كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

هَلْ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ عَلَى بَائِعِ الصَّيْدِ إذَا أَحْرَمَ لِأَنَّ رَدَّهُ عَلَيْهِ إتْلَافٌ فِيهِ نَظَرٌ ج لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ قَبْلَ تَحَلُّلِ الْبَائِعِ وَلَا يَبْطُلُ حَقُّ الرَّدِّ بِالتَّأْخِيرِ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ كَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّ الرُّجُوعَ فِي عَيْنِهِ عِنْدَ الْفَسْخِ ) لَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ بَعْضِ الثَّمَنِ ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ فَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ رَجَعَ بِتَمَامِ الثَّمَنِ أَوْ قَبْلَهُ فَهُوَ لَاحِقٌ بِالْعَقْدِ عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِمَا بَقِيَ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ جَزَمَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ بِجَوَازِ الرَّدِّ لِلتَّخَلُّصِ مِنْ الْمَبِيعِ وَقِيَاسُ مَنْ يَقُولُ يَرْجِعُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ عِنْدَ الْإِبْرَاءِ عَنْ بَعْضِهِ أَنْ يَقُولَ بِهِ هُنَا قَوِّ وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ فَقِيلَ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ بِبَدَلِ الثَّمَنِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ آخِرَ الْبَابِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الصَّدَاقِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْإِبْرَاءِ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ بِشَيْءٍ وَفِي الْإِبْرَاءِ مِنْ بَعْضِهِ إلَّا بِالْبَاقِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَرُدُّ وَيُطَالِبُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنَّ تَلِفَ الثَّمَنَ إلَخْ ) لَوْ كَانَ الثَّمَنُ بَاقِيًا وَلَكِنْ امْتَنَعَ نَقْلُهُ مِنْ شَخْصٍ إلَى شَخْصٍ بِإِعْتَاقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ انْتَقَلَ إلَى آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَرَهْنٍ وَشُفْعَةٍ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ التَّالِفِ وَلَوْ زَالَ وَعَادَ فَكَالْبَاقِي عَلَى الْأَصَحِّ

( وَلَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا ) جَاهِلًا بِعَيْبِهِ ( يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَوْ بِشَرْطِ الْعِتْقِ فَأَعْتَقَهُ رَجَعَ بِأَرْشِهِ ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ وَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ فَبَذْلُ الثَّمَنِ إنَّمَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ظَنَّهُ مِنْ سَلَامَةِ الْمَبِيعِ فَإِذَا فَاتَ مِنْهُ جُزْءٌ صَارَ مَا قَصَدَ عِتْقَهُ مُقَابَلًا بِبَعْضِ الثَّمَنِ فَرَجَعَ فِي الْبَاقِي وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ حُصُولُ الْعِتْقِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَاسْتُشْكِلَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلِلْوَكِيلِ رَدُّهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ قَبْلَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ السَّلِيمِ فَإِذَا اشْتَرَى مَعِيبًا لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ
قَوْلُهُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّضَا بِهِ ) أَيْ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَكُونُ فِي مِلْكٍ قَدْ اسْتَقَرَّ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاشَرَ الْعَقْدَ بِنَفْسِهِ ) أَيْ فَإِنَّ مِلْكَهُ يَصِيرُ مُسْتَقِرًّا عَلَى مَا اشْتَرَاهُ وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا فَعَتَقَ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَثُبُوتُ الْخِيَارِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ لَا يَمْنَعُ الِاسْتِقْرَارَ وَأَيْضًا شِرَاءُ الْوَكِيلِ الْمَعِيبِ لَهُ شُبِّهَ بِشِرَاءِ الْفُضُولِيِّ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي شِرَاءِ الْمَعِيبِ فَلَوْ عَتَقَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرِّضَا لَأَلْزَمْنَاهُ مِلْكًا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ وَهُوَ مُحَالٌ وَلِهَذَا لَوْ اشْتَرَى لَهُ الْفُضُولِيُّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَصَحَّحْنَاهُ لَمْ يُعْتَقْ قَبْلَ الْإِجَارَةِ

( فَصْلٌ إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ فَلَا ) رَدَّ فِي الْحَالِ لِتَعَذُّرِهِ وَلَا ( أَرْشَ ) لَهُ ( فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مَا أَيِسَ مِنْ الرَّدِّ ) فَإِنَّهُ قَدْ يَعُودُ إلَيْهِ فَيَرُدُّهُ ( فَإِنْ تَلِفَ أَوْ عَتَقَ قَبْلَ الْعَوْدِ إلَيْهِ رَجَعَ الْأَرْشُ ) عَلَى بَائِعِهِ لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَرَجَعَ عَلَيْهِ مُشْتَرِيهِ أَمْ لَا ( وَإِنْ عَادَ إلَيْهِ وَلَوْ بِهِبَةٍ رُدَّ ) عَلَى بَائِعِهِ لِزَوَالِ التَّعَذُّرِ ( وَلَوْ عَادَ ) إلَيْهِ ( بِشِرَاءٍ رَدَّهُ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ) أَيْ مِنْ بَائِعِهِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي وَإِذَا رَدَّهُ عَلَى الثَّانِي فَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ يَرُدُّ هُوَ عَلَى الْأَوَّلِ ( وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الثَّانِي رَدُّهُ عَلَى ) الْبَائِعِ ( الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَرَدَّهُ الْبَائِعُ الثَّانِي ) وَقَبِلَهُ ( وَقَدْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ ( خُيِّرَ ) الْبَائِعُ ( الْأَوَّلُ بَيْنَ اسْتِرْجَاعِهِ ) مِنْهُ ( وَ ) بَيْنَ ( تَسْلِيمِ الْأَرْشِ ) لَهُ ( وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ الثَّانِي وَطُولِبَ ) أَيْ وَطَالَبَهُ مُشْتَرِيهِ ( بِالْأَرْشِ رَجَعَ بِهِ بَائِعُهُ ) لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ رُبَّمَا لَا يَقْبَلُهُ بَائِعُهُ فَيَتَضَرَّرُ ( لَكِنْ ) إنَّمَا يَرْجِعُ بِهِ ( بَعْدَ التَّسْلِيمِ ) أَيْ تَسْلِيمِهِ الْأَرْشَ لِمُشْتَرِيهِ كَذَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُطَالِبُهُ فَيَبْقَى مُسْتَدْرِكًا لِلظَّلَّامَةِ وَهَذَا كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا يَسْتَقِيمُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِيمَا إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ عَنْ مِلْكِهِ بِلَا عِوَضٍ اسْتِدْرَاكُ الظَّلَّامَةِ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ إنَّهَا الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ كَمَا مَرَّ فَيَرْجِعُ سَلَّمَ الْأَرْشَ أَمْ لَا وَلَا نَظَرَ إلَى إمْكَانِ الْعَوْدِ بِزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فَإِنَّهُ صَحَّحَ جَوَازَ الرُّجُوعِ ثُمَّ نَقَلَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَصْلِ الرَّوْضَةِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ نَقَلَ الْأَوْجُهَ

الضَّعِيفَةَ ( بِخِلَافِ مَا لَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي ) أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ وَقَفَهُ ( فَإِنَّ لَهُ ) أَيْ الْبَائِعِ الثَّانِي ( الْمُطَالَبَةَ ) لِبَائِعِهِ بِالْأَرْشِ ( وَلَوْ أَبْرَأَهُ ) مِنْهُ الْمُشْتَرِي ( الثَّانِي ) لِلْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ بِمَا تَقَرَّرَ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ إذَا خَرَجَ الْمَعِيبُ إلَخْ ) أَيْ أَوْ بَعْضُهُ ( قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ رُبَّمَا يُطَالِبُهُ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ يَنْبَغِي التَّعْلِيلُ بِالْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ قَهْرًا فَإِنَّهَا الْعِلَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ مُرَادُ الْأَكْثَرِينَ الْيَأْسُ مِنْ الرَّدِّ عَلَى سَبِيلِ الْإِلْزَامِ وَأَنَّ تَوَقُّعَ زَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ عِنْدَهُمْ لِبُعْدِهِ ( قَوْلُهُ نَقَلَ الْأَوْجُهَ الضَّعِيفَةَ ) قَدْ يُجَابُ بِمَنْعِ حُصُولِ الْيَأْسِ إذْ قَدْ يَرْضَى الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَخْذِهِ مَعِيبًا بِالْحَادِثِ وَيَقْبَلُهُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى الصَّحِيحِ

( فَرْعٌ لَوْ بَاعَ زَيْدٌ عَمْرًا شَيْئًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ قَدِيمٌ ) كَانَ بِيَدِ زَيْدٍ ( فَإِنْ كَانَ ) الْمَبِيعُ ( بَاقِيًا وَكَانَ زَيْدٌ جَاهِلًا ) بِعَيْبِهِ ( فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى عَمْرٍو وَإِنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَهُ بِهِ ) فَإِنْ قُلْت لَا فَائِدَةَ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِ فِي الْأَخِيرَةِ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ قُلْنَا رُبَّمَا رَضِيَ بِهِ فَلَمْ يَرُدَّهُ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مِنْ الْبَائِعِ قَالَهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ الرَّدِّ وَأُجِيبُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ مَحَلُّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَهُنَا بَعْدَهُ وَلَوْ سَلِمَ أَنَّهُ هُنَا قَبْلَهُ أَيْضًا فَلَا يَمْتَنِعُ الرَّدُّ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فَسْخًا وَيَكُونُ الرَّدُّ فَسْخًا لِلْفَسْخِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الشَّفِيعَ يَفْسَخُ فَسْخَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ وَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ ( ثُمَّ ) بَعْدَ أَنْ رَدَّهُ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو ( لِعَمْرٍو رَدُّهُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جَاهِلًا ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا أَمَّا إذَا كَانَا عَالِمَيْنِ فَلَا رَدَّ وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ عَالِمًا فَلَا رَدَّ لَهُ بَلْ وَلَا لِعَمْرٍ وَلِزَوَالِ مِلْكَهُ وَلَا أَرْشَ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ رَدِّهِ لِتَوَقُّعِ عَوْدِهِ ( وَلِزَيْدٍ ) إنْ كَانَا جَاهِلَيْنِ ( الْمُطَالَبَةُ بِالْأَرْشِ إنْ تَلِفَ ) الْمَبِيعُ عِنْدَهُ ( ثُمَّ لِعَمْرٍو مُطَالَبَتُهُ ) بِهِ ( أَيْضًا ) وَبَعْدَ مُطَالَبَتِهِمَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِيمَا تَسَاوَيَا فِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِمُطَالَبَةِ عَمْرٍو مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَعْبِيرُهُ بِثُمَّ يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ وَلَيْسَ مُرَادًا بِخِلَافِهِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا
( قَوْلُهُ وَلَيْسَ مُرَادًا ) تَرْتِيبُ مُطَالَبَةِ عَمْرٍو بِاعْتِبَارِ التَّلَفِ لَا بِاعْتِبَارِ مُطَالَبَةِ زَيْدٍ فَهُوَ مُرَادٌ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( عَلِمَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْعَيْبِ وَقَدْ ) تَعَذَّرَ رَدُّهُ لِتَعَلُّقِ حَقٍّ لَازِمٍ بِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ كَأَنْ ( رَهَنَ الْمَبِيعَ ) عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَأَقْبَضَهُ ( أَوْ كَاتَبَهُ ) كِتَابَةً صَحِيحَةً ( أَوْ غُصِبَ ) أَوْ أَبَقَ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَيْبُ فِي الْآبِقِ غَيْرَ الْإِبَاقِ فَلَهُ الْأَرْشُ لِأَنَّهُ أَيِسَ مِنْ رَدِّهِ ( وَكَذَا إنْ آجَرَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ ) مَسْلُوبُ الْمَنْفَعَةِ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ ( فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ فِي الْحَالِ ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ مَسْلُوبُهَا رَدَّ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِ الْمُدَّةِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِنَظَائِرِهِ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفَلَسِ وَمِنْ رُجُوعِ الْأَصْلِ فِيمَا وَهَبَهُ مِنْ فَرْعِهِ وَمِنْ رُجُوعِ الزَّوْجِ فِي نِصْفِ الصَّدَاقِ وَقَدْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي التَّحَالُفِ مِنْ أَنَّ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ أُجْرَةَ الْمِثْلِ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاخْتِيَارِ مَنْ تُرَدُّ الْعَيْنُ إلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ التَّحَالُفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ أَيْ مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالْأَخْذِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَالْيَأْسُ حَاصِلٌ إلَّا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ رَدَّك الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي ( وَلَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَكَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا رَجَعَ فِيهِ ) الْمُشْتَرِي ( وَلَوْ دَبَّرَهُ الْبَائِعُ ) لِأَنَّ تَعَلُّقَ التَّدْبِيرِ بِهِ لَيْسَ بِلَازِمٍ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ

( قَوْلُهُ عِنْدَ غَيْرِ الْبَائِعِ ) فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا عِنْدَ الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ فَلَهُ رَدُّهُ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّهُ سَقَطَ الثَّمَنُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الرَّدِّ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ قَدْ غَصَبَهُ فَأَبَقَ مِنْ يَدِهِ فَإِنْ كَانَ فَالْعَبْدُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ فَلَهُ الْأَرْشُ ) أَيْ .
إذَا لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِرَدِّهِ بِلَا أَرْشٍ عَنْ الْحَادِثِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيِسَ مِنْ رَدِّهِ ) أَيْ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ جُمْهُورُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ فِي التَّهْذِيبِ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ ( قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ ذَلِكَ مَا يَأْتِي فِي التَّحَالُفِ إلَخْ ) فَرَّقَ فِي الْكِفَايَةِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ هُنَا وَلِلزَّوْجِ مَنْدُوحَةً عَنْ الْعَيْنِ فَلَمَّا رَجَعَا فِيهَا انْحَصَرَ حَقُّهُمَا فِيهَا مَسْلُوبَةَ الْمَنْفَعَةِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ فِي التَّحَالُفِ مَنْدُوحَةٌ عَنْ الْعَيْنِ فَكَانَ لَهُ بَدَلُ الْمَنَافِعِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِيمَا ذُكِرَ لَا يَحْصُلُ إلَخْ ) اعْتَرَضَهُ فِي الْخَادِمِ بِأَنَّ هَذَا لَا يَرِدُ عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّهُمَا لَمَّا تَحَالَفَا فَالْبَائِعُ بِزَعْمِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْقِدَ الْإِجَارَةَ فَإِنَّهُ ظَالِمٌ فِيهَا لِعَدَمِ وَفَائِهِ بِصِيغَةِ الْعَقْدِ الَّتِي وَقَعَ التَّحَالُفُ عَلَيْهَا وَمَا قَالَهُ هُنَاكَ مِنْ الرُّجُوعِ لَا يَأْتِي هُنَا لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا أَوْقَعَ الْإِجَارَةَ عَلَى خَالِصِ مِلْكِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَيْهِ رُجُوعٌ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ عَرَفَ الْعَيْبَ بَعْدَ تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ إلَخْ ) تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ

( فَصْلٌ وَخِيَارُ النَّقْصِ عَلَى الْفَوْرِ ) بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ حَالَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبٍ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ) حُكْمِ ( الْقَاضِي ) بِهِ ( وَ ) لَا ( حُضُورِ الْخَصْمِ ) وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ ( فَلْيُبَادِرْ ) مُرِيدُهُ إلَيْهِ عَلَى الْعَادَةِ ( كَالشَّفِيعِ ) فَلَا يُكَلَّفُ الْعَدْوَ فِي الْمَشْيِ وَالرَّكْضَ فِي الرُّكُوبِ لِيَرُدَّ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ أَوْ يَقْضِي حَاجَتَهُ فَلَهُ تَأْخِيرُهُ حَتَّى يَفْرُغَ وَلَوْ عَلِمَهُ وَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ هَذِهِ الْأُمُورِ فَاشْتَغَلَ بِهَا فَلَا بَأْسَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا ( وَسَيَأْتِي ) بَيَانُهُ ( فِي الشُّفْعَةِ وَلَهُ الرَّدُّ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الْخَصْمِ ( وَلَوْ بِوَكِيلٍ ) لَهُ ( إلَى وَكِيلٍ ) لِلْخَصْمِ ( وَ ) لَهُ ( الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي ) لِيَفْسَخَ ثُمَّ يَسْتَحْضِرَ الْخَصْمَ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ ( وَهُوَ آكَدُ ) فِي الرَّدِّ لِأَنَّ الْخَصْمَ رُبَّمَا أَحْوَجَهُ فِي آخِرِ الْأَمْرِ إلَى الْمُرَافَعَةِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْإِتْيَانُ إلَيْهِ أَوَّلًا فَاصِلًا لِلْأَمْرِ جَزْمًا قَالَ الرَّافِعِيُّ وَهَذَا مَا فَهِمْته مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ كَابْنِ الرِّفْعَةِ إذَا لَمْ يَلْقَ أَحَدَهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ .
وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْعُدُولَ إلَى الْقَاضِي مَعَ وُجُودِ الْخَصْمِ تَقْصِيرٌ هَذَا إذَا كَانَ الْخَصْمُ حَاضِرًا بِالْبَلَدِ ( فَإِنْ كَانَ غَائِبًا ) عَنْهَا وَلَا وَكِيلَ لَهُ حَاضِرٌ ( وَأَثْبَتَ ) الْمُشْتَرِي ( الشِّرَاءَ ) مِنْهُ ( وَتَسْلِيمَ الثَّمَنِ ) إلَيْهِ ( وَالْعَيْبَ وَالْفَسْخَ ) بِهِ ( وَحَلَفَ ) عَلَى ذَلِكَ ( اسْتِظْهَارًا ) لِكَوْنِهِ قَضَاءً عَلَى غَائِبٍ ( قَضَى ) لَهُ الثَّمَنَ ( مِنْ مَالِهِ ) غَيْرِ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقْضِ مِنْ الْمَبِيعِ لِلِاعْتِنَاءِ عَنْهُ مَعَ طَلَبِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى

بَقَائِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لَهُ حُجَّةً بِيَدَيْهَا إذَا حَضَرَ ( وَعُدِّلَ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَيْ وَوُضِعَ ( الْمَبِيعُ ) عِنْدَ عَدْلٍ ( إنْ كَانَ لَهُ ) مَالٌ غَيْرُهُ فَهَذَا الشَّرْطُ مُتَعَلِّقٌ بِقَضَى وَعُدِّلَ وَفِي نُسْخَةٍ تَقْدِيمُهُ عَلَى عُدِّلَ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ ( بِيعَ الْمَعِيبُ ) فِي الثَّمَنِ لِتَعَيُّنِهِ لِلْقَضَاءِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ الْفَسْخِ حَبْسَ الْمَبِيعِ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْقَاضِي وَحَذَفَ مَا فِي الْأَصْلِ هُنَا عَنْ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ يُقِيمُ الْبَيِّنَةَ ادَّعَاهُ فِي وَجْهٍ مُسَخَّرٍ يَنْصِبُهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ كَمَا صَحَّحَهُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ الِاكْتِفَاءُ بِالْغَيْبَةِ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ الْمَسَافَةُ لِأَنَّ فِي تَكْلِيفِهِ الْخُرُوجَ عَنْهَا مَشَقَّةً وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ الْمُرَادُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَهَلْ يَلْحَقُ بِهَا مَسَافَةَ الْعَدْوَى أَوْ لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الِاسْتِعْدَادِ وَقَبُولِ شَهَادَةِ الْفَرْعِ .
حَكَاهُ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ عِنْدَهُ تَكْفِي فِيهِ الْغَيْبَةُ عَنْ الْبَلَدِ وَإِنْ قَلَّتْ أَمَّا الْقَضَاءُ بِهِ وَفَصْلُ الْأَمْرِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ شُرُوطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ فَلَا يَقْضِي عَلَيْهِ مَعَ قُرْبِ الْمَسَافَةِ وَلَا يُبَاعُ مَا لَهُ إلَّا لِتَعَزُّزٍ أَوْ تَوَارٍ وَقَدْ أَلْحَقَ فِي الذَّخَائِرِ الْحَاضِرَ بِالْبَلَدِ إذَا خِيفَ هَرَبُهُ بِالْغَائِبِ عَنْهَا ( وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ ) عَلَى الْفَسْخِ ( فِي طَرِيقِهِ ) إلَى الْقَاضِي أَوْ الْخَصْمِ بِالْبَلَدِ ( أَوْ حَالَ عُذْرِهِ لَزِمَهُ ) احْتِيَاطًا وَلِأَنَّ التَّرْكَ يُؤْذِنُ بِالْإِعْرَاضِ وَإِذَا أَشْهَدَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا لِلْفَسْخِ لِنُفُوذِهِ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ ابْنُ

النَّقِيبِ فَقَالَ وَإِذَا أَشْهَدَ عَلَى الْفَسْخِ فَيَنْبَغِي نُفُوذُهُ وَلَا يَحْتَاجُ بَعْدَهُ إلَى إتْيَانِ الْحَاكِمِ وَلَا بَائِعٍ إلَّا لِلْمُطَالَبَةِ لَكِنَّ قَوْلَ الْمِنْهَاجِ حَتَّى يُنْهِيَهُ إلَى الْبَائِعِ أَوْ الْحَاكِمِ يَقْتَضِي إنَّ وُجُوبَ الْإِتْيَانِ بِحَالِهِ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ الْأَوَّلُ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا فِي التَّتِمَّةِ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَاجِبَ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ لَزِمَهُ فَإِذَا أَشْهَدَ سَقَطَ وُجُوبُ الْإِنْهَاءِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ الْفَسْخُ بِتَأْخِيرِهِ رَدَّ الْمَبِيعِ وَلَا بِاسْتِخْدَامِهِ وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ هُنَا عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ بِخِلَافِهِ فِي الشُّفْعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إنْشَاءُ الْفَسْخِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ وَفِي الشُّفْعَةِ لَا يُمْكِنُهُ إلَّا بِأُمُورٍ مَقْصُودَةٍ فَلَيْسَ الْمَقْدُورُ فِي حَقِّهِ إلَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الطَّلَبِ .
وَإِذَا أَشْهَدَ قَالَ الْقَاضِي وَالْغَزَالِيُّ يُشْهِدُ اثْنَيْنِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي يُلَوِّحُ بِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ احْتِيَاطٌ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مَعَ الْيَمِينِ كَافٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَكِنْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الشُّفْعَةِ بِأَنَّهُ لَا يَكْفِي لِأَنَّ مِنْ الْحُكَّامِ مَنْ لَا يَحْكُمُ بِهِ فَلَمْ يَصِرْ مُسْتَوْثِقًا لِنَفْسِهِ بِالْإِشْهَادِ قَالَ وَالْأَقْرَبُ خِلَافُ مَا قَالَهُ بَلْ يَكْتَفِي بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي أَدَاءِ الضَّامِنِ وَلَوْ أَشْهَدَ مَسْتُورَيْنِ فَبَانَا فَاسِقَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي نَظِيرِهِ مِنْ الضَّمَانِ ( وَلَوْ عَجَزَ عَنْ الشُّهُودِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّلَفُّظُ بِالْفَسْخِ ) إذْ يَبْعُدُ إيجَابُهُ مِنْ غَيْرِ سَامِعٍ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ ثُبُوتُهُ فَيَتَضَرَّرُ بِالْمَبِيعِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْبَغَوِيِّ وَعَزَّاهُ الْمُتَوَلِّي لِلْقَفَّالِ وَحْدَهُ وَقَالَ إنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ عَلَى لُزُومِ ذَلِكَ لِقُدْرَتِهِ عَلَيْهِ وَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعَ فَسَلَّمَ

عَلَيْهِ لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ اشْتَغَلَ بِمُحَادَثَتِهِ ضَرَّ ( وَلَا ) يَلْزَمُهُ ( التَّمَلُّكُ ) أَيْ التَّلَفُّظُ ( فِي الشُّفْعَةِ ) أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا وَذِكْرُهُ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ تَكْرَارٌ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَرُدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْمُعَيَّنَ وَالْبَائِعُ الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ ) وَقَضِيَّةُ التَّعْبِيرِ بِالرَّدِّ التَّصْوِيرُ بِالْمَقْبُوضِ لِأَنَّ الرَّدَّ يُعْتَمَدُ مَرْدُودًا بِهِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَلْزَمُهُ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْفَسْخِ عَلَى الْفَوْرِ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ إلَى الْقَبْضِ رَقّ أَمَّا إذَا كَانَ الْعِوَضُ مَوْصُوفًا فَالْخِيَارُ فِي رَدِّهِ عَلَى التَّرَاخِي عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالرِّضَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ خِيَارٌ ثَبَتَ بِالشَّرْعِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَالِكِ فَكَانَ فَوْرِيًّا كَالشُّفْعَةِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَهُ وَهُوَ يُصَلِّي أَوْ يَأْكُلُ إلَخْ ) أَوْ لَيْلًا فَحَتَّى يُصْبِحَ أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ تَقْيِيدَهُ بِمَنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَا الشُّهُودِ وَلَا الْبَائِعِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَقَالَ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الْمَسِيرِ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ فَكَالنَّهَارِ .
ا هـ .
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَدُّهُ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْأَحْسَنُ إلَى ضَوْءِ النَّهَارِ وَبِهِ عَبَّرَ الْهَرَوِيُّ فِي الْإِشْرَافِ ( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي فِي الشُّفْعَةِ ) وَكُلٌّ مِنْ الْمَطَرِ الشَّدِيدِ وَالْوَحْلِ الشَّدِيدِ عُذْرٌ ( قَوْلُهُ إلَى وَكِيلٍ لِلْخَصْمِ ) أَوْ وَارِثِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ أَوْ وَلِيِّهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ وَنَحْوِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَهُ الرَّفْعُ إلَى الْحَاكِمِ إلَخْ ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِالرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ الدَّعْوَى لِأَنَّ غَرِيمَهُ غَائِبٌ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهُوَ فِي الْبَلَدِ وَإِنَّمَا يَفْسَخُ بِحَضْرَتِهِ ثُمَّ يَطْلُبُ غَرِيمَهُ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَخْلُو مِنْ الشُّهُودِ غَالِبًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ شَاهِدٌ فَيُتَّجَهُ أَنَّ الْفَسْخَ بِحَضْرَتِهِ تَفْرِيعٌ عَلَى الْأَصَحِّ أَنَّهُ يَقْضِي بِعَمَلِهِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ أَب ( قَوْلُهُ وَحَاصِلُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ

الْأَمْرَيْنِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَخْ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَلَوْ اطَّلَعَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ فَخَرَجَ إلَى الْبَائِعِ وَلَمْ يَفْسَخْ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَوْ اطَّلَعَ بِحَضْرَةِ الْبَائِعِ فَتَرَكَهُ وَرَفَعَ إلَى الْقَاضِي لَمْ يَبْطُلْ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْحَاكِمِ إذَا كَانَا بِالْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَائِبًا تَعَيَّنَ الْحَاضِرُ ا هـ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّفْعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَمْكَنَهُ الْإِشْهَادُ فِي طَرِيقِهِ إلَخْ ) لَك أَنْ تَسْأَلَ عَنْ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا صَحَّحَاهُ هُنَا مِنْ لُزُومِ الْإِشْهَادِ وَبَيْنَ مَا صَحَّحَاهُ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا سَارَ طَالِبًا لَهُمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ كَمَا لَوْ أَرْسَلَ وَكِيلًا وَلَمْ يُشْهِدْ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرَّدَّ رَفْعٌ لِمِلْكِ الرَّادِّ وَاسْتِمْرَارَهُ عَلَى الْمِلْكِ مُشْعِرٌ بِالرِّضَا فَاحْتَاجَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْفَسْخِ لِيَخْرُجَ عَنْ مِلْكِهِ وَالشَّفِيعُ لَا يَسْتَفِيدُ دُخُولَ الشِّقْصِ فِي مِلْكِهِ وَإِنَّمَا يَقْصِدُ بِهِ إظْهَارَ الطَّالِبِ وَالسَّيْرُ يُغْنِي عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ السَّيْرِ أَشْهَدَ عَلَى الطَّلَبِ ( قَوْلُهُ وَإِذَا أَشْهَدَ لَا يَلْزَمُهُ الْإِنْهَاءُ إلَى أَحَدِهِمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي الْإِشْهَادُ هُنَا عَلَى طَلَبِ الْفَسْخِ ) لِأَنَّ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْمَبِيعِ لَهُ مُشْعِرٌ بِرِضَاهُ بِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ يَكْتَفِي بِهِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ إنَّ عَامَّةَ الْأَصْحَابِ عَلَى لُزُومِ ذَلِكَ إلَخْ ) لَيْسَ التَّرْجِيحُ بِالْكَثْرَةِ بَلْ بِالدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِ التَّلَفُّظِ بِالْفَسْخِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا يُتَعَبَّدُ بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُعَامَلَةٌ يُعْتَبَرُ فِيهِ خِطَابُ الْغَيْرِ غ

( فَرْعٌ ) فِي دَعْوَى الْجَهْلِ بِالرَّدِّ أَوْ بِالْفَوْرِ ( إنَّمَا تُقْبَلُ ) بِالْيَمِينِ ( دَعْوَى جَهْلِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا ) وَكَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ ( أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا ) عَنْ الْعُلَمَاءِ لِعُذْرِهِ ( وَتُقْبَلُ ) بِالْيَمِينِ الدَّعْوَى ( فِي جَهْلِ كَوْنِهِ ) أَيْ الرَّدِّ ( فَوْرًا مِنْ عَامِّيٍّ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ ) لِذَلِكَ
( قَوْلُهُ مِمَّنْ أَسْلَمَ قَرِيبًا أَوْ نَشَأَ بَعِيدًا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ مَنْ بَلَغَ مِنَّا مَجْنُونًا فَأَفَاقَ رَشِيدًا فَاشْتَرَى شَيْئًا ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ فَادَّعَى الْجَهْلَ بِالْخِيَارِ أَنَّهُ يَصْدُق كَالنَّاشِئِ بِالْبَادِيَةِ وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ أَوْ قَصَّرَ فِي الرَّدِّ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا آخَرَ فَلَهُ الرَّدُّ كَمَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا وَرَضِيَ بِهِ ثُمَّ وَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّهُمَا ( قَوْلُهُ مِنْ عَامِّيٍّ يُخْفَ مِثْلُهُ عَلَيْهِ ) وَمِمَّا يُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا لَوْ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ بِالشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فَأَمْسَكَ عَنْ رَدِّهِ لِانْتِظَارِ الشَّفِيعِ لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ إنْ كَانَ حَاضِرًا وَمَا لَوْ اشْتَرَى مَالًا زَكَوِيًّا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ عِنْدَهُ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبَهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ حَتَّى يُخْرِجَهَا وَلَا يَبْطُلُ حَقُّهُ إلَّا بِالتَّأْخِيرِ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِهَا وَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُزِيلُ مَا بِهِ مِنْ عَيْبٍ وَأَمْكَنَ فِي مُدَّةٍ لَا أُجْرَةَ لَهَا كَنَقْلِ الْحِجَارَةِ الْمَدْفُونَةِ وَمَا لَوْ اشْتَغَلَ بِالرَّدِّ بِعَيْبٍ وَأَخَذَ فِي تَثْبِيتِهِ وَلَمْ يُمْكِنْهُ فَلَهُ الرَّدُّ بِعَيْبٍ آخَرَ وَالْآبِقُ أَوْ الْمَغْصُوبُ إنَّمَا يَرُدُّهُ بَعْدَ عَوْدِهِ أَوْ رَهْنِهِ

( فَرْعٌ تَأْخِيرُ الرَّدِّ ) بِالْعَيْبِ بِلَا عُذْرٍ ( تَقْصِيرٌ وَكَذَا الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ ) مُدَّةَ الْعُذْرِ أَوْ السَّيْرِ لِلرَّدِّ ( وَإِنْ خَفَّ ) الِانْتِفَاعُ ( كَاسْتِدْعَاءِ الشُّرْبِ مِنْ الْعَبْدِ ) أَوْ نَحْوِهِ فَإِنَّهُ تَقْصِيرٌ ( يَسْقُطُ بِهِ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بَحْثًا بِقَوْلِهِ ( إنْ سَقَاهُ ) لِإِشْعَارِهِ بِالرِّضَا وَلِأَنَّ فِيهِ تَأْخِيرًا وَهُوَ بِمُجَرَّدِهِ يَسْقُطُ الرَّدُّ فَكَيْفَ إذَا اجْتَمَعَا لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ السُّقُوطُ وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ لِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ ( فَإِنْ نَاوَلَهُ الْكُوزَ ) لِيَشْرَبَ ( بِلَا طَلَبٍ ) فَتَنَاوَلَهُ مِنْهُ ( لَمْ يَضُرَّ ) لِأَنَّ وَضْعَهُ فِي يَدٍ كَوَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ ( لَكِنَّ رَدَّهُ إلَيْهِ ) وَلَوْ قَبْلَ الشُّرْبِ ( انْتِفَاعٌ ) فَتَعْبِيرُهُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِ الْأَصْلِ بِالشُّرْبِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ مُتَّجَهٌ وَمَحَلُّ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إذَا لَمْ نُوجِبْ التَّلَفُّظَ بِالْفَسْخِ ( كَتَرْكِ إبْعَادِ ) أَيْ نَزْعِ ( سَرْجِ الدَّابَّةِ ) أَوْ نَحْوِهِ عَنْهَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بِنَزْعِهِ ضَرَرٌ فَإِنَّهُ انْتِفَاعٌ ( وَإِنْ كَانَ ) مِلْكًا ( لِلْبَائِعِ ) أَوْ ابْتَاعَهُ مَعَهَا كَمَا شَمِلَهُمَا كَلَامُهُمْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَعَذَّرَ غَيْرُ الْفَقِيهِ فِي الْجَهْلِ بِهَذَا قَطْعًا وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا ) تَرْكِ ( اللِّجَامِ وَالْعَذْرَاءِ ) لِخِفَّتِهِمَا فَلَا يُعَدُّ تَرْكُهُمَا وَلَا تَعْلِيقُهُمَا انْتِفَاعًا وَلِأَنَّ الْقَوَدَ يَعْسُرُ بِدُونِهِمَا وَالْعَذَارُ مَا عَلَى خَدِّ الدَّابَّةِ مِنْ اللِّحَامِ أَوْ الْمِقْوَدِ وَلَا يَضُرُّ عَلَفُهَا وَسَقْيُهَا وَحَلْبُهَا فِي الطَّرِيقِ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ وَوَجْهُهُ فِي حَلْبِهَا أَنَّ اللَّبَنَ نَمَاءٌ حَدَثَ فِي مِلْكِهِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَحْلُبَهَا سَائِرَةً فَإِنْ حَلَبَهَا وَاقِفَةً بَطَلَ حَقُّهُ كَمَا حَكَاهُ فِي

الْبَحْرِ عَنْ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ وَقْفَةٌ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ حَالَ سَيْرِهَا أَوْ حَالَ عَلَفِهَا أَوْ سَقْيِهَا أَوْ رَعْيِهَا ( وَكَالرُّكُوبِ ) لَهَا ( وَلَوْ لِلرَّدِّ وَالسَّقْيِ ) فَإِنَّهُ انْتِفَاعٌ كَمَا لَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ لِلرَّدِّ ( لَا ) رُكُوبِهَا ( لِجُمُوحِهَا ) بِضَمِّ الْجِيمِ بِأَنْ يَعْسُرَ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا ( وَالْإِنْعَالُ ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ أَيْ وَكَإِنْعَالِهَا فِي الطَّرِيقِ فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الرَّدَّ وَالْأَرْشَ ( إلَّا أَنْ عَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ ) لِلْعُذْرِ ( فَإِنْ عَلِمَ بِهِ ) أَيْ بِعَيْبِ الدَّابَّةِ أَوْ الثَّوْبِ ( فِي الطَّرِيقِ رَاكِبًا ) لَهَا ( نَزَلَ ) عَنْهَا لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ ( أَوْ لَابِسًا ) لَهُ ( لَمْ يَجِبْ نَزْعُهُ فِيهَا ) أَيْ فِي الطَّرِيقِ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ نَزْعُهُ فِيهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ فِي ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ لِأَنَّ غَالِبَ الْمُحْتَرِفَةِ لَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَأْتِي نَحْوُهُ فِي النُّزُولِ عَنْ الدَّابَّةِ انْتَهَى

( قَوْلُهُ إنْ سَقَاهُ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ لَمْ يَسْقِهِ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ آجَرَهُ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ الْبَائِعُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ قَوْلُهُ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ السُّقُوطُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ الْمُتَّجَهُ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِدَلَالَةِ الطَّلَبِ عَلَى الرِّضَا فس ( قَوْلُهُ فَعَلِمَ أَنَّهُ لَوْ خَدَمَهُ بِلَا طَلَبٍ مِنْهُ لَمْ يَضُرَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِنَزْعِهِ ضَرَرٌ ) فَلَوْ عَرَفَ وَخَشَى مِنْ النَّزْعِ التَّعَيُّبَ فَلَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَارْتَضَاهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَهُوَ وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَثَلًا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُكَلَّفُ نَزْعُهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يُعْذَرَ غَيْرُ الْفَقِيهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَالْعَذَارُ مَا عَلَى خَدِّ الدَّابَّةِ إلَخْ ) ذَكَرَهُ فِي الْمَطْلَبِ مِنْهُ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَضُرَّ إذَا لَمْ يَتَمَكَّنْ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ حَالَ عَلَفِهَا أَوْ سَقْيِهَا إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ لَهُ عَلَفَهَا وَسَقْيَهَا وَرَعْيَهَا وَإِنْ أَمْكَنَ فَعَلَهُ وَهِيَ سَائِرَةٌ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَلْبِهَا بِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِمَحْضِ مَصْلَحَةِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الْحَلْبِ فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُشْتَرِي كَاتَبَهُ ( قَوْلُهُ بِأَنْ يَعْسُرَ سَوْقُهَا وَقَوْدُهَا ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ خَافَ عَلَيْهَا مِنْ إغَارَةٍ أَوْ نَهْبٍ فَرَكِبَهَا لِلْهَرَبِ بِهَا لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ رَدِّهَا ( قَوْلُهُ إلَّا إنْ عَجَزَتْ عَنْ الْمَشْيِ ) أَوْ كَانَ تَرْكُهُ يَعِيبَهَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الرُّكُوبِ رُكُوبٌ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ فَلَا يَبْطُلُ رَدُّهُ بِالِاسْتِدَامَةِ إذَا كَانَ يُزْرِي بِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَادُ نَزْعُهُ فِيهَا ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ أَوْ يُخِلَّ

بِهَيْئَتِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَتَعَيَّنُ تَصْوِيرُهُ إلَخْ ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي الْأَمْرَيْنِ أَمَّا فِي الثَّوْبِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِي ثَوْبًا وَيَلْبَسُهُ وَحْدَهُ وَيَخْرُجُ إلَى السُّوقِ فَيَطَّلِعُ عَلَى الْعَيْبِ فَلَوْ أَمَرْنَاهُ بِنَزْعِهِ صَارَ عُرْيَانًا وَغَالِبُ الْمُحْتَرِفَةِ لَا يَلْبَسُ إلَّا ثَوْبًا وَاحِدًا وَأَمَّا النُّزُولُ عَنْ الدَّابَّةِ فِي الطَّرِيقِ فَلَا يُزْرِي بِحَالِ ذَوِيِ الْهَيْئَاتِ لَا سِيَّمَا عِنْدَ مَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهِمْ وَلَا دَنَاءَةَ فِي ذَلِكَ فَحَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إزْرَاءٍ بِهِ وَاسْتَمَرَّ رَاكِبًا سَقَطَ الرَّدُّ .
ا هـ .
وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِيهِمَا وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُشْتَرِي مَشَقَّةٌ بِالنُّزُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمَا فِي هَذَا الْبَابِ

( فَرْعٌ لَوْ صَالَحَهُ ) الْبَائِعُ ( بِالْأَرْشِ ) أَيْ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ ( أَوْ غَيْرِهِ عَنْ الرَّدِّ لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّهُ خِيَارُ فَسْخٍ فَأَشْبَهَ خِيَارَ التَّرَوِّي فِي كَوْنِهِ غَيْرَ مُتَقَوِّمٍ ( وَلَمْ يَسْقُطْ الرَّدُّ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْقَطَهُ بِعِوَضٍ وَلَمْ يُسَلِّمْ ( إلَّا أَنْ عَلِمَ الْبُطْلَانَ ) أَيْ بُطْلَانَ الْمُصَالَحَةِ فَيَسْقُطُ الرَّدُّ لِتَقْصِيرِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْسِكَ الْمَبِيعَ وَيُطَالِبَ بِالْأَرْشِ وَلَا لِلْبَائِعِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ الرَّدِّ وَيَدْفَعَ الْأَرْشَ وَلَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَأَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَأَجَازَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ قَبْلَ عَوْدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي الْبَابِ الْآتِي

( فَصْلٌ وَإِنْ حَدَثَ ) بِالْمَبِيعِ ( مَعَ الْمُشْتَرِي ) أَيْ عِنْدَهُ ( عَيْبٌ آخَرُ ) بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ وَعَلِمَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا ( لَمْ يَمْلِكْ الرَّدَّ قَهْرًا ) لِإِضْرَارِهِ بِالْبَائِعِ وَلَا يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ ( فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( بِأَرْشِ ) الْعَيْبِ ( الْحَادِثِ ) أَوْ عَلَى الْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ ( فَذَاكَ ) ظَاهِرٌ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ أَخْذَ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِالتَّرَاضِي مُمْتَنِعٌ قُلْنَا عِنْدَ إمْكَانِ الرَّدِّ يُتَخَيَّلُ أَنَّ الْأَرْشَ فِي مُقَابَلَةِ سَلْطَنَةِ الرَّدِّ وَهِيَ لَا تُقَابَلُ بِخِلَافِهِ عِنْدَ عَدَمِ إمْكَانِهِ فَإِنَّ الْمُقَابَلَةَ تَكُونُ عَمَّا فَاتَ مِنْ وَصْفِ السَّلَامَةِ فِي الْمَبِيعِ ( وَلَوْ ) لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ ( طَلَبَهُ ) أَيْ الْفَسْخَ مَعَ الرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ ( أَحَدُهُمَا وَطَلَبَ الْآخَرُ الْإِجَازَةَ وَالرُّجُوعَ بِأَرْشِ ) الْعَيْبِ ( الْقَدِيمِ أُجِيبَ طَالِبُهَا ) أَيْ الْإِجَازَةِ سَوَاءٌ أَكَانَ الْبَائِعَ أَمْ الْمُشْتَرِيَ لِتَقْرِيرِهِ الْعَقْدَ وَلِأَنَّ الرُّجُوعَ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ لِأَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنْ لَا يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ إلَّا فِي مُقَابَلَةِ السَّلِيمِ وَضَمَّ أَرْشُ الْحَادِثِ إدْخَالَ شَيْءٍ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا بِالرَّدِّ ضَمَّ أَرْشَ الْحَادِثِ جَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدٌ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْفَسْخُ ثَمَّ بِالتَّرَاضِي احْتَمَلَ فِيهِ هَذِهِ الزِّيَادَةَ التَّابِعَةَ وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا أَرْشَ الْحَادِثِ لَا نَنْسُبُهُ إلَى الثَّمَنِ بَلْ يَرُدُّ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَبِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِخِلَافِ أَرْشِ الْقَدِيمِ كَمَا مَرَّ ( هَذَا إنْ بَادَرَ ) الْمُشْتَرِي ( بِإِعْلَامِ الْبَائِعِ بِالْحَادِثِ ) مَعَ الْقَدِيمِ لِيَأْخُذَ الْمَبِيعَ بِلَا أَرْشٍ أَوْ يَتْرُكَهُ

بِإِعْطَاءِ أَرْشٍ ( فَإِنْ أَخَّرَ ) إعْلَامَهُ بِذَلِكَ بِلَا عُذْرٍ ( بَطَلَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ ) عَنْ الْقَدِيمِ لِإِشْعَارِ التَّأْخِيرِ بِالرِّضَا بِهِ ( إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ سَرِيعَ الزَّوَالِ ) غَالِبًا ( كَالْحُمَّى وَالرَّمَدِ ) وَالصُّدَاعِ وَوَجَعِ الْبَطْنِ ( فَإِنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ ) لِلرَّدِّ ( فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِيَرُدَّ سَلِيمًا ) عَنْ الْحَادِثِ بِلَا أَرْشٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَالثَّانِي لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى طَلَبِ الْأَرْشِ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ أَوْ جِنَايَةٌ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ ) لَا بِسَبَبٍ وُجِدَ عِنْدَ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ أَوْ عَلَى الْإِجَازَةِ إلَخْ ) مَحَلُّ التَّخْيِيرِ فَمَنْ تَصَرَّفَ لِنَفْسِهِ فَأَمَّا مَنْ بَاعَ عَنْ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ نِيَابَةٍ فَيَفْعَلُ الْأَحَظَّ لَهُ إلَّا أَنْ يُلْزِمَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَّرَ بَطَلَ الرَّدُّ وَالْأَرْشُ ) لَمْ يُفَرِّقُوا هُنَا بَيْنَ مُدَّعِي الْجَهْلَ بِفَوْرِيَّةِ الْإِعْلَامِ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ وَغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَصْدُقَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الظَّاهِرُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ بِفَوْرِيَّةِ الرَّدِّ هُنَا أَوْلَى بِالْقَبُولِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إلَّا الْفُقَهَاءُ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ سَرِيعَ الزَّوَالِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَأَلْحَقَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ بِذَلِكَ الْأَمَةَ الْحَامِلَ فَجَوَّزَ لَهُ إمْسَاكَهَا إلَى الْوَضْعِ ثُمَّ يَرُدُّهَا إنْ لَمْ تُنْقِصْهُ الْوِلَادَةُ ( قَوْلُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ لَوْ زَالَ ) الْعَيْبُ ( الْحَادِثُ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشٍ ) أَيْ أَخْذِ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ ( الْقَدِيمِ أَوْ بَعْدَ قَضَاءِ الْحَاكِمِ ) لَهُ ( بِهِ ) وَلَمْ يَأْخُذْهُ ( لَمْ يَفْسَخْ ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَرَدُّ الْأَرْشِ لِانْفِصَالِ الْأَمْرِ بِذَلِكَ ( فَإِنْ زَالَ قَبْلَ أَخْذِهِ أَوْ قَضَاءِ الْقَاضِي ) بِهِ ( لِلْمُشْتَرِي ) أَوْ قَبْلَهُمَا مَعًا ( فُسِخَ وَلَوْ بَعْدَ التَّرَاضِي عَلَى ) أَخْذِ ( الْأَرْشِ وَإِنْ زَالَ ) الْعَيْبُ ( الْقَدِيمُ قَبْلَ أَخْذِ أَرْشِهِ لَمْ يَأْخُذْهُ وَبَعْدَهُ وَجَبَ رَدُّهُ ) لِزَوَالِ الْمُقْتَضِي لِأَخْذِهِ

( فَرْعٌ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَمَا لَا ) يَثْبُتُ بِهِ الرَّدُّ عَلَيْهِ ( فَلَا ) يَمْنَعُ الرَّدَّ إذَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ( إلَّا فِي الْأَقَلِّ ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ وَإِنْ كَانَ لَا يُثْبِتُهُ كَالثُّيُوبَةِ فِي أَوَانِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهَا مَعَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِكْرًا فَوَطِئَهَا امْتَنَعَ الرَّدُّ وَكَوُجُودِ الْعَبْدِ غَيْرِ قَارِئٍ أَوْ عَارِفٍ لِصَنْعَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِهِ مَعَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَارِئًا أَوْ عَارِفًا لِصَنْعَةٍ فَنَسِيَ الْقُرْآنَ أَوْ الصَّنْعَةَ امْتَنَعَ الرَّدُّ وَهَذِهِ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ أَخَذَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ صُوَرٍ يَتَّضِحُ بِهَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشِّقَّيْنِ فَقَالَ ( فَوَطْءُ الْمُشْتَرِي الثَّيِّبَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ) الْقَدِيمِ ( وَإِنْ حَرَّمَهَا ) بِوَطْئِهِ ( عَلَى الْبَائِعِ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي ابْنَهُ ) أَوْ أَبَاهُ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَمْ تَنْقُصْ بِذَلِكَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ الْمَقْصُودُ بَلْ الْمَقْصُودُ التَّحْرِيمُ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَتَحْرِيمُ الْأَمَةِ الثَّيِّبِ بِوَطْئِهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ كَمَا لَا يُثْبِتُهُ ( وَكَذَا ) لَا يَمْنَعُهُ ( إرْضَاعٌ يُحَرِّمُ الصَّغِيرَةَ عَلَيْهِ ) أَيْ الْبَائِعِ كَأَنْ ارْتَضَعَتْ مِنْ أُمِّهِ أَوْ ابْنَتِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ عَلِمَ بِالْعَيْبِ ( بِخِلَافِ التَّزْوِيجِ ) أَيْ تَزْوِيجِ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ لِنَقْصِهِ الْقِيمَةَ .
( فَإِنْ عَلَّقَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا بِالرَّدِّ فَرَدَّهَا قَبْلَ الدُّخُولِ جَازَ الرَّدُّ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِهِ وَلَمْ تَخْلُفْهُ عِدَّةٌ كَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَالرُّويَانِيُّ نَقَلَهُ عَنْ وَالِدِهِ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ الرَّدِّ لِمُقَارَنَةِ الْعَيْبِ لَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي ذِهْنِي مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ مَا يُعَضِّدُهُ وَأَلْحَقَ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ تَزْوِيجَهَا مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ بِالرَّدِّ يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ

قَالَ وَلَمْ أَرَهُ مَسْطُورًا قُلْت قَدْ رَأَيْته مَسْطُورًا فِي التَّتِمَّةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ فِيهِ الرَّدُّ لِمُقَارَنَةِ الْعَيْبِ لَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهَا السُّبْكِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يُرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ مَعَ الْمَعْلُولِ فَيَرُدُّ أَوْ قَبْلَهُ فَوَجْهَانِ أَحَدُهُمَا مَنْعُ الرَّدِّ لِمَا مَرَّ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلِأَنَّ الزَّوْجَ قَدْ يَمُوتُ عَقِبَ الرَّدِّ فَيَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ أَيْ لِمُصَادَفَتِهِ الْبَيْنُونَةَ فَيُؤَدِّي الرَّدُّ إلَى إلْحَاقِ الضَّرَرِ بِهِ وَالثَّانِي يَرُدُّ لِزَوَالِ الْمَانِعِ بِالرَّدِّ وَلِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ لَا تُعَدُّ عَيْبًا وَالْأَقْوَى الْمَنْعُ لِمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ انْتَهَى وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ الْمُتَوَلِّي إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ( وَإِقْرَارُ الْعَبْدِ ) عَلَى نَفْسِهِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ( بِدَيْنِ مُعَامَلَةٍ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ ) بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ( وَكَذَا ) إقْرَارُهُ بِدَيْنِ ( إتْلَافٍ ) لَا يَمْنَعُهُ ( إلَّا أَنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ) فِيهِ فَيَمْنَعُهُ ( وَعَفْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ) عِنْدَ التَّصْدِيقِ ( كَزَوَالِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ بَعْدَ أَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ أَوْ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِهِ وَيَجُوزُ قَبْلَهُمَا وَلَوْ بِالتَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ الْأَرْشِ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ مَا ثَبَتَ بِهِ الرَّدُّ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ ) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدًا صَغِيرًا فَوَجَدَهُ غَيْرَ مَخْتُونٍ فَلَوْ تَرَكَهُ حَتَّى كَبَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ قَوْلُهُ إلَّا فِي الْأَقَلِّ ) فِي الشِّقِّ الثَّانِي مِنْهُ وَكَتَبَ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كِتَابِيًّا فَتَمَجَّسَ عِنْدَهُ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ فَلَا رَدَّ لَهُ فَعَيْبُ التَّمَجُّسِ لَا يُرَدُّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَيُمْنَعُ الرَّدُّ وَيَتَلَخَّصُ مِنْ هَذَا الْعَيْبِ الْمَانِعُ مِنْ الرَّدِّ هُوَ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ الْعَيْنِ وَأَنَّ الْعَيْبَ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ هُوَ الْمُنْقِصُ لِلْقِيمَةِ عَنْ وَقْتِ الْبَيْعِ وَلَا نَظَرَ إلَى الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ خَصَاهُ لَمْ يَجِبْ بِهِ شَيْءٌ فَصَارَتْ الْعُيُوبُ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ الْقَدِيمَ وَالْحَادِثَ الْمُوجِبَ لِلْأَرْشِ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ وَعَلَى هَذَا لَا يُسْتَثْنَى شَيْءٌ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ مَنْعُ الرَّدِّ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَالتَّوَقُّفُ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلِامْتِنَاعِ تَضَرُّرُ الْبَائِعِ بِهِ وَهُوَ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَيَصْلُحُ التَّصْوِيرُ بِمَا إذَا قَالَ فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يَتَرَتَّبُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ إلَخْ ) وَالْمَعْلُولَ قَالَ الْأَكْثَرُ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ زَمَانًا وَالْمُخْتَارُ وِفَاقًا لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ يَتَعَقَّبُهُ مُطْلَقًا وَثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ وَضْعِيَّةً لَا عَقْلِيَّةً أَمَّا التَّرَتُّبُ رُتْبَةً فَوِفَاقٌ ( قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهَا عِدَّةُ الْوَفَاةِ ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبَائِنَ تَنْتَقِلُ إلَى عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( حَدَثَ ) بِالْمَبِيعِ ( عَيْبٌ مِثْلَ الْقَدِيمِ ) كَبَيَاضٍ قَدِيمٍ وَحَادِثٍ فِي عَيْنِهِ ( ثُمَّ زَالَ أَحَدُهُمَا وَأَشْكَلَ ) الْحَالُ وَاخْتَلَفَ فِيهِ الْعَاقِدَانِ فَقَالَ الْبَائِعُ الزَّائِلَ الْقَدِيمَ فَلَا رَدَّ وَلَا أَرْشَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْحَادِثُ فَلِيَ الرَّدُّ ( حَلَفَ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مَا قَالَهُ ( وَسَقَطَ الرَّدُّ ) بِحَلِفِ الْبَائِعِ ( وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي ) بِحَلِفِهِ ( الْأَرْشُ ) وَإِنَّمَا وَجَبَ لَهُ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَدَّعِي الرَّدَّ لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ ( وَإِنَّ ) الْأَوْلَى فَإِنْ ( اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَجَبَ الْأَقَلُّ ) لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ ( وَمَنْ نَكَلَ ) مِنْهُمَا عَنْ الْيَمِينِ ( قَضَى عَلَيْهِ ) كَمَا فِي نَظَائِرِهِ
( قَوْلُهُ حَلَفَا وَسَقَطَ الرَّدُّ إلَخْ ) وَكَذَا لَوْ نَكَلَا

( فَرْعٌ لَوْ اشْتَرَى ) رِبَوِيًّا بِجِنْسِهِ كَأَنْ اشْتَرَى ( حُلِيَّ ذَهَبٍ ) أَوْ فِضَّةٍ ( بِوَزْنِهِ ذَهَبًا ) أَوْ فِضَّةً ( فَبَانَ مَعِيبًا وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ فُسِخَ ) هُوَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ أَوْ هُوَ أَوْ الْبَائِعُ أَوْ الْحَاكِمُ كَمَا فِي الْفَسْخِ فِي التَّحَالُفِ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْإِمَامِ أَوْ الْحَاكِمِ عَلَى مَا نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ بِأَنَّ هَذَا رَدُّ عَيْبٍ لَا دَخْلَ لِلْحَاكِمِ فِيهِ وَمَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ رَدٌّ بِعَيْبٍ وَلَا تَحَالُفَ فِيهِ حَتَّى يَفْسَخَ الْبَائِعُ أَوْ الْحَاكِمُ ( وَرَدَّهُ ) أَيْ الْحُلِيَّ ( بِأَرْشِ الْحَادِثِ ) وَلَا رِبَا لِأَنَّ الْحُلِيَّ فِي مُقَابَلَةِ الثَّمَنِ وَهُمَا مُتَمَاثِلَانِ وَالْعَيْبُ الْحَادِثُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ كَعَيْبِ الْمَأْخُوذِ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ ( وَلَوْ ) كَانَ الْأَرْشُ ( مِنْ جِنْسِهِ ) أَيْ الْحُلِيِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ رَدُّهُ بِالْأَرْشِ إذْ لَوْ امْتَنَعَ الْجِنْسُ لَامْتَنَعَ غَيْرُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ رِبَوِيٍّ بِجِنْسِهِ مَعَ شَيْءٍ آخَرَ وَلَوْ كَانَ الْحَادِثُ يُنْقِصُ الْوَزْنَ غَرِمَ زِنَتَهُ وَرَدَّ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا لَمْ يُنْقِصْ مَعَ ذَلِكَ الْقِيمَةَ ( وَلَا يُمْسِكُ ) الْحُلِيَّ ( وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ ) عَنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ إذْ لَوْ أَخَذَهُ لَنَقَصَ الثَّمَنُ فَيَصِيرُ الْبَاقِي مِنْهُ مُقَابَلًا بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَذَلِكَ رِبَا ( وَلَوْ عَلِمَ بِهِ ) أَيْ بِالْعَيْبِ ( الْمُشْتَرِي بَعْدَ تَلَفِ الْحُلِيِّ فَسَخَ ) بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ لِأَنَّهُ هُنَا لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ الْأَرْشِ عَنْ الْقَدِيمِ وَلَا سَبِيلَ إلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ فَفَسَحَ ( وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ ) مِنْ الْبَائِعِ ( وَغَرِمَ ) لَهُ ( الْقِيمَةَ ) أَيْ قِيمَةَ الْحُلِيِّ وَلَا يُمْسِكُهَا وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ لَلرِّبَا كَمَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ آنِفًا فَلَوْ أَخَّرَ عَنْهُ قَوْلَهُ وَلَا يُمْسِكُ

وَيَأْخُذُ الْأَرْشَ لَشَمِلَهُمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ إذَا كَانَ الْعَيْبُ بِغَيْرِ غِشٍّ وَإِلَّا فَقَدْ بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى رِبَا الْفَضْلِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَلَى تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ بِالْقِيمَةِ بِأَنَّ الْحُلِيَّ مِثْلِيٌّ فَلَا وَجْهَ لِذِكْرِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْعَيْبَ قَدْ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مِثْلِيًّا عَلَى أَنَّ صَاحِبَ الشَّامِلِ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَغْرَمُ الْمِثْلَ وَالْقِيمَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ وَهُوَ الصَّوَابُ انْتَهَى وَسَيَأْتِي فِي الْغَصْبِ إيضَاحُ ذَلِكَ
( قَوْلُهُ هُوَ عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ ) كَأَصْلِهِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ ) وَصَاحِبِ الْعُدَّةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْفَسْخَ فِي التَّحَالُفِ مُخْتَصٌّ بِالْحَاكِمِ وَهُوَ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ وَإِنْ عُزِّيَ إلَى تَصْحِيحِ الْأَكْثَرِينَ ( 3 قَوْلُهُ لَكِنْ اسْتَبْعَدَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الْأَوَّلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) لَوْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ الْبَائِعُ فَقَطْ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي عَيْبَهَا اسْتَرَدَّ بَعْضَ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ وَلَا يَرُدَّهَا وَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ فَإِنْ تَخَلَّلَتْ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهَا وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي فَقَطْ رَدَّهَا قَوْلُهُ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ يَغْرَمُ الْمِثْلَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ وَإِنْ بَانَ الْعَيْبُ وَقَدْ أَنْعَلَ الدَّابَّةَ وَالنَّزْعُ ) لِلنَّعْلِ ( يَعِيبُهَا فَنَزَعَ بَطَلَ حَقُّهُ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَرْشِ ) لِقَطْعِهِ الْخِيَارَ بِتَعْيِيبِهِ بِالِاخْتِبَارِ ( وَإِنْ سَلَّمَهَا بِنَعْلِهَا أُجْبِرَ الْبَائِعُ عَلَى قَبُولِ النَّعْلِ ) إذْ لَا مِنَّةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي طَلَبُ قِيمَتِهَا فَإِنَّهَا حَقِيرَةٌ فِي مَعْرِضِ رَدِّ الدَّابَّةِ ( فَلَوْ سَقَطَتْ اسْتَرَدَّهَا ) الْمُشْتَرِي لِأَنَّ تَرْكَهَا إعْرَاضٌ لَا تَمْلِيكٌ ( وَإِنْ لَمْ يَعِبْهَا نَزْعُهَا لَمْ يُجْبَرْ ) أَيْ الْبَائِعُ ( عَلَى قَبُولِهَا ) بِخِلَافِ الصُّوفِ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي لِأَنَّ زِيَادَتَهُ تُشْبِهُ زِيَادَةَ السَّمْنِ بِخِلَافِ النَّعْلِ فَيَنْزِعُهَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ نَزْعِهَا هُنَا وَالْإِنْعَالُ فِي مُدَّةِ طَلَبِ الْخَصْمِ أَوْ الْحَاكِمِ إنَّ ذَاكَ اشْتِغَالٌ يُشْبِهُ الْحَمْلَ عَلَى الدَّابَّةِ وَهَذَا تَفْرِيغٌ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي إنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ بَلْ يَرُدُّ ثُمَّ يَجُزُّ
( وَقَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي إنَّ اشْتِغَالَهُ بِجَزِّ الصُّوفِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ نَزْعِ النَّعْلِ وَجَزِّ الصُّوفِ وَاضِحٌ

( فَرْعٌ وَإِنْ صَبَغَ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّوْبَ أَوْ قَصَّرَهُ فَزَادَتْ قِيمَتُهُ ) ثُمَّ عَلِمَ الْعَيْبَ ( فَإِنْ سَمَحَ ) لِلْبَائِعِ ( بِالصَّبْغِ ) مَثَلًا ( صَارَ مِلْكًا لِلْبَائِعِ ) لِأَنَّهُ صِفَةٌ لِلثَّوْبِ وَلَا تُزَايِلُهُ ( بِخِلَافِ النَّعْلِ ) فَلَا يَمْلِكُهَا الْبَائِعُ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ رَدَّ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّوْبَ وَطَلَبَ قِيمَةَ الصَّبْغِ أَوْ ) رَدَّهُ ( لِيَبْقَ شَرِيكًا ) لِلْبَائِعِ ( بِالصَّبْغِ ) وَلَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ ( لَمْ يَجِبْ إلَيْهِ وَ ) لَكِنْ ( لَهُ الْأَرْشُ ) عَنْ الْعَيْبِ فَالْمُجَابُ فِيهِمَا الْبَائِعُ وَاسْتَشْكَلَ حُكْمَ الثَّانِيَةِ بِنَظِيرِهَا مِنْ الْفَلَسِ وَالْغَصْبِ حَيْثُ جَعَلُوا الْمُفْلِسَ وَالْغَاصِبَ شَرِيكَيْنِ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ بِالصَّبْغِ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْفَلِسَ وَالْغَاصِبَ مَقْهُورَانِ عَلَى الرَّدِّ فَلَا وَجْهَ لِتَضْيِيعِ حَقِّهِمَا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي هُنَا فَإِنَّهُ الْمُخْتَارُ لِلرَّدِّ فَلَا يَسْتَفِيدُ بِاخْتِيَارِهِ الشَّرِكَةَ ( وَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ وَقَالَ الْبَائِعُ رُدَّ الثَّوْبَ لَا غَرِمَ لَك قِيمَةَ الصَّبْغِ أُجِيبَ الْبَائِعُ وَسَقَطَ أَرْشُ الْمُشْتَرِي ) عَنْ الْعَيْبِ كَعَكْسِهِ السَّابِقِ وَاسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ التَّقْرِيرَ وَأَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَطَلَبَ الْبَائِعُ الْفَسْخَ وَأَرْشَ الْحَادِثِ يُجَابُ الْمُشْتَرِي وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا وَإِنَّمَا نَظِيرُهُمَا أَنْ لَا يَغْرَمَ الْمُشْتَرِي شَيْئًا بِأَنْ يَطْلُبَ الْبَائِعُ الرَّدَّ بِدُونِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَهَذِهِ لَا يُجَابُ فِيهَا الْمُشْتَرِي بَلْ الْبَائِعُ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ فَصْلُ الصَّبْغِ بِغَيْرِ نَقْصٍ فِي الثَّوْبِ فَإِنْ أَمْكَنَ فَصْلُهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَصَلَهُ وَرَدَّ الثَّوْبَ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى يَرُدُّ ثُمَّ يَفْصِلُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الصُّوفِ

( قَوْلُهُ وَلَوْ رَدَّ الثَّوْب وَطَلَبَ قِيمَةَ الصَّبْغِ إلَخْ ) لَوْ كَانَ غَزْلًا فَنَسَجَهُ ثُمَّ رَأَى بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا فَلَهُ الْأَرْشُ فَإِنْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِهِ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهِ مَنْسُوجًا وَلَا أَجْرَ لَهُ وَبَيْنَ إمْسَاكِهِ مَعِيبًا لِأَنَّ النَّسْجَ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ وَالثَّانِي وَصَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ بَذْلِ أُجْرَةِ النَّسْجِ وَأَخْذِهِ وَغَرَامَةِ الْأَرْشِ لِأَنَّ النَّسْجَ عَمَلٌ مُقَابَلٌ بِعِوَضٍ .
ا هـ .
وَأَظْهَرُهُمَا ثَانِيهِمَا ( قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِمَا مَرَّ إلَخْ ) وَهُنَا أَوْلَى لِأَنَّ فِي إجَابَةِ الْبَائِعِ إخْرَاجَ عَيْنٍ مِنْ مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَهْرًا ( قَوْلُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذِهِ إلَخْ ) وَأَيْضًا الصَّبْغُ لَيْسَ بِمَانِعٍ مِنْ الرَّدِّ بِخِلَافِ حُدُوثِ الْعَيْبِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصَّبْغَ كَزِيَادَةِ الْعَيْنِ بِسِمَنٍ وَتَعَلُّمِ صَنْعَةٍ

( فَرْعٌ وَمَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ كَالرُّمَّانِ ) وَالْبِطِّيخِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ ( إذَا كَسَرَهُ ) الْمُشْتَرِي ( كَسْرًا لَا يُعْرَفُ عَيْبُهُ ) الْقَدِيمُ ( بِدُونِهِ فَلَهُ رَدُّهُ ) وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ مَا حَدَثَ لِعُذْرِهِ فِي تَعَاطِيهِ لِاسْتِكْشَافِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْمُصْرَاةِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ لِذَلِكَ وَكَأَنَّ الْبَائِعَ بِالْبَيْعِ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ كَسَرَهُ كَسْرًا يُعْرَفُ الْعَيْبُ بِدُونِهِ ( فَهُوَ عَيْبٌ حَادِثٌ ) يَمْنَعُ الرَّدَّ لِانْتِفَاءِ عُذْرِهِ ( وَمَا خَرَجَ ) مِنْ الْمَبِيعِ ( فَاسِدًا لَا قِيمَةَ لَهُ كَبَيْضِ غَيْرِ النَّعَامِ الْمَذَرِ ) وَالْبِطِّيخِ الشَّدِيدِ التَّغَيُّرِ ( بِأَنَّ فَسَادَ الْبَيْعِ ) فِيهِ لِوُرُودِهِ عَلَى غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ ( فَيَخْتَصُّ الْبَائِعُ بِالْقُشُورِ ) كَمَا يَخْتَصُّ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْزَمُهُ تَنْظِيفُ الْمَكَانِ مِنْهَا لِاخْتِصَاصِهَا بِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَنْقُلْهَا الْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَيَلْزَمُ بِنَقْلِهَا قَطْعًا ( وَتُعْرَفُ حُمُوضَةُ الْبِطِّيخِ بِالْغَرْزِ ) لِشَيْءٍ فِيهِ فَتَقْوِيرُهُ يَمْنَعُ الرَّدَّ وَكَذَا التَّقْوِيرُ الْكَبِيرُ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَتُهَا بِالصَّغِيرِ ( وَلَا يُعْرَفُ تَدْوِيدُهُ إلَّا بِالتَّقْوِيرِ وَقَدْ يَحْتَاجُ ) فِي مَعْرِفَتِهِ ( الشِّقَّ ) أَيْ إلَيْهِ ( وَلَا بُدَّ ) فِي مَعْرِفَةِ عَيْبِ الْجَوْزِ ( مِنْ كَسْرِ الْجَوْزِ ) وَمِثْلُهُ اللَّوْزُ وَنَحْوُهُ ( وَقَدْ تَكْفِي اللَّقْلَقَةُ ) وَفِي نُسْخَةٍ الْقَلْقَلَةُ وَهِيَ بِمَعْنَاهَا ( فِي ) مَعْرِفَةِ عَيْبِ ( الْبَيْضِ ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحُمُوضَةَ فِي الرُّمَّانِ لَيْسَتْ عَيْبًا فَلَوْ شَرَطَ فِيهِ الْحَلَاوَةَ فَبَانَ حَامِضًا بِالْغَرْزِ رُدَّ أَوْ بِالشَّقِّ فَلَا

( قَوْلُهُ فَرْعٌ وَمَا مَأْكُولُهُ فِي جَوْفِهِ إلَخْ ) كَلَامُهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا كَثِيرًا مِمَّا مَثَّلَ بِهِ وَكَسَرَهُ كُلَّهُ أَوْ قَوَّرَهُ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا كَسَرَ بَيْضَةً أَوْ جَوْزَةً أَوْ بِطِّيخَةً فَوَجَدَهَا مَعِيبَةً أَنْ لَا يَتَجَاوَزَهَا إلَى غَيْرِهِ لِلْوُقُوفِ عَلَى الْعَيْبِ بِذَلِكَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَيْهِ إحْدَاثُ عَيْبٍ بَعْدَ الْوُقُوفِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ لَكِنْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ الْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ الْفَسَادِ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْكَسْرِ يَدُلُّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ ثُمَّ رَأَيْت الشَّاسِيَّ قَالَ فِي الْمُعْتَمَدِ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ الْعَيْبِ بِأَنَّهُ يَفْتَحُ مِنْهُ وَاحِدَةً

( فَرْعٌ إذَا اشْتَرَى ) ثَوْبًا ( مَطْوِيًّا وَقَدْ جَعَلُوهُ مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الْغَائِبِ ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَيُخَالِفُ مَا قَالُوهُ هُنَا مِمَّا يَأْتِي ( وَلَعَلَّهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَلَعَلَّهُ أَيْ مَا قَالُوهُ هُنَا فِيمَا إذَا ( سَبَقَتْ رُؤْيَتُهُ أَوْ طَوَى طَاقَيْنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يَخْتَلِفُ ) وَجْهَاهُ كَكِرْنَاسٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ رُؤْيَةَ أَحَدِ وَجْهَيْهِ كَافِيَةٌ ( أَوْ نُشِرَ مَرَّتَيْنِ ) مَرَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ وَمَرَّةً بَعْدَهُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي ( لِلْحَاجَةِ فَنَقَصَ بِالنَّشْرِ الْمُطْلِعِ عَلَى الْعَيْبِ ) فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ ( فَلَهُ الرَّدُّ بِلَا أَرْشٍ ) لِلْعَيْبِ الْحَادِثِ لِمَا مَرَّ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ ( وَمُؤْنَةُ الطَّيِّ عَلَيْهِ ) إنْ لَمْ يُحْسِنْ طَيَّهُ وَالصُّورَةُ الثَّالِثَةُ فِي كَلَامِهِ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى وَلَفْظَةُ لِلْحَاجَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مُضِرَّةٌ
قَوْلُهُ فَرْعٌ إذَا اشْتَرَى مَطْوِيًّا إلَخْ ) وَنَشَرَهُ وَعَلِمَ عَيْبًا لَا عِلْمَ إلَّا بِهِ ( قَوْلُهُ دَاخِلَةٌ فِي الْأُولَى ) هِيَ أَخَصُّ مِنْ الْأُولَى لِتَعَدُّدِ النَّشْرِ فِيهَا ( قَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهِيَ مُضِرَّةٌ ) هِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ لِتَعْلِيلِ النَّشْرِ الثَّانِي

( فَصْلٌ لَا يُفْرَدُ بَعْضُ الْمَبِيعِ فِي صَفْقَةٍ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَهْرًا ) وَإِنْ زَالَ الْبَاقِي عَنْ مِلْكِهِ ( فَلَوْ بَاعَ بَعْضَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْعَيْبَ لَمْ يَرُدَّ ) قَهْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَشْقِيصِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ ( وَلَا أَرْشَ ) لَهُ لِلْبَاقِي وَلَا لِلزَّائِلِ ( لِعَدَمِ الْيَأْسِ ) مِنْ الرَّدِّ وَقِيلَ لَهُ الْأَرْشُ الْبَاقِي لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ وَلَا يَنْتَظِرُ عَوْدَ الزَّائِلِ لِيَرُدَّ الْكُلَّ كَمَا لَا يَنْتَظِرُ زَوَالَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِنَقْلِ الرَّافِعِيِّ لَهُ عَنْ تَصْحِيحِ التَّهْذِيبِ وَهُوَ ضَعِيفٌ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى التَّعْلِيلِ بِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَّامَةِ لَا بِعَدَمِ الْيَأْسِ وَأَمَّا تَعَذُّرُ الرَّدِّ فَإِنَّمَا هُوَ فِي الْحَالِ فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ فَلَا أَرْشَ لَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا ظَاهِرُ نَصِّ الْمُخْتَصَرِ وَهُوَ الصَّحِيحُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ كَثِيرُونَ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْيَأْسِ وَمَا قَالُوهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ الْمُفْتَى بِهِ وَإِنْ تَبِعَتْ الْأَصْلَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَعُدُولُ الْمُصَنِّفِ عَمَّا فِيهِ إلَى مَا قَالَهُ حَسَنٌ مُتَعَيَّنٌ وَشَمِلَ قَوْلَهُ كَغَيْرِهِ بَاعَ بَعْضَهُ مَا لَوْ بَاعَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا رَدَّ لَهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَصَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْهُمَا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ وَقْتُ الرَّدِّ لَمْ يَرُدَّ كَمَا تَمَلَّكَ وَبِهِ أَفْتَيْت لَكِنْ قَالَ الْقَاضِي لَهُ الرَّدُّ عَلَى الْمَذْهَبِ إذْ لَيْسَ فِيهِ تَبْعِيضٌ عَلَى الْبَائِعِ وَاقْتَصَرَ الْإِسْنَوِيُّ عَلَى نَقْلِهِ عَنْهُ .
وَكَذَا السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ ثُمَّ قَالَ وَيَنْبَغِي بِنَاءُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ الضَّرَرُ فَيَرُدُّ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ فَيَتَخَرَّجُ عَلَى تَفْرِيقِهَا انْتَهَى وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ الْقَاضِي مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْبُوَيْطِيِّ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فِيمَا لَا يَنْقُصُ بِتَبْعِيضِهِ

وَهُوَ أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْأَصْلِ حَيْثُ قَالَ أَمَّا مَا لَا يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَانِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ ( وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ فَلِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ بِالْعَيْبِ ) لِأَنَّهُ رَدَّ جَمِيعَ مَا مَلَكَ ( وَتَبْطُلُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا ) فَيَخْلُصُ لِلْمُمْسِكِ مَا أَمْسَكَ وَلِلرَّادِّ مَا اسْتَرَدَّ ( وَإِنْ وَرِثَاهُ ) أَيْ ابْنَا الْمُشْتَرِي مَثَلًا ( فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ ) لِاتِّحَادِ الصَّفْقَةِ وَلِهَذَا لَوْ سَلَّمَ أَحَدُهُمَا نِصْفَ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْ الْبَائِعَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ إلَيْهِ ( وَإِنْ اشْتَرَى رَجُلَانِ عَبْدًا مِنْ رَجُلَيْنِ فَكُلٌّ ) مِنْهُمَا ( مُشْتَرٍ مِنْ كُلٍّ ) مِنْ الْبَائِعَيْنِ ( رُبْعَ الْعَبْدِ ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ عُقُودٍ فَلِكُلٍّ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ كُلٍّ عَلَيْهِ ( وَإِنْ اشْتَرَاهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَكُلٌّ ) مِنْهُمْ ( مُشْتَرٍ مِنْ كُلٍّ ) مِنْ الْبَائِعِينَ ( تُسْعَهُ ) لِأَنَّ ذَلِكَ تِسْعَةُ عُقُودٍ فَلِكُلٍّ أَنْ يَرُدَّ جَمِيعَ مَا اشْتَرَاهُ مِنْ كُلٍّ عَلَيْهِ ( وَإِنْ اشْتَرَى بَعْضَ عَبْدٍ فَرَهَنَهُ ثُمَّ بَانَ مَعِيبًا فَاشْتَرَى الْبَاقِي ثُمَّ فَدَى الْمَرْهُونَ ) أَيْ فَكَّهُ ( فَلَهُ رَدُّهُ ) لِزَوَالِ الْمَانِعِ ( فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الْبَاقِي لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعَيْبِهِ وَتَصْوِيرُهَا بِالرَّهْنِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مِثَالٌ وَالضَّابِطُ مَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الرَّدُّ حَالًّا كَبَيْعٍ وَهِبَةٍ ثُمَّ يَزُولُ بَعْدَ شِرَاءِ الْبَاقِي

( وَقَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِالْيَأْسِ ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ رَدُّ الْجَمِيعِ وَلَوْ عَادَ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَالْعَيْبِ الْحَادِثِ لِأَنَّ الْعَيْبَ هُنَاكَ قَائِمٌ بِالْمَبِيعِ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ وَالْأَصْلُ عَدَمُ زَوَالِهِ بِخِلَافِ بَيْعِ بَعْضِ الصَّفْقَةِ ( قَوْلُهُ وَمَا قَالُوهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ بَاعَ بَعْضَهُ ) مَا لَوْ بَاعَهُ لِلْبَائِعِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ وَيَلْحَقُ بِالْبَائِعِ وَارِثُهُ أَوْ نَحْوُهُ ( قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ لَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ اتِّحَادُ الصَّفْقَةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( فَرْعٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ مَاتَ مَنْ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الرَّدَّ وَخَلَفَ ابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا الْمُشْتَرِي هَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَخِيهِ نَصِيبَهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَلَوْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي فِي بَعْضِ الْعَيْنِ فَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ فِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا مَعِيبًا لَيْسَ لَهُ إفْرَادُهُ بِالرَّدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَلَوْ قَالَ رَدَدْت الْمَعِيبَ فَهَلْ يَكُونُ ذَلِكَ رَدًّا لَهُمَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا لَا بَلْ هُوَ لَغْوٌ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ أَمَّا مَالَ يَنْقُصُ بِالتَّبْعِيضِ كَالْحُبُوبِ فَوَجْهَانِ إلَخْ ) صَحَّحَ الْإِسْنَوِيُّ وَالْبُلْقِينِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ تَبَعًا لِلنَّصِّ ( قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا رَدُّ نَصِيبِهِ ) لَوْ اشْتَرَى عَبْدَ رَجُلَيْنِ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْبَائِعِ يُوجِبُ تَعَدُّدَ الصَّفْقَةِ وَلِرَدِّ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَوَائِدُ مِنْهَا لَوْ وَفَّى حِصَّةَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يُزَاحِمْهُ صَاحِبُهُ فِيهَا وَمِنْهَا لَوْ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَسْتَوْفِ حِصَّتَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الشَّرِيكِ الْآخَرِ بِشَيْءٍ وَمِنْهُ

لَوْ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَزَادَتْ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا زِيَادَةً كَانَتْ لَهُ دُونَ صَاحِبِهِ

( فَصْلٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ ) لِلْآخَرِ ( حَدَثَ عِنْدَك وَدَعْوَاهُمَا ) فِيهِ ( مُمْكِنَةٌ ) بِأَنْ احْتَمَلَ قِدَمُهُ وَحُدُوثُهُ كَبَرَصٍ ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ وَلَا يَثْبُتُ بِيَمِينِهِ حُدُوثُ الْعَيْبِ مُطْلَقًا لِأَنَّهَا صَلَحَتْ لِلدَّفْعِ عَنْهُ فَلَا تَصْلُحُ لِشَغْلِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَلَوْ فُسِخَ الْبَيْعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشُ الْعَيْبِ وَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْلِفَ الْآنَ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَادِثٍ قَالَهُ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَلَوْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي وُجُودَ عَيْبَيْنِ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَاعْتَرَفَ بِأَحَدِهِمَا وَادَّعَى حُدُوثَ الْآخَرِ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ بِأَحَدِهِمَا فَلَا يَبْطُلُ بِالشَّكِّ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ وَغَيْرُهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ نَكَلَ لَمْ تُرَدَّ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُرَدُّ إذَا كَانَتْ تُثْبِتُ لِلْمَرْدُودِ عَلَيْهِ حَقًّا لَهُ هُنَا نَعَمْ لَا يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَنَظِيرُهُ مَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ دَابَّةً ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الرَّاكِبُ أَعَرْتنِيهَا وَقَالَ الْمَالِكُ بَلْ آجَرْتُكهَا وَمَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ وَصَدَّقْنَا الْمَالِكَ فَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَا تُرَدُّ انْتَهَى .
أَمَّا مَا لَا يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ بَعْدَ الْبَيْعِ كَأُصْبُعٍ زَائِدَةٍ وَشَيْنِ شَجَّةٍ مُنْدَمِلَةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ أَمْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ وَمَا لَا يُحْتَمَلُ قِدَمُهُ كَشَجَّةٍ طَرِيَّةٍ وَقَدْ جَرَى الْبَيْعُ وَالْقَبْضُ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ ( فَإِنْ قَالَ ) فِي جَوَابِ قَوْلِ الْمُشْتَرِي إنَّ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأُرِيدُ رَدَّهُ ( لَا يَلْزَمُنِي الرَّدُّ ) أَيْ قَبُولُهُ أَوْ لَا تَسْتَحِقُّ الرَّدَّ

عَلَيَّ بِهَذَا الْعَيْبِ أَوْ إنِّي أَقْبِضُهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ ( وَحَلَفَ كَذَلِكَ ) أَيْ كَجَوَابِهِ ( كَفَى ) لِمُطَابَقَةِ الْحَلِفِ الْجَوَابَ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ فِي الْأَخِيرَةِ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّدَّ عَلَيْهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ وَلَا يُكَلَّفُ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِعَدَمِ الْعَيْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَا يَوْمَ الْقَبْضِ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقْبَضَهُ مَعِيبًا وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ أَوْ أَنَّهُ رَضِيَ بِهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ نَطَقَ بِهِ صَارَ مُدَّعِيًا مُطَالَبًا بِالْبَيِّنَةِ ( وَلَوْ تَعَرَّضَ ) فِي الْجَوَابِ ( لِنَفْيِ قِدَمِهِ نَفَاهُ ) لُزُومًا ( فِي الْيَمِينِ ) لِيُطَابِقَ الْجَوَابَ وَكَذَا فِي سَائِرِ أَجْوِبَةِ الدَّعَاوَى ( بَتًّا ) فَيَحْلِفُ لَقَدْ بِعْته وَمَا بِهِ هَذَا الْعَيْبُ ( لَا عِلْمًا ) أَيْ لَا نَفْيَ عِلْمٍ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ ( وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى الْبَتِّ اعْتِمَادًا عَلَى ظَاهِرِ السَّلَامَةِ إنْ لَمْ يَظُنَّ خِلَافَهُ ) وَإِنْ لَمْ يَخْتَبِرْ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَعْلَمْ خَفَايَا أَمْرِهِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي حُدُوثِهِ إلَخْ ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي حُدُوثِهِ عَنْ زَوَالِهِ كَأَنْ وَجَدَ فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ بَيَّاضَةُ مَثَلًا وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَيَّاضَةُ قَرِيبَةٌ مِنْهَا وَزَالَتْ إحْدَاهُمَا وَاخْتَلَفَا فِيهَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ وَفِي الثَّالِثِ يَتَحَالَفَانِ فَيَسْتَفِيدُ الْبَائِعُ بِحَلِفِهِ عَدَمَ الرَّدِّ وَيَسْتَفِيدُ الْمُشْتَرِي طَلَبَ الْأَرْشِ وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ كَوْنَ الْعَبْدِ الْمَبِيعِ كَاتِبًا فَمَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَخْتَبِرَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ دَعْوَى الْعَيْبِ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِمَا ( قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ ) عَلَى حَسَبِ جَوَابِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيمَا لَوْ بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي حُدُوثَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِيَرُدَّ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ يَمِينَهُ صَلَحَتْ إلَخْ ) نَظِيرُهُ الْوَكِيلُ إذَا ادَّعَى دَفْعَ الثَّمَنِ إلَى مُوَكِّلِهِ صَدَقَ بِيَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ ثُمَّ ظَهَرَ الْمَبِيعُ مُسْتَحَقًّا وَغَرِمَ الْوَكِيلُ لَمْ يَرْجِعْ بِالْغُرْمِ عَلَى مُوَكِّلِهِ ( قَوْلُهُ فَلَوْ فَسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَحَالُفٍ مَثَلًا إلَخْ ) وَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ سَالِمًا مِنْ الْعَيْبِ حَمْلًا عَلَى تَجَدُّدِ الْعَيْبِ فِي يَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا .
( قَوْلُهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ ذَلِكَ قَاعِدَةً حَيْثُ كَانَ الْعَيْبُ يُثْبِتُ الرَّدَّ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ وَحَيْثُ كَانَ يُبْطِلُهُ فَالْمُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ ظَاهِرٌ مُتَّجَهٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُتَعَيَّنٌ وَيُسْتَثْنَى مَا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي الْقِدَمِ وَالْحُدُوثِ بَعْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ

وَابْنُ يُونُسَ فِي التَّعْجِيزِ وَمَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ رَآهُ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَبْرَأَهُ مِنْ عَيْبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الْعَيْبَ زَادَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ وَمَا إذَا تَقَايَلَا ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَقِدَمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَك قَالَ جَلَالُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ أَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ غُرْمِ أَرْشِ الْعَيْبِ وَكَتَبَ أَيْضًا الَّذِي قَالَهُ مُتَعَيَّنٌ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاعْتَرَضَ ابْنُ الْعِمَادِ فَقَالَ هَذَا كَلَامٌ مُتَهَافِتٌ وَمَا قَالَهُ فِي الْمُطَارَحَاتِ فِيهِ شُذُوذٌ لِأَنَّا إذَا صَدَّقْنَا الْمُشْتَرِيَ فِي عَدَمِ الْحُدُوثِ أَثْبَتِنَا الرَّدَّ وَفِي ذَلِكَ فَسْخُ الْعَقْدِ فَلَا يَصْدُقُ وَيَصْدُقُ الْبَائِعُ لِدَعْوَاهُ مَضَاءَ الْعَقْدِ وَيُوَافِقُهُ الْأَصْلُ فَإِنَّ كُلَّ حَادِثٍ يُقَدِّرُ فِيهِ أَقْرَبَ زَمَانٍ وَيَغْرَمُ أَرْشَ مَا اعْتَرَفَ بِقِدَمِهِ لِلْمُشْتَرِي .
ا هـ .
وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ حَسَنٌ وَإِنْ لَزِمَ مِنْ ثُبُوتِ الرَّدِّ فَسْخُ الْعَقْدِ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلرَّدِّ وَهُوَ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْبَائِعُ يَدَّعِي حُدُوثَ مَانِعٍ لِلرَّدِّ بَعْدَ وُجُودِ مُقْتَضِيهِ وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ( قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِيهِ بِعْته وَمَا أَعْلَمُ بِهِ هَذَا الْعَيْبَ ) لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اخْتَلَفَا فِي وُجُودِ الْعَيْبِ أَوْ فِي صِفَةٍ هَلْ هِيَ عَيْبٌ ) أَوْ لَا ( فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَيْبِ وَدَوَامُ الْعَقْدِ هَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ الْحَالَ مِنْ غَيْرِهِمَا وَإِلَّا فَحُكْمُهُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَا يَكْفِي ) أَيْ فِي مَعْرِفَةِ حَالِهِ ( إلَّا قَوْلُ عَدْلَيْنِ عَارِفَيْنِ ) بِذَلِكَ كَمَا جَزَمَ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَالْقَفَّالُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ يَكْفِي وَاحِدٌ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْأَصْلُ شَيْئًا بَلْ حَكَى الْأَوَّلَ عَنْ التَّتِمَّةِ وَالثَّانِيَ عَنْ التَّهْذِيبِ فَبَيَانُ الرَّاجِحِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعَ عِلْمَ الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ أَوْ تَقْصِيرَهُ فِي الرَّدِّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ بِمَا إذَا كَانَ مِثْلُ الْعَيْبِ يَخْفَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ كَانَ لَا يَخْفَى كَقَطْعِ أَنْفٍ أَوْ يَدٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي فَتَاوِيهِ لَوْ رَضِيَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا رَضِيت بِهِ لِأَنِّي اعْتَقَدْته الْعَيْبَ الْفُلَانِيَّ وَقَدْ بَانَ خِلَافُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ اشْتِبَاهُهُ بِهِ وَكَانَ الْعَيْبُ الَّذِي بَانَ أَعْظَمَ ضَرَرًا فَلَهُ الرَّدُّ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ اشْتَرَى شَيْئًا رَأَى فِيهِ شَيْئًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ عَيْبٌ فَقَالَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُهُ صَدَقَ

( قَوْلُهُ وَقَالَ فِي الْمَطْلَبِ أَنَّهُ الْقِيَاسُ ) وَيَشْهَدُ لَهُ مَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الدِّيَاتِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي ثُبُوتِ الْحَمْلِ مِنْ قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ هُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي فِي الْوَصَايَا فِي الْمَرَضِ الْمَخُوفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ اثْنَيْنِ فَإِنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ الْمَرَضُ وَلَيْسَ بِمَالٍ ا هـ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعَيْبَ فِي النِّكَاحِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَغَوِيّ ) أَيْ وَالْفُورَانِيُّ ( قَوْلُهُ وَقَيَّدَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ ) هُوَ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى مَعِيبًا وَقَبَضَهُ سَلِيمًا فَلَا رَدَّ ) لِأَنَّ مَدَارَ الرَّدِّ عَلَى التَّعَيُّبِ عِنْدَ الْقَبْضِ ( بَلْ مَهْمَا زَالَ ) الْعَيْبُ ( قَبْلَ الرَّدِّ بَطَلَ الْخِيَارُ ) لِزَوَالِ مُقْتَضِيهِ
قَوْلُهُ لَوْ اشْتَرَى مَعِيبًا وَقَبَضَهُ سَلِيمًا إلَخْ ) لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا قَدْ عَرَفَ عَيْبَهُ ثُمَّ قَالَ الْعَيْبُ أَكْثَرُ مِمَّا قَدَّرْته حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَدْرَهُ يَوْمَ رَآهُ وَالْآنَ وَقَفَ عَلَيْهِ أَوْ حَلَفَ أَنَّهُ زَائِدٌ عَلَى مَا عَرَفْته رَدَّهُ قَهْرًا

( فَصْلٌ الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ ) وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ لِأَنَّهُ لَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ لَا يَنْعَطِفُ حُكْمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَكَذَا الْفَسْخُ
( قَوْلُهُ الْفَسْخُ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ ) الْمُرَادُ بِارْتِفَاعِهِ مِنْ حِينِهِ ارْتِفَاعُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعِ فَقَطْ دُونَ زَوَائِدِهِ وَفَوَائِدِهِ

( فَرْعٌ وَطْءُ الثَّيِّبِ ) أَوْ الْغَوْرَاءِ مَعَ بَقَاءِ بَكَارَتِهَا مِنْ مُشْتَرٍ أَوْ غَيْرِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ ( لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ ) كَمَا لَا يَمْنَعُهُ الِاسْتِخْدَامُ ( إلَّا أَنْ كَانَ ) الْوَطْءُ ( زِنًا ) مِنْهَا ( وَلَوْ ) كَانَ الْوَطْءُ فِيهِ ( مِنْ الْبَائِعِ ) لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَادِثٌ ( وَافْتِضَاضُ الْبِكْرِ ) بَعْدَ الْقَبْضِ ( تَعْيِيبٌ ) فَيَمْنَعُ الرَّدَّ ( وَ ) قَبْلَهُ ( جِنَايَةٌ ) عَلَى الْمَبِيعِ ( فَهُوَ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ الْبَائِعِ هَدَرٌ ) فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ كَالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ ( وَمِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ لِلْبَكَارَةِ فَقَطْ ) فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا فَإِنْ قَبَضَهَا لَزِمَهُ الثَّمَنُ بِكَمَالِهِ وَإِنْ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهَا لَزِمَهُ قَدْرُ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ ( وَمِنْ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْأَرْشَ ) إنْ كَانَ افْتِضَاضُهُ بِغَيْرِ وَطْءِ شُبْهَةٍ ( فَإِنْ كَانَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ لَزِمَهُ مَهْرُ بِكْرٍ ) مِثْلَهَا بِلَا إفْرَادِ أَرْشٍ وَيَكُونُ ( لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ ) الْعَقْدَ ( وَإِلَّا فَقَدْرُ الْأَرْشِ مِنْهُ ) أَيْ الْمَهْرِ ( لِلْبَائِعِ لِعَوْدِهَا ) إلَيْهِ ( نَاقِصَةً ) وَالْبَاقِي لِلْمُشْتَرِي

( قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَ زِنًا مِنْهَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ مَشْهُورَةً بِالزِّنَا بِحَيْثُ لَا تَنْقُصُ قِيمَتُهَا بِهَذِهِ الزَّنْيَةِ قَالَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا حَادِثًا وَقِيلَ أَنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَتْ مَعْرُوفَةً بِالزِّنَا وَاشْتَرَاهَا عَلَى ذَلِكَ وَعَلَى قِيَاسِ هَذَا إذَا ظَهَرَ عَلَيْهِ الْإِبَاقُ أَوْ السَّرِقَةُ وَقَدْ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ جِنْسِ الْعَيْبِ السَّابِقِ فَالْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ( قَوْلُهُ لَزِمَهُ مَهْرُ بِكْرٍ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ إلَخْ ) وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقَبْضِ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ لِلْبَائِعِ وَجْهًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ قَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فِي يَدِ الْبَائِعِ .
ا هـ .
وَهُوَ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِعَوْدِهَا إلَيْهِ نَاقِصَةً .
ا هـ .

( فَرْعٌ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ ) بِالْمَبِيعِ ( كَالسِّمَنِ وَالتَّعَلُّمِ ) لِقُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ ( تَتْبَعُ الْأَصْلَ فِي الرَّدِّ ) لِعَدَمِ إمْكَانِ إفْرَادِهَا ( وَالْمُنْفَصِلَةُ كَالْأُجْرَةِ وَالْمَهْرِ ) وَالْكَسْبِ ( لِلْمُشْتَرِي ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ وَلِأَنَّ { رَجُلًا ابْتَاعَ مِنْ آخَرَ غُلَامًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَخَاصَمَهُ إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ اسْتَعْمَلَ غُلَامِي فَقَالَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَاهُ أَنَّ فَوَائِدَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي فِي مُقَابَلَةِ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ الْمَغْصُوبَ وَالْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ تَلِفَ تَحْتَ يَدِ ذِي الْيَدِ ضَمِنَهُ وَلَيْسَ لَهُ خَرَاجُهُ وَأُجِيبُ عَنْهُمَا بِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا مُعْتَبَرٌ بِالْمِلْكِ لِأَنَّهُ الضَّمَانُ الْمَعْهُودُ فِي الْخَبَرِ وَوُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى ذِي الْيَدِ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ لِكَوْنِهِ مِلْكَهُ بَلْ لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَى مِلْكِ غَيْرِهِ بِطَرِيقٍ مُضَمَّنٍ وَعَنْ الثَّانِي أَيْضًا بِقَصْرِ الْخَبَرِ عَلَى سَبَبِهِ وَهُوَ فِيمَا بَعْدَ الْقَبْضِ ( وَكَذَا الْوَلَدُ ) الْمُنْفَصِلُ ( الْحَادِثُ ) بَعْدَ الْعَقْدِ فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ نَقَصَتْ الْأُمُّ بِالْوِلَادَةِ امْتَنَعَ الرَّدُّ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ ( وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ الْأَمَةِ وَوَلَدِهَا إنْ كَانَ فِي سِنٍّ يَحْرُمُ فِيهِ التَّفْرِيقُ وَلَمْ تَنْقُصْ أُمُّهُ بِالْوِلَادَةِ ( بِالرَّدِّ لِلْحَاجَةِ ) وَتَقَدَّمَ فِي آخِرِ الْمَنَاهِي إنَّ هَذَا وَجْهٌ وَإِنَّ الْأَصَحَّ الْمَنْصُوصَ الْمَنْعُ وَلَا تَصْحِيحَ فِي الْأَصْلِ هُنَا وَعَلَى الْأَصَحِّ قَالُوا يَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ لِأَنَّ الرَّدَّ كَمَا كَالْمَأْيُوسِ مِنْهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته فِيمَا إذَا بَاعَ بَعْضَ الْمَبِيعِ وَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا

( قَوْلُهُ فَرْعٌ الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ إلَخْ ) إطْلَاقُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الزِّيَادَةِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمُثَمَّنِ وَلَا فِي الْفَسْخِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا ح كُلُّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ إذَا حَدَثَ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ ( قَوْلُهُ وَالْمُنْفَصِلَةُ إلَخْ ) عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً ( قَوْلُهُ وَالْكَسْبُ ) وَكَوَرِقِ التُّوتِ أَوْ نَحْوِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْوَلَدُ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ وَضَعَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثَانِيَ التَّوْأَمَيْنِ دُونَ الْأَوَّلِ ( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا إذْ مَا مَرَّ فِيمَا كَانَ الْمَانِعُ مِنْ الرَّدِّ فِي نَفْسِ الْمَبِيعِ وَمَا هُنَا إنَّمَا امْتَنَعَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ خَارِجٍ عَنْهُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى ) أَمَةً أَوْ بَهِيمَةً ( حَامِلًا فَوَضَعَتْ فَإِنْ نَقَصَتْ بِالْوِلَادَةِ ثُمَّ بَانَتْ مَعِيبَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ الرَّدُّ ) قَهْرًا كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ نَعَمْ إنْ جَهِلَ الْحَمْلَ وَاسْتَمَرَّ إلَى الْوَضْعِ فَلَهُ الرَّدُّ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَادِثَ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ كَالْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصْ بِالْوِلَادَةِ ( رَدَّهَا ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضِي بِلَا مَانِعٍ ( مَعَ الْوَلَدِ كَثَمَرَةٍ ) لِشَجَرَةٍ اشْتَرَاهَا وَثَمَرَتُهَا غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ ثُمَّ ( أَبَّرَهَا ) هُوَ أَوْ غَيْرُهُ أَوْ تَأَبَّرَتْ بِنَفْسِهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ مَعَ الشَّجَرَةِ بِظُهُورِ عَيْبٍ فِيهَا ( لِأَنَّ الْحَمْلَ ) فِيمَا ذُكِرَ ( يَأْخُذُ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُعْلَمُ ( فَإِنْ وَضَعَتْهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْبَائِعِ حَبْسُهُ لِاسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَلَا يُبَاعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَيَسْقُطُ مِنْ الثَّمَنِ بِحِصَّتِهِ إنْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ ( كَأُمِّهِ ) فِي الثَّلَاثِ بِنَاءً عَلَى مَا قُلْنَا أَمَّا إذَا بَانَتْ مَعِيبَةً وَلَمْ تَضَعْ بَعْدُ فَيَرُدُّهَا حَامِلًا كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ ( وَإِذَا حَمَلَتْ ) بَعْدَ الشِّرَاءِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ وَرُدَّتْ بِالْعَيْبِ حَامِلًا فَالْوَلَدُ لِلْمُشْتَرِي ) لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْفَلَسِ فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلْبَائِعِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي وَهُوَ تَرْكُهُ تَوْفِيَةَ الثَّمَنِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ ثُمَّ رَأَيْت مَنْ فَرَّقَ بِذَلِكَ وَبِمَا فِيهِ نَظَرٌ وَإِذَا قُلْنَا الْحَمْلُ هُنَا لِلْمُشْتَرِي قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ فَلَهُ حَبْسُ أُمِّهِ حَتَّى تَضَعَ ( وَكَذَا ) إذَا حَمَلَتْ بِهِ ( بَعْدَ الْقَبْضِ ) يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا مَرَّ ( لَكِنَّ حَمْلُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ يَمْنَعُ الرَّدَّ كُرْهًا ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ ( وَكَذَا ) يَمْنَعُ الرَّدَّ ( غَيْرُهَا ) أَيْ حَمْلُ غَيْرِهَا بَعْدَ الْقَبْضِ (

إنْ نَقَصَ بِهِ ) كَسَائِرِ الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ

( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخَانِ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ حَالَةِ الْعِلْمِ وَحَالَةِ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ النَّقْصُ هَهُنَا حَصَلَ بِسَبَبٍ جَرَى عِنْدَ الْبَائِعِ وَهُوَ الْحَمْلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ السَّابِقَةِ أَوْ الْقَطْعِ بِالْجِنَايَةِ السَّابِقَةِ أَنَّ النَّقْصَ هَهُنَا حَصَلَ لِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْحَمْلُ فَكَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ مَا نَقَصَ بِالْوِلَادَةِ وَأَمَّا الْقَتْلُ وَالْقَطْعُ فَلَمْ يَحْصُلَا بِسَبَبِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَيْضًا فَالْحَمْلُ يَتَزَايَدُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْوَضْعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا مَاتَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِمَرَضٍ سَابِقٍ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِالْأَرْشِ قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ سَبَبَ الْفَسْخِ ثَمَّ نَشَأَ مِنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ ) الثَّانِي أَنَّ مِلْكَ الْمُفْلِسِ عَلَى الْعَيْنِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ الثَّالِثُ أَنَّ رُجُوعَ الْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ قَهْرِيٌّ بِسَبَبِ زَوَالِ الْمُقَابِلِ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ وَالرَّدِّ بِالِاخْتِيَارِ وَالْقَهْرِيُّ يُسْتَتْبَعُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ الرَّابِعُ أَنَّا لَوْ قُلْنَا يَرْجِعُ فِي الْأُمِّ دُونَ الْحَمْلِ لَكِنَّا قَدْ حَجَرْنَا عَلَى الْبَائِعِ فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُ الْأُمِّ حَتَّى تَضَعَ الْحَمْلَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحَامِلِ بِحَمْلِ الْغَيْرِ لِعَدَمِ إمْكَانِ التَّوْزِيعِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ بِالرَّدِّ الْخَامِسُ أَنَّا لَوْ لَمْ نَقُلْ بِالرُّجُوعِ فِي الْفَلَسِ لَانْتَفَتْ فَائِدَةُ التَّقْدِيمِ وَعَدَمُ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّا لَوْ أَثْبَتْنَا الْحَمْلَ لِلْمُفْلِسِ فَقَدْ أَثْبَتْنَا لِلْغُرَمَاءِ الْمُزَاحَمَةَ مَعَ الْبَائِعِ فِيمَا بِيَدِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُزَاحِمُهُ فَلِهَذَا قُلْنَا يَتْبَعُ الْوَلَدُ فِي الْفَلَسِ دُونَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ السَّادِسُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لَزِمَ تَأْخِيرُ

رُجُوعِهِ حَتَّى رُجُوعِهِ فِي الْحَالِ وَتَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا وَيَلْزَمُ مِنْهُ النَّفَقَةُ عَلَى غَيْرِ مِلْكِهِ وَهُوَ الْحَمْلُ فَتَعَارَضَ ضَرَرَانِ فَلِذَا يَرْجِعُ فِيهَا مَعَ حَمْلِهَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ السَّابِعُ أَنَّ مَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَاءِ الثَّمَنِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِالْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيُقَدِّرُ أَنَّ الْمَبِيعَ كَأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ عَنْ مِلْكِ بَائِعِ الْمُفْلِسِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَيْبِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُ ) فَالتَّدْلِيسُ فِيهِ جَاءَ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ فَلَهُ حَبْسُ أَمَةٍ حَتَّى تَضَعَ ) قَالَ شَيْخُنَا وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ حَالَ كَوْنِهِ وَلَدًا مُنْفَصِلًا فَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ وَلَا بِمَا قِيلَ فِي مَسْأَلَةِ التَّفْرِيقِ بِالْوَصِيَّةِ

( وَإِنْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ فِي يَدِهِ فَرَدَّهَا ) بِعَيْبٍ ( فَلِمَنْ ) يَكُونُ ( الطَّلْعُ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لِلْبَائِعِ تَبَعًا لِلنَّخْلَةِ وَثَانِيهِمَا لِلْمُشْتَرِي وَصَحَّحَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِأَنَّهُ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ وَالْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ كَالْحَمْلِ ( وَالصُّوفُ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ يُرَدُّ مَعَ الْأَصْلِ ) وَإِنْ جُزَّ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَبِيعِ ( وَكَذَا الْحَادِثُ ) مِنْهُ ( بَعْدَهُ ) أَيْ الْعَقْدِ يُرَدُّ تَبَعًا ( مَا لَمْ يُجَزَّ ) فَإِنْ جُزَّ لَمْ يُرَدَّ كَالْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ بَلْ قِيَاسُ الْحَمْلِ أَنَّ مَا لَمْ يَجُزَّ لَا يُرَدُّ أَيْضًا وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ وَالْأَوَّلُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ هُوَ مَا فِي فَتَاوِيهِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْخُوَارِزْمِيُّ وَهُوَ وَإِنْ وُجِّهَ بِأَنَّهُ كَالسِّمَنِ فَالثَّانِي أَوْجَهُ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَقَالَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ الْأَصْوَبُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْقِيَاسُ إلْحَاقُ الْبَيْضِ بِالْحَمْلِ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَلَوْ جَزَّ الصُّوفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ أَنْ طَالَ ثُمَّ عَلِمَ عَيْبًا صَارَ بِالرَّدِّ بَيْنَهُمَا شَرِكَةً وَقَدْ يَقَعُ نِزَاعٌ فِي مِقْدَارِ مَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَهُوَ عَيْبٌ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ ( بِخِلَافِ الْحَادِثِ مِنْ أُصُولِ الْكُرَّاثِ ) وَنَحْوِهِ التَّابِعَةِ لِلْأَرْضِ فِي بَيْعِهَا ( فَإِنَّهُ لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّهُ لَيْسَ تَبَعًا لِلْأَرْضِ أَلَا تَرَى أَنَّ الظَّاهِرَ مِنْهَا فِي ابْتِدَاءِ الْبَيْعِ لَا يَدْخُلُ فِيهِ

( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَقَالَ فِي التَّوَسُّطِ الْأَصَحُّ الِانْدِرَاجُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ الَّذِي يُتَّجَهُ أَنْ يَكُونَ الْأَصَحَّ ( قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ بِهِ اللَّبَنَ الْحَادِثَ ) الرَّاجِحُ أَنَّ الصُّوفَ وَاللَّبَنَ كَالْحَمْلِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَقَدْ قَالَ الدَّارِمِيُّ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً مُتَمَيِّزَةً كَكَسْبِ عَبْدٍ وَوَلَدٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ وَشَعْرِ حَيَوَانٍ وَنَحْوِهِ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ دُونَهَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الثَّمَرَةِ وَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ فُصِلَتْ أَوْ لَا ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا إلَخْ ) وَجَزَمَ بِهِ الْأَذْرَعِيُّ

( فَصْلُ الْإِقَالَةِ ) وَهِيَ مَا يَقْتَضِي رَفْعَ الْعَقْدِ الْمَالِيِّ بِوَجْهٍ مَخْصُوصٍ ( جَائِزَةٌ وَتُسَنُّ لِنَادِمٍ ) أَيْ لِأَجْلِهِ لِخَبَرِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { مَنْ أَقَالَ مُسْلِمًا وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ نَادِمًا أَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ } ( وَهِيَ فَسْخٌ لَا بَيْعٌ ) وَإِلَّا لَصَحَّتْ مَعَ غَيْرِ الْبَائِعِ وَبِغَيْرِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَفَرَّعَ عَلَى كَوْنِهَا فَسْخًا مَسَائِلَ فَقَالَ ( فَيَجُوزُ تَفْرِيقُ الْمُتَقَايِلَيْنِ ) أَيْ تَفَرُّقُهُمَا مِنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ ( فِي الصَّرْفِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَلَا تَتَجَدَّدُ بِهَا شُفْعَةٌ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ التَّلَفِ ) لَهُمَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْآبِقَ فَتَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى التَّالِفِ بِخِلَافِ رَدِّهِ بِعَيْبٍ لِأَنَّ الرَّدَّ يُرَدُّ عَلَى الْمَرْدُودِ وَلَا مَرْدُودَ وَيَصِحُّ الرُّجُوعُ فِي الْمَوْهُوبِ الْآبِقِ مِنْ يَدِ الْمُتَّهَبِ عَلَى الْأَصَحِّ ( وَيَرُدُّ ) الْمُشْتَرِي ( مِثْلَهُ ) أَيْ التَّالِفَ ( فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَتَهُ فِي الْمُتَقَوِّمِ ) كَنَظَائِرِهِ ( وَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ ) فِي الْمَبِيعِ ( بَعْدَهَا ) أَيْ الْإِقَالَةِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُشْتَرِي قَبَضَ الثَّمَنَ فَلَا يَنْفُذُ التَّصَرُّفُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمُتَوَلِّي فِي الْبَابِ الْآتِي .
وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَ الْمَبِيعِ لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ ( وَلَا تَنْفَسِخُ ) الْإِقَالَةُ ( بِتَلَفِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ) وَلَوْ بِإِتْلَافِهِ أَوْ إتْلَافِ أَجْنَبِيٍّ ( بَلْ يَضْمَنُهُ ) لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الْعِوَضِ كَالْمَأْخُوذِ قَرْضًا وَسَوْمًا وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا ( بِأَقَلَّ قِيمَتَيْ ) وَقْتَيْ ( الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ ) لِمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ فِي اعْتِبَارِ الْأَرْشِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ أَقَلَّ فَهِيَ الْمُعْتَبَرَةُ وَفِيمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ مِنْ اعْتِبَارِ الْأَقَلِّ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ

اعْتِبَارُ يَوْمِ التَّلَفِ ( وَإِنْ اسْتَعْمَلَهُ ) الْمُشْتَرِي ( بَعْدَ الْإِقَالَةِ ) وَقَبْلَ الْقَبْضِ ( لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ وَلَيْسَ ) لِلْبَائِعِ ( فِيهَا رَدٌّ بِعَيْبٍ ) حَدَثَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي ( قَبْلَهَا ) وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أَرْشُ الْعَيْبِ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْحَبْسُ ) لِلْمَبِيعِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ ( لِاسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ ) سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ أَمْ بَيْعٌ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَالَ إنْ قُلْنَا بَيْعٌ فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ أَوْ فَسْخٌ فَكَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَهُ الْحَبْسُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي الْخِيَارِ عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّهُ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِدِ بَعْدَ التَّفَاسُخِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ الْحَبْسُ بَلْ إذَا طَالَبَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَزِمَ الْآخَرُ الدَّفْعَ إلَيْهِ ثُمَّ مَا كَانَ بِيَدِهِ بِخِلَافِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْبُدَاءَةِ فِي الْبَيْعِ فَإِنَّ لِكُلٍّ حَبْسَ مَا بِيَدِهِ حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ الْآخَرُ لِأَنَّ الْفَسْخَ هُنَا رَفْعُ حُكْمِ الْعَقْدِ وَبَقِيَ التَّسْلِيمُ بِحُكْمِ الْيَدِ وَهِيَ تُوجِبُ الرَّدَّ وَهُنَاكَ التَّسْلِيمُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ يُوجِبُ التَّسْلِيمَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَهَى فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَبْسَ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ فَعَلَيْهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْيِيدِ نُفُوذِ تَصَرُّفِ الْبَائِعِ فِيمَا مَرَّ بِكَلَامِ الْمُتَوَلِّي السَّابِقِ وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ نُفُوذَ التَّصَرُّفِ سَاقَ فِيهِ كَلَامَ الْمُتَوَلِّي مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ

( فَصْلٌ الْإِقَالَةُ جَائِزَةٌ ) ( قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِي الْمَبِيعِ ) لَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ أَجَّرَهُ فَهَلْ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ الْأَقْرَبُ الْمَنْعُ ع وَقَوْلُهُ فَهَلْ تَجُوزُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ أَجَّرَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَهُ الْأُجْرَةُ الْمُسَمَّاةُ وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ أَبُو زُرْعَةَ فِي مُخْتَصَرِ الْمُهِمَّاتِ قَالَ الشَّيْخُ سِرَاجُ الدِّينِ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ أَجَّرَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ تَقَايَلَا لَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى نَقْلٍ وَسُئِلْت عَنْهَا وَتَرَدَّدْت فِيهَا ثُمَّ اسْتَقَرَّ جَوَابِي عَلَى إلْحَاقِهَا بِصُورَةِ الْإِجَارَةِ ثُمَّ يَحْصُلُ بَعْدَهَا تَحَالُفٌ وَانْفِسَاخٌ الْمَبِيعِ وَالْحُكْمُ فِي تِلْكَ أَنَّ الْأُجْرَةَ الْمُسَمَّاةَ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِمَا فِي التَّتِمَّةِ وَالْبَحْرِ مِنْ إيجَابِ الْأَرْشِ هُنَاكَ وَهُوَ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُؤَجَّرًا وَقِيمَتِهِ غَيْرَ مُؤَجَّرٍ وَلَا يَفْتَرِقُ الْحَالُ فِيمَا أَعْتَقِدُ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالْإِجَارَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَعْلَمَ لِأَنَّ صُورَةَ التَّلَفِ تَصِحُّ الْإِقَالَةُ فِيهَا مَعَ الْعِلْمِ وَإِقَامَةِ الْبَدَلِ فِيهَا مَقَامَهُ وَفِي الْعَيْبِ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ غَرَامَةَ الْأَرْشِ وَقَيَّدَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْبَائِعُ عَالِمًا وَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ أَرْجَحُ كَمَا فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ وَكَمَا فِي صُورَةِ التَّحَالُفِ وَلَكِنْ يَبْقَى فِي صُورَةِ الْجَهْلِ كَلَامٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا جَهِلَ الْبَائِعُ الْإِجَارَةَ وَحَصَلَتْ الْإِقَالَةُ مَعَ جَهْلِهِ بِالْإِجَارَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالْإِجَارَةِ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْإِقَالَةَ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا فَسْخٌ فَهَذَا فَسْخٌ لِلْفَسْخِ ا هـ .
قُلْت مَا ذَكَرَهُ آخِرًا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا كَانَ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَلَا رَدَّ لَهُ إنْ قُلْنَا فَسْخٌ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ

الْمُتَوَلِّي فِي الْبَابِ الْآتِي ) جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِيهِ ( قَوْلُهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ يَوْمِ التَّلَفِ ) الْوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ لِأَنَّهُ كَانَ مَضْمُونًا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَهَا بِهَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يَرِدْ عَلَى هَذَا الضَّمَانِ مَا يُزِيلُهُ وَلَا مَا يُغَيِّرُهُ قَالَ شَيْخُنَا فَإِنْ حَدَثَ زِيَادَةٌ بَعْدَ الْإِقَالَةِ لَمْ يَضْمَنْهَا لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بَعْدَهَا بِحُكْمِ الْأَمَانَةِ فَهُوَ مَضْمُونٌ ضَمَانَ عَقْدٍ لَا ضَمَانَ يَدٍ كَذَا فُهِمَ ( قَوْلُهُ مَسَاقَ الْأَوْجُهِ الضَّعِيفَةِ ) إنَّمَا سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَذْهَبِ وَعِبَارَتُهُ الْأَوَّلُ الْمَضْمُونُ بِالْقِيمَةِ وَيُسَمَّى ضَمَانُ الْيَدِ فَيَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا صَارَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ بِعَقْدٍ مَفْسُوخٍ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ بَاعَ عَبْدًا فَوَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا وَفَسَخَ الْبَيْعَ كَانَ لِلْبَائِعِ بَيْعُ الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَيَقْبِضَهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي إذَا لَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ فَإِنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَهُ إلَى اسْتِرْجَاعِ الثَّمَنِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ قَبْلَهُ قَالَ وَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى هَذَا .
ا هـ .
وَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَا نَقَلَهُ النَّوَوِيُّ عَنْ الرُّويَانِيِّ لِأَنَّ التَّسْلِيمَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَلَا تَسْلِيمٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اسْتِرْدَادُ الْمَدْفُوعِ وَحَبْسُهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْعِوَضِ الْآخَرِ وَالْعَقْدُ لَمْ يُفِدْ مِلْكًا أَوْ أَفَادَ مِلْكًا ضَعِيفًا بِخِلَافِ الْفَسْخِ بِغَيْرِ الْخِيَارِ فَيَثْبُتُ الْحَبْسُ فِي جَمِيعِ الْفُسُوخِ بِالْخِيَارِ وَقَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ لَوْ تَفَاسَخَا الْإِجَارَةَ كَانَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَحْبِسَ الْعَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةَ لِقَبْضِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ أَخَذَهَا عَلَى مُقَابَلَةِ الْأُجْرَةِ

( وَلَفْظُهَا ) أَيْ الْإِقَالَةِ قَوْلُ الْعَاقِدَيْنِ ( تَقَايَلْنَا أَوْ تَفَاسَخْنَا أَوْ ) قَوْلُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ ( أَقَلْتُك وَنَحْوَهُ فَيَقْبَلُ الْآخَرُ وَلَا يُشْتَرَطُ ) لِصِحَّتِهَا ( ذِكْرُ الثَّمَنِ ) وَقَيَّدَهُ السُّبْكِيُّ بِمَا إذَا كَانَ مَعْلُومًا وَأَيَّدَ بِالنَّصِّ الْآتِي لَكِنَّ كَلَامَ الْإِمَامِ الْآتِيَ يُنَافِيهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُهُمْ فِيمَا يَأْتِي يَقْتَضِيهِ وَلَعَلَّ النَّصَّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ لَا فَسْخٌ وَإِنْ نَصَّ قَبْلَهُ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ ( وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِهِ ) أَيْ بِذَلِكَ الثَّمَنِ ( فَإِنْ زَادَ ) فِيهِ ( أَوْ نَقَصَ ) عَنْهُ ( أَوْ شَرَطَ ) فِيهَا ( أَجَلًا أَوْ أَخْذَ صِحَاحٍ عَنْ مُكَسَّرَةٍ ) أَوْ عَكْسَهُ ( بَطَلَتْ ) وَبَقِيَ الْعَقْدُ بِحَالِهِ ( وَتَصِحُّ مِنْ الْوَارِثِ ) لِأَنَّهُ خَلِيفَةُ الْعَاقِدِ وَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ مِنْ أَنَّ الْوَرَثَةَ لَوْ اسْتَأْجَرُوا مَنْ يُحِجَّ مُوَرِّثَهُمْ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ الْوَاجِبَةَ وَلَمْ يَكُنْ أَوْصَى بِهَا ثُمَّ تَقَايَلُوا مَعَ الْأَجِيرِ لَمْ تَصِحَّ الْإِقَالَةُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ عِنْدَ الْإِقَالَةِ لِمُوَرِّثِهِمْ لَا لَهُمْ بِخِلَافِهِ فِيمَا تَقَرَّرَ قَالَ السُّبْكِيُّ نَقْلًا عَنْ الْقَاضِي لَوْ أَقَالَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ لَوْ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ وَقِيمَتُهُ أَضْعَافُ ثَمَنِهِ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ كَابْتِدَاءِ الْبَيْعِ بِالْمُحَابَاةِ .
( وَ ) تَصِحُّ ( فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ ) كَمَا تَصِحُّ فِي كُلِّهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ فِي الْأُولَى قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْ جَهَالَةٌ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا بَيْعٌ لِلْجَهْلِ بِحِصَّةِ الْبَعْضِ وَقَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ عَلَى قَوْلِنَا إنَّهَا فَسْخٌ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحِصَّةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْعِلْمِ بِالْمُقَايِلِ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ قُلْت وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ ( لَكِنْ إنْ )

أَقَالَهُ فِي الْبَعْضِ لِيُعَجِّلَ لَهُ الْبَاقِيَ أَوْ عَجَّلَ لَهُ ( بَعْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِيُقِيلَهُ فِي الْبَاقِي فَهِيَ فَاسِدَةٌ ) كَمَا لَوْ تَقَايَلَا بِأَزْيَدَ مِنْ الثَّمَنِ ( وَلَوْ تَقَايَلَا أَوْ تَفَاسَخَا بِعَيْبٍ ) أَوْ تَحَالُف ( ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي ) قَدْرِ ( الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ( وَكَذَا ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ( إذَا احْتَاجَا إلَى مَعْرِفَتِهِ ) أَيْ الثَّمَنِ ( لِتَقْدِيرِ الْأَرْشِ ) الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عَنْ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ ( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ) وُجُودِ ( الْإِقَالَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُنْكِرِهَا ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا ( وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ قَبْلَهَا لِلْمُشْتَرِي ) وَالْمُتَّصِلَةُ لِلْبَائِعِ تَبَعًا إلَّا الْحَمْلَ الْحَادِثَ قَبْلَهَا فَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَنَّهُ لِلْمُشْتَرِي ( وَإِنْ بَاعَهُ مُؤَجَّلًا وَتَقَايَلَا بَعْدَ الْحُلُولِ ) لِلْأَجَلِ ( وَالْقَبْضِ ) لِلثَّمَنِ ( اسْتَرَدَّ ) الْمُشْتَرِي ( الثَّمَنَ بِلَا مُهْلَةٍ ) فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَصْبِرَ قَدْرَ الْأَجَلِ ( وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ( سَقَطَ ) عَنْ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَكَانَ حَالًّا أَمْ مُؤَجَّلًا ( وَبَرِئَا جَمِيعًا ) لِزَوَالِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا

( قَوْلُهُ حُسِبَتْ مِنْ الثُّلُثِ ) أَيْ حُسِبَتْ الْمُحَابَاةُ مِنْهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ هَذَا إذَا لَمْ تَلْزَمْهُ جَهَالَةٌ ) كَمَا فِي أَحَدِ الْعَبْدَيْنِ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ ( قَوْلُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى أَنَّهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بَعْدَ نَصِّهِ عَلَى أَنَّهَا فَسْخٌ ) فَعَلَى هَذَا مِنْ أَحْكَامِ كَوْنِهَا فَسْخًا وَهُوَ يَقْتَضِي الْقَطْعَ بِبُطْلَانِهَا لِلْجَهْلِ كَمَا قَطَعَ بِالْبُطْلَانِ أَنْ قُلْنَا بِيعَ لِلْجَهْلِ قَوْلُهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ إلَخْ ) تَرَدَّدَ فِي الْمُهِمَّاتِ فِي أَنَّ الْمَسْأَلَةَ فِيمَا قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَدْ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهَا فِيمَا بَعْدَ قَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ ذَكَرَهُ فِي آخِرِ بَابِ التَّحَالُفِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ ( فَرْعٌ ) قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُحْتَمَلُ حُدُوثُهُ وَتَقَدُّمُهُ عَلَى الْإِقَالَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ حَدَثَ عِنْدَك فَأَفْتَيْت فِيهَا بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي صُورَةِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الْعَيْبِ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا الْإِقَالَةُ بَيْعٌ فَالْمُشْتَرِي هُنَا كَالْبَائِعِ وَالْأَصْلُ لُزُومُ الْعَقْدِ وَإِنْ قُلْنَا فَسْخٌ فَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ ( قَوْلُهُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ ) تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ ( الْأُولَى الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ كَالْمَبِيعِ ) فِيمَا مَرَّ ( فَيُفْسَخُ ) الْبَيْعُ ( بِعَيْبِهِ ) كَأَنْ خَرَجَ مَعِيبًا بِخُشُونَةٍ أَوْ سَوَادٍ أَوْ وَجَدَهُ مُخَالِفًا لِسِكَّةِ النَّقْدِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ ( وَإِنْ خَرَجَ ) كُلُّهُ ( نُحَاسًا ) بِضَمِّ النُّونِ أَوْ نَحْوِهِ كَالرَّصَاصِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا ( وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِأَنَّهُ بَانَ أَنَّهُ غَيْرُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ ( أَوْ ) خَرَجَ ( بَعْضُهُ ) نُحَاسًا مَثَلًا وَقَدْ شَرَطَ مَا ذَكَرَ ( تَفَرَّقَتْ الصَّفْقَةُ ) فَيَبْطُلُ فِيمَا بَانَ نُحَاسًا وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي ( وَتَخَيَّرَ ) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ لِلتَّشْقِيصِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ أَخَذَهُ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ ( وَغَيْرُ الْمُعَيَّنِ ) إذَا خَرَجَ عَلَى خِلَافِ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ ( يَسْتَبْدِلُ بِهِ وَإِنْ خَرَجَ نُحَاسًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( وَلَا يَفْسَخُ ) بِهِ لِبَقَاءِ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ ( الثَّانِيَةِ ) لَوْ ( وَقَعَ الصَّرْفُ عَلَى الْعَيْنِ عَلَى أَنَّهَا فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ وَخَرَجَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا نُحَاسًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِمَا مَرَّ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَالْمُغَلَّبُ فِيهِمَا الْعِبَارَةُ لَا الْإِشَارَةُ وَلَا يَشْكُلُ بِصِحَّةِ الْعَقْدِ تَغْلِيبًا لِلْإِشَارَةِ فِيمَا لَوْ بَاعَ قِطْعَةَ أَرْضٍ عَلَى أَنَّهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ فَخَرَجَتْ دُونَهَا وَفِيمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك فَرَسِي هَذَا وَهُوَ بَغْلٌ .
وَفِيمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك هَذَا الْغُلَامَ وَأَشَارَ إلَى ابْنَتِهِ لِأَنَّ الْأُولَى وُجِدَ فِيهَا جِنْسُ الْعِوَضِ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا وَالثَّانِيَةَ لَا تُشْبِهُ مَسْأَلَتَنَا لِأَنَّ جُمْلَةَ وَهُوَ بَغْلٌ مِنْ كَلَامِ الْبَائِعِ فَلَا يُؤَثِّرُ كَمَا لَوْ قَالَ زَوَّجْتُك بِنْتِي هَذِهِ وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا وَإِنَّمَا تُشْبِهُهَا أَنْ لَوْ قَالَ بِعْتُك فَرَسِي هَذَا فَبَانَ بَغْلًا وَحِينَئِذٍ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ وَالثَّالِثَةُ لَمَّا كَانَ التَّزْوِيجُ فِيهَا لَا يَقَعُ إلَّا عَلَى

الْأُنْثَى أَلْغَى وَصْفَ الذُّكُورَةِ وَنَزَلَ الْعَقْدُ عَلَى مَا يَقْبَلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِمَا فَيَبْطُلُ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ ( أَوْ ) خَرَجَ ( بَعْضُهُ ) نُحَاسًا أَوْ نَحْوَهُ ( صَحَّ ) الْعَقْدُ ( فِي الْبَاقِي ) دُونَهُ ( بِالْقِسْطِ ) إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْجِنْسُ الرِّبَوِيُّ وَيَتَمَيَّزَ عَنْ الْجِنْسِ الْآخَرِ فَيَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّهُ مِنْ قَاعِدَةِ مَدِّ عَجْوَةٍ ( وَلِصَاحِبِهِ ) أَيْ الْبَاقِي ( الْخِيَارُ ) بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ ( وَإِنْ خَرَجَ ) كُلُّهُ ( مَعِيبًا ) بِخُشُونَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ( أَوْ بَعْضُهُ ) كَذَلِكَ ( تَخَيَّرَ وَلَمْ يَسْتَبْدِلْ ) بِهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَرَدَ عَلَى عَيْنِهِ فَلَا يَتَجَاوَزُ الْحَقَّ إلَى غَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا وَرَدَ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي ثُمَّ الْأَحْكَامُ السَّابِقَةُ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لَا تَخْتَصُّ بِصِيغَةِ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرُدَّ الْعَقْدَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَوْصُوفٍ بِصِفَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ صِيغَةِ الشَّرْطِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهَا ( وَإِنْ وَقَعَ ) الصَّرْفُ عَلَى مَا ( فِي الذِّمَّةِ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا ) أَوْ كِلَاهُمَا ( نُحَاسًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( قَبْلَ التَّفَرُّقِ ) مِنْ الْمَجْلِسِ وَبَعْدَ التَّقَابُضِ ( اسْتَبْدَلَ ) بِهِ ( أَوْ ) خَرَجَ كَذَلِكَ ( بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ التَّفَرُّقِ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ لِعَدَمِ التَّقَابُضِ فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ الْمَقْبُوضَ غَيْرُ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ .
( أَوْ ) خَرَجَ كُلُّهُ ( مَعِيبًا ) بِخُشُونَةٍ أَوْ نَحْوِهَا ( أَوْ بَعْضُهُ ) كَذَلِكَ ( اسْتَبْدَلَ ) بِهِ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا خَرَجَ مَعِيبًا لِأَنَّ الْقَبْضَ الْأَوَّلَ صَحِيحٌ إذْ لَوْ رَضِيَ بِهِ جَازَ وَالْبَدَلُ قَائِمٌ مَقَامَهُ وَيَجِبُ أَخْذُ الْبَدَلِ ( فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ وَإِنْ فَارَقَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ ) قِيَاسًا عَلَى أَصْلِهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ ( وَرَأْسُ مَالِ السَّلَمِ كَالصَّرْفِ ) أَيْ كَعِوَضِهِ فِيمَا مَرَّ ( فَإِنْ كَانَ ) رَأْسُ الْمَالِ ( مُعَيَّنًا وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ تَلَفِهِ سَقَطَ مِنْ الْمُسْلَمِ

فِيهِ بِقَدْرِ نَقْصِ الْعَيْبِ ) مِنْ قِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ ( أَوْ ) كَانَ ( فِي الذِّمَّةِ ) وَعَيَّنَ وَبَانَ بِهِ عَيْبٌ بَعْدَ تَلَفِهِ ( غَرِمَ التَّالِفَ ) عِنْدَهُ ( وَاسْتَبْدَلَ ) بِهِ سَوَاءٌ تَفَرَّقَا أَمْ لَا وَيَجِبُ أَخْذُ الْبَدَلِ ( فِي مَجْلِسِ الرَّدِّ ) وَلَوْ وَجَدَ أَحَدُ الْمُتَصَارِفَيْنِ أَوْ أَحَدُ مُتَبَايِعَيْ طَعَامٍ بِطَعَامٍ بِمَا أَخَذَهُ عَيْبًا بَعْدَ تَلَفِهِ فَإِنْ وَرَدَ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْجِنْسُ مُخْتَلِفٌ فَكَبَيْعِ عَرَضٍ بِنَقْدٍ وَإِنْ كَانَ مُتَّفِقًا فَكَمَا مَرَّ فِي الْحُلِيِّ أَوْ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ غَرِمَ التَّالِفَ عِنْدَهُ وَاسْتَبْدَلَ بِهِ سَوَاءٌ تَفَرَّقَا أَمْ لَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ ( وَلَوْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( بِمُكَسَّرَةٍ ) فِي الذِّمَّةِ ( وَأَدَّى ) عَنْهَا ( صِحَاحًا وَفَسَخَ ) بِعَيْبٍ أَوْ غَيْرِهِ ( اسْتَرَدَّ الصِّحَاحَ ) لِأَنَّهَا الْمَدْفُوعَةُ وَمِثْلُهُ الْعَكْسُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( الثَّالِثَةُ لَوْ بَاعَ عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبًا وَرَدَّ ) عَلَيْهِ ( الْعَبْدَ بِعَيْبٍ رَجَعَ ) عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي ( بِالْأَلْفِ لَا بِالثَّوْبِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ وَلِأَنَّ الثَّوْبَ مَمْلُوكٌ بِعَقْدٍ آخَرَ وَبِهَذَا فَارَقَ مَا قَبْلَهُ لِأَنَّ الصِّحَاحَ فِيهِ كَالْمُكَسَّرَةِ فِي وُجُوبِ قَبُولِهَا لِاتِّحَادِهَا مَعَهَا جِنْسًا وَنَوْعًا مَعَ زِيَادَةِ صِفَةٍ لَا تَتَمَيَّزُ وَلَوْ بَانَ الْعَيْبُ بِالثَّوْبِ رَدَّهُ وَرَجَعَ بِالْأَلْفِ لَا بِالْقِيمَةِ ( وَكَذَا ) يَرْجِعُ بِالْأَلْفِ ( لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ ) الْمَبِيعُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِانْفِسَاخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ

( فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ ) ( قَوْلُهُ وَقَدْ شَرَطَ كَوْنَهُ فِضَّةً أَوْ ذَهَبًا ) أُخِذَ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ وَخَرَجَ بِهِ مَا إذَا قَالَ بِعْتُك هَذَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ ( قَوْلُهُ وَتَخَيَّرَ بَيْنَ الْإِجَازَةِ ) أَيْ بِالْحِصَّةِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ جُمْلَةَ وَهُوَ بَغْلٌ مِنْ كَلَامِ الْبَائِعِ فَلَا يُؤَثِّرُ ) وَنَظِيرُهَا هَا هُنَا أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ وَهُوَ نُحَاسٌ فَيَصِحُّ

( الرَّابِعَةُ ) لَوْ ( بَاعَ عَصِيرًا فَبَانَ بِهِ عَيْبٌ وَقَدْ صَارَ خَمْرًا تَعَيَّنَ الْأَرْشُ ) لِلْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا أَرْشَ لِعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ الرَّدِّ لِاحْتِمَالِ عَوْدِ الْخَمْرِ خَلًّا مَمْنُوعٌ لِأَنَّ ذَلِكَ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ تَعَيُّبِ الْمَبِيعِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِهِمَا ( فَإِنْ تَخَلَّلَ ) بَعْدَ تَخَمُّرِهِ وَقَبْلَ أَخْذِ الْأَرْشِ ( فَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ وَرَدُّ الثَّمَنِ وَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ ) وَلَا يَضُرُّ الْخُرُوجُ فِي الْبَيِّنِ عَنْ صِفَةِ الْمَبِيعِ ( وَإِنْ اشْتَرَى ذِمِّيٌّ مِنْ ذِمِّيٍّ خَمْرًا بِدَرَاهِمَ ) مَثَلًا ( ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ الْبَائِعُ ) وَحْدَهُ ( ثُمَّ عَلِمَ ) الْمُشْتَرِي ( بِهَا ) أَيْ بِالْخَمْرِ ( عَيْبًا فَلَا رَدَّ ) لَهُ ( بَلْ لِلْمُشْتَرِي الْأَرْشُ ) لِتَعَذُّرِ الرَّدِّ فِي ذَلِكَ ( وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُشْتَرِي وَحْدَهُ فَلَهُ الرَّدُّ ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَتَمَلَّكُ الْخَمْرَ بَلْ نُزِيلُ يَدَهُ عَنْهَا
قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالتَّالِفِ حِسًّا ) إذْ هُوَ تَالِفٌ شَرْعًا ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَخَلَّلَ فَلِلْبَائِعِ اسْتِرْدَادُهُ ) قَضِيَّةُ قَوْلِهِ لَهُ طَلَبُ إعْطَاءِ الْأَرْشِ وَتَوَافَقَا عَلَيْهِ جَازَ وَتَعْلِيلُهُمْ بِأَنَّ الْخَلَّ غَيْرُ الْعَصِيرِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ

( الْخَامِسَةُ مُؤْنَةُ الرَّدِّ ) لِلْمَبِيعِ ( بَعْدَ الْفَسْخِ ) بِالْعَيْبِ أَوْ غَيْرِهِ كَالْفَسْخِ بِالْخِيَارِ ( عَلَى الْمُشْتَرِي ) لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلْمَبِيعِ كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَيَدُهُ ضَامِنَةٌ ) وَمَا كَانَ مَضْمُونَ الْعَيْنِ فَهُوَ مَضْمُونُ الرَّدِّ لِخَبَرِ { عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَكَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَانَتْ يَدُهُ يَدَ ضَمَانٍ

( السَّادِسَةُ لَوْ أَوْصَى بِبَيْعِ عَبْدٍ ) مَثَلًا ( وَأَنْ يَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ جَارِيَةً وَيُعْتِقَهَا ) عَنْهُ الْوَصِيُّ ( فَفَعَلَ ) الْوَصِيُّ ذَلِكَ ( وَرَدَّ ) عَلَيْهِ ( الْعَبْدَ بِعَيْبٍ فَلَهُ بَيْعُهُ ثَانِيًا لِرَدِّ الثَّمَنِ ) أَيْ لِيَرُدَّهُ إلَى الْمُشْتَرِي ( وَلَوْ فَرَضَ الرَّدَّ ) لِلْمَبِيعِ ( بِالْعَيْبِ عَلَى وَكِيلٍ لَمْ يَبِعْهُ ) ثَانِيًا ( إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ ) لِأَنَّهُ امْتَثَلَ الْمَأْمُورَ وَهَذَا مِلْكٌ جَدِيدٌ فَاحْتَاجَ فِيهِ إلَى إذْنٍ جَدِيدٍ وَيُخَالِفُ الْإِيصَاءَ فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ وَتَفْوِيضٌ كُلِّيٌّ ( وَكَذَا لَوْ وَكَّلَ ) شَخْصٌ ( فِي بَيْعٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي ) مَثَلًا ( فَامْتَثَلَ وَرَدَّهُ ) عَلَيْهِ ( الْمُشْتَرِي ) لَا يَبِيعُهُ ثَانِيًا إلَّا بِإِذْنٍ جَدِيدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مِلْكَ الْبَائِعِ زَالَ وَعَادَ فَهُوَ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ ( فَلَوْ بَاعَهُ الْوَصِيُّ ) ثَانِيًا فِيمَا ذَكَرَ ( بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَذَاكَ ) ظَاهِرٌ ( وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ ) مِنْهُ ( فَالْغُرْمُ ) لِلنَّقْصِ ( عَلَيْهِ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِشِرَاءِ الْجَارِيَةِ بِثَمَنِ الْعَبْدِ لَا بِالزِّيَادَةِ عَلَيْهِ ( بَلْ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ بَعْدَ الرَّدِّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ ) أَيْ عَلَيْهِ إنْ غَرِمَ النَّقْصَ لَوْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ ( غَرِمَ جَمِيعَ الثَّمَنِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ الْجَارِيَةَ إلَّا بِالْمَبْلَغِ الْأَقَلِّ فَهُوَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ مُقَصِّرٌ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا غَرِمَهُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى التَّرِكَةِ ( وَإِنْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ ) فَإِنْ كَانَ ( لِزِيَادَةِ قِيمَتِهِ أَوْ لِرَغْبَةٍ ) فِيهِ ( سَلَّمَ الثَّمَنَ ) الْأَوَّلَ أَيْ قَدْرَهُ ( لِلْمُشْتَرِي وَالزِّيَادَةُ لِلْوَرَثَةِ وَإِلَّا بَانَ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بَاطِلٌ لِلْغَبْنِ وَيَبْطُلُ شِرَاءُ الْجَارِيَةِ وَعِتْقُهَا إنْ اشْتَرَاهَا بِعَيْنِ ثَمَنِ الْعَبْدِ وَإِنْ اشْتَرَاهَا فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ ) الْعَقْدُ ( لَهُ وَعَتَقَتْ عَنْهُ ثُمَّ ) فِي الْحَالَيْنِ ( إنْ كَانَ عَالِمًا ) بِالْغَبْنِ ( انْعَزَلَ ) عَنْ الْإِيصَاءِ

لِخِيَانَتِهِ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ فَلَا يُمْكِنُهُ شِرَاءُ جَارِيَةٍ أُخْرَى بِخِلَافِ الْوَكِيلِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِمَا لَا يَنْعَزِلُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا وَلِأَنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ لِلْأَحْيَاءِ وَالْأَحْيَاءُ يَحْتَاطُونَ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فِيهِمَا ( وَإِلَّا اشْتَرَى جَارِيَةً ) أُخْرَى ( بِثَمَنِ الْعَبْدِ وَأَعْتَقَهَا عَنْ الْمُوصِي ) لِيَخْرُجَ عَنْ الْعُهْدَةِ

( قَوْلُهُ فَهُوَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ مُقَصِّرٌ ) ثُمَّ هُوَ ضَامِنٌ بِسَبَبِ تَفْرِيطِهِ وَإِذَا صَارَ ضَامِنًا بِسَبَبِ التَّفْرِيطِ فَلَا يَخْرُجُ عَنْ عُهْدَةِ الضَّمَانِ حَتَّى يَبِيعَهُ وَيَشْتَرِيَ بِثَمَنِهِ جَارِيَةً وَيُعْتِقَهَا وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّوْجِيهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّضْمِينِ بَيْنَ أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيْعِهِ أَمْ لَا وَلَا يُنَافِيهِ تَقْيِيدُ الرَّافِعِيِّ التَّضْمِينَ بِقَوْلِهِ كَمَا رَدَّ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ مِنْهُ التَّضْمِينَ فِيمَا إذَا مَاتَ بَعْدَ تَأْخِيرِ بَيْعِهِ عَنْ الرَّدِّ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَعَلَى قِيَاسِ مَا قَالَهُ فَلَوْ بَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ فِي يَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً أَنْ يَضْمَنَ مِثْلَ الثَّمَنِ وَ ( قَوْلُهُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ إذَا غَرِمَهُ إلَخْ ) مَا اسْتَظْهَرَهُ مَمْنُوعٌ إذْ لَا رُجُوعَ ( قَوْلُهُ وَعَتَقَتْ عَنْهُ ) قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ الطَّرَفَ الثَّانِي فِي اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي الْمُوصَى لَهُ فِي بَابِ الْوَصِيَّةِ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ أَنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ عَنْ الْمَيِّتِ وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ ثُمَّ يُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعِتْقِهِ عَنْ الْمَيِّتِ وَمَا يَأْتِي عَلَى مَا إذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ ثَمَّ ( قَوْلُهُ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ ) لَوْ بَاعَ الْعَدْلُ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَسَلَّمَ الْمَبِيعَ صَارَ ضَامِنًا وَيَسْتَرِدُّهُ إنْ كَانَ بَاقِيًا وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ بِالْإِذْنِ السَّابِقِ وَالْوَكِيلُ لَوْ تَعَدَّى كَأَنْ رَكِبَ الدَّابَّةَ أَوْ لَبِسَ الثَّوْبَ ضَمِنَ قَطْعًا وَلَا يَنْعَزِلُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ إذَا تَعَدَّى بِالسَّفَرِ أَوْ نَحْوِهِ صَارَ ضَامِنًا وَلَا يَنْعَزِلُ بَلْ يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ

( فَرْعٌ ) ذَكَرَهُ فِي الْكِفَايَةِ لَوْ اشْتَرَى الْوَلِيُّ لِطِفْلَةٍ شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا فَإِنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِهِ فَبَاطِلٌ أَوْ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ لِلْوَلِيِّ وَلَوْ اشْتَرَاهُ فَتَعَيَّبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْإِبْقَاءِ أَبْقَى وَإِلَّا رَدَّ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّ بَطَلَ إنْ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ مَالِهِ وَإِلَّا انْقَلَبَ إلَى الْوَلِيِّ كَذَا فِي التَّتِمَّةِ وَأَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الرَّدُّ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْأَرْشِ لِأَنَّ الرَّدَّ مُمْكِنٌ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَفْصِلَا بَيْنَ الْعَيْبِ الْمُقَارَنِ وَالْحَادِثِ انْتَهَى وَعَلَى مَا فِي التَّتِمَّةِ اقْتَصَرَ السُّبْكِيُّ
( قَوْلُهُ وَلَمْ يَفْصِلَا بَيْنَ الْعَيْبِ الْمُقَارِنِ وَالْحَادِثِ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِي الْحَجْرِ

( وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِأَلْفٍ ) مَثَلًا فِي الذِّمَّةِ ( فَسَلَّمَهُ عَنْهُ أَجْنَبِيٌّ ) مُتَبَرِّعًا ( ثُمَّ رَدَّ السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ رَدَّ الْبَائِعُ الْأَلْفَ عَلَى الْمُشْتَرِي ) كَمَا صَحَّحَهُ الرُّويَانِيُّ وَجَزَمَ بِهِ الْجُرْجَانِيُّ لِأَنَّهُ يُقَدِّرُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا رَدَّ الْمَبِيعَ رَدَّ إلَيْهِ مَا قَابَلَهُ وَقِيلَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَا رَجَّحَهُ هُنَا خَالَفَهُ فِي بَابِ الصَّدَاقِ حَيْثُ اقْتَضَى كَلَامُهُ أَنْ يَفْصِلَ فِيهِ كَالصَّدَاقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَرِّعُ أَبًا وَالْمُتَبَرِّعُ عَنْهُ صَغِيرًا أَيْ أَوْ نَحْوَهُ فَيَرُدُّ الثَّمَنَ عَنْهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فَيُرَدُّ إلَى الْمُتَبَرِّعِ وَالْأَوْجَهُ مَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ وَقَدْ جُعِلَ كَأَصْلِهِ فِي الضَّمَانِ فِيمَا لَوْ ضَمِنَ شَخْصٌ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي وَأَدَّاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَرَدَّ الْمَبِيعَ أَوْ غَيْرَهُ أَنَّهُ كَالصَّدَاقِ فَفِيهِ التَّفْصِيلُ وَخَالَفَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُ لِمُوَلِّيهِ مِنْ نَفْسِهِ فَدَفْعُهُ عَنْهُ تَمْلِيكٌ لَهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَمَا دَفَعَهُ وَإِنْ قَدَّرَ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ مَنْ دَفَعَهُ عَنْهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِسْقَاطُ لَا التَّمْلِيكُ وَالْمِلْكُ إنَّمَا قُدِّرَ لِضَرُورَةِ الْإِيفَاءِ وَمَا أَطْلَقَهُ الْحَاوِي الصَّغِيرُ كَالشَّافِعِيِّ فِي الْإِمْلَاءِ وَأَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَنَّ الرَّدَّ فِي الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْصِيلِ غَيْرِهِمْ ( فَإِنْ بَانَتْ ) أَيْ السِّلْعَةُ ( مُسْتَحَقَّةً رَدَّ الْأَلْفَ لِلْأَجْنَبِيِّ ) لِأَنَّا تَبَيَّنَّا أَنْ لَا ثَمَنَ وَلَا بَيْعَ

( قَوْلُهُ وَمَا رَجَّحَهُ هُنَا إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ( قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَيْهِ ) لَا يَتَأَتَّى هَذَا الْحَمْلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَالَ شَيْخُنَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْتَنِيَ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَيُقَالُ الْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ أَيْ عَنْ الْعَقْدِ بِمَعْنَى أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ وَقَعَ لِغَيْرِهِ وَأَنَّ الثَّمَنَ لَازِمٌ لِذَلِكَ الْغَيْرِ فَيَشْمَلُ حِينَئِذٍ الْأَبَ وَنَحْوَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا فِي الصَّدَاقِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ جُعِلَ كَأَصْلِهِ فِي الضَّمَانِ إلَخْ ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالصَّدَاقِ وَاضِحٌ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَسْتَدْعِي تَرَادَّ الْعِوَضَيْنِ إلَى الْعَاقِدَيْنِ جَمِيعًا وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ فَإِنَّ الْفَسْخَ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا يَسْتَدْعِي تَرَادَّ عِوَضٍ وَالْبَيْعُ يَقْتَضِيهِ دَائِمًا وَشَاهِدُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَصْدَقَ عَنْ عَبْدِهِ ثُمَّ عَتَقَ الْعَبْدُ وَطَلَّقَ أَوْ فَسَخَ قَبْلَ الدُّخُولِ عَادَ الشَّطْرُ إلَيْهِ وَالْمَهْرُ دُونَ السَّيِّدِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الضَّمَانِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْبَيْعِ هُوَ أَنَّ الْوَاقِعَ فِيهِ تَبَرُّعٌ بِالضَّمَانِ وَلَمْ يَتَبَرَّعْ بِالدَّفْعِ لِأَنَّ الدَّفْعَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَقَامَ فِي وُجُوبِ الدَّفْعِ مَقَامَ الْمُشْتَرِي فَرَجَعَ الثَّمَنُ إلَيْهِ كَمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِنَفْسِ الدَّفْعِ وَالْمُتَبَرِّعُ لَا يُنَاسِبُ الرُّجُوعُ فِيمَا تَصَدَّقَ بِهِ وَتَبَرَّعَ بِدَفْعِهِ ت

( فَصْلٌ وَأَسْبَابُ الْفَسْخِ ) لِلْبَيْعِ ( سَبْعَةٌ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَالشَّرْطِ وَالْخَلْفِ ) لِلشَّرْطِ الْمَقْصُودِ ( وَالْعَيْبِ وَالْإِقَالَةِ ) كَمَا مَرَّ بَيَانُهَا ( وَالتَّحَالُفُ وَهَلَاكُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُمَا وَبَقِيَ مِنْ أَسْبَابِ الْفَسْخِ أَشْيَاءُ وَإِنْ عُلِمَتْ مِنْ أَبْوَابِهَا وَأَمْكَنَ رُجُوعُ بَعْضِهَا إلَى السَّبْعَةِ فَمِنْهَا إفْلَاسُ الْمُشْتَرِي وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَغَيْبَةُ مَالِ الْمُشْتَرِي إلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَبَيْعُ الْمَرِيضِ مُحَابَاةً لِوَارِثٍ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ بِزَائِدٍ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ وَقَدْ جَمَعَ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ أَكْثَرَ الْأَسْبَابِ وَبَيَّنْتُهَا فِي شَرْحِهِ مَعَ زِيَادَةٍ ( وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ ) الْمُعَيَّنَ ( بَعْدَ قَبْضِهِ لِلْمُشْتَرِي ثُمَّ وَجَدَ ) الْمُشْتَرِي ( بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَهَلْ لَهُ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا لَا لِخُلُوِّهِ عَنْ الْفَائِدَةِ وَالثَّانِي نَعَمْ وَفَائِدَتُهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ بِبَدَلِ الثَّمَنِ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ وَهِيَ مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَقَيَّدَ بِبَعْدِ الْقَبْضِ لِأَنَّ الْهِبَةَ قَبْلَهُ لَا تَصِحُّ كَمَا سَيَأْتِي وَذَكَرَ ثَمَّ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الثَّمَنِ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ مَعَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَرْجِعُ بِبَدَلِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْقَاضِي وَفَائِدَتُهُ التَّخَلُّصُ عَنْ عُهْدَةِ الْبَيْعِ ( وَيَجْرِيَانِ فِي ) وُجُوبِ ( الْأَرْشِ ) عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الْمَبِيعِ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ وُجُوبُهُ وَهَذَا أَيْضًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَفِي الرَّوْضَةِ هُنَا لَوْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَقَبَضَهُ وَسَلَّمَ ثَمَنَهُ ثُمَّ وَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا قَدِيمًا فَرَدَّهُ فَوَجَدَ الثَّمَنَ مَعِيبًا نَاقِصَ الصِّفَةِ بِأَمْرٍ حَدَثَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَخَذَهُ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ بِسَبَبِ النَّقْصِ

( قَوْلُهُ وَقَدْ جَمَعَ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ أَكْثَرَ الْأَسْبَابِ إلَخْ ) وَخِيَارُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ وَكَذَا فِي الِابْتِدَاءِ إنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ فِيمَا رَآهُ قَبْلَ الْعَقْدِ إذَا تَغَيَّرَ عَنْ صِفَتِهِ وَلِجَهْلِ الْغَصْبِ مَعَ قُدْرَةِ الِانْتِزَاعِ وَلِطَرَيَانِ الْعَجْزِ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ وَلِجَهْلِ كَوْنِ الْمَبِيعِ مُسْتَأْجَرًا أَوْ مَزْرُوعًا وَلِلِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَفَاءِ بِالشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْقَطْعُ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ صَلَاحِهَا مِنْ صَاحِبِ الْأَصْلِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلِتَعَذُّرِ قَبْضِ الْمَبِيعِ بِجَحْدٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ نَحْوِهِ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فِي ظُهُورِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَلِلْمُشْتَرِي فِي اخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ إنْ لَمْ يَهَبْ الْبَائِعُ لَهُ مَا تَجَدَّدَ وَبِتَعْيِيبِ الثَّمَرَةِ بِتَرْكِ الْبَائِعِ السَّقْيَ وَلَهُ الْخِيَارُ أَيْضًا فِي صُورَةِ الْأَحْجَارِ الْمَدْفُونَةِ فِي الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ إذَا كَانَ الْقَلْعُ وَالتَّرْكُ مُضِرَّيْنِ أَوْ كَانَ الْقَلْعُ مُضِرًّا وَلَمْ يَتْرُكْ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ وَالْخِيَارُ بِالتَّعْزِيرِ الْفِعْلِيِّ مِنْ التَّصْرِيَةِ وَنَحْوِهَا ( قَوْلُهُ وَالثَّانِي نَعَمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( بَابٌ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ ) وَصِفَةُ الْقَبْضِ ( الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ ) بِمَعْنَى انْفِسَاخِ الْبَيْعِ بِتَلَفِهِ وَثُبُوتِ الْخِيَارِ بِتَعَيُّبِهِ وَبِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ كَمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ حَيْثُ قَالَ ( فَإِنْ تَلِفَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ ( وَسَقَطَ الثَّمَنُ ) عَنْ الْمُشْتَرِي لِتَعَذُّرِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ كَالتَّفْرِيقِ قَبْلَهُ فِي الصَّرْفِ سَوَاءٌ أَعَرَضَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَقْبَلْهُ أَمْ لَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ إذَا كَانَ مُسْتَمِرًّا بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ وَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَقْبَلْهُ فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَيَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ قَالَ وَكَذَا يَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِهِ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مُكَاتِبِهِ أَوْ مُوَرِّثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسُهُ أَوْ مَاتَ الْمُوَرِّثُ قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَإِذَا أَبْرَأهُ الْمُشْتَرِي ) عَنْ ضَمَانِ الْمَبِيعِ لَوْ تَلِفَ ( لَمْ يَبْرَأْ ) لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ عَمَّا لَمْ يَجِبْ ( وَانْفِسَاخُهُ ) بِتَلَفِ الْمَبِيعِ يُقَدِّرُ بِهِ انْتِقَالَ الْمِلْكِ فِيهِ إلَى الْبَائِعِ ( قُبَيْلَ التَّلَفِ لَا مِنْ الْعَقْدِ ) كَالْفَسْخِ بِالْعَيْبِ ( فَتَجْهِيزُهُ عَلَى الْبَائِعِ ) لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ فِيهِ إلَيْهِ ( وَزَوَائِدُهُ ) الْمُنْفَصِلَةُ الْحَادِثَةُ عِنْدَهُ كَثَمَرَةٍ وَلَبَنٍ وَبَيْضٍ وَصُوفٍ وَكَسْبٍ ( وَرِكَازٍ يَجِدُهُ الْعَبْدُ ) أَوْ الْأَمَةُ وَمَوْهُوبٍ مُوصًى بِهِ لَهُمَا ( لِلْمُشْتَرِي ) لِأَنَّهَا حَدَثَتْ فِي مِلْكِهِ ( وَهِيَ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْبَائِعِ ) لِأَنَّ يَدَهُ لَمْ تَحْتَوِ عَلَيْهِ لِتَمَلُّكِهِ كَالْمُسْتَامِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَالْمُسْتَعِيرِ وَلَا لِلتَّعَدِّي فِيهِ كَالْغَاصِبِ وَسَبَبُ الضَّمَانِ عِنْدَهُمْ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ ضَمَانُ الْيَدِ فَلَا يَرِدُ ضَمَانُ الْعَقْدِ ( لَا خِيَارَ بِتَلَفِهَا ) عِنْدَ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا

لَيْسَتْ مَبِيعَةً
( بَابٌ حُكْمُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَعْدَهُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) أَيْ وَبَعْدَهُ وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْحُرِّيَّةَ قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَدَّقْنَا وَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ كَالتَّالِفِ فِيمَا نَظُنُّهُ ( قَوْلُهُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ ) .
قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْقَبْضَ لَا يَجِبُ فِي الْقِسْمَةِ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الضَّمَانِ وَالْقِسْمَةُ لَا ضَمَانَ فِيهَا فَلَا يَجِبُ فِيهَا التَّحْوِيلُ .
ا هـ .
لِأَنَّهَا لَا تُسَمَّى بَيْعًا قَالَ شَيْخُنَا فِي الْعُرْفِ وَلِهَذَا لَا يَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الْمَجْلِسِ ( قَوْلُهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ الْمُشْتَرِي إلَخْ ) وَإِنْ كَانَ مَعِيبًا وَجَبَ رَدُّهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا عَلَى الْبَائِعِ فَالْأَصَحُّ عَوْدُهُ وَالثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا أَيْ سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ الثَّمَنَ عَيْنًا كَانَ أَوْ دَيْنًا فَيَنْقَلِبُ الْمِلْكُ فِيهِ إلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَنْقَلِبُ مِلْكُ الْمَبِيعِ إلَى الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ وَانْفِسَاخُهُ قُبَيْلَ التَّلَفِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَجْهُهُ أَنَّ رُجُوعَ الْمَبِيعِ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ بِانْفِسَاخٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ أَمْرٌ قَهْرِيٌّ شَبِيهٌ بِالْإِرْثِ وَإِنْ كَانَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ فَلِهَذَا قَدَّرَ دُخُولَهُ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ فِي كُلِّ ذَلِكَ قُبَيْلَهُ وَفَائِدَتُهُ الْغُنْمُ وَالْغُرْمُ ( قَوْلُهُ وَمُرَادُهُمْ بِذَلِكَ ضَمَانُ الْيَدِ إلَخْ ) وَضَمَانُ الْأَصْلِ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يُوجَدْ الْعَقْدُ فِي الزَّوَائِدِ

( وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي ) لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَلَوْ جَاهِلًا ) بِهِ ( قَبْضٌ ) لَهُ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ مِلْكَهُ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إتْلَافُهُ لِصِيَالِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ أَوْ لِرِدَّتِهِ وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ كَمَا سَيَأْتِي قَبْلَ الدِّيَاتِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ غَيْرَ الْإِمَامِ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إلَيْهِ وَلَا يَشْكُلُ بِأَنَّ لِلسَّيِّدِ قَتْلَ رَقِيقِهِ الْمُرْتَدِّ كَالْإِمَامِ إذْ بِتَقْدِيرِ الِانْفِسَاخِ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ رَقِيقَ غَيْرِهِ وَلَا بِأَنْ قَتَلَ الْمُرْتَدَّ لَا ضَمَانَ فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ قَبْضًا مُقَرِّرًا لِلثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَ ضَمَّانِي الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ إذْ الْمُرْتَدُّ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ لَا يَضْمَنَانِ بِالْقِيمَةِ وَيَضْمَنَانِ بِالثَّمَنِ وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمَوْقُوفُ بِالْعَكْسِ وَيُقَاسُ بِالْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ تَارِكُ الصَّلَاةِ وَقَاطِعُ الطَّرِيقِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ بِأَنْ زَنَى كَافِرٌ حُرٌّ ثُمَّ الْتَحَقَ بِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ اُسْتُرِقَّ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي قِصَاصًا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ أَنَّهُ كَالْآفَةِ وَلِكَوْنِ الْحَقِّ لَهُ خَالَفَ الْمُرْتَدَّ وَفِي مَعْنَى إتْلَافِ الْمُشْتَرِي مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَوَطِئَهَا أَبَاهُ قَبْلَ قَبْضِهَا وَأَحْبَلَهَا لِأَنَّ الشَّرْعَ جَعَلَ وَطْءَ أَبِيهِ كَوَطْئِهِ حَيْثُ رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ ثُمَّ مَحَلُّ مَا ذَكَرَ فِي إتْلَافِهِ إذَا كَانَ أَهْلًا لِلْقَبْضِ فَلَوْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ وَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَعَلَى الْبَائِعِ رَدُّ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ وَقَدْ يَحْصُلُ التَّقَاصُّ إذَا أَتْلَفَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ وَأَمَّا إتْلَافُ الْوَكِيلِ فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ

( قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي إلَخْ ) حِسًّا أَوْ شَرْعًا ( قَوْلُهُ أَوْ لِرِدَّتِهِ ) وَالْمُشْتَرِي الْإِمَامُ أَوْ مَأْذُونُهُ ( قَوْلُهُ إذْ بِتَقْدِيرِ الِانْفِسَاخِ بِذَلِكَ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ قَتَلَ رَقِيقَ غَيْرِهِ ) وَبِهَذَا تَنْدَفِعُ دَعْوَى الزَّرْكَشِيّ أَنَّ الْبَغَوِيّ إنَّمَا بَنَى الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ السَّيِّدَ لَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَى عَبْدِهِ أَنَّ ( قَوْلَهُ وَيُقَاسُ بِالْمُرْتَدِّ كَمَا فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ ) وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ تَفَقُّهًا مَا لَوْ مَرَّ بَيْنَ يَدَيْ الْمُشْتَرِي فِي الصَّلَاةِ فَقَتَلَهُ لِلدَّفْعِ وَمَا لَوْ قَاتَلَ مَعَ الْبُغَاةِ أَوْ أَهْلِ الرِّدَّةِ فَقَتَلَهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَتَلَهُ الْمُشْتَرِي قِصَاصًا إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ الْقِصَاصُ لِغَيْرِهِ وَكَانَ الْمُشْتَرِي هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَأْذُونُهُ فَقَتَلَهُ لِحَقِّ الْمُقْتَصِّ ( قَوْلُهُ رَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمَهُ فَتَصِيرُ مُسْتَوْلَدَةً لِلْأَبِ ) صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ اقْتَضَضْتُكِ ( قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنَّ إتْلَافَهُ لَيْسَ بِقَبْضٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخَانِ فِي الْجِنَايَاتِ وَإِنْ صَرَّحَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ قَبْضٌ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا إتْلَافُ الْوَكِيلِ إلَخْ ) سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي الْقَبْضِ أَمْ لَمْ يَأْذَنْ

( وَلَا يَنْفَسِخُ ) الْبَيْعُ ( بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ) الْمَبِيعَ لِقِيَامِ بَدَلِهِ مَقَامَهُ ( بَلْ يَتَخَيَّرُ ) الْمُشْتَرِي ( بَيْنَ الْفَسْخِ وَالرُّجُوعِ عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ ) أَوْ الْمِثْلِ وَإِذَا اخْتَارَ الْفَسْخَ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ بِالْبَدَلِ وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ الْإِجَارَةِ حَيْثُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا الْخِيَارُ بِغَصْبِ الْعَيْنِ الْمُكْتَرَاةِ حَتَّى انْقَضَتْ الْمُدَّةُ بَلْ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ هُنَا الْمَالُ وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْجَانِي فَتَعَدَّى الْعَقْدُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى بَدَلِهَا بِخِلَافِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا فَلَمْ يَتَعَدَّ الْعَقْدُ مِنْهَا إلَى بَدَلِهَا ( وَ ) حَيْثُ أَجَازَ ( لَيْسَ لِلْبَائِعِ طَلَبُ الْقِيمَةِ لِلْحَبْسِ ) لَهَا ( فِي الثَّمَنِ ) كَالْمُشْتَرِي إذَا أَتْلَفَ الْمَبِيعَ لَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ لِيَحْبِسَهَا الْبَائِعُ وَلِأَنَّ الْحَبْسَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالْعَقْدِ حَتَّى يَنْتَقِلَ إلَى الْبَدَلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَفِيمَا إذَا كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَهْلًا لِلِالْتِزَامِ وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ أَمَّا فِي الرِّبَوِيِّ أَوْ فِي غَيْرِهِ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمُتْلِفُ حَرْبِيًّا أَوْ كَانَ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ كَقِصَاصٍ فَكَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ ( وَمَتَى أَتْلَفَهُ الْبَائِعُ أَوْ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ ) الَّذِي لَمْ يَبِعْهُ ( وَهُوَ مُوسِرٌ ) بِالثَّمَنِ ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ ( كَالْآفَةِ ) وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَغْرِيمُهُ بَدَلَ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ أَمَّا لَوْ أَتْلَفَهُ بِآفَةٍ بَعْدَ الْقَبْضِ وَلَوْ فِي الْخِيَارِ فَلَا انْفِسَاخَ إلَّا إذَا قُلْنَا الْمِلْكُ لَهُ فَالصَّحِيحُ انْفِسَاخُهُ بِذَلِكَ

( قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ بِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ) وَلَوْ غَيْرِ مُمَيِّزٍ ( قَوْلُهُ بَلْ يَتَخَيَّرُ فَوْرًا أَوْ مُتَرَاخِيًا وَجْهَانِ ) أَصَحُّهُمَا أَوَّلُهُمَا ( قَوْلُهُ وَهِيَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى مُتْلِفِهَا إلَخْ ) وَأَيْضًا الْمَنَافِعُ لَا وُجُودَ لَهَا بِنَفْسِهَا فَإِنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ الْغَاصِبُ فَقَدْ تَلِفَتْ بِنَفْسِهَا فَالْحُكْمُ كَالتَّلَفِ بِالْآفَةِ السَّمَاوِيَّةِ وَإِنْ اسْتَعْمَلَ فَإِنَّمَا أَوْجَدَ مَا يَخُصُّهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَفَرْق بَيْنَ مَوْجُودٍ أُتْلِفَ وَبَيْنَ مَعْدُومٍ لَمْ يُوجَدْ أَوْ وُجِدَ لَكِنْ عَيْنُ وُجُودِهِ عَيْنُ تَلَفِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ الْخِيَارِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيَنْتَظِرْ فِيمَا لَوْ أَكَلَهُ مُضْطَرًّا أَوْ مُؤَجَّرًا أَوْ مُكْرَهًا وَالظَّاهِرُ فِي غَيْرِ الْمُؤَجَّرِ كَرِهَانِهِ أَنَّهُ كَالْمُخْتَارِ ( قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ إتْلَافُهُ بِحَقٍّ ) بِأَنْ لَا يَضْمَنَهُ بِالْإِتْلَافِ ( قَوْلُهُ أَوْ أَعْتَقَ بَاقِيَهُ ) شَمِلَ مَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ بَاقِيهِ كَأَنْ أَعْتَقَ مِنْ نِصْفِهِ الْبَاقِي سُدُسًا فَإِنَّهُ يَسْرِي إلَى ثُلُثِهِ ثُمَّ إلَى نِصْفِهِ قَالَ النَّاشِرِيُّ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ الثَّمَنِ بِمَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا وَقَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَاقِيًا أَوْ كَانَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَبَرْ يَسَارُ الْبَائِعِ وَالرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ أَطْلَقُوا ذِكْرَ الْيَسَارِ فَتَبِعَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَالْمُتَّجَهُ مَا ذَكَرْته ( قَوْلُهُ وَهُوَ مُوسِرٌ بِالثَّمَنِ ) أَيْ الَّذِي قَبَضَهُ وَتَلِفَ فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ ( قَوْلُهُ انْفَسَخَ كَالْآفَةِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلْيُنْظَرْ فِيمَا لَوْ أُكْرِهَ الْبَائِعُ عَلَى إتْلَافِهِ هَلْ يَكُونُ كَالْمُخْتَارِ عَلَى الْمُرَجَّحِ أَوْ يَتَخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَمُطَالَبَةِ الْمُكْرَهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا

( فَرْعٌ ) لَوْ ( انْقَلَبَ الْعَصِيرُ ) الْمَبِيعُ ( خَمْرًا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ حُكْمُ الْبَيْعِ فَمَتَى عَادَ خَلًّا عَادَ حُكْمُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) لِأَنَّ الْخَلَّ دُونَ الْعَصِيرِ وَهَذَا الْفَرْعُ مَوْجُودٌ هُنَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَعًا لِلْأَصْلِ فِي بَابِ الرَّهْنِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هُنَا مَعَ نَقْلِهِ هَذَا عَنْ مُقْتَضَى كَلَامِ الْأَصْلِ وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ تَخَمُّرَ الْعَصِيرِ كَالتَّالِفِ وَإِنْ عَادَ خَلًّا
( قَوْلُهُ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ تَبَعًا لِأَصْلِهِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ

( فَرْعٌ لَا أُجْرَةَ عَلَى الْبَائِعِ فِي اسْتِعْمَالِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ وَلِهَذَا لَوْ أَزَالَ بَكَارَةَ الْأَمَةِ لَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ وَوَافَقَ عَلَى ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ وَلَا يُنَافِيهِ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى بِحَبْسِهِ مُدَّةً لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ لِأَنَّ ذَاكَ مَعَ الِامْتِنَاعِ مِنْ الْإِقْبَاضِ بِخِلَافِ مُجَرَّدِ الِانْتِفَاعِ فَمُطْلَقُ التَّعَدِّي لَا يُوجِبُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَمَا قِيلَ إنَّ وُجُوبَهَا بِالِانْتِفَاعِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْحَبْسِ فِيهِ نَظَرٌ
( قَوْلُهُ مَا أَفْتَى بِهِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى إلَخْ ) قَالَ لِأَنَّهُ حَدَثَ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَضَاعَ بِعُدْوَانِ الْبَيْعِ .
ا هـ .
وَظَاهِرٌ أَنَّ الِانْتِفَاعَ عُدْوَانٌ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ امْتِنَاعٌ ( قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ إنَّ وُجُوبَهَا بِالِانْتِفَاعِ إلَخْ ) فَالْأَصَحُّ عَدَمُ لُزُومِهَا وَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ بَنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَهُ أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ لِكَوْنِهِ غَيْرِ مَالِكٍ

( فَرْعٌ إتْلَافُ الْأَعْجَمِيِّ وَغَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ أَحَدِهِمَا ) أَيْ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ ( كَإِتْلَافِهِ ) فَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ الْبَائِعِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ أَوْ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَانَ قَبْضًا أَوْ بِأَمْرِ الْأَجْنَبِيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فَلَوْ أَمَرَهُ الثَّلَاثَةُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِي الثُّلُثِ وَالتَّخْيِيرُ فِي الثُّلُثِ وَالِانْفِسَاخُ فِي الثُّلُثِ أَمَّا إتْلَافُ الْمُمَيِّزِ بِأَمْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَكَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ بِلَا أَمْرٍ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ الْمُمَيِّزِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي لَا يُمَيِّزُ ( وَإِذْنُ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ أَوْ لِلْبَائِعِ فِي إتْلَافِهِ لَغْوٌ لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ ) أَيْ بِإِذْنِ الْمَالِكِ فِي إتْلَافِهِ لِاسْتِقْرَارِ الْمِلْكِ ثُمَّ وَمَسْأَلَةُ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِلْأَجْنَبِيِّ نَقَلَهَا الْأَصْلُ عَنْ الْقَاضِي وَأَقَرَّهُ لَكِنَّ الْقَاضِيَ أَجَابَ مَرَّةً أُخْرَى بِخِلَافِهِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي فَقَالَ وَجِنَايَةُ الْأَجْنَبِيِّ بِأَمْرِ الْمُشْتَرِي كَجِنَايَتِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي الْقَبْضِ بِخِلَافِ جِنَايَةِ الْبَائِعِ بِأَمْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا لَهُ فِي الْقَبْضِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ثُمَّ قَالُوا وَهَذَا أَحْسَنُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْإِتْلَافُ مُحَرَّمًا فَفِيهِ احْتِمَالٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّوْكِيلِ ( وَإِتْلَافُ عَبْدِ الْبَائِعِ ) وَلَوْ بِإِذْنِهِ ( كَالْأَجْنَبِيِّ ) أَيْ كَإِتْلَافِهِ .
( وَكَذَا عَبْدُ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ إذْنِهِ فَإِنْ أَجَازَ ) الْبَيْعَ ( جُعِلَ قَابِضًا ) كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِنَفْسِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَإِنْ فَسَخَ اتَّبَعَ الْبَائِعُ الْجَانِيَ وَإِنَّمَا لَمْ يَلْحَقْ عَبْدُ الْبَائِعِ بِعَبْدِ الْمُشْتَرِي فِي التَّقْيِيدِ بِغَيْرِ الْإِذْنِ لِشِدَّةِ تَشَوُّقِ الشَّارِعِ إلَى بَقَاءِ الْعُقُودِ ( وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ دَابَّتُهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي كَأَنْ كَانَ عَلَفًا فَأَكَلَتْهُ ( نَهَارًا

انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ ( أَوْ لَيْلًا فَلَهُ الْخِيَارُ فَإِنْ فَسَخَ طُولِبَ بِمَا أَتْلَفَتْ ) أَيْ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِبَدَلِ مَا أَتْلَفَهُ وَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ ( وَ ) إنْ أَتْلَفَتْهُ ( بَهِيمَةُ الْبَائِعِ ) فَهُوَ ( كَالْآفَةِ ) وَفِي نُسْخَةٍ كَإِتْلَافِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُفَرِّقْ فِيهَا بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ كَبَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي لِأَنَّ إتْلَافَهَا إنْ لَمْ يَكُنْ بِتَفْرِيطٍ مِنْ الْبَائِعِ فَآفَةٌ وَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ بِخِلَافِ إتْلَافِ بَهِيمَةِ الْمُشْتَرِي فَنَزَلَ بِالنَّهَارِ مَنْزِلَةَ إتْلَافِ الْبَائِعِ لِتَفْرِيطِهِ بِخِلَافِهِ لَيْلًا فَإِنْ قُلْت إتْلَافُهَا لَيْلًا إمَّا بِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي فَيَكُونُ قَبْضًا أَوْ لَا فَيَكُونُ كَالْآفَةِ فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ فَلَا وَجْهَ لِتَخْيِيرِهِ قُلْت هُوَ بِتَقْصِيرِهِ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ إتْلَافُهَا صَالِحًا لِلْقَبْضِ خُيِّرَ فَإِنْ أَجَازَ فَقَابِضٌ أَوْ فَسَخَ طَالَبَهُ الْبَائِعُ بِالْبَدَلِ كَمَا تَقَرَّرَ فَمَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَالِكُهَا وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا مَرْدُودٌ فَإِنَّهُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ مَعَ تَقْصِيرِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا وَلَوْ كَانَ مَعَهَا غَيْرُهُ فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَعَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ الْقَفَّالِ الْمَذْكُورِ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَلَفًا فَاعْتَلَفَهُ حِمَارُ الْمُشْتَرِي إلَى مَا قَالَهُ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِثَالٌ لَا تَقْيِيدٌ

( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فَالْقِيَاسُ أَنَّهُ يَحْصُلُ الْقَبْضُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا لَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى ذَلِكَ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ لِأَنَّا نَقُولُ فِعْلُهُ اقْتَضَى ذَلِكَ وَهُوَ أَمْرُ مَنْ ذَكَرَ بِالْإِتْلَافِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ رِضَاهُ بِتَفْرِيقِهَا ( قَوْلُهُ أَوْ لَيْلًا ) أَوْ وَهُوَ مَعَهَا ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَتْلَفَتْهُ بَهِيمَةُ الْبَائِعِ إلَخْ ) لَوْ أَكَلَتْ الدَّابَّةُ الْمَبِيعَةُ ثَمَنَهَا قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا انْفَسَخَ الْبَيْعُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعَ الْبَائِعِ ضَمِنَهُ لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ أَكَلَتْهُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ ثُمَّ إنْ كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا بَلْ أَفْرَزَهُ الْمُشْتَرِي لِيُسَلِّمَهُ لَمْ يَنْفَسِخْ فَإِنْ أَكَلَتْهُ لَا فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى أَحَدٍ أَوْ فِي يَدِهِ ضَمِنَهُ وَلَوْ ابْتَلَعَ الثَّمَنَ حَيَوَانٌ وَهُوَ لَا يَتْلَفُ بِالِابْتِلَاعِ فَإِنْ رُجِيَ خُرُوجُهُ مِنْهُ فَكَالْإِبَاقِ وَإِلَّا انْفَسَخَ ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا لَمْ يُشَقَّ جَوْفُهُ وَيَضْمَنُهُ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ وَإِلَّا فَكَمَا فِي الْغَصْبِ كَذَا حَكَاهُ الْغَزَالِيُّ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ لَيْلٍ وَنَهَارٍ ( قَوْلُهُ فَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَمْ يَعْرُجْ فِيهِ عَلَى الرَّدِّ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَإِتْلَافُهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إلَخْ ) أَيْ فَيَتَخَيَّرُ كَمَا مَرَّ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَلَوْ كَانَتْ مَعَ غَيْرِهِ فَالْإِتْلَافُ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ

( فَرْعٌ لَوْ صَالَ الْمَبِيعُ فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي ) أَوْ غَيْرِهِ ( فَقَتَلَهُ ) الْمُشْتَرِي ( دَفْعًا ) لِصِيَالِهِ ( لَمْ يَضْمَنْ ) ثَمَنَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ الْمَبِيعُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ عَبْدَهُ الْمَغْصُوبَ دَفْعًا لِصِيَالِهِ لَا يَكُونُ قَبْضًا وَإِنْ عَلِمَ عَبْدَهُ وَتَعْبِيرُهُ بِالْمَبِيعِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِالْعَبْدِ الْمَبِيعِ
( قَوْلُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَيْرِهِ ) كَرَقِيقِهِ أَوْ أَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ قَوْلُهُ فَقَتَلَهُ دَفْعًا لَمْ يَضْمَنْ ) لَوْ قَتَلَ عَبْدًا لِلْمُشْتَرِي أَوْ ابْنِ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُشْتَرِي نَفْسَهُ فَاقْتَصَّ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ أَوْ وَارِثُهُ فِي الثَّانِيَةِ لَمْ يَسْتَقِرَّ الثَّمَنُ

( فَرْعٌ وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ ) إتْلَافًا مُضَمِّنًا ( فِي يَدِ مُشْتَرٍ قَبَضَهُ ) مِنْهُ ( عُدْوَانًا بِأَنْ اسْتَحَقَّ ) الْبَائِعُ ( حَبْسَهُ كَاسْتِرْدَادِهِ ) أَيْ يُجْعَلُ مُسْتَرِدًّا لَهُ بِالْإِتْلَافِ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِي قَابِضٌ بِالْإِتْلَافِ وَقِيلَ لَا بَلْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي لِاسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ بِالْقَبْضِ وَإِنْ كَانَ ظَالِمًا فِيهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِي الْأَصْلِ فَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( لَكِنْ ) إذَا جُعِلَ مُسْتَرِدًّا لَهُ ( هَلْ يَنْفَسِخُ ) الْبَيْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ الْمُعْتَبَرِ كَالْآفَةِ ( أَوْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي ) بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إتْلَافَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ ( وَجْهَانِ وَالظَّاهِرُ ) مِنْهُمَا ( عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي ) وَاَلَّذِي يَجِيءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ إتْلَافَهُ كَالْآفَةِ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ
( قَوْلُهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ ) فَهُوَ الْمَذْهَبُ

( فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ ) وَنَحْوَهَا ( فِي الْبَحْرِ ) إذَا لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُهَا مِنْهُ ( وَانْفِلَاتُ الصَّيْدِ الْمُتَوَحِّشِ ) وَالطَّيْرِ إذَا لَمْ يُرْجَ عَوْدُهُ قَبْلَ قَبْضِهَا ( تَلَفٌ ) فَيَنْفَسِخُ بِهِ الْبَيْعُ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهَا ( وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ ) بِالْمَاءِ ( أَوْ سَقَطَتْ عَلَيْهَا صُخُورٌ ) أَوْ رَكِبَهَا رَمْلٌ قَبْلَ قَبْضِهَا ( فَهُوَ عَيْبٌ لَا تَلَفٌ ) فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَلَا يُنَاقِضُهُ مَا فِي الشُّفْعَةِ مِنْ أَنَّ تَغْرِيقَ الْأَرْضِ تَلَفٌ لَا عَيْبٌ حَتَّى لَوْ حَصَلَ فِي بَعْضِهَا لَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ إلَّا بِالْحِصَّةِ وَلَا مَا فِي الْإِجَازَةِ مِنْ أَنَّهُ كَانْهِدَامِ الدَّارِ فَيَكُونُ تَلَفًا لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الِانْفِسَاخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَإِنَّمَا جُعِلَتْ تَالِفَةً فِيمَا ذُكِرَ أَمَّا فِي الشُّفْعَةِ فَلِأَنَّ الشَّفِيعَ مُتَمَلِّكٌ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ وَلِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الدَّوَامِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الِابْتِدَاءِ كَمَا فِي بَيْعِ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ وَأَمَّا فِي الْإِجَارَةِ فَلِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ الِانْتِفَاعِ لِحَيْلُولَةِ الْمَاءِ وَلَا يُمْكِنُ تَرَقُّبُ زَوَالِهِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ وُقُوعُ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ إلَخْ ) وَاخْتِلَاطُ غَيْرِ الْمُتَمَاثِلِ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ بِغَيْرِهِ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ وَسَرِقَتُهُ إذَا لَمْ يُعْرَفْ سَارِقُهُ ( قَوْلُهُ وَلَوْ غَرِقَتْ الْأَرْضُ إلَخْ ) فَإِنْ رُجِيَ انْحِسَارُ الْمَاءِ لَكِنَّهُ مَحَا حُدُودَهَا وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عَنْ غَيْرِهَا فَكَاخْتِلَاطِ الصُّبْرَةِ بِغَيْرِهَا قَالَ شَيْخُنَا حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ وُقُوعِ الدُّرَّةِ فِي الْبَحْرِ وَانْفِلَاتِ الصَّيْدِ إتْلَافٌ إنْ لَمْ يُمْكِنْ حُصُولُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ وَلَوْ بِعُسْرٍ فَلَا وَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ وَمِثْلُهُ وُقُوعُ صَخْرَةٍ عَظِيمَةٍ عَلَى الْمَبِيعِ فَإِنْ أَمْكَنَ رَفْعُهَا كَانَ تَعْيِيبًا وَإِلَّا انْفَسَخَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ هَذَا عَلَى أَنَّ مُرَادَهُمَا بِلَا يُمْكِنُ رَفْعُهَا أَيْ بِلَا كَبِيرِ مَشَقَّةٍ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ ( قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ ) لِأَنَّ الْأَرْضَ لَمْ تَذْهَبْ وَلَمْ تَتْلَفْ وَالْحَيْلُولَةُ لَا تَقْتَضِي الْفَسْخَ كَإِبَاقِ الْعَبْدِ وَالْغَصْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ ( قَوْلُهُ وَالتَّالِفُ مِنْهَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ ) إمَّا لِعَدَمِ الرُّؤْيَةِ أَوْ لِعَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِهِ فِي الْحَالِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ تَتْلَفُ وَلَا تُضْمَنُ ) وَإِنَّمَا قِيلَ وَلَا تُضْمَنُ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا غُصِبَتْ الدَّابَّةُ فَإِنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ وَالرُّجُوعِ عَلَى الْغَاصِبِ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ

( فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ ) أَوْ ضَلَّ ( أَوْ غُصِبَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) وَإِنَّمَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ لِرَجَاءِ الْعَوْدِ ( فَإِنْ أَجَازَ ) الْبَيْعَ ( لَمْ يَبْطُلْ خِيَارُهُ ) فَلَهُ الْفَسْخُ ( مَا لَمْ يَرْجِعْ ) أَيْ الْعَبْدُ كَمَا لَوْ انْقَطَعَ الْمُسْلَمُ فِيهِ فَأَجَازَ ثُمَّ أَرَادَ الْفَسْخَ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ كُلَّ سَاعَةٍ فَالْخِيَارُ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّرَاخِي ( وَلَمْ يَلْزَمْهُ تَسْلِيمُ الثَّمَنِ ) قَبْلَ عَوْدِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَجَازَ ( فَإِنْ سَلَّمَهُ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ مَا لَمْ يَفْسَخْ ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَسْخِ ( وَلَوْ أَتْلَفَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ قَبْلَ قَبْضِهِ ( الْأَجْنَبِيُّ فَأَجَازَ ) الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ ( بَطَلَ خِيَارُهُ ) لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ فَأَشْبَهَ الْحَوَالَةَ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي ذَكَرَهُ الْأَصْلُ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الْقَفَّالِ أَنَّ لَهُ الْفَسْخَ مِثْلَ مَا مَرَّ آنِفًا وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ بِأَنَّ الرِّضَا فِيهَا وَقَعَ فِي ضِمْنِ عَقْدٍ بِخِلَافِهِ هُنَا ( وَإِنْ جَحَدَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَلَا بَيِّنَةَ لِلْمُشْتَرِي ( فَلَهُ الْخِيَارُ لِلتَّعَذُّرِ ) أَيْ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ حَالًّا كَمَا فِي الْآبِقِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي فَسْخِهِ بِمُجَرَّدِ الْجَحْدِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ وَقْفَةٌ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ وَإِنْ أَبَقَ الْعَبْدُ إلَخْ ) فِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَوْ بُعِثَ الْبَائِعُ فِي شُغْلٍ إلَى قَرْيَةٍ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فَسْخُ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْغَيْبَةُ مِمَّا لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا غَائِبًا كَانَ قَدْ رَآهُ وَوَفَّى الثَّمَنَ فَلَا فَسْخَ لَهُ فِي الْحَالِ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ لَمَّا عَلِمَ كَوْنَهُ غَائِبًا وَلَهُ الْفَسْخُ إذَا مَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ إحْضَارُهُ وَلَمْ يُحْضِرْهُ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِمَا فِي ذِمَّةِ الْأَجْنَبِيِّ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ تِلْكَ الْقِيمَةِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَالْمَقْبُوضَةِ مِنْ جِهَةِ الْحُكْمِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا بَحْثٌ لِلْقَاضِي إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّضَا فِي الْحَوَالَةِ إلَخْ ) الْفَرْقُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ إذْ الْجَامِعُ الرِّضَا بِمَا فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَجَدُّدِ ضَرَرٍ

( فَرْعٌ لَوْ بَاعَ الْبَائِعُ قَبْلَ الْقَبْضِ مِنْ آخَرَ ) وَسَلَّمَهُ ( وَغَلَبَ عَلَيْهِ ) بِأَنْ عَجَزَ الْبَائِعُ عَنْ انْتِزَاعِهِ مِنْهُ وَتَسْلِيمِهِ لِلْأَوَّلِ ( انْفَسَخَ ) الْبَيْعُ كَإِتْلَافِهِ لَهُ ( فَإِنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَوَّلًا عِلْمَ الثَّانِي بِشِرَائِهِ ) لَهُ قَبْلَهُ ( أَوْ قُدْرَةَ الْبَائِعِ عَلَى انْتِزَاعِهِ ) لَهُ مِنْ الثَّانِي ( سُمِعَتْ ) دَعْوَاهُ عَلَيْهِمَا فَيَحْلِفَانِ فَإِنْ نَكَلَا حَلَفَ هُوَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ مِنْ الثَّانِي فِي الْأُولَى وَحَبَسَ الْبَائِعَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ
( قَوْلُهُ أَوْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ لِعَجْزِهِ فِي الثَّانِيَةِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ عَجْزُهُ عَنْ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْحَالِفِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي فَإِذَا كَانَتْ بَيِّنَةً بِعَجْزِهِ غَرِمَ لَهُ قِيمَتَهُ

( فَصْلٌ وَإِنْ تَعَيَّبَ ) الْمَبِيعُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ بِآفَةٍ ) كَحُمَّى وَشَلَلٍ ( ثَبَتَ ) لِلْمُشْتَرِي ( الْخِيَارُ ) كَمَا مَرَّ ( بِلَا أَرْشٍ ) لَهُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْفَسْخِ ( وَكَذَا ) لَهُ الْخِيَارُ ( بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ ) لِأَنَّهَا كَالْآفَةِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ ( فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ ) مَثَلًا ( فَيُجْعَلُ قَابِضًا لِبَعْضِ الْمَبِيعِ ) أَيْ لِمَا قَطَعَهُ ( حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَبِهَذَا فَارَقَ ثُبُوتَ الْخِيَارِ فِيمَا لَوْ عَيَّبَ الْمُسْتَأْجِرُ الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ وَمَا لَوْ جَبَّتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا إذْ لَا يُتَخَيَّلُ إنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ ( فَإِنْ تَلِفَ ) الْعَبْدُ ( بَعْدَ الِانْدِمَالِ ) أَوْ قَبْلَهُ بِغَيْرِ الْقَطْعِ ( وَقَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُشْتَرِي الْيَدَ بِأَرْشِهَا الْمُقَدَّرِ وَلَا بِمَا يَنْقُصُ مِنْ الْقِيمَةِ بَلْ ) يَضْمَنُهَا ( بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ ) كَمَا يَضْمَنُ الْجَمِيعَ بِكُلِّ الثَّمَنِ ( فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ صَحِيحًا ثُمَّ مَقْطُوعًا ) وَيَعْرِفُ التَّفَاوُتَ ( فَيَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ ) فَلَوْ قُوِّمَ صَحِيحًا بِثَلَاثِينَ وَمَقْطُوعًا بَخَمْسَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ نِصْفُ الثَّمَنِ وَلَوْ قُوِّمَ مَقْطُوعًا بِعِشْرِينَ لَزِمَهُ ثُلُثُ الثَّمَنِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ ثُمَّ بِالْوَاوِ كَمَا فِي الْأَصْلِ كَانَ أَوْلَى ( وَإِنْ قَطَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ وَيَغْرَمُ ) الْأَجْنَبِيُّ ( لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ ) الْعَقْدَ ( وَقَبَضَ ) الْمَبِيعَ ( أَوْ لِلْبَائِعِ إنْ فَسَخَ ) الْمُشْتَرِي ( الْعَقْدَ نِصْفَ قِيمَةِ الْعَبْدِ ) فِيهِمَا عَلَى الْقِيَاسِ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ نَعَمْ إنْ غَصَبَهُ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ قَطَعَ يَدَهُ لَزِمَهُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ النِّصْفِ وَالنَّقْصِ فَلَوْ نَقَصَ بِقَطْعِهَا ثُلُثَا الْقِيمَةِ لَزِمَهُ ثُلُثَاهَا كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَقَبَضَ مَا لَوْ أَجَازَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْمَبِيعَ فَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِجَوَازِ مَوْتِ الْعَبْدِ فِي

يَدِ الْبَائِعِ وَانْفِسَاخِ الْبَيْعِ نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّاهُ وَتَوَقَّفَ فِيهِ الزَّرْكَشِيُّ لِتَحَقُّقِ ثُبُوتِ الْحَقِّ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُتْرَكُ لِأَمْرٍ مُتَوَهَّمٍ قَالَ ثُمَّ مُقْتَضَاهُ إنَّهُ لَا مُطَالَبَةَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْآنَ وَقَالَ الْقَاضِي وَالْإِمَامُ لِلْمُشْتَرِي مُطَالَبَةُ الْأَجْنَبِيِّ وَيُلْزِمُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَمْلِكْ أَحَدُهُمَا الْمُطَالَبَةَ بِهِ انْتَهَى ( وَإِنْ تَلِفَ سَقْفُ الدَّارِ وَنَحْوَهُ ) كَبَعْضِ أَبْنِيَتِهَا ( فَكَتَلَفِ أَحَدِ عَبْدَيْ الصَّفْقَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ) أَنَّهُ يَنْفَسِخُ الْبَيْعُ فِيهِ وَيَصِحُّ فِي الْبَاقِي فَكَذَا هُنَا ( لَا كَالتَّعَيُّبِ ) بِسُقُوطِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا لِأَنَّ السَّقْفَ وَنَحْوَهُ يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا فَكَانَتْ كَالتَّعَيُّبِ بِفَوَاتِ وَصْفٍ فَلَا يُقَابِلُ سُقُوطَهَا بِعِوَضٍ

( قَوْلُهُ ثَبَتَ الْخِيَارُ بِلَا أَرْشٍ ) قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِثَمَنِهِ لَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِهِ عِنْدَهُ كَالْبَائِعِ لَمَّا ضَمِنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ دُونَ قِيمَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصِهِ فِي يَدِهِ وَكَمَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا وَلَمْ يَقْبِضْ ثَمَنَهُ حَتَّى حُجِرَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْفَلَسِ فَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَذَاكَ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ نَقْصِهِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَضْمَنُهُ بِثَمَنِهِ وَأَمَّا مَنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِقِيمَتِهِ فَيَضْمَنُ أَرْشَ مَا حَدَثَ مِنْ النُّقْصَانِ فِي يَدِهِ كَالْغَاصِبِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَهُ إلَخْ ) أَيْ عَيَّبَهُ تَعَيُّبًا يَضْمَنُ لَا لِدَفْعٍ وَغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ إذْ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّ ذَلِكَ قَبْضٌ ) أَوْضَحَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ وَالْمَرْأَةَ لَمْ يَتَصَرَّفَا فِي مِلْكِهِمَا بَلْ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّهُمَا فَلَا يَكُونَانِ بِذَلِكَ مُسْتَوْفِيَيْنِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ وَإِنْ قَطَعَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ) لَوْ كَانَ الْقَاطِعُ ابْنَ الْمُشْتَرِي فَمَاتَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ وَانْتَقَلَ الْإِرْثُ لِلْقَاطِعِ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ لِحَقِّ الْإِرْثِ فِيهِ احْتِمَالَانِ لِلرُّويَانِيِّ فَإِنْ أَجَازَ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْءٌ وَإِنْ فَسَخَ فَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) أَيْ عَلَى الْفَوْرِ

( فَصْلٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَا الِاشْتِرَاكُ فِيهِ وَ ) لَا ( التَّوْلِيَةُ ) مَنْقُولًا كَانَ أَوْ عَقَارًا وَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ وَقَبَضَ الثَّمَنَ لِخَبَرِ { مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ } قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلُهُ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ { وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ } رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ إسْنَادُهُ حَسَنٌ مُتَّصِلٌ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِدَلِيلِ انْفِسَاخِ الْعَقْدِ بِالتَّلَفِ قَبْلَهُ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِلَا يَصِحُّ نَصَّ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ بِلَا يَجُوزُ ( وَكَذَا ) لَا تَصِحُّ ( الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ ) وَالصَّدَقَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ( وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ وَالْإِقْرَاضُ ) لِلْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَلَا جَعْلُهُ عِوَضًا ) فِي نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ سَلَمٍ أَوْ غَيْرِهَا لِضَعْفِ الْمِلْكِ كَمَا مَرَّ ( وَلَوْ ) كَانَ الْبَيْعُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ ( مِنْ الْبَائِعِ ) فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ وَلِضَعْفِ الْمِلْكِ لَكِنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الرَّهْنِ مِنْهُ إذَا رَهَنَ ذَلِكَ بِالثَّمَنِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ ( إلَّا أَنْ اشْتَرَاهُ بِمِثْلِ مَا بَاعَهُ إذْ هُوَ إقَالَةٌ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَيَصِحُّ ) نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّاهُ .
وَالْمُتَوَلِّي وَإِنْ لَمْ يَجْزِمْ بِهِ لَكِنَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَنَقَلَ عَنْ آخَرِينَ أَنَّهُ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَأَخَذَ الشَّيْخَانِ بِالْأُولَى وَقَدْ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي وَبَنَاهُمَا عَلَى أَنَّ الْعِبْرَةَ فِي الْعُقُودِ بِاللَّفْظِ أَوْ بِالْمَعْنَى وَالْأَصْحَابُ تَارَةً يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَهُوَ الْأَكْثَرُ كَمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا بِلَا ثَمَنٍ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا هِبَةً عَلَى الصَّحِيحِ وَكَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْت

مِنْك ثَوْبًا صِفَتُهُ كَذَا بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا لَا سَلَمًا عَلَى الصَّحِيحِ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ وَهَبْتُك هَذَا الثَّوْبَ بِكَذَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا عَلَى الصَّحِيحِ فَلَمْ يُطْلِقُوا الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ بَلْ يَخْتَلِفُ الْجَوَابُ بِقُوَّةِ الْمُدْرِكِ كَالْإِبْرَاءِ فِي أَنَّهُ إسْقَاطٌ أَوْ تَمْلِيكٌ وَفِي أَنَّ النَّذْرَ يَسْلُكُ بِهِ مَسْلَكَ الْوَاجِبِ أَوْ الْجَائِزِ وَفِي أَنَّ الطَّلَاقَ الرَّجْعِيَّ يُزِيلُ الْمِلْكَ أَوْ لَا هَذَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْأَنْوَارِ كَلَامُ الْمُتَوَلِّي الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ قَالَ وَقَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ فِي تَعْلِيقِهِ الْأَصَحُّ أَنَّهُ بَيْعٌ فَلَا يَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ثُمَّ كَلَامُهُمْ هُنَا يَقْتَضِي أَنَّ الْإِقَالَةَ تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَالْمَعْرُوفِ بِعَيْنِهِ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ أَوْ كَانَ قَدْ تَلِفَ ( وَيَنْفُذُ ) مِنْ الْمُشْتَرِي ( قَبْلَ الْقَبْضِ الْعِتْقُ وَالِاسْتِيلَادُ وَالتَّزْوِيجُ وَالْوَقْفُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ قَبُولًا ) وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ وَلِهَذَا يَصِحُّ إعْتَاقُ الْآبِقِ وَيُفَارِقُ إعْتَاقَ الْمَرْهُونِ مِنْ الرَّاهِنِ الْمُعْسِرِ بِأَنَّ الرَّاهِنَ حَجَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَالِاسْتِيلَادُ وَالْوَقْفُ الْمَذْكُورُ فِي مَعْنَى الْعِتْقِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ الْمُحْتَاجِ إلَى الْقَبُولِ بِأَنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ كَالْبَيْعِ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ هُنَا لَكِنَّ الَّذِي اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ فِي السَّرِقَةِ وَنَقَلَهُ فِي شَرْحِ الْوَسِيطِ عَنْ النَّصِّ .
وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ فَيَنْفُذُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَمَّا التَّزْوِيجُ فَلِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْقُدْرَةَ عَلَى التَّسْلِيمِ لِصِحَّةِ تَزْوِيجِ الْآبِقَةِ وَيَصِحُّ أَيْضًا بَيْعُ الْعَبْدِ مِنْ نَفْسِهِ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ أَنَّهُ عَقْدُ عَتَاقَةٍ وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ وَتَدْبِيرُهُ وَإِبَاحَتُهُ لِلْفُقَرَاءِ فِيمَا

سَيَأْتِي ( وَيَصِيرُ ) الْمُشْتَرِي بِالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَالْوَقْفِ ( قَابِضًا ) لِلْمَبِيعِ وَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ ( لَا ) بِالتَّزْوِيجِ وَلَا ( بِوَطْءِ الزَّوْجِ ) قَالَ الْبَغَوِيّ وَيَحْصُلُ الْقَبْضُ أَيْضًا بِاسْتِيلَادِ أَبِيهِ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ لَمْ يَرْفَعْ الْبَائِعُ يَدَهُ بَعْدَ الْوَقْفِ ) وَالِاسْتِيلَادِ ( ضَمِنَهُ ) بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ ( وَيَصِيرُ ) الْمُشْتَرِي ( قَابِضًا ) أَيْضًا ( لِصُبْرَةٍ اشْتَرَاهَا جُزَافًا وَأَبَاحَهَا لِلْمَسَاكِينِ إنْ قَبَضُوهَا ) وَخَرَجَ بِ جُزَافًا مَا لَوْ اشْتَرَاهَا مُقَدَّرَةً بِكَيْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ قَبْضُهَا إلَّا كَذَلِكَ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ قَبَضُوهَا أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضُوهَا فَلَا يَكُونُ قَابِضًا وَفَارَقَ صِحَّةَ الْإِبَاحَةِ عَدَمُ صِحَّةِ التَّصَدُّقِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ تَمْلِيكًا بِخِلَافِ التَّصَدُّقِ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَلَا بَعْدَهُ مَا بَقِيَ خِيَارُ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْكِتَابَةُ وَالْهِبَةُ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ يُقْصَدُ بِهِ تَمْلِيكُ الْمَالِ فِي الْحَالِ فَأَشْبَهَ الْبَيْعَ ( قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ وَالْإِجَارَةُ ) أَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَارًا فَلَهُ إجَارَتُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَبِيعِ أَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنَافِعُ وَهِيَ لَا تَصِيرُ مَقْبُوضَةً بِقَبْضِ الْعَيْنِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهَا قَبْضُ الْعَيْنِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْبَائِعِ ) أَمَّا الْبَيْعُ الضِّمْنِيُّ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ ( قَوْلُهُ يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَارَةً يَعْتَبِرُونَ الْمَعْنَى إلَخْ ) وَتَارَةً لَا يَعْتَبِرُونَ اللَّفْظَ وَلَا الْمَعْنَى كَمَا لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْعَبْدِ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بَيْعًا وَلَا سَلَمًا قَوْلُهُ فَيُحْمَلُ كَلَامُهُمْ هُنَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ قَبْلَ الْقَبْضِ الْعِتْقُ ) يَمْتَنِعُ الْعِتْقُ عَلَى مَالِ أَوْ عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ ( قَوْله وَالتَّزْوِيجُ لِلْمَبِيعِ ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً ( قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ إنْ لَمْ يَحْتَجْ قَبُولًا ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِنْ احْتَاجَ قَبُولًا ( قَوْلُهُ لِقُوَّةِ الْعِتْقِ ) وَيَصِيرُ بِهِ قَابِضًا كَمَا سَيَأْتِي وَلِهَذَا لَوْ كَانَ بِعِوَضٍ اسْتَقَرَّ بِهِ الْعِوَضُ وَالْعِوَضُ لَا يَسْتَقِرُّ إلَّا بِالْقَبْضِ ( قَوْلُهُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ إنْ قَبَضَاهَا إلَخْ ) وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَأَلْحَقَ بِهِ كُلَّ اسْتِهْلَاكٍ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي مُبَاحٍ أَوْ غَيْرِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ عَبْدًا بِثَوْبٍ فَقَبَضَ الثَّوْبَ وَبَاعَهُ ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ ) عِنْدَهُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِي الْعَبْدِ ) لِتَلَفِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( دُونَ الثَّوْبِ ) لَا يَنْفَسِخُ فِيهِ ( وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْ الثَّوْبَ مُشْتَرِيهِ ) لِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِهِ ( وَضَمِنَ ) الْبَائِعُ ( قِيمَتَهُ لِمُشْتَرِي الْعَبْدَ ) لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ ( فَإِنْ تَلِفَ الثَّوْبُ أَيْضًا فِي يَدِهِ ) قَبْلَ قَبْضِهِ ( غَرِمَ قِيمَتَهُ لِبَائِعِهِ ) وَهُوَ مُشْتَرِي الْعَبْدَ ( وَيَرُدُّ ثَمَنَهُ لِمُشْتَرِيهِ ) مِنْهُ

( فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِهِ ) وَهُوَ ( تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِأَمَانَةٍ ) لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَلِفَ تَلِفَ عَلَى مِلْكِ مَالِكِهِ وَذَلِكَ ( كَوَدِيعَةٍ ) بِيَدِ الْمُودَعِ ( وَمَالِ شَرِكَةٍ ) بِيَدِ الشَّرِيكِ ( أَوْ ) مَالِ ( قِرَاضٍ ) بِيَدِ الْعَامِلِ قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ الْفَسْخِ وَالْإِمَامُ قَبْلَ أَنْ يَرْبَحَ وَفِيهِمَا نَظَرٌ ( وَمَا تَحْتَ يَدِ وَكِيلٍ ) بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَمَرْهُونٍ ) بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ ( بَعْدَ انْفِكَاكٍ ) لِلرَّهْنِ ( وَمُسْتَأْجَرٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ ) وَهُوَ بِيَدِ مُسْتَأْجِرِهِ ( وَمَا فِي يَدِ الْقَيِّمِ ) أَيْ الْقَائِمِ بِأَمْرِ الصَّبِيِّ وَنَحْوِهِ ( بَعْدَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ رَشِيدًا ) أَوْ رُشْدِ السَّفِيهِ أَوْ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ ( وَكَسْبِ الْعَبْدِ ) الْحَاصِلِ بِاحْتِطَابٍ وَغَيْرِهِ ( وَوَصِيَّةٍ قَبِلَهَا ) الْعَبْدُ وَالْمُرَادُ مَا كَسَبَهُ أَوْ قَبِلَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ سَيِّدُهُ ( وَالْمُوصَى بِهِ لِمَنْ قَبِلَهُ ) ( بَعْدَ الْمَوْتِ ) وَلَمْ يَقْبِضْهُ ( وَارِثٌ ) بِمَعْنَى مَوْرُوثٍ ( يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ ) وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْوَارِثُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِأَنْ اشْتَرَاهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ ( وَمَا اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَرِّثِهِ وَمَاتَ ) مُوَرِّثُهُ ( قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ ) مُوَرِّثُهُ ( مَدْيُونًا وَدَيْنُ الْغَرِيمِ ) فِي صُورَةِ الدَّيْنِ ( مُتَعَلِّقٌ بِالثَّمَنِ وَإِنْ كَانَ لَهُ ) أَيْ لِمُوَرِّثِهِ ( وَارِثٌ آخَرُ لَمْ يَنْفُذْ بَيْعُهُ ) ذَلِكَ ( فِي قَدْرِ نَصِيبِ الْآخَرِ ) مِنْهُ لَوْ وَرِثَهُ ( حَتَّى يَقْبِضَهُ وَكَذَا ) يَصِحُّ بَيْعُ ( مَا كَانَ ) لَهُ تَحْتَ يَدِ غَيْرِهِ ( مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ ) أَوْ بِالْمِثْلِ لِمَا مَرَّ ( وَيُسَمَّى ضَمَانُ الْيَدِ كَالْمَفْسُوخِ بِعَيْبٍ ) أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ بَاقٍ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَمَحَلُّهُ ( بَعْدَ رَدِّ الثَّمَنِ ) لِلْمُشْتَرِي وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي حَبْسَهُ إلَى اسْتِرْدَادِ الثَّمَنِ ( وَمَغْصُوبٍ ) فَيَصِحُّ بَيْعُهُ ( لِقَادِرٍ ) عَلَى انْتِزَاعِهِ كَمَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مِنْ الْغَاصِبِ (

وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ فُسِخَ ) لِانْقِطَاعِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ غَيْرِهِ ( وَمَقْبُوضٍ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ ) لِفَوَاتِ شَرْطٍ أَوْ نَحْوِهِ ( لَا الْمَضْمُونُ ضَمَانَ عَقْدٍ ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ( كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَكَذَا عِوَضُ النِّكَاحِ وَالْخُلْعِ وَالْقَوَدِ ) وَنَحْوِهَا كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ

( قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ مَالِهِ تَحْتَ يَدِ الْغَيْرِ بِأَمَانَةٍ ) شَمِلَ الْأَمَانَةَ الشَّرْعِيَّةَ كَمَا لَوْ طَيَّرَتْ الرِّيحُ ثَوْبًا إلَى دَارِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ بَاعَ مَالَهُ فِي يَدِ غَيْرِهِ أَمَانَةً فَهَلْ لِلْبَائِعِ وِلَايَةَ الِانْتِزَاعِ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِ الْمُشْتَرِي لِيَتَخَلَّصَ مِنْ الضَّمَانِ وَيَسْتَقِرَّ الْعَقْدُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الظَّاهِرُ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ لِتَوَجُّهِ التَّسْلِيمِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ الظَّاهِرُ نَعَمْ بَلْ يَجِبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِتَمَامِ الْمِلْكِ فِيهِ ) وَالْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَفَقْدِ عِلَّةِ الْمُعَاوَضَةِ ( قَوْلُهُ وَفِيهِمَا نَظَرٌ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا مَرْدُودٌ ) لِأَنَّهُ بَعْدَ فَسْخِ الْعَقْدِ لَيْسَ مَالَ قِرَاضٍ وَإِنَّ الْعَامِلَ لَا يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِظُهُورِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا الْأَصَحُّ مَا أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ ( قَوْلُهُ وَمَرْهُونٌ بَعْدَ انْفِكَاكٍ لِلرَّهْنِ ) إنَّمَا يَكُونُ أَمَانَةً إذَا لَمْ يَمْتَنِعْ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّدِّ بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ وَإِلَّا فَهُوَ مَضْمُونٌ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَلَا عُمُومَ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ بَعْدَ انْفِكَاكٍ فَإِنَّ مَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ إذَا أُذِنَ الْمُرْتَهِنُ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَا يَمْلِكُ الْمَالِكُ بَيْعَهُ إلَخْ ) لَكِنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ فِي يَدِ بَائِعِهِ بِأَمَانَةٍ بَلْ هُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ فَلَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا ) لِجَعْلِ الْوَارِثِ قَابِضًا حُكْمًا ( قَوْلُهُ وَكَذَا مَا كَانَ مَضْمُونًا بِالْقِيمَةِ ) شَمِلَ الْمُعَارَ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ إذَا كَانَ أَرْضًا وَقَدْ غَرَسَهَا ( قَوْلُهُ وَمَقْبُوضٌ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَشِرَاءٍ وَهِبَةٍ فَاسِدَيْنِ ) اقْتَضَى أَنَّ الْهِبَةَ الْفَاسِدَةَ مَضْمُونَةٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الصَّغِيرِ فِي اتِّهَابِ الْمُحْرِمِ لِلصَّيْدِ لَكِنْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ فِيهَا خِلَافًا فِي بَابِ الْهِبَةِ فَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ وَيُوَافِقُهُ كَلَامُهُمَا فِي الْوَصَايَا وَالْعِتْقِ وَكَذَا فِي التَّيَمُّمِ فِي هِبَةِ الْمَاءِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَهُوَ مُقْتَضَى

قَاعِدَةِ فَاسِدِ الْعُقُودِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَقَالَ فِي الْحَوَاشِي مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَقْبَلْهَا الْمُتَّهِبُ وَإِلَّا ضَمِنَهُ قَطْعًا وَكَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ صَرِيحٌ فِيهِ

( فَرْعٌ لَوْ أَفْرَزَ لَهُ السُّلْطَانُ عَطَاءً ) يَسْتَحِقُّهُ وَرَضِيَ بِهِ ( جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِلرِّفْقِ بِالْجُنْدِ وَلِأَنَّ يَدَ السُّلْطَانِ فِي الْحِفْظِ يَدُ الْمُفْرَزِ لَهُ ( وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُ ) أَحَدِ الْغَانِمِينَ لِقَدْرٍ ( مَعْلُومٍ مِلْكُهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ شَائِعًا ) وَمِلْكُ الْغَنِيمَةِ يَحْصُلُ بِاخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ كَمَا سَيَأْتِي فِي السِّيَرِ ( وَ ) كَذَا بَيْعُ ( مَوْهُوبٍ رَجَعَ فِيهِ الْوَلَدُ ) يَصِحُّ قَبْلَ الْقَبْضِ ( لَا ) بَيْعُ ( شِقْصٍ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ ) وَلَمْ يُقْبَضْ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِهَا مُعَاوَضَةٌ ( وَلَهُ بَيْعُ مَقْسُومٍ قِسْمَةَ إفْرَازٍ ) قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْبَيْعِ لَيْسَ لَهُ بَيْعُ مَا صَارَ لَهُ فِيهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَ ) لَهُ ( بَيْعُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ مَوْقُوفٍ عَلَيْهِ ) قَبْلَ أَخْذِهِ وَكَذَا سَائِرُ غَلَّاتِ وَقْفٍ حَصَلَتْ لِجَمَاعَةٍ وَعَرَفَ كُلٌّ قَدْرَ حِصَّتِهِ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَأَقَرَّهُ ( لَا بَيْعُ ثَوْبٍ اسْتَأْجَرَ ) مَالِكُهُ ( مَنْ يَصْبُغُهُ أَوْ يُقَصِّرُهُ ) فَلَا يَصِحُّ ( قَبْلَ الْعَمَلِ وَلَا بَعْدَهُ قَبْلَ أَدَاءِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ ) أَيْ الْأَجِيرَ ( يَسْتَحِقُّ الْحَبْسَ لَهَا ) أَيْ لِلْأُجْرَةِ أَيْ لِعَمَلِ مَا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ فِي الْأُولَى وَلِاسْتِيفَائِهِ فِي الثَّانِيَةِ كَذَا جَزَمَ بِهِ الْأَصْلُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرِهِ ثُمَّ قَالَ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِيَرْعَى غَنَمَهُ أَوْ لِيَحْفَظَ مَتَاعَهُ الْمُعَيَّنَ شَهْرًا كَانَ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الشَّهْرِ لِأَنَّ حَقَّ الْأَجِيرِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِعَيْنِهِ إذْ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ انْتَهَى وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ إبْدَالُ الْمُسْتَوْفَى بِهِ أَوْ لَا وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ وَالْقَصَّارَةِ عَيْنٌ فَنَاسَبَ حَبْسَهُ كَسَائِرِ الْأَعْيَانِ بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ

وَسَوَاءٌ فِيمَا ذُكِرَ أَسَلَّمَ الثَّوْبَ لِلْأَجِيرِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَوْ لَا فَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ ذَلِكَ بِتَسْلِيمِهِ مُجَرَّدُ تَصْوِيرٍ وَلِهَذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ ( وَقِسْ عَلَيْهِ ) صَوْغَ الذَّهَبِ وَرِيَاضَةَ الدَّابَّةِ وَنَسْجَ الثَّوْبِ وَنَحْوَهَا ( وَإِزَالَةُ امْتِنَاعِ الصَّيْدِ قَبْضٌ لَهُ ) حُكْمًا فَبَيْعُهُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَبْضِهِ لَا قَبْلَهُ فَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ كَمَا زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ
قَوْلُهُ لِلرِّفْقِ بِالْجُنْدِ ) لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ وَلِأَنَّ بَيْعَ الْغَانِمِ الْقَدْرَ الَّذِي عَيَّنَهُ لَهُ الْإِمَامُ قَبُولٌ مِنْهُ لَا سِيَّمَا إذَا وُجِدَ مِنْهُ الرِّضَا بِقِسْمَةِ الْإِمَامِ ( قَوْلُهُ وَلَهُ بَيْعٌ مَقْسُومٌ ) وَقِسْمَةُ مَبِيعٍ ( قَوْلُهُ وَبَيْعُ ثَمَرٍ عَلَى شَجَرٍ إلَخْ ) إذَا كَانَ لَهُ وِلَايَةُ التَّصَرُّفِ فِيهَا ( قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي بَابِ الْإِجَازَةِ ) فَالرَّاجِحُ جَوَازُ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ بِسَبِيلٍ مِنْ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ أَوْ يُسْلَمَ الْأَجِيرُ نَفْسَهُ وَيَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّبْغِ إلَخْ ) هَذَا مُنْتَقِضٌ بِصَوْغِ الدَّهْبِ وَرِيَاضَةِ الدَّابَّةِ وَنَسْجِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَوَلِّي الْأَخِيرِ عَلَى تَصَرُّفِهِ بَعْدَ الْإِبْدَالِ بَلْ تَعْلِيلُهُ دَالٌّ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا ) مِنْ كُلِّ عَمَلٍ يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ بِهِ أَثَرٌ بِخِلَافِ الرَّعْيِ وَالْحِفْظِ ( فَرْعٌ ) يَبْطُلُ بَيْعُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ مَا بَقِيَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي

( فَرْعٌ لَهُ بَيْعُ زَوَائِدِ الْمَبِيعِ ) كَوَلَدٍ وَثَمَرَةٍ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَعُودُ إلَى الْبَائِعِ لَوْ عَرَضَ انْفِسَاخٌ

( فَرْعٌ يَبْطُلُ بَيْعُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ ) وَسَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ فِيهِ ( قَبْلَ الْقَبْضِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ بِتَلَفِهِ ) قَبْلَ قَبْضِهِ ( وَرَدَّهُ بِالْعَيْبِ ) كَمَا فِي الْمَبِيعِ وَمَا تَقَدَّمَ فِيهِ يَأْتِي هُنَا ( ثُمَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ ) بِأَنْ أَبْدَلَهُ بِجِنْسِهِ أَوْ بِغَيْرِ جِنْسِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ ( كَالْبَيْعِ مِنْ الْبَائِعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ) فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ كَانَ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ تَلِفَ أَوْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ

( فَصْلٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ ) كَدَيْنِ قَرْضٍ وَإِتْلَافٍ وَبَدَلِ خُلْعٍ لِاسْتِقْرَارِهِ بِخِلَافِ دَيْنِ الْمُسْلِمِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَإِنْ كَانَ ) الدَّيْنُ ( مُؤَجَّلًا ) فَإِنَّهُ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ فَيَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْحَالِ عَنْهُ وَكَانَ صَاحِبُهُ عَجَّلَهُ بِخِلَافِ عَكْسِهِ لِعَدَمِ لُحُوقِ الْأَجَلِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ وَلَيْسَ مُرَادًا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَا يَجُوزُ اسْتِبْدَالُ الْمُؤَجَّلِ عَنْ الْحَالِّ وَيَجُوزُ عَكْسُهُ ( وَكَذَا ) يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ ( عَنْ الثَّمَنِ ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَقْدًا لِخَبَرِ { ابْنِ عُمَرَ كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ مَكَانَهَا الدَّنَانِيرَ فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَا بَأْسَ إذَا تَفَرَّقْتُمَا وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَسَوَاءٌ أَقَبَضَ الثَّمَنَ أَمْ لَا فَقَوْلُهُ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ أَيْ مِنْ عَقْدِ الِاسْتِبْدَالِ لَا مِنْ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ بِقَرِينَةِ رِوَايَةٍ أُخْرَى تَدُلُّ لِذَلِكَ ( فَيَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الْقَرْضِ ) بِمَعْنَى الْمُقْرِضِ ( وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ ) وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَلَفِهِ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ لِلْمُقْرِضِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِهِ ( لَا ) الِاسْتِبْدَالَ ( عَنْ الثَّمَنِ ) الَّذِي فِي الذِّمَّةِ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ نَوْعِهِ ( وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ ) وَنَحْوُهُ كَالْبَيْعِ فِي الذِّمَّةِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ لَفْظِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعَ تَعَيُّنِهِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَمَعَ كَوْنِهِ فِي الذِّمَّةِ أَوْلَى وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ بِأَنَّهُ مُعَرَّضٌ بِانْقِطَاعِهِ لِلِانْفِسَاخِ أَوْ الْفَسْخِ وَبِأَنَّ عَيْنَهُ تُقْصَدُ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فِيهِمَا هَذَا كُلُّهُ فِيمَا لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ

أَمَّا غَيْرُهُ كَرِبَوِيٍّ بِيعَ بِمِثْلِهِ وَرَأْسِ مَالِ سَلَمٍ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ قَبْضُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَسَيُعْلَمُ مِنْ بَابِ السَّلَمِ
( فَصْلٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ إلَخْ ) ( قَوْلُهُ عَنْ كُلِّ دَيْنٍ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ ) يُسْتَثْنَى عَقْدُ الصَّرْفِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاسْتِبْدَالُ لِأَنَّهُ يَشْتَرِطُ قَبْضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ مِنْهُ أَيْضًا وَسَيَأْتِي ( قَوْلُهُ وَبَدَلِ خُلْعٍ وَدَيْنِ الضَّمَانِ ) وَلَوْ ضَمَانُ الْمُسْلِمِ فِيهِ كَمَا أَوْضَحَتْهُ فِي الْفَتَاوَى ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا ) قَالَ الْفَتَى قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا عَقِبَ قَوْلِهِ لَيْسَ بِثَمَنٍ وَلَا مُثَمَّنٍ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ فِي الرَّوْضَةِ بِدَيْنِ الْقَرْضِ وَالْإِتْلَافِ وَهُمَا لَا يَتَأَجَّلَانِ أَصْلًا ( قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي خِلَافَهُ ) لَيْسَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَكَذَا عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا ) قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ ( قَوْلُهُ لَا عَنْ الْمُثَمَّنِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ ) رُوِيَ الدَّارَقُطْنِيُّ { مِنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلَا يَأْخُذُ إلَّا مَا أَسْلَفَ فِيهِ أَوْ رَأْسَ مَالِهِ } وَالْحِيلَةُ فِي الِاعْتِيَاضِ أَنْ يَفْسَخَا السِّلْمَ ثُمَّ يَعْتَاضَ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَيَعْتَبِرُ أَنْ يَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ لِئَلَّا يَصِيرَ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ

( فَرْعٌ الثَّمَنُ هُوَ النَّقْدُ ) إنْ قُوبِلَ بِغَيْرِهِ لِلْعُرْفِ ( فَإِنْ كَانَا نَقْدَيْنِ أَوْ عَرَضَيْنِ فَمَا الْتَصَقَ بِهِ الْبَاءُ ) الْمُسَمَّاةُ بِبَاءِ الثَّمَنِيَّةِ هُوَ الثَّمَنُ وَالْمُثَمَّنُ مَا يُقَابِلُهُ ( فَلَوْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ مَبِيعٌ ) لَا يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ ( وَالدَّرَاهِمُ ثَمَنٌ ) وَعَدَلَ عَنْ قَوْلِ الْأَصْلِ بِهَذَا الْعَبْدِ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ الْمُثَمَّنَ فِي الذِّمَّةِ ( أَوْ ) بِعْتُك ( هَذَا الثَّوْبَ بِعَبْدٍ وَوَصَفَهُ فَالْعَبْدُ ثَمَنٌ يَجُوزُ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهُ لَا عَنْ الثَّوْبِ ) لِأَنَّهُ مُثَمَّنٌ بَلْ وَمُعَيَّنٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ بِدَرَاهِمَ سَلَمًا كَانَتْ ثَمَنًا وَصَحَّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا لِأَنَّهَا ثَمَنٌ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْهَا لِأَنَّهَا مُسْلَمٌ فِيهَا وَقَدْ يُجَابُ بِالْتِزَامِ عَدَمِ الصِّحَّةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُمْ يَصِحُّ الِاسْتِبْدَالُ عَنْ الثَّمَنِ عَلَى الْغَالِبِ
قَوْلُهُ فَرْعُ الثَّمَنِ هُوَ النَّقْدُ ) قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّا مَرَّ أَنَّ الْمَبِيعَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُسْتَبْدَلُ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُك هَذَا الدِّينَارَ بِكَذَا مِنْ الْفُلُوسِ فَالنَّقْدُ الثَّمَنُ وَمُقَابِلُهُ مَبِيعٌ فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ الْفُلُوسِ بِفِضَّةٍ وَلَا غَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِهَا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ عَبْدَهُ إلَخْ ) لَيْسَ ذَلِكَ قَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ فَقَدْ أَطْلَقُوا امْتِنَاعَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَضَابِطُهُمْ الْمَذْكُورُ لَيْسَ السَّلَمُ دَاخِلًا فِيهِ إذْ الْمُثَمَّنُ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ نَقْدًا وَالثَّمَنُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ ) فِي صِحَّةِ الِاسْتِبْدَالِ ( تَعْيِينُ بَدَلِ الدَّيْنِ فِي الْمَجْلِسِ ) سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا أَمْ لَا لِيَخْرُجَ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ( لَا ) فِي ( الْعَقْدِ ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعْيِينُ فِيهِ كَمَا لَوْ تَصَارَفَا فِي الذِّمَّةِ ( فَلَوْ اتَّفَقَتْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا ) كَدَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ أَوْ عَكْسَهُ ( لَمْ يَكْفِ التَّعْيِينُ ) فِي الْمَجْلِسِ ( عَنْ الْقَبْضِ ) لِلْبَدَلِ ( فِيهِ ) بَلْ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ فِيهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْخَبَرُ الْمَذْكُورُ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَتَّفِقْ عِلَّتُهُمَا فِي الرِّبَا كَثَوْبٍ عَنْ دَرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَمَا لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِدَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ لَا يُشْتَرَطُ قَبْضُ الثَّوْبِ فِيهِ ( وَالِاسْتِبْدَالُ بَيْعُ الدَّيْنِ مِمَّنْ عَلَيْهِ ) كَمَا تَقَرَّرَ ( وَهُوَ ) أَيْ وَبَيْعُهُ ( مِنْ غَيْرِهِ ) كَأَنْ اشْتَرَى عَبْدَ زَيْدٍ بِمِائَةٍ لَهُ عَلَى عَمْرٍو ( جَائِزٌ ) لِاسْتِقْرَارِهِ كَبَيْعِهِ مِمَّنْ عَلَيْهِ ( بِشَرْطِ قَبْضِ الْبَدَلِ وَالدَّيْنِ فِي الْمَجْلِسِ ) وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَكَاهُ جَمَاعَةٌ عَنْ النَّصِّ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ عَدَمَ جَوَازِهِ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْيُونُ مَلِيًّا مُقِرًّا وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ حَالًّا مُسْتَقِرًّا وَ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا لَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِهِمَا بَطَلَ الْبَيْعُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ كَالْبَغَوِيِّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِ يُخَالِفُهُ وَوَافَقَهُ السُّبْكِيُّ وَاخْتَارَهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فَقَالَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى الْقَبْضِ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ جَعَلَهُ كَالْحَوَالَةِ انْتَهَى وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الرِّبَوِيِّ وَمَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ عَلَى الرِّبَوِيِّ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى إنْسَانٍ

وَلِآخَرَ مِثْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الْإِنْسَانِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا مَالَهُ عَلَيْهِ بِمَا لِصَاحِبِهِ لَمْ يَصِحَّ اتَّفَقَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ { لِنَهْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ } انْتَهَى رَوَاهُ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَفَسَّرَ بِبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ كَمَا وَرَدَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَقَدْ يُقَالُ عَلَى بَعْدَ عَدَمِ الصِّحَّةِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الثَّمَنَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا فَيَصِحُّ ثُمَّ يُشْتَرَطُ الْقَبْضُ إنْ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ الرِّبَا
( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ فِي الْمِنْهَاجِ ) وَشَرْحِ الْمَذْهَبِ هُنَا ( قَوْلُهُ مَلِيًّا مُقِرًّا ) مِثْلُهُ الْمُنْكِرُ إذَا تَيَسَّرَ ثُبُوتُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ كَالْبَغَوِيِّ ) قَالَ ابْنُ أَبِي الدَّمِ أَنَّهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبَغَوِيّ وَلَا وَجْهَ لِاشْتِرَاطِ التَّقَابُضِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمَا ( قَوْلُهُ وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى غَيْرِ الرِّبَوِيِّ إلَخْ ) هَذَا الْحَمْلُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ تَصْوِيرِ الشَّيْخَيْنِ كَغَيْرِهِمْ الْمَسْأَلَةُ بِشِرَاءِ عَبْدٍ بِمِائَةٍ وَإِنَّمَا يَأْتِي فِي نَحْوِ مَا إذَا كَانَ لَهُ مِائَةٌ عَلَى زَيْدٍ فَاشْتَرَى مِنْ عَمْرٍو شَيْئًا بِتِلْكَ الْمِائَةِ

( فَصْلٌ ) فِي بَيَانِ الْقَبْضِ ( الرُّجُوعُ فِي حَقِيقَةِ الْقَبْضِ إلَى الْعُرْفِ ) فِيهِ لِعَدَمِ مَا يَضْبِطُهُ شَرْعًا أَوْ لُغَةً كَالْأَحْيَاءِ وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ ( فَمَا لَمْ يُنْقَلْ ) عَادَةً ( كَالْأَرْضِ وَالثَّمَرَةِ ) الْمَبِيعَةِ عَلَى الشَّجَرَةِ قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَقَبْضُهُ التَّخْلِيَةُ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْبَائِعِ ( مَعَ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ ) أَوْ نَحْوِهَا مِمَّا لَهُ مِفْتَاحٌ ( وَتَفْرِيغُهَا مِنْ مَتَاعٍ ) وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَعَدَلَ عَنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِمَتَاعِ الْبَائِعِ إلَى مَا قَالَهُ لِيَشْمَلَ مَتَاعَهُ وَمَتَاعَ غَيْرِهِ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَتَاعُ الْمُشْتَرِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْرِيغُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّخْلِيَةِ كَمَا فِي الْأَصْلِ لَكَانَ أَوْلَى إلَّا أَنْ يُفَسِّرَ الْقَبْضَ بِالْإِقْبَاضِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ الْمَبِيعَ وَلَا دُخُولُ الْمُشْتَرِي وَلَا تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يَشُقُّ ( لَا ) تَفْرِيغُ ( زَرْعٍ مِنْ أَرْضٍ ) مَبِيعَةٍ فَلَا يُشْتَرَطُ بَلْ يَكْفِي مُجَرَّدُ التَّخْلِيَةِ بِخِلَافِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَالْفَرْقُ أَنَّ تَفْرِيغَ الدَّارِ مُتَأَتٍّ فِي الْحَالِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّخْلِيَةِ قَبْلَهُ بِخِلَافِ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ وَيَكْفِي التَّفْرِيغُ ( بِلَا إعْجَالٍ فَوْقَ الْعَادَةِ ) اعْتِبَارًا بِالْعُرْفِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَإِنْ جَمَعَ ) الْبَائِعُ ( الْأَمْتِعَةَ ) الَّتِي فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ ( بِمَخْزَنٍ مِنْهَا ) وَخَلَّى بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَبَيْنَهَا ( فَمَا سِوَاهُ ) أَيْ الْمَخْزَنِ ( مَقْبُوضٌ ) فَإِنْ نَقَلَ مِنْهُ الْأَمْتِعَةَ إلَى مَكَان آخَرَ صَارَ قَابِضًا لِلْجُمْلَةِ وَالْمَخْزَنُ بِفَتْحِ الزَّايِ مَا يُخْزَنُ فِيهِ الشَّيْءُ ( وَلَوْ خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ ) مَبِيعٍ (

غَائِبٍ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ ) أَمَانَةً أَوْ مَضْمُونًا ( وَمَضَى زَمَانٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ ) بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ وَالتَّخْلِيَةُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَالنَّقْلُ فِي الْمَنْقُولِ ( كَفَى ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْحُضُورُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ مُضِيُّ الزَّمَنِ لِأَنَّ الْحُضُورَ الَّذِي كُنَّا نُوجِبُهُ وَلَا الْمَشَقَّةَ لَا يَتَأَتَّى إلَّا بِهَذَا الزَّمَنِ فَلَمَّا أَسْقَطْنَاهُ لِمَعْنًى آخَرَ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الزَّمَنِ بَقِيَ اعْتِبَارُ الزَّمَنِ وَخَرَجَ بِالْغَائِبِ الْحَاضِرُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَا أَمْتِعَةَ فِيهِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَقْبُوضًا بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يُفْتَقَرُ فِيهِ وَفِي الْغَائِبِ إلَى إذْنِ الْبَائِعِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَإِلَّا افْتَقَرَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي وِفَاقًا لِلشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْمُتَوَلِّي هَكَذَا افْهَمْ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا يُخَالِفُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ تَبَعًا لِمُقْتَضَى كَلَامِ أَصْلِهِ فِي الرَّهْنِ غَيْرِ مَنْقُولٍ أَوْ مَنْقُولٍ فِي يَدِهِ مَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ الْغَائِبُ بِيَدِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّخْلِيَةِ أَوْ النَّقْلِ ( وَمَا يُنْقَلُ ) مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( فَبِالنَّقْلِ ) لَهُ رَوَى الشَّيْخَانِ { عَنْ ابْنِ عُمَرَ كُنَّا نَشْتَرِي الطَّعَامَ جِزَافًا فَنَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ } .
وَقِيسَ بِالطَّعَامِ غَيْرُهُ ( فَيَأْمُرُ الْعَبْدَ بِالِانْتِقَالِ مِنْ مَوْضِعِهِ وَيَقُودُ الدَّابَّةَ ) أَوْ يَسُوقُهَا ( وَلَا يَكْفِي رُكُوبُهَا وَاقِفَةً ) وَلَا اسْتِعْمَالُ الْعَبْدِ كَذَلِكَ ( وَلَا وَطْءُ الْجَارِيَةِ ) لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ فِي الْغَصْبِ لَوْ رَكِبَ الْمُشْتَرِي الدَّابَّةَ أَوْ جَلَسَ عَلَى الْفِرَاشِ حَصَلَ الضَّمَانُ ثُمَّ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ جَازَ لَهُ التَّصَرُّفُ أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ وَإِلَّا فَلَا وَيَكْفِي فِي قَبْضِ الثَّوْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُتَنَاوَلُ بِالْيَدِ التَّنَاوُلُ وَتَقَدَّمَ أَنَّ إتْلَافَ

الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ قَبْضٌ لَهُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي الْقِسْمَةِ إلَى قَبْضٍ وَإِنْ جُعِلَتْ بَيْعًا إذْ لَا ضَمَانَ فِيهَا حَتَّى يَسْقُطَ بِالْقَبْضِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالنَّقْلِ أَنَّ الدَّابَّةَ مَثَلًا لَوْ تَحَوَّلَتْ بِنَفْسِهَا ثُمَّ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّهُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَيْهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْبَائِعِ عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الرَّافِعِيِّ ( فَإِنْ حَوَّلَ ) الْمُشْتَرِي ( الْمَبِيعَ ) مِنْ مَكَانِهٍ ( فِي مَكَان لِلْبَائِعِ ) مِلْكًا أَوْ غَيْرَهُ كَعَارِيَّةٍ ( بِإِذْنِهِ ) فِي التَّحْوِيلِ لِلْقَبْضِ ( فَهُوَ قَبْضٌ ) وَكَأَنَّ الْمُشْتَرِي اسْتَعَارَ مَا نَقَلَ إلَيْهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ أَذِنَ فِي مُجَرَّدِ التَّحْوِيلِ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ ( فَلَا ) يَكُونُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا فِيهِ وَلِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُ قَبْضًا ( بَلْ يَضْمَنُهُ ) أَيْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا نَقَلَهُ إلَى مَكَان لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ كَمَسْجِدٍ وَشَارِعٍ وَمِلْكٍ لِلْمُشْتَرِي فَهُوَ قَبْضٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْبَائِعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَلَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي ( وَلَوْ اشْتَرَى الْأَمْتِعَةَ مَعَ الدَّارِ ) صَفْقَةً ( فَلَا بُدَّ ) فِي صِحَّةِ قَبْضِهَا ( مِنْ نَقْلِهَا ) كَمَا لَوْ أُفْرِدَتْ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ قَالَ الشَّيْخَانِ وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ وَزَادَ إنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً ثُمَّ اشْتَرَى مَكَانَهَا قَامَتْ التَّخْلِيَةُ فِيهِ مَقَامَ قَبْضِهَا .
ا هـ .
وَتَابَعَهُ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ الْعُمْرَانِيُّ عَنْ الصَّيْمَرِيِّ لَكِنْ ضَعَّفَهُ الشَّاشِيُّ بِأَنَّهُ لَا أَثَرَ لِمِلْكِ مَوْضِعِ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا فِي دَارِهِ لَا بُدَّ مِنْ نَقْلِهِ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذِهِ لَا قَبْضَ فِيهَا أَصْلًا وَتِلْكَ فِيهَا قَبْضُ الْعَقَارِ فَاسْتَتْبَعَ قَبْضَ الْمَنْقُولِ لَكِنَّهَا تَشْكُلُ بِشِرَاءِ

الْمَنْقُولِ مَعَ الدَّارِ صَفْقَةً وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْحُدُوثَ أَقْوَى مِنْ الْمَعْنَى هَذَا وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إنَّمَا قَاسَهُ عَلَى مَا قَالَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ قَدْ يُلَوِّحُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَمَدٍ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ وَهُوَ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَظْهَرُ حَيْثُ تَرَكَهُ

( فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْقَبْضِ ) ( قَوْلُهُ قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ إلَخْ ) تَقْيِيدُهُ بِأَوَانِ الْجُذَاذِ يُشْعِرُ بِأَنَّ دُخُولَ وَقْتِ قَطْعِهَا يُلْحِقُهَا بِالْمَنْقُولَاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ح قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَمْ يَتَعَرَّضْ غَيْرُ الشَّيْخَيْنِ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَفَتَ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الْجُذَاذِ عَلَى مَنْ تَكُونُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهَا قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ أَوْ بَعْدَهُ خِلَافًا لِمَا فِي الرَّوْضَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ بِمَا قَبْلَ أَوَانِ الْجُذَاذِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الثَّمَرَةَ الْمَبِيعَةَ فِي أَوَانِ الْجُذَاذِ قَبْضُهَا بِالْقَطْعِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ بِعَدَمِ وَضْعِ الْجَوَائِحِ وَمَذْهَبُهُ الْجَدِيدُ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ أَوَانِ الْجُذَاذِ وَغَيْرِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الثِّمَارِ بِالتَّخْلِيَةِ مُطْلَقًا وَبَيْعُ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ حَيْثُ جَازَ حُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَرَةِ وَقَوْلُهُ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الثِّمَارِ بِالتَّخْلِيَةِ مُطْلَقًا قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ الْبَائِعِ ) قَالَ شَيْخُنَا حَيْثُ كَانَ لِلْبَائِعِ حَقُّ الْحَبْسِ ( قَوْلُهُ مَعَ تَسْلِيمِ مِفْتَاحِ الدَّارِ إلَخْ ) بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مَانِعٌ حِسِّيٌّ وَلَا شَرْعِيٌّ إذَا أُكْرِهَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَبْضِ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ إنْ أَكْرَهَهُ الْبَائِعُ وَكَانَ ذَلِكَ فِي حَالَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُهُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَشَمِلَ قَوْلُهُ فَقَبَضَهُ التَّخْلِيَةَ مَا لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي مُعْسِرًا بِالثَّمَنِ .
( قَوْلُهُ وَتَفْرِيغُهَا مِنْ مَتَاعٍ ) وَقِيلَ يَصِحُّ قَبْضُهَا مَشْحُونَةً كَبَيْعِهَا قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنْ يُمْكِنَ فِيهِ الْوُصُولُ إلَى الْمَبِيعِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا ظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَكْفِي مُضِيُّ زَمَنٍ تُحْمَلُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ مِنْ

أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمُشْتَرِي فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَمُضِيُّ زَمَنٍ فِي الْمَنْقُولِ وَلَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِيًا اُعْتُبِرَ زَمَنٌ تُمْكِنُ فِيهِ التَّخْلِيَةُ لَوْ كَانَ مُشْتَغِلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَهَذَا إنْ عَطَفْت كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ أَمَّا لَوْ قَدَّرَ كَلَامَهُ عَلَى الْمُضَافِ بِأَنْ يُقَالَ وَالتَّخْلِيَةُ أَيْ تُعْتَبَرُ أَيْ مَا أَدَّى ذَلِكَ فَلَا إيهَامَ ( قَوْلُهُ وَ مَا يُنْقَلُ مِنْ سَفِينَةٍ إلَخْ ) عِبَارَةُ الْعَزِيزِ وَالرَّوْضَةِ تُوهِمُ إلْحَاقَ السَّفِينَةِ بِالْعَقَارِ وَهِيَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ مِنْ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْ تَحْوِيلِهَا إنَّمَا يُتَّجَهُ ذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ وَفِي كَبِيرَةٍ فِي الْمَاءِ الَّذِي تَسِيرُ فِيهِ أَمَّا الْكَبِيرَةُ فِي الْبَرِّ فَكَالْعَقَارِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالِاسْتِيلَاءِ لِعُسْرِ النَّقْلِ أَب دَخَلَ فِي الْمَنْقُولِ الصُّبْرَةُ الْكَبِيرَةُ وَالْأَحْمَالُ الثَّقِيلَةُ وَقَوْلُهُ إنَّمَا يُتَّجَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا مَا بَحَثَهُ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ صَحِيحٌ وَكَلَامُ الشَّيْخَيْنِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ .
( قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الرَّافِعِيِّ لَوْ رَكِبَ إلَخْ ) ذَكَرَهُ إلْزَامًا ثُمَّ نَقَضَهُ لَا نَقْلًا فَرَاجِعْهُ ت وَلَفْظُهُ أَمَّا الْمَنْقُولُ فَالْأَصْلُ فِيهِ النَّقْلُ لَكِنْ لَوْ رَكِبَ دَابَّةَ الْغَيْرِ أَوْ جَلَسَ عَلَى فِرَاشِهِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ فَقَدْ حَكَى الْإِمَامُ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدَهُمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ النَّقْلِ كَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي قَبْضِ الْمَبِيعِ وَأَصَحُّهُمَا يَكُونُ غَاصِبًا لِحُصُولِ غَايَةِ الِاسْتِيلَاءِ بِصِفَةِ الِاعْتِدَاءِ وَلِمَنْ تَصَوَّرَهُ أَنْ يُجِيبَ عَنْ احْتِجَاجِ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الْبَيْعِ لَهُ حُكْمَانِ أَحَدُهُمَا دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالرُّكُوبِ وَالْجُلُوسِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ وَالثَّانِي تَمَكُّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فَالرُّكُوبُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ أَوْ دُونَ إذْنِهِ فَإِنْ أَذِنَ الْبَائِعُ فَالتَّمَكُّنُ حَاصِلٌ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فَلَا

تَمَكُّنَ لَكِنَّ الْحُكْمَ فِي النَّقْلِ بِغَيْرِ إذْنِ مِثْلِهِ فَإِذًا لَا فَرْقَ .
ا هـ .
فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هَذَا أَنَّ مُجَرَّدَ الرُّكُوبِ بِإِذْنِ الْبَائِعِ قَبْضٌ لِلْمَبِيعِ ( قَوْلُهُ فِي مَكَان لِلْبَائِعِ مِلْكًا ) وَلَوْ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ وَفَّاهُ الثَّمَنَ كَمَا قَالَهُ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الشِّقِّ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُعِرْهُ الْبُقْعَةَ الَّتِي نَقَلَ إلَيْهَا وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الشَّيْءَ الثَّقِيلَ لَا يُعَدُّ مُجَرَّدُ احْتِوَاءِ الْيَدِ عَلَيْهِ فِي الْعُرْفِ قَبْضًا مَا لَمْ يَنْقُلْهُ إلَى مَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ لِأَنَّ الْيَدَ لَا تَصْلُحُ قَرَارًا لَهُ فَاحْتِوَاؤُهَا عَلَيْهِ حَالَةَ الْإِشَالَةِ كَالْعَدَمِ لِاضْطِرَارِهِ إلَى وَضْعِهِ عَنْ قُرْبٍ .
( قَوْلُهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ لَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْعَقْدِ إلَيْهِ وَلَكِنْ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى يُطَالَبَ بِهِ إذَا خَرَجَ مُسْتَحَقًّا لِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ قَالَ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ وَالْبَغَوِيِّ غَيْرُ صَرِيحَةٍ فِي ضَمَانِ الْعَقْدِ أَيْ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ وَمَا صَرَّحْت بِهِ مِنْ أَنَّهُ الْمُرَادُ لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا لَكِنْ فَهِمْته مِنْ فِقْهِ الْبَابِ فَاعْتَمِدْهُ وَإِطْلَاقُ الْمِنْهَاجِ ظَاهِرٌ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ أَمَّا مَا كَانَ قَبْضُهُ بِالْيَدِ كَثِيَابٍ يَتَنَاوَلُهَا وَيَضَعُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا فَقَبْضُهُ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَنَاوُلِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَبَعًا لِقَبْضِ الدَّارِ إلَخْ ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ وَزَادَ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى صُبْرَةً إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْأَصَحُّ فِي الْكُلِّ وُجُوبُ التَّحْوِيلِ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَكِنْ مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيِهِ الْمَرْجُوحِ فِي مَسْأَلَةِ شِرَائِهِمَا صَفْقَةً (

قَوْلُهُ فَيَكُونُ الْأَصَحُّ خِلَافَ مَا قَالَهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ ) أَيْ أَجْبَرَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَفَائِدَتُهُ مَعَ أَنَّ الْوَضْعَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَافٍ كَمَا سَيَأْتِي خُرُوجُ الْبَائِعِ عَنْ عُهْدَةِ اسْتِقْرَارِ ضَمَانِ الْيَدِ ( فَإِنْ أَصَرَّ ) عَلَى الِامْتِنَاعِ ( نَوَّبَ ) أَيْ أَنَابَ ( عَنْهُ الْحَاكِمُ ) مَنْ يَقْبِضُهُ عَنْهُ ( كَالْغَائِبِ وَإِنْ وَضَعَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ أَوْ الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ ) أَيْ مَنْ لَهُ الْقَبْضُ ( بِأَمْرِهِ كَفَى وَكَذَا لَوْ ) سَكَتَ أَوْ ( نَهَاهُ ) كَأَنْ قَالَ لَا تُقْبِضنِيهِ أَوْ قَالَ لَا أُرِيدُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ كَمَا فِي الْغَصْبِ بِخِلَافِ الْإِيدَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ ( وَيَدْخُلُ ) الْمَوْضُوعُ ( بِهَذَا ) الْوَضْعِ ( أَيْضًا فِي ضَمَانِهِ ) حَتَّى لَوْ تَلِفَ تَقَرَّرَ عَلَيْهِ الثَّمَنُ ( لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا ) فَلَا يَضْمَنُهُ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَا يَكْفِي لِضَمَانِ الْغَصْبِ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْعَاقِدَيْنِ مَسَافَةُ التَّخَاطُبِ فَأَتَى بِهِ الْبَائِعُ إلَى أَقَلَّ مِنْ نِصْفِهَا لَمْ يَكُنْ قَبْضًا أَوْ إلَى نِصْفِهَا فَوَجْهَانِ أَوْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا كَانَ قَبْضًا قَالَ وَيَقْرَبُ أَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يَضَعَ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى مَسَافَةٍ تَنَالُهُ يَدُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى قِيَامٍ وَانْتِقَالٍ وَلَوْ وَضَعَهُ الْبَائِعُ عَلَى يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ وَالْمُشْتَرِي تِلْقَاءَ وَجْهِهِ لَمْ يَكُنْ قَبْضًا .
ا هـ .

( قَوْلُهُ فَرْعٌ لَوْ امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْقَبْضِ أُجْبِرَ ) لَوْ جَاءَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ فِي غَيْرِ بَلَدِ الْبَيْعِ فَقَدْ ذَكَرَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ فِي فَتَاوِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى قَبْضِهِ وَلَا مُؤْنَةَ لَهُ ا هـ وَهُوَ ظَاهِرٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ لُحُوقِ ضَرَرٍ عَلَى الْمُشْتَرِي كَاتِبَهُ ( قَوْلُهُ نَوَّبَ عَنْهُ الْحَاكِمُ كَالْغَائِبِ ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ فَلَا طَرِيقَ إلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ ( قَوْلُهُ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَخْذِهِ لَهُ ) بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ تَصِلُ يَدُهُ إلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ غَافِلٍ وَلَا نَائِمٍ وَيُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ إلَى الْبَائِعِ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي بِمَوْضِعٍ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَائِعِ وَقَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي الْبَسِيطِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا إنْ خَرَجَ مُسْتَحَقًّا فَلَا يَضْمَنْهُ ) وَإِنْ أَمَرَهُ بِوَضْعِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الِاسْتِيلَاءِ ) أَيْ بِالْفِعْلِ

( فَرْعٌ وَإِنْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي امْتِثَالًا لِأَمْرِهِ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا ) لَهُ إذْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ ( وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي بِإِذْنِهِ ( وَيَضْمَنُهُ ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ ( فِي السَّلَمِ ) لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَهُ فِي مِلْكِ نَفْسِهِ ( وَكَذَا لَوْ اسْتَعَارَهُ ) الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ ( لِيَجْعَلَ ) الْبَائِعُ ( الْمَبِيعَ فِيهِ ) كَأَنْ قَالَ لَهُ أَعِرْنِي ظَرْفَك وَاجْعَلْ الْمَبِيعَ فِيهِ فَفَعَلَ لَمْ يَصِرْ الْمُشْتَرِي قَابِضًا وَلَا ضَامِنًا لِلظَّرْفِ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ هُوَ الْبَائِعُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَسْأَلَةِ جَعْلِهِ الْمَبِيعَ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي بِأَمْرِهِ ( وَلَا بُدَّ مَعَ النَّقْلِ ) لَمَّا بِيعَ مِقْدَارٌ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ أَوْ ذَرْعٍ ( مِنْ الْكَيْلِ أَوْ الْوَزْنِ ) أَوْ الْعَدِّ أَوْ الذَّرْعِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ } دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ فِيهِ إلَّا بِالْكَيْلِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي بَيْعِ الْجُزَافِ إجْمَاعًا فَتَعَيَّنَ فِيمَا قَدَّرَ بِكَيْلٍ وَقِيسَ بِهِ الْبَقِيَّةُ وَذَلِكَ ( فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ أَوْ أَرْطَالٍ مِنْ هَذِهِ الْعِشْرِينَ ) صَاعًا أَوْ رَطْلًا كُلَّ صَاعٍ أَوْ رَطْلٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ بِعْتُك هَذِهِ الْأَغْنَامَ كُلَّ رَأْسٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ هَذَا الثَّوْبَ كُلَّ ذِرَاعٍ بِدِرْهَمٍ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ الْعِشْرِينَ كَانَ أَوْلَى لِإِيهَامِهِ أَنَّ الْعِلْمَ بِكَمِّيَّةِ ذَلِكَ شَرْطٌ وَأَنَّ تَفْرِيقَهُ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ ذَلِكَ صَحِيحًا ( فَإِنْ قَبَضَهُ جُزَافًا أَوْ وَزْنَ مَا اشْتَرَاهُ كَيْلًا أَوْ عَكْسَ أَوْ أَخْبَرَهُ الْمَالِكُ ) بِقَدْرِهِ ( وَصَدَّقَهُ وَقَبَضَ ) أَيْ أَخَذَهُ ( فَهُوَ ضَامِنٌ ) لَهُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ ( لَا قَابِضٌ ) لَهُ قَبْضًا مُجَوِّزًا لِلتَّصَرُّفِ فِيهِ لِعَدَمِ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ بِالْعَقْدِ وَلَوْ تَلِفَ

فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا كَأَصْلِهِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ لِتَمَامِ الْقَبْضِ وَحُصُولِ الْمَالِ فِي يَدِهِ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا بَقِيَ مَعْرِفَةُ مِقْدَارِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الِانْفِسَاخِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَتْلَفَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ إتْلَافَهُ قَبْضٌ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ كَوْنُ الْمَقْبُوضِ مَرْئِيًّا فَإِنْ لَمْ يَرَهُ قَالَ الْإِمَامُ خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّقَابُضِ جُزَافًا وَرَأَى هُوَ أَنَّهُ كَالْبَيْعِ ( وَإِنْ تَنَازَعَا ) فِيمَنْ يَكِيلُ ( نَصَبَ الْحَاكِمُ كَيَّالًا ) أَمِينًا يَتَوَلَّاهُ وَيُقَاسُ بِالْكَيْلِ غَيْرُهُ وَفِي الْأَصْلِ هُنَا زِيَادَةُ حَذَفَهَا الْمُصَنِّفُ لِأَنَّهَا مَذْكُورَةٌ مَعَ تَفْصِيلٍ فِيهَا فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ
( قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ مُقْبِضًا لَهُ ) نَعَمْ إنْ وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ كَفَى أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ ( قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي السَّلَمِ ) مِثْلُهُ الْمُقْتَرِضُ ( قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِ نُسَخِ الرَّوْضَةِ إلَخْ ) وَقَدْ جَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ إذْ فَاعِلُ اسْتَعَارَهُ فِي كَلَامِهِ الْبَائِعُ لَا الْمُشْتَرِي كَمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ ( قَوْلُهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ دَاخِلَةٌ إلَخْ ) الْآمِرُ فِي تِلْكَ الْمُشْتَرِي وَالْجَاعِلُ الْبَائِعُ وَالْآمِرُ فِي هَذِهِ الْبَائِعُ ( قَوْلُهُ فِي نَحْوِ بِعْتُك عَشَرَةَ آصُعٍ ) لَوْ اشْتَرَى قَفِيزًا أَوْ صَاعًا فَاكْتَالَ بِالْمَكُّوكِ أَوْ بِالْمُدِّ وَهُوَ رُبْعُ الْقَفِيزِ وَالصَّاعِ فَهَلْ يَصِحُّ وَجْهَانِ وَأَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ ( قَوْلُهُ صَحَّحَ الْمُتَوَلِّي مِنْهُمَا الْمَنْعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ إنَّمَا سَكَتَا عَنْ تَرْجِيحِهِ لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَقَدْ أَوْضَحْته

( فَرْعٌ مُؤْنَةُ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ ) الْمُفْتَقِرِ إلَيْهِمَا الْقَبْضُ ( عَلَى مَنْ أَوْفَى ) بَائِعًا كَانَ أَوْ مُشْتَرِيًا كَمُؤْنَةِ إحْضَارِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ الْغَائِبَيْنِ إلَى مَحَلِّ الْعَقْدِ أَيْ تِلْكَ الْمَحَلَّةَ وَأَمَّا مُؤْنَةُ نَقْلِهِمَا الْمُفْتَقِرُ إلَيْهِ الْقَبْضُ فَعَلَى الْمُسْتَوْفِي عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يَنْفَرِدُ عَنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ اللَّذَيْنِ يَحْصُلُ بِهِمَا الْقَبْضُ بِمَا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ ذَلِكَ إلَى كَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ وَكَالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ فِيمَا ذُكِرَ الْعَدُّ وَ الذَّرْعُ ( وَ ) مُؤْنَةُ ( النَّقْدِ عَلَى الْمُسْتَوْفِي ) لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ إظْهَارُ عَيْبٍ إنْ كَانَ لِيَرُدَّ بِهِ وَقَيَّدَهُ الْعُمْرَانِيُّ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى الْمُوَفِّي وَاسْتَحْسَنَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَالزَّرْكَشِيُّ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَيَأْتِي فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا وَجَاءَ بِعَبْدٍ مَعِيبٍ لِيَرُدَّهُ فَقَالَ الْبَائِعُ لَيْسَ هَذَا الْمَبِيعُ صَدَقَ بِيَمِينِهِ وَفِي السَّلَمِ يَصْدُقُ الْمُسْلِمُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ قَالَ وَلَوْ أَخْطَأَ النَّقَّادُ فَظَهَرَ بِمَا نَقَدَهُ غِشٌّ وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَذَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ مُتَبَرِّعًا فَإِنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ فَيَضْمَنُ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلنَّسْخِ فَغَلَطَ فِي حَالِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ انْتَهَى

ثَمَّ قَوْلُهُ الْمُفْتَقِر إلَيْهِمَا الْقَبْضُ ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَالنَّقْدُ عَلَى الْمُسْتَوْفِي ) بَائِعًا أَوْ كَانَ مُشْتَرِيًا ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَتَعَيَّنُ إلَّا بِقَبْضٍ صَحِيحٍ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ ) الْمُعْتَمَدُ الْإِطْلَاقُ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهُ وَيَغْرَمُ أَرْشَ الْوَرَقِ ) الْفَرْقُ وَاضِحٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الضَّمَانِ وَاضِحٌ لِأَنَّ النَّاسِخَ عَيْبُ الْوَرَقِ وَلَا تَعَيُّبَ مِنْ النُّقَّادِ أَب قَالَ شَيْخُنَا وَالْمُعْتَمَدُ مَا أَطْلَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي وَبِهِ أَفْتَيْت

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ ) بَكْرٌ ( لِغَرِيمِهِ لِي عَلَى زَيْدٍ طَعَامٌ ) مِثْلُ طَعَامِك ( فَاكْتَلْهُ وَاقْبِضْهُ لِنَفْسِك أَوْ اُحْضُرْ مَعِي لِأَكْتَالَهُ وَأَقْبِضَهُ ) أَنَا ( لَك فَفَعَلَ فَسَدَ الْقَبْضُ ) لَهُ لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يُجْرَى فِيهِ الصَّاعَانِ يَعْنِي صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ رُوِيَ مَوْصُولًا مِنْ أَوْجُهٍ إذَا ضُمَّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ قَوِيَ مَعَ مَا ثَبَتَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ ( وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ ) لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ لِغَرَضِهِ ( وَبَرِئَ زَيْدٌ ) مِنْ حَقِّ بَكْرٍ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَقَبَضَهُ بِنَفْسِهِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ حَذَفَ الِاكْتِيَالَ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْقَبْضِ فِيمَا مَرَّ وَفِيمَا يَأْتِي كَانَ أَحْسَنَ وَأَخْصَرَ ( وَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( اقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك أَوْ أَحْضِرْ ) مَعِي ( لِأَقْبِضَهُ لِي ثُمَّ لَك ) فَفَعَلَ ( صَحَّ الْقَبْضُ الْأَوَّلُ ) إذْ لَا مَانِعَ ( دُونَ الثَّانِي ) لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَضَمِنَهُ الْقَابِضُ وَبَرِئَ زَيْدٌ مِنْ حَقِّ بَكْرٍ .
( فَإِنْ اكْتَالَهُ لِنَفْسِهِ ثُمَّ قَبَضَهُ ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَالْأَصْلِ بِالْوَاوِ بَدَلَ الْفَاءِ وَثُمَّ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ وَلَا الْقَبْضُ مُتَرَاخِيًا عَنْ الِاكْتِيَالِ أَيْ وَلَوْ اكْتَالَهُ بَكْرٌ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ ( ثُمَّ كَالَهُ لَهُ ) أَيْ لِغَرِيمِهِ ( وَأَقْبَضَهُ ) لَهُ ( صَحَّا ) أَيْ الْقَبْضَانِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمَقْبُوضِ وَلِجَرَيَانِ الصَّاعَيْنِ ( فَإِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ ) حِينَ كَالَهُ ثَانِيًا ( بِمَا يَتَفَاوَتُ بِالْكَيْلِ ) أَيْ بِقَدْرٍ يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) فَتَكُونُ الزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ ( أَوْ بِمَا لَا يَتَفَاوَتُ ) بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ ( فَالْكَيْلُ الْأَوَّلُ غَلَطٌ فَيَسْتَدْرِكُ ) أَيْ فَيَرُدُّ بَكْرٌ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِالنَّقْصِ ( وَكَذَا ) يَصِحُّ الْقَبْضَانِ ( لَوْ قَبَضَهُ فِي

الْمِكْيَالِ ) بِأَنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ ( وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِيهِ ) أَيْ إلَى غَرِيمِهِ فِي الْمِكْيَالِ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ كَابْتِدَاءِ الْكَيْلِ ( فَإِنْ قَالَ ) لِغَرِيمِهِ ( اشْتَرِ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمَ لِي ) مِثْلَ ( مَا تَسْتَحِقُّهُ ) عَلَيَّ ( وَاقْبِضْهُ لِي ثُمَّ لِنَفْسِك ) فَفَعَلَ ( صَحَّ الشِّرَاءُ وَالْقَبْضُ الْأَوَّلُ فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّانِي لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَلِامْتِنَاعِ كَوْنِهِ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ فِي حَقِّ نَفْسِهِ ( أَوْ ) قَالَ وَ ( اقْبِضْهُ لِنَفْسِك ) فَفَعَلَ ( فَسَدَ الْقَبْضُ ) لِأَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَتَمَكَّنُ غَيْرُهُ مِنْ قَبْضِهِ لِنَفْسِهِ ( وَضَمِنَهُ ) الْغَرِيمُ لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِ ( وَبَرِئَ الدَّافِعُ ) مِنْ حَقِّ الْمُوَكِّلِ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ ( أَوْ ) قَالَ ( اشْتَرِ ) بِهَا ذَلِكَ ( لِنَفْسِك فَسَدَتْ الْوَكَالَةُ ) إذْ كَيْفَ يَشْتَرِي بِمَالِ الْغَيْرِ لِنَفْسِهِ ( وَالدَّرَاهِمُ أَمَانَةٌ ) بِيَدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا لِيَتَمَلَّكَهَا وَلَا يَشْكُلُ ذَلِكَ بِمَا فِي الْوَكَالَةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ لِي مِنْ مَالِكِ كَذَا بِكَذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ لِلْمُوَكِّلِ لِأَنَّ الْمَدْفُوعَ ثَمَّ قَرْضٌ بِخِلَافِهِ هُنَا لِأَنَّ الْغَرَضَ إيفَاءُ مَا عَلَى الْمُوَكِّلِ ( وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهَا بَطَلَ ) أَوْ فِي الذِّمَّةِ وَقَعَ عَنْهُ وَأَدَّى الثَّمَنَ مِنْ مَالِهِ ( وَلَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ اكْتَلْ حَقَّك مِنْ صُبْرَتِي لَمْ يَصِحَّ ) لِأَنَّ الْكَيْلَ أَحَدُ رُكْنَيْ الْقَبْضِ وَقَدْ صَارَ نَائِبًا فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ مُتَأَصِّلًا لِنَفْسِهِ

( قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ إلَخْ ) رَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ صَاعُ الْبَائِعِ وَصَاعُ الْمُشْتَرِي } وَلَمْ يَقِفْ الْإِمَامُ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ الصَّاعَانِ ثُمَّ قَالَ أَرَادَ صَاعَ الْبَائِعِ وَصَاعَ الْمُشْتَرِي وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّ الْإِقْبَاضَ هُنَا مُتَعَدِّدٌ وَمِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ الْكَيْلُ فَلَزِمَ تَعَدُّدُ الْكَيْلِ وَالْكَيْلَاتِ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ فَلَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْكَيْلِ الْأَوَّلِ لِجَوَازِ أَنَّهُ لَوْ جَدَّدَهُ لَظَهَرَ فِيهِ تَفَاوُتٌ ( قَوْلُهُ لِإِذْنِهِ فِي الْقَبْضِ مِنْهُ فِي الْأُولَى ) لِأَنَّ قَبْضَهُ لِنَفْسِهِ عَنْ الْمَدِينِ مُسْتَلْزِمٌ لِقَبْضِهِ عَنْ الْإِذْنِ وَالْإِذْنُ فِي الْمُسْتَلْزِمِ إذْنٌ فِي لَازِمِهِ فَيَصِحُّ فِي اللَّازِمِ وَإِنْ فَسَدَ فِي الْمَلْزُومِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى قَوْلِ بَكْرٍ لِغَرِيمِهِ ) مَا هُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى صِحَّةِ الْقَبْضِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي ( قَوْلُهُ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ فِي الْمِكْيَالِ إلَخْ ) دَوَامُهُ فِي الْمِيزَانِ وَالذِّرَاعِ كَدَوَامِهِ فِي الْمِكْيَالِ

( فَرْعٌ لَا يَجُوزُ ) لِلْمُسْتَحِقِّ ( أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْقَبْضِ مَنْ يَدُهُ يَدُ الْمُقْبَضِ كَعَبْدِهِ ) وَلَوْ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ الْمُقْبَضَ ( بِخِلَافِ ابْنِهِ ) وَأَبِيهِ ( وَمُكَاتَبِهِ ) فَيَجُوزُ لَهُ تَوْكِيلُهُمْ فِي الْقَبْضِ ( وَإِنْ قَالَ ) لِغَرِيمِهِ ( وَكِّلْ مَنْ يَقْبِضُ ) لِي مِنْك ( أَوْ ) قَالَ لِغَيْرِهِ وَكِّلْ مَنْ ( يَشْتَرِي لِي مِنْك فَفَعَلَ صَحَّ ) وَيَكُونُ وَكِيلًا لَهُ فِي التَّوْكِيلِ فِي الْقَبْضِ أَوْ الشِّرَاءِ مِنْهُ ( وَإِنْ وَكَّلَ الْبَائِعُ رَجُلًا فِي الْإِقْبَاضِ ثُمَّ وَكَّلَهُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبْضِ لَمْ يَصِحَّ ) تَوْلِيَتُهُ لَهُمَا مَعًا لِاتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبَضِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ بَدَلَ ثُمَّ
قَوْلُهُ وَمُكَاتَبُهُ ) مِثْلُهُ الْمُبَعَّضُ إذَا قَبَضَ فِي نَوْبَتِهِ

( فَرْعٌ لِلْأَبِ ) وَإِنْ عَلَا إذَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ مَالِ مُوَلِّيهِ أَوْ عَكْسَهُ ( أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ كَالْبَيْعِ ) أَيْ كَمَا يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْبَيْعِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ ( وَيَحْتَاجُ النَّقْلُ ) أَيْ إلَيْهِ كَمَا يَحْتَاجُ إلَى الْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَقَدْ يَتَوَلَّى الشَّخْصُ طَرَفَيْ الْقَبْضِ وَالْإِقْبَاضِ فِي مَسَائِلِ أُخَرَ تَأْتِي مُفَرَّقَةً فِي مَحَالِّهَا وَقَدْ جَمَعَ الزَّرْكَشِيُّ أَكْثَرَهَا هُنَا فِي الْخَادِمِ

( قَوْلُهُ لِلْأَبِ أَنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ ) أَيْ وَفِي النِّكَاحِ إذَا أَصْدَقَ فِي مَالِ وَلَدِهِ أَوْ فِي مَالِ وَلَدِ وَلَدِهِ لِبِنْتِ ابْنِهِ وَفِي صُورَةِ الْخُلْعِ إذَا خَالَعَهَا عَلَى طَعَامٍ فِي ذِمَّتِهَا بِصِفَةِ السَّلَمِ وَأَذِنَ لَهَا فِي صَرْفِهِ لِوَلَدِهِ مِنْهَا فَصَرَفَتْهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطِ قَبْضِ صَاحِبِ الْمَالِ فَإِنَّهَا تَبْرَأُ إلَّا فِي احْتِمَالٍ لِابْنِ الصَّبَّاغِ مِنْ اتِّحَادِ الْقَابِضِ وَالْمُقْبِضِ وَنَقَلَ الْجُورِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ السَّاعِيَ يَأْخُذُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَلَوْ قَالَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَطْعِمْ عَنِّي عَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَأَطْعَمَ سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْقَبْضِ وَيُجْعَلُ قَبْضُ الْمَسَاكِينِ كَقَبْضِهِ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ الْمَشْهُورَةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْغَاصِبَ أَوْ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ الْمُسْتَأْجِرَ فِي قَبْضِ مَا فِي يَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَبِلَ صَحَّ وَإِذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَتَأَتَّى فِيهَا الْقَبْضُ بَرِئَ الْغَاصِبُ وَالْمُسْتَعِيرُ مِنْ الضَّمَانِ نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْهِبَةِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْأَصْلِ الْمُقَرَّرِ فِي أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ قَابِضًا مُقْبِضًا وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَ دَارًا بِدَرَاهِمَ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ أَذِنَ الْمُؤَجِّرُ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي صَرْفِهَا فِي الْعِمَارَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَفِي الْإِشْرَافِ لَوْ كَانَ لَهُ فِي ذِمَّةِ شَخْصٍ مَالٌ فَأَذِنَ لَهُ فِي إسْلَامِهِ فِي كَذَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ يَصِحُّ وَالْمَذْهَبُ الْمَنْعُ

( فَرْعٌ قَبْضُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ بِقَبْضِ الْجَمِيعِ ) لِأَنَّهُ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ لَكِنْ إنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ ( وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ ) بِيَدِهِ بِخِلَافِ الزَّائِدِ فِي عَشَرَةِ دَنَانِيرَ عَدَدًا أَخَذَهَا الدَّائِنُ مِمَّنْ لَزِمَتْهُ فَوَازَنَتْ أَحَدَ عَشَرَ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِنَفْسِهِ ( وَيُجَابُ طَالِبُ الْقِسْمَةِ ) إلَيْهَا ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) لِأَنَّا إنْ جَعَلْنَاهَا إفْرَازًا فَظَاهِرٌ أَوْ بَيْعًا فَالرِّضَا غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِيهَا إذْ الشَّرِيكُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا وَإِذَا لَمْ يُعْتَبَرْ الرِّضَا جَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الْقَبْضُ كَالشُّفْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ الرَّدِّ لِاعْتِبَارِ الرِّضَا فِيهَا
( قَوْلُهُ وَالزَّائِدُ أَمَانَةٌ بِيَدِهِ ) إنْ كَانَ لِلْبَائِعِ أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَذِنَ فِيهِ وَإِلَّا فَمَضْمُونٌ ( قَوْلُهُ كَالشُّفْعَةِ ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ

( فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ ) لِلْبَائِعِ كَمَا تَسْتَقِلُّ الزَّوْجَةُ بِقَبْضِ الصَّدَاقِ إذَا سَلَّمَتْ نَفْسَهَا ( أَوْ كَانَ ) الثَّمَنُ ( مُؤَجَّلًا ) لِرِضَا الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الثَّمَنَ وَكَانَ حَالًّا ( فَلَا ) يَسْتَقِلُّ بِقَبْضِهِ وَإِنْ سَلَّمَ بَعْضَهُ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ الرَّدُّ ( إذْ لِلْبَائِعِ حَبْسُهُ ) إنْ خَافَ فَوْتَ الثَّمَنِ ( حَتَّى يَقْبِضَهُ كُلَّهُ أَوْ ) يَقْبِضَ ( عِوَضَهُ إنْ صَالَحَ عَنْهُ ) عَلَى مَالٍ ( وَلِلْمُشْتَرِي ) أَيْضًا ( حَبْسُ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ كُلَّهُ ) إنْ خَافَ فَوْتَهُ ( فَإِذَا ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( امْتَنَعَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا مِنْ التَّسْلِيمِ لِلْآخَرِ ( حَتَّى يُسَلِّمَ ) لَهُ ( الْآخَرُ ) وَكَانَ الْعَقْدُ لَازِمًا وَالثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَالْمَبِيعِ ( أُجْبِرَا عَلَى التَّسْلِيمِ ) لِاسْتِوَاءِ الطَّرَفَيْنِ بِأَنْ يَأْمُرَهُمَا الْحَاكِمُ بِتَسْلِيمِ مَا عَلَيْهِمَا إلَيْهِ أَوْ ( إلَى عَدْلٍ ) لِيُسَلِّمَ هُوَ أَوْ الْعَدْلُ كُلًّا مِنْهُمَا حَقَّهُ كَمَا لَوْ كَانَ لِكُلٍّ عِنْدَ الْآخَرَ وَدِيعَةٌ وَتَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ وَلَا تَضُرُّ الْبُدَاءَةُ بِأَيِّهِمَا شَاءَ .
( وَإِنْ كَانَ ) الثَّمَنُ ( فِي الذِّمَّةِ ) وَلَمْ يَخَفْ الْبَائِعُ فَوْتَهُ ( أُجْبِرَ الْبَائِعُ ) عَلَى التَّسْلِيمِ ( أَوَّلًا ) لِرِضَاهُ بِتَعَلُّقِ حَقِّهِ بِالذِّمَّةِ وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الثَّمَنِ بِالْحَوَالَةِ وَالِاعْتِيَاضِ فَأُجْبِرَ عَلَى تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِيَتَصَرَّفَ الْمُشْتَرِي فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي الْمُفْلِسِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ مَالَ غَيْرِهِ بِوِلَايَةٍ أَوْ وَكَالَةٍ لَا يُجْبَرُ الْبَائِعُ بَلْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ ( ثُمَّ ) إذَا أُجْبِرَ الْبَائِعُ أُجْبِرَ ( الْمُشْتَرِي ) عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إنْ حَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ وَإِلَّا ( فَإِنْ غَابَ مَالُهُ عَنْ الْمَجْلِسِ ) وَكَانَ فِيمَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ ( حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ ( وَفِي جَمِيعِ أَمْوَالِهِ ) وَإِنْ كَانَتْ

وَافِيَةً بِدُيُونِهِ إلَى أَنْ يُسَلِّمَ الثَّمَنَ لِئَلَّا يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا يُبْطِلُ حَقَّ الْبَائِعِ وَهَذَا يُسَمَّى بِالْحَجْرِ الْغَرِيبِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلَسِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ نَقْصُ مَالِهِ مَعَ الْمَبِيعِ عَنْ الْوَفَاءِ أَنَّ الْمُفْلِسَ سَلَّطَهُ الْبَائِعُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَفِيهِ أَنَّ مَسْأَلَتَنَا مُصَوَّرَةٌ بِمَا إذَا سَلَّمَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ إذَا وَفَّى الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالرَّافِعِيِّ الْإِطْلَاقُ انْتَهَى هَذَا ( إنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ) بِفَلَسٍ وَإِلَّا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ أَيْضًا هَذَا الْحَجْرَ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ لَكِنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ فِي عَيْنِ مَالِهِ بِشَرْطٍ فَلَا يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ ( وَأَلْزَمَ ) الْمُشْتَرِي مَعَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ( التَّسْلِيمَ ) لِلثَّمَنِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ .
( وَهَذَا حَجْرٌ ) يُخَالِفُ حَجْرَ الْفَلَسِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ ( لَا يَرْجِعُ فِيهِ إلَى الْعَيْنِ ) أَيْ عَيْنِ الْمَبِيعِ ( وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ضِيقِ الْمَالِ ) عَنْ الْوَفَاءِ وَلَا عَلَى سُؤَالِ الْغَرِيمِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّ الْحَجْرَ لَا يَنْفَكُّ بِمُجَرَّدِ التَّسْلِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ فَكِّ الْقَاضِي كَمَا فِي حَجْرِ الْفَلَسِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ لَكِنْ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِمَامِ بِخِلَافِهِ ( فَإِنْ كَانَ ) الْمُشْتَرِي ( مُعْسِرًا ) بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الْمَبِيعِ يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَمْ لَا وَحَجَرَ عَلَيْهِ ( فَسَخَ ) الْبَائِعُ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الْمَبِيعَ ( وَكَذَا لَوْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ ) وَحَجَرَ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ تَحْصِيلِ الثَّمَنِ وَلَا يُكَلَّفُ الصَّبْرَ إلَى إحْضَارِهِ لِتَضَرُّرِهِ بِتَأْخِيرِ حَقِّهِ ( فَإِنْ صَبَرَ فَالْحَجَرُ بَاقٍ )

بِحَالِهِ ( وَاخْتِلَافُ الْمُكْرِي وَالْمُسْتَأْجِرِ ) فِي الِابْتِدَاءِ بِالتَّسْلِيمِ ( كَذَلِكَ ) أَيْ كَاخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ اخْتِلَافَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمَ إلَيْهِ كَذَلِكَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ الْإِجْبَارَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ اللُّزُومِ كَمَا مَرَّ وَالسَّلَمُ إنَّمَا يَلْزَمُ بَعْدَ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ وَالتَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ ( وَلَيْسَ لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( الْحَبْسُ بِمُؤَجَّلٍ حَلَّ ) قَبْلَ التَّسْلِيمِ لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ أَوَّلًا وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى أَنَّ لَهُ الْحَبْسَ كَمَا نَقَلَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ حِكَايَةِ الْمُزَنِيّ رُدَّ بِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجٌ لِلْمُزَنِيِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الطَّيِّبِ نَفْسُهُ .
وَحَكَاهُ عَنْهُ الرُّويَانِيُّ ثُمَّ قَالَ وَكَمْ مِنْ تَخْرِيجٍ لِلْمُزَنِيِّ رَدَّهُ الْأَئِمَّةُ وَجَعَلُوا الْمَذْهَبَ خِلَافَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ وَلَا يُطَالِبُ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ وَلَا كَفِيلٍ وَإِنْ كَانَ غَرِيبًا ( وَلَا اسْتِرْدَادِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( إنْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي ) مُتَبَرِّعًا ( وَلَوْ عَارِيَّةً ) لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْمُرَادُ مِنْ الْعَارِيَّةِ نَقْلُ الْيَدِ كَمَا قَالُوا فِي إعَارَةِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ وَإِلَّا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ وَقَالَ غَيْرُهُ صُورَتُهَا أَنْ يُؤَجِّرَ عَيْنًا وَيَبِيعَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ يَكْتَرِيَهَا مِنْ الْمُكْتَرِي وَيُعِيرَهَا لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْقَبْضِ ( إلَّا إنْ أَوْدَعَهُ ) لَهُ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي الْإِيدَاعِ تَسْلِيطٌ بِخِلَافِ الْإِعَارَةِ وَتَلَفُهُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الْإِيدَاعِ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي الشُّفْعَةِ وَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ أَيْضًا فِيمَا إذَا خَرَجَ الثَّمَنُ زُيُوفًا ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ

( فَصْلٌ لِلْمُشْتَرِي الِاسْتِقْلَالُ بِالْقَبْضِ ) ( قَوْلُهُ إنْ سَلَّمَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ ) أَوْ أُحِيلَ بِهِ أَوْ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلًا فِي الْعَقْدِ ) وَإِنْ حَلَّ قَبْلَ التَّسْلِيمِ ( قَوْلُهُ وَكَانَ حَالًّا ) أَوْ بَعْضُهُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَقَلَّ بِهِ حِينَئِذٍ لَزِمَهُ الرَّدُّ ) وَلَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَيَعْصِي وَيَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ لَمْ يَسْقُطْ الثَّمَنُ وَلَوْ تَعَيَّبَ لَمْ يَثْبُتْ الرَّدُّ وَلَوْ رَدَّ إلَى الْبَائِعِ أَوْ اسْتَرَدَّ فَتَلِفَ ضَمِنَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالضَّمَانِ ضَمَانُ الْعَقْدِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ ضَمَانُ الْيَدِ ( قَوْلُهُ أَوْ عَوَّضَهُ إنْ صَالَحَ عَنْهُ ) لِأَنَّ عِوَضَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الثَّمَنِ بِالْحَوَالَةِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْبَائِعَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ غَيْرِهِ وَالْمُشْتَرِيَ يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ مِلْكِ نَفْسِهِ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَوَقَّعُ الْفَسْخَ بِتَلَفِ الْمَبِيعِ وَالْبَائِعُ آمِنٌ مِنْهُ لِكَوْنِ حَقِّهِ فِي الذِّمَّةِ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ مَبْنِيًّا عَلَى الِاحْتِيَاطِ كَالْمُكَاتَبِ وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ لُزُومِ الْعَقْدِ وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حَالَةَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْزِعْهُ الْبَائِعُ قَطْعًا وَأَنْ يَتَمَكَّنَ كُلٌّ مِنْ التَّسْلِيمِ وَأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَالْمُرْتَهِنِ .
( قَوْلُهُ أَوْ وَكَالَةٌ إلَخْ ) فَلَوْ تَبَايَعَ وَكِيلَانِ أُجْبِرَ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ كَالْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ إلَخْ ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ عَيْنُهُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَنَوْعُهُ الَّذِي يُقْضَى مِنْهُ إنْ كَانَ فِي الذِّمَّةِ فَإِنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يُسَمَّى عَيْنًا إلَّا مَجَازًا ( قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ فِي الْمَجْلِسِ ) عِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ مَالُهُ حَاضِرًا أُجْبِرَ وَهِيَ أَحْسَنُ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ قَوْلُهُ

أُجْبِرَ كَذَا بِخَطِّهِ وَلَعَلَّ صَوَابَهُ أَجْبَرَا كَاتِبَهُ لَكِنْ إذَا كَانَ الْحَاضِرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ اسْتَوْفَى مِنْهُ بِطَرِيقِهِ وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا كَانَ مَالُهُ بِالْبَلَدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُتَيَسِّرًا فَلَوْ عَجَزَ عَنْهُ فَيَنْبَغِي الْفَسْخُ كَالْغَيْبَةِ ( قَوْلُهُ مُصَوَّرٌ بِمَا إذَا سَلَّمَ بِإِجْبَارِ الْحَاكِمِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ سَلَّمَ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ الْفَسْخُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ لَوْ كَانَ جَائِزًا وَذَلِكَ فِي صُورَةِ يَسَارِهِ الْآتِيَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّارِحُ هُنَا اسْتِطْرَادًا لِحِكَايَةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِرُمَّتِهِ ( قَوْلُهُ إذَا وَفَّى الْمَبِيعَ بِالثَّمَنِ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ سَلَّطَهُ عَلَى الْمَبِيعِ بِاخْتِيَارِهِ وَرَضِيَ بِذِمَّتِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ جَزَمَ الْبُلْقِينِيُّ كَالْإِمَامِ ) أَيْ وَابْنُ دَاوُد بِخِلَافِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ كَانَ مَالُهُ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَحُجِرَ عَلَيْهِ إلَخْ ) لِلْبَائِعِ فَسْخُ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَيْسَ فِيهَا حَجْرٌ إلَّا إذَا صَبَرَ .
قَالَ شَيْخُنَا فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ حُجِرَ عَلَيْهِ هُنَا لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُ الشَّارِحِ قَبْلَ ذَلِكَ بِنَحْوِ سَطْرٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ أَيْضًا وَلَعَلَّ الشَّارِحَ سَرَى لَهُ ذَلِكَ مِنْ رَأْيٍ ضَعِيفٍ فِي الرَّوْضَةِ ظَنَّ أَنَّهُ عَلَى الصَّحِيحِ وَعِبَارَتُهَا وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ لَا فَسْخَ بَلْ يَرُدُّ الْمَبِيعَ إلَى الْبَائِعِ وَيَحْجُرُ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيُمْهِلُ إلَى الْإِحْضَارِ وَزَعَمَ فِي الْوَسِيطِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ .
ا هـ .
هَذَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى الْحَجْرِ الْخَاصِّ هَذَا الْمُسَمَّى بِالْغَرِيبِ ( قَوْلُهُ كَاخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي ذَلِكَ ) فَالْعَيْنُ الْمُسْتَوْفَى مِنْهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ وَالْأُجْرَةُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِهِ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ رَاجَعْت كَلَامَ الْمُزَنِيّ فَوَجَدْته مِنْ تَفَقُّهِهِ وَلَمْ

يَنْقُلْهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ ( قَوْلُهُ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِالتَّسْلِيمِ ) وَلَمْ يَخَفْ فَوْتًا لِلثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَحْجُرُ الْحَاكِمُ عَلَى الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْإِعَارَةُ مِنْ غَيْرِ مَالِكٍ ) وَيَجِيءُ هَذَا فِي صُورَةِ الْإِيدَاعِ الْآتِيَةِ ( قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُ فِي الْإِيدَاعِ تَسْلِيطٌ ) هَذَا فِي الْوَدِيعَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ مَا لَوْ كَانَ مُودَعًا عِنْدَهُ حَالَةَ الْبَيْعِ فَفِي التَّتِمَّةِ أَنَّهُ لَا حَبْسَ لِلْبَائِعِ ( قَوْلُهُ كَتَلَفِهِ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَالَهُ الْقَاضِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ

( وَإِنْ اشْتَرَى بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ ) شَيْئًا وَوَفَّى نِصْفَ الثَّمَنِ عَنْ أَحَدِهِمَا ( فَلِلْبَائِعِ الْحَبْسُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الْكُلَّ ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَاقِدِ ( أَوْ بَاعَ لَهُمَا ) أَيْ مِنْهُمَا ( وَلِكُلٍّ ) مِنْهُمَا ( نِصْفٌ فَأَعْطَى أَحَدُهُمَا ) الْبَائِعُ ( النِّصْفَ ) مِنْ الثَّمَنِ ( سَلَّمَ ) إلَيْهِ الْبَائِعُ ( حِصَّتَهُ ) مِنْ الْمَبِيعِ لِأَنَّهُ سَلَّمَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الصَّفْقَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ غَيْرُ الَّتِي فِي الْأَصْلِ وَكَأَنَّهُ أَبْدَلَهَا بِهَذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَرَى بِمَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ فِيهَا مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِهِمْ بِهَا وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ فِيهَا وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ فَإِذَا أَخَذَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا مِنْ الثَّمَنِ فَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ النِّصْفِ كَذَا ذَكَرَهُ فِي التَّهْذِيبِ وَفِيهِ كَلَامَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْعَبْدَ الْمُشْتَرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ إذَا بَاعَاهُ فَفِي انْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِأَخْذِ نَصِيبِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَجْهَانِ فَكَانَ أَخْذُ الْوَكِيلِ لِأَحَدِهِمَا مَبْنِيًّا عَلَى ثُبُوتِ الِانْفِرَادِ لَوْ بَاعَا بِأَنْفُسِهِمَا وَالثَّانِي إنَّا إذَا قُلْنَا أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي تَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ وَاتِّحَادِهَا بِالْعَاقِدِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَسْلِيمُ النِّصْفِ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا أَخَذَ الْبَائِعُ بَعْضَ الثَّمَنِ هَلْ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ نَحْوَهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ النِّصْفِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ لِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْعَقْدِ وَأَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخَذَ بَعْضَ الثَّمَنِ لَا يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ قِسْطِهِ انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى مَسْأَلَةِ الِاتِّحَادِ فِي التَّصْحِيحِ فَيُمْشَى عَلَى مَا فِي التَّهْذِيبِ وَتَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَثْنَاةً مِمَّا اسْتَشْكَلَ بِهِ

الشَّيْخَانِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ شِرَائِهِ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِيهَا بِخِلَافِهِ فِي تِلْكَ
( قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ تَقْرِيرُ كَلَامِهِ بِهَا ) بِأَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ إلَى الْوَكِيلِ بَاعَ اثْنَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ بِوَكَالَةٍ مُنَوَّنًا وَقَوْلُهُ اثْنَيْنِ مَفْعُولُ بَاعَ فَيَنْدَفِعُ الْإِشْكَالُ الثَّانِي لِتَعَدُّدِ الصَّفْقَةِ حِينَئِذٍ بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي وَيَنْدَفِعُ أَيْضًا بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ بِوَكَالَةِ اثْنَيْنِ أَيْ بِتَوْكِيلِهِ اثْنَيْنِ فِي بَيْعِ مَالِهِ فَيَكُونُ إسْنَادُ الْبَيْعِ إلَيْهِ مَجَازًا قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الِانْفِرَادِ إلَخْ ) وَهُوَ الْأَصَحُّ

( بَابُ التَّوْلِيَةِ ) أَصْلُهَا تَقْلِيدُ الْعَمَلِ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَتْ فِيمَا يَأْتِي ( وَالْإِشْرَاكُ ) مَصْدَرُ أَشْرَكَهُ أَيْ صَيَّرَهُ شَرِيكًا ( مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَالَ لِعَالِمٍ بِالثَّمَنِ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَوْ لِجَاهِلٍ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ قَبُولِهِ ( وَلَّيْتُك الْعَقْدَ فَقَبِلَ مَلَكَهُ ) أَيْ الْمَبِيعَ ( دُونَ زَوَائِدِهِ الْمُنْفَصِلَةِ ) كَالْمُشْتَرَى بِغَيْرِ تَوْلِيَةٍ ( بِمِثْلِ الثَّمَنِ ) الْأَوَّلِ جِنْسًا وَقَدْرًا وَ صِفَةً ( أَوْ بَعْضَهُ إنْ حُطَّ عَنْهُ ) بِضَمِّ الْحَاءِ ( الْبَعْضُ ) الْآخَرُ وَلَوْ قَبْلَ لُزُومِ الْبَيْعِ أَوْ بَعْدَ التَّوْلِيَةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ حَطَّ الْبَائِعِ وَوَارِثِهِ وَوَكِيلِهِ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ إنْ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ وَلَعَلَّهُ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ ( فَإِنْ حَطَّ ) عَنْهُ ( الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ ) وَلَوْ بَعْدَ اللُّزُومِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَبْلَ لُزُومِهَا ( لَمْ تَصِحَّ ) التَّوْلِيَةُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ بِلَا ثَمَنٍ وَقَوْلُ السُّبْكِيّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ إنْ كَانَ الْحَطُّ بَعْدَ اللُّزُومِ أَيْ لِلْبَيْعِ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ فَتُتَّجَهُ الصِّحَّةُ فِيهِ نَظَرًا لِأَنَّ الْحَطَّ فِي الْمَعْنَى إبْرَاءٌ بَلْ عَبَّرَ عَنْهُ الْمُتَوَلِّي بِهِ وَلَمْ يَقُولُوا فِيهِ بِذَلِكَ ( أَوْ بَعْدَهَا ) وَبَعْدَ لُزُومِهَا ( صَحَّتْ وَانْحَطَّ ) الثَّمَنُ عَنْ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ بَيْعًا جَدِيدًا فَخَاصِّيَّتُهَا التَّنْزِيلُ عَلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ فَهِيَ فِي حَقِّ الثَّمَنِ كَالْبِنَاءِ وَفِي حَقِّ نَقْلِ الْمِلْكِ كَالِابْتِدَاءِ حَتَّى تَتَجَدَّدَ فِيهِ الشُّفْعَةُ كَمَا سَيَأْتِي ( وَيَلْزَمُ التَّوْلِيَةَ جَمِيعُ أَحْكَامِ الْبَيْعِ لَكِنَّ الْعِلْمَ بِالثَّمَنِ يَكْفِي عَنْ ذِكْرِهِ ) لِأَنَّ خَاصِّيَّتَهَا الْبِنَاءُ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَإِذَا لَزِمَهَا أَحْكَامُ الْبَيْعِ ( فَتَتَجَدَّدُ بِهَا الشُّفْعَةُ ) إذَا كَانَ الْمَبِيعُ شِقْصًا مَشْفُوعًا وَعَفَا الشَّفِيعُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا أَنَّ لِلْمَوْلَى مُطَالَبَةَ الْمُتَوَلِّي بِالثَّمَنِ مُطْلَقًا لَكِنْ قَالَ

الْإِمَامُ يَنْقَدِحُ أَنَّهُ لَا يُطَالِبُهُ حَتَّى يُطَالِبَهُ بَائِعُهُ إذَا قُلْنَا يَلْحَقُهُ الْحَطُّ وَتَوَقَّفَ فِي أَنَّهُ هَلْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُتَوَلِّي

( بَابُ التَّوْلِيَةِ ) ( قَوْلُهُ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ ) سَوَاءٌ أَقَالَ بِمَا اشْتَرَيْت أَمْ سَكَتَ أَوْ وَلَّيْتُك كَمَا قَالَهُ الْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ أَوْ بَعْضُهُ إنْ حَطَّ عَنْهُ إلَخْ ) لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ لَا أُطَالِبُ إلَّا بِمَا أُطَالِبُ بِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْحَطَّ إنَّمَا يَصِحُّ فِي غَيْرِ الرِّبَوِيِّ الْمُعْتَبَرِ فِيهِ التَّمَاثُلُ ( قَوْلُهُ وَوَارِثُهُ وَوَكِيلُهُ ) أَيْ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثَّمَنِ وَالْمُحْتَالُ بِهِ وَالسَّيِّدُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ نَفْسَهُ وَمُوَكِّلُ الْبَائِعِ ( قَوْلُهُ وَعِبَارَةِ الشَّيْخَيْنِ ) أَيْ فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ حَطَّ الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لَمْ تَصِحَّ ) لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ الْحَطِّ بِالسُّقُوطِ لَشَمِلَ مَا لَوْ وَرِثَ الْمَوْلَى الثَّمَنَ أَوْ بَعْضَهُ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْ الْمُتَوَلِّي كَمَا يَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ وَعَلَيْهِ لَوْ وَرِثَ الْكُلَّ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ لَمْ تَصِحَّ س ( قَوْلُهُ وَبَعْدَ لُزُومِهَا ) وَقَعَ فِي الْفَتَاوَى أَنَّ رَجُلًا بَاعَ وَلَدَهُ دَارًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ ثُمَّ أَسْقَطَ عَنْهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْ الْمَجْلِسِ فَأُجِيبُ فِيهَا بِأَنَّهُ يَصِيرُ كَمَنْ بَاعَ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَتَسْتَمِرُّ الدَّارُ عَلَى مِلْكِ الْوَالِدِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَوْنِهَا بَيْعًا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ ) وَضَعَّفَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ الْمُتَوَقَّعَ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ وَإِلَّا لَمَا صَحَّ الْعَقْدُ هُنَا لِلْجَهَالَةِ لَوْ اطَّلَعَ الْمَوْلَى عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِالْمَبِيعِ فَهَلْ يَرُدُّ عَلَى الْمَوْلَى أَوْ عَلَى بَائِعِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ فِي ذَلِكَ وَفِي نَظِيرِهِ مِنْ الْبَيْعِ يَرُدُّ عَلَى الَّذِي اشْتَرَى مِنْهُ .
ا هـ .
لَا يَرُدُّهُ إلَّا عَلَى الْمَوْلَى ( قَوْلُهُ وَتَوَقَّفَ فِي أَنَّهُ هَلْ لِلْبَائِعِ مُطَالَبَةُ الْمُتَوَلِّي ) لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ

( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ ) فِي التَّوْلِيَةِ ( كَوْنُ الثَّمَنِ مِثْلِيًّا ) لِيَأْخُذَ الْمَوْلَى مِثْلَ مَا بَذَلَ ( فَإِنْ اشْتَرَى ) وَفِي نُسْخَةٍ اشْتَرَاهُ ( بِعَرَضٍ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُوَلِّيَهُ ) أَيْ الْعَقْدَ ( إلَّا مَنْ انْتَقَلَ الْعَرَضُ إلَيْهِ ) مِلْكًا ( فَإِنْ قَالَ الْمُشْتَرِي بِالْعَرَضِ قَامَ عَلَيَّ ) بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ ( وَذَكَرَ الْقِيمَةَ ) مَعَ الْعَرَضِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُرَابَحَةِ ( جَازَ ) وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ وَقَالَ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَقَدْ وَلَّيْتُك الْعَقْدَ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَوْ وَلَّتْ الْمَرْأَةُ فِي صَدَاقِهَا بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ الرَّجُلُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ فَوَجْهَانِ ( فَلَوْ كَذَبَ ) الْمَوْلَى فِي إخْبَارِهِ بِالثَّمَنِ ( فَكَالْكَذِبِ ) فِيهِ ( فِي الْمُرَابَحَةِ ) وَهَذَا مِنْ حَيْثُ الْفَتْوَى حَاصِلُ قَوْلِ الْأَصْلِ فَقِيلَ كَالْكَذِبِ فِي الْمُرَابَحَةِ وَقِيلَ يَحُطُّ قَوْلًا وَاحِدًا
( قَوْلُهُ فَوَجْهَانِ ) وَفِي كَلَامِ السُّبْكِيّ مَا يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ وَبِهَا صَرَّحَ ابْنُ السِّرَاجِ الْيَمَنِيُّ فِي شَرْحِ الْحَاوِي وَهِيَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي التَّوْلِيَةِ بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ حَالًّا وَكَوْنِهِ مُؤَجَّلًا وَفِيمَا إذَا كَانَ مُؤَجَّلًا وَوَقَعَتْ بَعْدَ الْحُلُولِ نَظَرٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَكُونُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي مِنْ وَقْتِهَا وَأَنْ يُقَالَ يَكُونُ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ حَالًّا وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ صِفَاتِ الثَّمَنِ وَقَدْ شَرَطُوا الْمِثْلِيَّةَ فِي الصِّفَةِ انْتَهَى
( قَوْلُهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ يَكُونُ الْأَجَلُ فِي حَقِّ الثَّانِي مِنْ وَقْتِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ وَالِاشْتِرَاكُ هُوَ أَنْ يَقُولَ ) الْمُشْتَرِي لِمَنْ مَرَّ فِي التَّوْلِيَةِ ( أَشْرَكْتُك فِي الْمَبِيعِ ) وَهُوَ بَيْعٌ فَتَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُهُ ( فَإِنْ صَرَّحَ بِالْمُنَاصَفَةِ أَوْ غَيْرِهَا ) مِنْ الْكُسُورِ كَقَوْلِهِ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ أَوْ ثُلُثِهِ ( صَحَّ وَكَذَا لَوْ أَطْلَقَ ) الْإِشْرَاكَ يَصِحُّ ( وَيُحْمَلُ عَلَيْهَا ) أَيْ الْمُنَاصَفَةِ كَالْإِقْرَارِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْعَقْدِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَلَا بُدَّ فِي الْإِشْرَاكِ مِنْ ذِكْرِ الْبَيْعِ بِأَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي بَيْعِ هَذَا أَوْ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا يَكْفِي أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَأَقَرَّهُ وَعَلَيْهِ أَشْرَكْتُك فِي هَذَا كِنَايَةٌ ( وَقَوْلُهُ أَشْرَكْتُك بِالنِّصْفِ ) أَوْ مُنَاصَفَةً ( يَقْتَضِي ) أَنَّهُ بَاعَهُ ( النِّصْفَ ) بِنِصْفِ الثَّمَنِ ( أَوْ ) أَشْرَكْتُك ( فِي النِّصْفِ يَقْتَضِي ) أَنَّهُ بَاعَهُ ( الرُّبُعَ ) بِرُبُعِ الثَّمَنِ نَعَمْ إنْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي نِصْفِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ تَعَيَّنَ النِّصْفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ لِمُقَابَلَتِهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا بِالرُّبُعِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَبِيعِ مُقَابَلَةٌ بِالثَّمَنِ فَنِصْفُهُ بِنِصْفِهِ

( قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَقُولَ أَشْرَكْتُك فِي الْمَبِيعِ ) لَوْ بَاعَ الْوَلِيُّ غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ مَالَ الطِّفْلِ ثُمَّ قَالَهُ لَهُ الْمُشْتَرِي أَشْرَكْتُك فِي هَذَا الْعَقْدِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ .
ا هـ .
يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ( قَوْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ ) قَالَ شَارِحُ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ وَلَوْ قَالَ أَشْرَكْتُك فِي الْعَبْدِ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْبَيْعَ أَوْ الْعَقْدَ بَطَلَ الْإِشْرَاكُ جَزْمًا وَصَوَّرَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ وَالْبَسِيطِ وَالْفُورَانِيُّ فِي الْإِبَانَةِ مَسْأَلَةَ الْإِشْرَاكِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَتَصِحُّ التَّوْلِيَةُ وَالْإِشْرَاكُ فِي الْمُسْتَأْجَرِ لَا فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ لَوْ تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ فَهَلْ يَسْتَحِقُّ الشَّرِيكُ نِصْفَ مَالِهِمْ أَوْ مِثْلَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَيَا شَيْئًا ثُمَّ أَشْرَكَا ثَالِثًا فِيهِ فَهَلْ لَهُ نِصْفُهُ أَوْ ثُلُثُهُ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَالْأَشْبَهُ الثَّانِي

( بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ ) وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنْ الرِّبْحِ وَهُوَ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ ( مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا وَقَالَ لِآخَرَ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالثَّمَنِ وَعِلْمُهُمَا بِهِ شَرْطٌ ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مُوَضِّحَةٌ لِمَا قَبْلَهَا ( بِعْتُكَهُ ) ( بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ ) أَوْ بِمَا قَامَ عَلَيَّ أَيْ بِمِثْلِهِ أَوْ نَحْوِهَا ( وَرِبْحِ ده يازده أَوْ رِبْحِ دِرْهَمٍ لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ فِي ) أَوْ عَلَى ( كُلِّ عَشَرَةٍ صَحَّ ) بِلَا كَرَاهَةٍ كَمَا فِي الْأَصْلِ ( بِزِيَادَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ ) لِخَبَرِ { فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ } وَلِأَنَّهُ ثَمَنٌ مَعْلُومٌ فَكَانَ كَبِعْتُكَ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بده يازده وَدَّهُ دوازده وَمَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الثَّمَنَ وَدَّهُ بِالْفَارِسِيَّةِ عَشَرَةٌ ويازده أَحَدَ عَشَرَ أَيْ كُلُّ عَشَرَةٍ رِبْحُهَا دِرْهَمٌ وَدَّهُ دوازده كُلُّ عَشَرَةٍ رِبْحُهَا دِرْهَمَانِ وَكَمَا تَصِحُّ الْمُرَابَحَةُ تَصِحُّ الْمُحَاطَّةُ لِذَلِكَ وَيُقَالُ لَهَا الْمُوَاضَعَةُ وَالْمُخَاسَرَةُ ( فَلَوْ قَالَ ) لِآخَرَ بَعْدَ عِلْمِهِمَا بِالثَّمَنِ بِعْتُك بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ نَحْوِهِمَا ( بِحَطِّ ده يازده أَوْ بِحَطِّ دِرْهَم لِكُلِّ عَشَرَةٍ أَوْ فِي ) أَوْ عَلَى ( كُلِّ عَشَرَةٍ انْحَطَّ مِنْ كُلِّ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ ) كَمَا أَنَّ الرِّبْحَ فِي مُرَابَحَةِ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ فَلَوْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ فَالثَّمَنُ تِسْعُونَ وَعَشَرَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ دِرْهَمٍ أَوْ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالثَّمَنُ مِائَةٌ ( فَلَوْ قَالَ بِحَطِّ دِرْهَمٍ مِنْ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالْمَحْطُوطُ الْعَاشِرُ ) لِأَنَّ مِنْ تَقْتَضِي إخْرَاجَ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَة بِخِلَافِ اللَّامِ وَفِي .
وَعَلَى وَالظَّاهِرُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ بِلَا رِبْحٍ وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهَا إلَّا أَنْ يُرِيدَا بِمِنْ التَّعْلِيلُ فَتَكُونُ كَاللَّامِ

وَنَحْوِهَا وَلَهُ أَنْ يَضُمَّ إلَى الثَّمَنِ شَيْئًا ثُمَّ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً كَمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَقَدْ بِعْتُك بِمِائَتَيْنِ وَرِبْحِ دِرْهَمٍ فِي كُلٍّ ) أَوْ لِكُلِّ ( عَشَرَةٍ ) كَانَ أَنْسَبَ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّهُ لَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَبِعْتُكَهُ بِأَحَدِ عَشَرَ وَلَمْ يَقُلْ مُرَابَحَةً لَا يَكُونُ عَقْدَ مُرَابَحَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ كَاذِبًا فَلَا خِيَارَ وَلَا حَطَّ وَبِذَلِكَ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ لَكِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَكَالْمُرَابَحَةِ فِي ذَلِكَ الْمُحَاطَّةُ ( تَنْبِيهٌ ) قَدْ عُلِمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِلْمِ بِالثَّمَنِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ أَوْ حِنْطَةً مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَعْلُومَةِ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً وَهُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الدَّرَاهِمِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ عِلْمِهِمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ بِالْوَزْنِ وَالْكَيْلِ
( بَابُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ ) ( قَوْلُهُ وَعِلْمُهُمَا بِهِ شَرْطٌ ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ هُنَا الْعِلْمُ بِالْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَلَا تَكْفِي الْمُعَايَنَةُ وَإِنْ كَفَتْ فِي بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً غَيْرَ مَوْزُونَةٍ لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ وَرِبْحُ ده يازده ) قَالَ الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ الْفَصِيحِ الْإِضَافَةُ فِي لُغَةِ الْعَجَمِ مَقْلُوبَةٌ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الصِّحَّةُ بِلَا رِبْحٍ ) لَا تَرَدُّدَ فِي الصِّحَّةِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بِلَا رِبْحٍ فَمَرْدُودٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إلْغَاءِ قَوْلِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ بِزِيَادَةِ دِرْهَمٍ فِي كُلِّ عَشَرَةٍ وَتَكُونُ مِنْ لِلتَّعْلِيلِ أَوْ بِمَعْنَى فِي أَوْ عَلَى بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَرِبْحُ دِرْهَمٍ

( فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ بِقَوْلِهِ بِعْت بِمَا اشْتَرَيْت أَوْ بِرَأْسِ الْمَالِ إلَّا الثَّمَنُ ) وَهُوَ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ ذَلِكَ ( فَإِنْ قَالَ ) بِعْت ( بِمَا قَامَ عَلَيَّ دَخَلَ فِيهِ ) مَعَ الثَّمَنِ ( أُجْرَةُ الْكَيَّالِ وَالْجَمَّالِ وَالدَّلَّالِ وَالْقَصَّارِ وَسَائِرِ مُؤَنِ الِاسْتِرْبَاحِ ) كَأُجْرَةِ الْحَارِسِ وَالرَّفَّاءِ وَالْخَتَّانِ وَالْمُطَيِّنِ وَالصَّبَّاغِ وَقِيمَةِ الصَّبْغِ ( حَتَّى الْمَكْسِ وَأُجْرَةُ بَيْتِ الْمَتَاعِ ) لِأَنَّهَا مِنْ مُؤَنِ التِّجَارَةِ ( لَا مَا اسْتَرْجَعَهُ ) أَيْ الْمَبِيعُ ( بِهِ إنْ غَصَبَ ) أَوْ أَبَقَ وَلَا فِدَاءِ الْجِنَايَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( وَلَا نَفَقَةٍ وَكِسْوَةٍ وَعَلَفٍ وَسَائِسٍ ) أَيْ مُؤْنَتُهُ وَلَا سَائِرِ مَا يُقْصَدُ بِهِ اسْتِبْقَاءُ الْمِلْكِ دُونَ الِاسْتِرْبَاحِ فَلَا يَدْخُلُ وَتَقَعُ فِي مُقَابَلَةِ الْفَوَائِدِ الْمُسْتَوْفَاةِ مِنْ الْمَبِيعِ ( وَيَدْخُلُ عَلَفُ التَّسْمِينِ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ ) وَثَمَنُ الدَّوَاءِ ( لِمَرَضِ يَوْمِ الشِّرَاءِ لَا ) لِلْمَرَضِ ( الْحَادِثِ ) بَعْدَهُ لِمَا مَرَّ ( وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ ) بِنَفْسِهِ أَوْ مَمْلُوكِهِ ( وَبَيْتِهِ ) وَمَا تَطَوَّعَ بِهِ غَيْرُهُ لِأَنَّ الْعَيْنَ إنَّمَا تُعَدُّ قَائِمَةً عَلَيْهِ بِمَا بَذَلَهُ ( فَإِنْ أَرَادَهَا ) لِتَدْخُلَ ( قَالَ ) اشْتَرَيْته مَثَلًا بِكَذَا ( وَعَمِلْت ) فِيهِ ( بِكَذَا وَيَذْكُرُ الْأُجْرَةَ ) ثُمَّ يَقُولُ وَقَدْ بِعْتُكَهُ بِذَلِكَ وَرِبْحِ كَذَا أَوْ قَالَ بِعْتُكَهُ بِكَذَا وَأُجْرَةِ عَمَلِي أَوْ بَيْتِي أَوْ عَمَلِ الْمُتَطَوِّعِ عَنِّي وَهِيَ كَذَا وَرِبْحُ كَذَا

( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ بِمَا قَامَ ) أَوْ نَحْوِهِ كَثَبَتْ عَلَيَّ أَوْ حَصَلَ عَلَيَّ أَوْ بِمَا هُوَ عَلَيَّ ( قَوْلُهُ دَخَلَ فِيهِ ) مَعْنَى قَوْلِهِ دَخَلَ أَنَّهُ يَضُمُّهَا إلَى الثَّمَنِ فَيَقُولُ : قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ بِمُطْلَقِ ذَلِكَ تَدْخُلُ جَمِيعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ الْجَهْلِ بِهَا ( قَوْلُهُ أُجْرَةُ الْكَيَّالِ ) صُورَةُ أُجْرَةِ الْكَيَّالِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ مَكِيلًا أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي مُؤْنَةَ كَيْلِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً أَوْ يَتَرَدَّدُ فِي صِحَّةِ مَا اكْتَالَ الْبَائِعُ فَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يَكْتَالُهُ ثَانِيًا لِيَرْجِعَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ نَقْصٌ أَوْ يَشْتَرِيَهُ جُزَافًا ثُمَّ يَكِيلُهُ بِأُجْرَةٍ لِيَعْرِفَ قَدْرَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ مَعَ غَيْرِهِ صُبْرَةً ثُمَّ يَقْسِمَانِهَا كَيْلًا فَأُجْرَةُ الْكَيَّالِ عَلَيْهِمَا وَصُورَةُ أُجْرَةِ الدَّلَّالِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا فَاسْتَأْجَرَ مَنْ يَعْرِضُهُ لِلْبَيْعِ ثُمَّ اشْتَرَى السِّلْعَةَ بِهِ أَوْ يَلْتَزِمُ الْمُشْتَرِي أُجْرَةَ دَلَالَةِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنَةً وَمَحَلُّ دُخُولِ أُجْرَةِ مَنْ ذَكَرَ إذَا لَزِمَتْ الْمَوْلَى وَأَدَّاهَا ( قَوْلُهُ حَتَّى الْمَكْسِ ) أَيْ الَّذِي يَأْخُذُهُ السُّلْطَانُ أَوْ وَالْبَارِيَّةُ قَوْلُهُ وَأُجْرَةُ الطَّبِيبِ لِمَرَضِ يَوْمِ الشِّرَاءِ ) مِثْلُهَا أُجْرَةُ رَدٍّ مَنْ اشْتَرَاهُ مَغْصُوبًا أَوْ آبِقًا وَفِدَاءُ مَنْ اشْتَرَاهُ جَانِيًا جِنَايَةً أَوْجَبَتْ الْقَوَدَ ( قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ ) لَوْ صَبَغَهُ بِنَفْسِهِ حُسِبَتْ قِيمَةُ الصَّبْغِ فَقَطْ وَمِثْلُهُ ثَمَنُ الصَّابُونِ فِي الْقَصَّارَةِ

( فَصْلٌ وَلْيَصَدَّقْ ) أَيْ الْبَائِعُ وُجُوبًا ( فِي إخْبَارِهِ ) بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى بِهِ أَوْ مَا قَامَ بِهِ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى الْأَمَانَةِ لِاعْتِمَادِ الْمُشْتَرِي نَظَرَ الْبَائِعِ وَاسْتِقْصَاءَهُ وَرِضَاهُ لِنَفْسِهِ مَا رَضِيَهُ الْبَائِعُ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ حَطٍّ ( فَإِنْ اشْتَرَى ) شَيْئًا ( بِثَمَنٍ وَبَاعَهُ ) الْأَوْلَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَخَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ ( ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِأَقَلَّ ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ ( أَوْ أَكْثَرَ ) مِنْهُ ( أَخْبَرَ بِالْأَخِيرِ ) مِنْهُمَا ( وَلَوْ ) كَانَ ( فِي لَفْظِ قَامَ عَلَيَّ ) لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ ( فَلَوْ بَانَ الْكَثِيرُ ) مِنْ الثَّمَنِ فِي بَيْعٍ ( عَنْ مُوَاطَأَةٍ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِهِ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ كَمَا فِي الْأَصْلِ تَنْزِيهًا وَقِيلَ تَحْرِيمًا ( فَلَهُ ) أَيْ الْمُشْتَرِي ( الْخِيَارُ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَمْ يَقُلْ بِالْكَرَاهَةِ بِالتَّحْرِيمِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ الِاسْتِقْصَاءِ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ لِأَنَّ مَا أَثْبَتَ الْخِيَارَ يَجِبُ إظْهَارُهُ كَالْعَيْبِ قَالَ وَعَلَيْهِ فَفِي جَزْمِ النَّوَوِيِّ بِالْكَرَاهَةِ مَعَ تَقْوِيَتِهِ الْقَوْلَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ نَظَرٌ

( قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا اشْتَرَى بِهِ وَصِفَتُهُ إنْ تَفَاوَتَتْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ قَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ انْحَطَّ سِعْرُ السِّلْعَةِ وَكَانَ قَدْ اشْتَرَاهَا بِقِيمَتِهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُ ذَلِكَ وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ ( قَوْلُهُ أَخْبَرَ بِالْأَخِيرِ ) أَيْ وُجُوبًا وَكَتَبَ أَيْضًا وَإِنْ سَاوَتْهُ قِيمَتُهُ ( قَوْلُهُ وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ ) كَمَا فِي الْأَصْلِ تَنْزِيهًا هُوَ الْمَشْهُورُ ( قَوْلُهُ فَلَهُ الْخِيَارُ ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَهُ مُرَابَحَةً وَعِبَارَةُ الْحِجَازِيِّ وَيُكْرَهُ أَنْ يُوَاطِئَ صَاحِبَهُ فَيَبِيعَهُ بِمَا اشْتَرَاهُ ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ بِأَكْثَرَ لِيَبِيعَهُ مُرَابَحَةً فَإِنْ فَعَلَ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ثَبَتَ لِمُشْتَرِيهِ الْخِيَارُ وَخَالَفَ غَيْرُهُ قَالَ قَوْلُ ابْنِ الصَّبَّاغِ أَقْوَى ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْقَائِلُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ إلَخْ ) لَا إشْكَالَ إذْ الْمَكْرُوهُ الْمُوَاطَأَةُ وَالْوَاجِبُ الْإِخْبَارُ بِمَا جَرَى وَقَدْ قَالَ الدِّزَّمَارِيُّ وَالنَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ الْكَرَاهَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الْمُوَاطَأَةِ لَا إلَى الْإِخْبَارِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ غِشٌّ وَخَدِيعَةٌ وَلَا يَقْصُرُ عَنْ كِتْمَانِ الْعَيْبِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ

( فَرْعٌ الثَّمَنُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَيَلْحَقُهُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ قَبْلَ لُزُومِهِ ) أَيْ الْعَقْدِ ( فَإِنْ حَطَّ ) مِنْهُ بَعْضَهُ ( بَعْدَ لُزُومِهِ وَبَاعَ بِلَفْظِ ) مَا ( اشْتَرَيْت لَمْ يَلْزَمْهُ الْحَطُّ وَلَوْ ) بَاعَ ( بِلَفْظِ ) مَا ( قَامَ عَلَيَّ ) أَوْ رَأْسِ الْمَالِ ( أَخْبَرَ بِالْبَاقِي فَإِنْ انْحَطَّ الْكُلُّ لَمْ يَنْعَقِدْ بَيْعُهُ مُرَابَحَةً بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ ) أَوْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّهُ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَلَا لَهُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ( بَلْ بِاشْتَرَيْتُ وَالْحَطُّ ) لِلْكُلِّ أَوْ لِلْبَعْضِ ( بَعْدَ جَرَيَانِ الْمُرَابَحَةِ لَمْ يَلْحَقْ ) مَنْ اشْتَرَى بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي التَّوْلِيَةِ وَالْإِشْرَاكِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ابْتِنَاءَهُمَا عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ أَقْوَى مِنْ ابْتِدَاءِ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ الزِّيَادَةَ بِخِلَافِ الْمُرَابَحَةِ
( قَوْلُهُ الثَّمَنُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْعَقْدُ ) سَوَاءٌ أَبَاعَهُ بِلَفْظِ مَا اشْتَرَيْت أَمْ بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَمْ بِلَفْظِ رَأْسِ الْمَالِ ( قَوْلُهُ وَالْحَطُّ بَعْدَ جَرَيَانِ الْمُرَابَحَةِ لَمْ يَلْحَقْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ حَيْثُ الْعَرَبِيَّةُ

( فَرْعٌ ) مَا ذُكِرَ مِنْ إلْحَاقِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فِي الثَّمَنِ جَارٍ فِي إلْحَاقِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَزِيَادَةِ الْمَبِيعِ وَرَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَنُقْصَانِهَا وَكَذَا فِي الصَّدَاقِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِمَا

( فَرْعٌ وَيُخْبِرُ ) الْبَائِعُ وُجُوبًا بِالشِّرَاءِ ( بِالْعَرَضِ وَقِيمَتُهُ ) حِينَ الشِّرَاءِ ( مَعًا ) إنْ اشْتَرَى بِهِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ لِأَنَّهُ يُشَدِّدُ فِي الْبَيْعِ بِالْعَرَضِ فَوْقَ مَا يُشَدِّدُ فِيهِ بِالنَّقْدِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِبَيْعِهِ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ وَرَأْسِ الْمَالِ كَمَا خَصَّهُ الْمُتَوَلِّي بَلْ يَجْرِي فِي بَيْعِهِ بِلَفْظِ الْقِيَامِ كَمَا قَالَهُ الْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ وَرَجَّحَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ وَمَا ذَكَرَهُ كَأَصْلِهِ بَعْدُ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صُولِحَ بِهِ عَنْ دَمٍ مَحْمُولٌ عَلَى هَذَا كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ هُنَا الْمُتَقَوِّمُ فَالْمِثْلِيُّ يَجُوزُ الْبَيْعُ بِهِ مُرَابَحَةً وَإِنْ لَمْ يُخْبِرْ بِقِيمَتِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ( وَ ) يُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ ( بِالدَّيْنِ ) الَّذِي كَانَ لَهُ ( عَلَى الْبَائِعِ ) الْمُمَاطِلِ أَوْ الْمُعْسِرِ ( إنْ اشْتَرَى بِهِ ) لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شِرَائِهِ مِنْ الْمُمَاطِلِ أَوْ الْمُعْسِرِ أَنْ يَزِيدَ لِلْخَلَاصِ مِنْهُ ( لَا ) إنْ اشْتَرَى بِهِ ( وَهُوَ ) أَيْ الْبَائِعُ ( مَلِيءٌ غَيْرُ مُمَاطِلٍ ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ بِذَلِكَ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِ هَذَا إنْ اشْتَرَاهُ بِدَيْنِهِ الْحَالِّ أَمَّا بِدَيْنِهِ الْمُؤَجَّلِ فَيَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَيُخْبِرُ بِالْأَجَلِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِقَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضِ بِهِمَا

( قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْعِرَضِ وَبِقِيمَتِهِ مَعًا ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ يَوْمَ الِاسْتِقْرَارِ لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ فِيهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ .
ا هـ .
وَفِي النِّهَايَةِ أَنَّهُ يَذْكُرُ قِيمَةَ الْعَرَضِ حَالَةَ الْعَقْدِ وَلَا مُبَالَاةَ بِارْتِفَاعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ قِيمَةُ الْعَقْدِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ ) وَإِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ غَلَطٌ وَأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِلَفْظِ الْقِيَامِ يَقْتَصِرُ عَلَى ذِكْرِ الْقِيمَةِ قَالَ وَكَيْفَ يَسْتَقِيمُ مَا قَالَا مَعَ أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ الْعَرَضِ بِالنَّقْدِ هُوَ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ قَالَ وَجَزَمَ فِي الْكِفَايَةِ بِجَوَازِ ذِكْرِ الْقِيمَةِ مِنْ غَيْرِ شِرَائِهِ بِعَرَضٍ وَلَمْ يَعْرُجْ عَلَى مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا أَثْبَتَهُ وَجْهًا بِالْكُلِّيَّةِ .
ا هـ .
قَالَ فِي الْخَادِمِ إنَّ كَلَامَ الْقَاضِي صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَذْكُرَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِالْعَرَضِ فِي صُورَةِ مَا إذَا قَالَ قَامَ عَلَيَّ وَكَلَامُ الْبَغَوِيّ عَنْهُ يَقْطَعُ كُلَّ احْتِمَالٍ قَالَ فَاَلَّذِي فَهِمَهُ الرَّافِعِيُّ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ جَرَى صَاحِبُ التَّعْجِيزِ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُ أَيْ فِي ذِكْرِ الْعَرَضِ فِي الصُّورَتَيْنِ فَالْمُغَلِّطُ غَالِطٌ قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُتَوَلِّي لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا ) وَتَعْلِيلُهُمْ صَرِيحٌ فِي مُوَافَقَتِهِ ( قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْأَجَلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِقَدْرِهِ إلَخْ ) إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِمُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ فِي آجَالِ السِّلَعِ بِالْأَسْوَاقِ .
ا هـ .
وَتَبِعَهُ الزَّرْكَشِيُّ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70