كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

النِّصَابُ فَيَبْدَأُ الْحَوْلُ مِنْ وَقْتِ التَّمَامِ كَالْمُسْتَفَادِ بِالشِّرَاءِ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ مِلْكِهِ لَهُ بِسَبَبِ مِلْكِ الْأُمَّهَاتِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى الْمُوصَى لَهُ بِالْحَمْلِ بِهِ لِمَالِكِ الْأُمَّهَاتِ وَمَاتَ ثُمَّ حَصَلَ النِّتَاجُ ( فَيُزَكِّي لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ ) لِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ .
( وَالنِّتَاجُ نِصَابٌ ) لِأَنَّ الْوَلَدَ إذَا تَبِعَ الْأُمَّ فِي الْحُكْمِ لَمْ يَنْقَطِعْ الْحُكْمُ بِمَوْتِهَا كَالْأُضْحِيَّةِ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ أَمْرُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَاعِيَهُ بِأَنْ يَعْتَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا الرَّاعِي عَلَى يَدَيْهِ رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَيُوَافِقُهُ أَنَّ الْمَعْنَى فِي اشْتِرَاطِ الْحَوْلِ أَنْ يَحْصُلَ النَّمَاءُ وَالنِّتَاجُ نَمَاءً عَظِيمًا فَيَتْبَعُ الْأُصُولَ فِي الْحَوْلِ وَاسْتَشْكَلَ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ اشْتِرَاطِ السَّوْمِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ اشْتِرَاطَهُ خَاصٌّ بِغَيْرِ النِّتَاجِ التَّابِعِ لِأُمِّهِ فِي الْحَوْلِ وَلَوْ سَلَّمَ عُمُومَهُ لَهُ فَاللَّبَنُ كَالْكَلَأِ لِأَنَّهُ نَاشِئٌ مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْكَلَأِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ ( وَمَا مُلِكَ ) مِنْهُ ( بِشِرَاءٍ وَنَحْوِهِ يُضَمُّ إلَى ) مَا عِنْدَهُ فِي ( النِّصَابِ ) لِأَنَّهُ بِالْكَثْرَةِ فِيهِ بَلَغَ حَدًّا يَحْتَمِلُ الْمُوَاسَاةَ ( لَا فِي الْحَوْلِ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى النِّتَاجِ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ وَهُوَ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ فَيُفْرَدُ بِالْحَوْلِ كَالْمُسْتَفَادِ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ ( فَإِذَا مَلَكَ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً الْيَوْمَ وَعَشْرًا غَدًا زَكَّى ثَلَاثِينَ لِحَوْلِ الْيَوْمِ تَبِيعًا وَ ) عَشْرًا ( لِغَدٍ ) أَيْ لِحَوْلِهِ وَفِي نُسْخَةٍ لِغَدِهِ ( رُبْعَ مُسِنَّةٍ ) لِأَنَّهَا خَالَطَتْ الثَّلَاثِينَ فِي جَمِيعِ حَوْلِهَا وَوَاجِبُ الْأَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَحِصَّةُ الْعَشْرِ رُبْعُهَا .
( ثُمَّ كُلُّ سَنَةٍ أَوَّلَ يَوْمٍ ) مِنْهَا ( ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مُسِنَّةٍ ) لِلثَّلَاثِينَ (

وَفِي غَدٍ رُبْعُهَا ) لِلْعَشْرِ ( وَإِذَا مَلَكَ إبِلًا عِشْرِينَ ثُمَّ اشْتَرَى ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ( عَشْرًا فَعَلَيْهِ لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِحَوْلِ الْعَشْرِ ثُلُثُ بِنْتِ مَخَاضٍ ثُمَّ ) عَلَيْهِ ( كُلَّ حَوْلٍ بِنْتُ مَخَاضٍ ثُلُثَاهَا لِحَوْلِهَا ) أَيْ الْعِشْرِينَ ( وَثُلُثٌ لِحَوْلِ الشِّرَاءِ وَقِسْ عَلَيْهِ ) فَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرَى فِي هَذِهِ خَمْسًا فَعَلَيْهِ لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَلِحَوْلِ الْخَمْسِ خُمْسُ بَنَاتِ مَخَاضٍ ثُمَّ كُلَّ حَوْلٍ بِنْتُ مَخَاضٍ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِحَوْلِ الْعِشْرِينَ وَخُمْسُهَا لِحَوْلِ الشِّرَاءِ وَهَذَا كَمَا مَا مَرَّ فِي طُرُقِ الْخُلْطَةِ عَلَى الِانْفِرَادِ يَجِبُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةُ الِانْفِرَادِ وَبَعْدَهَا زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ اشْتَرَى كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا كَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ .

قَوْلُهُ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا مَجْبُورٌ بِمَا قَبْلَهُ ) وَيُعَضِّدُهُ إجْمَاعُ التَّابِعِينَ وَالْفُقَهَاءِ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي وُجُوبِهَا ) وَلِأَنَّهُ لَوْ أَتْلَفَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَزِمَهُ ضَمَانُ الزَّكَاةِ فَلَوْ لَمْ تَجِبْ لَمَا ضَمِنَهَا كَمَا قَبْلَ الْحَوْلِ ( قَوْلُهُ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ فِي زَكَاتِهِ أَمْرُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَخْ ) وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِثْلُهُ وَلَا يُعْرَفُ لَهُمَا مُخَالِفٌ ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ إيجَابُ الزَّكَاةِ فِيهِ بِمَا سَيَأْتِي إلَخْ ) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي اقْتَاتَتْ فِيهَا السِّخَالُ بِاللَّبَنِ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ لَوْ فَرَضَ مِثْلَهَا فِي عَلَفِ السَّائِمَةِ لَمْ يُخْرِجْهَا عَنْ السَّوْمِ فَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ صَارَتْ مَعْلُوفَةً فَلَا زَكَاةَ فِيهَا لِأَنَّ اللَّبَنَ مُتَمَوِّلٌ كَالْعَلَفِ الثَّانِي أَنَّ السَّخْلَةَ الْمُغَذَّاةَ بِاللَّبَنِ لَا تُعَدُّ مَعْلُوفَةً عُرْفًا وَلَا شَرْعًا وَلِهَذَا لَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمِ مَعْلُوفَةٍ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى قَبُولِ لَحْمِ رَضِيعِهِ لِأَنَّ الْمَعْلُوفَ مُخْتَصٌّ بِأَكْلِ الْحَبِّ وَفِيهِ نَظَرٌ الثَّالِثُ أَنَّ اللَّبَنَ الَّذِي تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ لَا يُعَدُّ مُؤْنَةً فِي الْعُرْفِ لِأَنَّهُ يَأْتِي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيُسْتَخْلَفُ إذَا حُلِبَ فَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمَاءِ فَلَمْ يُسْقِطْ الزَّكَاةَ الرَّابِعُ أَنَّ اللَّبَنَ وَإِنْ عُدَّ شُرْبُهُ مُؤْنَةً إلَّا أَنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ يَجِبُ صَرْفُهُ فِي سَقْيِ السَّخْلَةِ وَلَا يَحِلُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْلُبَ إلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا وَإِذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ اللَّهِ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْمَالِكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى مَالِكِ الْمَاءِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ

وَلَوْ بَاعَدَ أَوْ وَهَبَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ بِهِ وَيَجِبُ صَرْفُهُ إلَى الْوُضُوءِ فَكَذَا لَبَنُ الشَّاةِ يَجِبُ صَرْفُهُ إلَى السَّخْلَةِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ س .
وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ النِّتَاجَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعِيشَ إلَّا بِاللَّبَنِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا السَّوْمَ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ بِخِلَافِ الْكِبَارِ فَإِنَّهَا تَعِيشُ بِغَيْرِ اللَّبَنِ وَبِأَنْ مَا تَشْرَبُهُ السَّخْلَةُ مِنْ اللَّبَنِ يَنْجَبِرُ بِنُمُوِّهَا وَكِبَرِهَا بِخِلَافِ الْمَعْلُوفَةِ فَإِنَّهَا قَدْ لَا تَسْمَنُ وَلَا تَكْبَرُ وَبِأَنَّ الصَّحَابَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَوْجَبُوا الزَّكَاةَ فِي السَّخْلَةِ الَّتِي يَرُوحُ بِهَا السَّاعِي عَلَى يَدِهِ مَعَ عِلْمِهِمْ بِأَنَّهَا لَا تَعِيشُ إلَّا بِاللَّبَنِ .

( فَرْعٌ خُرُوجُ بَعْضِ الْجَنِينِ ) فِي الْحَوْلِ وَقَدْ تَمَّ ( قَبْلَ انْفِصَالِهِ لَا يُؤَثِّرُ ) أَيْ لَا حُكْمَ لَهُ كَنَظَائِرِهِ ( فَلَوْ قَالَ الْمَالِكُ نُتِجَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ هِيَ ) أَيْ السِّخَالُ وَلَوْ قَالَ هُوَ أَيْ النِّتَاجُ كَانَ أَوْلَى ( شِرَاءٌ ) أَيْ مُشْتَرَاةٌ أَوْ نَحْوَهُ وَخَالَفَهُ السَّاعِي ( صُدِّقَ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ مَا ادَّعَاهُ السَّاعِي وَعَدَمُ الْوُجُوبِ ( وَإِنْ اُتُّهِمَ حَلَفَ ) احْتِيَاطًا لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَحَلِفُهُ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ قِسْمِ الصَّدَقَاتِ ( وَإِنْ هَلَكَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْ النِّصَابِ ( وَنُتِجَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهُ ( مَعًا أَوْ شَكَّ هَلْ وَقَعَا ) أَيْ الْهَلَاكُ وَالنِّتَاجُ ( مَعًا ) أَوْ لَا ( لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ ) لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يُخِلَّ مِنْ نِصَابٍ وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ بَقَاءُ الْحَوْلِ ( الشَّرْطُ الرَّابِعُ بَقَاءُ الْمِلْكِ ) فِي الْمَاشِيَةِ جَمِيعَ الْحَوْلِ ( فَمَنْ بَاعَ الْمَاشِيَةَ أَوْ بَادَلَ بِهَا ) غَيْرَهَا مِنْ جِنْسِهَا أَوْ غَيْرِهِ ( فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ ) الْحَوْلُ لِأَنَّهُ مِلْكٌ جَدِيدٌ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ حَوْلٍ جَدِيدٍ ( وَكَذَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَإِنْ كَانَ ) الْمَالِكُ ( صَيْرَفِيًّا ) بَادَلَ لِلتِّجَارَةِ لِأَنَّهَا فِيهَا ضَعِيفَةٌ نَادِرَةٌ وَالزَّكَاةُ الْوَاجِبَةُ زَكَاةُ عَيْنٍ بِخِلَافِهَا فِي الْعَرْضِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ يُسْتَثْنَى مِنْ هَذَا الشَّرْطِ مَا لَوْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ النَّقْدِ ثُمَّ أَقْرَضَهُ غَيْرَهُ فَلَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ فَإِنْ كَانَ مَلِيًّا أَوْ عَادَ إلَيْهِ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ آخِرَ الْحَوْلِ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ انْتَهَى وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِقَوْلِهِ وَكَذَا لَوْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ ( وَيُكْرَهُ ذَلِكَ ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالْمُبَادَلَةِ ( فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ ) لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنْ الْقُرْبَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ أَوْ لَهَا

وَلِلْفِرَارِ أَوْ مُطْلَقًا عَلَى مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ ( فَلَوْ عَاوَضَ غَيْرَهُ ) بِأَنْ أَخَذَ مِنْهُ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا ( بِتِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا مِنْ عِشْرِينَ ) دِينَارًا ( زَكَّى الدِّينَارَ لِحَوْلِهِ وَتِلْكَ ) أَيْ التِّسْعَةَ عَشَرَ ( لِحَوْلِهَا ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هَذَا فِي الْمُبَادَلَةِ الصَّحِيحَةِ ( أَمَّا الْمُبَادَلَةُ الْفَاسِدَةُ فَلَا تَقْطَعُ الْحَوْلَ ) وَإِنْ اتَّصَلَتْ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهَا لَا تُزِيلُ الْمِلْكَ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا فِيهِمَا ضَعِيفَةٌ ) لِأَنَّهَا إنْ بِيعَتْ بِجِنْسِهَا فَلَا رِبْحَ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالرِّبْحُ قَلِيلٌ لِوُجُوبِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ) وَقَدْ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ فِي أَثْنَاءِ تَعْلِيلٍ وَحَذَفَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ وَزَادَهُ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ بَادَلَ الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلَخْ ) لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّقْدِ بَلْ لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ سَائِمَةٌ نِصَابًا لِلتِّجَارَةِ فَبَادَلَ بِهَا نِصَابًا مِنْ جِنْسِهَا لِلتِّجَارَةِ كَانَ كَالْمُبَادَلَةِ بِالنُّقُودِ نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي حَوَاشِيهِ عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ النِّصَابَ ) قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ ( ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أَقَالَهُ اسْتَأْنَفَ ) الْحَوْلَ مِنْ حِينِ الرَّدِّ وَلَوْ كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْقَبْضِ لِتَجَدُّدِ مِلْكِهِ ( فَإِنْ حَالَ الْحَوْلُ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ امْتَنَعَ الرَّدُّ فِي الْحَالِ لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ ) بِالْمَالِ فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ لَوْ تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي ( وَالتَّأْخِيرُ ) أَيْ تَأْخِيرُ الرَّدِّ ( لِإِخْرَاجِهَا لَا يَبْطُلُ بِهِ الرَّدُّ قَبْلَ التَّمَكُّنِ ) مِنْ أَدَائِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الرَّدِّ قَبْلَهُ ( فَإِنْ سَارَعَ إلَى إخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ ) أَيْ بِالْعَيْبِ ( إلَّا بَعْدَ إخْرَاجِهَا نُظِرَتْ فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْمَالِ وَالْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ ( أَوْ ) مِنْ غَيْرِهِ بِأَنْ ( بَاعَ مِنْهُ قَدْرَهَا ) وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ وَاجِبَهُ ( بُنِيَ الرَّدُّ ) أَيْ جَوَازُهُ ( عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ ) فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ فَالْأَصَحُّ لَا رَدَّ ( فَإِنْ قُلْنَا لَا رَدَّ فَلَهُ الْأَرْشُ ) وَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِالْتِحَاقِ نَقْصِ الْمَالِ عِنْدَهُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَقِيلَ لَا أَرْشَ لَهُ إنْ كَانَ الْمُخْرَجُ بَاقِيًا بِيَدِهِمْ لِأَنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَى مِلْكِهِ فَيُرَدُّ الْجَمِيعُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) أَخْرَجَهَا ( مِنْ غَيْرِهِ رُدَّ ) إذْ لَا شَرِكَةَ حَقِيقَةً بِدَلِيلِ جَوَازِ الْأَدَاءِ مِنْ مَالٍ آخَرَ .

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَهُ ) أَيْ النِّصَابَ ( بِشَرْطِ الْخِيَارِ وَحَكَمْنَا بِأَنَّ الْمَالِكَ ) فِي زَمَنِهِ ( لِلْبَائِعِ ) بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ ( أَوْ مَوْقُوفٌ ) بِأَنْ كَانَ لَهُمَا ( وَفُسِخَ الْعَقْدُ ) فِيهِمَا ( لَمْ يَنْقَطِعْ الْحَوْلُ ) لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْمِلْكِ ( وَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) فِي الْأُولَى مُطْلَقًا أَوْ فِي الثَّانِيَةِ وَفُسِخَ الْعَقْدُ ( زَكَّاهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ ( كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ) فَإِنْ فُسِخَ ( اسْتَأْنَفَ ) الْبَائِعُ الْحَوْلَ وَإِنْ أَجَازَ فَالزَّكَاةُ عَلَيْهِ وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَيُفَارِقُ هَذَا عَدَمَ وُجُوبِهَا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ إذَا حَالَ عَلَيْهِ حَوْلٌ قَبْلَ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا بِأَنَّ الْمِلْكَ ثَمَّ لَمْ يَحْصُلْ لِمُعَيَّنٍ بِخِلَافِهِ هُنَا .
قَوْلُهُ وَإِنْ تَمَّ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ زَكَاةٌ إلَخْ ) وَإِنْ أُجِيزَ فَالزَّكَاةُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَحَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ .

( فَرْعٌ مِلْكُ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفٌ ) كَمَا فِي بُضْعِ زَوْجَتِهِ ( وَكَذَا ) وَفِي نُسْخَةٍ وَكَذَلِكَ ( حَوْلُهُ وَزَكَاتُهُ ) مَوْقُوفَانِ فَإِنْ عَادَ إلَى الْإِسْلَامِ تَبَيَّنَّا بَقَاءَ مِلْكِهِ وَحَوْلِهِ وَوُجُوبُ زَكَاتِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ فِي أَوَّلِ هَذَا الْكِتَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْجِيحِ أَنَّ مَا ذُكِرَ مَوْقُوفٌ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ( فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ( انْقَطَعَ الْحَوْلُ وَاسْتَأْنَفَ الْوَارِثُ ) حَوْلَهُ ( مِنْ ) وَقْتِ ( الْمَوْتِ ) لِأَنَّهُ وَقْتُ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ مَلَكَ بِالشِّرَاءِ وَغَيْرِهِ ( كَالسَّائِمَةِ ) فَلَا يَسْتَأْنِفُ الْوَارِثُ حَوْلَهَا مِنْ الْمَوْتِ بَلْ لَا يَسْتَأْنِفُهُ ( حَتَّى يَقْصِدَ إسَامَتَهَا ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهَا شَرْطٌ ( وَلَا ) يَسْتَأْنِفُ ( لِعُرُوضِ تِجَارَةٍ مَا لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا بِقَصْدِ التِّجَارَةِ ) لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ شَرْطٌ .

( الشَّرْطُ الْخَامِسُ السَّوْمُ ) لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ مِنْ التَّقْيِيدِ بِسَائِمَةِ الْغَنَمِ وَقِيسَ بِهَا الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَفِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ { فِي كُلِّ سَائِمَةٍ إبِلٌ مِنْ أَرْبَعِينَ بِنْتَ لَبُونٍ } .
قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاخْتَصَّتْ السَّائِمَةُ بِالزَّكَاةِ لِتَوَفُّرِ مُؤْنَتِهَا بِالرَّعْيِ فِي كَلَإٍ مُبَاحٍ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ ( فَلَوْ عَلَفَهَا ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ( قَدْرًا ) أَيْ زَمَنًا ( إنْ لَمْ تُطْعَمْ فِيهِ هَلَكَتْ أَوْ بَانَ ضَرَرُهَا ) أَيْ لَحِقَهَا ضَرَرٌ بَيِّنٌ ( كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ انْقَطَعَ الْحَوْلُ ) لِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ ( وَلَا أَثَرَ لِمَا دُونَهُ ) لِقِلَّتِهَا ( إلَّا إنْ قُصِدَ بِهِ قَطْعُ السَّوْمِ ) وَكَانَ مِمَّا يَتَمَوَّلُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ ( وَلَا ) أَثَرَ ( لِمُجَرَّدِ نِيَّةِ الْعَلْفِ ) بِإِسْكَانِ اللَّامِ مَصْدَرٌ ( وَلَوْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( اشْتَرَى كَلَأً وَرَعَاهَا فِيهِ فَسَائِمَةٌ ) كَذَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ قَالَ كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ حَشِيشٌ فَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَسْمَيْت فِي كَلَإٍ مَمْلُوكٍ فَهَلْ هِيَ سَائِمَةٌ أَوْ مَعْلُوفَةٌ وَجْهَانِ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِالْمَمْلُوكِ بِالشِّرَاءِ وَبِغَيْرِهِ وَهُوَ مُشْكِلٌ وَفِي الشِّرَاءِ أَشْكَلَ لَا جُرْمَ رَجَّحَ الشَّيْخُ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا مَعْلُوفَةٌ لِوُجُودِ الْمُؤْنَةِ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ أَنَّهَا سَائِمَةٌ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْكَلَإِ قِيمَةٌ أَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَسِيرَةً لَا يُعَدُّ مِثْلُهَا كُلْفَةً فِي مُقَابَلَةِ نَمَائِهَا وَإِلَّا فَمَعْلُومَةٌ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْمُنَاسِبُ لِمَا قَالَهُ فِيمَا يَأْتِي فِي الْمُعَشَّرَاتِ مِنْ أَنَّ فِيمَا سُقِيَ بِمَا اشْتَرَاهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ كَمَا لَوْ سُقِيَ بِالنَّاضِحِ وَنَحْوِهِ أَنَّ الْمَاشِيَةَ هُنَا مَعْلُوفَةٌ بِجَامِعِ كَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَعَمْ إنْ حُمِلَ الْكَلَأُ عَلَى مَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَهُوَ الشِّقُّ

الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ فَقَرِيبٌ وَإِنَّمَا لَمْ أَحْمِلْهُ عَلَى الثَّانِي مِنْ كَلَامِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ فِي مَسْأَلَةِ الْعَلْفِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ حَكَاهُ الْأَصْلُ مَعَ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ وَصَحَّحَ مِنْهَا فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ ( لَا أَنَّ جَرَّهُ وَأَطْعَمَهَا ) إيَّاهُ وَلَوْ فِي الْمَرْعَى فَلَيْسَتْ سَائِمَةً هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ قَالَ وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ ، فَلَوْ جُمِعَ وَقُدِّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ .
( قَوْلُهُ وَكَانَ مِمَّا يَتَمَوَّلُ إلَخْ ) أَمَّا الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَتَمَوَّلُ فَلَا أَثَرَ لَهُ غ ( قَوْلُهُ قَالَ كَمَا لَوْ وُهِبَ لَهُ حَشِيشٌ فَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ ) قَالَ فَلَوْ جَزَّهُ وَأَطْعَمَهَا إيَّاهُ فِي الْمَرْعَى أَوْ الْبَلَدِ فَمَعْلُوفَةٌ وَلَوْ رَعَاهَا وَرَقًا تَنَاثَرَ فَسَائِمَةٌ فَلَوْ جَمَعَ وَقَدَّمَ لَهَا فَمَعْلُوفَةٌ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا أَخَذَ كَلَأَ الْحَرَمِ وَعَلَفَهَا بِهِ فَلَا يَنْقَطِعُ السَّوْمُ لِأَنَّ كَلَأَ الْحَرَمِ لَا يُمْلَكُ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ أَخْذُهُ لِلْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ لِأَخْذِهِ بِهِ نَوْعُ اخْتِصَاصٍ ش .
قَالَ الصَّيْمَرِيُّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَلَا زَكَاةَ فِي مَاشِيَةٍ حَتَّى تَكُونَ سَائِمَةً فِي مَوَاتِ الْمُسْلِمِينَ هَذَا لَفْظُهُ وَهُوَ يُنَازَعُ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ ت وَهَذَا أَقْرَبُ ع ( قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ أَسْمَيْت فِي مَمْلُوكٍ ) كَأَنْ نَبَتَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لِشَخْصٍ أَوْ مَوْقُوفَةٍ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ أَحْمِلْهُ عَلَى الثَّانِي مِنْ كَلَامِهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الشِّقُّ الْأَخِيرُ عَلَى مَا إذَا كَانَ لَوْ بَقِيَ ذَلِكَ الْقَدْرُ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ ضَرَرًا بَيِّنًا .

( فَرْعٌ لَا زَكَاةَ فِي الْعَامِلَةِ ) فِي حَرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ مُحَرَّمًا ( وَإِنْ أُسْمِيَتْ ) لِخَبَرِ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْرِهِ وَصَحَّحَ ابْنُ الْقَطَّانِ إسْنَادَهُ .
لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْءٌ ، وَلِأَنَّهَا لَا تُقْتَنَى لِلنَّمَاءِ بَلْ لِلِاسْتِعْمَالِ كَثِيَابِ الْبُدْنِ وَمَتَاعِ الدَّارِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَعْمِلَهَا الْقَدْرَ الَّذِي لَوْ عَلَفَهَا فِيهِ سَقَطَتْ الزَّكَاةُ كَمَا نَقَلَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَةَ فِي مُحَرَّمٍ وَبَيْنَ الْحُلِيِّ الْمُسْتَعْمَلِ فِيهِ بِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الْحِلَّ وَفِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ الْحُرْمَةَ إلَّا مَا رَخَّصَ ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَتْ الْمَاشِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ رَجَعَتْ إلَى أَصْلِهَا وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْفِعْلِ الْخَسِيسِ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ الْحُلِيُّ فِي ذَلِكَ فَقَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي أَصْلِهِ ( وَلَوْ اعْتَلَفَتْ السَّائِمَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ عَلَفَهَا الْغَاصِبُ ) لَهَا ( الْقَدْرَ الْمُؤَثِّرَ ) مِنْ الْعَلَفِ فِيهِمَا ( انْقَطَعَ الْحَوْلُ ) لِعَدِمِ السَّوْمِ ، وَكَالْغَاصِبِ الْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا ، ( وَلَوْ سُلِّمَتْ الْمَعْلُوفَةُ بِنَفْسِهَا أَوْ بِالْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي ) شِرَاءً ( فَاسِدًا لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ ) لِعَدَمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ فَالْعِبْرَةُ بِإِسَامَةِ الْمُعَبِّرِ عَنْهَا فِي الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ بِقَصْدِ السَّوْمِ .
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ قَصْدُهُ دُونَ قَصْدِ الِاعْتِلَافِ لِأَنَّ السَّوْمَ يُؤَثِّرُ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ .
وَالِاعْتِلَافُ يُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِهَا فَلَا يُعْتَبَرُ قَصْدُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِهَا ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْقَصْدِ فِي ابْتِدَاءِ سَفَرِ الرُّخْصَةِ دُونَ انْتِهَائِهِ بِوُصُولِهِ إلَى مَقْصِدِهِ أَوْ رُجُوعِهِ إلَى وَطَنِهِ ( وَتَجِبُ ) الزَّكَاةُ ( فِي ) مَا يَتَعَذَّرُ الْإِخْرَاجُ مِنْهُ نَحْوَ ( الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمَرْهُونِ وَالْغَائِبِ وَمَا اشْتَرَاهُ ) وَتَمَّ حَوْلُهُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ حُبِسَ ) هُوَ ( دُونَهُ ) أَيْ عَنْهُ ( بِأَسْرٍ وَنَحْوِهِ ) لِمِلْكِ النِّصَابِ

وَحَوَلَانِ الْحَوْلِ ، ( وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ ) لِزَكَاةِ ذَلِكَ ( عِنْدَ التَّمَكُّنِ ) مِنْ أَخْذِهِ فَيُخْرِجُهَا عَنْ الْأَحْوَالِ الْمَاضِيَةِ وَلَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ سَقَطَتْ .
قَوْلُهُ لِعَدِمِ إسَامَةِ الْمَالِكِ ) فَالْعِبْرَةُ بِإِسَامَتِهِ وَكَالْمَالِكِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ حَاكِمٍ بِأَنْ غُصِبَتْ مَعْلُوفَةٌ وَرَدَّهَا عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَالِكِ لِلْحَاكِمِ فَأَسَامَهَا .
صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ الْحَظُّ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهَا فَهَذَا مَوْضِعُ تَأَمُّلٍ ، وَهَلْ تُعْتَبَرُ إسَامَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مَاشِيَتَهُمَا أَوْ لَا أَثَرَ لِذَلِكَ ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَبْعُدُ تَخْرِيجُهُمَا عَلَى أَنَّ عَمْدَهُمَا عَمْدٌ أَمْ لَا .
هَذَا إذَا كَانَ لَهُمَا تَمْيِيزٌ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ : لَوْ اعْتَلَفَتْ مِنْ مَالٍ حَرْبِيٍّ لَا يَضْمَنُ أَنَّ السَّوْمَ لَا يَنْقَطِعُ كَمَا لَوْ جَاعَتْ بِلَا رِعْيٍ وَلَا عَلَفٍ .
( قَوْلُهُ فَاعْتُبِرَ قَصْدُهُ ) فَلَوْ وَرِثَ سَائِمَةً وَدَامَتْ كَذَلِكَ سَنَةً ثُمَّ عَلِمَ بِإِرْثِهَا لَمْ تَجِبْ زَكَاتُهَا .
وَالْمُتَوَلِّدُ بَيْنَ سَائِمَةٍ وَمَعْلُوفَةٍ لَهُ حُكْمُ الْأُمِّ ، فَإِنْ كَانَتْ هِيَ السَّائِمَةَ ضُمَّ إلَيْهَا فِي الْحَوْلِ وَلَوْ كَانَ يُسَرِّحُهَا نَهَارًا وَيُلْقِي إلَيْهَا بِاللَّيْلِ شَيْئًا مِنْ الْعَلَفِ لَمْ يُؤَثِّرْ .
( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَالَ الْغَائِبَ إذَا كَانَ سَائِرًا لَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَيْهِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَصَوَّبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .

( فَرْعٌ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَازِمٍ ) وَلَوْ مُؤَجَّلًا ( مِنْ نَقْدٍ وَعَرْضِ تِجَارَةٍ ) كَالْأَعْيَانِ ( لَا مَاشِيَةٍ ) لِامْتِنَاعِ سَوْمِ مَا فِي الذِّمَّةِ .
وَاعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُ يُتَعَرَّضُ فِي السَّلَمِ فِي اللَّحْمِ لِكَوْنِهِ لَحْمَ رَاعِيَةٍ أَوْ مَعْلُوفَةٍ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِي الذِّمَّةِ لَحْمَ رَاعِيَةٍ جَازَ أَنْ يُثْبِتَ فِيهَا رَاعِيَةً .
قَالَ وَالْأَصَحُّ فِي التَّعْلِيلِ كَوْنُهُ لَا نَمَاءَ فِيهِ وَلَا مُعَدًّا لِلْإِخْرَاجِ ، وَضَعَّفَ الْقُونَوِيُّ اعْتِرَاضَهُ بِأَنَّ لِلْمُدَّعِي امْتِنَاعَ ذَلِكَ تَحْقِيقًا لَا تَقْدِيرًا ( و ) لَا ( نَحْوَهَا ) وَهُوَ الْمُعَشَّرَاتُ ؛ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ زَكَاتِهَا الزَّهْوُ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُوجَدْ .
وَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهَا الْمُوَافِقُ لِتَعْبِيرِ الْإِسْنَوِيِّ بِالْمُعَشَّرَاتِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْحِنْطَةِ ، وَخَرَجَ بِاللَّازِمِ وَغَيْرِهِ كَدَيْنِ الْكِتَابَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَلَى إسْقَاطِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) الدَّيْنُ ( حَالًّا عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ أَوْ جَاحِدٍ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ ) أَوْ يَعْلَمُهُ الْقَاضِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَزِمَ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْهُ ( وَلَا ) بِأَنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَلَوْ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ أَوْ حَالًّا عَلَى مُعْسِرٍ أَوْ غَائِبٍ أَوْ مُمَاطِلٍ أَوْ جَاحِدٍ وَلَا بَيِّنَةَ وَلَمْ يَعْلَمْهُ الْقَاضِي ( فَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَبْضِ ) يَلْزَمُ .
إخْرَاجُهَا ( كَالضَّالِّ وَنَحْوِهِ ) مِمَّا مَرَّ ( وَلَوْ ضَلَّتْ شَاةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ ) شَاةً ( فَوَجَدَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَنَى أَوْ بَعْدَهُ زَكَّى الْأَرْبَعِينَ ) بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الضَّالِّ .
.

( قَوْلُهُ لِقُدْرَةِ الْغَيْرِ عَلَى إسْقَاطِهِ ) إذَا أَحَالَ الْمُكَاتَبُ سَيِّدَهُ بِالنُّجُومِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ .
وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِ ؛ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يَسْقُطُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِتَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَلَا فَسْخِهِ .
وَقَدْ تَنَاوَلَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ : تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي كُلِّ دَيْنٍ لَازِمٍ .
وَقَوْلُهُ : وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَالًّا إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا ثُمَّ حَلَّ وَكُتِبَ أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا وَلَكِنَّهُ نَذَرَ أَنْ لَا يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ أَوْ أَوْصَى أَنْ لَا يُطَالِبَهُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ مِنْ مَوْتِهِ وَكَانَ الدَّيْنُ عَلَى مَلِيءٍ بَاذِلٍ فَهَلْ نَقُولُ تَجِبُ الزَّكَاةُ وَيَلْزَمُ الْإِخْرَاجُ ، أَوْ نَقُولُ يَصِيرُ كَالْمُؤَجَّلِ لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ ؟ لَمْ نَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ انْتَهَى .
قَالَ النَّاشِرِيُّ : هَذَا إذَا نَذَرَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلِ ، أَمَّا بَعْدَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الْإِخْرَاجُ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ بِالْعَيْنِ فَلَا يَصِحُّ النَّذْرُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ .
عِبَارَةُ الطِّرَازِ الْمُذَهَّبِ مَا تَعَذَّرَ حُصُولُهُ لَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ حُصُولِهِ إلَّا إنْ تَعَذَّرَ لِتَقْصِيرِ الْمَالِكِ فِي طَلَبِهِ أَوْ نَذْرِهِ التَّأْجِيلَ أَوْ إيصَائِهِ بِهِ فَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْوَارِثِ قَبْلَ الْحُصُولِ ، وَلَهُ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْقِيَامِ بِهِ مِنْ مَالِهِ كَالْمَرْهُونِ الزَّكَوِيِّ .
( قَوْلُهُ لَزِمَ إخْرَاجُهَا فِي الْحَالِ ) الْمُتَبَادِرُ مَنْ قَوْلِهِمْ فِي الْحَالِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْإِخْرَاجِ سَوَاءٌ تَيَسَّرَ ذَلِكَ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ مِمَّا بِيَدِهِ ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَطْعَ بِالْوُجُوبِ الْمُرَادُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَتْ أَمْوَالُ الْمَدْيُونِ عَلَى الْفَوْرِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَبْضِ

الدَّيْنِ إنَّا لَا نُكَلِّفُ رَبَّ الدَّيْنِ الْأَدَاءَ عَنْهُ مِنْ بَقِيَّةِ مَالِهِ وَإِنْ قَصَّرَ فِي الْقَبْضِ وَمَضَى زَمَنُ إمْكَانِهِ وَجَبَ الْإِخْرَاجُ غ .
وَقَوْلُهُ إنَّهُ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَعِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقَبْضِ إلَخْ ) لَوْ قَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ مِنْ مَالِ الْجَاحِدِ بِالظَّفَرِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا ضَرَرٍ فَهَلْ يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ تَيَسَّرَ أَخْذُهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَا ؟ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا لَا ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنُ كَجٍّ وَالدَّارِمِيُّ نَعَمْ .
وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَكُونُ وَجَدَ بِهَامِشِ الْأَصْلِ مَا نَصُّهُ : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ جَزْمٍ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْمَوْلِدِ بَيْنَ زَكَوِيٍّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ مُطْلَقًا ا هـ مِنْ خَطِّ الْمُجَرَّدِ .
الْحُكْمُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الضَّالِّ ) اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ عِلْمَ الْإِسَامَةِ فِي الضَّالِّ وَإِسَامَةِ الْمَالِكِ فِيهِ ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ أَرْسَلَهَا فِي بَعْضِ الْأَوْدِيَةِ بِقَصْدِ الْإِسَامَةِ فَضَلَّتْ وَلَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَصْدِ الْإِسَامَةِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ قَصْدِ التِّجَارَةِ فِي كُلِّ مُعَاوَضَةٍ .

( فَرْعٌ زَكَاةُ اللُّقَطَةِ عَلَى الْمَالِكِ ) لَهَا لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ ( مَا لَمْ يَتَمَلَّكْهَا الْمُلْتَقِطُ فَإِنْ تَمَلَّكَهَا لَزِمَتْهُ زَكَاتُهَا وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غُرْمِ قِيمَتِهَا مِنْ غَيْرِهَا ) بِأَنْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهَا أَوْ مَلَكَهُ وَتَعَذَّرَ الْغُرْمُ مِنْهُ ( ثُمَّ الْمَالِكُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا فَلَهُ ) الْأَوْلَى فَلَهَا ( حُكْمُ دَيْنٍ ) آخَرَ ( اسْتَحَقَّهُ ) عَلَيْهِ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَيَجِبُ الْإِخْرَاجُ عِنْدَ التَّمَكُّنِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ قَوْلُ الْأَصْلِ فَفِي وُجُوبِ زَكَاةِ الْقِيمَةِ عَلَيْهِ خِلَافٌ مِنْ وَجْهَيْنِ كَوْنُهَا دَيْنًا وَكَوْنُهَا مَالًا ضَالًّا .
( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى غُرْمِ قِيمَتِهَا ) لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ .

( فَرْعٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ ( مَنْ اسْتَغْرَقَ دَيْنُهُ ) الَّذِي عَلَيْهِ ( النِّصَابُ ) أَوْ لَمْ يَسْتَغْرِقُهُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( لَزِمَهُ زَكَاتُهُ ) سَوَاءٌ كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى أَمْ لِآدَمِيٍّ لِإِطْلَاقِ الْأَدِلَّةِ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ ( وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فَكَالْمَغْصُوبِ ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَلَا يَجِبُ الْإِخْرَاجُ إلَّا عِنْدَ التَّمَكُّنِ .
( فَإِنْ عُيِّنَ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْءٌ ) عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّقْسِيطُ ( وَتَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِهِ وَحَالَ ) عَلَيْهِ ( الْحَوْلُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ ) عَلَيْهِمْ لِعَدِمِ مِلْكِهِمْ ، وَلَا عَلَى الْمَالِكِ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَكَوْنِهِمْ أَحَقَّ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخَذُوهُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَلَوْ تَرَكُوهُ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ لِتَبَيُّنِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ ثُمَّ عَدَمِ لُزُومِهَا عَلَيْهِ .
قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ مَالُهُ مِنْ جِنْسِ دَيْنِهِمْ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُمَكِّنُهُمْ مِنْ أَخْذِهِ بِلَا بَيْعٍ أَوْ تَعْوِيضٍ ، قَالَ وَقَدْ صَوَّرَهَا بِذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي السِّلْسِلَةِ ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَقْتَضِيهِ .
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مَالَهُ لَا يَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ إلَى الدَّيْنِ ) إذْ هُوَ مَالِكٌ لِلنِّصَابِ نَافِذُ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالزَّكَاةُ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ فَالذِّمَّةُ لَا تَضِيقُ عَنْ ثُبُوتِ الْحُقُوقِ ، أَوْ بِالْعَيْنِ فَالتَّعَلُّقُ بِالذِّمَّةِ لَا يَمْنَعُ الْحَقَّ الْمُتَعَلِّقَ بِالْعَيْنِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ عُيِّنَ لِكُلِّ غَرِيمٍ شَيْءٌ ) قُدِّرَ دَيْنُهُ مِنْ جِنْسِهِ غ .
( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ تَلْزَمَهُ الزَّكَاةُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ) وَتَبِعَهُ الْإِسْنَوِيُّ ( قَوْلُهُ إنَّهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ لَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْحَجْرِ يَقْتَضِيهِ ) وَنَقَلَ ابْنُ دَاوُد عَنْ سَائِرِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ وَغَيْرَهُ فِي ذَلِكَ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَلَكَ أَرْبَعِينَ ) شَاةً ( وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَرْعَاهَا بِشَاةٍ مِنْهَا مُعَيَّنَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهَا ) أَيْ يُفْرِدْهَا ( فَحَالَ الْحَوْلُ لَزِمَهُمَا شَاةٌ عَلَى الرَّاعِي ) مِنْهَا ( رُبْعُ عُشْرِهَا ) وَالْبَاقِي عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَإِنْ أَفْرَدَهَا فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( أَوْ ) بِشَاةٍ ( فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَمْنَعْ ) ذَلِكَ ( الْوُجُوبَ ) وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ يَمْتَنِعْ الْوُجُوبُ ( عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ) لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْوُجُوبَ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَلَكَ نِصَابًا فَنَذَرَ التَّصَدُّقَ بِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً أَوْ أُضْحِيَّةً ) قَبْلَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ ( فَلَا زَكَاةَ فِيهِ ) لِعَدِمِ مِلْكِ النِّصَابِ ( وَإِذَا نَذَرَ ) التَّصَدُّقَ أَوْ الْأُضْحِيَّةَ بِنِصَابٍ أَوْ بَعْضِهِ ( فِي الذِّمَّةِ ) كَقَوْلِهِ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَرْبَعُونَ شَاةً سَائِمَةً تَصَدُّقًا أَوْ أُضْحِيَّةً ( أَوْ لَزِمَهُ الْحَجُّ يَمْنَعُ ) ذَلِكَ ( الزَّكَاةَ ) فِي مَالِهِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ .
غَايَتُهُ أَنَّ ذَلِكَ دَيْنٌ عَلَيْهِ وَفِي نُسْخَةٍ لَمْ تَمْتَنِعْ الزَّكَاةُ ( وَحُقُوقُ اللَّهِ ) تَعَالَى ( كَالزَّكَاةِ ) وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالذِّمَّةِ بِأَنْ تَلِفَ الْمَالُ بَعْدَ وُجُوبِهَا وَالْإِمْكَانِ ثُمَّ مَاتَ وَلَهُ مَالٌ ( وَالْكَفَّارَةُ وَالْحَجُّ ) وَالنَّذْرُ وَجَزَاءُ الصَّيْدِ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ دَيْنِ الْآدَمِيِّ ( فِي التَّرِكَةِ تَقَدَّمَ عَلَى الدَّيْنِ ) ؛ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ : { فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى } ؛ وَلِأَنَّ مُصَرِّفَهَا أَيْضًا الْآدَمِيُّ فُقِدَتْ لِاجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ فِيهَا وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ اجْتِمَاعُ الْجِزْيَةِ وَالدَّيْنِ فَالْأَصَحُّ اسْتِوَاؤُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا مَعَ أَنَّهَا حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَوْ اجْتَمَعَ حُقُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى .
قَالَ السُّبْكِيُّ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ النِّصَابُ مَوْجُودًا فَتُقَدَّمَ الزَّكَاةُ انْتَهَى .
وَظَاهِرٌ أَنَّ بَعْضَ النِّصَابِ كَالنِّصَابِ وَخَرَجَ بِالتَّرِكَةِ مَا إذَا اجْتَمَعَا عَلَى حَيٍّ وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَإِلَّا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ قَطْعًا فِيهِمَا .
وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَإِلَّا قُدِّمَتْ مُطْلَقًا .

( قَوْلُهُ فِي التَّرِكَةِ تُقَدَّمُ عَلَى الدَّيْنِ إذَا أُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ ) قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَا يُثَابُ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهَا بِلَا عُذْرٍ إلَى أَنْ مَاتَ وَإِنْ أَخَّرَ لِعُذْرٍ أُثِيبَ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ مُصَرِّفَهَا الْآدَمِيُّ إلَخْ ) وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْقِصَاصُ عَلَى الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ مَحْضَةٌ لَا تَعَلُّقَ لِلْآدَمِيِّ بِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إلَّا أَنَّ إلَخْ ) وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ الْإِمْكَانِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ بَعْضَ النِّصَابِ إلَخْ ) وَأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ حُقُوقٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ س .
قَالَ شَيْخُنَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ ( قَوْلُهُ قُدِّمَ حَقُّ الْآدَمِيِّ ) وَذَكَرَهُ الْإِمَامُ عَنْ وَالِدِهِ وَبَيَّنَ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْحُقُوقُ الْمُسْتَرْسِلَةُ فِي الذِّمَّةِ كَالْكَفَّارَاتِ وَالنُّذُورِ الْمُطْلَقَةِ غ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَرْعٌ لَا زَكَاةَ فِي الْغَنِيمَةِ ) عَلَى الْغَانِمِينَ ( قَبْلَ اخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ ) وَلَوْ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لِعَدَمِ الْمِلْكِ أَوْ ضَعْفِهِ وَلِهَذَا يَسْقُطُ بِالْأَعْرَاضِ ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَقْسِمَهَا قِسْمَةً تَحْكُمُ فَيَخُصُّ بَعْضَهُمْ بِبَعْضِ الْأَنْوَاعِ وَالْأَعْيَانِ ( وَمَتَى اخْتَارُوهُ ثُمَّ مَضَى حَوْلٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ ، وَالْغَنِيمَةُ صِنْفٌ زَكَوِيٌّ وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ ) مِنْهُمْ ( أَوْ نُصِيبُ الْجَمِيعِ بِحُكْمِ الْخُلْطَةِ نِصَابًا غَيْرَ الْخُمْسِ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ ) لِوُجُودِ شَرِّهَا ( فَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافًا ) وَلَوْ زَكَوِيَّةً وَإِنْ بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا نِصَابًا ( لَمْ تَجِبْ ) لِجَهْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا نَصِيبُهُ وَكَمْ نَصِيبُهُ فَيَكُونُ الْمَالِكُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَيِّ صِنْفٍ فُرِضَ ، وَهَذَا فُهِمَ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا فِيمَا إذَا كَانَتْ الْغَنِيمَةُ صِنْفًا غَيْرَ زَكَوِيٍّ .
أَوْ زَكَوِيًّا لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا كَمَا فِي غَيْرِ مَالِ الْغَنِيمَةِ أَوْ بَلَغَ بِالْخُمْسِ إذْ الْخُلْطَةُ لَا تَثْبُتُ مَعَ أَهْلِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِمْ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْفَيْءِ وَمَالِ الْمَسَاجِدِ وَالرَّبْطِ .

( فَصْلٌ وَإِنْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَحَالَ الْحَوْلُ ) عَلَيْهِ مِنْ يَوْمِ الْإِصْدَاقِ ( لَزِمَتْهَا الزَّكَاةُ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِقَبْضِهَا لَهُ وَعَنْ الدُّخُولِ بِهَا لِأَنَّهَا مَلَكَتْهُ بِالْعَقْدِ وَخَرَجَ بِالْمُعَيَّنَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا زَكَاةَ لِأَنَّ السَّوْمَ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ إصْدَاقِ النَّقْدَيْنِ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا وَإِنْ كَانَا فِي الذِّمَّةِ ( فَإِذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا وَبَعْدَ الْحَوْلِ ( رَجَعَ فِي نِصْفِ الْجَمِيعِ ) شَائِعًا إنْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ الْمُصْدَقَةِ أَوْ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا ( فَإِنْ طَالَبَهُ السَّاعِي ) بَعْدَ الرُّجُوعِ وَأَخَذَهَا مِنْهَا ( أَوْ كَانَ قَدْ أَخَذَهَا مِنْهَا ) قَبْلَ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّتِهَا ( رَجَعَ أَيْضًا بِنِصْفِ ) قِيمَةِ ( الْمُخْرَجِ وَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ عَادَ إلَيْهِ نِصْفُهَا وَلَزِمَ كُلًّا ) مِنْهُمَا ( نِصْفُ شَاةٍ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ إنْ دَامَتْ الْخُلْطَةُ وَإِلَّا فَلَا ) زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَصْدَقَهَا إلَخْ ) عِوَضَ الْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ دَم الْعَمْدِ كَالصَّدَاقِ وَأَلْحَقَ بِهِمَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثَا مَالِ الْجَعَالَةِ ( قَوْلُهُ نِصَابَ سَائِمَةٍ ) أَوْ بَعْضَهُ مَعَ وُجُودِ شُرُوطِ الْخُلْطَةِ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( آجَرَ ) غَيْرَهُ ( دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ فِي الذِّمَّةِ ( وَسَلَّمَهَا ) الْغَيْرَ ( إلَيْهِ لَمْ يُزَكِّ ) يَعْنِي لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُخْرِجَ ( إلَّا ) زَكَاةَ ( مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ مِلْكُهُ ) لِأَنَّ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مُعَرَّضٌ لِلسُّقُوطِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ فَمِلْكُهُ ضَعِيفٌ وَإِنْ حَلَّ وَطْءُ الْجَارِيَةِ الْمَجْعُولَةِ أُجْرَةً لِأَنَّ الْحِلَّ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ارْتِفَاعِ الضِّعْفِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ الصَّدَاقِ بِأَنَّ الْأُجْرَةَ تُسْتَحَقُّ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنَافِعِ فَبِفَوَاتِهَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الصَّدَاقِ وَلِهَذَا لَا يَسْقُطُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ تُسَلَّمْ الْمَنَافِعُ لِلزَّوْجِ وَتَشْطُرُهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِتَصَرُّفِ الزَّوْجِ بِالطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ ( فَيُزَكِّي فِي السَّنَةِ الْأُولَى ) أَيْ عَنْهَا ( خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ) دِينَارًا لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا ( وَفِي الثَّانِيَةِ يُزَكِّي خَمْسِينَ ) دِينَارًا ( لِسَنَتَيْنِ ) وَهِيَ الْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي زَكَّاهَا وَالْخَمْسَةُ وَالْعِشْرُونَ الَّتِي اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهَا الْآنَ ( وَ ) لَكِنْ ( يَحُطُّ عَنْهُ ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ دِينَارَانِ وَنِصْفٌ ( مَا أَدَّى ) عَنْ الْأُولَى وَهُوَ خَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ دِينَارٌ وَسَبْعَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ ( وَفِي الثَّالِثَةِ يُزَكِّي خَمْسَةً وَسَبْعِينَ ) دِينَارًا ( لِثَلَاثٍ ) مِنْ السِّنِينَ ( وَ ) لَكِنْ ( يَحُطُّ عَنْهُ ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ ( مَا أَدَّى ) عَنْ الْأَوَّلِيَّيْنِ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ وَثُمْنُ دِينَارٍ ( وَفِي الرَّابِعَةِ يُزَكِّي الْمِائَةَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَ ) لَكِنْ ( يَحُطُّ عَنْهُ ) مِنْ زَكَاتِهَا وَهِيَ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ( مَا أَدَّى ) عَنْ الثَّلَاثِ فَيَلْزَمُهُ الْآنَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ وَثَلَاثَةُ أَثْمَانِ دِينَارٍ وَقَدْ يُعَبَّرُ عَنْ ذَلِكَ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى فَيُقَالُ يُخْرِجُ

لِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى زَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِسَنَةٍ وَلِتَمَامِ الثَّانِيَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ لِسَنَتَيْنِ وَزَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُولَى لِسَنَةٍ وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ الْخَمْسِينَ لِسَنَةٍ وَزَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ الْأُخْرَى لِثَلَاثِ سِنِينَ وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ الْخَمْسَةِ وَالسَّبْعِينَ لِسَنَةٍ وَزَكَاةَ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ لِأَرْبَعِ سِنِينَ هَذَا إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ( فَإِنْ أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ عَيْنِهِ زَكَّى كُلَّ سَنَةٍ مَا ذَكَرْنَاهُ نَاقِصًا قَدْرَ مَا أَخْرَجَ ) عَمَّا قَبْلَهَا ( تَنْبِيهَانِ ) أَحَدُهُمَا قَدْ اسْتَدْرَكَ الرَّافِعِيُّ هُنَا نَقْلًا عَنْ الْأَكْثَرِينَ اسْتِدْرَاكًا صَحِيحًا وَذَلِكَ أَنَّهُ بِالسَّنَةِ الثَّانِيَةِ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى رُبْعِ الْمِائَةِ الَّذِي هُوَ حِصَّتُهَا وَلَهُ فِي مِلْكِهِ سَنَتَانِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخْرِجْ عَنْهُ زَكَاةَ السَّنَةِ الْأُولَى عَقِبَ انْقِضَائِهَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهِ إذْ ذَاكَ فَيَكُونُ قَدْ مَلَكَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْهُ نِصْفَ وَثُمْنَ دِينَارٍ فَتَسْقُطُ حِصَّةُ ذَلِكَ وَهَكَذَا قِيَاسُ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَقَدْ بَسَطَ الْقَوْلَ فِي هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ فَقَالَ ثُمَّ الْقَاطِعُونَ بِالْوُجُوبِ قَدْ غَاصُوا فَقَالُوا كَذَا وَكَذَا إلَى آخِرِهِ وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ وَقَدْ ذَهِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْهُ وَاقْتَصَرَ عَلَى مَا مَرَّ فَحَصَلَ الْغَلَطُ ثُمَّ عَزَاهُ إلَى شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ( ثَانِيهِمَا ) إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ كَمَا مَرَّ فَأَوَّلُ الْحَوْلِ الثَّانِي فِي رُبْعِ الْمِائَةِ بِكَمَالِهِ مِنْ حِينِ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَا مِنْ أَوَّلِ السَّنَةِ لِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِمْ إلَى حِينِ الْأَدَاءِ ثُمَّ مَحَلُّ مَا مَرَّ إذَا تَسَاوَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ ( فَإِنْ اخْتَلَفَتْ أُجْرَةُ السِّنِينَ فَكُلٌّ ) مِنْهَا ( بِحِسَابِهِ ) لِأَنَّ الْإِجَارَةَ إذَا انْفَسَخَتْ تُوَزَّعُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فِي الْمُدَّتَيْنِ الْمَاضِيَةِ وَالْمُسْتَقْبِلَةِ .
( فَرْعٌ ) قَالَ فِي

الْمَجْمُوعِ لَوْ انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيمَا بَقِيَ فَقَطْ وَتَبَيَّنَّا اسْتِقْرَارَ مِلْكِهِ عَلَى قِسْطِ الْمَاضِي وَالْحُكْمُ فِي الزَّكَاةِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْأَصْحَابُ فَلَوْ كَانَ أَخْرَجَ زَكَاةَ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ قَبْلَ الِانْهِدَامِ لَمْ يَرْجِعْ بِمَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا عِنْدَ اسْتِرْجَاعِ قِسْطِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لَزِمَهُ فِي مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ ( فَرْعٌ لِلثَّمَنِ الْمَقْبُوضِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حُكْمُ الْأُجْرَةِ ) فَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الثَّمَنَ قَبْلَ قَبْضِ الْمَبِيعِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ ( بِخِلَافِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ) يَلْزَمُهُ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ بَعْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُسْلَمَ فِيهِ ( إذْ بِقَبْضِهِ يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ ) عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَعَذُّرَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لَا يُوجِبُ انْفِسَاخَ الْعَقْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّعْلِيلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( ثُمَّ لَوْ تَأَخَّرَ الْقَبُولُ فِي الْوَصِيَّةِ ) عَنْ الْمَوْتِ ( حَتَّى حَالَ الْحَوْلُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَمْ يَلْزَمْ أَحَدًا زَكَاتُهَا ) فَلَا يَلْزَمُ الْمُوصِيَ لِخُرُوجِهَا عَنْ مِلْكِهِ وَلَا الْوَارِثَ لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلَا الْمُوصَى لَهُ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ وَفَارَقَ لُزُومُهَا الْمُشْتَرِيَ إذَا تَمَّ الْحَوْلُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَأُجِيزَ الْعَقْدُ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ وَضْعَ الْبَيْعِ عَلَى اللُّزُومِ وَتَمَامِ الصِّيغَةِ وُجِدَ فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ الْمِلْكِ بِخِلَافِهِمَا هُنَا .

( قَوْلُهُ أَوْ فِي الذِّمَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ تَنْبِيهَ إطْلَاقِهِمْ يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ الْمِائَةُ فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَلَمْ أَرَهُ إلَّا فِي فَتَاوَى الْقَاضِي فَقَالَ الظَّاهِرُ وُجُوبُ زَكَاةِ الْجَمِيعِ لِاسْتِقْرَارِهِ بِدَلِيلِ إبْدَالِهَا بِالِانْتِسَاخِ مُنْتَفٍ ( قَوْلُهُ هَذَا إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ ) أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ مِمَّا لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ فِيهِ وَكَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُجْرَةِ ( قَوْلُهُ فَحَصَلَ الْغَلَطُ إلَخْ ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا عَجَّلَ الْمَالِكُ زَكَاةَ كُلِّ سَنَةٍ مِنْ السِّنِينَ الْأَرْبَعِ مِنْ غَيْرِ الْأُجْرَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ قَوْلَهُمْ يُخْرِجُ لِتَمَامِ السَّنَةِ الْأُولَى كَذَا وَلِتَمَامِ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ كَذَا إلَخْ لِأَنَّ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لَوْ لَمْ يُعَجِّلْ .

( بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ ) ( أَدَاؤُهَا ) فِي وَقْتِهَا ( عِنْدَ التَّمَكُّنِ ) مِنْهُ ( وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ ) لِلْأَمْرِ بِهِ مَعَ نِجَازِ حَاجَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ نَعَمْ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ مُوَسَّعٌ بِلَيْلَةِ الْعِيدِ وَيَوْمِهِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَهُ تَفْرِيقُ زَكَاةِ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ) وَهِيَ النَّقْدَانِ وَعَرْضُ التِّجَارَةِ وَالرِّكَازُ ( بِنَفْسِهِ ) وَلَوْ بِوَكِيلِهِ وَأَلْحَقُوا بِزَكَاتِهَا زَكَاةَ الْفِطْرِ وَهِيَ مُرَادُ مَنْ عَدَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ كَالنَّوَوِيِّ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ فَلَمْ يُفْرِدْهَا بِالذِّكْرِ ( وَكَذَا الظَّاهِرَةُ ) وَهِيَ النَّعَمُ وَالْمُعَشَّرُ وَالْمَعْدِنُ ( إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَإِنْ طَلَبَهَا وَجَبَ تَسْلِيمُهَا إلَيْهِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا ) بِذَلِكَ لِلطَّاعَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْبَاطِنَةِ إذْ لَا نَظَرَ لَهُ فِيهَا كَمَا سَيَأْتِي وَالْحَقُّ الْجَائِرُ بِغَيْرِهِ لِنَفَاذِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ انْعِزَالِهِ بِالْجَوْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُقَاتِلُهُمْ ) إنْ امْتَنَعُوا مِنْ تَسْلِيمِهَا إلَيْهِ ( وَإِنْ قَالُوا نُسَلِّمُهَا ) لِلْمُسْتَحِقِّينَ ( بِأَنْفُسِنَا ) لِامْتِنَاعِهِمْ مِنْ بَذْلِ الطَّاعَةِ ( وَالتَّسْلِيمُ فِيهِمَا ) أَيْ فِي الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ ( إلَى الْإِمَامِ أَفْضَلُ ) مِنْ تَسْلِيمِ الْمَالِكِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ ( إنْ كَانَ ) الْإِمَامُ ( عَادِلًا ) فِي الزَّكَاةِ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِالْمُسْتَحَقِّينَ وَأَقْدَرُ عَلَى الِاسْتِيعَابِ وَلِتَيَقُّنِ الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ .
وَلَوْ اجْتَمَعَ الْإِمَامُ وَالسَّاعِي فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فَتَفْرِيقُهُ ) أَيْ الْمَالِكِ ( بِنَفْسِهِ أَفْضَلُ ) مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى وَكِيلِهِ وَإِلَى الْجَائِرِ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ وَفِي شَكٍّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( ثُمَّ ) تَفْرِيقُهُ ( بِوَكِيلِهِ ) أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْجَائِرِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إلَّا فِي الظَّاهِرَةِ فَتَسْلِيمُهَا إلَى

الْإِمَامِ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِ الْمَالِكِ أَوْ وَكِيلِهِ لَهَا ثُمَّ إنْ لَمْ يَطْلُبْهَا الْإِمَامُ فَلِلْمَالِكِ تَأْخِيرُهَا مَا دَامَ يَرْجُو مَجِيءَ السَّاعِي ( فَإِنْ أَيِسَ مِنْ ) مَجِيءِ ( السَّاعِي وَفَرَّقَ بِنَفْسِهِ ثُمَّ طَالَبَهُ السَّاعِي وَجَبَ تَصْدِيقُهُ وَيَحْلِفُ اسْتِحْبَابًا ) إنْ اُتُّهِمَ ( وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ ) فَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِهَا مِنْهُ لِلْإِجْمَاعِ وَلِآيَةِ { إنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ } وَقِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ ( فَإِنْ عَلِمَ بِرَجُلٍ ) أَنَّهُ ( لَا يُؤَدِّيهَا هِيَ أَوْ ) لَا يُؤَدِّي ( كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا ) كَالنَّذْرِ فَتَعْبِيرُهُ بِنَحْوِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالنَّذْرِ ( أَجْبَرَهُ ) عَلَى أَدَائِهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ لَزِمَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ ادْفَعْ بِنَفْسِك أَوْ إلَيَّ لَا فَرْقَ إزَالَةً لِلْمُنْكَرِ ( وَلَا يُمْنَعُ الْوَاجِبَ سَاعٍ طَلَبَ أَكْثَرَ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الْوَاجِبِ خَوْفًا مِنْ مُخَالَفَةِ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلَا تَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ وَالْوَاجِبُ مَفْعُولُ يَمْنَعُ وَسَاعٍ نَائِبُ فَاعِلِهِ .
( فَائِدَةٌ ) الْإِمَامُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ بِالْوِلَايَةِ لَا بِالنِّيَابَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ أَخْذُهَا عَلَى مُطَالَبَةِ الْمُسْتَحِقِّينَ كَذَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَكَلَامُ غَيْرِهِ ظَاهِرٌ أَوْ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ .

بَابُ أَدَاءِ الزَّكَاةِ ) ( قَوْلُهُ أَدَاؤُهَا عِنْدَ التَّمَكُّنِ وَاجِبٌ عَلَى الْفَوْرِ ) لِأَنَّهُ حَقٌّ لَزِمَهُ وَقَدَرَ عَلَى أَدَائِهِ وَدَلَّتْ الْقَرِينَةُ عَلَى طَلَبِهِ وَهِيَ حَاجَةُ الْأَصْنَافِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ انْحَصَرَ الْمُسْتَحِقُّونَ ثُمَّ مَاتُوا عَقِبَ الْحَوْلِ وَوَرَثَتُهُمْ أَغْنِيَاءُ وَعَلِمُوا بِذَلِكَ وَدَلَّ الْحَالُ عَلَى رِضَاهُمْ بِالتَّأْخِيرِ جَازَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ انْتَهَى وَهُوَ ضَعِيفٌ إذْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُمْ الْإِبْرَاءُ وَالِاسْتِبْدَالُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَأَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ لِلْفُقَرَاءِ الْمَحْصُورِينَ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ فِي الزَّكَاةِ تَعَبُّدًا وَاجِبًا لَا يَتَغَيَّرُ بِرِضَا الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ ع وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بِوَكِيلِهِ ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ فَجَازَ التَّوْكِيلُ فِي أَدَائِهِ كَدُيُونِ الْآدَمِيِّينَ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الظَّاهِرُ إلَخْ ) لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِ فَأَشْبَهَتْ الْبَاطِنَةَ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جَائِرًا ) وَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُهَا مِنْك وَأُنْفِقُهَا فِي الْفِسْقِ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَ عَدْلًا فِي الزَّكَاةِ ) وَإِنْ جَارَ فِي غَيْرِهَا ( قَوْلُهُ فَالدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ أَوْلَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ فِعْلِ نَفْسِهِ إلَخْ ) وَلِيَخُصَّ أَقَارِبَهُ وَجِيرَانَهُ وَلِيَنَالَ أَجْرَهَا ( قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ التَّسْلِيمِ إلَى الْجَائِرِ ) لِظُهُورِ خِيَانَتِهِ ( قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ اسْتِحْبَابًا إنْ اُتُّهِمَ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ ادَّعَى دَفْعَهَا إلَى سَاعٍ آخَرَ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ لِأَنَّ يَمِينَهُ لَوْ وَجَبَتْ عِنْدَ مُخَالَفَةِ الظَّاهِرِ لَوَجَبَتْ عِنْدَ مُوَافَقَتِهِ كَالْمُودِعِ ( قَوْلُهُ أَوْ كَفَّارَةً وَنَحْوَهَا ) كَالنَّذْرِ إذَا تَضَيَّقَا ( قَوْلُهُ الْإِمَامُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ بِالْوِلَايَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ ) فِي النِّيَّةِ وَهِيَ رُكْنٌ عَلَى قِيَاسِ مَا فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا فَقَوْلُهُ ( تُشْتَرَطُ ) أَيْ تَجِبُ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ( نِيَّةُ زَكَاةِ الْمَالِ ) وَلَوْ بِدُونِ الْفَرْضِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فَرْضًا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ ( أَوْ ) نِيَّةُ ( صَدَقَةِ الْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ ) وَفِي مَعْنَاهَا مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ نِيَّةُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْمَالِ لِدَلَالَةِ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْمَقْصُودِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ النُّطْقُ ) بِالنِّيَّةِ ( وَلَا يُجْزِئُ ) النُّطْقُ ( وَحْدَهُ ) كَمَا فِي غَيْرِ الزَّكَاةِ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ النُّطْقِ بِالنِّيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا ) تُجْزِئُ ( صَدَقَةُ الْمَالِ فَقَطْ ) لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ نَافِلَةً ( وَلَا فَرْضُ الْمَالِ ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا وَلَا فَرْضُ الصَّدَقَةِ لِشُمُولِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ كَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ .
( وَلَا يَجِبُ تَعْيِينٌ ) لِلْمَالِ الْمُزَكَّى لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِهِ ( فَإِنْ عَيَّنَهُ لَمْ يَنْصَرِفْ ) أَيْ الْمُؤَدَّى ( إلَى غَيْرِهِ ) وَلَوْ بِأَنْ تَالِفًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ الْغَيْرَ ( فَإِنْ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً وَخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَأَخْرَجَ الْفَرْضَ ) يَعْنِي شَاةً ( عَنْ الْأَبْعِرَةِ فَبَانَتْ تَالِفَةً لَمْ يَقَعْ عَنْ الْغَنَمِ وَعِنْدَ عَدَمِ التَّعْيِينِ يَقَعُ ) بِجَعْلِهِ عَنْهَا فِيمَا ذُكِرَ وَيَقَعُ عَنْ أَحَدِهِمَا فِيمَا إذَا بَقِيَتَا وَيُعَيِّنُهُ لِمَا شَاءَ مِنْهُمَا ( وَلَوْ قَالَ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا أَجْزَأَهُ عَنْهُ ) إنْ بَانَ بَاقِيًا ( بِخِلَافِ ) قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي ( إنْ كَانَ مُوَرِّثِي قَدْ مَاتَ ) فَبَانَ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ ( وَالْفَرْقُ عَدَمُ الِاسْتِصْحَابِ ) لِلْمَالِ فِي هَذِهِ إذْ الْأَصْلُ فِيهَا بَقَاءُ الْحَيَاةِ وَعَدَمُ الْإِرْثِ وَفِي تِلْكَ بَقَاءُ الْمَالِ وَنَظِيرِهِ أَنْ يَقُولَ فِي آخِرِ شَهْرِ رَمَضَانَ أَصُومُ غَدًا عَنْ شَهْرِ رَمَضَانَ إنْ كَانَ مِنْهُ فَيَصِحُّ وَلَوْ

قَالَ فِي أَوَّلِهِ أَصُومُ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَصِحَّ .
( فَإِنْ بَانَ ) مَالُهُ الْغَائِبُ ( تَالِفًا لَمْ يَقَعْ ) أَيْ الْمُؤَدَّى ( عَنْ غَيْرِهِ ) لِمَا مَرَّ ( وَلَمْ يَسْتَرِدَّ ) .
( إلَّا إنْ شَرَطَ ) الِاسْتِرْدَادَ كَأَنْ قَالَ هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ بَانَ تَالِفًا اسْتَرْدَدْته ( وَإِذَا قَالَ هَذِهِ ) زَكَاةٌ ( عَنْ ) الْمَالِ ( الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَعَنْ الْحَاضِرِ فَبَانَ تَالِفًا أَجْزَأَتْهُ ) عَنْ الْحَاضِرِ كَمَا تُجْزِئُهُ عَنْ الْغَائِبِ لَوْ بَقِيَ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي عَيْنِ الْمَالِ بَعْدَ الْجَزْمِ بِكَوْنِهِ زَكَاةَ مَالِهِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ دَخَلَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَعَنْ الْفَائِتِ حَيْثُ لَا يُجْزِئُهُ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ إذْ الْأَمْرُ فِيهَا أَضْيَقُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ فِيهَا النِّيَابَةُ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ ) هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ تَالِفًا ( فَعَنْ الْحَاضِرِ أَوْ صَدَقَةٌ ) فَبَانَ تَالِفًا لَا تَجُوزُ عَنْ الْحَاضِرِ ( كَمَا لَا تَجُوزُ ) عَنْ الْغَائِبِ ( هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي ) الْغَائِبِ إنْ كَانَ بَاقِيًا ( أَوْ صَدَقَةٌ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِقَصْدِ الْفَرْضِ ( وَإِنْ قَالَ ) هَذِهِ زَكَاةُ مَالِي الْغَائِبِ ( فَإِنْ كَانَ تَالِفًا فَصَدَقَةٌ ) أَوْ إنْ كَانَ الْغَائِبُ بَاقِيًا فَهَذِهِ زَكَاتُهُ وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ ( فَبَانَ تَالِفًا وَقَعَ صَدَقَةً ) أَوْ بَاقِيًا وَقَعَ زَكَاةً لِأَنَّ هَذِهِ صِفَةُ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْغَائِبِ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهَا حَتَّى لَوْ بَانَ تَالِفًا لَا يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِرْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَهُ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ قَالَ ) هَذِهِ زَكَاةٌ ( عَنْ الْحَاضِرِ أَوْ الْغَائِبِ أَجْزَأَهُ عَنْ وَاحِدٍ ) مِنْهُمَا وَعَلَيْهِ الْإِخْرَاجُ عَنْ الْآخَرِ وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي عَيْنِ الْمَالِ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ ( وَالْمُرَادُ ) بِالْغَائِبِ هُنَا ( الْغَائِبُ ) عَنْ مَجْلِسِ الْمَالِكِ ( فِي الْبَلَدِ أَوْ ) الْغَائِبُ ( عَنْهَا ) فِي بَلَدٍ آخَرَ ( إنْ جَوَّزْنَا النَّقْلَ ) لِلزَّكَاةِ كَأَنْ

يَكُونَ مَالُهُ بِبَلَدٍ لَا مُسْتَحِقَّ فِيهِ وَبَلَدُ الْمَالِكِ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِرٍّ بَلْ سَائِرًا لَا يُعْرَفُ مَكَانُهُ وَلَا سَلَامَتُهُ فَتَبَرَّعَ وَأَخْرَجَ الزَّكَاةَ عَنْهُ أَوْ كَانَ مُسْتَقِرًّا بِبَلَدٍ مَثَلًا وَمَعَ مَالِكِهِ مَالٌ آخَرُ وَهُوَ بِبَادِيَةٍ أَوْ سَفِينَةٍ وَالْبَلَدُ أَقْرَبُ الْبِلَادِ إلَيْهِ فَإِنَّ مَوْضِعَ تَفْرِيقِ الْمَالَيْنِ وَاحِدٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .

( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ كَفَّارَةً وَنَذْرًا ) هَذَا التَّوْجِيهُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ غَيْرُ الزَّكَاةِ فس ( قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَخُصُّ تَصْوِيرَهُ بِزَكَاةِ النَّبَاتِ دُونَ زَكَاةِ الْحَيَوَانِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهَا لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْوَاجِبِ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ كَلَامُ .
الْأَصْلِ يَقْتَضِي خِلَافَهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَدْ عَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَالْمَجْمُوعِ بِالصَّدَقَةِ الْمَفْرُوضَةِ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ نَوَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْفَرْضِيَّةِ فَطَرِيقَانِ أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْمُصَنِّفُ وَالْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ وَجْهًا وَاحِدًا وَالثَّانِي عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُهُ وَالثَّانِي لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنْ قَالَ هَذَا زَكَاةُ مَالِي كَفَاهُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ اسْمٌ لِلْفَرْضِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَالِ وَإِنْ قَالَ زَكَاةٌ فَفِيهِ وَجْهَانِ وَلَمْ يُصَحِّحْ شَيْئًا وَأَصَحُّهُمَا الْإِجْزَاءُ ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ شُرِطَ الِاسْتِرْدَادُ كَأَنْ قَالَ إلَخْ ) قِيَاسُ مَا سَيَأْتِي إنْ عَلِمَ الْمُسْتَحِقُّ كَالتَّصْرِيحِ بِمَا ذُكِرَ إنْ قَارَنَ الْأَخْذَ وَكَذَا إنْ تَجَدَّدَ بَعْدَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَقْرَبِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ .
( قَوْلُهُ لِاعْتِبَارِ التَّعْيِينِ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ ) الْمُرَادُ تَعْيِينُ كَوْنِهَا ظُهْرًا أَوْ عَصْرًا وَأَمَّا تَعْيِينُ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ فَلَيْسَ بِشَرْطٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا أَنْ تَكُونَ الْفَائِتَةُ مُخَالِفَةً لِلْحَاضِرَةِ فَإِنْ اتَّحَدَتَا كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ صَحَّ غ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ هَذِهِ الدَّعْوَى غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ قَوْلَ الرَّافِعِيِّ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ وَإِلَّا فَعَنْ الثَّانِيَةِ يَشْمَلُ الْفَائِتَةَ الْمُوَافَقَةَ لِصَاحِبِ الْوَقْتِ كَظُهْرٍ وَظُهْرٍ وَيَشْمَلُ الْمُخَالِفَةَ وَالتَّعْيِينُ شَرْطٌ فِيهِمَا نَعَمْ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَتَانِ مُتَّفِقَتَانِ فِي يَوْمَيْنِ

كَظُهْرَيْنِ أَوْ عَصْرَيْنِ لَمْ تَجِبْ نِيَّةُ الْقَبْلِيَّةَ أَوْ الْبَعْدِيَّةِ .

( فَرْعٌ صَرْفُ الزَّكَاةِ بِلَا نِيَّةٍ لَا يُجْزِئُ ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَيَضْمَنُ بِذَلِكَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ ) بِصِبًا أَوْ جُنُونٍ أَوْ سَفَهٍ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِوَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ( وَلَوْ دَفَعَ ) الْمُزَكِّي الزَّكَاةَ ( إلَى الْإِمَامِ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ تُجْزِهِ نِيَّةُ الْإِمَامِ ) عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ دَفَعَهَا الْمُزَكِّي إلَيْهِمْ بِلَا نِيَّةٍ لَمْ تُجْزِهِ فَكَذَا نَائِبُهُمْ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا فِي الْأُمِّ مِنْ أَنَّهُ يُجْزِئُهُ طَائِعًا كَانَ أَوْ مُكْرَهًا أَوَّلُهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا وَفِيهِ نَظَرٌ ( كَالْوَكِيلِ ) فَإِنَّهُ لَا تُجْزِئُ نِيَّتُهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ حَيْثُ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ كَمَا لَوْ دَفَعَهَا إلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بِنَفْسِهِ ( فَإِنْ امْتَنَعَ ) مِنْ دَفْعِهَا ( فَأَخَذَهَا ) مِنْهُ ( الْإِمَامُ قَهْرًا وَنَوَى عَنْهُ أَجْزَأَهُ ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ فِي النِّيَّةِ كَمَا فِي التَّفْرِقَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ عَنْهُ ( فَلَا ) تُجْزِئُهُ لِعَدَمِ النِّيَّةِ ( وَأَثِمَ الْإِمَامُ ) بِتَرْكِهِ لَهَا لِأَنَّهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْوَلِيِّ وَالْمُمْتَنِعُ مَقْهُورٌ كَالْمَحْجُورِ عَلَيْهِ .
وَيَجِبُ رَدُّ الْمَأْخُوذِ أَوْ بَدَلُهُ وَالزَّكَاةُ بِحَالِهَا عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ نِيَّتِهِ عِنْدَ الْأَخْذِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي لَا عِنْدَ الصَّرْفِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا بَحَثَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ ( وَلَا يَأْخُذُ الْإِمَامُ مَعَهَا ) أَيْ مَعَ الزَّكَاةِ ( شَيْئًا مِنْ مَالِ الْمُمْتَنِعِ ) لِأَنَّهَا الْوَاجِبَةُ فَقَطْ وَأَمَّا خَبَرُ مَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ مَالِهِ فَضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَهُ النَّوَوِيُّ ( وَلَوْ نَوَى ) الْمَالِكُ ( عِنْدَ عَزْلِهَا أَوْ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ وَفُرِّقَتْ ) عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ ( بِلَا نِيَّةٍ ) عِنْدَ التَّفْرِقَةِ (

أَجْزَأَهُ ) لِوُجُودِهَا مِنْ الْمُخَاطَبِ بِالزَّكَاةِ مُقَارَنَةً لِفِعْلِهِ وَكَمَا لَوْ قَارَنَتْ الْإِعْطَاءَ إلَى الْإِمَامِ وَلَا يَضُرُّ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّفْرِقَةِ كَالصَّوْمِ لِعُسْرِ الِاقْتِرَانِ بِأَدَاءِ كُلِّ مُسْتَحِقٍّ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الزَّكَاةِ سَدَّ حَاجَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ بِهَا .
وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عِنْدَ عَزْلِهَا يُرَدُّ عَلَيْهِ مَا لَوْ نَوَى بَعْدَهُ وَقَبْلَ التَّفْرِقَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَإِنْ لَمْ تُقَارِنْ النِّيَّةُ أَحَدَهُمَا كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ فِي الْكَلَامِ فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَى الْوَكِيلِ بِلَا نِيَّةٍ وَقَالَ فِيهِ عَنْ زِيَادَةِ الْعَبَّادِيِّ إنَّهُ لَوْ دَفَعَ مَالًا إلَى وَكِيلِهِ لِيُفَرِّقَهُ تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ إذَا كَانَ الْقَابِضُ مُسْتَحِقًّا ( وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ ) فِي الْأَدَاءِ إذَا كَانَ أَهْلًا لَهَا لِإِقَامَتِهِ إيَّاهُ مَقَامَ نَفْسِهِ فِيهَا بِخِلَافِ مَنْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لَهَا وَمِنْهُ الْكَافِرُ وَالصَّبِيُّ مَعَ أَنَّهُ يَصِحُّ تَوْكِيلُهُمَا فِي أَدَائِهَا لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِيهِ تَعْيِينُ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَتَتَعَيَّنُ نِيَّةُ الْوَكِيلِ إذَا وَقَعَ الْفَرْضُ بِمَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ مُوَكِّلُهُ أَدِّ زَكَاتِي مِنْ مَالِكِ لِيَنْصَرِفَ فِعْلُهُ عَنْهُ كَمَا فِي الْحَجِّ نِيَابَةً فَلَا تَكْفِي نِيَّةُ الْمُوَكِّلِ ( وَنِيَّتُهُمَا مَعًا أَكْمَلُ ) مِنْ نِيَّةِ أَحَدِهِمَا ( وَمَنْ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ ) وَلَوْ ( بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَلَمْ يَنْوِ الزَّكَاةَ لَمْ تَسْقُطْ زَكَاتُهُ ) كَمَا لَوْ وَهَبَهُ أَوْ أَتْلَفَهُ وَكَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ صَلَاةُ فَرْضٍ فَصَلَّى مِائَةَ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ لَا تُجْزِئُهُ عَنْ فَرْضِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( قَوْلُهُ لِمُخَالَفَتِهِ الْوَاجِبَ ) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ النِّيَّةُ إذَا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْ الْمَالِكِ فَقَامَ بِهِ وَلِيُّهُ كَالْإِخْرَاجِ وَالسَّفِيهُ مُلْحَقٌ بِهِمَا فِي النِّيَّةِ عَنْهُ ( قَوْلُهُ حَيْثُ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ ) إذَا وَكَّلَهُ فِي تَفْرِقَةِ الزَّكَاةِ أَوْ فِي إهْدَاءِ الْهَدْيِ فَقَالَ زَكِّ لِي هَذَا الْمَالَ أَوْ أَهْدِ لِي هَذَا الْهَدْيَ فَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى تَوْكِيلِهِ فِي النِّيَّةِ قَالَ الْحَوَارِيُّ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بَلْ يُزَكِّي وَيُهْدِي وَيَنْوِي لِأَنَّ قَوْلَهُ زَكِّ أَهْدِ يَقْتَضِي التَّوْكِيلَ فِي النِّيَّةِ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُقْتَضَى مَا فِي الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِغَيْرِهِ أَدِّ عَنِّي فِطْرَتِي فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ ( قَوْلُهُ وَنَوَى أَجْزَأَهُ ) سَمَّيَا عِنْدَ أَخْذِهَا أَوْ عِنْدَ تَفْرِقَتِهَا ( قَوْلُهُ ظَاهِرًا وَ بَاطِنًا إلَخْ ) بِخِلَافِ الْمَجْنُونَةِ أَوْ الْمُمْتَنِعَةِ إذَا غَسَّلَهَا زَوْجَهَا وَنَوَى لَا يُجْزِئُهَا بَاطِنًا عَلَى الصَّحِيحِ بَلْ تَجِبُ عَلَيْهَا الْإِعَادَةُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفُقَرَاءَ شُرَكَاءُ وَقَدْ وَصَلُوا إلَى حَقِّهِمْ وَحَصَلَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِ الزَّكَاةِ وَهُوَ إغْنَاءُ الْفَقِيرِ وَأَمَّا الطَّهَارَةُ فَعِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ خ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الْقَمُولِيُّ ) الْقِيَاسُ إجْزَاءُ نِيَّتِهِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا .
( قَوْلُهُ وَلَوْ نَوَى عِنْدَ عَزْلِهَا إلَخْ ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ تَقْدِيمُ النِّيَّةِ عِنْدَ إقْرَارِ الزَّكَاةِ أَوْ مَعَهُ أَوْ عِنْدَ إعْطَائِهَا الْوَكِيلَ أَوْ عِنْدَ تَفْرِيقِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ تَصَدَّقْ بِهَذَا تَطَوُّعًا ثُمَّ نَوَى بِهِ الْفَرْضَ ثُمَّ فَرَّقَهُ الْوَكِيلُ أَوْ قَالَ بِعْ هَذَا وَاصْرِفْ ثَمَنَهُ عَنْ زَكَاتِي وَنَوَى بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الثَّمَنَ لَا قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ وَلَهُ تَفْوِيضُ النِّيَّةِ إلَى وَكِيلِهِ إلَخْ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ زَكِّ هَذَا الْمَالَ أَوْ أَدِّ زَكَاتِي أَوْ فِطْرَتِي وَلَوْ دَفَعَ ثَوْبًا إلَى وَكِيلِهِ لِيَبِيعَهُ وَيَصْرِفَهُ فِي

زَكَاتِهِ وَنَوَى عِنْدَ دَفْعِ الثَّوْبِ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَوَى بَعْدَ حُصُولِ الثَّمَنِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ جَازَ لِأَنَّا وَإِنْ جَوَّزْنَا تَقْدِيمَ النِّيَّةِ فَإِنَّمَا نُجَوِّزُهَا فِي وَقْتٍ يَقْبَلُ ذَلِكَ الْمَالَ أَنْ يَكُونَ زَكَاةً قَالَ الْقَفَّالُ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ يَعْنِي فِي الْحَالَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ وُجُودِ النِّيَّةِ فِي مَالٍ مُعَيَّنٍ وَيَعْلَمُ مَا يَصْرِفُهُ فِي الزَّكَاةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ زَكَاةً فَأَمَرَ وَكِيلَهُ بِأَدَائِهَا وَنَوَى عِنْدَ أَمَرَهُ بِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ رُبَّمَا يُحَصِّلُهَا بِبَيْعِ مَتَاعٍ أَوْ اسْتِقْرَاضٍ لِدَرَاهِمَ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ زَكَاةً فَقَالَ لِآخَرَ أَخْرِجْهَا إلَى الْفُقَرَاءِ جَازَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَلَوْ قَالَ أَقْرِضْنِي خَمْسَةً وَأَدِّهَا عَنِّي زَكَاةً جَازَ انْتَهَى وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِينَ يُنَازِعُ فِي أَكْثَرِ مَا ذَكَرَهُ .

( فَصْلٌ وَيَبْعَثُ الْإِمَامُ ) وُجُوبًا لِأَخْذِ الزَّكَوَاتِ ( السُّعَاةَ ) وَهُمْ عُمَّالُهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ السَّعْيِ فِي إيصَالِ الْحُقُوقِ إلَى أَهْلِهَا وَلِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ لَا يَعْرِفُونَ الْخُرُوجَ عَنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ فَإِنْ عَلِمَ مِنْهُمْ أَنَّهُمْ يُؤَدُّونَهَا بِأَنْفُسِهِمْ لَمْ يَجِبْ الْبَعْثُ وَيُنْدَبُ أَنْ يَبْعَثَهُمْ ( عِنْدَ إدْرَاكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ ) بِحَيْثُ يَصِلُونَ أَرْبَابَهَا وَقْتَ الْجِدَادِ وَالْحَصَادِ وَلَوْ اعْتَبَرُوا فِي الْحُبُوبِ وُصُولَهُمْ عِنْدَ تَنْقِيَتِهَا كَانَ أَقْرَبَ إذْ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ إلَّا حِينَئِذٍ وَالثِّمَارُ وَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ الْأَدَاءُ فِيهَا إلَّا حِينَ جَفَافِهَا لَكِنَّهَا تَحْتَاجُ إلَى خَرْصٍ غَالِبًا حِينَ إدْرَاكِهَا فَنَاسَبَ اعْتِبَارَ الْوُصُولِ حِينَئِذٍ ( وَيُسْتَحَبُّ لِلسَّاعِي أَنْ يُعَيِّنَ لِلْحَوْلِيِّ شَهْرًا ) يَأْتِيهِمْ فِيهِ لِأَخْذِ الزَّكَاةِ ( وَالْمُحَرَّمُ أَوْلَى ) صَيْفًا كَانَ أَوْ شِتَاءً لِقَوْلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ هَذَا شَهْرُ زَكَاتِكُمْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ ( وَ ) أَنْ ( يُخْرِجَ قَبْلَهُ لِيَحْضُرَ فِي أَوَّلِهِ فَمَنْ تَمَّ فِيهِ حَوْلُهُ أَدَّاهَا وَإِلَّا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّعْجِيلُ فَإِنْ كَرِهَ ) التَّعْجِيلَ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ( أَمْهَلَهُ إلَى قَابِلٍ أَوْ نَوَّبَ ) بِمَعْنَى أَنَابَ ( مَنْ يُطَالِبُهُ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ إنْ أَمِنَهُ وَ ) أَنْ ( يَأْمُرَهُمْ ) أَيْ الْمُزَكِّينَ ( بِجَمْعِ الْمَاشِيَةِ عَلَى الْمَاءِ ) إنْ كَانَتْ تَرِدُهُ فَيَأْخُذَ زَكَاتَهَا عِنْدَهُ وَلَا يُكَلِّفُهُمْ رَدَّهَا إلَى الْبَلَدِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَتَبَّعَ الْمَرَاعِيَ وَبِهَذَا فُسِّرَ خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ { لَا جَلْبَ وَلَا جَنَبَ } أَيْ لَا تُكَلِّفُوهُمْ أَنْ يَجْلِبُوهَا مِنْ الْمَرْعَى إلَى الْبَلَدِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُجَنِّبُوهَا السَّاعِيَ أَيْ يُكَلِّفُوهُ بِأَنْ يُجَنِّبَهَا مَعَهُ مِنْ الْمَرْعَى فَيَشُقُّوا عَلَيْهِ .
قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا

يَلْزَمُهُمْ أَنْ يَحْمِلُوهَا إلَى الْأَئِمَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ دُونَ التَّسْلِيمِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُزَكِّي مَا إنْ أُمِرَ بِجَمْعِهَا عِنْدَ أَحَدِهِمَا وَالْخِيَرَةُ فِي تَعْيِينِهِ لَهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( فَإِنْ لَمْ تَرِدْهُ ) كَأَنْ اكْتَفَتْ بِالْكَلَأِ فِي وَقْتِ الرَّبِيعِ ( فَفِي بُيُوتِ أَهْلِهَا ) وَأَفْنِيَتِهِمْ يَأْخُذُ زَكَاتَهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمُقْتَضَاهُ تَجْوِيزُ تَكْلِيفِهِمْ الرَّدَّ إلَى الْأَفْنِيَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَحَامِلِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَيُسْتَحَبُّ جَمْعُهَا فِي ) مَضِيقٍ نَحْوِ ( حَظِيرَةٍ وَعَدُّهَا بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ ) أَوْ نَائِبِهِ إنْ لَمْ يَثِقْ السَّاعِي بِقَوْلِهِ ( وَ ) أَنْ ( يُخْرِجَهَا ) مِنْ مَحَلَّهَا بَعْدَ اجْتِمَاعِهَا ( وَاحِدَةً وَاحِدَةً ) لِيَسْهُلَ عَدُّهَا وَأَنْ يَقِفَ مِنْ جَانِبٍ وَالسَّاعِي مِنْ جَانِبٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَ ) أَنْ ( يُشِيرَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( إلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ عَدَّهَا بِقَضِيبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ يَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهَا ) فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْغَلَطِ .
وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْوَاجِبِ ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَدَدِ ( أَعَادَا الْعَدَدَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ الْعَدَّ ( وَيَكْفِي ) فِي الْعَدِّ ( خَبَرُ الْمَالِكِ ) أَوْ نَائِبِهِ ( الثِّقَةِ وَيُسْتَحَبُّ لِلْفَقِيرِ ) الْأَوْلَى لِلْمُسْتَحِقِّ ( وَالسَّاعِي الدُّعَاءُ لِلْمَالِكِ عِنْدَ الْأَخْذِ ) تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْخَيْرِ وَتَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ وَقَالَ تَعَالَى { وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } أَيْ اُدْعُ لَهُمْ ( وَلَا يَتَعَيَّنُ دُعَاءٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ ) مَا اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ ( آجَرَك اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْت وَجَعَلَهُ لَك طَهُورًا وَبَارَكَ لَك فِيمَا أَبْقَيْت ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَفَعَ زَكَاةً أَوْ صَدَقَةً أَوْ نَذْرًا أَوْ كَفَّارَةً أَوْ نَحْوَهَا أَنْ يَقُولَ رَبَّنَا تَقَبَّلَ مِنَّا إنَّك أَنْت السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِذَلِكَ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَامْرَأَةِ عِمْرَانَ (

وَيُكْرَهُ أَنْ يُصَلَّى ) بِفَتْحِ اللَّامِ ( عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ شِعَارُ أَهْلِ الْبِدَعِ وَقَدْ نُهِينَا عَنْ شِعَارِهِمْ وَالْمَكْرُوهُ مَا وَرَدَ فِيهِ نَهْيٌ مَقْصُودٌ ( إلَّا تَبَعًا لَهُمْ ) فَلَا يُكْرَهُ عَلَى غَيْرِهِمْ ( كَالْآلِ ) فَيُقَالُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَتْبَاعِهِ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يُمْنَعُوا مِنْهُ وَقَدْ أُمِرْنَا بِهِ فِي التَّشَهُّدِ وَغَيْرِهِ وَذِكْرُ الْمَلَائِكَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَهُمْ ) أَيْ الْآلُ ( بَنُو هَاشِمٍ وَ ) بَنُو ( الْمُطَّلِبِ ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي الصَّدَقَةِ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لِآلِ مُحَمَّدٍ .
وَاَلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ مِنْ أَقَارِبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ ذَكَرٍ دُونَ غَيْرِهِمْ وَهَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ( وَكَذَا ) لَا تُكْرَهُ تَبَعًا ( عَلَى غَيْرِهِمْ ) أَيْ غَيْرِ الْآلِ مِنْ الْأَصْحَابِ وَالْأَزْوَاجِ وَنَحْوِهِمَا وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِعِلْمِهِ مِنْ الْكَافِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْآلِ وَبِالْجُمْلَةِ لَا يُقَالُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَالْأَصْحَابِ وَنَحْوِهِمَا وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا صَارَتْ مُخْتَصَّةً بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ ( كَمَا لَا يُقَالُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى ) وَإِنْ صَحَّ الْمَعْنَى فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ صَارَ مُخْتَصًّا بِهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ مَنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ عَلَى الْأَشْهَرِ مِنْ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِنَبِيَّيْنِ فَفِي الْأَذْكَارِ لِلنَّوَوِيِّ مَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إفْرَادُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا يَرْتَفِعَانِ عَنْ حَالِ مَنْ يُقَالُ فِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَزِيزِ مِمَّا يَرْفَعُهُمَا هَذَا كُلُّهُ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْمَلَائِكَةِ أَمَّا مِنْهُمَا فَلَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا حَقُّهُمَا فَلَهُمَا الْإِنْعَامُ بِهَا عَلَى غَيْرِهِمَا وَقَدْ صَحَّ أَنَّ

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى .
( وَالسَّلَامُ كَالصَّلَاةِ ) فِيمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَرَنَ بَيْنَهُمَا ( لَكِنْ الْمُخَاطَبَةُ بِهِ مُسْتَحَبَّةٌ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ ) مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ابْتِدَاءً وَوَاجِبَةٌ جَوَابًا كَمَا سَيَأْتِي فِي مَحَلِّهِ وَمَا يَقَعُ مِنْهُ غَيْبَةً فِي الْمُرَاسَلَاتِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ مَا يَقَعُ خِطَابًا وَيُسْتَحَبُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَحْيَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ .

( قَوْلُهُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِمْ التَّمْكِينُ إلَخْ ) إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ مُتَوَحِّشَةً وَكَانَ فِي أَخْذِهَا وَإِمْسَاكِهَا مَشَقَّةٌ كَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَأْخُذَ السِّنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَيُسَلِّمَهُ إلَى السَّاعِي فَإِنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ إمْسَاكُهَا إلَّا بِعِقَالٍ كَانَ عَلَى الْمَالِكِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا حَمَلُوا قَوْلَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا لِأَنَّ الْعِقَالَ هَا هُنَا مِنْ تَمَامِ التَّسْلِيمِ وَقِيلَ الْعِقَالُ هُوَ صَدَقَةُ عَامٍ قَوْلُهُ آجَرَك اللَّهُ ) فِي آجَرَك اللَّهُ لُغَتَانِ الْقَصْرُ وَالْمَدُّ ( قَوْلُهُ وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ وَالْمُطَّلِبِ إلَخْ ) هَلْ يُقَالُ بَنَاتُ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطَّلِبِ يَعُدُّونَ آلَهُ وَهَلْ تُنْسَبُ بَنَاتُ بَنَاتِهِ إلَيْهِ كَمَا تُنْسَبُ الذُّكُورُ أَمْ لَا ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ إلَخْ ) { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسَمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى وَهُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ بَيْنَهُمْ تَارِكًا مِنْهُ غَيْرَهُمْ مِنْ بَنِي عَمَّيْهِمْ نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ مَعَ سُؤَالِهِمْ لَهُ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ { وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أُحِلُّ لَكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ مِنْ الصَّدَقَاتِ شَيْئًا وَلَا غُسَالَةَ الْأَيْدِي إنَّ لَكُمْ فِي خُمُسِ الْخُمُسِ مَا يَكْفِيكُمْ أَوْ يُغْنِيكُمْ } رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ .

( بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ ) ( وَشَرْطُهُ فِي ) الْمَالِ ( الْحَوْلِيِّ انْعِقَادُ الْحَوْلِ وَشَرْطُ انْعِقَادِهِ النِّصَابُ فِي السَّائِمَةِ وَالنَّقْدَيْنِ لَا فِي عُرُوضِ التِّجَارَةِ فَإِنْ عَجَّلَ عَنْ مَعْلُوفَةِ سَيُسَمِّيهَا أَوْ دُونَ نِصَابٍ مِنْ سَائِمَةٍ ) أَوْ نَقْدٍ ( لَمْ يَجُزْ ) إذْ لَمْ يُوجَدْ سَبَبُ الْوُجُوبِ لِعَدَمِ انْعِقَادِ الْحَوْلِ فَأَشْبَهَ أَدَاءَ الثَّمَنِ قَبْلَ الْبَيْعِ وَالدِّيَةَ قَبْلَ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا انْعَقَدَ الْحَوْلُ وَوُجِدَ النِّصَابُ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْخَصَ فِي التَّعْجِيلِ لِلْعَبَّاسِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَلِأَنَّ الْحَقَّ الْمَالِيَّ إذَا تَعَلَّقَ بِسَبَبَيْنِ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا كَتَقْدِيمِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحِنْثِ وَاسْتُثْنِيَ الْوَلِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ ( أَوْ ) عَجَّلَ ( عَنْ عَرْضِ التِّجَارَةِ ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ عَجَّلَ زَكَاةَ عِشْرِينَ وَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ عِنْدَ الْحَوْلِ عِشْرِينَ ( جَازَ ) وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ لِانْعِقَادِ حَوْلِهِ ( فَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِعَامَيْنِ ) فَأَكْثَرَ ( أَجْزَأَهُ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ الْإِجْزَاءُ عَنْهُ مُطْلَقًا .
قَالَ الْإِسْنَوِيُّ كَالسُّبْكِيِّ وَهُوَ مُسْلَمٌ إنْ مَيَّزَ حِصَّةَ كُلِّ عَامٍ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْإِجْزَاءِ لِأَنَّ الْمُجْزِئَ عَنْ خَمْسِينَ شَاةً مَثَلًا إنَّمَا هُوَ شَاةٌ مُعَيَّنَةٌ لَا شَائِعَةٌ وَلَا مُبْهَمَةٌ وَأَيَّدَهُ غَيْرُهُمَا بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مَنْ عَلَيْهِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ عَشَرَةً وَنَوَى بِهَا الزَّكَاةَ وَالتَّطَوُّعَ وَقَعَ الْكُلُّ تَطَوُّعًا أَمَّا مَا عَدَا الْعَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يُجْزِئُ التَّعْجِيلُ عَنْهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ مِنْهُمْ مُعْظَمُ الْعِرَاقِيِّينَ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَحَمَلُوا تَسَلُّفَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ عَلَى تَسَلُّفِهَا فِي عَامَيْنِ كَذَا فِي

الْأَصْلِ وَتَعَقَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْعِرَاقِيِّينَ وَجُمْهُورَ الخُرَاسانِييِّنَ إلَّا الْبَغَوِيّ عَلَى الْإِجْزَاءِ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ وَأَنَّ الرَّافِعِيَّ قَدْ حَصَلَ لَهُ فِي ذَلِكَ انْعِكَاسٌ فِي النَّقْلِ حَالَةَ التَّصْنِيفِ قَالَ وَلَمْ أَظْفَرْ بِأَحَدٍ صَحَّحَ الْمَنْعَ إلَّا الْبَغَوِيّ بَعْدَ الْفَحْصِ الْبَلِيغِ وَالتَّتَبُّعِ الشَّدِيدِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ ( وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فَعَجَّلَ لِنِصَابَيْنِ لِتَوَقُّعِ تَمَامِ النِّصَابِ الثَّانِي ) وَلَوْ ( بِنِتَاجٍ ) كَأَنْ مَلَكَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ فَعَجَّلَ شَاتَيْنِ فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ عَشْرًا ( لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيمِ زَكَاةِ الْعَيْنِ عَلَى النِّصَابِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَتَيْنِ ( بِخِلَافِ رِبْحِ التِّجَارَةِ ) كَأَنْ اشْتَرَى لَهَا عَرْضًا بِمِائَتَيْنِ وَعَجَّلَ زَكَاةَ أَرْبَعِمِائَةٍ فَحَالَ الْحَوْلُ وَهُوَ يُسَاوِي أَرْبَعَمِائَةٍ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ فِي إخْرَاجِ زَكَاةِ التِّجَارَةِ بِآخِرِ الْحَوْلِ ( وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ الْأُمَّهَاتِ ) كَأَنْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَوَلَدَتْ أَرْبَعِينَ ( فَتَمَاوَتَتْ لَمْ تَقَعْ عَنْ السِّخَالِ ) لِأَنَّهُ عَجَّلَ الزَّكَاةَ عَنْ غَيْرِهَا فَلَا تُجْزِئُهُ عَنْهَا ( وَيَجُوزُ التَّعْجِيلُ فِي الزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ ) إنْ ظَنَّ حُصُولَ نِصَابٍ مِنْهُمَا ( بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) فِي الثِّمَارِ ( وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ ) فِي الزُّرُوعِ لِأَنَّ الْوُجُوبَ قَدْ ثَبَتَ إلَّا أَنَّ الْإِخْرَاجَ لَا يَجِبُ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ التَّعْجِيلُ لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ مَا تُمْكِنُ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ تَحْقِيقًا وَلَا ظَنًّا فَصَارَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الزَّكَاةَ قَبْلَ خُرُوجِ الثِّمَارِ وَانْعِقَادِ الْحَبِّ وَلِأَنَّ وُجُوبَهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَهُوَ إدْرَاكُ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ فَيَمْتَنِعُ التَّقْدِيمُ عَلَيْهِ ( وَ ) يَجُوزُ تَعْجِيلُهَا ( فِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ ) شَهْرِ ( رَمَضَانَ ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ

بِسَبَبَيْنِ رَمَضَانَ وَالْفِطْرِ مِنْهُ وَقَدْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ دُونَ تَقْدِيمِهَا عَلَيْهِمَا مَعًا كَزَكَاةِ الْمَالِ وَرَوَى مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُؤَدِّيهَا قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ .

( بَابُ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ ) لَوْ نَذَرَ تَعْجِيلَهَا فَفِي انْعِقَادِ نَذْرِهِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ وَجْهَانِ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ النَّذْرِ مِنْ زِيَادَتِهِ الْمَنْعَ ( قَوْلُهُ وَالدِّيَةُ قَبْلَ الْقَتْلِ ) وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الْيَمِينِ ( قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ التَّعْجِيلُ عَنْ مُوَلِّيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَالسُّبْكِيِّ ) أَيْ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُسَلَّمٌ إنْ مَيَّزَ إلَخْ ) كَلَامُ الْأَصْحَابِ كَالصَّرِيحِ فِي الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْبَحْرِ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ { وَتَسَلُّفُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ عَامَيْنِ } ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَأَجَابَ الْبَيْهَقِيُّ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ تَسَلُّفُ صَدَقَةِ عَامَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ صَدَقَةِ مَالَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَوْلٌ مُفْرَدٌ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْ النَّصِّ ) وَعَلَيْهِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَنْوِيَ تَقْدِيمَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِيهَا وَجْهَانِ كَالْوَجْهَيْنِ فِي تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي الْجَمْعِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ قَالَ النَّاشِرِيُّ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَتَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْأُولَى فِي وَقْتِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ نَظِيرُ مَسْأَلَتِنَا ( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ .
( قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الثَّانِي ) مِثْلُهُ مَا لَوْ مَلَكَ مِائَةً وَعِشْرِينَ شَاةً فَعَجَّلَ مِنْهَا شَاتَيْنِ ثُمَّ عَدِمَتْ سَخْلَةٌ قَبْلَ الْحَوْلِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْفِطْرَةِ بِدُخُولِ رَمَضَانَ ) لَوْ أَدَّى زَكَاةَ الْفِطْرِ عَنْ عَبْدِهِ قَبْلَ الْغُرُوبِ ثُمَّ بَاعَهُ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَدَاءُ زَكَاةِ الْفِطْرِ عَنْهُ وَلَوْ مَاتَ الْمُخْرِجُ فَانْتَقَلَ الْعَبْدُ إلَى وَارِثِهِ الْمُعَيَّنِ هَلْ عَلَيْهِ إخْرَاجُ الْفِطْرَةِ عَنْهُ فِيهِ قَوْلَانِ مُخَرَّجَانِ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَقَدْ نَصَّ فِي زَكَاةِ الْمَالِ إذَا عَجَّلَهَا ثُمَّ

مَاتَ أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ وَرَثَتِهِ انْتَهَى سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا يُخَالِفُهُ ( قَوْلُهُ فَجَازَ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْآخَرِ ) وَلِأَنَّ تَقْدِيمَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ جَائِزٌ بِاتِّفَاقِ الْمُخَالِفِ فَأُلْحِقَ الْبَاقِي بِهِ قِيَاسًا بِجَامِعِ إخْرَاجِهَا فِي جُزْءٍ مِنْهُ .

( فَرْعٌ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ قَبْلَ يَمِينٍ وَقَتْلٍ وَظِهَارٍ وَجِمَاعٍ ) مِنْ مُحْرِمٍ أَوْ صَائِمٍ فِي رَمَضَانَ فَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِجِمَاعٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَعَطَفَ الْأَصْلُ عَلَى الْكَفَّارَةِ جَزَاءَ الصَّيْدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ أَدْخَلَهُ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لَكِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى كَفَّارَةِ قَتْلِهِ ( وَلَا ) تُقَدَّمُ ( فِدْيَةُ هَرَمٍ وَحَامِلٍ وَمَرَضٍ قَبْلَ رَمَضَانَ ) وَكَالْهَرَمِ مَنْ اشْتَدَّتْ مَشَقَّةُ الصَّوْمِ عَلَيْهِ وَالْمَرِيضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعُ أَمَّا تَقْدِيمُهَا فِي رَمَضَانَ فَسَيَأْتِي فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّوْمِ ( وَلَا ) تَقْدِيمَ ( أُضْحِيَّةٌ وَمَنْذُورَةٌ ) كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ ( وَزَكَاةُ مَعْدِنٍ وَرِكَازٌ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ ) فِي الْأُضْحِيَّةِ ( وَوُجُودُ الشَّرْطِ ) فِي الْمَنْذُورَةِ ( وَالْحُصُولُ ) لِلْمَقْصُودِ فِي الْأَخِيرَيْنِ وَلَا تَقْدِيمُ دَمِ التَّمَتُّعِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا دَمِ الْقِرَانِ قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالنُّسُكَيْنِ وَلَا دَمِ الْفَوَاتِ عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْقَضَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إجْزَاءِ التَّقْدِيمِ فِي الْمَنْذُورِ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ فِي كَلَامِ الْأَصْلِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَعْدِنِ مَحَلُّهُ فِي الْمَوَاتِ فَلَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ بِأَنْ أَحْيَا أَرْضًا فَظَهَرَ فِيهَا مَعْدِنٌ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ تَبَعًا لَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ فِي أَبْوَابِهَا .
( قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ مِنْ عَدَمِ إلَخْ ) يُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ هُنَا عَلَى الْعِبَادَةِ الْبَدَنِيَّةِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْإِيمَانِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَ فِي الْإِيمَانِ عَكْسَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ شَرْطُ وُقُوعِ الْمُعَجَّلِ ) فِي الْحَوْلِيِّ ( زَكَاةُ بَقَاءِ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ أَهْلًا ) لِاسْتِحْقَاقِهَا فِي الْأَوَّلِ وَلِوُجُوبِهَا فِي الثَّانِي ( إلَى ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ فَإِنْ مَاتَ الْقَابِضُ قَبْلَهُ ) أَوْ ارْتَدَّ ( أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ ) أَيْ غَيْرِ الْمُعَجَّلِ كَزَكَاةٍ أُخْرَى وَاجِبَةٍ أَوْ مُعَجَّلَةٍ أَخَذَهَا بَعْدَ الْأُولَى ( أَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ بَاعَهُ ) الْمَالِكُ وَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ وَالْأَوْلَى أَوْ زَالَ عَنْ مِلْكِهِ ( لَمْ يُجْزِهِ ) لِخُرُوجِهِ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ عِنْدَ الْوُجُوبِ ( وَإِنْ عَرَضَ مَانِعٌ فِي الْقَابِضِ ثُمَّ زَالَ قَبْلَ الْحَوْلِ لَمْ يَضُرَّ ) لِلْأَهْلِيَّةِ فِي الطَّرَفَيْنِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ اسْتِحْقَاقَهُ أَوْ حَيَاتَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِيُّ وَغَيْرُهُ أَمَّا الْمَالِكُ فَلَا يَأْتِي فِيهِ حُكْمُ الْعُرُوضِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا رِدَّتُهُ فَلَا تُؤَثِّرُ فِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهَا إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ كَمَا مَرَّ ( وَلَا يَضُرُّ غِنَاهُ بِذَلِكَ الْمُعَجَّلِ وَلَا غَيْرِهِ ) أَيْ وَلَا بِغَيْرِهِ ( مَعَهُ ) كَأَنْ تَاجَرَ فِيهِ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ ( وَلَوْ مَاتَ الْمُعَجِّلُ ) لِزَكَاتِهِ ( لَمْ يَقَعْ ) مَا عَجَّلَهُ ( عَنْ ) زَكَاةِ ( وَارِثِهِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَبْنِي عَلَى حَوْلِهِ كَمَا مَرَّ فَهُوَ تَعْجِيلٌ قَبْلَ مِلْكِ النِّصَابِ وَكَزَكَاةِ الْحَوْلِيِّ فِيمَا ذُكِرَ زَكَاةُ الْفِطْرِ .

( قَوْلُهُ بَقَاءُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يَبْقَى الْمَالُ وَأَهْلِيَّةُ الْقَابِضِ وَالْمَالِكِ وَصِفَةُ الْمَدْفُوعِ وَلَكِنْ تَجِبُ الزَّكَاةُ لِمَوْضِعٍ آخَرَ وَلِأَهْلِهِ لِحُصُولِ الْمَالِ بِهِ عِنْدَ الْحَوْلِ كَأَمْوَالِ التُّجَّارِ وَأَهْلِ الْأَسْفَارِ الَّذِينَ لَا تُقِرُّهُمْ دَارٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ انْتَهَى هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ لِإِخْرَاجِ زَكَاةِ مَالِهِ الْمَذْكُورِ فَلَا تَعَلُّقَ لِمُسْتَحِقِّي الْبَلَدِ الْمَذْكُورَةِ بِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ اسْتَغْنَى بِمَالٍ آخَرَ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَتُتَصَوَّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا تَلِفَتْ الْمُعَجَّلَةُ ثُمَّ حَصَلَ غِنَاهُ مِنْ زَكَاةٍ أُخْرَى وَنَمَتْ فِي يَدِهِ بِقَدْرِ مَا يُوفِي مِنْهَا بَدَلَ التَّالِفِ وَيَبْقَى غِنَاهُ وَبِمَا إذَا كَانَ حَالَ قَبْضِهِمَا مُحْتَاجًا إلَيْهِمَا ثُمَّ تَغَيَّرَ حَالُهُ فَصَارَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ يَكْتَفِي بِأَحَدِهِمَا وَهُمَا فِي يَدِهِ انْتَهَى قَالَ بَعْضُهُمْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ فِي يَدِهِ أَوْ تَلِفَتْ وَكَانَ أَخْذُ بَدَلِهَا مِنْهُ لَا يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَإِنْ كَانَ يُصَيِّرُهُ فَقِيرًا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْهُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ أَخْذُ الْبَدَلِ إلَى اسْتِحْقَاقِ أَخْذِهِ انْتَهَى قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ بِزَكَاةٍ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ وَإِنْ افْتَقَرَ وَقَوْلُهُ قَالَ الْغَزِّيِّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَنَّاطِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ لَوْ غَابَ الْقَابِضُ عِنْدَ الْحَوْلِ وَشَكَكْنَا فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَجَّلُ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْمَاوَرْدِيُّ أَقَرَّ بِهِمَا فِي الْبَحْرِ الْإِجْزَاءَ وَفِي فَتَاوَى الْحَنَّاطِيِّ إذَا غَابَ الْمِسْكِينُ عِنْدَ الْحُلُولِ وَلَا نَدْرِي مِنْ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ وَفَقْرِهِ وَغِنَاهُ أَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُ فَقْرِهِ وَحَيَاتِهِ وَفِي شَرْحِ الْوَسِيطِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ نَقْلِ الزَّكَاةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا

الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُقِيمًا بِبَلَدٍ وَلَهُ مَالٌ لَا يَسْتَقِرُّ بِبَلَدٍ بَلْ يُسَافِرُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ فِي بَلَدِ إقَامَتِهِ ثُمَّ جَاءَ الْحَوْلُ وَالْمَالُ فِي غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ ذَلِكَ وَبِهِ أَجَابَ ابْنُ رَزِينٍ فِي الْفَتَاوَى وَقَوْلُهُ فَهَلْ يَجُوزُ الْمُعَجَّلُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ إذْ الْقَصْدُ بِصَرْفِ الزَّكَاةِ لَهُ غِنَاهُ ) وَأَيْضًا لَوْ أَخَذْنَاهَا لَافْتَقَرَ وَاحْتَجْنَا إلَى رَدِّهَا إلَيْهِ فَإِثْبَاتُ الِاسْتِرْجَاعِ يُؤَدِّي إلَى نَفْيِهِ

( فَرْعٌ لِلْإِمَامِ فِيمَا يَأْخُذُهُ لِلْفُقَرَاءِ ) قَبْلَ الْحَوْلِ ( حَالَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَأْخُذَهُ زَكَاةً مُعَجَّلَةً فَإِنْ كَانَ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمْ ) وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِمْ ( فَيَقَعُ زَكَاةً وَإِنْ تَلِفَ فِي أَيْدِيهِمْ قَبْلَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ أَوْ ) فِي ( يَدِ الْإِمَامِ ) كَذَلِكَ ( إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الِاسْتِحْقَاقِ ) وَالْوُجُوبِ ( عِنْدَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ) وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَتْ أَوْ فَاتَ بَعْضُهَا ( اسْتَحَقَّ الْمَالِكُ الرُّجُوعَ بِهَا عَلَيْهِمْ ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِمْ فَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا فَلَا أَيْ فَلَا يَقَعُ زَكَاةً حَتَّى لَوْ فَاتَ شَرْطُ الِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَ الْمَالِكَ الْإِخْرَاجُ ثَانِيًا ( وَلَيْسَ الْإِمَامُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ ) وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِمْ ( إلَّا إنْ جَهِلَ الْمَالِكُ كَوْنَهُ ) أَيْ الْإِمَامِ ( أَخَذَهَا بِسُؤَالِهِمْ ) فَيَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ فَيَرْجِع عَلَيْهِ الْمَالِكُ فَيَقْبِضُهُ لَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُهُ لَهُ عَنْ زَكَاتِهِ ( وَإِنْ أَخَذَهَا الْإِمَامُ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ ) وَلَمْ يَدْفَعْهَا إلَيْهِمْ ( فَهِيَ مِنْ ضَمَانِهِ ) أَيْ الْمَالِكِ لِتَفْرِيطِهِ ( وَالْإِمَامُ وَكِيلُهُ فَتَلْغُو ) أَيْ الزَّكَاةُ ( إنْ تَلِفَتْ فِي يَدِ الْإِمَامِ قَبْلَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ) كَمَا لَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِ وَكِيلِ الْمَالِكِ ( وَلَا يَضْمَنُ الْإِمَامُ إلَّا إنْ فَرَّطَ ) كَسَائِرِ الْوُكَلَاءِ .
أَمَّا إذَا دَفَعَهَا إلَيْهِمْ فَإِنْ تَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَالِكُ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ أَجْزَأَتْ وَإِلَّا رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَيْهِمْ دُونَ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ مَا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي آخِرِ الْحَالِ الثَّانِي ( وَلَوْ أَخَذَهَا بِسُؤَالِ الْجَمِيعِ ) أَيْ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ ( فَمِنْ ضَمَانِ الْمَسَاكِينِ ) لَا الْمَالِكِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْهَا الْإِمَامُ إلَيْهِمْ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي

الْمُسْتَعِيرِ ( أَوْ ) أَخَذَهَا ( لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ ) مِنْهُمْ وَمِنْ الْمَالِكِ ( فَهُوَ ) أَيْ الْمَأْخُوذُ ( مِنْ ضَمَانِهِ إلَّا إنْ أُخِذَ لِحَاجَةِ طِفْلٍ لَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرُهُ ) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِأَنَّ حَاجَةَ الطِّفْلِ حِينَئِذٍ كَسُؤَالِ الرَّشِيدِ بِخِلَافِ الطِّفْلِ الَّذِي وَلِيُّهُ غَيْرُ الْإِمَامِ لِأَنَّ لَهُ مَنْ يَسْأَلُ التَّسَلُّفَ لَوْ كَانَ صَلَاحُهُ فِيهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَنْزِلُ حَاجَةُ غَيْرِ الطِّفْلِ مَنْزِلَةَ سُؤَالِهِ كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي وَلِيُّهُ الْإِمَامُ لِأَنَّهُ أَهْلُ رُشْدٍ وَنَظَرٍ وَكَالطِّفْلِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَجْنُونُ وَالْمَحْجُورُ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ ( فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِمْ مَا اسْتَبَدَّ بِأَخْذِهِ وَحَالَ الْحَوْلُ وَلَا مَانِعَ ) مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْوُجُوبِ ( وَقَعَ الْمَوْقِعَ وَإِلَّا ) بِأَنْ كَانَ ثَمَّ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ ( اسْتَرَدَّهُ ) مِنْهُمْ ( الْإِمَامُ وَدَفَعَهُ لِغَيْرِهِمْ ) إنْ اخْتَصَّ الْمَانِعُ بِهِمْ ( أَوْ ) دَفَعَهُ ( لِلْمَالِكِ إنْ سَقَطَتْ عَنْهُ ) الزَّكَاةُ الْأُولَى إنْ اخْتَصَّ الْمَانِعُ بِهِ لِأَنَّ سُقُوطَهَا يَقْتَضِي تَقَدُّمَ وُجُوبِهَا وَإِنَّمَا قُيِّدَ ذَلِكَ بِمَا اسْتَبَدَّ بِأَخْذِهِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ بِالْأَوْلَى ( فَإِنْ تَعَذَّرَ الِاسْتِرْدَادُ ) لِلْمَأْخُوذِ ( أَوْ تَلِفَ فِي يَدِ الْإِمَامِ قَبْلَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ ضَمِنَهُ مِنْ مَالِهِ ) وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ ( وَأَخْرَجَ الْمَالِكُ الزَّكَاةَ ثَانِيًا ) تَعْبِيرُهُ بِالتَّعَذُّرِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَالٌ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ أَوْ تَلِفَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَحَاجَةُ طِفْلِ وَلِيِّهِ الْإِمَامِ كَسُؤَالِ الْبَالِغِ فَيَضْمَنُ الطِّفْلُ ) وَيَقَعُ الْمَأْخُوذُ زَكَاةً إنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ إلَّا إنْ أُخِذَ لِحَاجَةِ طِفْلٍ لَا وَلِيَّ لَهُ غَيْرُهُ .
( الْحَالُ الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَهُ قَرْضًا لِلْمَسَاكِينِ ) بِسُؤَالٍ أَوْ بِدُونِهِ ( فَلَهُ فِي الضَّمَانِ ) وَعَدَمِهِ ( حُكْمُ )

الزَّكَاةِ ( الْمُعَجَّلَةِ ) فِي مَا مَرَّ فِي الْحَالِ الْأَوَّلِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي عَيْنِ الضَّامِنِ يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِيمَا إذَا أَخَذَهُ لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ ( إلَّا أَنَّهُ ) أَيْ لَكِنَّهُ ( لَا يَقَعُ زَكَاةً ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِنِيَّتِهَا ( بَلْ يَقْضِيهِ الْإِمَامُ ) لِلْمَالِكِ إنْ أَخَذَهُ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ ( مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُهُ لَهُ عَنْ زَكَاتِهِ ) بِأَنْ يَنْوِيَ جَعْلَهُ عَنْهَا عِنْدَ دَفْعِهِ لَهُمْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ وَهَذَا أَوْلَى بِالْإِجْزَاءِ مِنْ دَفْعِ الْأَجْنَبِيِّ لَهَا مِنْ مَالِهِ عَنْ الْمَالِكِ بِإِذْنِهِ ( وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ فِي الضَّمَانِ ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمَالِكُ فَيَقْضِيهِ لَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ أَوْ يَحْسِبُ لَهُ مِنْ زَكَاتِهِ كَمَا ذُكِرَ ( إلَّا إنْ عَلِمَ الْمَالِكُ ) أَوْ ظَنَّ ( كَوْنَهُ اقْتَرَضَهَا ) لَهُمْ ( بِسُؤَالِهِمْ ) فَلَا يَكُونُ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَإِنْ كَانَ الْأَصَحُّ أَنَّ وَكِيلَ الْمُقْتَرِضِ يُطَالِبُ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَهُمَا فَشَمِلَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ اقْتَرَضَهَا لِنَفْسِهِ أَوْ لَهُمْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ أَوْ جَهِلَ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَةِ الْجَهْلِ مُتَدَافِعٌ .
( وَيَقَعُ الْقَرْضُ لِلْإِمَامِ حِينَ يَقْتَرِضُ لَا بِسُؤَالِ أَحَدٍ ) مِنْ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنْ مَالِهِ وَإِنْ سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَعَيِّنِينَ وَفِيهِمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ ( لَكِنَّهُ إذَا سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ وَقَدْ اقْتَرَضَ لِحَاجَتِهِمْ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ ضَمِنُوا وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ ) فِي الضَّمَانِ وَإِذَا أُخِذَتْ الزَّكَوَاتُ فَإِنْ كَانُوا بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ قَضَاهُ مِنْهَا أَوْ حَسِبَهُ لِلْمَالِكِ عَنْ زَكَاتِهِ وَإِلَّا قَضَى مَنْ لَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ إنْ وَجَدَ لَهُمْ مَالًا وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِغَيْرِ سُؤَالِهِمْ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ بَلْ يُوهِمُ أَنَّ عَدَمَ سُؤَالِ الْمَالِكِ لَيْسَ قَيْدًا فِي كَوْنِ الْإِمَامِ طَرِيقًا فِي الضَّمَانِ وَلَيْسَ مُرَادًا ثُمَّ

بَيْنَ مَالِهِ تَعَلُّقٌ بِالْحَالِ الْأُولَى بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ تَلِفَ الْمُعَجَّلُ فِي يَدِ الْإِمَامِ بَعْدَ ) تَمَامِ ( الْحَوْلِ وَقَعَ زَكَاةً عَلَى كُلِّ حَالٍ ) مِنْ الْأَحْوَالِ السَّابِقَةِ فِيهِ لِأَنَّ الْحُصُولَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْوُصُولِ إلَى الْمَسَاكِينِ كَمَا لَوْ أَخَذَ بَعْدَ الْحَوْلِ ( فَإِنْ ) كَانَ قَدْ ( تَلِفَ بِتَفْرِيطِهِ ) وَلَوْ بَعْدَ الدَّفْعِ إلَيْهِمْ ( ضَمِنَهُ لِلْفُقَرَاءِ ) مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ ( وَلَيْسَ انْتِظَارُ مَا يَحْصُلُ ) مِنْ الزَّكَوَاتِ ( لِيُفَرِّقَهُ جَمِيعًا تَفْرِيطًا ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَيْسَ مِنْ التَّفْرِيطِ أَنْ يَنْتَظِرَ انْضِمَامَ غَيْرِهِ إلَيْهِ لِقِلَّتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ تَفْرِيقُ كُلِّ قَلِيلٍ يَحْصُلُ عِنْدَهُ وَهِيَ أَخَصُّ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَعَبَّرَ ) فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ ( بِالْمَسَاكِينِ ) تَارَةً وَبِالْفُقَرَاءِ أُخْرَى ( عَنْ الْأَصْنَافِ ) وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي زَكَاةِ الْمَوَاشِي ( وَبِسُؤَالِهِمْ ) وَحَاجَتِهِمْ ( عَنْ سُؤَالِ بَعْضِهِمْ ) وَحَاجَتِهِ أَيْ سُؤَالِ وَحَاجَةِ طَائِفَةٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ لَا جَمِيعِ آحَادِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ الْمَسَاكِينُ حَقِيقَةً لِأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَصْرِفَ زَكَاةَ الْوَاحِدِ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْنَافِ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَذَهَا بِسُؤَالِ الْجَمِيعِ إلَخْ ) مَحَلُّهُ إذَا نَوَى الْإِمَامُ عِنْدَ أَخْذِهَا النِّيَابَةَ عَنْ الْجَمِيعِ أَمَّا لَوْ نَوَى عِنْدَ أَخْذِهَا أَحَدَهُمَا كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ مَنْ عَيَّنَهُ بِالنِّيَّةِ قَطْعًا كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْحَابِ نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَقَالَ هُوَ ظَاهِرٌ وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمُذَاكَرَةِ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ ( قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِهِ ) وَإِنْ تَلِفَتْ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ لِأَنَّ أَهْلَ الرُّشْدِ لَا يُوَلَّى عَلَيْهِمْ فَإِذَا قَبَضَ حَقَّهُمْ قَبْلَ مَحِلِّهِ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ مَنْ يُعْتَدُّ بِقَبْضِهِ بَعْدَ مَحِلِّهِ ضَمِنَهُ كَقَبْضِ الْوَكِيلِ دَيْنَ مُوَكِّلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ وَقَاسَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا لَوْ قَبَضَ الْأَبُ دَيْنَ ابْنِهِ الْكَبِيرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَجَوَازُ الْقَبْضِ لِلْإِمَامِ لَا يَمْنَعُ عَنْهُ الضَّمَانَ بَلْ يَكُونُ مَشْرُوطًا بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ قَوْلُهُ أَيَّ سُؤَالٍ وَحَاجَةِ طَائِفَةٍ ) تُطْلَقُ الطَّائِفَةُ عَلَى الْوَاحِدِ فَأَكْثَرَ كَمَا هُنَا .

( فَصْلٌ مَتَى عَجَّلَ الْمَالِكُ أَوْ الْإِمَامُ ) دَفْعَ الزَّكَاةِ ( وَلَمْ يَعْلَمْ الْفُقَرَاءُ أَنَّهُ تَعْجِيلٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ ) وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَعْطَى قَاصِدًا لَهُ وَصَدَّقَهُ الْآخِذُ لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ الْإِعْلَامِ عِنْدَ الْأَخْذِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ فَقَضَاهُ وَلَمْ يَشْهَدْ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْإِعْطَاءِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَا دُفِعَ إلَى الْفَقِيرِ لَا يُسْتَرَدُّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالْجِهَةِ الْمُعَيَّنَةِ إنْ وَجَدَ شَرْطَهَا وَإِلَّا فَصَدَقَةٌ لِأَنَّهُ وَطَّنَ نَفْسَهُ عَلَى تَمَلُّكِهِ وَتَعَلَّقَتْ بِهِ أَطْمَاعُهُ ( فَإِنْ عِلْم ) ذَلِكَ وَلَوْ بِقَوْلِ الْمَالِكِ لَهُ هَذِهِ زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ ( وَحَالَ ) عَلَيْهِ ( الْحَوْلُ وَقَدْ خَرَجَ الْفَقِيرُ أَوْ الْمَالِكُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الزَّكَاةِ وَلَوْ بِإِتْلَافِ مَالِهِ اسْتَرَدَّهُ ) أَيْ الْمُعَجِّلُ ( وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الرُّجُوعَ ) لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ ( وَإِنْ قَالَ ) هَذِهِ ( زَكَاتِي الْمُعَجَّلَةُ ) ( فَإِنْ لَمْ تَقَعْ زَكَاةً فَهِيَ نَافِلَةٌ لَمْ يَسْتَرِدَّ ) وَهُوَ وَاضِحٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عِلْمِ التَّعْجِيلِ ) أَيْ فِي عِلْمِ الْقَابِضِ بِهِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْفَقِيرِ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ( وَفِي تَحْلِيفِ وَارِثِهِ ) إذَا مَاتَ قَبْلَ حَلِفِهِ ( أَنَّهُ مَا عَلِمَ ) أَنَّ مُوَرِّثَهُ عَلِمَ التَّعْجِيلَ ( وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ وَصَحَّحَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ لِإِمْكَانِ صِدْقِهِ وَالثَّانِي لَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ هَذِهِ زَكَاتِي أَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي الْحَالِ فَلَيْسَ لَهُ دَعْوَى خِلَافِهِ ( وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْدَادٌ بِلَا سَبَبٍ ) لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِالتَّعْجِيلِ فَهُوَ كَمَنْ عَجَّلَ دَيْنًا مُؤَجَّلًا لَا يَسْتَرِدُّهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْإِمَامُ وَمَتَى ثَبَتَ الِاسْتِرْدَادُ فَلَا حَاجَةَ إلَى نَقْضِ الْمِلْكِ وَالرُّجُوعِ بَلْ يُنْتَقَضُ بِنَفْسِهِ .

( قَوْلُهُ فَإِنْ عُلِمَ ذَلِكَ إلَخْ ) هَذَا فِي الْعِلْمِ الْمُقَارِنِ لِلْقَبْضِ فَإِنْ تَحَدَّدَ بَعْدَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ فَهَلْ هُوَ كَالْمُقَارِنِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ كَالْمُقَارِنِ وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْإِمَامِ مَا يُوهِمُ خِلَافَهُ انْتَهَى هَذَا إذَا عُلِمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَقْبُوضِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَلَفِهِ أَوْ إتْلَافِهِ فَلَا لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ عَلَى أَنَّهُ مَضْمُونٌ وَقَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِلْعِلْمِ بِالتَّعْجِيلِ وَقَدْ بَطَلَ ) شَمِلَ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَا لَوْ عَجَّلَ الْأُجْرَةَ فَانْهَدَمَتْ الدَّارُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي عِلْمِ التَّعْجِيلِ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي مُثْبِتِ الِاسْتِرْدَادِ صُدِّقَ الْقَابِضُ بِيَمِينِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَدْ يَشْمَلُ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي نَقْصِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَلَفِهِ قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَقَوْلُهُ قَدْ يَشْمَلُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ) وَلِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى انْتِقَالِ الْمِلْكِ وَالْأَصْلُ اسْتِمْرَارُهُ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ هُوَ الْأَدَاءُ فِي الْوَقْتِ .
( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَجْمُوعِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( دَفَعَ الزَّكَاةَ أَوْ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ وَهُوَ سَاكِتٌ أَجْزَأَهُ ) تَشْبِيهًا لِلْأَوَّلِ بِتَوْفِيَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَعَمَلًا بِالْعُرْفِ فِي الثَّانِي وَقَدْ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْإِمَامِ وَعَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا الْخُرَاسَانِيِّينَ وَالْمُحَقِّقِينَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنْ اقْتَصَرَ الْأَصْلُ عَلَى نَقْلِهِ عَنْ الْإِمَامِ ( وَلَيْسَ إعْلَامُهُ ) أَيْ إعْلَامُ الدَّافِعِ الْفَقِيرِ ( بِأَنَّهَا زَكَاةٌ ) فَقَطْ ( كَالْإِعْلَامِ بِالتَّعْجِيلِ ) فَلَا يَسْتَرِدُّهَا لِتَفْرِيطِهِ بِتَرْكِ ذَلِكَ .

( فَرْعٌ الْفَقِيرُ يَمْلِكُ الْمُعَجَّلَةَ ) بِالْقَبْضِ ( فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهَا ) ظَاهِرًا أَوْ بَاطِنًا كَسَائِرِ الْمُلَّاكِ ( وَعِنْدَ وُجُوبِ الرَّدِّ ) أَيْ رَدِّهَا عَلَى الْمَالِكِ ( يَرُدُّهَا ) عَيْنًا أَوْ بَدَلًا ( هُوَ ) أَيْ الْفَقِيرُ إنْ كَانَ حَيًّا ( أَوْ وَارِثُهُ ) مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَرِكَةٌ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ حَكَاهَا السَّرَخْسِيُّ أَحَدُهَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ دَفْعُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا لِأَنَّ الْقَابِضَ لَيْسَ أَهْلًا لَهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ وَالثَّانِي تُجْزِئُهُ الْمُعَجَّلَةُ لِلْمَصْلَحَةِ وَالثَّالِثُ يَغْرَمُ الْإِمَامُ لِلْمَالِكِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ قَدْرَ الْمَدْفُوعِ وَيَلْزَمُ الْمَالِكَ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ وَالدَّلِيلَيْنِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ .
وَالْأَوَّلُ هُوَ الْقِيَاسُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْجُمْهُورِ وَإِذَا رَدَّ فَلْيَرُدَّ ( بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ ) كَالسِّمْنِ وَالْكِبَرِ ( لَا الْمُنْفَصِلَةِ ) حَقِيقَةً كَالْوَلَدِ وَالْكَسْبِ أَوْ حُكْمًا كَاللَّبَنِ بِضَرْعِ الدَّابَّةِ وَالصُّوفِ بِظَهْرِهَا كَمَا فِي الْمَوْهُوبِ لِلْوَلَدِ وَالْمَبِيعِ لِلْمُفْلِسِ بِجَامِعِ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ فِي مِلْكِ الْآخِذِ ( وَلَوْ نَقَصَتْ ) قِيمَةُ الْمُعَجَّلِ بِنَقْصِ صِفَةٍ كَمَرَضٍ وَهُزَالٍ لَا نَقْصِ جُزْءٍ كَتَلَفِ شَاةٍ مِنْ شَاتَيْنِ ( فَلَا أَرْشَ ) لِمَا مَرَّ آنِفًا هَذَا إذَا حَدَثَ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ قَبْلَ حُدُوثِ سَبَبِ الرَّدِّ وَوُجِدَتْ أَهْلِيَّةُ الْمَالِكِ وَالْقَابِضِ لِلزَّكَاةِ فَإِنْ حَدَثَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ وَبِأَنْ عَدِمَ تِلْكَ الْأَهْلِيَّةَ حِينَ الْقَبْضِ رَدَّهُمَا مَعَ الْمُعَجَّلِ صَرَّحَ بِالْأَوَّلِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ بِالثَّانِي الْبَغَوِيّ وَغَيْرُهُ ( وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ بَدَلِهَا لَا إنْ تَلِفَتْ فَيَرُدُّ الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ ) كَالدَّرَاهِمِ ( وَ ) يَرُدُّ ( فِي غَيْرِهِ ) كَالْغَنَمِ ( قِيمَةَ يَوْمِ الْقَبْضِ ) كَنَظَائِرِهِ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ لَا يَوْمَ التَّلَفِ وَلَا أَقْصَى الْقِيَمِ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ يَوْمِ

الْقَبْضِ زَادَ فِي مِلْكِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَمْ يَضْمَنْهُ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ مِثْلِهَا مَعَ وُجُودِهَا بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ وَهُوَ كَذَلِكَ ( وَإِنْ اسْتَرَدَّ ) هَا ( لِإِمَامِ ) أَوْ بَدَلَهَا ( وَلَوْ قِيمَتُهَا وَصَرَفَهَا لِلْفُقَرَاءِ جَازَ وَلَوْ لَمْ يُجَدِّدْ الْمَالِكُ ) لَهُ ( إذْنًا ) اكْتِفَاءً بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ وَلِأَنَّهُ نَائِبُهُ فِي الدَّفْعِ وَنَائِبُ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي الْأَخْذِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ تَعْجِيلًا لِزَكَاتِهِ أَمَّا لَوْ دَفَعَهُ إلَيْهِ لِيَصْرِفَهُ عَنْهُ فَهُوَ وَكِيلُهُ فَإِذَا اُنْتُقِضَ ذَلِكَ الصَّرْفُ بِعَارِضٍ عَادَ الْمُخْرَجُ إلَى مِلْكِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ مِنْهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْوُكَلَاءِ .
( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَا أَرْشَ ) لِأَنَّهُ نَقْصٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ كَالْمَبِيعِ إذَا رَجَعَ فِيهِ بِالْإِفْلَاسِ نَاقِصًا .
فَرْعٌ إذَا عَجَّلَ زَكَاةَ الْحَيَوَانِ وَاقْتَضَى الْحَالُ الرُّجُوعَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُنْفِقُ بِمَا أَنْفَقَ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَقَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ يَنْبَغِي بِنَاؤُهُ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الزَّوَائِدِ الْمُنْفَصِلَةِ فَإِنْ جَوَّزْنَاهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ النَّفَقَةِ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا إنْ تَلِفَتْ ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا ( قَوْلُهُ وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا دَفَعَهُ إلَيْهِ إلَخْ ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحَالَيْنِ وَتَعْلِيلُهُمْ دَالٌّ عَلَيْهِ .

( فَرْعٌ وَ ) الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ ( كَالْبَاقِيَةِ ) بِمِلْكِ الْمَالِكِ ( فَيَكْمُلُ بِهَا النِّصَابُ الثَّانِي ) وَفِي نُسْخَةٍ الْبَاقِي ( وَإِنْ تَلِفَتْ ) إذْ التَّعْجِيلُ إنَّمَا جَازَ رِفْقًا بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَكُونُ مُسْقِطًا لِحَقِّهِ هَذَا ( إنْ كَانَتْ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ النِّصَابِ ( لَا ) إنْ كَانَتْ ( مُشْتَرَاةً وَمَعْلُوفَةً ) فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فَلَيْسَتَا كَالْبَاقِيَتَيْنِ إذْ لَا يَكْمُلُ بِهِمَا النِّصَابُ وَإِنْ جَازَ إخْرَاجُهُمَا عَنْ الزَّكَاةِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ كَالْبَاقِيَةِ أَنَّ الْمُعَجَّلَةَ لَيْسَتْ بَاقِيَةً بِمِلْكِهِ حَقِيقَةً وَهُوَ كَذَلِكَ بِدَلِيلِ صِحَّةِ تَصَرُّفِ الْمُسْتَحِقِّ فِيهَا كَمَا مَرَّ وَوَصْفُهُ النِّصَابَ بِالثَّانِي أَوْ الْبَاقِي مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ عَلَى الْمُتَأَمِّلِ ( وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ أَرْبَعِينَ فَاسْتَغْنَى ) مَثَلًا ( الْفَقِيرُ ) بِغَيْرِ مَا تَعَجَّلَهُ ( وَاسْتَرَدَّهَا جَدَّدَ الْإِخْرَاجَ ) لِوُجُودِ الْمَانِعِ مِنْ إجْزَاءِ الْمُعَجَّلَةِ ( وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ الْحَوْلَ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهَا كَالْبَاقِيَةِ بِمِلْكِهِ ( وَلَوْ تَلِفَتْ ) أَيْ الشَّاةُ الْمُعَجَّلَةُ بِيَدِ الْفَقِيرِ ( وَاسْتَرَدَّ ) الْمُزَكِّي ( عِوَضَهَا انْقَطَعَ ) الْحَوْلُ ( لِأَنَّهَا صَارَتْ دَيْنًا ) عَلَى الْفَقِيرِ فَلَا يَكْمُلُ بِهِ نِصَابُ السَّائِمَةِ ( نَعَمْ إذَا وَقَعَ مِثْلُهَا فِي النَّقْدِ وَجَبَتْ ) زَكَاتُهُ ( وَجُدِّدَ ) الْإِخْرَاجُ إذْ لَا مَانِعَ وَقَوْلُهُ وَاسْتَرَدَّهَا إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ وَاسْتَرَدَّ عِوَضَهَا وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِرْدَادِهَا وَعَدَمِهِ

( قَوْلُهُ لَا مُشْتَرَاةً وَمَعْلُوفَةً ) فَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ ثُمَّ نُتِجَتْ شَاةٌ سَخْلَةً قَبْلَ الْحَوْلِ ضُمَّ الْمُخْرَجُ إلَى مَالِهِ وَلَزِمَهُ شَاةٌ أُخْرَى لِأَنَّ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي عَلَى مِلْكِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الشَّاةُ جَارِيَةً فِي الْحَوْلِ فَإِنْ ابْتَاعَهَا أَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ آخَرُ قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ كَذَا فِي الرَّافِعِيِّ وَالْكِفَايَةِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بَلْ الصَّوَابُ لُزُومُ أُخْرَى قَطْعًا قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُخْرَجَةَ هِيَ الَّتِي كَمَّلَتْ غَنَمَهُ مِائَتَيْنِ أَوْ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَهُوَ وَاضِحٌ .

( فَرْعٌ وَإِنْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ ) عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ ( فَتَوَالَدَتْ إبِلُهُ وَبَلَغَتْ بِهَا سِتًّا وَثَلَاثِينَ ) قَبْلَ الْحَوْلِ ( لَمْ تُجْزِهِ ) بِنْتُ الْمَخَاضِ ( إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ ) لِأَنَّهُ دَفَعَهَا عَنْ جِهَةٍ فَإِذَا بَطَلَتْ اسْتَرَدَّهَا كَالْأُجْرَةِ بِانْهِدَامِ الدَّارِ ( فَيَسْتَرِدُّهَا ثُمَّ يُجَدِّدُ ) الْإِخْرَاجَ ( وَإِنْ تَلِفَتْ لَمْ يَلْزَمْ إخْرَاجٌ ) لِبِنْتِ لَبُونٍ لِأَنَّا إنَّمَا نَجْعَلُ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي إذَا وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنْ الزَّكَاةِ وَإِلَّا فَلَا بَلْ هُوَ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ ( وَلَا تَجْدِيدَ ) لِبِنْتِ الْمَخَاضِ لِوُقُوعِهَا مَوْقِعَهَا وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَرْعٌ ) عِنْدَهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا لَيْسَ فِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ فَعَجَّلَ ابْنَ لَبُونٍ ثُمَّ اسْتَفَادَ بِنْتَ مَخَاضٍ فِي آخِرِ الْحَوْلِ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَنْعُ وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ بِنْتِ مَخَاضٍ لِأَنَّ الْإِبْدَالَ لَا يُصَارُ إلَيْهَا قَبْلَ وُجُوبِ الْبَدَلِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ أَنَّ الْمُعَجَّلَ كَالْبَاقِي وَمَتَى وَجَدَ بِنْتَ مَخَاضٍ وَابْنَ لَبُونٍ لَا يُجْزِئُ ابْنُ اللَّبُونِ .
( قَوْلُهُ فَيَسْتَرِدُّهَا ) ثُمَّ يُجَدِّدُ الْإِخْرَاجَ وَقَالُوا فِيمَا لَوْ قَبَضَ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ الرُّطَبَ ثُمَّ صَارَ عِنْدَهُ تَمْرًا أَنَّهُ يُجْزِئُ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا حَصَلَتْ فِي مِلْكِ الْقَابِضِ وَتَتَمُّرُ الرُّطَبِ حَصَلَ فِي مِلْكِ الْمَالِكِ لِأَنَّهُ قَبْضٌ فَاسِدٌ ( قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا يُجْزِئُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْقَاضِي الْمَنْعُ إلَخْ ) الْأَصَحُّ الْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَدَمِ بِنْتِ الْمَخَاضِ حَالُ الْإِخْرَاجِ لَا حَالُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا مَرَّ .

( بَابُ ) حُكْمِ ( تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ إذَا حَالَ الْحَوْلُ ) عَلَى الْمَالِ الزَّكَوِيِّ ( وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ) وَإِنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ لِأَنَّهُ لَوْ تَأَخَّرَ التَّمَكُّنُ فَابْتِدَاءُ الْحَوْلِ الثَّانِي مِنْ تَمَامِ الْأَوَّلِ لَا مِنْ التَّمَكُّنِ وَلِأَنَّهُ لَوْ حَدَثَ نِتَاجٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ ضُمَّ إلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَكِنْ إذَا قُلْنَا الْفُقَرَاءُ شُرَكَاءُ الْمَالِكِ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُ الثَّانِي مِنْ الدَّفْعِ إنْ كَانَ نِصَابًا فَقَطْ ( لَا الضَّمَانُ ) فَلَا يَجِبُ ( مَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْأَدَاءِ ) لِعَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَمَكَّنَ ( نَعَمْ إنْ أَتْلَفَهُ ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ ( ضَمِنَ ) لِتَقْصِيرِهِ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ ( أَوْ ) أَتْلَفَهُ ( أَجْنَبِيٌّ تَعَلَّقَتْ ) أَيْ الزَّكَاةُ ( بِالْقِيمَةِ ) كَمَا لَوْ قُتِلَ لِعَبْدِ الْجَانِي أَوْ الْمَرْهُونِ يَنْتَقِلُ الْحَقُّ إلَيْهَا ( فَرْعٌ الْوَقْصُ عَفْوٌ ) كَمَا مَرَّ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْفَرْضُ إلَّا بِالنِّصَابِ ( فَإِذَا مَلَكَ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ وَاحِدَةٌ ) مِنْهَا ( بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ أَوْ ) مَلَكَ ( تِسْعًا ) مِنْهَا ( فَهَلَكَتْ خَمْسٌ ) مِنْهَا كَذَلِكَ ( لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ شَاةٍ ) بِنَاءً فِيهِمَا عَلَى أَنَّ التَّالِفَ لَا زَكَاةَ فِيهِ مَعَ الْبِنَاءِ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّ التَّمَكُّنَ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْوُجُوبِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ عَفْوٌ فَلَا قِسْطَ لَهُ حَتَّى يَسْقُطَ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَزِيدُ بِزِيَادَتِهِ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ شَاةٌ ثُمَّ لَا شَيْءَ فِيهَا حَتَّى تَبْلُغَ عَشْرًا فَلَا تَنْقُصُ بِنَقْصِهِ ( وَإِنْ هَلَكَ أَرْبَعٌ مِنْ التِّسْعِ ) بَعْدَ الْحَوْلِ وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ ( لَزِمَهُ شَاةٌ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْوَقْصَ عَفْوٌ .
( فَرْعٌ الْمُرَادُ بِالتَّمَكُّنِ ) مِنْ الْأَدَاءِ ( حُضُورُ الْمَالِ عِنْدَ الْمَالِكِ ) فَلَوْ غَابَ عَنْهُ لَمْ يَجِبْ الْأَدَاءُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ وَإِنْ جَوَّزْنَا

نَقْلَ الزَّكَاةِ ( وَ ) حُضُورَ ( مَنْ يَجُوزُ الصَّرْفُ إلَيْهِ كَالْإِمَامِ ) وَلَوْ ( فِي الْأَمْوَالِ الْبَاطِنَةِ لَا الْفَقِيرِ ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ وَالْمُسْتَحِقِّ لَا الْمُسْتَحَقِّ ( حَيْثُ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى الْإِمَامِ ) بِأَنْ يَطْلُبَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ كَمَا مَرَّ فَلَا يَحْصُلُ التَّمَكُّنُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ بِمَا مَرَّ ( مَعَ الْفَرَاغِ مِنْ مُهِمَّاتِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ) كَمَا فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ وَمَعَ التَّصْفِيَةِ فِي الْحُبُوبِ وَالْمَعَادِنِ مِمَّا خَالَطَهَا وَالْجَفَافِ فِي الثِّمَارِ كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالْمُسْتَحِقُّ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ بِمَعْنَى أَوْ ( وَلَوْ أُخِّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ مِنْ تَفْرِيقِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ الْإِمَامِ حَيْثُ كَانَ ) تَفْرِيقُهُ ( أَفْضَلَ أَوْ لِانْتِظَارِ قَرِيبٍ وَجَارٍ ) أَوْ أَحْوَجَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( جَازَ ) لِأَنَّهُ تَأْخِيرٌ لِغَرَضٍ ظَاهِرٍ وَهُوَ حِيَازَةُ الْفَضِيلَةِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ الَّتِي عَبَّرَ بِهَا أَصْلُهُ وَلَوْ عَطَفَ انْتِظَارَ الْقَرِيبِ عَلَى مَجْرُورِ مِنْ لَأَفَادَ أَنَّهُ أَفْضَلُ كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَلَوْ أَخَّرَ لِطَلَبِ الْأَفْضَلِ كَالدَّفْعِ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الصَّرْفِ إلَى الْقَرِيبِ أَوْ الْجَارِ أَوْ الْأَحْوَجِ لَمْ يَعْصِ ( وَضَمِنَ إنْ تَلِفَ ) فِي مُدَّةِ التَّأْخِيرِ لِحُصُولِ الْإِمْكَانِ وَإِنَّمَا أَخَّرَ لِغَرَضِ نَفْسِهِ فَيَتَقَيَّدُ جَوَازُهُ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ ( وَلَوْ تَضَرَّرَ الْحَاضِرُ بِالْجُوعِ حَرُمَ التَّأْخِيرُ ) مُطْلَقًا لِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِهِ فَرْضٌ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ لِفَضِيلَةٍ .
( بَابُ تَأْخِيرِ الزَّكَاةِ ) ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَتْلَفَهُ إلَخْ ) أَوْ تَلِفَ بِتَقْصِيرٍ مِنْهُ كَأَنْ أَخَّرَ دَفْعَ التَّلَفِ مَعَ إمْكَانِهِ أَوْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ ( قَوْلُهُ فَلَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ ) وَلَوْلَا الْوُجُوبُ سَقَطَتْ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ الْحَوْلِ .

( فَصْلٌ إذَا حَالَ الْحَوْلُ ) عَلَى غَيْرِ مَالِ التِّجَارَةِ بِقَرِينَةٍ مَا يَأْتِي فِي زَكَاتِهَا ( تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ وَصَارَ الْفُقَرَاءُ شُرَكَاءَ حَتَّى فِي الْإِبِلِ بِقِيمَةِ الشَّاةِ ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ يَتْبَعُ الْمَالَ فِي الصِّفَةِ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْ الْمِرَاضِ مَرِيضَةٌ وَمِنْ الصِّحَاحِ صَحِيحَةٌ كَمَا مَرَّ وَلِأَنَّهُ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَهَا الْإِمَامُ مِنْ الْعَيْنِ كَمَا يُقَسِّمُ الْمَالَ الْمُشْتَرَكَ وَقَهْرًا إذَا امْتَنَعَ بَعْضُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْقِسْمَةِ إنَّمَا جَازَ الْأَدَاءُ مِنْ مَالٍ آخَرَ لِبِنَاءِ الزَّكَاةِ عَلَى الرِّفْقِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أُمُورٌ مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِلْكِ جَمِيعِهِ وَلَا الْحَلِفُ عَلَيْهِ وَلَا لِلشُّهُودِ أَنْ يَشْهَدُوا بِهِ بَلْ طَرِيقُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ التَّفْرِقَةِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي مَلَكَهُ الْفُقَرَاءُ قَالَ غَيْرُهُ وَمِنْهَا أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلٍ أَوْ أَحْوَالٍ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتُبْرِئْهُ فَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ جَمِيعِ الصَّدَاقِ وَلَمْ يَحْصُلْ لِأَنَّ مِقْدَارَ الزَّكَاةِ لَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ فَطَرِيقُهَا أَنْ تُعْطِيَ الزَّكَاةَ ثُمَّ تُبْرِئَهُ ( فَإِذَا بَاعَ النِّصَابَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ رَهَنَهُ ) بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ ( صَحَّ لَا فِي قَدْرِهَا ) مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمَرْهُونِ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرُهَا فِي صُورَةِ الْبَعْضِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالْقَدْرِ الْبَاقِي بِلَا بَيْعٍ وَرَهْنٍ فِي صُورَةِ الْبَعْضِ قَدْرُ الزَّكَاةِ مِنْهُ بَاقٍ بِحَالِهِ لِلْمُسْتَحِقِّينَ .
وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ الرَّهْنِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا بِالتَّرْجِيحِ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ

الزَّكَاةِ فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ وَفِيهَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الزَّكَاةَ شَائِعَةٌ فِي الْجَمِيعِ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الشِّيَاهِ بِالْقِسْطِ وَالثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْرُ الْوَاجِبِ وَيَتَعَيَّنُ بِالْإِخْرَاجِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ إلَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ الْأَوَّلُ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ إذْ الْقَوْلُ بِالثَّانِي يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ فِيمَا ذُكِرَ لِإِبْهَامِ الْمَبِيعِ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إخْرَاجُ نِصْفَيْ شَاتَيْنِ مَثَلًا لِضَرَرِ التَّبْعِيضِ الْمُنَافِي لِمَا وُضِعَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ الرِّفْقِ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) إنْ كَانَ جَاهِلًا لِتَبْعِيضِ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ ( وَلَا يَسْقُطُ ) خِيَارُهُ ( بِإِخْرَاجِهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ ) لِأَنَّهُ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَالْعَقْدُ لَا يَنْقَلِبُ صَحِيحًا فِي قَدْرِهَا ( وَمَتَى اخْتَارَ ) الْفَسْخَ فَذَاكَ أَوْ الْإِجَازَةَ فِي الْبَاقِي ( فَبِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَنِ ) يُجِيزُ ( وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ ) لِشَيْءٍ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الزَّكَاةُ ( اشْتَرَطَ رَهْنَهُ ) أَيْ جَمِيعِ النِّصَابِ أَوْ بَعْضِهِ ( فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ ) الْمُوَافِقُ مِنْهُمَا لِمَا سَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ تَرْجِيحُ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ وَلَا يَسْقُطُ بِإِخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ لِمَا مَرَّ وَوَقَعَ فِي الْأَصْلِ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَالْمَنْقُولُ مَا قَرَّرْته ( وَإِنْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ جَازَ ) أَيْ حَلَّ وَصَحَّ إذْ بِالتَّضْمِينِ انْتَقَلَ الْحَقُّ إلَى ذِمَّتِهِ وَهَذَا مَذْكُورٌ فِي الْبَابِ الْآتِي أَيْضًا .

قَوْلُهُ تَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ } وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا نِصْفُ مِثْقَالٍ } وَلِأَنَّهَا حَقٌّ يَسْقُطُ بِتَلَفِ الْمَالِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ فَكَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِعَيْنِهِ كَحَقِّ الْمُقَارِضِ فِي الْقِرَاضِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي قَدْرَهَا ) سَوَاءٌ أَبْقَاهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَى الزَّكَاةِ أَمْ بِغَيْرِهَا ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَقْيَسُهُمَا الْبُطْلَانُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَنُسِبَ لِلْبَحْرِ أَيْضًا نَعَمْ لَوْ اسْتَثْنَى فَقَالَ بِعْتُك ثَمَرَةَ هَذَا الْحَائِطِ إلَّا قَدْرَ الزَّكَاةِ صَحَّ كَمَا جَزَمَا بِهِ فِي الْبَيْعِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ أَهُوَ عَشْرٌ أَمْ نِصْفُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَالرُّويَانِيِّ وَقَيَّدَ بَحْثًا بِمَنْ يَجْهَلُهُ أَمَّا الْمَاشِيَةُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ إنْ عَيَّنَ كَقَوْلِهِ إلَّا هَذِهِ الشَّاةَ صَحَّ فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ وَالْجَمْعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَحْرِ مُشْكِلٌ يُجَابُ بِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ الشَّاةَ الَّتِي هِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَيَّنَهَا لَهَا وَأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ مَا عَدَاهَا بِخِلَافِ مَا سَبَقَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ يَظْهَرُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ هَذِهِ الشَّاةُ الْمُبْقَاةُ قَبْلَ أَخْذِ الْفُقَرَاءِ لَهَا أَنْ يَتَعَلَّقَ حَقُّهُمْ بِالْمَبِيعِ .
وَقَوْلُهُ كَمَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَذَا قَوْلُهُ وَقَيَّدَ بَحْثًا وَقَوْلُهُ فَنَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهَا ( قَوْلُهُ وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَخْرِيجُ الْوَجْهَيْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ كَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَعَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ فِي غَيْرِ هَذَا كَالْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطِّيبِ وَغَيْرُهُمْ وَالشَّرِكَةُ فِي هَذِهِ

الْأَنْوَاعِ بِالشُّيُوعِ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِتَابِ انْتَهَى وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّهُ لَا اسْتِبْعَادَ فِي أَنْ يَجِبَ الْعُشْرُ فِي الْحُبُوبِ وَرُبْعُ الْعُشْرِ فِي النُّقُودِ وَيُنَزَّلُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ هَذَا الْخِلَافَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ هَلْ يُنَزَّلُ عَلَى الْإِشَاعَةِ أَوْ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ الصُّبْرَةُ وَبَقِيَ صَاعٌ وَاحِدٌ إنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْإِشَاعَةِ صَحَّ الْبَيْعُ فِي بَعْضِهِ بِالْقِسْطِ وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى الْجُزْئِيَّةِ بَقِيَ الْبَيْعُ فِي جَمِيعِ الصَّاعِ انْتَهَى قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ وَهُوَ كَلَامٌ سَاقِطٌ فَإِنَّهُ مُصَادِمٌ لِلْمَنْقُولِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا اسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ مَعَ جَرَيَانِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْحُبُوبِ وَالنُّقُودِ وَنَحْوِهِمَا مَعَ كَوْنِ الشَّرِكَةِ فِيهَا بِالشُّيُوعِ قَطْعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالشُّيُوعِ هُنَا أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءًا حَقِيقَةً بَلْ الْمُرَادُ مِنْ كُلِّ شَاةٍ جُزْءٌ وَتَتَعَيَّنُ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِكَةِ بِالْقِسْمَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ ذَلِكَ فِي عَكْسِهِ فَقَالَ الْمَعْنَى بِالشَّاةِ الْمُبْهَمَةِ أَنَّ الْفُقَرَاءَ مَلَكُوا وَاحِدَةً بِعَيْنِهَا بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ مَلَكُوا مِنْ الْكُلِّ جُزْءًا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْجُزْءُ بِالْإِخْرَاجِ فِي وَاحِدَةٍ كَمَا يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّ الشَّرِيكِ بِالْقِسْمَةِ انْتَهَى .

( فَرْعٌ إذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً ) أَوْ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ ( حَوْلَيْنِ وَلَمْ يُزَكِّهَا وَلَمْ تَزِدْ ) عَلَى ذَلِكَ ( لَزِمَهُ شَاةٌ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّانِي إذْ الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ فَهُوَ شَرِيكٌ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ بِشَاةٍ وَفِي الثَّانِي بِقَدْرِ قِيمَةِ شَاةٍ وَالْخُلْطَةُ مَعَهُ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ إذْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ كَمَا مَرَّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْبَلَدِ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُزَكِّهَا مَا إذَا زَكَّاهَا فَإِنْ زَكَّاهَا مِنْ عَيْنِهَا فَالْحُكْمُ كَمَا ذُكِرَ وَإِلَّا فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ وَبِقَوْلِهِ وَلَمْ تَزِدْ مَا إذَا زَادَتْ كَأَنْ حَدَثَتْ سَخْلَةٌ فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِثَالٌ فَقِسْ عَلَيْهِ نَظَائِرَهُ ( أَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ ) حَوْلَيْنِ وَلَمْ يُزَكِّهَا وَلَمْ تَزِدْ ( أَخْرَجَ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلِلثَّانِي أَرْبَعَ شِيَاهٍ ) لِمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ .
قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعَيِّنًا لِانْحِصَارِهِ فِي الْبَلَدِ أَثَّرَتْ الْخُلْطَةُ ) وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ الْوُجُوبِ حِينَئِذٍ أَيْضًا فَإِنَّ الْفُقَرَاءَ يَمْلِكُونَ شَاةً مِنْ الْأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَخْرُجُوا بِهَا عَنْ صِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ فَلَوْ أَثَّرَتْ خُلْطَتُهُمْ لَلَزِمَهُمْ زَكَاةُ تِلْكَ الشَّاةِ وَهُمْ الْمُسْتَحِقُّونَ فَتَجِبُ لَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَالْإِنْسَانُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ فَإِذَا امْتَنَعَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِمْ امْتَنَعَ الْوُجُوبُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَيْضًا لِأَنَّ الشَّاةَ لَا تَتَبَعَّضُ فِي الْوُجُوبِ كَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ لِمُوَرِّثِهِ وَغَيْرِهِ فَمَاتَ مُوَرِّثُهُ سَقَطَ مِنْ الْقِصَاصِ حِصَّةُ مُوَرِّثِهِ لِأَنَّهُ وَرِثَهُ وَسَقَطَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( رَهَنَهُ ) أَيْ مَالِ الزَّكَاةِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ ( ثُمَّ حَالَ الْحَوْلُ وَلَهُ مَالٌ ) آخَرُ ( أُخِذَتْ زَكَاةُ الْمَرْهُونِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ مَالِهِ الْآخَرِ وَلَا تُؤْخَذْ مِنْ الْمَرْهُونِ لِأَنَّهَا مُؤْنَةُ الْمَالِ فَأَشْبَهَتْ النَّفَقَةَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ آخَرُ ( أُخِذَتْ ) زَكَاتُهُ ( مِنْ الرَّهْنِ ) أَيْ الْمَرْهُونِ فَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ بَيْعَ جُزْءٍ مِنْ الْمَالِ فِيهَا ( وَلَا يَلْزَمُهُ إبْدَالُهُ ) يَعْنِي بَدَلَ مَا أُخِذَ مِنْ الْمَرْهُونِ ( إنْ أَيْسَرَ ) لِيَكُونَ رَهْنًا لِتَعَلُّقِهِ بِعَيْنِ الْمَالِ بِغَيْرِ اخْتِيَارٍ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزَّكَاةِ طَرَأَ عَلَى الرَّهْنِ فَصَارَ كَتَلَفِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ
( قَوْلُهُ قَالَ الْبَغَوِيّ وَلَا خِيَارَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ ) أَيْ الْأَمْوَالِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْعُشْرُ أَوْ بَعْضُهُ وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ مَعَ مَا يَأْتِي قَوْله تَعَالَى { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ( وَهِيَ ) أَيْ زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ ( وَاجِبَةٌ فِي نِصَابٍ ) مِمَّا ( يُقْتَاتُ حَالَ الِاخْتِيَارِ ) وَلَوْ نَادِرًا ( وَهُوَ ) مِنْ الثِّمَارِ ( ثَمَرُ النَّخْلِ وَالْعِنَبُ خَاصَّةً وَمِنْ الْحُبُوبِ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَيُقَالُ بِكَسْرِهَا وَالسُّلْتُ وَسَيَأْتِي ( وَالْأَرُزُّ ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ ( وَالذُّرَةُ ) بِمُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُخَفَّفَةٍ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ ( وَالدُّخْنُ ) بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنْ الذُّرَةِ إلَّا أَنَّهُ أَصْغَرُ مِنْهَا ( وَالْعَدَسُ ) بِفَتْحِ الدَّالِ وَمِثْلُهُ الْبِسِلَّا ( وَالْحِمَّصُ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ مَعَ كَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا ( وَالْبَاقِلَّا ) بِالتَّشْدِيدِ مَعَ الْقَصْرِ وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ وَبِالتَّخْفِيفِ مَعَ الْمَدِّ وَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَقَدْ تُقْصَرُ الْفُولُ .
( وَاللُّوبِيَا ) بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتُسَمَّى الدِّجْرَ أَيْضًا بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَالرَّاءِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ ( وَالْمَاشُّ ) بِالْمُعْجَمَةِ نَوْعٌ مِنْ الْجُلُبَّانِ بِضَمِّ الْجِيمِ ( وَالْهُرْطُمَانُ ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَالطَّاءِ الْجُلُبَّانُ وَيُقَالُ لَهُ الْخُلَّرُ بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ وَبَعْدَهَا ر فَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الْجَمِيعِ لِوُرُودِهَا فِي بَعْضِهِ فِي الْأَخْبَارِ الْآتِيَةِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْبَاقِي وَأَمَّا { قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُمَا إلَى الْيَمَنِ فِيمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ لَا تَأْخُذْ الصَّدَقَةَ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ } فَالْحَصْرُ فِيهِ إضَافِيٌّ لِمَا

رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالسَّيْلُ وَالْبَعْلُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ } وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي التَّمْرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ فَأَمَّا الْقِثَّاءُ وَالْبِطِّيخُ وَالرُّمَّانُ وَالْقَضْبُ فَعَفْوٌ عَفَا عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَضْبُ بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّطْبُ بِسُكُونِ الطَّاءِ وَاخْتَصَّ الْوُجُوبُ بِالْمُقْتَاتِ وَهُوَ مَا يَقُومُ بِهِ بَدَنُ الْإِنْسَانِ غَالِبًا لِأَنَّ الِاقْتِيَاتَ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي لَا حَيَاةَ بِدُونِهِ فَوَجَبَ فِيهِ حَقٌّ لِأَرْبَابِ الضَّرُورَاتِ وَخَرَجَ بِمَا يُقْتَاتُ غَيْرُهُ وَمِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَا تَجِبُ ) الزَّكَاةُ ( فِي زَيْتُونٍ وَزَعْفَرَانٍ وَوَرْسٍ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ نَبْتٌ أَصْفَرُ بِالْيَمَنِ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ وَغَيْرُهَا ( وَعَسَلٍ ) مِنْ نَحْلٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَقُرْطُمٍ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَالطَّاءِ وَضَمِّهِمَا حَبُّ الْعُصْفُرِ ( وَتُرْمُسٍ ) بِضَمِّ التَّاءِ وَالْمِيمِ ( وَحَبِّ فُجْلٍ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ كَالْبِطِّيخِ وَالْكُمَّثْرَى وَالرُّمَّانِ وَخَرَجَ بِحَالِ الِاخْتِيَارِ مَا يُقْتَاتُ حَالَ الضَّرُورَةِ كَحَبِّ الْغَاسُولِ وَالْحَنْظَلِ وَالْحُلْبَةِ .

( بَابُ زَكَاةِ الْمُعَشَّرَاتِ ) ( قَوْلُهُ قَوْله تَعَالَى { وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } ) وقَوْله تَعَالَى { أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الْأَرْضِ } فَأَوْجَبَ الْإِنْفَاقَ مِمَّا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ وَهُوَ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ فِيمَا أَخْرَجَتْهُ الْأَرْضُ غَيْرَهَا ( قَوْلُهُ يَقْتَاتُ حَالَ الِاخْتِيَارِ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَقَوْلُهُمْ مِمَّا يُنْبِتُهُ الْآدَمِيُّونَ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنْ تُقْصَدَ زِرَاعَتُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ مَا يَزْرَعُونَهُ حَتَّى لَوْ سَقَطَ الْحَبُّ مِنْ يَدِ مَالِكِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْغَلَّةِ أَوْ وَقَعَتْ الْعَصَافِيرُ عَلَى السَّنَابِلِ فَتَنَاثَرَ الْحَبُّ وَنَبَتَ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ نِصَابًا بِلَا خِلَافٍ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ صَدَقَةِ الْمَوَاشِي فِي مَسَائِلِ الْمَاشِيَةِ الْمَغْصُوبَةِ ( قَوْلُهُ فِي أَشْهَرِ اللُّغَاتِ ) الثَّانِيَةُ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْهَمْزَةَ مَضْمُومَةٌ أَيْضًا الثَّالِثَةُ ضَمُّهُمَا إلَّا أَنَّ الزَّايَ مُخَفَّفَةٌ عَلَى وَزْنِ كَتَبَ الرَّابِعَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ كَوَزْنِ قُفْلٍ الْخَامِسَةُ حَذْفُ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدُ الزَّايِ السَّادِسَةُ رُنْزٌ أَيْ بِنُونٍ بَيْنَ الرَّاءِ وَالزَّايِ السَّابِعَةُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ تَخْفِيفِ الزَّايِ عَلَى وَزْنِ عَضَدَ ( قَوْلُهُ وَأُلْحِقَ بِهَا الْبَاقِي ) وَثَبَتَ أَيْضًا انْتِفَاؤُهَا فِي بَعْضِ مَا لَا يَصْلُحُ لِلِاقْتِيَاتِ فَأَلْحَقْنَا الْبَاقِيَ بِهِ .

( فَصْلٌ وَنِصَابُهَا ) أَيْ الْمُعَشَّرَاتِ ( بَعْدَ تَصْفِيَةِ الْحُبُوبِ ) مِنْ تِبْنٍ وَقِشْرٍ لَا يُؤْكَلُ مَعَهَا غَالِبًا وَغَيْرِهِمَا ( وَجَفَافِ الثِّمَارِ ) إنْ أَتَى مِنْهَا تَمْرٌ وَزَبِيبٌ ( خَمْسَةُ أَوْسُقٍ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنْ التَّمْرِ صَدَقَةٌ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { لَيْسَ فِي حَبٍّ وَلَا تَمْرٍ صَدَقَةٌ حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ } وَقَدْ { أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُخْرَصَ الْعِنَبُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ وَتُؤْخَذُ زَكَاتُهُ زَبِيبًا كَمَا تُؤْخَذُ زَكَاةُ النَّخْلِ } تَمْرًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَاهُ وَجَعَلَ فِيهِ النَّخْلَ أَصْلًا لِأَنَّ خَيْبَرَ فُتِحَتْ أَوَّلًا وَبِهَا نَخْلٌ وَقَدْ بَعَثَ إلَيْهِمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ فَخَرَصَهَا فَلَمَّا فَتَحَ الطَّائِفَ وَبِهَا الْعِنَبُ الْكَثِيرُ أَمَرَ بِخَرْصِهِ كَخَرْصِ النَّخْلِ الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ وَلِأَنَّ النَّخْلَ كَانَتْ عِنْدَهُمْ أَكْثَرَ وَأَشْهَرَ ذَكَرَهُمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ إنَّ الْأَوَّلَ أَحْسَنُهُمَا ( وَهِيَ ) أَيْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ .
( أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ بِالْبَغْدَادِيِّ .
وَالْوَسْقُ ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَأَشْهَرُ وَأَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا ( سِتُّونَ صَاعًا ) كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُ وَالصَّاعُ خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثٌ فَالْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَهِيَ بِالْمَنِّ الصَّغِيرِ ثَمَانُمِائَةِ مَنٍّ لِأَنَّ الْمَنَّ رِطْلَانِ وَبِالْكَبِيرِ الَّذِي وَزْنُهُ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ كَالرِّطْلِ الدِّمَشْقِيِّ ثَلَاثُمِائَةِ مَنٍّ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَثُلُثًا مِنْ عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ إنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ دِرْهَمًا وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ إنَّهُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ فَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ مَنٍّ وَاثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ مَنًّا وَسِتَّةُ أَسْبَاعِ مَنٍّ وَبِالْمِصْرِيِّ

أَلْفُ رِطْلٍ وَأَرْبَعُمِائَةِ رِطْلٍ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ رِطْلًا وَنِصْفُ رِطْلٍ وَنِصْفُ أُوقِيَّةٍ وَثُلُثُهَا وَسُبْعَا دِرْهَمٍ وَبِالْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ قَالَ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ بِجَعْلِ الْقَدَحَيْنِ صَاعًا كَزَكَاةِ الْفِطْرِ وَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ .
وَالسُّبْكِيُّ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَقَدْ اُعْتُبِرَتْ الْقَدَحُ الْمِصْرِيُّ بِالْمُدِّ الَّذِي حَرَّرْته فَوَسِعَ مُدَّيْنِ وَسُبْعًا تَقْرِيبًا فَالصَّاعُ قَدْحَانِ إلَّا سُبْعَيْ مُدٍّ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ مُدًّا سَبْعَةُ أَقْدَاحٍ وَكُلُّ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا وَيْبَةٌ وَنِصْفٌ وَرُبْعٌ فَثَلَاثُونَ صَاعًا ثَلَاثُ وَيْبَاتٍ وَنِصْفٌ فَثَلَاثُمِائَةِ صَاعٍ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ وَيْبَةً وَهِيَ خَمْسَةُ أَرَادِبَّ وَنِصْفٌ وَثُلُثٌ فَالنِّصَابُ عَلَى قَوْلِهِ خَمْسُمِائَةٍ وَسِتُّونَ قَدَحًا وَعَلَى قَوْلِ الْقَمُولِيِّ سِتُّمِائَةٍ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ أَوْجَهُ لِأَنَّ كَوْنَ الصَّاعِ قَدَحَيْنِ تَقْرِيبٌ وَتُعْتَبَرُ الْأَوْسُقُ ( كَيْلًا ) لَا وَزْنًا وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ بِالْوَزْنِ اسْتِظْهَارًا أَوْ إذَا وَافَقَ الْكَيْلَ ( وَتَحْدِيدًا ) لَا تَقْرِيبًا لِلْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَكَمَا فِي نِصَابِ الْمَوَاشِي وَغَيْرِهَا ( وَلَوْ لَمْ يَأْتِ مِنْهُ ) أَيْ الثَّمَرِ ( تَمْرٌ وَلَا زَبِيبٌ ) جَيِّدَانِ فِي الْعَادَةِ ( وَسْقٌ رَطْبًا ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ لِأَنَّهُ وَقْتُ كَمَالِهِ ( فَيَكْمُلْ بِهِ نِصَابُ مَا يَجِفُّ ) مِنْ ذَلِكَ قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّةُ جَفَافِهِ طَوِيلَةً كَسَنَةٍ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ ( وَ ) يَكْمُلُ ( بِالْخُلْطَةِ ) أَيْ بِسَبَبِهَا الْمَالُ الْمَخْلُوطُ بِمِلْكِ الشَّرِيكِ وَالْجَارِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِهَا ( وَمَا اُدُّخِرَ فِي قِشْرِهِ ) وَلَمْ يُؤْكَلْ مَعَهُ ( كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَاللَّامِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ ( فَنِصَابُهُ عَشَرُ أَوْسُقٍ ) اعْتِبَارُ الْقِشْرَةِ الَّذِي ادِّخَارُهُ فِيهِ أَصْلَحُ لَهُ أَوْ أَبْقَى بِالنِّصْفِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا تَجِبُ

تَصْفِيَتُهُ مِنْ قِشْرِهِ وَأَنَّ قِشْرَهُ لَا يَدْخُلُ فِي الْحِسَابِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَلَوْ كَانَتْ الْأَوْسُقُ الْخَمْسَةُ تَحْصُلُ مِنْ دُونِ الْعَشَرَةِ اعْتَبَرْنَاهُ دُونَهَا وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ دَالٌّ عَلَيْهِ ( وَلَا يَدْخُلُ قِشْرَةُ الْبَاقِلَّا السُّفْلَى ) فِي الْحِسَابِ لِأَنَّهَا غَلِيظَةٌ غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ لَكِنْ اسْتَغْرَبَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ كَجٍّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَنْصُوصُ فَإِنَّهُ ذَكَرَ النَّصَّ فِي الْعَلَسِ ثُمَّ قَالَ فَأَمَّا الْبَاقِلَّا وَالْحِمَّصُ وَالشَّعِيرُ فَيُطْحَنُ فِي قِشْرِهِ وَيُؤْكَلُ فَلِأَجْلِ ذَلِكَ اعْتَبَرْنَاهُ مَعَ قِشْرِهِ وَسِيَاقِهِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّةِ النَّصِّ .

قَوْلُهُ بِالْبَغْدَادِيِّ ) إنَّمَا قَدَّرَ الرِّطْلَ بِالْبَغْدَادِيِّ لِأَنَّهُ الرِّطْلُ الشَّرْعِيُّ كَمَا قَالَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ النَّوَوِيِّ إلَخْ ) قَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ سَبَبَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إنَّهُ كَانَ فِي الْأَصْلِ مِائَةً وَثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ وَأَرْبَعَةَ أَسْبَاعٍ ثُمَّ زَادُوا فِيهِ مِثْقَالًا لِإِرَادَةِ جَبْرِ الْكَسْرِ فَصَارَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ قَالَ وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ تَقْدِيرِ الْعُلَمَاءِ بِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْقَمُولِيُّ سِتَّةُ أَرَادِبَّ وَرُبْعُ إرْدَبٍّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَيْلًا ) الِاعْتِبَارُ بِمِكْيَالِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ ( قَوْلُهُ وَتَحْدِيدًا ) هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ هُنَا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَفِي الطَّهَارَةِ مِنْ الْمَجْمُوعِ وَرُؤْسُ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ تَقْرِيبٌ ( قَوْلُهُ جَيِّدَانِ فِي الْعَادَةِ ) بِأَنْ لَا يَجِفَّ أَصْلًا أَوْ يَجِفَّ رَدِيًّا قَالَ فِي الْعُبَابِ أَوْ لَا يَجِفُّ إلَّا لِنَحْوِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فِيمَا يَظْهَرُ ( قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ كَالْأَرُزِّ وَالْعَلَسِ ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْأَرُزَّ وَالْعَلَسَ ذُكِرَا مِثَالًا وَأَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ غَيْرَهُمَا يُدَّخَرُ فِي قِشْرِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ دَالٌّ عَلَيْهِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَنَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ ابْنِ كَجٍّ وَقَالَ إنَّهُ وَاضِحٌ ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ تَرْجِيحُ الدُّخُولِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ ) ( وَتَجِبُ ) الزَّكَاةُ عَلَى مَالِكِ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ ( وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُسْتَأْجَرَةً أَوْ ذَاتَ خَرَاجٍ ) فَتَجِبُ الزَّكَاةُ مَعَ الْأُجْرَةِ أَوْ الْخَرَاجِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَكَمَا فِي الْحَانُوتِ الْمُكْتَرَى لِلتِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُمَا حَقَّانِ اخْتَلَفَ سَبَبُهُمَا فَوَجَبَا كَمَا فِي قِيمَةِ الصَّيْدِ وَجَزَائِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ الْخَرَاجُ عُشْرَ الزَّرْعِ أُخِذَ مِنْ كُلِّ عَشَرَةِ أَوْسُقٍ وَسْقَانِ وَسْقٌ زَكَاةً وَوَسْقٌ خَرَاجًا وَأَمَّا خَبَرُ { لَا يَجْتَمِعُ عُشْرٌ وَخَرَاجٌ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ } فَضَعِيفٌ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَتَكُونُ الْأَرْضُ خَرَاجِيَّةً إذَا فَتَحَهَا الْإِمَامُ قَهْرًا وَقَسَمَهَا بَيْنَ الْغَانِمِينَ ثُمَّ تُعَوِّضُهَا وَوَقْفُهَا عَلَيْنَا وَضَرَبَ عَلَيْهَا خَرَاجًا أَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا وَيَسْكُنُهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ مَعْلُومٍ فَهِيَ لَنَا وَالْخَرَاجُ عَلَيْهَا أُجْرَةٌ لَا تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ فَإِنْ لَمْ تُشْرَطْ لَنَا لَكِنْ سَكَنَهَا الْكُفَّارُ بِخَرَاجٍ فَهُوَ جِزْيَةٌ تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي السِّيَرِ ( وَالنَّوَاحِي الَّتِي يُؤْخَذُ الْخَرَاجُ مِنْ أَرْضِهَا وَلَا يُعْرَفُ أَصْلُهُ بِحُكْمِ جَوَازِ أَخْذِهِ ) مِنْهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ بِحَقٍّ ( وَيَحْكُمُ بِمِلْكِ أَهْلِهَا لَهَا ) فَلَهُمْ التَّصَرُّفُ فِيهَا بِبَيْعٍ وَرَهْنٍ وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْيَدِ الْمِلْكُ ( وَلَا يَقَعُ الْخَرَاجُ الْمَأْخُوذُ ظُلْمًا بَدَلًا عَنْ الْعُشْرِ ) الْوَاجِبِ أَوْ بَعْضِهِ ( فَلَوْ أَخَذَهُ السُّلْطَانُ بَدَلًا عَنْهُ وَقَعَ ) عَنْهُ ( كَأَخْذِ الْقِيمَةِ ) فِي الزَّكَاةِ بِالِاجْتِهَادِ ( فَإِنْ نَقَصَ ) الْمَأْخُوذُ بَدَلًا ( عَنْ الْعُشْرِ ) أَوْ بَعْضِهِ ( تَمَّمَهُ ) وَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ .

( فَصْلٌ ) ( لَا زَكَاةَ فِيمَا يُسْتَغَلُّ مِنْ الْوَقْفِ لِلْمَسَاجِدِ ) أَيْ عَلَيْهَا ( وَنَحْوِهَا ) كَالرُّبُطِ ( وَ ) عَلَى ( الْجِهَةِ الْعَامَّةِ ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ إذْ لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ ( بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِينَ كَمَا سَبَقَ فِي ) بَابِ ( الْخُلْطَةِ ) .
( قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهَا مَالِكٌ مُعَيَّنٌ ) لَا زَكَاةَ فِيمَا حَمَلَهُ السَّيْلُ مِنْ حَبِّ دَارِ الْحَرْبِ وَنَبَتَ بِأَرْضِنَا وَلَا فِي ثِمَارِ النَّخِيلِ الْمُبَاحَةِ بِالصَّحْرَاءِ .

( فَصْلٌ ) ( لَا تُضَمُّ الْأَجْنَاسُ ) أَيْ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ لِانْفِرَادِ كُلٍّ بِاسْمٍ وَطَبْعٍ خَاصَّيْنِ كَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ( وَتُضَمُّ أَنْوَاعُ الْجِنْسِ ) أَيْ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ ( لِتَكْمِيلِ النِّصَابِ ) وَإِنْ اخْتَلَفَتْ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَاللَّوْنِ وَغَيْرِهِمَا كَالْبَرْنِيِّ وَالصَّيْحَانِيُّ مِنْ التَّمْرِ وَالطَّبَرِيَّةِ وَالْبَغْلِيَّةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالْقَاسَانِيِّ وَالسَّابُورِيِّ مِنْ الذَّهَبِ ( فَالْعَلَسُ نَوْعٌ مِنْ الْحِنْطَةِ ) وَهُوَ قُوتُ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ وَكُلُّ حَبَّتَيْنِ مِنْهُ فِي كِمَامَةٍ فَيُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ ( وَالسُّلْتُ ) بِضَمِّ السِّينِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ وَهُوَ حَبٌّ يُشْبِهُ الْحِنْطَةَ لَوْنًا وَالشَّعِيرَ طَبْعًا ( جِنْسٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ نَوْعٌ ( مُنْفَرِدٌ ) فَلَا يُضَمُّ إلَى أَحَدِهِمَا وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّ تَرَكُّبَ الشَّبَهَيْنِ يَمْنَعُ إلْحَاقِهِ بِأَحَدِهِمَا وَيَقْتَضِي كَوْنَهُ جِنْسًا بِرَأْسِهِ وَعَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ يَكُونُ ذَلِكَ مُسْتَثْنًى مِنْ جَوَازِ ضَمِّ الْأَنْوَاعِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ .

( فَرْعٌ إذَا وَرِثَا نَخْلًا مُثْمِرًا ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ ( وَاقْتَسَمَا ) ( قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اشْتَرَطَهُ لِلْخُلْطَةِ ) أَيْ خُلْطَةِ الْجِوَارِ ( شُرُوطُهَا ) السَّابِقَةُ فِي بَابِهَا فَإِنْ وَجَدْت زُكِّيَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ كَمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَإِلَّا فَزَكَاةُ الِانْفِرَادِ ( وَإِنْ بَدَا إصْلَاحُ ثَمَرِهَا ) أَيْ النَّخْلِ ( فِي مِلْكِهِمَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ ) ( وَجَبَ ) عَلَيْهِمَا ( زَكَاةُ الْخُلْطَةِ وَإِنْ اقْتَسَمَا ) لِاشْتِرَاكِهِمَا حَالَةَ الْوُجُوبِ .

( وَفِي الْقِسْمَةِ وَهِيَ ) وَالْحَالَةُ أَنَّهَا ( بَيْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إشْكَالٌ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَا ) أَيْ بِالثَّمَرَةِ فَكَيْفَ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ قَبْلَ إخْرَاجِهَا ( وَلِأَنَّ الرُّطَبَ لَا يُبَاعُ بِالرُّطَبِ ) لِمَا يَأْتِي فِي الرِّبَا ( وَ ) أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّهُ ( قَدْ تُمْكِنُ الْقِسْمَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ ) لِلثِّمَارِ ( وَالتَّضْمِينِ ) لِحَقِّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَعَنْ الثَّانِي بِمَا صُوِّرَ بِهِ لِقِسْمَةٍ بَعْدَ الْخَرْصِ وَالتَّضْمِينِ بِقَوْلِهِ ( بِأَنْ يَشْتَرِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ ثَمَرَةً وَجِذْعًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَثَلًا وَيَتَقَاصَّا ) أَيْ وَيَقَعُ بَيْنَهُمَا التَّقَاصُّ فِي الدَّرَاهِمِ قَالَ الْأَئِمَّةُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّ الْمَبِيعَ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالنَّخْلِ مَعًا فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهَا كُلَّهَا بِثَمَرَتِهَا صَفْقَةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إذَا أُفْرِدَتْ الثَّمَرَةُ بِالْبَيْعِ ( أَوْ ) بِأَنْ ( يَبِيعَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَرِهَا ) أَيْ ثَمَرِ إحْدَى النَّخْلَتَيْنِ ( بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ جِذْعِهَا فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ اُشْتُرِطَ الْقَطْعُ ) لِأَنَّهُ بَيْعُ ثَمَرَةٍ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى جِذْعِ الْبَائِعِ ( إلَّا ) أَيْ لَكِنْ ( إنْ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْجِذْعِ بِنَصِيبِ صَاحِبِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ وَالْجِذْعِ جِذْعُ هَذِهِ بِثَمَرَةِ تِلْكَ وَعَكْسُهُ وَتَقَابَضَا ) بَلْ أَوْ لَمْ يَتَقَابَضَا فَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْقَاضِي وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الثَّمَرِ لِمَالِكِ الشَّجَرِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْقَطْعُ .
وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ( أَوْ ) بِأَنْ كَانَتْ النَّخِيلُ ( الْمُثْمِرَةُ بَعْضَ النَّخْلِ فَاقْتَسَمُوا وَجَعَلُوا الْمُثْمِرَ قِسْمًا وَغَيْرَ الْمُثْمِرِ قِسْمًا ) وَهَذِهِ قِسْمَةُ تَعْدِيلٍ وَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي

أَنْ يُؤْتَى بِضَمِيرِ التَّثْنِيَةِ وَقَدْ وُجِدَ كَذَلِكَ فِيمَا يَأْتِي فِي نُسْخَةٍ ، هَذَا كُلِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ ( فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ وَقَدْ أَثْمَرَتْ نَخْلَةٌ قَبْلَ مَوْتِهِ ) لَا حَاجَةَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ لِلْعِلْمِ بِهَا مِمَّا مَرَّ أَوَّلَ الْفَرْعِ ( لَزِمَتْهُمْ الزَّكَاةُ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا ) بَعْدَ مَوْتِهِ لِأَنَّهَا مِلْكُهُمْ مَا لَمْ تُبَعْ فِي الدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ لَهُمْ أَنْ يُمْسِكُوهَا وَيَقْضُوا الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِهَا ( فَإِنْ كَانُوا مُوسِرِينَ أُخِذَتْ ) أَيْ الزَّكَاةُ ( مِنْ مَالِهِمْ وَصُرِفَ النَّخْلُ وَالثَّمَرَةُ لِلْغُرَمَاءِ ) فِي دَيْنِهِمْ ( أَوْ ) كَانُوا ( مُعْسِرِينَ قُدِّمَتْ الزَّكَاةُ ) عَلَى دَيْنِ الْغُرَمَاءِ لِأَنَّ حَقَّهَا أَقْوَى تَعَلُّقًا بِالْمَالِ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَسْقُطْ بِتَلَفِ الْمَالِ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقَبْلَ إمْكَانِ الْأَدَاءِ وَالدَّيْنُ لَا يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الْمَرْهُونِ ثُمَّ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ غَيْرِهِ فَحَقُّ الزَّكَاةِ أَوْلَى ( وَيَرْجِعُ بِهَا ) أَيْ بِالزَّكَاةِ أَيْ بِقَدْرِهَا ( الْغُرَمَاءُ عَلَى الْوَرَثَةِ ) إذَا أَيْسَرُوا لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِمْ وَبِسَبَبِهَا تَلِفَ ذَلِكَ الْقَدْرُ عَلَى الْغُرَمَاءِ ( قَالَ ) الْبَغَوِيّ ( فِي التَّهْذِيبِ هَذَا إذَا قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ ) فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَا رُجُوعَ ( أَمَّا إذَا طَلَعَ ) النَّخْلُ ( بَعْدِ الْمَوْتِ فَلَا حَقَّ لِلْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَرَةِ ) بَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْوَرَثَةِ لِحُدُوثِهَا عَلَى مِلْكِهِمْ .
( قَوْلُهُ وَفِي الْقِسْمَةِ وَهِيَ بَيْعٌ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إشْكَالٌ ) أَمَّا عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّ قِسْمَةَ مَا ذُكِرَ إفْرَازٌ فَلَا إشْكَالَ قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ فَلَا رُجُوعَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ وَإِنْ أَثْمَرَ نَخْلٌ أَوْ كَرْمٌ فَجُدَّ ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيْ قُطِعَ ( ثُمَّ أَطْلَعَ فِي عَامِهِ ) وَهُوَ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ غَيْرُ صَحِيحٍ ( فَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( حُكْمُهُ ) فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ لِأَنَّ كُلَّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ ( وَإِنْ أَطْلَعَ أَحَدُ نُخَلِّيه ثُمَّ أَطْلَعَ الثَّانِي قَبْلَ جَدَادِ الْأَوَّلِ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِهَا ( وَكَذَا بَعْدَهُ ضُمَّا ) أَيْ ضُمَّ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ ( فِي إكْمَالِ النِّصَابِ إنْ اتَّحَدَ الْعَامُ ) وَالْعِبْرَةُ فِي الضَّمِّ هُنَا بِإِطْلَاعِهِمَا فِي عَامٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الزَّرْعَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الْوَاجِبِ ) مِنْهُمَا ( لِلسَّقْيِ ) بِأَنْ سَقَى أَحَدَهُمَا بِمُؤْنَةٍ وَالْآخَرَ بِدُونِهَا لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعَامُ فَلَا ضَمَّ وَإِنْ أَطْلَعَ ثَمَرُ الْعَامِ الثَّانِي قَبْلَ جَدَادِ الْأَوَّلِ ( وَوَقْتُ الْجَدَادِ ) أَيْ نِهَايَةُ وَقْتِهِ ( كَالْجَدَادِ ) لِأَنَّ الثِّمَارَ بَعْدَ وَقْتِ الْجَدَادِ كَالْمَجْدُودَةِ فَلَوْ جَاءَ وَقْتُ جَدَادِ ثَمَرِ نَخْلٍ وَلَمْ يَجِدَّ ثُمَّ أَطْلَعَ فَلَا ضَمَّ .

( قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْعَامُ ) لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَجْرَى عَادَتَهُ بِأَنَّ إدْرَاكَ الثِّمَارِ لَا يَكُونُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ أَجْرَى عَادَتَهُ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ بِذَلِكَ إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ فَلَوْ اُعْتُبِرَ التَّسَاوِي فِي الْإِدْرَاكِ لَمْ يُتَصَوَّرْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فَاعْتُبِرَ الْعَامُ الْوَاحِدُ وَنَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ) عِبَارَةُ إرْشَادِهِ وَأَنْوَاعُ ثَمَرٍ أَطْلَعَتْ فِي عَامٍ وَقَالَ فِي شَرْحِهِ قَوْلُهُ فِي الْحَاوِي إنْ قُطِعَا عَامًا فِي الْقُوتِ جُعِلَ الِاعْتِبَارُ فِي ضَمِّ النَّوْعَيْنِ فِي الثَّمَرِ مِنْ النَّخْلِ وَالْعِنَبِ أَنْ يُقْطَعَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالِاطِّلَاعِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي شَرْحِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَا مَا فِي الْحَاوِي مِنْ اعْتِبَارِ الْقَطْعِ وَهُوَ الْجَدَادُ فِي عَامٍ .

( فَرْعٌ ) ( لَوْ كَانَ لَهُ نَخْلٌ تِهَامِيَّةٌ تَحْمِلُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ وَنَجْدِيَّةٌ تُبْطِئُ ) بِحَمْلِهَا ( فَحَمَلَتْ النَّجْدِيَّةُ بَعْدَ جَدَادِ حَمْلِ الْأُولَى ) أَيْ التِّهَامِيَّةِ فِي الْعَامِ ( ضُمَّتْ ) أَيْ النَّجْدِيَّةُ أَيْ ثَمَرَتُهَا ( إلَيْهِ ) أَيْ إلَى حَمْلِ التِّهَامِيَّةِ ( فَإِنْ أَدْرَكَهَا ) حَمْلُ التِّهَامِيَّةِ ( الثَّانِي لَمْ يُضَمُّ إلَيْهَا ) وَلَوْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِأَنَّا لَوْ ضَمَمْنَاهُ إلَيْهَا لَزِمَ ضَمُّهُ إلَى حَمْلِ التِّهَامِيَّةِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ كُلَّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ .

( فَصْلٌ وَإِنْ تَوَاصَلَ بَذْرٌ لِزَرْعٍ ) بِأَنْ امْتَدَّ ( شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ مُتَلَاحِقًا ) عَادَةً ( فَذَلِكَ زَرْعٌ وَاحِدٌ ) لِضَرُورَةِ التَّدْرِيجِ وَزَادَ قَوْلَهُ مُتَلَاحِقًا ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُ يُفِيدُ قَوْلَنَا عَادَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ زَادَ بَدَلَهُ عَادَةً كَانَ أَوْلَى ( وَإِنْ تَفَاصَلَ وَ ) ذَلِكَ بِأَنْ ( اخْتَلَفَتْ أَوْقَاتُهُ ) عَادَةً ( ضُمَّ مَا حَصَلَ حَصَادُهُ ) أَيْ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ إنْ حُصِدَا ( فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ) اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا عَرَبِيَّةً وَإِنْ لَمْ يَقَعْ الزَّرْعَانِ فِي سَنَةٍ إذْ الْحَصَادُ هُوَ الْمَقْصُودُ وَعِنْدَهُ يَسْتَقِرُّ الْوُجُوبُ وَاعْتِبَارُ الْحَصَادِ عَزَاهُ الشَّيْخَانِ إلَى الْأَكْثَرِينَ وَصَحَّحَاهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ نَقْلٌ بَاطِلٌ يَطُولُ الْقَوْلُ فِي تَفْصِيلِهِ وَالْحَاصِلُ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ صَحَّحَهُ فَضْلًا عَنْ عَزْوِهِ إلَى الْأَكْثَرِينَ بَلْ رَجَّحَ كَثِيرُونَ اعْتِبَارَ وُقُوعِ الزَّرْعَيْنِ فِي عَامٍ مِنْهُمْ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ ابْنُ النَّقِيبِ ( وَالْمُسْتَخْلَفُ ) مِنْ أَصْلٍ كَذُرَةٍ سَنْبَلَتْ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي عَامٍ ( يُضَمُّ إلَى الْأَصْلِ ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُمَا يُرَادَانِ لِلتَّأْبِيدِ فَجُعِلَ كُلِّ حَمْلٍ كَثَمَرَةِ عَامٍ بِخِلَافِ الذُّرَةِ وَنَحْوِهَا فَأُلْحِقَ الْخَارِجُ مِنْهَا ثَانِيًا بِالْأَوَّلِ كَزَرْعٍ تَعَجَّلَ إدْرَاكُ بَعْضِهِ .
( وَمَا نَبَتَ مِنْ انْتِثَارِ الزَّرْعِ ) أَيْ مِمَّا انْتَثَرَ مِنْ حَبَّاتِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِنَقْرِ عُصْفُورٍ أَوْ بِهُبُوبِ رِيحٍ فِي عَامٍ ( فَيُضَمُّ إلَى أَصْلِهِ ) قَطْعًا لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِقَصْدٍ ( وَقِيلَ كَالزَّرْعَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ ) وَقْتًا فَيُضَمُّ عَلَى الْأَصَحِّ وَهَذَا لَا يُنَاسِبُ طَرِيقَتَهُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ يُضَمُّ أَوْ يَحْذِفُ الْمَسْأَلَةَ لِعِلْمِهَا مِمَّا مَرَّ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْأَصْلَ أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ لِعَدَمِ عِلْمِهَا مِمَّا مَرَّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ أَفْرَدَهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا بِوَجْهٍ خَاصٍّ وَلِيُبَيِّنَ أَنَّهَا

مَعَ صُورَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ وَقَعَتْ تَصْوِيرًا لِكَلَامٍ نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ نَقْلٌ بَاطِلٌ إلَخْ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ فَالْمُثْبِتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي ( قَوْلُهُ قِيلَ يُضَمُّ إلَى أَصْلِهِ قَطْعًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِي الْبَعْلِ وَهُوَ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ ) لِقُرْبِهِ مِنْ الْمَاءِ ( وَفِيمَا سُقِيَ بِمَاءِ مَطَرٍ أَوْ نَهْرٍ وَنَحْوِهِ كَالْعُيُونِ وَكَذَا قَنَاةٌ وَسَاقِيَةٌ ) حُفِرَتَا مِنْ النَّهْرِ وَإِنْ ( احْتَاجَتْ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( مُؤْنَةً وَ ) يَجِبُ ( فِيمَا سُقِيَ بِمُؤْنَةٍ كَالنَّضْحِ ) أَيْ السَّقْيِ بِنَاضِحٍ ( وَالدَّوَالِيبُ ) جَمْعُ دُولَابٍ بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ يُفْتَحُ وَيُقَالُ لَهُ الدَّالِيَةُ وَهِيَ الْمَنْجَنُونُ وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْحَيَوَانُ وَقِيلَ الدَّالِيَةُ الْبَكَرَةُ ( وَالنَّاعُورُ ) وَهُوَ مَا يُدِيرُهُ الْمَاءُ ( نِصْفُ الْعُشْرِ ) وَذَلِكَ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ { فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ عَثَرِيًّا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { فِيمَا سَقَتْ الْأَنْهَارُ وَالْغَيْمُ الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّانِيَةِ نِصْفُ الْعُشْرِ } وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد { فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ وَالْأَنْهَارُ وَالْعُيُونُ أَوْ كَانَ بَعْلًا الْعُشْرُ وَفِيمَا سُقِيَ بِالسَّوَانِي وَالنَّضْحِ نِصْفُ الْعُشْرِ } وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُؤْنَةِ وَخِفَّتُهَا كَمَا فِي السَّائِمَةِ وَالْمَعْلُوفَةِ بِالنَّظَرِ إلَى الْوُجُوبِ وَعَدَمِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمُؤْنَةِ الْقَنَاةِ وَالسَّاقِيَةِ لِأَنَّهُمَا لِعِمَارَةِ الصَّنِيعَةِ لَا لِنَفْسِ الزَّرْعِ فَإِذَا تَهَيَّأَتْ وَصَلَ الْمَاءُ بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ النَّضْحِ وَنَحْوِهِ وَالْعَثَرِيُّ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَقِيلَ بِإِسْكَانِهَا مَا سُقِيَ بِالسَّيْلِ الْجَارِي إلَيْهِ فِي حَفْرٍ وَتُسَمَّى الْحُفَرُ عَاثُورَاءَ لِتَعَثُّرِ الْمَارِّ بِهَا إذَا لَمْ يَعْلَمْهَا وَالْغَيْمُ الْمَطَرُ وَالسَّانِيَةُ وَالنَّاضِحُ مَا يُسْتَقَى عَلَيْهِ مِنْ بَعِيرٍ وَنَحْوِهِ وَالْأُنْثَى نَاضِحَةٌ ( وَكَذَا ) يَجِبُ عَلَيْهِ نِصْفُ الْعُشْرِ ( إنْ اشْتَرَى الْمَاءَ أَوْ غَصَبَهُ ) لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ فِيهِمَا ( أَوْ اتَّهَبَهُ ) لِعِظَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ وَكَمَا لَوْ عُلِفَتْ مَاشِيَتُهُ بِعَلَفٍ مَوْهُوبٍ .

قَوْلُهُ وَسَاقِيَةٌ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ وَلَا إدَارَةَ فِيهَا ( قَوْلُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ قَصَدَ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الزَّرْعِ السَّقْيَ بِأَحَدِ الْمَاءَيْنِ ثُمَّ حَصَلَ السَّقْيُ بِالْآخَرِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ اشْتَرَى الْمَاءَ ) عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ أَوْ بِمَا اشْتَرَاهُ الْأَصْوَبُ قِرَاءَةُ مَا فِي قَوْلِهِ بِمَا اشْتَرَاهُ مَقْصُورَةٌ عَلَى أَنَّهَا مَوْصُولَةٌ لَا مَمْدُودَةٌ اسْمًا لِلْمَاءِ الْمَعْرُوفِ فَإِنَّهَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ تَعُمُّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ بِخِلَافِ الْمَمْدُودَةِ قَالَ شَيْخُنَا هَكَذَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَيُجَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الثَّلْجَ وَالْبَرَدَ قَبْلَ ذَوْبِهِمَا كَمَا لَا يُسَمَّيَانِ مَاءً لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ بِهِمَا فَلَا يُمْكِنُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَهُ وَبَعْدَهُ مَاءٌ بِلَا خِلَافٍ فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ .

( فَرْعٌ إذَا سُقِيَ الزَّرْعُ ) الْوَاحِدُ ( بِمَاءِ السَّمَاءِ وَالدَّوَالِيبِ ) مَثَلًا ( وَجَبَ ) إخْرَاجُ الزَّكَاةِ ( بِالْقِسْطِ ) لِظَاهِرِ الْأَخْبَارِ السَّابِقَةِ وَعَمَلًا بِوَاجِبِهِمَا ( فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ ) أَيْ نِصْفُ السَّقْيِ ( بِهَذَا وَالنِّصْفُ بِهَذَا وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ ) أَوْ ثُلُثَاهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ وَثُلُثُهُ بِالدُّولَابِ وَجَبَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الْعُشْرِ وَفِي عَكْسِهِ ثُلُثَا الْعُشْرِ ( وَالْمُعْتَبَرُ ) فِي التَّقْسِيطِ ( نَفْعُ السَّقْيَاتِ ) بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ ( وَلَوْ كَانَ ) السَّقْيُ ( الثَّانِي ) أَيْ الْآخَرُ ( أَكْثَرَ عَدَدًا ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالسَّقْيِ وَرُبَّ سَقْيَةٍ أَنْفَعُ مِنْ سَقَيَاتٍ وَيُعَبَّرُ عَنْ هَذَا بِعَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ ( فَلَوْ ) كَانَتْ الْمُدَّةُ مِنْ يَوْمِ الزَّرْعِ إلَى يَوْمِ الْإِدْرَاكِ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَ ( احْتَاجَ فِي سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) زَمَنَ الشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ ( إلَى سَقِيَّتَيْنِ فَسَقَى بِالْمَطَرِ وَ ) احْتَاجَ ( فِي شَهْرَيْنِ مِنْ ) زَمَنِ ( الصَّيْفِ إلَى ) سَقِيَّات ( ثَلَاثَةٍ فَسَقَى بِالنَّضْحِ وَحَصَدَهُ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ لِلسَّقْيَتَيْنِ وَرُبْعُ نِصْفِهِ لِلثَّلَاثِ ) وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَصَدَهُ بَلْ مُضِرٌّ لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْوُجُوبَ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْحَصَادِ ( فَلَوْ سَقَاهُ ) أَيْ الزَّرْعَ ( بِهِمَا ) أَيْ بِالْمَطَرِ وَالنَّضْحِ ( وَجَهِلَ الْمِقْدَارَ ) مِنْ نَفْعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِاعْتِبَارِ الْمُدَّةِ ( وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ ) أَخْذًا بِالْأَسْوَأِ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّحَكُّمُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ زِيَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ عُلِمَ تَفَاوُتُهُمَا بِلَا تَعْيِينٍ فَقَدْ عَلِمْنَا نَقْصَ الْوَاجِبِ عَنْ الْعُشْرِ وَزِيَادَتَهُ عَلَى نِصْفِهِ فَيُؤْخَذُ الْمُتَيَقَّنُ وَيُوقَفُ الْبَاقِي إلَى الْبَيَانِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ فِي السَّقْيِ ) أَيْ فِيمَا سَقَى بِهِ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ وُجُوبِ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ فَإِنْ اتَّهَمَهُ السَّاعِي حَلَّفَهُ نَدْبًا قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .

S( قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَحَصَدَهُ إلَخْ ) ذَكَرَهُ لِبَيَانِ اسْتِغْنَاءِ الزَّرْعِ عَنْ السَّقْيِ بَعْدَهَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ الْوَاجِبُ مَا ذَكَرَهُ فَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ ( قَوْلُهُ فَيُؤْخَذُ الْمُتَيَقَّنُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ الْحُبُوبُ وَالثِّمَارُ ) بِأَنْ كَانَتْ أَنْوَاعًا ( أَخَذَهَا ) أَيْ الزَّكَاةَ ( مِنْ الْكُلِّ ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا ( بِالْحِصَّةِ ) إذْ لَا ضَرَرَ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي فَإِنَّا نَعْتَبِرُ قِيمَةَ الْأَنْوَاعِ وَنَأْمُرُهُ بِدَفْعِ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ التَّوْزِيعُ وَلَا يَأْخُذُ الْبَعْضَ مِنْ هَذَا وَالْبَعْضَ مِنْ هَذَا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ التَّشْقِيصِ كَمَا مَرَّ ( فَلَوْ عَسِرَ ) أَخْذُهَا مِنْ كُلٍّ مِنْهَا ( لِكَثْرَتِهَا وَقِلَّةِ الثَّمَرِ أَخَذَ مِنْ الْوَسَطِ ) مِنْهَا لَا مِنْ أَعْلَاهَا وَلَا مِنْ أَدْوَنِهَا رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ ( فَإِنْ أَخْرَجَ مِنْ الْأَعْلَى أَوْ تَكَلَّفَ وَأَخْرَجَ الْحِصَّةَ مِنْ الْكُلِّ قُبِلَ ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ وَزَادَ خَيْرًا فِي الْأُولَى وَالتَّصْرِيحُ بِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ .

( فَرْعٌ يَبْدَأُ ) السَّاعِي فِي الْكَيْلِ ( بِالْمَالِكِ ) فِي إخْرَاجِ حِصَّتِهِ لِأَنَّ حَقَّهُ أَكْثَرُ وَبِهِ يُعْرَفُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَوْ بَدَأَ بِهِمْ رُبَّمَا لَا يَفِي الْبَاقِي بِحَقِّهِ فَيَحْتَاجُ إلَى رَدِّ مَا كِيلَ لَهُمْ ( فَيَكِيلُ لَهُ تِسْعَةً مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ ) إنْ وَجَبَ الْعُشْرُ ( أَوْ تِسْعَةَ عَشَرَ إنْ وَجَبَ نِصْفُ الْعُشْرِ ثُمَّ يَأْخُذُ ) السَّاعِي ( وَاحِدًا ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ( أَوْ ) يَكِيلُ لَهُ ( سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَيَأْخُذُ ) هُوَ ( ثَلَاثَةً إنْ وَجَبَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ ) وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ وَالْعَدُّ ( وَلَا يَهُزُّ الْكَيَّالُ الْمِكْيَالَ وَلَا يَضَعُ يَدَهُ فَوْقَهُ وَلَا يَمْسَحُهُ بِالْيَدِ ) لِلِاخْتِلَافِ بِذَلِكَ ( بَلْ يَجْعَلُ فِيهِ مَا يَحْتَمِلُهُ ) ثُمَّ يُفْرِغُ .

( فَصْلٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ أَوْ الِاشْتِدَادِ فِي بَعْضِ الثَّمَرَةِ ) فِي الْأَوَّلِ ( أَوْ الْحَبِّ ) فِي الثَّانِي ( مُوجِبٌ لِلزَّكَاةِ فِي الْكُلِّ ) أَيْ فِي كُلِّ الثَّمَرَةِ أَوْ الْحَبِّ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ قَدْ صَارَا قُوتَيْنِ وَقَبْلَهُمَا كَانَا مِنْ الْخَضْرَاوَاتِ قَالُوا { وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ الْخَارِصَ لِلْخَرْصِ } حِينَئِذٍ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ لَبَعَثَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَمَا بَعَثَهُ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَجَعَلَ بُدُوَّ الصَّلَاحِ وَالِاشْتِدَادَ فِي الْبَعْضِ كَهُمَا فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( فَإِنْ اشْتَرَى نَخِيلًا وَثَمَرَتَهَا بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مُدَّتِهِ فَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ لَهُ الْمِلْكُ ) فِيهَا وَهُوَ الْبَائِعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ وَالْمُشْتَرِي إنْ كَانَ لَهُ ( وَإِنْ لَمْ يَبْقَ ) الْمِلْكُ ( لَهُ ) بِأَنْ أَمْضَى الْبَيْعَ فِي الْأُولَى وَفَسَخَ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إذَا لَمْ يَبْقَ الْمِلْكُ لَهُ وَأَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ عَلَيْهِ مَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي قَرِيبًا ( وَهِيَ ) أَيْ الزَّكَاةُ ( مَوْقُوفَةٌ إنْ قُلْنَا بِالْوَقْفِ ) لِلْمِلْكِ بِأَنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَمَنْ ثَبَتَ لَهُ الْمِلْكُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ ( وَإِنْ اشْتَرَاهَا ) أَيْ النَّخِيلَ بِثَمَرَتِهَا بَلْ أَوْ ثَمَرَتُهَا فَقَطْ ( كَافِرٌ ) أَوْ مُكَاتَبٌ ( فَبَدَا الصَّلَاحُ مَعَهُ ) أَيْ فِي مِلْكِهِ ( ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ ) أَوْ غَيْرِهِ كَإِقَالَةٍ ( بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ سَقَطَتْ زَكَاتُهَا ) يَعْنِي فَلَا زَكَاةَ فِيهَا عَلَى أَحَدٍ أَمَّا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ .
وَأَمَّا الْبَائِعُ فَلِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مِلْكَهُ حِينَ الْوُجُوبِ ( أَوْ ) اشْتَرَاهَا ( مُسْلِمٌ ) فَبَدَا الصَّلَاحُ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا ( لَمْ يَرُدَّ ) هَا عَلَى الْبَائِعِ ( قَهْرًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةَ بِهَا ) وَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلسَّاعِي أَخْذَهَا مِنْ عَيْنِ الْمَالِ لَوْ

تَعَذَّرَ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَخَرَجَ بِقَهْرٍ أَمَّا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِرِضَاهُ فَجَائِزٌ لِإِسْقَاطِ الْبَائِعِ حَقَّهُ ( فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الثَّمَرِ ( أَوْ مِنْ غَيْرِهِ ) الْأَنْسَبُ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا ( فَكَمَا سَبَقَ فِي ) الشَّرْطِ الرَّابِعِ لِزَكَاةِ ( النَّعَمِ ) مِنْ أَنَّهُ يَرُدُّ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ وَلَهُ فِيهِ الْأَرْشُ ( وَإِنْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ ) وَحْدَهَا ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَبَدَا الصَّلَاحُ حَرُمَ الْقَطْعُ لَحِقَ الْفُقَرَاءِ ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ بِهَا ( فَإِذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْإِبْقَاءِ فَلَهُ الْفَسْخُ ) لِتَضَرُّرِهِ بِمَصِّ الثَّمَرَةِ مَاءَ الشَّجَرَةِ .
( وَلَوْ رَضِيَ بِهِ ) وَأَبَى الْمُشْتَرِي إلَّا الْقَطْعَ ( لَمْ يَكُنْ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ ) لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا وَالْقَاطِعَ إنَّمَا كَانَ لِحَقِّهِ حَتَّى لَا تَمْتَصَّ الثَّمَرَةُ مَاءَ الشَّجَرَةِ فَإِذَا رَضِيَ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ بِحَالِهَا ( وَلِلْبَائِعِ الرُّجُوعُ فِي الرِّضَا ) بِالْإِبْقَاءِ لِأَنَّ رِضَاهُ إعَارَةٌ أَمَّا الْمُشْتَرِي إذَا رَضِيَ بِالْإِبْقَاءِ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ وَأَقَرَّهُ بَلْ لَا مَعْنَى لِرُجُوعِهِ إذْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهُ أَصْلًا ( وَإِذَا فُسِخَ ) الْبَيْعُ ( لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمُشْتَرِي ) لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ كَانَ فِي مِلْكِهِ ( فَإِذَا أَخَذَهَا السَّاعِي مِنْ الثَّمَرَةِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي ) .

قَوْلُهُ وَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ بِيَدِهِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَتَعْبِيرُهُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ قَدْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ وَتَبِعَهُ الرَّوْضَةُ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ وَالصَّوَابُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِيمَا إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي الثَّمَرَةِ بَعْدَ انْتِقَالِهَا إلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا تَنْتَقِلُ إنْ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ قَبْلَ التَّأْبِيرِ وَلَيْسَ دَائِرًا مَعَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَعَدَمِهِ أَوْ تُصَوَّرُ الْمَسْأَلَةُ بِبَيْعِ الثِّمَارِ مَعَ الْأَشْجَارِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُقَرَاءَ يَصِيرُونَ شُرَكَاءَ رَبِّ الْمَالِ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي مِثَالِهِمَا حَالَةً خَارِجًا عَنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ كَالْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ يَجُرُّ ذَلِكَ أُمُورًا مِنْهَا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَأَنَّهُ إذَا أَدَّى الزَّكَاةَ يَعُودُ الْمِلْكُ لِمَنْ .
ا هـ .
وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوَسُّطِ بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِتَصْوِيبِهِ وَكَلَامُ الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ظَاهِرٌ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِبَيْعِ الْأَشْجَارِ مَعَ الثِّمَارِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمَا عَقِبَ ذَلِكَ أَمَّا إذَا بَاعَ الثَّمَرَةَ وَحْدَهَا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَهُوَ يَدُلُّك عَلَى أَنَّ الصُّورَةَ فِيمَا إذَا بَاعَهُمَا مَعًا وَالشَّيْخَانِ تَبِعَا فِي ذَلِكَ التَّهْذِيبَ وَعِبَارَةُ الْإِمَامِ فِي النِّهَايَةِ مَنْ اشْتَرَى الْأَشْجَارَ وَالثِّمَارَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَزِمَ لَهُ الشِّرَاءُ ثُمَّ بَدَا الصَّلَاحُ فَقَدْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمَسَاكِينِ فَلَوْ رَامَ رَدًّا بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ .
ا هـ .
لَفْظُهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا بَاعَ الْأَشْجَارَ وَحْدَهَا قَالَ ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فَالصَّوَابُ التَّعْبِيرُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ كَمَا عَبَّرَا بِهِ لَا بِالتَّأْبِيرِ لِأَنَّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ هُوَ الْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ الزَّكَاةِ وَأَمَّا

التَّأْبِيرُ فَإِنَّمَا هُوَ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَتَصْوِيرُ الِانْتِقَالِ لَا يَخْتَصُّ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ وَذَلِكَ مُقَرَّرٌ فِي بَابِهِ .
ا هـ .
وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ قَوْلَهُ إنَّ الْفُقَرَاءَ يَصِيرُونَ شُرَكَاءَ بِسَبَبِ الزَّكَاةِ وَقَالَ إنَّ الصَّوَابَ التَّعْبِيرُ بِيَصِيرُونَ شُرَكَاءَ بِقَدْرِ الزَّكَاةِ قَالَ وَهَذِهِ الشَّرِكَةُ لَيْسَتْ شَرِكَةً حَقِيقَةً حَتَّى يَرِدَ مَا أَوْرَدَهُ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْفَاسِدَةِ بَلْ إذَا أَخْرَجَ الْمُشْتَرِي الزَّكَاةَ مِنْ غَيْرِهَا عَادَ إلَيْهِ الْمِلْكُ وَكَانَ لَهُ الرَّدُّ قَهْرًا وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا تَرَدُّدٍ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا إذَا رَهَنَ رَهْنًا ثُمَّ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَقُلْنَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ فِي قَدْرِهَا .

( فَرْعٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ بَدَا الصَّلَاحُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَذَا عَيْبٌ حَدَثَ بِيَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي قَالَ وَهَذَا إذَا بَدَا بَعْدَ اللُّزُومِ وَإِلَّا فَهَذِهِ ثَمَرَةٌ اُسْتُحِقَّ إبْقَاؤُهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَصَارَ كَالْمَشْرُوطِ فِي زَمَنِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إنْ قُلْنَا الشَّرْطُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ مُلْحَقٌ بِالْعَقْدِ
( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَثْبُتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ إلَخْ ) لَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِمَا ذُكِرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الشَّرْطَ فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ لَمَّا أَوْجَدَهُ الْعَاقِدَانِ فِي حَرِيمِ الْعَقْدِ صَارَ بِمَثَابَةِ الْمَوْجُودِ فِي الْعَقْدِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ إذْ يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْعِيِّ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الشَّرْطِيِّ بِدَلِيلِ صِحَّةِ بَيْعِ الْعَيْنِ الْمُؤَجَّرَةِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْعًا وَبُطْلَانُ الْبَيْعِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ مَنَافِعِهَا شَرْطًا

( فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْجَفَافِ وَالتَّصْفِيَةِ ) وَالْجِدَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْحَمْلِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَى مُؤْنَةٍ ( عَلَى الْمَالِكِ ) لَا مِنْ مَالِ الزَّكَاةِ ( فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي الزَّكَاةَ ) مِمَّا يَجِفُّ ( رَطْبًا ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَإِسْكَانِ الطَّاءِ ( رَدَّهَا ) وُجُوبًا إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ السَّابِقِ أَوَائِلَ الْبَابِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلِأَنَّ الْمُقَاسَمَةَ بَيْعٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَبَيْعُ الرَّطْبِ بِالرَّطْبِ لَا يَجُوزُ وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَصَحَّحَ أَنَّهَا إفْرَازٌ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِهَا ( وَلَوْ تَلِفَتْ ) فِي يَدِ السَّاعِي ( فَقِيمَتُهَا ) يَرُدُّهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ وَهُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ هُنَا فِي مَوْضِعَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ لَكِنَّهُ أَعْنِي الْمُصَنِّفَ صَحَّحَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْغَضَبِ أَنَّهَا مِثْلِيَّةٌ وَالْقَائِلُ بِهِ حَمَلَ النَّصَّ عَلَى فَقْدِ الْمِثْلِ ( وَلَوْ جَفَّفَهَا وَلَمْ تَنْقُصْ ) أَوْ نَقَصَتْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( لَمْ تُجْزِهِ ) هَذَا وَجْهٌ اخْتَارَهُ الْأَصْلُ وَمَنْقُولُ الْعِرَاقِيِّينَ خِلَافُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ جَفَّ عِنْدَ السَّاعِي فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الزَّكَاةِ أَجْزَأَ وَإِلَّا رَدَّ التَّفَاوُتَ أَوْ أَخَذَهُ كَذَا قَالَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَالْأَوْلَى وَجْهٌ ذَكَرَهُ ابْنُ كَجٍّ أَنَّهُ لَا تُجْزِئُ بِحَالِ الْفَسَادِ الْقَبْضُ مِنْ أَصْلِهِ انْتَهَى وَحَكَى فِي الْمَجْمُوعِ كَلَامَ الْعِرَاقِيِّينَ ثُمَّ كَلَامَ ابْنِ كَجٍّ وَاخْتِيَارَ الرَّافِعِيِّ لَهُ ثُمَّ قَالَ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ .

( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ الْمُفْتَى بِهِ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ قَالَ وَالِدِي إنَّمَا وَجَبَتْ الْقِيمَةٌ فِي بَابِ الزَّكَاةِ لِئَلَّا يَفُوتَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ مَا يَسْتَحِقُّونَهُ مِنْ بَقَاءِ الثَّمَرَةِ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ إلَى وَقْتِ الْجَذَاذِ وَفِي الْغَصْبِ إنَّمَا غَصَبَ مَا عَلَى الْأَرْضِ فَأَتْلَفَهُ فَلَوْ أَتْلَفَهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ تَعَيَّنَ ضَمَانُهُ بِالْقِيمَةِ قَوْلُ وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْوَالِدُ مَسْأَلَةُ مَا إذَا أَتْلَفَ رَجُلٌ عَلَى آخَرَ زَرْعًا أَوَّلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْأَرْضِ فِي الْحَالِ الَّذِي لَا قِيمَةَ لَهُ فَقَدْ قَالَ إسْمَاعِيلُ الْحَضْرَمِيُّ فِي ذَلِكَ لَعَلَّ الْجَوَابَ إنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الْمُتْلِفُ غَيْرَ الْمَالِكِ وَإِنْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لَهُ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ عِنْدَ مَنْ يُبْقِيهِ كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي إتْلَافِ أَحَدِ خُفَّيْنِ يُسَاوَيَانِ عَشْرَةً غَصَبَهُمَا فَصَارَتْ قِيمَةُ الْبَاقِي دِرْهَمَيْنِ فَيَضْمَنُ ثَمَانِيَةً عَلَى الْمَذْهَبِ ( قَوْلُهُ صُحِّحَ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْغَصْبِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ .

( فَصْلٌ لَا خَرْصَ ) أَيْ حِرْزَ ( فِي الزَّرْعِ ) لِاسْتِتَارِ حَبِّهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ غَالِبًا رَطْبًا بِخِلَافِ التَّمْرِ ( وَيُسْتَحَبُّ خَرْصُ الثَّمَرَةِ ) عَلَى مَالِكِهَا ( بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) لِخَبَرِ التِّرْمِذِيِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَرِيبًا وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ أَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ إلَى خَيْبَرَ خَارِصًا } وَحِكْمَتُهُ الرِّفْقُ بِالْمَالِكِ وَالْمُسْتَحِقِّ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ ثِمَارَ الْبَصْرَةِ فَقَالَ يَحْرُمُ خَرْصُهَا بِالْإِجْمَاعِ لِكَثْرَتِهَا وَلِكَثْرَةِ الْمُؤْنَةِ فِي خَرْصِهَا وَلِإِبَاحَةِ أَهْلِهَا الْأَكْلَ مِنْهَا لِلْمُجْتَازِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ قَالَا وَهَذَا فِي النَّخْلِ أَمَّا الْكَرْمُ فَهُمْ فِيهِ كَغَيْرِهِمْ قَالَ السُّبْكِيُّ وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي إذَا عُرِفَ مِنْ شَخْصٍ أَوْ بَلَدٍ مَا عُرِفَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُهُمْ انْتَهَى وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يُخَالِفُ ذَلِكَ وَخَرَجَ بِبَعْدِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّ الْخَرْصَ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ إذْ لَا حَقَّ لِلْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْضَبِطُ الْمِقْدَارُ لِكَثْرَةِ الْعَاهَاتِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَيْهِ ( وَعَلَيْهِ ) أَيْ الْخَارِصِ ( أَنْ يُشَاهِدَ كُلَّ وَاحِدَةٍ ) مِنْ الْأَشْجَارِ بِأَنْ يَرَى جَمِيعَ عَنَاقِيدِهَا ( وَيُقَدِّرَ ثَمَرَتَهَا أَوْ ثَمَرَةَ كُلِّ النَّوْعِ رَطْبًا ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ ( ثُمَّ يَابِسًا ) لِأَنَّ الْأَرْطَابَ تَتَفَاوَتُ وَإِنَّمَا جَازَ فِي النَّوْعِ أَنْ يَخْرُصَ الْكُلَّ رَطْبًا ثُمَّ يَابِسًا لِأَنَّ لَحْمَهُ لَا يَتَفَاوَتُ وَخَرْصُهُ كَذَلِكَ أَسْهَلُ لَكِنْ خَرْصُ كُلِّ ثَمَرَةٍ أَحْوَطُ ( وَلَا يَتْرُكُ لِلْمَالِكِ شَيْئًا ) خِلَافًا لِمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْقَدِيمِ مِنْ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ نَخْلَةً أَوْ نَخَلَاتٍ يَأْكُلُهَا أَهْلُهُ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ { إذَا خَرَصْتُمْ فَجُذُّوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ } وَهَذَا الْخَبَرُ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ فِي

أَحَدِ نَصَّيْهِ فِي الْجَدِيدِ عَلَى أَنَّهُمْ يَدَعُونَ لَهُ ذَلِكَ لِيُفَرِّقَهُ بِنَفْسِهِ عَلَى فُقَرَاءِ أَقَارِبِهِ وَجِيرَانِهِ لِطَمَعِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْهُ وَهَذَا مَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( لَا لِلتَّفْرِقَةِ ) .
( قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ أَرَ هَذَا لِغَيْرِ الْمَاوَرْدِيِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ شَيْخِهِ الصَّيْمَرِيِّ وَالْأَصْحَابِ قَاطِبَةُ عَدَمِ الْفَرْقِ فَإِنْ صَحَّ مَا ذَكَرَهُ فَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إذَا شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ فِيمَا عُرِفَ مِنْهُمْ أَنْ يُعْطَى حُكْمَهُمْ ( قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ مَا قَبْلَهُ إلَخْ ) نَعَمْ إنْ بَدَا صَلَاحُ نَوْعٍ دُونَ آخَرَ فَفِي جَوَازِ خَرْصِ الْكُلِّ وَجْهَانِ فِي الْبَحْرِ وَالْأَوْجَهُ عَدَمِ جَوَازِهِ ش .

( فَرْعٌ يَكْفِي الْخَارِصَ ) وَاحِدٌ لِأَنَّ الْخَرْصَ يَنْشَأُ عَنْ اجْتِهَادٍ فَكَانَ كَالْحَاكِمِ وَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَمَا رُوِيَ أَنَّهُ بَعَثَ مَعَ ابْنِ رَوَاحَةَ غَيْرَهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَرَّةٍ أُخْرَى وَأَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَوْ كَاتِبًا ( وَيُشْتَرَطُ عَدْلٌ ) فِي الرِّوَايَةِ لِأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُمْ ( عَالِمٌ بِالْخَرْصِ ) لِأَنَّ الْجَاهِلَ بِالشَّيْءِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ ( وَكَذَا ) يُشْتَرَطُ ( حُرٌّ ذَكَرٌ ) لِأَنَّ الْخَرْصَ وِلَايَةٌ وَغَيْرُ الْحُرِّ الذَّكَرِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا .

( فَرْعٌ الْخَرْصُ لِلتَّضْمِينِ ) يَنْتَقِلُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ لِأَنَّ الْخَرْصَ يُسَلِّطُهُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا سَيَأْتِي ( لَا لِلِاعْتِبَارِ ) لِلْمِقْدَارِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِلَ بِهِ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَهُمَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْأَظْهَرُ ( فَيُشْتَرَطُ ) فِيهِ ( تَضْمِينُ الْخَارِصِ ) الْحَقَّ لِلْمَالِكِ إنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ السَّاعِي كَأَنْ يَقُولَ ضَمَّنْتُك نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الرُّطَبِ بِكَذَا تَمْرًا ( وَقَبُولُ الْمَالِكِ ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ يَنْتَقِلُ إلَى الذِّمَّةِ كَمَا قَالَ ( وَحِينَئِذٍ يَنْتَقِلُ إلَى ذِمَّتِهِ ) فَلَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا كَالْمُتَبَايِعِينَ ( وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ ) لِانْقِطَاعِ التَّعَلُّقِ عَنْ الْعَيْنِ فَإِنْ انْتَفَى الْخَرْصُ أَوْ التَّضْمِينُ أَوْ الْقَبُولُ لَمْ يَنْفُذْ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ بَلْ فِيمَا عَدَا الْوَاجِبَ شَائِعًا لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي الْعَيْنِ وَسَيُصَرِّحُ بِالْأَوْلَى ( وَإِنْ ضَمَّنَهُ ) ذَلِكَ ( قَبْلَ الْخَرْصِ وَلَوْ فِي وَقْتِهِ لَمْ يُجْزِهِ ) أَيْ التَّضْمِينُ فَلَا يَقُومُ وَقْتُ الْخَرْصِ مَقَامَ الْخَرْصِ لِأَنَّ التَّضْمِينَ يَقْتَضِي تَقْدِيرَ الْمَضْمُونِ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا وَبِهَذَا فَارَقَ مَا مَرَّ مِنْ إقَامَةِ وَقْتِ الْجَدَادِ مَقَامَ الْجَدَادِ ( وَإِنْ نُدِبَ ) أَيْ بُعِثَ ( خَارِصَانِ وَاخْتَلَفَا وَلَمْ يَتَّفِقَا ) عَلَى مِقْدَارٍ ( وُقِفَ ) الْأَمْرُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمِقْدَارُ بِقَوْلِ غَيْرِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي نُسْخَةٍ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ غَيْرُهُمَا وَأَحْسَنُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ اخْتَلَفَا تَوَقَّفْنَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ الْمِقْدَارُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا .

( قَوْلُهُ يَنْتَقِلُ بِهِ الْحَقُّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى ذِمَّةِ الْمَالِكِ ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ اخْتِصَاصُ التَّضْمِينِ بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَوْ خَرَصَ السَّاعِي ثَمَرَةً بَيْنَ مُسْلِمٍ وَيَهُودِيٍّ وَضَمِنَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ جَازَ كَمَا ضَمَّنَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْيَهُودَ الزَّكَاةَ الْوَاجِبَةَ عَلَى الْغَانِمِينَ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَإِذَا كَانَ الْمَالِكُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالتَّضْمِينُ يَقَعُ لِلْوَلِيِّ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ ثَمَنُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَالْخِطَابُ فِي الْأَصْلِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الصَّبِيِّ ( قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِي الْجَمِيعِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إطْلَاقُ الْقَوْلِ بِجَوَازِ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ بَعْدَ التَّضْمِينِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ مُشْكِلٌ إذَا كَانَ الْمَالِكُ مُعْسِرًا وَيَعْلَمُ أَنَّهُ يَصْرِفُ الثَّمَرَةَ كُلَّهَا فِي دَيْنِهِ أَوْ تَأْكُلُهَا عِيَالُهُ قَبْلَ الْجَفَافِ وَيَضِيعُ حَقُّ الْمُسْتَحِقِّينَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ كَوْنُهُ فِي ذِمَّتِهِ الْخَرِبَةِ فَتَأَمَّلْهُ ا هـ لَا يَجُوزُ تَضْمِينُ الْمَالِكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُسْتَحِقِّينَ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَّفِقَا ) بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا .

( فَرْعٌ وَإِنْ تَلِفَتْ الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْخَرْصِ ) وَلَوْ مَعَ التَّضْمِينِ وَالْقَبُولِ ( وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْصِيرٍ ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَسَرِقَةٍ قَبْلَ جَفَافِهَا أَوْ بَعْدَهُ ( لَمْ يَضْمَنْ ) كَمَا لَوْ تَلِفَتْ الْمَاشِيَةُ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ الْأَدَاءِ ( فَإِذَا بَقِيَ مِنْهَا دُونَ النِّصَابِ أَخْرَجَ حِصْنَهُ ) لِأَنَّ التَّمَكُّنَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ وَخَرَجَ بِغَيْرِ تَقْصِيرٍ مَا لَوْ قَصَّرَ كَأَنْ وَضَعَهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ فَيَضْمَنُ قَالَ الْإِمَامُ وَكَانَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخَرْصَ تَضْمِينٌ لَكِنْ قَطَعُوا بِخِلَافِهِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ أَمْرَ الزَّكَاةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَاهَلَةِ لِأَنَّهَا عَلَقَةٌ تَثْبُتُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ فَبَقَاءُ الْحَقِّ مَشْرُوطٌ بِإِمْكَانِ الْأَدَاءِ وَلَا حَاجَةَ بِالْمُصَنِّفِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ الْخَرْصِ ( وَإِذَا أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْخَرْصِ ) وَالتَّضْمِينِ وَالْقَبُولِ ( ضَمِنَهَا ) يَعْنِي ثَمَرَةَ الْمُسْتَحِقِّينَ جَافَّةً إنْ كَانَتْ تَجِفُّ لِثُبُوتِهَا فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَجِفَّ ( أَوْ ) أَتْلَفَهَا ( قَبْلَهُ ) أَيْ قَبْلَ الْخَرْصِ بَلْ أَوْ التَّضْمِينِ أَوْ الْقَبُولِ ( لَزِمَهُ عُشْرُ الرَّطْبِ ) أَيْ قِيمَتُهُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِي الذِّمَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهُ مِثْلُ الرَّطْبِ كَمَا يَلْزَمُهُ مِثْلُ الْمَاشِيَةِ الَّتِي لَزِمَهُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَأَتْلَفَهَا وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ أَنْفَعُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ مِنْ الْقِيمَةِ بِالدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالشَّعْرِ بِخِلَافِ الرَّطْبِ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ الْجَافُّ لِأَنَّ الْوَاجِبَ غَايَتُهُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّطْبِ وَإِتْلَافُهُ لَا يُغَيِّرُ الْحَقَّ عَنْ صِفَتِهِ وَلِهَذَا لَوْ أَتْلَفَ نِصَابَ الْإِبِلِ بَعْدَ الْحَوْلِ لَزِمَهُ لِلْمُسْتَحِقِّينَ الشِّيَاهُ دُونَ قِيمَةِ الْإِبِلِ وَمَا بَحَثَهُ هُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ وَلَمْ يُورِدْ

الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَابْنُ الصَّبَّاغِ غَيْرَهُ انْتَهَى وَيُجَابُ عَنْ الْبَحْثِ بِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْجَافُّ مُطْلَقًا بَلْ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُتْلِفْهُ الْمَالِكُ قَبْلَ الْخَرْصِ وَمَا ذَكَرْته أَوَّلًا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَرَةِ تَجِفُّ وَكَوْنِهَا لَا تَجِفُّ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَعُزِّرَ ) عَلَى إتْلَافِهِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ لِارْتِكَابِهِ مَعْصِيَةً لَاحَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ فَيُعَزِّرُهُ الْإِمَامُ إنْ رَأَى ذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَتَعَلَّقُ بِرَأْيِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ بِالْمُصَنِّفِ إلَى قَوْلِهِ بَعْدَ الْخَرْصِ ) ذَكَرَهُ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَقَوِّمَةً ) قَالَ شَيْخُنَا عَلَى الْقَوْلِ بِتَقْوِيمِهِ .

( فَرْعٌ يَحْرُمُ الْأَكْلُ وَالتَّصَرُّفُ ) بِغَيْرِهِ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ ( قَبْلَ الْخَرْصِ ) أَوْ التَّضْمِينِ أَوْ الْقَبُولِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهَا لَكِنَّهُ إنْ تَصَرَّفَ فِي الْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ شَائِعًا صَحَّ فِيمَا عَدَا نَصِيبَ الْمُسْتَحِقِّينَ كَمَا مَرَّ فِي الْبَابِ السَّابِقِ أَمَّا بَعْدَ مَا ذُكِرَ فَلَا تَحْرِيمَ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الذِّمَّةِ فَإِنْ قُلْت هَلَّا جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ أَيْضًا فِي قَدْرِ نَصِيبِهِ كَمَا فِي الْمُشْتَرَكِ قُلْت الشَّرِكَةُ هُنَا غَيْرُ حَقِيقِيَّةٍ كَمَا مَرَّ بَلْ الْمُغَلَّبُ فِيهَا جَانِبُ التَّوَثُّقِ فَلَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ مُطْلَقًا ( فَإِنْ لَمْ يُبْعَثْ خَارِصٌ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاكِمٌ أَوْ كَانَ وَلَمْ يَبْعَثْ خَارِصًا ( حَكَّمَ ) الْمَالِكُ ( عَدْلَيْنِ ) عَالِمَيْنِ بِالْخَرْصِ ( يَخْرُصَانِ ) عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ الْحَقُّ إلَى الذِّمَّةِ وَيَتَصَرَّفَ فِي الثَّمَرَةِ .
( قَوْلُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الثَّمَرَةِ ) أَيْ مُعَيَّنًا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى ) الْمَالِكُ ( هَلَاكَ الثَّمَرَةِ ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا وَلَوْ بَعْدَ خَرْصِهَا ( بِسَبَبٍ خَفِيٍّ ) كَسَرِقَةٍ ( صُدِّقَ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلِعُسْرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ ( أَوْ ) بِسَبَبٍ ( ظَاهِرٍ ) كَنَهْبٍ وَحَرِيقٍ وَبَرْدٍ ( لَمْ يُعْلَمْ ) وُقُوعُهُ بِأَنْ عَلِمْنَا خِلَافَهُ أَوْ لَمْ نَعْلَمْ شَيْئًا ( فَلَا ) يُصَدَّقُ فَإِنْ عَلِمْنَا وُقُوعَهُ وَعُمُومَهُ أَيْ كَثْرَتَهُ صُدِّقَ بِلَا يَمِينٍ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ فِي التَّلَفِ بِهِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَإِنْ عَلِمْنَا وُقُوعَهُ دُونَ عُمُومِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ ( وَلَوْ أَمْكَنَ وُقُوعُهُ ) وَلَمْ نَعْلَمْهُ ( أَثْبَتَ ) أَيْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ ( بِالْوُقُوعِ وَصُدِّقَ فِي التَّلَفِ بِهِ ) بِيَمِينِهِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ سَلَامَةِ مَا لَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ أَسْنَدَهُ إلَى سَبَبٍ يُكَذِّبُهُ فِيهِ الْحِسُّ كَقَوْلِهِ تَلِفَ بِحَرِيقٍ وَقَعَ فِي الْجَرِينِ وَعَلِمْنَا خِلَافَهُ لَمْ نُصَدِّقْهُ وَلَمْ نَسْمَعْ بَيِّنَتَهُ ( وَتَحْلِيفُهُ ) حَيْثُ حَلَّفْنَاهُ فِي مَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ ( مُسْتَحَبٌّ ) لَا وَاجِبٌ ( وَلَوْ اُتُّهِمَ ) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي مَالِهِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ دَعْوَى الْهَلَاكِ ) بِأَنْ لَمْ يُسْنِدْهُ إلَى سَبَبٍ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَى ) الْمَالِكُ ( ظُلْمَ الْخَارِصِ لَمْ تُسْمَعْ ) دَعْوَاهُ بِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ وُقُوعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى جَوْرَ الْحَاكِمِ أَوْ كَذِبَ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَمْ أَجِدْ إلَّا هَذَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إذْ لَا تَكْذِيبَ فِيهِ لِأَحَدٍ لِاحْتِمَالِ تَلَفِهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ ( أَوْ ) ادَّعَى عَلَيْهِ ( غَلَطًا وَبَيَّنَهُ وَكَانَ مُمْكِنًا ) عَادَةً فِي الْخَرْصِ كَخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فِي مِائَةٍ قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَكَعُشْرِ الثَّمَرَةِ وَسُدُسِهَا ( صُدِّقَ وَحُطَّ عَنْهُ ) مَا ادَّعَاهُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَيْهِ فِي دَعْوَى نَقْصِهِ عِنْدَ كَيْلِهِ وَلِأَنَّ الْكَيْلَ يَقِينٌ وَالْخَرْصَ تَخْمِينٌ فَالْإِحَالَةُ عَلَيْهِ أَوْلَى فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ وَإِنْ ادَّعَى غَيْرَ مُمْكِنٍ فَسَيَأْتِي ( فَإِنْ اُتُّهِمَ ) فِي دَعْوَاهُ ( حَلَفَ ) وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ كَانَ أَنْسَبَ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ كَانَ ) أَيْ مَا ادَّعَاهُ غَلَطًا ( يَسِيرًا ) بِقَدْرٍ ( يَتَفَاوَتُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلَيْنِ ) فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَيُحَطُّ عَنْهُ ذَلِكَ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَخْرُوصُ بَاقِيًا أُعِيدَ كَيْلُهُ وَعُمِلَ بِهِ وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِي الْيَسِيرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ ذَكَرَ غَلَطًا فَاحِشًا ) أَيْ لَا يُمْكِنُ عَادَةً فِي الْخَرْصِ كَالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ لَمْ يُصَدَّقْ فِيهِ لِلْعِلْمِ بِبُطْلَانِهِ عَادَةً لَكِنْ ( حُطَّ ) عَنْهُ ( قَدْرُ الْمُمْكِنِ ) وَهُوَ الَّذِي لَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ لَصُدِّقَ فِيهِ كَمَا يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمَرْأَةِ بِالْإِقْرَاءِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ بِدَعْوَاهَا قَبْلَهُ .

قَوْلُهُ وَكَعُشْرِ الثَّمَرَةِ وَسُدُسِهَا ) كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلِهِ عُشْرِ الثَّمَرَةِ أَوْ سُدُسِهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ أَحَدُهُمَا لَا هُمَا وَمَا قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْغَلَطَ فِي سُدُسِ الْمِائَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَسْقًا وَثُلُثَا وَسْقٍ يُقْبَلُ بَعِيدٌ وَفِيهِ إجْحَافٌ بِالْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْغَلَطَ يَبْعُدُ بِمِثْلِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْخَارِصِ الْحَاذِقِ وَغَيْرِهِ فَإِذَا ادَّعَى عَلَى الْحَاذِقِ قَدْرًا أَلَّا يَجُوزَ وُقُوعُهُ مِنْهُ لَمْ يُقْبَلْ وَإِلَّا فَيُقْبَلُ فس .

( فَصْلٌ يَجُوزُ ) لِلْمَالِكِ فِيمَا لَوْ أَصَابَ الْأَصْلَ عَطَشٌ أَوْ نَحْوُهُ وَلَوْ تُرِكَتْ الثَّمَرَةُ عَلَيْهِ إلَى الْجَدَادِ لَأَضَرَّتْ بِهِ ( قَطْعُ مَا يُضِرُّ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ( بِالْأَصْلِ مِنْ الثَّمَرَةِ ) كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا لِأَنَّ إبْقَاءَ الْأَصْلِ أَنْفَعُ لِلْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ مِنْ ثَمَرَةِ عَامٍ وَإِنَّمَا يَقْطَعُهَا ( بِالْإِذْنِ ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ السَّاعِي إنْ أَمْكَنَ مُرَاجَعَتُهُ فَالِاسْتِئْذَانُ وَاجِبٌ عَلَى الْمَالِكِ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ الثَّمَرَةَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا يَجُوزُ قَطْعُهَا إلَّا بِإِذْنِ نَائِبِهِمْ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ ( فَلَوْ قَطَعَ بِلَا إذْنٍ عَصَى وَعُزِّرَ إنْ عَلِمَ ) بِالتَّحْرِيمِ أَيْ عَزَّرَهُ الْإِمَامُ إنْ رَأَى ذَلِكَ قَالَهُ فِي الْمُهَذَّبِ قَالَ وَلَا يُغَرِّمُهُ مَا نَقَصَ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْذَنَهُ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ وَإِنْ نَقَصَتْ بِهِ الثَّمَرَةُ ( وَإِذَا أَرَادَ السَّاعِي الْقِسْمَةَ ) لِلثَّمَرَةِ ( قَبْلَ الْقَطْعِ ) بِأَنْ يَخْرُصَهَا وَيُعَيِّنَ الْوَاجِبَ فِي نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ ( لَمْ تَجُزْ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ صَحَّحَ أَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ ( وَكَذَا ) لَا تَجُوزُ قِسْمَتُهَا ( لَوْ أَرَادَهَا ) السَّاعِي ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ قَطْعِهَا وَقَبْلَ تَجْفِيفِهَا لِمَا مَرَّ ( بَلْ يَقْبِضُ السَّاعِي الْعُشْرَ ) مِنْ الْمَقْطُوعِ ( مَشَاعًا وَطَرِيقُهُ ) فِي قَبْضِهِ لَهُ ( تَسْلِيمُ الْجَمِيعِ ) لَهُ ( ثُمَّ يَبِيعُهُ مَنْ يَشَاءُ ) مِنْ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ أَوْ يَبِيعُ هُوَ وَالْمَالِكُ وَيَقْتَسِمَانِ الثَّمَنَ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ عُشْرِ الْمَقْطُوعِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ كَمَا مَرَّ فِي شِقْصِ الْحَيَوَانِ أَمْ لَا وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا نَعَمْ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ تَرْجِيحُهُ وَالْأَشْبَهُ بِالتَّرْجِيحِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ

الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ ثُمَّ قَالَ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً فَإِنْ أَتْلَفَهَا الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ بَعْدَ قَطْعِهَا لَزِمَهُ قِيمَةُ عُشْرِهَا رَطْبًا حِينَ أَتْلَفَهَا ( وَهَذَا الْحُكْمُ يَجْرِي فِي رُطَبٍ لَا يَتَتَمَّرُ وَنَحْوِهِ ) أَيْ عِنَبٍ لَا يَتَزَبَّبُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا ) أَيْ السَّاعِي وَالْمَالِكُ ( فِي نَوْعِ ) أَوْ جِنْسِ ( ثَمَرَةٍ تَلِفَتْ بَعْدَ الْخَرْصِ بِتَقْصِيرِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَالِكِ إنْ لَمْ يُقِمْ ) أَيْ السَّاعِي ( بَيِّنَةً فَإِنْ أَقَامَ السَّاعِي ) بَيِّنَةً بِأَنْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ أَوْ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ قُضِيَ لَهُ أَوْ ( شَاهِدًا لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ ) فَلَا يُقْضَى لَهُ وَقَوْلُهُ بَعْدَ الْخَرْصِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ ( وَإِنْ قَالَ ) الْمَالِكُ بَعْدَ خَرْصِهَا ( أَكَلَتْ بَعْضَهَا وَتَلِفَ الْبَعْضُ بِآفَةٍ ) وَبَقِيَ بَعْضُهَا ( قِيلَ لَهُ إنْ لَمْ تُبَيِّنْ ) قَدْرَ ( مَا أَكَلْت سَلَّمْت زَكَاةَ الْجَمِيعِ ) أَيْ إلَّا مَا تُيُقِّنَ تَلَفُهُ وَإِنْ بَيَّنْته زَكَّيْته مَعَ الْبَاقِي فَإِنْ اتَّهَمْنَاك حَلَّفْنَاك ( وَإِنْ زَادَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى الْخَرْصِ ) أَيْ الْمَخْرُوصِ ( زَكَّى الزَّائِدَ ) أَيْضًا .
( خَاتِمَةٌ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْجَدَادُ نَهَارًا لِيُطْعِمَ الْفُقَرَاءَ وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ الْجَدَادِ لَيْلًا سَوَاءٌ أَوْجَبْت فِي الْمَجْدُودِ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَإِذَا أَخْرَجَ زَكَاةَ الثِّمَارِ وَالْحُبُوبِ وَأَقَامَتْ عِنْدَهُ سِنِينَ لَمْ يَجِبْ فِيهَا شَيْءٌ آخَرُ بِخِلَافِ الْمَاشِيَةِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عَلَّقَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ بِحَصَادِهَا وَلَمْ يَتَكَرَّرْ فَلَا تُكَرَّرُ وَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَكَرَّرُ فِي الْأَمْوَالِ لِنَامِيَةٍ وَهَذِهِ مُنْقَطِعَةُ النَّمَاءِ مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسَادِ .

( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا ) قَدْ أَفَادَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ قَطَعَ بِلَا إذْنٍ عَصَى وَعُزِّرَ إنْ عَلِمَ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَرْجِيحُ الْجَوَازِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ تَرْكُهُ ) قَدْ ذَكَرَهُ لِيُفْهَمَ مِنْهُ حُكْمُ مَا قَبْلَهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .

( بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) الْأَصْلُ فِيهَا مَعَ مَا يَأْتِي آيَةُ { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } فُسِّرَتْ بِذَلِكَ ( تَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ وَ ) فِي ( عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا خَالِصَيْنِ بِوَزْنِ مَكَّةَ فَمَا زَادَ ) عَلَى ذَلِكَ ( رُبْعُ الْعُشْرِ بَعْدَ الْحَوْلِ مَضْرُوبًا كَانَ ) ذَلِكَ ( أَمْ لَا فِيمَا دُونَ ذَلِكَ ) { قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي خَبَرِ أَنَسٍ السَّابِقِ فِي زَكَاةِ الْحَيَوَانِ { وَفِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ } وَالرِّقَةُ وَالْوَرِقُ الْفِضَّةُ وَالْهَاءُ عِوَضٌ مِنْ الْوَاوِ وَالْأُوقِيَّةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ عَلَى الْأَشْهَرِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا بِالنُّصُوصِ الْمَشْهُورَةِ وَالْإِجْمَاعِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ أَوْ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ { عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِي أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا شَيْءٌ وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ } .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ { وَلَيْسَ عَلَيْك شَيْءٌ حَتَّى يَكُونَ عِشْرُونَ دِينَارًا فَإِذَا كَانَتْ لَك وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا نِصْفُ دِينَارٍ } وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ مُعَدَّانِ لِلنَّمَاءِ كَالْمَاشِيَةِ السَّائِمَةِ وَدَلِيلُ قَوْلِهِ بِوَزْنِ مَكَّةَ { خَبَرُ الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْوَزْنُ وَزْنُ مَكَّةَ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَخَرَجَ بِالْخَالِصِ الْمَغْشُوشِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ خَالِصُهُ نِصَابًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَأَفَادَ قَوْلُهُ فَمَا زَادَ أَنَّهُ لَا وَقْصَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَالْمُعَشَّرَاتِ لِإِمْكَانِ التَّجَزِّي بِلَا ضَرَرٍ بِخِلَافِ الْمَوَاشِي ( وَلَا ) زَكَاةَ ( فِي غَيْرِهِمَا مِنْ ) سَائِرِ ( الْجَوَاهِرِ ) وَنَحْوِهَا كَيَاقُوتٍ وَفَيْرُوزَجَ وَلُؤْلُؤٍ وَمِسْكٍ وَعَنْبَرٍ لِأَنَّهَا

مُعَدَّةٌ لِلِاسْتِعْمَالِ كَالْمَاشِيَةِ الْعَامِلَةِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الزَّكَاةِ إلَّا فِيمَا أَثْبَتَهَا الشَّرْعُ فِيهِ .
( وَالْمُرَادُ بِالدَّرَاهِمِ ) الدَّرَاهِمُ ( الْإِسْلَامِيَّةُ الَّتِي كُلُّ عَشَرَةٍ مِنْهَا سَبْعَةُ مَثَاقِيلَ ) وَكُلُّ عَشَرَةِ مَثَاقِيلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَسُبْعَانِ وَوَزْنُ الدِّرْهَمِ سِتَّةُ دَوَانِيقَ وَالدَّانَقُ ثَمَانِ حَبَّاتٍ وَخُمُسَا حَبَّةٍ فَالدِّرْهَمُ خَمْسُونَ حَبَّةً وَخُمُسَا حَبَّةٍ وَمَتَى زِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ ثَلَاثَةُ أَسْبَاعِهِ كَانَ مِثْقَالًا وَمَتَى نَقَصَ مِنْ الْمِثْقَالِ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِهِ كَانَ دِرْهَمًا ( وَالْمِثْقَالُ لَمْ يَخْتَلِفْ ) فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَهُوَ اثْنَانِ وَسَبْعُونَ حَبَّةً وَهِيَ شَعِيرَةٌ مُعْتَدِلَةٌ لَمْ تُقَشَّرْ وَقُطِعَ مِنْ طَرَفَيْهَا مَا دَقَّ وَطَالَ ( فَإِنْ نَقَصَ النِّصَابُ ) وَلَوْ ( بَعْضَ حَبَّةٍ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمَوَازِينِ ) أَوْ رَاجَ رَوَاجَ التَّامِّ ( لَمْ تَجِبْ ) فِيهِ زَكَاةٌ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَالنِّصَابِ ( وَلَا يَكْمُلُ نِصَابُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ ) لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ كَمَا لَا يَكْمُلُ التَّمْرُ بِالزَّبِيبِ ( وَيَكْمُلُ جَيِّدُ نَوْعٍ بِرَدِيئِهِ ) .
وَعَكْسُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَاشِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْجَوْدَةِ النُّعُومَةُ وَنَحْوُهَا وَبِالرَّدَاءَةِ الْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا وَعِبَارَتُهُ وَقَدْ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْمُلُ جَيِّدُ نَوْعٍ بِرَدِيءِ نَوْعٍ آخَرَ وَلَيْسَ مُرَادًا فَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ الْأَصْلِ وَيَكْمُلُ الْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ مِنْ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ ( وَيُؤْخَذُ ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ ( بِالْقِسْطِ إنْ سَهُلَ ) الْأَخْذُ بِأَنْ قَلَّتْ أَنْوَاعُهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ كَثُرَتْ وَشَقَّ اعْتِبَارُ الْجَمِيعِ ( فَمِنْ الْوَسَطِ ) يُؤْخَذُ كَمَا مَرَّ فِي الْمُعَشَّرَاتِ ( وَلَا يُجْزِئُ رَدِيءٌ وَمَكْسُورٌ عَنْ جَيِّدٍ وَصَحِيحٍ ) كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَرِيضَةً عَنْ صِحَاحٍ وَلَهُ اسْتِرْدَادُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَرْعِ الْآتِي ( بِخِلَافِ الْعَكْسِ ) يُجْزِئُ بَلْ هُوَ أَفْضَلُ كَمَا

ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا ( فَيُسَلِّمُ ) الْمُخْرِجُ ( الدِّينَارَ الصَّحِيحَ ) أَوْ الْجَيِّدَ ( إلَى مَنْ يُوَكِّلُهُ الْفُقَرَاءُ ) مِنْهُمْ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمْ فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ إلَى وَاحِدٍ بِإِذْنِ الْبَاقِينَ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَإِنْ لَزِمَهُ نِصْفُ دِينَارٍ سَلَّمَ إلَيْهِمْ دِينَارًا نِصْفُهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَنِصْفُهُ يَبْقَى لَهُ مَعَهُمْ أَمَانَةً ثُمَّ بِتَفَاصِيلَ هُوَ وَهُمْ فِيهِ بِأَنْ يَبِيعُوهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَيَتَقَاسَمُوا ثَمَنَهُ أَوْ يَشْتَرُوا مِنْهُ نِصْفَهُ أَوْ يَشْتَرِي نِصْفَهُمْ لَكِنْ يُكْرَهُ لَهُ شِرَاءُ صَدَقَتِهِ مِمَّنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ فِيهِ الزَّكَاةُ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ .
( بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) ( قَوْلُهُ { وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } ) الْمُرَادُ بِالْكَنْزِ هُنَا مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَكَتَبَ أَيْضًا النَّقْدَانِ مِنْ أَشْرَفِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى عِبَادِهِ إذْ بِهِمَا قِوَامُ الدُّنْيَا وَنِظَامُ أَحْوَالِ الْخَلْقِ فَإِنَّ حَاجَاتِ النَّاسِ كَثِيرَةٌ وَكُلُّهَا تَنْقَضِي بِالنَّقْدَيْنِ بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَمْوَالِ فَمَنْ كَنَزَهُمَا فَقَدْ أَبْطَلَ الْحِكْمَةَ الَّتِي خُلِقَا لَهَا كَمَنْ حَبَسَ قَاضِيَ الْبَلَدِ وَمَنَعَهُ أَنْ يَقْضِيَ حَوَائِجَ النَّاسِ د ( قَوْلُهُ يَجِبُ فِي مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فِضَّةٍ إلَخْ ) قَدَّمَ الْفِضَّةَ عَلَى الذَّهَبِ لِأَنَّهَا أَغْلَبُ ( قَوْلُهُ وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا إلَخْ ) وَزْنُهَا بِالْأَشْرَفِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَسُبْعَانِ وَتِسْعٌ ش قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ إلَخْ ) أَوَاقٍ بِالتَّنْوِينِ وَبِإِثْبَاتِ التَّحْتَانِيَّةِ مُشَدَّدًا وَمُخَفَّفًا ف .

( فَرْعٌ ) الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ ( الْمَغْشُوشَةُ إنْ بَلَغَ خَالِصُهَا نِصَابًا أَخْرَجَ زَكَاتَهُ خَالِصًا أَوْ مَغْشُوشًا خَالِصَةً قَدْرُهَا ) أَيْ قَدْرُ الزَّكَاةِ وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالنُّحَاسِ فَمَا قِيلَ إنَّ هَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ لَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ لِامْتِنَاعِ بَيْعِ الْمَغْشُوشِ بِمِثْلِهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قِسْمَةَ مَغْشُوشٍ لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا أَعْطَى لِلزَّكَاةِ خَالِصًا عَنْ خَالِصٍ وَالنُّحَاسُ وَقَعَ تَطَوُّعًا كَمَا تَقَرَّرَ ( وَيَتَعَيَّنُ عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ ) أَوْ نَحْوِهِ ( إخْرَاجُ الْخَالِصِ حِفْظًا لِنُحَاسِهِ ) إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ التَّبَرُّعُ بِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ تَفَقُّهًا وَقَيَّدَهُ بِمَا إذَا كَانَتْ مُؤْنَةُ السَّبْكِ تَنْقُصُ عَنْ قِيمَةِ الْغِشِّ أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ سَبْكٌ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَهُ لِأَنَّ إخْرَاجَ الْخَالِصِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ بِسَبْكٍ ( وَإِذَا أَخْرَجَ رَدِيئًا عَنْ جَيِّدٍ ) كَأَنْ أَخْرَجَ خَمْسَةً مَعِيبَةً عَنْ مِائَتَيْنِ جَيِّدَةٍ ( فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ ) كَمَا لَوْ عَجَّلَ الزَّكَاةَ فَتَلِفَ مَالُهُ قَبْلَ الْحَوْلِ هَذَا ( إنْ بَيَّنَ ذَلِكَ عِنْدَ الدَّفْعِ ) وَإِلَّا فَلَا يَسْتَرِدُّهُ وَإِذَا قُلْنَا لَهُ اسْتِرْدَادُهُ فَإِنْ كَانَ بَاقِيًا أَخَذَهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَكَيْفِيَّةُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ يَقُومَ الْمُخْرِجُ بِجِنْسٍ آخَرَ كَأَنْ يَكُونَ مَعَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ جَيِّدَةٍ فَأَخْرَجَ عَنْهَا خَمْسَةً مَعِيبَةً فَقَوَّمْنَا الْخَمْسَةَ الْجَيِّدَةَ بِذَهَبٍ فَسَاوَتْ نِصْفَ دِينَارٍ وَسَاوَتْ الْمَعِيبَةُ خُمُسَيْ دِينَارٍ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْأَوْفَقُ بِالْأَصْلِ وَإِذَا أَخْرَجَ مَغْشُوشًا عَنْ خَالِصٍ لَمْ يُجْزِهِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إنْ بَيَّنَ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهُ عَنْ ذَلِكَ أَيْ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ ( وَلَوْ فَرَضَ ) أَيْ قَدْرَ الْمُزَكِّي ( الْمَغْشُوشَ خَالِصًا وَأَخْرَجَ ) عَنْهُ خَالِصًا ( فَالزَّائِدُ تَطَوُّعٌ ) وَمَتَى

ادَّعَى الْمَالِكُ أَنَّ قَدْرَ الْخَالِصِ فِي الْمَغْشُوشِ كَذَا وَكَذَا صُدِّقَ وَحَلَفَ إنْ اُتُّهِمَ وَلَوْ قَالَ أَجْهَلُ قَدْرَ الْغِشِّ وَأَدَّى اجْتِهَادِي إلَى أَنَّهُ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَكُنْ لِلسَّاعِي قَبُولُهُ مِنْهُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِذَلِكَ فَلَوْ جَهِلَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِبُلُوغِ الْخَالِصِ نِصَابًا تَخَيَّرَ بَيْنَ السَّبْكِ وَأَدَاءِ الْوَاجِبِ خَالِصًا وَبَيْنَ أَنْ يَحْتَاطَ وَيُؤَدِّيَ مَا يَتَيَقَّنُ أَنَّ فِيهِ الْوَاجِبَ خَالِصًا فَإِنْ سَبَكَ فَمُؤْنَةُ السَّبْكِ عَلَيْهِ كَمُؤْنَةِ الْحَصَادِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ التَّفَاوُتَ ) نَعَمْ إنْ أَدَّى اجْتِهَادُ الْإِمَامِ إلَى أَخْذِهِ فَفِي لُزُومِ التَّفَاوُتِ وَجْهَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَصَحُّهُمَا لُزُومُهُ ( قَوْلُهُ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ جَيِّدٌ ) لِأَنَّ الدِّينَارَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَإِذَا أَخْرَجَ مَغْشُوشًا عَنْ خَالِصٍ لَمْ يُجْزِهِ ) أَيْ عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ وَيُعْتَدُّ بِالْخَالِصِ مِنْهُ .

( فَرْعٌ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ ضَرْبُ الْمَغْشُوشَةِ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا } وَلِئَلَّا يَغُشَّ بِهَا بَعْضَ النَّاسِ بَعْضًا ( فَإِنْ عَلِمَ مِعْيَارَهَا صَحَّتْ الْمُعَامَلَةُ بِهَا ) مُعَيَّنَةً فِي الذِّمَّةِ ( وَكَذَا ) تَصِحُّ كَذَلِكَ ( لَوْ لَمْ يَعْلَمْ ) عِيَارَهَا كَبَيْعِ الْغَالِيَةِ وَالْمَعْجُونَاتِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا وَهِيَ رَائِجَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْخَلِيطُ غَيْرَ مَقْصُودٍ وَقَدْرُ الْمَقْصُودِ مَجْهُولٌ كَمِسْكٍ مَخْلُوطٍ بِغَيْرِهِ وَلَبَنٍ مَشُوبٍ بِمَاءٍ بَطَلَتْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا كَدَرَاهِمَ مَغْشُوشَةٍ وَمَعْجُونَاتٍ صَحَّتْ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ الْغِشَّ فِي الْمَغْشُوشَةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَالصِّحَّةُ فِيهَا مُسْتَثْنَاةٌ لِحَاجَةِ الْمُعَامَلَةِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا ( وَيُكْرَهُ لِغَيْرِهِ ) أَيْ الْإِمَامِ ( ضَرْبُ الدَّرَاهِمِ ) وَالدَّنَانِيرِ وَلَوْ خَالِصَةً لِأَنَّهُ مِنْ شَأْنِ الْإِمَامِ وَلِأَنَّ فِيهِ افْتِيَاتًا عَلَيْهِ وَمَنْ مَلَكَ دَرَاهِمَ مَغْشُوشَةً كُرِهَ لَهُ إمْسَاكُهَا بَلْ يَسْبِكُهَا وَيُصَفِّيهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَّا إذَا كَانَتْ دَرَاهِمُ الْبَلَدِ مَغْشُوشَةً فَلَا يُكْرَهُ إمْسَاكُهَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ .
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ رَوَاجُهَا ) وَهِيَ رَائِجَةٌ وَيُحْمَلُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا إنْ غَلَبَتْ .

( فَرْعٌ ) لَوْ كَانَ ( لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ أَلْفٌ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَحَدُهُمَا سِتُّمِائَةٍ ) وَالْآخَرُ أَرْبَعُمِائَةٍ ( وَأَشْكَلَ ) الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا ( زَكَّى كُلًّا ) مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ ( الْأَكْثَرَ ) إنْ احْتَاطَ ( وَلَا يَجُوزُ فَرْضُ كُلِّهِ ذَهَبًا ) لِأَنَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ لَا يُجْزِئُ وَإِنْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ كَمَا مَرَّ ( أَوْ مَيَّزَ ) بَيْنَهُمَا ( بِالنَّارِ ) قَالَ فِي الْبَسِيطِ وَيَحْصُلُ ذَلِكَ بِسَبْكِ قَدْرٍ يَسِيرٍ إذْ تَسَاوَتْ أَجْزَاؤُهُ ( أَوْ اُمْتُحِنَ بِالْمَاءِ فَيَضَعُ فِيهِ أَلْفًا ذَهَبًا وَيَعْلَمُ ارْتِفَاعَهُ ) ثُمَّ يَخْرُجُهَا ( ثُمَّ ) يَضَعُ فِيهِ ( أَلْفًا فِضَّةً وَيُعَلِّمُهُ ) وَهَذِهِ الْعَلَامَةُ فَوْقَ الْأُولَى لِأَنَّ الْفِضَّةَ أَكْبَرُ حَجْمًا مِنْ الذَّهَبِ ثُمَّ يُخْرِجُهَا ( ثُمَّ ) يَضَعُ فِيهِ ( الْمَخْلُوطُ فَإِلَى أَيِّهِمَا كَانَ ) ارْتِفَاعُهُ ( أَقْرَبَ فَالْأَكْثَرُ مِنْهُ ) وَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِوَضْعِ الْمَخْلُوطِ أَوَّلًا وَوَسَطًا أَيْضًا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ وَأَضْبَطُ أَنْ يَضَعَ فِي الْمَاءِ قَدْرَ الْمَخْلُوطِ مِنْهُمَا مَعًا مَرَّتَيْنِ فِي أَحَدَيْهِمَا الْأَكْثَرُ ذَهَبًا وَالْأَقَلُّ فِضَّةً وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْعَكْسِ وَيُعَلِّمُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَامَةً ثُمَّ يَضَعُ الْمَخْلُوطَ فَيَلْحَقُ بِمَا وَصَلَ إلَيْهِ قَالَ وَالطَّرِيقُ الْأَوْلَى تَأْتِي أَيْضًا فِي مُخْتَلَطِ جَهْلِ وَزْنِهِ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا قَالَهُ الْفُورَانِيُّ فَإِنَّك إذَا وَضَعْت الْمُخْتَلِطَ الْمَذْكُورَ تَكُونُ عَلَامَتُهُ بَيْنَ عَلَامَتَيْ الْخَالِصِ فَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إلَيْهِمَا سَوَاءٌ فَنِصْفُهُ ذَهَبٌ وَنِصْفُهُ فِضَّةٌ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الذَّهَبِ شَعِيرَتَانِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَامَةِ الْفِضَّةِ شَعِيرَةٌ فَثُلُثَاهُ فِضَّةٌ وَثُلُثُهُ ذَهَبٌ أَوْ بِالْعَكْسِ فَبِالْعَكْسِ .
قَالَ الرَّافِعِيُّ وَإِذَا تَعَذَّرَ الِامْتِحَانُ وَعَسِرَ التَّمْيِيزُ بِأَنْ تُفْقَدَ آلَاتُ السَّبْكِ أَوْ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى زَمَانٍ صَالِحٍ وَجَبَ الِاحْتِيَاطُ فَإِنَّ الزَّكَاةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا

مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَجْعَلَ السَّبْكَ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ شُرُوطِ الْإِمْكَانِ انْتَهَى ( وَلَا يُعْتَمَدُ ) فِي مَعْرِفَةِ الْأَكْثَرِ ( غَلَبَةُ ظَنِّهِ ) أَيْ الْمَالِكِ وَلَوْ تَوَلَّى إخْرَاجَهَا بِنَفْسِهِ ( وَيُصَدَّقُ ) فِيهِ ( إنْ أَخْبَرَ عَنْ عِلْمٍ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِالتَّرْجِيحِ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَوْ مَلَكَ نِصَابًا فِي يَدِهِ نِصْفُهُ وَبَاقِيهِ ) وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ مَغْصُوبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَوْ ( دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ وَأَوْجَبْنَا ) الزَّكَاةَ ( فِيهِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( زَكَّى النِّصْفَ ) الَّذِي بِيَدِهِ فِي الْحَالِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِمْكَانَ شَرْطٌ لِلضَّمَانِ لَا لِلْوُجُوبِ وَأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ .

( قَوْلُهُ زَكَّى كُلًّا مِنْهُمَا بِفَرْضِهِ الْأَكْثَرَ ) لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْمَالُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَأَسْهَلُ مِنْ هَذِهِ إلَخْ ) قَالَ وَنَقَلَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ طَرِيقًا آخَرَ يَأْتِي أَيْضًا مَعَ الْجَهْلِ بِمِقْدَارِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ أَنْ يَضَعَ الْمُخْتَلَطَ وَهُوَ أَلْفٌ مَثَلًا فِي مَاءٍ وَيُعَلِّمَ كَمَا مَرَّ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ الذَّهَبَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِتِلْكَ الْعَلَامَةِ ثُمَّ يُخْرِجَهُ ثُمَّ يَضَعَ فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ كَذَلِكَ حَتَّى يَرْتَفِعَ لِلْعَلَامَةِ وَيَعْتَبِرَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ الذَّهَبُ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَالْفِضَّةُ ثَمَانَمِائَةٍ عَلِمْنَا أَنَّ نِصْفَ الْمُخْتَلَطِ ذَهَبٌ وَنِصْفَهُ فِضَّةٌ بِهَذِهِ النِّسْبَةِ .
ا هـ .
وَالْمُرَادُ أَنَّهُمَا نِصْفَانِ فِي الْحَجْمِ لَا فِي الزِّنَةِ فَيَكُونُ زِنَةُ الذَّهَبِ سِتَّمِائَةٍ وَزِنَةُ الْفِضَّةِ أَرْبَعَمِائَةٍ لِأَنَّ الْمُخْتَلَطَ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يَكُونُ أَلْفًا بِالنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَا كَذَلِكَ وَبَيَانُهُ بِهَا أَنَّك إذَا جَعَلْت كُلًّا مِنْهُمَا أَرْبَعَمِائَةٍ زِدْت عَلَى الذَّهَبِ مِنْهُ بِقَدْرِ نِصْفِ الْفِضَّةِ وَهُوَ مِائَتَانِ كَانَ الْمَجْمُوعِ أَلْفًا ( قَوْلُهُ التَّصْرِيحُ بِهَذَا وَبِالتَّرْجِيحِ فِيمَا قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ .

( فَصْلٌ لَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا مَعَ كَسْرِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَاحِدَةُ حَلْيٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ ( مُبَاحٌ ) لِأَنَّ زَكَاةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ تُنَاطُ بِالِاسْتِغْنَاءِ عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِمَا لَا بِجَوْهَرِهِمَا إذْ لَا غَرَضَ فِي ذَاتِهِمَا فَلَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ لِحَاجَةِ الِانْتِفَاعِ بِالْعَيْنِ وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالِ مُبَاحٍ كَعَوَامِلِ الْمَاشِيَةِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَه وَجَوَارِيَهُ بِالذَّهَبِ وَلَا يُخْرِجُ زَكَاتَهُ وَصَحَّ نَحْوُهُ عَنْ عَائِشَةَ وَغَيْرِهَا وَمَا وَرَدَ مِمَّا ظَاهِرُهُ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ الْحُلِيَّ كَانَ مُحَرَّمًا أَوَّلَ الْإِسْلَامِ أَوْ بِأَنَّ فِيهِ إسْرَافًا .
( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ إلَخْ ) لَوْ اشْتَرَى إنَاءً لِيَتَّخِذَهُ حُلِيًّا مُبَاحًا فَحُبِسَ وَاضْطُرَّ إلَى اسْتِعْمَالِهِ فِي طُهْرِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ غَيْرُهُ فَبَقِيَ حَوْلًا كَذَلِكَ فَهَلْ لَزِمَهُ زَكَاتُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَقْرَبُ لَا وَلَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ مُعَدٌّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ وَقَوْلُهُ الْأَقْرَبُ لَا أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ انْكَسَرَ ) الْحُلِيُّ الْمُبَاحُ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ وَإِنْ دَارَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالٌ ( إنْ قَصَدَ ) عِنْدَ عِلْمِهِ بِانْكِسَارِهِ ( إصْلَاحَهُ وَأَمْكَنَ بِغَيْرِ سَبْكٍ وَصَوْغٍ ) لَهُ بِأَنْ أَمْكَنَ بِالْإِلْجَامِ لِبَقَاءِ صُورَتِهِ وَقَصْدِ إصْلَاحِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ بَلْ قَصَدَ جَعْلَهُ تِبْرًا أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَنَزَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا أَوْ أَحْوَجَ انْكِسَارُهُ إلَى سَبْكٍ وَصَوْغٍ وَإِنْ قَصَدَهُمَا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ وَيَنْعَقِدُ حَوْلُهُ مِنْ حِينِ انْكِسَارِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَعْمَلٍ وَلَا مُعَدٍّ لِلِاسْتِعْمَالِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ بِتَقْرِيرِي لَهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِانْكِسَارِهِ إلَّا بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ فَقَصَدَ إصْلَاحَهُ لَا زَكَاةَ أَيْضًا لِأَنَّ الْقَصْدَ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مُرْصَدًا لَهُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْوَسِيطِ فَلَوْ عَلِمَ انْكِسَارَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ إصْلَاحَهُ حَتَّى مَضَى عَامٌ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ فَإِنْ قَصَدَ بَعْدَهُ إصْلَاحَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا وُجُوبَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَتَجِبُ الزَّكَاةُ فِيمَا حَرُمَ لِعَيْنِهِ كَالْأَوَانِي ) مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْإِجْمَاعِ ( وَلَا أَثَرَ لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِالصَّنْعَةِ ) لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فَلَوْ كَانَ لَهُ إنَاءٌ وَزْنُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ ثَلَثُمِائَةٍ اُعْتُبِرَ وَزْنُهُ لَا قِيمَتُهُ فَيُخْرِجُ خَمْسَةً مِنْ غَيْرِهِ أَوْ يَكْسِرُهُ وَيُخْرِجُ خَمْسَةً أَوْ يُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ الْمُبَاحِ إذَا أَوْجَبْنَا فِيهِ الزَّكَاةَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لَا وَزْنُهُ فَيُخْرِجُ رُبْعَ عُشْرِهِ مَشَاعًا ثُمَّ يَبِيعُهُ السَّاعِي بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَيُفَرِّقُ ثَمَنَهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ أَوْ يُخْرِجُ خَمْسَةً مَصُوغَةً قِيمَتُهَا سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ .
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجُوزُ إخْرَاجُ سَبْعَةٍ وَنِصْفٍ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ كَسْرُهُ لِلْأَدَاءِ مِنْهُ لِضَرَرِ الْجَانِبَيْنِ ( وَ ) تَجِبُ ( فِيمَا حَرُمَ بِالْقَصْدِ ) بِالْإِجْمَاعِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ قَصَدَ بِالْعُرُوضِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا لِتَعَلُّقِ الزَّكَاةِ هُنَا بِالْعَيْنِ ( كَقَصْدِ الرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ أَوْ يُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ ) أَوْ أَنْ يُلْبِسَ امْرَأَةً حُلِيَّ رَجُلٍ كَسَيْفٍ وَمِنْطَقَةٍ ( وَعَكْسُهُ ) أَيْ كَقَصْدِ الْمَرْأَةِ أَنْ تَلْبِسَ أَوْ تَلْبِسُ امْرَأَةٌ حُلِيَّ رَجُلٍ أَوْ أَنْ تُلْبِسَ رَجُلًا حُلِيَّ امْرَأَةٍ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمَكْرُوهَ كَالْمُحَرَّمِ ( وَكَذَا ) تَجِبُ ( فِي حُلِيٍّ اُتُّخِذَ لِلْكَنْزِ ) لِلصَّرْفِ لَهُ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ ( لَا ) إنْ اُتُّخِذَ ( لِلُّبْسِ ) مُبَاحٌ فَلَا تَجِبُ فِيهِ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ عُلِمَا مِمَّا مَرَّ ( أَوْ تِبْرٍ ) قَالَ الْجَوْهَرِيُّ التِّبْرُ مَا كَانَ مِنْ الذَّهَبِ غَيْرَ مَضْرُوبٍ فَإِذَا ضُرِبَ دَنَانِيرَ فَهُوَ عَيْنٌ وَلَا يُقَالُ تِبْرًا لَا لِلذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُهُ لِلْفِضَّةِ أَيْضًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ هُنَا كِلَاهُمَا وَقَدْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَغَيْرِهِ بِالتِّبْرَيْنِ وَقَوْلُهُ تِبْرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى حُلِيٍّ وَلَوْ عَطَفَهُ بِالْوَاوِ

كَانَ أَوْلَى أَيْ وَتَجِبُ فِي تِبْرٍ ( مَغْصُوبٍ صِيغَ ) حُلِيًّا فَتَجِبُ زَكَاتُهُ عَلَى مَالِكِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمُحَرَّمِ صَنْعَتُهُ ( فَيُزَكِّي مُحَرَّمَ الصَّنْعَةِ ) أَمَّا ( مَنْ بَعَّضَهُ بِالْكَسْرِ أَوْ بِشَرِكَةِ الْإِشَاعَةِ أَوْ ) مِنْ غَيْرِهِ ( بِوَزْنِهَا ) أَيْ الزَّكَاةِ أَيْ قَدْرِهَا ( مِنْ نَوْعِهِ ) لَا مِنْ نَوْعٍ آخَرَ دُونَهُ وَلَا مِنْ جِنْسٍ آخَرَ وَلَوْ أَعْلَى فَلَوْ كَانَ الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ فِضَّةً وَأَخْرَجَ عَنْهُ مِنْ الذَّهَبِ مَا قِيمَتُهُ رُبْعُ عُشْرِ الْفِضَّةِ لَمْ يَجُزْ لِإِمْكَانِ تَسْلِيمِ رُبْعِهِ مَشَاعًا وَبَيْعِهِ بِالذَّهَبِ بَعْدَهُ وَلِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ .

( فَرْعٌ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِالْحُلِيِّ ) الَّذِي اتَّخَذَهُ ( كَنْزًا وَلَا اسْتِعْمَالًا ) بِأَنْ أَطْلَقَ ( أَوْ قَصَدَ إجَارَتَهُ مِمَّنْ لَهُ لُبْسُهُ فَكَالْمُسْتَعْمَلِ مُبَاحًا ) فَلَا زَكَاةَ فِيهِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إنَّمَا تَجِبُ فِي مَالٍ نَامٍ وَالنَّقْدُ غَيْرُ نَامٍ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالنَّامِي لِتَهْيِئَتِهِ لِلْإِخْرَاجِ وَبِالصِّيَاغَةِ بَطَلَ تَهَيُّؤُهُ لَهُ وَيُخَالِفُ قَصْدُ كَنْزِهِ لِصَرْفِهِ هَيْئَةَ الصِّيَاغَةِ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ فَصَارَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ كَالدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَكَمَا لَوْ اتَّخَذَهُ لِيُعَيِّرَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِالْأُجْرَةِ كَأُجْرَةِ الْعَامِلَةِ ( لَا إنْ وَرِثَهُ وَعَلِمَ ) بِأَنَّهُ وَرِثَهُ ( بَعْدَ الْحَوْلِ ) فَتَجِبُ زَكَاتُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إمْسَاكَهُ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ ثُمَّ حَكَى عَنْ وَالِدِهِ احْتِمَالَ وَجْهٍ فِيهِ إقَامَةً لِنِيَّةِ مُوَرِّثِهِ مَقَامَ نِيَّتِهِ وَيُشْكِلُ الْأَوَّلُ بِالْحُلِيِّ الَّذِي اتَّخَذَهُ بِلَا قَصْدِ شَيْءٍ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ فِي تِلْكَ اتِّخَاذًا دُونَ هَذِهِ وَالِاتِّخَاذُ مُقَرَّبٌ لِلِاسْتِعْمَالِ بِخِلَافِ عَدَمِهِ .
( قَوْلُهُ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهَا إلَخْ ) كَذَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَنَقَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْعِلَّةَ بِالسَّبَائِكِ وَعَلَّلَهُ فِي الصَّغِيرِ بِأَنَّ الصِّيَاغَةَ لِلِاسْتِعْمَالِ غَالِبًا وَالظَّاهِرُ إفْضَاؤُهَا إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ لَا تُرَدُّ السَّبَائِكُ .

( وَكُلَّمَا قَصَدَ ) الْمَالِكُ بِالْحُلِيِّ الْمُبَاحِ الِاسْتِعْمَالَ ( الْمُوجِبَ ) لِلزَّكَاةِ بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا ( ابْتَدَأَ الْحَوْلُ ) مِنْ حِينِ قَصَدَهُ ( وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ ) لَهَا بِأَنْ قَصَدَ بِهِ اسْتِعْمَالًا مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا ثُمَّ غَيَّرَ قَصْدَهُ إلَى الْمُبَاحِ ( انْقَطَعَ ) الْحَوْلُ .
( قَوْلُهُ وَكُلَّمَا غَيَّرَهُ إلَى الْمُسْقِطِ انْقَطَعَ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ اتَّخَذَ الْحُلِيَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُحَرَّمٍ فَاسْتَعْمَلَهُ فِي الْمُبَاحِ فِي وَقْتٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ عَكَسَ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَهُمَا وَجَبَتْ قَطْعًا وَفِيهِ احْتِمَالٌ وَقَوْلُهُ فَفِي الْوُجُوبِ احْتِمَالَانِ قَالَ شَيْخُنَا أَوْجَهُ الِاحْتِمَالَيْنِ عَدَمُ الْوُجُوبِ نَظَرًا لِقَصْدِ الِابْتِدَاءِ فَإِنْ طَرَأَ عَلَى ذَلِكَ قَصْدٌ مُحَرَّمٌ ابْتَدَأَ لَهَا حَوْلًا مِنْ حِينَئِذٍ .

( فَصْلٌ ) فِيمَا يَحِلُّ وَيَحْرُمُ مِنْ الْحُلِيِّ ( الذَّهَبُ حَرَامٌ ) اسْتِعْمَالُهُ وَاِتِّخَاذُهُ ( عَلَى الرَّجُلِ ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ لَهُ اسْتِعْمَالُهُ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ قَطْعِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِبِ الْمَذْهَبِ وَآخَرِينَ وَقَوْلُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ إنَّهُ لَا يَصْدَأُ أَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّ مِنْهُ نَوْعًا يَصْدَأُ وَهُوَ مَا يُخَالِطُ غَيْرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا قَالُوهُ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُمْ بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْخُيَلَاءُ وَالْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ إنَّمَا هِيَ الْعَيْنُ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ التَّحْرِيمُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْجُمْهُورِ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي قَدَّمْته فِي بَابِ الْآنِيَةِ أَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ الْعَيْنُ بِشَرْطِ الْخُيَلَاءِ فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ مَا قَالُوهُ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ صَدِئَ بِحَيْثُ لَا يُبَيَّنُ جَازَ اسْتِعْمَالُهُ ) وَكَذَا مَيْلُ الذَّهَبِ لِحَاجَةِ التَّدَاوِي قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ مَقَامَهُ وَطِرَازُ الذَّهَبِ إذَا حَالَ لَوْنُهُ وَذَهَبَ حُسْنُهُ يَلْتَحِقُ بِالذَّهَبِ إذَا صَدِئَ قَالَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْخَادِمِ .

( وَلَهُ تَعْوِيضُ سِنٍّ ) مِنْ الذَّهَبِ لِمَا سَيَأْتِي ( لَا ) سِنٍّ ( لِخَاتَمٍ ) وَهِيَ الشُّعْبَةُ الَّتِي يَسْتَمْسِكُ بِهَا الْفَصُّ لِعُمُومِ أَدِلَّةِ الْمَنْعِ وَلِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَقَالَ الْإِمَامُ لَا يَبْعُدُ إلْحَاقُ قَلِيلِهِ بِصَغِيرِ ضَبَّةِ الْإِنَاءِ وَفَرَّقَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّ الْخَاتَمَ أَدْوَمُ اسْتِعْمَالًا مِنْ الْإِنَاءِ .

( وَ ) لَهُ تَعْوِيضُ ( أُنْمُلَةٍ ) بِتَثْلِيثِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ تِسْعُ لُغَاتٍ أَفْصَحُهَا وَأَشْهَرُهَا فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَضَمُّ الْمِيمِ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ اللُّغَةِ الْأَنَامِلُ أَطْرَافُ الْأَصَابِعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُنَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ غَيْرِ الْإِبْهَامِ ثَلَاثُ أَنَامِلَ وَكَذَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ كِبَارِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ .

( وَ ) لَهُ تَعْوِيضُ ( أَنْفٍ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ { لِأَنَّ عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلَابِ بِضَمِّ الْكَافِ اسْمٌ لِمَاءٍ كَانَتْ الْوَقْعَةُ عِنْدَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ حِبَّانَ وَصَحَّحَهُ وَقِيسَ بِالْأَنْفِ السِّنُّ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنْمُلَةُ وَلَوْ لِكُلِّ أُصْبُعٍ وَقَدْ شَدَّ عُثْمَانُ وَغَيْرُهُ أَسْنَانَهُمْ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ وَجَازَ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ وَإِنْ أَمْكَنَ بِالْفِضَّةِ الْجَائِزَةِ لِذَلِكَ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ لَا يَصْدَأُ وَلَا يُفْسِدُ الْمَنْبَتَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ جَوَازُ تَعْوِيضِ الْأُنْمُلَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَا تَحْتَهَا سَلِيمًا دُونَ مَا إذَا كَانَ أَشَلَّ كَمَا أَرْشَدَ إلَيْهِ تَعْلِيلُهُمْ بِالْعَمَلِ .

( لَا ) تَعْوِيضُ ( كَفٍّ وَأُصْبُعٍ ) وَأُنْمُلَتَيْنِ مِنْ أُصْبُعٍ فَلَا يَجُوزُ مِنْ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ لِأَنَّهَا لَا تُعْمَلُ فَيَكُونُ لِمُجَرَّدِ الزِّينَةِ بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ ( وَلَا ) يَحِلُّ ( تَمْوِيهُ ) أَيْ تَطْلِيَةُ ( سَيْفٍ وَخَاتَمٍ ) وَغَيْرِهِمَا ( بِذَهَبٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ ) بِالنَّارِ كَذَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَتَقَدَّمَ فِي الْأَوَانِي أَنَّهُ يَحِلُّ الْمُمَوَّهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ شَيْءٌ قَالَ السُّبْكِيُّ فَلْيُحْمَلْ الْحِلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُمَوَّهِ وَالْمَنْعُ عَلَى نَفْسِ التَّمْوِيهِ أَوْ يُحْمَلُ الْحِلُّ عَلَى الْأَوَانِي وَالْمَنْعُ عَلَى الْمَلْبُوسِ أَيْ لِاتِّصَالِهِ بِالْبَدَنِ وَشِدَّةِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ بِخِلَافِ الْأَوَانِي وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَيُنَاسِبُهُ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ وَتَمْوِيهُ بَيْتِهِ وَجِدَارِهِ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَرَامٌ قَطْعًا ثُمَّ إنْ حَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ بِالنَّارِ حَرُمَ اسْتِدَامَتُهُ وَإِلَّا فَلَا .
قَوْلُهُ بِخِلَافِ السِّنِّ وَالْأُنْمُلَةِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ تَحْرِيكُهَا ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ الْأُنْمُلَةُ السُّفْلَى كَالْأُصْبُعِ فِي الْمَنْعِ لِأَنَّهَا لَا تَتَحَرَّكُ فس ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَالْخُنْثَى فِي حُلِيِّ كُلٍّ ) مِنْ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ( كَالْآخَرِ ) فَيَحْرُمُ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا احْتِيَاطًا وَعَلَيْهِ زَكَاتُهُ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ لِحُرْمَتِهَا عَلَى الْمَرْأَةِ وَجَعْلُهُ كَالْمَرْأَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( وَلِلرَّجُلِ لُبْسُ خَاتَمِ الْفِضَّةِ ) لِلْإِتْبَاعِ وَالْإِجْمَاعِ بَلْ يُسَنُّ لَهُ كَمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةٍ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ ( لَا ) لُبْسُ ( السِّوَارِ ) بِكَسْرِ السِّينِ وَضَمِّهَا ( وَنَحْوِهِ ) كَالدُّمْلُجِ وَالطَّوْقِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَلَوْ مِنْ فِضَّةٍ لِأَنَّ فِيهِ خُنُوثَةٌ لَا تَلِيقُ بِشَهَامَةِ الرِّجَالِ .

( وَلَهُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ بِهَا ) أَيْ بِالْفِضَّةِ لَا بِالذَّهَبِ ( كَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَالدِّرْعِ وَالْمِنْطَقَةِ ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهِيَ مَا يُشَدُّ بِهِ الْوَسَطُ ( وَالْخُفِّ ) لِأَنَّهَا تَغِيظُ الْكُفَّارَ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ قِبِّيعَةَ سَيْفِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَتْ مِنْ فِضَّةٍ وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ لَكِنْ خَالَفَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فَضَعَّفَهُ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِجَزْمِ الْأَصْحَابِ بِتَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ ذَلِكَ بِالذَّهَبِ ( مَا لَمْ يُسْرِفْ ) فِي ذَلِكَ فَيَحْرُمُ حِينَئِذٍ .

( وَلَوْ حَلَّى الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ السَّرْجَ وَاللِّجَامَ وَالرِّكَابَ ) وَبَرَّةَ النَّاقَةِ ( وَقِلَادَةَ الدَّابَّةِ وَالسِّكِّينَ وَالْكُتُبَ وَالْجَلَمَ ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَاللَّامِ أَيْ الْمِقْرَاضَ ( وَالدَّوَاةَ ) وَسَرِيرَ الْمُصْحَفِ وَنَحْوَهَا ( حَرُمَ ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَلْبُوسَةٍ لِلرَّاكِبِ كَالْأَوَانِي .

( وَيَحْرُمُ عَلَى النِّسَاءُ تَحْلِيَةُ آلَةِ الْحَرْبِ ) بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَإِنْ جَازَ لَهُنَّ الْمُحَارَبَةُ بِآلَتِهَا ( وَلُبْسُ زِيِّ الرِّجَالِ ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَهُوَ حَرَامٌ كَعَكْسِهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ { لَعَنْ اللَّهُ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنْ الرِّجَالِ وَالْمُتَشَبِّهَات مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ } وَاللَّعْنُ لَا يَكُونُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَلَا أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسَ اللُّؤْلُؤِ إلَّا لِلْأَدَبِ وَإِنَّهُ مِنْ زِيِّ النِّسَاءِ لَا لِلتَّحْرِيمِ فَلَيْسَ مُخَالِفًا لِهَذَا لِأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ مِنْ جِنْسِ زِيِّ النِّسَاءِ لَا أَنَّهُ زِيُّ لُبْسٍ مُخْتَصٍّ بِهِنَّ وَيُجَابُ عَنْ قَوْلِ صَاحِبِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ فِي تَجْوِيزِ الْمُحَارَبَةِ لَهُنَّ فِي الْجُمْلَةِ تَجْوِيزُ لُبْسِ آلَتِهَا وَإِذَا جَازَ اسْتِعْمَالُهَا غَيْرَ مُحَلَّاةٍ جَازَ مَعَ الْحِلْيَةِ لِأَنَّ التَّحَلِّي لَهُنَّ أَجْوَزُ مِنْهُ لِلرِّجَالِ بِأَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ لَهُنَّ لُبْسَ آلَةِ الْحَرْبِ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ وَلَا حَاجَةَ إلَى الْحِلْيَةِ .

( وَلَهُنَّ وَكَذَا لِلطِّفْلِ لُبْسُ حُلِيِّ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ) أَمَّا هُنَّ فَلِخَبَرِ أَبِي دَاوُد الْمُشَارِ إلَيْهِ آنِفًا وَأَمَّا الطِّفْلُ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَهَامَةٌ تُنَافِي خُنُوثَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ التَّاجِ وَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ فِي التَّاجِ مُقَيَّدٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ بِالْعَادَةِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ ( وَكَذَا ) يَحِلُّ لَهُنَّ ( التَّاجُ إنْ تُعَوَّدْنَهُ ) وَإِلَّا فَهُوَ لِبَاسُ عُظَمَاءِ الْفَرَسِ فَيَحْرُمُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِعَادَةِ أَهْلِ النَّوَاحِي فَحَيْثُ اعْتَدْنَهُ جَازَ وَحَيْثُ لَمْ يَعْتَدْنَهُ لَا يَجُوزُ حَذَرًا مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ وَذَكَرَ مِثْلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ هُنَا وَقَالَ فِيهِ فِي بَابِ مَا يَجُوزُ لُبْسُهُ وَالْمُخْتَارُ بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ مُطْلَقًا بِلَا تَرْدِيدٍ لِعُمُومِ الْخَبَرِ لِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ .
قَوْلُهُ بَلْ الصَّوَابُ حِلُّهُ مُطْلَقًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَ ) يَحِلُّ لَهُنَّ ( اتِّخَاذُ النِّعَالِ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( وَلُبْسُ مَا نُسِجَ بِهِمَا كَالْحُلِيِّ ) لِأَنَّ ذَلِكَ لِبَاسٌ حَقِيقَةً ( لَا إنْ أَسْرَفْنَ ) فِي شَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ ( كَخَلْخَالٍ وَزْنُهُ مِائَتَا مِثْقَالٍ ) لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِإِبَاحَةِ الْحُلِيِّ لَهُنَّ هُوَ التَّزَيُّنُ لِلرِّجَالِ الْمُحَرِّكُ لِلشَّهْوَةِ الدَّاعِي لِكَثْرَةِ النَّسْلِ وَلَا زِينَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ وَقَيَّدَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْمَجْمُوعِ التَّحْرِيمَ بِالْمُبَالَغَةِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّ مَا أُبِيحَ أَصْلُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ إبَاحَتِهِ قَلِيلُ السَّرَفِ بِدَلِيلِ الْإِسْرَافِ الْيَسِيرِ فِي النَّفَقَةِ وَالزِّيَادَةِ عَلَى الشِّبَعِ مَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى الْإِضْرَارِ بِالْبَدَنِ لَكِنْ مَتَى وُجِدَ أَدْنَى سَرَفٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ لُبْسُهُ لِأَنَّ السَّرَفَ وَإِنْ لَمْ يَحْرُمْ كُرِهَ وَالْحُلِيُّ الْمَكْرُوهُ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَظَاهِرٌ أَنَّ الطِّفْلَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ كَالنِّسْوَةِ .

( قَوْلُهُ بَلْ تَنْفِرُ مِنْهُ النَّفْسُ لِاسْتِبْشَاعِهِ ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إبَاحَةُ مَا تَتَّخِذُهُ النِّسَاءُ فِي هَذَا الزَّمَانِ مِنْ التَّرَاكِيبِ الذَّهَبُ وَإِنْ كَثُرَ ذَهَبُهَا لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَنْفِرُ مِنْهُ وَلَا يُسْتَبْشَعُ بَلْ هُوَ فِي غَايَةِ الزِّينَةِ فس وَكَتَبَ أَيْضًا مَا تَتَّخِذُهُ الْمَرْأَةُ مِنْ تَصَاوِيرِ النَّقْدَيْنِ حَرَامٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي شَافِيهِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَيِّدُ حَذْفُهَا وَالسَّرَفُ مَذْمُومٌ شَرْعًا وَالْمُبَالَغَةُ فِيهِ أَشَدُّ قِيلَ وَلَعَلَّ ذِكْرَ الْمُبَالَغَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَتَحَقَّقُ بِهِ السَّرَفُ ( قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ إبَاحَتِهِ قَلِيلُ السَّرَفِ إلَخْ ) لَكِنْ قَدْ سَبَقَ فِي الضَّبَّةِ أَنَّهُ مَتَى زَادَ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الضَّبَّةِ الْكَبِيرَةِ حَرُمَتْ وَقَدْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَاكَ لَا فَائِدَةَ لَهَا وَالزِّيَادَةُ فِي الْحُلِيِّ تَزِيدُ فِي تَجَمُّلِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ زِيَادَةَ لُبْسِ الْحُلِيِّ مِمَّا يُحَلِّي الْمَرْأَةَ وَيُحَسِّنُهَا إلَى الْأَزْوَاجِ وَيُرَغِّبُ الْخُطَّابَ فِيهَا وَذَلِكَ مَطْلُوبٌ شَرْعًا .

( وَلَوْ اتَّخَذَ ) شَخْصٌ ( خَوَاتِمَ ) كَثِيرَةً ( أَوْ اتَّخَذَتْ ) امْرَأَةٌ ( خَلَاخِلَ كَثِيرَةً لِلْمُغَايَرَةِ فِي اللُّبْسِ جَازَ ) لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ لِيَلْبَسَ الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ وَفِيهَا رَمْزٌ إلَى مَنْعِ لُبْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ خَاتَمٍ جُمْلَةً وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ تَفَقُّهًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ اسْتِعْمَالَهُ الْفِضَّةَ حَرَامٌ إلَّا مَا وَرَدَتْ الرُّخْصَةُ بِهِ وَلَمْ تَرِدْ إلَّا فِي خَاتَمٍ وَاحِدٍ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ قَالُوا وَهَذَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الدَّارِمِيِّ وَيُكْرَهُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ فَوْقَ خَاتَمَيْنِ وَقَوْلُ الْخُوَارِزْمِيَّ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ لُبْسُ زَوْجِ خَاتَمٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي كُلِّ يَدٍ وَزَوْجٍ فِي يَدٍ وَفَرْدٍ فِي أُخْرَى وَإِنْ لَبِسَ زَوْجَيْنِ فِي كُلِّ يَدٍ قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ لَا يَجُوزُ إلَّا لِلنِّسَاءِ قَالَ وَعَلَى قِيَاسِهِ لَوْ تَخَتَّمَ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ فَفِي حِلِّهِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قُلْت أَصَحُّهُمَا التَّحْرِيمُ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْهُ وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالنِّسَاءِ .
ا هـ .
وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَدَمُ التَّحْرِيمِ فَفِيهِ وَالسُّنَّةُ لِلرَّجُلِ جَعْلُ خَاتَمِهِ فِي الْخِنْصَرِ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ الِامْتِهَانِ فِيمَا يَتَعَاطَى بِالْيَدِ لِكَوْنِهِ طَرَفًا وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ مِنْ أَشْغَالِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِ الْخِنْصَرِ وَيُكْرَهُ لَهُ جَعْلُهُ فِي الْوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ لِلْحَدِيثِ وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ احْتَمَلَتْ عِبَارَةَ الْأَصْلِ فَهِيَ إلَى عِبَارَةِ الْآخَرِينَ أَقْرَبُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إنَّمَا عَبَّرَ الرَّافِعِيُّ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ فِي الْحُلِيِّ الَّذِي لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةٌ فَأَمَّا إذَا اتَّخَذُوا خَوَاتِمَ لِيَلْبَسَ اثْنَيْنِ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ دُفْعَةً فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِوُجُوبِهَا فِي الْحُلِيِّ الْمَكْرُوهِ وَقَالَ الشَّيْخُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ لِيَلْبَسَ

الْوَاحِدَ مِنْهَا بَعْدَ الْوَاحِدِ أَنَّهُ يَلْبَسُ وَاحِدًا فَوْقَ آخَرَ بِقَرِينَةِ قَرْنِهِ بِالْخَلَاخِيلِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ تَخَتَّمَ فِي غَيْرِ الْخِنْصَرِ ) لَا لِحِفْظِهِ مِنْ السُّقُوطِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ ) بِأَنْ جَعَلَتْهَا فِي قِلَادَتِهَا ( زُكِّيَتْ ) بِنَاءً عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ رَدَّهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ مَا يُكْرَهُ لُبْسُهُ بِأَنَّ الْأَصَحَّ الْجَوَازُ لِدُخُولِهِ فِي اسْمِ الْحُلِيِّ وَعَلَيْهِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ فِي بَابِ الزَّكَاةِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ كَرَاهَتُهَا فَتَجِبُ زَكَاتُهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ إنْ قِيلَ بِكَرَاهَتِهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِالصَّنْعَةِ عَنْ النَّقْدِيَّةِ لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ الْأَصْحَابِ ( لَا الْمُعَرَّاةَ ) أَيْ الَّتِي جُعِلَتْ لَهَا عُرًا وَجُعِلَتْ فِي الْقِلَادَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ لِأَنَّهَا حُلِيٌّ مُبَاحٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَلَّدَتْ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ الْمَثْقُوبَةَ زَكَّيْت ) لِأَنَّهَا لَمْ تَصِرْ مَصْرُوفَةً عَنْ جِهَةِ النَّقْدِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى ( قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ وَتَجِبُ زَكَاتُهَا إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا مِمَّا لَا يُعْقَلُ فَإِنَّهُ مَتَى ثَبَتَ كَوْنُهُ حُلِيًّا مُبَاحًا امْتَنَعَ الْإِيجَابُ .

( وَلَوْ حَلَّى ) شَخْصٌ ( مُصْحَفًا ) وَلَوْ بِتَحْلِيَةِ غِلَافِهِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ ( بِفِضَّةٍ أَوْ حَلَّتْهُ امْرَأَةٌ بِذَهَبٍ جَازَ ) إكْرَامًا لَهُ فِيهِمَا وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الثَّانِيَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِالْمُصْحَفِ فِي ذَلِكَ اللَّوْحِ الْمُعَدِّ لِكِتَابَةِ الْقُرْآنِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ مَنْ كَتَبَ الْقُرْآنَ بِالذَّهَبِ فَقَدْ أَحْسَنَ وَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْتَحِقَ بِالْمُصْحَفِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي فَتَاوِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَوْ حَلَّى الْمَسَاجِدَ وَالْكَعْبَةَ وَقَنَادِيلَهَا ) بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ( حَرُمَ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْمُصْحَفِ وَلِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ فَهُوَ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ بِخِلَافِ كِسْوَةِ الْكَعْبَةِ بِالْحَرِيرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَحْرِيمِ تَحْلِيَةِ الْقَنَادِيلِ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْأَصْلُ إنَّمَا ذَكَرَ تَحْرِيمَ تَعْلِيقِ قَنَادِيلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ أَيْضًا تَعْلِيقُ الْقَنَادِيلِ الْمُحَلَّاةِ بِذَلِكَ إذَا حَصَلَ مِنْهَا شَيْءٌ بِالنَّارِ ( فَيُزْكِي ) ذَلِكَ ( لَا إنْ جُعِلَ وَقْفًا ) عَلَى الْمَسْجِدِ لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْمُعَيَّنِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ صِحَّةِ وَقْفِهِ إذَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَوَقْفُ الْمُحَرَّمِ بَاطِلٌ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ وَقْفَهُ لَيْسَ عَلَى التَّحَلِّي كَمَا تُوُهِّمَ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ كَالْوَقْفِ عَلَى تَزْوِيقِ الْمَسْجِدِ وَنَقْشِهِ لِأَنَّهُ إضَاعَةُ مَالٍ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ مَعَ صِحَّةِ وَقْفِهِ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ نَاقِلًا لَهُ عَنْ الْعِمْرَانِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ .

( وَيَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ ) لِفِعْلِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ لَهُ تَعْظِيمًا لَهَا بِخِلَافِ سَتْرِ غَيْرِهَا بِهِ .
قَوْلُهُ وَيَجُوزُ سَتْرُ الْكَعْبَةِ بِالدِّيبَاجِ ) أَمَّا مَشَاهِدُ الْأَنْبِيَاءِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ فِيهَا بِالْجَوَازِ كَالْكَعْبَةِ بَسِيطٌ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ سُئِلَ الشَّارِحُ عَنْ سَتْرِ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ بِالسُّتُورِ الْحَرِيرِ الْمُزَرْكَشَةِ وَغَيْرِهَا هَلْ هُوَ جَائِزٌ لِإِظْهَارِ تَوَابِيتِهِمْ بِهِ فَيَتَبَرَّكُ بِهِمْ أَوْ يُتْلَى كِتَابُ اللَّهِ عِنْدَهُمْ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ لِبَاسُ تَوَابِيتِ الْأَوْلِيَاءِ الْحَرِيرِ وَإِظْهَارُهَا يَحْصُلُ بِدُونِ ذَلِكَ وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَرْكَ إلْبَاسِهَا إيَّاهُ أَحَبُّ إلَيْهِمْ فَإِنَّهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ كَانُوا يَتَنَزَّهُونَ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ فِي ذَوَاتِهِمْ الشَّرِيفَةِ فَلَأَنْ يُنَزَّهُوا عَنْ أَنْ تُعْمَلَ عَلَى قُبُورِهِمْ أَوْلَى وَمَنْ قَالَ بِجَوَازِ ذَلِكَ قَالَ وَالْأَوْلَى بِالسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ تَرْكُهُ .

( وَمَا كُرِهَ اسْتِعْمَالُهُ كَضَبَّةِ الْإِنَاءِ الْكَبِيرَةِ ) لِلْحَاجَةِ أَوْ الصَّغِيرَةِ لِلزِّينَةِ ( وَجَبَتْ زَكَاتُهُ ) كَالْمُحَرَّمِ .

( وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مَوْقُوفٍ لِمُبَاحٍ ) هَذَا مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ لَا إنْ جُعِلَ وَقْفًا وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ وَلَوْ وَقَفَ حُلِيًّا عَلَى قَوْمٍ يَلْبَسُونَهُ أَوْ يَنْتَفِعُونَ بِأُجْرَتِهِ الْمُبَاحَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَطْعًا وَكَذَا عَبَّرَ بِهَذَا فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ وَلَوْ وَقَفَ حُلِيًّا عَلَى قَوْمٍ يَلْبَسُونَهُ لُبْسًا مُبَاحًا أَوْ يَنْتَفِعُونَ بِأُجْرَتِهِ الْمُبَاحَةِ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ قَطْعًا لِعَدَمِ الْمَالِكِ الْحَقِيقِيِّ الْمُعَيَّنِ ( تَتِمَّةٌ ) كُلُّ حُلِيٍّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ حُكْمُ صَنْعَتِهِ حُكْمُ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ فَلَا يَضْمَنُهُ كَاسِرُهُ عَلَى الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا يَحِلُّ لِبَعْضِ النَّاسِ لَا يُكْسَرُ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَلَوْ كَسَرَهُ أَحَدٌ ضَمِنَهُ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لَكِنَّهُ لَمْ يُصَحِّحْ عَدَمَ الضَّمَانِ فِي الْأَوَّلِ بَلْ أَطْلَقَ فِيهِ وَجْهَيْنِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ تَرَكَ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِمَا قَدَّمَهُ فِي الْأَوَانِي .

( بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ ) الْأَصْلُ فِيهَا مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ بِإِسْنَادَيْنِ صَحِيحَيْنِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { قَالَ فِي الْإِبِلِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَقَرِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْغَنَمِ صَدَقَتُهَا وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ } وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد { عَنْ سَمُرَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنْ الَّذِي نُعِدُّهُ لِلْبَيْعِ } وَرَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ حَمَاسًا كَانَ يَبِيعُ الْأُدْمَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ قَوِّمْهُ وَأَدِّ زَكَاتَهُ قَالَ فَفَعَلْت وَأَمَّا خَبَرُ { لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلَا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ } فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا لَيْسَ لِلتِّجَارَةِ وَالْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَالزَّايِ يُقَالُ لِأَمْتِعَةِ الْبَزَّازِ وَلِلسِّلَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ زَكَاةُ عَيْنٍ فَصَدَقَتُهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ .
( بَابُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ ) ( قَوْلُهُ الْأَصْلُ فِيهَا إلَخْ ) قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ } قَالَ مُجَاهِدٌ نَزَلَتْ فِي التِّجَارَةِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْبَزِّ صَدَقَتُهُ ) مَعْلُومٌ أَنَّ الْبَزَّ لَا تَجِبُ فِيهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ فَثَبَتَ أَنَّ فِيهِ زَكَاةَ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُ مَالٌ مُرْصَدٌ لِلنَّمَاءِ فَأَشْبَهَ الْمَاشِيَةَ ( قَوْلُهُ إنْ حِمَاسًا ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَآخِرُهُ سِينٌ مُهْمَلَةٌ .

( وَمَتَى مَلَكَ عَرْضًا بِمُعَاوَضَةٍ بِقَصْدِ التِّجَارَةِ ) وَهِيَ تَقْلِيبُ الْمَالِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِغَرَضِ الرِّبْحِ ( تَهَيَّأَ لِلزَّكَاةِ ) أَيْ لِوُجُوبِهَا بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهَا الْمُنْعَقِدِ مِنْ حِينَئِذٍ ( سَوَاءٌ اشْتَرَاهُ بِنَقْدٍ أَوْ عَرْضِ قِنْيَةٍ ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَضَمِّهَا ( أَوْ دَيْنٍ ) حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ ( وَلَا يَحْتَاجُ تَجْدِيدَ الْقَصْدِ ) أَيْ قَصْدِ التِّجَارَةِ ( لِلتَّصَرُّفِ ) أَيْ فِي كُلِّ تَصَرُّفٍ ( مَا لَمْ يَنْوِ ) بِمَالِهَا ( الْقِنْيَةَ ) فَإِنْ نَوَاهَا بِهِ انْقَطَعَ الْحَوْلُ فَيَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَصْدٍ مُقَارِنٍ لِلتَّصَرُّفِ وَقَضِيَّتُهُ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَنَوَى بِهِ اسْتِعْمَالًا جَائِزًا أَمْ مُحَرَّمًا كَلُبْسِهِ الدِّيبَاجَ وَقَطْعِهِ الطَّرِيقَ بِالسَّيْفِ وَقَدْ حَكَى فِيهِ الْمُتَوَلِّي وَجْهَيْنِ وَأَنَّ أَصْلَهُمَا أَنَّ مَنْ عَزَمَ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَأَصَرَّ هَلْ يَأْثَمُ أَوْ لَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا وَالْأَقْرَبُ إلَى النَّصِّ أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ الْحَوْلُ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ بَلْ قَضِيَّتُهُ أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الِانْقِطَاعَ فَتَأَمَّلْ عَلَى أَنَّ مَسْأَلَتَنَا غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِالْإِصْرَارِ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِهِ فَلَا اتِّحَادَ بَيْنَهُمَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَوْ نَوَى الْقِنْيَةَ بِبَعْضِ عَرْضِ التِّجَارَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَفِي تَأْثِيرِهِ وَجْهَانِ قُلْت أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ .

( قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ تَجْدِيدُ الْقَصْدِ لِلتَّصَرُّفِ مَا لَمْ يَنْوِ الْقِنْيَةَ ) قَدْ يُرَدُّ عَلَى الْكِتَابِ مَا لَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ عَنْ مَالِ تِجَارَةٍ فَإِنَّ حَوْلَهُ يَنْقَطِعُ وَلَا يَنْعَقِدُ حَوْلُهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ فِيهِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ شَرْطِ السَّوْمِ ع وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ وَكَتَبَ أَيْضًا أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ حُكْمَ التِّجَارَةِ يَسْتَمِرُّ عَلَى مَالِهَا الْمَوْرُوثِ وَلَا يَنْقَطِعُ حَوْلُهُ مَا لَمْ يَنْوِ الْوَارِثُ قِنْيَتَهُ .
ا هـ .
وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ نَوَاهَا انْقَطَعَ الْحَوْلُ ) بِخِلَافِ عَرْضِ الْقِنْيَةِ لَا يَصِيرُ لِلتِّجَارَةِ بِمُجَرَّدِ نِيَّتِهَا كَمَا مَرَّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِنْيَةَ هُوَ الْحَبْسُ لِلِانْتِفَاعِ وَقَدْ وُجِدَتْ بِالنِّيَّةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ الْإِمْسَاكِ فَرَتَّبْنَا عَلَيْهَا أَثَرَهَا وَالتِّجَارَةُ هُوَ التَّقَلُّبُ فِي السِّلَعِ بِقَصْدِ الْأَرْبَاحِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَلِأَنَّ الِاقْتِنَاءَ هُوَ الْأَصْلُ فَاكْتَفَيْنَا فِيهِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّ مَا لَا يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُ الْحَوْلِ بِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا لَوْ نَوَى بِالْمَعْلُوفَةِ السَّوْمَ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ انْقِطَاعُ الْحَوْلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَتِلْكَ مُقَيَّدَةٌ بِهِ ) تِلْكَ غَيْرُ مُقَيَّدَةٍ بِهِ أَيْضًا ( قَوْلُهُ قُلْت أَقْرَبُهُمَا الْمَنْعُ ) وَقَالَ النَّاشِرِيُّ إنَّهُ الْقِيَاسُ وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَقْرَبُ التَّأْثِيرُ وَيَرْجِعُ فِي تَعْيِينِ ذَلِكَ الْبَعْضِ إلَيْهِ .

( فَلَوْ لَبِسَ ثَوْبَ تِجَارَةٍ بِلَا نِيَّةِ قِنْيَةٍ فَهُوَ تِجَارَةٌ ) أَيْ مَالُهَا فَإِنْ نَوَاهَا بِهِ فَلَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ ( فَلَوْ وَرِثَهُ ) أَيْ الْعَرْضَ ( أَوْ اصْطَادَهُ أَوْ اتَّهَبَهُ نَاوِيًا التِّجَارَةَ ) لَمْ يَصِرْ مَالَ تِجَارَةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ مِنْ أَسْبَابِهَا لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ ( أَوْ اشْتَرَاهُ ) مَثَلًا ( لِلْقِنْيَةِ ثُمَّ نَوَى ) بِهِ ( التِّجَارَةَ لَمْ يَصِرْ لِلتِّجَارَةِ ) كَنِيَّةِ السَّوْمِ وَيُفَارِقُ نِيَّةَ الْقِنْيَةِ بِمَالِ التِّجَارَةِ بِأَنَّ الْقِنْيَةَ هِيَ الْإِمْسَاكُ لِلِانْتِفَاعِ وَقَدْ اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِهِ فَأَثَّرَتْ وَبِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُرُوضِ الْقِنْيَةُ وَالتِّجَارَةُ عَارِضَةٌ فَيَعُودُ حُكْمُ الْأَصْلِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ كَمَا فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ ( وَمِنْ الْمَمْلُوكِ بِالْمُعَاوَضَةِ مَا اتَّهِبْهُ بِثَوَابٍ أَوْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَلَوْ عَنْ دَمٍ وَكَذَا لَوْ ) الْأَوْلَى مَا ( أَجَّرَ ) بِهِ ( نَفْسَهُ أَوْ مَالَهُ أَوْ مَا اسْتَأْجَرَهُ ) بَلْ أَوْ مَنْفَعَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ ( أَوْ ) مَا ( تَزَوَّجَتْ ) بِهِ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ ( أَوْ ) مَا ( خَالَعَ ) بِهِ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ ( وَقَصَدَ ) فِي الْجَمِيعِ ( التِّجَارَةَ بِالْعِوَضِ ) مَنْ مَلَكَهُ بِذَلِكَ ( صَارَ لِلتِّجَارَةِ ) لِأَنَّهَا مُعَاوَضَةً تَثْبُتُ فِيهَا الشُّفْعَةُ فَأَشْبَهَتْ الشِّرَاءَ أَمَّا لَوْ اقْتَرَضَ مَالًا نَاوِيًا بِهِ التِّجَارَةَ فَلَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ لَهَا وَإِنَّمَا هُوَ إرْفَاقٌ قَالَهُ الْقَاضِي تَفَقُّهًا وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ .

قَوْلُهُ كَمَا فِي الْإِقَامَةِ وَالسَّفَرِ ) أَيْ أَنَّ الْمُسَافِرَ يَصِيرُ مُقِيمًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَالْمُقِيمَ لَا يَصِيرُ مُسَافِرًا إلَّا بِالْفِعْلِ ( قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا ) لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ أَنَّ مَحَلَّ تَأْثِيرِ النِّيَّةِ مَا إذَا نَوَى وَهُوَ مَاكِثٌ فَلَوْ نَوَى وَهُوَ سَائِرٌ لَمْ يُؤَثِّرْ ( قَوْلُهُ وَلَوْ عَنْ دَمٍ ) أَيْ أَوْ قَرْضٍ قَالَ شَيْخُنَا أَيْ صَالِحُهُ عَنْهُ فَلَا يُنَافِي مَا سَيَأْتِي عَنْ الرُّويَانِيِّ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ ) وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( وَلَيْسَتْ الْإِقَالَةُ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ مُعَاوَضَةً ) بَلْ فَسْخٌ لَهَا ( فَمَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلْقِنْيَةِ عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ) أَوْ لِلْقِنْيَةِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ عَكَسَ ) بِأَنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ لِلتِّجَارَةِ عَرْضًا لِلْقِنْيَةِ ( ثُمَّ رَدَّ ) عَلَيْهِ ( بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ لَمْ يَصِرْ تِجَارَةً ) أَيْ مَالُهَا ( وَإِنْ نَوَى ) بِهِ التِّجَارَةَ لِانْتِفَاءِ الْمُعَاوَضَةِ فَلَا يَعُودُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ مَالَ تِجَارَةٍ ( بِخِلَافِ ) الرَّدِّ بِعَيْبٍ أَوْ إقَالَةٍ مِنْ شِرَاءِ ( عَرْضِ التِّجَارَةِ بِعَرْضِ التِّجَارَةِ ) فَإِنَّهُ يَبْقَى حُكْمُ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ بَاعَ عَرْضَ التِّجَارَةِ وَاشْتَرَى بِثَمَنِهِ عَرْضًا آخَرَ ( وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا ) أَيْ لِلتِّجَارَةِ ( صِبْغًا لِيَصْبُغَ بِهِ لِلنَّاسِ ) أَوْ دِبَاغًا لِيَدْبُغَ بِهِ لَهُمْ ( صَارَ تِجَارَةً ) أَيْ مَالُهَا فَتَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ بَعْدَ مُضِيِّ حَوْلِهِ ( بِخِلَافِ الصَّابُونِ ) أَوْ الْمِلْحِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لَهَا لِيَغْسِلَ بِهِ لِلنَّاسِ أَوْ لِيَعْجِنَ بِهِ لَهُمْ لَا يَصِيرُ مَالَ تِجَارَةٍ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ وَلَوْ بَقِيَ عِنْدَهُ حَوْلًا ( لِأَنَّهُ يُسْتَهْلَكُ فَلَا يَقَعُ مُسْلَمًا ) لَهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَى لَهَا إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَكَلَامُهُ فِي تَتِمَّتِهِ يُوهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الصِّبْغِ وَنَحْوِهِ إذَا بَقِيَ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ عَامًا وَلَيْسَ مُرَادًا .

( فَصْلٌ وَإِنْ اشْتَرَى عُرُوضَ تِجَارَةٍ بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ) نِصَابٍ أَوْ دُونَهُ وَفِي مِلْكِهِ بَاقِيهِ كَأَنْ اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ بِعَشَرَةٍ وَفِي مِلْكِهِ عَشَرَةٌ أُخْرَى ( بَنَى حَوْلَهَا عَلَى حَوْلِهِ كَمَا يَبْنِي حَوْلَ الدَّيْنِ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ ) وَبِالْعَكْسِ مِنْ النَّقْدِ كَأَنْ مَلَكَ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَقْرَضَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ أَوْ كَانَتْ لَهُ قَرْضًا عَلَى غَيْرِهِ فَاسْتَوْفَاهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ وَاجِبَيْهِمَا قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا وَإِنْ صَارَ الْمُتَعَلِّقُ مُبْهَمًا بَعْدَ تَعَيُّنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَادَلَ النَّقْدَ بِمِثْلِهِ حَيْثُ يَنْقَطِعُ حَوْلُهُ لِأَنَّ زَكَاتَهُ فِي عَيْنِهِ وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْعَيْنَيْنِ حُكْمُ نَفْسِهَا قَالَ الرَّافِعِيُّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ مَا ذُكِرَ ( فَمِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ ) يُبْتَدَأُ حَوْلُهَا ( إنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ قِنْيَةً وَلَوْ سَائِمَةً ) لِأَنَّ مَا مَلَكَهُ قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ مَالَ زَكَاةٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى بِغَيْرِ سَائِمَةٍ وَإِلَّا فَلِاخْتِلَافِ الزَّكَاتَيْنِ قَدْرًا وَمُتَعَلِّقَا ( أَوْ بِنَقْدٍ فِي الذِّمَّةِ ) وَلَوْ نِصَابًا وَإِنْ نَقَدَهُ فِي الثَّمَنِ إذْ لَمْ يَتَعَيَّنْ صَرْفُهُ فِيهِ ( أَوْ ) بِنَقْدٍ مُعَيَّنٍ ( دُونَ نِصَابٍ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ هُنَا بِقَوْلِهِ ( لَا يَمْلِكُ بَاقِيَهُ ) لِأَنَّهُ لَا حَوْلَ لَهُ حَتَّى يُبْنَى عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مَالِكًا لِبَاقِيهِ فَإِنَّ حَوْلَهُ يُبْنَى عَلَى حَوْلِ النَّقْدِ كَمَا مَرَّ .

( قَوْلُهُ وَذَلِكَ لِاتِّحَادِ وَاجِبِهِمَا قَدْرًا وَمُتَعَلَّقًا ) وَلِأَنَّ النَّقْدَيْنِ إنَّمَا خُصَّا بِإِيجَابِ الزَّكَاةِ دُونَ بَاقِي الْجَوَاهِرِ لِإِرْصَادِهِمَا لِلنَّمَاءِ وَالنَّمَاءُ يَحْصُلُ بِالتِّجَارَةِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي الْوُجُوبِ سَبَبًا فِي الْإِسْقَاطِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ زَكَاةَ التِّجَارَةِ فِي الْقِيمَةِ وَهِيَ الثَّمَنُ نَفْسُهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَمِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ ) أَيْ وَقْتِهِ ( قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَى بِعِرْضٍ قِنْيَةً ) كَحُلِيٍّ مُبَاحٍ .

( فَإِنْ بَلَغَ مَالَ التِّجَارَةِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ ) بِأَنْ قَوَّمَهُ فِيهِ فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ ( نِصَابَا زَكَاةٍ وَلَوْ ) اشْتَرَاهُ بِدُونِ النِّصَابِ أَوْ ( بَاعَهُ ) بَعْدَ التَّقْوِيمِ الْمَذْكُورِ ( مَغْبُونًا بِدُونِهِ ) أَيْ بِدُونِ النِّصَابِ لِأَنَّ آخِرَ الْحَوْلِ وَقْتُ الْوُجُوبِ فَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَمَّا سِوَاهُ لِاضْطِرَابِ الْقِيَمِ ( فَإِنْ نَقَصَ ) عَنْ النِّصَابِ بِتَقْوِيمِهِ آخِرَ الْحَوْلِ ( وَقَدْ وُهِبَ لَهُ مِنْ ) جِنْسِ ( نَقْدِهِ مَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا زَكَّى الْجَمِيعَ لِحَوْلِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَوْمِ وُهِبَ ) لَهُ لَا مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ لِانْقِطَاعِ حَوْلِ مَالِ تِجَارَتِهِ بِالنَّقْصِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوهَبْ لَهُ شَيْءٌ أَوْ وُهِبَ لَهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ نَقْدِهِ مَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا أَوْ مِنْ جِنْسِهِ مَا لَا يُتِمُّ بِهِ نِصَابًا ( انْعَقَدَ الْحَوْلُ مِنْ حِينَئِذٍ ) أَيْ مِنْ حِينِ نَقْصِهِ آخِرَ الْحَوْلِ عَنْ النِّصَابِ فَيَنْقَطِعُ حَوْلُهُ الْأَوَّلُ وَقِيلَ لَا يَنْقَطِعُ بَلْ مَتَى بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابًا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ ثُمَّ يَبْتَدِئُ حَوْلًا ثَانِيًا وَفِي مَعْنَى الْهِبَةِ مَا سِوَاهَا مِمَّا يُفِيدُ الْمِلْكَ ( وَلَوْ بَاعَهُ بِدُونِ النِّصَابِ ) فَإِنْ كَانَ ( مِنْ نَقْدِ التَّقْوِيمِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ انْقَطَعَ ) لِتَحَقُّقِ النُّقْصَانِ عَنْ النِّصَابِ بِالتَّنْضِيضِ ( أَوْ مِنْ عَرْضٍ أَوْ ) مِنْ ( نَقْدٍ آخَرَ بَنَى ) حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِ مَالِ التِّجَارَةِ ( كَمَا إذَا بَاعَهُ بِنِصَابٍ ) فَإِنَّهُ يَبْنِي حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِهِ وَإِنَّمَا أُلْحِقَ نَقْدُ غَيْرِ التَّقْوِيمِ بِالْعَرْضِ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ التَّقْوِيمُ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَ قَوْلَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ نَقْدِ التَّقْوِيمِ وَالتَّصْرِيحِ بِمَسْأَلَةِ الْمَغْبُونِ وَبِمَسْأَلَةِ الْهِبَةِ وَبِتَرْجِيحِ انْقِطَاعِ الْحَوْلِ فِيمَا إذَا بَاعَ بِدُونِ النِّصَابِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَهُ مَغْبُونًا ) لَوْ قُوِّمَتْ السِّلْعَةُ آخِرَ الْحَوْلِ بِمِائَتَيْنِ فَوَجَدَ زَبُونًا اشْتَرَاهَا بِثَلَاثِمِائَةٍ فَفِي الْمِائَةِ الزَّائِدَةِ وَجْهَانِ فِي النِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا رِبْحٌ كَارْتِفَاعِ الْأَسْوَاقِ فِي آخِرِ الْحَوْلِ وَالثَّانِي تُضَمُّ إلَى مَالِهِ فِي الْحَوْلِ الثَّانِي وَلَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ آخِرَ الْحَوْلِ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا وَكَانَ السِّعْرُ غَالِبًا ثُمَّ عِنْدَ الْحُلُولِ الْمُقْتَضِي لِلْأَخْذِ أَوْ الْقَبْضِ فِي الْغَصْبِ نَقَصَ السِّعْرُ أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْعِبْرَةُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ وَهُوَ الَّذِي دَخَلَ فِي يَدِ الْمَالِكِ كَذَا أَفْتَى بِهِ شَيْخنَا الْإِمَامُ سِرَاجُ الدِّينِ وَنَقَلْته مِنْ خَطِّهِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِي تُضَمُّ إلَى مَالِهِ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَالْعِبْرَةُ بِأَقَلِّ الْقِيمَتَيْنِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ آخِرَ الْحَوْلِ وَقْتُ الْوُجُوبِ إلَخْ ) وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصَابِ فَإِنَّا لَمَّا لَمْ نَشْتَرِطْ وُجُودَهَا فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ لِوُجُوبِ زَكَاتِهَا لَمْ نَشْتَرِطْ فِي وُجُودِهَا فِي أَوَّلِ الْحَوْلِ أَيْضًا .

( فَصْلٌ رِبْحُ ) مَالِ ( التِّجَارَةِ إنْ ظَهَرَ ) فِي الْحَوْلِ أَوْ مَعَهُ ( مِنْ غَيْرِ نَضُوضٍ ) لَهُ ( بِنَقْدِ التَّقْوِيمِ ) كَأَنْ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَصَارَتْ قِيمَتُهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ ثَلَثُمِائَةٍ ( زَكَّى لِحَوْلِ الْأَصْلِ ) كَالنِّتَاجِ مَعَ أُمِّهِ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى حَوْلِ كُلِّ زِيَادَةٍ مَعَ اضْطِرَابِ الْأَسْوَاقِ فِي كُلِّ لَحْظَةٍ ارْتِفَاعًا وَانْخِفَاضًا فِي غَايَةِ الْعُسْرِ ( وَإِنْ نَضَّ بِهِ ) أَيْ بِنَقْدِ التَّقْوِيمِ ( فِي حَوْلِ الظُّهُورِ ) لِلرِّبْحِ ( انْفَرَدَ ) الرِّبْحُ عَنْ الْأَصْلِ ( بِحَوْلٍ وَإِنْ اشْتَرَى بِهِ عَرْضًا ) كَمَا يَأْتِي مِثَالُهُ فِي الْفَرْعِ الْآتِي لِخَبَرِ { لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ } وَلِأَنَّهُ مُتَمَيِّزٌ مُحَقَّقٌ فَأُفْرِدَ بِالْحُكْمِ بِخِلَافِ النِّتَاجِ مَعَ الْأُمِّ لَا يُفْرَدُ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهَا فَأُلْحِقَ بِهَا بِخِلَافِ الرِّبْحِ أَمَّا إذَا نَضَّ بِهِ بَعْدَ حَوْلِ ظُهُورِ الرِّبْحِ أَوْ مَعَهُ فَيُزَكِّيهِ بِحَوْلِ أَصْلِهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ آنِفًا وَيَسْتَأْنِفُ لَهُ حَوْلًا مِنْ نَضُوضِهِ .
قَوْلُهُ وَإِنْ نَضَّ بِهِ فِي حَوْلِ الظُّهُورِ إلَخْ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ نَاضًّا بِالْبَيْعِ أَوْ إتْلَافُ الْأَجْنَبِيِّ فَلِذَلِكَ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ أَتْلَفَهُ مُتْلِفٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ وَلَكِنْ تَأَخَّرَ دَفْعُ الْقِيمَةِ أَوْ بَاعَهُ بِزِيَادَةِ أَجَلٍ فَقِيَاسُ تَعْلِيلِهِمْ بِالتَّمَيُّزِ وَالتَّحَقُّقِ وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِالْحَدِيثِ أَنَّ الرِّبْحَ لَا يُضَمُّ أَيْضًا مَعَ خُرُوجِ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ اسْمَ النَّضُوضِ لَا يَصْدُقُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ح

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى عَرْضًا ) لِلتِّجَارَةِ ( بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ بِأَرْبَعِينَ ) دِينَارًا ( وَاشْتَرَى بِهَا عَرْضًا ) آخَرَ ( وَبَلَغَ آخِرَ الْحَوْلِ ) بِالتَّقْوِيمِ أَوْ بِالتَّنْضِيضِ ( مِائَةً زَكَّى خَمْسِينَ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ عِشْرُونَ وَنَصِيبُهَا مِنْ الرِّبْحِ ثَلَاثُونَ يُزَكِّي ) أَيْ الرِّبْحَ الَّذِي هُوَ ثَلَاثُونَ ( مَعَ أَصْلِهِ ) الَّذِي هُوَ عِشْرُونَ ( لِأَنَّهُ حَصَلَ فِي آخِرِ الْحَوْلِ مِنْ غَيْرِ نَضُوضٍ ) لَهُ قَبْلَهُ ( ثُمَّ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَ الْعَرْضَ قَبْلَ حَوْلِ الْعِشْرِينَ الرِّبْحَ ) كَأَنْ بَاعَهُ آخِرَ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ ( زَكَّاهَا لِحَوْلِهَا ) أَيْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مُضِيِّ الْأَوَّلِ ( وَزَكَّى رِبْحَهَا ) وَهُوَ ثَلَاثُونَ ( لِحَوْلِهِ ) أَيْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ الْخَمْسُونَ الَّتِي زَكَّى عَنْهَا أَوَّلًا بَاقِيَةً زَكَّاهَا أَيْضًا لِحَوْلِ الثَّلَاثِينَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ بَاعَ الْعَرْضَ قَبْلَ حَوْلِ الْعِشْرِينَ الرِّبْحَ ( زَكَّاهُ ) أَيْ رِبْحَهَا وَهُوَ الثَّلَاثُونَ ( مَعَهَا ) لِأَنَّهُ لَمْ يَنِضَّ قَبْلَ فَرَاغِ حَوْلِهَا ( وَإِذَا اشْتَرَى ) عَرْضًا ( بِعَشَرَةٍ ) مِنْ الدَّنَانِيرِ ( وَبَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِعِشْرِينَ ) مِنْهَا ( وَلَمْ يَشْتَرِ بِهَا عَرْضًا زَكَّى كُلًّا ) مِنْ الْعَشَرَتَيْنِ ( لِحَوْلِهِ ) بِحُكْمِ الْخُلْطَةِ وَقَدْ يَسْتَشْكِلُ زَكَاةُ الْعَشَرَةِ الرِّبْحُ بِأَنَّ النِّصَابَ نَقَصَ بِالْإِخْرَاجِ عَنْ الْعَشَرَةِ الْأُخْرَى وَيُجَابُ بِمَا أَجَبْت بِهِ عَنْ كَلَامِ الْإِسْنَوِيِّ فِي بَابِ الْخُلْطَةِ فِي فَرْعِ مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً .

( فَصْلٌ لَوْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ حَيَوَانًا أَوْ شَجَرًا غَيْرَ زَكَوِيٍّ ) كَخَيْلٍ وَإِمَاءٍ وَمَعْلُوفَةٍ مِنْ نَعَمٍ وَشَجَرِ مِشْمِشٍ أَوْ تُفَّاحٍ ( فَلِلنِّتَاجِ وَالثَّمَرَةِ حُكْمُ الْأَصْلِ وَلَا يُفْرَدُ أَنْ يَحُولَ ) كَنِتَاجِ السَّائِمَةِ وَسَائِرِ الزَّوَائِدِ وَمِثْلُهُمَا الصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالرِّيشُ وَالشَّعْرُ وَالْوَرَقُ وَالْأَغْصَانُ وَنَحْوُهَا أَمَّا الزَّكَوِيُّ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ .

( فَصْلٌ الْوَاجِبُ ) فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ ( رُبْعُ عُشْرِ قِيمَةِ الْعَرْضِ لَا ) رُبْعُ عُشْرِ ( الْعَرْضِ ) أَمَّا أَنَّهُ رُبْعُ الْعُشْرِ فَكَمَا فِي النَّقْدَيْنِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِمَا وَأَمَّا أَنَّهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ خَبَرُ حَمَاسٍ السَّابِقُ فَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُهُ مِنْ الْعَرْضِ ( فَإِنْ أَخَّرَ ) الْإِخْرَاجَ ( بَعْدَ التَّمَكُّنِ ) مِنْهُ ( وَنَقَصَتْ الْقِيمَةُ ضَمِنَ ) مَا نَقَصَ لِتَقْصِيرِهِ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ ( وَإِنْ زَادَتْ ) وَلَوْ قَبْلَ التَّمَكُّنِ أَوْ بَعْدَ الْإِتْلَافِ ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَالِ ) أَيْ لِلْحَوْلِ السَّابِقِ فَلَوْ ابْتَاعَ مِائَتَيْ قَفِيزِ حِنْطَةٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَسَاوَتْ آخِرَ الْحَوْلِ مِائَتَيْنِ لَزِمَهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَلَوْ أَخَّرَ فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا فَعَادَتْ إلَى مِائَةٍ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ لَزِمَهُ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ زَادَتْ قَبْلَهُ فَصَارَتْ أَرْبَعُمِائَةٍ أَوْ أَتْلَفَهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ وَقِيمَتُهَا مِائَتَانِ فَصَارَتْ أَرْبَعُمِائَةٍ لَزِمَهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهَا الْقِيمَةُ وَقْتَ التَّمَكُّنِ أَوْ الْإِتْلَافِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْحَالِ إيضَاحٌ .
( قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ قَبْلَهُ ) كَأَنْ كَانَ مَالُ التِّجَارَةِ مَغْصُوبًا أَوْ دَيْنًا مُؤَجَّلًا .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70