كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ ) بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ أَوْ رَأْسِ الْمَالِ ( أَحَدَ عَيْنَيْ الصَّفْقَةِ مُرَابَحَةً بِالْقِسْطِ مِنْ الثَّمَنِ الْمُوَزَّعِ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ ) أَيْ قِيمَتَيْهِمَا ( يَوْمَ الشِّرَاءِ جَازَ ) بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ بِلَفْظِ الشِّرَاءِ لِأَنَّهُ كَاذِبٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبَيِّنَ الْحَالَ وَلَوْ اشْتَرَى عَيْنًا فَبَاعَ بَعْضَهَا مُرَابَحَةً بِقِسْطٍ مِنْ الثَّمَنِ جَازَ ذَكَرَهُ الْأَصْلُ فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت نِصْفَهَا أَوْ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِهَا وَكَانَ اشْتَرَاهَا بِمِائَتَيْنِ لَمْ يَجُزْ لِلْكَذِبِ فِي الْأَوَّلِ وَلِلنَّقْصِ بِالتَّشْقِيصِ فِي الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ الْإِخْبَارُ بِالْأَصْلِ فَيَقُولُ اشْتَرَيْتهَا أَوْ قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَتَيْنِ وَبِعْتُك نِصْفَهَا بِمِائَةٍ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ كَلَامُ الْأَصْلِ نَعَمْ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مِثْلِيًّا كَقَفِيزِ بُرٍّ وَبَاعَ بَعْضَهُ فَيَصِحُّ بِالْقِسْطِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْحَالَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْلِ إذْ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ بِالتَّشْقِيصِ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْفَزَارِيّ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِتَقْوِيمِهِ لِنَفْسِهِ بَلْ يَرْجِعُ إلَى مُقَوِّمَيْنِ عَدْلَيْنِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَكْتَفِي بِذَلِكَ إنْ كَانَ عَارِفًا وَإِلَّا فَهَلْ يَكْفِي عَدْلٌ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ صَحِيحٌ نَعَمْ لَوْ جَرَى نِزَاعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي فِيهِ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ

( قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَيَصِحُّ بِالْقِسْطِ مُطْلَقًا ) أَيْ بِلَفْظِ الْقِيَامِ أَوْ رَأْسِ الْمَالِ قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِ يَصِحُّ بِالْقِسْطِ أَنَّ مُرَادَهُ الْجَوَازُ بِدَلِيلِ مَا سَبَقَ وَإِلَّا فَالصِّحَّةُ ثَابِتَةٌ هُنَا وَفِيمَا قَبْلَهَا الْمُعَبَّرُ فِيهَا بِعَدَمِ الْجَوَازِ ( قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَكْتَفِي بِذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهَلْ يَكْفِي عَدْلٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ ) تَبِعَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ الْإِمَامُ فِي الدِّيَاتِ عِنْدَ ذِكْرِ الْخِلْفَاتِ يُؤْخَذُ بِقَوْلِ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ عِنْدَ فَرْضِ النِّزَاعِ كَمَا يُطْلَبُ مُقَوِّمَانِ عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِي مِقْدَارِ الْقِيمَةِ

( فَرْعٌ وَيُخْبِرُ ) أَيْضًا ( بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ ) عِنْدَهُ بِآفَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ الْحَادِثَ يَنْقُصُ بِهِ الْمَبِيعُ عَمَّا كَانَ حِينَ الْبَيْعِ ( فَإِنْ أَخَذَ أَرْشَ عَيْبٍ ) لِحُدُوثِ آخَرَ ( وَبَاعَ بِلَفْظِ قَامَ عَلَيَّ حَطَّ الْأَرْشَ أَوْ ) بِلَفْظِ ( مَا اشْتَرَيْت ذَكَرَ صُورَةَ الْحَالِ ) أَيْ مَا جَرَى بِهِ الْعَقْدُ مَعَ الْعَيْبِ وَأَخْذَهُ الْأَرْشَ لِأَنَّ الْأَرْشَ الْمَأْخُوذَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ أَخَذَ الْأَرْشَ عَنْ جِنَايَةٍ فَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( فَلَوْ قُطِعَتْ يَدُ الْعَبْدِ ) وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ وَنَقَصَ ثَلَاثِينَ أَوْ سِتِّينَ مَثَلًا ( فَأَخَذَ ) مِنْ الْجَانِي ( نِصْفَ الْقِيمَةِ ) خَمْسِينَ ( فَالْمَحْطُوطُ ) مِنْ الثَّمَنِ ( الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِ النَّقْصِ وَنِصْفُ الْقِيمَةِ إنْ بَاعَ بِلَفْظِ قَامَ ) عَلَيَّ ( فَإِنْ كَانَ نَقْصُ الْقِيمَةِ أَكْثَرَ ) مِنْ الْأَرْشِ الْمُقَدَّرِ حَطَّ مَا أَخَذَ مِنْ الثَّمَنِ ثُمَّ ( أَخْبَرَ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي وَبِنَقْصِ الْقِيمَةِ ) أَيْ وَبِأَنَّهُ نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ كَذَا وَلَوْ قَالَ أَخْبَرَ مَعَ إخْبَارِهِ بِقِيَامِهِ عَلَيْهِ بِالْبَاقِي وَبِنَقْصِ الْقِيمَةِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْأَوَّلِ عُلِمَ مِمَّا قَبْلَهُ ( وَإِنْ بَاعَ بِلَفْظِ مَا اشْتَرَيْت ذَكَرَ صُورَةَ الْحَالِ ) أَيْ الثَّمَنِ وَالْجِنَايَةِ
( قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ) وَبِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِهِ ثُمَّ عَلِمَ وَرَضِيَ بِهِ وَشَمِلَ الْعَيْبُ مَا يُنْقِصُ الْعَيْنَ فَقَطْ كَالْخِصَاءِ

( فَرْعٌ وَيُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ ) وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي شِرَائِهِ مِنْ مُوَلِّيهِ أَنْ يَزِيدَ فِي الثَّمَنِ نَظَرًا لَهُ وَتَحَرُّزًا عَنْ التُّهْمَةِ بِخِلَافِ شِرَائِهِ مِنْ أَبِيهِ وَابْنِهِ الرَّشِيدِ لَا يَجِبُ الْإِخْبَارُ بِهِ كَالشِّرَاءِ مِنْ زَوْجَتِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَكَذَا يُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ ( بِالْغَبْنِ لَوْ غَبَنَ ) لِأَنَّ الْغَرَضَ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( لَا بِوَطْءِ الثَّيِّبِ وَأَخْذِ مَهْرٍ ) لَهَا وَاسْتِعْمَالٍ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَبِيعِ ( وَ ) أَخْذِ ( زِيَادَاتٍ مُنْفَصِلَةٍ حَادِثَةٍ ) كَلَبَنٍ وَوَلَدٍ وَصُوفٍ وَثَمَرَةٍ لِأَنَّهَا لَمْ تَأْخُذْ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ ( وَيَحُطُّ ) مِنْهُ ( قِسْطَ مَا أَخَذَ مِنْ لَبَنٍ وَصُوفٍ وَحَمْلٍ وَثَمَرَةٍ ) وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا ( حَالَ الْعَقْدِ ) لِأَنَّهُ أَخَذَ قِسْطًا مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ حَادِثَةٍ
( قَوْلُهُ وَيُخْبِرُ بِالشِّرَاءِ مِنْ ابْنِهِ الطِّفْلِ وَنَحْوِهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَفْتَرِقُ الْحَالُ بَيْنَ كَوْنِهِمْ فِي حِجْرِهِ أَمْ لَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَهَلْ غَيْرُ الْأَبِ مِنْ الْأُصُولِ كَالْأَبِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا قَالَ النَّاشِرِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ ( قَوْلُهُ وَكَذَا بِالْغَبْنِ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ لِغَرَضٍ خَاصٍّ

( فَصْلٌ إذَا بَانَ كَذِبُهُ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ غَلَطًا ) كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِتِسْعِينَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ ( سَقَطَتْ الزِّيَادَةُ وَرِبْحُهَا ) لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ بِاعْتِبَارِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ ( وَلَا خِيَارَ لَهُمَا ) أَمَّا الْبَائِعُ فَلِتَدْلِيسِهِ وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالْأَكْثَرِ فَبِالْأَقَلِّ أَوْلَى سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَبِيعُ بَاقِيًا أَمْ تَالِفًا وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْبَيْعِ كَمَا لَوْ رَوَّجَ عَلَيْهِ مَعِيبًا وَتَعْبِيرُهُ كَالرَّوْضَةِ بِالسُّقُوطِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ بِالْحَطِّ لِأَنَّا نَتَبَيَّنُ أَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ بِمَا بَقِيَ لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ حَطٍّ بِخِلَافِ اسْتِرْجَاعِ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ إنْشَاءُ حَطٍّ مِنْ الثَّمَنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَرَدَ عَلَى مَعِيبٍ فَمُوجِبُ الْعَيْبِ الرَّدُّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَكَأَنَّ الْأَرْشَ بَدَلٌ عَنْ الرَّدِّ إذَا تَعَذَّرَ قَالَهُ الْإِمَامُ ( فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْأَجَلَ وَالْعَيْبَ ) أَوْ شَيْئًا آخَرَ مِمَّا يَجِبُ ذِكْرُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) لِتَدْلِيسِ الْبَائِعِ عَلَيْهِ بِتَرْكِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا سُقُوطَ فِي غَيْرِ الْكَذِبِ بِالزِّيَادَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْدَفِعُ ضَرَرُ الْمُشْتَرِي بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ بِالسُّقُوطِ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَ بِالثَّمَنِ حَالًّا أَوْ تَرَكَ الْإِخْبَارَ بِهِ فَبَاعَ بِهِ حَالًّا فَبَانَ مُؤَجَّلًا قُوِّمَ الْمَبِيعُ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا بِذَلِكَ الْأَجَلِ وَسَقَطَ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ التَّفَاوُتِ فِي الْقِيمَةِ فَلَوْ قُوِّمَ حَالًّا بِمِائَةٍ وَمُؤَجَّلًا بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَالتَّفَاوُتُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الْقِيمَةِ فَيَسْقُطُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ الثَّمَنِ

( قَوْلُهُ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْت بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك بِرَأْسِ مَالِي وَهُوَ مِائَةٌ وَرِبْحِ كَذَا فَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ فَلَا حَطَّ وَلَا خِيَارَ لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِتَصْدِيقِهِ قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَفِي النِّهَايَةِ مَا يُخَالِفُهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ قَصْدٍ وَقَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ( قَوْلُهُ وَزِيَادَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ حَادِثَةٌ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ لَوْ اشْتَرَاهَا حَائِلًا فَحَمَلَتْ وَوَلَدَتْ ثُمَّ أَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ أُصُولُنَا أَنَّهُ إنْ زَالَ نَقْصُ الْوِلَادَةِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَحْذُورُ التَّفْرِيقِ لَمْ يَجِبْ الْإِخْبَارُ بِمَا جَرَى وَإِنْ لَمْ يَزُلْ وَجَبَ الْإِخْبَارُ بِهِ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ تَفْرِيقٌ مُحَرَّمٌ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ

( فَرْعٌ لَوْ غَلِطَ ) الْبَائِعُ ( فَنَقَصَ ) مِنْ الثَّمَنِ كَأَنْ قَالَ اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَبَاعَهُ مُرَابَحَةً ثُمَّ قَالَ غَلِطْت إنَّمَا اشْتَرَيْته بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ ( وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ ) كَعَكْسِهِ ( وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ ) لِعُذْرِهِ بِالْغَلَطِ ( لَا إلْحَاقُ الزِّيَادَةِ ) وَضَرَرُهُ يَنْدَفِعُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ ( وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي نَظَرْت فَإِنْ ذَكَرَ لِغَلَطِهِ وَجْهًا ) مُحْتَمَلًا ( كَقَوْلِهِ زَوَّرَ عَنِّي وَكِيلِي ) عِبَارَةُ الْأَصْلِ اشْتَرَاهُ وَكِيلِي وَأَخْبَرْت أَنَّ الثَّمَنَ مِائَةٌ فَبَانَ خِلَافُهُ أَوْ وَرَدَ عَلَيَّ مِنْهُ كِتَابٌ فَبَانَ مُزَوَّرًا ( أَوْ رَاجَعْت جَرِيدَتِي فَغَلِطْت مِنْ ثَمَنٍ إلَى ثَمَنٍ سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ ) أَيْ لِتَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ ( وَكَذَا ) تُسْمَعُ ( بَيِّنَتُهُ ) بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِأَزْيَدَ مِمَّا غَلِطَ بِهِ كَمَا سُمِعَتْ دَعْوَاهُ لِلتَّحْلِيفِ وَلِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ يُحَرِّكُ ظَنَّ صِدْقِهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لِغَلَطِهِ وَجْهًا مُحْتَمَلًا ( فَلَا ) تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لَهُمَا ( وَلَوْ ادَّعَى عِلْمَ الْمُشْتَرِي ) بِصِدْقِهِ ( حَلَفَ يَمِينَ ) نَفْيِ ( الْعِلْمِ ) لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ هُوَ ) عَلَى الْبَتِّ ( وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) قَالَ الشَّيْخَانِ كَذَا أَطْلَقُوهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِنَا إنَّ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ كَالْإِقْرَارِ أَنْ يَعُودَ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي قَالَ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الْحَقُّ قَالَ وَمَا ذَكَرَاهُ مِنْ إطْلَاقِهِمْ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فَإِنَّ الْمُتَوَلِّي وَالْإِمَامَ وَالْغَزَالِيَّ أَوْرَدُوا أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْكَثِيرُ لِحُكْمِ الرَّدِّ وَلَمْ أَجِدْ ثُبُوتَ الْخِيَارِ إلَّا فِي الشَّامِلِ ( تَنْبِيهٌ ) اقْتَصَرُوا فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْغَلَطِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الزِّيَادَةِ ذِكْرُ التَّعَمُّدِ وَلَعَلَّهُمْ تَرَكُوهُ

لِأَنَّ جَمِيعَ التَّفَارِيعِ لَا تَأْتِي فِيهِ

قَوْلُهُ لَوْ غَلِطَ فَنَقَصَ وَصَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ) أَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ كَمَا قَالَهُ الصَّيْمَرِيِّ فِي شَرْحِ الْكِفَايَةِ وَالْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ لِإِلْحَاقِ الزِّيَادَةِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ الرَّافِعِيُّ وَفَّى بِمُقْتَضَى التَّسْوِيَةِ الْجَهَالَةَ وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فَلَا سَلَكَ التَّنَزُّلَ عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا حَتَّى يُثْبِتَ الزِّيَادَةَ وَلَا التَّنْزِيلَ عَلَى الْمُسَمَّى مُطْلَقًا فَيُلْغِي الزِّيَادَةَ وَطَرِيقَتُهُ مُشْكِلَةٌ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ حَيْثُ رَاعَى هُنَا الْمُسَمَّى وَهُنَاكَ الْعَقْدَ .
ا هـ .
وَفَرَّقَ الزَّرْكَشِيُّ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَدْ أَقَرَّا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ تِسْعُونَ فَلَا يُمْكِنُ بَعْدَ ذَلِكَ دَعْوَى الزِّيَادَةِ فَتَعَيَّنَ النَّظَرُ إلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ مِنْهُ مَا يُنَافِي دَعْوَاهُ وَالْمُشْتَرِيَ مُصَدِّقٌ لَهُ .
ا هـ .
وَلَيْسَ بِالْوَاضِحِ وَفَرَّقَ الْغَزِّيِّ بِأَنَّ الْبَائِعَ هُنَاكَ نَقَصَ حَقَّهُ فَنَزَّلْنَا الثَّمَنَ عَلَى الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا ضَرَرَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهَهُنَا يَزِيدُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ ( قَوْلُهُ مُحْتَمَلًا ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا ( قَوْلُهُ وَكَذَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ) وَإِذَا سُمِعَتْ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ لِتَكْذِيبِ قَوْلِ الْأَوَّلِ لَهُمَا ) لِأَنَّهُ رُجُوعٌ عَنْ إقْرَارٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ( قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) بَيْنَ إمْضَاءِ الْعَقْدِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْفَسْخِ وَكَتَبَ أَيْضًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَا يَثْبُتُ ( قَوْلُهُ وَيَعُودُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا حَالَةَ التَّصْدِيقِ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ هَذَا إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْقَائِلُونَ بِهَذَا التَّفْرِيعِ جَمِيعَ الْقَائِلِينَ بِالْخِلَافِ الْأَوَّلِ وَتَفَارِيعِهِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْقَائِلُونَ بِالصِّحَّةِ هُنَاكَ يَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةً تُصَحِّحُهُ بِالزِّيَادَةِ مَعَ رِبْحِهَا وَتُثْبِتُ لِلْمُشْتَرِي

الْخِيَارَ وَهُمْ الْقَائِلُونَ هُنَا بِأَنَّهُ يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَفِرْقَةً قَالَتْ هُنَاكَ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَا تَثْبُتُ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ اقْتَصَرُوا فِي حَالَةِ النَّقْصِ عَلَى الْغَلَطِ ) لِأَنَّ دَعْوَاهُ عِنْدَ التَّعَمُّدِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ

( فَرْعٌ الدَّرَاهِمُ فِي قَوْلِهِ ) اشْتَرَيْته بِكَذَا وَبِعْتُكَهُ بِهِ ( وَرِبْحُ دِرْهَمٍ تَكُونُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِنْهُ ) أَيْ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ( أَوْ لَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمُرَابَحَةِ بِعْتُك بِكَذَا يَقْتَضِي كَوْنَ الرِّبْحِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَكِنْ يَجُوزُ جَعْلُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مُرَادُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بِالتَّعْيِينِ أَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْجِنْسِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ كَمَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ
( قَوْلُهُ تَكُونُ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ ) سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ مِنْهُ أَمْ لَا فَيَكُونُ الْأَصْلُ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءٌ أَكَانَ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( اتَّهَبَ بِشَرْطِ الثَّوَابِ ذَكَرَهُ وَبَاعَ بِهِ مُرَابَحَةً أَوْ اتَّهَبَهُ بِلَا عِوَضٍ ) أَوْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا ( ذَكَرَ الْقِيمَةَ ) وَبَاعَ بِهَا مُرَابَحَةً وَلَا يَبِيعُ بِلَفْظِ الْقِيَامِ وَلَا الشِّرَاءِ وَلَا رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَذِبٌ ( وَلَهُ أَنْ يَقُولَ فِي عَبْدٍ هُوَ أُجْرَةٌ أَوْ عِوَضُ خُلْعٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ صَالَحَ بِهِ عَنْ دَمٍ قَامَ عَلَيَّ بِكَذَا أَوْ يَذْكُرَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ ) فِي الْإِجَارَةِ ( وَمَهْرِهِ ) فِي الْخُلْعِ وَالنِّكَاحِ ( وَالدِّيَةِ ) فِي الصُّلْحِ بِأَنْ يَقُولَ قَامَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ هِيَ أُجْرَةُ مِثْلِ دَارٍ مَثَلًا أَوْ مَهْرُ مِثْلِ امْرَأَةٍ أَوْ صُلْحٌ عَنْ دِيَةٍ وَبِعْتُكَهُ بِهَا ( وَلَا يَقُولُ اشْتَرَيْت ) وَلَا رَأْسِ الْمَالِ كَذَا لِأَنَّهُ كَذِبٌ

( بَابٌ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ) التَّرْجَمَةُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْرِيرِهِ الْأُصُولُ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ وَالثِّمَارُ جَمْعُ ثَمَرٍ وَهُوَ جَمْعُ ثَمَرَةٍ وَيَأْتِي مَعَ ذَلِكَ غَيْرُهُ ( اللَّفْظُ الْمُتَنَاوِلُ غَيْرَهُ ) فِي عَقْدِ الْبَيْعِ ( سِتَّةٌ الْأَوَّلُ الْأَرْضُ وَمِثْلُهَا الْبُقْعَةُ وَالسَّاحَةُ وَالْعَرْصَةُ فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ رَهَنَهَا بِمَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ وَأَبْنِيَةٍ دَخَلَتْ ) فِي الْعَقْدِ وَلَوْ بِقَوْلِهِ بِعْتُك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ بِمَا فِيهَا أَوْ عَلَيْهَا أَوْ بِهَا أَوْ بِحُقُوقِهَا ( وَإِنْ اسْتَثْنَاهَا ) كَبِعَّتِك أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ دُونَ مَا فِيهَا ( خَرَجَتْ ) أَيْ لَمْ تَدْخُلْ فِي الْعَقْدِ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) كَبِعْتُكَ أَوْ رَهَنْتُك الْأَرْضَ ( دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ ) لِأَنَّهَا لِلثَّبَاتِ وَالدَّوَامِ فِي الْأَرْضِ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا فَتَتَبَّعَهَا كَمَا فِي الشُّفْعَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ فَتَخْرُجُ الْيَابِسَةُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ لَا يَتَنَاوَلُ غُصْنَهُ الْيَابِسَ وَلَا يَشْكُلُ بِتَنَاوُلِ الدَّارِ مَا أُثْبِتَ فِيهَا مِنْ وَتَدٍ وَنَحْوِهِ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّ ذَلِكَ أَثْبَتُ فِيهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مُثَبَّتًا فَصَارَ كَجُزْئِهَا بِخِلَافِ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ نَعَمْ إنْ عُرِّشَ عَلَيْهَا عَرِيشٌ لِعِنَبٍ وَنَحْوِهِ أَوْ جُعِلَتْ دِعَامَةً لِجِدَارٍ أَوْ غَيْرِهِ صَارَتْ كَالْوَتَدِ فَتَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ ( لَا ) فِي ( الرَّهْنِ ) لِأَنَّ الْبَيْعَ قَوِيٌّ يَنْقُلُ الْمِلْكَ فَيَسْتَتْبِعُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْوَقْفُ وَالْهِبَةُ كَالْبَيْعِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ وَنَحْوُهُمَا وَالْعَارِيَّةُ كَالرَّهْنِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ ( وَلَا يَدْخُلُ ) فِي بَيْعِ الْأَرْضِ ( مَسِيلُ الْمَاءِ وَشِرْبُهَا ) بِكَسْرِ

الشِّينِ أَيْ نَصِيبُهَا ( مِنْ الْقَنَاةِ ) وَالنَّهْرِ الْمَمْلُوكَيْنِ ( حَتَّى ) يَشْرِطَهُ كَأَنْ ( يَقُولَ بِحُقُوقِهَا ) وَالْمُرَادُ الْخَارِجُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ الْأَرْضِ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ نَبَّهَ عَلَيْهِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ اكْتَرَاهَا لِزَرْعٍ أَوْ غِرَاسٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ مُطْلَقًا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَحْصُلُ بِدُونِهِ

( بَابُ بَيْعِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ ) قَوْلُهُ مَا فِيهَا مِنْ أَشْجَارٍ ) وَلَوْ أَشْجَارِ الْمَوْزِ فَقَدْ عَدَّهَا الْبَغَوِيّ مِمَّا يَنْدَرِجُ عَلَى أَصَحِّ الطُّرُقِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ ( قَوْلُهُ فَأَشْبَهَتْ جُزْأَهَا إلَخْ ) وَجَّهَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بِأَنَّ لَفْظَ الْأَرْضِ يَشْمَلُ الْأُسَّ وَالْمُغْرِسَ فَلَوْ بَقِيَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ لِلْبَائِعِ لَخَلَا الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ عَنْ الْبُقْعَةِ وَتَكُونُ مَنْفَعَتُهُمَا مُسْتَثْنَاةً لَا إلَى غَايَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَلْعُ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ لِأَنَّهُ مُحْتَرَمٌ يُرَادُ لِلْبَقَاءِ وَلَا تَبْقِيَتُهُ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّهُ حِينَ أَحْدَثَهُ أَحْدَثَهُ فِي مِلْكِهِ فَإِذَا كَانَ الْأُسُّ وَالْمُغْرِسُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ مُفْرَدًا بِالِاتِّفَاقِ فَوَجَبَ إذَا ضُمَّ إلَى مَبِيعٍ خَلَا عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي الْجَمِيعِ لِلْجَهَالَةِ بِالثَّمَنِ فَلَمَّا أَفْضَى الْأَمْرُ إلَى هَذَا الْمَحْذُورِ حُكِمَ بِالِانْدِرَاجِ حِرْصًا عَلَى تَصْحِيحِ الْعَقْدِ كَمَا أُدْرِجَ الْحَمْلُ وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ مَنَافِعِهِ حَتَّى يَكُونَ اسْتِثْنَاءُ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ مُخْرِجًا لِلْعَقْدِ عَنْ وَضْعِهِ ( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَشْجَارِ بِالرَّطْبَةِ ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِهَا الدَّوَامَ .
قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَجِبُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ دُخُولِ الشَّجَرِ بِجُمْلَتِهِ مَا إذَا كَانَ يُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى كَالْحَوَرِ بِالْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَيَكُونُ هَذَا مِنْ قِسْمِ مَا يُجَزُّ مِنْ الْبُقُولِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى وَنَحْوِهَا فَيَدْخُلُ أَصْلُهُ فِي مُطْلَقِ بَيْعِ الْأَرْضِ وَمَا عَلَا مِنْهُ وَارْتَفَعَ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَقَدْ صَرَّحُوا بِذَلِكَ فِي أَغْصَانِ الْخِلَافِ الَّتِي تُجَزُّ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ وَهَذَا وَاضِحٌ وَقَدْ يَغْفُلُ عَنْهُ ( قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالسُّبْكِيُّ إلَخْ ) أَيْ وَغَيْرُهُمَا وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا تَدْخُلُ

جَزْمًا ( قَوْلُهُ وَهُوَ قِيَاسُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشَّجَرَ إلَخْ ) لَا شَكَّ فِي أَنَّ دُخُولَ الْغُصْنِ فِي اسْمِ الشَّجَرَةِ أَقْرَبُ مِنْ دُخُولِ الشَّجَرَةِ فِي اسْمِ الْأَرْضِ وَلِهَذَا يَدْخُلُ الْغُصْنُ الرَّطْبُ بِلَا خِلَافٍ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الثَّانِي الدَّارِمِيُّ ) وَبِالْأَوَّلِ ابْنُ رَضْوَانَ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ فَقَالَ إذَا وَقَفَ الْأَرْضَ دَخَلَ كُلُّ مَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِهَا إلَّا الثَّمَرَةَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ ) وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ عَقْدٍ يُزِيلُ الْمِلْكَ كَجَعْلِهَا صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ جَعَالَةً أَوْ قَرْضًا إنْ جَوَّزْنَا قَرْضَ الْعَقَارِ وَكَذَا الْإِجَازَةُ لِأَنَّهَا لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ فِي الْأَرْضِ ( قَوْلُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ فِي بَابِهِ ) وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِبِنَائِهِ عَلَى الْيَقِينِ وَإِنْ أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّهُ كَالْبَيْعِ ( قَوْلُهُ أَمَّا الدَّاخِلُ فِيهَا فَلَا رَيْبَ فِي دُخُولِهِ ) قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ السَّوَّاقِي الَّتِي تَشْرَبُ مِنْهَا وَأَنْهَارُهَا وَعَيْنُ مَاءَهَا

( فَصْلٌ لَا يَدْخُلُ فِي ) بَيْعِ ( الْأَرْضِ ) مِنْ الزَّرْعِ ( مَا يُؤْخَذُ دَفْعُهُ كَزَرْعٍ ) يُوهِمُ أَنَّ مَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِزَرْعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ( وَنَحْوِهِ مِنْ الْفُجْلِ وَالْجَزَرِ وَقُطْنِ خُرَاسَانَ ) وَالثُّومِ وَغَيْرِهَا ( وَإِنْ قَالَ بِحُقُوقِهَا ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ فَأَشْبَهَ مَنْقُولَاتِ الدَّارِ ( وَلَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي ( الْخِيَارُ إنْ جَهِلَ أَزْدِرَاعَهَا ) بِأَنْ رَآهَا قَبْلَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَشْتَرِهَا الزَّرْعَ لِتَأَخُّرِ انْتِفَاعِهِ نَعَمْ إنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ أَوْ قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ سَقَطَ خِيَارُهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الْبَذْرِ أَمَّا الْعَالِمُ بِذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِتَقْصِيرِهِ نَعَمْ إنْ ظَهَرَ أَمْرٌ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْحَصَادِ عَنْ وَقْتِهِ الْمُعْتَادِ فَلَهُ الْخِيَارُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ بَيْعَ الْأَرْضِ الْمَزْرُوعَةِ صَحِيحٌ كَبَيْعِ دَارٍ مَشْحُونَةٍ بِأَمْتِعَةٍ ( وَيَصِحُّ قَبْضُهَا مَزْرُوعَةً ) فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ قَبْضِ الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ ( لِتَعَذُّرِ التَّفْرِيغِ ) هُنَا بِخِلَافِهِ ثَمَّ ( وَيَتْرُكُ ) الزَّرْعَ ( إلَى ) أَوَّلِ إمْكَانِ ( الْحَصَادِ ) دُونَ نِهَايَتِهِ ( بِلَا أُجْرَةٍ ) عَلَى الْبَائِعِ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ وَلِأَنَّ الْبَائِعَ زَرَعَ مِلْكَ نَفْسِهِ فَلَا يُؤْمَرُ بِالْقَلْعِ قَبْلَ أَوَانِهِ ( وَعَلَيْهِ ) بَعْدَ الْقَلْعِ ( تَسْوِيَةُ ) حُفَرِ ( الْأَرْضِ ) الْحَاصِلَةِ بِهِ ( وَقَلْعُ عُرُوقٍ مُضِرَّةٍ ) بِهَا ( كَالذُّرَةِ ) وَالْقُطْنِ تَشْبِيهًا بِمَا إذَا كَانَ فِي الدَّار أَمْتِعَةٌ لَا يَتَّسِعُ لَهَا بَابُ الدَّارِ فَإِنَّهُ يُنْقَضُ وَعَلَى الْبَائِعِ ضَمَانُهُ ( تَنْبِيهٌ ) عَدَّ الشَّيْخَانِ مِمَّا يُؤْخَذُ دَفْعَةً السِّلْقَ بِكَسْرِ السِّينِ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَأَجَابَ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّهُ نَوْعَانِ نَوْعٌ يُؤْخَذُ دَفْعَةً وَهُوَ مَا أَرَادَهُ الشَّيْخَانِ وَنَوْعٌ

مِمَّا يُجَزُّ مِرَارًا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ وَأَكْثَرِ بِلَادِ الشَّامِ
( قَوْلُهُ مِنْ الْفُجْلِ ) بِضَمِّ الْفَاءِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلدَّوَامِ ) لِأَنَّهُ نَمَاءٌ ظَاهِرٌ يُرَادُ لِلنَّقْلِ وَالتَّحْوِيلِ دُونَ الْبَقَاءِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَوْ لَمْ يَسْتُرْهَا الزَّرْعُ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ سَبْقِ رُؤْيَةٍ مَعَ الْجَهْلِ بِالزَّرْعِ أَوْ يَرَاهَا مَزْرُوعَةً وَلَمْ يَمْنَعْ الزَّرْعُ الرُّؤْيَةَ وَيُظَنُّ حَصَادُ مَا فِيهَا وَيَتَبَيَّنُ بَقَاؤُهُ ( قَوْلُهُ وَيُتْرَكُ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ ) إلَّا أَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ بِأَخْذِهِ قَصِيلًا رَطْبًا وَكَتَبَ أَيْضًا مُقْتَضَى كَلَامِهِ اسْتِحْقَاقِ الْبَائِعِ لَا بَقَائِهِ وَمَحَلُّهُ إذَا شَرَطَ الْإِبْقَاءَ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ فَفِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهِ تَرَدُّدٌ لِلْأَصْحَابِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الرَّافِعِيُّ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ غَيْرَ أَنَّهُ جَزَمَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِوُجُوبِ الْقَطْعِ إذَا شَرَطَهُ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَسْأَلَةِ ( قَوْلُهُ كَمَا فِي بَيْعِ الدَّارِ الْمَشْحُونَةِ بِالْأَمْتِعَةِ ) لَا يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً لِمُدَّةِ التَّفْرِيغِ وَكَتَبَ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَهُمَا جَمَاعَةٌ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا خَطَأٌ فَإِنَّ السِّلْقَ لَا يُحْصَدُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ وَلَا يَبْقَى سِنِينَ بَلْ وَلَا سَنَةً وَإِنَّمَا تُحْصَدُ أَوْرَاقُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَكُلُّ مَا حُصِدَ لَا يَخْلُفُ

( فَصْلٌ وَمَا يَتَكَرَّرُ ثَمَرُهُ ) بِأَنْ يُؤْخَذَ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى ( فِي سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ) بَلْ أَوْ أَقَلَّ كَمَا قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرُّويَانِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ( كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ وَالنِّرْجِسِ ) وَالْبَنَفْسَجِ ( أَوْ يُجَزُّ مِرَارًا كَالْكُرَّاثِ ) وَالنَّعْنَاعِ وَالْقَصَبِ الْفَارِسِيِّ ( وَالْقَتِّ ) بِالْقَافِ وَالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ وَهُوَ مَا يُقْطَعُ لِلدَّوَابِّ يُسَمَّى الْقُرْطَ وَالرَّطْبَةَ وَالْقَضْبَ بِإِسْكَانِ الْمُعْجَمَةِ ( فَالْأُصُولُ مِنْهُ كَالشَّجَرِ ) فَتَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ ( وَالثَّمَرَةُ الظَّاهِرَةُ لِلْبَائِعِ ) فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ بِخِلَافِ الْكَامِنَةِ لِكَوْنِهَا كَجُزْءٍ مِنْ الشَّجَرِ فَدَخَلَتْ مَعَهَا فِي بَيْعِ الْأَرْضِ ( وَكَذَا الْجِزَّةُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ( الْمَوْجُودَةُ ) عِنْدَ بَيْعِ الْأَرْضِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى مَا يُجَزُّ مِرَارًا لِلْبَائِعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ ( وَيُشْتَرَطُ ) وُجُوبًا ( عَلَى الْبَائِعِ قَطْعُهَا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ أَوَانَ الْجَزِّ ) لِئَلَّا تَزِيدَ فَيَشْتَبِهَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ وَزَادَ هُنَا قَوْلَهُ ( بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ ) أَيْ الَّتِي لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهَا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُهَا فَكَالْجِزَّةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخَانِ كَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِهِ وَاعْتِبَارُ كَثِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ شَرْطِهِ مَحْمُولٌ عَلَى ذَلِكَ بِقَرِينَةِ كَلَامِهِمْ الْآتِي آخِرَ الْبَابِ ( قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ ) أَيْ الْفَارِسِيَّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالرُّويَانِيُّ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمْ ( فَلَا يُكَلَّفُ قَطْعُهُ حَتَّى يَنْفَعَ ) أَيْ يَكُونَ قَدْرًا يُنْتَفَعُ بِهِ ( وَشَجَرُ الْخِلَافِ ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ ( كَالْقَصَبِ ) فِي ذَلِكَ قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ نَظَرٌ وَالْوَجْهُ التَّسْوِيَةُ إمَّا أَنْ يُعْتَبَرَ الِانْتِفَاعُ فِي الْكُلِّ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْكُلِّ

وَهُوَ الْأَقْرَبُ بِخِلَافِ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ لِأَنَّهَا مَبِيعَةٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَا ظَهَرَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَبِيعًا يَصِيرُ كَمَا لَوْ بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ ثَوْبٍ يَنْقُصُ بِقَطْعِهِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدُ ا هـ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَبْضَ هُنَا مُتَأَتٍّ بِالتَّخْلِيَةِ وَهُنَاكَ مُتَعَذِّرٌ شَرْعًا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْصُلُ بِالنَّقْلِ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْقَطْعِ الْمُفْضِي إلَى النَّقْصِ نَعَمْ يُجَابُ عَنْ كَلَامِ السُّبْكِيّ بِأَنَّ تَكْلِيفَ الْبَائِعِ قَطْعَ مَا اسْتَثْنَى يُؤَدِّي إلَى أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي يُرَادُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَا بُعْدَ فِي تَأْخِيرِ وُجُوبِ الْقَطْعِ حَالًّا لِمَعْنًى بَلْ قَدْ عُهِدَ تَخَلُّفُهُ بِالْكُلِّيَّةِ وَذَلِكَ فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ

( قَوْلُهُ بَلْ أَوْ أَقَلَّ ) سَوَاءٌ أَبَقِيَ سَنَةً فَقَطْ أَمْ أَقَلَّ كَالْهِنْدَبَا ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ ) جَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ الْحِجَازِيِّ ) خَرَجَ بِالْحِجَازِيِّ قُطْنُ خُرَاسَانَ وَبَغْدَادَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الزَّرْعِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَوْجُودَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ الْمَبِيعِ بِأَنَّ الطَّلْعَ لَهُ أَمَدٌ يَنْتَهِي إلَيْهِ وَلَا أَمَدَ لِلرَّطْبَةِ وَبِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُشْتَرِي فِي قَطْعِ الثَّمَرَةِ وَلِلْبَائِعِ مَنْفَعَةٌ فِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَفِي تَرْكِ قَطْعِهَا فَائِدَةٌ لِلْبَائِعِ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي التَّتِمَّةِ إلَّا الْقَصَبَ ) قَالَ شَيْخُنَا عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ وُجُوبِ الْقَطْعِ لَا مِنْ شَرْطٍ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ ) عِبَارَةُ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ أَنَّ الْقَصَبَ الْفَارِسِيَّ لَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ تَحْوِيلُهُ إلَى وَقْتِ قَطْعِهِ فِي الْعَادَةِ وَهُوَ زَمَنُ الشِّتَاءِ فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ تَلِفَ فَلَمْ يَصْلُحْ لِشَيْءٍ وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْبَغَوِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ وَالرُّويَانِيُّ اقْتَضَضْتُكِ ( قَوْلُهُ وَشَجَرُ الْخِلَافِ كَالْقَصَبِ ) قَالَ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ الْخِلَافُ نَوْعَانِ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ كُلَّ سَنَةٍ فَكَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَكَالثِّمَارِ قَالَ ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَظْهَرُ تَنْزِيلُ اخْتِلَافِ كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ

( فَرْعٌ لِلْبَذْرِ ) الْكَامِنِ ( فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَابِتِهِ ) فِيمَا مَرَّ ( فَيَدْخُلُ ) فِي بَيْعِهَا ( بَذْرُ النَّخْلِ وَالْقَضْبِ ) بِمُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ أَوْ بِمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ( وَنَحْوِهِ ) مِمَّا يَدُومُ كَنَوَى الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَبِزْرِ الْكُرَّاثِ وَالنَّعْنَاعِ ( لَا بَذْرَ مَا يُؤْخَذُ دَفْعَةً ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ ( بَلْ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ ) لِلْمُشْتَرِي ( إنْ جَهِلَ ) الْبَذْرَ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ بِلَا أُجْرَةٍ مِثْلَ مَا مَرَّ ( إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ ) الْبَائِعُ ( أَوْ ) قَالَهُ أَنَّهُ أَفْرَغَ الْأَرْضَ وَ ( قَصُرَ زَمَنُ التَّفْرِيغِ ) بِحَيْثُ لَا يُقَابَلُ بِأُجْرَةٍ فَلَا خِيَارَ لَهُ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ فِي الْأُولَى وَتَدَارُكِهِ حَالًا فِي الثَّانِيَةِ ( كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ رَأَى فِي سَقْفِهَا خَلَلًا يَسِيرًا يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَتْ مُنْسَدَّةَ الْبَالُوعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُصْلِحُهُ ) أَيْ السَّقْفَ ( وَأُنَقِّيهَا ) أَيْ الْبَالُوعَةَ ( فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ) وَيَلْزَمُهُ الْقَبُولُ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْكِ وَلَا نَظَرَ لِلْمِنَّةِ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ قَالَ الْغُرَمَاءُ لَا تُفْسَخُ وَنُقَدِّمُك بِالثَّمَنِ بِأَنَّ الْمِنَّةَ ثَمَّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَنْ الْعَقْدِ فَلَا تُحْتَمَلُ وَبِأَنَّهُ رُبَّمَا يَظْهَرُ غَرِيمٌ آخَرُ فَيُزَاحِمُ الْبَائِعَ فِيمَا أَخَذَهُ فَيَتَضَرَّرُ بِخِلَافِهِمَا هُنَا

( قَوْلُهُ لِلْبَذْرِ فِي الْأَرْضِ حُكْمُ نَبَاتِهِ إلَخْ ) لَوْ بَاعَ أَرْضًا مَعَ بَذْرٍ أَوْ زَرْعٍ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ اعْلَمْ أَنَّ الزَّرْعَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ بِالْبَيْعِ هُوَ الْمَسْتُورُ إمَّا بِالْأَرْضِ كَالْفُجْلِ أَوْ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهَا كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَالْبَذْرُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُ هُوَ مَا لَمْ يَرَهُ أَوْ تَغَيَّرَ بَعْدَ رُؤْيَتِهِ أَوْ امْتَنَعَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ فَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُ كَالْقَصِيلِ الَّذِي لَمْ يُسَنْبِلْ أَوْ سَنْبَلَ وَثَمَرَتُهُ ظَاهِرَةٌ كَالذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَكَالْبَذْرِ الَّذِي رَآهُ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَنَقُولُ الْمُصَنِّفُ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ رَاجِعٌ إلَى الزَّرْعِ وَالْبَذْرِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ وَلَمْ يَقُلْ يُفْرَدَانِ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ إفْرَادُ الضَّمِيرِ .
ا هـ .
وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ قَوْلُهُ لَا يُفْرَدُ قَيْدٌ فِي الْبَذْرِ وَالزَّرْعِ وَيُتْرَكُ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ إلَى الْحَصَادِ هَذَا فِيمَا الْعَادَةُ فِيهِ الْإِبْقَاءُ ( قَوْلُهُ بِلَا أُجْرَةِ مِثْلِ مَا مَرَّ ) لَمْ يَفْصِلْ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْحِجَارَةِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَالْجَوَابُ أَنَّهُ قَدْ يُتَخَيَّلُ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُنَا لَهُ الْخِيَارُ مُطْلَقًا تَضَرَّرَ أَمْ لَا إذَا كَانَ جَاهِلًا فَيَزُولُ ضَرَرُهُ بِالْخِيَارِ وَفِي الْحِجَارَةِ لَا خِيَارَ لَهُ إلَّا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ كَمَا سَيَأْتِي فَلَا يَزُولُ ضَرَرُهُ إلَّا بِطَلَبِ الْأُجْرَةِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَرَكَهُ لَهُ الْبَائِعُ ) وَهُوَ إعْرَاضٌ لِتَرْكِ الْخُصُومَةِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا فِي الْأَحْجَارِ

( فَصْلٌ وَتَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَخْلُوقَةُ وَالْمُثَبَّتَةُ فِي الْأَرْضِ ) فِي بَيْعِهَا لِأَنَّهَا مِنْ أَجْزَائِهَا ( وَقَدْ تَكُونُ عَيْبًا ) بِالْأَرْضِ ( فَيَثْبُتُ الْخِيَارُ إنْ أَضَرَّتْ بِالْغَرْسِ وَالزَّرْعِ إنْ اُشْتُرِيَتْ ) أَيْ الْأَرْضُ ( لِذَلِكَ ) التَّصْرِيحُ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَدْ ذَكَرَهُ مَعَ شَرْطِهِ مَنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي بَعْدُ مَعَ أَنَّهُ غَيَّرَ هُنَا عِبَارَةَ الْأَصْلِ بِمَا يُفَوِّتُ الْغَرَضَ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالزَّرْعِ وَالْغَرْسِ فَهُوَ عَيْبٌ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ تُقْصَدُ لِذَلِكَ ( وَلَا تَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَدْفُونَةُ ) فِيهَا فِي بَيْعِهَا كَالْأَقْمِشَةِ وَالْكُنُوزِ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْمُطَالَبَةُ بِقَلْعِهَا ) وَفِي نُسْخَةٍ بِنَقْلِهَا تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ بِخِلَافِ الزَّرْعِ فَإِنَّهُ لَهُ أَمَدًا يَنْتَظِرُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا وَهُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي ( ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا ) بِهَا ( فَلَا خِيَارَ لَهُ ) وَإِنْ ضَرَّ قَلْعُهَا نَعَمْ إنْ جَهِلَ ضَرَرَهَا وَكَانَ لَا يَزُولُ بِالْقَلْعِ أَوْ تَتَعَطَّلُ بِهِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَلَهُ الْخِيَارُ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ غَيْرُهُ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَشْهَدُ لَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ( لَكِنْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى تَفْرِيغِ مِلْكِهِ ) وَلِلْبَائِعِ التَّفْرِيغُ أَيْضًا بِغَيْرِ رِضَا الْمُشْتَرِي وَلَوْ سَمَحَ لَهُ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَبُولُ .
( وَ ) عَلَى ( تَسْوِيَةِ ) حُفَرِ ( الْأَرْضِ ) الْحَاصِلَةِ بِالْقَلْعِ وَهِيَ كَمَا فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يُعِيدَ التُّرَابَ الْمُزَالَ بِالْقَلْعِ مِنْ فَوْقِ الْحِجَارَةِ مَكَانَهُ أَيْ وَإِنْ لَمْ تَسْتَوِ ( وَلَا أُجْرَةَ لِلْمُشْتَرِي مُدَّةَ الْقَلْعِ ) وَالتَّفْرِيغِ ( وَإِنْ طَالَتْ ) وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ الْقَبْضِ لِعِلْمِهِ بِالْحَالِ فَجَعَلَ زَمَنَ قَلْعِهَا مُسْتَثْنًى وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ أَيْضًا لِذَلِكَ ( كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا أَقْمِشَةٌ يَعْلَمُهَا ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ نَقْلِهَا وَإِنْ طَالَتْ

( وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا وَالْحِجَارَةُ لَا تَضُرُّ ) الْمُشْتَرِي ( تَرْكًا وَلَا نَقْلًا ) بِأَنْ قَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ وَالتَّسْوِيَةِ بِحَيْثُ لَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ وَلَمْ تَنْقُصْ الْأَرْضُ بِهَا ( فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي ) لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ تَرْكُهَا وَقَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِ عَلَى الْبَذْرِ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( وَلِلْبَائِعِ النَّقْلُ ) وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ التَّسْوِيَةُ ( وَلِلْمُشْتَرِي إجْبَارُهُ عَلَيْهِ ) وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَ ) لَهُ عَلَيْهِ ( أُجْرَةُ ) مِثْلِ ( مُدَّةِ النَّقْلِ ) إنْ كَانَ ( بَعْدَ الْقَبْضِ ) سَهْوٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ( وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا ) ذَكَّرَ الضَّمِيرَ مِنْ زِيَادَتِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ أَوْ تَذْكِيرُهُ لِأَنَّ الْغَرَضَ أَنَّ لَهُ الْخِيَارَ إنْ ضَرَّهُ الْقَلْعُ سَوَاءٌ أَضَرَّ الْأَرْضَ بِأَنْ نَقَصَ قِيمَتَهَا أَمْ لَا بِأَنْ مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ فَإِنْ أَجَازَ فَلَهُ الْأُجْرَةُ وَالْأَرْشُ إنْ كَانَ النَّقْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَلَا يَسْقُطُ ) خِيَارُهُ ( بِقَوْلِ الْبَائِعِ أَنَا أَغْرَمُ لَك الْأُجْرَةَ وَالْأَرْشَ ) لِلْمِنَّةِ .
( فَلَوْ تَرَكَ لَهُ الْحِجَارَةَ وَتَرْكُهَا لَا يَضُرُّ ) الْمُشْتَرِي ( سَقَطَ خِيَارُهُ ) وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنَّةٌ وَتُفَارِقُ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ الْمِنَّةَ فِيهَا حَصَلَتْ بِمَا هُوَ مُتَّصِلٌ بِالْبَيْعِ يُشْبِهُ جُزْأَهُ بِخِلَافِهَا فِي تِلْكَ فَإِنْ ضَرَّ تَرْكُهَا فَسَيَأْتِي ( وَهَذَا التَّرْكُ إعْرَاضٌ ) لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ ( لَا تَمْلِيكٌ ) لِلْمُشْتَرِي ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ ( الرُّجُوعُ فِيهِ ) أَيْ فِيمَا تَرَكَهُ مِنْ الْأَحْجَارِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فِيهَا ( وَيَعُودُ بِرُجُوعِهِ ) فِيهَا ( خِيَارُ الْمُشْتَرِي فَلَوْ وَهَبَهَا لَهُ بِشُرُوطِ الْهِبَةِ حَصَلَ الْمِلْكُ ) فِيهَا لِلْمُشْتَرِي ( وَلَا رُجُوعَ ) لِلْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ شُرُوطِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إعْرَاضٌ كَالتَّرْكِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ إذَا بَطَلَ

الْخُصُوصُ بَقِيَ الْعُمُومُ وَالتَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الرُّجُوعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ ( وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ وَالْقَلْعُ مُضِرَّيْنِ فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ سَوَاءٌ جَهِلَ الْأَحْجَارَ أَوْ ) الْأَوْلَى أَمْ ( ضَرَرَهَا ) فِي الشِّقِّ الثَّانِي الْمُقْتَضِي لِعِلْمِهِ بِالْأَحْجَارِ تَسَمُّحٌ وَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ صَحِيحًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ جَاهِلًا بِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ فِيهِ مَا لَوْ جَهِلَ ضَرَرَ قَلْعِهَا دُونَ ضَرَرِ تَرْكِهَا وَعَكْسَهُ وَعِبَارَةُ الشَّيْخَيْنِ مُخْرِجَةٌ لِلْعَكْسِ فَإِنَّهُمَا قَيَّدَا بِضَرَرِ الْقَلْعِ وَاسْتَدْرَكَهُ النَّشَائِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمَا عَدَمُ ثُبُوتِ الْخِيَارِ فِيهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِمَا ثُبُوتُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَطْمَعُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَتْرُكُهَا لَهُ فَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ التَّقْيِيدَ لِيُوَافِقَ كَلَامَ غَيْرِهِمَا وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا إذْ لَا يَصْلُحُ طَمَعُهُ فِي تَرْكِهَا عِلَّةً لِثُبُوتِ الْخِيَارِ وَلَا يُقَاسُ ثُبُوتُهُ عَلَى ثُبُوتِهِ فِيمَا ضَرَّ تَرْكُهَا دُونَ قَلْعِهَا كَمَا مَرَّ لِأَنَّهُ ثَمَّ جَاهِلٌ بِهَا وَهُنَا عَالِمٌ بِهَا .
( وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا تَفْسَخْ وَأَغْرَمُ لَك أُجْرَةَ ) مِثْلِ ( مُدَّةِ النَّقْلِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهُ ) كَمَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا تَفْسَخْ بِالْعَيْبِ لِأَغْرَمَ لَك الْأَرْشَ وَكَذَا لَوْ تَرَكَ لَهُ الْأَحْجَارَ لِأَنَّ بَقَاءَهَا مُضِرٌّ كَمَا شَمِلَهُ صَدْرُ كَلَامِهِ وَأَفْهَمَهُ قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَتَرْكُهَا لَا يَضُرُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا ( فَإِنْ أَجَازَ الْمُشْتَرِي ) حَيْثُ ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ ( لَزِمَ الْبَائِعُ التَّفْرِيغَ وَالتَّسْوِيَةَ ) سَوَاءٌ أَفْرَغَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَمْ بَعْدَهُ ( وَ ) لَزِمَهُ ( أُجْرَةُ ) مِثْلِ ( مُدَّةِ النَّقْلِ ) أَيْ التَّفْرِيغِ ( وَأَرْشُ عَيْبٍ إنْ كَانَ ) أَيْ وُجِدَ بَعْدَ التَّسْوِيَةِ وَكَانَ ذَلِكَ ( بَعْدَ الْقَبْضِ ) لِتَفْوِيتِهِ مَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ ( لَا قَبْلَهُ ) لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ كَالْآفَةِ وَلَا يَخْفَى

أَنَّ مُدَّةَ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْ الزَّرْعِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِهَا مِنْ الْحِجَارَةِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ بَيْضَاءَ أَوْ كَانَ فِيهَا غِرَاسٌ عِنْدَ الْبَيْعِ وَبِيعَ مَعَهَا ( فَإِنْ أَحْدَثَ ) فِيهَا ( الْمُشْتَرِي غَرْسًا وَهُوَ جَاهِلٌ ) بِالْأَحْجَارِ ( ثُمَّ عَلِمَ ) بِهَا ( فَلَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْقَلْعِ ) تَفْرِيغًا لِمِلْكِهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالَةِ الْجَهْلِ ( وَيَضْمَنُ الْبَائِعُ نَقْصًا حَدَثَ بِهِ ) أَيْ بِالْقَلْعِ ( فِي الْغِرَاسِ وَلَا خِيَارَ لَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي ( إنْ اخْتَصَّ النَّقْصُ ) الْمَذْكُورُ ( بِالْغِرَاسِ ) لِأَنَّ الضَّرَرَ رَاجِعٌ إلَى غَيْرِ الْمَبِيعِ وَلِأَنَّ الْغِرَاسَ عَيْبٌ فِي الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ وَقَدْ حَدَثَ عِنْدَهُ ( فَإِنْ نَقَصَتْ الْأَرْضُ ) أَيْضًا ( بِالْأَحْجَارِ فَلَهُ الْقَلْعُ ) لِلْغِرَاسِ .
( وَالْفَسْخُ إنْ لَمْ يَحْصُلْ بِالْغَرْسِ وَقَلْعُهُ ) أَيْ الْمَغْرُوسِ ( نَقْصٌ ) فِي الْأَرْضِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ حَصَلَ بِذَلِكَ نَقْصٌ فِيهَا ( فَهُوَ عَيْبٌ حَدَثَ ) عِنْدَهُ ( يَمْنَعُ الرَّدَّ وَيُوجِبُ ) لَهُ ( الْأَرْشَ وَإِنْ أَحْدَثَ الْغَرْسَ عَالِمًا بِالْأَحْجَارِ فَلِلْبَائِعِ قَلْعُهَا وَلَا يَضْمَنُ أَرْشَ نَقْصِ الْغِرَاسِ وَلَوْ كَانَ فَوْقَ الْأَحْجَارِ زَرْعٌ لِأَحَدِهِمَا تُرِكَ إلَى ) أَوَانِ ( الْحَصَادِ ) لِأَنَّ لَهُ أَمَدًا يُنْتَظَرُ بِخِلَافِ الْغِرَاسِ ( بِلَا أُجْرَةٍ ) لِمُدَّةِ بَقَائِهِ وَإِذَا قَلَعَهَا الْبَائِعُ بَعْدَ الْحَصَادِ فَعَلَيْهِ تَسْوِيَةُ الْأَرْضِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ

قَوْلُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ فَإِنْ كَانَتْ إلَخْ ) وَإِنْ كَانَتْ تَضُرُّ بِالْغَرْسِ دُونَ الزَّرْعِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَشَيْخِهِ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَسُلَيْمٍ وَقِيلَ لَا لِكَمَالِ الْمَنْفَعَةِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ ( قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ الْحِجَارَةُ الْمَدْفُونَةُ إلَخْ ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَجْزَاءِ الْأَرْضِ وَلَا مُتَّصِلَةً بِهَا وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَهَا فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً مَرْئِيَّةً صَحَّ وَدَخَلَتْ وَإِلَّا فَيَبْطُلُ فِي الْكُلِّ ( قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا خِيَارَ لَهُ ) فَارَقَ صِحَّةَ الْبَيْعِ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْحِجَارَةِ بُطْلَانُهُ فِيمَا إذَا عَلِمَ بِأَنَّ تَحْتَ الصُّبْرَةِ الْمَبِيعَةِ دَكَّةً بِمَنْعِهَا تَخْمِينِ قَدْرِ الْمَبِيعِ فَيَكْثُرُ الْغَرَرُ ( قَوْلُهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ ) هَذَا مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى تَسْوِيَةِ حُفَرِ الْأَرْضِ إلَخْ ) لِأَنَّهُ أَحْدَثَ الْحَفْرَ لِتَخْلِيصِ الْحِجَارَةِ ( قَوْلُهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ مُدَّةَ نَقْلِهَا وَإِنْ طَالَتْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ كَانَتْ الْأَمْتِعَةُ لِغَيْرِ الْبَائِعِ إمَّا بِإِعَارَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ بِغَصْبٍ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَسْتَحِقُّ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الْأُجْرَةَ كَذَلِكَ لِلْبَائِعِ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ عَلَى الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ضَرَّ تَرْكُهَا وَقَصُرَ زَمَنُ الْقَلْعِ ) لِأَنَّ بِالْقَلْعِ يَزُولُ الضَّرَرُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى دَارًا فَلَحِقَ سَقْفَهَا خَلَلٌ يَسِيرٌ قَبْلَ الْقَبْضِ يُمْكِنُ تَدَارُكُهُ فِي الْحَالِ أَوْ كَانَتْ مُفْسِدَةَ الْبَالُوعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ أَنَا أُصْلِحُهَا أَوْ اشْتَرَى مَغْصُوبًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى انْتِزَاعِهِ .
( قَوْلُهُ وَلَهُ أُجْرَةُ مُدَّةِ النَّقْلِ بَعْدَ الْقَبْضِ ) لِتَفْوِيتِهِ مَنْفَعَةَ تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيَشْكُلُ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ الزَّرْعُ يَجِبُ إبْقَاؤُهُ وَالْحِجَارَةُ لَا يَجِبُ قُلْنَا مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْحِجَارَةِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِ

الزَّرْعِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ يُجَابُ بِأَنَّ زَرْعَ الْأَرْضِ لَمَّا كَانَ كَالضَّرُورِيِّ اقْتَضَى أَنْ لَا غُرْمَ بِسَبَبِ تَفْرِيغِ الْأَرْضِ مِنْهُ بِخِلَافِ دَفْنِ الْحِجَارَةِ ( قَوْلُهُ سَهْوٌ ) لَيْسَ بِسَهْوٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا قَيْدٌ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلِلَّتِي بَعْدَهَا ( قَوْلُهُ وَلَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّهَا ) بِأَنْ نَقَصَ قِيمَتَهَا أَوْ مَنْفَعَتَهَا بِأَنْ اُحْتِيجَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةٍ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ ( قَوْلُهُ أَوْ تَذْكِيرُهُ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا التَّرْكُ إعْرَاضٌ ) قَالَ شَيْخُنَا فَيَنْتَفِعُ بِهِ كَالْإِبَاحَةِ بِلَا بَيْعٍ وَنَحْوِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ ضَرَرُهَا ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ ضَرَرُ قَلْعِهَا .
( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَزِمَ الْبَائِعُ التَّفْرِيغَ وَالتَّسْوِيَةَ ) تَكَلَّمَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُوجِبُوا عَلَى هَادِمِ الْجِدَارِ إعَادَتَهُ بَلْ أَوْجَبُوا تَسْوِيَةَ الْحَفْرِ عَلَى الْبَائِعِ وَالْغَاصِبِ وَأَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ طَمَّ الْحَفْرِ لَا يَكَادُ يَتَفَاوَتُ وَهَيْئَاتُ الْأَبْنِيَةِ تَتَفَاوَتُ فَشَبَّهَ الطَّمَّ بِذَوَاتِ الْأَمْثَالِ وَالْجِدَارَ بِذَوَاتِ الْقِيَمِ حَتَّى لَوْ وَقَعَ لَبِنَةٌ أَوْ لَبِنَتَانِ مِنْ رَأْسِ الْجِدَارِ وَأَمْكَنَ الرَّدُّ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ فِي الْهَيْئَةِ فَهُوَ كَطَمِّ الْحُفْرَةِ وَهَذَا الْجَوَابُ لِلْقَاضِي حُسَيْنٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ مَعَ اللَّبِنَةِ وَاللَّبِنَتَيْنِ قَالَ الْغَزِّيِّ وَهَذَا كُنْت بَحَثْته فِي قَوْلِهِمْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى هَادِمِ الْجِدَارِ إعَادَتُهُ وَقُلْت يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اخْتِلَافِ هَيْئَةٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ ( قَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ لِمَا مَرَّ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فَلَوْ بَاعَ الْبَائِعُ الْأَحْجَارَ لِغَيْرِهِ بِحَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ بِرُؤْيَةٍ مُعْتَبَرَةٍ سَابِقَةٍ فَهَلْ حَلَّ الْمُشْتَرِي مَحَلَّ الْبَائِعِ فَلَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إذَا كَانَ قَبْلَ

الْقَبْضِ أَوْ تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ عَنْ الْبَيْعِ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَقْلٍ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي وَاسْتَشْكَلَ السُّبْكِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّرْعِ فَإِنْ قِيلَ الزَّرْعُ يَجِبُ إبْقَاؤُهُ وَالْحِجَارَةُ لَا يَجِبُ إبْقَاؤُهَا قُلْنَا مُدَّةُ تَفْرِيغِ الْحِجَارَةِ كَمُدَّةِ تَفْرِيغِ الزَّرْعِ .
ا هـ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ الثَّانِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ تَجِبْ لِمُدَّةِ بَقَائِهِ كَمَا مَرَّ ) قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ لَهَا أَيْضًا ( قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ ) إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ .
( قَوْلُهُ وَالْأَشْجَارُ الرَّطْبَةُ ) وَكَتَبَ أَيْضًا فِي مَعْنَى الشَّجَرِ أَصْلُ مَالِهِ مِنْ أَصْلٍ ثَابِتٍ مِنْ النَّبَاتِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ دُخُولَ الْأَرْضِ إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ وَدُخُولَ الشَّجَرِ إذَا كَانَ مِمَّا يُرَادُ لِلْبَقَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَالْيَابِسِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَدَمُ دُخُولِهِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ إذَا هُدِمَ وَبَقِيَ أَصْلُهُ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ حَيْثُ يَنْدَرِجُ الْجِدَارُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ مُمْكِنٌ فَهُوَ مَقْصُودٌ لِلدَّوَامِ وَلَوْ بَاعَ قَوْسًا فَفِي دُخُولِ الْوِتْرِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا الْمَنْعُ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ

( اللَّفْظُ الثَّانِي الْبُسْتَانُ وَالْبَاعُ ) بِمَعْنَاهُ وَهُوَ أَعْجَمِيٌّ ( وَالْكَرْمُ ) وَمِثْلُهَا الْحَدِيقَةُ وَالْجُنَيْنَةُ ( فَيَدْخُلُ فِيهِ ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْهَا ( الْأَرْضُ وَالْأَشْجَارُ وَالْحَائِطُ ) الْمُحِيطُ بِهِ ( وَكَذَا بِنَاءٌ فِيهِ وَعَرِيشُ قُضْبَانِهِ ) أَيْ عَرِيشٌ تُوضَعُ عَلَيْهِ قُضْبَانُ الْعِنَبِ وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ الْعَرِيشُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَكَذَا الْغَزَالِيُّ وَابْنُ الرِّفْعَةِ وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ الْبُسْتَانُ دَخَلَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ جَمِيعًا أَوْ قَالَ هَذَا الْحَائِطُ الْبُسْتَانُ أَوْ هَذِهِ الْمُحَوَّطَةُ دَخَلَ الْحَائِطُ الْمُحِيطُ وَمَا فِيهِ مِنْ شَجَرٍ وَبِنَاءٍ ذَكَرَ ذَلِكَ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا ذَكَرَ
( قَوْلُهُ وَكَذَا بِنَاءٌ فِيهِ وَعَرِيشُ قُضْبَانِهِ ) لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ كُلُّ مَا لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الشَّجَرَةِ وَمَا دَخَلَ فِي بَيْعِهَا دَخَلَ فِي بَيْعِهِ وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَ مَا لَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ دَخَلَ أَوْ خُرُوجَ مَا يَدْخُلُ خَرَجَ ( قَوْلُهُ أَيُّ عَرِيشٍ يُوضَعُ عَلَيْهِ قُضْبَانُ الْعِنَبِ ) وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي بِلَادِ مِصْرَ بِالْمُكَعَّبِ

( فَرْعٌ اسْمُ الْقَرْيَةِ وَالدَّسْكَرَةِ ) وَتُقَالُ لِقَصْرٍ حَوْلُهُ بُيُوتٌ وَلِلْقَرْيَةِ وَلِلْأَرْضِ الْمُسْتَوِيَةِ وَلِلصَّوْمَعَةِ وَلِبُيُوتِ الْأَعَاجِمِ يَكُونُ فِيهَا الشَّرَابُ وَالْمَلَاهِي ( يَدْخُلُ فِيهِ ) أَيْ فِي اسْمِهِمَا ( السُّوَرُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالسَّاحَاتِ ) بِخِلَافِ الْخَارِجَةِ عَنْهُ ( وَكَذَا ) تَدْخُلُ ( الْأَشْجَارُ ) الْمَغْرُوسَةُ ( فِيهَا لَا الْمَزَارِعُ ) وَالْأَشْجَارُ الَّتِي ( حَوْلَهَا وَلَوْ قَالَ ) بِعْتُكهَا ( بِحُقُوقِهَا ) لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَقْتَضِي دُخُولَهَا وَلِهَذَا لَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ الْقَرْيَةَ بِدُخُولِهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا سُوَرٌ دَخَلَ مَا اخْتَلَطَ بِبِنَائِهَا مِنْ الْمَسَاكِنِ وَالْأَبْنِيَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ وَذِكْرُ السُّوَرِ وَالتَّقْيِيدُ بِحَوْلِهَا مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ وَمَا فِيهِ مِنْ الْأَبْنِيَةِ إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ سَكَتَ الشَّيْخَانِ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْقَرْيَةِ سُوَرٌ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ مَا اخْتَلَطَ بِبُنْيَانِهَا مِنْ الْأَرَاضِيِ وَالسَّاحَاتِ وَالْمَسَاكِنِ وَأَبْنِيَتِهَا ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَشْجَارُ فِيهَا ) وَحَرِيمُهَا ( قَوْلُهُ لَا الْمَزَارِعُ ) قَالَ الْبَنْدَنِيجِيُّ إذَا قَالَ بِعْتُك الْقَرْيَةَ بِأَرْضِهَا دَخَلَتْ الْمَزَارِعُ

( اللَّفْظُ الثَّالِثُ الدَّارُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ وَالْأَبْنِيَةُ ) بِأَنْوَاعِهَا حَتَّى الْحَمَّامِ الْمَعْدُودِ مِنْ مَرَافِقِهَا وَفِي نُسْخَةٍ زِيَادَةُ وَالْحَمَّامِ فَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْخَاصِّ بَعْدَ الْعَامِّ وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ لَا يَدْخُلُ الْحَمَّامُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحِجَازِ الْمَنْقُولَةِ ( وَكَذَا ) يَدْخُلُ ( شَجَرٌ ) مَغْرُوسٌ ( فِيهِ ) الْأَوْلَى فِيهَا ( وَمَا أُثْبِتَ ) فِيهَا ( لِتَتِمَّتِهَا ) لِيَبْقَى فِيهَا ( كَالسَّقْفِ وَالْأَبْوَابِ ) الْمَنْصُوبَةِ ( وَالْغِلَاقِ الْمُثَبَّتِ ) عَلَيْهَا وَنَحْوُهُ مِنْ الْحَلْقِ وَالسَّلَاسِلِ ( وَكَذَا مَا أُثْبِتَ ) فِيهَا ( وَلَيْسَ مِنْهَا كَالدِّنَانِ ) أَيْ الْخَوَابِي ( وَالْإِجَّانَاتِ ) وَالرُّفُوفِ ( الْمُثَبَّتَة وَالسَّلَالِمِ الْمُسَمَّرَةِ ) أَوْ الْمُطَيَّنَةِ وَالْأَوْتَادِ الْمُثَبَّتَةِ فِي الْأَرْضِ أَوْ الْجِدَارِ ( وَالْأَسْفَلِ ) الْمُثَبَّتِ ( مِنْ الرَّحَى بِأَعْلَاهُ ) أَيْ مَعَهُ ( وَقَدْرُ الْحَمَّامِ ) وَخَشَبِ الْقَصَّارِ وَمِعْجَنِ الْخَبَّازِ لِثَبَاتِهَا فِيهَا فَصَارَتْ مَعْدُودَةً مِنْ أَجْزَائِهَا ( لَا الْمَنْقُولَاتِ كَالسَّرِيرِ وَالدَّلْوِ وَالْبَكْرَةِ ) بِإِسْكَانِ الْكَافِ أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا ( وَالدَّفَائِنِ ) وَالرُّفُوفِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى الْأَوْتَادِ وَالسَّلَالِمِ الَّتِي لَمْ تُسَمَّرْ وَلَمْ تُطَيَّنْ ( وَتَدْخُلُ أَلْوَاحُ الدَّكَاكِينِ ) وَمِفْتَاحُ الْمِغْلَاقِ الْمُثَبَّتِ وَكُلُّ مُنْفَصِلٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ نَفْعُ مُتَّصِلٍ كَرَأْسِ التَّنُّورِ وَصُنْدُوقِ الْبِئْرِ وَالطَّاحُونِ وَآلَاتِ السَّفِينَةِ

قَوْلُهُ اللَّفْظُ الثَّالِثُ الدَّارُ ) وَالْبَيْتُ وَالْخَانُ وَالدُّكَّانُ وَالْحَمَّامُ وَالرَّحَى وَشِبْهُهَا ( قَوْلُهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَرْضُ إلَخْ ) إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَالْمُحْتَكَرَةِ وَالْمَوْقُوفَةِ لَمْ تَدْخُلْ وَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا كَانَ جَاهِلًا كَذَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْجَلَالُ الْبُلْقِينِيُّ لَوْ بَنَى عَلَى سَابَاطٍ رِوَاقًا ثُمَّ قَالَ لِشَخْصٍ بِعْتُك الرِّوَاقَ فَهَلْ يَدْخُلُ السَّابَاطُ فِي الْبَيْعِ كَمَا تَدْخُلُ الْأَرْضُ فِي بَيْعِ الدَّارِ لِأَنَّهُ قَرَارُ الرِّوَاقِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَالظَّاهِرُ الدُّخُولُ .
ا هـ .
لَا يَدْخُلُ قَطْعًا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ وَلَوْ اتَّصَلَ بِهَا سَابَاطٌ عَلَى حَائِطِهَا فَفِي دُخُولِهِ أَوْجُهُ ثَالِثُهَا إنْ كَانَتْ جُذُوعُهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ عَلَى حَائِطِهَا دَخَلَ وَإِلَّا فَلَا ( قَوْلُهُ عَلَى حَمَّامَاتِ الْحَجَّارِ الْمَنْقُولَةِ ) بِخِلَافِ الْمُثَبَّتَةِ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ ( قَوْلُهُ وَالْمِغْلَاقُ الْمُثَبَّتُ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ الْمُعْتَمَدَةِ لِمِفْتَاحِهِ ( قَوْلُهُ لَا الْمَنْقُولَاتُ كَالسَّرِيرِ إلَخْ ) هَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ جَهِلَ كَوْنَهَا فِي الدَّارِ وَاحْتَاجَ نَقْلُهَا لِمُدَّةٍ لَهَا أُجْرَةٌ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا ثُبُوتُهُ لَهُ

( فَرْعٌ لَا يَدْخُلُ ) فِي بَيْعِ الدَّارِ وَنَحْوِهَا إذَا كَانَ بِهَا بِئْرُ مَاءٍ ( مَاءُ الْبِئْرِ الْحَاصِلِ ) حَالَةَ الْبَيْعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَمَاءِ الصِّهْرِيجِ ( فَلَوْ لَمْ يَشْرِطْهُ ) أَيْ دُخُولَهُ فِي الْعَقْدِ ( فَسَدَ الْعَقْدُ لِاخْتِلَاطِهِ بِالْحَادِثِ ) فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَحْدَهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ دُخُولِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ ( وَيَدْخُلُ ) فِي بَيْعِ ذَلِكَ ( الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا الظَّاهِرَةُ كَالْمِلْحِ وَالنُّورَةِ وَالْكِبْرِيتِ وَهِيَ ) أَيْ الظَّاهِرَةُ ( كَالْمَاءِ ) الْحَاصِلِ فِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ذَكَرَ وَلَا تَدْخُلُ هِيَ فِيهِ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهَا ( وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ ) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِحُقُوقِهَا ( حَرِيمُهَا بِشَجَرِهِ ) الْمَغْرُوسِ فِيهِ ( إنْ كَانَتْ ) أَيْ الدَّارُ ( فِي شَارِعٍ لَا يَنْفُذُ ) بِالْمُعْجَمَةِ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ وَكَالدَّارِ الْقَرْيَةُ وَنَحْوُهَا وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالطَّرِيقِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَافِذًا وَقَدْ لَا يَكُونُ وَالشَّارِعُ لَا يَكُونُ إلَّا نَافِذًا
( قَوْلُهُ وَمَاءُ الصِّهْرِيجِ ) قَالَ شَيْخُنَا جَعَلَ مَاءَ الصِّهْرِيجِ مُشَبَّهًا بِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَاؤُهُ إلَّا بِالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ لَا أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ الصِّحَّةَ تَتَوَقَّفُ عَلَى التَّعَرُّضِ لِدُخُولِهِ كَالْبِئْرِ ( قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ دُخُولِهِ لِيَصِحَّ الْبَيْعُ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ فِي الْبَلَدِ بِحَيْثُ لَوْ قَصَدَ أَنْ يَسْتَقِيَ مِنْ بِئْرِ غَيْرِهِ لَا يُمْنَعُ فَلَا نَجْعَلُ لِلْمَاءِ حُكْمًا وَيَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ تَبَعًا وَعَلَى هَذَا نَزَلَ قَوْلُهُمْ لَوْ بَاعَ دَارًا بِدَارٍ فِيهِمَا بِئْرَانِ صَحَّ الْبَيْعُ ( قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّارِ حَرِيمُهَا ) أَيْ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مِنْ السِّكَّةِ الْمُنْسَدَّة الْأَسْفَلِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّ الدَّارَ الْمَحْفُوفَةَ بِالْمَسَاكِنِ لَا حَرِيمَ لَهَا أَرَادَ بِهِ غَيْرَ الْحَرِيمِ الْمُسْتَحَقِّ

( اللَّفْظُ الرَّابِعُ الْحَيَوَانَاتُ ) الشَّامِلَةُ لِلْعَبْدِ وَلِغَيْرِهِ فَتَعْبِيرُهُ بِهَا أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِالْعَبْدِ ( فَالْعَبْدُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَالْعَبْدُ ( لَا يَمْلِكُ ) شَيْئًا وَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ كَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ فَأَشْبَهَ الْبَهِيمَةَ وَأَمَّا خَبَرُ { مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ } فَأُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ ( فَإِنْ بَاعَهُ وَمَا فِي يَدِهِ ) مِنْ الْمَالِ وَإِنْ مَلَّكَهُ لَهُ ( لَزِمَ فِي الْمَالِ شُرُوطُ الْمَبِيعِ مِنْ نَفْيِ الْجَهَالَةِ وَالرِّبَا ) وَغَيْرِهِمَا لِأَنَّهُ مَبِيعٌ كَالْعَبْدِ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ اُعْتُبِرَ فِي الْمَالِ شُرُوطُ الْمَبِيعِ حَتَّى لَوْ كَانَ مَجْهُولًا أَوْ غَائِبًا أَوْ دَيْنًا وَالثَّمَنُ دَيْنٌ أَوْ ذَهَبًا وَالثَّمَنُ ذَهَبٌ لَمْ يَصِحَّ ( وَيَدْخُلُ ) فِي بَيْعِ نَاقَةٍ وَدَابَّةٍ وَفِي نُسْخَةٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ ( بَرَّةُ النَّاقَةِ ) وَهِيَ حَلَقَةٌ تُجْعَلُ فِي أَنْفِهَا ( وَنَعْلُ الدَّابَّةِ إنْ لَمْ يَكُونَا ذَهَبًا ) أَوْ فِضَّةً وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلَانِ لِلْعُرْفِ فِيهِمَا وَلِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِمَا حِينَئِذٍ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الشَّرْطِ فِي النَّعْلِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( لَا الْعَذَارُ ) وَالْمِقْوَدُ ( وَالسَّرْجُ ) وَاللِّجَامُ فَلَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الدَّابَّةِ اقْتِصَارًا عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ ( وَلَا ) تَدْخُلُ ( ثِيَابُ الْعَبْدِ ) فِي بَيْعِهِ وَلَوْ كَانَتْ سَاتِرَةَ الْعَوْرَةِ لِذَلِكَ وَالْأَمَةُ كَالْعَبْدِ كَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَمِثْلُهُمَا الْخُنْثَى

( قَوْلُهُ لِلِاخْتِصَاصِ لَا لِلْمِلْكِ ) وَإِلَّا لَنَفَاهُ جَعَلَهُ لِسَيِّدِهِ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُونَا ذَهَبًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَالْمَعْنَى فِي اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ حَرَامٌ وَمَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ لَا يُتْبَعُ وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَرَّةِ بَلْ النَّعْلُ كَذَلِكَ وَكُنَّا لَوْ اتَّخَذَ لِلْعَبْدِ حُلِيًّا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ كَالطَّوْقِ وَالدَّمْجِ لَا يَدْخُلُ وَكَذَا لَوْ حَلَّى الشَّاةَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَبَاعَهَا فَإِنَّ تَحْلِيَتُهَا حَرَامٌ كَمَا قَالَهُ الدَّارِمِيُّ وَغَيْرُهُ

( اللَّفْظُ الْخَامِسُ الشَّجَرُ وَتَدْخُلُ فِيهِ الْأَغْصَانُ الرَّطْبَةُ ) لِأَنَّهَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهِ بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ إذَا كَانَ الشَّجَرُ رَطْبًا لِأَنَّ الْعَادَةَ فِيهِ الْقَطْعُ كَالثَّمَرَةِ وَشَمِلَ كَلَامُهُمْ أَغْصَانَ شَجَرِ الْخِلَافِ وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ فِي مَوْضِعٍ وَصَرَّحَ بِهِ آخَرُ بِأَنَّهَا لَا تَدْخُلُ لِأَنَّهَا تُقْصَدُ لِلْقَطْعِ كَالثَّمَرَةِ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إنَّ الْخِلَافَ نَوْعَانِ مَا يُقْطَعُ مِنْ أَصْلِهِ فَتَدْخُلُ أَغْصَانُهُ وَمَا يُتْرَكُ سَاقُهُ وَتُؤْخَذُ أَغْصَانُهُ فَلَا تَدْخُلُ ( وَ ) تَدْخُلُ فِيهِ ( الْأَوْرَاقُ وَلَوْ مِنْ فِرْصَادٍ وَسِدْرٍ وَحِنَّاءٍ ) التَّرْجِيحُ فِي وَرَقِ الْحِنَّاءِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَا تَرْجِيحَ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الْأَقْرَبُ عَدَمُ الدُّخُولِ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إذْ لَا ثَمَرَةَ لَهُ غَيْرُ الْوَرَقِ قَالَ الْقَمُولِيِّ وَمِثْلُهُ وَرَقُ النِّيلَةِ ( وَ ) تَدْخُلُ أَيْضًا ( الْكِمَامُ ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ أَوْعِيَةُ الطَّلْعِ وَغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ ثَمَرُهَا مُؤَبَّرًا لِأَنَّهَا تَبْقَى بِبَقَاءِ الْأَغْصَانِ وَمِثْلُهَا الْعُرْجُونُ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ ( وَالْعُرُوقُ ) إنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَ الشَّجَرِ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ الْأَشْجَارِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا يَدْخُلُ ) فِيهَا حِينَئِذٍ ( الْعُرُوقُ ) بَلْ تُقْطَعُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ ( بِخِلَافِ شَرْطِ الْقَلْعِ ) لَهَا أَوْ الْإِطْلَاقِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا الْعُرُوقُ ( وَإِنْ أَطْلَقَ ) بِأَنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعًا وَلَا قَلْعًا وَلَا إبْقَاءً ( وَجَبَ إبْقَاءُ الشَّجَرِ الرَّطْبِ ) لَا الْيَابِسِ بَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَفْرِيغَ الْأَرْضِ مِنْهُ لِلْعَادَةِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ شَرَطَ قَطْعًا أَوْ قَلْعًا أَوْ إبْقَاءً اتَّبَعَ الشَّرْطَ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَقَطْ ) تَأْكِيدٌ لَلرُّطَب ( وَالْمَغْرَسُ ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ مَحَلُّ غَرْسِ الشَّجَرِ ( لَا يَتْبَعُ الشَّجَرَ فِي بَيْعِهِ وَ ) لَا فِي ( اسْتِثْنَائِهِ ) مِنْ

الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ لِأَنَّ اسْمَ الشَّجَرِ لَا يَتَنَاوَلُهُ ( لَكِنْ يَجِبُ ) عَلَى مَالِكِهِ ( إبْقَاؤُهَا ) فِيهِ بِحُكْمِ اسْتِتْبَاعِ الْمَنْفَعَةِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ فَلَوْ انْقَلَعَتْ أَوْ قُلِعَتْ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكِهَا أَنْ يَغْرِسَ فِيهِ بَدَلَهَا ( وَلَوْ بَذَلَ مَالِكُهُ أَرْشَ الْقَطْعِ ) لِمَالِكِهَا وَأَرَادَ قَطْعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إبْقَاؤُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ قَطْعُهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ الْقَلْعُ وَهِيَ أَوْلَى ( وَإِنْ شَرَطَ إبْقَاءَ الْيَابِسَةِ بَطَلَ الْبَيْعُ ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً وَشَرَطَ عَدَمَ قَطْعِهَا عِنْدَ الْجُذَاذِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي إبْقَائِهَا غَرَضٌ مَقْصُودٌ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ مُجَاوِرَةً لِأَرْضِهِ وَقَصَدَ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا جِذْعًا أَوْ بِنَاءً أَوْ نَحْوَهُ كَعَرِيشٍ فَيُظْهِرُ الصِّحَّةَ كَالْجِدَارِ

( قَوْلُهُ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِمَا قَالَهُ الْقَاضِي إلَخْ ) هَذَا التَّفْصِيلُ أَشَارَ إلَيْهِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِ الْأَرْضِ فَقَالَ وَلَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ أَشْجَارُ خِلَافٍ تُقْطَعُ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ فَهِيَ كَالْقَصَبِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ) قَالَ فِي الْأَنْوَارِ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَكُونَ لَهَا ثَمَرٌ وَلَا وَرْدٌ كَالْخِلَافِ وَشِبْهِهِ فَإِذَا بَاعَهَا مُطْلَقًا دَخَلَتْ الْأَوْرَاقُ فِي الْبَيْعِ وَلَوْ كَانَ فِرْصَادًا أَوْ نَبْقًا ا هـ وَجَزَمَ الْمَاوَرْدِيُّ بِعَدَمِ دُخُولِ وَرَقِ التُّوتِ وَرَجَّحَهُ الرُّويَانِيُّ فَلَا يُسْتَدَلُّ بِكَلَامِهِمَا عَلَى تَرْجِيحِ عَدَمِ دُخُولِ وَرَقِ الْحِنَّاءِ ( قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لِمَنْ لَهُ الثَّمَرَةُ ا هـ يُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِقَطْعِهِ مَعَ الثَّمَرَةِ وَالْأَوَّلُ عَلَى غَيْرِهِ ( قَوْلُهُ بَلْ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي تَفْرِيغُ الْأَرْضِ مِنْهُ إلَخْ ) لَوْ لَمْ يُفَرِّغْهَا لَزِمَتْهُ الْأُجْرَةُ إذَا قَصَّرَ فِي ذَلِكَ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى مَالِكِهِ بَقَاؤُهَا ) لَوْ تَفَرَّخَتْ مِنْهَا شَجَرَةٌ أُخْرَى فَهَلْ يُسْتَحَقُّ إبْقَاؤُهَا كَالْمُتَجَدِّدِ مِنْ عُرُوقِ الْأَصْلِ وَغِلَظِهَا أَمْ لَا لِحُدُوثِهَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ مَا تَجْرِي الْعَادَةُ بِاسْتِخْلَافِهِ وَمَا لَمْ تَجْرِ بِهِ قَالَ بَعْضُهُمْ فِيهِ احْتِمَالَاتٌ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ كَذَا فِي الْمَطْلَبِ بَقِيَ احْتِمَالٌ رَابِعٌ وَهُوَ إبْقَاؤُهَا مُدَّةَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فَإِذَا زَالَ أُزِيلَتْ ثُمَّ قَالَ فِي الْمَطْلَبِ مَا يُعْلَمُ اسْتِخْلَافُهُ كَالْمَوْزِ فَلَا شَكَّ فِي وُجُوبِ بَقَائِهِ ( قَوْلُهُ بِحُكْمِ اسْتِتْبَاعِ الْمَنْفَعَةِ إلَخْ ) فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي مُدَّةِ بَقَائِهَا ( قَوْلُهُ فَلَوْ انْقَلَعَتْ أَوْ قُلِعَتْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَمِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا أَنْ يَبِيعَ الشَّجَرَ أَوْ الْبِنَاءَ وَالْأَرْضُ فِي إجَارَتِهِ وَلَمْ تَنْقَضِ الْمُدَّةُ

وَعَلِمَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ فَهَلْ نَقُولُ يَسْتَحِقُّ الْإِبْقَاءَ بَقِيَّةَ الْمُدَّةِ بِالْأُجْرَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ أَوْ مَجَّانًا كَالْمَمْلُوكَةِ قَالَ فَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهَا فَيُشْبِهُ أَنَّهَا كَالْمَمْلُوكَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِلْكُهُ دَائِمًا تُورَثُ عَنْهُ وَأَقُولُ بَلْ الْأَشْبَهُ أَنَّ الْمُؤَجَّرَةَ وَالْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً كَذَلِكَ تِلْكَ الْمُدَّةُ ش وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى ثَمَرَةً مُؤَبَّرَةً ) أَيْ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا ( قَوْلُهُ فَتَظْهَرُ الصِّحَّةُ كَالْجِدَارِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ وَاضِحٌ

( فَصْلٌ أَمَّا ثَمَرُ الْمَبِيعِ ) وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَلَوْ مَشْمُومًا كَالْوَرْدِ ( فَيَتْبَعُ فِيهِ الشَّرْطَ ) مِنْ كَوْنِهِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ الظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ بِالْعَكْسِ إلَّا أَنَّ غَيْرَهُ فِي الْعَكْسِ إذَا لَمْ يَنْعَقِدْ لَا يَصِحُّ شَرْطُهُ لِلْبَائِعِ ( وَ ) أَمَّا ( عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ) فَقُلْ ( أَبِّرْ النَّخْلَ ) يَعْنِي شُقَّ طَلْعَهُ ( أَوْ تَشَقَّقَ ) بِنَفْسِهِ ( وَلَوْ ) كَانَ النَّخْلُ الْمَذْكُورُ ( فُحَّالُهُ ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ الْحَاءِ أَيْ ذُكُورُ النَّخْلِ الْمَبِيعِ ( أَوْ بَرَزَتْ ثَمَرَةُ الْعِنَبِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهِ ) أَيْ نَحْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا ( أَوْ تَفَتَّحَ كِمَامُ الْوَرْدِ أَوْ تَنَاثَرَ نُورٌ ) أَيْ زَهْرٌ ( نَحْوَ رُمَّانٍ وَمِشْمِشٍ انْعَقَدَ أَوْ ظَهَرَ يَاسِمِينَ ) بِكَسْرِ السِّين وَنَحْوه ( فَلِلْبَائِعِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ } مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تُؤَبَّرْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا أَنْ يَشْرِطَهَا الْبَائِعُ وَكَوْنُهَا فِي الْأَوَّلِ صَادِقٌ بِأَنْ تَشْرِطَهُ لَهُ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذَلِكَ وَكَوْنُهَا فِي الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي صَادِقٌ بِذَلِكَ وَأُلْحِقَ بِالنَّخْلِ سَائِرُ الثِّمَارِ وَبِتَأْبِيرِ كُلِّهَا تَأْبِيرِ بَعْضِهَا بِتَبَعِيَّةِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرِ لِلْمُؤَبَّرِ لِمَا فِي تَتْبَعُ مِنْ الْعُسْرِ وَالتَّأْبِيرُ وَيُقَال لَهُ التَّلْقِيحُ تَشْقِيقُ طَلْعِ الْإِنَاثِ وَذَرِّ طَلْعِ الذُّكُورِ فِيهِ لِيَجِيءَ رَطْبُهَا أَجْوَدَ مِمَّا لَمْ يُؤَبَّرْ وَالْعَادَةُ الِاكْتِفَاءُ بِتَأْبِيرِ الْبَعْضِ وَالْبَاقِي يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ .
وَيَنْبَثُّ رِيحُ الذُّكُورِ إلَيْهِ وَقَدْ لَا يُؤَبَّرُ شَيْءٌ وَيَتَشَقَّقُ الْكُلُّ وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْمُؤَبَّرِ اعْتِبَارًا بِظُهُورِ الْمَقْصُودِ وَطَلْعُ الذُّكُورِ يَتَشَقَّقُ بِنَفْسِهِ وَلَا يُشَقَّقُ غَالِبًا ( وَلَا يُعْتَبَرُ تَشَقُّقُ الْقِشْرِ الْأَعْلَى مِنْ نَحْوِ الْجَوْزِ ) بَلْ هُوَ

لِلْبَائِعِ مُطْلَقًا لِاسْتِتَارِهِ بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهِ وَلِأَنَّهُ لَا يَظْهَرُ بِتَشَقُّقِ الْأَعْلَى عَنْهُ ( وَإِنْ أُبِّرَتْ نَخْلَةٌ وَلَوْ ذَكَرًا ) أَوْ فِي طَلْعٍ وَاحِدٍ ( تَبِعَهَا فِي الْحُكْمِ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ ) تَأْبِيرًا وَإِطْلَاعًا إذْ فِي إفْرَادِ كُلٍّ بِحُكْمِ عُسْرٍ أَوْ ضَرَرٍ مُشَارَكَةٌ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ وَلَمْ يَعْكِسْ لِأَنَّ الْبَاطِنَ سَائِرٌ إلَى الظُّهُورِ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنُ الصُّبْرَةِ ظَاهِرَهَا فِي الرُّؤْيَةِ هَذَا ( إنْ اتَّحَدَ ) فِي الْمُؤَبَّرِ وَغَيْرِهِ ( بُسْتَانٌ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ ) فَإِنْ اخْتَلَفَ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ اشْتَرَى فِي عَقْدِ نَخْلٍ بُسْتَانَيْنِ وَلَوْ مُتَلَاصِقَيْنِ أَوْ نَخْلًا وَعِنَبًا أَوْ فِي عَقْدَيْنِ نَخْلًا الْمُؤَبَّرُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَحَدِهِمَا وَغَيْرُهُ فِي الْآخِرَةِ فَلَا تَبَعِيَّةَ لِانْقِطَاعِهَا وَاخْتِلَافِ زَمَنِ التَّأْبِيرِ وَانْتِفَاءِ عُسْرِ الْإِفْرَادِ وَضَرَرِ الْمُشَارَكَةِ بِاخْتِلَافِ ذَلِكَ بِخِلَافِ اخْتِلَافِ النَّوْعِ لَا يُؤَثِّرُ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ نَخْلَةً وَبَقِيَ ثَمَرُهَا لَهُ ثُمَّ خَرَجَ طَلْعٌ آخَرُ كَانَ لِلْبَائِعِ .
وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ قَالَ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ ( وَتَشَقُّقِ جَوْزٍ عُطْبٍ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ مَعَ إسْكَانِ ثَانِيهِ وَضَمِّهِ أَيْ قُطْنٍ كَمَا فِي نُسْخَةٍ ( يَبْقَى ) أَصْلُهُ ( سِنِينَ ) أَيْ سَنَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ( لَا تَشَقُّقُ وَرْدٍ كَتَأْبِيرِ النَّخْلِ ) فَيَتْبَعُ الْمُسْتَتِرُ غَيْرَهُ إنْ اتَّحَدَ فِيهِمَا مَا ذَكَرَ بِخِلَافِ تَشَقُّقِ الْوَرْدِ لِأَنَّ مَا يَظْهَرُ مِنْهُ يُجْنَى فِي الْحَالِ فَلَا يَخَافُ اخْتِلَاطَهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ التَّهْذِيبِ وَاَلَّذِي فِي التَّنْبِيهِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْبَائِعِ كَالْجَوْزِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُسْخَةٍ فَقَالَ بَدَلَ لَا تَشَقُّقِ وَرْدٍ وَكَذَا تَفَتُّحُ وَرْدٍ كَمَا فِي التَّنْبِيهِ كَالْوَرْدِ فِي ذَلِكَ الْيَاسَمِينُ وَنَحْوُهُ ( وَمَا لَا يَبْقَى ) مِنْ أَصْلِ الْعُطْبِ ( أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ إنْ بِيعَ قَبْلَ تَكَامُلِ

قُطْنِهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) كَالزَّرْعِ سَوَاءٌ أَخْرَجَ الْجَوْزَ أَمْ لَا ثُمَّ إنْ لَمْ يُقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِعُمُومِ قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي ( أَوْ ) بِيعَ ( بَعْدَ تَكَامُلِهِ نَظَرْت فَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ صَحَّ ) الْعَقْدُ ( لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ لَا تَدْخُلُ لِأَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ جَمِيعِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ هُنَا سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَهُ لِأَنَّ الْقَاضِيَ شَيْخَ الْبَغَوِيّ قَدْ جَزَمَ بِعَدَمِ دُخُولِ ذَلِكَ وَبِأَنَّهُ لِلْبَائِعِ كَالثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ وَبِهِ جَزَمَ الْمُتَوَلِّي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ .
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ تَصْحِيحُهُ وَهُوَ الْقِيَاسُ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَشَقَّقْ جَوْزُهُ ( بَطَلَ الْعَقْدُ لِاسْتِتَارِ قُطْنِهِ ) بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِ نَحْوِ الْجَوْزِ كَمَا مَرَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ الْبَغَوِيّ وَقَالَ الْقَاضِي يَصِحُّ وَلَا يَدْخُلُ الْقُطْنُ وَكُلٌّ بَنَى عَلَى أَصْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْمُتَوَلِّي مُوَافِقٌ لِلْقَاضِي ( وَغَيْرِهِ ) أَيْ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَفِي نُسْخَةٍ وَغَيْرِهِمَا أَيْ غَيْرِ الْقُطْنِ وَمَا قَبْلَهُ وَفِي أُخْرَى وَغَيْرِهَا أَيْ غَيْرِ الْمَذْكُورَاتِ ( كَالْقِثَّاءِ وَنَحْوِهِ ) كَالْبِطِّيخِ ( لَا يَتْبَعُ بَعْضُهُ بَعْضًا ) لِأَنَّهَا بُطُونٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي ثَمَرَةِ النَّخْلِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُعَدُّ حَمْلًا وَاحِدًا ( وَمَا ظَهَرَ مِنْ التِّينِ وَالْعِنَبِ ) فَهُوَ ( لِلْبَائِعِ وَغَيْرُهُ لِلْمُشْتَرِي ) قَالَهُ الْبَغَوِيّ ( وَفِيهِ نَظَرٌ ) وَمَا تَوَقَّفَ فِيهِ كَالْأَصْلِ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيِّ وَغَيْرُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ ثَمَرَةُ عَامٍ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ فِيهِ إلَّا

مَرَّةً وَالتِّينُ يَحْمِلُ حَمْلَيْنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فَكَانَتْ الْأُولَى لِلْبَائِعِ وَالثَّانِيَةُ لِلْمُشْتَرِي وَبِهِ رُبَّمَا فِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ يُفَرِّقُ أَيْضًا بَيْنَ النَّخْلِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِيمَا يُجَزُّ مِرَارًا مِنْ أَنَّ الْجِزَّةَ الظَّاهِرَةَ لِلْبَائِعِ دُونَ مَا عَدَاهَا وَكَالتِّينِ فِيمَا ذَكَرَ الْجُمَّيْزُ وَنَحْوُهُ

( قَوْلُهُ أَوْ الظَّاهِرُ لِلْبَائِعِ إلَخْ ) وَإِذَا شُرِطَتْ لِلْبَائِعِ وَهِيَ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ لَمْ يُشْتَرَطْ شَرْطُ الْقَلْعِ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ وَقِيلَ نَعَمْ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا فَإِنْ قِيلَ لَوْ بَاعَ حَامِلًا وَاسْتَثْنَى حَمْلَهَا لِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْبَيْعُ وَكَذَا لَوْ بَاعَ دَارًا وَاسْتَثْنَى مَنْفَعَتَهَا لِنَفْسِهِ شَهْرًا فِي الْأَصَحِّ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَمْلَ لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَبِجَوَازِ إفْرَادِ غَيْرِ الْمُؤَبَّرَةِ كَمَا إذَا بَاعَ الطَّلْعَ فِي قِشْرِهِ وَهُوَ مَقْطُوعٌ أَوْ عَلَى النَّخْلِ فِي الْأَصَحِّ وَأَمَّا الْمَنْفَعَةُ فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اسْتِثْنَائِهَا خُلُوُّ الْمَبِيعِ عَنْ الْمَنْفَعَةِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ وَلَوْ بَاعَ نَخْلَةً عَلَيْهَا مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْبَائِعِ فَلَوْ حَدَثَ طَلْعٌ جَدِيدٌ فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ مَعَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَثْنَى ذَلِكَ لَفْظًا لَمْ يَصِحَّ ( قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ ) فَإِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي حُصُولَ مَا ذَكَرَ خُيِّرَ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ فَلِلْمُشْتَرِي ) هَذَا التَّفْصِيلُ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ بَلْ يَجْرِي فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ كَأَنْ يَجْعَلَ النَّخْلَ صَدَاقًا أَوْ أُجْرَةً أَوْ عَنْ صُلْحٍ وَلَا يُتْبَعُ فِي الرُّجُوعِ بِالطَّلَاقِ قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَةِ الْعَامِ ) لَوْ أَطْلَعَتْ النَّخْلَةُ ثَانِيًا فِي الْعَامِ بَعْدَ الْبَيْعِ كَانَ الطَّلْعُ الثَّانِي لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهَا ثَمَرَةُ عَامٍ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ كَوْنِ التَّوْأَمِ الثَّانِي لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَكُونَ الطَّالِعُ لَهُ .
( قَوْلُهُ وَكَمَا يَتْبَعُ بَاطِنَ الصُّبْرَةِ إلَخْ ) وَقِيَاسًا عَلَى الْبَهِيمَةِ وَالْجَارِيَةِ وَيُخَالِفُ مَا لَوْ بَاعَ الْقُطْنَ بَعْدَ تَشَقُّقِ الْجَوْزِ حَيْثُ يَصِحُّ مُطْلَقًا وَيَدْخُلُ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّجَرَةَ مَقْصُودَةٌ لِثِمَارِ سَائِرِ الْأَعْوَامِ وَلَا مَقْصُودَ فِي الْقُطْنِ سِوَى الثَّمَرَةِ الْمَوْجُودَةِ ( قَوْلُهُ وَعَقْدٌ وَجِنْسٌ ) كَانَ

يَنْبَغِي أَنْ يَزِيدَ وَمَالِكٌ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْعَقْدِ مَعَ تَعَدُّدِ الْمَالِكِ وَذَلِكَ بِالْوَكَالَةِ عَلَى تَصْحِيحِهِمْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَكِيلُ وَلَوْ شَرَطَ دُخُولَ مَا لَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ أَوْ خُرُوجَ مَا يَدْخُلُ دَخَلَ مَا لَا يَدْخُلُ وَخَرَجَ مَا يَدْخُلُ ( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ الْبَغَوِيّ وَدَخَلَ الْقُطْنُ فِي الْبَيْعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِظُهُورِ الْمَقْصُودِ ( قَوْلُهُ أَيْ وَإِنْ تَشَقَّقَ جَوْزُهُ ) لَوْ تَشَقَّقَ بَعْضُهُ صَحَّ الْبَيْعُ فِيهِ بِقِسْطِهِ مِنْ الثَّمَرِ وَبَطَلَ فِي غَيْرِهِ هَذَا إذَا بَاعَ الْجَوْزَ فَقَطْ فَإِنْ بَاعَ الْأَصْلَ وَقَدْ تَشَقَّقَ بَعْضُ الْجَوْزِ كَانَ الْأَصْلُ كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي مَعَ مَا تَشَقَّقَ مِنْ الْجَوْزِ وَمَا لَمْ يَتَشَقَّقْ لِلْبَائِعِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْبَغَوِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ إلَخْ ) وَبِأَنَّ التِّينَ يُؤْخَذُ أَوَّلًا فَأَوَّلًا فَلَا يَحْصُلُ اخْتِلَاطٌ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ النَّخْلِ فَإِنَّهَا تَخْتَلِطُ وَلَا تَتَمَيَّزُ فَاحْتَجْنَا إلَى جَعْلِهِ تَابِعًا

( فَصْلٌ وَلَا يُكَلَّفُ الْبَائِعُ ) فِيمَا إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَبَقِيَتْ لَهُ الثَّمَرَةُ ( قَطْعَ ثَمَرَتِهِ عَنْ الْمَبِيعِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ ) لِقَطْعِهَا ( قَبْلَ وَقْتِ الْعَادَةِ ) عَمَلًا بِهَا بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ حَتَّى لَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ نَوْعٍ يُعْتَادُ قَطْعُهُ قَبْلَ النُّضْجِ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ ( إلَّا إذَا تَعَذَّرَ السَّقْيُ ) لِانْقِطَاعِ الْمَاءِ أَوْ غَيْرِهِ ( وَعِظَمِ الضَّرَرِ ) لِلشَّجَرِ ( بِبَقَائِهَا ) أَيْ الثَّمَرَةِ ( أَوْ أَصَابَتْهَا آفَةٌ وَلَمْ يَبْقَ فِي تَرْكِهَا فَائِدَةٌ ) فَيُكَلَّفُ قَطْعَهَا دَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا إذَا قَلَّ الضَّرَرُ بِبَقَائِهَا وَالتَّرْجِيحُ فِي الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ثُمَّ قَالَ لَكِنَّ ظَاهِرَ نَصِّ الْأُمِّ يُخَالِفُهُ ( وَلَيْسَ لَهُ قَطْعُهَا شَيْئًا شَيْئًا بَعْدَ وَقْتِ الْعَادَةِ ) وَلَا التَّأْخِيرُ إلَى نِهَايَةِ النُّضْجِ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَمَّا إذَا شَرَطَ عَلَى الْبَائِعِ قَطْعَهَا فَيَلْزَمُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِهَا إلَى بُدُوِّ صَلَاحِهَا
( قَوْلُهُ كُلِّفَ الْقَطْعَ عَلَى الْعَادَةِ ) لَوْ اخْتَلَفَ عُرْفُ النَّاسِ فِي الثَّمَرِ بِأَنْ يَتْرُكَهُ قَوْمٌ حَتَّى يَصِيرَ رَطْبًا وَقَوْمٌ تَمْرًا فَفِي الِاسْتِذْكَارِ لِلدَّارَمِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَطَّانِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْبَائِعِ قَالَ وَعِنْدِي يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِ الْأَكْثَرِ مِنْ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ عُرْفُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ التَّبْقِيَةَ إلَى آخِرِ الثِّمَارِ فَلَهُ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ أَنَّهُ ظَاهِرٌ إذْ لَا مُقْتَضَى لِإِشْغَالِ شَجَرِ الْغَيْرِ بِلَا فَائِدَةٍ

( فَرْعٌ السَّقْيُ لِحَاجَةِ الثِّمَارِ ) الْمَذْكُورَةِ ( عَلَى الْبَائِعِ ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ ( وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ أَوْ ) عَلَى الْقَطْعِ ( إنْ تَضَرَّرَ وَالشَّجَرُ ) بِبَقَاءِ الثِّمَارِ لِامْتِصَاصِهَا رُطُوبَتَهُ أَوْ نَقْصِهَا لِحَمْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ نَقْصًا كَثِيرًا ( وَيُمَكَّنُ ) الْبَائِعُ ( مِنْ الدُّخُولِ ) لِلْبُسْتَانِ لِسَقْيِ ثِمَارِهِ وَتَعَهُّدِهَا ( إنْ كَانَ أَمِينًا ) وَإِلَّا نَصَبَ الْحَاكِمُ أَمِينًا لِلسَّقْيِ وَمُؤْنَتُهُ عَلَى الْبَائِعِ وَيَسْقِي بِالْمَاءِ الْمُعَدِّ لِسَقْيِ تِلْكَ الْأَشْجَارِ وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ حَقٌّ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ ظَاهِرِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ فَلَوْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ آخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كُنْت أَسْتَحِقُّهُ لِسَقْيِ ثَمَرَتِي فَأَسْقِي بِهِ غَيْرَهَا لَمْ يُمَكَّنْ وَكَذَا لَوْ أَخَذَ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ جُذَاذِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمَاءَ الَّذِي كَانَ يَسْتَحِقُّهُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الْمَاءِ مَا فِيهِ صَلَاحُ تِلْكَ الثَّمَرَةِ دُونَ غَيْرِهَا ( وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا ) لِأَنَّ مَنْعَهُ حِينَئِذٍ سَفَهٌ .
وَعِبَارَةُ الْمُهَذَّبِ وَالْوَسِيطِ إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْآخَرُ وَيُؤْخَذُ مِنْهَا عَدَمُ الْمَنْعِ عِنْدَ انْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَالنَّفْعِ لِأَنَّهُ تَعَنُّتٌ قَالَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ إذْ لَا غَرَضَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ فَكَيْفَ يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ تَمْكِينُهُ ( لَا إنْ ضَرَّهُمَا ) مَعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ لِأَنَّهُ يُدْخِلُ عَلَيْهِ ضَرَرًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَدْ يُعْتَرَضُ بِأَنَّهُ وَإِنْ رَضِيَ الْآخَرُ فَفِي ذَلِكَ إفْسَادُ الْمَالِ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ يَرْتَفِعُ بِالرِّضَا وَيَبْقَى ذَلِكَ كَتَصَرُّفِهِ فِي خَاصِّ مِلْكِهِ انْتَهَى وَلَا يَخْفَى قُوَّةُ الِاعْتِرَاضِ وَلَا يَكْفِي فِي رَدِّهِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَقْصُودِ لَا جَرَمَ ذَكَرَ الْإِسْنَوِيُّ الِاعْتِرَاضَ وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَبِعَهُ

حَيْثُ حَذَفَ قَوْلَ الْأَصْلِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ إلَّا بِرِضَا الْآخَرِ فَصَارَ الْمَعْنَى فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا السَّقْيُ مُطْلَقًا لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ حَيْثُ قَالَ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ لِمِلْكِهِ إنْ لَمْ يَضُرَّ مِلْكَ الْآخَرِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِامْتِنَاعُ ( وَلَوْ ضَرَّ أَحَدَهُمَا وَنَفَعَ الْآخَرَ وَتَنَازَعَا ) فِي السَّقْيِ ( فَسَخَ الْعَقْدُ ) أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ ( إنْ لَمْ يُسَامِحْ الْآخَرُ ) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِنْ سَامَحَهُ فَلَا فَسْخَ لِزَوَالِ النِّزَاعِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا يَأْتِي فِيهِ الِاعْتِرَاضُ بِإِفْسَادِ الْمَالِ كَمَا تُوُهِّمَ بَلْ هُوَ إحْسَانٌ وَمُسَامَحَةٌ نَعَمْ الْكَلَامُ فِي مَالِكَيْنِ مُطْلَقِي التَّصَرُّفِ لَا مَنْ يَتَصَرَّفُ لِغَيْرِهِ أَيْ أَوْ لِنَفْسِهِ لَكِنَّ غَيْرَ مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَا لَوْ ضَرَّ السَّقْيُ أَحَدَهُمَا وَمَنَعَ تَرْكَهُ حُصُولُ زِيَادَةٍ لِلْآخَرِ لِاسْتِلْزَامِ مَنْعِ حُصُولِهَا لَهُ انْتِفَاعُهُ بِالسَّقْيِ وَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْلُ فِيهِ احْتِمَالَيْنِ لِلْإِمَامِ

( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيِّ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السَّقْيُ إنْ نَفَعَهُمَا ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْأَكْثَرِينَ ( قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَوَقَّفُ فِيهِ ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلِهَذَا لَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الثَّمَرَةِ آخُذُ الْمَاءَ الَّذِي أَسْقِي بِهِ الثَّمَرَةَ لِأَسْقِيَ بِهِ غَيْرَهَا أَوْ آخُذُ ثَمَرَتَهُ قَبْلَ أَوَانِ جُذَاذِهَا لِيَسْقِيَ بِهِ مَوْضِعًا آخَرَ لَمْ يَجُزْ ع ( قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ الْمَنْعَ لِحَقِّ الْغَيْرِ إلَخْ ) أَيْ فَيَحْرُمُ لِإِضَاعَةِ الْمَالِ وَقَالَ غَيْرُهُ يُحْمَلُ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَضُرُّهُمَا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ ع قَالَ شَيْخُنَا وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الضَّرَرَ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَاغْتُفِرَ عِنْدَ الْإِذْنِ مَا ذُكِرَ ( قَوْلُهُ أَيْ فَسَخَهُ الْحَاكِمُ إلَخْ ) وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي التَّحَالُفِ حَتَّى يَكُونَ الْأَصَحُّ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ تَعَاطِيَهُ انْتَهَى لَكِنْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ نَقْلًا عَنْ الرَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَاطِ الثَّمَرَةِ الْمَبِيعَةِ بِغَيْرِهَا أَنَّهُ لَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَقِيلَ الْمُتَضَرِّرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( اللَّفْظُ السَّادِسُ الثِّمَارُ ) وَهُوَ يَتَنَاوَلُ نَوَاهَا وَقَمْعَهَا ( فَبَيْعُ مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ مِنْهَا دُونَ الشَّجَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ ( جَائِزٌ ) وَلَوْ ( مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ ) بِأَنْ يُطْلِقَ أَوْ يَشْرِطَ إبْقَاءَهُ أَوْ قَطْعَهُ سَوَاءٌ أَكَانَتْ الْأُصُولُ لِأَحَدِهِمَا أَمْ لِغَيْرِهِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَيَجُوزُ بَعْدَ بُدُوِّهِ وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَالْمَعْنَى الْفَارِقُ بَيْنَهُمَا أَمْنُ الْعَاهَةِ بَعْدَهُ غَالِبًا وَقَبْلَهُ تُسْرِعُ إلَيْهِ لِضَعْفِهِ فَيَفُوتُ بِتَلَفِهِ الثَّمَنُ وَبِهِ يُشْعِرُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ } لَا بَيْعَهُ مَعَ مَا يَحْدُثُ فَغَيْرُ جَائِزٍ لِوُرُودِهِ عَلَى مَعْدُومٍ ( وَيَسْتَحِقُّ بِهِ ) أَيْ بِالْبَيْعِ لِمَا ذُكِرَ ( الْإِبْقَاءَ ) إلَى وَقْتِ ( الْجُذَاذِ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ ) لِلْعُرْفِ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَيْثُ لَا مُسَامَحَةَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ طَالَبَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ وَجَبَتْ الْأُجْرَةُ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ .
( وَالشَّجَرَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ) لِتَعَذُّرِ تَسَلُّمِ الثَّمَرَةِ بِدُونِهَا ( بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَى سَمْنًا ) أَوْ نَحْوَهُ ( فَقَبَضَهُ فِي ظَرْفٍ ) لِلْبَائِعِ ( فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّسَلُّمِ فِي غَيْرِهِ ( وَأَمَّا ) بَيْعُهُ ( قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا يَجُوزُ ) لِمَا مَرَّ ( إلَّا فِي مُنْتَفِعٍ بِهِ ) كَحِصْرِمٍ وَبَلَحٍ وَلَوْزٍ ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( مُنَجَّزًا ) فَيَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ الْمُخَصِّصِ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَدَخَلَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ كَ كُمَّثْرَى

وَسَفَرْجَلٍ وَجَوْزٍ وَمَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَبِيعَ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ بِيعَ بِشَرْطِهِ مُعَلَّقًا وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي الْأَخِيرَةِ تَضَمُّنُ التَّعْلِيقِ التَّبْقِيَةَ ( وَلَوْ ) بِيعَ ( مِنْ مَالِكِ الشَّجَرَةِ ) كَأَنْ بَاعَهَا بَعْدَ ظُهُورِ الثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ ثُمَّ بَاعَ الثَّمَرَةَ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ فَبَاعَهَا لِمَالِكِ الشَّجَرَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ مُنَجَّزًا لِعُمُومِ الْخَبَرِ وَالْمَعْنَى ( لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْوَفَاءُ ) إذْ لَا مَعْنَى لِتَكْلِيفِهِ قَطْعَ ثَمَرِهِ عَنْ شَجَرِهِ وَقِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهَا لَهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِأَنَّهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِي مِلْكِهِ فَيُشْبِهُ مَا لَوْ اشْتَرَاهُمَا مَعًا وَصَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ ( وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ ) أَيْ شَرَطَهُ ( فِي ) بَيْعِ ( ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَقْطُوعَةٍ ) لِأَنَّهَا لَا تَبْقَى عَلَيْهَا فَيَصِيرُ كَشَرْطِ الْقَطْعِ وَلِأَنَّهَا لَا تَنْمُو ( وَلَا يُغْنِي اعْتِيَادُ الْقَطْعِ عَنْ شَرْطِهِ ) لِعُمُومِ الْخَبَرِ .
( وَإِنْ شَرَطَ ) قَطْعَ الثَّمَرِ ( وَتَرَكَ عَنْ تَرَاضٍ ) مِنْهُمَا ( فَلَا بَأْسَ ) وَيَكُونُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ كَكِبَرِ الْعَبْدِ الصَّغِيرِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ وَسَيَأْتِي حُكْمُهُ ( وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَ مَعَ الشَّجَرِ لَمْ يَجُزْ بِشَرْطِ ) وَفِي نُسْخَةٍ شَرْطِ ( الْقَطْعِ ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْحَجْرِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي مِلْكِهِ مَعَ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالتَّبَعِيَّةِ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا تُؤْمَنُ فِيهِ الْعَاهَةُ ( فَإِنْ فَصَلَ الثَّمَنَ ) كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الشَّجَرَةَ بِدِينَارٍ وَالثَّمَرَةَ بِعَشَرَةٍ ( وَجَبَ ) شَرْطُ الْقَطْعِ لِانْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ اسْتِشْهَادًا وَأَسْقَطَهُ مِنْ الرَّوْضَةِ ( وَلَوْ اسْتَثْنَى الْبَائِعُ الثَّمَرَةَ غَيْرَ الْمُؤَبَّرَةِ لَمْ يَجِبْ شَرْطُ الْقَطْعِ ) لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِدَامَةٌ لِمِلْكِهَا

فَلَهُ الْإِبْقَاءُ إلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ وَلَوْ صَرَّحَ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ جَازَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَمَا ذُكِرَ مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ وَمِنْ جَوَازِ التَّصْرِيحِ بِشَرْطِ الْإِبْقَاءِ هُوَ أَحَدُ نَصَّيْنِ لِلشَّافِعِيِّ كَمَا أَفَادَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا النَّصِّ فَزَعَمَ أَنَّ الْمَنْصُوصَ خِلَافُهُ

( قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لَزِمَ الْوَفَاءُ بِهِ ) لَوْ لَمْ يُوفِ الْمُشْتَرِي بِالْقَطْعِ فَهَلْ يُجْبَر عَلَيْهِ أَوْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ كَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ فَهَلْ يُجْبَرُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَامِحَ الْبَائِعُ بِالتَّرْكِ إلَخْ ) لَوْ لَمْ يَأْمَنْ الْمُشْتَرِي مِنْ مُطَالَبَةِ الْبَائِعِ بِالْقَطْعِ بَعْدَ الرِّضَا فَلْيَسْتَأْجِرْ الْأَرْضَ لِيَأْمَنَ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَأَمَّا بَيْعُهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا خَرَجَ بِبَيْعِهِ هِبَتُهُ فَيَجُوزُ وَحْدَهُ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَبِدُونِ شَرْطِهِ قَطْعُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْهِبَةِ ( قَوْلُهُ إلَّا فِي مُنْتَفَعٍ بِهِ ) لَا يُقَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ اشْتِرَاطِ الْمَنْفَعَةِ فِي كُلِّ مَبِيعٍ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا اشْتِرَاطٌ زَائِدٌ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْحَالِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَا بِغَيْرِهِ وَإِنْ أَمْكَنَ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِتَرْبِيَتِهِ عَلَى الشَّجَرِ ر قَوْلُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) قَالَ فِي الْكَافِي لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الْقَطْعُ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةٌ لِمِثْلِهَا أُجْرَةٌ إنْ كَانَ طَالَبَهُ بِالْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ وَجَبَتْ وَإِلَّا فَلَا وَأَطْلَقَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَقَوْلُهُ قَالَ فِي الْكَافِي أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِقَيْدٍ زَادَهُ إلَخْ ) تَبَعًا لِلْإِمَامِ ( قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٍ بِشَرْطٍ مُعَلَّقًا ) كَأَنْ شَرَطَ الْقَطْعَ بِعَدَمِ يَوْمٍ .
( قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِالثَّمَرَةِ لِإِنْسَانٍ إلَخْ ) أَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ وَهَبَهَا ثُمَّ اشْتَرَاهَا قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ الْوَفَاءُ ) لَيْسَ لَنَا شَرْطٌ تَجِبُ ذَكَرَهُ لِتَصْحِيحِ الْعَقْدِ وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ إلَّا هَذَا ( قَوْلُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْأَوَّلِ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ مَا صَحَّحَهُ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ فِي بَاقِي كُتُبِهِ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ

أَيْضًا فَلْتَكُنْ الْفَتْوَى عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ فِي ثَمَرَةِ نَخْلَةٍ مَقْطُوعَةٍ ) أَوْ جَافَّةٍ ( قَوْلُهُ وَلَا يُغْنِي اعْتِيَادُ الْقَطْعِ عَنْ شَرْطِهِ ) وَلَا يَكُونُ الْمَعْهُودُ كَالْمَشْرُوطِ لَفْظًا لَا فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي الْقَرْضِ وَلَا فِي الرَّهْنِ وَلَا فِي غَيْرِهَا حَتَّى لَوْ جَرَتْ عَادَةُ قَوْمٍ بِانْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِالْمَرْهُونِ وَعَقْدِ الرَّهْنِ بِلَا شَرْطِ انْتِفَاعِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ لَفْظًا لَمْ يَفْسُدْ الرَّهْنُ وَلَوْ أَقْرَضَ شَخْصًا مَشْهُورًا بِرَدِّ الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطِهَا لَفْظًا وَرَدَّ زَائِدًا لَمْ يَحْرُمْ ( قَوْلُهُ وَلَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرَةِ إلَخْ ) دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ صُورَتَانِ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرَةِ بِالصَّرِيحِ أَوْ يَبِيعَ الشَّجَرَةَ مُطْلَقًا وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ فَتَدْخُلُ كَالْحَمْلِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ كَانَ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ وَثَمَرَةٌ غَيْرُ مُؤَبَّرَةٍ ( قَوْلُهُ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ لِتَبَعِيَّتِهِ إلَخْ ) لِخَبَرِ { مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ } فَدَلَّ عَلَى جَوَازِ إدْخَالِهَا فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَفْصِلْ وَقِيسَ عَلَى النَّخْلِ غَيْرُهُ

( فَرْعٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي شَجَرَةٍ ) وَلَوْ فِي حَبَّةٍ ( يَسْتَتْبِعُ الْكُلَّ إذَا اتَّحَدَ الْبُسْتَانُ ) وَالْعَقْدُ وَالْجِنْسُ ( كَمَا فِي التَّأْبِيرِ ) وَقَدْ مَرَّ فَيَتْبَعُ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ إذَا اتَّحَدَ فِيهِمَا الثَّلَاثَةُ وَاكْتَفَى بِبُدُوِّ صَلَاحِ بَعْضِهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَنَّ عَلَيْنَا فَجَعَلَ الثِّمَارَ لَا تَطِيبُ دَفْعَةً وَاحِدَةً إطَالَةً لِزَمَنِ التَّفَكُّهِ فَلَوْ اعْتَبَرْنَا فِي الْبَيْعِ طِيبَ الْجَمِيعِ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ أَوْ تُبَاعَ الْحَبَّةُ بَعْدَ الْحَبَّةِ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا حَرَجٌ
( قَوْلُهُ وَلَوْ فِي حَبِّهِ ) أَوْ عُنْقُودِهِ أَوْ بُسْرِهِ أَوْ بِطِّيخِهِ أَوْ سُنْبُلِهِ ( قَوْلُهُ لَأَدَّى إلَى أَنْ لَا يُبَاعَ شَيْءٌ ) لِأَنَّ السَّابِقَ يَتْلَفُ

( فَرْعٌ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْأَشْيَاءِ صَيْرُورَتُهَا إلَى الصِّفَةِ الَّتِي تُطْلَبُ فِيهَا غَالِبًا فَفِي الثِّمَارِ ظُهُورُ أَوَّلِ الْحَلَاوَةِ ) فَفِي غَيْرِ الْمُتَلَوِّنِ ( بِأَنْ يَتَمَوَّهَ وَيَلِينَ وَفِي الْمُتَلَوِّنِ بِانْقِلَابِ ) وَفِي نُسْخَةٍ بِاخْتِلَافِ ( اللَّوْنِ ) كَأَنْ احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ أَوْ اسْوَدَّ ( وَفِي نَحْوِ الْقِثَّاءِ بِأَنْ يُجْنَى مِثْلُهُ ) غَالِبًا ( لِلْأَكْلِ وَفِي الْحُبُوبِ بِاشْتِدَادِهَا وَفِي وَرَقِ الْفِرْصَادِ ) وَهُوَ التُّوتُ الْأَحْمَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْأَبْيَضُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبَاعُ لِتَرْبِيَةِ دُودِ الْقَزِّ فَلَوْ عَبَّرَ بِالتُّوتِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْمُرَادِ ( بِتَنَاهِيهِ ) وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرُوِيَ فَقِيلَ لِأَنَسٍ مَا تُزْهِي قَالَ تَحْمَرُّ أَوْ تَصْفَرُّ } وَكُلٌّ صَحِيحٌ فَإِنَّ أَنَسًا رَفَعَهُ مَرَّةً وَتَرَك رَفْعَهُ أُخْرَى مُسْتَنِدًا إلَى مَا سَمِعَهُ
( قَوْلُهُ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي الْأَشْيَاءِ إلَخْ ) جَعَلَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ بُدُوَّ الصَّلَاحِ عَلَى ثَمَانِيَةِ أَقْسَامٍ أَحَدِهَا بِاللَّوْنِ كَصُفْرَةِ الْمِشْمِشِ وَحُمْرَةِ الْعُنَّابِ وَمِنْهُ اصْفِرَارُ الْبَلَحِ وَاحْمِرَارُهُ الثَّانِي الطَّعْمِ كَحَلَاوَةِ قَصَبِ السُّكَّرِ وَحُمُوضَةِ الرُّمَّانِ إذَا زَالَتْ الْمَرَارَةُ الثَّالِثِ النُّضْجِ فِي التِّينِ وَالْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِمَا وَذَلِكَ بِأَنْ تَلِينَ صَلَابَتُهُ الرَّابِعِ بِالْقُوَّةِ وَالِاشْتِدَادِ كَالْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ الْخَامِسِ بِالطُّولِ وَالِامْتِلَاءِ كَالْعَلَفِ وَالْبُقُولِ السَّادِسِ بِالْكِبَرِ كَالْقِثَّاءِ السَّابِعِ بِاشْتِقَاقِ كِمَامِهِ كَالْقُطْنِ وَالْجَوْزِ الثَّامِنِ بِانْفِتَاحِهِ كَالْوَرْدِ وَوَرَقِ التُّوتِ وَضَبَطَ الصَّيْمَرِيُّ بُدُوَّ صَلَاحِ وَرَقِ التُّوتِ بِأَنْ يَنْفَتِحَ كَأَرْجُلِ الْبَطَّةِ

( فَرْعٌ الْبِطِّيخُ وَالْبَاذِنْجَانُ وَنَحْوُهُ ) أَيْ نَحْوَ كُلٍّ مِنْهُمَا ( لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا ( قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَإِنْ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ لِمَا مَرَّ ( فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) وَلَوْ لِبَعْضِهِ ( دُونَ الشَّجَرِ ) أَيْ الْأُصُولِ ( أَوْ ) بَاعَ ( الشَّجَرَ ) أَيْ الْأُصُولَ ( دُونَهُ وَغَلَبَ الِاخْتِلَاطُ ) أَيْ اخْتِلَاطُ حَادِثِهِ بِالْمَوْجُودِ ( لَمْ يَجُزْ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) لِأَنَّ بَيْعَهُ بِدُونِ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى تَعَذُّرِ إمْضَاءِ الْعَقْدِ ( إلَّا إنْ أَمِنَ الِاخْتِلَاطَ ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا لَا يَغْلِبُ اخْتِلَاطُهُ كَذَلِكَ بِأَنْ نَدَرَ أَوْ اسْتَوَى فِيهِ الْأَمْرَانِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ ( وَيُشْتَرَطُ الْقَطْعُ ) أَوْ الْقَلْعُ أَيْ شَرَطَ أَحَدَهُمَا ( فِي بَيْعِهِ ) أَيْ الْأَصْلَ ( قَبْلَ أَنْ يُثْمِرَ ) كَالزَّرْعِ الْأَخْضَرِ فَلَوْ بَاعَهُ كَذَلِكَ فَاتَّفَقَ بَقَاؤُهُ حَتَّى خَرَجَ الثَّمَرُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِمَا مَرَّ فِي فَصْلِ أَمَّا ثَمَرُ الْمَبِيعِ وَفِي إطْلَاقِهِ الشَّجَرَ عَلَى أُصُولِ الْبِطِّيخِ وَنَحْوِهِ تَسَمُّحٌ ( وَقَالَ الْإِمَامُ ) وَتَبِعَهُ الْغَزَالِيُّ ( إنْ بَاعَ الْبِطِّيخَ وَنَحْوَهُ مَعَ أُصُولِهِ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ ) لِتَعَرُّضِهِمَا لِلْعَاهَةِ ( بِخِلَافِ الشَّجَرِ ) مَعَ الثَّمَرِ ( لَا إنْ بَاعَهُمَا مَعَ الْأَرْضِ ) فَلَا يَحْتَاجُ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ فَالْأَرْضُ كَالشَّجَرِ ( وَهُوَ ) أَيْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ مِنْ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْبِطِّيخَ وَنَحْوَهُ مَعَ الْأُصُولِ ( مُخَالِفٌ لِلْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا ) وَهِيَ عَدَمُ وُجُوبِ شَرْطِ قَطْعِ الثَّمَرَةِ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا عِنْدَ أَمْنِ الِاخْتِلَاطِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ وُجُوبِ شَرْطِ الْقَطْعِ فِيمَا قَالَهُ الْإِمَامُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى سَلِيمٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعِرَاقِيِّينَ وَهُوَ الْمَنْقُولُ وَالْإِمَامُ لَمْ يُبْدِ

الْأَوَّلَ إلَّا تَفَقُّهًا لَا نَقْلًا كَمَا يَقْتَضِيهِ سِيَاقُ لَفْظِهِ
( قَوْلُهُ وَأَنَّهُ بِيعَ مِنْ مَالِكِ الْأُصُولِ ) لِمَا مَرَّ فَإِنْ بَاعَهُ مَعَ الْأَرْضِ جَازَ تَبَعًا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ إذَا بَاعَ زَرْعًا قَصِيلًا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ بَاعَ الْأَرْضَ مِنْ مُشْتَرِيهِ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْقَطْعِ وَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ تَوْجِيهُ الْمَنْعِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ بِالتَّرَاضِي قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ الذِّمِّيَّ إذَا عَلَى بِنَاءَهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَحُكِمَ بِالْهَدْمِ ثُمَّ بَاعَهُ لِمُسْلِمٍ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْهَدْمِ فِيهِ مِثْلُ هَذَا الْخِلَافِ وَتَرَكَ مَسْأَلَةَ مَا إذَا أَسْلَمَ هُوَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ دَارَتْ بَيْنَ نَظَائِرَ كَمَسْأَلَةِ الْمُحْرِمِ يَرِثُ الصَّيْدَ فَيُؤْمَرُ بِالْإِرْسَالِ فَيَحِلُّ قَبْلَهُ وَكَالذِّمِّيِّ إذَا وَرِثَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَأَمَرْنَاهُ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَكَمَنْ عِنْدَهُ عَصِيرٌ فَتَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ وَكَانَ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ أَعْنِي الْخَمْرَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْضِيَ الْقَاضِي أَمْ لَا وَقَوْلُهُ هَلْ يَسْقُطُ حَقُّ الْقَطْعِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فِي بَيْعِ الْأُصُولِ وَحْدَهَا إلَخْ ) عِبَارَتُهُ أَنَّهُ إذَا أَفْرَدَ أُصُولَهُ بِالْبَيْعِ قَالَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ يَجُوزُ وَلَا حَاجَةَ إلَى شَرْطِ الْقَطْعِ إذَا لَمْ يَخَفْ الِاخْتِلَاطَ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَنْقُولُ ) وَجَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْحَاوِي وَالْأَنْوَارِ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ أَنَّ الصَّحِيحَ الصِّحَّةُ مِنْ غَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ

( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ نِصْفِ الثَّمَرِ عَلَى الشَّجَرِ مُشَاعًا قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَلَوْ ) بِيعَ ( مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ ) أَوْ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ( إنْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ بَيْعٌ ) وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّبَا تَبَعًا لِتَصْحِيحِ أَصْلِهِ ( لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ لَهُ ) وَلَا يُمْكِنُ قَطْعُ النِّصْفِ إلَّا بِقَطْعِ الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ الْبَائِعُ بِقَطْعِ غَيْرِ الْمَبِيعِ فَأَشْبَهَ مَا إذَا بَاعَ نِصْفًا مُعَيَّنًا مِنْ سَيْفٍ أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِإِمْكَانِ قَطْعِ النِّصْفِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَخَرَجَ بِقَبْلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ الْبَيْعُ بَعْدَهُ فَيَصِحُّ إنْ لَمْ يَشْرِطْ الْقَطْعَ فَإِنْ شَرَطَهُ فَفِيهِ مَا تَقَرَّرَ ( وَيَصِحُّ بَيْعُهُ ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَرِ ( مَعَ الشَّجَرِ ) كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَيَكُونُ الثَّمَرُ تَابِعًا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ شَرْطِ قَطْعِهِ وَعَدَمِهِ لَا يُقَالُ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ بَاعَ جَمِيعَ الثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ شَرْطُ الْقَطْعِ لِأَنَّا نَقُولُ لَا قِسْمَةَ ثَمَّ لِأَنَّ الثَّمَرَ كُلَّهُ لِلْمُشْتَرِي بِخِلَافِهِ هُنَا وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَفَهِمَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ فِيهِ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَاحْذَرْهُ ( وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَشْتَرِيَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْ الثَّمَرِ قَبْلَ ) بُدُوِّ ( صَلَاحِهِ بِنَصِيبِهِ مِنْ الشَّجَرِ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) كَغَيْرِ الشَّرِيكِ ( وَتَصِيرُ كُلُّ الثَّمَرَةِ لَهُ وَكُلُّ الشَّجَرِ لِلْآخَرِ فَيَتَعَيَّنُ ) عَلَى الْمُشْتَرِي ( قَطْعُ جَمِيعِ الثَّمَرَةِ ) لِأَنَّهُ بِذَلِكَ الْتَزَمَ قَطْعَ مَا اشْتَرَاهُ وَتَفْرِيغُ الشَّجَرِ لِصَاحِبِهِ ( فَإِنْ اشْتَرَاهَا ) أَيْ الثَّمَرَةَ أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ مِنْهَا ( بِغَيْرِ نَصِيبِهِ ) مِنْ الشَّجَرِ ( لَمْ يَصِحَّ ) وَإِنْ شَرَطَ الْقَطْعَ لِتَكْلِيفِ الْمُشْتَرِي قَطْعَ مِلْكِهِ عَنْ مِلْكِهِ الْمُسْتَقِرِّ لَهُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي زَرْعٍ

وَأَرْضٍ مُشْتَرِكَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الزَّرْعِ لِلْآخَرِ وَالتَّصْرِيحُ بِقَبْلِ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَبِغَيْرِ نَصِيبِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ كَانَ الشَّجَرُ لِأَحَدِهِمَا وَالثَّمَرُ بَيْنَهُمَا فَاشْتَرَى مَالِكُ الشَّجَرِ نَصِيبَ صَاحِبِهِ مِنْ الثَّمَرِ بِنِصْفِ الشَّجَرِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ جَازَ أَيْ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ السَّابِقَةِ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُصَنِّفُ اكْتِفَاءً بِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إلَى آخِرِهِ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ لَازِمٌ ) لُزُومَ الْقَطْعِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ رَأْيٌ مَرْجُوحٌ ( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ ) وَهُوَ الرَّاجِحُ إذْ الْخَرْصُ يَدْخُلُ فِيهَا

( فَرْعٌ لَا يَصِحُّ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ وَ ) بَيْعُ ( بُقُولٍ وَإِنْ كَانَتْ تُجَزُّ مِرَارًا إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ أَوْ الْقَلْعِ ) كَالثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ( أَوْ مَعَ الْأَرْضِ ) كَالثَّمَرِ مَعَ الشَّجَرِ ( فَإِنْ اشْتَدَّ حَبُّ الزَّرْعِ لَمْ يُشْتَرَطْ الْقَطْعُ ) وَلَا الْقَلْعُ كَالثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي التَّأْبِيرِ بِطَلْعٍ وَاحِدٍ وَفِي بُدُوِّ الصَّلَاحِ بِحَبَّةٍ وَاحِدَةٍ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِاشْتِدَادِ سُنْبُلَةٍ وَاحِدَةٍ وَكُلُّ ذَلِكَ مُشْكِلٌ انْتَهَى

( قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُ زَرْعٍ لَمْ يَشْتَدَّ حَبُّهُ إلَخْ ) لَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ وَلَمْ يُقْطَعْ حَتَّى زَادَ فَالزِّيَادَةُ لِلْبَائِعِ حَتَّى إذَا سَنْبَلَ كَانَتْ السَّنَابِلُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَمْ يُقْلَعْ حَتَّى تَسَنْبَلَ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ مَلَكَ أَصْلَ الزَّرْعِ الَّذِي يَحْدُثُ مِنْهُ الزِّيَادَةُ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَوْ اشْتَرَى الزَّرْعَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَلَمْ يَقْطَعْ حَتَّى زَادَ فَالزِّيَادَةُ حَتَّى السَّنَابِلِ لِلْبَائِعِ وَقَدْ اخْتَلَطَ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ اخْتِلَاطًا لَا يَتَمَيَّزُ وَذَلِكَ لِأَنَّ زِيَادَةَ الزَّرْعِ زِيَادَةُ قَدْرٍ لَا زِيَادَةُ صِفَةٍ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إجْزَاؤُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِشَرْطِ الْقَلْعِ فَلَمْ يَقْلَعْ حَتَّى زَادَ فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ اشْتَرَى الْكُلَّ فَمَا ظَهَرَ يَكُونُ لَهُ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِرَعْيِ الْبَهَائِمِ فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَلْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ وَكَلَامُ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الزِّيَادَةَ لِلْمُشْتَرِي فِي شَرْطِ الْقَطْعِ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّيْخَيْنِ الْقُطْنُ الَّذِي لَا يَبْقَى أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَالزَّرْعِ فَإِذَا بَاعَهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَوْزَقِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ تَكَامُلِ الْقُطْنِ وَجَبَ شَرْطُ الْقَطْعِ ثُمَّ إنْ لَمْ يَقْطَعْ حَتَّى خَرَجَ الْجَوْزَقُ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي لِحُدُوثِهِ عَلَى مِلْكِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَارُ وَإِنْ نَازَعَ فِيهِ ظَاهِرُ النَّصِّ ش الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الزَّرْعِ وَالْقُطْنِ ظَاهِرٌ وَهُوَ أَنَّ الْجَوْزَقَ ثَمَرَةٌ كَمَا أَنَّ مَا ظَهَرَ مِنْ الثَّمَرَةِ يَسْتَتْبِعُ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهَا ( قَوْلُهُ الِاكْتِفَاءُ هُنَا بِاشْتِدَادِ سُنْبُلِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ عِبَارَةَ الْأَنْوَارِ وَفِي الْحُبُوبِ فِي سُنْبُلِهِ

( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ ) لِبَيْعِ الزَّرْعِ بَعْدَ اشْتِدَادِ حَبِّهِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ ( ظُهُورُ الْمَقْصُودِ ) لِيَكُونَ مَرْئِيًّا كَتِينٍ وَعِنَبٍ وَشَعِيرٍ ( فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَالسِّمْسِمِ وَنَحْوِهِ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا كَالْعَدَسِ ( فِي سُنْبُلِهِ دُونَهُ ) الْأَوْلَى فِي سُنْبُلِهَا لِيُنَاسِبَ قَوْلَهُ ( وَلَا بَيْعُهَا مَعَهَا ) الْأَوْلَى مَعَهُ لِيُنَاسِبَ دُونَهُ وَذَلِكَ لِاسْتِتَارِهَا شَبِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهَا وَأَمَّا خَبَرُ { نَهْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ السُّنْبُلِ حَتَّى يَبْيَضَّ } أَيْ يَشْتَدَّ فَيَجُوزُ بَعْدَ اشْتِدَادٍ فَأُجِيبُ عَنْهُ بِحَمْلِهِ عَلَى سُنْبُلِ الشَّعِيرِ وَنَحْوِهِ جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ ( وَلَا ) يَصِحُّ ( بَيْعُ الْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَنَحْوِهِ ) كَالثُّومِ وَالْبَصَلِ ( فِي الْأَرْضِ ) لِاسْتِتَارِ مَقْصُودِهَا وَعَدُّ الْأَصْلِ مَعَهَا السِّلْقَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحَدِ نَوْعَيْهِ وَهُوَ مَا يَكُونُ مَقْصُودُهُ مُغَيَّبًا فِي الْأَرْضِ أَمَّا مَا يَظْهَرُ مَقْصُودُهُ عَلَى وَجْهِهَا وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِأَكْثَرِ بِلَادِ مِصْرَ وَالشَّامِ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ كَالْبَقْلِ ( وَيَجُوزُ بَيْعُ وَرَقِهِ ) الْأَوْلَى وَرَقِهَا أَيْ الظَّاهِرِ ( بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) كَالْبُقُولِ ( وَيَصِحُّ بَيْعُ الْعِنَبِ وَالتِّينِ ) وَنَحْوِهِمَا ( فِي الشَّجَرِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ وَكَذَا الذُّرَةُ فِي السُّنْبُلِ ) لِعَدَمِ اسْتِتَارِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِالذُّرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَكَذَا الْمَسْتُورُ بِمَا لَا يُزَالُ إلَّا عِنْدَ الْأَكْلِ كَالرُّمَّانِ وَالْعَدَسِ وَكَذَا طَلْعُ النَّخْلِ مَعَ قِشْرِهِ وَالْأُرْزُ فِي سُنْبُلِهِ ) .
لِاسْتِتَارِهَا بِمَا هُوَ مِنْ صَلَاحِهَا وَلَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِي الْعَدَسِ وَالْأُرْزِ عَدَمُ صِحَّةِ السَّلَمِ فِيهِمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَإِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِصِحَّتِهِ فِي الْأُرْزِ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَعْتَمِدُ الْمُشَاهَدَةَ بِخِلَافِ السَّلَمِ فَإِنَّهُ يَعْتَمِدُ الصِّفَاتِ وَهِيَ لَا تُفِيدُ الْغَرَضَ فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْقِشْرِ خِفَّةً وَرَزَانَةً وَلِأَنَّ

السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِ غَرَرًا آخَرَ بِلَا حَاجَةٍ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ جَوَّزَ بَيْعَ الْمَعْجُونَاتِ دُونَ السَّلَمِ فِيهَا ( وَمَا يُزَالُ أَحَدُ كِمَامَيْهِ ) أَيْ قِشْرَيْهِ وَيَبْقَى فِي الْآخَرِ ( لِلِادِّخَارِ كَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْبَاقِلَا ) أَيْ الْفُولَ كَمَا مَرَّ ( فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فِي ) قِشْرِهِ ( الْأَعْلَى ) لِأَعْلَى الشَّجَرِ وَلِأَعْلَى الْأَرْضِ ( وَلَوْ رَطْبًا ) لِاسْتِتَارِهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ بِخِلَافِهِ فِي الْأَسْفَلِ نَعَمْ يَصِحُّ بَيْعُ قَصَبِ السُّكَّرِ فِي قِشْرِهِ الْأَعْلَى كَمَا فِي الِاسْتِقْصَاءِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ كَبَاطِنِهِ لِأَنَّهُ قَدْ يُمَصُّ مَعَهُ فَصَارَ كَأَنَّهُ فِي قِشْرٍ وَاحِدٍ كَالرُّمَّانِ وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ أَمَرَ الرَّبِيعَ بِبَغْدَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ الْبَاقِلَاءَ الرَّطْبَ رُدَّ بِأَنَّ هَذَا نَصَّهُ فِي الْقَدِيمِ لِكَوْنِهِ كَانَ بِبَغْدَادَ وَنَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى خِلَافِهِ وَبِأَنَّ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ تَوَقُّفًا لِأَنَّ الرَّبِيعَ إنَّمَا صَحِبَ الشَّافِعِيَّ بِمِصْرَ لَا بِبَغْدَادَ لَكِنْ قَالَ بِالصِّحَّةِ كَثِيرُونَ وَالْكَتَّانُ إذَا بَدَا صَلَاحُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّ مَا يُغْزَلُ مِنْهُ ظَاهِرٌ وَالسَّاسُ فِي بَاطِنِهِ كَالنَّوَى فِي التَّمْرِ لَكِنْ هَذَا لَا يَتَمَيَّزُ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ بِخِلَافِ التَّمْرِ وَالنَّوَى وَفِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ بِالْكِمَامِ تَسَمُّحٌ فَإِنَّهُ كَالْأَكِمَّةِ وَالْأَكْمَامُ الْأَكَامِيمُ جَمْعُ كِمَامَةٍ وَكِمٍّ بِكَسْرِ الْكَافِ وَالْمُرَادُ الْمُفْرَدُ فَلَوْ قَالَ أَحَدُ كِمَامَتَيْهِ أَوْ كِمَّيْهِ كَانَ أَوْلَى وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ لِلِادِّخَارِ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ ( وَمَعَ الْأَرْضِ ) مِنْ زِيَادَتِهِ أَيْ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا مَعَ الْأَرْضِ لِمَا مَرَّ .
( كَمَا لَا يَصِحُّ بَيْعُ الْبَذْرِ ) أَوْ الزَّرْعِ الَّذِي لَا يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ وَلَا يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ( مَعَ الْأَرْضِ ) كَالْحِنْطَةِ فِي سُنْبُلِهَا وَلَا

يَصِحُّ فِي الْأَرْضِ أَيْضًا لِلْجَهْلِ بِأَحَدِ الْمَقْصُودَيْنِ وَتَعَذَّرَ التَّوْزِيعُ أَمَّا إذَا كَانَ يُفْرَدُ بِالْبَيْعِ بِأَنْ رُئِيَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ فَيَصِحُّ الْبَيْعُ فِيهِمَا وَكَذَا إنْ كَانَ يَدْخُلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ تَأْكِيدًا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي قَالَ السُّبْكِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ وَحَمْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَيَصِحُّ ( فَإِنْ أَكَلَ ) مَالَهُ قَشِرَانِ ( بِقِشْرِهِ الْأَعْلَى قَبْلَ انْعِقَادِ الْأَسْفَلِ كَاللَّوْزِ صَحَّ ) بَيْعُهُ حِينَئِذٍ فَإِنَّهُ مَأْكُولٌ كُلُّهُ كَالتُّفَّاحِ

( قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْحِنْطَةِ وَالسِّمْسِمِ إلَخْ ) وَبِزْرِ الْكَتَّانِ فِي جَوْزِهِ ( قَوْلُهُ كَالثُّومِ ) وَالْقُلْقَاسِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الذُّرَةُ فِي السُّنْبُلِ ) الذُّرَةُ نَوْعَانِ بَارِزُ الْحَبَّاتِ كَالشَّعِيرِ وَفِي كِمَامٍ كَالْحِنْطَةِ ( قَوْلُهُ وَالْأُرْزُ فِي سُنْبُلِهِ ) أَيْ قِشْرِهِ الْأَصْفَرِ بَعْدَ التَّصْفِيَةِ مِنْ تِبْنِهِ ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ السَّلَمِ إلَخْ ) وَيَشْهَدُ لِذَلِكَ أَنَّ الْمَعْجُونَاتِ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهَا قَطْعًا وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِ بَيْعِهَا ( قَوْلُهُ أَيْ الْفُولُ كَمَا مَرَّ ) وَاللُّوبْيَا ( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّ قِشْرَهُ الْأَسْفَلَ إلَخْ ) وَبِأَنَّ قِشْرَهُ لَيْسَ سَاتِرًا لِجَمِيعِهِ بَلْ يَسْتُرُهُ مِنْ الْأَعْلَى دُونَ الْأَسْفَلِ فَرُؤْيَةُ الْبَعْضِ دَالَّةٌ عَلَى الْبَاقِي ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ يَظْهَرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ جَمْعُ كِمَامَةٍ وَكُمٍّ ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُحْكَمِ أَنَّ الْكِمَامَ مُفْرَدٌ فَإِنَّهُ قَالَ كِمَامُ كُلِّ نَوْعٍ وِعَاؤُهُ وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَأَكَامِيمُ ( قَوْلُهُ وَقَدَرَ عَلَى أَخْذِهِ ) بِلَا مَشَقَّةٍ شَدِيدَةٍ قَوِّ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَالْإِسْنَوِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ ( قَوْلُهُ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ وَحَمْلِهَا ) يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَقِيسَ سَبَقَ لَهُ حَالٌ يَصِحُّ بَيْعُهُ فِيهِ فَسُومِحَ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ مُتَحَقِّقِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَاغْتُفِرَ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْحَمْلِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( بَاعَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِكَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ الْحِنْطَةِ ) الْخَالِصَةِ ( لَمْ يَصِحَّ وَيُسَمَّى بَيْعُ الْمُحَاقَلَةِ ) مِنْ الْحَقْلِ جَمْعُ حَقْلَةٍ وَهِيَ السَّاحَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي لَا بِنَاءَ فِيهَا وَلَا شَجَرَ رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ { نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمُحَاقَلَةِ } وَفُسِّرَ بِمَا ذُكِرَ وَالْمَعْنَى فِيهِ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْمَبِيعِ مَسْتُورٌ بِمَا لَيْسَ مِنْ صَلَاحِهِ ( فَلَوْ بَاعَ شَعِيرًا فِي سُنْبُلِهِ بِحِنْطَةٍ خَالِصَةٍ وَتَقَابَضَا فِي الْمَجْلِسِ ) جَازَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَرْئِيٌّ وَالْمُمَاثَلَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ ( أَوْ بَاعَ زَرْعًا قَبْلَ ظُهُورِ الْحَبِّ ) بِحَبٍّ ( جَازَ لِأَنَّ الْحَشِيشَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ ) وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رِبَوِيًّا كَأَنْ اُعْتِيدَ أَكْلُهُ كَالْحُلْبَةِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِحَبِّهِ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ
( قَوْلُهُ وَبِهِ جَزَمَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الرَّطْبِ وَالْعِنَبِ عَلَى الشَّجَرِ خَرْصًا ) وَلَوْ بِخَرْصِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ ( بِقَدْرِهِ مِنْ الْيَابِسِ فِي الْأَرْضِ كَيْلًا ) هَذَا مُسْتَثْنَى مِنْ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَفُسِّرَ بِبَيْعِ الرَّطْبِ عَلَى الشَّجَرِ بِالتَّمْرِ وَفِيهِمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ { أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا } وَقِيسَ الْعِنَبُ بِالرَّطْبِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا زَكَوِيٌّ يُمْكِنُ خَرْصُهُ وَيُدَّخَرُ يَابِسُهُ وَكَالرَّطْبِ الْبُسْرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ كَهِيَ إلَى الرَّطْبِ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَبِتَقْيِيدِهِمَا لَهُ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ عُلِمَ غَلَطُ مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ بِلَا تَقْيِيدٍ وَأَلْحَقَ بِهِ الْحِصْرِمَ وَقَوْلُهُ فِي الْأَرْضِ تَبَعًا لِبَعْضِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَإِنْ اعْتَبَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ فَرَتَّبَ عَلَيْهِ مُقْتَضَاهُ ( لَا ) بَيْعُ ذَلِكَ بِقَدْرِهِ ( مِنْ الرَّطْبِ ) لِانْتِفَاءِ حَاجَةِ الرُّخْصَةِ إلَيْهِ وَلَا بَيْعُهُ عَلَى الْأَرْضِ بِقَدْرِهِ مِنْ الْيَابِسِ لِأَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَعَانِي بَيْعِ الْعَرَايَا أَكْلَهُ طَرِيًّا عَلَى التَّدْرِيجِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي ذَلِكَ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ كَيْلًا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِقَدْرِهِ يَابِسًا خَرْصًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِئَلَّا يَعْظُمَ الْغَرَرُ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا ( فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ) بِتَقْدِيرِ الْجَفَافِ بِمِثْلِهِ .
رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ } شَكَّ دَاوُد بْنُ الْحُصَيْنِ أَحَدُ رُوَاتِهِ فَأَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِالْأَقَلِّ ( لَا إذَا بَلَغَهَا ) بِتَقْدِيرِ جَفَافِهِ فِي صَفْقَةٍ وَفِي نُسْخَةٍ

بَلَغَتْهَا أَيْ بَلَغَتْ الْعَرَايَا الْخَمْسَةُ فَلَا يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لِأَنَّهُ صَارَ بِالزِّيَادَةِ مُزَابَنَةٌ فَبَطَلَ فِي الْجَمِيعِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا دُونَهَا ( بِشَرْطِ التَّقَابُضِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَيُسَلِّمُ الْمُشْتَرِي التَّمْرَ الْيَابِسَ بِالْكَيْلِ وَيُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّخْلِ ) كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الرِّبَا ( وَإِنْ عَقَدَا وَالتَّمْرُ غَائِبٌ فَأُحْضِرَ ) أَوْ حَضَرَاهُ وَقُبِضَ ( قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ ) كَمَا لَوْ تَبَايَعَا بُرًّا بِبُرٍّ غَائِبَيْنِ وَتَقَابَضَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَذَكَرَ الْأَصْلُ مَعَ ذَلِكَ مَا لَوْ غَابَا عَنْ النَّخْلِ وَحَضَرَا عِنْدَهُ فَحَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِالتَّخْلِيَةِ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الْحُضُورِ كَمَا مَرَّ ( فَإِنْ جُفِّفَ ) الرَّطْبُ ( وَبِأَنْ تَفَاوَتَ لَا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ بَطَلَ ) الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يَبِنْ تَفَاوُتٌ كَذَلِكَ بِأَنْ كَانَ قَدْرًا يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ أَوْ تَلِفَ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَبْطُلْ ( وَلَا يَصِحُّ ) بَيْعُ الْعَرَايَا ( فِي سَائِرِ الثِّمَارِ ) أَيْ بَاقِيهَا كَجَوْزٍ وَلَوْزٍ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقٌ مَسْتُورٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يُمْكِنُ خَرْصُهَا ( وَلَهُ بَيْعُ الْكَثِيرِ ) أَيْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ ( فِي صَفَقَاتٍ ) كُلُّ صَفْقَةٍ دُونَ خَمْسَةٍ ( وَتَتَعَدَّدُ ) الصَّفْقَةُ ( بِتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي .
وَكَذَا ) بِتَعَدُّدِ ( الْبَائِعِ ) عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَإِنَّمَا نَظَرُوا هُنَا إلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ حَيْثُ قَطَعُوا فِيهِ بِالتَّعَدُّدِ دُونَ جَانِبِ الْبَائِعِ عَكْسِ مَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ لِأَنَّ الرَّطْبَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالتَّمْرُ تَابِعٌ وَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ لِرَجُلَيْنِ صَفْقَةً جَازَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ لَا فِيمَا فَوْقَهُ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِدُونِ عَشْرَةٍ وَهُوَ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ سَبْقُ قَلَمٍ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا فِي حُكْمِ أَرْبَعَةِ عُقُودٍ كَمَا مَرَّ ( وَلَا يَخْتَصُّ ) بَيْعُ ( الْعَرَايَا بِالْفُقَرَاءِ

) بَلْ يَجْرِي فِي الْأَغْنِيَاءِ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ { أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ } أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعِيفٌ وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهَذَا حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنَّ قَوْمًا بِصِفَةٍ سَأَلُوا فَرَخَّصَ لَهُمْ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ فَقْرَهُمْ أَوْ سُؤَالَهُمْ وَالرُّخْصَةُ عَامَّةٌ فَلَمَّا أُطْلِقَتْ فِي أَخْبَارٍ أُخَرَ تَبَيَّنَ أَنَّ سَبَبَهَا السُّؤَالُ كَمَا لَوْ سَأَلَ غَيْرُهُمْ وَأَنَّ مَا بِهِمْ مِنْ الْفَقْرِ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ إذْ لَيْسَ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ مَا يَدُلُّ لِاعْتِبَارِهِ وَالْعَرَايَا جَمْعُ عَرِيَّةٍ وَهِيَ لُغَةً النَّخْلَةُ وَوَزْنُهَا فَعِيلَةٌ قَالَ الْجُمْهُورُ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ لِأَنَّهَا عَرِيَتْ بِإِعْرَاءِ مَالِكِهَا أَيْ إفْرَادِهِ لَهَا مِنْ بَاقِي النَّخِيلِ فَهِيَ عَارِيَّةٌ وَقَالَ آخَرُونَ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ عَنْ عَرَاءٍ يَعْرُوهُ إذَا أَتَاهُ لِأَنَّ مَالِكَهَا يَعْرُوهَا أَيْ يَأْتِيهَا فَهِيَ مَعْرُوَّةٌ وَأَصْلُهَا عَرَيْوَةٌ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فَتَسْمِيَةُ الْعَقْدِ بِذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَجَازٌ عَنْ أَصْلِ مَا عُقِدَ عَلَيْهِ

قَوْلُهُ يَصِحُّ بَيْعُ الْعَرَايَا فِي الرَّطْبِ وَالْعِنَبِ ) إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِمَا زَكَاةٌ وَالْعَرَايَا شَرْعًا بَيْعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بِالرَّطْبِ وَالْعِنَبِ عَلَى رَأْسِ النَّخِيلِ وَالْكُرُومِ تَخْمِينًا ( قَوْلُهُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي خَثْمَةَ إلَخْ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَالثَّمَرُ الْأَوَّلُ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ وَإِنْ اعْتَبَرَهُ فِي الْإِرْشَادِ إلَخْ ) قَدْ صَرَّحَ بِاعْتِبَارِهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ إذْ بَيْعُ الْعَرَايَا رُخْصَةٌ فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا ( قَوْلُهُ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ ) قَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْصِ عَنْهَا مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ حَتَّى قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ يَكْفِي نَقْصُ رُبُعِ مُدٍّ وَالْمُتَّجَهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ عَلَى تَفَاوُتِ مَا يَقَعُ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ فَإِنَّ رُبُعَ الْمُدِّ يَقَعُ التَّفَاوُتُ بِهِ بَيْنَ الْكَيْلَيْنِ غَالِبًا لَا سِيَّمَا فِي الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ فس ر وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ نَصُّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ يَكْفِي أَيُّ قَدْرٍ كَانَ ( قَوْلُهُ وَعَبَّرَ الْأَصْلُ بِدُونِ عَشَرَةٍ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ فَيَكُونُ لِلِاثْنَيْنِ دُونَ الْعِشْرِينَ ( نَاجٍ ) وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا عَبَّرَ الشَّيْخَانِ بِالْعَشَرَةِ لِأَنَّهُمَا فَرَّعَاهَا عَلَى الْمَرْجُوحِ الْقَائِلِ بِأَنَّ الصَّفْقَةَ هُنَا لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ

( فَصْلٌ عَلَى مَنْ بَاعَ ثَمَرَ شَجَرٍ ) يَعْتَادُ سَقْيَهُ ( بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ ) بِغَيْرِ شَرْطِ قَطْعِ ( السَّقْيِ إلَى ) أَوَانِ ( الْجُذَاذِ ) بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ لِأَنَّ السَّقْيَ مِنْ تَتِمَّةِ التَّسْلِيمِ الْوَاجِبِ كَالْكَيْلِ فِي الْمَكِيلِ وَالْوَزْنِ فِي الْمَوْزُونِ وَتَعْبِيرُ أَصْلِهِ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ أَضْبَطُ مِنْ تَعْبِيرِهِ هُوَ بِإِلَى الْجُذَاذِ ( فَإِنْ شَرَطَ عَلَى الْمُشْتَرِي بَطَلَ الْعَقْدُ ) لِأَنَّهُ خِلَافُ قَضِيَّتِهِ أَمَّا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ بَيْنَهُمَا بِاشْتِرَاطِ الْقَطْعِ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَا سَقْيَ عَلَيْهِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ بَاعَهُ مِنْ مَالِكِ الشَّجَرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَفِي كَلَامِ الرَّوْضَةِ مَا يَدُلُّ لَهُ ( وَيَتَسَلَّطُ الْمُشْتَرِي عَلَى ) التَّصَرُّفِ فِي ( الثَّمَرَةِ بِتَخْلِيَةِ الْبَائِعِ ) بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا وَتَقَدَّمَ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْأَصْلِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ الثَّمَرَةَ بَعْدَ أَوَانِ الْجُذَاذِ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضُهَا إلَّا بِالنَّقْلِ فَلَا يَتَسَلَّطُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهَا قَبْلَهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ ( وَإِذَا ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ فَإِنْ ( تَلِفَتْ ) كُلُّهَا ( بِجَائِحَةٍ ) كَحَرٍّ وَبَرْدٍ وَحَرِيقٍ ( قَبْلَ التَّخْلِيَةِ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ ) فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ أَوْ بَعْضُهَا انْفَسَخَ فِيهِ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْبَاقِي كَمَا مَرَّ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ .
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا أَيْضًا ( أَوْ ) تَلِفَتْ بِذَلِكَ ( بَعْدَهَا فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ) وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ قَطْعَهُ لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ وَالْأَمْرُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ أَوْ عَلَى مَا قَبْلَ التَّخْلِيَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ ( تَلِفَتْ مِنْ الْعَطَشِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ لِاسْتِنَادِ التَّلَفِ إلَى تَرْكِ السَّقْيِ

الْمُسْتَحَقِّ كَمَا فِي قَتْلِ الْعَبْدِ بِرِدَّةٍ سَابِقَةٍ ( وَإِنْ تَعَيَّبَتْ بِهِ ) أَيْ بِالْعَطَشِ ( فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ ) وَإِنْ قُلْنَا الْجَائِحَةُ مِنْ ضَمَانِهِ لِاسْتِنَادِ التَّعَيُّبِ إلَى تَرْكِ السَّقْيِ الْمُسْتَحَقِّ فَالتَّعَيُّبُ بِتَرْكِهِ كَالْعَيْبِ قَبْلَ الْقَبْضِ نَعَمْ إنْ تَعَذَّرَ السَّقْيُ بِأَنْ غَارَتْ الْعَيْنُ وَانْقَطَعَ النَّهْرُ فَلَا خِيَارَ لَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْجُوَيْنِيِّ فِي السِّلْسِلَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ مَاءٍ آخَرَ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( آلَ ) التَّعَيُّبُ ( إلَى التَّلَفِ وَهُوَ ) أَيْ وَالْمُشْتَرِي ( عَالِمٌ ) بِهِ ( وَلَمْ يَفْسَخْ فَهَلْ يَغْرَمُ لَهُ الْبَائِعُ ) الْبَدَلَ لِعُدْوَانِهِ ( أَمْ لَا ) لِتَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي بِتَرْكِ الْفَسْخِ مَعَ الْقُدْرَةِ ( وَجْهَانِ ) لَا تَرْجِيحَ فِيهِمَا وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي لِأَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ هُنَا إمَّا الْيَدُ وَقَدْ زَالَتْ أَوْ الْجِنَايَةُ وَتَرْكُ السَّقْيِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ مُضَمَّنَةٍ كَمَا لَوْ أَخَذَ مَاءَ غَيْرِهِ بِمَفَازَةٍ فَمَاتَ عَطَشًا لَمْ يَضْمَنْهُ فَإِنْ فَرَّقَ بِأَنَّ السَّقْيَ مُلْتَزِمٌ بِحُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَرْكُهُ يُؤَدِّي إلَى تَلَفِ الثَّمَرَةِ غَالِبًا بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا فِيمَا مَرَّ ضَمَانَ عَقْدٍ قُلْنَا عَارِضَةُ تَقْصِيرِ الْمُشْتَرِي مَا ذَكَرَ فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا انْفَسَخَ الْعَقْدُ ( وَإِنْ قَبَضَ جُزَافًا مَا اشْتَرَاهُ مُكَايَلَةً فَتَلِفَ فِي يَدِهِ فَفِي انْفِسَاخِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ ) أَحَدُهُمَا نَعَمْ لِبَقَاءِ عَلَقَةِ الْكَيْلِ بَيْنَهُمَا فَلَمْ يَحْصُلْ الْقَبْضُ الْمُفِيدُ لِلتَّصَرُّفِ وَالثَّانِي لَا لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْمُفْسِدِ لِنَقْلِ الضَّمَانِ وَتَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَبْضِ أَنَّ الْمُتَوَلِّيَ صَحَّحَ الثَّانِيَ وَأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ

قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بَاعَ ثَمَرَ شَجَرٍ ) أَوْ زَرْعًا ( قَوْلُهُ السَّقْيُ إلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ ) هُوَ الْمُرَجَّحُ وَقِيلَ يَتَأَخَّرُ عَنْهُ زَمَنًا لَا يُنْسَبُ الْمُشْتَرِي إلَى تَوَانٍ بِتَرْكِهِ الثَّمَرَ عَلَى الشَّجَرِ وَقِيلَ إلَى نَفْسِ الْجُذَاذِ ( قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَنْمُو بِهِ وَيَسْلَمُ مِنْ الْفَسَادِ ) قَالَ الْقَفَّالُ فِي فَتَاوِيهِ وَلَوْ شَرَطَ أَنْ يَسْقِيَهُ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ عَدَدًا مَعْلُومًا بَطَلَ الْبَيْعُ لِأَنَّ السَّقْيَ يَكُونُ عَلَى قَدْرِ الْكِفَايَةِ ( قَوْلُهُ أَمَّا إذَا بَاعَهُ ) قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ بَعْدَهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ( قَوْلُهُ فَلَا سَقْيَ عَلَى الْبَائِعِ إلَخْ ) نَعَمْ لَوْ كَثُرَ الثَّمَرُ وَكَانَ لَا يَتَأَتَّى قَطْعُهُ إلَّا فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ يَحْتَاجُ فِيهِ لِلسَّقْيِ فَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ لِلْعَادَةِ ر ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْقَبْضِ بِهَا ) لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مَتْرُوكَةً إلَى مُدَّةٍ جَعَلْنَا قَبْضَهَا قَبْلَ تِلْكَ الْمُدَّةِ بِالتَّخْلِيَةِ لِشَبَهِهَا فِيهَا بِالْعَقَارِ وَكَتَبَ أَيْضًا حَيْثُ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ السَّقْيُ وَقُلْنَا يَحْصُلُ الْقَبْضُ بِالتَّخْلِيَةِ فَالْيَدُ لَهُمَا عِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقَبْضِ عَنْ الْأَصْلِ إلَخْ ) قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَبْضِ الْعَقَارِ ( قَوْلُهُ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي ) وَقِيلَ أَنَّهَا مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ لِأَنَّهَا لَمَّا شَرَطَ فِيهَا الْقَطْعَ صَارَ قَبْضُهَا بِتَلَفِهَا ا هـ ( قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ بِالتَّخْلِيَةِ ) لِأَنَّ التَّخْلِيَةَ كَافِيَةٌ فِي قَرَارِ التَّصَرُّفِ فَكَانَتْ كَافِيَةً فِي نَقْلِ الضَّمَانِ كَالْعَقَارِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ الثَّانِي ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ بِدَلِيلِ ضَمَانِهَا ) فِيمَا مَرَّ ضَمَانَ عَقْدٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا ( قَوْلُهُ وَالثَّانِي لَا لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْمُفِيدِ لِنَقْلِ الضَّمَانِ ) إنَّمَا سَكَتَا

عَنْ تَرْجِيحِهِ لِأَنَّهُمَا جَرَيَا عَلَيْهِ فِي بَابِ الرِّبَا وَقَدْ أَوْضَحْته ثَمَّ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَوْجَهُ تَصْحِيحُ الْأَوَّلِ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ وَالرَّاجِحُ الِانْفِسَاخُ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( بَاعَ الثَّمَرَةَ مَعَ الشَّجَرِ فَتَلِفَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ ( فِيهَا لَا فِي الشَّجَرِ ) تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( اشْتَرَى ثَمَرَةً يَغْلِبُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ ) أَيْ اخْتِلَاطُ حَادِثُهَا بِالْوُجُودِ النَّاشِئِ ذَلِكَ مِنْ غَلَبَةِ تَلَاحُقِهَا كَتِينٍ وَقِثَّاءَ وَخِيفَ الِاخْتِلَاطُ ( لَمْ يَصِحَّ ) الْعَقْدُ وَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ ( إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) أَيْ قَطْعِ الثَّمَرَةِ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَيَصِحُّ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ بِأَنْ أَمْكَنَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ اللَّاحِقِ وَالسَّابِقِ صَحَّ الْبَيْعُ فِيمَا بَدَا صَلَاحُهُ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ ( فَإِنْ شَرَطَهُ ) أَيْ قَطْعَهَا ( فَلَمْ تُقْطَعْ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدُرُ اخْتِلَاطُهَا ) أَوْ مِمَّا يَتَسَاوَى فِيهَا الْأَمْرَانِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ حَالَهَا ( وَاخْتَلَطَتْ ) فِي الْأَرْبَعِ ( بِالْحَادِثَةِ وَلَوْ بَعْدَ ) الْأُولَى قَبْلَ ( التَّخْلِيَةِ يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ ) لِبَقَاءِ عَيْنِ الْمَبِيعِ وَإِمْكَانِ التَّسْلِيمِ بِمَا يَأْتِي ( بَلْ يَثْبُتُ لَهُ ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي ( الْخِيَارُ ) إنْ وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ الْإِبَاقِ هَذَا ( إنْ لَمْ يَسْمَحْ ) لَهُ ( الْبَائِعُ بِالْحَادِثَةِ ) فَإِنْ سَمَحَ لَهُ بِهَا هِبَةً أَوْ إعْرَاضًا فَلَا خِيَارَ لَهُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ قَالَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَيَمْلِكُهَا بِالْإِعْرَاضِ عَنْ السَّنَابِلِ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا لِأَنَّ عَوْدَهَا إلَى الْبَائِعِ مُتَوَقَّعٌ وَلَا سَبِيلَ هُنَا إلَى تَمَيُّزِ حَقِّ الْبَائِعِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْلِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ .
ثُمَّ إنْ سَمَحَ لَهُ الْبَائِعُ سَقَطَ خِيَارُهُ جَوَازُ مُبَادَرَةِ الْمُشْتَرِي لِلْفَسْخِ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ الْبَائِعُ وَيَسْمَحَ وَيَسْقُطُ خِيَارُهُ لَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْمُبَادَرَةُ لِذَلِكَ بَعْدَ مُشَاوَرَةِ الْبَائِعِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِمَا قَالَهُ يَحْتَمِلُ الْأَوَّلَ وَيَحْتَمِلُ الثَّانِيَ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إنْ سَأَلَ الْبَائِعَ لِيَسْمَحَ لَهُ

فَلَمْ يَسْمَحْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْخِيَارِ لَهُ أَنَّهُ يَرْفَعُ الْأَمْرَ إلَى الْحَاكِمِ وَيَكُونُ الْحَاكِمُ هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْهُمَا وَهُوَ مُتَّجَهٌ لِأَنَّهُ لِقَطْعِ النِّزَاعِ لَا لِلْعَيْبِ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يُوهِمُ خِلَافَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَوْنِهِ لِقَطْعِ النِّزَاعِ أَنَّهُ لَيْسَ فَوْرِيًّا كَالْفَسْخِ بَعْدَ التَّحَالُفِ انْتَهَى وَرَدَّ بِأَنَّ مَا نَقَلَهُ مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّ الْحَاكِمَ فِي بَابِ التَّحَالُفِ هُوَ الَّذِي يَفْسَخُ أَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ فَلَا يَفْسَخُ إلَّا الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا أَنْ لَا يَنْحَصِرَ الْفَسْخُ هَهُنَا فِي الْمُشْتَرِي كَنَظِيرِهِ ثَمَّ وَمَالَ إلَيْهِ الزَّرْكَشِيُّ وَتَقَدَّمَ لَهُ نَظِيرُهُ فِيمَا لَوْ اشْتَرَى حُلِيَّ ذَهَبٍ بِوَزْنِهِ ذَهَبًا فَبَانَ مَعِيبًا وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ عَيْبًا بَلْ هُوَ عَيْبٌ لِصِدْقِ تَعْرِيفِهِ عَلَيْهِ وَلَا دَخْلَ لِلْحَاكِمِ فِي الرَّدِّ بِهِ بِخِلَافِهِ فِي بَابِ التَّحَالُفِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَهُ وَعَلَى هَذَا فَالْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ أَمَّا إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَاطُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي .
وَهُوَ وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ دُونَ أَصْلِهِ ( فَإِنْ تَرَاضَيَا ) بَعْدَ الِاخْتِلَاطِ وَلَوْ قَبْلَ التَّخْلِيَةِ لَا كَمَا قَيَّدَهُ الْأَصْلُ بِمَا بَعْدَهَا ( عَلَى قَدْرٍ مِنْ الثَّمَرِ فَذَاكَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ ) بِيَمِينِهِ فِي قَدْرِ حَقِّ الْآخَرِ ( وَهَلْ الْيَدُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي أَوْ كِلَيْهِمَا فِيهِ أَوْجُهٌ ) ثَلَاثَةٌ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي لِبِنَائِهِ لَهُ مَعَ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّ الْجَوَائِحَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَعَلَى الثَّالِثِ يُقْسَمُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَيْنَهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا تَحْلِيفُ صَاحِبِهِ كَمَا يُعْرَفُ مِنْ بَابِ الدَّعَاوَى ( وَيَجْرِي

هَذَا الْحُكْمُ فِي ) بَيْعِ ( الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ ) وَمُتَمَاثِلِ الْأَجْزَاءِ حَيْثُ ( يَخْتَلِطُ بِحِنْطَةِ الْبَائِعِ ) فَلَا انْفِسَاخَ وَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ لَمْ يَسْمَحْ لَهُ الْبَائِعُ وَوَقَعَ الِاخْتِلَاطُ ( قَبْلَ الْقَبْضِ ) وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ ( لَكِنَّ الْيَدَ بَعْدَهُ ) أَيْ بَعْدَ الْقَبْضِ ( لِلْمُشْتَرِي ) لِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحَقِيقِيِّ لُغَةً وَشَرْعًا وَقِيلَ لِلْبَائِعِ اعْتِبَارًا بِكَوْنِ يَدِهِ كَانَتْ ثَابِتَةً قَبْلُ ( إلَّا ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا ( إنْ أَوْدَعَهَا ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْحِنْطَةَ ( الْبَائِعَ ) بَعْدَ الْقَبْضِ ثُمَّ اخْتَلَطَتْ ( فَالْيَدُ لَهُ ) أَيْ لِلْبَائِعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ ( وَلَوْ اخْتَلَطَ نَحْوُ الثِّيَابِ ) مِنْ الْمُتَقَوِّمَاتِ ( بِمِثْلِهَا ) بَعْدَ الْعَقْدِ ( انْفَسَخَ ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الِاشْتِبَاهَ وَهُوَ مَانِعٌ مِنْ صِحَّةِ الْعَقْدِ لَوْ فُرِضَ ابْتِدَاءً وَفِي نَحْوِ الْحِنْطَةِ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ الْإِشَاعَةُ وَهِيَ غَيْرُ مَانِعَةٍ ( وَلَوْ اشْتَرَى جَرَّةً مِنْ الرَّطْبَةِ ) بِشَرْطِ الْقَطْعِ ( فَطَالَتْ ) وَتَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ ( فَكَاخْتِلَاطِ الثَّمَرِ ) فِيمَا ذُكِرَ

( قَوْلُهُ اشْتَرَى ثَمَرَةً يَغْلِبُ فِيهَا الِاخْتِلَاطُ ) فِي مَعْنَى الثَّمَرَةِ الزَّرْعُ فَإِنْ أَرَادَ شِرَاءَ الْحَشِيشِ رَطْبًا لِتَأْكُلَهُ الْمَوَاشِي فَطَرِيقُهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِشَرْطِ الْقَطْعِ ثُمَّ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ حَتَّى تَكُونَ الْعُرُوقُ مَمْلُوكَةً لَهُ فَمَا يَحْدُثُ مِنْ الزِّيَادَةِ يَكُونُ مِلْكًا لَهُ قَالَهُ الْمُتَوَلِّي ( قَوْلُهُ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ الْقَطْعِ ) قَالَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ الْمُشْتَرِي ثَمَرَتَهُ وَفَائِدَةُ ذِكْرُهُ لِلْمُشْتَرِي التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مُؤْنَةَ الْقَطْعِ عَلَيْهِ كَمُؤْنَةِ النَّقْلِ فَلَوْ شُرِطَتْ عَلَى الْبَائِعِ بَطَلَ بِنَاءً عَلَى الْأَصَحِّ مِنْ حُصُولِ الْقَبْضِ بِالتَّخْلِيَةِ وَيَضْمَنُ بِهَا الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ لَمْ يَنْفَسِخْ الْعَقْدُ ) فَإِنْ قِيلَ قَدْ ذَكَرْتُمْ فِي الْغَصْبِ أَنَّ الْخَلْطَ بِمَا لَا يَتَمَيَّزُ يَكُونُ هَلَاكًا فَهَلَّا كَانَ هَلَاكًا فِي الْمَبِيعِ حَتَّى يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ فَجَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْغَاصِبَ لَمَّا تَعَدَّى بِالْغَصْبِ غَلَظَ عَلَيْهِ بِانْتِقَالِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّتِهِ لِأَنَّ الثُّبُوتَ فِي الذِّمَّةِ آكَدُ لِحَقِّ الْمَالِكِ الثَّانِي أَنَّ فِي إبْطَالِ الْبَيْعِ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي جَمِيعًا وَإِبْطَالُ الْعُقُودِ لَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ هَهُنَا ( قَوْلُهُ بَلْ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ إلَخْ ) قَالَ النَّاشِرِيُّ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُعَلِّقِينَ عَلَى الرَّوْضَةِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ اللَّفْظِ الْخَامِسِ أَنَّهُ إذَا بَاعَ شَجَرَةً وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ أَنَّ الثَّمَرَةَ تَبْقَى لِلْبَائِعِ وَأَنَّ مَا يَحْدُثُ مِنْ الطَّلْعِ يَتْبَعُ الْمُؤَبَّرَ لِيَكُونَ لِلْبَائِعِ فَكَيْفَ هَذِهِ الصُّورَةُ فَأَجَابَ وَالِدِي بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ الْمُؤَبَّرُ مِنْهُ وَمَا لَمْ يَطْلُعْ بَعْدُ حَمْلًا وَاحِدًا وَهُنَا شَرَطَ الشَّيْخُ أَنَّ الشَّجَرَةَ تَحْمِلُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ كُلُّ حَمْلٍ مُسْتَقِلًّا فَلَا سَبِيلَ إلَى أَنْ يَتْبَعَ غَيْرَهُ (

قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَمْلِكْ النَّعْلَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا إلَخْ ) صُورَةُ النَّعْلِ أَنْ يَشْرِطَا عَدَمَ دُخُولِهَا فِي الْبَيْعِ أَوْ يَحْدُثَ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْمُرَادُ بِالْبَائِعِ الْمُشْتَرِي إذًا بِالْعَيْبِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ قَوْلِ الْأَصْلِ ) وَعَلَيْهِ جَرَى فِي الْمُحَرَّرِ وَالْمِنْهَاج وَالْأَنْوَارِ ( قَوْلُهُ جَوَازُ مُبَادَرَةِ الْمُشْتَرِي لِلْفَسْخِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ فَرَّعَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُعْتَمَدِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ تَرْجِيحُ الثَّانِي ) هُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( اشْتَرَى الشَّجَرَةَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ لِلْبَائِعِ ) يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا لَمْ يَصِحَّ إلَّا بِشَرْطِ قَطْعِ الْبَائِعِ ثَمَرَتَهُ عِنْدَ خَوْفِ الِاخْتِلَاطِ فَإِنْ شَرَطَ فَلَمْ يَقْطَعْ أَوْ كَانَتْ مِمَّا يَنْدُرُ تَلَاحُقُهَا ( وَجَرَى الِاخْتِلَاطُ كَمَا سَبَقَ ) فِي ثِمَارِ الْمُشْتَرِي ( لَمْ يَنْفَسِخْ بَلْ مَنْ سَمَحَ بِحَقِّهِ ) لِصَاحِبِهِ ( أُجْبِرَ صَاحِبُهُ ) عَلَى الْقَبُولِ ( وَإِنْ تَشَاحَّا فُسِخَ ) الْعَقْدُ
( قَوْلُهُ يَغْلِبُ تَلَاحُقُهَا ) وَهِيَ مِمَّا يُثْمِرُ فِي السَّنَةِ مَرَّتَيْنِ

( بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ ) قَالَ ابْنُ حَزْمٍ لَفْظُ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُ الْأَمَةَ قَالَ الْإِمَامُ وَتَصَرُّفَاتُ الرَّقِيقِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ مَا لَا يَنْفُذُ وَإِنْ أَذِنَ فِيهِ السَّيِّدُ كَالْوِلَايَاتِ وَالشَّهَادَاتِ وَمَا يَنْفُذُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَالْعِبَادَاتِ وَالطَّلَاقِ وَالْخُلْعِ وَمَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِهِ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ كَمَا قَالَ ( لَيْسَ لِلْعَبْدِ ) الَّذِي يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا ( أَنْ يَتَّجِرَ أَوْ يَتَصَرَّفَ ) بِبَيْعٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ نَحْوَهُ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِنَقْصٍ كَالسَّفِيهِ وَلِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ ثُبُوتُ الْمِلْكِ لَهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَلَا لِمَوْلَاهُ بِعِوَضٍ فِي ذِمَّتِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَلَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ حُصُولِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِغَيْرِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْآخَرُ ( إلَّا بِإِذْنِ الْمَوْلَى ) فَلَهُ ذَلِكَ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ وَارْتِفَاعِ الْمَانِعِ مِنْ تَصَرُّفِهِ بِالْإِذْنِ ( لَا بِسُكُوتِهِ ) عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي نِكَاحِهِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ قَدْ يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ بَاعَ الْمَأْذُونُ مَعَ مَالِهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَجْدِيدُ إذْنٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَظْهَرِ فِي النِّهَايَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِعَبْدِ مَحْجُورِهِ فِي التِّجَارَةِ إذَا كَانَ ثِقَةً مَأْمُونًا ( فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ دَخَلَ ) فِيهِ ( لَوَازِمُهَا كَالْمُخَاصَمَةِ ) فِي الْعُهْدَةِ ( وَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ ) لِلثِّيَابِ وَحَمْلِ الْمَتَاعِ إلَى الْحَانُوتِ ( وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَيُؤَجِّرُ مَالَ التِّجَارَةِ ) كَعَبِيدِهَا وَثِيَابِهَا وَدَوَابِّهَا لِعَادَةِ التُّجَّارِ فِي ذَلِكَ وَلِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مِنْ فَوَائِدِ الْمِلْكِ فَيَمْلِكُ الْعَقْدَ عَلَيْهَا كَالصُّوفِ وَاللَّبَنِ ( لَا نَفْسَهُ ) لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ إجْبَارَهَا كَمَا لَا يَتَنَاوَلُ بَيْعَهَا ( وَلَا يَتَزَوَّجُ ) لِذَلِكَ وَفِي تَنَاوُلِهِ الِافْتِرَاضَ تَرَدُّدٌ لِلْقَاضِي ( وَلَا يُوَكِّلُ )

أَجْنَبِيًّا كَالْوَكِيلِ لَا يُوَكِّلُ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِنَفْسِهِ ( فَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَإِنْ ( أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي نَوْعٍ أَوْ زَمَنٍ أَوْ بَلَدٍ لَمْ يُجَاوِزْهُ ) كَالْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى شَيْءٍ تَصَرَّفَ فِي كُلِّ الْأَنْوَاعِ وَالْأَزْمِنَةِ وَالْبُلْدَانِ ( فَإِنْ قَالَ ) لَهُ ( اتَّجِرْ فِي هَذَا الْأَلْفِ لَمْ يَشْتَرِ فِي ذِمَّتِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ ) قَالَ ( اجْعَلْهُ رَأْسَ مَالِ تِجَارَةٍ ) أَوْ رَأْسَ مَالِكِ وَاتَّجِرْ ( اشْتَرَى فِي ذِمَّتِهِ مَا ) يَعْنِي بِمَا ( شَاءَ ) وَلَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ الْأَلْفِ وَفِي الذِّمَّةِ

( بَابُ مُعَامَلَاتِ الْعَبْدِ ) ( قَوْلُهُ بِبَيْعٍ أَوْ تَصَرُّفٍ أَوْ إيجَارٍ أَوْ نَحْوِهِ ) لَا يَصِحُّ تَوَكُّلُ الْعَبْدِ فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ نَعَمْ لَوْ وَكَّلَهُ لِيَشْتَرِيَ لَهُ نَفْسَهُ مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ مَالًا آخَرُ صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ امْتَنَعَ السَّيِّدُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ وَتَعَذَّرَتْ مُرَاجَعَةُ الْحَاكِمِ أَوْ حِيلَ بَيْنَهُمَا بِحَبْسٍ أَوْ غَيْرِهِ فَالْقِيَاسُ صِحَّةُ شِرَائِهِ مَا تَمَسُّ حَاجَتُهُ إلَيْهِ كَمَا فِي السَّفِيهِ وَأَوْلَى وَفِي كَلَامِ الْبَغَوِيّ شَيْءٌ مِنْهُ وَكَذَا لَوْ بَعَثَهُ فِي شُغْلٍ إلَى بَلَدٍ بَعِيدٍ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي حَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَلَهُ فِيمَا يَظْهَرُ شِرَاءُ قُوتِهِ وَمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ ا هـ قَالَ الدَّارِمِيُّ لَوْ اشْتَرَى غَيْرُ الْمَأْذُونِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ هَلْ لَهُ أَوْ لِسَيِّدِهِ وَجْهَانِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ لَوْ امْتَنَعَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ ( قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْوَلِيِّ ) قَالَ الْإِمَامُ لَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى شِرَاءٍ وَضَمَانٍ لَمْ يَصِحَّ بِالِاتِّفَاقِ إذْ لَا حُكْمَ لَهُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ رَضِيَ بِذَلِكَ لَتَعَلَّقَ بِكَسْبِهِ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ التَّعَلُّقُ بِالْكَسْبِ دُونَ التَّعَلُّقِ بِالذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ قَالَ الْإِمَامُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ ) بِأَنْ يَكُونَ بِحَيْثُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَهُوَ فِي نَوْبَتِهِ كَالْحُرِّ وَفِي غَيْرِهَا كَالْقِنِّ فَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ فِيهَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ هَلْ يَصِحُّ عَنْ قَصْدِهِ نَفْسَهُ أَوْ يَصِحُّ وَإِنْ أَطْلَقَ أَوْ يَجْرِي خِلَافٌ مِنْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْجُرْجَانِيُّ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ وَلَهُ كَوْنُهُ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا وَإِلَيْهِ أَشَارَ فِي التَّنْبِيهِ بِاشْتِرَاطِ الرُّشْدِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ

وَهُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ حَيْثُ قَالَ وَشَرَطَ فِيهِ إطْلَاقَ تَصَرُّفِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ ( قَوْلُهُ لَا بِسُكُوتِهِ عَلَى ذَلِكَ ) لِأَنَّ مَا الْإِذْنُ فِيهِ شَرْطٌ لَا يَكُونُ السُّكُوتُ فِيهِ إذْنًا ( قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى رَأْيٍ مَرْجُوحٍ وَهُوَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَوْ بَاعَهُ لَمْ يَصِرْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ لِلْمَوْلَى إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِطُ أَنَّهُ يُعَيَّنُ لَهُ مَا يَتَحَرَّ فِيهِ ( قَوْلُهُ كَالْمُخَاصَمَةِ فِي الْعُهْدَةِ ) الْعُهْدَةُ هِيَ الْمُطَالَبَةُ النَّاشِئَةُ عَنْ الْمُعَامَلَةِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْيِيدِ الْمُخَاصَمَةِ بِكَوْنِهَا فِي الْعُهْدَةِ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُخَاصِمُ الْغَاصِبَ وَالسَّارِقَ وَنَحْوَهُمَا وَبِهِ صَرَّحَ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَهُوَ نَظِيرُ مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا وَقَعَ فِي الْمَطْلَبِ هُنَا يَنْبَغِي اجْتِنَابُهُ ح .
( قَوْلُهُ لَا نَفْسَهُ ) يُسْتَثْنَى مِنْ مَنْعِ إجَارَةِ نَفْسِهِ مَا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ ثَالِثٌ بِكَسْبِهِ بِسَبَبِ نِكَاح بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ ضَمَانِهِ بِإِذْنِهِ فَإِنَّ لِلْمَأْذُونِ وَغَيْرِهِ أَنْ يُؤَجِّرَ نَفْسَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ لِلْقَاضِي ) الرَّاجِحُ الْمَنْعُ ( قَوْلُهُ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي نَوْعٍ إلَخْ ) احْتَرَزَ مِنْ الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْحُلُولِ فَإِنَّ الْحَالَ قَدْ يَقْتَضِي إبْدَالَ ذَلِكَ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي الْوَكِيلِ قَالَهُ ابْنُ الْخَيَّاطِ قَالَ وَكَانَ شَيْخِي رَضِيُّ الدِّينِ يَقُولُ وَالنَّوْعُ وَالْمُدَّةُ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ فَإِنْ قَالَ اتَّجِرْ فِي هَذَا الْأَلْفِ ) أَوْ بِهِ

( وَلَوْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِهِ ) الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ ( فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ ) كَشِرَاءِ ثَوْبٍ ( جَازَ ) لِأَنَّهُ يَصْدُرُ عَنْ رَأْيِهِ وَلِأَنَّهُ لَا غِنَى بِهِ عَنْ ذَلِكَ وَفِي مَنْعِهِ مِنْهُ تَضْيِيقٌ عَلَيْهِ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ وَجَزَمَ بِهِ الْغَزَالِيُّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْبَغَوِيّ مَنْعُهُ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يَرْضَ بِتَصَرُّفِ غَيْرِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَلِهَذَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِضَافَةِ عَبْدِ التِّجَارَةِ إلَى الْمَأْذُونِ لِتَصَرُّفِهِ فِيهِ ( لَا فِي التِّجَارَةِ ) فَلَا يَجُوزُ ( إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ ) وَيَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ السَّيِّدِ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَنْتَزِعْهُ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَهُوَ وَاضِحٌ ( وَلَا يَتَبَرَّعُ ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يَتَصَدَّقُ ( وَلَا يَتَّخِذُ دَعْوَةً ) بِتَثْلِيثِ الدَّالِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَفَتْحُهَا أَشْهَرُ وَهِيَ الطَّعَامُ الْمَدْعُوُّ إلَيْهِ ( وَلَا يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ) مَالِ ( التِّجَارَةِ ) لِأَنَّهُ مِلْكُ السَّيِّدِ فَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَإِنْ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فَعَلَيْهِ الْقِيَاسُ أَنَّهُ يُرَاجِعُ الْحَاكِمَ فِي غَيْبَةِ سَيِّدِهِ فِي الْأَخِيرَةِ لَكِنْ قَيَّدَهَا ابْنُ الرِّفْعَةِ بِحَالَةِ اجْتِمَاعِ سَيِّدِهِ مَعَهُ أَمَّا فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ لِاطِّرَادِ الْعَادَةِ بِهِ ( وَلَا يُعَامِلُ سَيِّدَهُ ) وَلَا مَأْذُونًا لَهُ آخَرَ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْعُقُودِ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ لِسَيِّدِهِ وَيَدُ رَقِيقِ السَّيِّدِ كَيَدِ السَّيِّدِ بِخِلَافِ الْمُكَاتَبِ لِمَا مَرَّ فِيهِ ( وَلَا يَتَّجِرُ فِي أَكْسَابِهِ ) بِنَحْوِ احْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بِالتِّجَارَةِ وَلَا سَلَّمَهُ لَهُ السَّيِّدُ لِيَكُونَ رَأْسَ مَالٍ وَقِيلَ يَتَّجِرُ فِيهَا لِأَنَّهَا مِنْ الْأَكْسَابِ وَالتَّرْجِيحُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِلْحَاوِي الصَّغِيرِ وَغَيْرِهِ ( وَلَا

يَنْعَزِلُ بِالْإِبَاقِ ) لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُوجِبُ الْحَجْرَ فَلَهُ التَّصَرُّفُ حَتَّى بِمَحَلِّ الْإِبَاقِ إلَّا إذَا خَصَّ الْإِذْنَ بِغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ أَذِنَ الْمَأْذُونُ لِعَبْدِهِ فِي تَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ جَازَ ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُوَكِّلَ عَبْدَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ خَصَّهُ الْغَزَالِيُّ بِعَبْدِهِ وَأَنْ يُوَكِّلَ فِيمَا يَعْجِزُ عَنْهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ حَسَنٌ قَالَ فِي الْوَسِيطِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ عَبْدِ الْمَأْذُونِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّوْكِيلُ فِي آحَادِ التَّصَرُّفَاتِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ الْإِمَامُ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَالْوَجْهَانِ فِيمَا لَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَمَّا الْمَحْجُوزُ عَنْهُ فَيَجُوزُ قَطْعًا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا يَتَبَرَّعُ ) هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ رِضَا السَّيِّدِ بِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ ( قَوْلُهُ أَمَّا فِي غَيْبَتِهِ عَنْهُ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِالْإِبَاقِ ) وَإِنْكَارِ الرِّقِّ وَالتَّدْبِيرِ وَالرَّهْنِ وَلَا بِأَنْ يُغْصَبَ

( وَلَوْ أَذِنَ لِأَمَتِهِ فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَوْلَدَهَا لَمْ تَنْعَزِلْ ) لِبَقَائِهَا عَلَى مِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ مَنَافِعَهَا ( وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ مَقْبُولٌ ) كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِقْرَارِ ( حَتَّى ) يُقْبَلَ إقْرَارُهُ ( لِبَعْضِهِ ) مِنْ وَالِدِ وَلَدٍ كَإِقْرَارِ الْمَرِيضِ لَهُمَا ( وَلَا يَبِيعُ بِنَسِيئَةٍ وَ ) لَا ( غَبْنٍ ) أَيْ بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ ( وَلَا يُسَافِرُ ) بِمَالِ التِّجَارَةِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ كَالْوَكِيلِ فِي الثَّلَاثَةِ أَمَّا شِرَاؤُهُ بِالنَّسِيئَةِ فَجَائِزٌ صَرَّحَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالْعَرَضِ كَعَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ قَالَ وَيُفَارِقُ الْمَأْذُونُ الْعَامِلَ فِي ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَحَدِهَا أَنَّ الْخُسْرَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ يَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ وَفِي الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالثَّانِي الرُّجُوعِ بِالْعَهْدِ عَلَى الْمَأْذُونِ وَفِي الْقِرَاضِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالثَّالِثِ أَنَّ الْمَأْذُونَ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ صَحَّ الشِّرَاءُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالْعَامِلُ إذَا اشْتَرَاهُ بِغَيْرِ إذْنٍ لَمْ يَصِحَّ قَوْلًا وَاحِدًا قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَوْلُهُ الْخُسْرَانُ يُتْبَعُ بِهِ إذَا عَتَقَ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ السَّيِّدَ وَالْعَبْدَ لَا يَثْبُتُ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ شَيْءٌ ( وَلَا يَعْزِلُ نَفْسَهُ ) لِأَنَّ التَّصَرُّفَ حَقٌّ عَلَيْهِ لِسَيِّدِهِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَى إبْطَالِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ إذْ الْحَقُّ فِيهِ لَهُ وَبِخِلَافِ الْوَكِيلِ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ طَاعَةُ مُوَكِّلِهِ وَالرَّقِيقُ عَلَيْهِ طَاعَةُ سَيِّدِهِ

( قَوْلُهُ وَإِقْرَارُهُ بِدَيْنِ التِّجَارَةِ مَقْبُولٌ ) قَالَ فِي الْبَحْرِ وَلَوْ أَقَرَّ بِعَيْنٍ فِي يَدِهِ أَنَّهَا مَغْصُوبَةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ بِمُعَامَلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ وَذَكَرَ شُرَيْحٌ الرُّويَانِيُّ فِي رَوْضَتِهِ أَنَّهُ لَوْ أَحَاطَتْ بِالْمَأْذُونِ الدُّيُونُ فَأَقَرَّ بِشَيْءٍ مِمَّا فِي يَدِهِ أَنَّهُ لِسَيِّدِهِ اسْتَعَارَهُ مِنْهُ قُبِلَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ ( قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْجُرْجَانِيِّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَحَدُهَا أَنَّ الْخُسْرَانَ ) يَعْنِي دُيُونَ التِّجَارَةِ ( فَرْعٌ ) عَبْدَانِ مَأْذُونَانِ لِاثْنَيْنِ اشْتَرَى كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ وَجَهِلَ السَّابِقُ بَطَلَا كَتَزْوِيجِ وَلِيَّيْنِ مِنْ اثْنَيْنِ

( وَمَنْ لَهُ سَيِّدَانِ اُشْتُرِطَ إذْنُهُمَا ) كَمَا فِي النِّكَاحِ فَيَكُونُ مَأْذُونًا لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَوَكِيلًا لَهُ بِإِذْنِ الْآخَرِ وَهَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَإِنْ كَانَتْ فَأَذِنَ لَهُ أَحَدُهُمَا فِي نَوْبَتِهِ قَالَ الْقَاضِي فِي فَتَاوِيهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَبْنِيَ عَلَى أَنَّ الْأَكْسَابَ النَّادِرَةَ هَلْ تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَفِيهِ وَجْهَانِ انْتَهَى وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ فَيَكْفِي إذْنُهُ فِي أَنْ يَتَّجِرَ قَدْرَ نَوْبَتِهِ
( قَوْلُهُ وَأَصَحُّهُمَا نَعَمْ إلَخْ ) جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْأَصَحُّ

( فَرْعٌ إذَا لَمْ نَعْرِفْ رِقَّ رَجُلٍ فَلَنَا مُعَامَلَتُهُ ) إذْ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ ( لَا إنْ عَلِمْنَاهُ ) أَيْ رِقَّهُ وَنُعَامِلُهُ حِفْظًا لِمَالِنَا ( حَتَّى نَعْلَمَ الْإِذْنَ ) لَهُ ( بِالْبَيِّنَةِ أَوْ سَمَاعِ السَّيِّدِ ) أَيْ أَوْ بِسَمَاعِنَا مِنْهُ الْإِذْنَ لَهُ ( وَكَذَا بِالْإِشَاعَةِ ) لَهُ بَيْنَ النَّاسِ ( لَا بِقَوْلِهِ ) أَيْ الرَّقِيقِ وَإِنْ ظَنَنَّا صِدْقَهُ لِأَنَّهُ يُثْبِتُ لِنَفْسِهِ وِلَايَةً وَكَمَا لَوْ زَعَمَ الرَّاهِنُ إذْنَ الْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الْمَرْهُونِ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَعْوَى الْوَكَالَةِ بَلْ تَجُوزُ مُعَامَلَتُهُ بِنَاءً عَلَى ظَاهِرِ الْحَالِ لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ وَقَضِيَّةُ مَا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَكْفِي خَبَرُ عَدْلٍ وَاحِدٍ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِي لِحُصُولِ الظَّنِّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَكْفِ عِنْدَ الْحَاكِمِ إلْحَاقًا لَهُ بِالشُّفْعَةِ وَكَمَا أَنَّ سَمَاعَهُ مِنْ السَّيِّدِ وَالشُّيُوعِ وَقَوْلُ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ الِاكْتِفَاءُ بِالنِّسَاءِ وَبِالْمَرْأَةِ وَبِالْعَبْدِ وَلَكِنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْمَطْلَبِ خِلَافُهُ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ بَلْ اسْتَبْعَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ يَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِخَبَرِ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ بَلْ خَبَرُ مَنْ يَثِقُ بِهِ مِنْ عَبْدٍ وَامْرَأَةٍ بَلْ يَظْهَرُ أَنَّهُ أَوْلَى مِنْ شُيُوعٍ لَا يَعْرِفُ أَصْلَهُ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مَا تُقَامُ بَيْنَ يَدَيْ الْحَاكِمِ أَوْ إخْبَارِ عَدْلَيْنِ لَهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي .
( فَإِذَا عَامَلَ رَقِيقًا ) وَجَهِلَ الْإِذْنَ لَهُ ( أَوْ مَنْ أَنْكَرَ ) هُوَ ( وَكَالَتَهُ فَبَانَ مَأْذُونًا ) لَهُ فِي الْأُولَى ( أَوْ وَكِيلًا ) فِي الثَّانِيَةِ ( صَحَّ ) كَمَنْ بَاعَ مَالَ أَبِيهِ ظَانًّا حَيَاتَهُ فَبَانَ مَيِّتًا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ عَامَلَ مَنْ عُرِفَ سَفَهُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ قَدْ انْفَكَّ حَجْرُهُ ( وَلَا تَصِحُّ مُعَامَلَتُهُ ) أَيْ الْمَأْذُونِ لَهُ ( وَلَا ) مُعَامَلَةُ ( الْوَكِيلِ إنْ

قَالَ حَجَرَ عَلَيَّ ) أَيْ حَجَرَ عَلَيَّ سَيِّدِي أَوْ مُوَكِّلِي ( وَلَوْ كَذَّبَهُ السَّيِّدُ وَالْمُوَكِّلُ ) فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَمْ أَحْجُرْ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ بِزَعْمِ الْعَاقِدِ فَلَا يُعَامَلُ بِقَوْلِ غَيْرِهِ وَتَكْذِيبُ السَّيِّدِ أَوْ الْمُوَكِّلِ لَهُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْإِذْنَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ ابْتِدَاءً لَا أَمْنَعُك مِنْ التَّصَرُّفِ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ لِأَنَّ عَدَمَ الْمَنْعِ أَعَمُّ مِنْ الْإِذْنِ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْت لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَإِنْ أَنْكَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنْ يَحِلَّ مَنْعَ مُعَامَلَتِهِ فِيمَا إذَا كَذَّبَهُ السَّيِّدُ أَنْ يَكُونَ الْمُعَامِلُ لَهُ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ وَإِلَّا جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ثُمَّ إنْ تَبَيَّنَ خِلَافُهُ بَطَلَتْ وَإِلَّا فَلَا وَذِكْرُ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ ( وَلِمَنْ عَلِمَهُ مَأْذُونًا وَعَامَلَهُ أَنْ لَا يُسَلِّمَ إلَيْهِ ) الْعِوَضَ ( حَتَّى يَثْبُتَ ) أَيْ يُقِيمَ بَيِّنَةً ( بِالْإِذْنِ ) خَوْفًا مِنْ خَطَرِ إنْكَارِ السَّيِّدِ كَمَا لَوْ صَدَقَ مُدَّعِي الْوَكَالَةَ بِقَبْضِ الْحَقِّ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ التَّسْلِيمِ حَتَّى يَشْهَدَ بِهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا بِمَا إذَا عَلِمَ الْإِذْنَ بِغَيْرِ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ عَلِمَهُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الِامْتِنَاعُ لِزَوَالِ الْمَحْذُورِ وَالْأَصْلُ دَوَامُ الْإِذْنِ

( قَوْلُهُ حَتَّى نَعْلَمَ الْإِذْنُ ) الْمُرَادُ بِالْعِلْمِ غَلَبَةُ الظَّنِّ ( قَوْلُهُ لَا بِقَوْلِهِ إلَخْ ) وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَكْفِي قَوْلُهُ إذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ ( قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَخْصِيصَ مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ بِحَالَةِ جَهْلِهِ بِحَالِهِ وَقَدْ يُفْهَمُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ أَنَّ مَا تَوَلَّى بَيْعَهُ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ لَوْ سَكَتَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَلَوْ عَلِمَ الْحَالَ وَلَمْ يَدَّعِ الْوَكَالَةَ لِوُجُودِ الْيَدِ الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكْفِيَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَمَا أَنَّ سَمَاعَهُ مِنْ السَّيِّدِ وَالشُّيُوعِ وَقَوْلِ الْوَكِيلِ كَذَلِكَ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ يُكْتَفَى بِالسَّمَاعِ مِمَّنْ ذُكِرَ أَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يَكْفِي عِنْدَهُ إلَّا الْبَيِّنَةُ أَوْ سَمَاعُهُ مِنْ السَّيِّدِ كا ( قَوْلُهُ بَلْ خَبَرَ مَنْ يَثِقُ بِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ ) أَيْ كَالْأَذْرَعِيِّ ( قَوْلُهُ الظَّاهِرُ الثَّانِي ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ قَالَ حُجِرَ عَلَيَّ إلَخْ ) مَا الْحُكْمُ إذَا جَحَدَ إذْنَ السَّيِّدِ لَهُ أَيَكُونُ كَالْوَكِيلِ أَمْ كَقَوْلِهِ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ فِي الْجَحْدِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِغَرَضٍ أَوْ نِسْيَانٍ أَمْ لَا وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ التَّفْرِيقِ وَيَكُونُ كَقَوْلِهِ حَجَرَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ ( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَالَ كُنْت أَذِنْتُ لَهُ وَأَنَا بَاقٍ جَازَتْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَذَّبَهُ السَّيِّدُ ) أَوْ الْمُوَكِّلُ ( قَوْلُهُ سَمِعَ الْإِذْنَ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ ) أَوْ الْمُوَكِّلِ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ حَيْثُ ظَنَّ كَذِبَ الْعَبْدِ ) أَيْ أَوْ الْوَكِيلُ ( قَوْلُهُ جَازَتْ مُعَامَلَتُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَصْوِيرُهَا إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( خَرَجَ مَا بَاعَهُ ) الْمَأْذُونُ ( مُسْتَحَقًّا وَقَدْ تَلِفَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ ) بَلْ أَوْ فِي غَيْرِهَا ( طُولِبَ ) بِبَدَلِهِ ( وَإِنْ عَتَقَ ) لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ لِلْعَقْدِ وَلِتَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ عَلَيْهِ قَبْلَ عِتْقِهِ ( وَيُطَالَبُ بِهِ السَّيِّدُ أَيْضًا ) وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْعَبْدِ وَفَاءٌ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَهُ وَلَا يُنَافِيهِ مَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُطَالَبَةِ بِشَيْءٍ ثُبُوتُهُ فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ مُطَالَبَةِ الْقَرِيبِ بِنَفَقَةِ قَرِيبِهِ وَالْمُوسِرِ بِنَفَقَةِ الْمُضْطَرِّ وَاللَّقِيطِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُطَالَبُ لِيُؤَدِّيَ مِمَّا فِي يَدِ الْعَبْدِ لَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِمَّا كَسَبَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَصَارَ كَالْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ يُطَالَبُ بِالْوَفَاءِ بِقَدْرِهَا فَقَطْ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَفَائِدَةُ مُطَالَبَةِ السَّيِّدِ بِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ الْعَبْدِ مَالٌ احْتِمَالٌ أَنَّهُ يُؤَدِّيهِ لِأَنَّ لَهُ بِهِ عَلَقَةً فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ لَمْ تَلْزَمْ ذِمَّتُهُ فَإِنْ أَدَّاهُ بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْعَبْدِ وَإِلَّا فَلَا وَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْضًا بِثَمَنِ الْمَبِيعِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ مَعَ إلْحَاقِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِهِمَا وَمَسْأَلَةُ الْإِلْحَاقِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَا يَتَنَاوَلُ الْفَاسِدَ فَالْمَأْذُونُ فِي الْفَاسِدِ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ فَيَتَعَلَّقُ الثَّمَنُ بِذِمَّتِهِ لَا بِكَسْبِهِ صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ ( وَمِثْلُهُ ) فِيمَا ذَكَرَ ( الْمُوَكِّلُ وَرَبُّ مَالِ الْقِرَاضِ ) فَيُطَالَبَانِ بِذَلِكَ كَمَا يُطَالَبُ بِهِ الْوَكِيلُ وَالْعَامِلُ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِمَا سَوَاءٌ أَدَفَعَ رَبُّ الْمَالِ إلَيْهِمَا الثَّمَنَ أَمْ لَا ( وَلَوْ غَرِمَ ) الْعَبْدُ ذَلِكَ ( بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى السَّيِّدِ ) لِأَنَّ مَا غَرِمَهُ مُسْتَحَقٌّ بِالتَّصَرُّفِ السَّابِقِ عَلَى عِتْقِهِ وَتَقَدُّمُ السَّبَبِ كَتَقَدُّمِ

الْمُسَبَّبِ فَالْمُغَرَّمُ بَعْدَ الْعِتْقِ كَالْمُغَرَّمِ قَبْلَهُ وَهَذَا كَمَا لَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الَّذِي آجَرَهُ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِلْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَ الْعِتْقِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ مِمَّا كَسَبَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ الْحَجْرِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الْغَايَةُ رَاجِعَةٌ لِمَا بَعْدَ لَا وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا كَسَبَهُ بَعْدَ الْحَجْرِ لَا يُؤَدِّي مِنْهُ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَيْ كَالزَّرْكَشِيِّ وَابْنِ الْعِمَادِ

( فَصْلٌ لَوْ أَعْطَاهُ ) سَيِّدُهُ ( أَلْفًا ) مَثَلًا ( لِلتِّجَارَةِ ) فِيهِ ( فَاشْتَرَى ) شَيْئًا ( فِي ذِمَّتِهِ لَا بِعَيْنِهِ ثُمَّ تَلِفَ ) الْأَلْفُ ( قَبْلَ تَسْلِيمِهِ ) لِلْبَائِعِ ( لَمْ يَنْفَسِخْ ) عَقْدُهُ ( بَلْ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ إنْ لَمْ يُوفِهِ السَّيِّدُ ) وَقِيلَ يَنْفَسِخُ لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْإِذْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُطَالَبْ السَّيِّدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِبَدَلِ الْأَلْفِ كَمَا هُوَ وَجْهٌ كَسَائِرِ دُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ لِانْقِطَاعِ الْعَلَقَةِ هُنَا بِتَلَفِ مَا دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَخْلُفَهُ شَيْءٌ مِنْ كَسْبِ الْمَأْذُونِ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ وَالْوَكِيلِ حَيْثُ صَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وُقُوعَ الْعَقْدِ لِلْأَوَّلِ وَنَقَلَ الْمُتَوَلِّي وُقُوعَهُ لِلثَّانِي فِي وَجْهٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْمِلْكِ وَيَدُهُ كَيَدِ سَيِّدِهِ بِخِلَافِ الْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ وَلَمْ يُرَجِّحْ الْأَصْلُ فِي مَسْأَلَتَيْهِمَا شَيْئًا بَلْ وَلَمْ يَحْكِ مَا صَحَّحَهُ هُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ فِي مَسْأَلَةِ الْقِرَاضِ وَجْهًا ( وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ انْفَسَخَ ) الْعَقْدُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَقَوْلُ الرَّوْضَةِ عَنْ التَّهْذِيبِ وَلَوْ اشْتَرَى الْمَأْذُونُ شَيْئًا بِعَرَضٍ فَتَلِفَ الشَّيْءُ ثُمَّ خَرَجَ الْعَرَضُ مُسْتَحَقًّا فَالْقِيمَةُ فِي كَسْبِهِ أَمْ عَلَى السَّيِّدِ وَجْهَانِ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِيُفِيدَ التَّرْجِيحَ فَإِنَّهُ كَنَظَائِرِهِ فَيُطَالَبُ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالْحَقُّ مُتَعَلِّقٌ بِمَا فِي يَدِ الْعَبْدِ

( قَوْلُهُ وَيُفَارِقُ نَظِيرَهُ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ إلَخْ ) فَرَّقَ فِي التَّتِمَّةِ بِأَنَّ دَيْنَ الْوَكِيلِ يَلْزَمُ فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ مَحَلٌّ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَإِنَّ أَكْسَابَ الْوَكِيلِ لَيْسَتْ لَهُ وَأَمَّا دُيُونُ الْمَأْذُونِ فَلَا تَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ لِأَنَّهُ عَيَّنَ لِدُيُونِهِ مَحَلًّا يَتَّسِعُ لِلدُّيُونِ وَتَتَعَلَّقُ بِهِ وَإِذَا لَمْ تَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ لِوُجُودِ مَحَلٍّ تَتَعَلَّقُ بِهِ أَمَرْنَاهُ بِالْقَضَاءِ مِنْ الْكَسْبِ وَإِنَّمَا كَانَ الْأَصَحُّ فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ انْقِلَابَ الْعَقْدِ إلَيْهِ لِتَقْصِيرِهِ فِي عَدَمِ احْتِيَاطِهِ فِيمَا يَحْصُلُ بِهِ الرِّبْحُ وَيُخَالِفُ الْوَكِيلَ فَإِنَّهُ مُتَبَرِّعٌ فَلَا يُنَاسِبُ التَّغْلِيظَ عَلَيْهِ بِإِلْزَامِ مَا أَوْقَعَهُ لِغَيْرِهِ ( قَوْلُهُ فِي وَجْهٍ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ ) الْأَصَحُّ عَدَمُ وُقُوعِ الْعَقْدِ لِلْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَيْنِهِ إلَخْ ) فَإِنْ عَادَ الْأَلْفُ إلَى الْعَبْدِ بِفَسْخٍ طَرَأَ فَهَلْ يَتَّجِرُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ جَدِيدٍ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ لَهُ ذَلِكَ

( فَصْلٌ تَتَعَلَّقُ دُيُونُ التِّجَارَةِ ) الْمَأْذُونِ فِيهَا لِلرَّقِيقِ ( بِمَا فِي يَدِهِ ) مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ الْحَاصِلَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ أَصْلًا وَرِبْحًا لِأَنَّهَا لَزِمَتْ بِمُعَاوَضَةٍ بِالْإِذْنِ كَالنَّفَقَةِ فِي النِّكَاحِ ( وَكَذَا بِأَكْسَابِهِ ) الْغَالِبَةِ وَالنَّادِرَةِ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَاحْتِطَابٍ وَاصْطِيَادٍ وَقَبُولِ هِبَةٍ وَوَصِيَّةٍ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا الْمَهْرُ وَمُؤَنُ النِّكَاحِ ( وَلَا تَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ ) لِلُزُومِهَا بِرِضَا مُسْتَحِقِّهَا كَاقْتِرَاضِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ ( وَأَرْشِ جِنَايَتِهِ ) أَيْ وَلَا بِأَرْسِ الْجِنَايَةِ عَلَى الْمَأْذُونِ لِأَنَّهُ بَدَلُ رَقَبَتِهِ ( وَلَا مَهْرِهَا ) أَيْ الْمَأْذُونَةِ ( إنْ كَانَتْ أَمَةً ) لِأَنَّهُ بَدَلُ بُضْعِهَا وَهُوَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الدُّيُونُ فَكَذَا بَدَلُهُ وَلَا تَتَعَلَّقُ أَيْضًا بِسَائِرِ أَمْوَالِ السَّيِّدِ كَأَوْلَادِ الْمَأْذُونَةِ ( وَلَا بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ ) أَوْ بَاعَهُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَعْتَقَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا بِكَسْبِهِ ) أَيْ الْمَأْذُونِ ( بَعْدَ الْحَجْرِ ) عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالُ التِّجَارَةِ وَلَا كَسْبُ الْمَأْذُونِ قَبْلَ الْحَجْرِ ( فَإِنْ تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِي الْمَالِ ) الَّذِي بِيَدِ الْمَأْذُونِ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ ( بِغَيْرِ إذْنِ الْعَبْدِ ) الْمَأْذُونِ ( أَوْ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ ) تَصَرُّفُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ لِلْغُرَمَاءِ وَلَمْ يَرْضَ الْجَمِيعُ ( وَغَرِمَهُ ) يَعْنِي غَرِمَ بَدَلَ الْمَالِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ وَإِلَّا غَرِمَ بِقَدْرِهِ ( أَوْ ) تَصَرَّفَ فِيهِ ( بِإِذْنِهِمْ ) أَيْ الْعَبْدُ وَالْغُرَمَاءُ ( جَمِيعًا صَحَّ ) لِارْتِفَاعِ الْمَانِعِ ( وَتَعَلَّقُوا ) أَيْ الْغُرَمَاءُ ( بِذِمَّةِ الْعَبْدِ ) فَيُطَالِبُونَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ لِتَوَجُّهِ مُطَالَبَتِهِ قِبَلَهُ وَلِأَنَّ مُعَامِلَهُ لَمَّا رَضِيَ بِمُعَامَلَتِهِ مَعَهُ فَكَأَنَّهُ رَضِيَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّتِهِ إلَى عِتْقِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ كَسْبٌ وَلَا مَالُ

تِجَارَةٍ ( كَمَا يَتَعَلَّقُ ) بِذِمَّتِهِ مَا ( يَفْضُلُ عَلَيْهِ مِنْ دُيُونِهَا ) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ ( وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ وَقَتَلَهُ السَّيِّدُ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ بِقَتْلِهِ ) وَإِنْ فَوَّتَ الذِّمَّةَ كَمَا لَوْ قَتَلَ حُرًّا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لَا يَلْزَمُهُ أَدَاؤُهُ ( وَلِلسَّيِّدِ بَيْعُ مَا فِي يَدِهِ ) أَيْ الْمَأْذُونِ ( حَيْثُ لَا دَيْنَ ) عَلَيْهِ وَلَمْ يُقَدِّمْ عَلَيْهِ حَجْرًا وَكَالْبَيْعِ سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ

( قَوْلُهُ تَتَعَلَّقُ دُيُونُ التِّجَارَةِ إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَزِمَهُ بِشِرَاءٍ فَاسِدٍ كَمَا حَكَاهُ الْجُورِيُّ عَنْ ابْنِ سُرَيْجٍ ( قَوْلُهُ بِمَا فِي يَدِهِ ) قَالَ الرَّافِعِيُّ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِالتِّجَارَةِ كَالْقَرْضِ فَلَا يُؤَدِّي مِنْهُ لَكِنْ فِي تَصْوِيرِهِ عُسْرٌ لِأَنَّهُ إنْ اقْتَرَضَ لِنَفْسِهِ فَالْقَرْضُ فَاسِدٌ أَوْ لِلتِّجَارَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ فَقَرِيبٌ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُؤَدِّي مِنْهُ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ عِ ( قَوْلُهُ الْحَاصِلَةُ قَبْلَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ ) لَا مَا تَاجَرَ فِيهِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالَ تِجَارَةٍ أَيْ بِأَنْ أَحْدَثَ لَهُ إذْنًا فِيهَا ( قَوْلُهُ وَلَا مَهْرَهَا ) مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ عَدَمِ التَّعَلُّقِ بِالْمَهْرِ وَجَزَمَ بِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْبَابِ خِلَافَهُ قَدْ جَزَمَ بِعَكْسِهِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ فِي بَابِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ وَسَتَعْرِفُ لَفْظَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَرَاجِعْهُ ا هـ وَعِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ هُنَاكَ وَإِذَا كَانَ لِعَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَمَةٌ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَزَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْعَبْدِ دُونَ الْغُرَمَاءِ لَمْ يَصِحَّ عَلَى أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَوَطْؤُهُ هَذِهِ الْجَارِيَةَ كَالتَّزْوِيجِ وَإِذَا وَطِئَ بِغَيْرِ إذْنِ الْغُرَمَاءِ فَهَلْ عَلَيْهِ الْمَهْرُ فِيهِ وَجْهَانِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قُلْت لَعَلَّ أَصَحَّهُمَا الْوُجُوبُ لِأَنَّ مَهْرَهَا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ الْغُرَمَاءِ ا هـ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَا تَخَالُفَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فَإِنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي مَهْرِ الْمَأْذُونَةِ نَفْسِهَا وَاَلَّذِي فِي النِّكَاحِ فِي أَمَةِ الْمَأْذُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ فَإِنَّ أَمَةَ الْمَأْذُونِ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الْمَأْذُونَةِ نَفْسِهَا ( قَوْلُهُ أَيْ الْمَأْذُونَةُ ) خَرَجَ بِمَهْرِ الْمَأْذُونَةِ مَهْرُ أَمَةِ التِّجَارَةِ فَإِنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ دُيُونُ الْغُرَمَاءِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَرَّفَ السَّيِّدُ فِي الْمَالِ إلَخْ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْوَجْهُ إنْفَاذُ عِتْقِهِ إذَا كَانَ مُوسِرًا حَيْثُ

يَنْفُذُ إعْتَاقُ الرَّاهِنِ وَالْوَارِثِ وَمَالِكِ الْجَانِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لِلْغُرَمَاءِ بِنَفْسِ الدَّيْنِ وَلَا الْحَاكِمَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ كَانَ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْعَصْرِ يَتَوَقَّفُ فِيهَا وَكَذَلِكَ السَّيِّدُ يَصِيرُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي أَمْوَالِ الْعَبْدِ لِحَقِّ الْغُرَمَاءِ وَلِحَقِّ الْعَبْدِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ إلَخْ ) وَإِنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ مَا بِيَدِهِ

( فَرْعٌ لَا يَشْتَرِي ) الْمَأْذُونُ ( مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ ) بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَوْ خَالَفَ لَمْ يَصِحَّ لِتَضَرُّرِ سَيِّدِهِ بِعِتْقِهِ الْمُتَضَمِّنِ فَوَاتَ الثَّمَنِ بِلَا مُقَابِلٍ ( فَإِنْ أَذِنَ ) لَهُ ( صَحَّ ) الشِّرَاءُ ( وَهَلْ يُعْتَقُ ) عَلَيْهِ أَوْ لَا يَنْظُرُ ( إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَدْيُونًا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يُعْتَقُ وَالثَّانِي يُعْتَقُ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْغُرَمَاءِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبَعًا لِصَاحِبِ الْمُهِمَّاتِ ( فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي إعْتَاقِ الرَّاهِنِ ) لِلْمَرْهُونِ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الرَّافِعِيُّ فِي بَابِ الْقِرَاضِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ فَهُوَ الصَّحِيحُ وَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا عَتَقَ ( وَلَوْ بَاعَهُ ) أَيْ بَاعَ السَّيِّدُ الْمَأْذُونَ ( أَوْ أَعْتَقَهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ ) لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ اسْتِخْدَامٌ وَقَدْ خَرَجَ عَنْ أَهْلِيَّتِهِ لَا تَوْكِيلٌ وَفِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ مَا يُزِيلُ الْمِلْكَ كَهِبَةٍ وَوَقْفٍ وَفِي كِتَابَتِهِ وَجْهَانِ جَزَمَ فِي الْأَنْوَار بِأَنَّهَا حَجْرٌ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ إجَارَتَهُ كَذَلِكَ ( وَتَحِلُّ دُيُونُهُ الْمُؤَجَّلَةُ ) عَلَيْهِ ( بِمَوْتِهِ ) كَمَا تَحِلُّ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَى الْحُرِّ بِمَوْتِهِ فَتُؤَدَّى مِنْ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ
( قَوْلُهُ جَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِأَنَّهَا حَجْرٌ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَذِنَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ وَلَمْ يُعْطِهِ مَالًا وَلَمْ يُعَيِّنْ ) لَهُ ( نَوْعًا يَتَّجِرُ فِيهِ جَازَ ) فَيَشْتَرِيَ فِي ذِمَّتِهِ وَيَبِيعَ كَالْوَكِيلِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّرْجِيحِ مِنْ زِيَادَتِهِ

( فَصْلٌ لَوْ قَبِلَ الرَّقِيقُ ) وَلَوْ سَفِيهًا ( هِبَةً أَوْ وَصِيَّةً بِلَا إذْنٍ صَحَّ ) وَإِنْ نَهَاهُ سَيِّدُهُ عَنْ الْقَبُولَةِ لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ لَا يَعْقُبُ عِوَضًا كَالِاحْتِطَابِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَوْ الْمُوصَى بِهِ بَعْضًا لِلسَّيِّدِ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ حَالَ الْقَبُولِ لِنَحْوِ زَمَانَةٍ أَوْ صِغَرٍ لَمْ يَصِحَّ الْقَبُولُ وَنَظِيرُهُ قَبُولُ الْوَلِيِّ لِمُوَلِّيهِ ذَلِكَ ( وَدَخَلَ مِلْكَ السَّيِّدِ قَهْرًا ) كَعِوَضِ الْخُلْعِ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَيُسَلِّمُ الْمَالَ لَهُ لَا لِلرَّقِيقِ ( وَلَوْ اشْتَرَى أَوْ اقْتَرَضَ ) بِلَا إذْنٍ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِمَا عُلِمَ مِنْ أَوَّلِ الْبَابِ ( وَلِلْمَالِكِ اسْتِرْدَادُهُ ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمَبِيعِ أَوْ الْمُقْرَضِ سَوَاءٌ أَكَانَ بِيَدِ الرَّقِيقِ أَمْ بِيَدِ سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ( وَإِنْ أَتْلَفَهُ ) الرَّقِيقُ مُطْلَقًا أَوْ تَلِفَ فِي يَدِهِ ( تَعَلَّقَ ) الضَّمَانُ ( بِذِمَّتِهِ ) فَيُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ فِيهِ السَّيِّدُ وَضَابِطُ تَعَلُّقِ الْحُقُوقِ بِالرَّقِيقِ أَنَّهَا إنْ ثَبَتَتْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ أَرْبَابِهَا كَإِتْلَافٍ وَتَلَفٍ بِغَصْبٍ تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَتِهِ أَوْ بِاخْتِيَارِهِمْ كَمَا فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ يُتْبَعُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ أَوْ بِإِذْنِهِ تَعَلَّقَتْ بِذِمَّتِهِ وَكَسْبِهِ وَمَالِ تِجَارَتِهِ كَمَا مَرَّ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَحَيْثُ قُلْنَا تَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ لَزِمَهُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِلْفَاضِلِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْمُفْلِسِ ( وَإِنْ قَبَضَهُ ) مِنْهُ ( السَّيِّدُ وَتَلِفَ ) وَلَوْ فِي غَيْرِهِ ( فَلَهُ ) أَيْ لِلْمَالِكِ ( مُطَالَبَةُ السَّيِّدِ ) لِوَضْعِ يَدِهِ ( وَكَذَا الْعَبْدُ إنْ عَتَقَ ) لِذَلِكَ ( وَإِنْ أَدَّى ) الرَّقِيقُ ( الثَّمَنَ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ فَلَهُ اسْتِرْدَادُهُ ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ ( وَلَا ضَمَانَ عَلَى سَيِّدِهِ ) وَإِنْ ( رَأَى الْمَبِيعَ ) مَثَلًا مَعَ عَبْدِهِ ( فَلَمْ يَأْخُذْهُ مِنْ الْعَبْدِ

) لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ وَلَمْ يَأْذَنْ هُوَ فِيهِ
( قَوْلُهُ كَعِوَضِ الْخُلْعِ ) يُنْظَرُ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْخُلْعُ مَعَ الْعِتْقِ أَيَمْلِكُهُ السَّيِّدُ أَوْ الْعَتِيقُ ( فَرْعٌ ) لَوْ دَفَعَ دَابَّةً إلَى مَأْذُونِ السَّيِّدِ فِي حِفْظِ دَوَابِّ النَّاسِ بِالْأُجْرَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا لِيَحْفَظَهَا فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ رَكِبَهَا ثُمَّ تَلِفَتْ ضَمِنَهَا وَتُعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ أَتْلَفَهَا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَوْدَعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَأَتْلَفَهُ الْعَبْدُ فَيَتَعَلَّقُ الضَّمَانُ بِرَقَبَتِهِ ( قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ رَأَى الْمَبِيعَ إلَخْ ) فِي يَدِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِرِضَا مُسْتَحِقِّهِ ) بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ إذَا تَرَكَهَا فِي يَدِهِ حَتَّى تَلِفَتْ يَضْمَنُهَا فِي الْأَصَحِّ

( فَرْعٌ لِلْعَبْدِ تَأْجِيرُ ) الْمَعْرُوفِ إجَارَةً أَوْ إيجَارَ ( نَفْسِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَكَذَا بَيْعُهَا وَرَهْنُهَا ) إذْ لَا مَانِعَ ( وَلَوْ تَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ فِيمَا لَزِمَ ذِمَّتَهُ عُهْدَةٌ ) كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ ( بِلَا إذْنٍ ) مِنْ سَيِّدِهِ ( لَمْ يَصِحَّ ) لِتَعَلُّقِ الْعُهْدَةِ بِالْوَكِيلِ بِخِلَافِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ كَطَلَاقٍ وَقَبُولِ نِكَاحٍ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَلْزَمُ ذِمَّتَهُ عُهْدَةٌ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ

( فَصْلٌ إذَا مَلَّكَهُ ) أَيْ الْقِنَّ ( السَّيِّدُ ) أَوْ غَيْرُهُ الْمَفْهُومُ بِالْأُولَى ( مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ ) لِمَا مَرَّ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ ( وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ ) وَأُمُّ الْوَلَدِ ( كَالْقِنِّ ) فَلَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا لِذَلِكَ ( وَإِنْ مَلَكَ ) الْمُبَعَّضُ ( بِبَعْضِهِ الْحُرِّ مَالًا فَاشْتَرَى بِهِ جَارِيَةً مَلَكَهَا ) لِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْمِلْكِ ( وَلَمْ يَحِلَّ لَهُ وَطْؤُهَا ) وَلَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ بَعْضَهُ مَمْلُوكٌ وَالْوَطْءُ يَقَعُ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ لَا بِبَعْضِهِ الْحُرِّ فَقَطْ ( وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ التَّسَرِّي وَلَوْ بِالْإِذْنِ ) لِضَعْفِ مِلْكِهِ وَلِلْخَوْفِ مِنْ هَلَاكِ الْأَمَةِ بِالطَّلْقِ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ التَّسَرِّي بِالْوَطْءِ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَخَصُّ مِنْهُ لِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ فِيهِ بِخِلَافِ الْوَطْءِ وَتَعْبِيرُهُ بِمَا قَالَهُ أَوْلَى مِنْ بِنَاءِ أَصْلِهِ ذَلِكَ مَعَ الْإِذْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي تَبَرُّعِهِ لِإِشْعَارِهِ بِرُجْحَانِ الْجَوَازِ لِأَنَّهُ الصَّحِيحُ فِي التَّبَرُّعِ بِالْإِذْنِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْمَنْعُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْكِتَابَةِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ثَمَّ وَمَسْأَلَتُنَا الْمُبَعَّضُ وَالْمُكَاتَبُ مَذْكُورَتَانِ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ أَيْضًا بَلْ الثَّانِيَةُ مَذْكُورَةٌ أَيْضًا فِي بَابِ الْكِتَابَةِ
قَوْلُهُ إذَا مَلَّكَهُ السَّيِّدُ مَالًا لَمْ يَمْلِكْهُ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ } وَكَمَا لَا يَمْلِكُ بِالْإِرْثِ وَلِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ كَالْبَهِيمَةِ

( بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ ) أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُمَا ( هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَا أَوْ ) يَخْتَلِفَ ( وَارِثَاهُمَا ) أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ ( بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ ) كَمِائَةٍ وَتِسْعِينَ ( أَوْ صِفَتِهِ ) كَصِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ ( أَوْ جِنْسِهِ ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ( أَوْ الْخِيَارِ أَوْ الْأَجَلِ أَوْ الرَّهْنِ أَوْ الضَّمِينِ ) أَوْ قَدْرِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَصِحُّ شَرْطُهُ سَوَاءٌ أَكَانَ الْعِوَضَانِ بَاقِيَيْنِ أَمْ لَا قُبِضَا أَوْ لَمْ يُقْبَضَا ( وَكَذَا ) إنْ اخْتَلَفَا ( فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ ) أَوْ صِفَتِهِ أَوْ جِنْسِهِ ( بِأَنْ قَالَ ) الْبَائِعُ ( بِعْتُك الْعَبْدَ بِأَلْفٍ ) مَثَلًا ( فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ ) بِعْتنِي بِهَا ( الْعَبْدَ وَالْجَارِيَةَ فَيَتَحَالَفَانِ ) بِأَنْ يَحْلِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا كَمَا سَيَأْتِي أَمَّا حَلِفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ } وَكُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعَى عَلَيْهِ كَمَا أَنَّهُ مُدَّعٍ وَاحْتَجَّ لَهُ أَيْضًا بِخَبَرِ { إذَا اخْتَلَفَ الْبَيِّعَانِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَهُوَ مَا يَقُولُ رَبُّ السِّلْعَةِ أَوْ يَتَتَارَكَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَمَعْنَى التَّتَارُكِ أَنْ يَتْرُكَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا يَدَّعِيهِ وَذَلِكَ بِالْفَسْخِ وَأَمَّا أَنَّهُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى وَاحِدَةٌ وَمَنْفَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي ضِمْنٍ مُثْبَتَةٍ فَجَازَ التَّعَرُّضُ فِي الْيَمِينِ الْوَاحِدَةِ لِلنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَلِأَنَّهَا أَقْرَبُ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ ( لَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ) أَيْ خِيَارِ الشَّرْطِ أَوْ الْمَجْلِسِ فَلَا يَتَحَالَفَانِ لِإِمْكَانِ الْفَسْخِ بِالْخِيَارِ كَذَا قَالَهُ الْقَاضِي وَأَجَابَ عَنْهُ الْإِمَامُ بِأَنَّ التَّحَالُفَ لَمْ يُوضَعْ لِلْفَسْخِ بَلْ عَرَضَتْ الْيَمِينُ رَجَاءَ أَنْ يُنَكَّلَ الْكَاذِبُ فَيَتَقَرَّرُ الْعَقْدُ بِيَمِينِ الصَّادِقِ ثُمَّ مَالَ إلَى مُوَافَقَتِهِ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ

ابْنُ يُونُسَ وَالنَّشَائِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ بِالتَّحَالُفِ فِي الْكِتَابَةِ مَعَ جَوَازِهَا مِنْ جَانِبِ الرَّقِيقِ وَعَلَى هَذَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ بِجِهَتَيْنِ فَيَتَحَالَفَانِ مُطْلَقًا ( إنْ لَمْ يَكُنْ ) لِأَحَدِهِمَا ( بَيِّنَةٌ فَإِنْ كَانَتْ ) لَهُ بَيِّنَةٌ ( قَضَى ) لَهُ ( بِهَا ) كَمَا فِي سَائِرِ الدَّعَاوَى ( وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ ) وَلَمْ تُؤَرَّخَا بِتَارِيخَيْنِ ( تَسَاقَطَتَا وَكَأَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ ) فَيَتَحَالَفَانِ بِخِلَافِ مَا إذَا أُرِّخَتَا بِتَارِيخَيْنِ لَا تَحَالُفَ بَلْ يُقْضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ أَيْ بَعْدَ اعْتِرَافِهِمَا بِهَا مَا إذَا لَمْ يَعْتَرِفَا بِهَا فَلَا تَحَالُفَ بَلْ يَصْدُقُ مُدَّعِي الصِّحَّةَ كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ مَعَ قَيْدِهِ

( بَابُ اخْتِلَافِ الْمُتَابِعَيْنِ ) ( قَوْلُهُ هُوَ أَنْ يَخْتَلِفَا إلَخْ ) لَوْ قَالَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى بَيْعٍ صَحِيحٍ وَعِوَضٍ مُعَيَّنٍ ثَمَنًا أَوْ مُثَمَّنًا وَيَخْتَلِفَا فِيمَا سِوَاهُ كَانَ أَوْلَى قَالَ الْغَزِّيِّ وَمَا فِي الذِّمَّةِ كَالْمُعَيَّنِ فِي الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا وَوَارِثُ الْآخَرِ ) لَوْ تَعَدَّدَ الْوَارِثُ فَصَدَّقَ بَعْضُهُمْ وَأَنْكَرَ بَعْضٌ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَظْهَرُ جَوَازُ التَّحَالُفِ بَيْنَ الْمُنْكِرِ وَالْعَاقِدِ الْآخَرِ وَجَعَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ كَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِقَوْلِ الْأَصْحَابِ بِالتَّحَالُفِ فِيمَا إذَا تَلِفَ أَحَدُ الْعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَنْظُرُوا إلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ عِ ر وَقَوْلُهُ فَيَظْهَرُ جَوَازُ التَّحَالُفِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَوَارِثُ الْآخَرِ ) شَمِلَ الْإِمَامُ فِي إرْثِ بَيْتِ الْمَالِ ( قَوْلُهُ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ ) وَقَدْ بَقِيَ إلَى وَقْتِ التَّنَازُعِ فَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَلَا تَحَالُفَ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَكَتَبَ شَيْخُنَا عَلَى قَوْلِهِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَقْدِ وَلَوْ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ ) شَمِلَ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً فَاطَّلَعَ بِهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَأَرَادَ رَدَّهَا بِهِ فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْتهَا مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى صَفْقَةً وَاحِدَةً فَرَدَّهَا مَعَهَا وَقَالَ الْمُشْتَرِي لَمْ أَشْتَرِ مِنْك إلَّا هَذِهِ السِّلْعَةَ وَحْدَهَا وَإِنْ أَفْتَى ابْنُ الْعِرَاقِيِّ فِيهَا بِتَصْدِيقِ الْمُشْتَرِي ( قَوْلُهُ فَيَتَحَالَفَانِ ) شَرْطُ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ مُدَّعَى الْبَائِعِ أَكْثَرَ حَيْثُ اخْتَلَفَا فِي الْقَدْرِ وَكَتَبَ أَيْضًا شَرْطُ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ مُحَكِّمٍ وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ مَعَ مُسْتَقِلٍّ وَكَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا وَكَانَتْ الْقِيمَةُ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَكْثَرَ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنَّهُ لَا

تَحَالُفَ وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ فس ( قَوْلُهُ إمَّا حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْعُقُودِ يَكْثُرُ وَمَبْنَى الْمُعَاوَضَاتِ عَلَى تَسَاوِي الْمُتَعَارِضَيْنِ وَفِي تَصْدِيقِ أَحَدِهِمَا إضْرَارٌ بِالْآخَرِ ( قَوْلُهُ لَا مِنْ زَمَنِ الْخِيَارِ ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ ( قَوْلُهُ قَالَهُ الْقَاضِي ) وَأَبْطَلَ بِأَنَّهُ وَافَقَ عَلَى التَّحَالُفِ فِي الْقِرَاضِ مَعَ جَوَازِهِ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ ابْنُ يُونُسَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَةً إلَخْ ) لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ كَذَا فِي سَاعَةِ كَذَا وَشَهِدَ آخَرَانِ أَنَّهُ كَانَ سَاكِتًا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَا يَتَحَرَّكُ وَلَا يَعْمَلُ شَيْئًا فَفِي قَبُولِ الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا قَبُولُهَا وَوُجِّهَ أَنَّ النَّفْيَ الْمَحْصُورَ كَالْإِثْبَاتِ فِي إمْكَانِ الْإِحَاطَةِ بِهِ

( وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ فَقَالَ ) الْبَائِعِ ( بِعْتُك الْعَبْدَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْجَارِيَةَ ) وَاتَّفَقَا عَلَى الثَّمَنِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ ( وَالثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ لَمْ يَتَحَالَفَا ) لِأَنَّ الثَّمَنَ لَيْسَ بِمُعَيَّنٍ حَتَّى يَرْبُطَ بِهِ الْعَقْدَ ( بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ وَلَا فَسْخَ ) وَتَرْجِيحُهُ عَدَمُ التَّحَالُفِ فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ مُسْتَنِدًا إلَى نَصٍّ فِي الْبُوَيْطِيِّ يَدُلُّ لَهُ الْتِزَامًا وَلِعَدَمِ التَّحَالُفِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ فِي السَّلَمِ مُطَابَقَةً وَلَكِنَّ الْأَصْحَابَ عَلَى خِلَافِهِ وَاَلَّذِي فِي الْأَصْلِ فِي مَسْأَلَتِنَا حِكَايَةُ وَجْهَيْنِ بِلَا تَرْجِيحٍ أَحَدِهِمَا مَا مَرَّ وَالْآخَرِ يَتَحَالَفَانِ كَمَا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا وَاقْتَضَى كَلَامُ الرَّافِعِيِّ هُنَا تَرْجِيحَهُ صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا وَالنَّوَوِيُّ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الصَّدَاقِ فِي قَوْلِهِ أَصْدَقْتُك أَبَاك فَقَالَتْ بَلْ أُمِّي وَتَبِعَهُ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثُمَّ لَكِنْ تِلْكَ تُفَارِقُ مَا هُنَا بِأَنَّ الْعِوَضَيْنِ فِيهَا مُعَيَّنَانِ ( وَإِنْ كَانَتْ ) أَيْ الْمَسْأَلَةُ ( بِحَالِهَا وَأَقَامَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( بَيِّنَةً ) بِدَعْوَاهُ ( سُلِّمَتْ الْجَارِيَةُ لِلْمُشْتَرِي ) عَمَلًا بِبَيِّنَتِهِ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَتْ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ .
قَالَ السُّبْكِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ التَّحَالُفِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَهُوَ الَّذِي يَقْوَى عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ فَيُقَوِّي التَّعَارُضَ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ ( وَأَمَّا الْعَبْدُ ) فَقَدْ أَقَرَّ الْبَائِعُ بِبَيْعِهِ وَقَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي أَقَرَّ عِنْدَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ إلَّا بِالْوَطْءِ لَوْ كَانَ أَمَةً وَاسْتَشْكَلَ

السُّبْكِيُّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهِ وَهُوَ مُقِرٌّ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ جَوَّزَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا فِي الظَّاهِرِ أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَالْحُكْمُ مُحَالٌ عَلَى حَقِيقَةِ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْبَائِعِ ( فَهَلْ يُجْبَرُ ) مُشْتَرِيهِ ( عَلَى قَبُولِهِ ) لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِهِ ( أَوْ يُتْرَكُ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَدَّعِيَهُ ) لِأَنَّهُ يُنْكِرُ مِلْكَهُ فِيهِ ( وَجْهَانِ ) وَبِالثَّانِي جَزَمَ ابْنُ أَبِي عَصْرُونٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ السُّلَمِيُّ أَنَّهُ الصَّحِيحُ ( وَ ) إذَا أَخَذَهُ الْقَاضِي ( يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ كَسْبِهِ ) إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ نَعَمْ إنْ رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِي بَيْعه وَحِفْظِ ثَمَنِهِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ ( بِيعَ ) أَيْ بَاعَهُ ( إنْ رَآهُ ) بِأَنْ رَأَى الْحَظَّ فِي بَيْعِهِ ( وَحِفْظِ ثَمَنِهِ ) وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ يُنْكِرُهُ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَدَّعِيَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ .
أَمَّا إذَا فَرَّعْنَا عَلَى التَّحَالُفِ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ أَنْ يُقَالَ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ تُؤَرَّخْ الْبَيِّنَتَانِ بِتَارِيخَيْنِ وَإِلَّا قَضَى بِمُتَقَدِّمَةِ التَّارِيخِ ( وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا تَحَالَفَا ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ مَعًا كَأَنْ قَالَ بِعْتُك الْعَبْدَ بِدِرْهَمٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ الْجَارِيَةَ بِدِينَارٍ فَلَا تَحَالُفَ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى نَفْيِ قَوْلِ الْآخَرِ قَالَهُ الْإِمَامُ هُنَا وَفِي الصَّدَاقِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِمَا كَمَا مَرَّ ( تَنْبِيهٌ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ شَرْطَ التَّحَالُفِ أَنْ يَكُونَ مَا يَدَّعِيهِ الْبَائِعُ أَكْثَرَ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الِاخْتِلَافِ

فِي الصَّدَاقِ وَالْوَلِيُّ ثَمَّ كَالْبَائِعِ هُنَا قُلْت قَدْ فَرَضَهَا ثُمَّ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ فَنَظِيرُهُ هُنَا أَنْ يَفْرِضَ فِي اخْتِلَافِ وَلِيِّ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي

( قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الْمَبِيعِ إلَخْ ) لَوْ اخْتَلَفَا فِي عَيْنِ الثَّمَنِ وَاتَّفَقَا عَلَى عَيْنِ الْمَبِيعِ تَحَالَفَا قَوْلُهُ بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى نَفْيِ مَا يَدَّعِي عَلَيْهِ ) قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَأَطْلَقَ فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ تَحَالَفَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَفَرَّقَ بِأَنَّهُ إذَا قَالَ بِأَلْفَيْنِ مِنْ دَيْنِك عَلَيَّ فَقَدْ أَقَرَّ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ الْمُدَّعَى بِهِ فَصَارَ كَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفَيْنِ وَقَبَضَتْهُمَا فَقَالَ إنَّمَا اشْتَرَيْته بِأَلْفٍ فَلَا تَحَالُفَ وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّعْوَى الْمُطْلَقَةِ فَإِنَّهَا لَا تَتَضَمَّنُ الْإِقْرَارَ بِالْقَبْضِ وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الثَّمَنِ ا هـ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فَإِنْ كَانَ التَّصْوِيرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُطَالِبُهُ بِالْأَلْفِ الزَّائِدِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ كَانَ يُطَالِبُهُ فِي صُورَتَيْ الدَّيْنِ وَقَبْضِ الْأَلْفَيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ ( قَوْلُهُ وَلَا فَسْخَ ) قَالَ شَيْخُنَا إنَّمَا قَالَ وَلَا فَسْخَ لِيُفِيدَ بِهِ أَنَّ الْوَاقِعَ بَيْنَهُمَا حَلِفٌ لَا تَحَالُفٌ وَالْفَسْخُ ثَمَرَةُ التَّحَالُفِ لَا الْحَلِفُ هَذَا مَعَ أَنَّ الْأَصَحَّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ الْإِسْنَوِيَّ ) فَإِنَّهُ رَجَّحَهُ فِي مُهِمَّاتِهِ ( قَوْلُهُ وَالْآخَرُ يَتَحَالَفَانِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ هُنَا ) وَصَحَّحَهُ الْإِسْنَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ نَصُّ الْأُمِّ يَشْهَدُ لَهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَنَصُّ الْبُوَيْطِيِّ مُحْتَمَلٌ وَقَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْأَشْبَهُ عَلَى مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّحَالُفُ .
( قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَثْبَتَ عَقْدًا لَا يَقْتَضِي نَفْيَ غَيْرِهِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ صُورَتَهَا أَنْ لَا تَتَّفِقَ الْبَيِّنَتَانِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ قَالَ شَيْخُنَا فَلَا تَعَارُضَ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا عَقْدٌ وَاحِدٌ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ تَسَاقَطَتَا وَرَجَعَ لِلتَّحَالُفِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ

السُّبْكِيّ عَلَى الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ لِوُجُودِ التَّعَارُضِ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ فَهُوَ ضَعِيفٌ ( قَوْلُهُ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ إلَخْ ) وَقَدْ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ بِالتَّحَالُفِ عِنْدَ تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي مِقْدَارِ الثَّمَنِ وَقَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الدَّعَاوَى أَنَّهُ إذَا قَالَ أَكَرِيَتك هَذَا الْبَيْتَ مِنْ الدَّارِ شَهْرًا بِعَشْرَةٍ فَقَالَ الْمُكْتَرِي بَلْ جَمِيعُ الدَّارِ بِالْعَشَرَةِ أَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْكِرَاءَ بِعَشْرَةٍ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ وَأَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَالْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ أَنَّهُمَا تَتَعَارَضَانِ وَالزِّيَادَةُ الْمُرَجِّحَةُ هِيَ الْمُشْعِرَةُ بِمَزِيدِ عِلْمٍ وَوُضُوحِ حَالٍ وَالزِّيَادَةُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا هِيَ فِي الْمَشْهُودِ بِهِ وَتُفَارِقُ بَيِّنَةَ الْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَنَافَيَانِ لِأَنَّ الَّتِي تَشْهَدُ بِالْأَلْفِ لَا تَنْفِي الْأَلْفَ الْأُخْرَى وَهَهُنَا الْعَقْدُ وَاحِدٌ وَكُلُّ كَيْفِيَّةٍ تُنَافِي الْكَيْفِيَّةَ الْأُخْرَى فَنَشَأَ التَّعَارُضُ فَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ هُنَا مِنْ الْحُكْمِ إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَتَانِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُفَرَّعًا عَلَى عَدَمِ التَّحَالُفِ وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَوْلُ بِالتَّعَارُضِ هُنَا مُنَاسِبٌ لِلْقَوْلِ بِالتَّحَالُفِ وَعَدَمُهُ مُنَاسِبٌ لِعَدَمِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ إلَخْ ) أَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ إلَّا بِالْوَطْءِ ) لَوْ كَانَ أَمَةً لِاعْتِرَافِهِ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ ( قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَمْتَنِعَ عَلَيْهِ جَمِيعُ التَّصَرُّفَاتِ إلَخْ ) قَدْ ذَكَرَ الرَّافِعِيُّ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّدَاقِ أَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَى هَذَا الْعَبْدَ بِكَذَا وَهُوَ يُنْكِرُهُ يُحْكَمُ بِدُخُولِ الْمَبِيعِ فِي مِلْكِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازُ تَصَرُّفِهِ بِسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْوَطْءِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِمَّا إذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ لِغَيْرِهِ فَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنَّهُ يُقِرُّ فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَيَكُونُ

عَلَى سَبِيلِ الْمِلْكِ كَمَا يُشْعِرُ تَعْلِيلُ الرَّافِعِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُهَذَّبِ حَيْثُ قَالَ فِي تَوْجِيهِهِ إنَّهُ مَحْكُومٌ لَهُ بِمِلْكِهِ فَإِذَا رَدَّهُ الْمُقَرُّ لَهُ بَقِيَ عَلَى مِلْكِهِ ( قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى فِي يَدِ الْبَائِعِ إلَخْ ) هُوَ الْأَصَحُّ وَعِبَارَةُ الْأَنْوَارِ وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَهَلْ يُسَلِّمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي أَوْ إلَى الْقَاضِي أَوْ يُقِرُّ فِي يَدِهِ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِمَالٍ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشَارَةٌ إلَخْ ) وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَوْ اخْتَلَفَ وَلِيُّ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ مَعَ مُسْتَقِلٍّ وَكَانَ الْمَبِيعُ تَالِفًا وَكَانَتْ الْقِيمَةٌ الَّتِي يَرْجِعُ إلَيْهَا عِنْدَ الْفَسْخِ بِالتَّحَالُفِ أَكْثَرَ مِنْ الشَّيْءِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُسْتَقِلُّ فَإِنَّهُ لَا تَحَالُفَ وَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ الْفَسْخُ رَجَعَ الْحَالُ إلَى غُرْمِ الْقِيمَةِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ قَوْلِهِ كَمَا ذَكَرَ نَظِيرَ ذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ

( فَرْعٌ يَجْرِي التَّحَالُفُ فِي جَمِيعِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ حَتَّى الْقِرَاضِ وَالْجِعَالَةِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ ) طَرْدًا لِلْمَعْنَى وَلَا أَثَرَ لِقُدْرَةِ كُلٍّ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ عَلَى الْفَسْخِ فِي الْأَوَّلَيْنِ بِلَا تَحَالُفٍ لِمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ وَلَا لِعَدَمِ رُجُوعِ كُلٍّ مِنْهُمَا إلَى عَيْنِ حَقِّهِ فِي الثَّالِثِ كَمَا سَيَتَّضِحُ ( ثُمَّ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ) مِنْ سَائِرِ الْعُقُودِ ( يُفْسَخُ الْعَقْدُ بَعْدَ التَّحَالُفِ كَمَا سَيَأْتِي ) لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ ( وَبَعْدَ الْفَسْخِ يَرْجِعُ ) الْعَاقِدُ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ وَمَا عَطَفَ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي إلَى عَيْنِ حَقِّهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيَرْجِعُ ( فِي الصَّدَاقِ وَالْخُلْعِ وَالصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ ) وَالْعِتْقِ بِعِوَضٍ كَكِتَابَةٍ ( إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ ) فِي الْأَوَّلَيْنِ ( وَ ) إلَى ( الدِّيَةِ ) فِي الصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ وَإِلَى الْقِيمَةِ فِي الْعِتْقِ بِعِوَضٍ فَأَثَرُ الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يَظْهَرُ فِيمَا عُقِدَ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ الْبُضْعُ فِي الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ وَلَا فِي الْخُلْعِ لِلزَّوْجِ وَلَا الدَّمُ لِوَلِيِّهِ فِي الصُّلْحِ عَنْهُ وَلَا الْعَتِيقُ لِلسَّيِّدِ فِي الْعِتْقِ بِعِوَضٍ وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي بَدَلِهِ كَمَا عُرِفَ ( وَفَائِدَتُهُ ) أَيْ التَّحَالُفِ أَيْ طَلَبِهِ ( فِي الْقِرَاضِ ) وَنَحْوِهِ مِمَّا يَجُوزُ فَسْخُهُ بِلَا تَحَالُفٍ ( تَقْرِيرُ الْعَقْدِ بِالنُّكُولِ ) مِنْ أَحَدِهِمَا بَعْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ وَحَلِفِ الْآخَرِ
( قَوْلُهُ حَتَّى الْقِرَاضِ وَالْجِعَالَةِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّحَالُفِ مَعَ الْجَوَازِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَا يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقًا إذْ مِنْ شَرْطِ سَمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ تَكُونَ مُلْزِمَةً انْتَهَى قَدْ تَقَدَّمَ فِي جَوَابِ الْإِمَامِ مَا يَرُدُّهُ وَقَدْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَفَائِدَتُهُ فِي الْقِرَاضِ تَقْرِيرُ الْعَقْدِ بِالنُّكُولِ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ وَهَبَتْنِي أَوْ رَهَنَتْنِي فَلَا تَحَالُفَ ) إذْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى عَقْدٍ ( بَلْ يَحْلِفُ كُلٌّ ) مِنْهُمَا ( لِلْآخَرِ ) عَلَى نَفْيِ قَوْلِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ثُمَّ يَرُدُّ مُدَّعِي الْبَيْعِ الْأَلْفَ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِهَا ( وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ بِزَوَائِدِهَا ) فَيَلْزَمُ الْآخَرَ رَدُّ ذَلِكَ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهَا وَاسْتُشْكِلَ رَدُّ الزَّوَائِدِ فِي الْأُولَى مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى حُدُوثِهَا فِي مِلْكِ الرَّادِّ بِدَعْوَاهُ الْهِبَةَ وَإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُ بِالْبَيْعِ فَهُوَ كَمَنْ وَافَقَ عَلَى الْإِقْرَارِ لَهُ بِشَيْءٍ وَخَالَفَ فِي الْجِهَةِ وَأُجِيبَ بِمَنْعِ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ دَعْوَى الْهِبَةِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمِلْكَ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَبْضِ بِالْإِذْنِ وَلَمْ يُوجَدْ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِمَنْعِ ذَلِكَ لِمَا ذُكِرَ بَلْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَدْ أَثْبَتَ بِيَمِينِهِ نَفْيَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتَسَاقَطَتَا وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ تَسَاقُطِهِمَا فَمُدَّعِي الْهِبَةِ لَمْ يُوَافِقْ الْمَالِكَ عَلَى مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ مِنْ الْبَيْعِ فَلَا يَكُونُ كَالْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا فَالْعِبْرَةُ بِالتَّوَافُقِ عَلَى نَفْسِ الْإِقْرَارِ لَا عَلَى لَازِمِهِ .
( وَإِنْ قَالَ رَهَنْتُك ) كَذَا ( بِأَلْفٍ قَرْضًا ) لَك عَلَيَّ ( فَقَالَ بَلْ بِعْتنِي ) إيَّاهُ بِهَا ( صُدِّقَ الْمَالِكُ ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ الْأَلْفَ وَيَسْتَرِدُّ الْعَيْنَ بِزَوَائِدِهَا وَلَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لِأَنَّ الرَّهْنَ جَائِزٌ مِنْ جِهَتِهِ وَالْخِيَرَةُ لَهُ فِي قَبُولِهِ وَالْعِمْرَانِيُّ لِأَنَّ الرَّهْنَ زَالَ بِإِنْكَارِهِ لِأَنَّهُ يَبْطُلُ بِإِنْكَارِ الْمُرْتَهِنِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( وَلَا رَهْنَ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِيه ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَفِي رَدِّ الْأَلْفِ إلَيْهِ وَهُوَ يُنْكِرُ اسْتِحْقَاقَهَا نَظَرٌ قُلْت هُوَ مُدَّعٍ لِاسْتِحْقَاقِ الْعَيْنِ الْمُقَابَلَةِ عِنْدَهُ بِالْأَلْفِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ

إبْقَاؤُهَا رَدَّ عَلَيْهِ مُقَابِلَهَا الَّذِي بَذَلَهُ كَمَا هُوَ شَأْنُ تَرَادِّ الْعِوَضَيْنِ عِنْدَ الْفَسْخِ أَوْ نَحْوِهِ ثُمَّ مَا تَقَرَّرَ مِنْ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الرَّافِعِيُّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ وَاَلَّذِي جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالْمَحَامِلِيُّ وَنَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَحْلِفُ كَمَا فِي الَّتِي قَبْلَهَا لَكِنْ تَعَقَّبَ ذَلِكَ الْعِمْرَانِيُّ فَقَالَ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْآخَرِ وَعَلَّلَهُ بِمَا قَدَّمْته قَالَ وَلَوْ قَالَ رَهَنَتْنِي كَذَا بِأَلْفٍ أَقْبَضْتُكهَا فَقَالَ بَلْ بِأَلْفٍ لَمْ أَقْبِضْهَا صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْقَبْضِ فَإِذَا حَلَفَ بَطَلَ الرَّهْنُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِحَقٍّ فِي الذِّمَّةِ وَمَا قَالَهُ فِي هَذِهِ نَقَلَهُ السُّبْكِيُّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَصَاحِبِ الِاسْتِقْصَاءِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ جُمْلَةً فَإِنْ اعْتَرَفَ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الرَّهْنَ كَانَ قَبْلَ ثُبُوتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ عَلَى الْأَصَحِّ
( قَوْلُهُ فَقَالَ بَلْ وَهَبْتنِي إلَخْ ) لِمُدَّعِي الْهِبَةِ أَخْذُهُ بِطَرِيقِ الظَّفِرَانِ كَانَ صَادِقًا وَمِثْلُهُ مُدَّعِي الْبَيْعِ ( قَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْآخَرَ رَدُّ ذَلِكَ ) فَإِنْ تَلِفَتْ لَزِمَهُ مِثْلُهَا أَوْ قِيمَتُهَا ( قَوْلُهُ وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ تَسَاقُطِهِمَا إلَخْ ) قِيلَ قَوْلُهُ وَلَوْ سُلِّمَ إلَخْ مَمْنُوعٌ ( قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَنْكَرَ الدَّيْنَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَرْعٌ لَوْ ) اخْتَلَفَا مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ عَلَى صِحَّةِ عَقْدٍ بِأَنْ ( ادَّعَى أَحَدُهُمَا الْفَسَادَ ) وَالْآخَرُ الصِّحَّةَ ( صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ) بِيَمِينِهِ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدَمَهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ إذْ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُكَلَّفِ اجْتِنَابُهُ الْفَاسِدَ وَقُدِّمَ عَلَى الْأَصْلِ لِاعْتِضَادِهِ بِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ إلَى انْبِرَامِ الْعُقُودِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فِي الْجُمْلَةِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا بَاعَ ذِرَاعًا مِنْ أَرْضٍ وَهُمَا يَعْلَمَانِ ذُرْعَانَهَا فَادَّعَى أَنَّهُ أَرَادَ ذِرَاعًا مُعَيَّنًا وَادَّعَى الْمُشْتَرِي الْإِشَاعَةَ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِإِرَادَتِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا إذَا اخْتَلَفَا هَلْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ أَوْ اعْتِرَافٍ فَالْمُصَدَّقُ مُدَّعِي وُقُوعِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمَا إذَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ أَذِنْت فِي الْبَيْعِ بِشَرْطِ رَهْنِ الثَّمَنِ وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ مُطْلَقًا فَالْمُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَلَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَقَعْ مِنْ الْعَاقِدَيْنِ وَلَا مِنْ نَائِبِهِمَا وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي لِمَغْصُوبٍ كُنْت أَظُنُّ الْقُدْرَةَ عَلَى تَسَلُّمِهِ وَأَنَا الْآنَ لَا أَقْدِرُ فَهُوَ الْمُصَدَّقُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ لِاعْتِضَادِهِ بِقِيَامِ الْغَصْبِ وَمَا إذَا قَالَ السَّيِّدُ كَاتَبْتُك وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ وَعُرِفَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْمُصَدَّقُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الرُّويَانِيِّ هُنَا لَوْ اخْتَلَفَا فِيمَا يَكُونُ وُجُودُهُ شَرْطًا كَبُلُوغِ الْبَائِعِ كَأَنَّهُ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ لَمْ أَكُنْ بَالِغًا حِينَ الْبَيْعِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي وَاحْتَمَلَ مَا قَالَهُ الْبَائِعُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الطَّلَاقِ وَالْجِنَايَاتِ يُوَافِقُهُ

( قَوْلُهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فَجَانِبُ الصِّحَّةِ اجْتَمَعَ فِيهِ أَمْرَانِ الْأَصْلُ وَالظَّاهِرُ وَجَانِبُ الْفَسَادِ اعْتَضَدَ بِأَصْلٍ مُجَرَّدٍ وَكَتَبَ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ أَقْدَمَ عَلَى عَقْدٍ كَانَ فِي ضِمْنِهِ الِاعْتِرَافُ بِوُجُودِ شَرَائِطِهِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ مِنْهُ خِلَافَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَذْكُرَ تَأْوِيلًا وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا حَكَمَ فِي وَاقِعَةٍ وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ اسْتَوْفَى الْأَوْضَاعَ الشَّرْعِيَّةَ فِي حُكْمِهِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ وَلَا فَرْقَ فِي تَصْدِيقِ مُدَّعِي صِحَّةِ الْعَقْدِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ فِي الْجُمْلَةِ ) خَرَجَ بِقَيْدِ الْجُمْلَةِ مَا لَوْ كَانَ الْمُفْسِدُ عَدَمَ الشَّيْءِ كَالرُّؤْيَةِ مِنْهُ قَوْلُهُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ ) قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْأَصَحُّ بَلْ سَيَأْتِي فِي الرَّهْنِ فِي كَلَامِهِ أَيْ ابْنِ الْمُقْرِي ( قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي إلَخْ ) قَالَ الشَّيْخَانِ لَوْ قَالَ هَذَا الَّذِي بِعْتنِيهِ حُرُّ الْأَصْلِ وَقَالَ الْبَائِعُ بَلْ هُوَ مَمْلُوكٌ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ وَجَعَلَا دَلِيلًا لِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي دَعْوَى الشَّرْطِ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَاهُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَطْعًا لَكِنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ ذَلِكَ بِنَحْوِ وَرِقَّةٍ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهِ عَصِيرٌ فَوَجَدْنَاهُ خَمْرًا بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي كَانَ عِنْدَ الشِّرَاءِ خَمْرًا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَانَ عَلَى الْخِلَافِ فِي دَعْوَى الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ قَالَ السُّبْكِيُّ فَيَحْتَاجُ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ ا هـ .
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ يَدَ الْبَائِعِ ثَابِتَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَدَعْوَى الْمُشْتَرِي الْحُرِّيَّةَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ دَعْوَى الْخَمْرِ فَإِنَّ ثُبُوتَ الْخَمْرِيَّةِ الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِهَا فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي أَخْذًا مِنْ قَاعِدَةِ الِاسْتِصْحَابِ الْمَعْكُوسِ وَأَيْضًا

الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَقْبَلَ قَوْلَ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَى الْخَمْرِيَّةِ لَكِنَّ شَاهِدَ الْخَمْرِيَّةِ اقْتَضَى تَصْدِيقَهُ بِالطَّرِيقِ السَّابِقِ وَلَا شَاهِدَ مَعَهُ فِي دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ فَقَطَعَ فِيهَا بِتَصْدِيقِ الْبَائِعِ الثَّانِي أَنَّ دَعْوَى الْحُرِّيَّةِ إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ وَلَمْ يَثْبُتْ فَبَطَلَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قَطْعًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَصِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا إثْبَاتُ حَقٍّ لِثَالِثٍ بَلْ دَعْوَى إزَالَةٍ مُجَرَّدَةٍ ( قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى الْقَوْلِ بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ دُونَ الصِّحَّةِ ا هـ ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ إلَخْ ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَقَدْ جَرَى صَاحِبُ الْأَنْوَارِ كَالشَّيْخَيْنِ قُبَيْلَ الصَّدَاقِ عَلَى خِلَافِهِ وَأَمَّا كَلَامُ الْأَصْحَابِ فِي الْجِنَايَاتِ وَالطَّلَاقِ فَلَيْسَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَفَسَادِهِ وَفَارَقَ مَا ذَكَرْنَا مَا سَيَأْتِي فِي الضَّمَانِ بِأَنَّ الْمُعَاوَضَاتِ يُحْتَاطُ فِيهَا غَالِبًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تَقَعُ بِشُرُوطِهَا وَلَوْ قَالَتْ الْمَرْأَةُ وَقَعَ الْعَقْدُ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ قَالَ مُجَلِّي فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا لِأَنَّ ذَلِكَ إنْكَارٌ لِأَصْلِ الْعَقْدِ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ وَقَالَ إنَّهُ الْحَقُّ وَإِنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ ا هـ .
وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ بِيَمِينِهِ

وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ فَأَنْكَرَ الْبَائِعُ فَفِي فَتَاوَى الْغَزَالِيِّ صُدِّقَ الْبَائِعُ قَالَ الرَّافِعِيُّ وَلَا يَنْفَكُّ هَذَا عَنْ خِلَافٍ قَالَ النَّوَوِيُّ هَذِهِ مَسْأَلَةُ اخْتِلَافِهِمَا فِي مُفْسِدِ الْعَقْدِ وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمَعْرُوفُ وَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَعَلَيْهِ فَرَّعَهَا الْغَزَالِيُّ وَتَقَدَّمَتْ فِي الْكِتَابِ آخِرَ الْبَيْعِ وَزَعَمَ فِي الْمُهِمَّاتِ أَنَّهُ مَرْدُودٌ نَقْلًا وَبَحْثًا فَعَلَيْهِ تُسْتَثْنَى هَذِهِ وَفِي عَكْسِهَا بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي رَأَيْته وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ كَمَا فِي فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرُّؤْيَةِ وَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ الْمُصَدَّقَ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( فَلَوْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِزِقِّ خَمْرٍ ) أَوْ بِحُرٍّ أَوْ أَلْفٍ وَزِقِّ خَمْرٍ أَوْ قَالَ شَرْطنَا شَرْطًا فَاسِدًا فَأَنْكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْأَصْلُ ( صُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ ) لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ قَالَ بِعْتُك بِأَلْفٍ فَقَالَ بَلْ بِخَمْسِمِائَةٍ وَزِقِّ خَمْرٍ حَلَفَ ) الْبَائِعُ ( عَلَى نَفْيِ الْمُفْسِدِ ) بِأَنْ يَقُولَ لَمْ يُسَمَّ فِي الْعَقْدِ خَمْرٌ ( ثُمَّ تَحَالَفَا ) لِبَقَاءِ النِّزَاعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ

( قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مَا لَمْ أَرَهُ إلَخْ ) اخْتِلَافُهُمَا فِي شَرْطِ الْقَطْعِ عِنْدَ بَيْعِ الثَّمَرَةِ أَوْ الزَّرْعِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرُّؤْيَةِ وَشَرْطُ الرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ اخْتِصَاصُهُ بِالْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَجُوزُ شَرْطُ شَيْءٍ مِنْهُ لِثَالِثٍ فَلَوْ شَرْطَاهُ لَهُ وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ فَفِي الْحَاوِي أَنَّ الْقِرَاضَ صَحِيحٌ وَأَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَادَّعَى أَحَدُهُمَا اسْتِعَارَةَ الِاسْمِ لِيَصِحَّ الْقِرَاضُ وَادَّعَى الْآخَرُ التَّمْلِيكَ لِيَبْطُلَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى التَّمْلِيكَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مَعَهُ وَيَكُونُ الْقِرَاضُ بَاطِلًا قَالَ فِي الْخَادِمِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَاوَرْدِيَّ بَنَاهُ عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ تَصْدِيقِ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَلَوْ قُلْنَا بِتَصْدِيقِ مُدَّعِي الصِّحَّةِ لِأَنَّ ذَاكَ حَيْثُ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى مَا ظَاهِرُهُ الْفَسَادُ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ يُعَضِّدُهَا ظَاهِرُ اللَّفْظِ ( تَنْبِيهٌ ) سَأَلَ الْأَذْرَعِيُّ شَيْخَهُ السُّبْكِيَّ عَنْ رَجُلٍ بَعَثَ إلَى آخَرَ جَارِيَةً فَمَاتَتْ عِنْدَهُ فَقَالَ بَاعِثُهَا إنَّمَا بَعَثْتهَا إلَيْك لِتَشْتَرِيهَا وَقَالَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ هَدِيَّةً فَمَنْ الْمُصَدَّقُ مِنْهُمَا فَأَجَابَهُ الَّذِي يَسْبِقُ إلَى الذِّهْنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَاعِثِ لِأَنَّهُ الدَّافِعُ وَهُوَ أَعْرَفُ بِنِيَّتِهِ لَكِنْ دَعْوَاهُ السَّوْمَ تَقْتَضِي تَضْمِينَ الْقَابِضِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَجُعِلَ الْقَابِضُ مُسْتَامًا مِنْ غَيْرِ قَصْدِ السَّوْمِ وَلَا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعِيدٌ وَقَبُولُ قَوْلِ الْقَابِضِ فِي الْهَدِيَّةِ لَا يُمْكِنُ أَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ بَاقِيَةً أَمَرْنَاهُ بِرَدِّهَا وَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ حَلَفَ الْقَابِضُ عَلَى نَفْيِ السَّوْمِ وَبَرِئَ مِنْ قِيمَتِهَا قَالَ النَّاشِرِيُّ وَيُفْهَمُ مِنْ جَوَابِهِ وَتَعْلِيلِهِ أَنَّ الْجَارِيَةَ لَوْ تَلِفَتْ حَيْثُ ادَّعَى الْمَالِكُ الْبَيْعَ وَالْقَابِضُ الْهِبَةَ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْقَابِضِ

فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَلَوْ أَخَذَ الْحِنْطَةَ فِي وَقْتِ الْغَلَاءِ وَأَكَلَ وَاخْتَلَفَا بَعْدَ الرُّخْصِ فَقَالَ الدَّافِعُ بِعْتُك بِكَذَا وَقَالَ الْآخِذُ بَلْ كَانَ قَرْضًا صُدِّقَ الْآخِذُ بِيَمِينِهِ قَالَ شَيْخُنَا الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الْهِبَةِ أَنَّ مُدَّعِيَهَا عِنْدَ تَلَفِهَا يَضْمَنُهَا الْمِثْلَ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةَ فِي الْمُتَقَوِّمِ فَيَجْرِي فِي مَسْأَلَتِنَا وَيَجْرِي فِيهَا أَيْضًا خِلَافٌ فِيمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهِ أَلْفًا وَتَلِفَتْ وَادَّعَى الدَّافِعُ الْقَرْضَ وَالْآخِذُ الْوَدِيعَةَ صُدِّقَ مُدَّعِي السَّوْمِ وَكُلُّ ذَلِكَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ فِي مَسْأَلَتِنَا

( فَصْلٌ ) لَوْ ( رَدَّ ) الْمُشْتَرِي ( الْمَبِيعَ ) الْمُعَيَّنَ ( أَوْ ) الْبَائِعُ ( الثَّمَنَ الْمُعَيَّنَ بِعَيْبٍ فَأَنْكَرَ ) الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ ( كَوْنَهُ مَالِهِ صُدِّقَ الْمُنْكِرُ بِيَمِينِهِ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ ( فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَوْ الْمَبِيعُ ) فِيمَا ذَكَرَ ( فِي الذِّمَّةِ صُدِّقَ الْمُدَّعِي ) لِلْعَيْبِ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَيُفَارِقُ مَا قَبْلَهُ بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا لَمْ يَعْتَرِفْ بِقَبْضِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَالْأَصْلُ بَقَاءُ شَغْلِ ذِمَّةِ الْمُنْكِرِ وَهُنَاكَ اعْتَرَفَ بِقَبْضِهِ وَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي سَبَبِ الْفَسْخِ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَالْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ يَتَنَاوَلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ وَغَيْرَهُ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ اقْتِصَارِ الْأَصْلِ عَلَى الْمُسَلَّمِ فِيهِ

( فَرْعٌ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَصْلٌ لَوْ ( قَبَضَ الْمَبِيعَ ) مَثَلًا ( مَكِيلًا ) أَوْ مَوْزُونًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بِأَنْ اشْتَرَى طَعَامًا كَيْلًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ وَزْنًا وَقَبَضَهُ بِهِ أَوْ أَسْلَمَ فِيهِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ جَاءَ ( وَادَّعَى نَقْصًا ) فَإِنْ كَانَ قَدْرًا ( يَقَعُ مِثْلُهُ فِي الْكَيْلِ ) أَوْ الْوَزْنِ ( صُدِّقَ بِيَمِينِهِ ) لِاحْتِمَالِهِ مَعَ عَدَمِ مُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ ( وَإِلَّا فَلَا ) يُصَدَّقُ لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِأَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْقَبْضِ وَالْقَابِضُ يَدَّعِي الْخَطَأَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ كَمَا لَوْ اقْتَسَمَا ثُمَّ جَاءَ أَحَدُهُمَا وَادَّعَى الْخَطَأَ فِيهِ تَلْزَمُهُ الْبَيِّنَةُ ( وَإِذَا بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا فَوَجَدَهُ خَمْرًا أَوْ وَجَدَ فِيهِ فَأْرَةً ) مَيِّتَةً ( وَقَالَ هَكَذَا قَبَضْته فَأَنْكَرَ ) الْبَائِعُ ( صُدِّقَ الْبَائِعُ ) بِيَمِينِهِ ( إنْ أَمْكَنَ ) صِدْقُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمُفْسِدِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقَبْضِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَلَوْ ( اخْتَلَفَا فِي اشْتِرَاطِ كَوْنِهِ ) أَيْ الْمَبِيعِ ( كَاتِبًا ) مَثَلًا ( تَحَالَفَا ) كَمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ ( أَوْ ) اخْتَلَفَا ( فِي انْقِضَاءِ الْأَجَلِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ ) فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيهِ بِيَمِينِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمَا إنْ اتَّفَقَا عَلَى قَدْرِ الْأَجَلِ فَهَذَا اخْتِلَافٌ فِي ابْتِدَائِهِ وَسَيَأْتِي مُفَصَّلًا آخِرَ الْبَابِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ تَحَالَفَا كَمَا مَرَّ أَوَّلَهُ وَإِنْ سَكَتَا عَنْ قَدْرِهِ فَرُبَّمَا يَبْقَى النِّزَاعُ إلَى مَا لَا نِهَايَةَ لَهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ كُلَّمَا ادَّعَى الِانْقِضَاءَ مُدَّعِيهِ أَنْكَرَ الْآخَرُ وَقَدْ قَرَّرَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى مَا يُوَافِقُ الْأَوَّلَ لَكِنْ لَا تَكْرَارَ فِي كَلَامِهِمْ وَلَك أَنْ تَخْتَارَ الْأَخِيرَ وَتَقُولَ يَزُولُ الْمَحْذُورُ فِيهِ بِأَنْ يَذْكُرَ مُدَّعِي الِانْقِضَاءِ قَدْرَ الْأَجَلِ لِيُوَافِقَهُ الْآخَرُ أَوْ يُخَالِفَهُ وَيُرَتَّبُ عَلَيْهِ انْقِطَاعُ النِّزَاعِ نَعَمْ إنْ قَالَ

نَسِيت قَدْرَهُ اسْتَمَرَّ النِّزَاعُ إلَى أَنْ يَذْكُرَ مَا قُلْنَا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ لِلْحَاكِمِ أَنَّهُ مُتَعَنِّتٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّرَهُ بِمَا يُؤَجِّلُ بِهِ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ غَالِبًا وَيُحْتَمَلُ خِلَافُهُ .
قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عَصِيرًا إلَخْ ) فَلَوْ بَاعَ عَصِيرًا أَوْ خَلًّا وَأَقْبَضَهُ وَبَانَ نَجِسًا أَوْ خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ تَنَجَّسَ أَوْ تَخَمَّرَ فِي يَدِك وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ فِي يَدِك صُدِّقَ الْبَائِعُ بِيَمِينِهِ

( فَصْلٌ فِي ) كَيْفِيَّةِ ( التَّحَالُفِ إذَا تَبَادَلَا ) قَالَ فِي الْأَصْلِ قَالَ الْإِمَامُ عَرَضًا بِعَرَضٍ فَأَبْدَلَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ ( عَيْنًا بِعَيْنٍ ) يَعْنِي مُعَيَّنًا بِمُعَيَّنٍ ( تَسَاوَيَا فِي الْبُدَاءَةِ ) بِالْيَمِينِ أَيْ فَيُتَخَيَّرُ الْحَاكِمُ بِأَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْبُدَاءَةِ بِأَيِّهِمَا قَالَ فِي الْأَصْلِ وَيَنْبَغِي تَخْرِيجُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَنَ مَاذَا وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ قُوَّةُ جَانِبٍ عَلَى جَانِبٍ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ الْأَقْوَالِ فِيمَنْ يَبْدَأُ بِهِ وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْمُدْرِكَ فِي التَّسَاوِي تَعْيِينُ الثَّمَنِ كَالْمَبِيعِ وَلِهَذَا إذَا تَنَازَعَا فِي الْبُدَاءَةِ بِالتَّسْلِيمِ حِينَئِذٍ أُجْبِرَا فِي الْأَظْهَرِ وَقَدْ يُمْنَعُ فَقْدُهُ لِأَنَّ جَانِبَ الْبَائِعِ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَإِنْ تَسَاوَى الْعِوَضَانِ فِيمَا ذُكِرَ وَبِمَا بَحَثَهُ الْأَصْلُ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّي وَغَيْرُهُ لَكِنْ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْجَهُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ بَاعَ مُعَيَّنًا بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ صَدَقَتْ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بِعَكْسِهِ وَبِبَيْعِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمَا فِي الذِّمَّةِ ( بُدِئَ ) فِي الْحَلِفِ ( بِالْبَائِعِ ) لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى لِأَنَّ الْمَبِيعَ يَعُودُ إلَيْهِ بَعْدَ الْفَسْخِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى التَّحَالُفِ وَلِأَنَّ مِلْكَهُ عَلَى الثَّمَنِ قَدْ تَمَّ بِالْعَقْدِ وَمِلْكُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْقَبْضِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ .
وَتَقْيِيدُ الْأَصْلِ بِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي فِي صُورَةِ الْعَكْسِ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ فِي الَّتِي بَعْدَهَا نَظِيرَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَلَا يَبْدَأُ بِالْبَائِعِ إلَّا فِيمَا مَرَّ ( اسْتِحْبَابًا ) لَا وُجُوبًا لِحُصُولِ الْغَرَضِ مَعَ تَقْدِيمِ الْمُشْتَرِي أَيْضًا ( فَيَحْلِفُ ) الْبَائِعُ ( يَمِينًا وَاحِدَةً تَجْمَعُ نَفْيًا ) لِقَوْلِ غَيْرِهِ ( وَإِثْبَاتًا ) لِقَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ ( مَا بِعْت بِكَذَا وَإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا ثُمَّ

يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي ) بِأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ ( مَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْت بِكَذَا ) عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِإِنَّمَا الْمُفِيدَةِ لِلْحَصْرِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ بَعْدَ النَّفْيِ فَتَعْبِيرُ الْمِنْهَاجِ كَالشَّاشِيِّ وَغَيَّرَهُ بِقَوْلِهِ وَلَقَدْ أَوْلَى وَتَقْدِيمُ النَّفْيِ عَلَى الْإِثْبَاتِ مُسْتَحَبٌّ لَا وَاجِبٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ إثْبَاتِ قَوْلِهِ نَفْيُ قَوْلِ صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا فَائِدَةَ لِلتَّعَرُّضِ لَهُ بَعْدَ الْإِثْبَاتِ غَيْرُ التَّصْرِيحِ بِهِ وَقَدْ يُقَالُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ اُكْتُفِيَ بِهِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَكْتَفُونَ فِي ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يُكْتَفَى أَيْضًا بِقَوْلِهِ مَا بِعْت إلَّا بِكَذَا وَمَا اشْتَرَيْت إلَّا بِكَذَا لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ بِالِاكْتِفَاءِ بِهِ لِأَنَّهُ أَسْرَعُ إلَى فَصْلِ الْقَضَاءِ وَيَلْزَمُهُ الِاكْتِفَاءُ أَيْضًا بِإِنَّمَا بِعْت بِكَذَا وَإِنَّمَا اشْتَرَيْت بِكَذَا وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الرِّفْعَةِ مَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ بَعْدَ مُوَافَقَتِهِ الْجُمْهُورَ وَذَكَرَ نَحْوَهُ السُّبْكِيُّ وَزَادَ فَقَالَ وَوَقَعَ فِي عِبَارَةِ الشَّافِعِيِّ الْإِتْيَانُ بِصِيغَةِ الْحَصْرِ فِي الْبَائِعِ وَالتَّصْرِيحُ بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فِي الْمُشْتَرِي وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ الْمُعَبِّرِ وَبَيَانِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا جَائِزٌ ا هـ فَيَنْبَغِي الْأَخْذُ بِهِ .
وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِيَمِينَيْنِ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ وَكَلَامُ الْأَصْلِ وَكَثِيرٌ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ كَمَا أَشَرْت إلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ ( وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ ) فَيَبْدَأُ بِهِ لِقُوَّةِ جَانِبِهِ بِبَقَاءِ التَّمَتُّعِ لَهُ كَمَا قَوِيَ جَانِبُ الْبَائِعِ بِعَوْدِ الْمَبِيعِ إلَيْهِ وَلِأَنَّ أَثَرَ التَّحَالُفِ يَظْهَرُ فِي الصَّدَاقِ لَا فِي الْبُضْعِ وَهُوَ بَاذِلُهُ فَكَانَ كَبَائِعِهِ

( قَوْلُهُ وَنَاقَشَهُ فِي الْمَطْلَبِ بِأَنَّ مَأْخَذَ الْبُدَاءَةِ إلَخْ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ جَانِبَهُ أَقْوَى إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ يَأْتِي بِصَدْرِ الْعَقْدِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلَيْنِ إلَخْ ) هُوَ كَذَلِكَ فِي ثَانِيهِمَا دُونَ أَوَّلِهِمَا ( قَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَأَنَّهُمَا يَتَسَاوَيَانِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِمَا ( قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إلَخْ ) يَحْلِفُ الْوَارِثُ فِي الْإِثْبَاتِ عَلَى الْبَتِّ وَفِي النَّفْيِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفِي مَعْنَى الْوَارِثِ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَكِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي الطَّرَفَيْنِ ( قَوْلُهُ تَجْمَعُ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا ) لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِي النَّفْيِ وَمُدَّعٍ فِي الْإِثْبَاتِ ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ يَمِينُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ) وَإِنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي عَلَى إثْبَاتِ قَوْلِهِ عِنْدَ قَرِينَةِ اللَّوْثِ أَوْ نُكُولِ الْخَصْمِ أَوْ إقَامَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَوْلُهُ لَكِنْ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ إلَخْ ) نَسَبَهُ الْمَاوَرْدِيُّ لِبَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ وَاقْتَضَى كَلَامُهُ تَزْيِيفَهُ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الْمَاوَرْدِيِّ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إشْعَارِ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ بِهِ نَظَرٌ وَبُعْدٌ ( قَوْلُهُ يُشْعِرُ بِالْجَوَازِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَالزَّوْجُ فِي الصَّدَاقِ كَالْبَائِعِ ) لَوْ قَالَ وَالزَّوْجُ فِي الْعِوَضِ لَكَانَ أَشْمَلَ لِئَلَّا يَخْرُجَ عَنْهُ الِاخْتِلَافُ فِي عِوَضِ الْخُلْعِ ك وَالْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَالْمُسَاقَى وَالْمُقَارَضُ وَالْآجِرُ وَالْمُكَاتَبُ فِي رُتْبَةِ الْبَائِعِ وَأَضْدَادُهُمْ فِي رُتْبَةِ الْمُشْتَرِي وَقِسْ عَلَيْهِ م

( فَرْعٌ لَوْ قَدَّمَ الْإِثْبَاتَ ) عَلَى النَّفْيِ ( جَازَ ) لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ وَلِحُصُولِ الْغَرَضِ بِكُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ ( فَلَوْ نَكَلَ ) أَحَدُهُمَا ( عَنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ ) عَنْ ( أَحَدِهِمَا قُضِيَ لِلْحَالِفِ ) لِتَمَامِ حُجَّتِهِ ( وَلَوْ نَكَلَا جَمِيعًا وَلَوْ عَنْ النَّفْيِ فَقَطْ وُقِفَ أَمْرُهُمَا ) وَكَأَنَّهُمَا تَرَكَا الْخُصُومَةَ وَهَذَا مَا اخْتَارَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ ثَانِيهِمَا أَنَّهُ كَتَحَالُفِهِمَا وَنَقَلَهُ عَنْ بَسِيطِ الْغَزَالِيِّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَرَأَيْت فِي الْأُمِّ فِي أَبْوَابِ الْكِتَابَةِ مَا يَشْهَدُ لَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْغَايَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَبِهِ جَزَمَ الشَّيْخَانِ فِي اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي الصَّدَاقِ لَكِنَّ الْأَقْرَبَ أَنَّهُ كَتَحَالُفِهِمَا لِنَصِّ الْأُمِّ الْمُشَارِ إلَيْهِ قَالَ وَعَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَرْجِعَ عَنْ نُكُولِهِ لَمْ يُمَكَّنْ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ جَوَازِهِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا لَا تُعْرَضُ الْيَمِينُ عَلَى الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُعْرَضَ الْمَبِيعُ عَلَيْهِ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ صَاحِبُهُ فَإِنْ رَضِيَ بِهِ لَمْ يَحْلِفْهُ وَإِلَّا حَلَفَهُ قَالَ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْعَرْضُ الْمَذْكُورُ مُسْتَحَبًّا
( قَوْلُهُ وَهُوَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ ) وَالشَّيْخَانِ فِي كِتَابِ الصَّدَاقِ ( قَوْلُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ

( فَصْلٌ لَا يَنْفَسِخُ ) الْعَقْدُ ( بِالتَّحَالُفِ ) مِنْ الْمُتَدَاعِيَيْنِ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ ( بَلْ يَعِظُهُمَا ) الْحَاكِمُ أَيْ يَدْعُوهُمَا إلَى الْمُوَافَقَةِ ( وَإِنَّ ) الْأَوْلَى قَوْلُ الْأَصْلِ فَإِنْ ( سَمَحَ أَحَدُهُمَا ) لِلْآخَرِ بِمَا ادَّعَاهُ ( أَجْبَرَ الْآخَرَ ) عَلَيْهِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَسْمَحْ أَحَدُهُمَا ( فَسَخَ الْقَاضِي ) إنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْأَلَاهُ الْفَسْخَ قَطْعًا لِلنِّزَاعِ بَلْ وَإِنْ أَعْرَضَا عَنْ الْخُصُومَةِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ عَنْ الْقَاضِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ ( أَوْ هُمَا أَوْ أَحَدُهُمَا ) لِأَنَّهُ فَسْخٌ لِاسْتِدْرَاكِ الظَّلَّامَةِ فَأَشْبَهَ الْفَسْخَ بِالْعَيْبِ ( فَإِنْ فَسَخَا انْفَسَخَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْإِقَالَةِ وَكَذَا إنْ فَسَخَ الْقَاضِي أَوْ الصَّادِقُ مِنْهُمَا ) لِتَعَذُّرِ وُصُولِهِمَا إلَى حَقِّهِمَا كَمَا فِي الْفَسْخِ بِالْإِفْلَاسِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا التَّصَرُّفُ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ وَتَرْجِيحُ الِانْفِسَاخِ بَاطِنًا مِنْ زِيَادَتِهِ وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ ( وَإِنْ فَسَخَ الْكَاذِبُ لَمْ يَنْفَسِخْ بَاطِنًا ) لِتَرَتُّبِهِ عَلَى أَصْلٍ كَاذِبٍ ( وَطَرِيقُ الصَّادِقِ إنْشَاءُ الْفَسْخِ إنْ أَرَادَ الْمِلْكَ فِيمَا عَادَ إلَيْهِ ) وَإِنْ لَمْ يُرِدْهُ فَإِنْ أَنْشَأَ الْفَسْخَ أَيْضًا فَذَاكَ وَإِلَّا فَقَدْ ظَفِرَ بِمَالِ مَنْ ظَلَمَهُ فَيَتَمَلَّكُهُ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ وَإِلَّا فَيَبِيعُهُ لِيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ تَقَارَّا عَلَى الْعَقْدِ بِلَا تَجْدِيدِ عَقْدٍ جَازَ قَالَهُ الْمَحَامِلِيُّ وَالرُّويَانِيُّ ثُمَّ الْفَسْخُ فِيمَا ذُكِرَ لَيْسَ فَوْرِيًّا عَلَى الْأَشْبَهِ فِي الْمَطْلَبِ لِبَقَاءِ الضَّرَرِ الْمُحَوِّجِ لَهُ وَوَقَعَ فِي نُسَخِهِ بَدَلَ مَا شَرَحْنَا عَلَيْهِ مَا يُخَالِفُ بَعْضَهُ فَاجْتَنِبْهُ

( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا تَزِيدُ عَلَى الْبَيِّنَةِ ) وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَصَدَ بِيَمِينِهِ إثْبَاتَ الْمِلْكِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ تَكُونَ مُوجِبَةً لِلْفَسْخِ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ صَحِيحًا بِاتِّفَاقِهِمَا فَلَا يَنْفَسِخُ إلَّا بِالْفَسْخِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ ( قَوْلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ نِزَاعُهُمَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهَا ( قَوْلُهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ فِي شَرْحِ إرْشَادِهِ ) عِبَارَةُ إرْشَادِهِ فَإِنْ أَخَّرَا فَلِكُلٍّ وَالْحَاكِمِ فَسْخُ عَقْدٍ وَعِبَارَةُ تَمْشِيَتِهِ وَإِذَا تَحَالَفَا دَعَاهُمَا الْحَاكِمُ إلَى الِاتِّفَاقِ فَإِنْ اتَّفَقَا فَذَاكَ وَإِلَّا فَلِكُلٍّ مِنْهَا الْفَسْخُ وَلِلْحَاكِمِ إذَا سَأَلَاهُ أَيْضًا الْفَسْخُ وَكَذَا إذَا أَعْرَضَا عَلَى الْأَصَحِّ ا هـ أَيْ عَنْ سُؤَالِهِمَا ( قَوْلُهُ لَكِنْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ ) الَّذِي يَظْهَرُ لِي الْقَطْعُ بِهِ أَنَّهُ لَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمَا ع

( فَرْعٌ إذَا وَقَعَ الْفَسْخُ لَا يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُنْفَصِلَةَ قَبْلَ الْفَسْخِ ) وَلَوْ قَبِلَ الْقَبْضَ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ حِينِهِ لَا مِنْ أَصْلِهِ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلَةِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَصْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ التَّحَالُفَ يَجْرِي عِنْدَ بَقَاءِ الْعِوَضِ وَتَلَفِهِ وَاعْتُرِضَ بِالرَّدِّ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي بَعْدَ التَّلَفِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّدَّ يَعْتَمِدُ الْمَرْدُودَ وَالْفَسْخَ يَعْتَمِدُ الْعَقْدَ وَبِأَنَّ الرَّدَّ يَخْلُفُهُ الْأَرْشُ فَلَا ضَرُورَةَ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْفَسْخِ ( فَلَوْ كَانَ ) بَاقِيًا بِحَالِهِ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَوْ ( تَالِفًا أَوْ زَائِلًا عَنْ مِلْكِهِ أَوْ ) تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ كَأَنْ كَانَ ( مُكَاتَبًا ) كِتَابَةً صَحِيحَةً ( غَرِمَ قِيمَتَهُ ) إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا وَإِنْ زَادَتْ عَلَى ثَمَنِهِ وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْعِبْرَةُ بِقِيمَتِهِ ( يَوْمَ التَّلَفِ ) أَيْ تَلَفِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إذْ مَوْرِدُ الْفَسْخِ الْعَيْنُ لَوْ بَقِيَتْ وَالْقِيمَةُ خَلَفٌ عَنْهَا فَلْتُعْتَبَرْ عِنْدَ فَوَاتِ أَصْلِهَا فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدَيْنِ وَقَدْ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ عَتَقَ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ وَفَارَقَ اعْتِبَارَهَا بِمَا ذَكَرَ اعْتِبَارَهَا لِمَعْرِفَةِ الْأَرْشِ بِأَقَلِّ قِيمَتَيْ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ كَمَا مَرَّ بِأَنَّ النَّظَرَ إلَيْهَا ثَمَّ لَا لِتَغْرَمَ بَلْ لِيُعْرَفَ مِنْهَا الْأَرْشُ وَهُنَا الْمَغْرُومُ الْقِيمَةُ فَكَانَ اعْتِبَارُ حَالَةِ الْإِتْلَافِ أَلْيَقَ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ .
( وَالْمَعِيبُ بِنَحْوِ أَبَاقٍ وَافْتِضَاضٍ ) لِبِكْرٍ مِمَّا يُثْبِتُ الْخِيَارَ ( يَرُدُّهُ بِالْأَرْشِ ) أَيْ مَعَهُ وَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْكُلَّ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِجَمِيعِهَا فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدٍ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ رَدَّهُ مَعَ التَّفَاوُتِ بَيْنَ قِيمَتِهِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا ( وَوَطْؤُهُ الثَّيِّبَ لَيْسَ بِعَيْبٍ ) فَلَا أَرْشَ لَهُ وَكَذَا أَرْشُ

وَطْءِ غَيْرِهِ لَهَا إذَا لَمْ يَتَضَمَّنْ عَيْبًا كَأَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ مِنْهَا ( وَكُلُّ أَرْشٍ وَجَبَ فِي مَضْمُونٍ بِالْقِيمَةِ فَهُوَ مَا نَقَصَ مِنْهَا أَوْ ) مَضْمُونٍ ( بِالثَّمَنِ فِيمَا ) أَيْ فَهُوَ مُعْتَبَرٌ بِمَا ( نَقَصَ مِنْهُ ) يُرَدُّ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ الْأَوَّلِ مَا لَوْ قَطَعَ مِنْ الرَّقِيقِ مَا لَهُ أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمُقَدَّرِهِ لَا بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَاصِبًا فَيَضْمَنُهُ بِالْأَكْثَرِ كَمَا سَيَأْتِي وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ مَا ضَمِنَ كُلَّهُ بِالْقِيمَةِ فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا لَسَلِمَ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمُعَجَّلُ فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ فِيهِ كَمَا مَرَّ وَذَكَرَهُ الْأَصْلُ هُنَا وَمَا لَوْ تَعَيَّبَ الصَّدَاقُ فِي يَدِ الزَّوْجَةِ وَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ إنْ اخْتَارَ الرُّجُوعَ إلَى الشَّطْرِ وَمَا لَوْ رَأَى عَيْبًا بِالْمَبِيعِ فَرَدَّهُ وَقَدْ تَعَيَّبَ الثَّمَنُ بِنَقْصٍ وُصِفَ كَشَلَلٍ فَإِنَّهُ لَا أَرْشَ لَهُ كَمَا مَرَّ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْأَرْشِ مَعَ أَنَّ الثَّلَاثَةَ تُضْمَنُ بِتَلَفِهَا وَمِنْ عَكْسِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى الْمَغْصُوبَ مِنْ غَاصِبِهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهِ وَغَرِمَ الْأَرْشَ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ .
وَلَوْ تَلِفَ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ وَمَا لَوْ جَنَى السَّيِّدُ عَلَى مُكَاتَبِهِ كَأَنْ قَطَعَ يَدَهُ فَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَلَوْ قَتَلَهُ لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا وَأَمَّا مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ الثَّانِي فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ لِأَنَّ الْأَرْشَ لَا يُعْتَبَرُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا أَرْشَ إذَا لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنُ عَنْ قِيمَةِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لَوْ كَانَ سَلِيمًا كَمَا مَرَّ مَعَ أَنَّ الْمُنَاسِبَ لِكَلَامِهِ فِي الضَّابِطِ الْأَوَّلِ حَذْفُ الْبَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الثَّانِي فَبِمَا ( وَإِنْ رَهَنَهُ فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْقِيمَةَ أَوْ انْتَظَرَ الْفِكَاكَ ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا

يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي الصَّدَاقِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْوَطْءِ وَكَانَ الصَّدَاقُ مَرْهُونًا وَقَالَ انْتَظِرْ الْفِكَاكَ لِلرُّجُوعِ فَلَهَا إجْبَارٌ عَلَى قَبُولِ نِصْفِ الْقِيمَةِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ خَطَرِ الضَّمَانِ فَالْقِيَاسُ هُنَا إجْبَارُهُ عَلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ وَهُوَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُتَوَلِّي انْتَهَى وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَدْ حَصَلَ لَهَا كَسْرٌ بِالطَّلَاقِ فَنَاسَبَ جَبْرَهَا بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي ( وَإِذَا أَجَّرَهُ رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا ) لَا فِي قِيمَتِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ بَيْعِ الْمُؤَجَّرِ ( وَلِلْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى ) فِي الْإِجَارَةِ ( وَعَلَيْهِ لِلْبَائِعِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ ) لِلْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ إلَى انْقِضَائِهَا ( وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ الْبَائِعَ ) فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الدَّارِ لِمُسْتَأْجِرِهَا لَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ وَلَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي أُجْرَةُ مِثْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الْمُسَمَّى ( وَالتَّلَفُ قَدْ يَكُونُ حَقِيقِيًّا وَقَدْ يَكُونُ حُكْمِيًّا بِأَنْ ) أَزَالَ مِلْكَهُ كَأَنْ ( وَقَفَ الْمَبِيعَ أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ فَتَجِبُ الْقِيمَةُ ) وَهَذَا مَعَ قَوْلِهِ فَلَوْ كَانَ تَالِفًا إلَى قَوْلِهِ غَرِمَ قِيمَتَهُ مُكَرَّرٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يَفِي بِالْغَرَضِ كَمَا يُعْرَفُ مِمَّا قَدَّمْته ثُمَّ ( وَ ) هَذِهِ ( التَّصَرُّفَاتُ صَحِيحَةٌ ) لِصُدُورِهَا فِي مَحَلِّهَا .
( وَالتَّعَيُّبُ ) أَيْضًا ( قَدْ يَكُونُ ) حَقِيقِيًّا وَقَدْ يَكُونُ ( حُكْمِيًّا بِأَنَّ ) الْأَوْلَى كَأَنْ ( زَوَّجَ الرَّقِيقَ ) عَبْدًا كَانَ أَوْ أَمَةً ( فَعَلَيْهِ مَا بَيْنَ قِيمَتِهِ مُزَوَّجًا وَخَلِيًّا وَيَعُودُ إلَى الْبَائِعِ ) وَالنِّكَاحُ صَحِيحٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَفِيهِ أَنَّهُمَا مَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ أَوْ الْأَرْشِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَيْ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ( وَإِذَا فَسَخَ ) الْعَقْدَ عَلَى الرَّقِيقِ ( وَهُوَ آبِقٌ غَرِمَ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِلْحَيْلُولَةِ ) لِتَعَذُّرِ حُصُولِهِ ( فَلَوْ رَجَعَ الْآبِقُ رَدَّهُ وَاسْتَرَدَّ الْقِيمَةَ لَا الْمَرْهُونَ

وَالْمُكَاتَبَ ) كِتَابَةً صَحِيحَةً إذَا لَمْ يَصْبِرْ الْبَائِعُ إلَى زَوَالِ الرَّهْنِ وَالْكِتَابَةِ فَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُمَا لِلْحَيْلُولَةِ بَلْ لِلْفَيْصُولَةِ ( فَوُرُودُ الْفَسْخِ فِيهِمَا عَلَى الْقِيمَةِ ) لَا عَلَى الْمَبِيعِ لِأَنَّهُمَا يَمْنَعَانِ تَمَلُّكَهُ لِكَوْنِهِ إبْطَالًا لَهُمَا وَهُمَا لَازِمَانِ مِنْ جِهَةِ الرَّاهِنِ وَالسَّيِّدِ فَكَانَا كَالْبَيْعِ وَتَوَقُّعُ زَوَالِهِمَا كَتَوَقُّعِ عَوْدِ الْمَبِيعِ بِخِلَافِ الْإِبَاقِ وَلِذَلِكَ مَنَعَا رُجُوعَ الْبَائِعِ بِالْإِفْلَاسِ وَلَمْ يَمْنَعْهُ الْإِبَاقُ ( وَيَتَحَالَفُ الْوَكِيلَانِ ) فِي الْعَقْدِ ( وَفَائِدَتُهُ الْفَسْخُ ) لَا الْإِقْرَارُ ( إذْ لَا فَائِدَةَ فِي إقْرَارِهِمَا ) لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ فِي حَقِّ الْمُوَكِّلَيْنِ .

( قَوْلُهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ ) فَمُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ ( قَوْلُهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُتَقَوِّمًا إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْكِفَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ أَيْضًا صَاحِبُ الْمَعِينِ وَقَالَ إنَّهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ وَصَحَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ لِلشَّافِعِيِّ قَوْلُهُ رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَوْجُودَ وَقِيمَةَ التَّالِفِ ) قَالَ شَيْخُنَا جَعَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ مُفَرَّعًا عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي رَدِّ الْمَعِيبِ وَإِمْسَاكِ السَّلِيمِ قَهْرًا أَمَّا إذَا قُلْنَا بِالْمَنْعِ فَيَرُدُّ قِيمَةَ الْمَعِيبِ التَّالِفِ وَقِيمَةَ السَّلِيمِ سَلِيمًا وَلِذَا زَادَ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ يَرُدُّ قِيمَةَ الْمَعِيبِ وَالسَّلِيمِ بِالرِّضَا ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ ) يُنْتَقَضُ بِأَنَّهُ جَعَلَ النَّظَرَ إلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ التَّالِفِ عِنْدَ رَدِّ الْمَعِيبِ حُكْمَ الْأَرْشِ مِنْ اعْتِبَارِهَا أَقَلَّ مَا كَانَتْ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ إلَى يَوْمِ الْقَبْضِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ فِيهَا لِتَغْرَمَ ( قَوْلُهُ فَلَوْ تَحَالَفَا فِي عَبْدٍ وَقَدْ سَقَطَتْ يَدُهُ رَدَّهُ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ بِالرِّضَا أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي تَلَفِ أَحَدِ الْعَيْنَيْنِ ( قَوْلُهُ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ ) أَيْ الْمَضْمُونِ وَكَتَبَ بِاعْتِبَارِ نَقْصِ قِيمَتِهِ فَهُوَ مِثْلُ تِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِ أَصْلِهِ إلَخْ ) قَدْ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْبِيرِ أَصْلِهِ إلَى مَا قَالَهُ فَسَلِمَ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ طَرْدًا وَعَكْسًا .
( قَوْلُهُ يَرُدُّ عَلَى مَا قَالَهُ فِي الضَّابِطِ إلَخْ ) لَا يَرُدُّ إذْ الْأَرْشُ هُنَا مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ مَا ضَمِنَ كُلَّهُ بِالْقِيمَةِ فَبَعْضُهُ بِبَعْضِهَا ) سَكَتَ الرَّافِعِيُّ عَنْ عَكْسِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ وَقَالَ الْإِمَامُ إنَّهَا مُنْعَكِسَةٌ ( قَوْلُهُ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْ طَرْدِهِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ الْمُعَجَّلُ إلَخْ ) وَالْمَبِيعُ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَأَخَذَهُ الْمُشْتَرِي نَاقِصًا لَا أَرْشَ لَهُ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ رَجَعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ عِنْدَ إفْلَاسِ

الْمُشْتَرِي وَوَجَدَهُ نَاقِصًا بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِإِتْلَافِ الْبَائِعٍ فَلَا أَرْشَ لَهُ وَإِذَا رَجَعَ الْمُقْرِضُ فِي الْمُقْرَضِ وَقَدْ تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُقْتَرِضِ لَا أَرْشَ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْقَرْضِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مَعَ أَرْشِهِ أَوْ يَرْجِعُ فِي بَدَلِهِ ( قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَوْ تَعَيَّبَ فِي يَدِهِ ) قَالَ شَيْخُنَا أَيْ الْغَاصِبِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِسَبَبٍ مُتَقَدِّمٍ فِي يَدِ الْغَاصِبِ فَقَرَارُ الضَّمَانِ حِينَئِذٍ عَلَى الْغَاصِبِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي ابْتِدَاءً فَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْغَاصِبِ .
( قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَ فِي الصَّدَاقِ إلَخْ ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي بَابِ الصَّدَاقِ إذَا حَصَلَ الْفِرَاقُ فَوَجَدَهُ مَرْهُونًا مَقْبُوضًا وَقَالَ أَنَا أَصْبِرُ مِنْ غَيْرِ أَنْ أَتَسَلَّمَهُ قَالُوا إنَّ لِلزَّوْجَةِ الِامْتِنَاعَ لِخَطَرِ الضَّمَانِ وَهَذَا الْمَعْنَى يَأْتِي هُنَا وَإِنْ لَمْ يَقُلْ أَتَسَلَّمُهُ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ جَزْمًا وَمِثْلُ ذَلِكَ يَأْتِي هُنَا وَقَدْ ذَكَرُوهُ هُنَاكَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَتَّفِقْ الطَّلَبُ حَتَّى انْفَكَّ الرَّهْنُ فَفِي تَعَلُّقِ حَقِّ الزَّوْجِ بِالْعَيْنِ وَجْهَانِ وَهُنَا جَزَمُوا بِأَنَّ لِلْبَائِعِ الصَّبْرَ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ اتَّفَقَ الِانْفِكَاكُ قَبْلَ الطَّلَبِ كَانَ لَهُ أَخْذُ الْعَيْنِ جَزْمًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ الْوَجْهَانِ وَهُمَا مُحْتَمَلَانِ مِنْ جِهَةِ الْمَانِعِ الْقَائِمِ عِنْدَ الْفِرَاقِ وَالْفَسْخِ هُنَا وَمِنْ جِهَةٍ أَنَّ الْقِيمَةَ إنَّمَا كَانَتْ بَدَلًا فَإِذَا لَمْ يَتَّصِلْ الْمَقْصُودُ بِأَخْذِهَا رَجَعَ إلَى الْأَصْلِ وَهَذَا أَرْجَحُ عَلَى قِيَاسِ قَوَاعِدِ الْإِبْدَالِ ( قَوْلُهُ وَيُجَابُ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ إلَخْ ) يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ رُجُوعَ الزَّوْجِ فِي الصَّدَاقِ ابْتِدَاءً تَمَلُّكٌ لَا فَسْخٌ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ تَمَلُّكٍ يَضُرُّهَا بِسَبَبِ خَطَرِ الضَّمَانِ بِخِلَافِ الرُّجُوعِ فِي غَيْرِ الصَّدَاقِ فَإِنَّهُ فَسْخٌ وَهُوَ يَرْفَعُ

الْعَقْدَ بِأَنَّهَا لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي حُصُولِ فُرْقَةِ الطَّلَاقِ أَوْ نَحْوِهِ فَلِهَذَا أُجْبِرَ عَلَى قَبُولِ نِصْفِ الْقِيمَةِ ( قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَفَ الْمَبِيعَ ) شَمِلَ مَا لَوْ وَقَفَهُ عَلَى بَائِعِهِ ( قَوْلُهُ مُكَرَّرٌ ) أَعَادَهُ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ

( فَصْلٌ ) لَوْ ( اخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ عَبْدٍ ) مَثَلًا ( وَحَلَفَ كُلٌّ ) مِنْهُمَا بَعْدَ التَّحَالُفِ أَوْ قَبْلَهُ ( بِعِتْقِهِ أَنَّهُ الصَّادِقُ ) فِيمَا ادَّعَاهُ بِأَنْ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْت فَهُوَ عَتِيقٌ ( لَمْ يَحْكُمْ بِعِتْقِهِ ) فِي الْحَالِ لِأَنَّهُ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ صَادِقٌ بِزَعْمِهِ ( فَإِنْ عَادَ إلَى الْبَائِعِ بِفَسْخٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُوَ مُكَذَّبٌ ) أَيْ بَاقٍ عَلَى تَكْذِيبِهِ ( لِلْمُشْتَرِي ) وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا الْقَيْدِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( عَتَقَ ) أَيْ حَكَمَ ( عَلَيْهِ ) بِعِتْقِهِ ( ظَاهِرًا ) مُطْلَقًا ( لَا بَاطِنًا إنْ كَذَبَ ) فِيمَا ادَّعَاهُ وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ ظَاهِرًا ( لِاعْتِرَافِهِ بِعِتْقِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي ) فَهُوَ كَمَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّتِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ ( وَإِنْ صَدَقَ ) فِيهِ ( عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي ) بَاطِنًا ( وَوَقْفُ ) حَالَتَيْ الْكَذِبِ وَالصِّدْقِ ( وَوَلَاؤُهُ ) بَيْنَهُمَا إذْ لَمْ يَدَّعِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا ( وَإِنْ صَدَّقَهُ ) أَيْ وَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ كَمَا وُجِدَ فِي نُسْخَةٍ هَكَذَا ( نَظَرْت فَإِنْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُهُ بِالْعِتْقِ عَلَى يَمِينِ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ لِتَكْذِيبِهِ إيَّاهُ بِيَمِينِهِ ) لِتَأَخُّرِهَا فَهُوَ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ عَلَيْهِ ( ثُمَّ ) لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ وَلَوْ عَبَّرَ كَأَصْلِهِ بِالْوَاوِ كَانَ أَوْلَى ( إنْ صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي عَتَقَ عَلَيْهِ وَبَطَلَ الْفَسْخُ إنْ تَفَاسَخَا ) أَيْ إنْ فُسِخَ الْعَقْدُ ( وَيَثْبُتُ لَهُ الْوَلَاءُ ) مِنْ زِيَادَتِهِ ( كَمَا لَوْ رُدَّ عَبْدٌ بِعَيْبٍ وَاعْتَرَفَ الْمُشْتَرِي ) بَعْدَهُ ( بِعِتْقِهِ بَطَلَ الْفَسْخُ وَأَخَذَ الْأَرْشَ ) أَيْ أَرْشَ الْعَيْبِ مِنْ الْبَائِعِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَحَكَمَ بِعِتْقِهِ ) قَالَ السُّبْكِيُّ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إبْطَالُ حَقِّهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ ثُمَّ قَالَ كُنْت أَعْتَقْته ( فَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ ) فِيمَا ذَكَرَ ( بَعْضَ الْعَبْدِ وَعَتَقَ ) الْبَعْضُ ( عَلَى الْبَائِعِ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ لَمْ يُقَوَّمْ ) وَفِي

نُسْخَةٍ لَمْ يَسْرِ ( عَلَيْهِ ) الْبَاقِي ( لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ الْعِتْقَ ) لِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَلَ بِإِقْرَارِهِ عَلَى غَيْرِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَعَبْدًا فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقَهُ أَبِي وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَتَقَ نَصِيبُ الْمُقِرِّ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي

( فَصْلٌ وَلِلْمُشْتَرِي وَطْءُ الْجَارِيَةِ ) الْمَبِيعَةِ ( حَالَ النِّزَاعِ وَقَبْلَ التَّحَالُفِ ) عَلَى الْأَصَحِّ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ ( وَ ) فِي جَوَازِهِ ( فِيمَا بَعْدَهُ وَجْهَانِ ) مُرَتَّبَانِ وَأَوْلَى بِالْمَنْعِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى الزَّوَالِ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ كَمَا اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُهُمْ السَّابِقُ بَلْ قَضِيَّتُهُ الْجَوَازُ أَيْضًا بَعْدَ الْفَسْخِ إذَا لَمْ يَزُلْ بِهِ مِلْكُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرَّهْنِ الْمُتَقَدِّمَةِ قَبْلَ الْفَصْلِ السَّابِقِ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ ) بِيَمِينِهِ ( فِي قَدْرِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ ) بَعْدَ قَبْضِهِ لَهُ ( إنْ فَسَخَ ) الْبَيْعَ ( بِإِقَالَةٍ أَوْ عَيْبٍ ) لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَتَقَدَّمَتْ هَذِهِ فِي الْإِقَالَةِ مَعَ زِيَادَةٍ ( وَ ) الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَيْضًا ( فِي قِيمَةِ التَّالِفِ مِنْ أَحَدِ عَبْدَيْ الصَّفْقَةِ إذَا رَضِيَ بِرَدِّ الْبَاقِي ) وَحْدَهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ لِأَنَّهُ مَلَكَ الثَّمَنَ بِالْبَيْعِ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا أَقَرَّ بِهِ ( وَفِي كَوْنِهِ بَاعَ النَّخْلَ مُؤَبَّرًا ) بِأَنْ ادَّعَى ذَلِكَ لِتَكُونَ الثَّمَرَةُ لَهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اشْتَرَاهُ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ لِتَكُونَ لَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ بِعْتُكهَا مُؤَبَّرَةً فَقَالَ بَلْ غَيْرَ مُطَلَّعَةٍ وَإِنَّمَا اطَّلَعَتْ فِي مِلْكِي لَمْ يُصَدَّقْ الْبَائِعُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتُشْكِلَتْ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ بِأَنَّ الظَّاهِرَ فِيهَا التَّحَالُفُ كَمَا أَجَابَ بِهِ ابْنُ الْقَطَّانِ وَالصَّيْمَرِيُّ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَقُولُ إنَّهُ الشَّجَرَةُ فَقَطْ وَالْمُشْتَرِي يَقُولُ أَنَّهُ الشَّجَرَةُ وَالثَّمَرَةُ وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّحَالُفَ إنَّمَا يَأْتِي لَوْ صَحَّ وُرُودُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا وَادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ وُرُودَهُ عَلَيْهِمَا فَاسِدٌ وَهُوَ إنَّمَا ادَّعَى وُرُودَهُ عَلَى الشَّجَرَةِ وَدُخُولِ الثَّمَرَةِ تَبَعًا فَلَا تَحَالُفَ وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ الْإِمَامُ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي

وَلَدِ الْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ فَقَالَ الْبَائِعُ وَضَعْته قَبْلَ الْعَقْدِ فَهُوَ لِي وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ بَعْدَهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ ( وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي وَالْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ) بِيَمِينِهِمَا ( فِي بَقَاءِ أَجَلٍ اُخْتُلِفَ فِي ابْتِدَائِهِ ) لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقُّهُمَا فَإِذَا ادَّعَى غَرِيمُهُمَا انْقِضَاءَهُ فَقَدْ ادَّعَى اسْتِحْقَاقَ مُطَالَبَتِهِ وَهُمَا يُنْكِرَانِهِ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُمَا وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَوْ اخْتَلَفَ مَعَ غَرِيمِهِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَكَذَا فِي صِفَتِهِ ( وَإِنْ ) بَاعَ شَيْئًا فَظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ لِابْنِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ فَوَقَعَ اخْتِلَافٌ بِأَنْ ( قَالَ الِابْنُ أَوْ الْمُوَكِّلُ بَاعَ أَبِي مَالِي فِي الصِّغَرِ ) لِنَفْسِهِ مُتَعَدِّيًا ( أَوْ ) بَاعَ ( وَكِيلِي ) مَالِي ( مُتَعَدِّيًا وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ ) بَاعَهُ ( لِحَاجَتِك أَوْ بِلَا تَعَدٍّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي ) بِيَمِينِهِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْأَبِ وَالْوَكِيلِ أَمِينٌ فَلَا يُتَّهَمُ إلَّا بِحُجَّةٍ وَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ لَا يَخْفَى لَكِنْ قَوْلُهُ بِلَا تَعَدٍّ يَصْلُحُ جَوَابًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ
قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ جَوَازُهُ ) هُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ بَلْ قَضِيَّةُ الْجَوَازِ أَيْضًا إلَخْ ) هُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ ) مَمْنُوعٌ إذْ قَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ فِيهِ أَيْضًا وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ شَامِلَةٌ لَهُ ( قَوْلُهُ لَوْ صَحَّ وُرُودُ الْعَقْدِ عَلَيْهِمَا ) قَالَ شَيْخُنَا صُورَةُ عَدَمُ وُرُودِ الْعَقْدِ عَلَى الثَّمَرَةِ إذَا بَاعَهَا مُنْفَرِدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا بِدُونِ شَرْطِ قَطْعِهَا قَوْلُهُ صُدِّقَ الْبَائِعُ ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ

( كِتَابُ السَّلَمِ ) وَيُقَالُ لَهُ السَّلَفُ يُقَالُ أَسْلَمَ وَسَلَّمَ وَأَسْلَفَ وَسَلَّفَ وَسُمِّيَ سَلَمًا لِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ وَسَلَفًا لِتَقْدِيمِهِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ } الْآيَةُ فَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِالسَّلَمِ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ } ( وَهُوَ بَيْعُ ) شَيْءٍ ( مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ بِبَدَلٍ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ ) بِمَجْلِسِ الْبَيْعِ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ التَّعْجِيلِ شَرْطٌ لِصِحَّةِ السَّلَمِ لَا رُكْنٌ فِيهِ وَيُجَابُ بِأَنَّ ذَلِكَ رَسْمٌ لَا يَقْدَحُ فِيهِ مَا ذُكِرَ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ السَّلَمِ بَيْعًا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إسْلَامُ الْكَافِرِ فِي الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ لَكِنْ صَحَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ الْقَطْعَ بِصِحَّتِهِ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ ( وَهُوَ بَيْعُ ) أَيِّ نَوْعٍ مِنْهُ

( كِتَابُ السَّلَمِ ) هَلْ هُوَ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ وَجْهَانِ فِي الْحَاوِي أَصَحُّهُمَا نَعَمْ وَهُوَ رُخْصَةٌ ( قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ ) كَالشَّفَقِ أَوْ الْفَجْرِ أَوْ وَسَطِ السَّنَةِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الثَّمَنِ فَكَمَا جَازَ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ حَالًّا وَمُؤَجَّلًا فَكَذَلِكَ الْمُثَمَّنُ وَلِأَنَّ فِيهِ رِفْقًا فَإِنَّ أَرْبَابَ الضَّيَائِعِ قَدْ يَحْتَاجُونَ إلَى مَا يُنْفِقُونَهُ عَلَى مَصَالِحِهَا فَيَسْتَلِفُونَ عَلَى الْغَلَّةِ وَأَرْبَابُ النُّقُودِ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّخْصِ فَجُوِّزَ لِذَلِكَ وَإِنْ كَانَ فِيهِ غَرَرٌ كَالْإِجَارَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ الْمَعْدُومَةِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ { مَنْ أَسْلَمَ فِي مَكِيلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ مَوْزُونٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَلْيَكُنْ مَعْلُومًا } لَا أَنَّهُ حَصَرَهُ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْأَجَلِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ مَوْصُوفٌ فِي الذِّمَّةِ إلَخْ ) بِلَفْظِ السَّلَمِ وَلَيْسَ لَنَا عَقْدٌ يَخْتَصُّ بِصِيغَةٍ إلَّا هَذَا وَالنِّكَاحُ ( قَوْلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ اعْتِبَارَ إلَخْ ) وَعَقْدُ الصَّرْفِ وَالِاسْتِبْدَالِ عَنْ الْمُثَمَّنِ بِمَا يُوَافِقُهُ مِنْ الْمَوْصُوفَاتِ فِي الذِّمَّةِ وَكَذَا إجَارَةُ الذِّمَّةِ ( قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ

لَكِنَّهُ إنَّمَا يَصِحُّ ( بِشُرُوطٍ ) سِتَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ غَيْرِ الرُّؤْيَةِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ مُكَرَّرٌ ( الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ ) إذْ لَوْ تَأَخَّرَ لَكَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ فِي الذِّمَّةِ وَلِأَنَّ السَّلَمَ عَقْدُ غَرَرٍ جُوِّزَ لِلْحَاجَةِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِ غَرَرٌ آخَرُ ( وَلَوْ اسْتَوْفَى الْمُسَلَّمَ فِيهِ ) فِي الْمَجْلِسِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَالتَّبَرُّعُ لَا يُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ شَرْطُ تَسْلِيمِهِ فِي الْمَجْلِسِ ( وَيَصِحُّ السَّلَمُ وَالصَّرْفُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ وَالْعِوَضَانِ فِي ذِمَّتِهِ ) أَيْ الْعَاقِدُ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فِي ذِمَّةِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ وَالْآخَرُ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ وَهُمَا ( مَوْصُوفَانِ بِصِفَةِ السَّلَمِ ) ثُمَّ يُعَيِّنُ وَيُسَلِّمُ فِي الْمَجْلِسِ مَا يَجِبُ تَسْلِيمُهُ فِيهِ فَلَوْ تَفَارَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ وَكَذَا لَوْ تَخَايَرَا قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ نَظِيرُهُ فِي الرِّبَا ( وَإِذَا تَفَرَّقَا بَعْدَ قَبْضِ الْبَعْضِ صَحَّ فِيهِ بِقِسْطِهِ ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ ( وَلَوْ قَبَضَهُ ) مِنْهُ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ ( فِي الْمَجْلِسِ وَرَدَّهُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنٍ ) لَهُ عَلَيْهِ ( صَحَّ ) كُلٌّ مِنْ الرَّدِّ وَالْعَقْدِ ( كَمَا ذَكَرَهُ ) الْأَصْلُ ( فِي الرِّبَا وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) هُنَا لِأَنَّ تَصَرُّفَ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ فِي مُدَّةِ خِيَارِ الْآخَرِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ إذَا كَانَ مَعَ غَيْرِ الْآخَرِ لِأَنَّ صِحَّتَهُ تَقْتَضِي إسْقَاطَ مَا ثَبَتَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ إمَّا مَعَهُ فَيَصِحُّ وَيَكُونُ ذَلِكَ إجَازَةً مِنْهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ فِي بَابَيْ الرِّبَا وَالْخِيَارِ .
وَاعْتَرَضَ بِهِ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى مَا نَقَلَاهُ هُنَا عَنْ الرُّويَانِيِّ وَأَقَرَّاهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ قَبْلَ انْبِرَامِ مِلْكِهِ وَتَبِعَهُ

عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ حَيْثُ حَذَفَ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَدَلَهُ الصِّحَّةَ وَمُرَادُهُ بِقَوْلِهِ ذَكَرَهُ فِي الرِّبَا أَنَّهُ ذَكَرَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ ذَلِكَ لَا أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِعَيْنِهِ وَأَفْهَم كَلَامُهُ بِالْأَوْلَى مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَوْ قَبَضَ رَأْسَ الْمَالِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ عِنْدَ الْمُسَلَّمِ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ ( وَإِنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَا ) لَهُ ( فِي ذِمَّتِهِ أَوْ صَالَحَ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ ) لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْأَوْلَى وَلِعَدَمِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فِي الثَّانِيَةِ ( وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَنْفَعَةِ رَأْسَ مَالٍ ) كَغَيْرِهَا ( وَتَسْلِيمُهَا بِتَسْلِيمِ الْعَيْنِ ) وَاكْتَفَى بِهِ وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْقَبْضَ الْحَقِيقِيَّ كَمَا سَيَأْتِي لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ فِي قَبْضِ الْمَنْفَعَةِ إذْ قَبْضُهَا بِقَبْضِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لَهَا وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ عَقَارًا غَائِبًا وَمَضَى فِي الْمَجْلِسِ زَمَنٌ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُضِيُّ إلَيْهِ وَالتَّخْلِيَةُ صَحَّ لِأَنَّ الْقَبْضَ فِيهِ بِذَلِكَ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ مُتَعَلِّقَةً بِبَدَنِهِ كَتَعْلِيمِ سُورَةٍ وَخِدْمَةِ شَهْرٍ صَحَّ وَبِهِ صَرَّحَ الرُّويَانِيُّ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ فَبَحَثَهُ لَكِنَّهُ اسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ سَلَّمَ نَفْسَهُ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ التَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْحُرَّ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْيَدِ وَمَا اسْتَثْنَاهُ مَرْدُودٌ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ كَمَا فِي الْإِجَارَةِ

( قَوْلُهُ زَائِدَةٌ عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ ) الْوَارِدِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا اقْتَضَى اشْتِرَاطَ رُؤْيَةِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَالصِّيغَةِ فَلَا تَرُدُّ صِحَّةَ سَلَمِ الْأَعْمَى دُونَ شِرَائِهِ ( قَوْلُهُ الْأَوَّلُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ ) لِخَبَرِ { مَنْ أَسْلَفَ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ } وَالسَّلَفُ التَّقْدِيمُ فَاقْتَضَى التَّعْجِيلَ وَلِأَنَّ السَّلَمَ مُشْتَقٌّ مِنْ اسْتِلَامِ رَأْسِ الْمَالِ أَيْ تَعْجِيلِهِ وَأَسْمَاءُ الْعُقُودِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ الْمَعَانِي لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ تِلْكَ الْمَعَانِي فِيهَا ( قَوْلُهُ وَالتَّبَرُّعُ لَا يُغَيِّرُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ ) مُرَادُهُ أَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى اشْتِرَاطِ قَبْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ وَهُوَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فَيُؤَدِّي إلَى تَغْيِيرِ مَوْضُوعِ الْعَقْدِ فَيَبْطُلُ ( قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ شَرْطِ حُلُولِ رَأْسِ الْمَالِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ كَالصَّرْفِ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهِ التَّعْيِينُ وَمَا وَجَبَ تَعْيِينُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا ( قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدَيْنِ فَتَلِفَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ ) يُؤْخَذُ مِنْهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لَكِنْ جَزَمَ السُّبْكِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الرِّفْعَةِ بِنَفْيِهِ وَقَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ) وَقَالَ الْبَغَوِيّ إنَّهُ الصَّحِيحُ ا هـ فَهُوَ الْمَذْهَبُ ( قَوْلُهُ مَا ثَبَتَ لَهُ ) أَيْ الْآخَرِ ( قَوْلُهُ مِنْ عَدَمِ الصِّحَّةِ ) وَفِي فَتَاوَى الْقَاضِي الْحُسَيْنِ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ السُّبْكِيُّ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَصَارِفَيْنِ لَوْ قَبَضَ مِنْ الْآخَرِ مَا دَفَعَهُ إلَيْهِ قَرْضًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ عَمَّا بَقِيَ لَهُ فَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ وَصَحَّحْنَا الصِّحَّةَ وَهُنَا مِثْلُهُ ا هـ لَيْسَ ذَاكَ نَظِيرَ مَسْأَلَتِنَا ( قَوْلُهُ وَيَجُوزُ جَعْلُ الْمَنْفَعَةِ رَأْسَ مَالٍ ) كَمَا يَجُوزُ جَعْلُهَا ثَمَنًا وَأُجْرَةً وَصَدَاقًا ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ

الرُّويَانِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إذْ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُ نَفْسِهِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ التَّسْلِيمِ بِغَيْرِ عُذْرٍ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُسَلَّمِ إلَيْهِ كَغَصْبِ الدَّارِ وَإِبَاقِ الْعَبْدِ أَوْ بِعُذْرٍ كَالْأَكْلِ لَمْ يُؤَثِّرْ

( فَرْعٌ ) لَوْ ( أَحَالَ ) الْمُسَلِّمُ الْمُسَلَّمَ إلَيْهِ ( بِرَأْسِ الْمَالِ ) وَتَفَرَّقَا ( لَمْ يَصِحَّ ) السَّلَمُ ( وَإِنْ وَفَّاهُ ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ ( فِي الْمَجْلِسِ ) سَوَاءٌ أَذِنَ فِيهِ الْمُحِيلُ أَمْ لَا لِأَنَّ بِالْحَوَالَةِ يَتَحَوَّلُ الْحَقُّ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَهُوَ يُؤَدِّيهِ عَنْ جِهَةِ نَفْسِهِ لَا عَنْ جِهَةِ الْمُسَلِّمِ نَعَمْ إنْ قَبَضَهُ الْمُسَلِّمُ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِهِ بِإِذْنِهِ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ ( وَإِنْ أَمَرَهُ الْمُسَلِّمُ بِالتَّسْلِيمِ ) إلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَفَعَلَ لَمْ يَكْفِ لِصِحَّةِ السَّلَمِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ لَكِنْ ( صَارَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَكِيلًا لِلْمُسَلِّمِ ) فِي قَبْضِ ذَلِكَ ثُمَّ السَّلَمُ يَقْتَضِي قَبْضًا آخَرَ وَلَا يَصِحُّ قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافًا لِمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ فَيَأْخُذُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَيْهِ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ مَالٌ كَوَدِيعَةٍ فَأَسْلَمَهُ لَهُ فِي شَيْءٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بَلْ هُوَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ مِمَّنْ فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مَمْلُوكًا قَبْلَ الْقَبْضِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا لِغَيْرِهِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْإِقْبَاضَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَقَدْ قَالُوا فِي الْمُسْتَأْجِرِ يُؤْذَنُ لَهُ فِي الْعِمَارَةِ بِالْأُجْرَةِ فَيَدَّعِيهَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ ا هـ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَبُولَ قَوْلِهِ ثَمَّ لَيْسَ لِكَوْنِهِ وَكِيلًا فِي إزَالَةِ مِلْكِهِ بَلْ لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي الْعِمَارَةِ فَلْيُقْبَلْ قَوْلُهُ هُنَا لِكَوْنِهِ مَأْذُونًا لَهُ فِي الدَّفْعِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْإِذْنُ فِي الدَّفْعِ هُنَا كَالْإِذْنِ فِي الْعِمَارَةِ ثُمَّ وَفِيهِ إذْ الْوَكِيلُ فِي الدَّفْعِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تِلْكَ اُسْتُثْنِيَتْ

لِلْحَاجَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا ( وَإِنْ جَرَتْ الْحَوَالَةُ ) مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ ( عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ وَتَفَرَّقَا قَبْلَ التَّسْلِيمِ ( بَطَلَ ) الْعَقْدُ وَإِنْ جَعَلْنَا الْحَوَالَةَ قَبْضًا لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُنَا الْقَبْضُ الْحَقِيقِيُّ وَلِهَذَا لَا يَكْفِي عِنْدَ الْإِبْرَاءِ ( نَعَمْ إنْ أَمَرَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الْمُسَلِّمَ بِالتَّسْلِيمِ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى الْمُحْتَالِ ( فَفَعَلَ فِي الْمَجْلِسِ صَحَّ الْقَبْضُ ) وَكَانَ الْمُحْتَالُ وَكِيلًا فِيهِ عَنْ الْمُسَلِّمِ فَيَصِحُّ الْعَقْدُ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ فِي إحَالَةِ الْمُسَلِّمِ وَالْفَرْقُ مَا وَجَّهُوا بِهِ ذَاكَ مِنْ أَنَّ الْمُقْبَضَ فِيهِ يُقْبَضُ عَنْ غَيْرِ جِهَةِ السَّلَمِ أَيْ بِخِلَافِهِ هُنَا وَالْحَوَالَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِكُلِّ تَقْدِيرٍ فَاسِدَةٌ لِتَوَقُّفِ صِحَّتِهَا عَلَى صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ عَنْ الْمُحَالِ بِهِ وَعَلَيْهِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَلِأَنَّ صِحَّتَهَا تَسْتَلْزِمُ صِحَّةَ السَّلَمِ بِغَيْرِ قَبْضٍ حَقِيقِيٍّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ فِي الْمَجْلِسِ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ تِلْكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70