كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( وَلَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَعَقَدَ الْمُسَابَقَةَ بِعَشَرَةٍ ) مَثَلًا ( فَجَمْعُ بَيْعٍ وَإِجَارَةٍ ) فِي صَفْقَةٍ فَيَصِحُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسَابَقَةَ لَازِمَةٌ ( وَإِنْ بَانَ الْعَقْدُ ) بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ ( فَاسِدًا فَلِلسَّابِقِ ) الْمَشْرُوطُ لَهُ الْمَالُ عَلَى الْمُلْتَزِمِ ( أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) كَالْإِجَارَةِ وَالْقِرَاضِ الْفَاسِدَيْنِ ( وَهِيَ مَا يُتَسَابَقُ بِمِثْلِهِ فِي ) مِثْلِ ( تِلْكَ الْمَسَافَةِ ) غَالِبًا ( فَلَوْ فَسَدَ عِوَضُ ) السَّابِقِ ( الْأَوَّلِ ) مَثَلًا ( اسْتَحَقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَلَمْ يَبْطُلْ مُسَمَّى مَنْ بَعْدَهُ ) وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمَشْرُوطِ لَهُ زَائِدًا عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ ؛ لِأَنَّ الْفَسَادَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَا يُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ بِهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ وَفِيهِ طَرَفَانِ ) ( الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ ، وَهِيَ سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الْمُحَلِّلُ كَمَا ) مَرَّ بَيَانُهُ ( فِي السَّبَقِ وَالْحِزْبَانِ ) فِي ذَلِكَ ( كَالشَّخْصَيْنِ ) فَإِنْ أَخْرَجَ الْمَالَ أَحَدُهُمَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ جَازَ ، وَإِنْ أَخْرَجَاهُ اُشْتُرِطَ مُحَلِّلٌ إمَّا وَاحِدٌ أَوْ حِزْبٌ ( وَالْمُحَلِّلُ ) يَكُونُ ( مِنْ غَيْرِهِمَا ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ ( وَلَوْ أَخْرَجَهُ الْحِزْبَانِ عَلَى أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ أَحَدِهِمَا ( إذَا غَنِمَ حِزْبُهُ يَغْنَمُ مَعَهُمْ وَلَا يَغْرَمُ ) شَيْئًا ( إذَا غَرِمُوا أَوْ اشْتَمَلَ كُلُّ حِزْبٍ ) مِنْهُمَا ( عَلَى مُحَلِّلٍ هَكَذَا ) أَيْ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ ( لَمْ يَجُزْ إذْ شَرْطُ الْمُحَلِّلِ أَنْ لَا يُشَارِكَهُ أَصْحَابُهُ ) فِي الْمَالِ وَهُنَا يُشَارِكُونَهُ فِيهِ ( فَإِنْ شَرَطَ كُلٌّ مِنْهُمْ ) الْأُولَى مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْحِزْبَيْنِ ( الْمَالَ ) كُلَّهُ ( لِمُحَلِّلِهِمْ إنْ غَلَبُوا لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فَائِزًا لِغَيْرِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا الشَّرْطُ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي الرَّمْيِ ) ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ شَرَطَهُ أَحَدُهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الثَّانِي اتِّحَادُ الْجِنْسِ ) لِآلَاتِ الرَّمْيِ ( فَلَوْ كَانَتْ سِهَامًا وَمَزَارِيقَ لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ كَمَا فِي الْمُسَابَقَةِ عَلَى الْخَيْلِ مَعَ الْإِبِلِ ( وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ نَوْعٍ كَالْقَوْسِ الْعَرَبِيِّ مَعَ ) الْقَوْسِ ( الْفَارِسِيِّ وَكَالنَّبْلِ ) وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنْ الْقَوْسِ الْعَرَبِيَّةِ ( مَعَ النُّشَّابِ ) ، وَهُوَ مَا يُرْمَى بِهِ عَنْ الْفَارِسِيَّةِ كَاخْتِلَافِ أَنْوَاعِ الْإِبِلِ وَالْخَيْلِ ( وَمِنْ النَّوْعِ ) أَيْ أَنْوَاعِ الْقِسِيِّ ( قَوْسُ الْحُسْبَانِ ) وَقَدْ مَرَّ بَيَانُهُ فِي الْوَصَايَا ( ثُمَّ إنْ عَيَّنَا ) أَيْ الْمُتَنَاضَلَانِ ( نَوْعًا ) مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا ( تَعَيَّنَ وَلَمْ يُبَدَّلْ فَإِنْ أُبْدِلَ ) وَلَوْ ( بِدُونِ الشَّرْطِ ) كَمَا إذَا عَيَّنَا الْفَارِسِيَّةَ فَأُبْدِلَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ ( لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ ) ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ اسْتِعْمَالُهُ لِأَحَدِهِمَا أَكْثَرَ وَرَمْيُهُ بِهِ أَجْوَدَ ( وَإِنْ عَيَّنَا قَوْسًا أَوْ سَهْمًا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَجَازَ إبْدَالُهُ ) بِمِثْلِهِ ( مِنْ نَوْعِهِ ) ، وَإِنْ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ خَلَلٌ يَمْنَعُ اسْتِعْمَالَهُ ( بِخِلَافِ الْفَرَسِ ) الْمُعَيَّنِ لَا يُبَدَّلُ بِغَيْرِهِ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ شَرَطَ أَنْ لَا يُبَدَّلَ فَسَدَ الْعَقْدُ ) لِفَسَادِ الشَّرْطِ ؛ لِأَنَّ الرَّامِي قَدْ تَعْرِضُ لَهُ أَحْوَالٌ خَفِيَّةٌ تَحُوجُهُ إلَى الْإِبْدَالِ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فَأَشْبَهَ تَعْيِينَ الْمِكْيَالِ فِي السَّلَمِ ( وَلَوْ أَطْلَقَا ) الْعَقْدَ ( وَلَمْ يُعَيِّنَا نَوْعًا جَازَ ) ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ نَوْعٌ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَتَرَامَوْنَ فِيهِ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الرَّامِي ( وَفَسَخَا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ ( إنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى نَوْعٍ أَوْ ) عَلَى ( نَوْعَيْنِ لِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نَوْعٌ ) بِأَنْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا نَوْعًا وَالْآخَرُ آخَرَ وَأَصَرَّا عَلَى الْمُنَازَعَةِ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ الشَّرْطُ

قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عَيَّنَا نَوْعًا إلَخْ ) فَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا نَوْعَهُ فَهَلْ يَقُومُ تَعْيِينُ الْقَوْسِ مَقَامَ تَعْيِينِ النَّوْعِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَقُومُ هُنَا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ إذَا بَطَلَ الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ إذْ لَا عُمُومَ فِي تَعْيِينِ الْقَوْسِ

( الثَّالِثُ تَكَافُؤُهُمَا ) أَيْ تَقَارُبُ الْمُتَنَاضَلَيْنِ فِي الْحَذْفِ بِحَيْثُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَاضِلًا وَمَنْضُولًا فَإِنْ تَفَاوَتَا فَكَانَ أَحَدُهُمَا مُصِيبًا فِي أَكْثَرِ رَمْيِهِ وَالْآخَرُ مُخْطِئًا فِي أَكْثَرِهِ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ حَذْفَ النَّاضِلِ مَعْلُومٌ بِلَا نِضَالٍ فَأَخْذُهُ الْمَالَ كَأَخْذِهِ بِلَا نِضَالٍ وَقِيلَ يَجُوزُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ ( وَإِمْكَانُ الْإِصَابَةِ وَالْخَطَأِ فَيَبْطُلُ ) الْعَقْدُ ( إنْ امْتَنَعَتْ الْإِصَابَةُ ) عَادَةً ( لِصِغَرِ الْغَرَضِ ) أَوْ بُعْدِ الْمَسَافَةِ أَوْ كَثْرَةِ الْإِصَابَةِ الْمَشْرُوطَةِ ( وَ ) ذَلِكَ مِثْلُ ( إصَابَةِ عَشَرَةٍ مُتَوَالِيَةٍ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُفْضِي إلَى مَقْصُودِهِ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْ بَذْلِ الْمَالِ الْحَثُّ عَلَى الْمُرَامَاةِ طَمَعًا فِي الْمَالِ وَالْمُمْتَنِعُ لَا يُسْعَى فِيهِ ( وَكَذَا ) يَبْطُلُ ( لَوْ نَدَرَتْ ) أَيْ الْإِصَابَةُ ( كَإِصَابَةِ تِسْعَةٍ مِنْ عَشَرَةٍ ) وَكَالتَّنَاضُلِ إلَى مَسَافَةٍ يَنْدُرُ فِيهَا الْإِصَابَةُ وَالتَّنَاضُلِ فِي اللَّيْلَةِ الْمُظْلِمَةِ ، وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ قَدْ يَتَرَاءَى لَهُمَا لِبُعْدِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ وَالتَّمْثِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ تَيَقَّنَتْ ) أَيْ الْإِصَابَةُ عَادَةً ( كَإِصَابَةِ حَاذِقٍ وَاحِدًا مِنْ مِائَةٍ لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِيهِ خَطَرٌ لِيَتَأَنَّقَ الرَّامِي فِي الْإِصَابَةِ وَقِيلَ يَجُوزُ لِيَتَعَلَّمَ الرَّمْيَ بِمُشَاهَدَةِ رَمْيِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيُّ الشَّرْطُ
( قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ حَذْفَ النَّاضِلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَمِيلُ إلَيْهِ ) وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ

( الرَّابِعُ الْإِعْلَامُ ) بِأُمُورٍ يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ بِاخْتِلَافِهَا ( فَيُبَيِّنَانِ عَدَدَ الْإِصَابَةِ كَخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ بِالْإِصَابَةِ وَبِهَا يَتَبَيَّنُ حِذْقُ الرَّامِي وَجَوْدَةُ رَمْيِهِ ( وَ ) يُبَيِّنَانِ ( صِفَتَهَا مِنْ الْقَرْعِ ، وَهُوَ الْإِصَابَةُ ) وَلَوْ بِلَا خَدْشٍ ( وَالْخَزْقَ ) بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالزَّايِ ( وَهُوَ أَنْ يَثْقُبَ ) الْغَرَضَ ( وَلَا يَثْبُتَ ) فِيهِ بِأَنْ يَعُودَ أَوْ يَمْرُقَ ( وَالْخَسْقَ ، وَهُوَ أَنْ يَثْبُتَ ) فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ كَافٍ فَلَا يَضُرُّ مَا فَوْقَهُ مَا دُونَهُ وَلَا يَضُرُّ سُقُوطُهُ بَعْدَ مَا ثَبَتَ كَمَا لَوْ نَزَعَ بِقِرْبَةٍ مَا سَيَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي ( وَالْخُرْمَ ، وَهُوَ أَنْ يَخْرِمَ طَرَفَ الْغَرَضِ وَالْمَرَقَ ) بِالرَّاءِ ( وَهُوَ أَنْ ) يَثْقُبَهُ وَ ( يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيَكْفِي الْإِطْلَاقُ ) لِلْعَقْدِ ( وَيَقْنَعُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا ) فَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِشَيْءٍ مِنْهَا ، وَإِنْ نَصَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا تَعَيَّنَ هُوَ أَوْ مَا فَوْقَهُ ( وَأَمَّا الْمَسَافَةُ ) الَّتِي يَرْمِيَانِ فِيهَا أَيْ بَيَانُهَا ( وَبَيَانُ طُولِ الْغَرَضِ وَعَرْضِهِ وَارْتِفَاعِهِ مِنْ الْأَرْضِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لِلرُّمَاةِ ( عُرْفٌ ) غَالِبٌ فِي ذَلِكَ ( وَجَبَ بَيَانُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( وَإِلَّا فَلَا ) يَجِبُ بَيَانُهُ بَلْ يُتَّبَعُ الْعُرْفُ فِيهِ كَمَوَاضِعِ النُّزُولِ بِالطَّرِيقِ وَالْمَغَالِيقِ فِي اسْتِئْجَارِ الدَّارِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْغَرَضُ عَلَى هَدَفٍ أَمْ لَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ نَوْعِ مَا يَرْمِي بِهِ كَالْقَوْسِ الْعَرَبِيِّ وَالْفَارِسِيِّ ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِبْ نَوْعٌ ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَأَطْلَقَ أَيْضًا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الرَّمْيِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَذَكَرَ فِي اشْتِرَاطِ الْبَادِئِ نَحْوَهُ وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَوْضِعَيْنِ وَالْمُتَّجَهُ اسْتِوَاءُ الْجَمِيعِ فِي اعْتِبَارِ الْعَادَةِ أَوْ عَدَمِهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْإِسْنَوِيُّ فِي

كَلَامِهِ عَلَى الْأَصْلِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ فِي الْأَخِيرَيْنِ اخْتِلَافًا ظَاهِرًا بِخِلَافِ مَا يَرْمِي بِهِ ، وَأَمَّا الْمَسَافَةُ التَّابِعُ لَهَا مَا ذَكَرَ مَعَهَا فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالْمَسَافَةِ الْمُسْتَأْجَرِ لِقَطْعِهَا بِسَيْرِ الدَّابَّةِ كَمَا تَقَرَّرَ ( وَالْإِصَابَةُ ) لِلْغَرَضِ ( مُمْكِنَةٌ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا ) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ أَنَّهُ قِيلَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ كَيْفَ كُنْتُمْ تُقَاتِلُونَ الْعَدُوَّ فَقَالَ إذَا كَانُوا عَلَى مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا قَاتَلْنَاهُمْ بِالنَّبْلِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ بِالْحِجَارَةِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ بِالرِّمَاحِ وَإِذَا كَانُوا عَلَى أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ قَاتَلْنَاهُمْ بِالسَّيْفِ ( وَتَتَعَذَّرُ ) الْإِصَابَةُ ( بِمَا فَوْقَ ثَلَثِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرَوَوْا أَنَّهُ لَمْ يَرْمِ إلَى أَرْبَعِمِائَةٍ إلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ ( وَتَنْدُرُ ) الْإِصَابَةُ ( فِيمَا بَيْنَهُمَا )

( قَوْلُهُ ، وَهُوَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : إنَّهُ لَيْسَ بِتَفْسِيرٍ مُعْتَمَدٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الْمَرْقَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ وَيَقَعَ مِنْهُ ، وَبِهِ فَسَّرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَقَالَ : إنَّهُ مِنْ الْخَوَارِجِ الَّذِينَ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ فَلَمْ يَبْقَ لِلْمَارِقِ فِي الدِّينِ عَلَقَةً كَمَا أَنَّ السَّهْمَ مَرَقَ مِنْ الرَّمْيَةِ وَلَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا عَلَقَةٌ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ بَيَانُهُ ) بَلْ يُتَّبَعُ الْعُرْفُ فِيهِ لَوْ كَانَتْ هُنَاكَ عَادَةً مَعْرُوفَةً وَلَكِنْ الْمُتَنَاضَلُونَ غُرَبَاءُ يَجْهَلُونَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ بَحْثًا قس وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ غَرَضٌ مَعْلُومٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يُرْمَى بِهِ ) إذْ الِاعْتِمَادُ فِي الرَّمْيِ عَلَى الرَّامِي لَا عَلَى مَا يُرْمَى بِهِ ( قَوْلُهُ فِي مِائَتَيْنِ وَخَمْسِينَ ذِرَاعًا ) هَذَا الذِّرَاعُ لَمْ يُبَيِّنْهُ الْأَصْحَابُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ ذِرَاعُ الْيَدِ الْمُعْتَبَرِ فِي مَسَافَةِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَفِي الْقُلَّتَيْنِ د وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى الْبُعْدِ ) أَيْ عَلَى أَنْ يَكُونَ السَّبَقُ لَا بَعْدَهُمَا رَمْيًا وَلَمْ يَقْصِدَا غَرَضًا ( جَازَ ) ؛ لِأَنَّ الْأَبْعَادَ مَقْصُودٌ أَيْضًا فِي مُحَاصَرَةِ الْقِلَاعِ وَنَحْوِهَا وَحُصُولُ الْإِرْعَابِ وَامْتِحَانُ شِدَّةِ السَّاعِدِ وَتَخَالُفُ الْغَايَةِ فِي السِّبَاقِ بِالدَّابَّةِ لِإِفْضَاءِ طُولِ الْعَدُوِّ إلَى الْجَهْدِ ( فَيُرَاعَى لِلْبُعْدِ اسْتِوَاؤُهُمَا ) أَيْ الْمُتَنَاضَلَيْنِ ( فِي شِدَّةِ الْقَوْسِ وَرَزَانَةِ السَّهْمِ ) وَخِفَّتِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَثِّرُ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَأْثِيرًا عَظِيمًا ( وَالْهَدَفُ مَا يُرْفَعُ ) مِنْ حَائِطٍ يُبْنَى أَوْ تُرَابٍ يُجْمَعُ أَوْ نَحْوِهِ ( وَيُوضَعُ عَلَيْهِ الْغَرَضُ وَالْغَرَضُ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ( شَنٌّ ) أَيْ جِلْدٌ بَالٍ ( أَوْ قِرْطَاسٌ أَوْ خَشَبٌ ) وَقِيلَ كُلُّ مَا نُصِبَ فِي الْهَدَفِ فَقِرْطَاسٌ كَاغِدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ وَمَا عَلِقَ فِي الْهَوَاءِ فَغَرَضٌ ( وَالرُّقْعَةُ عَظْمٌ وَنَحْوُهُ ) يُجْعَلُ ( وَسَطَ الْغَرَضِ وَالدَّارَةُ نَقْشٌ مُسْتَدِيرٌ ) كَالْقَمَرِ قَبْلَ اسْتِكْمَالِهِ قَدْ يُجْعَلُ بَدَلَ الرُّقْعَةِ ( فِي وَسَطِ الْغَرَضِ وَالْخَاتَمُ نَقْشٌ ) يُجْعَلُ ( فِي وَسَطِهَا ) أَيْ الدَّارَةِ ( فَيُبَيِّنَانِ الْإِصَابَةَ ) أَيْ مَوْضِعَهَا أَهُوَ ( فِي الْغَرَضِ أَوْ الْهَدَفِ أَوْ الدَّارَةِ ) أَوْ الْخَاتَمِ وَقَدْ يُقَالُ لَهُ الْحَلْقَةُ وَالرُّقْعَةُ وَقَدْ تَجْعَلُ الْعَرَبُ بَدَلَ الْهَدَفِ تُرْسًا وَتُعَلِّقُ فِيهِ الشَّنَّ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ ( وَلَوْ شَرَطَ الْخَاتَمَ ) أَيْ إصَابَتَهُ ( أُلْحِقَ بِالنَّادِرِ ) فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ

( وَيَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنْ يَرْمِيَ الْأَوَّلُ سِهَامَهُ ثُمَّ الثَّانِي ) كَذَلِكَ ( وَإِنْ أَطْلَقَا حُمِلَ عَلَى سَهْمٍ سَهْمٌ ) وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ نُوَبِ الرَّمْيِ بَيْنَ الرُّمَاةِ كَأَرْبَعِ نُوَبٍ ، كُلُّ نَوْبَةٍ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ

( وَلَا يَلْزَمُ التَّعَرُّضُ ) فِي الْعَقْدِ ( لِلْمُحَاطَةُ ) بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ ( وَالْمُبَادَرَةُ ) خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ( بَلْ يُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُبَادَرَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ ( فَالْمُحَاطَّةُ أَنْ يَشْتَرِطَ ) فِي الْعَقْدِ ( أَنَّ النَّاضِلَ مَنْ زَادَتْ إصَابَتُهُ عَلَى إصَابَةِ صَاحِبِهِ بِخَمْسَةٍ مَثَلًا مِنْ عَدَدٍ مَعْلُومٍ ) كَعِشْرِينَ ( فَإِنْ اسْتَوَيَا ) فِي إصَابَةِ خَمْسَةٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ لَمْ يَسْتَوِيَا ( وَزَادَ أَحَدُهُمَا أَقَلَّ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْخَمْسَةِ ( فَلَا نَاضِلَ ) ، وَإِنْ زَادَ بِهَا فَهُوَ النَّاضِلُ وَلَوْ زَادَتْ إصَابَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى إصَابَةِ الْآخَرِ بِخَمْسَةٍ قَبْلَ إتْمَامِ الرَّمْيِ لَزِمَ إتْمَامُهُ لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ الْآخَرُ فِيمَا بَقِيَ مَا تَخْرُجُ بِهِ زِيَادَةُ ذَاكَ عَنْ كَوْنِهَا خَمْسَةً نَعَمْ إنْ لَمْ يَرْجُ بِالتَّمَامِ الدَّفْعَ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا لَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا فِي الْمِثَالِ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَصَابَهَا وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَأَصَابَ مِنْهَا خَمْسَةً فَلَا يَلْزَمُ إتْمَامُ الرَّمْيِ كَمَا سَيَأْتِي لِعَدَمِ فَائِدَتِهِ فَإِنَّهُ لَوْ أَصَابَ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ لَمْ يَخْرُجْ النَّاضِلُ عَنْ كَوْنِهِ زَادَ عَلَيْهِ بِخَمْسَةٍ ( وَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَشْتَرِطَ ) فِي الْعَقْدِ ( أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا إلَى إصَابَةِ خَمْسَةٍ مَثَلًا مِنْ عِشْرِينَ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ بِهِ ( فَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بِخَمْسَةٍ فَلَا نَاضِلَ ، وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا بِخَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ وَرَمَى الْآخَرُ تِسْعَةَ عَشَرَ وَأَصَابَ أَرْبَعَةً فَلَا ) نَاضِلَ بَلْ لَا ( بُدَّ أَنْ يُتِمَّ الْعِشْرِينَ ) لِجَوَازِ أَنْ يُصِيبَ فِي الْبَاقِي فَلَا يَكُونُ الْأَوَّلُ نَاضِلًا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَوْلُنَا مَعَ اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَدَدِ الْمَرْمِيِّ بِهِ احْتِرَازٌ عَنْ هَذِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ بَدَرَ لَكِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا بَعْدُ ( وَإِنْ أَصَابَ ) الْآخَرُ مِنْ التِّسْعَةَ عَشَرَ ( بِثَلَاثَةٍ لَمْ يُتِمَّ ) الْعِشْرِينَ ( وَصَارَ

مَنْضُولًا ) لِيَأْسِهِ مِنْ الْمُسَاوَاةِ مَعَ الِاسْتِوَاءِ فِي رَمْيِ عِشْرِينَ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُشْتَرَطُ بَيَانُ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ جَمْعُ رَشْقٍ بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَهِيَ الرَّمْيُ ، وَأَمَّا بِكَسْرِهَا فَهُوَ النَّوْبَةُ مِنْ الرَّمْيِ تَجْرِي بَيْنَ الرَّامِيَيْنِ سَهْمًا سَهْمًا أَوْ أَكْثَرَ ( مُحَاطَّةً كَانَتْ أَوْ مُبَادَرَةً ) لِيَكُونَ لِلْعَمَلِ ضَبْطٌ وَالْأَرْشَاقُ فِي الْمُنَاضَلَةِ كَالْمَيْدَانِ فِي الْمُسَابَقَةِ
قَوْلُهُ فَالْمُحَاطَّةُ أَنْ يَشْرِطَ أَنَّ النَّاضِلَ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ شَرَطَا النَّضْلَ بِوَاحِدٍ بَعْدَ الطَّرْحِ وَمَا لَوْ شَرَطَا بَعْدَ طَرْحِ الْمُشْتَرَكِ نَضْلَ شَيْءٍ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ وَمَا لَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْعِشْرِينَ خَمْسَةً وَلَمْ يُصِبْ الْآخَرُ شَيْئًا

( وَلَوْ تَنَاضَلَا عَلَى إصَابَةِ رَمْيَةٍ وَاحِدَةٍ ) وَشَرَطَا فِي الْمَالِ لِلْمُصِيبِ فِيهَا ( جَازَ ) ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَتَّفِقُ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ إصَابَةُ الْأَخْرَقِ دُونَ الْحَاذِقِ

( وَالرَّمْيُ ) مِنْ أَحَدِهِمَا ( فِي غَيْرِ النَّوْبَةِ ) الْمُسْتَحَقَّةِ لَهُ ( لَاغٍ وَلَوْ جَرَى ) ذَلِكَ ( بِاتِّفَاقِهِمَا ) فَلَا تُحْسَبُ الزِّيَادَةُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ

( وَإِنْ عَقَدَا عَلَى عَدَدٍ كَثِيرٍ كَأَنْ يَرْمِيَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا كُلَّ يَوْمٍ ( بُكْرَةً كَذَا وَعَشِيَّةً كَذَا وَجَبَ ) عَلَيْهِمَا ( الْوَفَاءُ ) بِذَلِكَ بِأَنْ لَا يَتَفَرَّقَا كُلَّ يَوْمٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَا الْمَشْرُوطَ فِيهِ ( إلَّا لِعَارِضِ مَرَضٍ أَوْ رِيحٍ ) عَاصِفَةٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَا يَجِبُ الْوَفَاءُ فَيَقْطَعَانِ الرَّمْيَ ثُمَّ يَرْمِيَانِ عَلَى مَا مَضَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ بَعْدَهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ ( وَيَجُوزُ شَرْطُهُ ) أَيْ الرَّمْيِ ( فِي جَمِيعِ النَّهَارِ فَلَا يَدَعَانِهِ ) أَيْ يَتْرُكَانِهِ ( إلَّا وَقْتَ الطَّهَارَةِ ) وَالصَّلَاةِ وَالْأَكْلِ وَنَحْوِهَا ( فَهَذِهِ ) الْأَوْقَاتُ ( تَقَعُ مُسْتَثْنَاةً ) كَمَا فِي الْإِجَارَةِ ( وَلَوْ أَطْلَقَا وَلَمْ يُبَيِّنَا وَظِيفَةَ كُلِّ يَوْمٍ جَازَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ أَيْ يَدَعَانِ الرَّمْيَ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ

( وَيَجُوزُ ) لَهُمَا ( التَّرْكُ ) لِلرَّمْيِ ( بِالتَّرَاضِي وَبِعُذْرِ مَطَرٍ وَرِيحٍ ) عَاصِفَةٍ ( وَمَرَضٍ ) وَنَحْوِهَا ( لَا حَرٍّ وَرِيحٍ خَفِيفَيْنِ ) وَصْفُ الرِّيحِ بِالْخِفَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَ ) بَقِيَ ( عَلَيْهِمَا شَيْءٌ ) مِنْ وَظِيفَةِ الْيَوْمِ لَمْ يَرْمِيَا لَيْلًا لِلْعَادَةِ ( وَ ) إنْ ( شَرَطَا رَمْيَهُ ) أَيْ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا ( لَيْلًا لَزِمَ وَالْقَمَرُ قَدْ يَكْفِي ) ضَوْءُهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَمَرٌ ( فَشَمْعَةٌ ) مَثَلًا يَكْفِي ضَوْءُهَا إنْ وَجَدَاهَا ( أَوْ ) يَرْمِيَانِ ( مِنْ الْغَدِ ) إنْ لَمْ يَجِدَاهَا وَذِكْرُ لُزُومِ الرَّمْيِ لَيْلًا وَالرَّمْيِ مِنْ الْغَدِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( وَيُشْتَرَطُ رَمْيُهُمَا مُرَتَّبًا ) بِخِلَافِ الْمُتَسَابِقَيْنِ يُجْرِيَانِ الْفَرَسَيْنِ مَعًا ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا رَمَيَاهُ مَعًا اشْتَبَهَ الْمُصِيبُ بِالْمُخْطِئِ ( وَ ) يُشْتَرَطُ ( تَبْيِينُ الْبَادِئِ ) مِنْهُمَا بِالرَّمْيِ ( فَإِذَا لَمْ يُبَيِّنَاهُ فَسَدَ الْعَقْدُ ) ؛ لِأَنَّ الْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ بِالْبُدَاءَةِ وَالرُّمَاةُ يَتَنَافَسُونَ فِيهَا تَنَافُسًا ظَاهِرًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُبْتَدِئَ بِالرَّمْيِ يَجِدُ الْغَرَضَ نَقِيًّا لَا خَلَلَ فِيهِ ، وَهُوَ عَلَى ابْتِدَاءِ النَّشَاطِ فَتَكُونُ إصَابَتُهُ أَقْرَبَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ تَأَثَّرَ الْعَقْدُ بِإِهْمَالِهِ ( وَلَوْ بَدَأَ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَةٍ ) لَهُ ( تَأَخَّرَ ) عَنْ الْآخَرِ ( فِي الْأُخْرَى وَلَوْ شَرَطَ تَقْدِيمَهُ أَبَدًا لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّ الْمُنَاضَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي

( وَيُسْتَحَبُّ نَصْبُ غَرَضَيْنِ ) مُتَقَابِلَيْنِ ( يَرْمُونَ مِنْ ) عِنْدَ ( أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ ثُمَّ بِالْعَكْسِ ) بِأَنْ يَأْتُوا إلَى الْآخَرِ وَيَلْتَقِطُونَ السِّهَامَ وَيَرْمُونَ إلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهُمْ بِذَلِكَ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى الذَّهَابِ وَالْإِيَابِ وَلَا تَطُولُ الْمُدَّةُ أَيْضًا الشَّرْطُ

( الْخَامِسُ تَعْيِينُ الرُّمَاةِ فَيَجِبُ ) تَعْيِينُهُمْ ( فِي الْعَقْدِ ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مَعْرِفَةُ حِذْقِهِمْ وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِتَعْيِينِهِمْ ( وَيُشْتَرَطُ لِكُلِّ حِزْبٍ زَعِيمٌ ) أَيْ كَبِيرٌ يُعِينُ أَصْحَابَهُ وَيَتَوَكَّلُ عَنْهُمْ فِي الْعَقْدِ بَعْدَ تَعْيِينِهِمْ فَلَا يَجُوزُ زَعِيمٌ وَاحِدٌ لِلْحِزْبَيْنِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَكَّلَ وَاحِدٌ فِي طَرَفَيْ الْبَيْعِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْقِدَا قَبْلَ التَّعْيِينِ وَطَرِيقُ التَّعْيِينِ الِاخْتِيَارُ كَمَا قَالَ ( وَيَخْتَارُ هَذَا وَاحِدًا ثُمَّ هَذَا وَاحِدًا وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ أَحَدُهُمَا أَصْحَابَهُ أَوَّلًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَسْتَوْعِبَ الْحُذَّاقَ ( وَلَا ) أَنْ يُعَيِّنَهُمْ ( بِالْقُرْعَةِ ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَجْمَعُ الْحُذَّاقَ فِي جَانِبٍ ) فَيُفَوِّتُ مَقْصُودَهَا الْمُنَاضَلَةَ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا : أَنَا أَخْتَارُ الْحُذَّاقَ وَأُعْطِي السَّبَقَ أَوْ الْخَرْقَ وَآخُذُ السَّبَقَ لَمْ يَجُزْ ؛ وَلِأَنَّ الْقُرْعَةَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي الْعُقُودِ ؛ وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُنَاضَلَةُ عَلَى تَعْيِينِ مَنْ خَرَجَتْ الْقُرْعَةُ عَلَيْهِمْ نَعَمْ إنْ رَضِيَا بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ وَعَقَدَا عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَنَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُمَا لَوْ تَنَاضَلَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ كُلُّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةً وَلَمْ يُسَمِّهِمْ لَمْ يَجُزْ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مَنْ يَرْمِي مَعَهُ بِأَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا يَعْرِفُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ : وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِي مَعْرِفَةٌ لِزَعِيمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَعْرِفَ الْأَصْحَابُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ( وَابْتِدَاءُ أَحَدِ الْحِزْبَيْنِ ) بِالرَّمْيِ ( كَابْتِدَاءِ أَحَدِ الرَّجُلَيْنِ ) بِهِ ( فَلَا يَتَقَدَّمُ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ ) بِغَيْرِ رِضَا الزَّعِيمَيْنِ ، وَهَذَا التَّفْرِيعُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ بَدَلُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَا أَنْ يَتَقَدَّمَ مِنْ هَذَا الْحِزْبِ

فُلَانٌ وَيُقَابِلُهُ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ فُلَانٌ ثُمَّ فُلَانٌ ؛ لِأَنَّ تَدْبِيرَ كُلِّ حِزْبٍ إلَى زَعِيمِهِمْ وَلَيْسَ لِلْآخَرِ مُشَارَكَتُهُ فِيهِ
قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ لِكُلِّ حِزْبٍ زَعِيمٌ ) وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا أَحْذَقَ الْجَمَاعَةِ وَالْعِبْرَةُ بِنَصَبِ الْقَوْمِ لَهُمَا وَرِضَاهُمْ لَا بِانْتِصَابِهِمَا ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَأَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ كُلَّ وَاحِدٍ ) أَيْ مِنْ الزَّعِيمَيْنِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَدْخَلَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ الزَّعِيمَيْنِ ( غَرِيبًا ) ظَنَّهُ جَيِّدَ الرَّمْيِ ( فَبَانَ ) خِلَافَهُ بِأَنْ بَانَ ( غَيْرَ حَاذِقٍ لَمْ يَضُرَّ ) فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ ( أَوْ غَيْرَ رَامٍ ) أَصْلًا ( بَطَلَ الْعَقْدُ ) فِيهِ كَمَا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ لِلْكِتَابَةِ فَبَانَ غَيْرَ كَاتِبٍ ( وَ ) بَطَلَ ( فِي مُقَابِلِهِ ) مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ كَمَا أَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ يَسْقُطُ قِسْطُهُ مِنْ الثَّمَنِ ( لَا فِي الْجَمِيعِ ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ( وَلِكُلٍّ ) مِنْ الْحِزْبَيْنِ ( الْفَسْخُ ) لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِمَا بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِمَا ( فَإِنْ أَجَازُوا ) الْعَقْدَ ( وَتَنَازَعُوا فِي ) تَعْيِينِ مَنْ يُجْعَلُ فِي ( مُقَابِلِهِ ) مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ ( فُسِخَ ) الْعَقْدُ لَتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ ( أَوْ ) بَانَ ( فَوْقَ مَا ظَنُّوا فَلَا فَسْخَ لِلْآخَرِينَ ) أَيْ لِلْحِزْبِ الْآخَرِ

( قَوْلُهُ أَوْ غَيْرَ رَامٍ بَطَلَ فِيهِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : لَوْ اخْتَارَ مَجْهُولًا ظَنَّهُ غَيْرَ رَامٍ فَبَانَ رَامِيًا فَالْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ أَيْضًا ( قَوْلُهُ لَتَعَذُّرِ إمْضَائِهِ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ فِي مُقَابَلَتِهِ مِنْ الْحِزْبِ الْآخَرِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ فَلَيْسَ لِزَعِيمِهِمْ تَعْيِينُهُ فِي أَحَدِهِمْ ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ فِي حُكْمِ الْعَقْدِ سَوَاءٌ وَلَيْسَ أَحَدُهُمْ فِي إبْطَالِ الْعَقْدِ فِي حَقِّهِ بِأَوْلَى مِنْ إثْبَاتِهِ وَلَيْسَ لِدُخُولِ الْقُرْعَةِ فِيهَا تَأْثِيرٌ ؛ لِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي إثْبَاتِ عَقْدٍ وَلَا إبْطَالِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي حُقُوقِ الْجَمِيعِ بَاطِلًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ سَقَطَ فِي مُقَابَلَتِهِ وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي مَا يُؤَيِّدُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَالرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي وَالشَّاشِيُّ فِي الْحِلْيَةِ وَصَاحِبُ التَّرْغِيبِ أَنَّهُ يَسْقُطُ الَّذِي عَيَّنَهُ الزَّعِيمُ فِي مُقَابَلَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ ؛ لِأَنَّ الْإِبْطَالَ عَلَى الْإِبْهَامِ مَعَ الِاخْتِلَافِ فِيهِ غَدْرٌ عَظِيمٌ لَا يُحْتَمَلُ

( وَلَوْ تَنَاضَلَ غَرِيبَانِ ) لَا يَعْرِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ ( جَازَ فَلَوْ بَانَا غَيْرَ مُتَكَافِئَيْنِ بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِتَبَيُّنِ فَوَاتِ الشَّرْطِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( وَلَوْ تَسَاوَى عَدَدُ الْأَرْشَاقِ ) يَعْنِي تَسَاوَى فِيهَا وَفِي عَدَدِ الْإِصَابَةِ الْحِزْبَانِ ( وَاخْتَلَفَ عَدَدُ الْحِزْبَيْنِ لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مَعْرِفَةُ حِذْقِهِمْ وَلَا يَحْصُلُ إلَّا مَعَ التَّسَاوِي إذْ بِدُونِهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَضَّلَ النَّاضِلِينَ لِكَثْرَةِ الْعَدَدِ لَا لِلْحِذْقِ فَتَسَاوِي الْحِزْبَيْنِ شَرْطٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا ثَلَاثَةً وَالْآخَرُ أَرْبَعَةً وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ( وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِمْ ) عَدَدَ الْأَرْشَاقِ ( بِالسَّوَاءِ ) أَيْ قَسْمًا صَحِيحًا ( فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً اشْتَرَطَ ) أَنْ يَكُونَ لِعَدَدِ الْأَرْشَاقِ ( ثُلُثٌ صَحِيحٌ أَوْ ) كَانُوا ( أَرْبَعَةً فَرُبُعٌ صَحِيحٌ وَالزَّعِيمَانِ وَكِيلَاهُمَا ) أَيْ الْحِزْبَيْنِ ( مُوَزَّعَانِ ) الْمَالَ ( الْمُلْتَزِمَ بِالْإِذْنِ ) مِنْ مُوَكِّلِهِمَا أَوْ بِالْتِزَامِهِ مَعَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَيْ يُوَزِّعَانِهِ فِي أَخْذِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ ( عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ وَكَذَا يَقْسِمُ السَّبَقَ إذَا نَضَلَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ عَلَى ) عَدَدِ ( الرُّءُوسِ لَا ) عَلَى عَدَدِ ( الْإِصَابَةِ ) عَكْسُ مَا وَقَعَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ( إلَّا بِشَرْطِهِ ) أَيْ بِشَرْطِ قَسْمِهِ عَلَى عَدَدِ الْإِصَابَةِ فَيُوَزِّعَانِهِ عَلَى عَدَدِهَا عَمَلًا بِالشَّرْطِ .
الشَّرْطُ
قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ النَّشَائِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا يَقْسِمُ السَّبَقَ إذَا نَضَلَ أَحَدُ الْحِزْبَيْنِ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ) فَإِنَّهُمْ كَالشَّخْصِ الْوَاحِدِ وَلِأَنَّهُمْ يَسْتَوُونَ فِي الْغُرْمِ لَوْ نُضِلُوا فَيَسْتَوُونَ فِي الْغُنْمِ إذَا نَضَلُوا

( السَّادِسُ تَعْيِينُ الْمَوْقِفِ ) الَّذِي يُرْمَى مِنْهُ وَتَسَاوِي الْمُتَنَاضَلَيْنِ فِيهِ ( فَلَوْ شَرَطَ قُرْبَ ) مَوْقِفِ ( أَحَدِهِمَا لَمْ يَجُزْ ) كَمَا فِي الْمُسَابَقَةِ ( وَ ) لَكِنْ ( لَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ قَدَمِهِ ) فَقَدْ تَعْتَادُهُ الرُّمَاةُ وَلَوْ وَقَفَ الرُّمَاةُ صَفًّا فَالْوَاقِفُ فِي الْوَسَطِ أَقْرَبُ إلَى الْغَرَضِ لَكِنَّهُ تَفَاوُتٌ مُحْتَمَلٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِتَقْدِيمِ الثَّانِي خُطْوَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ) وَاطَّرَدَتْ ( احْتَمَلَ ) ذَلِكَ لِلْعَادَةِ ، وَقِيلَ لَا يُحْتَمَلُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَجْرِ بِهَا عَادَةٌ ( فَلَا ) يُحْتَمَلُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ ) عَادَتُهُمْ فِيهِ ( فَالْأَقَلُّ ) مُعْتَبَرٌ وَالْمَعْنَى فِي تَقَدُّمِ الثَّانِي أَنَّهُ يَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ قُوَّةِ النَّفْسِ بِالْبُدَاءَةِ
( قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ لَوْ تَنَازَعُوا فِي الْوُقُوفِ وَسَطَ الصَّفِّ وَقَفَ بِهِ مُسْتَحِقُّ الِابْتِدَاءِ ) بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقِفَ بِهِ ، وَأَنْ يَقِفَ بِغَيْرِهِ ( وَ ) وَقَفَ ( مَنْ بَعْدَهُ بِجَنْبِهِ ) يَمِينًا أَوْ شِمَالًا ( وَهَلْ لَهُ ) أَيْ لِمَنْ بَعْدَهُ ( إزَاحَتُهُ عَنْ مَوْقِفِهِ عِنْدَ الرَّمْيِ ) أَيْ رَمْيِهِ أَوَّلًا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ ( فَإِنْ رَمَيَا بَيْنَ غَرَضَيْنِ ، وَانْتَهَيَا إلَى الثَّانِي تَخَيَّرَ الثَّانِي ) كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ يَقِفُ حَيْثُ شَاءَ ( فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَقْرَعَ بَيْنَ الْآخَرَيْنِ عِنْدَ الْغَرَضِ الثَّانِي ) فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ وَقَفَ حَيْثُ شَاءَ ( فَإِنْ عَادُوا إلَى ) الْغَرَضِ ( الْأَوَّلِ بَدَأَ الثَّالِثُ بِلَا قُرْعَةٍ ) وَوَقَفَ حَيْثُ شَاءَ
( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا نَعَمْ ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ لَوْ تَأَخَّرَ وَاحِدٌ عَنْ الْمَوْقِفِ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ ؛ وَلِأَنَّ الْقَوْسَ الشَّدِيدَ قَدْ يُحْوِجُ إلَى زِيَادَةِ مَسَافَةٍ فَيَنْتَفِعُ بِالتَّأَخُّرِ ( وَكَذَا ) لَا يَجُوزُ لَهُ ( التَّقَدُّمُ ) لِمُخَالَفَتِهِ وَضْعَ الْعَقْدِ فَهُوَ كَمَا لَوْ شَرَطَ الِاسْتِحْقَاقَ لِوَاحِدٍ بِتِسْعِ إصَابَاتٍ وَلِلْآخَرِ بِعَشَرٍ ( لَا ) التَّقَدُّمُ ( الْيَسِيرُ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ ) عَادَةً فَيَجُوزُ ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقَعُ إذَا وَقَفُوا صَفًّا كَمَا مَرَّ وَيُجْزِئُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُسَابَقَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( وَلَوْ اتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى ذَلِكَ ) أَيْ عَلَى تَقَدُّمِ الْجَمِيعِ أَوْ تَأَخُّرِهِمْ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ تَغْيِيرِ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ ( لَمْ يَجُزْ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ لَازِمٌ ( وَإِنْ نُصِبَ الْغَرَضُ مُقَابِلٌ الشَّمْسَ ) بِأَنْ نَصَبَهُ أَحَدُهُمَا فِيهِ وَدَعَا الْآخَرَ إلَى اسْتِدْبَارِهَا ( أُجِيبَ الدَّاعِيَ إلَى اسْتِدْبَارِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ أَصْلَحُ لِلرَّمْيِ وَمِثْلُهُ اسْتِقْبَالُ الرِّيحِ وَاسْتِدْبَارُهَا

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا ) أَيْ الْمُنَاضَلَةِ ( فَإِنْ شَرَطَ ) فِي الْعَقْدِ ( الْإِصَابَةَ أَوْ الْقَرْعَ فَخَسَقَ ) الْغَرَضُ ( حُسِبَ ) وَلَا يَضُرُّ عَدَمُ التَّأْثِيرِ بِخَدْشٍ أَوْ خَرْقٍ ( وَكَذَا ) يُحْسَبُ ( لَوْ أَصَابَ نَقْبًا فِي الشَّنِّ ) ، وَإِنْ لَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ ( فَإِنْ أَصَابَ الْجِلْدَ أَوْ الْجَرِيدَ ) أَيْ ( الدَّائِرَ ) عَلَى الشَّنِّ ( أَوْ الْعُرْوَةَ ) ، وَهِيَ السَّيْرُ أَوْ الْخَيْطُ الْمَشْدُودُ بِهِ الشَّنُّ عَلَى الْجَرِيدِ ( كَفَى ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا مِنْ الْغَرَضِ ( لَا ) إنْ أَصَابَ ( مَا تَعَلَّقَ بِهِ ) الْغَرَضُ فَلَا يَكْفِي ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ ( وَإِنْ شَرَطَ أَحَدُهُمَا ) أَيْ إصَابَةَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْغَرَضُ أَوْ وَاحِدٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْأَوْلَى أَحَدُهَا أَيْ إصَابَةُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ ( تَعَيَّنَ ) فَلَا يَكْفِي إصَابَةُ غَيْرِهِ ( وَالِاعْتِبَارُ ) فِيمَا يُصِيبُ فِي السَّهْمِ ( بِإِصَابَةِ النَّصْلِ لَا ) بِالْإِصَابَةِ ( بِفُوقِ السَّهْمِ ) بِضَمِّ الْفَاءِ ، وَهُوَ مَوْضِعُ الْوَتَرِ مِنْهُ ( وَ ) لَا بِإِصَابَةِ ( عَرْضِهِ لِدَلَالَتِهِ ) الْأَوْلَى لِدَلَالَتِهَا أَيْ الْإِصَابَةِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( عَلَى سُوءِ الرَّمْيِ فَتُحْسَبُ ) هَذِهِ الرَّمْيَةُ عَلَيْهِ

( وَلَوْ انْصَدَمَ ) السَّهْمُ ( بِشَيْءٍ ) كَجِدَارٍ وَشَجَرَةٍ ( فَأَصَابَ ) الْغَرَضَ ( أَوْ ) انْصَدَمَ ( بِالْأَرْضِ فَازْدَلَفَ وَأَصَابَ ) الْغَرَضَ ( حُسِبَ لَهُ ) ، وَإِنْ أَعَانَتْهُ الصَّدْمَةُ كَمَا لَوْ صَرَفَتْ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ السَّهْمَ فَأَصَابَ وَكَمَا لَوْ هَتَكَ السَّهْمُ فِي مُرُورِهِ حِجَابًا عَارِضًا ثُمَّ أَصَابَ ( وَإِنْ أَخْطَأَ ) بَعْدَ ازْدِلَافِهِ فَلَمْ يُصِبْ الْغَرَضَ ( فَعَلَيْهِ ) يُحْسَبُ كَمَا لَوْ أَخْطَأَ بِلَا انْصِدَامٍ وَخَالَفَ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ فَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ

( وَإِنْ شَرَطَ الْخَسْقَ فَخَسَقَ وَثَبَتَ ثُمَّ سَقَطَ لَمْ يَضُرَّ ) كَمَا لَوْ نَزَعَ ( إلَّا ) أَيْ لَكِنْ ( إنْ لَمْ يَثْبُتْ ) فَيَضُرُّ لِعَدَمِ مُرُوقِهِ وَعَدَمِ ثُبُوتِهِ الْمَأْخُوذِ فِي تَفْسِيرِ الْخَسْقِ

( وَإِنْ مَرَقَ أَوْ خَرَمَ وَثَبَتَ وَبَعْضُ النَّصْلِ خَارِجٌ ) أَوْ كُلُّهُ دَاخِلٌ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( حُسِبَ خَاسِقًا ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الثَّانِيَةِ خَرَقَ بِالنَّصْلِ وَثَبَتَ وَفِي الْأُولَى خَرَقَ وَالْمُرُوقُ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْقُوَّةِ ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ مِنْ ذِكْرِ الثُّبُوتِ فِي تَفْسِيرِ الْخَسْقِ عَيْنُهُ بَلْ أَنْ تَقْوَى الرَّمْيَةُ بِحَيْثُ يَتَأَتَّى مَعَهَا الثُّبُوتُ

( وَلَوْ صَادَفَ ) السَّهْمُ ( ثُقْبًا ) فِي الْغَرَضِ ( فَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ فَخَاسِقٌ إنْ كَانَ فِي السَّهْمِ قُوَّةٌ تَخْرِقُ ) الْغَرَضَ ( لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا ) مِنْهُ ( وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَثْبُتُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعًا صَحِيحًا مِنْهُ أَوْ لَا ( وَإِذَا خَرَقَ ) الْغَرَضَ بِحَيْثُ يَثْبُتُ فِيهِ مِثْلُ هَذَا السَّهْمِ ( فَرَّدْته حَصَاةً ) أَوْ نَحْوُهَا كَنَوَاةٍ ( فَخَاسِقٌ ) لِظُهُورِ سَبَبِ الرَّدِّ ( وَإِنْ أَنْكَرَ خَصْمُهُ الْحَصَاةَ ) أَيْ تَأْثِيرَهَا ( وَلَمْ تُوجَدْ ) أَوْ وُجِدَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ تَأْثِيرُهَا ( صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ ) عَمَلًا بِالْأَصْلِ وَالظَّاهِرُ سَوَاءٌ أَعَلِمَ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ فِي الْغَرَضِ خُرُوقٌ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَ الْإِصَابَةِ ( وَحُسِبَ عَلَى الرَّامِي أَوْ وُجِدَتْ ) وَأَمْكَنَ تَأْثِيرُهَا ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَسْقِ وَالْخَدْشِ ( وَلَا يُحْسَبُ عَلَى الرَّامِي ) كَمَا لَا يُحْسَبُ لَهُ

( وَإِنْ مَرَقَ السَّهْمُ وَثَبَتَ فِي الْهَدَفِ ، وَعَلَيْهِ ) أَيْ السَّهْمِ أَيْ نَصْلِهِ ( قِطْعَةٌ مِنْ الْغَرَضِ فَادَّعَى الرَّامِي أَنَّ سَهْمَهُ أَبَانَهَا ) لِقُوَّتِهِ وَذَهَبَ بِهَا ( وَ ) ادَّعَى ( الْخَصْمُ أَنَّهَا كَانَتْ مُبَاتَّةً ) قَبْلَهُ فَتَعَلَّقَتْ بِالسَّهْمِ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْخَسْقِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ : هَذَا إذَا لَمْ يُجْعَلْ الثُّبُوتُ فِي الْهَدَفِ كَالثُّبُوتِ فِي الْغَرَضِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ

( وَإِنْ شَرَطَ فِي الْمُبَادَرَةِ الْمَالَ لِمَنْ بَدَرَ ) مِنْ الرَّامِيَيْنِ ( إلَى إصَابَةِ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ ) مَثَلًا ( فَرَمَيَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ ) بِأَنْ رَمَى كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ ( فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا ) مِنْهَا ( عَشَرَةً وَالْآخَرُ دُونَهَا ) أَوْ لَمْ يُصِبْ شَيْئًا ( فَالْأَوَّلُ نَاضِلٌ ) فَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ ( وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْعَمَلِ ) ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ قَدْ تَمَّ فَلَا يَلْزَمُهُ عَمَلٌ آخَرُ ( وَلَوْ شَرْطَاهُ ) أَيْ الْمَالَ ( فِي الْمُحَاطَة لِمَنْ حَصَلَتْ لَهُ زِيَادَةُ عَشَرَةٍ ) مِنْ مِائَةٍ فَرَمَى كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسِينَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا مِنْهَا خَمْسَةَ عَشَرَ وَالْآخَرُ خَمْسَةً فَقَدْ خَلَصَ لِلْأَوَّلِ عَشَرَةٌ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ لِاسْتِحْقَاقِ الْمَالِ ( إتْمَامُ الْمِائَةِ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ مَنُوطٌ بِحُصُولِ عَشَرَةٍ مِنْ مِائَةٍ وَقَدْ يُصِيبُ الْآخَرُ فِيمَا بَقِيَ مَا يَمْنَعُ حُصُولَ عَشَرَةٍ لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِ الْمُبَادَرَةِ فَإِنَّ الْإِصَابَةَ بَعْدَهَا لَا تَرْفَعُ ابْتِدَارَ الْأَوَّلِ إلَى ذَلِكَ الْعَدَدِ ( وَمَتَى بَقِيَ ) مِنْ عَدَدِ الْأَرْشَاقِ ( مَا لَا يَنْفَعُهُ ) لَوْ أَصَابَ فِيهِ ( لَمْ يَجِبْ الْإِتْمَامُ ) فَظَهَرَ أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ لَا يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْمُبَادَرَةِ إلَى الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ فِيهَا بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهَا مُسَاوَاتُهُمَا فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ أَوْ عَجَزَ الثَّانِي عَنْ الْمُسَاوَاةِ فِي الْإِصَابَةِ ، وَإِنْ سَاوَاهُ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَلَا بِمُجَرَّدِ خُلُوصِ الْمَشْرُوطِ فِي الْمُحَاطَّةِ بَلْ يُعْتَبَرُ مَعَهُ عَجْزُ الثَّانِي عَمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) رَجُلٌ : ( لِآخَرَ ارْمِ بِعَشَرَةٍ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ارْمِ عَشَرَةً ( فَإِنْ أَصَبْت بِأَكْثَرِهَا فَقَدْ نَضَلْتنِي فَلَكَ كَذَا لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّ النِّضَالَ عَقْدٌ فَلَا يَكُونُ إلَّا بَيْنَ جَمَاعَةٍ كَالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ ( فَلَوْ لَمْ يَقُلْ فَقَدْ نَضَلْتنِي جَازَ ) ؛ لِأَنَّهُ بَذْلُ مَالٍ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ ، وَهُوَ التَّحْرِيضُ عَلَى الرَّمْيِ وَمُشَاهَدَتِهِ ، وَهَذَا لَيْسَ مُنَاضَلَةً بَلْ جِعَالَةً ( وَاسْتَحَقَّ ) الرَّامِي ( الْمَشْرُوطَ ) لَهُ إذَا أَصَابَ بِسِتَّةٍ فَأَكْثَرَ ( وَعَلَيْهِ ) لِلشَّارِطِ ( إتْمَامُ الْعَشَرَةِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الِاسْتِحْقَاقَ عَلَى عَشَرَةٍ إصَابَتُهَا أَكْثَرُ ) وَزَادَ قَوْلَهُ ( فَبِإِتْمَامِ الْعَشَرَةِ تَزْدَادُ الْكَثْرَةُ ) بِلَا حَاجَةٍ مَعَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كَثْرَتُهَا بِإِتْمَامِهَا فَلَوْ قَالَ قَدْ تَزْدَادُ الْكَثْرَةُ كَانَ أَوْلَى ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( ارْمِ عَشَرَةَ خَمْسَةَ عَنِّي وَخَمْسَةً عَنْك ) فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِك أَوْ كَانَ الصَّوَابُ فِيهَا أَكْثَرَ فَلَكَ كَذَا ( لَمْ يَجُزْ ) لِمَا مَرَّ ؛ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَجْتَهِدُ فِي حَقِّهِ دُونَ حَقِّ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ لِرَامِيَيْنِ : ارْمِيَا عَشَرَةً فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمَا خَمْسَةً فَلَهُ كَذَا جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ زِيَادَةٍ عُلِمَتْ مَعَ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ

( وَإِنْ قَالَ ) شَخْصٌ : ( لِأَحَدِ الْمُتَنَاضِلَيْنِ ) وَقَدْ انْتَهَتْ النَّوْبَةُ إلَيْهِ ( إنْ أَصَبْت بِسَهْمِك هَذَا فَلَكَ دِينَارٌ فَأَصَابَ ) بِهِ ( لَزِمَ ) لَهُ الدِّينَارُ ( وَحُسِبَ ) لَهُ ( أَيْضًا ) السَّهْمُ أَيْ إصَابَتُهُ ( مِنْ مُعَامَلَتِهِ ) الَّتِي هُوَ فِيهَا
قَوْلُهُ ، وَإِنْ قَالَ لِأَحَدِ الْمُتَنَاضَلَيْنِ إنْ أَصَبْت بِسَهْمِك هَذَا فَلَكَ دِينَارٌ إلَخْ ) لَوْ قَالَ لِمُتَرَاهِنَيْنِ ارْمِيَا عَشَرَةً فَمَنْ أَصَابَ مِنْكُمَا خَمْسَةً فَلَهُ كَذَا جَازَ وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِآخَرَ ارْمِ عَشَرَةً فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِك فَلَكَ كَذَا ، وَإِنْ أَصَبْت أَنَا فَلَا شَيْءَ لِي عَلَيْك جَازَ أَيْضًا ، وَإِنْ قَالَ فَإِنْ أَصَبْت فِي خَمْسَتِي فَلِي عَلَيْك كَذَا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمُحَلِّلٍ وَلَوْ قَالَ ارْمِ سَهْمًا فَإِنْ أَصَبْت فَلَكَ كَذَا ، وَإِنْ أَخْطَأْت فَعَلَيْك كَذَا فَهُوَ قِمَارٌ

( وَلَوْ نَاضَلَ ) غَيْرَهُ ( وَالْمَشْرُوطُ عَشَرَةٌ وَشَرَطَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَشَرَطَ ( أَنْ يُنَاضِلَ بِهَا شَخْصًا ثَانِيًا وَثَالِثًا ) وَهَكَذَا ( جَازَ وَإِذَا فَازَ بِهَا كَانَ نَاضِلًا لَهُمْ جَمِيعًا ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ ، وَتَقْدِيمُهُ جَارٍ عَلَى مَا بَعْدَهُ أَوْلَى مِنْ تَأْخِيرِ الْأَصْلِ لَهُ عَنْهُ ( وَفِيهِ إشْكَالٌ بِالْإِجَارَةِ ) الْمُشْبِهَةِ بِهَا الْمُنَاضَلَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَوْ كَانَتْ تُشْبِهُهَا لَمَا اسْتَحَقَّ بِعَمَلِ وَاحِدٍ مَالَيْنِ عَنْ جِهَتَيْنِ ( وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَمَلَ فِي الْإِجَارَةِ رَاجِعٌ إلَى الْمُسْتَأْجَرِ ) فَالْمَالُ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا بِرُجُوعِ الْعَمَلِ إلَيْهِ لَا بِالشَّرْطِ ( وَهُنَا مُسْتَحَقٌّ بِالشَّرْطِ ) إلَّا بِرُجُوعِ الْعَمَلِ لِلشَّارِطِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إلَيْهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا تَجِبُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ عِنْدَ الْفَسَادِ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَعْمَلُ لِغَيْرِهِ

( فَصْلٌ مِنْ ) أَنْوَاعِ ( الرَّمْيِ الْحَوَابِي ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ حَابٍ ( وَهُوَ أَنْ يَرْمِيَ عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ ) لِلْغَرَضِ ( الْأَبْعَدَ ) مِنْهُ ( فَإِنْ عَيَّنَا حَدَّ الْقُرْبِ مِنْ ذِرَاعٍ وَنَحْوِهِ ) أَيْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ ( أَوْ ) لَمْ يُعَيِّنَاهُ لَكِنْ ( كَانَ هُنَاكَ ) لِلرُّمَاةِ ( عَادَةٌ ) مُطَّرِدَةٌ ( جَازَ ) عَمَلًا بِالشَّرْطِ فِي الْأُولَى وَحُمِلَا عَلَى الْعَادَةِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا تُحْمَلُ الدَّرَاهِمُ الْمُطْلَقَةُ عَلَى الْعَقْدِ ( وَإِلَّا فَلَا ) يَجُوزُ لِلْجَهَالَةِ ( فَعَلَى تَقْدِيرِ الصِّحَّةِ لَوْ عَقَدَا ) عَلَى أَنْ يَرْمِيَا عِشْرِينَ ( عَلَى أَنْ يُسْقِطَ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ وَمَنْ فَضَلَ لَهُ خَمْسَةٌ مِنْ عِشْرِينَ فَهُوَ نَاضِلٌ جَازَ ) ؛ لِأَنَّهُ ضَرْبٌ مِنْ الرَّمْيِ مُعْتَادٌ لِلرُّمَاةِ ( وَهُوَ نَوْعُ مُحَاطَّةٍ ) وَحِينَئِذٍ ( فَإِنْ تَسَاوَتْ سِهَامُهُمَا قُرْبًا وَبُعْدًا ) وَكَذَا إنْ لَمْ تَتَسَاوَ لَكِنْ لَمْ يَفْضُلْ الْعَدَدُ الْمَشْرُوطُ ( فَلَا نَاضِلَ ) وَلَا مَنْضُولَ ( فَإِنْ قَارَبَ أَحَدُهُمَا الْغَرَضَ بِسَهْمٍ ) بِأَنْ وَقَعَ سَهْمُهُ قَرِيبًا مِنْ الْغَرَضِ ( وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً ) فَوَقَعَتْ ( أَبْعَدَ مِنْهَا ) الْأَوْلَى مِنْهُ أَيْ مِنْ ذَلِكَ السَّهْمِ ( ثُمَّ ) رَمَى ( الْأَوَّلُ سَهْمًا ) فَوَقَعَ ( أَبْعَدَ ) مِنْ الْخَمْسَةِ ( أَسْقَطَتْهُ الْخَمْسَةُ وَأَسْقَطَهَا الْمُقَارِبُ ، وَإِنْ رَمَى ) أَحَدُهُمَا ( خَمْسَةً مُتَفَاضِلَةً فِي الْقُرْبِ ) إلَى الْغَرَضِ ( وَرَمَى الْآخَرُ خَمْسَةً ) فَوَقَعَتْ ( أَبْعَدَ مِنْهَا أَسْقَطَتْهَا خَمْسَةُ الْأَوَّلِ وَحُسِبَتْ كُلُّهَا ) فَلَا يَسْقُطُ مِنْهَا شَيْءٌ ، وَإِنْ تَفَاوَتَتْ فِي الْقُرْبِ ؛ لِأَنَّ قَرِيبَ كُلٍّ مِنْهُمَا يَسْقُطُ بَعِيدًا لِآخَرَ وَلَا يَسْقُطُ بَعِيدُ نَفْسِهِ ( وَلَوْ أَصَابَ ) سَهْمُ الْآخَرِ ( الْغَرَضَ سَقَطَ بِهِ الْأَقْرَبُ ) إلَيْهِ كَمَا يُسْقِطُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ ؛ وَلِأَنَّ إصَابَةَ الْغَرَضِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْقُوَّةِ فَاعْتُبِرَتْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ شَرَطَ الْخَسْقَ فَمَرَقَ ( وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ ) فِي وَسَطِ

الْغَرَضِ ( وَالْآخَرُ خَارِجَهَا مِنْ الْغَرَضِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : أَوْ أَصَابَا خَارِجَهَا وَأَحَدُهُمَا أَقْرَبُ إلَيْهَا ( فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْعِبْرَةُ ) فِيمَا إذَا شَرَطَا احْتِسَابَ الْقَرِيبِ مِنْ الْغَرَضِ ( بِمَوْضِعِ الثُّبُوتِ ) لِلسَّهْمِ ( لَا ) بِحَالَةِ ( الْمُرُورِ ) حَتَّى لَوْ قَرُبَ مُرُورُهُ مِنْ الْغَرَضِ وَوَقَعَ بَعِيدًا مِنْهُ لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ إلَّا إذَا شَرَطَ اعْتِبَارَ حَالَةِ الْمُرُورِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْقُرْبُ مِنْ الْغَرَضِ ( مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ سَوَاءٌ ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْقَرِيبِ عَلَى الْجَمِيعِ وَعَدَّ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الرَّمْيِ الْمُنَاضَلَةَ ، وَهُوَ أَنْ يَشْرِطَا إصَابَةَ عَشَرَةً مِنْ عِشْرِينَ مَثَلًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا جَمِيعًا فَيَرْمِيَانِ جَمِيعَ ذَلِكَ فَإِنْ أَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ أَحْرَزَ أَسْبَقُهُمَا ، وَإِنْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الْعَشَرَةَ أَوْ فَوْقَهَا وَالْآخَرُ دُونَهَا فَقَدْ نَضَلَهُ
قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَابَ أَحَدُهُمَا الرُّقْعَةَ إلَخْ ) لَوْ رَمَى وَاحِدٌ سَهْمَيْنِ وَالْآخَرُ سَهْمًا وَاسْتَوَتْ الثَّلَاثَةُ فِي الْقُرْبِ وَاسْتَوَتْ بَقِيَّةُ سِهَامِهِمَا فِي الْبُعْدِ فَهَلْ صَاحِبُ السَّهْمَيْنِ نَاضِلٌ وَيُجْعَلُ السَّهْمُ الزَّائِدُ كَزِيَادَةِ الْقُرْبِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا

( فَصْلٌ ) فِي النَّكَبَاتِ الَّتِي تَطْرَأُ عِنْدَ الرَّمْيِ وَتَشَوُّشُهُ وَالْأَصْلُ أَنَّ السَّهْمَ مَتَى وَقَعَ مُتَبَاعِدًا عَنْ الْغَرَضِ تَبَاعُدًا مُفْرِطًا إمَّا مُقَصِّرًا عَنْهُ أَوْ مُجَاوِزًا لَهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِسُوءِ الرَّمْيِ حُسِبَ عَلَى الرَّامِي وَلَا يُرَدُّ إلَيْهِ السَّهْمُ لِيَرْمِيَ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ لِنَكْبَةٍ عَرَضَتْ أَوْ خَلَلٍ فِي آلَةِ الرَّمْيِ بِلَا تَقْصِيرٍ مِنْهُ لَمْ يُحْسَبْ عَلَيْهِ فَلَوْ ( حَدَثَتْ فِي يَدِهِ عِلَّةٌ ) أَخَلَّتْ بِالرَّمْيِ ( أَوْ اعْتَرَضَ ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ ( حَيَوَانٌ ) مَنَعَهُ ( أَوْ تَلِفَ الْوَتَرُ أَوْ الْقَوْسُ ) أَوْ السَّهْمُ ( بِلَا تَقْصِيرٍ ) مِنْهُ بَلْ لِضَعْفِ الْآلَةِ وَنَحْوِهِ فَلَمْ يُصِبْ ( لَمْ تُحْسَبْ عَلَيْهِ ) تِلْكَ الرَّمْيَةُ فَيُعِيدُهَا ؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ( وَتُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ ) ؛ لِأَنَّ الْإِصَابَةَ مَعَ النَّكْبَةِ تَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ حُسِبَتْ عَلَيْهِ لِيَتَعَلَّمَ

( وَلَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ ) نِصْفَيْنِ ( بِلَا تَقْصِيرٍ فَأَصَابَ إصَابَةً شَدِيدَةً ) بِالنِّصْفِ ( الَّذِي فِيهِ النَّصْلُ لَا غَيْرُهُ حُسِبَ لَهُ ) ؛ لِأَنَّ اشْتِدَادَهُ مَعَ الِانْكِسَارِ يَدُلُّ عَلَى جَوْدَةِ الرَّمْيِ وَغَايَةِ الْحِذْقِ فِيهِ بِخِلَافِ إصَابَتِهِ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ لَا تُحْسَبُ لَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ انْكِسَارٌ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ الْإِصَابَةَ الضَّعِيفَةَ لَا تُحْسَبُ لَهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ( وَإِنْ أَصَابَ بِالنِّصْفَيْنِ حُسِبَ ) ذَلِكَ إصَابَةً ( وَاحِدَةً كَالرَّمْيِ دَفْعَةً بِسَهْمَيْنِ ) إذَا أَصَابَ بِهِمَا
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ رَمَى ) السَّهْمَ ( مَائِلًا عَنْ السَّمْتِ ) أَوْ مُسَامِتًا ( وَالرِّيحُ لَيِّنَةٌ فَرَدَّتْهُ ) إلَى الْغَرَضِ ( أَوْ صَرَفَتْهُ ) عَنْهُ فَأَصَابَ بِرَدِّهَا وَأَخْطَأَ بِصَرْفِهَا ( حُسِبَ لَهُ ) فِي الْأُولَى ( وَعَلَيْهِ ) فِي الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ الْجَوَّ لَا يَخْلُو عَنْ الرِّيحِ اللَّيِّنَةِ غَالِبًا وَيَضْعُفُ تَأْثِيرُهَا فِي السَّهْمِ مَعَ سُرْعَةِ مُرُورِهِ فَلَا اعْتِدَادَ بِهَا وَلَوْ رَمَى رَمْيًا ضَعِيفًا فَقَوَّتْهُ الرِّيحُ اللَّيِّنَةُ فَأَصَابَ حُسِبَ لَهُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَا ) إنْ رَمَى كَذَلِكَ ( فِي ) رِيحٍ ( عَاصِفَةٍ قَارَنَتْ ) ابْتِدَاءَ الرَّمْيِ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ إنْ أَصَابَ وَلَا عَلَيْهِ إنْ أَخْطَأَ لِقُوَّةِ تَأْثِيرِهَا وَلِهَذَا يَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ تَرْكُ الرَّمْيِ إلَى أَنْ تَرْكُدَ بِخِلَافِ اللَّيِّنَةِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ هَجَمَتْ ) فِي مُرُورِ السَّهْمِ ( نَعَمْ لَوْ أَصَابَ فِي الْهَاجِمَةِ حُسِبَ لَهُ ) كَمَا فِي السَّهْمِ الْمُزْدَلِفِ
( قَوْلُهُ لَا إنْ رَمَى فِي رِيحٍ عَاصِفَةٍ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَصُورَتُهَا أَنَّ الرِّيحَ عَاصِفَةٌ فَالْإِصَابَةُ وَعَدَمُهَا مُحَالَةٌ عَلَيْهَا لَا عَلَى الرَّامِي وَلَا كَذَلِكَ مَا سَيَأْتِي كَاتِبُهُ

( وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ ) إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ ( فَأَصَابَ ) السَّهْمُ ( مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَوْضِعُهُ لَأَصَابَهُ هَذَا إنْ كَانَ الشَّرْطُ ( إصَابَةً وَكَذَا ) إنْ كَانَ خَسْقًا ( إنْ ثَبَتَ فِي ) مَوْضِعٍ ( مُسَاوٍ صَلَابَةً ) أَيْ يُسَاوِي فِي صَلَابَتِهِ صَلَابَةَ ( الْغَرَضِ ) أَوْ فَوْقَهُ فِيهَا ( وَإِنْ أَصَابَ الْغَرَضَ ) فِي الْمَوْضِعِ الْآخَرِ أَوْ لَمْ يُصِبْهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( حُسِبَ عَلَيْهِ ) لَا لَهُ ( وَإِنْ نَقَلَتْهُ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ السَّهْمُ فَأَصَابَ ) الْغَرَضَ ( لَمْ يُحْسَبْ ) لَهُ وَيُحْسَبُ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْغَرَضِ حُسِبَ لَهُ
قَوْلُهُ وَإِنْ أَصَابَ الْغَرَضَ حُسِبَ عَلَيْهِ ) لَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ نَقَلَتْ الرِّيحُ الْغَرَضَ فَأَصَابَ مَوْضِعَهُ حُسِبَ لَهُ وَإِلَّا فَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الرِّيحُ مَوْجُودَةً فِي الِابْتِدَاءِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ وَكَلَامُ الْمِنْهَاجِ فِيمَا إذَا طَارَتْ الرِّيحُ بَعْدَ الرَّمْيِ وَنَقَلَتْ الْغَرَضَ عَنْ مَوْضِعِهِ فَهُمَا مَسْأَلَتَانِ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ نَقَلَتْهُ حِينَ اسْتَقْبَلَهُ السَّهْمُ إلَخْ ) وَإِنْ ارْتَفَعَ السَّهْمُ ثُمَّ انْحَطَّ فَأَخْطَأَ حُسِبَ عَلَيْهِ أَوْ أَصَابَ فَهَلْ يُحْسَبُ لَهُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ يُحْسَبُ لَهُ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْغَرَضِ حُسِبَ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ رَمَى الْغَرَضَ فَحَادَ السَّهْمُ عَنْ طَرِيقِهِ حُسِبَ عَلَيْهِ ) لِسُوءِ رَمْيِهِ ( وَإِنْ أَصَابَ ) سَهْمُهُ ( سَهْمًا ) بِأَنْ أَصَابَ فَوْقَهُ ، وَهُوَ ( فِي الْغَرَضِ غَارِقًا ) فِيهِ ( حُسِبَ لَهُ فَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ الْخَسْقَ أَوْ كَانَ السَّهْمُ خَارِجًا ) عَنْ الْغَرَضِ لَا غَارِقًا فِيهِ ( لَمْ يُحْسَبْ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَخْسِقُ أَوْ لَا ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَا يَدْرِي هَلْ كَانَ يَبْلُغُ الْغَرَضَ لَوْلَا هَذَا السَّهْمُ أَوْ لَا ( وَلَا ) يُحْسَبُ ( عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَضٌ دُونَ الْغَرَضِ عَارِضٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى ثُبُوتِهِ فِيهِ وَتُقَاسُ صَلَابَةُ ذَلِكَ السَّهْمِ بِصَلَابَةِ الْغَرَضِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( فَإِنْ شَقَّهُ وَأَصَابَ الْغَرَضَ حُسِبَ ) لَهُ ( وَلَوْ سَقَطَ السَّهْمُ بِالْإِغْرَاقِ ) مِنْ الرَّامِي بِأَنْ بَالَغَ ( فِي الْمَدِّ ) حَتَّى دَخَلَ النَّصْلُ مِقْبَضَ الْقَوْسِ وَوَقَعَ السَّهْمُ عِنْدَهُ ( فَكَانْقِطَاعِ الْوَتَرِ وَنَحْوِهِ ) كَانْكِسَارِ الْقَوْسِ ؛ لِأَنَّ سُوءَ الرَّمْيِ أَنْ يُصِيبَ غَيْرَ مَا قَصَدَهُ وَلَمْ يُوجَدْ هُنَا
( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ كَانَ السَّهْمُ خَارِجًا لَمْ يُحْسَبْ لَهُ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ يُحْسَبُ

( فَصْلٌ قَدْ قَدَّمْنَا لُزُومَهَا ) أَيْ الْمُنَاضَلَةِ ( فَتُفْسَخُ الْمُنَاضَلَةُ بِمَوْتِ الرَّامِي ) كَالْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ اخْتِبَارُهُ ( وَ ) يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ( فِي الْمُسَابَقَةِ بِمَوْتِ الْفَرَسِ لَا ) بِمَوْتِ ( الْفَارِسِ ) ؛ لِأَنَّ التَّعْوِيلَ فِيهَا عَلَى الْفَرَسِ لَا عَلَى الْفَارِسِ ( وَيَتَوَلَّاهَا ) أَيْ الْمُسَابَقَةَ ( الْوَارِثُ ) عَنْهُ بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ اسْتَأْجَرَ الْحَاكِمُ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالظَّاهِرُ إبْقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ وَالْوَارِثُ يَشْمَلُ الْخَاصَّ وَالْعَامَّ
( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ بَقَاءُ كَلَامِهِمْ عَلَى عُمُومِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيُؤَخَّرُ ) الرَّمْيُ فِي الْمُنَاضَلَةِ ( لِلْمَرَضِ ) أَوْ نَحْوِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِذَلِكَ

( وَلَا يُزَادُ ) بَعْدَ عَقْدِهَا وَلَا يَنْقُصُ ( فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَ ) لَا فِي عَدَدِ ( الْإِصَابَةِ إلَّا ) بِمَعْنًى لَكِنْ ( إنْ فَسَخَا ) الْعَقْدَ ( وَعَقَدَا ) عَقْدًا جَدِيدًا جَازَ لَهُمَا ذَلِكَ

( فَإِنْ امْتَنَعَ الْمَنْضُولُ مِنْ إتْمَامِ الْعَمَلِ حُبِسَ ) عَلَى ذَلِكَ وَعُزِّرَ فَيَلْزَمُهُ إتْمَامُهُ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ لِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا ( وَكَذَا الْآخَرُ ) أَيْ النَّاضِلُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُ الْعَمَلِ وَيُحْبَسُ وَيُعَزَّرُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْهُ ( إنْ تَوَقَّعَ صَاحِبُهُ إدْرَاكَهُ ) فَيُسَاوِيهِ أَوْ يَفْضُلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ شَرَطَا إصَابَةَ خَمْسَةٍ مِنْ عِشْرِينَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا خَمْسَةً وَالْآخَرُ وَاحِدًا وَلَمْ يَبْقَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا إلَّا رَمْيَتَانِ فَلِصَاحِبِ الْخَمْسَةِ أَنْ يَتْرُكَ الْبَاقِيَ

( وَيُمْنَعُ ) أَحَدُهُمَا ( بَعْدَ رَمْيِ صَاحِبِهِ مِنْ التَّبَاطُؤِ ) بِالرَّمْيِ ( وَلَا يُدْهَشُ اسْتِعْجَالًا ) فَلَوْ تَعَلَّلَ بَعْدَ مَا رَمَى صَاحِبُهُ بِمَسْحِ الْقَوْسِ وَالْوَتَرِ وَأَخْذِ النَّبْلِ بَعْدَ النَّبْلِ وَالنَّظَرِ فِيهِ وَالْكَلَامِ مَعَ غَيْرِهِ قِيلَ لَهُ ارْمِ لَا مُسْتَعْجِلًا وَلَا مُتَبَاطِئًا ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَعَلَّلُ لِخُطَّائِهِ وَقَدْ يُصِيبُ صَاحِبُهُ فَيُؤَخِّرُ لِتَبْرُدَ يَدُهُ أَوْ يَنْسَى نَهْجَ الصَّوَابِ

( وَيُمْنَعُ أَحَدُهُمَا مِنْ أَذِيَّةِ صَاحِبِهِ بِالتَّبَجُّحِ وَالْفَخْرِ عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ شَرْطُ حَمْلِ أَحَدِهِمَا فِي يَدِهِ مِنْ النَّبْلِ أَكْثَرَ ) مِمَّا فِي يَدِ الْآخَرِ ( وَلَا أَنْ تُحْسَبَ ) لِأَحَدِهِمَا ( الْإِصَابَةُ بِإِصَابَتَيْنِ ) وَلَا أَنْ يَحُطَّ مِنْ إصَابَاتِهِ شَيْءٌ أَوْ أَنَّهُ إنْ أَخْطَأَ رُدَّ عَلَيْهِ سَهْمٌ أَوْ سَهْمَانِ لِيُعِيدَ رَمْيَهُمَا ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّسَاوِي

( نَعَمْ لَوْ شَرَطَ أَنَّ الْخَاسِقَ بِحَابِيَيْنِ ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ تَثْنِيَةُ حَابٍ ( فِي ) صُوَرِ ( شَرْطِ الْحَوَابِي جَازَ ) ؛ لِأَنَّ الْخَاسِقَ يَخْتَصُّ بِالْإِصَابَةِ وَالثُّبُوتِ فَجَازَ أَنْ تُجْعَلَ تِلْكَ الزِّيَادَةُ مَقَامَ حَابٍ

( وَلَوْ شَرَطَ الْخِيَارَ فِي التَّرْكِ ) لِلرَّمْيِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا ( أَوْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ ) الرَّمْيَ ( فَهُوَ مَسْبُوقٌ بَطَلَ الْعَقْدُ ) أَيْ لَمْ يَصِحَّ لِمُخَالَفَةِ وَضْعِهِ

( وَلَا يَجُوزُ بَذْلُ مَالٍ عَلَى حَطِّ الْفَضْلِ ) فَلَوْ فَضَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بِإِصَابَاتٍ فَقَالَ الْمَفْضُولُ : حُطَّ فَضْلَك وَلَك كَذَا لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ حَطَّ الْفَضْلِ لَا يُقَابَلُ بِمَالٍ

( وَلَا ) يَجُوزُ ( عَقْدُ الشَّرِكَةِ ) فِي السَّبَقِ ( لِأَجْنَبِيٍّ فِيمَا غَرِمَ الْمُنَاضِلُ أَوْ غَنِمَ ) فَلَوْ تَنَاضَلَا أَوْ تَسَابَقَا وَأَخْرَجَ السَّبَقَ أَحَدُهُمَا أَوْ هُمَا وَبَيْنَهُمَا مُحَلِّلٌ فَقَالَ أَجْنَبِيٌّ : لِأَحَدِهِمَا شَارِكْنِي فِيهِ فَإِنْ غَنِمْت أَخَذْت مَعَك مَا أَخْرَجْته ، وَإِنْ غَرِمَتْ غَرِمْت مَعَك لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ الْغُنْمَ وَالْغُرْمَ فِي ذَلِكَ مَبْنِيَّانِ عَلَى الْعَمَلِ ، وَهَذَا الْأَجْنَبِيُّ لَا يَعْمَلُ وَلَوْ تَنَاضَلَا فَرَمَيَا بَعْضَ الْأَرْشَاقَ ثُمَّ مَلَّا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ : ارْمِ فَإِنْ أَصَبْت فَقَدْ نَضَلْتنِي أَوْ قَالَ أَرْمِي أَنَا فَإِنْ أَصَبْت هَذِهِ الْوَاحِدَةَ فَقَدْ نَضَلْتُك لَمْ يَجُزْ ؛ لِأَنَّ النَّاضِلَ مَنْ سَاوَى صَاحِبَهُ فِي عَدَدِ الْأَرْشَاقِ وَفَضَلَهُ فِي الْإِصَابَةِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( وَلَوْ عَقَدَا فِي الصِّحَّةِ ) وَدَفَعَا الْعِوَضَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ ( فَالْعِوَضُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) كَالْإِجَارَةِ ( أَوْ ) عَقَدَا فِي ( الْمَرَضِ ) بِعِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً ( فَعِوَضُ الْمِثْلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَرُّعًا وَلَا مُحَابَاةً فِيهِ ( وَإِنْ زَادَ ) عَلَى عِوَضِ الْمِثْلِ عَادَةً ( فَالزِّيَادَةُ مِنْ الثُّلُثِ ) ؛ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ

( وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْمُسَابَقَةُ ) الشَّامِلَةِ لِلْمُنَاضَلَةِ ( بِالصَّبِيِّ بِمَالِهِ ) ، وَإِنْ اسْتَفَادَ بِهَا التَّعَلُّمَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْمُرْتَزِقَةِ وَقَدْ رَاهَقَ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ قَدْ أَثْبَتَ اسْمَهُ فِي الدِّيوَانِ وَكَذَا فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ
قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ سَأَلَ أَحَدُهُمَا وَضْعَ الْمَالِ ) الْمُلْتَزَمِ ( عِنْدَ عَدْلٍ ) وَالْآخَرُ تَرَكَهُ عِنْدَهُمَا ( وَهُوَ عَيْنٌ أُجِيبَ أَوْ دَيْنٌ فَلَا ) يُجَابُ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَضْعِهِ عِنْدَ هُمَا أَوْ عِنْدَ عَدْلٍ يَثِقَانِ بِهِ جَازَ وَالثَّانِي أَحْوَطُ وَأَبْعَدُ عَنْ النِّزَاعِ ( وَإِنْ اخْتَارَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عَدْلًا اخْتَارَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمَا ) الْأَنْسَبُ بِمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةِ الْأَصْلِ عَدْلًا قَطْعًا لِلنِّزَاعِ ( وَهَلْ يَتَعَيَّنُ ) أَحَدُ الْعَدْلَيْنِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِمَا أَوْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ غَيْرَهُمَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي ( وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَدْلِ فَإِنْ جَرَتْ بِهَا عَادَةٌ فَوَجْهَانِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : نَقْلًا عَنْ الرُّويَانِيِّ بِنَاءً عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي الْخَيَّاطِ أَحَدُهُمَا يَسْتَحِقُّهَا وَتَكُونُ عَلَى الْمُتَسَابِقَيْنِ وَلَا يَخْتَصُّ بِهَا السَّابِقُ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّهُمَا أُجْرَةٌ عَلَى حِفْظِ الْمَالَيْنِ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ لَهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ تَرْجِيحُ الثَّانِي
( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا أُجْرَةَ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي مَكَانِ الْمُحَلِّلِ ) بِأَنْ رَضِيَ أَحَدُهُمَا بِعُدُولِهِ عَنْ الْوَسَطِ وَلَمْ يَرْضَ الْآخَرُ أَوْ رَضِيَا بِتَرْكِ تَوَسُّطِهِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا : يَكُونُ عَنْ الْيَمِينِ وَقَالَ الْآخَرُ : عَنْ الْيَسَارِ ( لَزِمَ تَوَسُّطُهُ ) فَعُلِمَ بِذَلِكَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُجْرِيَ فَرَسَهُ بَيْنَ فَرَسَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَتَوَسَّطْهُمَا وَأَجْرَاهُ بِجَنْبِ أَحَدِهِمَا جَازَ إنْ تَرَاضَيَا بِهِ ( فَإِنْ تَنَازَعَ الْمُتَسَابِقَانِ فِي الْيَمِينِ ) وَالْيَسَارِ ( أَقْرَعَ ) بَيْنَهُمَا

( وَيَحُثُّ الْفَرَسَ ) فِي السِّبَاقِ ( بِالسَّوْطِ ) وَتَحْرِيكِ اللِّجَامِ ( وَلَا يَجْلِبُ عَلَيْهِ بِالصِّيَاحِ ) لِيَزِيدَ عَدْوَهُ وَلِخَبَرِ { لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ } وَفِي رِوَايَةٍ رَوَاهَا أَبُو دَاوُد { لَا جَلَبَ وَلَا جَنَبَ فِي الرِّهَانِ } قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَذَكَرَ فِي مَعْنَى الْجَنَبِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُجَنِّبُونَ الْفَرَسَ حَتَّى إذَا قَارَبُوا الْأَمَدَ تَحَوَّلُوا عَنْ الْمَرْكُوبِ الَّذِي كَدَّهُ بِالرُّكُوبِ إلَى الْجَنِيبَةِ فَنُهُوا عَنْهُ

( وَلَوْ رَمَى أَحَدُهُمَا بِلَا اسْتِئْذَانٍ ) لِصَاحِبِهِ ( فَهَلْ يُحْسَبُ ) أَوْ لَا يُحْسَبُ ، وَإِنْ أَصَابَ لِتَرْكِهِ اتِّبَاعَ عُرْفِ الرُّمَاةِ فِي الِاسْتِئْذَانِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ
( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( تَتِمَّةٌ ) يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْغَرَضِ شَاهِدَانِ لِيَشْهَدَا عَلَى مَا وَقَعَ مِنْ إصَابَةٍ وَخَطَأٍ وَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَمْدَحَا الْمُصِيبَ وَلَا أَنْ يَذُمَّا الْمُخْطِئَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُخِلُّ بِالنَّشَاطِ

( كِتَابُ الْأَيْمَانِ ) جَمْعُ يَمِينٍ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } الْآيَةَ وقَوْله تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا } وَأَخْبَارٌ مِنْهَا { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْلِفُ لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَوْلُهُ { وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ إنْ يَشَاءَ اللَّهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْيَمِينُ وَالْحَلِفُ وَالْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ ( هِيَ ) لُغَةً الْيَدُ الْيُمْنَى وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْحَلِفِ ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا أَخَذَ كُلٌّ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ وَقِيلَ ؛ لِأَنَّهَا تَحْفَظُ الشَّيْءَ عَلَى الْحَالِفِ كَمَا تَحْفَظُهُ الْيَدُ وَاصْطِلَاحًا ( تَحْقِيقُ ) أَمْرٍ ( غَيْرِ ثَابِتٍ ) مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا مُمْكِنًا كَحَلِفِهِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ مُمْتَنِعًا كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا صَادِقَةً كَانَتْ الْيَمِينُ أَوْ كَاذِبَةً مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَوْ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ وَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ فَلَيْسَتْ يَمِينًا وَسَيَأْتِي وَبِغَيْرِ ثَابِتٍ الثَّابِتُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَأَمُوتَنَّ أَوْ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَكَذَلِكَ لِتَحَقُّقِهِ فِي نَفْسِهِ فَلَا مَعْنَى لِتَحَقُّقِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ وَفَارَقَ انْعِقَادَهَا فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرُّ كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ أَوْ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ بِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ وَامْتِنَاعَ الْبِرِّ يُخِلُّ بِهِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ الْأَمْرِ أَوْ تَوْكِيدُهُ ( بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ : لَكِنْ يُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقَالُ حَلَفْت بِاَللَّهِ

وَحَلَفْت بِغَيْرِ اللَّهِ وَفِي الْخَبَرِ { لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ } وَأَسْقَطَهُ النَّوَوِيُّ ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ الشَّرْعِيَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي الْيَمِينِ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا عَالِمًا ) بِالْحَالِ ( عَلَى مَاضٍ فَهِيَ ) الْيَمِينُ ( الْغَمُوسُ ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ أَوْ فِي النَّارِ ، وَهِيَ مِنْ الْكَبَائِرِ كَمَا وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ ( وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ } الْآيَةَ ؛ وَلِأَنَّهُ حَلَفَ بِاَللَّهِ ، وَهُوَ مُخْتَارٌ كَاذِبٌ فَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مُسْتَقْبَلٍ وَالْإِثْمُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا كَمَا فِي الظِّهَارِ وَيَجِبُ فِيهَا التَّعْزِيرُ أَيْضًا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَفِي وُجُوبِهَا الْقَوْلَانِ فِيمَنْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا

( كِتَابُ الْأَيْمَانِ ) ( قَوْلُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ ) أَيْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا ( قَوْلُهُ أَوْ مُمْتَنِعًا ) أَيْ إثْبَاتًا لَا نَفْيًا ( تَنْبِيهٌ ) الْحَالِفُ هُنَا مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ نَاطِقٌ قَالَ شَيْخُنَا : أَوْ أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ كَمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ ( قَوْلُهُ : وَلِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ ) فَالْمُرَادُ بِالثَّابِتِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ ( قَوْلُهُ : لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي حَقِيقَةِ الْيَمِينِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا إلَخْ ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ كَاذِبًا مَا إذَا كَانَ صَادِقًا وَالْمُرَادُ بِصِدْقِهِ إنْ تَوَافَقَ يَمِينُهُ قَصْدَهُ ، وَإِنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ إذَا كَانَ مَا قَصَدَهُ مِنْ مَجَازِ اللَّفْظِ وَلَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحْلِفُ لَهُ حَاكِمًا فَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً وَأَرَادَ الْمَنِيَّ أَوْ لَا جَارِيَةَ لَهُ وَأَرَادَ السَّفِينَةَ أَوْ مَا أَكَلَ وَلَا شَرِبَ فِي يَوْمِهِ وَأَرَادَ بِمَكَّةَ أَوْ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ أَوْ مَا كَاتَبْت زَيْدًا وَنَوَى مُكَاتَبَةَ الْعَبْدِ أَوْ مَا عَرَّفْته وَنَوَى مَا جَعَلْته عَرِيفًا أَوْ مَا عَلَّمْته وَنَوَى مَا شَقَقْت شَفَتَهُ أَوْ مَا سَأَلْته حَاجَةً وَنَوَى الشَّجَرَةَ الصَّغِيرَةَ فَإِنَّهَا تُسَمَّى حَاجَةً أَوْ مَا أَكَلْت دَجَاجَةً وَنَوَى كُبَّةَ الْغَزْلِ وَلَا فَرُّوجَةً وَنَوَى الدُّرَّاعَةَ أَوْ مَا فِي بَيْتِهِ حَصِيرٌ وَنَوَى الْحَقِيرَ أَوْ مَا فِيهِ فُرُشٌ وَنَوَى صِغَارَ الْإِبِلِ أَوْ بَارِيَةً وَنَوَى الدِّيَةَ وَلَوْ قَالَ نِسَائِي طَوَالِقُ وَقَالَ أَرَدْت نِسَاءَ قَرَابَتِي لَمْ تَطْلُقْ نِسَاؤُهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَطْلَقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ وَأَرَادَ نَعَمْ بَنِي فُلَانٍ كَانَ عَلَى مَا نَوَى بَاطِنًا ، وَإِنْ كَانَ مَأْخُوذًا بِإِقْرَارِهِ ظَاهِرًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ .
( قَوْلُهُ فَهِيَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ ) وَلَا تَنْعَقِدُ كَمَا جَزْم بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْإِمَامُ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ اقْتَرَنَ بِنَفْسِ الْيَمِينِ فِي الظَّاهِرِ وَكَذَا فِي الْبَاطِنِ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ

يَقْتَضِي انْعِقَادَهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي انْعِقَادِهَا تَظْهَرُ فِي صُوَرٍ مَا لَوْ حَلَفَ عَلَى مَاضٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ فَعَلَهُ لِنِسْيَانِهِ وَجَهْلِهِ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ مَا دَخَلْت الدَّارَ ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ دَخَلَهَا ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا وَكَمَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي ظَنِّهِ ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا وَطِئْتهَا مُتَعَمِّدًا الْكَذِبَ ثُمَّ بَانَ أَنَّ الَّتِي وَطِئَهَا غَيْرُ زَوْجَتِهِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا يَمِينٌ مُنْعَقِدَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ تَجِبَ الْكَفَّارَةُ لِمُوَافَقَتِهَا الْوَاقِعَ ، وَإِنْ قُلْنَا أَنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ وَجَبَتْ لِانْتِهَاكِ الِاسْمِ الْمُعَظَّمِ وَتَعَمُّدِ الْكَذِبِ وَمِنْهَا لَوْ حَلَفَهَا فِي الصَّلَاةِ وَقُلْنَا إنَّهَا غَيْرُ مُنْعَقِدَةٍ بَطَلَتْ قَطْعًا ، وَإِنْ قُلْنَا بِانْعِقَادِهَا فَكَمَا لَوْ حَلَفَ غَيْرَهَا فِيهَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ تَضَمَّنَ خِطَابًا أَبْطَلَهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ نَذَرَ فِي الصَّلَاةِ الْحَجَّ وَنَحْوَهُ وَمِنْهَا لَوْ عَقَّبَهَا بِالْمَشِيئَةِ نَفَعَتْهُ إنْ قُلْنَا بِانْعِقَادِهَا وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ لَا تَرْفَعُ عَنْهُ الْكَذِبَ وَقَوْلُهُ وَلَكِنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي انْعِقَادَهَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا ) أَيْ أَوْ نَاسِيًا

( وَمَنْ حَلَفَ بِلَا قَصْدٍ ) بِأَنْ سَبَقَ لِسَانُهُ إلَى لَفْظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ كَقَوْلِهِ فِي حَالَةِ غَضَبٍ أَوْ لَجَاجٍ أَوْ صِلَةِ كَلَامٍ لَا وَاَللَّهِ تَارَةً بَلَى وَاَللَّهِ أُخْرَى ( أَوْ سَبَقَ لِسَانُهُ ) بِأَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى غَيْرِهِ ( فَلَغْوٌ ) أَيْ فَهُوَ لَغْوُ يَمِينٍ إذْ لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَحْقِيقَ الْيَمِينِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } وَلِخَبَرِ { لَغْوُ الْيَمِينِ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ فَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ لَا وَاَللَّهِ وَبَلَى وَاَللَّهِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : الْأُولَى لَغْوٌ وَالثَّانِيَةُ مُنْعَقِدَةٌ ؛ لِأَنَّهَا اسْتِدْرَاكٌ مَقْصُودٌ مِنْهُ ( وَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ ) تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ الْيَمِينَ الَّتِي حَلَفَهَا ( إنْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ ) هَا ( وَلَا يُصَدَّقُ ) ظَاهِرًا ( فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ ؛ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِجْرَاءِ أَلْفَاظِ الْيَمِينِ بِلَا قَصْدٍ بِخِلَافِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَدَعْوَاهُ فِيهَا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ فَلَا يُصَدَّقُ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى قَصْدِهِ الْيَمِينَ لَمْ يُصَدَّقْ ظَاهِرًا

( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : الْأُولَى لَغْوٌ وَالثَّانِيَةُ إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ جَمْعِهِمَا وَإِفْرَادِهِمَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُرَدُّ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ بِأَنَّ الْغَرَضَ عَدَمُ الْحِنْثِ ش وَكَتَبَ شَيْخُنَا أَيْضًا يُرَدُّ بِأَنَّ الْفَرْضَ عَدَمُ الْقَصْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمْعِ وَالْإِفْرَادِ ( قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ : مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّصْدِيقِ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى تَرْكِ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ كَذَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ تَعْلِيلِ الرَّافِعِيِّ فَلْيَتَقَيَّدْ بِهِ إطْلَاقُهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ قَالَ أَعْزِمُ ) أَوْ عَزَمْت ( أَوْ أُقْسِمُ ) أَوْ أَقْسَمْت أَوْ آلِي أَوْ آلَيْت ( عَلَيْك بِاَللَّهِ ) أَوْ أَسْأَلُك أَوْ سَأَلْتُك بِاَللَّهِ ( لَتَفْعَلَن ) كَذَا ( وَقَصَدَ عَقْدَ الْيَمِينِ لِنَفْسِهِ كَانَ يَمِينًا ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَزَمَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( وَيُنْدَبُ ) لِلْمُخَاطَبِ ( إبْرَارُهُ ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِيهِ هَذَا ( إنْ أُبِيحَ ) الْإِبْرَارُ الَّذِي فِي الرَّوْضَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ الْإِبْرَارُ ارْتِكَابَ مُحَرَّمٍ أَوْ مَكْرُوهٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الَّذِي لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ يُسْتَحَبُّ إبْرَارُ الْحَالِفِ عَلَى تَرْكِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَسَيَأْتِي أَنَّ الْحَلِفَ عَلَى تَرْكِهِ وَالْإِقَامَةِ عَلَيْهِ مَكْرُوهَانِ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى انْتَهَى لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ هَذَا وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْمُخَاطَبِ إبْرَارُ قَسَمِ الْحَالِفِ حَيْثُ أَمْكَنَهُ شَرْعًا وَرَجَحَتْ مَصْلَحَةُ إبْرَارِهِ انْتَهَى أَمَّا إذَا لَمْ يَقْصِدْ عَقْدَ الْيَمِينِ لِنَفْسِهِ بِأَنْ قَصَدَهُ لِلْمُخَاطَبِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الشَّفَاعَةَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَيْسَ يَمِينًا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهَا وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الشَّفَاعَةِ
( قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَفِي حَقِّ غَيْرِهِ أَوْلَى ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ يُخَاطَبُ الْإِنْسَانُ بِالْخُرُوجِ مِنْ الْعَادَةِ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَيُكْرَهُ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَمِنْ ذَلِكَ صَوْمُ التَّطَوُّعِ إذَا دُعِيَ إلَى وَلِيمَةٍ وَشَقَّ عَلَى الدَّاعِي صَوْمُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْفِطْرُ وَقَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ : يَنْبَغِي إبْرَارُهُ إنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهَا فِي وَقْتٍ لِمَعْنًى دُونَ مَا إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهَا مُطْلَقًا لِغَيْرِ مَعْنًى ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّهُ يُنْدَبُ ) هُوَ الصَّحِيحُ

( وَيُكْرَهُ السُّؤَالُ بِوَجْهِ اللَّهِ ) تَعَالَى ( وَرَدُّ السَّائِلِ بِهِ ) لِخَبَرِ { لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ اللَّهِ إلَّا الْجَنَّةُ } وَخَبَرِ { مَنْ سَأَلَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَأَعْطُوهُ رَوَاهُمَا } أَبُو دَاوُد

( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَقَّبَ ) الْحَالِفُ ( الْيَمِينَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ) بِالْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ ( وَلَمْ تَنْعَقِدْ ) يَمِينُهُ لِلتَّعْلِيقِ وَقِيلَ تَنْعَقِدُ لَكِنْ الْمَشِيئَةُ مَجْهُولَةٌ فَلَا يَحْنَثُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَجَزَمَ كَأَصْلِهِ بِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ ( وَيُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَقَصْدُهُ ) قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ ( وَاتِّصَالُهُ ) بِهَا فَلَا يَضُرُّ تَخَلُّلُ سَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ لِتَذَكُّرٍ أَوْ عَيٍّ أَوْ تَنَفُّسٍ ( كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَيَصِحُّ تَقْدِيمُهُ ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ ( عَلَى الْيَمِينِ ) بِاَللَّهِ تَعَالَى ( وَالطَّلَاقِ ) وَالْعَتَاقِ كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَن كَذَا أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ ( وَ ) عَلَى ( الْإِقْرَارِ فَإِنْ قَالَ ) لِفُلَانٍ ( عَلَيَّ إلَّا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِائَةٌ لَزِمَهُ تِسْعُونَ ، وَإِنْ قَدَّمَهُ ) عَلَى أَيْمَانٍ ( وَلَوْ عَلَى طَلَاقٍ وَعَتَاقٍ فَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْتِ طَالِقٌ عَبْدِي حُرٌّ بِعَاطِفٍ وَغَيْرِهِ قَصَدَ اسْتِثْنَاءَهُمَا مَعًا أَمْ أَطْلَقَ لَمْ يَقَعَا ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْمُتَقَدِّمَ عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ يَعُودُ إلَى جَمِيعِهَا كَالْمُتَأَخِّرِ عَنْهَا أَمَّا مَعَ الْعَاطِفِ فَظَاهِرٌ ، وَأَمَّا بِدُونِهِ ؛ فَلِأَنَّهُ قَدْ يُحْذَفُ مَعَ إرَادَةِ الْعَطْفِ ( وَكَذَا إنْ وَسَّطَ ) الِاسْتِثْنَاءَ ( كَانَتْ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى طَالِقٌ ) لَا يَقَعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَالتَّمْثِيلُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَعَبْدِي حُرٌّ وَنَوَى صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا صَحَّ ) فَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ انْصَرَفَ إلَى الْأَوَّلِ خَاصَّةً فَيَقَعُ الْعِتْقُ دُونَ الطَّلَاقِ ( وَقَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ) حُكْمُهُ ( كَمَا فِي ) نَظِيرِهِ مِنْ ( الطَّلَاقِ ) فَلَا يَحْنَثُ

( قَوْلُهُ لَوْ عَقَّبَ الْحَالِفُ الْيَمِينَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ) شَمِلَ إطْلَاقُهُ الْيَمِينَ تَعْلِيقَهَا بِالْمَاضِي كَمَا لَوْ فَعَلَ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ قَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعَلِّقْ الْفِعْلَ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَإِنَّمَا عَلَّقَ قَسَمَهُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ الْأَصْحَابِ فِي الدَّعَاوَى أَنَّ الْحَاكِمَ لَوْ حَلَّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْغَصْبِ فَقَالَ وَاَللَّهِ مَا غَصَبْته إنْ شَاءَ اللَّهُ كَانَ نَاكِلًا وَتُعَادُ الْيَمِينُ فَلَوْلَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَنْفَعُ فِي الْمَاضِي مَا جَعَلُوهُ نَاكِلًا ( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِالِاسْتِثْنَاءِ ) كَقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ أَرَادَ اللَّهُ أَوْ إنْ أَحَبَّ اللَّهُ أَوْ اخْتَارَ أَوْ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ أَوْ بِإِرَادَتِهِ أَوْ اخْتِيَارِهِ أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ أَوْ إلَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ وَمَا أَشْبَهَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالِاسْتِثْنَاءِ بَلْ نَوَاهُ فَلَا اسْتِثْنَاءَ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ ؛ لِأَنَّهُ كَالْفَسْخِ فَلَمْ يَصِحَّ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت إنْ دَخَلْت فَإِنَّهُ يَدِينُ ؛ لِأَنَّهُ تَخْصِيصٌ فَيَجُوزُ بِالنِّيَّةِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ وَاَللَّهِ لِأَدْخُلَنَّ الْيَوْمَ ) هَذِهِ الدَّارَ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ وَأَرَادَ ) إلَّا أَنْ يَشَاءَ ( عَدَمَ دُخُولِي فَدَخَلَ ) فِي الْيَوْمِ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ وَشَاءَ زَيْدٌ عَدَمَ دُخُولِهِ ( لَمْ يَحْنَثْ وَحَنِثَ بِتَرْكِ الدُّخُولِ ) فِيهِ ( مَعَ مَشِيئَتِهِ لَهُ ) أَيْ لِلدُّخُولِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَمَعَ الْجَهْلِ بِهَا ) بِأَنْ مَاتَ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ حَتَّى مَضَى الْيَوْمُ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ حِنْثِهِ الْمَشِيئَةُ وَقَدْ جُهِلَتْ ( أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ الدُّخُولَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ قَبْلَ مَشِيئَتِهِ ) سَوَاءٌ أَشَاءَ زَيْدٌ عَدَمَ دُخُولِهِ أَمْ لَا وَلَا يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ بَعْدَهَا وَلَا بِتَرْكِ الدُّخُولِ ( وَمَتَى مَاتَ أَوْ جُنَّ ) أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ ( وَلَمْ يَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ حَنِثَ ) بِالدُّخُولِ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ( أَوْ قَالَ وَاَللَّهِ ) لَا أَدْخُلُ ( إلَّا أَنْ يَشَاءَ ) زَيْدٌ ( عَدَمَ الدُّخُولِ لَمْ تَنْعَقِدْ ) يَمِينُهُ ( حَتَّى يَشَاءَ ) عَدَمَ الدُّخُولِ ( ثُمَّ يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ ) وَإِلَّا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ إنْ شَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا أَدْخُلَ فَلَا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ أَنْ لَا يَدْخُلَ ( وَإِنْ قَالَ وَاَللَّهِ لِأَدْخُلَنَّ إنْ شَاءَ فُلَانٌ دُخُولِي لَمْ يَنْعَقِدْ ) يَمِينُهُ ( حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ ) دُخُولَهُ ( فَإِنْ شَاءَ دُخُولَهُ وَدَخَلَ بَعْدَهَا ) أَيْ الْمَشِيئَةِ ( بَرَّ وَإِلَّا حَنِثَ قَبْلَ الْمَوْتِ ) إنْ لَمْ يُقَيِّدْ الدُّخُولَ بِزَمَنٍ ( فَلَوْ لَمْ تُعْرَفْ مَشِيئَتُهُ ) أَوْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا أَوْ شَاءَ أَنْ لَا يَدْخُلَ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلَا يَحْنَثُ ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ
قَوْلُهُ وَلَا مَعْنَى لَهَا هُنَا ) هِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ

( فَصْلٌ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ لَا بِسَبْقِ لِسَانٍ مَكْرُوهٌ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ ) وَجِبْرِيلَ وَالصَّحَابَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ } وَلِخَبَرِ { لَا تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلَا بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلَا تَحْلِفُوا إلَّا بِاَللَّهِ } رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ قَالَ الْإِمَامُ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَخْشَى أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ مَعْصِيَةً مَحْمُولٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي التَّنْفِيرِ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ حَلَفَ بِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ اعْتَقَدَ تَعْظِيمَهُ كَمَا ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَا ( يُعَظِّمُ اللَّهَ ) بِأَنْ اعْتَقَدَ فِيهِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى ( كَفَرَ ) وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الْحَاكِمِ { مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ } أَمَّا إذَا سَبَقَ لِسَانُهُ إلَيْهِ بِلَا قَصْدٍ فَلَا كَرَاهَةَ بَلْ هُوَ لَغْوُ يَمِينٍ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { فِي قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي قَالَ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ }

( قَوْلُهُ الْحَلِفُ بِالْمَخْلُوقِ لَا بِسَبْقِ لِسَانٍ مَكْرُوهٌ ) ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ } وَرُوِيَ { فَقَدْ أَشْرَكَ } فَمَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اعْتَقَدَ فِيمَا حَلَفَ بِهِ مِنْ التَّعْظِيمِ مَا يَعْتَقِدُهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ قَدْ أَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِالنَّجْمِ وَبِالسَّمَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ } قُلْنَا أَمَّا فِي الْقُرْآنِ فَذِكْرُ الرَّبِّ فِيهِ مُضْمَرًا أَيْ وَرَبِّ النَّجْمِ وَرَبِّ السَّمَاءِ كَمَا فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى { فَوَرَبِّ السَّمَاءِ } وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ اللَّهِ مَنْ يُعَظَّمُ تَعْظِيمَهُ بِخِلَافِنَا وَمَا وَرَدَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى لَغْوِ الْيَمِينِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ وَيُؤَيِّدُهُ الْخَبَرُ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُ مُبَاحًا ( قَوْلُهُ كَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ ) أَوْ وَرِزْقِ اللَّهِ أَوْ وَإِحْيَاءِ اللَّهِ أَوْ وَإِمَاتَةِ اللَّهِ أَوْ وَتَصْوِيرِ اللَّهِ أَوْ وَثَوَابِ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ

( وَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت ) كَذَا ( فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ بَرِيءٌ مِنْ اللَّهِ ) أَوْ مِنْ رَسُولِهِ أَوْ مِنْ الْإِسْلَامِ ( أَوْ مِنْ الْكَعْبَةِ أَوْ ) فَأَكُونُ ( مُسْتَحِلًّا ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ مُسْتَحِلٌّ أَيْ أَوْ أَنَا مُسْتَحِلٌّ ( لِلْخَمْرِ ) أَوْ الْمَيْتَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ ( فَلَيْسَ بِيَمِينٍ ) لِعُرُوِّهِ عَنْ ذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَتِهِ ؛ وَلِأَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ حَرَامٌ فَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَأَنَا زَانٍ أَوْ سَارِقٌ ( فَإِنْ قَصَدَ ) بِهِ ( تَبْعِيدَ نَفْسِهِ ) عَنْ ذَلِكَ أَوْ أَطْلَقَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ ( لَمْ يَكْفُرْ ) لَكِنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ( أَوْ ) قَصَدَ ( الرِّضَا بِذَلِكَ إنْ فَعَلَهُ كَفَرَ فِي الْحَالِ فَإِنْ لَمْ نُكَفِّرْهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَأْتِيَ بِالشَّهَادَتَيْنِ ) فَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَكِنْ ظَاهِرُ خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاَللَّاتِي وَالْعُزَّى فَلْيَقُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ( وَ ) أَنْ ( يَسْتَغْفِرَ ) اللَّهَ تَعَالَى ( وَيُسْتَحَبُّ ) أَيْضًا ( أَنْ يَسْتَغْفِرَ ) اللَّهَ ( مِنْ كُلِّ إثْمٍ وَيَجِبُ أَنْ يَتُوبَ مِنْهُ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَيُسْتَحَبُّ أَيْضًا لِكُلٍّ مَنْ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ قَبِيحٍ أَنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ -

( قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ ) كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَذْكَارِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْقِيَاسُ التَّكْفِيرُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِيهِ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ لَكِنْ عَارَضَهُ الْعُرْفُ فِي صَرْفِ اللَّفْظِ عَنْ التَّعْلِيقِ إلَى التَّبْعِيدِ وَإِلَى مِثْلِ مَا ذَكَرَهُ يُشِيرُ كَلَامُ ابْنِ الْعِمَادِ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ) وَابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَطْلَبِهِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالدَّارِمِيُّ وَأَفْهَمَ كَلَامُ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ( قَوْلُهُ أَوْ قَصَدَ الرِّضَا بِذَلِكَ ) أَيْ أَوْ التَّعْلِيقَ ( قَوْلُهُ فَيَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ ) قَالَ شَيْخُنَا مُرَادُ الشَّارِحِ بِلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَعَ لَفْظِ أَشْهَدُ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ) وَفِي الِاسْتِقْصَاءِ أَنَّهُ وَاجِبٌ ( قَوْلُهُ وَتَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ مُحَرَّمٍ ) قَالَ شَيْخُنَا شَمِلَ الصَّغَائِرَ وَلَا يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ تَكْفِيرُ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوُهَا لَهَا ؛ لِأَنَّ الْمُكَفَّرَ بِهَا الْإِصْرَارُ ، وَأَمَّا الْإِقْدَامُ فَلَا يُكَفِّرُهُ إلَّا التَّوْبَةُ وَمَنْ أَطْلَقَ الِاكْتِفَاءَ بِالِاسْتِغْفَارِ مُرَادُهُ بِهِ التَّوْبَةُ بِشُرُوطِهَا

( فَصْلٌ حُرُوفُ الْقَسَمِ ) ثَلَاثَةٌ ( الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ ) لِاشْتِهَارِهَا فِيهِ شَرْعًا وَعُرْفًا وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَحَامِلِيُّ الْأَلِفَ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ كِنَايَةٌ وَالْأَصْلُ الْبَاءُ الْمُوَحَّدَةُ ثُمَّ الْوَاوُ ثُمَّ التَّاءُ الْفَوْقِيَّةُ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ الْوَاوِ وَالْوَاوُ مِنْ الْبَاءِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيّ وَلِدُخُولِهَا عَلَى الْمُضْمَرِ كَالْمُظْهَرِ تَقُولُ حَلَفْت بِك وَبِهِ لَأَفْعَلَنَّ وَالْوَاوُ تَخْتَصُّ بِالْمُظْهَرِ وَالتَّاءُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( فَإِنْ قَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقٍ ) أَوْ وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا ( وَأَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ ) بِأَنْ قَالَ أَرَدْت تَاللَّهِ أَوْ وَاَللَّهِ ثُمَّ ابْتَدَأْت لَأَفْعَلَن ( قُبِلَ ) مِنْهُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَرَادَ الْيَمِينَ أَوْ أَطْلَقَ ( وَكَذَا لَوْ قَالَ بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ ) لَأَفْعَلَن كَذَا فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ الْيَمِينِ بِأَنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت أَوْ اسْتَعَنْت بِاَللَّهِ قُبِلَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا ( وَقَوْلُهُ فَاَللَّهِ ) بِالْفَاءِ ( أَوْ يَالِلَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتٍ أَوْ آللَّهِ ) بِالْمَدِّ لَأَفْعَلَن كَذَا ( كِنَايَةً ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا وَوَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا فِي الثَّانِيَةِ بِحَذْفِ الْمُنَادَى وَكَأَنَّهُ قَالَ يَا قَوْمُ أَوْ يَا رَجُلُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْيَمِينَ .
( وَلَوْ قَالَ لَهُ الْقَاضِي قُلْ وَاَللَّهِ فَقَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ أَوْ الرَّحْمَنِ لَمْ يَجُزْ ) أَيْ لَمْ يُحْسَبْ يَمِينًا لِمُخَالَفَتِهِ التَّحْلِيفَ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ يَمِينًا فِيمَا لَوْ قَالَ لَهُ قُلْ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ فَقَالَ بِاَللَّهِ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ قُلْ بِاَللَّهِ فَقَالَ وَاَللَّهِ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَسَأَذْكُرُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي أَشَارَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ مَعَ بَيَانِ أَنَّهُ نُكُولٌ أَوْ لَا ( وَلَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ الْهَاءَ ) أَوْ نَصَبَهَا أَوْ

سَكَّنَهَا ( لَمْ يَضُرَّ ) ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ لَا يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْيَمِينِ ( وَلَوْ حَذَفَ حَرْفَ الْقَسَمِ ) فَقَالَ اللَّهِ : لَأَفْعَلَنَّ كَذَا بِجَرِّهِ أَوْ نَصْبِهِ أَوْ رَفْعِهِ أَوْ إسْكَانِهِ ( فَكِنَايَةٌ ) فَإِنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا وَاللَّحْنُ ، وَإِنْ قِيلَ بِهِ الرَّفْعُ لَا يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ كَمَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ لَا لَحْنَ فِي ذَلِكَ فَالرَّفْعُ بِالِابْتِدَاءِ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ وَالنَّصْبُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ وَالْجَرُّ بِحَذْفِهِ وَإِبْقَاءِ عَمَلِهِ وَالْإِسْكَانُ بِإِجْرَاءِ الْوَصْلِ مَجْرَى الْوَقْفِ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَيُحْتَجُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ رُكَانَةَ { اللَّهُ مَا أَرَدْت إلَّا وَاحِدَةً } رَوَاهُ الْعِمْرَانِيُّ بِالرَّفْعِ وَالرُّويَانِيُّ بِالْجَرِّ وَبِقَوْلِهِ لِابْنِ مَسْعُودٍ فِي قَتْلِهِ أَبَا جَهْلٍ اللَّهَ قَتَلْته بِالنَّصْبِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ ( وَلَوْ قَالَ لَهُ بِحَذْفِ الْأَلِفِ ) بَعْدَ اللَّامِ الْمُشَدَّدَةِ ( لَغَا ) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا ، وَإِنْ نَوَاهَا هَذَا بَحَثَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ صِفَتِهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا لَحْنٌ مَمْنُوعٌ ؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ مُخَالَفَةُ صَوَابِ الْإِعْرَابِ بَلْ هَذِهِ كَلِمَةٌ أُخْرَى وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : لَيْسَ هُوَ لَحْنًا بَلْ لُغَةً حَكَاهَا الزَّجَّاجِيُّ أَيْ غَيْرُهُ ، وَهِيَ شَائِعَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ يَمِينًا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَمَا قَالَهُ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ وَالْأَوَّلُ نَافٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ اسْتَحْضَرَ النَّوَوِيُّ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ لَمَا قَالَ مَا قَالَ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْجُوَيْنِيِّ وَالْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ مِنْ أَنَّهَا يَمِينٌ إنْ نَوَاهَا وَيُحْمَلُ حَذْفُ الْأَلِفِ عَلَى اللَّحْنِ ؛ لِأَنَّ الْكَلِمَةَ تَجْرِي كَذَلِكَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ وَالْخَوَاصِّ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْجَهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ بِبَلِّهِ الْبِلَّةَ بِمَعْنَى الرُّطُوبَةِ

( قَوْلُهُ وَالتَّاءُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى اللَّهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ تَخْصِيصَ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ بِلَفْظِ اللَّهِ إنْ أُرِيدَ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ لَمْ يَسْتَقِمْ فَلَوْ قَالَ تَالرَّحْمَنِ أَوْ تَالرَّحِيمِ أَوْ تَحَيَاةِ اللَّهِ انْعَقَدَتْ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ شَاذًّا وَقَوْلُهُ انْعَقَدَتْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ اللَّهُ أَحْلِفُ بِهِ ) أَوْ قَسَمِي ( قَوْلُهُ وَالرُّويَانِيُّ بِالْجَرِّ ) وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ حَجَرٍ أَنَّ فِي أَصْلٍ جَيِّدٍ مِنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِالنَّصْبِ ( قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا لَحْنٌ مَمْنُوعٌ إلَخْ ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى اصْطِلَاحِ النُّحَاةِ فِي مُسَمًّى لِلَّحْنِ وَعَلَيْهِ بَنَى صَاحِبُ الصِّحَاحِ ( قَوْلُهُ اللَّحْنُ الْخَطَأُ فِي الْإِعْرَابِ ) وَالْمُرَادُ بِاللَّحْنِ فِي تَعْلِيلِ الْأَئِمَّةِ السَّابِقِ مَعْنَاهُ اللُّغَوِيُّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيِّ نَقْلًا عَمَّنْ سَمَّاهُ مِنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ وَالنَّحْوِ بَلْ قَدْ أَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ النَّحْوِ اللَّحْنَ عَلَى الْخَطَأِ فِي غَيْرِ الْإِعْرَابِ وَصَنَّفُوا كُتُبًا فِي ذَلِكَ أب ( قَوْلُهُ وَقَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ أَوْجَهُ ) الْأَوْجَهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا فِي الْحَقِيقَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى تَقْيِيدِهِ بِذَلِكَ إذْ هُوَ مُخْرِجٌ لَهُ مِنْ الْإِطْلَاقِ نَعَمْ يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ فِي مُقَابَلَةِ ابْنِ الصَّلَاحِ يُرَادُ بِهِ مُقَابِلُ قَصْدِ الْيَمِينِ فَلِهَذَا قَيَّدَ بِغَيْرِ الْبِلَّةِ الَّتِي بِمَعْنَى الرُّطُوبَةِ

( فَصْلٌ يَنْعَقِدُ ) الْيَمِينُ ( بِأَسْمَاءِ اللَّهِ ) تَعَالَى ( وَصِفَاتِهِ ) أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْهَا وَأَسْمَاؤُهُ تَعَالَى ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ مَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحُسْنَى كَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ أَمْ لَا كَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ وَمَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَالْغَالِبُ إطْلَاقُهُ عَلَيْهِ تَعَالَى وَمَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ وَإِطْلَاقُهُ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ وَقَدْ أَخَذَ فِي بَيَانِهَا وَبَيَانِ أَحْكَامِهَا فَقَالَ : ( وَمَا لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ كَ وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ ) أَوْ أُصَلِّي لَهُ ( وَاَلَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ) أَوْ نَفْسِي بِيَدِهِ ( وَالْأَسْمَاءُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ كَوَاللَّهِ وَالْإِلَهِ وَالرَّحْمَنِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ وَمَالِكِ يَوْمِ الدَّيْنِ وَنَحْوِهِ ) كَخَالِقِ الْخَلْقِ وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ( لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْ الْيَمِينِ ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَقْبَلُهُ فَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ لَا يَقْبَلُ الصَّرْفَ عَنْ اللَّهِ تَعَالَى إلَى غَيْرِهِ لَا ظَاهِرًا وَلَا بَاطِنًا ، وَإِنْ نَوَاهُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ وَأَطْلَقَ كَالْأَكْثَرِينَ الْحُكْمَ فِي الْإِلَهِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ الْمِلْكِ فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِهَا ظَاهِرًا وَيَتَوَقَّفُ بَاطِنًا عَلَى إرَادَتِهِ ؛ لِأَنَّهُمْ يَجْعَلُونَ هَذَا الِاسْمَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اللَّهِ وَأَوْثَانِهِمْ انْتَهَى وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أُصَلِّي لَهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ أَوْ نَحْوِهَا

( قَوْلُهُ الْمُخْتَصَّةُ بِاَللَّهِ ) فِيهِ دُخُولُ الْبَاءِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَالْأَفْصَحُ دُخُولُهَا عَلَى الْمَقْصُورِ ( فَائِدَةٌ ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الِاسْمَ الْأَعْظَمَ هُوَ اللَّهُ ( قَوْلُهُ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ ) سُئِلَ الْمُزَنِيّ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَرَدَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحَلَّةِ عَنْ شَخْصٍ قَالَ وَرَبِّ يس أَفْعَلُ كَذَا فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ يس مِنْ كَلَامِ الْبَارِي تَعَالَى وَكَلَامُ اللَّهِ صِفَتُهُ وَالصِّفَةُ لَيْسَتْ مَرْبُوبَةً لِكَوْنِهَا قَدِيمَةً قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَبِالْأَوْلَى أَنْ يَفْصِلَ فَإِنْ قَصَدَ الْحَالِفُ بِرَبِّ مَعْنَى الصَّاحِبِ حَنِثَ ، وَإِنْ قَصَدَ مَعْنَى التَّرْبِيَةِ لَا يَحْنَثُ وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { سُبْحَانَ رَبِّك رَبِّ الْعِزَّةِ } عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِزَّةِ صِفَتُهُ الْقَدِيمَةُ ، وَإِنْ أُرِيدَ صِفَةُ الْفِعْلِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يُعِزُّ مَنْ يَشَاءُ لَمْ تَنْعَقِدْ ؛ لِأَنَّهَا صِفَةٌ حَادِثَةٌ سُئِلْت عَمَّا يَحْلِفُ بِهِ أَهْلُ مِصْرَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَالْجَنَابِ الرَّفِيعِ فَقُلْت إنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ تَعَالَى فَهُوَ يَمِينٌ ، وَإِنْ نَوَى بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَيْهِمَا إطْلَاقًا وَاحِدًا بَلْ قَدْ يَغْلِبُ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ج وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ بِالْجَنَابِ الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى هَلْ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَ جَنَابِ الْإِنْسَانِ فِنَاءُ دَارِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُطْلَقَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِطْلَاقُهُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى إلْحَادٌ فِي أَسْمَائِهِ فَإِنْ قُلْت قَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الرَّفِيعُ وَفِي التَّنْزِيلِ { رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ } وَالرَّفِيعُ ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى غَيْرِهِ لَكِنْ قَدْ اقْتَرَنَتْ النِّيَّةُ بِإِرَادَتِهِ فَوَجَبَ صَرْفُ اللَّفْظِ إلَيْهِ قُلْت كَيْفَ يُعْمَلُ

بِالنِّيَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ اقْتِرَانِهِ لَفْظًا بِمَا يُنَافِي ذَلِكَ ، وَهُوَ الْجَنَابُ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الرَّفِيعِ وَأَرَادَ بِهِ اللَّهَ تَعَالَى أَجْرَيْنَا فِيهِ الْخِلَافَ فِي نَظَائِرِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ وَالْمَوْجُودِ وَنَحْوِهِمَا أَمَّا بَعْدَ أَنْ قَرَنَ بِهِ مَا يُنَافِيهِ اللَّهُ تَعَالَى فَلَا يَصِحُّ أَنْ تَعْمَلَ النِّيَّةُ الْمُضَادَّةُ لِلَّفْظِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالْأَوْلَى إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّ فَأَجَبْت بِأَنَّهَا إلَخْ هُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ أَصْلِهِ إلَخْ ) هُوَ مَحْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَ تَاللَّهِ بِالْمُثَنَّاةِ إلَى آخِرِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُ الْمَحَامِلِيِّ وَابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّ الْحَلِفَ بِالطَّالِبِ الْغَالِبِ يَمِينٌ صَرِيحَةٌ وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ إنَّ الْحَلِفَ بِذَلِكَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ ؛ لِأَنَّ أَسْمَاءَ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ وَلَمْ تَرِدْ التَّسْمِيَةُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا اسْتَحْسَنَ الْأَصْحَابُ ذِكْرَهُمَا فِي الْأَيْمَانِ لِيَقَعَ الرَّدْعُ بِهِمَا لِلْحَالِفِ وَفِي مُشْكَلِ الْوَسِيطِ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي الدَّعَاوَى جَوَازُ إطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَالتَّمْجِيدِ

( وَمَا لَا يَخْتَصُّ ) بِاَللَّهِ ( وَهُوَ لِلَّهِ أَغْلَبُ كَالْجَبَّارِ وَالْحَقِّ وَالْمُتَكَبِّرِ وَالْبَارِئِ ) التَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالْقَادِرِ وَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالرَّحِيمِ ) وَالرَّبِّ ( لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِنِيَّةٍ ) بِأَنْ يَنْوِيَ بِهِ غَيْرَ اللَّهِ فَيَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُ وَقَدْ نَوَاهُ ( وَكَذَا قَوْلُهُ وَحَقِّ اللَّهِ وَحُرْمَتِهِ بِالْكَسْرِ ) لَا يَنْصَرِفُ عَنْ الْيَمِينِ إلَّا بِنِيَّةٍ لِذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْكَسْرِ وَالْمُرَادُ الْجَرُّ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ يَمِينًا إلَّا بِنِيَّتِهَا وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ فِي وَحَقِّ اللَّهِ ( أَمَّا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَ ) عَلَى ( غَيْرِهِ سَوَاءٌ ) أَيْ مُسْتَوِيًا ( كَالْحَيِّ وَالْمَوْجُودِ وَالْمُؤْمِنِ وَالْكَرِيمِ وَالْغَنِيِّ فَكِنَايَةٌ ) إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ نَوَاهُ ( وَمِنْهُ وَالسَّمِيعُ وَالْبَصِيرُ وَالْعَلِيمُ وَالْحَكِيمُ )
( قَوْلُهُ أَمَّا الَّذِي يُطْلَقُ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى غَيْرِهِ إلَخْ ) اسْتَفَدْنَا مِنْ كَلَامِهِمْ هُنَا جَوَازَ التَّسْمِيَةِ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَا تَخْتَصُّ بِهِ أَمَّا الْمُخْتَصُّ بِهِ فَيَحْرُمُ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ( قَوْلُهُ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ إلَخْ ) إذْ لَا تَكْفِي نِيَّةُ الْيَمِينِ اتِّفَاقًا

( وَيَنْعَقِدُ ) الْيَمِينُ ( بِقَوْلِهِ وَعِلْمُ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ وَحَقِّهِ وَعَظَمَتِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ ) وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ صِفَاتِ الذَّاتِ ( إلَّا إنْ أَرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ وَبِالْحَقِّ الْعِبَادَاتِ ) وَبِالْعَظَمَةِ مَا يَأْتِي وَبِالسَّمْعِ الْمَسْمُوعَ وَبِالْبَصَرِ الْمُبْصَرَ فَلَا يَنْعَقِدُ ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ مُحْتَمِلٌ لَهُ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الدُّعَاءِ اغْفِرْ عِلْمَك فِينَا أَيْ مَعْلُومَك وَيُقَالُ اُنْظُرْ إلَى قُدْرَةِ اللَّهِ أَيْ مَقْدُورِهِ فَيَكُونُ كَقَوْلِهِ وَمَعْلُومِ اللَّهِ وَمَقْدُورِهِ وَخَلْقِهِ وَرِزْقِهِ وَسَائِرِ صِفَاتِ الْفِعْلِ وَذَلِكَ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِفَتَيْ الذَّاتِ وَالْفِعْلِ أَنَّ الْأُولَى مَا اسْتَحَقَّهُ فِي الْأَزَلِ وَالثَّانِيَةَ مَا اسْتَحَقَّهُ فِيمَا لَا يَزَالُ دُونَ الْأَزَلِ يُقَالُ عَلِمَ فِي الْأَزَلِ وَلَا يُقَالُ رَزَقَ فِي الْأَزَلِ إلَّا تَوَسُّعًا بِاعْتِبَارِ مَا يُؤَوَّلُ إلَيْهِ الْأَمْرُ ( وَكَذَا ) قَوْلُهُ ( وَعَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَعِزَّتِهِ وَجَلَالِهِ ) وَبَقَائِهِ وَمَشِيئَتِهِ فَيَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا ظُهُورَ آثَارِهَا عَلَى الْخَلْقِ ( فَقَدْ يُقَالُ ) فِي ذَلِكَ ( عَايَنْت عَظَمَتَهُ وَكِبْرِيَاءَهُ ) وَعِزَّتَهُ وَجَلَالَهُ ( وَيُرَادُ مِثْلُ ذَلِكَ ) وَقَوْلُهُ وَحَقِّهِ وَعَظَمَتِهِ مُكَرَّرٌ
( قَوْلُهُ وَتَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ وَعِلْمِ اللَّهِ إلَخْ ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الصِّفَاتِ الْمَعْنَوِيَّةِ الزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَغَيْرِهَا هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ فِي هَذِهِ الصِّفَاتِ ( قَوْلُهُ وَبَصَرِهِ ) أَيْ وَحُرْمَتِهِ ( قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا مِنْ سَائِرِ صِفَاتِ الذَّاتِ ) الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ كَكَوْنِهِ تَعَالَى أَزَلِيًّا وَأَنَّهُ وَاجِبُ الْوُجُودِ ، وَهِيَ كَالزَّائِدَةِ عَلَى الذَّاتِ وَمِنْهَا السَّلْبِيَّةُ كَقَوْلِهِ لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا عَرَضٍ وَلَا فِي جِهَةٍ وَلَمْ أَرَ فِيهَا شَيْئًا وَالظَّاهِرُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا قَدِيمَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِاَللَّهِ ر

( وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ اللَّهِ وَكِتَابِهِ وَقُرْآنِهِ يَمِينٌ ) كَمَا لَوْ حَلَفَ بِالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ( وَكَذَا ) قَوْلُهُ ( وَالْمُصْحَفِ وَلَوْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ حُرْمَتَهُ أَوْ حُرْمَةَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ أَوْ الْقُرْآنَ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ الْحَلِفَ بِالْقُرْآنِ الْمَكْتُوبِ فَكَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( لَا إنْ أَرَادَ ) بِهِ ( الرَّقَّ وَالْجِلْدَ ) أَوْ أَحَدَهُمَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا ( وَلَوْ أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ وَالصَّلَاةَ ) أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ بِالْكَلَامِ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ ( لَمْ يَنْعَقِدْ ) يَمِينُهُ
( قَوْلُهُ وَكَذَا وَالْمُصْحَفِ ) أَيْ وَالْقُرْآنِ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا حَلَفَ الْمُسْلِمُ بِآيَةٍ مَنْسُوخَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ بِالتَّوْرَاةِ أَوْ بِالْإِنْجِيلِ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ ؛ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَمِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي بَابِ مَوْضِعِ الْيَمِينِ مِنْ تَعْلِيقِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْمَنْسُوخَةُ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ مَسُّهُ وَهَلْ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِقِرَاءَتِهِ وَالصَّحِيحُ لَا يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ وَبِهِ يَقْوَى عَدَمُ الِانْعِقَادِ لِانْتِفَاءِ الْحُرْمَةِ ( قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اسْتَحْسَنَ التَّحْلِيفَ بِالْمُصْحَفِ وَاتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ تَنْعَقِدْ بِهِ الْيَمِينُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ لَمْ يَحْلِفْ بِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَرَادَ بِالْقُرْآنِ الْخُطْبَةَ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ } ( قَوْلُهُ وَالصَّلَاةَ ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ }

( وَإِنْ قَالَ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَوْ أَحْلِفُ ) أَوْ حَلَفْت ( أَوْ أُولِي ) أَوْ آلَيْت ( أَوْ أَقْسَمْت ) بِاَللَّهِ ( فَيَمِينٌ وَلَوْ أَطْلَقَ ) ؛ لِأَنَّهُ عُرْفُ الشَّرْعِ قَالَ تَعَالَى { وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْت ) بِالْمُضَارِعِ ( الْوَعْدَ ) بِالْحَلِفِ ( وَ ) بِالْمَاضِي ( الْإِخْبَارَ ) عَنْ حَلِفٍ مَاضٍ ( قُبِلَ ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَوْ فِي الْإِيلَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِاحْتِمَالِ مَا قَالَهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَمْ أَقْصِدْ الْيَمِينَ لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْإِيلَاءِ ؛ لِأَنَّهُ هُنَا ادَّعَى مَا يُوَافِقُهُ ظَاهِرُ الصِّيغَةِ مِنْ أَقْسَمْت أَوْ أُقْسِمُ أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ إذْ قَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا فَعَلْت كَذَا لَا يُوَافِقُ مَا ادَّعَاهُ ( وَإِنْ حَذَفَ ) مِنْ ذَلِكَ ( اسْمَ اللَّهِ لَغَا ) فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لَا صَرِيحًا وَلَا كِنَايَةً ( وَإِنْ نَوَى ) الْيَمِينَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ ذَلِكَ ( فِي الْإِيلَاءِ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ جَعَلَهُ بَعْدَ وَالْأَخْبَارِ كَانَ مُوَافِقًا لِأَصْلِهِ وَلَعَلَّ تَأْخِيرَهُ مِنْ النُّسَّاخِ وَمَعَ هَذَا فَالْأَمْرُ قَرِيبٌ وَالْكُلُّ صَحِيحٌ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَذَفَهُ ثَمَّ لِلْإِشْكَالِ الَّذِي أُجِيبَ عَنْهُ لَمَّا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عَنْهُ جَوَابٌ
( قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى { وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } ) وَقَالَ تَعَالَى { فَيُقْسِمَانِ بِاَللَّهِ }

( وَلَوْ قَالَ أَشْهَدُ ) أَوْ شَهِدْت ( أَوْ أَعْزِمُ ) أَوْ عَزَمْت ( بِاَللَّهِ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ إلَّا إنْ نَوَى ) فَيَمِينٌ قَالُوا لِوُرُودِ الشَّرْعِ بِهِ فِي أَشْهَدُ قَالَ تَعَالَى : { قَالُوا نَشْهَدُ إنَّك لَرَسُولُ اللَّهِ } إذْ الْمُرَادُ نَحْلِفُ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ { اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً } وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ يَمِينًا إذَا نَوَى غَيْرَهَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ أَطْلَقَ لِتَرَدُّدِهِ وَعَدَمِ إطْرَادِ عُرْفٍ شَرْعِيٍّ أَوْ لُغَوِيٍّ بِهِ

( وَلَوْ قَالَ الْمَلَاعِنُ ) فِي لِعَانِهِ ( أَشْهَدُ بِاَللَّهِ ) وَكَانَ ( كَاذِبًا لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ) ، وَإِنْ نَوَى غَيْرَ الْيَمِينِ إذْ لَا أَثَرَ لِلتَّوْرِيَةِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّمَا لَا تُؤَثِّرُ التَّوْرِيَةُ حِينَئِذٍ فِي الْأَحْكَامِ الظَّاهِرَةِ وَالْكَفَّارَةُ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا تَلْزَمُهُ إذَا لَمْ يَنْوِ الْيَمِينَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ مِنْ التَّحْرِيمِ وَالْإِثْمِ حُكْمٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَرْتَفِعُ بِالتَّوْرِيَةِ قَطْعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ تَعَدَّدَتْ قَطْعًا بِخِلَافِ الْأَيْمَانِ عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ الْوَاحِدِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَرَّةٍ فِي الْمَاضِي حَلِفٌ وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ انْتَهَى وَالْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّقَ بِأَنَّ الْحِنْثَ فِي الْمَاضِي مُقَارِنٌ لِلْيَمِينِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ
( قَوْلُهُ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْيَمِينِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْقَسَامَةِ ) حَتَّى لَوْ حَلَفَ فِيهَا خَمْسِينَ يَمِينًا كَاذِبًا لَزِمَتْهُ خَمْسُونَ كَفَّارَةً

( وَقَوْلُهُ لَا هَالِلْهُ ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ كِنَايَةٌ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي اللُّغَةِ لِعَدَمِ اشْتِهَارِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَ ( أَيْمُ اللَّهِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَشْهَرُ مِنْ كَسْرِهَا وَوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ قَطْعُهَا ( وَأَيْمُنُ اللَّهِ ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا إذَا أَطْلَقَ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ وَوَرَدَ فِي الْخَبَرِ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْخَوَاصُّ ( وَلَعَمْرُ اللَّهِ ) وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْبَقَاءُ وَالْحَيَاةُ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَاتِ وَالْمَفْرُوضَاتِ ( وَكَذَا ) قَوْلُهُ ( وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ وَمِيثَاقِهِ وَأَمَانَتِهِ وَذِمَّتِهِ وَكَفَالَتِهِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا كِنَايَةٌ سَوَاءٌ أَضَافَ الْمَعْطُوفَاتِ إلَى الضَّمِيرِ كَمَا مَثَّلَ أَمْ إلَى الِاسْمِ الظَّاهِرِ وَالْمُرَادُ بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا نَوَى بِهِ الْيَمِينَ اسْتِحْقَاقُهُ لِإِيجَابِ مَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنَا وَتَعَبَّدْنَا بِهِ وَإِذَا نَوَى بِهِ غَيْرَهَا الْعِبَادَاتُ الَّتِي أُمِرْنَا بِهَا وَقَدْ فَسَّرَ بِهَا الْأَمَانَةَ فِي قَوْله تَعَالَى { إنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ } ( فَإِنْ نَوَى الْيَمِينَ بِالْكُلِّ انْعَقَدَتْ ) يَمِينٌ ( وَاحِدَةٌ وَالْجَمْعُ ) بَيْنَ الْأَلْفَاظِ ( تَأْكِيدٌ ) كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْحِنْثِ فِيهَا إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَلَوْ نَوَى بِكُلِّ لَفْظٍ يَمِينًا كَانَ يَمِينًا وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الْفِعْلِ الْوَاحِدِ مِرَارًا وَنَوَى بِكُلِّ مَرَّةٍ يَمِينًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ قَالَ وَحَقُّ اللَّهِ بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ فَكِنَايَةٌ ) لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ الطَّاعَةِ وَالْإِلَهِيَّةِ

( قَوْلُهُ إنْ نَوَى بِهِ الْيَمِينَ فَيَمِينٌ وَإِلَّا فَلَا ) مِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ وَرَبِّ الدَّابَّةِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ( قَوْلُهُ الْعِبَادَاتُ الَّتِي أَمَرَ بِهَا ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ اسْتِحْقَاقُهُ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ قَالَ وَحَقِّ اللَّهِ ) أَوْ وَعِلْمِ اللَّهِ ( قَوْلُهُ بِالرَّفْعِ أَوْ النَّصْبِ فَكِنَايَةٌ ) لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَامِّيَّ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَرِّ وَالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فِي الْجَمِيعِ فَيَجُوزُ حَمْلُ إطْلَاقِهِ عَلَى الْيَمِينِ إلَّا أَنْ يُفَسِّرَهُ بِخِلَافِهِ ع

( الْبَابُ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَفِيهِ أَطْرَافٌ ) ثَلَاثَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي سَبَبِ الْكَفَّارَةِ فَتَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ السَّبَبُ مُجَرَّدَ الْيَمِينِ لَوَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ أَوْ مُجَرَّدُ الْحِنْثِ لَمَا جَازَ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ) ( قَوْلُهُ فَتَجِبُ بِالْيَمِينِ وَالْحِنْثِ جَمِيعًا ) ، وَإِنْ كَانَ عَقَدَهَا طَاعَةً ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مَاضٍ وَكَتَبَ أَيْضًا شَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ مَا لَوْ كَانَ الْعَقْدُ طَاعَةً وَالْحِنْثُ مَعْصِيَةً خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي قَوْلِهِ أَنَّهَا وَجَبَتْ بِالْحِنْثِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي الْحَاوِي إنْ كَانَ عَقْدُ الْيَمِينِ طَاعَةً وَحَلُّهَا مَعْصِيَةً مِثْلَ لَا زَنَيْت فَإِذَا زَنَى كَفَّرَتْ إثْمَ الْحِنْثِ ، وَإِنْ كَانَ عَكَسَهُ مِثْلَ لَا صَلَّيْت فَإِذَا صَلَّى كَفَّرَتْ إثْمَ الْيَمِينِ ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ وَالْحِلُّ مُبَاحَيْنِ مِثْلَ لَا أَلْبِسُ هَذَا تَعَلَّقَتْ الْكَفَّارَةُ بِهِمَا ، وَهِيَ بِالْحِنْثِ أَحَقُّ لِاسْتِقْرَارِ وُجُوبِهَا بِهِ

( فَصْلٌ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ بِغَيْرِ الصَّوْمِ عَلَى الْحِنْثِ ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ { وَإِذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك ثُمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ } ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِسَبَبَيْنِ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ أَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَالصَّلَاةِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ؛ وَلِأَنَّهُ إنَّمَا يَجُوزُ التَّكْفِيرُ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ جَمِيعِ الْخِصَالِ الْمَالِيَّةِ وَالْعَجْزُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْوُجُوبِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْحِنْثُ ( بِمَعْصِيَةٍ ) مِنْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَزْنِي فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ لِوُجُودِ أَحَدِ السَّبَبَيْنِ وَالتَّكْفِيرُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إبَاحَةٌ وَلَا تَحْرِيمٌ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ قَبْلَ الْيَمِينِ وَبَعْدَهَا وَقَبْلَ التَّكْفِيرِ وَبَعْدَهُ وَخَرَجَ بِالْحِنْثِ الْيَمِينُ فَلَا يَجُوزُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ عَلَى السَّبْيَيْنِ وَمِنْهُ لَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك لَمْ يَجُزْ التَّكْفِيرُ قَبْلَ دُخُولِهَا ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَمْ تَنْعَقِدْ بَعْدُ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ وَكَمَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى السَّبَبَيْنِ لَا تَجُوزُ مُقَارَنَتُهَا لِلْيَمِينِ حَتَّى لَوْ وَكَّلَ مَنْ يُعْتِقُ عَنْهَا مَعَ شُرُوعِهِ فِي الْيَمِينِ لَمْ يَجُزْ بِالِاتِّفَاقِ قَالَهُ الْإِمَامُ ( وَتَأْخِيرُهَا ) عَنْ الْحِنْثِ ( أَفْضَلُ ) - - لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ ( وَإِنْ قَالَ أَعْتَقْت عَبْدِي عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَحَنِثَ أَجْزَأَهُ ) ذَلِكَ عَنْ الْكَفَّارَةِ ( وَإِنْ قَالَ ) أَعْتِقُهُ عَنْهَا ( إنْ حَلَفْت لَمْ يَجُزْهُ ) عَنْهَا ؛ لِأَنَّهُ قَدَّمَ التَّعْلِيقَ عَلَى الْيَمِينِ وَفِي الَّتِي قَبْلَهَا قَدَّمَهُ عَلَى الْحِنْثِ فَقَطْ ( وَإِنْ قَالَ إنْ حَنِثْت ) فِي يَمِينِي ( غَدًا فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ

كَفَّارَتِي فَإِنْ حَنِثَ غَدًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ ) عَنْهَا ( وَإِلَّا فَلَا ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ لَمْ يُوجَدْ ( وَإِنْ قَالَ أَعْتِقُهُ عَنْ كَفَّارَتِي إنْ حَنِثْت فَبَانَ حَانِثًا عَتَقَ وَأَجْزَأَهُ ) عَنْهَا وَإِلَّا فَلَا نَعَمْ إنْ حَنِثَ بَعْدَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ عَنْهَا ( أَوْ ) قَالَ أَعَتَقْته عَنْ كَفَّارَتِي ( إنْ حَلَفْت وَحَنِثْت فَبَانَ حَالِفًا قَالَ الْبَغَوِيّ لَمْ يَجُزْهُ لِلشَّكِّ فِي الْحَلِفِ ) بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ الشَّكَّ فِي الْحِنْثِ وَالتَّكْفِيرُ قَبْلَ الْحِنْثِ جَائِزٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ قَالَ هُوَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرْت فَبَانَ مُظَاهِرًا يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ ( وَلَوْ ارْتَدَّ الْمُعْتَقُ ) بِفَتْحِ التَّاءِ عَنْ الْكَفَّارَةِ ( أَوْ مَاتَ ) أَوْ تَعَيَّبَ ( بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ ) عَنْهَا كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَارْتَدَّ الْآخِذُ لَهَا أَوْ مَاتَ أَوْ اسْتَغْنَى قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ

( قَوْلُهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ الْكَفَّارَةِ إلَخْ ) قَالَ الدَّارِمِيُّ : لَوْ قَدَّمَ ثُمَّ لَمْ يَحْنَثْ اسْتَرْجَعَ كَالزَّكَاةِ وَقَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ ، وَإِنْ أَيِسَ عَنْ الْحِنْثِ وَكَانَ قَدْ شَرَطَ الرُّجُوعَ فَلَهُ الِاسْتِرْجَاعُ ( قَوْلُهُ بِغَيْرِ حَاجَةٍ ) وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ بِغَيْرِ حَاجَةٍ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ بَعْدَ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِهِ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً وَمَاتَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ فَإِنَّهَا تَقَعُ الْمَوْقِعَ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مُتَعَلِّقَ الْكَفَّارَةِ الذِّمَّةُ فَحَيْثُ أَخْرَجَ عَمَّا يَلْزَمُهَا وَتَبَيَّنَ عَدَمُ إجْزَائِهِ بَقِيَ شَغْلُهَا بِدَلِيلِ مَا لَوْ عَيَّنَ شَاةً عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ ذَبْحِهَا يَبْقَى الْأَصْلُ عَلَيْهِ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الشَّاةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الزَّكَاةِ فَمُتَعَلِّقُهَا الْعَيْنُ لَا الذِّمَّةُ وَقَدْ أَخْرَجَ مِنْ الْجِنْسِ ر لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٌ فَلَا نُكَلِّفُهُ الْإِخْرَاجَ مَرَّةً أُخْرَى كَاتَبَهُ وَأَيْضًا مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَقَدْ وَقَعَ الْقَبْضُ الصَّحِيحُ فِي الشَّاةِ الْمُعَجَّلَةِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ كَاتَبَهُ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ إلَخْ ) مُقْتَضَاهُ أَنْ يُعْتَبَرَ بَقَاءُ سَائِرِ الْأَوْصَافِ وَبَقَاءُ مَنْ صَرَفَ إلَيْهِ الطَّعَامَ أَوْ الْكِسْوَةَ مُسْتَحِقًّا إلَى الْحِنْثِ

( فَرْعٌ تُجْزِئُ كَفَّارَةُ الْقَتْلِ وَالصَّيْدِ غَيْرُ الصَّوْمِ بَعْدَ الْجُرْحِ ) وَقَبْلَ الزَّهُوقِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَبِخِلَافِ التَّكْفِيرِ قَبْلَ الْجُرْحِ لِمَا مَرَّ

( وَلِلْمُظَاهِرِ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ قَبْلَ الْعَوْدِ ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَصُورَتُهُ أَنْ يُظَاهِرَ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ثُمَّ يُرَاجِعَهَا أَوْ يُظَاهِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَيُطَلِّقُهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ يُكَفِّرُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا ) أَوْ يُظَاهِرُ مُؤَقَّتًا وَيُكَفِّرُ ثُمَّ يَطَأُ أَوْ يُظَاهِرُ فَتَرْتَدُّ الزَّوْجَةُ فَيُكَفِّرُ ثُمَّ تُسْلِمُ هِيَ ( وَالْعِتْقُ ) عَنْ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ ( عَقِيبَ الظِّهَارِ ) فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ ( عِتْقٌ مَعَ الْعَوْدِ ) لَا قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ اشْتِغَالَهُ بِالتَّكْفِيرِ عَوْدٌ ، وَإِنْ أَجْزَأَ ذَلِكَ أَيْضًا

( فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ ) فِي رَمَضَانَ أَوْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ ( عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُنْسَبُ إلَى الصَّوْمِ وَالْإِحْرَامِ بَلْ إلَى الْجِمَاعِ وَكَفَّارَةُ الْيَمِينِ تُنْسَبُ إلَى الْيَمِينِ ( وَكَذَا لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ فِدْيَةِ الْحَلْقِ وَاللُّبْسِ وَالطِّيبِ عَلَيْهَا ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ( فَلَوْ جُوِّزَتْ ) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ ( لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا ) عَلَيْهَا لِلْعُذْرِ
( قَوْلُهُ فَلَوْ جُوِّزَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ وَنَحْوِهِ جَازَ تَقْدِيمُهَا ) لَوْ فَدَى عَنْ تَطَيُّبٍ وَعَمَّا يُسْتَحْدَثُ مِنْهُ فَفِي الْإِجْزَاءِ لِلثَّانِي وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُهُ

( وَيَجُوزُ تَقْدِيمُ الْمَنْذُورِ الْمَالِيِّ ) عَلَى الْمَنْذُورِ لَهُ ( كَإِنْ شُفِيت فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ ) أَوْ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِكَذَا كَمَا فِي تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ بِخِلَافِ الْمَنْذُورِ الْبَدَنِيِّ كَالصَّوْمِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ

( وَلَوْ قَدَّمَتْ الْحَامِلُ ) أَوْ الْمُرْضِعُ ( الْفِدْيَةَ حَالَ الصِّيَامِ ) أَوْ قَبْلَ الْفَجْرِ ( عَلَى الْإِفْطَارِ جَازَ ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ عَجَّلَتْ ) فِدْيَةَ الْإِفْطَارِ ( لِأَيَّامٍ ) يَوْمَيْنِ فَأَكْثَرَ ( فَكَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِعَامَيْنِ ) فَيَمْتَنِعُ فِيمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ التَّعْجِيلِ

( فَصْلٌ تُكْرَهُ الْيَمِينُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ } أَيْ لَا تُكْثِرُوا مِنْهَا لِتُصَدَّقُوا وَلِخَبَرِ { إنَّمَا الْحَلِفُ حِنْثٌ أَوْ نَدَمٌ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ؛ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَعْجِزُ عَنْ الْوَفَاءِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ ( إلَّا فِي طَاعَةِ ) اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُكْرَهُ ( كَالْبَيْعَةِ عَلَى الْجِهَادِ ) { لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَللَّهِ لَأَغْزُوَن قُرَيْشًا } ( وَالْحَثِّ عَلَى الْخَيْرِ كَوَاللَّهِ إنْ لَمْ تَتُبْ لَتَنْدَمَ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) كَالْيَمِينِ ( الصَّادِقَةِ فِي الدَّعَاوَى ) قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا فِيمَا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ كَتَوْكِيدِ كَلَامٍ وَتَعْظِيمِ أَمْرٍ { كَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَاَللَّهِ لَا يَمَلُّ اللَّهُ حَتَّى تَمَلُّوا } وَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ { وَاَللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا } قَالَ الْإِمَامُ وَلَا يَجِبُ الْيَمِينُ أَصْلًا وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا ( فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ ) أَيْ فِعْلِ ( وَاجِبٍ ) أَوْ تَرْكِ حَرَامٍ ( فَالْيَمِينُ طَاعَةٌ وَحُرِّمَ الْحِنْثُ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا وَاجِبَةٌ ( أَوْ ) حَلَفَ ( عَلَى تَرْكِهِ ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ ( فَالْيَمِينُ مَعْصِيَةٌ وَوَجَبَ ) عَلَيْهِ ( الْحِنْثُ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا حَرَامٌ وَلِخَبَرِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ } نَعَمْ إنْ كَانَ لَهُ طَرِيقٌ غَيْرُ الْحِنْثِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْحِنْثُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ فَإِنَّ لَهُ طَرِيقَيْنِ غَيْرُ الْحِنْثِ أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا أَوْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يُبْرِئَهَا ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حَاصِلٌ مَعَ بَقَاءِ التَّعْظِيمِ ( أَوْ حَلَفَ لَيَتْرُكَن سُنَّةً ) أَوْ لَيَفْعَلَن مَكْرُوهًا ( اُسْتُحِبَّ الْحِنْثُ ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ وَالْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَانِ وَفِي مِثْلِهِ نَزَلَتْ آيَةُ { وَلَا

يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ } وَلِخَبَرِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ } ( أَوْ ) حَلَفَ ( عَلَى أَنْ يَفْعَلَهَا ) أَيْ السُّنَّةَ أَوْ أَنْ يَتْرُكَ مَكْرُوهًا ( كُرِهَ ) لَهُ ( الْحِنْثُ ) ؛ لِأَنَّ الْإِقَامَةَ عَلَيْهَا مَنْدُوبَةٌ ( فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَيِّبًا ) أَوْ لَا يَلْبَسُ نَاعِمًا ( وَأَرَادَ الِاقْتِدَاءَ بِالسَّلَفِ ، وَهُوَ مِمَّنْ يَصْبِرُ ) عَلَى خُشُونَةِ الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ ( وَقَدْ تَفَرَّغَ لِلْعِبَادَةِ ) أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ ( فَطَاعَةٌ ) حَلِفَهُ ( وَإِلَّا كُرِهَ ) وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ } ( وَلَوْ حَلَفَ عَلَى ) فِعْلِ أَوْ تَرْكِ ( مُبَاحٍ ) لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ هَذَا الْغَرَضِ ( كَدُخُولِ دَارٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ ) وَأَكْلِ طَعَامٍ أَوْ تَرْكِهَا ( اُسْتُحِبَّ ) لَهُ ( الْوَفَاءُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا } وَلِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُغَيِّرُ حَالَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَمَّا كَانَ وُجُوبًا وَتَحْرِيمًا وَنَدْبًا وَكَرَاهَةً وَإِبَاحَةً

( قَوْلُهُ وَكَالْيَمِينِ الصَّادِقَةِ فِي الدَّعْوَى ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ طَاعَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا عَصَى وَكَفَرَ حَتَّى لَوْ حَلَفَ فِي الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا كَاذِبًا لَزِمَتْهُ خَمْسُونَ كَفَّارَةً ( قَوْلُهُ وَلَا تُكْرَهُ أَيْضًا إذَا دَعَتْ إلَيْهَا حَاجَةٌ ) وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ ظَنَّ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ سُوءًا وَخِيَانَةً أَوْ ارْتِكَابَ فَاحِشَةٍ ، وَهُوَ يَعْلَمُ بَرَاءَتَهُ وَبَرَاءَةَ الْمَقُولِ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ بَلْ يَنْبَغِي اسْتِحْبَابُ الْحَلِفِ إذَا كَانَ يَصْدُقُ فِيهِ لِيَدْفَعَ ظَنَّ السُّوءِ عَنْ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَدَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَعِرْضِ أَخِيهِ غ وَقَوْلُهُ عَلَى نَفْيِ ذَلِكَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ ( قَوْلُهُ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَوْرَدَ صُوَرًا تَجِبُ الْيَمِينُ فِيهَا ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ قَالَ الْإِمَامُ لَا تَجِبُ الْيَمِينُ قَطُّ وَلَيْسَ هَذَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْصِيلِهِ أَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ لَهُ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالْأَمْوَالِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ وَبَيْنَ أَنْ يَنْكُلَ إذَا عَلِمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ كَاذِبًا ، وَإِنْ عَلِمَ أَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَحْلِفُ كَاذِبًا فَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْحَلِفُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ كَذِبِ خَصْمِهِ كَمَا يَجِبُ النَّهْيُ عَنْ الْمُنْكَرِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ كَالدِّمَاءِ وَالْإِبْضَاعِ وَلَهُ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ خَصْمَهُ لَا يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْحَلِفِ وَالنُّكُولِ كَمَا فِي الْأَمْوَالِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا نَكَلَ أَوْ يَغْلِبَ ذَلِكَ عَلَى ظَنِّهِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّسَيُّبِ إلَى

الْعِصْيَانِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ حِفْظَ هَذِهِ الْحُقُوقِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ الْمُكَلَّفُ مِنْ أَسْبَابِ الْحِفْظِ وَالْيَمِينُ هَاهُنَا سَبَبٌ حَافِظٌ مُتَعَيَّنٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ حِفْظُ الْوَدِيعَةِ مِنْ الظَّلَمَةِ بِالْأَيْمَانِ الْحَانِثَةِ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الْعَبْدِ عَلَى حَقِّ الرَّبِّ فِي اجْتِنَابِ الْيَمِينِ الْكَاذِبَةِ بِهِ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ أَوْ الْقَطْعِ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ لِئَلَّا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ أَوْ قَطْعِ يَدِهِ الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى امْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْكُلَ كَيْ لَا يَكُونَ نُكُولُهَا عَوْنًا عَلَى الزِّنَا بِهَا الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِحَدِّ الْقَذْفِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهِ وَإِسْقَاطِ عَدَالَتِهِ وَالْعَزْلِ عَنْ وِلَايَتِهِ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِيهَا الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى وَلِيِّ الْمُجْبِرِ أَنَّهُ زَوَّجَ ابْنَتَهُ فَلَا يَحِلُّ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى تَسْلِيمِ ابْنَتِهِ إلَى مَنْ يَزْنِي بِهَا وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الْيَتِيمِ حَيْثُ تُشْرَعُ الْيَمِينُ فِي حَقِّهِ فِي التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ لَا يَجُوزُ لَهُ النُّكُولُ كَيْ لَا يَكُونَ عَوْنًا عَلَى أَكْلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى ظُلْمًا وَيُلْحَقُ بِذَلِكَ إذَا لَاعَنَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ كَاذِبًا فَلَا يَحِلُّ لَهَا النُّكُولُ عَنْ اللِّعَانِ كَيْ لَا يَكُونَ النُّكُولُ عَوْنًا عَلَى جَلْدِهَا أَوْ رَجْمِهَا وَفَضِيحَةِ أَهْلِهَا ، وَأَمَّا يَمِينُ الْمُدَّعِي فَإِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً لَمْ تَحِلَّ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَجِبَ ، وَإِنْ كَانَتْ صَادِقَةً فَلِلْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ فَالْأَوْلَى بِالْمُدَّعِي إذَا نَكَلَ أَنْ يُبِيحَ الْحَقَّ أَوْ يُبْرِئَ مِنْهُ دَفْعًا لِمَفْسَدَةِ إصْرَارِ خَصْمِهِ عَلَى الْبَاطِلِ الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ مِمَّا لَا يُبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ

وَيَعْلَمُ الْمُدَّعِي أَنَّ الْحَقَّ يُؤْخَذُ مِنْهُ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَحْلِفَ حِفْظًا لِمَا يَحْرُمُ بَذْلُهُ وَلَهُ أَمْثِلَةٌ أَحَدُهَا أَنْ تَدَّعِيَ الزَّوْجَةُ الْبَيْنُونَةَ فَتَعْرِضُ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبِضْعِهَا مِنْ الزِّنَا وَتَوَابِعِهِ مِنْ الْخَلْوَةِ وَغَيْرِهَا فَإِنْ نَكَلَتْ عَنْ الْيَمِينِ فَسُلِّمَتْ إلَيْهِ فَرَاوَدَهَا عَنْ نَفْسِهَا لَزِمَهَا مَنْعُهُ بِالتَّدْرِيجِ إنْ قَدَرَتْ عَلَيْهِ ، وَإِنْ لَمْ تَقْدِرْ عَلَيْهِ وَقَدَرَتْ عَلَى قَتْلِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ لَزِمَهَا ذَلِكَ الْمِثَالُ الثَّانِي أَنْ تَدَّعِيَ الْأَمَةُ أَنَّ سَيِّدَهَا أَعْتَقَهَا فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُهَا الْحَلِفُ حِفْظًا لِبَعْضِهَا وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِحُرِّيَّتِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ الْمِثَالُ الثَّالِثُ أَنْ يَدَّعِيَ الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْعَبْدَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِحُرِّيَّتِهِ وَلِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ عِبَادِهِ كَالْجُمُعَةِ وَالْجِهَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ الْمِثَالُ الرَّابِعُ أَنْ يَدَّعِيَ الْجَانِي عَفْوَ الْوَلِيِّ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْجَانِيَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِنَفْسِهِ أَوْ لِأَطْرَافِهِ الْمِثَالُ الْخَامِسُ أَنْ يَدَّعِيَ الْقَاذِفُ عَفْوَ الْمَقْذُوفِ فَيُنْكِرُ وَيَنْكُلُ فَيَلْزَمُ الْقَاذِفَ الْحَلِفُ حِفْظًا لِجَسَدِهِ مِنْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَوْ نَكَلَ الْوَلِيُّ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنْ أَوْجَبْنَا بِهَا الْقِصَاصَ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَهَذَا الْمِثَالُ غَيْرُ وَاضِحٍ ا هـ لَوْ كَانَ الْحَلِفُ وَالْحِنْثُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ انْتَقَلَ مِنْهُ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَى عَمْرٍو هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ مَا كَانَ لِزَيْدٍ أَمْ لَا وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ قَدْ أَذِنَ فِيهِمَا أَوْ فِي أَحَدِهِمَا ثُمَّ انْتَقَلَ قَبْلَ أَنْ يَصُومَ إلَى مِلْكِ عَمْرٌو فَمَا الْحُكْمُ وَلَوْ كَانَ الْحَلِفُ فِي مِلْكِ زَيْدٍ ثُمَّ حَصَلَ الْحِنْثُ فِي مِلْكِ عَمْرٍو بِلَا

إذْنٍ فَمَا الْحُكْمُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَحَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ الْمَنْعُ فَهَلْ عَلَى الْعَبْدِ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ غَائِبًا كَمَا لَوْ كَانَ حَاضِرًا الظَّاهِرُ لَا حَيْثُ لَا ضَرَرَ عَلَى السَّيِّدِ فِي صَوْمِهِ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ فَوَاتِ مَنْفَعَةٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَاسْتِمْتَاعٍ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ قَدْ أَجَرَ عَيْنَهُ لِخِدْمَةِ إنْسَانٍ وَرَضِيَ الْمُسْتَأْجِرُ بِصَوْمِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ هَلْ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ أَمْ لَا إذَا كَانَ الضَّرَرُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى نَقْصِ الْعَمَلِ وَالْخِدْمَةُ الْأَقْرَبُ لَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ ا هـ وَأَطْلَقَ الْأَصْحَابُ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْحِنْثِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مَكْرُوهًا أَوْ مُبَاحًا أَوْ مُحَرَّمًا فَلْيُنْظَرْ هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَيُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنْ كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ النَّظَرِ إلَى أَنَّ التَّكْفِيرَ هَلْ يَجِبُ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا .
وَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي : إذَا كَانَ الْحِنْثُ مَعْصِيَةً فَنَعَمْ وَإِلَّا فَلَا وَعَنْ الْقَفَّالِ أَنَّهُ إنْ وَجَبَ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ فَعَلَى التَّرَاخِي أَوْ بِعُدْوَانٍ فَوَجْهَانِ وَقَوْلُهُ هَلْ يَكُونُ لِعَمْرٍو مِنْ الْمَنْعِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ هَذَا يَحْتَاجُ إلَى تَأَمُّلٍ كَتَبَ عَلَيْهِ لِعَمْرٍو الْمَنْعُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَدَاءِ وَاجِبٍ إلَخْ ) الْيَمِينُ لَا تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ فَإِنْ قِيلَ الزَّوْجُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَطْءُ فَإِذَا آلَى وَانْقَضَتْ الْمُدَّةُ لَزِمَهُ قُلْنَا الْمُرَادُ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُصَيِّرُ الْمُبَاحَ حَرَامًا وَلَا الْمُحَرَّمَ وَاجِبًا وَيَمِينُ الْمَوْلَى كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ ) أَيْ تَرْكِ وَاجِبٍ اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا يُمْكِنُ سُقُوطُهُ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ

وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ ( قَوْلُهُ أَوْ يُقْرِضُهَا ثُمَّ يُبَرِّئُهَا ) أَوْ يَهَبُهَا أَوْ يُوَكِّلُ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ { مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ السَّابِقِ } ) فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ { قَالَ الْأَعْرَابِيُّ : الَّذِي سَأَلَ عَنْ الصَّلَاةِ وَاَللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ } فَلَوْ كَانَ حَلِفُهُ مَكْرُوهًا لَأَنْكَرَ عَلَيْهِ قُلْنَا يُحْمَلُ عَلَى لَغْوِ الْيَمِينِ أَوْ أَرَادَ لَا أَزِيدُ فِي عَدَدِ الْفَرَائِضِ وَلَا أَنْقُصُ مِنْهَا وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْإِنْكَارَ ( قَوْلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يُنْفِقُ عَلَى زَوْجَتِهِ إلَخْ ) أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ كَالْقِصَاصِ لِقِصَّةِ ثَنِيَّةِ الرَّبِيعِ وَالْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ حَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ ( قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَتَفَرَّغْ لَهَا فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْوَفَاءُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ الدِّينِيَّةَ فِي الْحِنْثِ بِأَنْ تَأَذَّى بِذَلِكَ قَرِيبٌ أَوْ جَارٍ أَوْ نَحْوُهُ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ الْقَطْعُ بِأَنَّ الْحِنْثَ أَفْضَلُ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ حَصَلَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ إلَخْ ) هَذَا فِي الْإِبَاحَةِ مُخَالِفٌ لِتَصْحِيحِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ فَقَدْ تَغَيَّرَ حُكْمُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَصَارَ تَرْكُهُ أَفْضَلَ مِنْ فِعْلِهِ وَلِهَذَا مَا حَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا ثَالِثًا بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَهُمَا قَالَ إنَّهُ يَعْتَضِدُ بِالْقَاعِدَةِ الْكُلِّيَّةِ أَنَّ الْأَيْمَانَ لَا تُغَيِّرُ الْأَحْكَامَ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّتِهَا ) أَيْ الْكَفَّارَةِ ( فَيَتَخَيَّرُ ) الْحَالِفُ ( بَيْنَ إطْعَامِ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ كُلَّ مِسْكِينٍ مُدًّا أَوْ كِسْوَتِهِمْ أَوْ إعْتَاقِ رَقَبَةٍ ) لِآيَةِ { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ }
( قَوْلُهُ فَيَتَخَيَّرُ الْحَالِفُ بَيْنَ إطْعَامِ إلَخْ ) لَوْ عَيَّنَ إحْدَى خِصَالِهَا بِالنَّذْرِ فَإِنْ كَانَتْ أَدْنَاهَا لَمْ تَتَعَيَّنْ وَإِلَّا تَعَيَّنَتْ ( قَوْلُهُ كُلُّ مِسْكِينٍ مُدًّا ) مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْحَالِفِ كَالْفِطْرَةِ ؛ لِأَنَّهُ حَدُّ سَدَادِ الرَّغِيبِ وَكِفَايَةُ الْمُقْتَصِدِ وَنِهَايَةُ الزَّهِيدِ ( قَوْلُهُ أَوْ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ ) سَلِيمَةٍ مِنْ عَيْبٍ يَضُرُّ بِالْعَمَلِ وَلَوْ عَيَّنَ إحْدَى الْخِصَالِ الثَّلَاثِ بِالنَّذْرِ لَمْ تَتَعَيَّنْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَفْضَلَ ( قَوْلُهُ لِآيَةِ { لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } ) ، وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى تَخْيِيرٍ فِي الِابْتِدَاءِ وَتَرْتِيبٍ فِي الِانْتِهَاءِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَيْسَ لَنَا كَفَّارَةٌ فِيهَا تَخْيِيرٌ وَتَرْتِيبٌ غَيْرُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَمَا أَلْحَقَ بِهَا مِنْ نَذْرِ الْحَاجِّ

( وَلَا يَجُوزُ التَّبْعِيضُ فِيهَا ) فَلَوْ أَطْعَمَ بَعْضَ الْعَشَرَةِ وَكَسَا بَعْضَهُمْ لَمْ يُجْزِهِ كَمَا لَا يُجْزِئُ أَنْ يُعْتِقَ نِصْفَ رَقَبَةٍ وَيُطْعِمَ أَوْ يَكْسُوَ خَمْسَةً ؛ وَلِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْخِصَالِ الْمَذْكُورَةِ يَنْفِي التَّمَكُّنَ مِنْ غَيْرِهَا وَالتَّفْرِيقُ غَيْرُهَا ( فَإِنْ أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ ) مِسْكِينًا أَوْ كَسَاهُمْ ( عَنْ ثَلَاثٍ ) مِنْ الْكَفَّارَاتِ ( أَوْ أَطْعَمَ عَشَرَةً وَكَسَا عَشَرَةً وَأَعْتَقَ رَقَبَةً ) عَنْهَا ( جَازَ ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ تَعْيِينَ النِّيَّةِ فِي الْكَفَّارَاتِ لَا يُشْتَرَطُ
( قَوْلُهُ وَالتَّفْرِيقُ غَيْرُهَا ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ فَلَوْ جَوَّزْنَا إخْرَاجَ جِنْسٍ لَأَثْبَتْنَا تَخْيِيرًا رَابِعًا ( قَوْلُهُ أَوْ أَطْعَمَ عَشَرَةً ) كُلَّ مِسْكِينٍ مُدَّ طَعَامٍ مِنْ غَالِبِ قُوتِ بَلَدِ الْحَالِفِ

( وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْخِصَالِ ) الثَّلَاثِ ( صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ) لِلْآيَةِ ( وَإِنْ تَفَرَّقَتْ ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ وَلِبِنَاءِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْقَتْلِ وَالْجِمَاعِ ( وَالْعَاجِزُ مَنْ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ ) وَالْكَفَّارَةِ مِنْ فَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ فَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ ؛ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ فِي الْأَخْذِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِعْطَاءِ ( وَقَدْ يَمْلِكُ نِصَابًا فَيُزَكِّيَ وَيُبَاحُ لَهُ أَخْذُهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ ( حِينَ لَا يَفِي دَخْلُهُ بِخَرْجِهِ ) وَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ أَنَّا لَوْ أَسْقَطْنَا الزَّكَاةَ خَلَا النِّصَابُ عَنْهَا بِلَا بَدَلٍ وَلِلتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ بَدَلٌ ، وَهُوَ الصَّوْمُ ( وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْعَجْزِ فِي الْكَفَّارَاتِ )
( قَوْلُهُ ، وَإِنْ تَفَرَّقَتْ ) إنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا التَّتَابُعَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ بِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيُّ مُتَتَابِعَاتٍ قَالَ التَّاجُ بْنُ السُّبْكِيّ : كَأَنَّهُ لَمَّا صَحَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إسْنَادَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا نَزَلَتْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَاتٍ فَسَقَطَتْ مُتَتَابِعَاتٌ أَيْ نُسِخَتْ تِلَاوَةً وَحُكْمًا إذْ لَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَى سُقُوطِهَا دُونَ نَسْخٍ لِتَكَفُّلِ اللَّهِ بِحِفْظِ كِتَابِهِ قَالَ عَزَّ مَنْ قَالَ { إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }

( فَرْعٌ إخْرَاجُ الطَّعَامِ وَجَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ) مِنْ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ وَكَيْفِيَّةِ إخْرَاجِهِ وَغَيْرِهَا ( كَمَا سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ وَكَذَا الْعِتْقُ كَمَا سَبَقَ ) ثَمَّ ( وَالْكِسْوَةُ يَجِبُ تَمْلِيكُهَا ) كَمَا فِي الطَّعَامِ ( وَهِيَ قَمِيصٌ أَوْ سَرَاوِيلُ أَوْ عِمَامَةٌ أَوْ مُقَنَّعَةٌ أَوْ إزَارٌ ) أَوَجُبَّةٌ أَوْ قَبَاءٌ أَوْ رِدَاءٌ أَوْ مِنْدِيلٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ أَوْ طَيْلَسَانٌ أَوْ دِرْعٌ ، وَهُوَ قَمِيصٌ لَا كُمَّ لَهُ أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يُسَمَّى كِسْوَةً ( مِنْ صُوفٍ وَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ ) وَشَعْرٍ ( وَحَرِيرٍ وَلَوْ لِرَجُلٍ ) ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ لُبْسُهُ لِوُقُوعِ اسْمِ الْكِسْوَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْآيَةِ عَلَى ذَلِكَ ( رَدِيئًا ) كَانَ ( أَوْ جَيِّدًا ) أَوْ مُتَوَسِّطًا لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ ( لَا الدِّرْعُ ) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ الْحَرْبِ ( وَالْمُكَعَّبُ ) أَيْ الْمَدَاسُ ( وَالنَّعْلُ وَالْخُفُّ وَالْقَلَنْسُوَةُ وَالتُّبَّانُ ) ، وَهُوَ سِرْوَالٌ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ الرُّكْبَةَ وَالْقُفَّازُ وَالْمِنْطَقَةُ وَالْخَاتَمُ وَالتِّكَّةُ وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُسَمَّى كِسْوَةً فَلَا يُجْزِئُ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى كِسْوَةً ، وَإِنْ كَانَتْ لَبُوسًا يَجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ الْفِدْيَةُ بِلُبْسِهَا ( وَيُجْزِئُ لَبَدٌ أَوْ فَرْوَةٌ اُعْتِيدَ فِي الْبَلَدِ لُبْسُهَا ) لِغَالِبِ النَّاسِ أَوْ نَادِرِهِمْ بِخِلَافِ مَا لَا يُعْتَادُ لُبْسُهُ كَجُلُودٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الْفَرْوَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُمَلَّكِ مِخْيَطًا وَلَا سَاتِرًا لِعَوْرَةٍ وَيُجْزِئُ الْمُتَنَجِّسُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُصَلُّوا فِيهِ وَلَا يُجْزِئُ مَا نُسِجَ مِنْ نَجَسِ الْعَيْنِ كَصُوفِ مَيِّتَةٍ ( فَإِنْ كَسَا رَضِيعًا ) شَيْئًا ( لَائِقًا بِهِ جَازَ ) ؛ لِأَنَّ صَرْفَ طَعَامِ الْكَفَّارَةِ وَكِسْوَتَهَا لِلصِّغَارِ جَائِزٌ كَمَا فِي الزَّكَاةِ وَيَتَوَلَّى الْوَلِيُّ الْأَخْذَ ( وَكَذَا لَوْ أَعْطَاهُ ) أَيْ اللَّائِقَ بِالصَّغِيرِ ( كَبِيرًا ) لِوُقُوعِ

اسْمِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ كَمَا يُعْطَى مَا لِلْمَرْأَةِ لِلرَّجُلِ وَبِالْعَكْسِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْمُعْتَبَرُ وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ وَإِلَى قَوْله تَعَالَى { أَوْ كِسْوَتُهُمْ } الْمَنْعُ حَيْثُ أَضَافَ الْكِسْوَةَ إلَى مَنْ يُكْسِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الذَّخَائِرِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ بِهِ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ سَدُّ خَلَّةِ الْفَقِيرِ ( وَيُسْتَحَبُّ ) ثَوْبٌ ( جَدِيدٌ ) خَامًا كَانَ أَوْ مَقْصُورًا ( وَيَجُوزُ عَتِيقٌ فِيهِ قُوَّةٌ ) كَالطَّعَامِ الْعَتِيقِ وَلِانْطِلَاقِ الْكِسْوَةِ عَلَيْهِ وَكَوْنِهِ يَرِدُ فِي الْبَيْعِ لَا يُؤَثِّرُ فِي مَقْصُودِهَا كَالْعَيْبِ الَّذِي يَضُرُّ بِالْعَمَلِ فِي الرَّقِيقِ ( لَا مُنْمَحِقٌ ) كَالطَّعَامِ الْمَعِيبِ ( وَ ) لَا ( مُرَقَّعٌ لِبَلَى ) لِعَيْبِهِ ( لَا ) مُرَقَّعٌ ( لِزِينَةٍ ) أَوْ غَيْرِهَا ( وَلَا يُجْزِئُ جَدِيدٌ مُهَلْهَلُ النَّسْجِ ) إذَا كَانَ ( فِي ضَعْفِ الْبَالِي ) أَيْ إذَا كَانَ لُبْسُهُ لَا يَدُومُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَدُومُ الثَّوْبُ الْبَالِي لِضَعْفِ النَّفْعِ بِهِ

( قَوْلُهُ لَا الدِّرْعُ مِنْ حَدِيدٍ إلَخْ ) وَتَفْسِيرُهُ بِالْقَمِيصِ الَّذِي لَا كُمَّ لَهُ وَهْمٌ ، وَإِنْ جَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ الْمُلَقِّنِ وَالزَّرْكَشِيُّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَوْلُ ابْنِ الْمُلَقِّنِ كَالْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ الْقَمِيصُ الَّذِي لَا كُمَّ لَهُ وَهْمٌ إذْ الْمِنْدِيلُ الَّذِي يُحْمَلُ فِي الْيَدِ يُجْزِئُ وَيُسَمَّى كِسْوَةً فَمَا الظَّنُّ بِالْقَمِيصِ الَّذِي يَسْتُرُ الْبَدَنَ لَا الْيَدَيْنِ فَهُوَ فَوْقَ الْإِزَارِ فِي السُّتُرَاتِ ( قَوْلُهُ وَالْقَلَنْسُوَةُ ) شَمِلَتْ الْقَلَنْسُوَةَ الْكَبِيرَةَ الَّتِي تُغَطِّي الرَّأْسَ وَالْأُذُنَيْنِ وَالْقَفَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَالطَّاقِيَّةَ وَالْقُبْعُ أَوْلَى بِعَدَمِ الْإِجْزَاءِ مِنْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا وَالطَّاقِيَّةُ وَالْقُبْعُ وَالزُّلَالُ وَالْبَسْطُ وَالِانْطِبَاعُ ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ سِرْوَالٌ قَصِيرٌ لَا يَبْلُغُ الرُّكْبَةَ ) ، وَهُوَ يَقْتَضِي مَنْعَ سَرَاوِيلَ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ التُّبَّانَ لَا يَسْتُرُ عَوْرَةَ أَحَدٍ مِنْ صَغِيرٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ سَرَاوِيلِ الصَّغِيرِ فَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ يَسْتُرُ عَوْرَةَ الصَّغِيرِ دُونَ الْكَبِيرِ أَجْزَأَ ع وَقَوْلُهُ قَدْ يُجَابُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ أَعْطَى عَشَرَةَ مَسَاكِينَ ثَوْبًا طَوِيلًا فَإِنْ دَفَعَهُ إلَيْهِمْ بَعْدَ قَطْعِهِ أَجْزَأَ وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّهُ ثَوْبٌ وَاحِدَةٌ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ أَنَّهُ لَوْ وَضَعَ لَهُمْ سِتِّينَ مُدًّا وَقَالَ قَدْ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا بِالسَّوِيَّةِ أَوْ أَطْلَقَ فَقَبِلُوهُ جَازَ خِلَافًا لِلْإِصْطَخْرِيِّ ، وَهِيَ كَمَسْأَلَةِ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ هَذَا ثَوْبٌ وَاحِدٌ وَتِلْكَ أَمِدَادٌ مُجْتَمَعَةٌ د

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِيمَنْ تَلْزَمُهُ ) الْكَفَّارَةُ ( وَهُوَ كُلُّ مُكَلَّفٍ حَنِثَ فِي يَمِينِهِ حَتَّى الْكَافِرُ ) الْمُلْتَزِمُ لِلْأَحْكَامِ ( فَإِنْ مَاتَ ) مَنْ لَزِمَتْهُ قَبْلَ أَخْذِهَا مِنْهُ وَلَهُ تَرِكَةٌ ( أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ ) كَسَائِرِ الدُّيُونِ

( فَصْلٌ الْعَبْدُ ) مُرَادُهُ الرَّقِيقُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى ( يُكَفِّرُ ) عَنْ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا ( بِالصَّوْمِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ ( وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ ) فِي تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ ( فَإِذَا احْتَاجَ ) إلَيْهِ فِيهِ ( فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ ) ، وَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهَا عَنْ الْخِدْمَةِ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ ( وَكَذَا ) لَهُ ( مَنْعُ عَبْدٍ يُضْعِفُهُ ) عَنْ الْخِدْمَةِ ( فَإِنْ لَمْ يُضْعِفْهُ ) عَنْهَا ( لَمْ يَمْنَعْهُ ) مِنْ ذَلِكَ ( وَلَا مِنْ صَوْمِ تَطَوُّعٍ وَصَلَاتِهِ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْخِدْمَةِ كَمَا لَا يُمْنَعُ مِنْ الذِّكْرِ ) وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَلَوْ ( حَالَ الْعَمَلِ فَلَوْ صَامَ مَنْ يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ عَنْ الْكَفَّارَةِ بِلَا إذْنٍ أَجْزَأَهُ ) عَنْهَا ( كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ ) بِلَا إذْنٍ ، وَهَذَا كُلُّهُ سِوَى النَّظِيرَيْنِ وَمَنْعُ الْأَمَةِ مِنْ الصَّوْمِ قَدَّمَهُ فِي الْكَفَّارَاتِ ( فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ ) وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ ( فَلِلسَّيِّدِ التَّكْفِيرُ عَنْهُ بِالْمَالِ ) ، وَإِنْ قُلْنَا لَا يَمْلِكُ بِالتَّمْلِيكِ إذْ لَا رِقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَالْحُرُّ سَوَاءٌ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ ؛ وَلِأَنَّ التَّكْفِيرَ عَنْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ يَتَضَمَّنُ دُخُولَ الْمَالِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِهِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ لِلْمَيِّتِ مِلْكٌ مُحَقَّقٌ ( لَا بِالْعِتْقِ ) عَنْهُ لِنَقْصِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوَلَاءِ ( وَقَدْ سَبَقَ ) فِي الصِّيَامِ ( ذِكْرُ الصَّوْمِ عَنْ الْمَيِّتِ ) فَيَصُومُ عَنْهُ قَرِيبُهُ لَا غَيْرُهُ وَالْإِشَارَةُ إلَى هَذَا فِي الْعَبْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ

فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْكَفَّارَاتِ تَفْصِيلٌ فِي احْتِيَاجِهِ إلَى الْإِذْنِ ) قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحِنْثُ وَاجِبًا وَجَائِزًا وَمَمْنُوعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَاجِبًا لَهُ الصَّوْمُ بِلَا إذْنٍ إذَا كَانَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْفَوْرِ ( ر ) ( قَوْلُهُ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُ الْأَمَةِ مِنْهُ ) هَذَا إذَا كَانَتْ مِنْ مَوْطُوآتِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يَطَؤُهَا وَلَكِنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَفِي الْمَنْعِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ لِحَقِّ تَمَتُّعِهِ الْفَوْرِيِّ ) إنْ كَانَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا ا ث وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ الْمُحَرَّمَةَ عَلَى مَالِكِهَا بِنَسَبٍ أَوْ نَحْوِهِ كَالْعَبْدِ فِيمَا ذَكَرُوا وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ الْمُقْتَضِي لِلْكَفَّارَةِ حَالًّا كَالْإِذْنِ فِي الْحِنْثِ وَقَوْلُهُ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِذْنَ فِي الْحَلِفِ إلَخْ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( مَاتَ ) الْحُرُّ ( وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَهِيَ دَيْنُ اللَّهِ ) تَعَالَى ( وَحُقُوقُ اللَّهِ ) تَعَالَى ( مُقَدَّمَةٌ عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّ ) فَتُخْرَجُ قَبْلَهُ مِنْ تَرِكَتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا لِخَبَرِ { فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى } ( إلَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَحْدَهُ بِعَيْنٍ ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا مَرَّ فِي الْفَرَائِضِ ( وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ ) فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ حَقُّ الْآدَمِيِّ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ( مَا دَامَ حَيًّا فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُرَتَّبَةً أَعْتَقَ عَنْهُ الْوَارِثُ أَوْ الْوَصِيُّ وَالْوَلَاءُ ) عَلَى الْعَتِيقِ ( لِلْمَيِّتِ ) فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِعْتَاقُ أَطْعَمَ مِنْ التَّرِكَةِ ( أَوْ ) كَانَتْ ( ذَاتَ تَخْيِيرٍ وَجَبَ مِنْ الْخِصَالِ ) الْمُخَيَّرِ فِيهَا ( أَقَلُّهَا ) قِيمَةً وَكُلٌّ مِنْهَا جَائِزٌ لَكِنْ الزَّائِدُ عَلَى أَقَلِّهَا قِيمَةً يُحْسَبُ مِنْ الثُّلُثِ عَلَى مَا يَأْتِي ( وَلَوْ لَزِمَ الْمُرْتَدَّ كَفَّارَةُ تَخْيِيرٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْأَقَلُّ ) ، وَإِنْ ضَعُفَ مِلْكُهُ كَمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ ، وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ ( فَلَوْ لَمْ يَكُنْ ) لِلْمَيِّتِ ( تَرِكَةٌ وَتَبَرَّعَ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ بِالْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ جَازَ ) كَالْوَارِثِ ( أَوْ بِالْعِتْقِ ) وَكَانَتْ الْكَفَّارَةُ مُخَيَّرَةٌ ( فَلَا ) يَجُوزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ وَلَا مِنْ الْوَارِثِ لِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِهِ فَلَا يُعْتِقُ لِمَا فِيهِ مِنْ عُسْرِ إثْبَاتِ الْوَلَاءِ ( فَلَوْ كَانَتْ مُرَتَّبَةً جَازَ الْإِعْتَاقُ ) عَنْهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِتَعَيُّنِهِ ( وَلَوْ أَوْصَى فِي الْمُخَيَّرَةِ بِالْعِتْقِ ) عَنْهُ وَزَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى قِيمَةِ الطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ ( حُسِبَتْ ) قِيمَتُهُ ( مِنْ الثُّلُثِ ) ؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الذِّمَّةِ تَحْصُلُ بِمَا دُونَهَا ( فَإِنْ وَفَّى ) الثُّلُثُ بِقِيمَةِ عَبْدٍ مُجْزِئٍ أَعْتَقَ عَنْهُ ( وَإِلَّا عَدَلَ عَنْهُ ) إلَى الطَّعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ

، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ وَنَقَلَ مَعَهُ وَجْهًا أَنَّ قِيمَةَ أَقَلِّهَا قِيمَةً تُحْسَبُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالزِّيَادَةُ إلَى تَمَامِ قِيمَةِ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ وَفَّى ثُلُثُ الْبَاقِي مَضْمُومًا إلَى الْأَقَلِّ الْمَحْسُوبِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بِقِيمَةِ عَبْدٍ أَعْتَقَ عَنْهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ وَعَدَلَ إلَى الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ كَأَنْ تَكُونَ التَّرِكَةُ أَرْبَعِينَ وَقِيمَةُ أَقَلِّهَا عَشَرَةً ، وَهِيَ مَعَ ثُلُثِ الْبَاقِي عِشْرُونَ فَإِذَا وَجَدَ بِالْعِشْرِينِ رَقَبَةً نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ قَالَ الرَّافِعِيُّ ، وَهَذَا الْوَجْهُ أَقِيسُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فِي الْمُفْلِسِ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَا دَامَ حَيًّا ) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ فِي الْإِعْسَارِ بِالْجِزْيَةِ فَالسُّلْطَانُ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِمَالِهِ مِنْ غُرَمَائِهِ وَلَا غُرَمَاؤُهُ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُخَصَّصُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ بِحُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي عَلَى التَّرَاخِي كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ حَيْثُ لَا تَعَدِّيَ تَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ فَأَمَّا الْوَاجِبَةُ عَلَى الْفَوْرِ كَالزَّكَاةِ وَالْجِزْيَةِ فَفِيهَا الْخِلَافُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَدَيْنِ الْآدَمِيِّينَ فِي حَالَتَيْ الْمَوْتِ وَحَجْرِ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ التَّسْوِيَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فِيهِمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ نَصُّوا عَلَى الْعِتْقِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى بَقِيَّةِ الْخِصَالِ غَالِبًا وَإِلَّا فَالْعِبْرَةُ بِزِيَادَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْهَا عَلَى أَقَلِّهَا ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُمَا بَنَيَاهُ عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ إلَخْ ) أَيْ ، وَهُوَ تَعْلِيلٌ ضَعِيفٌ

( وَالْمُبَعَّضُ الْمُوسِرُ يُكَفِّرُ بِالْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ لَا بِالْعِتْقِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْقِبُ الْوَلَاءَ الْمُتَضَمِّنَ لِلْوِلَايَةِ وَالْإِرْثِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِهِمَا وَلَا بِالصَّوْمِ لِيَسَارِهِ كَمَا أَنَّهُ إذَا وَجَدَ ثَمَنَ الْمَاءِ أَوْ الثَّوْبِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُتَيَمِّمًا أَوْ عَارِيًّا
قَوْلُهُ لَا بِالْعِتْقِ ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا قَالَ لَهُ مَالِكُ بَعْضِهِ إذَا أَعْتَقْت عَنْ كَفَّارَتِك فَنَصِيبِي مِنْك حُرٌّ قَبْلَ إعْتَاقِك عَنْهَا أَوْ مَعَهُ فَيَصِحُّ فِي الْأُولَى قَطْعًا وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى الْأَصَحِّ .
ا هـ .
وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ السَّابِق

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ ) وَالْبِرُّ الْأَصْلُ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ فِيهِمَا اتِّبَاعُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْيَمِينُ ، وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ تَقْتَرِنُ بِهِ أَوْ بِاصْطِلَاحٍ خَاصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَصُوَرُهُ لَا تَتَنَاهَى لَكِنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيمَا يَغْلِبُ اسْتِعْمَالُهُ لِيُقَاسَ بِهِ غَيْرُهُ ( وَهُوَ أَنْوَاعٌ ) سَبْعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي الدُّخُولِ وَالْمُسَاكَنَةِ فَإِنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ فَحَصَلَ فِيهَا مِنْ بَابٍ أَوْ غَيْرِهِ ) كَسَطْحٍ ( حَنِثَ ) وَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ أَوْ يَدُهُ خَارِجَهَا ( لَا ) إنْ حَصَلَ ( فِي سَطْحٍ ) لَهَا كَانَ ( تَسَوُّرُهُ ) فَلَا يَحْنَثُ ( وَلَوْ ) كَانَ السَّطْحُ ( مَحُوطًا ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ دُخُولًا لَهَا إذْ يُقَالُ أَنَّهُ عَلَى السَّطْحِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ ( فَإِنْ كَانَ فِيهِ تَسْقِيفٌ ) لِكُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ ( حَنِثَ إنْ نُسِبَ إلَيْهَا ) أَيْ إلَى الدَّارِ بِأَنْ كَانَ يُصْعَدُ إلَيْهِ مِنْهَا ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَطَبَقَةٍ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَيْهَا ( وَكَذَا ) يَحْنَثُ ( لَوْ دَخَلَ الدِّهْلِيزَ ) بِكَسْرِ الدَّالِ ؛ لِأَنَّهُ مِنْهَا وَمَا حُكِيَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ حَمَلُوهُ عَلَى الطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ ( لَا ) إنْ دَخَلَ ( الطَّاقُ ) الْمَعْقُودُ خَارِجَ الْبَابِ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ مِنْهَا وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا لَا يُقَالُ لِمَنْ دَخَلَهُ أَنَّهُ دَخَلَهَا ( وَ ) لَا إنْ دَخَلَ ( الدَّرْبَ أَمَامَهُ ) أَيْ الطَّاقِ وَلَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِالدَّارِ أَوْ مُخْتَصًّا بِهَا وَلَمْ يَكُنْ دَاخِلًا فِي حَدِّهَا أَوْ دَاخِلًا فِي حَدِّهَا وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ لِذَلِكَ ، وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ مُقَيَّدًا وَعِبَارَتُهُ وَجَعَلَ الْمُتَوَلِّي الدَّرْبَ الْمُخْتَصَّ بِالدَّارِ أَمَامَ الْبَابِ إذَا كَانَ دَاخِلًا فِي حَدِّ الدَّارِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ كَالطَّاقِ قَالَ فَإِنْ كَانَ فِي أَوَّلِهِ بَابٌ فَهُوَ مِنْ الدَّارِ مُسَقَّفًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالَهُ فِي غَيْرِ الْمُسَقَّفِ

بَعِيدٌ جِدًّا انْتَهَى ( وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ ) فِي الدَّارِ ( وَأَحَاطَ بِهِ الْبُنْيَانُ ) بِحَيْثُ لَا يَرْتَفِعُ بَعْضُهُ عَنْ الْبُنْيَانِ ( حَنِثَ لَا إنْ ارْتَفَعَ بَعْضُهُ ) عَنْهُ فَلَا يَحْنَثُ ( أَوْ حَلَفَ لَيَخْرُجَن مِنْهَا بَرَّ بِالْخُرُوجِ إلَى مَا لَا يَحْنَثُ فِي الْأَوَّلِ ) ، وَهُوَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا ( بِدُخُولِهِ ) كَالطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ وَالسَّطْحِ إذَا لَمْ يُنْسَبْ إلَى الدَّارِ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِيمَا يَقَعُ بِهِ الْحِنْثُ ) ( قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّقْيِيدُ بِنِيَّةٍ إلَخْ ) فَإِنْ كَانَ مَعْنَيَانِ أَوْ أَكْثَرُ وَنَوَى وَاحِدًا حُمِلَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ أَطْلَقَ رَجَّحَ بِالْحَقِيقَةِ ثُمَّ الْمُتَعَارَفِ ( قَوْلُهُ فَحَصَلَ فِيهَا إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ أَدْخَلَ فِيهَا إحْدَى رِجْلَيْهِ وَاعْتَمَدَ عَلَيْهَا فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَمَدَ عَلَيْهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَبِهِ أَفْتَيْت وَشَمِلَ مَا لَوْ حَصَلَ فِي نَهْرٍ فِيهَا بِسِبَاحَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَلَوْ حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ الْيَمِينِ اسْتِهْلَالُهُ قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ دُخُولًا لَهَا إلَخْ ( قَوْلُهُ إذْ يُقَالُ إنَّهُ عَلَى السَّطْحِ وَلَيْسَ فِي الدَّارِ ) ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ حَاجِزٌ يَقِي الدَّارَ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ فَهُوَ كَحِيطَانِهَا ، وَهُوَ لَوْ وَقَفَ عَلَى الْعَتَبَةِ فِي سُمْكِ الْحَائِطِ لَمْ يَحْنَثْ فَكَذَا هُنَا ؛ وَلِأَنَّ الدَّارَ حِرْزٌ يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا بِخِلَافِ السَّطْحِ فَاخْتَلَفَا ، وَإِنَّمَا صَحَّ الِاعْتِكَافُ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَهُ بِمَنْزِلَةِ قَرَارِهِ فِي الْحُكْمِ دُونَ التَّسْمِيَةِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا يَحْنَثُ لَوْ دَخَلَ الدِّهْلِيزَ ) ، وَإِنْ كَانَ طَوِيلًا كَدُورِ عُظَمَاءِ الدُّنْيَا ( قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْمُتَوَلِّي الدَّرْبَ الْمُخْتَصَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَالطَّاقِ خَارِجَ الْبَابِ إلَخْ ) وَكَرُقِيِّهِ مِنْ شَجَرَةٍ فِيهَا غُصْنًا خَارِجًا عَنْهَا ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا ) ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ الِانْفِصَالِ مِنْ خَارِجٍ إلَى دَاخِلٍ وَلَمْ يُوجَدْ ( تَنْبِيهٌ ) لَوْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنْ لَا يَدْخُلَ الِاجْتِنَابَ ، وَهُوَ فِيهَا فَاسْتَمَرَّ حَنِثَ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ بِحَلِفِهِ أَنْ لَا يَخْرُجَ أَنْ لَا يَنْقُلَ مَتَاعَهُ وَأَهْلَهُ فَنَقَلَهُمَا حَيْثُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ

أَنَّ الْمَدْرَسَةَ وَالرِّبَاطَ وَنَحْوَهُمَا كَالدَّارِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ خَارِجَهَا وَأَغْصَانُهَا فِيهَا أَوْ فَوْقَهَا فَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ

( فَرْعٌ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ ) الدَّارَ ( وَهُوَ بِهَا فَاسْتَدَامَ ) الْمُكْثُ فِيهَا ( لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا ، وَهُوَ خَارِجَ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( بِخِلَافِ اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَالِاسْتِقْبَالِ ) وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ بِمُدَّةٍ كَالسُّكْنَى وَالِانْتِقَالِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهَا فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا لِصِدْقِ اسْمِهَا بِذَلِكَ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ لَبِسْت شَهْرًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ دَخَلْت شَهْرًا ، وَإِنَّمَا يُقَالُ سَكَنْت شَهْرًا ؛ وَلِأَنَّهُ إذَا قِيلَ لَهُ انْزِعْ الثَّوْبَ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَلْبِسَ سَاعَةً وَإِذَا قِيلَ لَهُ انْزِلْ عَنْ الدَّابَّةِ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَرْكَبَ قَدْرَ مَا رَكِبْت وَفِي الدُّخُولِ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ حَتَّى أَدْخُلَ سَاعَةً وَكُلُّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا عَمِلَ بِهِ ( وَلَيْسَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ وَالطَّهَارَةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ - وَالْغَصْبُ ) وَنَحْوُهَا مِمَّا لَا يُقَدَّرُ بِمُدَّةٍ ( كَالْإِنْشَاءِ ) لَهَا فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهَا بِاسْتِدَامَتِهَا لِمَا مَرَّ فِي الدُّخُولِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ نَكَحْت شَهْرًا ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَبُولُ عَقْدِهِ ، وَأُمَّا وَصْفُ الشَّخْصِ بِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ نَاكِحًا فُلَانَةَ مُنْذُ كَذَا فَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ اسْتِمْرَارُهَا عَلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ وَكَذَا الْبَقِيَّةُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إذْ قَدْ يُقَالُ صُمْت شَهْرًا وَصَلَّيْت لَيْلَةً وَصُورَةُ حَلِفِهِ فِي الصَّلَاةِ أَنْ يَحْلِفَ نَاسِيًا لَهَا أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ ( وَكَذَا الطِّيبُ وَالْوَطْءُ ) لَيْسَ اسْتِدَامَتُهَا كَالْإِنْشَاءِ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَفْعَلُهُمَا بِاسْتِدَامَتِهِمَا ؛ وَلِهَذَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ لَا تَلْزَمُهُ الْفِدْيَةُ

( قَوْلُهُ كَالسُّكْنَى ) ؛ لِأَنَّ اسْمَ السُّكْنَى يَقَعُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِدَامَةِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ اسْتِدَامَةُ النِّكَاحِ إلَخْ ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ ، وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا تَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ زَيْدًا فَاسْتَدَامَ أَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِالْحِنْثِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ شِرْكَةً مُبْتَدَأَةً ا هـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْمَارُّ قَدْ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَقْدِيرُهَا بِمُدَّةٍ وَبِهِ أَفْتَيْت قَالَ الْعِرَاقِيُّ : سُئِلَتْ عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَتَسَرَّى ، وَهُوَ مُتَسَرٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ التَّسَرِّيَ مِثْلُ التَّزَوُّجِ فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقَالُ تَسَرَّيْت شَهْرًا كَمَا لَا يُقَالُ تَزَوَّجْت شَهْرًا ، وَإِنَّمَا يُقَالُ تَسَرَّيْت مُنْذُ شَهْرٍ وَتَزَوَّجْت مُنْذُ شَهْرٍ وَبِتَقْدِيرِ إطْلَاقِ الْعِبَارَةِ الْأُولَى فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ حَذْفٍ تَقْدِيرُهُ تَزَوَّجْت فَسَكَنْت مَعَ الزَّوْجَةِ شَهْرًا أَوْ تَسَرَّيْت فَسَكَنْت بِصِفَةِ التَّسَرِّي شَهْرًا فَإِنْ قُلْت بَيْنَ التَّزَوُّجِ وَالتَّسَرِّي فَرْقٌ ، وَهُوَ أَنَّ التَّزَوُّجَ قَوْلٌ ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِدَامَةِ لَيْسَ تَزَوُّجًا وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ ، وَهُوَ التَّحْصِينُ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ ، وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ بَعْدَ الْفِعْلِ فَيَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ قُلْت لَا بَأْسَ بِهَذَا إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعُرْفِيِّ فَأَهْلُ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّي إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ .
ا هـ .
وَقَدْ أَفْتَيْت بِحِنْثِهِ بِاسْتِدَامَةِ التَّسَرِّي إذْ هُوَ أَنْ يَحْجُبَ أَمَتَهُ عَنْ أَجَانِبِهَا الرِّجَالِ وَيَطَأَهَا وَيُنْزِلَ فَيَهَبَ ؛ وَلِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ فِيهَا تَسَرِّي سَنَةً مَثَلًا بِخِلَافِ

التَّزَوُّجِ وَنَحْوِهِ ( قَوْلُهُ وَالْغَصْبِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ غَصَبَهُ شَهْرًا أَوْ سَنَةً وَنَحْوَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْغَصْبِ ، وَفِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ بِأَنَّ الْغَاصِبَ فِي دَوَامِ الْغَصْبِ غَاصِبٌ فَوَجَبَ الْقَطْعُ بِالْحِنْثِ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ا هـ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُتَّجِهُ الْأَوَّلُ بِغَصْبٍ يَقْتَضِي بِوَضْعِهِ فِعْلًا مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ فِي مَعْنَى لَا أُنْشِئُ غَصْبًا ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ غَصَبَ شَهْرًا فَمَعْنَاهُ وَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا أَوْ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْغَصْبِ شَهْرًا ، وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ غَاصِبًا بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَمَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ وَغَيْرُهُ قَالَ شَيْخُنَا : هُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا كَالْمِلْكِ ) وَالتَّخَتُّمِ وَالتَّخَضُّبِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَخْلُو بَعْضُ ذَلِكَ عَنْ بَعْضِ إشْكَالٍ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا : يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ يَصْدُقُ وُجُودُهُمَا بِمُجَرَّدِ دُخُولٍ صَحِيحٍ فِيهِمَا ، وَإِنْ فَسَدَا بَعْدَ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَخْرَسَ فَحَلَفَ بِالْإِشَارَةِ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : هَذَا الْكَلَامُ يَقْتَضِي أَنَّ يَمِينَ الْأَخْرَسِ تَنْعَقِدُ بِالْإِشَارَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ ) ، وَهُوَ فِي السَّفَرِ ( فَرَجَعَ فَوْرًا ) أَوْ وَقَفَ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ وَكَانَ ( قَاصِدًا ) بِحَلِفِهِ ( الِامْتِنَاعَ ) مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ ( لَمْ يَحْنَثْ ) فَلَوْ لَمْ يَكُنْ قَصَدَ ذَلِكَ حَنِثَ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا فَقَوْلُهُ قَاصِدًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ حَلَفَ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فَرَجَعَ فَوْرًا كَانَ أَوْلَى
( قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْعَوْدِ مُسَافِرٌ أَيْضًا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهُوَ ذُهُولٌ عَنْ الْمَنْقُولِ فَقَدْ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَعَلَّلَهُ بِقَوْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ بِمَكَانِهِ قَالَ أَحَدُهُمَا : يَحْنَثُ لِبَقَائِهِ عَلَى السَّفَرِ وَالثَّانِي لَا لِكَفِّهِ عَنْ السَّفَرِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوُقُوفِ مِنْ النَّظَرِ فِي أَنَّهُ وَقَفَ نَاوِيًا لِلْإِقَامَةِ أَوْ قَاصِدًا لِشَيْءٍ لَا يَقْطَعُ السَّفَرَ ا هـ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَخَذَ فِي تَرْكِ السَّفَرِ يَعْنِي ذَلِكَ السَّفَرَ فَتَأَمَّلْهُ ق س وَقَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا يُخَالِفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا يَدْخُلُ أَوْ لَا يَسْكُنُ بَيْتًا وَأَطْلَقَ حَنِثَ ) بِالدُّخُولِ أَوْ السُّكْنَى ( بِالْبُيُوتِ الْمَبْنِيَّةِ ) وَلَوْ مِنْ خَشَبٍ ( وَالْخِيَامِ ) وَلَوْ مِنْ جِلْدٍ ( وَلَوْ ) كَانَ الْحَالِفُ ( قَرَوِيًّا ) لِوُقُوعِ اسْمِ الْبَيْتِ عَلَى الْكُلِّ لُغَةً وَلَا مُعَارِضَ لَهُ عُرْفًا وَعَدَمُ اسْتِعْمَالِ الْقَرَوِيِّ لِلْخِيَامِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا أَوْ نَقْلًا عُرْفِيًّا لِلَّفْظِ بَلْ هُوَ كَلَفْظِ الطَّعَامِ الَّذِي يَعُمُّ جَمِيعَ أَنْوَاعِهِ مَعَ اخْتِصَاصِ بَعْضِ النَّوَاحِي بِنَوْعٍ أَوْ أَكْثَرَ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَنَّ الْعَادَةَ لَا تُخَصَّصُ وَلَا يَرِدُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ أَوْ الرُّءُوسَ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ بَيْضِ السَّمَكِ وَلَا بِرُءُوسِهِ وَرُءُوسِ الطَّيْرِ ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْضِ وَالرُّءُوسِ بِقَرِينَةِ تَعَلُّقِ الْأَكْلِ بِهَا لَا يُطْلِقُهُ أَهْلُ الْعُرْفِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ ، وَإِنْ كَثُرَتْ عِنْدَهُمْ وَفَرْقٌ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْعُرْفِ لِلَّفْظِ بِالنَّقْلِ عَنْ مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ إلَى مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهُ وَبَيْنَ انْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِ أَهْلِ الْعُرْفِ لَهُ فِي بَعْضِ أَفْرَادِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ وَمِنْهُ اسْمُ الْخُبْزِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ ، وَإِنْ غَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ مُسَمَّاهُ فِي بَعْضِ الْأَقْطَارِ كَخُبْزِ الْأَزْرَقِيِّ طَبَرِسْتَانُ كَمَا سَيَأْتِي وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا عَبَّرَ عَنْ الْبَيْتِ بِالْعَرَبِيَّةِ فَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ دَرَخَانَةَ لِرُومٍ لَمْ يَحْنَثْ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْمَبْنِيِّ ؛ لِأَنَّ الْعَجَمَ لَا يُطْلِقُونَهُ عَلَى غَيْرِ الْمَبْنِيِّ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ( وَإِنْ نَوَى نَوْعًا ) مِنْهَا ( اُتُّبِعَ ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ ( وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ وَالْبِيَعِ وَبُيُوتِ الْحَمَامِ وَالرَّحَى ) وَنَحْوِهَا كَالْكَعْبَةِ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ سُكْنَةً ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْإِيوَاءِ

وَالسَّكَنُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجَوُّزٍ أَوْ بِتَقْيِيدٍ كَمَا يُقَالُ الْكَعْبَةُ بَيْتُ اللَّهِ وَالْبَيْتُ الْحَرَامُ ( وَكَذَا ) لَا يَحْنَثُ ( لَوْ ) دَخَلَ أَوْ ( سَكَنَ دِهْلِيزًا أَوْ صُفَّةً ) أَوْ صَحْنًا لِلدَّارِ إذْ يُقَالُ لَمْ يَدْخُلْ الْبَيْتَ ، وَإِنَّمَا وَقَفْت فِي الدِّهْلِيزِ أَوْ الصُّفَّةِ أَوْ الصَّحْنِ
( قَوْلُهُ وَالْخِيَامِ ) مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا اُتُّخِذَتْ مَسْكَنًا أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْإِيضَاحِ قَالَ فَأَمَّا الَّتِي يَتَّخِذُهَا الْمُسَافِرُ وَالْمُجْتَازُ لِدَفْعِ الْأَذَى فَلَا تُسَمَّى بَيْتًا ( قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى مَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأُصُولِيِّينَ إلَخْ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( فَرْعٌ ) حَلَفَ عِنْدَ انْسِلَاخِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْتَهُ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الشَّهْرَ فَرَغَ فَلَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ إذَا لَمْ يَكُنْ ظَهَرَ عِنْدَ يَمِينِهِ اسْتِهْلَالُهُ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ نَوَى نَوْعًا مِنْهَا اُتُّبِعَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : هَذَا فِي الْبَاطِنِ ظَاهِرٌ ، وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَكَذَلِكَ أَوْ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ فَلَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَسَبَقَ مَا يُوَافِقُهُ ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْمَسَاجِدِ ) لَوْ دَخَلَ بَيْتًا بَعْضُهُ مَسْجِدٌ وَبَعْضُهُ مِلْكٌ مُشَاعًا فَالْقِيَاسُ عَدَمُ الْحِنْثِ ر ( قَوْلُهُ وَالْغَارِ الَّذِي لَمْ يُتَّخَذْ مَسْكَنًا ) أَمَّا مَا اُتُّخِذَ مِنْ ذَلِكَ مَسْكَنًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَ الْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الْبَيْتِ إلَّا بِتَجْوِيزٍ أَوْ تَقْيِيدٍ ) قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى أَحَدَ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ انْصَرَفَتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ ، وَبِهِ جَزَمَ الْجَاجَرْمِيُّ فِي الْإِيضَاحِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَسْكُنُ دَارًا ) أَوْ لَا يُقِيمُ فِيهَا ( وَهُوَ فِيهَا حَنِثَ بِاللُّبْثِ ) فِيهَا ( بِلَا عُذْرٍ ) ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ السُّكْنَى سُكْنَى كَمَا مَرَّ فَيَحْنَثُ ( وَإِنْ أَخْرَجَ أَهْلَهُ ) وَمَتَاعَهُ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى سُكْنَى نَفْسِهِ لَا أَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ ( فَإِنْ خَرَجَ ) مِنْهَا ( وَبَقَوْا ) أَيْ أَهْلُهُ فِيهَا ( لَمْ يَحْنَثْ ) إذْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ سُكْنَاهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ : وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا خَرَجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لِيَقَعَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّاكِنِ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَخْرُجَ وَيَعُودَ إلَيْهِ يُومِئُ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَيُخْرِجُ بَدَنَهُ مُتَحَوِّلًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُنْت أَقُولُ إطْلَاقُ مَنْ أَطْلَقَ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا وَلَا أَحْسِبُ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ قَدْ قَالَ فِيمَا عَلَّقَهُ عَلَى مَوَاضِعَ مِنْ الْمُهَذَّبِ ثُمَّ إنَّ الْمُصَنِّفَ شَرَطَ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ أَنْ يَخْرُجَ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ ، وَقَدْ وَافَقَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ بَعْضُهُمْ وَاَلَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَظْهَرُ ؛ لِأَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ سَكَنِهِ إلَى السُّوقِ مَثَلًا عُدَّ عُرْفًا سَاكِنًا بِهِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ ، وَهَذَا فِي الْمُتَوَطِّنِ فِيهِ قَبْلً حَلِفِهِ فَلَوْ دَخَلَهُ لِيَنْظُرَ إلَيْهِ هَلْ يَسْكُنُهُ فَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَسْكُنُهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا

( قَوْلُهُ حَنِثَ بِاللَّبْثِ بِلَا عُذْرٍ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ يَحْنَثُ ، وَإِنْ قَلَّ مُكْثُهُ حَتَّى لَوْ وَقَفَ لِيَشْرَبَ حَنِثَ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ بَابِهَا وَبَقَوْا لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْإِمَامُ : وَلَا يُكَلَّفُ فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْعَادَةِ الْعَدْوَ وَالْهَرْوَلَةَ وَلَهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ لَأَخْرُجَن فِي لَمْحَةِ عَيْنٍ وَأَرَادَ تَحْقِيقَ الْوَفَاءِ بِهِ ثُمَّ لَمْ يَتَمَكَّنْ حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ ر غ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْبَابِ لِإِغْلَاقِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَانَ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ مِنْ السَّطْحِ أَوْ التَّسَوُّرُ مِنْ الْجِدَارِ فَلَمْ يَفْعَلْ هَلْ يَحْنَثُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ فِي الْجُمْلَةِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَإِطْلَاقُهُمْ أَنَّ إغْلَاقَ الْبَابِ عُذْرٌ قَدْ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ حَيْثُ لَا مَخْرَجَ لَهُ سِوَاهُ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ الْخُرُوجُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا ضَرَرٍ وَلَا خَطَرٍ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِتَرْكِهِ وَلَوْ أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِمُدَّةٍ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت أَنْ لَا أَسْكُنَهَا شَهْرًا مَثَلًا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ : إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِحَقِّ اللَّهِ الَّذِي يُحْمَلُ فِيهِ عَلَى نِيَّتِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِطَلَاقٍ أَوْ إعْتَاقٍ حُمِلَ عَلَى التَّأْيِيدِ فِي ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِوُجُودِ خَصْمٍ فِيهِ دِينَ بَاطِنًا فِيمَا نَوَاهُ وَجَزَمَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَالَ وَكَأَنَّ إطْلَاقَ اللَّفْظِ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْيِيدِ وَكَذَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ فِي الْمُقْنِعِ .
وَقَوْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ إلَخْ وَكَذَا قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى مَا نَوَاهُ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا

قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ : إلَخْ ) أَيْ وَالشَّاشِيُّ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ وَصَاحِبُ الْمُسْتَظْهِرِيِّ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ لَوْ أَحْدَثَ النِّيَّةَ بَعْدَ خُرُوجِهِ لَمْ تُفِدْهُ وَلَوْ خَرَجَ مِنْ سَطْحِهَا إلَى غَيْرِهَا مَعَ إمْكَانِهِ مِنْ الْبَابِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ ؛ لِأَنَّهُ بِالصُّعُودِ فِي حُكْمِ الْمُقِيمِ وَلَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ بَابِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِالصُّعُودِ لِلْخُرُوجِ وَلَوْ كَانَ لَهَا بَابَانِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْخُرُوجِ مِنْ أَبْعَدِهِمَا ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ فِي الْخُرُوجِ ، وَإِنْ بَعُدَ مَسْلَكُهُ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت شَهْرًا مَثَلًا فَإِنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ قِيلَ وَإِلَّا فَلَا وَيَدِينُ ( قَوْلُهُ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةِ التَّحَوُّلِ قَطْعًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَكَذَا حُكْمُ الْغَرِيبِ إذَا دَخَلَ بَلَدًا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْهُ وَخَرَجَ فِي الْحَالِ مِنْهُ

( وَلَوْ مَكَثَ ) فِيهَا ( لِخَوْفٍ ) عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا ( أَوْ مَنْعٍ ) لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ ( أَوْ مَرَضٍ ) لَا يَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى الْخُرُوجِ ( وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهُ لَمْ يَحْنَثْ ) لِلْعُذْرِ فَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ حَدَثَ ) لَهُ ( الْعَجْزُ ) عَنْ الْخُرُوجِ ( بَعْدَ الْحَلِفِ فَكَالْمُكْرَهِ ) فَلَا يَحْنَثُ ( وَإِنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ ) كَأَمْرِ أَهْلِهِ بِهِ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ ( وَجَمْعِ الْمَتَاعِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ بَاتَ ) فِيهَا ( لِحِفْظِهِ ) أَيْ الْمَتَاعِ ( لَيْلًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِنًا وَعَطْفُ جَمِيعِ الْمَتَاعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقُ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ بِحَيْثُ لَوْ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا فَاتَتْهُ ( وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ ) إلَى الدَّارِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا ( لِنَقْلُ مَتَاعٍ ) قَالَ الشَّاشِيُّ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ

( قَوْلُهُ أَوْ مُنِعَ لَهُ مِنْ الْخُرُوجِ ) مِنْ بَابِهَا وَسَطْحِهَا وَتَسَوَّرَ جِدَارَهَا ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْمُرَهُ بِإِخْرَاجِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلُبْسِ ثَوْبِهِ ) أَيْ وَإِغْلَاقِ أَبْوَابِهِ وَإِحْرَازِ مَالِهِ إذَا عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ مَكَثَ لِأَكْلٍ وَشُرْبٍ حَنِثَ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بَانَ فِيهَا لِحِفْظِهِ لَيْلًا ) أَيْ حَيْثُ عَجَزَ عَنْ اسْتِنَابَةِ أَمِينٍ ( قَوْلُهُ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَعْذَارِ ضِيقَ وَقْتِ الْفَرِيضَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَن زَوْجَتَهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فَوَجَدَهَا حَائِضًا ( قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ عَوْدُهُ لِنَقْلِ مَتَاعٍ إلَخْ ) وَلَوْ عَادَ وَلَبِثَ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ مِمَّا ذَكَرَ حَنِثَ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ : وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْإِنَابَةِ ) وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : إنْ عَادَ لِنَقْلِ عِيَالِهِ أَوْ مَالِهِ لَمْ يَحْنَثْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنَابَةِ فِي ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَقْدِرْ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالْعَوْدِ لِنَقْلِ رَجُلٍ أَوْ أَهْلٍ سَاكِنًا قَالَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ إجْرَاءُ الْخِلَافِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ يُقَيِّدُ

( وَعِيَادَةُ مَرِيضٍ ) وَزِيَارَةُ وَغَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُ فَارَقَهَا وَبِمُجَرَّدِ الْعَوْدِ لَا يَصِيرُ سَاكِنًا نَعَمْ إنْ مَكَثَ ضَرَّ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ وَأَخَذَ مِنْ مَسْأَلَةِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ الْآتِيَةِ ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا خَرَجَ ثُمَّ عَادَ ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ ( فَلَوْ عَادَ ) الْمَرِيضَ - ( قَبْلَ خُرُوجِهِ ) مِنْهَا ( وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ ) بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَهُ مَارًّا فِي خُرُوجِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ حَلَفَ خَارِجَهَا ثُمَّ دَخَلَ لَمْ يَحْنَثْ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ وَلَوْ خَرَجَ بَعْدَ حَلِفِهِ فَوْرًا ثُمَّ اجْتَازَ بِهَا بِأَنْ دَخَلَ مِنْ بَابٍ وَخَرَجَ مِنْ آخَرَ لَمْ يَحْنَثْ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَحْنَثَ بِالتَّرَدُّدِ زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ بِلَا أَسْكُنُهَا لَا اتَّخَذَهَا مَسْكَنًا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَصِيرُ بِهِ مَسْكَنًا
( قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا ) أَيْ كَعِمَارَةٍ وَلَوْ احْتَاجَ إلَى أَنْ يَبِيتَ فِيهَا لَيْلَةً لِحِفْظِ مَتَاعٍ فَفِيهِ احْتِمَالَانِ لِابْنِ كَجٍّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ .
ا هـ .
وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقِ الْبَغَوِيّ ) عِبَارَتُهُ وَلَوْ خَرَجَ فِي الْحَالِ ثُمَّ دَخَلَ أَوْ كَانَ خَارِجًا حِينَ حَلَفَ ثُمَّ دَخَلَ لَا يَحْنَثُ بِالدُّخُولِ مَا لَمْ يَمْكُثْ فَإِنْ مَكَثَ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَشْتَغِلَ بِحَمْلِ مَتَاعٍ كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ هُنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ حَاصِلُهُ أَنَّهُ هُنَا قَطَعَ فِعْلَهُ بِخُرُوجِهِ وَثَمَّ اسْتَدَامَ الْفِعْلُ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ بِمَنْزِلَةِ ابْتِدَائِهِ ( قَوْلُهُ وَقَعَدَ عِنْدَهُ حَنِثَ ) الْوُقُوفُ عِنْدَهُ كَالْقُعُودِ ( قَوْلُهُ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهَا بِلَا غَرَضٍ حَنِثَ ) زَادَ الرَّافِعِيُّ إنْ أَرَادَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَنَوَى ) أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ ( وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ ) وَلَوْ ( فِيهَا ) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي الْبَلَدِ عَمَلًا بِنِيَّتِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَنْوِ ) مَوْضِعًا ( فَسَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ وَالْمُرَادُ مَا قَالَهُ الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ ( لَا ) إنْ كَانَ الْبَيْتَانِ ( مِنْ خَانٍ ) وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا يَحْنَثُ ( وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَرْقِيُّ ) وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِمَسْكَنِ قَوْمٍ وَبُيُوتُهَا تُفْرَدُ بِأَبْوَابٍ وَمَغَالِيقَ فَهُوَ كَالدَّرْبِ ، وَهِيَ كَالدُّورِ ( وَلَا ) إنْ كَانَا ( مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ ) ، وَإِنْ تَلَاصَقَا فَلَا يَحْنَثُ لِذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ لِكَوْنِهِمَا فِي الْأَصْلِ مَسْكَنًا وَاحِدًا بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْخَانِ الصَّغِيرِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّارِ ) الْكَبِيرَةِ لَا فِي الْخَانِ ( أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ ) فِيهَا ( غَلَقٌ ) بِبَابٍ ( وَمَرْقًى ) وَذِكْرُ الْمَرْقَى مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ ) لَمْ يَكُونَا أَوْ ( سَكَنَا فِي صُفَّتَيْنِ ) مِنْ الدَّارِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَصُفَّةٍ ( حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَسَاكِنَانِ عَادَةً وَكَأَنَّ اشْتِرَاكَهُمَا فِي الصَّحْنِ الْجَامِعِ لِلْبَيْتَيْنِ مَثَلًا ، وَفِي الْبَابِ الْمَدْخُولِ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ دُخُولِ بَيْتِ الْآخَرِ جُعِلَ كَالِاشْتِرَاكِ فِي الْمَسْكَنِ ( وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقِ كَالْمَرْقَى وَالْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَبَابُهَا ) أَيْ الْحُجْرَةِ ( فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ كَذَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ كَذَلِكَ فِي دَارٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( قَوْلُهُ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ أَوْ لَا أَسْكُنُ مَعَهُ ) أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعِي أَوْ سَكَنْت مَعَهُ أَوْ لَا سَكَنَ مَعِي ( قَوْلُهُ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ وَلَوْ فِيهَا ) فَلَوْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَالِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا سَاكَنْت زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا وَلَوْ قَالَ لَا أَسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ بِمُسَاكَنَتِهِ جَمِيعَ الشَّهْرِ نَقَلَاهُ فِي الطَّلَاقِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشَّاشِيِّ وَلَوْ قَالَ : إنْ أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ وَالْبَيْتُوتَةَ عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ( قَوْلُهُ وَلَا إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ ) وَكَذَا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي بَيْتٍ وَالْآخَرُ فِي حُجْرَةٍ

( وَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي هَذَا الْبَيْتِ فَسَاكَنَهُ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَحْنَثْ ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِيهِ ، وَهُوَ فِيهِ فَمَكَثَ بِلَا عُذْرٍ حَنِثَ أَوْ فَارَقَهُ فَوْرًا بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ لَمْ يَحْنَثْ ( وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ ) بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَدْخَلًا أَوْ أَحْدَثَا مَدْخَلًا ( حَنِثَ ) لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ إلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ لِاشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ ، وَهَذَا صَحَّحَهُ الْمِنْهَاجُ كَالْمُحَرَّرِ وَنَسَبَ الْأَصْلُ تَرْجِيحَهُ إلَى الْبَغَوِيّ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ تَبَايَعَا وَبَنَى بَيْنَهُمَا جِدَارًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ الْخِيَارَ لِبَقَائِهِمَا فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ : وَظَاهِرُ النَّصِّ مَعَ الْبَغَوِيّ وَمَنْ خَالَفَهُ أَوَّلَهُ بِمَا إذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا بِنِيَّةِ الِانْتِقَالِ فَبَنَى الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ( لَا إنْ خَرَجَ ) مِنْ الْبَيْتِ ثُمَّ عَادَ ( وَسَكَنَ بَعْدَ بِنَائِهِ ) أَيْ الْحَائِلِ فَلَا يَحْنَثُ ( وَإِنْ حَلَفَ ) لَا يُسَاكِنُهُ ( وَهُمَا فِي بَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ فَلَا مُسَاكَنَةَ ) وَلَا حَاجَةَ إلَى مُفَارَقَةِ أَحَدِهِمَا الْآخَرَ ( أَوْ ) وَهُمَا ( فِي بَيْتٍ مِنْهُ فَلْيَنْتَقِلْ ) أَحَدُهُمَا ( إلَى ) بَيْتٍ ( آخَرَ ) أَيْ يَكْفِي ذَلِكَ فَلَا يُشْتَرَطُ انْتِقَالُهُ إلَى غَيْرِ الْخَانِ

( قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَغَلَ بِبِنَاءِ حَائِلٍ بَيْنَهُمَا حَنِثَ ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ أَرْخَى بَيْنَهُمَا سِتْرًا فِي الْوَقْتِ وَأَقَامَ كُلٌّ فِي جَانِبٍ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الْخِيَامِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشْتِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ فَأَقَامَ فِيهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ فَارَقَهَا قَبْلَ تَمَامِهِ لَمْ يَحْنَثْ ( قَوْلُهُ وَتَصْحِيحَ الْأَوَّلِ إلَى الْجُمْهُورِ ) وَقَالَ النَّوَوِيُّ : فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُهَذَّبِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَفِيهِ وَجْهٌ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : أَطْلَقَ مَحَلَّ الْخِلَافِ ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْبِنَاءُ بِفِعْلِ الْحَالِفِ أَوْ بِأَمْرِهِ أَوْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِمَا فَلَوْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِ الْحَالِفِ أَمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ حَنِثَ الْحَالِفُ قَطْعًا ؛ لِأَنَّ تَوْجِيهَ عَدَمِ الْحِنْثِ بِاشْتِغَالِهِ يَرْفَعُ الْمُسَاكَنَةَ يَقْتَضِي ذَلِكَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ يُفَارِقُ مَا مَرَّ إلَخْ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحِنْثِ فِي بِنَاءِ الْجِدَارِ وَعَدَمِهِ فِي الِاشْتِغَالِ بِجَمْعِ الْمَتَاعِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِنَقْلِ الْأَمْتِعَةِ اقْتَرَنَ بِهِ نِيَّةُ التَّحَوُّلِ بِخِلَافِهِ مَعَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ نِيَّةَ الْمُسَاكَنَةِ مَوْجُودَةٌ وَلَوْ قَالَ : لَا أَوَيْت عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ فِي دَارِي فَمَكَثَ زَمَانًا حَنِثَ فَإِنَّ الْإِيوَاءَ هُوَ السُّكُونُ فِي الْمَكَانِ ذَكَرَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ ثُمَّ قَالَ ، وَأَمَّا الْبَيْتُوتَةُ فَلَيْسَ لِأَصْحَابِنَا فِيهَا نَصٌّ وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الْمَذْهَبِ أَنَّهَا عِبَارَةٌ عَنْ السُّكُونِ فِي الْمَكَانِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّهُ مَعْذُورٌ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ) عَلَى أَنَّهُ هُنَاكَ مُشْتَغِلٌ بِسَبَبِ الِانْتِقَالِ ( قَوْلُهُ وَهُمَا فِي بَيْتٍ مِنْ خَانٍ إلَخْ ) حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ وَالْخَانْقَاهْ حُكْمُ الْخَانِ وَحُكْمُ الْبَيْتِ وَالصِّفَةُ مِنْ الْخَانِ حُكْمُ الْبَيْتَيْنِ

( النَّوْعُ الثَّانِي الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ ) فَلَوْ ( حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ ) مَاءٍ ( هَذَا النَّهْرِ ) مَثَلًا ( أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مِنْهُ حَنِثَ ) فِي الْأَوَّلِ ( وَبَرَّ ) فِي الثَّانِي ( بِمَا يَشْرَبُ مِنْهُ ) ، وَإِنْ قَلَّ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَأَشْرَبُ أَوْ لَأَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ ) أَوْ الْإِدَاوَةِ ( أَوْ ) نَحْوُهُ مِنْ ( مَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ ) شُرْبًا ( فِي زَمَانٍ ) ، وَإِنْ طَالَ ( لَمْ يَحْنَثْ ) فِي الْأَوَّلِ ( وَلَمْ يَبَرَّ فِي الْحَالِ ) فِي الثَّانِي بِشُرْبِ بَعْضِهِ بَلْ بِشُرْبِ الْجَمِيعِ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ مُعَرَّفٌ بِالْإِضَافَةِ فَيَتَنَاوَلُ الْجَمِيعَ

( أَوْ ) حَلَفَ لَيَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ ( غَدًا فَغَدًا ) يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودَةٌ عَلَى الصُّعُودِ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَيَصْعَدَن السَّمَاءَ انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ وَيَحْنَثُ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أَشْرَبُ مَاءَ ) هَذَا ( النَّهْرِ ) أَوْ نَحْوَهُ ( أَوْ لَا آكُلُ خُبْزَ الْكُوفَةِ ) أَوْ نَحْوِهَا ( لَغَا ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَصْعَدُ السَّمَاءَ وَالْأَصْلُ إنَّمَا فَرْضُ الْكَلَامِ فِي الْحِنْثِ وَعَدَمِهِ بِتَنَاوُلِ الْبَعْضَ وَصَحَّحَ عَدَمَ الْحِنْثِ بِهِ وَنَقَلَهُ عَنْ عَامَّةِ الْأَصْحَابِ وَعَنْ تَصْحِيحِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ هَذَا الْحُبِّ فَشَرِبَ بَعْضَهُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْقَاضِي فِي الْأُولَى وَمِثْلِهَا الثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَنْعَقِدَ يَمِينُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فَاخْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ مُوَفٍّ بِالْغَرَضِ وَإِلَّا فَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى بَحْثِ الْقَاضِي وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَالِفُ عَلَى مَا ذُكِرَ لَا يَحْنَثُ بِتَنَاوُلِ بَعْضِهِ ( إلَّا إنْ أَرَادَ أَنْ لَا يَتَنَاوَلَ شَيْئًا مِنْهُ فَيَحْنَثُ بِهِ ) ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْأُولَى .
( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ لَغَا ) أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ فِيهِ غَيْرُ مُتَصَوَّرٍ وَفَارَقَ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ فَعَلَ كَذَا أَمْسُ ، وَهُوَ صَادِقٌ حَيْثُ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْحِنْثُ بِأَنَّ الْحَلِفَ ثَمَّ مُحْتَمِلٌ لِلْكَذِبِ ( لَوْ ) حَلَفَ ( لَأَشْرَبَن مَاءَ هَذَا الْكُوزِ ) مَثَلًا ( وَكَانَ فَارِغًا ) ، وَهُوَ عَالِمٌ بِفَرَاغِهِ ( أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا ، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ حَنِثَ ) فِيهِمَا ( فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ فَعُلِمَ أَنَّ يَمِينَهُ انْعَقَدَتْ ، وَإِنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ فِيهِ الْبِرَّ كَمَا لَوْ قَالَ فَعَلْت كَذَا أَمْسُ ، وَهُوَ كَاذِبٌ وَتَقَدَّمَ قُبَيْلَ الْبَابِ الْأَوَّلِ

الْفَرْقُ بَيْنَ الِانْعِقَادِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْبِرِّ وَعَدَمِهِ فِيمَا لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ الْحِنْثُ أَمَّا لَوْ كَانَ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ فَكَانَ فَارِغًا أَوْ مَيِّتًا فَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا ( وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ فَانْصَبَّ ) مِنْهُ ( قَبْلَ إمْكَانِ شُرْبِهِ فَكَالْمَكْرَهِ ) فَلَا يَحْنَثُ بِخِلَافِ انْصِبَابِهِ بَعْدَ الْإِمْكَانِ فَيَحْنَثُ فِيهِ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَأَشْرَبَن مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ ) مِنْهُ ( بَرَّ إنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ لَا إنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنهُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ فِي مَاءٍ وَشَرِبَهُ أَوْ شَرِبَ مِنْهُ لَا يَبَرُّ ، وَإِنْ عَلِمَ وُصُولَهُ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْهُ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا وَلَمْ يَشْرَبْهُ جَمِيعَهُ فِي الثَّانِيَةِ ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْهُ فَصَبَّهُ فِي مَاءٍ وَشَرِبَ مِنْهُ حَنِثَ قَالَ وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِ هَذِهِ الْبَقَرَةِ فَخَلَطَهُ بِلَبَنِ غَيْرِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَخَلَطَهَا بِصُبْرَةٍ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ .

( قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا أَشْرَبُ مَاءَ هَذَا النَّهْرِ إلَخْ ) وَلَوْ حَلَفَ لَيَشْرَبَن مَاءَ هَذَا النَّهْرِ أَوْ الْبَحْرِ لَمْ يَبَرَّ بِشُرْبِ بَعْضِهِ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْفِعْلِ وَتَحَقَّقَ الْعَجْزُ فِي الْحَالِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ الْمُتَغَيِّرَ بِمَا خَالَطَ الْمَاءَ مِمَّا يُسْتَغْنَى عَنْهُ كَالزَّعْفَرَانِ لَمْ يَحْنَثْ تَقْدِيمًا لِعُرْفِ الشَّرْعِ عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَاءَ فَاشْتَرَى لَهُ الْوَكِيلُ هَذَا لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلْقٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى مَاءً قُلْنَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ أَمَّا إذَا قُلْنَا أَنَّهُ مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ تَعَبُّدًا فَيَجِيءُ الْوَجْهَانِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا هَلْ يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْمَيْتَةِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فَشَرِبَ مَاءً قَدْ تَنَجَّسَ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ لِقِلَّتِهِ فَإِنْ قُلْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ لَمْ يَحْنَثْ ، وَإِنْ قُلْنَا مُطْلَقٌ مُنِعَ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ لُغَةً اسْمُ مَاءٍ بِلَا قَيْدٍ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ وَ ( قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأَوَّلِ ) لَوْ شَكَّ هَلْ ذَهَبَتْ مِنْهُ قَطْرَةٌ بَعْدَ حَلِفِهِ فَفِي الْحِنْثِ بِالْمَوْجُودِ وَجْهَانِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ بَحْثُ الْقَاضِي بَيَانًا لِمُرَادِ الْأَصْحَابِ ) هُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي عَقَّبَهَا وَقَدْ قَاسَهُ عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ أَوْ لَيَقْتُلَن زَيْدًا ، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَوْتِهِ ) أَوْ لَأَصْعَدَن السَّمَاءَ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْرَبْ مِنْ الْكُوزِ فِيهِمَا ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ يَكُونُ مِنْ الْكُوزِ عُرْفًا فَتَعَلَّقَتْ الْيَمِينُ

بِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ( قَوْلُهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ ) أَيْ الَّتِي اشْتَبَهَتْ التَّمْرَةُ بِهَا وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْجَنْبِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ التَّمْرَةُ فِيهِ وَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى رَأْسِ قَوْصَرَّةٍ أَوْ جَوْلَقِ تَمْرٍ فَأَكَلَ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا مِنْهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَا اخْتَلَفَا بِهِ أَنْوَاعًا وَأَتَى عَلَى غَيْرِ نَوْعِهَا قَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَوْ أَخَذَ الطَّائِرُ مِنْ الصُّبْرَةِ تَمْرَةً وَجَازَ أَنَّهَا الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهَا فَأَكَلَ بَقِيَّةَ الصُّبْرَةِ لَمْ يَحْنَثْ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِأَكْلِ جَمِيعِ الصُّبْرَةِ أَنَّهُ لَوْ أَكَلَهَا إلَّا بَعْضَ ثَمَرَةٍ لَمْ يَحْنَثْ

( وَإِنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً فُرَاتًا ) أَوْ مِنْ فُرَاتٍ ( حَنِثَ بِالْعَذْبِ ) فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ لَا بِالْمَالِحِ ( أَوْ مِنْ مَاءِ الْفُرَاتِ حُمِلَ عَلَى النَّهْرِ ) الْمَعْرُوفِ ( فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ ) مَاؤُهُ مِنْهُ ( أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ ) وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ مَاءِ نَهْرِ كَذَا فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بِئْرٍ مَحْفُورَةٍ بِقُرْبِ النَّهْرِ يَعْلَمُ أَنَّ مَاءَهَا مِنْهُ حَنِثَ وَلَوْ قَالَ لَا أَشْرَبُ مِنْ نَهْرِ كَذَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَاءَ فَشَرِبَ مِنْ سَاقِيَّةٍ تُخْرِجُ مِنْهُ حَنِثَ كَمَا لَوْ أَخَذَ الْمَاءَ فِي إنَاءٍ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( أَوْ ) لَا يَشْرَبُ ( مِنْ هَذِهِ الْإِدَاوَةِ ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا يُعْتَادُ الشُّرْبُ مِنْهُ ( فَصَبَّهَا ) أَيْ صَبَّ مَاءَهَا ( فِي كُوزٍ ) وَشَرِبَهُ ( لَمْ يَحْنَثْ )
( فَرْعٌ ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذِهِ التَّمْرَةَ فَاخْتَلَطَتْ بِتَمْرٍ فَأَكَلَهُ إلَّا تَمْرَةً أَيْ أَوْ بَعْضَهَا لَمْ يَحْنَثْ أَيْ إذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ هِيَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهَا أَوْ لَيَأْكُلَنهَا لَمْ يَبَرَّ بِالْجَمِيعِ أَيْ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْيَقِينُ إلَّا بِهِ ( قَوْلُهُ لَا بِالْمَالِحِ ) أَمَّا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ أَوْ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالْعَذْبِ وَالْمِلْحِ ، وَإِنَّمَا حَنِثَ بِالْمِلْحِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْ شُرْبَهُ اعْتِبَارًا بِالْإِطْلَاقِ وَالِاسْتِعْمَالِ اللُّغَوِيِّ ( قَوْلُهُ فَإِنْ شَرِبَ مِنْ كُوزٍ أَوْ بِئْرٍ مَاؤُهَا مِنْهُ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ مِنْهُ عُرْفًا شُرْبٌ مِنْ مَائِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا يَأْكُلُ هَذَيْنِ الرَّغِيفَيْنِ أَوْ لَا يَلْبَسُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ ) أَوْ نَحْوَهُمَا ( أَوْ لَيَفْعَلَن ذَلِكَ تَعَلَّقَ الْحِنْثُ ) فِيمَا عَدَا الْأَخِيرَةِ ( وَالْبِرُّ ) فِي الْأَخِيرَةِ ( بِهِمَا وَلَوْ فَرَّقَ ) الْفِعْلَ ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ ( وَكَذَا ) لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ كَأَنْ حَلَفَ ( لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا ) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ فَيَتَعَلَّقُ الْحِنْثُ بِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ تَجْعَلُ الشَّيْئَيْنِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ ( إلَّا إنْ أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ ) بِأَنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحِنْثُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ أَيْضًا ، وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ( فَإِنْ قَالَ ) لَا أُكَلِّمُ ( زَيْدًا وَلَا عَمْرًا ) أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ ( فَيَمِينَانِ ) لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا تَنْحَلُّ إحْدَاهُمَا بِالْحِنْثِ فِي الْأُخْرَى كَمَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ عَمْرًا وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ الَّذِي لَمْ يُعِدْ مَعَهُ حَرْفَهُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لِأُكَلِّمَن زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ لَآكُلَن اللَّحْمَ وَالْعِنَبَ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ الْبَارِزِيُّ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي مِنْ أَنَّهُ كَالنَّفْيِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ حَتَّى يَتَعَدَّدَ الْيَمِينُ لِوُجُودِ حَرْفِ الْعَطْفِ تُوُقِّفَ فِيهِ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ حَرْفُ الْعَطْفِ تَعَدُّدَ الْيَمِينِ فِي الْإِثْبَاتِ لَأَوْجَبَهُ فِي النَّفْيِ أَيْ غَيْرِ الْمُعَادِ مَعَهُ حَرْفُهُ انْتَهَى .
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ أَوْ بِثُمَّ فَإِنَّ الْحَالِفَ حِينَئِذٍ حَالِفٌ عَلَى عَدَمِ أَكْلِ الْعِنَبِ بَعْدَ اللَّحْمِ بِلَا مُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِمُهْلَةٍ فِي ثُمَّ فِي قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ اللَّحْمَ فَالْعِنَبَ أَوْ ثُمَّ الْعِنَبَ فَلَا يَحْنَثُ إذَا

أَكَلَهُمَا مَعًا أَوْ الْعِنَبَ قَبْلَ اللَّحْمِ أَوْ بَعْدَهُ بِمُهْلَةٍ فِي الْفَاءِ وَبِلَا مُهْلَةٍ فِي ثُمَّ ( وَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ أَحَدَهُمَا ) أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا ( وَأَطْلَقَ حَنِثَ بِكَلَامٍ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا ( وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) فَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ الْآخَرِ ( وَإِنْ قَالَ لَا آكُلُ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً لَمْ يَحْنَثْ أَوْ عَكْسُهُ ) بِأَنْ قَالَ لِآكُلَن هَذِهِ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا إلَّا حَبَّةً ( لَمْ يَبَرَّ ) لِتَعَلُّقِ يَمِينِهِ بِالْجَمِيعِ فِيهِمَا وَخَرَجَ بِالْحَبَّةِ الْقِشْرُ وَالشَّحْمُ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَادَةِ ( أَوْ لَا آكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَهُ إلَّا شَيْئًا يُمْكِنُ لَقْطُهُ وَأَكْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ ) كَمَا لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مَا عَلَى هَذَا الطَّبَقِ مِنْ التَّمْرِ فَأَكَلَ مَا عَلَيْهِ إلَّا تَمْرَةً لَمْ يَحْنَثْ ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِتَرْكِ بَعْضِ الطَّعَامِ لِلِاحْتِشَامِ مِنْ اسْتِيفَائِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ

( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ ) ؛ وَلِأَنَّ النَّفْيَ يَنُبْنِي عَلَى الْإِثْبَاتِ ، وَهُوَ لَوْ حَلَفَ لَيَلْبَسَنهُمَا لَمْ يَبَرَّ بِلُبْسِ أَحَدِهِمَا ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَيْنِ لَمَّا اسْتَوَيَا فِي شَرْطِ الْبِرِّ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي شَرْطِ الْحِنْثِ قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الْبِرُّ فِي الْإِثْبَاتِ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَكَتَبَ أَوَّلًا لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَإِنَّمَا ظَاهِرُهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِمَّا بَعْدَ كَذَا فَقَطْ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا فَيَمِينَانِ ) فَلَوْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا وَقَعَ عَلَيْهِ بِكَلَامِهِمَا طَلْقَتَانِ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا يَوْمًا وَلَا يَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى يَوْمَيْنِ فَلَوْ كَلَّمَهُ فِي الثَّالِثِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا فَإِنْ كَلَّمَ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا ثُمَّ الْمَذْكُورَ ثَانِيًا حَنِثَ وَلَا يَحْنَثُ بِكَلَامِ أَحَدِهِمَا ، وَإِنْ قَدَّمَ كَلَامَ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ لَمْ يَحْنَثْ وَأَنَّهُ لَا تَرْتِيبَ فِي قَوْلِهِ فُلَانًا وَفُلَانًا فَإِذَا كَلَّمَهُمَا حَنِثَ بِأَيِّهِمَا بَدَأَ وَحَكَى ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْت كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ فَكَلَّمَ أَحَدَهُمَا حَنِثَ وَكَانَتْ الْيَمِينُ بَاقِيَةً فِي حَقِّ الْآخَرِ وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ غُلَامًا فَكَلَّمَ مُلْتَحِيًا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى غُلَامًا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَمْرَدَ فَكَلَّمَ غُلَامًا حَنِثَ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ امْرَأَةً فَكَلَّمَ مُرَاهِقَةً حَنِثَ ( قَوْلُهُ أَوْ لَا آكُلُ اللَّحْمَ وَلَا الْعِنَبَ ) أَوْ لَا أَشْتَرِي هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَدْخُلُ هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ لَا أَلْبَسُ

هَذَا وَلَا هَذَا أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَلَمْ يَقْصِدْ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ ( قَوْلُهُ لِإِعَادَةِ حَرْفِ النَّفْيِ ) أَيْ مَعَ حَرْفِ الْعَطْفِ .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّ الْإِثْبَاتَ كَالنَّفْيِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ ) أَيْ الْأَصْلِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَلَوْ أَوْجَبَ إلَخْ ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ مُقْتَضَى التَّوَقُّفِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ : لَوْ أَوْجَبَ الْعَطْفَ كَوْنُهُمَا يَمِينَيْنِ لَأَوْجَبَتْهُ التَّثْنِيَةُ فَقَدْ قَالَ الْتِحَاقَاتُ التَّثْنِيَةِ كَالْعَطْفِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ : وَأَحْسِبُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مِنْ تَصَرُّفِهِ ) وَالْمَنْقُولُ الْمُعْتَمَدُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الْأَصْحَابِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ : إنَّهُ الْحَقُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَآكُلَن هَذَا الرَّغِيفَ ، وَهَذَا الرَّغِيفَ أَنَّهُ يَمِينٌ وَاحِدَةٌ بِنَاءً عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي هُوَ الْعَامِلُ فِي الْأَوَّلِ بِتَعَدِّيَةِ حَرْفِ الْعَطْفِ وَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي مَبْنِيٌّ عَلَى الْمَرْجُوحِ عَنْ النَّحْوِيِّينَ أَنَّ الْعَامِلَ فِي الثَّانِي فِعْلٌ مُقَدَّرٌ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ الْعَطْفُ بِالْفَاءِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الْمُعْرِبِ أَمَّا الْعَامِّيُّ فَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الْوَاوِ وَالْفَاءِ

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ ) أَوْ الرَّأْسَ ( وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رُءُوسِ نَعَمٍ ) ، وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ ؛ لِأَنَّهَا تُبَاعُ وَتُشْرَى مُفْرَدَةً فَهِيَ الْمُتَعَارَفَةُ ، وَإِنْ اخْتَصَّ بَعْضُهَا بِبَلَدِ الْحَالِفِ ( لَا ) عَلَى ( رُءُوسِ طَيْرٍ وَحُوتٍ وَظَبْيٍ ) وَصَيْدٍ آخَرَ ( لَمْ يُعْتَدْ بَيْعُهَا مُنْفَرِدَةً فِي بَلَدِهِ ) أَيْ الْحَالِفِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْهَمُ مِنْ اللَّفْظِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ ( فَإِنْ اُعْتِيدَ ) ذَلِكَ فِي بَلَدِهِ ( حَنِثَ بِهَا ) الْحَالِفُ أَيْ بِأَكْلِهَا ( حَيْثُ كَانَ ) إمَّا فِي بَلَدِهِ فَقَطْعًا وَإِمَّا فِي غَيْرِهِ فَعَلَى الْأَقْوَى فِي الْأَصْلِ لِشُمُولِ الِاسْمِ ؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَخُبْزِ الْأَرُزِّ قَالَ ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَغَيْرِهِ مُقَابِلَهُ وَرَجَّحَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ وَقَطَعَ بِهِ الْمَحَامِلِيُّ ، وَهُوَ مَفْهُومُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَمَالَ إلَيْهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَالْأَوَّلُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا انْتَشَرَ الْعُرْفُ بِحَيْثُ بَلَغَ الْحَالِفُ وَغَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا حِنْثَ انْتَهَى .
وَهَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُ الْحَالِفِ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ كَوْنُهُ مِنْ أَهْلِهِ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِهِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ ؛ الثَّانِيَ لِأَنَّهُ يَسْبِقُ إلَى فَهْمِهِ مَا ذَكَرَ عِنْدَهُ مِنْ عُرْفِ بَلَدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيه وَظَاهِرٌ أَنَّ رُءُوسَ الْخَيْلِ كَرُءُوسِ الظِّبَاءِ ( فَإِنْ قَالَ ) لَا آكُلُ ( رُءُوسَ الشِّوَاءِ فَبِرُءُوسِ الْغَنَمِ ) يَحْنَثُ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ رُءُوسِ غَيْرِهَا هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ ( وَإِنْ خَصَّصَ أَوْ عَمَّمَ ) نَوْعًا مِنْ الرُّءُوسِ ( اُتُّبِعَ ) التَّصْرِيحُ بِالتَّعْمِيمِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) قَصَدَ أَنْ لَا يَأْكُلَ ( مَا يُسَمَّى رَأْسًا بِالْكُلِّ ) أَيْ بِكُلِّ مَا يُسَمَّى رَأْسًا فَيَحْنَثُ بِرَأْسِ الطَّيْرِ وَالْحُوتِ وَغَيْرِهِمَا

( قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّءُوسَ إلَخْ ) مِثْلُ الْأَكْلِ الشِّرَاءُ وَغَيْرُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ إطْلَاقَ الْيَمِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْجِنْسِ حَتَّى لَوْ أَكَلَ رَأْسًا أَوْ بَعْضَهُ حَنِثَ وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي فُرُوعِهِ : إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ رُءُوسًا فَعِنْدِي لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَأْكُلَ ثَلَاثَةً ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَقَعُ عَلَى ثَلَاثَةٍ ا هـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ وَالرُّءُوسُ وَرُءُوسًا ظَاهِرٌ ا هـ أَيْ فَيَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ الرُّءُوسُ بِوَاحِدٍ إذْ اللَّامُ فِيهِ لِلْجِنْسِ وَلَا يَحْنَثُ بِبَعْضِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَزْوِيجِ وَاحِدَةٍ وَبِشِرَاءِ وَاحِدٍ وَلَا يَحْنَثُ فِي قَوْلِهِ رُءُوسًا إلَّا بِثَلَاثَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت نِسَاءً أَوْ اشْتَرَيْت عَبِيدًا فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةٍ قَالَ شَيْخُنَا كَذَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ وَاضِحٌ إلَّا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ نِسَاءٍ وَالنِّسَاءِ فَإِنَّ الْمَوْجُودَ فِي كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ أَوَاخِرَ بَابِ الطَّلَاقِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ الصَّوَابُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ لَكِنَّهُ فِي الْفَتَاوَى فِي الْإِيمَانِ سَلَّمَ التَّنَاقُضَ وَأَشَارَ إلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ( قَوْلُهُ فَإِنْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ ) فِي بَلْدَةٍ لِكَثْرَتِهَا وَاعْتِيَادِ أَكْلِهَا ( قَوْلُهُ ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى ظَاهِرِ النَّصِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ رُءُوسَ الْإِبِلِ لَا تُؤْكَلُ وَتُبَاعُ إلَّا بِبَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالْحِنْثُ يَحْصُلُ بِهِ أَيْ مُطْلَقًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهُ وَافَقَ الِاسْمَ عُرِفَ ذَلِكَ لِمَحَلٍّ فَغَلَبَ حُكْمُهُ ( قَوْلُهُ وَجْهَانِ فِي الْأَصْلِ رَجَّحَ مِنْهُمَا الْبُلْقِينِيُّ

الثَّانِي ) قَالَ شَيْخُنَا الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَتَقْيِيدُ الْبُلْقِينِيِّ مُفَرَّعٌ عَلَيْهِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِيهِ ) ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ الْأَقْوَى تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ وَلَمْ يَبْلُغْهُ عُرْفُهُ ثُمَّ جَاءَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ قَطْعًا إلَّا فِي وَجْهٍ غَرِيبٍ حَكَاهُ فِي التَّتِمَّةِ ، وَهَذَا إنَّمَا يَجِيءُ عَلَى حِنْثِ الْجَاهِلِ

( وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ حَنِثَ بِمَا يُزَايِلُ بَائِضَهُ ) أَيْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ ، وَهُوَ حَيٌّ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ لَفْظِ الْبَيْضِ ( كَبَيْضِ الدَّجَاجِ وَالنَّعَامِ وَالْإِوَزِّ وَالْعَصَافِيرِ ) حَالَةَ كَوْنِهِ ( مُنْعَقِدًا وَلَوْ ) خَرَجَ ( مِنْ مَيْتَةٍ لَا ) بَيْضِ ( السَّمَكِ وَالْجَرَادِ ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ بِشَقِّ الْبَطْنِ ( وَ ) لَا خُصْيَةِ ( شَاةٍ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُفْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِبَيْضِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ بِنَاءً عَلَى طَهَارَتِهِ وَحِلِّ أَكْلِهِ ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِذَا قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ حَلَّ أَكْلُهُ بِلَا خِلَافٍ ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرٌ غَيْرُ مُسْتَقْذَرٍ بِخِلَافِ الْمَنِيِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ وَالنِّهَايَةِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ عَلَى مَنْعِ أَكْلِهِ ، وَإِنْ قُلْنَا بِطَهَارَتِهِ قَالَ وَلَيْسَ فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ مَا يُخَالِفُهُ فَيَأْتِي فِي الْحِنْثِ بِأَكْلِهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا فَأَكَلَ لَحْمَ مَيْتَةٍ
( قَوْلُهُ وَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ ) أَيْ وَلَا نِيَّةَ لَهُ ( قَوْلُهُ لَا بَيْضَ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ ) لَمْ يَسْتَثْنِ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ بَيْضِ السَّمَكِ وَالْجَرَادِ مَا لَوْ اُعْتِيدَ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا وَأَكْلُهُ وَقِيَاسُ مَا سَبَقَ فِي الرُّءُوسِ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ هُنَا كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِهِ وَصَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَفِي بَيْضِ السَّمَكِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَجَدَّ اسْمًا آخَرَ ، وَهُوَ الْبَطَارِخُ ثُمَّ لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بَيْضَ السَّمَكِ حَنِثَ بِالْبَطَارِخِ ؛ لِأَنَّهُ بَيْضُهُ وَ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِبَيْضِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ حَنِثَ بِخُبْزِ الْبُرِّ وَالذُّرَةِ وَالْأُرْزِ وَالْبَاقِلَّا وَالْحِمَّصِ ) وَالشَّعِيرِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْحُبُوبِ ( وَلَوْ لَمْ يَعْهَدْ بَعْضَهَا فِي بَلَدٍ ) لَهُ ؛ لِأَنَّ الْجَمِيعَ خُبْزٌ وَاللَّفْظُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَعَدَمُ الِاسْتِعْمَالِ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا كَمَا مَرَّ ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ بِأَيِّ ثَوْبٍ كَانَ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْهُودَ بَلَدِهِ ( وَخُبْزَ الْمَلَّةِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ ، وَهِيَ الرَّمَادُ الْحَارُّ ( كَغَيْرِهِ ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ خُبْزٍ ( وَإِنْ ثُرِدَ ) ( أَوْ ابْتَلَعَهُ بِلَا مَضْغٍ ) وَخَالَفَ كَأَصْلِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ ( لَا إنْ جَعَلَهُ فِي مَرَقَةِ حَسُوًّا ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ بِوَزْنِ فَعُولٌ أَيْ مَائِعًا يُشْرَبُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ ( فَحَسَاهُ ) أَيْ شَرِبَهُ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُسَمَّى خُبْزًا قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَوْزَنِيقَ عَلَى الْأَصَحِّ ، وَهُوَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِالْجَوْزِ وَمِثْلُهُ اللَّوْزَنِيقُ ، وَهُوَ الْقَطَائِفُ الْمَحْشُوَّةُ بِاللَّوْزِ قَالَهُ ابْنُ خَلِّكَانَ قَالَ يُقَالُ فِيهَا الْجَوْزَنِيجُ واللَّوْزَنِيجُ بِالْجِيمِ فَلَمَّا عَرَّبُوهُ أَبْدَلُوا الْجِيمَ قَافًا ( وَيَحْنَثُ بِرُقَاقٍ وَبُقْسُمَاطٍ ) وَكَعْكٍ ( وَبَسِيسٍ ) ؛ لِأَنَّهَا خُبْزٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَذَكَرَ هَذَا الْحُكْمَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ : وَلَا أَحْسِبُ أَنَّ الْمُرَادَ عَلَى هَذَا بِالْبَسِيسِ مَا فَسَّرَهُ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَنَّهُ دَقِيقٌ أَوْ سَوِيقٌ أَوْ أَقِطٌ مَطْحُونٌ يُلَتُّ بِسَمْنٍ أَوْ بِزَيْتٍ ثُمَّ يُؤْكَلُ بِلَا طَبْخٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَتَعَاطَاهُ أَهْلُ الشَّامِ مِنْ أَنَّهُمْ يَعْجِنُونَ دَقِيقًا وَيَخْبِزُونَهُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَمِرَ ثُمَّ يَبُسُّونَهُ بِغِرْبَالٍ وَنَحْوِهِ وَيُضِيفُونَ إلَيْهِ سَمْنًا ، وَقَدْ يُزَادُ عَلَيْهِ عَسَلٌ أَوْ سُكَّرٌ

( قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ إلَخْ ) اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ الْخُبْزَ يَتَنَاوَلُ كُلُّ خُبْزٍ الْخُبْزَ الَّذِي يَحْرُمُ أَكْلُهُ ، وَهُوَ خُبْزُ الْحَشِيشَةِ الْمُفَتِّرَةِ عَلَى قِيَاسِ عَدَمِ الْحِنْثِ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَقَالَ : لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا : فِيهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ الْمَيْتَةَ نَجِسَةٌ وَلَا كَذَلِكَ الْخُبْزُ فَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنْ فُرِضَ إسْكَارُهُ أَوْ ضَرَرُهُ حَالَ كَوْنِهِ خُبْزًا اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ أَوْ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِهِ لِعَدَمِ صِدْقِ إطْلَاقِ اسْمِ الْخُبْزِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ قَيْدُهُ لَازِمًا فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءَ كَاتِبِهِ ( قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا مِنْ الْحُبُوبِ ) خَرَجَ بِهَا خُبْزُ الْحَشِيشَةِ الْمُغَيَّرَةِ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ ( فَرْعٌ ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ لِزَيْدٍ طَعَامًا فَأَكَلَ خُبْزَهُ فَفِي تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُهُمَا تَعَدُّدُهَا كَ ( قَوْلِهِ وَخَالَفَ كَأَصْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ ) كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثُمَّ قَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ هُنَاكَ ( قَوْلُهُ الْجَوْزَيْنَقْ ) ضَبَطَهُ بِالْقَلَمِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَهَذَا الْخِلَافُ يَجْرِي فِي الْحَشْكَفَانِ وَالْكَثَّاءِ وَنَحْوِهِمَا وَالْمُكَفَّفِ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ لَكِنْ قَدْ يُسَمَّى بَعْضُ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ مَخْبُوزًا فَيَقْرَبُ مِنْ الْحِنْثِ فِيهِ وَمِثْلُهُ اللَّوْزَيْنَقُ ضَبَطَ بِالْقَلَمِ الزَّايَ بِالْكَسْرِ وَالْيَاءَ بِالسُّكُونِ وَالنُّونَ بِالْفَتْحِ وَكَتَبَ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِمَّا يَقِلُّ لَا مِمَّا يُخْبَزُ وَقِسْ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَالسَّنْبُوسَكِ وَالْقَطَائِفِ وَنَحْوِهِمَا غ ( قَوْلُهُ وَبَسِيسٍ ) أَيْ وَسَنْبُوسَكٍ ( قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ مَا

يَتَعَاطَاهُ أَهْلُ الشَّامِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : لَكِنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُطْلِقُونَ الْبَسِيسَ إلَّا عَلَى نَوْعٍ مِنْ الرُّقَاقِ يُغْلَى بِالشَّيْرَجِ ثُمَّ يُبَسُّ بِالْعَسَلِ وَقَوْلُهُ قَالَ أَبُو زُرْعَةَ : إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) - حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ حَنِثَ بِشَحْمِ الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ ) ، وَهُوَ الْأَبْيَضُ الَّذِي لَا يُخَالِطُهُ الْأَحْمَرُ ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ سَمِينٌ وَلِهَذَا يَحْمَرُّ عِنْدَ الْهُزَالِ ( لَا شَحْمِ الْبَطْنِ أَوْ الْعَيْنِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفُ اللَّحْمِ فِي الصِّفَةِ كَالِاسْمِ ( أَوْ ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ ( الشَّحْمَ فَبِالْعَكْسِ ) أَيْ يَحْنَثُ بِشَحْمِ الْبَطْنِ أَوْ الْعَيْنِ لَا بِشَحْمِ الظَّهْرِ أَوْ الْجَنْبِ ، وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ عَرَبِيًّا ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ لَا شَحْمٌ وَتَرْجِيحُ الْحِنْثِ بِشَحْمِ الْعَيْنِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِهِ بِشَحْمِ الْجَنْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُحْمَلُ اللَّحْمُ عَلَى كُلِّ لَحْمٍ مَأْكُولٍ ) مِنْ نَعَمٍ وَغَيْرِهَا سَوَاءٌ أَكَلَهُ مَطْبُوخًا أَمْ نِيءً أَمْ مَشْوِيًّا ( لَا ) عَلَى لَحْمٍ ( غَيْرِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالْحِمَارِ ) فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا بِأَكْلِهِ ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يُعْتَادُ أَكْلُهُ ؛ وَلِأَنَّ اسْمَ اللَّحْمِ إنَّمَا يَقَعُ عَلَى الْمَأْكُولِ شَرْعًا ( وَلَا ) عَلَى لَحْمِ ( السَّمَكِ وَالْجَرَادِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفْهَمُ عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ اللَّحْمِ ، وَإِنْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى السَّمَكَ لَحْمًا فَقَالَ { لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا } وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي ضَوْءِ السِّرَاجِ فَجَلَسَ فِي ضَوْءِ الشَّمْسِ لَا يَحْنَثُ ، وَإِنْ سَمَّاهُ اللَّهُ سِرَاجًا فَقَالَ { وَجَعَلْ الشَّمْسَ سِرَاجًا } ( وَلَيْسَ السَّنَامُ ) بِفَتْحِ السِّينِ ( وَالْأَلْيَةُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا ) فَلَا يَحْنَثُ بِهِمَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ ( وَإِنْ حَلَفَ عَلَيْهَا ) أَيْ عَلَى الْأَلْيَةِ ( لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّنَامِ ) كَعَكْسِهِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ فِي الرِّبَا أَنَّ الْجِلْدَ إذَا لَمْ يُؤْكَلْ غَالِبًا لَيْسَ بِلَحْمٍ فَلَا يَحْنَثُ بِهِ الْحَالِفُ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَكَذَا بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ ( ثُمَّ الدَّسَمِ ) ، وَهُوَ الْوَدَكُ ( يَتَنَاوَلُ شَحْمَ الظَّهْرِ

وَالْبَطْنِ وَالْأَلْيَةِ وَالسَّنَامِ وَالْأَدْهَانِ ) الْمَأْكُولَةِ لِصِدْقِ اسْمِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا وَخَرَجَ بِالْأَدْهَانِ أُصُولُهَا كَالسِّمْسِمِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ ( وَلَا تَدْخُلُ الْأَمْعَاءُ وَالْكَرِشُ وَالْكَبِدُ ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِ ثَانِيهِمَا عَلَى الْأَشْهَرِ ( وَالرِّئَةُ وَالطِّحَالُ ) بِكَسْرِ الطَّاءِ ( وَالْمُخُّ وَالْقَلْبُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْخُصْيَةُ وَالثَّدْيُ عَلَى الْأَقْرَبِ ( فِي اللَّحْمِ ) لِعَدَمِ صِدْقِ الِاسْمِ ( وَيَدْخُلُ ) فِيهِ ( لَحْمُ الرَّأْسِ وَاللِّسَانِ ) وَالْخَدِّ ( وَالْأَكَارِعُ ) لِصِدْقِ الِاسْمِ ( أَوْ ) حَلَفَ ( عَلَى لَحْمِ الْبَقَرِ حَنِثَ بِالْأَهْلِيِّ وَالْوَحْشِيِّ وَالْجَامُوسِ ) لِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ الْحِمَارَ فَرَكِبَ حِمَارًا وَحْشِيًّا لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ الْمَعْهُودَ رُكُوبُ الْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ بِخِلَافِ الْأَكْلِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ

قَوْلُهُ أَوْ لَا يَأْكُلُ اللَّحْمَ ) لَوْ قَالَ لَا آكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ تَنَاوَلَهَا لَحْمُهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَرِشَ وَالْكَبِدَ وَالرِّئَةَ وَالْقَلْبَ وَالْمُخَّ وَالدِّمَاغَ وَنَحْوَهَا مِنْ أَجْزَائِهَا فِي حُكْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا ( قَوْلُهُ لَا عَلَى لَحْمٍ غَيْرِهِ كَالْمَيْتَةِ وَالْحِمَارِ إلَخْ ) هَلْ يَحْنَثُ الْمُحَرِّمُ بِمَا اُصْطِيدَ لِأَجْلِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْأَقْوَى فِيهِ الْحِنْثُ لِحِلِّهِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْوَى فِيهِ الْحِنْثُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا السَّمَكِ ) الْمُرَادُ بِالسَّمَكِ جَمِيعُ حَيَوَانِ الْبَحْرِ الْمَأْكُولِ ( قَوْلُهُ وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَجْلِسُ فِي ضَوْءٍ إلَخْ ) وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ نَبِيذًا فَشَرِبَ الْفُقَّاعَ أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُسَمَّى نَبِيذًا فِي اللُّغَةِ وَلَا يُسَمَّى بِهِ فِي الْعُرْفِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ السَّنَامُ وَالْأَلْيَةُ شَحْمًا وَلَا لَحْمًا ) سَكَتَ عَنْ الْجِلْدِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّ الْجِلْدَ جِنْسٌ آخَرُ غَيْرُ اللَّحْمِ وَذَكَرَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ هُنَاكَ أَنَّهُ قَبْلَ أَنْ يَغْلُظَ وَيَخْشُنَ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ فَهُوَ كَسَائِرِ أَجْزَاءِ اللَّحْمِ فَإِذَا غَلُظَ وَخَشُنَ صَارَ جِنْسًا آخَرَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ مُتَعَيِّنٌ هُنَا وَ ( قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِمَا لَهُمَا فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ ) ؛ وَلِأَنَّ الْأَلْيَةَ تُشْبِهُ الشَّحْمَ فِي الْبَيَاضِ وَالذَّوَبَانِ فَأُلْحِقَتْ بِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَكَذَا بِقَانِصَةِ الدَّجَاجِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَدْهَانِ الْمَأْكُولَةِ ) وَخَرَجَ بِالْمَأْكُولَةِ مَا لَا يُؤْكَلُ عَادَةً كَدُهْنِ الْخِرْوَعِ وَدُهْنِ اللَّوْزِ الْمُرِّ أَوْ شَرْعًا بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا قَالَ الدَّمِيرِيِّ : وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يَحْنَثُ بِدُهْنِ السِّمْسِمِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَفِي

مَعْنَاهُ دُهْنُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَنَحْوِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرُوا اللَّبَنَ وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَهُ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَقَالَ إنَّ لَهُ دَسَمًا وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْخُصْيَةُ وَالثَّدْيُ عَلَى الْأَقْرَبِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ حَلَفَ عَلَى مَيْتَةٍ لَمْ يَحْنَثْ ) بِالْمُذَكَّاةِ وَلَا ( بِالسَّمَكِ ) وَالْجَرَادِ لِلْعُرْفِ وَكَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى الدَّمِ لَا يَحْنَثُ بِالْكَبِدِ وَالطِّحَالِ ( وَالسَّمْنِ غَيْرِ الزُّبْدِ وَالدُّهْنِ ) هَذَا يُعْلَمُ مِنْهُ قَوْلِهِ ( وَكَذَا الْعَكْسُ ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الثَّلَاثَةِ مُغَايِرٌ لِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ فَالْحَالِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لَا يَحْنَثُ بِالْبَاقِي لِلِاخْتِلَافِ فِي الِاسْمِ وَالصِّفَةِ
( قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالسَّمَكِ وَالْجَرَادِ ) لِلْعُرْفِ أَيْضًا فَإِنَّ الْمَيْتَةَ هُوَ مَا لَمْ يُذْبَحْ مَا يَجِبُ ذَبْحُهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْآدَمِيُّ وَالْخَيْلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الزُّبْدِ وَالسَّمْنِ لَا يَحْنَثُ بِاللَّبَنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَاللَّبَنُ ) يَتَنَاوَلُ مَا يُؤْخَذُ ( مِنْ النَّعَمِ وَالصَّيْدِ ) قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْآدَمِيُّ وَالْخَيْلُ سَوَاءٌ فِيهِ ( الْحَلِيبُ وَالرَّائِبُ وَالْمَخِيضُ وَالْمَيْشُ ) يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجَوْهَرِيِّ أَنَّهُ لَبَنُ ضَأْنٍ مَخْلُوطٌ بِلَبَنِ مَعْزٍ ( وَالشِّيرَازُ ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهُوَ أَنْ يُغْلَى اللَّبَنُ فَيُثْخَنَ جِدًّا وَيَصِيرُ فِيهِ حُمُوضَةٌ ( لَا الْجُبْنُ وَالْمَصْلُ وَالْأَقِطُ ) وَالسَّمْنُ إذْ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهَا اسْمُ اللَّبَنِ ( وَأُمَّا الزُّبْدُ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ لَبَنٌ فَلَهُ حُكْمُهُ وَإِلَّا فَلَا ) وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْقِشْطَةُ مِثْلَهُ
( قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ فِيهِ الْحَلِيبُ إلَخْ ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُ اللِّبَأَ ، وَهُوَ أَوَّلُ لَبَنٍ يَحْدُثُ بِالْوِلَادَةِ ثَلَاثَ حَلَبَاتٍ وَذَلِكَ يَزِيدُ عَلَى هَذَا وَيَنْقُصُ بِحَسَبِ قُوَّةِ الْحَيَوَانِ وَضَعْفِهِ فَهَلْ يَحْنَثُ بِمَا يَحْدُثُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ فِيهِ وَجْهَانِ فِي حِلْيَةِ الشَّاشِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّمَ الَّذِي يَخْرُجُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ هَلْ يَكُونُ نِفَاسًا أَوْ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ الْحِنْثِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْقِشْطَةُ مِثْلَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ حَلَفَ عَلَى الْجَوْزِ أَوْ التَّمْرِ أَوْ الْبِطِّيخِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْهِنْدِيِّ ) مِنْهُ لِلْمُخَالَفَةِ فِي الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالْبِطِّيخُ الْهِنْدِيُّ هُوَ الْأَخْضَرُ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ وَقِيلَ - يَحْنَثُ بِالْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ لِقُرْبِهِ مِنْ الْجَوْزِ الْمَعْرُوفِ طَبْعًا وَطَعْمًا وَالتَّرْجِيحُ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِمَا رَجَّحَهُ جَزْمُ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ( وَلَيْسَ خِيَارُ شَنْبَرٍ خِيَارًا ) فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَيْهِ بِهِ ( وَالطَّعْمُ وَالتَّنَاوُلُ ) شَامِلٌ ( لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ) فَلَوْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُ أَوْ لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا حَنِثَ بِكُلِّ مَا أَكَلَهُ وَشَرِبَهُ وَدَلِيلُ كَوْنِ الشُّرْبِ طَعْمًا قَوْله تَعَالَى { وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي } وَخَبَرُ مَاءِ زَمْزَمَ طَعَامٌ طُعِمَ ( فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَشَرِبَهُ لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّ الشُّرْبَ لَيْسَ بِأَكْلٍ ( وَإِنْ أَكَلَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ هَكَذَا يُؤْكَلُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَشْرَبُهُ فَعَكْسُهُ ) أَيْ فَإِنْ أَكَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَإِنْ شَرِبَهُ بِخُبْزٍ حَنِثَ

( قَوْلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْهِنْدِيِّ ) سُئِلْت عَمَّنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بِطِّيخًا وَأَطْلَقَ بِمَاذَا يَحْنَثُ فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْأَخْضَرَ لَا الْأَصْفَرَ حَلًّا عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبِلَادِ الْمِصْرِيَّةِ الْآنَ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ فِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَالشَّامِيَّةِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا ذَكَرَاهُ فِي الْبِطِّيخِ الْهِنْدِيِّ ، وَهُوَ الْأَخْضَرُ فَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي كِتَابِ الْبَغَوِيّ وَلَعَلَّهُ عَرَفَهُمْ هُنَاكَ ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّامِ وَنَحْوُهُمْ فَلَا يَعْرِفُونَ ذَلِكَ بَلْ الْأَخْضَرُ عِنْدَهُمْ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَيَبْقَى عِنْدَهُمْ غَالِبَ الْحَوْلِ فَالظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ النَّوْعَيْنِ ا هـ وَأَخَذَ صَاحِبُ الْخَادِمِ مَا نَقَلَهُ وَبَحَثَهُ وَلَمْ يَعْزُهُ لَهُ كَعَادَتِهِ وَقَالَ فِي مِفْتَاحِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاحِيَةِ فَإِنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ لَا يُسَمُّونَ الْأَخْضَرَ بِطِّيخًا فَيَتَعَيَّنُ عُرْفُهُمْ فِي الْأَصْفَرِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : مَا ذَكَرَاهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ) وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَشْرَبُ السَّوِيقَ لَمْ يَحْنَثْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ ) بِمِلْعَقَةٍ أَوْ أُصْبُعٍ مَبْلُولَةٍ ( وَلَوْ كَانَ خَاتِرًا ) بِحَيْثُ يُؤْخَذُ بِالْمَلَاعِقِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شُرْبًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْخَاتِرِ كَأَصْلِهِ مَنْقُولٌ عَنْ الْإِمَامِ وَزَعَمَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِ وَرَدَّهُ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُهُ لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِهِ ) بَلْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ
( قَوْلُهُ بَلْ بِاسْتِفَافِهِ وَالْتِعَاقِهِ ) أَيْ إذْ لَاكَهُ ثُمَّ ازْدَرَدَهُ فَلَوْ ابْتَلَعَهُ بِلَا لَوْكٍ فَلَا فِي الْأَصَحِّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الطَّلَاقِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : الْمَفْهُومُ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمَا أَنَّ مُجَرَّدَ الِابْتِلَاعِ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْخُبْزِ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فَيَصِحُّ فِي مِثْلِهِ أَنْ يُقَالَ ابْتَلَعَ وَمَا أَكَلَ ، وَأَمَّا مَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَضْغِ كَالْعَصِيدَةِ وَالْهَرِيسَةِ أَوْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ يَسِيرًا كَالسُّكْرِ فَابْتِلَاعُهُ يُسَمَّى أَكْلًا

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ السَّكَرَ حَنِثَ بِبَلْعِهِ بِمَضْغٍ وَغَيْرِهِ ) قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ( فَلَوْ وَضَعَهُ بِفِيهِ وَذَابَ وَابْتَلَعَهُ لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْهُ ( وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اُتُّخِذَ مِنْهُ إلَّا إنْ نَوَى وَكَذَا الْحُكْمُ فِي التَّمْرِ وَالْعَسَلِ ) وَنَحْوِهِمَا ( فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْعِنَبَ وَالرُّمَّانَ فَامْتَصَّهُمَا وَرَمَى الثِّقْلَ ) بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ ( لَمْ يَحْنَثْ كَأَكْلِهِ ) أَوْ شُرْبِهِ ( عَصِيرَهُمَا ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا لَهُمَا وَمِثْلُهُمَا كُلُّ مَا يُمَصُّ
( قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ التَّنَبُّهُ عَلَيْهِ ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ سَمْنًا حَنِثَ بِأَكْلِهِ جَامِدًا ) وَحْدَهُ ( أَوْ بِخُبْزٍ ) وَلَوْ ذَائِبًا ( لَا يَشْرَبُهُ ذَائِبًا ) لِصِدْقِ اسْمِ الْأَكْلِ فِي ذَاكَ دُونَ هَذَا ( وَإِنْ جَعَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ ) أَوْ سَوِيقٍ ( وَظَهَرَ جِرْمُهُ ) فِيهِ بِرُؤْيَتِهِ ( حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ نَوَى شَيْئًا حُمِلَ عَلَيْهِ ( ، وَإِنْ جَعَلَ الْخَلَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فِي سِكْبَاجٍ فَظَهَرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَهُ ) أَيْ السَّمْنَ أَوْ الْخَلَّ ( فَلَا ) يَحْنَثُ ( وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَشْرَبُ فَذَاقَ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ لَا يَذُوقُ حَنِثَ بِأَحَدِهِمَا ) أَيْ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ لِتَضَمُّنِهِ الذَّوْقَ ( وَكَذَا لَوْ ذَاقَهُ وَمَجَّهُ ) ؛ لِأَنَّ الذَّوْقَ إدْرَاكُ الطَّعْمِ ، وَقَدْ حَصَلَ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ وَلَا يَذُوقُ فَأَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ وَبَلَغَ جَوْفَهُ لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ وَلَمْ يَشْرَبْ وَلَمْ يَذُقْ

ثُمَّ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ) أَيْ زَادَ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ عَلَى زَيْدٍ فَدَخَلَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَلَوْ خُلِطَ السَّمْنُ بِالدَّقِيقِ وَعَصَدَهُ عَلَى النَّارِ وَبَقِيَ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ وَاسْتَجَدَّ اسْمًا فَأَكَلَهُ فَوَجْهَانِ .
( قَوْلُهُ فَظَهَرَ لَوْنُهُ وَطَعْمُهُ ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ قَالَ فِي الْحَاوِي : إنْ ظَهَرَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ أَوْ اللَّوْنُ دُونَ الطَّعْمِ حَنِثَ ، وَإِنْ ظَهَرَ الطَّعْمُ وَاللَّوْنُ لَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِبَقَاءِ الرِّيحِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقَالَ الكوهكيلوني بَعْدَ قَوْلِ الْحَاوِي وَلَا آكُلُ السَّمْنَ أَوْ الْخَلَّ فَفِي عَصِيدَةٍ وَسَكَاجٍ وَظَهَرَ أَثَرُهُ الْمُرَادُ بِالْأَثَرِ الطَّعْمُ أَوْ اللَّوْنُ أَوْ الرَّائِحَةُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَحَلَفَ لَيَأْكُلَن هَذَا مُشِيرًا إلَى بَيْضٍ فَأَكَلَ الْبَيْضَ الْمُشَارَ إلَيْهِ فِي النَّاطِفِ لَمْ يَحْنَثْ ، وَإِنْ ظَهَرَ أَثَرُهُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ فِي السَّمْنِ رُؤْيَةُ جُرُمِهِ وَفِي الْخَلِّ لَوْنِهِ وَطَعْمِهِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَطْعَمُ ) كَذَا ( حَنِثَ بِالْإِيجَارِ ) مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِاخْتِيَارِهِ ( لِأَنَّهُ صَارَ طَعَامُهُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا جَعَلْته لِي طَعَامًا أَيْ ، وَقَدْ جَعَلَهُ لَهُ طَعَامًا ( وَيَدْخُلُ فِي ) اسْمِ ( الْفَاكِهَةِ ) وَشَرْطُهَا النُّضْجُ ( رَطْبِهَا وَيَابِسِهَا ) كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ الْيَابِسِ وَمُفَلَّقِ الْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ ( وَالرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَالْأُتْرُجُّ ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ وَيُقَالُ فِيهِ الْأُتْرُنْجُ وَبِهِ عَبَّرَ الْأَصْلُ ( وَاللَّيْمُونُ ) وَالنَّارِنْجُ ( وَالنَّبْقُ وَالْمَوْزُ وَلُبُّ الْفُسْتُقِ ) بِفَتْحِ التَّاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا ( وَالْبُنْدُقُ ) بِالْبَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِالْفَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَالْبِطِّيخُ ) وَنَحْوُهَا كَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَسَفَرْجَلٍ وَذَلِكَ لِوُقُوعِ اسْمِ الْفَاكِهَةِ عَلَيْهَا وَالْعَطْفِ فِي قَوْله تَعَالَى { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } لِتَخْصِيصِهِمَا وَتَمْيِيزِهِمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } وَقَيَّدَ الْفَارِقِيُّ اللَّيْمُونَ وَالنَّارِنْجَ بِالطَّرِيَّيْنِ فَالْمِلْحُ مِنْهُمَا لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ وَالْيَابِسُ مِنْهُمَا أَوْلَى بِذَلِكَ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ عَدَمُ دُخُولِ الْبَلَحِ وَالْحِصْرِمِ فِي الْفَاكِهَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي لَكِنَّ مَحَلَّهُ فِي الْبَلَحِ فِي غَيْرِ الَّذِي حَلَّى أَمَّا مَا حَلَّى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ وَفِي شُمُولِهَا الزَّيْتُونُ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ ( لَا الْقِثَّاءُ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا أَوْ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمَدِّ ( وَالْخِيَارُ ) فَلَيْسَا مِنْهَا بَلْ مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ كَالْبَاذِنْجَانِ وَالْجَزَرِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْقِثَّاءَ غَيْرُ الْخِيَارِ ، وَهُوَ الشَّائِعُ عُرْفًا لَكِنْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ ( وَلَا يَدْخُلُ الْيَابِسُ ) مِنْ الثِّمَارِ ( فِي الثِّمَارِ ) .

( قَوْلُهُ أَوْ لَا يَطْعَمُ حَنِثَ بِالْإِيجَارِ ) قَالَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا تَطَعَّمْت طَعْمَ هَذَا الطَّعَامِ أَوْ لَا عَرَفْت حَلَاوَتَهُ أَوْ مَرَارَتَهُ فَأَوْجَرَ فِي حَلْقِهِ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ مَا عَرَفَ حَلَاوَتَهُ وَتَطَعَّمَ بِطَعْمِهِ بِفِعْلِهِ ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْحَلِفَ عَلَى فِعْلِهِ ، وَهُوَ لَمْ يَفْعَلْ ( قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي الْفَاكِهَةِ إلَخْ ) فَإِنْ قِيلَ عَطْفُ النَّخْلِ وَالرُّمَّانِ عَلَى الْفَاكِهَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ } يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا فَاكِهَةً ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايِرَةَ قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ اقْتِضَاءَ الْعَطْفِ الْمُغَايِرَةَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ } وَهُمَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وقَوْله تَعَالَى { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنْ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْك وَمِنْ نُوحٍ } الْآيَةَ وَهُمْ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَإِذَا جَازَ الْعَطْفُ عَلَى مَا انْدَرَجَ الْمَعْطُوفُ فِيهِ لِعُمُومِهِ فَعَلَى مَا لَمْ يَنْدَرِجْ فِيهِ الْمَعْطُوفُ أَوْلَى ، وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنَّ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ لَمْ يَنْدَرِجَا ؛ لِأَنَّ لَفْظَ فَاكِهَةٍ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا يَعُمُّ وَرُدَّ بِأَنَّهَا ، وَإِنْ كَانَتْ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا فِي سِيَاقِ الِامْتِنَانِ فَتَعُمُّ ( قَوْلُهُ فَالْمُمَلَّحُ مِنْهَا لَيْسَ بِفَاكِهَةٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِمْ إلَخْ قَوْلُهُ إمَّا مَا حَلَى فَظَاهِرٌ أَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَفِي شُمُولِهَا الزَّيْتُونَ وَجْهَانِ ) فِي الْبَحْرِ أَصَحُّهُمَا عَدَمُ شُمُولِهَا لَهُ إذْ الْبَلَحُ إنْ لَمْ يَحْمَرَّ أَوْ يَصْفَرَّ وَيَجْلُوَ لَيْسَ مِنْ الْفَاكِهَةِ فَالزَّيْتُونُ أَوْلَى وَكَتَبَ أَيْضًا جَزَمَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ بِأَنَّهُ مِنْ الْفَاكِهَةِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ كُلًّا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ ) فِي الْمَغْرِبِ لِلْمُطَرِّزِيِّ أَنَّ الْقِثَّاءَ مَعْرُوفٌ وَالْقَتَدَ الْخِيَارُ وَفِي مَوْضِعٍ مِنْ

الصِّحَاحِ الْقَتَدُ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْقِثَّاءَ وَالْمَشْهُورُ عُرْفًا أَنَّ الْخِيَارَ غَيْرُ الْقِثَّاءِ ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِهَذَا صَحَّحَ النَّوَوِيُّ مِنْ زَوَائِدِهِ فِي بَابِ الرِّبَا أَنَّهُمَا جِنْسَانِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبَيْضَ وَ ) حَلَفَ ( لَيَأْكُلَن مَا فِي كُمِّ زَيْدٍ فَكَانَ ) مَا فِي كُمِّهِ ( بَيْضًا فَجَعَلَهُ فِي النَّاطِفِ وَأَكَلَهُ كُلَّهُ لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَا فِي كُمِّهِ وَلَمْ يَأْكُلْ الْبَيْضَ

( فَرْعٌ الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ وَالسِّمْسِمُ لَيْسَتْ بِثَمَرٍ وَ ) لَا ( زَبِيبٌ وَ ) لَا ( شَيْرَجٌ ) وَعَصِيرُ التَّمْرِ وَدِبْسُهُ لَيْسَا بِتَمْرٍ وَكَذَا الْعَكْسُ لِاخْتِلَافِهِمَا اسْمًا وَصِفَةً ، وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُمَا وَاحِدًا ( وَالرُّطَبُ غَيْرُ الْبُسْرِ وَالْبَلَحِ ) وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبَ الْمُشَرَّخَ ، وَهُوَ مَا لَمْ يَتَرَطَّبْ بِنَفْسِهِ بَلْ عُولِجَ حَتَّى تَرَطَّبَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : فِيهِ نَظَرٌ ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي رُطَبٍ فَأَحْضَرَ إلَيْهِ مُشَرَّخًا لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّطَبِ ( فَائِدَةٌ ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْبُسْرُ أَوَّلُهُ طَلْعٌ ثُمَّ خَلَالٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ ثُمَّ بَلَحٌ ثُمَّ بُسْرٌ ثُمَّ رُطَبٌ ثُمَّ تَمْرٌ ( فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الرُّطَبَ فَأَكَلَ مِنْ الْمُنَصِّفَةِ ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُشَدَّدَةِ ، وَهِيَ مَا بَلَغَ الْأَرْطَابَ فِيهَا نِصْفَهَا ( غَيْرِ الرُّطَبِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ ) أَكَلَ مِنْهَا ( الرُّطَبَ حَنِثَ وَكَذَا لَوْ أَكَلَهُمَا جَمِيعًا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ الْبُسْرَ فَأَكَلَ الْمُنَصَّفَ فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ وَالْحُكْمُ بِالْعَكْسِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ بُسْرًا أَوْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ( وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بُسْرَةً وَلَا رُطَبَةً فَأَكَلَ مُنَصَّفَةً لَمْ يَحْنَثْ ) وَلَفْظَةُ كَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا مَعْنًى لَهَا هُنَا ( وَالطَّعَامُ ) إذَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ ( يَتَنَاوَلُ التُّوتَ وَالْفَاكِهَةَ وَالْأُدْمَ وَالْحَلْوَى ) وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ الرِّبَا الدَّوَاءُ وَفِيهِ فِي الْأَصْلِ هُنَا وَجْهَانِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلُهُ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَاخْتَارَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي بَابِ الرِّبَا ( وَهَلْ يَدْخُلُ الزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ

وَاللَّحْمُ فِي الْقُوتِ لِمَنْ لَا يَقْتَاتُهُ ) أَيْ كُلًّا مِنْهَا أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ دُخُولِهَا إنْ لَمْ يُعْتَدْ اقْتِيَاتُهَا بِبَلَدِ الْحَلِفِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اُعْتِيدَ ذَلِكَ أَوْ كَانَ الْحَالِفُ يَقْتَاتُهَا ( وَمِنْ الْأُدْمِ الْفُجْلُ وَالثِّمَارُ وَالْبَصَلُ وَالْمِلْحُ وَالتَّمْرُ ) وَالْخَلُّ وَالشَّيْرَجُ

( قَوْلُهُ وَهَلْ يَتَنَاوَلُ الرُّطَبُ الْمُشَرَّخَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الرُّطَبِ ) قَالَ شَيْخُنَا : بَلْ كَلَامُهُمْ يَقْتَضِي شُمُولَ الرُّطَبِ بِهِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِهِ لِرَدَاءَتِهِ لَا لِكَوْنِهِ لَا يُسَمَّاهُ ( قَوْلُهُ فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِهِ ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ عَدَمُ الْحِنْثِ بِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ) أَيْ وَالْجَاجَرَمِيُّ ( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا عَدَمُ دُخُولِهِمَا ) أَصَحُّهُمَا الدُّخُولُ وَيُعْلَمُ تَصْحِيحُهُ مِمَّا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ الْحَلِفِ بِأَكْلِ الرَّأْسِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ رَأْسِ الصَّيْدِ وَنَحْوِهِ إنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا فِي بَلَدِ الْحَلِفِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ ؛ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِالْعُرْفِ فِي مَوْضِعٍ ثَبَتَ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَمَا مَرَّ فِي خُبْزِ الْأُرْزِ وَأَيْضًا فَالِاسْمُ شَامِلٌ وَالْعُرْفُ مُخْتَلِفٌ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ رَأْسَ الْإِبِلِ لَا يُعْتَادُ بَيْعُهُ وَأَكْلُهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالْحِنْثُ يَحْصُلُ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا وَعَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْكَلَامِ يَحْنَثُ بِالْبِطِّيخِ الْأَخْضَرِ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ بِطِّيخًا سَوَاءٌ أَكَانَ فِي مِصْرَ أَوْ فِي غَيْرِهَا أَمَّا الْأَصْفَرُ وَنَحْوُهُ فَلَا يَكُونُ إلَّا مُقَيَّدًا وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَصَحُّ دُخُولُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِ إذْ الْقُوتُ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ مِنْ الطَّعَامِ وَاللَّفْظُ بَاقٍ عَلَى مَدْلُولِهِ مِنْ الْعُمُومِ وَعَدَمِ اقْتِيَاتِ الْحَالِفِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَخْصِيصًا ؛ وَلِأَنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الْعُرْفُ فِي مَوْضِعٍ يَثْبُتُ فِي سَائِرِ الْمَوَاضِعِ كَمَا فِي خُبْزِ الْأُرْزِ وَنَحْوِهِ ( قَوْلُهُ وَمِنْ الْأُدْمِ ) ، وَهُوَ مَا يُؤْتَمُّ بِهِ { وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ آدَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ }

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ الْمَاءَ حَنِثَ ) بِكُلِّ مَاءٍ حَتَّى ( بِمَاءِ الْبَحْرِ وَشُرْبُ ) مَاءِ ( الثَّلْجِ وَالْجَمَدِ لَا أَكْلُهُمَا ) فَشُرْبُهُمَا غَيْرُ أَكْلِهِمَا ( وَأَكْلُهُمَا غَيْرُ شُرْبِهِمَا وَالثَّلْجُ غَيْرُ الْجَمَدِ وَالِاعْتِبَارُ فِي الطَّبْخِ ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا طَبَخَهُ زَيْدٌ ( بِالْإِيقَادِ ) مِنْهُ تَحْتَ الْقِدْرِ ( حَتَّى يَنْضَجَ ) مَا يَطْبُخُهُ ، وَإِنْ وُجِدَ نَصْبُ الْقِدْرِ وَتَقْطِيعُ اللَّحْمِ وَصَبُّ الْمَاءِ عَلَيْهِ وَجَمْعُ التَّوَابِلِ مِنْ غَيْرِهِ ( أَوْ بِوَضْعِ الْقِدْرِ ) مِنْهُ ( فِي تَنُّورٍ سُجِّرَ ) أَيْ حُمِيَ ، وَإِنْ حَمَاهُ غَيْرُهُ ( لَانْصَبَّ الْقِدْرُ ) عَلَى تَنُّورٍ لَمْ يُسَجَّرْ ( وَجَمَعَ التَّوَابِلَ ) أَيْ لَا يَحْنَثُ بِذَلِكَ
( قَوْلُهُ حَنِثَ بِمَاءِ الْبَحْرِ وَشُرْبِ مَاءِ الثَّلْجِ إلَخْ ) لَوْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مَاءً لَمْ يَحْنَثْ بِشُرْبِ الْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ طَعْمًا أَوْ لَوْنًا أَوْ رِيحًا بِمُخَالِطٍ طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ تَغَيُّرًا كَثِيرًا وَلَوْ وَكَّلَ مَنْ يَشْتَرِي لَهُ الْمَاءَ فَاشْتَرَاهُ لِمُوَكِّلِهِ لَمْ يَصِحَّ الشِّرَاءُ لَهُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي إطْلَاقِ اسْمِ الْمَاءِ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُطْلَقٍ فَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي الْعُرْفِ يُسَمَّى مَاءً قُلْنَا الْعُرْفُ الشَّرْعِيُّ مُقَدَّمٌ وَكَذَا لَا يَحْنَثُ بِشُرْبِ مَاءٍ قَدْ تَنَجَّسَ سَوَاءٌ أَكَانَ قَلِيلًا أَمْ كَثِيرًا وَقَدْ تَغَيَّرَ

( فَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَبِيخَهُ فَشَارِكْهُ غَيْرُهُ ) فِي الطَّبْخِ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ( لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ ) مِمَّا تُشَارِكُهُ فِي طَبْخِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالطَّبْخِ ( وَلَوْ حَضَرَ الطَّابِخُ ) أَيْ الْحَاذِقِ بِالطَّبْخِ قَرِيبًا ( وَأَشَارَ ) إلَى صَبِيِّهِ بِالْإِيقَادِ أَوْ الْوَضْعِ فِي التَّنُّورِ وَالتَّقْلِيلِ أَوْ التَّكْثِيرِ ( فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مِنْ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الطَّبْخَ هُنَا يُضَافُ إلَى الْأُسْتَاذِ وَالثَّانِي لَا لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ ( وَالْخُبْزُ ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِمَّا خَبَزَهُ زَيْدٌ ( الْإِلْصَاقُ ) مِنْهُ لِمَا يُخْبَزُ ( بِالتَّنُّورِ لَا سَجْرِهِ ) وَعَجْنِ الدَّقِيقِ وَتَقْطِيعِ الرُّغْفَانِ وَبَسْطِهَا
( قَوْلُهُ فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الطَّبْخِ ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا لَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِهِ وَلَوْ وُقِدَ وَاحِدٌ حَتَّى تَسَخَّنَ الْمَاءُ ثُمَّ اسْتَتَمَّ الثَّانِي فَالطَّبِيخُ لَهُ وَلَوْ انْتَهَى بِالْأَوَّلِ إلَى مَا يُسَمَّى طَبِيخًا أُضِيفَ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِانْتِفَاءِ مَا مَرَّ ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ

النَّوْعُ ( الثَّالِثُ الْعُقُودُ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا يَأْكُلُ أَوْ لَا يَلْبَسُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ ) أَوْ مِمَّا اشْتَرَاهُ ( لَمْ يَحْنَثْ بِمَا رَجَعَ إلَيْهِ ) بِرَدٍّ ( بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ ) ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا ( أَوْ حَصَلَ ) لَهُ ( بِصُلْحٍ أَوْ قِسْمَةٍ ) ، وَإِنْ جَعَلْنَاهَا بَيْعًا ( أَوْ إرْثٍ ) أَوْ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بِشِرَاءٍ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( وَيَحْنَثُ بِمَا دَخَلَ ) فِي مِلْكِهِ ( بِسَلَمٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ ) أَوْ إشْرَاكٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّهَا شِرَاءٌ حَقِيقَةً وَإِطْلَاقًا إذْ يُقَالُ اشْتَرَاهُ سَلَمًا وَتَوْلِيَةً وَإِشْرَاكًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامُهُ مِنْ خِيَارٍ وَغَيْرِهِ ، وَإِنْ اشْتَهَرَ لِكُلٍّ مِنْهَا صِيغَةٌ وَصُورَتُهُ فِي الْإِشْرَاكِ أَنْ يَشْتَرِيَ بَعْدَهُ الْبَاقِي أَوْ تُفْرَزَ حِصَّتُهُ إذْ لَا حِنْثَ بِالْمُشَاعِ كَمَا سَيَأْتِي مَعَ أَنَّهُ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الصُّلْحِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِدَيْنٍ وَكَوْنِهِ بِغَيْرِهِ لَكِنْ قَيَّدَهُ الرَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِالدَّيْنِ وَلَعَلَّهُ مِثَالٌ ( وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ ) لَهُ ( وَكِيلُهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَاهُ إذْ يُقَالُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ بَلْ وَكِيلُهُ ( وَإِنْ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ لِغَيْرِهِ ) بِوَكَالَةٍ أَوْ وِلَايَةٍ ( أَوْ اشْتَرَاهُ ثُمَّ بَاعَهُ أَوْ بَاعَ بَعْضَهُ فَأَكَلَهُ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ ( وَلَا يَحْنَثُ بِمَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ وَعَمْرٌو ) شِرْكَةً مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ، وَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُشْتَرَاهُ إذْ يُقَالُ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ بَلْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو فَكُلُّ جُزْءٍ مِنْهُ مُشْتَرَكٍ نَعَمْ إنْ أَفْرَزَ حِصَّتَهُ فَالظَّاهِرُ حِنْثُهُ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ إفْرَازًا ( فَلَوْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَاهُ ) زَيْدٌ ( بِمَا اشْتَرَاهُ غَيْرُهُ فَأَكَلَ ) الْحَالِفُ مِنْ ذَلِكَ ( قَدْرًا يَعْلَمُ كَوْنَهُ ) أَيْ مَا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ ( فِيهِ ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهُ أَيْ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ ( كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّا

نَعْلَمُ أَنَّ فِيهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ زَيْدٌ ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ لَنَا وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لِظُهُورِ أَنَّ الْكَفَّ قَدْ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ

( قَوْلُهُ وَالثَّالِثُ الْعُقُودُ ) قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ حَلَفَ لَا يَزْرَعُ الْأَرْضَ الْفُلَانِيَّةَ مَا دَامَتْ فِي إجَارَةِ فُلَانٍ فَأَجَرَهَا فُلَانٌ لِغَيْرِهِ ثُمَّ زَرَعَ فِيهَا الْحَالِفُ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مَا دَامَ مُسْتَحِقًّا لِمَنْفَعَتِهَا لَمْ يَحْنَثْ لِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ عَنْهُ ، وَإِنْ أَرَادَ مَا دَامَ عَقْدُ إجَارَتِهِ بَاقِيًا لَمْ تَنْقَضِ مُدَّتُهُ حَنِثَ ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ بَاقِيَةٌ لَمْ تَفْرُغْ وَلَمْ يَنْفَسِخْ ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْعُرْفِ لَا يُرِيدُونَ بِكَوْنِهَا فِي إجَارَتِهِ إلَّا أَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِمَنْفَعَتِهَا وَقَدْ انْتَقَلَ عَنْهُ الِاسْتِحْقَاقُ وَأَيْضًا قَدْ فُهِمَ مِنْ غَرَضِ الْحَالِفِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَحَكُّمٌ عَلَيْهِ فِي أَرْضٍ يَزْرَعُهَا وَقَدْ زَالَ التَّحَكُّمُ بِانْتِقَالِ الْمَنْفَعَةِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَيَحْنَثُ فِي مِلْكِهِ بِسَلَمٍ أَوْ تَوْلِيَةٍ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهَذَا فِي السَّلَمِ مُنَاقِضٌ لِمُصَحَّحٍ فِي الْعَارِيَّةِ مِنْ عَدَمِ انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَقَلَّدَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ الْمُتَوَلِّي فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا كَذَلِكَ لَكِنَّهُ خَرَّجَهُ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِصِيَغِ الْعُقُودِ أَوْ بِمَعَانِيهَا وَلَمْ يُصَحِّحْ فِيهَا شَيْئًا وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الصِّيَغَ هُنَاكَ اُشْتُهِرَتْ فِي عَقْدٍ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَ صِنْفًا مِنْهُ أَلَا تَرَى أَنَّ التَّوْلِيَةَ وَالْإِشْرَاكَ بَيْعٌ لَكِنْ بِلَفْظِهِمَا وَكَذَا السَّلَمُ بَيْعٌ بِلَفْظِهِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ إثْبَاتُ خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا } قَالَ وَلَمْ يَنْفَرِدْ الْمُتَوَلِّي بِذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ بِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ وَحَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ الطَّبَرِيِّ وَجَزَمَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَقَالَ السَّلَمُ صِنْفٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَلَمْ

يَغْلِبْ لَقَبُ السَّلَمِ عَلَيْهِ غَلَبَةً تَمْنَعُ انْدِرَاجَهُ تَحْتَ مُطْلَقِ الشِّرَاءِ ( قَوْلُهُ وَلَعَلَّهُ مِثَالٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَفْرَزَ حِصَّتَهُ فَالظَّاهِرُ حِنْثُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَالْكَفِّ وَالْكَفَّيْنِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ عِنْدِي أَنَّ الْكَفَّ إنَّمَا يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ فَإِنْ اكْتَفَى بِهِ فَلَا يُعَبَّرُ بِالْعِلْمِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَدْخُلُ دَارًا اشْتَرَاهَا ) زَيْدٌ ( فَمَلَكَ بَعْضَهَا ) وَأَكَلَهَا ( بِشُفْعَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُسَمَّى شِرَاءً ( لَمْ يَحْنَثْ ) وَصُورَةُ أَخْذِ الْكُلِّ بِالشُّفْعَةِ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا دَارَ جَارِهِ وَيْحَكُمْ لَهُ بِصِحَّةِ الْأَخْذِ أَوْ يَأْخُذَ بِهَا حِصَّةُ شَرِيكِهِ ثُمَّ يَبِيعُ حِصَّتَهُ الْقَدِيمَةَ فَيَبِيعُهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ يَأْخُذُهَا هُوَ بِالشُّفْعَةِ أَيْضًا

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ فَأَكَلَ مُشْتَرَكًا ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرَهُ ( حَنِثَ بِخِلَافِهِ ) فِي ( اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ ) لَا يَحْنَثُ ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ فِي الْأُولَى انْعَقَدَتْ عَلَى أَنْ لَا يَأْكُلَ طَعَامًا مَمْلُوكًا لَهُ ، وَقَدْ أَكَلَ طَعَامًا مَمْلُوكًا لَهُ وَفِي الْأَخِيرَتَيْنِ انْعَقَدَتْ عَلَى أَنْ لَا يَلْبَسَ ثَوْبًا مَمْلُوكًا لَهُ وَأَنْ لَا يَرْكَبَ دَابَّةً مَمْلُوكَةً وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ بِلُبْسِ الْمُشْتَرَكِ وَرُكُوبِهِ وَفِي مَعْنَى اللُّبْسِ وَالرُّكُوبِ السُّكْنَى وَنَحْوُهَا

( وَإِنْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا فَوَكَّلَ فِيهِ ) غَيْرَهُ ( لَمْ يَحْنَثْ ) ، وَإِنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِالتَّوْكِيلِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْقِدْ ( وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ فِي إنْكَاحِ ابْنَتِهِ ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْكِحُهَا ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِيمَا قَبْلَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ، وَإِنْ فَعَلَهُ الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِ وَأَمَرَهُ لَكِنْ مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِيمَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَتَى أَعْطَيْتِينِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا سَلِّمْهُ إلَيْهِ فَسَلَّمَهُ طَلُقَتْ وَكَانَ تَمْكِينُهَا الزَّوْجَ مِنْ الْمَالِ إعْطَاءً وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَحْنَثَ بِذَلِكَ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَعَلَّقُ بِاللَّفْظِ فَاقْتَصَرَ عَلَى فِعْلِهِ ، وَأُمَّا فِي الْخُلْعِ فَقَوْلُهَا لِوَكِيلِهَا سَلِّمْهُ إلَيْهِ بِمَثَابَةِ خُذْهُ فَلَاحِظُوا الْمَعْنَى

( قَوْلُهُ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا فَوَكَّلَ فِيهِ لَمْ يَحْنَثْ ) مِثْلُهُ مَا إذَا حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَتَحَدَّثُ فِي تَرِكَةِ فُلَانٍ فَوَكَّلَ فِيهَا أَوْ اسْتَنَابَ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) كَالْإِسْنَوِيِّ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ سَلَّمَ إلَيْهِ فَسَلَّمَ ) أَيْ بِحُضُورِهَا ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ هُنَا أَنْ يَحْنَثَ بِذَلِكَ ) يُخَالِفُهُ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ أَنَّ أَحْكَامَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْوَكِيلِ دُونَ الْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَجْعَلُوا لِحُضُورِهِ أَثَرًا فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ وَالرُّؤْيَةِ وَبُطْلَانِ عَقْدِ الرِّبَا بِمُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ فِعْلُ الْوَكِيلِ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ كَفِعْلِهِ حَقِيقَةً لَبَطَلَ عَقْدُ الرِّبَا بِمُفَارَقَةِ الْمُوَكِّلِ الْمَجْلِسَ وَلَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ بِرُؤْيَةِ وَكِيلِهِ دُونَهُ فَلَعَلَّ مَسْأَلَةَ إعْطَاءِ وَكِيلِ الزَّوْجَةِ بِحُضُورِهَا الْمَعْنَى يَخُصُّهَا ، وَهُوَ كَوْنُ الدَّفْعِ بِأَمْرِهَا حِينَئِذٍ يُسَمَّى إعْطَاءً وَيُسَمَّى الْآمِرُ مُعْطِيًا ، وَأَمَّا الْأَمْرُ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُسَمَّى بَائِعًا ( قَوْلُهُ لَكِنْ قَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْيَمِينَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ فَلَاحِظُوا الْمَعْنَى ) ، وَهُوَ كَوْنُ الدَّفْعِ بِأَمْرِهَا بِحَضْرَتِهَا يُسَمَّى إعْطَاءً وَيُسَمَّى الْآمِرُ مُعْطِيًا

( وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَتَزَوَّجُ لَهُ ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ ( حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي قَبُولِ سَفِيرٍ مَحْضٍ ؛ وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمُوَكِّلِ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ هُنَا وَفِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ فِي النِّكَاحِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ بِفِعْلِهِ لَمْ يَحْنَثْ وَلِقَاعِدَةِ أَنَّ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ إلَى الْحَقِيقَةِ وَلِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ قَالَ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا اعْتَمَدَ الْأَوَّلَ إلَّا الْبَغَوِيّ انْتَهَى وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُرَاجِعُ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ثُمَّ وَكَّلَ مَنْ رَاجَعَهَا سَوَاءٌ قُلْنَا الرَّجْعَةُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ أَمْ اسْتِدَامَةٌ
( قَوْلُهُ ، وَإِنْ وَكَّلَ مَنْ يَتَزَوَّجُ لَهُ حَنِثَ ) مِثْلُهُ الْمَرْأَةُ إذَا زَوَّجَهَا وَلِيُّهَا بِإِذْنِهَا ، وَهَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّكَاحِ بَلْ عَقْدٌ يَفْتَقِرُ إلَى الْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَالذَّخَائِرِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ لَمْ يَحْنَثْ بِقَبُولِهِ النِّكَاحَ لِغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَفِي الْكَافِي أَنَّهُ الْمَنْقُولُ فِي طَرِيقَتِنَا ( قَوْلُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَرْجِعُ مَنْ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ) أَوْ لَا يَتَزَوَّجُهَا

( وَلَوْ عَقَدَ لِغَيْرِهِ مَا سِوَى النِّكَاحِ بِوَكَالَةٍ ) فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا ( حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَمَّا النِّكَاحُ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ أَنَّهُ لَا يَنْكِحُ بِعَقِدِهِ لِغَيْرِهِ ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ تَجِبُ إضَافَتُهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَا يَحْنَثُ الْوَكِيلُ وَقِيلَ يَحْنَثُ كَمَا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَعْقِدُ عَقْدًا وَلَيْسَ مُرَادًا ( سَوَاءٌ كَانَ ) الْحَالِفُ فِيمَا مَرَّ ( مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ ) عَقْدُهُ ( أَمْ لَا ) وَسَوَاءٌ صَرَّحَ بِالْإِضَافَةِ إلَى الْمُوَكِّلِ أَمْ نَوَاهُ ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَبِمَا مَرَّ عُلِمَ أَنَّ فِعْلَ غَيْرِ الْحَالِفِ لَا يَقُومُ مَقَامَ فِعْلِهِ ( حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْأَمِيرُ ) أَوْ نَحْوُهُ أَنَّهُ ( لَا يَضْرِبُ فُلَانًا فَضَرَبَهُ الْجَلَّادُ ) وَلَوْ بِأَمْرِهِ ( لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّهُ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ حَقِيقَةً فَلَا يَحْنَثُ بِغَيْرِهِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَادَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَأْكُلُ فَلَبِسَ أَوْ أَكَلَ مَا لَا يَعْتَادُهُ حَنِثَ
( قَوْلُهُ بِوَكَالَةٍ ) أَوْ وِلَايَةٍ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا ) قَالَ الْمُفْتِي لَا يَسْتَقِيمُ قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي الْمُوَكِّلِ بِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ حَتَّى لَوْ حَلَفَ الْأَمِيرُ فَأَصْلَحْت الْعِبَارَةَ وَقُلْت حَنِثَ لَا الْمُوَكِّلِ ، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهِ إلَخْ فَلْتُصْلَحْ النُّسَخُ هَكَذَا

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَبْنِي بَيْتَهُ فَأَمَرَ الْبَنَّاءَ بِبِنَائِهِ ) فَبَنَاهُ ( أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ بِحَلَّاقٍ ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ ( فَحَلَقَهُ لَمْ يَحْنَثْ ) فِيهِمَا لِذَلِكَ وَقِيلَ يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْعُرْفِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ لَكِنْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ مُحَرَّمَاتِ الْإِحْرَامِ مِنْ شَرْحَيْهِ بِالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ( فَإِنْ نَوَى ) فِيمَا ذَكَرَ ( مَنْعَ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ ) أَيْ مَنْعَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ ( اتَّبَعَ ) عَمَلًا بِنِيَّتِهِ وَطَرِيقُهُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَ اللَّفْظَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ فِي عُمُومِ الْمَجَازِ كَانَ لَا يَسْعَى فِي فِعْلِ ذَلِكَ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا كَانَ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ يَمِينِهِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ
( قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَبْنِي بَيْتَهُ فَأَمَرَ الْبَنَّاءَ بِبِنَائِهِ فَبَنَاهُ أَوْ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ فَأَمَرَ بِحَلَّاقٍ بِزِيَادَةِ إبْلَاءٍ فَحَلَقَهُ لَمْ يَحْنَثْ فِيهِمَا ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْتَجِمَ أَوْ لَا يَفْتَصِدَ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِيهِمَا وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي الْحَلْقِ فِعْلُ نَفْسِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَى مَنْعَ نَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ اُتُّبِعَ ) وَلَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ بِنَفْسِي وَلَا بِوَكِيلِي ثُمَّ وَكَّلَ وَكِيلُهُ آخَرَ عَنْهُ فَفَعَلَهُ لَمْ يَحْنَثْ ( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مَا إذَا كَانَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ يَمِينِهِ ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يُوَكِّلُ

( أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا فَبَاعَهُ بِلَا إذْنٍ لَمْ يَحْنَثْ إذْ لَا بَيْعَ ) صَحِيحٌ ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا يَتَنَاوَلُ الصَّحِيحَ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِهِ وَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِحَجْرٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ لِحَجْرٍ أَوْ بِالظَّفَرِ فَيَحْنَثُ وَصَرَّحَ بِبَعْضِهِ الْبُلْقِينِيُّ وَجَعَلَ ضَابِطَ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا ( وَكَذَا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ وَكِيلِهِ ) أَيْ وَكِيلِ زَيْدٍ ( وَلَمْ يَعْلَمْ ) أَنَّهُ مَالُ زَيْدٍ لَا يَحْنَثُ ( لِجَهْلِهِ ، وَإِنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِي زَيْدٌ ) مَالًا ( فَبَاعَ لَهُ بِإِذْنِ وَكِيلِهِ حَنِثَ ) سَوَاءٌ عَلِمَ زَيْدٌ أَنَّهُ مَالُ الْحَالِفِ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ زَيْدٍ ، وَقَدْ فَعَلَ بِاخْتِيَارِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَمَّا إذَا قَصَدَ الْمَنْعَ فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ

( تَنْبِيهٌ ) لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ أَوْ لَا يَهَبُ وَلَا يُوَكِّلُ وَكَانَ قَدْ وَكَّلَ قَبْلَ ذَلِكَ بِبَيْعِ مَالِهِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ بَعْدَ يَمِينِهِ بِالْوَكَالَةِ السَّابِقَةِ فَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ ، وَهُوَ الرَّاجِحُ ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يُبَاشِرْ وَلَمْ يُوَكِّلْ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ لَا تَخْرُجَ إلَّا بِإِذْنِهِ وَكَانَ أَذِنَ لَهَا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْخُرُوجِ إلَى مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ ( قَوْلُهُ أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ لِزَيْدٍ مَالًا ) أَوْ مَالَ زَيْدٍ ( قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِهِ أَوْ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَالَهُ إذْ قَوْلُهُ لِزَيْدٍ نَعْتٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ مَالًا ، وَإِنْ كَانَ إعْرَابُهُ حَالًا لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوْ امْتِنَاعٍ ) أَيْ أَوْ غَيْبَةٍ ( قَوْلُهُ وَجُعِلَ ضَابِطُ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَهُ إلَخْ ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ : وَالظَّاهِرُ حَمْلُ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ قَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْكِفَايَةِ : وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَا الْمَنْعَ مِنْ الْمُخَالَفَةُ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُطَلِّقُ ) زَوْجَتَهُ ( فَفَوَّضَ إلَيْهَا ) طَلَاقَهَا ( فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا لَمْ يَحْنَثْ ) كَمَا لَوْ وَكَّلَ فِيهِ أَجْنَبِيًّا وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا أَوْ إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ فَفَعَلَتْ أَوْ شَاءَتْ حَنِثَ ؛ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا صِفَةٌ ، وَهُوَ الْمُطَلِّقُ صُرِّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا يَبِيعُ وَلَا يَشْتَرِي ) وَلَا يَهَبُ ( فَعَقَدَ ) عَقْدًا ( فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ ) كَمَا عُلِمَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُعَلَّلَةِ بِقَوْلِهِ إذْ لَا بَيْعَ ( فَلَوْ ) أَضَافَ الْعَقْدَ إلَى مَا لَا يَقْبَلُهُ كَأَنْ ( حَلَفَ لَا يَبِيعُ خَمْرًا ) أَوْ مُسْتَوْلَدَةً ( لَمْ يَحْنَثْ ) بِبَيْعِهِ ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ سَبَبٌ لِلْمِلْكِ ، وَهُوَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي ذَلِكَ فَلَغَتْ الْإِضَافَةُ إلَيْهِ ( إلَّا أَنْ يُرِيدَ صُورَةَ الْبَيْعِ ) فَيَحْنَثُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ
( قَوْلُهُ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ خَمْرًا ) أَوْ مَالَ فُلَانٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ

( وَإِنْ حَلَفَ لَا يَحُجُّ فَحَجَّ ) حَجًّا ( فَاسِدًا حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَالصَّحِيحِ وَسَيَأْتِي تَصْوِيرُ انْعِقَادِهِ فَاسِدًا ( أَوْ لَا يَبِيعُ ) بَيْعًا ( فَاسِدًا فَبَاعَ ) بَيْعًا ( فَاسِدًا فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ ) جَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَقَالَ الْإِمَامُ : الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَالْقَلْبُ إلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَمْيَلُ قُلْت وَلِي بِهِ أُسْوَةٌ
قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُنْعَقِدٌ يَجِبُ الْمُضِيُّ فِيهِ كَالصَّحِيحِ ) يَقَعُ النَّظَرُ فِي إلْحَاقِ الْخُلْعِ وَالْكِتَابَةِ الْفَاسِدَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا بِالْحَجِّ ؛ لِأَنَّهُمَا كَالصَّحِيحَيْنِ فِي حُصُولِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ ر ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِمَامُ الْوَجْهُ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَحْنَثُ ) هُوَ الْأَصَحُّ

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ لَهُ حَنِثَ ) بِكُلِّ تَمْلِيكٍ فِي الْحَيَاةِ خَالٍ عَنْ الْعِوَضِ ( وَلَوْ بِالصَّدَقَةِ عَلَيْهِ وَالْعُمْرَى وَالرُّقْبَى ) ؛ لِأَنَّهَا أَنْوَاعٌ خَاصَّةٌ مِنْ الْهِبَةِ ( لَا بِإِعْطَائِهِ الزَّكَاةَ ) لِآنِهَا لَا تُسَمَّى هِبَةً ( وَ ) لَا ( ضِيَافَتِهِ ) وَلَا إعَارَتِهِ إذْ لَا تَمْلِيكَ فِيهِمَا ( وَ ) لَا ( الْوَصِيَّةِ لَهُ ) ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْمَيِّتُ لَا يَحْنَثُ ( وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى ( وَلَوْ وَهَبَ لَهُ وَلَمْ يَقْبِضْ ) مِنْهُ مَا وَهَبَهُ لَهُ ( لَمْ يَحْنَثْ ) ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْهِبَةِ لَمْ يَحْصُلْ ؛ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْهِبَةِ عَدَمُ التَّبَرُّعِ عَلَى الْغَيْرِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَبْضِ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ لِعَبْدِهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَقَدَ مَعَ الْعَبْدِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا بِمُحَابَاةٍ فِي بَيْعٍ وَنَحْوِهِ

( قَوْلُهُ حَنِثَ بِكُلِّ تَمْلِيكٍ فِي الْحَيَاةِ إلَخْ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْنَثُ فِي الْهِبَةِ بِقَبْضِهِ الْمَوْهُوبَ لَا أَنَّهُ يَتَبَيَّنُ بِهِ حِنْثُهُ بِعَقْدِهَا ( قَوْلُهُ وَلَوْ بِالصَّدَقَةِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَأَمَّا الْهِبَةُ التَّقْدِيرِيَّةُ كَقَوْلِهِ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي مَجَّانًا فَأَعْتَقَهُ مَجَّانًا فَإِنَّهُ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ وَالْقِيَاسُ الْحِنْثُ بِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ ( قَوْلُهُ لَا بِإِعْطَاءِ الزَّكَاةِ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْكَفَّارَاتِ وَنَحْوَهَا كَالزَّكَاةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي الصَّدَقَةِ الْمَنْذُورَةِ خِلَافٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَسْلُكُ بِهَا مَسْلَكَ الْوَاجِبَاتِ أَمْ لَا غ ( قَوْلُهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَيْهِ ) قَيَّدَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَوْقُوفِ عَيْنٌ يَمْلِكُهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ كَصُوفِ الْبَهِيمَةِ وَوَبَرِهَا وَلَبَنِهَا الْكَائِنِ فِيهَا عِنْدَ الْوَقْفِ وَكَذَا الثَّمَرَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ الْمَحْكِيَّيْنِ فِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارِمِيِّ وَكَذَا الْحَمْلُ الْكَائِنُ عِنْدَ التَّوَقُّفِ عَلَى رَأْيٍ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا عِنْدَ الْوَقْفِ حَنِثَ ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَعْيَانًا بِغَيْرِ عِوَضٍ ، وَهَذَا مَعْنَى الْهِبَةِ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا إلَخْ ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْهِبَةِ لِعَبْدِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَتَصَدَّقُ حَنِثَ بِالصَّدَقَةِ فَرْضًا وَتَطَوُّعًا عَلَى فَقِيرٍ وَغَنِيٍّ وَلَوْ ذِمِّيًّا ) لِشُمُولِ الِاسْمِ ( وَيَحْنَثُ بِالْإِعْتَاقِ ) ؛ لِأَنَّهُ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِرَقَبَتِهِ ( لَا الْهِبَةِ ) ؛ لِأَنَّهَا أَعَمُّ مِنْ الصَّدَقَةِ كَمَا مَرَّ نَعَمْ إنْ نَوَاهَا بِهَا حَنِثَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْإِعَارَةِ وَالضِّيَافَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ وَقَفَ عَلَيْهِ حَنِثَ ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ لَا يُقَالُ يَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ بِهِ فِيمَا مَرَّ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ ؛ لِأَنَّا نَقُولُ : هَذَا الشَّكْلُ غَيْرُ مُنْتِجٍ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْوَسَطِ إذْ مَحْمُولُ الصُّغْرَى صَدَقَةٌ لَا تَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَمَوْضُوعُ الْكُبْرَى صَدَقَةٌ تَقْتَضِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا وَلَوْ حَلَفَ لَا يُشَارِكُ فَقَارَضَ حَنِثَ ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الشَّرِكَةِ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ ظَاهِرٌ بَعْدَ حُصُولِ الرِّيحِ دُونَ مَا قَبْلَهُ
( فَرْعٌ ) حَلَفَ لَا يُسْتَوْدَعُ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ دِرْهَمًا لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّ هَذَا وَكَالَةً لَا وَدِيعَةً ( قَوْلُهُ هَذَا الشَّكْلُ ) قَالَ شَيْخنَا هُوَ قَوْلُهُ الْوَقْفُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ وَالْوَسَطُ هُوَ قَوْلُهُ صَدَقَةٌ وَكُلُّ صَدَقَةٍ هِبَةٌ وَالْمَحْمُولُ هُوَ الْخَبَرُ وَهُوَ صَدَقَةٌ وَمَوْضِعُ الْكُبْرَى الْمَوْضُوعُ الْمُبْتَدَأُ وَهُوَ كُلُّ صَدَقَةٍ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70