُكْمِ ) حُدُوثَ ذَلِكَ قَبْلَهُ فَلَا يَحْلِفُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ بِالْحُكْمِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ نَفْعَ خَصْمِهِ وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَكَذَا اخْتَارَهُ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ نُقِلَ عَنْهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ خِلَافُهُ قَالَ وَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ هُنَا مِنْ تَصَرُّفِ الْبَغَوِيّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ الْأَصَحُّ عِنْدِي ( تَنْبِيهٌ ) أَوْ رَدَّ عَلَى إطْلَاقِ الْأَدَاءِ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّ الْأَجِيرَ عَلَى الْحَجِّ لَوْ قَالَ قَدْ حَجَجْتُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينٍ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِي قَبُولِ قَوْلِهِ وَلَا يَمِينٍ ( وَإِنْ ادَّعَى عِلْمَهُ بِفِسْقِ الشُّهُودِ أَوْ كَذِبِهِمْ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ ) أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَهُ لَنَفَعَهُ ( وَكَذَا إنْ ادَّعَى ) عَلَيْهِ بِكُلِّ مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَنَفَعَهُ كَأَنْ ادَّعَى ( إقْرَارَهُ لَهُ بِكَذَا ) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ ( أَوْ ) ادَّعَى عَلَيْهِ ( وَقَدْ أَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ قَدْ حَلَّفَهُ ) مَرَّةً ( قَبْلَهَا أَوْ سَأَلَ الْقَاذِفَ ) وَقَدْ أَرَادَ الْمَقْذُوفُ حَدَّهُ ( تَحْلِيفَ

الْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ ) تَحْلِيفَ ( وَارِثِهِ أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ زَنَى فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ ) لَكِنْ مَحَلُّهُ فِي الثَّانِيَةِ إذَا ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ حَلَّفَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ تَذَكَّرَهُ الْقَاضِي لَمْ يُحَلِّفْهُ وَإِلَّا حَلَّفَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ الثَّالِثِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْكُلِّ إيضَاحٌ ( وَلَا يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْقَاضِي ) وَلَا ( الشُّهُودِ ) وَإِنْ كَانَ يَنْفَعُ الْخَصْمَ تَكْذِيبُهُمَا أَنْفُسَهُمَا لِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْصِبَهُمَا يَأْبَى التَّحْلِيفَ ( وَفِي تَحْلِيفِهِ ) أَيْ الْخَصْمِ ( أَنَّهُ مَا أَبْرَأَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا دَعْوَى لَهُ عَلَيْهِ بَرِئَ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّعْوَى لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا بِتَصَوُّرِ صُلْحٍ عَلَى إنْكَارٍ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ ( وَإِنْ قَالَ لِي بَيِّنَةِ دَافِعَةٌ ) لِلْحَقِّ ( اسْتَفْسَرَ إنْ كَانَ جَاهِلًا ) لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَهَّمُ مَا لَيْسَ بِدَافِعٍ دَافِعًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَارِفًا ( فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً ) لِلدَّفْعِ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا مِنْ الْأَيَّامِ ( بِطَلَبِهِ ) لِأَنَّهَا مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةِ يَحْتَاجُ إلَى مِثْلِهَا لِإِحْضَارِ الْبَيِّنَةِ وَاثْتِثْبَاتِهَا فِيمَا تَحَمَّلَتْهُ وَلَوْ عَادَ وَلَوْ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِيَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعِي عَلَى نَحْوِ الْإِبْرَاءِ أَجَابَهُ إلَيْهِ لِتَيَسُّرِهِ فِي الْحَالِ وَلَا يُكَلَّفُ تَوْفِيَةَ الدَّيْنِ أَوْ لَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْوَكِيلِ الْمُدَّعِي أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُكَ حَيْثُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْحَقُّ وَلَا يُؤَخَّرُ إلَى حُضُورِ الْمُوَكِّلِ وَحَلَّفَهُ لِعِظَمِ - الضَّرَرِ بِالتَّأْخِيرِ ( فَإِنْ لَمْ ) يَأْتِ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ ( ادَّعَى جِهَةً أُخْرَى بَعْدَ ) انْقِضَاءِ ( الْمُدَّةِ لَمْ يُمْهَلْ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ وَإِذَا

أَتَى بِبَيِّنَةٍ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَلَمْ تُعَدَّلْ أُمْهِلَ ثَلَاثَةً لِلتَّعْدِيلِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَسْأَلَةُ

( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ لَا يَمِينَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِعْسَارِ الْمَدْيُونِ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأَصَحِّ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فِي الْبَاطِنِ الثَّانِيَةُ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةٌ بِعَيْنٍ وَقَالَ الشُّهُودُ لَا نَعْلَمُهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ قَالَ أُحَلِّفَهُ أَنَّهَا مَا خَرَجَتْ مِنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ ثُمَّ أَدْفَعُهَا لَهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِ ثُمَّ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَقَرَّ أَيْ عَنْ حَقِيقَةٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ بِبَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْجِيلِيُّ فِي الْإِعْجَازِ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ فِي عَشَرَةِ مَوَاضِعِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَيِّتٍ مَالًا أَوْ قَتْلًا وَأَنْكَرَ الْوَرَثَةُ فَأَقَامَ بَيِّنَةً لَمْ يُحْكَمْ لَهُ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ إلَى الْآنَ وَكَذَا إذَا ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ وَأَنْ يَدَّعِي عَلَى امْرَأَةٍ وَطْئًا وَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْبَكَارَةِ فَتَحْلِفُ مَعَهَا لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْبَكَارَةِ وَإِذَا أَقَامَ عَلَى رَجُلٍ بَيِّنَةً بِمَالٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ أَنَّك تَسْتَحِقُّ هَذَا الْمَالَ وَلَمْ يُكَذِّبْ الشُّهُودَ وَلَكِنْ قَالَ بَاطِنُ الْأَمْرِ بِخِلَافِ ظَاهِرِهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ الْآنَ وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ أَمْسِ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّهَا كَانَتْ مُطَلَّقَةً مِنْ غَيْرِي وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى الْمُودِعُ هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى السَّبَبِ حَلَفَ عَلَى الْهَلَاكِ بِهِ وَفِي الْجِرَاحِ فِي الْعُضْوِ الْبَاطِنِ إذَا قَالَ إنَّهُ كَانَ صَحِيحًا وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً حَلَفَ مَعَهَا وَفِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ إذَا أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ حَلَفَ مَعَهَا وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ نَظَرٌ وَفِيهَا مَا الْحَلِفُ فِيهِ

مُسْتَحَبٌّ لَا مُسْتَحَقٌّ ر ( قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَهَا ) إنْ أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ لِثُبُوتِ الْحَقِّ عَلَى خَصْمِهِ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَحْلِفُ إلَخْ ) وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ لَا مُطْعِنَ لَهُ وَلَا دَافِعَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ ذَكَرَ تَأْوِيلًا مِنْ نِسْيَانٍ وَنَحْوِهِ فَلَهُ التَّحْلِيفُ وَلَهُ نَظَائِرُ فِي الْمُرَابَحَةِ وَغَيْرِهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي قَبْلَ ذَلِكَ إمَّا مَعَ شَاهِدِهِ أَوْ يَمِينِ الِاسْتِظْهَارِ فَلَا يَحْلِفُ بَعْدَ هَذِهِ الدَّعْوَى وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ عَنْ الْعِدَّةِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ وَسَأَلَ إحْلَافه أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْفِهِ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْكَاتِبَ قَدْ أَحْلَفَهُ قَالَ وَذَكَرَ الْبَغَوِيّ فِي مِثْلِهِ فِي دَعْوَى الْإِبْرَاءِ أَنَّهُ يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُبَرِّئْهُ فَحَصَلَ وَجْهَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي بَلْ الصَّوَابُ مَا قَالَهُ فِي الْعُدَّةِ لِأَنَّ الْبَغَوِيّ يُصَحِّحُ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْفَضَاءَ أَوْ الْإِبْرَاءَ بَعْدَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِالْبَيِّنَةِ لِلْمُدَّعِي بِغَيْرِ حَلِفٍ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي فَكَيْفَ يُحَلِّفُهُ هُنَا ( قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا يَمِينَ ) كَمَا لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَادَّعَتْ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَدَخَلَ بِهَا وَطَلَّقَهَا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا قُبِلَ مِنْهَا وَلَا بَيِّنَةَ عَلَيْهَا وَلَا يَمِينَ ( قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَخْ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ .
( فَرْعٌ ) فِي يَدِهِ دَارٌ فَادَّعَاهَا آخَرُ فَقَالَ هَذِهِ دَارِي فَقَالَ نَعَمْ هِيَ دَارُك بِعْتنِيهَا وَأَقَامَ عَلَى الشِّرَاءِ بَيِّنَةً لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهَا لِلْمُدَّعِي فِي الْحَالِ وَقِيلَ تُقْبَلُ إذَا وَصَلَ بِهِ كَلَامَهُ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنْ يُقَالَ هَذِهِ دَارُ فُلَانٍ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَيْ كَانَتْ دَارِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ دَارُ

فُلَانٍ مِلْكِي هَلْ تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَجْهَانِ وَكَذَا لَوْ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ دَارَ فُلَانٍ هَذِهِ لِفُلَانٍ هَذَا ذَكَرَهُ شُرَيْحُ فِي رَوْضَتِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ عَيَّنَ جِهَةً أُمْهِلَ ثَلَاثًا ) فَإِنْ أَحْضَرَهَا فَذَاكَ وَإِنْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدًا وَاحِدًا وَاسْتَظْهَرَ بِالثَّانِي اُنْتُظِرَ بِهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ مُسْتَقْبَلَةٍ وَلَوْ أَحْضَرَ فِيهَا شَاهِدَيْنِ وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمَا اُنْتُظِرَ بِهَا ثَلَاثًا لِأَنَّهُ اسْتِظْهَارٌ لِبَيِّنَةٍ فِي شَهَادَةٍ أُخْرَى ( قَوْلُهُ وَمُقِيمُ الْبَيِّنَةَ يَحْتَاجُ لِمِثْلِهَا ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي تَوْثِقَةً فِي مُدَّةٍ الْإِمْهَالِ أُجِيبَ فَإِنْ احْضِرْ لَهُ بِكَفِيلٍ فَذَاكَ وَإِلَّا رَسَمَ عَلَيْهِ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الرَّابِعَةُ يُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى الدَّمِ التَّفْصِيلُ ) لَهَا ( كَمَا سَبَقَ ) فِي بَابِهَا ( لَا فِي ) دَعْوَى ( عَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ) فَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلُهَا ( بَلْ يَصِفَهُ ) فِيهَا ( بِالصِّحَّةِ ) فَقَطْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ أَمَةً لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ النِّكَاحِ وَلِهَذَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِشْهَادُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ وَصْفُهُ بِالصِّحَّةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي ) دَعْوَى ( النِّكَاحِ ) سَوَاءٌ ادَّعَى ابْتِدَاءَهُ أَوْ دَوَامَهُ ( أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتهَا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ وَيَصِفُهُمْ بِالْعَدَالَةِ ) وَيَصِفُ ( الْمَرْأَةَ بِالرِّضَا ) بِالنِّكَاحِ ( حَيْثُ شُرِطَ ) رِضَاهَا بِأَنْ كَانَتْ غَيْرَ مُجْبَرَةٍ ( وَالْوَلِيَّ بِأَنَّهُ أَهْلُ الْوِلَايَةِ ) إلَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَتُهُ بِالشَّوْكَةِ ( وَالْعَقْدَ بِالصِّحَّةِ ) لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ كَالدَّمِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ فَيَكْفِي فِي الدَّعْوَى بِهَا أَنْ يَقُولَ هَذِهِ زَوْجَتِي وَإِنْ ادَّعَى اسْتِمْرَارَ نِكَاحِهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ ذَكَرَ مَا يَقْتَضِي تَقْرِيرَهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ فِيهَا إذَا كَانَ سَفِيهًا أَوْ عَبْدًا مِنْ قَوْلِهِ نَكَحْتهَا بِإِذْنِ وَلِيٍّ أَوْ مَالِكِيٍّ أَمَّا دَعْوَى الْمَالِ فَيُكْتَفَى فِيهَا بِالْإِطْلَاقِ لِأَنَّ أَسْبَابَ تَحْصِيلِهِ لَا تَنْحَصِرُ فَيَشُقُّ ضَبْطُهَا وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الْوَلِيِّ وَالشَّاهِدَيْنِ وَلَا التَّعَرُّضُ لِعَدَمِ الْمَوَانِعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا وَلِكَثْرَتِهَا ( وَيُشْتَرَطُ تَفْصِيلُ الشُّهُودِ ) بِالنِّكَاحِ ( كَذَلِكَ ) تَبَعًا لِلدَّعْوَى ( وَقِيلَ يُشْتَرَطُ عَدَمُ عِلْمِ الْفِرَاقِ ) بِأَنْ يَقُولُوا وَلَا نَعْلَمُ أَنَّهُ فَارَقَهَا أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَأَقَرَّهُ فَتَضْعِيفُ الْمُصَنِّفِ لَهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَكَأَنَّهُ قَاسَهُ بِمَا يَأْتِي عَقِبَهُ لَكِنْ ذَاكَ

فِي الشَّهَادَةِ بِالْإِقْرَارِ بِالنِّكَاحِ وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِنَفْسِ النِّكَاحِ وَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ ظَاهِرٌ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا بِنِكَاحٍ ) لِأَنَّهَا لَا تُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ فِي النِّكَاحِ ( وَلَا قَوْلُ شُهُودِهِ لَا نَعْلَمُهُ فَارَقَهَا ) أَوْ هِيَ الْيَوْمَ زَوْجَتُهُ ( وَيَتَعَرَّضُ ) وُجُوبًا ( فِي ) دَعْوَى ( نِكَاحِ الْأَمَةِ ) مَعَ مَا مَرَّ ( لِعَجْزِهِ عَنْ ) مَهْرِ ( الْحُرَّةِ وَخَوْفِ الْعَنَتِ ) الْمُشْتَرَطَيْنِ فِي جَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ وَلِكَوْنِهَا مُسْلِمَةً إذَا كَانَ مُسْلِمًا وَلَوْ عَبْدًا لِأَنَّ الْفُرُوجَ يُحْتَاطُ لَهَا ( وَالدَّعْوَى ) بِالنِّكَاحِ ( وَتَكُونُ ) إمَّا ( عَلَى الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَى ) وَلِيِّهَا ( الْمُجَبِّرِ ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ إقْرَارِهِمَا بِهِ ( وَقَدْ سَبَقَ ) ذَلِكَ فِي مَسْأَلَةِ تَزْوِيجِ الْوَلِيَّيْنِ الْمَرْأَةَ شَخْصَيْنِ

( قَوْلُهُ بَلْ يَصِفُهُ فِيهَا بِالصِّحَّةِ ) لَوْ تَبَايَعَ الْكُفَّارُ بُيُوعًا فَاسِدَةً وَتَقَابَضُوا إمَّا بِأَنْفُسِهِمْ أَوْ بِإِلْزَامِ حَاكِمِهِمْ أَمْضَيْنَاهَا عَلَى الْأَظْهَرِ ( قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَصَحَّحَهُ فِي الْوَسِيطِ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُهُ فَإِنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ يَعْنِي فِي الْوَجِيزِ وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِي بَيْعًا صَحِيحًا مُعَلَّمٌ بِالْوَاوِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي دَعْوَى النِّكَاحِ إلَخْ ) شَمَلَ كَلَامُهُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَى الْمَرْأَةِ وَوَلِيِّهَا فَتُسْمَعُ عَلَى الْأَبِ وَالْجِدِّ فِي الْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَقَرَّ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الزَّوْجُ وَسُلِّمَتْ إلَيْهِ وَأَطْلَقَ الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى نِكَاحِ ثَيِّبٍ صَغِيرَةٍ حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنِّي نَكَحْتهَا وَهِيَ بِكْرٌ فَالْمَذْهَبُ لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا ثَيِّبٌ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ عَلَيْهَا وَأَمَّا الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي فِي إنْكَاحِهِ مَجْنُونَةٍ فَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ فَذَاكَ وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ لِأَنَّ تَكْذِيبَهُ إنْكَارٌ لِلْقَضَاءِ وَهَذَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ نَكَحَهَا فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهَا امْرَأَتُهُ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَصِفَ الْعَقْدَ لِأَنَّهُ يَدَّعِي مِلْكَ الْبِضْعِ لَا النِّكَاحَ قَالَهُ ابْن أَبِي هُرَيْرَةَ فِي تَعْلِيقِهِ ( قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ تَزَوَّجْتُهَا بِوَلِيٍّ ) خَرَجَ بِالْوَلِيِّ مَالِكُ الْأَمَةِ فَيَقُولُ فِيهَا زَوَّجَنِيهَا مَالِكُهَا الَّذِي لَهُ إنْكَاحُهَا أَوْ مَنْ يَلِي أَمْرَ نِكَاحِهَا أَوْ وَلِيُّ مَالِكَتِهَا الْعَدْلِ بِإِذْنِ مَالِكَتِهَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَوْ مُبَعَّضَةٌ بِوَلِيٍّ وَمَالِكٍ ( قَوْلُهُ لِلِاحْتِيَاطِ فِي النِّكَاحِ ) كَالدَّمِ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الرَّبِّ وَحَقُّ الْآدَمِيِّ وَلِأَنَّ فِي شُرُوطِهِ خِلَافًا لِلْعُلَمَاءِ فَأَبُو حَنِيفَةَ لَا يَشْتَرِطُ الْوَلِيَّ وَمَالِكٌ لَا

يَشْتَرِطُ الشُّهُودَ وَنَحْنُ لَا نَعْتَبِرُ رِضَا الْبِكْرِ الْبَالِغِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَعْتَبِرُهُ فَلِمَ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِظَاهِرِ الدَّعْوَى حَتَّى يَعْلَمَ وُجُودَ الشَّرَائِطِ لِئَلَّا يَحْكُمَ بِصِحَّةِ مَا هُوَ خَطَأٌ عِنْدَهُ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَنْكِحَةُ الْكُفَّارِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ تَفْصِيلٌ فِي إقْرَارِهَا ) أَيْ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ وَكَتَبَ أَيْضًا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَابِ دَعْوَى الزَّوْجِ نِكَاحِهَا ( قَوْلُهُ وَيَتَعَرَّضُ فِي نِكَاحِ الْأَمَةِ ) أَوْ مَنْ فِيهَا رِقٌّ

الْمَسْأَلَةُ ( الْخَامِسَةُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ ) بِالتَّفْصِيلِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( وَلَوْ لَمْ تُطَالِبْ بِحَقٍّ ) مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَإِنْ كَانَ حَقًّا لِلزَّوْجِ فَهُوَ مَقْصُودٌ لَهَا أَيْضًا فَتُثْبِتُهُ وَتَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى حُقُوقِهَا ( وَلَيْسَ إنْكَارُهُ ) النِّكَاحَ ( طَلَاقًا ) بَلْ هُوَ كَسُكُوتِهِ فَتُقِيمُ الْبَيِّنَةَ وَحِينَئِذٍ ( فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ إنْ اعْتَرَفَ ) بِالنِّكَاحِ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ وَيُشْبِهُ قَبُولَ رُجُوعِهِ عَنْ إنْكَارِهِ بِمَا إذَا قَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ الرَّجْعَةِ ثُمَّ قَالَتْ غَلِطْت فَإِنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا ( وَإِنْ حَلَفَ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ ) لَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَحِينَئِذٍ ( فَلَهُ أَنْ يَنْكِحَ أُخْتَهَا ) وَأَرْبَعًا سِوَاهَا ( وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْكِحَ ) زَوْجًا غَيْرَهُ وَإِنْ انْدَفَعَ النِّكَاحُ ظَاهِرًا ( حَتَّى يُفَارِقَهَا ) بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَلْيَرْفِقْ بِهِ الْحَاكِمُ لِيَقُولَ إنْ كُنْت نَكَحْتهَا فَهِيَ طَالِقٌ ) لِيَحِلَّ لَهَا النِّكَاحُ ( وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَتْ وَاسْتَحَقَّتْ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ ) وَغَيْرَهُمَا مِنْ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ وَيُبَاحُ لِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا حَلَفَتْ حَكَمَ لَهَا عَلَيْهِ بِالزَّوْجِيَّةِ وَحَلَّ لَهُ التَّمَتُّعَ بِهَا وَإِنْ أَنْكَرَ الْعَقْدَ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ وَيَحْكُمَ عَلَيْهِ بِتَحْرِيمِ التَّمَتُّعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي الظَّاهِرِ أَوْ فِيمَا إذَا زَالَ عَنْهُ ظَنُّ حُرْمَتِهَا
( قَوْلُهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ ) أَيْ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَسْخٍ بِاعْتِبَارِهِ عَلَى قَوْلِ الْبَغَوِيّ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِيَكُنْ هَذَا مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَفَسَّخَ بِنَفْسِهَا ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَوَازُ ذَلِكَ إلَخْ ) هُوَ كَذَلِكَ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى نِكَاحَ امْرَأَةٍ تَحْتَ زَوْجٍ فَالدَّعْوَى عَلَيْهَا لَا عَلَيْهِ ) لِأَنَّ الْحُرَّةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ إذْ الْأَمَةُ كَالْحُرَّةِ فِي ذَلِكَ فَلَوْ قَالُوا لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ يَدِ الزَّوْجِ كَانَ أَوْلَى ( فَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَاهُمَا ) بِأَنْ أُرِّخَتَا بِتَارِيخٍ وَاحِدٍ أَوْ أُطْلِقَتَا أَوْ أُطْلِقَتْ إحْدَاهُمَا وَأُرِّخَتْ الْأُخْرَى ( سَقَطَتَا ) إذْ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الْأُولَيَيْنِ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُمَا فِي الْأَخِيرَةِ لِاحْتِمَالِ تَوَافُقِهِمَا فِي التَّارِيخِ ( وَإِنْ سَبَقَ تَارِيخٌ ) لِأَحَدِهِمَا ( قُدِّمَ السَّابِقُ ) تَارِيخًا كَمَا لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً بِنِكَاحِ خَلِيَّةٍ ( وَتُقَدَّمُ الْبَيِّنَةُ ) بِالنِّكَاحِ ( عَلَى بَيِّنَةِ إقْرَارِهَا ) بِهِ ( كَمَا لَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِعَيْنٍ لِرَجُلٍ ) فَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ ( وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ زَيْدًا غَصَبَهَا مِنْهُ ) فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ النِّكَاحِ وَالْغَصْبِ تَشْهَدُ بِمُحَقَّقٍ وَبَيِّنَةَ الْإِقْرَارِ تَشْهَدُ بِإِخْبَارٍ يَحْتَمِلُ الصِّدْقَ وَالْكَذِبَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا وَقَضِيَّةُ تَعْلِيلِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزَّوْجِيَّةِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهَا لِوَاحِدٍ لَا تُسْمَعُ أَنَّهُ لَوْ تَقَدَّمَتْ بَيِّنَةُ الْإِقْرَارِ قُدِّمَتْ وَبِهِ صَرَّحَ فِي فَتَاوِيهِ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ ( فَإِنْ أَقَرَّتْ لِأَحَدِهِمَا ) بِالنِّكَاحِ ( وَلَا بَيِّنَةَ ) لِأَحَدِهِمَا ( فَكَمَا سَبَقَ فِي النِّكَاحِ ) فِيمَا لَوْ زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ بِاثْنَيْنِ وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْقَ نِكَاحِهِ ( وَإِنْ ادَّعَتْ ) ذَاتَ وَلَدٍ عَلَى رَجُلٍ ( نِكَاحًا وَوَلَدًا مِنْهُ وَاعْتَرَفَ بِالْوَلَدِ ) دُونَ النِّكَاحِ بِأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي أَوْ وَلَدِي مِنْ غَيْرِهَا ( لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ فَإِنْ قَالَ ) هُوَ ( وَلَدِي مِنْهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ )

لِأَنَّ الِاعْتِرَافَ بِالنَّسَبِ اعْتِرَافٌ بِالْإِصَابَةِ ظَاهِرًا وَهِيَ تَقْتَضِي الْمَهْرَ وَلَا تَحْمِلُ عَلَى اسْتِدْخَالِ الْمَاءِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ ( وَإِنْ أَقَرَّ ) لَهَا ( بِالنِّكَاحِ وَقَالَتْ كُنْت مُفَوِّضَةً لَزِمَهُ الْفَرْضُ ) لَهَا ( إنْ لَمْ يَطَأْهَا ) ( وَإِنْ وَطِئَهَا ) ( فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) وَإِنْ أَنْكَرَ النِّكَاحَ وَالنَّسَبَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ النِّكَاحِ وَتَأْخِيرِهَا ) وَهُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي نَقْلُهُ عَنْهُ قُبَيْلَ الْبَابِ السَّابِعِ ) لَا مُخَالَفَةً بَيْنَهُمَا لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي صُورَتُهُ أَنَّهَا أَقَرَّتْ لِشَخْصٍ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ سَنَةٍ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ نَكَحَهَا مِنْ شَهْرٍ ( قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَهْرُ فَقَطْ ) فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ وُجُوبِ الْمَهْرِ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَلَدَهُ وَلَا مَهْرَ لَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَهَا رَشِيدَةً بِإِذْنِهَا وَهُوَ سَفِيهٌ بِغَيْرِ إذْنٍ وَمَكَّنَتْهُ مُخْتَارَةً فَلَا مَهْرَ لَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ كَانَتْ الْوَلَدِيَّةُ عَنْ اسْتِيلَادٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَغَيْرُ ذَلِكَ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ غ

الْمَسْأَلَةُ ( السَّادِسَةُ ) لَوْ ( ادَّعَى ) شَخْصٌ ( رِقَّ بَالِغٍ فَقَالَ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ ) وَلَمْ يَسْبِقْ مِنْهُ إقْرَارٌ بِرِقٍّ ( صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَيْدِي وَسَبَقَ مِنْ مُدَعِّي رِقِّهِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّقِّ ظَاهِرًا كَاسْتِخْدَامٍ وَإِجَارَةٍ قَبْلَ بُلُوغِهِ لِأَنَّ الْيَدَ وَالتَّصَرُّفَ إنَّمَا يَدُلَّانِ عَلَى الْمِلْكِ فِيمَا هُوَ مَالٌ فِي نَفْسِهِ وَهَذَا بِخِلَافِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَنَا حُرُّ الْأَصْلِ مَا لَوْ قَالَ أَنَا عَتِيقٌ وَسَيَأْتِي وَمَا لَوْ قَالَ أَنَا عَبْدُ فُلَانٍ فَالْمُصَدَّقُ السَّيِّدُ لِاعْتِرَافِ الْعَبْدِ بِالرِّقِّ وَأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْيَدُ وَالْيَدُ عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ فَلَا تَنْتَقِلُ بِدَعْوَاهُ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ بِذَلِكَ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ ( فَإِنْ حَلَفَ ) الْبَالِغُ عَلَى نَفْيِ الرِّقِّ وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُدَّعِي مِنْ غَيْرِهِ ( رَجَعَ ) الْمُدَّعِي ( عَلَى بَائِعِهِ ) بِالثَّمَنِ ( وَلَوْ اعْتَرَفَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ بِرِقِّهِ ) وَقَالَ إنَّهُ ذَكَرَهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُومَةِ ( أَوْ اعْتَمَدَ ) فِي اعْتِرَافِهِ بِهِ ( ظَاهِرَ الْيَدِ وَإِنْ قَالَ ) الْبَالِغُ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ( أَعْتَقَنِي مَنْ بَاعَنِي ) لَكَ أَوْ أَعْتَقَنِي ( طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ ) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ ( وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ ) وَلَوْ مُمَيِّزًا ( صُدِّقَ ) إنْ لَمْ يَلْتَقِطْهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْمِلْكَ فِي دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ فِي يَدِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِخَطَرِ شَأْنِ الْحُرِّيَّةِ ( لَا إنْ الْتَقَطَهُ ) فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ( فَإِنْ بَلَغَ ) بِغَيْرِ تَصْدِيقِ مُدَّعِي رِقِّهِ ( وَأَنْكَرَ ) الرِّقَّ ( لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) لِسَبْقِ الْحُكْمِ بِالرِّقِّيَّةِ أَمَّا إذَا ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ لَيْسَ فِي يَدِهِ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ ( وَيَجُوزُ شِرَاءُ بَالِغٍ سَاكِتٍ ) عَنْ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ وَعَنْ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ مِمَّنْ

يَسْتَرِقُّهُ ( عَمَلًا بِالْيَدِ ) وَلِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ اسْتِرْقَاقِ الْحُرِّ وَالْأَحْوَطُ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ إلَّا بَعْدَ اعْتِرَافِهِ بِالرِّقِّ لِمَنْ يَبِيعُهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَمَا نُقِلَ مِنْ تَحْرِيمِ وَطْءِ السَّرَارِي حَتَّى يُخَمَّسْنَ وَيُقَسَّمْنَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيِهِنَّ

( قَوْلُهُ بَالِغٌ ) أَيْ عَاقِلٌ ( قَوْلُهُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ ) وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِحُرِّيَّةِ الْعَبْدِ أَنَّهُ كَانَ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِالرِّقِّ لَا تُقْبَلُ وَقَدْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى نَسَبِهِ وَحُرِّيَّةِ أَصْلِهِ فَلَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ بِإِقْرَارِهِ بِالرِّقِّ وَلَا لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الْمُشْتَرِي مِنْ الرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ بِدَعْوَاهُ أَنَّ الْعَبْدَ كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِالرِّقِّ ( قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِعْتَاقِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ يَدَّعِي سَلْطَنَةً عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ عَدَمِهَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى رِقَّ صَغِيرٍ فِي يَدِهِ أَوْ صَدَّقَهُ صَاحِبُ الْيَدِ ) وَشَمَلَ كَلَامُهُ مَا إذَا عَرَفَ اسْتِنَادَ يَدِهِ لِسَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِ وَمَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا لِذَلِكَ وَلَا لِالْتِقَاطٍ ( قَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ ) فَيُصَدَّقُ الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْقَوْلَ قَوْلَ الْبَالِغِ لِلْأَصْلِ وَالْغَلَبَةِ الدَّالِّينَ عَلَى حُرِّيَّتِهِ وَلَا يُعَارِضُهُمَا مُجَرَّدُ الِاسْتِخْدَامِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَتَرَجَّحَ عَلَيْهِمَا وَهُمَا مَوْجُودَانِ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وُجُودِهِمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمِلْكِ ) نَعَمْ أَنَّهُ صَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَكَاَلَّذِي فِي يَدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ هُنَا أَنْ لَا يَعْرِفَ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ وَالْكَبِيرُ الْمَجْنُونُ الَّذِي لَمْ يُكَلَّفْ فِي وَقْتٍ كَالصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَحْمُولٌ عَلَى تَحَقُّقِ سَبْيهِنَّ ) نَوْعٌ مِنْ الْجَوَارِي وَالْعَبِيدِ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ وَهُوَ مَا سَبَاهُ الْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ثُمَّ يَبِيعُونَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّهُ

لَا خُمْسَ عَلَى الْكُفَّارِ

الْمَسْأَلَةُ ( السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ ) وَإِنْ كَانَ بِهِ بَيِّنَةٌ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إلْزَامٌ وَمُطَالَبَةٌ فِي الْحَالِ وَلَا يُحَالُ عَلَى مَنْ اعْتَرَفَ الْمُدَّعِي بِإِعْسَارِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمُؤَجَّلُ فِي عَقْدٍ كَسَلَمٍ وَقَصْدَ بِدَعْوَاهُ بِهِ تَصْحِيحَ الْعَقْدِ سُمِعَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتُسْمَعُ أَيْضًا بِدَيْنٍ بَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَبَعْضُهُ حَالٌّ وَيَكُونُ الْمُؤَجَّلَ تَبَعًا لِلْحَالِّ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ ( وَتُسْمَعُ بِاسْتِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ وَتَعْلِيقِ عِتْقٍ ) بِصِفَةٍ وَلَوْ قَبْلَ الْعَرْضِ عَلَى الْبَيْعِ لِأَنَّهَا حُقُوقٌ نَاجِزَةٌ وَسَتَأْتِي الْأَخِيرَتَانِ فِي التَّدْبِيرِ أَيْضًا ( وَجَوَابُ ) دَعْوَى ( مَنْ ادَّعَى دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ الْآنَ ) وَيَحْلِفُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَجَلَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَصْحِيحٌ لِلدَّعْوَى لِأَنَّ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ لَا تُسْمَعُ كَمَا مَرَّ ( وَفِي ) جَوَازِ ( إنْكَارِ اسْتِحْقَاقِهِ ) أَيْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيَّ ( وَجْهَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ كَمَا حَكَاهُ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ جَدِّهِ ( وَإِنْ أَقَرَّ ) لَهُ خَصْمُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ( بِثَوْبٍ ) مَثَلًا ( وَادَّعَى تَلَفَهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهُ ) إلَى الْمُدَّعِي ( ثُمَّ ) بَعْدَ تَحْلِيفِهِ ( يَقْنَعُ ) مِنْهُ ( بِالْقِيمَةِ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ ) الْمُدَّعِي ( عَلَى بَقَائِهِ طَالَبَهُ بِهِ )

( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَى بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ ) خَرَجَ الدَّعْوَى بِدَيْنِ حَالٍ عَلَى عَبْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانَ لَا يُطَالَبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ إذَا أُرِيدَ إثْبَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا ادَّعَى عَلَى الْقَاتِلِ بِقَتْلٍ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوجِبُ دِيَةً مُؤَجَّلَةٍ فَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَمْ تُسْمَعْ جَزْمًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ لُزُومِهِ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ لِجَوَازِ مَوْتِهِ أَثْنَاءَ الْحَوْلِ أَوْ إعْسَارِهِ آخِرِهِ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ غَيْرِهِ يَقْتَضِيهِ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمَذْهَبُ الْمَنْعُ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى ) ( إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) عَنْ جَوَابِ الدَّعْوَى ( وَأَصَرَّ ) عَلَى ذَلِكَ ( جُعِلَ نَاكِلًا ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَإِنْ قَالَ ) لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( لِي مَخْرَجٌ مِنْ دَعْوَاكَ أَوْ لَكَ ) عَلَيَّ ( أَكْثَرُ ) مِمَّا ادَّعَيْت ( أَوْ الْحَقُّ يُؤَدَّى ) أَيْ أَحَقُّ أَنْ يُؤَدَّى ( أَوْ لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَكْثَرُ ) مِمَّا لَكَ ( فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ لَهُ ) لِاحْتِمَالِ الْخُرُوجِ فِي الْأُولَى بِالْإِنْكَارِ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الثَّانِيَةِ لَك مِنْ الْحَقِّ عِنْدِي مَا تَسْتَحِقُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَيْت وَأَنَّ الْمَعْنَى فِي الثَّالِثَةِ حَيْثُ يَكُونُ حَقُّهُ فَأَمَّا أَنَا فَبَرِيءٌ وَأَنْ يُرِيدَ فِي الرَّابِعَةِ الِاسْتِهْزَاءَ أَوْ أَنَّ لِزَيْدٍ حُرْمَةً وَحَقًّا أَكْثَرَ مِمَّا لَكَ وَ ( لَا ) بِإِقْرَارٍ ( لِزَيْدٍ ) فِي الرَّابِعَةِ ( لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ أَرَادَ الْحُرْمَةَ وَالْكَرَامَةَ فَإِنْ قَالَ لِزَيْدٍ عَلَيَّ مَالٌ أَكْثَرُ ) مِمَّا ادَّعَيْت ( فَإِقْرَارٌ لِزَيْدٍ وَيُفَسَّرُ ) أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ ( بِأَقَلَّ ) مِمَّا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ تَنْزِيلًا عَلَى كَثْرَةِ الْبَرَكَةِ أَوْ الرَّغْبَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي جَوَابِ الدَّعْوَى ) ( قَوْلُهُ إذَا سَكَتَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَصَرَّ جُعِلَ نَاكِلًا ) مَحَلَّ جَعْلِهِ نَاكِلًا مَا إذَا حَكَمَ الْقَاضِي بِنُكُولِهِ بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ أَوْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَإِنَّمَا يَحْكُمُ بِأَنَّهُ نَاكِلٌ بِالسُّكُوتِ إذَا لَمْ يَظْهَرْ كَوْنِهِ لِدَهْشَةٍ أَوْ غُبَارٍ وَنَحْوِهِمَا وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شَرْحَهُ لَهُ ثُمَّ الْحُكْمُ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا يَحِلُّ لِلْوَلِيِّ السُّكُوتَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَ بِمَا يَعْرِفُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى السُّكُوتِ فَإِنْ كَانَ أَبًا أَوْ جِدًّا أَوْ وَصِيًّا أَحَدُهُمَا عَرَفَهُ الْحَاكِمُ قَدَحَ ذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ وَلِهَذَا السُّكُوتُ شُبِّهَ بِعَضَلِ الْوَلِيِّ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَيَّمَ الْحَاكِمَ زَجَرَهُ وَأَقَامَ غَيْرَهُ ( قَوْلُهُ وَرُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ صَمَمٌ وَلَا خَرَسٌ أَمَّا الْأَصَمُّ وَالْأَخْرَسُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ إشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ فَكَالنَّاطِقِ وَإِلَّا فَكَالْغَائِبِ فَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُ نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَصَمُّ أَوْ الْأَخْرَسُ الَّذِي لَا يَفْهَمُ كَاتِبًا فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ كِتَابَتُهُ دَعْوَى وَجَوَابًا كَعِبَارَةِ النَّاطِقِ

( فَصْلٌ فِيهِ سِتُّ مَسَائِلَ الْأُولَى ) لَوْ ( ادَّعَى ) عَلَيْهِ غَيْرُهُ ( عَشَرَةً فَقَالَ لَا تَلْزَمُنِي لَمْ يَكْفِ ) فِي الْجَوَابِ ( فَلْيَقُلْ ) مَعَهُ ( وَلَا شَيْءَ مِنْهَا وَكَذَا يُسْتَحْلَفُ ) لِأَنَّ مُدَّعِيَهَا مُدَّعٍ لَهَا وَلِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُطَابِقَ الْجَوَابُ وَالْحَلِفُ دَعْوَاهُ وَلِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَلْزَمُنِي الْعَشَرَةُ لَا يَسْتَلْزِمُ نَفْيَ سَائِرِ أَجْزَائِهَا ( فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ) بَعْدَ اسْتِحْلَافِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ ( إلَّا عَلَى ) نَفْيِ ( عَشَرَةٍ لَمْ تَلْزَمْهُ ) بِتَمَامِهَا ( وَعُدَّ نَاكِلًا عَمَّا دُونَهَا وَلِلْمُدَّعِي ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَلِلْمُدَّعِي ( أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ) اسْتِحْقَاقِ ( مَا دُونَهَا وَإِنْ لَمْ يُجَدِّدْ دَعْوَى ) بِهِ وَيُطَالِبُهُ بِهِ ( إلَّا ) أَيْ لَكِنْ ( إنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْعَشَرَةِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) أَيْ تَحْلِيفِهِ ( عَلَى عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا وَلَمْ يَقُلْ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا ) فَلَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا إلَّا بَعْدَ تَجْدِيدِ دَعْوَى وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنَّمَا نَكَلَ عَنْ عَشَرَةٍ وَالنَّاكِلُ عَنْهَا لَا يَكُونُ نَاكِلًا عَنْ بَعْضِهَا هَذَا إذَا لَمْ يُسْنِدْهَا إلَى عَقْدٍ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْنَدَهَا إلَيْهِ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( نَكَحْتَنِي أَوْ بِعْتنِي دَارَك بِعَشَرَةٍ فَحَلَفَ مَا نَكَحْتُك أَوْ ) مَا ( بِعْتُك بِعَشَرَةٍ كَفَى ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ لِلنِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ غَيْرُ مُدَّعٍ لَهُ بِمَا دُونَهَا ( فَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( لَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ عَلَى الْأَقَلِّ ) مِنْ عَشَرَةٍ لِأَنَّهُ يُنَاقِضُ مَا ادَّعَتْهُ أَوَّلًا ( إلَّا بِدَعْوَى جَدِيدَةٍ ) فَلَهَا أَنْ تَحْلِفَ لِنُكُولِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ ادَّعَى مِلْكَ دَارٍ بِيَدِ غَيْرِهِ فَأَنْكَرَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُولَ فِي حَلِفِهِ لَيْسَتْ لَكَ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا ) وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ

بَاعَهُ إيَّاهَا كَفَاهُ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ ) مَحَلُّهُ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَتْ نَكَحْتنِي إلَخْ إذَا لَمْ تَكُنْ الدَّعْوَى بِمَبْلَغٍ مُسْنَدٍ إلَى عَقْدٍ وَإِلَّا كَفَاهُ نَفْيِ الْعَقْدِ بِالْمَجْمُوعِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَعْضِ لِلْمُنَاقَضَةِ ( قَوْلُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مَا دُونَهَا ) شَمَلَ قَوْلُهُ مَا دُونَهَا مَالًا يَتَمَوَّلُ كَحَبَّةِ حِنْطَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ( قَوْلُهُ فِي حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) قَالَ الْفَتَى لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَضَرَبَتْهُ فَصَارَ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْقَاضِي فِي عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا فَلِتُضْرَبْ النُّسَخُ ( تَنْبِيهٌ ) فِي الْحَاوِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَقْرَضْتنِي أَلْفًا ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبِيهِ وَتَبِعَهُ الشَّاشِيُّ وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ بَلْ نَصَّهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا

الْمَسْأَلَةُ ( الثَّانِيَةُ ) لَوْ ( ادَّعَى ) عَلَيْهِ غَيْرُهُ ( شُفْعَةً أَوْ مَالًا مُضَافًا إلَى سَبَبٍ كَقَرْضٍ وَبَيْعٍ كَفَاهُ ) - فِي الْجَوَابِ ( لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا ) أَوْ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْك فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِلسَّبَبِ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا فِيمَا ادَّعَاهُ وَيَعْرِضُ مَا يُسْقِطُ الْحَقَّ مِنْ أَدَاءً أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ فَلَوْ نَفَى السَّبَبَ كَانَ كَاذِبًا أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى الْمُسْقِطَ طُولِبَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يَعْجِزُ عَنْهَا فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِ الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ ( أَوْ ) ادَّعَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ ( أَنَّهُ طَلَّقَهَا كَفَاهُ ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ ( أَنْت زَوْجَتِي وَحَلَفَ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الْجَوَابِ الْمُطْلَقِ وَأَفْضَى الْأَمْرَ إلَى حَلِفِهِ ( كَجَوَابِهِ أَوْ عَلَى نَفْيِ السَّبَبِ ) وَإِنْ كَانَ الْجَوَابُ مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُهُ التَّعَرُّضُ لِنَفْيِ السَّبَبِ عَيْنًا ( وَإِنْ أَجَابَ بِنَفْيِ السَّبَبِ تَعَيَّنَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ ) لِيُطَابِقَ الْيَمِينُ الْجَوَابَ ( وَإِنْ ادَّعَى ) عَلَيْهِ ( مَرْهُونًا مَعَهُ أَوْ مُؤَجَّرًا ) مَعَهُ ( كَفَاهُ ) فِي الْجَوَابِ أَنْ يَقُولَ ( لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ ) إلَيْك ( أَوْ يَقُولَ ) لَهُ وَقَدْ عَجَزَ عَنْ بَيِّنَةٍ بِالرَّهْنِ أَوْ الْإِجَارَةِ وَخَافَ جَحْدَ الْمُدَّعِي لَهُمَا لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالْمِلْكِ ( إنْ ادَّعَتْ مِلْكًا مُطْلَقًا فَلَا يَلْزَمُنِي ) تَسْلِيمُهُ ( أَوْ مَرْهُونًا ) أَوْ مُؤَجَّرًا ( عِنْدِي فَأَذْكُرُهُ حَتَّى أُجِيبَ ) وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ ( وَعَكْسُهُ ) بِأَنْ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ دَيْنًا وَخَافَ الرَّاهِنُ جَحْدَ الْمُدَّعِي الرَّهْنَ لَوْ اعْتَرَفَ لَهُ بِالدَّيْنِ يَقُولُ فِي جَوَابِهِ ( إنْ ادَّعَيْت أَلْفًا لَا رَهْنَ بِهِ فَلَا يَلْزَمُنِي أَوْ بِهِ رَهْنٌ فَاذْكُرْهُ ) حَتَّى أُجِيبَ ( وَلَا يَكُونُ مُقِرًّا بِذَلِكَ ) هُنَا وَلَا فِيمَا مَرَّ ( وَكَذَلِكَ يَقُولُ فِي ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ ) بِأَنْ يَدَّعِيَ

عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ مَقْبُوضٍ فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ لَمْ يُقْبَضْ فَلَا يَلْزَمُنِي مُطْلَقًا وَذِكْرُ التَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْقَبْضِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلِهَذَا مَثَّلَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ مِثْلُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَلْفًا فَيَقُولَ إنْ ادَّعَيْت عَنْ ثَمَنِ كَذَا فَاذْكُرْهُ حَتَّى أُجِيبَ أَوْ عَنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يَلْزَمُنِي ( فَرْعٌ لَوْ ادَّعَتْ ) امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ ( أَلْفًا صَدَاقًا كَفَاهُ ) فِي الْجَوَابِ ( أَنْ يَقُولَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيْهَا فَإِنْ اعْتَرَفَ بِالزَّوْجِيَّةِ فَمَهْرُ مِثْلٍ ) يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ( إنْ لَمْ يُثْبِتْ ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً ( بِخِلَافِهِ ) أَيْ بِأَنَّهُ نَكَحَهَا بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ

( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ لَوْ ادَّعَى شُفْعَةً إلَخْ ) قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ أَوْ شُفْعَةٌ كَفِي لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ الشُّفْعَةِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَلَا فِي الشَّرْحِ وَلَا النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُحَرَّرِ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شُفْعَةٌ وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ لَا شُفْعَةَ لَكَ عِنْدِي وَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ فَإِنْ قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ فِي الْكُتُبِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ لَا يُكْتَفَى بِهِ وَلِلِاكْتِفَاءِ بِهِ وَجْهٌ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا نَفْيٌ يَعُمُّ الشُّفْعَةَ وَغَيْرَهَا فَيُكْتَفَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَلْفًا مِنْ جِهَةِ قَرْضٍ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا قُلْت الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَعُدُّونَ أَنَّ الشُّفْعَةَ مُسْتَحِقَّةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي كَالْمَدِينِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ضَمَانُهَا كَالْغَصْبِ وَغَيْرِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَ تَفْسِيرُ مَنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ بِحَقِّ الشُّفْعَةِ لِأَنَّ لَفْظَهُ عَلَيَّ تُسْتَعْمَلُ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فِي غَيْرِ الدَّيْنِ .
( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ هَذَا التَّرْدِيدُ إلَخْ ) أَشَارَ الرَّافِعِيُّ إلَى اسْتِشْكَالِهِ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا سَمِعْنَاهُ أَحْوَجْنَا الْمُدَّعِي إلَى تَعْيِنِ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَإِمَّا أَنْ نُحْوِجَهُ إلَى بَيِّنَةٍ عَلَى تِلْكَ الْجِهَةِ أَوْ يُكْتَفَى بِبَيِّنَةٍ مُطْلَقَةٍ فَإِنْ اكْتَفَيْنَا بِهَا لَمْ يَقْنَعْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالتَّفْصِيلِ وَإِنْ أَحْوَجْنَاهُ إلَى بَيِّنَةٍ مُعَيَّنَةٍ تَضَرَّرَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا قَدْ تُسَاعِدُهُ عَلَى إقْرَارِ الْخَصْمِ بِأَلْفٍ مُطْلَقٍ وَلَا يُمْكِنُهُمْ تَعْيِنَ الْجِهَةِ وَكَمَا اكْتَفَيْنَا بِالْجَوَابِ الْمُطْلَقِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَيْ لَا يَلْزَمَهُ مَا لَيْسَ بِلَازِمٍ لَوْ عَيَّنَ الْجِهَةَ وَعَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ الدَّافِعَةِ وَجَبَ الِاكْتِفَاءُ بِإِطْلَاقِ الْمُدَّعِي وَلَا

نَحْوِجُهُ إلَى التَّعْيِينِ كَيْ لَا يَفُوتَ عَلَيْهِ مَا هُوَ فَائِتٌ لِلْعَجْزِ عَنْ الْبَيِّنَةِ الْمُعَيَّنَةِ وَأُسْقِطَ هَذَا مِنْ الرَّوْضَةِ وَقَالَ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ هَذَا التَّرْدِيدُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُحْتَمَلَ فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ الثَّانِي لِأَنَّهُ إذَا جَحَدَ الْمِلْكَ فَرُبَّمَا يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَعِنْدَ ذَلِكَ يَعْجِزُ الْمُرْتَهِنُ عَنْ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى الرَّهْنِيَّةِ ( قَوْلُهُ فَمَهْرُ مِثْلٍ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ ) لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ كَافٍ وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ أَجَابَ بِأَنَّهَا قَبَضَتْهُ أَوْ أَبْرَأَتْهُ فَهُوَ جَوَابٌ صَحِيحٌ ثُمَّ يَنْظُرُ أَتُصَدِّقُهُ أَوْ لَا وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ اعْتَرَفَ بِالسَّبَبِ الْمُلْزِمِ لَا يَكْفِي فِي جَوَابِهِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا كَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى كَذَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَهُ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَقَالَ اشْتَرَيْتُهُ وَقَبَضْته وَلَا تَسْتَحِقُّ عَلَيَّ حَقًّا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ ثَوْبًا قِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ تَعَدِّيًا أَوْ خَطَأً بِغَيْرِ إذْنِي فَقَالَ أَتْلَفَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِك وَهُوَ مِلْكُك لَكِنْ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيَّ قِيمَتُهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهَا فَلَا يُسْمَعُ هَذَا الْجَوَابُ مِنْهُ إجْمَاعًا

الْمَسْأَلَةُ ( الثَّالِثَةُ ) لَوْ ( ادَّعَى عَلَيْهِ ) غَيْرُهُ ( عَيْنًا ) عَقَارًا أَوْ مَنْقُولًا ( فِي يَدِهِ فَقَالَ هِيَ لِمَجْهُولٍ ) أَيْ فَأَضَافَهَا لَهُ كَأَنْ قَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لِطِفْلٍ أَوْ لِمَسْجِدٍ ( أَوْ لِطِفْلِي أَوْ لِلْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ ) وَهُوَ نَاظِرٌ عَلَيْهِ أَوْ لِلْفُقَرَاءِ أَوْ لَيْسَتْ لِي أَوْ نَحْوَهَا مِمَّا أُسْنِدَ فِيهِ الْإِقْرَارُ لِمَنْ تَتَعَذَّرُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ ( لَمْ تُنْزَعْ ) مِنْ يَدِهِ ( وَلَمْ يُعْذَرْ ) بِذَلِكَ أَيْ لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ الْخُصُومَةُ بِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْيَدِ الْمِلْكُ وَمَا صَدَرَ عَنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ فَإِنْ أَقَرَّ لِمُعَيَّنٍ بَعْدَ إقْرَارِهِ لِمَجْهُولٍ أَوْ قَوْلِهِ لَيْسَتْ لِي قَبْلُ وَانْصَرَفَتْ عَنْهُ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ وَإِلَّا ( فَلْيُثْبِتْ الْمُدَّعِي ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِمَا ادَّعَاهُ ( أَوْ يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا ) إلَيْهِ رَجَاءَ أَنْ يَقِرَّ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَتَثْبُتُ لَهُ ( وَإِنْ ادَّعَاهَا ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( بَعْدُ لِنَفْسِهِ سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ وَقِيلَ لَا تُسْمَعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ ( وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِحَاضِرٍ ) فِي الْبَلَدِ يُمْكِنُ مُخَاصَمَتُهُ وَتَحْلِيفُهُ ( وَصَدَّقَهُ انْتَقَلَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ إلَيْهِ ) لِأَنَّهُ الْمَالِكُ بِظَاهِرِ الْإِقْرَارِ ( وَإِنْ كَذَّبَهُ تُرِكَتْ فِي يَدِ الْمُقِرِّ ) كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ ( أَوْ ) أَقَرَّ بِهَا ( لِغَائِبٍ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ ) إلَيْهِ لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بِهَا ( الْمُدَّعِي ) بَيِّنَةً ( فَقَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ ) فَيَحْلِفُ مَعَهَا وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلهِ عَنْ تَرْجِيحِ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى حَاضِرٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وُقِفَ الْأَمْرُ

إلَى حُضُورِ الْغَائِبِ ( فَإِنْ ادَّعَى ذُو الْيَدِ ) أَنَّهَا لِلْغَائِبِ ( وَأَثْبَتَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِلْغَائِبِ قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ ) بِذَلِكَ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي لِزِيَادَةِ قُوَّتِهَا إذَنْ بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ لَهُ ( فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ ) أَيْ يُقِمْ بَيِّنَةً ( بِوَكَالَةٍ ) لَهُ عَنْ الْغَائِبِ ( وَأَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِالْمِلْكِ لِلْغَائِبِ سُمِعَتْ ) بَيِّنَتُهُ لَا لِتُثْبِتَ الْعَيْنَ لِلْغَائِبِ لِأَنَّهُ لَيْسَ نَائِبًا عَنْهُ بَلْ لِيَنْدَفِعَ عَنْهُ الْيَمِينُ وَتُهْمَةُ الْإِضَافَةِ إلَى الْغَائِبِ سَوَاءٌ أَتَعَرَّضَتْ بَيِّنَتُهُ لِكَوْنِهَا فِي يَدِهِ بِعَارِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَمْ لَا فَهَذِهِ الْخُصُومَةُ خُصُومَةٌ لِلْمُدَّعِي مَعَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَلَلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى إنْ كَانَ ) الْغَائِبُ ( كَاذِبًا ) فِي زَعْمِ الْمُدَّعِي وَهَذَا الشَّرْطُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَلَوْ قَالَ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( هِيَ رَهْنٌ ) أَوْ نَحْوُهُ مِنْ الْحُقُوقِ اللَّازِمَةِ كَإِجَارَةٍ ( مَعِي ) وَأَقَامَ بِهِ بَيِّنَةً لَمْ ( تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ مَعَ بَيِّنَتِهِ ( لِتَضَمُّنِهَا إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِلْغَيْرِ ) بِلَا نِيَابَةٍ .
( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُدَّعِي ( تَحْلِيفُهُ حَيْثُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا ) إلَيْهِ أَوْ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِلْكٌ لِلْمُقَرِّ لَهُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ بِهِ لَهُ أَوْ يَنْكُلَ فَيَحْلِفُ وَيُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِشَخْصٍ بَعْدَ مَا أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِ يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِلثَّانِي ( فَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ بِالْعَيْنِ ثَانِيًا ( وَ غَرِمَ ) لَهُ ( الْقِيمَةَ ثُمَّ أَثْبَتَ الْمُدَّعِي ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِالْعَيْنِ ) أَوْ حَلَفَ بَعْدَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ ( رَدَّ الْقِيمَةَ ) وَأَخَذَ الْعَيْنَ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا لِلْحَيْلُولَةِ وَقَدْ زَالَتْ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى ) عَلَى غَيْرِهِ ( وَقْفَ دَارٍ ) بِيَدِهِ ( عَلَيْهِ وَأَقَرَّ بِهَا ذُو الْيَدِ لِفُلَانٍ

وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ ) قِيمَتَهَا ( لِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يُعْتَاضُ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ) لِأَنَّ الْوَقْفَ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ وَالْحَيْلُولَةِ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ أَمَّا إذَا كَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَيُتْرَكُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِيمَا مَرَّ بَيِّنَةً عَلَى الْمِلْكِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ لِأَنَّ الْمِلْكَ اسْتَقَرَّ بِالْبَيِّنَةِ وَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ أَنْ تَكُونَ الْحَيْلُولَةُ بِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ ) هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُهِمَّاتِ الَّتِي تَدْعُو إلَيْهَا الضَّرُورَاتُ ( قَوْلُهُ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسَمِّيه ) أَوْ قَدْ نَسِيت اسْمَهُ وَعَيْنَهُ ( قَوْلُهُ أَوْ لِطِفْلِي ) فِي مَعْنَى الطِّفْلِ : الْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ فَلَوْ قَالَ لِمَحْجُورِي كَانَ أَشْمَلَ ( قَوْلُهُ أَوْ لِلْمَسْجِدِ ) فَإِنْ كَانَ نَاظِرُهُ غَيْرَهُ انْصَرَفَتْ الْخُصُومَةُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوَلَيْسَتْ لِي ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَيْسَتْ لِي جَوَابٌ كَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَافٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُضَادٌّ لِلْمُدَّعِي فَيُقَالُ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ أَصْرَرْت عَلَيْهِ صِرْت مُنْكِرًا وَجُعِلْت بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْك نَاكِلًا فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَيَحْكُمُ لَهُ قَالَ وَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ الْمُعْتَبَرُ الْجَارِي عَلَى قَوَاعِدِ الْبَابِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِنَظِيرِهِ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ فِي الْإِضَافَةِ إلَى مَجْهُولٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِقَوْلِهِ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفَهُ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ التَّنْبِيهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِمَجْهُولٍ لَمْ يُقْبَلْ وَقِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ لِمَعْرُوفٍ أَوْ نَجْعَلُك نَاكِلًا وَسَكَتَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَحَكَاهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ مُطْلَقًا ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ التَّنْبِيهِ الْمَنْعُ ) وَرَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ قَوْلُهُ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ ) وَالشَّرْحُ الصَّغِيرُ وَالْمُحَرَّرُ وَالْمِنْهَاجُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) وَمَا رَجَّحُوهُ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ وَعَدْلَهَا فَأَقَرَّ ذُو الْيَدِ بِالْعَيْنِ لِآخَرَ قَبْلَ التَّسْلِيمِ حَكَمَ الْحَاكِمُ لِلْمُدَّعِي فَهَلْ يَحْكُمُ أَوْ

لَا بُدَّ مِنْ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ ، لَهُ قَالَ إنْ عَلِمَ الْقَاضِي أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فِي إقْرَارِهِ حَكَمَ بِتِلْكَ وَلَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ فِي وَجْهِ الْمُقِرِّ ، لَهُ .
ا هـ .
وَلَمْ يَذْكُرْ إعَادَةَ الدَّعْوَى وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعِيدُهَا أَيْضًا غ ( قَوْلُهُ وَلِلْمُدَّعِي مَعَ الْغَائِبِ خُصُومَةٌ أُخْرَى ) لَوْ أَقَامَ الْحَاضِرُ أَوْ الْغَائِبُ بَعْدَ رُجُوعِهِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمِلْكِ وَانْتَزَعَ الْعَيْنَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ لِيُغَرِّمَهُ قَالَ الْإِمَامُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنَّ الْمِلْكَ قَدْ اسْتَقَرَّ لِلْمُقِرِّ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ فَخَرَجَ الْإِقْرَارُ عَنْ كَوْنِهِ مُقْتَضِيًا حَيْلُولَةٍ قَالَ وَلَا مُبَالَاةَ بِاقْتِضَاءِ الْإِقْرَارِ لَهُ مَا يُرَجِّحُ بَيِّنَتُهُ إذَا كَانَتْ الْإِحَالَةُ عَلَى الْبَيِّنَةِ وَمَا أَحْسَنَ عِبَارَةَ الْبَسِيطِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ الْغَائِبَ لَوْ عَادَ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَحُكِمَ لَهُ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي تَحْلِيفَ الْمُقِرِّ لِيَنْكُلَ فَيُغَرِّمَهُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ الْمِلْكَ لِلْغَائِبِ بِالْبَيِّنَةِ سَقَطَ أَثَرُ إقْرَارِهِ فَكَانَ كَإِقْرَارِهِ بِمَا فِي يَدِ الْغَيْرِ فَيُحَالُ زَوَالُ الْمِلْكِ عَلَى الْبَيِّنَةِ ( قَوْلُهُ وَالْحَيْلُولَةُ فِي الْحَالِ كَالْإِتْلَافِ ) إنَّمَا تَكُونُ الْحَيْلُولَةُ كَالْإِتْلَافِ فِيمَا يَقْبَلُ الِاعْتِيَاضَ وَإِنَّمَا ضَمِنَ بِقِيمَةٍ عِنْدَ الْإِتْلَافِ لِلضَّرُورَةِ .
( مَسْأَلَةٌ ) تَقَعُ كَثِيرًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي كِتَابِ وَقْفٍ أَوْ تَبَايُعٍ ذِكْرُ الْحُدُودِ ثُمَّ يَقَعُ الِاخْتِلَافُ فَيُطْلَب مِنْ الْقَاضِي إثْبَاتَ تِلْكَ الْحُدُودِ كَمَا فِي الْكِتَابِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَا فَعَلْته قَطُّ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَالْوَقْفِ مَثَلًا هُوَ الْعَقْدُ الصَّادِرُ عَلَى الْمَحْدُودِ بِتِلْكَ الْحُدُودِ وَقَدْ لَا يَكُونُ الشَّاهِدُ عَارِفًا بِتِلْكَ الْحُدُودِ الْبَتَّةِ وَإِنَّمَا سَمِعَ لَفْظَ الْعَاقِدِ فَهُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ وَالْحُدُودُ مَحْكِيَّةٌ فِي كَلَامِ الْوَاقِفِ مَثَلًا وَهَذَا كِتَابُ الْإِقْرَارِ

الْمَشْهُودِ بِهِ فِيهِ إقْرَارُ الْمُقِرِّ وَالْحُدُودِ مِنْ كَلَامِ الشَّاهِدِ فَلَوْ حَصَلَتْ شَهَادَةٌ بِالْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ فِي كِتَابِ تَبَايُعٍ أَوْ وَقْفٍ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ فُلَانًا مَالِكٌ حَائِزٌ لِلْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ الَّذِي حُدُودُهُ كَذَا وَكَذَا وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَكَانُ مَشْهُورًا مَعْرُوفًا لَا مُنَازَعَةَ فِيهِ وَتَقَعُ الْمُنَازَعَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُدُودِهِ أَوْ فِيهَا وَقَدْ مَاتَ الْمَشْهُودُ وَالْمَكْتُوبُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمْ وَيَطْلُبُ الَّذِي بِيَدِهِ الْمَكْتُوبُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ فِي الْحُدُودِ وَيُنْزَعُ مِنْ صَاحِبِ يَدٍ بَعْضُ مَا فِي يَدِهِ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ الْمَكْتُوبِ وَيَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْحُدُودَ ثَابِتَةٌ لَهُ بِمُقْتَضَى مَكْتُوبِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَمْ أَفْعَلْهُ لِأَنَّ الشَّاهِدَ قَدْ يَعْلَمُ مِلْكَ زَيْدٍ عِلْمًا يَسُوغُ لَهُ بِهِ الشَّهَادَةُ بِمِلْكِهِ وَيَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُ الْحُدُودُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ عَلَى شَيْءٍ اُحْتُمِلَ أَنْ تَكُونَ يَدُهُ بِحَقٍّ فَلَا تُنْزَعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ يَدَهُ عَادِيَةٌ وَلَا يُعْتَمَدُ فِي رَفْعِ يَدِهِ عَلَى كِتَابٍ قَدِيمٍ

الْمَسْأَلَةُ ( الرَّابِعَةُ ) لَوْ ( اشْتَرَى شَيْئًا وَادَّعَاهُ آخَرُ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُشْتَرِي بِهِ أَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَحَلَفَ الْمُدَّعِي ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ( وَاسْتَحَقَّهُ لَمْ يَرْجِعْ ) مُشْتَرِيهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ ( لِتَقْصِيرِهِ ) بِإِقْرَارِهِ أَوْ نُكُولِهِ ( وَإِنْ انْتَزَعَهُ ) مِنْهُ ( بِالْبَيِّنَةِ رَجَعَ ) عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ ( وَإِنْ قَالَ حَالَةَ الْخُصُومَةِ هِيَ مِلْكُ بَائِعِي أَوْ مِلْكِي أَوْ قَالَ حَالَةَ الشِّرَاءِ بِعْنِي مِلْكَك ) هَذَا ( مُعْتَمِدًا ) فِي ذَلِكَ ( ظَاهِرَ الْيَدِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْمُقِرِّ ) لِلْمُدَّعِي بِالْمِلْكِ ( أَنْ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً ( بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لِيَرْجِعَ بِالثَّمَنِ ) عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ الْمِلْكَ لِغَيْرِهِ بِلَا نِيَابَةٍ كَيْفَ وَالْمُدَّعِي لَوْ أَرَادَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ وَالْحَالَةِ هَذِهِ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْ الْبَيِّنَةِ بِالْإِقْرَارِ ( وَلَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ ( لَكِنْ لَوْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ - بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي سُمِعَتْ وَيَرْجِعُ بِالثَّمَنِ ) لِأَنَّهُ إذَا بَانَ إقْرَارُ الْبَائِعِ مِنْ قَبْلُ لَغَا إقْرَارُ الْمُشْتَرِي ( وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَبْدًا ) وَادَّعَى أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ ( فَأَقَرَّ ) لَهُ ( الْمُشْتَرِي بِحُرِّيَّتِهِ فَلَهُ أَنْ يُثْبِتَ ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً عَلَى الْبَائِعِ ( بِأَنَّهُ غَرَّهُ بِبَيْعِهِ حُرًّا ) لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلِكُلِّ أَحَدٍ إثْبَاتُهَا وَإِذَا ثَبَتَتْ ثَبَتَ الرُّجُوعُ وَلَا تَكْفِي فِيهِ بَيِّنَةٌ بِمُطْلَقِ الْحُرِّيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الَّذِي أَعْتَقَهُ ( وَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ بِالْبَيِّنَةِ فَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الْبَائِعَ ) كَانَ ( اشْتَرَاهَا ) الْأَوْلَى اشْتَرَاهُ ( مِنْ الْمُدَّعِي ) سُمِعَتْ وَ ( نُقِضَ الْحُكْمُ ) الْأَوَّلُ ( وَتَقَرَّرَ الشِّرَاءُ ) فَتَكُونُ الْعَيْنُ لِلْمُشْتَرِي

( فَصْلٌ ) لَوْ ( ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرهَا فَاسْتَحَقَّهَا ) بِحُجَّةٍ ( وَوَطِئَهَا وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ لَمْ تَكُنْ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ ) بِإِكْذَابِهِ نَفْسَهُ لِأَنَّهَا تُنْكِرُ مَا يَقُولُ ( وَلَمْ يَبْطُلْ الْإِيلَادُ وَحُرِّيَّةُ الْوَلَدِ ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ لَا يَلْزَمُ غَيْرَهُ ( وَإِنْ وَافَقَتْهُ ) الْجَارِيَةُ فِي إكْذَابِهِ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَرْتَفِعُ مَا حُكِمَ بِهِ بِرُجُوعٍ مُحْتَمَلٍ ( فَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ ) إنْ لَمْ تَعْتَرِفْ هِيَ بِالزِّنَا ( وَالْأَرْشُ ) إنْ نَقَصَتْ وَلَمْ يُولِدْهَا ( وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ ) إنْ أَوْلَدَهَا ( وَلَا يَطَؤُهَا ) بَعْدَ ذَلِكَ ( إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ ) قَبْلَ شِرَائِهَا أَوْ بَعْدَهُ ( عَتَقَتْ ) عَمَلًا بِقَوْلِهِ الْأَوَّلِ ( وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا ) إنْ مَاتَ قَبْلَ شِرَائِهَا ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ أَنْكَرَ مَالِكُ الْجَارِيَةِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ صَاحِبُ الْيَدِ ( وَحَلَفَ ) أَنَّهَا لَهُ ( وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ) فَلَا تَكُونُ زَانِيَةً بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَبْطُلُ الْإِيلَادُ وَلَا حُرِّيَّةُ الْوَلَدِ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ وَالْأَرْشُ وَقِيمَةُ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ وَلَا يَطَؤُهَا إلَّا بِشِرَاءٍ جَدِيدٍ فَإِنْ مَاتَ عَتَقَتْ وَوُقِفَ وَلَاؤُهَا وَيَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي الْحَالَيْنِ
فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى جَارِيَةً عَلَى مُنْكِرِهَا إلَخْ )

الْمَسْأَلَةُ ( الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى ) فِي الْعُقُوبَةِ كَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ تَكُونُ ( عَلَى الْعَبْدِ ) لِأَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ فِيهَا دُونَ السَّيِّدِ ( وَفِي مُوجِبِ الْمَالِ ) تَكُونُ ( عَلَى السَّيِّدِ ) لِأَنَّ مَحَلَّ التَّعَلُّقِ مِلْكٌ لَهُ وَلِأَنَّ إقْرَارَ الْعَبْدِ فِيهِ لَا يُقْبَلُ ( فَلَوْ ادَّعَى ) بِهِ ( عَلَى الْعَبْدِ فَفِي سَمَاعِهَا وَجْهَانِ وَالْوَجْهُ أَنَّهَا تُسْمَعُ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ فِي الذِّمَّةِ لَا لِتَعَلُّقِهِ بِالرَّقَبَةِ ) وَسُمِعَتْ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ قَالَ فِي الْأَصْلِ تَفْرِيعًا عَلَى الْأَصْلَيْنِ يَعْنِي عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَأَنَّ الدَّعْوَى تُسْمَعُ بِالْمُؤَجَّلِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالْمُؤَجَّلِ وَبِهَذَا جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ وَاَلَّذِي نَقُولُهُ نَحْنُ إنَّ الْمُتَوَجِّهَ سَمَاعُهَا لِيُقِرَّ بِالْأَرْشِ فَيَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ أَوْ يَنْكَلُ فَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي لِيَحْلِفَ فَيَتَعَلَّقُ بِهَا أَيْضًا وَمَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى مَا قَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ سَمَاعِهَا إنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ قَالَ وَقَدْ يَمْتَنِعُ إقْرَارُ الشَّخْصِ بِالشَّيْءِ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهِ عَلَيْهِ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّ السَّفِيهَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالْمَالِ وَكَذَا بِالْجِنَايَةِ عَلَى رَأْيٍ وَتُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ لِأَجَلِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ قَالَ بَلْ قَالُوا إنَّ الدَّعْوَى بِجِنَايَةِ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ تُسْمَعُ وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَيُؤَاخَذُ الْعَاقِلَةُ بِهَا وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ الدِّيَةِ عَلَيْهِمْ ابْتِدَاءً لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ فَعَلَهُ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا وَمَا مَالَ إلَيْهِ هُوَ مَا جَرَى الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ

( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الدَّعْوَى فِي الْعُقُوبَةِ عَلَى الْعَبْدِ إلَخْ ) قَدْ يَدَّعِي عَلَى الْعَبْدِ بِمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِهِ ، وَذَلِكَ فِي دَعْوَى الْقَتْلِ خَطَأٌ أَوْ شِبْهُ عَمْدٍ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَإِنَّ الْوَلِيَّ يُقْسِمُ وَتَتَعَلَّقُ الدِّيَةُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى نِكَاحَ مُكَاتِبَةٍ كَانَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهَا وَعَلَى السَّيِّدِ جَمِيعًا لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى التَّزْوِيجِ فَلَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ وَأَنْكَرَتْ حَلَفَتْ فَإِنْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي حُكِمَ بِالزَّوْجِيَّةِ وَلَوْ أَقَرَّتْ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَحُكِمَ لَهُ بِالنِّكَاحِ أَمَّا الْمُبَعَّضُ فَإِنْ أَقَرَّ بِدَيْنِ جِنَايَةٍ لَمْ يُقْبَلْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِسَيِّدِهِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقَهُ وَيُقْبَلُ فِي نِصْفِهِ الْحُرُّ وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهِ وَلَوْ أَقَرَّ بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ فَمَتَى صَحَّحْنَا تَصَرُّفَهُ قَبِلْنَا إقْرَارَهُ وَقَضَيْنَاهُ مِنْ مَالِهِ وَمَتَى لَمْ نُصَحِّحْهُ كَانَ كَإِقْرَارِ الْعَبْدِ وَلِيَنْظُرْ فِي الدَّعْوَى وَالْجَوَابُ هَلْ تُبْنَى عَلَى ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ الْبِنَاءُ عَلَى صِحَّةِ التَّصَرُّفِ وَعَدَمِهِ غ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَيَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا مَالَ إلَيْهِ ) هُوَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ بَقِيٍّ أُمُورٌ لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى أَحَدِهِمَا مُنْفَرِدًا وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عَلَيْهِمَا مِنْهَا النِّكَاحُ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِإِقْرَارِهِمَا جَمِيعًا وَمِنْهَا ضَمَانُ الْإِحْضَارِ وَمِنْهَا النَّسَبُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ مَا قَبْلَ إقْرَارِ الْمُبَعَّضِ بِهِ فَالدَّعْوَى عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْجَوَابُ وَمَا لَا فَعَلَى السَّيِّدِ وَلَا تُسْمَعُ عَلَى الْمُبَعَّضِ إلَّا إنْ قَالَ الْمُدَّعِي : لِي بَيِّنَةٌ ( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إذَا

طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَنَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرِهِ وَادَّعَى الْمُطَلِّقُ أَنَّ نِكَاحَهَا كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَا تُسْمَعُ هَذِهِ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ تَطْلِيقِي إيَّاهَا كَانَ فِي وَقْتِ كَذَا وَلَا يُحْتَمَلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَلْفَ دِرْهَمٍ عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَا يُسْمَعُ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقُلْ وَأَنَا أُرِيدُ أُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ مَا لَا يَسْمَعُ حَاكِمٌ دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُرِدْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ ا لدَّعْوَى بِدُونِ الْبَيِّنَةِ مُفِيدَةٌ شَيْئًا وَفِيهَا أَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجٍ وَأَوْصَتْ فِي أَمْرِ مَالِهَا إلَى رَجُلٍ فَجَاءَ مَنْ يَدَّعِي أَنَّهُ ابْنَ عَمِّهَا لَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَيْهِمَا لِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ عَلَى مَنْ لَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الشَّيْءِ نَفَعَ إقْرَارُهُ وَقُبِلَ وَنُفِّذَ وَهَهُنَا لَوْ أَقَرَّ الزَّوْجُ وَالْوَصِيُّ أَنَّهُ ابْنُ عَمِّهَا لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يُنَفَّذْ إقْرَارُهُمَا

الْمَسْأَلَةُ ( السَّادِسَةُ يُطَالَبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَإِنْ لَمْ تُعَدَّلْ ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَالنَّظَرُ فِي حَالِ الْبَيِّنَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي وَالظَّاهِرُ الْعَدَالَةُ ( لَا قَبْلَهَا ) فَلَا يُطَالَبُ بِكَفِيلٍ وَإِنْ اعْتَادَ الْقَضَاءُ خِلَافَهُ ( فَإِنْ لَمْ يَكْفُلْ ) أَيْ يُقِمْ كَفِيلًا ( حُبِسَ ) لِامْتِنَاعِهِ مِنْ إقَامَةِ كَفِيلٍ لَا لِثُبُوتِ الْحَقِّ وَامْتِنَاعِهِ مِنْهُ
( قَوْلُهُ الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ يُطَالِبُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْكَفِيلِ بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ إلَخْ ) يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى هَرَبُهُ وَلَا إفْسَادُهُ الْعَيْنَ أَوْ تَضْيِيعُهَا بِحِيلَةٍ أَنْ لَا يُطَالِبَ بِكَفِيلٍ وَلَا يُحْبَسَ لِأَنَّهُ عُقُوبَةٌ مِنْ غَيْرِ تَحَقُّقِ جِنَايَةٍ وَإِنْ خُشِيَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُسَلِّمَ الْعَيْنَ أَوْ تَأْتِي بِكَفِيلٍ لِبَدَنِك أَوْ يُوكَلُ بِك إلَى تَعْدِيلِ بَيِّنَةٍ أَوْ نَحْبِسُكَ فَإِنَّ أَجَابَ إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهَا قَنَعَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَإِنْ عَانَدَ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا يَرَاهُ الْأَصْلَحَ مِنْ التَّوْكِيلِ أَوْ الْحَبْسِ أَوْ انْتِزَاعِ الْعَيْنِ مِنْهُ غ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ ) ( وَفِيهِ أَطْرَافٌ ) أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي نَفْسِ الْحَلِفِ وَالْمَقْصُودُ ) الْآنَ ( بَيَانُ قَاعِدَتَيْنِ الْأُولَى التَّغْلِيظُ ) فِي الْأَيْمَانِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الدَّعَاوَى مُبَالَغَةً فِي الزَّجْرِ وَتَأْكِيدًا لِأَمْرِهِ وَلِهَذَا اخْتَصَّ بِمَا هُوَ مُتَأَكِّدٌ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ كَمَا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ ( فَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ ) نَدْبًا ( وَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ الْخَصْمُ ) تَغْلِيظَهَا ( فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ ) وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَلِعَانٍ وَقَوَدٍ وَعِتْقٍ ( وَفِي مَالٍ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ أَوْ ) لَمْ يَبْلُغْهُ لَكِنْ ( رَآهُ ) أَيْ التَّغْلِيظَ ( قَاضٍ ) لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ نِصَابِ الزَّكَاةِ مِنْ نَقْدٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى تُغَلَّظَ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَالْمَنْصُوصُ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا عَيْنًا أَوْ قِيمَةً وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ حَتَّى لَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ اُعْتُبِرَ بِالذَّهَبِ .
ا هـ .
وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا وَحُقُوقُ الْأَمْوَالِ كَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ إنْ تَعَلَّقَتْ بِمَالٍ هُوَ نِصَابٌ غُلِّظَ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا .
وَاحْتُجَّ لِلتَّغْلِيظِ بِمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَحْلِفُونَ بَيْنَ الْمَقَامِ وَالْبَيْتِ فَقَالَ أَعَلَى دَمٍ فَقَالُوا لَا قَالَ فَعَلَى عَظِيمٍ مِنْ الْمَالِ قَالُوا لَا قَالَ خَشِيت أَنْ يَتَهَاوَنَ النَّاسُ بِهَذَا الْمَقَامِ وَيَسْتَوِي فِيهِ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي وَلَوْ مَعَ شَاهِدٍ وَقَدْ يَقْتَضِي الْحَالُ التَّغْلِيظَ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا ذَكَرُهُ بِقَوْلِهِ ( فَيُغَلَّظُ فِيهَا ) أَيْ فِي الْيَمِينِ ( عَلَى عَبْدٍ خَسِيسٍ ) لَا

تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصَابَ الزَّكَاةِ ( ادَّعَى ) عَلَى سَيِّدِهِ ( عِتْقًا أَوْ كِتَابَةً ) فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ لِأَنَّ مُدَّعَاهُ لَيْسَ بِمَالٍ ( لَا عَلَى سَيِّدِهِ ) إذَا حَلَفَ لِأَنَّ قَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ مَالٍ قَلِيلٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَفِيسًا ( وَ ) يُغَلَّظُ ( فِي الْوَقْفِ إنْ بَلَغَ نِصَابًا عَلَى الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا ( وَ ) أَمَّا ( الْخُلْعُ بِالْقَلِيلِ ) مِنْ الْمَالِ ( إنْ ادَّعَاهُ الزَّوْجُ ) وَأَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ وَحَلَفَتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ ( فَلَا تَغْلِيظَ ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( وَإِنْ ادَّعَتْهُ ) وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ أَوْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ هِيَ ( غُلِّظَ عَلَيْهِمَا ) لِأَنَّ قَصْدَهَا الْفِرَاقُ وَقَصْدَهُ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ أَمَّا الْخُلْعُ بِالْكَثِيرِ فَتُغَلَّظُ فِيهِ مُطْلَقًا .
( وَالْمَرِيضُ وَالزَّمِنُ وَالْحَائِضِ ) وَالنُّفَسَاءُ ( لَا تُغَلَّظُ ) الْيَمِينُ ( عَلَيْهِمْ بِالْمَكَانِ ) لِعُذْرِهِمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ كَالْمُخَدَّرَةِ وَكَالْجُنُبِ لِإِمْكَانِ اغْتِسَالِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ قَدْ ذَكَرُوا فِي اللِّعَانِ أَنَّ الْحَائِضَ يُغَلَّظُ عَلَيْهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَأْتِيَ هُنَا مِثْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ ( وَلَا ) يُغَلَّظُ ( عَلَى حَالِفٍ بِالطَّلَاقِ مِنْ التَّغْلِيظِ ) أَيْ حَالِفٌ بِهِ أَنْ لَا يَحْلِفَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ مُسْتَحَبٌّ وَتَقْيِيدُهُ كَأَصْلِهِ بِالطَّلَاقِ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ وَحَلِفِهِ بِغَيْرِهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَالتَّغْلِيظُ ) هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ ( كَمَا فِي اللَّعَّانِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ ( وَبِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ - الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ ) الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ( وَمَا أَشْبَهُهُ ) كَوَاللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي

يَعْلَمُ مِنْ السِّرِّ مَا يَعْلَمُ مِنْ الْعَلَانِيَةِ ( وَنُدِبَ وَضْعُ الْمُصْحَفِ فِي حِجْرِ الْحَالِفِ ) بِهِ وَأَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } الْآيَةَ وَأَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي اتَّقِ اللَّهَ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا زِيَادَةً فِي التَّغْلِيظِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلَا تُغَلَّظُ هُنَا بِحُضُورِ الْجَمْعِ ) لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَلَا بِتَكْرِيرِ الْأَلْفَاظِ لِاخْتِصَاصِهِ بِاللِّعَانِ وَالْقَسَامَةِ وَهُوَ وَاجِبٌ فِيهِمَا

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْيَمِينِ ) ( قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ ) أَوْ وَرَدَّ عَلَيْهِ الْحُقُوقَ كَالسِّرْجِينِ وَكَلْبِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِمَا لَيْسَتْ مَالًا وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا الْمَالُ وَمَعَ ذَلِكَ لَا تَغْلِيظَ فِيهَا وَلِوَكَالَةٍ فِي الْمَالِ يُغَلَّظُ فِيهَا مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْمَالُ .
ا هـ .
وَيُجَابُ عَنْ الْأَوَّلِ بِفَهْمِهِ مِنْ الْمَالِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ بِالْأُولَى وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَكَالَةِ الْوِلَايَةُ ( قَوْلُهُ كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ ) فِي الْوَسِيطِ كَالنِّهَايَةِ التَّغْلِيظُ يَجْرِي فِي كُلِّ مَا لَهُ خَطَرٌ مِمَّا لَا يَثْبُت بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَجَرَى فِي عُيُوبِ النِّسَاءِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا بِقَوْلِ النِّسَاءِ لَا لِنُقْصَانِ الْخَطَرِ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَغَيْرِهِ تَقْيِيدُ التَّغْلِيظِ فِي غَيْرِ الْمَالِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي إنَّ الضَّابِطَ لِذَلِكَ إنَّ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ تُغَلَّظُ فِيهِ وَمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ ( قَوْلُهُ يَبْلُغُ نِصَابَ زَكَاةٍ ) الْمُرَادُ بِالنِّصَابِ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَقَالَ الْبَائِعُ عِشْرُونَ دِينَارًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ فَلَا تَغْلِيظَ هُنَا لِأَنَّ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّفْوِيتُ أَوْ الْإِثْبَاتُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّغْلِيظَ بِذِكْرِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي فِيمَا دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ جَرَاءَةُ الْحَالِفِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ إنَّ التَّغْلِيظَ بِاللَّفْظِ مَوْكُولٌ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي .
( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ اعْتِبَارُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَمِائَتَيْ دِرْهَمٍ ) وَهُوَ الْمَشْهُورُ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ اعْتِبَارُ إلَخْ ) هُوَ مَعْنَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَهُوَ تَحْدِيدٌ وَعِبَارَةُ الدَّارِمِيِّ

وَغَيْرِهِ وَتُغَلَّظُ الْيَمِينُ إذَا كَانَتْ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ قِيمَةُ ذَلِكَ وَنَحْوِهَا عِبَارَةُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ غُلِّظَ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمَحْنَا فَرْقًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ مِنْ التَّغْلِيظِ ) مِنْ تَعْلِيلِهِ أَوْ بِمَعْنَى عَلَى أَوْ عَنْ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ النَّصِّ وَصَرِيحُ كَلَامِ الدَّارِمِيِّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالتَّغْلِيظُ هُنَا بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَاللِّعَانِ ) قَالَ فِي التَّرْغِيبِ وَالزَّمَانُ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ وَعَرَفَةَ وَعَاشُورَاءَ وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَرَجَبِ وَرَمَضَانَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَبْدًا غُلِّظَتْ يَمِينُهُ بِالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ كَالْحُرِّ فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى حِفْظِ مَالِ سَيِّدِهِ فَخَافَ ضَيَاعَهُ إنْ فَارَقَهُ فَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ حَاضِرًا تَوَلَّى حِفْظَ مَالِهِ وَحُمِلَ الْعَبْدُ إلَى مَكَانِ التَّغْلِيظِ وَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَقَرَّ الْعَبْدُ عَلَى حِفْظِهِ وَقِيلَ لِلْمُسْتَحْلِفِ أَنْتَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ تَنْظُرَهُ بِالْيَمِينِ إلَى وَقْتِ إمْكَانِهِ مِنْ حُضُورِ الْمَكَانِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ أَوْ تَعْجِيلِ إحْلَافِهِ فِي مَكَانِهِ قُلْت وَلِيَنْظُرْ فِي الْحُرِّ إذَا كَانَتْ عَيْنُهُ مُسْتَأْجَرَةً وَكَانَ حَمْلُهُ إلَى مَوْضِعِ التَّغْلِيظِ يُعَطِّلُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْعَمَلُ فَيُقَالُ لِلْمُدَّعِي إمَّا أَنْ تُحَلِّفَهُ مَكَانَهُ أَوْ تَنْظُرَهُ إلَى فَرَاغِ مَا عَلَيْهِ وَتَمَكُّنِهِ مِنْ إتْيَان مَكَانِ الْحَلِفِ مِنْ الْجَامِعِ وَنَحْوِهِ وَالظَّاهِرُ إنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَبْدِ مُفَرَّعٌ عَلَى الْوُجُوبِ غ .
( قَوْلُهُ الطَّالِبُ الْغَالِبُ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَسَمَاعِي مِنْ أَقْضَى الْقُضَاةِ الْحُسَيْنُ خَلِيفَةُ الْحُكْمِ بِمِصْرَ إنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ لَا يَجُوزُ وَكَانَ يَذْكُرُ أَنَّهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ وَيُوَجِّهُهُ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَإِنْ كَانَ طَالِبًا

غَالِبًا فَأَسْمَاؤُهُ تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَمْ تَرِدْ تَسْمِيَتُهُ بِذَلِكَ قُلْت وَالظَّاهِرُ إنَّ أَصْلَهُ قَوْلُ الْخَطَّابِيِّ فِي كِتَابِ الدُّعَاءِ وَمِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْحُكَّامِ فِي تَغْلِيظِ الْأَيْمَانِ وَتَوْكِيدِهَا أَنْ يَقُولُوا بِاَللَّهِ الطَّالِبِ الْغَالِبِ الْمُدْرِكِ الْمُهْلِكِ وَلَيْسَ يُسْتَحْسَنُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ يُطْلَقَ فِي بَابِ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَسْمَائِهِ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنُوا ذِكْرَهَا فِي الْأَيْمَانِ لِيَقَعَ الرَّوْعُ بِهَا وَلَوْ جَازَ أَنْ يَعُدَّ ذَلِكَ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لَجَازَ أَنْ يَعُدَّ فِيهَا الْمُخْزِيَ الْمُضِلَّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إنَّ أَظْهَرَ قَوْلَيْ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ بِمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَإِنَّ مَوْضِعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّا يَقْتَضِي مَدْحًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا مِنْ قَبِيلِ اسْمِ الْفَاعِلِ الَّذِي غَلَبَ فِيهِ مَعْنَى الْفِعْلِ دُونَ الصِّفَةِ فَالْتُحِقَ بِالْأَفْعَالِ وَإِضَافَةِ الْأَفْعَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى تَوْقِيفٍ وَلِذَلِكَ تَوَسَّعَ النَّاسُ فِي تَحْمِيدَاتِهِمْ وَتَمْجِيدَاتِهِمْ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ يَهْجُو الْمُشْرِكِينَ جَاءَتْ سُحَيْمَةُ كَيْ تُغَالِبَ رَبَّهَا وَلَيُغَلَبَنَّ مَغَالِبَ الْغُلَّابِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ ع غ .
( قَوْلُهُ وَمَا أَشْبَهَهُ كَوَاللَّهِ إلَخْ ) هَذَا إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَإِنْ كَانَ يَهُودِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَفَ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَالدَّهْرِيُّ وَالْمُلْحِدُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَه إلَّا هُوَ وَالْوَثَنِيُّ بِاَللَّهِ فَقَطْ إذْ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَى مَا يُعَظِّمُونَهُ ( قَوْلُهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَحْلِفُ قَائِمًا إلَخْ ) وَقَالَ ابْنُ أَبِي

الدَّمِ وَلَا يُشْرَعُ الْقِيَامُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَيْمَانِ إلَّا فِي يَمِينِ اللِّعَانِ وَقِيلَ يُغَلَّظُ بِالْقِيَامِ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ هـ

( الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ اشْتِرَاطُ مُطَابَقَةِ الْيَمِينِ لِلْإِنْكَارِ فَإِنْ قَالَ ) فِي جَوَابِ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ قَرْضًا ( مَا أَقْرَضْتَنِي أَوْ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ حَلِفَ كَمَا أَنْكَرَ وَيَلْغُو ) الْحَلِفُ ( قَبْلَ تَحْلِيفِ الْقَاضِي ) وَطَلَبِ الْخَصْمِ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ { رُكَانَةُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ أَلْبَتَّةَ وَقَالَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً فَحَلَفَ مَرَّةً أُخْرَى فَرَدَّهَا عَلَيْهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ قَبْلَ التَّحْلِيفِ بَلْ أَعَادَهَا عَلَيْهِ ( فَلَوْ قَالَ ) لَهُ الْقَاضِي فِي تَحْلِيفِهِ ( قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ أَوْ ) قُلْ ( وَاَللَّهِ الْعَظِيمِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَسَكَتَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ تَغْلِيظِ الْمَكَان وَالزَّمَانِ فَنَاكِلٌ ) إذْ لَيْسَ لَهُ رَدُّ اجْتِهَادِ الْقَاضِي ( أَوْ قَالَ ) لَهُ قُلْ ( وَاَللَّهِ فَقَالَ بِاَللَّهِ ) بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ بِالْعَكْسِ ( فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ نُكُولٌ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِالِاسْمِ الَّذِي حَلَّفَهُ بِهِ وَالتَّفَاوُتُ فِي مُجَرَّدِ الصِّلَةِ وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَنَسَبَهُ لِلنَّصِّ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَقَالَ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ بِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَى الْقَوْلِ بِسُنِّيَّتِهِ لَيْسَ نُكُولًا خِلَافًا لِلْقَفَّالِ

( قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ وَالرَّحْمَنِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ حَلَّفَهُ ابْتِدَاءَ بِالرَّحْمَنِ كَانَ كَافِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ وَلَا يُعْتَدُّ بِقَوْلِ الْقَاضِي قُلْ وَالرَّحْمَنِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ قَالَ لَهُ الْحَاكِمُ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ أَوَتَاللَّهِ أَوْ بِالرَّحْمَنِ أَوْ بِالرَّحِيمِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ غَلَّظَ عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالزَّمَانِ أَوْ بِالْمَكَانِ فَامْتَنَعَ كَانَ نَاكِلًا وَقَوْلَهُ كَانَ كَافِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَثَانِيهُمَا لَا لِأَنَّهُ إلَخْ ) هُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ الْعِرَاقِيُّونَ إلَخْ ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ ) فِي الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ ( إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ كَأَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك أَوْ غَصَبَنِي أَوْ بَاعَ مِنِّي مُوَكِّلُك ) وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ ( فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ ) لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ لَا يَعْلَمُ وُجُودَهُ وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَا يَسْتَلْزِمُ الْعَدَمَ وَلِأَنَّ النَّفْيَ الْمُطْلَقَ يَعْسُرُ الْوُقُوفُ عَلَى سَبَبِهِ وَلِهَذَا لَا يَشْهَدُ عَلَى النَّفْيِ الْمَحْضِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُطْلَقًا لِسُهُولَةِ الْوَقْفِ عَلَيْهِ كَمَا يَشْهَدُ بِهِ وَبِخِلَافِهِ فِي نَفْيِ فِعْلِهِ لِإِحَاطَتِهِ بِحَالِ نَفْسِهِ ( وَلَا يُكَلِّفُهُ ) أَيْ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ ( الْقَاضِي الْبَتَّ ) أَيْ الْحَلِفُ عَلَيْهِ فَلَوْ حَلَّفَهُ عَلَيْهِ فَقَدْ ظَلَمَ لَكِنْ يُعْتَدُّ بِهِ لِأَنَّهُ آكَدُ مِنْ نَفْيِ الْعِلْمِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ كَمَا إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ إلَّا فُلَانٌ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَتُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِوَارِثٍ غَيْرِهِ ( بِخِلَافِ ) قَوْلِهِ ( أَتْلَفَ عَلَيَّ عَبْدُك أَوْ بَهِيمَتُك ) كَذَا وَأَنْكَرَ الْمَالِكُ ( فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ ) لِأَنَّ عَبْدَهُ مَالُهُ وَفِعْلَهُ كَفِعْلِهِ وَلِذَلِكَ سُمِعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ عَلَيْهِ وَضَمَانُ الْبَهِيمَةِ إنَّمَا هُوَ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا .
( وَإِنْ ادَّعَى ) عَلَيْهِ دَيْنًا ( عَلَى مُوَرِّثِهِ فَلْيَذْكُرْ ) مَعَ ذِكْرِ الدَّيْنِ وَوَصْفِهِ ( مَوْتَهُ وَحُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدَيْنِهِ ) عَلَى مُوَرِّثِهِ ( فَيَحْلِفُ ) فِي الْمَوْتِ وَالدَّيْنِ ( عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ ) بِيَدِهِ ( عَلَى الْبَتِّ وَلَوْ أَنْكَرَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ مَعًا وَأَرَادَ الْحَلِفَ عَلَى نَفْيِ التَّرِكَةِ ) فَقَطْ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْمُدَّعِي ( تَحْلِيفُهُ مَعَهَا ) أَيْ التَّرِكَةِ أَيْ مَعَ حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ حُصُولِهَا بِيَدِهِ ( عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِالدَّيْنِ ) لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي إثْبَاتِ الدَّيْنِ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْوَارِثِ شَيْءٌ فَلَعَلَّهُ يَظْفَرُ بِوَدِيعَةٍ أَوْ دَيْنٍ لِلْمَيِّتِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ حَقَّهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفْهِمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا تَرِكَةَ لِلْمَيِّتِ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدَّعْوَى بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ أَوْ عَلَى الْمُعْسِرِ قَالَ وَقَوْلُهُمْ إنَّ الْمُدَّعِيَ يَقُولُ وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِكَذَا ظَاهِرٌ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ أَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ ( وَيَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَخَطِّ أَبِيهِ ) الثِّقَةِ وَخَطِّهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَى زَيْدٍ كَذَا ( وَنُكُولِ خَصْمِهِ ) عَنْ الْحَلِفِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ وَالْقَضَاءِ حَيْثُ يَمْتَنِعُ فِيهِمَا اعْتِمَادُ الْخَطِّ لِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَظِيمٌ كَمَا مَرَّ بَيَانُ ذَلِكَ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ .
( وَيُعْتَبَرُ ) فِي صِحَّةِ الْحَلِفِ ( نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ ) وَاعْتِقَادُهُ لَا نِيَّةُ الْحَالِفِ وَاعْتِقَادُهُ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَةُ الْأَيْمَانِ وَتَضِيعَ الْحُقُوقُ وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ } وَحُمِلَ عَلَى الْقَاضِي لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِحْلَافِ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ هَذِهِ الْوِلَايَةُ لِيَشْمَلَ الْإِمَامَ وَالْمُحَكَّمَ وَغَيْرَهُمَا مِمَّنْ يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عِنْدَهُ ( فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ ) أَيْ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ ( بِتَأْوِيلٍ وَاسْتِثْنَاءٍ ) كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ ( وَنَحْوُهُ ) كَشَرْطِ وَصْلِهِ بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْقَاضِي عَلَى خِلَافِ نِيَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْحَالِفُ مُحِقًّا لِمَا نَوَاهُ وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّتِهِ لَا بِنِيَّةِ الْقَاضِي فَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ مَالِهِ كَذَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَسَأَلَ رَدَّهُ وَكَانَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ فَأَجَابَ بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَالَ

خَصْمُهُ لِلْقَاضِي حَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَالِي شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِي وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى إجَابَتَهُ لِذَلِكَ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيَنْوِي بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ وَلَا يَأْثَمُ بِذَلِكَ وَمَا قَالَهُ لَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ تَحْلِيفِ الْحَنَفِيِّ الشَّافِعِيَّ عَلَى شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَتَأَمَّلْ ( فَإِنْ سَمِعَهُ الْقَاضِي ) يَأْتِي بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَ ( عَزَّرَهُ ) إنْ كَانَ عَالِمًا بِعَدَمِ جَوَازِهِ ( وَأَعَادَ الْيَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَصَلَهَا بِكَلَامٍ وَلَمْ يَفْهَمْهُ الْقَاضِي نَهَاهُ ) عَنْهُ ( وَأَعَادَهَا ) عَلَيْهِ وُجُوبًا فَإِنْ قَالَ كُنْت أَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى قِيلَ لَهُ لَيْسَ هَذَا وَقْتَهُ .
ذَكَرَهُ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ وَهُوَ عَلَى الْبَتِّ ) أَيْ الْقَطْعِ وَالْجَزْمِ فِي الْإِثْبَاتِ مِنْهُ حَلَفَ مُدَّعِي النَّسَبِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ أَنَّهُ ابْنُهُ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْحَلِفِ عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ وَمُدَّعِي الْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ نَفَى مِلْكَ نَفْسِهِ زِيَادَةٌ عَلَى أَمْرٍ مَخْصُوصٍ وَحَلَفَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى عَيْبِ صَاحِبِهِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ لِأَنَّهُ فِعْلُ اللَّهِ فَهُوَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ إثْبَاتًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الْإِثْبَاتِ وَفِي النَّفْيِ وَالْمَطْلُوبُ بِالدَّعْوَى لَاقَاهُ ابْتِدَاءً وَيُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ حَالَ صُدُورِهِ وَلَيْسَ مِمَّا يَغِيبُ غَالِبًا عَنْهُ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إنْ لَمْ يُلَاقِهِ ابْتِدَاءَ لِأَنَّهُ وَارِثٌ أَوْ لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالسَّبَبِ الْمُدَّعَى بِهِ عِنْدَ صُدُورِهِ أَوْ لَاقَاهُ ابْتِدَاءً ، لَكِنْ لَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُهُ عَلَى سَبَبِ الْمُلَاقَاةِ وَلَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَشْتَهِرَ وَيَمِينُ الْمُدَّعِي عَلَى الْبَتِّ دَائِمًا إلَّا إذَا كَانَتْ لِدَفْعِ مُعَارِضٍ لَا لِإِثْبَاتِ الْمَطْلُوبِ مَعَ تَصَوُّرِ الْحَلِفِ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ .
( قَوْلُهُ إلَّا عَلَى نَفْيِ فِعْلِ غَيْرِهِ ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ النَّفِيَّ الْمُطْلَقَ لَا الْمَحْصُورَ كَحَلِفِ الْمُودِعِ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ بِتَلَفِ الْوَدِيعَةِ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي أَوَاخِرِ الدَّعَاوَى بِأَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ فَعَلَى هَذَا يَحْلِفُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْبَتِّ وَإِنْ كَانَ بِنَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ أَوْ الْمُكَاتِبُ وَقَدْ عَامَلُوا عَلَى أَعْيَانٍ أَوْ دُيُونٍ وَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى حَلِفِ الْمَالِكِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا فَكَيْفَ الْحَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ اطِّلَاعٌ عَلَى تَصَرُّفِهِمْ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَوْ يَحْلِفُ هَاهُنَا كَمَا يَحْلِفُ

عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ لَمْ يَحْضُرْنِي الْآنَ فِيهِ شَيْءٌ وَيَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَنَقْلٍ خَاصٍ مِنْ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ فَأَطْلُبُهُ وَفِي أَخْذِهِ مِمَّا أَطْلَقُوهُ هُنَا هُنَا تَوَقُّفْ وَقَوْلُهُ أَهْوَ كَمَا لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ ) مَحَلُّهُ إذَا عَلِمَ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْلَمُ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَسِعْهُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ أَوْ بَهِيمَتِك ) الْمُرَادُ بَهِيمَةٌ يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِهِ ) وَمِنْهُ حَلَفَ بَائِعُ الرَّقِيقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَأْبَقْ ( قَوْلُهُ وَأَنَّهُ عَالِمٌ بِدِينِهِ ) وَهَكَذَا كُلُّ مَا يَحْلِفُ الْمُنْكِرُ فِيهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لَهُ ( قَوْلُهُ وَفِي عَدَمِ حُصُولِ التَّرِكَةِ بِيَدِهِ عَلَى الْبَتِّ ) فَإِذَا حَلَفَ كَذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى عَلَيْهِ مُدَّعٍ آخَرُ هَلْ يَكُونُ مَانِعًا مِنْ إعَادَةِ التَّحْلِيفِ أَوْ لَا أَجَبْت بِالْأَوَّلِ لِثُبُوتِ عَدَمِ وَضْعِهِ يَدِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَقَدْ أَوْضَحَتْهُ فِي الْفَتَاوَى وَإِنْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِخِلَافِهِ ( قَوْلُهُ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ ) لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا مَرَّ فِي الْكَلَامِ إلَخْ ) ثُمَّ رَأَيْت شُرَيْحًا قَالَ فِي رَوْضَتِهِ وَإِنْ جَحَدَ الدَّيْنَ وَالتَّرِكَةَ حَلَفَ مَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ عَلَى أَبِيهِ شَيْئًا وَمَا وَصَلَ إلَى يَدِهِ شَيْءٌ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى التَّرِكَةِ فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى الدَّيْنِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ لَا يَحْلِفُ وَلَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ قَبْلَ ظُهُورِ الْمَالِ بِخِلَافِ الْيَمِينِ قَبْلَ ظُهُورِ التَّرِكَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَقَالَ الْخَفَّافُ يَحْلِفُ هـ .
( قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ نِيَّةُ الْقَاضِي الْمُسْتَحْلِفِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ وَتَمَامُهَا أَنْ يَقُولَ الْمُوَافَقَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةٍ

تُخَالِفُ ظَاهِرَ اللَّفْظِ الْوَاجِبِ فِي الْحَلِفِ فَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ بِغَيْرِ صَكٍّ لَمْ يَقْبِضْهُ وَدَيْنٌ بِصَكٍّ قَبَضَهُ فَأَقَامَ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ الَّذِي بِالصَّكِّ وَحَلَفَ مَعَهُ وَنِيَّةُ الْحَلِفِ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي بِلَا صَكٍّ وَنِيَّةُ الْقَاضِي الَّذِي بِالصَّكِّ فَلَا أَثَرَ لِنِيَّةِ الْقَاضِي لِأَنَّ اللَّفْظَ الْوَاجِبَ فِي الْحَلِفِ اسْتِحْقَاقُهُ الدَّيْنَ الشَّرْعِيَّ الْمُدَّعَى بِهِ لَا الدَّيْنَ الَّذِي فِي الصَّكِّ وَكَذَا حُكْمُ يَمِينِ الرَّدِّ وَالِاسْتِظْهَارِ قَالَ وَهَذَا مُسْتَمَدٌّ مِمَّا لَوْ جَحَدَ مَا عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ بِغَيْرِ صَّكِّ وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِصَكٍّ قَدْ قَبَضَهُ وَشُهُودُهُ لَا يَعْلَمُونَ قَبْضَهُ فَلَهُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ وَيَقْبِضَهُ بِدَيْنِهِ الْآخَرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ قَالَ إنِّي قَبَضْت مَا فِي هَذَا الصَّكِّ لَمْ يَكُنْ لِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَسَامَحَ فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يَتَّجِهُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَدَّعِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ وَيَمِينِ الِاسْتِظْهَار وَقَصْدُهُ بِقَوْلِهِ مَا قَبَضَهُ الدَّيْنُ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِهِ لَا الدَّيْنُ بِالصَّكِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِبَارَةٌ نَاقِصَةٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَلَا يَدْفَعُ الْإِثْمَ بِتَأْوِيلٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لِقَصْدِ مَا يُخَالِفُ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ أَوْ اعْتِقَادِ خِلَافِهِ لِشُبْهَةٍ عِنْدَهُ كَالْحَنَفِيِّ فِي شُفْعَةِ الْجِوَارِ فَمِنْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ وَلَا دِينَارٌ وَلَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرُ فَدِرْهَمُ : قَبِيلَةٌ ، وَدِينَارُ : رَجُلٌ مَعْرُوفٌ ، وَمَا قَبْلِي ثَوْبٌ وَلَا شُفْعَةٌ وَلَا قَمِيصٌ فَالثَّوْبُ الرُّجُوعُ وَالشُّفْعَةُ الْبُعْدُ وَالْقَمِيصُ غِشَاءُ الْكَلْبِ

( قَوْلُهُ وَاسْتِثْنَاءٍ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ظَاهِرُهُ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْمَاضِي حَتَّى لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ مَا قُمْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَانَ قَدْ قَامَ لَا يَحْنَثُ وَالْأَمْرُ كَذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ هَكَذَا الْمُتَوَلِّي فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَمَعْنَى ذَلِكَ صَحِيحٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا قَدْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ وَلَا يَقَعَ شَيْءٌ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ إلَخْ ) وَالْعِبْرَةُ هُنَا بِنِيَّةِ الْحَالِفِ الْمُحِقِّ

( فَرْعٌ لَوْ كَانَ الْقَاضِي حَنَفِيًّا فَحَكَمَ عَلَى شَافِعِيٍّ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ نَفَذَ ) حُكْمُهُ ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا فِي حَقِّ الْمُقَلِّدِ وَالْمُجْتَهِدِ ( وَإِنْ اسْتَحْلَفَهُ فَحَلَفَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيَّ شَيْئًا أَثِمَ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ ) هُنَا وَفِي سَائِرِ الدَّعَاوَى ( قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ ) أَوْ نَحْوِهِ وَهُوَ لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالشَّافِعِيِّ ( أَوْ ) حَلَّفَهُ ( غَيْرُ الْقَاضِي ) مِنْ قَاهِرٍ أَوْ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِاَللَّهِ تَعَالَى ( وَوَرَّى لَمْ يَحْنَثْ ) وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اعْتِبَارًا بِنِيَّتِهِ وَلِأَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ بِغَيْرِ اللَّهِ كَآحَادِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَنَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْأَذْكَارِ نَفْعَهَا لَهُ فِيمَا لَوْ حَلَّفَهُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَنْ يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالْحَنَفِيِّ وَهُمْ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَعَ بُعْدِهِ عَنْ الْمَعْنَى أَيْضًا وَخَالَفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَحْلِيفِ الْخَصْمِ فَأَلْحَقَهُ بِتَحْلِيفِ الْقَاضِي مُحْتَجًّا بِخَبَرِ مُسْلِمٍ { يَمِينُك مَا يُصَدِّقُك عَلَيْهِ صَاحِبُك } قَالَ أَرَادَ بِهِ الْخَصْمَ وَلَوْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ لَمْ يَأْثَمْ أَغْنَى عَنْهُ قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ وَقَوْلُهُ أَوْ حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( فَرَعٌ ) ( قَوْلُهُ اعْتِبَارًا بِنِيَّةِ الْقَاضِي ) هَلْ تُعْتَبَرُ نِيَّةُ كُلُّ مَنْ وَلِيٍّ قَاضِيًا سَوَاءٌ اتَّصَفَ بِالْأَهْلِيَّةِ أَوْ أَخَلَّ بِبَعْضِهَا أَوْ بِأَكْثَرِ شُرُوطِهَا أَمْ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا نِيَّةُ الْقَاضِي الْعَدْلِ الْأَهْلِ الْمُسْتَحِقِّ لِلتَّوَلِّيَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كُلَّ مَنْ نَفَّذْنَا حُكْمَهُ اعْتَبَرْنَا تَحْلِيفَهُ وَنِيَّتَهُ وَمَنْ لَا فَلَا غ ( قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ كَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ لَمْ يَأْثَمْ ) وَكَذَا لَوْ حَلَّفَهُ قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي تَحْلِيفِهِ أَوْ بِطَلَبِهِ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ أَوْ نَاقِصَةٍ أَوْ حَيْثُ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ أَوْ حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَالْحَالُ يَقْتَضِي تَحْلِيفَهُ عَلَى الْبَتِّ وَمَا أَشْبَهَهُ

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ ) فِي جَوَابِ الدَّعْوَى ( وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ لَوْ أَقَرَّ بِمَطْلُوبِهَا لَزِمَهُ ) هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ لَكِنَّ الْمِنْهَاجَ عَبَّرَ بَدَلَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ بِيَمِينٍ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَهُوَ كُلُّ مَنْ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ دَعْوَى صَحِيحَةٌ وَقِيلَ كُلُّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرَ مَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى انْتَهَى وَمُحَصِّلُ الضَّابِطِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يُحَلِّفُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ لَا أَنَّ كُلَّ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى إلَى آخِرِهِ يَحْلِفُ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الشَّاهِدُ وَالْقَاضِي حَيْثُ لَا يَحْلِفَانِ وَإِنْ كَانَا لَوْ أَقَرَّ أَلْزَمَهُمَا الْحَقَّ صِيَانَةً لِمَنْصِبِهِمَا وَيَجْرِي التَّحْلِيفُ ( فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ ) كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ ( وَسَائِرِ حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ وَلَوْ شَتْمًا وَضَرْبًا أَوْجَبَا تَعْزِيرًا ) لِخَبَرِ { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ } وَخَبَرِ { الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } ( وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى فِي حَدِّ اللَّهِ تَعَالَى ) وَتَعْزِيرِهِ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ فِي الْكَلَامِ عَلَى دَعْوَى الْحِسْبَةِ فَلَا يَأْتِي فِي ذَلِكَ حَلِفٌ ( نَعَمْ لَوْ ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٌّ كَأَنْ ( قَذَفَهُ ) غَيْرُهُ ( فَطَالَبَهُ بِالْحَدِّ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا زَنَى ) كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ ( فَإِنْ ) حَلَفَ حُدَّ الْقَاذِفُ .
وَإِنْ ( نَكَلَ وَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ ) عَنْهُ ( الْحَدُّ وَلَمْ يَثْبُتْ الزِّنَا ) عَلَى الْمَقْذُوفِ ( بِحَلِفِهِ ) لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ( وَكَذَلِكَ ) لَهُ ( تَحْلِيفُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ ) أَنَّهُ مَا يَعْلَمُ أَنَّ مُوَرِّثَهُ زَنَى ( إنْ طَالَبَهُ ) بِالْحَدِّ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ ( وَيَثْبُتُ ) بِالْيَمِينِ ( الْمَرْدُودَةِ ) فِي دَعْوَى السَّرِقَةِ ( الْمَالُ دُونَ

الْقَطْعِ كَمَا فِي السَّرِقَةِ ) هَذِهِ الْإِحَالَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْوَجْهُ تَرْكُهَا لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثَمَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا وَتَقَدَّمَ بَيَانُ مَا فِيهِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا هُنَا لِأَنَّ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَثْبُتُ بِالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ( وَإِنْ ) أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا وَقُلْنَا لَا يَجِبُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ وَادَّعَى شُبْهَةً كَأَنْ ( وَطِئَ أَمَةَ أَبِيهِ وَقَالَ ظَنَنْتُهَا تَحِلُّ ) لِي ( وَأَمْكَنَ ) مَا قَالَهُ ( وَحَلَفَ ) عَلَيْهِ ( فَلَا حَدَّ ) عَلَيْهِ ( وَلَمْ يَسْقُطْ الْمَهْرُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَهُوَ مُشْكِلٌ ( وَلَا يَحْلِفُ مُدَّعِي الصِّبَا إنْ احْتَمَلَ بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ ) وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ ( إلَّا كَافِرًا ) وَقَعَ فِي السَّبْيِ ( أُنْبِتَ ) أَيْ نَبَتَتْ عَانَتُهُ ( وَقَالَ اسْتَعْجَلْتُهُ ) أَيْ الْإِنْبَاتَ بِالْعِلَاجِ ( فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ وَاسْتَشْكَلَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ يَدَّعِي الصِّبَا لَكِنْ اعْتَمَدُوا فِي تَحْلِيفِهِ الْإِنْبَاتَ وَقَالُوا كَيْفَ يُتْرَكُ الدَّلِيلُ الظَّاهِرُ بِزَعْمٍ مُجَرَّدٍ .
( وَحُكِمَ بِرِقِّهِ ) كَسَائِرِ الصِّبْيَانِ الْمَسْبِيِّينَ ( وَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( قُتِلَ ) قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَهُوَ حُكْمٌ بِالنُّكُولِ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ ( وَلَا يَحْلِفُ فِي الدَّعْوَى ) بِحَقٍّ ( عَلَى مَيِّتٍ وَصِيٌّ غَيْرُ وَارِثٍ ) لَهُ لِأَنَّ مَقْصُودَ التَّحْلِيفِ الْإِقْرَارُ وَهُوَ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِذَلِكَ فَلَا مَعْنَى لِتَحْلِيفِهِ ( وَكَذَا قَيِّمُ الْقَاضِي ) لَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَا وَارِثَيْنِ فَيَحْلِفَانِ بِحَقِّ الْوِرَاثَةِ وَهَذَا فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَصَرُّفِهِمَا بِقَرِينَةِ مَا سَيَأْتِي فِي الْوَلِيِّ ( وَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْوَكَالَةِ فِي

غَيْبَةِ الْخَصْمِ ) لَكِنَّ الِاحْتِيَاطَ حُضُورُهُ قَالَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ ( وَيُكْتَفَى فِيهَا ) أَيْ الْوَكَالَةِ أَيْ إثْبَاتِهَا ( بِعِلْمِ الْقَاضِي ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَهُوَ مَعْرُوفُ النَّسَبِ لِلْقَاضِي وَإِلَّا فَلَا

( قَوْلُهُ الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْحَالِفِ وَهُوَ مَنْ تَوَجَّهَتْ إلَخْ ) ( ضَابِطٌ ) لَا يَكُونُ الْيَمِينُ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي فِي غَيْرِ الرَّدِّ إلَّا فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ بَابُ الْقَسَامَةِ وَبَابُ اللِّعَانِ وَبَابُ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَبَابُ الْأُمَنَاءِ الْمُدَّعِينَ الرَّدِّ عَلَى مَنْ ائْتَمَنَهُمْ غَيْرُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجَرُونَ لِلْمُتْلِفِ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدَّعِيهِ الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ جُعِلَ أَمِينًا مَا خَوَّلَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ مَا اُؤْتُمِنَتْ عَلَيْهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حَيْضٍ وَوِلَادَةٍ عَلَى مَا هُوَ مُفَصَّلٌ فِي مَوْضِعِهِ وَالْبَابُ الْخَامِسُ بَابُ التَّحَالُفِ فَإِنَّ الْيَمِينَ جُعِلَتْ فِيهِ فِي الْإِثْبَاتِ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي وَهُوَ خَارِجٌ عَنْ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا إنَّ جَمِيعَ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ الْيَمِينُ فِيهَا يُعْمَلُ بِهَا فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ بِخِلَافِ الْإِثْبَاتِ فِي التَّحَالُفِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقًّا وَلِهَذَا أَسْقَطَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ يَمِينَ الْإِثْبَاتِ وَالثَّانِي أَنَّهُ جَامِعُ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ بِخِلَافِ الْأَبْوَابِ السَّابِقَةِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) قِيلَ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْعِبَارَةَ الثَّانِيَةَ شَرْحٌ لِلْأُولَى رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ التَّفْسِيرَ الَّذِي فِي الْمِنْهَاجِ وَهُوَ الْمَجْزُومُ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إلَّا أَنَّ فِيهِ خَلَلًا سَنَذْكُرُهُ وَمَالَ السُّبْكِيُّ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَقَالَ فِي عِبَارَةِ الرَّافِعِيِّ شَيْئَانِ يَقْتَضِيَانِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ اخْتِلَافَ الْمَعْنَى أَحَدُهُمَا قَوْلُهُ وَقَدْ قِيلَ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ الْعِبَارَةُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْحَالِفِ وَالثَّانِي قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَاءِ صُوَرٍ عَنْ هَذَا الضَّابِطِ وَمَا قَالَ الضَّبْطَيْنِ قَالَ شَيْءٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْمُحَرَّرِ اقْتَصَرَ عَلَى الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَتْ ضَعِيفَةً عِنْدَهُ لِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا .
ا هـ .
وَتَفْسِيرُ

الرَّوْضَةِ الْحَالِفُ بِمَا تَقَدَّمَ أَرَادَ بِهِ الْحَالِفَ ابْتِدَاءَ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ نَزَلَ مِنْ الْمُدَّعِيَيْنِ مَنْزِلَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَالْأُمَنَاءِ وَأَمَّا أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَاللِّعَانِ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَابِطِهِ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِينَ وَلَا تَتَوَجَّهَ إلَيْهِمْ دَعْوَى تَحْقِيقًا وَلَا تَقْدِيرًا وَكَذَلِكَ الْحَالِفُ مَعَ شَاهِدَهُ وَالْحَالِفُ يَمِينِ الرَّدِّ لَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الضَّابِطِ ( قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الدَّعْوَى إنَّمَا تُسْمَعُ بِحَيْثُ لَوْ أَقَرَّ ثَبَتَ وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهُ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ يَمِينٌ وَلَا رَدَّهَا فَلَا تَأْثِيرَ لِلدَّعْوَى فَلَا تُسْمَعُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاضِي أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ مَا يُوجِبُ التَّعْزِيرُ تُسْمَعُ فِيهِ الدَّعْوَى إذَا تَعَلَّقَ بِالْأُمُورِ الْعَامَّةِ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَأَذَى النَّاسِ وَسَبِّهِمْ وَطَرْحِ الْحِجَارَةِ فِي الطَّرِيقِ وَإِفْسَادِ الْآبَارِ وَنَحْوِهِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الَّذِي مَرَّ ثُبُوتُ الْقَطْعِ أَيْضًا ) عِبَارَتُهُ ثُمَّ فَلَوْ نَكَلَ السَّارِقُ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي لَمْ يُقْطَعْ وَهُوَ مَا عَزَاهُ إلَيْهِ تِلْمِيذُهُ الْفَتَى ( قَوْلُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ لَا بَلْ لِدَلِيلِ الْبُلُوغِ دُونَ دَافِعٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا قَيَّمَ الْقَاضِي وَمُنْكِرُ الْوَكَالَةِ ) أَيْ مُنْكِرُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ وَكِيلُ صَاحِبِ الْحَقِّ وَالسَّفِيهُ فِي إتْلَافِ الْمَالِ وَمُنْكِرُ الْعِتْقِ إذَا ادَّعَى عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَآخَرُ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْهُ فَأَقَرَّ بِالْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ لِلْعَبْدِ إذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يُقْبَلْ وَلَمْ يَغْرَمْ وَإِذَا ادَّعَتْ الْجَارِيَةُ الْوَطْءَ وَأُمِّيَّةَ الْوَلَدِ أَيْ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَإِذَا ادَّعَى مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ ظَاهِرًا مُسْقِطًا فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ إيجَابًا عَلَى الْأَظْهَرِ

وَالدَّعْوَى بِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى فِعْلِهَا فَادَّعَتْهُ وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِوُقُوعِهِ نَعَمْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْفُرْقَةِ إنْ ادَّعَتْهَا وَلَوْ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ أَنَّهُ زَوَّجَهُ امْرَأَةً وَهِيَ مَجْنُونَةٌ وَأَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَلَوْ طَالَبَ الْإِمَامُ السَّاعِيَّ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزَّكَاةِ فَقَالَ لَمْ آخُذْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ بَلَغَ رَشِيدًا وَأَنَّ أَبَاهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَرَامَ تَحْلِيفِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى عَمْرو فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ الْعَيْنَ الَّتِي فِي يَدِهِ لِعَمْرٍو فَأَنْكَرَ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ لَمْ يَحْلِفْ وَلَوْ ثَبَتَ لَهُ مَالٌ عَلَى غَائِبٍ فَادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَنَّ بِيَدِهِ أَعْيَانًا لِلْغَائِبِ وَطَلَبَ الْوَفَاءَ مِنْ ذَلِكَ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا وَفَّاهُ الْحَاكِمُ مِنْهَا وَإِنْ أَنْكَرَ لَمْ يَحْلِفْ وَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي فَائِدَةِ الْيَمِينِ ) وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا ( وَهِيَ قَطْعُ الْخُصُومَةِ فِي الْحَالِ ) لَا سُقُوطُ حَقِّ الْمُدَّعِي لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصُحِّحَ إسْنَادُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ } فَلَمْ يَجْعَلْ الْيَمِينَ مُبَرِّئَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ ( وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بَعْدُ ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيُحْكَمُ بِهَا وَإِنْ نَفَاهَا الْمُدَّعِي حِينَ الْحَلِفِ كَأَنْ قَالَ لَا بَيِّنَةَ لِي حَاضِرَةً وَلَا غَائِبَةً لِمَا ذُكِرَ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً لِاحْتِمَالِ أَنَّ نُكُولَهُ لِلتَّوَرُّعِ عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَدِيعَةً بِنَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ وَحَلَفَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَرَّأُ حَتَّى لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَوْدَعَهُ الْوَدِيعَةَ لَمْ يُؤَثِّرْ فَإِنَّهَا لَا تُخَالِفُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الِاسْتِحْقَاقِ ( وَمَنْ كَذَّبَ شُهُودَهُ سَقَطَتْ بَيِّنَتُهُ ) لِتَكْذِيبِهِ لَهَا ( لَا دَعْوَاهُ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مُحِقًّا فِيهَا وَالشُّهُودُ مُبْطَلِينَ بِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { وَاَللَّهُ يَعْلَمُ إنَّك لَرَسُولُهُ وَاَللَّهُ يَشْهَدُ إنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ } ( وَلَوْ أَقَامَ خَصْمُهُ شَاهِدًا أَنَّهُ كَذَّبَ شُهُودَهُ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ ) مَعَهُ ( لِيَجْرَحَ الشُّهُودَ لَمْ يُمَكَّنْ ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حِينَئِذٍ الطَّعْنُ فِي الشُّهُودِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِمَالٍ ( وَلَوْ أَقَامَ ) الْمُدَّعِي ( شَاهِدَيْنِ بِمِلْكٍ ) ادَّعَاهُ ( وَكَانَا قَدْ اشْتَرَيَاهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلَا ) لِلتُّهْمَةِ .
( وَلَوْ شَهِدَا )

لِشَخْصٍ ( بِمِلْكٍ فَقَامَتْ ) عَلَيْهِمَا ( بَيِّنَةٌ بِإِقْرَارِهِمَا حِينَ تَصَدَّيَا لِلشَّهَادَةِ أَنْ لَا شَهَادَةَ مَعَهُمَا ) بِذَلِكَ ( رُدَّتْ ) شَهَادَتُهُمَا ( أَوْ ) قَامَتْ ( بِأَنَّهُ ) أَيْ الْمُدَّعِي ( أَقَرَّ أَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا خَمْرًا وَقْتَ كَذَا وَقَصُرَتْ الْمُدَّةُ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( رُدَّتْ ) شَهَادَتُهُمَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ فِي الْأُولَى بِإِقْرَارِهِمَا بِمَا ذَكَرَ قَبْلَ تَصَدِّيهِمَا لِلشَّهَادَةِ أَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ فِي الثَّانِيَةِ ( فَلَا ) تُرَدُّ شَهَادَتُهُمَا إذْ لَا مَانِعَ وَلَوْ حَذَفَ رُدَّتْ الْأُولَى كَانَ أَوْلَى ( وَإِنْ ) شَهِدَا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ وَ ( لَمْ يُعَيِّنَا ) فِي شَهَادَتِهِمَا بِالْإِقْرَارِ بِالشُّرْبِ أَنَّ الْمُقِرَّ عَيَّنَ ( وَقْتًا ) لِلشُّرْبِ ( سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ وَعُمِلَ بِمَا يَقْتَضِيهِ ) تَعْيِينُهُ ( وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى خَصْمِهِ ثُمَّ قَالَ ) لِلْقَاضِي ( لَا تَحْكُمْ بِبَيِّنَتِي حَتَّى تُحَلِّفَهُ ) بَطَلَتْ بَيِّنَتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهَا مِمَّا لَا يَجُوزُ الْحُكْمُ بِهَا ( قَالَ النَّوَوِيُّ قُلْت ) هَذَا مُشْكِلٌ فَقَدْ يَقْصِدُ تَحْلِيفَهُ لِيُقِيمَ بَعْدَهُ الْبَيِّنَةَ وَيُظْهِرَ إقْدَامَهُ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَقَاصِدِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي قَدْحًا فِي الْبَيِّنَةِ فَحِينَئِذٍ ( يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ ) بَيِّنَتُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا كَلَامُ مَنْ سَبَقَ فَهْمُهُ إلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَ الْمُدَّعِي ذَلِكَ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَهِيَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا قَالَهُ بَعْدَهَا فَتَبْطُلُ بِمَا أَيَّدَاهُ مِنْ الْفَائِدَةِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ مِنْ بُطْلَانِ الْبَيِّنَةِ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَفِيهِ خَلَلٌ وَاَلَّذِي فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ انْتَهَى وَمَعَ ذَلِكَ فَكَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ بَاقٍ بِحَالِهِ ( وَلَوْ قَالَ ) الْخَصْمُ ( لِلْقَاضِي قَدْ حَلَّفْتنِي لَهُ )

مَرَّةً عَلَى مَا ادَّعَاهُ بِطَلَبِهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفِي ( وَلَمْ يَذْكُرْ ) الْقَاضِي تَحْلِيفَهُ ( حَلَّفَهُ وَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْقَاضِيَ مَتَى تَذَكَّرَ حُكْمَهُ أَمْضَاهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتَمِدُ بَيِّنَةً ( فَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) لِلْقَاضِي ( قَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ ) أَوْ أَطْلَقَ ( فَحَلِّفْهُ ) أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي ( مُكِّنَ ) مِنْهُ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ وَقَوْلِي أَوْ أَطْلَقَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ يَسْتَفْسِرُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ قَدْ يُحَلِّفُهُ وَيَظُنُّ أَنَّهُ كَتَحْلِيفِ الْقَاضِي لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ خَصْمُهُ لَا يَتَفَطَّنُ لِذَلِكَ ( وَلَا يَسْمَعُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُدَّعِي ) بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ فَقَدْ حَلَّفَنِي عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَنَّنِي مَا حَلَّفْته فَحَلِّفْهُ أَنَّهُ لَمْ يُحَلِّفْنِي لِئَلَّا يَتَسَلْسَلَ ( فَإِنْ ) أَقَامَ بَيِّنَةً تَخَلَّصَ عَنْ الْخُصُومَةِ وَإِنْ ( اسْتَمْهَلَ فِي ) إقَامَةِ ( الْبَيِّنَةِ أُمْهِلَ ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ عَلَى قِيَاسِ الْبَيِّنَاتِ الدَّوَافِعِ ( فَإِنْ لَمْ يُقِمْهَا حَلَفَ أَنَّهُ مَا حَلَّفَهُ ثُمَّ يُطَالِبُهُ ) بِالْحَلِفِ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالَبُ بِالْمَالِ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْمَالِ تَقَدَّمَتْ وَلَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ مَالٌ بَعْدُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ .
( وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَمِينَ الرَّدِّ ) وَسَقَطَتْ الدَّعْوَى ( لَا يَمِينَ الْأَصْلِ إلَّا بِدَعْوَى أُخْرَى ) لِأَنَّهُمَا الْآنَ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى حَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ وَاسْتَحَقَّ انْتَهَى وَمَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِئْنَافِ الدَّعْوَى نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ إذْ لَا وَجْهَ لِإِبْطَالِ الدَّعْوَى الْأُولَى بِالْعَارِضِ الَّذِي زَالَ حُكْمُهُ وَلِي بِمَا قَالَهُ أُسْوَةٌ ( وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى

شَخْصٍ ( مَالًا فَحَلَفَ لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُهُ ) إلَيْهِ ( ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ادَّعَاهُ ) عَلَيْهِ ( وَقَالَ ) لَهُ حَلَفْت يَوْمَئِذٍ لِأَنَّك ( كُنْت مُعْسِرًا ) لَا يَلْزَمُك تَسْلِيمُ شَيْءٍ إلَيَّ ( وَالْيَوْمَ يَلْزَمُك ) لِأَنَّك قَدْ أَيْسَرْت ( سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ لِإِمْكَانِهَا وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( مَا لَمْ تَتَكَرَّرْ ) فَإِنْ تَكَرَّرَتْ لَمْ تُسْمَعْ لِظُهُورِ تَعَنُّتِهِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُدَّعِي ( تَأْخِيرُ الْيَمِينِ ) أَيْ يَمِينُ خَصْمِهِ وَتَحْلِيفِهِ إيَّاهَا ( بِالدَّعْوَى السَّابِقَةِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ مِنْهَا ( وَلَغَتْ يَمِينُ ) الْخَصْمِ ( قَبْلَ طَلَبِ الْمُدَّعِي ) لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ لَا تَلْغُو إذَا حَلَّفَهُ الْقَاضِي لِكَوْنِهِ ظَهَرَ لَهُ مِنْهُ أَنَّهُ يُرِيدُ التَّحْلِيفَ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ لِجَهْلٍ أَوْ عِيٍّ ( وَإِنْ أَبْرَأَهُ عَنْهَا ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ ( لَمْ يُحَلِّفْهُ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى ) لِسُقُوطِ حَقِّهِ مِنْهَا فِي الدَّعْوَى الْأُولَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْعِرَاقِيِّينَ الْآتِي بَيَانُهُ فِي نُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَسُوغُ لَهُ الدَّعْوَى ثَانِيًا انْتَهَى وَيَفْرُقُ بِأَنَّ إبْرَاءَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَقْتَضِي إسْقَاطَ الْحَقِّ فَسَاغَ لَهُ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى بِهِ بِخِلَافِ نُكُولِهِ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ فِيمَا يَأْتِي ثَمَّ

( قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ) أَيْ وَالنَّسَائِيُّ ( قَوْلُهُ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ) مِثْلُ الْبَيِّنَةِ : الشَّاهِدُ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا صَرَّحُوا فِي الشَّهَادَاتِ ، وَكَتَبَ أَيْضًا تَنَاوَلَ إطْلَاقُهُ الْحُجَّةَ الْكَامِلَةَ وَكَذَا الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ إذَا حَلَفَ مَعَهُ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْعُدَّةِ وَغَيْرُهُ وَغَلَّظَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْمُصَنَّفِينَ ر ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا لَوْ أَجَابَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَبْطُلَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ ) لَفْظُهَا إذَا قَالَ لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ تَحْلِيفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ قَالَ الْقَفَّالُ وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ تَحْلِيفُهُ بَلْ يَقُولُ احْضِرْ الْبَيِّنَةَ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً أَيْ فِي الْمَجْلِسِ فَقَالَ حَلِّفْهُ لَعَلَّهُ يُقِرَّ فَلَا يَجُوزُ وَجْهًا وَاحِدًا وَكَذَا لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَقَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ قَالَ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ بَاطِلَةٌ قُلْت وَظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِهِ لَا تَحْكُمُ بِشَيْءٍ حَتَّى تُحَلِّفَهُ لَا يَقْدَحُ فِي الْبَيِّنَةِ غ ( قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ ثُمَّ يُطَالِبُ بِالْمَالِ سَبْقِ قَلَمٍ ) لَيْسَ بِسَبْقِ قَلَمٍ بَلْ مَعْنَاهُ صَحِيحٌ إذْ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ عُهْدَةِ الْمُطَالَبَةِ بِالْمَالِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ حَلَّفَنِي الْمُدَّعِي مَرَّةً ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمَرَاوِزَةِ ) وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَاهُ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ ) ( لَا يُقْضَى لَهُ ) أَيْ لِلْمُدَّعِي ( بِنُكُولِ خَصْمِهِ ) عَنْ الْيَمِينِ ( بَلْ يَرُدُّهَا الْقَاضِي عَلَيْهِ ) لِيَحْلِفَ لِتَحَوُّلِ الْحَلِفِ إلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَدَّ الْيَمِينَ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ نُكُولَ الْخَصْمِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَوَرُّعًا عَنْ الْيَمِينِ الصَّادِقَةِ كَمَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَحَرُّزًا عَنْ الْكَاذِبَةِ فَلَا يُقْضَى بِهِ مَعَ التَّرَدُّدِ فَرُدَّتْ عَلَى الْمُدَّعِي ( وَيَعْرِفُ اسْتِحْقَاقَهُ بِهَا ) لِمَا ادَّعَاهُ ( إنْ جَهِلَ ) تَحَوُّلَهَا إلَيْهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ بِهَا .
( فَإِنْ حَلَفَ بَعْدَ أَنْ يَأْمُرَهُ الْقَاضِي لَا قَبْلَهُ قُضِيَ لَهُ ) وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْيَمِينُ إذَا كَانَ الْحَقُّ لِمُعَيَّنٍ وَالنُّكُولُ أَنْ يَقُولَ لَهُ الْقَاضِي ( احْلِفْ أَوْ قُلْ وَاَللَّهِ ) أَوْ بِاَللَّهِ ( لَا ) أَنْ يَقُولَ لَهُ ( أَتَحْلِفُ بِاَللَّهِ فَيَقُولُ لَا أَوْ يَقُولُ أَنَا نَاكِلٌ ) فَقَوْلُهُ هَذَا بَعْدَ قَوْلِ الْقَاضِي الْمَذْكُورِ نُكُولٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ نُكُولًا بَعْدَ قَوْلِهِ لَهُ أَتَحْلِفُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْقَاضِي اسْتِخْبَارٌ لَا اسْتِحْلَافٌ وَلِهَذَا لَوْ بَدَرَ الْخَصْمُ حِينَ سَمِعَ ذَلِكَ وَحَلَفَ لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِأَنَا نَاكِلٌ بَعْدَ الْحَلِفِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالسُّكُوتُ ) عَنْ الْحَلِفِ بَعْدَ الِاسْتِحْلَافِ ( لَا لِدَهْشٍ وَنَحْوِهِ ) كَغَبَاوَةٍ ( نُكُولٌ ) كَمَا أَنَّ السُّكُوتَ عَنْ الْجَوَابِ فِي الِابْتِدَاءِ إنْكَارٌ هَذَا ( مَعَ الْحُكْمِ بِهِ ) لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ رَدَّ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَإِنَّهُ يَرُدُّهَا وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِهِ وَبِخِلَافِ سُكُوتِ الدَّهْشِ أَوْ نَحْوِهِ لَيْسَ نُكُولًا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْكُمَ بِأَنَّهُ نُكُولٌ ( وَقَوْلُ الْقَاضِي لِلْمُدَّعِي احْلِفْ حُكْمٌ بِنُكُولِهِ ) أَيْ نَازِلٌ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ فِي سُكُوتِهِ ( وَيُسْتَحَبُّ عَرْضُهَا ) أَيْ الْيَمِينِ ( عَلَى النَّاكِلِ ثَلَاثًا وَ ) عَرْضُهَا ( عَلَى

سَاكِتٍ ) عَنْهَا ( آكَدُ ) مِنْ عَرْضِهَا عَلَى النَّاكِلِ ( وَيُبَيَّنُ حُكْمُ النُّكُولِ لِجَاهِلٍ ) بِهِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إنْ نَكَلْت عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُدَّعِي وَأَخَذَ مِنْك الْحَقَّ ( فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَحُكِمَ ) بِنُكُولِهِ ( نَفَذَ ) حُكْمُهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ حُكْمِ النُّكُولِ وَقَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ أَيْ نَدْبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَغَيْرُهُمَا لَكِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ فِي وَسِيطِهِ بِالْوُجُوبِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ .
وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ الْحُكْمِ عِنْدَ تَرْكِهِ ( وَلَهُ ) بَعْدَ نُكُولِهِ ( الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ وَإِنْ هَرَبَ وَعَادَ ) فَإِنْ حُكِمَ بِنُكُولِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَنْزِيلًا بِأَنْ قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ بِغَيْرِ رِضَا الْمُدَّعِي قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِنْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ لِيُحَلِّفَهُ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدُ احْلِفْ فَهَلْ هُوَ كَمَا قَالَ احْلِفْ وَجْهَانِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ أَقَرَّ بِهِمَا نَعَمْ بَلْ نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ عَنْ الْأَصْحَابِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( فَلَوْ رَضِيَّ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ بَعْدَ النُّكُولِ جَازَ ) لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَعْدُوهُمَا ( لَكِنْ إنْ نَكَلَ ) عَنْ الْحَلِفِ ( لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي ) يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِرِضَاهُ بِيَمِينِ الْخَصْمِ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي النُّكُولِ ) ( قَوْلُهُ أَنَا نَاكِلٌ أَوْ نَكَلَتْ ) فَلَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ وَأَعْطَى الْمَالَ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُدَّعِي الْقَبُولُ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِهِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَدَّعِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَوْ نَكَلَ وَأَرَادَ الْمُدَّعِي الْحَلِفَ فَقَالَ لَا تَحْلِفْ وَأَنَا أُعْطِيك الْمَالَ فَكَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ اسْتِرْدَادَهُ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تُقِرَّ بِالْحَقِّ أَوْ حَلِفَ الْمُدَّعِي قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ ) ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ مُطْلَقِ السُّكُوتِ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ الْمُعْتَبَرَ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ سُكُوتِهِ زَمَنٌ يَسَعُ قَوْلَهُ لَا أَحْلِفُ أَوْ أَنَا نَاكِلٌ ( قَوْلُهُ وَمَعَ ذَلِكَ صَرَّحَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ بِنُفُوذِ حُكْمِهِ عِنْدَ تَرْكِهِ ) فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ أَنَّ مَحَلَّ الِاحْتِمَالَيْنِ مَعَ عِلْمِ الْقَاضِي بِأَنَّهُ لَا يَدْرِي حُكْمَ النُّكُولِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّ مَحَلَّهُمَا عِنْدَ جَهْلِ الْقَاضِي بِحَالِهِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقْدِمُ عَلَى الْحُكْمِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا يَدْرِي أَنَّ امْتِنَاعَهُ يُوجِبُ رَدَّ الْيَمِينِ بَلْ عَلَى الْقَاضِي إعْلَامُهُ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ وَحَكَمَ بِنُكُولِهِ لَمْ يُنَفَّذْ حُكْمُهُ فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَدْرِي فَفِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُنَفَّذُ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إزَالَةَ الْمُحْتَمَلِ بِإِظْهَارِ حُكْمِ النُّكُولِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ مَا لَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِهِ ) كَأَنْ يَقُولَ جَعَلْتُك نَاكِلًا أَوْ نَكَّلْتُك بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَإِذَا قِيلَ لَهُ احْلِفْ إلَخْ ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الْعَوْدُ إلَى الْحَلِفِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ الْأَقْرَبُ

( فَصْلٌ إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي يَمِينَ الرَّدِّ اسْتَحَقَّ ) مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ فَائِدَةُ الرَّدِّ ( وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ ) لَا كَالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِنُكُولِهِ إلَى الْحَقِّ فَأَشْبَهَ إقْرَارَهُ بِهِ فَيَجِبُ الْحَقُّ بِفَرَاغِ الْمُدَّعِي مِنْ يَمِينِ الرَّدِّ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ إلَى حُكْمٍ كَالْإِقْرَارِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَا تُسْمَعُ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ ) كَإِبْرَاءٍ وَاعْتِيَاضٍ لِتَكْذِيبِهِ لَهَا بِإِقْرَارِهِ هَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ الْقَاضِي وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْأَصَحُّ سَمَاعُهَا لِأَنَّ قَوْلَنَا أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ أَمْرٌ تَقْدِيرِيٌّ وَالْبَيِّنَةُ تَشْهَدُ بِأَمْرٍ تَحْقِيقِيٍّ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الْخَامِسِ عَلَى الصَّوَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ انْتَهَى وَسَيَأْتِي جَوَابُهُ ثَمَّ ( وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ ) الْيَمِينِ ( الْمَرْدُودَةِ ) بِلَا عُذْرٍ ( نُكُولٌ ) عَنْهَا ( يَسْقُطُ حَقُّهُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ ) بِحَقِّهِ ( وَ ) مِنْ ( الْيَمِينِ وَلَا يَنْفَعُهُ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( إلَّا الْبَيِّنَةَ ) وَلَوْ شَاهِدًا وَيَمِينًا فَلَا يَتَمَكَّنُ مِنْ تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَتَحْلِيفِ خَصْمِهِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْخَصْمُ وَلِئَلَّا يَتَكَرَّرَ دَعْوَاهُ فِي الْقَضِيَّةِ الْوَاحِدَةِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْبَغَوِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْهَرَوِيِّ وَالرُّويَانِيِّ أَنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ .
وَعَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى خَصْمِهِ إذْ الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ لَا تُرَدُّ لِأَنَّا لَوْ رَدَدْنَاهَا لَأَدَّى إلَى الدَّوْرِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَيْثُ امْتَنَعَ سَأَلَهُ الْحَاكِمُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ بِخِلَافِ - الْخَصْمِ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ يُثْبِتُ لِلْمُدَّعِي حَقَّ الْحَلِفِ وَالْحُكْمِ بِيَمِينِهِ فَلَا يُؤَخَّرُ حَقُّهُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي لَا يُثْبِتُ

حَقًّا لِغَيْرِهِ فَلَا يَضُرُّ السُّؤَالُ ( وَإِنْ لَمْ يَمْتَنِعْ ) عَنْهَا ( بَلْ قَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ ) أُرِيدُ أَنْ أُقِيمَهَا ( أَوْ ) قَالَ ( اُنْظُرْ فِي حِسَابِي أَوْ نَحْوِهِ ) كَأُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَ الْفُقَهَاءَ ( أُمْهِلَ ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ فَقَطْ لِئَلَّا تَطُولَ مُدَافَعَتُهُ وَيُفَارِقُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيِّنَةِ أَبَدًا لِأَنَّهَا قَدْ لَا تُسَاعِدُهُ وَلَا تَحْضُرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ وَهَلْ هَذَا الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ وَجْهَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَإِذَا أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً فَأَحْضَرَ شَاهِدًا بَعْدَهَا وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ لِيَأْتِيَ بِالشَّاهِدِ الثَّانِي أَمْهَلْنَاهُ ثَلَاثَةً أُخْرَى ( فَإِنْ عَادَ ) بَعْدَ مُدَّةٍ ( لِيَحْلِفَ مُكِّنَ ) مِنْهُ ( فَإِنْ نَسِيَ الْقَاضِي نُكُولَ خَصْمِهِ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً ( بِهِ وَحَلَفَ وَكَذَا ) لَهُ إثْبَاتُهُ ( عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ ) وَيَحْلِفُ ( وَلَا يُمْهَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْيَمِينِ إلَّا بِرِضَا الْمُدَّعِي ) لِأَنَّهُ مَجْبُورٌ عَلَى الْإِقْرَارِ أَوْ الْيَمِينِ بِخِلَافِ الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ مُخْتَارٌ فِي طَلَبِ حَقِّهِ وَتَأْخِيرِهِ .
( نَعَمْ يُمْهَلُ ) بِطَلَبِهِ الْإِمْهَالَ ( فِي ) ابْتِدَاءِ ( الْجَوَابِ ) لِيَنْظُرَ حِسَابَهُ أَوْ نَحْوَهُ ( إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسَبِ مَا فَهِمَهُ ( ثُمَّ يَحْلِفُ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى كَمَا لَوْ حَضَرَ مُوَكِّلُ الْمُدَّعِي ) بَعْدَ نُكُولِ الْخَصْمِ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى ( وَنُكُولُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ كَنُكُولِهِ عَنْ ) الْيَمِينِ ( الْمَرْدُودَةِ ) فِيمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَالَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْلِفْ ) أَنْتَ ( سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ ( إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ ) وَإِقَامَةُ الشَّاهِدِ هَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَحَامِلِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ قَالَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَعْنِي مَا عَلَيْهِ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْفَعُهُ

إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْأَصْلِ تَرْجِيحَهُ وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَةَ وَإِلَّا انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ وَلَا كَلَامَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكَلْ عَنْهَا وَإِلَّا حَلَفَ أَيْ الْمُدَّعِي عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي آخِرِ الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَفِي هَذَا الْأَخِيرِ وَقْفُهُ

( قَوْلُهُ وَنُكُولُ خَصْمِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَإِقْرَارِهِ ) لِأَنَّ النُّكُولَ صَدَرَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْيَمِينُ مُتَرَتِّبَةٌ عَلَيْهِ وَضَعَّفَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُقَابِلَهُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ زَنَيْت فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْقَاذِفُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَلَا يَجِبُ عَلَى الْمَقْذُوفِ حَدُّ الزِّنَا وَمِثْلُهُ لَوْ قَالَ سَرَقْت فَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَجَبَ الْمَالُ وَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ كَالْبَيِّنَةِ لَحُدَّ فِي الصُّورَتَيْنِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقْرَارِ وَيُجْعَلُ نُكُولُهُ رُجُوعًا ( قَوْلُهُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِأَدَاءٍ وَنَحْوِهِ ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ إلَى أَنَّ التَّصْوِيرَ فِي الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنًا فَرَدَّ لِمُدَّعَى عَلَيْهِ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعِي فَحَلَفَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ سُمِعَتْ أَفْتَى بِهِ عُلَمَاءُ الْعَصْرِ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ سَمَاعِهَا ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ وَامْتِنَاعُ الْمُدَّعِي عَنْ الْمَرْدُودَةِ نُكُولٌ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ حَلِفُ الْمُدَّعِي يُثْبِتُ لَهُ حَقًّا يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ يُسْقِطُ حَقًّا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَلَهُ يَعْنِي الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُطَالَبَةُ خَصْمِهِ بِالْحَقِّ الَّذِي ادَّعَى بِهِ كَمَا إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ أَلْفًا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَقَالَ أَقَبَّضْته لَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ فَإِنْ حَلَفَ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُشْتَرِي انْقَطَعَتْ الْخُصُومَةُ .
وَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُدَّعِي لِلْقَبْضِ فَالصَّحِيحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُلْزَمُ بِالْأَلْفِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ بِلُزُومِ الْمَالِ بِالشِّرَاءِ ابْتِدَاءَ ثَانِيهُمَا أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ حَقٌّ لِلَّهِ مُؤَكَّدٌ

يَسْقُطُ عَنْ الْمُدَّعِي بِحَلِفِهِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَسْقُطْ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي كَمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ وَلَدْت ثُمَّ طَلَّقْتُك وَقَالَتْ وَلَدْت بَعْدَ الطَّلَاقِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ حَلَفَ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ وَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَتْ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ قَوْلُهُ وَهَلْ الْإِمْهَالُ وَاجِبٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلَهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ شَاءَ أَيْ الْمُدَّعِي إلَخْ ) لَا فَائِدَةَ فِي تَفْسِيرِهِ بِالْمُدَّعِي لِأَنَّهُ إذَا تَرَكَ الطَّلَبَ لَمْ يُعْتَرَضْ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ رَآهُ الْقَاضِي هُوَ بِحَسْبِ مَا فَهِمَهُ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَمَّا مَا جَرَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ هُنَا فَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى قَالَ أَبُو سَعْدٍ إنَّ الْحَاكِمَ يَمْهِلُهُ لِآخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ رَآهُ .
ا هـ .
وَحَكَى شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعَبَّادِيِّ فِيمَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ وَقَالَ أَمْهِلْنِي فَإِنَّ لِي بَيِّنَةً أُقِيمُهَا أَوْ أَنْظُرُ فِي حِسَابِي أَنَّهُ يُمْهِلُ إلَى آخِرِ الْمَجْلِسِ إنْ شَاءَ الْقَاضِي .
ا هـ .
وَقَالَ فِي التَّعْلِيقَةِ عَلَى الْحَاوِي وَالْبَارِزِيِّ إنْ شَاءَ الْقَاضِي وَلَا يُزَادُ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُدَّعِي وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ إلَّا بِتَجْدِيدِ دَعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ ) الرَّاجِحُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعِبَارَةُ الْأَصْفُونِيِّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَعُودَ وَيَحْلِفَ إلَّا بِتَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ .
ا هـ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَ تَرْجِيحِهِ الْعَوْدُ لِلْحَلِفِ هُنَا وَتَرْجِيحُ عَدَمِ عَوْدِهِ لِلْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْعِرَاقِيِّينَ ) وَقَالَ الْهَرَوِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَ دَعْوَى جَازَ لَهُ الْحَلِفُ بِلَا خِلَافٍ ( قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ الْخَصْمُ الْمَرْدُودَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا لَمْ يَنْكُلْ عَنْهَا

إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إلَخْ ) وَهُوَ وَاضِحٌ .

( فَصْلٌ ) مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعِي هُوَ الْأَصْلُ لَكِنْ ( قَدْ يَتَعَذَّرُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي وَلَا يُقْضَى عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ ) وَذَلِكَ فِي صُوَرٍ ( كَمَا إذَا غَابَ ذِمِّيٌّ ) ثُمَّ عَادَ ( وَادَّعَى الْإِسْلَامَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ ) حَتَّى يَسْقُطَ عَنْهُ قِسْطُ الْجِزْيَةِ وَادَّعَى عَامِلُهَا إسْلَامَهُ بَعْدَهَا حَتَّى يُلْزِمَهُ تَمَامَهَا فَإِنْ حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ ( وَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَقُلْنَا بِوُجُوبِهَا ) عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( طُولِبَ بِتَمَامِ الْجِزْيَةِ وَلَيْسَ ) ذَلِكَ ( قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ وَلَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ ) فَإِنْ لَمْ يَغِبْ وَادَّعَى ذَلِكَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَكْتُمُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِهَا فَلَا يُطَالَبُ بِذَلِكَ ( وَكَوَلَدٍ مُرْتَزِقٍ ادَّعَى بُلُوغًا بِاحْتِلَامٍ ) وَطَلَبَ إثْبَاتَ اسْمِهِ فِي الدِّيوَانِ ( وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يَثْبُتُ اسْمُهُ ) فِيهِ إلَى أَنْ يَظْهَرَ بُلُوغُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَهُ وَاجِبَةٌ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ ( وَكَمُرَاهِقٍ حَضَرَ الْوَقْعَةَ وَادَّعَى احْتِلَامًا ) وَطَلَبَ سَهْمَ الْمُقَاتَلَةِ ( وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا يُسْهَمُ لَهُ ) بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَلَيْسَ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا قَضَاءً بِالنُّكُولِ بَلْ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ تُوجَدْ .
( وَكَمُتَّهَمٍ بِمَالِ مَيِّتٍ وَارِثُهُ بَيْتُ الْمَالِ ) فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِهِ وَنَكَلَ ( حُبِسَ لِيَحْلِفَ ) عَلَى نَفْيِهِ فَيُعْرَضُ عَنْهُ ( أَوْ يَقِرَّ ) بِهِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَمَسْأَلَةِ الْجِزْيَةِ حَيْثُ حُكِمَ فِيهَا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ قَدْ سَبَقَ فِيهَا أَصْلٌ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَلَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ فَأَخَذْنَا بِالْأَصْلِ وَهُنَا لَا مُسْتَنَدَ إلَّا النُّكُولُ وَالنُّكُولُ الْمَحْضُ لَا اعْتِمَادَ عَلَيْهِ ( وَكَذَا قُيِّمَ وَقْفٌ وَمَسْجِدٌ

إذَا ) ادَّعَى لَهُمَا شَيْئًا وَ ( نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامٌ الْأَصْلِ لَكِنَّهُ ذَكَرَ قُبَيْلَهُ أَنَّهُ كَالْوَلِيِّ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ ( وَكَوَصِيِّ مَيِّتٍ ادَّعَى عَلَى الْوَارِثِ وَصِيَّةً لِلْفُقَرَاءِ فَنَكَلَ ) فَإِنَّهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يَقِرَّ وَقِيلَ يُقْضَى عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمَالُ وَقِيلَ يُتْرَكُ لَكِنْ يَأْثَمُ إنْ كَانَ مُعَانِدًا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ صَبِيٍّ أَوْ نَحْوِهِ بِشَيْءٍ عَلَى مُوَلِّيهِ فَأَنْكَرَ أَوْ ادَّعَى هُوَ شَيْئًا لِمُوَلِّيهِ عَلَى غَيْرِهِ فَنَكَلَ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِذَا لَمْ يُبَاشِرْ الْوَلِيُّ ) وَلَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا ( التَّصَرُّفَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ ) كَإِتْلَافٍ مِنْ غَيْرِهِ ( لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ دَفْعًا ) وَلَا ( إثْبَاتًا ) لِأَنَّ الْحَقَّ لِمُوَلِّيهِ لَا لَهُ وَلَا هُوَ ثَابِتُ بِمُبَاشَرَتِهِ وَإِثْبَاتُ الْحَقِّ لِلشَّخْصِ بِيَمِينِ غَيْرِهِ بَعِيدٌ وَلَا يَقْضِي بِالنُّكُولِ ( بَلْ يَكْتُبُ ) أَيْ الْقَاضِي بِهِ وَبِمَا جَرَى ( مَحْضَرًا وَيَنْظُرُ بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَإِفَاقَةَ الْمَجْنُونِ ) فَلَعَلَّهُمَا يَحْلِفَانِ أَمَّا إذَا بَاشَرَهُ كَأَنْ ادَّعَى بِثَمَنِ مَا بَاشَرَ بَيْعَهُ لِمُوَلِّيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ الْمُسْتَوْفِي قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الصَّدَاقِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهِ زَوْجٌ وَوَلِيُّ صَغِيرَةٍ أَوْ مَجْنُونَةٍ .
ا هـ .
وَرَجَّحَ فِي أَصْلِ الْمِنْهَاجِ مَنْعَ التَّحْلِيفِ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ هُنَا عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ ثُمَّ قَالَ فَلَا بَأْسَ بِالتَّفْصِيلِ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الصَّدَاقِ فِي بَابِهِ وَالْوَكِيلُ كَالْوَلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ ( وَيَحْلِفُ السَّفِيهُ ) الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَلِيُّهُ لَهُ إذَا نَكَلَ خَصْمُهُ ( وَيَقُولُ ) لَهُ ( وَيَلْزَمُك التَّسْلِيمُ

إلَى وَلِيِّي ) وَلَا يَقُولُ إلَيَّ بِخِلَافِ وَلِيِّهِ فِي دَعْوَاهُ عَنْهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذِكْرُ لَفْظَةِ وَلِيِّي حَيْثُ قَالَ حَلَفَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ هَذَا الْمَالِ وَلَكِنْ لَا يَقُولُ إلَيَّ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ هُنَا ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ يُحْبَسُ لِيَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ ) لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ بِالنُّكُولِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِأَنَّ الْحُقُوقَ تَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ وَلَيْسَ النُّكُولُ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَا يُمْكِنُ رَدُّ الْيَمِينِ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَلَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرَكِ الْحَقِّ فَتَعَيَّنَ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ مَا قُلْنَاهُ ( قَوْلُهُ هَذَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ مَيْلِ الْأَكْثَرِينَ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ بِأَنْ يُرَادَ بِمَا أَفْهَمُهُ كَلَامُهُ مِنْ حَلِفِ الْوَلِيِّ عَلَى مَا بَاشَرَ حَلِفٌ عَلَى فِعْلِهِ لَا عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ قَدَّمْت هَذَا مَعَ الْفَرْقِ إلَخْ ) حَاصِلُهُ إنَّ مَا هُنَا حَلِفُهُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ مُوَلِّيهِ وَمَا هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ هَكَذَا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامُ الْأَصْلِ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ ) ( الْأَوَّلُ فِي الْأَمْلَاكِ فَإِذَا ادَّعَيَا ) أَيْ اثْنَانِ ( عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً ) مُطْلَقَتَيْ التَّارِيخِ أَوْ مُتَّفِقَتَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا مُطْلَقَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةٌ وَلَمْ يُقِرَّ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ( تَعَارَضَتَا وَسَقَطَتَا ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَسْقُطَانِ وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ الْأَوَّلِ ( وَيَحْلِفُ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( يَمِينًا ) لِخَبَرِ { الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ } وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ { أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعِيرٍ فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَجَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا } فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْبَعِيرَ كَانَ بِيَدِهِمَا فَأَبْطَلَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَقَسَمَهُ بَيْنَهُمَا .
وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد { أَنَّ خَصْمَيْنِ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشُهُودٍ فَأَسْهَمَ بَيْنَهُمَا وَقَضَى لِمَنْ خَرَجَ لَهُ السَّهْمُ } فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ التَّنَازُعَ كَانَ فِي قِسْمَةٍ أَوْ عِتْقٍ ( وَإِنْ أَقَرَّ ) بِالْعَيْنِ ( لِوَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( بَعْدَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ بِهَا ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ ( أَوْ ) أَقَرَّ لَهُ ( قَبْلَ تَمَامِهَا ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ تَمَامُهُمَا أَيْ الْبَيِّنَتَيْنِ ( قُضِيَ لَهُ بِالْيَدِ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ ) مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ ( بِالْكُلِّ ) أَيْ بِكُلِّ الْعَيْنِ لِمَنْ أَقَامَهَا ( وَهِيَ بِيَدِهِمَا فَكُلٌّ تُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ لَكِنْ يُعِيدُ ) الْمُدَّعِي ( الْأَوَّلُ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَتَهُ ) لِلنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِهِ ( لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ثُمَّ تَبْقَى ) الْعَيْنُ ( فِي يَدِهِمَا ) كَمَا كَانَتْ إذْ لَا مُسْتَحِقَّ لَهَا غَيْرُهُمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى

مِنْ الْآخَرِ ( وَإِنْ أَثْبَتَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِمَا فِي يَدِ الْآخَرِ فَقَطْ حُكِمَ لَهُ ) بِهِ ( وَبَقِيَتْ ) أَيْ الْعَيْنُ فِي يَدِهِمَا ( أَيْضًا وَحَيْثُ لَا بَيِّنَةَ ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا ( تَبْقَى ) الْعَيْنُ ( فِي يَدِهِمَا ) أَيْضًا ( سَوَاءٌ حَلَفَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( لِلْآخَرِ أَوْ نَكَلَا ) الْأَوْلَى أَوْ نَكَلَ ( وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ إذَا أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالْعَيْنِ ( أَوْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ ) فَيُقْضَى لَهُ بِجَمِيعِهَا سَوَاءٌ أَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِجَمِيعِهَا أَمْ بِالنِّصْفِ الَّذِي بِيَدِ الْآخَرِ .
( وَمَنْ حَلَفَ ) مِنْهُمَا ( ثُمَّ نَكَلَ صَاحِبُهُ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ ) وَرَغِبَ الْآخَرُ فِي الْيَمِينِ ( كَفَى الْآخَرَ يَمِينٌ ) وَاحِدَةٌ ( لِلنَّفْيِ ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْأَوَّلُ ( وَالْإِثْبَاتُ ) لِلنِّصْفِ الَّذِي ادَّعَاهُ هُوَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ دَخَلَ وَقْتُهُ فَيَحْلِفُ أَنَّ الْجَمِيعَ لَهُ لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهِ أَوْ يَقُولُ لَا حَقَّ لَهُ فِي النِّصْفِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِي ( وَإِنْ أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً ( بِدَارٍ فِي يَدِ ثَالِثٍ وَأَثْبَتَ الْآخَرُ ) أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِنِصْفِهَا أَوْ ثُلُثِهَا تَعَارَضَتَا فِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَسَلَّمَ الْبَاقِي لِمُدَّعِي الْكُلِّ أَوْ ) أَثْبَتَ كُلٌّ مِنْهُمَا ذَلِكَ وَالدَّارُ ( فِي يَدِهِمَا بَقِيَتْ بِيَدِهِمَا ) كَمَا كَانَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي الْكُلِّ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّ الْآخَرَ لَا يَدَّعِي إلَّا النِّصْفَ وَهُوَ ذُو يَدٍ فِيهِ وَسَيَأْتِي أَنَّ ذَا الْيَدِ لَا يَحْتَاجُ إلَى بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ ( وَإِنْ ادَّعَى زَيْدٌ نِصْفَ دَارٍ بِيَدِ رَجُلٍ فَصَدَّقَهُ وَادَّعَى عَمْرٌو النِّصْفَ الْآخَرَ فَكَذَّبَاهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ ) لِنَفْسِهِمَا ( نُزِعَ ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ ( وَحُفِظَ ) إلَى ظُهُورِ مَالِكِهِ كَذَا رَجَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا فِي أَوَائِلِ

الْبَابِ الثَّانِي مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ لَكِنْ لَا تَنْصَرِفُ الْخُصُومَةُ عَنْهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا بِيَدِهِ مِلْكُهُ وَمَا صَدَرَ مِنْهُ لَيْسَ بِمُزِيلٍ وَلَمْ يَظْهَرْ لِغَيْرِهِ اسْتِحْقَاقٌ

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْبَيِّنَةِ ) ( قَوْلُهُ فِي يَدِ تَالِفٍ ) أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ الْحَاكِمِ ) أَيْ وَابْنِ حِبَّانَ ( قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَتْ كُلٌّ بِالْكُلِّ إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا بِأَنْ يَدَّعِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا جَمِيعَهَا وَكَذَا فِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَحَمَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهَا كُلَّهَا لَهُ وَلَكِنَّ الدَّعْوَى لَا تَقَعُ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلَّا بِالنِّصْفِ فَلَوْ ادَّعَى بِالْكُلِّ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ إلَّا بِالنِّصْفِ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعَرُّضٌ لِقِيمَةٍ تَتَبَعَّضُ فَيُؤَدِّي تَبْعِيضُهَا إلَى الْجَهَالَةِ وَفِي الْمَطْلَبِ إذَا امْتَزَجَتْ الدَّعْوَى بِدَعْوَى الْمُعَارِضَةِ سُمِعَتْ فِي الْجَمِيعِ بِأَنْ يَقُولَ هَذِهِ الدَّارُ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ رَفْعَ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا وَتَرْكِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا وَيَقُولُ الْآخَرُ لَا يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ عَلَيَّ بَلْ كُلُّ الدَّارِ مِلْكِي وَأَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ تَرْكَ الْمُنَازَعَةِ وَرَفْعِ يَدِهِ عَنْ نِصْفِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ تُسْمَعُ الدَّعْوَى فِي الْكُلِّ ، وَالنِّصْفُ الَّذِي فِي يَدِ غَرِيمِهِ هُوَ الْمَقْصُودُ ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لَمْ يَبْعُدْ وَقَوْلُهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِ تَصْوِيرُهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يُعِيدُ الْأَوَّلُ بَيِّنَتَهُ لِأَنَّهَا أُقِيمَتْ قَبْلَ بَيِّنَةِ الْخَارِجِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ آخِرَ هَذَا الْكَلَامِ يُنَافِي أَوَّلَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا أَنَّهُ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْكُلِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَتِهَا وَقَدْ قَالَ آخَرُ إنَّهَا تُعَادُ وَالتَّحْقِيقُ الْجَارِي عَلَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَتَانِ إذَا أُقِيمَتَا مَعًا إلَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلِّ وَاحِدٍ فِيهِ خَارِجٌ فَيَحْتَاجُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى إقَامَتِهَا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيهِ دَاخِلٌ فَإِنْ تَرَتَّبَتَا سُمِعَتْ بَيِّنَةُ

السَّابِقِ فِيمَا هُوَ خَارِجٌ فِيهِ دُونَ مَا هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَبَيِّنَةُ الْمُتَأَخِّرِ مُطْلَقًا لِتَقَدُّمِ بَيِّنَةِ السَّابِقِ فِيمَا لِمُتَأَخِّرٍ دَاخِلٍ فِيهِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ ثُمَّ تَبْقَى فِي يَدِهِمَا كَمَا كَانَتْ ) يَقْتَضِي أَنَّ الْحُكْمَ بِالْيَدِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ قِيَامِ الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تَبْقَى بِالْبَيِّنَةِ الْقَائِمَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا الِاحْتِيَاجُ إلَى الْحَلِفِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَسَبَطَهُ وَصَوَّرَهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ يَدٌ عَلَيْهَا لَيْسَتْ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا أَصْلِهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَكَأَنَّ صُورَتَهُ فِيمَا إذَا كَانَ عَقَارًا أَوْ مَتَاعًا مُلْقَى فِي الطَّرِيقِ وَلَيْسَا عِنْدَهُ قَوْلُهُ وَبَقِيَتْ أَيْضًا ) لَكِنْ لَا بِجِهَةِ التَّسَاقُطِ وَلَا بِجِهَةِ التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ ( فَرْعٌ ) لَوْ تَدَاعَيَا عَيْنًا فِي يَدِ ثَالِثٍ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً بِأَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِغَصْبِهَا فَالْبَيِّنَةُ الْأُولَى لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الْغَصْبُ مِنْ طَرِيقِ الْمُشَاهَدَةِ فَقَدْ أَقَرَّ هُوَ بِالْمَغْصُوبِ لِغَيْرِهِ فَلَغَا إقْرَارَهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَلَا غُرْمَ هَاهُنَا عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَدَّعِيَاهُ لِنَفْسِهِمَا ) يُصَدَّقُ بِأَنْ يُسْنِدَهَا صَاحِبُ الْيَدِ إلَى زَيْدٍ وَإِلَى مَنْ لَا تَمْكُنُ مُخَاصَمَتُهُ مِنْ مَجْهُولٍ وَنَحْوِهِ وَبِأَنْ يَنْفِيَهَا عَنْ نَفْسِهِ وَلَا يُسْنِدُهَا إلَى أَحَدٍ وَبِأَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى تَكْذِيبِ عَمْرو وَلَا يَنْفِيهَا عَنْ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ذُهُولٌ عَمَّا صَحَّحَاهُ فِيهَا كَأَصْلِهَا إلَخْ فِيمَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ عَيْنًا فَقَالَ هِيَ لِرَجُلٍ لَا أَعْرِفُهُ أَوْ لَا أُسْمِيَهُ ( قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ كَمَا كَانَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَعَلَّ هَذِهِ الصُّورَةَ أَوْلَى بِالْإِبْقَاءِ فِي يَدِهِ فَتَأَمَّلْ غ

وَكَتَبَ أَيْضًا يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا خَافَ الْحَاكِمُ ضَيَاعَهُ مِنْ بَقَائِهِ فِي يَدِهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ وَاَلَّذِي يُتَخَيَّلُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ هُنَاكَ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وَهُنَا لَمْ يَنْفِهِ عَنْ نَفْسِهِ صَرِيحًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النِّصْفُ بِسَبَبٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ثُمَّ يَظْهَرُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِيرَاثٍ عَنْ مَيِّتٍ لَمْ يَعْرِفْهُ ذَلِكَ الْوَقْتَ فَهُوَ إذًا وَغَيْرُهُ فِي احْتِمَالِ هَذَا النِّصْفِ لَهُ سَوَاءٌ فَيُتْرَكُ فِي يَدِهِ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ .

( فَرْعٌ دَارٌ فِي يَدِ ثَلَاثَةٍ وَكُلٌّ ) مِنْهُمْ ( يَدَّعِي اسْتِحْقَاقَ الْيَدِ فِي جَمِيعِهَا ) وَلَا بَيِّنَةَ ( إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ يَقُولُ النِّصْفُ مِلْكِي وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لِفُلَانٍ ) الْغَائِبِ ( وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ ) أَوْ وَدِيعَةٌ ( وَالثَّانِي كَذَلِكَ يَدَّعِي الْيَدَ فِي جَمِيعِهَا وَ ) أَنَّ مَا ( يَمْلِكُهُ مِنْهَا الثُّلُثُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٌ أَوْ وَوَدِيعَةٌ ( وَالثَّالِثُ كَذَلِكَ وَيَقُولُ مِلْكِي ) مِنْهَا ( السُّدْسُ وَالْبَاقِي لِلْغَائِبِ ) وَهُوَ فِي يَدِي عَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٌ ( فَيَقِرُّ فِي يَدِ كُلٍّ ) مِنْهُمْ ( الثُّلُثُ ) وَتَبْقَى فِي الدَّارِ فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا كَانَتْ ( لَكِنْ نِصْفُ الثُّلُثِ الَّذِي فِي يَدِ مُدَّعِي السُّدْسِ لِلْغَائِبِ ) بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ ( فَإِنْ اقْتَصَرَ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ لَهُ ) مِنْهَا ( مَا يَدَّعِيهِ ) مِنْ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ ( لَمْ يُعْطَ صَاحِبُ السُّدْسِ إلَّا السُّدْسَ ) أَيْضًا وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ حِينَئِذٍ ( وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( بَيِّنَةً عَلَى مَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ حُكِمَ ) لَهُ ( بِهِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ فِيمَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِلْأَوَّلِ فِي الثُّلُثِ بَيِّنَةً وَيَدًا وَفِي السُّدْسِ الْبَاقِي بَيِّنَةٌ وَالْآخَرَانِ لَا يَدَّعِيَانَهُ وَلْيُصَوَّرْ ذَلِكَ بِمَا إذَا أَقَامَ مُدَّعِي النِّصْفِ الْبَيِّنَةَ أَوَّلًا لِأَنَّهُ الْمُحْتَاجُ إلَى إقَامَتِهَا لِلسُّدُسِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بِيَدِهِ وَالْآخَرَانِ لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ فِي الِابْتِدَاءِ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْغَزَالِيُّ وَفِي احْتِيَاجِ الْآخَرَيْنِ إلَى بَيِّنَةٍ بَعْدَ بَيِّنَةِ الْأَوَّلِ نَظَرٌ إذْ لَا مُنَازِعَ لَهُمَا وَهُمَا صَاحِبَا يَدٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمْ الْكُلَّ كَمَا مَرَّ وَأَقَامَ الْأَوَّلُ بَيِّنَةً بِهِ لِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ فِي بَعْضِهِ وَدَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُ فِي بَعْضِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمْ وَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمْ بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ

لَكِنْ يَحْتَاجُ الْأَوَّلُ إلَى إعَادَةِ بَيِّنَةٍ لِلثُّلُثِ الَّذِي بِيَدِهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ وَيَجْرِي نَظِيرُهُ فِيمَا يَأْتِي .
( وَإِنْ ادَّعَى ) شَخْصٌ ( دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَيْهَا وَآخَرُ نِصْفَهَا وَآخَرُ ثُلُثَهَا وَهِيَ فِي يَدِ خَامِسٍ وَأَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( بَيِّنَةً بِمَا يَدَّعِيهِ فَثُلُثٌ لَا يُعَارِضُ فِيهِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَالْبَاقِي يَقَعُ فِيهِ التَّعَارُضِ فَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى النِّصْفِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَةُ مُدَّعِي الْكُلِّ وَ ) بَيِّنَةُ ( مُدَّعِي الثُّلُثَيْنِ وَالسُّدْسُ الزَّائِدُ عَلَى الثُّلُثِ يَتَعَارَضُ فِيهِ بَيِّنَتُهُمَا و بَيِّنَةُ مُدَّعِي النِّصْفِ وَفِي الثُّلُثِ الْبَاقِي تَتَعَارَضُ الْبَيِّنَاتُ الْأَرْبَعُ فَيَسْقُطُ الْبَيِّنَاتُ فِي الثُّلُثَيْنِ ) فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكُلٍّ مِنْهُمْ يَمِينًا ( وَيُسَلِّمُ الثُّلُثَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ وَلَوْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ جُعِلَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ) لِأَنَّهُمْ إنْ أَقَامُوا بَيِّنَاتٍ فَبَيِّنَةُ كُلٍّ مِنْهُمْ تُرَجَّحُ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ بِالْيَدِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ كُلٍّ مِنْهُمْ فِي الرُّبْعِ الَّذِي بِيَدِهِ فَإِذَا حَلَفُوا كَانَتْ بَيْنَهُمْ أَرْبَاعًا ( وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ ثَلَاثَةٍ ادَّعَى وَاحِدٌ ) مِنْهُمْ ( النِّصْفَ وَالثَّانِي الثُّلُثَ وَالثَّالِثُ السُّدْسَ أُعْطِيَ كُلٌّ ) مِنْهُمْ ( مَا ثَبَتَ لَهُ ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالْآخَرُ النِّصْفَ وَالثَّالِثُ الثُّلُثَ وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الثُّلُثُ ) بِالْبَيِّنَةِ وَالْيَدِ ( وَلِمُدَّعِي الْكُلِّ أَيْضًا نِصْفُ الثُّلُثِ ) الْبَاقِي بِبَيِّنَتِهِ السَّالِمَةِ عَنْ الْمُعَارِضَةِ ( وَنِصْفُهُ ) الْآخَرُ ( يَسْقُطُ لِلتَّعَارُضِ ) بَيْنَ بَيِّنَةِ مُدَّعِي الْكُلِّ وَبَيِّنَةِ مُدَّعِي النِّصْفِ ( وَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الثَّالِثِ ) بِيَمِينِهِ

( قَوْلُهُ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى دَارًا وَآخَرُ ثُلُثَهَا إلَخْ ) حَكَى الْبَنْدَنِيجِيُّ وَأَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ عَمْرو شَاةٌ فَادَّعَاهَا زَيْدٌ وَأَقَامَ عَمْرٌو بَيِّنَةً أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ لَهُ بِهَا وَسَلَّمَهَا إلَيْهِ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ إذَا كَانَ الْحَاكِمُ حَكَمَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا قُضِيَ لِزَيْدٍ بِهَا لِأَنَّهُ ظَهَرَ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً وَيَدًا وَلِعَمْرٍو بَيِّنَةً بِلَا يَدٍ وَإِنْ كَانَ قُضِيَ بِهَا لِعَمْرٍو لِعَدَالَةِ بَيِّنَتِهِ دُونَ بَيِّنَةِ زَيْدٍ أُقِرَّتْ بِيَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْفَاسِقَةَ إذَا رُدَّتْ ثُمَّ أَعَادَتْ الشَّهَادَةُ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ الثَّانِي عَلَى أَيْ وَجْهٍ وَقَعَ حُكْمُ الْأَوَّلِ وَأَشْكَلَ الْحَالُ فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا يَنْقُضُ أَيْضًا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْحَاوِي تَرْجِيحُهُ وَلَوْ تَدَاعَيَا شَيْئًا وَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُمَا وَلَا خُصُومَةَ إلَّا أَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّهُ فِي يَدِي وَإِنَّ هَذَا بِمَا نَعْنِي فَتُسْمَعُ فَلَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ تَعَارَضَتَا وَبَعَثَ الْحَاكِمُ مَنْ يَبْحَثُ عَنْ الْحَالِ لِيَتَّضِحَ عِنْدَهُ وَلِيَتَبَيَّنَ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ اُشْتُبِهَ الْأَمْرُ فَالْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَانِ ذَكَرَهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ وَذَكَرَ شُرَيْحٌ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهُ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ هَذَا الْمَالَ لَهُ حَكَمَ لَهُ بِهِ فُلَانٌ الْحَاكِمُ وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ لَهُ فَهَلْ يَتَرَجَّحُ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ وَجْهَانِ قَالَ وَذَكَرَ الْعَبَّادِيُّ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ الْقَاضِيَ قَضَى بِالْمِلْكِ لِفُلَانٍ وَآخَرَانِ أَنَّهُ الْآنَ لِفُلَانٍ فَهَذِهِ أَوْلَى لِأَنَّ حَرْفَ الْآنَ آخِرُ حَدِّ الزَّمَانِ الْأَوَّلِ وَأَوَّلُ حَدِّ الزَّمَانِ الثَّانِي فَفِيهِ تَحْدِيدُ الْمِلْكِ وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ رَجُلٌ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْحَاكِمَ قَضَى

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70