كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( فَرْعٌ ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَقَسَمَ لِثَلَاثٍ مِنْهُنَّ لَيْلَةً لَيْلَةً وَنَشَزَتْ الرَّابِعَةُ لَيْلَتَهَا سَقَطَ حَقُّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَلَوْ عَادَتْ إلَى طَاعَتِهِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ لَمْ يَقْضِهَا أَوْ قَبْلَهُ فَهَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا مَا بَقِيَ مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ الْأَصَحُّ نَعَمْ لِأَنَّ حَقَّهَا جَمِيعُ اللَّيْلَةِ وَلَا نُشُوزَ مِنْهَا فِي الْبَاقِي انْتَهَى .
وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا الْقَسْمُ بِنُشُوزِ بَعْضِ الْيَوْمِ ( وَإِنْ خَرَجَ أَوْ أُخْرِجَ مُضْطَرًّا ) فِيهِمَا ( فِي لَيْلَةِ إحْدَاهُنَّ قَضَاهَا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِهِ ) أَيْ بِقَدْرِ مَا مَا فَوَّتَهُ بِذَلِكَ ( وَذَلِكَ الْوَقْتُ ) الَّذِي فَوَّتَ فِي مِثْلِهِ ( أَوْلَى ) بِالْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِهِ فَيَقْضِي لِأَوَّلِ اللَّيْلِ مِنْ أَوَّلِهِ وَلِآخِرِهِ مِنْ آخِرِهِ فَإِنْ خَالَفَ جَازَ لِأَنَّ اللَّيْلَ كُلَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ ( ثُمَّ يَخْرُجُ ) مِنْ عِنْدِهَا ( وَيَنْفَرِدُ ) عَنْ زَوْجَاتِهِ بَقِيَّةَ اللَّيْلَةِ ( إلَّا أَنْ يَخَافَ عَسًّا ) أَوْ نَحْوَهُ لَوْ خَرَجَ ( فَيَقِفُ ) عَنْ الْخُرُوجِ أَيْ يُقِيمُ عِنْدَهَا لِلْعُذْرِ وَلَعَلَّ قَوْلَهُ فَيَقِفُ مُصَحَّفٌ عَنْ فَيَبِيتُ أَوْ عَنْ فَيُعْذَرُ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ ( وَالْأَوْلَى ) لَهُ ( أَنْ لَا يَسْتَمْتِعَ ) بِهَا فِيمَا وَرَاءَهُ مِنْ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ ذَلِكَ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ الْأَوْلَى وَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ فِي يَوْمٍ أُخْرَى فَهُوَ مُحَرَّمٌ قَطْعًا وَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَامَعَ ثُمَّ فِي نَوْبَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِهِ هُنَا .

( قَوْلُهُ الْأَصَحُّ نَعَمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَقْيَسُ لَا كَمَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهَا إلَخْ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْيَوْمَ كَالشَّيْءِ الَّذِي لَا يَتَبَعَّضُ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ مَبِيتِ اللَّيْلَةِ فَإِنَّ وُجُوبَ بَعْضِهِ مَوْجُودٌ فِي كَلَامِهِمْ .

( وَإِنْ وَهَبَتْ ) وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ ( حَقَّهَا ) مِنْ الْقَسْمِ ( لِمُعَيَّنَةٍ وَرَضِيَ ) بِالْهِبَةِ ( بَاتَ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ ) لَيْلَةً لَهَا وَلَيْلَةً لِلْوَاهِبَةِ ( وَإِنْ كَرِهَتْ ) كَمَا فَعَلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا وَهَبَتْ سَوْدَةُ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهَذِهِ الْهِبَةُ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الْهِبَاتِ وَلِهَذَا لَا يُشْتَرَطُ رِضَا الْمَوْهُوبِ لَهَا بَلْ يَكْفِي رِضَا الزَّوْجُ لِأَنَّ الْحَقَّ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَاهِبَةِ وَمَحَلُّ بَيَاتِهِ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ لَيْلَتَيْنِ ( مَا دَامَتْ الْوَاهِبَةُ فِي نِكَاحِهِ ) فَلَوْ خَرَجَتْ عَنْ نِكَاحِهِ لَمْ يَبِتْ عِنْدَ الْمَوْهُوبَةِ إلَّا لَيْلَتَهَا وَلَوْ قَالَ مَا دَامَتْ تَسْتَحِقُّ الْقَسْمَ كَانَ أَوْلَى ( وَلَوْ كَانَتَا ) أَيْ اللَّيْلَتَانِ ( مُتَفَرِّقَتَيْنِ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهُمَا ) لِلْمَوْهُوبَةِ بَلْ يُفَرِّقُهُمَا كَمَا كَانَتَا قَبْلَ لِئَلَّا يَتَأَخَّرَ حَقُّ الَّتِي بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّ الْوَاهِبَةَ قَدْ تَرْجِعُ بَيْنَ اللَّيْلَتَيْنِ وَالْمُوَالَاةُ تُفَوِّتُ حَقَّ الرُّجُوعِ عَلَيْهِمَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ بِمَا إذَا تَأَخَّرَتْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ فَإِنْ تَقَدَّمَتْ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا جَازَ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَكَذَا لَوْ تَأَخَّرَتْ فَأَخَّرَ لَيْلَةَ الْمَوْهُوبَةِ إلَيْهَا بِرِضَاهَا تَمَسُّكًا بِهَذَا التَّعْلِيلِ .
( وَإِنْ وَهَبَتْهُ ) أَيْ حَقَّهَا ( لِلْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ الضَّرَّاتِ أَوْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا مُطْلَقًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( جَعَلَهَا كَالْمَعْدُومَةِ ) فَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ ( وَلَوْ وَهَبَتْهُ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً ) مِنْهُنَّ وَلَوْ فِي كُلِّ دُورٍ وَاحِدَةً ( جَازَ ) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَيَضَعُهُ حَيْثُ شَاءَ ثُمَّ يَنْظُرُ فِي اللَّيْلَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَانِ أَمْ لَا وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ وَضْعُ الدَّوْرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَذَلِكَ بِأَنْ يَجْعَلَ لَيْلَةً بَيْنَ لَيَالِيِهِنَّ دَائِرَةً بَيْنَهُنَّ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقِيلَ

لَا يَجُوزُ لَهُ التَّخْصِيصُ لِأَنَّهُ يُظْهِرُ الْمَيْلَ وَيُورِثُ الْوَحْشَةَ فَيَجْعَلُ الْوَاهِبَةَ كَالْمَعْدُومَةِ وَيُسَوِّي بَيْنَ الْبَاقِيَاتِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَشَارَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ إلَى تَخْصِيصِ الْخِلَافِ بِقَوْلِهَا وَهَبْتُك فَخَصِّصْ مَنْ شِئْت فَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى وَهَبْتُك امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ .
( وَلِلْوَاهِبَةِ أَنْ تَرْجِعَ ) فِي هِبَتِهَا مَتَى شَاءَتْ وَيَعُودُ حَقُّهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ الْمُسْتَقْبَلَ هِبَةٌ لَمْ تُقْبَضْ ( فَيَخْرُجُ ) بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا ( فَوْرًا ) وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِالْفَوْرِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا تَرْجِعُ فِي الْمَاضِي ) كَسَائِرِ الْهِبَاتِ الْمَقْبُوضَةِ ( وَلَا قَضَاءَ ) عَلَيْهِ ( لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ ) لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ مَيْلٌ ( وَلَوْ أُبِيحَ لَهُ أَكْلٌ ) مِنْ ثَمَرِ بُسْتَانٍ ثُمَّ رَجَعَ الْمُبِيحُ ( فَأَكَلَ ) مِنْهُ الْمُبَاحُ لَهُ ( قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ غَرِمَ ) بَدَلَ مَا أَكَلَهُ لِأَنَّ الْغَرَامَاتِ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ هَذَا وَقِيلَ لَا غُرْمَ أَيْضًا كَالْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَرَجَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَنْقِيحِهِ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ ذَكَرْت بَعْضَهَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ الْغُرْمَ وَفِي غَيْرِهِ عَدَمَهُ وَعَلَى الثَّانِي قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ حَيْثُ يَفْسُدُ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ وَقَبْلَ عَمَلِهِ بِهِ أَنَّ تَصَرُّفَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَإِذَا انْعَزَلَ انْعَزَلَ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلِ وَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ وَأَمَّا الْمُبِيحُ فَلَا يُؤَثِّرُ رُجُوعُهُ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ عَلَيْهِ لَا لَهُ فَحَقُّهُ إذَا رَجَعَ أَنْ يَعْلَمَ الْمُبَاحُ لَهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ فِي الْغَرَامَاتِ إذَا لَمْ

يُقَصِّرْ الْمَغْرُومُ لَهُ فَإِنْ قَصَّرَ لَمْ يَرْجِعْ وَكَذَا لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ لَكِنْ مَنَعَ مِنْ الرُّجُوعِ مَانِعٌ .
كَمَا لَوْ أَنْفَقَ عَلَى زَوْجَتِهِ ثُمَّ بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ لَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي حَبْسِهِ وَكَذَا فِي عَبْدٍ لَمْ يَخْرُجْ عِتْقُهُ مِنْ الثُّلُثِ ثُمَّ ظَهَرَ لِلْمُعْتِقِ مَالٌ فَلَا يَرْجِعُ الْوَارِثُ بِمَا أَنْفَقَ

( قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْ وَاحِدَةٌ مِنْ زَوْجَاتِهِ ) أَيْ وَلَوْ أَمَةٌ ( قَوْلُهُ وَرَضِيَ بِالْهِبَةِ ) فَلَا يَلْزَمُهُ الرِّضَا لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ إسْقَاطَ حَقِّهِ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يَحْتَاجُ لِلتَّنْبِيهِ عَلَيْهِ ش ( قَوْلُهُ وَلَوْ وَهَبَتْ لَهُ فَخَصَّ بِهِ وَاحِدَةً جَازَ ) لَوْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لِزَوْجِهَا وَضَرَائِرِهَا وَرَضِيَ فَالْقِيَاسُ قِسْمَتُهَا عَلَى الرُّءُوس وَمَا خَصَّهُ حُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ وَهَبَتْهُ فَقَطْ قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ التَّرْجِيحُ الْأَوَّلُ ) رَجَّحَهُ فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ ( قَوْلُهُ امْتَنَعَ التَّخْصِيصُ قَطْعًا ) وَهُوَ وَجْهٌ ثَالِثٌ فَيَخْرُجُ بَعْدَ رُجُوعِهَا مِنْ عِنْدِ الْمَوْهُوبِ لَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَأَنَّ الْأَحْسَنَ أَنْ يُقَالَ لَزِمَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ عِنْدِ مَنْ بَاتَ عِنْدَهَا لِيَشْمَلَ جَمِيعَ أَقْسَامِ الْهِبَةِ السَّابِقَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا قَضَاءَ لِمَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِالرُّجُوعِ ) وَمَا فَاتَ قَبْلَ عِلْمِ الزَّوْجِ لَا يُقْضَى وَكَذَا فِي عِتْقِ الْأَمَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِلْقَضَاءِ وَلَمْ يَذْكُرُوهُ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ فِي تَدْرِيبِهِ .
( قَوْلُهُ وَنَظَّرَهُ بِمَسَائِلَ إلَخْ ) مِنْهَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ بَعْدَ الرُّجُوعِ جَاهِلًا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ غَيْرِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ وَمِنْهَا إذَا رَمَى مُسْلِمٌ إلَى مُسْلِمٍ تَتَرَّسَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ فَفِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ إسْلَامَهُ وَجَبَتْ دِيَتُهُ وَإِلَّا فَلَا وَمِنْهَا إذَا بَاشَرَ الْوَلِيُّ الْقِصَاصَ مِنْ الْحَامِلِ جَاهِلًا بِالْحَمْلِ فَتَلِفَ الْحَمْلُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى السُّلْطَانِ لِتَقْصِيرِهِ فِي الْبَحْثِ ثُمَّ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَمِنْهَا إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ

كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَا قِصَاصَ قَطْعًا وَلَا دِيَةَ عَلَى الْأَظْهَرِ فِي الْمِنْهَاجِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهَا إذَا أَمَرَ السُّلْطَانُ رَجُلًا يَقْتُلُ بِغَيْرِ حَقٍّ وَالْمَأْمُورُ لَا يَعْلَمُ فَلَا دِيَةَ عَلَى الْقَاتِلِ وَمِنْهَا إذَا جُنَّ الْمُحْرِمُ ثُمَّ قَتَلَ صَيْدًا فَلَا يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي الْأَصَحِّ مِنْ زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ مَعَ أَنَّ الْإِتْلَافَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمَجْنُونِ وَالْعَاقِلِ ا هـ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَيُتَّجَهُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّظَائِرِ الْمَذْكُورَةِ وَكَتَبَ عَلَى قَوْلِهِ مِنْهَا مَا إذَا اسْتَعْمَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْعَارِيَّةَ إلَخْ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ التَّسْلِيطَ الْمُسْتَفَادَ بِالْعَارِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الْمُسْتَفَادِ بِالْإِبَاحَةِ لَا وَجْهَ مِنْهَا أَنَّ الْعَارِيَّةَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ لَفْظٍ إمَّا مِنْ الْجَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْفِعْلُ مِنْ الْآخَرِ .
وَالْإِبَاحَةُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَأَيْضًا فَالتَّسَامُحُ فِي الْمَنَافِعِ أَكْثَرُ مِنْ التَّسَامُحِ فِي الْأَعْيَانِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَمَحَلُّ اسْتِوَاءِ الْعِلْمِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ الْبُلْقِينِيِّ الْمَذْكُورَ مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْآتِي فِي الْجِنَايَاتِ مِنْ كَوْنِهِ لَوْ وَكَّلَ فِي الْقِصَاصِ فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلًا عَفْوَ مُوَكِّلِهِ لَزِمَ الْوَكِيلَ الدِّيَةُ وَلَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُوَكِّلِ أَنَّ مَحَلَّهُ عِنْدَ عَدَمِ تَقْصِيرِهِ بِإِعْلَامِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَرْجُوحٌ ثُمَّ فَيَكُونُ هُنَا كَذَلِكَ فَيَثْبُتُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا هُنَا وَأَمَّا مَسْأَلَةُ عَدَمِ الرُّجُوعِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْعِتْقِ فَظَاهِرٌ

( فَإِنْ ) بَاتَ الزَّوْجُ فِي نَوْبَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ غَيْرِهَا ثُمَّ ( ادَّعَى أَنَّهَا وَهَبَتْ حَقَّهَا ) وَأَنْكَرَتْ ( لَمْ يُقْبَلْ ) قَوْلُهُ ( إلَّا بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا ) مِنْ الْقَسْمِ بِأَنْ أَخَذَتْ عَنْهُ عِوَضًا مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الضَّرَّةِ ( لَمْ يَصِحَّ ) فَيَلْزَمُهَا رَدُّ مَا أَخَذَتْهُ وَتَسْتَحِقُّ الْقَضَاءَ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلَّمْ لَهَا الْعِوَضُ ( وَيَعْصِي بِطَلَاقِ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ ) حَقَّهَا بَعْدَ حُضُورِ وَقْتِهِ لِتَفْوِيتِهِ حَقَّهَا بَعْدَ ثُبُوتِهِ وَهَذَا سَبَبٌ آخَرُ لِكَوْنِ الطَّلَاقِ بِدْعِيًّا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْعِصْيَانُ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَلَا كَمَا قِيلَ بِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الْحَيْضِ عَلَى رَأْيِ وَقَوْلِ ابْنِ الْعِمَادِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ بَائِنًا .
أَمَّا الرَّجْعِيُّ فَلَا عِصْيَانَ فِيهِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الرَّجْعَةِ وَالْمَبِيتِ وَيَكُونَانِ وَاجِبَيْنِ يَرُدُّهُ تَسْوِيَتُهُمْ فِي الْبِدْعِيِّ بَيْنَ الْبَائِنِ وَالرَّجْعِيِّ وَقَوْلُهُمْ ( فَإِنْ أَعَادَهَا وَلَوْ بِعَقْدٍ وَالْمُسْتَوْفِيَةُ مَعَهُ وَلَوْ بِعَقْدٍ بَعْدَ طَلَاقٍ قَضَاهَا ) أَيْ الْمُعَادَةَ حَقَّهَا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الْمَظْلِمَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْمُسْتَوْفِيَةُ مَعَهُ ( فَلَا ) قَضَاءَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي مِنْ نَوْبَةِ الَّتِي ظَلَمَ لَهَا لِأَنَّهَا الَّتِي اسْتَوْفَتْ نَوْبَةَ الْمَظْلُومَةِ ( وَلَا يَحْسِبُ مَبِيتَهُ مَعَ الْمَظْلُومَةِ ) عَنْ الْقَضَاءِ ( قَبْلَ عَوْدِهَا ) أَيْ الْمُسْتَوْفِيَةِ لِذَلِكَ

( قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَتْ حَقَّهَا لَمْ يَصِحَّ ) قَالَ السُّبْكِيُّ عَمَّتْ الْبَلْوَى فِي زَمَانِنَا بِالنُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُ حَقَّ الْقَسْمِ قَالَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ النُّزُولَ بِعِوَضٍ لَا يَجُوزُ وَكَذَا بِغَيْرِ عِوَضٍ أَعْنِي لَا يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ .
وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا فِيمَا يَجِبُ مِنْ صِفَةِ الْوَظِيفَةِ أَوْ تَسَاوَيَا وَلَمْ يُوَافِقْ النَّاظِرُ عَلَيْهِ لِمُصْلِحَةٍ رَآهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِيءَ فِيهِ وَجْهٌ بَعِيدٌ بِالْجَوَازِ إذَا رَضِيَ النَّاظِرُ وَأَمْضَاهُ وَإِنْ لَمْ يُمْضِهِ فَهَلْ يَسْقُطُ حَقُّ النَّازِلِ فَيُوَلِّي النَّاظِرَ مَنْ يَشَاءُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ نَزَلَ لِزَيْدٍ وَإِذَا لَمْ يُتِمَّ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِيهِ احْتِمَالٌ وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَهُ تَوْلِيَةُ غَيْرِهِ إذَا رَآهُ مَصْلَحَةً لَيْسَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ حَقٌّ إذَا لَمْ يُوَافِقْهُ النَّاظِرُ فَإِنْ وَافَقَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ حَقًّا كَالْمَرْأَةِ الْمَوْهُوبِ لَهَا إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِتَصَرُّفِ النَّازِلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ بَلْ لِلنَّاظِرِ ثُمَّ فِي هَذَا الزَّمَانِ يَتَمَسَّكُ بِالنُّزُولِ بَعْدَ مَوْتِ النَّازِلِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَسِّكًا نَعَمْ إنْ رَأَى النَّاظِرُ أَهْلِيَّتَهُ فَلَا بَأْسَ بِجَبْرِ مَقْصِدِ الْمَيِّتِ بِمُوَافَقَتِهِ قَالَ وَسَيَأْتِي فِي الْخُلْعِ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ ا هـ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ شَخْصٍ نَزَلَ لِآخَرَ عَنْ وَظِيفَتِهِ فَأَثْبَتَ النُّزُولَ عِنْدَ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ وَحَكَمَ لَهُ بِمُوجِبِهِ وَنَفَّذَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْقُضَاةِ وَأَنْهَى ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ النَّظَرُ الشَّرْعِيُّ فَوَلَّاهَا لَهُ وَحَكَمَ بِصِحَّةِ الْوِلَايَةِ حَاكِمٌ وَنَفَّذَ حُكْمَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُكَّامِ وَاسْتَخْرَجَ تَوْقِيعَيْنِ شَرِيفَيْنِ يَتَضَمَّنَانِ تَقْرِيرَهُ وَبَاشَرَهَا مُدَّةً ثُمَّ نَازَعَهُ شَخْصٌ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ أَنْهَى لِنَاظِرِهَا إنَّهَا شَاغِرَةٌ عَنْ النُّزُولِ فَوَلَّاهَا لَهُ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْوَظِيفَةَ لِلْمَنْزُولِ لَهُ دُونَ غَرِيمِهِ الْمَذْكُورِ قَوْلُهُ

عَلَى رَأْيٍ ) أَيْ مَرْجُوحٍ

( فَرْعٌ ) لَوْ كَانَ ( تَحْتَهُ أَرْبَعٌ فَلَمْ يَقْسِمْ لِوَاحِدَةٍ أَرْبَعِينَ ) لَيْلَةً بِأَنْ وَزَّعَهَا عَلَى الثَّلَاثِ بِالسَّوِيَّةِ ( قَضَاهَا ) أَيْ الْوَاحِدَةَ ( ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَثُلُثٌ ) مِثْلُ مَا بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَثُلُثًا ( وَفِي الْأُمِّ أَنَّهُ يَقْضِي لَهَا عَشْرًا وَتَأَوَّلُوهُ ) أَيْ الْأَصْحَابُ ( بِمَا إذَا بَاتَ مُنْفَرِدًا ) عَنْهُنَّ ( عَشْرًا ) بِأَنْ بَاتَ عِنْدَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثِ عَشْرًا وَعَطَّلَ الْعَشْرَ الرَّابِعَةَ .
وَقَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ لِمَا قَالَهُ فِي الْأُمِّ عِنْدِي وَجْهٌ صَحِيحٌ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَعَهُنَّ فِي الْأَرْبَعِينَ لَمْ يَخُصَّهَا إلَّا عَشْرٌ فَاَلَّذِي تَسْتَحِقُّهُ بِالْقَضَاءِ عَشْرٌ كَمَا قَالَ وَثَلَاثُ لَيَالٍ وَثُلُثٌ تَسْتَحِقُّهَا أَدَاءً لِأَنَّ زَمَنَ الْقَضَاءِ لَهَا فِيهِ قَسْمٌ فَيَكُونُ ثَلَاثًا وَثُلُثًا أَدَاءً لَا قَضَاءً وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ الْعِمْرَانِيُّ
( قَوْلُهُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَثُلُثَا ) وَقَفَ عَلَيْهِ بِلُغَةِ رَبِيعَةَ

( الطَّرَفُ الْخَامِسُ فِي السَّفَرِ بِبَعْضِهِنَّ لَا يَجُوزُ ) لِلزَّوْجِ ذَلِكَ ( وَإِنْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لَهُنَّ إلَّا بِالْقُرْعَةِ ) عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَإِذَا سَافَرَ بِهَا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَاءٌ بَعْدَ عَوْدِهِ فَصَارَ سُقُوطُ الْقَضَاءِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعَهُ وَإِنْ فَازَتْ بِصُحْبَتِهِ فَقَدْ تَعِبَتْ بِالسَّفَرِ وَمَشَاقِّهِ هَذَا ( فِي سَفَرٍ مُبَاحٍ وَلَوْ ) كَانَ ( قَصِيرًا ) أَمَّا غَيْرُ الْمُبَاحِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِيهِ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا فَإِنْ سَافَرَ بِهَا حَرُمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ لِلْبَاقِيَاتِ ( وَإِذَا نَوَى الْإِقَامَةَ ) بِمَقْصِدِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقِهِ ( مُدَّةً تَقْطَعُ التَّرَخُّصَ لِلْمُسَافِرِ ) وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ غَيْرِ يَوْمَيْ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ ( وَجَبَ الْقَضَاءُ لَا فِي الرُّجُوعِ ) أَيْ وَجَبَ قَضَاءُ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ لَا مُدَّةِ الرُّجُوعِ وَلَا مُدَّةِ الذَّهَابِ لَكِنْ هَلْ يَقْضِي مُدَّةَ الذَّهَابِ مِنْ الْمَحَلِّ الْآخَرِ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ أَوْ لَا ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ وَلَوْ اعْتَزَلَهَا مُدَّةَ الْإِقَامَةِ لَمْ يَقْضِهَا .
( وَإِنْ أَقَامَ ) فِي مَقْصِدِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ قَضَى الزَّائِدَ عَلَى مُدَّةِ ) تَرَخُّصِ ( السَّفَرِ ) فَلَوْ أَقَامَ لِشُغْلٍ يَنْتَظِرُ تَنَجُّزَهُ كُلَّ سَاعَةٍ فَلَا يَقْضِي إلَّا أَنْ يَمْضِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ( فَإِنْ سَافَرَ بِبَعْضِهِنَّ لِنَقْلَةٍ حَرُمَ ) عَلَيْهِ ( وَقَضَى ) لِلْبَاقِيَاتِ ( وَلَوْ أَقْرَعَ ) بَيْنَهُنَّ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ ( فَلَوْ غَيَّرَ نِيَّةَ النَّقْلَةِ بِنِيَّةِ السَّفَرِ ) لِغَيْرِهَا ( فَهَلْ يَسْقُطُ ) عَنْهُ ( الْقَضَاءُ ) وَالْإِثْمُ بِذَلِكَ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَى أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْبَاقِيَاتِ ( وَجْهَانِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي ( وَلَوْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ وَلَمْ يَنْقُلْهُنَّ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ

وَلَا طَلَّقَهُنَّ أَثِمَ ) فَيَجِبُ أَنْ يَنْقُلَهُنَّ جَمِيعًا بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَكِيلِهِ أَوْ يُطَلِّقَهُنَّ لِتَضَرُّرِهِنَّ بِالتَّخَلُّفِ وَيَأْسِهِنَّ عَنْ الْبَيْتُوتَةِ وَالتَّحَصُّنِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ لَا يُكَلَّفُ بِالْبَيْتُوتَةِ اكْتِفَاءً بِدَاعِيَةِ الطَّبْعِ .
( وَلَا يَنْقُلُ بَعْضَهُنَّ بِنَفْسِهِ وَبَعْضَهُنَّ بِوَكِيلِهِ إلَّا بِالْقُرْعَةِ ) فَيَحْرُمُ ذَلِكَ بِدُونِهَا ( وَيَقْضِي ) إنْ فَعَلَ ذَلِكَ ( لِمَنْ ) بَعَثَهَا ( مَعَ الْوَكِيلِ وَلَوْ أَقْرَعَ ) بَيْنَهُنَّ لِاشْتِرَاكِهِنَّ فِي السَّفَرِ

( الطَّرَفُ الْخَامِسُ السَّفَرُ بِبَعْضِهِنَّ ) ( قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَقْسِمُ لَهُنَّ إلَّا بِالْقُرْعَةِ ) أَيْ أَوْ بِالتَّرَاضِي كَمَا ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لَكِنْ لَهُنَّ الرُّجُوعُ لَا أَنْ يَشْرَعَ فِي السَّفَرِ بِحَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الْقَصْرُ لَوْ كَانَ فِيهِنَّ مَنْ لَا يُعْتَبَرُ رِضَاهَا بِجُنُونٍ أَوْ صِبًا تَعَيَّنَ الْإِقْرَاعُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا ( قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِهِنَّ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْعَاجِزَةَ عَنْ السَّفَرِ لَا تَدْخُلُ فِي الْقُرْعَةِ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْمُسَافِرَ مَعَهُ وَإِنْ فَازَتْ بِصُحْبَتِهِ إلَخْ ) وَالْمُقِيمَةُ وَإِنْ فَاتَهَا حَظُّهَا مِنْ الزَّوْجِ فَقَدْ تَرَفَّهَتْ بِالدَّعَةِ وَالْإِقَامَةِ فَتَقَابَلَ الْأَمْرَانِ فَاسْتَوَيَا ( قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ بِهَا فِيهِ بِقُرْعَةٍ وَلَا بِغَيْرِهَا إلَخْ ) لِأَنَّ جَوَازَ السَّفَرِ بِهَا بِالْقُرْعَةِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ .
( قَوْلُهُ فِي صُورَتِهِ السَّابِقَةِ ) هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِمَحَلٍّ آخَرَ فِي طَرِيقِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ ) أَرْجَحُهُمَا لَا ( قَوْلُهُ إذْ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ كَمَا فِي الْحَضَرِ ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْكُلِّ وَبِهِ صَرَّحَ الْمُتَوَلِّي لَكِنْ حَكَى فِي الْبَسِيطِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ مُتَابِعٌ لِلْفُورَانِيِّ وَهُوَ الْوَجْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِهْمَالِ وَالْإِضْرَارِ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ سَافَرَ لِنَقْلَةٍ إلَى قَوْلِهِ أَثِمَ ( قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَمِرُّ حُكْمُهُمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) نَصُّ الْأُمِّ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالثَّانِي وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ أَقَامَ بِمَقْصِدِهِ وَانْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ ثُمَّ أَنْشَأَ مِنْهُ سَفَرًا إلَى أَمَامِهِ قَالَ الْإِمَامُ فَإِنْ بَدَا لَهُ هَذَا السَّفَرُ وَلَمْ يَكُنْ نَوَاهُ فِي خُرُوجِهِ الْأَوَّلِ قَضَى هَذِهِ الْأَيَّامَ وَإِنْ كَانَ نَوَاهُ أَوَّلًا فَهَذَا مُحْتَمَلٌ وَالْأَوْجَهُ الْوُجُوبُ ا هـ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ لَوْ دَخَلَ الْبَلَدَ الْمَقْصُودَ مَعَ الَّتِي

خَرَجَتْ قُرْعَتُهَا ثُمَّ عَنَّ لَهُ سَفَرٌ آخَرُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ مَضَى وَلَا يَقْضِي لِأَنَّ كُلَّ ذَلِكَ سَفَرٌ وَاحِدٌ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَسْتَبِيحُ الْقَصْرَ وَالْفِطْرَ فِي الزِّيَادَةِ حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ .
وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لِأَنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ فِيمَا إذَا انْقَطَعَ تَرَخُّصُهُ بِمَقْصِدِهِ وَإِنْ كَانَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ نَظَرٌ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقَطِعْ تَرَخُّصُهُ ش الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ النَّصِّ .
( قَوْلُهُ وَيَقْضِي لِمَنْ مَعَ الْوَكِيلِ ) الْمُرَادُ بِالْوَكِيلِ هُنَا الْمَحْرَمُ فَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا امْتَنَعَ عَلَيْهَا السَّفَرُ وَحْدَهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ فِي هَذِهِ السَّفَرُ بِالنِّسْوَةِ الثِّقَاتِ نَظَرٌ وَالظَّاهِرُ جَوَازُهُ مَعَهُنَّ لِأَنَّهُ سَفَرٌ وَاجِبٌ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( سَافَرَ بِهَا لِحَاجَةٍ بِقُرْعَةٍ ) ثُمَّ نَوَى الْإِقَامَةَ ( وَحِينَ نَوَى الْإِقَامَةَ كَتَبَ يَسْتَدْعِي بِالْمُخَلَّفَاتِ ) بِزِيَادَةِ الْبَاءِ أَيْ يَسْتَحْضِرُهُنَّ ( فَهَلْ يَقْضِي الْمُدَّةَ مِنْ وَقْتِ كِتَابَتِهِ ) أَوْ لَا يَقْضِيهَا ( وَجْهَانِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ بَلْ الصَّوَابُ نَعَمْ ( أَوْ ) سَافَرَ بِهَا لِحَاجَةٍ ( بِلَا قُرْعَةٍ قَضَى لِلْبَاقِيَاتِ ) جَمِيعَ الْمُدَّةِ ( وَلَوْ لَمْ يَبِتْ مَعَهَا مَا لَمْ يُخَلِّفْهَا فِي بَلَدٍ ) فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْهَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي إلَّا مَا بَاتَ عِنْدَهَا وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَقْضِي وَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَصَحُّ .
قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الْأَصَحُّ بَلْ الصَّوَابُ نَعَمْ ) إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا قَدَّمَاهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى ( قَوْلُهُ فَإِنْ خَلَّفَهَا فِي بَلَدٍ لَمْ يَقْضِ لَهُنَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَالِاحْتِمَالُ الثَّانِي أَصَحُّ ) هُوَ قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَقْضِي إلَخْ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( سَافَرَ بِزَوْجَتَيْنِ بِقُرْعَةٍ فَظَلَمَ إحْدَاهُمَا قَضَاهَا ) حَقَّهَا ( فِي السَّفَرِ فَإِنْ لَمْ يُنْفِقْ ) ذَلِكَ ( فَفِي الْحَضَرِ ) يَقْضِيهَا ( مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبَتِهَا ) الَّتِي ظُلِمَتْ بِهَا ( فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا بِلَا قُرْعَةٍ ) وَالْأُخْرَى بِقُرْعَةٍ ( عَدَلَ بَيْنَهُمَا وَإِنَّمَا تَخْتَصُّ ذَاتُ الْقُرْعَةِ بِمُدَّةِ السَّفَرِ إذَا انْفَرَدَتْ ) عَنْ غَيْرِهَا مِنْ الزَّوْجَاتِ ( وَيَقْضِي مِنْ نَوْبَةِ صَاحِبَتِهَا لِمَنْ تَخَلَّفَ إذَا رَجَعَ ) مِنْ سَفَرِهِ ( لَا زَمَانَ الزِّفَافِ إنْ كَانَتْ جَدِيدَةً ) فَلَا يَقْضِيهِ لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ ( وَلَهُ تَخْلِيفُ إحْدَاهُمَا فِي بَلَدٍ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ نَكَحَ فِي طَرِيقِهِ ) جَدِيدَةً ( وَهُوَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ إحْدَاهُنَّ فَلَا قَضَاءَ لِلْمُتَخَلِّفَاتِ مَا لَمْ يَقُمْ فَوْقَ مُدَّةِ التَّرَخُّصِ بِالسَّفَرِ ) فَإِنْ أَقَامَ ذَلِكَ فِيهِ قَضَى لَهُنَّ جَمِيعَ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ إنْ نَوَاهَا وَإِلَّا قَضَى مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْمُسَافِرِ .
( قَوْلُهُ وَلَهُ تَخْلِيفُ إحْدَاهُمَا فِي بَلَدٍ بِالْقُرْعَةِ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْبَلَدَ لَا يَبْعُدُ عَوْدُهُ إلَيْهِ

( فَرْعٌ حَقُّ الزِّفَافِ ) مِنْ ثَلَاثٍ أَوْ سَبْعٍ ( يَنْدَرِجُ ) فِي أَيَّامِ السَّفَرِ ( إذَا سَافَرَ بِمَزْفُوفَةٍ ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ مِنْ زَوَالِ الْحِشْمَةِ ( بِخِلَافِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي ) أَيَّامِ ( السَّفَرِ إلَّا إذَا كَانَ ) السَّفَرُ بِهَا ( بِغَيْرِ قُرْعَةٍ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ فَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَسَافَرَ بِإِحْدَاهُمَا بِقُرْعَةٍ انْدَرَجَ حَقُّ زِفَافِهَا فِي أَيَّامِ السَّفَرِ فَإِذَا عَادَ وَفَّى حَقَّ الْأُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ قَبْلَ السَّفَرِ فَلَا يَسْقُطُ بِهِ كَمَا لَوْ قَسَمَ لِبَعْضِهِنَّ وَسَافَرَ فَإِنَّهُ يَقْضِي بَعْدَ الرُّجُوعِ لِمَنْ لَمْ يَقْسِمْ لَهَا وَفَارَقَ حَقُّ الْمَظْلُومَةِ إذَا سَافَرَ بِهَا بِقُرْعَةٍ حَيْثُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ بِأَنَّ مَحَلَّهُ نَوْبَةُ الضَّرَائِرِ وَأَيَّامُ السَّفَرِ حَقٌّ لَهَا خَاصَّةً بِخِلَافِ حَقِّ الزِّفَافِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِنَّ وَإِنَّمَا وَجَبَ لِتَحْصِيلِ الْأُنْسِ وَإِذْهَابِ الْحِشْمَةِ وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالصُّحْبَةِ فِي السَّفَرِ ( وَلَوْ نَكَحَ جَدِيدَتَيْنِ وَزُفَّتَا ) إلَيْهِ ( مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَسَافَرَ بِإِحْدَاهُمَا بِالْقُرْعَةِ انْدَرَجَ حَقُّ زِفَافِهَا ) فِي أَيَّامِ السَّفَرِ كَمَا مَرَّ أَيْضًا ( وَلَوْ رَجَعَ ) مِنْ سَفَرِهِ ( قَضَى حَقَّ زِفَافِ الْمُتَخَلِّفَةِ فَلَوْ رَجَعَ ) مِنْ سَفَرِهِ ( بَعْدَ يَوْمَيْنِ قَضَى لِلْمُتَخَلِّفَةِ ) حَقَّ زِفَافِهَا ( بَعْدَ تَتْمِيمِ حَقِّ ) زِفَافِ ( الْقَادِمَةِ ) مِنْ السَّفَرِ .
( وَلَوْ سَافَرَ ذُو زَوْجَاتٍ وَإِمَاءٍ ) أَوْ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ ( بِأَمَةٍ بِلَا قُرْعَةٍ جَازَ ) كَمَا هُوَ قِيَاسُ أَصْلِ الْقَسْمِ ( وَإِنْ سَافَرَ بِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ الثَّلَاثِ بِقُرْعَةٍ ثُمَّ نَكَحَ جَدِيدَةً فِي السَّفَرِ فَمَنَعَهَا حَقَّ الزِّفَافِ ) ظُلْمًا ( وَأَقَامَ سَبْعًا عِنْدَ الْقَدِيمَةِ ثُمَّ رَجَعَ ) مِنْ سَفَرِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ الْجَدِيدَةَ حَقَّ زِفَافِهَا ( قَضَاهَا حَقَّ الزِّفَافِ ثُمَّ قَضَاهَا السَّبْعَ مِنْ نَوْبَةِ الْمُسَافِرَةِ فَيَدُورُ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ

وَيَكُونُ لَهَا نَوْبَتَانِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ ) بِأَنْ يَبِيتَ عِنْدَهَا لَيْلَتَيْنِ وَعِنْدَ كُلٍّ مِنْ الْمُتَخَلِّفَتَيْنِ لَيْلَةً وَهَكَذَا حَتَّى يُتِمَّ السَّبْعَ ( وَلَوْ لَمْ يُسَافِرْ بِأَحَدٍ ) أَيْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ( وَمَنَعَ الْجَدِيدَةَ ) حَقَّ الزِّفَافِ ( وَبَاتَ عِنْدَ قَدِيمَةٍ ) مِنْ الثَّلَاثِ ( عَشْرًا ظُلْمًا وَفَّى الْجَدِيدَةَ زِفَافَهَا وَدَارَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْمَظْلُومَتَيْنِ حَتَّى يُتِمَّ لِكُلٍّ ) مِنْهُنَّ ( عَشْرًا )
( قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَقِّ الْمَظْلُومَةِ فَإِنَّهُ لَا يَنْدَرِجُ فِي السَّفَرِ ) دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ مَا إذَا قَسَمَ وَلَمْ يَفْرُغْ مِنْ الْقَسْمِ وَكَانَتْ الَّتِي بَقِيَ حَقُّهَا هِيَ الْقَارِعَةَ فَلَا تَدْخُلُ فِي ذَلِكَ نَوْبَتِهَا بَلْ إذَا رَجَعَ وَفَّاهَا نَوْبَتَهَا

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الشِّقَاقِ ) بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَهُوَ ( قَدْ يَكُونُ بِسَبَبٍ مِنْهَا وَ ) قَدْ ( يَكُونُ بِسَبَبٍ مِنْهُ وَ ) قَدْ ( يَكُونُ ) بِسَبَبٍ مِنْهُمَا .
( فَإِنْ كَانَ ) بِسَبَبٍ ( مِنْهَا نُظِرَتْ فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ نُشُوزِهَا كَالْعُبُوسِ ) بَعْدَ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ ( وَالْكَلَامِ الْخَشِنِ ) بَعْدَ لِينِهِ ( وَعَظَهَا ) نَدْبًا لِآيَةِ { وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ } كَأَنْ يَقُولَ لَهَا اتَّقِ اللَّهَ فِي الْحَقِّ الْوَاجِبِ لِي عَلَيْك وَاحْذَرِي الْعُقُوبَةَ وَيُبَيِّنَ لَهَا أَنَّ النُّشُوزَ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ وَالْقَسْمَ فَقَدْ تَتَأَدَّبُ بِذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْكُرَ لَهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ خَبَرِ { إذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ هَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تُصْبِحَ } وَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ مِنْ خَبَرِ { أَيُّمَا امْرَأَةٍ بَاتَتْ وَزَوْجُهَا رَاضٍ عَنْهَا دَخَلَتْ الْجَنَّةَ } ( وَلَا يَهْجُرُهَا ) فِي فِرَاشِهَا وَلَا يَضْرِبُهَا فَلَعَلَّهَا تُبْدِي عُذْرًا أَوْ تَتُوبَ عَمَّا جَرَى مِنْهَا بِلَا عُذْرٍ ( فَإِنْ نَشَزَتْ ) وَلَمْ يَتَكَرَّرْ مِنْهَا النُّشُوزُ ( هَجَرَهَا فِي الْفِرَاشِ ) مَعَ وَعْظِهَا لِظَاهِرِ الْآيَةِ لِأَنَّ فِي الْهَجْرِ أَثَرًا ظَاهِرًا فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ ( لَا ) فِي ( الْكَلَامِ ) أَيْ لَا يُنْدَبُ هَجْرُهَا فِيهِ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ .
( وَيَحْرُمُ الْهَجْرُ بِهِ ) لِلزَّوْجَةِ وَغَيْرِهَا ( فَوْقَ ثَلَاثٍ ) مِنْ الْأَيَّامِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ { لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ } ( إلَّا لِمُبْتَدِعٍ أَوْ فَاسِقٍ ) أَوْ نَحْوِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَجَاهَرْ بِمَا اتَّصَفَ بِهِ ( أَوْ رَجَا بِالْهَجْرِ صَلَاحَ دِينٍ ) لِلْهَاجِرِ أَوْ لِلْمَهْجُورِ فَلَا يَحْرُمُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ هَجْرُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ مُرَارَةَ بْنِ الرَّبِيعِ وَهِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ وَنَهْيُهُ الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ هَجْرِ السَّلَفِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَحَمَلَ الْأَذْرَعِيُّ تَبَعًا

لِبَعْضِهِمْ التَّحْرِيمَ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ بِهَجْرِهَا رَدَّهَا لِحَظِّ نَفْسِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ رَدَّهَا عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَإِصْلَاحَ دِينِهَا فَلَا تَحْرِيمَ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ إذْ النُّشُوزُ حِينَئِذٍ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ وَذَكَرَ نَحْوُهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَلَا حُجَّةَ لِلنَّوَوِيِّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مُدَّعَاهُ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْهَجْرِ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّعَدِّيَ وَالنُّشُوزَ مِمَّا يُسَلِّطُ عَلَى الضَّرْبِ وَالسُّكُوتُ أَهْوَنُ مِنْهُ ( فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهَا النُّشُوزُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ضَرَبَهَا ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَتَقْدِيرُهَا وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ فَإِنْ نَشَزْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ وَإِنَّمَا يَضْرِبُهَا ( إنْ أَفَادَ ) ضَرْبُهَا فِي ظَنِّهِ وَإِلَّا فَلَا يَضْرِبُهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ ( وَهُوَ ضَرْبُ التَّعْزِيرِ ) فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ مُدْمِيًا وَلَا مُبَرِّحًا ( وَسَنَذْكُرُهُ بِبَابِهِ وَالْأَوْلَى لَهُ الْعَفْوُ ) عَنْ الضَّرْبِ وَخَبَرُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ أَوْ عَلَى الضَّرْبِ بِغَيْرِ سَبَبٍ يَقْتَضِيهِ لَا عَلَى النَّسْخِ إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ الْجَمْعُ وَعَلِمْنَا التَّارِيخَ ( بِخِلَافِ وَلِيِّ الصَّبِيِّ ) فَالْأَوْلَى لَهُ عَدَمُ الْعَفْوِ لِأَنَّ ضَرْبَهُ لِلتَّأْدِيبِ مَصْلَحَةٌ لَهُ وَضَرْبُ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ مَصْلَحَةٌ لِنَفْسِهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الشِّقَاقِ ) ( قَوْلُهُ وَلَا يَهْجُرُهَا فِي فِرَاشِهَا ) كَلَامُهُمْ قَدْ يَقْتَضِي تَحْرِيمَ هَجْرِهَا فِي الْمَضْجَعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ إذَا فَوَّتَ حَقًّا لَهَا مِنْ قَسْمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ عَدَمُ تَحْرِيمِهِ لِأَنَّ الِاضْطِجَاعَ مَعَهَا حَقُّهُ فَلَهُ تَرْكُهُ .
نَبَّهَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَظْهَرُ عَدَمُ تَحْرِيمِهِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الْهَجْرُ بِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ ) فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ هَجْرَهَا لَمْ يَحْرُمْ كَمَا أَنَّ الطِّيبَ وَنَحْوَهُ إذَا تَرَكَهُ الْإِنْسَانُ بِلَا قَصْدٍ لَمْ يَأْثَمْ وَإِنْ قَصَدَ بِتَرْكِهِ الْإِحْدَادَ أَثِمَ قَوْلُهُ أَوْ رُجِيَ بِالْهَجْرِ صَلَاحُ دَيْنٍ لِلْهَاجِرِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَوْ دُنْيَاهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّاشِرِيّ فِي نُكَتِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَلَعَلَّ هَذَا مُرَادُهُمْ ) هُوَ دَاخِلٌ فِيمَا اسْتَثْنَوْهُ ( قَوْلُهُ وَالسُّكُوتُ أَهْوَنُ مِنْهُ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ مَشَقَّةِ الْهَجْرِ فِي الْكَلَامِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي تَأْدِيبِ النِّسَاءِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهَا النُّشُوزُ ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ ضَرَبَهَا ، إبَاحَةُ الضَّرْبِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وِلَايَةٌ مِنْ الشَّرْعِ لِلزَّوْجِ لِأَخْذِ حَقِّهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَيْسَ لَنَا مَوْضِعٌ يَضْرِبُ فِيهِ الْمُسْتَحِقُّ مَنْ مَنَعَ حَقَّهُ غَيْرَ هَذَا وَالْعَبْدِ إذَا مَنَعَ حَقَّ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ مَاسَّةٌ فِيهِمَا لِتَعَذُّرِ ذَلِكَ بِسَبَبِ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَرَبَهَا وَادَّعَى أَنَّهُ بِسَبَبِ نُشُوزِهَا وَأَنْكَرَتْهُ .
قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ عِصْيَانِهَا لَكِنْ عَارَضَهُ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ظُلْمِ الزَّوْجِ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ قَالَ وَهَذَا الَّذِي يَقْوَى فِي ظَنِّي لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَهُ وَلِيًّا فِي ذَلِكَ وَالْوَلِيُّ يُرْجَعْ إلَيْهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ا هـ وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ( قَوْلُهُ فَتَقْدِيرُهَا

وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ إلَخْ ) وَيَدُلُّ لَهُ أَنَّهُ تَعَالَى رَتَّبَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتِ عَلَى خَوْفِ النُّشُوزِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَضْرِبُهَا قَبْلَ ظُهُورِهِ وَلِأَنَّهُ نَبَّهَ عَلَى التَّرْتِيبِ بِأَنْ قَدَّمَ الْوَعْظَ ثُمَّ عَقَّبَهُ بِالْهَجْرِ وَالضَّرْبِ ( قَوْلُهُ وَلَا مُبَرِّحًا ) أَيْ وَلَا عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَهَالِكِ أَيْ يَجِبُ ذَلِكَ وَقَدْ فَسَّرُوا الْبَرَحَ بِاَلَّذِي يُخْشَى مِنْهُ تَلَفُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ التَّأْدِيبَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْمُبَرِّحِ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الْمُبَرِّحُ وَلَا غَيْرُهُ

( فَرْعٌ وَالنُّشُوزُ نَحْوُ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ ) إلَى غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ ( لَا إلَى الْقَاضِي لِطَلَبِ الْحَقِّ مِنْهُ ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا إلَى اكْتِسَابِهَا النَّفَقَةَ إذَا أَعْسَرَ بِهَا الزَّوْجُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَا إلَى الِاسْتِفْتَاءِ إنْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا فَقِيهًا وَلَمْ يَسْتَفْتِ لَهَا ( وَكَمَنْعِ الِاسْتِمْتَاعِ ) أَيْ مَنْعِهَا الزَّوْجَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ ( وَلَوْ غَيْرَ الْجِمَاعِ لَا ) مَنْعِهَا لَهُ مِنْهُ ( تَدَلُّلًا وَلَا الشَّتْمِ ) لَهُ ( وَلَا الْإِيذَاءِ ) لَهُ ( بِاللِّسَانِ ) أَوْ غَيْرِهِ ( بَلْ تَأْثَمُ بِهِ ) وَتَسْتَحِقُّ التَّأْدِيبَ عَلَيْهِ .
( وَيَتَوَلَّى تَأْدِيبَهَا ) بِنَفْسِهِ ( عَلَى ذَلِكَ ) وَلَا يَرْفَعُهَا إلَى الْقَاضِي لِيُؤَدِّبَهَا لِأَنَّ فِيهِ مَشَقَّةً وَعَارًا وَتَنْكِيدًا لِلِاسْتِمْتَاعِ فِيمَا بَعْدُ وَتَوْحِيشًا لِلْقُلُوبِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي وَلِلزَّوْجِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ مِنْ عِيَادَةِ أَبَوَيْهَا وَمِنْ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا وَجِنَازَةِ وَلَدِهَا وَالْأَوْلَى خِلَافُهُ
( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَلَا إلَى الِاسْتِفْتَاءِ إلَخْ ) أَيْ أَوْ خَرَجَتْ لِلطَّحْنِ أَوْ الْخَبْزِ أَوْ شِرَاءِ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ خَافَتْ مِنْ انْهِدَامِ الْمَنْزِلِ أَوْ جَلَاءِ مَنْ حَوْلِهَا مِنْ الْجِيرَانِ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ انْقَضَتْ إجَارَةُ الْمَنْزِلِ أَوْ رَجَعَ مُعِيرُهُ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَيَنْبَغِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ كَانَ السَّبَبُ مِنْهُ بِأَنْ مَنَعَهَا حَقًّا لَهَا ) كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ ( أَلْزَمَهُ الْحَاكِمُ إيَّاهُ ) لِعَجْزِهَا عَنْهُ بِخِلَافِ نُشُوزِهَا فَإِنَّ لَهُ إجْبَارَهَا عَلَى إيفَاءِ حَقِّهِ لِقُدْرَتِهِ ( وَيَزْجُرُهُ ) الْحَاكِمُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَيَنْهَاهُ ( إنْ أَذَاهَا وَضَرَبَهَا بِلَا سَبَبٍ ثُمَّ يُعَزِّرُهُ ) إنْ عَادَ وَطَلَبَتْ التَّعْزِيرَ وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا يُعَزِّرُهُ فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى مَعَ أَنَّ الْإِيذَاءَ بِلَا سَبَبٍ مَعْصِيَةٌ وَكَأَنَّهُ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ الْعِشْرَةِ فَقَدْ يَنْتَهِي بِالنَّهْيِ فَلَا مَعْنَى لِلْإِيحَاشِ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ( وَيُسْكِنُهُمَا ) الْحَاكِمُ ( عِنْدَ مَنْ يَمْنَعُهُ ) أَيْ الزَّوْجَ ( مِنْ التَّعَدِّي ) عَلَيْهَا عِبَارَةُ الْأَصْلِ بِجَنْبِ ثِقَةٍ قَالَ فِيهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّعَدِّي مِنْهُمَا جَمِيعًا فَكَذَلِكَ يَفْعَلُ الْحَاكِمُ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْحَيْلُولَةِ .
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يُحَالُ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَعُودَ إلَى الْعَدْلِ قَالَ وَلَا يَعْتَمِدُ قَوْلَهُ فِي الْعَدْلِ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُ قَوْلَهَا وَشَهَادَةَ الْقَرَائِنِ انْتَهَى وَفَصَّلَ الْإِمَامُ فَقَالَ إنْ ظَنَّ الْحَاكِمُ تَعَدِّيَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا وَإِنْ تَحَقَّقَهُ أَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَخَافَ أَنْ يَضْرِبَهَا ضَرْبًا مُبَرِّحًا لِكَوْنِهِ جَسُورًا أَحَالَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ عَدْلٌ إذْ لَوْ لَمْ يَحُلْ بَيْنَهُمَا وَاقْتَصَرَ عَلَى التَّعْزِيرِ لَرُبَّمَا بَلَغَ مِنْهَا مَبْلَغًا لَا يُسْتَدْرَكُ انْتَهَى فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ أَرَادَ الْحَالَ الْأَوَّلَ وَمَنْ ذَكَرَهَا كَالْغَزَالِيِّ وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالنَّوَوِيِّ فِي تَنْقِيحِهِ أَرَادَ الثَّانِيَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ بَعْدَ التَّعْزِيرِ وَالْإِسْكَانِ ( فَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا لَكِنَّهُ يَكْرَهُهَا ) أَيْ يَكْرَهُ صُحْبَتَهَا ( لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( وَيُعْرِضُ عَنْهَا ) كَأَنْ لَا يَدْعُوهَا إلَى فِرَاشِهِ أَوْ يَهُمُّ بِطَلَاقِهَا ( فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُسْتَحَبُّ ) لَهَا ( أَنْ

تَسْتَعْطِفَهُ بِمَا يُحِبُّ ) كَأَنْ تَسْتَرْضِيَهُ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهَا مِنْ قَسْمٍ أَوْ نَفَقَةٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ سَوْدَةَ لَمَّا كَبِرَتْ جَعَلَتْ نَوْبَتَهَا لِعَائِشَةَ فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لَهَا يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ } ( وَكَذَا عَكْسُهُ ) أَيْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا كَرِهَتْ صُحْبَتَهُ أَنْ يَسْتَعْطِفَهَا بِمَا تُحِبُّ ( فَإِنْ ادَّعَى كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( تَعَدِّيَ صَاحِبِهِ ) عَلَيْهِ وَأَشْكَلَ الْحَالُ عَلَى الْحَاكِمِ ( سَأَلَ ثِقَةً خَبِيرًا بِهِمَا فَإِنْ عَدِمَ أَسْكَنَهُمَا إلَى جَنْبِ ثِقَةٍ ) يَتَعَرَّفُ حَالَهُمَا ثُمَّ ( يُنْهِي إلَيْهِ ) مَا تَعَرَّفَهُ ( فَيَزْجُرُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَيَمْنَعُ ( الظَّالِمَ ) عَنْ ظُلْمِهِ وَاكْتَفَى هُنَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الرِّوَايَةِ لِمَا فِي إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مِنْ الْعُسْرِ
( قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ لِأَجَلِ ضَرُورَةِ الْعِشْرَةِ ) لِأَنَّ إسَاءَةَ الْخُلُقِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ تَكْثُرُ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) تَبَعًا لِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ أَحَالَ بَيْنَهُمَا ) قَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إدْرَارُ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا بَاذِلَةٌ مَا يَجِبُ عَلَيْهَا وَهَذِهِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مِنْ جِهَةِ عُدْوَانِهِ فَلَمْ تَسْقُطْ بِذَلِكَ نَفَقَتُهَا كَمَا لَوْ جَنَى جِنَايَةً فَحُبِسَ بِسَبَبِهَا ( قَوْلُهُ وَفَصَّلَ الْإِمَامُ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ وَالتَّحْقِيقِ ( قَوْلُهُ فَمَنْ لَمْ يَذْكُرْ الْحَيْلُولَةَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَاكْتَفَى هُنَا بِثِقَةٍ وَاحِدٍ ) تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ الرِّوَايَةِ أَلَا تَرَاهُمْ عَبَّرُوا بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا لَفْظَ الشَّهَادَةِ .

( فَإِنْ اشْتَدَّ الشِّقَاقُ وَفَحُشَ وَجَبَ ) عَلَى الْحَاكِمِ ( أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا لَهَا وَحَكَمًا لَهُ بِرِضَاهُمَا لِيُصْلِحَا ) بَيْنَهُمَا إنْ تَيَسَّرَ الْإِصْلَاحُ ( أَوْ يُفَرِّقَا ) بَيْنَهُمَا ( بِطَلْقَةٍ ) فَقَطْ ( إنْ عَسُرَ الْإِصْلَاحُ ) لِلْآيَةِ وَاعْتُبِرَ رِضَاهُمَا لِأَنَّ الْحَكَمَيْنِ وَكِيلَانِ كَمَا قَالَ .
( وَهُمَا وَكِيلَانِ لَهُمَا ) فَلَيْسَا بِحَاكِمَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ يُؤَدِّي إلَى الْفِرَاقِ وَالْبُضْعُ حَقُّ الزَّوْجِ وَالْمَالُ حَقُّ الزَّوْجَةِ وَهُمَا رَشِيدَانِ فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا ( فَيُشْتَرَطُ تَوْكِيلُ الزَّوْجَيْنِ لَهُمَا فِيمَا يَفْعَلَانِ ) فَيُوَكِّلُ الزَّوْجُ ( هَذَا ) أَيْ حَكَمَهُ ( فِي التَّطْلِيقِ وَالْخُلْعِ وَ ) تُوَكِّلُ الزَّوْجَةُ ( هَذَا ) أَيْ حَكَمَهَا ( فِي الْبَذْلِ ) لِلْعِوَضِ ( وَالْقَبُولِ ) لِلطَّلَاقِ بِهِ وَالْوَاوُ فِي كَلَامِهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ بِمَعْنَى أَوْ ( فَإِنْ لَمْ يَرْضَيَا بِبَعْثِهِمَا ) وَلَمْ يَتَّفِقَا عَلَى شَيْءٍ ( أَدَّبَ الْحَاكِمُ الظَّالِمَ وَاسْتَوْفَى لِلْمَظْلُومِ ) حَقَّهُ ( وَلَا يَكْفِي حُكْمٌ وَاحِدٌ ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَتَّهِمُهُ وَلَا يُفْشِي إلَيْهِ سِرَّهُ ( وَشَرْطُهُمَا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالْعَدَالَةُ ) الْمُتَضَمَّنَةُ لِلتَّكْلِيفِ ( وَالِاهْتِدَاءُ إلَى الْمَقْصُودِ ) بِمَا بُعِثَا لَهُ لَا الِاجْتِهَادِ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِيهِمَا ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُمَا وَكِيلَانِ لِتَعَلُّقِ وَكَالَتِهِمَا بِنَظَرِ الْحَاكِمِ كَمَا فِي أَمِينِهِ .
( فَإِنْ أَصْلَحَا ) بَيْنَهُمَا ( بِتَرْكِ حَقٍّ ) كَقَسْمٍ وَنَفَقَةٍ وَعَدَمِ تَسَرٍّ أَوْ نِكَاحٍ عَلَيْهَا ( لَمْ يَلْزَمْ ) تَرْكُهُ ( وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُمَا مِنْ أَهْلِهِمَا ) لِلْآيَةِ وَلِأَنَّ الْأَهْلَ أَشْفَقُ وَأَقْرَبُ إلَى رِعَايَةِ الْإِصْلَاحِ وَأَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ وَلِأَنَّ الْقَرِيبَ يُفْشِي سِرَّهُ إلَى قَرِيبِهِ مِنْ غَيْرِ حِشْمَةٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ فَإِنْ بَعَثَ أَجْنَبِيَّيْنِ فَخِلَافُ الْأَوْلَى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ بَعْثُ عَدُوَّيْنِ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ

كَوْنُهُمَا ( ذَكَرَيْنِ ) خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّصْرِيحُ بِالِاسْتِحْبَابِ فِي هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ ذَهَبَ الْقَاضِي ) إلَيْهِمَا ( وَهُوَ أَهْلُ أَحَدِهِمَا جَازَ ) وَإِنْ اتَّهَمَهُ الْآخَرُ وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهِمَا أَوْ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( وَيَخْلُو كُلُّ حَكَمٍ ) مِنْهُمَا ( بِصَاحِبِهِ ) أَيْ بِمُوَكِّلِهِ ( وَيَفْهَمُ مُرَادَهُ وَلَا يُخْفِي حَكَمٌ عَنْ حَكَمٍ شَيْئًا ) إذَا اجْتَمَعَا ( وَيَعْمَلَانِ بِالْمَصْلَحَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا ) رَأَيَا ( بَعَثَ ) اثْنَيْنِ ( غَيْرَهُمَا ) حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَى شَيْءٍ .
( فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ ) أَوْ جُنَّ ( وَلَوْ بَعْدَ اسْتِعْلَامِ الْحَكَمَيْنِ رَأْيَهُ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُمَا ) أَيْ أَمْرُهُمَا لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَنْعَزِلُ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جُنَّ قَبْلَ الْبَعْثِ لَمْ يَجُزْ بَعْثُ الْحَكَمَيْنِ ( وَإِنْ غَابَ ) أَحَدُهُمَا بَعْدَ بَعْثِ الْحَكَمَيْنِ ( نَفَذَ ) أَمْرُهُمَا كَمَا فِي سَائِرِ الْوُكَلَاءِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ رُشْدُ الزَّوْجَةِ لِيَتَأَتَّى بَذْلُهَا الْعِوَضَ لَا رُشْدُ الزَّوْجِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ خُلْعُ السَّفِيهِ فَيَصِحُّ تَوْكِيلُهُ فِيهِ .

( قَوْلُهُ وَجَبَ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا لَهَا إلَخْ ) قَالَ الْبَيْهَقِيُّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِذَا ارْتَفَعَ الزَّوْجَانِ الْمَخُوفُ شِقَاقُهُمَا إلَى الْحَاكِمِ فَحَقٌّ عَلَيْهِ أَنْ يَبْعَثَ حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ أَرَ مَنْ حَكَى عَنْ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ الْبَعْثِ غَيْرَ الرُّويَانِيِّ ( قَوْلُهُ وَهُمَا رَشِيدَانِ إذَا كَانَ الزَّوْجَانِ غَيْرَ بَالِغَيْنِ ) فَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا يَبْعَثُ الْحَكَمَيْنِ لِعَدَمِ إمْكَانِ الطَّلَاقِ مِنْ الزَّوْجِ وَعَدَمِ إمْكَانِ بَذْلِ الْمَالِ مِنْ الزَّوْجَةِ ( قَوْلُهُ فَلَا يُوَلِّي عَلَيْهِمَا فِي حَقِّهِمَا ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنْ يُرِيدَا إصْلَاحًا يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا } فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَرْدُودَ إلَيْهِمَا الْإِصْلَاحُ دُونَ الْفُرْقَةِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ بَعْثُ عَدُوَّيْنِ ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُمَا حَكَمَانِ أَمَّا إذَا قُلْنَا بِأَنَّهُمَا وَكِيلَانِ فَيُشْتَرَطُ رِضَاهُمَا

( فَرْعٌ لَوْ قَالَ ) الزَّوْجُ لِوَكِيلِهِ ( خُذْ مَالِي مِنْهَا ثُمَّ طَلِّقْهَا ) أَوْ خَالِعْهَا أَوْ إذَا أَخَذْت مَالِي مِنْهَا فَطَلِّقْهَا أَوْ خَالَعَهَا ( أَوْ طَلِّقْهَا ) أَوْ خَالَعَهَا ( عَلَى أَنْ تَأْخُذَ مَالِي ) مِنْهَا ( اُشْتُرِطَ تَقْدِيمُ الْأَخْذِ ) لِلْمَالِ عَلَى الطَّلَاقِ أَوْ الْخُلْعِ وَكَذَا لَوْ قَالَ خُذْ مَالِي مِنْهَا وَطَلِّقْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَصْحِيحِ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ فَاشْتُرِطَ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْوَاوُ لِلتَّرْتِيبِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِتَوَهُّمِهِ كَالْإِسْنَوِيِّ أَنَّ الْبَغَوِيّ فَرَّعَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلتَّرْتِيبِ ( أَوْ ) قَالَ لَهُ ( طَلِّقْهَا ) أَوْ خَالَعَهَا ( ثُمَّ خُذْ مَالِي ) مِنْهَا ( جَازَ تَقْدِيمُ الْأَخْذِ ) لِلْمَالِ عَلَى مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ زِيَادَةُ خَيْرٍ وَكَالتَّوْكِيلِ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا ذُكِرَ التَّوْكِيلُ مِنْ جَانِبِهَا كَأَنْ قَالَتْ خُذْ مَالِي مِنْهُ ثُمَّ اخْلَعْنِي ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ الِاحْتِيَاطُ إلَخْ ) فَإِنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْأَخْذِ قَدْ تَغْضَبُ فَتَجْحَدُ أَوْ تَمْتَنِعُ مِنْ الْأَدَاءِ .
( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ

( كِتَابُ الْخُلْعِ ) بِضَمِّ الْخَاءِ مِنْ الْخَلْعِ بِفَتْحِهَا وَهُوَ النَّزْعُ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجَيْنِ لِبَاسُ الْآخَرِ قَالَ تَعَالَى { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ } فَكَأَنَّهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخَرِ نَزَعَ لِبَاسَهُ وَسَيَأْتِي مَعْنَاهُ فِي الشَّرْعِ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ } الْآيَةَ وَقَوْلُهُ { فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا } الْآيَةَ وَخَبَرُ الْبُخَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { أَتَتْ امْرَأَةُ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ وَفِي رِوَايَةٍ مَا أَنْقِمُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ أَيْ كُفْرَانَ النِّعْمَةِ فَقَالَ أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ قَالَتْ نَعَمْ قَالَ اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً وَفِي رِوَايَةٍ فَرَدَّتْهَا وَأَمَرَهُ بِفِرَاقِهَا } وَهُوَ أَوَّلُ خُلْعٍ وَقَعَ فِي الْإِسْلَامِ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَمْلِكَ الزَّوْجُ الِانْتِفَاعَ بِالْبُضْعِ بِعِوَضٍ جَازَ أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ الْمِلْكَ بِعِوَضٍ كَالشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ فَالنِّكَاحُ كَالشِّرَاءِ وَالْخُلْعُ كَالْبَيْعِ وَأَيْضًا فِيهِ دَفْعُ الضَّرَرِ عَنْ الْمَرْأَةِ غَالِبًا ( هُوَ ) فِي الشَّرْعِ ( فُرْقَةٌ بِعِوَضٍ ) مَقْصُودٍ ( رَاجِعٍ إلَى الزَّوْجِ ) أَوْ سَيِّدِهِ عَدَلَ عَنْ قَوْلِ أَصْلِهِ يَأْخُذُهُ الزَّوْجُ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَى مَا ثَبَتَ لَهَا عَلَيْهِ مِنْ قِصَاصٍ أَوْ غَيْرِهِ وَزِدْت مَقْصُودٍ لِيَخْرُجَ الْخُلْعُ بِدَمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ ( وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى الصَّدَاقِ وَغَيْرِهِ ) وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ لَكِنْ تُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ قَالَهُ فِي الْإِحْيَاءِ وَيَصِحُّ فِي حَالَتَيْ الشِّقَاقِ وَالْوِفَاقِ وَذِكْرُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ .
( وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ أَوْ ) عِنْدَ (

كَرَاهِيَتِهَا لَهُ ) لِسُوءِ خُلُقِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ ) عِنْدَ خَوْفِ ( تَقْصِيرٍ ) مِنْهَا ( فِي حَقِّهِ ) أَوْ عِنْدَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مِنْ مَدْخُولٍ بِهَا عَلَى فِعْلِ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ وَذَلِكَ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَلِلْخَبَرِ السَّابِقِ فِي خَوْفِ التَّقْصِيرِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَأَلْحَقَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ بِذَلِكَ مَا لَوْ مَنَعَهَا نَفَقَةً أَوْ غَيْرَهَا فَافْتَدَتْ لِتَتَخَلَّصَ مِنْهُ انْتَهَى فَإِنْ مَنَعَهَا ذَلِكَ لِتُخَالِعَهُ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إكْرَاهٌ لَهَا وَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا نَقَلَهُ فِي الشَّامِلِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَيْضًا وَمَا قِيلَ إنَّ الْأَوَّلَ أَيْضًا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ بِمَنْعِ الْحَقِّ صَارَ مُكْرِهًا لَهَا بَعِيدٌ ( فَإِنْ كَرِهَهَا لَا لِزِنَاهَا فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا ) بِمَنْعِ حَقِّهَا ( حَتَّى اخْتَلَعَتْ كُرِهَ ) الْخُلْعُ وَإِنْ كَانَ نَافِذًا ( وَأَثِمَ بِفِعْلِهِ ) وَيُكْرَهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الصُّوَرِ السَّابِقَةِ وَإِنْ كَرِهَهَا لِزِنَاهَا أَيْ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَأَسَاءَ عِشْرَتَهَا حَتَّى اخْتَلَعَتْ لَمْ يُكْرَهْ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ وَعَلَيْهِ حُمِلَ قَوْله تَعَالَى { وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ } .
( وَإِنْ أَكْرَهَهَا ) بِالضَّرْبِ وَنَحْوِهِ ( عَلَى الْخُلْعِ ) أَيْ اخْتِلَاعِهَا فَاخْتَلَعَتْ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِلْإِكْرَاهِ ( وَوَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا إنْ لَمْ يُسَمِّ الْمَالَ ) وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ مُطْلَقَ الْخُلْعِ يَقْتَضِي الْمَالَ فَيَقَعُ بَائِنًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْتَضِيهِ إذَا وَجَدَ طَرَفَا الْعَقْدِ وَالْمَرْأَةُ هُنَا لَمْ تَقْبَلْ قَبُولًا مُعْتَبَرًا ( وَإِنْ سَمَّاهُ أَوْ قَالَ طَلَّقْتُك بِكَذَا وَضَرَبَهَا لِتَقْبَلَ ) فَقَبَلَتْ ( لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقٌ لِأَنَّهَا لَمْ تَقْبَلْ مُخْتَارَةً ( وَلَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا عَلَى الْخُلْعِ وَأَقَامَتْ ) بِهِ بَيِّنَةً ( وَادَّعَى الْخُلْعَ ) أَيْ اعْتَرَفَ بِهِ دُونَ الْإِكْرَاهِ ( رَدَّ الْمَالَ ) إلَيْهَا (

وَبَانَتْ ) مِنْهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ بَلْ أَنْكَرَ الْمَالَ أَوْ سَكَتَ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا
( كِتَابُ الْخُلْعِ ) قَوْلُهُ فَإِنَّهُ رَجْعِيٌّ وَلَا مَالَ ) أَيْ كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْخَوْفِ فِي الْآيَةِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ) وَلِأَنَّهُ إذَا جَازَ فِي حَالَةِ الْخَوْفِ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إلَى بَذْلِ الْمَالِ فَفِي حَالَةِ الرِّضَا أَوْلَى وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْإِقَالَةِ فِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُكْرَهُ عِنْدَ الشِّقَاقِ إلَخْ ) إنَّمَا كُرِهَ فِي غَيْرِ مَا ذُكِرَ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الَّذِي طَلَبَ الشَّارِعُ دَوَامَهُ ( قَوْلُهُ أَوْ عِنْدَ حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ إلَخْ ) الْحَلِفُ بِطَلْقَتَيْنِ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ إكْرَاهٌ لَهَا ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ ثُمَّ رَأَيْت أَنَّهُ قَائِلٌ فِي مَسْأَلَةِ الْأَصْلِ بِأَنَّهُ إكْرَاهٌ أَيْضًا فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ فِيهِمَا وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَرِيبٌ مِنْ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْمَصَادِرِ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهَا حَقَّهَا لَمْ يُكْرِهَا عَلَى الْخُلْعِ بِخُصُوصِهِ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَثِمَ بِفِعْلِهِ ) وَنَقَلَ الرُّويَانِيُّ فِي التَّجْرِبَةِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ وَقَالَ إنَّهُ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ

( وَفِي هَذَا الْكِتَابِ خَمْسَةُ أَبْوَابٍ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَتِهِ ) أَيْ الْخُلْعِ أَيْ مَدْلُولِهِ ( وَهُوَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ ) صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً ( طَلَاقٌ وَكَذَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ ) وَنَحْوِهِ كَالْفِدَاءِ لِوُرُودِ لَفْظِ الْقُرْآنِ بِهِ فِي الْفِدَاءِ قَالَ تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } وَقِيسَ بِالْفِدَاءِ الْخُلْعُ فَيَنْقُصُ بِهِمَا عَدَدُ الطَّلَاقِ كَلَفْظِ الطَّلَاقِ ( لَا فَسْخَ ) لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَسْخًا لَمَا جَازَ عَلَى غَيْرِ الصَّدَاقِ لِأَنَّ الْفَسْخَ يُوجِبُ اسْتِرْجَاعَ الْبَدَلِ وَإِذَا كَانَ طَلَاقًا .
( فَيَصِحُّ بِخَالَعْتُ نِصْفَك أَوْ يَدَك ) أَوْ نَحْوَهُمَا بِكَذَا ( أَوْ خَالَعْتكِ شَهْرًا ) بِكَذَا فِي لَفْظِ الطَّلَاقِ ( وَلَفْظِ الْخُلْعِ وَكَذَا الْمُفَادَاةُ صَرِيحٌ فِي الطَّلَاقِ ) لِشُيُوعِهِمَا فِي الْعُرْفِ وَالِاسْتِعْمَالِ لِلطَّلَاقِ فَالْتَحَقَا بِالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ مَعَ أَنَّ لَفْظَ الْمُفَادَاةِ وَرَدَتْ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَقِيلَ لَيْسَ ذَلِكَ بِصَرِيحٍ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ فَالرَّاجِحُ أَنَّهُ صَرِيحٌ ( إنْ ذُكِرَ الْمَالُ ) لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِالْبَيْنُونَةِ ( وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ) كَأَنْ قَالَ خَالَعْتكِ أَوْ فَادِيَتُك أَوْ افْتَدَيْتُك فَقَبِلَتْ لِأَنَّ قَبُولَهَا يُشْعِرُ بِذَلِكَ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهِيَ طَرِيقَةُ الْأَكْثَرِينَ خِلَافًا لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ إنَّهُ كِنَايَةٌ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ .
وَزَعَمَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ كِنَايَةٌ بِمَالٍ وَبِدُونِهِ وَإِنَّ أَكْثَرَ نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ ( وَيُلْزِمُهَا بِهِ ) أَيْ بِالْخُلْعِ بِلَا مَالٍ ( مَعَ الْقَبُولِ ) مِنْهَا بَعْدَ إضْمَارِهِ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِاطِّرَادِ الْعُرْفِ بِجَرَيَانِ الْخُلْعِ بِعِوَضٍ فَيَرْجِعُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَى مَهْرِ

الْمِثْلِ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ كَالْخُلْعِ بِمَجْهُولٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ أَوْ نَحْوِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَكَذَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ كَالنِّكَاحِ وَمَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْخُلْعُ مَعَ الزَّوْجَةِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَجِبُ مَهْرٌ بَلْ تَطْلُقُ مَجَّانًا وَكَذَا لَوْ خَالَعَ مَعَهُ بِخَمْرٍ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَيْتَةٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاخْتِلَاعِ مَعَهُ وَلَوْ نَفَى الْعِوَضَ فَقَالَ خَالَعْتكِ بِلَا عِوَضٍ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ فَقَالَ خَالَعْتكِ وَلَمْ يُضْمِرْ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا وَإِنْ أَجَابَتْهُ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا ( وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا ) أَوْ عَلَى بَقِيَّتِهِ ( وَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) كَمَا لَوْ تَخَالَعَا مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ مَالٍ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِوُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِي الْخُلْعِ بِدَمٍ .
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الدَّمَ لَا يُقْصَدُ كَمَا سَيَأْتِي فَذِكْرُهُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ الْعِوَضِ بِخِلَافِ خُلْعِهَا عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي إذْ غَايَتُهُ أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ عَنْ ذِكْرِ الْعِوَضِ وَهُوَ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَوُجُوبَ الْمَهْرِ .

( قَوْلُهُ وَهُوَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ طَلَاقٌ إلَخْ ) أَلْفَاظُ الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَمَا جَرَى مَجْرَاهَا تَنْقَسِمُ إلَى صَرِيحٍ وَكِنَايَةٍ وَالضَّابِطُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَنَّ مَا وَرَدَ فِي الشَّرْعِ إنْ تَكَرَّرَ حَتَّى اُشْتُهِرَ كَالْبَيْعِ وَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ فَصَرِيحٌ وَإِنْ لَمْ يَتَكَرَّرْ بَلْ ذُكِرَ فِي الشَّرْعِ مَرَّةً وَلَمْ يَشِعْ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ كَالْمُفَادَاةِ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ } وَالْفَكُّ فِي الْعِتْقِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَكُّ رَقَبَةٍ } وَالْإِمْسَاكُ فِي الرَّجْعَةِ فِي قَوْله تَعَالَى { فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ } فَوَجْهَانِ أَيْ وَالْأَصَحُّ الْتِحَاقُهُ بِالصَّرِيحِ فِي الْكُلِّ وَأَمَّا مَا لَمْ يَرِدْ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَلَكِنْ شَاعَ فِي الْعُرْفِ كَقَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ شَرْعًا فِي الطَّلَاقِ وَشَاعَ الْعُرْفُ فِي إرَادَتِهِ فَوَجْهَانِ أَيْ وَالْأَصَحُّ الْتِحَاقُهُ بِالْكِنَايَةِ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَا لَمْ يَرِدْ عَلَى لِسَانِ الشَّارِعِ وَشَاعَ عَلَى أَلْسِنَةِ حَمَلَتِهِ وَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ مِنْ الْعَقْدِ فَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا وَجْهَانِ وَالْأَصَحُّ صَرَاحَتُهُ كَلَفْظِ التَّمْلِيكِ فِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ فَيَنْقُصُ بِهِمَا عَدَدُ الطَّلَاقِ ) لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ لَا يَمْلِكُهَا غَيْرُ الزَّوْجِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ) لِأَنَّ تَكَرُّرَهُ عَلَى لِسَانِ حَمَلَةِ الشَّرْعِ لِإِرَادَةِ الْفِرَاقِ كَالْمُتَكَرِّرِ فِي الْقُرْآنِ قَوْلُهُ لِمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ كِنَايَةٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ : إنَّهُ الرَّاجِحُ نَقْلًا وَدَلِيلًا وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ إنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الْبَحْرِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَعَلَيْهِ فَرَّعَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَصْحَابِنَا

وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى ( قَوْلُهُ وَمِنْ هُنَا عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا فِي الرَّوْضَةِ إلَى مَا قَالَهُ ) قَدْ حَاوَلَ الشَّيْخُ أَبُو زُرْعَةَ التَّوْفِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْمِنْهَاجِ وَالْمُحَرَّرِ بِحَمْلِ مَا فِيهِمَا مِنْ إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ إذَا جَرَى الْخُلْعُ بِغَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَتْ بِهِ نِيَّةُ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ إذْ لَيْسَ فِي الْمِنْهَاجِ أَنَّهُ صَرِيحُ عَدَمِ ذِكْرِ الْمَالِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا فِي الرَّوْضَةِ حَقِيقٌ بِأَنْ يُعْتَمَدَ ( أَنْ ) لِأَنَّ صَرَائِحَ الطَّلَاقِ مُنْحَصِرَةٌ فِي أَلْفَاظٍ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا أَوْ مِنْ أَصْلِنَا انْحِصَارُهَا فِي ثَلَاثٍ .
( قَوْلُهُ فَمَحَلُّ صَرَاحَتِهِ إذَا قَبِلَتْ وَأَضْمَرَ الْتِمَاسَ جَوَابِهَا ) قَالَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ فِي ذَلِكَ كِنَايَةٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ صَاحِبِ الْأَنْوَارِ وَالْبُلْقِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ صَرِيحٌ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى صَدَاقِهَا إلَخْ ) قَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ بِمَا لَك عَلَيَّ مِنْ الصَّدَاقِ أَوْ بِمَا بَقِيَ لَك مِنْهُ فَقَالَتْ قَبِلْت ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ فَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مَا طَلَّقَهَا مَجَّانًا بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ يَحْصُلُ لَهُ وَلَوْ كَانَ عَالِمًا بِأَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ صَدَاقِهَا يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا ا هـ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ اعْتِبَارُ عِلْمِ الزَّوْجِ وَجَهْلِهِ وَهُوَ الْحَقُّ وَيُؤَيِّدُهُ بَحْثُ الرَّافِعِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَالَعَةِ عَلَى مَا فِي كَمِّهَا قَالَ شَيْخُنَا بَنَاهُ عَلَى رَأْيِهِ فِيهَا وَإِلَّا فَالْمُرَجَّحُ فِي مَسْأَلَةِ الْكَمِّ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بَائِنًا عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا فَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَسْأَلَتِنَا كَاتِبُهُ .

( فَصْلٌ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِكِنَايَاتِ الطَّلَاقِ مَعَ النِّيَّةِ وَبِالْعَجَمِيَّةِ ) كَالْعَرَبِيَّةِ ( وَالْهَزْلُ ) كَالطَّلَاقِ هَزْلًا ( وَ ) لَفْظُ ( بِعْتُك نَفْسَك وَأَقَلْتُك إيَّاهَا بِكَذَا مَعَ الْقَبُولِ فَوْرًا كِنَايَةٌ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ أَوْ لَمْ يَكُنْ الْقَبُولُ فَوْرًا ( وَكَذَا ) قَوْلُ الزَّوْجِ ( بِعْتُك طَلَاقَك بِكَذَا أَوْ ) قَوْلُ الزَّوْجَةِ ( بِعْتُك ثَوْبِي ) مَثَلًا ( بِطَلَاقِي ) فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كِنَايَةٌ ( بِشَرْطِ النِّيَّةِ مِنْهُمَا ) كَبِعْتُكِ نَفْسَك إلَّا أَنْ يُجِيبَ الْقَابِلُ بِقَبِلْتُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ .
( قَوْلُهُ فَلَا تُشْتَرَطُ نِيَّتُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ نِيَّةُ الْقَابِلِ أَمَّا الْمُبْتَدِئُ فَلَا بُدَّ مِنْ نِيَّتِهِ

( فَرْعٌ إذَا قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَيْهِ أَوْ عَكَسَا ) فَقَالَتْ خَالِعْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ طَلَّقْتُك عَلَيْهِ ( نَفَذَ ) وَلَا يَضُرُّ اخْتِلَافُ اللَّفْظِ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى كَذَا فَقَالَ سَرَّحْتُك عَلَيْهِ ( وَإِنْ وَكَّلَهُ ) أَيْ الزَّوْجُ شَخْصًا ( فِي الطَّلَاقِ فَطَلَّقَ بِعِوَضٍ ) بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ( لَمْ يَنْفُذْ فِيمَنْ تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ ) بِأَنْ يَكُونَ دَخَلَ بِهَا وَبَقِيَ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ طَلْقَةٍ لِأَنَّهُ يَمْنَعُهُ الرَّجْعَةَ بِخِلَافِهِ فِيمَنْ لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى عَنْ الْبُوشَنْجِيِّ فَفِي نُفُوذِهِ احْتِمَالَانِ لِأَنَّهُ حَصَلَ غَرَضُهُ مَعَ فَائِدَةٍ لَكِنَّهُ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ فَالتَّرْجِيحُ فِيهَا أَخْذًا مِنْ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَصُورَةُ ذَلِكَ كَمَا يُومِئُ إلَيْهِ كَلَامُهُمْ أَنْ لَا يُخَالِفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ فَإِنْ خَالَفَهُ فِيهِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عَنْ الْقَفَّالِ فِي الْبَابِ الثَّانِي فَاسْتِدْرَاكُ الْمُهِمَّاتِ عَلَى ذَلِكَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ وَإِنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ فَإِنْ أَرَادَ بِكَلَامِ الْقَفَّالِ مُقْتَضَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ ثَمَّ فَسَيَأْتِي بَيَانُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُقْتَضَاهُ .
( قَوْلُهُ فِيمَا لَا تُتَصَوَّرُ رَجْعَتُهُ ) أَيْ كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا ( قَوْلُهُ فَيَنْفُذُ فِي الصُّورَتَيْنِ ) هُمَا قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ أَوْ بِلَفْظِ الْخُلْعِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى ) هِيَ قَوْلُهُ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ

( فَصْلٌ الْخُلْعُ قِسْمَانِ الْأَوَّلُ أَنْ يَبْدَأَ ) الزَّوْجُ ( بِطَلَاقِهَا عَلَى عِوَضٍ ) فَهُوَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ لِأَخْذِهِ مُقَابِلَ مِلْكِهِ وَفِيهَا شَوْبُ تَعْلِيقٍ لِتَرَتُّبِ الطَّلَاقِ عَلَى قَبُولِ الْمَالِ أَوْ بَدَلِهِ كَمَا يَتَرَتَّبُ الْمُعَلَّقُ بِصِفَةٍ عَلَيْهَا ثُمَّ قَدْ يَغْلِبُ مَعْنَى أَحَدِهِمَا وَقَدْ يُرَاعَى كُلٌّ مِنْهُمَا بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الصِّيَغُ فَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ ( كَطَلَّقْتُكِ بِأَلْفٍ فَتَغْلِبُ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ فَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبُولِ ) مِنْهَا كَمَا هُوَ شَأْنُ الْمُعَاوَضَاتِ ( وَيُشْتَرَطُ قَبُولٌ ) مِنْهَا وَلَوْ بِكِنَايَةٍ ( مُطَابِقٌ ) لِإِيجَابِهِ ( فَوْرًا ) أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ فَلَوْ تَخَلَّلَ زَمَنٌ أَوْ كَلَامٌ طَوِيلٌ لَمْ يَنْفُذْ وَسَيَأْتِي ( نَعَمْ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ وَاحِدَةٌ بِأَلْفٍ وَقَعَ الثَّلَاثُ بِالْأَلْفِ ) كَمَا لَوْ سَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَلِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ وَعَدَدِهِ وَالزَّوْجَةُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ قَوْلُهَا بِسَبَبِ الْمَالِ وَقَدْ وَافَقَتْهُ فِي قَدْرِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ مَحْضُ مُعَاوَضَةٍ .
( فَإِنْ قَبِلَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ أَوْ الثَّلَاثَ بِأَلْفَيْنِ ) أَوْ بِخَمْسِمِائَةٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِعَدَمِ الْمُوَافَقَةِ كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَتَتْهُ بِأَلْفَيْنِ حَيْثُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِأَنَّ الْقَبُولَ جَوَابُ الْإِيجَابِ فَإِذَا خَالَفَهُ فِي الْمَعْنَى لَمْ يَكُنْ جَوَابًا وَالْإِعْطَاءُ لَيْسَ جَوَابًا وَإِنَّمَا هُوَ فِعْلٌ فَإِذَا أَتَتْ بِأَلْفَيْنِ فَقَدْ أَتَتْ بِأَلْفٍ فَلَا اعْتِبَارَ بِالزِّيَادَةِ قَالَهُ الْإِمَامُ ( وَإِنْ أَتَى بِصِيغَةِ تَعْلِيقٍ غُلِّبَ التَّعْلِيقُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ ) قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ وَلَا يُشْتَرَطُ إيجَادُ الصِّفَةِ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ كَسَائِرِ التَّعَالِيقِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِي الْأَخِيرِ بَيَّنَّهُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ اقْتَضَى )

أَيْ لَفْظُ التَّعْلِيقِ ( التَّرَاخِيَ ) بِأَنْ لَمْ يَقْتَضِ فَوْرًا ( كَمَتَى أَعْطَيْتنِي أَلْفًا وَمَتَى مَا وَأَيُّ حِينٍ ) أَعْطَيْتنِي أَلْفًا ( لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ) وَمَحَلُّ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ لِلتَّرَاخِي فِي الْإِثْبَاتِ أَمَّا فِي النَّفْيِ فَلِلْفَوْرِ فَلَوْ قَالَ مَتَى لَمْ تُعْطِنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْإِعْطَاءُ وَلَمْ تُعْطِ طَلَقَتْ .
( وَإِنْ كَانَ ) التَّعْلِيقُ ( بِلَفْظِ إنْ أَوْ إذَا ) أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ ( فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ مَا ذُكِرَ ( إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ) لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ الْعِوَضِ فِي الْمُعَاوَضَةِ وَإِنَّمَا تُرِكَتْ هَذِهِ الْقَضِيَّةُ فِي مَتَى وَنَحْوِهَا لِصَرَاحَتِهَا فِي جَوَازِ التَّأْخِيرِ مَعَ كَوْنِ الْمُغَلَّبِ فِي ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَلَا يُشْكِلُ بِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ لَهُ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ حَيْثُ يُعْتَبَرُ الْفَوْرُ لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ مِنْ جَانِبِهَا مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ كَمَا سَيَأْتِي ( إلَّا إنْ كَانَتْ ) زَوْجَتُهُ ( أَمَةً وَالْمَشْرُوطُ غَيْرَ خَمْرٍ ) فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ( لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْإِعْطَاءِ إلَّا مِنْ كَسْبِهَا ) وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَجْلِسِ غَالِبًا ( وَإِنْ كَانَ ) الْمَشْرُوطُ ( خَمْرًا اُشْتُرِطَ ) الْإِعْطَاءُ فَوْرًا وَإِنْ لَمْ تَمْلِكْ الْخَمْرَ ( لِأَنَّ يَدَهَا وَيَدَ الْحُرَّةِ عَلَيْهِ سَوَاءٌ ) وَقَدْ تَشْتَمِلُ يَدُهَا عَلَيْهِ ( وَإِنْ أَعْطَتْهُ الْأَلْفَ مِنْ كَسْبِهَا طَلَقَتْ بَائِنًا ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ ( وَرَدَّ ) الزَّوْجُ وُجُوبًا ( الْمَالَ لِلسَّيِّدِ وَتَعَلَّقَ مَهْرُ الْمِثْلِ بِذِمَّتِهَا ) فَتُطَالَبُ بِهِ إذَا عَتَقَتْ .
وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً إلَى آخِرِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي تَتِمَّتِهِ وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَيْسَتْ كَالْحُرَّةِ فِي صُورَةِ الْخَمْرِ أَيْضًا فَارَقَا بِأَنَّ الْحُرَّةَ قَدْ يَكُونُ فِي يَدِهَا خَمْرٌ وَالْأَمَةُ

لَا يَدَ لَهَا وَلَا مِلْكَ أَيْ فَغَلَبَ جَانِبُ التَّعْلِيقِ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ كَسْبِهَا وَقَدْ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ وَمَا قَالَهُ حَسَنٌ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَسْبِهَا وَغَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ وَإِنَّمَا قَيَّدَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِمَالِ السَّيِّدِ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي يَلْزَمُ الزَّوْجَ رَدُّ الْمَالِ لِلسَّيِّدِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ مَا أَعْطَيْته مَغْصُوبًا أَمْ لَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيلِهِ حَيْثُ قَالَ إذَا أَعْطَتْهُ الزَّوْجَةُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مَغْصُوبَةً أَوْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهَا لَا يُتَصَوَّرُ لَهَا الْمِلْكُ نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ .
قَالَ لَكِنْ نَقَلَ عَنْهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ لِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُهُ قَالَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ وَصُورَةُ الثَّوْبِ ذَكَرَهَا فِي تَهْذِيبِهِ وَلَمْ أَرَهَا فِي تَعْلِيقِهِ وَلَا صُورَةَ الْأَلْفِ فِي تَهْذِيبِهِ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا فَلَا تَعَارُضَ لَكِنَّ التَّعْلِيلَ يُفْهِمُ التَّعَارُضَ وَبِتَقْدِيرِ التَّعَارُضِ فَالْأَوْجَهُ مَا قَرَّرْته أَوَّلًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إعْطَائِهَا الْفَوْرُ بَلْ مَتَى وُجِدَ مِنْهَا الْإِعْطَاءُ طَلَقَتْ وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَوْلُ الْبُلْقِينِيِّ لَا فَرْقَ عِنْدِي بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ كَمَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ لِحُرَّةٍ مُعْسِرَةٍ فِيهِ نَظَرٌ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ أَيْ فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ ) وَهُوَ مَا يَحْصُلُ بِهِ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَشَمَلَ كَلَامُهُ قَبُولَ الْخَرْسَاءِ بِإِشَارَتِهَا الْمُفْهِمَةِ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا بِاللَّفْظِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَضَى التَّرَاخِيَ كَمَتَى إلَخْ ) فِي الْكِفَايَةِ إنَّ مَهْمَا مِثْلُ مَتَى وَمُقْتَضَاهُ إنَّهُ إذَا قَالَ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ يَجُوزُ التَّرَاخِي وَفِي النِّهَايَةِ مَا يَقْتَضِيهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ مَتَى مَا أَوْ مَهْمَا أَعْطَيْتنِي بِأَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَجْلِسِ الْجَوَابِ ( قَوْلُهُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَبُولُ وَلَا الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ) لِأَنَّ مَتَى صَرِيحَةٌ فِي التَّرَاخِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ مَتَى أَعْطَيْتنِي السَّاعَةَ كَانَ مُحَالًا وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرْ بِالْقَرَائِنِ لِأَنَّ النَّصَّ لَا يَتَبَدَّلُ مَعْنَاهُ كَذَا قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْإِعْطَاءُ فَوْرًا ) أَيْ إنْ كَانَتْ حَاضِرَةً وَإِلَّا فَوَقْتُ بُلُوغِ الْخَبَرِ وَهَذَا فِي إنْ الْمَكْسُورَةِ أَمَّا الْمَفْتُوحَةُ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَالِ بَائِنًا لِأَنَّ التَّقْدِيرَ لِأَنَّك أَعْطَيْتنِي أَلْفًا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي إذْ لِأَنَّهَا لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ .
ا هـ .
وَقِيَاسُ مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ الْفَرْقُ بَيْنَ النَّحْوِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا سَيَأْتِي تَحْرِيرُهُ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَا جَوَّزْتُمْ لَهَا التَّأْخِيرَ لِشُبْهَةِ الْجِعَالَةِ كَمَا جَوَّزْتُمْ لَهَا صِيغَةَ التَّعْلِيقِ لِذَلِكَ قِيلَ لِتَيْسِيرِ التَّعْجِيلِ عَلَيْهَا وَتَعَسُّرِهِ عَلَى عَامِلِ الْجِعَالَةِ لِعُسْرِ الْعَامِلِ فِيهَا وَجَهَالَتِهِ كَرَدِّ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ .
( تَنْبِيهٌ ) قَالَ شَيْخُنَا التَّسْوِيَةُ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فِي اقْتِضَاءِ الْفَوْرِيَّةِ هُوَ فِي جَانِبِ الثُّبُوتِ أَمَّا إذَا كَانَ فِي جَانِبِ النَّفْيِ فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا فَقَوْلُهُ إذَا

لَمْ أُطَلِّقْك فَأَنْت طَالِقٌ وَمَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ أَنْ يُطَلِّقَ وَلَمْ يُطَلِّقْ طَلَقَتْ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ أُطَلِّقْك لَمْ تَطْلُقْ إلَّا عِنْدَ الْيَأْسِ مِنْ تَطْلِيقِهَا ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ أَمَةً ) الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُكَاتَبَةُ كَالْحُرَّةِ لَا يَجْرِي فِيهِمَا خِلَافٌ الْمُتَوَلِّي لِاسْتِيلَائِهِمَا عَلَى الْمَالِ الْمُبَعَّضَةُ بِحِصَّةِ الْحُرِّيَّةِ وَالْمُكَاتَبَةُ بِعَقْدِ الْكِتَابَةِ وَمِثْلُهُمَا الْمَأْذُونُ لَهَا فِي التِّجَارَةِ وَالْخُلْعِ قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ الْمَشْرُوطُ عِوَضًا مُعَيَّنًا بِأَنْ قَالَ أَعْطَيْتنِي هَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ شُرُوطُ الْفَوْرِ وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً ا هـ وَمَتَى عَتَقَتْ الْأَمَةُ وَتَمَكَّنَتْ مِنْ الدَّفْعِ أَوْ أَعْطَاهَا السَّيِّدُ الْمَالَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُطَالَبَةِ عَلَى الْفَوْرِ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ ) وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَالْخُوَارِزْمِيّ ( قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتَقَيَّدُ إعْطَاءُ الْأَلْفِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ كَسْبِهَا مِثَالٌ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إلَخْ ) أَوْ هَذَا الثَّوْبَ فَأَعْطَتْهُ طَلَقَتْ وَرَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْأَظْهَرِ ( قَوْلُهُ وَلَعَلَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا ) يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْإِعْطَاءَ فِي حَقِّهَا لِكَوْنِهَا لَا تَمْلِكُ مَنُوطٌ بِمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَمْ تَطْلُقْ بِهِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ أَعْطَيْتنِي ثَوْبًا إذْ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ لِجَهَالَتِهِ فَصَارَ كَإِعْطَاءٍ لِحُرَّةٍ ثَوْبًا مَغْصُوبًا أَوْ نَحْوِهِ بِخِلَافِ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا أَوْ هَذَا الثَّوْبَ

( الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ تَبْدَأَ هِيَ فَتَسْأَلَ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ أَوْ مَتَى طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ ) وَيُجِيبُهَا ( سَوَاءٌ عَلَّقَتْ ) كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ ( أَوْ نَجَّزَتْ ) كَمَا فِي الْأُولَى وَهَذَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ ) لِمِلْكِهَا الْبُضْعَ بِالْعِوَضِ ( فِيهَا شَوْبُ جَعَالَةٍ ) لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ وَهُوَ الطَّلَاقُ يَسْتَقِلُّ بِهِ الزَّوْجُ كَالْعَامِلِ فِي الْجِعَالَةِ .
( وَلَهَا الرُّجُوعُ قَبْلَ الْجَوَابِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْمُعَاوَضَاتِ وَالْجِعَالَاتِ وَكَأَنَّ مُقْتَضَى كَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جَانِبِهَا أَنْ لَا يَحْتَمِلَ فِيهِ صِيغَةَ التَّعْلِيقِ لَكِنَّهَا احْتَمَلَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْجِعَالَةِ الْمُحْتَمِلَةِ لَهَا حَيْثُ يُقَالُ إنْ رَدَدْت عَبْدِي فَلَكَ كَذَا ( وَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ ) بَعْدَ سُؤَالِهَا ( فَوْرًا ) وَإِنْ عَلَّقَتْ بِمَتَى لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ مِنْ جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ كَمَا مَرَّ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فَوْرًا ( كَانَ ) تَطْلِيقُهُ لَهَا ( ابْتِدَاءً ) لِلطَّلَاقِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى إنَّهُ جَوَابٌ وَكَانَ جَاهِلًا لِقُرْبِ عَهْدِهِ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشْئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ عَنْ الْعُلَمَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ( فَلَوْ قَالَتْ طَلَّقَنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ) وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي فِي الطَّرَفِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الرَّابِعِ مَعَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَذْكُورَةٌ ثَمَّ أَيْضًا ( فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً ) بِثَلَاثَةٍ أَوْ أَطْلَقَ وَقَعَتْ الْوَاحِدَةُ وَ ( اسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ كَنَظِيرِهِ فِي الْجَعَالَةِ ) كَأَنْ قَالَ رُدَّ عَبْدَيْ بِأَلْفٍ فَرَدَّ أَحَدَهُمَا .

قَوْلُهُ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ إلَخْ ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِهِ ابْتِدَاءَ طَلَاقٍ لَا جَوَابًا لِالْتِمَاسِهَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ إنَّهُ أَرَادَ الِابْتِدَاءَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ مُقَابِلَ مَا بَذَلَتْهُ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْجَاعِلَ يَلْتَمِسُ مَا فِيهِ خَطَرٌ وَالطَّلَاقُ يُعَلَّقُ بِالْأَخْطَارِ ( قَوْلُهُ لِمَا فِيهَا مِنْ شَائِبَةِ الْجِعَالَةِ ) الشَّائِبَةُ لَحْنٌ وَالصَّوَابُ الشَّوْبُ وَهُوَ الْخَلْطُ قَالَهُ فِي الدَّقَائِقِ وَرُدَّ بِأَنَّهَا صَوَابٌ أَيْضًا .
( قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ الطَّلَاقُ فَوْرًا ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ صَرَّحَتْ بِالتَّرَاخِي فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ وَيَلْزَمُهَا الْمُسَمَّى إذَا أَجَابَهَا فِي زَمَنِ التَّرَاخِي وَلَمْ يَذْكُرُوهُ ( قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) حَتَّى لَا يَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ ( قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً إلَخْ ) لَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَوْ وَاحِدَةً وَنِصْفًا فَهَلْ يَسْتَحِقُّ ثُلُثَيْ الْأَلْفِ أَوْ نِصْفَهُ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ وَلَمْ يَذْكُرْ عَدَدًا وَلَا نَوَاهُ فَهَلْ يُحْمَلُ عَلَى الثَّلَاثِ أَوْ الْوَاحِدَةِ لَمْ يَحْضُرْنِي فِيهِ نَقْلٌ وَ الظَّاهِرُ الْوَاحِدَةُ ا هـ قَالَ الْبَكْرِيُّ وَالظَّاهِرُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ ا هـ قَدْ صَرَّحَ الشَّيْخَانِ بِالْأَوَّلِ فِي بَابِ تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ قَبْلَ الطَّرَفِ الثَّالِثِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْوَاحِدَةُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لِزَوْجَتَيْهِ ( طَلَّقْتُكُمَا ) أَوْ خَالَعْتُكُمَا أَوْ نَحْوَهُمَا ( بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا ) فَقَطْ ( أَوْ ) قَالَ ( طَلَّقْت إحْدَاكُمَا بِأَلْفٍ وَأَبْهَمَ فَقَبِلَتَا مَعًا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ ) لِعَدَمِ مُوَافَقَةِ الْقَبُولِ الْإِيجَابَ وَشُبِّهَتْ الْأُولَى بِمَا لَوْ قَالَ بِعْتُكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَ أَحَدُهُمَا وَالثَّانِيَةُ بِمَا لَوْ قَالَ بِعْت أَحَدَكُمَا هَذَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَا مَعًا وَمَا ذُكِرَ فِيهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي تَهْذِيبِهِ وَغَيْرِهِ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ قَدْ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ يُعَيِّنُهَا وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ تَفَقُّهًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْعِتْقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِأَمَتَيْهِ إحْدَاكُمَا حُرَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا عَتَقَتْ وَاحِدَةٌ بِقِيمَتِهَا وَأُمِرَ بِالتَّعْيِينِ وَلَمَّا نَقَلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مَسْأَلَةَ الْعِتْقِ قَالَ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ يَقُولُ فِي الطَّلَاقِ كَذَلِكَ لَا قِيَاسَ مَا قُلْت وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَوْجَهُ مَعْنَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْمَنْقُولُ وُقُوعُ الْعِتْقِ دُونَ الطَّلَاقِ وَيُفَرَّقَ بِأَنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلْعِتْقِ وَمُنَفِّرٌ عَنْ الطَّلَاقِ وَفَرَّقَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ بِخِلَافِ الْخُلْعِ فِيهِ نَظَرٌ ( أَوْ ) قَالَ ( طَلَّقْتُك وَضَرَّتَك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ طَلَقَتَا وَلَزِمَهَا الْأَلْفُ ) لِأَنَّ الْخِطَابَ هُنَا مَعَهَا وَحْدَهَا وَهِيَ مُخْتَلِعَةٌ لِنَفْسِهَا وَقَابِلَةٌ لِضَرَّتِهَا كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِهِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى .
( وَإِنْ قَالَتَا ) لَهُ ( طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُولَا مُنَاصَفَةً فَطَلَّقَهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا ) طَلَقَتَا فِي الْأُولَى وَإِحْدَاهُمَا فِي الثَّانِيَةِ كَمَا لَوْ قَالَ اثْنَانِ رُدَّ عَبْدَيْنَا بِكَذَا فَرَدَّهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا فَقَطْ ( فَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ ) فِيهِمَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لَا نِصْفُ الْأَلْفِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ

لِاثْنَيْنِ بِعْتُكُمَا عَبْدِي بِأَلْفٍ فَقَبِلَا بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا خَمْسُمِائَةٍ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْعَبْدِ بِخِلَافِ الْبُضْعَيْنِ أَمَّا إذَا قَالَتَا مُنَاصَفَةً فَعَلَى الْمُطَلَّقَةِ نِصْفُ الْأَلْفِ ( وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا بِخَمْسِمِائَةٍ بَانَتْ بِخَمْسِمِائَةٍ ) كَمَا لَوْ قَالَ رُدَّ عَبْدِي بِأَلْفٍ فَرَدَّهُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَلِأَنَّ لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِغَيْرِ شَيْءٍ .
.
( قَوْلُهُ بِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ ) إذْ هُوَ عَقْدُ عَتَاقَةٍ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ ) ( وَهِيَ خَمْسَةٌ ) الزَّوْجُ وَالْمُخْتَلِعُ وَالْعِوَضُ وَالْمُعَوَّضُ وَالصِّيغَةُ ( الْأَوَّلُ الزَّوْجُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ فَيَصِحُّ مِنْ السَّفِيهِ بِمَا قَلَّ وَكَثُرَ ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْوَلِيُّ لِأَنَّ طَلَاقَهُ مَجَّانًا نَافِذٌ ( وَ ) لَكِنَّهَا إنَّمَا ( تُسَلِّمُ الْمَالَ لِلْوَلِيِّ ) نَالَا لَهُ كَسَائِرِ أَمْوَالِهِ نَعَمْ لَوْ قَيَّدَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ كَأَنْ قَالَ إنْ دَفَعْت إلَيَّ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ لَا إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ هَذَا مِلْكُهُ قَبْلَ الدَّفْعِ وَفِي هَذَا إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَعَلَى وَلِيِّهِ الْمُبَادَرَةُ إلَى أَخْذِهِ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ حَتَّى تَلِفَ فَلَا غُرْمَ فِيهِ عَلَى الزَّوْجَةِ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ( فَإِنْ سَلَّمْته لِلسَّفِيهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْوَلِيِّ وَهُوَ دَيْنٌ لَمْ تَبْرَأْ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَجْرِ قَبْضٌ صَحِيحٌ وَتَسْتَرِدُّهُ مِنْهُ فَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ لِأَنَّهَا ضَيَّعَتْ مَا لَهَا بِتَسْلِيمِهِ إلَى السَّفِيهِ كَمَنْ بَاعَهُ شَيْئًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَتَلِفَ عِنْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهَا لَا تَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْعِوَضِ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي وَالشَّامِلُ وَالْبَحْرُ مَا لَوْ بَادَرَ الْوَلِيُّ فَأَخَذَهُ مِنْهُ فَتَبْرَأُ حِينَئِذٍ .
وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ وَإِنْ كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهَا لِفَسَادِ الْقَبْضِ فَهِيَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ أَذِنَتْ فِي قَبْضِهِ عَمَّا عَلَيْهَا فَإِذَا قَبَضَهُ الْوَلِيُّ مِنْ السَّفِيهِ لَهُ اعْتَدَّ بِهِ ( أَوْ ) سَلَّمَتْهُ لَهُ كَذَلِكَ وَهُوَ ( عَيَّنَ وَعَلِمَ الْوَلِيُّ ) بِالْحَالِ ( أَخَذَهَا مِنْهُ فَإِنْ تَرَكَهَا ) فِي يَدِهِ ( حَتَّى تَلِفَتْ ) بَعْدَ عِلْمِهِ ( فَهَلْ يَضْمَنُ ) لَهُ تَنْزِيلًا لِعِلْمِهِ بِذَلِكَ مَنْزِلَةَ إذْنِهِ لَهُ فِي الْقَبْضِ أَوْ لَا لِتَقْصِيرِ الْمَرْأَةِ ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ( وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ

فَتَلِفَتْ ) فِي يَدِ السَّفِيهِ ( فَهِيَ مُفَرِّطَةٌ ) مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَتَضْمَنُ ) لَهُ ( مَهْرَ الْمِثْلِ لَا قِيمَتَهَا ) أَيْ الْعَيْنِ أَمَّا إذَا سَلَّمَتْهُ لَهُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِقَبْضِهِ وَجْهَانِ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ انْتَهَى وَعِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ قَالَ فِي الْبَحْرِ وَالتَّلْخِيصِ قَالَ الدَّارَكِيُّ فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا يَبْرَأُ كَمَا لَوْ أَمَرَهَا بِالدَّفْعِ إلَى أَجْنَبِيٍّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي لَا يَبْرَأُ لِأَنَّ الْمَحْجُورَ عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقَبْضِ فَلَا يُفِيدُ الْإِذْنُ شَيْئًا .
ثُمَّ قَالَ وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّ التَّرْجِيحَ لِلدَّارِكِيِّ وَقَدْ يُؤْخَذُ مَا رَجَّحَهُ مِنْ كَلَامِ الْأُمِّ وَكَذَا قَالَ السُّبْكِيُّ إنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا الدَّارِمِيُّ فَجَزَمَ بِأَنَّ الدَّفْعَ بِالْإِذْنِ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ ) ( قَوْلُهُ كَانَ لَهَا أَنْ تَدْفَعَهُ إلَيْهِ ) لَا إلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَطْلُقُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لَا إلَى وَلِيِّهِ ( قَوْلُهُ وَفِي هَذَا إنَّمَا يَمْلِكُهُ بِالدَّفْعِ إلَخْ ) هَذَا صَرِيحٌ فِي إنَّهُ مَلَكَهُ بِالْقَبْضِ فِي مَسْأَلَةِ إنْ دَفَعْت وَهُوَ وَجْهٌ وَالْأَصَحُّ إنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ فَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا اقْتَرَنَ بِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْطَاءِ كَقَوْلِهِ وَجَعَلْته لِي أَوَّلًا صَرْفُهُ فِي حَاجَتِي أَوْ سَبَقَ مِنْهَا طَلَبٌ بِعِوَضٍ أَوْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ بِإِرَادَةِ التَّمْلِيكِ بِهِ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ) وَجَرَى عَلَيْهِ الرُّويَانِيُّ وَالدِّزمَارِيُّ قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْحَاوِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَالَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا الْأَوَّلُ ) هُوَ الْأَصَحُّ .
وَقَدْ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي بَابِ اللُّقَطَةِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْوَلِيِّ وَهِيَ مَا إذَا الْتَقَطَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ عَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَنْزِعَهَا مِنْ يَدِهِ فَإِنْ قَصَّرَ بِتَرْكِهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ أَوْ أَتْلَفَهَا لَزِمَ الْوَلِيَّ الضَّمَانُ فِي مَالِ نَفْسِهِ ا هـ وَمُقْتَضَى هَذَا الْجَزْمُ بِإِيجَابِ الضَّمَانِ عَلَى الْوَلِيِّ لِأَنَّ السَّفِيهَ فِي الِالْتِقَاطِ كَالصَّبِيِّ ( قَوْلُهُ وَرَجَّحَ الْحَنَّاطِيُّ الِاعْتِدَادَ بِهِ ) وَكَذَا الرُّويَانِيُّ فِي الْكَافِي وَالْبُلْقِينِيِّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقِيَاسُهُ أَنْ يَجْرِيَ فِي كُلِّ دَيْنٍ وَالْأَعْيَانُ أَوْلَى

( فَرْعٌ خُلْعُ الْعَبْدِ وَلَوْ مُدَبَّرًا بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( جَائِزٌ ) وَيَدْخُلُ الْعِوَضُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا كَإِكْسَابِهِ ( وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ ) أَيْ كَالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ ( لَكِنَّ الْمُخْتَلِعَ يُطَالِبُهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِمَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ ) بِخِلَافِ مَا تَلِفَ فِي يَدِ السَّفِيهِ لَا يُطَالَبُ بِهِ لَا فِي الْحَالِ وَلَا بَعْدَ الرُّشْدِ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْعَبْدِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَيَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ مَا بَقِيَ حَقُّ السَّيِّدِ وَالْحَجْرُ عَلَى السَّفِيهِ لِحَقِّ نَفْسِهِ بِسَبَبِ نُقْصَانِهِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ الضَّمَانِ حَالًا مَآلًا وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ لِلْعَبْدِ وَعَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ وَتَرَكَهَا حَتَّى تَلِفَتْ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَضْمَنُ لِنَفْسِهِ .
( وَالْمُبَعَّضُ إنْ خَالَعَ وَبَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ ( مُهَايَأَةٌ فَالْعِوَضُ مِنْ الْأَكْسَابِ النَّادِرَةِ ) فَتَدْخُلُ فِي النَّوْبَةِ كَالْغَالِبَةِ عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ خَالَعَهَا فِي نَوْبَةِ نَفْسِهِ قَبَضَ جَمِيعَ الْعِوَضِ أَوْ فِي نَوْبَةِ سَيِّدِهِ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ قَبَضَ مَا يَخُصُّ حُرِّيَّتَهُ ( وَالْمُكَاتَبُ يَقْبِضُ لِنَفْسِهِ ) الْعِوَضَ لِصِحَّةِ يَدِهِ وَاسْتِقْلَالِهِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ وَالتَّسْلِيمُ إلَيْهِ كَالسَّفِيهِ ) شَمَلَ مَا لَوْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهَا لَوْ سَلَّمَتْ الْعَيْنَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الرُّكْنُ الثَّانِي الْمُخْتَلِعُ ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَجْنَبِيٍّ ( فَيُشْتَرَطُ ) فِيهِ ( نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ ) فِي الْمَالِ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الْخُلْعِ وَلِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ وَخَرَجَ بِهِ مَنْ بِهِ حَجْرٌ ( وَلِلْحَجْرِ أَسْبَابٌ الْأَوَّلُ الرِّقُّ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ ) رَقِيقَةٌ نَفْسَهَا بِدَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهَا ( صَحَّ ) الْخُلْعُ يَعْنِي وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا كَالْخُلْعِ بِخَمْرٍ وَمَغْصُوبٍ ( وَتَعَلُّقُ الْعِوَضِ بِذِمَّتِهَا ) فَتُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ لَا فِي الْحَالِ مُحَافَظَةً عَلَى حَقِّ السَّيِّدِ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ لَا فِي صُورَةِ الْعَيْنِ مَا ذَكَرَهُ بَعْدُ فَفِي تَعْبِيرِهِ بِهَا تَغْلِيبٌ وَالْأَصْلُ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْبَيْنُونَةِ فَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ .
( فَإِنْ كَانَ ) الْعِوَضُ ( عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) هُوَ الْوَاجِبُ لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ الْفَسَادِ ( أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى ) هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ لَكِنَّهُ رَجَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ وُجُوبَ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ لِفَسَادِ الْمُسَمَّى لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ فَكَانَ كَشِرَاءِ الرَّقِيقِ بِلَا إذْنٍ وَرَجَّحَ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلَ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْخُلْعِ حُصُولُ الْبُضْعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الْعِوَضُ بِدَلِيلِ خُلْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ يُعْتَبَرُ فِيهِ حُصُولُ الْمَبِيعِ لِمَنْ لَزِمَهُ الثَّمَنُ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي شِرَاءِ الرَّقِيقِ وَكَذَا رَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ لَكِنَّهُ قَالَ الْقِيَاسُ الثَّانِي إذْ لُزُومُ الْمُسَمَّى مَعَ الْحُكْمِ بِفَسَادِ الْعَقْدِ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِمَنْعِ أَنَّ الْقَائِلَ بِلُزُومِ الْمُسَمَّى قَائِلٌ بِفَسَادِ الْعَقْدِ .
( فَإِنْ أَذِنَ لَهَا ) وَلَوْ سَفِيهَةً ( أَنْ تَخْتَلِعَ بِعَيْنٍ لَهُ صَحَّ ) الْخُلْعُ ( بِهَا ) وَاسْتَحَقَّهَا الزَّوْجُ ( أَوْ بِدَيْنٍ )

صَحَّ بِهِ وَ ( تَعَلَّقَ بِكَسْبِهَا ) الْحَادِثُ بَعْدَ الْخُلْعِ ( وَبِمَالِ تِجَارَةٍ فِي يَدِهَا لَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ ) كَمَهْرِ الْعَبْدِ فِي النِّكَاحِ الْمَأْذُونِ فِيهِ ( فَإِنْ قَالَ ) لَهَا ( اخْتَلِعِي بِمَا شِئْت فَلَا حَجْرَ ) عَلَيْهَا فَلَهَا أَنْ تَخْتَلِعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَبِأَزْيَدَ مِنْهُ وَيَتَعَلَّقُ الْجَمِيعُ بِكَسْبِهَا وَبِمَالِ تِجَارَةٍ بِيَدِهَا قَالَ السُّبْكِيُّ لِأَنَّ هَذَا عُمُومٌ لَا إطْلَاقٌ وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَا يُوَافِقُهُ فِيمَا إذَا قَالَ لِوَكِيلِهِ بِعْ بِمَا شِئْت وَمَا ذُكِرَ ثَمَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْغَبْنِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ هُنَا مَأْذُونًا فِيهَا انْتَهَى وَقَدْ صَحَّحَ أَعْنِي السُّبْكِيَّ ثَمَّ جَوَازَ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ عَلَى خِلَافِ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْأَصْلُ كَمَا بَيَّنَّاهُ ثَمَّ لَكِنْ يُجَابُ عَنْ إشْكَالِ الرَّافِعِيِّ بِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْعُمُومِ هُنَا فِي الزِّيَادَةِ لَا مَانِعَ مَعَهُ مَعَ احْتِيَاجِ السَّيِّدِ وَأَمَتِهِ إلَى ارْتِكَابِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْهُمَا بِخِلَافِ الْعَمَلِ بِهِ ثَمَّ فِي الْغَبْنِ إذْ لَا مَرَدَّ لَهُ وَغَيْرُ نَقْدِ الْبَلَدِ لَهُ مَرَدٌّ وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ وَلَا مَانِعَ .
( فَإِنْ قَدَّرَ ) دَيْنًا أَوْ عَيْنًا كَأَنْ قَالَ اخْتَلِعِي بِأَلْفٍ أَوْ بِهَذَا الْعَبْدِ ( فَزَادَتْ ) عَلَيْهِ ( أَوْ أَطْلَقَ ) الْإِذْنَ ( فَزَادَتْ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ تَعَلَّقَ الزَّائِدُ ) فِيهِمَا ( بِذِمَّتِهَا ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَلَا يَجُوزُ لَهَا عِنْدَ الْإِذْنِ فِي الْخُلْعِ فِي الذِّمَّةِ أَنْ تُخَالِعَ عَلَى عَيْنٍ بِيَدِهَا وَيَجُوزُ الْعَكْسُ

( قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ فِي الْمَالِ ) شَمَلَ مِنْ سَفَهٍ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يَعُدْ الْحَجْرُ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَعَتْ بِلَا إذْنٍ صَحَّ ) وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً ( قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَ بِذِمَّتِهَا ) اعْلَمْ أَنَّهَا لَوْ خَالَعَتْ بِمَالٍ وَشَرَطَتْهُ إلَى وَقْتِ الْعِتْقِ فَسَدَ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ مَعَ كَوْنِهَا لَا تُطَالِبُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّأْجِيلَ بِالشَّرْعِ فَلَا تَضُرُّ جَهَالَتُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا عَجِيبٌ لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيُفْسِدُهُ ( قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْخُلْعِ إنَّمَا تَأْتِي فِي صُورَةِ الدَّيْنِ إلَخْ ) يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ هُوَ صَحِيحٌ حَيْثُ بَانَتْ وَإِنَّمَا يُوصَفُ بِالْفَسَادِ عِوَضُهُ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا عَدُّهُمْ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ الْغَيْرِ الْمَحْضَةِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِفَسَادِ عِوَضِهَا الْخُلْعَ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ صَحَّ وَقَوْلُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) هَذَا إذَا نُجِّزَ الطَّلَاقُ فَإِنْ قَيَّدَهُ بِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ أَوْ دَيْنًا فَالْمُسَمَّى ) وَإِنْ ظَنَّ حُرِّيَّتَهَا ( قَوْلُهُ هَذَا مَا رَجَّحَهُ فِي أَصْلَيْ الرَّوْضَةِ وَالْمِنْهَاجِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ فَارَقَا بِمَا حَاصِلُهُ إلَخْ ) وَأَيْضًا قَدْ يَكُونُ الْمُسَمَّى دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ فَفِي إفْسَادِهِ إلْزَامُ ذِمَّتِهَا مَهْرَ الْمِثْلِ وَفِيهِ إضْرَارٌ لَهَا بِلَا نَفْعٍ يَعُودُ إلَى السَّيِّدِ بَلْ قَدْ يَضُرُّهُ لَوْ عَتَقَتْ وَوَرِثَهَا قَوْلُهُ الْحَادِثِ بَعْدَ الْخُلْعِ ) مُعْتَادًا كَانَ أَوْ نَادِرًا ( قَوْلُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ هُنَا قَضِيَّتُهُ أَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ إلَخْ ) وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْوَكِيلَ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ مِمَّا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ فَأَمْكَنَ حَمْلُ عُمُومِ مَا فِي

حَقِّهِ عَلَى الْإِذْنِ فِيهِ إذْ هُوَ حَقِيقَتُهُ وَالْأَمَةُ عِنْدَ إطْلَاقِ الْإِذْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهَا الزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهَا فَلَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهُ فِي حَقِّهَا عَلَى حَقِيقَتِهِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِذْنِ فِيمَا كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَيْهَا وَهُوَ الزِّيَادَةُ فَحُمِلَتْ مَا عَلَى كَمْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا اخْتَلِعِي بِكَمْ شِئْت ( تَنْبِيهٌ ) جَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي خُلْعِ الْأَمَةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا فِي الْحُرَّةِ السَّفِيهَةِ .

( فَرْعٌ وَاخْتِلَاعُ الْمُكَاتَبَةِ بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهَا ( كَالْأَمَةِ ) أَيْ كَاخْتِلَاعِهَا ( بِلَا إذْنٍ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِكَسْبِهَا وَمَا فِي يَدِهَا وَاخْتِلَاعُهَا بِالْإِذْنِ كَاخْتِلَاعِ الْأَمَةِ بِالْإِذْنِ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ كَالرَّافِعِيِّ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا وَمَا وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ هُنَا مِنْ أَنَّ الْمَذْهَبَ وَالْمَنْصُوصَ أَنَّ خُلْعَهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يُطَابِقُ مَا فِي الرَّافِعِيِّ .
وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ( وَلَوْ اخْتَلَعَ ) السَّيِّدُ ( أَمَتَهُ الَّتِي تَحْتَ حُرٍّ أَوْ مُكَاتَبٍ بِرَقَبَتِهَا لَمْ يَصِحَّ ) إذْ لَوْ صَحَّ لَقَارَنَتْ الْفُرْقَةُ مِلْكَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ يَتَسَاوَيَانِ وَمِلْكُ الْمَنْكُوحَةِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ ( كَمَا لَوْ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ وَهِيَ أَمَةٌ غَيْرُ مُدَبَّرَةٍ ) مَمْلُوكَةٍ ( لِأَبِيهِ بِمَوْتِهِ ) فَمَاتَ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ مِلْكَ الزَّوْجِ لَهَا حَالَةَ مَوْتِ أَبِيهِ يَمْنَعُ وُقُوعَ الطَّلَاقِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً طَلَقَتْ وَهُوَ مَا احْتَرَزَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ مُدَبَّرَةٍ وَالنَّظِيرُ الْمَذْكُورُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَكَالْحُرِّ وَالْمُكَاتَبُ الْمُبَعَّضُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ فِي غَيْرِ نَوْبَةِ السَّيِّدِ

( قَوْلُهُ اخْتِلَاعُ الْمُكَاتَبَةِ بِلَا إذْنٍ كَالْأَمَةِ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَذِنَ لَهَا أَنْ تُخَالِعَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا لَهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى الْخُلْعِ بِمَالٍ فِي يَدِهَا وَلَوْ أَذِنَ لَهَا فِي الْخُلْعِ بِمَالٍ فِي يَدِهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى ذِمَّتِهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَذِنَ لَهَا فِي عَيْنٍ لَهَا أَنْ تَعْدِلَ إلَى غَيْرِهَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً بِخِلَافِ الْأَمَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ فِي قَدْرِ الْمَالِ وَلَا حَجْرَ عَلَيْهَا فِي أَعْيَانِهِ لِأَنَّ لَهَا نَقْلَ الْأَعْيَانِ مِنْ عَيْنٍ إلَى عَيْنٍ فَجَازَ خُلْعُهَا بَعْدَ الْإِذْنِ بِكُلِّ عَيْنٍ وَكَتَبَ أَيْضًا أَمَّا الْمُبَعَّضَةُ فَإِنْ خَالَعَتْهُ عَلَى مِلْكِهَا فَكَالْحُرَّةِ أَوْ مِلْكِ سَيِّدِهَا فَكَالْأَمَةِ أَوْ عَلَى مُلْكِهِمَا تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ ( قَوْلُهُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بِلَا إذْنٍ إلَخْ ) ذَكَرَهُ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ حَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ لَا يُطَابِقُ أَمَّا فِي الرَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْ التَّبَرُّعَاتِ ) وَقَوْلُ الرَّافِعِيِّ عَقِبَ هَذَا فَإِنْ قُلْنَا لَا يَصِحُّ خُلْعُهَا وَهُوَ قَصَّهُ هُنَا فَخُلْعُهَا بِإِذْنٍ كَهُوَ بِلَا إذْنٍ لَا يَقْتَضِي تَنَاقُضًا غَايَتُهُ أَنَّهُ نَبَّهَ كَابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ النَّصَّ يُخَالِفُ الْمُصَحَّحَ الْمُوَافِقَ لِنَصِّهِ عَلَى صِحَّةِ هِبَةِ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ لِأَنَّهُ إذَا جَازَ هِبَتُهُ بِلَا عَوْدِ شَيْءٍ إلَيْهِ فَالْخُلْعُ أَجْوَزُ لِعَوْدِ الْبُضْعِ إلَيْهَا وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ فَرَّقَ بِأَنَّ الْخُلْعَ يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْ النِّكَاحِ بِلَا قُرْبَةٍ وَلَا مِنَّةٍ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَهَذَا الْفَرْقُ لَا يُجْدِي لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ حَجْرِ الرِّقِّ إنَّمَا هُوَ مَنْعُ التَّصَرُّفِ مِنْ الْمَالِ لِحَقِّ السَّيِّدِ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ زَالَ هَذَا الْمَعْنَى .
( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ مُدَبَّرَةً طَلَقَتْ ) مِثْلُهَا أُمُّ الْوَلَدِ ( قَوْلُهُ إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ فِي غَيْرِ نَوْبَةِ السَّيِّدِ ) بِأَنْ لَا تَكُونَ مُهَايَأَةٌ أَوْ كَانَ الِاخْتِلَاعُ فِي

نَوْبَةِ الْمُبَعَّضِ

( السَّبَبُ الثَّانِي السَّفَهُ فَإِنْ طَلَّقَ السَّفِيهَةَ ) أَيْ الْمَحْجُورَ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ ( عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ أَوْ عَلَى أَلْفٍ إنْ شَاءَتْ فَشَاءَتْ فَوْرًا ) أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَقَعَ رَجْعِيًّا ) لِاسْتِقْلَالِ الزَّوْجِ بِهِ نَعَمْ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَوْطُوءَةٍ وَقَعَ بَائِنًا ( بِلَا مَالٍ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا الْوَلِيُّ ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلِالْتِزَامِ وَلَيْسَ لِوَلِيِّهَا صَرْفُ مَالِهَا إلَى مِثْلِ ذَلِكَ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ فِي الْأُولَى وَمِثْلِهَا الْآخَرُ بِأَنَّ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا عَلِمَ الزَّوْجُ السَّفَهَ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ وَمَا بَحْثَاهُ مُوَافِقٌ لِبَحْثِ الرَّافِعِيِّ فِيمَا لَوْ خَالَعَهَا بِمَا فِي كَفِّهَا لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ خِلَافُهُ ( وَلَا طَلَاقَ إنْ لَمْ تَقْبَلْ ) لِاقْتِضَاءِ الصِّيغَةِ الْقَبُولَ فَهُوَ كَالتَّعْلِيقِ بِصِفَةٍ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا لِيَقَعَ الطَّلَاقُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِإِعْطَاءِ السَّفِيهَةِ فِيمَا لَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهَا وَبِهِ أَفْتَى السُّبْكِيُّ فِي قَوْلِهِ لَهَا إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ مَهْرِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي هَذِهِ لَا طَلَاقَ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِبْرَاءُ لَمْ يُوجَدْ قَالَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْخُوَارِزْمِيَّ وَلَهُ أَعْنِي الْبُلْقِينِيَّ فِي صُورَةِ الْإِعْطَاءِ احْتِمَالَانِ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ بِالْإِعْطَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمِلْكُ وَلَيْسَتْ كَالْأَمَةِ لِأَنَّ تِلْكَ يَلْزَمُهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ .
وَالثَّانِي أَنْ يَنْسَلِخَ الْإِعْطَاءُ عَنْ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ التَّمْلِيكُ إلَى مَعْنَى الْإِقْبَاضِ فَتَطْلُقُ رَجْعِيًّا انْتَهَى وَهَذَا أَوْجَهُ تَنْزِيلًا لِإِعْطَائِهَا مَنْزِلَةَ قَبُولِهَا

( قَوْلُهُ فَإِنْ طَلَّقَ السَّفِيهَةَ عَلَى أَلْفٍ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَأَلْت عَمَّنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى صَدَاقِهَا فَادَّعَى أَبُوهَا أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِذَلِكَ هَلْ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا فَأَجَبْت بِأَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ قَدْ عَارَضَ الْأَبَ فِي دَعْوَاهُ بَقَاءَ الْحِجْرِ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً حِينَ خَالَعَتْهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ فِي الظَّاهِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْمَعْرُوفَ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْ حُصُولِهَا لِيَقَعَ الطَّلَاقُ ) لَيْسَ لَنَا طَلَاقٌ رَجْعِيٌّ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا سِوَاهُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ إلَخْ ) لَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ لَا طَلَاقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَرْجَحُهُمَا أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مِمَّا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى أَنْ يَحْلِفَ الْعَامِّيُّ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ عَلَى امْتِنَاعِهِ مِنْ شَيْءٍ مَثَلًا ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَهُ فَيُرْشِدُهُ كَمَا شَاهَدْنَاهُ أَكْثَرُ مَنْ يُفْتِي أَوْ يَقْضِي إلَى أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ ثُمَّ يَفْعَلُ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُجَدِّدُ نِكَاحَهَا مِنْ غَيْرِ بَحْثٍ عَنْ رُشْدِهَا مَعَ نُدْرَةِ الرُّشْدِ فِي نِسَاءِ الْعَصْرِ فَيُوقِعُ الْجَاهِلَ مِثْلَهُ فِي ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ( قَوْلُهُ وَهَذَا أَوْجَهُ تَنْزِيلًا لِإِعْطَائِهَا إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ لِرَشِيدَةٍ وَسَفِيهَةٍ ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهَا بِسَفَهٍ ( طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ وَلَوْ مَعَ ) قَوْلِهِ ( إنْ شِئْتُمَا فَقَبِلَتْ إحْدَاهُمَا لَغَا ) الطَّلَاقُ فَلَا يَقَعُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا ( أَوْ ) قَبِلَتَا ( جَمِيعًا بَانَتْ الرَّشِيدَةُ ) لِأَنَّهَا أَهْلٌ لِلِالْتِزَامِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْ الْمُسَمَّى ( وَطَلَقَتْ السَّفِيهَةُ رَجْعِيًّا ) لَا بَائِنًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلِالْتِزَامِ وَالْقَبُولِ فِي صُورَةِ الْمَشِيئَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِلَفْظِ الْمَشِيئَةِ ( وَكَذَا إنْ سَأَلَتَاهُ ) فَقَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ ( وَأَجَابَهُمَا ) فَيَقَعُ عَلَى الرَّشِيدَةِ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَعَلَى السَّفِيهَةِ رَجْعِيًّا لِمَا ذُكِرَ .
( فَإِنْ أَجَابَ السَّفِيهَةَ طَلَقَتْ رَجْعِيًّا أَوْ الرَّشِيدَةَ فَبَائِنًا ) يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ قَالَ لِسَفِيهَتَيْنِ طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهِمَا رَجْعِيًّا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَأُصُولُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَقَدَّمَتْ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخِطَابَ مَعَهُمَا يَقْتَضِي الْقَبُولَ مِنْهُمَا ) مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ أَنَّ الرَّشِيدَتَيْنِ كَذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ

( السَّبَبُ الثَّالِثُ الصَّغِيرُ وَالْمَجْنُونُ فَالْخُلْعُ مَعَهُمَا ) كَقَوْلِهِ لِإِحْدَاهُمَا أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ ( لَغْوٌ ) وَلَوْ مَعَ تَمْيِيزٍ لِانْتِفَاءِ أَهْلِيَّةِ الْقَبُولِ فَلَا عِبْرَةَ بِعِبَارَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ بِخِلَافِ السَّفِيهَةِ وَقِيلَ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الصُّورَةِ الصَّغِيرَةِ الْمُمَيِّزَةِ رَجْعِيًّا وَالتَّرْجِيحُ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ الثَّانِيَ قَالُوا وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى وُقُوعِهِ رَجْعِيًّا فِيمَا ذُكِرَ فَقَالَ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَبِيَّةً أَوْ بَالِغَةً لَيْسَتْ رَشِيدَةً أَوْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهَا فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِشَيْءٍ فَكُلُّ مَا أُخِذَ مِنْهَا مَرْدُودٌ عَلَيْهَا وَيَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ وَيَمْلِكُ عَلَيْهَا الرَّجْعَةَ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ النَّصِّ فِي الصَّبِيَّةِ وَالْمَجْنُونَةِ عَلَى مَا إذَا ابْتَدَأْنَا بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ فَطَلَّقَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْمَالِ وَلَمْ يَقْصِدْ الْجَوَابَ .
.
( قَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ بِحَمْلِ النَّصِّ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يُحْمَلُ النَّصُّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا بِالدَّفْعِ كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ وَمَا طَلَّقَهَا عَلَى مَا أَخَذَهُ مِنْهَا وَاقِعٌ فَلَا تَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ لِهَذَا الْوَجْهِ وَتَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ وَقَعَ وَكَذَا الْمَجْنُونُ .
ا هـ .

( السَّبَبُ الرَّابِعُ الْمَرَضُ فَإِنْ خَالَعَتْهُ مَرِيضَةٌ ) مَرَضَ الْمَوْتِ بِأَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( فَالزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ مُحَابَاةٌ ) تُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَهِيَ كَالْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ لَا لِلْوَارِثِ لِخُرُوجِ الزَّوْجِ بِالْخُلْعِ عَنْ الْإِرْثِ نَعَمْ إنْ وَرِثَ بِجِهَةٍ أُخْرَى كَابْنِ عَمٍّ أَوْ مُعْتَقٍ فَالزَّائِدُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَإِنْ خَالَعَتْهُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ فَالْمُسَمَّى مُعْتَبَرٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ مِنْ الثُّلُثِ وَإِنْ اعْتَبَرُوا خُلْعَ الْمُكَاتَبَةِ تَبَرُّعًا لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ أَوْسَعُ وَمِلْكَهُ أَتَمُّ بِدَلِيلِ جَوَازِ صَرْفِهِ الْمَالَ فِي شَهَوَاتِهِ وَنِكَاحِ الْأَبْكَارِ بِمُهُورِ أَمْثَالِهِنَّ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ وَطْئِهِنَّ وَيَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ وَالْمُكَاتَبُ لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ فَيَنْزِلُ الْخُلْعُ فِي حَقِّهِ مَنْزِلَةَ التَّبَرُّعِ بِكَوْنِهِ مِنْ قَبِيلِ قَضَاءِ الْأَوْطَارِ الَّذِي يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُكَاتَبُ دُونَ الْمَرِيضِ .
( فَإِنْ خَالَعَتْهُ بِعَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَمَهْرُ مِثْلِهَا خَمْسُونَ فَالْمُحَابَاةُ بِنِصْفِهِ فَإِنْ احْتَمَلَهُ ) أَيْ النِّصْفَ ( الثُّلُثُ أَخَذَهُ ) أَيْ لِزَوْجِ الْعَبْدِ نِصْفُهُ عِوَضًا وَنِصْفُهُ وَصِيَّةً وَلَا خِيَارَ لَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ الثُّلُثُ ( فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ وَمَا احْتَمَلَهُ الثُّلُثُ مِنْ النِّصْفِ الثَّانِي ) كَأَنْ خَلَّفَتْ مَعَ الْعَبْدِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَتُضَمُّ إلَى نِصْفِ الْعَبْدِ فَتَكُونُ التَّرِكَةُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَلَهُ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَهِيَ قَدْرُ رُبْعِ الْعَبْدِ فَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ نِصْفُهُ بِالْخُلْعِ وَرُبْعُهُ بِالْوَصِيَّةِ ( وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ الْمُسَمَّى وَيَأْخُذَ مَهْرَ الْمِثْلِ ) وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ وَقَدْ ارْتَفَعَتْ بِالْفَسْخِ ( إلَّا إنْ كَانَ ) عَلَيْهَا ( دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ

يَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ ) وَهُوَ قَدْرُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا شَيْءَ لَهُ سِوَاهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُحَابَاةِ ( وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ ) الْمُسَمَّى ( وَيُضَارِبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) وَلَا فَائِدَةَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا الْخَلَاصُ مِنْ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ ( وَإِنْ زَاحَمَتْهُ أَرْبَابُ الْوَصَايَا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَ الْعَبْدِ وَيُزَاحِمَ ) أَرْبَابَ ( الْوَصَايَا بِالنِّصْفِ ) الْآخَرِ فِيهِ لِأَنَّهُ فِيهِ كَأَحَدِهِمْ ( وَبَيْنَ أَنْ يَفْسَخَ ) الْمُسَمَّى ( وَيُقَدَّمَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) عَلَى أَرْبَابِ الْوَصَايَا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِالْوَصِيَّةِ لِمَا مَرَّ وَإِنَّمَا تُتَّجَهُ الْمُزَاحَمَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي وَصِيَّةٍ مُنْجَزَةٍ مُقَارِنَةٍ لِوَصِيَّةِ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا مُزَاحِمَةَ لِتَقَدُّمِ التَّبَرُّعِ الْمُنْجَزِ عَلَى الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ وَيُقَدَّمُ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ مِنْ الْمُنْجَزِ .
( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) لَهَا ( سِوَى الْعَبْدِ ) وَلَا دَيْنَ وَلَا وَصِيَّةَ ( خُيِّرَ بَيْنَ ثُلُثَيْهِ ) النِّصْفُ مُعَاوَضَةً وَالسُّدُسُ وَصِيَّةً وَهُوَ ثُلُثُ الْبَاقِي ( وَبَيْنَ الْفَسْخِ ) لِلْمُسَمَّى ( وَ ) أَخَذَ ( مَهْرَ الْمِثْلِ ) عَنْهُ هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ إلَى آخِرِهِ ( وَأَمَّا مَرَضُ الزَّوْجِ فَلَا يُؤَثِّرُ ) فِي الْخُلْعِ فَيَصِحُّ مِنْهُ فِيهِ وَلَوْ بِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( لِأَنَّ لَهُ تَطْلِيقَهَا مَجَّانًا ) وَلِأَنَّ الْبُضْعَ لَا يَبْقَى لِلْوَارِثِ وَإِنْ لَمْ يُخَالِعْ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِهِ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ خَالَعَ أَجْنَبِيٌّ مِنْ مَالِهِ فِي مَرَضِهِ اُعْتُبِرَ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ الْعِوَضُ قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ .

( قَوْلُهُ فَالْمُسَمَّى مُعْتَبَرٌ مِنْ رَأْسِ مَالِهَا ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِقِيمَتِهِ أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُتَّجَهُ الْمُزَاحَمَةُ كَمَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ صَرَّحَ بِهَذَا الْقَاضِي الْحُسَيْنُ .

( الرُّكْنُ الثَّالِثُ الْمُعَوَّضُ وَهُوَ الْبُضْعُ وَشَرْطُهُ أَنْ يَمْلِكَهُ ) الزَّوْجُ ( فَيَصِحَّ خُلْعُ الرَّجْعِيَّةِ ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ بِخِلَافِ الْبَائِنِ لِأَنَّ الْمَبْذُولَ لِإِزَالَةِ مِلْكِ الزَّوْجِ عَنْ الْبُضْعِ وَلَا مِلْكَ لَهُ عَلَى الْبَائِنِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ عَاشَرَ الرَّجْعِيَّةَ مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ بِلَا وَطْءٍ وَانْقَضَتْ الْأَقْرَاءُ أَوْ الْأَشْهُرُ وَقُلْنَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاجِعُهَا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ خُلْعُهَا لِأَنَّهَا بَائِنٌ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَمَا قَالَهُ يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ السَّابِقِ .
( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَاحِدَةً وَطَالِقٌ ثَانِيَةً وَطَالِقٌ ثَالِثَةً فَإِنْ أَرَادَ بِالْعِوَضِ الْأُولَى وَقَعَتْ دُونَ الْأُخْرَيَيْنِ أَوْ الثَّانِيَةَ وَقَعَتْ الْأُولَيَانِ دُونَ الثَّالِثَةِ أَوْ الثَّالِثَةَ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ لِأَنَّ الْخُلْعَ وَرَدَ عَلَى الثَّالِثَةِ فَوَقَعَ مَا تَقَدَّمَهَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَالْخُلْعُ فِي الرِّدَّةِ ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا ( بَعْدَ الدُّخُولِ مَوْقُوفٌ ) فَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا لِانْقِطَاعِ النِّكَاحِ بِالرِّدَّةِ ( وَكَذَا لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ الْوَثَنِيَّيْنِ ) أَوْ نَحْوُهُمَا بَعْدَ الدُّخُولِ ( ثُمَّ خَالَعَ ) وُقِفَ فَإِنْ أَسْلَمَ الْآخَرُ فِي الْعِدَّةِ تَبَيَّنَّا صِحَّةَ الْخُلْعِ وَإِلَّا فَلَا .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْ فَوَائِدِ الْوَقْفِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا جُعِلَ عِوَضًا حَتَّى يَنْكَشِفَ الْأَمْرُ فَلَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا قَبْلَ الِانْكِشَافِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ بَانَ الْمِلْكُ لَهُ أَمْكَنَ أَنْ يُخَرَّجَ نُفُوذُ تَصَرُّفِهِ عَلَى بَيْعِ مَالِ الْأَبِ بِظَنِّ حَيَاتِهِ فَبَانَ مَوْتُهُ وَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بِخِلَافِهِ لِأَنَّهُ هُنَاكَ اعْتَمَدَ عَلَى أَصْلٍ وَهُوَ بَقَاءُ مِلْكِ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا هُنَا وَمَا قَالَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ فَلَوْ قَالَ بَدَلَ قَوْلِهِ

بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ بِمَا يَحْتَمِلُ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ كَانَ حَسَنًا
قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَقُلْنَا يَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ وَلَا يُرَاجِعُهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى ضَعِيفٍ ) لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ وَلَوْ بَاعَ مَالَ مُوَرِّثِهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ وَكَانَ مَيِّتًا صَحَّ فِي الْأَظْهَرِ

( الرُّكْنُ الرَّابِعُ الْعِوَضُ وَهُوَ كَالصَّدَاقِ يَجُوزُ قَلِيلًا وَكَثِيرًا ) عَيْنًا وَدَيْنًا وَمَنْفَعَةً بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ عَلَى مَنْفَعَةِ بُضْعٍ ( وَيُشْتَرَطُ فِيهِ ) مَا يُشْتَرَطُ ( فِي سَائِرِ الْأَعْوَاضِ ) كَالْعِلْمِ بِهِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ( فَإِنْ خَالَعَ عَلَى مَجْهُولٍ كَعَبْدٍ ) غَيْرِ مُعَيَّنٍ ( أَوْ ) عَلَى ( مَا فِي كَفِّهَا وَلَوْ كَانَ ) كَفُّهَا ( فَارِغًا ) الْأَوْلَى وَلَوْ كَانَتْ فَارِغَةً وَعَلِمَ بِهِ ( أَوْ ) خَالَعَ ( مَعَ شَرْطٍ فَاسِدٍ كَتَطْلِيقِ ضَرَّتِهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَهِيَ حَامِلٌ ) أَوْ لَا سُكْنَى لَهَا أَوْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا .
( أَوْ ) خَالَعَ بِأَلْفٍ ( إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ بَانَتْ ) مِنْهُ لِوُقُوعِهِ بِعِوَضٍ وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِأَنَّهُ الْمَرَدُّ عِنْدَ فَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ وَلِأَنَّ قَضِيَّةَ فَسَادِهِ مَرْجُوعُ الْعِوَضِ الْآخَرِ إلَى مُسْتَحَقِّهِ وَالْبُضْعُ لَا يَرْجِعُ بَعْدَ الْفُرْقَةِ فَوَجَبَ رَدُّ بَدَلِهِ كَمَا فِي فَسَادِ الصَّدَاقِ ( وَكَذَا ) تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( إذَا خَالَعَهَا عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ حُرٍّ أَوْ مَيْتَةٍ أَوْ مَغْصُوبٍ أَوْ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ ) أَوْ مَا لَمْ يَسْتَقِرَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ ( أَوْ ) عَلَى ( عَيْنٍ وَتَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ رَدَّهَا بِعَيْبٍ ) أَوْ فَوَاتِ صِفَةٍ مَشْرُوطَةٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ خُلْعَ الْكُفَّارِ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِ صَحِيحٍ كَمَا فِي أَنْكِحَتِهِمْ فَإِنْ وَقَعَ إسْلَامٌ بَعْدَ قَبْضِهِ كُلِّهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ فَلَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ فَالْقِسْطُ ( فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى دَمٍ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُقْصَدُ كَالْحَشَرَاتِ ( وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْصَدُ بِحَالٍ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَطْمَعْ فِي شَيْءٍ بِخِلَافِ الْمَيْتَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تُقْصَدُ لِلضَّرُورَةِ وَلِلْجَوَارِحِ .
وَلِلرَّافِعَيَّ فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ ذَكَرْته مَعَ مَا فِيهِ فِي

شَرْحِ الْبَهْجَةِ ( وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَأَعْطَتْهُ ) ثَوْبًا ( بِالصِّفَةِ طَلَقَتْ ) لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ تَعْلِيقٍ وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ بِالْقَبُولِ ( فَإِنْ خَرَجَ مَعِيبًا ) وَرَدَّهُ ( طَالَبَ بِبَدَلِهِ ) سَلِيمًا ( كَالْمُسَلَّمِ فِيهِ إلَّا إذَا كَانَ ) الْخَلْعُ ( بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ كَإِنْ أَعْطَيْتنِي ) ثَوْبًا بِصِفَةِ كَذَا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ثَوْبًا ( بِالصِّفَةِ ) وَظَهَرَ مَعِيبًا وَرَدَّهُ ( فَإِنَّهُ يَرْجِعُ ) عَلَيْهَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِبَدَلِ الثَّوْبِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ خَالَعَهَا عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِعِوَضٍ فِي الذِّمَّةِ ( فَإِنْ قَدَّرَ ) الزَّوْجُ ( لِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ مَالًا فَزَادَ ) عَلَيْهِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( صَحَّ ) لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَ فِي الْأَوْلَى خَيْرًا .
( أَوْ نَقَصَ ) عَنْهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِلْمُخَالَفَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) التَّوْكِيلَ فِي الْخُلْعِ ( فَخَالَعَهَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَكْثَرَ ) مِنْهُ ( صَحَّ ) لِأَنَّهُ أَتَى بِمُقْتَضَى مُطْلَقِ الْخُلْعِ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ خَيْرًا وَكَمَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ عَلَى ثَمَنِ الْمِثْلِ ( أَوْ ) خَالَعَ ( بِدُونِهِ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) كَمَا لَوْ خَالَعَ بِخَمْرٍ وَفَارَقَتْ النَّقْصَ عَنْ مُقَدَّرِ الزَّوْجِ بِصَرِيحِ الْمُخَالَفَةِ لَهُ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَتَصْحِيحِ التَّنْبِيهِ وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَالرُّويَانِيِّ وَفِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ وَصَحَّحَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا طَلَاقَ أَصْلًا كَمَا فِي الْبَيْعِ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَقَالَ الرَّافِعِيُّ كَأَنَّهُ أَقْوَى تَوْجِيهًا وَقَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ إنَّهُ الْأَقْوَى وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْبَغَوِيّ .

( قَوْلُهُ وَعَيْنًا وَمَنْفَعَةً ) لَوْ خَالَعَهَا عَلَى تَعْلِيمِ سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ قَالُوا بِالتَّعَذُّرِ إنَّهُ لَا يَصِحُّ وَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَ عَلَى مَجْهُولٍ إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ خَالَعَ عَلَى مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ فَإِنَّ الْمُعْتَمَدَ فَسَادُ الْمُسَمَّى كُلِّهِ ، وَوُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّمَا تَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ فِي الْخُلْعِ بِالْمَجْهُولِ إذَا لَمْ يُعَلِّقْ أَوْ عَلَّقَ بِإِعْطَائِهِ وَأَمْكَنَ مَعَ الْجَهْلِ فَلَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك مَثَلًا وَهُوَ مَجْهُولٌ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا لَمْ تَطْلُقْ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهَذَا الدَّيْنِ زَكَاةٌ فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَقَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك أَوْ دَيْنِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ مُعَلَّقٌ عَلَى الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ الْفُقَرَاءُ فَلَا تَصِحُّ الْبَرَاءَةُ مِنْ ذَلِكَ الْبَعْضِ فَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ كَمَا لَوْ بَاعَ الْمَالَ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الزَّكَاةُ بَعْدَ الْحَوْلِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ فِي قَدْرِهَا .
( قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي كَفِّهَا ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ كُلِّهَا ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ فَارِغَةً وَعَلِمَ بِهِ ) إنَّمَا وَقَعَ هُنَا بَائِنًا لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِبَارَ الْمَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِي كَفِّهَا صِفَةٌ لِمَا أَوْصَلَهُ لَهَا غَايَتُهُ أَنَّهُ وَصَفَهُ بِصِفَةٍ كَاذِبَةٍ فَتَلْغُو فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ خَالَعَهَا عَلَى شَيْءٍ مَجْهُولٍ فَيَجِبُ مَهْرُ مِثْلٍ جَوْجَرِيٌّ ( قَوْلُهُ وَلِلرَّافِعِيِّ فِي التَّعْلِيلِ نَظَرٌ إلَخْ ) وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ فَإِنَّ الدَّمَ قَدْ يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ وَقَضِيَّتُهُ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَيَكُونُ ذِكْرُ الدَّمِ كَالسُّكُوتِ عَنْ الْمَهْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذِكْرَهُ مَا لَا يُقْصَدُ صَارِفٌ لِلَّفْظِ عَنْ اقْتِضَائِهِ الْعِوَضَ بِخِلَافِ السُّكُوتِ عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ قَائِلَهُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الدَّمَ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَالرَّافِعِيُّ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى أَنَّهُ مَقْصُودٌ

نَعَمْ أَجَابَ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الدَّمَ وَإِنْ قُصِدَ فَإِنَّمَا يُقْصَدُ لِأَغْرَاضٍ تَافِهَةٍ قَوْلُهُ فَإِنْ قَدَّرَ لِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ إلَخْ ) وَجْهُ صِحَّةِ تَوْكِيلِهِ فِي الطَّلَاقِ أَنَّهُ رَفْعُ عَقْدٍ فَأَشْبَهَ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ .
( قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْكِيلَ فِي الْخُلْعِ إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ قَالَ : خَالِعْ زَوْجَتِي .
وَلَمْ يَقُلْ بِمَالٍ وَفَرَّعْنَا عَلَى أَنَّ مُطْلَقَ الْخُلْعِ لَا يَقْتَضِي مَالًا حَمْلًا لَهُ عَلَى الْخُلْعِ الْمُعْتَادِ عُرْفًا وَهُوَ الْخُلْعُ بِالْمَالِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْمُهِمَّاتِ إنَّ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي إرْشَادِهِ وَقَالَ فِي تَمْشِيَتِهِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ

( وَخُلْعُ الْوَكِيلِ بِالْمُؤَجَّلِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ ) بِغَيْرِ ( نَقْدِ الْبَلَدِ كَالنُّقْصَانِ ) أَيْ كَخُلْعِهِ بِأَنْقَصَ مِنْ الْمُقَدَّرِ أَوْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( وَإِنْ وَكَّلَتْهُ لِيَخْتَلِعَهَا بِمِائَةٍ فَاخْتَلَعَ ) بِهَا أَوْ بِدُونِهَا ( جَازَ ) لِأَنَّهُ أَتَى فِي الْأُولَى بِالْمَأْذُونِ فِيهِ وَزَادَ فِي الثَّانِيَةِ خَيْرًا ( أَوْ بِأَكْثَرَ ) مِنْهَا ( فِي مَالِهَا أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ ) أَيْ الْعِوَضِ كَأَنْ قَالَتْ لَهُ خَالِعْ بِدَرَاهِمَ فَخَالَعَ بِدَنَانِيرَ أَوْ ثَوْبٍ ( وَزَعَمَهُ بِوَكَالَةٍ ) مِنْهَا ( نَفَذَ ) الْخُلْعُ بِخِلَافِ وَكِيلِ الزَّوْجِ إذَا نَقَصَ عَنْ مُقَدَّرِهِ كَمَا مَرَّ لِمُخَالَفَةِ الزَّوْجِ الْمَالِكِ لِلطَّلَاقِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مِنْهَا قَبُولُ الْعِوَضِ فَمُخَالَفَةُ وَكِيلِهَا إنَّمَا تُؤَثِّرُ فِي الْعِوَضِ وَفَسَادُهُ لَا يَمْنَعُ الْبَيْنُونَةَ وَلِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيهِ شَوْبُ تَعْلِيقٍ فَكَأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْمُقَدَّرِ وَعِنْدَ نَقْصِهِ لَمْ تَحْصُلْ الصِّفَةُ ( وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ) سَوَاءٌ أَزَادَ عَلَى مُقَدَّرِهَا أَمْ نَقَصَ لِفَسَادِ الْعِوَضِ قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَلَى وَكِيلِهَا الزَّائِدُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِذَا غَرِمَهُ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَاسْتَشْكَلَ الْبَارِزِيُّ لُزُومَ الزَّائِدِ بِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا وَجَبَ لِفَسَادِ الْعِوَضِ فَلَا وَجْهَ لِلُزُومِهِ قَالَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَا الرَّافِعِيُّ .
( وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلَهَا ) بِمَا لَزِمَهَا ( إلَّا إنْ ضَمِنَ ) كَأَنْ يَقُولَ عَلَى إنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالَبُ بِمَا سُمِّيَ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَلَا يُؤَثِّرُ تَرَتُّبُ ضَمَانِهِ عَلَى إضَافَةٍ فَاسِدَةٍ لِأَنَّ الْخُلْعَ عَقْدٌ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْأَجْنَبِيُّ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِيهِ الضَّمَانُ بِمَعْنَى الِالْتِزَامِ وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافُ ضَمَانِ الثَّمَنِ وَنَحْوُهُ ( فَإِنْ أَضَافَ ) الْوَكِيلُ ( الْخُلْعَ إلَى نَفْسِهِ ) أَوْ أَطْلَقَهُ وَلَمْ يَنْوِهَا كَمَا

اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ ( فَهُوَ كَالْأَجْنَبِيِّ ) فَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ لِأَنَّ اخْتِلَاعَ الْأَجْنَبِيِّ لِنَفْسِهِ صَحِيحٌ فَإِضَافَتُهُ إلَى نَفْسِهِ أَوْ إطْلَاقُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إعْرَاضٌ عَنْ التَّوْكِيلِ وَاسْتِبْدَادٌ بِالْخُلْعِ مَعَ الزَّوْجِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) الْخُلْعَ ( وَلَمْ يُضِفْ ) إلَيْهِ وَلَا إلَيْهَا وَقَدْ نَوَاهَا ( طُولِبَ ) بِمَا سَمَّاهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّتْهُ وَعَلَيْهَا مِنْهُ مَا سَمَّتْهُ لِأَنَّ صَرْفَ اللَّفْظِ الْمُطْلَقِ إلَيْهِ مُمْكِنٌ فَكَأَنَّهُ افْتَدَاهَا بِمُسَمَّاهَا وَزِيَادَةٍ مِنْ عِنْدِهِ فَعَلَيْهِ مَا زَادَهُ وَفُهِمَ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَضَافَ مُسَمَّاهَا إلَيْهَا وَمَا زَادَهُ إلَيْهِ .
( وَ ) إذَا غَرِمَ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( لَكِنْ بِقَدْرِ مَا سَمَّتْ ) فَقَطْ إنْ سَمَّتْ شَيْئًا لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَلِأَنَّ الزَّائِدَ فِي مَسْأَلَةِ الضَّمَانِ تَوَلَّدَ مِنْ فِعْلِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ عَلَيْهِ فِيهَا بِمَا غَرِمَتْهُ زَائِدًا عَلَى مُسَمَّاهَا وَيَكُونُ اسْتِقْرَارُ الزَّائِدِ عَلَيْهِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ( وَإِنْ أَطْلَقَتْ التَّوْكِيلَ فَكَأَنَّهَا قَدَّرَتْ مَهْرَ الْمِثْلِ ) فَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِمَا سَمَّاهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنَّهُ إذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى رُجُوعِهِ عَلَيْهَا لَا يَرْجِعُ إلَّا بِقَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( خَالَعَ وَكِيلُهَا ) الزَّوْجَ ( بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ ) مَثَلًا ( وَلَوْ بِإِذْنِهَا ) فِيهِ ( نَفَذَ ) لِأَنَّهُ وَقَعَ بِعِوَضٍ مَقْصُودٍ وَفَارَقَ نَظِيرَهُ فِي الْبَيْعِ بِأَنَّ فِي الْخُلْعِ مَعْنَى التَّعْلِيقِ فَكَأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِقَبُولِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ مَا إذَا خَاطَبَهَا بِهِ فَقَبِلَتْ .
( وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ ( أَوْ ) خَالَعَ ( وَكِيلُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( عَلَى خَمْرٍ ) مَثَلًا وَكَانَ قَدْ (

وَكَّلَهُ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ ) أَيْ فَيَنْفُذُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( لَا إنْ خَالَفَ ) وَكِيلَهُ ( فَأَبْدَلَ خَمْرًا ) وَكَّلَهُ بِالْخُلْعِ بِهَا ( بِخِنْزِيرٍ فَيَلْغُو ) أَيْ الْخُلْعُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَهُ كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْوَكَالَةِ

( قَوْلُهُ أَيْ كَخُلْعِهِ بِأَنْقَصِ مِنْ الْمُقَدَّرِ ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَفِيمَا إذَا عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ نَقْدَ الْبَلَدِ وَالْحَالَ ( قَوْلُهُ أَوْ مَهْرُ الْمِثْلِ ) أَيْ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَخَلَعَ وَكِيلُهُ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ بِالتَّأْجِيلِ كَخُلْعِهِ بِدُونِ الْمُقَدَّرِ إنْ قَدَّرَ وَبِدُونِ مَهْرِ الْمِثْلِ إنْ أَطْلَقَ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَعَلَى وَكِيلِهَا الزَّائِدُ إلَخْ ) قَالَ فِي تَمْشِيَتِهِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فَقَطْ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ .
( قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَا الرَّافِعِيُّ ) وَإِنَّمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَلْ يُطَالِبُ الْوَكِيلُ بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا قَالَ الْأَئِمَّةُ لَا يُطَالِبُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ فَيُطَالِبُ بِمَا سَمَّى وَإِذَا أَخَذَهُ الزَّوْجُ مِنْهُ فَفِي التَّهْذِيبِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا إلَّا بِمَا سَمَّتْ وَيَجِيءُ فِيهِ قَوْلٌ آخَرُ إنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْوَاجِبِ عَلَيْهَا وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ ثُمَّ قَالَ أَعْنِي الْبَارِزِيَّ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فَإِنَّ الْمُسَمَّى قَدْ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ أَوْ أَقَلَّ وَمُطَالَبَتُهُ لَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ بَعِيدٌ ( قَوْلُهُ وَلَا يُطَالِبُ وَكِيلَهَا بِمَا لَزِمَهَا ) فَلَوْ جَحَدَتْ الْوَكَالَةَ لَمْ يَغْرَمْ الْوَكِيلُ وَلِلزَّوْجِ تَحْلِيفُهَا دُونَهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بَائِنًا إنْ كَذَّبَهَا الزَّوْجُ فَإِنْ صَدَّقَهَا وَقَعَ رَجْعِيًّا ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يُضِفْ طُولِبَ بِمَا سَمَّاهُ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَنْوِيَ الْمُوَكِّلَةَ فَإِنْ أَطْلَقَ وَلَمْ يَنْوِهَا نَزَلَ الْخُلْعُ عَلَيْهِ وَصَارَ خُلْعَ أَجْنَبِيٍّ وَانْقَطَعَتْ الطِّلْبَةُ عَنْ الْمَرْأَةِ جَزَمَ بِهِ الْإِمَامُ وَقَالَ إنَّهُ بَيِّنٌ لَا إشْكَالَ فِيهِ وَهُوَ كَمَا قَالَ وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ مُصَرَّحٌ بِهِ

وَقَاسُوهُ عَلَى مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَقَعُ لِنَفْسِهِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ يَقَعُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ نَوَاهَا وَحَاوَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إثْبَاتَ خِلَافٍ فِيهِ وَلَمْ يَقِفْ عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ .
وَأَعْجَبُ مِنْهُ جَزْمُ الْغَزَالِيُّ بِخِلَافِهِ مِنْ غَيْرِ تَنْبِيهٍ عَلَيْهِ لَكِنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِي صُورَةِ الْمُوَافَقَةِ وَكَلَامُنَا فِي الْمُخَالَفَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ فِي صُورَةِ الْمُوَافَقَةِ مَعَ الْإِطْلَاقِ قَرِينَةٌ تَوْكِيلُهَا تَقْتَضِي تَنْزِيلَ جَعْلِهِ عَلَيْهَا وَفِي الْمُخَالَفَةِ تَنْزِيلُهُ عَلَيْهِ ر

( فَرْعٌ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ أَنَّ مَنْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِطَلْقَةٍ عَلَى أَلْفٍ فَاخْتَلَعَهَا بِثَلَاثَةٍ عَلَى أَلْفٍ فَإِنْ أَضَافَ ) الْخُلْعَ ( إلَيْهَا وَقَعَ طَلْقَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ ) عَلَيْهَا ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَطْلَقَ وَنَوَاهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ ( وَقَعَ الثَّلَاثُ بِأَلْفٍ عَلَيْهَا ) مِنْهُ ( ثُلُثُهُ ) فَقَطْ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَسْأَلَتُهَا إلَّا بِهِ ( وَالْبَاقِي عَلَى الْوَكِيلِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَقَعَ الثَّلَاثُ وَاحِدَةً مِنْهَا بِالْأَلْفِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ فِي خُلْعِ الزَّوْجَةِ مَعَ الزَّوْجِ مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي خُلْعِ وَكِيلِهَا مَعَهُ .
( وَفِيهَا ) أَيْ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ ( أَنَّهَا إنْ وَكَّلَتْهُ ) فِي أَنَّهُ ( يَخْتَلِعُهَا بِثَلَاثٍ عَلَى أَلْفٍ فَاخْتَلَعَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَأَضَافَ إلَيْهَا لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقٌ ( وَإِلَّا وَقَعَ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ مَا سَمَّاهُ وَ ) فِيهَا أَنَّهُ ( إنْ قَالَ ) الزَّوْجُ ( لِوَكِيلِهِ خَالِعْهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَخَالَعَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ نَفَذَ ) الْخُلْعُ لِأَنَّهُ زَادَ خَيْرًا ( وَ ) إنَّهُ ( إنْ وَكَّلَ رَجُلًا بِتَطْلِيقِهَا بِأَلْفٍ وَآخَرَ ) بِتَطْلِيقِهَا ( بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ أَوْجَبَا مَعًا وَأَجَابَتْهُمَا مَعًا لَمْ يَنْفُذْ ) أَيْ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ التَّرْجِيحِ ( وَإِلَّا نَفَذَ السَّابِقُ ) مِنْهُمَا ( وَكَذَا لَوْ وَكَّلَهُمَا كَذَلِكَ فِي بَيْعٍ ) بِأَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يَبِيعُ عَبْدَهُ بِأَلْفٍ وَآخَرَ يَبِيعُهُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ عَقَدَا مَعًا لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَالْأَصَحُّ السَّابِقُ وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِمَا اسْتَصْوَبْت فَاخْتَلَعَهَا بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ بِصَدَاقٍ لَهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ جَازَ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مَا يُفَوَّضُ إلَى الرَّأْيِ يَنْصَرِفُ إلَى الذِّمَّةِ عَادَةً لَا إلَى الْأَعْيَانِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا شِئْت .
( وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ ) إنَّهُ ( لَوْ وَكَّلَهُ

بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ ثَلَاثًا وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) بِلَا مَالٍ ( وَمُقْتَضَاهُ ) أَنَّهُ ( لَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا بِهِ ) أَيْ بِأَلْفٍ ( لَا مَالٍ ) أَيْضًا ( وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ ) أَيْ الْمَالِ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ الزَّوْجُ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ فَخَالِعهَا بِأَكْثَرَ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ بِهِ الطَّلَاقُ وَهُوَ قَدْ يَكُونُ بِمَالٍ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِهِ فَإِذَا أَتَى بِمَا وَكَّلَهُ بِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَجَبَ أَنْ يَجُوزَ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ فَهُوَ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ بِهِبَةِ شَيْءٍ لِزَيْدٍ فَبَاعَهُ لَهُ لَمْ يَصِحَّ وَلَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِ شَيْءٍ بِمِائَةٍ فَبَاعَهُ بِأَزْيَدَ جَازَ وَإِدْخَالُ الْعِوَضِ فِي مِلْكِ الْمُوَكِّلِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لَهُ جُمْلَةً بَعِيدٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالزِّيَادَةِ التَّابِعَةِ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ قَوْلِهِ لِأَنَّهُ وَكَّلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَا عِوَضٍ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ فِي الطَّلَاقِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْعِوَضِ غَايَتُهُ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْعِوَضَ بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ فِي الْهِبَةِ فَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِقْهٌ وَاضِحٌ مَأْخُوذٌ مِمَّا مَرَّ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي مَسْأَلَةِ الْبُوشَنْجِيِّ .
لَكِنْ مَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْقَفَّالِ عَدَمُ ثُبُوتِ الْمَالِ فِيمَا قَالَهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ الزَّوْجَ فِي الْعَدَدِ وَالْمُقْتَضَى الْمَذْكُورُ فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْهُ فِيهِ فَافْهَمْ

قَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ إلَخْ ) وَفِيهَا لَوْ قَالَتْ لِوَكِيلِهَا اخْتَلِعْنِي بِمَا اسْتَصْوَبَتْ فَاخْتَلَعَهَا عَلَى مَالٍ فِي ذِمَّتِهَا أَوْ صَدَاقِهَا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ جَازَ أَوْ بِعَيْنٍ مِنْ مَالِهَا لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الشِّرَاءِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ قَرِيبًا ( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً إلَخْ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ السُّؤَالَ وَالْجَوَابَ فِي مَسْأَلَتِنَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى تَوْزِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ فَلَزِمَ الْمُوَكِّلَةَ مِنْهُ حِصَّةُ مَا أَذِنَتْ فِيهِ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ بَاقِيهِ لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْخُلْعِ بِخِلَافِهِمَا فِي تِلْكَ فَإِنَّهُمَا إنَّمَا اتَّفَقَا عَلَى إيقَاعِ الْوَاحِدَةِ بِالْأَلْفِ وَالزَّوْجُ قَدْ اسْتَقَلَّ بِإِيقَاعِ الْأُخْرَيَيْنِ مَجَّانًا .
( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ خَالَعَهَا بِعَبْدٍ فَإِنْ ذَكَرَ نَوْعَهُ صَحَّ الْخُلْعُ بِهِ وَإِلَّا فَهَلْ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ وَجْهَانِ فَإِنْ صَحَّتْ فَخَالَعَ بِمُعَيَّنٍ قِيمَتُهُ مَهْرُ الْمِثْلِ جَازَ أَوْ بِمَوْصُوفٍ بِصِفَةِ السَّلَمِ فَهَلْ يَجُوزُ وَجْهَانِ الْأَصَحُّ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ وَنُفُوذُ الْخُلْعِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدًا بِمَا شِئْت ) يَنْصَرِفُ ذَلِكَ إلَى ثَمَنِ الذِّمَّةِ لَا إلَى الْعَيْنِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ ثُبُوتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ خَالِعْهَا بِمِائَةٍ فَخَالَعَهَا بِأَكْثَرَ ) فَارَقَ مَا لَوْ وَكَّلَهُ بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ بِقَدْرٍ فَبَاعَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ مِنْهُ بِأَنَّ الْخُلْعَ إنَّمَا يَقَعُ غَالِبًا عِنْدَ الشِّقَاقِ إمَّا ظَاهِرًا وَإِمَّا بَاطِنًا وَمَعَ ذَلِكَ فَيَبْعُدُ قَصْدُ الْمُحَابَاةِ

( الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَخَلَّلَ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ كَثِيرٌ ) مِمَّنْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْجَوَابُ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ بِخِلَافِ الْيَسِيرِ مُطْلَقًا وَالْكَثِيرُ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْجَوَابُ ( فَإِنْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ ) بِكَلَامٍ أَوْ غَيْرِهِ ( قَبْلَ الدُّخُولِ تَنَجَّزَتْ الْفُرْقَةُ بِالرِّدَّةِ ) فَلَا يَقَعُ طَلَاقٌ ( أَوْ بَعْدَهُ فَالطَّلَاقُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فِي الْعِدَّةِ نَفَذَ ) الطَّلَاقُ ( وَلَزِمَ الْمَالُ ) أَيْ تَبَيَّنَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبْطِلْهُ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُسَلِّمْ فِي الْعِدَّةِ ( فَلَا ) طَلَاقَ وَلَا مَالَ وَإِنْ وَقَعَتْ الرِّدَّةُ مَعَ الْقَبُولِ فَالظَّاهِرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ .
( وَإِنْ سَأَلَتَاهُ ) أَيْ زَوْجَتَاهُ ( بَعْدَ الدُّخُولِ الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَجَابَهُمَا وَتَخَلَّلَتْ رِدَّتُهُمَا أَوْ رِدَّةُ إحْدَاهُمَا ) بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ( أَوْ سَبَقَتْ الرِّدَّةُ ) مِنْهُمَا أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا ذَلِكَ ( فَطَلَاقُ كُلٍّ ) مِنْهُمَا ( مَوْقُوفٌ عَلَى إسْلَامِهَا فِي الْعِدَّةِ لَكِنْ ) إذَا وَقَعَ إنَّمَا يَقَعُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِنِصْفِ الْأَلْفِ لِلْجَهْلِ بِمَا يَلْزَمُهَا مِنْهُ وَلَا بِحِصَّتِهَا مِنْهُ إذَا وُزِّعَ عَلَى مَهْرِ مِثْلِهِمَا ( ثُمَّ الطَّلَاقُ الْمَوْقُوفُ يَتَبَيَّنُ وُقُوعُهُ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ ) فَتُحْسَبُ الْعِدَّةُ مِنْهُ وَذِكْرُ حُكْمٍ سَبَقَ رِدَّةَ إحْدَاهُمَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُبْتَدِئَ وَقَالَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الرَّوْضَةِ فَقَالَ ( طَلَّقْتُكُمَا بِأَلْفٍ فَارْتَدَّتَا ) أَوْ إحْدَاهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( ثُمَّ قَبِلَتَا فَبَيْنُونَةُ إحْدَاهُمَا بِالرِّدَّةِ تَمْنَعُ طَلَاقَ الْأُخْرَى ) كَمَا تَمْنَعُ طَلَاقَ نَفْسِهَا فَلَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا وَأَصَرَّتْ الْأُخْرَى لَمْ تَطْلُقْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا كَمَا لَوْ قَبِلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا ابْتَدَأَ بِالْإِيجَابِ فَلَا بُدَّ مِنْ

قَبُولِهِمَا بِخِلَافِ مَا إذَا ابْتَدَأَتَا .
( قَوْلُهُ الرُّكْنُ الْخَامِسُ الصِّيغَةُ بِاللَّفْظِ مِنْ النَّاطِقِ ) وَفِي مَعْنَاهُ إشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمُفْهِمَةُ وَالْكِتَابَةُ مِنْهُمَا ( قَوْلُهُ كَلَامُ أَجْنَبِيٍّ كَثِيرٌ ) أَمَّا الْيَسِيرُ فَالصَّحِيحُ فِي النِّهَايَةِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ هُنَا احْتِمَالُهُ وَيُؤَيِّدُهُ صِحَّةُ الْآذَانِ وَمَا إذَا طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً مَجَّانًا وَثِنْتَيْنِ بِثُلُثَيْ الْأَلْفِ لِتَخَلُّلِ مَا أَوْقَعَهُ مَجَّانًا .
وَاحْتَجَّ مُحْتَجُّونَ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَتَا طَلِّقْنَا بِأَلْفٍ ثُمَّ ارْتَدَّتَا بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ أَجَابَهُمَا وَعَادَتَا فِي الْعِدَّةِ بَانَ نُفُوذُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَوْ عَادَتْ إحْدَاهُمَا فَقَطْ وَقَعَ عَلَيْهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ الطَّالِبَ قَدْ يَشْتَغِلُ بَعْدَ خِطَابِهِ بِشَيْءٍ آخَرَ وَهُوَ طَالِبٌ لِلْجَوَابِ بِخِلَافِ الْمُخَاطَبِ لِإِشْعَارِهِ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ لَكِنْ أَجَابَ الْبَغَوِيّ فِيمَا لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ بِمِثْلِ النَّصِّ فَالْفَرْقُ سَاقِطٌ مُنْتَقًى ( قَوْلُهُ وَالْكَثِيرُ مِمَّنْ لَمْ يُطْلَبْ مِنْهُ الْجَوَابُ ) قَالَ شَيْخُنَا هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى طَرِيقَةٍ ضَعِيفَةٍ تَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهَا وَهُوَ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَنْ يَطْلُبُ جَوَابَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يُبْطِلْهُ تَخَلُّلُ الرِّدَّةِ لِأَنَّهَا يَسِيرَةٌ ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ تَخَلُّلَ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ الْكَثِيرِ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ مِنْ الْمُبْتَدِئِ وَكَوْنِهِ مِنْ الْمُخَاطَبِ الْمَطْلُوبِ جَوَابُهُ ( قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ بَيْنُونَتُهَا بِالرِّدَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ) قَالَ شَيْخُنَا عِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ تُخَالِفُهُ .

( فَصْلٌ ) لَوْ ( قَالَ خَالَعْتكِ بِأَلْفٍ فَقَالَتْ قَبِلْت الْأَلْفَ وَ ) إنْ ( لَمْ يَذْكُرْ الْخُلْعَ أَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَ ) إنْ ( سَكَتَ ) عَنْ ذِكْرِ الْمَالِ ( أَوْ قَالَ ) لَهَا ( الْمُتَوَسِّطُ ) بَيْنَهُمَا ( اخْتَلَعْتُ نَفْسَك ) مِنْهُ ( بِكَذَا فَقَالَتْ اخْتَلَعْتُ ثُمَّ قَالَ لَهُ ) عَلَى الْفَوْرِ ( خَالِعْهَا فَقَالَ ) لَهَا ( خَالَعْتكِ ) أَوْ خَالَعَتْ ( كَفَى ) فِي صِحَّةِ مَا ذُكِرَ ( وَإِنْ لَمْ تَسْمَعْ ) أَيْ الْمَرْأَةُ فِي الْأَخِيرَةِ ( إلَّا كَلَامَ الْوَكِيلِ ) يَعْنِي الْمُتَوَسِّطِ فَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهَا الزَّوْجَ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَ أَصَمَّ فَأَسْمَعَهُ غَيْرُ الْمُخَاطِبِ وَقَبِلَ صَحَّ الْعَقْدُ
( قَوْلُهُ أَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك إلَخْ ) لَوْ قَالَ أَرَدْت ابْتِدَاءَ طَلَاقِهَا قُبِلَ مِنْهُ وَلَهُ الرَّجْعَةُ وَلَهَا تَحْلِيفُهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ جَوَابَهَا

( فَصْلٌ لَا رَجْعَةَ فِي طَلَاقِ الْعِوَضِ وَإِنْ فَسَدَ ) الْعِوَضُ لِأَنَّهَا إنَّمَا بَذَلَتْهُ لِتَمْلِكَ بُضْعَهَا فَلَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ وِلَايَةَ الرُّجُوعِ إلَيْهِ كَمَا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا بَذَلَهُ صَدَاقًا لِتَمْلِكَ الْبُضْعَ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ وِلَايَةُ الرُّجُوعِ إلَى الْبُضْعِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ فِدْيَةً وَالْفِدْيَةُ خَلَاصُ النَّفْسِ مِنْ السَّلْطَنَةِ عَلَيْهَا .
( وَمَتَى شَرَطَ ) فِي الْخُلْعِ ( الرَّجْعَةَ ) كَخَالَعْتُكِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك الرَّجْعَةَ ( بَطَلَ الْعِوَضُ وَوَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) لِتَنَافِي شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَبْقَى أَصْلُ الطَّلَاقِ وَقَضِيَّتُهُ ثُبُوتُ الرَّجْعَةِ ( وَإِنْ شَرَطَ ) فِيهِ ( رَدَّ الْعِوَضِ مَتَى شَاءَ لِيُرَاجَعْ بَانَتْ ) لِرِضَاهُ بِسُقُوطِ الرَّجْعَةِ هُنَا وَمَتَى سَقَطَتْ لَا تَعُودُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ بِفَسَادِ الشَّرْطِ
( قَوْلُهُ لَتَنَافِي شَرْطَيْ الْمَالِ وَالرَّجْعَةِ إلَخْ ) وَأَيْضًا فَالطَّلَاقُ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَإِثْبَاتُ أَحَدِ الْمَشْرُوطَيْنِ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالرَّجْعَةُ أَوْلَى بِالثُّبُوتِ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَثْبُتُ بِالشَّرْعِ وَالْمَالُ إنَّمَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ وَالِالْتِزَامِ

( فَصْلٌ لَهَا ) إنْ كَانَتْ رَشِيدَةً ( تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ وَكَذَا لَهُ ) تَوْكِيلُهَا ( فِي خُلْعٍ وَطَلَاقٍ ) كَمَا فِي غَيْرِهِمَا وَلِأَنَّ لِلْمَرْأَةِ طَلَاقَ نَفْسِهَا بِقَوْلِهِ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك وَذَلِكَ إمَّا تَمْلِيكٌ لِلطَّلَاقِ أَوْ تَوْكِيلٌ بِهِ إنْ كَانَ تَوْكِيلًا فَذَاكَ أَوْ تَمْلِيكًا فَمَنْ جَازَ تَمْلِيكُهُ لِشَيْءٍ جَازَ تَوْكِيلُهُ بِهِ ( وَلَهُ تَوْكِيلُ عَبْدٍ وَسَفِيهٍ ) أَيْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ فِي ذَلِكَ وَلَوْ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ السَّيِّدِ وَالْوَلِيِّ إذْ لَا يَتَعَلَّقُ بِوَكِيلِهِ فِي الْخُلْعِ عُهْدَةٌ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ لَوْ خَالَعَ لِنَفْسِهِ جَازَ فَجَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي خُلْعِ غَيْرِهِ ( لَا فِي الْقَبْضِ ) لِلْعِوَضِ بِلَا إذْنٍ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا أَهْلًا لِقَبْضِ حَقِّهِمَا .
أَمَّا بِالْإِذْنِ فَيَصِحُّ كَمَا يَصِحُّ قَبْضُ السَّفِيهِ بِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ الدَّارَكِيِّ وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْإِذْنِ فِي هَذِهِ وَذِكْرُ حُكْمِ الْعَبْدِ فِيهَا وَفِيمَا يَأْتِي عَقِبَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ وَكَّلَهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْقَبْضِ وَقَبَضَ ( وَالْعِوَضُ مُعَيَّنٌ ) قَالَ السُّبْكِيُّ أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَكِنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِدَفْعِهِ إلَيْهِ ( ضَيَّعَ ) الزَّوْجُ مَالَهُ ( وَبَرِئَتْ ) مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُعَيَّنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا تَبْرَأُ الْمَرْأَةُ بِدَفْعِهِ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ وَتَبِعَ فِي هَذَا السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْإِطْلَاقُ هُوَ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَنْقُولِ إذَا أَذِنَ الزَّوْجُ لِلسَّفِيهِ مَثَلًا كَإِذْنِ وَلِيِّهِ لَهُ وَوَلِيُّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ فَقَبَضَهُ اعْتَدَّ بِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ تَرْجِيحِ الْحَنَّاطِيِّ

( قَوْلُهُ لَهَا ) ( تَوْكِيلُ امْرَأَةٍ ) أَيْ رَشِيدَةٍ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَهُ فِي خُلْعٍ وَطَلَاقٍ إلَخْ ) اعْلَمْ أَنَّ فِي تَسْلِيطِ وَكِيلِ الْخُلْعِ عَلَى قَبْضِ الْعِوَضِ وَالْخِلَافَ فِي قَبْضِ وَكِيلِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْمَنْقُولِ إذَا أَذِنَ الزَّوْجُ إلَخْ ) يُجَابُ بِأَنَّ التَّقْيِيدَ هُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِمْ لَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ السَّفِيهِ وَالرَّقِيقِ فِيمَا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ إلَّا بِإِذْنٍ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ السَّيِّدِ بَلْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَبْضُ السَّفِيهِ كَقَبْضِ الصَّبِيِّ .
فَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنْ لَا يَصِحَّ قَبْضُ السَّفِيهِ هُنَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ خَالَعَ عَلَى عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَيَكُونُ الْمَدْفُوعُ مِنْ ضَمَانِ بَاذِلِهِ ( قَوْلُهُ وَوَلِيُّهُ لَوْ أَذِنَ لَهُ فِي قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ ) أَيْ لِلسَّفِيهِ

( وَإِنْ وَكَّلَتْ عَبْدًا ) فِي اخْتِلَاعِهَا جَازَ وَلَوْ بِلَا إذْنٍ وَإِذَا امْتَثَلَ ( فَاخْتَلَعَهَا ) بِعَيْنِ مَالِهَا فَذَاكَ أَوْ بِمَالٍ ( فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ أَضَافَهُ إلَيْهَا طُولِبَتْ بِهِ وَإِنْ أَطْلَقَ فَإِنْ وَكَّلَتْهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَ ) الْمَالُ ( بِكَسْبِهِ ) أَوْ بِمَا فِي يَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ الْأَمَةُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ .
( وَرَجَعَ ) بِهِ عَلَيْهَا إنْ غَرِمَهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ وَكَّلَتْهُ بِلَا إذْنٍ ( طُولِبَ ) أَيْ طَالَبَهُ الزَّوْجُ جَوَازًا بِالْمَالِ ( بَعْدَ الْعِتْقِ ) وَطَالَبَهَا فِي الْحَالِ ( وَيَرْجِعُ ) هُوَ بِهِ ( عَلَيْهَا إنْ قَصَدَهُ ) أَيْ الرُّجُوعَ وَغَرِمَ وَلَا يُشْكِلُ ذَلِكَ بِعَدَمِ صِحَّةِ ضَمَانِ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الضَّمَانَ ثَمَّ مَقْصُودٌ وَهُنَا إنَّمَا حَصَلَ ضِمْنًا فِي عَقْدِ الْخُلْعِ لَكِنْ فِي اشْتِرَاطِ الْقَصْدِ نَظَرٌ فَإِنْ اُشْتُرِطَ أَيْضًا فِي الْحُرِّ فَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَإِلَّا اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى الْقَصْدِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي
( قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إنْ قَصَدَهُ ) أَيْ الرُّجُوعَ يَعْنِي بِأَنْ نَوَاهَا بِاخْتِلَاعِهَا أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ مَا إذَا نَوَى نَفْسَهُ بِهِ

( وَإِنْ وَكَّلَتْ سَفِيهًا ) أَيْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لَمْ يَصِحَّ وَإِنْ أَذِنَ الْوَلِيُّ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَعَهَا ( وَأَضَافَ الْمَالَ إلَيْهَا صَحَّ ) وَلَزِمَهَا الْمَالُ .
وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى السَّفِيهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ أَطْلَقَ أَوْ أَضَافَ الْمَالَ إلَيْهِ ( وَقَعَ رَجْعِيًّا ) كَاخْتِلَاعِ السَّفِيهَةِ نَفْسَهَا ( وَلَهُمَا ) أَيْ لِلزَّوْجَيْنِ مَعًا ( تَوْكِيلُ ذِمِّيٍّ ) وَإِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يُخَالِعُ الْمُسْلِمَةَ وَيُطَلِّقُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ أَسْلَمَتْ وَتَخَلَّفَ فَخَالَعَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ أَسْلَمَ حُكِمَ بِصِحَّةِ الْخَلْعِ وَلَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالذِّمِّيِّ بَلْ الْحَرْبِيُّ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَعَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْكَافِرِ ( وَلَوْ وَكَّلَا رَجُلًا فِي تَوَلِّي الطَّرَفَيْنِ ) لِلْخُلْعِ ( لَمْ يَتَوَلَّهُمَا ) كَمَا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ( وَلَهُ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفًا ) مِنْهُمَا مَعَ الْآخَرِ أَوْ وَكِيلِهِ
قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ ) وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ

( فَصْلٌ يَصِحُّ كَوْنُ الْعِوَضِ مَنْفَعَةً تُسْتَأْجَرُ كَإِرْضَاعِ الطِّفْلِ وَحَضَانَتِهِ ) وَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ غَيْرِهِمَا ( مُدَّةً مَعْلُومَةً ) كَمَا يَصِحُّ كَوْنُهُ عَيْنًا ( فَإِنْ امْتَنَعَ الطِّفْلُ ) مِنْ الِارْتِضَاعِ ( أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِي الْبَاقِي ) مِنْ الْمُدَّةِ لَا فِي الْمَاضِي مِنْهَا عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ .
( وَيَرْجِعُ ) الزَّوْجُ عَلَيْهَا ( بِقِسْطِهِ ) أَيْ الْبَاقِي ( مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) إذَا وُزِّعَ عَلَى أُجْرَتَيْ مِثْلِ الْمُدَّتَيْنِ ( فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى كَفَالَتِهِ عَشْرَ سِنِينَ تُرْضِعُهُ مِنْهَا سَنَتَيْنِ وَتَحْضُنُهُ وَتُنْفِقُهُ ) أَيْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ ( الْبَاقِيَ ) مِنْهَا ( وَقَدْرَ كِفَايَةِ كُلِّ يَوْمٍ وَكِسْوَةَ كُلِّ فَصْلٍ ) أَوْ سَنَةٍ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ وَوَصْفُهُ ( بِصِفَاتِ السَّلَمِ الصَّحِيحِ صَحَّ ) الْخُلْعُ بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعَقْدِ الْجَامِعِ بَيْنَ عَقْدَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الْحُكْمِ لِأَنَّ فِيهِ جَمْعًا بَيْنَ إجَارَةٍ وَسَلَمٍ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُقَدِّرْ شَيْئًا أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَصِفْهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ ( فَلَا ) يَصِحُّ ( وَوَجَبَ ) عَلَيْهَا لَهُ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ ( وَلِلزَّوْجِ ) فِيمَا إذَا صَحَّ الْخُلْعُ ( أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ ) عَلَى الطِّفْلِ ( وَ ) لَهُ ( أَخْذُهَا ) أَيْ النَّفَقَةِ ( لِيُنْفِقَ ) هُوَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا وَأَرَادَ بِالْإِنْفَاقِ مَا يَشْمَلُ الْكِسْوَةَ ثُمَّ إنْ عَاشَ الطِّفْلُ حَتَّى اسْتَوْفَى الْعِوَضَ فَذَاكَ ( فَإِنْ خَرَجَ زَهِيدًا ) أَيْ قَلِيلَ الْأَكْلِ وَفَضَلَ مِنْ الْمُقَدَّرِ شَيْءٌ ( فَالزَّائِدُ لِلزَّوْجِ أَوْ رَغِيبًا ) أَيْ كَثِيرَ الْأَكْلِ وَاحْتَاجَ إلَى زَائِدٍ ( فَالزَّائِدُ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ .
( فَإِنْ مَاتَ ) الطِّفْلُ ( فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِيمَا بَقِيَ مِنْ مُدَّتِهِ لَا فِي ) مَا مَضَى مِنْهَا وَلَا فِي ( النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ ) عَمَلًا بِتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فَيَسْتَوْفِي الزَّوْجُ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَيَرْجِعُ لِمَا

انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ مِنْ الْمُدَّةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ( فَتُقَوَّمُ النَّفَقَةُ وَالْكِسْوَةُ وَأُجْرَةُ ) مِثْلِ ( مُدَّةِ الرَّضَاعِ ) الْمَاضِيَةِ وَالْبَاقِيَةِ ( وَتُعْرَفُ نِسْبَةُ ) قِيمَةُ ( بَاقِيهَا ) مِنْ جَمِيعِهَا ( فَيُؤْخَذُ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) بِتِلْكَ النِّسْبَةِ أَمَّا إذَا مَاتَ بَعْدَ مُدَّةِ الرَّضَاعِ فَيَبْقَى اسْتِحْقَاقُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَصْلُهُ وَشَمَلَهُ قَوْلُهُ ( وَلَا تَتَعَجَّلُ النَّفَقَةُ ) وَالْكِسْوَةُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهَا ( بِمَوْتِهِ ) فِي مُدَّةِ الرَّضَاعِ أَوْ بَعْدَهَا بَلْ يَبْقَى مُنَجَّمًا كَمَا كَانَ لِأَنَّ الدَّيْنَ إنَّمَا يَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ ( فَإِنْ انْقَطَعَ جِنْسُ النَّفَقَةِ أَوْ الْكِسْوَةِ ثَبَتَ ) لِلزَّوْجِ ( الْخِيَارُ ) كَمَا فِي السَّلَمِ فِيهِ إذَا انْقَطَعَ ( فِي الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ( لَا فِي الْمُنْقَطِعِ ) فَقَطْ كَنَظِيرِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَوَجَدَ أَحَدَهُمَا مَعِيبًا وَأَرَادَ إفْرَادَهُ بِالرَّدِّ .
فَقَوْلُهُ ( فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ ) زِيَادَةُ إيضَاحٍ وَمَعَ هَذَا فَلَوْ قَالَ ثَبَتَ الْخِيَارُ فَإِنْ اخْتَارَ الْفَسْخَ فُسِخَ فِي الْجَمِيعِ لَا فِي الْمُنْقَطِعِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَإِنَّمَا لَمْ يُفْسَخْ فِي الْمَنَافِعِ كَالْأَعْيَانِ لِبُعْدٍ بَيْنَهُمَا جِنْسًا وَعَقْدًا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ
( قَوْلُهُ أَوْ مَاتَ انْفَسَخَ فِي الْبَاقِي ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى انْفِسَاخِ الْإِجَارَةِ بِمَوْتِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ فَإِنْ أَتَى بِصَبِيٍّ مِثْلِهِ لِتُرْضِعَهُ فَذَاكَ وَإِلَّا اسْتَقَرَّتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَلِلزَّوْجِ أَمْرُهَا بِالْإِنْفَاقِ إلَخْ ) وَلَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الْوَلَدِ بِتَزْوِيجِهَا لِلُزُومِ الْإِجَارَةِ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ ) وَمُقْتَضَاهَا ( فَإِنْ قَالَ طَلَّقْتُك ) أَوْ أَنْت طَالِقٌ ( عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ لَزِمَ ) الْأَلْفُ وَبَانَتْ مِنْهُ ( أَوْ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا ) فَقَبِلَتْ ( فَكَذَلِكَ ) لِأَنَّ عَلَى لِلشَّرْطِ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا ( أَوْ وَعَلَيْك لِي أَلْفٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا ) وَإِنْ قَبِلَتْ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا بَلْ جُمْلَةً مَعْطُوفَةً عَلَى الطَّلَاقِ فَلَا يَتَأَثَّرُ بِهَا وَتَلْغُو فِي نَفْسِهَا ( إلَّا إنْ سَبَقَهُ اسْتِيجَابٌ ) مِنْ الزَّوْجَةِ ( بِأَلْفٍ ) كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ ( فَيَلْزَمُ ) لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا .
وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِصِيغَةِ مُعَاوَضَةٍ حُمِلَ لَفْظُهُ عَلَى مَا يَنْفَرِدُ بِهِ وَاسْتَثْنَى الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي مَا لَوْ شَاعَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهُ فِي الِالْتِزَامِ وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِقَوْلِ الْمُتَوَلِّي كَالْأَكْثَرِينَ إذَا تَعَارَضَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ قُدِّمَ اللُّغَوِيُّ وَلِقَوْلِ ابْنِ الرِّفْعَةِ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّرَاحَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الشُّيُوعِ إذْ قَضِيَّتُهُ عَدَمُ اللُّزُومِ عِنْدَ النَّوَوِيِّ ( وَكَذَا ) يَلْزَمُ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ ( لَوْ ادَّعَى ) بِهِ ( قَصْدَ الْإِلْزَامِ فَصَدَّقَتْهُ أَوْ ) كَذَّبَتْهُ لَكِنْ ( رَدَّتْ الْيَمِينَ ) عَلَيْهِ ( فَحَلَفَ ) وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ كَنَظِيرِهِ فِيمَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ قَالَ بِعْتُك وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ فَكِنَايَةٌ فِي الْبَيْعِ أَوْ ) بِعْتُك ( عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك ) دَرَاهِمَ هِيَ ( أَلْفٌ فَصَرِيحٌ ) فِيهِ ( وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي بِمَالٍ فَأَجَابَهَا ) بِقَوْلِهِ ( طَلَّقْتُك ) أَوْ طَلَّقْتُك بِالْمَالِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( بَانَتْ ) لِوُجُودِ الْمُعَاوَضَةِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الْعِوَضِ ( أَوْ ) بِقَوْلِهِ ( طَلَّقْتُك

بِأَلْفٍ أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ لَمْ يَلْزَمْ ) أَيْ الْأَلْفُ وَلَمْ تَطْلُقْ ( حَتَّى تَقْبَلَ ) فَإِذَا قَبِلَتْ لَزِمَ الْأَلْفُ وَطَلَقَتْ .
وَوَجَّهَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الثَّانِيَةِ بِتَنْزِيلِ تَقَدُّمِ اسْتِيجَابِهَا مَنْزِلَةَ مَا لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ ( وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك وَعَلَيْك أَلْفٌ بَانَتْ بِهِ ) لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك فَقَطْ بَانَتْ بِهِ فَقَوْلُهُ وَعَلَيْك أَلْفٌ إنْ لَمْ يَكُنْ مُؤَكِّدًا لَا يَكُونُ مَانِعًا ثُمَّ لَوْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ الرَّابِعِ ( فَإِنْ أَنْكَرَتْ دَعْوَى الِاسْتِيجَابِ ) مِنْ الزَّوْجِ ( أَوْ ) دَعْوَى ( ذِكْرِ الْمَالِ ) فِيهِ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَتَبِينُ بِإِقْرَارِهِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ إنْكَارِ دَعْوَى ذِكْرِ الْمَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ طَلَبْت مِنِّي الطَّلَاقَ بِبَدَلٍ فَقُلْت فِي جَوَابِك أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيْك أَلْفٌ فَقَالَتْ بَلْ ابْتَدَأْت فَلَا شَيْءَ لَك صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِقَوْلِهِ ( وَإِنْ قَالَ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ ) أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا ( فَقَالَتْ فَوْرًا ضَمِنْت أَوْ ضَمِنْت أَلْفَيْنِ ) أَوْ أَلْفًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( طَلَقَتْ ) وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَالْعَقْدِ الْمُقْتَضِي لِلْإِلْزَامِ مَعَ مَزِيدٍ فِي الثَّانِيَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَتْ دُونَ أَلْفٍ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَبِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي طَلَّقْتُك بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لِاشْتِرَاطِ التَّوَافُقِ فِي صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ ثُمَّ الْمَزِيدُ يَلْغُو ضَمَانُهُ كَمَا سَيَأْتِي .
وَلَوْ ذَكَرَهُ هُنَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( لَا إنْ أَعْطَتْهُ ) الْأَلْفَ ( أَوْ قَالَتْ رَضِيت ) أَوْ شِئْت أَوْ قَبِلْت بَدَلَ ضَمِنْت فَلَا تَطْلُقُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لَا غَيْرُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالضَّمَانِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ الضَّمَانَ الْمُحْتَاجَ

إلَى أَصِيلٍ فَذَاكَ عَقْدٌ مُسْتَقِلٌّ مَذْكُورٌ فِي بَابِهِ وَلَا الِالْتِزَامُ الْمُبْتَدَأُ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِالنَّذْرِ بَلْ الْمُرَادُ الْتِزَامٌ مَقْبُولٌ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ فَلِذَلِكَ لَزِمَ لِأَنَّهُ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ وَفِيمَا ذُكِرَ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الضَّمَانِ حَتَّى لَا يُغْنِيَ عَنْهُ غَيْرُهُ وَلَوْ مُرَادِفًا لَهُ كَلَفْظِ الِالْتِزَامِ وَيُحْتَمَلُ إغْنَاءُ الْمُرَادِفِ كَهَذَا الْمِثَالِ دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُتَّجَهُ وَفِي كَلَامِهِمْ مَا يَدُلُّ لَهُ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُلْزِمَةِ ) ( قَوْلُهُ فَجُعِلَ كَوْنُهُ عَلَيْهَا شَرْطًا ) فَلَا تَطْلُقُ بِضَمَانِهَا إيَّاهُ وَلِإِعْطَائِهَا لَهُ وَإِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِطَلَاقِهَا فِيهِمَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا وَلَا شَرْطًا إلَخْ ) شَبَّهَهُ الشَّافِعِيُّ بِمَا إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ وَعَلَيْك حِجَّةٌ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ خَالَعْتكِ وَلِي عَلَيْك أَلْفٌ أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ لَفْظَ الْخُلْعِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا وَتَلْغُو الْجُمْلَةُ الْمَعْطُوفَةُ ( قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَلَك أَلْفٌ ) أَوْ أَضْمَنُ لَك أَوْ أَعْطَيْتُك أَلْفًا .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُتَعَلِّقَ بِهَا الْتِزَامُ الْمَالِ ) فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تَعُودُ إلَيْهَا فَالظَّاهِرُ إنَّهَا سَأَلَتْهُ بِالْعِوَضِ لِأَنَّهَا فِي مُقَابَلَتِهِ تَمْلِكُ بُضْعَهَا وَالزَّوْجُ يَنْفَرِدُ بِالطَّلَاقِ إلَخْ وَلِأَنَّ الْوَاوَ لِجَوَابِ الْأَمْرِ وَالْأَمْرُ كَالشَّرْطِ هَكَذَا قَالَهُ الْخَلِيلُ لَمَّا سَأَلَهُ سِيبَوَيْهِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ احْمِلْ هَذَا وَلَك دِرْهَمٌ فَإِنَّهُ بِمَثَابَةِ احْمِلْهُ بِدِرْهَمِ قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إذَا تَعَارَضَ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ إلَخْ ) لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِيمَا إذَا اُشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُ لَفْظٍ فِي إرَادَةِ شَيْءٍ وَلَمْ يُعَارِضْهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ وَالْكَلَامُ هُنَاكَ فِيمَا إذَا تَعَارَضَ مَدْلُولَانِ لُغَوِيٌّ وَعُرْفِيٌّ ت يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ اللُّغَوِيِّ مَا لَمْ يَشِعْ الْعُرْفِيُّ بِحَيْثُ إذَا أُطْلِقَ اللَّفْظُ إنَّمَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْفَهْمُ إلَى الْعُرْفِيِّ أَمَّا إذَا شَاعَ الْعُرْفِيُّ كَذَلِكَ فَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ ش سُئِلَتْ عَمَّنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَبْرِئِينِي وَأَنْت طَالِقٌ وَقَصَدَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَأَجَبْت فِيهِ بِالْحَمْلِ عَلَى التَّعْلِيقِ غ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت فِيهِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفٌ )

فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ أَلْفًا .
( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِمَالٍ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَالِ التَّقْيِيدَ بَلْ فِي حُكْمِهِ مَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنَا أُعَلِّمُك كَذَا مِنْ صَنْعَةٍ أَوْ عِلْمٍ وَكُلِّ مَا يُعَاوَضُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى قَصْدَ الِابْتِدَاءِ إلَخْ ) لِإِقْرَارِهِ بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِهِ الْعِوَضَ ( قَوْلُهُ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ إلَخْ ) لَوْ انْعَكَسَ التَّصْوِيرُ صُدِّقَ الزَّوْجُ بِيَمِينِهِ فِي إثْبَاتِ الرَّجْعَةِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِمَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَلَا عِوَضَ لَهُ ( قَوْلُهُ فَقَالَتْ فَوْرًا ) أَوْ إذَا بَلَغَهَا الْخَبَرُ ( قَوْلُهُ طَلَقَتْ وَلَزِمَهَا الْعِوَضُ إلَخْ ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ هَذَا الْقَدْرُ عَلَى غَيْرِهِ وَضَمِنَتْهُ فَإِنْ كَانَ وَقَالَتْ ضَمِنْت لَك الْأَلْفَ الَّتِي عَلَى فُلَانٍ فَهَلْ يَقَعُ بَائِنًا حَمْلًا لِلضَّمَانِ عَلَى حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ رَجْعِيًّا فِيهِ نَظَرٌ قَالَ شَيْخُنَا الْأَوْجَهُ الثَّانِي حَيْثُ قَصَدَ ضَمَانَ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَعْلِيقٌ عَلَى صِفَةٍ كَاتِبُهُ ( قَوْلُهُ وَفِيمَا ذُكِرَ إشْعَارٌ بِاعْتِبَارِ لَفْظِ الضَّمَانِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَظَرَ إلَى جَانِبِ التَّعْلِيقِ فَاعْتَبَرَ وُجُودَ اللَّفْظِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَكْفِي الْمُرَادِفُ كَاتِبُهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) لَهَا ( طَلِّقِي نَفْسَك إنْ ضَمِنْت لِي أَلْفًا فَقَالَتْ فَوْرًا ضَمِنْت وَطَلَّقْت نَفْسِي أَوْ طَلَّقْت وَضَمِنْت بَانَتْ ) بِالْأَلْفِ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا شَرْطٌ فِي الْآخَرِ يُعْتَبَرُ اتِّصَالُهُ بِهِ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ فَاسْتَوَى تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا وَتَأَخُّرُهُ فِي ذَلِكَ ( وَإِنْ تَأَخَّرَ التَّسْلِيمُ ) لِلْمَالِ عَنْ الْمَجْلِسِ ( لَا إنْ أَتَتْ بِأَحَدِهِمَا ) فَلَا تَبِينُ لِأَنَّهُ فَوَّضَ إلَيْهَا التَّطْلِيقَ بِشَرْطَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا .
( وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ إنْ شِئْت فَقَالَ فَوْرًا شِئْت طَلُقَتْ ) بِالْأَلْفِ ( وَلَوْ لَمْ تَقُلْ قَبِلْت ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا عُلِّقَ بِمَشِيئَتِهَا وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَتْ الْمَشِيئَةُ فَوْرًا بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الصِّفَاتِ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِهَا اسْتِدْعَاءٌ لِجَوَابِهَا وَاسْتِنَابَةٌ لِرَغْبَتِهَا فَنَزَلَتْ مَشِيئَتُهَا مَنْزِلَةَ الْقَبُولِ فِي سَائِرِ الْمُعَاوَضَاتِ وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ تَفْوِيضَ الْأَمْرِ إلَيْهَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ قَالَ طَلِّقِي نَفْسَك ( وَلَوْ اكْتَفَتْ بِقَبِلْتُ ) عَنْ شِئْت ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ بِمَشِيئَةٍ وَلَا رُجُوعَ لِلزَّوْجِ عَلَى قَاعِدَةِ التَّعْلِيقَاتِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( فَإِنْ قَالَ ) أَيْ عَلَّقَ فِيمَا اُعْتُبِرَ فِيهِ الْفَوْرُ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ ( بِنَحْوِ مَتَى لَمْ يَشْتَرِطْ الْفَوْرَ ) بَلْ مَتَى شَاءَتْ طَلَقَتْ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَيْضًا فِي فَصْلِ الْخُلْعِ قِسْمَانِ ( وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَقَالَ طَلَّقْتُك بِالْأَلْفِ إنْ شِئْت أَوْ بِأَلْفٍ ) إنْ شِئْت ( وَنَوَى الدَّرَاهِمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى ( فَابْتِدَاءٌ ) مِنْهُ لِلطَّلَاقِ إذْ لَا يَصْلُحُ جَوَابًا لَهَا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْلِيقِ .
( وَ ) إذَا كَانَ ابْتِدَاءً ( اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ ) مِنْهَا فَوْرًا لِمَا مَرَّ ( وَكَذَا ) يَكُونُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً حَتَّى تُشْتَرَطَ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا ( إنْ نَوَى الدَّنَانِيرَ ) مَثَلًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ إنْ نَوَى غَيْرَ الدَّرَاهِمِ

وَهِيَ أَعَمُّ ( وَإِنْ عَلَّقَ ) الطَّلَاقَ ( بِالْإِعْطَاءِ ) لِشَيْءٍ ( فَوَضَعَتْهُ بَيْنَ يَدَيْهِ ) بِنِيَّةِ الدَّفْعِ عَنْ جِهَةِ التَّعْلِيقِ ( كَفَى ) فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ قَبْضِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ مِنْهُ لِأَنَّ تَمْكِينَهَا إيَّاهُ مِنْ الْقَبْضِ إعْطَاءٌ مِنْهَا إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ أَعْطَاهُ فَلَمْ يَأْخُذْ وَهُوَ بِامْتِنَاعِهِ مُفَوِّتٌ لِحَقِّهِ ( وَمَلَكَهُ ) أَيْ مَا أَعْطَتْهُ لَهُ ( كَرْهًا ) أَيْ قَهْرًا وَإِنْ لَمْ يَتَلَفَّظْ بِشَيْءٍ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّ التَّعْلِيقَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ وَلَا يُمْكِنُ إيقَاعُهُ مَجَّانًا مَعَ قَصْدِ الْعِوَضِ وَقَدْ مَلَكَتْ زَوْجَتُهُ بُضْعَهَا فَيَمْلِكُ الْآخَرُ الْعِوَضَ عَنْهُ وَكَالْإِعْطَاءِ الْإِيتَاءُ ( وَكَذَا إنْ أَمَرَتْ ) وَكِيلَهَا بِالْإِعْطَاءِ ( وَأَعْطَى بِحُضُورِهَا ) كَفَى وَمَلَكَهُ الزَّوْجُ كَرْهًا تَنْزِيلًا لِحُضُورِهَا مَعَ إعْطَاءِ وَكِيلِهَا مَنْزِلَةَ إعْطَائِهَا ( لَا ) إنْ أَعْطَاهُ لَهُ فِي ( غَيْبَتِهَا ) لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ حَقِيقَةً وَلَا تَنْزِيلًا ( وَلَا إنْ عَاوَضَتْهُ ) بِأَنْ أَعْطَتْهُ ( عَنْهُ ) أَيْ عَنْ الْمُعَلَّقِ بِهِ عِوَضًا .
( وَقَوْلُهُ ) لَهَا ( إنْ أَقْبَضْتنِي أَوْ سَلَّمْت أَوْ دَفَعْت ) أَوْ أَدَّيْت ( إلَيَّ كَذَا ) فَأَنْت طَالِقٌ ( تَعْلِيقٌ لَا تَمْلِيكٌ ) لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يَقْتَضِيهِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قِيلَ أَعْطَاهُ عَطِيَّةً فُهِمَ مِنْهُ التَّمْلِيكُ بِخِلَافِ أَقْبَضَهُ ( فَيَقَعُ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) لَا بَائِنًا ( وَلَا يَخْتَصُّ ) الْإِقْبَاضُ ( بِالْمَجْلِسِ ) كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ ( وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ عِنْدَهُ ) بَلْ يُشْتَرَطُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ لِأَنَّ الْوَضْعَ لَا يُسَمَّى قَبْضًا فَلَوْ أَمَرَتْ وَكِيلَهَا بِالْإِقْبَاضِ وَأَقْبَضَهُ بِحُضُورِهَا كَفَى لَا فِي غَيْبَتِهَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ عِنْدَهُ تَبِعَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ وَالْغَزَالِيَّ فِي بَسِيطِهِ وَوَجِيزِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْفُورَانِيُّ

وَالْغَزَالِيُّ فِي بَسِيطِهِ فِي إنْ قَبَضْت مِنْك كَذَا وَبَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ فَرْقٌ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الْبُلْقِينِيُّ بَلْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ فَإِنَّهُ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ التَّعْلِيقِ قَالَ وَلَوْ قَالَ إنْ قَبَضْت مِنْك كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى قَبْضًا انْتَهَى .
( فَإِنْ سَبَقَ ) مِنْهُ ( مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ كَقَوْلِهِ إنْ أَقْبَضْتنِي ) كَذَا ( لِأَقْضِيَ بِهِ دَيْنِي وَنَحْوَهُ ) مِثْلَ لِأَصْرِفَهُ فِي حَوَائِجِي ( فَتَمْلِيكٌ ) كَالْإِعْطَاءِ ( فَإِنْ قَالَ إنْ قَبَضْت مِنْك لَمْ يُشْتَرَطْ اخْتِيَارُهَا ) فِي الْإِقْبَاضِ بَلْ يَكْفِي قَبْضُهُ مِنْهَا مُكْرَهَةً لِوُجُودِ الصِّفَةِ بِخِلَافِهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْإِقْبَاضِ لِأَنَّهَا لَمْ تُعْطِهِ وَلَمْ تُقْبِضْهُ

( قَوْلُهُ فَهُمَا قَبُولٌ وَاحِدٌ ) أَيْ فَلَا يَقَعَانِ إلَّا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ أَحْبَبْت فِرَاقِي فَأَمْرُك بِيَدِك فَإِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَقُولَ أَحْبَبْت فِرَاقَك ثُمَّ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فَلَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَنْفُذْ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِنَحْوِ مَتَى كَمَتَى مَا وَمَهْمَا ) وَأَيُّ وَقْتٍ وَحِينَ وَزَمَنَ قَوْلُهُ اُشْتُرِطَتْ الْمَشِيئَةُ مِنْهَا فَوْرًا إلَخْ ) فَإِنْ لَمْ تَشَأْ فَوْر أَوْقَعَ الطَّلَاقَ رَجْعِيًّا فِيهِمَا ( قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ ) أَيْ مَا أَعْطَتْهُ لَهُ عُلِمَ مِنْهُ إنَّهَا لَوْ كَانَتْ سَفِيهَةً لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَائِهَا ( قَوْلُهُ فَيَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا ) وَيَقَعُ بِإِقْبَاضِ الْمَغْصُوبِ وَالْمُشْتَرَكِ وَالْمَغْصُوبِ وَالْمُكَاتَبِ لِأَنَّ الْإِقْبَاضَ لَا يُبْنَى عَلَى الْمِلْكِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ أَمَرَتْ وَكِيلَهَا بِالْإِقْبَاضِ وَأَقْبَضَهُ بِحُضُورِهَا كَفِي ) لَيْسَ ذَلِكَ بِكَافٍ ( قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْمِنْهَاجَ كَأَصْلِهِ ) قَدْ تَكَلَّمَ السُّبْكِيُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمِنْهَاجِ وَأَحْسَنَ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الْوَضْعُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَصَحَّحَ كَلَامَ الْمِنْهَاجِ .
( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إلَخْ ) لَيْسَ ذَلِكَ ظَاهِرَهُ بَلْ ظَاهِرُهُ عَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِهِ إذْ قَوْلُهُ وَيُعْتَبَرُ فِي الْقَبْضِ إلَى آخِرِهِ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الصِّيغَتَيْنِ فَيَعُودُ إلَيْهِمَا وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى فَإِنَّ الْإِقْبَاضَ مُتَضَمِّنٌ لِلْقَبْضِ وَعِبَارَةُ الْمُنْتَقَى وَلَوْ قَالَ إنْ أَقْبَضَنِي أَوْ إنْ قَبَضْت مِنْك ثُمَّ قَالَ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ وَلَا يَكْفِي الْوَضْعُ إذْ لَا يُسَمَّى قَبْضًا وَلَا الْبَعْثُ لِأَنَّهُ مَا قَبَضَ مِنْهَا وَلَوْ قَبَضَ مِنْهَا مُكْرَهَةً كَفَى لِلصِّفَةِ بِخِلَافِ الْإِعْطَاءِ إذَا لَمْ تُعْطِ ا هـ وَجَزَمَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ بِمَا فِي الْمِنْهَاجِ قَالَ شَيْخُنَا وَأَيْضًا فَوَجْهُ مَا فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ وَلَا تَحْقِيقُ خَبَرٍ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَقْسَامِ الْحَلِفِ فَاكْتَفَى فِيهِ بِمُطْلَقِ الْوُجُودِ

وَلَوْ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَالتَّعْلِيقِ بِقُدُومِ السُّلْطَانِ وَالْحَجِيجِ كَمَا سَيَأْتِي فِي خَطِّ الْوَالِدِ بِقَلِيلٍ ( قَوْلُهُ فَإِنْ سَبَقَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ إلَخْ ) أَوْ سَبَقَ مِنْهَا مَا يَدُلُّ عَلَى الِاعْتِيَاضِ كَطَلِّقْنِي بِأَلْفٍ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْإِعْطَاءِ وَالْإِقْبَاضِ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْإِقْبَاضِ الِاكْتِفَاءُ بِقَبْضِهِ مِنْهَا مُكْرَهَةً كَمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مِنْهَاجِهِ وَصَاحِبُ الْأَنْوَارِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ لَا يَخْتَلِفُ بِالْإِكْرَاهِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ وَلَا مَنْعٌ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا ) فَأَنْت طَالِقٌ ( فَأَعْطَتْهُ أَلْفَيْنِ طَلَقَتْ ) لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ هُنَا بِحُكْمِ التَّعْلِيقِ وَإِعْطَاءُ الْأَلْفَيْنِ يَشْتَمِلُ عَلَى إعْطَاءِ أَلْفٍ وَلَوْ قَالَ فَأَتَتْهُ بِأَلْفَيْنِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَقْتَضِي التَّمْلِيكَ وَلَيْسَ مُرَادًا فِي أَخْذِ الْأَلْفَيْنِ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي ( بِخِلَافِ ) مَا لَوْ قَالَ ( خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ ) فَقَبِلَتْ بِأَلْفَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ ( لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مُوَافَقَةُ الْقَبُولِ وَالْإِيجَابِ .
( ثُمَّ الْأَلْفُ الثَّانِيَةُ ) الَّتِي قَبَضَهَا مَعَ الْأَلْفِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا ( مَعَهُ أَمَانَةٌ وَكَذَا قَوْلُهُ إنْ ضَمِنْت ) لِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ ( فَزَادَتْ ) فِي ضَمَانِهَا عَلَى الْأَلْفِ ( لَغَا الزَّائِدُ ) وَإِنْ أَعْطَتْهُ لَهُ مَعَ الْأَلْفِ كَانَ أَمَانَةً وَهَذَا الَّذِي زِدْته هُوَ الْمُرَادُ مِنْ التَّشْبِيهِ الْمَذْكُورِ فَكَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ أَوْ حَذْفُ لَغَا الزَّائِدُ

( فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَالْخُلْعِ الْمُنَجَّزِ يَنْزِلُ عَلَى ) غَالِبِ ( نَقْدِ الْبَلَدِ ) وَلَوْ نَاقِصَ الْوَزْنِ أَوْ زَائِدَهُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيمَا يَرُوجُ ثَمَّ ( وَ ) يَنْزِلُ ( فِي الْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ وَ ) فِي ( الْإِقْرَارِ عَلَى ) الدَّرَاهِمِ ( الْإِسْلَامِيَّةِ ) الَّتِي تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ زَكَاةِ النَّقْدِ ( لَا ) عَلَى غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِقِلَّةِ وُقُوعِ التَّعْلِيقِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ وَقَدْ يَتَقَدَّمُ وُجُوبُهُ عَلَى الْغَلَبَةِ أَوْ يَجِبُ بِمُعَامَلَةٍ أُخْرَى وَلَا ( عَلَى النَّاقِصَةِ أَوْ الزَّائِدَةِ ) وَزِنًا ( وَإِنْ غَلَبَ التَّعَامُلُ بِهَا ) لِأَنَّ الْغَلَبَةَ لَا تُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ كَمَا عُرِفَ .
وَاللَّفْظُ صَرِيحٌ فِي الْمُوَازَنَةِ ( إلَّا إنْ قَالَ الْمُعَلِّقُ أَرَدْتهَا وَاعْتِيدَتْ ) كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْ التَّعَامُلُ بِهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ ( وَلَا يَجِبُ ) عَلَيْنَا ( سُؤَالُهُ ) قَبْلَ إخْبَارِهِ بِمُرَادِهِ بَلْ يَأْخُذُ بِالظَّاهِرِ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْإِسْلَامِيَّةِ إلَّا أَنْ يُخْبِرَ عَنْ مُرَادِهِ ( فَإِنْ أَعْطَتْهُ ) فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِإِعْطَاءِ الدَّرَاهِمِ ( الْوَازِنَةِ لَا مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ طَلَقَتْ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ فِضَّتِهَا ) جَوْدَةً وَرَدَاءَةً ( وَ ) لَكِنْ ( لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ ) عَلَيْهَا ( وَيُطَالِبَ بِالْغَالِبِ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِبَدَلِهِ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ يَشْتَمِلُ عَلَى صِفَةٍ وَمُعَاوَضَةٍ فَأَوْقَعْنَا الطَّلَاقَ بِالصِّفَةِ وَأَلْزَمْنَا الْغَالِبَ عَلَى مُوجِبِ الْمُعَاوَضَةِ ( وَإِنْ غَلَبَتْ ) الدَّرَاهِمُ ( الْمَغْشُوشَةُ ) وَأَعْطَتْهَا لَهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَنَاوَلُ إلَّا الْفِضَّةَ ( وَلَهَا حُكْمُ النَّاقِصَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالتَّفْسِيرُ بِهَا كَهُوَ بِالنَّاقِصَةِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ أَرَدْتهَا وَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِإِعْطَاءِ الْخَالِصَةِ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهَا الْخَالِصَةَ وَيُطَالِبَهَا بِالْمَغْشُوشَةِ كَمَا مَرَّ فِي النَّاقِصَةِ ( فَلَوْ كَانَ نَقْدُ الْبَلَدِ خَالِصًا

فَأَعْطَتْهُ مَغْشُوشًا تَبْلُغُ نُقْرَتُهَا ) الْأُولَى نُقْرَتَهُ ( أَلْفًا طَلَقَتْ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ لَفْظَ الدِّرْهَمِ لِلْفِضَّةِ وَلَمْ تُوجَدْ عَادَةٌ صَارِفَةٌ .
( وَمَلَكَهَا ) أَيْ الْمَغْشُوشَةَ بِغِشِّهَا لِأَنَّ قَبْضَهَا اُعْتُبِرَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ فَكَذَا فِي إفَادَةِ الْمِلْكِ وَقِيلَ لَا يَمْلِكُهَا لِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ تَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَوَجَّهَ فِي الرَّوْضَةِ مِلْكَهُ الْغِشَّ بِحَقَارَتِهِ فِي جَنْبِ الْفِضَّةِ فَكَانَ تَابِعًا كَمَا مَرَّ فِي مَسْأَلَةِ فِعْلِ الدَّابَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ عَادَ مِلْكُهُ إلَيْهَا ( وَذَلِكَ ) أَيْ الْغِشُّ ( عَيْبٌ فَلَهُ الرَّدُّ وَيَرْجِعُ ) عَلَيْهَا إذَا رَدَّهُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِبَدَلِ الْمَغْشُوشِ لِأَنَّهُ كَالْعِوَضِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْوَازِنَةِ الَّتِي مِنْ غَيْرِ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ ( وَإِنْ عَلَّقَ ) طَلَاقَهَا ( بِإِعْطَاءٍ عِنْدَ مُطْلَقٍ ) أَيْ غَيْرِ مَوْصُوفٍ بِصِفَاتِ السَّلَمِ ( فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا لَا مُكَاتَبًا وَلَا مَغْصُوبًا وَ ) لَا ( مَرْهُونًا ) أَوْ نَحْوَهُ كَعَبْدٍ مُشْتَرَكٍ وَجَانٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ ( بَانَتْ ) لِوُجُودِ الصِّفَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعَبْدُ سَلِيمًا أَمْ مَعِيبًا وَلَوْ مُدَبَّرًا وَمُعَلَّقًا عِتْقُهُ بِصِفَةٍ لِوُقُوعِ اسْمِ الْعَبْدِ وَإِمْكَانِ نَقْلِهِ وَتَمْلِيكِهِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ يَعْتَمِدُ التَّمْلِيكَ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ .
( وَإِنْ قَالَ ) إنْ أَعْطَيْتنِي عَبْدًا ( تُرْكِيًّا ) فَأَنْت طَالِقٌ ( اُشْتُرِطَ ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ أَنْ تُعْطِيَهُ تُرْكِيًّا فَلَوْ أَعْطَتْهُ غَيْرَ تُرْكِيٍّ لَمْ تَطْلُقْ لِعَدَمِ وُجُودِ الصِّفَةِ ( وَلَمْ يَمْلِكْهُ ) أَيْ الزَّوْجُ الْعَبْدَ فِي صُورَةِ التَّعْلِيقِ بِهِ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَلَا يُمْلَكُ بِمُعَاوَضَةٍ ( وَلَزِمَهَا ) لَهُ ( مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ مَجَّانًا وَلَا يُمْكِنُ الرُّجُوعُ إلَى قِيمَةِ الْمَجْهُولِ ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الزَّوْجَةُ ( أَمَةً لَمْ تَطْلُقْ بِإِعْطَائِهِ ) لِأَنَّهَا لَمْ تَمْلِكْهُ

وَتَقَدَّمَ عَكْسُهُ فِي فَصْلِ الْخُلْعِ قِسْمَانِ وَأَنَّهُ الْأَوْجَهُ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ التَّعْلِيقِ لِكَوْنِهَا لَا مِلْكَ لَهَا وَلَا يَدَ وَأَنَّهُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ ( إلَّا إنْ عَيَّنَهُ ) كَأَنْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ لَهُ فَتَطْلُقُ لِتَعَيُّنِهِ بِالْإِشَارَةِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِعَبْدٍ مَغْصُوبٍ ( وَإِنْ وَصَفَهُ كَمَا فِي السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ بِالصِّفَةِ طَلَقَتْ وَمَلَكَهُ ) الزَّوْجُ كَمَا فِي السَّلَمِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ بِالصِّفَةِ ( فَلَا ) تَطْلُقُ وَلَا يَمْلِكُهُ لِعَدَمِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ ( فَإِذَا خَرَجَ ) الْمَقْبُوضُ بِالصِّفَةِ ( مَعِيبًا وَرَدَّهُ ) بِالْعَيْبِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِعَبْدٍ بِتِلْكَ الصِّفَةِ سَلِيمًا لِأَنَّهُ بِالصِّفَةِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْعَقْدِ .
( وَفِي اخْتِلَافِ النَّقْدِ ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ أَلْفًا مِنْ غَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ لَهُ رَدُّهُ ثُمَّ ( يُطَالِبُ بِالْبَدَلِ ) أَيْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ مَعَ ذِكْرِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَغْشُوشِ وَذَاكَ الْفَرْقُ هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ السَّابِقَةِ أَيْضًا ( وَلَوْ عَلَّقَهُ بِإِعْطَاءِ هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ هَذَا الْحُرِّ ) أَوْ الْمُكَاتَبِ أَوْ نَحْوِهِ ( فَأَعْطَتْهُ طَلَقَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) كَمَا لَوْ عَلَّقَ عَلَى خَمْرٍ ( وَلَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ ) مُعَيَّنَةٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ ( فَالْمَغْصُوبَةُ مِنْهَا ) كَأَنْ كَانَتْ مُحْتَرَمَةً أَوْ لِذِمِّيٍّ ( كَغَيْرِهَا فِي ) وُقُوعِ ( الطَّلَاقِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ هُنَا مُضَافٌ لِمَا لَا يُمْلَكُ وَالتَّصْرِيحُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ عَيَّنَ عَبْدًا ) كَأَنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الْعَبْدَ فَأَنْتِ طَالِقٌ ( فَأَعْطَتْهُ ) لَهُ ( وَبَانَ مُسْتَحَقًّا ) أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ نَحْوَهُ ( بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِخَمْرٍ ( وَإِنْ قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي

هَذَا الثَّوْبَ ) أَوْ ثَوْبًا ( وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ) لَهُ ( فَبَانَ مَرْوِيًّا ) أَوْ بِالْعَكْسِ بِإِسْكَانِ الرَّاءِ نِسْبَةٌ إلَى مَرْوَ مَدِينَةٍ مَعْرُوفَةٍ بِخُرَاسَانَ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ .
( أَوْ ) قَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي ( هَذَا الثَّوْبَ الْهَرَوِيَّ ) فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ لَهُ ( فَبَانَ مَرْوِيًّا ) أَوْ بِالْعَكْسِ طَلَقَتْ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ صِيغَةَ شَرْطٍ بَلْ صِيغَةُ وَاثِقٍ بِحُصُولِ الْوَصْفِ لَكِنَّهُ أَخْطَأَ فِيهِ لَا يُقَالُ الْوَصْفُ كَالشَّرْطِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَقَوْلِهِ وَهُوَ هَرَوِيٌّ لِأَنَّا نَقُولُ قَوْلُهُ وَهُوَ هَرَوِيٌّ جُمْلَةٌ فَكَانَ بَعْدَ الشَّرْطِ الَّذِي لَا يَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْجُمَلِ أَقْوَى فِي الرَّبْطِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْهَرَوِيَّ لِكَوْنِهِ مُفْرَدًا ( فَإِنْ نَجَزَ ) الطَّلَاقَ ( فَقَالَ طَلَّقْتُك ) أَوْ خَالَعْتكِ ( عَلَى هَذَا الثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ أَوْ وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَقَبِلَتْ ) وَأَعْطَتْهُ لَهُ ( وَبَانَ مَرْوِيًّا طَلَقَتْ وَلَمْ يُرَدَّ ) ( إذْ لَا تَغْرِيرَ مِنْ جِهَتِهَا ) وَلَا اشْتِرَاطَ مِنْهُ لِلْوَصْفِ وَإِنَّمَا ذِكْرُهُ ذِكْرُ وَاثِقٍ بِحُصُولِهِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ وَهُوَ هَرَوِيٌّ كَهُوَ فِي قَوْلِهِ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ وَهُوَ هَرَوِيٌّ فَبَانَ مَرْوِيًّا حَيْثُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ دَخَلَ ثَمَّ عَلَى كَلَامٍ غَيْرِ مُسْتَقِلٍّ وَهُوَ إنْ أَعْطَيْتنِي فَيَتَقَيَّدُ بِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَلَمَّا ذَكَرَ عَدَمَ الرَّدِّ فِي مَسْأَلَتِنَا قَالَ كَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ انْتَهَى .
وَاَلَّذِي فِي الْإِبَانَةِ وَالنِّهَايَةِ وَالْبَسِيطِ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَإِنْ فَرَضُوهُ فِي الْأُولَى إذْ الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ أَيْضًا لِمَا صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِي شِرَاءِ دَابَّةٍ تَحَفَّلَتْ بِنَفْسِهَا كَمَا مَرَّ ( أَوْ ) قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ خَالَعْتكِ عَلَى هَذَا الثَّوْبِ ( عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ ) فَأَعْطَتْهُ لَهُ فَبَانَ مَرْوِيًّا ( أَوْ قَالَتْ هِيَ هُوَ

هَرَوِيٌّ فَطَلِّقْنِي عَلَيْهِ فَفَعَلَ ) أَيْ فَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَبَانَ مَرْوِيًّا ( بَانَتْ بِهِ وَلَهُ الْخِيَارُ ) وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ قِيمَتُهُ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَإِنَّهَا غَرَّتْهُ وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا إلَّا خَلَفَ الشَّرْطِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الْفَسَادَ بَلْ الْخِيَارَ ( وَإِذَا رَدَّ ) الثَّوْبَ فِيهِمَا ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِقِيمَةِ الثَّوْبِ ( وَإِنْ تَعَذَّرَ ) رَدُّهُ ( لِتَلَفٍ أَوْ تَعَيُّبٍ ) لَهُ فِي يَدِهِ ( رَجَعَ ) عَلَيْهَا ( بِقَدْرِ النَّقْصِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِقَدْرِهِ مِنْ الْقِيمَةِ وَلَا بِهَرَوِيٍّ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ بِالْعَقْدِ ( وَلَوْ شُرِطَ كَوْنُهُ كَتَّانًا فَخَرَجَ قُطْنًا ) أَوْ عَكْسَهُ ( فَسَدَ الْعِوَضُ ) وَلَزِمَهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بِخِلَافِ صُورَتَيْ الْهَرَوِيِّ لِرُجُوعِ الِاخْتِلَافِ هُنَا إلَى الْجِنْسِ وَهُنَاكَ إلَى الصِّفَةِ .
( فَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( هَذَا الثَّوْبُ هَرَوِيٌّ أَوْ كَتَّانٌ فَقَالَ إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا الثَّوْبَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَعْطَتْهُ ) لَهُ ( فَبَانَ مَرْوِيًّا ) أَوْ قُطْنًا ( بَانَتْ بِهِ وَلَا رَدَّ ) لَهُ ( لِأَنَّهُ شَرْطٌ قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَمْ يَضُرَّ ) وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْكَتَّانِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ مَوْصُوفٍ ) بِصِفَاتِ السَّلَمِ ( فَأَعْطَتْهُ ) ثَوْبًا ( بِالصِّفَةِ ) الْمَشْرُوطَةِ ( بَانَتْ بِالْقَبُولِ فَإِنْ خَرَجَ مَرْوِيًّا رَدَّهُ وَطَالَبَ بِالْمَوْصُوفِ ) هَذَا مَا قَدَّمَهُ فِي الرُّكْنِ الرَّابِعِ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ ) أَيْ وَالدَّنَانِيرُ قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ انْفَصَلَ عَادَ مِلْكُهُ إلَيْهَا ) إنَّمَا يَعُودُ النَّعْلُ إلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُمَلِّكْهُ لِلْبَائِعِ فَإِنْ مَلَّكَهُ لَهُ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ وَهَذِهِ الْحَالَةُ هِيَ الْمُشَبَّهُ بِهَا فِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَعُودُ الْغِشُّ إلَى مِلْكِهَا بِانْفِصَالِهِ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لِلنَّعْلِ إلَى التَّمْلِيكِ بِخِلَافِ الْغِشِّ لِأَنَّ النَّعْلَ بِصَدَدِ السُّقُوطِ مِنْ الدَّابَّةِ بِخِلَافِهِ ( قَوْلُهُ فَأَعْطَتْهُ عَبْدًا إلَخْ ) شَمَلَ مَا لَوْ أَعْطَتْهُ خُنْثَى فَبَانَ ذَكَرًا ( قَوْلُهُ وَلَا مَرْهُونًا ) أَيْ وَلَا مَوْقُوفًا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ أَعْطَتْهُ أَبَاهُ قَالَ الْقَاضِي الطَّبَرِيُّ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَبَ مِثَالٌ لِكُلِّ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مِنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ وَهَلْ يَكُونُ فِي مَعْنَاهُمْ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ وَإِلَّا شَبَهَ الْمَنْعِ ( قَوْلُهُ فَإِذَا خَرَجَ مَعِيبًا وَرَدَّهُ رَجَعَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) فَإِنْ قِيلَ لَوْ رَدَّ السَّيِّدُ نُجُومَ الْكِتَابَةِ بِالْعَيْبِ ارْتَفَعَ الْعِتْقُ فَلِمَ لَا ارْتَفَعَ الطَّلَاقُ هُنَا قُلْنَا الْمُغَلَّبُ عَلَى الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ فَأَبْرَأهُ مِنْهُ عَتَقَ وَالْمُغَلَّبُ هُنَا التَّعْلِيقُ وَلِهَذَا لَوْ عَلَّقَ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهَا ثُمَّ أَبْرَأهَا مِنْهُ لَمْ تَطْلُقْ نَعَمْ نَظِيرُ الْخُلْعِ الْكِتَابَةُ الْفَاسِدَةُ .
وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمَعِيبِ أَكْثَرَ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكَانَ الزَّوْجُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِسَفَهٍ أَوْ فَلَسٍ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى السَّفِيهِ أَوْ الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُسْتَثْنَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ الْمُكَاتَبُ أَوْ نَحْوُهُ ) أَيْ كَعَبْدِك

هَذَا فَبَانَ حُرًّا قَوْلُهُ وَهُوَ هَرَوِيٌّ ) أَوْ عَلَى أَنَّهُ هَرَوِيٌّ أَوْ بِشَرْطِ كَوْنِهِ هَرَوِيًّا ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي الْإِبَانَةِ وَالنِّهَايَةِ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُ وَهِيَ تَعْلَمُهُ وَهِيَ جَائِزَةُ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهَا بَانَتْ وَبَرِيء مِنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ إنَّ فُلَانًا مِنْ دَيْنِك فَأَبْرَأَتْهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ مَحْضٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ كَانَ فُلَانٌ عَبْدَهُ وَقَدْ تَعَلَّقَ دَيْنُهَا بِرَقَبَتِهِ فَيَكُونُ كَالدَّيْنِ عَلَى الزَّوْجِ وَكَذَا لَوْ كَانَ كَافِلًا لِفُلَانٍ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ .
وَقَالَ الْخُوَارِزْمِيَّ فِي الْكَافِي إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ الصَّدَاقِ وَنَفَقَةِ الْغَدِ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْهُمَا قَالَ الْقَفَّالُ لَمْ تَطْلُقْ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ بِمَالٍ وَاخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِيهِ أَطْرَافٌ ) أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي أَلْفَاظِهَا فَقَوْلُهَا ) لَهُ ( إنْ طَلَّقْتنِي وَمَتَى طَلَّقْتنِي ) أَوْ إذَا طَلَّقْتنِي ( فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ ) أَوْ عَلَى أَلْفٍ ( أَوْ عَلَى أَنْ أَضْمَنَهُ ) لَك ( أَوْ أُعْطِيَهُ ) لَك أَوْ نَحْوَهَا ( صِيَغٌ صَحِيحَةٌ ) فِي الِالْتِزَامِ ( وَلَا شَيْءَ ) عَلَيْهَا بِذَلِكَ ( إلَّا إنْ طَلَّقَ فَوْرًا ) فَعَلَيْهَا الْعِوَضُ .
وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْلِيقِ بَيْنَ مَتَى وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ مَتَى أَعْطَيْتنِي كَذَا فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يُشْتَرَطُ الْفَوْرُ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ ( وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ ) بِالطَّلَاقِ دُونَ الْجَوَابِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى جَوَابِهَا إنْ ذَكَرَ مَالًا وَإِلَّا وَقَعَ رَجْعِيًّا لِاحْتِمَالِ ذَلِكَ ( وَلَهَا تَحْلِيفُهُ ) أَنَّهُ قَصَدَ ذَلِكَ إنْ اتَّهَمَتْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّ دَعْوَاهُ ذَلِكَ بَعْدَ الْتِمَاسِهَا وَإِجَابَتِهَا فَوْرًا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَظَاهِرُ الْحَالِ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِهِ ثُمَّ رَأَيْت لَهُ فِي كَلَامِهِ عَلَى الْمُخْتَصَرِ أَنَّ وُقُوعَهُ رَجْعِيًّا إنَّمَا هُوَ فِي الْبَاطِنِ أَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَيَقَعُ بَائِنًا قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ اللَّائِقُ بِمَنْصِبِهِ وَلَا يُغْتَرُّ بِمَنْ تَابَعَهُ عَلَى الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ لَمْ يَظْفَرُوا بِمَا حَقَّقَهُ بَعْدُ ( وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي أَوْ وَلَك عَلَيَّ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا بَانَتْ بِهِ ) لِأَنَّهَا صِيغَةُ الْتِزَامٍ وَالتَّصْرِيحُ بِالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي فَأَنْت بَرِيءٌ ) أَوْ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي فَطَلَّقَهَا ( لَمْ يَبْرَأْ ) مِنْهُ .
( وَوَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يُعَلَّقُ وَطَلَاقُ الزَّوْجِ طَمَعًا فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ صَحِيحٍ فِي الِالْتِزَامِ لَا يُوجِبُ عِوَضًا قَالَ فِي

الْأَصْلِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ طَلَّقَ طَمَعًا فِي شَيْءٍ وَرَغِبَتْ هِيَ فِي الطَّلَاقِ بِالْبَرَاءَةِ فَيَكُونُ فَاسِدًا كَالْخَمْرِ أَيْ فَيَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ قَوْلِهَا إنْ طَلَّقْتَنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَإِنْ كَانَ ذَاكَ تَعْلِيقًا لِلْإِبْرَاءِ فَهَذَا تَعْلِيقٌ لِلتَّمْلِيكِ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَوَاخِرَ الْبَابِ تَبَعًا لِنَقْلِ أَصْلِهِ لَهُ ثُمَّ عَنْ فَتَاوَى الْقَاضِي وَقَدْ نَبَّهَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا لِلْبُلْقِينِيِّ التَّحْقِيقُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ عَلِمَ الزَّوْجُ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ وَقَعَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ ظَنَّ صِحَّتَهُ وَقَعَ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْمُتَّجَهُ مَا يَأْتِي أَوَاخِرَ الْبَابِ وَقَدْ اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ ( وَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ طَلِّقْنِي ( وَأَضْمَنُ لَك أَلْفًا ) فَطَلَّقَهَا ( لَزِمَ ) الْأَلْفُ ( وَبَانَتْ أَوْ ) طَلِّقْنِي ( وَأُعْطِيك أَلْفًا وَطَلَّقَ مُطْلَقًا ) عَنْ التَّعْلِيقِ بِالْإِعْطَاءِ ( وَقَعَ رَجْعِيًّا ) .
قَالُوا لِأَنَّ لَفْظَ الْإِعْطَاءِ لَا يُشْعِرُ بِالِالْتِزَامِ بِخِلَافِ الضَّمَانِ ( وَإِنْ تَخَاطَبَا بِكِنَايَةٍ فَقَالَتْ : أَبِنِّي .
فَقَالَ : أَبَنْتُك .
وَنَوَيَا الطَّلَاقَ وَلَمْ يَذْكُرَا مَالًا فَرَجْعِيٌّ وَإِنْ ) ذَكَرَاهُ كَأَنْ ( قَالَتْ أَبِنِّي بِأَلْفٍ فَقَالَ أَبَنْتُك بِهِ وَنَوَيَا ) الطَّلَاقَ ( بَانَتْ بِهِ وَلَوْ نَوَى ) الطَّلَاقَ ( دُونَهَا ) وَذَكَرَا مَالًا أَوْ ذَكَرَهُ هُوَ دُونَهَا أَوْ عَكْسُهُ ( لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّهُ رَبَطَ الطَّلَاقَ بِالْمَالِ وَهِيَ لَمْ تَسْأَلْ طَلَاقًا وَلَمْ تَلْتَزِمْ مَالًا فِي مُقَابَلَتِهِ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ مَالٌ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَإِنْ نَوَتْ هِيَ دُونَهُ لَمْ تَطْلُقْ ( وَلَوْ ) كَانَ لَفْظُ أَحَدِهِمَا صَرِيحًا وَالْآخَرُ كِنَايَةٌ كَأَنْ ( قَالَتْ طَلِّقْنِي بِكَذَا فَقَالَ أَبَنْتُكِ وَنَوَى ) الطَّلَاقَ أَوْ قَالَتْ أَبِنِّي

بِكَذَا وَنَوَتْ فَقَالَ طَلَّقْتُك ( صَحَّ ) أَيْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ مَعَ النِّيَّةِ كَالصَّرِيحِ .

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي سُؤَالِهَا الطَّلَاقَ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَصَدْت الِابْتِدَاءَ إلَخْ ) وَيُفَارِقُ نَعَمْ لِجَوَابِ أَطْلَقْت إذْ لَا يَصْلُحُ لِلِابْتِدَاءِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا هُوَ الْوَجْهُ ) أَيْ التَّحْقِيقُ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْعَصْرِيِّينَ إنَّهُ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي إلَخْ ) لَوْ قَالَتْ أَبْرَأْتُك مِنْ صَدَاقِي وَعَلَيْك الطَّلَاقُ أَوْ بِشَرْطِ الطَّلَاقِ أَوْ عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي أَوْ بِالصَّكِّ أَوْ أَرَادَتْ بِهِ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ فَطَلَّقَهَا فِي مَجْلِسِ التَّوَاجُبِ بَانَتْ وَبَرِئَ مِنْ الصَّدَاقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سُئِلَتْ فِي فُتْيَا عَمَّنْ خَالَعَ زَوْجَتَهُ عَلَى صَدَاقِهَا عَلَيْهِ فَادَّعَى أَبُوهَا أَنَّهَا تَحْتَ حَجْرِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ لَهُ بِذَلِكَ هَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَمْ بَائِنًا فَأَجَبْت يَقَعُ رَجْعِيًّا لَهُ الرَّجْعَةُ بِشَرْطِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ عَارَضَ الْأَبُ فِي دَعْوَاهُ بَقَاءَ الْحِجْرِ وَادَّعَى أَنَّهَا كَانَتْ رَشِيدَةً حِينَ خَالَعَتْهُ .
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ فِي الظَّاهِرِ لِاعْتِرَافِهِ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ وَالْبَيْنُونَةِ وَقَوْلُهُ فَأَجَبْت يَقَعُ رَجْعِيًّا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى جَمِيعِ صَدَاقِهَا الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَلَهُ نِصْفُ مَهْرِ الْمِثْلِ لِأَنَّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَا يَسْتَقِرُّ مَعَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى أَيْضًا وَأَطَالَ الْكَمَالُ صَارَ فِي الْجَوَابِ قَوْلُهُ أَوَاخِرَ الْبَابِ ) أَيْ الْخَامِسِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ إلَخْ ) قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ الزَّوْجَ لَمْ يَرْضَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا مَجَّانًا بَلْ ظَنَّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ صَحِيحٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ تَبَعًا

لِلْبُلْقِينِيِّ التَّحْقِيقُ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَكَتَبَ أَيْضًا يُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَارِّ أَنَّ صُورَةَ الْوُقُوعِ بَائِنًا فِيمَنْ يَجْهَلُ بُطْلَانَ تَعْلِيقِ الْإِبْرَاءِ فَإِنْ عَلِمَهُ وَقَعَ رَجْعِيًّا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي التَّدْرِيبِ أَنْ وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْت ضَرَّتِي فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي فَطَلَّقَهَا لَمْ يَبْرَأْ وَتَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَعَلَيْهَا مَهْرُ مِثْلِ ضَرَّتِهَا .
( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) أَيْ وَابْنُ أَبِي الدَّمِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سُؤَالِهَا عَدَدًا فَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَهِيَ الثَّالِثَةُ ) لِكَوْنِهِ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهَا ( اسْتَحَقَّهُ ) وَإِنْ ظَنَّتْ أَنَّهُ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهَا مَقْصُودُ الثَّلَاثِ وَهِيَ الْبَيْنُونَةُ الْكُبْرَى وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ فَطَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الثَّالِثَةُ بِأَنْ كَانَ يَمْلِكُ أَكْثَرَ مِنْ طَلْقَةٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً ( فَثُلُثَهُ ) أَيْ فَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْأَلْفِ ( وَلَوْ كَانَتْ ) الَّتِي أَوْقَعَهَا ( الثَّانِيَةَ ) عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ عَلَى الْعَدَدِ الَّذِي سَأَلَتْهُ ( وَ ) اسْتَحَقَّ ( بِالثِّنْتَيْنِ ) أَيْ بِتَطْلِيقِهِ طَلْقَتَيْنِ وَهُوَ يَمْلِكُ الثَّلَاثَ ( ثُلُثَيْهِ ) أَيْ الْأَلْفِ وَاسْتَحَقَّ ( بِوَاحِدَةٍ وَنِصْفٍ نِصْفَهُ ) لَا ثُلُثَيْهِ نَظَرًا لِمَا أَوْقَعَهُ لَا لِمَا وَقَعَ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ إنَّمَا وَقَعَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ أَيْ فَلَيْسَ هُوَ كَإِنْشَاءِ الشَّخْصِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الظِّهَارِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ مُوسِرٌ عَبْدًا مُشْتَرَكًا عَنْ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ إنْ نَوَى عِتْقَ الْجَمِيعِ عَنْهَا وَإِنْ وَجَّهَ الْعِتْقَ إلَى نَصِيبِهِ فَقَطْ لِحُصُولِ الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ خِلَافًا لِلْقَفَّالِ فِي قَوْلِهِ لَا يُجْزِئُ إذَا وَجَّهَ الْعِتْقَ إلَى نَصِيبِهِ فَقَطْ لِأَنَّ نَصِيبَ الْغَيْرِ عَتِيقٌ بِالسِّرَايَةِ لَا بِإِعْتَاقِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ ثَمَّ تَخْلِيصُ الرَّقَبَةِ وَقَدْ وُجِدَ وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْمُعَارَضَةُ فِيمَا يُوقِعُهُ ( وَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي عَشْرًا بِأَلْفٍ ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ عَلَيْهَا إلَّا طَلْقَةً ( اسْتَحَقَّهُ بِوَاحِدَةٍ تُكْمِلُ الثَّلَاثَ وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ ( فَعُشْرَهُ ) أَيْ فَيَسْتَحِقُّ بِوَاحِدَةٍ عُشْرَ الْأَلْفِ ( وَبِالثِّنْتَيْنِ عُشْرَيْهِ ) أَيْ خُمُسَهُ وَبِالثَّلَاثِ جَمِيعَ الْأَلْفِ وَلَوْ مَلَكَ طَلْقَتَيْنِ اسْتَحَقَّ بِالْوَاحِدَةِ الْعُشْرَ

وَبِالثِّنْتَيْنِ الْجَمِيعَ وَضَبَطُوا ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنْ مَلَكَ الْعَدَدَ الْمَسْئُولَ كُلَّهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى أَوْ بِبَعْضِهِ فَلَهُ قِسْطُهُ وَإِنْ مَلَكَ بَعْضَ الْمَسْئُولِ وَتَلَفَّظَ بِالْمَسْئُولِ أَوْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا بِمَا أَوْقَعَ فَلَهُ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَيُوَزَّعُ الْمُسَمَّى عَلَى الْمَسْئُولِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَوْ قَالَتْ ) لَهُ وَهُوَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا الثَّلَاثَ ( طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا لَمْ تَقَعْ الْوَاحِدَةُ ) لِعَدَمِ التَّوَافُقِ كَمَا لَوْ طَلَبَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ ( وَوَقَعَ الثِّنْتَانِ مَجَّانًا ) لِأَنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالطَّلَاقِ مَجَّانًا فَيَقَعَانِ رَجْعِيَّتَيْنِ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَمَنْ تَبِعَهُ .
وَقَالَ فِي الْأَصْلِ إنَّهُ حَسَنٌ مُتَّجَهٌ بَعْدَ أَنْ اُسْتُبْعِدَ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ لِأَنَّهَا لَمْ تَرْضَ بِوَاحِدَةٍ إلَّا بِهِ كَالْجِعَالَةِ وَلَا يَقَعُ الْأُخْرَيَانِ لِلْبَيْنُونَةِ ( وَإِنْ قَالَ ) جَوَابًا لِمَا ذُكِرَ طَلَّقْتُك ( وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَقَعَتْ الْأُولَى ) بِثُلُثِهِ لِمُوَافَقَتِهِ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ التَّوْزِيعِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ مَا بَعْدَهَا لِلْبَيْنُونَةِ ( أَوْ ) طَلَّقَهَا ( ثِنْتَيْنِ مَجَّانًا وَوَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَقَعَ الثَّلَاثُ ) وَاحِدَةً مِنْهَا بِثُلُثِهِ هَذَا ( إنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا وَإِلَّا فَالثِّنْتَانِ ) تَقَعَانِ دُونَ الثَّلَاثَةِ لِلْبَيْنُونَةِ ( وَلَوْ قَالَ ) طَلَّقْتُك ( ثَلَاثًا وَاحِدَةً بِأَلْفٍ وَقَعَتْ الثَّلَاثُ ) وَاحِدَةً مِنْهَا ( بِثُلُثِهِ ) لِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ بِطَلْقَتَيْنِ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ وَفِيهِ كَلَامُ الْإِمَامِ السَّابِقِ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَقَعُ إلَّا ثِنْتَانِ رَجْعِيَّتَانِ وَكَانَ اللَّائِقُ بِالْمُصَنِّفِ أَنْ يَمْشِيَ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ ( وَلَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ

ثِنْتَيْنِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَلَوْ أَعَادَهُ فِي جَوَابِهِ ) كَأَنْ قَالَ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ لِتَضَمُّنِهِ الْإِجَابَةَ كَمَا لَوْ زَادَ الْعَامِلُ فِي الْجِعَالَةِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْبَيْعِ إذَا قَالَ بِعْنِي هَذَا بِأَلْفٍ فَقَالَ بِعْتُكَهُ مَعَ ذَلِكَ بِأَلْفٍ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مُعَاوَضَةٌ مَحْضَةٌ .
وَالْخُلْعُ شَبِيهٌ بِالْجِعَالَةِ وَلِأَنَّ تَمْلِيكَ الزَّائِدِ لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْبَائِعُ بِخِلَافِ إيقَاعِ الزَّائِدِ عَلَى طَلْقَةٍ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ مَا أَوْقَعَهُ أَوْ الْوَاحِدَةُ وَجْهَانِ ظَاهِرُ النَّصِّ ثَانِيهِمَا وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ فَائِدَةٌ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ بَلْ لَهُ فَوَائِدُ مِنْهَا لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلْقَتَيْنِ مَجَّانًا وَوَاحِدَةٌ بِمَا شَاءَ مِنْ الْعِوَضِ فَسَأَلَتْهُ طَلْقَةً بِأَلْفٍ فَأَوْقَعَ ثَلَاثًا فَإِنْ جَعَلْنَا الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَةِ الْوَاحِدَةِ وَقَعَ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ وَافَقَ الْإِذْنَ وَإِنْ جَعَلْنَاهُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ فَقَدْ خَصَّ كُلَّ طَلْقَةٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ طَلْقَتَيْنِ بِعِوَضٍ فَلَا يَقَعَانِ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَتَقَعُ بِثُلُثِ الْأَلْفِ عَلَى الْأَصَحِّ وَمِنْهَا لَوْ أَذِنَتْ فِي وَفَاءِ مَا يَخُصُّ الطَّلْقَةَ الْمَسْئُولَةَ أَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ عَنْهَا ذَلِكَ أَوْ أَبْرَأهَا الزَّوْجُ عَنْهُ ( أَوْ ) طَلَّقَهَا ( بِثَوْبٍ ) مَثَلًا ( فَهُوَ ابْتِدَاءٌ ) فَيُنْظَرُ أَيَتَّصِلُ بِهِ قَبُولٌ أَمْ لَا ( وَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ ( طَلِّقْنِي وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ فَإِنْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا ) مِمَّا يَأْتِي ( أَوْ أَرَادَ بِالْأَلْفِ ) مُقَابَلَةَ ( الْأُولَى لَمْ يَقَعْ غَيْرُهَا ) لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهَا وَلَغَتْ الْأُخْرَيَانِ لِلْبَيْنُونَةِ بِالْأُولَى ( أَوْ ) أَرَادَ بِهِ ( الثَّانِيَةَ ) وَلَوْ مَعَ الثَّالِثَةِ ( فَالْأُولَى ) تَقَعُ ( رَجْعِيَّةً فِي الْمَدْخُولِ بِهَا ) وَالثَّانِيَةُ بَائِنَةً بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ خُلْعِ الرَّجْعِيَّةِ وَلَغَتْ الثَّالِثَةُ لِلْبَيْنُونَةِ وَخَرَجَ بِالْمَدْخُولِ بِهَا غَيْرُهَا فَتَبِينُ

بِالْأُولَى وَيَلْغُو مَا بَعْدَهَا لِلْبَيْنُونَةِ ( أَوْ ) أَرَادَ بِهِ ( الثَّالِثَةَ وَقَعَ الثَّلَاثُ ) الثَّالِثَةُ بِالْعِوَضِ ( وَالْأُولَيَانِ بِلَا عِوَضٍ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَمِيعَ ) أَوْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةَ أَوْ وَالثَّالِثَةَ ( وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ) عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ وَلَغَا الْبَاقِي لِلْبَيْنُونَةِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَذَكَرَ فِي الْمُهَذَّبِ مِثْلَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِيمَا إذَا ابْتَدَأَ فَقَالَ أَنْت طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ قَبُولًا مُطَابِقًا لِلْإِيجَابِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِمَا قِيلَ إنَّ عِبَارَةَ الْمُهَذَّبِ تُفْهَمُ خِلَافَهُ وَلَيْسَ كَمَا قِيلَ ( فَإِنْ قَالَ ) فِي جَوَابِهَا أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ ( إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ تَعَذَّرَ إرَادَةُ ) مُقَابَلَةِ ( الْجَمِيعِ ) وَبَقِيَّةُ الْأَحْوَالِ الَّتِي ذَكَرَهَا كَمَا مَرَّ .
( وَإِنْ قَالَتْ لِمَنْ لَا يَمْلِكُ ) عَلَيْهَا ( إلَّا طَلْقَةً طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ ( إحْدَاهُنَّ بِأَلْفٍ وَنَوَى بِهِ الطَّلْقَةَ الْأُولَى لَزِمَهَا ) الْأَلْفُ لِأَنَّ مَقْصُودَهَا مِنْ الْبَيْنُونَةِ الْكُبْرَى حَصَلَ بِذَلِكَ ( وَكَذَا لَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا ) لِمُطَابَقَةِ الْجَوَابِ السُّؤَالَ ( وَإِنْ نَوَى بِهِ غَيْرَهَا وَقَعَتْ الْأُولَى فَقَطْ مَجَّانًا فَإِنْ قَالَتْ ) لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ( وَاحِدَةٌ ) مِنْهُنَّ ( مُكَمِّلَةٌ الثِّنْتَيْنِ ) يَقَعَانِ عَلَى ( إذَا تَزَوَّجْتنِي ) بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ يَكُونَانِ فِي ذِمَّتِك تُنْجِزُهُمَا حِينَئِذٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا أَوْ ثِنْتَيْنِ أَوْ وَاحِدَةً ( وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ الْوَاحِدَةُ ( فَقَطْ ) وَلَغَا كَلَامُهَا فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ وَإِثْبَاتُهُ فِي الذِّمَّةِ بَاطِلَانِ ( وَلَهَا الْخِيَارُ ) فِي الْعِوَضِ لِتَبْعِيضِ الصَّفْقَةِ ( فَإِنْ أَجَازَتْ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ) تَخَيَّرَ عَمَلًا بِالتَّقْسِيطِ كَمَا فِي الْبَيْعِ ( وَإِنْ فَسَخَتْ فَمَهْرُ الْمِثْلِ ) يُفْسَخُ ( وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي نِصْفَ طَلْقَةٍ بِأَلْفٍ أَوْ

طَلِّقْ بَعْضِي ) وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفِي أَوْ يَدِي أَوْ رِجْلِي ( بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ ) تَكْمِيلًا لِلْبَعْضِ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ صِيغَةِ الْمُعَاوَضَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَالَتْ بِعْتُك هَذَا نِصْفَ بَيْعَةٍ أَوْ بِعْته لِبَعْضِك لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ ( وَكَذَا ) تَقَعُ طَلْقَةٌ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( إنْ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ ) بِأَنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ نِصْفَ طَلْقَةٍ أَوْ نِصْفُك طَالِقٌ بِأَلْفٍ ( فَقَبِلَتْ أَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ يَدَهَا مَثَلًا ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ فِي الْأُولَى وَعَدَمِ إمْكَانِ التَّقْسِيطِ فِي الثَّانِيَةِ .
( وَإِنْ طَلَّقَ ) فِيهَا ( نِصْفَهَا فَنِصْفُ الْمُسَمَّى ) يَجِبُ لِإِمْكَانِ التَّقْسِيطِ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي سُؤَالِهَا عَدَدًا ) ( قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا طَلْقَةً وَهِيَ الثَّالِثَةُ ) أَيْ أَوْ الثَّانِيَةُ لِمَنْ فِيهِ رِقٌّ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ الثَّلَاثِ إلَخْ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ إيقَاعَ بَعْضِ تِلْكَ الطَّلْقَةِ كَإِيقَاعِ كُلِّهَا قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّهُ أَفَادَهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى بِذَلِكَ فَحَصَلَ مَقْصُودُهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا طَلْقَتَيْنِ وَنِصْفًا حَيْثُ يَسْتَحِقُّ الْأَلْفَ لِمَا ذُكِرَ فَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ قَوْلَهُمْ لَوْ طَلَبَتْ ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا نِصْفَ طَلْقَةٍ اسْتَحَقَّ نِصْفَ ثُلُثِ الْأَلْفِ وَهُوَ السُّدُسُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهَا الْبَيْنُونَةَ الْكُبْرَى ( قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ عَلَيْهَا طَلْقَتَيْنِ إلَخْ ) هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْأَوْلَى ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي عَلَى أَلْفٍ فَقَالَ طَلَّقْت نِصْفَك عَلَى أَلْفٍ تَقَعُ الْبَيْنُونَةُ وَكَمْ يَسْتَحِقُّ يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى جُمْلَتِهَا أَمْ عَلَى نِصْفِهَا ثُمَّ يَسْرِي إلَى النِّصْفِ الْآخَرِ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَعَلَيْهَا الْأَلْفُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَخَمْسُمِائَةٍ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ .
وَلَوْ قَالَ إنْ وَهَبَتْنِي زَوْجَتِي صَدَاقَهَا فَهِيَ طَالِقٌ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ وَالزَّوْجَةُ غَائِبَةٌ فَادَّعَتْ الزَّوْجَةُ أَنَّهَا لَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ أَبْرَأَتْهُ فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ طَلَقَتْ رَجْعِيًّا وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ وَهَذَا الْإِبْرَاءُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ فَوْرٌ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ خُلْعًا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَفْتَى فِيمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِزَوْجَتِهِ فَقَالَ إنْ أَخِرَتَيْهِ إلَى رَأْسِ السَّنَةِ وَأَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَخَّرْت وَأَبْرَأْتُك إنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ تَأْخِيرًا لَازِمًا فَيَفْسُدُ الْعِوَضُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ وَيَبْقَى عَلَيْهِ صَدَاقُهَا وَالدَّيْنُ كَمَا كَانَ ا هـ قَالَ الْغَزِّيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ

وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الصِّفَةَ لَمْ تُوجَدْ وَنَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ أَخَذْت بِنْتَك بِكَفَالَةٍ سَنَتَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَقَالَتْ أَخَذْتهَا فَأَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَغَلَّطَهُ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِأَخْذِهَا الْتِزَامُ ذَلِكَ وَقَوْلُهَا أَخَذْت لَا يَلْزَمُهَا لِلْجَهَالَةِ قَالَ وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا ثُمَّ جَاءَ إلَى الشُّهُودِ لِيَكْتُبَ لَهَا فَقَالَ الشَّاهِدُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالطَّلَاقِ السَّابِقِ قَدْ خَالَعْتُهَا عَلَى كَذَا بِطَلْقَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَقَبِلَتْ ثُمَّ قَالَ أَرَدْت بِذَلِكَ الطَّلْقَةَ الْمَاضِيَةَ لَا إنْشَاءَ طَلَاقٍ آخَرَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ ( قَوْلُهُ اسْتَحَقَّهُ بِوَاحِدَةٍ ) وَلَوْ بِإِيقَاعِهِ دُونَهَا ( قَوْلُهُ فَأَجَابَهَا بِهِ فَلَهُ الْمُسَمَّى ) شَمَلَ مَا لَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ سَأَلْته الثَّلَاثَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهَا تَطْلُقُ الْأُولَى فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ الْأَلْفِ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ لِلْأُولَى قِسْطًا صَارَتْ مُخْتَلِعَةً لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ وَكَتَبَ فِي مَحَلٍّ آخَرَ لَوْ قَالَ لَهَا وَقَدْ سَأَلَتْهُ الثَّلَاثَ عَلَى أَلْفٍ أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ يَكُونَ الْأَلْفُ فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ طَلَقَتْ الْأُولَى فَقَطْ وَاسْتَحَقَّ ثُلُثَ الْأَلْفِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ لَوْ قَالَ فِي جَوَابِهَا أَنْتِ طَالِقٌ فَطَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ وَقَالَ نَوَيْت أَنْ تَكُونَ الْأُولَى فِي مُقَابَلَةِ الثَّلَاثِ طَلَقَتْ وَاحِدَةً وَهِيَ الْأُولَى وَحْدَهَا بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَلَمْ يَقَعْ الْبَاقِي لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَ لِلْأُولَى قِسْطًا صَارَتْ مُخْتَلِعَةً لَا يَلْحَقُهَا طَلَاقٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ فِي خَطِّ الْوَالِدِ مَا يُخَالِفُهُ .
( قَوْلُهُ مَا نَقَلَهُ عَنْ

الْأَصْحَابِ مِنْ وُقُوعِ الْأُولَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَيْهِ جَزَمَ بِهَذَا فِي الْعُبَابِ وَنَقَلَ عَنْ الْوَالِدِ اعْتِمَادَ مَا فِي الْمَتْنِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي الْبَهْجَةِ وَيُؤَيِّدُهُ الْفَرْقُ الْمَذْكُورُ قَرِيبًا ( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ ) جَرَى عَلَيْهِ أَيْضًا الْأَصْفُونِيُّ وَالْحِجَازِيُّ ( قَوْلُهُ كَمَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا مَرَّ ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي تِلْكَ لَمْ يُوَافِقْهَا فِي الْعَدَدِ الْمَطْلُوبِ إلَّا بَعْدَ أَنْ خَالَفَ مَا اقْتَضَاهُ طَلَبُهَا مِنْ تَوْزِيعِ الْأَلْفِ عَلَى الثَّلَاثِ حَيْثُ أَوْقَعَ وَاحِدَةً بِهِ فَلَغَتْ بِخِلَافِهِ فِي هَذِهِ ( قَوْلُهُ ظَاهِرُ النَّصِّ ثَانِيهِمَا ) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ وَقَالَ فِي الْبَحْرِ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ فِي مُقَابَلَةِ طَلْقَةٍ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ هُوَ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّهَا ( قَوْلُهُ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِالْخِلَافِ فَائِدَةٌ ) أَيْ فِي لُزُومِ الْأَلْفِ لِلْمُطَلَّقَةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ إيقَاعِ طَلْقَتَيْنِ بِعِوَضٍ فَلَا تَقَعَانِ ) قَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَصْلُ الْخُلْعِ قِسْمَانِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ وُقُوعُ الثَّلَاثِ أَيْضًا إذَا جَعَلْنَا الْأَلْفَ فِي مُقَابِلَتِهَا ( قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ نِصْفِي ) هَذِهِ تَحْرِيفٌ مِنْ نَاسِخٍ وَإِلَّا لَزِمَهَا خَمْسُمِائَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ وَالْخُوَارِزْمِيّ وَالْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ طَلَّقَ نِصْفَهَا فَنِصْفُ الْمُسَمَّى ( قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ التَّقْسِيطِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ عَلَى الْمَذْكُورِ ثُمَّ يَسْرِي إلَى الْبَاقِي لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّعْبِيرِ بِالْجُزْءِ عَلَى الْكُلِّ وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ فِيمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ أَعْتِقْ نِصْفَ هَذَا الْعَبْدِ عَنِّي بِأَلْفٍ مِنْ أَنَّهُ يَسْرِي الْعِتْقُ إلَى بَاقِيهِ وَيَكُونُ وَلَاؤُهُ لِلسَّائِلِ وَلَا يَغْرَمُ بِسَبَبِ السِّرَايَةِ شَيْئًا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ الْوَلَاءَ يَكُونُ لِلسَّائِلِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ

وَحِكَايَةُ ذَلِكَ عَنْ الْأَصْحَابِ فِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَقُلْهُ إلَّا بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُخْتَارُ خِلَافُهُ كَمَا سَتَعْرِفُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِهَا بِزَمَانٍ فَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي غَدًا أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِأَلْفٍ أَوْ خُذْ هَذَا عَلَى أَنْ تُطَلِّقَنِي غَدًا ) فَأَخَذَهُ ( أَوْ إنْ طَلَّقْتنِي غَدًا أَوْ مَتَى شِئْت فِي هَذَا الشَّهْرِ فَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِيهِ ) أَيْ فِيمَا عَيَّنَتْهُ ( أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ ) لِأَنَّهُ إنْ أَطْلَقَ فِيهِ فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهَا أَوْ قَبْلَهُ فَقَدْ زَادَهَا كَمَا لَوْ سَأَلَتْ طَلْقَةً فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لَا بِالْمُسَمَّى لِفَسَادِ الصِّيغَةِ أَيْ بِتَصْرِيحِ الزَّوْجَةِ بِتَأْخِيرِ الطَّلَاقِ وَهُوَ لَا يَقْبَلُ التَّأْخِيرَ مِنْ جَانِبِهَا لِأَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهِ الْمُعَاوَضَةُ وَبِهَذَا فَارَقَتْ الرَّابِعَةُ مَا يَأْتِي فِيمَا لَوْ قَالَتْ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ حَيْثُ يَلْزَمُ الْمُسَمَّى وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْعَالِمُ بِبُطْلَانِ مَا جَرَى وَالْجَاهِلُ بِهِ كَنَظِيرِهِ فِي الْخُلْعِ بِخَمْرٍ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِلْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ رَجْعِيًّا فِي حَالَةِ الْعِلْمِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فِي هَذَا .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيمَا ذُكِرَ طَلَاقُهُ فَوْرًا ( بِخِلَافِ قَوْلِهَا مَتَى ) طَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ ( وَلَمْ تُصَرِّحْ ) هِيَ ( بِالزَّمَنِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ طَلَاقُهَا فَوْرًا ) كَمَا مَرَّ ( وَالْفَرْقُ أَنَّهَا صَرَّحَتْ هُنَا بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ ) فَضَعُفَتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ ذِكْرُ الْعِوَضِ عَنْ مُقَاوَمَةِ الصَّرِيحِ بِخِلَافِهَا ثَمَّ ( وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَهُ أَوْ قَصَدَ الِابْتِدَاءَ فَرَجْعِيٌّ ) لِمُخَالَفَتِهِ قَوْلَهَا فِي الْأُولَى وَعَمَلًا بِقَصْدِهِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ ) إنْ اتَّهَمَتْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ وَمَنْ تَبِعَهُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ وَقَدْ ذَكَرْته أَوَّلَ الْبَابِ ( وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا الرُّجُوعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُقَ ) فِي الصُّوَرِ السَّابِقَةِ ( وَإِنْ عَلَّقَتْ ) كَسَائِرِ الْعِوَضَاتِ إذْ

الْمُغَلَّبُ فِي جَانِبِهَا الْمُعَاوَضَةُ بِخِلَافِ جَانِبِ الزَّوْجِ فِيمَا إذَا عَلَّقَ وَكَلَامُهُ هُنَا أَعَمُّ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهَا قَبْلَ الْقَبُولِ صَوَابُهُ بَعْدَ الْقَبُولِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ ( وَإِنْ قَالَتْ طَلِّقْنِي شَهْرًا بِأَلْفٍ فَفَعَلَ وَقَعَ ) طَلَاقُهُ ( مُؤَبَّدًا ) لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُؤَقَّتُ ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِالتَّأْقِيتِ ( وَإِنْ عَلَّقَهُ ) الزَّوْجُ ( بِصِفَةٍ وَذَكَرَ عِوَضًا كَقَوْلِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فَوْرًا وَكَذَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِسُؤَالِهَا ) .
كَقَوْلِهَا عَلِّقْ طَلَاقِي بِغَدٍ أَوْ بِدُخُولِ الدَّارِ بِأَلْفٍ فَعَلَّقَ ( طَلَقَتْ بِالْمُسَمَّى عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ ) الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ وَكَمَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ يَجُوزُ عَنْ الْمُعَلَّقِ ( وَيَسْتَحِقُّ ) الزَّوْجُ ( الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ ) لِأَنَّ الْأَعْوَاضَ الْمُطْلَقَةَ يَلْزَمُ تَعْلِيقُهَا فِي الْحَالِ وَالْمُعَوَّضُ تَأَخَّرَ بِالتَّرَاضِي لِوُقُوعِهِ فِي التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ الْمُنَجَّزِ مِنْ خُلْعٍ وَغَيْرِهِ يَجِبُ فِيهِ تَقَارُنُ الْعِوَضَيْنِ فِي الْمِلْكِ ( وَكَذَا يَسْتَحِقُّهُ فِي الْحَالِ لَوْ قَالَتْ لَهُ إذَا جَاءَ الْغَدُ وَطَلَّقْتنِي فَلَكَ أَلْفٌ فَقَالَ إذَا جَاءَ الْغَدُ فَأَنْت طَالِقٌ ) قَوْلُهُ فِي الْحَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَوْلُهُ فَقَالَ إلَى آخِرِهِ مِنْ تَصَرُّفِهِ وَلَا يُنَاسِبُهُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ مُعَلَّقٌ بِمَجِيءِ الْغَدِ وَبِالطَّلَاقِ فَالْوَجْهُ حَذْفُ فِي الْحَالِ وَالتَّعْبِيرُ فِي الْجَوَابِ بِقَوْلِ الْأَصْلِ فَطَلَّقَهَا فِي الْغَدِ إجَابَةً لَهَا وَعَلَيْهِ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْغَدِ فَظَاهِرُ وُقُوعِهِ ثَمَّ إنْ بَقِيَتْ قَابِلَةً لِلطَّلَاقِ إلَى الْغَدِ اسْتَحَقَّ فِيهِ الْمُسَمَّى وَإِلَّا فَلَا .
وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِيمَا تَصَرَّفَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ( فَإِنْ تَعَذَّرَ الطَّلَاقُ ) بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهَا (

بِفِرَاقٍ وَنَحْوِهِ ) كَمَوْتٍ ( قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ رَدَّهُ ) أَيْ الْمُسَمَّى كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ
( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَعْلِيقِهَا فِيهِ بِزَمَانٍ ) ( قَوْلُهُ فَطَلَّقَهَا فِيهِ أَوْ قَبْلَهُ بَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ذَكَرُوا فِي الْكَفَّارَاتِ عَنْ صَاحِبِ التَّقْرِيبِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي غَدًا بِأَلْفٍ فَقَدْ اسْتَحَقَّ الْأَلْفَ وَقَضِيَّتُهُ اسْتِحْقَاقُ الْمُسَمَّى هَاهُنَا إلَّا أَنْ يُقَالَ لِحَاظُ الْمُعَاوَضَةِ هُنَا أَقْوَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ الْتِزَامُهُ لِلْغَيْرِ فِي الذِّمَّةِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّهَا لَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ نَاجِزًا بِعِوَضٍ فَطَلَّقَهَا ثُمَّ قَالَ لَمْ أُرِدْ جَوَابَهَا بَلْ الِابْتِدَاءُ قُبِلَ مِنْهُ بِالْيَمِينِ فَهَاهُنَا أَوْلَى قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَحَالَةُ الْإِطْلَاقِ يَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ مُنَزَّلَةً عَلَى الِابْتِدَاءِ لِطُولِ الْفَصْلِ بِخِلَافِهِ فِي الطَّلَاقِ الْمَسْئُولِ مُعَجَّلًا ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْإِمَامِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُوَ الْوَجْهُ لِتَمَامِ شِقَّيْ الْعَقْدِ ( قَوْلُهُ قَوْلُهُ فِي الْحَالِ مِنْ زِيَادَتِهِ ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ فِي الْأَصْلِ ( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ حَذْفُهُ فِي الْحَالِ إلَخْ ) اعْتِرَاضُهُ سَاقِطٌ فَتَصَرُّفُ الْمُصَنِّفِ حَسَنٌ أَفَادَ بِهِ مَعَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَاسْتِحْقَاقِهِ الْمُسَمَّى بَيْنَ أَنْ يُنَجِّزَ طَلَاقَهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَأَنْ يُعَلِّقَهُ بِهِ وَيَسْتَحِقَّ الْمُسَمَّى فِي الْحَالِ وَلَيْسَ اسْتِحْقَاقُهُ مُعَلَّقًا بِمَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا الْمُعَلَّقُ بِهِ اسْتِقْرَارُهُ فَالْوَجْهُ ذِكْرُ قَوْلِهِ فِي الْحَالِ وَالْأَحْسَنُ مَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ

( الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ وَهُوَ مِنْ جَانِبِهِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا شَوْبُ جِعَالَةٍ ) وَمِنْ جَانِبِ الزَّوْجِ مُعَاوَضَةٌ فِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيقِ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ فِي مُخَالَعَةِ الزَّوْجِ مَعَ الزَّوْجَةِ وَجَازَ خُلْعُ الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ فِدَاءٌ كَالْتِزَامِ الْمَالِ لِيُعْتِقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ وَقَدْ يَكُونُ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ كَأَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ سَيِّئَ الْعِشْرَةِ ( فَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( أَجْنَبِيٌّ طَلِّقْ امْرَأَتَك وَلَك أَلْفٌ فَفَعَلَ لَزِمَ ذِمَّتَهُ ) الْأَلْفُ وَوَقَعَ الطَّلَاقُ بَائِنًا ( حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا ) كَالزَّوْجَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اخْتِلَاعُهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ( فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا وَقَعَ ) الطَّلَاقُ ( رَجْعِيًّا ) كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ سَفِيهَةٌ نَفْسَهَا .
( وَلَوْ قَالَ ) شَخْصٌ لِآخَرَ ( بِعْ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا وَعَلَيَّ أَلْفٌ ) أَوْ بِعْهُ عَبْدَك بِأَلْفٍ فِي مَالِي كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فَفَعَلَ ( لَغَا ) ذَلِكَ الْقَوْلُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْبَائِعُ عَلَى الْقَائِلِ شَيْئًا وَإِنْ صَحَّ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ عَلَى غَيْرِ مَنْ يَمْلِكُ الْمَبِيعَ ( وَوَكِيلُهَا فِي الْخُلْعِ إنْ صَرَّحَ ) فِيهِ ( بِالْوَكَالَةِ لَمْ يُطَالَبْ ) بِالْعِوَضِ وَإِنَّمَا الْمُطَالَبُ بِهِ هِيَ بِخِلَافِ وَكِيلِ الْمُشْتَرِي ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْوَكَالَةِ ( طُولِبَ ) بِهِ كَمَا تُطَالَبُ هِيَ بِهِ ( وَرَجَعَ عَلَيْهَا ) إذَا غَرِمَهُ كَوَكِيلِ الْمُشْتَرِي ( إلَّا إنْ قَصَدَ الِاسْتِقْلَالَ ) بِالْخُلْعِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ لَمْ تَوَكَّلْهُ فَاسْتَثْنَى مِنْهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا قَصَدَ الْوَكَالَةَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلْعِ لَهَا فَوَقَعَ لَهَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ مِنْ الْوَكَالَةِ فِي الشِّرَاءِ فَإِنَّ فَائِدَتَهُ كَمَا تَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ تَكُونُ لِلْوَكِيلِ فَوُقُوعُهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لِلْوَكِيلِ أَوْلَى لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِيَةِ أَصْلُهُ

لِلْغَزَالِيِّ وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ .
فَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ إمَامُهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا اشْتِبَاهٌ فَإِنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِيمَا إذَا لَمْ يُخَالِفْ الْوَكِيلُ الْمَرْأَةَ فِيمَا سَمَّتْهُ وَكَلَامُ إمَامِهِ فِيمَا إذَا خَالَفَهَا فِيهِ وَمَسْأَلَةُ قَصْدِ الِاسْتِقْلَالِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا بِالْأَوْلَى حُكْمُ مَا لَوْ صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي اخْتِلَاعِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ ) لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى هَذَا الْخَمْرِ أَوْ عَلَى عَبْدِ زَيْدٍ هَذَا وَطَلَّقَ وَقَعَ رَجْعِيًّا بِخِلَافِ مَا إذَا الْتَمَسَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبُضْعَ يَقَعُ لِلْمَرْأَةِ فَلَزِمَهَا بَدَلُهُ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ( فَرْعٌ ) لَوْ قَالَ الْأَجْنَبِيُّ لِزَوْجِ امْرَأَتَيْنِ طَلِّقْ إحْدَاهُمَا عَلَى أَلْفٍ فِي ذِمَّتِي فَأَجَابَهُ الزَّوْجُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ فِي الْخُلْعِ فَرْعُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجَتَانِ لَوْ قَالَ لَهُمَا الزَّوْجُ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتَا لَمْ يَصِحَّ فَكَذَلِكَ هُنَا وَالْأَرْجَحُ عِنْدَنَا وُقُوعُهُ رَجْعِيًّا إذَا عُلِمَ فَسَادُهُ هَذَا كَمَا لَوْ خَالَعَ مَعَ الْأَجْنَبِيِّ فَقَالَ لَهُ طَلِّقْهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ أَوْ عَلَى هَذَا الْحُرِّ فَإِنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّهُ يَقَعُ رَجْعِيًّا .
( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا وَقَعَ رَجْعِيًّا ) مَنْ سَفِهَ بَعْدَ رُشْدِهِ وَلَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ كَالرَّشِيدِ

( وَلِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُوَكِّلَ الزَّوْجَةَ لِتَخْتَلِعَ عَنْهُ ) فَتَتَخَيَّرَ هِيَ بَيْنَ الِاخْتِلَاعِ لَهَا وَالِاخْتِلَاعِ لَهُ بِأَنْ تُصَرِّحَ أَوْ تَنْوِيَ كَمَا مَرَّ فِي عَكْسِهِ فَإِنْ أَطْلَقَتْ وَقَعَ لَهَا لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُ لَهَا كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ قَالَ ) لَهَا ( سَلِي زَوْجَك طَلَاقَك بِأَلْفٍ وَلَمْ يَقُلْ عَلَيَّ فَلَيْسَ بِتَوْكِيلٍ ) حَتَّى لَوْ اخْتَلَعَتْ كَانَ الْمَالُ عَلَيْهَا ( بِخِلَافِ قَوْلِهَا لَهُ ) ذَلِكَ فَإِنَّهُ تَوْكِيلٌ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ عَلَيَّ لِأَنَّ مَنْفَعَةَ الْخُلْعِ لَهَا ( وَإِنْ قَالَ ) لَهَا سَلِي زَوْجَك طَلَاقَك بِأَلْفٍ ( عَلَيَّ فَفَعَلَتْ وَنَوَتْ الْإِضَافَةَ إلَيْهِ ) أَوْ تَلَفَّظَتْ بِهَا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( فَالْمَالُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا ) وَقَوْلُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْأَجْنَبِيِّ سَلْ فُلَانًا يُطَلِّقُ زَوْجَتَهُ عَلَى أَلْفٍ كَقَوْلِهِ لِلزَّوْجَةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ عَلَيَّ وَعَدَمِهِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَإِنْ أَضَافَ ) الْأَجْنَبِيُّ ( الْخُلْعَ إلَيْهَا ) مُصَرِّحًا ( بِالْوَكَالَةِ كَاذِبًا ) بِأَنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ ( لَمْ يَقَعْ ) طَلَاقٌ لِارْتِبَاطِهِ بِالْعِوَضِ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْخِطَابُ مَعَهَا فَلَمْ تَقْبَلْ نَعَمْ إنْ اعْتَرَفَ الزَّوْجُ بِالْوَكَالَةِ بَانَتْ بِاعْتِرَافِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ ( وَأَبُوهَا كَالْأَجْنَبِيِّ ) فِيمَا ذُكِرَ فَإِنْ اخْتَلَعَهَا بِمَالِهِ فَذَاكَ ( وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً ) أَوْ بِمَالِهَا وَصَرَّحَ بِنِيَابَةٍ كَاذِبًا أَوْ بِوِلَايَةٍ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِوَكِيلٍ وَلَا وَلِيٍّ فِي ذَلِكَ إذْ الْوِلَايَةُ لَا تُثْبِتُ لَهُ التَّبَرُّعَ بِمَالِهَا وَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِقْلَالِ فَكَالْخُلْعِ بِمَغْصُوبٍ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ لِمَالِهَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ وَعَنْهُ احْتَرَزَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ قَالَ الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ ) لِلزَّوْجِ ( غَيْرَ مُتَعَرِّضٍ لِاسْتِقْلَالٍ وَلَا نِيَابَةٍ طَلِّقْهَا عَلَى عَبْدِهَا أَوْ عَلَى هَذَا الْمَغْصُوبِ أَوْ الْخَمْرِ ) فَطَلَّقَهَا عَلَى ذَلِكَ ( وَقَعَ

رَجْعِيًّا ) كَخُلْعِ السَّفِيهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهَا كَالسَّفِيهِ وَهِيَ لَمْ تَلْتَزِمْ مَالًا وَلَا يُمْكِنُ مُطَالَبَةُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَالزَّوْجُ مُسْتَقِلٌّ بِالطَّلَاقِ فَيَقَعُ رَجْعِيًّا .
( بِخِلَافِ الْتِمَاسِ كَبِيرَةٍ ) مِنْ زَوْجِهَا طَلَاقًا بِمَغْصُوبٍ أَوْ خَمْرٍ وَطَلَّقَهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزَّوْجَةَ تَبْذُلُ الْمَالَ لِتَصِيرَ مَنْفَعَةُ الْبُضْعِ لَهَا وَالزَّوْجُ لَمْ يَبْذُلْ الْمِلْكَ لَهَا مَجَّانًا فَلَزِمَهَا الْمَالُ وَالْأَبُ وَالْأَجْنَبِيُّ مُتَبَرِّعٌ بِمَا يَبْذُلُهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ فَائِدَةٌ فَإِذَا أَضَافَ إلَى مَالِهَا فَقَدْ صَرَّحَ بِتَرْكِ التَّبَرُّعِ ( وَلَوْ قَالَ ) الْأَبُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ لِزَوْجِهَا طَلِّقْهَا ( بِهَذَا الْعَبْدِ ) وَهُوَ لَهَا ( وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا وَلَا أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَقَعَ ) الطَّلَاقُ بَائِنًا ( لِمَهْرِ الْمِثْلِ وَلَوْ عَلِمَ الزَّوْجُ ) أَنَّهُ عَبْدُهَا لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ سَوَاءٌ أَقَالَ مَعَ ذَلِكَ وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ أَمْ لَا ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( الْأَبُ طَلِّقْهَا وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا فَفَعَلَ وَقَعَ رَجْعِيًّا ) وَلَا يَبْرَأُ مِنْ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ إذْ لَيْسَ لَهُ الْإِبْرَاءُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا فَلَمَّا فَاتَ الْعِوَضُ أَشْبَهَ السَّفِيهَ .
( فَلَوْ الْتَزَمَ مَعَ ذَلِكَ دَرْكَ بَرَاءَتِهِ ) أَيْ الزَّوْجِ كَأَنْ قَالَ وَضَمِنْت بَرَاءَتَك مِنْ الصَّدَاقِ ( بَانَتْ وَلَزِمَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَالَ فِي نَفْسِهِ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ ( فَإِنْ كَانَ جَوَابُ الزَّوْجِ بَعْدَ ضَمَانِ الدَّرَكِ إنْ بُرِّئْت مِنْ صَدَاقِهَا فَهِيَ طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ ) لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهَا لَمْ تُوجَدْ

قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لَهُ الْأَبُ طَلِّقْهَا وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِهَا إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي اخْتِلَاعِ الْأَبِ بِصَدَاقِهَا إنَّمَا يَقَعُ رَجْعِيًّا إذَا اخْتَلَعَ بِالصَّدَاقِ نَفْسَهُ فَإِنْ عَبَّرَ بِالصَّدَاقِ عَلَى مَعْنًى مِثْلِ الصَّدَاقِ وَكَانَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي ذَلِكَ مِنْ حَوَالَةِ الزَّوْجِ عَلَى الْأَبِ وَقَبُولِ الْأَبِ لَهَا بِحُكْمِ أَنَّهَا تَحْتَ حِجْرِهِ فَاَلَّذِي أَفْتَيْت بِهِ فِي ذَلِكَ وَنَحْوِهِ أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بَائِنًا بِمِثْلِ الصَّدَاقِ وَتَقْدِيرُ الْمِثْلِ فِي ذَلِكَ مُتَعَيِّنٌ كَمَا فِي قَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت وَرِبْحِ دِرْهَمٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ { فَإِنْ بَاعَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِالثَّمَنِ } قَالَ وَالْخِلَافُ فِي بِعْت بِمَا بَاعَ بِهِ فُلَانٌ فَرَسَهُ وَأَوْصَيْت لَهُ بِنَصِيبِ ابْنِي مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْمِثْلِ فَمَعَ الْقَرِينَةِ يَصِحُّ قَطْعًا ا هـ مَا قَالَهُ هُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ بِلَا شَكٍّ س .
( قَوْلُهُ فَكَانَ كَخُلْعِهَا بِمَغْصُوبٍ ) إذْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَهِيَ ضَمَانُ عَيْنِ الْبَرَاءَةِ غَيْرُ مُمْكِنٍ

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاخْتِلَافِ ) لَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي عَلَى كَذَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الْخُلْعِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ ) وَقَدْ خَالَعَ إحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَأَجَابَتْهُ إحْدَاهُمَا ( لِلْمُجِيبَةِ قَصَدْت ضَرَّتَك بِالْخُلْعِ ) وَقَالَتْ الْمُجِيبَةُ بَلْ قَصَدْتنِي ( وَاسْمُهُمَا وَاحِدٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ ) بِيَمِينِهِ وَلَا فُرْقَةَ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِتَصَرُّفِهِ ( أَوْ ) قَالَ ( طَلَّقْتُك بِعِوَضٍ فَأَنْكَرَتْ الْعِوَضَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ عَادَتْ وَاعْتَرَفَتْ بَعْدُ بِيَمِينِهَا بِمَا ادَّعَاهُ لَزِمَهَا دَفْعُهُ إلَيْهِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ( وَبَانَتْ ) مِنْهُ ( بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ تَسْقُطْ ) عَنْهُ ( السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ ) لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَذِكْرُ السُّكْنَى تَبِعَ فِيهِ أَصْلَهُ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَصَوَابُهُ لِلْكِسْوَةِ لِأَنَّ السُّكْنَى تَجِبُ لِلْمُخْتَلِعَةِ قَالَ وَلَا يَسْقُطُ أَيْضًا إرْثُهَا مِنْهُ لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ ( وَكَذَا ) الْحُكْمُ ( لَوْ قَالَ سَأَلْت الطَّلَاقَ بِأَلْفٍ فَأَنْكَرَتْ السُّؤَالَ ) أَصْلًا ( وَلَوْ ادَّعَتْ طُولَ الْفَصْلِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ ) فَأَنْكَرَ ( صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا وَيَسْقُطُ الْعِوَضُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهَا وَعَدَمُ الطَّلَاقِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَدَّعِيهِ وَلَوْ قَالَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا فِي نَفْيِ الْعِوَضِ كَانَ أَوْضَحَ بَلْ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ صُدِّقَتْ إلَى آخِرِهِ وَعَبَّرَ بِأَوْ بَدَلَ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ ( وَكَذَا يُصَدَّقُ ) بِيَمِينِهِ ( إنْ ادَّعَاهُ ) أَيْ طُولَ الْفَصْلِ فَلَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ بِعِوَضٍ وَطَلَّقَهَا بِدُونِ ذِكْرِهِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَبَنَتْ وَقَالَ بَلْ مُنْفَصِلًا فَلِي الرَّجْعَةُ صُدِّقَ كَمَا يُصَدَّقُ فِي نَفْيِ أَصْلِ الطَّلَاقِ ( وَتَثْبُتُ لَهُ الرَّجْعَةُ وَبِالِاخْتِلَافِ وَلَوْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ أَوْ قَدْرِهِ أَوْ صِفَتِهِ ) مِنْ صِحَّةٍ

وَتَكْسِيرٍ وَنَحْوِهِمَا ( أَوْ تَعْيِينِ الْعَقْدِ ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا أَطْلَقْنَاهُ وَالْآخَرُ عَيَّنَّاهُ وَلَا بَيِّنَةَ ( تَحَالَفَا كَمَا فِي الْبَيْعِ ) وَبَانَتْ مِنْهُ .
( وَفَائِدَتُهُ ) أَيْ التَّحَالُفِ ( الرُّجُوعُ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ) بَعْدَ الْفَسْخِ كَتَحَالُفِهِمَا فِي الصَّدَاقِ وَلِأَنَّهُ بَدَلُ الْبُضْعِ التَّالِفِ وَكَانَ كَقِيمَةِ الْمَبِيعِ التَّالِفِ ( وَإِذَا أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا ) فَتَسْقُطَانِ ( وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى أَلْفِ شَيْءٍ ) مُبْهَمٍ ( وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ) لِفَسَادِ التَّسْمِيَةِ ( إلَّا إنْ نَوَيَا جِنْسًا وَاحِدًا فَيَتَعَيَّنُ ) وَإِنْ لَمْ يَتَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ هَذَا وَلَوْ نَوَيَا جِنْسًا وَاحِدًا وَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَالْأَوْلَى عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) خَالَعَهَا ( عَلَى أَلْفٍ وَنَوَيَا جِنْسًا تَعَيَّنَ ) كَذَلِكَ وَهَذِهِ عُلِمَتْ مِمَّا قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَنْوِيَا شَيْئًا لَزِمَ مَهْرُ الْمِثْلِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَتْ نِيَّتَاهُمَا ) بِأَنْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسًا ( وَتَصَادَقَا ) عَلَى ذَلِكَ ( فَلَا فُرْقَةَ ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَإِنْ تَكَاذَبَا ) فِيهِ كَأَنْ قَالَ أَرَدْنَا بِالْأَلْفِ النُّقْرَةَ فَقَالَتْ بَلْ الْفُلُوسَ ( تَحَالَفَا ) لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي جِنْسِ الْعِوَضِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا سَمَّيَاهُ .
( وَبَانَتْ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) بَعْدَ الْفَسْخِ ( وَإِنْ صَدَّقَتْهُ فِي إرَادَةِ الدَّرَاهِمِ ) النُّقْرَةِ ( فِي ) قَوْلِهِ ( طَلَّقْتُك عَلَى أَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ) وَثَمَّ دَرَاهِمُ وَلَا غَالِبَ مِنْهَا ( وَادَّعَتْ أَنَّهَا أَرَادَتْ الْفُلُوسَ وَكَذَّبَهَا بَانَتْ ) لِمَا يَأْتِي وَمُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ ( أَوْ عَكْسُهُ ) بِأَنْ صَدَّقَهَا فِي إرَادَتِهِ الْفُلُوسَ وَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ النُّقْرَةَ وَكَذَّبَتْهُ ( بَانَتْ ظَاهِرُ الِانْتِظَامِ الصِّيغَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ ) عَلَيْهَا فِيهِمَا ( لِإِنْكَارِهِ

الْفُرْقَةَ هُنَا ) أَيْ فِي الثَّانِيَةِ ( وَإِنْكَارِهَا ) لَهَا ( هُنَاكَ ) أَيْ فِي الْأُولَى وَيُعْتَبَرُ فِي هَذِهِ يَمِينُهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( إلَّا إنْ عَادَ وَصَدَّقَهَا ) فِي الْأُولَى ( أَوْ ) عَادَتْ وَ ( صَدَّقَتْهُ ) فِي الثَّانِيَةِ ( فَيَسْتَحِقُّ ) عَلَيْهَا ( الْمُسَمَّى ) لَا بِمَهْرِ الْمِثْلِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا لَا شَيْءَ لَهُ ) عَلَيْهَا وَتَبِينُ ظَاهِرًا ( لَوْ قَالَتْ أَرَدْنَا الدَّرَاهِمَ وَقَالَ أَرَدْتهَا دُونَك ) لِمَا ذُكِرَ .
( وَلَوْ قَالَ أَرَدْت الدَّرَاهِمَ وَقَالَتْ أَرَدْت الْفُلُوسَ بِلَا تَصَادُقٍ وَتَكَاذُبٍ ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَحَدٌ مِنْهُمَا لِجَانِبِ الْآخَرِ بَانَتْ مِنْهُ وَ ( وَجَبَ ) لَهُ عَلَيْهَا ( مَهْرُ الْمِثْلِ بِلَا تَحَالُفٍ ) لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهَا مُعَيَّنًا حَتَّى تَحْلِفَ ( وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ ) فَأَجَبْتنِي ( فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفٍ ) فَأَجَبْتُك ( تَحَالَفَا ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمُعَوَّضِ ( وَوَقَعَتْ وَاحِدَةٌ لِمَهْرِ الْمِثْلِ ) بَعْدَ الْفَسْخِ ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) وَسَبَقَتْ إحْدَاهُمَا تَارِيخًا ( قُدِّمَتْ السَّابِقَةُ وَإِلَّا تَحَالَفَا ) وَلَوْ قَالَ طَلَّقْتُك وَحْدَك بِأَلْفٍ فَقَالَتْ بَلْ طَلَّقْتنِي وَضَرَّتِي تَحَالَفَا وَعَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً ) فَلَكَ الثُّلُثُ ( فَقَالَ بَلْ ثَلَاثًا ) فَلِي الْأَلْفُ ( أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ ) فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا ( وَلَهُ عَلَيْهَا يَمِينٌ ) نَفْيُ الْعِلْمِ أَنَّهُ مَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ( وَيَسْتَحِقُّ ) عَلَيْهَا بَعْدَ حَلِفِهَا ( ثُلُثَ الْأَلْفِ ) كَمَا لَوْ قَالَ إنْ رَدَدْت أَعْبُدِي الثَّلَاثَةَ فَلَكَ أَلْفٌ فَقَالَ رَدَدْتهمْ وَقَالَ مَا رَدَدْت إلَّا وَاحِدًا وَلَا مَعْنَى لِلتَّحَالُفِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي صِفَةِ الْعَقْدِ أَوْ الْعِوَضِ وَهُمَا هُنَا مُتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْمَسْئُولَ ثَلَاثٌ وَأَنَّ الْعِوَضَ أَلْفٌ فَاسْتَحَقَّ ثُلُثَهُ لِمَا قُلْنَاهُ .
( نَعَمْ إنْ أَنْشَأَ

الثَّلَاثَةَ ) وَقَالَ مَا طَلَّقْتهَا قَبْلُ كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلَمْ يَطُلْ ) فَصْلٌ اسْتَحَقَّ عَلَيْهَا ( الْأَلْفَ ) لِأَنَّ الْوَقْتَ وَقْتُ الْجَوَابِ

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الِاخْتِلَافِ ) ( قَوْلُهُ لَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي عَلَى كَذَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إلَخْ ) لَوْ اعْتَرَفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْخُلْعِ قَضَى لَهُ بِالْعِوَضِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يُنَافِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ لَهُ إلَّا بِإِقْرَارٍ جَدِيدٍ لِوُقُوعِهِ هُنَا فِي ضِمْنِ مُعَاوَضَةٍ ( قَوْلُهُ وَبَانَتْ بِإِقْرَارِهِ ) وَهَذَا مِنْ قَاعِدَةِ مَنْ أَقَرَّ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا يَضُرُّهُ وَالْآخَرُ يَنْفَعُهُ وَيَضُرُّ غَيْرَهُ قُبِلَ فِيمَا يَضُرُّهُ وَرُدَّ فِيمَا يَضُرُّ غَيْرَهُ ( قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ أَيْضًا إرْثُهَا مِنْهُ ) لَوْ مَاتَ فِي الْعِدَّةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ لَا يَرِثُهَا ( قَوْلُهُ إلْحَاقًا لِلْمَنْوِيِّ بِالْمَلْفُوظِ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ فَإِذَا تَوَافَقَا عَلَى شَيْءٍ بِالنِّيَّةِ كَانَ كَمَا لَوْ تَوَافَقَا عَلَيْهِ بِالنُّطْقِ .
( قَوْلُهُ وَثَمَّ دَرَاهِمُ وَلَا غَالِبَ مِنْهَا ) التَّقْيِيدُ بِعَدَمِ الْغَلَبَةِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ صَرِيحٌ فِي رَدِّهِ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى إطْلَاقِهَا ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ عَادَ وَصَدَّقَهَا فِي الْأُولَى ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَلَى إرَادَةِ الْفُلُوسِ مِنْهُ وَمِنْهَا ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحَاوِي لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إذْ أَعْطَيْتنِي أَلْفًا طَلُقَتْ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِأَنَّهَا أَعْطَتْهُ أَلْفًا عَلَى طَلَاقِهَا لِأَنَّ إذْ تَخْتَصُّ بِمَاضِي الزَّمَانِ دُونَ مُسْتَقْبَلِهِ وَإِذَا تَخْتَصُّ بِمُسْتَقْبِلِ الزَّمَانِ دُونَ مَاضِيهِ فَإِنْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ وَطَالَبَتْهُ بِالْأَلْفِ لَزِمَهُ رَدُّهَا لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِقَبْضِهَا وَمُدَّعٍ اسْتِحْقَاقَهَا فَلَزِمَهُ إقْرَارُهُ وَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَيَقَعُ طَلَاقُهُ بَائِنًا لِاعْتِرَافِهِ ا هـ فَإِنْ كَانَ الْقَائِلُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ إذْ وَإِذَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ لَمْ

يُمَيِّزْ إنْ وَأَنْ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا ادَّعَى الْعَامِّيُّ أَنَّهُ أَرَادَ التَّعْلِيقَ بِذَلِكَ لِخَفَائِهِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَيُمْكِنُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَتْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَاحِدَةً بِأَلْفَيْنِ ) أَوْ بِأَلْفٍ أَوْ سَكَتَ عَنْ الْعِوَضِ وَلَا بَيِّنَةَ أَوْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْ إلَّا مَرَّةً ( تَحَالَفَا ) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَهُ عَلَيْهَا مَهْرُ الْمِثْلِ بَعْدَ الْفَسْخِ ( أَوْ ) قَالَتْ ( خَالَعْتَنِي بِأَلْفٍ يَزِنُهُ ) أَيْ عَلَى أَنْ يَزِنَهُ ( عَنِّي زَيْدٌ أَوْ ) بِأَلْفٍ ( ضَمِنَهُ ) عَنِّي زَيْدٌ ( لَزِمَهَا ) الْأَلْفُ وَلَا يَنْفَعُهَا مَا قَالَتْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ الطَّلَبَ عَنْهَا ( أَوْ ) قَالَتْ ( خَالَعَتْ ) أَنْت ( زَيْدًا ) لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ ( فَقَالَ بَلْ خَالَعْتكِ لَمْ يَلْزَمْهَا ) وَلَا زَيْدًا شَيْءٌ ( وَبَانَتْ ) مِنْهُ بِإِقْرَارِهِ وَلَا نَقُولُ إنَّهُ أَقَرَّ بِعَقْدٍ صُدِّقَتْ فِي نَفْيِهِ فَيَلْغُو وَيَبْقَى النِّكَاحُ كَمَا لَوْ أَنْكَرَ الشِّرَاءَ تَبْقَى الْعَيْنُ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْبَيْعِ لِتَضَمُّنِ الْخُلْعِ إتْلَافَ الْعِوَضِ وَهُوَ الْبُضْعُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُفْسَخُ بِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ وَالْبَيْنُونَةُ لَا تَرْتَدُّ نَعَمْ نَظِيرُهُ مِنْ الْبَيْعِ أَنْ تَقُولَ بِعْتُك عَبْدِي فَأَعْتَقْته وَأَنْكَرَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيُحْكَمُ بِعِتْقِ الْعَبْدِ بِإِقْرَارِهِ .
( وَلَوْ قَالَتْ خَالَعْتَنِي بِأَلْفٍ لِي فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ وَقَبَضْته ) أَنْت ( أَوْ ) قَالَتْ ( خَالَعْتكِ وَكِيلَةً لِزَيْدٍ وَأَضَفْت ) الْخُلْعَ ( إلَيْهِ ) فَأَنْكَرَ ( تَحَالَفَا ) لِأَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَبَضَتْهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ ( وَإِنْ قَالَتْ لَمْ أُضِفْ إلَيْهِ ) الْخُلْعَ ( لَكِنْ نَوَيْت ) هـ لَهُ فَأَنْكَرَ أَصْلَ الْوَكَالَةِ أَوْ نِيَّةَ الْإِضَافَةِ بَلْ أَوْ صَدَّقَهَا فِيهَا ( طُولِبَتْ ) لِتَعَلُّقِ الْعَهْدِ بِالْوَكِيلِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( طَلَّقَهَا بِأَلْفٍ وَأَرْضَعَتْ بِلَبَنِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِلْأَصْلِ بِنْتَهَا ( زَوْجَتَهُ الصَّغِيرَةَ ) وَاخْتَلَفَا ( فَقَالَ الْخُلْعُ سَابِقٌ ) عَلَى الْإِرْضَاعِ فَعَلَيْك الْمَالُ وَقَالَتْ بَلْ لَيْسَ بِسَابِقٍ عَلَيْهِ فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ لَغْوٌ ( فَإِنْ عَيَّنَا يَوْمَ الْإِرْضَاعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا ) بِيَمِينِهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَقَدُّمِ الْخُلْعِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنَا يَوْمَ الْإِرْضَاعِ سَوَاءٌ أَعَيَّنَا يَوْمَ الْخُلْعِ أَمْ لَا ( فَقَوْلُهُ ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ النِّكَاحِ وَعَدَمُ الرَّضَاعِ يَوْمَ الْخُلْعِ وَلِأَنَّ اشْتِغَالَهُمَا بِالْخُلْعِ ظَاهِرٌ فِي بَقَاءِ النِّكَاحِ كَمَا لَوْ خَالَعَهَا ثُمَّ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَهُ ثَلَاثًا .
( وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ الْمُخَالِعُ أَكْرَهْتهَا ) عَلَى الْخُلْعِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ كُنْت مُكْرَهَةً وَهِيَ أَعَمُّ ( فَأَنْكَرَتْ رَدَّ ) عَلَيْهَا ( الْمَالَ ) لِإِقْرَارِهِ ( وَلَا رَجْعَةَ ) لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِكْرَاهِ ( وَكَذَا إنْ قَالَتْ أَكْرَهَتْنِي ) عَلَى الْخُلْعِ ( فَأَنْكَرَ وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً ) بِذَلِكَ لَزِمَهُ رَدُّ الْمَالِ لِبُطْلَانِ الْخُلْعِ وَلَا رَجْعَةَ لَهُ لِاعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ ( فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْإِنْكَارِ ) بِأَنْ سَكَتَ ( أَوْ كَانَ الْمُنْكِرُ وَكِيلَهُ فَلَهُ الرَّجْعَةُ ) بِعَدَمِ اعْتِرَافِهِ بِالْبَيْنُونَةِ أَمَّا إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ وَيَلْزَمُهَا الْمَالُ

( فَصْلٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَرْعٌ لَوْ ( خَالَعَهَا بِثَوْبٍ ) مَثَلًا أَصْدَقَهُ لَهَا ( لَمْ يَسْقُطْ صَدَاقُهَا ) مِنْهُ عِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْخُلْعُ عَلَى عَيْنِ الصَّدَاقِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهَا مِنْهُ وَبَعْدَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الزَّوْجِ مِنْ نِصْفِهِ عِنْدَنَا انْتَهَى فَفِي الْأَوَّلِ حَقُّهَا بَاقٍ فِي الْعَيْنِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِفَسَادِ الْخُلْعِ وَفِي الثَّانِي يَسْقُطُ حَقُّهَا مِنْ الْعَيْنِ وَيَلْزَمُهَا لَهُ بَدَلُ نِصْفِهَا .
( وَلَيْسَ لَهُ خُلْعُ زَوْجَةِ وَلَدِهِ ) الطِّفْلِ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ الْفِرَاقَ إنَّمَا يَمْلِكُهُ الزَّوْجُ ( وَقَدْ سَبَقَ حُكْمُ مَنْ أَبْرَأَتْ ) زَوْجَهَا ( مِنْ صَدَاقِهَا ثُمَّ خَالَعْت بِهِ ) فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْخُلْعَ ( وَلَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي أَبْرَأَتْك عَنْ صَدَاقِي أَوْ فَأَنْت بَرِيءٌ مِنْهُ فَطَلَّقَ أَوْ خَالَعَ حَامِلًا بِنَفَقَةِ عِدَّتِهَا لَمْ يَبْرَأْ ) لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْإِبْرَاءِ فِي الْأُولَيَيْنِ وَالتَّسْمِيَةَ فِي الثَّالِثَةِ بَاطِلَانِ ( وَطَلَقَتْ ) بَائِنًا ( بِمَهْرِ الْمِثْلِ ) لِعَدَمِ حُصُولِ الْمُسَمَّى فِي الْأُولَيَيْنِ وَفَسَادُهُ فِي الثَّالِثَةِ ( وَالْخُلْعُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى وَلَدِهِ سَنَةً ) مَثَلًا ( كُلُّ يَوْمٍ كَذَا فَاسِدٌ ) لِلْجَهْلِ بِالْمُسَمَّى فَتَبِينُ بِمَهْرِ الْمِثْلِ ( وَلَعَلَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَوْفِ صِفَةَ الْمُسْلَمِ ) فَإِنْ اسْتَوْفَاهَا صَحَّ الْخُلْعُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَدْ قَدَّمَ كَأَصْلِهِ الْمَسْأَلَةَ آخِرَ الْبَابِ الثَّانِي فِي أَرْكَانِ الْخُلْعِ ( وَمَنْ خُولِعَتْ بِحَضَانَةِ وَلَدِهَا ) مِنْهُ ( سَنَةً ) مَثَلًا ( فَتَزَوَّجَتْ ) فِي أَثْنَائِهَا ( لَمْ يُنْزَعْ ) مِنْهَا لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ لَازِمٌ ( وَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى ) ثَوْبٍ ( هَرَوِيٌّ ) وَوَصَفَهُ ( بِصِفَاتِ السَّلَمِ فَأَعْطَتْهُ مَرْوِيًّا لَمْ يَجُزْ ) أَخْذُهُ ( إلَّا بِوَجْهِ ) .
وَفِي نُسْخَةٍ عَلَى وَجْهِ ( الِاسْتِبْدَالِ ) بِأَنْ يَجْعَلَهُ بَدَلًا عَمَّا عَلَيْهَا فَيَقْبَلَهُ الزَّوْجُ فَيَجُوزَ كَالِاسْتِبْدَالِ عَنْ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَصِفْهُ

بِمَا ذُكِرَ فَالْوَاجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ إلَّا بِوَجْهِ الِاسْتِبْدَالِ أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ بِصِفَاتِ السَّلَمِ لَشَمَلَهُ وَكَانَ أَخْصَرَ ( وَإِنْ قَالَتْ لَهُ أَنْت ) بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي ( فَطَلِّقْنِي بَرِئَ ) مِنْهُ ( وَلَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا قَصَدَتْ جَعْلَ الْإِبْرَاءِ عِوَضًا عَنْ الطَّلَاقِ وَلِذَلِكَ تَرَتَّبَ سُؤَالُ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْتَ بَرِيءٌ عَنْ صَدَاقِي ( وَإِنْ قَالَتْ خَالَعْتكِ بِصَدَاقِي الَّذِي فِي ذِمَّتِك فَأَنْكَرَ وَحَلَفَ سَقَطَ ) عَنْهُ ( صَدَاقُهَا بِخِلَافِ قَوْلِهَا اشْتَرَيْت دَارَك بِهِ ) فَأَنْكَرَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ لِأَنَّ ذِمَّةَ الزَّوْجِ إذَا بَرِئَتْ مِنْهُ لَا يُمْكِنُ اشْتِغَالُهَا بِهِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ إذْ قَدْ تَخْرُجُ الدَّارُ مُسْتَحَقَّةً أَوْ تُرَدُّ بِعَيْبٍ أَوْ تَتْلَفُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَعُودُ الصَّدَاقُ ( وَإِنْ ادَّعَى خُلْعَهَا ) فَأَنْكَرَتْ ( فَحَلَفَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا لَزِمَهُ الْحَدُّ ظَاهِرًا دُونَهَا ) لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا فِي نِكَاحِهِ ( لَا بَاطِنًا إنْ كَذَبَ ) .
فَإِنْ صَدَقَ لَزِمَهُ الْحَدُّ بَاطِنًا أَيْضًا ( وَلَوْ قَالَ ) لَهَا ( أَنْت طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ إحْدَاهُمَا بِأَلْفٍ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فَوْرًا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْعِوَضِ وَقِيلَ لَا تَقَعُ إلَّا بِقَوْلِهَا وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَتَقَعُ الْأُخْرَى بِالْأَلْفِ إنْ قَبِلَتْ وَهِيَ مَدْخُولٌ بِهَا ) فَالْأُولَى رَجْعِيَّةٌ وَالثَّانِيَةُ بَائِنٌ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ أَوْ قَبِلَتْ وَهِيَ غَيْرُ مَدْخُولٍ بِهَا ( فَلَا ) تَقَعُ الْأُخْرَى لِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْأُولَى وَلِبَيْنُونَتِهَا بِالطَّلْقَةِ الْأُولَى فِي الثَّانِيَةِ

قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَتْ أَنْتَ بَرِيءٌ ) أَيْ أَوْ أَبْرَأْتُك ( قَوْلُهُ مِنْ صَدَاقِي فَطَلِّقْنِي ) أَوْ قَالَ الزَّوْجُ إنْ أَبْرَأْتنِي مِنْ صَدَاقِك طَلَّقْتُك فَقَالَتْ أَبْرَأْتُك ( قَوْلُهُ لَوْ قَالَ إنْ بَرِئْت مِنْ مَهْرِك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَأَبْرَأَتْهُ وَقَدْ أَقَرَّتْ بِهِ لِشَخْصٍ تَطْلُقُ ) وَلَوْ قَالَ رَجُلٌ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ وَعَلَيَّ تَمَامُ الْبَرَاءَةِ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ شَرْطًا لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إلَّا بِوُجُودِ الْبَرَاءَةِ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ بِأَنَّهُ يَكُونُ شَرْطًا عَلَى الْمُخْتَارِ سِيَّمَا إذَا قَالَ أَرَدْت بِهِ الشَّرْطَ فَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حُكْمُهُ حُكْمُ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ أَجَابَ الْأَصْبَحِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ كَمَا لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي وَأَنْت بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ قَوْلَهَا فِي الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ صَدَاقِي جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَهِيَ قَيْدٌ فِي تَطْلِيقِهِ إيَّاهَا وَهُوَ مَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ إذْ الْحَالُ مُقَيَّدَةٌ كَالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْخُلْعَ بِهِ يَقْتَضِي سُقُوطَهُ بِالْكُلِّيَّةِ إلَخْ ) قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَأَوْضَحُ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنَّ الدَّارَ بِمُقْتَضَى قَوْلِهَا مَنَعَهَا ظُلْمًا فَتَرْجِعُ إلَى بَدَلِهَا وَهُوَ الثَّمَنُ لَكِنْ بِطَرِيقِ الْفَسْخِ لِتَعَذُّرِ الْعِوَضِ أَوْ الِانْفِسَاخِ لِأَنَّ إنْكَارَهُ كَإِتْلَافِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ تَأْخُذُ الْقِيمَةَ لِلْحَيْلُولَةِ فِي مِثْلِهِ خِلَافٌ وَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِيمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الدَّارِ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ الْجَمِيعِ عَلَى الثَّالِثِ وَهُوَ حَسَنٌ غ .

( كِتَابُ الطَّلَاقِ ) هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ عَقْدِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَنَحْوِهِ وَعَرَّفَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ يُحْدِثُهُ بِلَا سَبَبٍ فَيَقْطَعُ النِّكَاحَ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْكِتَابُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ } وَقَوْلِهِ { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وَالسُّنَّةُ كَقَوْلِهِ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ لِي رَاجِعْ حَفْصَةَ فَإِنَّهَا صَوَّامَةٌ قَوَّامَةٌ وَإِنَّهَا زَوْجَتُك فِي الْجَنَّةِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَوْلِهِ { لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ( وَفِيهِ أَبْوَابٌ ) سِتَّةٌ ( الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ ) إثْبَاتًا وَنَفْيًا ( وَ ) فِي ( غَيْرِهِمَا وَفِيهِ طَرَفَانِ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا ) فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ وَلَا فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ ( لَيْسَتْ بِحَامِلٍ وَلَا صَغِيرَةٍ وَلَا آيِسَةٍ ) وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ وَعَدَمَ النَّدَمِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى { إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } أَيْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَشْرَعْنَ فِيهِ فِي الْعِدَّةِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّ ابْنَ عُمَرَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ فَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ } ( وَالْبِدْعِيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا بِلَا عِوَضٍ مِنْهَا فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ ) وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ وَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ وَذَلِكَ لِمُخَالَفَتِهِ قَوْله تَعَالَى {

فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } وَزَمَنُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يُحْسَبُ مِنْ الْعِدَّةِ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ ( أَوْ ) فِي ( طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ فِيهِ وَلَوْ ) كَانَ الْجِمَاعُ أَوْ الِاسْتِدْخَالُ ( فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ ) ( إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ حَمْلُهَا ) وَكَانَتْ مِمَّنْ قَدْ تَحْبَلُ لِأَدَائِهِ إلَى النَّدَمِ عِنْدَ ظُهُورِ الْحَمْلِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ قَدْ يُطَلِّقُ الْحَائِلَ دُونَ الْحَامِلِ وَعِنْدَ النَّدَمِ قَدْ لَا يُمْكِنُهُ التَّدَارُكُ فَيَتَضَرَّرُ هُوَ وَالْوَلَدُ وَلِأَنَّ عِدَّتَهَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا تَكُونُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ وَلَوْ كَانَتْ حَائِلًا تَكُونُ بِالْأَقْرَاءِ وَرُبَّمَا يَلْتَبِسُ الْأَمْرُ وَتَبْقَى مُرْتَابَةً فَلَا يَتَهَيَّأُ لَهَا التَّزَوُّجُ .
وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الْحَيْضِ بِالْجِمَاعِ فِي الطُّهْرِ لِاحْتِمَالِ الْعُلُوقِ فِيهِ وَكَوْنِ بَقِيَّتِهِ مِمَّا دَفَعَتْهُ الطَّبِيعَةُ أَوَّلًا وَتَهَيَّأَ لِلْخُرُوجِ وَأَلْحَقُوا الْجِمَاعَ فِي الدُّبُرِ بِالْجِمَاعِ فِي الْقُبُلِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ وَوُجُوبِ الْعِدَّةِ بِهِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَلَوْ فِي حَيْضٍ أَنَّ مَا قَبْلَهُ شَامِلٌ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ أَوْ قَالَ أَوْ حِيضَ قَبْلَهُ كَانَ أَوْلَى وَكَأَنَّهُ غَلَّبَ قَوْلَهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ عَلَى ذَلِكَ ( وَكَذَا ) طَلَاقُ ( مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ ) فَإِنَّهُ يُدْعَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ هَذَا إذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ سُؤَالِهَا وَإِلَّا فَيُتَّجَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِبِدْعِيٍّ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهَا بِسُؤَالِهَا مُسْقِطَةٌ لَحَقِّهَا مِنْ الْقَسْمِ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا

( كِتَابُ الطَّلَاقِ ) ( قَوْلُهُ بِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ مَمْلُوكٌ لِلزَّوْجِ إلَخْ ) فَلَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْأَجْنَبِيِّ بِغَيْرِ نِيَابَةٍ شَرْعِيَّةٍ أَوْ قَوْلِيَّةٍ لَا بِالتَّنْجِيزِ وَلَا بِالتَّعْلِيقِ ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي السُّنِّيِّ وَالْبِدْعِيِّ ) قَالَ شَيْخُنَا قَدْ قَسَّمَ الْأَصْحَابُ الطَّلَاقَ إلَى وَاجِبٍ كَطَلَاقِ الْمَوْلَى وَطَلَاقِ الْحَكَمَيْنِ فِي الشِّقَاقِ إذَا رَأَيَاهُ وَإِلَى مُسْتَحَبٍّ كَمَا إذَا كَانَ يُقَصِّرُ فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَفِيفَةٍ أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ وَإِلَى مَحْظُورٍ كَطَلَاقِ الْبِدْعَةِ وَإِلَى مَكْرُوهٍ وَهُوَ عِنْدَ اسْتِقَامَةِ الْحَالِ قَالُوا وَلَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ وَأَشَارَ الْإِمَامُ إلَى جَوَازِهِ إذَا كَانَ لَا شَهْوَةَ لَهُ وَلَا تَسْمَحُ نَفْسُهُ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ حُصُولٍ فَإِنَّهُ لَا يُكْرَهُ طَلَاقُهَا ( قَوْلُهُ فَالسُّنِّيُّ طَلَاقُ مَدْخُولٍ بِهَا ) وَلَوْ بِوَطْءٍ فِي دُبُرِهَا وَمِثْلُهُ اسْتِدْخَالُهَا مَاءَهُ الْمُحْتَرَمَ ( قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَامِلٍ إلَخْ ) وَلَا حَالَةٍ يَسْتَعْقِبُ الطَّلَاقَ الشُّرُوعُ فِي الْعِدَّةِ إلَّا أَنْ يُجَامِعَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي طَلَّقَ فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ الْحَمْلُ قَوْلُهُ فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ) الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِهَا فِي الْحَدِيثِ أَمْرُ نَدْبٍ وَالْقَرِينَةُ عَلَى كَوْنِهِ أَمْرًا لَامُ الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فَلْيُرَاجِعْهَا لِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ لَفْظَ مُرْهُ وَالْفَاءَ وَقِيلَ لِيُرَاجِعْهَا لَكَانَ أَمْرًا لِلْغَائِبِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرْهُ مُرَادٌ بِهِ الْأَمْرُ مِنْ قِبَلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ قَالُوا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَلِكِ لِوَزِيرِهِ قُلْ لِفُلَانٍ يَفْعَلْ كَذَا أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ الْمَلِكِ وَالْقَرِينَةُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ مُبْلِغٌ لِأَمْرِ الْمَلِكِ وَمِثْلُهُ يَأْتِي هَا هُنَا .
( قَوْلُهُ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ ) إذَا لَمْ يَسْتَعْقِبْ الطَّلَاقَ الْعِدَّةُ أَوْ كَانَ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ أَوْ فِي الْحَيْضِ قَبْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ

الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْعَالِمِ بِحَالِهَا وَبِتَحْرِيمِ طَلَاقِهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ تَصْرِيحًا .
ا هـ .
وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ نَحْوَهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبِدْعِيِّ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ فِي عِدَّةِ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ ) بِنَاءً عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ اسْتِئْنَافُهَا الْعِدَّةَ ( قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ تَضَرُّرُهَا بِطُولِ مُدَّةِ التَّرَبُّصِ ) وَلَا يَمْنَعُ تَحْرِيمُهُ وُقُوعَهُ لِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ مَبْنِيٍّ عَلَى التَّغْلِيبِ فَلَا يَمْنَعُهُ تَضَرُّرُ الْمَمْلُوكِ كَالْعِتْقِ ( قَوْلُهُ أَوْ اسْتَدْخَلَتْ مَاءَهُ ) أَيْ الْمُحْتَرَمَ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ عَلَى رَأْيٍ ) أَيْ مَرْجُوحٍ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ فَيَجُوزُ هُنَا قَطْعًا ) أَيْ إنْ قُلْنَا بِالْمَرْجُوحِ الْمَارِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ هُنَا الْجَزْمُ بِالْجَوَازِ فِيمَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً وَقَالَ لَهَا سَيِّدُهَا إنْ طَلَّقَك الزَّوْجُ الْيَوْمَ فَأَنْت حُرَّةٌ فَسَأَلَتْهُ ذَلِكَ لِأَجَلٍ الْعِتْقِ بَلْ يَتَّجِهُ هَذَا فِيمَا لَوْ كَانَتْ حَائِضًا .
وَالصُّورَةُ مَا ذَكَرْنَاهُ فَسَأَلَتْهُ لِلْخَلَاصِ مِنْ الرِّقِّ إذْ دَوَامُهُ أَضُرُّ بِهَا مِنْ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ وَقَدْ لَا يَسْمَحُ بِهِ السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَمُوتُ فَيَدُومُ أَسْرُهَا بِالرِّقِّ وَقَدْ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ أَعْتَقَ أُمَّ وَلَدِهِ فِي الْحَيْضِ لَمْ يَكُنْ بِدْعِيًّا وَإِنْ طَالَ الِاسْتِبْرَاءُ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ قَصَدَ خَلَاصَهَا مِنْ أَصْلِ الرِّقِّ وَأَنْعَمَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ

( أَمَّا الصَّغِيرَةُ وَالْحَامِلُ ) مِنْ الْمُطَلِّقِ ( وَلَوْ حَاضَتْ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ وَالْمُخْتَلِعَةُ فَلَا بِدْعَةَ لَهُنَّ وَلَا سُنَّةَ ) لِانْتِقَاءِ مَا ذُكِرَ فِيهِمَا وَلِأَنَّ افْتِدَاءَ الْمُخْتَلِعَةِ يَقْتَضِي حَاجَتَهَا إلَى الْخَلَاصِ بِالْفِرَاقِ وَرِضَاهَا بِطُولِ التَّرَبُّصِ وَأَخْذَهُ الْعِوَضَ يُؤَكِّدُ دَاعِيَةَ الْفِرَاقِ وَيُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَالْحَامِلُ وَإِنْ تَضَرَّرَتْ بِالطُّولِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ فَقَدْ اسْتَعْقَبَ الطَّلَاقَ شُرُوعُهَا فِي الْعِدَّةِ .
قَالَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَدْ تُضْبَطُ الْأَقْسَامُ عَلَى الْإِبْهَامِ بِأَنْ يُقَالَ الطَّلَاقُ إنْ حَرُمَ إيقَاعُهُ فَبِدْعِيٌّ وَإِلَّا فَسُنِّيٌّ فِي حَقِّ مَنْ يَعْتَوِرُهَا التَّحْرِيمُ وَلَيْسَ بِسُنِّيٍّ وَلَا بِدْعِيٍّ فِي غَيْرِهَا
( قَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمَمْسُوسَةِ وَالْآيِسَةُ ) أَيْ وَالْمُتَحَيِّرَةُ

( وَقَدْ يَجِبُ الطَّلَاقُ فِي الْإِيلَاءِ ) عَلَى الْمُوَلَّى ( وَ ) فِي ( الشِّقَاقِ ) عَلَى الْحَكَمَيْنِ ( إذَا أَمَرَ ) الْمُطَلِّقُ ( بِهِ فَلَا بِدْعَةَ فِيهِ ) لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ مَعَ رِضَا الزَّوْجَةِ بِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأَوْلَى وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَجُهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ وَهُوَ غَيْرُ مَلْجَأٍ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ فِيهَا الْوُجُوبُ الْمُخَيَّرُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا إمَّا الطَّلَاقُ أَوْ الْفَيْئَةُ أَوْ الْوُجُوبُ الْعَيْنِيُّ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ عُذْرٌ شَرْعِيٌّ كَإِحْرَامٍ .
( قَوْلُهُ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمُرَادُهُ يَعْنِي الرَّافِعِيَّ الْفَيْئَةُ بِاللِّسَانِ إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي الْحَيْضِ .
ا هـ .
فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ فَالْحُكْمُ مِنْ حَيْثُ هَؤُلَاءِ يَتَقَيَّدُ بِفَيْئَةِ اللِّسَانِ بَلْ لَا تَكْفِي فِيمَا إذَا طَلَبَتْ فِي طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَظْهَرْ الْحَمْلُ .
( قَوْلُهُ بِحَمْلِ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ بِأَنْ قَامَ بِالزَّوْجِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الطَّلَاقَ قَدْ يَتَعَيَّنُ كَمَا لَوْ آلَى ثُمَّ غَابَ أَوْ آلَى وَهُوَ غَائِبٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ فَوَكَّلَتْ فِي الْمُطَالَبَةِ فَذَهَبَ وَكِيلُهَا إلَى قَاضِي الْبَلَدِ الَّذِي فِيهِ الزَّوْجُ وَطَالَبَهُ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَأْمُرُهُ بِالْفَيْئَةِ بِاللِّسَانِ فِي الْحَالِ وَبِالسَّيْرِ إلَيْهَا أَوْ بِحَمْلِهَا إلَيْهِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ إمْكَانِ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ أَسِيرُ إلَيْهَا لَمْ يُمَكَّنْ بَلْ يُجْبَرْ عَلَى الطَّلَاقِ عَيْنًا .
ا هـ .

( وَيُسْتَحَبُّ الطَّلَاقُ لِخَوْفِ تَقْصِيرِهِ ) فِي حَقِّهَا لِبُغْضٍ أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ لِعَدَمِ عِفَّتِهَا ) بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ طَلَاقَ الْوَلَدِ إذَا أَمَرَهُ بِهِ وَالِدُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا أَمَرَهُ بِهِ لَا لِتَعَنُّتٍ وَنَحْوِهِ ( وَيُكْرَهُ عِنْدَ سَلَامَةِ الْحَالِ ) لِخَبَرِ { لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ } .
( قَوْلُهُ بِأَنْ لَا تَكُونَ عَفِيفَةً ) أَوْ تَارِكَةً لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ وَاجِبِ الدِّينِ أَوْ كَانَتْ تُؤْذِي أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدَهُمَا أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةً لِمَالِهِ أَوْ يَخَافُ مِنْ الْقَالَةِ لِبُرُوزِهَا وَتَبَرُّجِهَا وَنَحْوِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَخْشَ فُجُورَهَا أَوْ بَانَ كَوْنُهَا عَقِيمًا

( وَلَوْ سَأَلَتْهُ ) الطَّلَاقَ ( بِلَا عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فِي زَمَنِ الْبِدْعَةِ حَرُمَ ) إذْ لَا تُعْلَمُ بِذَلِكَ حَاجَتُهَا إلَى الْخَلَاصِ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خَلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ أَخْذَهُ الْعِوَضَ يُبْعِدُ احْتِمَالَ النَّدَمِ وَلَيْسَ فِيهِ تَطْوِيلُ عِدَّةٍ عَلَيْهَا .
قَوْلُهُ نَعَمْ قَدْ يُقَالُ خُلْعُهُ فِي الطُّهْرِ الْمَذْكُورِ جَائِزٌ إلَخْ ) بَلْ هُوَ حَرَامٌ قَطْعًا فَقَدْ قَالَ إبْرَاهِيمُ الْمَرْوَزِيِّ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا إذَا سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ فِيهِ وَمَا لَمْ تَسْأَلْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ فِيهِ لِحَقِّهَا وَقَدْ رَضِيَتْ فَسَقَطَ وَهَاهُنَا الْبِدْعَةُ لِحَقِّ الْوَلَدِ فَلَا يَسْقُطُ حَقُّهُ بِرِضَاهَا

( فَرْعٌ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَلَّقَ بِدْعِيًّا أَنْ يُرَاجِعَ ) مُطَلَّقَتُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ الطُّهْرُ الثَّانِي لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ السَّابِقِ وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ بَقِيَّةُ صُوَرِ الْبِدْعِيِّ وَإِنَّمَا لَمْ يُوجِبُوا الرَّجْعَةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجِبُ قَالَ الْإِمَامُ وَمَعَ اسْتِحْبَابِ الرَّجْعَةِ لَا نَقُولُ إنَّ تَرْكَهَا مَكْرُوهٌ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيَنْبَغِي كَرَاهَتُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ فِيهَا وَلِدَفْعِ الْإِيذَاءِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفُ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَدْ صَرَّحَ فِيمَا قَالَهُ بِإِجْمَاعِ أَصْحَابِنَا وَالِاسْتِنَادُ إلَى الْخَبَرِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِيهِ ( فَإِنْ رَاجَعَ وَالْبِدْعَةُ لِحَيْضٍ فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِي الطُّهْرِ مِنْهُ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِئَلَّا يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْ الرَّجْعَةِ مُجَرَّدَ الطَّلَاقِ وَكَمَا يُنْهَى عَنْ النِّكَاحِ لِمُجَرَّدِ الطَّلَاقِ يُنْهَى عَنْ الرَّجْعَةِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الْوَطْءُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ التَّمَتُّعِ ( أَوْ ) رَاجَعَ وَ ( كَانَتْ الْبِدْعَةُ لِطُهْرٍ جَامَعَهَا فِيهِ ) أَوْ فِي حَيْضٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يَبِنْ حَمْلُهَا ( وَوَطِئَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ ) فِيهِ ( فَلَا بَأْسَ بِطَلَاقِهَا فِي الطُّهْرِ الثَّانِي وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يُرَاجِعْهَا إلَّا بَعْدَ الطُّهْرِ أَوْ رَاجَعَهَا فِيهِ وَلَمْ يَطَأْهَا ( اُسْتُحِبَّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ ) أَيْ فِي الطُّهْرِ الثَّانِي لِئَلَّا تَكُونَ الرَّجْعَةُ لِلطَّلَاقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَنْ طَلَّقَ غَيْرَ مَنْ لَمْ تَسْتَوْفِ دَوْرَهَا مِنْ الْقَسْمِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَّقَ هَذِهِ لِلُزُومِ الرَّجْعَةِ لَهُ لِيُوَفِّيَهَا حَقَّهَا .

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70