كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

قَوْلِهِمْ قَرَأْت الْمَاءَ فِي الْحَوْضِ أَيْ جَمَعْته فِيهِ فَالطُّهْرُ أَحَقُّ بِاسْمِ الْقُرْءِ ؛ لِأَنَّهُ زَمَنُ اجْتِمَاعِ الدَّمِ فِي الرَّحِمِ ، وَالْحَيْضُ زَمَنُ خُرُوجِهِ مِنْهُ فَيَنْصَرِفُ الْإِذْنُ إلَى زَمَنِ الطُّهْرِ الَّذِي هُوَ زَمَنُ الْعِدَّةِ وَزَمَنُهَا يَعْقُبُ زَمَنَ الطَّلَاقِ .
( وَالطُّهْرُ مَا احْتَوَشَهُ دَمَانِ ) أَيْ دَمَا حَيْضَيْنِ أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ لَا مُجَرَّدُ الِانْتِقَالِ إلَى الْحَيْضِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِقَوْلِهِمْ الْقُرْءُ هُوَ الطُّهْرُ الْمُحْتَوَشُ بِدَمَيْنِ الطُّهْرَ بِتَمَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّ بَقِيَّةَ الطُّهْرِ تُحْسَبُ قُرْءًا ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُمْ هَلْ يُعْتَبَرُ مِنْ الطُّهْرِ الْمُحْتَوَشِ شَيْءٌ أَمْ يَكْفِي الِانْتِقَالُ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ ) وَلَوْ بَقِيَ مِنْهُ لَحْظَةٌ أَوْ جَامَعَهَا فِيهِ ( انْقَضَتْ ) عِدَّتُهَا ( بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ) وَلَا يَبْعُدُ تَسْمِيَةُ قُرْأَيْنِ وَبَعْضِ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ كَمَا يُقَالُ خَرَجْت مِنْ الْبَلَدِ لِثَلَاثٍ مَضَيْنَ مَعَ وُقُوعِ خُرُوجِهِ فِي الثَّالِثِ ، وَكَمَا فِي قَوْله تَعَالَى { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ } مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ شَوَّالٌ وَذُو الْقِعْدَةِ وَبَعْضُ ذِي الْحِجَّةِ ؛ وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَعْتَدَّ بِالْبَاقِي قُرْءًا لَكَانَ أَبْلَغَ فِي تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ ( أَوْ ) طَلَّقَهَا ( فِي الْحَيْضِ فَبِالطَّعْنِ فِي ) الْحَيْضَةِ ( الرَّابِعَةِ ) انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي انْقِضَائِهَا فِي تِلْكَ وَهَذِهِ ( مُضِيُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ) مِنْ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فِي تِلْكَ وَالرَّابِعَةِ فِي هَذِهِ ، وَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ دَمُ حَيْضٍ وَلِئَلَّا تَزِيدَ الْعِدَّةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ( لَكِنْ يَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهَا بِانْقِطَاعِهِ دُونِهِمَا ) إذْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَ مُضِيِّ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( وَزَمَنُ الطَّعْنِ فِي الْحَيْضِ ) الْأَخِيرِ فِي الصُّورَتَيْنِ ( لَيْسَ مِنْ الْعِدَّةِ ) بَلْ يَتَبَيَّنُ بِهِ انْقِضَاؤُهَا كَمَا مَرَّ

فِي الطَّلَاقِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( طَلَّقَ مَنْ لَمْ تَحِضْ ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ قَالَ لِمَنْ تَحِيضُ أَنْت طَالِقٌ فِي آخِرِ طُهْرِك ) أَوْ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ طُهْرِك ( لَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ ) الزَّمَنُ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ ( قُرْءًا ) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ بَعْدَ الْحَيْضَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِالطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّهْرَ مَا احْتَوَشَهُ دَمَانِ .

( كِتَابُ الْعِدَدِ وَالِاسْتِبْرَاءِ ) وَجْهُ ذِكْرِهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ وَمَا تَخَلَّلَهُ حُصُولُ مُوجِبِهَا بِذَلِكَ غَالِبًا ( قَوْلُهُ : وَشُرِعَ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ إلَخْ ) قَالَهُ الْقَفَّالُ وَقَالَ غَيْرُهُ : رِعَايَةً لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدِ وَالنَّاكِحِ الثَّانِي ( قَوْلُهُ : الْأَوَّلُ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ ) فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ مَا لَوْ مُسِخَ الزَّوْجُ حَيَوَانًا ( قَوْلُهُ : وَتَعْتَدُّ لِوَطْءِ صَغِيرٍ ) يُسْتَثْنَى وَطْءُ الطِّفْلِ الَّذِي لَا يُحَلِّلُ وَوَطْءُ طِفْلَةٍ صَغِيرَةٍ كَبِنْتِ شَهْرٍ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا عِدَّةَ بِذَلِكَ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهُوَ ضَعِيفٌ فِيمَا أَظُنُّهُ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ بِشَرْطِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَاسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ حَلَالًا وَشُبْهَةً ) فَلَوْ أَوْلَجَ زَانِيًا ثُمَّ نَزَعَ فَأَمْنَى فَاسْتَدْخَلَتْهُ زَوْجَتُهُ فَلَا عِدَّةَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُ بِمُبَاشَرَةِ أَجْنَبِيَّةٍ بِقُبْلَةٍ وَمُفَاخَذَةٍ وَغَيْرِهِ كَخُرُوجِهِ بِالزِّنَا وَكَذَا خُرُوجُهُ بِاسْتِمْنَاءٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ حَلَالًا وَشُبْهَةً حَالَانِ مِنْ الْمَنِيِّ لَا مِنْ اسْتِدْخَالِ .
( فَرْعٌ ) سَأَلَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَضْرَمِيُّ الْفَقِيهَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي الْخَلِّ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ امْرَأَتَهُ وَأَنْزَلَ مَعَهَا فَقَامَتْ الزَّوْجَةُ سَاحَقَتْ ابْنَةَ الزَّوْجِ وَأَنْزَلَتْ مَعَهَا الْمَنِيِّ الَّذِي أَنْزَلَهُ الزَّوْجُ مَعَهَا فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ وَيَلْزَمُهُ الْمَهْرُ أَمْ لَا فَأَجَابَ الَّذِي يَظْهَرُ لِي - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا حُكْمٌ مِنْ الْأَحْكَامِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ تُعْتَبَرُ فِي الرَّجُلِ ، وَأَجَابَ بِمِثْلِهِ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى مُطَيْرٌ قَالَ النَّاشِرِيُّ : الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يَلْحَقُ الْوَلَدُ الرَّجُلَ الْوَاطِئَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْمَهْرُ ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يُعْتَبَرُ فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ

بِالرَّجُلِ ، وَفِي الْمَهْرِ بِالْمَرْأَةِ ، وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَاؤُهُ مُحْتَرَمٌ مِنْ جِهَتِهِ .
وَسُئِلَ وَالِدِي رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ رَجُلٍ وَطِئَ زَوْجَتَهُ ، وَأَنْزَلَ مَعَهَا ثُمَّ نَزَعَ مِنْهَا فَمَسَحَ ذَكَرَهُ بِحَجَرٍ فَأَخَذَتْ الْحَجَرَ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ فَامْتَسَحَتْ بِهِ فَحَمَلَتْ فَهَلْ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ أَمْ لَا ؟ .
فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ الْوَاطِئَ لِكَوْنِ مَائِهِ حَالَ الْإِنْزَالِ مُحْتَرَمًا ، وَذَلِكَ أَوْلَى مِنْ وَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ ، وَهِيَ تَعْلَمُ أَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ ، وَقَدْ حَكَمُوا بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ زَانِيَةً فَبِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يُحْكَمَ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ فِي مَسْأَلَةِ السِّحَاقِ .
قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَمَا قَالَ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ النَّاشِرِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فِي وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ النَّسَبِ ) لَا فِي تَقَرُّرِ الْمَهْرِ ، وَإِسْقَاطِ حُكْمِ الْعُنَّةِ قَوْلُهُ : وَضَبَطَ الْمُتَوَلِّي الْوَطْءَ الْمُوجِبَ لِلْعِدَّةِ إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ : بَلْ الْمُعْتَمَدُ وُجُوبُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ رَاجِعٌ لِلْمُشَبَّهِ ، وَهُوَ الذَّكَرُ الْأَمْثَلُ لَا لِلْمُشَبَّهِ بِهِ ، وَهُوَ الْمُبَانُ فَلَا تَجِبُ بِهِ ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } إلَخْ ) { وَطَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ ، وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لْيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا بَعْدُ وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ تِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تَطْلُقَ لَهَا النِّسَاءُ } .
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اللَّهِ أَنَّ الْعِدَّةَ الطُّهْرُ دُونَ الْحَيْضِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ ) أَوْ دِمَاءِ نِفَاسٍ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ إلَخْ ) سَكَتَ عَمَّا لَوْ لَمْ تَذْكُرْ الْمَرْأَةُ هَلْ طَلُقَتْ فِي طُهْرٍ

أَوْ حَيْضٍ وَقَدْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّهَا تَأْخُذُ بِالْأَقَلِّ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ طَلَّقَهَا فِي الطُّهْرِ ، وَقَالَ شَيْخُهُ الصَّيْمَرِيُّ : تَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ عِدَّتِهَا إلَّا بِيَقِينٍ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ وَالصَّوَابُ وَقَوْلُهُ تَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : وَالْعِدَّةُ لِلْحُرَّةِ ) ذَاتِ الْأَقْرَاءِ وَغَيْرِ الْحَامِلِ ( ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } وَيُجْمَعُ قُرْءٌ عَلَى أَقْرُؤٍ أَيْضًا فَلَهُ ثَلَاثَةُ جُمُوعٍ كَمَا ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ جَمْعُهُ بِمَعْنَى الطُّهْرِ قُرُوءٌ كَمَا فِي الْآيَةِ وَبِمَعْنَى الْحَيْضِ أَقْرَاءٌ كَمَا فِي خَبَرِ { دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِك } وَجَرَى الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ عَلَى الْأَوَّلِ فَعَبَّرَ بِأَقْرَاءٍ نَظَرًا لِجَمْعِ الْقِلَّةِ الْمُرَادِ هُنَا ، وَإِنْ خَالَفَ نَظْمَ الْقُرْآنِ .
وَالْعِدَّةُ ( لِمَنْ فِيهَا رِقٌّ ) وَلَوْ مُبَعَّضَةً ، وَهِيَ وَذَاتُ أَقْرَاءٍ وَغَيْرُ حَامِلٍ ( قُرْآنِ ) لِقَوْلِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ بِقُرْأَيْنِ ؛ وَلِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ ، وَإِنَّمَا كَمَّلَتْ الْقُرْءَ الثَّانِيَ لِتَعَذُّرِ تَبْعِيضِهِ كَالطَّلَاقِ إذْ لَا يَظْهَرُ نِصْفُهُ إلَّا بِظُهُورِ كُلِّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الِانْتِظَارِ إلَى أَنْ يَعُودَ الدَّمُ ( فَإِذَا أُعْتِقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ لَا بَيْنُونَةً أَتَمَّتْ ثَلَاثَةً ) مِنْ الْأَقْرَاءِ ؛ لِأَنَّهَا كَالْمَنْكُوحَةِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ فَكَأَنَّهَا عَتَقَتْ قَبْلَ الطَّلَاقِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ كَمَا أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ إذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِخِلَافِ الْبَائِنِ ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَاقْتَضَاهُ إيرَادُ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَقَلَهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَجَمَاعَةٍ وَنَقَلَ عَنْ اخْتِيَارِ الْمُزَنِيّ وَتَصْحِيحِ أَبِي إِسْحَاقَ وَالْمَحَامِلِيِّ وَصَاحِبِ الْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمْ تَكْمِيلَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ فِي الْبَائِنِ أَيْضًا ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ سَبَبُ الْعِدَّةِ الْكَامِلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ فَتُنْتَقَلُ إلَيْهَا كَمَا لَوْ رَأَتْ الدَّمَ فِي خِلَالِ الْأَشْهُرِ وَرَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ إنَّهُ أَشْبَهُ الْقَوْلَيْنِ بِالْقِيَاسِ حَكَاهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ : وَهُوَ الْمُخْتَارُ ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِلْعِدَّةِ أَوْلَى مِنْ الِاحْتِيَاطِ لِلْعَقْدِ أَمَّا عَكْسُ ذَلِكَ بِأَنْ تَصِيرَ الْحُرَّةُ أَمَةً فِي الْعِدَّةِ لِالْتِحَاقِهَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ فِي التَّتِمَّةِ أَحَدُهُمَا ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ وَثَانِيهِمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ تَرْجِعُ إلَى عِدَّةِ الْأَمَةِ ( وَكَذَا ) تُتِمُّ ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ وَلَا تَسْتَأْنِفُهَا ( إنْ عَتَقَتْ ) ، وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ ( فِي عِدَّةِ عَبْدٍ فَفَسَخَتْ ) نِكَاحَهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ طَلْقَةً أُخْرَى ( وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا ثُمَّ فَسَخَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ اسْتَأْنَفَتْ ) الْأَقْرَاءَ ( الثَّلَاثَةَ ) ؛ لِأَنَّهَا فَسَخَتْ ، وَهِيَ زَوْجَةٌ وَالْفَسْخُ يُوجِبُ الْعِدَّةَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَطِئَ أَمَةً ) لِغَيْرِهِ ( يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِقُرْءٍ ) وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّهَا فِي نَفْسِهَا مَمْلُوكَةٌ وَالشُّبْهَةُ شُبْهَةُ مِلْكِ الْيَمِينِ ( وَإِنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَبِقُرْأَيْنِ ) اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ ؛ وَلِأَنَّ أَصْلَ الظَّنِّ يُؤَثِّرُ فِي أَصْلِ الْعِدَّةِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ خُصُوصُهُ فِي خُصُوصِهَا ( أَوْ ) ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ ( فَبِثَلَاثَةٍ ) مِنْ الْأَقْرَاءِ اعْتَدَّتْ اعْتِبَارًا بِاعْتِقَادِهِ ( وَمَتَى وَطِئَ حُرَّةً يَظُنُّهَا أَمَتَهُ اعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ) ؛ لِأَنَّ الظَّنَّ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاحْتِيَاطِ لَا فِي التَّخْفِيفِ ، وَهَذَا مَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْقَطْعُ بِهِ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ قَطْعِ جَمَاعَةٍ ثُمَّ قَالَ وَالْأَشْبَهُ أَيْ مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ اعْتِبَارُ ظَنِّهِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِحَقِّهِ فَيَعْتَدُّ بِقُرْءٍ وَاحِدٍ وَلَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ نَقَلَ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِيهَا وَجْهَيْنِ هَلْ يَجِبُ قُرْآنِ لِظَنِّهِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَجَعَلَ الْأَشْبَهَ فِيهَا أَيْضًا اعْتِبَارَ ظَنِّهِ فَيَجِبُ قُرْآنِ .
وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ

أَمَتَهُ أَمَةً فَيَشْمَلُ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعًا .
( قَوْلُهُ : وَالْعِدَّةُ لِلْحُرَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْرَاءٍ ) شَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْأَمَةُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَدْ تَعْتَدُّ الْمَرْأَةُ لِلطَّلَاقِ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ وَلِلْوَفَاةِ بِعِدَّةِ أَمَةٍ وَذَلِكَ فِي اللَّقِيطَةِ إذَا بَلَغَتْ ، وَأَقَرَّتْ بِالرِّقِّ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَتْ فَيَأْتِي فِي الْعِدَّةِ مَا ذَكَرْنَاهُ ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْمُطَلَّقَةِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ حَقٌّ لِلَّهِ ( قَوْلُهُ : وَلِمَنْ فِيهَا رِقٌّ قُرْآنِ ) شَمِلَ مَا لَوْ وَطِئَهَا زَوْجُهَا عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ ( قَوْلُهُ : وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
قَوْلُهُ : أَحَدُهُمَا ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ تُكْمِلُ عِدَّةَ حُرَّةٍ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : وَمَتَى أَخَّرَتْ الْفَسْخَ فَرَاجَعَهَا إلَخْ ) ؛ لِأَنَّهَا كَمَا مَرَّ مُخَيَّرَةٌ بَيْنَ الْفَسْخِ فِي الْحَالِ وَالصَّبْرِ إلَى مُرَاجَعَتِهَا ( قَوْلُهُ : أَوْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ بِأَنْ يَطَأَ أَمَةً ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ أَوْ غُرَّ بِحُرِّيَّةِ أَمَةٍ أَمَّا مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّهَا أَمَةٌ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَلَا أَثَرَ لِهَذَا الظَّنِّ وَتَعْتَدُّ عِدَّةَ أَمَةٍ قَطْعًا ، وَقَوْلُهُ : قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَخْ أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ الْمَنْقُولِ وُجُوبُ ثَلَاثَةِ ) ، وَهُوَ الْوَجْهُ ، وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الْمَشْهُورُ الْقَطْعُ بِهِ ( قَوْلُهُ : لِعَظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ ) وَلِأَنَّهَا مُرْتَابَةٌ فَدَخَلَتْ فِي قَوْله تَعَالَى { إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ } ( قَوْلُهُ : وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ الْمُسْتَحَاضَةُ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا مِنْ الْعَادَةِ وَالتَّمْيِيزِ ) وَالْأَقَلِّ ( وَعِدَّةُ الْمُتَحَيِّرَةِ ) وَلَوْ مُنْقَطِعَةَ الدَّمِ ( تَنْقَضِي بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ) فِي الْحَالِ ( لِاشْتِمَالِ كُلِّ شَهْرٍ عَلَى طُهْرٍ وَحَيْضٍ ) غَالِبًا وَلِعِظَمِ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ وَيُخَالِفُ الِاحْتِيَاطَ فِي الْعِبَادَاتِ ؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ فِيهَا لَا تَعْظُمُ عِظَمَ مَشَقَّةِ الِانْتِظَارِ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ ( مُبْتَدَأَةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَهَا ) نَعَمْ إنْ حَفِظَتْ الْأَدْوَارَ وَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَيْضِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَمْ أَقَلَّ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارٍ ، وَكَذَا لَوْ شَكَّتْ فِي قَدْرِ أَدْوَارِهَا وَلَكِنْ قَالَتْ أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تُجَاوِزُ سَنَةً مَثَلًا أَخَذَتْ بِالْأَكْثَرِ وَتَجْعَلُ السَّنَةَ دَوْرَهَا ذَكَرَهُ الدَّارِمِيُّ وَوَافَقَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ .
( فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا ) لِاشْتِمَالِهِ عَلَى طُهْرٍ لَا مَحَالَةَ ( وَتَعْتَدُّ بَعْدَهُ بِهِلَالَيْنِ ، وَإِلَّا ) بِأَنْ بَقِيَ مِنْهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ ( فَلَا اعْتِبَارَ بِتِلْكَ الْبَقِيَّةِ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا حَيْضٌ فَتَبْتَدِئُ بِالْعِدَّةِ مِنْ الْهِلَالِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْأَشْهُرَ لَيْسَتْ مُتَأَصِّلَةً فِي حَقِّ الْمُتَحَيِّرَةِ وَلَكِنْ يُحْسَبُ كُلُّ شَهْرٍ فِي حَقِّهَا قُرْءًا لِاشْتِمَالِهِ عَلَى حَيْضٍ وَطُهْرٍ غَالِبًا كَمَا تَقَرَّرَ بِخِلَافِ مَنْ لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ حَيْثُ يُكْمِلَانِ الْمُنْكَسِرَ كَمَا سَيَأْتِي .
وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ ، أَمَّا غَيْرُهَا فَقَالَ الْبَارِزِيُّ تَعْتَدُّ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ : هَذَا قَدْ يَتَخَرَّجُ عَلَى أَنَّ الْأَشْهُرَ أَصْلٌ فِي حَقِّهَا وَلَيْسَ بِمُعْتَمَدٍ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ أَوَّلَ الشَّهْرِ اعْتَدَّتْ بِشَهْرَيْنِ أَوْ وَقَدْ بَقِيَ أَكْثَرُهُ فَبِبَاقِيهِ وَالثَّانِي

أَوْ دُونَ أَكْثَرِهِ فَبِشَهْرَيْنِ بَعْدَ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : فَإِنْ بَقِيَ مِنْ الشَّهْرِ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا عُدَّ قُرْءًا ) يُشْتَرَطُ فِي هَذَا الْأَكْثَرِ أَنْ يَكُونَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ قَالَ شَيْخُنَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِأَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا فَأَكْثَرَ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَحِيضَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ يَوْمًا وَلَيْلَةً فَلَوْ اعْتَبَرْنَا أَقَلَّ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لَكَانَ الْبَاقِي لِلطُّهْرِ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ ، وَهُوَ لَا يَكْفِي ( قَوْلُهُ : فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهَا إذَا طَلُقَتْ إلَخْ ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ .

( فَصْلٌ : وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ ) لِصِغَرٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَلَوْ وَلَدَتْ ) وَرَأَتْ نِفَاسًا ( وَالْآيِسَةُ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ) قَوْله تَعَالَى { وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ } أَيْ فَعِدَّتُهُنَّ كَذَلِكَ ( فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ تُمِّمَ ثَلَاثِينَ وَمِنْ ) الشَّهْرِ ( الرَّابِعِ ) سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُنْكَسِرُ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا كَنَظَائِرِهِ ( وَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَمُنْكَسِرٌ وَيُبْدَأُ الْحِسَابُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ حِينِ طَلَاقِهَا ، وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ( وَ ) تَعْتَدُّ ( الْأَمَةُ ) الَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةُ ( لِشَهْرٍ وَنِصْفٍ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَا يَنْقُصُ بِالرِّقِّ مِنْ الْأَعْدَادِ النِّصْفُ وَالْمُبَعَّضَةُ كَالْأَمَةِ ( فَإِنْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ ) أَوْ غَيْرُهَا مِمَّنْ لَمْ تَحِضْ ( فِي أَثْنَاءِ الْعِدَّةِ ) بِالْأَشْهُرِ ( انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ ) لِقُدْرَتِهَا عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ فَرَاغِهَا مِنْ الْبَدَلِ كَمَا فِي أَثْنَاءِ التَّيَمُّمِ .
( وَلَمْ يُحْسَبْ الْمَاضِي قُرْءًا ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَوِشْ بِدَمَيْنِ أَمَّا مَنْ حَاضَتْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعِدَّةِ فَلَا يُؤَثِّرُ ؛ لِأَنَّ حَيْضَهَا حِينَئِذٍ لَا يَمْنَعُ صِدْقَ الْقَوْلِ بِأَنَّهَا عِنْدَ اعْتِدَادِهَا بِالْأَشْهُرِ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : وَتَعْتَدُّ الْحُرَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمَجْنُونَةَ الَّتِي تَرَى الدَّمَ لَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بَلْ بِالْأَقْرَاءِ كَالْعَاقِلَةِ ، وَقَدْ أَطْلَقُوا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُتَحَيِّرَةِ بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ كَالصَّغِيرَةِ ، وَقَوْلُهُ : بِأَنَّ الْمَجْنُونَةَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ لَوْ عَقَدَ فِي الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرٍ كَصَفَرٍ ، وَأَجَلَّ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ مَثَلًا فَنَقَصَ الرَّبِيعَانِ وَجُمَادَى أَوْ جُمَادَى فَقَطْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمُضِيِّهَا وَلَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَى تَكْمِيلِ الْعَدَدِ بِشَيْءٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَمِثْلُهُ يَجِيءُ هُنَا .

( فَصْلٌ : وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا الْعَارِضُ ) كَرَضَاعٍ وَنِفَاسٍ وَمَرَضٍ ( وَكَذَا لِغَيْرِ عَارِضٍ لَا تَعْتَدُّ ) قَبْلَ الْيَأْسِ ( إلَّا بِالْأَقْرَاءِ ) ؛ لِأَنَّ الْأَشْهُرَ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلَّتِي لَمْ تَحِضْ وَالْآيِسَةِ ، وَهَذِهِ غَيْرُهُمَا ( فَتَصْبِرُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ ) أَيْ يَأْسِ كُلِّ النِّسَاءِ لَا يَأْسِ عَشِيرَتِهَا فَقَطْ ( وَهُوَ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ ) وَلَا يُبَالِي بِطُولِ مُدَّةِ الِانْتِظَارِ احْتِيَاطًا وَطَلَبًا لِلْيَقِينِ ، وَالْمُعْتَبَرُ يَأْسُهُنَّ بِحَسَبِ مَا بَلَغْنَا خَبَرُهُ لَا طَوْفُ نِسَاءِ الْعَالَمِ ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ ، وَعَلَيْهِ هَلْ الْمُرَادُ نِسَاءُ زَمَانِنَا أَوْ النِّسَاءُ مُطْلَقًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ ، وَكَلَامُ كَثِيرِينَ أَوْ الْأَكْثَرِ يَقْتَضِي الثَّانِيَ .
انْتَهَى .
ثُمَّ إنْ رَأَتْ الدَّمَ بَعْدَ سِنِّ الْيَأْسِ صَارَ أَعْلَى الْيَأْسِ مَا رَأَتْهُ فِيهِ وَيَعْتَبِرُ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَا غَيْرُهَا ( فَإِنْ حَاضَتْ الْآيِسَةُ ) الَّتِي تَقَدَّمَ لَهَا حَيْضٌ ( فِي أَثْنَاءِ الْأَشْهُرِ انْتَقَلَتْ إلَى الْحَيْضِ ) لِمَا مَرَّ فِي الصَّغِيرَةِ وَلِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الْآيِسَاتِ ( وَحُسِبَ مَا مَضَى قُرْءًا ) ؛ لِأَنَّهُ طُهْرٌ احْتَوَشَهُ دَمَانِ فَتُضَمُّ إلَيْهِ قُرْأَيْنِ ( وَكَذَا ) تَنْتَقِلُ إلَى الْحَيْضِ ( بَعْدَ ) تَمَامَ ( الْعِدَّةِ ) بِالْأَشْهُرِ ( مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ أَيِسَةً فَإِنْ تَزَوَّجَتْ اُكْتُفِيَ بِمَا مَضَى وَالتَّزْوِيجُ صَحِيحٌ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِهَا وَلِلشُّرُوعِ فِي الْمَقْصُودِ كَمَا إذَا قَدَرَ الْمُتَيَمِّمُ عَلَى الْمَاءِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الصَّلَاةِ ( فَإِنْ حَاضَتْ ) أَيْ الْمُنْتَقِلَةُ إلَى الْحَيْضِ ( قُرْءًا أَوْ قُرْأَيْنِ ثُمَّ انْقَطَعَ ) الدَّمُ ( اسْتَأْنَفَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ كَذَاتِ أَقْرَاءٍ أَيِسَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا ) ، وَهَذَا التَّنْظِيرُ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبَابِ الثَّانِي .

قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إيرَادُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ يَقْتَضِي الْأَوَّلَ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ إذْ لَوْ قُلْنَا بِالثَّانِي لَلَزِمَ تَحْكِيمُ مَا حُكِيَ أَنَّ امْرَأَةً حَاضَتْ بَعْدَ تِسْعِينَ سَنَةٍ ، وَأَنْ يُعْتَبَرُ بِهَا نِسَاءُ الْعَالَمِ وَيَبْطُلُ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ أَقْصَاهُ اثْنَانِ وَسِتُّونَ سَنَةً .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الْمُدَّةَ أَقْصَاهُ عِنْدَهُمْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُوجَدَ خِلَافُهَا وَلَا يُشْكِلُ قَوْلُهُمْ : إنَّهَا يَعْتَبِرُ بِهَا غَيْرُهَا بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيْضِ مِنْ أَنَّهَا لَوْ رَأَتْ أَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أَكْثَرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ فِي حَقِّهَا وَلَا حَقِّ غَيْرِهَا ؛ لِأَنَّهُمْ جَزَمُوا فِي الْحَيْضِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا ( قَوْلُهُ : وَالْمَنْقُولُ خِلَافُهُ كَمَا سَيَأْتِي إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا اعْتَدَّ هُنَاكَ بِمَا وُجِدَ مِنْ الْأَقْرَاءِ لِصُدُورِ عَقْدِ النِّكَاحِ بَعْدَهُ ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا ، وَالنِّكَاحُ مُقْتَضٍ لِلِاعْتِدَادِ بِمَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ الْأَشْهُرِ .

( فَصْلٌ : وَإِنْ كَانَتْ الْمُطَلَّقَةُ ) أَوْ نَحْوُهَا ( حَامِلًا بِوَلَدٍ لَاحِقٍ بِذِي الْعِدَّةِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ذَاتَ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِقَوْلِهِ { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ } ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْعِدَّةِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ ، وَهِيَ حَاصِلَةٌ بِالْوَضْعِ ( وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي إمْكَانَ كَوْنِهِ مِنْهُ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ لَحِقَهُ ( وَيَتَوَقَّفُ ) انْقِضَاؤُهَا ( عَلَى وَضْعِ ) الْوَلَدِ ( الْأَخِيرِ مِنْ تَوْأَمَيْنِ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ وِلَادَتِهِمَا لِبَقَاءِ الْعِدَّةِ فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَالثَّانِي حَمْلٌ آخَرُ ، وَاسْتَشْكَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ كَوْنَهُ حَمْلًا آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى وَطْءٍ بَعْدَ وَضْعِ الْأَوَّلِ فَإِذَا وَضَعَتْ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَضْعِ الْأَوَّلِ يَسْقُطُ مِنْهَا مَا يَسَعُ الْوَطْءَ فَيَكُونُ الْبَاقِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِاسْتِدْخَالِهَا الْمَنِيَّ حَالَةَ وَضْعِ الْأَوَّلِ وَتَقْيِيدُهُمْ بِالْوَطْءِ فِي قَوْلِهِمْ يُعْتَبَرُ لَحْظَةً لِلْوَطْءِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ، وَالْمُرَادُ الْوَطْءُ أَوْ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ الَّذِي هُوَ أَوْلَى بِالْحُكْمِ هُنَا بَلْ قَدْ يُقَالُ يُمْكِنُ الْوَطْءُ حَالَةَ الْوَضْعِ ( وَلَا أَثَرَ لِخُرُوجِ بَعْضِ الْوَلَدِ ) مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ( فِي ) انْقِضَاءِ ( الْعِدَّةِ ، وَ ) فِي ( غَيْرِهَا ) مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ لِعَدَمِ تَمَامِ انْفِصَالِهِ وَلِظَاهِرِ الْآيَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ بِهِ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى دِيَتِهِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ لِوُجُوبِ الْغُرَّةِ ظُهُورُ شَيْءٍ مِنْهُ ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَحَقُّقُ وُجُودِهِ ، وَأَنَّهُ يَجِبُ الْقَوَدُ إذَا خَرَجَتْ رَقَبَتُهُ ، وَهُوَ حَيٌّ وَتَجِبُ الدِّيَةُ

بِالْجِنَايَةِ عَلَى أُمِّهِ إذَا مَاتَ بَعْدَ صِيَاحِهِ ( فَإِنْ مَاتَ صَبِيٌّ لَمْ يَنْزِلْ وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ اعْتَدَّتْ بِالْأَشْهُرِ ) لَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ ( وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ ) وَامْرَأَتُهُ حَامِلٌ لِذَلِكَ .
( فَرْعٌ : مَنْ أَتَتْ زَوْجَتُهُ الْحَامِلُ بِوَلَدٍ ) لَا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ ( لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ ) حِينِ ( الْعَقْدِ ) أَوْ لِأَكْثَرَ وَدُونَ أَرْبَعِ سِنِينَ ، وَكَانَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ مَسَافَةٌ لَا تُقْطَعُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الْفُرْقَةِ لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ لَكِنْ لَوْ ادَّعَتْ فِي الْأَخِيرَةِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ، وَأَمْكَنَ فَهُوَ ، وَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ كَمَا سَيَأْتِي ( فَإِنْ كَانَ الْمَوْلُودُ لَاحِقًا بِغَيْرِهِ ) كَأَنْ وَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ ( انْقَضَتْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلزَّوْجِ ، وَإِنْ كَانَ مِنْ زِنًا ، وَهِيَ ذَاتُ أَشْهُرٍ انْقَضَتْ بِالْأَشْهُرِ عَلَى الْحَمْلِ أَوْ ذَاتُ أَقْرَاءٍ اعْتَدَّتْ بِهَا ) عَلَى الْحَمْلِ أَيْضًا ( إذْ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ ، وَ ) عَلَيْهِ ( لَوْ زَنَتْ فِي الْعِدَّةِ وَحَمَلَتْ ) مِنْ الزِّنَا ( لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ وَالْحَمْلُ الْمَجْهُولُ ) حَالُهُ ( يُحْسَبُ زِنًا ) أَيْ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ فَلَا تَعْتَدُّ بِوَضْعِهِ وَمَا قَالَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ ، وَأَقَرَّهُ وَقَالَ الْإِمَامُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبُ التَّعْجِيزِ لَكِنَّ الْقَفَّالَ أَفْتَى بِالْأَوَّلِ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ فَقَالَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الزِّنَا وَلَا حَدَّ قَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ كَالزِّنَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ كَمَا تَقَرَّرَ وَالثَّانِي عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ تَجَنُّبًا عَنْ تَحَمُّلِ الْإِثْمِ بِقَرِينَةِ آخِرِ كَلَامِ قَائِلِهِ .
( فَرْعٌ : يَجُوزُ نِكَاحُ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا ، وَكَذَا

وَطْؤُهَا كَالْحَائِلِ ) إذْ لَا حُرْمَةَ لَهُ ( فَرْعٌ : تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِانْفِصَالِ الْحَمْلِ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ ( وَبِمُضْغَةٍ ) وَلَوْ ( شَهِدَ ) أَيْ أَخْبَرَ ( بِتَصَوُّرِهَا أَرْبَعٌ ) مِنْ النِّسَاءِ ( وَكَذَا ) لَوْ أَخْبَرْنَ ( بِأَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ وَلَمْ يُدَاخِلْهُنَّ ) فِي إخْبَارِهِنَّ ( شَكٌّ ) لِحُصُولِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ فَإِنْ دَاخَلَهُنَّ شَكٌّ فِي أَنَّهَا أَصْلٌ آدَمِيٌّ أَوْ لَا لَمْ تَنْقَضِ بِهَا الْعِدَّةُ ( لَا عَلَقَةٌ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى حَمْلًا وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهَا أَصْلٌ لَهُ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا فِي أَنَّهَا ( أَسْقَطَتْ مَا تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ) فِيمَا لَوْ ادَّعَتْ ذَلِكَ ، وَأَنْكَرَهُ وَضَّاعُ السِّقْطِ ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ فِي الْعِدَّةِ ؛ وَلِأَنَّهَا مُصَدَّقَةٌ فِي أَصْلِ السِّقْطِ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ .
( فَصْلٌ ) لَوْ ( انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ ) أَوْ بِالْأَشْهُرِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( ، وَهِيَ مُرْتَابَةٌ بِالْحَمْلِ ) لِثِقَلٍ وَحَرَكَةٍ تَجِدُهُمَا ( حَرُمَ نِكَاحُهَا ) عَلَى آخَرَ ( حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ لَزِمَتْهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَخْرُجُ عَنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ شَكَّ هَلْ صَلَّى ثَلَاثًا أَوْ أَرْبَعًا فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي انْقِضَائِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَالْمُرَادُ بَاطِلٌ ظَاهِرًا فَلَوْ بَانَ عَدَمُ الْحَمْلِ فَالْقِيَاسُ الصِّحَّةُ كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَوْتُهُ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ ( وَإِنْ انْقَضَتْ ثُمَّ ارْتَابَتْ كُرِهَ نِكَاحُهَا ) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ التَّنْبِيهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَذَلِكَ لِخَبَرِ { دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك } ( فَإِنْ تَزَوَّجَتْ صَحَّ ) ؛ لِأَنَّا حَكَمْنَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ظَاهِرًا فَلَا نُبْطِلُهُ بِالشَّكِّ ( لَكِنْ إنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ ( بَانَ بُطْلَانُهُ وَلَحِقَ بِالْأَوَّلِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ

فَيَلْحَقُ بِالثَّانِي .
( قَوْلُهُ : اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ إلَخْ ) فَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي بَطْنِهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا إلَّا بِوَضْعِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا يُسْتَثْنَى مَا إذَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ مِنْ زِنًا فَلَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِهِ ؛ لِأَنَّهَا اعْتَرَفَتْ بِمَا يُوجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةً بَعْدَ وَضْعِهِ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ نَفَاهُ بِاللِّعَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ بِاللِّعَانِ لَكَانَ أَحْسَنَ فَإِنَّهُ إذَا انْتَفَى بِغَيْرِ لِعَانٍ كَمَا لَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ ، وَادَّعَتْ أَنَّهُ رَاجَعَهَا وَوَطِئَهَا أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِوِلَادَتِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدَيْنِ بَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَالثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْهُ وَتَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ .
( قَوْلُهُ : مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا ) أَيْ وَلَوْ مُعْظَمَهُ ( قَوْلُهُ : مِنْ سَائِرِ أَحْكَامِ الْجَنِينِ ) كَنَفْيِ تَوْرِيثِهِ وَسِرَايَةِ الْعِتْقِ إلَيْهِ مِنْ الْأُمِّ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّةِ الْأُمِّ فِي الْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا إنْ مَاتَ مَمْسُوحٌ إلَخْ ) بِخِلَافِ الْمَجْبُوبِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ تَعْتَدُّ بِوَضْعِ حَمْلِهَا لِوَفَاتِهِ وَطَلَاقِهِ قَوْلُهُ : وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ الْأَوَّلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ نَكَحَتْ فَالنِّكَاحُ بَاطِلٌ ) ، وَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الرِّيبَةِ ( قَوْلُهُ : كَمَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ .

( فَصْلٌ : أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ ) بِالِاسْتِقْرَاءِ ؛ وَلِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ فِي امْرَأَةِ الْمَفْقُودِ تَتَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَسَبَبُ التَّقْدِيرِ بِالْأَرْبَعِ أَنَّهَا نِهَايَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ ( فَإِنْ طَلَّقَهَا بَائِنًا ، وَكَذَا رَجْعِيًّا أَوْ فَسَخَ ) نِكَاحَهَا وَلَوْ بِلِعَانٍ ( وَلَمْ يَنْفِ الْحَمْلَ فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَقَلَّ مِنْ ) وَقْتِ ( إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ ) أَوْ الْفَسْخِ ( لَحِقَهُ ) وَبَانَ أَنَّ الْعِدَّةَ لَمْ تَنْقَضِ إنْ لَمْ تَنْكِحْ الْمَرْأَةُ آخَرَ أَوْ نَكَحَتْ وَلَمْ يُمْكِنْ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِقِيَامِ الْإِمْكَانِ سَوَاءٌ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَبْلَ وِلَادَتِهَا أَمْ لَا ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يَنْقَطِعُ بِإِقْرَارِهَا ، وَإِنْ أَتَتْهُ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْإِقْرَارِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَتَهُ بَعْدَ وَطْئِهِ لَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ حَيْثُ لَا يَلْحَقُهُ بِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى ، وَأَسْرَعُ ثُبُوتًا ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَمَةِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالْإِقْرَارِ بِالْوَطْءِ .
( وَلَزِمَتْهُ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى ) لَهَا إلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ ( وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ انْتَفَى ) عَنْهُ ( بِلَا لِعَانٍ ) لِعَدَمِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ ( لَكِنْ إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ حَصَلَ تَجْدِيدُ فِرَاشٍ يُرْجِعُهُ أَوْ نِكَاحٍ ) أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَأَنْكَرَهُ أَوْ اعْتَرَفَ ) بِهِ ( وَأَنْكَرَ الْوِلَادَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّجْدِيدِ وَالْوِلَادَةِ ( فَإِنْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً ) بِمَا ادَّعَتْهُ ( أَوْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَحَلَفَتْ ثَبَتَ النَّسَبُ ) لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَا يَقْتَضِيهِ ( وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ ، وَإِنْ نَكَلَتْ ) عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ ( حَلَفَ الْوَلَدُ إذَا

بَلَغَ ) كَنَظَائِرِهِ ( وَإِمَّا عِدَّتُهَا فَتَنْقَضِي بِهِ ) أَيْ بِوِلَادَتِهِ ( وَإِنْ حَلَفَ ) الزَّوْجُ عَلَى النَّفْيِ وَلَمْ يَثْبُتْ مَا ادَّعَتْ ؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ فَكَانَ كَمَا لَوْ نَفَى حَمْلَهَا بِاللِّعَانِ فَإِنَّهُ ، وَإِنْ انْتَفَى الْوَلَدُ عَنْهُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوِلَادَتِهِ لِزَعْمِهَا أَنَّهُ مِنْهُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ادَّعَتْ وَطْءَ شُبْهَةٍ مِنْهُ قَبْلَ النِّكَاحِ بِأَنَّ عِدَّةَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ عِدَّةِ غَيْرِهِ ، وَالْأَقْوَى لَا يَسْتَتْبِعُهُ الْأَضْعَفُ ، بِخِلَافِ الْعَكْسِ أَمَّا إذَا صَدَّقَهَا الزَّوْجُ عَلَى دَعْوَاهَا فَيَلْزَمُهُ مُقْتَضَى تَصْدِيقِهِ مِنْ مَهْرٍ وَنَفَقَةٍ وَسُكْنَى وَلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ ( ثُمَّ دَعْوَى التَّجْدِيدِ ) لِلْفِرَاشِ ( عَلَى وَارِثِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ ( كَالدَّعْوَى عَلَيْهِ لَكِنْ يَحْلِفُ يَمِينَ ) نَفْيِ ( الْعُلُوِّ وَلَا يَنْفِيهِ بِاللِّعَانِ ) إذَا ثَبَتَ نَسَبُهُ ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ مُخْتَصٌّ بِالزَّوْجِ ( وَإِنْ أَقَرَّ ) الْوَارِثُ بِمَا ادَّعَتْهُ ( فَإِنْ كَانَ حَائِزًا ) لِلْإِرْثِ ( وَالْوَلَدُ لَا يَحْجُبُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ إنْ لَمْ يَكُنْ حَائِزًا ) كَأَحَدِ الْبَنِينَ ( لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ حَتَّى تُنْفِقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهِ وَيَثْبُتَ ) لَهَا فِي دَعْوَى التَّجْدِيدِ بِرَجْعَةٍ أَوْ نِكَاحٍ ( الْمَهْرُ وَالنَّفَقَةُ ) مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ ( بِحِصَّتِهِ لَا إرْثُهَا ) ظَاهِرًا بِحِصَّتِهِ ، وَأَمَّا إرْثُ الْوَلَدِ وَعَدَمُهُ فَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِالْوِلَادَةِ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ ثُمَّ بِآخَرَ ) ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي ) وَلَحِقَاهُ ( فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ ) فَأَكْثَرُ ( لَمْ يَلْحَقْهُ الثَّانِي إنْ كَانَتْ بَائِنًا ) ؛ لِأَنَّ الْعُلُوقَ بِهِ لَمْ يُمْكِنْ فِي النِّكَاحِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعَلِّقْ الطَّلَاقَ بِالْوِلَادَةِ حَيْثُ يَلْحَقُهُ الْوَلَدُ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِي النِّكَاحِ ( وَكَذَا ) لَا يَلْحَقُهُ الثَّانِي

إنْ كَانَتْ ( رَجْعِيَّةً ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ السِّنِينَ الْأَرْبَعَ تُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ لَا مِنْ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ ) ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقْهُ لِاحْتِمَالِ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْهُ بَعْدَ الْفِرَاقِ إذَا ادَّعَتْهُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ ) أَيْ مَا وَلَدَتْهُ ( ثَلَاثَةً انْقَضَتْ ) عِدَّتُهَا ( بِالثَّالِثِ إنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَوَّلِ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَحِقُوهُ ) أَيْ الثَّلَاثَةُ ( وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ دُونَهَا لَحِقَاهُ دُونَ الثَّالِثِ ) ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّانِي دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّانِي ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ وَبَيْنَ الثَّانِي وَالثَّالِثِ دُونَهَا لَمْ يَلْحَقَاهُ ، وَكَذَا إنْ كَانَ مَا بَيْنَ كُلِّ مِنْهُمْ وَتَالِيهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ .
( فَرْعٌ : مَنْ نَكَحَتْ بَعْدَ ) انْقِضَاءِ ( الْعِدَّةِ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ ) مِنْ النِّكَاحِ الثَّانِي ( لَحِقَ الْأَوَّلَ ) ، وَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ نَعَمْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ وَيَكُونُ مَنْفِيًّا عَنْهُمَا وَقَدْ بَانَ لَنَا أَنَّ الثَّانِيَ نَكَحَهَا حَامِلًا ، وَهَلْ يُحْكَمُ بِفَسَادِ النِّكَاحِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا أَوْ أَنَّ الشُّبْهَةَ مِنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ فِيهِ نَظَرٌ ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي قَالَ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ نِكَاحُ الثَّانِي .
انْتَهَى .
وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِمَّا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ ( وَإِنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَحِقَ الثَّانِيَ ) ، وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ الْفِرَاشَ الثَّانِيَ تَأَخَّرَ فَهُوَ أَقْوَى ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ

الثَّانِيَ قَدْ صُحِّحَ ظَاهِرًا فَلَوْ أَلْحَقْنَا الْوَلَدَ بِالْأَوَّلِ لَبَطَلَ النِّكَاحُ لِوُقُوعِهِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إبْطَالِ مَا صُحِّحَ بِالِاحْتِمَالِ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ فِي وَاطِئٍ ( بِالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ بَعْدَ الْعِدَّةِ ) فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لَحِقَهُ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا ( وَإِنْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا وَسُكْنَاهَا لِلنُّشُوزِ ) وَمَحِلُّهُ إذَا رَضِيَتْ بِنِكَاحِهَا بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ ( فَإِنْ وَطِئَهَا ) النَّاكِحُ فِي الْعِدَّةِ ( عَالِمًا ) بِالتَّحْرِيمِ ( فَهِيَ ) بَاقِيَةٌ ( عَلَى عِدَّتِهَا ) ؛ لِأَنَّهُ زَانٍ ( أَوْ جَاهِلًا ) بِهِ لِظَنِّهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ أَوْ لِظَنِّهِ حِلَّ نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ ، وَكَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ أَوْ بِجُنُونٍ نَشَأَ عَلَيْهِ مِنْ الصِّغَرِ ثُمَّ بَلَغَ ، وَأَفَاقَ فَنَكَحَ أَوْ نَشَأَ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ ( انْقَطَعَتْ الْعِدَّةُ بِالْوَطْءِ ) لِمَصِيرِهَا فِرَاشًا لِلثَّانِي وَيَمْتَدُّ انْقِطَاعُهَا ( إلَى أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ تُتِمَّهَا ) ثُمَّ تَعْتَدَّ لِلثَّانِي وَالتَّفْرِيقُ بِأَنْ يُفَرِّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى الْفِرَاقِ أَوْ يَمُوتَ الزَّوْجُ عَنْهَا أَوْ يُطَلِّقَهَا بِظَنِّ الصِّحَّةِ ( وَلَبِسَتْ الْغَيْبَةُ ) مِنْهُ عَنْهَا ( تَفْرِيقًا ) بَيْنَهُمَا فَلَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ ( إلَّا بِنِيَّةٍ أَنْ لَا عَوْدَ ) مِنْهُ إلَيْهَا فَتُحْسَبُ مِنْهَا ( فَإِنْ وَلَدَتْ ) وَلَدًا ( وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَكَمَا سَيَأْتِي ) حُكْمُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ أَرْبَعُ سِنِينَ ) قَالَ مَالِكٌ : هَذِهِ جَارَتُنَا امْرَأَةُ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ امْرَأَةٌ صِدْقٌ وَزَوْجُهَا رَجُلٌ صِدْقٌ ، وَحَمَلَتْ ثَلَاثَةَ أَبْطُنٍ فِي اثْنَيْ عَشَرَ سَنَةٍ كُلُّ بَطْنٍ أَرْبَعُ سِنِينَ وَرَوَاهُ مُجَاهِدٌ أَيْضًا ، وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ الْقُرَشِيُّ أَرَانِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ رَجُلًا فَقَالَ إنَّ أَبَا هَذَا غَابَ عَنْ أُمَّةِ أَرْبَعَ سِنِينَ فَوَلَدَتْ هَذَا وَلَهُ ثَنَايَا ، وَقَالَ رَجُلٌ لِمَالِكِ بْنِ دِينَارٍ يَا أَبَا يَحْيَى اُدْعُ لِامْرَأَةٍ حُبْلَى مُنْذُ أَرْبَعِ سِنِينَ فِي كَرْبٍ شَدِيدٍ فَدَعَا لَهَا فَجَاءَ رَجُلٌ إلَى الرَّجُلِ فَقَالَ أَدْرِك امْرَأَتَك فَذَهَبَ الرَّجُلُ ثُمَّ جَاءَ وَعَلَى رَقَبَتِهِ غُلَامٌ ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ قَدْ اسْتَوَتْ أَسْنَانُهُ ( قَوْلُهُ : مِنْ وَقْتِ إمْكَانِ الْعُلُوقِ قُبَيْلَ الطَّلَاقِ أَوْ الْفَسْخِ إلَخْ ) أَطْلَقَ الْأَصْحَابُ حُسْبَانَ الْأَرْبَعِ مِنْ الطَّلَاقِ وَحَمَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَقَعُ مِنْ الْإِنْزَالِ مُنْجَزًا أَوْ بِالتَّعْلِيقِ ، وَفِي التَّدْرِيبِ وَتُعْتَبَرُ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ فِي الْحَاضِرِ وَمِنْ وَقْتِ الْإِمْكَانِ فِي الْغَائِبِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ .
( تَنْبِيهٌ ) فَقَدْرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ فِي الْجَنَّةِ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَفَعَهُ { الْمُؤْمِنُ إذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي } ثُمَّ قَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ قَالَ : وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْجَنَّةِ جِمَاعٌ مِنْ غَيْرِ حَبَلٍ وَلَا وَلَدٍ ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ طَاوُسٌ وَمُجَاهِدٍ وَالنَّخَعِيِّ ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ لِي إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمُ مِنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا اشْتَهَى الْمُؤْمِنُ الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ كَمَا يَشْتَهِي فِي سَاعَةٍ وَلَكِنْ لَا يَشْتَهِي } قَالَ الْبُخَارِيُّ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي رُوَيْنٍ الْعُقَيْلِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ

عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَكُونُ لَهُمْ فِيهَا وَلَدٌ } ( قَوْلُهُ : انْتَفَى بِلَا لِعَانٍ ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا لَوْ اسْتَلْحَقَهُ هَلْ يَلْحَقُهُ أَمْ لَا فَأَجَابَ نَصَّ فِي الْأُمِّ فِي عِدَّةِ الْحَامِلِ أَنَّهُ يَلْحَقُهُ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ ( قَوْلُهُ : أَوْ اعْتَرَفَ بِهِ ، وَأَنْكَرَ الْوِلَادَةَ ) وَادَّعَى أَنَّهَا الْتَقَطَتْهُ أَوْ اسْتَعَارَتْهُ قَوْلُهُ : وَيُفَارِقُ مَا لَوْ ادَّعَتْ وَطْءِ شُبْهَةٍ إلَخْ ) حَاصِلُهُ أَنَّهَا فِي تِلْكَ تَدَّعِي دُخُولَ النِّكَاحِ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَلَا يُسْمَعُ لَهَا بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا ( قَوْلُهُ : أَوْ لَا حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ مِنْ زِنًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ طَلَّقْتُك بَعْدَ الْوِلَادَةِ ) فَأَنْت فِي الْعِدَّةِ ( فَلِي الرَّجْعَةُ وَقَالَتْ ) بَلْ طَلَّقَنِي قَبْلَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْوِلَادَةِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ فَصُدِّقَ فِي وَقْتِهِ كَأَصْلِهِ سَوَاءٌ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الْوِلَادَةِ أَمْ لَا بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ ( إلَّا إنْ اتَّفَقَا عَلَى وَقْتِ الطَّلَاقِ ) كَيَوْمِ الْجُمُعَةِ ( وَادَّعَى الْوِلَادَةَ قَبْلَهُ ) وَادَّعَتْهَا بَعْدَهُ ( فَتُصَدَّقُ بِيَمِينِهَا ) ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ فِي أَصْلِ الْوِلَادَةِ قَوْلُهَا فَكَذَا فِي وَقْتِهَا وَالْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عُلِمَتْ مِنْ بَابِ الرَّجْعَةِ ( وَإِنْ ادَّعَتْ تَقَدُّمَ الطَّلَاقِ ) عَلَى الْوِلَادَةِ ( فَقَالَ لَا أَدْرِي جُعِلَ كَالْمُنْكَرِ فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ الْجَازِمَةُ ) بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُقَدَّمْ وَلَا يُقْنَعُ مِنْهُ بِمَا قَالَهُ ( فَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى مَا قَالَهُ ( جُعِلَ نَاكِلًا ) فَتَحْلِفُ هِيَ إذْ لَوْ لَمْ يُفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ يَعْجِزْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى عَنْ الدَّفْعِ بِمَا ذُكِرَ ( فَإِنْ حَلَفَتْ سَقَطَتْ الرَّجْعَةُ وَالْعِدَّةُ ، وَإِنْ نَكَلَتْ فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ ) وَلَيْسَ هَذَا قَضَاءٌ بِالنُّكُولِ بَلْ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ آثَارِ النِّكَاحِ فَيُعْمَلُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ دَافِعٌ ( وَإِنْ جَزَمَ بِتَقَدُّمِ الْوِلَادَةِ فَقَالَتْ لَا أَدْرِي فَلَهُ الرَّجْعَةُ ) وَلَا يُقْنَعُ مِنْهَا بِمَا قَالَتْهُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ ، وَهِيَ تَدَّعِي بِمَا يَرْفَعُهُ فَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَدَعْوَى الشَّكِّ غَيْرُ صَحِيحَةٍ ( وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَا لَا نَدْرِي السَّابِقَ مِنْهُمَا أَيْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ وَالْوَرَعُ تَرْكُهَا ( وَلَيْسَ لَهَا النِّكَاحُ حَتَّى تَمْضِيَ أَقْرَاءٌ ثَلَاثَةٌ ) عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ ) عَلَى امْرَأَةٍ قَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصٍ وَقَدْ يَكُونَانِ لِشَخْصَيْنِ ( فَإِنْ اجْتَمَعَا ) الْأَوْلَى اجْتَمَعَتَا ( مِنْ جِنْسٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَنْ ) طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ( وَوَطِئَ ) هَا ( فِي الْعِدَّةِ ) وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ ( وَهِيَ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بِشُبْهَةٍ ، وَهِيَ بَائِنٌ ) وَعِدَّةُ كُلٍّ مِنْهُمَا ( بِالْأَشْهُرِ أَوْ الْأَقْرَاءِ تَدَاخَلَتَا ) إذْ لَا مَعْنَى لِلتَّعَدُّدِ حِينَئِذٍ ( فَتَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ مِنْ ) وَقْتِ ( الْوَطْءِ ) وَتَنْدَرِجُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَقَدْرُ تِلْكَ الْبَقِيَّةِ يَكُونُ مُشْتَرَكًا وَاقِعًا عَنْ الْجِهَتَيْنِ .
( وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَقَطْ ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ وَخَرَجَ بِالشُّبْهَةِ مَا لَوْ وَطِئَ الْبَائِنَ بِلَا شُبْهَةٍ فَلَا تَدَاخُلَ ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ ( أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَكَوْنِ أَحَدِهِمَا حَمْلًا ) أَيْ بِهِ وَالْأُخْرَى بِالْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا أَمْ حَامِلًا ثُمَّ أَحْبَلَهَا ( تَدَاخَلَتَا أَيْضًا ) ؛ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَكَانَتَا كَالْمُتَجَانِسَتَيْنِ ( فَتَنْقَضِيَانِ بِالْوَضْعِ ) ، وَهُوَ وَاقِعٌ عَنْ الْجِهَتَيْنِ سَوَاءٌ أَرَأَتْ الدَّمَ مَعَ الْحَمْلِ أَمْ لَا ، وَإِنْ لَمْ تُتِمَّ الْأَقْرَاءَ قَبْلَ الْوَضْعِ ؛ لِأَنَّ الْأَقْرَاءَ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهَا إذَا كَانَتْ مَظِنَّةُ الدَّلَالَةِ عَلَى بَرَاءَةِ الرَّحِمِ وَقَدْ انْتَفَى ذَلِكَ هُنَا لِلْعِلْمِ بِاشْتِغَالِ الرَّحِمِ وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ تَرَ الدَّمَ أَوْ رَأَتْهُ وَتَمَّتْ الْأَقْرَاءُ قَبْلَ الْوَضْعِ ، وَإِلَّا فَتَنْقَضِي عِدَّةُ غَيْرِ الْحَمْلِ بِالْأَقْرَاءِ مَنَعَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ قَالُوا ، وَكَأَنَّهُمْ اغْتَرُّوا بِظَاهِرِ كَلَامِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلَيْ التَّدَاخُلِ وَعَدَمِهِ ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ ، وَهُوَ عَدَمُ التَّدَاخُلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبَا

الْمُهَذَّبِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرُهُمْ ، وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ أَطْلَقَ هُنَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ ، وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَتَعْلِيلُهُ فِي الْكَبِيرِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْإِقْرَاءِ مَعَ الْحَمْلِ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِعَدَمِ التَّدَاخُلِ لَيْسَ إلَّا لِرِعَايَةِ صُورَةِ الْعِدَّتَيْنِ تَعَبُّدًا وَقَدْ حَصَلَتْ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ النَّسَائِيّ وَغَيْرُهُ ( وَلَهُ الرَّجْعَةُ مَا لَمْ تَضَعْ ) فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ ( وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ ) فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ لَزِمَهَا عِدَّةٌ أُخْرَى ( وَإِنْ اجْتَمَعَتَا لِشَخْصَيْنِ ) كَأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَوَطِئَهَا غَيْرُ ذِي الْعِدَّةِ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ ( لَمْ يَتَدَاخَلَا ) لِأَثَرٍ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ لِتَعَدُّدِ الْمُسْتَحِقِّ كَمَا فِي الدِّيَتَيْنِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) ثَمَّ ( حَمْلٌ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ عَلَى ) عِدَّةِ ( الشُّبْهَةِ وَلَوْ تَأَخَّرَ الطَّلَاقُ ) عَلَى وَطْءِ الشُّبْهَةِ لِقُوَّةِ عِدَّتِهِ لِتَعَلُّقِهَا بِالنِّكَاحِ ( ثُمَّ بَعْدَ انْقِضَائِهَا تُتِمُّ عِدَّةَ الشُّبْهَةِ ) أَوْ تَسْتَأْنِفُهَا ( وَلَهُ رَجْعَتُهَا فِي عِدَّتِهِ ، وَكَذَا ) لَهُ ( تَجْدِيدُ نِكَاحِ الْبَائِنِ ) فِيهَا ( وَ ) لَكِنْ ( يَحْرُمُ اسْتِمْتَاعُ الزَّوْجِ بِهَا فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ ) الَّتِي شَرَعَتْ فِيهَا عَقِبَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ .
( وَإِنْ نَكَحَتْ وَوَطِئَتْ ) فِي عِدَّةِ الزَّوْجِ ( فَزَمَنُ اسْتِفْرَاشِ الْوَاطِئِ ) بِهَا ( غَيْرُ مَحْسُوبٍ مِنْ الْعِدَّةِ ) نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِالْحَالِ فَهُوَ زَانٍ لَا يَقْطَعُ وَطْؤُهُ الْعِدَّةَ ، وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ أَنَّهَا لَا تَنْقَطِعُ بِمُجَرَّدِ النِّكَاحِ ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، وَإِنْ خَالَطَهَا بِلَا وَطْءٍ ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ لَا حُرْمَةَ لَهُ ( وَإِنْ كَانَتَا ) أَيْ الْعِدَّتَانِ ( مِنْ شُبْهَةٍ قُدِّمَتْ الْأُولَى )

لِتَقَدُّمِهَا ( فَإِنْ نَكَحَهَا ) أَيْ شَخْصٌ امْرَأَةً نِكَاحًا ( فَاسِدًا وَوَطِئَهَا غَيْرُهُ بِشُبْهَةٍ ) قَبْلَ وَطْئِهِ أَوْ بَعْدَهُ ( ثُمَّ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَاطِئِ ) بِالشُّبْهَةِ ( لِتَوَقُّفِ تِلْكَ ) أَيْ عِدَّةِ النِّكَاحِ ( عَلَى التَّفْرِيقِ ) بِخِلَافِ عِدَّةِ الشُّبْهَةِ فَإِنَّهَا مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ وَلَيْسَ لِلْفَاسِدِ قُوَّةُ الصَّحِيحِ حَتَّى يُرَجَّحَ بِهَا فَهُمَا كَوَاطِئَيْنِ وَطِئَاهَا بِشُبْهَةٍ ( وَإِنْ نَكَحَتْ فَاسِدًا بَعْدَ ) مُضِيِّ ( قُرْأَيْنِ وَوَطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَى ) مُضِيِّ ( سِنِّ الْيَأْسِ أَتَمَّتْ ) لِعِدَّةِ ( الْأُولَى بِشَهْرٍ ) بَدَلًا عَنْ الْقُرْءِ الْبَاقِي ( وَاعْتَدَّتْ لِلشُّبْهَةِ ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ ثُمَّ اعْتَدَّتْ لِلْفَاسِدِ ( بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ كَانَ ) ثَمَّ ( حَمْلٌ فَعِدَّةُ صَاحِبِهِ مُقَدَّمَةٌ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ الْحَمْلُ مُتَقَدِّمًا أَمْ مُتَأَخِّرًا ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ ( فَإِنْ كَانَتَا ) أَيْ عِدَّةُ الْحَمْلِ وَعِدَّةُ غَيْرِهِ ( مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ) .
وَمِنْهُ الصُّورَةُ السَّابِقَةُ ( فَلِكُلٍّ ) مِنْ الْوَاطِئَيْنِ ( التَّجْدِيدُ ) لِلنِّكَاحِ ( فِي عِدَّتِهِ ) لَا فِي عِدَّةِ الْآخَرِ ( وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِلْمُطَلِّقِ ) فِي صُورَتِهِ ( فَلَهُ رَجْعَتُهَا قَبْلَ الْوَضْعِ ، وَكَذَا ) لَهُ ( تَجْدِيدُ نِكَاحِهَا ) قَبْلَهُ ( لَكِنْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ بَيْنَهُمَا ) فِي الصُّورَتَيْنِ ؛ لِأَنَّهَا فِي مُدَّةِ اجْتِمَاعِ الْوَاطِئِ بِهَا خَارِجَةٌ عَنْ عِدَّتِهِ بِكَوْنِهَا فِرَاشًا لِلْوَاطِئِ حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ فِي الْأُولَى ، وَأَقَرَّهُ وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ وَلَوْ سَلَّمْنَا لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجْعَةَ عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ ( وَإِنْ كَانَ الْحَمْلُ لِلشُّبْهَةِ أَتَمَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ) أَوْ اسْتَأْنَفَتْهَا ( بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَهُ رَجْعَتُهَا )

فِي تِلْكَ الْبَقِيَّةِ ( بَعْدَ الْوَضْعِ وَلَوْ فِي ) مُدَّةِ ( النِّفَاسِ ) ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ كَالْحَيْضِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الطَّلَاقُ كَذَا عَلَّلَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِي كَوْنِ مُدَّةِ النِّفَاسِ وَالْحَيْضِ مِنْ جُمْلَةِ الْعِدَّةِ تَجَوُّزٌ .
( وَ ) هَلْ لَهُ رَجْعَتُهَا ( فِيمَا قَبْلَهُ ) أَيْ الْوَضْعِ ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهُ لَمْ تَنْقَضِ بَعْدُ أَوْ لَا ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ ( وَجْهَانِ الْأَصَحُّ الْجَوَازُ ) التَّصْحِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ تَصْحِيحِ الْأَصْلِ فِيمَا عَرَفَهُ عَلَى مَا إذَا اُحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُمَا وَصَرَّحَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ ؛ لِأَنَّهَا ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْآنَ فِي عِدَّةِ الرَّجْعِيَّةِ فَهِيَ رَجْعِيَّةٌ حُكْمًا وَلِهَذَا ثَبَتَ التَّوَارُثُ قَطْعًا وَخَرَجَ بِالرَّجْعَةِ التَّجْدِيدُ فَلَا يَجُوزُ فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ نِكَاحٍ وَالرَّجْعَةُ شَبِيهَةٌ بِاسْتِدَامَةِ النِّكَاحِ وَلِهَذَا جَزَمَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ لَكِنْ سَوَّى الْأَصْلُ بَيْنَهُمَا فَقَالَ ، وَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ تَجْدِيدُ النِّكَاحِ إنْ كَانَ بَائِنًا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ نَعَمْ ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمَاوَرْدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ لَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ لَكِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ لِلْخِلَافِ فِي صُورَةِ التَّجْدِيدِ ، وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فَهَلْ لَهُ الرَّجْعَةُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَجْهَانِ إلَى آخِرِهِ ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَهَلْ لَهُ التَّجْدِيدُ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَنْعِ وَفِي التَّهْذِيبِ فِيهِ الْوَجْهَانِ وَصَحَّحَ الْمَنْعَ .
انْتَهَى .
( وَيَتَوَارَثَانِ وَيَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ وَبَعْدَهُ ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجَةِ ( فَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ انْتَقَلَتْ بَعْدَ الْوَضْعِ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) لِذَلِكَ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِي اجْتِمَاعِ عِدَّتَيْنِ ) ( قَوْلُهُ : سَوَاءٌ أَطَلَّقَهَا حَامِلًا ثُمَّ وَطِئَهَا إلَخْ ) أَوْ أَحْبَلَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَمَاتَ أَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ ( قَوْلُهُ : وَمَا قَيَّدَ بِهِ الْبَارِزِيُّ ) وَغَيْرُهُ وَصَاحِبُ التَّعْلِيقَةِ الْإِسْنَوِيُّ وَابْنُ الْوَرْدِيِّ ( قَوْلُهُ : مَنَعَهُ النَّسَائِيّ ) وَغَيْرُهُ وَابْنُ النَّقِيبِ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ ( قَوْلُهُ : وَإِنْ نَكَحَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ وُوطِئَتْ وَلَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا إلَخْ ) قَالَ الْفَتَى سَبَقَ مِنْهُ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ مَا يُنَاقِضُهُ فَإِنَّهُ قَالَ إذَا أَيِسَتْ بَعْدَ قُرْأَيْنِ اسْتَأْنَفَتْ وَالرَّوْضَةُ سَالِمَةٌ مِنْ هَذَا التَّنَاقُضِ فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا إلَّا مَا هُنَا وَرَدَّهُ أَيْضًا الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِالْمُعْتَمَدِ ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهَا تَسْتَأْنِفُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ مِثْلُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ قَوْلُهُ : وَتَعَقَّبَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّهُ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْخُرُوجُ مِنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ ) يُرَدُّ الِاسْتِبْعَادُ بِأَنَّ مَنْ تَصَوَّرَ خُرُوجَهَا بِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ عَنْ عِدَّةٍ غَيْرِ الْحَمْلِ تَصَوَّرَ خُرُوجَهَا بِذَلِكَ عَنْ عِدَّةِ الْحَمْلِ إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا انْفِصَالَهَا عَنْ الْحَمْلِ أَوْ عَنْ الْأَقْرَاءِ أَوْ عَنْ الْأَشْهُرِ بِلَا رَيْبٍ بَلْ الْمُرَادُ عَدَمُ اعْتِبَارِ ذَلِكَ الزَّمَنِ مِنْ الْعِدَّةِ حَتَّى لَا يَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ آثَارُهَا نَعَمْ عِدَّةُ الْحَمْلِ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ بِخِلَافِ عِدَّةِ غَيْرِهِ ، وَلَا أَثَرَ لِذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ .
س ( قَوْلُهُ : وَلَوْ سَلَّمْنَاهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعِدَّةُ بِالْحَمْلِ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّ الْفِرَاشَ أَقْوَى مِنْ الْعِدَّةِ فَأُخْرِجَ مِنْهَا وَمُنِعَ الرَّجْعَةُ دُونَهَا ( قَوْلُهُ : وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ ) يُقَالُ عَلَيْهِ بَلْ يَزِيدُ عَلَيْهِ إذْ الْوَطْءُ مُقْتَضٍ لِلْعِدَّةِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ لِلْمُقْتَضَى مِنْ الْقُوَّةِ مَا لَيْسَ لِمُقْتَضَاهُ س ( قَوْلُهُ : وَبِهَذَا جَزَمَ جَمْعٌ مِنْهُمْ

الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي وَالْإِمَامُ ) ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ وَجَرَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْ شُرَّاحِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرُهُمْ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ الْقَطْعُ بِهِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّجْعَةِ وَالتَّجْدِيدِ أَنَّهَا فِي حُكْمِ الدَّوَامِ ، وَعِدَّةُ غَيْرِهِ لَا تُنَافِي دَوَامَ نِكَاحِهِ بِخِلَافِ الِابْتِدَاءِ .
ا هـ .

( وَإِنْ لَزِمَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ عِدَّةُ شُبْهَةٍ أَوْ مُطَلَّقَتَهُ فَرَاجَعَهَا وَالْحَمْلُ لَهُ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَشْرَعْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ بِالْوَضْعِ ) أَيْ بَعْدَهُ ؛ لِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَيْسَتْ فِي عِدَّةٍ فَإِنْ شَرَعَتْ بَعْدَهُ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ حَرُمَ عَلَيْهِ وَطْؤُهَا مَا لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَمْلُ لِلْوَاطِئِ فَيَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ وَطْؤُهَا حَتَّى تَضَعَ ( وَلَا تَنْقَضِي ) الْعِدَّةُ ( الْأُخْرَى هُنَا بِالْحَيْضِ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ بِالْأَقْرَاءِ ( عَلَى الْحَمْلِ ) قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ ؛ لِأَنَّ فِي انْقِضَائِهَا بِذَلِكَ مَصِيرًا إلَى تَدَاخُلِ عِدَّتَيْ شَخْصَيْنِ وَمَا قَالَاهُ فِيهِ تَجَوُّزٌ بَلْ مَنَعَهُ فِي الْمَطْلَبِ ، وَأَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ ( وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ كَوْنُهُ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ( بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَطْءِ الثَّانِي لَمْ تَنْقَضِ بِهِ ) أَيْ بِوَضْعِهِ ( عِدَّةُ أَحَدِهِمَا ) إذَا لَمْ تَدَّعِ أَنَّهُ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ رَاجَعَهَا أَوْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا لِانْتِفَائِهِ عَنْهُمَا بَلْ إذَا وَضَعَتْ تَمَّمَتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ عِدَّةَ الثَّانِي ( وَتَعْتَدُّ مِنْهُ بِالْأَقْرَاءِ ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْتَدَّ بِالْحَمْلِ كَانَتْ كَالْحَامِلِ ( وَفِي الْمُرَاجَعَةِ مَعَهُ الْوَجْهَانِ ) السَّابِقَانِ وَمُقْتَضَاهُ تَصْحِيحُ الْجَوَازِ أَمَّا الْمُرَاجَعَةُ بَعْدَ وَضْعِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ عِدَّةِ الزَّوْجِ فَجَائِزَةٌ قَطْعًا ( وَعَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ تَنْقَضِي بِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا ) لَا بِعَيْنِهِ لِإِمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، وَهَذَا مَحَلُّهُ عَقِبَ قَوْلِهِ لَمْ تَنْقَضِ بِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا كَمَا فَعَلَهُ الْأَصْلُ ، وَعَزَوْهُ إلَى ابْنِ الصَّبَّاغِ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ أَوَاخِرَ الْبَابِ

السَّابِقِ وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا ادَّعَتْ أَنَّ أَحَدَهُمَا وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ أَوْ أَنَّ الزَّوْجَ جَدَّدَ نِكَاحَهَا أَوْ رَاجَعَهَا فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ ( وَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ ) مِنْ كُلٍّ ( مِنْهُمَا عُرِضَ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا وَلَوْ انْفَرَدَ صَاحِبُهُ بِالدَّعْوَى ) أَوْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ( لَحِقَهُ ) وَانْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ فَتَعْتَدُّ لِلْآخَرِ .
( فَإِنْ فُقِدَ الْقَائِفُ ) وَلَوْ ( بِأَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ ) الْحَالُ ( أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ مَاتَ الْوَلَدُ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ ) عَلَيْهِ ( انْقَضَتْ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا بِوَضْعِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَحَدِهِمَا ( ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلْآخَرِ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ الثَّانِي فَعَلَيْهَا بَعْدَ وَضْعِهِ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَلَيْهَا بَعْدَهُ عِدَّةٌ كَامِلَةٌ لِلثَّانِي فَيَجِبُ الثَّلَاثَةُ ( وَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَ ) الْوَطْءَ ( قُرْآنِ احْتِيَاطًا ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ الزَّوْجِ ( وَتَصِحُّ رَجْعَتُهَا مَعَ ) وُجُودِ ( هَذَا الْحَمْلِ ) ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ إمَّا زَمَنُ عِدَّتِهِ أَوْ زَمَنُ عِدَّةِ غَيْرِهِ الَّذِي تَصِحُّ فِيهِ رَجْعَتُهُ ( لَا بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ وَضْعِهِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْهُ ، وَأَنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ ( فَلَوْ رَاجَعَ بَعْدَهُ ) فِي الْقَدْرِ الْمُتَيَقَّنِ أَنَّهُ مِنْ الْأَقْرَاءِ لَا فِيمَا وَجَبَ احْتِيَاطًا كَالْقُرْأَيْنِ فِي تَصْوِيرِهِ السَّابِقِ ( وَبَانَ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ ) بِأَنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالثَّانِي ( أَوْ رَاجَعَ مَرَّتَيْنِ ) مَرَّةً ( قَبْلَ الْوَضْعِ ، وَ ) مَرَّةً ( بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّتِهِ ) الْأَوْلَى بَاقِي الْعِدَّةِ ( صَحَّ ) لِوُجُودِ رَجْعَتِهِ فِي عِدَّتِهِ يَقِينًا بِخِلَافِ مَا لَوْ لَمْ يَبْنِ فِي الْأُولَى أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ وَمَا لَوْ رَاجَعَ مَرَّةً فِي الثَّانِيَةِ لِاحْتِمَالِ وُقُوعِهَا فِي عِدَّةِ غَيْرِهِ .
( وَإِنْ كَانَتْ بَائِنًا فَنَكَحَهَا ) الزَّوْجُ مَرَّةً

وَاحِدَةً ( قَبْلَ الْوَضْعِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يُحْكَمْ بِصِحَّتِهِ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ فِي عِدَّةِ الثَّانِي ( فَإِنْ بَانَ ) بَعْدُ ( بِالْقَائِفِ أَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ صَحَّ ) كَمَا صَحَّتْ رَجْعَتُهُ اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ وَقْفِ الْعُقُودِ ، وَإِنَّمَا هُوَ وَقْفٌ عَلَى ظُهُورِ أَمْرٍ كَانَ عِنْدَ الْعَقْدِ ( أَوْ نَكَحَهَا مَرَّتَيْنِ ) مَرَّةً ( قَبْلَ الْوَضْعِ ، وَ ) مَرَّةً ( بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّتِهِ ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ ( صَحَّ ) أَيْضًا لِذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِمَامِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ صَحَّ الْأَوَّلُ كَانَ أَخْصَرَ ، وَأَوْفَقَ بِمَا قَدَّمَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجْعَةِ ( وَإِنْ نَكَحَهَا الْوَاطِئُ بِشُبْهَةٍ قَبْلَ الْوَضْعِ لَمْ يَصِحَّ ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهَا فِي عِدَّةٍ الزَّوْجِ حِينَئِذٍ ( وَكَذَا ) إنْ نَكَحَهَا ( بَعْدَهُ فِي بَاقِي عِدَّةِ الزَّوْجِ ) عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ كَذَلِكَ ( فَلَوْ بَانَ ) فِي هَذِهِ ( بِالْقَائِفِ أَنَّ الْحَمْلَ مِنْ الزَّوْجِ صَحَّ ) اعْتِبَارًا بِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَخَرَجَ بِبَاقِي الْعِدَّةِ مَا لَوْ نَكَحَهَا الثَّانِي فِيمَا وَجَبَ مَعَهُ احْتِيَاطًا كَالْقُرْأَيْنِ فِيمَا مَرَّ فَيَصِحُّ النِّكَاحُ قَطْعًا ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الزَّوْجِ ، وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَدَّةٍ .
( وَيَنْقَطِعُ فِرَاشُ الْأَوَّلِ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ ) بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( كَالنِّكَاحِ ) الْوَاقِعِ حِينَئِذٍ لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَالْعِدَّةِ عَنْهُ ظَاهِرًا فَلَوْ وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْهُمَا أُلْحِقَ بِالْوَاطِئِ أَوْ النَّاكِحِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ أَوَاخِرَ الْبَابِ السَّابِقِ ( وَأَمَّا النَّفَقَةُ ) لِلْمُعْتَدَّةِ ( فَلَا تَجِبُ عَلَى ذِي الشُّبْهَةِ ، وَإِنْ أُلْحِقَ ) بِهِ الْوَلَدُ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ مِنْ أَنَّهَا تَجِبُ لِلْحَامِلِ لَا لِلْحَمْلِ ( وَلَا يُطَالَبُ بِهَا الزَّوْجُ فِي الْحَالِ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِالشَّكِّ فِي السَّبَبِ وَيَمْتَدُّ عَدَمُ مُطَالَبَتِهِ بِهَا ( حَتَّى يُلْحِقَهُ بِهِ ) الْقَائِفُ فَيُطَالَبُ مُدَّةَ الْحَمْلِ الْمَاضِيَةِ ( وَ ) لَكِنْ ( سَقَطَ عَنْهُ

مُدَّةَ اجْتِمَاعِهِمَا ) أَيْ هِيَ وَذُو الشُّبْهَةِ ( فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ ) لِنُشُوزِهَا بِهِ ، وَكَذَا فِي حَالَةِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ عَنْ الرُّويَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِخُرُوجِهَا عَنْ عِدَّتِهِ ، وَأَوَّلَ مُدَّةَ اجْتِمَاعِهِمَا الْقَاطِعَةَ لِعِدَّةِ الْأَوَّلِ مِنْ وَقْتِ الْوَطْءِ ، وَإِنْ عَاشَرَهَا قَبْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ فِيمَا إذَا لَحِقَ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ نَفَقَةُ مُدَّةِ الْقُرْءِ بَعْدَ الْوَضْعِ فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ .
وَكَذَا نَفَقَةُ مُدَّةِ النِّفَاسِ كَمَا أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِيهَا وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنَهَا لَا تُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ كَمُدَّةِ الْحَيْضِ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ الْإِلْحَاقُ ) بِأَحَدِهِمَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْحَالُ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ مَاتَ وَتَعَذَّرَ عَرْضُهُ عَلَيْهِ ( فَلَا نَفَقَةَ لَهَا ) عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ فِي سَبَبِهَا ( إلَّا إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا ) عَلَى الزَّوْجِ ( أَقَلُّ وَاجِبِ الْعِدَّتَيْنِ ) وَفِي نُسْخَةٍ إحْدَى الْعِدَّتَيْنِ أَيْ الْأَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إلَى الْوَضْعِ وَنَفَقَتِهَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَكْمُلُ بِهِ عِدَّةُ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَضْعِ ، وَهُوَ قُرْءٌ فِيمَا مَرَّ لِتَيَقُّنِ وُجُوبِ الْأَقَلِّ عَلَيْهِ إذْ الْحَمْلُ إنْ كَانَ مِنْهُ فَنَفَقَةُ زَمَنِ الْحَمْلِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الثَّانِي فَنَفَقَةُ زَمَنِ الْعِدَّةِ عَلَيْهِ ( وَيُطَالَبَانِ بِنَفَقَةِ الْمَوْلُودِ مُدَّةَ الْإِشْكَالِ ) وَنَحْوِهِ مُنَاصَفَةً إلَى أَنْ يَلْحَقَ بِأَحَدِهِمَا بِإِلْحَاقِ الْقَائِفِ أَوْ بِانْتِسَابِهِ إلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَفَارَقَ ذَلِكَ عَدَمَ مُطَالَبَتِهِمَا بِنَفَقَةِ الْمَرْأَةِ مُدَّةَ الْحَمْلِ ؛ لِأَنَّ وُجُوبَهَا عَلَى أَحَدِهِمَا غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَاطِئِ بِالشُّبْهَةِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ

.
وَنَفَقَةُ الْوَلَدِ مُتَيَقَّنٌ وُجُوبُهَا عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ( فَإِنْ لَحِقَ بِأَحَدِهِمَا ) وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ ( لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الْآخَرُ ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ( إلَّا إنْ أَنْفَقَ ) عَلَيْهِ ( بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَلَدَ ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْآخَرِ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ مُتَبَرِّعٍ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْوَلَدُ فِي مُدَّةِ الْإِشْكَالِ ( جَهَّزَاهُ ) كَمَا يُنْفِقَانِ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ لَهُ يُكَفِّنَاهُ ( وَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ ) مِنْ تَرِكَتِهِ ( فَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا ) أَوْ لَهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَدَانِ ) آخَرَانِ ( فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ ، وَكَذَا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ) وَلَدَانِ دُونَ الْآخَرِ ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ ( وَيُوقَفُ ) بَيْنَهُمَا ( نَصِيبُ الْأَبِ ) ، وَهُوَ الْبَاقِي بَعْدَ ثُلُثِ الْأُمِّ أَوْ سُدُسِهَا ( حَتَّى يَصْطَلِحَا ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فِي الْبَاقِي بَعْدَ سُدُسِ الْأُمِّ فِي صُورَتَيْهِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُمَا إنَّمَا يُوقَفُ بَيْنَهُمَا الثُّلُثَانِ وَالسُّدُسُ الْبَاقِي يُوقَفُ بَيْنَ الْأُمِّ وَمَنْ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ ( وَيَقْبَلَانِ لَهُ الْوَصِيَّةَ ) الَّتِي أَوْصَى لَهُ بِهَا مُدَّةَ التَّوَقُّفِ ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا أَبُوهُ .
( فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَقْبَلَا ) هَا ( فَالْقَبُولُ لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَالَ ) الْوَصِيُّ ( أَوْصَيْت لِحَمْلِ زَيْدٍ هَذَا فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِعُمَرَ وَبَطَلَتْ ) أَيْ الْوَصِيَّةُ ، وَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهِ صَحَّتْ ( فَإِنْ نَفَاهُ زَيْدٌ بِاللِّعَانِ فَوَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا بُطْلَانُهَا لِظُهُورِ خِلَافِ النِّسْبَةِ ثُمَّ رَأَيْته قَدْ جَزَمَ بِهِ تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ لَهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْوَصَايَا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( تَزَوَّجَ حَرْبِيٌّ حَرْبِيَّةً مُعْتَدَّةً مِنْ حَرْبِيٍّ ) آخَرَ وَوَطِئَهَا ( أَوْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ ثُمَّ أَسْلَمَتْ مَعَهُ ) أَوْ تَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ ( كَفَاهَا عِدَّةٌ وَاحِدَةٌ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ وَقْتِ وَطْئِهِ لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَعَدَمِ احْتِرَامِ مَائِهِمْ فَتُرَاعَى أَصْلُ الْعِدَّةِ وَيُجْعَلُ جَمِيعُهُمْ كَشَخْصٍ وَاحِدٍ ، وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ ، وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ ، وَقِيلَ لَا يُكْتَفَى بِهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عِدَّتَيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ ، وَقَطَعَ بِهِ جَمْعٌ وَرَجَّحَهُ آخَرُونَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( ثُمَّ ) بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ ( الْأُولَى سَقَطَتْ ) لِضَعْفِ حُقُوقِهِمْ وَبُطْلَانِهَا بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِمْ ، وَقِيلَ تَدْخُلُ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِهَا فِي الْمُسْلِمِينَ لِاحْتِرَامِهِمْ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ قَالَ وَالْأَوَّلُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْأُمِّ حَيْثُ قَالَ وَتَدْخُلُ فِيهَا الْعِدَّةُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلِلْقَوَاعِدِ لِمَا فِيهِ مِنْ إسْقَاطِ الثَّابِتِ بِلَا دَلِيلٍ وَيُعَارِضُ كَوْنَهُ حَرْبِيًّا أَنَّ الْآخَرَ حَرْبِيٌّ وَالِاسْتِيلَاءُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الْأَمْلَاكِ وَالِاخْتِصَاصَاتِ قَالَ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا وَالْآخَرُ حَرْبِيًّا فَالْخِلَافُ جَارٍ أَيْضًا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّازِ .
ا هـ .
وَهَذَا الْأَخِيرُ ظَاهِرٌ إنْ تَأَخَّرَتْ عِدَّةُ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ دُونَ مَا إذَا تَقَدَّمَتْ ( فَلَا رَجْعَةَ لِلْأَوَّلِ ) فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى ( إنْ أَسْلَمَ ) عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي وَلِلثَّانِي أَنْ يَنْكِحَهَا فِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ فَقَطْ دُونَ الْأَوَّلِ ( فَإِنْ حَبِلَتْ مِنْ الْأَوَّلِ لَا ) مِنْ ( الثَّانِي لَمْ يَكْفِهَا عِدَّةٌ ) وَاحِدَةٌ ( فَتَعْتَدُّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْوَضْعِ ) بِخِلَافِ مَا إذَا حَبِلَتْ مِنْ الثَّانِي فَيَكْفِيهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَضْعُ الْحَمْلِ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ الْأُولَى وَعَلَى الثَّانِي تُتِمُّ لِأُولَى بَعْدَ الْوَضْعِ ؛

لِأَنَّ الْحَمْلَ لَيْسَ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهُ ( وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ الثَّانِي مَعَهَا ) وَلَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا بَعْدَ دُخُولِهِمَا بِأَمَانٍ ( أَتَمَّتْ عِدَّةَ الْأَوَّلِ وَاسْتَأْنَفَتْ ) عِدَّةً ( لِلثَّانِي ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ الثَّانِيَةَ لَيْسَتْ هُنَا أَقْوَى حَتَّى تَسْقُطَ بَقِيَّةُ الْأُولَى أَوْ يَدْخُلَ فِيهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَ مَعَهَا أَوْ دُونَهَا .

( فَصْلٌ : وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ ) مَعَ عِلْمِهِ بِالتَّحْرِيمِ فِي الْعِدَّةِ ( لَا يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ ) ؛ لِأَنَّهُ زِنًا لَا حُرْمَةَ لَهُ ( بِخِلَافِ الرَّجْعِيَّةِ ) ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ لِبَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِمَا لَهُ حُرْمَةٌ ( فَإِنْ لَمْ يَطَأْ الرَّجْعِيَّةَ بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا ) وَيُعَاشِرُهَا ( كَالزَّوْجَةِ وَلَوْ اللَّيَالِيَ ) أَيْ فِيهَا ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْأَيَّامِ وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ لَيْلَةً مِنْ لَيَالٍ ( مُنِعَ احْتِسَابُهَا ) أَيْضًا بِخِلَافِهِ فِي الْبَائِنِ ؛ لِأَنَّ مُخَالَطَتَهَا مُحَرَّمَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ بِخِلَافِهَا فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ قَائِمَةٌ ، وَهُوَ بِالْمُخَالَطَةِ مُسْتَفْرِشٌ لَهَا فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الِاسْتِفْرَاشِ مِنْ الْعِدَّةِ كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ زَوْجًا جَاهِلًا بِالْحَالِ ( قَالَ الْبَغَوِيّ لَكِنْ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ) أَوْ أَشْهُرٍ ( نَمْنَعُهُ ) نَحْنُ الرَّجْعَةَ ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا ( وَيَلْحَقُهَا طَلَاقُهُ ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ( احْتِيَاطًا ) فِي ذَلِكَ وَمَا نَقَلَهُ كَأَصْلِهِ عَنْ الْبَغَوِيّ مِنْ عَدَمِ ثُبُوتِ الرَّجْعَةِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ فِي الْمُحَرَّرِ عَنْ الْمُتَعَرِّينَ وَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الْأَئِمَّةِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمُفْتَى بِهِ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَاضِي وَنَقَلَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَالرَّافِعِيُّ نَقَلَ اخْتِيَارَ الْبَغَوِيّ دُونَ مَنْقُولِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ نَقْلُ الرَّافِعِيِّ مُقَابِلَهُ عَنْ الْمُعْتَبَرِينَ وَالْأَئِمَّةِ كَمَا مَرَّ ( وَمُعَاشَرَةُ سَيِّدِ الْأَمَةِ ) لَهَا فِي عِدَّةِ زَوْجِهَا ( وَأَجْنَبِيٍّ ) لِمُعْتَدَّةٍ ( وَطِئَ ) هَا ( بِالشُّبْهَةِ يَمْنَعُ احْتِسَابَ الْعِدَّةِ ) كَمَا فِي مُعَاشَرَةِ الزَّوْجِ مُطَلَّقَتَهُ ( وَكَذَا مَنْ طَلَّقَ ) زَوْجَتَهُ ( ثَلَاثًا وَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ ظَانًّا انْقِضَاءَهَا وَتَحَلُّلَهَا

بِزَوْجٍ ) يَمْنَعُ وَطْؤُهُ لَهَا احْتِسَابَ الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ وَجَمِيعِ مَا مَرَّ فِي الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْحَمْلِ أَمَّا الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَمْلِ فَلَا يَمْنَعُ مُعَاشَرَتُهَا انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَرْعٌ : مَنْ تَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ تَجْرِ فِي عِدَّتِهَا مَا لَمْ تُوطَأْ بِالشُّبْهَةِ ) ، وَإِلَّا انْقَطَعَتْ عِدَّتُهَا .

فَصْلٌ ) وَطْؤُهُ لِمُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ إلَخْ ( قَوْلُهُ : بَلْ كَانَ يَخْلُو بِهَا كَالزَّوْجَةِ إلَخْ ) الْمُرَادُ بِمُعَاشَرَتِهَا الْخَلْوَةُ بِهَا وَالنَّوْمُ مَعَهَا ( قَوْلُهُ : وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ بِهَا عِدَّتُهَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ ، وَلَا الْكِسْوَةُ ؛ لِأَنَّهَا بَائِنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ رَجْعَتُهَا قَالَ وَلَا يَصِحُّ خُلْعُهَا لِبَذْلِهَا الْعِوَضَ فِي غَيْرِ فَائِدَةٍ قَالَ : وَلَيْسَ لَنَا امْرَأَةٌ يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُصَحَّحُ خُلْعُهَا إلَّا هَذِهِ ، وَقَوْلُهُ : قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) وَصَوَّبَ ثُبُوتَ الرَّجْعَةِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَنْقُولُ الْجَارِي عَلَى الْقِيَاسِ ، وَإِنَّ الْقَوْلَ بِمَنْعِ الرَّجْعَةِ احْتِمَالٌ لِلْبَغَوِيِّ لَيْسَ وَجْهًا ثَابِتًا فِي الْمَذْهَبِ ( قَوْلُهُ : هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْمِنْهَاجِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ يُعَارِضُ نَقْلَ الْبَغَوِيّ لَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ ؛ لِأَنَّهُ لَا مُلَازَمَةَ بَيْنَ بَقَاءِ الْعِدَّةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ ، وَهَذَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُتَحَيِّرَةِ إذَا قُلْنَا تَتَرَبَّصُ إلَى سِنِّ الْيَأْسِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ لَا إلَى النَّفَقَةِ وَثُبُوتِ الرَّجْعَةِ ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ رَحِمَهُ اللَّهُ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ هُنَا عَلَى الزَّوْجِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ بِالطَّلَاقِ وَتَحْرِيمِ الْمُعَاشَرَةِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الزَّائِدِ عَلَى مَا يُمْكِنُ فِيهِ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ لِعِصْيَانِهَا بِالْمُعَاشَرَةِ ، وَإِلَّا فَلَهَا النَّفَقَةُ ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ .
ا هـ .
الرَّاجِحُ أَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( رَاجَعَ مُطَلَّقَتَهُ الْحَائِلَ وَوَطِئَهَا ) بَعْدَ رَجْعَتِهَا ( ثُمَّ طَلَّقَهَا فِي الْعِدَّةِ اسْتَأْنَفَتْ الْعِدَّةَ ) وَتَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يَقْتَضِي عِدَّةً كَامِلَةً لِقَطْعِهِ مَا مَضَى مِنْ الْعِدَّةِ ( وَكَذَا إنْ لَمْ يَطَأْ ) لِآيَةِ { وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ } ؛ وَلِأَنَّهَا بِالرَّجْعَةِ عَادَتْ إلَى النِّكَاحِ الَّذِي وَطِئَهَا فِيهِ فَالطَّلَاقُ الثَّانِي ، وَقَعَ فِي نِكَاحٍ وُجِدَ فِيهِ الْوَطْءُ وَصَارَتْ كَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ بَعْدَ الْوَطْءِ وَعَادَتْ إلَى الْإِسْلَامِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الَّتِي رَاجَعَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا ( حَامِلًا انْقَضَتْ ) عِدَّتُهَا ( بِالْوَضْعِ ، وَإِنْ وَطِئَ ) ؛ لِأَنَّ الْبَقِيَّةَ إلَى الْوَضْعِ تَصْلُحُ أَنْ تَكُونَ عِدَّةً مُسْتَقِلَّةً ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( لَمْ تَطْلُقْ إلَّا بَعْدَ الْوَضْعِ اسْتَأْنَفَتْ ) عِدَّةً بِالْأَقْرَاءِ ( وَإِنْ لَمْ يَطَأْ ) لِمَا مَرَّ وَالْوَضْعُ حَصَلَ فِي النِّكَاحِ وَالْعِدَّةُ لَا تَنْقَضِي بِهِ ( وَلَوْ طَلَّقَ الرَّجْعِيَّةَ فِي الْعِدَّةِ ) طَلْقَةً ( أُخْرَى لَمْ تَسْتَأْنِفْ ) عِدَّةً بَلْ تَبْنِي عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمُطَلَّقَةُ ( بِعِوَضٍ ) ؛ لِأَنَّهُمَا طَلَاقَانِ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا وَطْءٌ وَلَا رَجْعَةً فَصَارَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ مَعًا ؛ وَلِأَنَّ الطَّلَاقَ الثَّانِيَ يُؤَكِّدُ الْأَوَّلَ ، وَالْعِدَّةُ مِنْهُ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَإِنَّهَا تُضَادُّهُ فَتَنْقَطِعُ الْعِدَّةُ ( وَلَوْ جَرَى بَعْدَ الْمُرَاجَعَةِ فَسْخٌ ) لِلنِّكَاحِ بِعَيْبٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ ( اسْتَأْنَفَتْ ) عِدَّةً كَمَا لَوْ جَرَى بَعْدَهَا طَلَاقٌ بَلْ أَوْلَى ؛ لِأَنَّ الْفَسْخَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الطَّلَاقِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( جَدَّدَ نِكَاحَ مُطَلَّقَتِهِ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَنَتْ عَلَى الْعِدَّةِ الْأُولَى ) وَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا نِصْفُ الْمَهْرِ ؛ لِأَنَّ هَذَا نِكَاحٌ جَدِيدٌ طَلَّقَهَا فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ الْعِدَّةُ ، وَلَا كَمَالُ الْمَهْرِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الرَّجْعِيَّةِ فَإِنَّهَا تَعُودُ بِالرَّجْعَةِ إلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ فَيَقْتَضِي الطَّلَاقُ فِيهِ الْعِدَّةَ ( وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا ) قَبْلَ طَلَاقِهَا ( أَوْ مَاتَ عَنْهَا اسْتَأْنَفَتْ ) عِدَّةً وَدَخَلَتْ فِيهَا ( الْبَقِيَّةُ ) مِنْ الْعِدَّةِ السَّابِقَةِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ ) ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ صِحَّةُ نِكَاحِ الْمُخْتَلِفَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ .

( فَصْلٌ ) ( لَوْ وَطِئَ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ بِشُبْهَةٍ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ مُمْكِنٍ ) كَوْنُهُ ( لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا قَائِفَ ) أَوْ هُنَاكَ قَائِفٌ وَتَعَذَّرَ إلْحَاقُهُ ( انْقَضَتْ بِوَضْعِهِ عِدَّةُ أَحَدِهِمَا وَبَقِيَ عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، وَ ) مِنْ ( بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) بِالْأَشْهُرِ فَإِنْ مَضَتْ الْأُولَى قَبْلَ تَمَامِ الثَّانِيَةِ فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ الثَّانِي ، وَإِنْ مَضَتْ بَقِيَّةُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ تَمَامِ الْأُولَى فَعَلَيْهَا إتْمَامُهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ مِنْ الْأَوَّلِ ( وَإِنْ وَطِئَ الشَّرِيكَانِ الْمُشْتَرَكَةَ ) فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ ( لَزِمَهَا اسْتِبْرَاءَانِ ) وَلَا يَتَدَاخَلَانِ كَمَا لَا تَتَدَاخَلُ الْعِدَّتَانِ عَنْ شَخْصَيْنِ ( وَإِنْ أَحَبَلَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ ثُمَّ نَكَحَهَا فَمَاتَ أَوْ طَلَّقَ ) لَكِنْ ( بَعْدَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( فَقَدْ قِيلَ تَنْقَضِي الْعِدَّتَانِ ) أَيْ عِدَّةُ الشُّبْهَةِ وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ بِالْوَضْعِ ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ ( وَقِيلَ ) تَنْقَضِي ( بِالْأَكْثَرِ مِنْهُ وَمِنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ) فِي الثَّانِيَةِ ( أَوْ الْوَفَاةِ ) فِي الْأُولَى احْتِيَاطًا ، وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ .
( قَوْلُهُ : وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ ) .
( فَإِنْ مَاتَ ) زَوْجٌ ( عَنْ حَامِلٍ اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ ) وَلَوْ تَقَدَّمَ عَلَى تَمَامِ الْأَشْهُرِ الْآتِيَةِ لِآيَةِ { وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ } ( أَوْ ) عَنْ ( حَائِلٍ فَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَيَالِيِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذْرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ الْحَرَائِرِ لِمَا سَيَأْتِي وَعَلَى الْحَائِلَاتِ بِقَرِينَةِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ ، وَهُوَ نَاسِخٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذْرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إلَى الْحَوْلِ } ، وَكَالْحَائِلِ الْحَامِلُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ وَتُعْتَبَرُ الْأَشْهُرُ ( بِالْأَهِلَّةِ ) مَا أَمْكَنَ ( فَإِنْ انْكَسَرَ شَهْرٌ ) بِأَنْ مَاتَ الزَّوْجُ فِي خِلَالِهِ ( وَالْبَاقِي مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ ( تُمِّمَ ) مَا بَقِيَ مِنْهُ ( ثَلَاثِينَ ) يَوْمًا مِنْ الْخَامِسِ ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ عَشَرَةٍ تُمِّمَ بَقِيَّتُهَا مِنْ الشَّهْرِ السَّادِسِ ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ عَشَرَةٌ اعْتَدَّتْ بِهَا وَبِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَهَا ثُمَّ ( الْمَوْطُوءَةُ وَغَيْرُهَا ) فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ ( كَالصَّغِيرَةِ وَزَوْجَةِ الْمَسْمُوحِ وَمَنْ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَغَيْرِهَا ) لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْوَطْءُ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ ؛ لِأَنَّ فُرْقَةَ الْوَفَاةِ لَا إسَاءَةَ فِيهَا مِنْ الزَّوْجِ فَأُمِرَتْ بِالتَّفَجُّعِ عَلَيْهِ ، وَإِظْهَارِ الْحُزْنِ بِفِرَاقِهِ وَلِهَذَا وَجَبَ الْإِحْدَادُ كَمَا سَيَأْتِي ؛ وَلِأَنَّهَا قَدْ تُنْكِرُ الدُّخُولَ حِرْصًا عَلَى النِّكَاحِ وَلَا مُنَازِعَ بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ ؛ وَلِأَنَّ مَقْصُودَهَا الْأَعْظَمَ حِفْظُ حَقِّ الزَّوْجِ دُونَ مَعْرِفَةِ الْبَرَاءَةِ وَلِهَذَا اُعْتُبِرَتْ بِالْأَشْهُرِ ( فَإِنْ خَفِيَتْ عَلَيْهَا الْأَهِلَّةُ كَالْمَحْبُوسَةِ اعْتَدَّتْ بِمِائَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا

وَتَعْتَدُّ الْأَمَةُ ) غَيْرُ الْحَامِلِ مِنْ زَوْجِهَا ( بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ ) بِلَيَالِيِهَا ، وَإِنْ كَانَتْ ذَاتَ أَقْرَاءٍ ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرَّةِ مَعَ إمْكَانِ الْقِسْمَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَ أَمَةً يَظُنُّ أَنَّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فَلْيَكُنْ هُنَا مِثْلَهُ لِاخْتِصَاصِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا مَاتَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْحَالِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَعَّضَةَ كَالْقِنَّةِ ، وَأَنَّ الْأَمَةَ لَوْ عَتَقَتْ مَعَ مَوْتِهِ اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ .
( وَتَنْتَقِلُ الرَّجْعِيَّةُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ فَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ) وَيَلْزَمُهَا الْإِحْدَادُ وَتَسْقُطُ بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ ، وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ عِدَّةُ الْوَفَاةِ ؛ لِأَنَّهَا آكَدُ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تَجِبُ قَبْلَ الدُّخُولِ ( لَا الْبَائِنُ ) وَلَوْ بِفَسْخٍ فَلَا تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَوْجَةٍ فَتُكْمِلُ عِدَّةَ الطَّلَاقِ وَلَا تُحِدُّ ( فَيُنْفِقُ عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حَامِلًا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ( وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ وَالْإِحْدَادِ لَا يَلْزَمُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( الْبَائِنَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَفَاسِدَةَ النِّكَاحِ ) وَالْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي مَا يُوَضِّحُ ذَلِكَ فَلَوْ مَاتَ مَنْ نَكَحَ فَاسِدًا اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْحَيَاةِ وَلَا إحْدَادَ عَلَيْهَا .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَالْمَفْقُودِ ) ( قَوْلُهُ : فَإِنْ مَاتَ زَوْجٌ إلَخْ ) فِي مَعْنَى مَوْتِهِ مَا لَوْ مُسِخَ حَجَرًا ( قَوْلُهُ : { يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } ) أَيَجِبُ عَشْرُ لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ الْهَاءَ وَذَلِكَ دَلِيلُ التَّأْنِيثِ ، وَالْعَرَبُ تُغَلِّبُ التَّأْنِيثَ فِي اسْمِ الْعَدَدِ إذَا أَرَادَتْ اللَّيَالِيَ وَالْأَيَّامَ فَتَقُولُ سِرْت عَشْرًا ، وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِإِرَادَةِ الْأَيَّامِ ، وَلَا يُحْتَاجُ لِذِكْرِ التَّاءِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ الْمَعْدُودِ فَمَعَ حَذْفِهِ يَجُوزُ الْأَمْرَانِ قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ هُنَا الْوَطْءُ كَمَا فِي عِدَّةِ الْحَيَاةِ إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي وَالشَّرْعُ أَوْجَبَ الْعِدَّةَ فِي الْوَفَاةِ قَبْلَ الدُّخُولِ ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِي تَقْرِيرِ الْمَهْرِ كَالدُّخُولِ فَكَذَا فِي الْعِدَّةِ ، وَالْجَامِعُ تَرَتُّبُ مَقْصُودِ الْعَقْدِ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ، وَقَوْلُهُ : وَتَقَدَّمَ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا ضَعِيفٌ وَكَتَبَ أَيْضًا صُورَةُ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ لَهُ زَوْجَتَانِ حُرَّةٌ وَأَمَةٌ وَطِئَ الْأَمَةَ ظَانًّا كَوْنَهَا حُرَّةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ، وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَتَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ ، وَتَعْتَدُّ بِعِدَّةِ حُرَّةٍ اعْتِبَارًا بِظَنِّهِ ، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا لَوْ وَطِئَهَا كَذَلِكَ ، وَاسْتَمَرَّ ظَنُّهُ بِهَا إلَى مَوْتِهِ فَتَعْتَدُّ عِدَّةَ الْحَرَائِرِ أَمَّا لَوْ انْجَلَى لَهُ الْحَالُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا ، وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ فِي التَّكْمِلَةِ أَيْضًا صُورَةً ، وَإِنَّهَا لَا يَجِيءُ هُنَا مِثْلُهَا ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَوْ وَطِئَ أَمَتَهُ أَوْ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا زَوْجَتُهُ الْحُرَّةُ فَلَا تَعْتَدُّ لِلْوَفَاةِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النِّكَاحِ وَلَعَلَّ كَلَامَهُ اخْتَلَفَ مَعَ اخْتِلَافِ التَّصْوِيرِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَوْتِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : فَالظَّاهِرُ

أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الطَّلَاقِ ، وَإِنْ أَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ قُبَيْلَ الْمَوْتِ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَرِثُ احْتِيَاطًا قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخِلَافِ نَفْسِهِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقٌ ، وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَعْتَدُّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ هُنَا .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ ) مُعَيَّنَةً عِنْدَهُ أَوْ مُبْهَمَةً طَلَاقًا ( بَائِنًا وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ ) الْمُعَيَّنَةَ ( وَكَذَا قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ ) الْمُبْهَمَةَ ( لَزِمَهُمَا ) إنْ كَانَتَا مَدْخُولًا بِهِمَا ، وَهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ( أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ مِنْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ ، وَ ) بَقِيَّةُ ( الْأَقْرَاءِ ) الثَّلَاثَةِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَمَا يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالطَّلَاقِ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مُفَارَقَةً بِالْمَوْتِ فَأَخَذْنَا بِهِ احْتِيَاطًا ( وَتُعْتَبَرُ الْأَقْرَاءُ مِنْ ) وَقْتِ ( الطَّلَاقِ ) وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا وَقْتُ الْوُجُوبِ فَلَوْ مَضَى قُرْءٌ أَوْ قُرْآنِ قَبْلَ الْوَفَاةِ اعْتَدَّتْ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَمِنْ قُرْأَيْنِ أَوْ قُرْءٍ .
وَوَجْهُ اعْتِبَارِ الْأَقْرَاءِ مِنْ الطَّلَاقِ فِي الْمُبْهَمَةِ مَعَ أَنَّ عِدَّتَهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ التَّعْيِينِ لَا مِنْ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَمَّا أُيِسَ مِنْ التَّعْيِينِ اُعْتُبِرَ السَّبَبُ ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى مَرْجُوحٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْعِدَّةَ مِنْ الطَّلَاقِ ، وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ بِخِلَافِهِ فَقَالَا إنْ قُلْنَا الْعِدَّةُ ثَمَّ مِنْ اللَّفْظِ فَهُنَا كَذَلِكَ أَوْ مِنْ التَّعْيِينِ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يُعَيِّنَ فَتَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ الْمَوْتِ .
انْتَهَى .
( وَتَقْتَصِرُ الْحَامِلُ مِنْهُمَا عَلَى الْوَضْعِ ) ؛ لِأَنَّ عِدَّتَهَا لَا تَخْتَلِفُ بِالتَّقْدِيرَيْنِ ( وَ ) تَقْتَصِرُ ( ذَاتُ الْأَشْهُرِ ) ، وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ( وَالرَّجْعِيَّةُ ) ذَاتُ الْأَقْرَاءِ ( وَغَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ .

( قَوْلُهُ : طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ بَائِنًا ، وَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ إلَخْ ) قَالَ الْمَرْعَشِيُّ فِي تَرْتِيبِ الْأَقْسَامِ وَالْمَحَامِلِيُّ فِي اللُّبَابِ وَالْخَفَّافُ فِي الْخِصَالِ وَحَكَاهُ فِي الذَّخَائِرِ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ لَا تَجْتَمِعُ عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَعِدَّةُ الْأَقْرَاءِ عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ إلَّا فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ إحْدَاهَا طَلَّقَ إحْدَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ الثَّانِيَةِ أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ وَنَحْوُهُمَا مِمَّنْ يَحْرُمُ جَمْعُهُمَا أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ وَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ أَنْ تَعْتَدَّ بِأَكْثَرِ الْعِدَّتَيْنِ .
الثَّالِثَةُ أُمُّ الْوَلَدِ يَمُوتُ سَيِّدُهَا وَزَوْجُهَا وَيُشْكِلُ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا مَوْتًا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرَانِ وَخَمْسِ لَيَالٍ أَوْ أَكْثَرُ اعْتَدَّتْ مِنْ يَوْمِ مَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فِيهَا حَيْضَةٌ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ فَشَهْرَيْنِ وَخَمْسِ لَيَالٍ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ إلَخْ ) ضَعِيفٌ .

( فَصْلٌ زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ الْمُتَوَهَّمِ مَوْتُهُ لَا تَتَزَوَّجُ ) غَيْرَهُ ( حَتَّى يَتَحَقَّقَ ) أَيْ يَثْبُتَ بِعَدْلَيْنِ ( مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ وَتَعْتَدُّ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمَوْتِهِ فِي قِسْمَةِ مَالِهِ وَعِتْقِ أُمِّ وَلَدِهِ فَكَذَا فِي فِرَاقِ زَوْجَتِهِ ؛ وَلِأَنَّ النِّكَاحَ مَعْلُومٌ بِيَقِينٍ فَلَا يُزَالُ إلَّا بِيَقِينٍ ( وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِنِكَاحِهَا قَبْلَ تَحَقُّقِ الْحُكْمِ بِمَوْتِهِ نُقِضَ ) لِمُخَالَفَتِهِ لِلْقِيَاسِ الْجَلِيِّ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيًّا فِي مَالِهِ وَمَيِّتًا فِي حَقِّ زَوْجَتِهِ ( وَنَفَذَ فِيهَا ) أَيْ فِي الزَّوْجَةِ ( طَلَاقُ الْمَفْقُودِ وَظِهَارُهُ ، وَإِيلَاؤُهُ ) وَسَائِرُ تَصَرُّفَاتِ الزَّوْجِ فِي زَوْجَتِهِ لِلْحُكْمِ بِحَيَاتِهِ سَوَاءٌ أَكَانَتْ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْفُرْقَةِ أَمْ بَعْدَهَا ( وَيَسْقُطُ بِنِكَاحِهَا ) غَيْرَهُ ( نَفَقَتُهَا عَنْ الْمَفْقُودِ ) ؛ لِأَنَّهَا نَاشِزَةٌ بِهِ ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا ( وَكَذَا ) تَسْقُطُ عَنْهُ ( إنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَاعْتَدَّتْ وَعَادَتْ إلَى مَنْزِلِهِ ) وَيَسْتَمِرُّ السُّقُوطُ ( حَتَّى يَعْلَمَ الْمَفْقُودُ عَوْدَهَا إلَى طَاعَتِهِ ) ؛ لِأَنَّ النُّشُوزَ إنَّمَا يَسْقُطُ حِينَئِذٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَحَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ النِّفَاسِ ؛ لِأَنَّهَا مِنْ تَوَابِعِ النِّكَاحِ الَّذِي صَدَرَ بِتَقْصِيرِهَا .
انْتَهَى .
وَفِيهِ وَقْفَةٌ ( وَلَا نَفَقَةَ ) لَهَا ( عَلَى ) الزَّوْجِ ( الثَّانِي ) إذْ لَا زَوْجِيَّةَ بَيْنَهُمَا ( وَلَا رُجُوعَ لَهُ ) بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا ( إنْ أَنْفَقَ ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ ( إلَّا فِيمَا كَلَّفَهُ ) مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا ( بِحُكْمِ حَاكِمٍ ) فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِهِ ( فَلَوْ تَزَوَّجَتْ ) قَبْلَ ثُبُوتِ مَوْتِهِ أَوْ طَلَاقِهِ ( وَبَانَ ) الْمَفْقُودُ ( مَيِّتًا ) قَبْلَ تَزَوُّجِهَا بِمِقْدَارِ الْعِدَّةِ ( صَحَّ ) التَّزْوِيجُ لِخُلُوِّهِ عَنْ الْمَانِعِ فِي الْوَاقِعِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ يَظُنُّ حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مُسْتَوْلَدَتَهُ تَلْتَحِقُ بِزَوْجَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ وَلَوْ غَابَتْ الزَّوْجَةُ ، وَانْقَطَعَ خَبَرُهَا فَهَلْ لَهُ تَزْوِيجُ أَرْبَعٍ سِوَاهَا أَوْ أُخْتِهَا فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا حُكْمَ غَيْبَتِهِ عَنْهَا كا ( تَنْبِيهٌ ) امْرَأَةٌ انْقَطَعَ خَبَرُ زَوْجِهَا ، وَقَالَتْ إنَّهُ طَلَّقَنِي ، وَانْقَضَتْ عِدَّتِي ، وَقَالَتْ لِوَلِيِّهَا زَوِّجْنِي فَأَنْكَرَ الطَّلَاقَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَعَلَيْهِ تَزْوِيجُهَا فَإِنْ أَبَى زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَتْ مَوْتَهُ ، وَأَنْكَرَ قَالَ الْبَغَوِيّ ، وَفِيهِ إشْكَالٌ ؛ لِأَنَّ زَعْمَ الْوَلِيِّ أَنَّهَا زَوْجَةٌ لِآخَرَ لَمْ يُحِلَّ تَزْوِيجَهَا فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يُزَوِّجُهَا الْحَاكِمُ لَا الْوَلِيُّ ، وَكَذَلِكَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ قَالَ زَوَّجْت بِنْتِي مِنْ فُلَانٍ ، وَقَدْ مَاتَ فَخَطَبَهَا ابْنُ ذَلِكَ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ ، وَأَنْكَرَ عَقْدَ الْوَلِيِّ مَعَ الْأَبِ وَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَطَلَبَتْ التَّزْوِيجَ مِنْ الِابْنِ قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يُزَوِّجَهَا الْحَاكِمُ ( قَوْلُهُ : وَفِيهِ وَقْفَةٌ ) قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( تَرَبَّصَتْ ) زَوْجَةُ الْمَفْقُودِ ( أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ نَكَحَتْ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ) وَلَمْ يَدَّعِهِ الْمَفْقُودُ ( لَحِقَ بِالثَّانِي عِنْدَ الْإِمْكَانِ ) لِتَحَقُّقِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ مِنْ الْمَفْقُودِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ ( وَلَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِالْمَفْقُودِ ) لِذَلِكَ ( فَإِنْ قَدِمَ الْمَفْقُودُ وَادَّعَاهُ لَمْ يُعْرَضْ عَلَى الْقَائِفِ حَتَّى يَدَّعِيَ وَطْئًا مُمْكِنًا ) فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَدَّعِهِ كَأَنْ قَالَ هُوَ وَلَدِي وَلَدَتْهُ زَوْجَتِي عَلَى فِرَاشِي ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يَبْقَى فِي الرَّحِمِ هَذِهِ الْمُدَّةَ ( فَإِنْ انْتَفَى عَنْهُ ) وَلَوْ ( بَعْدَ الدَّعْوَى ) بِهِ ( وَالْعَرْضِ ) لَهُ عَلَى الْقَائِفِ ( فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ غَيْرَ اللِّبَأِ ) الَّذِي لَا يَعِيشُ إلَّا بِهِ ( إنْ وَجَدَ مُرْضِعَةً ) غَيْرَهَا ، وَإِلَّا فَلَا يَمْنَعُهَا مِنْهُ ( فَإِنْ أَرْضَعَتْهُ ) فِي مَنْزِلِ الْمَفْقُودِ ( قَهْرًا ) عَلَيْهِ ( وَلَمْ تَخْرُجْ ) مِنْهُ ( وَلَا وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا ) عَنْهُ ( فَإِنْ خَرَجَتْ ) مِنْهُ ( لَهُ ) أَيْ لِإِرْضَاعَةِ أَوْ وَقَعَ خَلَلٌ فِي التَّمْكِينِ ( سَقَطَتْ ) نَفَقَتُهَا عَنْهُ ( وَلَوْ ) خَرَجَتْ ( بِإِذْنِهِ كَسَفَرِهَا لِحَاجَتِهَا ) فَإِنَّهُ تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا ، وَإِنْ سَافَرَتْ بِإِذْنِهِ وَيُفَارِقُ سُقُوطُهَا بِخُرُوجِهَا لِلْإِرْضَاعِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِخُرُوجِهَا لِبَيْتِ أَبِيهَا لِزِيَارَةٍ أَوْ عِيَادَةٍ بِالِاحْتِيَاجِ إلَى تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ هُنَا فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ بِخِلَافِهِ .
ثُمَّ ( وَفِي الرَّوْضَةِ ) كَأَصْلِهَا ( هُنَا مَسْأَلَةٌ تَرَكْتهَا ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهَا قَدْ سَبَقَ ) فِي الْبَابِ السَّابِقِ ، وَهِيَ مَا لَوْ نَكَحَتْ وَوَطِئَهَا الثَّانِي ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ الْأَوَّلَ كَانَ حَيًّا وَقْتَ نِكَاحِهِ ، وَأَنَّهُ مَاتَ بَعْدُ فَعَلَيْهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ عَنْهُ لَكِنْ لَا تُسْرِعُ فِيهَا حَتَّى يَمُوتَ الثَّانِي أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَحِينَئِذٍ تَعْتَدُّ لِوَفَاةِ الْأَوَّلِ ثُمَّ

لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ ، وَإِنْ مَاتَ الثَّانِي أَوَّلًا أَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا شَرَعَتْ فِي الْأَقْرَاءِ فَإِنْ أَتَمَّتْهَا ثُمَّ مَاتَ الْأَوَّلُ اعْتَدَّتْ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا انْقَطَعَتْ فَتَعْتَدُّ عَنْهُ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ تَعُودُ إلَى بَقِيَّةِ الْأَقْرَاءِ ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ السَّابِقُ مِنْهُمَا اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ ثُمَّ بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْتُهَا حَتَّى مَضَى ذَلِكَ فَقَدْ انْقَضَتْ الْعِدَّتَانِ ، وَلَوْ حَمَلَتْ مِنْ الثَّانِي اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِالْوَضْعِ ثُمَّ تَعْتَدُّ عَنْ الْأَوَّلِ لِلْوَفَاةِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا زَمَنُ النِّفَاسِ ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عِدَّةِ الثَّانِي .
( فَرْعٌ : لِمَنْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ( بِوَفَاةِ زَوْجِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ سِرًّا ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا سَاغَ لَهَا اعْتِمَادُهُ وَعَلِمْنَا ذَلِكَ اتَّجَهَ جَوَازُ اعْتِمَادِهِ ظَاهِرًا أَيْضًا نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ وَقْفَةٌ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ تَزَوَّجَتْ وَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ ) قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِيمَا لَوْ ارْتَابَتْ فِي الْعِدَّةِ وَنَكَحَتْ بَعْدَ مُضِيِّهَا ، وَقَبْلَ زَوَالِ الرِّيبَةِ حَيْثُ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ الصِّحَّةِ وَخَالَفَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خَرَّجَا ذَلِكَ عَلَى بَيْعِ مَالِ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَتَبَيَّنَ مَوْتُهُ ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ظَاهِرًا يَقِينًا فَإِقْدَامُهَا عَلَى التَّزَوُّجِ قَبْلَ تَرَجُّحِ انْقِضَائِهَا مُقْتَضٍ لِبُطْلَانِ تَزَوُّجِهَا وَلَا كَذَلِكَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تُخَاطَبْ بَعْدَهُ ظَاهِرًا حَتَّى تَسْتَصْحِبَ بَقَاءَهَا فَاعْتَبَرْنَا مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَاتِبَهُ .

( فَصْلٌ : يَجِبُ الْإِحْدَادُ ) الْآتِي بَيَانُهُ ( فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } أَيْ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَيْهِ أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ ، وَالتَّقْيِيدُ بِإِيمَانِ الْمَرْأَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ لِمَا سَيَأْتِي ( وَيُسْتَحَبُّ فِي عِدَّةِ فِرَاقِ الزَّوْجِ ) وَلَا يَجِبُ ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ إنْ فُورِقَتْ بِالطَّلَاقِ فَهِيَ مَجْفُوَّةٌ بِهِ أَوْ بِالْفَسْخِ فَالْفَسْخُ مِنْهَا أَوْ لِمَعْنًى فِيهَا فَلَا يَلِيقُ بِهَا فِيهِمَا إيجَابُ الْإِحْدَادِ بِخِلَافِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّةَ وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأَوْلَى لَهَا أَنْ تَتَزَيَّنَ بِمَا يَدْعُو الزَّوْجَ إلَى رَجْعَتِهَا وَخَرَجَ بِفِرَاقِ الزَّوْجِ الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ أَوْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ فَلَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْإِحْدَادُ .
( وَتُحِدُّ الذِّمِّيَّةُ ) وَلَوْ عَلَى ذِمِّيٍّ ( وَالصَّبِيَّةُ وَالْمَجْنُونَةُ ) وَالرَّقِيقَةُ كَغَيْرِهِنَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَعَلَّ مَحَلَّهُ فِي الذِّمِّيَّةِ إذَا رَضَوْا بِحُكْمِنَا وَإِلَّا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهَا ، وَمِثْلُهَا الْمُعَاهَدَةُ وَالْمُسْتَأْمَنَةُ ( وَيُلْزِمُهَا ) أَيْ الصَّبِيَّةَ وَالْمَجْنُونَةَ ( الْوَلِيُّ ) بِذَلِكَ .
( فَصْلٌ : الْإِحْدَادُ ) مِنْ أَحَدَّ وَيُقَالُ الْحِدَادُ مِنْ حَدَّ لُغَةً الْمَنْعُ وَاصْطِلَاحًا ( تَرْكُ الزِّينَةِ ) مِنْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ ( بِالثِّيَابِ وَالطِّيبِ وَالْحُلِيِّ ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِمَّا يَأْتِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ كُنَّا { نُنْهَى أَنْ نُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا وَأَنْ نَكْتَحِلَ وَأَنْ نَتَطَيَّبَ ، وَأَنْ نَلْبَسَ ثَوْبًا مَصْبُوغًا } .
وَخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ {

الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنْ الثِّيَابِ وَلَا الْمُمَشَّقَةَ وَلَا الْحُلِيَّ وَلَا تَخْتَضِبُ وَلَا تَكْتَحِلُ } وَالْمُمَشَّقَةُ الْمَصْبُوغَةُ بِالْمِشْقِ بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَهُوَ الْمَغْرَةُ بِفَتْحِهَا وَيُقَالُ طِينٌ أَحْمَرُ يُشْبِهُهَا .
وَأَمَّا خَبَرُ { لَا تَلْبَسُ ثَوْبًا مَصْبُوغًا إلَّا ثَوْبَ عَصْبٍ } ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمِينِ يُعْصَبُ غَزْلُهُ أَيْ يُجْمَعُ ثُمَّ يُشَدُّ ثُمَّ يُصْبَغُ مَعْصُوبًا ثُمَّ يُنْسَخُ فَمُعَارَضٌ بِرِوَايَةِ وَلَا ثَوْبَ عَصْبٍ أَوْ مُؤَوَّلٌ بِالصَّبْغِ الَّذِي لَا يَحْرُمُ كَالْأَسْوَدِ ( فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ ) مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَغَيْرِهَا ( وَلَوْ حَرِيرًا ) وَنَفِيسًا ؛ لِأَنَّ نَفَاسَتَهُ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ لَا مِنْ زِينَةٍ دَخَلَتْ عَلَيْهِ كَالْمَرْأَةِ الْحَسْنَاءِ لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُغَيِّرَ لَوْنَهَا بِسَوَادٍ وَنَحْوِهِ .
( وَالْمَصْبُوغُ وَلَوْ قَبْلَ النَّسْجِ ) كَالْبُرُودِ ( حَرَامٌ ) لِمَا مَرَّ ( لَا ) الْمَصْبُوغُ ( بِالسَّوَادِ ، وَكَذَا زُرْقَةٌ وَخُضْرَةٌ كَدِرَانِ ) أَيْ الْمَصْبُوغُ بِهِمَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ لِلزِّينَةِ بَلْ لِنَحْوِ حَمْلِ وَسَخٍ أَوْ مُصِيبَةٍ بِخِلَافِ الْمَصْبُوغِ بِزُرْقَةٍ وَخُضْرَةٍ صَافِيَيْنِ .
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَا صُبِغَ لِزِينَةٍ يَحْرُمُ ، وَمَا صُبِغَ لَا لِزِينَةٍ كَالْأَسْوَدِ لَمْ يَحْرُمْ لِانْتِفَاءِ الزِّينَةِ عَنْهُ ، وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الزِّينَةِ وَغَيْرِهَا كَالْأَخْضَرِ وَالْأَزْرَقِ كَأَنْ كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ حَرُمَ ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ يُتَزَيَّنُ بِهِ أَوْ كَدِرًا أَوْ مُشْبَعًا أَوْ أَكْهَبَ بِأَنْ يَضْرِبَ إلَى الْغُبْرَةِ فَلَا ؛ لِأَنَّ الْمُشْبَعَ مِنْ الْأَخْضَرِ يُقَارِبُ الْأَسْوَدَ ، وَمِنْ الْأَزْرَقِ يُقَارِبُ الْكُحْلِيَّ ، وَمِنْ الْأَكْهَبِ يُقَارِبُهُمَا ( وَالطِّرَازُ ) عَلَى الثَّوْبِ ( حَرَامٌ عَلَيْهَا ) إنْ كَبِرَ لِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ ( وَإِنْ صَغُرَ فَوُجُوهٌ ) ثَلَاثَةٌ ثَالِثُهَا إنْ نُسِجَ مَعَ الثَّوْبِ جَازَ ، وَإِنْ رُكِّبَ عَلَيْهِ حَرُمَ ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ زِينَةٍ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ (

وَيَحْرُمُ ) عَلَيْهَا ( الْحُلِيُّ ) مِنْ خَلْخَالٍ وَسِوَارٍ وَغَيْرِهِمَا ( وَلَوْ خَاتَمَ فِضَّةٍ ) أَوْ حُلِيَّ لُؤْلُؤٍ لِظَاهِرِ خَبَرِ أَبِي دَاوُد السَّابِقِ وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ ( وَلَهَا لُبْسُ الْحُلِيِّ لِلْإِحْرَازِ ) لَهُ أَوْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى ( لَيْلًا ) بِلَا كَرَاهَةٍ وَلَهَا ذَلِكَ فِيهِ أَيْضًا بِلَا حَاجَةٍ لَكِنْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَاسْتُشْكِلَ بِحُرْمَةِ التَّطَيُّبِ وَلِبَاسِ الْمَصْبُوغِ لَيْلًا وَفُرِّقَ بِأَنَّ ذَلِكَ يُحَرِّكُ الشَّهْوَةَ بِخِلَافِ التَّحَلِّي .
قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا لُبْسُهُ نَهَارًا فَحَرَامٌ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ طَرِيقًا لِإِحْرَازِهِ فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( فَإِنْ تَعَوَّدُوا ) أَيْ قَوْمُهَا ( التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَوْ الرَّصَاصِ أَوْ أَشْبَهَا التِّبْرَيْنِ ) أَيْ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ بِحَيْثُ لَا يُعْرَفَانِ إلَّا بِتَأَمُّلٍ ( أَوْ مَوَّهَا بِهِمَا حَرُمَا ) ، وَإِلَّا فَلَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا أَيْ مِمَّا يَحْرُمُ تَزَيُّنُهَا بِهِ كَالتَّمْوِيهِ بِهِمَا ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرُوا عَلَى ذِكْرِهِمَا اعْتِبَارًا بِالْغَالِبِ ( وَهِيَ فِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ ، وَأَكْلِهِ وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ ) فِي تَحْرِيمِهِمَا عَلَيْهِ فَيَحْرُمُ عَلَيْهَا مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ أُمِّ عَطِيَّةَ لَكِنْ يَلْزَمُهَا إزَالَةُ الطِّيبِ الْكَائِنِ مَعَهَا حَالَ الشُّرُوعِ فِي الْعِدَّةِ وَلَا يَقْدَحُ اسْتِعْمَالُهَا الطِّيبَ فِي عِدَّتِهَا وَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ فِي ذَلِكَ ( وَيَحْرُمُ عَلَيْهَا الِاكْتِحَالُ ) بِإِثْمِدٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ زِينَةً وَجَمَالًا لِلْعَيْنِ ( وَ ) يَحْرُمُ عَلَيْهَا ( تَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالْمِيمِ ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِيهِ .
( وَيَجُوزُ ) لَهَا الِاكْتِحَالُ بِهِ ( لِلْحَاجَةِ ) إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ ( لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ بِالنَّهَارِ ، وَ ) يَجُوزُ ذَلِكَ (

لِلضَّرُورَةِ ) إلَى اسْتِعْمَالِهِ ( نَهَارًا وَيَجُوزُ ) الِاكْتِحَالُ ( بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا ) إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ ( لَا الْأَصْفَرِ كَالصَّبْرِ ) بِفَتْحِ الصَّادِ ، وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الْبَاءِ وَبِفَتْحِ الصَّادِ ، وَكَسْرِ الْبَاءِ فَلَا يَجُوزُ ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْضَاءَ ؛ لِأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ نَعَمْ إنْ احْتَاجَتْ إلَيْهِ لِرَمَدٍ أَوْ نَحْوِهِ جَازَ لَيْلًا وَتَمْسَحُهُ نَهَارًا فَفِي أَبِي دَاوُد { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، وَهِيَ حَادَّةٌ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ ، وَقَدْ جَعَلَتْ عَلَى عَيْنِهَا صَبْرًا فَقَالَ مَا هَذَا يَا أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ هُوَ صَبْرٌ لَا طِيبَ فِيهِ فَقَالَ إنَّهُ يَشُبُّ الْوَجْهَ أَيْ يُوقِدُهُ وَيُحَسِّنُهُ فَلَا تَجْعَلِيهِ إلَّا بِاللَّيْلِ وَامْسَحِيهِ بِالنَّهَارِ } حَمَلُوهُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً إلَيْهِ لَيْلًا فَإِذَنْ لَهَا فِيهِ لَيْلًا بَيَانًا لِجَوَازِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ مَعَ أَنَّ الْأَوْلَى تَرْكُهُ .
وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ ابْنَتِي تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا ، وَقَدْ اشْتَكَتْ عَيْنَهَا أَفَنَكْحُلُهَا فَقَالَ لَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا } كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ لَا فَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ أَوْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَقَّقْ الْخَوْفُ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهَا الْبُرْءُ بِدُونِهِ لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ رَدَّهَا عَبْدُ الْحَقِّ { قَالَتْ إنِّي أَخْشَى أَنْ تَنْفَقِئَ عَيْنُهَا قَالَ لَا ، وَإِنْ انْفَقَأَتْ } ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ ، وَإِنْ انْفَقَأَتْ عَيْنُهَا فِي زَعْمِك ؛ لِأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَنْفَقِئُ أَمَّا إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ نَهَارًا فَيَجُوزُ فِيهِ .
( وَيَحْرُمُ طَلْيُ الْوَجْهِ بِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ يُصَفِّرُ الْوَجْهَ فَهُوَ كَالْخِضَابِ ( وَبِكُلِّ مَا يُحَمِّرُهُ وَيُصَفِّرُهُ ) وَيُبَيِّضُهُ كَإِسْفِيذَاجَ ( وَ ) يَحْرُمُ ( تَصْفِيفُ الشَّعْرِ ) أَيْ الطُّرَّةُ ( وَتَجْعِيدُ الْأَصْدَاغِ ) أَيْ شَعْرِهَا (

وَالِاخْتِضَابُ بِالْحِنَّاءِ ) أَوْ نَحْوِهِ فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ كَالْوَجْهِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ ( لَا فِيمَا تَحْتَ الثِّيَابِ ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِي الصَّبْرِ لَيْلًا لِخَفَائِهِ عَلَى الْأَبْصَارِ فَكَذَا مَا أَخْفَاهُ ثِيَابُهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَالْغَالِيَةُ ، وَإِنْ ذَهَبَ رِيحُهَا كَالْخِضَابِ .
( فَرْعٌ : لَهَا التَّجَمُّلُ بِالْفُرُشِ وَالسُّتُورِ ، وَأَثَاثِ الْبَيْتِ ) ؛ لِأَنَّ الْإِحْدَادَ فِي الْبَدَنِ لَا فِي الْفُرُشِ وَنَحْوِهِ ، وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ ؛ لِأَنَّهُ لِبَاسٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَيْلًا فَعَلَى مَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ قُلْت الْأَوْجَهُ أَنَّهُ كَالثِّيَابِ مُطْلَقًا ( وَ ) لَهَا ( التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ ( وَغَسْلُ الرَّأْسِ ، وَمَشْطُهُ وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ ) وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَإِزَالَةُ الْأَوْسَاخِ ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الزِّينَةِ أَيْ الدَّاعِيَةِ إلَى الْجِمَاعِ فَلَا يُنَافِي فِي إطْلَاقِ اسْمِهَا عَلَى ذَلِكَ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ( وَمَنْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ أَوْ السُّكْنَى ) فِي كُلِّ الْمُدَّةِ أَوْ بَعْضِهَا ( انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ) إذْ الْعِبْرَةُ فِي انْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ حَتَّى لَوْ بَلَغَهَا وَفَاةٌ لِزَوْجٍ بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ( وَعَصَتْ ) بِتَرْكِ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا بِشَرْطٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( إنْ عَلِمَتْ ) حُرْمَةَ التَّرْكِ هَذَا إنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً ، وَإِلَّا فَالْعِصْيَانُ عَلَى وَلِيِّهَا .
( فَرْعٌ : لَهَا الْإِحْدَادُ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ ) مِنْ الْمَوْتَى ( إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) فَأَقَلَّ وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ ؛ وَلِأَنَّ فِي تَعَاطِيهِ إظْهَارَ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ ، وَالْأَلْيَقُ بِهَا التَّلَفُّعُ بِجِلْبَابِ الصَّبْرِ ، وَإِنَّمَا رُخِّصَ لِلْمُعْتَدَّةِ فِي عِدَّتِهَا لِحَبْسِهَا عَلَى الْمَقْصُودِ مِنْ الْعِدَّةِ وَلِغَيْرِهَا فِي الثَّلَاثِ ؛ لِأَنَّ

النُّفُوسَ قَدْ لَا تَسْتَطِيعُ فِيهَا الصَّبْرَ وَلِذَلِكَ يُسَنُّ فِيهَا التَّعْزِيَةُ ، وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الصَّبْرِ قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الرَّادَّ بِغَيْرِ الزَّوْجِ الْقَرِيبِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَجُوزُ لِلْأَجْنَبِيَّةِ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ الْإِحْدَادُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ .
انْتَهَى .
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : فِي عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ غَيْرِهِ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا لِشُمُولِهِ فَرْعًا حَسَنًا ، وَهُوَ لَوْ مَاتَ عَنْهَا ، وَهِيَ حَامِلٌ بِشُبْهَةٍ ، وَقُلْنَا إنَّهَا تَعْتَدُّ عَنْهُ ثُمَّ تَنْتَقِلُ لِلْوَفَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ الْإِحْدَادُ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ ( قَوْلُهُ : أَيْ يَجِبُ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى إرَادَتِهِ ) وَلِأَنَّ الْقَاعِدَةَ الْأُصُولِيَّةَ إنَّ مَا كَانَ مَمْنُوعًا إذَا جَازَ وَجَبَ كَقَطْعِ الْيَدِ فِي السَّرِقَةِ ( قَوْلُهُ : وَنَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ فِي الرَّجْعِيَّةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : إلَّا عَلَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ) لَعَلَّ الْمُقْتَضِيَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ أَنَّ الْجَنِينَ فِي غَالِبِ الْأَمْرِ يَتَحَرَّكُ لِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَلِأَرْبَعَةٍ إنْ كَانَ أُنْثَى ، وَاعْتُبِرَ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَزِيدَ عَلَيْهِ اسْتِظْهَارًا إذْ رُبَّمَا تَضْعُفُ حَرَكَتُهُ فِي الْمَبَادِي فَلَا تَحُسُّ بِهَا .
( قَوْلُهُ : فَلَهَا لُبْسُ غَيْرِ الْمَصْبُوغِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : الَّذِي يَقْتَضِيهِ النَّظَرُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْمَصْبُوغِ مِنْ الْإِبْرَيْسَمِ مَا نُسِجَ عَلَى هَيْئَتِهِ مِنْ غَيْرِ إحْدَاثِ تَحْسِينٍ فِيهِ أَصْلًا فَالظَّاهِرُ مَذْهَبًا وَدَلِيلًا جَوَازُهُ وَيَجُوزُ حَمْلُ ظَاهِرِ النَّصِّ ، وَكَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَيْفَ صُنِعَ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الزِّينَةَ فِيمَا بُيِّضَ مِنْ أَبْيَضِهِ وَحَسُنَ مِنْ أَصْفَرِهِ ، وَأَحْمَرِهِ وَصُقِلَ بَعْدَ نَسْجِهِ ظَاهِرَةٌ بَلْ هُوَ أَحْسَنُ ، وَأَزْيَنُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْمُصَبَّغَاتِ ، وَيَبْعُدُ أَنْ يَحْرُمَ الْمَصْبُوغُ الْبَرَّاقُ مِنْ الْقُطْنِ ، وَالصُّوفِ وَالْكَتَّانِ ، وَإِنْ خَشُنَ وَلَا يَحْرُمُ الْأَصْفَرُ ، وَالْأَحْمَرُ الْخِلْقِيُّ مَعَ صَفَائِهِمَا وَشِدَّةِ بِرِيقِهِمَا وَزِيَادَةِ الزِّينَةِ فِيهِمَا عَلَى الْمَصْبُوغِ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ الْمَرُّوذِيِّ فِي تَعْلِيقِهِ آخِرَ الْبَابِ وَعَقْدُ الْبَابِ أَنَّ كُلَّ

مَا فِيهِ زِينَةٌ تُشَوِّقُ الرِّجَالَ بِهِ إلَى نَفْسِهَا تُمْنَعُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ : لَا الْمَصْبُوغُ بِالسَّوَادِ ، وَكَذَا زُرْقَةٌ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ التَّحَلِّي بِالنُّحَاسِ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِالتَّزَيُّنِ بِالْأَسْوَدِ ، وَالْأَزْرَقِ الْكَدِرِ وَنَحْوِهِمَا حَرُمَ عَلَيْهَا ، وَهُوَ ظَاهِرٌ .
كا ( قَوْلُهُ : وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : وَلِظُهُورِ الزِّينَةِ فِيهِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا صَدِئَ الذَّهَبُ بِحَيْثُ لَا يَبِينُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ ( قَوْلُهُ : فَظَاهِرٌ جَوَازُهُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَعَوَّدُوا التَّحَلِّيَ بِالنُّحَاسِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَيَنْقَدِحُ أَنْ يَحْرُمَ بِكُلِّ بِلَادٍ مَا يَعُدُّهُ أَهْلُهَا زِينَةً وَحُلِيًّا كَالْخَرَزِ وَالْوَدَعِ عِنْدَ السُّودَانِ قَالَ وَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِ تَخَتُّمِهَا بِالْعَقِيقِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْجَوَاهِرِ ، وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الدَّمَالِجِ ، وَالْخَوَاتِمِ مِنْ الْعَاجِ ، وَالدُّبُلِ ؛ لِأَنَّ لَهَا زِينَةً ، وَقَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْقَدِحُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَذَا قَوْلُهُ : وَقَدْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ، وَالتَّمْوِيهُ بِغَيْرِهِمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَفِي تَحْرِيمِ الطِّيبِ ، وَأَكْلِهِ ، وَالدُّهْنِ كَالْمُحَرَّمِ ) لَوْ دَعَتْ إلَى اسْتِعْمَالِ الطِّيبِ حَاجَةٌ جَازَ ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ ، وَقَوْلُهُ : ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَسْوِيدُ الْحَاجِبِ بِالْأَسْوَدِ كَالْإِثْمِدِ إلَخْ ) قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْإِثْمِدِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا إلَّا فِي حَاجِبِهَا ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الزِّينَةُ فِي غَيْرِ الْعَيْنَيْنِ ، وَالْحَاجِبِ قَالَ الطَّبَرِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ فَأَنَّهُ يُتَزَيَّنُ بِهِ فِي الشَّفَةِ ، وَاللِّثَةِ وَعَلَى الْخَدَّيْنِ ،

وَالذَّقَنِ فَيَحْرُمُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ( قَوْله لِرَمَدٍ أَوْ غَيْرِهِ ) الدُّهْنُ لِلْحَاجَةِ كَالِاكْتِحَالِ لِلرَّمَدِ ( قَوْلُهُ : وَيَجُوزُ بِالْأَبْيَضِ كَالتُّوتْيَا إذْ لَا زِينَةَ فِيهِ ) قَالَ شَيْخُنَا : يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ يَتَزَيَّنُونَ بِهَا حَرُمَتْ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَدْعُوَ إلَى اسْتِعْمَالِهَا حَاجَةٌ .
كا ( قَوْلُهُ : فِيمَا يَظْهَرُ مِنْ الْبَدَنِ إلَخْ ) الْمُرَادُ بِمَا يَظْهَرُ مَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْمِهْنَةِ وَشَعْرُ الرَّأْسِ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مَا يَكُونُ تَحْتَ الثِّيَابِ كَالرِّجْلَيْنِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ مَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ( قَوْلُهُ : وَأَمَّا الْغِطَاءُ فَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْأَشْبَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ : وَفِي الْتِحَافِهَا بِالْحَرِيرِ نَظَرٌ ، وَالْأَشْبَهُ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ لُبْسًا .
( قَوْلُهُ : قُلْت الْأَوْجَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَلَهَا التَّنْظِيفُ بِالْحَمَّامِ إلَخْ ) وَتَطِيبُ الْمَحَلِّ بِشَيْءٍ مِنْ قُسْطٍ أَوْ أَظْفَارٍ عِنْدَ اغْتِسَالِهَا مِنْ حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ بِخِلَافِ الْمُحْرِمَةِ ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الشَّعَثَ وَلَا زِينَةَ فِيهِ ؛ وَلِأَنَّ الْعِدَّةَ قَدْ يَطُولُ زَمَنُهَا فَرُخِّصَ لَهَا فِيهِ لِقَطْعِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ ( قَوْلُهُ : إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ) فَأَقَلَّ ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ تَعْزِيَةٍ وَبَعْدَهَا تَنْكَسِرُ أَعْلَامُ الْحُزْنِ ( قَوْله قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ كَالْقَرِيبِ ) فِي مَعْنَى ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ وَالصِّهْرُ ، وَالصِّدِّيقُ كَمَا أَلْحَقُوا بِهِمْ فِي أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ ، وَالْجَمَاعَةِ ، وَهَلْ لِلرَّجُلِ التَّحَزُّنُ عَلَى الْمَيِّتِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَنَّ لِلْمَرْأَةِ عَلَى غَيْرِ الزَّوْجِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَمْ لَا ؟ .
ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ لِلرَّجُلِ ذَلِكَ قَالَ فِي الْعُجَالَةِ : وَقَدْ يُسْتَشْكَلُ فَإِنَّ النِّسَاءَ يَضْعُفْنَ عَنْ الْمَصَائِبِ بِخِلَافِ الرِّجَالِ .

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى ) .
( وَتَجِبُ السُّكْنَى ) لِمُعْتَدَّةٍ عَنْ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنًا بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ حَامِلًا كَانَتْ أَوْ حَائِلًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ } ( وَكَذَا ) تَجِبُ لِمُعْتَدَّةٍ ( عَنْ وَفَاةٍ وَفَسْخٍ ) بِرِدَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ بِجَامِعِ فُرْقَةِ النِّكَاحِ وَلِخَبَرِ { فُرَيْعَةَ بِنْتِ مَالِكٍ أُخْتِ أَبِي سَعِيدٍ أَنْ زَوْجَهَا قُتِلَ فَسَأَلَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَرْجِعَ إلَى أَهْلِهَا ، وَقَالَتْ إنَّ زَوْجِي لَمْ يَتْرُكْنِي فِي مَنْزِلٍ يَمْلِكُهُ فَأَذِنَ لَهَا فِي الرُّجُوعِ قَالَتْ فَانْصَرَفْت حَتَّى إذَا كُنْت فِي الْحُجْرَةِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ دَعَانِي فَقَالَ اُمْكُثِي فِي بَيْتِك حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ فَاعْتَدَّتْ فِيهِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ السُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ دُونَ النَّفَقَةِ ؛ لِأَنَّهَا لِصِيَانَةِ مَاءِ الزَّوْجِ ، وَهِيَ تَحْتَاجُ إلَيْهَا بَعْدَ الْوَفَاةِ كَالْحَيَاةِ ، وَالنَّفَقَةُ لِسُلْطَتِهِ عَلَيْهَا ، وَقَدْ انْقَضَتْ ( لَا ) لِمُعْتَدَّةٍ ( عَنْ ) وَطْءِ ( شُبْهَةٍ ) وَلَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ التَّرَبُّصِ فِيهَا لَمْ تَتَأَكَّدْ حُرْمَتُهُ فَلَا يَلْحَقُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ ( وَلَا سُكْنَى لِأُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ ) بِإِعْتَاقِ سَيِّدِهَا أَوْ مَوْتِهِ كَذَلِكَ ( وَلَا صَغِيرَةٍ لَا تُوطَأُ ) أَيْ لَا سُكْنَى لَهَا ( وَلَا لِأَمَةٍ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا ) لِعَدَمِ التَّسْلِيمِ التَّامِّ كَمَا لَا نَفَقَةَ لَهُمَا ( بَلْ لِلزَّوْجِ إسْكَانُهَا حَالَ فَرَاغِ الْخِدْمَةِ ) لِلسَّيِّدِ لِتُحْصِنَهَا ( وَلَا ) سُكْنَى ( لِمَنْ طَلُقَتْ ) أَوْ تُوُفِّيَ زَوْجُهَا ( نَاشِزَةً أَوْ نَشَزَتْ فِي الْعِدَّةِ ) وَلَوْ فِي عِدَّةٍ لِوَفَاةٍ ( بِالْخُرُوجِ ) مِنْ مَنْزِلِهِ ( حَتَّى تُطِيعَ ) كَمَا لَوْ نَشَزَتْ فِي صُلْبِ النِّكَاحِ بَلْ أَوْلَى .
( فَصْلٌ : وَيَجِبُ لَهَا ) أَيْ لِلْمُعْتَدَّةِ أَيْ تَسْتَحِقُّ ( السُّكْنَى بِمَسْكَنِ يَوْمِ الْفِرَاقِ )

بِمَوْتٍ أَوْ غَيْرِهِ لِخَبَرِ فُرَيْعَةَ السَّابِقِ ، وَمُحَافَظَةً عَلَى حِفْظِ مَاءِ الزَّوْجِ هَذَا إنْ كَانَ الْمَسْكَنُ مُسْتَحَقًّا لِلزَّوْجِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ( وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ ) إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَخْرُجُ مِنْهُ وَلَا يُخْرِجُهَا مِنْهُ ذُو الْعِدَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِآيَةِ { لَا تُخْرِجُوهُنَّ } ، وَمِثْلُهَا الْمُعْتَدَّةُ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَحِقَّ السُّكْنَى عَلَى الْوَاطِئِ وَالنَّاكِحِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ وَفِي حَاوِي الْمَاوَرْدِيِّ وَالْمُهَذَّبِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسْكِنَهَا حَيْثُ شَاءَ ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الزَّوْجِيَّةِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ، وَهُوَ أَوْلَى لِإِطْلَاقِ الْآيَةِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَشْهُورُ وَالزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الصَّوَابُ .
( نَعَمْ إنْ كَانَ ) الْمَسْكَنُ ( خَسِيسًا لَمْ يَلْزَمْهَا الرِّضَا بِهِ ) فَلَهَا طَلَبُ النَّقْلَةِ إلَى لَائِقٍ بِهَا ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَسْمَحُ بِالسُّكْنَى فِيهِ لِدَوَامِ الصُّحْبَةِ ، وَقَدْ زَالَتْ ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ يَتَجَدَّدُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ فَلَا تُؤَثِّرُ الْمُسَامَحَةُ فِيهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ ( أَوْ ) كَانَ ( نَفِيسًا لَمْ يَلْزَمْهُ ) الرِّضَا بِهِ فَلَهُ نَقْلُهَا إلَى لَائِقٍ بِهَا إنْ وَجَدَهُ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مُتَبَرِّعًا لَهَا وَبِهِ وَالتَّبَرُّعُ لَا يَلْزَمُ قَبْلَ اتِّصَالِهِ بِالْقَبْضِ ( فَإِنْ كَانَ لَائِقًا ) بِهَا وَ ( رَضِيَا بِالنَّقْلَةِ مِنْهُ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ يَجُزْ ) ؛ لِأَنَّ فِي الْعِدَّةِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى ، وَقَدْ وَجَبَتْ فِي ذَلِكَ الْمَسْكَنِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ أَصْلِ الْعِدَّةِ بِاتِّفَاقِهِمَا لَا يَجُوزُ إبْطَالُ تَوَابِعِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا فِي صُلْبِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَسْكُنَانِ وَيَنْتَقِلَانِ كَيْفَ شَاءَ ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا عَلَى الْخُلُوصِ وَلَوْ

تَرَكَا الِاسْتِقْرَارَ ، وَأَدَامَا السَّفَرَ جَازَ بِخِلَافِهِ هُنَا ( فَإِنْ طَلَّقَهَا ) أَوْ مَاتَ ( وَقَدْ انْتَقَلَتْ ) مِنْ مَسْكَنِهَا ( إلَى مَسْكَنٍ أَوْ بَلَدٍ ) آخَرَ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْهُ ( عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ ) وَاعْتَدَّتْ فِيهِ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ هُوَ أَوْ وَارِثُهُ لَهَا فِي الْإِقَامَةِ فِي لَا الثَّانِي فَتَلْزَمُهَا فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) ، وَقَدْ انْتَقَلَتْ ( بِإِذْنٍ ) مِنْهُ ( اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي ) ؛ لِأَنَّهُ الْمَسْكَنُ عِنْدَ الْفِرَاقِ ( وَكَذَا ) تَعْتَدُّ فِيهِ ( لَوْ طَلَّقَهَا ) أَوْ مَاتَ ( بَعْدَ الْخُرُوجِ ) إلَيْهِ مِنْ الْمَسْكَنِ أَوْ عُمْرَانِ الْبَلَدِ وَبَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِ ( وَقَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهِ ) ؛ لِأَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِالْمُقَامِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ مِنْ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ فَتَعْتَدُّ فِي الْأَوَّلِ وَلَوْ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ وَجَبَتْ فِيهِ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ مُرَتَّبٌ عَلَى مُجَرَّدِ الْخُرُوجِ مِنْ الْبَلَدِ وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ ( وَالِاعْتِبَارُ بِنَقْلِهِ بَدَنَهَا لَا ) بِنَقْلِهِ ( أَثَاثَهَا وَخَدَمَهَا ) كَمَا أَنَّ حَاضِرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ مَنْ هُوَ بِمَكَّةَ لَا مَنْ أَثَاثُهُ وَخَدَمُهُ بِهَا ( وَلَا أَثَرَ لِعَوْدِهَا ) إلَى الْأَوَّلِ ( لِنَقْلِ الْمَتَاعِ ) أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى الثَّانِي فَانْتَقَلَتْ ثُمَّ عَادَتْ إلَى الْأَوَّلِ لِذَلِكَ فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا اعْتَدَّتْ فِي الثَّانِي كَمَا لَوْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ فَطَلَّقَهَا ، وَهِيَ خَارِجَةٌ ( وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي سَفَرٍ لِحَاجَتِهَا ) الْأَوْلَى لَا لِنَقْلِهِ كحج ( وَلَوْ صَحِبَهَا ) فِيهِ ( فَطَلَّقَهَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ مِنْ ) عُمْرَانِ ( الْبَلَدِ لَمْ تُسَافِرْ ) ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَشْرَعْ فِي السَّفَرِ ، وَقِيلَ تَتَخَيَّرُ ؛ لِأَنَّ عَلَيْهَا ضَرَرًا فِي إبْطَالِ سَفَرِهَا بِخِلَافِ سَفَرِ النَّقْلَةِ فَإِنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى الزَّوْجِ قَالَ الرَّافِعِيُّ :

وَهُوَ ظَاهِرُ النَّصِّ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَرِيحُهُ ( أَوْ ) ، وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْخُرُوجِ ( فَعَوْدُهَا أَفْضَلُ ) مِنْ الْمُضِيِّ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْعَوْدُ ؛ لِأَنَّ فِي قَطْعِ السَّيْرِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ ، وَهِيَ مُعْتَدَّةٌ فِي سَيْرِهَا مَضَتْ أَوْ عَادَتْ ( فَإِنْ مَضَتْ وَالسَّفَرُ لِحَاجَةٍ عَادَتْ بَعْدَ انْقِضَائِهَا ) لِتَمَامِ الْعِدَّةِ ، وَإِنْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ ( وَلَوْ لَمْ تَنْقَضِ مُدَّةُ إقَامَةِ الْمُسَافِرِ ) الَّتِي بِإِقَامَتِهِ فِيهَا لَا يَنْتَفِي عَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ نِهَايَةُ سَفَرِهَا وَلَهَا أَنْ تُقِيمَ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهَا ، وَإِنْ زَادَتْ إقَامَتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْ السَّفَرِ ( أَوْ ) وَالسَّفَرُ ( لِنُزْهَةٍ أَوْ زِيَارَةٍ أَوْ سَافَرَ بِهَا الزَّوْجُ لِحَاجَةٍ لَمْ تَزِدْ عَلَى ) مُدَّةِ ( إقَامَةِ الْمُسَافِرِ ثُمَّ تَعُودُ ) لِانْقِطَاعِ حُكْمِ سَفَرِهَا ؛ وَلِأَنَّ سَفَرَهَا فِي الْأَخِيرَةِ كَانَ بِسَفَرِ زَوْجِهَا فَيَنْقَطِعُ بِزَوَالِ سُلْطَانِهِ هَذَا إنْ لَمْ تُقَدَّرْ لَهَا مُدَّةٌ ( فَإِنْ قَدَّرَ لَهَا مُدَّةً فِي نَقْلِهِ أَوْ فِي سَفَرِ حَاجَةٍ أَوْ ) فِي ( غَيْرِهِ ) ، وَقَوْلُهُ ( أَوْ فِي اعْتِكَافٍ ) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ كَاعْتِكَافٍ كَانَ أَوْلَى ( اسْتَوْفَتْهَا ) لِلْإِذْنِ ( وَعَادَتْ لِتَمَامِ الْعِدَّةِ وَلَوْ انْقَضَتْ فِي الطَّرِيقِ ) لِتَكُونَ أَقْرَبَ إلَى مَوْضِعِ الْعِدَّةِ ؛ وَلِأَنَّ بَلَدَ الْإِقَامَةِ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهَا ، وَالْعَوْدُ مَأْذُونٌ فِيهِ ( وَيَعْصِي بِالتَّأْخِيرِ ) لِلْعَوْدِ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ الْمُدَّةِ ( إلَّا لِعُذْرٍ كَخَوْفٍ ) فِي الطَّرِيقِ ( وَعَدَمِ رُفْقَةٍ ) وَلَوْ جَهِلَ أَمْرَ سَفَرِهَا بِأَنْ أَذِنَ لَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حَاجَةً وَلَا نُزْهَةً وَلَا أَقِيمِي وَلَا ارْجِعِي حُمِلَ عَلَى سَفَرِ النَّقْلَةِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَذِنَ ) لَهَا ( فِي الْإِحْرَامِ ) بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ ( ثُمَّ

طَلَّقَهَا ) أَوْ مَاتَ ( قَبْلَهُ ) ، وَقَبْلَ خُرُوجِهَا مِنْ الْبَلَدِ ( بَطَلَ الْإِذْنُ فَلَا تُحْرِمُ ) وَلَا تُسَافِرُ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ ( فَإِنْ أَحْرَمَتْ لَمْ تَخْرُجْ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ ) ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا سَبَقَ الْإِحْرَامَ فَهِيَ كَمَا لَوْ أَحْرَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ بِغَيْرِ إذْنٍ مُتَقَدِّمٍ فَإِذَا انْقَضَتْ أَتَمَّتْ عُمْرَتَهَا أَوْ حَجَّهَا إنْ بَقِيَ وَقْتُهُ ، وَإِلَّا تَحَلَّلَتْ بِأَفْعَالِ الْعُمْرَةِ وَلَزِمَهَا الْقَضَاءُ وَدَمُ الْفَوَاتِ ( وَإِنْ أَحْرَمَتْ بِإِذْنٍ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ طَلَّقَهَا ) أَوْ مَاتَ ( وَجَبَ ) عَلَيْهَا ( الْخُرُوجُ ) مُعْتَدَّةً إلَى مَا أَحْرَمَتْ بِهِ ( إنْ خَافَتْ الْفَوَاتَ ) لِضِيقِ الْوَقْتِ لِتَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ مَعَ أَنَّ فِي خُرُوجِهَا تَحْصُلُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ أَيْضًا ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَخَفْ الْفَوَاتَ ( جَازَ ) لَهَا الْخُرُوجُ إلَى ذَلِكَ لِمَا فِي تَعَيُّنِ الصَّبْرِ مِنْ مَشَقَّةِ مُصَابَرَةِ الْإِحْرَامِ .
( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي السُّكْنَى ) قَوْلُهُ : وَعَلَيْهَا مُلَازَمَتُهُ ) إذَا تَبَرَّعَ السَّيِّدُ بِتَسْلِيمِ أَمَتِهِ لَيْلًا وَنَهَارًا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَهَلْ يَلْزَمُهُ تَقْرِيرُهَا فِي الْمَسْكَنِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ مُتَبَرِّعًا فِي الْأَوَّلِ فِيهِ وَقْفَةٌ ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي .
ا هـ .
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ : وَشَمِلَ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ الرَّجْعِيَّةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ) ، وَهُوَ أَوْضَحُ ع وَبِهِ أَفْتَيْت ( قَوْلُهُ : وَالْمُتَّجَهُ اعْتِبَارُ مَوْضِعِ التَّرَخُّصِ ) هُوَ مُرَادُهُمْ

( فَرْعٌ : الْبَدْوِيَّةُ ) وَهِيَ مَنْ بَيْتُهَا مِنْ صُوفٍ وَوَبَرٍ وَنَحْوِهِمَا ( إنْ لَمْ ) تَكُنْ مِمَّنْ ( يَنْتَقِلُ قَوْمُهَا فَكَالْحَضَرِيَّةِ ) فِيمَا مَرَّ مِنْ لُزُومِ مُلَازَمَتِهَا مَسْكَنَهَا وَغَيْرِهِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ ( أَوْ ) كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ ( يَنْتَقِلُونَ ) شِتَاءً أَوْ صَيْفًا ( فَإِذَا ارْتَحَلُوا جَمِيعًا ) ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ( فَلَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ ) لِلضَّرُورَةِ ( وَلَهَا الْوُقُوفُ ) أَيْ الْمُكْثُ بِمَسْكَنِهَا ( إذَا أَمِنَتْ ) نَفْسًا وَعُضْوًا وَبُضْعًا وَدِينًا وَمَالًا ( وَكَذَا لَوْ ارْتَحَلَ أَهْلُهَا فَقَطْ ) لَهَا الِارْتِحَالُ مَعَهُمْ ؛ لِأَنَّ مُفَارَقَةَ الْأَهْلِ عَسِرَةٌ مُوحِشَةٌ وَلَهَا الْوُقُوفُ إنْ أَمِنَتْ بِأَنْ كَانَ فِي الْبَاقِينَ قُوَّةٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : وَمَحِلُّ تَخَيُّرِهَا إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا أَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا بَائِنًا أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا ، وَهُوَ فِي الْمُقِيمِينَ وَاخْتَارَ إقَامَتَهَا فَلَهُ ذَلِكَ قَطْعًا إلْحَاقًا لَهَا بِالزَّوْجَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ ظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ فَإِنَّ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا أَوْ الْمُطَلَّقَةُ طَلَاقًا بَائِنًا بَدْوِيَّةً ، وَسَاقَ الْكَلَامَ عَلَيْهِ ثُمَّ تَوَقَّفْت فِيهِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مُقَصِّرٌ بِالطَّلَاقِ وَتَرْكِ الرَّجْعَةِ .
انْتَهَى .
وَلَا يَخْفَى بَعْدَ التَّقْرِيرِ السَّابِقِ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ عَنْ الْغَرَضِ ( وَلَهَا ) إذَا ارْتَحَلَتْ مَعَهُمْ ( أَنْ تَقِفَ دُونَهُمْ فِي قَرْيَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا ( فِي الطَّرِيقِ ) لِتَعْتَدَّ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَلْيَقُ بِحَالِهَا ، وَأَقْرَبُ إلَى مَوْضِعِ عِدَّتِهَا بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ الْمَأْذُونِ لَهَا فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لَهَا الْإِقَامَةُ بِقَرْيَةٍ فِي الطَّرِيقِ ؛ لِأَنَّهَا سَاكِنَةٌ مُوَطَّنَةٌ وَالسَّفَرُ طَارِئٌ عَلَيْهَا فَتَعْتَدُّ فِي الْوَطَنِ أَوْ الْمَقْصِدِ ، وَأَهْلُ الْبَادِيَةِ لَا إقَامَةَ لَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَا مَقْصِدَ وَلِذَلِكَ لَمْ تَلْزَمْهُمْ الْجُمُعَةُ ( وَإِنْ خَافُوا ) مِنْ عَدُوٍّ فَهَرَبُوا وَلَمْ يَنْتَقِلُوا (

وَأَمِنَتْ ) هِيَ ( لَمْ يَجُزْ ) لَهَا ( أَنْ تَهْرُبَ مَعَهُمْ ) ؛ لِأَنَّهُمْ يَعُودُونَ إذَا أَمِنُوا .
( فَرْعٌ لَوْ طَلَّقَهَا مَلَّاحٌ ) لِسَفِينَةٍ أَوْ مَاتَ ، وَكَانَ ( يُسْكِنُهَا السَّفِينَةَ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ( اعْتَدَّتْ فِيهَا إنْ انْفَرَدَتْ عَنْهُ بِمَسْكَنٍ ) فِيهَا ( بِمَرَافِقِهِ لِاتِّسَاعِهَا ) مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَى بُيُوتٍ مُتَمَيِّزَةِ الْمَرَافِقِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْبَيْتِ فِي الْخَانِ ( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ تَنْفَرِدْ بِذَلِكَ ( فَإِنْ صَحِبَهَا مَحْرَمٌ ) لَهَا ( يَقُومُ بِالسَّفِينَةِ ) أَيْ يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُومَ بِتَسْيِيرِهَا ( خَرَجَ الزَّوْجُ ) مِنْهَا وَاعْتَدَّتْ هِيَ فِيهَا ( فَإِنْ فَقَدَتْهُ ) أَيْ الْمَحْرَمَ الْمَوْصُوفَ بِمَا ذُكِرَ ( خَرَجَتْ إلَى أَقْرَبِ الْقُرَى ) إلَى الشَّطِّ وَاعْتَدَّتْ فِيهِ إذْ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهَا فِي السَّفِينَةِ بِلَا مَلَّاحٍ لَكِنْ خَالَفَ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا إذَا صَحِبَهَا الْمَحْرَمُ ، وَلَمْ يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ بِالسَّفِينَةِ فَقَالَ : لَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِيهَا إذَا تَسَتَّرَتْ عَنْ الزَّوْجِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ الْخُرُوجُ ) مِنْهُ ، وَمِنْهَا ( تَسَتَّرَتْ وَتَنَحَّتْ عَنْهُ ) بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَتْ ) ، وَقَدْ طَلَّقَهَا أَوْ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهَا إلَى غَيْرِ مَسْكَنِهَا أَوْ بَلَدِهَا ( أَذِنْتَ لِي ) فِي النَّقْلَةِ ( فَخَرَجْتُ لِلنَّقْلَةِ ) فَأَعْتَدُّ فِي الْمَسْكَنِ الثَّانِي ( ، وَقَالَ الزَّوْجُ ) إنَّمَا أَذِنْتُ لَكِ فِي الْخُرُوجِ ( لِلنُّزْهَةِ ) أَوْ لِغَرَضِ كَذَا فَاعْتَدِّي فِي الْمَسْكَنِ الْأَوَّلِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ فِي النَّقْلَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِقَصْدِهِ كَمَا لَوْ خَاطَبَهَا بِكِنَايَةِ طَلَاقٍ وَاخْتَلَفَا فِي النِّيَّةِ ( أَوْ ) قَالَ لَهَا ( الْوَارِثُ ) ذَلِكَ عَنْ مُوَرِّثِهِ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّهَا أَعْرَفُ بِمَا جَرَى مِنْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ وَالزَّوْجُ أَوْ وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ ( فَإِنْ قَالَ

قُلْت انْتَقِلِي لِلنُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( فَأَنْكَرَتْ لَفْظَ النُّزْهَةِ أَوْ شَهْرًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَ اخْتِلَافُهَا مَعَ الزَّوْجِ بِأَنْ قَالَ قُلْت إلَى آخِرِهِ أَمْ مَعَ وَارِثِهِ بِأَنْ قَالَ قَالَ مُوَرِّثِي قُلْت إلَى آخِرِهِ .

قَوْلُهُ : فَرْعٌ الْبَدْوِيَّةُ إنْ لَمْ يَنْتَقِلْ قَوْمُهَا فَكَالْحَضَرِيَّةِ ) مُقْتَضَى الْتِحَاقِهَا بِالْحَضَرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ بَيْتٍ فِي الْمَحَلَّةِ إلَى بَيْتٍ آخَرَ مِنْهَا فَخَرَجَتْ مِنْهُ ، وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْآخَرِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا الْمُضِيُّ أَوْ الرُّجُوعُ ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ مِنْ تِلْكَ الْمَحَلَّةِ إلَى أُخْرَى فَلَحِقَهَا الطَّلَاقُ أَوْ مَوْتُهُ بَيْنَهُمَا أَوْ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا ، وَقَبْلَ مُفَارَقَةِ بَقِيَّةِ مَحَلَّتِهَا هَلْ تَمْضِي أَوْ تَرْجِعُ ؟ .
فَيَجِيءُ التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي الشَّرْحِ ، وَالرَّوْضَةِ لِذَلِكَ يُسْتَثْنَى مِنْ إلْحَاقِهَا بِهَا صُورَةٌ مِنْهَا لَوْ انْتَقَلَ أَهْلُهَا وَبَقِيَ غَيْرُهُمْ تَخَيَّرَتْ فِي الْإِقَامَةِ ، وَالْحَضَرِيَّةُ لَوْ انْتَقَلَ أَهْلُهَا مِنْ الْبَلَدِ لَمْ يَكُنْ لَهَا الِانْتِقَالُ ، وَمِنْهَا حَيْثُ يَجُوزُ لَهَا الِانْتِقَالُ لَوْ مَرَّتْ بِقَرْيَةٍ ، وَأَرَادَتْ أَنْ تُقِيمَ بِهَا جَازَ ، وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَمْضِيَ مَعَهُمْ فَإِنَّ الْمُقَامَ بِالْقُرْبَةِ أَوْلَى مِنْ السَّيْرِ لَا سِيَّمَا ، وَفِيهِ قُرْبٌ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ الْحَضَرِيَّةِ .
( قَوْلُهُ : فَلَوْ ارْتَحَلُوا جَمِيعًا إلَخْ ) لَوْ ارْتَحَلَ قَوْمُهُمَا كُلُّهُمْ أَوْ النِّسَاءُ لِخَوْفٍ وَبَقِيَ الرِّجَالُ أَوْ ارْتَحَلَ بَعْضُ الْحَيِّ ، وَفِيهِمْ أَهْلُهَا فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ ، وَلَوْ ارْتَحَلَ الرِّجَالُ دُونَ النِّسَاءِ أَوْ غَيْرُ أَهْلِهَا ، وَأَهْلِ الزَّوْجِ أَوْ أَهْلُهَا وَبَقِيَ أَهْلُ الزَّوْجِ فَعَلَيْهَا أَنْ تُقِيمَ ، وَإِنْ ارْتَحَلَ أَهْلُ الزَّوْجِ وَبَقِيَ أَهْلُهَا فَهِيَ بِالْخِيَارِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلُهُ : أَوْ قَالَ لَهَا الْوَارِثُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ كُلُّ يَمِينٍ تَثْبُتُ لِشَخْصٍ فَمَاتَ فَإِنَّهَا تَثْبُتُ لِوَارِثِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ ، وَالْوَارِثِ أَنَّ كَوْنَهَا فِي الْمَنْزِلِ الثَّانِي يَشْهَدُ بِصِدْقِهَا وَتَرَجَّحَ جَانِبُهَا عَلَى جَانِبِ

الْوَارِثِ ، وَلَا يُرَجَّحُ عَلَى جَانِبِ الزَّوْجِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِهِمَا ، وَالْوَارِثُ أَجْنَبِيٌّ عَنْهُمَا ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اخْتَلَفَتْ هِيَ ، وَالزَّوْجُ أَوْ ، وَارِثُهُ فِي الْإِذْنِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ ، وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى دَارِ غَيْرِهَا ، وَقَالَتْ خَرَجْت بِإِذْنِك ، وَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ، وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ مَعَ الْوَارِثِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ .
ا هـ .
وَقَالَ فِي الْعُبَابِ : لَوْ خَرَجَتْ الزَّوْجَةُ إلَى دَارٍ أَوْ بَلَدٍ غَيْرِ الْأُولَى ثُمَّ فُورِقَتْ فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ خَرَجْت بِإِذْنِك فَأَنْكَرَ الْإِذْنَ حَلَفَ ، وَإِنْ أَنْكَرَهُ وَارِثُهُ حَلَفَتْ هِيَ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِالْإِذْنِ فِي الِانْتِقَالِ ، وَادَّعَى ضَمَّ النُّزْهَةِ أَوْ التَّقْدِيرَ بِمُدَّةٍ ، وَأَنْكَرَتْ .
ا هـ .
الرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَارِثِ إذَا أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ .

( فَصْلٌ : لِلزَّوْجِ وَالْوَرَثَةِ ) بَعْدَ مَوْتِهِ ( مَنْعُهَا ) أَيْ الْمُعْتَدَّةَ ( مِنْ الْخُرُوجِ ) مِنْ مَسْكَنِ عِدَّتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى { لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ } أَيْ سَكَنِهِنَّ { وَلَا يَخْرُجْنَ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ بِالْبَذَاءِ عَلَى أَهْلِ زَوْجِهَا ( فَإِنْ خَافَتْ ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ أَوْ دِينٍ أَوْ مَالٍ ( انْتَقَلَتْ ) ؛ لِأَنَّ الْخُرُوجَ لِذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ الْخُرُوجِ لِلطَّعَامِ وَنَحْوِهِ ( أَوْ اشْتَدَّ أَذَاهَا بِبَذَاءِ الْأَحْمَاءِ ) عَلَيْهَا ( أُخْرِجُوا ) عَنْهَا مِنْ الْمَسْكَنِ ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَضَاقَ أَمْ اتَّسَعَ وَالْأَحْمَاءُ أَقَارِبُ الزَّوْجِ كَأَخِيهِ وَالْبَذَاءُ بِالْمُعْجَمَةِ أَصْلُهُ الْبَذَاءَةُ بِالْمَدِّ فِيهِمَا أَيْ الْفُحْشُ تَقُولُ مِنْهُ بَذَوْت عَلَى الْقَوْمِ ، وَأَبْذَأْتُ عَلَيْهِمْ وَفُلَانٌ بَذِئُ اللِّسَانِ وَفُلَانَةُ بَذِيَّةٌ ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( وَإِنْ بَذَأَتْ هِيَ عَلَيْهِمْ ) أَيْ عَلَى أَحْمَائِهَا ( فَلَهُ ) أَيْ الزَّوْجِ أَوْ وَارِثِهِ ( نَقْلُهَا ) مِنْ الْمَسْكَنِ لِمَا مَرَّ فِي آيَةِ وَلَا تُخْرِجُوهُنَّ { وَلِأَمْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ } لِمَا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ فِي لِسَانِهَا ذَرَابَةٌ فَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا ( هَذَا إنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ وَاتَّسَعَتْ لَهَا وَلِلْأَحْمَاءِ ) وَلَمْ تَكُنْ مِلْكَهَا وَلَا مِلْكَ أَبَوَيْهَا ( فَإِنْ ضَاقَتْ ) عَنْهُمْ أَوْ كَانَتْ مِلْكَهَا أَوْ مِلْكَ أَبَوَيْهَا ( فَهِيَ أَوْلَى بِهَا فَتُخْرِجُ الْأَحْمَاءَ ) مِنْهَا ( وَتُنْقَلُ ) مِنْ مَسْكَنِهَا ( إنْ أَبَذَأَتْ عَلَى الْجِيرَانِ وَتَأَذَّتْ بِهِمْ أَوْ هُمْ بِهَا أَذًى شَدِيدًا ) بِخِلَافِ الْيَسِيرِ إذْ لَا يَخْلُو مِنْهُ أَحَدٌ ، وَقَوْلُهُ بَذَأَتْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ صَوَابُهُ بَذَتْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَصْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَلُّ اللَّامِ كَدَعَتْ ( لَا ) إنْ بَذَتْ ( عَلَى أَبَوَيْهَا إنْ سَاكَنَتْهُمَا ) فِي دَارِهِمَا فَلَا تُنْقَلُ وَلَا يُنْقَلَانِ

، وَإِنْ تَأَذَّتْ بِهِمَا أَوْ هُمَا بِهَا ؛ لِأَنَّ الشَّرَّ وَالْوَحْشَةَ لَا تَطُولُ بَيْنَهُمْ طُولَهَا مَعَ الْأَحْمَاءِ وَالْجِيرَانِ ( وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَكَانَتْ عَنْ فُرْقَةِ حَيَاةٍ أَوْ وَفَاةٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ حَيْثُ ( لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا ) وَلَمْ يَكُنْ لَهَا مَنْ يَقْضِيهَا حَاجَتَهَا ( فِي الْخُرُوجِ لِشِرَاءِ الطَّعَامِ وَالْقُطْنِ وَبَيْعِ الْغَزْلِ ) وَنَحْوِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا ( نَهَارًا لَا لَيْلًا ) عَمَلًا بِالْعَادَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ نَهَارًا وَالْأَصْلُ فِيمَا قَالَهُ قَوْلُ جَابِرٍ { طَلُقَتْ خَالَتِي ثَلَاثًا فَخَرَجَتْ تَجُدُّ نَخْلًا لَهَا فَنَهَاهَا رَجُلٌ فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ اُخْرُجِي فَجُدِّي نَخْلَك وَلَعَلَّك أَنْ تَصَدَّقِي مِنْهُ أَوْ تَفْعَلِي خَيْرًا } رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، وَأَبُو دَاوُد وَاللَّفْظُ لَهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَنَخْلُ الْأَنْصَارِ قَرِيبٌ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْجِدَادُ لَا يَكُونُ إلَّا نَهَارًا أَيْ غَالِبًا .
( وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَى الْجِيرَانِ لِلْحَدِيثِ وَالْغَزْلِ ) وَنَحْوِهِمَا لِلتَّأَنُّسِ بِهِمْ ( وَ ) لَكِنْ ( لَا تَبِيتُ ) عِنْدَهُمْ بَلْ فِي مَسْكَنِهَا الْمَاوَرْدِيُّ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَالْبَيْهَقِيُّ { أَنَّ رِجَالًا اُسْتُشْهِدُوا بِأُحُدٍ فَقَالَتْ نِسَاؤُهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نَسْتَوْحِشُ فِي بُيُوتِنَا فَنَبِيتُ عِنْدَ إحْدَانَا فَأَذِنَ لَهُنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتَحَدَّثْنَ عِنْدَ إحْدَاهُنَّ فَإِذَا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ تَأْوِي كُلُّ امْرَأَةٍ إلَى بَيْتِهَا } وَظَاهِرٌ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ ذَلِكَ مَحِلُّهُ إذَا أَمِنَتْ الْخُرُوجَ وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا مَنْ يُؤْنِسُهَا ( وَلَا تَخْرُجُ الرَّجْعِيَّةُ وَالْمُسْتَبْرَأَةُ ) وَالْبَائِنُ الْحَامِلُ لِمَا ذُكِرَ ( إلَّا بِإِذْنٍ ) أَوْ لِضَرُورَةٍ كَالزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّهُنَّ مَكْفِيَّاتٌ بِنَفَقَتِهِنَّ ، وَهَذَا مَا احْتَرَزَ عَنْهُ فِيمَا مَرَّ بِقَوْلِهِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا نَعَمْ لِلْبَائِنِ الْحَامِلِ الْخُرُوجُ

لِغَيْرِ تَحْصِيلِ النَّفَقَةِ كَشِرَاءِ قُطْنٍ وَبَيْعِ غَزْلٍ وَنَحْوِهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ( فَإِنْ لَزِمَهَا حَدٌّ أَوْ يَمِينٌ ) فِي دَعْوَى ( وَهِيَ بَرْزَةٌ ) أَيْ كَثِيرَةُ الْخُرُوجِ ( خَرَجَتْ لَهُ أَوْ مُخَدَّرَةٌ حُدَّتْ وَحَلَفَتْ فِي مَسْكَنِهَا ) بِأَنْ يَحْضُرَ إلَيْهَا الْحَاكِمُ أَوْ يَبْعَثَ إلَيْهَا نَائِبَهُ ( وَإِنْ لَزِمَتْهَا الْعِدَّةُ بِدَارِ الْحَرْبِ هَاجَرَتْ ) مِنْهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ( إلَّا مَنْ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا ) وَغَيْرِهَا مِمَّا مَرَّ ( فَحَتَّى ) أَيْ فَلَا تُهَاجِرُ حَتَّى ( تَعْتَدَّ ، وَإِنْ زَنَتْ ) مُعْتَدَّةٌ ( وَهِيَ بِكْرٌ غُرِّبَتْ ) وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَيُخَالِفُ تَأْخِيرَ الْحَدِّ لِشِدَّةِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ ؛ لِأَنَّهُمَا يُؤَثِّرَانِ فِي الْحَدِّ وَيُعِينَانِ عَلَى الْهَلَاكِ وَالْعِدَّةُ لَا تُؤَثِّرُ فِي الْحَدِّ ( وَتَخْرُجُ ) مِنْ مَنْزِلِهَا ( إنْ رَجَعَ مُعِيرُ الْمَنْزِلِ ) فِيهِ ( أَوْ تَمَّتْ مُدَّةُ مُؤَجِّرٍ ) لَهُ ( وَلَمْ يَرْضَ ) الْمُعِيرُ أَوْ الْمُؤَجِّرُ ( بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ ) فَأَقَلَّ لِخَبَرِ { لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ ( فَإِنْ رَضِيَ بِالْأُجْرَةِ لَا الْإِعَارَةِ ، وَقَدْ نُقِلَتْ إلَى ) مَسْكَنٍ ( مُسْتَعَارٍ رُدَّتْ ) إلَى الْأَوَّلِ لِجَوَازِ رُجُوعِ الْمُعِيرِ ( أَوْ ) إلَى ( مُسْتَأْجِرٍ فَوَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْفِرَاقِ فِيهِ وَثَانِيهِمَا لَا تُرَدُّ بَلْ تَعْتَدُّ فِي الثَّانِي تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الِاسْتِقْرَارِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا رَضِيَ بِالْإِعَارَةِ فَلَا تُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَحَمُّلِ الزَّوْجِ مِنْهُ الْعَارِيَّةَ ثَانِيًا وَفِي مَعْنَى الْمُسْتَأْجِرِ الْمُوصَى بِسُكْنَاهُ مُدَّةً وَانْقَضَتْ وَفِي مَعْنَى رُجُوعِ الْمُعِيرِ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ أَوْ سَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وَزَوَالِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِمَوْتِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( وَلَا تُعَذَّرُ فِي الْخُرُوجِ لِتِجَارَةٍ وَزِيَارَةٍ وَتَعْجِيلِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ) وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَغْرَاضِ

الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الزِّيَادَاتِ دُونَ الْمُهِمَّاتِ .

( قَوْلُهُ : أَوْ دَيْنٌ أَوْ مَالٌ ) أَيْ كَوَدِيعَةٍ عِنْدَهَا ( قَوْلُهُ : وَالْبَذَاءَةُ بِالْمُعْجَمَةِ إلَخْ ) الْبَذَاءَةُ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَبِالْمَدِّ الْفُحْشُ ( قَوْلُهُ : وَتُعَذَّرُ مُعْتَدَّةٌ مُطْلَقًا لَا تَجِبُ لَهَا نَفَقَةٌ فِي الْخُرُوجِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ إنَّهَا إنْ لَمْ تَحُجَّ فِي هَذَا الْوَقْتِ عَضَبَتْ هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ تَقْدِيمًا لِحَقِّ الرَّبِّ الْمَحْضِ ، وَفِيمَا لَوْ كَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ قَبْلَ التَّزَوُّجِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْ تَحُجَّ عَامَ كَذَا فَحَصَلَ الْفِرَاقُ فِيهِ بِمَوْتٍ أَوْ طَلَاقٍ ، وَقَوْلُهُ : هَلْ تُقَدِّمُ الْحَجَّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ : وَبَيْعُ غَزْلٍ وَنَحْوُهُمَا ) كَالِاسْتِيفَاءِ ، وَالتَّصَدُّقِ ( قَوْلُهُ : وَلَهَا الْخُرُوجُ لَيْلًا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ قَالَ الْوَلِيُّ فِي زَوْجَةِ الْمَيِّتِ أَوْ الْمُطَلِّقُ لَا تَحْرَجُ نَهَارًا لِمَا سَبَقَ ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يَكْفِيهَا ذَلِكَ مِمَّنْ تَرْضَاهُ هِيَ ، وَلَا تَخْرُجُ لَيْلًا لِلْحَدِيثِ وَنَحْوِهِ ، وَأَنَا آتِيهَا بِمَنْ يُؤْنِسُهَا مِنْ جَارَاتِهَا أَوْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ تَرْضَاهُ ، وَلَا أُمَكِّنُهَا مِنْ الْخُرُوجِ لِذَلِكَ هَلْ يُجَابُ ؟ .
لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا ، وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ ، وَقَوْلُهُ : وَيَقْرُبُ أَنْ يُجَابَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : وَلَا يُؤَخَّرُ تَغْرِيبُهَا إلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَيَأْتِي أَنَّ الْمُغَرَّبَ يُمْهَلُ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لِلنَّظَرِ فِي أُمُورِهِ فَيُنْظَرُ أَنْ يُقَالَ هُنَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْعِدَّةِ زِيَادَةٌ قَلِيلَةٌ أَنَّ التَّغْرِيبَ يُؤَخَّرُ إلَى انْقِضَائِهَا قَطْعًا جَمْعًا بَيْنَ الْحَقَّيْنِ ، وَقَوْلُهُ : فَيَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَخْرُجُ إنْ رَجَعَ مُعِيرُ الْمَنْزِلِ فِيهِ ) شَمِلَ مَا لَوْ أَعَارَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعَلِمَ بِهَا ، وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَحَلٍّ آخَرَ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ ، وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ نُقِلَتْ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَمْ

يُفَرِّقُوا بَيْنَ كَوْنِ الْإِعَارَةِ قَبْلَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَبَعْدَهُ وَعَلِمَ الْمُعِيرُ بِالْحَالِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَعَارَهُ بَعْدَ وُجُوبِ الْعِدَّةِ وَعِلْمِهِ بِالْحَالِ أَنَّهَا تَلْزَمُ لِمَا فِي الرُّجُوعِ مِنْ إبْطَالِ حَقِّ اللَّهِ كَالْإِعَارَةِ لِدَفْنِ الْمَيِّتِ قَالَ ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ .
ا هـ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ فِي الْبَحْرِ فَقَالَ إنَّ الْعَارِيَّةَ تَلْزَمُ كَمَا إذَا أَعَارَ لِلْبِنَاءِ أَوْ وَضْعِ الْجُذُوعِ ( قَوْلُهُ : وَثَانِيهِمَا لَا تُرَدُّ إلَخْ ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ : مَعَ مَحْرَمٍ ) لَهَا ( مِنْ الرِّجَالِ أَوْ لَهُ مِنْ النِّسَاءِ ) اعْتَبَرُوا فِي مَحْرَمِهِ كَوْنَهُ أُنْثَى ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ، وَفِي مَحْرَمِهَا كَوْنَهُ ذَكَرًا لَا لِإِخْرَاجِ الْأُنْثَى بَلْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِمْ يُكْتَفَى بِامْرَأَةٍ مَعَ أَنَّهَا مَفْهُومَةٌ مِنْهُ بِالْأَوْلَى ( قَوْلُهُ : أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَا مِنْهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : يَحْرُمُ عَلَى الزَّوْجِ ) وَلَوْ أَعْمَى ( مُسَاكَنَةُ الْمُعْتَدَّةِ ) فِي الدَّارِ الَّتِي تَعْتَدُّ فِيهَا ، وَمُدَاخَلَتُهَا ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْخَلْوَةِ بِهَا ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ ؛ وَلِأَنَّ فِي ذَلِكَ إضْرَارًا بِهَا ، وَقَالَ تَعَالَى { وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ } ( إلَّا فِي دَارٍ وَاسِعَةٍ ) فَيَجُوزُ ذَلِكَ ( مَعَ مَحْرَمٍ لَهَا مِنْ الرِّجَالِ أَوْ ) مَحْرَمٍ ( لَهُ مِنْ النِّسَاءِ أَوْ ) مَعَ ( زَوْجَةٍ ) أُخْرَى لَهُ ( أَوْ جَارِيَةٍ ) لَهُ وَلَهَا لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ ( وَ ) لَكِنَّهُ ( يُكْرَهُ ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مَعَهُ النَّظَرُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الزَّوْجَةِ وَالْجَارِيَةِ أَنْ يَكُونَا ثِقَتَيْنِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ فِي الزَّوْجَةِ لِمَا عِنْدَهَا مِنْ الْغِيرَةِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَحْرَمِ ) وَنَحْوِهِ ( تَمْيِيزٌ وَبُلُوغٌ ) فَلَا يَكْفِي غَيْرُ الْمُمَيِّزِ وَلَا الْمُمَيِّزُ الصَّغِيرُ ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ لَا يَلْزَمُهُ إنْكَارُ الْفَاحِشَةِ وَاعْتِبَارُ الْبُلُوغِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ : يَكْفِي عِنْدِي حُضُورُ الْمُرَاهِقِ ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ النَّوَوِيِّ فِي مِنْهَاجِهِ كَأَصْلِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُمَيِّزِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا عَاقِلًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ مُمَيِّزًا يُسْتَحْيَا مِنْهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ بَصِيرًا فَلَا يَكْفِي الْأَعْمَى كَمَا لَا يَكْفِي فِي السَّفَرِ بِالْمَرْأَةِ إذَا كَانَ مَحْرَمًا لَهَا ( وَالنِّسْوَةُ الثِّقَاتُ كَالْمَحْرَمِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( وَكَذَا ) الْمَرْأَةُ ( الْوَاحِدَةُ ) الثِّقَةُ مَحْرَمًا كَانَتْ أَوْ لَا ، وَاكْتَفَى بِالْوَاحِدَةِ هُنَا بِخِلَافِ الْحَجِّ لِأَخْطَارِ السَّفَرِ عَلَى أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا هُنَاكَ لِلْجَوَازِ الْمُنَاسِبِ لِمَا هُنَا بِالْوَاحِدَةِ فَلَا فَرْقَ ( وَ ) يَجُوزُ ( لِرَجُلٍ ) أَجْنَبِيٍّ ( أَنْ يَخْلُوَ بِامْرَأَتَيْنِ لَا عَكْسُهُ ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِرَجُلَيْنِ أَجْنَبِيَّيْنِ أَنْ

يَخْلُوَا بِامْرَأَةٍ وَلَوْ بَعْدَ تَوَاطُئِهِمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحْيِيَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَوْقَ مَا يَسْتَحْيِ الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَوَّلَ قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغَيَّبَةٍ إلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ } عَلَى جَمَاعَةٍ يَبْعُدُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْفَاحِشَةِ لِصَلَاحٍ أَوْ مُرُوءَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنَّ بَابَ التَّأْوِيلِ يُرْتَكَبُ فِيهِ غَيْرُ الْمُخْتَارِ ، وَقَدْ حَكَاهُ وَجْهًا فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ صِفَةِ الْأَئِمَّةِ .
انْتَهَى .
، وَمُغَيَّبَةٍ بِضَمِّ الْمِيمِ مِنْ أَغَابَتْ إذَا غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( فَإِنْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا ) أَيْ الزَّوْجُ وَالْمُعْتَدَّةُ ( بِحُجْرَةٍ مِنْ الدَّارِ بِمَرَافِقِهَا مِنْ الْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَرَاحِ وَالْمَمَرِّ وَالْبِئْرِ وَالْمِصْعَدِ ) إلَى السَّطْحِ ( جَازَ ) مُسَاكَنَتُهُ لَهَا ( مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ ) كَبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ وَدَارَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ ( وَيُغْلَقُ بَابٌ بَيْنَهُمَا ) أَوْ يُسَدُّ حَذَرًا مِنْهَا وَالدَّارُ وَالْحُجْرَةُ كَالْحُجْرَتَيْنِ كَمَا فُهِمَ بِالْمُوَافَقَةِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَعُلُوٌّ وَسُفْلٌ ) لِدَارٍ ( كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ ) فِي أَنَّهُ إنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ أَوْ نَحْوُهُ ، وَإِلَّا فَلَا ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُسْكِنَهَا الْعُلُوَّ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ ( فَإِنْ كَانَ بَابُ مَسْكَنِهِ فِي مَسْكَنِهَا لَمْ يَجُزْ ) ذَلِكَ ( إلَّا بِمَحْرَمٍ ) أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهَا وَلَوْ قَالَ بَابُ مَسْكَنِ أَحَدِهِمَا فِي مَسْكَنِ الْآخَرِ كَانَ أَعَمَّ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلِهَذَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ بِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) فِي الدَّارِ ( إلَّا

بَيْتٌ وَصُفِّفَ لَمْ يُسَاكِنْهَا ، وَإِنْ كَانَ ) مَعَهَا ( مَحْرَمٌ ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَمَيَّزُ مِنْ الْمَسْكَنِ بِمَوْضِعٍ ( فَإِنْ بَنَى ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا ( حَائِلًا وَبَقِيَ ) لَهَا ( مَا يَلِيقُ بِهَا ) سَكَنًا ( جَازَ ) .
( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَلَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ ) كَالْمَحْرَمِ فِيمَا قَالَهُ غَيْرُهُ ( قَوْلُهُ : وَيُغْلَقُ بَابٌ بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَدُّ ) أَيْ وُجُوبًا .

( فَصْلٌ : لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ ) مِنْ أَقْرَاءٍ أَوْ حَمْلٍ لِجَهَالَةِ الْمُدَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مَجْهُولَةً سَوَاءٌ أَكَانَ لَهَا عَادَةً أَمْ لَا ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَخْتَلِفُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ مَا سَيَأْتِي مِنْ بِنَاءِ أَمْرِ الْمُضَارَبَةِ عَلَى الْأَخْذِ بِالْعَادَةِ أَوْ بِالْأَقَلِّ بِأَنَّ احْتِمَالَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ يَجُرُّ إلَى جَهَالَةِ الْمَبِيعِ ، وَهِيَ تَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَالْجَهَالَةُ ثَمَّ تَقَعُ فِي الْقِسْمَةِ فَلَا يَعْلَمُ كُلٌّ مِنْ الْمُسْتَحَقِّينَ أَنَّ مَا أَخَذَهُ قَدْرُ حِصَّتِهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْقِسْمَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ آخَرُ بَعْدَ قِسْمَةِ مَالِ الْمُفْلِسِ لَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بَلْ يُرْجَعُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَّةِ ، وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْمَسْكَنِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَلَمْ يُمْكِنُهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَحَلٍّ آخَرَ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ ( فَإِنْ اعْتَدَّتْ بِهَا ) أَيْ بِالْأَشْهُرِ ( جَازَ ) بَيْعُهُ كَمَا فِي الْمُسْتَأْجِرِ ( وَلَوْ تَوَقَّعَتْ الْحَيْضَ ) أَيْ مَجِيئَهُ فِي أَثْنَائِهَا كَأَنْ كَانَتْ بِنْتَ تِسْعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ تَحِضْ نَظَرًا لِلْحَالِ ( فَإِذَا حَاضَتْ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) فَلَا يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ كَمَا فِي اخْتِلَاطِ الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ بِالْحَادِثَةِ حَيْثُ لَا يَغْلِبُ فِيهِ التَّلَاحُقُ ( وَلَوْ كَانَتْ تَسْكُنُ دَارَهَا تَخَيَّرَتْ بَيْنَ النَّقْلَةِ ) مِنْهَا ( وَالْإِقَامَةِ ) فِيهَا ( بِأُجْرَةٍ ) أَوْ بِدُونِهَا ( وَهِيَ أَوْلَى ) ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهَا النَّقْلَةُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا بَذْلُ مَنْزِلِهَا بِإِعَارَةٍ وَلَا إجَارَةٍ .
( فَرْعٌ : تُقَدَّمُ الْمُعْتَدَّةُ بِحَقِّ سُكْنَى مَنْزِلٍ طَلُقَتْ ) أَوْ مَاتَ عَنْهَا ( فِيهِ ) حَيْثُ ( يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ وَلَوْ مَنْفَعَتَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ ) ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْمَسْكَنِ كَحَقِّ

الْمُكْتَرِي وَالْمُرْتَهِنِ هَذَا إنْ طَلُقَتْ قَبْلَ إفْلَاسِهِ وَالْحَجْرِ عَلَيْهِ ( وَإِنْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِ مَنْزِلِهِ ) قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَوْ بَعْدَهُ ( أَوْ ) فِي مَنْزِلِهِ ( بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ضَارَبَتْ ) الْغُرَمَاءَ بِأُجْرَةِ السُّكْنَى ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا مُرْسَلٌ فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا طَلُقَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ كَدَيْنٍ حَدَثَ بَعْدَ الْحَجْرِ حَتَّى لَا يُضَارَبَ بِهِ ؛ لِأَنَّ سَبَبَ حَقِّهَا سَابِقٌ ، وَهُوَ النِّكَاحُ وَالْوَطْءُ فِيهِ ؛ وَلِأَنَّ الْمُفْلِسَ بِطَلَاقِهِ كَالْجَانِي وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يُضَارِبُ ( وَيَسْتَأْجِرُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَاسْتُؤْجِرَ ( لَهَا الْمَسْكَنَ الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ ) بِمَا ضَارَبَتْ بِهِ مِنْ الْأُجْرَةِ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ ) اسْتِئْجَارُهُ ( فَبِقُرْبِهِ ) يُسْكِنُهَا ( وُجُوبًا ) إنْ أَمْكَنَ ( ثُمَّ ) إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عَلَى وَفْقِ الْمُضَارَبَةِ ( تَرْجِعُ بِالْبَاقِي ) لَهَا عَلَى ( الْمُفْلِسِ ) إذَا أَيْسَرَ كَسَائِرِ الْغُرَمَاءِ .
( وَالْحَامِلُ وَذَاتُ الْأَقْرَاءِ تُضَارِبُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( بِالْعَادَةِ ) أَيْ بِأُجْرَةِ مُدَّتِهَا إنْ كَانَ لَهَا عَادَةً مُسْتَقِرَّةً ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وَالظَّاهِرَ اسْتِمْرَارُهَا ( أَوْ بِأَقَلِّ ) أَيْ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ ( مُدَّةِ الْعَادَاتِ ) إنْ اخْتَلَفَتْ عَادَاتُهَا وَلَمْ يَسْتَقِرَّ ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الزِّيَادَةِ مَشْكُوكٌ فِيهِ .
( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهَا ( عَادَةٌ فَبِأَقَلِّ ) أَيْ فَتُضَارِبُ بِأُجْرَةِ أَقَلِّ ( مُدَّةِ الْإِمْكَانِ ) لِلْوَضْعِ وَالْأَقْرَاءِ لِذَلِكَ ، وَالْمُرَادُ بِأُجْرَةِ مَا بَقِيَ مِنْ أَقَلِّ مُدَّةِ ذَلِكَ ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ كَمَا مَرَّ ( فَلَوْ زَادَتْ الْمُدَّةُ ) أَيْ مُدَّةُ الْحَمْلِ أَوْ الْأَقْرَاءِ عَلَى أَقَلِّ مُدَّةِ الْعَادَاتِ أَوْ مُدَّةِ الْإِمْكَانِ ( رَجَعَتْ ) بِحِصَّةِ الْمُدَّةِ الزَّائِدَةِ ( عَلَى الْغُرَمَاءِ ) ؛ لِأَنَّا تَبَيَّنَّا اسْتِحْقَاقَهَا كَمَا لَوْ ظَهَرَ غَرِيمٌ ( أَوْ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا أَيْسَرَ ) لِبَقَاءِ الْحَقِّ فِي ذِمَّتِهِ ( وَإِنْ نَقَضَتْ ) عَنْهَا ( اسْتَرَدُّوا ) أَيْ الْغُرَمَاءُ

مِنْهَا ( مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْعِدَّةِ وَرَجَعَتْ عَلَى الْمُفْلِسِ بِحِصَّتِهَا لِلْمُدَّةِ الْمَاضِيَةِ ) إذَا أَيْسَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَتُصَدَّقُ الْحَائِضُ ) بِيَمِينِهَا ( فِي تَأْخِيرِ الْحَيْضِ ) وَالْوِلَادَةِ أَيْضًا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ ( لَا ) فِي ذَلِكَ ( فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ ) هَذَا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَاَلَّذِي اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ أَنَّهَا تُصَدَّقُ فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَتُضَارِبُ ) الْمُطَلَّقَةُ ( الرَّجْعِيَّةُ وَالْحَامِلُ ) الْبَائِنُ ( بِالنَّفَقَةِ ) كَمَا تُضَارِبَانِ بِالسُّكْنَى لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تُعَجَّلُ لِلْحَامِلِ ، وَإِنَّمَا تُسَلَّمُ لَهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ بَعْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ .
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ الْبَيْعِ مَا لَوْ كَانَ قَدْ رَهَنَهُ بِدَيْنٍ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ حَلَّ الدَّيْنُ بَعْدَ الطَّلَاقِ ، وَلَمْ يُمْكِنْهُ وَفَاؤُهُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ فَيَنْبَغِي جَوَازُ بَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ لِسَبْقِهِ ، وَلَمْ أَرَ مَنْقُولًا قَوْلُهُ : وَاسْتَثْنَى الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا قِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ صِحَّةِ بَيْعِ الرَّقَبَةِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْمَنْفَعَةِ أَبَدًا صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ لِلْمُعْتَدَّةِ بِالْأَقْرَاءِ أَوْ الْحَمْلِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ تَعَذَّرَ فَبِقُرْبِهِ وُجُوبًا ) إنْ أَمْكَنَ كَمَا فِي نَقْلِ الزَّكَاةِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّينَ فِي بَلَدِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَسْكَنُ الْفِرَاقِ صَغِيرًا ، وَأَمْكَنَ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ بَيْتَانِ لَزِمَ الزَّوْجَ ( قَوْلُهُ : لَا فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ ، وَلَوْ فِي صُورَةِ الْإِفْلَاسِ

( فَصْلٌ : يَكْتَرِي الْحَاكِمُ مِنْ مَالٍ ) مُطَلِّقٍ ( غَائِبٍ لَا مَسْكَنَ لَهُ مَسْكَنًا لِمُعْتَدَّتِهِ ) لِتَعْتَدَّ فِيهِ ( إنْ فُقِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِ ) ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَسْكَنٌ هِيَ فِيهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ كَمَا مَرَّ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ ( يَقْتَرِضُ ) عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ( لَهُ ) أَيْ لِلْمَسْكَنِ أَيْ لِتَحْصِيلِهِ ( وَحُكْمُهَا كَهَرَبِ الْجَمَّالِ ) فَإِذَا حَضَرَ قَضَى مَا اقْتَرَضَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ فَإِذَا أَذِنَ لَهَا أَنْ تَقْتَرِضَ عَلَيْهِ أَوْ تَكْتَرِيَ الْمَسْكَنَ مِنْ مَالِهَا جَازَ وَتَرْجِعُ وَلَوْ فَعَلَتْهُ بِقَصْدِ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِلَا إذْنِ الْحَاكِمِ فَإِنْ قَدَرَتْ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ أَوْ لَمْ تَقْدِرْ وَلَمْ تُشْهِدْ لَمْ تَرْجِعْ ، وَإِنْ أَشْهَدَتْ رَجَعَتْ ( فَإِنْ مَضَتْ الْمُدَّةُ ) أَيْ مُدَّةُ الْعِدَّةِ ( أَوْ بَعْضُهَا وَلَمْ تُطَالِبْ ) بِالسُّكْنَى ( سَقَطَتْ السُّكْنَى ) وَلَمْ تَصِرْ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ ( لَا النَّفَقَةُ ) فَلَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ ، وَقَدْ وُجِدَ فَلَا تَسْقُطُ بِتَرْكِ الطَّلَبِ وَالسُّكْنَى لِتَحْصِينِ مَائِهِ عَلَى مُوجِبِ نَظَرِهِ وَاحْتِيَاطِهِ وَلَمْ تَحْصُلْ ؛ وَلِأَنَّ النَّفَقَةَ عَيْنٌ تُمْلَكُ وَتَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَسْكَنُ لَا تَمْلِكُهُ الْمَرْأَةُ ، وَإِنَّمَا تَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ بِهِ فِي وَقْتٍ ، وَقَدْ مَضَى .
( وَكَذَا ) حُكْمُهَا ( فِي صُلْبِ النِّكَاحِ ) .

( فَصْلٌ : لِلْوَرَثَةِ ) إذَا مَاتَ الزَّوْجُ عَنْ مُسْتَحِقَّةِ السُّكْنَى ( قِسْمَةُ مَسْكَنِ الْمُعْتَدَّةِ بِالْأَشْهُرِ بِلَا إتْلَافٍ ) لَهُ بِنَقْضٍ أَوْ بِنَاءٍ بَلْ بِخُطُوطٍ تُرْسَمُ ( لَا ) الْمُعْتَدَّةِ ( بِغَيْرِ الْأَشْهُرِ ) أَيْ بِالْحَمْلِ أَوْ بِالْأَقْرَاءِ فَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ مَسْكَنِهَا إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ لِلْجَهْلِ بِالْمُدَّةِ ، وَهَذَا مَعَ التَّقْيِيدِ بِالْأَشْهُرِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَسْكَنٍ مُسْتَأْجَرٍ أَوْ مُسْتَعَارٍ وَاحْتِيجَ إلَى نَقْلِهَا لَزِمَ الْوَارِثَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لَهَا مِنْ التَّرِكَةِ إنْ كَانَتْ ، وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ إسْكَانُهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَإِنْ تَبَرَّعَ الْوَارِثُ بِإِسْكَانِهَا لَزِمَهَا الْإِجَابَةُ ) ؛ لِأَنَّ لَهُ غَرَضًا فِي صَوْنِ مَاءِ مُوَرِّثِهِ ( قَالَ الرُّويَانِيُّ ) تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ ( وَغَيْرُ الْوَارِثِ كَالْوَارِثِ ) فِي ذَلِكَ ( حَيْثُ لَا رِيبَةَ ) فِيهِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ ، وَوُجِّهَ بِأَنَّهُ نَقَلَ كَالرَّافِعِيِّ عَنْ الْإِمَامِ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ لَوْ تَبَرَّعَ أَجْنَبِيٌّ بِوَفَاءِ دَيْنِ مَيِّتٍ مُفْلِسٍ لَمْ يَلْزَمْ الدَّائِنَ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الْوَارِثِ وَبِأَنَّ اللُّزُومَ فِيهِ تَحَمُّلٌ مِنْهُ مَعَ كَوْنِ الْأَجْنَبِيِّ لَا غَرَضَ لَهُ صَحِيحٌ فِي صَوْنِ مَاءِ الْمَيِّتِ وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ مُلَازَمَةَ الْمُعْتَدَّةِ لِلْمَسْكَنِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا بَدَلَ لَهُ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَبُولُ ، وَإِلَّا فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُهُ ، وَبِأَنَّ حِفْظَ الْأَنْسَابِ مِنْ الْمُهِمَّاتِ الْمَطْلُوبَةِ بِخِلَافِ أَدَاءِ الدَّيْنِ وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ لَوْ كَانَ التَّبَرُّعُ عَلَيْهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ التَّبَرُّعُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمَيِّتِ .
( وَإِلَّا ) أَيْ ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَبَرِّعٌ ( اُسْتُحِبَّ لِلسُّلْطَانِ حَيْثُ لَا تَرِكَةَ إسْكَانُهَا ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ تُتَّهَمُ بِرِيبَةٍ ، وَيَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ احْتِيَاطًا لِمَنْ تَعْتَدُّ مِنْهُ ، وَإِذَا لَمْ يُسْكِنْهَا أَحَدٌ سَكَنَتْ حَيْثُ شَاءَتْ ( وَلِلْوَاطِئِ

بِشُبْهَةٍ ) كَنِكَاحٍ فَاسِدٍ ( إسْكَانُهَا ) وَتَلْزَمُهَا مُلَازَمَتُهُ كَمَا قَدَّمْته .

( فَصْلٌ : فِيهِ مَسَائِلُ ابْتِدَاءُ الْعِدَّةِ ) عَنْ طَلَاقِ الْغَائِبِ أَوْ مَوْتِهِ ( مِنْ حِينِ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ لَا ) مِنْ حِينِ ( بُلُوغِ الْخَبَرِ ) كَمَا مَرَّتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ .

( وَإِنْ طَلَّقَهَا ) زَوْجُهَا ( فَأَتَتْ بِقُرْءٍ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ وَوَطِئَهَا ) الزَّوْجُ ( الثَّانِي ثُمَّ ) وَطِئَهَا ( الْمُطَلِّقُ بِشُبْهَةٍ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِي قَبْلَ وَطْءِ الْمُطَلِّقِ ( أَتَمَّتْ لِلْمُطَلِّقِ الْقُرْأَيْنِ ) الْبَاقِيَيْنِ مِنْ عِدَّةِ طَلَاقِهِ ( وَدَخَلَ فِيهِمَا قُرْءَانِ مِنْ ) عِدَّةِ وَطْءٍ ( بِشُبْهَةٍ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي بِثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ثُمَّ ) تَعْتَدُّ ( بَاقِيَ عِدَّةِ ) وَطْءِ ( شُبْهَةِ الْمُطَلِّقِ بِقُرْءٍ ) ، وَإِنَّمَا قُدِّرَتْ قَبْلَ وَطْءِ الْمُطَلِّقِ لِمَا مَرَّ أَنَّ عِدَّةَ وَطْءِ الشُّبْهَةِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى التَّفْرِيقِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى عِدَّةِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ فَعَطْفُهُ فَرَّقَ بِالْوَاوِ أَوْلَى مِنْ عَطْفِ أَصْلِهِ لَهُ بِثُمَّ .
( وَإِنْ مَاتَ زَوْجُ الْمُعْتَدَّةِ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فِي حَيَاتِهِ لَمْ تَسْقُطْ الْعِدَّةُ ) عَنْهَا ( وَلَمْ تَرِثْ ) لِإِقْرَارِهَا ، قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ بِالرَّجْعِيَّةِ فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ التَّقْيِيدِ بِذَلِكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَادَّعَتْ أَنَّهُ كَانَ رَجْعِيًّا ، وَأَنَّهَا تَرِثُ فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ ، وَعَدَمُ الْإِبَانَةِ .
قَوْلُهُ : فَلَوْ كَانَتْ بَائِنًا سَقَطَتْ عِدَّتُهَا فِيمَا يَظْهَرُ ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ كَالصَّرِيحِ فِيهِ ( قَوْلُهُ : فَالْأَشْبَهُ تَصْدِيقُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَوْ أَسْقَطَتْ الْمُعْتَدَّةُ حَقَّ السُّكْنَى ) عَنْ الزَّوْجِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ( لَمْ تَسْقُطْ ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ يَوْمًا يَوْمًا فَيَكُونُ ) ذَلِكَ ( إسْقَاطًا ) لِلشَّيْءِ ( قَبْلَ الْوُجُوبِ ) لَهُ ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ ( وَإِنْ وُطِئَتْ مُزَوَّجَةٌ بِشُبْهَةٍ فَاعْتَدَّتْ ) أَيْ صَارَتْ فِي الْعِدَّةِ ( وَوَطِئَهَا الزَّوْجُ لَمْ تَنْقَطِعْ الْعِدَّةُ إذْ لَا عِدَّةَ بِوَطْئِهِ كَالزِّنَا ) .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي ) بَيَانِ ( الِاسْتِبْرَاءِ ) هُوَ التَّرَبُّصُ بِالْمَرْأَةِ مُدَّةً بِسَبَبِ مِلْكِ الْيَمِينِ حُدُوثًا أَوْ زَوَالًا لِمَعْرِفَةِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ أَوْ لِلتَّعَبُّدِ وَاقْتَصَرُوا عَلَى ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ ، وَإِلَّا فَقَدْ يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِغَيْرِ حُدُوثِ مِلْكٍ أَوْ زَوَالِهِ كَأَنْ وَطِئَ أَمَةَ غَيْرِهِ ظَانًّا أَنَّهَا أَمَتَهُ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ مِلْكِ الْيَمِينِ لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ كَمَا سَيَأْتِي حُدُوثُ حِلِّ التَّمَتُّعِ بِهِ لِيُوَافِقَ مَا يَأْتِي فِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْمُرْتَدَّةِ وَنَحْوِهِمَا ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِي مَاهِيَّتِه ) أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ ( وَهُوَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ ) يَحْصُلُ ( بِحَيْضَةٍ كَامِلَةٍ لَا طُهْرٍ ) ، وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ ، وَمَاتَ عَنْهَا سَيِّدُهَا أَوْ أَعْتَقَهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ { أَلَا لَا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلَا غَيْرُ ذَاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ ، وَقَاسَ الشَّافِعِيُّ بِالْمَسْبِيَّةِ غَيْرَهَا بِجَامِعِ حُدُوثِ الْمِلْكِ .
وَأَلْحَقَ مَنْ لَا تَحِيضُ مِنْ الْأَيِسَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِمَنْ تَحِيضُ فِي اعْتِبَارِ قَدْرِ الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ غَالِبًا ، وَهُوَ شَهْرٌ كَمَا سَيَأْتِي وَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ كَالْعِدَّةِ حَتَّى يُعْتَبَرَ الطُّهْرُ لَا الْحَيْضُ فَإِنَّ الْأَقْرَاءَ فِيهَا مُتَكَرِّرَةٌ فَيُعْرَفُ بِتَحَلُّلِ الْحَيْضِ الْبَرَاءَةُ ، وَلَا تَكَرُّرَ هُنَا فَيُعْتَبَرُ الْحَيْضُ الدَّالُّ عَلَيْهَا ( وَتَنْتَظِرُهَا ) أَيْ ذَاتُ الْأَقْرَاءِ الْحَيْضَةَ الْكَامِلَةَ ( إلَى ) سِنِّ ( الْيَأْسِ كَالْمُعْتَدَّةِ ، وَإِذَا مَلَكَهَا ) أَوْ زَالَ مِلْكُهُ عَنْهَا ( حَائِضًا فَلَا بُدَّ ) فِي حُصُولِ الِاسْتِبْرَاءِ ( مِنْ حَيْضَةٍ كَامِلَةٍ أُخْرَى ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَا يُعْتَبَرُ بِبَقِيَّةِ حَيْضَتِهَا الْمَوْجُودَةِ حَالَةَ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الطُّهْرِ فِي الْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَعْقِبُ الْحَيْضَةَ

الدَّالَّةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ ، وَهُنَا تَسْتَعْقِبُ الطُّهْرَ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ ( وَ ) الِاسْتِبْرَاءُ ( لِذَاتِ الْأَشْهُرِ ) يَحْصُلُ ( بِشَهْرٍ ) ؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ قُرْءٍ ( وَلِلْحَامِلِ ) يَحْصُلُ ( بِالْوَضْعِ ) لِحَمْلِهَا لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَلِلْقِيَاسِ وَالْإِجْمَاعِ فِي غَيْرِهَا هَذَا ( إنْ لَمْ تَكُنْ فِي عِدَّةٍ ) بِأَنْ زَالَ فِرَاشُهُ عَنْهَا أَوْ مَلَكَهَا بِسَبْيٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مَلَكَهَا بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ، وَكَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجٍ ، وَهِيَ فِي نِكَاحِهِ أَوْ عِدَّتِهِ أَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ فَلَا يَحْصُلُ اسْتِبْرَاؤُهَا بِالْوَضْعِ ( وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُ وَيَحْصُلُ ( بِحَيْضَةٍ مِنْ حَامِلٍ بِزِنًا ) لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ تَحِضْ ( فَبِوَضْعِهِ ) أَيْ الْحَمْلِ لِذَلِكَ وَلِحُصُولِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ لِاخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْكِيدِ بِدَلِيلِ اشْتِرَاطِ التَّكْرَارِ فِيهَا دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا حَقَّ الزَّوْجِ فَلَا يَكْتَفِي بِوَضْعِ حَمْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ الِاسْتِبْرَاءِ الْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ خِلَافُ مُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ وَالْبَغَوِيِّ الَّذِي نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ ، وَأَقَرَّهُ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ الْحَادِثَ مِنْ الزِّنَا كَالْمُقَارِنِ ؛ لِأَنَّهُمْ اكْتَفَوْا بِالْحَيْضِ الْحَادِثِ لَا بِالْمُقَارِنِ وَاكْتَفَوْا بِالْحَمْلِ الْمُقَارِنِ فَبِالْحَادِثِ أَوْلَى ، قَالَ : وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَاتَ أَشْهُرٍ وَحَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِبْرَاءُ بِمُضِيِّ شَهْرٍ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ بِمُضِيِّ الْأَشْهُرِ ؛ لِأَنَّ حَمْلَ الزِّنَا كَالْعَدَمِ .
انْتَهَى .
وَتَقَدَّمَ آنِفًا أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ كَالْعَدَمِ فِي الْعِدَّةِ لَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا .

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاسْتِبْرَاءِ ) سُمِّيَ بِذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ مُقَدَّرٌ بِأَقَلَّ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعَدُّدٍ وَسُمِّيَتْ الْعِدَّةُ عِدَّةً لِتَعَدُّدِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فِيهَا ( قَوْلُهُ : وَهُوَ لِذَاتِ الْأَقْرَاءِ إلَخْ ) أَقَلُّ مُدَّةِ إمْكَانِ الِاسْتِبْرَاءِ إذَا جَرَى السَّبَبُ فِي الطُّهْرِ يَوْمٌ ، وَلَيْلَةٌ وَلَحْظَتَانِ ، وَفِي الْحَيْضِ سِتَّةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَلَحْظَتَانِ ( قَوْلُهُ : لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ إلَخْ ) وَتَرْكُ الِاسْتِفْصَالِ فِي وَقَائِعِ الْأَحْوَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ قَوْلُهُ : وَالِاكْتِفَاءُ بِحَيْضَةٍ فِي الْحَامِلِ بِزِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَمْلَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ وَقَدْ يُفْهَمُ إلَخْ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ : وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ حُصُولُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ، وَأَمَّا الْمُتَحَيِّرَةُ فَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَتَعَرَّضُوا لَهَا فِي الْعِدَّةِ ، وَهِيَ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ فَإِنَّهُ ، وَإِنْ كَانَ لَهَا حَيْضٌ وَطُهْرٌ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَيُنْظَرُ إلَى الزَّمَانِ بِالِاحْتِيَاطِ الْمُقَرَّرِ فِي عِدَّتِهَا فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ يَوْمًا فَقَدْ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ .
وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَدَّمَ ابْتِدَاءً حَيْضُهَا فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ مَثَلًا فَلَمْ يُحْسَبْ ذَلِكَ الْحَيْضُ فَإِذَا مَضَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ طُهْرًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِيهَا حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ .
ا هـ .
.

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي السَّبَبِ ) الْمُوجِبِ لِلِاسْتِبْرَاءِ ( وَهُوَ نَوْعَانِ الْأَوَّلُ الْمِلْكُ ) أَيْ حُدُوثُهُ ( فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً أَوْ شِقْصَ شَرِيكِهِ فِيهِ بِوَجْهٍ مَا ) مِنْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ غَيْرِهَا ( أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ ) لَهَا ( بِفَسْخٍ ) بِعَيْبٍ أَوْ خِيَارٍ ( أَوْ إقَالَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ ) هَا ( مِنْهُ ) أَيْ مِنْ مِلْكِهِ أَوْ اسْتَبْرَأَهَا مُمَلِّكُهُ قَبْلَ التَّمْلِيكِ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( اسْتِبْرَاؤُهَا ، وَإِنْ تَحَقَّقَ بَرَاءَةُ رَحِمِهَا كَالصَّغِيرَةِ ) وَالْأَيِسَةِ وَالْبِكْرِ لِإِطْلَاقِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَلَوْ قَالَ عَقِبَ قَوْلِهِ بِوَجْهٍ مَا وَلَوْ بِفَسْخٍ كَإِقَالَةٍ إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ أَقْرَضَهَا ) لِمَنْ لَا تَحِلُّ لَهُ ( فَرُدَّتْ ) إلَيْهِ وَلَوْ قَبْلَ تَصَرُّفِ الْمُقْتَرِضِ فِيهَا ( أَوْ بَاعَهَا ) بَيْعًا مَصْحُوبًا ( بِخِيَارٍ فَفُسِخَ ) الْبَيْعُ فِي زَمَنِهِ ( وَقُلْنَا زَالَ مِلْكُهُ ) عَنْهَا ( اسْتَبْرَأَهَا ) لِتَجَدُّدِ حِلِّهَا بَعْدَ زَوَالِهِ ، وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِفَسْخٍ ( وَمَنْ حَرُمَتْ ) عَلَيْهِ ( بِالْكِتَابَةِ ) الصَّحِيحَةِ ( لَا الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ ) كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَرَهْنٍ ( ثُمَّ حَلَّتْ ) لَهُ بِفَسْخِ الْكِتَابَةِ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( اسْتِبْرَاؤُهَا ) لِعَوْدِ الْحِلِّ بَعْدَ زَوَالِهِ كَمَا لَوْ بَاعَ أَمَةً ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ إذْ لَهُ الْوَطْءُ فِيهَا وَبِخِلَافِ الْإِحْرَامِ وَنَحْوِهِ إذْ لَا خَلَلَ فِي الْمِلْكِ ، وَالتَّحْرِيمُ فِي ذَلِكَ لِعَارِضٍ سَرِيعِ الزَّوَالِ وَلِبَقَاءِ مِلْكِ التَّمَتُّعِ فِي الْمَرْهُونَةِ بِدَلِيلِ حِلِّ الْقُبْلَةِ وَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ ، وَإِنَّمَا حَرُمَ الْوَطْءُ مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُرْتَهِنِ حَتَّى لَوْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ حَلَّ ( وَكَذَا ) يَجِبُ اسْتِبْرَاءُ مَنْ حَرُمَتْ عَلَيْهِ ( بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ ) ثُمَّ عَادَ الْمُرْتَدُّ مِنْهُمَا إلَى الْإِسْلَامِ لِمَا مَرَّ قَبْلَهُ ( وَلَوْ اشْتَرَى ) مَثَلًا ( زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ

) لَهُ ( اسْتِبْرَاؤُهَا ) لِيَتَمَيَّزَ الْوَلَدَ فَإِنَّهُ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ حُرُّ الْأَصْلِ بِخِلَافِهِ فِي النِّكَاحِ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ لِعَدَمِ تَجَدُّدِ الْحِلِّ وَلِانْتِفَاءِ خَوْفِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ .
( لَكِنْ يَحْرُمُ ) عَلَيْهِ ( وَطْؤُهَا فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ ) لِلتَّرَدُّدِ فِي أَنَّهُ يَطَأُ بِالْمِلْكِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا يُبِيحُ الْوَطْءَ أَوْ بِالزَّوْجِيَّةِ ( فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا ) بِغَيْرِهِ ( وَقَدْ وَطِئَهَا ، وَهِيَ زَوْجَةٌ اعْتَدَّتْ مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ ) قَبْلَ أَنْ يُزَوِّجَهَا ؛ لِأَنَّهُ إذَا انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَجَبَ أَنْ تَعْتَدَّ مِنْهُ فَلَا تَنْكِحُ غَيْرَهُ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا بِذَلِكَ ( وَكَذَا تَعْتَدُّ ) مِنْهُ بِقُرْأَيْنِ ( إنْ مَاتَ عَقِبَ الشِّرَاءِ ) فَلَا يَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( لِأَنَّهُ مَاتَ ، وَهِيَ مَمْلُوكَتُهُ ، وَإِنْ اشْتَرَى ) مَثَلًا ( مُعْتَدَّةً مِنْهُ ) وَلَوْ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ( وَجَبَ ) عَلَيْهِ ( الِاسْتِبْرَاءُ ) ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا ، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ ، وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ ، وَكَأَنَّهُمْ ارْتَكَبُوهُ هُنَا لِلِاحْتِيَاطِ .
( وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَاعِدَةَ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ حُدُوثُ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فِي أَمَةٍ ) مُلِكَتْ ( بِمِلْكِ الْيَمِينِ ) لَا حُدُوثُ مِلْكِ الرَّقَبَةِ مَعَ فَرَاغِ مَحَلِّ الِاسْتِمْتَاعِ ( فَلَوْ اشْتَرَى ) أَمَةً ( مُعْتَدَّةً لِغَيْرِهِ ) وَلَوْ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ( فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ مُزَوَّجَةً ) مِنْ غَيْرِهِ ، وَكَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا ( فَطَلُقَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا أَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا ) وَطَلُقَتْ ( أَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ) بِهَا ( أَوْ بَعْدَهُ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَازَ لَهُ تَزْوِيجُهَا ) بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ( وَوَجَبَتْ فِي حَقِّهِ ) لِحِلِّ وَطْئِهِ لَهَا ( الِاسْتِبْرَاءَ ) ؛ لِأَنَّ حُدُوثَ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَلَوْ كَانَتْ الْمُشْتَرَاةُ

مَحْرَمًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ اشْتَرَاهَا امْرَأَةٌ أَوْ رَجُلَانِ لَمْ يَجِبْ الِاسْتِبْرَاءُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي ( وَلَوْ اشْتَرَى ) أَمَةً ( غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ أَوْ ) أَمَةً ( مِنْ امْرَأَةٍ أَوْ صَبِيٍّ أَوْ مَنْ ) أَيْ أَمَةً ( اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ فَلَهُ تَزْوِيجُهَا ) بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ( فَإِنْ أَعْتَقَهَا فَلَهُ تَزْوِيجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ ) لِمَا زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( لِحُدُوثِ حِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ لَا ) لِحُدُوثِهِ فِي أَمَةٍ مُلِكَتْ ( بِمِلْكِ الْيَمِينِ ) وَيُذْكَرُ أَنَّ الرَّشِيدَ طَلَبَ حِيلَةً مُسْقِطَةً لِلِاسْتِبْرَاءِ فَقَالَ لَهُ أَبُو يُوسُفَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَعْتِقْهَا ثُمَّ تَزَوَّجْهَا ، وَقَوْلُهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا قَدَّرْته وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِحَلَّ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ فِي غَيْرِ أَمَةٍ ، وَقَوْلِهِ لَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ ( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْمَالِكِ ( اسْتِبْرَاءُ ) الْأَمَةِ ( الْمَوْطُوءَةِ لِلْبَيْعِ ) قَبْلَ بَيْعِهِ لَهَا لِيَكُونَ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْهَا ( وَيَجِبُ ) عَلَيْهِ ( لِلتَّزْوِيجِ ) لَهَا اسْتِبْرَاؤُهَا ( مِنْ وَطْئِهِ ) لَهَا ( وَمِنْ وَطْءِ بَائِعِهِ ) وَيُفَارِقُ عَدَمَ وُجُوبِهِ فِي بَيْعِهَا بِأَنَّ مَقْصُودَ التَّزْوِيجِ الْوَطْءُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَعْقِبَ الْحِلَّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ ( إلَّا ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا ( إنْ زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ ) لَهَا فَلَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ كَمَا يَجُوزُ لِلْوَاطِئِ لِامْرَأَةٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ أَسْلَمَ فِي جَارِيَةٍ ، وَقَبَضَهَا فَوَجَدَهَا بِغَيْرِ الصِّفَةِ الْمَشْرُوطَةِ فَرَدَّهَا لَزِمَ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ الِاسْتِبْرَاءُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ ، وَهُوَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي هَذِهِ زَالَ ثُمَّ عَادَ بِالرَّدِّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ .

( قَوْلُهُ : فَمَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْمُلَقَّنِ : اعْلَمْ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الشَّيْخِ مَنْ مَلَكَ أَمَةً إلَى آخِرِهِ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فَوْقَ الْأَلْفِ كَمَا أَوْضَحْته فِي الْأَصْلِ ( قَوْلُهُ : وَمَنْ حَرُمَتْ بِالْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ) شَمِلَتْ عِبَارَتُهُ الْمُكَاتَبَةَ ، وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ ، وَالْمُكَاتَبَةُ إذَا عَجَزُوا أَوْ فُسِخَتْ كِتَابَتُهُمَا ( قَوْلُهُ : وَرَهْنٍ ) مِثْلُ الْمَرْهُونَةِ أَمَةُ الْمَدْيُونِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي أَنَّ الْأَرْجَحَ مُخَالَفَتُهَا لَهَا .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِجَارِيَةِ الْقِرَاضِ إذَا انْفَسَخَ ، وَاسْتَقَلَّ بِهَا الْمَالِكُ ، وَكَذَا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ إذَا أَخْرَجَ الزَّكَاةَ ، وَقُلْنَا الْمُسْتَحِقُّ شَرِيكٌ بِالْوَاجِبِ بِقَدْرِ قِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الْجِنْسِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ الِاسْتِبْرَاءُ لِتَجَدُّدِ الْمِلْكِ ، وَالْحِلِّ .
ا هـ .
هُوَ ظَاهِرٌ فِي جَارِيَةِ الْقِرَاضِ ، وَكَلَامُهُمْ يَقْتَضِيهِ ، وَأَمَّا فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ فَلَا وَجْهَ لَهُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ س .
وَقَوْلُهُ : هُوَ ظَاهِرٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَكَذَا بِرِدَّتِهَا أَوْ رِدَّتِهِ ) لَوْ أَسْلَمَتْ أَمَةُ الْكَافِرِ ثُمَّ أَسْلَمَ هُوَ احْتَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْأَصَحِّ لِحُدُوثِ الْحِلِّ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ اسْتِبْرَاؤُهَا ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ طَلَّقَهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا ثُمَّ اسْتَبْرَأَهَا فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا ( قَوْلُهُ : وَهَذَا مِمَّا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ ) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ وُجُوبَ الِاسْتِبْرَاءِ فِيهَا إنَّمَا هُوَ لِحُدُوثِ الْحِلِّ لَا لِكَوْنِ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يُزِيلُ الزَّوْجِيَّةَ ( قَوْلُهُ : فَلَهُ تَزْوِيجُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجِ ، وَالْمُشْتَرِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ أَمْكَنَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ ، وَالسَّيِّدُ لَوْ أُبِيحَ لَهُ الْوَطْءُ قَبْلَ

الِاسْتِبْرَاءِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ نَفْيِ مَا تَأْتِي بِهِ إذْ نَفْيُهُ بِدَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ ، وَلَا اسْتِبْرَاءَ ( قَوْلُهُ : وَيَجِبُ لِلتَّزْوِيجِ مِنْ وَطْئِهِ ، وَمِنْ وَطْءِ بَائِعِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ مِنْ النِّكَاحِ ، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : بِيَمِينِهِ إنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا ، وَقَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ يُعْلِمْهُ بِذَلِكَ ، وَإِنْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَأَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ : بِخِلَافِ الْبَيْعِ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ يَجِبُ عَلَى الْمُتَمَلِّكِ عِنْدَ إرَادَةِ الْوَطْءِ ، وَأَيْضًا اسْتِبْرَاؤُهُ مَعَ الْحِلِّ فَلَا يُعْتَدُّ بِهِ ( قَوْلُهُ : إلَّا إنْ زَوَّجَهَا مِنْ الْوَاطِئِ ) لِأَمْنِ مَحْذُورِ اخْتِلَاطِ الْمَاءَيْنِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ جَارِيَةً لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَادَّعَاهُ ) ، وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ) بِيَمِينِهِ ( أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ مِنْهُ ) وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى الْبَائِعِ كَمَا لَوْ ادَّعَى عِتْقَ الْعَبْدِ بَعْدَ بَيْعِهِ ( وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافٌ ) الْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي الْمَالِيَّةِ وَالْقَائِلُ بِخِلَافِهِ عَلَّلَهُ بِأَنَّ ثُبُوتَهُ يَقْطَعُ إرْثَ الْمُشْتَرِي بِالْوَلَاءِ ( وَإِنْ كَانَ ) الْبَائِعُ ( قَدْ أَقَرَّ ) بِوَطْئِهَا ( وَبَاعَهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ ) مِنْهُ ( فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ ) مِنْهُ لَا مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا وَقَعَ فِي الْأَصْلِ ( لَحِقَهُ وَبَطَلَ الْبَيْعُ ) لِثُبُوتِ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ ( فَالْوَلَدُ مَمْلُوكٌ لِلْمُشْتَرِي ) فَلَا يَلْحَقُ الْبَائِعَ ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ لَمْ يَلْحَقْهُ ( إلَّا إنْ وَطِئَهَا ) الْمُشْتَرِي ( وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ) بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ ( فَإِنَّهُ ) لَيْسَ مَمْلُوكًا لَهُ بَلْ ( يَلْحَقُهُ ) وَصَارَتْ الْأَمَةُ مُسْتَوْلَدَةً فَلَهُ ( وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا الْبَائِعُ ) قَبْلَ الْبَيْعِ ( فَالْوَلَدُ لَهُ إنْ أَمْكَنَ ) كَوْنُهُ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ اسْتِبْرَاءِ الْمُشْتَرِي أَوْ لِأَكْثَرَ وَلَمْ يَطَأْهَا الْمُشْتَرِي وَالْبَيْعُ بَاطِلٌ ( إلَّا إنْ وَطِئَهَا الْمُشْتَرِي ، وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْهُمَا فَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ ) .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( وَطِئَ الْأَمَةَ شَرِيكَانِ فِي طُهْرٍ ) أَوْ حَيْضٍ ( ثُمَّ بَاعَاهَا أَوْ أَرَادَا تَزْوِيجَهَا أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ أَمَةَ رَجُلٍ كُلٌّ يَظُنُّهَا أَمَتَهُ ، وَأَرَادَ ) الرَّجُلُ ( تَزْوِيجَهَا وَجَبَ اسْتِبْرَاءَانِ ) كَالْعِدَّتَيْنِ مِنْ شَخْصَيْنِ .

( قَوْلُهُ : الْأَوْجَهُ ثُبُوتُهُ ) الْأَصَحُّ عَدَمُ ثُبُوتِهِ ( قَوْلُهُ : وَجَبَ الِاسْتِبْرَاءَانِ ) التَّرْجِيحُ فِي الْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْمُهِمَّاتِ .

( فَصْلٌ : الِاسْتِمْتَاعُ بِالتَّقْبِيلِ وَنَحْوِهِ ) مِنْ السَّيِّدِ ( قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ حَرَامٌ ) فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ ( كَالْوَطْءِ وَيَحِلُّ فِي الْمَسْبِيَّةِ التَّقْبِيلُ وَنَحْوُهُ ) دُونَ الْوَطْءِ لِمَفْهُومِ الْخَبَرِ السَّابِقِ وَالْمَاوَرْدِيُّ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَبَّلَ الَّتِي وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ سَبَايَا أَوْطَاسٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَفَارَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ غَيْرَهَا بِأَنَّ غَايَتَهَا أَنْ تَكُونَ مُسْتَوْلَدَةَ حَرْبِيٍّ ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْمِلْكَ ، وَإِنَّمَا حَرُمَ وَطْؤُهَا صِيَانَةً لِمَائِهِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِمَاءِ حَرْبِيٍّ لَا لِحُرْمَةِ مَاءِ الْحَرْبِيِّ ، وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْأَصْلُ لَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّمَتُّعُ بِهَا بِغَيْرِ الْوَطْءِ أَيْضًا حَكَاهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ ( وَلَا تُزَالُ يَدُ السَّيِّدِ ) عَنْ أَمَتِهِ الْمُسْتَبْرَأَةِ ( مُدَّةَ الِاسْتِبْرَاءِ ) ، وَإِنْ كَانَتْ حَسْنَاءَ بَلْ هُوَ مُؤْتَمَنٌ فِيهِ شَرْعًا ؛ لِأَنَّ سَبَايَا أَوْطَاسٍ لَمْ يُنْزَعْنَ مِنْ أَيْدِي أَصْحَابِهِنَّ .

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ : الِاسْتِمْتَاعُ بِالتَّقْبِيلِ إلَخْ ) هَذَا إذَا كَانَ بِشَهْوَةٍ ، وَإِلَّا فَلَا يَحْرُمُ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، وَذَكَرَهُ غَيْرُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَخَرَجَ بِالِاسْتِمْتَاعِ الْخَلْوَةُ فَإِنَّهَا لَا تَحْرُمُ ( قَوْلُهُ : وَنَحْوِهِ ) كَالنَّظَرِ بِشَهْوَةٍ ( قَوْلُهُ : فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ ) أَلْحَقَ الْمَاوَرْدِيُّ بِالْمَسْبِيَّةِ مَنْ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَحْبَلَ ، وَالْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا ، وَالْمُشْتَرَاةَ مُزَوَّجَةً فَطَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ ، وَأَوْجَبْنَا الِاسْتِبْرَاءَ بَعْدَ مُضِيِّ عِدَّتِهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْهُ صُورَةَ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا : وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صَبِيَّةً مِنْ صَبِيٍّ أَوْ امْرَأَةً بِحَيْثُ يَسْتَحِيلُ ظُهُورُهَا مُسْتَوْلَدَةً لِأَحَدٍ أَنْ لَا يَحْرُمَ الِاسْتِمْتَاعُ بِغَيْرِ الْوَطْءِ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ : مَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ : وَيَحِلُّ فِي الْمَسْبِيَّةِ التَّقْبِيلُ وَنَحْوُهُ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : أَطْلَقُوا جَوَازَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَنْ يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَوَاقَعَهَا لِقُوَّةِ شَبَقِهِ وَضَعْفِ تَقْوَاهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ، وَيَنْبَغِي التَّحْرِيمُ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ .

( فَصْلٌ : يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِي الْمَوْرُوثَةِ وَالْمُوصَى بِهَا بَعْدَ الْقَبُولِ ، وَكَذَا الْمَبِيعَةُ ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ فِيهَا تَامٌّ لَازِمٌ فَأَشْبَهَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ ( وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَلَوْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي ) لِضَعْفِ الْمَالِكِ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي الْخِيَارِ أَنَّهُ إذَا شُرِطَ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ يَحِلُّ لَهُ الْوَطْءُ وَيَلْزَمُ مِنْ حِلِّهِ الِاعْتِدَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَتَقَدَّمَ ثُمَّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْبُلْقِينِيَّ نَقَلَ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ الِاعْتِدَادَ بِهِ إذَا قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي .
( فَرْعٌ : لَوْ مَلَكَ ) أَمَةً ( مُرْتَدَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً أَوْ مَنْ اشْتَرَاهَا عَبْدُهُ الْمَأْذُونُ ) لَهُ ( وَهُوَ مَدْيُونٌ فَحَاضَتْ ) أَوْ وَلَدَتْ وَالْمُرَادُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِاسْتِبْرَاءُ ( قَبْلَ الْإِسْلَامِ ) فِي الْأُولَيَيْنِ ( وَقَضَاءِ الدَّيْنِ ) فِي الثَّالِثَةِ ( لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ ) ، وَإِنْ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ الْمِلْكُ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ كَمَا مَرَّ ، وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِمَا يَسْتَعْقِبُهُ .
( وَيُعْتَدُّ بِاسْتِبْرَاءِ الْمَرْهُونَةِ ) فَلَا يَجِبُ إعَادَتُهُ بَعْدَ انْفِكَاكِ الرَّهْنِ هَذَا مَا حَكَاهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَحَكَى مُقَابِلَهُ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ ، وَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ عَجِيبٌ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لَهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ فَإِنْ تَعَلَّقَ الْغُرَمَاءُ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ عَنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ لَا يَزِيدُ عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَقَلَ الْمَحَامِلِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ ضَابِطًا لِمَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ اسْتِبْرَاءٍ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ اسْتِبَاحَةٌ لِوَطْءٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ ، وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ ثُمَّ تَحَلَّلَتْ وَالرُّويَانِيُّ مُوَافِقٌ عَلَى

الْقَاعِدَةِ فَكَيْفَ يُخَالِفُ فِي بَعْضِ فُرُوعِهَا بِلَا مُوجِبٍ .
( فَرْعٌ : وَطْءُ السَّيِّدِ ) أَمَتَهُ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ ( لَا يَقْطَعُ الِاسْتِبْرَاءَ ) ، وَإِنْ أَثِمَ بِهِ لِقِيَامِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْعِدَّةِ ( فَإِنْ حَبِلَتْ ) مِنْهُ ( قَبْلَ الْحَيْضِ بَقِيَ التَّحْرِيمُ حَتَّى تَضَعَ ) كَمَا لَوْ وَطِئَهَا وَلَمْ تَحْبَلْ ( أَوْ ) حَبِلَتْ مِنْهُ ( فِي أَثْنَائِهِ حَلَّتْ ) لَهُ ( بِانْقِطَاعِهِ ) لِتَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى قَبْلَ وَطْئِهِ أَقَلُّ الْحَيْضِ ، وَإِلَّا فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَضَعَ كَمَا لَوْ أَحَبْلَهَا قَبْلَ الْحَيْضِ ( النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ ) عَنْ مَوْطُوءَةٍ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ( فَإِنْ أَعْتَقَ مَوْطُوءَتَهُ أَوْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا ) قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا ( وَلَيْسَتْ بِمُزَوَّجَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ لَزِمَهَا الِاسْتِبْرَاءُ ) لِزَوَالِ فِرَاشِهَا فَأَشْبَهَتْ الْحُرَّةَ الزَّائِلِ فِرَاشُهَا عَنْ النِّكَاحِ ؛ وَلِأَنَّ وَطْأَهُ مُحْتَرَمٌ فَيَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ بَلْ أَوْلَى ( وَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ سَقَطَ عَنْ الْمَوْطُوءَةِ ) لِزَوَالِ فِرَاشِهِ عَنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ فِي الْحَالِ ( وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِشَبَهِهَا بِفِرَاشِ الزَّوْجَةِ ) فَلَا يُعْتَدُّ بِالِاسْتِبْرَاءِ الْوَاقِعِ قَبْلَ زَوَالِ فِرَاشِهَا ( وَلِهَذَا لَوْ اسْتَبْرَأَ أُمَّ الْوَلَدِ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا ) مِنْ حِينِ اسْتِبْرَائِهَا ( لَحِقَهُ بِخِلَافِ الْأَمَةِ ) وَخَرَجَ بِالْمَوْطُوءَةِ وَالْمُسْتَوْلَدَةِ غَيْرُهُمَا فَلَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا فِي مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ ( وَإِنْ انْقَضَتْ عِدَّةُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْأَمَةِ مِنْ زَوْجٍ ، وَأَرَادَ السَّيِّدُ وَطْأَهُمَا اسْتَبْرَأَ الْأَمَةَ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْمُسْتَوْلَدَةِ لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ بِفُرْقَةِ الزَّوْجِ دُونَ الْأَمَةِ .
( وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ ) عَنْهُمَا ( بَعْدَ انْقِضَائِهَا ) أَيْ عِدَّةِ الزَّوْجِ ( وَلَوْ لَمْ يَمْضِ ) بَعْدَ انْقِضَائِهَا ( لَحْظَةٌ أَوْ أَرَادَ

تَزْوِيجَهُمَا اُسْتُبْرِئَتْ الْمُسْتَوْلَدَةُ دُونَ الْأَمَةِ ) لِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا لَمْ يَعْتَبِرْ مُضِيَّ لَحْظَةٍ لِتَعُودَ فِيهَا فِرَاشًا لِلسَّيِّدِ ؛ لِأَنَّ مَصِيرَهَا فِرَاشًا أَمْرٌ حُكْمِيٌّ لَا يَحْتَاجُ إلَى زَمَنٍ حِسِّيٍّ ( وَإِنْ أَعْتَقَهُمَا أَوْ مَاتَ ) عَنْهُمَا ( وَهُمَا مُتَزَوِّجَتَانِ أَوْ فِي الْعِدَّةِ مِنْ زَوْجٍ ) لَا مِنْ ( شُبْهَةٍ فَلَا اسْتِبْرَاءَ ) عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا فِرَاشًا لَهُ بَلْ لِلزَّوْجِ ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لِحِلِّ الِاسْتِمْتَاعِ ، وَهُمَا مَشْغُولَتَانِ بِحَقِّ الزَّوْجِ بِخِلَافِهِمَا فِي عِدَّةِ وَطْءِ شُبْهَةٍ لِقُصُورِهَا عَنْ دَفْعِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّذِي هُوَ مُقْتَضَى الْعِتْقِ وَالْمَوْتِ ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَمْ يَصِيرَا بِذَلِكَ فِرَاشًا لِغَيْرِ السَّيِّدِ .
( وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ وَتَزَوَّجَهَا فِي مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ جَازَ ) كَمَا تَتَزَوَّجُ الْمُعْتَدَّةُ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ ، وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ ، وَقَدْ قَدَّمَهَا قَبْلَ فَرْعِ بَاعَ جَارِيَةً فَلَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ ، وَقَالَ هُنَا لَوْ أَعْتَقَهُمَا وَتَزَوَّجَهُمَا إلَى آخِرِهِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( مَاتَ سَيِّدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ ) الْمُزَوَّجَةِ ( ثُمَّ ) مَاتَ ( زَوْجُهَا أَوْ مَاتَا مَعًا اعْتَدَّتْ كَالْحُرَّةِ ) لِتَأَخُّرِ سَبَبِ الْعِدَّةِ فِي الْأُولَى وَاحْتِيَاطًا لَهَا فِي الثَّانِيَةِ ، وَقِيلَ تَعْتَدُّ فِي الثَّانِيَةِ عِدَّةَ أَمَةٍ ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَامِلَةَ الْفِرَاشِ ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ ( وَلَا اسْتِبْرَاءَ ) عَلَيْهَا ؛ لِأَنَّهَا ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَعُدْ إلَى فِرَاشِ السَّيِّدِ ( وَإِنْ تَقَدَّمَ مَوْتَ الزَّوْجِ ) مَوْتُ سَيِّدِهَا ( اعْتَدَّتْ عِدَّةَ أَمَةٍ بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِشَهْرَيْنِ إلَى آخِرِهِ ( وَلَا اسْتِبْرَاءَ ) عَلَيْهَا ( إنْ مَاتَ السَّيِّدُ ، وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ ) كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ ( فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ ) فَرَاغِ ( الْعِدَّةِ لَزِمَ ) هَا ( الِاسْتِبْرَاءُ )

لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ عَقِبَ الْعِدَّةِ ( وَإِنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا ) الْآخَرَ مَوْتًا ( وَأَشْكَلَ ) الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ مَاتَا مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ( اعْتَدَّتْ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ) مِنْ مَوْتِ ( آخِرِهِمَا مَوْتًا ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ أَوَّلًا ( ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْمَوْتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ وَلَحْظَةٌ فَلَا شَيْءَ ) أَيْ اسْتِبْرَاءَ ( عَلَيْهَا ) ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ زَوْجَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ وَذِكْرُ اللَّحْظَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَهُوَ مُضِرٌّ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ .
( وَإِنْ تَخَلَّلَ ) بَيْنَهُمَا ( ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ أَوْ جُهِلَ قَدْرُهُ فَإِنْ كَانَتْ تَحِيضُ لَزِمَهَا حَيْضَةٌ إنْ لَمْ تَحِضْ فِي الْعِدَّةِ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ السَّيِّدِ آخِرًا وَلِهَذَا لَا تَرِثُ ) مِنْ الزَّوْجِ ( وَلَهَا تَحْلِيفُ الْوَرَثَةِ ) أَنَّهُمْ ( مَا عَلِمُوا حُرِّيَّتَهَا عِنْدَ الْمَوْتِ ) لِلزَّوْجِ فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ، وَإِنْ حَاضَتْ أَوَّلَ الْعِدَّةِ أَمَّا إذَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ فَتَكْفِيهَا الْمُدَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ التَّخَلُّلِ وَجْهٌ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ مَا قَبْلَهَا ، وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَى مَا رَجَّحَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ، وَقَالَ : إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ .

قَوْلُهُ : وَأَلْحَقَ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ بِالْمَسْبِيَّةِ الْمُشْتَرَاةَ مِنْ حَرْبِيٍّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَهَذَا ظَاهِرٌ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهَا انْتَقَلَتْ إلَيْهِ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَنَحْوِهِ ، وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ بِمِثْلِهِ فِي الْمَسْبِيَّةِ وَيُحْمَلُ إطْلَاقُهُمْ عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الصُّورَةِ لِلْعِلَّةِ السَّابِقَةِ فِي غَيْرِ الْمَسْبِيَّةِ ( قَوْلُهُ : فَرْعٌ لَوْ مَلَكَ أَمَةً مُرْتَدَّةً إلَخْ ) يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا إذَا كَانَتْ زِنْدِيقَةً أَوْ يَهُودِيَّةً أَوْ نَصْرَانِيَّةً مِنْ غَيْرِ بَنِي إسْرَائِيلَ أَوْ مُنْتَقِلَةً مِنْ كُفْرٍ إلَى غَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ جَمِيعِهَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ ، قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي التَّدْرِيبِ .
( قَوْلُهُ : أَوْ مَجُوسِيَّةً ) أَيْ أَوْ وَثَنِيَّةً ( قَوْله فَإِنْ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ إلَخْ ) التَّعَلُّقُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَأْذُونِ أَقْوَى مِنْهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْهُونِ مِنْ وَجْهَيْنِ .
أَحَدُهُمَا : تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَأْذُونِ بِهَا ، ثَانِيهِمَا : عَدَمُ انْحِصَارِ حَقِّ التَّعَلُّقِ فِيمَنْ عَلِمَ مِنْ الْغُرَمَاءِ لِاحْتِمَالِ ظُهُورِ غَرِيمٍ آخَرَ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ وَلِهَذَا لَوْ أَذِنَ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا جَازَ لَهُ ( قَوْلُهُ : وَمِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مُحَرَّمَةً فَحَاضَتْ ) ثُمَّ تَحَلَّلَتْ أَوْ صَائِمَةً صَوْمَ نَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ مُعْتَكِفَةً اعْتِكَافًا مَنْذُورًا بِإِذْنِ سَيِّدِهَا ، وَجَعَلَ الْجُرْجَانِيُّ مِنْ فُرُوعِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا ، وَاسْتَبْرَأَهَا ثُمَّ صَلُحَتْ لِلْوَطْءِ لَا يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ، وَمَا قَالَهُ بَعِيدٌ جِدًّا .
ا هـ .
لَا يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي مَسْأَلَةِ الصَّوْمِ وَمَا بَعْدَهَا ، وَقَوْلُهُ : وَمَا قَالَهُ فِيهَا بَعِيدٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إنْ مَضَى إلَخْ ) هُوَ ظَاهِرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِيهِ ( قَوْلُهُ : النَّوْعُ الثَّانِي زَوَالُ الْفِرَاشِ

) شَمِلَ زَوَالُ الْفِرَاشِ زَوَالَ الْمِلْكِ بِالْبَيْعِ أَوْ نَحْوِهِ كَالْوَقْفِ ، وَالْعِتْقِ ، وَالْمَوْتِ وَزَوَالَ فِرَاشِ ، وَاطِئٍ لِشُبْهَةٍ بِالْفِرَاقِ ، وَزَوَالَ فِرَاشِ الْأَبِ عَنْ جَارِيَةِ الِابْنِ ، وَزَوَالَ فِرَاشِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ بِالْمَوْتِ ( قَوْلُهُ : وَمِثْلُهَا الْأَمَةُ ) قَالَ شَيْخُنَا : أَيْ فِي أَنَّهَا لَوْ أَعْتَقَهَا فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ قَطْعًا وَحَلَّ لَهُ تَزَوُّجُهَا حَيْثُ كَانَتْ مُنْتَقِلَةً مِنْ نَحْوِ امْرَأَةٍ أَوْ مِمَّنْ اسْتَبْرَأَهَا ( قَوْلُهُ : ثُمَّ إنْ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَ الْمُدَّتَيْنِ شَهْرَانِ وَخَمْسَةُ أَيَّامٍ إلَخْ ) قَالَ الْفَتِيُّ جَعْلُ الشَّهْرَيْنِ وَالْخَمْسَةِ أَيَّامٍ كَمَا دُونَهَا فِي عَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ ، وَلَمْ يُرَجِّحْهُ فِي الرَّوْضَةِ ، وَإِنَّمَا رَجَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ، وَقَالَ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ فَقَدْ نَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأُمِّ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَتْ الْمُشْتَرَاةُ ) لِسَيِّدِهَا ( حِضْت وَصُدِّقَتْ ) فَيُبَاحُ لَهُ وَطْؤُهَا ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا غَالِبًا ( بِلَا يَمِينٍ ) ؛ لِأَنَّهَا لَوْ نَكَلَتْ لَمْ يَقْدِرْ السَّيِّدُ عَلَى الْحَلِفِ ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ صَرِيحًا حَرُمَ اسْتِمْتَاعُهُ بِهَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ( وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ ) ، وَقَدْ مَنَعَتْهُ أَمَتُهُ مِنْ وَطْئِهَا ( أَخْبَرَتْنِي بِأَنَّهَا حَاضَتْ ، وَأَنْكَرَتْ أَوْ قَالَتْ لِلْوَارِثِ وَطِئَنِي مُوَرِّثُك ) فَلَا أَحِلُّ لَك ، وَكَانَ الْمُوَرِّثُ مِمَّنْ يَحْرُمُ بِوَطْئِهِ وَطْءُ الْوَارِثِ ( فَأَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) أَيْ قَوْلُ السَّيِّدِ فِي الْأُولَى ، وَقَوْلُ الْوَارِثِ فِي الثَّانِيَةِ ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مُفَوَّضٌ فِي الْأُولَى إلَى أَمَانَةِ السَّيِّدِ وَلِهَذَا لَا يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا كَمَا يُحَالُ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمُعْتَدَّةِ بِشُبْهَةٍ ، وَالْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْوَطْءِ ( وَلَهَا تَحْلِيفُهُ ) فِيهِمَا ؛ لِأَنَّ لَهَا حَقًّا فِي ذَلِكَ وَعَلَيْهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَمْكِينِهِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ كَانَتْ صَادِقَةً وَفِي الْأُولَى إنْ تَحَقَّقَتْ بَقَاءَ شَيْءٍ مِنْ زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ ، وَإِنْ أَبَحْنَاهَا لَهُ فِي الظَّاهِرِ وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّهَا حَاضَتْ ، وَأَنْكَرَتْ الْحَيْضَةَ فَقَدْ جَزَمَ الْإِمَامُ بِتَصْدِيقِهَا إذْ لَا يُعْلَمُ الْحَيْضُ إلَّا مِنْهَا قَالَ فَلَوْ أَرَادَ السَّيِّدُ تَحْلِيفَهَا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، وَفِي تَعْلِيلِهِ هَذَا نَظَرٌ ، وَاسْتَشْكَلَ الزَّرْكَشِيُّ تَصْدِيقَهَا فِي هَذِهِ بِتَوْجِيهِ مَسْأَلَتِنَا فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَصْدِيقَهُ فِيهَا أَيْضًا قَالَ : وَكَمَا أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْحَيْضِ فَالْأَصْلُ عَدَمُ الْإِخْبَارِ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَ الْأَمْرَ فِي هَذِهِ إلَى مَا لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهَا بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا .

( قَوْلُهُ : وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهَا السَّيِّدُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ : وَلَهَا تَحْلِيفُهُ ) لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي الْحُسَيْنِ لَوْ قَالَتْ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا أَنَا أُخْتُك مِنْ الرَّضَاعِ ثُمَّ تَمَلَّكَهَا لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا ، وَلَوْ قَالَتْهُ لِسَيِّدِهَا فَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَمْكِينِهِ لَمْ يُقْبَلْ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ وَرُجِّحَ الْقَبُولُ فِي نَظِيرِهَا مِنْ النِّكَاحِ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَزُوِّجَتْ بِغَيْرِ إذْنِهَا ، وَمُقْتَضَى هَذَا طَرْدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي هُنَاكَ أَنَّ الْأَوْجَهَ عَدَمُ الْقَبُولِ ، وَيَشْهَدُ لَهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَاكَ إذْ مُقْتَضَاهُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهَا .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( وَطِئَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي عِدَّةِ وَفَاةِ زَوْجِهَا أَوْ طَلَاقِهِ ثُمَّ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا حَلَّتْ لَهُ ) لِعَوْدِهَا فِرَاشًا لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْمُسْتَوْلَدَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا لِغَيْرِهِ ) فَلَا تَحِلُّ لَهُ ( حَتَّى تَحِيضَ وَلَا يَكْفِي حَيْضُ الْعِدَّةِ ) ؛ لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ لِشَخْصَيْنِ فَلَا يَتَدَاخَلَانِ ( وَلَا تُحْسَبُ مُدَّةُ افْتِرَاشِ السَّيِّدِ مِنْ الْعِدَّةِ ) إنْ اسْتَفْرَشَهَا كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ وَاسْتَفْرَشَهَا الزَّوْجُ الثَّانِي جَاهِلًا هَذَا إذَا لَمْ تَبْنِ حَامِلًا ( فَإِنْ بَانَتْ حَامِلًا ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ( وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِالزَّوْجِ انْقَضَتْ عِدَّتُهُ بِوَضْعِهِ وَلَا تَتَزَوَّجُ حَتَّى تَحِيضَ ) بَعْدَ نِفَاسِهَا ( أَوْ ) أَلْحَقَهُ ( بِالسَّيِّدِ حَصَلَ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تُتِمُّ الْعِدَّةَ ) لِلزَّوْجِ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ ) أَوْ تَحَيَّرَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا ( فَعَلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَطْوَلُ مُدَّتَيْ الْحَيْضِ ، وَإِتْمَامُ الْبَقِيَّةِ ) لِلْعِدَّةِ ؛ لِأَنَّهَا عَلَيْهَا إتْمَامُهَا بِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ السَّيِّدِ وَالتَّرَبُّصُ بِحَيْضَةٍ بِتَقْدِيرِ كَوْنِهِ مِنْ الزَّوْجِ ( فَرْعٌ : ) لَوْ ( اشْتَرَى مُزَوَّجَةً وَوَطِئَهَا جَاهِلًا ) بِأَنَّهَا مُزَوَّجَةٌ أَوْ عَالِمًا بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ( وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَحُكْمُهُ مَا سَبَقَ ) مِنْ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى الْقَائِفِ إلَى آخِرِهِ ، وَمِنْ أَنَّهُ لَا تُحْسَبُ مُدَّةُ افْتِرَاشِ السَّيِّدِ مِنْ الْعِدَّةِ ( وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ بِهَا حَمْلٌ أَوْ ظَهَرَ وَلَمْ يَلْحَقْ السَّيِّدَ ، وَمَاتَ الزَّوْجُ اعْتَدَّتْ عِدَّةَ الْوَفَاةِ ) بِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الْأُولَى وَبِوَضْعِ الْحَمْلِ إنْ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ ، وَإِلَّا فَبِشَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَمْ تَحِلَّ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا بِالِاسْتِبْرَاءِ ) بَعْدَ الْعِدَّةِ ( ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ الزَّوْجُ

اعْتَزَلَهَا ) وُجُوبًا ( حَتَّى تَحِيضَ ) كَالْمَنْكُوحَةِ تُوطَأُ بِالشُّبْهَةِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ ذَلِكَ ( تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَغَيْرِهِ إنْ فَارَقَتْ ) زَوْجَهَا ( وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ) ، وَإِنْ لَمْ تَحِضْ ثَانِيًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَحِلُّهَا لِلسَّيِّدِ بِذَلِكَ مُخَالِفٌ لِلْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءُ الَّذِي وُجِدَ هُنَا قَبْلَهَا إنَّمَا هُوَ عَنْ الْوَطْءِ لَا عَنْ الشِّرَاءِ قُلْت مَا تَقَدَّمَ مَحِلُّهُ بِقَرِينَةِ مَا هُنَا إذَا لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاءٌ آخَرُ فَإِنْ وَجَبَ آخَرُ ، وَأَتَتْ بِهِ الْأَمَةُ فِي مَحِلِّهِ دَخَلَ فِيهِ اسْتِبْرَاءُ الشِّرَاءِ ؛ لِأَنَّهُمَا لِشَخْصٍ وَاحِدٍ .
( فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلْهَا حَتَّى مَاتَ اعْتَدَّتْ لِلْوَفَاةِ ثُمَّ لَا تَحِلُّ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِغَيْرِهِ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ ) ، وَإِنْ حَاضَتْ فِي الْعِدَّةِ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِالْحَيْضِ حِينَئِذٍ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَنِثَ ) رَجُلٌ ( فِي طَلَاقِ امْرَأَتِهِ أَوْ عِتْقِ أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ ) كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ فَأَمَتِي حُرَّةٌ فَدَخَلَ ( وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ ثُمَّ مَاتَ زَوْجُ الْأَمَةِ اعْتَدَّتْ ) مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ ( كَالْحُرَّةِ ) لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ حَنِثَ فِي عِتْقِهَا ( وَلَزِمَ الزَّوْجَ الْأَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ، وَ ) مِنْ ( عِدَّةِ الْوَفَاةِ ) ؛ لِأَنَّهَا مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةٌ فَلَزِمَهَا الْأَكْثَرُ ( وَلَوْ كَانَ لِزَوْجِ الْأَمَةِ الَّتِي حَلَفَ السَّيِّدُ بِعِتْقِهَا أَمَةٌ أَيْضًا وَحَنِثَ هُوَ أَيْضًا فِي عِتْقِهَا أَوْ طَلَاقِ زَوْجَتِهِ الْأَمَةِ ، وَمَاتَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ ) الزَّوْجَتَيْنِ ( الْأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ وَ ) مِنْ ( ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مُتَوَفًّى عَنْهَا أَوْ مُطَلَّقَةٌ .

( قَوْلُهُ : فَعَلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ أَطْوَلُ مُدَّتَيْ الْحَيْضَةِ ، وَإِتْمَامِ الْبَقِيَّةِ ) لَوْ وَقَعَتْ الْحَيْضَةُ فِي بَقِيَّةِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ كَفَتْ كَذَا قَالَاهُ ، وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْحَيْضَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ لِوَطْءِ السَّيِّدِ بَعْدَ الْوَضْعِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْحَمْلِ مِنْ الزَّوْجِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَبْقَى عِدَّةَ وَفَاةٍ .
ا هـ .
وَهُوَ جَلِيٌّ ( قَوْلُهُ : أَوْ عَالِمًا بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) سُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ اشْتَرَى أَمَةً وَزَوَّجَهَا مِنْ بَائِعِهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ النِّكَاحِ ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ ، وَاخْتَلَفَ الْمُشْتَرِي ، وَالْبَائِعُ الزَّوْجُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي هُوَ مِنْ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ رَقِيقٌ لِي ، وَالْجَارِيَةُ مِلْكِي قَالَ شَيْخُنَا ، وَقَالَ الْبَائِعُ هُوَ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ مَا حُكْمُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ ، وَالنِّكَاحِ ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدٍ .
وَالصُّورَةُ أَنَّ الْبَائِعَ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا ، وَلَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ فَهَاهُنَا الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ ، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ ، وَأَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ عَقْدِ النِّكَاحِ فَالْوَلَدُ لِلنِّكَاحِ ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي .

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ : فِيمَا تَصِيرُ بِهِ الْأَمَةُ فِرَاشًا ، وَهُوَ الْوَطْءُ ) لَا مُجَرَّدُ الْمِلْكِ فَلَوْ خَلَا بِهَا بِلَا وَطْءٍ فَوَلَدَتْ وَلَدًا يُمْكِنُ كَوْنُهُ مِنْهُ لَمْ يَلْحَقْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ ؛ لِأَنَّ فِرَاشَ النِّكَاحِ أَقْوَى مِنْ فِرَاشِ الْمِلْكِ ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ النِّكَاحِ التَّمَتُّعُ وَالْوَلَدُ ، وَمِلْكُ الْيَمِينِ قَدْ يُقْصَدُ بِهِ خِدْمَةٌ أَوْ تِجَارَةٌ وَلِهَذَا لَا تَنْكِحُ مَنْ لَا تَحِلُّ وَتَمْلِكُ مَنْ لَا تَحِلُّ ، وَالْمُرَادُ بِالْوَطْءِ مَا يُمْكِنُ بِهِ الْإِحْبَالُ ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ ( فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَمَا دُونَهَا ) مِنْ الْوَطْءِ ( لَا أَكْثَرَ ) مِنْهَا وَلَمْ يَدَّعِ اسْتِبْرَاءً ( لَحِقَهُ ) ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لِلْفِرَاشِ ( وَإِنْ ادَّعَى الِاسْتِبْرَاءَ ) بَعْدَ الْوَطْءِ ( فَأَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا ) إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ ( مِنْ اسْتِبْرَائِهِ ) لَهَا ( لَمْ يَلْحَقْهُ ) ؛ لِأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ قَدْ عَارَضَ الْوَطْءَ فَيَبْقَى مُجَرَّدُ الْإِمْكَانِ ، وَهُوَ لَا يَكْفِي كَمَا مَرَّ ( أَوْ ) أَتَتْ بِهِ ( لِدُونِهَا ) مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ ( لَحِقَهُ ) وَلَغَا الِاسْتِبْرَاءُ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهَا كَانَتْ حَامِلًا حِينَئِذٍ ( وَلَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي طُهْرٍ وَرَمَاهَا بِالزِّنَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ كَانَ لَهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ فَكَذَا أَمَتُهُ ( وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا ) مَرَّ ( فِي اللِّعَانِ ) مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَفْيُهُ ( فَبِهِ يُعْرَفُ أَنَّهُ ) أَيْ أَنَّ هَذَا ( غَيْرُ صَحِيحٍ ) بَلْ هُوَ عَكْسُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ هُنَا ( وَإِذَا أَتَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ) فَأَكْثَرَ إلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ ( وَانْتَفَى عَنْهُ ) كَمَا مَرَّ ( وَأَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ فَلَهَا تَحْلِيفُهُ ) أَنَّهُ اسْتَبْرَأَهَا ( وَيَكْفِي ) فِي حَلِفِهِ ( أَنَّهُ لَيْسَ مِنِّي ) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلِاسْتِبْرَاءِ كَمَا فِي نَفْيِ وَلَدِ الزَّوْجَةِ .

وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْ حَيْثُ إنَّ يَمِينَهُ لَمْ تُوَافِقْ دَعْوَاهُ الِاسْتِبْرَاءَ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّهُ فِي الدَّعَاوَى إذَا أَجَابَ بِنَفْيِ مَا اُدُّعِيَ بِهِ عَلَيْهِ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا عَلَى مَا أَجَابَ وَلَا يَكْفِيهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ هُوَ جَوَابُهُ فِي الدَّعْوَى ، وَفَارَقَ الْوَلَدَ فِي النِّكَاحِ بِأَنَّ نَفْيَهُ لَمْ يَعْتَمِدْ دَعْوَى الِاسْتِبْرَاءِ فِيهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ التَّعَرُّضُ فِي نَفْيِهِ إلَى ذِكْرِهِ ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ : وَإِذَا حَلَفَ عَلَى الِاسْتِبْرَاءِ فَهَلْ يَقُولُ اسْتَبْرَأْتهَا قَبْلَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وِلَادَتِهَا أَمْ يَقُولُ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ اسْتِبْرَائِي فِيهِ وَجْهَانِ ( وَمُقْتَضَى هَذَا ) الْمَكْفِيُّ بِهِ ( أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ أَنَّ لَهُ نَفْيَهُ بِالْيَمِينِ ) بِلَا لِعَانٍ ( وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ فَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( فَهَلْ يَلْحَقُهُ ) الْوَلَدُ فَيَكُونُ لَهُ ( أَوْ يَتَوَقَّفُ ) اللُّحُوقُ ( عَلَى يَمِينِهِ فَإِنْ نَكَلَتْ ) عَنْهَا ( فَيَمِينُ الْوَلَدِ ) كَافٍ فِي اللُّحُوقِ ( إنْ بَلَغَ عَاقِلًا وَجْهَانِ ) أَوْجُهُهُمَا الثَّانِي ( وَالسَّيِّدُ الْمُنْكِرُ لِلْوَطْءِ ) الَّذِي ادَّعَتْهُ أَمَتُهُ ( لَا يَحْلِفُ ) عَلَى نَفْيِهِ ( وَلَوْ كَانَ ) ثَمَّ ( وَلَدٌ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْوَطْءِ مَعَ كَوْنِ النَّسَبِ لَيْسَ حَقًّا لَهَا ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ إنْ ادَّعَتْ أُمِّيَّةَ الْوَلَدِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ ؛ لِأَنَّ لَهَا فِيهَا حَقًّا ، وَإِنْ اقْتَضَى كَلَامُهُ تَبَعًا لِصَرِيحِ كَلَامِ أَصْلِهِ خِلَافَهُ .
نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ ، وَأَصْلِهِ لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ( وَإِنَّمَا حَلَفَ فِي الْأُولَى ) الَّتِي قَالَ فِيهَا فَلَهَا تَحْلِيفُهُ ( لِأَنَّهُ سَبَقَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ ) ، وَهُوَ الْوَطْءُ ( وَإِنْ أَتَتْ الْأَمَةُ بِوَلَدٍ يَلْحَقُهُ ) أَيْ سَيِّدَهَا ( ثُمَّ )

أَتَتْ ( بِآخَرَ وَبَيْنَهُمَا سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَحِقَهُ إنْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُقِرَّ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ يَبْطُلُ بِالِاسْتِبْرَاءِ فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى ( أَوْ ) أَتَتْ بِالْآخَرِ ( لِأَقَلَّ مِنْ ) سِتَّةِ أَشْهُرٍ ( لَحِقَهُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ أَقَرَّ بِوَطْءٍ جَدِيدٍ أَمْ لَا ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ حَمْلٌ وَاحِدٌ ( وَلَوْ أَقَرَّ ) السَّيِّدُ ( بِوَطْءِ الْأَمَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَوْ فِي الدُّبُرِ ) ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ ( لَمْ يَلْحَقْهُ ) ؛ لِأَنَّ سَبْقَ الْمَاءِ إلَى الْفَرْجِ بِالْوَطْءِ فِيمَا عَدَاهُ بَعِيدٌ ، وَكَمَا فِي التَّحْصِينِ وَالتَّحْلِيلِ وَنَحْوِهِمَا ( وَلَوْ قَالَ كُنْت ) حَالَةَ الْوَطْءِ ( أَعْزِلُ ) عَنْهَا ( لَحِقَهُ ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَى الرَّحِمِ ، وَهُوَ لَا يُحِسُّ بِهِ ؛ وَلِأَنَّ أَحْكَامَ الْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِنْزَالُ .

( قَوْلُهُ : وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ : هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ مَا فِي الرَّوْضَةِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ النُّسَخِ السَّقِيمَةِ مِنْ الشَّرْحِ ، وَهُوَ غَلَطٌ فَاَلَّذِي سَبَقَ هُنَاكَ قُبَيْلَ الطَّرَفِ الثَّالِثِ فِي سَبَبِ اللِّعَانِ مَا نَصُّهُ إذَا لَحِقَهُ نَسَبٌ بِمِلْكِ الْيَمِينِ مِنْ مُسْتَوْلَدَةٍ أَوْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ لَمْ يَنْتِفْ عَنْهُ بِاللِّعَانِ فِي الْأَظْهَرِ ، وَقِيلَ قَطْعًا وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الِاسْتِبْرَاءِ بَيَانُهُ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَا فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ فَلَوْ أَرَادَ نَفْيَهُ بِاللِّعَانِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ نَسَبَ مِلْكِ الْيَمِينِ لَا يُنْفَى بِاللِّعَانِ ، وَادَّعَى أَبُو سَعِيدٍ الْمُتَوَلِّي أَنَّ الصَّحِيحَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ ، وَكَأَنَّ الشَّيْخَ مُحْيِي الدِّينِ انْتَقَلَ نَظَرُهُ مِنْ لَفْظِ الصَّحِيحِ الْأَوَّلِ إلَى الثَّانِي أَوْ سَقَطَ ذَلِكَ مِنْ نُسْخَتِهِ مِنْ الرَّافِعِيِّ ( قَوْلُهُ : وَجْهَانِ ) الظَّاهِرُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي حَلِفِهِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِهِ ( قَوْلُهُ : فَهَلْ يَلْحَقُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ : وَقَالَ إنَّ مَا فِي الرَّوْضَةِ ، وَأَصْلِهَا لَا يُعْرَفُ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ ) صَوَّبَ السُّبْكِيُّ حَمْلَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ فَإِنْ كَانَتْ لِأُمِّيَّةِ الْوَلَدِ لِيَمْتَنِعَ مِنْ بَيْعِهَا وَيُعْتَقَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَيَحْلِفُ قَالَ ، وَقَدْ قَطَعُوا بِتَحْلِيفِ السَّيِّدِ إذَا أَنْكَرَ الْكِتَابَةَ ، وَكَذَا إذَا أَنْكَرَ التَّدْبِيرَ ، وَقُلْنَا لَيْسَ إنْكَارُهُ رُجُوعًا قَالَ ، وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ فِي آخِرِ الْفَصْلِ مَا يُزِيلُ الْإِبْهَامَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُشْبِهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ : لِأَنَّ هَذَا الْفِرَاشَ إلَخْ ) ، وَالْمُرَادُ الْفِرَاشُ فِي غَيْرِ الْمُسْتَوْلَدَةِ ؛ لِأَنَّ هَذِهِ قَبْلَ الْوِلَادَةِ لَأَوْلَى لَمْ يَثْبُتْ لَهَا حُكْمُ الِاسْتِيلَادِ ( قَوْلُهُ : فَبِالْوِلَادَةِ أَوْلَى ) ؛ لِأَنَّ دَلَالَةَ الْوِلَادَةِ عَلَى فَرَاغِ

الرَّحِمِ قَطْعِيَّةٌ ، وَدَلَالَةَ الْحَيْضِ عَلَى ذَلِكَ ظَنِّيَّةٌ إذْ الْحَامِلُ قَدْ تَحِيضُ .

( فَصْلٌ : وَلَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ فَطَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ ، وَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْئِهَا فَوَلَدَتْ ) وَلَدًا ( لِزَمَنٍ يُحْتَمَلُ كَوْنُهُ مِنْهُمَا لَحِقَ السَّيِّدَ ) عَمَلًا بِالظَّاهِرِ ( وَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ ) لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ( وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ يُمْكِنُ ) كَوْنُهُ ( مِنْ النِّكَاحِ وَالْمِلْكِ ) بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ الْوَطْءِ بَعْدَ الشِّرَاءِ ، وَأَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ الشِّرَاءِ ( لَمْ تَصِرْ أُمَّ وَلَدٍ ) لِانْتِفَاءِ لُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ( إلَّا إنْ أَقَرَّ بِالْوَطْءِ بَعْدَ الْمِلْكِ ) بِغَيْرِ دَعْوَى اسْتِبْرَاءٍ يُمْكِنُ حُدُوثُ الْوَلَدِ بَعْدَهُ بِأَنْ لَمْ يَدَّعِهِ أَوْ ادَّعَاهُ وَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ فَتَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُكْمِ بِلُحُوقِهِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ احْتِمَالُ كَوْنِهِ مِنْ النِّكَاحِ إذْ الظَّاهِرُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْ مِلْكِ الْيَمِينِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْأَمَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا إلَّا بِالْوَطْءِ أَوْ اسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ فَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الِاثْنَتَيْنِ ، وَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَهَلْ نَقُولُ يَلْحَقُهُ كَمَا لَوْ كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ لَا وَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ لُحُوقَ الْوَلَدِ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ زَوْجَةٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنَّهُ يَلْحَقُهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ .
قُلْت : بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ لِانْتِفَاءِ فِرَاشِ الْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِمَا ذُكِرَ ، وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا .

( قَوْلُهُ : قُلْت بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْبُلْقِينِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى إقْرَارِ سَيِّدِهَا بِدُخُولِ مَنِيِّهِ فِي فَرْجِهَا ، وَكَلَامُ شَيْخِنَا عَلَى غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْته قَالَ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ كَانَ الْمَالِكُ مَجْبُوبَ الذَّكَرِ بَاقِيَ الْأُنْثَيَيْنِ ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ مَا يَتَأَتَّى مِنْهُ ، وَأَتَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ لِزَمَنِ الْإِمْكَانِ فَهَلْ يَلْحَقُهُ كَالزَّوْجَةِ أَمْ نَقُولُ لَا يَلْحَقُهُ فَيُقَيَّدُ إطْلَاقُهُمْ فِي إلْحَاقِ وَلَدِهِ بِالزَّوْجَةِ ؟ .
لَمْ أَقِفْ عَلَى تَصْرِيحٍ بِذَلِكَ ، وَالْأَقْرَبُ عِنْدِي أَنْ يَلْحَقَهُ إلَّا أَنْ يَنْفِيَهُ بِالْيَمِينِ .

( كِتَابُ الرَّضَاعِ ) .
بِفَتْحِ الرَّاءِ ، وَكَسْرِهَا اسْمٌ لِمَصِّ الثَّدْيِ وَشُرْبِ لَبَنِهِ ، وَقَائِلُهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ الْمُوَافِقِ لِلُّغَةِ ، وَإِلَّا فَهُوَ اسْمٌ لِحُصُولِ لَبَنِ امْرَأَةٍ أَوْ مَا حَصَلَ مِنْهُ فِي جَوْفِ طِفْلٍ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ وَالْأَصْلُ فِي تَحْرِيمِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { وَأُمَّهَاتُكُمْ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ الرَّضَاعَةِ } وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ } وَجُعِلَ سَبَبًا لِلتَّحْرِيمِ ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الْمُرْضِعَةِ ، وَهُوَ اللَّبَنُ صَارَ جُزْءًا لِلرَّضِيعِ بِاغْتِذَائِهِ بِهِ فَأَشْبَهَ مَنِيَّهَا وَحَيْضَهَا فِي النَّسَبِ ( وَتَأْثِيرُهُ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ ) ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ( وَجَوَازُ النَّظَرِ وَالْخَلْوَةِ ) وَعَدَمُ نَقْضِ الطَّهَارَةِ بِاللَّمْسِ ، وَإِيجَابُ الْغُرْمِ وَسُقُوطُ الْمَهْرِ كَمَا سَيَأْتِي ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَرَدُّ الشَّهَادَةِ ( وَفِيهِ أَبْوَابٌ ) أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهِ ، وَهِيَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ الْمُرْضِعُ فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ ، وَإِنْ لَمْ تَلِدْ ) وَلَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا سَوَاءٌ أَكَانَتْ مُزَوَّجَةً أَمْ بِكْرًا أَمْ غَيْرَهُمَا ( فَلَا تَحْرِيمَ بِلَبَنِ رَجُلٍ وَخُنْثَى حَتَّى يَتَّضِحَ ) كَوْنُهُ امْرَأَةً ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْلَقْ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْمَائِعَاتِ ؛ وَلِأَنَّ اللَّبَنَ أَثَرُ الْوِلَادَةِ ، وَهِيَ لَا تُتَصَوَّرُ فِي الرَّجُلِ وَالْخُنْثَى نَعَمْ يُكْرَهُ لَهُمَا نِكَاحُ مَنْ ارْتَضَعَتْ بِلَبَنِهِمَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ النَّصِّ فِي لَبَنِ الرَّجُلِ ( وَ ) بِلَبَنِ ( بَهِيمَةٍ ) حَتَّى لَوْ شَرِبَ مِنْهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى لَمْ يَثْبُتْ بَيْنَهُمَا أُخُوَّةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِغِذَاءِ الْوَلَدِ صَلَاحِيَّةَ لَبَنِ الْآدَمِيَّاتِ ؛ وَلِأَنَّ الْأُخُوَّةَ فَرْعُ الْأُمُومَةِ ، وَمِنْهَا يَنْتَشِرُ تَحْرِيمُ الرَّضَاعِ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ الْأَصْلُ

لَمْ يَثْبُتْ الْفَرْعُ .
( وَ ) لَا ( بِلَبَنٍ انْفَصَلَ عَنْ مَيِّتَةٍ كَمَا لَا تَثْبُتُ الْمُصَاهَرَةُ ) أَيْ حُرْمَتُهَا ( بِوَطْئِهَا ) وَلِضَعْفِ حُرْمَتِهِ بِمَوْتِهَا ؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ جُثَّةٍ مُنْفَكَّةٍ عَنْ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ كَالْبَهِيمَةِ ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ وَصَلَ لَبَنُ الْحَيَّةِ إلَى جَوْفِ الْمَيِّتِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ فَكَذَا إنْ انْفَصَلَ مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهَا ( فَإِنْ انْفَصَلَ ) مِنْهَا ( وَهِيَ حَيَّةٌ ) وَأُوجِرَ الصَّبِيُّ بَعْدَ مَوْتِهَا ( حَرُمَ ) ؛ لِأَنَّهُ انْفَصَلَ مِنْهَا ، وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ وَلَا تَحْرِيمَ بِلَبَنِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ تِسْعَ سِنِينَ ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْوِلَادَةَ ، وَاللَّبَنُ فَرْعُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَلَغَتْهَا كَمَا مَرَّ ؛ لِأَنَّهُ ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِبُلُوغِهَا فَاحْتِمَالُ الْبُلُوغِ قَائِمٌ وَالرَّضَاعُ تِلْوُ النَّسَبِ فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ ، وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ : سِنَّ الْحَيْضِ .

( كِتَابُ الرَّضَاعِ ) .
( قَوْلُهُ : أَيْ دُونَ سَائِرِ أَحْكَامِ النَّسَبِ كَالْمِيرَاثِ إلَخْ ) وَوِلَايَةِ النِّكَاحِ وَالْمَالِ وَوُجُوبِ الْإِعْفَافِ وَسُقُوطِ حَدِّ الْقَذْفِ وَسُقُوطِ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ أَحَدِهِمَا مَالَ الْآخَرِ ، وَمَنْعِ صَرْفِ الزَّكَاةِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ : فَيُشْتَرَطُ كَوْنُهَا امْرَأَةً حَيَّةً ) يَشْمَلُ الْجِنِّيَّةَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ : يُحْتَمَلُ أَنْ يُحَرِّمَ لَبَنُهَا ؛ لِأَنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْمُكَلَّفِينَ قَالَ النَّاشِرِيُّ : يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ نِكَاحِهَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا فَلَا يَثْبُتُ تَحْرِيمٌ لِكَوْنِهَا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَنْ يُنْكَحُ ، وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَطْلَقُوا فِي الْوَصَايَا أَنَّ مَنْ قُطِعَ بِمَوْتِهِ بِأَنْ بَلَغَ الْغَرْغَرَةَ أَوْ أُبِينَتْ حَشْوَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَوْتَى فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ ، وَأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِقَوْلِهِ ، وَلَا لِفِعْلِهِ .
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ ، وَالطِّفْلَ إذَا بَلَغَا أَوْ أَحَدُهُمَا هَذِهِ الْحَالَةَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالِارْتِضَاعِ ، وَالْإِرْضَاعُ حُكْمٌ وَسَنُوَضِّحُ الْمَسْأَلَةَ فِي الْجِنَايَاتِ وَبَيَانَ مَا فِيهَا .
ا هـ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْأَقْرَبُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ بِلَبَنِ الْجِنِّيَّةِ ، وَقَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ ، وَالطِّفْلَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : بَلَغَتْ سِنَّ الْحَيْضِ إلَخْ ) قَالَ الكوهكيلوني مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ أَنَّ الرَّضَاعَ تَقْرِيبٌ أَيْضًا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَالْمُرَادُ مِنْ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ عَنْ التِّسْعِ زَمَانٌ لَا يَسَعُ أَقَلَّ حَيْضٍ وَطُهْرٍ ، وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ وَرَأَتْ الدَّمَ حُكِمَ بِالْحَيْضِ كَمَا إذَا بَقِيَ مِنْ تِسْعِ سِنِينَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، وَأَمَّا الرَّضَاعُ فَلَا يَثْبُتُ ، وَإِنْ بَقِيَ يَوْمٌ قَوْلُهُ : وَهُوَ حَلَالٌ مُحْتَرَمٌ ) قَالَ شَيْخُنَا مَعْنَى كَوْنِهِ حَلَالًا مُحْتَرَمًا أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الرَّضَاعِ ، وَإِلَّا فَهُوَ حَلَالٌ أَيْضًا ، وَإِنْ انْفَصَلَ مِنْ مَيِّتَةٍ ( قَوْلُهُ :

فَاكْتُفِيَ فِيهِ بِالِاحْتِمَالِ قَالَ الرَّافِعِيُّ ) ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُعَبَّرَ بِاحْتِمَالِ الْبُلُوغِ لِاقْتِضَاءِ الْوِلَادَةِ تَقَدُّمَ الْحَمْلِ ، وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ اتِّفَاقًا ( قَوْلُهُ : وَالسِّنِينَ هُنَا قَمَرِيَّةٌ تَقْرِيبِيَّةٌ إلَخْ ) ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَبَحَثَهُ الْبَارِزِيُّ ، وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ كَثِيرِينَ لَكِنْ نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ التِّسْعَ هُنَا تَحْدِيدِيَّةٌ .

( الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ وَيَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَإِنْ تَغَيَّرَ ) عَنْ هَيْئَتِهِ حَالَةَ انْفِصَالِهِ عَنْ الثَّدْيِ ( كَالْجُبْنِ وَالزُّبْدِ أَوْ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ أَوْ خَالَطَهُ مَاءٌ أَوْ خَمْرٌ ) أَوْ نَحْوُهُمَا ( وَغَلَبَ ) اللَّبَنُ عَلَى الْخَلِيطِ بِأَنْ ظَهَرَتْ إحْدَى صِفَاتِهِ الْآتِيَةِ لِوُصُولِ عَيْنِ اللَّبَنِ إلَى الْجَوْفِ وَحُصُولِ التَّغَذِّي بِهِ ( وَكَذَا لَوْ كَانَ مَغْلُوبًا ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ يَبْقَ مِنْ صِفَاتِهِ الثَّلَاثِ ) الطَّعْمِ وَاللَّوْنِ وَالرِّيحِ حِسًّا وَتَقْدِيرًا ( شَيْءٌ ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِذَلِكَ وَلَيْسَ كَالنَّجَاسَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ حَيْثُ لَا تُؤَثِّرُ فَإِنَّهَا تُجْتَنَبُ لِلِاسْتِقْذَارِ ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالْكَثْرَةِ وَلَا كَالْخَمْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي غَيْرِهَا حَيْثُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَدٌّ فَإِنَّ الْحَدَّ مَنُوطٌ بِالشِّدَّةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ ( لَكِنْ يُشْتَرَطُ ) فِي ثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بِذَلِكَ ( شُرْبُ الْجَمِيعِ فَإِنْ شَرِبَ بَعْضَهُ مُتَحَقِّقًا أَنَّهُ وَصَلَ مِنْهُ شَيْءٌ ) إلَى الْجَوْفِ كَأَنْ بَقِيَ مِنْ الْمَخْلُوطِ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ اللَّبَنِ ( حَرَّمَ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْهُ ( وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ اللَّبَنِ ) الْمَخْلُوطِ ( مِقْدَارَ مَا لَوْ كَانَ مُنْفَرِدًا أَثَّرَ ) فِي التَّحْرِيمِ بِأَنْ يُمْكِنَ أَنْ يُسْقَى مِنْهُ خَمْسُ دَفَعَاتٍ ( وَلَا يَضُرُّ ) فِي التَّحْرِيمِ ( غَلَبَةُ الرِّيقِ لِقَطْرَةِ اللَّبَنِ ) الْمَوْضُوعَةِ فِي الْفَمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالرُّطُوبَاتِ فِي الْمَعِدَةِ .
( فَرْعٌ : لَبَنُ الْمَرْأَتَيْنِ الْمُخْتَلِطُ يُثْبِتُ أُمُومَتَهُمَا وَفِي الْمَغْلُوبِ ) مِنْ اللَّبَنَيْنِ ( التَّفْصِيلُ ) السَّابِقُ فَتَثْبُتُ الْأُمُومَةُ لِغَالِبَةِ اللَّبَنِ ، وَكَذَا لِمَغْلُوبَتِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ .

اللَّبَنُ ( مِنْ أَرْكَانِ الرَّضَاعِ ) ( قَوْلُهُ : الرُّكْنُ الثَّانِي اللَّبَنُ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يَذْكُرُوا فِي الْجُبْنِ وَنَحْوِهِ الْقَدْرَ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ ، وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرًا لَوْ كَانَ لَبَنًا أَمْكَنَ أَنْ يَرْتَضِعَ مِنْهُ خَمْسَةَ رَضَعَاتٍ ، وَأَنْ يَكُونَ التَّفْرِيقُ مَوْجُودًا فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ الِانْتِهَاءِ ، وَلَا يَضُرُّ فِي أَكْلِهِ الشِّبَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمَأْكُولِ ، وَالْمُعْتَبَرُ مَا ذَكَرَهُ فِي اللَّبَنِ ، وَلَوْ امْتَصَّ مِنْ ثَدْيِهَا دَمًا أَوْ قَيْحًا فَلَا تَحْرِيمَ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاسْتِقْصَاءِ ، وَلَوْ امْتَصَّ مَاءً فَفِي الْإِيضَاحِ أَنْ قَالَ عَدْلَانِ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ هُوَ لَبَنٌ رَقَّ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ ، وَإِلَّا فَلَا .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ : الْمَحَلُّ ، وَهِيَ مَعِدَةُ ) أَوْ دِمَاغُ ( الطِّفْلِ الْحَيِّ ) حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً سَوَاءٌ أَوَصَلَ إلَيْهِمَا اللَّبَنُ بِالِارْتِضَاعِ أَمْ بِغَيْرِهِ كَالْإِيجَارِ وَلَوْ نَائِمًا ( لَا ) الطِّفْلِ الْمَيِّتِ لِخُرُوجِهِ عَنْ التَّغَذِّي وَنَبَاتِ اللَّحْمِ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ ( وَلَا ابْنِ حَوْلَيْنِ ) لِخَبَرِ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ ، وَكَانَ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَلِخَبَرِ { لَا رَضَاعَ إلَّا مَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ } الْآيَةَ جَعَلَ تَمَامَ الرَّضَاعَةِ فِي الْحَوْلَيْنِ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بَعْدَهُمَا بِخِلَافِهِ ، وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ سَهْلَةَ بِنْتَ سَهْلٍ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا كُنَّا نَرَى سَالِمًا وَلَدًا ، وَقَدْ نَزَلَ فِي التَّبَنِّي وَالْحِجَابِ مَا قَدْ عَلِمْت فَمَاذَا تَأْمُرُنِي فَقَالَ أَرْضِعِيهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ يَحْرُمُ بِهِنَّ عَلَيْك فَفَعَلْت فَكَانَتْ تَرَاهُ ابْنًا } فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِسَالِمٍ ، وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ لَيْسَ يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ ( بِالْأَهِلَّةِ مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ ) لِلْوَلَدِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ ( فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ فَوَجْهَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُشْبِهُ تَرْجِيحَ التَّأْثِيرِ لِوُجُودِ الرَّضَاعِ حَقِيقَةً ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا صَحَّحُوهُ فِيمَنْ انْفَصَلَ بَعْضُهُ فَخُرْجَانُ رَقَبَتِهِ ، وَهُوَ حَيٌّ مِنْ أَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْقَوَدِ أَوْ الدِّيَةِ ، وَعَلَيْهِ تُحْسَبُ الْمُدَّةُ مِنْ حِينَ ارْتَضَعَ .
انْتَهَى .
وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ارْتِكَابِ إحْدَاثِ قَوْلٍ ثَالِثٍ إذْ الْمَحْكِيُّ فِي ابْتِدَاءِ الْمُدَّةِ وَجْهَانِ ابْتِدَاءُ الْخُرُوجِ وَانْتِهَاؤُهُ وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَسْأَلَةَ الْحَزِّ مَعَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ عَنْ نَظَائِرِهَا فَلَا اضْطِرَابَ فِيهِمَا اسْتِصْحَابًا لِلضَّمَانِ فِي الْجُمْلَةِ إذْ

الْجَنِينُ يُضْمَنُ بِالْغُرَّةِ ( وَيُتَمَّمُ الْمُنْكَسِرُ ) مِنْ الْأَهِلَّةِ ( ثَلَاثِينَ ) مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ كَنَظَائِرِهِ ( وَيَثْبُتُ ) التَّحْرِيمُ ( بِحُصُولِهِ ) أَيْ اللَّبَنِ ( فِيهَا ) أَيْ فِي الْعِدَّةِ ( وَلَوْ تَقَيَّأَهُ ) فِي الْحَالِ لِوُصُولِهِ إلَى مَحَلِّ التَّغَذِّي ( وَفِي الدِّمَاغِ ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّغَذِّي كَالْمَعِدَةِ إذْ الْأَدْهَانُ إذَا وَصَلَتْ إلَيْهِ انْتَشَرَتْ فِي الْعُرُوقِ وَتَغَذَّتْ بِهَا كَالْأَطْعِمَةِ الْوَاصِلَةِ إلَى الْمَعِدَةِ ( وَلَوْ ) حَصَلَ فِيهِمَا ( بِجِرَاحَةٍ ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ التَّحْرِيمُ ( وَلَا يَثْبُتُ ) التَّحْرِيمُ ( بِتَقْطِيرِهِ فِي أُذُنٍ وَدُبُرٍ ، وَإِحْلِيلٍ ) وَجِرَاحَةٍ لَمْ تَصِلْ إلَى الْمَعِدَةِ وَالدِّمَاغِ ( وَإِنْ أَفْطَرَ بِهِ ) إذْ لَا مَنْفَذَ مِنْهَا إلَيْهِمَا مَا عَدَا الدُّبُرَ ، وَأَمَّا الدُّبُرُ فَلِعَدَمِ التَّغَذِّي بِالتَّقْطِيرِ فِيهِ ، وَإِنَّمَا أَفْطَرَ بِذَلِكَ لِتَعَلُّقِ الْفِطْرِ بِالْوُصُولِ إلَى الْجَوْفِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعِدَةٌ وَلَا دِمَاغٌ وَيُعْتَبَرُ حُصُولُهُ فِيهِمَا مِنْ مَنْفَذٍ فَلَا يَحْرُمُ حُصُولُهُ فِيهِمَا بِصَبِّهِ فِي الْعَيْنِ بِوَاسِطَةِ الْمَسَامِّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .

( قَوْلُهُ : وَلَا ابْنُ حَوْلَيْنِ ) لَوْ تَمَّ الْحَوْلَانِ فِي الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ فَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّافِعِيِّ ، وَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ الْخَامِسَةُ إلَّا بَعْدَ سَنَتَيْنِ لَمْ يَحْرُمْ لَكِنَّ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ التَّحْرِيمُ ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَسَيَأْتِي ( قَوْلُهُ : مِنْ تَمَامِ الِانْفِصَالِ إلَخْ ) هَذَا مَا قَالَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَجَزَمَ بِهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ مِنْ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ ) لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ تَحْرِيمٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَحْرُمُ عَلَى مَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَالصَّيْمَرِيُّ أَنْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي الْعِدَدِ : إنَّ أَحْكَامَ الْجَنِينِ بَاقِيَةٌ لِلْمُنْفَصِلِ بَعْضُهُ كَمَنْعِ الْإِرْثِ وَسِرَايَةِ عِتْقِ الْأُمِّ إلَيْهِ وَعَدَمِ إجْزَائِهِ عَنْ الْكَفَّارَةِ وَوُجُوبِ الْغُرَّةِ عِنْدَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْأُمِّ وَتَبَعِيَّتِهَا فِي الْبَيْعِ ، وَالْهِبَةِ وَغَيْرِهِمَا ( قَوْلُهُ : قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ : وَالْأَوْجَهُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

( فَصْلٌ : وَلَا أَثَرَ لِدُونِ خَمْسِ رَضَعَاتٍ ) رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ { عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ } أَيْ يُتْلَى عَلَيْكُمْ حُكْمُهُنَّ أَوْ يَقْرَؤُهُنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّسْخُ لِقُرْبِهِ ، وَقُدِّمَ مَفْهُومُ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَفْهُومِ خَبَرِ مُسْلِمٍ أَيْضًا { لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ } لِاعْتِضَادِهِ بِالْأَصْلِ ، وَهُوَ عَدَمُ التَّحْرِيمِ ( إلَّا إنْ حَكَمَ بِهِ ) أَيْ التَّأْثِيرِ بِدُونِ الْخَمْسِ ( حَاكِمٌ ) يَرَاهُ فَلَا يُنْقَضُ حُكْمُهُ ( وَلَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُ صِفَّاتِهِنَّ حَتَّى لَوْ شَرِبَ بَعْضًا ، وَأَسْعَطَ بَعْضًا وَنَحْوَ ذَلِكَ ) كَإِيجَارٍ ( حَرُمَ وَالْمُعْتَمَدُ فِي التَّعَدُّدِ الْعُرْفُ ) إذْ لَا ضَابِطَ لَهُ فِي اللُّغَةِ وَلَا فِي الشَّرْعِ ( فَإِنْ لَفَظَ ) الْمُرْتَضِعُ ( الثَّدْيَ ) فِي أَثْنَاءِ الرَّضْعَةِ ( لَتَحَوَّلَ ) مِنْ ثَدْيِ الْمُرْضِعَةِ إلَى ثَدْيِهَا الْآخَرِ لِنَفَاذِ مَا فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ نَامَ أَوَّلَهَا ) عَنْ الِارْتِضَاعِ فِي أَثْنَائِهِ ( لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ ) إلَيْهِ حَالًا ( وَكَذَا إنْ طَالَ ) كُلٌّ مِنْ النَّوْمِ وَاللَّهْوِ ( وَالثَّدْيِ فِي فَمِهِ أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ لِشُغْلٍ خَفِيفٍ ثُمَّ عَادَتْ ) إلَى الْإِرْضَاعِ ( فَوَاحِدَةٌ ) لِلْعُرْفِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الثَّدْيُ فِي فَمِهِ ، وَمَا إذَا قَطَعَتْهُ لِشُغْلٍ طَوِيلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْدُ وَتَخْصِيصُ تَقْيِيدِ كَوْنِ الثَّدْيِ فِي فَمِهِ بِحَالَةِ طُولِ اللَّهْوِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعَلَيْهِ نَصَّ الشَّافِعِيِّ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْمُهِمَّاتِ ( فَإِنْ قَطَعَهُ ) الْمُرْتَضِعُ ( إعْرَاضًا وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ ) آخَرَ ( ثُمَّ عَادَ ) وَارْتَضَعَ ( أَوْ قَطَعَتْهُ الْمُرْضِعَةُ ، وَأَطَالَتْهُ فَرَضْعَتَانِ ) التَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِالْإِطَالَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ، وَقَوْلُهُ كَأَصْلِهِ وَاشْتَغَلَ بِشَيْءٍ لَيْسَ بِقَيْدٍ

وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ ( وَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ فِي الْيَوْمِ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً اُعْتُبِرَ التَّعَدُّدُ ) فِيهِ ( بِمِثْلِ هَذَا ) فَلَوْ أَكَلَ لُقْمَةً ثُمَّ أَعْرَضَ وَاشْتَغَلَ بِشُغْلٍ طَوِيلٍ ثُمَّ عَادَ ، وَأَكَلَ حَنِثَ وَلَوْ أَطَالَ الْأَكْلَ عَلَى الْمَائِدَةِ ، وَكَانَ يَنْتَقِلُ مِنْ لَوْنٍ إلَى لَوْنٍ وَيَتَحَدَّثُ فِي خِلَالِ الْأَكْلِ وَيَقُومُ وَيَأْتِي بِالْخُبْزِ عِنْدَ نَفَاذِهِ لَمْ يَحْنَثْ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ أَكْلَةً وَاحِدَةً .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَلَبَتْ لَبَنَهَا دَفْعَةً ، وَأَوْجَرَتْهُ ) الصَّبِيَّ ( خَمْسًا أَوْ عَكْسَهُ ) بِأَنْ حَلَبَتْ لَبَنَهَا خَمْسَ دَفَعَاتٍ ، وَأَوْجَرَتْهُ دَفْعَةً ( فَرَضْعَةٌ ) نَظَرًا إلَى انْفِصَالِهِ فِي الْأُولَى ، وَإِيجَارِهِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَإِنْ تَعَدَّدَا ) أَيْ الِانْفِصَالُ وَالْإِيجَارُ ( مَعًا وَلَمْ يُخْلَطْ فَخَمْسٌ ، وَإِنْ خُلِطَا ثُمَّ فُرِّقَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ فَكَمَا لَوْ لَمْ يُخْلَطْ ) فَيُعَدُّ خَمْسَ رَضَعَاتٍ ( وَإِنْ خُلِطَ لَبَنُ خَمْسٍ ) مِنْ النِّسْوَةِ ( وَأَوْجَرَهُ خَمْسَ دَفَعَاتٍ ) أَوْ دَفْعَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ ) مِنْهُنَّ ( رَضْعَةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ الْأُبُوَّةُ إنْ كَانَ ) لَبَنُهُنَّ ( لَبَنَهُ .
فَرْعٌ : إذَا شُكَّ فِي اسْتِكْمَالِ الْخَمْسِ أَوْ الْحَوْلَيْنِ أَوْ ) فِي ( وُصُولِهِ جَوْفَهُ ) أَوْ فِي أَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ أَوْ فِي أَنَّهُ حُلِبَ فِي حَيَاتِهَا ( فَلَا حُرْمَةَ ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَدَمُ ( وَلْيُتَوَرَّعْ ) فِي ذَلِكَ .

قَوْلُهُ : فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ ) قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّ النَّاسِخَ مِنْ السُّنَّةِ لَا أَنَّهُ قُرْآنٌ وَنُسِخَ أَيْضًا بِالسُّنَّةِ ( قَوْلُهُ : وَقَدَّمَ مَفْهُومَ الْخَبَرِ الْمَذْكُورِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ كُلَّ سَبَبٍ يُؤَيِّدُ التَّحْرِيمَ إذَا عَرَى عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ افْتَقَرَ إلَى الْعَدَدِ كَاللِّعَانِ ، وَإِنْ لَمْ يَعْرَ عَنْ جِنْسِ الِاسْتِبَاحَةِ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى الْعَدَدِ كَالنِّكَاحِ ( قَوْلُهُ : فَإِنْ لَفَظَ الثَّدْيَ ) ( فَائِدَةٌ ) الثَّدْيُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ ، وَالتَّذْكِيرُ أَكْثَرُ وَيَكُونُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ لَهَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَهُ بِهَا ( قَوْلُهُ : أَوْ لَهَا لَحْظَةً ثُمَّ عَادَ ) قَيَّدَ فِي الشَّرْحَيْنِ ، وَالرَّوْضَةِ الِاتِّحَادَ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِهِ لِلَّهْوِ بِبَقَاءِ الثَّدْيِ فِي فِيهِ ، وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ، وَاسْتَشْهَدَ بِنَصِّ الْمُخْتَصَرِ ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ ، وَإِنْ بَانَ مِنْ فِيهِ رَضْعَتَانِ .

( فَصْلٌ : تَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ ، وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ ( لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ ) كَعَكْسِهِ فِيمَا لَوْ دُرَّ لَبَنُ بِكْرٍ أَوْ ثَيِّبٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَذَلِكَ ( كَمَنْ ارْتَضَعَ مِنْ خَمْسِ مُسْتَوْلَدَاتٍ رَجُلٍ أَوْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ ) مَوْطُوءَاتٍ ( وَمُسْتَوْلَدَةٍ ) لَهُ بِلَبَنِهِ ( رَضْعَةً رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا ) فَيَصِيرُ وَلَدًا لِذِي اللَّبَنِ ؛ لِأَنَّ لَبَنَ الْجَمِيعِ مِنْهُ ، وَهُنَّ كَالظُّرُوفِ لَهُ ، وَقَدْ تَعَدَّدَتْ الرَّضَعَاتُ ، وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُنَّ لَمْ تُرْضِعْهُ خَمْسًا ( وَيَحْرُمْنَ ) أَيْ الْخَمْسُ ( عَلَى الطِّفْلِ ؛ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوءَاتُ أَبِيهِ ) وَبَعْضُهُنَّ فِي الثَّانِيَةِ زَوْجَاتُ أَبِيهِ ، وَقَوْلُهُ رَضْعَةً وَلَوْ مُتَوَالِيًا مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ وَلَوْ دَفْعَةً كَانَ أَوْلَى لِيُوَافِقَ مَا قَدَّمْته عَنْ تَصْرِيحِ الْأَصْلِ قُبَيْلَ الْفَرْعِ ( وَلَوْ أَرْضَعْنَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَ نِكَاحُهَا ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِنْتَهُ ( وَلَا غُرْمَ عَلَى مُسْتَوْلَدَتِهِ ) إذْ لَا يَثْبُتُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَمْلُوكِهِ ( فَإِنْ أَرْضَعَتْهَا زَوْجَاتُهُ الثَّلَاثُ ، وَمُسْتَوْلَدَاتُهُ فَالْجَانِي الْأَخِيرَةُ ) مِنْهُنَّ إنْ أَرْضَعَتْهَا مُرَتَّبًا ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ يَتَعَلَّقُ بِإِرْضَاعِهَا ( فَتَغْرَمُ ) مَهْرَ الصَّغِيرَةِ ( إنْ كَانَتْ زَوْجَةً ) لَا إنْ كَانَتْ مُسْتَوْلَدَةً ( ، وَإِنْ ) أَرْضَعْنَهَا مَعًا كَأَنْ ( أَوْجَرْنَهَا لَبَنَهُنَّ مَعًا فَعَلَى الزَّوْجَاتِ ثَلَاثَةُ الْأَخْمَاسِ ) مِنْ مَهْرِهَا بِعَدَدِ رَضَعَاتِهِنَّ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مُسْتَوْلَدَتَيْهِ فَلَوْ جُهِلَتْ الْأَخِيرَةُ مِنْ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جُهِلَ فِيمَا إذَا تَأَخَّرَ إرْضَاعُ الثَّلَاثِ هَلْ أَرْضَعْنَ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ ( وَلَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُنَّ ) أَيْ الزَّوْجَاتِ ؛ لِأَنَّهُنَّ لَمْ يَصِرْنَ أُمَّهَاتِ الصَّغِيرَةِ ( وَإِنْ أَوْجَرَهَا الزَّوْجَاتُ ) الثَّلَاثُ الرَّضْعَةَ ( الْخَامِسَةَ مَعًا اسْتَوَيْنَ فِي الْغُرْمِ وَلَوْ تَفَاضَلْنَ

فِي الْإِرْضَاعِ ) لِاسْتِوَائِهِنَّ فِي الْإِرْضَاعِ الْمُوجِبِ لِلْغُرْمِ ، وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ لِتَغْرِيمِ الزَّوْجِ الْمُرْضِعَةِ عَدَمَ إذْنِهِ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ ( وَلَوْ أَرْضَعَتْهُ ) أَيْ امْرَأَةٌ صَغِيرًا ( أَرْبَعَ مَرَّاتٍ ) فِي الْحَوْلَيْنِ ( وَتَمَّ الْحَوْلَانِ فِي أَثْنَاءِ ) الرَّضْعَةِ ( الْخَامِسَةِ صَارَتْ أُمَّهُ ) ؛ لِأَنَّ مَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ غَيْرُ مُقَدَّرٍ كَمَا قَالُوا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي جَوْفِهِ إلَّا خَمْسُ قَطَرَاتٍ فِي كُلِّ رَضْعَةٍ قَطْرَةٌ حَرُمَ وَظَاهِرُ نَصِّ الْأُمِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ أُمَّهُ .
( فَرْعٌ : لَا يَصِيرُ ) الشَّخْصُ ( جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ ) لَهُ ( وَلَا خَالًا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْأَخَوَاتِ ) لَهُ ( مَرَّةً مَرَّةً ) أَيْ لَا يَصِيرُ جَدًّا مِنْ أُمٍّ لِمُرْتَضِعِ بَنَاتِهِ وَلَا خَالًا لِمُرْتَضِعِ أَخَوَاتِهِ ؛ لِأَنَّ الْجُدُودَةَ لِأُمٍّ والخئولة إنَّمَا يَثْبُتَانِ بِتَوَسُّطِ الْأُمُومَةِ وَلَا أُمُومَةَ بِخِلَافِ الْأُبُوَّةِ تَثْبُتُ ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ كَمَا مَرَّ .
( فَرْعٌ : وَلَوْ ارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ ) تَحْتَ رَجُلٍ ( مِنْ مَوْطُوآته الْخَمْسِ ) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُنَّ ( رَضْعَةً وَاللَّبَنُ لِغَيْرِهِ حَرُمَتْ عَلَيْهِ لِكَوْنِهَا رَبِيبَتَهُ ) نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاصِّ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْأُمُومَةِ بِذَلِكَ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْجُمْهُورِ فِيهِ فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ تَرْكَهُ أَوْ التَّنْبِيهَ عَلَيْهِ ( فَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مَوْطُوءَةٍ فَلَا تَحْرِيمَ ) بَيْنَهُمَا .

( قَوْلُهُ : وَإِنَّمَا لَمْ تَثْبُتْ الْأُمُومَةُ إلَخْ ) ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْأُمُومَةَ قَدْ تَثْبُتُ دُونَ الْأُبُوَّةِ ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَصْلٌ ( قَوْلُهُ : وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ ، وَلَوْ دُفْعَةً كَانَ أَوْلَى إلَخْ ) لَوْ قَالَهُ لَمْ يَصِحَّ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْمَعِيَّةُ فِي ارْتِضَاعِهِ مِنْهُنَّ قَوْلُهُ : فَالظَّاهِرُ عَدَمُ الْغُرْمِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَتَمَّ الْحَوْلَانِ ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ ( قَوْلُهُ : فَرْعٌ لَا يَصِيرُ جَدًّا بِإِرْضَاعِ خَمْسِ الْبَنَاتِ لَهُ إلَخْ ) لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ ابْنٌ ، وَابْنُ ابْنٍ ، وَأَبٌ وَجَدٌّ ، وَأَخٌ فَأَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ بِلَبَنِهِ طِفْلَةً مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَحْرُمْ عَلَى زَيْدٍ ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ زَوْجَةُ كُلٍّ مِنْ خَمْسَةِ أُخُوَّة طِفْلَةً لَا تَحْرُمُ عَلَيْهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً لَهَا بِنْتُ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنٍ وَبِنْتُ ابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَأَرْضَعَتْ لِلْعُلْيَا طِفْلًا ثَلَاثًا ، وَالْأُخْرَيَانِ مَرَّةً مَرَّةً لَمْ تَصِرْ جَدَّةً لِلطِّفْلِ ( قَوْلُهُ : حَرُمَتْ لِكَوْنِهَا رَبِيبَةً ) قَالَ الْفَتَى هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ فَإِنَّ شَرْطَ الرَّبِيبَةِ ثُبُوتُ الْأُمُومَةِ ، وَلَا أُمُومَةَ هُنَا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَّا تَفْرِيعًا عَلَى ضَعِيفٍ فَأَعْمَلَهُ فَغَيَّرْته ، وَقُلْت لَمْ تَحْرُمْ فَلْتَصِرْ فِي النُّسَخِ هَكَذَا ، وَقَالَ شَيْخُنَا قَالَ فِي الْعُبَابِ : فَرْعٌ : مَنْ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ، وَأَمَةٌ مَوْطُوءَاتٍ فَأَرْضَعْنَ طِفْلَةً بِلَبَنِ غَيْرِهِ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ ، وَمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّحْرِيمِ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْأُبُوَّةِ صَوَابُهُ الْأُمُومَةُ ، وَهُوَ ضَعِيفٌ .

( الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ ) .
وَتَحْرِيمُهُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ ذِي اللَّبَنِ ثُمَّ تَسْرِي الْحُرْمَةُ مِنْهُمْ إلَى غَيْرِهِمْ ( فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ ) الرَّضِيعِ ( لِأَنَّهَا أُمُّهُ وَآبَاؤُهَا وَأُمَّهَاتُهَا مِنْ النَّسَبِ وَالرَّضَاعِ أَجْدَادُهُ وَجَدَّاتُهُ ) فَإِنْ كَانَ أُنْثَى حَرُمَ عَلَى الْأَجْدَادِ نِكَاحُهَا أَوْ ذَكَرًا حَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْجَدَّاتِ ( وَالْفُرُوعُ كَفُرُوعِ النَّسَبِ ) فَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ ، وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا ، وَأَخَوَاتُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ فَيَحْرُمُ التَّنَاكُحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ ، وَكَذَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بِخِلَافِ أَوْلَادِ الْأُخْوَة وَالْأَخَوَاتِ ؛ لِأَنَّهُمْ أَوْلَادُ أَخْوَالِهِ وَخَالَاتِهِ فَالْمُرَادُ بِالْفُرُوعِ مَا يَشْمَلُ الْحَوَاشِيَ ( فَإِنْ نَزَلَ اللَّبَنُ ) مِنْ امْرَأَةٍ ( عَلَى وَلَدٍ مَنْسُوبٍ ) لِشَخْصٍ ( وَلَوْ مِنْ ) وَطْءِ ( شُبْهَةٍ فَأَبُوهُ أَبُو الرَّضِيعِ ) وَجَدُّهُ جَدُّهُ وَعَمُّهُ عَمُّهُ وَابْنُهُ ابْنُ أَخِيهِ ، وَيُشْتَرَطُ فِي حُرْمَةِ الرَّضَاعِ فِي حَقِّ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْوَلَدُ إقْرَارُهُ بِالْوَطْءِ ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاصِّ ، وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ بِمُجَرَّدِ الْإِمْكَانِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلرَّضِيعِ ( مَعَ سَائِرِ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ حُكْمُ ابْنِ النَّسَبِ ) الْأَوْلَى حُكْمُ وَلَدِ النَّسَبِ مَعَ سَائِرِ فُرُوعِهِ وَأُصُولِهِ فِي التَّحْرِيمِ ( إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَبِيهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بَنَاتِ الْمُرْضِعَةِ ) ، وَإِنْ كُنَّ أَخَوَاتِ وَلَدِهِ ( وَأُمَّهَاتِهَا ) ، وَإِنْ كُنَّ جَدَّاتِ وَلَدِهِ ( وَلِأَخِيهِ أَنْ يَنْكِحَ الْمُرْضِعَةَ ) وَبَنَاتِهَا وَأُمَّهَاتِهَا ( بِخِلَافِ ) نَظِيرِ ذَلِكَ فِي ( النَّسَبِ ) لَا يَجُوزُ فِيهِ ذَلِكَ ( وَالْعِلَّةُ هُنَاكَ الْمُصَاهَرَةُ ) أَيْ وُجُودُهَا ، وَهِيَ مَنْفِيَّةٌ هُنَا وَتَقَدَّمَ تَحْرِيرُهُ فِي الْبَابِ السَّادِسِ

مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ مَعَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ لَا يَتَمَحَّضُ بِالْمُصَاهَرَةِ ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ الرَّضِيعِ تَنْتَشِرُ مِنْهُ إلَى فُرُوعِهِ مِنْ الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ لَا إلَى أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ ، وَأَنَّ حُرْمَتَيْ الْمُرْضِعَةِ وَالْفَحْلِ تَنْتَشِرَانِ إلَى الْجَمِيعِ .
( فَرْعٌ : لَا حُرْمَةَ لِلَبَنِ الزَّانِي ) فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْكِحَ الصَّغِيرَةَ الْمُرْتَضِعَةَ مِنْ ذَلِكَ اللَّبَنِ ( وَ ) لَكِنْ ( يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ بِنْتِهِ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ لَبَنِهِ كَمَا يُكْرَهُ لَهُ نِكَاحُ مَنْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ حَرَّمَهُ .
( الْبَابُ الثَّانِي فِيمَنْ يَحْرُمُ بِالرَّضَاعِ ) .
( قَوْلُهُ : فَتَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى الطِّفْلِ إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّهُ يَنْتَشِرُ التَّحْرِيمُ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْمُرْضِعَةِ ، وَالْفَحْلِ إلَى أُصُولِهِ ، وَفُرُوعِهِ وَحَوَاشِيهِ وَيَنْتَشِرُ مِنْ الرَّضِيعِ إلَى فُرُوعِهِ دُونَ أُصُولِهِ وَحَوَاشِيهِ ، وَهَذَا اخْتِصَارُ التَّطْوِيلِ الَّذِي فِي كُتُبِ الْفِقْهِ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ : وَظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ يُخَالِفُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ، وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْتِبَارُ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ ضَعِيفٌ ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ ، وَإِنَّهُ الصَّحِيحُ وَحُكِيَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّهُ لَوْ نَزَلَ لَهَا لَبَنٌ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الرَّضَاعِ فِي حَقِّهَا دُونَ الزَّوْجِ ، وَلَوْ كَانَ بَعْدَمَا أَصَابَهَا أَيْ ، وَلَمْ تَحْبَلْ فَالْمَذْهَبُ ثُبُوتُهُ فِي حَقِّهَا دُونَهُ ، وَقَالَ فِي زَوَائِدِهِ : حُرْمَتُهُ تَثْبُتُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا .

( فَرْعٌ : يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ ) فَلَوْ نَفَى الزَّوْجُ وَلَدًا بِاللِّعَانِ فَارْتَضَعَتْ صَغِيرَةٌ بِلَبَنِهِ لَمْ تَثْبُتْ الْحُرْمَةُ وَلَوْ ارْتَضَعَتْ بِهِ ثُمَّ لَاعَنَ انْتَفَى الرَّضِيعُ عَنْهُ فَلَوْ اسْتَلْحَقَ الْوَلَدَ لَحِقَ الرَّضِيعُ أَيْضًا ( وَلِلرَّضِيعِ ) بَعْدَ كَمَالِهِ ( الِانْتِسَابُ إلَى أَحَدِ الشَّخْصَيْنِ ) اللَّذَيْنِ يُحْتَمَلُ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ يُؤَثِّرُ فِي الطِّبَاعِ ، وَمَحِلُّهُ ( بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ ، وَ ) مَوْتِ ( أَوْلَادِهِ ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَهُ يَنْتَسِبُونَ ) إلَى مَنْ يَنْتَسِبُ هُوَ إلَيْهِ ( كَهُوَ ) وَبَعْدَ تَعَذُّرِ إلْحَاقِ الْقَائِفِ لِلْوَلَدِ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ تَحَيَّرَ وَلَمْ يَنْتَسِبْ الْوَلَدَ وَلَا أَوْلَادَهُ أَوْ انْتَسَبَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ لِهَذَا وَبَعْضَهُمْ لِآخَرَ أَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ الِانْتِسَابُ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلْوَلَدِ .
( وَيُجْبَرُونَ ) أَيْ الْوَلَدُ ، وَأَوْلَادُهُ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الِانْتِسَابِ لِضَرُورَةِ النَّسَبِ ( وَلَا يُجْبَرُ ) عَلَيْهِ ( الْمُرْتَضِعُ ) وَالْفَرْقُ أَنَّ النَّسَبَ تَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقٌ لَهُ وَعَلَيْهِ كَالْمِيرَاثِ وَالنَّفَقَةِ وَالْعِتْقِ بِالْمِلْكِ وَسُقُوطِ الْقَوَدِ وَرَدِّ الشَّهَادَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ رَفْعِ الْإِشْكَالِ ، وَالْمُتَعَلِّقُ بِالرَّضَاعِ حُرْمَةُ النِّكَاحِ وَالْإِمْسَاكُ عَنْهُ سَهْلٌ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ الْمُرْتَضِعُ ( كَمَا لَا يُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ ) وَيُفَارِقُ الْوَلَدَ بِأَنَّ مُعْظَمَ اعْتِمَادِ الْقَائِفِ عَلَى الْأَشْبَاهِ الظَّاهِرَةِ دُونَ الْأَخْلَاقِ وَجَوَازِ انْتِسَابِهِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَمِيلُ إلَى مَنْ ارْتَضَعَ مِنْ لَبَنِهِ ، وَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا كَانَ ابْنَهُ فَلَهُ نِكَاحُ بِنْتِ الْآخَرِ وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ ( فَإِنْ لَمْ يَنْتَسِبْ ) إلَيْهِ ( لَمْ يَنْكِحْ بِنْتَ أَحَدِهِمَا ) ؛ لِأَنَّ إحْدَاهُمَا أُخْتُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ .

( قَوْلُهُ : فَرْعٌ يَنْتَفِي الرَّضِيعُ بِانْتِفَاءِ الْوَلَدِ بِاللِّعَانِ ) وَيَلْحَقُ بِلُحُوقِهِ قَالَ الرَّافِعِيُّ : وَلَمْ يَذْكُرُوا هُنَا الْوَجْهَيْنِ فِي نِكَاحِ الَّتِي نَفَاهَا ، وَلَا تَبْعُدُ التَّسْوِيَةُ .

( فَصْلٌ : وَتَثْبُتُ الْأُبُوَّةُ بِاللَّبَنِ ) وَلَوْ ( بَعْدَ الطَّلَاقِ وَالْمَوْتِ قَصُرَ الزَّمَانُ أَوْ طَالَ كَعَشْرِ سِنِينَ وَلَوْ انْقَطَعَ اللَّبَنُ وَعَادَ ) أَوْ نَكَحَتْ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَلَمْ تَلِدْ إذَا لَمْ يَحْدُثْ مَا يُحَالُ اللَّبَنُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ ( وَالْحَمْلُ ) مِنْ النَّاكِحِ الثَّانِي ( لَا يُثْبِتُهَا ) أَيْ الْأُبُوَّةَ ( لِلثَّانِي مَا لَمْ تَلِدْ ) مِنْهُ ، وَإِنْ زَادَ اللَّبَنُ عَلَى مَا كَانَ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ ؛ لِأَنَّ اللَّبَنَ تَبَعٌ لِلْوَلَدِ وَالْوَلَدُ لَهُ ( وَإِذَا حَبِلَتْ مُرْضِعٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ مُرْضِعَةٌ ( مُزَوَّجَةٌ مِنْ ) وَطْءِ ( زِنًا فَاللَّبَنُ لِلزَّوْجِ مَا لَمْ تَضَعْ ثُمَّ ) بَعْدَ الْوَضْعِ ( هُوَ لَبَنُ الزِّنَا ) نَظِيرُهُ مَا لَوْ حَبِلَتْ بِغَيْرِ زِنًا ( وَإِنْ نَزَلَ لِبِكْرٍ لَبَنٌ وَتَزَوَّجَتْ وَحَبِلَتْ ) مِنْ الزَّوْجِ ( فَاللَّبَنُ لَهَا لَا لِلثَّانِي ) الْأَوْلَى لَا لِلزَّوْجِ ( مَا لَمْ تَلِدْ ) وَلَا أَبٌ لِلرَّضِيعِ فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ .
قَوْلُهُ : ثُمَّ هُوَ بَعْدَ الْوَضْعِ لَبَنُ الزِّنَا إلَخْ ) سَكَتُوا عَمَّا لَوْ وَضَعَتْ حَمْلًا مِنْ الزِّنَا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ ، وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَنْقَطِعَ فِيهِ اللَّبَنُ عَنْ الزَّوْجِ بِهَذَا اللَّبَنِ الْمُتَجَدِّدِ كَالشُّبْهَةِ ، وَالنِّكَاحِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ لَبَنَ وَلَدِ الزِّنَا لَا حُرْمَةَ لَهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَثَرٌ فِي قَطْعِهِ لِمَنْ لَهُ حُرْمَةٌ ، وَقَالَ شَيْخُنَا : وَهَذَا ضَعِيفٌ بِدَلِيلِ أَنَّ الزَّانِيَةَ إذَا وَضَعَتْ ، وَلَدًا مِنْ الزِّنَا ثُمَّ أَرْضَعَتْ بِلِبَانِهِ صَبِيًّا فَإِنَّ حُرْمَةَ الرَّضَاعِ تَثْبُتُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَوَلَدِ الزِّنَا .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ ) وَحُكْمُ الْغُرْمِ بِهِ ( وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي الْغُرْمِ ) بِهِ ( فَإِنْ أَرْضَعَتْ مَنْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى رَجُلٍ ( بِنْتُهَا كَأُمِّهِ أَوْ أُخْتِهِ ) مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ ( أَوْ زَوْجَتِهِ ، وَكَذَا زَوْجَةُ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ بِلِبَانِهِمْ ) أَيْ بِلَبَنِهِمْ ( الْإِرْضَاعَ الْمُحَرِّمَ زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ) بِالنَّصْبِ بِأَرْضَعَتْ ( حَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا ) ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُخْتَهُ أَوْ بِنْتَ أُخْتِهِ أَوْ بِنْتَ زَوْجَتِهِ أَوْ أُخْتَهُ أَيْضًا أَوْ بِنْتَ ابْنِهِ أَوْ بِنْتَ أَخِيهِ فَيَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ ؛ لِأَنَّ مَا يُوجِبُ الْحُرْمَةَ الْمُؤَبَّدَةَ كَمَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ يَمْنَعُ اسْتِدَامَتَهُ بِدَلِيلِ أَنَّ الِابْنَ إذَا وَطِئَ زَوْجَةَ أَبِيهِ بِشُبْهَةٍ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَطُرُوِّ الرِّدَّةِ وَالْعِدَّةِ لِعَدَمِ إيجَابِهِمَا التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ أَمَّا إذَا كَانَ اللَّبَنُ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَالْأَخِ فَلَا يُؤَثِّرُ ؛ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنْ تَصِيرَ رَبِيبَةَ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ أَخِيهِ وَلَيْسَتْ بِحَرَامٍ عَلَيْهِ ( وَلَزِمَهُ ) لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي لَمْ يَطَأْهَا ( نِصْفُ الْمُسَمَّى ) إنْ صَحَّ ( أَوْ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ فَسَدَ ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا مِنْ جِهَتِهَا فَيُشْطَرُ الْمَهْرُ لَهُ كَالطَّلَاقِ ( وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مُرْضِعَةٌ غَيْرُهَا أَوْ لَمْ تَقْصِدْ بِإِرْضَاعِهَا فَسْخَ النِّكَاحِ ؛ لِأَنَّ غَرَامَةَ الْإِتْلَافِ لَا تَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( بِنِصْفِ مَهْرِ ) الْمِثْلِ اعْتِبَارًا لِمَا يَجِبُ لَهُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ( لَا غَيْرُ ) أَيْ لَا جَمِيعَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا جَمِيعَ الْمُسَمَّى وَلَا نِصْفَهُ وَفَارَقَ ذَلِكَ شُهُودَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ إذَا رَجَعُوا حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ الزَّوْجُ بِجَمِيعِ مَهْرِ الْمِثْلِ بِأَنَّ فُرْقَةَ الرَّضَاعِ حَقِيقَةٌ فَلَا تُوجِبُ إلَّا النِّصْفَ كَالْمُفَارَقَةِ

بِالطَّلَاقِ وَفِي الشَّهَادَةِ النِّكَاحَ بِأَنْ يَزْعُمَ الزَّوْجُ وَالشُّهُودُ لَكِنَّهُمْ بِشَهَادَتِهِمْ حَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبُضْعِ فَغَرِمُوا قِيمَتَهُ كَالْغَاصِبِ الْحَائِلِ بَيْنَ الْمَالِكِ وَالْمَغْصُوبِ ، وَسَيَأْتِي حُكْمُ نِكَاحِ الْكَبِيرَةِ وَمَهْرِهَا .
( وَيُؤْخَذُ مِنْ كَسْبِ ) الزَّوْجِ ( الْعَبْدِ نِصْفُ الْمُسَمَّى ) أَوْ مَهْرُ مِثْلِ ( زَوْجَتِهِ ) الصَّغِيرَةِ الَّتِي أَرْضَعَتْهَا مَنْ يَحْرُمْ عَلَيْهِ بِنْتُهَا ( وَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) ، وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ لَمْ يَفُتْ إلَّا عَلَى الْعَبْدِ ، وَلَا حَقَّ لِلسَّيِّدِ فِيهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بَدَلُ الْبُضْعِ فَكَانَ لِلسَّيِّدِ كَعِوَضِ الْخُلْعِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً ) بِتَفْوِيضِ سَيِّدِهَا ( فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ ) مَثَلًا ( فَلَهَا الْمُتْعَةُ فِي كَسْبِهِ وَلَا يُطَالِبُ ) سَيِّدُهُ الْمُرْضِعَةَ ( إلَّا بِنِصْفِ مَهْرِ الْمِثْلِ ) وَصَوَّرُوا ذَلِكَ بِالْأَمَةِ ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرَّةِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الْمُتْعَةِ فِي الْكَسْبِ مِنْ زِيَادَتِهِ .

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الرَّضَاعِ الْقَاطِعِ لِلنِّكَاحِ ) .
( قَوْلُهُ : وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ ، وَلَوْ لَزِمَهَا الْإِرْضَاعُ إلَخْ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ بِالْغُرْمِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي الْإِرْضَاعِ فَإِذَا أَذِنَ فَلَا غُرْمَ ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ عَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهَا فِيمَا إذَا أَكْرَهَهَا ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ الْإِذْنِ الْمُجَرَّدِ ( قَوْلُهُ : فَرْعٌ : لَوْ نَكَحَ عَبْدٌ أَمَةً صَغِيرَةً مُفَوَّضَةً إلَخْ ) يُتَصَوَّرُ فِي الْحُرِّ أَيْضًا بِصُوَرٍ .
الْأُولَى إذَا كَانَ مَمْسُوحًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ الْأَمَةَ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ لَهُ نِكَاحُ الْأَمَتَيْنِ ، وَالثَّلَاثِ وَالْأَرْبَعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَهُ بِالْأَمْنِ مِنْ إرْقَاقِ الْوَلَدِ ، وَمِنْهَا إذَا نَكَحَ ذِمِّيٌّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ تَرَافَعُوا إلَيْنَا بَعْدَ حُصُولِ الرَّضَاعَةِ ، وَمِنْهَا أَنْ يَنْكِحَ الذِّمِّيُّ أَمَةً صَغِيرَةً ثُمَّ يُسْلِمَ ، وَهُوَ مُسْتَكْمِلٌ لِلشَّرَائِطِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا كَمَا أَوْضَحُوهُ فِي بَابِهِ وَيُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ .

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَوْجَرَهَا ) أَيْ الصَّغِيرَةَ ( أَجْنَبِيٌّ لَبَنَ أُمِّ الزَّوْجِ ) سَوَاءٌ أَحَلَبَهُ مِنْهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ ( فَالرُّجُوعُ ) لِلزَّوْجِ بِالْغُرْمِ ( عَلَيْهِ ) لَا عَلَى أُمِّ الزَّوْجِ ( وَلَوْ أَكْرَهَ ) الْأَجْنَبِيُّ ( الْأُمَّ ) عَلَى إرْضَاعِهَا ( فَأَرْضَعَتْهَا فَالْغُرْمُ عَلَيْهَا ) طَرِيقًا وَالْقَرَارُ عَلَى الْمُكْرِهِ لِيُوَافِقَ قَاعِدَةَ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِتْلَافِ ، وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَبِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا لِلْحَيْلُولَةِ ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي الْمُكْرَهِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ مَعَ دُخُولِ إتْلَافِهِ فِي الْقَاعِدَةِ ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْغُرْمَ هُنَا الْحَيْلُولَةُ يَرُدُّهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَشُهُودِ الطَّلَاقِ إذَا رَجَعُوا .
( وَإِنْ أَوْجَرَهَا خَمْسَةٌ ) مِنْ النَّاسِ ( مَرَّةً غَرِمُوهُ ) أَيْ مَا لَزِمَهُمْ بِالْإِيجَارِ ( أَخْمَاسًا ) وَلَوْ كَانَ اللَّبَنُ مِنْ وَاحِدَةٍ اعْتِبَارًا بِالْعَدَدِ ( أَوْ ) أَوْجَرَهَا ( ثَلَاثَةٌ مُتَفَاضِلِينَ ) بِأَنْ أَوْجَرَهَا وَاحِدٌ مَرَّةً وَالْآخَرَانِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ( فَعَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ ) يَغْرَمُونَ ( لَا ) عَلَى عَدَدِ ( الرُّءُوسِ ) ؛ لِأَنَّ انْفِسَاخَ النِّكَاحِ يَتَعَلَّقُ بِعَدَدِ الرَّضَعَاتِ فَعَلَى الْأَوَّلِ خُمُسُ الْغُرْمِ وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ خُمُسَاهُ ، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّغْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ فَإِنْ قُلْنَا بِاخْتِصَاصِهِ بِهَا ، وَهُوَ الْأَصَحُّ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِالْأَخِيرِ كَمَا مَرَّ .

قَوْلُهُ : وَالْفَرْقُ بِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ : لَا يَسْتَقِيمُ قِيَاسُهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِ الْغَيْرِ ؛ لِأَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ حَتَّى يُعَبَّرَ عَنْهَا بِالْإِتْلَافِ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْأَبْضَاعَ لَا تَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ أَنَّهُ يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَغْصُوبَةِ قَطْعًا ، وَأَيْضًا لَوْ صَحَّ قِيَاسُ الْأَبْضَاعِ عَلَى الْأَمْوَالِ لَوَجَبَ عَلَى قَاتِلِ الزَّوْجَةِ غَرَامَةُ مَهْرِهَا لِلزَّوْجِ ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا الْغُرْمَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لِلْحَيْلُولَةِ ، وَالْمُكْرَهُ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ حَيْلُولَةٌ .
( قَوْلُهُ : وَهَذَا ، وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا يَأْتِيَانِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ التَّحْرِيمَ لَا يَخْتَصُّ بِالْخَامِسَةِ إلَخْ ) لَوْ أَرْضَعَتْ أُمُّ الزَّوْجِ الصَّغِيرَةَ أَرْبَعَ رَضَعَاتٍ ثُمَّ ارْتَضَعَتْ الصَّغِيرَةُ مِنْهَا ، وَهِيَ قَائِمَةٌ الْخَامِسَةَ فَهَلْ يُحَالُ التَّحْرِيمُ عَلَى الرَّضْعَةِ الْأَخِيرَةِ وَيَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ ارْتَضَعَتْ الْخَمْسَ وَصَاحِبَةُ اللَّبَنِ قَائِمَةٌ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا غُرْمٌ وَيَسْقُطُ مَهْرُ الصَّغِيرَةِ أَوْ يَحِلُّ عَلَى الْجَمِيعِ فَيَسْقُطُ مِنْ نِصْفِ الْمُسَمَّى خُمُسُهُ ، وَيَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ ، وَيَشْهَدُ لَهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا وَاحِدَةً أَنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ ؛ لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ وَالتَّحْرِيمَ الَّذِي يَتَوَقَّفُ عَلَى الْمُحَلِّلِ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالثَّالِثَةِ ، وَلَوْ أَوْجَرُوهَا ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ مُرَتَّبِينَ أُمُّ الزَّوْجِ ، وَاحِدٌ مَرَّةً وَآخَرَانِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَهَلْ يُوَزَّعُ الْغُرْمُ أَثْلَاثًا لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي إفْسَادِ النِّكَاحِ أَوْ عَلَى عَدَدِ الرَّضَعَاتِ صُحِّحَ فِي الرَّوْضَةِ الثَّانِي قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي قَوَاعِدِهِ ، وَالصَّوَابُ يَقْتَضِي مَا سَبَقَ مِنْ النَّصِّ فِي الْخُلْعِ تَرْجِيحُ أَنَّ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ أَرْضَعَ الْخَامِسَةَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70