كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( فَرْعٌ ) فِي بَيَانِ أَوْصَافٍ تَجْرِي فِي مُخَاصَمَةِ الزَّوْجَيْنِ وَيُعَلَّقُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ ( الْخَسِيسُ مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَاهُ ) بِأَنْ تَرَكَ دِينَهُ بِاشْتِغَالِهِ بِدُنْيَاهُ ( وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى ) فِي الْعُرْفِ ( مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا ) بِمَا يَلِيقُ بِهِ خِلَافَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ تَوَاضُعًا ( وَأَخَسُّ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْخَسِيسِ أَيْ وَأَخَسُّ الْأَخْسَاسِ ( مَنْ بَاعَ دِينَهُ بِدُنْيَا غَيْرِهِ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ سِيَاقٌ وَإِلَّا كَأَنْ كَانَ فِي مَعْرِضِ إسْرَافٍ أَوْ بَذَاءَةِ لِسَانٍ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ( وَالْقَوَّادُ مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ) جَمِيعًا ( حَرَامًا ) وَإِنْ كُنَّ غَيْرَ أَهْلِهِ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُرْدِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ .
( وَالْقَرْطَبَانِ مَنْ يَسْكُتُ عَلَى الزَّانِي بِامْرَأَتِهِ ) وَفِي مَعْنَاهُ مَحَارِمُهُ وَنَحْوُهُنَّ .
( وَقَلِيلُ الْحَمِيَّةِ مَنْ لَا يَغَارُ عَلَى أَهْلِهِ وَمَحَارِمِهِ ) وَنَحْوِهِنَّ ( وَالْقَلَّاشُ الذَّوَّاقُ لِلطَّعَامِ كَالْمُشْتَرِي وَلَا يُرِيدُهُ ) أَيْ يَرَى أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ ( وَالدَّيُّوثُ ) بِالْمُثَلَّثَةِ ( مَنْ لَا يَمْنَعُ الدَّاخِلَ عَلَى زَوْجَتِهِ ) مِنْ الدُّخُولِ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّ مَحَارِمَهُ وَإِمَاءَهُ كَزَوْجَتِهِ لِلْعُرْفِ ( وَالْبَخِيلُ مَانِعُ الزَّكَاةِ وَمَنْ لَا يُقْرِي الضَّيْفَ ) قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ الْبَخِيلُ مَنْ لَا يُؤَدِّي الزَّكَاةَ وَلَا يُقْرِي الضَّيْفَ ( وَمَنْ قِيلَ لَهُ يَا زَوْجَ الْقَحْبَةِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ ) زَوْجَتِي ( كَذَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلُقَتْ إنْ قَصَدَ التَّخَلُّصَ مِنْهَا ) أَيْ مِنْ عَارِهَا كَمَا لَوْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ ( وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ ) فَإِنْ وُجِدَتْ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا ( وَالْقَحْبَةُ هِيَ الْبَغِيَّةُ وَإِنْ تَفَاخَرَا ) فِي الْخُصُومَةِ كَأَنْ قَالَ لَهَا إيشِ تَكُونِينَ أَنْت فَقَالَتْ وإِيشْ تَكُونُ أَنْت (

فَقَالَ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْك بِسَبِيلٍ فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ مِنْهَا بِسَبِيلٍ ) لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ ( أَوْ ) قَصَدَ ( الْمُكَافَأَةَ ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ ( طَلُقَتْ ) إذْ الْمَقْصُودُ إيقَاعُ الْفُرْقَةِ وَقَطْعُ مَا بَيْنَهُمَا وَلَوْ
( قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ هُوَ مَنْ يَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ بُخْلًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَكْثَرُ الْعَامَّةِ يُطْلِقُ لَفْظَ الْخَسِيسِ عَلَى الْبَخِيلِ سَوَاءٌ أَتَعَاطَى مَا لَا يَلِيقُ بِهِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ عُرْفُهُمْ فِي ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ وَالسَّفَهُ مَا يُوجِبُ الْحَجْرَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْعُرْفُ فِي وَقْتِنَا جَارٍ بِإِطْلَاقِ ذَلِكَ عَلَى بَذِيءِ اللِّسَانِ الْمُتَفَحِّشِ الْمُوَاجِهِ بِمَا يَسْتَحْيِي غَالِبُ النَّاسِ مِنْ الْمُوَاجَهَةِ بِهِ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا مِنْ الْعَامِّيِّ لَا الَّذِي يَعْرِفُ السَّفَهَ مِنْ غَيْرِهِ وَقَدْ تَدُلُّ قَرِينَةُ الْحَالِ عَلَى إرَادَتِهِ ذَلِكَ بِأَنْ خَاطَبَهَا بِفُحْشٍ مِنْ الْقَوْلِ وَالْبَذَاءَةِ فَقَالَتْ لَهُ يَا سَفِيهُ مُشِيرَةً إلَى مَا صَدَرَ مِنْهُ ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُرَادِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) وَكَذَا بَيْنَ النِّسَاءِ وَالنِّسَاءِ الْمُسَاحِقَاتِ ( قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّ مَحَارِمَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا بَخِيلٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَالْقَحْبَةُ إلَخْ ) كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ لَيْسَتْ عَرَبِيَّةً أَنْكَرَ فِي الْمُهِمَّاتِ كَوْنَهَا مُوَلَّدَةً قَالَ فِي الْخَادِمِ وَهُوَ عَجِيبٌ فَقَدْ ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ مِنْهُمْ الصَّاغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ وَحَكَاهُ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ فَقَالَ الْقَحْبَةُ كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ

( قَالَتْ لِزَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَنْت مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَ ) لَهَا ( إنْ كُنْت مِنْ أَهْلِهَا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ظَاهِرًا فَإِنْ ارْتَدَّ وَمَاتَ مُرْتَدًّا بَانَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ ( أَوْ ) قَالَتْهُ لِزَوْجِهَا ( الْكَافِرِ ) فَقَالَ لَهَا ذَلِكَ ( طَلُقَتْ ) لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ ظَاهِرًا ( فَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنْ لَا طَلَاقَ ) نَعَمْ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ فِي هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ قَالَ الْمُسْلِمُ إنْ لَمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْقَاضِي ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ يَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا وَقَعَ طَلَاقُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَنْدَنِيجِيّ أَنَّهُ لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى .
( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

وَلَوْ ( قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا أَسْتَنْكِفُ مِنْك فَقَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَسْتَنْكِفُ مِنِّي فَهِيَ طَالِقٌ فَظَاهِرَهُ الْمُكَافَأَةِ ) فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَالسَّفِلَةُ مَنْ يَعْتَادُ دَنِيءَ الْأَفْعَالِ لَا نَادِرًا ) فَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا سَفِلَةُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَإِنْ قَصَدَا الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا وَإِلَّا اُعْتُبِرَتْ الصِّفَةُ بِمَا ذُكِرَ ( وَالْكَوْسَجُ مَنْ قَلَّ شَعْرُ وَجْهِهِ وَعُدِمَ شَعْرُ عَارِضَيْهِ وَالْغَوْغَاءُ مَنْ يُخَالِطُ الْأَرَاذِلَ وَيُخَاصِمُ ) النَّاسَ ( بِلَا حَاجَةٍ وَالْأَحْمَقُ مَنْ يَفْعَلُ الشَّيْءَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِقُبْحِهِ ) كَمَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا عَنْ صَاحِبَيْ الْمُهَذَّبِ وَالتَّهْذِيبِ وَقِيلَ مَنْ نَقَصَتْ مَرْتَبَةُ أُمُورِهِ وَأَحْوَالِهِ عَنْ مَرَاتِبِ أَمْثَالِهِ نَقْصًا بَيِّنًا بِلَا مَرَضٍ وَلَا سَبَبٍ وَقِيلَ مَنْ يَعْمَلُ مَا يَضُرُّهُ مَعَ عِلْمِهِ بِقُبْحِهِ وَقِيلَ مَنْ يَضَعُ كَلَامَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ فَيَأْتِي بِالْحَسَنِ فِي مَوْضِعِ الْقَبِيحِ وَعَكْسِهِ وَقِيلَ مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِعَقْلِهِ ( والجهوذوري ) مَنْ قَامَ بِهِ ( الذِّلَّةُ وَالْخَسَاسَةُ ) وَقِيلَ مَنْ قَامَ بِهِ صُفْرَةُ الْوَجْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحِجَازِيُّ الثَّانِي ( فَإِنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِهِ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُوصَفُ بِهَذَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَإِنْ قَصَدَتْ الْمُكَافَأَةَ طَلُقَتْ حَالًا والجهوذوري مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ .
قَوْلُهُ مَكْتُوبٌ فِي الْأَصْلِ بِتَقْدِيمِ الرَّاءِ عَلَى الْوَاوِ ) الَّذِي رَأَيْته فِيهِ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ

( فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ( بِالْمُخَاصَمَةِ ) أَيْ فِيهَا ( وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( يَا خَسِيسُ أَوْ يَا سَفِيهُ فَقَالَ إنْ كُنْت كَذَلِكَ فَأَنْت طَالِقٌ إنْ قَصَدَ الْمُكَافَأَةَ ) لَهَا بِإِسْمَاعِ مَا تَكْرَهُ مِنْ الطَّلَاقِ كَمَا غَاظَتْهُ بِالشَّتْمِ ( طَلُقَتْ ) حَالًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَسِيسًا وَلَا سَفِيهًا لِأَنَّ الْغَيْظَ بِالطَّلَاقِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ وَالتَّقْدِيرُ تَزْعُمِينَ أَنِّي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ إذَنْ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ أَطْلَقَ ( فَتَعْلِيقٌ فَيُعْتَبَرُ الشَّرْطُ ) الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَيْ وُجُودُهُ عَمَلًا بِمُقْتَضَاهُ فَإِنْ عَمَّ الْعُرْفُ بِالْمُكَافَأَةِ وَضُبِطَ قُدِّمَ عَلَى الْوَضْعِ عَلَى مَا قَدَّمَتْهُ ( فَإِنْ شَكَّ ) فِي وُجُودِ الشَّرْطِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( أَوْ قَالَتْ ) لَهُ كَمْ تُحَرِّكُ لِحْيَتَك فَقَدْ ( رَأَيْت مِثْلَ لِحْيَتِك كَثِيرًا فَقَالَ إنْ ) كُنْت ( رَأَيْت مِثْلَهَا ) كَثِيرًا ( فَأَنْت طَالِقٌ .
فَهَذِهِ ) اللَّفْظَةُ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَقَامِ ( كِنَايَةٌ عَنْ الرُّجُولِيَّةِ أَوْ الْفُتُوَّةِ ) أَوْ نَحْوِهِمَا ( فَإِنْ قَصَدَ ) بِهَا ( الْمُغَايَظَةَ وَالْمُكَافَأَةَ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ طَلُقَتْ أَوْ الْمُشَاكَلَةَ فِي الصُّورَةِ فَلَا ) تَطْلُقُ إلَّا إنْ كَانَتْ رَأَتْ مِثْلَهَا كَثِيرًا وَلَفْظَةُ كَثِيرًا فِي كَلَامِ أَصْلِهِ وَهِيَ مِثَالٌ وَلِذَلِكَ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ أَوْ الرُّجُولِيَّةَ وَالْفُتُوَّةَ مَنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ كَالْمُشَاكَلَةِ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا .

( فَصْلٌ فِيمَا يَجْرِي بِالْمُخَاصَمَةِ ) .
( قَوْلُهُ أَوْ الْمُشَاكَلَةِ فِي الصُّورَةِ ) أَيْ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا .
( قَوْلُهُ وَعِبَارَتُهُ فَإِنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى الْمُكَافَأَةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا ) لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ إنَّمَا صَوَابُهُ وَإِلَّا فَيَقَعُ لِكَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى رُؤْيَةِ الْأَمْثَالِ وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْوَسِيطِ عَلَى الصَّوَابِ قُلْتُ وَكَانَ صَوَابُ التَّعْبِيرِ وَإِلَّا فَيُعْتَبَرُ وُجُودُ الصِّفَةِ وَهِيَ رُؤْيَةُ كَثْرَةِ الْأَمْثَالِ ت وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَنَّ رُؤْيَتَهَا مِثْلَهُ فِي الرُّجُولِيَّةِ وَالْفُتُوَّةِ وُجِدَتْ وَلَا بُدَّ بِخِلَافِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الشَّكْلِ وَالصُّورَةِ وَعَدَدِ الشَّعَرَاتِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَكُونُ وُجِدَتْ وَقَوْلُهُ وَجْهُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قِيلَ لِزَانٍ زَنَيْت فَقَالَ مَنْ زَنَى فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ إذْ قَصْدُهُ ذَمُّ الزَّانِي ) لَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ ( وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ زَنَيْت ) مَثَلًا ( فَكَذَّبَتْهُ فَقَالَ إنْ كُنْت زَنَيْت فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ ) حَالًا ( بِإِقْرَارِهِ ) السَّابِقِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ خَالَفْت أَمْرِي ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَخَالَفَتْ نَهْيَهُ ) كَأَنْ قَالَ لَهَا لَا تَقُومِي فَقَامَتْ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهَا خَالَفَتْ نَهْيَهُ دُونَ أَمْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِيهِ نَظَرٌ بِسَبَبِ الْعُرْفِ ( بِخِلَافِ عَكْسِهِ ) بِأَنْ قَالَ لَهَا إنْ خَالَفْت نَهْيِي فَأَنْت طَالِقٌ فَخَالَفَتْ أَمْرَهُ كَأَنْ قَالَ لَهَا قُومِي فَقَعَدَتْ فَتَطْلُقُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ فِيمَا يَخْتَارُهُ وَإِنْ كَانَ فَالْيَمِينُ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ بَلْ عَلَى اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ إلَخْ ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ مُخَالَفَةً لِأَمْرِهِ بِخِلَافِ عَكْسِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ بِالْأَمْرِ الْإِيقَاعُ وَبِمُخَالَفَتِهَا نَهْيَهُ حَصَلَ الْإِيقَاعُ لَا تَرْكُهُ وَالْمَطْلُوبُ بِالنَّهْيِ الْكَفُّ أَيْ الِانْتِهَاءُ وَبِمُخَالَفَتِهَا أَمْرَهُ لَمْ تَكُفَّ وَلَمْ تَنْتَهِ لِإِتْيَانِهَا بِضِدِّ مَطْلُوبِهِ وَالْعُرْفُ شَاهِدٌ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا مُخَالَفَتَهَا نَهْيَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ ) كَأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِمُضِيِّ أَوْ بَعْدَ أَوْ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ ( طَلُقَتْ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ ) لِوُقُوعِهِ عَلَيْهَا كَمَا يَقَعُ عَلَى مَا فَوْقَهَا وَيُفَارِقُ مَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ قَالَ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ لِلشَّكِّ فِي الْمُرَادِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّك وَعْدٌ فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ إنْ عَلَّقَهُ بِمُضِيِّ ( حُقُبٍ أَوْ عَصْرٍ ) أَوْ دَهْرٍ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ ( وَفِيهِ نَظَرٌ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَهُوَ بَعِيدٌ لَا وَجْهَ لَهُ أَيْ لِمُنَافَاتِهِ تَفَاسِيرَهَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ فَفَسَّرَ الْإِمَامُ الْعَصْرَ بِأَنَّهُ زَمَنٌ طَوِيلٌ يَحْوِي أُمَمًا وَيَنْقَرِضُ بِانْقِرَاضِهِمْ وَفِي مَعْنَاهُ الْحُقُبُ وَالدَّهْرُ ، وَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ الْحُقُبَ الْمُلْحَقَ بِهِ الْآخَرَانِ بِثَمَانِينَ سَنَةً وَبَعْضُهُمْ بِثَلَاثِينَ سَنَةً وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ فَقَدْ فَسَّرَ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ الْحِقَبَ وَالْعَصْرَ بِالدَّهْرِ وَالدَّهْرَ بِالزَّمَنِ وَأَمَّا الْحُقُبُ بِضَمِّ الْقَافِ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ وَوَقَعَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ مَا يُخَالِفُ كَلَامَ الْجَوْهَرِيِّ وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ لَا تَطْلُقُ أَصْلًا كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بَعْدَ مَوْتِي وَعَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ الْبَعْضُ تَطْلُقُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى قَوْلِ الْأَصْحَابِ لَوْ قَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت مَا فَسَّرَ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ الْمُبَعَّضَ وَلَا أَعْرِفُ غَيْرَهُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إنْ احْتَفَّ بِقَرَائِنَ تُصَدِّقُهُ .

( قَوْلُهُ وَكَذَا حُقُبٌ أَوْ عَصْرٌ أَوْ دَهْرٌ ) أَيْ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ الزَّمَانِ وَالْكَثِيرِ .
( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ ) الِاسْتِشْكَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى نَفْيِ إطْلَاقِ الْحُقُبِ وَالْعَصْرِ وَالدَّهْرِ عَلَى زَمَنِ الْقَلِيلِ وَمَنْ عَلَّلَ مِنْ الْأَصْحَابِ بِالْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَلِيلِ فَتَعْلِيلُهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقْلِ ذَلِكَ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ أَوْ الْعُرْفِ وَالْمُثْبَتُ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ الْإِرْشَادُ .
( قَوْلُهُ وَالْحَقُّ إنَّهُ لَا نَظَرَ وَلَا بُعْدَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَهُوَ ثَمَانُونَ سَنَةً ) فِي الْبُخَارِيِّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْكَهْفِ حُقُبًا زَمَانًا وَفِي تَفْسِيرِ الْبَيْضَاوِيِّ وَالْحُقُبُ الدَّهْرُ وَقِيلَ ثَمَانُونَ سَنَةً وَقِيلَ سَبْعُونَ قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي قَبُولُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِالضَّرْبِ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( بِضَرْبِهِ حَيًّا ) لَا مَيِّتًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَظِنَّةِ الْإِيلَامِ ( بِالسَّوْطِ وَبِالْوَكْزِ ) أَيْ الضَّرْبُ وَالدَّفْعُ وَيُقَالُ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الذَّقَنِ ( وَاللَّكْزُ ) أَيْ الضَّرْبُ بِجَمْعِ الْيَدِ عَلَى الصَّدْرِ هَذَا ( إنْ آلَمَ ) الْمَضْرُوبَ ( وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُؤْلِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا غَلَطٌ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْإِيلَامِ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُقَالُ ضَرَبَهُ فَلَمْ يُؤْلِمْهُ ( لَا الْعَضُّ وَقَطْعُ الشَّعْرِ ) فَلَا يَحْصُلُ الضَّرْبُ بِهِمَا فَلَا يَقَعُ بِهِمَا الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِالْقَذْفِ أَوْ اللَّمْسِ ) الْأَنْسَبُ بِمَا بَعْدَهُ الْمَسُّ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ( طَلُقَتْ بِقَذْفِ الْمَيِّتِ وَمَسِّ بَشَرٍ ) لِصِدْقِ الِاسْمِ فِيهِ كَمَا فِي الْحَيِّ وَلِهَذَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَيُنْتَقَضُ وُضُوءُ مَاسِّهِ وَخَرَجَ بِالْبَشَرَةِ مَسُّهُ بِحَائِلٍ وَمَسُّ شَعْرِهِ وَظُفُرِهِ وَسِنِّهِ .
( قَوْلُهُ إنْ آلَمَ الْمَضْرُوبَ إلَخْ ) هَذَا مُوَافِقٌ لِمَا فِي الرَّوْضَةِ كَبَعْضِ نُسَخِ الرَّافِعِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مَا نَصُّهُ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إيلَامٌ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَشْرِطْهُ وَاكْتَفَى بِالصَّدْمَةِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْأَكْثَرُونَ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَدْفَعُ التَّنَاقُضَ أَيْ ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْقُوَّةِ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِيلَامِ بِالْفِعْلِ وَقَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَمَسَّ شَعْرَهُ وَظُفُرَهُ إلَخْ ) أَيْ وَعُضْوَهُ الْمُنْفَصِلَ

( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِقُدُومِ ) أَيْ بِقُدُومِ شَخْصٍ ( فَقَدِمَ بِهِ مَيِّتًا لَمْ تَطْلُقْ وَكَذَا ) حَيًّا ( مَحْمُولًا بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ وَإِنْ كَانَ زَمِنًا وَمُخْتَارًا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدَمْ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَمْلِ فَتَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَدِمَ رَاكِبًا وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالِاخْتِيَارِ ( وَإِنْ عَلَّقَ بِالْقَذْفِ أَوْ الْقَتْلِ بِالْمَسْجِدِ ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت فُلَانًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ قَتَلْته فِيهِ فَأَنْت طَالِقٌ ( اشْتَرَطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( كَوْنَ الْقَاذِفِ أَوْ الْمَقْتُولِ فِيهِ ) إذْ قَرِينَةُ الْحَالِ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الِامْتِنَاعُ عَمَّا يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْمَسْجِدِ وَهَتْكُهَا بِالْقَذْفِ إنَّمَا يَحْصُلُ إذَا كَانَ الْقَاذِفُ فِيهِ وَبِالْقَتْلِ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْذُوفُ أَوْ الْقَاتِلُ خَارِجَهُ ( فَلَوْ أَرَادَ الْعَكْسَ ) أَيْ كَوْنَ الْمَقْذُوفِ فِي الْمَسْجِدِ أَوْ الْقَاتِلِ فِيهِ ( صُدِّقَ بِيَمَنِيِّهِ ) ظَاهِرًا لِصَلَاحِيَّةِ اللَّفْظِ لَهُ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِهِمَا ) أَيْ بِالْقَذْفِ وَالْقَتْلِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنْ قَالَ إنْ قَذَفْت أَوْ قَتَلْت فُلَانًا ( فِي الدَّارِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ ) إذْ لَا قَرِينَةَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ .
( قَوْلُهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْإِذْنِ أَوْلَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ كَوْنِهِمَا فِي الدَّارِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ ) وَلَوْ غَيْرَ وَجْهِهِ ( حَيًّا وَمَيِّتًا ) أَيْ أَوْ مَيِّتًا ( وَلَوْ ) رَأَتْهُ ( وَهِيَ سَكْرَى ) أَوْ وَهُوَ سَكْرَانُ ( وَلَوْ كَانَ ) الْمَرْئِيُّ ( فِي مَاءٍ ) صَافٍ ( أَوْ زُجَاجٍ شَفَّافٍ لَا خَيَالَهُ فِيهِمَا طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ وَالْمَاءُ وَالزُّجَاجُ الْمَذْكُورَانِ بَيْنَ الرَّائِي وَالْمَرْئِيِّ كَإِجْرَاءِ الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ مَا إذَا رَأَتْ خَيَالَهُ فِيهِمَا لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَى ذَلِكَ اسْمُ الرُّؤْيَةِ الْمُطْلَقَةِ وَعُلِمَ مِمَّا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً أَوْ مَسْتُورًا بِثَوْبٍ أَوْ مَاءٍ كَدِرٍ أَوْ زُجَاجٍ كَثِيفٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا خَيَالَهُ فِي الْمِرْآةِ كَذَلِكَ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إذْ لَا يُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهِ وَجْهَهُ وَيُعْتَبَرُ مَعَ مَا ذُكِرَ صِدْقُ رُؤْيَتِهِ كُلِّهِ عُرْفًا فَقَدْ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ ( فَإِنْ كَانَتْ كَمْهَاءَ ) أَيْ وُلِدَتْ عَمْيَاءَ ( فَتَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ ) فَلَا تَطْلُقُ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَمْيَاءَ إلَى كَمْهَاءَ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ اخْتِصَاصُهُ بِالْكَمْهَاءِ وَإِلَّا فَالْبُرْءُ بِالْعِلَاجِ يُمْكِنُ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ مَنْ بُرْئِهَا عَادَةً كَمَنْ تَرَاكَمَ عَلَى عَيْنِهَا الْبَيَاضُ أَوْ غَارَتَا كَالْكَمْهَاءِ .

( قَوْلُهُ أَوْ بِرُؤْيَتِهَا زَيْدًا فَرَأَتْ وَلَوْ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهِ إلَخْ ) قَالَ الْمُتَوَلِّي تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ بَشَرَتِهِ فَلَوْ كَانَ مُتَغَطِّيًا بِشَيْءٍ فَلَمْ يَقَعْ بَصَرُهَا عَلَيْهِ لَمْ تَطْلُقْ ؛ لِأَنَّهَا مَا رَأَتْهُ وَإِنَّمَا رَأَتْ ثَوْبَهُ إلَّا أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ رُؤْيَةُ جَمِيعِ بَدَنِهِ بَلْ إذَا رَأَتْ بَعْضَهُ مَكْشُوفًا وَإِنْ كَانَ بَاقِي بَدَنِهِ مُغَطًّى وَقَعَ الطَّلَاقُ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْوَجْهِ لَوْ رَأَتْ صَدْرَهُ أَوْ بَطْنَهُ أَوْ ظَهْرَهُ أَوْ رَأْسَهُ وَقَعَ الطَّلَاقُ فَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ مِنْ كُوَّةٍ فَرَأَتْ ذَلِكَ الْعُضْوَ مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ .
ا هـ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا يُبَيِّنُ مُرَادَ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيِّ بِرُؤْيَةِ الْبَعْضِ .
( قَوْلُهُ وَعُلِمَ بِمَا قَالَهُ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِرُؤْيَتِهَا لَهُ نَائِمَةً ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ أَوْ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً أَوْ جَاهِلَةً .
( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ طَلُقَتْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا مَرَّ أَمَّا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَقْصُرُ ذَلِكَ عَلَى الْكَمْهَاءِ بَلْ مَنْ أَيِسَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَفِي شَرْحِ الْمُصَنِّفِ لَعَلَّ كَلَامَهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْمَهِ وَنَحْوِهِ

( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِرُؤْيَتِهَا الْهِلَالَ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا ) لَهُ ( أَوْ بِتَمَامِ الْعَدَدِ ) فَتَطْلُقُ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ ذَلِكَ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ خَبَرُ { صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ } بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ مَثَلًا فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرَهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ كَمَا فِي الْخَبَرِ السَّابِقِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ وَلَوْ أَخْبَرَهُ بِهِ صَبِيٌّ أَوْ عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ أَوْ فَاسِقٌ فَصَدَّقَهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَوْ ( قَالَ أَرَدْت ) بِالرُّؤْيَةِ ( الْمُعَايَنَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لَا فِي ) التَّعْلِيقِ بِرُؤْيَةِ ( الْعُمْيَانِ ) فَلَا يُصَدَّقُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ ( لَكِنْ يُدَيَّنُ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرنَا فِيمَا إذَا قَالَ لِلْعَمْيَاءِ إنْ رَأَيْت فُلَانًا فَأَنْت طَالِقٌ أَنْ يُسَوِّيَ بَيْنَ الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي قَبُولِ التَّفْسِيرِ بِالْمُعَايَنَةِ أَيْ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ قَالَ وَبِالْقَبُولِ أَجَابَ الْحَنَّاطِيُّ قَالَ الْإِمَامُ وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ عَلَّقَ بِالْعَرَبِيَّةِ أَمْ بِالْعَجَمِيَّةِ وَتَبِعَ ابْنَ الرِّفْعَةِ وَقَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ سَوَاءٌ فِيهِ الْبَصِيرُ وَالْأَعْمَى لِأَنَّ الْعُرْفَ الْمَذْكُورَ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا فِي الْعَرَبِيَّةِ وَبِمَا قَالَهُ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُتَوَلِّي وَحَكَى الْأَصْلُ الْمَقَالَتَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَجَمِيَّ إذْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا ذَلِكَ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ مِنْهُ مَا يَعْرِفُهُ الْعَرَبِيُّ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ ( وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ ) أَيْ يَمِينُ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا صَرَّحَ فِيهَا بِالْمُعَايَنَةِ أَوْ فَسَّرَ

بِهَا وَقَبِلْنَاهُ ( بِمُضِيِّ ثَلَاثٍ ) مِنْ اللَّيَالِي وَلَمْ تَرَ فِيهَا الْهِلَالَ ( مِنْ أَوَّلِ شَهْرٍ نَسْتَقْبِلُهُ ) فَلَا أَثَرَ لِرُؤْيَتِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الشَّهْرِ وَلَا لِرُؤْيَتِهِ فِيهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ هِلَالًا .
( قَوْلُهُ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ ) سُئِلْت عَنْ شَخْصٍ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت طَالِقٌ إنْ رَأَيْت الْقَمَرَ فَأُجِبْت بِأَنَّ الْمُرَادَ بِرُؤْيَتِهِ عِلْمُهَا بِهِ كَمَا فِي الْهِلَالِ وَأَوَّلُ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ ( قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ مُؤَاخَذَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيَجِيءُ عَلَى قِيَاسِ مَا ذَكَرْنَا إلَخْ ) وَيُجَابُ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ ثَمَّ بَاقِيَةٌ عَلَى مَعْنَاهَا وَهُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعِلْمِ كَمَا تَقَرَّرَ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْقَفَّالُ إنْ عَلَّقَ بِالْعَجَمِيَّةِ حُمِلَ عَلَى الْمُعَايَنَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَالرَّاجِحُ الْفَرْقُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَيَتَّجِهُ عَدَمُ الْفَرْقِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْت طَالِقٌ فَرَأَتْهُ فِي الْمَنَامِ فَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ فِيهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ فَإِنْ نَازَعَهَا فِيهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا بِيَمِينِهَا إذْ لَا يَطَّلِعُ غَيْرُهَا عَلَى رُؤْيَاهَا إلَّا مِنْ قِبَلِهَا وَإِنْ أَرَادَ رُؤْيَتَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا فِي الْمَنَامِ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَهَلْ يَقَعُ ؛ لِأَنَّ مَنْ رَآهُ فَقَدْ رَآهُ أَوْ لَا يَقَعُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ رَأَيْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَثْبُتُ بِمَا يُسْمَعُ مِنْهُ فِي الْمَنَامِ فِيهِ وَجْهَانِ وَمَا رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ مَسْطُورَةً وَلَكِنَّ الْمَيْلَ إلَى الثَّانِي ك

( فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا فَكَلَّمَتْهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ أَوْ سَكْرَانُ سُكْرًا يَسْمَعُ مَعَهُ وَيَتَكَلَّمُ وَكَذَا ) إنْ كَلَّمَتْهُ ( وَهِيَ سَكْرَى لَا السُّكْرُ الطَّافِحُ طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ مِمَّنْ يُكَلِّمُ غَيْرَهُ وَيَتَكَلَّمُ هُوَ عَادَةً بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَسْمَعْ السَّكْرَانُ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَبِخِلَافِ مَا إذَا انْتَهَتْ السَّكْرَى إلَى السُّكْرِ الطَّافِحِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ إنَّمَا يَأْتِي إذَا جَعَلْنَا لِلسَّكْرَانِ ثَلَاثَ مَرَاتِبَ وَخَالَفْنَا بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَقَدْ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَالْمَشْهُورُ خِلَافُ مَا هُنَا مِنْ أَنَّ الطَّافِحَ كَغَيْرِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ هُنَا التَّكْلِيمُ وَهُوَ لَا يَصْلُحُ مِمَّنْ ذُكِرَ عَادَةً فَعَلَيْهِ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهِ غَيْرَهُ ثُمَّ طَفَحَ عَلَيْهِ السُّكْرُ فَكَلَّمَ الْغَيْرَ لَمْ يَحْنَثْ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ ( لَا ) إنْ كَلَّمَتْهُ ( فِي نَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ ) مِنْهُ أَوْ مِنْهَا فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ تَكْلِيمًا عُرْفًا ( وَلَا ) إنْ كَلَّمَتْهُ ( فِي جُنُونِهَا ) كَمَا لَوْ كَلَّمَتْهُ نَاسِيَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ وَهِيَ مَجْنُونَةٌ طَلُقَتْ بِذَلِكَ قَالَهُ الْقَاضِي ( وَلَا ) إنْ كَلَّمَتْهُ ( بِهَمْسٍ ) وَهُوَ خَفْضُ الصَّوْتِ بِالْكَلَامِ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ الْمُخَاطَبُ ( وَلَا نِدَاءٍ مِنْ حَيْثُ ) أَيْ مِنْ مَكَان ( لَا يُسْمَعُ ) مِنْهُ ( وَإِنْ فَهِمَهُ بِقَرِينَةٍ أَوْ حَمَلَتْهُ رِيحٌ ) إلَيْهِ ( وَسَمِعَ ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا عَادَةً ( فَإِنْ كَلَّمَتْهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لِذُهُولٍ ) مِنْهُ أَوْ لِشُغْلٍ ( أَوْ لَغَطٍ ) وَلَوْ كَانَ ( لَا يُفِيدُ مَعَهُ الْإِصْغَاءُ طَلُقَتْ ) لِأَنَّهَا كَلَّمَتْهُ وَعَدَمُ السَّمَاعِ لِعَارِضٍ وَقِيلَ لَا تَطْلُقُ فِي مَسْأَلَةِ اللَّغَطِ وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ( أَوْ ) لَمْ يَسْمَعْ ( لِصَمَمٍ لَمْ

تَطْلُقْ ) لِأَنَّهَا لَمْ تُكَلِّمْهُ عَادَةً وَقِيلَ تَطْلُقُ لِمَا مَرَّ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ لَكِنَّ الثَّانِي هُوَ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ وَنَقَلَهُ الْمُتَوَلِّي ثَمَّ عَنْ النَّصِّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ بَعْدَ كَلَامٍ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ الْوُقُوعُ فَتَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ انْتَهَى فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الذُّهُولِ وَنَحْوِهِ هَذَا وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ وَالثَّانِي عَلَى مَنْ يَسْمَعُ مَعَ رَفْعِهِ ( وَالتَّعْلِيقُ بِتَكْلِيمِهَا نَائِمًا ) بِأَنْ قَالَ إنْ كَلَّمْت نَائِمًا ( أَوْ غَائِبًا ) عَنْ الْبَلَدِ مَثَلًا ( تَعْلِيقٌ بِمُسْتَحِيلٍ ) فَلَا تَطْلُقُ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت مَيِّتًا أَوْ جَمَادًا .

( قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَ بِتَكْلِيمِهَا زَيْدًا إلَخْ ) لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمَك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَ مَرَّةً أُخْرَى طَلُقَتْ بِالْإِعَادَةِ وَلَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا وَعَمْرًا أَوْ بَكْرًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَتْ أَحَدَهُمْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ أَوْ كَلَّمَتْهُمْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ ثَلَاثٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا .
( قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ ) عِبَارَتُهُ اسْتِثْنَاءُ السُّكْرِ الطَّافِحِ لَيْسَ لِمُوَافَقَةِ مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ فِي مَرَاتِبِ السَّكْرَانِ وَإِنَّمَا اسْتَثْنَى ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْعُرْفِ فِي التَّكْلِيمِ وَتَكْلِيمُ الطَّافِحِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْهَذَيَانِ الَّذِي لَا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ تَكْلِيمًا وَإِنْ كَانَ مُؤَاخَذًا بِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّغْلِيظَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَيْسَ هَذَا مِنْهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ عَلَّقَ بِمَا ذُكِرَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ طَلُقَتْ بِذَلِكَ ) أَيْ بِتَكْلِيمِهَا لَهُ فِي جُنُونِهَا .
( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْجُمُعَةِ ) انْعَكَسَ هَذَا النَّقْلُ عَلَى بَعْضِهِمْ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَلَوْ مَعَ رَفْعِ الصَّوْتِ ) هُوَ الْمُرَادُ

( فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلِهِ ) شَيْئًا ( فَفَعَلَهُ نَاسِيًا ) لِلتَّعْلِيقِ ( أَوْ ) ذَاكِرًا لَهُ ( مُكْرَهًا ) عَلَى الْفِعْلِ ( أَوْ ) مُخْتَارًا ( جَاهِلًا ) بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِخَبَرِ ابْنِ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ { أَنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ } أَيْ لَا يُؤَاخِذُهُمْ بِهَا مَا لَمْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ كَضَمَانِ الْمُتْلَفِ فَالْفِعْلُ مَعَهَا كَلَا فِعْلٍ ، هَذَا إذَا عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ عَلَيْهِ أَمَّا لَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْيِ شَيْءٍ وَقَعَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ نَاسِيًا لَهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ أَنَّ زَيْدًا لَيْسَ فِي الدَّارِ وَكَانَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَوْ عَلِمَ وَنَسِيَ .
فَإِنْ قَصَدَ بِحَلِفِهِ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي ظَنِّهِ أَوْ فِيمَا انْتَهَى إلَيْهِ عِلْمُهُ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مُعْتَقَدِهِ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ فَفِي الْحِنْثِ قَوْلَانِ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْذُورٍ إذْ لَا حِنْثَ وَلَا مَنْعَ بَلْ تَحْقِيقٌ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُثْبِتَ قَبْلَ الْحَلِفِ بِخِلَافِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَقْبَلِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ عَدَمَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي فَصْلِ قَالَ إنْ ابْتَلَعْت ( وَكَذَا ) لَا تَطْلُقُ إنْ عَلَّقَ بِفِعْلِ ( غَيْرٍ ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَقَدْ ( قَصَدَ ) بِذَلِكَ ( مَنْعَهُ ) أَوْ حَثَّهُ ( وَهُوَ مِمَّنْ يُبَالِي ) بِتَعْلِيقِهِ فَلَا يُخَالِفُهُ فِيهِ لِصَدَاقَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ( وَعُلِمَ بِالتَّعْلِيقِ فَفَعَلَهُ الْغَيْرُ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَهُ أَوْ حَثَّهُ أَوْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ كَالسُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ

فَفَعَلَهُ كَذَلِكَ ( طَلُقَتْ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ مَنْعٍ أَوْ حَثٍّ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ كَالْمِنْهَاجِ مَا إذَا قَصَدَ مَعَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ أَصْلِهِ وَجَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ وَعَزَاهُ الزَّرْكَشِيُّ لِلْجُمْهُورِ ( وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَ نَاسِيًا طَلُقَتْ ) لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَقَدْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَنْسَى فَنَسِيَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْسَ بَلْ نَسِيَ ( أَوْ بِدُخُولِ بَهِيمَةٍ وَنَحْوِهَا ) كَطِفْلٍ ( فَدَخَلَتْ لَا مُكْرَهَةً طَلُقَتْ ) بِخِلَافِ مَا إذَا دَخَلَتْ مُكْرَهَةً لَا تَطْلُقُ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا مَرَّ مِنْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعَلَّقَ بِفِعْلِهِ التَّعْلِيقَ وَكَانَ مِمَّنْ لَا يُبَالِي بِتَعْلِيقِهِ أَوْ مِمَّنْ يُبَالِي وَلَمْ يَقْصِدْ الزَّوْجُ إعْلَامَهُ وَدَخَلَ مُكْرَهًا وَيُجَابُ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ فِعْلُهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَإِنْ أَتَى بِهِ مُكْرَهًا وَلِهَذَا يَضْمَنُ بِهِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْبَهِيمَةِ فَكَأَنَّهَا حِينَ الْإِكْرَاهِ لَمْ تَفْعَلْ شَيْئًا .

( فَصْلٌ مَتَى عَلَّقَهُ بِفِعْلٍ إلَخْ ) .
( قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ عَلَى وَجْهِ النِّسْيَانِ أَوْ الْجَهْلِ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فَعُفِيَ عَنْهُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ أَنَّ الْأَمْرَ كَذَلِكَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ أَطْلَقَ إلَخْ ) يَحْنَثُ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ فِي مَوَاضِعَ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْفَتَاوَى وَلَا يَحْنَثُ فِي الثَّانِيَةِ كَالْأُولَى .
( قَوْلُهُ رَجَّحَ مِنْهُمَا ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ الْحِنْثَ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ حِنْثَ النَّاسِي مُطْلَقًا .
( تَنْبِيهٌ ) وَالْحَلِفُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ زَيْدٌ فِي الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ فِيهَا يُوجِبُ الْحِنْثَ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ لَمْ يَتَعَرَّضْ إلَّا لِلتَّعْلِيقِ بِكَوْنِهِ فِيهَا وَلَا أَثَرَ لِلْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ بِكَوْنِهِ فِيهَا .
( قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا ) أَيْ بِأَنَّهُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ مَا إذَا قَصَدَ مَا ذُكِرَ فِيمَنْ يُبَالِي بِهِ إعْلَامَهُ بِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا تَطْلُقُ ) أَيْ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ إعْلَامِهِ فَلَمْ يُعْلِمْهُ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَّقَ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا طَلُقَتْ إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ مُخْتَارًا وَلَا مُكْرَهًا فَفَعَلَ مُكْرَهًا قَالَ لِأَرْبَعٍ تَحْتَهُ إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَوْلُهُ كَطِفْلٍ لَا يُمَيِّزُ ) وَمَجْنُونٍ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ لِأَرْبَعٍ ) تَحْتَهُ ( إنْ لَمْ أَطَأْ الْيَوْمَ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَوَطِئَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ( انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَطَأْ ( طَلُقْنَ طَلْقَةً طَلْقَةً ) لَا يُقَالُ هَلَّا طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ بِجَامِعِ الْعُمُومِ وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا وَقَعَتْ بَعْدَ النَّفْيِ صُورَةً لَا مَعْنًى إذْ الْمَعْنَى إنْ تَرَكْتُ وَطْءَ وَاحِدَةٍ ( أَوْ ) قَالَ ( أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا الْيَوْمَ فَصَوَاحِبُهَا طَوَالِقُ فَإِنْ لَمْ يَطَأْ فِيهِ طَلُقْنَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ ( وَإِنْ وَطِئَ وَاحِدَةً فَقَطْ طَلُقَتْ ثَلَاثًا ) لِأَنَّ لَهَا ثَلَاثَ صَوَاحِبَ لَمْ يَطَأْهُنَّ ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْبَاقِيَاتُ طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا ( أَوْ وَطِئَ اثْنَتَيْنِ ) فَقَطْ ( طَلُقَتَا طَلْقَتَيْنِ طَلْقَتَيْنِ ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَتَيْنِ لَمْ يَطَأْهُمَا ( وَ ) طَلُقَتْ ( الْأُخْرَيَانِ طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا ( أَوْ ) وَطِئَ ثَلَاثًا فَقَطْ ( فَطَلْقَةً طَلْقَةً ) تَطْلُقْنَ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا ( وَلَمْ تَطْلُقْ الرَّابِعَةُ ) إذْ لَيْسَ لَهَا صَاحِبَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ ( فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الْيَوْمَ ) فِي تَعْلِيقِهِ وَلَمْ يَطَأْ قَبْلَ مَوْتِهِ ( وَقَعَ الثَّلَاثُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهِنَّ وَبِمَوْتِ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ قَبْلَ الْوَطْءِ ( وَهُوَ حَيٌّ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَطَأُ الْبَاقِيَاتِ ( وَطَلَّقَ صَوَاحِبَهَا طَلْقَةً طَلْقَةً ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ صَاحِبَةً لَمْ يَطَأْهَا ( فَإِنْ مَاتَتْ الثَّانِيَةُ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثَانِيَةً قَبْلَ الْوَطْءِ ( تَبَيَّنَّا وُقُوعَ طَلْقَةٍ عَلَى الْمَيِّتَةِ قُبَيْلَ مَوْتِهَا وَ ) وَقَعَ ( عَلَى كُلٍّ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ طَلْقَةٌ أُخْرَى إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ ) وَإِلَّا

فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِنَّ شَيْءٌ ( فَإِنْ مَاتَتْ ثَالِثَةٌ ) قَبْلَ الْوَطْءِ ( فَطَلْقَتَانِ ) يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُمَا ( عَلَى الْأُولَيَيْنِ ) قَبْلَ مَوْتِهِمَا ( وَطَلُقَتْ الْبَاقِيَةُ ) طَلْقَةً ( ثَالِثَةً ) إنْ بَقِيَتْ الْعِدَّةُ ( فَإِنْ مَاتَتْ الرَّابِعَةُ ) قَبْلَ الْوَطْءِ ( تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الثَّلَاثِ عَلَى الْكُلِّ ) هَذَا ( إنْ لَمْ يَطَأْ فِي الْحَالَاتِ كُلِّهَا ) كَمَا تَقَرَّرَ فَإِنْ وَطِئَ كُلًّا مِنْهُنَّ قَبْلَ مَوْتِهَا لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَإِنْ وَطِئَ بَعْضَهُنَّ فَقَطْ فَلَا يَخْفَى حُكْمُهُ مِمَّا مَرَّ فِيمَا إذَا قَيَّدَ بِالْيَوْمِ .
( قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْعُمُومِ ) وَهُوَ هُنَا مَوْجُودٌ بِوُقُوعِ النَّكِرَةِ بَعْدَ النَّفْيِ الْعُمُومُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَدْلُولُ انْتِفَاءِ وَطْئِهِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَا يَتَحَقَّقُ شَرْطُ طَلَاقِهِنَّ إلَّا بِهِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى تَكْرِيرِ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا أَفَادَ التَّكْرِيرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ قَوْلُهُ فِيهَا أَيَّتُكُنَّ لَمْ أَطَأْهَا فَإِنَّ مَدْلُولَهُ أَنَّ انْتِفَاءَ وَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مُقْتَضٍ لِتَطْلِيقِ صَوَاحِبِهَا

( فَصْلٌ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِسَرِقَتِهَا مِنْهُ فَخَانَتْهُ فِي وَدِيعَةٍ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ خِيَانَةٌ لَا سَرِقَةٌ .

( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا إنْ ( كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ أَعَادَهُ طَلُقَتْ ) لِأَنَّهُ كَلَّمَهَا بِالْإِعَادَةِ ( وَكَذَا ) تَطْلُقُ بِقَوْلِهِ فَاعْلَمِي فِيمَا ( لَوْ قَالَ ) لَهَا إنْ كَلَّمْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ( فَاعْلَمِي وَإِذَا قَالَ ) لَهَا ( إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ إذَا بَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَكَلَّمَهَا ثُمَّ كَلَّمَتْهُ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَانْحَلَّتْ ) يَمِينُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِيَمِينِهَا ، وَيَمِينُهَا انْحَلَّتْ بِكَلَامِهِ أَوَّلًا فَلَوْ كَلَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ بَعْدُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ شَيْءٌ .
( وَكَذَا ) لَا يَقَعَانِ وَتَنْحَلُّ يَمِينَاهُمَا ( لَوْ قَالَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( إنْ بَدَأْتُك بِالسَّلَامِ ) إلَى آخِرِ مَا مَرَّ ( فَسَلَّمَا مَعًا ) لِعَدَمِ ابْتِدَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُشْكِلُ بِمَا مَرَّ فِي الْبِشَارَةِ لِأَنَّهَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهَا وَهِيَ مِنْهُمَا مَعًا أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهَا وَالْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ هُنَا ابْتِدَاءُ سَلَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَلَمْ يُوجَدْ .

( وَإِنْ قَالَ ) الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ ( إنْ أَخَذْت مَا لَكَ عَلَيَّ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَخَذَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ وَكِيلِهِ أَوْ بِتَلَصُّصٍ أَوْ انْتَزَعَهُ ) مِنْهُ ( مُكْرَهًا ) وَكَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا فِي الْجَمِيعِ أَوْ دَيْنًا وَرَضِيَ الْمَدِينُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِعْطَاءِ فِي الْأَخِيرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ وَمِثْلُهَا الثَّالِثَةُ ( طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ ( لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ ) فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ نَعَمْ إنْ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ أَخَذَهُ مِنْهُ كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي آخِرِ السَّلَمِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَطْلُقُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَلَوْ أَخَذَهُ ) مِنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَلَوْ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ ( السُّلْطَانُ وَأَعْطَاهُ ) لِلدَّائِنِ ( أَوْ غَرِمَهُ أَجْنَبِيٌّ ) عَنْ الْمَدِينِ ( لَمْ تَطْلُقْ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ امْتِنَاعِهِ فَكَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ السُّلْطَانِ مِنْ الدَّائِنِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ غَصْبٌ لَا أَخْذُ حَقٍّ وَأَمَّا عِنْدَ امْتِنَاعِهِ فَلِأَنَّهُ بَرِئَ بِأَخْذِ السُّلْطَانِ فَلَا يَصِيرُ بِأَخْذِهِ مِنْ السُّلْطَانِ آخِذًا حَقَّهُ عَلَى الْمَدِينِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ أَخَذَ بَدَلَ حَقِّهِ لَا نَفْسَ حَقِّهِ ( فَإِنْ قَالَ ) إنْ أَخَذْت مَالَك ( مِنِّي بَدَلَ ) إنْ أَخَذْت مَالَك ( عَلَيَّ لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَاءِ الْوَكِيلِ وَنَحْوِهِ ) مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالسُّلْطَانِ .

قَوْلُهُ لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهُ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَلَا تَطْلُقُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ أَكْرَهَهُ السُّلْطَانُ حَتَّى أَعْطَى بِنَفْسِهِ فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي فِعْلِ الْمُكْرَهِ قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ بِنَفْسِهِ أَمَّا إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى وَفَاءِ الْحَقِّ بِمُطْلَقِ الْإِعْطَاءِ فَيَحْنَثُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يُوَكِّلَ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا بِمُبَاشَرَةِ الْإِعْطَاءِ فَالْمُتَّجَهُ الْحِنْثُ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ .
( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا تَطْلُقُ ؛ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ بِحَقٍّ ) ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوَاضِعَ أَنَّ الْإِكْرَاهَ بِحَقٍّ يَمْنَعُ الْحِنْثَ أَيْضًا فَصُورَةُ مَا تَفَقَّهَهُ إذَا لَمْ يُكْرِهْهُ الْحَاكِمُ عَلَى أَخْذِهِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْحُكْمُ فِي الْإِكْرَاهِ بَيْنَ كَوْنِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ وَكَوْنِهِ بِحَقٍّ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي عَقْدٍ أَوْ حَلٍّ يَحْصُلُ بِصِحَّتِهِ أَوْ نُفُوذِهِ مَصْلَحَةٌ لِلْآدَمِيِّ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الطَّلَاقِ وَلَا يَفْتَرِقُ حُكْمُهُمَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ

( وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتُك حَقَّك ) فَامْرَأَتِي طَالِقٌ ( اُشْتُرِطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( اخْتِيَارُ الْمَدِينِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ اخْتِيَارِ الدَّائِنِ ( وَإِعْطَاؤُهُ ) بِنَفْسِهِ ( لَا ) إعْطَاءُ ( وَكِيلِهِ ) يَعْنِي لَا يَكْفِي إعْطَاءُ وَكِيلِهِ أَوْ نَحْوِهِ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْخُلْعِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
( قَوْلُهُ إنْ غَابَ عَنْهُ الْمُوَكِّلُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ مَرِيضَةً ) بِالنَّصْبِ ( لَمْ تَطْلُقْ إلَّا حَالَ الْمَرَضِ ) لِأَنَّ الْحَالَ كَالظَّرْفِ لِلْفِعْلِ ( وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ ) مَرِيضَةً كَذَلِكَ وَقِيلَ تَطْلُقُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ مَرِيضَةً صِفَةٌ لَهَا لَا حَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ يُقَالُ الرَّفْعُ لَيْسَ بِلَحْنٍ وَالتَّقْدِيرُ وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ فَالْجُمْلَةُ حَالٌ ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ الرِّفْعَةِ نَبَّهَ عَلَيْهِ وَكَالرَّفْعِ الْجَرُّ وَالسُّكُونُ .
( وَلَوْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( بِدُخُولِهِمَا ) أَيْ زَوْجَتَيْهِ ( الدَّارَيْنِ اُشْتُرِطَ ) لِوُقُوعِهِ ( دُخُولُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا الدَّارَيْنِ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِوَاحِدَةٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ اُشْتُرِطَ أَنْ تَدْخُلَهُمَا فَلَوْ دَخَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا إحْدَى الدَّارَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِأَكْلِهِمَا لِرَغِيفَيْنِ فَأَكَلَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُمَا ( رَغِيفًا ) وَالْمُرَادُ فَأَكَلَتَاهُمَا بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ ( طَلُقَتَا ) لِأَنَّهُمَا أَكْلَتَاهُمَا وَلَا يُمْكِنُ أَكْلُ كُلٍّ وَاحِدَةٍ الرَّغِيفَيْنِ بِخِلَافِ دُخُولِهِمَا الدَّارَيْنِ وَإِنَّمَا حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَكْلِهِمَا الرَّغِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَكْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا الرَّغِيفَيْنِ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ لِأَنَّ الْكُلِّيَّ الْإِفْرَادِيَّ إذَا تَعَذَّرَ حُمِلَ عَلَى الْمَجْمُوعِيِّ كَقَوْلِهِ إنْ دَفَنْتُمَا هَذَا الْمَيِّتَ .

( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ لَحَنَ فَرَفَعَ مَرِيضَةً ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّهُ لَيْسَ بِلَحْنٍ ؛ لِأَنَّ الْحَالَ تَجِيءُ جُمْلَةً اسْمِيَّةً وَقَدْ حُذِفَ صَدْرُهَا وَالتَّقْدِيرُ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ أَنْتِ مَرِيضَةٌ وَهَذَا الْحَذْفُ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ فَالصَّوَابُ الْحَمْلُ عَلَى الْحَالِ مَعَ الرَّفْعِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْفَرْقِ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ ، فَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ هَذَا فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ أَمَّا مَنْ لَا يَعْرِفُهَا وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ مُعَلَّقٌ بِاللَّفْظِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعْرِفَهُ أَوْ يَجْهَلَهُ كَصَرِيحِ الطَّلَاقِ وَكِنَايَتِهِ ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مُتَسَاوِيَانِ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّ الْإِعْرَابَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَقَاصِدِ وَالْأَغْرَاضِ فَإِذَا جُهِلَتْ عُدِمَتْ وَبَقِيَ الطَّلَاقُ مُنْفَرِدًا قَالَ وَسَكَتَ عَنْ حَالَةٍ ثَالِثَةٍ وَهِيَ أَنْ يَقِفَ بِالسُّكُونِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهَا الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ يُسْأَلُ عَنْ مُرَادِهِ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدَهُمَا حُمِلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْخَبَرِ دُونَ الشَّرْطِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَلِأَنَّ الشَّرْطَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْقَصْدِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ مَنْ مَالُهُ خَمْسُونَ ) وَقَدْ قِيلَ لَهُ أَنْت تَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ ( إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَأَنْت طَالِقٌ وَأَرَادَ أَنِّي لَا أَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى الْمِائَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( أَرَادَ أَنِّي أَمْلِكُ مِائَةً بِلَا زِيَادَةٍ طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا أَوْ قَالَ إنْ كُنْت لَا أَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَمْ تَطْلُقْ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الْوَصْفِ وَذِكْرُ لَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ التَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى تَرْكِ لَا كَمَا فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ الْأَصَحُّ أَنَّهَا تَطْلُقُ صَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِيهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ .
( قَوْلُهُ لَوْ قَالَ مِنْ مَالِهِ خَمْسُونَ إنْ كُنْت أَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ إلَخْ ) لَوْ قَالَ إنْ كَانَ فِي كَفَّيْ دَرَاهِمُ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَعَبْدِي حُرٌّ وَكَانَ فِي كَفِّهِ أَرْبَعَةٌ لَا يَعْتِقُ ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ فِي كَفِّهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ إنَّمَا هُوَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا دَرَاهِمَ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا إنْ كَانَ فِي كَفِّهِ سِتَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( بِالْخُرُوجِ ) أَيْ بِخُرُوجِهَا ( إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَخَرَجَتْ إلَيْهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ خَرَجَتْ لِغَيْرِهِ ثُمَّ عَدَلَتْ لَهُ ( وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا طَلُقَتْ ) لِأَنَّهَا خَرَجَتْ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ كَمَا لَوْ قَالَ إنْ كَلَّمْت زَيْدًا فَكَلَّمَتْ زَيْدًا وَعَمْرًا ( هَكَذَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ ) هُنَا ( وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ ) الْمَعْرُوفُ الْمَنْصُوصُ أَنَّهَا ( لَا تَطْلُقُ ) وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ الْخُرُوجُ لِمَقْصُودِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْحَمَّامِ وَهُنَا الْحَمَّامُ مَقْصُودٌ بِالْخُرُوجِ انْتَهَى وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ غَيْرَ الْحَمَّامِ فَقَطْ وَمَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا وَيُصَدَّقُ حِينَئِذٍ عَلَى الْخُرُوجِ لَهُمَا أَنَّهُ خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لَهُمَا خُرُوجٌ لِغَيْرِ الْحَمَّامِ .
قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ مَا هُنَاكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ إلَخْ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ فِي الْأَيْمَانِ إنْ خَرَجَتْ لِغَيْرِ عِبَادَةٍ ا هـ فَالْأَصَحُّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي مَسْأَلَتِنَا وَعَدَمُ وُقُوعِهِ فِي تِلْكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إلَى فِي مَسْأَلَتِنَا لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ الْمَكَانِيَّةِ أَيْ إنْ انْتَهَى خُرُوجُك لِغَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَدْ انْتَهَى لِغَيْرِهَا وَاللَّامُ فِي تِلْكَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنْ كَانَ خُرُوجُك لِأَجْلِ غَيْرِ الْعِبَادَةِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَخُرُوجُهَا لِأَجْلِهِمَا مَعًا لَيْسَ خُرُوجًا لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ

( وَإِنْ نَشَزَتْ ) فَخَرَجَتْ إلَى دَارِ أَبِيهَا مَثَلًا ( فَحَلَفَ ) بِالطَّلَاقِ لَا يَرُدُّهَا ( أَحَدٌ فَأَكْتَرَتْ ) بَهِيمَةً ( وَرَجَعَتْ إلَيْهِ مَعَ الْمُكَارِي ) مَثَلًا ( لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهُ صَحِبَهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا وَانْحَلَّتْ ) يَمِينُهُ فَلَوْ خَرَجَتْ فَرَدَّهَا الزَّوْجُ أَوْ غَيْرُهُ لَمْ تَطْلُقْ إذْ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَقْتَضِي تَكْرَارًا .

( فَصْلٌ قَوْلُهُ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ نِسَائِي طَالِقٌ تَعْلِيقٌ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ ( وَ ) قَوْلُهُ مُشِيرًا إلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( هَذِهِ الَّتِي تَدْخُلُ الدَّارَ طَالِقٌ تَنْجِيزٌ ) فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ ( وَإِنْ ادَّعَتْ ) عَلَيْهِ امْرَأَةٌ ( نِكَاحَهُ ) لَهَا ( فَأَنْكَرَ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ تَنْكِحْ ) غَيْرَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ نَكَحْتهَا وَأَنَا وَاجِدٌ طَوْلَ حُرَّةٍ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِطَلْقَةٍ لِأَنَّهُ ثَمَّ أَقَرَّ بِالنِّكَاحِ وَادَّعَى مُفْسِدًا وَهُنَا لَمْ يُقِرَّ أَصْلًا كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ الصَّحِيحِ إذْ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فُرْقَةُ فَسْخٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ آخِرَ الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ أَبْوَابِ النِّكَاحِ .

( وَقَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ لَا أَدْخُلُ ) هَذِهِ الدَّارَ ( تَعْلِيقٌ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَدَاةُ تَعْلِيقٍ فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَةُ الزَّوْجِ بِلَا مِثْلَ إنْ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي أَنْت طَالِقٌ لَا دَخَلْت الدَّارَ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ عَلَى أَصْلِ وَضْعِ التَّعْلِيقِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمُسْتَقْبَلٍ فَكَانَ ذَلِكَ تَعْلِيقًا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْمَاضِي .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لُغَتُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْمُضَارِعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ قَالَ حَلَفْت بِطَلَاقِك ) عَلَيَّ ( إنْ فَعَلْت ) كَذَا ( ثُمَّ قَالَ لَمْ أَحْلِفْ وَ ) إنَّمَا ( أَرَدْت تَخْوِيفَهَا دُيِّنَ ) وَطَلُقَتْ ظَاهِرًا إنْ فَعَلَتْ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ خَرَجْت أَنْت جَعَلْت أَمْرَك ) وَفِي نُسْخَةٍ أَمْرَ طَلَاقِك ( بِيَدِك فَقَالَتْ أَخْرُجُ فَجَعَلَهُ بِيَدِهَا فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا فَقَالَ أَرَدْت ) جَعْلَ ذَلِكَ ( بَعْدَ الْخُرُوجِ صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْهُ طَلُقَتْ فِي الْحَالِ .

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ أَبْرَأْت زَيْدًا ) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ ( فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا بِخِلَافِ ) مَا لَوْ قَالَ لَهَا ( إنْ أَبْرَأْتنِي ) مِنْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ فِي هَذِهِ دُونَ تِلْكَ فَكَانَ ذَلِكَ فِيهَا تَعْلِيقًا مَحْضًا .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ دَيْنِك ) أَيْ أَوْ مَهْرِك أَوْ صَدَاقِك .
( قَوْلُهُ فَأَبْرَأَتْهُ ) أَيْ فَوْرًا أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ إنْ غَابَتْ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً غَيْرَ مَأْذُونَةٍ فِي الْخُلْعِ بِهِ أَوْ عَلَّقَ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ .
( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِعَوْدِ مَنْفَعَةِ الْعِوَضِ إلَيْهِ إلَخْ ) يُخَالِفُهُ مَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِمَّا لَهَا عَلَيْهِ فَأَبْرَأَتْ كَانَ رَجْعِيًّا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْخِلَافُ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَوْ إسْقَاطٌ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ كَانَ خُلْعًا ، أَوْ إسْقَاطً فَلَا وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ زَكَاةٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ بِالْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ .
ا هـ .
وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ بِقَدْرِ الْمُبَرَّأِ مِنْهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ لَوْ ادَّعَتْ جَهْلَهَا بِقَدْرِ مَا أَبْرَأَتْ مِنْهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِالنِّسْبَةِ لِبَقَاءِ دَيْنِهَا وَإِنْ بَانَتْ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْإِبْرَاءَ تَمْلِيكٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ

( أَوْ قَالَ لِأُمِّهَا ابْنَتُك طَالِقٌ وَقَالَ أَرَدْت بِنْتَك الْأُخْرَى صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا مِنْهُ طَلَاقَ ابْنَتِهَا الَّتِي تَحْتَهُ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ فَعَلْت مَعْصِيَةً ) فَأَنْت طَالِقٌ ( لَمْ تَطْلُقْ بِتَرْكِ الطَّاعَةِ ) كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ فَلَوْ فَعَلَتْ مَعْصِيَةً كَسَرِقَةٍ وَزِنًا طَلُقَتْ .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي تَرْكِ الطَّاعَةِ أَنْ لَا تَطْلُقَ بِالزِّنَا إذَا كَانَ الْمَوْجُودُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ مُجَرَّدُ التَّمْكِينِ بِأَنْ كَشَفَ عَوْرَتَهَا فَسَكَتَتْ أَوْ كَانَتْ مَكْشُوفَةَ الْعَوْرَةِ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ تَرْكُ الدَّفْعِ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا مِنْهَا إلَّا التَّمْكِينُ مِنْهُ وَالسُّكُوتُ عَنْهُ تَمْكِينٌ وَقَدْ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الصَّوْمِ أَنَّهُ إذَا طُعِمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الدَّفْعِ أَنَّهُ يُفْطِرُ فَجُعِلَ السُّكُوتُ كَفِعْلِ الْأَكْلِ .
إلَخْ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ تَرْكٌ وَلَيْسَ بِفِعْلٍ ) نَظَرًا لِلْعُرْفِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ مَا ذُكِرَ إلَخْ ) مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ .
( قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا مَعْنًى لِلزِّنَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ أَنْت طَالِقٌ يَا طَالِقُ لَا طَلَّقْتُك وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ ) طَلْقَةٌ بِالنِّدَاءِ وَطَلْقَةٌ بِمَا قَبْلَهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِيَا طَالِقُ النِّدَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فَلَا يَقَعُ إلَّا وَاحِدَةٌ وَإِنْ كَانَتْ لُغَتُهُ بِلَا مِثْلَ إنْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالنِّدَاءِ ثُمَّ إنْ طَلَّقَ ثَانِيَةً وَقَعَتْ أُخْرَى إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا .
( أَوْ قَالَ إنْ وَطِئْت أَمَتِي بِغَيْرِ إذْنِك فَأَنْت طَالِقٌ ) فَاسْتَأْذَنَهَا ( فَقَالَتْ ) لَهُ ( طَأْهَا فِي عَيْنِهَا فَلَيْسَ بِإِذْنٍ ) نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا وَقَوْلُهَا فِي عَيْنِهَا تَوَسُّعًا فِي الْإِذْنِ لَا تَخْصِيصًا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقْبَلَ قَوْلُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّ الْحَالُ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْوَطْءِ كَانَ إذْنًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتُهُ فَقَالَ إنْ لَمْ تَكُونِي أَحْلَى مِنْ زَوْجَتِي فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ ) لِظَنِّهِ أَنَّهُ يُخَاطِبُ غَيْرَهَا وَهَذَا مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ أَبِي حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهَا تَطْلُقُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ لِأَنَّهَا هِيَ الْحُرَّةُ فَلَا تَكُونُ أَحْلَى مِنْ نَفْسِهَا وَإِلَى هَذَا مَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ الْأَوْجَهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( وَفِيهِ نَظَرٌ ) وَكَانَ الْأَنْسَبُ لَهُ بِكَلَامِ أَصْلِهِ أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ لَمْ تَطْلُقْ وَفِيهِ نَظَرٌ بِقَوْلِهِ فِيهِ خِلَافٌ وَلَوْ قَالَ طَلُقَتْ كَانَ أَوْلَى بِمَا مَالَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ) بَلْ هُوَ الْأَصَحُّ

( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ لَمْ تَتَغَدَّيْنَ مَعِي أَوْ ) إنْ ( لَمْ تُلْقِي الْمِفْتَاحَ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( وَلَمْ يُرِدْ فِي الْحَالِ حُمِلَ عَلَى التَّرَاخِي ) فَلَوْ تَغَدَّتْ مَعَهُ أَوْ أَلْقَتْ الْمِفْتَاحَ بَعْدَ مُدَّةٍ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ فِعْلِهَا ذَلِكَ طَلُقَتْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ مَاتَتْ أَوَّلًا وَإِلَّا فَقُبَيْلَ مَوْتِهِ إذَا مَاتَتْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا تَفْعَلُ قَبْلَ مَوْتِهَا فَلَا تَطْلُقُ فَإِنْ أَرَادَ فِي الْحَالِ فَامْتَنَعَتْ مِنْ ذَلِكَ طَلُقَتْ وَرَأَى الْبَغَوِيّ حَمْلَ الْمُطْلَقِ عَلَى الْحَالِ لِلْعَادَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ .

( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( إنْ لَمْ تَبِيعِي هَذِهِ الدَّجَاجَاتِ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَقَتَلَتْ وَاحِدَةً ) مِنْهَا أَوْ مَاتَتْ وَقَدْ تَمَكَّنَتْ مِنْ ذَبْحِهَا ( طَلُقَتْ ) لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَلَوْ جَرَحَتْهَا ثُمَّ بَاعَتْهَا فَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ ذُبِحَتْ لَمْ تَحِلَّ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ إنْ قَرَأْت عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ ) مَثَلًا ( بِلَا زِيَادَةٍ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( وَفِي حَدِّهَا ) أَيْ الْعَشْرِ ( خِلَافٌ ) لِلْقُرَّاءِ ( فَيَعْتَمِدُ ) الْمُسْتَفْتِي عَنْ ذَلِكَ ( قَوْلَ الْمُفْتِي وَإِنْ عَلَّقَهُ ) أَيْ الطَّلَاقَ ( بِقِرَاءَتِهَا ) أَيْ الْعَشْرِ ( فِي الصَّلَاةِ فَقَرَأَتْهَا ) فِيهَا ( ثُمَّ أَفْسَدَتْهَا ) أَيْ الصَّلَاةَ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ يَفْسُدُ أَوَّلُهَا بِفَسَادِ آخِرِهَا لَا يُقَالُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ مِنْ أَنَّ مَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّيَ يَحْنَثُ بِالتَّحْرِيمِ بِالصَّلَاةِ وَإِنْ أَفْسَدَهَا بَعْدُ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ هُنَا فِي الصَّلَاةِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ لَا أُصَلِّي صَلَاةً وَهُوَ وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ لَمْ يَحْنَثْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا كَمَا ذَكَرُوهُ ثَمَّ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ إلَخْ ) وَظَاهِرٌ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ إنَّهَا بَاعَتْ أَيْضًا مَا عَدَا الْمَجْرُوحَةَ فَانْدَفَعَ قَوْلُ الْفَتَى .
قَوْلُهُ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ طَلُقَتْ ؛ لِأَنَّ جَرْحَهَا هَذَا كَالْعَدَمِ وَإِنَّمَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِبَيْعِهِنَّ جَمِيعِهِنَّ إذَا الْحِنْثُ مُمْكِنٌ مَا بَقِيَ وَاحِدَةٌ إذْ لَعَلَّهَا تَمُوتُ فَيَحْنَثُ فَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ وَالْمَسْأَلَةُ مَنْقُولَةٌ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَوَقَعَ فِي الْأَصْفُونِيِّ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَتَنَبَّهْ الْإِسْنَوِيُّ لِهَذَا وَقَدْ نَبَّهْت عَلَيْهَا فِي مُهِمَّاتِ الْمُهِمَّاتِ فَسَلَّمَ الْمُصَنِّفُ بِحَذْفِهَا مِنْ هَذَا الِاعْتِرَاضِ

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ قَبَّلْت ضَرَّتَك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَقَبَّلَهَا مَيِّتَةً لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ ) تَعْلِيقِهِ بِتَقْبِيلِ ( أُمِّهِ ) فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِتَقْبِيلِهِ لَهَا مَيِّتَةً إذْ قُبْلَةُ الزَّوْجَةِ قُبْلَةُ شَهْوَةٍ وَلَا شَهْوَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقُبْلَةُ الْأُمِّ قُبْلَةُ كَرَامَةٍ فَيَسْتَوِي فِيهَا الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ غَسَلْت ثَوْبِي ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَغَسَلَهُ غَيْرُهَا ثُمَّ غَمَسَتْهُ ) هِيَ فِي الْمَاءِ ( تَنْظِيفًا ) لَهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الْعُرْفَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْغَسْلُ بِالصَّابُونِ وَالْأُشْنَانِ وَنَحْوِهِمَا وَإِزَالَةُ الْوَسَخِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ كُنْت حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي قَبْلَ هَذَا وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ .

وَلَوْ ( قَالَ إنْ ابْتَلَعْت شَيْئًا فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِابْتِلَاعِ رِيقِهَا إلَّا إنْ أَرَادَ شَيْئًا غَيْرَهُ ) فَلَا تَطْلُقُ بِذَلِكَ عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ ( أَوْ ) إنْ ابْتَلَعَتْ ( الرِّيقَ طَلُقَتْ بِكُلِّ رِيقٍ ) أَيْ رِيقِهَا أَوْ رِيقِ غَيْرِهَا ( فَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ رِيقِهَا ) أَيْ رِيقِ غَيْرِهَا ( دُيِّنَ ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرٌ أَوْ أَرَادَ رِيقَهَا قُبِلَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( بِضَرْبِهَا فَضَرَبَ غَيْرَهَا ) وَلَمْ يَعْلَمْ قَصْدَهُ ( فَأَصَابَهَا ) ضَرْبُهُ ( طَلُقَتْ وَلَا يُصَدَّقُ ) فِي ( أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا ) لِأَنَّ الضَّرْبَ يَقِينٌ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إظْهَارِ قَصْدِهِ قَبْلَ الضَّرْبِ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى تَصْدِيقِهِ كَأَنْ رَجَمَ ابْنَهُ أَوْ عَبْدَهُ بِحَجَرٍ وَهِيَ غَائِبَةٍ فَبَرَزَتْ مِنْ بَابِ الْبَيْتِ مَثَلًا فَأَصَابَهَا صُدِّقَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ أَمَّا إذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَصَدَ ضَرْبَ غَيْرِهَا فَلَا تَطْلُقُ كَالْمُكْرَهِ .
( قَوْلُهُ لَا يَصْدُقُ فِي أَنَّهُ قَصَدَ غَيْرَهَا ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ ظَاهِرَةٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِالدُّخُولِ ) أَيْ بِدُخُولِهِ ( عَلَى فُلَانٍ فَدَخَلَ ) هُوَ ( مَعَهُ ) أَوْ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُ فُلَانٌ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ وَإِنْ دَخَلَ فُلَانٌ وَحْدَهُ ثُمَّ دَخَلَ هُوَ عَلَيْهِ طَلُقَتْ لِوُجُودِهَا ( أَوْ ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ ( لَا يَخْرُجُ ) مِنْ الْبَلَدِ ( حَتَّى يَقْضِيَهُ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ فَعَمِلَ ) لَهُ ( بِبَعْضٍ ) مِنْ الدَّيْنِ ( وَقَضَى بَعْضَهُ بِغَيْرِهِ ) أَيْ الْعَمَلِ ( ثُمَّ خَرَجَ طَلُقَتْ فَإِنْ أَرَادَ قَضَاءَهُ ) لَهُ ( مُطْلَقًا قُبِلَ فِي الْحُكْمِ ) كَذَا فِي الْأَصْلِ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَلَطٌ فَإِنَّ الْمَجْزُومَ بِهِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ الْعَكْسُ فَقَالَ قَبْلَ قَوْلِهِ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ تَتَبَّعْت فَتَاوَى الْبَغَوِيّ فَرَأَيْت فِي بَعْضِهَا قُبِلَ ظَاهِرًا وَمِنْهَا أَخَذَ الرَّافِعِيُّ وَرَأَيْت فِي أَكْثَرِهَا قُبِلَ بَاطِنًا لَا ظَاهِرًا وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يُفَارِقُهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ فَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضًا حَنِثَ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ بَلْ عَوَّضَهُ وَهَذَا لَمْ يُوَفِّهِ دَيْنَهُ بِالْعَمَلِ بَلْ بِغَيْرِهِ .
( قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ صَوَابُ النَّقْلِ فَاعْتَمِدْهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ سُئِلَ الْمُطَلِّقُ ) لِزَوْجَتِهِ ( أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ طَلَّقْت وَقَالَ أَرَدْت وَاحِدَةً قُبِلَ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ( لِأَنَّ ) قَوْلَهُ ( طَلَّقْت لَيْسَ مُتَعَيِّنًا لِلْجَوَابِ فَقَدْ يُرِيدُ الْإِنْشَاءَ ) أَيْ إنْشَاءَ الْإِخْبَارِ أَوْ الطَّلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِأَنَّ قَوْلَهُ طَلَّقْتهَا صَالِحٌ لِلِابْتِدَاءِ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِلْجَوَابِ وَذِكْرُ ثَلَاثًا مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ حَسَنٌ .

( وَلَوْ عَلَّقَ ) طَلَاقَهَا ( بِسَرِقَةِ ذَهَبٍ فَسَرَقَتْ ) ذَهَبًا ( مَغْشُوشًا طَلُقَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِجَوَابِهَا ) لَهُ ( عَنْ خِطَابِهِ ) بِأَنْ قَالَ إنْ أَجَبْتنِي عَنْ خِطَابِي فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ خَاطَبَهَا ( فَقَصَدَتْ خِطَابَهُ بِآيَةٍ ) أَيْ بِقِرَاءَةِ آيَةٍ ( تَتَضَمَّنُ جَوَابَهُ طَلُقَتْ ) لِذَلِكَ وَإِنْ قَصَدَتْ مَعَهُ الْقِرَاءَةَ فَإِنْ كَذَّبَهَا فِي أَنَّهَا قَصَدَتْ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الْمُصَدِّقَةُ كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ وَإِنْ قَصَدَتْ بِهَا الْقِرَاءَةَ فَقَطْ أَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ قَصْدَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا قَصْدٌ لَمْ تَطْلُقْ ( أَوْ ) عَلَّقَهُ ( بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا ) مِنْ مَالِ مُوَرِّثِهَا ( وَقَدْ تَلِفَ ) كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ ( كَفَى ) فِي عَدَمِ وُقُوعِ طَلَاقِهَا ( الِاسْتِبْدَالُ ) عَنْهُ ( لَا ) إنْ اسْتَبْدَلَتْ عَنْهُ ( وَهُوَ بَاقٍ ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ ( وَلَا الْإِبْرَاءُ ) عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ اسْتِيفَاءً .
قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ إنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَ بِاسْتِيفَائِهَا إرْثَهَا إلَخْ ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَسْتَوْفِ حَقَّك مِنْ تَرِكَةِ أَبِيك تَامًّا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ إخْوَتُهَا قَدْ أَتْلَفُوا بَعْضَ التَّرِكَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِيفَاءِ حِصَّتِهَا مِنْ الْبَاقِي وَضَمَانِ التَّالِفِ وَلَا يَكْفِي الْإِبْرَاءُ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِالِاسْتِيفَاءِ إلَّا أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ

( وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ هَذَا ) الشَّيْءَ هُوَ ( الَّذِي أَخَذَتْهُ ) مِنْ فُلَانٍ ( فَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ غَيْرُهُ طَلُقَتْ ) لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى النَّفْيِ إلَّا أَنَّهُ نَفْيٌ يُحِيطُ الْعِلْمَ بِهِ وَزَادَ قَوْلَهُ ( إنْ تَعَمَّدَ ) لِيُخْرِجَ الْجَاهِلَ فَلَا تَطْلُقُ زَوْجَتُهُ لِأَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ إيَّاهُ وَهُوَ غَيْرُهُ يَكُونُ جَاهِلًا وَالْجَاهِلُ لَا يَحْنَثُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي أَوَّلِ الْأَيْمَانِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فَتَفَطَّنْ لَهُ وَاسْتَحْضِرْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ فِي الْفَتَاوَى وَقَدْ ذَهِلَ عَنْهُ الشَّيْخَانِ فِي مَسَائِلَ وَإِنْ كَانَا قَدْ تَفَطَّنَا لَهُ فِي مَسَائِلَ أُخَرَ وَتَقَدَّمَ فِيهِ كَلَامٌ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ ( وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا فَعَلْت ) كَذَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَا يَفْعَلُ كَذَا ( فَشَهِدَ عَدْلَانِ ) بِأَنْ أَخْبَرَا ( أَنَّهُ فَعَلَهُ فَظَنَّ صِدْقَهُمَا لَزِمَهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيِّ ( قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا ) إنَّمَا يَأْتِي ( إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي وَ ) مَا قَالَهُ ( هُوَ الْحَقُّ ) قَالَ أَعْنِي الْإِسْنَوِيَّ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ عِنْدَ تَصْدِيقِهِ قَالَ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِقَوْلِ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَفِيهِ نَظَرٌ أَيْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا لَمْ يَظُنَّ صِدْقَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ الْأَخْذُ بِالطَّلَاقِ وَطَرِيقُهُ فِي دَفْعِهِمَا أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ فَعَلَهُ نَاسِيًا إذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ هَذَا إذَا أَوْقَعْنَا طَلَاقَ النَّاسِي إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ حَمْلُ عِبَارَةِ الْأَصْلِ عَلَى مَا لَوْ حَلَفَ وَفَعَلَ عَامِدًا ثُمَّ نَسِيَ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ ذِكْرٍ وَتَذَكَّرَ الْحَالَ بِسَبَبِ ذَلِكَ كَاتِبُهُ .
( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ فَتَحَتْ إحْدَاهُنَّ ) أَيْ زَوْجَاتِهِ ( الْبَابَ فَقَالَ الْفَاتِحَةُ ) مِنْكُنَّ طَالِقٌ ( وَادَّعَتْهُ كُلُّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُنَّ لِإِمْكَانِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ ( وَلَيْسَ لَهُ التَّعْيِينُ ) لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( إنْ جَهِلَهَا ) أَيْ الْفَاتِحَةَ ( بِخِلَافِ ) الطَّلَاقِ ( الْمُبْهَمِ ) لِأَنَّ مَحَلَّ الطَّلَاقِ عُيِّنَ هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ ( وَلَوْ بَعَثَ إلَيْهِ ) غَيْرَهُ ( رَجُلًا وَ ) إنْ ( عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَمْضِ إلَيْهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَقَدْ بَعَثْته إلَيْك لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنْ يُقَالَ بَعَثَهُ فَلَمْ يَمْتَثِلْ .

( وَإِنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي ) كَأَنْ قَالَ إنْ لَمْ تُطِيعِينِي فَأَنْت طَالِقٌ ( طَلُقَتْ بِعِصْيَانِهَا أَمْرَهُ ) لَهَا بِشَيْءٍ ( أَوْ نَهْيَهُ ) لَهَا عَنْهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( لَا بِقَوْلِهَا ) لَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَمْرِهِ أَوْ نَهْيِهِ لَهَا ( لَا أُطِيعُك ) فَلَا تَطْلُقُ .

( أَوْ ) حَلَفَ بِالطَّلَاقِ ( إنْ دَخَلْت دَارَك ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت دَارَك فَأَنْت طَالِقٌ ( وَلَا دَارَ لَهَا ) وَقْتَ الْحَلِفِ ( طَلُقَتْ بِدُخُولِ كُلِّ دَارٍ مَلَكَتْهَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْحَلِفِ ( فَإِنْ قَالَ ) إنْ دَخَلْت دَارَك الْآنَ ( فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ ) فَلَا تَطْلُقُ وَإِنْ دَخَلَ دَارًا مَلَكَتْهَا بَعْدُ ( وَلَوْ أَقَرَّ بِتَحْرِيمِهَا عَلَيْهِ أَبَدًا لَمْ يُحْكَمْ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ ) وَلِأَنَّهُ قَدْ يَظُنُّ تَحْرِيمَهَا بِالْيَمِينِ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ .

( أَوْ قَالَ إنْ أَجَبْت كَلَامِي فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ غَيْرَهَا فَأَجَابَتْهُ هِيَ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُسَمَّى جَوَابًا إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُخَاطَبَةَ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ خَرَجْت بِغَيْرِ إذْنِي ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَأَخْرَجَهَا ) هُوَ ( فَهَلْ يَكُونُ إذْنًا ) لَهَا فِي الْخُرُوجِ أَوْ لَا ( وَجْهَانِ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ ) فَتَطْلُقُ .
( قَوْلُهُ الْقِيَاسُ الْمَنْعُ فَتَطْلُقُ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ وَمُرَادُهُ بِأَخْرَجَهَا دَفْعُهَا أَوْ جَرُّهَا لَا عَلَى وَجْهِ الْإِكْرَاهِ

( وَلَوْ قَالَ الْقَاضِي الْمَعْزُولُ امْرَأَةُ الْقَاضِي طَالِقٌ لَمْ يُؤَاخَذْ ) بِهِ ( إلَّا إنْ قَصَدَ نَفْسَهُ ) نَظِيرَ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ فِي الْبَابِ الثَّانِي فِيمَا لَوْ قَالَ مَنْ اسْمُهُ زَيْدٌ امْرَأَةُ زَيْدٍ طَالِقٌ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ مَنْقُولِهِ وَمَنْقُولُ الْمُصَنِّفِ فِيهِ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ ثَمَّ وَقِيلَ يُؤَاخِذُ بِهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَعْزُولِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنْ كَانَ فِيمَا قَرَّرَهُ نَظَرٌ .

( وَلَوْ لَبِسَ خُفَّ غَيْرِهِ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ ) أَنِّي مَا ( اسْتَبْدَلْت ) بِهِ خُفِّي ( فَإِنْ عَلِمَ ) بَعْدَ حَلِفِهِ ( أَنَّ خُفَّهُ مَعَ مَنْ خَرَجَ ) قَبْلَهُ مِمَّنْ كَانَ جَالِسًا مَعَهُ ( وَقَصَدَ أَنِّي لَمْ آخُذْ بَدَلَهُ كَانَ كَاذِبًا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا ) عِنْدَ حَلِفِهِ ( بِأَخْذِهِ ) أَيْ بِأَخْذِ بَدَلِهِ ( طَلُقَتْ أَوْ جَاهِلًا فَكَالنَّاسِي ) فَلَا تَطْلُقُ ( وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَهُوَ فِي الْعُرْفِ مُسْتَبْدِلٌ ) فَتَطْلُقُ ( وَفِي الْوَضْعِ ) وَهُوَ الْمُعْتَبَرُ كَمَا مَرَّ ( غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ ) لِعَدَمِ الطَّلَبِ فَلَا تَطْلُقُ ( وَإِنْ خَرَجَ وَقَدْ بَقِيَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ وَعَلِمَ أَنَّهُ ) أَيْ خُفَّهُ ( كَانَ بَاقِيًا أَوْ شَكَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي تَعَارُضِ الْوَضْعِ وَالْعُرْفِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ هُنَا مُسْتَبْدِلٌ عُرْفًا وَوَضْعًا ) وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ وَضْعًا لِعَدَمِ الطَّلَبِ .
قَوْلُهُ وَفِي نَظَرِهِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ نُحِتَتْ خَشَبَةً فَقَالَ إنْ عُدْت لِمِثْلِهِ ) أَيْ لِمِثْلِ هَذَا الْفِعْلِ ( فَأَنْت طَالِقٌ فَنَحَتَتْ ) خَشَبَةً ( غَيْرَهَا ) وَلَوْ مِنْ شَجَرَةٍ أُخْرَى ( طَلُقَتْ ) لِأَنَّ النَّحْتَ كَالنَّحْتِ .

( وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ تَخْرُجِي اللَّيْلَةَ مِنْ دَارِي فَأَنْت طَالِقٌ ) ثَلَاثًا ( فَخَالَعَهَا ) بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَجْنَبِيٍّ فِي اللَّيْلِ وَإِنْ تَمَكَّنَتْ قَبْلَهُ مِنْ الْخُرُوجِ ( ثُمَّ جَدَّدَ ) نِكَاحَهَا أَوْ لَمْ يُجَدِّدْهُ ( وَ ) إنْ ( لَمْ تَخْرُجْ لَمْ تَطْلُقْ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ مَحِلُّ الْيَمِينِ وَلَمْ يَمْضِ كُلُّ اللَّيْلِ وَهِيَ زَوْجَتُهُ لَهُ حَتَّى تَطْلُقَ لَكِنْ أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ بِذَلِكَ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فِي مُدَّةِ كَذَا بَعْدَ أَنْ أَفْتَى بِخِلَافِهِ وَقَالَ تَبَيَّنَ لِي أَنَّهُ خَطَأٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يُنْتَظَرْ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ طَلُقَتْ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَطَلَ الْخُلْعُ انْتَهَى وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ بَائِنًا كَمَا مَثَّلْنَا لَزِمَ أَنْ لَا يَصِحَّ الْخُلْعُ كَمَا قَالَ لَكِنْ لَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهَا تَطْلُقُ قَبْلَ الْخُلْعِ لِبَقَائِهَا مَحَلًّا لِلطَّلَاقِ مَعَ عَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْخُرُوجِ حِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ أَنْ لَا تَطْلُقَ إلَّا قُبَيْلَ الْفَجْرِ وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ مَفْرُوضٌ فِي الْبَائِنِ وَأَنَّ وُقُوعَهُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ وُقُوعِهِ فَلَا يَقَعُ لِلدَّوْرِ وَيَصِحُّ الْخُلْعُ إذْ لَا مَانِعَ .
( قَوْلُهُ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ إنْ كَانَ رَجْعِيًّا صَحَّ الْخُلْعُ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ إنَّهُ بَاطِلٌ ) إنَّمَا أَفْتَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فِيمَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَقَدْ أَوْضَحْته فِي أَوَائِلِ الْخُلْعِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا الْقِيَاسَ أَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ رَجْعِيًّا وَقَعَ الطَّلَاقُ قُبَيْلَ الْخُلْعِ وَصَحَّ الْخُلْعُ

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ ) مِنْ الْبَلَدِ ( إلَّا مَعَهَا ) فَخَرَجَا ( فَسَبَقَهَا بِخُطُوَاتٍ أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَضْرِبُهَا إلَّا بِوَاجِبٍ فَشَتَمَتْهُ فَضَرَبَهَا بِالْخَشَبِ ) مَثَلًا ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِلْعُرْفِ فِي الْأُولَى وَلِضَرْبِهِ لَهَا بِوَاجِبٍ فِي الثَّانِيَةِ إذْ الْمُرَادُ فِيهَا بِالْوَاجِبِ مَا تَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ عَلَيْهِ تَأْدِيبًا .

( أَوْ قَالَ إنْ رَأَيْت مِنْ أُخْتِي شَيْئًا وَلَمْ تُعْلِمِينِي ) بِهِ ( فَأَنْت طَالِقٌ حُمِلَ عَلَى ) مُوجِبِ ( الرِّيبَةِ وَ ) مُوهِمِ ( الْفَاحِشَةِ ) دُونَ مَا لَا يَقْصِدُ الْعِلْمَ بِهِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ ( وَكَانَ ) إعْلَامُهَا بِهِ ( عَلَى التَّرَاخِي ) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُهَا بِهِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ أَخَذَتْ لَهُ دِينَارًا فَقَالَ إنْ لَمْ تُعْطِينِي الدِّينَارَ فَأَنْت طَالِقٌ وَ ) كَانَتْ قَدْ أَنْفَقَتْهُ ( لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِالْيَأْسِ ) مِنْ إعْطَائِهَا لَهُ بِالْمَوْتِ ( فَإِنْ تَلِفَ ) الدِّينَارُ ( قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الرَّدِّ ) لَهُ ( فَكَمُكْرَهَةٍ ) أَيْ فَكَالْمُكْرَهِ عَلَى الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا تَطْلُقُ أَوْ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ طَلُقَتْ وَلَا يُشْكِلُ بِعَدَمِ طَلَاقِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ السَّابِقَةِ إذَا خَالَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ خُرُوجُهَا لِأَنَّ مَحِلَّ الطَّلَاقِ فِي تِلْكَ زَالَ بِخِلَافِهِ هُنَا ( وَهُنَا ) فِي الْأَصْلِ .

( مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ ) فِي الطَّرَفِ الرَّابِعِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْحَيْضِ وَهِيَ مَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِرُؤْيَتِهَا الدَّمَ حُمِلَ عَلَى دَمِ الْحَيْضِ وَذَكَرَ هُنَا أُخْرَى قَدَّمْتهَا فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ مَعَ مَا فِيهَا وَكَثِيرًا مَا يَفْعَلُ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ وَلَا يُنَبِّهُ عَلَيْهِ ( وَلَوْ عَلَّقَ بِدُخُولِ هَذِهِ الدَّارَ وَأَشَارَ إلَى مَوْضِعٍ ) مِنْهَا ( فَدَخَلَتْ غَيْرَهُ ) مِنْهَا ( طَلُقَتْ ) ظَاهِرًا ( وَدُيِّنَ ) نَعَمْ إنْ اشْتَمَلَتْ الدَّارُ عَلَى حُجَرٍ فَأَشَارَ إلَى حُجْرَةٍ مِنْهَا فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ ظَاهِرًا لَا سِيَّمَا إذَا انْفَرَدَتْ بِمَرَافِقِهَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ الْقَبُولُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ قَالَ إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ ) بِالْمُثَنَّاةِ أَيْ فِي جَمَاعَةِ النِّسَاءِ فِي الْمَصَائِبِ ( فَأَمَتِي حُرَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا ) أَيْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ فِي الْمَأْتَمِ وَالْأَمَةُ فِي الْحَمَّامِ ( عَتَقَتْ ) أَمَتُهُ لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَلَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ لِأَنَّ الْأَمَةَ عَتَقَتْ بِالتَّعْلِيقِ ) الْأَوَّلِ أَيْ عِنْدَ تَمَامِهِ ( فَلَمْ تَبْقَ أَمَتُهُ بَعْدَهُ وَإِنْ قَدَّمَ ) التَّعْلِيقَ ( بِالْأَمَةِ ) أَيْ بِكَوْنِهَا فِي الْمَأْتَمِ فَقَالَ إنْ كَانَتْ أَمَتِي فِي الْمَأْتَمِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْحَمَّامِ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَكَانَتَا فِيهِمَا ( وَقَعَا ) أَيْ الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ لَكِنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ ( إنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمَرْأَةُ ( رَجْعِيَّةً وَإِلَّا فَلَا عِتْقَ ) لِأَنَّهَا بَانَتْ عِنْدَ تَمَامِ التَّعْلِيقِ الْأَوَّلِ فَلَمْ تَبْقَ امْرَأَتَهُ بَعْدَهُ ( أَوْ ) قَالَ ( إنْ كَانَتْ امْرَأَتِي فِي الْمَأْتَمِ وَأَمَتِي فِي الْحَمَّامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَأَمَتِي حُرَّةٌ ) فَكَانَتَا فِيهِمَا ( وَقَعَا ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ .

( وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ بِمُضِيِّ يَوْمٍ لَمْ تَأْكُلْ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( تُفَّاحَتَهَا فِيهِ ) بِأَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت طَالِقٌ وَقَالَ لِأَمَتِهِ إنْ لَمْ تَأْكُلِي تُفَّاحَتَك الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ ( فَاشْتَبَهَتَا وَأَكَلَتَا ) هُمَا بِأَنْ أَكَلَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَاحِدَةً ( وَلَوْ بِلَا تَحَرٍّ ) مِنْهَا وَمِنْ الزَّوْجِ فِي أَنَّ مَا أَكَلَتْهَا تُفَّاحَتُهَا ( فَلَا شَيْءَ ) مِنْ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ يَقَعُ ( لِلشَّكِّ ) وَقِيلَ يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ أَكَلَتْهُمَا الْحُرَّةُ ) الْأَوْلَى الْمَرْأَةُ ( وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ ) مِنْ الْمَرْأَةِ أَوْ غَيْرِهَا ( تَخَلَّصَ ) مِنْ الْحِنْثِ ( بِيَقِينٍ ) وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ فِي يَوْمِهِ ثُمَّ جَدَّدَ النِّكَاحَ وَالشِّرَاءَ كَمَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ ضَعَّفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ وَكَذَا لَوْ أَكَلَتْهُمَا الْأَمَةُ وَخَالَعَ الزَّوْجَةَ وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَا رَجَّحَهُ الْأَصْلُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ بَلْ يَنْتَظِرُ الْحَالَ فَإِنْ لَمْ يَأْكُلَا فِي الْيَوْمِ وَقَعَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الْخُلْعِ وَالْعِتْقُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَبِأَنَّ بُطْلَانَهُمَا مَرْدُودٌ بِمَا رَدَدْت بِهِ كَلَامَ ابْنِ الرِّفْعَةِ السَّابِقَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا مَرَّ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ مَحَلُّهُ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَمَا هُنَا فِي الْبَائِنِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ خَالَعَ الزَّوْجَةَ وَبَاعَ الْأَمَةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَلِّصٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ التَّطْلِيقِ إلَخْ ) قَدْ ذَكَرْت هُنَاكَ الْفَرْقَ بَيْنَ نَفْيِ التَّطْلِيقِ وَنَفْيِ غَيْرِهِ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْبَيْنُونَةَ تَمْنَعُ مِنْ وُجُودِ الْحِنْثِ فِي التَّعْلِيقِ بِنَفْيِ غَيْرِ التَّطْلِيقِ

( وَلَوْ قَالَ إنْ كَانَ هَذَا مِلْكِي فَأَنْت طَالِقٌ فَوَكَّلَ مَنْ يَبِيعُهُ ) أَوْ بَاعَهُ بِنَفْسِهِ ( لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا بِالْمِلْكِ ) أَيْ بِأَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا تَطْلُقُ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي التَّوْكِيلِ أَوْ فِي الْبَيْعِ أَوْ وَلِيًّا .

( وَإِنْ قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْتُمَا طَالِقَانِ أَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا كَلَّمْت رَجُلًا فَأَنْت طَالِقٌ فَكَلَّمَ رَجُلَيْنِ ) وَلَوْ بِكَلِمَةٍ ( وَقَعَ طَلْقَتَانِ طَلْقَتَانِ ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالْوَاحِدَةِ فِي الثَّانِيَةِ طَلْقَتَانِ لِأَنَّ كُلَّمَا لِلتَّكْرَارِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ الطَّلْقَاتُ الثَّلَاثُ .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَلَّمَ ثَلَاثَةً وَقَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ التَّطْلِيقَاتُ الثَّلَاثَةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( حَنِثَ بِثَلَاثٍ ) أَيْ بِتَزَوُّجِهِنَّ لِأَنَّهُنَّ أَقَلُّ الْجَمْعِ وَمِثْلُهَا إنْ اشْتَرَيْت الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ إنْ خَرَجْت ) مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ( فَتَعَلَّقَتْ بِغُصْنِ شَجَرَةِ الدَّارِ الْخَارِجَةِ ) عَنْهَا ( طَلُقَتْ أَوْ إنْ لَمْ تَصُومِي غَدًا ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَحَاضَتْ فَمُكْرَهَةٌ ) أَيْ فَكَمُكْرَهَةٍ فَلَا تَطْلُقُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ نَقْلًا عَنْ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ إنْ لَمْ تُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ فَأَنْت طَالِقٌ فَحَاضَتْ وَقْتَ الظُّهْرِ فَإِنْ مَضَى زَمَنُ إمْكَانِ الصَّلَاةِ طَلُقَتْ وَإِلَّا فَلَا .
( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ إنْ تَزَوَّجْت النِّسَاءَ أَوْ اشْتَرَيْت الْعَبِيدَ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بِثَلَاثٍ مِنْ كُلٍّ

( أَوْ ) قَالَ لِنِسْوَتِهِ ( مَنْ حَمَلَتْ مِنْكُنَّ هَذِهِ الْخَشَبَةَ ) فَهِيَ طَالِقٌ ( فَحَمَلَهَا ) مِنْهُنَّ ( أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ لَمْ يَطْلُقْنَ إلَّا إنْ كَانَتْ الْوَاحِدَةُ تَعْجِزُ ) عَنْ حَمْلِهَا فَتَطْلُقْنَ نَظَرًا لِلْعُرْفِ ( وَهُنَا ) فِي الْأَصْلِ .

( مَسْأَلَةٌ سَبَقَتْ ) فِي أَوَاخِرِ الطَّرَفِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَابِ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ عَنْ مُوَكِّلِهِ وَفِيهِ بُعْدٌ ( وَمَتَى حَلَفَ ) بِالطَّلَاقِ ( لَيَطَؤُهَا اللَّيْلَةَ فَتَرَكَهُ ) أَيْ الْوَطْءَ ( لِحَيْضٍ ) أَوْ نَحْوِهِ كَإِحْرَامٍ طَرَأَ لَهَا ( فَمُكْرَهٌ ) أَيْ فَكَمُكْرَهٍ فَلَا تَطْلُقُ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّ طَلَاقَ الْوَكِيلِ يَقَعُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إيقَاعَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) حَلَفَ بِأَنَّهُ ( إنْ لَمْ يُشْبِعْهَا جِمَاعًا ) فَهِيَ طَالِقٌ ( فَلْيَطَأْهَا حَتَّى يُنْزِلَ ) مَنِيَّهَا بِأَنْ تَقَرَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ لَا أُرِيدُ الْجِمَاعَ ( أَوْ ) حَتَّى ( تَسْكُنَ لَذَّتُهَا ) أَيْ شَهْوَتُهَا وَكَانَتْ هِيَ لَا تُنْزِلُ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ ) فَلَا تَطْلُقُ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فَتَطْلُقُ فِي الْحَالِ ) فَإِنْ قِيلَ فَإِذَا قَالَ إنْ لَمْ تُحْيِي مَيِّتًا فَلَا يَقَعُ إلَّا قُبَيْلَ الْمَوْتِ قُلْنَا إنَّمَا تَنَجَّزَ الطَّلَاقُ ؛ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ إنَّمَا يَثْبُتُ حَيْثُ يُمْكِنُ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ فَيُرْتَقَبُ حُصُولُهُ كَيْفَ وَقَدْ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَيْمَانِ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مُمْتَنِعِ الْحِنْثِ دُونَ مُمْتَنِعِ الْبِرِّ وَهَذَا شَيْءٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَبِيتُ عِنْدَهَا فَبَاتَ فِي مَنْزِلِهَا وَقَدْ ) خَرَجَتْ مِنْهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الْمَبِيتَ عِنْدَهَا يَفْتَقِرُ إلَى حُضُورِهَا .

( وَلَوْ حَلَفَ لَيَصِيدَنَّ هَذَا الطَّائِرَ الْيَوْمَ فَاصْطَادَ طَائِرًا فَادَّعَى أَنَّهُ هُوَ ) وَكَذَّبَتْهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِاحْتِمَالِ قَوْلِهِ ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ النِّكَاحِ ( وَكَذَا ) لَا تَطْلُقُ ( لَوْ جُهِلَ ) الْحَالُ ( وَاحْتَمَلَ ) الْأَمْرُ أَنَّ لِلْأَصْلِ الْمَذْكُورِ وَكَنَظِيرِهِ فِي أَنْت طَالِقُ إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الْيَوْمَ الدَّارَ وَجَهِلَ دُخُولَهُ وَتَقَدَّمَ أَوَاخِرَ الْبَابِ الرَّابِعِ نَظِيرُ ذَلِكَ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ .

( وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك الطَّلْقَةَ الرَّابِعَةَ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَجْهَانِ يَقْرُبَانِ مِنْ الْخِلَافِ فِي التَّعْلِيقِ بِالْمُحَالِ وَقِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَعْلِيقٌ بِمُحَالٍ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ تَشْتَهِهِ أَنْ تَقُولَ هُنَا كَذَلِكَ فَلَا تَطْلُقُ .
( قَوْلُهُ فَفِي وُقُوعِهِ تَرَدُّدٌ ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَصَحُّ مِنْهُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى

( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْإِمَامِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَأَدْرَكَهُ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الْأُولَى لَمْ تَطْلُقْ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ الْجَمِيعَ وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ أَطَأْك غَدًا فِي وَسَطِ السُّوقِ فَأَنْت طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَدْخُلَا مَعًا فِي هَوْدَجٍ وَيَطَأَهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ إذَا بَلَغَ وَلَدِي الْخِتَانَ فَلَمْ أَخْتِنْهُ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ قَالَ الْبُوشَنْجِيُّ الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ إذَا بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْخِتَانَ فَلَمْ يَخْتِنْهُ حَنِثَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَوْقِيتٌ فَيُقَدَّرُ بِالْإِمْكَانِ وَقَالَ الْعَبَّادِيُّ وَقْتُهُ يَوْمُ السَّابِعِ مِنْ وِلَادَتِهِ قَالَ الْغَزَالِيُّ لَوْ قَالَ إنْ سَافَرْت فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ بِالسَّفَرِ الْقَصِيرِ وَلَوْ إلَى رُسْتَاقِ الْبَلَدِ .

( فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ ) مَثَلًا ( فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُفْطِرُ بِالْكُوفَةِ ) مَثَلًا وَكَانَ يَوْمَ الْفِطْرِ بِهَا ( فَأَمْسَكَ بِهَا يَوْمَ الْفِطْرِ لَمْ يَحْنَثْ ) عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِمَا مِنْ حَمْلِ الْمُسَاكَنَةِ عَلَى جَمِيعِ الْمُدَّةِ وَالْإِفْطَارِ عَلَى تَنَاوُلِ الْمَأْكُولِ أَوْ الْمَشْرُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ يَحْنَثُ بِتَكْلِيمِهِ فِيهِ مَرَّةً عَمَلًا بِالْعُرْفِ فِيهِ أَيْضًا ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُعَيِّدُ بِهَا ) أَيْ بِالْكُوفَةِ فَأَقَامَ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ أَوْ مُعْظَمَهُ ( حَنِثَ وَلَوْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْعِيدِ ) لِلْعُرْفِ مِنْ حَمْلِ التَّعْيِيدِ بِمَكَانٍ عَلَى الْإِقَامَةِ بِهِ .
( فَصْلٌ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ شَهْرَ رَمَضَانَ ) .
( قَوْلُهُ فَسَاكَنَهُ بَعْضَهُ إلَخْ ) لَوْ حَلَفَ لَا يُشَتِّي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ هَذِهِ السَّنَةَ وَأَقَامَ بِهَا أَكْثَرَ الشِّتَاءِ ثُمَّ رَحَلَ مِنْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى لَفْظِهِ جَمِيعُ الشِّتَاءِ إذْ حَقِيقَتُهُ جَمِيعُهُ .

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ أَكَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ رَغِيفٍ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( حَنِثَ بِرَغِيفٍ وَأُدُمٍ ) أَيْ بِأَكْلِهِمَا وَقَوْلُهُ بِرَغِيفٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِخُبْزٍ أَوْ قَالَ إنْ أَكَلَتْ الْيَوْمَ إلَّا رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْ رَغِيفًا ثُمَّ فَاكِهَةً حَنِثَ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِثُمَّ نَظَرٌ .

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ أَدْرَكْت الظُّهْرَ مَعَ الْجَمَاعَةِ فَأَنْت طَالِقٌ فَفَاتَتْهُ رَكْعَةٌ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الظُّهْرَ عِبَارَةٌ عَنْ الرَّكَعَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَمْ يُدْرِكْهَا بَلْ أَدْرَكَ بَعْضَهَا .

( وَإِنْ قَالَ لِمُطَلَّقَاتِهِ ) طَلَاقًا رَجْعِيًّا ( كُلُّ وَاحِدَةٍ ) مِنْكُنَّ ( أُرَاجِعُهَا طَالِقٌ كُلَّمَا كَلَّمْت فُلَانًا فَكُلَّمَا كَلَّمَهُ طَلَّقَ مَنْ رَاجَعَهَا مِنْهُنَّ ) قَبْلَ تَكْلِيمِهِ ( فَإِنْ رَاجَعَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( ثُمَّ كَلَّمَهُ ) طَلُقَتْ ( ثُمَّ ) إنْ رَاجَعَ ( أُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ الْأُخْرَى حَتَّى يُكَلِّمَهُ ) لِأَنَّ شَرْطَ الْحِنْثِ التَّكْلِيمُ بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَلَمْ يُوجَدْ ( أَوْ ) قَالَ ( آخِرُ مَنْ أُرَاجِعُهَا ) طَالِقٌ مِنْكُنَّ ( فَرَاجَعَ ثَلَاثًا مُرَتِّبًا وَمَاتَ تَبَيَّنَّا طَلَاقَ الثَّالِثَةِ ) أَيْ وُقُوعَهُ بِوُجُودِ الصِّفَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا آخِرَ مَنْ رَاجَعَهَا ( فَلَا تَرِثُهُ إنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ) قَبْلَ مَوْتِهِ ( وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ ) أَيْ مَهْرُ مِثْلِهَا ( إنْ ) كَانَ ( وَطِئَهَا ) وَقَوْلُهُ مُرَتِّبًا مِنْ زِيَادَتِهِ لِيَخْرُجَ مَا لَوْ رَاجَعَهُنَّ مَعًا أَمَّا لَوْ رَاجَعَ وَاحِدَةً ثُمَّ ثِنْتَيْنِ مَعًا أَوْ ثِنْتَيْنِ مَعًا ثُمَّ ثَالِثَةً فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ ( فَإِنْ طَلَّقَ الْأُولَى ) بَعْدَ مُرَاجَعَتِهَا ( ثُمَّ رَاجَعَهَا بَعْدَهُنَّ ) أَيْ بَعْدَ مُرَاجَعَتِهِنَّ ( فَهِيَ الْأَخِيرَةُ ) بَعْدَمَا كَانَتْ الْأُولَى وَتَبَيَّنَ أَنَّ الثَّالِثَةَ لَيْسَتْ أَخِيرَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ ( وَالتَّعْلِيقُ ) لِلطَّلَاقِ ( بِالنِّكَاحِ يُحْمَلُ عَلَى الْعَقْدِ ) لَا الْوَطْءِ ( إنْ لَمْ يَنْوِ الْوَطْءَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يَكُنْ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِإِرَادَتِهِ .
قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّا نَتَبَيَّنُ طَلَاقَ الثِّنْتَيْنِ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ فِي الثَّانِيَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يَأْتِي فِي الثَّانِيَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ قَالَ إنْ لَمْ تُمَكِّنِينِي السَّاعَةَ ) مِنْ الْوَطْءِ فَأَنْت طَالِقٌ ( فَأَخَّرَتْ حَتَّى مَضَتْ السَّاعَةُ طَلُقَتْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ إطْلَاقَ السَّاعَةِ مَحْمُولٌ عَلَى الْفَوْرِ لَا عَلَى السَّاعَةِ الزَّمَانِيَّةِ ( أَوْ إنْ كَلَّمْت بَنِي آدَمَ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( اُشْتُرِطَ ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ ( ثَلَاثَةً ) أَيْ تَكْلِيمُ ثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ لِأَنَّهَا أَقَلُّ الْجَمْعِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ طَلَاقَ السَّاعَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا فَامْرَأَتِي طَالِقٌ انْعَقَدَ مَا أَرَادَ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ الْيَمِينَيْنِ مُفْرَدًا أَوْ جَمْعًا حَتَّى لَوْ قَالَ أَرَدْتهمَا مَعًا عُمِلَ بِمُرَادِهِ ( وَ ) قَوْلُهُ ( أَنْتِ طَالِقٌ فِي الدَّارِ كَقَوْلِهِ ) أَنْت طَالِقٌ ( إنْ دَخَلْت الدَّارَ ) فَلَا تَطْلُقُ قَبْلَ دُخُولِهَا كَمَا لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ فِي غَدٍ فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ قَبْلَ مَجِيئِهِ ( أَوْ ) قَالَ لِاثْنَتَيْنِ ( إنْ مَلَكْتُمَا عَبْدًا فَأَنْت ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّافِعِيِّ فَامْرَأَتِي ( طَالِقٌ اُشْتُرِطَ ) لِلْحِنْثِ ( اجْتِمَاعُ مِلْكَيْهِمَا عَلَيْهِ ) حَتَّى لَوْ مَلَكَهُ أَحَدُهُمَا ثُمَّ بَاعَهُ لِلْآخَرِ لَمْ يَحْنَثْ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يَحْنَثُ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا ( أَوْ إنْ لَبِسْت قَمِيصَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ طَلُقَتْ بِلُبْسِهِمَا وَلَوْ مُتَوَالِيَيْنِ أَوْ إنْ اغْتَسَلْت ) فَأَنْت طَالِقٌ ( طَلُقَتْ بِالْغُسْلِ ) وَلَوْ عَنْ غَيْرِ جَنَابَةٍ ( فَإِنْ أَرَادَ ) الْغُسْلَ ( مِنْ جَنَابَةٍ دُيِّنَ ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا نَعَمْ إنْ كَانَ ثَمَّ قَرِينَةٌ كَمَا لَوْ رَاوَدَهَا فَامْتَنَعَتْ فَغَضِبَ فَحَلَفَ كَذَلِكَ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ .
( قَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ ظَاهِرًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أُكَلِّمُهُ يَوْمًا وَهُوَ ) أَيْ وَقْتَ حَلِفِهِ ( لَيْلٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ حُمِلَ ) عَدَمُ كَلَامِهِ لَهُ ( عَلَى الْغَدِ فَلَهُ تَكْلِيمُهُ قَبْلَهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذِكْرُ الْيَوْمِ مُعَرَّفًا وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ وَالْيَوْمُ يُطْلَقُ وَيُرَادُ بِهِ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ وَلَوْ لَيْلًا .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الْمُعْتَمَدَةِ ذَكَرَ الْيَوْمَ مُعَرَّفًا ) وَبِهِ عَبَّرَ فِي الْأَنْوَارِ .
( قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَفِي تَكْلِيمِهِ لَهُ قَبْلَهُ نَظَرٌ إلَخْ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ إطْلَاقَهُ عَلَى اللَّيْلِ مَجَازٌ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَ إطْلَاقِهِ

( أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثَلَاثًا ) مَثَلًا ( وَقَالَ أَرَدْت ) أَنَّهَا تَطْلُقُ ( وَاحِدَةً إنْ دَخَلَتْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت أَنَّهَا تَطْلُقُ الْعَدَدَ الْمَذْكُورَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا يَقْتَضِيهِ فِيمَا لَوْ أَطْلَقَ لَكِنْ الْأَوْجَهُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ لِلشَّكِّ فِي مُوجِبِ الثَّلَاثِ .
( قَوْلُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهَا تَطْلُقُ وَاحِدَةً فَقَطْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( وَلَهَا بُسْتَانٌ بَابُهُ ) مَفْتُوحٌ ( إلَيْهَا وَهُوَ مَعْدُودٌ مِنْهَا فَلَهُ حُكْمُهَا ) فَلَا تَطْلُقُ بِخُرُوجِهَا مِنْهُ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْدُودًا مِنْهَا طَلُقَتْ بِذَلِكَ .

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أَتَزَوَّجُ مَا دَامَ أَبَوَايَ ) حَيَّيْنِ ( وَمَاتَ أَحَدُهُمَا فَلْيَتَزَوَّجْ ) وَلَا يَحْنَثُ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَطْعَنُهَا بِنَصْلِ هَذَا الرُّمْحِ ) أَوْ السَّهْمِ ( حَنِثَ ) بِطَعْنِهَا بِهِ وَلَوْ ( مَنْزُوعًا ) مِنْ الرُّمْحِ أَوْ السَّهْمِ ( وَمُرَكَّبًا فِي غَيْرِهِ أَوْ إنْ شَتَمْتنِي وَلَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ فَلَعَنَتْهُ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِالْأَمْرَيْنِ وَلَمْ يُوجَدَا وَكَذَا لَوْ قَالَ إنْ شَتَمْتنِي وَإِنْ لَعَنْتنِي فَأَنْت طَالِقٌ عَلَى مَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْأَصْلِ وَالْمُصَنِّفُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي اعْتِرَاضِ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَعْطُوفَيْنِ بِالْوَاوِ يَمِينَانِ تَقَدَّمَا أَوْ تَأَخَّرَا وَحِينَئِذٍ فَتَطْلُقُ هُنَا بِاللَّعْنِ وَحْدَهُ وَبِالشَّتْمِ وَحْدَهُ وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ مَعَ حَذْفِ وَاوِ الْعَطْفِ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا تُقِيمُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثًا ) مِنْ الْأَيَّامِ ( لِضِيَافَةٍ فَخَرَجَتْ ) مِنْهَا ( لِدُونِهَا ) أَيْ الثَّلَاثِ ( ثُمَّ عَادَتْ ) إلَيْهَا ( لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا ( أَوْ قَالَ نِصْفَ اللَّيْلِ ) مَثَلًا ( إنْ بِتّ عِنْدَك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَبَاتَ ) عِنْدَهَا بَقِيَّةَ اللَّيْلِ ( حَنِثَ لِلْقَرِينَةِ وَإِنْ اقْتَضَى الْمَبِيتُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ وَإِنْ عَرَفَ رَجُلًا ) بِوَجْهِهِ ( دُونَ اسْمِهِ وَطَالَتْ صُحْبَتُهُ لَهُ فَحَلَفَ لَا أَعْرِفُهُ حَنِثَ أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أَنَامُ عَلَى ثَوْبٍ لَك فَتَوَسَّدَ مِخَدَّتَهَا ) مَثَلًا ( لَمْ يَحْنَثْ ) كَمَا لَوْ وَضَعَ عَلَيْهَا يَدَيْهِ أَوْ رِجْلَيْهِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَقُمْ فِيهَا ثَلَاثًا ) أَيْ لِلضِّيَافَةِ وَلِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ اللَّفْظِ فِي الْعُرْفِ التَّوَالِي فَحُمِلَ عَلَيْهِ

( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ فَأَضَافَهُ ) أَوْ نَثَرَ مَأْكُولًا فَالْتَقَطَهُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ خَلَطَا زَادَيْهِمَا ) وَأَكَلَ مِنْ ذَلِكَ ( لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قُبَيْلَ الِازْدِرَادِ وَالْمُلْتَقِطُ يَمْلِكُ الْمَلْقُوطَ بِالْأَخْذِ وَالْخَلْطُ فِي مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا أَبَدًا إلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا حَنِثَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُكَلِّمُ إلَّا هَذَا وَهَذَا فَكَلَّمَهُمَا جَمِيعًا وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّمَا يَتَّجِهُ إذْ كَانَتْ الصُّورَتَانِ بِأَوْ لَا بِالْوَاوِ .
قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْد إلَخْ ) لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامِهِ فَدَفَعَ إلَيْهِ دَقِيقًا لِيَخْبِزَهُ فَخَبَزَهُ بِخَمِيرَةٍ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَهْلِكٌ كَذَا فِي الْكَبِيرِ نَقْلًا عَنْ الْعَبَّادِيِّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ ؛ لِأَنَّ هَذَا مَالٌ مُشْتَرَكٌ بِلَا شَكٍّ فَيَأْتِي فِيهِ مَا قَالُوهُ فِيهِ فِي الْأَيْمَانِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَكَلَ مَا يَزِيدُ عَلَى حِصَّتِهِ حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَالْفِقْهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُهُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَأَمَّا الَّذِي اعْتَرَضَ بِهِ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ فِي مُخْتَلِطٍ تَكُونُ عَيْنُهُ بَاقِيَةً وَلِهَذَا يُجَابُ إذَا طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَأَمَّا الْخَمِيرَةُ الْمُسْتَهْلَكَةُ فَلَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ فِيهَا وَكَذَا لَوْ خَبَزَهُ بِمِلْحٍ أَوْ مَاءٍ مِنْ عِنْدِهِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا بِحِذَائِهِ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ .
( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّ الضَّيْفَ يَمْلِكُ الطَّعَامَ قَبْلَ الِازْدِرَادِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ إنَّمَا يَتَّجِهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يَدْخُلُ دَارِهِ مَا دَامَ فِيهَا فَانْتَقَلَ مِنْهَا وَعَادَ ) إلَيْهَا ( ثُمَّ دَخَلَهَا ) الْحَالِفُ وَهُوَ فِيهَا ( لَمْ يَحْنَثْ ) لِانْقِطَاعِ الدَّيْمُومَةِ بِالِانْتِقَالِ مِنْهَا نَعَمْ إنْ أَرَادَ كَوْنَهُ فِيهَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ .
تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) قَالَ ( أَنْت طَالِقٌ إنْ قَتَلْت زَيْدًا غَدًا فَضَرَبَهُ الْيَوْمَ وَمَاتَ مِنْهُ غَدًا لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّ الْقَتْلَ هُوَ الْفِعْلُ الْمُفَوِّتُ لِلرُّوحِ وَلَمْ يُوجَدْ غَدًا ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا يُغْضِبُهَا فَضَرَبَ ابْنَهَا وَلَوْ تَأْدِيبًا فَغَضِبَتْ حَنِثَ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ .

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا صُمْت زَمَانًا ) حَنِثَ ( بِالشُّرُوعِ فِي الصَّوْمِ ) كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا صُمْت وَمَا قَالَهُ مُسَاوٍ نُسَخَ الْأَصْلِ الْمُعْتَمَدَةَ الْمُعَبِّرُ فِيهَا بِقَوْلِهِ لَا يَصُومُ وَوَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنُسَخِ الْأَصْلِ السَّقِيمَةِ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ لَيَصُومَن وَهُوَ تَحْرِيفٌ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَيَصُومَن أَزْمِنَةً كَفَاهُ يَوْمٌ ) يَصُومُهُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَزْمِنَةٍ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ ( أَوْ ) حَلَفَ ( لَيَصُومَن الْأَيَّامَ فَلْيَصُمْ ثَلَاثًا ) مِنْهَا حَمْلًا عَلَيْهَا لَا عَلَى أَيَّامِ الْعُمُرِ .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الِاكْتِفَاءُ بِصَوْمِ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ كَانَ اللَّهُ يُعَذِّبُ الْمُوَحِّدِينَ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ ) إنْ كَانَ يُعَذِّبُ ( أَحَدًا مِنْهُمْ ) فَعُلِمَ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ فِيمَا إذَا أَرَادَ إنْ كَانَ يُعَذِّبُهُمْ كُلَّهُمْ أَوْ يُطَلِّقُ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ يَخْتَصُّ بِبَعْضِهِمْ .

( وَإِنْ اُتُّهِمَ ) كَأَنْ اتَّهَمَتْهُ زَوْجَتُهُ ( بِاللِّوَاطِ فَحَلَفَ لَا يَأْتِي حَرَامًا حَنِثَ بِكُلِّ مُحَرَّمٍ ) مِنْ تَقْبِيلٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ نَحْوِهِ لِعُمُومِ اللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ فَعَلْت كَذَا حَرَامًا فَقَالَ إنْ فَعَلْت حَرَامًا فَأَنْت طَالِقٌ لِأَنَّ كَلَامَهُ ثَمَّ تَرَتَّبَ عَلَى كَلَامِهَا وَهُنَا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ فَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَكَأَنَّهَا ابْتَدَأَتْهُ بِنَوْعٍ مِنْ الْحَرَامِ فَنَفَى عَنْ نَفْسِهِ جِنْسَ الْحَرَامِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ بَلْ الصَّوَابُ وَقِيَاسُ نَظَائِرِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لِتَرَتُّبِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَلِهَذَا لَوْ قِيلَ لَهُ كَلِّمْ زَيْدًا الْيَوْمَ قَالَ وَاَللَّهِ لَا كَلَّمْته انْعَقَدَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْأَبَدِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الْيَوْمَ كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي أَوَاخِرِ الْأَيْمَانِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ ثَمَّ مَا إذَا أَرَادَ الزَّوْجُ مَا ذَكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ خَاصَّةً .
( قَوْلُهُ وَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ أَرَادَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ قَالَ إنْ خَرَجْت مِنْ الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ وَلَا تَخْرُجِينَ مِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا لَغَا الْأَخِيرُ ) لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُبْتَدَأٌ لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ تَعْلِيقٍ وَلَا عَطْفٍ فَلَوْ خَرَجَتْ مِنْ الصِّفَةِ لَمْ تَطْلُقْ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بَدَلَ الْأَخِيرِ عَقِبَ مَا قَبْلَهُ وَمِنْ الصِّفَةِ أَيْضًا طَلُقَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( أَوْ أَنْت طَالِقٌ فِي الْبَحْرِ أَوْ فِي مَكَّةَ أَوْ فِي الظِّلِّ ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَا يُنْتَظَرُ ( طَلُقَتْ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّعْلِيقَ ) فَإِنْ قَصَدَهُ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُوجَدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَنْت طَالِقٌ فِي الدَّارِ مِنْ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ هَذَا مِثْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ إنَّ غَيْرَهُ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ يُسْقِطُ فَائِدَةَ التَّخْصِيصِ ( وَأَمَّا ) قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ ( فِي الشِّتَاءِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْتَظَرُ فَتَعْلِيقٌ ) فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى يَجِيءَ الشِّتَاءُ وَنَحْوُهُ .

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ أَكَلَتْ طَبِيخَك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَوَضَعَتْ الْقِدْرَ عَلَى نَارٍ ) غَيْرِ مُوقَدَةٍ ( فَأَوْقَدَهَا غَيْرُهَا أَوْ ) إنْ أَكَلَتْ ( طَعَامَك ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَخَمَّرَ عَجِينَهُ مِنْهُ ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمِيرًا أَوْ مَاءً أَوْ مِلْحًا فَعَجَنَ بِهِ دَقِيقَهُ ( وَأَكَلَهُ ) أَيْ مَا طُبِخَ أَوْ عُجِنَ ( لَمْ يَحْنَثْ ) لِأَنَّ الَّذِي طَبَخَ فِي الْأُولَى غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَطَعَامُهَا فِي الثَّانِيَةِ مُسْتَهْلَكٌ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا فَأَكَلَهُ فِي عَصِيدَةٍ قَدْ اُسْتُهْلِكَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا يَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ زَيْدٌ فَاخْتَلَطَ مُشْتَرَاهُ بِمُشْتَرِي غَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يَحْنَثُ إذَا أَكَلَ مِنْهُ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِأَنَّ ذَاكَ فِي مُسْتَهْلَكِ عَيْنِهِ بَاقِيَةٌ بِخِلَافِ هَذَا وَلِهَذَا يُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ ثَمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا .

( أَوْ ) قَالَ ( إنْ كَانَ عِنْدَك نَارٌ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( حَنِثَ بِالسِّرَاجِ ) أَيْ بِوُجُودِهِ عِنْدَهَا ( أَوْ إنْ جُعْت يَوْمًا فِي بَيْتِي ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَجَاعَتْ يَوْمًا بِلَا صَوْمٍ طَلُقَتْ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ جَاعَتْ يَوْمًا بِصَوْمٍ .

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا دَخَلْت دَارَك فَبَاعَتْهَا ثُمَّ دَخَلَهَا لَمْ يَحْنَثْ ) .

أَوْ قَالَ ( إنْ لَمْ تَكُونِي أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ ) وَجْهُك ( أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } إذْ الْمُرَادُ بِهِ إحْكَامُ الْخِلْقَةِ وَكَمَالُ الْعَقْلِ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ فَظَاهِرٌ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْقَاضِي كَالْقَفَّالِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ تَطْلُقُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي نُسَخِ الرَّافِعِيِّ الصَّحِيحَةِ بَعْدَمَا مَرَّ وَلَوْ قَالَ أَضْوَأُ مِنْ الْقَمَرِ فَالْحُكْمُ بِخِلَافِهِ أَيْ فَتَطْلُقُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ .
قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أُرِيدَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا اُصْبُغْ لِي ثَوْبًا تُؤْجَرْ ) عَلَيْهِ ( فَقَالَ إنْ كَانَ ) لِي ( فِيهِ أَجْرٌ ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَقَالَتْ اسْتَفْتَيْت فُلَانًا الْعَالِمَ ) فَأَفْتَانِي بِأَنَّ لَك أَجْرًا فَأَطْلَقَ ( فَقَالَ إنْ كَانَ عَالِمًا فَأَنْت طَالِقٌ وَكَانَ النَّاسُ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا طَلُقَتْ بِهَذَا ) لِأَنَّ النَّاسَ يُسَمُّونَهُ عَالِمًا ( لَا بِالثَّوْبِ ) أَيْ صَبْغِهِ ( لِأَنَّهُ مُبَاحٌ ) وَالْمُبَاحُ لَا أَجْرَ فِيهِ وَقِيلَ تَطْلُقُ بِهِ أَيْضًا إنْ قَصَدَ الْبِرَّ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُؤْجَرُ فِي الْمُبَاحِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ ( وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ ) فِي الرَّوْضَةِ ( اعْتِرَاضًا ) وَهُوَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي هَذَا لِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ الطَّاعَةَ كَانَ فِيهِ أَجْرٌ وَيَحْنَثُ وَإِلَّا فَلَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِعْلٌ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ ( فِيهِ نَظَرٌ ) هُوَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ الْمُوَجَّهَ لَهُ بِأَنَّ الثَّوَابَ بِالْقَصْدِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَهُوَ لَا يَضُرُّ النَّوَوِيُّ فِي مُرَادِهِ مِنْ أَنَّ صِفَةَ الطَّلَاقِ مِنْ الصَّبْغِ الْمُقَيَّدُ بِنِيَّةِ الطَّاعَةِ لَمْ تُوجَدْ .

( أَوْ ) حَلَفَ ( لَا قَصَدْتُك لِلْجِمَاعِ ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْتُك بِالْجِمَاعِ فَأَنْت طَالِقٌ ( فَقَصَدَتْهُ ) هِيَ ( فَجَامَعَهَا لَمْ يَحْنَثْ بِخِلَافِ لَا قَصَدْت جِمَاعَك ) بِأَنْ قَالَ إنْ قَصَدْت جِمَاعَك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَصَدَتْهُ فَجَامَعَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ .

( وَإِنْ حَلَفَ شَافِعِيٌّ وَحَنَفِيٌّ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( أَنَّ إمَامَهُ أَفْضَلُ ) مِنْ إمَامِ الْآخَرِ ( لَمْ يَحْنَثْ ) تَشْبِيهًا بِمَسْأَلَةِ الْغُرَابِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْإِمَامَيْنِ قَدْ يَعْلَمُ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْآخَرُ ( أَوْ ) اخْتَلَفَ ( سُنِّيٌّ وَرَافِضِي فِي ) أَفْضَلِيَّةِ ( أَبِي بَكْرٍ وَعَلِيٍّ ) فَحَلَفَ السُّنِّيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَعَكَسَ الْآخَرُ ( حَنِثَ الرَّافِضِيُّ ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى عَلِيٍّ ( أَوْ ) اخْتَلَفَ ( سُنِّيٌّ وَمُعْتَزِلِيٌّ فِي أَنَّ الشَّرَّ وَالْخَيْرَ مِنْ اللَّهِ ) أَوْ مِنْ الْعَبْدِ فَحَلَفَ السُّنِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ وَالْمُعْتَزِلِيُّ أَنَّهُمَا مِنْ الْعَبْدِ ( حَنِثَ الْمُعْتَزِلِيُّ ) لِقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنْ اللَّهِ .

( وَلَوْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقَّى هَاوُنٌ ) بِأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الْبَيْتَ ، وَوَجَدْت فِيهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِك وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَ فَوَجَدَ فِي الْبَيْتِ هَاوُنًا لَهَا ( فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ ) لِلِاسْتِحَالَةِ فَلَيْسَ الْهَاوُنُ مُرَادًا فِي الْيَمِينِ بِقَرِينَةِ الْحَالِ ( وَقِيلَ تَطْلُقُ عِنْدَ الْمَوْتِ ) أَيْ قُبَيْلَ مَوْتِهِ أَوْ مَوْتِهَا لِلْيَأْسِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَبِهِ جَزَمَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَمْ يَحْكِ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ الصَّحِيحُ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ الْحِنْثُ الْآنَ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْأَيْمَانِ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْعَجْزَ يَتَحَقَّقُ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَحْسُنُ الِانْتِظَارُ فِيمَا يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ مَرْدُودٌ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي هَذِهِ بَلْ فِيمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ مَاءَ هَذَا الْبَحْرِ وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ مِثْلَهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ مِثْلَهُ لَوْ قَالَ لَأُكَسِّرَنَّ هَذَا الْهَاوُنَ عَلَى رَأْسِك .

( قَوْلُهُ فَبَقِيَ هَاوَنٌ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ وَالْهَاوَنُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ مُعَرَّبٌ وَكَأَنَّ أَصْلَهُ هَاوُونٌ ؛ لِأَنَّ جَمْعَهُ هَوَاوِينُ مِثْلُ قَانُونٍ وَقَوَانِينَ فَحَذَفُوا مِنْهُ الْوَاوَ الثَّانِيَةَ اسْتِثْقَالًا وَفَتَحُوا الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَاعِلٌ بِالضَّمِّ ا هـ لَكِنْ قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَالْهَاوَنُ وَالْهَاوُنَ وَالْهَاوُونُ الَّذِي يُدَقُّ فِيهِ .
( قَوْلُهُ فَقِيلَ لَا تَطْلُقُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ ) قَالَ شَيْخُنَا سُئِلَ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَمَّنْ حَلَفَ إنْ بَقِيَ لَك هُنَا مَتَاعٌ وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقِيَ هَاوَنَ هَلْ هُوَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ فَيَقَعُ فِي الْحَالِ فَأَجَابَ بِأَنَّ مَسَائِلَ الْمُسْتَحِيلِ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَعَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ عُرْفًا كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ أَوْ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَمْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ وَمِنْ الْمُسْتَحِيلِ مَسْأَلَةُ الْهَاوُنِ الْمَذْكُورَةِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِيهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْحَالِ لِحُصُولِ الْيَأْسِ فِيهِ

( وَإِنْ قَالَ مَنْ خَرَجَتْ ) مِنْ نِسَائِي ( مَكْشُوفَةً لِيُبْصِرَهَا الْأَجَانِبُ فَهِيَ طَالِقٌ فَخَرَجَتْ مَكْشُوفَةً ) لِذَلِكَ ( طَلُقَتْ وَإِنْ لَمْ يُبْصِرُوهَا فَإِنْ قَالَ ) مَنْ خَرَجَتْ مَكْشُوفَةً ( وَأَبْصَرُوهَا ) الْأَفْصَحُ وَأَبْصَرَهَا ( الْأَجَانِبُ ) فَهِيَ طَالِقٌ ( اشْتَرَطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ ( أَنْ يُبْصِرُوهَا ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ فِي هَذِهِ مُعَلَّقٌ عَلَى صِفَتَيْنِ وَلَمْ تُوجَدْ إلَّا إحْدَاهُمَا وَفِي تِلْكَ عَلَى صِفَةٍ فَقَطْ وَقَدْ وُجِدَتْ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسُئِلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْحَنْبَلِيِّ يَقُولُ إنْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَالْأَشْعَرِيِّ يَقُولُ إنْ كَانَ عَلَى الْعَرْشِ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ فَقَالَ إنْ أَرَادَ الْحَنْبَلِيُّ الْمَعْنَى الَّذِي وَرَدَ بِهِ الْقُرْآنُ لَمْ تَطْلُقْ امْرَأَتُهُ .

( خَاتِمَةٌ ) قَالَ السُّبْكِيُّ إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تَدْخُلِي الدَّارَ أَوْ عَلَيَّ أَنْ لَا تُسَافِرِي وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ مَا يُخَالِفُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَنْ لَهُ أَرْبَعُ زَوْجَاتٍ وَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثَ وَحَنِثَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ ثَلَاثُ طَلْقَاتٍ يُعَيِّنُهَا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوقِعَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُنَّ طَلْقَةً حَتَّى تَكْمُلَ الثَّلَاثُ ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ ذَلِكَ مَا أَفَادَ الْفُرْقَةَ الْمُوجِبَةَ لِلْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى وَلَمْ يَقِفْ السُّبْكِيُّ عَلَى هَذَا فَقَالَ تَفَقُّهًا الظَّاهِرُ جَوَازُ ذَلِكَ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ بِالثَّلَاثِ وَلَهُ زَوْجَتَانِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ عَيَّنَ لِإِحْدَاهُمَا طَلْقَةً رَجْعِيَّةً وَالْأُخْرَى طَلْقَتَيْنِ رَجْعِيَّتَيْنِ ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ الْحِنْثِ وَمَا بَعْدَهُ وَإِنْ تُخُيِّلَ فَرْقٌ فَبَعِيدٌ س وَقَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَفْتَيْت فِيمَنْ حَلَفَ إلَخْ .

( كِتَابُ الرَّجْعَةِ ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْكَسْرُ أَكْثَرُ عِنْدَ الْأَزْهَرِيِّ وَهِيَ لُغَةً الْمَرَّةُ مِنْ الرُّجُوعِ وَشَرْعًا رَدُّ الْمَرْأَةِ إلَى النِّكَاحِ مِنْ طَلَاقٍ غَيْرِ بَائِنٍ فِي الْعِدَّةِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } أَيْ فِي الْعِدَّةِ { إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا } أَيْ رَجْعَةً كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } وَالرَّدُّ وَالْإِمْسَاكُ مُفَسَّرٌ أَنَّ بِالرَّجْعَةِ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا كَمَا مَرَّ { وَطَلَّقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ ثُمَّ رَاجَعَهَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَسَكَتُوا عَنْ كَوْنِهَا سُنَّةً أَوْ لَا لِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْحَالِ ( وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ ثَلَاثَةٌ ) مُرْتَجِعٌ وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ وَجَعَلَ الْأَصْلُ مِنْ أَرْكَانِهَا الطَّلَاقَ مَعَ قَوْلِهِ إنَّهُ سَبَبٌ لَهَا ( الْأَوَّلُ ) الزَّوْجُ ( الْمُرْتَجِعُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ عَقْدِ النِّكَاحِ ) بِنَفْسِهِ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا غَيْرَ مُرْتَدٍّ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ كَإِنْشَاءِ النِّكَاحِ ( فَلَا تَصِحُّ ) الرَّجْعَةُ ( فِي الرِّدَّةِ ) وَالصِّبَا وَالْجُنُونِ كَمَا لَا يَصِحُّ ابْتِدَاءُ النِّكَاحِ فِيهَا وَتَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ وَأَوْرَدَ عَلَى ذَلِكَ الْمُحْرِمَ فَإِنَّهُ يُرَاجِعُ وَلَيْسَ فِيهِ أَهْلِيَّةُ النِّكَاحِ وَرُدَّ بِأَنَّ فِيهِ الْأَهْلِيَّةَ وَإِنَّمَا الْإِحْرَامُ مَانِعٌ ( لَكِنْ لِلْعَبْدِ ) وَالسَّفِيهِ ( الرَّجْعَةُ بِلَا إذْنٍ ) وَإِنْ احْتَاجَ فِي النِّكَاحِ إلَيْهِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ ( وَلِحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ مُرَاجَعَةٌ لِأَمَةٍ ) الَّتِي طَلَّقَهَا لِذَلِكَ ( وَيُرَاجِعُ الْوَلِيُّ لِمَجْنُونٍ ) طَلَّقَ قَبْلَ جُنُونِهِ حَيْثُ ( يَجُوزُ ) لَهُ

( تَزْوِيجُهُ ) بِأَنْ يَحْتَاجَ إلَيْهِ الْمَجْنُونُ .
( كِتَابُ الرَّجْعَةِ ) قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ ) وَقَالَ تَعَالَى { وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَامْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } الْآيَةَ وَالْمُرَادُ بِبُلُوغِ الْأَجَلِ هُنَا مُقَارَبَةُ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ إذَا انْقَضَتْ فَلَا إمْسَاكَ لَهُ .
( قَوْلُهُ وَطَلَّقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْصَةَ وَسَوْدَةَ ) وَأَنْكَرَ ابْنُ حَزْمٍ سَوْدَةَ وَقَالَ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَطُّ .
( قَوْلُهُ وَلِحُرٍّ تَحْتَهُ حُرَّةٌ مُرَاجَعَةُ الْأَمَةِ الَّتِي طَلَّقَهَا ) لَوْ عَتَقَتْ الرَّجْعِيَّةُ تَحْتَ عَبْدٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ قَبْلَ اخْتِيَارِهَا وَلِهَذَا قَالُوا فِي بَابِ الْخِيَارِ بِالْعِتْقِ ؛ لِأَنَّ لَهَا الْفَسْخَ عَلَى الْأَصَحِّ لِتَنْقَطِعَ سَلْطَنَةُ الرَّجْعَةِ

( الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ وَصَرِيحُهَا رَاجَعْت فُلَانَةَ أَوْ ارْتَجَعْتهَا أَوْ رَجَعْتهَا ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي لِشُهْرَتِهَا فِي ذَلِكَ وَوُرُودِهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَيَلْحَقُ بِهَا سَائِرُ مَا اُشْتُقَّ مِنْ مَصْدَرِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي كَانَتْ مُرَاجَعَةً أَوْ مُرْتَجَعَةً ( وَلَوْ كَانَتْ ) الصِّيغَةُ ( بِالْعَجَمِيَّةِ ) سَوَاءٌ أَحْسَنَ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا كَمَا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ( وَكَذَا رَدَّدْتهَا ) لِوُرُودِهِ فِي الْكِتَابِ قَالَ تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي مَعَ رَاجَعْت زَوْجَتِي وَنَحْوَهُ ) مِنْ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ ( لَكِنَّهُ فِي رَدَدْت زَوْجَتِي شَرْطٌ ) لِصَرَاحَتِهِ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ إلَى الْفَهْمِ ضِدُّ الْقَبُولِ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ الرَّدُّ إلَى الْأَبَوَيْنِ بِسَبَبِ الْفِرَاقِ فَلَزِمَ تَقْيِيدُهُ بِذَلِكَ بِخِلَافِ الْبَقِيَّةِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْمَشْهُورُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ فِيهِ أَيْضًا ( وَ ) قَوْلُهُ ( رَاجَعْت ) مَثَلًا ( بِلَا إضَافَةٍ ) إلَى مُظْهَرٍ أَوْ مُضْمَرٍ ( لَا يُجْزِئُ ) فَلَا بُدَّ مِنْ إضَافَةٍ إلَيْهِ كَرَاجَعْتُ فُلَانَةَ أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ رَاجَعْتهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَ ) قَوْلُهُ ( رَاجَعْتهَا لِلضَّرْبِ أَوْ لِلْإِكْرَامِ ) أَوْ نَحْوِهِمَا ( لَا يَضُرُّ ) فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ ( إلَّا إنْ قَصَدَهُمَا دُونَ الرَّجْعَةِ ) فَيَضُرُّ فَتَحْصُلُ الرَّجْعَةُ فِيمَا إذَا قَصَدَهُمَا مَعَهَا أَوْ أَطْلَقَ ( فَيُسْأَلُ ) احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ يُبَيِّنُ مَا لَا تَحْصُلُ بِهِ الرَّجْعَةُ ( فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ السُّؤَالِ حَصَلَتْ الرَّجْعَةُ ) لِأَنَّ اللَّفْظَ صَرِيحٌ ( وَ ) قَوْلُهُ ( أَمْسَكْتُك وَتَزَوَّجْتُك وَاخْتَرْت رَجْعَتَك وَرَفَعْت تَحْرِيمَك وَأَعَدْت حِلَّك وَنَحْوَهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهَا ( كِنَايَةً ) لِاحْتِمَالِهِ الرَّجْعَةَ وَغَيْرِهَا وَلِأَنَّ تَزَوَّجْتُك وَنَحْوَهُ كَ نَكَحْتُك صَرِيحَانِ فِي ابْتِدَاءِ الْعَقْدِ فَلَا يَكُونَانِ صَرِيحَيْنِ فِي

الرَّجْعَةِ لِأَنَّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي شَيْءٍ لَا يَكُونُ صَرِيحًا فِي غَيْرِهِ كَالطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَمَا قَالَهُ فِي أَمْسَكْتُك مِنْ أَنَّهُ كِنَايَةٌ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ وَالْأَذْرَعِيَّ النَّاقِلَيْنِ لَهُ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ مِنْ أَنَّهُ صَرِيحٌ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ لِوُرُودِهِ فِي الْقُرْآنِ وَعَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَجِيءَ فِي اشْتِرَاطِ الْإِضَافَةِ فِيهِ الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِهَا فِي رَدَدْتهَا لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ مَعَ حِكَايَتِهِ الْخِلَافَ فِي الِاشْتِرَاطِ فِي رَدَدْتهَا وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي رَدَدْتهَا .
( قَوْلُهُ الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ ) ؛ لِأَنَّهُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودَةٍ فَلَمْ يَصِحَّ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَالنِّكَاحِ .
( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي ) مَعْنَاهُ أَنَّهَا رَجَعَتْ إلَى النِّكَاحِ الْكَامِلِ الَّذِي لَمْ تَكُنْ الْبَيْنُونَةُ فِيهِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ .
( قَوْلُهُ وَرَاجَعْت بِلَا إضَافَةٍ لَا يُجْزِئُ ) عُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ لَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ ضَمِيرٍ أَوْ اسْمٍ أَوْ إشَارَةٍ أَوْ وَصْفٍ كَرَاجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْت فُلَانَةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ زَوْجَتِي أَوْ نَحْوَهَا .
( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَنْصُوصُ الْأُمِّ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي أَوْرَدَهُ فِي التَّهْذِيبِ اسْتِحْبَابُهَا فِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَحْتَاج فِيهِ إلَى أَنْ يَقُولَ إلَيَّ أَوْ إلَى نِكَاحِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ

( وَكَذَا لَوْ جَرَى عَقْدٌ ) لِلنِّكَاحِ عَلَيْهَا ( بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ ) بَدَلَ الرَّجْعَةِ كَانَ كِنَايَةً لِمَا مَرَّ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ صَرَائِحَ الرَّجْعَةِ مُنْحَصِرَةٌ فِيمَا ذَكَرَهُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فَلَا تُجْزِئُ فِي غَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ صَرَائِحُهُ مَحْصُورَةٌ مَعَ أَنَّهُ إزَالَةُ حِلٍّ فَالرَّجْعَةُ الَّتِي تُحَصِّلُهُ أَوْلَى .

( فَرْعٌ لَا يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ ) عَلَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ اسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَلِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَالْأَمْرِ بِهِ فِي آيَةِ { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ } مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ كَمَا فِي قَوْلِهِ { وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ } وَإِنَّمَا وَجَبَ الْإِشْهَادُ عَلَى النِّكَاحِ لِإِثْبَاتِ الْفِرَاشِ وَهُوَ ثَابِتٌ هُنَا ( فَتَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ وَالْكِتَابَةِ ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى النُّطْقِ كَالْبَيْعِ وَالطَّلَاقِ ، وَعَطْفُ الْكِتَابَةِ عَلَى الْكِنَايَةِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ( لَا بِالْوَطْءِ ) وَمُقَدَّمَاتِهِ وَإِنْ نَوَى بِهَا الرَّجْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهَا عَلَيْهَا وَكَمَا لَا يَحْصُلُ بِهَا النِّكَاحُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ وَمُقَدِّمَتَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ رَجْعَةً وَأَسْلَمُوا لَوْ تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَنُقِرُّهُمْ كَمَا نُقِرُّهُمْ عَلَى الْأَنْكِحَةِ الْفَاسِدَةِ بَلْ أَوْلَى .
( قَوْلُهُ فَتَصِحُّ بِالْكِنَايَةِ وَالنِّيَّةِ فِيهَا ) كَمَا فِي كِنَايَةِ الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يُوجِبُ الْعِدَّةَ فَكَيْفَ يَقْطَعُهَا ) وَلَيْسَ كَوَطْءِ الْمَبِيعَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُثْبِتُ الْخِيَارَ بِحَالٍ فَجَازَ أَنْ يَقْطَعَهُ وَلِأَنَّ الْمِلْكَ يَحْصُلُ بِالْفِعْلِ كَالسَّبْيِ فَالرَّدُّ إلَى الْمِلْكِ مِثْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ .
( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ وَطْءَ الْكَافِرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَ ) لَا ( إنْكَارَ الطَّلَاقِ ) أَيْ إنْكَارَ الزَّوْجِ لَهُ أَيْ لَا تَصِحُّ بِهِ الرَّجْعَةُ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَيْهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زَيَّاتِهِ ( وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ) كَالنِّكَاحِ فَلَوْ قَالَ رَاجَعْتُك إنْ شِئْت فَقَالَ شِئْت لَمْ يَصِحَّ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ بِخِلَافِهِ هُنَا ( وَلَا يَضُرُّ رَاجَعْتُك إذْ شِئْت أَوْ إنْ ) شِئْت ( بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ لَا كَسْرِهَا ) لِأَنَّ ذَلِكَ تَعْلِيلٌ لَا تَعْلِيقٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَسْتَفْسِرُ الْجَاهِلُ بِالْعَرَبِيَّةِ .
( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا ) ؛ لِأَنَّهَا إمَّا ابْتِدَاءُ عَقْدٍ فَلَا تَقْبَلُهُ كَالنِّكَاحِ وَإِمَّا اسْتِدَامَةٌ فَكَذَلِكَ كَاخْتِيَارِ مَنْ أَسْلَمَ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْمُتَّجَهُ التَّفْصِيلُ

( وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ) أَيْ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ ( وَأَبْهَمَ ثُمَّ رَاجَعَ ) أَوْ طَلَّقَهُمَا جَمِيعًا ثُمَّ رَاجَعَ إحْدَاهُمَا ( لَمْ يَصِحَّ ) إذْ لَيْسَتْ الرَّجْعَةُ فِي احْتِمَالِ الْإِبْهَامِ كَالطَّلَاقِ لِشَبَهِهَا بِالنِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ مَعَهُ ( وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالرَّجْعَةِ ) كَأَنْ قَالَ لِرَجْعِيَّةٍ مَتَى رَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ أَوْ قَالَ لِمَنْ هِيَ فِي نِكَاحِهِ مَتَى طَلَّقْتُك وَرَاجَعْتُك فَأَنْت طَالِقٌ ( فَرَاجَعَهَا صَحَّ ) الِارْتِجَاعُ ( وَطَلُقَتْ ) وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَاهُمَا وَأُبْهِم ثُمَّ رَاجَعَ لَمْ يَصِحَّ ) وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا فَوَجْهَانِ فِي الْجَوَاهِرِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَدْ يُبْنَى الْحُكْمُ عَلَى الشَّكِّ لِتَعَذُّرِ الْمُحَقَّقِ فِي صُوَرٍ مِنْهَا الرَّجْعَةُ فِي عِدَّةِ نِكَاحٍ شَكَّ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فِيهِ فَإِنَّهَا رَجْعَةٌ صَحِيحَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ وَكَذَا الرَّجْعَةُ مَعَ الشَّكِّ فِي حُصُولِ الْإِبَاحَةِ كَمَنْ طَلَّقَ وَشَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً ثُمَّ رَاجَعَ فِي الْعِدَّةِ تَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَقَدْ شَكَّ فِي انْقِطَاعِهِ

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الزَّوْجَةُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةِ وَطْءٍ ) مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ فِي الدُّبُرِ ( وَطَلَاقٍ ) بَعْدَ الْوَطْءِ ( بِلَا عِوَضٍ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ ) لِلطَّلَاقِ وَكَالْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ مَاءِ الزَّوْجِ كَمَا مَرَّ فِي اللَّعْنَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِلْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَالِاسْتِدْخَالِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَلَا بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } إذْ لَوْ كَانَ حَقُّ الرَّجْعَةِ بَاقِيًا لَمَا أُبِيحَ لَهُنَّ النِّكَاحُ وَالْمُرَادُ بِالْبُلُوغِ هُنَا حَقِيقَتُهُ وَفِي { فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسَكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } مُقَارَبَةُ الْأَجَلِ وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ فِيمَا قَبْلَ عِدَّتِهِ كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ فِي الْعِدَدِ أَوْ طَلَّقَهَا حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ كَمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَفِي اشْتِرَاطِ تَحَقُّقِ الطَّلَاقِ خِلَافٌ فَلَوْ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ وَشَكَّ فِي حُصُولِهِ فَرَاجَعَ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ حَاصِلًا فَفِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَجْهَانِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا قَالَ الرُّويَانِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْقَمُولِيُّ وَرَأَيْته كَذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخِ كَمَالُ الدِّينِ سَلَّارٌ شَيْخُ النَّوَوِيِّ فِي مُخْتَصَرِ الْبَحْرِ أَنَّهَا تَصِحُّ وَخَرَجَ بِالطَّلَاقِ الْفَسْخُ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ إنَّمَا وَرَدَتْ فِي الطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْفَسْخَ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَلَا يَلِيقُ بِهِ جَوَازُ الرَّجْعَةِ وَبِقَوْلِهِ بِلَا عِوَضٍ الطَّلَاقُ بِعِوَضٍ لِبَيْنُونَتِهَا وَبِقَوْلِهِ وَلَا اسْتِيفَاءِ عَدَدٍ مَا لَوْ اسْتَوْفَاهُ لِبَيْنُونَتِهَا وَلِئَلَّا يَبْقَى النِّكَاحُ بِلَا طَلَاقٍ وَلِأَنَّ اسْتِيفَاءَهُ يُحْوِجُ إلَى مُحَلِّلٍ .

( قَوْلُهُ فَلَا يُرَاجِعُ إلَّا فِي عِدَّةٍ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فِي الْعِدَّةِ الْأُولَى حَتَّى يُخْرِجَ مَا إذَا خَالَطَهَا مُخَالَطَةَ الْأَزْوَاجِ بِغَيْرِ وَطْءٍ وَقُلْنَا بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْعِدَدِ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حَالِ الرَّجْعَةِ مِنْ كَوْنِهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ لَكِنْ ذَكَرُوا فِي بَابِ الْعِدَدِ أَنَّهَا إذَا اعْتَدَّتْ بِالْأَقْرَاءِ عَنْ طَلَاقٍ ثُمَّ طَرَأَتْ عِدَّةُ حَمْلٍ مِنْ غَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِي عِدَّةِ الْحَمْلِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا ثَبَتَ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخُ كَمَالٌ سَلَّارٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَا ) يُرَاجِعُ ( حَالَ رِدَّةٍ ) مِنْهُ أَوْ مِنْ الزَّوْجَةِ أَوْ مِنْهَا فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ ( فَإِذَا طَلَّقَهَا فِي الرِّدَّةِ وَقَفَ ) الطَّلَاقُ فَإِنْ جَمَعَهُمَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا نُفُوذَهُ وَإِلَّا فَلَا ( وَإِنْ رَاجَعَهَا فِيهَا لَغَا ) وَإِنْ عَادَ الْمُرْتَدُّ إلَى الْإِسْلَامِ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا لِأَنَّ مَقْصُودَ الرَّجْعَةِ الِاسْتِبَاحَةُ وَمَا دَامَ أَحَدُهُمَا مُرْتَدًّا لَا يَجُوزُ التَّمَتُّعُ بِهَا وَلِأَنَّهَا جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُلَائِمُ حَالَهَا وَتُخَالِفُ الطَّلَاقَ حِينَئِذٍ حَيْثُ يُوقَفُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ كَالرِّدَّةِ فَيَتَنَاسَبَانِ وَلَيْسَتْ الرِّدَّةُ كَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَالْإِحْرَامِ لِأَنَّهَا أَسْبَابٌ عَارِضَةٌ وَلَا أَثَرَ لَهَا فِي زَوَالِ النِّكَاحِ .

( وَلَوْ أَسْلَمَتْ زَوْجَةُ ذِمِّيٍّ ) أَوْ أَسْلَمَ وَزَوْجَتُهُ وَثَنِيَّةٌ ( فَرَاجَعَهَا لَمْ يَصِحَّ ) لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ ( فَلَوْ أَسْلَمَ ) أَوْ أَسْلَمَتْ ( فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَ ) الرَّجْعَةَ ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّةِ رَجْعَتِهَا ( رِضَاهَا ) وَلَا حُضُورُ الْوَلِيِّ وَلَا عِلْمُهُ بِهَا ( وَلَا رِضَا سَيِّدِهَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ } ( وَيُسَنُّ إعْلَامُهُ ) أَيْ سَيِّدِهَا وَمِثْلُهُ الْوَلِيُّ .

( وَلَا تَسْقُطُ ) الرَّجْعَةُ ( بِالْإِسْقَاطِ ) لَهَا وَلَا يُشْتَرَطُ إسْقَاطُهَا كَمَا لَا يَسْقُطُ الْوَلَاءُ فِي الْعِتْقِ بِشَرْطِ إسْقَاطِهِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ طَلَّقْتُك فِي رَمَضَانَ فَقَالَتْ بَلْ فِي شَوَّالٍ فَتُؤَاخِذُ ) بِقَوْلِهَا ( لِأَنَّهَا غَلَّظَتْ عَلَى نَفْسِهَا ) بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ لِزَائِدَةٍ فَتَسْتَحِقُّهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ إسْقَاطَهَا وَالْأَصْلُ دَوَامُهَا وَعَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الزَّمَنِ الْمَاضِي ( وَالْقَوْلُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ ) مِنْ الْوِلَادَةِ وَالْأَقْرَاءِ ( قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ( إنْ أَمْكَنَ ) دَعْوَاهَا وَكَذَّبَهَا الزَّوْجُ إذْ يَعْسُرُ عَلَيْهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى مَا فِي رَحِمِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ } وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ لَمْ يَأْثَمْنَ بِالْكِتْمَانِ لِأَنَّهُ لَا اعْتِبَارَ بِكِتْمَانِهِنَّ حِينَئِذٍ فَهُوَ كَقَوْلِهِ { وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ } وَخَرَجَ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ غَيْرُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَبِمَا سِوَى الْأَشْهُرِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ بِيَمِينِهِ لِرُجُوعِ النِّزَاعِ إلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْمُصَدَّقُ فِي أَصْلِهِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِقَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ مَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ دَعْوَاهَا لِصِغَرٍ أَوْ إيَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ أَيْضًا وَفُرِّعَ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَمْكَنَ .
قَوْلُهُ ( فَيُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا بِالْوِلَادَةِ لِتَمَامِ سِتَّةٍ ) الْأَوْلَى التَّمَامُ بِسِتَّةِ ( أَشْهُرٍ وَلَحْظَتَيْنِ ) لَحْظَةٌ لِلْوَطْءِ وَلَحْظَةٌ لِلْوِلَادَةِ ( مِنْ ) حِينِ ( إمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ بَعْدَ النِّكَاحِ ( وَلِمَنْصُورٍ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ( وَلَحْظَتَيْنِ ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ ( وَلِمُضْغَةٍ ) بِلَا صُورَةٍ بِمُضِيِّ ( ثَمَانِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ ) مِنْ حِينِ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ أَقْسَامُ الْحَمْلِ الَّذِي تَنْقَضِي بِهِ

الْعِدَّةُ وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الْأُولَى بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ قَوْله تَعَالَى { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا } مَعَ قَوْلِهِ { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } وَدَلِيلُ اعْتِبَارِ الْمُدَّةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ بِمَا ذُكِرَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { إنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَشَقِيٍّ أَوْ سَعِيدٍ } .
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللَّهُ إلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا } الْحَدِيثَ فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْخَبَرَ الْأَوَّلَ أَصَحُّ أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ التَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ كَأَنْ قَالَ أُخْبِرُكُمْ بِكَذَا ثُمَّ أُخْبِرُكُمْ كَذَا وَيُجَابُ أَيْضًا بِحَمْلِ التَّصْوِيرِ فِي الثَّانِي عَلَى غَيْرِ التَّامِّ وَفِي الْأَوَّلِ عَلَى التَّامِّ أَوْ بِحَمْلِهِ عَلَى التَّصْوِيرِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمُفَادَةِ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ فَاءُ فَصَوَّرَهَا إذْ التَّقْدِيرُ فَمَضَتْ مُدَّةٌ فَصَوَّرَهَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { فَجَعَلَهُ غُثَاءً } ( وَ ) يُمْكِنُ انْقِضَاؤُهَا ( بِالْأَقْرَاءِ لِمُطَلَّقَةٍ بِطُهْرٍ ) أَيْ فِيهِ وَهِيَ حُرَّةٌ مُعْتَادَةٌ ( بِاثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا وَلَحْظَتَيْنِ ) لَحْظَةٍ لِلْقَرْءِ الْأَوَّلِ وَلَحْظَةٍ لِلطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ وَتَطْهُرُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً ( وَلَوْ خَالَفَ ) ذَلِكَ ( عَادَتَهَا ) فَإِنَّهُ يُمْكِنُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا بِهِ ( وَإِنْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً فَبِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ ) لِلطَّعْنِ فِي الدَّمِ تَنْقَضِي عِدَّتُهَا لِأَنَّ الطُّهْرَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لَيْسَ بِقَرْءٍ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَوَشٍ بِدَمَيْنِ وَلَا يُعْتَبَرُ لَحْظَةٌ أُخْرَى

لِاحْتِمَالِ طَلَاقِهَا فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ ( وَ ) بِمُضِيِّ ( سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِآخِرِ الْحَيْضِ ) فَتَطْهُرُ بِعِدَّةِ أَقَلِّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ وَتَحِيضُ كَذَلِكَ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً ( وَكَذَا ) بِمُضِيِّ سَبْعَةٍ وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَحْظَةٍ لِمَنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا ( بِالْوِلَادَةِ ) بِأَنْ لَمْ تَرَ نِفَاسًا وَهِيَ مُعْتَادَةٌ فَإِنْ رَأَتْهُ أَوْ كَانَتْ مُبْتَدَأَةً زَادَتْ الْمُدَّةُ فَقَوْلُ الْأَصْلِ بَعْدَمَا ذُكِرَ وَيُعْتَبَرُ مُضِيُّ ثَلَاثِ حِيَضٍ وَالطَّعْنُ فِي الْحَيْضَةِ الرَّابِعَةِ سَهْوٌ وَصَوَابُهُ حَيْضَتَانِ وَالطَّعْنُ فِي الثَّالِثَةِ ( وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً ) فَطَلُقَتْ فِي طُهْرٍ وَهِيَ مُعْتَادَةٌ ( فَسِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا بِأَنْ يُطَلِّقَهَا وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الطُّهْرِ لَحْظَةٌ ثُمَّ تَحِيضُ أَقَلَّ الْحَيْضِ ثُمَّ تَطْهُرُ أَقَلَّ الطُّهْرِ ثُمَّ تَطْعَنُ فِي الْحَيْضِ لَحْظَةً ( أَوْ وَهِيَ مُبْتَدَأَةٌ فَاثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ ) تَنْقَضِي بِهَا عِدَّتُهَا ( أَوْ ) طَلُقَتْ ( فِي حَيْضٍ ) أَوْ وَقَعَ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِالْوِلَادَةِ ( فَأَحَدٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ ) تَنْقُصِي بِهَا عِدَّتُهَا ( وَاللَّحْظَةُ الْأَخِيرَةُ ) فِي مُدَّةِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ ( فَأَصْلُهُ ) لِلْقَرْءِ الثَّالِثِ عَمَّا بَعْدَهُ أَيْ مُبَيِّنَةً لَهُ لَا مِنْ الْعِدَّةِ فَهِيَ ( لَا تَصْلُحُ الرَّجْعَةُ ) وَلَا لِغَيْرِهَا مِنْ آثَارِ نِكَاحِ الْمُطَلِّقِ كَإِرْثٍ .

( قَوْلُهُ وَأَمَّا نَفَقَتُهَا فِي الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ فَتَسْتَحِقُّهَا إلَخْ ) وَمَا نَقَلَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ مِنْ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّهَا ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ كَالنَّسَبِ وَالِاسْتِيلَادِ ) أَيْ وُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ .
( قَوْلُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا ) التَّعْبِيرُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْهُرَ عَدَدِيَّةٌ لَا هِلَالِيَّةٌ وَمِنْ الْأَشْهُرِ الْعَدَدِيَّةِ الْأَشْهُرُ السِّتَّةُ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَحَيْثُ صَدَّقْنَاهَا فِي الْوَضْعِ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسَبِ وَثُبُوتِ الِاسْتِيلَادِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ بِوَضْعِهَا عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ وَلَيْسَتْ مُؤْتَمَنَةً فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ بَلْ مُتَّهَمَةً فِيهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّوَابُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { إذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً } إلَخْ ) أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ بَعْثَهُ الْمَلَكَ فِي الْأَرْبَعِينَ الثَّانِيَةَ لِلتَّصْوِيرِ وَخَلْقِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْجِلْدِ وَاللَّحْمِ وَالْعِظَامِ وَالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَبَعْثَتِهِ بَعْدَ الْأَرْبَعِينَ الثَّالِثَةِ لِنَفْخِ الرُّوحِ وَقَدْ حَصَلَتْ الْمُغَايِرَةُ بَيْنَ الْبَعْثَتَيْنِ ا هـ وَالْحَدِيثَانِ كَالصَّرِيحِينَ فِي هَذَا الْجَمْعِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْأَجْوِبَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَمَّا مَا يُشَاهَدُ مِنْ تَحَرُّكِ الْوَلَدِ قَبْلَ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا خُصُوصًا فِي الذَّكَرِ فَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّهَا غَايَةُ نِهَايَةِ الْإِرْسَالِ فَلَا بِدْعَ فِي أَنْ يَحْصُلَ النَّفْخُ قَبْلَهَا .
( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ قِنَّةً ) أَيْ أَوْ مُبَعَّضَةً

وَلَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ أَوْ حَيْضٍ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَقَلِّ وَهُوَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ ( فَإِنْ ادَّعَتْهُ ) أَيْ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ ( لِدُونِ الْإِمْكَانِ كَذَّبْنَاهَا وَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْهُ ) أَيْضًا بَعْدَ ذَلِكَ ( لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى ) لِأَنَّ إصْرَارَهَا يَتَضَمَّنُ دَعْوَى الِانْقِضَاءِ الْآنَ وَكَمَا لَوْ ادَّعَى الْمَالِكُ فِي الزَّكَاةِ غَلَطًا فَاحِشًا مِنْ الْخَارِصِ وَرُدَّ قَوْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْخَرَصِ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ ) لَا سِيَّمَا فِيمَنْ أَرَادَتْ التَّزْوِيجَ بِغَيْرِ الْمُطَلِّقِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى ) قَالَ الْفَتَى مُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِصْرَارَ مَعَ دَعْوَاهَا لِلْإِمْكَانِ وَلَيْسَ هُوَ فِي الرَّوْضَةِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهَا أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِصْرَارِ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى كَافٍ فِي تَصْدِيقِهَا الْآنَ عَلَى الْأَصَحِّ فَزِدْت لَفَظَّةً وَكَذَا فَاسْتَقَامَ بِهَا الْكَلَامُ فَصَارَ ثُمَّ إنْ ادَّعَتْ لِلْإِمْكَانِ صَدَّقْنَاهَا وَكَذَا لَوْ أَصَرَّتْ عَلَى دَعْوَاهَا الْأُولَى فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا

( فَصْلٌ ) الرَّجْعَةُ مُخْتَصَّةٌ بِعِدَّةِ الطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ فَلَوْ ( وَطِئَ ) الرَّجْعِيَّةَ ( فِي أَثْنَاءِ عِدَّتِهِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ مِنْ ) الْفَرَاغِ مِنْ ( الْوَطْءِ ) وَدَخَلَ فِيهَا مَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ اسْتَأْنَفَتْ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ ( وَاخْتَصَّتْ الرَّجْعَةُ بِبَقِيَّةِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ) دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا بِالْوَطْءِ ( فَلَوْ أَحْبَلَهَا بِالْوَطْءِ رَاجَعَهَا مَا لَمْ تَلِدْ ) لِوُقُوعِ عِدَّةِ الْوَطْءِ عَنْ الْجِهَتَيْنِ كَالْبَاقِي مِنْ الْأَقْرَاءِ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ يَتَبَعَّضُ وَمُدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَتَبَعَّضُ فَإِنْ وَلَدَتْ فَلَا رَجْعَةَ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا ) ( فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ وَالنَّظَرُ ) إلَيْهَا وَسَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ ؛ لِأَنَّهَا مُفَارَقَةٌ كَالْبَائِنِ ( وَيُعَزَّرُ بِوَطْئِهَا ) إنْ كَانَ عَالِمًا مُعْتَقِدًا تَحْرِيمَ الْوَطْءِ وَرَأَى الْإِمَامُ ذَلِكَ لِإِقْدَامِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ عِنْدَهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ بِهِ ( لَا جَاهِلًا وَ ) لَا ( مُعْتَقِدًا حِلَّهُ ) لِعُذْرِهِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَرْأَةُ .
وَكَالْوَطْءِ فِي التَّعْزِيرِ سَائِرُ التَّمَتُّعَاتِ ( وَيَلْزَمُهُ ) بِالْوَطْءِ ( مَهْرُ الْمِثْلِ وَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ ) لِأَنَّهَا فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ كَالْبَائِنِ فَكَذَا فِي الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي الرِّدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يُزِيلُ أَثَرَ الرِّدَّةِ وَالرَّجْعَةُ لَا تُزِيلُ أَثَرَ الطَّلَاقِ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَحْكَامِهَا ) ( قَوْلُهُ فَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالرَّجْعِيَّةِ ) إنَّمَا حُرِّمَ وَطْؤُهَا ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ أَوْجَبَتْ عَلَيْهَا بَرَاءَةَ رَحِمِهَا فَلَوْ أَبَحْنَا لَهُ وَطْأَهَا لَلَزِمَهَا تَمْكِينُهُ وَالْوَطْءُ سَبَبٌ لِشَغْلِ رَحِمِهَا فَتَصِيرُ فِي الْحَالَةِ الْوَاحِدَةِ مَأْمُورَةً بِمَا يُوجِبُ رَحِمَهَا وَمَا هُوَ سَبَبٌ لِشَغْلِهِ ، وَأَمَّا الِاسْتِمْتَاعُ فَلِأَنَّهُ طَلَاقٌ حَرَّمَ الْوَطْءَ فَحَرَّمَ مُقَدِّمَاتِهِ كَالْبَائِنِ ( قَوْلُهُ وَالنَّظَرُ إلَيْهَا ) أَيْ وَلَوْ بِلَا شَهْوَةٍ ( قَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ بِهِ ) لِلشُّبْهَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ سَلْطَنَةُ الرَّدِّ وَخِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي إبَاحَتِهِ ( قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ ) ظَاهِرُهُ مَهْرٌ وَاحِدٌ وَلَوْ تَكَرَّرَ الْوَطْءُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقِيَاسُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي الْوَطْءِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَوَطْءِ الْأَبِ وَالشَّرِيكِ وَالْمُكَاتَبِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا مَهْرٌ وَاحِدٌ .

( وَيَصِحُّ فِيهَا طَلَاقٌ وَخُلْعٌ وَلِعَانٌ وَظِهَارٌ ) وَإِيلَاءٌ لِبَقَاءِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا بِمِلْكٍ لِرَجْعَةٍ لَكِنْ لَا حُكْمَ لِلْأَخِيرَيْنِ حَتَّى يُرَاجِعَ بَعْدَهُمَا مِمَّا سَيَأْتِيَانِ فِي بَابَيْهِمَا ( وَيَتَوَارَثَانِ وَتَجِبُ نَفَقَتُهَا ) عَلَيْهِ لِبَقَاءِ أَثَرِ الزَّوْجِيَّةِ فِيهَا بِصِحَّةِ مَا مَرَّ .

( وَلَوْ قَالَ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ دَخَلَتْ ) فِيهِمْ الرَّجْعِيَّةُ ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ .

( وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ) الرَّقِيقَةَ ( فِي الرَّجْعَةِ ) الْأُولَى فِي الْعِدَّةِ ( اسْتَبْرَأَهَا بِحَيْضَةٍ ) لِأَنَّهَا كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَإِحْدَاثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ لَيْسَ كَالرَّجْعَةِ ؛ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ النِّكَاحَ وَيُضَادُّهُ فَلَا يَصْلُحُ اسْتِدْرَاكًا لِمَا وَقَعَ مِنْ الْخَلَلِ فَوَجَبَ اسْتِبْرَاؤُهَا ( وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الشِّرَاءِ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ ) كَمَا لَوْ اسْتَبْرَأَ الْمُسْتَوْلَدَةَ ثُمَّ أَعْتَقَهَا .

( وَلَا يُجْزِئُ بَقِيَّةُ طُهْرِ الْعِدَّةِ ) عَنْ الِاسْتِبْرَاءِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ ، وَإِذَا ثَبَتَ تَحْرِيمُ التَّمَتُّعِ بِالرَّجْعَةِ وَوُجُوبُ الْمَهْرِ بِوَطْئِهَا وَصِحَّةُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَاللِّعَانِ وَالطَّلَاقِ وَالتَّوَارُثِ ( فَالرَّجْعَةُ عَلَى الْمُخْتَارِ ) عِنْدَ الْأَصْلِ ( مُتَرَدِّدَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَةِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ ) وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى أَيْ آيَاتِ الْمَسَائِلِ الْخَمْسِ الْأَخِيرَةِ فِي كَلَامِي ( وَالتَّرْجِيحُ ) لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوْجَةٌ أَوْ بِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ يَخْتَلِفُ ( بِحَسَبِ ظُهُورِ دَلِيلٍ ) لِأَحَدِهِمَا تَارَةً وَلِلْآخِرِ أُخْرَى قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَنَظِيرُهُ الْقَوْلَانِ فِي أَنَّ النَّذْرَ يُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ أَمْ جَائِزِهِ وَفِي أَنَّ الْإِبْرَاءَ إسْقَاطٌ أَمْ تَمْلِيكٌ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الشَّافِعِيُّ إنَّهَا زَوْجَةٌ فِي خَمْسِ آيَاتٍ إلَخْ ) ذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ فِي سِتَّةَ عَشْرَ آيَةً وَبَيَّنَهَا ( قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ إلَخْ وَلَا نَفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلْيُعْرَفْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَدَّادِ وَغَيْرُهُ أَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِنْ رَاجَعَهَا وَكَذَا لَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ قَدْ وَقَعَ بَيْنَهُمَا فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ وَحَلَفَ .

( فَصْلٌ فِي الِاخْتِلَافِ : لَوْ ادَّعَى الرَّجْعَةَ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ ) وَأَنْكَرَتْ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى إنْشَائِهَا ( وَكَانَ ) أَيْ وَجَعَلَ دَعْوَاهُ لَهَا ( إنْشَاءً ) لَهَا وَقِيلَ إقْرَارٌ ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى إقْرَارٌ وَالْإِقْرَارُ وَالْإِنْشَاءُ مُتَنَافِيَانِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لَا إنْشَاءٌ ، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَحْسَبُهُ إجْمَاعَ الْعِرَاقِيِّينَ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِهِ إنْشَاءً .
( قَوْلُهُ صَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ) عِبَارَتُهُ وَإِنْ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ قَدْ رَاجَعْتُك أَمْسِ أَوْ يَوْمَ كَذَا الْيَوْمُ مَاضٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ كَانَ رَجْعَةً وَهَكَذَا لَوْ قَالَ كُنْت رَاجَعْتُك بَعْدَ الطَّلَاقِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ إسْقَاطَ حَقٍّ لَهَا بِأَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ فَيَرْفَعَهُ بِالْإِقْرَارِ بِالرَّجْعَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْمَذْهَبِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْأَذْرَعِيُّ ) وَقَالَ بَلْ النَّصُّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ إقْرَارٌ مَقْبُولٌ لِإِنْشَاءٍ وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ

( أَوْ ) دَعَاهَا ( بَعْدَ انْقِضَائِهَا وَقَبْلَ النِّكَاحِ فَإِنْ قَالَا انْقَضَتْ أَمْسِ وَادَّعَى الرَّجْعَةَ قَبْلَهُ ) وَادَّعَتْهَا هِيَ بَعْدَهُ ( صُدِّقَتْ هِيَ ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا لَا تَعْلَمُهُ رَاجَعَهَا أَمْسِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرَّجْعَةِ قَبْلَ أَمْسِ وَلِأَنَّهُ يَدَّعِي بَعْدَ انْقِضَاءِ سَلْطَنَتِهِ وُقُوعَ تَصَرُّفِهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ الْوَكِيلَ إذَا ادَّعَى بَعْدَ الْعَزْلِ أَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ ( أَوْ قَالَا رَاجَعَ أَمْسِ ، وَادَّعَتْ انْقِضَاءَهَا قَبْلَهُ ) وَادَّعَاهُ بَعْدَهُ ( صُدِّقَ هُوَ ) بِيَمِينِهِ أَنَّهَا مَا انْقَضَتْ قَبْلَهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ انْقِضَائِهَا قَبْلَهُ .
( قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَاهَا بَعْدَ انْقِضَائِهَا إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ امْرَأَةً صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَوْ غَيْرَ أَبٍ ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُقْبَلْ ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ وَكَانَتْ زَوْجَتَهُ .

( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي السَّابِقِ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِوَقْتٍ بِأَنْ اقْتَصَرَ هُوَ عَلَى أَنَّ الرَّجْعَةَ سَابِقَةٌ وَهِيَ عَلَى أَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ سَابِقٌ ( صُدِّقَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( بِالدَّعْوَى ) بِيَمِينِهِ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ بِقَوْلِهِ ، فَإِنْ سَبَقَتْ الزَّوْجَةُ وَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي قَبْلَ مُرَاجَعَتِك ، ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ بَلْ بَعْدَهَا صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الِانْقِضَاءِ وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهَا بِالْأَصْلِ ، وَإِنْ سَبَقَ الزَّوْجُ وَقَالَ رَاجَعْتُك قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك ، ثُمَّ قَالَتْ هِيَ بَلْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الرَّجْعَةِ وَاخْتَلَفَا فِي الِانْقِضَاءِ وَاعْتَضَدَ دَعْوَاهُ بِالِاتِّفَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الِانْقِضَاءِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَالْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ ، وَاَلَّذِي فِي الْكَبِيرِ عَنْ الْقَفَّالِ وَالْبَغَوِيِّ وَالْمُتَوَلِّي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَرَاخِي كَلَامِهَا عَنْهُ ، فَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ فَهِيَ الْمُصَدَّقَةُ ؛ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ قَوْلِيَّةٌ فَقَوْلُهُ رَاجَعْتُك كَإِنْشَائِهَا حَالًا وَانْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لَيْسَ بِقَوْلِيٍّ فَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ عَمَّا تَقَدَّمَ فَكَانَ قَوْلُهُ رَاجَعْتُك صَادَفَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ وَكَأَنَّ الرَّوْضَةَ أَسْقَطَتْهُ لِعِلْمِهِ مِمَّا يَأْتِي فِي مَنْشَأِ الرَّجْعَةِ وَهَلْ الْمُرَادُ سَبْقُ الدَّعْوَى عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ لَا ؟ قَالَ ابْنُ عُجَيْلٍ نَعَمْ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ النَّصِّ وَاعْتَمَدَهُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِيمَا إذَا سَبَقَهَا الزَّوْجُ أَيْضًا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَرَاخَ كَلَامُهَا عَنْ كَلَامِهِ فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ ( فَإِنْ ادَّعَيَا مَعًا صُدِّقَتْ ) بِيَمِينِهَا لِمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ

الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ لَا يُعْلَمُ غَالِبًا إلَّا مِنْهَا وَالزَّوْجُ يُمْكِنُهُ الْإِشْهَادُ عَلَى الرَّجْعَةِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ سَبْقٌ حَتَّى يَتَقَدَّمَ بِهِ وَلِأَنَّ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ مُحَقَّقٌ فَهُوَ أَصْلٌ وَالرَّجْعَةُ رَدٌّ لِلنِّكَاحِ فِي الْمَاضِي وَالْأَصْلُ عَدَمُهَا ( وَإِنْ اعْتَرَفَا بِتَرْتِيبِهِمَا وَأَشْكَلَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( قُضِيَ لَهُ ) أَيْ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ ( لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْعِدَّةِ ) وَوِلَايَةُ الرَّجْعَةِ .

قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَ مِنْ إطْلَاقِ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا سَبَقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَقَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُرِيدُونَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ ) وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْعَدَدِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُتَقَدِّمِ مِنْهُمَا أَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ أَحَدِهِمَا فَالْعَكْسُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا صُدِّقَ الزَّوْجُ وَالْمُدْرَكُ وَاحِدٌ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ هُوَ غَفْلَةٌ فَاَلَّذِي فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْعَدَدِ مُوَافِقٌ لِمَا هُنَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الزَّوْجَيْنِ لَا عَكْسِهِ فَفِيهِمَا هُنَاكَ لَوْ وَلَدَتْ وَطَلَّقَهَا ، ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ بَلْ قَبْلَهَا ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ طَلَّقْتُك يَوْمَ السَّبْتِ وَقَالَتْ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِيهِ كَأَصْلِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ ، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ وَقَالَتْ وَلَدْت يَوْمَ الْخَمِيسِ وَقَالَ يَوْمَ السَّبْتِ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّهَا الْمُصَدَّقَةُ فِي الْوِلَادَةِ فَكَذَا فِي وَقْتِهَا ، وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتٍ وَادَّعَى تَقَدُّمَ الْوِلَادَةِ وَهِيَ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ سَلْطَنَةِ النِّكَاحِ ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى الْفَرْقِ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ بِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي وَقْتِهِ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ هُنَاكَ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُسْعِفُهُ وَيُعَرِّضُهُ لِلزَّوَالِ ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الرَّجْعَةِ فَقَدْ سَبَقَ فِيهَا طَلَاقٌ ضَعُفَ بِهِ النِّكَاحُ وَصَارَ زَوَالُهُ مَوْقُوفًا عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَانْقِضَاؤُهَا مَرْجُوعٌ

فِيهِ إلَى قَوْلِهَا فَلِهَذَا نَظَرْنَا هُنَا إلَى السَّابِقِ بِالدَّعْوَى وَرَجَّحْنَا قَوْلَهُ هُنَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الِاتِّفَاقِ عَلَى وَقْتٍ لِسَلَامَةِ الْعِصْمَةِ عَمَّا يُورِثُ خَلَلًا فِيهَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْعِمَادِ .

( فَإِنْ قَالَ ) الزَّوْجُ مُنْشِئًا ( رَاجَعْتُك فَقَالَتْ مُتَّصِلًا بِهِ قَدْ انْقَضَتْ ) عِدَّتِي ( قَبْلُ ) أَيْ قَبْلَ رَجْعَتِك ( صُدِّقَتْ ) لِأَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعْت إنْشَاءٌ وَقَوْلَهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ فَيَكُونُ الِانْقِضَاءُ سَابِقًا عَلَى قَوْلِهَا ، أَمَّا لَوْ قَالَتْ ذَلِكَ مُتَرَاخِيَةً عَنْ قَوْلِ الزَّوْجِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ ، وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا لَكِنَّ الْمُوَافِقَ لِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَغَيْرِهِ السَّابِقِ تَصْدِيقُهَا .
( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ رَاجَعْتُك أَمْسِ وَالْعِدَّةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْآنَ فَقَالَتْ بَلْ انْقَضَتْ قَبْلَ أَمْسِ عَلَى مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُهُ مُنْشِئًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ ) انْقِضَاءِ ( الْعِدَّةِ ) زَوْجًا آخَرَ ( وَادَّعَى مُطَلِّقُهَا ) تَقَدُّمَ الرَّجْعَةِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( فَلَهُ الدَّعْوَى ) بِهِ ( عَلَيْهَا ، وَكَذَا عَلَى الزَّوْجِ ) لِأَنَّهَا فِي حِبَالَتِهِ وَفِرَاشِهِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ تَصْحِيحِ الْإِمَامِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الدَّعْوَى عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ فَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالثَّانِي هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ فِيمَا إذَا زَوَّجَهَا وَلِيَّانِ مِنْ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ سَبْقَ نِكَاحِهِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَوَّلِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ ( فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً ) بِمُدَّعَاهُ ( انْتَزَعَهَا ) مِنْ الزَّوْجِ سَوَاءٌ أَدْخَلَ أَمْ لَا ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً ( فَإِنْ بَدَأَ بِهَا ) فِي الدَّعْوَى ( فَأَقَرَّتْ ) لَهُ بِالرَّجْعَةِ ( لَمْ يُقْبَلْ ) إقْرَارُهَا ( عَلَى الثَّانِي مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهَا ( فَإِنْ زَالَ حَقُّهُ ) بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ أَوْ حَلَفَ الْأَوَّلُ يَمِينَ الرَّدِّ بَعْدَ الدَّعْوَى عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهَا ( سُلِّمَتْ لِلْأَوَّلِ ) كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ حُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ ( وَقَبْلَ ذَلِكَ ) أَيْ زَوَالِ حَقِّ الثَّانِي ( يَجِبُ عَلَيْهَا لِلْأَوَّلِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِلْحَيْلُولَةِ ) أَيْ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِالنِّكَاحِ الثَّانِي حَتَّى لَوْ زَالَ حَقُّ الثَّانِي رُدَّ لَهَا الْمَهْرُ لِارْتِفَاعِ الْحَيْلُولَةِ وَالتَّصْرِيحِ بِكَوْنِهِ لِلْحَيْلُولَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( قَوْلُهُ وَإِنْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا رَجْعِيًّا التَّزَوُّجَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ، وَإِنْ كَانَ الْمُطَلِّقُ غَائِبًا وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ رَاجِعٌ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حِبَالَةِ رَجُلٍ فَادَّعَاهَا ) أَيْ زَوْجِيَّتَهَا ( آخَرُ فَأَقَرَّتْ ) لَهُ بِهَا ( وَقَالَتْ كُنْت طَلَّقْتنِي فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارَهَا ) لَهُ ( وَتُنْزَعُ لِلْأَوَّلِ ) الْأُولَى لَهُ أَيْ الَّذِي طَلَّقَهَا ( إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ وَالْفَرْقُ اتِّفَاقُهُمَا ) أَيْ الزَّوْجَيْنِ ( فِي الْأُولَى عَلَى الطَّلَاقِ ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّتْ أَوَّلًا بِالنِّكَاحِ لِلثَّانِي أَوْ أَذِنَتْ فِيهِ لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ كَمَا لَوْ نَكَحَتْ رَجُلًا بِإِذْنِهَا ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِرَضَاعٍ مُحَرَّمٍ بَيْنَهُمَا لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهَا كَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّهُ كَانَ مِلْكَ فُلَانٍ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي ، وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ فَقَالَ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْمَرْأَةُ أَقَرَّتْ بِالنِّكَاحِ لِمَنْ هِيَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَا ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنِّيَّةِ ، فَإِنْ وَجَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ جَزْمًا ( وَلَوْ أَنْكَرَتْ ) رَجْعَتَهُ ( فَلَهُ تَحْلِيفُهَا ) عَلَى نَفْيِ عِلْمِهَا بِالرَّجْعَةِ ( لِلْغُرْمِ ) أَيْ لِيَغْرَمَ مَهْرَ الْمِثْلِ إذَا أَقَرَّتْ أَوْ نَكَلَتْ وَحَلَفَ هُوَ ، فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ فِي حُبَالَةِ رَجُلٍ إلَخْ ) ، وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ ثَلَاثًا وَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ لِنِسْيَانٍ أَوْ غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهَا أَنْ تُوَاطِئَ شَخْصًا لِيَدَّعِيَ نِكَاحَهَا ، ثُمَّ تُقِرَّ لَهُ بِأَنَّهَا كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ مِنْ قَبْلُ حَتَّى تَخْلَصَ مِنْ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَأَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَكَذَا الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْحَقُّ أَنَّهَا مَتَى كَانَتْ قَدْ اعْتَرَفَتْ لِمَنْ فِي حُبَالَتِهِ بِالزَّوْجِيَّةِ اعْتِرَافًا صَرِيحًا أَوْ ضِمْنِيًّا كَتَمْكِينِهِ أَوْ إذْنِهَا فِي نِكَاحِهِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يُسْمَعْ إقْرَارُهَا انْتَهَتْ ( قَوْلُهُ ، فَإِنْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا لَمْ تُنْزَعْ مِنْهُ جَزْمًا ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ .

( وَإِنْ بَدَأَ بِالزَّوْجِ ) فِي الدَّعْوَى ( فَأَقَرَّ ) لَهُ ( أَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَحَلَفَ الْأَوَّلُ ) الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ ( بَطَلَ نِكَاحُ الثَّانِي وَلَا يَسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ ) حِينَئِذٍ ( إلَّا بِإِقْرَارِهَا ) لَهُ ( أَوْ حَلَّفَهُ بَعْدَ نُكُولِهَا وَلَهَا عَلَى الثَّانِي بِالْوَطْءِ مَهْرُ الْمِثْلِ إنْ اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالْمُسَمَّى ) إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ وَنِصْفُهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ نَكَلَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي إنْكَارِهِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ انْقَضَتْ وَالنِّكَاحُ وَقَعَ صَحِيحًا فِي الظَّاهِرِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الرَّجْعَةِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( طَلَّقَهَا ) دُونَ ثَلَاثٍ بِلَا عِوَضٍ ( وَقَالَ وَطِئْت فَلِي الرَّجْعَةُ ) وَأَنْكَرَتْ وَطْأَهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فَتَحْلِفُ ) أَنَّهُ مَا وَطِئَهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَيُفَارِقُ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهَا فِيمَا إذَا أَنْكَرَتْ وَطْءَ الْمَوْلَى أَوْ الْعِنِّينِ إذَا ادَّعَاهُ بِأَنَّ النِّكَاحَ ثَابِتٌ ثُمَّ وَالْمَرْأَةُ تَدَّعِي مَا يُزِيلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهُنَا الطَّلَاقُ قَدْ وَقَعَ وَهُوَ يَدَّعِي الرَّجْعَةَ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الطَّلَاقِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ( وَتَتَزَوَّجُ ) بَعْدَ حَلِفِهَا ( فِي الْحَالِ ) فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا .

( وَيُمْنَعُ ) الْمُطَلِّقُ ( لِإِقْرَارِهِ ) بِوَطْئِهَا ( نِكَاحَ أُخْتِهَا ) وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا ( فِي الْعِدَّةِ ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ ، ثُمَّ هُوَ مُقِرٌّ لَهَا بِالْمَهْرِ وَهِيَ لَا تَدَّعِي إلَّا نِصْفَهُ ( فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَخَذَتْ الْمَهْرَ ) كُلَّهُ ( لَمْ تُطَالِبْ بِهِ ) وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَخَذَتْهُ ( طَالَبَتْ بِالنِّصْفِ فَقَطْ ) عَمَلًا بِإِنْكَارِهَا ( فَلَوْ أَخَذَتْهُ ) أَيْ النِّصْفَ ( ثُمَّ اعْتَرَفَتْ ) لِلزَّوْجِ ( بِالدُّخُولِ لَمْ تَسْتَحِقَّ ) عَلَيْهِ ( النِّصْفَ الثَّانِيَ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ مِنْهُ ) وَقِيلَ تَسْتَحِقُّهُ بِلَا إقْرَارٍ مِنْهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ تَرْجِيحِ الرَّافِعِيِّ فِي الْإِقْرَارِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ حَذَفَهُمَا الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْإِسْنَوِيِّ إنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَتْ الدُّخُولَ فَأَنْكَرَ صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَلَا رَجْعَةَ وَلَا نَفَقَةَ وَلَا سُكْنَى ( وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ) عَمَلًا بِإِقْرَارِهَا .

( وَإِنْ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا ) بَعْدَ دَعْوَاهَا الدُّخُولَ ( لَمْ تَسْقُطْ ) عِدَّتُهَا ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارِهَا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَنْكَرَتْ الرَّجْعَةَ ) وَاقْتَضَى الْحَالُ تَصْدِيقَهَا ( ثُمَّ أَقَرَّتْ ) بِهَا ( قَبِلْنَاهُ ) أَيْ إقْرَارَهَا ؛ لِأَنَّهَا جَحَدَتْ حَقَّ الزَّوْجِ ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهِ فَلَا يَجُوزُ إبْطَالُهُ كَمَا فِي الْقِصَاصِ ( وَلَوْ أَنْكَرَتْ غَيْرُ الْمُجْبَرَةِ الْإِذْنَ ) فِي النِّكَاحِ وَكَانَ إنْكَارُهَا ( قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ رِضَاهَا ( ثُمَّ اعْتَرَفَتْ ) بِأَنَّهَا كَانَتْ أَذِنَتْ ( لَمْ يُقْبَلْ مِنْهَا ) لِأَنَّ النَّفْيَ إذَا تَعَلَّقَ بِهَا كَانَ كَالْإِثْبَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ فِعْلِهِ عَلَى الْبَتِّ كَالْإِثْبَاتِ وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِذَلِكَ وَبِأَنَّ إذْنَ الزَّوْجَةِ شَرْطٌ فِي النِّكَاحِ دُونَ الرَّجْعَةِ ( وَجُدِّدَ النِّكَاحُ ) بَيْنَهُمَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ بِدُونِ تَجْدِيدٍ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الدُّخُولِ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ بَابِ الصَّدَاقِ .

( وَكَذَا مَنْ أَقَرَّتْ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ) مُحَرِّمٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَجُلٍ ( ثُمَّ رَجَعَتْ لَا يُقْبَلُ ) رُجُوعُهَا ؛ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ وَالْإِثْبَاتُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ عِلْمٍ فَفِي الرُّجُوعِ عَنْهُ تَنَاقُضٌ بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ النَّفْيِ وَالنَّفْيُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَنْ عِلْمٍ نَعَمْ لَوْ قَالَ مَا أَتْلَفَ فُلَانٌ مَالِي ، ثُمَّ رَجَعَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَتْلَفَ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا أَتْلَفَهُ يَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ عَلَى نَفْسِهِ بِبَرَاءَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَنَى الْإِمَامُ عَلَى الْفَرْقِ السَّابِقِ مَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا فَأَنْكَرَ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَتْ هِيَ ، ثُمَّ كَذَّبَتْ نَفْسَهَا لَا يُقْبَلُ لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ
( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ الْإِثْبَاتِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى حَقًّا فَأَنْكَرَتْهُ ، ثُمَّ عَادَتْ إلَى الِاعْتِرَافِ وَإِذَا تَوَافَقَا عَلَى ثُبُوتِ حَقِّهِ لَمْ يَجُزْ إبْطَالُهُ وَيُقْبَلُ لِحَقِّ الزَّوْجِ كَمَا لَوْ ادَّعَى زَوْجِيَّةً فَأَنْكَرَتْهَا ، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِهَا أَوْ ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ قِصَاصًا فَأَنْكَرَهُ ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ بِخِلَافِ قَوْلِهَا فُلَانٌ أَخِي ( قَوْلُهُ لَا يُقْبَلُ ) لِاسْتِنَادِ قَوْلِهَا الْأَوَّلِ إلَى إثْبَاتٍ .
وَجْهُ عَدَمِ قَبُولِ رُجُوعِهَا أَنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِطَلَاقِهَا عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِهِ عَلَى مُقَابِلِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( كَانَتْ الزَّوْجَةُ ) الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا رَجْعِيًّا ( أَمَةً ) وَاخْتَلَفَا فِي الرَّجْعَةِ ( فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ حَيْثُ قُلْنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْحُرَّةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ الزَّوْجَةُ ؛ لِأَنَّ نِكَاحَ الْأَمَةِ حَقُّهُ ( وَالْمَذْهَبُ ) الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمَا ( خِلَافُهُ ) وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا كَالْحُرَّةِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَالْأَوَّلُ مَرْدُودٌ زَادَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بَلْ غَلَطَ وَإِنْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَقْوَى
( قَوْلُهُ فَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ إلَخْ ) لَوْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ صَبِيَّةً أَوْ مَعْتُوهَةً فَقَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا رَاجَعْتهَا فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ وَلِيُّهَا أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا أَمْ غَيْرَهُ ، وَلَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَعَرَضَ لَهَا مَرَضٌ أَذْهَبَ عَقْلَهَا ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا كُنْت رَاجَعْتهَا قَبْلَهُ لَمْ يُقْبَلْ ، فَإِنْ أَفَاقَتْ وَصَدَّقَتْهُ قُبِلَ .
قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قُدِّمَ هَذَا أَيْضًا ( قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ الزَّوْجَةُ إلَخْ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ وَغَيْرِهِمَا خِلَافُهُ ) قَالَ وَهَكَذَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَتُهُ أَمَةً فَصَدَّقَتْهُ كَانَتْ كَالْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ أَمْرِهَا ، وَلَوْ كَذَّبَهُ مَوْلَاهَا لَمْ أَقْبَلْ قَوْلَهُ ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ بِالرَّجْعَةِ وَالتَّحْرِيمَ بِالطَّلَاقِ فِيهَا وَلَهَا انْتَهَتْ ( قَوْلُهُ وَسَبَقَهُ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ) وَهُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ .

( فَرْعٌ لَوْ قَالَ أَخْبَرَتْنِي ) مُطَلَّقَتِي ( بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَرَاجَعْتهَا مُكَذِّبًا لَهَا ) أَوْ لَا مُصَدِّقًا وَلَا مُكَذِّبًا ( ثُمَّ اعْتَرَفَتْ بِالْكَذِبِ ) بِأَنْ قَالَتْ مَا كَانَتْ انْقَضَتْ ( فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْهَا

( كِتَابُ الْإِيلَاءِ ) هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ قَالَ الشَّاعِرُ وَأَكْذَبُ مَا يَكُونُ أَبُو الْمُثَنَّى إذَا آلَى يَمِينًا بِالطَّلَاقِ وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ وَخَصَّهُ بِالْحَلِفِ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } الْآيَةَ وَإِنَّمَا عُدِّيَ فِيهَا بِمِنْ وَهُوَ إنَّمَا يُعَدَّى بِعَلَى ؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدِ كَأَنَّهُ قِيلَ يُؤْلُونَ مُبْعَدِينَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ لِلْإِيذَاءِ وَلَيْسَ مِنْهُ إيلَاؤُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا ( وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ ) حَالِفٌ وَمَحْلُوفٌ بِهِ وَمُدَّةٌ وَمَحْلُوفٌ عَلَيْهِ زَادَ فِي الْأَنْوَارِ وَصِيغَةٌ وَزَوْجَةٌ ( الْأَوَّلُ الْحَالِفُ وَشَرْطُهُ زَوْجٌ مُكَلَّفٌ مُخْتَارٌ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ كَسَيِّدٍ وَلَا مِنْ غَيْرِ مُكَلَّفٍ إلَّا لِسَكْرَانَ وَلَا مِنْ مُكْرَهٍ وَلَا مِمَّنْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ كَمَجْنُونٍ وَسَيَأْتِي بَعْضُ ذَلِكَ وَذِكْرُ مُخْتَارٍ مِنْ زِيَادَتِهِ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ .

( كِتَابُ الْإِيلَاءِ ) ( قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً الْحَلِفُ ) بِدَلِيلِ قِرَاءَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَاَلَّذِينَ يُقْسِمُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ( قَوْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى الْبُعْدَ وَقِيلَ مِنْ لِلسَّبَبِيَّةِ ) أَيْ يَحْلِفُونَ بِسَبَبِ نِسَائِهِمْ وَقِيلَ بِمَعْنَى عَلَى وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ فِيهِمَا أَيْ عَلَى تَرْكِ وَطْءٍ أَوْ فِي تَرْكِ وَطْءٍ وَقِيلَ مِنْ زَائِدَةٌ وَالتَّقْدِيرُ يُؤْلُونَ أَيْ يَعْتَزِلُونَ نِسَاءَهُمْ أَوْ أَنَّ آلَى يَتَعَدَّى بِعَلَى وَمَنْ قَالَهُ أَبُو الْبَقَاءِ نَقْلًا عَنْ غَيْرِهِ أَنَّهُ يُقَالُ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ وَعَلَى امْرَأَتِهِ ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ الْحَالِفُ ) لَوْ قَالَ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي خَمْسَةَ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مُظَاهِرًا وَلَيْسَ بِحَلِفٍ لَكِنَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْحَلِفِ ( قَوْلُهُ يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْجِمَاعُ ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ مُدَّةً يَتَحَقَّقُ انْقِضَاؤُهَا قَبْلَ وُصُولِهَا إلَى حَالَةِ الْإِمْكَانِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ حَلِفِهِ تَنْقَضِي فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ وَمَا لَوْ حَلَفَ وَأَحَدُهُمَا بِالْمَشْرِقِ وَالْآخَرُ بِالْمَغْرِبِ .

( فَيَصِحُّ مِنْ الْعَبْدِ ) بِسَائِرِ أَنْوَاعِهِ ( وَ ) مِنْ ( الْكَافِرِ ، وَلَا يَنْحَلُّ ) إيلَاؤُهُ ( بِالْإِسْلَامِ وَ ) يَصِحُّ ( مِنْ الْغَضْبَانِ ) لِأَنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ حَالَتَيْ الْغَضَبِ وَالرِّضَا وَكَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَالظِّهَارِ وَسَائِرِ الْأَيْمَانِ ( وَ ) مِنْ ( الْعِنِّينِ وَالْمَرِيضِ وَالْخَصِيِّ ) لِذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِالْعِنِّينِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا ) مِنْ ( أَشَلَّ ذَكَرٍ وَمَجْبُوبٍ ) كُلَّ الذَّكَرِ أَوْ بَعْضَهَ ( إلَّا إنْ بَقِيَ قَدْرُ الْحَشَفَةِ ) فَيَصِحُّ الْإِيلَاءُ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الْجِمَاعِ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَلَا يَتَحَقَّقُ مِنْهُ قَصْدُ الْإِيذَاءِ .

( وَلَا يَنْحَلُّ ) الْإِيلَاءُ ( بِالْجَبِّ ) لِعُرُوضِ الْعَجْزِ فِي الدَّوَامِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِيلَاءِ السَّابِقِ عَلَيْهِ ( وَيَصِحُّ ) إيلَاءٌ لِزَوْجٍ ( مِنْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ جِمَاعُهَا فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ وَمَرِيضَةٍ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ حَتَّى تُدْرِكَ ) الصَّغِيرَةُ إطَاقَةَ الْجِمَاعِ ( وَتُطِيقُ الْمَرِيضَةُ ) ذَلِكَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةِ لِاحْتِمَالِ الشِّفَاءِ وَمِنْ مُحْرِمَةٍ لِاحْتِمَالِ التَّحَلُّلِ لِحَصْرٍ وَغَيْرِهِ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ لِإِمْكَانِ الْكَفَّارَةِ قَالَ فِي الْأُولَى وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَالتَّكْفِيرِ وَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ حَتَّى تُطِيقَ كَانَ أُولَى وَأَخْصَرَ إلَّا أَنَّهُ تَبِعَ أَصْلَهُ .
( قَوْلُهُ فِيمَا قَدَّرَهُ مِنْ الْمُدَّةِ ) مَعَ زِيَادَةٍ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ مِنْ مُتَحَيِّرَةٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَمِنْ مُظَاهَرٍ مِنْهَا إلَخْ ) وَمَوْطُوءَةٍ بِشُبْهَةٍ ( قَوْلُهُ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الشِّفَاءِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَنَّهَا لَا تُضْرَبُ إلَّا بَعْدَ التَّحَلُّلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَلَوْ حَلَفَ زَوْجُ الْمَشْرِقِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ لَا يَطَؤُهَا كَانَ مُولِيًا لِاحْتِمَالِ الْوُصُولِ عَلَى غَيْرِ الْعَادَةِ وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إلَّا بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ ، وَلَوْ آلَى مُرْتَدٌّ أَوْ مُسْلِمٌ مِنْ مُرْتَدَّةٍ فَعِنْدِي تَنْعَقِدُ الْيَمِينُ ، فَإِنْ جَمَعَهَا الْإِسْلَامُ فِي الْعِدَّةِ وَكَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُولٍ وَإِلَّا فَلَا ، وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَ ) يَصِحُّ ( مِنْ عَجَمِيٍّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَعَكْسُهُ ) أَيْ وَمِنْ عَرَبِيٍّ بِالْعَجَمِيَّةِ ( إنْ عُرِفَ الْمَعْنَى ) كَمَا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ ( فَإِنْ آلَى مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ وَلَوْ تَزَوَّجَهَا ) بَعْدَ إيلَائِهِ ( فَحَالَفَ ) فَيَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَلِفُ الْخَالِي عَنْ الْإِيلَاءِ ( لَا مُولٍ ) لِأَنَّ الْإِيلَاءَ مُخْتَصٌّ بِالنِّكَاحِ فَلَا يَنْعَقِدُ بِخِطَابِ الْأَجْنَبِيَّةِ كَالطَّلَاقِ قَالَ تَعَالَى { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } وَلَيْسَتْ الْأَجْنَبِيَّةُ كَالزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا قَصْدُ الْإِيذَاءِ ( وَيَصِحُّ مِنْ رَجْعِيَّةٍ ) كَمَا يَصِحُّ طَلَاقُهَا ( وَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ قَبْلَ الرَّجْعَةِ ) لِأَنَّهَا فِي زَمَنِ الْعِدَّةِ جَارِيَةٌ إلَى الْبَيْنُونَةِ وَلِأَنَّهَا تَحْرُمُ بِالطَّلَاقِ فَلَا وَقْعَ لِامْتِنَاعِهِ مِنْ الْحَرَامِ ( وَلَا يَصِحُّ مِنْ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ ) لِعَدَمِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْإِيذَاءِ كَمَا فِي الْمَجْبُوبِ

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمَحْلُوفُ بِهِ وَلَا يَخْتَصُّ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ وَطَلَاقٍ وَغَيْرِهِ ) الْأَوْلَى وَغَيْرُهُمَا ( مِمَّا لَا يَنْحَلُّ الْيَمِينُ فِيهِ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَإِنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ يَوْمٍ ) أَوْ صَلَاةٌ أَوْ حَجٌّ ( أَوْ فَأَنْتِ حَرَامٌ ) أَوْ طَالِقٌ أَوْ فَضَرَّتُك طَالِقٌ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ ( صَارَ مُولِيًا ) لِأَنَّ مَا يَلْزَمُهُ فِي ذَلِكَ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُهُ مِنْهُ فَيَتَحَقَّقُ الْإِضْرَارُ وَلِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى حَلِفًا فَشَمَلَهُ إطْلَاقُ آيَةِ الْإِيلَاءِ وَفِي مَعْنَاهُ الظِّهَارُ كَقَوْلِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي سَنَةً فَإِنَّهُ إيلَاءٌ مِمَّا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ ( وَهِيَ ) أَيْ الْيَمِينُ الْمَذْكُورَةُ ( يَمِينُ لَجَاجٍ ) فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْوَفَاءِ بِمَا الْتَزَمَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ( وَلَيْسَ الْيَمِينُ بِصَوْمِ هَذَا الشَّهْرِ إيلَاءً ) فَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ أَنْ أَصُومَ هَذَا الشَّهْرَ أَوْ الشَّهْرَ الْفُلَانِيَّ وَهُوَ يَنْقَضِي قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْيَمِينِ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِيلَاءُ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ مُدَّتِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ الْتَزَمَ صَوْمَ شَهْرٍ مُطْلَقٍ أَوْ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمُدَّةِ مِنْ الْيَمِينِ كَأَنْ قَالَ فِي أَوَّلِ رَجَبٍ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ ذِي الْقِعْدَةِ أَوْ فَعَلَيَّ صَوْمُ شَهْرٍ فَإِنَّهُ إيلَاءٌ ( وَلَا ) بِصَوْمِ ( هَذِهِ السَّنَةِ إلَّا إنْ بَقِيَ مِنْهَا أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) فَيَكُونُ إيلَاءً ( وَهِيَ ) أَيْ الْيَمِينُ ( بِصَوْمِ شَهْرِ الْوَطْءِ إيلَاءٌ ) كَقَوْلِهِ إنْ وَطِئْتُك فَعَلَيَّ صَوْمُ الشَّهْرِ الَّذِي أَطَأُ فِيهِ فَإِذَا وَطِئَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ لَزِمَهُ مُقْتَضَى الْيَمِينِ ( وَيُجْزِئُهُ صَوْمُ بَقِيَّتِهِ ) سَوَاءٌ قُلْنَا بِلُزُومِ مَا الْتَزَمَهُ أَمْ بِأَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ ( وَيَقْضِي يَوْمَ الْوَطْءِ ) كَنَظِيرِهِ فِيمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْدُمُ فِيهِ زَيْدٌ وَقَدِمَ نَهَارًا .

( قَوْلُهُ بَلْ إنْ الْتَزَمَ شَيْئًا كَصَوْمٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ أَوْ بِهَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الْوَطْءِ كَمَرَضٍ فَقَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَلَاةٌ أَوْ صَوْمٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ قَاصِدًا بِهِ نَذْرَ الْمُجَازَاةِ لَا الِامْتِنَاعَ مِنْ الْوَطْءِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَا مَأْثُومًا وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ نَذْرِ الْمُجَازَاةِ ، وَإِنْ أَبَى ذَلِكَ إطْلَاقُ الْكِتَابِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَعَلَى الْوَلِيِّ الْكَفَّارَةُ إنْ وَطِئَ ) بَعْدَ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ فِيهَا ( وَلَوْ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ ) لِحِنْثِهِ فِي يَمِينِهِ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينِهِ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ وَإِلَّا فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ .

( فَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَمَا سَأَمْلِكُ حُرٌّ أَوْ فَعَلَيَّ أَنْ أُطَلِّقَك أَوْ فَأَنَا زَانٍ أَوْ فَأَنْت زَانِيَةٌ لَغَا ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ شَيْءٌ ( وَلَا يَكُونُ قَاذِفًا لَهَا بِوَطْئِهَا ) أَيْ بِسَبَبِهِ ؛ لِأَنَّ الْقَذْفَ الْمُعَلَّقَ لَا يُلْحِقُ عَارًا ( لَكِنْ يُعَزَّرُ ) لَهَا بِقَوْلِهِ الْمَذْكُورِ ؛ لِأَنَّهُ آذَهَا بِهِ كَمَا لَوْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ زُنَاةٌ .

( وَقَوْلُهُ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلَتْ الدَّارَ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ بَعْدَ سَنَةٍ ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ ( كَقَوْلِهِ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك ) فِي أَنَّهُ ( لَا يَكُونُ مُولِيًا فِي الْحَالِ ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ فِي الْحَالِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِسَبَبِهِ الطَّلَاقُ بِالدُّخُولِ أَوْ الْحُرِّيَّةِ بِمُضِيِّ سَنَةٍ كَمَا يَتَعَلَّقُ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِالْوَطْءِ ( وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ بِمَوْتِ الْعَبْدِ ) قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ ( وَخُرُوجِهِ ) قَبْلَهُ ( عَنْ مِلْكِهِ ) بِبَيْعٍ لَازِمٍ مِنْ جِهَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ حِينَئِذٍ شَيْءٌ ( لَا بِتَدْبِيرِهِ وَكِتَابَتِهِ وَلَا بِالِاسْتِيلَادِ ) لِأَمَتِهِ الَّتِي عَتَقَهَا بِالْوَطْءِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يُعْتَقُ لَوْ وُطِئَ ( فَإِذَا عَادَ مِلْكُهُ ) فِي الْعَبْدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ عَنْهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ ( لَمْ يَعُدْ ) أَيْ الْإِيلَاءُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ .

( وَإِنْ قَالَ إنْ وَطِئَتْك فَعَبْدِي حُرٌّ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ ، فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَ مُضِيِّ شَهْرٍ ) مِنْ آخِرِ تَلَفُّظِهِ ( انْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) وَلَا عِتْقَ لِتَعَذُّرِ تَقَدُّمِهِ عَلَى اللَّفْظِ وَاسْتُشْكِلَ انْحِلَالُهَا بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ ( وَإِنْ مَضَى شَهْرٌ ) مِمَّا ذَكَرَ ( وَلَمْ يَطَأْ صَارَ مُولِيًا ) فَتُضْرَبُ مُدَّةُ الْإِيلَاءِ وَيُطَالَبُ فِي الشَّهْرِ الْخَامِسِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ زَمَنٍ يَسَعُ الْعِتْقَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُورَانِيُّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ ( وَحِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ ) أَيْ مُضِيِّ شَهْرٍ ( تَبَيَّنَ عِتْقُهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِشَهْرٍ وَ ) تَبَيَّنَ ( انْفِسَاخُ الْبَيْعِ بِعِتْقِهِ إنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِدُونِ شَهْرٍ وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ بَاعَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ بِأَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ ( فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ ) لِأَنَّهُ لَوْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ الْعِتْقُ قَبْلَهُ لِتَقَدُّمِ الْبَيْعِ عَلَى شَهْرٍ وَلَا يَخْفَى مِمَّا مَرَّ عَنْ الْفُورَانِيِّ اعْتِبَارُ زِيَادَةٍ عَلَى الشَّهْرِ فِيمَا ذَكَرَ بَعْدَهُ وَفِي مَعْنَى الْبَيْعِ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ مِنْ مَوْتٍ وَهِبَةٍ وَغَيْرِهِمَا .
قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْهُ ) عَدَمُ تَنَاوُلِهِ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ حِينَ يَطَأُ بَعْدَ ذَلِكَ يَتَبَيَّنُ عِتْقُهُ إلَخْ ) فَإِنْ قِيلَ أَلَيْسَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي يَمِينِ اللَّجَاجِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَلِمَ تَبَيَّنَ الْعِتْقُ أَمْ كَيْفَ صُورَتُهَا ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ وَمَا فِي الْأَيْمَانِ قَوْلٌ آخَرُ فَهَلُمَّ بِالتَّنَاقُضِ وَقَالَ فِي الْمُهَذَّبِ إنْ كَانَتْ صِيغَتُهُ تَعْلِيقَ عِتْقِ الْعَبْدِ ، وَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ نَذْرٍ كَانَ نَذْرَ لَجَاجٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَاقُضَ .

( وَإِنْ طَلَّقَ حِينَ طُولِبَ ) بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ( ثُمَّ رَاجَعَ ) أَيْ أَعَادَ مُطَلَّقَتَهُ ( ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا إلَّا إنْ بَانَتْ مِنْهُ فَجَدَّدَ ) نِكَاحَهَا فَلَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ ، وَإِذَا وَطِئَهَا تَبَيَّنَ عِتْقُ الْعَبْدِ قَبْلَهُ بِشَهْرٍ ، وَإِنْ وَقَعَ الْوَطْءُ بِصُورَةِ الزِّنَا كَمَا صَرَّحَ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الْمُطَالَبَةِ فِيمَا ذَكَرَ ، وَإِنْ ذَكَرَهَا أَصْلُهُ أَيْضًا

( أَوْ ) قَالَ إنْ وَطِئْتُك ( فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ، فَإِنْ كَانَ قَدْ ظَاهَرَ ) وَعَادَ ( صَارَ مُولِيًا سَوَاءٌ حَلَفَ نَاسِيًا لِلظِّهَارِ أَوْ لَا ) ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَعِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَتَعْجِيلُ عِتْقِهِ عَنْ الظِّهَارِ زِيَادَةٌ عَلَى مُوجَبِ الظِّهَارِ الْتَزَمَهَا بِالْوَطْءِ وَهِيَ صَالِحَةٌ لِلْمَنْعِ عَنْهُ
( قَوْلُهُ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي إلَخْ ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فَعَبْدِي حُرٌّ عَمَّا إذَا قَالَ فَعَبْدٌ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ عِنْدَهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَمْ يَلْزَمْ تَعْيِينًا وَلَا تَعْجِيلًا نَعَمْ يُتَصَوَّرُ فِي عَبْدٍ مُعَيَّنٍ يَحْتَاجُ إلَى خِدْمَتِهِ .

( ثُمَّ إنْ وَطِئَ ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا ( عَتَقَ عَنْ الظِّهَارِ ) لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ قَالَ عِنْدَ الْوَطْءِ أَعْتَقْتُك عَنْ ظِهَارِي وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي سَائِرِ التَّعَلُّقَاتِ كَأَنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ عَنْ ظِهَارِي ( فَإِنْ كَانَ لَمْ يُظَاهِرْ فَقَدْ أَقَرَّ ) عَلَى نَفْسِهِ ( بِظِهَارٍ فَيَصِيرُ مُولِيًا مُظَاهِرًا فِي الظَّاهِرِ ) لَا فِي الْبَاطِنِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُظَاهِرًا مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا ( عَتَقَ فِي الظِّهَارِ وَإِنْ قَالَ ) إنْ وَطِئْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ ( عَنْ ظِهَارِي إنْ ظَاهَرَتْ فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يُظَاهِرَ ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ شَيْءٌ بِالْوَطْءِ قَبْلَ الظِّهَارِ لِتَعَلُّقِ الْعِتْقِ بِهِ مَعَ الْوَطْءِ ( وَبَعْدَ الظِّهَارِ إنْ وَطِئَ ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا ( عَتَقَ ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ( لَا عَنْ الظِّهَارِ لِتَقَدُّمِ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ عَلَيْهِ ) وَالْعِتْقُ إنَّمَا يَقَعُ عَنْ الظِّهَارِ بِلَفْظٍ يُوجَدُ بَعْدَهُ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ إذَا عَلَّقَ بِشَرْطَيْنِ بِغَيْرِ عَطْفٍ ، فَإِنْ قَدَّمَ الْجَزَاءَ عَلَيْهِمَا أَوْ أَخَّرَهُ عَنْهُمَا اعْتَبَرَ فِي حُصُولِ الْمُعَلَّقِ وُجُودَ الشَّرْطِ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ ، وَإِنْ تَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا كَمَا صَوَّرُوا هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاجَعَ كَمَا مَرَّ ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الثَّانِي تَعَلَّقَ بِالْأَوَّلِ فَلَا يَعْتِقُ الْعَبْدَ إذَا تَقَدَّمَ الْوَطْءُ أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْأَوَّلُ تَعَلَّقَ بِالثَّانِي عِتْقٌ انْتَهَى .
فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَتُهُ أَوْ قَالَ مَا أَرَدْت شَيْئًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا إيلَاءَ مُطْلَقًا

قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ إلَخْ ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْإِيلَاءِ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بَيَانُ مَا يَصِيرُ بِهِ مُولِيًا وَمَا لَا يَصِيرُ ، وَأَمَّا تَحْقِيقُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعِتْقُ فَإِنَّمَا جَاءَ بِطَرِيقِ الْعَرْضِ وَالْمَقْصُودُ غَيْرُهُ فَيُؤْخَذُ تَحْقِيقُهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِيلَاءِ فَحَيْثُ اقْتَضَى التَّعْلِيقُ تَقْدِيمَ الظِّهَارِ وَتَعْلِيقَ الْعِتْقِ بَعْدَهُ بِالْوَطْءِ كَانَ إيلَاءً وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ الِاقْتِضَاءُ قَدْ يَكُونُ بِنِيَّةِ الْمُولِي ، وَقَدْ يَكُونُ بِقَرِينَةٍ فِي كَلَامِهِ ، وَقَدْ يَكُونُ بِمُجَرَّدِ دَلَالَةٍ لَفْظِيَّةٍ م ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إيلَاءً مُطْلَقًا ) لَكِنَّ الْأَوْفَقَ بِمَا فُسِّرَ بِهِ آيَةُ { قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا } مِنْ أَنَّ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ شَرْطٌ لِجُمْلَةِ الثَّانِي وَجَزَاؤُهُ أَنْ يَكُونَ مُولِيًا إنْ وَطِئَ ، ثُمَّ ظَاهَرَ وَكَتَقَدُّمِ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ فِيمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مُقَارَنَتُهُ لَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ س .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتِقَ عَبْدِي ) هَذَا ( عَنْ ظِهَارِي وَهُوَ مُظَاهِرٌ ) مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَعَادَ ( صَارَ مُولِيًا ) بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّ مَنْ فِي ذِمَّتِهِ إعْتَاقُ رَقَبَةٍ فَنَذَرَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ أَنْ يَعْتِقَ الْعَبْدَ الْفُلَانِيَّ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ إعْتَاقُهُ كَمَا لَوْ نَذَرَ ابْتِدَاءَ إعْتَاقِهِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ نَذَرَ صَرْفَ زَكَاةٍ إلَى مُعَيَّنِينَ مِنْ الْأَصْنَافِ أَوْ صَوْمَ يَوْمٍ مُعَيَّنٍ عَنْ يَوْمٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا تَتَعَيَّنُ الْأَصْنَافُ وَلَا الْيَوْمُ بِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَبِأَنَّ غَرَضَ الْعِتْقِ أَوْلَى بِالرِّعَايَةِ فَلَوْ طَلَّقَ خَرَجَ عَنْ مُوجَبِ الْإِيلَاءِ ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ فِي ذِمَّتِهِ يَعْتِقُ عَنْهَا ذَلِكَ الْعَبْدَ أَوْ غَيْرَهُ ( فَإِنْ وَطْء ) فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ أَوْ بَعْدَهَا ( وَأَعْتَقَهُ عَنْ ظِهَارِهِ خَرَجَ ) عَنْ عُهْدَةِ ( يَمِينِهِ وَيُجْزِئُهُ عَنْ الظِّهَارِ ) وَ ( إنْ أَعْتَقَهُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الظِّهَارِ ) فَيَلْزَمُهُ الْإِعْتَاقُ عَنْهُ ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَنْهُمَا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّشْرِيكِ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا مِنْهُمَا فَالظَّاهِرُ إجْزَاؤُهُ عَنْ الْيَمِينِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا أَصْلًا .
( قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يُجْزِئَهُ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُمَا أَصْلًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ وَطِئْتُك طَالِقٌ ثَلَاثًا ) أَوْ فَأَنْت طَالِقٌ فَهُوَ إيلَاءٌ ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ يَمْنَعُ عَنْهُ ( فَلَهُ وَطْؤُهَا وَعَلَيْهِ النَّزْعُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ ) فِي الْفَرْجِ لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ الْوَطْءِ بِتَعْلِيقِ الطَّلَاقِ ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ فِي النِّكَاحِ وَالنَّزْعِ بَعْدَ الطَّلَاقِ تَرْكٌ لِلْوَطْءِ وَهُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ لِكَوْنِهِ وَاجِبًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ النَّزْعِ عَيْنًا لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ ( فَلَوْ اسْتَدَامَ ) الْوَطْءُ وَلَوْ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ ( فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ ) لِإِبَاحَةِ الْوَطْءِ ابْتِدَاءً ( وَلَا مَهْرَ ) عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّ وَطْأَهُ وَقَعَ فِي النِّكَاحِ ( وَإِنْ نَزَعَ ، ثُمَّ أَوْلَجَ وَهِيَ ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ ( مَفْرُوضَةٌ فِي ) تَعْلِيقِ ( طَلَاقِ الثَّلَاثِ ، فَإِنْ جَهِلَا التَّحْرِيمَ ) لِلِاسْتِدَامَةِ ( فَوَطْءُ شُبْهَةٍ ) فَلَا حَدَّ فِيهِ وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ وَيَثْبُتُ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ ( كَمَا لَوْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً ، فَإِنْ عَلِمَاهُ فَزِنًا ) فَيَلْزَمُهُمَا الْحَدُّ وَلَا مَهْرَ وَلَا نَسَبَ وَلَا عِدَّةَ ( فَإِنْ أَكْرَهَهَا ) عَلَى الْوَطْءِ ( أَوْ عَلِمَ ) التَّحْرِيمَ ( دُونَهَا فَلَهَا الْمَهْرُ ) وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بَلْ عَلَيْهِ ( وَلَوْ عَلِمَتْ ) ذَلِكَ ( دُونَهُ وَقَدَرَتْ عَلَى الدَّفْعِ حُدَّتْ وَلَا مَهْرَ ) لَهَا
( قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّ الْوَاجِبَ النَّزْعُ أَوْ الرَّجْعَةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهَا ( قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَمُولٍ وَتَطْلُقُ بِالْوَطْءِ ) طَلَاقًا ( رَجْعِيًّا ) لِأَنَّهُ وَإِنْ وَقَعَ مُقَارِنًا لِلصِّفَةِ فَالْوَطْءُ الْجَارِي يَقْتَضِي الْعِدَّةَ فَيَكُونُ الطَّلَاقُ مَعَ الْعِدَّةِ وَهُوَ مُثْبِتُ لِلرَّجْعَةِ فَلَا يَمْنَعُهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَرُبَّمَا قِيلَ الْوَطْءُ مُقَرَّرٌ وَالطَّلَاقُ مُبَيَّنٌ فِيهِمَا ، وَإِنْ اجْتَمَعَا غُلِّبَ جَانِبُ الْمُقَرِّرِ لِلنِّكَاحِ وَقَدْ شُبِّهَتْ الْمَسْأَلَةُ بِمَا لَوْ قَالَ الْعَبْدُ لِزَوْجَتِهِ إذَا مَاتَ سَيِّدِي فَأَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ وَقَالَ سَيِّدٌ إذَا مِتّ فَأَنْت حُرٌّ فَمَاتَ سَيِّدُهُ لَا يَحْتَاجُ نِكَاحُهَا إلَى مُحَلِّلٍ لِمُقَارَنَةِ الطَّلْقَتَيْنِ الْعِتْقَ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَضَرَّتُك طَالِقٌ فَوَطِئَهَا ) فِي الْمُدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا ( طَلُقَتْ الضَّرَّةُ ) لِوُجُودِ الْوَصْفِ ( وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِوَطْئِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ( وَإِنْ طَلَّقَ الضَّرَّةَ ) طَلَاقًا بَائِنًا ( انْحَلَّ الْإِيلَاءُ ) لِذَلِكَ ( لَا رَجْعِيًّا ) فَلَا يَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ حَتَّى لَوْ وَطِئَ الْمُخَاطَبَةَ طَلُقَتْ الضَّرَّةُ ( وَلَا يَعُودُ بِالتَّجْدِيدِ ) لِنِكَاحِهَا ( إنْ بَانَتْ حُكْمُ الْإِيلَاءِ ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ ( وَإِنْ طَلُقَتْ هِيَ ) أَيْ الْمُخَاطَبَةُ ( سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا مَا لَمْ يُرَاجِعْهَا ) فَإِنْ رَاجَعَهَا بَعْدُ عَادَ حُكْمُ الْإِيلَاءِ وَلَا يَعُودُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِهَا إنْ بَانَتْ ( وَيَبْقَى طَلَاقُ الضَّرَّةِ مُعَلَّقًا بِالْوَطْءِ ) لِلْمُخَاطَبَةِ ( فَتَطْلُقُ بِهِ وَلَوْ كَانَ زِنًا )

( وَلَوْ قَالَ ) لِامْرَأَتَيْهِ ( إنْ وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَنَوَاهَا ) أَيْ إحْدَاهُمَا ( وَامْتَنَعَ ) بَعْدَ الْمُدَّةِ ( مِنْ الْبَيَانِ ) لَهَا ( وَ ) مِنْ ( الْفَيْئَةِ طَلَّقَ الْقَاضِي ) عَلَيْهِ ( الْمَنْوِيَّةَ ) نِيَابَةً عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَتَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَإِذْ امْتَنَعَ نَابَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْعَضْلِ ( وَلَهُ مُرَاجَعَتُهَا قَبْلَ الْبَيَانِ ) ؛ لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ عِنْدَهُ وَقَوْلُ الْأَصْلِ لَا تَصِحُّ رَجْعَتُهَا عَلَى الْإِبْهَامِ سَبْقُ قَلَمٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ( فَإِنْ وَطِئَ ) إحْدَاهُمَا ( قَبْلَ الْبَيَانِ لَمْ يَحْكُمْ بِطَلَاقِ الْأُخْرَى لِلشَّكِّ ) فِي أَنَّ الَّتِي نَوَاهَا هِيَ الْمَوْطُوءَةُ أَوْ الْأُخْرَى ( وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ ، فَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْأُخْرَى بَانَ أَنَّهُ مُولٍ مِنْ الْأُخْرَى ) عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ ( فَتُطَالِبُهُ ) الْأُخْرَى ( بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ، فَإِنْ وَطِئَهَا طَلُقَتْ الْمَوْطُوءَةُ أَوَّلًا ، وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْمَوْطُوءَةَ طَلُقَتْ الْأُخْرَى وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَوْ أَبْهَمَ ) الْمُولِي مِنْهَا بِأَنْ لَمْ يَنْوِ إحْدَاهُمَا ( فَكَمَا لَوْ قَالَ ) لِنِسَائِهِ ( لَا جَامَعْت وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَأَرَادَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( مُبْهَمَةً وَسَيَأْتِي ) حُكْمُهُ ( وَإِنْ قَالَ كُلَّمَا وَطِئْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى طَالِقٌ وَوَطِئَ إحْدَاهُمَا تَخَلَّصَ مِنْ الْإِيلَاءِ ) الْأَوَّلِ ( وَطَلُقَتْ الْأُخْرَى ) وَلَا يَتَخَلَّصُ بِالْكُلِّيَّةِ مِنْ إيلَاءِ الْأُخْرَى ، وَإِنْ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا فِي الْحَالِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ لِبَقَاءِ الْيَمِينِ فِي حَقِّهَا وَاقْتِضَاءِ اللَّفْظِ التَّكْرَارِ فَإِذَا رَاجَعَهَا عَادَ فِيهَا حُكْمُ الْإِيلَاءِ

( فَصْلٌ الْقُرْبُ مِنْ الْحِنْثِ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ ) إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ لُزُومُ شَيْءٍ وَلَا يَلْحَقُهُ بِهِ ضَرَرٌ ( فَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِوَطْءٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِوَطْئِهِنَّ ( كُلِّهِنَّ ) لَا بِوَطْءِ بَعْضِهِنَّ ، وَإِنْ قَرُبَ مِنْ الْحِنْثِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ مَعْقُودٌ عَلَى الْكُلِّ فَهُوَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُ زَيْدًا أَوْ بَكْرًا أَوْ عَمْرًا وَيَلْزَمُهُ بِوَطْئِهِنَّ ( كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ) لِأَنَّ الْيَمِينَ وَاحِدَةٌ ( وَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا ) مِنْهُنَّ ( وَلَوْ فِي الدُّبُرِ فَيَقَعُ الْإِيلَاءُ عَلَى الرَّابِعَةِ لِتَعَلُّقِ الْحِنْثِ بِهَا ) أَيْ بِوَطْئِهَا ( فَإِنْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهُنَّ ( وَلَمْ يَطَأْهَا انْحَلَّتْ الْيَمِينُ ) الشَّامِلَةُ لِلْإِيلَاءِ لِتَعَذُّرِ الْحِنْثِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَصَوُّرِ الْوَطْءِ بَعْدَ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْوَطْءِ إنَّمَا يَنْطَلِقُ عَلَى مَا يَقَعُ فِي الْحَيَاةِ ( فَإِذَا أَبَانَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( أَوْ مَلَكَهَا وَأَعْتَقَهَا ) قَبْلَ الْوَطْءِ ( ثُمَّ وَطِئَ الثَّلَاثَ ، ثُمَّ نَكَحَهَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ ) لِعَدَمِ عَوْدِ الْحِنْثِ وَانْحِلَالُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ وَلَا نِكَاحٍ وَتَرَتَّبَ نِكَاحُهَا عَلَى وَطْءٍ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَلَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى ( لَا الْيَمِينُ ) فَلَا تَنْحَلُّ حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْبَيْنُونَةِ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَتَنَاوَلُ الْيَمِينَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ وَمَسْأَلَةُ الْمِلْكِ وَالْإِعْتَاقِ مِنْ زِيَادَتِهِ

قَوْلُهُ وَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ثَلَاثًا مِنْهُنَّ ) شَمَلَ وَطْأَهُنَّ بِالزِّنَا بِأَنْ يُطَلِّقَهُنَّ قَبْلَ وَطْئِهِنَّ ، ثُمَّ يَطَأهُنَّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ إلَخْ ) ؛ لِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى الْمُتَعَدِّدِ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَاحِدٍ وَقَعَ وَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْوَاحِدَةَ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ وَإِذْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَذَيْنِ الدَّارَيْنِ فَدَخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْإِفْصَاحِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ رَدٌّ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ مَعَ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ وَأَرَادَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ ( وَكَذَا لَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا صَارَ مُولِيًا مِنْهُنَّ ) عَمَلًا بِإِرَادَتِهِ فِي الْأُولَى وَحَمْلًا لَهُ عَلَى عُمُومِ السَّلْبِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ ( فَلَوْ وَطِئَ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ ( حَنِثَ ) لِأَنَّهُ خَالَفَ قَوْلَهُ أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ ( وَانْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَالْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ ) وَفِيهِ بَحْثٌ يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ الْآتِي مَعَ جَوَابِهِ قَرِيبًا ( وَمَنْ طَلَّقَهَا ) مِنْ الْأَرْبَعِ ( سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهَا ) وَبَقِيَ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ ( فَإِنْ رَاجَعَهَا ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا ، وَإِنْ أَرَادَ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ نُظِرَتْ ، فَإِنْ عَيَّنَ ) هَا ( فَلْيُبَيِّنْهَا كَمَا فِي الطَّلَاقِ ) فَإِنْ بَيَّنَهَا ( فَلِلْبَاقِيَاتِ ) إنْ كَذَّبَتْهُ ( تَحْلِيفُهُ ، فَإِنْ أَقَرَّ لَهُنَّ ) بِأَنْ أَقَرَّ لِكُلٍّ مِنْهُنَّ بِأَنَّهُ نَوَاهَا ( أَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( وَحَلَفْنَ وَأَخَذْنَاهُ ) بِمُوجَبِ الْأَقَارِيرِ .
( فَإِنْ وَطِئَهُنَّ ) فِي صُورَةِ إقْرَارِهِ ( تَعَدَّدَتْ الْكَفَّارَةُ ) عَمَلًا بِتَعَدُّدِ أَقَارِيرِهِ ( لَا فِي صُورَةِ النُّكُولِ ) وَالْحَلِفِ فَلَا يَتَعَدَّدُ ؛ لِأَنَّ بِيَمِينِهِنَّ لَا تَصْلُحُ لِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةُ وَالْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ ، وَإِنْ كَانَتْ كَالْإِقْرَارِ تُعْطِي حُكْمَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمِنْ ثَمَّ لَا يَضُرُّ لُزُومُ أَنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا وَلَا يُخَالِفُ مَحْذُورًا وَلَا كَفَّارَةَ ( وَإِنْ قَالَ لِثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَرْبَعِ ( لَمْ أُرِدْكُنَّ ) أَوْ مَا آلَيْت مِنْكُنَّ ( تَعَيَّنَتْ الرَّابِعَةُ ) لِلْإِيلَاءِ ( وَإِنْ أَبْهَمَ ) الْمُولِي مِنْهَا ( فَهُوَ مُولٍ مِنْ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ مُبْهَمَةٍ فَيُؤْمَرُ بِالتَّعْيِينِ كَمَا فِي الطَّلَاقِ ( فَإِنْ عَيَّنَ ) وَاحِدَةً ( لَمْ يُحَلِّفْهُ الْبَاقِيَاتُ ) وَلَا تُنَازِعُهُ ( وَيَضْرِبُ لَهَا الْمُدَّةَ مِنْ ) وَقْتِ ( اللَّفْظِ ) لَا مِنْ وَقْتِ التَّعْيِينِ كَمَا فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ

الْمُبْهَمِ ( وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَالَبَهُ الْجَمِيعُ بَعْدَ ) مُضِيِّ الْمُدَّةِ ( بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ) وَاعْتُبِرَ طَلَبُ الْجَمِيعِ لِيَكُونَ طَلَبُ الْمُولِي مِنْهَا حَاصِلًا ( فَإِنْ امْتَنَعَ ) مِنْهُمَا ( طَلَّقَ الْقَاضِي إحْدَاهُنَّ ) مُبْهَمَةً ( وَمَنَعَ مِنْهُنَّ حَتَّى يُعَيِّنَ ) الْمُطَلَّقَةَ ( فَلَوْ رَاجَعَهَا قَبْلَ التَّعْيِينِ لَمْ تَصِحَّ ) الرَّجْعَةُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( ثُمَّ إنْ فَاءَ ) إلَى بَعْضِهِنَّ ( أَوْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ قَبْلَ التَّعْيِينِ لَمْ يَنْحَلَّ الْإِيلَاءُ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُولِيَ مِنْهَا غَيْرُهُنَّ ( وَإِنْ قَالَ طَلَّقْت مَنْ آلَيْت مِنْهَا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ وَلَزِمَهُ التَّعْيِينُ ) لِلْمُطَلَّقَةِ وَلَوْ قَالَ لِأَرْبَعٍ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَمُولٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ لِحُصُولِ الْحِنْثِ بِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدَةٍ فَإِنَّ مَعْنَاهُ عُمُومُ حُصُولٍ لِوَطْئِهِنَّ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ كَمَا مَرَّ فَإِنَّ مَعْنَاهُ سَلْبُ الْعُمُومِ أَيْ لَا يَعُمُّ وَطْئِي لَكِنَّ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الْحَالِ فَإِذَا مَضَتْ فَلِكُلٍّ الْمُطَالَبَةُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِذَا طَلَّقَهُنَّ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ ، فَإِنْ رَاجَعَهُنَّ ضُرِبَتْ الْمُدَّةُ ثَانِيًا ، وَإِنْ طَلَّقَ بَعْضَهُنَّ فَالْبَاقِيَاتُ عَلَى مُطَالَبَتِهِنَّ ، وَإِنْ وَطِئَ إحْدَاهُنَّ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ فِي حَقِّ الْبَاقِيَاتِ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ فِيهِنَّ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُ وَاحِدَةً مِنْكُنَّ وَقِيلَ لَا لِتَضَمُّنِ ذَلِكَ تَخْصِيصِ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ ؛ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا أَنَّهُ إنْ أَرَادَ تَخْصِيصَ كُلٍّ مِنْهُنَّ بِالْإِيلَاءِ فَالْوَجْهُ عَدَمُ الِانْحِلَالِ وَإِلَّا فَلْيَكُنْ كَقَوْلِهِ لَا أُجَامِعُكُنَّ فَلَا حِنْثَ إلَّا بِوَطْءِ جَمِيعِهِنَّ ، وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْحَلِفَ الْوَاحِدَ عَلَى مُتَعَدِّدٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْحِنْثِ بِأَيِّ وَقْعٍ لَا تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ فَالْيَمِينُ

الْوَاحِدَةُ لَا يَتَبَعَّضُ فِيهَا الْحِنْثُ وَمَتَى حَصَلَ فِيهَا حِنْثٌ حَصَلَ الِانْحِلَالُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُدْخِلُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَدْخَلَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا حَنِثَ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ
قَوْلُهُ وَبَحَثَ الْأَصْلُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَهَا إلَخْ ) يُؤَيِّدُ مَا بَحَثَهُ قَوْلُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْمَسْئُولَ بِكُلٍّ إذَا أَخَّرَ عَنْ النَّفْيِ يُفِيدُ سَلْبَ الْعُمُومِ لَا عُمُومَ السَّلْبِ وَبِهِ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ وَلَا أَطَأُ وَاحِدَةً حَيْثُ لَا إرَادَةَ فَتَسْوِيَةُ الْأَصْحَابِ حِينَئِذٍ فِي الْحُكْمِ بَعِيدَةٌ وَأَبْعَدُ مِنْهَا قَطْعُهُمْ بِهِ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ هَذَا وَلَكِنْ يُجَابُ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَكْثَرُ لَا كُلِّيٌّ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } ( قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ ) قَالَ الْمُصَنِّف فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ الْحَقُّ مَا قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَطَأُ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ مَعْنَاهُ وَاَللَّهِ لَأَتْرُكَنَّ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُنَّ فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً حَنِثَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتْرُكْ وَطْءَ كُلِّ وَاحِدَةٍ وَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِذَلِكَ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( حَلَفَ لَا أُجَامِعُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً أَوْ قَالَ عَشْرًا ) أَوْ غَيْرَهَا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قَالَ ( فَلَيْسَ بِمُولٍ حَتَّى يَطَأَ الْعَدَدَ ) الَّذِي اسْتَثْنَاهُ ( وَيَبْقَى ) مِنْ السَّنَةِ ( فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) فَيَكُونُ مُولِيًا لِحُصُولِ الْحِنْثِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ لَوْ وَطِئَ ( فَإِنْ بَقِيَ ) مِنْهَا ( دُونَهَا ) الْأَوْلَى دُونَهُ ( فَحَالَفَ ) لَا مُولٍ ( وَقَوْلُهُ يَوْمًا كَقَوْلِهِ مَرَّةً ) هَذَا مُكَرَّرٌ ( فَلَوْ مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يُجَامِعْهَا فَلَا كَفَّارَةَ ) لِأَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ مَنْعُ الزِّيَادَةِ عَلَى مَا اسْتَثْنَاهُ نَعَمْ إنْ أَرَادَ الْوَطْءَ فِيهَا وَحَنِثَ فِيهَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ ( لَكِنْ لَوْ أَوْلَجَ ) فِي صُورَةٍ إلَّا مَرَّةً ( ثُمَّ نَزَعَ ، ثُمَّ أَوْلَجَ ) ثَانِيًا ( حَنِثَ بِالثَّالِثَةِ ) مِنْ الْمَرَّتَيْنِ ( لِأَنَّهُ وَطِئَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنْ قَالَ ) وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك ( السَّنَةَ بِالتَّعْرِيفِ ) إلَّا مَرَّةً أَوْ غَيْرَهَا ( اقْتَضَى ) السَّنَةَ ( الْحَاضِرَةَ ) فَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ وَطْئِهِ الْعَدَدَ الَّذِي اسْتَثْنَاهُ كَانَ مُولِيًا وَإِلَّا فَلَا ( وَمَتَى قَالَ إنْ أَصَبْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَصَبْتُك فَلَا إيلَاءَ حَتَّى يَطَأَ ) إذْ لَا يَلْزَمُهُ بِالْوَطْءِ الْأَوَّلِ شَيْءٌ
( قَوْلُهُ هَذَا مُكَرَّرٌ ) لَيْسَ بِمُكَرَّرٍ إذْ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ يَوْمًا أَنَّ مُفَادَهُ كَمُفَادَةِ قَوْلِهِ مَرَّةً .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ بِاَللَّهِ وَقَالَ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا ) أَوْ أَنْت شَرِيكَتُهَا أَوْ مِثْلُهَا ( وَنَوَى ) الْإِيلَاءَ ( لَمْ يَلْحَقْ الثَّانِيَةَ ) لِأَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ إنَّمَا تَكُونُ بِاسْمِهِ أَوْ صِفَتِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ حَتَّى لَوْ قَالَ بِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَقَالَ أَرَدْت بِاَللَّهِ لَمْ يَنْعَقِدْ يَمِينُهُ ( وَلَوْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَشْرَكَ ) مَعَهَا الثَّانِيَةَ ( وَنَوَى ) الظِّهَارَ مِنْهَا ( لَحِقَهَا ) تَغْلِيبًا لِشَائِبَةِ الطَّلَاقِ عَلَى شَائِبَةِ الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ وَنَوَى مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ ( ، وَإِنْ كَانَ الْإِيلَاءُ بِطَلَاقِهَا ) أَوْ بِعَتَاقٍ لَا بِاَللَّهِ تَعَالَى ( وَقَالَ ) بَعْدَ قَوْلِهِ لِضَرَّتِهَا أَشْرَكْتُك مَعَهَا أَوْ نَحْوَهُ ( أَرَدْت أَنَّ الْأُولَى لَا تَطْلُقُ إلَّا إذَا أَصَبْتهمَا جَمِيعًا لَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ إذْ لَا يَجُوزُ نَقْصُ التَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ إلَى أُخْرَى فَإِذَا وَطِئَ الْأُولَى طَلُقَتْ ( فَإِنْ قَالَ أَرَدْت ) أَنَّ ( طَلَاقَ الضَّرَّةِ ) مُعَلَّقٌ ( بِوَطْءِ الْأُولَى ) أَيْضًا ( طَلُقَتْ ) كَالْأُولَى ( بِوَطْئِهَا ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِالْكِتَابَةِ ( وَلَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ بِوَطْءِ نَفْسِهَا ) كَمَا فِي الْأُولَى ( فَفِي هَذِهِ ) الْحَالَةِ ( تُشَارِكُهَا فِي الْإِيلَاءِ ) لِصِحَّةِ التَّشْرِيكِ ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ فِي تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي تَعْلِيقِهِ ، أَمَّا فِي الْحَالَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ فَلَا تُشَارِكُهَا فِيهِ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت إنْ وَطِئْت الثَّانِيَةَ فَالْأُولَى طَالِقٌ فَيَكُونُ قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَ الْأُولَى بِوَطْءِ هَذِهِ وَعَلَّقَهُ بِوَطْءِ نَفْسِهَا فَتُشَارِكُهَا الثَّانِيَةُ فِي الْإِيلَاءِ أَيْضًا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَوْ قَالَ أَرَدْت أَنَّ طَلَاقَهُمَا مُعَلَّقٌ بِوَطْئِهِمَا مَعًا لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأُولَى كَمَا مَرَّ وَيُقْبَلُ فِي الثَّانِيَةِ لَكِنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا حَتَّى يَطَأَ الْأُولَى ؛ لِأَنَّهُ يَقْدِرُ قَبْلَ وَطْئِهَا عَلَى وَطْءِ الثَّانِيَةِ

وَلَا يَقَعُ طَلَاقُهَا ( وَهَكَذَا ) أَيْ وَمِثْلُ التَّشْرِيكِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالْوَطْءِ ( التَّشْرِيكُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَنَحْوه ، فَإِنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ لَا بَلْ هَذِهِ ) مُشِيرًا إلَى امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى ( وَأَرَادَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِدُخُولِهَا ) أَيْ الْمُخَاطَبَةِ ( لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى هَذِهِ أَوْ قَالَ أَرَدْت تَعْلِيقَ طَلَاقِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْأُولَى ( بِدُخُولِ نَفْسِهَا طَلُقَتَا جَمِيعًا ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا بِدُخُولِ الْأُولَى فِي الْأُولَى وَبِدُخُولِ نَفْسِهَا فِي الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يُقْبَلُ مَا أَرَادَهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ التَّعْلِيقِ
( قَوْلُهُ طَلُقَتَا جَمِيعًا ) قَالَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الْمَتْنِ صَالِحَةٌ لِلتَّوْزِيعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ أَوْلَى مِمَّنْ فَهِمَ أَنَّهُ عَلَى مَرْجُوعٍ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَحْنَثْ يَمِينِي فِي يَمِينِك ) مَعَ كَوْنِهِ ( يُرِيدُ تَطْلِيقَ امْرَأَتِي بِطَلَاقِ امْرَأَتِك ) أَيْ أَنَّهَا طَالِقٌ فِي الْأُولَى وَمُعَلَّقٌ طَلَاقُهَا فِي الثَّانِيَةِ كَامْرَأَتِك ( اسْتَوَيَا ) وُقُوعًا فِي الْأُولَى وَتَعْلِيقًا فِي الثَّانِيَةِ وَذِكْرُهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) قَالَ ذَلِكَ ( قَبْلَ الْحَلِفِ ) أَيْ حَلِفِ الْآخَرِ ( لَغَا ) إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إذَا حَلَفَ صِرْت حَالِفًا فَلَا يَصِيرُ بِحَلِفِهِ حَالِفًا سَوَاءٌ أَحَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَمْ بِالطَّلَاقِ أَوْ نَحْوِهِ ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ مَتَى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ طَلَّقْت امْرَأَتِي فَإِذَا طَلَّقَ الْآخَرُ طَلُقَتْ هَذِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ

( وَلَوْ قَالَ إنْ وَطِئْتُك فَأَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ صَارَ مُولِيًا ) سَوَاءٌ نَوَى الطَّلَاقَ أَوْ الظِّهَارَ أَوْ تَحْرِيمَ عَيْنِهَا أَمْ أَطْلَقَ وَهَذَا مَرَّ فِي أَوَّلِ هَذَا الرُّكْنِ .

( فَصْلٌ الْإِيلَاءُ يَقْبَلُ التَّعْلِيقَ ) كَالطَّلَاقِ ( فَإِنْ حَلَفَ لَا أُجَامِعُك إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَدَخَلَتْ صَارَ مُولِيًا أَوْ ) حَلَفَ ( لَا أُجَامِعُك إنْ شِئْت وَأَرَادَ إنْ شِئْت الْجِمَاعَ أَوْ الْإِيلَاءَ فَشَاءَهُ صَارَ مُولِيًا ) كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ ( وَإِنْ أَرَادَ شِئْت أَنْ لَا أُجَامِعَك فَلَا إيلَاءَ إذْ مَعْنَاهُ لَا أُجَامِعُك إلَّا بِرِضَاك ) وَهِيَ إذَا رَضِيَتْ فَوَطِئَهَا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ( وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ ) الْمَشِيئَةَ حَمْلًا عَلَى مَشِيئَةِ عَدَمِ الْجِمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ ( وَلِلتَّعْلِيقِ بِمَشِيئَتِهَا وَمَشِيئَةِ غَيْرِهَا فِي الْفَوْرِ وَعَدَمِهِ حُكْمُ الطَّلَاقِ ) فَيُعْتَبَرُ الْفَوْرُ فِيمَا إذَا خَاطَبَهَا وَلَمْ يُعَلِّقْ بِمَتَى أَوْ نَحْوِهَا وَعَدَمُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ

( وَإِنْ قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُك مَتَى شِئْت وَأَرَادَ ) بِهِ ( إنِّي أُجَامِعُك مَتَى شِئْت ) أَوْ أَرَدْت ( أَنَا فَلَا إيلَاءَ ) لِأَنَّهُ تَصْرِيحٌ بِمُقْتَضَى الشَّرْعِ ( أَوْ ) أَرَادَ ( التَّعْلِيقَ ) لِجِمَاعِهَا بِمَشِيئَتِهَا لَهُ أَوْ لِعَدَمِهِ ( فَلَهُ حُكْمُهُ ) أَيْ حُكْمُ التَّعْلِيقِ الْمَلْفُوظِ بِهِ فَإِذَا شَاءَتْ يَكُونُ مُولِيًا مِنْهَا فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا ( فَعَلَامَ يُنَزَّلُ ) أَيْ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى تَعْلِيقِ الْإِيلَاءِ أَوْ لَا ؟ ( وَجْهَانِ ) أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ ، وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ ( أَوْ ) قَالَ وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُك إلَّا أَنْ تَشَائِي ) قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ مَا لَمْ تَشَائِي ( وَأَرَادَ التَّعْلِيقَ ) لِلْإِيلَاءِ ( أَوْ الِاسْتِثْنَاءَ ) عَنْهُ ( فَمُولٍ ) لِأَنَّهُ حَلَفَ وَعَلَّقَ رَفْعَ الْيَمِينِ بِالْمَشِيئَةِ ( فَإِنْ شَاءَتْ الْمُجَامَعَةَ فَوْرًا انْحَلَّ الْإِيلَاءُ فَلَا ) يَنْحَلُّ كَنَظِيرِهِ فِي الطَّلَاقِ .

قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ بَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا ) أَيْ يَشُقُّ عَلَيْهَا وَكَتَبَ أَيْضًا فَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقًا بَائِنًا مَنْ يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ يَنْقَضِي بِزَمَنٍ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَنْعَقِدْ الْإِيلَاءُ إذْ شَرْطُ صِحَّتِهِ إمْكَانُ بَقَاءِ الزَّوْجِيَّةِ إلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِلَالِيَّةٌ فَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَؤُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا لَمْ يُحْكَمْ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ ، فَإِذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ هِلَالِيَّةٌ وَلَمْ يَتِمَّ ذَلِكَ الْعَدَدُ لِنَقْصِ الْأَهِلَّةِ أَوْ بَعْضِهَا تَبَيَّنَ حِينَئِذٍ كَوْنُهُ مُولِيًا .
مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْأَشْهُرَ هِلَالِيَّةٌ مُسَلَّمٌ لَكِنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُحْكَمْ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ مَمْنُوعٌ بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُحْكَمَ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ مُولٍ إذْ الْغَالِبُ عَلَى الظَّنِّ بِالْعَادَةِ أَنَّ الْأَشْهُرَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَوَالِيَةَ تَنْقُصُ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا ، وَلَوْ سَلِمَ عَدَمُ غَلَبَةِ الظَّنِّ بِذَلِكَ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ مُولٍ عَلَى مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَلْ أَيُّ شَهْرٍ نَقَصَ حُكِمَ عِنْدَ فَرَاغِهِ بِأَنَّهُ مُولٍ س وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهَذِهِ الْأَشْهُرُ هِلَالِيَّةٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( أَوْ ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك ( حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ ، فَإِنْ شَاءَ ) الْمُجَامَعَةَ وَلَوْ مُتَرَاخِيًا ( انْحَلَّتْ الْيَمِينُ وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يَشَأْهَا ( صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ ) لِلْيَأْسِ مِنْهَا سَوَاءٌ أَشَاءَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا أَمْ لَمْ يَشَأْ شَيْئًا ( لَا بِمُضِيِّ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ ) لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الْمَشِيئَةِ ( أَوْ ) قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك ( إنْ شِئْت أَنْ أُجَامِعَك فَشَاءَتْ فَوْرًا ) أَنْ يُجَامِعَهَا ( صَارَ مُولِيًا ) هَذَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُدَّةُ ، فَإِنْ قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَا وَطِئْتُك وَأَطْلَقَ ) أَوْ قَالَ أَبَدًا كَمَا فُهِمَ بِالْأُولَى وَصَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ ( صَارَ مُولِيًا ، وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ كَانَ ) التَّقْيِيدُ ( بِلَحْظَةٍ لَا تَسَعُ الْمُطَالَبَةَ وَفَائِدَتُهُ ) مَعَ هَذِهِ اللَّحْظَةِ ( الْإِثْمُ ) لِإِيذَائِهَا وَقَطْعُ طَمَعِهَا مِنْ الْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ اللَّحْظَةُ تَسَعُ الْمُطَالَبَةَ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَفِي كَلَامِ الرُّويَانِيِّ مَا يُوَافِقُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ عَجِيبٌ لَا يُوَافِقُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُولِيًا إلَّا بِالْحَلِفِ عَلَى مَا فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِزَمَانٍ يَتَأَتَّى فِيهِ الْمُطَالَبَةُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَسَبَقَهُ إلَى نَحْوِ ذَلِكَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) وَيُؤَيِّدُهُ عَدَمُ الْإِيلَاءِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِأَنَّهُ لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ إيلَاءٌ لَا مُطَالَبَةٌ فِيهِ وَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ إيلَاءٌ فِيهِ مُطَالَبَةٌ س وَقَوْلُهُ هَذَا وَالْأَوْجَهُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ) وَهَكَذَا ( فَلَيْسَ بِمُولٍ ) إذْ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَا تُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِمُوجَبِ الْيَمِينِ الْأُولَى لِانْحِلَالِهَا وَلَا بِالثَّانِيَةِ إذْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ الْمُهْلَةِ مِنْ انْعِقَادِهَا وَهَكَذَا وَلِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَصْبِرُ عَنْ الزَّوْجِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَبَعْدَهَا يَفْنَى صَبْرُهَا أَوْ يَقِلُّ فَالْحَلِفُ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَأَقَلَّ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْظُمُ الضَّرَرُ فِيهَا ( بَلْ حَالِفٌ لَكِنْ يَأْثَمُ ) فِيمَا قَالَهُ إثْمَ الْإِيذَاءِ وَالْإِضْرَارِ لَا إثْمَ الْإِيلَاءِ ( فَإِنْ أَسْقَطَ وَاَللَّهِ الثَّانِيَةَ ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِذَا مَضَتْ لَا وَطِئْتُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ( فَمُولٍ ) ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ اشْتَمَلَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ
( قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِمُولٍ ) أَيْ لِأَنَّهَا أَيْمَانٌ لَا تَعَلُّقَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهَا بِالْأُخْرَى وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِمَا لَوْ اشْتَرَى أَوْسُقًا كَثِيرَةً عَلَى صُورَةِ الْعَرَايَا فِي صَفَقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ .
فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ عَلَّقَ بِمُسْتَحِيلٍ ) أَيْ عَادَةً أَوْ عَقْلًا أَوْ شَرْعًا ( قَوْلُهُ وَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) إذَا كَانَ الْإِيلَاءُ قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ أَوْ بَعْدَهُ فِي أَوَّلِ أَيَّامِهِ ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ مَعَ بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بِالْأَيَّامِ الْمَعْهُودَةِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ إيلَاءً ( قَوْلُهُ وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ إلَخْ ) فَلَوْ آلَى مِمَّنْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا الْبَائِنَ بِزَمَنٍ يَتَحَقَّقُ انْقِضَاؤُهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لَمْ يَصِحَّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ، فَإِنْ مَضَتْ فَوَاَللَّهِ لَا وَطِئْتُك سَنَةً ) وَفِي نُسْخَةٍ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ( فَهُمَا إيلَاءَانِ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ ) بِمُقْتَضَى الْإِيلَاءِ الْأَوَّلِ ( بَعْدَ ) مُضِيِّ ( أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَى انْقِضَاءِ ) الشَّهْرِ ( الْخَامِسِ ) وَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ ( الْأَوَّلُ ، ثُمَّ ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْخَامِسِ ( تُضْرَبُ الْمُدَّةُ لِلثَّانِي ) سَوَاءٌ أَفَاءَ فِي الْأُولَى أَمْ لَا ( وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ ) هَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( فَإِنْ طَلَّقَ ) قَبْلَ مُضِيِّ مُدَّةِ الثَّانِي ( ثُمَّ رَاجَعَ وَالْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ عَادَ الْإِيلَاءُ ) أَيْ حُكْمُهُ فَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ فِي الْحَالِ ( وَإِلَّا فَلَا ) إيلَاءَ ( وَيَبْقَى وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ ) مَنُوطًا ( بِالْوَطْءِ ) فِي الْمُدَّةِ فِي يَمِينِهِ ( فَلَوْ أَتَى بِالْيَمِينِ وَلَمْ يَقُلْ ، فَإِنْ مَضَتْ ) بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك خَمْسَةَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك سَنَةً ( تَدَاخَلَتَا ) أَيْ الْيَمِينَانِ بِتَدَاخُلِ مُدَّتِهِمَا ( وَانْحَلَّتَا بِوَطْءٍ وَاحِدٍ ) فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِنَاءً عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْحَانِثَ فِي يَمِينَيْنِ بِفِعْلٍ وَاحِدٍ كَأَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ خُبْزًا وَحَلَفَ لَا يَأْكُلُ طَعَامَ زَيْدٍ فَأَكَلَ خُبْزَهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ ) الْوَطْءَ ( بِمُسْتَحِيلٍ كَصُعُودِ السَّمَاءِ أَوْ بِمُسْتَبْعَدٍ ) فِي الِاعْتِقَادِ حُصُولَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( كَخُرُوجِ الدَّجَّالِ ) وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ وَنُزُولِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( وَقُدُومِ زَيْدٍ ) مِنْ سَفَرِهِ ( وَالْمَسَافَةُ بَعِيدَةٌ ) لَا تُقْطَعُ فِي أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( فَمُولٍ ) أَمَّا فِي الْأُولَى فَكَمَا لَوْ قَالَ لَا أَطَؤُك أَبَدًا وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهَا فَلِظَنِّ تَأَخُّرِ حُصُولِ الْمُعَلَّقِ بِهِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ( فَإِنْ قَالَ ) فِي الْأَخِيرَةِ ( ظَنَنْت قُرْبَهَا ) أَيْ الْمَسَافَةِ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) فَلَا يَكُونُ مُولِيًا بَلْ حَالِفًا ( وَ ) عَلَّقَهُ بِمَا ( بِتَحَقُّقِ قُرْبِهِ ) أَيْ وُجُودِهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ كَذُبُولِ الْبَقْلِ وَجَفَافِ الثَّوْبِ أَوْ بِمَا يُظَنُّ ( كَقُدُومِ قَافِلَةٍ تَعْتَادُ الْمَجِيءِ ) غَالِبًا ( كُلَّ شَهْرٍ ) وَجِيءَ الْمَطَرُ فِي وَقْتِ غَلَبَةِ الْأَمْطَارِ ( فَلَيْسَ بِمُولٍ ) لِتَحَقُّقِ الْمَذْكُورِ بَلْ حَالَفَ وَمُرَادُهُ بِالتَّحَقُّقِ مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ ( وَإِنْ اُحْتُمِلَ الْأَمْرَانِ ) أَيْ وُجُودُ الْمُعَلَّقِ بِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ وَوُجُودُهُ بَعْدَهَا ( كَدُخُولِ زَيْدٍ الدَّارَ وَقُدُومِهِ مِنْ قُرْبٍ ) أَيْ مَكَان قَرِيبٍ وَمَرَضِهِ ( لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ) وَلَمْ يُوجَدْ الْمُعَلَّقُ بِهِ لِانْتِفَاءِ تَحَقُّقِ قَصْدِ الْمُضَارَّةِ أَوَّلًا وَأَحْكَامُ الْإِيلَاءِ مَنُوطَةٌ بِهِ لَا بِمُجَرَّدِ الضَّرَرِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ وَلِهَذَا لَوْ امْتَنَعَ بِلَا يَمِينٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَلَوْ وَطِئَ قَبْلَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ بِهِ وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ وَلَوْ وُجِدَ الْمُعَلَّقُ بِهِ قَبْلَ الْوَطْءِ انْحَلَّتْ الْيَمِينُ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُك عُمُرِي ) أَوْ عُمُرَك ( أَوْ حَتَّى أَمُوتَ أَوْ تَمُوتِي فَمُولٍ ) لِحُصُولِ الْيَأْسِ مِنْ الْوَطْءِ مُدَّةَ الْعُمُرِ وَكَمَا لَوْ قَالَ لَا أُجَامِعُك أَبَدًا ، فَإِنَّ أَبَدَ كُلُّ إنْسَانٍ عُمُرَهُ ( وَكَذَا ) لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُك ( حَتَّى يَمُوتَ زَيْدٌ ) لِأَنَّ الْمَوْتَ كَالْمُسْتَبْعَدِ فِي الِاعْتِقَادَاتِ فَيَلْحَقُ بِالتَّعْلِيقِ بِنُزُولِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ .

( أَوْ ) لَا أُجَامِعُك ( حَتَّى تَفْطِمِي وَلَدَك وَأَرَادَ ) تَمَامَ ( الْحَوْلَيْنِ وَبَقِيَ ) مِنْهُمَا ( مُدَّةَ الْإِيلَاءِ فَمُولٍ ) وَإِلَّا فَلَا ( وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَ الْفِطَامِ وَلَا يُمْكِنُ ) فِطَامُهُ ( إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) لِصِغَرٍ أَوْ ضَعْفِ بِنْيَةٍ ( فَمُولٍ ، وَإِنْ أَمْكَنَ ) فِطَامُهُ قَبْلَهَا ( فَكَالتَّعْلِيقِ بِدُخُولِ الدَّارِ ) وَنَحْوِهِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا ؛ لِأَنَّ فِطَامَهُ مُمْكِنٌ ، وَإِنْ مَنَعَ مِنْهُ الشَّرْعُ وَالْإِيلَاءُ تَعَلَّقَ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ لَا بِجَوَازِهِ فِي الشَّرْعِ .

( أَوْ ) لَا أُجَامِعُك ( حَتَّى تَحْبَلِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ ) كَبِنْتِ خَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ ( أَوْ آيِسَةٍ فَمُولٍ ) ؛ لِأَنَّ حَبْلَ مَنْ فِي هَذَا السِّنِّ مُسْتَحِيلٌ أَوْ نَادِرٌ ( وَإِلَّا فَكَالتَّعْلِيقِ بِمَشْكُوكٍ ) فِيهِ كَدُخُولِ الدَّارِ فَلَا يَكُونُ مُولِيًا وَلَوْ عَلَّقَ بِقُدُومِ زَيْدٍ أَوْ فِطَامِهِ لَمْ يُحْكَمْ بِكَوْنِهِ مُولِيًا فَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَقَوْلِهِ حَتَّى يَشَاءَ فُلَانٌ فَمَاتَ قَبْلَ الْمَشِيئَةِ وَقَدْ مَرَّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ صَارَ مُولِيًا بِمَوْتِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُك وَقَالَ أَرَدْت شَهْرًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( دِينَ ) وَلَمْ يُقْبَلْ ظَاهِرًا ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ التَّأْبِيدُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَيَطُولَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك ، ثُمَّ فَسَّرَ بِشَهْرٍ يُقْبَلُ لِوُقُوعِ اسْمِ التَّطْوِيلِ عَلَيْهِ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَهُوَ تَرْكُ الْجِمَاعِ لَا غَيْرُ ) فَالْحَلِفُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ غَيْرِ الْجِمَاعِ لَيْسَ بِإِيلَاءٍ ( وَصَرِيحُهُ ) الْأَوْلَى قَوْلُهُ أَصْلُهُ وَمِنْ صَرِيحِهِ ( مَهْجُوًّا ل ن ي ك ) أَيْ لَفْظُ النَّيْكِ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَنِيكُك ( أَوْ لَا أُدْخِلُ أَوْ لَا أُولِجُ ) أَوْ لَا أُغَيِّبُ ( ذَكَرِي أَوْ حَشَفَتِي فِي فَرْجِك ) وَالْمُرَادُ مِنْ الذَّكَرِ قَدْرُ الْحَشَفَةِ فَإِنَّهُ لَوْ أَرَادَ تَغْيِيبَ جَمِيعِهِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا لَوْ قَالَ لَا أَسْتَوْفِي الْإِيلَاجَ ( أَوْ لَا أَقْتَضُّك ) بِالْقَافِ أَوْ بِالْفَاءِ ( وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ لَا أُصِيبُك ) أَوْ ( لَا أُجَامِعُك ) أَوْ ( لَا أُطَاوِعُك ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي أَوْ بِحَشَفَتِي لِشُيُوعِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْوِقَاعِ ( وَقَدْ يَدِينُ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إنْ ذَكَرَ مُحْتَمَلًا وَلَمْ يَقُلْ بِذَكَرِي ) أَوْ بِحَشَفَتِي كَأَنْ يُرِيدُ بِالْأَوَّلَيْنِ الِاقْتِضَاضَ وَالْإِصَابَةَ بِغَيْرِ الذَّكَرِ وَبِالْجِمَاعِ الِاجْتِمَاعَ وَبِالْوَطْءِ بِالْقَدَمِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْأَرْبَعَةِ مِمَّا ذَكَرَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدِينُ فِيهِ أَيْضًا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ بِالْفَرْجِ الدُّبُرَ لِاحْتِمَالِ اللَّفْظَةِ وَذِكْرُ التَّدْيِينِ فِي الْإِصَابَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ قُدُومًا قَالُوهُ مِنْ صَرَاحَةِ الِاقْتِضَاضِ فِيمَا ذَكَر قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِر إذَا لَمْ تَكُنْ الْبِكْرُ غَوْرَاءَ ، أَمَّا هِيَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُولِيًا مِنْهَا إذَا عَلِمَ حَالَهَا قَبْلَ الْحَلِفِ ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ بِغَيْرِ اقْتِضَاضٍ وَحَقُّهَا إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ تُخَالِفُهَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ كَمَا يُفْهِمُهُ إيرَادُ الْقَاضِي وَالنَّصُّ ( ثُمَّ الْمُبَاشَرَةُ وَالْمُبَاضَعَةُ وَالْمُلَامَسَةُ وَالْمَسُّ وَالْإِفْضَاءُ وَالْمُبَاعَلَةُ وَالِافْتِرَاشُ وَالدُّخُولُ بِهَا وَالْمُضِيُّ إلَيْهَا وَالْغَشَيَانُ وَالْقُرْبَانُ ) بِكَسْرِ الْقَافِ

أَشْهَرَ مِنْ ضَمِّهَا ( وَالْإِثْبَاتُ كِنَايَاتٌ فِي الْجِمَاعِ لَا صَرَائِحُ ) لِأَنَّ لَهَا مَعَانِيَ غَيْرَ الْوَطْءِ وَلَمْ تَشْتَهِرْ فِي الْوَطْءِ اشْتِهَارَ الْأَلْفَاظِ السَّابِقَةِ فِيهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا رَجَحُوهُ فِي الْمَسِّ يُخَالِفُ قَاعِدَةَ أَنَّ الصَّرَاحَةَ تُؤْخَذُ مِنْ تَكَرُّرِ اللَّفْظِ فِي الْقُرْآنِ وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْبَقَرَةِ وَالْأَحْزَابِ وَفِي الْحَدِيثِ { ، فَإِنْ مَسَّهَا فَلَهَا الْمَهْرُ بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا } وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ لَهُ فِي مَعْنَاهُ الْمُرَادِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدِينُ فِيهِ أَيْضًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَكَتَبَ عَلَيْهِ هُوَ وَاضِحٌ إذْ مُرَادُ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ التَّدْيِينِ فِيهِ بِالنَّظَرِ إلَى مَعْنَى الصِّيغَةِ كَمَا دِينَ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا عِنْدَ عَدَمِ ذِكْرِ الذَّكَرِ ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَى مُتَعَلِّقِهَا فَلَيْسَ كَلَامُهُمْ فِيهِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْفَيْئَةُ فِي حَقِّ الْبِكْرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ذَاكَ مُقَيَّدٌ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَقَوْلُهُ ) وَاَللَّهِ ( لَأَبْعُدَنَّ أَوْ لَأَغِيبَنَّ عَنْك أَوْ لَأَغِيظَنَّكِ ) أَوْ لَأَسْوَأْنَك ( كِنَايَاتٌ فِي الْجِمَاعِ وَالْمُدَّةِ ) لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ لَهُمَا وَلِغَيْرِهِمَا ( أَوْ لَأُطِيلَنَّ تَرْكِي لِجِمَاعِك أَوْ لَأَسُوأَنَّكِ فِيهِ صَرِيحٌ فِي الْجِمَاعِ كِنَايَةٌ فِي الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ ) وَاَللَّهِ ( لَا أَجْمَعُ رَأْسَنَا ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا تَجْتَمِعُ رَأْسَنَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ ( كِنَايَةٌ ) لِمَا ذَكَرَ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَرُورَةِ الْجِمَاعِ اجْتِمَاعُ رَأْسَيْهِمَا عَلَى وِسَادَةٍ أَوْ تَحْتَ سَقْفٍ .

( فَإِنْ قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُك إلَّا فِي الدُّبُرِ فَمُولٍ أَوْ إلَّا فِي الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَ ) نَهَارِ ( رَمَضَانَ وَالْمَسْجِدِ ) أَيْ أَحَدِهِمَا ( فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَبِهِ أَفْتَى الْبَغَوِيّ فِي غَيْرِ صُورَةِ النِّفَاسِ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ وَطْئِهَا وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ، ثُمَّ تُطَالِبُ بَعْدَهَا بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ، فَإِنْ فَاءَ إلَيْهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ سَقَطَتْ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ لِزَوَالِ الْمُضَارَّةِ بِهِ وَتُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الْمُولِي بَعْدَ الْمُدَّةِ ، ثُمَّ رَاجَعَ تُضْرَبُ الْمُدَّةُ ثَانِيًا وَثَانِيهِمَا لَا وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ فِي صُورَةِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ جَامَعَ فِيهَا حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ فَاسْتِثْنَاؤُهُ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْإِيلَاءِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَلَا يُتَّجَهُ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الرَّاجِحُ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخَائِرِ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ الْأَشْبَهُ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُجَامِعُهَا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَحْوَالِ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي غَيْرِ الْأَخِيرَتَيْنِ قَالَ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ فَأَكَّدَ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ بِالْحَلِفِ ( أَوْ لَا أُجَامِعُك إلَّا جِمَاعَ سُوءٍ وَأَرَادَ ) الْجِمَاعَ ( فِي الدُّبُرِ ) أَوْ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ ( أَوْ بِدُونِ الْحَشَفَةِ فَمُولٍ وَإِلَّا ) بِأَنْ أَرَادَ الْجِمَاعَ الضَّعِيفَ أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا ( فَلَا ) إيلَاءَ ؛ لِأَنَّ ضَعِيفَ الْجِمَاعِ كَقَوِيِّهِ فِي الْحُكْمِ وَالْأَصْلُ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ شَيْئًا عَدَمُ الْحَلِفِ عَلَى الْحَالِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُولِيًا وَحُكْمُ عَدَمِ الْإِرَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ قَالَ لَأُجَامِعَنَّكِ جِمَاعَ سُوءٍ أَوْ لَأُجَامِعَنَّكِ جِمَاعَ سُوءٍ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا كَمَا لَوْ قَالَ لَأُجَامِعَنَّكِ فِي هَذَا

الْبَيْتِ أَوْ لَأُجَامِعَنَّكِ مِنْ الْقُبُلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي نُسَخِهِ .
( وَقَوْلُهُ وَثَانِيهِمَا لَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَقَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ السَّرَخْسِيُّ أَيْ وَالرَّافِعِيُّ فِي الصَّغِيرِ .

( فَإِنْ قَالَ ) وَاَللَّهِ ( لَأَغْتَسِلُ عَنْك وَأَرَادَ تَرْكَ الْغُسْلِ ) دُونَ تَرْكِ الْجِمَاعِ ( أَوْ ذَكَرَ أَمْرًا مُحْتَمَلًا كَالْإِكْسَالِ ) بِأَنْ لَا يَمْكُثَ بَعْدَ الْوَطْءِ حَتَّى يُنْزِلَ ( وَاعْتَقَدَهُ ) أَيْ وَاعْتَقَدَ أَنَّ الْوَطْءَ بِلَا إنْزَالٍ ( لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ ) أَرَادَ ( إنِّي أُجَامِعُهَا بَعْدَ ) جِمَاعِ ( غَيْرِهَا ) لِيَكُونَ الْغُسْلُ عَنْ الْأُولَى لِحُصُولِ الْجِنَايَةِ بِهَا ( قُبِلَ ) مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ مُولِيًا وَمَا قَالَهُ فِي الْأُولَى هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّامِلِ وَالتَّتِمَّةِ وَالْبَيَانِ لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّب أَنَّهُ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَيَكُونُ مُولِيًا ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَهَذَا النَّصُّ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

( أَوْ ) قَالَ وَاَللَّهِ ( لَا أُجَامِعُ فَرْجَك أَوْ ) لَا أُجَامِعُ ( نِصْفَهُ الْأَسْفَلَ فَإِيلَاءٌ لَا ) إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُجَامِعُ ( سَائِرَ الْأَعْضَاءِ ) أَيْ بَاقِيَهَا كَأَنْ قَالَ لَا أُجَامِعُ يَدَك أَوْ نِصْفَك الْأَعْلَى أَوْ بَعْضَك أَوْ نِصْفَك فَلَا يَكُونُ إيلَاءً إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْبَعْضِ الْفَرْجَ وَبِالنِّصْفِ النِّصْفَ الْأَسْفَلَ فَيَكُونُ إيلَاءً

( الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ وَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَطْرَافٍ ) ( الْأَوَّلُ ضَرْبُ الْمُدَّةِ وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ) بِنَصِّ الْقُرْآنِ ( لِلْحُرِّ وَالْعَبْدِ ) حُرَّةً كَانَتْ الزَّوْجَةُ أَوْ أَمَةً ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ شُرِعَتْ لِأَمْرٍ جِبِلِّيٍّ وَهُوَ قِلَّةُ الصَّبْرِ عَنْ الزَّوْجِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِبِلَّةِ وَالطَّبْعِ لَا يَخْتَلِفُ بِالْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ كَمَا فِي مُدَّةِ الْعُنَّةِ وَهِيَ حَقٌّ لِلزَّوْجِ كَالْأَجَلِ حَقٌّ لِلْمَدِينِ وَلَا يَحْتَاجُ ضَرْبُهَا إلَى ضَارِبٍ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ بِخِلَافِ مُدَّةِ الْعُنَّةِ لِأَنَّهَا مُجْتَهَدٌ فِيهَا كَمَا مَرَّ
( الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِ الْإِيلَاءِ ) ( قَوْلُهُ وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ الْإِيلَاءِ ) شَمَلَ مَا لَوْ آلَى مِنْ وَاحِدَةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ، ثُمَّ عَيَّنَهَا فَإِنَّ ابْتِدَاءَ الْمُدَّةِ مِنْ وَقْتِ الْيَمِينِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا مِنْ التَّعْيِينِ .

( وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ ) وَقْتِ ( الْإِيلَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَانِعٌ ) مِنْ الْوَطْءِ وَإِلَّا فَمِنْ وَقْتِ زَوَالِ الْمَانِعِ كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الْأَوَّلِ .

( فَصْلٌ لَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ حَالَ طَلَاقٍ وَرِدَّةٍ ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا ، وَإِنْ رَاجَعَ الزَّوْجُ أَوْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ ( وَتُقْطَعُ ) الْمُدَّةُ ( بِطَرَيَانِ ذَلِكَ ) أَيْ كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ وَالرِّدَّةِ ( وَيَسْتَأْنِفُ ) فِي صُورَةِ الطَّلَاقِ ( وَلَوْ طَلَّقَ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ ) يَعْنِي بَعْدَ الْمُدَّةِ بِمُطَالَبَةٍ أَوْ بِدُونِهَا ( بِرَجْعَةٍ ) أَيْ تُسْتَأْنَفُ الْمُدَّةُ بِالرَّجْعَةِ ؛ لِأَنَّ الْإِضْرَارَ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالِامْتِنَاعِ الْمُتَوَالِي فِي نِكَاحٍ سَلِيمٍ ( لَا تَجْدِيدِ نِكَاحٍ ) بَعْدَ بَيْنُونَتِهَا لِعَدَمِ عَوْدِ الْإِيلَاءِ ( وَبِإِسْلَامٍ ) أَيْ وَتُسْتَأْنَفُ فِي صُورَةِ الرِّدَّةِ بِإِسْلَامِ الْمُرْتَدِّ ( فِي الْعِدَّةِ ) وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُؤَثِّرُ فِي قَطْعِ النِّكَاحِ كَالطَّلَاقِ وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَرْتَدَّ بَعْدَ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ ارْتَدَّ قَبْلَهُ انْقَطَعَ النِّكَاحُ هَذَا ( إنْ بَقِيَ ) مِنْ مُدَّةِ الْيَمِينِ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وَالْإِسْلَامِ ( فَوْقَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ) لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الْوَطْءِ بَاقٍ وَالْمُضَارَّةُ حَاصِلَةٌ وَكَأَنَّهُ رَاجَعَ أَوْ أَسْلَمَ ، ثُمَّ حَلَفَ ثَانِيًا قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ يَنْقَدِحُ أَنْ يُقَالَ كُلَّمَا رَاجَعَهَا تَعُودُ الطُّلْبَةُ لِاتِّحَادِ النِّكَاحِ لَكِنَّهُ لَمَّا طَلَّقَ أَتَى بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَطْلُوبِ أَحَدِهِمَا فَأَسْقَطَ الطُّلْبَةَ وَمَا قَالَهُ يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الرِّدَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ ذَلِكَ فَلَا اسْتِئْنَافَ ( وَكَذَا حُكْمُ أَعْذَارِهَا الْمَانِعَةِ مِنْ الْوَطْءِ كَالنُّشُوزِ وَالْمَرَضِ وَالصِّغَرِ وَجُنُونٍ ) الْأَوْلَى وَالْجُنُونِ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ( يَمْنَعُ التَّمْكِينَ ) مِنْ الْوَطْءِ ( وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ فَرْضَيْنِ ) وَإِحْرَامِ فَرْضٍ ( وَعِدَّةِ شُبْهَةٍ ) فَلَا تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مَعَهَا وَتُسْتَأْنَفُ إذَا زَالَتْ لِمَا مَرَّ فِي صُورَتَيْ الطَّلَاقِ وَالرِّدَّةِ نَعَمْ إنْ طَرَأَ شَيْءٌ

مِنْهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ وَقَبْلَ الْمُطَالَبَةِ ، ثُمَّ زَالَتْ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِلَا اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ لِوُجُودِ الْمُضَارَّةِ فِي الْمُدَّةِ عَلَى التَّوَالِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَرَجَّحَهُ وَخَرَجَ بِالْفَرْضِ النَّفَلُ فَلَا يُؤَثِّرُ ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ وَطْئِهَا فِيهِ ( لَا حَيْضٍ وَنِفَاسٍ ) فَتُحْسَبُ الْمُدَّةُ مَعَهُمَا ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ الْحَيْضِ غَالِبًا فَلَوْ لَمْ تُحْسَبْ مَعَهُ لَتَضَرَّرَتْ بِطُولِهَا وَأُلْحِقَ بِهِ النِّفَاسُ لِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ وَتَبِعَ كَأَصْلِهِ فِي ذِكْرِهِ لَهُ الْبَغَوِيّ كَشَيْخِهِ الْقَاضِي كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ وَالْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُدَّةَ لَا تُحْسَبُ مَعَهُ لِنَدُورَهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ .

( وَتُحْسَبُ ) الْمُدَّةُ ( حَالَ جُنُونِهِ وَمَرَضِهِ وَسَائِرِ أَعْذَارِهِ ) كَصَوْمِهِ وَاعْتِكَافِهِ وَإِحْرَامِهِ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا ؛ لِأَنَّهَا مُمْكِنَةٌ وَالْمَانِعُ مِنْهُ وَهُوَ الْمُقَصِّرُ بِإِيلَائِهِ وَلِهَذَا اسْتَحَقَّتْ النَّفَقَةَ وَإِنَّمَا لَمْ تُحْسَبُ مَعَ طَلَاقِهِ وَرِدَّتِهِ لِإِخْلَالِهِمَا بِالنِّكَاحِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الْمُطَالَبَةِ فَلَهَا بَعْدَ ) مُضِيِّ ( الْمُدَّةِ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ ) أَيْ الرُّجُوعُ إلَى الْوَطْءِ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْهُ بِالْإِيلَاءِ ( أَوْ الطَّلَاقِ ) إنْ لَمْ يَفِ كَمَا سَيَأْتِي لِلْآيَةِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهَا وَإِنَّمَا طَالَبَتْهُ بِالْفَيْئَةِ أَوَّلًا لِأَنَّ حَقَّهَا فِيهَا ( فَإِنْ أَسْقَطَتْهُ ) أَيْ الطَّلَبَ ( ثُمَّ نَدِمَتْ طَالَبَتْ ) مَا لَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ لِتَجَدُّدِ الضَّرَرِ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الرِّضَا بِالْإِعْسَارِ بِالنَّفَقَةِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي الْعُنَّةِ بِأَنَّهَا خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا تَتَقَسَّطُ عَلَى الْأَيَّامِ بِخِلَافِ حَقِّ الْوَطْءِ وَالنَّفَقَةِ وَلِأَنَّهَا عَيْبٌ وَالرِّضَا بِهِ يُسْقِطُ حَقَّ الْفَسْخِ ( وَلَا يُطَالَبُ ) الزَّوْجُ ( لِمُرَاهِقَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بَلْ يُخَوَّفُ ) نَدْبًا ( مِنْ اللَّهِ ) تَعَالَى بِنَحْوِ اتَّقِ اللَّهَ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ وَإِنَّمَا يُضَيَّقُ عَلَيْهِ إذَا بَلَغَتْ أَوْ أَفَاقَتْ وَطَلَبَتْ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُطَالَبَةَ تَخْتَصُّ بِالزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ حَقُّهَا كَالْفَسْخِ بِالْعُنَّةِ وَكَمَا أَنَّ الطَّلَاقَ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجِ ( وَ ) لِهَذَا كَانَ ( الطَّلَبُ لِلْأَمَةِ لَا لِلسَّيِّدِ )
قَوْلُهُ فَلَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الطَّلَبُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقُ ) فِي الْعَزِيزِ أَنَّ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ الْمُدَّةِ إذَا لَمْ يَفِ الْمُولِي طَلَبَ الْفَيْئَةِ وَحْدَهَا ، فَإِنْ لَمْ يَفِ أُمِرَ بِالطَّلَاقِ ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ الْمَنْعَ بَلْ تَرَدَّدَ الطَّلَبُ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَاقْتَصَرَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ عَلَى هَذَا وَفِي الصَّغِيرِ عَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعُمْدَةَ عَلَى غَيْرِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا الصَّوَابُ وَظَاهِرُ النَّصِّ الْأَوَّلُ وَاعْتَمَدَ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَرَدَّ بِهِ عَلَى مَا فِي التَّنْبِيهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّوَابِ .

( فَرْعٌ لَا تُطَالِبُ ) الزَّوْجَةُ زَوْجَهَا ( وَبِهَا عُذْرٌ يَمْنَعُ الْوَطْءَ كَحَيْضٍ ) وَنِفَاسٍ ( وَصَوْمِ فَرْضٍ وَحَبْسٍ ) يَمْنَعُ التَّمْكِينَ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ الْمَطْلُوبِ بِخِلَافِ صَوْمِ النَّفْلِ ( فَإِنْ كَانَ الْعُذْرُ بِهِ وَهُوَ طَبْعِيٌّ كَالْمَرَضِ أَوْ خَوْفِ زِيَادَتِهِ ) أَوْ بُطْءِ الْبُرْءِ مِنْهُ ( لَوْ وَطِئَ طُولِبَ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ أَوْ الطَّلَاقِ ) إنْ لَمْ يَفِ ؛ لِأَنَّهُ بِهِ يَنْدَفِعُ الْأَذَى الَّذِي حَصَلَ بِاللِّسَانِ ( بِلَا مُهْلَةٍ ) لِفَيْئَةِ اللِّسَانِ ، وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ ؛ لِأَنَّ الْوَعْدَ هَيِّنٌ مُتَيَسِّرٌ ( فَيَقُولُ ) فِيهَا ( إذَا قَدَرْت فِئْت ) وَزَادَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَنَدِمْت عَلَى مَا فَعَلْت وَجَرَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالْمَرَاوِزَةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ .
( قَوْلُهُ كَالْمَرَضِ إلَخْ ) أَوْ الْجَبِّ الطَّارِئِ أَوْ الْجُنُونِ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ التَّأْكِيدُ وَالِاسْتِحْبَابُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ أَيْضًا ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ) وَلِهَذَا اقْتَصَرَ الشَّافِعِيُّ عَلَى الْوَعْدِ .

( وَحِينَ يَقْدِرُ ) عَلَى وَطْئِهَا ( يُطَالَبُ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ ) إنْ لَمْ يَطَأْ تَحْقِيقًا لِفَيْئَةِ اللِّسَانِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِئْنَافِ مُدَّةٍ ( وَإِنْ حُبِسَ بِدَيْنٍ وَقَدَرَ عَلَى قَضَائِهِ لَمْ يَكُنْ ) أَيْ الْحَبْسُ ( عُذْرًا ) فَيُؤْمَرُ بِالْقَضَاءِ وَالْفَيْئَةِ بِالْوَطْءِ أَوْ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ حُبِسَ ظُلْمًا ( ، وَإِنْ كَانَ ) عُذْرُهُ ( شَرْعِيًّا كَإِحْرَامٍ ) وَصَوْمٍ وَاجِبٍ ( وَظِهَارٍ قَبْلَ التَّكْفِيرِ طُولِبَ بِالطَّلَاقِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُمْكِنُهُ بِخِلَافِ عُذْرِهِ الطَّبِيعِيِّ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مُتَعَذِّرٌ وَهُنَا مُمْكِنٌ وَهُوَ الْمُضَيِّقُ عَلَى نَفْسِهِ وَبِخِلَافِ الظِّهَارِ بَعْدَ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِثْلَ مَا مَرَّ وَقَوْلُهُ ( لَا غَيْرُهُ ) تَأْكِيدٌ .

( وَيَحْرُمُ ) عَلَيْهَا ( تَمْكِينُهُ ) مِنْ الْوَطْءِ ؛ لِأَنَّهُ إعَانَةٌ عَلَى الْحَرَامِ ( فَإِنْ مَكَّنَتْهُ ) مِنْ الْوَطْءِ ( وَوَطِئَ انْحَلَّ الْإِيلَاءُ ) وَإِنْ حُرِّمَ الْوَطْءُ لِحُصُولِ مَقْصُودِهَا .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْمَقْصُودِ بِالطَّلَبِ وَهُوَ الْفَيْئَةُ ) أَوْ الطَّلَاقُ إنْ لَمْ يَفِ ( فَيُقَالُ لَهُ ) مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ وَالْقَاضِي ( فِئْ وَإِلَّا طُلِّقَ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمَقْصُودُ الْفَيْئَةُ لَكِنَّهُ يُطَالَبُ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِ فَتُصَدَّقُ بِذَلِكَ وَبِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ ، فَإِنْ أَبَى طَالَبَتْهُ ، وَصِدْقُهَا بِالثَّانِي أَظْهَرُ مِنْهُ بِالْأَوَّلِ ، ثُمَّ حَكَى أَعْنِي الْأَصْلَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمُطَالَبَةُ مُتَرَدِّدَةً بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ
قَوْلُهُ وَبِأَنَّهَا تُطَالِبُهُ أَوَّلًا بِالْفَيْئَةِ ، فَإِنْ أَبَى طَالَبَتْهُ بِالطَّلَاقِ ) اقْتَصَرَ فِي الصَّغِيرِ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ يُبَيِّنُ أَنَّ الْعُمْدَةَ عَلَيْهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَظَاهِرُ النَّصِّ ا هـ وَهُوَ الْقِيَاسُ فِي مَعْنَى الدَّعْوَى الْمَرْدُودَةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ) اعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ .
وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّوَابِ .

( فَإِذَا ) الْأَوْلَى ، فَإِنْ ( امْتَنَعَ ) مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ بَعْدَ أَمْرِ الْقَاضِي ( طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي ) نِيَابَةً عَنْهُ ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِ وَتَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فَإِذَا امْتَنَعَ نَابَ عَلَيْهِ الْقَاضِي كَقَضَاءِ الدَّيْنَ وَالْعَضْلَ ( طَلْقَةً ) وَاحِدَةً لِحُصُولِ الْغَرَضِ بِهَا فَلَوْ زَادَ عَلَيْهَا لَمْ يَقَعْ الزَّائِدُ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَكَيْفِيَّةُ تَطْلِيقِهِ أَنْ يَقُولَ أَوْقَعْت عَلَى فُلَانَةَ عَنْ فُلَانٍ طَلْقَةً أَوْ حَكَمْت عَلَيْهِ فِي زَوْجَتِهِ بِطَلْقَةٍ أَوْ نَحْوَهُمَا
( قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُمَا ) وَقَعَتْ طَلْقَةٌ بَيْنَ فُلَانٍ وَفُلَانَةَ ، فَإِنْ قَالَ طَلَّقْت فُلَانَةَ أَوْ حَكَمْت بِطَلَاقِ فُلَانَةَ أَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَصِحَّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ مِنْهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ الْحُكْمُ بِالْكِنَايَةِ ، وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت خَلِيَّةٌ وَبَرِيَّةٌ عَنْ فُلَانٍ وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ وَجَبَ أَنْ يَصِحَّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ .

( وَيُمْهَلُ ) الزَّوْجُ لِيَفِئْ ( إنْ أُمْهِلَ ) أَيْ اُسْتُمْهِلَ ( لِنُعَاسٍ وَشِبَعٍ وَجُوعٍ وَنَحْوِهِ ) كَصِيَامِ يَوْمٍ فَمَا دُونَهُ بِقَدْرِ مَا يَسْتَعِدُّ بِهِ لِلْوَطْءِ فَلَا يُمْهَلُ فَوْقَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ مَقْدِرَةٌ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا بِأَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحَاجَةِ ( وَكَذَا ) يُمْهَلُ لِيَطَأَ يَوْمًا فَمَا دُونَهُ بِقَدْرِ مَا يَتَيَسَّرُ بِهِ الْمَقْصُودُ أَنْ اُسْتُمْهِلَ ( لِلتَّكْفِيرِ عَنْ الظِّهَارِ بِالْمَالِ ) مِنْ عِتْقٍ أَوْ طَعَامٍ ( لَا الصَّوْمِ ) فَلَا يُمْهَلُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ لِطُولِهِ
( قَوْلُهُ لَا الصَّوْمُ فَلَا يُمْهَلُ لِلتَّكْفِيرِ بِهِ لِطُولِهِ ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ مُدَّةَ الْإِيلَاءِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ

( وَيُشْتَرَطُ ) فِي تَطْلِيقِهِ عَلَيْهِ ( حُضُورُهُ ) عِنْدَهُ ( لِيُثْبِتَ امْتِنَاعَهُ ) فَلَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّهُ آلَى وَمَضَتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالطَّلَاقِ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ الْقَاضِي بَلْ مِنْ الِامْتِنَاعِ بِحُضُورِهِ ( كَالْعَضْلِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ ) حُضُورُهُ بِتَمَرُّدٍ أَوْ تَوَارٍ أَوْ غَيْبَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ

( وَلَا يُشْتَرَطُ لِلطَّلَاقِ ) عَلَيْهِ مِنْ الْقَاضِي بَعْدَ ثُبُوتِ امْتِنَاعِهِ بِمَا ذَكَرَ ( حُضُورُهُ ) عِنْدَهُ ( وَلَا يَنْفُذُ طَلَاقُ الْقَاضِي ) عَلَيْهِ ( بِمُدَّةِ إمْهَالِهِ ) أَيْ فِيهَا ، وَإِنْ مَضَتْ بِلَا فَيْئَةٍ لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الْإِمْهَالِ وَيُفَارِقُ قَتْلُ الْمُرْتَدِّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ حَيْثُ يُهْدَرُ ؛ لِأَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لَهُ وَلَا مَدْفَعَ لِلْقَتْلِ الْوَاقِعِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ( وَلَا بَعْدَ وَطْئِهِ أَوْ طَلَاقِهِ ) وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ بِهِ عِنْدَ تَطْلِيقِهِ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ طَلَاقُهُ إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُمْتَنِعًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِطَلَاقِ الْقَاضِي كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ ( فَلَوْ طَلَّقَا مَعًا وَقَعَا ) أَيْ الطَّلَّاقَاتُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَعَلَ مَا لَهُ فِعْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ ؛ لِأَنَّهَا الْمَقْصُودَةُ
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ نَفَذَ تَطْلِيقُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَنَفَذَ تَطْلِيقُ الزَّوْجِ أَيْضًا ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ طَلَّقَ مَعَ الْفَيْئَةِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( آلَى ) حَالَةَ كَوْنِهِ ( غَائِبًا أَوْ غَابَ ) بَعْدَ إيلَائِهِ ( قَبْلَ الطَّلَبِ وَوَكَّلَتْ ) فِيهِ ( فَطَالَبَهُ الْوَكِيلُ بَعْدَ الْمُدَّةِ ) وَرَفَعَهُ إلَى قَاضِي بَلَدِ الزَّوْجِ ( أَمَرَهُ قَاضِي تِلْكَ الْبَلَدِ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ ) فِي الْحَالِ ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ حِسِّيٌّ وَبِطِبِّهَا أَيْ حَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ خُرُوجِهِ إلَيْهَا أَوْ بِطَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَمْتَثِلْ أَمَرَهُ بِالْفَيْئَةِ وَيُعَذَّرُ فِي تَأْخِيرِهِ ( لِلتَّأَهُّبِ ) لِسَفَرِهِ ( وَلِخَوْفِ الطَّرِيقِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلِلْمَرَضِ وَكَأَنَّهُمْ سَهَّلُوا لَهُ فِي ذَلِكَ وَإِلَّا فَقَدْ يُقَالُ إذَا اخْتَارَ السَّفَرَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ فَلَهُ مَنْدُوحَةٌ إلَى حَمْلِهَا إلَيْهِ ( فَإِنْ لَمْ يَفِئْ بِاللِّسَانِ أَوْ ) فَاءَ ( بِهِ وَلَمْ يَخْرُجْ ) إلَيْهَا ( وَلَمْ يَطْلُبْهَا ) إلَيْهِ ( وَمَضَتْ مُدَّةُ الْإِمْكَانِ ) لِذَلِكَ ( طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَبِ وَكِيلِهَا ) وَقَوْلُهُ ( بِلَا مُهْلَةٍ ) مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى قَاضِي بَلَدِهَا وَتَدَّعِيَ عَلَى الْغَائِبِ لِيَكْتُبَ إلَى قَاضِي بَلَدِهِ بِمَا جَرَى فَيَطْلُبَ مِنْهُ ذَلِكَ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَهَا أَنْ تَرْفَعَ أَمْرَهَا إلَى قَاضِي بَلَدِهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَإِنْ كَانَتْ غَيْبَتُهُ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ ) لَهُ بِالْفَيْئَةِ أَوْ الطَّلَاقِ ( وَ ) بَعْدَ ( الِامْتِنَاعِ ) مِنْهُمَا ( طَلَّقَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِطَلَبِهَا ) لِلطَّلَاقِ ( وَلَا يُمْهَلُ ) وَإِنْ اُسْتُمْهِلَ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى الْمُولِي التَّعْنِينَ ) أَوْ الْعَجْزَ عَنْ افْتِضَاضِ الْبِكْرِ وَأَنْكَرَتْ ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهَا فِي ذَلِكَ النِّكَاحِ ( لَمْ يُقْبَلْ ) مِنْهُ فَلَا تَسْقُطُ مُطَالَبَتُهُ ؛ لِأَنَّ التَّعْنِينَ بَعْدَ الْوَطْءِ لَا يُؤَثِّرُ فَتَظْهَرُ تُهْمَتُهُ ( أَوْ قَبْلَهُ قُبِلَ ) مِنْهُ ( بِيَمِينِهِ ) فَلَا يُطَالِبُ بِالْوَطْءِ ( فَيَفِيءُ بِاللِّسَانِ أَوْ الطَّلَاقِ ) أَيْ فَيُطَالِبُ بِفَيْئَةٍ لِلِّسَانِ أَوْ بِالطَّلَاقِ إنْ لَمْ يَفِئْ لِظُهُورِ عَجْزِهِ ( فَإِنْ فَاءَ ) بِاللِّسَانِ ( ضُرِبَتْ مُدَّةُ التَّعْنِينِ بِطَلَبِهَا ) ضَرَبَهَا ( وَيَمْضِي حُكْمُهُ ) .

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي ) بَيَانِ ( فَيْئَةِ الْقَادِرِ ) عَلَيْهَا ( وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ ) أَوْ قَدْرَهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا وَلَوْ مُحَرَّمًا ( فِي الْقُبُلِ مُخْتَارًا ) عَالِمًا عَامِدًا ثَيِّبًا كَانَتْ أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بِهِ بَكَارَتُهَا وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ إزَالَتِهَا ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ ( فَيَنْحَلُّ الْإِيلَاءُ ) بِذَلِكَ وَخَرَجَ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ إدْخَالُهُ مَا دُونَهَا كَسَائِرِ أَحْكَامِهِ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِيهِ مَعَ حُرْمَتِهِ لَا يَحْصُلُ الْغَرَضُ .
نَعَمْ إنْ لَمْ يُصَرِّحْ فِي إيلَائِهِ بِالْقُبُلِ وَلَا نَوَاهُ بِأَنْ أَطْلَقَ انْحَلَّ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ ( وَإِنْ اسْتَدْخَلَتْهَا ) أَيْ الْحَشَفَةَ ( أَوْ أَدْخَلَهَا ) هُوَ ( نَاسِيًا أَوْ مُكْرَهًا أَوْ مَجْنُونًا لَمْ يَحْنَثْ وَلَا يَجِبُ ) الْأَوْلَى وَلَمْ تَجِبْ ( كَفَّارَةٌ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ ) وَإِنْ حَصَلَتْ الْفَيْئَةُ وَارْتَفَعَ الْإِيلَاءُ ، أَمَّا عَدَمُ الْخَبَثِ وَعَدَمُ انْحِلَالِ الْيَمِينِ فَلِعَدَمِ فِعْلِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِدْخَالِ وَاخْتِلَالِهِ فِيمَا عَدَاهَا وَأَمَّا عَدَمُ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فَلِعَدَمِ الْحِنْثِ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ ) ( قَوْلُهُ وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِهِ الْحَشَفَةَ إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأُخْرَى أَوْ أَجْنَبِيَّةً قَوْلُهُ أَوْ بِكْرًا إنْ زَالَتْ بَكَارَتَهَا إلَخْ ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَمِنْ شَرْطِ الْوَطْءِ فِي الْبِكْرِ إذْهَابُ الْعُذْرَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّ تَغْيِيبَ الْحَشَفَةِ لَا يُمْكِنُ غَالِبًا إلَّا بِهِ ، وَقَدْ صَرَّحَ بِمَا أَشَرْت إلَيْهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُمَا فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَتَحْصُلُ بِإِدْخَالِ الْحَشَفَةِ فِي الثَّيِّبِ أَوْ ذَهَابِ الْبَكَارَةِ بِهَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ كُلُّ حُكْمٍ يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ يَتَعَلَّقُ بِتَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ إذَا كَانَ سَلِيمًا وَبِتَغْيِيبِ مَا يُعَادِلُ الْحَشَفَةَ إذَا كَانَ مَقْطُوعًا هَذَا فِي حَقِّ الثَّيِّبِ ، وَأَمَّا الْبِكْرُ فَلَا تَتَخَلَّصُ عَنْ الْمُطَالَبَةِ إلَّا بِإِذْهَابِ الْعُذْرَةِ وَقَالَ الْبَغَوِيّ وَأَقَلُّ مَا تَحْصُلُ بِهِ الْفَيْئَةُ أَنْ يَفْتَضَّهَا بِآلَةِ الِافْتِضَاضِ إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَأَنْ يُغَيِّبَ الْحَشَفَةَ فِي فَرْجِهَا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا ( قَوْلُهُ وَبِالْقُبُلِ الدُّبُرُ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ عَدَمِ الْفَيْئَةِ بِالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ غَيْرُ صَحِيحٍ ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَتَنْحَلُّ الْيَمِينُ وَتَسْقُطُ الْمُطَالَبَةُ كَمَا لَوْ مَا طَلَّقَهَا حَتَّى انْقَضَتْ مُدَّةَ الْحَلِفِ قَالَ وَيَنْبَغِي فَرْضُهَا فِي الْحَلِفِ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ فِي الْقُبُلِ قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ هَذَا تَنْبِيهٌ حَسَنٌ لَكِنْ لَا يُقَالُ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ سُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ حُصُولُ الْفَيْئَةِ الَّذِي عَبَّرَ بِهِ الْمِنْهَاجُ وَالرَّوْضَةُ وَأَصْلُهَا وَلَا إيفَاؤُهَا حَقَّهَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَدْخَلَهَا أَيْ الْحَشَفَةَ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا سَاكِنًا وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّهُمْ

بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ حَقِيقَتَهُ مَنْعُ أَنْ يَفْعَلَ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَوْ قَالَ لَا يَغِيبُ أَوْ لَا يَدْخُلُ ذَكَرِي فِي فَرْجِك امْتَنَعَ تَصْوِيرُ مَسْأَلَةِ الْمُسْتَيْقِظِ

( وَيَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَانْدِفَاعِ ضَرَرِهَا ( كَمَا لَوْ رَدَّ الْمَجْنُونُ الْوَدِيعَةَ ) إلَى صَاحِبِهَا ( وَلِأَنَّ وَطْءَ الْمَجْنُونِ كَالْعَاقِلِ فِي ) تَقْرِيرِ ( الْمَهْرِ وَالتَّحْلِيلِ وَتَحْرِيمِ الرِّيبَةِ ) وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُ حَقِّهَا عَدَمَ الْحِنْثِ وَالْكَفَّارَةَ بِأَنَّ رِعَايَةَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ أَشَدُّ مِنْهُ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ غُسْلِ الذِّمِّيَّةِ عَنْ الْحَيْضِ لِلْمُسْلِمِ دُونَ الْعِبَادَةِ إذْ لَيْسَ لَهَا نِيَّةٌ صَحِيحَةٌ فَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَامِدًا مُخْتَارًا عَاقِلًا حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ

( فَصْلٌ لَوْ اخْتَلَفَا ) أَيْ الزَّوْجَانِ ( فِي الْإِيلَاءِ أَوْ ) فِي ( انْقِضَاءِ مُدَّتِهِ ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَيْهِ فَأَنْكَرَ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ ) بَعْدَ الْمُدَّةِ ( وَأَنْكَرَهُ سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الطَّلَبِ ) عَمَلًا بِاعْتِرَافِهَا ( وَلَمْ يُقْبَلْ رُجُوعُهَا ) عَنْهُ لِاعْتِرَافِهَا بِوُصُولِ حَقِّهَا إلَيْهَا ( وَلَوْ وَطِئَ مَنْ آلَى مِنْهَا ) وَهُوَ ( يَظُنُّهَا غَيْرَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْمُطَالَبَةِ ) لِوُصُولِهَا إلَى حَقِّهَا وَلَمْ يَحْنَثْ وَلَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ وَلَمْ يَنْحَلَّ الْيَمِينُ لِمَا مَرَّ فِي وَطْئِهِ نَاسِيًا فَلَوْ حَذَفَ هُنَا وَقَالَ ثَمَّ أَوْ ظَانًّا أَنَّ الْمَوْطُوءَةَ غَيْرُ الْمُولَى مِنْهَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ ) مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ ( وَأَرَادَ ) بِغَيْرِ الْأُولَى ( التَّأْكِيدَ ) لَهَا ( وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَجْلِسُ وَطَالَ الْفَصْلُ صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ كَنَظِيرِهِ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ تَنْجِيزِ الطَّلَاقِ بِأَنَّ التَّنْجِيزَ إنْشَاءٌ وَإِيقَاعٌ وَالْإِيلَاءُ وَالتَّعْلِيقُ مُتَعَلِّقَانِ بِأَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ فَالتَّأْكِيدُ بِهِمَا أَلْيَقُ ( أَوْ ) أَرَادَ ( الِاسْتِئْنَافَ تَعَدَّدَتْ ) أَيْ الْأَيْمَانُ ( وَلَوْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يُرِدْ تَأْكِيدًا وَلَا اسْتِئْنَافًا ( فَوَاحِدَةٌ إنْ اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ ) حَمْلًا عَلَى التَّأْكِيدِ ( وَإِلَّا تَعَدَّدَتْ ) لِبُعْدِ التَّأْكِيدِ مَعَ اخْتِلَافِ الْمَجْلِسِ وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ ) مَثَلًا ( وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِالتَّعَدُّدِ ) لِلْيَمِينِ ( يَكْفِيهِ ) لِانْحِلَالِهَا ( وَطْءٌ وَاحِدٌ ) وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْأَيْمَانِ كُلِّهَا ( وَكَذَا ) يَكْفِيهِ ( كَفَّارَةٌ ) وَاحِدَةٌ لِمَا مَرَّ قُبَيْلَ فَصْلٍ عُلِّقَ بِمُسْتَحِيلٍ .

( كِتَابُ الظِّهَارِ ) هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ الْأَصْلِيَّةَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَخَصُّوا الظَّهْرَ ؛ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ يُقَالُ ظَاهَرَ مِنْ امْرَأَتِهِ وَتَظَهَّرَ وَتَظَاهَرَ وَاظَّاهَرَ مِنْهَا بِمَعْنًى وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَالْإِيلَاءِ فَغَيَّرَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا بَعْدَ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ مِمَّا سَيَأْتِي وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْبِيهُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ فِي الْحُرْمَةِ بِمَحْرَمِهِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ } الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ خَوْلَةَ بِنْتِ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا .
( كِتَابُ الظِّهَارِ ) ( قَوْلُهُ وَذِمِّيًّا لِعُمُومِ الْآيَةِ ) وَلِأَنَّهُ لَفْظٌ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ الزَّوْجَةِ فَصَحَّ مِنْهُ كَالطَّلَاقِ ، وَالْكَفَالَةُ فِيهَا شَائِبَةُ الْغَرَامَةِ .
( قَوْلُهُ وَالْمَجْنُونُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ ظِهَارٌ مُنَجَّزٌ وَلَا مُعَلَّقٌ ) أَمَّا لَوْ عَلَّقَهُ وَهُوَ عَاقِلٌ ، ثُمَّ جُنَّ فَوُجِدَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُظَاهِرًا .

( وَهُوَ حَرَامٌ ) قَالَ تَعَالَى { وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا } ( وَقَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ ) لَيْسَ بِحَرَامٍ بَلْ ( مَكْرُوهٌ ) لِأَنَّ الظِّهَارَ عُلِّقَ بِهِ الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَإِنَّمَا عُلِّقَ بِقَوْلِهِ أَنْتَ عَلَيَّ حَرَامٌ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ وَالْيَمِينُ وَالْحِنْثُ لَيْسَ بِمُحَرَّمَيْنِ وَلِأَنَّ التَّحْرِيمَ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ قَدْ يَجْتَمِعَانِ وَالتَّحْرِيمُ الَّذِي هُوَ كَتَحْرِيمِ الْأُمِّ مَعَ الزَّوْجِيَّةِ لَا يَجْتَمِعَانِ .

( وَفِيهِ بَابَانِ الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الزَّوْجَانِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ ) الظِّهَارُ ( مِنْ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ ) مُخْتَارٍ ( وَإِنْ كَانَ مَمْسُوحًا وَذِمِّيًّا ) وَعَبْدًا كَالطَّلَاقِ فَخَرَجَ الْأَجْنَبِيُّ وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالْمُكْرَهُ وَالزَّوْجَةُ فِي قَوْلِهَا لِزَوْجِهَا أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَأَنَا عَلَيْك كَظَهْرِ أُمِّك فَلَا يَصِحُّ ظِهَارُهُمْ وَلَوْ قَالَ بَدَلَ وَذِمِّيًّا وَكَافِرًا كَانَ أَعَمَّ ( وَ ) إنَّمَا يَصِحُّ ( فِي امْرَأَةٍ يَصِحُّ طَلَاقُهَا وَلَوْ صَغِيرَةً وَرَتْقَاءَ ) وَكَافِرَةً وَحَائِضًا وَمُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ وَرَجْعِيَّةً وَأَمَةً فَلَا يَصِحُّ فِي أَجْنَبِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهُ لَفْظٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ فَلَا تَحْرُمُ بِهِ الْأَجْنَبِيَّةُ وَالْأَمَةُ كَالطَّلَاقِ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذَا نَكَحْتُك فَأَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ لِأَمَتِهِ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي لَمْ يَصِحَّ ( وَظِهَارُ السَّكْرَانِ كَطَلَاقِهِ ) فَيَصِحُّ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إذَا نَكَحْتُك أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أَوْ قَالَ السَّيِّدُ إلَخْ ) فَلَا تَجِبُ بِهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ ( قَوْلُهُ وَكَالظَّهْرِ الْيَدُ وَالرِّجْلُ إلَخْ ) إنَّمَا خَصَّ هَذِهِ الْأَعْضَاءَ بِالذِّكْرِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْأَعْضَاءَ الْبَاطِنَةَ كَالْكَبِدِ وَالْقَلْبِ لَا يَكُونُ بِذِكْرِهَا مُظَاهِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الرَّوْنَقِ وَ اللُّبَابِ د .

( الرُّكْنُ الثَّانِي الصِّيغَةُ ) لَهُ ( وَصَرِيحُهُ أَنْت عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي ، وَكَذَا أَنْت كَظَهْرِ أُمِّي بِتَرْكِ الصِّلَةِ ) كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ مِنِّي لِتَبَادُرِ ذَلِكَ إلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ ( وَهِيَ ) أَيْ الصِّلَةُ ( عَلَيَّ وَمِنِّي نَحْوَهُ ) كَمَعِي وَعِنْدِي ( وَكَالظَّهْرِ الْيَدُ وَالرِّجْلُ وَالشَّعْرُ ) وَالْجُمْلَةُ وَالنَّفْسُ وَالذَّاتُ وَالْجِسْمُ وَالْبَدَنُ ( وَسَائِرُ الْأَجْزَاءِ ) كَالصَّدْرِ وَالْبَطْنِ وَالْفَرْجِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ كَيَدِ أُمِّي أَوْ رِجْلِهَا أَوْ شَعْرِهَا أَوْ جُمْلَتِهَا ؛ لِأَنَّهُ تَشْبِيهٌ لِلزَّوْجَةِ بِبَعْضِ أَعْضَاءِ الْأُمِّ أَوْ بِمَا يَتَضَمَّنُ الظَّهْرَ فَكَانَ كَالْمُشَبَّهِ بِالظَّهْرِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِهِ فَكَانَ كَالظَّهْرِ ( إلَّا مَا احْتَمَلَ ) مِنْ ذَلِكَ ( الْكَرَامَةَ ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا ( كَأُمِّي وَعَيْنِهَا ، وَكَذَا رَأْسُهَا وَرُوحُهَا ) فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ ( بَلْ كِنَايَةٍ فِي الظِّهَارِ وَالطَّلَاقِ ) فَلَا يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا إلَّا بِنِيَّةٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70