كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ يَشْهَدُ لِلْمُشْتَرِي إذَا ادَّعَى الشِّرَاءَ ثُمَّ تَثْبُتُ الشُّفْعَةُ تَبَعًا وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي الْوَلَدِ وَالْوَالِدِ وَلَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ أُطْلِقَ فَكَالشَّرِيكِ وَإِنْ قُيِّدَ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا مِمَّا يَمْلِكُهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ قُبِلَ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا غ وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ ) كَذَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِمَّا يُضَارِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ لِحُلُولِ دَيْنِهِ وَتَقَدَّمَهُ عَلَى الْحَجْرِ أَمْ لَا وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ فِيمَا شَهِدَ بِهِ لِتَأْجِيلِ دَيْنِهِ أَوْ لِأَنَّهُ عَامَلَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَالِمًا بِحَالِهِ أَوْ شَهِدَ لَهُ بِعَيْنٍ هِيَ رَهْنٌ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ يَسْتَغْرِقُهَا دَيْنُهُ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ عَوْدِ النَّفْعِ إلَيْهِ غَالِبًا غ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يُضَارِبْ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فِيمَا يَتَصَرَّفُ فِيهِ ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ بَاعَ وَكِيلٌ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ لِمُوَكِّلِهِ بِأَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي ذَلِكَ الْبَيْعِ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ فِي بَابِ الْحِيَلِ الْمُبَاحَةِ انْتَهَى وَصُورَتُهَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يُسَلِّمْ الْمَبِيعَ أَوْ سَلَّمَهُ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ أَوْ بِإِجْبَارِ حَاكِمٍ يَرَاهُ وَقَوْلُهُ قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَضَامِنٍ شَهِدَ بِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ ) أَيْ بِأَدَاءٍ أَوْ إبْرَاءٍ أَوْ بِجَرَيَانِ شَرْطٍ يُفْسِدُ الْبَيْعَ الَّذِي ضَمِنَ الثَّمَنَ فِيهِ أَوْ بِاسْتِحْقَاقِ أَجْنَبِيٍّ

لِلْمَبِيعِ وَكَّلَ مَا يُخْرِجُ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ الضَّمَانِ وَكَتَبَ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ مَنْ ضَمِنَ عَنْهُ فِي مَعْنَاهُ مَنْ ضَمِنَهُ عَبْدُهُ أَوْ مُكَاتَبُهُ أَوْ غَرِيمٌ لَهُ مَيِّتٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِفَلَسٍ وَمَنْ ضَمِنَهُ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ .
( قَوْلُهُ وَشَهَادَةِ شَرِيكٍ يَشْهَدُ لِشَرِيكِهِ فِيمَا هُوَ شَرِيكُهُ فِيهِ ) لَوْ شَهِدَ لِمُبَعَّضٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ فَكَمَا لَوْ شَهِدَ لِشَرِيكِهِ بِمُشْتَرَكٍ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ كَانَ بَاقِيهِ حُرًّا وَبَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ وَكَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مِمَّا يَكُونُ لِذِي النَّوْبَةِ هَلْ يُقَالُ إنْ كَانَ فِي نَوْبَةِ الْعَبْدِ قُبِلَ وَإِلَّا فَلَا وَقَوْلُهُ هَلْ يُقَالُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَالْمُتَّجَهُ حَمْلُ ذَلِكَ كُلِّهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَتُرَدُّ شَهَادَةِ وَارِثٍ بِجَرْحِ مُوَرِّثِهِ ) أَيْ وَهُوَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُفْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ فَلَوْ شَهِدَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ وَهُوَ مَحْجُوبٌ عَنْ الْإِرْثِ بِغَيْرِهِ ثُمَّ صَارَ وَارِثًا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِ لَمْ يَقْضِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ لَمْ يُنْقَضْ وَاسْتَثْنَى ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ كَالْفَارِقِيِّ مَنْ مَنَعَ قَبُولَ شَهَادَةِ الْوَارِثِ بِالْجَرْحِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ مَا لَوْ كَانَ عَلَى الْمَجْرُوحِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ أَرْشَ الْجِرَاحَةِ وَلَا مَالَ لَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَلِأَنَّ صَاحِبَ الدَّيْنِ قَدْ يُبْرِئُ مِنْهُ ع وَهُوَ مُتَّجَهٌ إذَا كَانَ مُتَعَذِّرَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ كَالزَّكَاةِ وَمَالِ وَقْفٍ عَامٍّ فَلَوْ كَانَ الْجَرْحُ مِمَّا لَا يَسْرِي إلَى النَّفْسِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ ع وَخَرَجَ بِذَلِكَ مَا لَوْ شَهِدَ بِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لِإِيقَاعِ عِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ قِيَامِ عُذْرٍ لِلْمَجْرُوحِ فِي تَرْكِ حُضُورِ وَظِيفَةٍ أَوْ مَجْلِسِ حُكْمٍ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ( قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِمَالٍ لَهُ وَلَوْ وَهُوَ مَرِيضٌ إلَخْ ) فَلَوْ مَاتَ

الْمَشْهُودُ لَهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَخَذَ الْوَارِثُ الْمَالَ أَوْ قَبْلَهُ فَلَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ( قَوْلُهُ وَمَنْ أَوْصَى لَهُ ) أَوْ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لِمَ لَا يُقَالُ إلَخْ ) يَلْزَمُ مِمَّا قَالَهُ تَبْعِيضُ الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى الْمَوْتِ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ ( قَوْلُهُ وَلَوْ فُقَرَاءَ ) لَا أَبَاعِدَ ( قَوْلُهُ وَدَيْنٍ عَلَى الْمُفْلِسِ ) اسْتَثْنَى مِنْهُ الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ لِلْغَرِيمِ الشَّاهِدِ رَهْنٌ بِدَيْنِهِ وَلَا مَالَ لِلْمُفْلِسِ غَيْرُهُ أَوْ لَهُ مَالٌ وَيَقْطَعُ بِأَنَّ الرَّهْنَ يُوفِي الدَّيْنَ الْمَرْهُونَ بِهِ فَتُقْبَلُ لِفَقْدِ ضَرَرِ الْمُزَاحَمَةِ وَقَالَ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ وَالْقَوَاعِدُ تَقْتَضِيهِ وَقَوْلُهُ اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ بِوَصِيَّةٍ لِمَنْ شَهِدَ لَهُ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى هَذَيْنِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَلْفٍ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا جَازَتْ الشَّهَادَتَانِ وَثَبَتَ الْأَلْفَانِ قَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ شَهِدَ فَقِيرَانِ بِأَنَّ لَهُ هَذَا الْمَالَ مِنْ أَوَّلِ الْحَوْلِ إلَخْ فَإِنْ كَانَ مِنْ جِيرَانِ الْمَالِكِ لَا تُقْبَلُ لِلتُّهْمَةِ وَإِنْ كَانَا بِعِيدَيْنِ فَوَجْهَانِ خَوْفًا مِنْ التُّهْمَةِ بِأَنْ تَئُولَ الصَّدَقَةُ إلَيْهِمَا قُلْت وَالْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ الْقَبُولُ وَيَظْهَرُ أَنَّ مَوْضِعَ الْقَطْعِ بِالْمَنْعِ فِيمَا إذَا كَانَ فُقَرَاءُ الْبَلَدِ مَحْصُورِينَ وَأَوْجَبْنَا الِاسْتِيعَابَ أَمَّا فِي غَيْرِهَا فَيَظْهَرُ جَرَيَانُ خِلَافٍ فِيهِ غ .
( قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ أَخَذُوا مَالَ هَذَا ) وَلَيْسَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يَبْحَثَ عَنْهُمَا هَلْ هُمَا فِي الرُّفْقَةِ أَمْ لَا فَإِنْ بَحَثَ فَلَهُمَا أَنْ لَا يُجِيبَا وَأَنْ يَثْبُتَا عَلَى الشَّهَادَةِ قَوْلُهُ قُبِلَتْ ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الصَّرْفُ لَهُمَا ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ قَبُولُهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ

أَحَدُهُمَا نَعَمْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَوْجَهُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ أَنْ يَكُونُوا غَيْرَ مَحْصُورَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْوَقْفِ إذَا شُهِدَ لَهُ بِوَقْفِ كَذَا عَلَى جِهَتِهِ لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ بِسَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْهُ

( فَصْلٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلٍ ) وَإِنْ عَلَا ( لِفَرْعِهِ وَمُكَاتَبِ فَرْعِهِ وَمَا دُونَهُ ) وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ ( وَلَا بِالْعَكْسِ ) أَيْ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ فَرْعٍ وَإِنْ نَزَلَ لِأَصْلِهِ وَمُكَاتَبِ أَصْلِهِ وَمَا دُونَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهَا كَالشَّهَادَةِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الشُّهُودَ لَهُ بَعْضُهُ أَوْ كَبَعْضِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ تَتَضَمَّنَ شَهَادَتُهُ دَفْعَ ضَرَرٍ عَمَّنْ ذُكِرَ كَأَنْ يَشْهَدَ لِلْأَصِيلِ الَّذِي ضَمَّنَهُ بَعْضَهُ بِالْأَدَاءِ أَوْ الْإِبْرَاءِ نَعَمْ لَوْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ لَهُ بِهِ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِعُمُومِ الْمُدَّعَى بِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ عَلَى الْآخَرِ لَمْ يُقْبَلْ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِقَبُولِهَا لِأَنَّ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ قَدْ تَعَارَضَ فَيَظْهَرُ الصِّدْقُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ الْمُعَارِضَةِ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ الْجُمَّيْزِيِّ وَيُقَاسَ بِذَلِكَ بَقِيَّةُ الصُّوَرِ ( فَائِدَةٌ ) لَوْ شَهِدَ الْوَالِدُ لِوَلَدِهِ أَوْ الْعَدُوُّ عَلَى عَدُوِّهِ أَوْ الْفَاسِقُ بِمَا يَعْلَمُونَهُ مِنْ الْحَقِّ وَالْحَاكِمُ لَا يَشْعُرُ بِمَانِعِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ يَأْثَمُونَ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ بَلْ عَلَى إيصَالِ حَقٍّ إلَى مُسْتَحِقَّةِ وَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْخَصْمِ وَلَا عَلَى الشَّاهِدِ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَبِ بِتَطْلِيقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ وَقَذْفِهَا ) وَإِنْ جَرَّتْ نَفْعًا إلَى أُمِّهِ إذْ لَا عِبْرَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَرِّ ( لَا ) شَهَادَتُهُ ( لِأُمِّهِ بِطَلَاقٍ ) أَوْ رَضَاعٍ ( إلَّا ) إنْ شَهِدَ بِهِ ( حِسْبَةً ابْتِدَاءً ) فَتُقْبَلُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ ابْتِدَاءً وَإِنْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ لَا تَكُونُ إلَّا ابْتِدَاءً ( وَتُرَدُّ شَهَادَةُ أَبٍ بِزِنَا زَوْجَةِ ابْنٍ ) لَهُ ( قَدْ قَذَفَهَا ابْنُهُ وَطُولِبَ بِالْحَدِّ وَإِنْ لَمْ

يُطَالَبْ ) بِهِ ( أَوْ لَمْ يَقْذِفْهُ ) هَا ( وَشَهِدَ ) أَبَاهُ بِذَلِكَ ( حِسْبَةً قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُ .
( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) شَخْصٌ لِزَيْدٍ وَفِي يَدِهِ عَبْدٌ ( اشْتَرَيْت هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي فِي يَدِك مِنْ عَمْرٍو وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك ) وَطَالَبَهُ بِالتَّسْلِيمِ فَأَنْكَرَ جَمِيعَ ذَلِكَ ( وَشَهِدَ لَهُ ) بِذَلِكَ ( ابْنَا عَمْرٍو ) أَوْ ابْنَا زَيْدٍ ( قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ تَضَمَّنَتْ إثْبَاتَ الْمِلْكِ لِأَبِيهِمَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا فِي الْحَالِ الْمُدَّعِي وَهُوَ أَجْنَبِيٌّ عَنْهَا ( وَلَوْ شَهِدَ لِوَالِدِهِ ) أَوْ نَحْوِهِ ( وَلِأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُ ( لِلْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ ) لِاخْتِصَاصِ الْمَانِعِ بِغَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ هَذَا لِوَالِدَيْ وَلِفُلَانٍ وَعَكْسُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَدِمَ الْأَجْنَبِيُّ فَإِنْ قَدِمَ الْآخَرُ فَيَحْتَمِلُ الْقَطْعَ بِالْبُطْلَانِ لِلْأَجْنَبِيِّ مِنْ جِهَةِ الْعَطْفِ عَلَى الْبَاطِلِ كَمَا لَوْ قَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ طَوَالِقُ وَأَنْتِ طَالِقٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ وَأَنْتِ طَالِقٌ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي وَهُوَ الْوَجْهُ .
( فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَعَلَيْهِ ) لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ فَلَا يَمْنَعُ قَبُولَهَا كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُ الْمُتَآجِرَيْنِ لِلْآخَرِ أَوْ عَلَيْهِ ( لَا شَهَادَتُهُ ) أَيْ الزَّوْجِ ( بِزِنَاهَا ) أَيْ بِزِنَا زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَعَ ثَلَاثَةٍ فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ عَلَيْهَا بِذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْعَدَاوَةِ بَيْنَهُمَا وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَالْمُودَعِ

( فَصْلٌ قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَصْلٍ لِفَرْعِهِ ) مَحِلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ ضِمْنِيًّا كَمَا سَيَأْتِي فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ مِنْ زَيْدٍ وَلَا عَامًّا كَأَنْ ادَّعَى السُّلْطَانُ عَلَى شَخْصٍ بِمَالٍ لِبَيْتِ الْمَالِ فَشَهِدَ بِذَلِكَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ قُبِلَتْ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَدْ ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَلَا مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلٌ كُلُّهُ لِأَصْلٍ أَوْ لِفَرْعٍ كَمَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا وَكَّلَ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ أَصْلُهُ أَوْ فَرْعُهُ فَتُقْبَلُ وِفَاقًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ الْقَبُولَ أَرْجَحُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ قُبِلَتْ عَلَيْهِمْ ) إنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ ( قَوْلُهُ الَّذِي ضَمِنَهُ بَعْضُهُ ) أَيْ بَعْضُ الشَّاهِدِ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لِأَحَدِ ابْنَيْهِ ) أَوْ أَبَوَيْهِ ( قَوْلُهُ لَمْ تُقْبَلْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْغَزَالِيُّ وَجَعَلَهُ أَصْلًا مَقِيسًا عَلَيْهِ ) وَقَدْ رَجَّحَ الشَّيْخَانِ مَنْعَ الْحُكْمِ بَيْنَ أَبِيهِ وَابْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَقْوَى الْجَزْمُ بِالْقَبُولِ إذَا شَهِدَا لِأَصْلٍ بَعِيدٍ عَلَى أَصْلٍ قَرِيبٍ وَكَذَا فِي الْفُرُوعِ وَلَا وَجْهَ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى ابْنِهِ لِابْنِ بِنْتِ بِنْتِهِ مَثَلًا وَعُلِمَ مِمَّا ذَكَرْته أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ تَزْكِيَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَلَا شَهَادَتُهُ لَهُ بِالرُّشْدِ سَوَاءٌ كَانَ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا وَإِنْ آخَذْنَاهُ بِإِقْرَارِهِ بِرُشْدِ مَنْ فِي حِجْرِهِ .
( فَرْعٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَاضِي حُسَيْنٍ لَوْ أَتَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ فَشَهِدَ أَبَاهُ مَعَ أَجْنَبِيٍّ أَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ وَلَدُهُ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ وَالْأَصَحُّ الْقَبُولُ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ وَلِأَنَّهُ شَهِدَ عَلَى ابْنِهِ وَإِنْ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الشَّهَادَةُ لِحَفِيدِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ صُورَتَهُ بَعْدَ دَعْوَى فَقَبْلَهَا يَنْبَغِي قَبُولُهَا قَطْعًا إذَا قَبِلْنَا شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ

فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْمُخْتَارُ جَوَازُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَمَا اخْتَارَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ وَصَرَّحَ شُرَيْحٌ بِنَقْلِ وَجْهَيْنِ فِي الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ لَكِنْ هَمَّا فِي وُجُوبِ الْأَدَاءِ عَلَيْهِمَا وَكَتَبَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا تَعَيَّنَ طَرِيقًا لِوُصُولِهِ إلَى حَقِّهِ وَإِلَّا فَيَمْتَنِعُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي كَلَامِ ابْنِ الْمُقْرِي مِنْ الْمَنْعِ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْمِلُوا الْحَاكِمَ عَلَى بَاطِلٍ إلَخْ ) فِي الْمَطْلَبِ تَعْلِيلًا لِحُكْمٍ وَلِهَذَا امْتَنَعَ عَلَى الشَّاهِدِ إذَا كَانَ فَاسِقًا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ حَمَلَ الْحَاكِمَ عَلَى الْبَاطِلِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَاكِمَ قَضَى بِالْحَقِّ فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّا نَقُولُ السَّبَبُ الَّذِي اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْقَضَاءُ إذَا كَانَ بَاطِلًا شَرْعًا كَانَ الْقَضَاءُ بَاطِلًا وَإِنْ صَادَفَ الْحَقَّ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْأَبِ بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى عَمِّهِ أَوْ أَبِيهِ بِقَتْلٍ يُوجِبُ الْقِصَاصَ أَوْ الزِّنَا وَهُوَ مُحْصَنٌ وَكَانَ وَارِثُهُ قَالَ الشَّيْخُ الْقَفَّالُ لَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ لِأَنَّهُ يَجُرُّ مِيرَاثَهُ .
ا هـ .
وَمَثَلُهُ مَا إذَا شَهِدَ بِرِدَّتِهِ أَوْ حِرَابَتِهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ وَقَوْلُهُ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ الْجَزْمُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَمْرٌو اشْتَرَاهُ مِنْك إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَا يَحْتَاجُ عِنْدِي لِهَذَا التَّصْوِيرِ بَلْ لَوْ ادَّعَى عَلَى زَيْدٍ أَنَّهُ بَاعَهُ فَشَهِدَ ابْنَاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا ( قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِهِ ) أَيْ مَنْ كُلُّ مَا تُرَدُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلتُّهْمَةِ إذَا جُمِعَتْ مَعَ مَا لَا تُرَدُّ فِيهِ الشَّهَادَةُ وَعِبَارَةُ الْمَجْمُوعِ وَلَوْ جَمَعَ فِي شَهَادَتِهِ بَيْنَ مَقْبُولٍ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبِيِّ ) قَالَ

الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا مَا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي مُشْتَرَكٍ بِحَيْثُ يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِمَا شَهِدَ لَهُ بِهِ فَأَمَّا فِي مُشْتَرَكٍ لَا يَنْفَرِدُ الْأَجْنَبِيُّ بِشَيْءٍ مِنْهُ كَالْإِرْثِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ الشَّهَادَةُ لِلْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ هَذَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَوْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ عِبَارَةُ الْأَصْحَابِ وَأَنْتِ يَا زَوْجَتِي ) وَكَذَا عَبَّرَ بِهِ فِي التَّكْمِلَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ يَطْرَأُ وَيَزُولُ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْإِخْوَةَ لَا تَمْنَعُ الشَّهَادَةَ مَعَ حُصُولِ النَّسَبِ فَالسَّبَبُ أَوْلَى ( قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُ بِزِنَاهَا ) وَلَا بِأَنَّ فُلَانًا قَذَفَهَا ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ نَسَبَهَا إلَى خِيَانَةٍ فِي حَقِّهِ ) فَأَشْبَهَ الشَّهَادَةَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِهِ

( فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ ) لَهُ وَإِنْ قُبِلَتْ لَهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ { لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ ذِي غِمْرٍ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ عَدُوٍّ حَقُودٍ عَلَى أَخِيهِ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَعَدُوُّ الْمَرْءِ مَنْ ( يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ وَيَحْزَنُ بِمَسَرَّتِهِ ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَيَخْتَصُّ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ عَلَى الْآخَرِ وَإِنْ أَفْضَتْ الْعَدَاوَةُ إلَى الْفِسْقِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ مُطْلَقًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ الظَّاهِرَةُ لِأَنَّ الْبَاطِنَةَ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ ( وَإِنْ عَادَى مَنْ سَيَشْهَدُ عَلَيْهِ وَبَالَغَ فِي خِصَامِهِ وَلَمْ يُجِبْهُ ثُمَّ شَهِدَ ) عَلَيْهِ ( لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ ) لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى رَدِّهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ الْقَذْفِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى قَاذِفِهِ ) وَلَوْ قَبْلَ طَلَبِ الْحَدِّ لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ ( وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ ) لِلْحَدِّ ( لَيْسَ بِشَرْطٍ ) فِي عَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ( وَلَا ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ( عَلَى مَنْ ادَّعَى ) عَلَيْهِ ( أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ ) وَحَاصِلُ كَلَامِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ النَّصِّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْقَاذِفِ وَالْمَقْذُوفِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْآخَرِ ( فَإِنْ قَذَفَهُ ) الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ( بَعْدَ الشَّهَادَةِ ) عَلَيْهِ ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فِي قَبُولِهَا فَيَحْكُمُ بِهَا الْحَاكِمُ ( فَرْعٌ الْبُغْضُ لِلَّهِ ) الْمُعَبَّرُ عَنْهُ فِي الْأَصْلِ بِالْعَدَاوَةِ الدِّينِيَّةِ ( لَيْسَ قَدْحًا ) فِي الشَّهَادَةِ ( فَمَنْ أَبْغَضْته لِفِسْقِهِ قُبِلَتْ شَهَادَتُك عَلَيْهِ كَشَهَادَةِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ ) وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ ( وَجَرْحِ الْعَالِمِ الرَّاوِي الْحَدِيثَ ) أَوْ نَحْوِهِ كَالْمُفْتِي ( نَصِيحَةً )

كَأَنْ قَالَ لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ فَإِنَّهُ مُخَلِّطٌ أَوْ لَا تَسْتَفْتُوهُ فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْفَتْوَى ( لَا يَقْدَحُ فِي شَهَادَتِهِ ) لِأَنَّهُ نَصِيحَةٌ لِلنَّاسِ ( وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ ) مِنْ الْعَدُوِّ ( لِلْعَدُوِّ ) إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضَهُ إذْ لَا تُهْمَةَ وَالْفَضْلُ مَا شَهِدَتْ بِهِ الْأَعْدَاءُ .
( فَرْعٌ حُبُّ الرَّجُلِ لِقَوْمِهِ لَيْسَ عَصَبِيَّةً ) حَتَّى تُرَدَّ شَهَادَتُهُ لَهُمْ بَلْ تُقْبَلُ مَعَ أَنَّ الْعَصَبِيَّةَ وَهِيَ أَنْ يُبْغِضَ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ لَا تَقْتَضِي الرَّدَّ بِمُجَرَّدِهَا وَإِنَّمَا تَقْتَضِيهِ إنْ انْضَمَّ إلَيْهَا دُعَاءُ النَّاسِ وَتَأَلُّفُهُمْ لِلْإِضْرَارِ بِهِ وَالْوَقِيعَةِ فِيهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ ( فَإِنْ أَلَّبَ ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ جَمَعَ جَمَاعَةً ( عَلَى أَعْدَائِهِمْ ) أَيْ قَوْمِهِ ( وَوَقَعَ ) مَعَهَا ( فِيهِمْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِمْ وَتُقْبَلُ ) الشَّهَادَةُ ( لِلصَّدِيقِ وَالْأَخِ ) وَسَائِرِ الْحَوَاشِي وَإِنْ كَانُوا يَصِلُونَهُ وَيَبَرُّونَهُ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَلِأَنَّ الصَّدَاقَةَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا بِخِلَافِ الْعَدَاوَةِ فَعُوقِبَ الْعَدُوُّ عَلَى عَدَاوَتِهِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوٍّ لَهُ ) وَإِنْ كَانَ أَصْلَهُ أَوْ فَرْعَهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ إنَّ مَحِلَّ رَدِّ الشَّهَادَةِ ظُهُورُ الْعَدَاوَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا دَلَّ عَلَى الْعَدَاوَةِ مِنْ الْمُخَاصَمَةِ وَنَحْوِهَا كَافٍ فِي ذَلِكَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيّ فَقَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ عَلَى خَصْمِهِ لِأَنَّ الْخُصُومَةَ مَوْضِعُ عَدَاوَةٍ وَهَلْ قَاذِفٌ أَمْ رَجُلٌ أَوْ زَوْجَتُهُ عَدُوٌّ لَهُ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ عَدُوٌّ لَهُ .
( تَنْبِيهٌ ) تَزْكِيَةُ مَنْ شَهِدَ عَلَى الْعَدُوِّ بِحَقٍّ هَلْ تُرَدُّ كَمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَى عَدُوِّهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ فِي بَابِ دَعْوَى الدَّمِ كَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا يَقُولُ بِسَمَاعِهَا لِأَنَّهُ أَثْبَتُ بِالتَّزْكِيَةِ أَمْرًا عَامًّا لَا يَخْتَصُّ بِالْعَدُوِّ وَقَالَ هُنَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ كَشَهَادَةِ الْعَاقِلَةِ بِتَزْكِيَةِ مَنْ شَهِدَ بِجَرْحِ شُهُودِ الْقَتْلِ خَطَأً وَلَوْ شَهِدَ عَلَى الْمَيِّتِ وَهُوَ خَصْمُ وَارِثِهِ هَلْ تُسْمَعُ شَهَادَتِهِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّ الضَّرَرَ يَعُودُ إلَى الْوَرَثَةِ لِأَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِقُّونَ التَّرِكَةَ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فَهِيَ شَهَادَةُ الْخَصْمِ فِي الْحَقِيقَةِ وَالثَّانِي تُسْمَعُ لِأَنَّهَا عَلَى الْمَيِّتِ لَا عَلَى الْوَارِثِ وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدُ خَصْمًا لِلْمَيِّتِ دُونَ الْوَارِثِ فَعَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ تُقْبَلُ وَعَلَى الثَّانِي لَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَخْرُجَ عَلَى هَذَا مَا إذَا ادَّعَى أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ وَرِثُوهُ مِنْ أَبِيهِمْ فَأَسْقَطَ أَحَدُهُمْ حَقَّهُ وَأَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ فَعَلَى الثَّانِي لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ لِلْأَبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَنْبَغِي أَنْ تُسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَقَالَ هُنَاكَ يُشْبِهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ أَحَدُهُمَا لَا تُسْمَعُ .
( قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ وَلِخَبَرِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ إلَخْ ) وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ الْعَدَاوَةَ

تُفْضِي إلَى الشَّهَادَةِ بِالْبَاطِلِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةُ الْوَقْعِ فِي النُّفُوسِ تُسْفَكُ بِسَبَبِهَا الدِّمَاءُ وَتُقْتَحَمُ الْعَظَائِمُ ( قَوْلُهُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ تَمَّنِي زَوَالِ نِعْمَتِهِ لَيْسَ تَفْسِيرًا لِلْعَدَاوَةِ وَإِنَّمَا هُوَ الْحَسَدُ وَهُوَ حَرَامٌ وَقَدْ يَنْتَهِي الْحَالُ فِيهِ إلَى الْفِسْقِ وَالْكَلَامُ فِي عَدَاوَةٍ لَا يَفْسُقُ بِهَا قَالَ شَيْخُنَا تَمَنِّي ذَلِكَ لَفْظًا لَيْسَ بِشَرْطٍ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ الْعَدَاوَةُ ) أَيْ الدُّنْيَوِيَّةُ ( قَوْلُهُ وَالنَّصُّ يَقْتَضِي أَنَّ الطَّلَبَ لَيْسَ بِشَرْطٍ ) فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ صَوَّرَ الْعَدَاوَةَ الْمُوجِبَةَ لِلرَّدِّ بِمَا إذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا أَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ وَأَخَذَ مَالَهُ فَقَالَ يَصِيرَانِ عَدُوَّيْنِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَاكْتَفَى بِالْقَذْفِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِطَلَبِ الْحَدِّ وَعَدَّ الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْعَدَاوَةِ الْقَذْفَ ( قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ لِلصَّدِيقِ وَالْأَخِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ مَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ بِالنَّسَبِ عَلَى الْمُنْكِرِ مِنْ الْوَرَثَةِ فَإِنْ شَهِدَ بِذَلِكَ فَالْأَرْجَحُ أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ فِيهَا الشَّهَادَةَ لِنَفْسِهِ بِنَسَبِ الْمَشْهُودِ لَهُ قَالَ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ عَنْ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ مِنْ غَيْرِ مُخَالَفَةِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخَوَيْنِ عَلَى الْمُنْكِرِ بِإِخْوَةِ رَابِعٍ لِأَنَّ فِيهَا ضَرَرًا عَلَيْهِمَا فَشَهَادَتُهُمَا أَوْلَى مِنْ شَهَادَةِ الْأَجْنَبِيِّينَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ مِنْ الْوَرَثَةِ بِزَوْجِيَّةِ أُمِّهَا وَبَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ مُنْكِرُونَ فَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِأُمِّهِمَا وَإِنْ كَانَ فِيهَا ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا كَذَلِكَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لِنَفْسِهِمَا

بِالْإِخْوَةِ وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَيْهِمَا .
انْتَهَى وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ وَفِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ ) كَمُنْكِرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ أَفْعَالَ عِبَادِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ ( إلَّا الْخَطَّابِيَّةِ ) وَهُمْ أَصْحَابُ أَبِي الْخَطَّابِ الْأَسَدِيِّ الْكُوفِيِّ كَانَ يَقُولُ بِأُلُوهِيَّةِ جَعْفَرٌ الصَّادِقُ ثُمَّ ادَّعَى الْأُلُوهِيَّة لِنَفْسِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ لِمِثْلِهِمْ وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا ( لِتَجْوِيزِهِمْ الشَّهَادَةَ لِمَنْ صَدَّقُوهُ ) فِي دَعْوَاهُ أَيْ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ جَوَازَ شَهَادَةِ أَحَدِهِمْ لِصَاحِبِهِ إذَا سَمِعَهُ يَقُولُ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا فَيُصَدِّقُهُ بِيَمِينٍ أَوْ غَيْرِهَا وَيَشْهَدُ لَهُ اعْتِمَادًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ إذْ الْكَذِبُ عِنْدَهُمْ كُفْرٌ ( وَ ) إلَّا ( مُنْكِرِي الْعِلْمِ ) لِلَّهِ تَعَالَى ( بِالْمَعْدُومِ وَالْجُزْئِيَّاتِ ) وَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ( لِلْكُفْرِ ) لِإِنْكَارِهِمْ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً ( لَا مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ أَوْ نَفْيِ الرُّؤْيَةِ ) وَمَا وَرَدَ مِنْ كُفْرِهِمْ مُؤَوَّلٌ بِكُفْرَانِ النِّعْمَةِ لَا الْخُرُوجِ عَنْ الْمِلَّةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمْ لَمْ يُلْحِقُوهُمْ بِالْكُفَّارِ فِي الْإِرْثِ وَالْأَنْكِحَةِ وَوُجُوبِ قَتْلِهِمْ وَقِتَالِهِمْ وَغَيْرِهَا ( فَلَوْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ ) فِي شَهَادَتِهِ ( رَأَيْت أَوْ سَمِعْت قُبِلَتْ ) شَهَادَتُهُ لِتَصْرِيحِهِ بِالْمُعَايَنَةِ النَّافِيَةِ لِاحْتِمَالِ اعْتِمَادِهِ عَلَى إخْبَارِ الْمَشْهُودِ لَهُ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ يَسُبُّ الصَّحَابَةَ ) وَالسَّلَفَ ( لِأَنَّهُ يَقُولُهُ اعْتِقَادًا لَا عَدَاوَةً ) وَعِنَادًا ( فَلَا نُكَفِّرُ مُتَأَوِّلًا ) بِمَالِهِ وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ ( نَعَمْ قَاذِفُ ) عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ( كَافِرٌ ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ ( لِأَنَّهُ كَذَّبَ اللَّهَ ) تَعَالَى فِي أَنَّهَا مُحْصَنَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { إنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ

} الْآيَةَ وَقَذْفُ سَائِرِ الْمُحْصَنَاتِ يُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ فَقَذْفُهَا أَوْلَى
( قَوْلُهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ الْبِدَعِ ) أَيْ الَّذِينَ لَا نُكَفِّرُهُمْ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { تَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ غَيْرُ خَارِجِينَ مِنْ الْمِلَّةِ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْكُلَّ مِنْ أُمَّتِهِ وَأَنَّ الْمُتَأَوِّلَ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمِلَّةِ وَإِنْ أَخْطَأَ فِي تَأْوِيلِهِ فَإِذَا لَمْ نُكَفِّرْهُ وَانْضَمَّ إلَيْهِ التَّقْوَى الْمَانِعَةُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى مَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ فَالْمُوجِبُ لِلْقَبُولِ مَوْجُودٌ وَلَا خِلَافَ أَنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ إذَا لَمْ نُكَفِّرْهُمْ هُمْ فُسَّاقٌ وَشَمَلَ كَلَامُهُمْ الدَّاعِيَةَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ قِيلَ بِرَدِّ رِوَايَتِهِ

( فَصْلٌ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ الَّذِي لَا يَضْبِطُ ) أَصْلًا أَوْ غَالِبًا إذْ لَا يَوْثُقُ بِقَوْلِهِ ( فَإِنْ فَسَّرَ ) شَهَادَتَهُ ( وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ قُبِلَتْ ) لِزَوَالِ التُّهْمَةِ ( وَكَثِيرُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ ) لِلتُّهْمَةِ وَلَا يَضُرُّ قَلِيلُ الْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ أَحَدٌ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُغَفَّلِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ التَّعْبِيرُ بِهِ لِأَنَّ مَعْنَى غَفَلَهُ غَيْرُهُ وَمَا كَانَ تَعَدِّيهِ بِالتَّضْعِيفِ لَا يَكُونُ التَّضْعِيفُ فِيهِ دَالًّا عَلَى كَثْرَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْلُ فَلَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ قَالَ وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَطِيَّةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْبِنَاءَ الْمَذْكُورَ يَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ فِي الْبَقَرَةِ مُسَلَّمَةً أَنَّهُ بِنَاءُ مُبَالَغَةٍ مِنْ السَّلَامَةِ قَالَ شَيْخُنَا أَبُو حَيَّانَ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ عَطِيَّةَ وَلَيْسَ كَمَا ذُكِرَ لِأَنَّ التَّضْعِيفَ الَّذِي فِي مُسَلَّمَةٍ لَيْسَ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ بَلْ هُوَ تَضْعِيفُ النَّقْلِ وَالتَّعَدِّيَةِ فَلَيْسَ إذًا بِنَاءَ مُبَالَغَةٍ بَلْ هُوَ مُرَادِفٌ لِلْبِنَاءِ الْمُتَعَدِّي بِالْهَمْزَةِ وَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا هُوَ الصَّوَابُ وَاَلَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيُّ فِي ذَلِكَ كَثْرَةُ الْغَفْلَةِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ فَإِنْ فَسَّرَ وَبَيَّنَ وَقْتَ التَّحَمُّلِ وَمَكَانَهُ قُبِلَتْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ هَذَا أَخَذَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الْبَغَوِيّ وَهُوَ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِيمَنْ يَكْثُرُ غَلَطُهُ وَنِسْيَانُهُ وَالشَّيْخَانِ أَطْلَقَا مَنْعَهُ

( فَصْلٌ وَإِنْ شَهِدَ فَاسِقٌ ) وَلَوْ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ ( أَوْ عَدُوٌّ فَرُدَّتْ ) شَهَادَتُهُ ( ثُمَّ حَسُنَتْ تَوْبَتُهُ وَأَعَادَهَا لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ ) بِدَفْعِ عَارِ رَدِّ شَهَادَتِهِ الْأُولَى عَنْهُ نَعَمْ إنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَةِ الْمُعْلِنِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَأَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُصْغِي إلَيْهَا كَمَا لَا يُصْغِي إلَى شَهَادَةِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ ( بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ إذَا ) شَهِدُوا شَهَادَةً ثُمَّ ( أَعَادُوهَا بَعْدَ الْكَمَالِ قُبِلَتْ ) لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ الْأُولَى لَمْ تَكُنْ فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةً حَتَّى تُوصَفَ بِالرَّدِّ وَالْقَبُولِ وَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَعَيَّرُونَ بِرَدِّ شَهَادَتِهِمْ فَلَا يُتَّهَمُونَ لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ لَيْسَ إلَيْهِمَا وَالْكَافِرُ لَا يَعْتَقِدُ كُفْرَهُ نَقْصًا بَلْ يَفْتَخِرُ بِهِ وَلَا يُبَالِي بِرَدِّ شَهَادَتِهِ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَالْعَدُوِّ وَخَرَجَ بِالْكَافِرِ الْمُعْلِنِ الْمُسِرُّ بِكُفْرِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ بَعْدَ إسْلَامِهِ لِلتُّهْمَةِ ( وَلَوْ شَهِدَ ) السَّيِّدُ ( لِمُكَاتَبِهِ ) أَوْ مَأْذُونِهِ ( بِمَالٍ ) أَوْ غَيْرِهِ ( أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ انْدِمَالٍ ) لَهَا ( فَرُدَّتْ ) شَهَادَتُهُ ( ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْعِتْقِ وَالِانْدِمَالِ لَمْ تُقْبَلْ .
كَمَا لَوْ شَهِدَ شَفِيعَانِ بِعَفْوِ ) الشَّفِيعِ ( الثَّالِثِ ) قَبْلَ عَفْوِهِمَا ( فَرُدَّتْ ) شَهَادَتُهُمَا ( ثُمَّ أَعَادَاهَا بَعْدَ عَفْوِهِمَا وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ ) الشَّاهِدِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ ( لِفِسْقِ الْأَصْلِ فَتَابَ ) الْأَصْلُ ( ثُمَّ أَعَادَهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ لَمْ تُقْبَلْ ) لِلتُّهْمَةِ وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعِ لِفِسْقِهِ لَمْ يُؤَثِّرْ فِي شَهَادَةِ الْأَصْلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْمُعَادَةِ مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ خَرَسٌ ثُمَّ زَالَ انْتَهَى وَمِثْلُهَا الْمُعَادَةُ

مِمَّنْ شُهِدَ بِهِ عَمًى ثُمَّ زَالَ

( قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ فَاسِقٌ إلَخْ ) أَلْحَقَ الْبُلْقِينِيُّ بِمَنْ لَمْ يُصْغِ الْقَاضِي إلَى شَهَادَتِهِ مَا لَوْ كَانَ فِسْقُهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ أَوْ كَانَ مَعَ فِسْقِهِ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ قَوْمٍ مَحْكِيٍّ عَنْهُمْ قَبُولُ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ الَّذِي لَا يَكْذِبُ وَشَهِدَ عِنْدَ مَنْ يَرَى فِسْقَهُ أَوْ يَرَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَكْذِبُ وَلَمْ يَحْكُمْ بِرَدِّ شَهَادَتِهِ وَإِنَّمَا تَوَقَّفَ لِيَسْتَبْرِئَ ثُمَّ تَابَ وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ عَارَ الْكَذِبِ وَلَا عَارَ الرَّدِّ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ رَدٌّ .
ا هـ .
وَذَكَرَ التَّنْبِيهُ مَعَ الْفَاسِقِ مَنْ لَا مُرُوءَةَ لَهُ ثُمَّ حَسُنَتْ حَالُهُ وَيَنْدَرِجُ فِيهِ أَصْحَابُ الْمَكَاسِبِ الدَّنِيئَةِ إذَا رَدَدْنَا شَهَادَتِهِمْ وَلَوْ شَهِدَ الْخُنْثَى فِيمَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ النِّسَاءُ فَرُدَّ فَعَادَ وَقَالَ أَنَا رَجُلٌ فَيُحْكَمُ بِذُكُورَتِهِ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ الْمَرْدُودَةُ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يَزُولَ إشْكَالُهُ بِعَلَامَةٍ قَطْعِيَّةٍ أَوْ ظَنِّيَّةٍ ( قَوْلُهُ لِلتُّهْمَةِ ) وَلِأَنَّ رَدَّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ ثَبَتَ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ جَوَازِ صِدْقِهِ فَرَدُّهُ تَعَلَّقَ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي فَلَوْ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ الْمُعَادَةُ لِأَجْلِ عَدَالَتِهِ وَهِيَ أَيْضًا مُدْرَكَةٌ بِالِاجْتِهَادِ نُقِضَ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ قَوْلُهُ فَمَا أَتَى بِهِ أَوَّلًا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ فِي الْحَقِيقَةِ ) فَهُوَ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِمْ شَهِدُوا ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْكَافِرِ الْمُعْلِنِ وَلَوْ مُرْتَدًّا ) وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ إنَّ الْمُرْتَدَّ لَوْ شَهِدَ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ قُبِلَتْ كَالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ بِخِلَافِ الْفَاسِقِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمُرْتَدَّ الْمُظْهِرَ لِلرِّدَّةِ أَوْ يَكُونُ عِنْدَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسِرِّ لِلْكُفْرِ وَالْمُعْلِنِ بِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ لِمُوَرِّثِهِ بِجِرَاحَةٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ إلَخْ ) مَثَلُهُ مَا لَوْ شَهِدَ بِالْجِرَاحَةِ قَبْلَ

الِانْدِمَالِ وَهُوَ وَارِثٌ ثُمَّ حَدَثَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ يَحْجُبُهُ فَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ وَلَوْ شَهِدَ فِي غَيْرِ ) شَهَادَةِ ( الْحِسْبَةِ قَبْلَ الدَّعْوَى وَكَذَا ) بَعْدَهَا لَكِنْ ( قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ ) بِهِ ( رُدَّتْ شَهَادَتُهُ ) لِتُهْمَتِهِ بِالْحِرْصِ عَلَيْهَا وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ { ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ } وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ { أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ الشُّهَدَاءِ الَّذِي يَأْتِي بِشَهَادَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا } فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا يَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ وَهُوَ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَلَا يَصِيرُ بِذَلِكَ مَجْرُوحًا فِي شَهَادَاتِهِ بَلْ فِي شَهَادَتِهِ ( بِهَا ) أَيْ بِتِلْكَ الْوَاقِعَةِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا وَلَا فِيهَا إذَا اُسْتُشْهِدَ ( فِي مَجْلِسٍ آخَرَ ) بَلْ أَوْ فِي مَجْلِسِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَالْأَنْوَارِ وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَادَهَا بِالِاسْتِشْهَادِ قُبِلَتْ فَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ زِيَادَةُ ضَرَرٍ ( فَرْعٌ تُقْبَلُ شَهَادَةُ مَنْ اخْتَبَأَ ) فِي زَاوِيَةٍ ( لِيَسْتَمِعَ ) مَا يُشْهَدُ بِهِ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْحِرْصِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ قَدْ تَدْعُوَا إلَيْهِ كَأَنْ يُقِرَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ إذَا خَلَا بِهِ الْمُسْتَحِقُّ وَيَجْحَدُ إذَا حَضَرَ غَيْرُهُ ( وَيُسْتَحَبُّ ) لَهُ ( أَنْ يُخْبِرَ الْخَصْمَ بِأَنَّهُ اخْتَبَأَ ) وَشَهِدَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُبَادِرَ إلَى تَكْذِيبِهِ إذَا شَهِدَ فَيُعَزِّرُهُ الْقَاضِي ( وَإِنْ قَالَا ) أَيْ اثْنَانِ لِثَالِثٍ ( حَاسِبِ بَيْنَنَا ) لِنَتَصَادَقَ ( وَلَا تَشْهَدْ ) عَلَيْنَا بِمَا يَجْرِي ( فَفَعَلَ لَزِمَهُ أَنْ يَشْهَدَ ) بِمَا جَرَى وَالشَّرْطُ فَاسِدٌ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى ) وَالْأَصْلُ فِي قَبُولِهَا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ ( كَالْحُدُودِ وَالْمُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا ) أَيْ سَتْرُ مُوجِبَاتِهَا عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا وَكَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا .
( وَكَذَا تُقْبَلُ فِيمَا لِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ ) وَهُوَ مَا لَا يَتَأَثَّرُ بِرِضَا الْآدَمِيِّ ( كَالطَّلَاقِ ) رَجْعِيًّا كَانَ أَوْ بَائِنًا لِأَنَّ

الْمُغَلَّبَ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ بِتَرَاضِي الزَّوْجَيْنِ ( لَا فِي مَالِ الْخُلْعِ ) لِأَنَّهُ حَقُّ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ فِرَاقِهِ وَقِيلَ لَا تُقْبَلُ فِي فِرَاقِهِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْمَالِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ ( وَكَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ لَا ) فِي ( عَقْدَيْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ ) وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ بِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعِتْقِ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِهِمَا ( وَ ) لَا فِي ( شِرَاءِ الْقَرِيبِ ) الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ وَإِنْ تَضَمَّنَ الْعِتْقَ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ وَالْعِتْقُ تَبَعٌ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ تَابِعٌ وَفِي الشِّرَاءِ مَقْصُودٌ فَإِثْبَاتُهُ دُونَ الْمَالِ مُحَالٌ ( لَا ) شَهَادَتُهَا ( بِالْعِتْقِ ) الْحَاصِلِ بِهَا أَيْ بِالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَشِرَاءُ الْقَرِيبِ أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا فَتُقْبَلُ وَذِكْرُ هَذَا فِي الثَّالِثَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَتُقْبَلُ فِي الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ) لِمَا فِي قَبُولِهَا فِيهِ مِنْ سَلَامَةِ النَّفْسِ ( وَفِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ إذَا عَمَّتْ جِهَتُهُمَا ) وَلَوْ أُخِّرَتْ الْجِهَةُ الْعَامَّةُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَرَثَتُهُ وَتَمَلَّكُوهَا فَشَهِدَ شَاهِدَانِ حِسْبَةً قَبْلَ انْقِرَاضِ أَوْلَادِهِ بِوَقْفِيَّتِهَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا لِأَنَّ آخِرَهُ وَقْفٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ ( لَا إنْ خُصَّتْ ) جِهَتُهُمَا فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِتَعَلُّقِهِمَا بِحُظُوظٍ خَاصَّةٍ .
( وَ ) تُقْبَلُ ( فِي الرَّضَاعِ وَالنَّسَبِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَبَقَائِهَا وَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ وَالزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ ) بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهِمَا ( وَالْبُلُوغِ وَالْإِسْلَامِ وَالْكُفْرِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالسَّرِقَةِ ) وَهَذَانِ مُكَرَّرَانِ لِدُخُولِهِمَا فِي الْحُدُودِ ( وَالْإِحْصَانِ ) وَالتَّعْدِيلِ ( لَا ) فِي حَقِّ (

الْآدَمِيِّ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْبُيُوعِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الْحَقِّ بِهِ أَعْلَمَهُ ) الشَّاهِدُ بِهِ ( لِيَسْتَشْهِدَهُ ) بَعْدَ الدَّعْوَى ( وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ ) فِيمَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَتُهَا اكْتِفَاءً بِشَهَادَتِهَا وَلِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُدَّعِي فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَمَنْ لَهُ الْحَقُّ لَمْ يَأْذَنْ فِي الطَّلَبِ وَالْإِثْبَاتِ بَلْ أُمِرَ فِيهِ بِالْإِعْرَاضِ وَالدَّفْعِ مَا أَمْكَنَ وَقِيلَ تُسْمَعُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ بَلْ مَا رَجَّحَهُ نَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ فِي السَّرِقَةِ وَآخِرِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ تَرْجِيحُ الثَّانِي وَصَحَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَيَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى فَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى عَدَمُ سَمَاعِهَا فِيهَا لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقُّ آدَمِيٍّ فَتُسْمَعُ فِي السَّرِقَةِ إذَا لَمْ يَبْرَأْ السَّارِقُ مِنْ الْمَالِ بِرَدٍّ وَنَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا فَالْمُعْتَمَدُ سَمَاعُهَا إلَّا فِي مَحْضِ حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ( وَلَا ) تُسْمَعُ ( شَهَادَتُهَا ) أَيْ الْحِسْبَةِ ( حَتَّى تَقُولَ شُهُودُهَا ) ابْتِدَاءً ( لِلْقَاضِي نَشْهَدُ بِكَذَا عَلَى فُلَانٍ فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ قَالُوا ابْتِدَاءً فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ ) .
نَعَمْ إنْ وَصَلُوا شَهَادَتَهُمْ بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَبِسُوا بِقَذْفَةٍ لَكِنْ كَلَامُ الرُّويَانِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ انْتَهَى ( وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ ) إلَيْهَا ( فَإِنْ شَهِدُوا بِحُرِّيَّةٍ ) لِشَخْصٍ ( قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ ) شَهِدُوا ( بِرَضَاعٍ ) مُحَرِّمٍ لِامْرَأَةٍ عَلَى رَجُلٍ ( قَالُوا ) وَفُلَانٌ ( يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَ ) هَا ( أَوْ نَكَحَ ) هَا قَالَ فِي الْأَصْلِ

نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ جَاءَ آخَرَانِ يَشْهَدَانِ بِإِخْوَةٍ بَيْنَ الْمُتَنَاكِحَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ هَذِهِ الشَّهَادَةُ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي الْحَالِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهِمَا قَدْ يَتَنَاكَحَانِ بَعْدُ انْتَهَى وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا وَالْمُطَلِّقُ يُرِيدُ أَنْ يَنْكِحَهَا وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ لِفَهْمِهِ مَعَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ مِنْ كَلَامِهِ السَّابِقِ ( وَتُسْمَعُ ) الْبَيِّنَةُ ( بِعِتْقِ أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ ) فَلَوْ جَاءَ عَبْدَانِ لِلْقَاضِي فَقَالَا إنَّ سَيِّدَنَا أَعْتَقَ أَحَدَنَا وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ سُمِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فَاسِدَةً لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعِتْقِ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنْ تَقَدُّمِ الدَّعْوَى

( قَوْلُهُ وَفِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ يَجِيءُ قَوْمٌ يَشْهَدُونَ وَلَا يُسْتَشْهَدُونَ ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا لَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ فَمَحْمُولٌ إلَخْ ) وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى مَا يَعْلَمُهُ دُونَ غَيْرِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْكَاذِبِ فِي شَهَادَتِهِ ( قَوْلُهُ عَلَى مَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهِ ) إذْ قَدْ تُسْتَحَبُّ الْمُبَادَرَةُ فِي صُوَرٍ وَقَدْ تَجِبُ فِي صُوَرٍ وَتَجُوزُ فِي صُورَةٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ شَهَادَةٌ وَصَاحِبُهَا لَا يَعْلَمُ بِهَا وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مَالِكٍ وَقِيلَ عَلَى سُرْعَةِ إجَابَةِ الشَّاهِدِ إذَا اُسْتُشْهِدَ فَلَا يَمْنَعُهَا وَلَا يُؤَخِّرُهَا وَقِيلَ عَلَى حَقِّ الصَّبِيِّ أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بَيْنَ مَا لَيْسَ لِلشَّاهِدِ فِيهِ عَلَقَةٌ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ لَكِنْ فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ بَعْدَمَا سَبَقَ وَأَمَّا الْأَبُ إذَا جَاءَ وَقَالَ بَيْنَ بِنْتِي وَفُلَانٍ خَاطِبِهَا رَضَاعٌ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ قَدْ شَهِدَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ تُقْبَلْ وَعَلَى هَذَا إذَا جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ ( قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ ) أَيْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الِاسْتِشْهَادِ تَقَدَّمَتْ الدَّعْوَى أَمْ لَا وَمِنْ فَوَائِدِ سَمَاعِهَا أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِتَكْذِيبِ الْمُدَّعِي إيَّاهَا وَلِهَذَا قَالَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ الدَّعْوَى وَكَذَّبَتْ الْبَيِّنَةَ لَمْ تَسْقُطْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا مَقْبُولَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ دَعْوَاهَا ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَفَارَقَهُمَا الِاسْتِيلَادُ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي الْفَرْقِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَحَلَّ

الْمَنْعِ إذَا شَهِدَ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ عَلَى الْمُعَلَّقِ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَمَّا لَوْ شَهِدَا بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ قُبِلَتْ لَا مَحَالَةَ ( قَوْلُهُ لِكَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمِلْكِ ) لِأَنَّ الْعِوَضَ رُكْنٌ فِي الْبَيْعِ فَلَوْ أَثْبَتْنَاهُ لَأَثْبَتْنَا الْعِوَضَ مِنْ غَيْرِ دَعْوَى وَلَوْ أَثْبَتْنَا الْعِتْقَ مِنْ غَيْرِ مَالٍ لَكَانَ إجْحَافًا بِالْمَالِكِ وَلَيْسَ كَالْخُلْعِ قَوْلُهُ لَا شَهَادَتُهُمَا بِالْعِتْقِ بِهِمَا ) فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَوْ الْمُعَلَّقُ زَوَالَ الْمِلْكِ ثُمَّ عَوْدَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُهُ ( قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ ) مِنْ ذَلِكَ وَقْفُ مَسْجِدٍ أَوْ خَانٍ لِلسَّبِيلِ أَوْ مَقْبَرَةٍ وَكَذَا بِمَا أُخِذَ مِنْ خَشَبِ مَسْجِدٍ أَوْ أَرْضِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ نَحْوُ مَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) وَمِمَّا يُسْتَغْرَبُ قَوْلُهُ فِي الْفَتَاوَى الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ حِسْبَةً بِالسَّفَهِ وَيَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَالنَّسَبِ ) لِأَنَّ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى إذْ الشَّرْعُ أَكَّدَ الْأَنْسَابَ وَمَنَعَ قَطْعَهَا فَضَاهَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ .
( قَوْلُهُ لَا فِي حَقِّ الْآدَمِيِّ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَى الْحِسْبَةِ عَلَى قَيِّمِ صَبِيٍّ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا لِلصَّبِيِّ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ إنْ اتَّهَمَهُ فِيهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَإِذَا كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَانَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ قَالَ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةُ وَكَثِيرًا مَا يَدَّعِي بَعْضُ أَقْرِبَاءِ الطِّفْلِ أَوْ جِيرَانُهُ عَلَى وَصِيَّةٍ أَنَّهُ أَتْلَفَ لَهُ مَالًا فَلَا يَسْمَعُ الْقَاضِي كَلَامَهُ وَيَقُولُ إنَّهُ فُضُولِيٌّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ قَرِيبٌ لِلْمَيِّتِ عَلَى وَصِيِّهِ بِإِتْلَافِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ خِيَانَةً وَنَحْوَهَا مُحْتَسِبًا فَتُرَدُّ دَعْوَاهُ كَمَا شَاهَدْته

مِنْ حُكَّامِ الْعَصْرِ مُعْتَلِّينَ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ وَلَا وِلَايَةَ عَلَى الطِّفْلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يُحَلِّفَ الْقَيِّمَ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ بَلْ أَوْلَى وَلَا أَحْسَبُ أَنَّ هَذَا مِنْ تَفْرِيعِ الْوَجْهِ الذَّاهِبِ إلَى سَمَاعِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ بِذَلِكَ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ بَلْ هُوَ مَجْزُومٌ بِهِ وَحَسُنَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ الْحَاكِمُ فِي الدَّعْوَى وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ عِنْدَ ظُهُورِ قَرَائِنِ صِدْقِهِ وَإِفْسَادِ حَالِ الْوَصِيِّ أَوْ جَهَالَةِ حَالِهِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَانِ .
( قَوْلُهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الدَّعَاوَى ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُهُ فِي السَّرِقَةِ خِلَافَهُ فَهُوَ مُؤَوَّلٌ ع ( قَوْلُهُ لَكِنْ مَحِلُّهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ إلَخْ ) لِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ سَتْرُهَا وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَدْ يُومِئُ إلَى أَنَّ مَحِلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ السَّتْرُ مُسْتَحَبًّا أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يُسْتَحَبُّ حَيْثُ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ فَتُسْمَعُ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِتَرْكِ الشَّهَادَةِ إيجَابُ حَدٍّ عَلَى الْغَيْرِ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ كَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةٌ بِالزِّنَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى الرَّابِعِ الْأَدَاءُ وَيَأْثَمُ بِالتَّوَقُّفِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ ( قَوْلُهُ قَالُوا وَفُلَانٌ يَسْتَرِقُّهُ ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ لَا يُتَوَقَّفُ سَمَاعُهَا عَلَى الِاسْتِرْقَاقِ بَلْ تُسْمَعُ حَيْثُ حَصَلَتْ فَائِدَةٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجُرْجَانِيُّ يَجُوزُ إثْبَاتُ الْجَرْحِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِالْبَيِّنَةِ بَعْدَ الشَّهَادَةِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي رَدِّ شَهَادَتِهِ وَلَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ قَبْلَهَا لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ إلَخْ ) نَازَعَ فِيهَا الْبُلْقِينِيُّ وَقَالَ الْأَرْجَحُ فِيهَا قَبُولُ الشَّهَادَةِ الْآنَ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ إرَادَةِ نِكَاحِ مَنْ كَانَتْ

زَوْجَتَهُ فَتَنْقَطِعُ الْمَادَّةُ فِي ذَلِكَ بِإِثْبَاتِ الْإِخْوَةِ .
ا هـ .
وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ لَوْ شَهِدَا حِسْبَةً عَلَى إقْرَارِ غَائِبٍ أَوْ حَاضِرٍ أَوْ مَيِّتٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ حِسْبَةً مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْعَبْدِ فَلَا يَحْتَاجُ الْحُكْمُ إلَى يَمِينِ الْعَبْدِ وَإِذَا طَلَبَ الْعَبْدُ الْحُكْمَ إذَا لَاحَظَ فِي حُكْمِهِ جِهَةَ الْحِسْبَةِ مُعْرِضًا عَنْ طَلَبِهِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَالْمُتَّجَهُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ فِي الشَّهَادَةِ حَاجَةٌ فَلَا رَيْبَ فِي سَمَاعِهَا وَمِنْ الْحَاجَةِ قَطْعُ سَلْطَنَةٍ مَوْجُودَةٍ كَإِزَالَةِ الرِّقِّ فِي الْعَبْدِ فَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْقَفَّالِ مِنْ عَدِمَ سَمَاعَ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ إلَّا إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ يَسْتَرِقُّ مَنْ أَعْتَقَهُ مَمْنُوعٌ وَفَتْوَى ابْنِ الصَّلَاحِ أَصَحُّ وَصَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِأَنَّهُ لَوْ وَكَّلَ بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ التَّوْكِيلَ وَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْهَدَ حِسْبَةً أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَلَا يَذْكُرُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ فِيهِ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ قَبُولُ الشَّهَادَةِ ا هـ وَلَمْ يَشْتَرِطُوا أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ طَلَبَ عِشْرَتَهَا فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَمَا قَالَهُ مِنْ عَدَمِ الْقَبُولِ بِأُجْرَةِ الرَّضَاعِ مُسَلَّمٌ ثُمَّ مَا قَالَ الْقَفَّالُ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ لَوْ قَالَ الْوَالِدُ خَطَبَ بِنْتِي فُلَانٌ وَبَيْنَهُمَا رَضَاعٌ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ ظُهُورِ الْعَضْلِ مِنْهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ جَاءَ رَجُلَانِ وَشَهِدَا أَنَّ هَذَا يَوْمُ الْعِيدِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَكَلَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَإِنْ أَكَلَا لَمْ يُقْبَلَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحِلَّهُ إذَا لَمْ يَقُولَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْأَخْرَسِ وَلَوْ عُقِلَتْ إشَارَتُهُ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِصَرِيحَةٍ فِي الشَّهَادَةِ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ ( وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ وَلَدِ الزِّنَا وَيَكُونُ قَاضِيًا لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ ) الْإِمَامَةُ لِأَنَّ النَّسَبَ شَرْطٌ فِي الْإِمَامَةِ بِخِلَافِ الْإِمَامَةِ بِالشَّوْكَةِ وَقَوْلُهُ لَا إمَامًا تُعْقَدُ لَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ هُنَا ( وَ ) تُقْبَلُ ( شَهَادَةُ مَحْدُودٍ تَابَ ) عَمَّا حُدَّ بِهِ
( قَوْلُهُ وَنَحْنُ فِي غَنِيَّةٍ عَنْ شَهَادَتِهِ بِشَهَادَةِ غَيْرِهِ ) بِخِلَافِ الْعُقُودِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْرَفُ مِنْ جِهَتِهِ إمَّا بِعَقْدِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ فَصَحَّحْنَاهَا لِلضَّرُورَةِ

( فَصْلٌ التَّوْبَةُ ) تَنْقَسِمُ إلَى تَوْبَةٍ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ وَإِلَى تَوْبَةٍ فِي الظَّاهِرِ وَهِيَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا عَوْدُ الشَّهَادَاتِ وَالْوِلَايَاتِ فَالتَّوْبَةُ ( الْمُسْقِطَةُ لِلْإِثْمِ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ ( وَيَتْرُكُهُ ) فِي الْحَالِ ( وَيَعْزِمُ ) عَلَى ( أَنْ لَا يَعُودَ ) إلَيْهِ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ ( وَأَنْ يَخْرُجَ عَنْ الْمَظَالِمِ وَالزَّكَاةِ ) الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ وَذَلِكَ بِأَنْ ( يَرُدَّهَا ) إلَى مُسْتَحِقِّهَا إنْ بَقِيَتْ ( وَيَغْرَمُ ) بَدَلَهَا ( إنْ تَلِفَتْ أَوْ يَسْتَحِلُّ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ ) لَهَا ( أَوْ مِنْ وَارِثِهِ ) فَيُبْرِئُهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ } أَيْ نَدِمُوا وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا أَيْ عَزَمُوا أَنْ لَا يَعُودُوا عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ { وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَتْ لِأَخِيهِ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ فِي عِرْضٍ أَوْ مَالٍ فَلْيَسْتَحْلِلْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ فَإِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلِمَتِهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ وَارِثِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ لِدُخُولِهِ فِي الْمُسْتَحِقِّ وَعَطْفُ الزَّكَاةِ عَلَى الْمَظَالِمِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ ( وَ ) أَنْ ( يُعْلِمَهُ ) بِهَا ( إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) مُسْتَحِقٌّ ( أَوْ انْقَطَعَ خَبَرُهُ سَلَّمَهَا إلَى قَاضٍ أَمِينٍ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَصَدَّقَ بِهَا ) عَلَى الْفُقَرَاءِ ( وَنَوَى الْغُرْمَ ) لَهُ إنْ وَجَدَهُ ( أَوْ يَتْرُكُهَا ) عِنْدَهُ وَالتَّصْرِيحُ بِتَرْكِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّصَدُّقُ بِهَا بَلْ هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ وُجُوهِ الْمَصَالِحِ كُلِّهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُقَالُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَاضِي الْأَمِينِ صَرْفُ ذَلِكَ فِي الْمَصَالِحِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فَكَيْفَ

يَكُونُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْآحَادِ .
( وَالْمُعْسِرُ يَنْوِي الْغُرْمَ ) إذَا قَدَرَ بَلْ يَلْزَمُهُ التَّكَسُّبُ لِإِيفَاءِ مَا عَلَيْهِ إنْ عَصَى بِهِ لِتَصِحَّ تَوْبَتُهُ ( فَإِنَّ مَاتَ مُعْسِرًا طُولِبَ ) فِي الْآخِرَةِ ( إنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ ) كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَوَاهِرُ السُّنَّةِ الصَّحِيحَةِ ( وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ ) أَنَّهُ ( لَا مُطَالَبَةَ ) فِيهَا إذْ لَا مَعْصِيَةَ مِنْهُ ( وَالرَّجَاءُ فِي اللَّهِ تَعْوِيضُ الْخَصْمِ وَتُبَاحُ الِاسْتِدَانَةُ لِلْحَاجَةِ لَا فِي سَيْفٍ ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي ( إذَا رَجَا الْوَفَاءَ ) مِنْ جِهَةٍ أَوْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ ( وَمَنْ ارْتَكَبَ ) مَا يُوجِبُ ( حَدَّ اللَّهِ ) تَعَالَى كَأَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ ( فَالْأَفْضَلُ ) لَهُ إنْ لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ ( أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ ) لِخَبَرِ { مَنْ أَتَى مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا } .
.
.
السَّابِقِ فِي بَابِ الزِّنَا ( فَإِنْ ثَبَتَ ) عَلَيْهِ ( فَاتَ السِّتْرُ وَأَتَى ) حِينَئِذٍ نَدْبًا فِيمَا يَظْهَرُ ( الْإِمَامَ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ ) لَمْ يُعَبِّرْ الْأَصْلُ بِالثُّبُوتِ بَلْ بِالظُّهُورِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ الشَّهَادَةُ قَالَ وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الصَّبَّاغِ مَا إذَا اشْتَهَرَ بَيْنَ النَّاسِ ( وَإِنْ كَانَ ) مُوجَبُ مَا ارْتَكَبَهُ ( قِصَاصًا أَوْ قَذْفًا ) أَيْ عُقُوبَتَهُ ( أَعْلَمَ الْمُسْتَحِقَّ ) لَهُ بِهِ ( وَمَكَّنَهُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ ) فَيَأْتِي إلَيْهِ فَيَقُولُ أَنَا الَّذِي قَتَلْت أَوْ قَذَفْت وَلَزِمَنِي مُوجِبُهُمَا فَإِنْ شِئْت فَاسْتَوْفِ وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ لِمَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مِنْ التَّضْيِيقِ .
( وَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ) تَعَالَى ( مِنْ الْغَيْبَةِ ) إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبَهَا بِهَا ( فَإِنْ عَلِمَ صَاحِبُهَا ) بِهَا ( اسْتَحَلَّ مِنْهُ لَا مِنْ وَارِثِهِ ) بَعْدَ مَوْتِهِ عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ تَعَذَّرَ اسْتِحْلَالُهُ لِمَوْتِهِ أَوْ تَعَسَّرَ لِغَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ اسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا اعْتِبَارَ بِتَحْلِيلِ الْوَرَثَةِ ( وَيَسْتَغْفِرُ ) اللَّهَ تَعَالَى ( مِنْ الْحَسَدِ ) وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَةِ غَيْرِهِ

وَيُسَرُّ بِبَلِيَّتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْحَسَدُ كَالْغَيْبَةِ وَهِيَ أَفْيَدُ ( وَلَا يُخْبِرُ صَاحِبَهُ ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ إخْبَارُ الْمَحْسُودِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ لَا يُسَنُّ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ وَفِي الِاسْتِحْلَالِ مِنْ الْغَيْبَةِ الْمَجْهُولَةِ كَلَامٌ تَقَدَّمَ فِي الضَّمَانِ

( فَصْلٌ التَّوْبَةُ تَنْقَسِمُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا الْإِثْمُ ) قَوْلِيَّةً كَانَتْ أَوْ غَيْرَ قَوْلِيَّةٍ ( قَوْلُهُ أَنْ يَنْدَمَ عَلَى مَا فَعَلَ ) لِخَبَرِ { النَّدَمُ تَوْبَةٌ } رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ ( قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ تَابَ عَنْ مَعْصِيَةٍ مَالِيَّةٍ لِشُحِّهِ مَثَلًا أَوْ عَارٍ لَحِقَهُ أَوْ تَعَبِ بَدَنٍ ( قَوْلُهُ وَيَعْزِمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَهْمَلَ شَرْطًا رَابِعًا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِلَّهِ تَعَالَى حَتَّى لَوْ عُوقِبَ عَلَى جَرِيمَةٍ فَنَدِمَ وَعَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ لِمَا حَلَّ بِهِ وَخَوْفًا مِنْ وُقُوعِ مِثْلِهِ لَمْ يَكْفِ قَالَهُ أَصْحَابُنَا الْأُصُولِيُّونَ وَمَثَّلُوهُ بِمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ وَنَدِمَ لِكَوْنِهِ وَلَدَهُ أَوْ بَذَلَ شَحِيحٌ مَالًا فِي مَعْصِيَةٍ وَنَدِمَ لِلْغُرْمِ وَلَا بُدَّ مِنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا الْإِيرَادُ عِنْدَنَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِبَادَةٌ وَالْعِبَادَةُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلَا تَوْبَةَ وَلَا عِبَادَةَ قُلْت هَذَا التَّوْجِيهُ فِيهِ اعْتِرَافٌ بِاعْتِبَارِ الْإِيرَادِ غ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْعَوْدِ فِيمَنْ يَتَمَكَّنُ مِنْ مِثْلِ مَا قَدَّمَهُ فَلَا يَصِحُّ الْعَزْمُ مِنْ الْمَجْبُوبِ عَلَى تَرْكِ الزِّنَا وَلَا مِنْ الْأَخْرَسِ وَمَقْطُوعِ اللِّسَانِ عَلَى تَرْكِ الْقَذْفِ وَتَوْبَةُ الْعَاجِزِ عَنْ الْعَزْمِ صَحِيحَةٌ ( قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يُغَرْغِرَ ) أَوْ يَصِلَ إلَى الِاضْطِرَارِ كَطُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَهُوَ وَاضِحٌ وَكَتَبَ أَيْضًا وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِنْ تَابَ بَعْدَهُ وَكَانَ مَجْنُونًا عِنْدَهُ أَوْ وُلِدَ بَعْدَهُ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَإِنَّمَا لَا تُقْبَلُ تَوْبَةُ مَنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ مُصِرًّا عَلَى الذَّنْبِ وَقْتَهُ وَأَنْ يَتُوبَ قَبْلَ الِاحْتِضَارِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ ) مَا تَفَقَّهَهُ النَّوَوِيُّ

لَا خِلَافَ فِيهِ كَمَا جَزَمَ الْأَنْصَارِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَقَالَ فَأَمَّا إذَا حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَسْلِيمِ النَّفْسِ أَوْ الْمَالِ بِمَنْعِ وَحَبْسِ ظَالِمٍ لَهُ وَحُدُوثِ أَمْرٍ يَصُدُّهُ عَنْ التَّمَكُّنِ سَقَطَ ذَلِكَ عَنْهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْعَزْمُ عَلَى التَّسْلِيمِ إذَا تَمَكَّنَ قَالَ وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ ا هـ قَوْلُهُ وَلَوْ قِيلَ يُكْرَهُ لَمْ يَبْعُدْ ) وَهُوَ كَمَا قَالَ وَهُوَ مَا يُفْهِمُهُ نَصُّ الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ غ

( فَصْلٌ مَنْ مَاتَ وَلَهُ دُيُونٌ ) أَوْ مَظَالِمُ عَلَى شَخْصٍ ( وَلَمْ تَصِلْ إلَى الْوَرَثَةِ ) وَمَاتَ الْمَدِينُ ( طَالَبَ بِهَا ) مُسْتَحِقُّهَا الْأَوَّلُ ( فِي الْآخِرَةِ لَا آخِرُ وَارِثٍ ) مِنْ وَرَثَتِهِ أَوْ وَرَثَةِ وَرَثَتِهِ وَإِنْ نَزَلُوا ( وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى الْوَارِثِ ) عِنْدَ انْتِهَاءِ الِاسْتِحْقَاقِ إلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي أَوْ أَبْرَأَهُ الْوَارِثُ ( خَرَجَ عَنْ مَظْلِمَةِ غَيْرِ الْمَطْلِ ) بِخِلَافِ مَظْلَمَةٌ الْمَطْلِ
( قَوْلُهُ لَا آخِرُ وَارِثٍ مِنْ وَرَثَتِهِ إلَخْ ) قَالَ الْحَنَّاطِيُّ إنَّهُ يَرِثُهُ اللَّهُ تَعَالَى بَعْدَهُمْ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ فِي الْقِيَامَةِ

( فَصْلٌ ) فِي التَّوْبَةِ فِي الظَّاهِرِ ( وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ ) النَّاشِئِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي لَا تَقْتَضِي الْكُفْرَ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ ( بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ فِيهَا أَنَّهُ قَدْ صَلُحَ ) عَمَلًا وَسَرِيرَةً لَا بِإِظْهَارِ التَّوْبَةِ مِنْهُ إذْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الْإِظْهَارِ غَائِلَةٌ وَغَرَضٌ فَاسِدٌ فَاعْتُبِرَتْ مُدَّةٌ لِذَلِكَ ( وَهِيَ سَنَةٌ ) لِأَنَّ لِمُضِيِّهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ أَثَرًا بَيِّنًا فِي تَهْيِيجِ النُّفُوسِ لِمَا تَشْتَهِيهِ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ عَقِبَ تَوْبَتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُظْهِرْ التَّوْبَةَ عَمَّا كَانَ مَسْتُورًا إلَّا عَنْ صَلَاحِ ذَكَرَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ نَقَلَهُ الْإِسْنَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ ظَاهِرٌ ثُمَّ فِي كَوْنِ السَّنَةِ تَحْدِيدِيَّةً أَوْ تَقْرِيبِيَّةً وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي وَالْبَحْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي وَكَلَامُ الْجُمْهُورِ يَقْتَضِي الْجَزْمَ بِالْأَوَّلِ ( وَيُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ) الْمَعْصِيَةِ ( الْقَوْلِيَّةِ الْقَوْلُ ) كَمَا أَنَّ التَّوْبَةَ مِنْ الرِّدَّةِ بِكَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ .
( فَيَقُولُ فِي ) تَوْبَتِهِ مِنْ ( الْقَذْفِ : قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت وَلَا أَعُودُ ) إلَيْهِ أَوْ يَقُولُ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي قَذْفِي وَقَدْ ثَبَتَ مِنْهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لِيَنْدَفِعَ عَارُ الْقَذْفِ وَتَبِعَ فِي عَطْفِهِ لَا أَعُودُ بِالْوَاوِ الْأَصْلَ كَالْجُمْهُورِ وَلَكِنْ عَبَّرَ الْبَغَوِيّ فِي تَعْلِيقِهِ بِأَوْ ( وَلَا يَشْتَرِطُهُ ) فِيهَا ( أَنْ يَقُولَ كَذَبْت ) فِيمَا قَذَفْته بِهِ ( فَقَدْ يَكُونُ صَادِقًا ) فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِالْكَذِبِ وَأَمَّا خَبَرُ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ إكْذَابُهُ نَفْسَهُ فَغَرِيبٌ وَبِتَقْدِيرِ شُهْرَتِهِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الرُّجُوعِ وَالْإِقْرَارِ بِبُطْلَانِ مَا صَدَرَ مِنْهُ فَإِنَّهُ نَوْعُ إكْذَابٍ ( سَوَاءٌ كَانَ ) الْقَذْفُ

( بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي ) بِأَنْ لَمْ يَكْمُلْ عَدَدُ الشُّهُودِ ( أَوْ بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ وَ ) لَكِنْ لَوْ ( كَانَ قَذْفُهُ فِي شَهَادَةٍ لَمْ تَكْمُلْ ) عَدَدًا ( فَلْيَتُبْ ) أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ تَوْبَتُهُ ( عِنْدَ الْقَاضِي وَلَا يُشْتَرَطُ ) حِينَئِذٍ ( مُضِيُّ الْمُدَّةِ ) إذَا كَانَ عَدْلًا قَبْلَ الْقَذْفِ ( وَإِنْ كَانَ ) قَذَفَهُ ( بِالسَّبِّ وَالْإِيذَاءِ اُشْتُرِطَ مُضِيُّهَا ) لِأَنَّ ذَلِكَ فِسْقٌ مَقْطُوعٌ بِهِ بِخِلَافِ الْفِسْقِ عِنْدَ الشَّهَادَةِ وَلِهَذَا تُقْبَلُ رِوَايَةُ مَنْ شَهِدَ بِالزِّنَا وَإِنْ لَمْ يَتُبْ وَتَخْصِيصُهُ وُجُوبَ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْقَاضِي بِالْقَذْفِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْإِحْيَاءِ يُشِيرُ إلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّوْبَةِ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ مُشْكِلٌ وَإِلْحَاقُهُ بِالرِّدَّةِ ضَعِيفٌ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ كَلِمَتَيْ الشَّهَادَةِ مُطَّرِدٌ فِي الرِّدَّةِ الْقَوْلِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ كَإِلْقَاءِ الْمُصْحَفِ فِي الْقَاذُورَاتِ زَادَ الرَّافِعِيُّ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْقَوْلِ أَنْ يَقُولَ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي قَوْلِ كَذَا وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْفِعْلِ مَا كُنْت مُحِقًّا فِي فِعْلِ كَذَا .
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِمَا يَطُولُ ذِكْرُهُ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ مَعَ زِيَادَةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ الرِّدَّةِ مُدَّةٌ وَفَرَّقُوا بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَعَاصِي بِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فَقَدْ أَتَى بِضِدِّ الْكُفْرِ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ احْتِمَالٌ بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَعَاصِي فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ بَعْدَ إسْلَامِهِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسِلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِ الْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ ( فَرْعٌ لَوْ قَذَفَهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى زِنَاهُ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ ) لِإِظْهَارِ صِدْقِهِ بِالْبَيِّنَةِ ( وَلَمْ يَقْدَحْ ) قَذْفُهُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ

زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ اعْتَرَفَ ) بِهِ ( الْمَقْذُوفُ أَوْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ وَلَاعَنَ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ طَلَبَ الْمَقْذُوفُ الْحَدَّ فَطَلَبَ الْقَاذِفُ يَمِينَهُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فَنَكَلَ ( وَلَا يُشْتَرَطُ ) فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْقَاذِفِ ( إحْصَانُ الْمَقْذُوفِ بَلْ قَذْفُهُ لِعَبْدِهِ تُرَدُّ بِهِ شَهَادَتُهُ ) وَيَكْفِي تَحْرِيمُ الْقَذْفِ سَبَبًا لِلرَّدِّ ( وَشَاهِدُ الزُّورِ يَقُولُ ) فِي تَوْبَتِهِ مِنْ شَهَادَتِهِ ( كَذَبْت فِيمَا قُلْت وَلَا أَعُودُ ) إلَى مِثْلِهِ لِتَبَيُّنِ كَذِبِهِ بِالْعِلْمِ بِأَنَّهُ شَهِدَ زُورًا فَلَيْسَ فِيهِ أَمْرُهُ بِالْكَذِبِ ( وَيَسْتَبْرِئُ ) مَعَ ذَلِكَ ( سَنَةً ) كَسَائِرِ الْفَسَقَةِ ( ثُمَّ ) إذَا ظَهَرَ صَلَاحُهُ ( يُقْبَلُ ) فِي شَهَادَتِهِ ( فِي غَيْرِ تِلْكَ الشَّهَادَةِ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فِي غَيْرِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ ( وَمَنْ غَلِطَ فِي شَهَادَةٍ لَمْ يُسْتَبْرَأْ ) أَيْ لَمْ يَجِبْ اسْتِبْرَاؤُهُ ( بَلْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِ وَاقِعَةٍ لِغَلَطٍ ) وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا

( فَصْلٌ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَعُودُ عَدَالَةُ التَّائِبِ عَنْ الْفِسْقِ إلَخْ ) قَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَمَنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِمَعْصِيَةٍ غَيْرِ الْكُفْرِ أَوْ لِنُقْصَانِ مُرُوءَةٍ فَتَابَ لَمْ تَقْبَلْ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَسْتَمِرَّ عَلَى التَّوْبَةِ سَنَةً وَفِي الْمَطَالِبِ أَلْحَقَ الْأَصْحَابُ ذَلِكَ بِالْفِسْقِ فِي وُجُوبِ الِاسْتِبْرَاءِ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ أَقِفْ عَلَى التَّصْرِيحِ بِهِ فِي كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ خَارِمَ الْمُرُوءَةِ صَارَ بِاعْتِيَادِهِ سَجِيَّةً لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اخْتِبَارِ حَالِهِ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ وَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ فِي التَّنْبِيهِ وَذَكَرَ فِي الْمَطْلَبِ الِاحْتِيَاجَ إلَى الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْعَدَاوَةِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَإِذَا مَضَتْ عَلَى السَّلَامَةِ أَشْعَرَ ذَلِكَ بِحُسْنِ السَّرِيرَةِ وَلِهَذَا اعْتَبَرَهَا الشَّرْعُ فِي مُدَّةِ التَّغْرِيبِ وَالْعُنَّةِ وَالزَّكَاةِ وَالدِّيَةِ وَالْجِزْيَةِ ( قَوْلُهُ وَمَحِلُّهُ فِي ظَاهِرِ الْفِسْقِ إلَخْ ) .
اسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ أَيْضًا قَاذِفَ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لِمَفْهُومِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَأَمَّا مَنْ قَذَفَ مُحْصَنَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ حَتَّى يُخْتَبَرَ وَالصَّبِيُّ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِي تَفْسِيقَ الْبَالِغِ ثُمَّ تَابَ وَبَلَغَ تَائِبًا لَمْ يُعْتَبَرْ فِيهِ الِاخْتِبَارُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَقَالَ بَقِيَ اثْنَانِ أُنَبِّهُ عَلَيْهِمَا أَحَدُهُمَا الْعَدُوُّ إذَا زَالَتْ الْعَدَاوَةُ وَكَانَتْ كَبِيرَةً فَتَابَ مِنْهَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الِاخْتِبَارُ لِأَنَّهُ تَائِبٌ مِنْ فِسْقٍ أَوْ لَا لِأَنَّ النُّفُوسَ لَا تَمِيلُ لِلْعَدَاوَةِ غَالِبًا بَلْ تَكْرَهُهَا مَحَلُّ نَظَرٍ وَالْأَرْجَحُ الثَّانِي وَإِذَا قَالَ صَاحِبُ الْمَطْلَبِ بِالِاخْتِبَارِ فِي الْعَدَاوَةِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ الْفِسْقِ فَفِي الْمُفَسِّقَةِ أَوْلَى ، الثَّانِي الْمُبَادِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَجْرُوحٌ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لَا يَحْتَاجُ لِاسْتِبْرَاءٍ قَالَهُ الْبَغَوِيّ .
ا هـ .
وَيُسْتَثْنَى مَا لَوْ عَصَى الْوَلِيُّ بِالْفِعْلِ ثُمَّ تَابَ فَإِنَّهُ يُزَوِّجُ فِي الْحَالِ وَلَا

يَحْتَاجُ إلَى اسْتِبْرَاءٍ وَقَالُوا نَاظِرُ الْوَقْفِ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ لَوْ فَسَقَ ثُمَّ تَابَ عَادَتْ وِلَايَتُهُ وَلَوْ حَصَلَ خَلَلٌ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ زَالَ احْتَاجَ إلَى تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ ثَانِيًا فَلَمْ يَذْكُرُوا مُضِيَّ الْمُدَّةِ وَقَوْلُهُ قَاذِفُ غَيْرِ الْمُحْصَنِ لَا بُدَّ مِنْ اسْتِبْرَائِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِعْلُ الصَّبِيِّ غَيْرَ مَعْصِيَةٍ فَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ مِنْهُ قَوْلُهُ فَلَوْ كَانَ يُخْفِيهِ وَأَقَرَّ بِهِ إلَخْ وَكَذَا مَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رِدَّتِهِ لِإِتْيَانِهِ بِضِدِّ الْمُكَفِّرِ فَلَمْ يَبْقَ مَعَهُ احْتِمَالٌ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا أَسْلَمَ مُرْسَلًا فَإِنْ أَسْلَمَ عِنْدَ تَقْدِيمِهِ لِلْقَتْلِ اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ وَشَاهِدُ الزِّنَا إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِنَقْصِ الْعَدَدِ ثُمَّ تَابَ عَلَى الْمَذْهَب كَمَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي ) وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ الْأَرْجَحُ وَالزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ .
( قَوْلُهُ فَيَقُولُ فِي الْقَذْفِ قَذْفِي بَاطِلٌ ) يَصِحُّ قَوْلُهُ قَذْفِي بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّرْعَ حَظَرَهُ وَمَنَعَنِي مِنْ التَّفَوُّهِ بِهِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي إنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ أَنْ يَقُولَ قَذْفِي لَهُ بِالزِّنَا كَانَ بَاطِلًا ( قَوْلُهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت ) لَمْ يَذْكُرْ قَوْلَهُ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَى مَا فَعَلْت فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَلَا الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَلَا أَتْبَاعُهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَلَّ مَنْ ذَكَرَهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَأْكِيدٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا لَا تُعْتَبَرُ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى إظْهَارِ ضِدِّ الْقَذْفِ كَمَا فِي إظْهَارِ ضِدِّ الْكُفْرِ وَقَالَ إنَّ الْأَرْجَحَ عَدَمُ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ وَلَا أَعُودُ وَهُوَ مُقْتَضَى نُصُوصِ الشَّافِعِيِّ فَلَمْ يُعْتَبَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا هَذِهِ الْمَقَالَةُ وَقَالَ عِنْدِي يُكْتَفَى مِنْ الشَّاهِدِ بِأَنْ يَقُولَ رَجَعْت عَنْ شَهَادَتِي عَلَيْهِ بِالزِّنَا لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا جَلَدَ الثَّلَاثَةَ اسْتَتَابَهُمْ

فَرَجَعَ اثْنَانِ فَقَبِلَ شَهَادَتُهُمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَتَبِعَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَيُشْبِهُ اشْتِرَاطَ كَوْنِ هَذَا الْإِكْذَابِ عِنْدَ الْقَاضِي أَيْ إنْ كَانَ قَذَفَ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْفُونِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ظَاهِرٌ فِيمَنْ بِحَضْرَةِ الْقَاضِي أَوْ اتَّصَلَ بِهِ قَذْفُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ وَإِلَّا فَفِي جَوَازِ إتْيَانِهِ الْقَاضِيَ وَإِعْلَامِهِ بِالْقَذْفِ بَعْدُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَذَى بَلْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْغَزَالِيِّ أَنَّهُ يُكَذِّبُ بِنَفْسِهِ عِنْدَ مَنْ قَذَفَهُ بِحَضْرَتِهِ وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ وَذُكِرَ فِي الْخَادِمِ نَحْوُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّوْبَةِ بِالْقَوْلِ فِي الْقَذْفِ مُشْكِلٌ وَإِلْحَاقَهُ بِالرِّدَّةِ ضَعِيفٌ إلَخْ ) وَيَلْزَمُهُمْ اشْتِرَاطُ الْقَوْلِ فِي كُلِّ قَوْلٍ كَشَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ قَالَ وَقَدْ صَرَّحَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ بِهِ فِي شَهَادَةِ الزُّورِ فَقَالَ التَّوْبَةُ مِنْهَا أَنْ يَقُولَ كَذَبْت وَلَا أَعُودُ .
ا هـ .
وَحَكَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالشَّهَادَةِ أَيْضًا عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي مَوْضِعِهِ وَأَسْقَطَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَجَابَ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بِالْقَوْلِ إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي ( قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَطْلَبِ ثُمَّ تَعَقَّبَهُ ) أَيْ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بِالْقَوْلِ هِيَ الْحَقِيقَةُ وَالْفِعْلُ مُلْحَقٌ بِهِ فَقِيَاسُ الشَّافِعِيِّ عَلَى الْأَصْلِ قَالَ وَلَا نُسَلِّمُ الِاكْتِفَاءَ فِي الرِّدَّةِ الْفِعْلِيَّةِ بِالْقَوْلِ إذَا لَمْ يُزَلْ الْمُصْحَفُ مِنْ ذَلِكَ مَعَ إمْكَانِهِ ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقَذْفِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ أَشَدُّ ضَرَرًا لِأَنَّهُ يُكْسِبُهُ عَارًا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْغَيْبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي عَنْهُ مِنْ أَنَّ اعْتِبَارَ الْقَوْلِ فِي الْمَعَاصِي الْقَوْلِيَّةِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا أَبْرَزَهُ قَائِلُهُ عَلَى أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ وَلَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي مَعَاصِي

الْأَفْعَالِ لِأَنَّهُ مَتَى أَبْرَزَهُ عَلَى أَنَّهُ حَقُّ كُفْرٍ وَقَالَ إنَّهُ مِنْ النَّفَائِسِ وَهُنَا أُمُورٌ أَحَدُهَا حَمَلَ الْبُلْقِينِيُّ كَلَامَهُمْ عَلَى مَا أَتَى بِهِ عَلَى صُورَةِ أَنَّهُ مُحِقٌّ فِيهِ فَأَمَّا غَيْرُهُ كَاللَّعْنِ ، وَقَوْلِهِ يَا خِنْزِيرُ وَنَحْوِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوْبَةِ مِنْهُ الْقَوْلُ قَطْعًا لِعَدَمِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِذَلِكَ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ثَانِيهَا أَنَّ عِبَارَةَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْمُحَرَّرِ وَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا الْقَذْفُ بَاطِلٌ .
وَذَكَرَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّ قَذْفِي بَاطِلٌ لَا يُسَاوِيهِ لِاحْتِمَالِ الْإِضَافَةِ لِلْمَفْعُولِ ثَالِثُهَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ يَقُولُ الْقَذْفُ بَاطِلٌ حَرَامٌ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ فَإِنَّ الْبَاطِلَ يُطْلَقُ عَلَى الْهَدَرِ وَمِنْهُ ذَهَبَ دَمُهُ بُطْلًا وَعَلَى اللَّهْوِ وَمِمَّنْ اعْتَبَرَ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ وَاقْتَصَرَ الْمَحَامِلِيُّ فِي التَّجْرِيدِ عَلَى قَوْلِهِ حَرَامٌ وَهُوَ حَسَنٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَعَلَّهُ لَمَّا أَظْهَرَ الْقَذْفَ وَجَاهَرَ بِهِ حَسُنَ أَنْ يَجِبَ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِالْقَوْلِ جَبْرُ الْقَلْبِ الْمَقْذُوفِ وَصَوْنًا لِمَا انْتَهَكَهُ مِنْ عِرْضِهِ وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ الْفِعْلِيَّةُ فَالْحَقُّ فِي التَّوْبَةِ عَنْهَا مُتَمَحِّضٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى التَّلَفُّظِ بِهَا إذْ الْعُمْدَةُ فِيهَا الصِّدْقُ بَاطِنًا وَذَلِكَ الْمَعْنَى مَعْدُومٌ هُنَا وَأَمَّا الرِّدَّةُ وَكَوْنُهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ التَّلَفُّظِ فِي الْحَالَيْنِ فَفِيهِ تَعَبُّدٌ مِنْ الشَّارِعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَفَرَ بِالنِّيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَوْ قَذَفَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى لَفْظٍ أَلْبَتَّةَ فِيمَا نَعْتَقِدُهُ بَلْ وَلَوْ قَذَفَ خَالِيًا بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ إلَخْ ) وَهُوَ حَسَنٌ ر ( قَوْلُهُ وَشَاهِدُ الزُّورِ

يَقُولُ كَذَبْت فِيمَا قُلْت وَلَا أَعُودُ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزُّورِ فَأَنْكَرَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مَا دَامَ مُنْكِرًا لِأَنَّهُ فِي الظَّاهِرِ مُصِرٌّ عَلَى مَا حَدَثَ مِنْهُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَإِذَا ثَبَتَ زُورُ الشَّاهِدِ بِإِقْرَارِهِ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِلِسَانِهِ بِزُورِهِ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي إعَادَتِهِ وَإِذَا ثَبَتَ بِغَيْرِ إقْرَارِهِ فَيَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْقَوْلِ شَيْءٌ غَيْرُ ذَلِكَ .
ثُمَّ قَالَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي شَاهِدِ الزُّورِ الْقَوْلُ بِخِلَافِ الْقَذْفِ لِظُهُورِ زُورِهِ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فِي تَوْبَتِهِ حَتَّى أَنَّ شَاهِدَ الزُّورِ لَوْ ظَهَرَ زُورُهُ فِي شَهَادَةِ الْقَذْفِ بِأَنْ شَهِدَ أَنَّهُ رَآهُ يَزْنِي أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ كَذَا وَظَهَرَ بِالطَّرِيقِ الْمُعْتَبَرِ أَنَّ الشَّاهِدَ ذَلِكَ الْيَوْمَ كَانَ بِمِصْرٍ أَوْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ كَانَ بِمَكَّةَ فَلَا أَعْتَبِرُ فِي التَّوْبَةِ مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ لِظُهُورِ بُطْلَانِهِ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَزَالَ مَا كَانَ يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مِنْ الْعَارِ بِمَا هُوَ أَشَدُّ فِي الْإِزَالَةِ مِنْ الْقَوْلِ .
ا هـ .

( فَصْلٌ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ عَلَى الْفَوْرِ ) بِالِاتِّفَاقِ ( وَتَصِحُّ مِنْ ذَنْبٍ دُونَ ذَنْبٍ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ ) تَوْبَتُهُ ( وَتَكَرَّرَ مِنْهُ الْعَوْدُ ) إلَى الذَّنْبِ ( وَلَا تَبْطُلُ ) تَوْبَتُهُ ( بِهِ ) بَلْ هُوَ مُطَالَبٌ بِالذَّنْبِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ ( وَإِنْ كَانَتْ ) تَوْبَتُهُ ( مِنْ الْقَتْلِ ) الْمَوْجُودِ لِلْقَوَدِ ( صَحَّتْ ) تَوْبَتُهُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ لِيُقْتَصَّ مِنْهُ ( وَمَنْعُهُ الْقِصَاصَ ) حِينَئِذٍ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ ( مَعْصِيَةٌ جَدِيدَةٌ لَا تَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ ) بَلْ تَقْتَضِي تَوْبَتَهُ مِنْهَا ( وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَجْدِيدُ التَّوْبَةِ كُلَّمَا ذَكَرَ الذَّنْبَ ) وَقِيلَ يَجِبُ لِأَنَّ تَرْكَهُ حِينَئِذٍ اسْتِهَانَةٌ بِالذَّنْبِ وَالْأَوَّلُ يَمْنَعُ ذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَسُقُوطُ الذَّنْبِ بِالتَّوْبَةِ مَظْنُونٌ ) لَا مَقْطُوعٌ بِهِ ( وَ ) سُقُوطُهُ ( بِالْإِسْلَامِ مَعَ النَّدَمِ مَقْطُوعٌ بِهِ ) وَثَابِتٌ بِالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَ إسْلَامُ الْكَافِرِ تَوْبَةً مِنْ كُفْرِهِ وَإِنَّمَا تَوْبَتُهُ نَدَمُهُ عَلَى كُفْرِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إيمَانُهُ بِلَا نَدَمٍ فَتَجِبُ مُقَارَنَةُ الْإِيمَانِ لِلنَّدَمِ عَلَى الْكُفْرِ .
قَوْلُهُ تَجِبُ التَّوْبَةُ مِنْ الْمَعْصِيَةِ ) شَمِلَ قَوْلُهُ الْمَعْصِيَةِ الْكَبَائِرَ وَالصَّغَائِرَ وَلَكِنَّ الصَّغَائِرَ قَدْ تُمْحَى بِغَيْرِ تَوْبَةٍ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَالصِّيَامِ وَالْوُضُوءِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْحَسَنَاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَقَدْ تُكَفِّرُ الصَّلَوَاتُ وَالْجُمَعُ وَصِيَامُ رَمَضَانَ بَعْضَ الْكَبَائِرِ إذَا لَمْ تُوجَدْ صَغِيرَةٌ ( قَوْلُهُ لَا يَقْدَحُ فِي التَّوْبَةِ ) إنَّمَا صَحَّتْ التَّوْبَةُ فِي هَذِهِ مَعَ بَقَاءِ ظُلَامَةِ الْآدَمِيِّ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكَادُ يَسْمَحُ بِتَلَفِ نَفْسِهِ وَالْعَفْوُ عَنْهَا مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَهَذَا الْمَنْعُ طَرِيقٌ إلَيْهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( حَكَمَ ) الْقَاضِي ( بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا ) لَهُ ( كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ فَاسِقَيْنِ ) أَوْ خُنْثَيَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ ( نُقِضَ حُكْمُهُ ) أَيْ أُظْهِرَ بُطْلَانُهُ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ كَمَا لَوْ حَكَمَ بِاجْتِهَادِهِ فَوُجِدَ النَّصُّ بِخِلَافِهِ ( وَيَنْقُضُهُ غَيْرُهُ ) إذَا بَانَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي شَهَادَةِ الْعَبِيدِ فَكَيْفَ نَقْضُ الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ وَالِاجْتِهَادِ قُلْنَا لِأَنَّ الصُّورَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَنْ لَا يَعْتَقِدُ الْحُكْمَ بِشَهَادَةِ الْعَبِيدِ وَحَكَمَ بِشَهَادَةِ مَنْ ظَنَّهُمَا حُرَّيْنِ فَلَا اعْتِدَادَ بِمِثْلِ هَذَا الْحُكْمِ وَلِأَنَّهُ حُكْمٌ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ الْجَلِيِّ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَاقِصٌ فِي الْوِلَايَاتِ وَسَائِرِ الْأَحْكَامِ فَكَذَا فِي الشَّهَادَةِ ( وَإِنْ شَهِدَا ثَمَّ فِسْقًا أَوْ ارْتَدَّ قَبْلَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمَا لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِمَا ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَيُشْعِرُ بِخُبْثٍ كَأَمْنٍ وَلِأَنَّ الْفِسْقَ يَخْفَى غَالِبًا فَرُبَّمَا كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَ الشَّهَادَةِ ( وَإِنْ ) شَهِدَا ثُمَّ ( مَاتَا أَوْ جُنَّا أَوْ عَمِيَا أَوْ خَرِسَا حُكِمَ ) بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى ( بَلْ يَجُوزُ التَّعْدِيلُ ) لَهُمَا ( بَعْدَ حُدُوثِهَا ) ثُمَّ يُحْكَمُ بِشَهَادَتِهِمَا ( وَلَوْ فَسَقَا ) أَوْ ارْتَدَّا ( بَعْدَ الْحُكْمِ ) بِشَهَادَتِهِمَا ( وَقَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَالِ اسْتَوْفَى كَمَا وَرَجَعَا ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِالْمَالِ الْحُدُودُ فَلَا يُسْتَوْفَى ( فَرْعٌ فَإِنْ قَالَ الْحَاكِمُ بَعْدَ الْحُكْمِ بَانَ لِي أَنَّهُمَا كَانَا فَاسِقَيْنِ ) وَلَمْ تَظْهَرْ بَيِّنَةٌ بِفِسْقِهِمَا ( نُقِضَ ) حُكْمُهُ أَيْضًا ( إنْ جَوَّزْنَا قَضَاءَهُ بِالْعِلْمِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ ( وَلَمْ يُتَّهَمْ فِيهِ وَلَوْ قَالَ أُكْرِهْت عَلَى الْحُكْمِ ) بِشَهَادَتِهِمَا ( وَأَنَا أَعْلَمُ فِسْقَهُمَا قُبِلَ ) قَوْلُهُ ( مِنْ غَيْرِ قَرِينَةٍ ) عَلَى الْإِكْرَاهِ

وَتَعْبِيرُهُ بِالْقَرِينَةِ لَا يُوَافِقُ تَعْبِيرَ أَصْلِهِ بِالْبَيِّنَةِ الْمُوَافِقِ لِقَوْلِهِمْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الشَّخْصِ أَنَّهُ أُكْرِهَ إلَّا بِقَرِينَةٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ مِمَّا يُسَوِّغُ الْإِقْدَامَ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَرِفٌ عَلَى نَفْسِهِ بِالْخَطَأِ فَلَا يَتَعَدَّى اعْتِرَافُهُ إلَى غَيْرِهِ ( وَيُنْقَضُ ) الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ ( إنْ بَانَا وَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدَيْنِ لِلشُّهُودِ لَهُ أَوْ عَدُوَّيْنِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ ) وَقَوْلُ الْأَصْلِ بَانَا بِالْبَيِّنَةِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلِهَذَا تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قَالَ الْحَاكِمُ كُنْت يَوْمَ الْحُكْمِ فَاسِقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّاهِدَانِ كُنَّ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَاسِقَيْنِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَيُفَارِقُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ بَانَ لِي فِسْقُ الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِصِفَةِ نَفْسِهِ مِنْهُ بِصِفَةِ غَيْرِهِ فَتَقْصِيرُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ أَكْثَرُ

( قَوْلُهُ لَوْ حَكَمَ بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَبَانَا ) أَيْ عِنْدَ الشَّهَادَةِ أَوْ عِنْدَ الْحُكْمِ وَقَوْلُهُ كَافِرَيْنِ إلَخْ لَوْ بَانَ أَحَدُهُمَا كَانَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَلَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَحَلَفَ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَتَبَرَّعَ بِأَنْ تُفْرَضَ فِيهَا لِصِدْقِ شَاهِدَيْهِ عَلَى الْأَرْجَحِ عِنْدَ الْبُلْقِينِيِّ مَنْ تَرَدَّدَ لَهُ لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْحُكْمِ لَا بُدَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ لِلْحَاكِمِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ أَنَّ الشَّاهِدَ وَالْيَمِينَ مُسْتَنَدُ الْحُكْمِ ( قَوْلُهُ أَيْ أَظْهَرَ بُطْلَانَهُ ) فَتَكُونُ الْفَوَائِدُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْعَيْنِ الْمَحْكُومِ بِهَا مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى أَنْ نُقِضَ لِرَبِّهَا ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قِيلَ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَكَذَا لَوْ اعْتَقَدَ قَبُولَ الْكَافِرِ أَمَّا عَلَى مِثْلِهِ أَوْ فِي الْوَصِيَّةِ فِي السَّفَرِ قَالَهُ جَمْعٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ قَبُولِ قَوْلِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ فِي قَوَاعِدِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ بِالْقَتْلِ عَلَى شَهَادَةِ زُورٍ أَوْ عَلَى حُكْمٍ بِبَاطِلٍ فَإِنْ كَانَ مَا أُكْرِهَ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ الْحُكْمِ بِهِ قَتْلًا أَوْ قَطْعَ عُضْوٍ أَوْ إحْلَالَ بُضْعٍ مُحَرَّمٍ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَلَا الْحُكْمُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَوْ الْحُكْمُ بِمَالٍ لَزِمَهُ إتْلَافُهُ حِفْظًا لِمُهْجَتِهِ كَمَا يَلْزَمُهُ حِفْظُهَا بِأَكْلِ مَالِ الْغَيْرِ وَقَالَ بَعْدَ هَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ بِالْقَتْلِ أَوْ بِمَا يُؤَدِّي إلَيْهِ كَقَطْعِ عُضْوٍ فَإِنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ يَتَضَمَّنُ قَتْلَ نَفْسٍ مَعْصُومَةٍ أَوْ زِنًا أَوْ لِوَاطًا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِغَيْرِ ذَلِكَ جَازَتْ لِحُرْمَةِ النَّفْسِ وَالْإِكْرَاهُ عَلَى الْحُكْمِ كَهُوَ عَلَى شَهَادَةِ الزُّورِ وَصَوَّرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقْتَ الْبَحْثِ وُقُوعَ ذَلِكَ فِي اللِّوَاطِ بِأَنْ يُكْرِهَهُ بِأَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا غُلَامُهُ وَهُوَ

يَعْلَمُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ لَاطَ بِهِ بَعْدَ اسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا بِالْأَمَةِ ( قَوْلُهُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَيْدٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ ) ( إنَّمَا يُحْكَمُ بِوَاحِدٍ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ ) لِلصَّوْمِ ( لَا غَيْرِهِ ) لِمَا مَرَّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا شَهْرٌ نَذَرَ صَوْمَهُ وَتَقَدَّمَ ثَمَّ مَا فِيهِ ( ثُمَّ الشَّهَادَاتُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ الْأَوَّلُ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ ) وَالْمَيْتَةِ ( فَلَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } وقَوْله تَعَالَى { لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ } وقَوْله تَعَالَى { فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ } وَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ { أَنَّهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت إنْ وَجَدْت مَعَ امْرَأَتِي رَجُلًا أُمْهِلُهُ حَتَّى آتِيَ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَقَالَ نَعَمْ } وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْقَبَائِحِ الشَّنِيعَةِ فَغُلِّظَتْ الشَّهَادَةُ فِيهِ لِيَكُونَ أَسْتَرَ ( وَيَثْبُتُ الْإِقْرَارُ بِهِ ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ ( كَالْقَذْفِ بِرَجُلَيْنِ ) لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ ( وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرُوا ) أَيْ شُهُودُ الزِّنَا ( الْمَرْأَةَ ) الزِّنَى بِهَا فَقَدْ يَظُنُّونَ وَطْءَ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَةِ ابْنِهِ زِنًا ( وَ ) أَنْ يَذْكُرُوا ( الزِّنَا ) مُفَسَّرًا .
( وَيَقُولُونَ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ فَيَقُولُونَ ( رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ ) مِنْهُ ( فِي فَرْجِ فُلَانَةَ عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا ) فَقَدْ يَظُنُّونَ الْمُفَاخَذَةَ زِنًا وَفِي الْخَبَرِ { زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ } بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمْ بِوَطْءِ الشُّبْهَةِ يَكْفِي إطْلَاقُهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ وَلِهَذَا يَثْبُتُ بِمَا يَثْبُتُ بِهِ الْمَالُ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ ) الشَّاهِدُ بِذَلِكَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ نَحْوَهُ فِي فَرْجِهَا ( كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ ) وَإِنَّمَا يَذْكُرُهُ احْتِيَاطًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَاعْتَبَرَ

الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُمَا ذِكْرَ مَكَانِ الزِّنَا وَزَمَانِهِ وَهُوَ مَا فِي التَّنْبِيهِ فِي الْمَكَانِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤَالُ الْبَاقِينَ عَنْهُ وَإِلَّا فَلَا ( وَيَكْفِي ) الشَّاهِدُ ( فِي وَطْءِ الشُّبْهَةِ أَنْ يَقُولَ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ وَيَجُوزُ النَّظَرُ ) مِنْهُ ( إلَى الْفَرْجِ لِلشَّهَادَةِ ) كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ

الْبَابُ الثَّانِي فِي الْعَدَدِ وَالذُّكُورَةِ ) ( قَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ ) كَهِلَالِ ذِي الْحِجَّةِ أَوْ شَوَّالٍ ( قَوْلُهُ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ إنَّهُ يَثْبُتُ بِالْوَاحِدِ أَيْضًا إلَخْ ) فِي الْمَجْمُوعِ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ عَنْ الْمُتَوَلِّي لَوْ مَاتَ ذِمِّيٌّ فَشَهِدَ عَدْلٌ بِأَنَّهُ أَسْلَمَ لَمْ يَكْفِ فِي الْإِرْثِ وَالْحُرُمَاتِ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَابِعِهَا وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ وَفِي قَبُولِ وَاحِدٍ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِخَبَرِ الْعَوْنِ الْوَاحِدِ فِي امْتِنَاعِ الْخَصْمِ الْمُتَعَزِّزِ مِنْ الْحُضُورِ وَيُؤَدِّبُهُ بِذَلِكَ وَأَنَّ شَهَادَةَ الْوَاحِدِ لَوْثٌ وَالِاكْتِفَاءُ بِقَاسِمٍ وَاحِدٍ وَبِخَارِصٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الِاكْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ وَجْهَانِ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ الْقِيَاسُ الْقَبُولُ غ قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ الْقَبُولِ فِي ذَلِكَ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْعُبَابِ ( قَوْلُهُ وَإِتْيَانِ الْبَهِيمَةِ وَالْمَيْتَةِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مُقْتَضَاهُ أَنَّ كُلَّ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ إلَّا التَّعْزِيرَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ أَيْضًا وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا عُقُوبَةَ فِيهِ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَشَاهِدٍ وَيَمِينٍ كَمَا سَيَأْتِي وَيُتَصَوَّرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ مِنْهَا إذَا ادَّعَى أَنَّهُ أَكْرَه أَمَتَهُ عَلَى الزِّنَا وَمِنْهَا إذَا قَذَفَهُ وَأَرَادَ نَفْيَ الْحَدِّ عَنْهُ وَمِنْهَا الْجَرْحُ وَكَذَا إذَا عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى زِنَاهَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ قَوْلٌ ) فَأَشْبَهَ سَائِرَ الْأَقْوَالِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْمُعَايَنَةِ أَنَّ الْمُقِرَّ لَا يَتَحَتَّمُ حَدُّهُ بِخِلَافِ الْمُعَايِنِ ( قَوْلُهُ وَرَأَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذَلِكَ وَجَبَ سُؤْلُ

الْبَاقِينَ وَإِلَّا فَلَا ) لِأَنَّهُ لَوْ وَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إذَا لَمْ يَذْكُرُوهُ لَوَجَبَ سُؤَالُهُمْ عَنْ ثِيَابِهِ وَثِيَابِهِمْ وَعَنْ لَوْنِ الْمَزْنِيِّ بِهَا مِنْ سَوَادٍ أَوْ بَيَاضٍ وَعَنْ سِنِّهَا مِنْ صَغِيرَةٍ أَوْ كَبِيرَةٍ وَعَنْ قَدِّهَا مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ لِأَنَّ اخْتِلَافَهُمْ فِيهِ مُوجِبٌ لِاخْتِلَافِ الشَّهَادَةِ فَيَتَنَاهَى إلَى مَا لَا يُحْصَى وَهَذَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي السُّؤَالِ فَكَذَلِكَ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ إلَّا أَنْ يَبْتَدِئَ بَعْضُ الشُّهُودِ بِذِكْرِهِ فَيَسْأَلَ الْبَاقُونَ عَنْهُ لِيَعْلَمَ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ مُوَافَقَةٍ وَاخْتِلَافٍ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمَكَانِ وَلَا الزَّمَانِ وَلَوْ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّهُودِ لِأَنَّهُمْ لَوْ قَالُوا لَا نَدْرِي فِي أَيِّ زَمَانٍ كَانَتْ شَهَادَتُهُمْ مَقْبُولَةً وَأَمَّا الْمَكَانُ فَفِي نِسْيَانِهِ أَبْعَدُ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَسْأَلْ عَنْهُ عُمَرُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَعْتَبِرْهُ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ .
ا هـ .

( الضَّرْبُ الثَّانِي فِيمَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ فَالْعُقُوبَاتُ ) الَّتِي لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِلْآدَمِيِّ ( كَالشُّرْبِ ) أَيْ كَحَدِّهِ ( وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالرِّدَّةِ ) أَيْ الْقَتْلِ بِهَا ( وَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ وَالطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالتَّعْزِيرِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ ) لَا بِغَيْرِهِمَا كَالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَالنِّسْوَةِ ( وَغَيْرُ الْعُقُوبَةِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا فَكَذَلِكَ ) أَيْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَذَلِكَ ( كَالنِّكَاحِ وَالرَّجْعَةِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِسْلَامِ وَالرِّدَّةِ وَالْبُلُوغِ وَالْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْإِعْسَارِ وَالْمَوْتِ وَالْخُلْعِ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ ) بِأَنْ ادَّعَتْهُ عَلَى زَوْجِهَا ( وَالْوَلَاءِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ) بِالْأَشْهَرِ ( وَجَرْحِ الشُّهُودِ وَتَعْدِيلِهِمْ وَالْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ ) وَلَوْ عَلَى مَالٍ ( وَالْإِحْصَانِ وَالْكَفَالَةِ ) بِالْبَدَنِ ( وَرُؤْيَةِ غَيْرِ رَمَضَانَ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْحُكْمِ وَالتَّدْبِيرِ وَالِاسْتِيلَادِ وَكَذَا الْكِتَابَةُ ) إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ .
( وَالْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ وَالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ ) وَإِنْ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ فِي مَالٍ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْوِصَايَةِ وَتَقَدَّمَ خَبَرُ لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ وَرَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَقِيسَ بِالْمَذْكُورَاتِ غَيْرُهَا مِمَّا يُشَارِكُهَا فِي الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَالْوَكَالَةُ وَنَحْوُهَا وَإِنْ كَانَتْ فِي مَالٍ ، الْقَصْدُ مِنْهَا الْوِلَايَةُ وَالسَّلْطَنَةُ لَكِنْ لَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ اخْتِلَافَهُمْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْقِرَاضِ وَالشَّرِكَةِ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّلَ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى تَفْصِيلٍ فَيُقَالُ إنْ رَامَ مُدَّعِيهَا إثْبَاتَ التَّصَرُّفِ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ أَوْ إثْبَاتَ حِصَّةٍ مِنْ الرِّبْحِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إذَا

الْمَقْصُودُ الْمَالُ وَيَقْرَبُ مِنْهُ دَعْوَى الْمَرْأَةِ النِّكَاحَ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ فَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ وَكَذَا لَوْ ادَّعَى أَنَّ زَيْدًا أَوْصَى إلَى عُمَرَ وَبِإِعْلَائِهِ كَذَا فَتَثْبُتُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ دُونَ الْوِصَايَةِ انْتَهَى وَإِنَّمَا لَمْ يَكْتَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْعَفْوِ عَنْ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ الْمَالُ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ فِي نَفْسِهَا مُوجِبَةٌ لِلْقِصَاصِ لَوْ ثَبَتَتْ وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ بَدَلٌ عَنْهُ .
وَاكْتَفَى فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِرَجُلَيْنِ وَلَمْ يَحْتَجْ إلَى أَرْبَعَةٍ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ لِأَنَّهُ يُصَرِّحُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ فِعْلًا وَلَا سَمِعَ قَوْلًا فَهُوَ كَمَنْ شَهِدَ بِإِقْرَارِ اثْنَيْنِ وَلَوْ قُلْنَا بِقِيَامِهِ مَقَامَهُ قَامَ الرَّجُلَانِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِ الْأَصْلَيْنِ مَقَامَهُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَا مَقَامَ الثَّانِي كَمَنْ شَهِدَ مَرَّةً بِشَيْءٍ ثُمَّ شَهِدَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ وَسَوَاءٌ فِي اشْتِرَاطِ الرَّجُلَيْنِ كَانَ الْأَصْلُ رَجُلًا أَمْ رَجُلَيْنِ أَمْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَمْ أَرْبَعَ نِسْوَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِي فِيمَا مَرَّ إنْ ادَّعَى الرَّقِيقُ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ مَا لَوْ ادَّعَاهُ السَّيِّدُ عَلَى مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ أَوْ الْكِتَابَةَ عَلَى الرَّقِيقِ لِأَجَلِ النُّجُومِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ فِيهَا مَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ ( وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءُ غَالِبًا يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ ) وَذَلِكَ ( كَالْوِلَادَةِ وَالْبَكَارَةِ وَالثِّيَابَةِ وَالرَّتْقِ وَالْقَرْنِ وَالْحَيْضِ وَالرَّضَاعِ وَعَيْبِ الْمَرْأَةِ مِنْ بَرَصٍ وَغَيْرِهِ ) كَجِرَاحَةٍ عَلَى فَرْجِهَا ( تَحْتَ الْإِزَارِ ) حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً ( وَاسْتِهْلَالِ

الْوَلَدِ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَوْ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ) رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ مَضَتْ السُّنَّةُ بِأَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ وَقِيسَ بِذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا شَارَكَهُ فِي الضَّابِطِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ مُنْفَرِدَاتٍ فَقَبُولُ الرَّجُلَيْنِ وَالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ أَوْلَى .
وَمَا تَقَرَّرَ فِي مَسْأَلَةِ الرَّضَاعِ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي بِمَا إذَا كَانَ الرَّضَاعُ مِنْ الثَّدْيِ فَإِنْ كَانَ مِنْ إنَاءٍ حُلِبَ فِيهِ اللَّبَنُ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الرِّجَالَ لَا يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يُقْبَلْنَ فِيهِ مُنْفَرِدَاتٍ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إلَّا أَرْبَعٌ إلَى آخِرِهِ ( وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى ذَلِكَ ( وَيَثْبُتُ ) الْعَيْبُ ( فِي الْأَمَةِ فِيمَا يَبْدُو حَالَ الْمِهْنَةِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ) مِنْهُ ( الْمَالُ ) لَكِنْ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ إنَّمَا بِإِتْيَانٍ عَلَى الْقَوْلِ بِحِلِّ النَّظَرِ إلَى ذَلِكَ أَمَّا عَلَى مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْأُولَى وَالنَّوَوِيُّ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ تَحْرِيمِ ذَلِكَ فَالْأَوْجَهُ قَبُولُ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ اخْتِصَاصُ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُ الْعَيْبِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لِفَسْخِ النِّكَاحِ لَمْ يُقْبَلْ

( الضَّرْبُ الثَّانِي ) ( قَوْلُهُ وَالطَّرَفِ ) كَقَطْعِ الْيَدِ مِنْ السَّاعِدِ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْكُوعِ وَالْجَرْحِ عَلَى الْفَرْجِ إنْ أَوْجَبَ الْقِصَاصَ ( قَوْلُهُ وَالْإِسْلَامِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ ادَّعَى الْإِسْلَامَ وَاحِدٌ مِنْ الْكُفَّارِ قَبْلَ أَسْرِهِ وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الِاسْتِرْقَاقِ وَالْمُفَادَاةُ دُونَ نَفْيِ الْقَتْلِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْإِعْسَارِ ) يُسْتَثْنَى مِنْهُ إعْسَارُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي يُسَلِّطُ السَّيِّدَ عَلَى فَسْخِ الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ ( قَوْلُهُ وَالْمَوْتِ ) نَازَعَ الْبُلْقِينِيُّ فِي كَوْنِ الْمَوْتِ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَالِبًا إلَّا الرِّجَالُ وَقَالَ لَكِنْ الْمُدْرِكُ لِمَنْعِ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ فِيهِ أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْأَمْوَالِ وَعُقُودِهَا وَحُقُوقِهَا قَالَ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمَوْتِ مَا إذَا كَانَ بِقَتْلٍ مُوجِبٍ لِلْمَالِ كَمَا إذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِأَنَّ فُلَانًا مَاتَ بِقَتْلِ فُلَانٍ لَهُ خَطَأً أَوْ بِقَتْلِ صَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ لَهُ أَوْ بِقَتْلِ حُرٍّ عَبْدًا أَوْ مُسْلِمٍ ذِمِّيًّا أَوْ أَصْلِهِ لَهُ فَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ لِأَنَّهُ مُوجِبٌ لِلْمَالِ بِسَبَبِ الْإِزْهَاقِ .
وَكَذَا إذَا كَانَ الْمَوْتُ بِقَتْلٍ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ السَّلْبِ أَوْ كَانَ مَوْتَ حَيَوَانٍ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِ نَاطِقٍ تَحْتَ يَدِهِ أَمَانَةٌ وَقُلْنَا لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ مَوْتِهِ لِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْبَابِ الظَّاهِرَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي فَيَثْبُتُ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ لِدَفْعِ الْمُطَالَبَةِ بِبَدَلِهِ وَكَذَا قِيَامُ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ بِحُلُولِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ قَالَ شَيْخُنَا مَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ غَيْرُ وَارِدٍ عَلَى كَلَامِهِمْ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا بِنَفْيِ الْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ فِي ثُبُوتِ الْمَوْتِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالَ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى مَا الْغَرَضُ مِنْهُ

الْمَالُ كَاتَبَهُ ( قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ التَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهَا وَجَزَمَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِأَنَّ الْبَيْعَ الْمُدَّعَى صُدُورُهُ مِنْ وَكِيلِ فُلَانٍ فِي الْبَيْعِ يَثْبُتُ وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ الْوَكَالَةَ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَهْرِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ تَعَالَى نَصَّ عَلَى الرَّجُلَيْنِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ كُلَّ مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْمَالُ إذَا لَمْ تُقْبَلْ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى الِانْفِرَادِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُنَّ مَعَ الرِّجَالِ كَالْقِصَاصِ بِوِفَاقِ الْخَصْمِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنَزَّلَ كَلَامُ الْفَرِيقَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَلَامُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ .
( قَوْلُهُ وَيَقْرَبُ مِنْهُ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ وَلَا مُعْتَمَدٌ عَلَيْهِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ إرْثُ مَنْ لَمْ تَثْبُتْ زَوْجِيَّتُهَا وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الزَّوْجَ تَثْبُتُ زَوْجِيَّتُهُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجَتِهِ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَهَذَا بَعِيدٌ وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يُثْبِتَ لِلْمَرْأَةِ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهَا وَهُوَ غَرِيبٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ ( قَوْلُهُ لِإِثْبَاتِ الْمَهْرِ ) أَوْ لِإِثْبَاتِ الْأَرْشِ ( قَوْلُهُ وَالْحَيْضِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِمَّا تُمْكِنُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ ) وَبِهِ صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ هُنَا وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيِّ لَكِنْ فِي الشَّرْحَيْنِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ عُلِّقَ بِحَيْضِهَا فَقَالَتْ حِضْت وَأَنْكَرَ صُدِّقَتْ بِيَمِينِهَا بِتَعَذُّرِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ الدَّمَ وَإِنْ شُوهِدَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ حَيْضٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اسْتِحَاضَةٌ وَصَرَّحَ بِمِثْلِهِ فِي الدِّيَاتِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى دِيَةِ

الشَّمِّ وَبِهِ أَجَابَ الْعِمَادُ بْنُ يُونُسَ فِي فَتَاوِيهِ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ وَمَا ذُكِرَ فِي الطَّلَاقِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى عُسْرِ الْبَيِّنَةِ لَا عَلَى التَّعَذُّرِ وَقَوْلُهُ وَبِهِ أَجَابَ الْعِمَادُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
وَكَذَا قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ إلَخْ ( قَوْلُهُ وَعَيْبِ الْمَرْأَةِ إلَخْ ) خَرَجَ بِالْمَرْأَةِ الْخُنْثَى فَالْمُرَجَّحُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِيهِ فَلَا يَرَاهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ الرِّجَالُ وَلَا النِّسَاءُ وَفِي وَجْهٍ يُسْتَصْحَبُ حُكْمُ الصِّغَرِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَإِنْ قُلْنَا بِهَذَا فَعُيُوبُهُ تَحْتَ الْإِزَارِ لَا تَثْبُتُ بِالنِّسْوَةِ الْمُتَمَحِّضَاتِ أَيْضًا لِفَقْدِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِقَبُولِ شَهَادَةِ النِّسْوَةِ الْمُنْفَرِدَاتِ ( قَوْلُهُ تَحْتَ الْإِزَارِ ) مُرَادُهُمْ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ تَحْتِ الثِّيَابِ وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ تَفَاوُتٌ لَكِنْ لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِمُقْتَضَاهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ قَوْلِهِمْ تَحْتَ الْإِزَارِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِيمَا فَوْقَ السُّرَّةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَلَا فِيمَا تَحْتَ الرُّكْبَةِ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَذَكَرَ الْجُرْجَانِيُّ فِي الشَّافِي أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ الْوِلَادَةِ وَاسْتِهْلَالِ الْمَوْلُودِ إذَا مَاتَ وَالرَّضَاعِ وَالْعُيُوبِ الَّتِي تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ الْحُرَّةِ فِي جَمِيعِ بَدَنِهَا إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَمِنْ الْأَمَةِ فِيمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ وَقَالَ فِي التَّحْرِيرِ وَالْعُيُوبُ تَحْتَ الثِّيَابِ مِنْ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَلَمْ يُفَصِّلْ وَهُوَ قَضِيَّةُ مَا فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِانْفِرَادِهِنَّ فِي جَمِيعِ عُيُوبِ النِّسَاءِ فِي جَمِيعِ أَبْدَانِهِنَّ إلَّا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ وَالْأَمَةُ فِي ذَلِكَ كَالْحُرَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ غ ( قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ) أَمَّا اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ فَلِأَنَّ مَا لَيْسَ

بِمَالٍ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَقَامَ الرَّجُلَ مَقَامَ الْمَرْأَتَيْنِ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ { لَشَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ تَعْدِلُ شَهَادَةَ رَجُلٍ } فَلَزِمَ اعْتِبَارُ الْأَرْبَعِ ( قَوْلُهُ قَيَّدَهُ الْقَفَّالُ وَالْمُتَوَلِّي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ بِأَنَّ هَذَا اللَّبَنَ مِنْ هَذِهِ الْمَرْأَةِ ) قَدْ جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ عَيْبٌ بِوَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا إلَّا بِرَجُلَيْنِ ) لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ كَوْنُهُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا قَالَ شَيْخُنَا فَالْمُعْتَمَدُ مَا فِي الْمَتْنِ وَلَا يُنَافِيهِ كَوْنُ نَظَرَ ذَلِكَ حَرَامًا إذْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت الْبُلْقِينِيَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ ) أَطْلَقَ الْمَاوَرْدِيُّ نَقْلَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ عُيُوبَ النِّسَاءِ فِي الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ لَا يُقْبَلُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِيهِمَا وَذَكَرَهُ الْجُرْجَانِيُّ فِي الْحُرَّةِ ثُمَّ أَلْحَقَ بِهَا الْأَمَةَ فِيمَا سِوَى مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَعَلَيْهِ يَنْزِلُ إطْلَاقُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ الْحُسَيْنُ

( الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ وَمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْمَالُ كَالْأَعْيَانِ وَالدُّيُونِ ) فِي الْأَوَّلِ ( وَالْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ ) وَنَحْوِهَا ( وَكَذَا الْإِقْرَارُ بِهِ ) أَيْ بِمَا ذُكِرَ فِي الثَّانِي ( يَثْبُتُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( بِرَجُلَيْنِ وَرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى { وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ } وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَثْبُتُ أَيْضًا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ( وَلَا يَثْبُتُ نِسْوَةٌ مُنْفَرِدَاتٌ ) لِعَدَمِ اخْتِصَاصِهِنَّ بِمَعْرِفَتِهِ وَمَثَّلَ لِلْأَمْثِلَةِ السَّابِقَةِ لِكَوْنِهَا مُجْمَلَةً بِقَوْلِهِ ( كَالْبُيُوعَاتِ وَالْإِقَالَةِ وَالضَّمَانِ ) وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَالْحَوَالَةِ وَالصُّلْحِ ( وَالْإِبْرَاءِ وَالْقَرْضِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْغَصْبِ وَالْوَصِيَّةِ بِمَالٍ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ وَوَطْءِ الشُّبْهَةِ وَالْجِنَايَةِ فِي الْمَالِ وَقَتْلِ الْخَطَأِ وَقَتْلِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَ ) قَتْلِ ( حُرٍّ عَبْدًا وَمُسْلِمٍ ذِمِّيًّا وَوَالِدٍ وَلَدًا ) وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا ( وَكَذَا ) يَثْبُتُ بِذَلِكَ ( حُقُوقُ الْأَمْوَالِ ) وَالْعُقُودِ ( كَشَرْطِ الرَّهْنِ وَالْخِيَارِ وَالْأَجَلِ وَقَبْضِ الْمَالِ وَلَوْ أُخِّرَ نَجْمٌ فِي الْكِتَابَةِ ) وَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَالُ وَالْعِتْقُ يَحْصُلُ بِالْكِتَابَةِ ( وَطَاعَةِ الزَّوْجَةِ لِتَسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ وَقَتْلِ كَافِرٍ لِسَلْبِهِ وَإِنْ مَاتَ صَيْدٌ لِتَمَلُّكِهِ وَعَجْزِ مُكَاتَبٍ ) عَنْ النُّجُومِ .
( وَرُجُوعِ الْمَيِّتِ عَنْ التَّدْبِيرِ ) بِدَعْوَى وَارِثِهِ ( وَإِثْبَاتِ السَّيِّدِ ) أَيْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ ( بِأُمِّ الْوَلَدِ ) الَّتِي ادَّعَاهَا عَلَى غَيْرِهِ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ وَإِيلَادُهَا لَكِنْ فِي صُورَةِ شَهَادَةٍ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ يَثْبُتُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ بِإِقْرَارِهِ ( وَالْعِوَضِ ) أَصْلًا أَوْ قَدْرًا ( فِي الطَّلَاقِ وَ ) فِي ( الْعِتْقِ وَ ) فِي ( النِّكَاحِ وَ ) كَذَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ ( فَسْخُ الْعُقُودِ الْمَالِيَّةِ ) بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا

يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ ( وَشَهَادَةُ الْخُنْثَى كَالْأُنْثَى ) لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ أُنْثَى ( فَرْعٌ إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ثَبَتَ الْمَالُ لَا الْقَطْعُ ) كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا ( وَإِنْ عَلَّقَ طَلَاقًا أَوْ عِتْقًا بِوِلَادَةٍ فَشَهِدَ بِهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ ) أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ ( ثَبَتَتْ دُونَهُمَا ) كَمَا يَثْبُتُ صَوْمُ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ وَلَا يُحْكَمُ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَلَّقَيْنِ بِاسْتِهْلَالِهِ بِشَهَادَةِ ذَلِكَ الْوَاحِدِ ( وَلَوْ ثَبَتَتْ الْوِلَادَةُ بِهِنَّ ) أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ( أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ إنْ كُنْت وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ ) أَوْ حُرَّةٌ ( طَلُقَتْ ) وَعَتَقَتْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهَا أَنَّ التَّعْلِيقَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَاقِعٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الْمُعَلَّقِ بِهِ ظَاهِرًا فَنَزَلَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُرَاغَمَةٌ لِحُكْمِ الْقَاضِي وَقَدْحٌ فِيهِ وَالتَّعْلِيقُ قَبْلَهُ يَنْصَرِفُ إلَى نَفْسِ الْمُعَلَّقِ بِهِ فَإِذَا شَهِدُوا بِهِ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ وَإِنْ ثَبَتَ الْمُعَلَّقُ بِهِ كَمَا لَا يَثْبُتُ قَطْعُ السَّرِقَةِ وَإِنْ ثَبَتَ الْمَالُ قَالَ الرَّافِعِيُّ لَكِنْ تَقْرِيرُ الرُّويَانِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيِّنَةِ مَا لَا يَثْبُتُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ مَعَ الْوِلَادَةِ الثَّابِتَةِ بِالنِّسْوَةِ يَدْفَعُ الْفَرْقَ وَيَقْتَضِي وُقُوعَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مُطْلَقًا فِيمَا ذُكِرَ .
وَيُؤَيِّدُهُ الْفِطْرُ بَعْدَ ثَلَاثِينَ فِيمَا لَوْ ثَبَتَ الْهِلَالُ بِوَاحِدٍ كَمَا مَرَّ وَرُبَّمَا أَمْكَنَ لَمُّ بَعْضِ الشَّعَثِ بِأَنْ يُقَالَ مَا شَهِدَ بِهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ إنْ لَمْ يَكُنْ يَثْبُتُ بِهِمْ كَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ فَإِنْ ثَبَتَ مُوجِبُهُ بِهِمْ كَالْمَالِ فِي السَّرِقَةِ ثَبَتَ وَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَا بَلْ بِالْمَالِ فِي سَرِقَةٍ شَهِدُوا بِهَا وَإِلَّا كَالْقِصَاصِ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ يَثْبُتُ بِهِمْ فَإِنْ كَانَ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ شَرْعِيًّا كَالنَّسَبِ وَالْمِيرَاثِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى الْوِلَادَةِ ثَبَتَ تَبَعًا لِإِشْعَارِ التَّرَتُّبِ الشَّرْعِيِّ بِعُمُومِ

الْحَاجَةِ وَتَعَذُّرِ الِانْفِكَاكِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَإِنْ كَانَ وَضْعِيًّا كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُرَتَّبَيْنِ عَلَى التَّعْلِيقِ بِرَمَضَانَ فَلَا ضَرُورَةَ فِي ثُبُوتِ الثَّانِي بِثُبُوتِ الْأَوَّلِ فَإِنْ تَأَخَّرَ التَّعْلِيقُ عَنْ ثُبُوتِهِ أَلْزَمْنَاهُ مَا أَثْبَتْنَاهُ
( الضَّرْبُ الثَّالِثُ الْمَالُ ) ( قَوْلُهُ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى وَاسْتَشْهِدُوا إلَخْ ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الدُّيُونِ وَقِسْنَا عَلَيْهِ الْبَاقِيَ وَالْمَعْنَى فِي تَسْهِيلِ ذَلِكَ كَثْرَةُ جِهَاتِ الْمُدَايَنَاتِ وَعُمُومُ الْبَلْوَى بِهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ قَبُولُهُمْ مَعَ وُجُودِ الرَّجُلَيْنِ وَظَاهِرُ الْآيَةِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ ( قَوْلُهُ وَالْمَهْرِ فِي النِّكَاحِ ) أَوْ الْإِرْثِ فِيهِ كَأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَطَلَّقَهَا وَطَلَبَتْ شَطْرَ الصَّدَاقِ أَوْ أَنَّهَا زَوْجَةُ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَطَلَبَتْ الْإِرْثَ ( قَوْلُهُ وَالسَّرِقَةِ الَّتِي لَا قَطْعَ فِيهَا ) وَالْمُوضِحَةِ الَّتِي عَجَزَ عَنْ تَعْيِينِهَا أَوْ تَعْيِينِ قَدْرِ مِسَاحَتِهَا ( قَوْلُهُ وَالْخِيَارِ ) دَخَلَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَسَبَبِ الْإِفْلَاسِ وَنَحْوِهِ ( قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ مِلْكُهَا لَهُ ) لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ وَمَنَافِعَهَا مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ فَهِيَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الثَّابِتَةِ بِالْحُجَّةِ النَّاقِصَةِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَسْخِ النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ ) وَقَعَ فِي الرَّوْضَةِ وَفَسْخُ الطَّلَاقِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَهُوَ سَهْوٌ ( قَوْلُهُ ثَبَتَ الْمَالُ ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بَدَلًا عَنْ الْقَطْعِ بِدَلِيلِ اجْتِمَاعِهِمَا بِخِلَافِ الدِّيَةِ مَعَ الْقَوَدِ وَلِأَنَّ الْمَالَ فِي السَّرِقَةِ أَصْلٌ وَالْقَطْعَ فَرْعٌ فَجَازَ ثُبُوتُ حُكْمِ الْأَصْلِ مَعَ سُقُوطِ حُكْمِ الْفَرْعِ وَالْقِصَاصُ مَعَ الدِّيَةِ بِالْعَكْسِ

( فَصْلٌ لَوْ شَهِدَا بِعَيْنِ مَالٍ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي أَوْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يُعَدَّ لَهُ ) أَيْ يُحَوِّلَهُ ( حَتَّى يُزَكِّيَ الشَّاهِدَ إنْ أُجِيبَ ) إلَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَيْنُ مِمَّا لَا يَخَافُ تَلَفَهَا وَلَا تَعَيُّبَهَا كَالْعَقَارِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ فِي الْمُسْلِمِينَ الْعَدَالَةُ وَإِنَّمَا يُتَوَقَّفُ لِلْكَشْفِ عَنْ جَرْحِ الشَّاهِدَيْنِ ( أَوْ ) شَهِدَا ( بِدَيْنٍ لَمْ يُسْتَوْفَ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ وَلَوْ طَلَبَ ) الْمُدَّعِي ( الْحَجْرَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( قَبْلَهَا ) أَيْ التَّزْكِيَةِ ( لَمْ يُجِبْهُ ) وَإِنْ كَانَ يَتَّهِمُهُ بِحِيلَةٍ لِأَنَّ ضَرَرَ الْحَجْرِ فِي غَيْرِ الْمَشْهُودِ بِهِ عَظِيمٌ وَقَضِيَّتُهُ إنَّهُ يُجِيبُهُ إلَى الْحَجْرِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَحْدَهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مَا لَوْ كَانَ الْحَقُّ لِصَبِيٍّ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْفَلَسِ إنَّ الْحَاكِمَ يَحْجُرُ لِمَصْلَحَتِهِمْ بِلَا الْتِمَاسٍ ( أَوْ ) طَلَبَ ( حَبْسَهُ أُجِيبَ ) لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ وَالْبَحْثُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ وَظِيفَةِ الْقَاضِي .
وَظَاهِرُ الْحَالِ الْعَدَالَةُ ( وَيُحْبَسُ قَبْلَهَا ) أَيْ التَّزْكِيَةِ ( لِلْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ ) لِأَنَّ الْحَقَّ يَتَعَلَّقُ بِبَدَنِهِ فَيُحْتَاطُ لَهُ سَوَاءٌ قَذَفَ زَوْجَتَهُ أَمْ أَجْنَبِيًّا ( لَا ) لِأَجْلِ ( حُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى ) لِبِنَائِهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ ( وَفِي دَعْوَى النِّكَاحِ تُعَدَّلُ ) أَيْ تُحَوَّلُ ( الْمَرْأَةُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٍ وَتُمْنَعُ الْخُرُوجَ وَلَا يُمْنَعُ الزَّوْجُ مِنْهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ قَبْلَ التَّعْدِيلِ ( لِأَنَّهُ لَيْسَ مُدَّعًى عَلَيْهِ ) وَلَيْسَ الْبُضْعُ فِي يَدِهِ وَلَا مَعْنَى لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ( وَلَوْ شَهِدَ لِلْأَمَةِ بِالْحُرِّيَّةِ حِيلَ بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَهَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ) احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ مَعَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُدَّعًى عَلَيْهِ ( وَكَذَا الْعَبْدُ ) يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ ( إنْ طَلَبَ ) ذَلِكَ ( أَوْ رَآهُ الْقَاضِي

وَيُؤَجِّرُ ) الْقَاضِي الرَّقِيقَ ( وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا ) أَيْ السَّيِّدِ وَالرَّقِيقِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ ( وَمَا فَضَلَ عَنْ نَفَقَتِهِ وُقِفَ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُكْتَسِبًا أُنْفِقَ ) عَلَيْهِ ( مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ اسْتَمَرَّ رِقُّهُ ) لِتَبَيُّنِ جَرْحِ الشُّهُودِ ( رَجَعَ بِهِ ) أَيْ بِمَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ( عَلَى السَّيِّدِ وَتُؤَجَّرُ الْأَعْيَانُ الْمَنْزُوعَةُ أَيْضًا ) مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ( وَلَوْ أَقَامَتْ ) امْرَأَةٌ ( شَاهِدَيْنِ بِطَلَاقٍ ) لَهَا مِنْ زَوْجِهَا ( فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ التَّزْكِيَةِ ) احْتِيَاطًا لِلْبُضْعِ .
( وَلَا يُحَالُ ) بَيْنَ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( وَلَا يُحْبَسُ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( بِشَاهِدٍ ) وَاحِدٍ لِأَنَّ الشَّاهِدَ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِخِلَافِ الشَّاهِدَيْنِ وَلَيْسَتْ التَّزْكِيَةُ جُزْءًا مِنْ الْحُجَّةِ وَإِنَّمَا يَتَبَيَّنُ بِهَا قِيَامُ الْحُجَّةِ وَأَمَّا الْوَاحِدُ مَعَ الْيَمِينِ فَلِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ التَّزْكِيَةِ ( وَتَبْقَى الْحَيْلُولَةُ ) وَالْحَبْسُ ( قَبْلَ التَّعْدِيلِ إلَى ظُهُورِ الْأَمْرِ لِلْقَاضِي ) بِالتَّعْدِيلِ أَوْ الْجَرْحِ وَلَا يُقَدِّرُ لَهُمَا مُدَّةً .
( فَرْعٌ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُمَا ) أَيْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ ( فِي الْمَنْزُوعِ ) مِنْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( قَبْلَ التَّزْكِيَةِ فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ ) أَيْ الْمَنْزُوعِ ( أَحَدُهُمَا لِآخَرَ أَوْ أَوْصَى بِهِ ) لَهُ ( أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ دَبَّرَهُ وَبَانَ ) أَنَّهُ ( لَهُ نَفَذَ ) مِنْهُ ذَلِكَ ( إنْ لَمْ يَحْجُرْ ) عَلَيْهِ ( الْقَاضِي ) بِالْقَوْلِ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ نَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُنْظَرُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ آخِرًا أَمَّا قَبْلَ الِانْتِزَاعِ فَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُدَّعِي وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ( فَرْعٌ

الْغُلَّةُ الْحَادِثَةُ بَيْنَ شَهَادَتِهِمَا ) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ ( وَالتَّعْدِيلِ ) تَكُونُ ( لِلْمُدَّعِي وَكَذَا مَا ) أَيْ الْغَلَّةُ الْحَادِثَةُ ( بَيْنَ شَهَادَةِ ) الشَّاهِدِ ( الْأَوَّلِ وَالثَّانِي ) تَكُونُ لِلْمُدَّعِي ( إنْ أَرَّخَ ) الثَّانِي مَا شَهِدَ بِهِ ( بِيَوْمِ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ ) أَوْ بِمَا قَبْلَهُ ( فَإِنْ اسْتَخْدَمَ ) السَّيِّدُ ( الْعَبْدَ ) الْمُدَّعِي لِلْعِتْقِ ( بَيْنَ شَهَادَتِهِمَا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لَهُ ( إنْ عَدْلًا )
قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبَ الْحَجْرَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا لَمْ يُجِبْهُ أَوْ حَبَسَهُ أُجِيبَ ) فِي نُسْخَةٍ وَلَوْ طَلَبَ قَبْلَهَا الْحَجْرَ عَلَيْهِ لَمْ يُجِبْهُ أَوْ حَبَسَهُ أُجِيبَ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُجِيبُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ قَبْلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ ) لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَكَتَبَ أَيْضًا وَهَذَا عَيْنُ مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَقَيَّدَهُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْهَرَوِيِّ بَعْدَ حَجْرِ الْقَاضِي وَهُوَ مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنَدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ ) وَحُكْمِ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا ( وَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَطْرَافٍ الْأَوَّلُ فِيمَا يَحْتَاجُ إلَى الْأَبْصَارِ ) وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْيَقِينِ قَالَ تَعَالَى { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ } وَقَالَ تَعَالَى { إلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } وَتَقَدَّمَ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَلَى مِثْلِ هَذَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ } وَقَدْ يَتَعَذَّرُ الْيَقِينُ فِي مَوَاضِعَ فَيَكْفِي الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ قَسَّمُوا الْمَشْهُودَ بِهِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا مَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِبْصَارُ وَمَحِلُّ بَيَانِهِ الطَّرَفُ الثَّانِي ثَانِيهِمَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْإِبْصَارُ ( فَقَطْ وَهُوَ الْأَفْعَالُ ) وَمَا فِي مَعْنَاهَا ( كَالزِّنَا وَشُرْبِ الْخَمْرِ وَالْغَصْبِ وَالْإِتْلَافِ وَالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ وَالِاصْطِيَادِ وَالْإِحْيَاءِ وَ ) كَوْنِ ( الْيَدِ عَلَى الْمَالِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا الرُّؤْيَةُ ) الْمُتَعَلِّقَةُ بِهَا وَبِفَاعِلِهَا ( وَلَا يَكْفِي ) فِيهَا ( السَّمَاعُ ) مِنْ الْغَيْرِ لَكِنَّهُ مُعْتَرَضٌ فِي كَوْنِ الْيَدِ عَلَى الْمَالِ إذْ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِفَاضَةُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ نَقَلَ الْأَصْلُ ثَمَّ الِاكْتِفَاءُ بِهَا وَأَبْدَى مَا جَزَمَ بِهِ هُنَا بَحْثًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالِاكْتِفَاءُ بِهَا هُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ نَقَلَهُ الْجُورِيُّ عَنْ النَّصِّ وَقَالَ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي ثُبُوتِ الْمِلْكِ بِهَا ( وَيَشْهَدُ بِهَا الْأَصَمُّ ) لِإِبْصَارِهِ .
( الثَّانِي ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ الطَّرَفُ الثَّانِي وَلَيْسَ مُرَادًا فَإِنَّهُ مَذْكُورٌ بَعْدُ وَإِنَّمَا هَذَا ثَالِثُ الْأَقْسَامِ الَّتِي ذَكَرْتهَا وَهِيَ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ حَذَفَ هُوَ بَعْضَهَا فَحَصَلَ بِهِ خَلَلٌ فِي تَعْبِيرِهِ الَّذِي لَزِمَ مِنْهُ ذَلِكَ مَعَ ذِكْرِ فَقَطْ فِي غَيْرِ مَحِلِّهَا كَمَا عَرَفْت فَكَانَ حَقُّهُ ذِكْرَ الْأَقْسَامِ كَمَا ذَكَرَهَا الْأَصْلُ وَبِالْجُمْلَةِ ثَالِثُهَا ( مَا يَحْتَاجُ إلَى

السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ) مَعًا ( كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْبَيْعِ وَسَائِرِ الْأَقْوَالِ ) كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالْأَقَارِيرِ ( فَلَا بُدَّ ) فِيهَا ( مِنْ سَمَاعٍ وَمُشَاهَدَةٍ وَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ الْأَصَمِّ ) الَّذِي لَا يَسْمَعُ شَيْئًا ( وَ ) لَا شَهَادَةُ ( الْأَعْمَى ) اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ وَيَتَطَرَّقُ إلَيْهَا التَّلْبِيسُ مَعَ أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِشَهَادَتِهِ ( لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْبَصِيرِ وَلَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا لِلضَّرُورَةِ وَلِأَنَّ الْوَطْءَ يَجُوزُ بِالظَّنِّ ) وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْعِلْمِ مَا أَمْكَنَ ( وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى زَوْجَتِهِ ) اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا ( كَغَيْرِهَا ) وَإِنْ جَازَ لَهُ وَطْؤُهَا بِذَلِكَ لِمَا مَرَّ وَمَا حَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ جَلَسَ بِبَابِ بَيْتٍ فِيهِ اثْنَانِ فَقَطْ فَسَمِعَ تَعَاقُدَهُمَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ كَفَى مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ زَيَّفَهُ الْبَنْدَنِيجِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْمُوجِبَ مِنْ الْقَابِلِ ( وَلَوْ وَضَعَ الرَّجُلُ فَمَه عَلَى أُذُنِهِ ) أَيْ الْأَعْمَى فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ ( وَيَدُ الْأَعْمَى عَلَى رَأْسِهِ ) مَثَلًا ( فَضَبَطَهُ ) أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ إلَى أَنْ أَحْضَرَهُ ( إلَى الْحَاكِمِ وَشَهِدَ عَلَيْهِ ) عِنْدَهُ ( بِمَا سَمِعَ ) مِنْهُ ( قُبِلَ ) لِلْعِلْمِ بِمَا شَهِدَ بِهِ حِينَئِذٍ .
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَقَدْ يَشْهَدُ بِالْفِعْلِ كَالزِّنَا وَالْغَصْبِ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ فَتَعَلَّقَ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَبِأَنْ جَلَسَ عَلَى بِسَاطٍ لِغَيْرِهِ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ فَتَعَلَّقَ بِهِ وَبِالْبِسَاطِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ حَتَّى شَهِدَ بِمَا عَرَفَهُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ الْحَصْرَ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ بِجَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا عَلِمَ بِبَاقِي الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ وَهِيَ الذَّوْقُ وَاللَّمْسُ كَمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي مَرَارَةِ الْمَبِيعِ أَوْ حُمُوضَتِهِ أَوْ تَغَيُّرِ رَائِحَتِهِ أَوْ حَرَارَتِهِ

أَوْ بُرُودَتِهِ أَوْ نَحْوِهَا وَأَجَابَ بِأَنَّ فِيمَا اقْتَصَرُوا عَلَيْهِ تَنْبِيهًا عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِمَا يُدْرَكُ بِالْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ اعْتِمَادَ الشَّهَادَةِ عَلَى ذَلِكَ قَلِيلٌ وَهُمْ إنَّمَا ذَكَرُوا مَا تَعُمُّ الْحَاجَةُ انْتَهَى قِيلَ وَالشَّهَادَةُ بِالْحَمْلِ وَالْقِيمَةِ خَارِجَةٌ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَدْ يُقَالُ بَلْ هُمَا دَاخِلَانِ فِي الْإِبْصَارِ إذْ الْمُرَادُ الْإِبْصَارُ لِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا شَهِدَ بِهِ بِحَسْبِهِ ( وَتُقْبَلُ رِوَايَةُ الْأَعْمَى ) بِمَا سَمِعَهُ وَلَوْ حَالَ الْعَمَى ( إذَا حَصَلَ لَنَا الظَّنُّ الْغَالِبُ بِضَبْطِهِ ) لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ كَمَا مَرَّ ( وَيَشْهَدُ ) الْأَعْمَى ( لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ عَلَى مَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ بِمَا تَحَمَّلَ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِمَا سَمِعَ مِنْهُ ( قَبْلَ الْعَمَى ) لِحُصُولِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَجْهُولِيهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إذْ لَا يُمْكِنُهُ تَعْيِينُهُمَا أَوْ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا نَعَمْ لَوْ عَمِيَ وَيَدُهُمَا أَوْ يَدُ الْمُقِرِّ فِي يَدِهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى مُطْلَقًا وَفِي الثَّانِيَةِ لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ فِي الثَّانِيَةِ ( وَلَوْ تَرْجَمَ الْأَعْمَى ) كَلَامَ الْخَصْمِ أَوْ الشُّهُودِ ( لِلْقَاضِي ) أَوْ بِالْعَكْسِ ( جَازَ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ التَّرْجَمَةَ تَفْسِيرٌ لِلَّفْظِ لَا تَحْتَاجُ إلَى مُعَايَنَةٍ وَإِشَارَةٍ ( وَلَوْ عَمِيَ قَاضٍ بَعْدَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ وَتَعْدِيلِهَا ) فِي وَاقِعَةٍ ( حَكَمَ ) فِي تِلْكَ الْوَاقِعَةِ وَإِنْ صَارَ مَعْزُولًا فِي غَيْرِهَا ( إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى إشَارَةٍ ) كَمَا لَوْ تَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ وَهُوَ بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ

الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مُسْتَنِدِ عِلْمِ الشَّاهِدِ ) ( قَوْلُهُ وَمَبْنَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْيَقِينِ ) لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى الْحَوَاسِّ إدْرَاكًا ( قَوْلُهُ قَالَ تَعَالَى { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلْمٌ } ) قَالَ فِي الْحَاوِي فِي الْآيَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَشْهَدُ بِمَا عَلِمَهُ بِسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَفُؤَادِهِ فَالسَّمْعُ لِلْأَصْوَاتِ وَالْبَصَرُ لِلْمَرْئِيَّاتِ وَالْفُؤَادُ لِلْمَعْلُومَاتِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي فِيهَا السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ ) لِأَنَّهُ يَصِلُ بِهَا الْعِلْمُ مِنْ أَقْصَى جِهَاتِهِ وَمَا أَمْكَنَ فِيهِ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إلَى الْأَضْعَفِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِالْحَوَاسِّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُقْتَضِي لِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَاقْتَضَى كَلَامُ الْمُصَنِّفِ جَوَازَ النَّظَرِ فِي الزِّنَا لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَمَّا لَوْ رَأَوْهُ اتِّفَاقًا لَا عَنْ قَصْدٍ فَتُقْبَلُ قَطْعًا وَإِنْ رَأَوْهُ عَبَثًا عَصَوْا وَمَعَ ذَلِكَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ ( قَوْلُهُ إذْ يَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ مَا يَحْتَاجُ إلَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ مَعًا كَالنِّكَاحِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ عَارِفَيْنِ بِاللُّغَةِ الَّتِي يُعْقَدُ بِهَا النِّكَاحُ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا شَرْطٌ لِانْعِقَادِ النِّكَاحِ وَالْكَلَامُ فِي شَرْطِ الْأَدَاءِ فِي الْأَقْوَالِ قُلْنَا أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى صِحَّةِ التَّحَمُّلِ وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لَا يَصِحُّ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ .
ا هـ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ حَالَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ خَفِيفٌ يَشِفُّ فَفِي جَوَازِ شَهَادَتِهِ وَجْهَانِ وَمُقْتَضَى مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فِي جَوَازِ نِقَابِ الْمَرْأَةِ الْجَوَازُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا شَرَطُوهُ مِنْ السَّمْعِ وَالْإِبْصَارِ وَإِنْ تَحَقَّقَ بِدُونِ ذَلِكَ مُشْكِلٌ وَقَالَ صَاحِبُ الْوَافِي يَنْبَغِي لَوْ سَمِعَاهُ مِنْ وَرَاءِ الْحَائِلِ وَعَرَفَا صَوْتَهُ ثُمَّ كُشِفَ الْحَائِلُ وَلَيْسَ ثَمَّ

غَيْرُهُ أَنْ لَا تَمْتَنِعَ الشَّهَادَةُ قُلْت وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي الْكِفَايَةِ لَوْ دَخَلَ رَجُلَانِ بَيْتًا لَا ثَالِثَ لَهُمَا فِيهِ وَقَدْ عَرَفَ ذَلِكَ شَخْصٌ وَجَلَسَ عَلَى بَابِهِ فَسَمِعَهُمَا عَقَدَا عَقْدًا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ قَالَ أَصْحَابُنَا يَصِيرُ مُتَحَمِّلًا لِلشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْبَيْتِ سِوَاهُمَا قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ وَهَذَا عِنْدِي فَاسِدٌ لِأَنَّهُ إنْ وَقَعَ لَهُ أَنْ لَا أَحَدَ سِوَاهُمَا فَهُوَ لَا يَعْرِفُ الْبَائِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُمَا ا هـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إنْ عَرَفَ الْبَائِعَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ قَطْعًا وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمَبِيعَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ ضَبْطِ الْأَعْمَى ر وَبِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي بَيْتٍ بِمُفْرَدِهِ وَالشَّاهِدُ بَيْنَ الْبَيْتَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا عِنْدَهُ وَالْآخَرُ بِمُفْرَدِهِ فِي الْبَيْتِ وَيَرَى الْمُوجِبَ وَحْدَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ بِالْبَيْتِ إلَّا وَاحِدٌ وَالشَّاهِدُ عَلَى بَابِهِ لَا يَرَاهُ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ أَنَّهُ يَصِحُّ التَّحَمُّلُ لَا سِيَّمَا إذَا اسْتَرْعَاهُ وَحِينَئِذٍ إنْ سَلِمَ هَذَا يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِمْ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ .
ثُمَّ رَأَيْت ابْنَ أَبِي الدَّمِ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ إنْ كَانَ مُدْرَكًا بِالسَّمْعِ كَالْأَقَارِيرِ وَالْعُقُودِ وَالْإِنْشَاءَاتِ الْقَوْلِيَّةِ أَوْ بِالْبَصَرِ كَالْإِتْلَافَاتِ فَلَا بُدَّ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْمُقِرِّ أَوْ الْقَابِلِ عَقْدًا أَوْ الْمُنْشِئِ إنْشَاءً مِنْ الْإِنْشَاءَاتِ أَوْ فَاعِلًا فِعْلًا مِنْ الْأَفْعَالِ الْمُشَارِ إلَيْهَا بِحَاسَّتِهِ وَبَصَرِهِ فَفِي الْأَقْوَالِ لَا بُدَّ مِنْ مُشَاهَدَةِ الْقَائِلِ فِي حَالِ تَلَفُّظِهِ بِبَصَرِهِ وَسَمَاعِهِ مَا يَتَلَفَّظُ بِهِ وَفِي الْأَفْعَالِ تَكْفِي مُشَاهَدَتُهُ فَاعِلًا كَذَا وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مَنْ يَتَحَقَّقُ السَّامِعُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ مَنْ يَظُنُّ ذَلِكَ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ الْمُقِرِّ حَالَةَ إقْرَارِهِ بِحَاسَّةِ

بَصَرِ السَّامِعِ .
ا هـ .
وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ وَمِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُشَاهِدَ تَلَفُّظَهُ بِبَصَرِهِ حِينَ يَنْطِقُ بِهِ حَتَّى لَوْ وَلَّى الشَّاهِدُ ظَهْرَهُ مَثَلًا ثُمَّ تَكَلَّمَ وَلَيْسَ ثَمَّ غَيْرُهُ إنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ وَلَا خَفَاءَ فِي اسْتِبْعَادِهِ هَذَا وَمَا فِيهِ مِنْ الْجُمُودِ وَحِينَئِذٍ لَا يَبْعُدُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْجُمْهُورِ عَلَى الْغَالِبِ وَتَخْصِيصُهُ بِغَيْرِ الصُّوَرِ الَّتِي يَحْصُلُ الْعِلْمُ فِيهَا بِصُدُورِ الْقَوْلِ فِيهَا مِنْ قَائِلِهِ وَإِنْ لَمْ يُشَاهَدْ فِيهِ فِي حَالِ تَلَفُّظِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ عَقْدٍ أَوْ فَسْخٍ وَقَدْ حَكَى الصَّيْمَرِيُّ فِيهَا وَجْهَيْنِ وَالْمُخْتَارُ الْجَوَازُ وَيَدُلُّ لَهُ مَسْأَلَةُ ضَبْطِ الْأَعْمَى غ وَقَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يَحْتَاجُ إلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ هُوَ إلَخْ كَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا مَعَ أَنَّهُ مَعْلُومٌ لَا يَخْتَصُّ بِعَقْدِ النِّكَاحِ بَلْ يَجْرِي فِي سَائِرِ الْعُقُودِ .
( قَوْلُهُ وَلَا شَهَادَةُ الْأَعْمَى ) فِي مَعْنَى الْأَعْمَى مَا لَوْ كَانَ عَلَى بَابِ بَيْتٍ لَيْسَ فِيهِ إلَّا شَخْصٌ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ وَهُوَ يَسْمَعُهُ وَلَا يَرَاهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ إلَخْ ) وَلِأَنَّ مَا أَمْكَنَ إدْرَاكُهُ بِعِلْمِ الْحَوَاسِّ لَا جَوَازَ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ بِالِاسْتِدْلَالِ الْمُقْتَضِي لِغَلَبَةِ الظَّنِّ قَوْلُهُ بِأَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى ذَكَرِ آدَمِيٍّ إلَخْ ) وَبِأَنْ وَضَعَتْ الْعَمْيَاءُ يَدَهَا عَلَى قُبُلِ الْمَرْأَةِ وَخَرَجَ مِنْهَا الْوَلَدُ وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهِ إلَى أَنْ تُكْمِلَ خُرُوجَهُ وَتَعَلَّقَتْ بِهِمَا حَتَّى شَهِدَتْ بِوِلَادَتِهَا ( قَوْلُهُ فَغَصَبَهُ إنْسَانٌ ) أَوْ أَتْلَفَهُ ( قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ الْأَعْمَى لِمَعْرُوفِ النَّسَبِ وَالِاسْمِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأُمِّ لَوْ امْتَنَعَ لَزِمَ أَنْ لَا تَجُوزَ شَهَادَةُ الْبَصِيرِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَرَاهُمَا وَتَخْصِيصُ الْمُصَنِّفِ ذَلِكَ بِمَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ يَجْرِي عَلَى الْغَالِبِ وَالْغَرَضُ

حُصُولُ الْإِعْلَامِ فَلَوْ حَصَلَ بِالِاسْمِ الْمُنْحَصِرِ كَفَى وَالْمَعْرِفَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُهُ بَلْ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَعْرُوفَ النَّسَبِ وَكَانَتْ يَدُ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً مِنْ حِينِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ بَعْدَ الْعَمَى جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَا غَيْرَ مَعْرُوفَيْنِ وَيَدُهُمَا بِيَدِهِ وَضَبَطَ الْمَشْهُودَ لَهُ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَيَلْتَحِقُ بِالْأَعْمَى فِيمَا يَخْتَصُّ بِالْبَصَرِ مَنْ فِي بَصَرِهِ ضَعْفٌ وَيُدْرِكُ الْأَشْخَاصَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ الصُّوَرِ فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهَا بَعْدَ الْمُقَارَبَةِ وَشِدَّةِ التَّأَمُّلِ قُبِلَتْ مِنْهُ كَالْبَصِيرِ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ وَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْوَرِ وَالْأَحْوَلِ وَالْأَعْمَشِ فَإِنْ كَانَ الْأَحْوَلُ يَرَى الْوَاحِدَ اثْنَيْنِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ فِي الْعَدَدِ وَقُبِلَتْ فِيمَا سِوَاهُ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( رَأْي فِعْلَ إنْسَانٍ أَوْ سَمِعَهُ ) يَقُولُ شَيْئًا ( شَهِدَ عَلَيْهِ ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ ( إنْ عَرَفَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ غَائِبًا ) وَلَوْ بِدَفْنِهِ مَيِّتًا ( وَبِالْإِشَارَةِ ) إلَيْهِ ( إنْ حَضَرَ ) لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِذَلِكَ ( وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ إلَّا اسْمَهُ وَاسْمَ أَبِيهِ ) أَيْ دُونَ اسْمِ جَدِّهِ ( شَهِدَ بِذَلِكَ وَلَمْ تُفِدْ ) شَهَادَتُهُ بِهِ ( إلَّا إنْ ذَكَرَ الْقَاضِي أَمَارَاتٍ يَتَحَقَّقُ بِهَا نَسَبُهُ ) أَيْ يَتَمَيَّزُ بِهَا عَنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِشَهَادَتِهِ حِينَئِذٍ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْغَزَالِيِّ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ غَيْرِهِ مَا يَقْتَضِي أَنَّهَا لَا تُفِيدُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا حَصَلَتْ الْمَعْرِفَةُ بِذَلِكَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ ( وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ أَنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا بِالْبَيْعِ ) لِكَذَا ( وَأَقَرَّ ) الْوَكِيلُ ( بِالْبَيْعِ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْبَيْعِ ) لِأَنَّهُ سَمِعَهُ ( وَلَا يَشْهَدُ بِالْوَكَالَةِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْهَا وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْوَكَالَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي ( وَلَوْ حَضَرَ عَقْدَ نِكَاحٍ زَعَمَ الْمُوجِبُ أَنَّهُ وَلِيٌّ ) لِلْمَخْطُوبَةِ أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهَا ( وَأَنَّهَا أَذِنَتْ لَهُ ) فِي الْعَقْدِ .
( وَلَمْ يَعْلَمْ الْإِذْنَ وَلَا الْوِلَايَةَ ) أَوْ الْوَكَالَةَ وَلَا الْمَرْأَةَ أَوْ عَلِمَ بَعْضَ ذَلِكَ ( لَمْ يَشْهَدْ بِالزَّوْجِيَّةِ لَكِنْ يَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا قَالَ نَكَحَتْ فُلَانَةُ فُلَانًا ) وَقَبِلَ فُلَانٌ فَإِنْ عَلِمَ جَمِيعَ ذَلِكَ شَهِدَ بِالزَّوْجِيَّةِ ( وَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِشَارَةِ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ فَإِنْ مَاتَ أُحْضِرَ ) لِيُشَاهِدَ صُورَتَهُ وَيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إنْ كَانَ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُخْشَ تَغَيُّرُهُ بِإِحْضَارِهِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ حُضُورُ الشَّاهِدِ إلَيْهِ ( لَا إنْ دُفِنَ ) فَلَا يَحْضُرُ إذْ لَا يَجُوزُ نَبْشُهُ نَعَمْ إنْ اشْتَدَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ

وَلَمْ تَتَغَيَّرْ صُورَتُهُ جَازَ نَبْشُهُ كَمَا قَالَهُ الْغَزَالِيُّ لَكِنْ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَذَا احْتِمَالٌ ذَكَرَهُ الْإِمَامُ ثُمَّ قَالَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ( فَلَوْ تَحَمَّلَهَا عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ وَقَالَ ) لَهُ ( اسْمِي وَنَسَبِي كَذَا لَمْ يُعْتَمَدْ ) هـ ( فَلَوْ اسْتَفَاضَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ) بَعْدَ تَحَمُّلِهَا عَلَيْهِ ( فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ فِي غَيْبَتِهِ ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ كَمَا لَوْ عَرَفَهُمَا عِنْدَ التَّحَمُّلِ ( وَإِنْ أَخْبَرَهُ عَدْلَانِ ) عِنْدَ التَّحَمُّلِ أَوْ بَعْدَهُ ( بِنَسَبِهِ ) وَاسْمِهِ ( لَمْ يَشْهَدْ فِي غَيْبَتِهِ ) بِنَاءً عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَدْلَيْنِ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ كَذَا فَلَا بُدَّ ) فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى ( أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعِي ) مَعَ ذَلِكَ ( وَهُوَ هَذَا ) إنْ كَانَ حَاضِرًا .
وَلَا يَكْفِي فِيهِ ادَّعَى أَنَّ لِي عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ كَذَا مِنْ غَيْرِ رَبْطٍ بِالْحَاضِرِ ( فَإِنْ أَحْضَرَ رَجُلًا ) عِنْدَ الْقَاضِي ( وَقَالَ هَذَا أَقَرَّ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ بِكَذَا وَأَنَا هُوَ وَقَالَ الْخَصْمُ ) نَعَمْ ( أَقْرَرْت وَلَكِنْ لِرَجُلٍ آخَرَ شَارَكَك فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ أَثْبَتَ ) الْمُقِرُّ أَيْ أَقَامَ بَيِّنَةً ( بِالْآخَرِ ) أَيْ بِوُجُودِ الْآخَرِ الْمُشَارِكِ لِلْمُدَّعِي فِي الِاسْمِ وَالنَّسَبِ ( ثُمَّ يَسْأَلُ ) الْآخَرَ ( فَإِنْ صَدَّقَهُ سَلَّمَ إلَيْهِ ) مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ ( وَحَلَفَ لِلْأَوَّلِ ) أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ سَلَّمَ ذَلِكَ لِلْمُدَّعِي ( وَإِنْ قَالَ ) أَقْرَرْت لِأَحَدِهِمَا وَ ( لَا أَعْرِفُهُ مِنْهُمَا سَأَلَ الْآخَرَ فَإِنْ قَالَ لَا شَيْءَ لِي عِنْدَهُ أَعْطَى ) ذَلِكَ ( الْأَوَّلَ ) كَمَا لَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ فَقَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَلَا أَدْرِي أَنَّهَا لِأَيِّكُمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا لَيْسَتْ لِي فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْآخَرِ ( وَإِنْ ادَّعَاهُ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( فَكَمَا فِي الْوَدِيعَةِ إذَا قَالَ كُلٌّ ) مِنْ اثْنَيْنِ ( هِيَ لِي )

( قَوْلُهُ وَبِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ إنْ حَضَرَ ) لَوْ غَابَ عَنْهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ ثُمَّ حَضَرَ وَأَعَادَ الْأَدَاءَ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يُرَتِّبْ فِيهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا تَحَمَّلَهُ كَمَا لَوْ لَمْ يُفَارِقْهُ مِنْ وَقْتِ التَّحَمُّلِ إلَى الْأَدَاءِ وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ غَيْرَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ هُوَ كَذَا ظَنَنْته وَلَمْ أَنْقُلْهُ غ ( قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى ذِكْرِ مَا يُعْرَفُ بِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَلَوْ بِذِكْرِ الِاسْمِ خَاصَّةً قَوْلُهُ وَلَوْ سَمِعَ اثْنَيْنِ يَشْهَدَانِ إنَّ فُلَانًا وَكَّلَ هَذَا إلَخْ لَوْ شَهِدَ إنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَكَّلَ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ هَذَا فَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ بِالْوَكَالَةِ مُوجِبَةً لِلشَّهَادَةِ بِنَسَبِهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ قَصَرَهَا مَالِكٌ عَلَى الْوَكَالَةِ دُونَ النَّسَبِ اعْتِبَارًا بِالْمَقْصُودِ مِنْهَا وَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ تَكُونُ شَهَادَةً بِالْوَكَالَةِ وَالنَّسَبِ جَمِيعًا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تُوجِبُ إثْبَاتَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَقْصُودٍ وَغَيْرِهِ كَمَنْ شَهِدَ بِثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ صَدَاقٍ فِي نِكَاحٍ كَانَ شَاهِدًا بِالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَإِنْ قَصَدَ بِهَا الثَّمَنَ وَالصَّدَاقَ وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ الشَّافِعِيُّ يَثْبُتُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ الْوَكَالَةُ وَالنَّسَبُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا صَرَّحَا بِهِمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِيمَنْ يَعْلَمُ أَنَّ الشَّاهِدَ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ نَسَبَهُ وَإِلَّا فَغَالِبُ مَنْ يَتَحَمَّلُ الشُّهُودَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ لَا يَعْرِفُونَ نَسَبَهُ وَإِنَّمَا يَعْتَمِدُونَ فِيهِ عَلَى قَوْلِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّبَّاغِ لَوْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِ رَجُلٍ وَعَرَفَاهُ فَذَكَرَ نَسَبَهُ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمَا هَلْ يَكُونُ مُثْبِتًا لِنَسَبِهِ فَقَالَ إنْ

كَانَ نَسَبُهُ مَعْرُوفًا فَنَعَمْ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَعْرُوفٍ فَإِنْ شَهِدَا عَلَى عَيْنِهِ كَانَ مُثْبِتًا لِنَسَبِهِ وَإِنْ شَهِدَا فِي غَيْبَتِهِ فَلَا وَلِهَذَا لَوْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ عَلَيْهِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذَا كَانَ بِالْبَلَدِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوْجَهُ إلَخْ ) وَقَالَ فِي غَيْبَتِهِ إنَّهُ الْوَجْهُ ( قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ) وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ زَوَائِدِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ وَهَذَا حَيْثُ لَا يَكُونُ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي جَوَازَ نَبْشِهِ أَوْ وُجُوبِهِ

( فَصْلٌ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ ) بِالنُّونِ قَبْلَ التَّاءِ ( بِمَا لَا يَحْكِي ) أَيْ يَصِفُ الرَّائِي مَنْ وَرَاءَهُ ( وَجْهَهَا اعْتِمَادًا عَلَى الصَّوْتِ ) كَمَا فِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرِ فِي الظُّلْمَةِ أَوْ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ صَفِيقٍ لِأَنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ بِمَا يَحْكِي وَجْهَهَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الشَّهَادَةَ ( الْآنَ ضَبَطَهَا الشَّاهِدُ حَتَّى دَخَلَ بِهَا لِي الْحَاكِمِ أَوْ عَرَفَهَا بِالنَّسَبِ ) وَالِاسْمِ ( أَوْ بِالْعَيْنِ ) فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا ( وَإِلَّا فَلَا بُدَّ ) عِنْدَ تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا ( أَنْ يَكْشِفَ وَجْهَهَا لِيَرَاهَا ) وَيَضْبِطَ حِلْيَتَهَا ( حَتَّى يَعْرِفَهَا إذَا رَآهَا عِنْدَ الْأَدَاءِ ) لِلشَّهَادَةِ عَلَيْهَا ( وَلَوْ عَرَّفَهُ بِهَا عَدْلَانِ ) بِأَنْ قَالَا لَهُ هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ ( لَمْ يَجُزْ ) لَهُ ( التَّحَمُّلُ ) بِتَعْرِيفِهِمَا ( وَجَوَّزَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْ عَدْلَيْنِ ( وَعَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَتَحَمَّلُ بِتَعْرِيفِ وَاحِدٍ وَسَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الْإِخْبَارِ وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ) .
قَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ قَالَ عَدْلَانِ نَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ تُقِرُّ بِكَذَا فَهُمَا شَاهِدَا أَصْلٍ وَسَامِعُهُمَا شَاهِدُ فَرْعٍ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِمَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ دُونَ الْعَيْنِ عِنْدَ اجْتِمَاعِ الشُّرُوطِ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا سَيَأْتِي ( وَإِنْ شَهِدَ ) اثْنَانِ ( أَنَّ امْرَأَةً مُنْتَقِبَةً أَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا لِفُلَانٍ بِكَذَا فَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّ تِلْكَ الْمَرْأَةَ الَّتِي حَضَرَتْ ) وَأَقَرَّتْ يَوْمَ كَذَا ( هِيَ هَذِهِ ثَبَتَ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ ) إلَى وَجْهِهَا ( لِلتَّحَمُّلِ إلَّا إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ ) فَإِنْ خَافَ فَلَا كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ

فِي غَيْرِهِ غُنْيَةً نَعَمْ إنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ نَظَرٌ وَاحْتَرَزَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( فَرْعٌ لَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ عَلَى عَيْنِ شَخْصٍ ) وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ الْقَاضِي ( جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ بِالْحِلْيَةِ ) فَيَكْتُبُ حَضَرَ رَجُلٌ ذُكِرَ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ وَمِنْ حِلْيَتِهِ كَيْتُ وَكَيْتُ فَلَا يُسَجِّلُ بِالْعَيْنِ لِامْتِنَاعِهِ وَلَا بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يَثْبُتَا وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ ( فَلَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى اسْمِهِ وَنَسَبِهِ حِسْبَةً جَازَ وَسَجَّلَ بِهِمَا ) بَعْدَ حُكْمِهِ بِهِمَا بِنَاءً عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ فِي النَّسَبِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( شَهِدَا عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهَا جَازَ ) ذَلِكَ ( فَإِنْ سَأَلَهُمَا الْحَاكِمُ هَلْ تَعْرِفَانِ عَيْنَهَا فَلَهُمَا أَنْ يَقُولَا لَا يَلْزَمُنَا الْجَوَابُ ) عَنْ هَذَا وَلَهُمَا أَنْ يَسْكُتَا نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا شُرُوطُ الْأَدَاءِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ يَلْزَمُهُمَا الْبَيَانُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ جَوَازَ التَّحَمُّلِ عَلَيْهَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى كَشْفِ الْوَجْهِ وَلَا عَلَى الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ قَدْ يُلَازِمُهَا إلَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهَا أَوْ يُخْبِرُهُ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا مَنْ يَكْتَفِي بِإِخْبَارِهِمْ فِي التَّسَامُعِ ( قَوْلُهُ فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا وَلَا يَضُرُّ النِّقَابُ ) بَلْ لَا يَجُوزُ كَشْفُ الْوَجْهِ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَهُ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْعُدَّةِ وَغَيْرُهُمَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذِكْرَ حَالَةِ التَّحَمُّلِ بِالتَّنْقِيبِ مَانِعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِشَهَادَتِهِ حَتَّى يَرَاهَا الْقَاضِي كَمَا سَبَقَ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي صُورَةِ الضَّبْطِ وَحَكَاهُ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ وَهَلْ يَسْأَلُ الشَّاهِدَ الْحَاكِمُ أَنَّهُ رَآهَا سَافِرَةً أَمْ لَا وَجْهَانِ وَقِيلَ إنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ رِيبَةٍ سَأَلَهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْأَلْهُ قُلْت وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ الشَّاهِدُ فَقِيهًا مَوْثُوقًا بِهِ لَمْ يَسْأَلْهُ وَإِلَّا سَأَلَهُ وُجُوبًا فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرَى جَوَازَ الشَّهَادَةِ عَلَى الصَّوْتِ .
( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا لِيَرَاهَا ) قَالَ فِي الْبَحْرِ يَجُوزُ اسْتِيعَابُ وَجْهِهَا بِالنَّظَرِ لِلشَّهَادَةِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى مَا يَعْرِفُهَا بِهِ فَإِنْ عَرَفَهَا بِنَظَرِهِ إلَى بَعْضِهِ لَمْ يَتَجَاوَزْهُ وَلَا يَزِيدُ عَلَى مَرَّةٍ إلَّا أَنْ لَا يَتَحَقَّقَهَا بِهَا ( قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ التَّحَمُّلُ بِتَعْرِيفِهِمَا ) بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَنَّ التَّسَامُعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ جَمَاعَةٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا ) لَيْسَ الْمُرَادُ عَمَلَ الْأَصْحَابِ بَلْ عَمَلُ بَعْضِ الشُّهُودِ فِي بَعْضِ الْبُلْدَانِ وَلَا اعْتِبَارَ بِذَلِكَ غ ( قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِلتَّحَمُّلِ إلَّا إنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ ) يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَ أَيْضًا تَذَكُّرَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ

وَإِلَّا فَلَا يَسُوغُ النَّظَرُ وَهُوَ يَسْتَبْعِدُ تَذَكُّرَهَا إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنْ سَكَتُوا عَنْهُ ر .
( قَوْلُهُ جَازَ أَنْ يُسَجِّلَ بِالْحِلْيَةِ ) التَّسْجِيلُ بِالْحِلْيَةِ مُشْكِلٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي الدَّمِ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّذَكُّرَ عِنْدَ حُضُورِهِمَا فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ الْمُكَاتَبَةَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ إذَا غَابَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِيَعْمَلَ بِمُقْتَضَاهُ وَيُقَابِلُ حِلْيَتَهُ بِهِ وَيُلْزِمُهُ بِهِ إنْ أَنْكَرَ فَفِي غَايَةِ الْإِشْكَالِ قُلْت وَكَذَا إنْ كَانَ الْغَرَضُ الِاعْتِمَادَ عَلَيْهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْإِثْبَاتِ وَالْحُكْمِ ثَانِيًا وَلَا أَحْسَبُ أَحَدًا يَقُولُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالدَّفْنِ وَتَنْزِيلُ إطْلَاقِهِمْ عَلَى الْحَالَةِ الْأُولَى يَأْبَاهُ كَلَامُهُمْ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الْحِلْيَةَ فِي الْمَجْهُولِ الِاسْمَ وَالنَّسَبَ كَالْمَعْرُوفِ لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ إنَّ تَحْلِيَةَ الشُّهُودِ يَرُدُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَجْهُولًا قَالَ قَوْمٌ تَجِبُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الْمَعْرِفَةِ وَقَالَ آخَرُونَ يَمْنَعُ مِنْهُ لِأَنَّ الْحُلِيَّ قَدْ تَشْتَبِهُ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هِيَ اسْتِظْهَارُ بَاعِثٍ عَلَى التَّذَكُّرِ كَالْخَطِّ وَالْقَبَالَةِ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَاءِ ا هـ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّعْوِيلِ عَلَيْهِ فِي .
الْحُكْمِ مِنْ طَرِيقِ أَوْلَى فَلْيَكُنْ الْعَمَلُ عَلَيْهِ ر ( قَوْلُهُ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأُمُورٍ مِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فِيمَا إذَا شَهِدَ شُهُودُ الْكِتَابِ عَلَى الْمُسَمَّى فِيهِ لَا عَلَى عَيْنِهِ فَاعْتَرَفَ الْمُحْضَرُ بِأَنَّ ذَلِكَ اسْمُهُ وَنَسَبُهُ أَوْ أَنْكَرَ وَنَكَلَ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي عَلَى ذَلِكَ تَوَجَّهَ لَهُ الْحُكْمُ فَدَلَّ عَلَى ثُبُوتِ نَسَبِهِ بِإِقْرَارِهِ وَمِنْهَا مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يُسْأَلُ عَنْ

اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَيُجْعَلُ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَيْهِ وَمِنْهَا أَنَّ النَّاسَ مُؤْتَمَنُونَ عَلَى أَنْسَابِهِمْ وَمَنْ ائْتَمَنَ عَلَى شَيْءٍ رُجِعَ إلَيْهِ فِيهِ قُلْت إنَّمَا ذَلِكَ فِيمَا عَلَيْهِ لَا فِيمَا لَهُ وَلَوْ ثَبَتَ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِهِ لَاسْتَحَقَّ الْمَسْطُورَ الَّذِي أَقَرَّ فِيهِ لِشَخْصٍ مُسَمًّى مَنْسُوبٍ بِدَعْوَاهُ أَنَّهُ ذَلِكَ الْمُسَمَّى وَالْمَنْسُوبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ بِالْبَيِّنَةِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ كَانَا مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِمَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ فَمِنْهُ النَّسَبُ ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا مَدْخَلَ لِلرُّؤْيَةِ فِيهِ وَغَايَةُ الْمُمْكِنِ رُؤْيَةُ الْوِلَادَةِ عَلَى الْفِرَاشِ لَكِنْ النَّسَبُ إلَى الْأَجْدَادِ الْمُتَوَفِّينَ وَالْقَبَائِلِ الْقَدِيمَةِ لَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ الرُّؤْيَةُ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى اعْتِمَادِ الِاسْتِفَاضَةِ ( وَلَوْ مِنْ الْأُمِّ ) قِيَاسًا عَلَى الْأَبِ ( وَصُورَتُهَا ) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ فِي التَّحَمُّلِ ( أَنْ يَسْمَعَهُ ) أَيْ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودُ بِنَسَبِهِ ( يُنْتَسَبُ إلَى الشَّخْصِ أَوْ الْقَبِيلَةِ وَالنَّاسُ يَنْسُبُونَهُ إلَى ذَلِكَ وَامْتَدَّ ذَلِكَ مُدَّةً ) وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ امْتِدَادُهُ مُدَّةً بَلْ لَوْ سَمِعَ انْتِسَابَ الشَّخْصِ وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِنَسَبِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ بِذَلِكَ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ ( وَلَا تُقَدَّرُ ) الْمُدَّةُ ( بِسَنَةٍ ) بَلْ الْعِبْرَةُ بِمُدَّةٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِحَّةُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُكْتَفَى بِالِانْتِسَابِ وَنِسْبَةِ النَّاسِ ( بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَارِضَ ) هُمَا ( مَا لَا يُوجِبُ ) أَيْ يُوَرِّثُ ( تُهْمَةً فَإِنْ أَنْكَرَهُ ) أَيْ النَّسَبَ ( الْمَنْسُوبُ إلَيْهِ لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ ) بِهِ ( وَكَذَا لَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي نَسَبِهِ ) وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ حِينَئِذٍ ( وَلَوْ سَمِعَهُ ) الشَّاهِدُ ( يَقُولُ ) لِآخَرَ ( هَذَا ابْنِي لِصَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَصَدَّقَهُ الْكَبِيرُ ) أَوْ أَنَا ابْنُ فُلَانٍ وَصَدَّقَهُ ( جَازَ ) لَهُ ( أَنْ يَشْهَدَ بِنَسَبِهِ .
وَلَوْ سَكَتَ ) الْمَنْسُوبُ الْكَبِيرُ ( جَازَ ) لِلشَّاهِدِ ( أَنْ يَشْهَدَ بِالْإِقْرَارِ ) لَا بِالنَّسَبِ وَتَرْجِيحُ الْحَكَمَيْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا تَخْصِيصُ الْأَوَّلِ بِالصَّغِيرِ وَتَصْدِيقُ الْكَبِيرِ وَالثَّانِي بِسُكُوتِ الْكَبِيرِ وَأَمَّا كَلَامُ أَصْلِهِ هُنَا فَحَاصِلُهُ أَنَّ كَثِيرِينَ جَوَّزُوا الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ عَلَى النَّسَبِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْسُوبُ

صَغِيرًا أَمْ كَبِيرًا وَصَدَّقَ أَوْ سَكَتَ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي النَّسَبِ كَالْإِقْرَارِ وَأَنَّ الَّذِي أَجَابَ بِهِ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الْمَنْعُ وَإِنَّمَا يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ قَالَ وَهَذَا قِيَاسٌ ظَاهِرٌ وَعَبَّرَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَنْ الثَّانِي بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ وَكَلَامُهُ فِي الْكَبِيرِ يَمِيلُ إلَيْهِ أَيْضًا لَكِنْ اخْتَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ الْأَوَّلَ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت قَضِيَّةُ كَلَامِهِ فِي الْحُكْمِ الثَّانِي أَنَّ الرَّاجِحَ ثُبُوتُ النَّسَبِ بِالْإِقْرَارِ بِهِ حَالَ السُّكُوتِ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ أَصْلُهُ هُنَا كَمَا رَأَيْت فَيُخَالِفُ عَكْسَهُ الْمُعْتَمَدَ الَّذِي جَرَى هُوَ عَلَيْهِ فِي الْإِقْرَارِ قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّ قَضَيْتَهُ ذَلِكَ فَإِنْ قُلْت فَيَلْزَمُ عَلَى عَدَمِ ثُبُوتِهِ بِهِ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ قُلْت لَا نُسَلِّمُ لِجَوَازِ أَنْ يُصَدِّقَهُ بَعْدَ سُكُوتِهِ فَيُنْكِرُ إقْرَارَهُ فَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ بِهِ لِيَثْبُتَ النَّسَبُ ( فَرْعٌ يَثْبُتُ أَيْضًا بِالِاسْتِفَاضَةِ الْمَوْتُ ) كَالنَّسَبِ وَلِأَنَّ أَسْبَابَهُ كَثِيرَةٌ فَمِنْهَا مَا يَخْفَى وَمِنْهَا مَا يَظْهَرُ وَقَدْ يَعْسُرُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهَا فَجَازَ أَنْ يُعْتَمَدَ عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ وَيَثْبُتُ بِهَا ( الْوَلَاءُ وَالْعِتْقُ وَالْوَقْفُ وَالزَّوْجِيَّةُ ) لِأَنَّهَا أُمُورٌ مُؤَبَّدَةٌ فَإِذَا طَالَتْ مُدَّتُهَا عَسِرَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِهَا بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْحَاصِلِ بِالْعَقْدِ فَأَشْبَهَتْ الشَّهَادَةَ عَلَى الْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي كُتُبِهِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ الصَّوَابُ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ الْمَنْعُ فَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَإِذَا قُلْنَا بِالْأَوَّلِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَا يَثْبُتُ بِهَا شُرُوطُ الْوَقْفِ وَتَفَاصِيلُهُ بَلْ إنْ كَانَ وَقْفًا عَلَى جَمَاعَةٍ مُعَيَّنِينَ أَوْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ قُسِّمَتْ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمْ

بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى مَدْرَسَةٍ مَثَلًا وَتَعَذَّرَتْ مَعْرِفَةُ الشُّرُوطِ صَرَفَ النَّاظِرُ الْغَلَّةَ فِيمَا يَرَاهُ مِنْ مَصَالِحِهَا انْتَهَى قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ لَيْسَ بِجَيِّدٍ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ فَإِنَّهُ قَالَ يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنَّ هَذَا وَقْفٌ لَا أَنَّ فُلَانًا وَقَفَهُ قَالَ وَأَمَّا الشُّرُوطُ فَإِنْ شَهِدَ بِهَا مُنْفَرِدَةً لَمْ تَثْبُتْ بِهَا وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ سُمِعَتْ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ حَاصِلُهُ إلَى بَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْوَقْفِ انْتَهَى وَمَا قَالَهُ بِهِ النَّوَوِيُّ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ ( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَسْمَعَ ) الشَّاهِدُ ( مِنْ جَمْعٍ كَثِيرٍ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ وَيُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ ) فَلَا يَكْفِي سَمَاعُهُ مِنْ عَدْلَيْنِ نَعَمْ لَوْ أَشْهَدَاهُ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِمَا ( وَلَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُمْ وَحُرِّيَّتُهُمْ وَذُكُورِيَّتُهُمْ ) كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ ) ( قَوْلُهُ أَوْ الْقَبِيلَةِ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ النَّصِّ ) عِبَارَةُ النَّصِّ شَرْطُ ذَلِكَ أَنْ يَتَظَاهَرَ الْخَبَرُ زَمَانًا طَوِيلًا بِمَنْ يَصْدُقُ وَلَا يَكُونُ هُنَاكَ دَافِعٌ وَلَا مُنَازِعٌ وَلَا دَلَالَةٌ يُرْتَابُ بِهَا ( تَنْبِيهٌ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانًا حُرُّ الْأَصْلِ لَمْ يَسَعْهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ مَا لَمْ يَكُنْ عَرَفَ أَبَاهُ وَأُمَّهُ حُرَّيْنِ بِأَنْ رَأَى فِي بَلَدٍ رَجُلًا تَزَوَّجَ بِحُرَّةٍ وَحَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدْ الْوِلَادَةَ فَيَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا حُرُّ الْأَصْلِ كَمَا يَسَعُهُ أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إذَا حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَرِيبًا دَخَلَ بَلَدًا وَأَقَامَ بِهِ سِنِينَ وَلَمْ يَعْرِفْ فِي الْأَصْلِ أَنَّ أَبَوَيْهِ كَانَا رَقِيقَيْنِ أَوْ حُرَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ هَذَا ابْنُ فُلَانٍ إلَّا إذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِتَظَاهُرِ الْأَخْبَارِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا جَوَّزَهُ الْمُصَنِّفُ ) هُوَ الرَّاجِحُ قَوْلُهُ الْمَوْتِ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْزُوَ مَوْتَهُ إلَى أَسْبَابِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ كَمَا لَا يُعَيَّنُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ إلَّا بِالْمُشَاهَدَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ الْمِيرَاثَ فَيَجُوزُ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا بِالِاسْتِفَاضَةِ ( قَوْلُهُ وَالْوَقْفِ ) أَيْ وَلَوْ عَلَى مُعَيَّنٍ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّهُ عِنْدِي فِيمَا إذَا أُضِيفَ إلَى مَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَأَمَّا مُطْلَقُ الْوَقْفِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَفَاضَ أَنَّهُ وَقْفٌ وَهُوَ وَقْفٌ بَاطِلٌ وَهَذَا مِمَّا لَا تَوَقُّفَ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَالزَّوْجِيَّةِ ) لَوْ ثَبَتَ النِّكَاحُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ الصَّدَاقُ فَهَلْ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَوْ قَوْلُهُ فَهَلْ

يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ بَلْ الْأَرْجَحُ فِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ ) وَنُقِلَ مِنْ خَطِّ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِالنَّظَرِ عَلَى الْوَقْفِ الْفُلَانِيِّ لِزَيْدٍ مَنْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَى الْوَاقِفِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الِاسْتِفَاضَةَ وَالشُّرُوطَ لَا تَثْبُتُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ إطْلَاقُ أَنَّ الشُّرُوطَ بِالِاسْتِفَاضَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَالشُّرُوطُ لَا تَسْتَفِيضُ أَصْلًا فَإِنْ اتَّفَقَ شَرْطٌ يَسْتَفِيضُ غَالِبًا كَكَوْنِهِ وَقْفًا عَلَى حَرَمِ مَكَّةَ وَنَحْوِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا يَقْتَضِيه وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ مَحِلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ حُدُودِ الْعَقَارِ فَإِنَّ الْحُدُودَ لَا تَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَسْجِيلٍ لَهُ فِي بِرْكَةِ الْحَبَشِ وُقِفَتْ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَلَمْ يُثْبِتْ حُدُودَهَا إذْ الْحُدُودُ لَا تَثْبُتُ عِنْدَهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ غَيْرَ أَنَّ الْحُدُودَ لَا تَسْتَفِيضُ وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ مَا يَقْتَضِي ثُبُوتَهَا بِهَا وَهُوَ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ وَإِنْ ذَكَرَهَا فِي شَهَادَتِهِ بِأَصْلٍ ) فِي مَعْرِضِ بَيَانِ شُرُوطِ الْوَاقِفِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَا شَكَّ أَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالْأَقْرَبُ مَا أَجَابَ بِهِ النَّوَوِيُّ ( قَوْلُهُ يَقَعُ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُمْ ) عِلْمًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا وَلَوْ بِانْضِمَامِ الْقَرَائِنِ ( قَوْلُهُ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهَا عَلَى الْكَذِبِ ) فَيَكْفِي حُصُولُ الظَّنِّ الْغَالِبِ لِأَنَّ النَّسَبَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ وَالتَّوَاتُرَ لَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي غَيْرِ الْمَحْسُوسِ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الشَّهَادَةِ اعْتِمَادُ الْيَقِينِ وَإِنَّمَا يُعْدَلُ عَنْهُ عِنْدَ عَدَمِ الْوُصُولِ إلَيْهِ إلَى ظَنٍّ يَقْرَبُ مِنْهُ عَلَى حَسَبِ الطَّاقَةِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّوَاتُرِ ) ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَحْثًا وَصَرَّحَ بِهِ

غَيْرُهُ .
( تَنْبِيهٌ ) وَمِمَّا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ وَالْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ وَكَذَا الْإِعْسَارُ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّشْدُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَإِنَّ فُلَانًا وَارِثُ فُلَانٍ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَالْغَصْبُ قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَفِيمَا عُلِّقَ عَنْ الْقَاضِي مَوْهُوبٍ الْجَزَرِيِّ يَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ فِي اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مَوْضُوعًا وَهِيَ النَّسَبُ وَالْمَوْتُ وَالنِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ وَوِلَايَةُ الْقَاضِي وَعَزْلُهُ وَالرَّضَاعُ وَتَضَرُّرُ الزَّوْجِ وَالصَّدَقَاتُ وَالْأَشْرِبَةُ وَالسَّفَهُ وَالْأَحْبَاسُ وَالتَّعْدِيلُ وَالتَّجْرِيحُ وَالْإِسْلَامُ وَالْكُفْرُ وَالرُّشْدُ وَالْحَمْلُ وَالْوِلَادَةُ وَالْوَصَايَا وَالْحُرِّيَّةُ وَالْقَسَامَةُ .
ا هـ .
وَكَانَ الْمُرَادُ بِالْقَسَامَةِ ثُبُوتُ اللَّوْثِ وَقَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ كَتَبَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا وَهُوَ ضَعِيفٌ بَلْ صَرَّحَ الْإِمَامُ بِخِلَافِهِ وَقَوْلُهُ وَالرَّضَاعُ قَالَ شَيْخُنَا تَقَدَّمَ فِي الْمَتْنِ أَنَّ الرَّضَاعَ مِمَّا تَتَوَقَّفُ الشَّهَادَةُ فِيهِ عَلَى الْإِبْصَارِ .

( فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ مُتَمَيِّزٍ ) عَنْ أَمْثَالِهِ ( كَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَاسْتَفَاضَ فِي النَّاسِ أَنَّهُ مِلْكُهُ جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ بِهِ ) وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ وَلَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ ( وَكَذَا ) يَجُوزُ ذَلِكَ ( لَوْ انْضَمَّ إلَى الْيَدِ تَصَرُّفُ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ) وَلَوْ ( بِغَيْرِ الِاسْتِفَاضَةِ ) لِأَنَّ امْتِدَادَ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفَ بِلَا مُنَازِعٍ يُغَلِّبُ ظَنَّ الْمِلْكِ وَهَذَا لَا يُنَافِيهِ تَعَيُّنُ التَّسَامُعِ فِيمَا مَرَّ فِي بَابِ اللَّقِيطِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ رَآهُ يَسْتَخْدِمُ صَغِيرًا لَا يُفِيدُهُ ذَلِكَ الشَّهَادَةُ لَهُ بِالْمِلْكِ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ وَمِنْ النَّاسِ أَنَّهُ لَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ الِاسْتِخْدَامِ فِي الْأَحْرَارِ كَثِيرٌ مَعَ الِاحْتِيَاطِ فِي الْحُرِّيَّةِ وَخَرَجَ بِالْمُتَمَيِّزِ غَيْرُهُ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْحُبُوبِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَتَمَاثَلُ فَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهَا بِالْمِلْكِ وَلَا بِالْيَدِ ( وَلَا يَكْفِي ) فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ ( يَدٌ مُجَرَّدَةٌ وَلَا تَصَرُّفٌ مُجَرَّدٌ وَلَا هُمَا ) مَعًا ( دُونَ طُولِ الْمُدَّةِ ) وَالِاسْتِفَاضَةِ لِأَنَّ الْيَدَ الْمُجَرَّدَةَ قَدْ تَكُونُ عَنْ إجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ وَالتَّصَرُّفُ الْمُجَرَّدُ قَدْ يَكُونُ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ غَاصِبٍ نَعَمْ يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ لَهُ فِيهِمَا بِالْيَدِ .
( وَلَوْ تَجَرَّدَتْ الِاسْتِفَاضَةُ لَمْ يَشْهَدْ ) بِهَا الشَّاهِدُ عَلَى الْمِلْكِ ( حَتَّى يَنْضَمَّ إلَيْهَا إمَّا يَدٌ أَوْ تَصَرُّفٌ مَعَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ ) فِيهِمَا كَمَا لَا يَشْهَدُ بِهَا عَلَى أَسْبَابِ الْمِلْكِ ( فَإِنْ انْضَمَّا ) أَيْ الْيَدُ وَالتَّصَرُّفُ ( إلَيْهَا ) أَيْ الِاسْتِفَاضَةِ ( لَمْ يُشْتَرَطْ طُولُ الْمُدَّةِ ) كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَحْدَهَا هُوَ مَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ وَعَنْ اخْتِيَارِ الْقَاضِي وَالْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ

وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الِاكْتِفَاءُ بِهَا كَالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ انْتَهَى وَنَصَّ عَلَى الثَّانِي أَيْضًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَنَقَلَ الْمِنْهَاجُ تَصْحِيحَهُ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ وَجَزَمَ بِهِ الْعِمْرَانِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَيُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ ) بِالْمِلْكِ بِنَاءً ( عَلَى الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ ) مَعَ مَا ذُكِرَ ( أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ ) فِي الْمِلْكِ لِلْمَشْهُودِ لَهُ بِهِ إذْ ظَنُّ الْمِلْكِ إنَّمَا يَحْصُلُ حِينَئِذٍ ( وَيُرْجَعُ فِي مَعْرِفَةِ طُولِ مُدَّةِ الْيَدِ وَالتَّصَرُّفِ إلَى الْعُرْفِ وَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ بِالِاسْتِفَاضَةِ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ ) يَقُولُونَ كَذَا وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ مَبْنِيَّةً عَلَيْهَا ( بَلْ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ لَهُ أَوْ أَنَّهُ ابْنُهُ ) مَثَلًا ( لِأَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ خِلَافَ مَا سَمِعَ ) مِنْ النَّاسِ قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلَا يَذْكُرُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْحَاكِمِ مُسْتَنَدَ شَهَادَتِهِ مِنْ تَسَامُعٍ أَوْ رُؤْيَةِ يَدٍ أَوْ تَصَرُّفٍ زَائِدٍ فَلَوْ ذَكَرَهُ بِأَنْ قَالَ أَشْهَدُ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ هَذَا مَلَكَ زَيْدًا وَأَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَهُ لِأَنِّي رَأَيْته يَتَصَرَّفُ فِيهِ مُدَّةً طَوِيلَةً لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّ ذِكْرَهُ يُشْعِرُ بِعَدَمِ جَزْمِهِ بِالشَّهَادَةِ .
وَيُوَافِقُهُ مَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ فِي شَهَادَتِهِ بِالْمِلْكِ بِأَنَّهُ يَعْتَمِدُ الِاسْتِصْحَابَ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ كَمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الرَّضَاعِ عَلَى امْتِصَاصِ الثَّدْيِ وَحَرَكَةِ الْحُلْقُومِ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ حَمْلُهُ لِمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَلِلْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ مَا مَرَّ قَبْلَ بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمُسْتَنَدِ مِنْ تَسَامُعٍ وَغَيْرِهِ لَيْسَ بِقَادِحٍ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ بِذِكْرِهِ تَرَدُّدٌ فِي الشَّهَادَةِ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ

( فَصْلٌ مَنْ رَأَى رَجُلًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ فِي يَدِهِ ) .
( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ سَبَبَهُ ) لَا عِبْرَةَ بِاسْتِفَاضَةِ سَبَبِهِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ إلَّا الْمِيرَاثَ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالنَّسَبِ وَالْمَوْتِ وَكِلَاهُمَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ ( قَوْلُهُ حَتَّى يَسْمَعَ مِنْهُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا سَمَاعُهُ مِنْهُ وَحْدَهُ لَا اعْتِبَارَ بِهِ وَالْمَدَارُ عَلَى سَمَاعِهِ مِنْ النَّاسِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ فَلَعَلَّ مَا فِي الْعُبَابِ تَصْوِيرٌ ( قَوْلُهُ وَفَرَّقَ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّ وُقُوعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ قَالَ وَالْأَقْرَبُ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ وَنَقَلَهُ الشَّاشِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الْأَكْثَرِينَ نَصًّا وَحَكَى قَبْلَ ذَلِكَ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْسُوبُ إلَى الْعِرَاقِيِّينَ وَبِهِ جَزَمَ الْفُورَانِيُّ وَحَكَى جَمَاعَةٌ طَرِيقَةً قَاطِعَةً بِهِ وَهِيَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ التَّحَفُّظِ فِي الشَّهَادَةِ ( قَوْلُهُ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ خَيْرَانَ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَنْ لَا يُعَارِضَهَا مُنَازِعٌ ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ رِيبَةً تُوجِبُ التَّوَقُّفَ كَمَا لَوْ قِيلَ أَصْلُهُ كَانَ وَقْفًا أَوْ رَهْنًا أَوْ غَصْبًا أَوْ قَالَ ذُو الْيَدَانِ هَذِهِ مِلْكٌ لِرَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ أَوْ إنَّهَا لَيْسَتْ لِي ثُمَّ ادَّعَى رَجُلٌ مِلْكِيَّتَهَا فَأَنْكَرَ ذُو الْيَدِ وَادَّعَاهَا مِلْكًا لِنَفْسِهِ ( قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ سَمِعْت النَّاسَ ) أَيْ أَشْهَدُ أَنِّي ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالسُّبْكِيِّ حَمْلُهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِلْجَمِيعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اقْتَضَاهُ إلَخْ ) وَهُوَ جَمْعٌ حَسَنٌ ( قَوْلُهُ فَإِنْ ذَكَرَهُ لِتَقْوِيَةٍ أَوْ حِكَايَةِ حَالٍ إلَخْ ) بِأَنْ بَتَّ شَهَادَتَهُ ثُمَّ قَالَ مُسْتَنِدِي الِاسْتِفَاضَةُ أَوْ الِاسْتِصْحَابُ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ فِي شَهَادَةِ الْجَرْحِ يَجِبُ ذِكْرُ سَبَبِ رُؤْيَةِ الْجَرْحِ أَوْ سَمَاعِهِ فِي أَشْهَرِ

الْوَجْهَيْنِ فَيَقُولُ رَأَيْته يَزْنِي أَوْ سَمِعْته يَقْذِفُ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ يَقُولُ فِي الِاسْتِفَاضَةِ اسْتَفَاضَ عِنْدِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَاصِلُهُ الْجَزْمُ بِجَوَازِهِ وَحِكَايَةُ الْخِلَافِ فِي اشْتِرَاطِهِ

( فَرْعٌ التَّصَرُّفُ الْمُعْتَبَرُ ) هُنَا تَصَرُّفُ الْمُلَّاكِ ( كَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالْبَيْعِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ وَكَذَا الْإِجَارَةُ أَوْ الرَّهْنُ ) لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ( وَلَا يَكْفِي ) التَّصَرُّفُ ( مَرَّةً ) وَاحِدَةً لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ظَنًّا ( وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِاسْتِفَاضَةٍ ) لِأَنَّهَا لَا تَقَعُ فِي قَدْرِهِ كَذَا عَلَّلَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مِلْكَ الْحِصَصِ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا يَثْبُتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَالَ وَالْوَجْهُ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الدَّيْنِ بِالِاسْتِفَاضَةِ قَوِيٌّ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلنَّوَوِيِّ تَرْجِيحُهُ كَمَا رَجَّحَ ثُبُوتَ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِ بِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ( وَلَوْ شَهِدَ الْأَعْمَى بِالِاسْتِفَاضَةِ جَازَ إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَعْيِينٍ ) وَإِشَارَةٍ لِأَنَّ الِاعْتِمَادَ فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالِاسْتِفَاضَةِ عَلَى السَّمَاعِ وَالْأَعْمَى فِيهِ كَالْبَصِيرِ ( بِأَنْ شَهِدَ عَلَى مَعْرُوفٍ ) بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ ( أَوْ ) شَهِدَ ( لَهُ بِنَسَبٍ مُرْتَفِعٍ ) أَوْ بِنَسَبٍ أَدْنَى وَصَوَرُهُ بِأَنْ يَصِفَ الشَّخْصُ فَيَقُولُ الرَّجُلُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا وَمُصَلَّاهُ كَذَا وَسَكَنُهُ كَذَا هُوَ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ثُمَّ يُقِيمُ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ الَّذِي اسْمُهُ كَذَا وَكُنْيَتُهُ كَذَا إلَى آخِرِ الصِّفَاتِ ( أَوْ ) شَهِدَ لَهُ ( بِمِلْكِ دَارٍ مَعْرُوفَةٍ أَوْ أَرْضٍ مَعْرُوفَةٍ فَرْعٌ مَا شَهِدَ بِهِ ) الشَّاهِدُ ( اعْتِمَادًا عَلَى الِاسْتِفَاضَةِ جَازَ الْحَلِفُ عَلَيْهِ ) اعْتِمَادًا عَلَيْهَا بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْحَلِفُ عَلَى خَطِّ الْأَبِ دُونَ الشَّهَادَةِ

( قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ ) يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ فِيمَنْ لَا يُبَاشِرُ أَمْلَاك النَّاسِ نِيَابَةً عَنْهُمْ كَجُبَاةِ أَمْلَاك الْأَغْنِيَاءِ الَّذِينَ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا بِالْإِجَارَةِ وَالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَقَبْضِ الْأُجْرَة وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِنْ قِيَامِ الْأَيْتَامِ وَالْوُقُوفِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ هَؤُلَاءِ تَطُولُ مُدَّةُ أَيْدِيهِمْ وَتَصَرُّفِهِمْ فِي أَمْلَاك النَّاسِ غَالِبًا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ يُشْتَرَطُ فِيمَنْ يَشْهَدُ لِهَؤُلَاءِ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا بِبَوَاطِنِ أَحْوَالِهِمْ مُمَيِّزًا بَيْنَ مَا هُوَ لَهُمْ وَمَا هُوَ لِغَيْرِهِمْ بِأَيْدِيهِمْ غ وَقَوْلُهُ يُشْبِهُ أَنَّ مَحِلَّهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ) أَوْ مَرَّاتٍ فِي مُدَّةٍ قَرِيبَةٍ ( قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ دَيْنٌ بِالِاسْتِفَاضَةِ ) قَالَ شُرَيْحٌ فِي رَوْضَتِهِ لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا هَلْ كَانَ لِلسَّامِعِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الصَّوَابُ الْجَوَازُ غ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى } وَقَوْلُهُ { وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ } وَكَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ لِي عَلَى فُلَانٍ كَذَا كَذَلِكَ يَجُوزُ لَهُ فِي قَوْلِهِ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَقَدْ قَبِلَ شَهَادَتَهُ خُزَيْمَةُ وَجَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ وَقَدْ اعْتَمَدَ فِي شَهَادَتِهِ عَلَى إخْبَارِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إنْ مَلَكَ الْحِصَصَ مِنْ الْأَعْيَانِ إلَخْ ) كَهَذِهِ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ رُبْعُهَا لِزَيْدٍ وَثُمْنُهَا لِعَمْرٍو وَسُدُسُهَا لِبَكْرٍ ( قَوْلُهُ وَصُوَرُهُ ) أَيْ النَّسَبِ الْأَدْنَى

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي تَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَأَدَائِهَا كِتْمَانُ الشَّهَادَةِ حَرَامٌ ) الْآيَةَ { وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ } وَلِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا ( وَيَجِبُ الْأَدَاءُ ) لَهَا ( عَلَى مُتَعَيَّنٍ ) لَهَا وَعَلَى ( غَيْرِهِ إنْ دُعِيَ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( لِمَسَافَةٍ قَرِيبَةٍ ) وَهِيَ كَمَا سَيَأْتِي مَسَافَةُ الْعَدْوَى فَأَقَلَّ ( وَلَا عُذْرَ لَهُ ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ خَوْفٍ أَوْ نَحْوِهِ ( وَهُوَ عَدْلٌ ) فَإِنْ لَمْ يُدْعَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ إلَّا فِي شَهَادَةِ الْحِسْبَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ بَقِيَّةِ الْمَفَاهِيمِ ( فَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ ) مِنْ اثْنَيْنِ ( وَامْتَنَعَ الْآخَرُ ) بِلَا عُذْرٍ ( وَقَالَ ) لِلْمُدَّعِي ( احْلِفْ مَعَهُ عَصَى ) وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي يَرَى الْقَضَاءَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ إذْ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ فَلَا يَفُوتُ عَلَيْهِ ( وَكَذَا شَاهِدَا رَدِّ الْوَدِيعَةِ ) إذَا امْتَنَعَا مِنْ الْأَدَاءِ وَقَالَا لِلْمُودَعِ احْلِفْ عَلَى الرَّدِّ يَعْصِيَانِ ( وَإِنْ صَدَقَ ) الْمُودَعُ ( فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ ) وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ) فِي الْوَاقِعَةِ ( إلَّا شَاهِدٌ ) وَاحِدٌ ( لَزِمَهُ الْأَدَاءُ إنْ ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) وَكَانَ الْقَاضِي يَرَى الْحُكْمَ بِهِمَا ( وَإِلَّا فَلَا ) يَلْزَمُهُ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ ( وَيَجِبُ الْأَدَاءُ ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ ( وَإِنْ تَحَمَّلَاهَا اتِّفَاقًا ) بِأَنْ وَقَعَ السَّمَاعُ أَوْ الرُّؤْيَةُ اتِّفَاقًا ( لَا قَصْدًا ) لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ حَصَلَتْ عِنْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَلْتَزِمْهَا فَعَلَيْهِ أَدَاؤُهَا كَثَوْبٍ طَيَّرَتْهُ الرِّيحُ إلَى دَارِهِ ثُمَّ بَيَّنَ بَقِيَّةَ مَفَاهِيمِ الْقُيُودِ السَّابِقَةِ فَقَالَ .
( فَإِنْ دُعِيَ لِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لَمْ يَجِبْ ) عَلَيْهِ ( الْأَدَاءُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ } وَلِلْمَشَقَّةِ وَلِجَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ حِينَئِذٍ ( وَحَدُّ الْقُرْبِ مَا يَعُودُ فِيهِ ) بِمَعْنًى مِنْهُ ( الْمُبَكِّرُ مِنْ يَوْمِهِ ) أَيْ مَا

يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ ( لَا مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ ) تَمَامِ ( مَسَافَةِ الْقَصْرِ ) فَلَوْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَأَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ إلَى فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا إذْ ادَّعَاهُ الْمُسْتَحِقُّ أَوْ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ فِي عَمَلِهِ فَإِنْ دَعَاهُ الْحَاكِمُ وَهُوَ فِي عَمَلِهِ أَوْ الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ وَقَدْ اسْتَحْضَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشُّهُودَ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْمَدِينَةِ وَرُوِيَ مِنْ الشَّامِ أَيْضًا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ فِي الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ دُونَ غَيْرِهِ ( وَإِنَّمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى الْعَدْلِ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ وَإِنْ خَفِيَ فِسْقُهُ ) لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ بَاطِلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي تَحْرِيمِ الْأَدَاءِ مَعَ الْفِسْقِ الْخَفِيِّ نَظَرٌ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ وَإِعَانَةٌ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْقَاضِي إذَا لَمْ يُقَصِّرْ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إنْقَاذُ نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ بُضْعٍ قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفِسْقِ الظَّاهِرِ بِأَنَّ رَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَبِالظَّاهِرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهْمًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ بِعَدَمِ التَّحْرِيمِ وَقَالَ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ وَنَقَلَ أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَدْ قَدَّمْته فِي الْكَلَامِ عَلَى عَدَمِ التُّهْمَةِ .
( أَمَّا لَوْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى فِسْقِهِ ) بِأَنْ اُخْتُلِفَ فِيهِ كَشُرْبِ النَّبِيذِ ( فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَاضِي يَرَى التَّفْسِيقَ وَرَدَّ الشَّهَادَةِ بِهِ أَمْ لَا فَقَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ وَيَرَى قَبُولَهَا وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ إنْ كَانَ الْقَاضِي مُقَلِّدًا يُفَسِّقُ بِذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ يُمْنَعُ بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ

يُقَلِّدَ غَيْرَ مُقَلَّدِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ اعْتِبَارَ مِثْلِ هَذَا الْجَوَازِ بَعِيدٌ ( وَلَوْ كَانَ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ عَدْلٌ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَدَاءُ إلَّا فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ فِيمَا عَدَاهُ ( وَهَلْ يَجُوزُ لِعَدْلٍ أَنْ يَشْهَدَ بِبَيْعٍ عِنْدَ مَنْ يَرَى إثْبَاتَ الشُّفْعَةِ لِلْجَارِ ) وَهُوَ لَا يَرَاهُ أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّهُ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عِنْدَ الْقَاضِي بِمَا يَعْتَقِدُهُ دُونَهُ كَشُفْعَةِ الْجِوَارِ وَذِكْرُ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا يَعْلَمُ أَنَّ الْقَاضِيَ يُرَتِّبُ عَلَيْهِ مَا لَا يَعْتَقِدُهُ هُوَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَأَمَّا الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ ) كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ ( إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ ) لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( فَلَا يُكَلِّفُ ) لَهُ ( بَلْ يَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ يَبْعَثُ ) إلَيْهِ ( الْقَاضِي مَنْ يَسْمَعُهَا ) دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ عَنْهُ ( وَالْمُخَدَّرَةُ كَالْمَرِيضِ ) فِيمَا ذُكِرَ ( وَغَيْرُهَا ) مِنْ النِّسَاءِ ( تَحْضُرُ ) وَتُؤَدِّي ( وَيَجِبُ أَنْ يَأْذَنَ لَهَا الزَّوْجُ ) لِتُؤَدِّي الْوَاجِبَ عَلَيْهَا ( وَلَا يَجِبُ عَلَى الشَّاهِدِ وَهُوَ فِي ) أَكْلِ ( طَعَامٍ أَوْ ) فِي ( حَمَّامٍ أَوْ صَلَاةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَنْ يَقْطَعَهُ لِلْأَدَاءِ بَلْ يُتِمُّهُ ثُمَّ يَمْضِي ) لَهُ .
( وَلَوْ رَدَّ قَاضٍ شَهَادَتَهُ لِجَرْحِهِ ثُمَّ دُعِيَ إلَى قَاضٍ آخَرَ ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ ( لَا ) إنْ دُعِيَ ( إلَيْهِ لَزِمَهُ أَدَاؤُهَا وَيَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ ) لِلشَّهَادَةِ ( وَلَوْ كَانَ الْقَاضِي جَائِرًا ) أَوْ مُتَعَنِّتًا وَلَا أَثَرَ لِكَوْنِهِ لَا يَأْمَنُ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ جَوْرًا أَوْ تَعَنُّتًا فَيَتَعَيَّرُ بِذَلِكَ ( وَكَذَا ) يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ ( عِنْدَ أَمِيرٍ وَنَحْوِهِ ) كَوَزِيرٍ ( إنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ بِهِ إلَى الْحَقِّ ) بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَيْهِ إلَّا بِأَدَائِهِ عِنْدَهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ قَالَ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يَصِلُ إلَى ذَلِكَ

بِالْقَاضِي فَلَا وَجْهَ لِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عِنْدَ مَنْ لَيْسَ أَهْلًا لِسَمَاعِهَا وَقَدْ جَزَمَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ بِأَنَّ مَنْصِبَ سَمَاعِ الشَّهَادَةِ يَخْتَصُّ بِالْقُضَاةِ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَى مَنْ لَا يَعْتَقِدُ انْعِقَادَ وِلَايَتِهِ لِجَهْلٍ أَوْ فِسْقٍ لَزِمَهُ .

الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي حُدُودِهِ وَأَدَائِهَا ) ( قَوْلُهُ وَيَجِبُ الْأَدَاءُ عَلَى مُتَعَيِّنٍ لَهَا ) بِأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ غَيْرَهَا أَوْ مَاتَ الْبَاقُونَ أَوْ جُنُّوا أَوْ فَسَقَوْا أَوْ مَرِضُوا أَوْ غَابُوا أَوْ كَانُوا مَعْذُورِينَ بِأَمْرٍ آخَرَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَلَا يَأْبَى الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا } أَيْ لِلتَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ أَوْ لِلْأَدَاءِ كَمَا قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ أَوْ لِلتَّحَمُّلِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُهُ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ لَوْ دُعِيَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فِي الْقَتْلِ عَمْدًا وَجَبَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِلْقِصَاصِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ لِيَثْبُتَ بِهَا اللَّوْثُ ( قَوْلُهُ أَيْ مَا يَتَمَكَّنُ الْمُبَكِّرُ إلَيْهِ مِنْ عَوْدِهِ إلَى مَحِلِّهِ فِي يَوْمِهِ ) أَيْ وَلَوْ فِي أَوَائِلِ اللَّيْلِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَنْتَهِي بِهِ سَفَرُ النَّاسِ غَالِبًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَمْ يُبَيِّنُوا مِقْدَارَ الْإِقَامَةِ فِي الْمُحَاكَمَةِ وَعِنْدِي أَنَّهُ إذَا خَرَجَ مِنْ بَلَدِهِ بُكْرَةً وَاشْتَغَلَ بِالْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ الْعَوْدِ لَيْلًا عَلَى مَا فَسَّرْنَاهُ فَهُوَ بِمَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ لِأَنَّ الْفَوْرَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ إلَى زَمَنِ الْمُحَاكَمَةِ عَلَى الْعَادَةِ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ الَّذِي رَاعُوهُ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِذَلِكَ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لَا مَا بَيْنَهُ ) أَيْ مَا يَعُودُ فِيهِ ( قَوْلُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَجِبَ حُضُورُهُ ) وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ قَالَ وَكَذَا يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا أَمْكَنَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ كَانَ هُنَاكَ حَاكِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَتَعَيَّنَ حُضُورُهُ طَرِيقًا فِي خَلَاصِ الْحَقِّ وَفَصْلِ الْخُصُومَةِ فَإِنْ كَانَ قَدْ تَحَمَّلَ فَيُشْبِهُ اللُّزُومَ لِأَنَّهَا أَدَاءُ أَمَانَةٍ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ أُجْمِعَ عَلَى فِسْقِهِ حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْهَدَ إلَخْ ) وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ أَدَاءَهُ حَمْلُ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَاطِلِ إذْ السَّبَبُ

الَّذِي يَسْتَنِدُ إلَيْهِ بَاطِلٌ شَرْعًا وَإِنْ وَافَقَ الْحَقَّ بَاطِنًا ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ شَهَادَةٌ بِحَقٍّ إلَخْ ) غَايَةُ مَا يُقَالُ إنَّهُ حَمَلَهُ عَلَى الْحُكْمِ بِغَيْرِ حُجَّةٍ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ وَأَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَجَحَدَهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَلَكِنْ بِيَدِهِ وَثِيقَةٌ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ قَدْ قَبَضَهُ وَالشُّهُودُ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي الْوَثِيقَةِ وَيَقْبِضُهُ قِصَاصًا عَنْ الْمَجْحُودِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى الْحُكْمِ بِدَيْنٍ قَدْ بَرِئَ مِنْهُ الْخَصْمُ وَحَمَلَ الشُّهُودُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ بَاطِنًا وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ الْقَاضِيَانِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ يُتَّجَهُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَصَرَّحَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ فَهُمَا ) عِبَارَتُهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عَلِيٍّ قَالَ إنْ كَانَ فِسْقُهُ مَقْطُوعًا بِهِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْإِجَابَةُ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ شَهِدَ عَصَى وَإِنْ كَانَ فِسْقُهُ خَفِيًّا لِأَنَّهُ يَلْبِسُ الْأَمْرُ عَلَى الْقَاضِي وَتَابَعَهُ الْبَغَوِيّ قَالَ وَاَلَّذِي فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَتَلَقَّيْته مِنْ مَدَارِجِ مُصَنَّفَاتِهِمْ أَنَّهُ لَا يَعْصِي وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ وَهِيَ حَقٌّ وَيَجُوزُ لَهُ أَدَاؤُهَا بَلْ يُسْتَحَبُّ وَهُوَ الَّذِي أَرَاهُ صَحِيحًا لَا رَيْبَ فِيهِ وَمِمَّنْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ وَصَاحِبُهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ ا هـ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَ ) أَعْنِي الْأَذْرَعِيَّ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ إنَّهُ الْمُخْتَارُ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ عَدَمُ اللُّزُومِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَنَّ مَعَ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ إلَخْ ) مَثَلُ الْمُجْمَعِ عَلَى فِسْقِهِ مَنْ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ كَالْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْفَرْعِ لِأَصْلِهِ ( قَوْلُهُ

أَفْقَهُهُمَا الْجَوَازُ ) وَهُوَ الصَّحِيحُ ( قَوْلُهُ كَالْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ ) أَوْ مِنْ عُقُوبَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ عَدُوٍّ قَاهِرٍ أَوْ فِتْنَةٍ عَامَّةٍ ( قَوْلُهُ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ ) لِنَحْوِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ مَطَرٍ شَدِيدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمَرَضِ مَا يَعْجَزُ مَعَهُ عَنْ الْحَرَكَةِ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْحُضُورِ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا يُسْقِطُ وُجُوبَ الْجُمُعَةِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( تَنْبِيهٌ ) جَعَلَ ابْنُ سُرَاقَةَ فِي التَّلْقِينِ مِنْ الشُّرُوطِ كَوْنَ مَا تَحَمَّلَهُ يَجِبُ الْحُكْمُ بِهِ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهُ مِمَّا يُنْقَضُ فِيهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ وَسَبَقَ نَقْلُ الدَّارِمِيُّ لَهُ عَنْ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ إتْلَافُ خَمْرِ الذِّمِّيِّ وَتَضْمِينُهَا لِلْمُتْلِفِ قَالَ ابْنُ سُرَاقَةَ وَرُبَّمَا كَانَ فِي الْأَدَاءِ إمَّا مَأْثُومًا مِثْلَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنَّهُ قَتَلَ كَافِرًا وَالْحَاكِمُ عِرَاقِيٌّ حَنَفِيٌّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ قُلْت وَمِنْ هُنَا يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ أَنْ يَشْهَدَ بِكَلِمَةِ الْكُفْرِ أَوْ بِالتَّعْرِيضِ بِالْقَذْفِ أَوْ بِمَا يُوجِبُ التَّعْزِيرَ عِنْدَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّوْبَةَ وَيَحُدُّهُ بِالتَّعْرِيضِ وَيُعَزِّرُهُ أَبْلَغُ مِمَّا يُوجِبُهُ الشَّافِعِيُّ .
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ الْوَجْهُ الَّذِي فِي طَلَبِ الشَّافِعِيِّ نَحْوَ شُفْعَةِ الْجِوَارِ مِنْ الْحَنَفِيِّ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ لِآدَمِيٍّ أَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جَمَاعَةٌ لَا يُحْمَلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى مَنْ يَحْكُمُ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا سَبَقَ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ الشَّافِعِيَّ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُخَالِفُهُ وَطَالَمَا اشْتَبَهَ عَلَى النُّفُوسِ الشَّدِيدَةِ

الْقِيَامُ فِي الْبَاطِلِ بِالْقِيَامِ فِي الْحَقِّ قَالَ وَإِنَّنِي سَمِعْت الشَّافِعِيَّ يَقُولُ وَاَللَّهِ مَا شَهِدْت عَلَى يَسَارٍ قَطُّ وَلَقَدْ سَمِعْت مِنْهُ مَا لَوْ شَهِدْت عَلَيْهِ لَحَدَدْته وَيَنْبَغِي حَيْثُ مَنَعْنَاهُ إذَا شَهِدَ أَنْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ مُطْلَقًا عِنْدَ ذَلِكَ الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِيمَنْ كَانَ عَاصِيًا حَالَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ر ( قَوْلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْشِيحِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَلَوْ دُعِيَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّاهِدِ اجْتِهَادٌ فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَفَسَادِهِ وَلَوْ دُعِيَ الشَّاهِدُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ إلَى شَهَادَتَيْنِ بِحَقَّيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ تَخَيَّرَ فِي إجَابَةِ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْحَقَّانِ فَإِنْ خِيفَ فَوْتُ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَجَبَ الْبِدَارُ إلَى مَا خِيفَ فَوَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ لَمْ يَجِبْ ذَلِكَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيُحْتَمَلُ الْإِقْرَاعُ ر وَأَنْ يُقَالَ يُجِيبُ مَنْ تَحَمَّلَ لَهُ أَوَّلًا وَأَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّحَمُّلِ قَصْدًا وَاتِّفَاقًا غ

( فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ ) الشَّاهِدُ ( مِنْ الْأَدَاءِ حَيَاءً ) مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ ( عَصَى وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ إلَى أَنْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ وَلَوْ قَالَ ) الْمُدَّعِي ( لِلْقَاضِي شَاهِدِي مُمْتَنِعٌ ) مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لِي ( عِنَادًا ) فَأَحْضَرَهُ لِيَشْهَدَ لَمْ يُجِبْهُ إلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ ( سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ لَهُ ) أَيْ لَمْ تُقْبَلْ لِأَنَّهُ فَاسِقٌ بِالِامْتِنَاعِ بِزَعْمِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَقُلْ عِنَادًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ امْتِنَاعُهُ لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ كَخَوْفٍ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ظَالِمٍ ( فَرْعٌ لَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلشَّاهِدِ ( أَخْذُ رِزْقٍ لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا مِنْ أَحَدٍ ) مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الرَّعِيَّةِ تَبِعَ كَالرَّوْضَةِ فِي عَدَمِ أَخْذِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ نَسَخَ الرَّافِعِيِّ السَّقِيمَةَ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ تَرْجِيحُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ كَالْقَاضِي وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ كَمَا فِي نَظِيرِهِ الْآتِي فِي كِتَابَةِ الصُّكُوكِ ( وَلَهُ ) بِكُلِّ حَالٍ ( أَخْذُ أُجْرَةٍ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ عَلَى التَّحَمُّلِ ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ كَمَا فِي تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ .
هَذَا ( إنْ دُعِيَ لَهُ ) فَإِنْ تَحَمَّلَ لِمَكَانِهِ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا تَكُونَ الشَّهَادَةُ مِمَّا يَبْعُدُ تَذَكُّرُهَا وَمَعْرِفَةُ الْخَصْمَيْنِ فِيهَا لِأَنَّ بَاذِلَ الْأُجْرَةِ إنَّمَا يَبْذُلُهَا بِتَقْدِيرِ الِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا وَإِلَّا فَيَصِيرُ آخِذُهَا عَلَى شَهَادَةٍ يَحْرُمُ أَدَاؤُهَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ( لَا ) أَخْذُ أُجْرَةٍ ( لِلْأَدَاءِ ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيْهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِوَضًا وَلِأَنَّهُ كَلَامٌ يَسِيرٌ لَا أُجْرَةَ لِمِثْلِهِ وَفَارَقَ الْمُتَحَمِّلَ بِأَنَّ الْأَخْذَ لِلْأَدَاءِ يُوَرِّثُ تُهْمَةً قَوِيَّةً مَعَ أَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ لَا تَفُوتُ بِهِ مَنْفَعَةٌ مُتَقَوِّمَةٌ بِخِلَافِ زَمَنِ التَّحَمُّلِ ( إلَّا إنْ

دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ عَدْوَى ) فَأَكْثَرَ ( فَلَهُ نَفَقَةُ الطَّرِيقِ وَأُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ ) وَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ ( لَا لِمَنْ ) يُؤَدِّي ( فِي الْبَلَدِ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لِلْأَدَاءِ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ السَّابِقِ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ( إلَّا إنْ احْتَاجَهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ فَلَهُ أَخْذُهُ ( وَلَهُ صَرْفُ مَا يُعْطِيهِ ) لَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ ( إلَى غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُجْرَةِ وَالنَّفَقَةِ ( وَكَذَا مَنْ أَعْطَى شَيْئًا فَقِيرًا لِيَكْسُوَ بِهِ نَفْسَهُ لَهُ ) أَيْ لِلْفَقِيرِ ( أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكِسْوَةِ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا بِزِيَادَةٍ فِي بَابِ الْهِبَةِ ثُمَّ إنْ مَشَى الشَّاهِدُ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ قَدْ يَخْرُمُ الْمُرُوءَةَ فَيَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ فِيمَنْ هَذَا شَأْنُهُ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ بِالْبَلَدَيْنِ بَلْ قَدْ يَأْتِي فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ فَيُعَدُّ ذَلِكَ خَرْمًا لِلْمُرُوءَةِ إلَّا أَنْ تَدْعُوهُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ أَوْ يَفْعَلُهُ تَوَاضُعًا ( وَلَا يَلْزَمُ مَنْ قُوتُهُ مِنْ كَسْبِهِ ) يَوْمًا يَوْمًا ( إذَا شَغَلَهُ عَنْهُ إلَّا بِأُجْرَةِ مُدَّتِهِ ) أَيْ الْأَدَاءِ لَا بِقَدْرِ كَسْبِهِ فِيهَا وَإِنْ عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ نَقْلًا عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَبِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَبَّرَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ( فَرْعٌ كَتْبُ الصُّكُوكِ فَرْضُ كِفَايَةٍ ) أَيْ فِي الْجُمْلَةِ وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ فِيمَا إذَا طَلَبَ الْخَصْمُ مِنْ الْقَاضِي كِتَابًا بِمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ أَوْ حَكَمَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَإِنَّمَا كَانَ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ فِي حِفْظِ الْحُقُوقِ وَلَهُ أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْخَطِّ وَحْدَهُ ( وَلِكَاتِبِهَا رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُرْزَقْ ) مِنْهُ لِذَلِكَ ( فَلَهُ طَلَبُ الْأُجْرَةِ ) وَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْكَتْبُ لِطُولِ زَمَنِهِ كَمَا فِي التَّحَمُّلِ

S( قَوْلُهُ وَاَلَّذِي فِي نُسَخِهِ الْمُعْتَمَدَةِ إلَخْ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ ( قَوْلُهُ بَلْ الْأَقْرَبُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِلَا تَفْصِيلٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا لِمَنْ يُؤَدِّي فِي الْبَلَدِ ) يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَعَةِ الْبَلَدِ حَتَّى إذَا اتَّسَعَتْ اتِّسَاعًا فَاحِشًا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةُ الْمَرْكُوبِ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ وَأَيْضًا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قُدْرَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمَشْيِ وَعَدَمِهَا وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى سَعَةِ الْبَلَدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْله وَأَيْضًا يَنْبَغِي إلَخْ ( قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ مَشَى الشَّاهِدُ مِنْ الْبَلَدِ إلَى الْبَلَدِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الرُّكُوبِ قَدْ يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ إلَخْ ) وَقَدْ لَا يَخْرِمُهَا لِصَرْفِهِ فِيمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْ الرُّكُوبِ مِنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَوَفَاءِ دَيْنِهِ لَا إنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ بُخْلًا وَإِيثَارًا لِتَحْصِيلِ الْمَالِ ( قَوْلُهُ فَيَظْهَرُ امْتِنَاعُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ لَا يَتَقَيَّدُ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ يَفْعَلُهُ تَوَاضُعًا ) يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ مَشْيُهُ رَاجِلًا يُعَادِلُ مَشْيَ الْبَهِيمَةِ فَإِنْ كَانَ بَطِيئًا وَخِيفَ أَنْ لَا يُدْرِكَ الْقَاضِيَ أَوْ اسْتَحَثَّهُ صَاحِبُ الْحَقِّ لِجَلْبِ مَصْلَحَةٍ أَوْ دَفْعِ مَضَرَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ تَعَيَّنَ الرُّكُوبُ ( قَوْلُهُ وَبِمَا عَبَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَبَّرَ الْمَاوَرْدِيُّ ) إذْ لَوْ طَلَبَ قَدْرَ كَسْبِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أُجْرَةِ مِثْلِهِ لَمْ يَجُزْ

( فَصْلٌ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ ) لِتَوَقُّفِ انْعِقَادِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ امْتَنَعَ الْجَمِيعُ مِنْهُ أَثِمُوا ( وَلَوْ طَلَبَ ) شَخْصٌ ( اثْنَيْنِ ) لِلتَّحَمُّلِ ( وَهُنَاكَ غَيْرُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا ) بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ الْأَدَاءَ مِنْ اثْنَيْنِ تَحَمَّلَا مَعَ غَيْرِهِمَا شَهَادَةً فَإِنَّهُمَا يَتَعَيَّنَانِ لِأَنَّهُمَا تَحَمَّلَا أَمَانَةً فَيَلْزَمُهُمَا أَدَاؤُهَا عِنْدَ طَلَبِهَا كَمَا مَرَّ ( وَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ وَغَيْرِهَا ) تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فِيهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا عِنْدَ التَّنَازُعِ ( وَلَا يَلْزَمُهُ إجَابَةُ الدَّاعِي ) لَهُ لِيَتَحَمَّلَ ( إلَّا ) أَنْ يَكُونَ الدُّعَاءُ ( مِنْ مَرِيضٍ أَوْ مَحْبُوسٍ أَوْ مُخَدَّرَةٍ أَوْ دَعَاهُ قَاضٍ لِيُشْهِدَهُ عَلَى حُكْمٍ ) حَكَمَ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ لِلْعُذْرِ وَلِئَلَّا يَحْتَاجَ الْقَاضِي إلَى التَّرَدُّدِ لِأَبْوَابِ الشُّهُودِ فَتَتَعَطَّلَ أَحْوَالُ النَّاسِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ ) تُطْلَقُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحَمُّلِ وَعَلَى الْأَدَاءِ وَعَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ وَهِيَ الْمُرَادُ هُنَا فَهُوَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ بِهِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ إيجَابِ التَّحَمُّلِ الْحُدُودَ لِأَنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ وَأَدَاؤُهَا وَاجِبٌ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهِ حَدٌّ عَلَى غَيْرِ الشَّاهِدِ مِثْلَ أَنْ لَا يَكْمُلَ النِّصَابُ إلَّا بِهِ فَإِنْ كَمُلَ دُونَهُ لَمْ يَجِبْ ( قَوْلُهُ وَلَوْ طَلَبَ مِنْ اثْنَيْنِ وَهُنَاكَ غَيْرُهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنَا ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا الْعَدَدُ الْمُعْتَبَرُ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ وَاضِحٌ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِدِ وَفِي كَلَامِ الشَّافِعِيِّ مَا يَقْتَضِيهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّنْبِيهِ فَقَالَ فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ غَيْرُهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ وَاسْتَثْنَى ابْنُ يُونُسَ فِي التَّنْبِيهِ مِنْ ذَلِكَ حُدُودَ اللَّهِ تَعَالَى لِلنَّدَبِ إلَى سَتْرِهَا وَقَوْلُهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَمْ يَتَعَيَّنَا ) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّهُ مَا إذَا جَوَّزَا إجَابَةَ غَيْرِهِمَا أَمَّا لَوْ ظَنَّا إجَابَةَ غَيْرِهِمَا فَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ غَيْرُهُمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( قَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسٍ ) أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ يُشْهِدُ عَلَى حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ ) وَكَانَ الشَّاهِدُ مُسْتَجْمِعًا لِشَرَائِط الْعَدَالَةِ مُعْتَقِدًا لِصِحَّتِهِ فَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُسْتَجْمِعٍ لَهَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَأَمَّا إذَا دُعِيَ إلَى عَقْدٍ لَا يَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ وَغَيْرُهُ يُصَحِّحُهُ فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ دُعِيَ الشَّافِعِيُّ إلَى شَهَادَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شُفْعَةُ الْجِوَارِ ثُمَّ رَأَيْت الدَّارِمِيَّ قَالَ إذَا كَانَ يُخَالِفُ الْحَاكِمَ بِمَا يَشْهَدُ بِهِ فَوَجْهَانِ قَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إنْ كَانَ مُتَحَمِّلًا شَهِدَ

وَإِلَّا فَلَا إذَا كَانَ ظَاهِرًا وَالثَّانِي لَا يَجُوزُ وَقَالَ ابْنُ أَبِي الْمَرْزُبَانِ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ إجَابَتُهُ ) يَلْتَحِقُ بِهِ مَا إذَا دَعَا الزَّوْجُ أَرْبَعَةً لِيَتَحَمَّلُوا عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِجَابَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الدَّارِمِيُّ قَالَ فَلَوْ دَعَا دُونَ أَرْبَعَةٍ لَمْ تَلْزَمْ الْإِجَابَةُ وَكَذَا لَوْ دَعَا غَيْرُ الزَّوْجِ لَنْ تَلْزَمَ الْإِجَابَةُ وَلَوْ كَانُوا أَرْبَعَةً نَعَمْ لَوْ دَعَا الْقَاذِفُ أَرْبَعَةً لِيَشْهَدُوا بِالزِّنَا فَفِي وُجُوبِ إجَابَتِهِمْ وَجْهَانِ أَرْجَحُهُمَا وُجُوبُهُمَا

( فَصْلٌ مِنْ آدَابِهِ ) أَيْ الشَّاهِدِ ( أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ ) شَهَادَةً ( وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ عَنْ الضَّبْطِ ) وَتَمَامِ الْفَهْمِ ( مِنْ جُوعٍ وَعَطَشٍ وَهَمٍّ وَغَضَبٍ ) وَنَحْوِهَا كَمَا لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَبِهِ شَيْءٌ مِنْهَا ( وَلَا يَلْتَفِتُ الشَّاهِدُ عَلَى ) بِمَعْنَى إلَى قَوْلِ ( مَنْ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ ) فَلَا يَتَحَمَّلُ عَلَيْهِ ( وَلَا عَلَى ) بِمَعْنَى إلَى ( كِتَابٍ مُخَالِفٍ لِلْإِجْمَاعِ ) فَلَا يُثْبِتُ شَهَادَتَهُ فِيهِ ( وَيُبَيِّنُ فَسَادَهُ ) أَيْ يُظْهِرُهُ وَيُسْتَثْنَى الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُكُوسِ وَنَحْوِهَا فَتَجُوزُ إذَا قَصَدَ الشَّاهِدُ بِذَلِكَ حِفْظَ الْأَمْوَالِ عَلَى أَرْبَابِهَا بِأَنْ يَشْهَدَ لَهُمْ لِيَرْجِعُوا بِهَا فِي وَقْتٍ آخَرَ عِنْدَ إمْكَانِهِ بِتَوْلِيَةِ عَادِلٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ( وَيُثْبِتُ شَهَادَتَهُ عَلَى كِتَابٍ ) أُنْشِئَ عَلَى مُخْتَلَفٍ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ ( يُخَالِفُ مُعْتَقِدَهُ ) لِيُؤَدِّيَ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِاجْتِهَادِهِ وَقِيلَ يَعْرِضُ عَنْهُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ ( وَلَا بَأْسَ أَنْ يُضْرَبَ عَلَى الْكَلِمَةِ الْمَكْرُوهَةِ وَالْمُكَرَّرَةِ ) لَا سِيَّمَا إذَا لَمْ يَسْبِقْهُ بِالشَّهَادَةِ أَحَدٌ ( وَ ) أَنْ ( يُلْحِقَ ) بِالْكِتَابِ ( مَا تَرَكَ ) وَيُبَيِّنَ فِي رَسْمِ شَهَادَتِهِ إلْحَاقَهُ ( وَيُتَمِّمَ السَّطْرَ ) النَّاقِصَ ( بِخَطَّيْنِ ) أَوْ بِخَطٍّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَإِذَا قَرَأَ ) الشَّاهِدُ ( الْكِتَابَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ قَرَأَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ بِحَضْرَتِهِ .
( وَقَالَ ) لَهُ ( أَشْهَدُ عَلَيْك بِذَلِكَ فَقَالَ نَعَمْ وَنَحْوَهُ ) كَأَجَلْ وَجَيْرَ وَبَلَى ( كَفَى ) فِي التَّحَمُّلِ ( لَا إنْ ) قَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ إنْ ( شِئْت وَنَحْوَهُ ) كَالْأَمْرِ إلَيْك أَوْ كَمَا تَرَى أَوْ اسْتَخِرْ اللَّهَ ( وَإِذَا شَهِدَ عَلَى كِتَابِ عَقْدٍ ) بِدَيْنٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَحْوِهَا ( أَقَرَّ بِهِ ) مَنْ عَقَدَ عَلَيْهِ ( فَلَا يَقُلْ أَشْهَدُ بِذَلِكَ بَلْ ) يَقُولُ أَشْهَدُ ( بِإِقْرَارِهِ ) بِذَلِكَ (

وَلْيَكْتُبْ ) نَدْبًا فِي الْكِتَابِ الَّذِي تَحَمَّلَ فِيهِ ( اسْمَهُ وَمَا يَتَمَيَّزُ بِهِ مِنْ ) اسْمِ ( أَبٍ وَجَدٍّ يُعْرَفُ بِهِ وَإِنْ تَخَطَّى إلَيْهِ ) أَيْ إلَى جَدٍّ أَعْلَى يُعْرَفُ هُوَ بِهِ لِشُهْرَتِهِ ( فَإِنْ شُورِكَ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ ( ذَكَرَ الْكُنْيَةَ ) لِيَتَمَيَّزَ بِهَا ( وَيَأْتِي ) نَدْبًا ( بِمَا يُفِيدُ التَّذَكُّرَ ) كَمَا مَرَّ فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ ( وَ ) يَكْتُبُ ( فِي السِّجِلِّ أَشْهَدُ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي ) بِمَا فِيهِ ( أَوْ ) عَلَى ( إنْفَاذِ مَا فِيهِ لَا ) عَلَى ( إقْرَارِهِ إنْ حَكَمَ ) وَهُوَ ( عِنْدَهُ ) فَإِنْ حَكَمَ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ أَخْبَرَهُ شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ ( وَيَسْأَلُ ) الشَّاهِدَ نَدْبًا فِي كِتَابَةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ ( صَاحِبَ الدَّيْنِ كَمْ هُوَ ) وَ ( أَمُؤَجَّلًا ) هُوَ ( أَمْ لَا ثُمَّ ) بَعْدَ أَنْ يُجِيبَهُ ( يَسْأَلُ الْآخَرَ ) أَيْ الْمَدِينِ لِأَنَّهُ لَوْ سَأَلَ الْمَدِينَ أَوَّلًا وَأَقَرَّ فَقَدْ يُنْكِرُ صَاحِبَهُ الْأَجَلَ فَيَقَعُ فِي النِّزَاعِ ( وَفِي ) كِتَابِهِ ( السَّلَمِ يَسْأَلُ ) نَدْبًا ( الْمُسَلِّمَ أَوَّلًا ) عَمَّا ذَكَرَ ( خَوْفًا ) مِنْ ( أَنْ يُنْكِرَ السَّلَمَ ) وَيُطَالِبُ بِمَا دَفَعَهُ لَوْ سَأَلَ صَاحِبَهُ أَوَّلًا وَأَقَرَّ ( وَيُقْعِدُ الْقَاضِي الشَّاهِدَ ) الَّذِي أَتَى إلَيْهِ لِيُؤَدِّيَ عِنْدَهُ ( عَنْ يَمِينِهِ وَيَنْظُرُ ) الشَّاهِدُ ( اسْمَهُ الْمَكْتُوبَ ) وَيَتَأَمَّلُهُ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ .
( فَإِنْ اُسْتُشْهِدَ ) بِأَنْ اسْتَشْهَدَهُ الْمَشْهُودُ لَهُ ( اسْتَأْذَنَ الْقَاضِيَ ) نَدْبًا ( لِيُصْغِيَ إلَيْهِ فَقَدْ لَا يَسْمَعُهُ فَتَلْغُو ) شَهَادَتُهُ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْقَاضِي ذَلِكَ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَدْعِيَهُمْ لِلشَّهَادَةِ وَلَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَبْدَءُوا بِهَا قَالَ وَصِيغَةُ إذْنِ الْقَاضِي أَنْ يَقُولَ بِمَ تَشْهَدُونَ وَلَا يَقُولُ اشْهَدُوا قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ وَيُسْتَحَبُّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يُبَجِّلَ الْقَاضِيَ فِي الْأَدَاءِ فَيَقُولُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِنَا الْحَاكِمِ وَيَزِيدُ مِنْ أَلْقَابِهِ

وَالدُّعَاءِ لَهُ بِمَا يَقْتَضِيهِ حَالُهُ وَقَدْرُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا

قَوْلُهُ مِنْ آدَابِهِ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَ وَبِهِ مَا يَشْغَلُهُ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ هَذَا إذَا احْتَمَلَ الْحَالُ التَّأْخِيرَ أَوْ كَانَ هُنَاكَ غَيْرُهُ وَإِلَّا تَحَمَّلَ وَاحْتَاطَ فِي الضَّبْطِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ يَقُولُ أَشْهَدُ بِكَذَا ) ( تَنْبِيهٌ ) إنْشَاءُ الشَّهَادَةِ لَا يَصِحُّ بِالْمَاضِي وَيَصِحُّ بِالْمُضَارِعِ وَالْبَيْعُ بِالْعَكْسِ فَمَا الْفَرْقُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُضَارِعَ قَدْ صَارَ صَرِيحًا فِي الْعُرْفِ فِي إنْشَاءِ الشَّهَادَةِ فَلَا تَصِحُّ بِغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْمَاضِي فِي الْبَيْعِ صَارَ صَرِيحًا فِيهِ دُونَ الْمُضَارِعِ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِدْهُ بِأَصْلِ الْوَضْعِ إذْ ذَاكَ لَا يُفِيدُ إلَّا الْإِخْبَارَ وَلَا بِالْعُرْفِ لِأَنَّهُ لَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ ( مَسْأَلَةٌ ) أَقَرَّ مُطْلَقَ التَّصَرُّفِ بِمَالٍ لِرَجُلٍ وَأَقَرَّ بِقَبْضِ الْعِوَضِ وَلَمْ يَكُنْ قَبَضَ عِوَضًا وَشَهِدَ شَاهِدَانِ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا عَلِمَ أَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يَقْبِضْ عِوَضًا بَعْدَ أَنْ كَتَبَ خَطَّهُ عَلَى الْمُقَرِّ عَلَيْهِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَالشَّاهِدُ الْآخَرُ يَشْهَدُ عَلَى الْقَرَارِ فَقَطْ فَهَلْ يَبْرَأُ الْمُقِرُّ مِنْ الدَّيْنِ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا وَحَلَّفَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الشَّاهِدِ الَّذِي يَشْهَدُ بِالْإِقْرَارِ فَقَطْ وَيَسْتَحِقُّ وَهَلْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ بِعَدَمِ الْإِقْبَاضِ كَمَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِدَيْنٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ أَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ إنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرُّ عِوَضًا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ وَتَنْفَصِلُ الْقَضِيَّةُ بِذَلِكَ وَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا فَهَذِهِ شَهَادَةٌ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ مَحْصُورٍ وَلَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي

يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ فَلَا يُعْمَلُ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ وَإِقْرَارُ الْمُقَرِّ لَهُ إنَّهُ لَمْ يُقْبِضْ الْمُقِرَّ عِوَضًا هِيَ مِنْ بَعْضِ صُوَرِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ لَكِنْ إذَا قَالَ الْمُقِرُّ إنَّمَا أَقْرَرْت بِقَبْضِهِ عَلَى أَنْ تَقْبِضَ الْعِوَضَ فَلَمْ تُقْبِضْنِي شَيْئًا وَأَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ وَشَهِدَ الشَّاهِدُ الْمَذْكُورُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ بِذَلِكَ فَإِنَّهَا تَبْعُدُ حِينَئِذٍ عَنْ صُورَةِ مَنْ أَقَرَّ لِإِنْسَانٍ بِشَيْءٍ وَكَذَّبَهُ وَتَصِيرُ قَرِيبًا مِمَّا إذَا رَجَعَ الشَّاهِدُ عَلَى إقْرَارِ الْمُقَرِّ لَهُ مَعَ سَبْقِ دَعْوَى الْمُقِرِّ ذَلِكَ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ ) يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ زَادَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأَمْوَالِ وَقَدْ قَالُوا ( مَا ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ غَيْرَ عُيُوبِ النِّسَاءِ ) الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ ( وَنَحْوِهَا ) كَالرَّضَاعِ فَلَا يَثْبُتُ بِهِمَا لِخَطَرِهَا بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ وَحُقُوقِهَا ( وَمَا لَا ) يَثْبُتُ بِهِمْ ( فَلَا ) يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ( وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ ) وَلَوْ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ مُنْفَرِدَاتٍ لِأَنَّ الْمُنْضَمَّ إلَى الْيَمِينِ حِينَئِذٍ أَضْعَفُ شَطْرَيْ الْحُجَّةِ فَلَا يُقْنَعُ بِانْضِمَامِ ضَعِيفٍ إلَى ضَعِيفٍ كَمَا لَا يُقْنَعُ بِانْضِمَامِ شَهَادَةِ الْمَرْأَتَيْنِ إلَى مِثْلِهِمَا وَلِعَدَمِ وُرُودِ ذَلِكَ وَقِيَامِهِمَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ ( وَالْقَضَاءُ ) يَقَعُ ( بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ ) كَمَا يَقَعُ بِالشَّاهِدَيْنِ ( لَا بِالْيَمِينِ وَحْدَهَا ) وَالشَّاهِدُ مُؤَكِّدٌ وَلَا بِالْعَكْسِ كَمَا قِيلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا ( فَلَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ غَرِمَ النِّصْفَ وَلَا يَحْلِفُ ) الْمُدَّعِي ( مَعَ شَاهِدٍ ) لَهُ ( حَتَّى يَشْهَدَ وَيَعْدِلَ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ مَنْ قَوِيَ جَانِبُهُ وَجَانِبُ الْمُدَّعِي فِيمَا ذُكِرَ إنَّمَا يَقْوَى حِينَئِذٍ وَفَارَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِ تَقَدُّمِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَتَيْنِ بِقِيَامِهِمَا مَقَامَ الرَّجُلِ قَطْعًا وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ ( وَيَحْلِفُ ) وُجُوبًا ( عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ ) لِمَا ادَّعَاهُ .
( وَ ) عَلَى ( صِدْقِ الشَّاهِدِ ) فِيمَا شَهِدَ بِهِ كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ فِيمَا شَهِدَ بِهِ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا وَنَبَّهَ بِعَطْفِهِ بِالْوَاوِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ التَّرْتِيبُ بَيْنَ ذِكْرِ الِاسْتِحْقَاقِ وَذِكْرِ صِدْقِ الشَّاهِدِ وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَاعْتَبَرَ تَعَرُّضَهُ فِي يَمِينِهِ لِصِدْقِ الشَّاهِدِ لِأَنَّ الْيَمِينَ

وَالشَّهَادَةَ حُجَّتَانِ مُخْتَلِفَا الْجِنْسِ فَاعْتُبِرَ ارْتِبَاطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى لِتَصِيرَا كَالنَّوْعِ الْوَاحِدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي حَلِفِهِ لِعَدَالَةِ الشَّاهِدِ أَيْضًا وَلَا يَكْفِي تَعَرُّضُهُ لِصِدْقِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ صَادِقًا وَالْمُدَّعِي يُقِرُّ بِفِسْقِهِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ ( وَإِنْ حَدَثَ ) لِلشَّاهِدِ ( فِسْقٌ بَعْدَ الْحُكْمِ ) بِشَهَادَتِهِ ( لَمْ يُنْقَضْ أَوْ قَبْلَهُ فَكَأَنْ لَا شَاهِدَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ ) عَنْ الْيَمِينِ ( حَلَفَ الْمُدَّعِي ) وَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا مَضَى ( وَإِنْ نَكَلَ مُدَّعٍ ) عَنْ الْيَمِينِ ( مَعَ شَاهِدٍ ) لَهُ ( وَحَلَفَ خَصْمُهُ بِطَلَبِهِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ ) بَلْ سَقَطَتْ دَعْوَاهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي بَعْدَ حَلِفِ خَصْمِهِ أَوْ نُكُولِهِ هُوَ عَنْ الْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ بَيِّنَةٌ حَيْثُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَبَيِّنَتُهُ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ تَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إقَامَتُهَا فَيُعَذَّرُ وَالْيَمِينُ إلَيْهِ بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي الِامْتِنَاعِ وَكَالْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَنْ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَقَدَّمْت بَعْضَهُ عَنْ صَاحِبِ الْعُدَّةِ فِي بَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ .
( وَإِنْ نَكَلَ خَصْمُهُ ) عَنْ الْيَمِينِ فِيمَا ذُكِرَ ( فَلِلْمُدَّعِي أَنْ يَحْلِفَ ) قَالَ الشَّيْخَانِ يَمِينُ الرَّدِّ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ الْحَلِفَ أَوَّلًا ( كَنَاكِلٍ عَنْ يَمِينِ الرَّدِّ وَجَدَ شَاهِدًا ) لَهُ ( فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ يَمِينَهُ هَذِهِ غَيْرُ الَّتِي امْتَنَعَ عَنْهَا لِأَنَّ تِلْكَ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِالشَّاهِدِ وَهَذِهِ لِقُوَّةِ جِهَتِهِ بِنُكُولِ خَصْمِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ تِلْكَ لَا يُقْضَى بِهَا إلَّا فِي الْمَالِ وَهَذِهِ يُقْضَى بِهَا فِي جَمِيعِ الْحُقُوقِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَضِيَّةُ تَقْيِيدِ الشَّيْخَيْنِ الْحَلِفَ بِيَمِينِ الرَّدِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ

الْيَمِينَ الَّتِي تَكُونُ مَعَهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَظْهَرِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مُوَافَقَةَ مَا فِي الْقَسَامَةِ وَالْأَوْجَهُ مَا تَقَرَّرَ أَوَّلًا ( وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ ) عَنْ الْيَمِينِ ( مَعَ شَاهِدِهِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِ خَصْمِهِ ) وَلَوْ بِدُونِ اسْتِحْلَافِهِ لَهُ ( لَمْ يُمَكَّنْ ) مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ صَارَ فِي جَانِبِ خَصْمِهِ ( إلَّا ) أَنْ يَعُودَ ( فِي مَجْلِسٍ آخَرَ ) فَيَسْتَأْنِفُ الدَّعْوَى وَيُقِيمَ الشَّاهِدَ فَحِينَئِذٍ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَذِكْرُ بَعْدَ نُكُولِهِ إيضَاحٌ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ ) ( قَوْلُهُ الَّتِي لَا تَتَعَلَّقُ بِالْمَالِ ) أَمَّا الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْمَالِ فَتَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَاسْتَثْنَى أَيْضًا التَّرْجَمَةَ فِي الدَّعْوَى بِالْمَالِ أَوْ الشَّهَادَةِ بِهِ فَإِنَّهَا لَا مَدْخَلَ لِلشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِيهَا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مَالًا وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْ مَعْنَى لَفْظِ الْمُدَّعِي أَوْ الشُّهُودِ قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ لَهُ حَتَّى يَشْهَدَ وَيَعْدِلَ ) وَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ لَهُ حَلِّفْنِي أَوْ احْلِفْ وَخَلِّصْنِي ( قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ ) وَعَلَى صِدْقِ الشَّاهِدِ لَوْ ادَّعَى وَصِيَّةً بِمَالٍ وَأَقَامَ شَاهِدًا حَلَفَ أَنَّ مَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدُهُ حَقٌّ وَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى مَاتَ وَلَوْ ادَّعَى هِبَةً وَإِقْبَاضًا وَأَقَامَ شَاهِدًا فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَعَهُ عَلَى صِدْقِهِ وَأَنَّ الْوَاهِبَ أَقْبَضَهُ الْعَيْنَ الْمَرْهُونَةَ وَكَذَا يُقَالُ فِي إقْبَاضِ الرَّهْنِ وَقِسْ عَلَى هَذَا أَشْبَاهَهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْبَحْثَ عَنْ الْعَدَالَةِ مِنْ وَظِيفَةِ الْحَاكِمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَالْبَيِّنَةِ فِي ذَلِكَ الشَّاهِدُ وَالْيَمِينُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ قَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْقَسَامَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْأَظْهَرِ أَيْضًا ) وَكَذَا كَلَامُهُ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّهَا إنَّمَا تَسْقُطُ بَعْدَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا قَبْلَهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فَقَالَ إذَا أَرَادَ اسْتِحْلَافَ خَصْمِهِ فَنَكَلَ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِنُكُولِهِ وَهَلْ يُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ ثَانِيًا قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَقَالَ فِي بَابِ النُّكُولِ لَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَلَمْ يَحْلِفْ فَكَمَا لَوْ ارْتَدَّتْ الْيَمِينُ إلَيْهِ فَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ عَلَّلَ امْتِنَاعَهُ بِعُذْرٍ أُمْهِلَ ثَلَاثًا وَإِنْ لَمْ يُعَلِّلْ أَوْ صَرَّحَ بِالنُّكُولِ فَقَدْ ذَكَرَ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَبْطُلُ حَقُّهُ

مِنْ الْحَلِفِ وَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ إلَيْهِ وَاسْتَمَرَّ الْعِرَاقِيُّونَ عَلَى جَوَازِ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَالْحَلِفِ حَتَّى قَالَ الْمَحَامِلِيُّ لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَ شَاهِدِهِ وَاسْتُحْلِفَ الْخَصْمُ انْتَقَلَ الْيَمِينُ مِنْ جَانِبِهِ إلَى جَانِبِ صَاحِبِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَوْدُ وَالْحَلِفُ إلَّا إذَا اسْتَأْنَفَ الدَّعْوَى فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَأَقَامَ الشَّاهِدَ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَنْفَعُهُ إلَّا بَيِّنَةٌ كَامِلَةٌ .
ا هـ .
وَحَاصِلُهُ رُجْحَانُ مَقَالَةِ الْبَغَوِيّ وَالْغَزَالِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ إنَّهُ أَحْسَنُ وَأَقْوَى وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ أَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَقْتَضِي مُوَافَقَةَ مَا فِي الْقَسَامَةِ ) قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الْمَسْأَلَةَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ إلَى آخِرِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( ادَّعَى ) شَخْصٌ ( اسْتِيلَادَ أَمَةٍ فِي يَدِ آخَرَ ) غَاصِبٍ لَهَا بِزَعْمِهِ ( وَحَلَفَ ) عَلَى ذَلِكَ ( مَعَ شَاهِدٍ ) لَهُ ( ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ ) لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ لَا بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا وَمِثْلُهُمَا الشَّاهِدُ وَالْمَرْأَتَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَقَدَّمْته أَيْضًا فِي الْبَابِ الثَّانِي ( لَا مِلْكَ الْوَلَدِ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِهِ ( وَلَا نَسَبَهُ وَلَا حُرِّيَّتَهُ ) فَلَا يَثْبُتَانِ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ عِتْقُ الْأُمِّ فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحِلُّهُ إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَى زَمَنٍ لَا يُمْكِنُ فِيهِ حُدُوثُ الْوَلَدِ أَيْ أَوْ أَطْلَقَ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْمِلْكَ يَثْبُتُ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَنِ وَأَنَّ الزَّوَائِدَ الْحَاصِلَةَ فِي يَدِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْوَلَدَ مِنْهَا وَهُوَ يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَقَدْ بَانَ انْقِطَاعُ حَقِّ صَاحِبِ الْيَدِ وَعَدَمُ ثُبُوتِ يَدِهِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَيْهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَهَلْ يَثْبُتُ نَسَبُهُ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَاللَّقِيطِ فِي اسْتِلْحَاقِ عَبْدِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ مُحَافَظَةً عَلَى الْوَلَاءِ لِلسَّيِّدِ وَيَثْبُتُ فِي حَقِّ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ إذَا صَدَّقَهُ .
( وَلَوْ قَالَ ) لَهُ الْمُدَّعِي ( اسْتَوْلَدْتهَا ) أَنَا ( فِي مِلْكِك ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا ) مَثَلًا ( مَعَ وَلَدِهَا ) فَعَتَقَ عَلَيَّ ( وَأَقَامَ ) عَلَى ذَلِكَ الْحُجَّةَ ( النَّاقِصَةَ ) وَهِيَ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ وَيَمِينٌ ( ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْحُرِّيَّةُ بِإِقْرَارِهِ ) الْمُرَتَّبَانِ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ ( كَمَنْ ادَّعَى وَالْعَبْدُ فِي يَدِ آخَرَ أَنَّهُ ) كَانَ لَهُ وَأَنَّهُ ( أَعْتَقَهُ وَأَقَامَ ) عَلَى ذَلِكَ الْحُجَّةَ ( النَّاقِصَةَ ) فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ حُرِّيَّتُهُ

الْمُرَتَّبَةُ عَلَى الْمِلْكِ الَّذِي قَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ النَّاقِصَةُ وَالْمُدَّعَى بِهِ يُنْتَزَعُ فِي هَذِهِ وَيُحْكَمُ بِكَوْنِهِ عَتِيقًا لِلْمُدَّعِي كَمَا يُنْتَزَعُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا وَيُحْكَمُ بِكَوْنِهِ وَالِدًا لَهُ
( فَصْلٌ لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ اسْتِيلَادَ أَمَةٍ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ ) أَيْ بِإِقْرَارِهِ قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمَحِلُّهُ إذَا أَسْنَدَ دَعْوَاهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ الصَّغِيرِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ لَا يُحْكَمُ لِلْوَرَثَةِ ) الَّذِينَ ادَّعَوْا لِمُوَرِّثِهِمْ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا ( إلَّا إذَا أَثْبَتُوا ) أَيْ أَقَامُوا بَيِّنَةً ( بِالْمَوْتِ وَالْوِرَاثَةِ وَالْمَالِ ) أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ ( فَإِذَا ادَّعَوْا لِمُوَرِّثِهِمْ مِلْكًا وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفُوا ) مَعَهُ ( ثَبَتَ الْمِلْكُ ) لَهُ ( وَصَارَ تَرِكَةً ) يَقْضِي مِنْهَا دُيُونَهُ وَوَصَايَاهُ ( وَإِنْ امْتَنَعُوا ) مِنْ الْحَلِفِ وَعَلَيْهِ دُيُونٌ وَوَصَايَا ( لَمْ يَحْلِفْ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَصَايَا أَحَدٌ ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ وَفَاءٌ بِذَلِكَ كَنَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ ( إلَّا الْمُوصَى لَهُ بِمُعَيَّنٍ ) مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ وَلَوْ مُشَاعًا كَنِصْفٍ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ دَعْوَاهُ لِيَتَعَيَّنَ حَقُّهُ فِيهِ فَتَعْبِيرُهُ بِمُعَيَّنٍ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِعَيْنٍ ( وَإِنْ حَلَفَ ) مَعَ الشَّاهِدِ ( بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ ) لِثُبُوتِ حُجَّتِهِ ( وَلَمْ يُشَارِكْهُ ) فِيهِ ( مَنْ لَمْ يَحْلِفْ ) مِنْ الْغَائِبِينَ وَالْحَاضِرِينَ بِخِلَافِ اثْنَيْنِ ادَّعَيَا دَارًا مَلَكَاهَا بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِرْثٍ وَلَمْ يَقُولَا قَبَضْنَاهَا فَصَدَّقَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَحَدَهُمَا وَكَذَّبَ الْآخَرَ فَإِنَّ الْمُكَذَّبَ يُشَارِكُ الْمُصَدَّقَ فِيمَا أَخَذَهُ لِأَنَّ الثُّبُوتَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَلَوْ شَرِكْنَا لَمَلَّكْنَا الشَّخْصَ بِيَمِينِ غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ لَا يُجْزِئُ فِيهَا النِّيَابَةُ وَثَمَّ بِالْإِقْرَارِ ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إقْرَارُ الْمُصَدَّقِ بِالْإِرْثِ وَالْإِرْثُ يَقْتَضِي الشُّيُوعَ .
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ الْمُمْتَنِعَ هُنَا قَادِرٌ عَلَى الْوُصُولِ إلَى حَقِّهِ بِيَمِينِهِ فَحَيْثُ لَمْ يَفْعَلْ صَارَ كَالتَّارِكِ لِحَقِّهِ ( وَيُقْضَى ) مِنْ نَصِيبِهِ ( قِسْطُهُ مِنْ الدَّيْنِ ) وَالْوَصِيَّةِ لَا الْجَمِيعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ لَا يُشَارِكْ الْحَالِفَ ( وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ النَّاكِلِ مَعَ الشَّاهِدِ ) الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ يَتَلَقَّى الْحَقَّ عَنْ مُوَرِّثِهِ وَقَدْ بَطَلَ حَقُّهُ أَيْ

مِنْ الْيَمِينِ بِنُكُولِهِ وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ بَلْ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ هُوَ وَوَارِثُهُ لِأَنَّهُ حَقُّهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْمِنْهَاجُ كَأَصْلِهِ وَرَجَّحَ الْإِسْنَوِيُّ الثَّانِيَ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَسْتَأْنِفْ الدَّعْوَى وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا اسْتَأْنَفَهَا وَأَقَامَ شَاهِدَهُ ( فَلَوْ أَرَادُوا ضَمَّ شَاهِدٍ إلَى ) الشَّاهِدِ ( الْأَوَّلِ ) لِيَحْكُمَ لَهُمْ بِالْبَيِّنَةِ ( جَازَ بِلَا تَجْدِيدِ دَعْوَى ) وَشَهَادَةُ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا فِي خُصُومَةٍ ثُمَّ مَاتَ فَأَقَامَ وَارِثُهُ شَاهِدًا آخَرَ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ ) كَانَتْ الدَّعْوَى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِرْثِ كَأَنْ ( قَالَ أَوْصَى لِي وَلِأَخِي الْغَائِبِ ) مُوَرِّثُك ( بِكَذَا أَوْ بَاعَ مِنَّا ) كَذَا ( وَأَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ ) مَعَهُ ( ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ فَإِنَّهُ يُجَدِّدُ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةَ ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي الْمِيرَاثِ عَنْ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ وَلِهَذَا تُقْضَى دُيُونُهُ مِنْ الْمَأْخُوذِ وَفِي غَيْرِ الْمِيرَاثِ الْحَقُّ لِأَشْخَاصٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ ( وَإِنْ ) أَقَامَ الْوَرَثَةُ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ وَ ( مَاتَ ) بَعْضُهُمْ ( قَبْلَ النُّكُولِ ) أَيْ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِهِ ( حَلَفُوا ) أَيْ وَرَثَتُهُ ( وَلَمْ يُعِيدُوا الدَّعْوَى ) وَالشَّهَادَةَ .
( فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ ) أَيْ فِيمَنْ لَمْ يَحْلِفْ ( غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ ) أَوْ مَجْنُونٌ ( فَقَدِمَ الْغَائِبُ أَوْ بَلَغَ ) الصَّبِيُّ أَوْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ ( حَلَفَ ) لِإِثْبَاتِ نَصِيبِهِ ( وَقَبَضَهُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ ) لِأَنَّهَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَإِثْبَاتِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ وَذَلِكَ فِي حُكْمِ خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا ثَبَتَتْ الشَّهَادَةُ فِي حَقِّ الْبَعْضِ ثَبَتَتْ فِي حَقِّ الْكُلِّ وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الدَّعْوَى مِنْ الْجَمِيعِ وَلَيْسَ كَالْيَمِينِ فَإِنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى اخْتِصَاصِ

أَثَرِهَا بِالْحَالِفِ وَالشَّهَادَةُ حُكْمُهَا التَّعَدِّي وَالدَّعْوَى وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ وَعَدَمِ التَّعَدِّي فَإِنَّمَا هِيَ وَسِيلَةٌ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحِلُّ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ فَإِنْ كَانَ ادَّعَى بِقَدْرِ حِصَّتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِعَادَةِ انْتَهَى وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَدَّعِيَ الْأَوَّلُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذَكَرَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ كَمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ ( فَلَوْ فَسَقَ الشَّاهِدُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ فَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُهُ ( فَهَلْ يُؤَثِّرُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ أَوْ الصَّبِيِّ ) أَوْ الْمَجْنُونِ فَلَا يَحْلِفُ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِشَهَادَتِهِ إنَّمَا اتَّصَلَ فِي حَقِّ الْحَالِفِ فَقَطْ وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ ذُكِرَ الْحَلِفُ ( أَمْ لَا ) يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهِ فَيَحْلِفُ ( لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ وَجْهَانِ ) الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ ( وَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ ) أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ ( حَلَفَ وَارِثُهُ ) وَأَخَذَ حِصَّتَهُ ( وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْحَالِفُ أَوَّلًا ) فَلَا تُحْسَبُ يَمِينُهُ الْأُولَى .
وَأَقَامَ الظَّاهِرَ فِي قَوْلِهِ الْوَارِثَ مَقَامَ الْمُضْمَرِ ( وَالْحَالِفُ مِنْ الْوَرَثَةِ ) عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لِمُوَرِّثِهِ ( يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ ) لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَمْ بَعْضُهُمْ لِأَنَّهُ يُثْبِتُهُ لِمُوَرِّثِهِ لَا لَهُ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّ مُوَرِّثَهُ يَسْتَحِقُّ عَلَى هَذَا كَذَا أَوْ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِطَرِيقِ الْإِرْثِ عَنْ مُوَرِّثِهِ مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا ( وَإِنْ ادَّعَى بَعْضُ الْوَرَثَةِ لَا ) بَعْضُ ( الْمُوصَى لَهُمْ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ثَبَتَ الْجَمِيعُ وَاسْتَحَقَّ الْغَائِبُ وَالصَّبِيُّ ) وَالْمَجْنُونُ بِلَا إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَسْأَلَتَيْ الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ عُلِمَ مِنْ

نَظِيرِهِ السَّابِقِ فِيمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا ( وَعَلَى الْقَاضِي ) بَعْدَ تَمَامِ الْبَيِّنَةِ ( الِانْتِزَاعُ لِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ ) أَيْ لِنَصِيبِهِمَا دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا ثُمَّ يَأْمُرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ لِئَلَّا يَضِيعَ عَيْنُ مَالِهِمَا ( وَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا لَا الدَّيْنَ ) فَلَا يَجِبُ قَبْضُهُ لَهُ ( بَلْ يَجُوزُ كَمَنْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِغَائِبٍ وَأَحْضَرَهُ ) لِلْقَاضِي لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ بِخِلَافِ بَقَاءِ الْعَيْنِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَيُؤَجِّرُ الْقَاضِي الْعَيْنَ لِئَلَّا تَفُوتَ الْمَنَافِعُ ( وَ ) قَدْ مَرَّ ( فِي ) كِتَابِ ( الشَّرِكَةِ أَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ ) لَا يَنْفَرِدُ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَ ( لَوْ قَبَضَ مِنْ التَّرِكَةِ شَيْئًا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَهُ ) بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ بَقِيَّتُهُمْ وَقَالُوا هُنَا يَأْخُذُ الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ ( وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغَيْبَةَ ) لِلشَّرِيكِ ( هُنَا عُذْرًا فِي تَمْكِينِ الْحَاضِرِ ) مِنْ الِانْفِرَادِ حِينَئِذٍ وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ شَارَكَهُ فِيمَا قَبَضَهُ ( وَيَقْبِضُ وَكِيلُ الْغَائِبِ ) فِيمَا مَرَّ وُجُوبًا ( الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ وَيُقَدَّمُ ) فِي ذَلِكَ ( عَلَى الْقَاضِي ) كَمُوَكِّلِهِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا وَمِثْلُهُ وَلِيُّ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ إنْ كَانَ لَهُمَا وَلِيٌّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ أَبِي الدَّمِ

( قَوْلُهُ وَيُقْضَى قِسْطُهُ مِنْ الدَّيْنِ ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُسْتَغْرِقًا ( قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ وَرَثَةُ النَّاكِلِ ) خَرَجَ بِقَوْلِهِ وَرَثَةُ النَّاكِلِ وَرَثَةُ الْمُتَوَقِّفِ عَنْ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ فَإِنَّهُمْ يَحْلِفُونَ وَبِهَذَا صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فَقَالَ إنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْيَمِينِ نُكُولًا فَلَيْسَ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ لِأَنَّهُمْ أَسْقَطُوا حَقَّهُمْ مِنْ الْأَيْمَانِ بِنُكُولِهِمْ وَإِنْ كَانُوا قَدْ تَوَقَّفُوا عَنْ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ نُكُولٍ عَنْهُ جَازَ لِوَرَثَتِهِمْ أَنْ يَحْلِفُوا بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَيَسْتَحِقُّوا لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِالنُّكُولِ دُونَ التَّوَقُّفِ ( قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ هَذَا الْحَمْلُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا وَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ مَعَ شَاهِدِهِ أَنْ يَحْلِفَ بَعْدَ نُكُولِهِ وَقَبْلَ حَلِفِ خَصْمِهِ لَمْ يُمَكَّنْ إلَّا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَبِيٌّ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا لَا يَسْتَقِيمُ فِي الْغَائِبِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ أَرْسَلَ لَهُ مَنْ حَلَّفَهُ وَهُوَ غَائِبٌ فَحَلِفُهُ صَحِيحٌ وَإِنْ لَمْ يُزَلْ عُذْرُهُ قُلْت الْمُرَادُ إنْ تَأَخَّرَ الْيَمِينُ لِلْعُذْرِ لَا يَقْطَعُ الْحَقَّ مِنْهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إعَادَةِ شَهَادَةٍ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الْغَيْبَةِ ع ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ الْآتِي قَدْ يَقْتَضِي إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَالْغَائِبِ فِيمَا ذُكِرَ الْحَاضِرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ الْمُخْتَارُ مِنْهُمَا كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلُ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَهُوَ قِيَاسُ مَا ذُكِرَ فِي بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ( قَوْلُهُ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ ) لِأَنَّ الْوَارِثَ قَائِمٌ مَقَامَ مُوَرِّثِهِ فَيَحْلِفُ كَمَا يَحْلِفُ مُوَرِّثُهُ

لَوْ كَانَ حَيًّا إذْ هُوَ خَلِيفَتُهُ ( قَوْلُهُ كَذَا كَذَا وَكَذَا ) الْأَوَّلُ خَبَرٌ عَنْ جُمْلَتِهِ وَالثَّانِي وَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مَعْمُولَانِ لِقَوْلِهِ يَسْتَحِقُّ أَيْ وَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ كَذَا وَكَذَا مِنْ دَيْنٍ جُمْلَتُهُ كَذَا ( قَوْلُهُ فَيَقْبِضُ لَهُ الْقَاضِي الْعَيْنَ وُجُوبًا ) لَكِنْ سَبَقَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ حَمَلَ الْمَغْصُوبَ إلَى الْقَاضِي وَالْمَالِكُ غَائِبٌ فَفِي قَبُولِهِ وَجْهَانِ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَنَبَّهَ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى إنَّهُ تَقَدَّمَ فِي اسْتِيفَاءِ الْقِصَاصِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي انْتِزَاعِ الْحَاكِمِ فِيمَا عَدَا هَذِهِ الصُّورَةَ فَيَجِبُ فِيهَا قَطْعًا حِفْظًا لِحَقِّ الْمَيِّتِ فَهَذَا الْبَحْثُ ذُهُولٌ عَمَّا قَرَّرَهُ هُنَاكَ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا يَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ مُعْتَقِدٌ أَنَّ الْعَيْنَ مِلْكُهُ فَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْحَاكِمُ نَصِيبَ الْغَائِبِ قَطْعًا لِتَزُولَ هَذِهِ الْمَفْسَدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِضَيَاعِ حَقِّ الْغَائِبِ وَلَا كَذَلِكَ فِي الْغَاصِبِ الْمُقِرِّ الَّذِي أَحْضَرَ الْمَغْصُوبَ لِلْحَاكِمِ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ بَقَاءَ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَحْفَظُ لِمَالِكِهِ ) وَلَيْسَ فِي الدَّيْنِ شَيْءٌ يُحْبَسُ عَنْهُ صَاحِبُهُ بِخِلَافِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَالدَّيْنِ الْمَرْهُونِ بِهِ وَقَالَ الْفَارِقِيُّ هَذَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ ثِقَةً مَلِيًّا وَإِلَّا فَالْأَخْذُ مِنْهُ أَوْلَى .

( فَصْلٌ يَثْبُتُ الْوَقْفُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ اسْتِحْقَاقُ الْمَنَافِعِ فَأَشْبَهَ اسْتِئْجَارَ بَدَنِ الْحُرِّ وَلَيْسَ كَالْعِتْقِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ تَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ وَإِثْبَاتُ الْوِلَايَاتِ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ لَا يَنْفَكُّ عَنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ إذَا أُتْلِفَ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ الْعَتِيقِ ( فَلَوْ أَقَامُوا ) أَيْ أَوْلَادُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ ( شَاهِدًا بِغَصْبِ دَارٍ وَقَفَهَا أَبُوهُمْ عَلَيْهِمْ وَعَلَى زَيْدٍ وَحَلَفُوا ) عَلَى ذَلِكَ مَعَ الشَّاهِدِ ( ثَبَتَ الْغَصْبُ وَالْوَقْفُ ) وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ لِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي ثُبُوتِ الْوَقْفِ ( لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ وَإِلَّا فَإِقْرَارُهُمْ ) بِهِ ( كَافٍ ) التَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَا يُغْنِي عَنْهُ ( وَإِنْ ) مَاتَ عَنْ أَوْلَادٍ ثُمَّ ( ادَّعَى ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبُوهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّارَ ) وَأَنْكَرَ بَقِيَّتُهُمْ ( وَأَقَامُوا شَاهِدًا فَإِنْ حَلَفُوا ) مَعَهُ ( ثَبَتَ ) الْأُولَى ثَبَتَتْ أَيْ الدَّارُ ( وَقْفًا ) لَهُمْ ( وَلَا حَقَّ فِيهَا لِبَاقِي الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ ) مُدَّعَاهُمْ ( وَقْفَ تَرْتِيبٍ ) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّهُ وَقَفَهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَهَكَذَا وَمَاتَ ( بَعْضُهُمْ أَخَذَ مَنْ بَقِيَ ) مِنْهُمْ لَا مَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْبُطُونِ ( نَصِيبَهُ ) أَيْ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ بَعْدَ انْقِرَاضِ مَنْ قَبْلَهُ ( بِلَا يَمِينٍ ) لِحَلِفَةِ أَوَّلًا .
( فَإِنْ مَاتُوا ) أَيْ الثَّلَاثَةُ ( كُلُّهُمْ ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا ( أَخَذَهَا ) أَيْ الدَّارَ وَقْفًا ( مَنْ بَعْدَهُمْ بِلَا يَمِينٍ ) وَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مِنْ الْوَاقِفِ لِأَنَّ وَقَفِيَّتَهَا تَثْبُتُ بِحُجَّةٍ يَثْبُتُ بِهَا الْوَقْفُ فَتُدَامُ كَمَا لَوْ ثَبَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ وَلِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لِمُسْتَحِقٍّ فَلَا يَفْتَقِرُ مَنْ بَعْدَهُ إلَى الْيَمِينِ كَالْمَمْلُوكِ وَلِأَنَّهُمْ خُلَفَاءُ الْمُسْتَحِقِّينَ أَوَّلًا لَا فَلَا يَفْتَقِرُونَ

إلَيْهَا كَالْغَرِيمِ إذَا أَثْبَتَ الْوَارِثُ مِلْكًا لِمُوَرِّثِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَيَأْخُذُونَهَا ( بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ ) عَمَلًا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ ( وَإِنْ نَكَلُوا ) عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ ( فَالدَّارُ ) بَعْدَ إحْلَافِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ ( تَرِكَةٌ ) يُقْضَى مِنْهَا الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ وَيُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ ( وَتَصِيرُ حِصَّةُ الثَّلَاثَةِ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِمْ ) وَحِصَّةُ سَائِرِ الْوَرَثَةِ طَلْقًا لَهُمْ ( فَإِنْ مَاتُوا لَمْ تَثْبُتْ ) أَيْ الدَّارُ ( وَقْفًا فِي حَقِّ وَرَثَتِهِمْ ) أَيْ أَوْلَادِهِمْ ( إلَّا بِيَمِينٍ ) وَلَا يَكُونُ إقْرَارُ الْأَوَّلِينَ لَازِمًا عَلَيْهِمْ ( وَلَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ ) وَقْفًا لِأَنَّهُمْ أَصْحَابُ حَقٍّ كَالْأَوَّلِينَ فَإِذَا أَبْطَلُوا حَقَّهُمْ بِالنُّكُولِ فَلِهَؤُلَاءِ أَنْ لَا يُبْطِلُوا حَقَّهُمْ ( لَا فِي حَيَاةِ الْأَوَّلِينَ ) فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي شَرْطُهُ انْقِرَاضُ الْأَوَّلِ ( وَإِنْ نَكَلَ اثْنَانِ ) مِنْ الثَّلَاثَةِ عَنْ الْيَمِينِ وَحَلَفَ الثَّالِثُ ( فَنَصِيبُ الْحَالِفِ وَقْفٌ وَحِصَّةُ النَّاكِلَيْنِ تَرِكَةٌ يُقْضَى الدَّيْنُ وَالْوَصِيَّةُ مِنْهَا وَيُقَسَّمُ الْفَاضِلُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ ) مِنْ النَّاكِلَيْنِ وَالْمُنْكِرَيْنِ ( دُونَ الْحَالِفِ ) لِأَنَّهُ يُقِرُّ بِانْحِصَارِ حَقِّهِ فِيمَا أَخَذَهُ وَأَنَّ الْبَاقِيَ لِإِخْوَتِهِ وَقْفًا .
( ثُمَّ مَا خَرَجَ لَلنَّاكِلَيْنِ يَكُونُ وَقْفًا بِإِقْرَارِهِمَا فَإِذَا مَاتَ النَّاكِلَانِ وَالْحَالِفُ حَيٌّ أَخَذَ نَصِيبَهُمَا ) عَلَى مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ بِإِقْرَارِهِمَا ( بِلَا يَمِينٍ ) لِحَلِفِهِ أَوَّلًا فَإِذَا مَاتَ أَخَذَ الْبَطْنُ الثَّانِي نَصِيبَهُ بِلَا يَمِينٍ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَوْ ) وَهُوَ ( مَيِّتٌ فَلِأَوْلَادِهِمَا أَنْ يَحْلِفُوا ) وَيَأْخُذُوا جَمِيعَ الدَّارِ وَقْفًا كَمَا لَوْ نَكَلَ الْجَمِيعُ ( وَأَمَّا نَصِيبُ الْحَالِفِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي ) بِلَا يَمِينٍ ( دُونَ النَّاكِلَيْنِ لِأَنَّهُمَا أَبْطَلَا حَقَّهُمَا بِنُكُولِهِمَا ) وَصَارَا كَالْمَعْدُومَيْنِ (

وَأَمَّا إذَا كَانَ ) مُدَّعَاهُمْ ( وَقْفَ تَشْرِيك ) بِأَنْ ادَّعَوْا أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَ هَذِهِ الدَّارَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَوْلَادِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ مَا تَنَاسَلُوا وَقَامُوا بِذَلِكَ شَاهِدًا ( وَحَلَفُوا ) مَعَهُ وَأَنْكَرَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَخَذَهَا الْمُدَّعُونَ وَقْفًا ( ثُمَّ ) إنْ ( حَدَثَ ) لِأَحَدِهِمْ ( وَلَدٌ وُقِفَ لَهُ ) فِي يَدِ أَمِينٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ ( رُبْعُ الْغَلَّةِ حَتَّى يَبْلُغَ وَيَحْلِفَ أَوْ يَنْكُلَ ) فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ الْقِسْمَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ بَعْدَ أَنْ كَانَتْ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَإِنْ نَكَلَ صُرِفَ الْمَوْقُوفُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ وَلَا أَثَرَ لِإِقْرَارِهِمْ بِأَنَّ الْمَوْقُوفَ لَهُ لِأَنَّهُمْ إذَا أَقَرُّوا بِذَلِكَ بِتَقْدِيرِ حَلِفِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَلِأَنَّ الْوَاقِفَ جَعَلَهُمْ أَصْلًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ ثُمَّ أَدْخَلَ مَنْ يَحْدُثُ عَلَى سَبِيلِ الْعَوْلِ فَإِذَا سَقَطَ الدَّاخِلُ فَالْقِسْمَةُ عَلَى الْأُصُولِ كَمَا كَانَتْ ( فَإِنْ مَاتَ ) الْمَوْلُودُ قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَ ( قَبْلَ النُّكُولِ حَلَفَ وَارِثُهُ وَاسْتَحَقَّ ) الْقَدْرَ ( الْمَوْقُوفَ أَوْ بَعْدَ النُّكُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُ ) مِنْهُ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ حَقَّهُ بِالنُّكُولِ ( بَلْ يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الثَّلَاثَةِ ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ بَلْ يَكُونُ لِلثَّلَاثَةِ بِلَا يَمِينٍ وَكَأَنَّ الْمَوْلُودَ لَمْ يُولَدْ قَالَ .
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُهُمْ فِي صِغَرِ الْوَلَدِ وُقِفَ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ لِلْوَلَدِ ثُلُثُ الْغَلَّةِ لِعَوْدِ الْمُسْتَحِقِّينَ حِينَئِذٍ إلَى ثَلَاثَةٍ فَإِنْ بَلَغَ وَحَلَفَ أَخَذَ الرُّبْعَ وَالثُّلُثَ الْمَوْقُوفَيْنِ أَوْ نَكَلَ صُرِفَ الرُّبْعُ إلَى الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَوَرَثَةِ الْمَيِّتِ وَصُرِفَ الثُّلُثُ إلَى الْبَاقِينَ خَاصَّةً ( فَإِنْ بَلَغَ الصَّبِيُّ مَجْنُونًا فَلَا يَخْفَى أَنَّهُ تُوقَفُ الْغَلَّةُ ) أَيْ رُبْعُهَا أَيْ يُدَامُ وَقْفُهُ طَمَعًا فِي إفَاقَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ قَبْلَ أَنْ يُفِيقَ وُقِفَ لَهُ الْخُمْسُ وَلِوَلَدِهِ الْخُمْسُ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ فَإِنْ أَفَاقَ وَبَلَغَ وَلَدُهُ

وَحَلَفَا أَخَذَ الْمَجْنُونُ الرُّبْعَ مِنْ يَوْمِ وِلَادَتِهِ إلَى يَوْمِ وِلَادَةِ وَلَدِهِ وَالْخُمْسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَأَخَذَ وَلَدُهُ الْخُمْسَ مِنْ يَوْمئِذٍ وَلَوْ مَاتَ مَجْنُونًا بَعْدَمَا وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَالْغَلَّةُ الْمَوْقُوفَةُ لِوَرَثَتِهِ إذَا حَلَفُوا وَيُوقَفُ لِوَلَدِهِ مِنْ يَوْمِ مَوْتِهِ رُبْعُ الْغَلَّةِ ( وَإِنْ نَكَلَ الثَّلَاثَةُ عَنْ الْيَمِينِ ) مَعَ الشَّاهِدِ ( فَلِمَنْ ) حَدَثَ ( بَعْدَهُمْ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ ) لِأَنَّهُ شَرِيكُ الْأَوَّلِينَ يَتَلَقَّى الْوَقْفَ مِنْ الْوَاقِفِ لَا مَحَالَةَ ( وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ ) دُونَ بَعْضٍ ( أَخَذَ الْحَالِفُ نَصِيبَهُ ) وَقْفًا ( وَبَقِيَ الْبَاقِي عَلَى مَا كَانَ وَإِنْ تَصَادَقُوا عَلَى الْوَقْفِ ) أَيْ عَلَى أَنَّ الدَّارَ وَقْفُ أَبِيهِمْ عَلَيْهِمْ ( ثَبَتَ الْوَقْفُ ) وَلَا حَاجَةَ إلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ ( فَرْعٌ ) لَوْ ( ادَّعَوْا ) أَيْ جَمَاعَةٌ ( أَنَّ رَجُلًا أَوْ ) أَنَّ ( أَبَاهُ وَقَفَ عَلَيْهِمْ دَارًا وَهِيَ فِي يَدِهِ وَأَقَامُوا ) بِذَلِكَ ( شَاهِدًا فَكَمَا سَبَقَ ) مِنْ أَنَّهُ يُنْظَرُ أَحَلَفُوا مَعَ شَاهِدِهِمْ أَوْ نَكَلُوا أَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ فَيَجِيءُ فِيهِ مَا مَرَّ ( لَكِنْ مَا جُعِلَ هُنَاكَ تَرِكَةً تُرِكَ ) هُنَا ( فِي يَدِ الرَّجُلِ ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

قَوْلُهُ وَصُرِفَ الثُّلُثُ إلَى الْبَاقِينَ خَاصَّةً ) لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ وَرَثَةَ الْمَيِّتِ نَكَلُوا لِدُخُولِهِمْ فِي الْوَلَدِ الَّذِي نَكَلَ ( مِنْهُ ) ( قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ هَذَا حَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ وَلَمْ يَقْضُوهُ مِنْ مَالِهِمْ فَإِنْ كَانَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ قَالَ وَيُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي الْمَرَضِ بَطَلَ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ تَبْطُلُ بِاسْتِغْرَاقِ الدُّيُونِ وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُمْ وَثَبَتَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَإِنْ عُدِمَتْ الْبَيِّنَةُ حَلَفَ أَرْبَابُ الدُّيُونِ وَصُرِفَتْ فِي دُيُونِهِمْ فَإِنْ نَكَلُوا رُدَّتْ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنْ حَلَفُوا ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْ نَكَلُوا صُرِفَتْ فِي أَرْبَابِ الدَّيْنِ

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ) ( وَتُقْبَلُ ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ } وَلِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهَا لِأَنَّ الْأَصْلَ قَدْ يَتَعَذَّرُ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ حَقٌّ لَازِمُ الْأَدَاءِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهَا كَسَائِرِ الْحُقُوقِ وَلِأَنَّهَا طَرِيقٌ تُظْهِرُ الْحَقَّ كَالْإِقْرَارِ فَيُشْهِدُ عَلَيْهَا كَالْإِقْرَارِ لَكِنَّهَا إنَّمَا تُقْبَلُ ( فِي غَيْرِ حَدٍّ لِلَّهِ ) تَعَالَى ( وَ ) غَيْرِ ( إحْصَانٍ كَالْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ وَالْأَقَارِيرِ وَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ ) وَالرَّضَاعِ وَالْوِلَادَةِ وَعُيُوبِ النِّسَاءِ سَوَاءٌ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَالزَّكَاةِ وَوَقْفِ الْمَسَاجِدِ وَالْجِهَاتِ الْعَامَّةِ ( وَ ) تُقْبَلُ ( فِي أَنَّهُ قَدْ حُدَّ لِأَنَّهُ ) حَقُّ آدَمِيٍّ فَإِنَّهُ ( إسْقَاطٌ ) لِلْحَدِّ عَنْهُ أَمَّا حَدُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِحْصَانُ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِمَا لِبِنَاءِ الْحَدِّ الْمَشْرُوطِ بِالْإِحْصَانِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى التَّخْفِيفِ بِخِلَافِ حَقِّ الْآدَمِيِّ فَإِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُضَايَقَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِالرُّجُوعِ وَلِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ بَدَلٌ عَنْ شَهَادَةِ الْأَصْلِ وَذَلِكَ يُوَرِّثُ شُبْهَةً لِانْضِمَامِ احْتِمَالِ الْجِنَايَةِ فِي الْفَرْعِ إلَى احْتِمَالِهَا فِي الْأَصْلِ وَكَلَامُهُ كَأَصْلِهِ شَامِلٌ لِجَوَازِ إشْهَادِ الْفَرْعِ عَلَى شَهَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَغَيْرُهُ كَمَا يَجُوزُ الضَّمَانُ عَنْ الضَّامِنِ ( وَفِيهِ أَطْرَافٌ ) أَرْبَعَةٌ ( الْأَوَّلُ فِي ) كَيْفِيَّةِ ( تَحَمُّلِهَا ) وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَحَمُّلُهَا إذَا عُلِمَ أَنَّ عِنْدَ الْأَصْلِ شَهَادَةً جَازِمَةً بِحَقٍّ ثَابِتٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ .
( وَلَهُ أَسْبَابٌ ) ثَلَاثَةٌ ( الْأَوَّلُ أَنْ يَسْتَرْعِيَهُ ) الْأَصْلُ أَيْ يَلْتَمِسَ مِنْهُ رِعَايَةَ الشَّهَادَةِ وَحِفْظَهَا لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا الْإِذْنُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي ( فَيَقُولُ أَنَا شَاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُك ) أَوْ أَشْهَدْتُك عَلَى شَهَادَتِي بِهِ (

أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي ) بِكَذَا ( أَوْ إذَا اُسْتُشْهِدْت عَلَى شَهَادَتِي ) بِكَذَا ( فَقَدْ أَذِنْت لَك أَنْ تَشْهَدَ ) بِهِ ( فَلَهُ وَلِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ ) عَلَى شَهَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ فِي الِاسْتِرْعَاءِ أُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي وَعَنْ شَهَادَتِي لَكِنَّهُ أَتَمُّ فَقَوْلُهُ أُشْهِدُك عَلَى شَهَادَتِي تَحْمِيلٌ وَقَوْلُهُ عَنْ شَهَادَتِي إذْنٌ فِي الْأَدَاءِ كَأَنَّهُ قَالَ أَدِّهَا عَنِّي وَلِإِذْنِهِ أَثَرٌ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّحْمِيلِ لَا تُؤَدِّ عَنِّي امْتَنَعَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( إلَّا إنْ نَهَاهُ عَنْ الْأَدَاءِ وَلَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ اشْهَدْ بِكَذَا شَهَادَةً مَجْزُومَةً مَثْبُوتَةً ) أَيْ مَقْطُوعًا بِهَا ( لَمْ يَكْفِ ) فِي التَّحَمُّلِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ سَمِعَهُ يَقُولُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا لَا عَلَى صُورَةِ الْأَدَاءِ فَقَدْ يُرِيدُ عِدَةً كَانَ قَدْ وَعَدَهَا أَوْ يُشِيرُ بِكَلِمَةِ عَلَى إلَى أَنَّ عَلَيْهِ مِنْ بَابِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَيُنْزِلُهَا مَنْزِلَةَ الدُّيُونِ وَقَدْ يَتَسَاهَلُ بِإِطْلَاقِهِ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أَوْ فَاسِدٍ فَإِذَا آلَ الْأَمْرُ إلَى الشَّهَادَةِ أَحْجَمَ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْأَصْلُ ( وَيَتَعَيَّنُ ) فِي التَّحَمُّلِ ( لَفْظُ الشَّهَادَةِ ) مِنْ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ مِثَالُهُ ( لَا ) قَوْلُهُ ( أُعْلِمُك وَأُخْبِرُك ) بِكَذَا ( وَنَحْوَهُمَا ) فَلَا يَكْفِي كَمَا لَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ( عِنْدَ الْقَاضِي ) السَّبَبُ ( الثَّانِي أَنْ يَسْمَعَهُ يَشْهَدُ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ ) سَوَاءٌ جَوَّزْنَا التَّحْكِيمَ أَمْ لَا ( فَلِكُلٍّ ) مِمَّنْ سَمِعَهُ ( حَتَّى الْقَاضِي التَّحَمُّلُ عَنْهُ ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَشْهَدُ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ بَعْدَ تَحْقِيقِ الْوُجُوبِ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ ( السَّبَبُ الثَّالِثُ أَنْ يُبَيِّنَ السَّبَبَ ) أَيْ سَبَبَ الْوُجُوبِ ( فَيَقُولُ اشْهَدْ أَنَّ لِفُلَانٍ

عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ أَوْ قَرْضٍ ) أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهِ ( فَلَهُ التَّحَمُّلُ ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ قَاضٍ أَوْ مُحَكَّمٍ لِانْتِفَاءِ احْتِمَالِ الْوَعْدِ وَالتَّسَاهُلِ مَعَ الْإِسْنَادِ إلَى السَّبَبِ ( بِخِلَافِ الْمُقِرِّ ) كَأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ ( كَذَا فَإِنَّ لَك أَنْ تَشْهَدَ عَلَيْهِ ) بِذَلِكَ ( وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ ) وَلَمْ يَسْتَرْعِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ بِخَبَرٍ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يَكَادُ يَتَسَاهَلُ بِخِلَافِ الشَّاهِدِ وَلِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَوْسَعُ بَابًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُ الْفَاسِقِ وَالْمُغَفَّلِ وَالْمَجْهُولِ دُونَ شَهَادَتِهِمْ ( وَيَقُولُ الْمُحْتَمِلُ عِنْدَ الْأَدَاءِ ) لِلشَّهَادَةِ ( إنْ اسْتَرْعَى ) لَهَا ( اشْهَدْ أَنَّ فُلَانًا يَشْهَدُ ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ شَهِدَ ( أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَأَذِنَ لِي أَنْ أَشْهَدَ إذَا اُسْتُشْهِدْت ( وَإِلَّا ) أَنْ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِ ( بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي ) أَوْ الْمُحَكَّمِ ( أَوْ أَنَّهُ بَيَّنَ السَّبَبَ ) لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا لَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَحَمَّلَهَا فَيَعْرِفُ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمُ صِحَّتَهَا أَوْ فَسَادَهَا لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ الْجَهْلُ بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ ( فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ ) ذَلِكَ ( وَوُثِقَ الْقَاضِي ) أَوْ الْمُحَكَّمُ ( بِعِلْمِهِ جَازَ ) أَنْ يَكْتَفِيَ بِقَوْلِهِ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَةِ فُلَانٍ بِكَذَا لِحُصُولِ الْغَرَضِ ( وَيُنْدَبُ ) لِلْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ ( أَنْ يَسْأَلَهُ ) إذَا لَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ ( هَلْ أَخْبَرَهُ الْأَصْلُ كَيْفَ لَزِمَهُ الْمَالُ ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ أَنْ يَسْأَلَهُ بِأَيِّ سَبَبٍ ثَبَتَ هَذَا الْمَالُ وَهَلْ أَخْبَرَك بِهِ الْأَصْلُ

( الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ ) ( قَوْلُهُ وَتُقْبَلُ لِعُمُومِ وقَوْله تَعَالَى { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ } ) وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَصْلِ الْحَقِّ وَالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّاهِدِ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَالْإِحْصَانُ ) أَيْ إنْ ثَبَتَ زِنَاهُ لَا مُطْلَقًا وَبَحَثَ ابْنُ النَّقِيبِ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهُ بِالْإِقْرَارِ فَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ فِي إحْصَانِهِ لِإِمْكَانِ رُجُوعِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ وَقَالَ لَهُ وَجْهٌ قَوِيٌّ أَقْوَى مِنْ إطْلَاقِ الثُّبُوتِ قَالَ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ بُلُوغُ مَنْ ثَبَتَ زِنَاهُ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْعُقُوبَةِ وَكَذَا بَقِيَّةُ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِحْصَانِ قَالَ وَيُزَادُ عَلَيْهِ لِعَانُ الزَّوْجِ إذَا أَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى لِعَانِهِ إيجَابُ الْحَدِّ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا لَمْ تُلَاعِنْ وَكَذَا الشَّهَادَةُ بِانْتِقَاضِ عَهْدِ الذِّمِّيِّ لِتَخَيُّرِ الْإِمَامِ فِيهِ بَيْنَ أُمُورٍ مِنْهَا الْقَتْلُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى الْإِمَامِ بِاخْتِيَارِ الْقَتْلِ وَعَلَى الْحَاكِمِ الَّذِي حَكَمَ بِقَتْلِ مَنْ نَزَلَ عَلَى حُكْمِهِ مِنْ الرِّجَالِ الْمُكَلَّفِينَ ( قَوْلُهُ وَلِمَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ قَضَاءَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَحَمَّلَ الشَّهَادَةَ عَلَى قَضَاءِ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ وَكَذَا الْمُحَكَّمُ إذَا جَوَّزْنَا حُكْمَهُ وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الْإِذْنِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى شَهَادَتِهِ مِنْ أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّ عِنْدَهُ شَهَادَةً بِكَذَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
( قَوْلُهُ كَمَا لَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي ) إنَّمَا تَعَيَّنَ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظُ اشْهَدْ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْقِيقِ الشَّيْءِ لِمُوَافَقَتِهِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ عَلَى تَعَيُّنِهِ

وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ اسْمٌ مِنْ الْمُشَاهَدَةِ وَهِيَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الشَّيْءِ عِيَانًا وَإِنَّمَا تَعَيَّنَ الْمُضَارِعُ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ وَلِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُعْمِلَ فِي الْقَسَمِ نَحْوَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ كَذَا أَيْ أَقْسِمُ فَتَضَمَّنَ لَفْظُ أَشْهَدُ مَعْنَى الْمُشَاهَدَةِ وَالْقَسَمِ وَالْإِخْبَارِ فِي الْحَالِ فَكَأَنَّ الشَّاهِدَ قَالَ أَقْسِمُ بِاَللَّهِ وَأَنَا الْآنَ أُخْبِرُ بِهِ وَهَذِهِ الْمَعَانِي مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَلْفَاظِ ( قَوْلُهُ حَتَّى الْقَاضِي ) أَيْ وَالْمُحَكَّمُ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ أَمِيرٍ أَوْ وَزِيرٍ ) بِنَاءً عَلَى تَصْحِيحِ النَّوَوِيِّ وُجُوبَ أَدَائِهَا عِنْدَهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَعِنْدِي يَجُوزُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَقْدُمُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ الْأَمِيرِ أَوْ الْوَزِيرِ وَهُوَ جَازِمٌ بِثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ عِنْدَ الْكَبِيرِ الَّذِي دَخَلَ فِي الْقَضِيَّةِ بِغَيْرِ تَحْكِيمٍ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُخْبِرُ عَنْ نَفْسِهِ ) فَلَا يَكَادُ يَتَسَاهَلُ فَإِقْرَارُهُ بِهِ يَقْتَضِي كَوْنَهُ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ الْمُفَرِّطُ وَمَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ هُنَا لَا تَفْرِيطَ مِنْهُ وَالشَّاهِدُ قَدْ يُقَصِّرُ وَيَتَسَاهَلُ فَلَا يَكُونُ تَقْصِيرُهُ سَبَبًا لِإِضْرَارِ غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَيَقُولُ الْمُتَحَمِّلُ عِنْدَ الْأَدَاءِ إلَخْ ) فِي تَعْلِيقِ الْمَرْوَزِيِّ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى ثَمَانِ شِينَاتٍ فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ عِنْدِي أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ وَأَذِنَ لِي فِي أَنْ أَشْهَدَ إذَا اُسْتُشْهِدْت وَأَنَا الْآنَ أَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَوُثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ جَازَ إلَخْ ) قَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّ لَهُ الْإِصْرَارُ وَإِنْ سَأَلَهُ الْقَاضِي لَمْ يَلْزَمْهُ التَّفْصِيلُ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي ) شُرُوطِ ( التَّحَمُّلِ لَا يَتَحَمَّلُ ) الشَّخْصُ شَهَادَةً ( إلَّا عَنْ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ ) إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَحَمُّلِهَا عَنْ غَيْرِهِ ( فَلَوْ تَحَمَّلَ ) عَنْ مَقْبُولِهَا ( فَطَرَأَ ) عَلَيْهِ ( فِسْقٌ وَنَحْوُهُ ) مِمَّا يَمْنَعُ قَبُولَهَا ( كَعَدَاوَةٍ لَغَا التَّحَمُّلُ ) فَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَهْجُمُ غَالِبًا دَفْعَةً فَيُوَرِّثُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَلَيْسَ لِمُدَّتِهِ الْمَاضِيَةِ ضَبْطٌ فَيَنْعَطِفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ ( لَا ) إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ ( مَوْتٌ وَجُنُونٌ ) مُطْبِقٌ ( وَعَمًى ) وَغَيْبَةٌ وَمَرَضٌ فَلَا يَلْغُو التَّحَمُّلُ لِأَنَّهَا لَا تُوقِعُ رِيبَةً فِيمَا مَضَى وَكَالْجُنُونِ الْإِغْمَاءُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ حَاضِرًا فَلَا يَشْهَدُ الْفَرْعُ بَلْ يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِ زَوَالِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِهِ كُلُّ مَرَضٍ يُتَوَقَّعُ قُرْبُ زَوَالِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالصَّوَابُ الْفَرْقُ لِبَقَاءِ أَهْلِيَّةِ الْمَرِيضِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَأَلْحَقَ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِالْجُنُونِ الْخَرَسَ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَخْرَسِ .
( وَإِنْ فَسَقَ الْأَصْلُ أَوْ حَضَرَ ) أَوْ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَنِّي تَحَمَّلْت أَوْ نَسِيت أَوْ نَحْوَهَا ( بَعْدَ الْأَدَاءِ ) لِلشَّهَادَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ ( لَمْ يُحْكَمْ ) بِهَا لِحُصُولِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْأَصْلِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِلرِّيبَةِ فِيمَا عَدَاهَا ( أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ ) بِهَا ( لَمْ يُؤَثِّرْ وَإِنْ كَذَّبَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَمْ يُنْقَضْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَيَظْهَرُ أَنْ يَجِيءَ فِي تَغْرِيمِهِمْ وَالتَّوَقُّفِ فِي اسْتِيفَاءِ الْعُقُوبَةِ مَا يَأْتِي فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ بَعْدَ الْقَضَاءِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ( إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ كَذَّبَهُ قَبْلَهُ ) فَيُنْقَضُ إلَّا إنْ ثَبَتَ

أَنَّهُ أَشْهَدَهُ فَلَا يُنْقَضُ ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا ( وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ ) شَهَادَةً ( مُطْلَقًا ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُصُولُ أَوْ بَعْضُهُمْ نِسَاءً أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ الشَّهَادَةُ بِالْوِلَادَةِ وَالرَّضَاعِ أَمْ لَا لِأَنَّ شَهَادَةَ الْفَرْعِ تُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا مَا شَهِدَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَفْسُ الشَّهَادَةِ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَيَطَّلِعُ عَلَيْهَا الرِّجَالُ غَالِبًا ( وَيَصِحُّ تَحَمُّلُ نَاقِصٍ ) كَصَبِيٍّ وَعَبْدٍ وَفَاسِقٍ وَأَخْرَسَ ( أَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ ) يَعْنِي يَصِحُّ أَدَاءُ الْكَامِلِ وَإِنْ تَحَمَّلَ وَهُوَ نَاقِصٌ كَالْأَصْلِ

( الطَّرَفُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ التَّحَمُّلِ ) ( قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَمَّلَ فَطَرَأَ فِسْقٌ وَنَحْوُهُ إلَخْ ) دَخَلَ فِيهِ مَا لَوْ شَهِدَ بِجَرْحِ قَرِيبَةٍ وَهُوَ مَحْجُوبٌ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ مَاتَ الْحَاجِبُ وَصَارَ شَاهِدُ الْأَصْلِ وَارِثًا وَمَا إذَا شَهِدَ لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ ثُمَّ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَوْصَى لَهُ بِهِ أَوْ أَوْصَى إلَيْهِ فِي أَمْرِ أَطْفَالِهِ وَمَاتَ أَوْ وَكَّلَهُ فِي الْمُخَاصَمَةِ فِيهِ فَخَاصَمَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَعْنَى تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إذَا صَارَ الْأَصْلُ إلَيْهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْفَرْعِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ قَالَهُ الدَّارِمِيُّ ( قَوْلُهُ نُفِيَ التَّحَمُّلُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا كَانَ الْفَرْعُ شَاهِدًا عَلَى شَهَادَةِ مَنْ قَضَى بِعِلْمِهِ فَإِنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ مُلَازَمَةٍ لِلْقَضَاءِ فَإِذَا حَدَثَ مِنْ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ وَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ مَا إذَا شَهِدَ الْفَرْعُ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدٍ عِنْدَ حَاكِمٍ فَإِنَّهُ إنْ قَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ فَلَيْسَ شَهَادَةً عَلَى شَهَادَةٍ وَإِلَّا فَهُوَ مُنْفَكٌّ عَنْ الْقَضَاءِ بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَتَنَاوَلَ مَا إذَا حَدَثَتْ الْعَدَاوَةُ بَعْدَ إقَامَةِ الْفَرْعِ شَهَادَتَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ إنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ وَحَكَاهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَلَيْسَ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُخَالِفُهُ وَفِقْهُهُ وَاضِحٌ وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى إطْلَاقِ أَنَّ حُدُوثَ عَدَاوَةٍ مَانِعٌ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ .
( قَوْلُهُ وَعَمًى ) أَيْ وَخَرَسٌ ( قَوْلُهُ وَلِلْإِسْنَوِيِّ فِيهِ كَلَامٌ ) ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ عِبَارَتُهُ وَغَلَّطَهُ فِيهِ الْإِسْنَوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُبْطِلُ كَلَامَ الرَّافِعِيِّ بَلْ يُقَوِّيهِ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَصْلِ بِصِفَةِ الْأَهْلِيَّةِ أَقْرَبُ إلَى عَدَمِ قَبُولِ الْفَرْعِ مِنْ وُجُودِهِ بِدُونِهَا بِسَبَبٍ لَا تَقْصِيرَ فِيهِ

فَإِذَا انْتَظَرْنَا زَوَالَ الْإِغْمَاءِ لِقُرْبِهِ فَزَوَالُ الْمَرَضِ الْقَرِيبِ أَوْلَى وَأَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْعِمَادِ بِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ النَّوَوِيِّ أَنَّ الْأَصْلَ إذَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمَرَضِ وَتَعَذَّرَ حُضُورُهُ لَمْ يَتَعَذَّرْ عَلَى الْفَرْعِ الْأَدَاءُ بِخِلَافِ الْإِغْمَاءِ فَإِنَّهُ يُخْرِجُ الْأَصْلَ عَنْ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ فَوَجَبَ عَلَى الْفَرْعِ انْتِظَارُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ حَضَرَ ) أَيْ أَوْ شُفِيَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَبْصَرَ مِنْ عَمَاهُ أَوْ أَفَاقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ مِنْ إغْمَائِهِ إنْ مَنَعْنَا الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ مَعَهُ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ غَيْبَتِهِ الْبَعِيدَةِ بِحَيْثُ كَانَ وَقْتَ أَدَاءِ الْفَرْعِ الشَّهَادَةَ فِي مَسَافَةِ الْعَدْوَى فَمَا دُونَهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْأُصُولِ كَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فِي غَيْبَةِ الْوَلِيِّ ( قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يُؤَثِّرْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا مُقَيَّدٌ فِي الْفِسْقِ وَالرِّدَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي حَدٍّ لِآدَمِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ لَمْ يُسْتَوْفَ فَإِنْ وُجِدَ بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يُسْتَوْفَ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَدَاوَةِ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الْأَدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ عِيَادَةُ الْقَاضِي الْمَرِيضَ بَعْدَ أَدَاءِ الْفَرْعِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا إذَا بَرِئَ الْمَرِيضُ قُلْت وَهَذِهِ الصُّورَةُ وَقَعَتْ لِابْنِ أَبِي الدَّمِ وَتَرَدَّدَ فِيهَا نَظَرُهُ وَرَجَّحَ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْأَدَاءُ السَّابِقُ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَرْدِ بِزَوَالِ عُذْرِهِ بِالْبَرْدِ بِخِلَافِ هَذِهِ الصُّورَةِ ر وَتُسْمَعُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إذَا سُمِعَ بِعَجْزِ الْأَصْلِ أَوْ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَجْزِ كَمَا قَالَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ

الزَّرْكَشِيُّ تَفَقُّهًا ) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ إنَّ شَاهِدَ الْأَصْلِ لَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا فَشَهِدَ اثْنَانِ أَنَّهُ قَدْ كَانَ قَدْ أَشْهَدَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ كَانَ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا ( قَوْلُهُ وَلَا يَتَحَمَّلُ نِسَاءٌ ) الْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ لَكِنْ لَوْ بَانَتْ ذُكُورَتُهُ صَحَّ تَحَمُّلُهُ

( الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَدَدِ ) أَيْ عَدَدِ شُهُودِ الْفَرْعُ ( فَيَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ مَعًا ) لِأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى قَوْلِ اثْنَيْنِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ فَلَا يُشْتَرَطُ لِكُلِّ أَصْلٍ اثْنَانِ وَلَا يَكْفِي لَهُ وَاحِدٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَرْعَ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ الْحَقُّ وَلَا يَقُومُ مَقَامَ الْأَصْلِ بَلْ يَثْبُتُ بِهَا شَهَادَةُ الْحَقِّ وَالْحَقُّ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ الْبَابِ الثَّانِي ( وَكَذَا ) يَكْفِي شَاهِدَانِ ( عَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ ) لِمَا عُلِمَ وَعَطَفَ عَلَى شَاهِدَانِ قَوْلَهُ ( لَا كُلُّ وَاحِدٍ ) مِنْ الْفَرْعَيْنِ ( عَلَى أَصْلٍ ) بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ وَالْآخَرُ عَلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ الثَّانِي فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْفَرْعَ يُثْبِتُ شَهَادَةَ الْأَصْلِ كَمَا مَرَّ ( وَالْأَصْلُ شَهِدَ مَعَ فَرْعٍ عَنْ ) بِمَعْنَى عَلَى شَهَادَةِ ( الْأَصْلِ الثَّانِي ) فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ قَامَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ الْبَيِّنَةِ لَا يَقُومُ بِالْآخَرِ وَلَوْ مَعَ غَيْرِهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ
الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي الْعَدَدِ ) ( قَوْلُهُ فَيَكْفِي شَاهِدَانِ عَلَى الْأَصْلَيْنِ مَعًا ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْعَدَدِ فِي الْفَرْعِ وَلَوْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهَا الْوَاحِدُ كَهِلَالِ رَمَضَانَ وَبِهِ صَرَّحُوا هُنَاكَ فَيُشْتَرَطُ اثْنَانِ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْوَاحِدِ وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَةُ الْأَصْلِ مِمَّا يُحْكَمُ بِهِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَتَحَمَّلَهَا فَرْعٌ وَاحِدٌ وَأَرَادَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ هَذَا الْفَرْعِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ شَهَادَةَ الْأَصْلِ لَا تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَلَوْ شَهِدَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ فَرْعَانِ جَازَ لَهُ الْحَلِفُ مَعَهُمَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِشَهَادَتِهِمَا شَهَادَةُ الْأَصْلِ الْوَاحِدِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ هُوَ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70