كتاب : أسنى المطالب شرح روض الطالب
المؤلف : زكريا بن محمد بن زكريا الأنصاري

( قَوْلُهُ وَيَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ ) قَدْ اعْتَبَرَ الْأَصْحَابُ فِي هَذَا الْحُكْمِ الْمُتَعَلِّقِ بِالطُّلُوعِ بَعْضَ الشَّمْسِ وَفِي الْمُتَعَلِّقِ بِالْغُرُوبِ جَمِيعَهَا حَتَّى يَحْكُمَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الصُّبْحِ بِطُلُوعِ الْبَعْضِ وَلَا يَحْكُمَ بِخُرُوجِ وَقْتِ الْعَصْرِ بِغَيْبُوبَةِ الْبَعْضِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ غَيْبُوبَةِ الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ تَنْزِيلُ رُؤْيَةِ الْبَعْضِ مَنْزِلَةَ رَوِيَّةِ الْجَمِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَإِنْ شِئْت قُلْ رَاعَيْنَا اسْمَ النَّهَارِ بِوُجُودِ الْبَعْضِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ كَثِيرُونَ مِنْ اللُّغَوِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إنَّ النَّهَارَ أَوَّلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ ج ( قَوْلُهُ إلَى الْأَسْفَارِ ) قَالَ الْفَقِيهُ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى حَدُّ الْأَسْفَارِ هُوَ أَنْ يَرَى شَخْصًا مِنْ مَوْضِعٍ كَانَ لَا يَرَاهُ مِنْهُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي ( قَوْلُهُ الْفَضِيلَةُ وَهِيَ أَوَّلُهُ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَقْتُ فَضِيلَةِ الْعَصْرِ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَصِيرَ ظِلُّ الشَّيْءِ مِثْلَهُ وَنِصْفَ مِثْلِهِ ش ( قَوْلُهُ قَالَ لَا أَقْدِرُوا لَهُ قَدْرَهُ ) هَذَا الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ لَا يَخْفَى مَجِيئُهُ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْأَيَّامِ كَإِقَامَةِ الْأَعْيَادِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ وَمَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ وَأَيَّامِ مِنًى وَمُدَّةِ الْآجَالِ كَالسَّلَمِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَالْعِدَّةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَيَّامَ مُخْتَلِفَةٌ فِي الطُّولِ وَالْقِصَرِ بِاعْتِبَارِ الْفُصُولِ فَيُنْظَرُ إلَى الْفَصْلِ الَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ عَقِبَهُ ثُمَّ تُوَزَّعُ الْأَوْقَاتُ عَلَى نِسْبَةِ الْأَيَّامِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ ذَلِكَ الْفَصْلِ ( قَوْلُهُ وَلِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي ذَلِكَ ) وَلِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ تَنَاوُلِ الْمُفْطِرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ ش .
( قَوْلُهُ إذْ لَا قُنُوتَ إلَّا فِي الصُّبْحِ ) أَوْ إنَّ الْقُنُوتَ طُولُ الْقِيَامِ وَهِيَ أَطْوَلُ الصَّلَوَاتِ قِيَامًا وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { إنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } فَبَيَّنَ فَضْلَهَا وَلِأَنَّهَا بَيْنَ صَلَاتَيْنِ لَيْلِيَّتَيْنِ

وَصَلَاتَيْنِ نَهَارِيَّتَيْنِ تُجْمَعَانِ وَتُقْصَرَانِ وَهِيَ لَا تُجْمَعُ وَلَا تُقْصَرُ ( قَوْلُهُ اُكْتُبْ وَالصَّلَاةَ الْوُسْطَى إلَخْ ) اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ الْوُسْطَى عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ أَوَّلِهَا أَنَّهَا الصُّبْحُ ثَانِيهَا أَنَّهَا الظُّهْرُ ثَالِثِهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ رَابِعِهَا أَنَّهَا الْمَغْرِبُ خَامِسِهَا أَنَّهَا الْعِشَاءُ سَادِسِهَا أَنَّهَا إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لَا بِعَيْنِهَا وَأَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِيهَا أَنَّهَا الْعَصْرُ انْتَهَى أَوْ أَنَّهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ أَوْ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَإِعَادَةُ الْأَمْرِ تَأْكِيدًا أَوْ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ أَوْ الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ أَوْ صَلَاةُ الْخَوْفِ أَوْ الْجُمُعَةُ أَوْ الْعِيدِ أَوْ الضُّحَى أَوْ التَّرَاوِيحِ ( قَوْلُهُ كَخَبَرِ { شَغَلُونَا } إلَخْ ) وَخَبَرِ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ وَكَتَبَ أَيْضًا وَلِأَنَّهَا تَوَسَّطَتْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ نَهَارِيَّتَيْنِ وَصَلَاتَيْنِ لَيْلِيَّتَيْنِ .
( قَوْلُهُ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ ) فَإِنْ قِيلَ الْعَصْرُ يُطْلَقُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ عَلَى الصُّبْحِ فَتُحْمَلُ فِي الْحَدِيثِ عَلَيْهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ سَبَبَ نُزُولِ الْآيَةِ شُغْلُهُمْ إيَّاهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ وَأَنَّ إطْلَاقَ الْعَصْرِ عَلَى الصُّبْحِ مَجَازٌ ( قَوْلُهُ أَيْ اتِّبَاعَهُ ) قَالَ قُولُوا بِالسُّنَّةِ وَدَعُوا قَوْلِي انْتَهَى وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِوَصِيَّتِهِ إذَا عُرِفَ أَنَّ الْحَدِيثَ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا عُرِفَ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَرَدَّهُ أَوْ تَأَوَّلَهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا

( وَتُكْرَهُ تَسْمِيَةُ الْمَغْرِبِ عِشَاءً وَالْعِشَاءِ عَتَمَةً ) لِلنَّهْيِ عَنْ الْأَوَّلِ فِي خَبَرِ الْبُخَارِيِّ { لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ الْمَغْرِبِ وَتَقُولُ الْأَعْرَابُ هِيَ الْعِشَاءُ } وَعَنْ الثَّانِي فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ { لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ وَهُمْ يَعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ } بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَضَمِّهِ وَفِي رِوَايَةٍ { بِحِلَابِ الْإِبِلِ } قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ إنَّهُمْ يُسَمُّونَهَا الْعَتَمَةَ لِكَوْنِهِمْ يُعْتِمُونَ بِحِلَابِ الْإِبِلِ أَيْ يُؤَخِّرُونَهُ إلَى شِدَّةِ الظَّلَامِ وَاَللَّهُ تَعَالَى إنَّمَا سَمَّاهَا فِي كِتَابِهِ الْعِشَاءَ فَإِنْ قُلْت قَدْ سُمِّيَتْ فِي الْحَدِيثِ عَتَمَةً كَقَوْلِهِ { لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الصُّبْحِ وَالْعَتَمَةِ } قُلْنَا اسْتَعْمَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ النَّهْيَ لِلتَّنْزِيهِ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ وَمَا ذُكِرَ مِنْ كَرَاهَةِ تَسْمِيَتِهَا عَتَمَةً هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالْمِنْهَاجِ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُسَمَّى بِذَلِكَ وَذَهَبَ إلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَقَالَتْ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ تُكْرَهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ
( قَوْلُهُ أَوْ أَنَّهُ خَاطَبَ بِالْعَتَمَةِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْعِشَاءَ ) أَوْ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الرَّوْضَةِ وَالتَّحْقِيقِ إلَخْ ) وَاقْتَضَاهُ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ت ( قَوْلُهُ لَكِنْ فِي الْمَجْمُوعِ نَصَّ فِي الْأُمِّ إلَخْ ) لَيْسَ بَيْنَهُمَا مُخَالَفَةٌ إذْ لَيْسَ فِي النَّصِّ حُكْمُ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ الْمُحَقِّقُونَ وَصَرَّحَتْ الطَّائِفَةُ بِكَرَاهَتِهَا وَهِيَ الْوَجْهُ لِوُرُودِ النَّهْيِ الْخَاصِّ فِيهَا

( وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا ) { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُهُمَا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ وَعَلَّلَ فِي الْمَجْمُوعِ الثَّانِيَ بِأَنَّ نَوْمَهُ يَتَأَخَّرُ فَيُخَافُ مَعَهُ فَوَاتُ الصُّبْحِ عَنْ وَقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِهِ أَوْ فَوَاتُ صَلَاةِ اللَّيْلِ إنْ اعْتَادَهَا وَعَلَّلَهُ غَيْرُهُ بِوُقُوعِ أَفْضَلِ الْأَعْمَالِ خَاتِمَةَ عَمَلِهِ وَرُبَّمَا مَاتَ فِي نَوْمِهِ وَبِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ ( لَا فِي خَيْرٍ أَوْ لِعُذْرٍ ) كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ وَحَدِيثٍ وَمُذَاكَرَةِ فِقْهٍ وَإِينَاسِ ضَيْفٍ وَتَكَلُّمٍ بِمَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ كَحِسَابٍ فَلَا كَرَاهَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ خَيْرٌ نَاجِزٌ فَلَا يُتْرَكُ لِمَفْسَدَةٍ مُتَوَهَّمَةٍ وَكَرَاهَةُ النَّوْمِ قَبْلَهَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ تَعُمُّ سَائِرَ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ وَإِطْلَاقُ الرَّافِعِيِّ كَرَاهَةَ الْحَدِيثِ بَعْدَهَا يَشْمَلُ مَا إذَا جَمَعَهَا تَقْدِيمًا وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ وَمَحَلُّ كَرَاهَةِ النَّوْمِ قَبْلَهَا إذَا ظَنَّ تَيَقُّظَهُ فِي الْوَقْتِ وَالْإِحْرَامِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَغَيْرُهُ
( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ النَّوْمُ قَبْلَهَا ) وَالْمَعْنَى فِيهِ مَخَافَةِ اسْتِمْرَارِهِ إلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ .
( تَنْبِيهٌ ) سِيَاقُ كَلَامِهِمْ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ بِمَا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ أَيْضًا قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فِعْلِ الْمَغْرِبِ لِلْمَعْنَى السَّابِقِ ج ( قَوْلُهُ وَهَذَا يُخْرِجُهُ عَنْ ذَلِكَ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَأَظْهَرُ الْمَعَانِي الْأَوَّلُ ( قَبْلَهُ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ

( فَصْلٌ تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَ ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ ( لَا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهَا ) إلَى آخِرِهِ بِقَيْدٍ زَادَهُ تَبَعًا لِلْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ ( إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ ( وَ ) لَوْ ( مَاتَ قَبْلَ فَوَاتِهَا ) بِأَنْ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا
( فَصْلٌ ) تَجِبُ الصَّلَاةُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ إلَخْ ( قَوْلُهُ إنْ عَزَمَ فِي أَوَّلِهِ عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ ) يَجْرِي ذَلِكَ فِي كُلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْمَوَاضِعَ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا التَّأْخِيرُ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذَا لَا يُنَافِي اتِّفَاقَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ مِنْ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِ الْوَاجِبَاتِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لِأَنَّ مَحَلَّ الِاتِّفَاقِ فِي الْعَزْمِ الْعَامِّ فِي جَمِيعِ التَّكَالِيفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْخَاصِّ بِالْفَرْضِ بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ فَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ اكْتَفَى بِالْعَامِّ وَمَنْ أَوْجَبَ فَلِتَعَلُّقِ الْفَرْضِ بِالْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ وُجُوبُهُ رَاجِعًا إلَى إيقَاعِهِ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ

( وَالْحَجُّ مُوَسَّعٌ وَ ) لَكِنَّهُ ( يَأْثَمُ بِالْمَوْتِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ ) مِنْ فِعْلِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَأُبِيحَ لَهُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطِ أَنْ يُبَادِرَ الْمَوْتَ فَإِذَا لَمْ يُبَادِرْهُ كَانَ مُقَصِّرًا بِخِلَافِ آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ
( قَوْلُهُ لِأَنَّ آخِرَ وَقْتِهِ غَيْرُ مَعْلُومٍ إلَخْ ) وَلِأَنَّا لَوْ لَمْ نَحْكُمْ بِعِصْيَانِهِ فِيهِ لَأَدَّى إلَى فَوَاتِ مَعْنَى الْوُجُوبِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ لَهَا حَالَةً أُخْرَى يَعْصِي فِيهَا وَهُوَ إخْرَاجُهَا عَنْ الْوَقْتِ ح

( فَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَمُوتُ فِي أَثْنَاءِ الْوَقْتِ ) كَأَنْ لَزِمَهُ قَوْدٌ فَطَالَبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ بِاسْتِيفَائِهِ فَأَمَرَ الْإِمَامُ بِقَتْلِهِ ( تَعَيَّنَتْ ) أَيْ الصَّلَاةُ ( فِيهِ ) أَيْ فِي أَوَّلِهِ فَيَعْصِي بِتَأْخِيرِهِ عَنْهُ لِأَنَّ الْوَقْتَ تَضَيَّقَ عَلَيْهِ بِظَنِّهِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ( ثُمَّ ) لَوْ لَمْ يَمُتْ فِي أَثْنَائِهِ كَأَنْ عَفَا عَنْهُ وَلِيُّ الدَّمِ ( لَا تَصِيرُ ) بِفِعْلِهَا ( فِي بَاقِيهِ ) أَيْ الْوَقْتِ ( قَضَاءً ) نَظَرًا إلَى أَنَّهُ فَعَلَهَا فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْعًا ( وَإِنْ عَزَمَ ) عَلَى فِعْلِهَا فِيهِ ( ثُمَّ نَامَ ) مَعَ ظَنِّهِ فَوَاتَهَا أَوْ شَكِّهِ فِيهِ ( حَتَّى فَاتَتْ ) بَلْ أَوْ لَمْ تَفُتْ ( عَصَى ) لِتَقْصِيرِهِ بِذَلِكَ ( لَا إنْ غَلَبَهُ النَّوْمُ ) فَلَا يَعْصِي بَلْ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ لِعُذْرِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ غَلَبَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَمُولِيُّ وَغَيْرُهُ
قَوْلُهُ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ عَنْ ابْنِ الصَّلَاحِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّكَّ كَالظَّنِّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لَا تَصِيرُ فِي بَاقِيهِ قَضَاءً إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ أَفْسَدَهَا ثُمَّ فَعَلَهَا فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ ( قَوْلُهُ ثُمَّ نَامَ مَعَ ظَنِّهِ فَوْتَهَا إلَخْ ) فَإِنْ ظَنَّ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ إنْ نَامَ اسْتَغْرَقَهُ فَلَا يَحْرُمُ كَمَا أَفْتَى بِهِ السُّبْكِيُّ قَالَ وَلَدُهُ تَاجُ الدِّينِ وَفِيهِ نَظَرٌ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ ع

( وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً لَا دُونَهَا فَالْكُلُّ أَدَاءٌ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الصَّلَاةِ فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ } أَيْ مُؤَدَّاةً وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّكْعَةِ وَدُونَهَا أَنَّهَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إذْ مُعْظَمُ الْبَاقِي كَالتَّكْرِيرِ لَهَا فَجَعَلَ مَا بَعْدَ الْوَقْتِ تَابِعًا لَهَا بِخِلَافِ مَا دُونَهَا ( وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ ( عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ ) لِحُرْمَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ أَدَاءً فِيمَا ذَكَرَ ( لَا إنْ اتَّسَعَ ) وَقْتُهَا وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ( فَطَوَّلَ ) هَا بِقِرَاءَةٍ وَنَحْوِهَا حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ ( وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ ) فَلَا يَأْثَمُ ( وَلَا يُكْرَهُ ) لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَأَتَى بِرَكْعَةٍ فِيهِ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَحَمَلَ إطْلَاقَهُمْ عَلَيْهِ وَقَالَ إنَّهُ الْمُتَّجَهُ لِأَنَّهُمْ قَرَّرُوا أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَكُونُ أَدَاءً إلَّا بِفِعْلِ رَكْعَةٍ فِي الْوَقْتِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي جَعَلُوهَا فِيهِ قَضَاءً بِفِعْلِ مَا دُونَ الرَّكْعَةِ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَأَمَّا مَسْأَلَتُنَا فَالْوَقْتُ يَسَعُهَا وَقَدْ نَقَلَ عَنْهُ الزَّرْكَشِيُّ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ وَدُونَهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ الصِّدِّيقِ حِينَ طَوَّلَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى كَادَتْ الشَّمْسُ أَنْ تَطْلُعَ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ بِالْعِبَادَةِ وَإِدْرَاكُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لَا يَمْنَعُ الْإِثْمَ كَمَا مَرَّ وَذَلِكَ غَيْرُ مَلْحُوظٍ هُنَا لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ .
ا هـ .
وَمَا عَزَاهُ لِفَتَاوَى الْبَغَوِيّ مِنْ أَنَّهُ صَرَّحَ فِيهَا بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ لَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ فِيهَا الِاحْتِجَاجُ الْمَذْكُورُ لِأَمْرٍ آخَرَ

( قَوْلُهُ وَلَوْ أَدْرَكَ فِي الْوَقْتِ رَكْعَةً إلَخْ ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي الْحَقِيقَةِ رَكْعَةٌ مُكَرَّرَةٌ فَاعْتُبِرَتْ ( قَوْلُهُ إنَّمَا تَشْتَمِلُ عَلَى مُعْظَمِ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ إلَخْ ) وَأَيْضًا فَإِنَّ الْجُمُعَةَ تُدْرَكُ بِرَكْعَةٍ لَا بِمَا دُونَهَا قَالَ الكوهكيلوني وَالْمُرَادُ بِالرَّكْعَةِ الْقِيَامُ وَالرُّكُوعُ فَقَطْ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى وُقُوعِ الِاعْتِدَالِ وَالسُّجُودِ انْتَهَى .
مَا قَالَهُ مَرْدُودٌ ( قَوْلُهُ وَبِإِخْرَاجِ بَعْضِهَا عَنْ الْوَقْتِ يَأْثَمُ ) لَا تَخْرُجُ الصَّلَاةُ عَنْ وَقْتِهَا وُجُوبًا إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا ضَاقَ وَقْتُ الْوُقُوفِ وَخَافَ فَوْتَ الْحَجِّ إنْ صَلَّى الْعِشَاءَ ( قَوْلُهُ وَلَمْ تَكُنْ جُمُعَةً ) أَمَّا الْجُمُعَةُ فَيَمْتَنِعُ تَطْوِيلُهَا إلَى مَا بَعْدَ وَقْتِهَا بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ الرُّويَانِيُّ فِي بَابِ إمَامَةِ الْمَرْأَةِ قَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ غَيْرِهَا أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ فِيهَا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْفَرْضُ الْجُمُعَةُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا فِي ( قَوْلُهُ فَلَا يَأْثَمُ وَلَا يُكْرَهُ ) لِمَا رُوِيَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كِدْت لَا تُسَلِّمُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَالَ لَهُ لَوْ طَلَعَتْ لَمْ تَجِدْنَا غَافِلِينَ ( قَوْلُهُ هُوَ مَا بَحَثَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ إلَخْ ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ ( قَوْلُهُ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الْأَخْذُ بِإِطْلَاقِهِمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَا فَرْقَ بَيْنَ إيقَاعِ رَكْعَةٍ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَالَ وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ اسْتَغْرَقَ الْوَقْتَ إلَخْ ) وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعِمَادِ حَيْثُ قَالَ إنَّ عِلَّةَ تَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ إلَى إخْرَاجِ بَعْضِ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ هُوَ التَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ لَا إيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ لِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى اعْتِبَارِ إيقَاعِ الرَّكْعَةِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَوْنِهَا أَدَاءً

قَالُوا بِالتَّحْرِيمِ وَإِيقَاعُ الرَّكْعَةِ فِي الْوَقْتِ شَرْطٌ لِكَوْنِهَا أَدَاءً لَا لِلْحِلِّ وَعَدَمِهِ وَالتَّقْصِيرُ وَعَدَمُهُ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ وَعَدَمِهِ انْتَهَى وَلَا يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ إنْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي الْوَقْتِ كَانَ مُؤَدِّيًا لِلْجَمِيعِ وَإِنْ صَلَّى أَقَلَّ مِنْ رَكْعَةٍ كَانَ قَاضِيًا لِلْجَمِيعِ .
( فُرُوعٌ ) يُسْتَحَبُّ إيقَاظُ النَّائِمِ لِلصَّلَاةِ لَا سِيَّمَا إذَا ضَاقَ وَقْتُهَا وَكَذَلِكَ إذَا رَأَى نَائِمًا أَمَامَ الْمُصَلِّينَ أَوْ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي مِحْرَابِ الْمَسْجِدِ أَوْ عَلَى سَطْحٍ لَا إجَارَ لَهُ أَوْ نَامَ وَبَعْضُهُ فِي الشَّمْسِ وَبَعْضُهُ فِي الظِّلِّ أَوْ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَقَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَوْ نَامَ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ أَوْ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ أَوْ خَالِيًا فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ أَوْ نَامَتْ الْمَرْأَةُ مُسْتَلْقِيَةً وَوَجْهُهَا إلَى السَّمَاءِ أَوْ نَامَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ مُنْبَطِحًا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ لَوْ عَصَى النَّائِمُ بِالنَّوْمِ كَمَا إذَا نَامَ عِنْدَ ضِيقِ الْوَقْتِ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُنَبِّهَهُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ

( فَصْلٌ وَتَعْجِيلُهَا ) أَيْ الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ ( أَفْضَلُ وَلَوْ عِشَاءً ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } وَمِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا تَعْجِيلُهَا وَلِخَبَرِ { ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ سَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا } رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ وَصَحَّحُوهُ وَلِخَبَرِ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ أَبِي دَاوُد { أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلزَّجْرِ } فَمُعَارَضٌ بِذَلِكَ وَبِغَيْرِهِ وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ ظُهُورُ الْفَجْرِ الَّذِي بِهِ يُعْلَمُ طُلُوعُهُ فَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ أَفْضَلُ مِنْ تَعْجِيلِهِ عِنْدَ ظَنِّ طُلُوعِهِ قَالَ وَأَمَّا خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُؤَخِّرَ الْعِشَاءَ } فَجَوَابُهُ أَنَّ تَعْجِيلَهَا هُوَ الَّذِي وَاظَبَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا تَأْخِيرُهَا إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ
( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ } ) وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ } وقَوْله تَعَالَى { وَسَارِعُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ } وَالصَّلَاةُ مِنْ الْخَيْرَاتِ وَسَبَبُ الْمَغْفِرَةِ ( قَوْلُهُ لِسُقُوطِ الْقَمَرِ لِثَالِثَةٍ ) أَيْ لِلَيْلَةٍ ثَالِثَةٍ ح ( قَوْلُهُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد ) وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ ح ( قَوْلُهُ لَكِنْ الْأَقْوَى دَلِيلًا إلَخْ ) .
وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ د

( فَلَوْ اشْتَغَلَ بِالتَّهَيُّؤِ لَهَا ) أَيْ لِلصَّلَاةِ ( أَوَّلَ الْوَقْتِ وَالدُّخُولِ فِيهَا ) بِأَنْ اشْتَغَلَ بِأَسْبَابِهَا كَطُهْرٍ وَأَذَانٍ وَسِتْرٍ ثُمَّ أَحْرَمَ بِهَا ( حَصَلَتْ ) فَضِيلَةُ أَوَّلِ الْوَقْتِ بَلْ لَوْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى أَسْبَابِهَا وَأَخَّرَ بِقَدْرِهَا حَصَلَتْ الْفَضِيلَةُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ

( وَلَا يُكَلَّفُ عَجَلَةَ غَيْرِ الْعَادَةِ وَلَا يَضُرُّ التَّأْخِيرُ لِأَكْلِ لُقَمٍ وَكَلَامٍ قَصِيرٍ وَ ) لَا ( لِتَحَقُّقِ ) دُخُولِ ( الْوَقْتِ وَتَحْصِيلِ الْمَاءِ وَإِخْرَاجِ خُبْثٍ يُدَافِعُهُ ) وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ تَحَقُّقِ الْوَقْتِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَيُسْتَحَبُّ فِي شِدَّةِ حَرٍّ بِقُطْرٍ حَارٍّ إبْرَادٌ بِظُهْرٍ ) أَيْ تَأْخِيرُهُ ( لِجَمَاعَةٍ تَقْصِدُ ) الْمَسْجِدَ أَوْ نَحْوَهُ ( مِنْ بُعْدٍ فِي غَيْرِ ظِلٍّ حَتَّى يَمْتَدَّ ظِلُّ الْحِيطَانِ ) بِحَيْثُ يَمْشِي فِيهِ طَالِبُ الْجَمَاعَةِ .
وَالْأَصْلُ فِيهِ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ } وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ { بِالظُّهْرِ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ } أَيْ هَيَجَانِهَا وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ فِي التَّعْجِيلِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ مَشَقَّةً تَسْلُبُ الْخُشُوعَ أَوْ كَمَالَهُ فَسُنَّ لَهُ التَّأْخِيرُ كَمَنْ حَضَرَهُ طَعَامٌ يَتَوَقَّ إلَيْهِ أَوْ دَافَعَهُ الْخَبَثُ وَمَا وَرَدَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَمَنْسُوخٌ فَلَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَلَوْ بِقُطْرٍ حَارٍّ وَلَا فِي قُطْرٍ بَارِدٍ أَوْ مُعْتَدِلٍ وَإِنْ اتَّفَقَ فِيهِ شِدَّةُ الْحَرِّ وَلَا لِمَنْ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا أَوْ جَمَاعَةً بِبَيْتِهِ أَوْ بِمَحَلٍّ حَضَرَهُ جَمَاعَةٌ لَا يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ أَوْ يَأْتِيهِمْ غَيْرُهُمْ مِنْ قُرْبٍ أَوْ مِنْ بُعْدٍ لَكِنْ يَجِدُ ظِلًّا يَمْشِي فِيهِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ كَبِيرُ مَشَقَّةٍ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ الْإِبْرَادُ لِمُنْفَرِدٍ يُرِيدُ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ وَهُوَ الْأَوْجَهُ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ .
وَيُؤْخَذُ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُعْدِ مَا يَذْهَبُ مَعَهُ الْخُشُوعُ أَوْ كَمَالُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَشْيَاءُ مِنْهَا أَنَّهُ يُنْدَبُ التَّأْخِيرُ لِمَنْ يَرْمِي الْجِمَارَ وَلِمُسَافِرٍ سَائِرُ وَقْتَ الْأُولَى وَلِلْوَاقِفِ بِعَرَفَةَ فَيُؤَخِّرُ الْمَغْرِبَ وَإِنْ كَانَ نَازِلًا وَقْتَهَا لِيَجْمَعَهَا مَعَ الْعِشَاءِ

بِمُزْدَلِفَةَ وَلِمَنْ تَيَقَّنَ وُجُودَ الْمَاءِ أَوْ السُّتْرَةِ أَوْ الْجَمَاعَةِ أَوْ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ آخِرَ الْوَقْتِ وَلِدَائِمِ الْحَدَثِ إذَا رَجَا الِانْقِطَاعَ آخِرَهُ وَلِمَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْوَقْتُ فِي يَوْمِ غَيْمٍ حَتَّى يَتَيَقَّنَهُ أَوْ يَظُنَّ فَوَاتَهُ لَوْ أَخَّرَهُ ( لَا بِالْجُمُعَةِ ) أَيْ لَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِهَا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ سَلَمَةَ { كُنَّا نَجْمَعُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ } وَلِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي فَوَاتِهَا الْمُؤَدِّي إلَيْهِ تَأْخِيرُهَا بِالتَّكَاسُلِ وَلِأَنَّ النَّاسَ مَأْمُورُونَ بِالتَّبْكِيرِ إلَيْهَا فَلَا يَتَأَذَّوْنَ بِالْحَرِّ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُبْرِدُ بِهَا } بَيَانٌ لِلْجَوَازِ فِيهَا جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مَعَ أَنَّ الْخَبَرَ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ فِي الظُّهْرِ فَتَعَارَضَتْ الرِّوَايَتَانِ فَيُعْمَلُ بِخَبَرِ سَلَمَةَ لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ .
وَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِبْرَادُ بِالْأَذَانِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ وَحَمَلَ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِبْرَادِ بِهِ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ مِنْ حَالِ السَّامِعِينَ حُضُورَهُمْ عَقِبَ الْأَذَانِ لِتَنْدَفِعَ عَنْهُمْ الْمَشَقَّةُ ثُمَّ قَالَ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْإِقَامَةِ وَهُوَ بَعِيدٌ وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَيْسَ بَعِيدًا فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ ( وَلَا تَأْخِيرَ ) بِالْإِبْرَادِ ( فَوْقَ نِصْفِ الْوَقْتِ ) لِذَهَابِ مُعْظَمِهِ .

( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ فِي شِدَّةِ حَرٍّ إلَخْ ) قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ عَنْ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ { عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا } قَالَ زُهَيْرٌ قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ أَفِي الظُّهْرِ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَفِي تَعْجِيلِهَا قَالَ نَعَمْ فَمَنْسُوخٌ ش ( قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ إشْعَارٌ بِسَنِّهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْ نَدْبِ التَّعْجِيلِ أَيْضًا أَشْيَاءُ ) يَبْلُغُ مَجْمُوعُهَا نَحْوَ أَرْبَعِينَ صُورَةً ( قَوْلُهُ فَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ التَّصْرِيحُ بِهِ ) بِلَفْظِ فَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ أَبْرِدْ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ أَبْرِدْ

( فَصْلٌ وَلِلْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى وَإِنْ قَدَرَا عَلَى الْيَقِينِ بِالصَّبْرِ ) أَوْ بِغَيْرِهِ ( الِاجْتِهَادُ لِلْوَقْتِ فِي الْغَيْمِ ) أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الِاشْتِبَاهُ فِي الْوَقْتِ ( بِمُغَلِّبٍ ظَنًّا ) بِدُخُولِهِ ( كَالْأَوْرَادِ وَصَوْتِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ ) إصَابَتُهُ الْوَقْتَ هَذَا ( إنْ لَمْ يُخْبِرْهُمَا ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ وَإِنْ أَخْبَرَهُمَا عَنْ عِلْمٍ امْتَنَعَ عَلَيْهِمَا الِاجْتِهَادُ كَوُجُودِ النَّصِّ ( وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَمْ يُقَلِّدْ مُجْتَهِدًا ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا ( نَعَمْ لِلْأَعْمَى ) أَيْ أَعْمَى الْبَصَرِ ( وَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ تَقْلِيدُ بَصِيرٍ ) ثِقَةٍ عَارِفٍ لِعَجْزِهِمَا وَبِمَا ذَكَرَ عُلِمَ أَنَّ الْأَعْمَى يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الِاجْتِهَادِ وَالتَّقْلِيدِ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَانِي لَا يُقَلِّدُ إلَّا إذَا تَحَيَّرَ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الِاجْتِهَادَ هُنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى بِتَعَاطِي أَعْمَالٍ مُسْتَغْرِقَةٍ لِلْوَقْتِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِهِ ثَمَّ وَقَوْلُهُ وَأَعْمَى الْبَصِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ ( وَأَذَانُ الْعَدْلِ الْعَارِفِ بِالْمَوَاقِيتِ ) فِي الصَّحْوِ ( كَالْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ ) فَيُقَلِّدُهُ الْقَادِرُ وَلَا يَجْتَهِدُ ( وَلَهُ تَقْلِيدُهُ أَيْضًا ) إذَا أَذَّنَ ( فِي الْغَيْمِ ) لِأَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ عَادَةً إلَّا فِي الْوَقْتِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ يُقَلِّدُهُ فِي الصَّحْوِ دُونَ الْغَيْمِ لِأَنَّهُ فِيهِ مُجْتَهِدٌ وَهُوَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَفِي الصَّحْوِ مُخْبَرٌ عَنْ عِيَانٍ ( وَإِنْ صَلَّى ) مَنْ لَزِمَهُ الِاجْتِهَادُ ( بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ أَعَادَ ) وَإِنْ وَافَقَ الْوَقْتَ وَظَنَّ دُخُولَهُ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ الِاجْتِهَادِ ( وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ التَّأْخِيرُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُ الْوَقْتِ وَ ) تَأْخِيرُهُ ( إلَى خَوْفِ الْفَوَاتِ ) أَيْ إلَى أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ فَاتَتْ الصَّلَاةُ ( أَفْضَلُ وَيَعْمَلُ الْمُنَجِّمُ بِحِسَابِهِ ) جَوَازًا لَا وُجُوبًا ( وَلَا يُقَلِّدُهُ

غَيْرُهُ ) كَنَظِيرِهِ فِي الصَّوْمِ
( قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِهِ ) كَالْخُرُوجِ مِنْ الْبَيْتِ الْمُظْلِمِ لِرُؤْيَةِ الشَّمْسِ ( قَوْلُهُ وَصَوْتُ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ إلَخْ ) وَكَذَا أَذَانُ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الْغَيْمِ إذَا كَثُرُوا وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُخَطَّؤُنَّ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ كَثُرَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي يَوْمِ صَحْوٍ أَوْ غَيْمٍ وَغَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ لَا يُخْطِؤُنَ لِكَثْرَتِهِمْ جَازَ اعْتِمَادُهُمْ بِلَا خِلَافٍ انْتَهَى فَإِنْ كَانُوا عَدَدًا أَفَادَ أَذَانُهُمْ الْعِلْمَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ امْتَنَعَ الِاجْتِهَادُ ( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُمَا ثِقَةٌ عَنْ عِلْمٍ ) مُقْتَضَى كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُخْبِرِ عَنْ عِلْمٍ وَلَوْ أَمْكَنَهُ هُوَ الْعِلْمُ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِتَكَرُّرِ الْأَوْقَاتِ فَيَعْسُرُ الْعِلْمُ كُلَّ وَقْتٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّهُ إذَا عَلِمَ عَيْنَهَا مَرَّةً وَاحِدَةً اكْتَفَى بِهِ بَقِيَّةَ عُمْرِهِ مَا دَامَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ فَلَا عُسْرَ ( قَوْلُهُ كَوُجُودِ النَّصِّ ) لِأَنَّهُ خَبَرٌ مِنْ أَخْبَارِ الدِّينِ فَرَجَعَ فِيهِ الْمُجْتَهِدُ إلَى قَوْلِ الثِّقَةِ كَخَبَرِ الرَّسُولِ ( قَوْلُهُ فِي الصَّحْوِ ) الصَّحْوُ ذَهَابُ الْبَرْدِ وَتَفَرُّقُ الْغَيْمِ

( فَرْعٌ وَإِنْ صَلَّى بِالِاجْتِهَادِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ ) لَهُ كَوْنُ الصَّلَاةِ وَقَعَتْ فِي الْوَقْتِ أَوْ لَا ( أَوْ تَبَيَّنَ كَوْنُهَا ) وَقَعَتْ ( فِي الْوَقْتِ أَجْزَأَهُ ) مَا صَلَّاهُ ( وَكَذَا ) إذَا تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا ( بَعْدَهُ وَ ) لَكِنَّهَا ( تَكُونُ قَضَاءً لَا ) إنْ تَبَيَّنَ وُقُوعُهَا ( قَبْلَهُ ) فَلَا تُجْزِئُهُ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا فَتَجِبُ إعَادَتُهَا وَيَقَعُ مَا أَعَادَهُ فِي الْوَقْتِ أَدَاءً وَمَا أَعَادَهُ بَعْدَهُ قَضَاءً ( وَيَحْصُلُ التَّبَيُّنُ بِخَبَرِ عَدْلٍ عَنْ عِلْمٍ ) أَيْ مُشَاهَدَةٍ كَمَا يَحْصُلُ بِعِلْمِهِ أَيْ عِلْمِ الْمُصَلِّي نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ عَنْ اجْتِهَادٍ حَتَّى لَوْ أَخْبَرَهُ بِأَنَّ صَلَاتَهُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَلْزَمْهُ إعَادَتُهَا

( فَصْلٌ فِيمَنْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهِ وَمَنْ لَا ) ( وَلَا تَصِحُّ ) الصَّلَاةُ ( إلَّا مِنْ مُسْلِمٍ ) فَلَا تَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ ( وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ خُنْثَى ( طَاهِرٍ ) بِخِلَافِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا وَبِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بِالْإِجْمَاعِ ( فَالْكَافِرُ ) الْأَصْلِيُّ ( مُخَاطَبٌ بِهَا ) خِطَابَ عِقَابٍ عَلَيْهَا فِي الْآخِرَةِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهَا بِالْإِسْلَامِ لَا خِطَابَ مُطَالَبَةٍ بِهَا فِي الدُّنْيَا لِعَدَمِ صِحَّتِهَا مِنْهُ ( وَتَسْقُطُ ) عَنْهُ ( بِإِسْلَامِهِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } ( لَا عَنْ الْمُرْتَدِّ ) فَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِالْجُحُودِ كَحَقِّ الْآدَمِيِّ ( وَلَا صَلَاةَ عَلَى صَبِيٍّ ) لِمَا مَرَّ ( وَعَلَى أَبَوَيْهِ ) أَيْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ عَلَا ( أَوْ الْقَيِّمِ ) مِنْ جِهَةِ الْحَاكِمِ أَوْ الْوَصِيِّ ( أَمْرُهُ بِهَا ) وَذِكْرُ الْقَيِّمِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالِكُ الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ وَكَذَا الْمُودِعُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَ الطَّبَرِيُّ وَلَا يَقْتَصِرُ فِي الْأَمْرِ عَلَى مُجَرَّدِ صِيغَتِهِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ التَّهْدِيدِ ( وَكَذَا ) عَلَيْهِمْ أَمْرُهُ ( بِالصَّوْمِ ) وَمَحَلُّ أَمْرِهِ بِهِ وَبِالصَّلَاةِ ( إنْ مَيَّزَ ) بِأَنْ انْفَرَدَ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالِاسْتِنْجَاءِ ( وَأَطَاقَ ) فِعْلَهُمَا ( لِسَبْعٍ ) مِنْ السِّنِينَ أَيْ بَعْدَ تَمَامِهَا ( وَ ) عَلَيْهِمْ ( ضَرْبُهُ عَلَيْهِمَا لِعَشْرٍ ) كَذَلِكَ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ { مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعٍ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ } وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَكَذَا التِّرْمِذِيُّ بِدُونِ { وَفَرِّقُوا

بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ } وَقِيسَ بِالصَّلَاةِ الصَّوْمُ وَذَكَرُوا لِاخْتِصَاصِ الضَّرْبِ بِالْعَشْرِ مَعْنَيَيْنِ أَنَّهُ زَمَنُ احْتِمَالِ الْبُلُوغِ بِالِاحْتِلَامِ وَأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ الضَّرْبَ ( وَكَذَا ) يُضْرَبُ ( فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ ) وَلَوْ عَقِبَ اسْتِكْمَالِ التِّسْعِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ السَّبْعَ لَا بُدَّ مِنْهَا فِي وُجُوبِ الْأَمْرِ وَإِنْ وُجِدَ التَّمْيِيزُ قَبْلَهَا .
وَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمَجْمُوعِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَحَكَى مَعَهُ وَجْهًا أَنَّهُ يَكْفِي التَّمْيِيزُ وَحْدَهُ كَمَا فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْإِقْلِيدِ ( وَهَلْ يُضْرَبُ عَلَى الْقَضَاءِ ) وَيُؤْمَرُ بِهِ ( أَوْ تَصِحُّ مِنْهُ ) الصَّلَاةُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى الْمُكَلَّفِ ( قَاعِدًا وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ أَنَّهُ يُضْرَبُ وَيُؤْمَرُ بِهِ كَمَا فِي الْأَدَاءِ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ وَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَتْ نَفْلًا فِي حَقِّهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَجَرَيَانُهُمَا فِي الصَّلَاةِ الْمُعَادَةِ مُحْتَمَلٌ وَكَلَامُ الْأَكْثَرِينَ مُشْعِرٌ بِالْمَنْعِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا فِي أَثْنَاءِ الْعَاشِرَةِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأُولَى ( وَعَلَيْهِمْ نَهْيُهُ عَنْ الْمُحَرَّمَاتِ وَتَعْلِيمُهُ الْوَاجِبَاتِ وَ ) سَائِرَ ( الشَّرَائِعِ ) كَالسِّوَاكِ وَحُضُورِ الْجَمَاعَاتِ وَتَبِعَ فِي هَذَا التَّعْبِيرِ الْقَمُولِيَّ وَهُوَ حَسَنٌ وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ يَجِبُ تَعْلِيمُ الْأَوْلَادِ الطَّهَارَةَ وَالصَّلَاةَ وَالشَّرَائِعَ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ الْمُرَادُ بِالشَّرَائِعِ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الطَّهَارَةِ وَالصَّلَاةِ كَالصَّوْمِ وَنَحْوِهِ لِأَنَّهُ الْمَضْرُوبُ عَلَى تَرْكِهِ وَذَكَرَ نَحْوَهُ الزَّرْكَشِيُّ ثُمَّ قَالَ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ بِالْبُلُوغِ وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَوِلَايَةُ الْأَبِ مُسْتَمِرَّةٌ فَيَكُونُ كَالصَّبِيِّ

( فَصْلٌ ) وَلَا تَصِحُّ إلَّا مِنْ مُسْلِمٍ ( قَوْلُهُ وَتَجِبُ عَلَى كُلِّ بَالِغٍ عَاقِلٍ إلَخْ ) لَا يُقَرُّ مُسْلِمٌ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَالْعِبَادَةِ عَمْدًا مَعَ الْقُدْرَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اشْتَبَهَ صَغِيرٌ مُسْلِمٌ بِصَغِيرٍ كَافِرٍ ثُمَّ بَلَغَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُسْلِمَ مِنْهُمَا وَلَا قَافَةَ وَلَا انْتِسَابَ ( قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمَا ) لَوْ خُلِقَ أَخْرَسَ أَصَمَّ أَعْمَى فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ كَمَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ ( قَوْلُهُ وَتَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ ) كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ تَرْغِيبًا لَهُ فِي الْإِسْلَامِ إذْ لَوْ طُلِبَ مِنْهُ قَضَاءُ عِبَادَاتِ زَمَنِ كُفْرِهِ وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا لَكَانَ سَبَبًا لِتَنْفِيرِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ لِكَثْرَةِ الْمَشَقَّةِ فِيهِ خُصُوصًا إذَا مَضَى غَالِبُ عُمْرِهِ فِي الْكُفْرِ فَلَوْ قَضَاهَا لَمْ تَنْعَقِدْ ( قَوْلُهُ { يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ } ) إذَا أَسْلَمَ أُثِيبَ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَصَدَقَةٍ وَصِلَةٍ وَعِتْقٍ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ح ( قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ الْتَزَمَهَا بِالْإِسْلَامِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ اعْتَقَدَ وُجُوبَهَا وَقَدَرَ عَلَى التَّسَبُّبِ إلَى أَدَائِهَا فَهُوَ كَالْمُحْدِثِ ( قَوْلُهُ وَعَلَى أَبَوَيْهِ أَوْ الْمُقِيمِ أَمْرُهُ بِهَا ) يُسْتَثْنَى مَنْ لَا يَعْرِفْ دِينَهُ وَهُوَ مُمَيِّزٌ يَصِفُ الْإِسْلَامَ فَلَا يُؤْمَرُ بِهَا لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ كَافِرًا وَلَا يُنْهِي عَنْهَا لِأَنَّا لَا نَتَحَقَّقُ كُفْرَهُ وَهَذَا كَصِغَارِ الْمَمَالِيكِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ تَفَقُّهًا وَهُوَ صَحِيحٌ غ ( قَوْلُهُ وَالْمُلْتَقِطُ وَمَالُك الرَّقِيقِ فِي مَعْنَى الْأَبِ ) قَالَهُ الطَّبَرِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا الْمُودِعُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَنَحْوُهُمَا ) كَالْإِمَامِ وَكَذَا الْمُسْلِمُونَ فِيمَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ ( قَوْلُهُ وَذَكَرُوا لِاخْتِصَاصِ الضَّرْبِ بِالْعَشْرِ مَعْنَيَيْنِ إلَخْ ) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَقِيَاسُ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ دَائِرًا مَعَ إمْكَانِ الْبُلُوغِ وَقَدْ صَرَّحَ

بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ حَتَّى يُضْرَبَ بِاسْتِكْمَالِ التِّسْعِ عَلَى الصَّحِيحِ .
( تَنْبِيهٌ ) هَلْ لِلزَّوْجِ ضَرْبُ زَوْجَتِهِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ مِنْ الرَّوْضَةِ الْمَنْعُ فَإِنَّهُ قَالَ يُعَزِّرُهَا فِي النُّشُوزِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَلَا يُعَزِّرُهَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَالَ الدَّارِمِيُّ فِي بَابِ النُّشُوزِ لَيْسَ لَهُ ضَرْبُهَا فِي غَيْرِ مَنْعِ حُقُوقِهِ وَرَأَيْت فِي فَتَاوَى جَمَالِ الْإِسْلَامِ ابْنِ الْبَزَرِيِّ أَحَدَ أَئِمَّتِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَمْرُهَا بِالصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا وَضَرْبُهَا عَلَيْهَا وَقَدْ سَبَقَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يَضْرِبُ الِابْنَ الْبَالِغَ عَلَى تَرْكِهَا غ وَقَوْلُهُ قَضِيَّةُ كَلَامِ الشَّيْخِ فِي بَابِ التَّعْزِيرِ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ السَّبْعَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَجْهَانِ ) ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ أَصَحَّ الْوَجْهَيْنِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ جَالِسًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ ت ( قَوْلُهُ أَوْجَهُهُمَا مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الْأَمْرِ ) فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ ( قَوْلُهُ وَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ مِنْهُ قَاعِدًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ فِي الْأُولَى ) وَجَزَمَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْفُورَانِيُّ فِي الْعَمْدِ فِي الصَّبِيَّةِ لِتِسْعٍ وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ ز .
( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَ انْتِفَاءُ ذَلِكَ بِالْبُلُوغِ ) صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ فِي مُخْتَصَرِ النِّهَايَةِ ح

( وَالْأُجْرَةُ ) أَيْ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ الْوَاجِبَاتِ ( مِنْ مَالِهِ ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَتَجِبُ ( عَلَى الْأَبِ ) وَإِنْ عَلَا ( ثُمَّ ) عَلَى ( الْأُمِّ ) وَإِنْ عَلَتْ ( وَ ) يَخْرُجُ ( مِنْ مَالِهِ ) أَيْضًا ( تَعْلِيمُ ) أَيْ أُجْرَةُ تَعْلِيمِ ( الْقُرْآنِ وَالْآدَابِ ) لِأَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مَعَهُ وَيَنْتَفِعُ بِهِ بِخِلَافِ حَجِّهِ وَالصَّبِيَّةُ كَالصَّبِيِّ فِيمَا ذَكَرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( أَمَّا زَوَالُ الْعَقْلِ فَإِنْ كَانَ بِمُحَرَّمٍ كَخَمْرٍ وَحَشِيشَةٍ وَوَثْبَةٍ عَبَثًا وَدَوَاءٍ بِلَا حَاجَةٍ فَلَا يُسْقِطُهَا ) أَيْ الصَّلَاةَ ( إلَّا إنْ جَهِلَ كَوْنَهُ مُحَرَّمًا ) أَوْ فَعَلَهُ مُكْرَهًا ( أَوْ أَكَلَهُ لِيَقْطَعَ ) غَيْرَهُ بَعْدَ زَوَالِ عَقْلِهِ ( يَدًا لَهُ مُتَأَكِّلَةً ) فَيُسْقِطُهَا لِلْعُذْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَةِ الْأَكْلِ لِلْقَطْعِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ تَحْرِيمُ الْوَثْبَةِ عَبَثًا بِخِلَافِ كَلَامِ أَصْلِهِ وَغَيْرِهِ ( فَإِنْ عَلِمَ ) أَنَّ جِنْسَهُ مُزِيلٌ لِلْعَقْلِ ( وَظَنَّهُ ) أَيْ مَا تَنَاوَلَهُ مِنْهُ ( لَا يُزِيلُ ) الْعَقْلَ ( لِقِلَّتِهِ وَجَبَتْ ) فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا لِتَقْصِيرِهِ ( وَعَلَى النَّاسِي ) لِلصَّلَاةِ ( وَالنَّائِمِ ) عَنْهَا ( وَالْجَاهِلِ ) لِوُجُوبِهَا ( الْقَضَاءُ ) لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا } وَيُقَاسُ بِالنَّاسِي وَالنَّائِمِ الْجَاهِلُ ( لَا الْأَدَاءُ ) فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ وَالتَّصْرِيحُ بِمَسْأَلَتِهِمْ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ وَيُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ ) قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِهِ أَدَبِ الْعَالِمِ وَالْمُتَعَلِّمِ إنَّ الصَّبِيَّ إذَا كَانَ بَلِيدًا وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ مِقْدَارَ مَا يُصَلِّيَ بِهِ خَاصَّةً وَيُسَلِّمُهُ لِحِرْفَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ وَإِنْ كَانَ ذَكِيًّا فَطِنًا وَجَبَ أَنْ يُعَلِّمَهُ جَمِيعَ الْقُرْآنِ وَأَشَارَ شَيْخُنَا إلَى تَضْعِيفِهِ ( قَوْلُهُ فَيَجِبُ قَضَاؤُهَا لِتَقْصِيرِهِ ) وَإِنْ جَزَمَ الْغَزِّيِّ بِخِلَافِهِ

( فَرْعٌ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ ) مَعَ مَا قَبْلَهَا تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ كَسَرَ رِجْلَيْهِ تَعَدِّيًا وَصَلَّى قَاعِدًا لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِانْتِهَاءِ مَعْصِيَتِهِ بِانْتِهَاءِ كَسْرِهِ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ ( أَوْ سَكِرَ ثُمَّ جُنَّ قَضَى مِنْهَا ) أَيْ مِنْ الْأَيَّامِ ( مُدَّةَ السُّكْرِ ) أَيْ الْمُدَّةَ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ لَا مُدَّةَ جُنُونِهِ بَعْدَهَا بِخِلَافِ مُدَّةِ جُنُونِ الْمُرْتَدِّ لِأَنَّ مَنْ جُنَّ فِي رِدَّتِهِ مُرْتَدٌّ فِي جُنُونِهِ حُكْمًا وَمَنْ جُنَّ فِي سُكْرِهِ لَيْسَ بِسَكْرَانَ فِي دَوَامِ جُنُونِهِ قَطْعًا ( لَا ) مُدَّةَ ( الْحَيْضِ ) فَلَا تَقْضِي ( فِيهِمَا ) أَيْ فِي مَسْأَلَتَيْ الرِّدَّةِ وَالسُّكْرِ بِأَنْ ارْتَدَّتْ أَوْ سَكِرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ وَفَارَقَتْ الْمَجْنُونَ لِأَنَّ إسْقَاطَ الصَّلَاةِ عَنْهَا عَزِيمَةٌ لِأَنَّهَا مُكَلَّفَةٌ بِالتَّرْكِ وَعَنْهُ رُخْصَةٌ وَالْمُرْتَدُّ وَالسَّكْرَانُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَالنُّفَسَاءُ كَالْحَائِضِ فِي ذَلِكَ وَيُوَضِّحُ الْفَرْقَ الْمَذْكُورَ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ اسْتَخْرَجَتْ ) بِدَوَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ ( جَنِينًا فَنَفِسَتْ لَمْ تَقْضِ ) صَلَاتَهَا ( كَمُسْتَعْجِلَةِ الْحَيْضِ ) بِدَوَاءٍ
( قَوْلُهُ فَرْعٌ مَنْ ارْتَدَّ ثُمَّ جُنَّ قَضَى أَيَّامَ الْجُنُونِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ كَذَا أَطْلَقُوا وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إذَا أَسْلَمَ أَبُوهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ تَبَعًا لَهُ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ مِنْ حِينِ أَسْلَمَ أَبُوهُ إذْ الْمُسْلِمُ لَا يَغْلُظُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلِإِتْيَانِهِ بِالْبَدَلِ حَالَةَ الْعَجْزِ ) قَالَ فِي التَّهْذِيبِ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقِيَامِ عَنْ الْعَاجِزِ وَعَمَّنْ زَالَ عَقْلُهُ رُخْصَةٌ ( قَوْلُهُ أَيْ الْمُدَّةُ الَّتِي يَنْتَهِي إلَيْهَا السُّكْرُ ) فَإِنْ الْتَبَسَ زَمَنُ السُّكْرِ بِزَمَنِ الْجُنُونِ قَضَى مَا يَنْتَهِي إلَيْهِ السُّكْرُ غَالِبًا

ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ وَقْتِ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ وَقْتُ زَوَالِ مَوَانِعِ الْوُجُوبِ وَهِيَ الصِّبَا وَالْكُفْرُ وَالْجُنُونُ وَالْإِغْمَاءُ وَالْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ فَقَالَ ( وَإِذَا زَالَتْ الْأَعْذَارُ الْمَانِعَةُ ) مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ ( وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ فَأَكْثَرُ لَزِمَتْ الصَّلَاةُ ) أَيْ صَلَاةُ الْوَقْتِ كَمَا تَلْزَمُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْهُ قَدْرُ رَكْعَةٍ لِخَبَرِ { مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً } بِجَامِعِ إدْرَاكِ مَا يَسَعُ رُكْنًا وَلِأَنَّ الْإِدْرَاكَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ اللُّزُومُ يَسْتَوِي فِيهِ الرَّكْعَةُ وَدُونَهَا كَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ بِإِدْرَاكٍ دُونَ تَكْبِيرَةٍ وَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلْجُوَيْنِيِّ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْوَقْتِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسَعُ رُكْنًا وَ الْأَوْجَهُ عَدَمُ لُزُومِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَمَتَى لَزِمَتْ بِمَا ذَكَرَ لَزِمَتْ ( مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا إنْ صَلَحَتَا لِجَمْعٍ ) بِأَنْ صَلَحَتْ لِجَمْعِهَا مَعَهَا لِأَنَّ وَقْتَهَا وَقْتٌ لَهَا حَالَةَ الْعُذْرِ فَحَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوْلَى بِخِلَافِ مَا لَا تُجْمَعُ مَعَهَا فَلَا تَلْزَمُ الْعِشَاءُ مَعَ الصُّبْحِ وَالصُّبْحُ مَعَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرُ مَعَ الْمَغْرِبِ وَتُلْزَمُ الظُّهْرُ مَعَ الْعَصْرِ وَالْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ ( بِشَرْطِ أَنْ يَخْلُوَ ) الشَّخْصُ ( مِنْ الْمَوَانِعِ قَدْرًا يَسَعُ الطَّهَارَةَ وَقَضَاءَ مَا لَزِمَهُ ) مِنْ صَلَاةٍ أَوْ صَلَاتَيْنِ ( مَعَ مُؤَدَّاةٍ وَجَبَتْ ) عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ ( أَخَفَّ مَا يُجْزِئُ ) كَرَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَيَدْخُلُ فِي الطَّهَارَةِ طَهَارَةُ الْخُبْثِ وَالْحَدَثِ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ السَّتْرِ وَالتَّحَرِّي فِي الْقِبْلَةِ لِأَنَّهُمَا مِنْ شُرُوطِ الصَّلَاةِ فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ بَعْدَمَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ فَلَا لُزُومَ نَعَمْ إنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً آخِرَ الْعَصْرِ مَثَلًا وَخَلَا مِنْ الْمَوَانِعِ مَا يَسَعُهَا وَطُهْرَهَا

فَعَادَ الْمَانِعُ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُهَا تَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى الْمَغْرِبِ وَمَا فَضَلَ لَا يَكْفِي لِلْعَصْرِ فَلَا تَلْزَمُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَإِلَّا فَيَتَعَيَّنُ صَرْفُهُ لَهَا لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَغْرِبِ لِاشْتِغَالِهِ بِالْعَصْرِ الَّتِي شَرَعَ فِيهَا وُجُوبًا قَبْلَ الْغُرُوبِ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْعِمَادِ وَلَوْ أَدْرَكَ مَا يَسَعُ الْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ مَعَ الطَّهَارَةِ دُونَ الظُّهْرِ تَعَيَّنَ صَرْفُهُ لِلْمَغْرِبِ وَالْعَصْرِ وَزَادَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ مَعَ مُؤَدَّاةٍ وَجَبَتْ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا قَالَهُ الْبَغَوِيّ

( قَوْلُهُ كَاقْتِدَاءِ الْمُسَافِرِ بِالْمُتِمِّ ) وَبِهَذَا خَالَفَ الْجُمُعَةَ لِأَنَّ ذَاكَ إدْرَاكُ إسْقَاطٍ فَاحْتِيطَ فِيهِ وَهَذَا إدْرَاكُ إيجَابٍ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ فَحَالَةُ الضَّرُورَةِ أَوْلَى ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الظُّهْرَ الْمُدْرَكَةَ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ أَدَاءٌ كَمَا قَالُوهُ فِي الْمُسَافِرِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ قَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ خِلَافُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ قَدْرًا يَسَعُ الطَّهَارَةَ ) قَالَ شَيْخُنَا إذَا اعْتَبِرْنَا الطَّهَارَةَ فَفِي شَرْحِ التَّعْجِيزِ لِابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ الْقَاضِي أَنَّهُ بَعْدَ الْغُسْلِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ اعْتِبَارُ الْوُضُوءِ فَقَطْ وَهُوَ لَفْظُ الْوَجِيزِ وَإِذَا اعْتَبِرْنَا الطَّهَارَةَ فَهَلْ يُعْتَبَرُ طَهَارَتَانِ أَوْ وَاحِدَةٌ أَعْنِي فِي إدْرَاكِ الصَّلَاتَيْنِ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الثَّانِي وَيُحْتَمَلُ اعْتِبَارُ الطَّهَارَتَيْنِ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ شَرْطُهَا الطَّهَارَةُ وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا بِالطَّهَارَةِ الْأُولَى خَادِمُ الْأَوْجَهِ مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ اعْتِبَارِ طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ نَعَمْ إنْ كَانَتْ طَهَارَةً ضَرُورَةً اُعْتُبِرَ زَمَنُ طَهَارَتَيْنِ حِينَئِذٍ ( قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ اعْتِبَارُ وَقْتِ السَّتْرِ إلَخْ ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ اعْتِبَارِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ وَعَدَمِ اعْتِبَارِ زَمَنِ السَّتْرِ أَنَّ الطَّهَارَةَ تَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ بِخِلَافِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى هَذَا الْفَرْقِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ بَعْضِهِمْ فِيمَا إذَا طَرَأَ الْعُذْرُ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مُضِيُّ قَدْرِ السُّتْرَةِ لِتَقَدُّمِ إيجَابِهَا عَلَى وَقْتِ الصَّلَاةِ فس ( وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ لِقَوْلِهِ فَلَوْ بَلَغَ ثُمَّ جُنَّ إلَخْ ) وَأَفَاقَ ثُمَّ عَادَ جُنُونُهُ أَوْ طَهُرَتْ ثُمَّ جُنَّتْ أَوْ أَفَاقَتْ ثُمَّ حَاضَتْ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (

قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَصْرِ إلَخْ ) الْمُعْتَمَدُ إطْلَاقُ الْبَغَوِيّ وَيَطَّرِدُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ

( وَإِنْ طَرَأَ الْمَانِعُ ) فِي الْوَقْتِ بَعْدَ أَنْ خَلَا عَنْهُ الشَّخْصُ ( أَوَّلَ الْوَقْتِ قَدْرَ مَا يَسَعُ تِلْكَ الصَّلَاةِ دُونَ طَهَارَةٍ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا ) عَلَيْهِ حَالَةَ كَوْنِ تِلْكَ الصَّلَاةِ ( مُخَفَّفَةً وَ ) لَوْ ( مَقْصُورَةً لِلْمُسَافِرِ لَزِمَتْ وَحْدَهَا ) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ وَقْتِهَا مَا يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُهَا وَكَذَا لَوْ خَلَا عَنْهُ الْمَانِعُ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ الْقَدْرَ الْمَذْكُورَ لَكِنْ لَا يَتَأَتَّى اسْتِثْنَاءُ الطَّهَارَةِ الَّتِي يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا فِي غَيْرِ الصَّبِيِّ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَدْرَ " وَقَدْرَ " بِالْوَاوِ وَهِيَ أَوْضَحُ ( وَلَوْ اتَّسَعَ ) زَمَنُ الْخُلُوِّ مِنْ وَقْتِ الْأُولَى ( لِلثَّانِيَةِ ) فَإِنَّهَا لَا تَجِبُ مَعَ الْأُولَى وَفَارَقَ الْعَكْسَ بِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى لَا يَصْلُحُ لِلثَّانِيَةِ إلَّا إذَا صَلَّاهُمَا جَمْعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَبِأَنَّ وَقْتَ الْأُولَى فِي الْجَمْعِ وَقْتٌ لِلثَّانِيَةِ تَبَعًا بِخِلَافِ الْعَكْسِ بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَقْدِيمِ الثَّانِيَةِ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ وَجَوَازِ تَقْدِيمِ الْأُولَى بَلْ وُجُوبُهُ عَلَى وَجْهٍ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ وَاعْتُبِرَ الْأَخَفُّ لِحُصُولِ التَّمَكُّنِ بِفِعْلِهِ فَلَوْ طَوَّلَتْ صَلَاتَهَا فَحَاضَتْ فِيهَا وَقَدْ مَضَى مِنْ الْوَقْتِ مَا يَسَعُهَا لَوْ خَفَّفَتْ أَوْ مَضَى لِلْمُسَافِرِ مِنْ وَقْتِ الْمَقْصُورَةِ مَا يَسَعُ رَكْعَتَيْنِ لَزِمَهُمَا الْقَضَاءُ وَخَرَجَ بِمَا يَسَعُ الصَّلَاةَ مَا لَا يَسَعُهَا فَلَا وُجُوبَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ آخِرَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ لِإِمْكَانِ الْبِنَاءِ عَلَى مَا أَوْقَعَهُ فِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَبِقَوْلِهِ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا مَا لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهُ كَتَيَمُّمٍ وَطُهْرِ سَلَسٍ فَلَا بُدَّ فِي وُجُوبِ تِلْكَ الصَّلَاةِ مِنْ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ ذَلِكَ

( قَوْلُهُ وَطَهَارَةٌ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ ) خَرَجَ طَهَارَةٌ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا كَمُتَيَمِّمٍ وَحَائِضٍ وَنُفَسَاءَ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَدَائِمِ الْحَدَثِ ( قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ قَدْرِ إلَخْ ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَعْدَ قَدْرٍ وَأَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ا ( قَوْلُهُ مِنْ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ فِعْلُ ذَلِكَ ) لَا شَكَّ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ وَالْإِغْمَاءَ وَنَحْوَهَا لَا يُمْكِنُ مَعَهَا فِعْلُ الطَّهَارَةِ

( وَإِنْ صَلَّى ) صَبِيٌّ وَظِيفَةَ الْوَقْتِ ( ثُمَّ بَلَغَ ) أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ وَلَوْ عَنْ الْجُمُعَةِ وَإِنْ أَمْكَنَ إدْرَاكُهَا لِأَنَّهُ أَدَّاهَا صَحِيحَةً فَلَا تَجِبُ إعَادَتُهَا كَأَمَةٍ صَلَّتْ مَكْشُوفَةَ الرَّأْسِ وَعَتَقَتْ فِي الْوَقْتِ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْحَجِّ لِأَنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ ( أَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا لَزِمَهُ إتْمَامُهَا ) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ الْوُجُوبَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ فَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا ( وَأَجْزَأَتْهُ وَلَوْ عَنْ الْجُمُعَةِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى الْوَاجِبَ بِشَرْطِهِ وَقَدْ تَجِبُ إتْمَامُ الْعِبَادَةِ وَإِنْ كَانَ أَوَّلُهَا تَطَوُّعًا كَحَجِّ تَطَوُّعٍ وَصَوْمِ مَرِيضٍ شُفِيَ فِي أَثْنَائِهِ ( وَتُسْتَحَبُّ لَهُ الْإِعَادَةُ ) فِي الصُّورَتَيْنِ لِيُؤَدِّيَهَا حَالَةَ الْكَمَالِ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ لَزِمَهُ إتْمَامُهَا إنَّمَا هُوَ جَوَابٌ لِلثَّانِيَةِ وَأَنَّ مَا بَعْدَهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى وَأَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الْمَانِعِ فِي الْوَقْتِ إذَا لَمْ تُؤَدَّ حَالَةَ الْمَانِعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْمَوَانِعِ كَمَا تَمْنَعُ الْوُجُوبَ تَمْنَعُ الصِّحَّةَ ( وَلَوْ زَالَتْ ) أَيْ الْمَوَانِعُ ( فِي وَقْتِ الْعَصْرِ ) أَوَّلَهُ أَوْ وَسَطَهُ ( وَلَبِثَ ) الشَّخْصُ بِلَا مَانِعٍ ( مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ تَقْدِيمُهَا ( وَ ) مَا يَسَعُ ( أَدَاءُ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ جُنَّ ) ( لَزِمَتَاهُ ) كَمَا تَلْزَمُهُ بِآخِرِهِ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ ، وَمِثْلُهُ الْمَغْرِبُ مَعَ الْعِشَاءِ

( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا صَحِيحَةً ) هَذَا التَّعْلِيلُ جَارٍ عَلَى غَيْرِ الْأَصَحِّ فِي تَعْرِيفِ الصِّحَّةِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى الرَّاجِحِ بَيْنَ أَنْ يَنْوِيَ الْفَرْضِيَّةَ وَأَنْ لَا يَنْوِيَهَا ( قَوْلُهُ أَوْ بَلَغَ فِي أَثْنَائِهَا بِالسِّنِّ ) وَلَا يُتَصَوَّرُ بِالِاحْتِلَامِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا نَزَلَ إلَى ذَكَرِهِ فَأَمْسَكَهُ حَتَّى رَجَعَ الْمَنِيُّ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِبُلُوغِهِ وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهُ إلَى خَارِجٍ ( قَوْلُهُ وَصَوْمُ مَرِيضٍ شُفِيَ فِي أَثْنَائِهَا ) وَكَمَا لَوْ شَرَعَ فِي صَوْمِ تَطَوُّعٍ ثُمَّ نَذَرَ إتْمَامَهُ ( قَوْلُهُ وَلَبِثَ مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ إلَخْ ) أَمَّا إذَا لَبِثَ مَا لَا يَسَعُ ذَلِكَ فَلَا لُزُومَ إلَّا أَنْ يَسَعَ الْفَرْضَ الثَّانِيَ فَيَجِبُ فَقَطْ لِأَنَّ الْوَقْتَ لَهُ أَوْ الْأَوَّلَ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْقَصْرُ وَأَدْرَكَ ثَلَاثَ رَكَعَاتٍ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ أَنْ يَجِبَ الْمَغْرِبُ وَكَانَ الْقَاضِي يَتَوَقَّفُ فِيهِ لِسُقُوطِ التَّابِعِ بِسُقُوطِ مَتْبُوعِهِ انْتَهَى وَالْأَوْجَهُ عَدَمُ وُجُوبِهِ ش وَقَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَهَذَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ ) لَيْسَ كَذَلِكَ

( فَصْلٌ ) فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ ( وَتُكْرَهُ تَحْرِيمًا الصَّلَاةُ فِي ثَلَاثَةِ أَوْقَاتٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى تَرْتَفِعَ رُمْحًا ) أَيْ قَدْرَهُ تَقْرِيبًا ( وَ ) عِنْدَ ( اسْتِوَائِهَا حَتَّى تَزُولَ وَ ) عِنْدَ ( اصْفِرَارِهَا حَتَّى تَغْرُبَ ) لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهَا فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الرُّمْحِ ( وَبَعْدَ فِعْلَيْنِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ ) أَدَاءً لِمَنْ صَلَّاهَا ( وَلَوْ قَدَّمَهَا ) مَجْمُوعَةً فِي وَقْتِ الظُّهْرِ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَتَسْتَمِرُّ الْكَرَاهَةُ ( إلَى الْغُرُوبِ وَبَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ ) أَدَاءً ( إلَى الطُّلُوعِ ) لِمَنْ صَلَّاهَا لِلنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ خَمْسَةٌ هِيَ عِبَارَةُ الْجُمْهُورِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ هِيَ ثَلَاثَةٌ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَرْتَفِعَ الشَّمْسُ وَمِنْ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ وَحَالَةَ الِاسْتِوَاءِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَهِيَ تَشْمَلُ الْخَمْسَةَ وَالْعِبَارَةُ الْأُولَى أَجْوَدُ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ الْعَصْرَ حَتَّى اصْفَرَّتْ يُكْرَهُ لَهُ التَّنَفُّلُ حَتَّى تَرْتَفِعَ أَوْ تَغْرُبَ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ الْعِبَارَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِأَنَّ حَالَ الِاصْفِرَارِ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ عَلَى الْعِبَارَةِ الْأُولَى بِسَبَبَيْنِ وَعَلَى الثَّانِيَةِ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالْمُرَادُ بِحَصْرِ الْكَرَاهَةِ فِي الْأَوْقَاتِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأَوْقَاتِ الْأَصْلِيَّةِ فَسَتَأْتِي كَرَاهَةُ التَّنَفُّلِ فِي وَقْتِ إقَامَةِ الصَّلَاةِ وَوَقْتِ صُعُودِ الْإِمَامِ لِخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ وَفِي إيرَادِهِ الْأُولَى نَظَرٌ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهَا لِلتَّنْزِيهِ وَالْكَلَامُ فِي كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ ( وَلَا تُكْرَهُ ) الصَّلَاةُ ( فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ) أَيْ مِنْ الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ ( بِمَكَّةَ وَسَائِرِ الْحَرَمِ ) لِخَبَرِ { يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ

مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ فَضْلِ الصَّلَاةِ فَلَا تُكْرَهُ بِحَالٍ نَعَمْ هِيَ خِلَافُ الْأَوْلَى كَمَا فِي مُقْنِعِ الْمَحَامِلِيِّ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ ( وَلَا ) تُكْرَهُ ( عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ) لِأَحَدٍ ( وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهَا ) لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ مُرْسَلًا لِاعْتِضَادِهِ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَحَبَّ التَّبْكِيرَ إلَيْهَا ثُمَّ رَغَّبَ فِي الصَّلَاةِ إلَى خُرُوجِ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ
( فَصْلٌ ) فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ ( قَوْلُهُ أَيْ قَدْرَهُ ) تَقْرِيبًا فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَإِلَّا فَالْمَسَافَةُ طَوِيلَةٌ جِدًّا د ( قَوْلُهُ وَعِنْدَ اسْتِوَائِهَا ) اعْلَمْ أَنَّ وَقْتَ الِاسْتِوَاءِ وَقْتٌ لَطِيفٌ لَا يَتَّسِعُ لِصَلَاةٍ وَلَا يَكَادُ يَشْعُرُ بِهِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ إلَّا أَنَّ التَّحَرُّمَ قَدْ يُمْكِنُ إيقَاعُهُ فِيهِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ ح ( قَوْلُهُ وَبَعْدَ فِعْلَيْنِ إلَخْ ) الْمُتَّجَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْفِعْلِ الْفِعْلُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ بَلْ مُطْلَقُ الْفِعْلِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ صَلَاةُ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَصَلَاةُ الْمُتَيَمِّمِ لِفَقْدِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ فِيهِ بِالتَّيَمُّمِ س الَّذِي قَالَهُ ابْنُ الْعِمَادِ فِي التَّعَقُّبَاتِ أَنَّ الْمُتَّجَهَ الْأَوَّلُ وَعِبَارَتُهَا وَهَلْ الْمُرَادُ بِفِعْلِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ الْفِعْلُ الْمُغْنِي عَنْ الْقَضَاءِ أَمْ مُطْلَقُ الْفِعْلِ حَتَّى يَدْخُلَ فِيهِ صَلَاةُ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ وَالصَّلَاةُ لِفَقْدِ الْمَاءِ فِي مَوْضِعٍ لَا تَسْقُطُ الْفَرْضُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ هُمَا النَّافِلَةَ الْمُطْلَقَةَ الْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ ( قَوْلُهُ وَالتَّصْرِيحُ بِهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَنَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْبَنْدَنِيجِيِّ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَالْأَصْحَابِ ع

( وَلَا ) تُكْرَهُ ( مَا ) أَيْ صَلَاةٌ ( لَهَا سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ أَوْ مُقَارِنٌ كَالْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ ) وَالْمُعَادَةِ كَصَلَاةِ مُنْفَرِدٍ وَمُتَيَمِّمٍ ( وَالْقَضَاءِ ) بِمَعْنَى الْمَقْضِيَّةِ ( حَتَّى ) مَقْضِيَّةَ النَّوَافِلِ ( الَّتِي اتَّخَذَهَا وِرْدًا ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهَا سَبَبًا مُتَقَدِّمًا أَوْ مُقَارِنًا عَلَى مَا يَأْتِي وَلِخَبَرِ { فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إذَا ذَكَرَهَا } وَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هُمَا اللَّتَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ } وَفِي مُسْلِمٍ { لَمْ يَزَلْ يُصَلِّيهِمَا حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا } ( وَكَذَا رَكْعَتَا الْوُضُوءِ وَالِاسْتِسْقَاءِ ) وَالْكُسُوفِ وَالطَّوَافِ وَنَحْوِهَا كَسُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ لِأَنَّ بَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُتَقَدِّمٌ كَرَكْعَتَيْ الْوُضُوءِ وَبَعْضَهَا لَهُ سَبَبٌ مُقَارِنٌ كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَالْكُسُوفِ بِخِلَافِ مَا لَهَا سَبَبٌ مُتَأَخِّرٌ كَصَلَاةِ الْإِحْرَامِ وَصَلَاةِ الِاسْتِخَارَةِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرَادُ بِالتَّقَدُّمِ وَقَسِيمَيْهِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ عَلَى مَا فِي الْمَجْمُوعِ وَإِلَى الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ عَلَى مَا فِي الْأَصْلِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلَةٌ لَهُمَا وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَظْهَرُ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ فَعَلَيْهِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ سَبَبُهَا مُتَقَدِّمٌ وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يَكُونُ مُتَقَدِّمًا وَقَدْ يَكُونُ مُقَارِنًا بِحَسَبِ وُقُوعِهِ فِي الْوَقْتِ أَوْ قَبْلَهُ ( وَلَيْسَ لِمَنْ قَضَى فِيهَا ) أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ ( فَائِتَةً الْمُدَاوَمَةُ عَلَيْهَا وَجَعْلُهَا وِرْدًا ) وَأَمَّا { مُدَاوَمَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ } كَمَا مَرَّ فَمِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قَوْلُهُ وَالْقَضَاءُ ) قَالَ شَيْخُنَا نَقْلُ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْفَائِتَةَ تُفْعَلُ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ ( قَوْلُهُ وَصَلَاةُ الِاسْتِخَارَةِ ) وَالصَّلَاةُ عِنْدَ السَّفَرِ وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْمَنْزِلِ د ( قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الصَّلَاةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الرِّفْعَةِ ) وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَقْسِيمِ الرَّافِعِيِّ ز

( وَتُكْرَهُ رَكْعَتَا الِاسْتِخَارَةِ وَالْإِحْرَامِ فِيهَا ) أَيْ فِي أَوْقَاتِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّ سَبَبَهُمَا وَهُوَ الِاسْتِخَارَةُ وَالْإِحْرَامُ مُتَأَخِّرٌ عَنْهُمَا ( وَلَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ ) فِيهَا ( لَا لِغَرَضٍ سِوَى اسْتِحْبَابِهَا ) أَيْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ ( لَمْ تَصِحَّ كَمَنْ أَخَّرَ فَائِتَةً ) عَلَيْهِ ( لِيَقْضِيَهَا وَقْتَ الْكَرَاهَةِ ) فَإِنَّهَا لَا تَصِحُّ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ { لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا } وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا بَحْثٌ ذَكَرْته مَعَ جَوَابِهِ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ أَمَّا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ لَا لِغَرَضٍ أَوْ لِغَرَضٍ غَيْرِ التَّحِيَّةِ أَوْ لِغَرَضِهِمَا فَلَا تُكْرَهُ بَلْ تُسَنُّ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلَا يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ } فَهُوَ مُخَصِّصٌ لِخَبَرِ النَّهْيِ فَإِنْ قُلْتُ خَبَرُ النَّهْيِ عَامٌّ فِي الصَّلَوَاتِ خَاصٌّ فِي الْأَوْقَاتِ وَخَبَرُ التَّحِيَّةِ بِالْعَكْسِ فَلِمَ رَجَّحْتُمْ تَخْصِيصَ خَبَرِ النَّهْيِ قُلْنَا لِأَنَّ التَّخْصِيصَ دَخَلَهُ بِمَا مَرَّ مِنْ الْأَخْبَارِ فِي صَلَاةِ الْعَصْرِ وَصَلَاةِ الصُّبْحِ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ بَعْدَهُمَا وَأَمَّا خَبَرُ التَّحِيَّةِ فَهُوَ عَلَى عُمُومِهِ وَلِهَذَا أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الدَّاخِلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ بِالتَّحِيَّةِ بَعْدَ أَنْ قَعَدَ وَلَوْ كَانَتْ تُتْرَكُ فِي وَقْتٍ لَكَانَ هَذَا الْوَقْتَ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ حَالَ الْخُطْبَةِ مِنْ الصَّلَاةِ إلَّا التَّحِيَّةَ وَلِأَنَّهُ تَكَلَّمَ فِي الْخُطْبَةِ وَبَعْدَ أَنَّ قَعَدَ الدَّاخِلُ وَكُلُّ هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَعْمِيمِ التَّحِيَّةِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْمُوعِ

( قَوْلُهُ وَلِلسُّبْكِيِّ هُنَا بَحْثٌ ذَكَرْته إلَخْ ) قَالَ السُّبْكِيُّ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَكْرُوهُ الدُّخُولَ لِغَرَضِ التَّحِيَّةِ وَتَأْخِيرَ الْفَائِتَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَمَّا فِعْلُهَا فِيهِ فَكَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا بِأَنَّ فَاتَتْهُ عَمْدًا بَلْ الْعَصْرُ الْمُؤَدَّاةُ تَأْخِيرُهَا لِتُفْعَلَ وَقْتَ الِاصْفِرَارِ مَكْرُوهٌ وَلَا نَقُولُ بَعْدَ التَّأْخِيرِ أَنَّ إيقَاعَهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ بَلْ وَاجِبٌ وَأَقُولُ بَلْ فِعْلُ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ فِيمَا ذَكَرَ مَكْرُوهٌ أَيْضًا لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ كَخَبَرِ { لَا تَحَرَّوْا بِصَلَاتِكُمْ طُلُوعَ الشَّمْسِ وَلَا غُرُوبَهَا } لَكِنْ الْمُؤَدَّاةُ مُنْعَقِدَةٌ لِوُقُوعِهَا فِي وَقْتِهَا بِخِلَافِ التَّحِيَّةِ وَالْفَائِتَةِ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَكَوْنُهَا قَدْ تَجِبُ لَا يَقْتَضِي صِحَّتَهَا فِيمَا ذَكَرَ لَكِنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ إلَى ذَلِكَ مُرَاغِمٍ لِلشَّرْعِ بِالْكُلِّيَّةِ وَلِأَنَّ الْمَانِعَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُقْتَضَى عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا ش .
( قَوْلُهُ وَبِالْإِجْمَاعِ عَلَى جَوَازِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ ) أَيْ وَالْفَائِتَةِ

( وَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أَوْ نَذَرَهَا فِيهِ ) أَيْ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ ( لَمْ يَنْعَقِدْ ) كُلٌّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالنَّذْرِ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ ثُمَّ جَاءَ الْوَقْتُ وَهُوَ فِيهَا لَمْ تَبْطُلْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَتَحَرَّ دُخُولَ بَعْضِهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ قَالَ الرُّويَانِيُّ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى السُّجُودَ فِيهِ وَإِلَّا فَهُوَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِمَّا إذَا قَرَأَهَا فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ

( قَوْلُهُ وَلَوْ أَحْرَمَ بِصَلَاةٍ أَوْ نَذَرَهَا فِيهِ لَمْ تَنْعَقِدْ ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا فِي الْأَمْكِنَةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْفِعْلَ فِي الزَّمَانِ يُذْهِبُ جُزْءًا مِنْهُ فَكَانَ النَّهْيُ فِيهِ مُنْصَرِفًا لِإِذْهَابِ هَذَا الْجُزْءِ فِي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَهُوَ وَصْفٌ لَازِمٌ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُ فِعْلِهِ إلَّا بِإِذْهَابِ جُزْءٍ مِنْ الزَّمَانِ وَأَمَّا الْمَكَانُ فَلَا يَذْهَبُ جُزْءٌ مِنْهُ وَلَا يَتَأَثَّرُ بِالْفِعْلِ فَالنَّهْيُ فِيهِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ مُجَاوِرٍ لَا لَازِمٍ فَحَقِّقْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ نَفِيسٌ قُلْت الْفَرْقُ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ وَتَحْقِيقُ هَذَا أَنَّ الْأَفْعَالَ الِاخْتِيَارِيَّةَ لِلْعِبَادِ تَقْتَضِي زَمَانًا وَمَكَانًا وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَازِمٌ لِوُجُودِ الْفِعْلِ لَكِنْ الزَّمَانُ كَمَا يَلْزَمُ الْوُجُودَ يَلْزَمُ الْمَاهِيَّةَ دُونَ الْمَكَانِ وَلِهَذَا يَنْقَسِمُ الْفِعْلُ بِحَسَبِ انْقِسَامِ الزَّمَانِ إلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ وَالْحَالِ فَكَانَ أَشَدَّ ارْتِبَاطًا بِالْفِعْلِ مِنْ الْمَكَانِ فَافْتَرَقَا كَ ( قَوْلِهِ : كُلٌّ مِنْ الْإِحْرَامِ وَالنَّذْرِ ) وَإِنْ قُلْنَا إنَّ كَرَاهَتَهَا لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّ نَهْيَ التَّنْزِيهِ إذَا رَجَعَ إلَى الصَّلَاةِ يُضَادُّ الصِّحَّةَ كَنَهْيِ التَّحْرِيمِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَكْرُوهَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ مُطْلَقِ الْأَمْرِ وَلَا يَلْزَمُ كَوْنُ الشَّيْءِ مَطْلُوبًا مَنْهِيًّا وَلَا يَصِحُّ إلَّا مَا كَانَ مَطْلُوبًا ( قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الْبُطْلَانُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ آيَةَ سَجْدَةٍ فِي وَقْتِ جَوَازِ الصَّلَاةِ إلَخْ ) لَوْ قَرَأَ آيَةَ السَّجْدَةِ فِي وَقْتِ النَّهْيِ لِيَسْجُدَهَا لَمْ يَجُزْ ( قَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ تَحَرَّى ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ) الْأَذَانُ وَالْأَذِينُ وَالتَّأْذِينُ بِالْمُعْجَمَةِ لُغَةً الْإِعْلَامُ قَالَ تَعَالَى { وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } وَشَرْعًا قَوْلٌ مَخْصُوصٌ يُعْلَمُ بِهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى { إذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ } وَقَوْلُهُ { إذَا نَادَيْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ } وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ { إذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ } وَفِي أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ قَالَ { لَمَّا أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيَضْرِبَ بِهِ النَّاسُ لِجَمْعِ الصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْت يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ فَقَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ فَقُلْت نَدْعُو بِهِ إلَى الصَّلَاةِ قَالَ أَوَلَا أَدُلُّك عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ فَقُلْت بَلَى فَقَالَ تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْأَذَانِ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ قَالَ وَتَقُولُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ إلَى آخِرِ الْإِقَامَةِ فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْت فَقَالَ إنَّهَا رُؤْيَا حَقٍّ إنْ شَاءَ اللَّهُ قُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك فَقُمْت مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ فَيُؤَذِّنُ بِهِ فَسَمِعَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْت مِثْلَ مَا رَأَى فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ }
( الْبَابُ الثَّانِي فِي الْأَذَانِ )

( هُوَ ) أَيْ الْأَذَانُ ( وَالْإِقَامَةُ سُنَّتَانِ ) عَلَى الْكِفَايَةِ لِلْخَبَرَيْنِ السَّابِقَيْنِ قَالُوا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبَا لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ وَدُعَاءٌ إلَيْهَا كَقَوْلِهِ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَاكَ شِعَارٌ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ الْأَذَانِ وَفِي الْمُهِمَّاتِ بِأَنَّ ذَاكَ دُعَاءٌ إلَى مُسْتَحَبٍّ وَهَذَا دُعَاءٌ إلَى وَاجِبٍ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ ( فِي الْمَكْتُوبَاتِ ) الْخَمْسِ ( فَقَطْ ) أَيْ لَا فِي غَيْرِهَا كَالسُّنَنِ وَصَلَاةِ الْجِنَازَةِ وَالْمَنْذُورَةِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ فِيهِ بَلْ يُكْرَهَانِ فِيهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ ( فَلْيُظْهِرْ الْأَذَانَ ) أَيْ يُسَنُّ إظْهَارُهُ ( فِي الْبَلَدِ ) مَثَلًا ( بِحَيْثُ يَسْمَعُهُ كُلُّ مُصْغٍ إلَيْهِ ) مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَفِي بَلْدَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْفِي فِي مَحَلٍّ وَفِي كَبِيرَةٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي مَحَالٍّ لِيَنْتَشِرَ فِي جَمِيعِ أَهْلِهَا فَلَوْ أَذَّنَ وَاحِدٌ فِي جَانِبٍ فَقَطْ حَصَلَتْ السُّنَّةُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ ( فَلَوْ تَرَكُوهُ ) وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ ( لَمْ يُقَاتَلُوا ) كَسَائِرِ السُّنَنِ

( قَوْلُهُ سُنَّتَانِ عَلَى الْكِفَايَةِ ) شَمِلَ أَذَانَ الْجُمُعَةِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ إلَخْ ) وَلِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَهُ فِي ثَانِيَةِ الْجَمْعِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ لِلْجَمْعِ الَّذِي لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلِذِكْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ كَمَا ذَكَرَ الْوُضُوءَ وَالِاسْتِقْبَالَ وَأَرْكَانَ الصَّلَاةِ ش ( قَوْلُهُ وَضَعَّفَهُ فِي الْمَجْمُوعِ إلَخْ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَيْ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَالصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْجُمْهُورِ إيجَابُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ح ( قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَنَّانِ فِي الْمَكْتُوبَاتِ فَقَطْ ) يُؤَذِّنُ فِي أُذُنِ الْمَوْلُودِ الْيُمْنَى وَيُقِيمُ فِي الْيُسْرَى وَيُشْرَعُ الْأَذَانُ أَيْضًا إذَا تَغَوَّلَتْ الْغِيلَانُ أَيْ تَمَرَّدَتْ الْجَانُّ لِحَدِيثٍ صَحِيحٍ وَرَدَ فِيهِ كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ يُقَالُ لَا تَرِدُ الثَّانِيَةُ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْأَذَانِ مَعَ الْإِقَامَةِ وَهَذَا أَذَانٌ بِلَا إقَامَةٍ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ وَغَيْرُهُ ) فِي التَّتِمَّةِ وَنَصَّ عَلَيْهَا الشَّافِعِيُّ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِيدِ ز ( قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكُوهُ لَمْ يُقَاتَلُوا ) وَإِنْ تَرَكُوهُ رَغْبَةً عَنْ السُّنَّةِ

( وَيُسَنُّ ) الْأَذَانُ ( لِلْمُنْفَرِدِ ) بِالصَّلَاةِ ( وَلَوْ سَمِعَهُ ) مِنْ غَيْرِهِ وَيَكْفِي فِي أَذَانِهِ إسْمَاعُ نَفْسِهِ بِخِلَافِ أَذَانِ الْإِعْلَامِ كَمَا سَيَأْتِي وَالتَّرْجِيحُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ سَمِعَهُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ( وَيُعْلِنُ ) أَيْ يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ نَدْبًا رَوَى الْبُخَارِيُّ { عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ أَنَّ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ لَهُ إنِّي أَرَاك تُحِبُّ الْغَنَمَ وَالْبَادِيَةَ فَإِذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَمِعْته مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } ( لَا ) إنْ صَلَّى ( فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ ) وَصَلَّى ( فِيهِ ) وَإِنْ لَمْ تُقَمْ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِأَنْ أُقِيمَتْ فُرَادَى ( أَوْ ) فِي مَسْجِدٍ أَذَّنَ وَ ( أُقِيمَتْ ) فِيهِ ( جَمَاعَةً ) فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا وَالْأُولَى مِنْ زِيَادَتِهِ وَلَوْ قَالَ فِيهَا وَفِي الثَّانِيَةِ مَا قَدَّرْته كَانَ أَوْلَى وَاعْتَبَرَ الْأَصْلَ مَعَ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ انْصِرَافَهُمْ حَيْثُ قَالَ مَا حَاصِلُهُ لَا إنْ صَلَّى فِي مَسْجِدٍ أُقِيمَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَانْصَرَفُوا فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ لِئَلَّا يُوهِمُ السَّامِعِينَ دُخُولَ وَقْتِ صَلَاةٍ أُخْرَى لَا سِيَّمَا فِي يَوْمِ الْغَيْمِ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْأُولَى أَنَّهُ لَوْ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ ثَانِيَةٌ فِي الْمَسْجِدِ سُنَّ لَهُمْ الْأَذَانُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَإِنَّمَا سُنَّ الْأَذَانُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ انْتَهَى حُكْمُهُ بِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْأُولَى وَالتَّقْيِيدُ بِانْصِرَافِهِمْ يَقْتَضِي سَنَّ الرَّفْعِ قَبْلَهُ لِعَدَمِ خَفَاءِ الْحَالِ عَلَيْهِمْ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُوهِمُ غَيْرَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ حَذَفَ التَّقْيِيدَ الْمَذْكُورَ لِهَذَا لِنَظَرٍ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ

جَمَاعَةٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْأَذَانُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَدْعُوٌّ بِالْأَوَّلِ وَلَمْ يَنْتَهِ حُكْمُهُ وَذِكْرُ الْمَسْجِدِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فَمِثْلُهُ الرِّبَاطُ وَنَحْوُهُ مِنْ أَمْكِنَةِ الْجَمَاعَةِ
( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ ) وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ ش وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ لَكِنْ صَحَّحَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ وَالْعَمَلُ عَلَى الْأَوَّلِ ح ( قَوْلُهُ لَا فِي مَسْجِدٍ أُذِّنَ فِيهِ إلَخْ ) عِبَارَةُ الشَّامِلِ الصَّغِيرِ حَيْثُ لَمْ يُؤَذِّنْ أَوَّلًا وَقَالَ فِي التَّحْقِيقِ فَإِنْ أَذَّنَ بِمَسْجِدٍ صَلَّيْنَا فِيهِ جَمَاعَةً لَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ وَإِلَّا رَفَعَ وَقَالَ فِي الْكِفَايَةِ نَعَمْ لَوْ حَضَرَ وَقَدْ صَلَّتْ الْجَمَاعَةُ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِخَفْضِ الصَّوْتِ سَوَاءٌ رَجَا جَمَاعَةً أَمْ لَا وَيُكْرَهُ رَفْعُهُ لِأَنَّهُ يُوهِمُ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ وَهَذَا نَصُّهُ فِي الْأُمِّ وَهُوَ الْأَصَحُّ مُطْلَقًا وَقَالَ الْقَمُولِيُّ وَهَلْ يَرْفَعُ صَوْتَهُ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ فِي مَسْجِدٍ قَدْ صُلِّيَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ لَمْ يَرْفَعْهُ سَوَاءٌ رَجَا حُضُورَ جَمَاعَةٍ أَمْ لَا وَقَالَ الْأَصْفُونِيُّ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ الْحِجَازِيُّ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ وَقَالَ فِي الْمِنْهَاجِ كَالْمُحَرَّرِ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إلَّا بِمَسْجِدٍ وَقَعَتْ فِيهِ جَمَاعَةٌ .
( قَوْلُهُ فَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ فِيهِمَا ) أَيْ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَرْفَعَ ( قَوْلُهُ لِئَلَّا يُوهِمَ السَّامِعِينَ إلَخْ ) أَوْ يُوهِمَ الْجِيرَانَ وُقُوعَ صَلَاتِهِمْ قَبْلَ الْوَقْتِ ( قَوْلُهُ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَإِنَّمَا قَيَّدُوا بِوُقُوعِ جَمَاعَةٍ إلَخْ ) هَذَا رَأْيٌ مَرْجُوحٌ

( وَتُقِيمُ الْمَرْأَةُ ) لَهَا وَلِلنِّسَاءِ نَدْبًا ( وَلَا تُؤَذِّنُ ) أَيْ لَا يُنْدَبُ أَذَانُهَا لَهَا وَلَا لَهُنَّ لِأَنَّهُ يُخَافُ مِنْ رَفْعِهَا الصَّوْتَ بِهِ الْفِتْنَةُ ( فَإِنْ أَذَّنَتْ ) لَهَا أَوْ لَهُنَّ ( سِرًّا لَمْ يُكْرَهْ ) وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ( أَوْ جَهْرًا ) بِأَنْ رَفَعَتْ صَوْتَهَا فَوْقَ مَا تُسْمِعُ صَوَاحِبَهَا وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ ( حَرُمَ ) كَمَا يَحْرُمُ تَكَشُّفُهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا كَمَا يُفْتَتَنُ بِوَجْهِهَا أَوْ اسْتَشْكَلَ بِجَوَازِ غِنَائِهَا عِنْدَ اسْتِمَاعٍ لِرَجُلٍ لَهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ وَإِنْ أَمِنَ الْفِتْنَةَ وَالْأَذَانُ يُسْتَحَبُّ لَهُ اسْتِمَاعُهُ فَلَوْ جَوَّزْنَا لِلْمَرْأَةِ لَأَدَّى إلَى أَنْ يُؤْمَرَ الرَّجُلُ بِاسْتِمَاعِ مَا يَخْشَى مِنْهُ الْفِتْنَةَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ أَمَّا أَذَانُهَا لِلرِّجَالِ أَوْ لِلْخَنَاثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَالْخُنْثَى كَالْمَرْأَةِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

( قَوْلُهُ وَثَمَّ أَجْنَبِيٌّ حَرُمَ ) لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ أَجْنَبِيٌّ وَأَنْ لَا يَكُونَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُفْتَتَنُ بِصَوْتِهَا إلَخْ ) وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالرِّجَالِ بِخِلَافِ الْغِنَاءِ فَإِنَّهُ مِنْ شَعَائِرِ النِّسَاءِ وَفَارَقَ الرَّفْعُ هُنَا الرَّفْعَ فِي التَّلْبِيَةِ بِأَنَّ الْإِصْغَاءَ إلَيْهِ غَيْرُ مَطْلُوبٍ ز ( قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغِنَاءَ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ اسْتِمَاعُهُ إلَخْ ) وَبِأَنَّ الْغِنَاءَ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَالْأَذَانَ عِبَادَةٌ وَالْمَرْأَةُ لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِهَا وَإِذَا لَمْ تَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا حَرُمَ عَلَيْهَا تَعَاطِيهَا كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَعَاطِي الْعِبَادَةِ الْفَاسِدَةِ وَبِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ النَّظَرُ إلَى الْمُؤَذِّنِ حَالَةَ الْأَذَانِ فَلَوْ اسْتَحْبَبْنَاهُ لِلْمَرْأَةِ لَأُمِرَ السَّامِعُ بِالنَّظَرِ إلَيْهَا وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَقْصُودِ الشَّارِعِ وَلِأَنَّ الْغِنَاءَ مِنْهَا إنَّمَا يُبَاحُ لِلْأَجَانِبِ الَّذِينَ يُؤْمَنُ افْتِنَانُهُمْ بِصَوْتِهَا وَالْأَذَانُ مَشْرُوعٌ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَلَا يُحْكَمُ بِالْأَمْنِ مِنْ الِافْتِتَانِ فَمُنِعَتْ مِنْهُ وَبِأَنَّ صَوْتَ الْمَرْأَةِ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ الْعِبَادَاتِ كَمَا أَنَّ الدُّفَّ يُنَاسِبُ الْغِنَاءَ دُونَ ذِكْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ

( وَيُنَادَى لِجَمَاعَةِ ) صَلَاةِ ( الْعِيدَيْنِ وَالْكُسُوفَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالتَّرَاوِيحِ ) وَالْوِتْرِ حَيْثُ يُسَنُّ جَمَاعَةً فِيمَا يَظْهَرُ ( الصَّلَاةَ جَامِعَةً ) لِوُرُودِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَقِيسَ بِهِ الْبَاقِي وَالْجُزْءَانِ مَنْصُوبَانِ الْأَوَّلُ بِالْإِغْرَاءِ وَالثَّانِي بِالْحَالِيَّةِ أَيْ اُحْضُرُوا الصَّلَاةَ أَوْ الْزَمُوهَا حَالَةَ كَوْنِهَا جَامِعَةً وَيَجُوزُ رَفْعُهُمَا عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ وَرَفْعُ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَوْ عَكْسُهُ وَنَصْبُ الْآخِرِ عَلَى الْإِغْرَاءِ فِي الْجُزْءِ الْأَوَّلِ وَعَلَى الْحَالِيَّةِ فِي الثَّانِي وَكَالصَّلَاةَ جَامِعَةً الصَّلَاةَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ ( لَا لِجِنَازَةٍ ) وَمَنْذُورَةٍ وَنَافِلَةٍ لَا تُسَنُّ جَمَاعَةً كَالضُّحَى أَوْ صُلِّيَتْ فُرَادَى فَلَا يُسَنُّ لَهَا ذَلِكَ أَمَّا غَيْرُ الْجِنَازَةِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الْجِنَازَةُ فَلِأَنَّ الْمُشَيِّعِينَ لَهَا حَاضِرُونَ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِعْلَامِ ( وَإِنْ وَالَى بَيْنَ فَوَائِتَ أَذَّنَ لِلْأُولَى ) فَقَطْ ( وَأَقَامَ لِلْكُلِّ ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْهَا كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَكَانَ قَبْلَ نُزُولِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا مُعْتَضِدٌ بِخَبَرٍ فِي مُسْلِمٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُؤَذِّنُ لِلْفَائِتَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَالِ بَيْنَهَا أَذَّنَ وَأَقَامَ لِكُلٍّ ( وَلَوْ أَتْبَعَهَا ) أَيْ الْفَائِتَةَ ( بِحَاضِرَةٍ بِلَا فَصْلٍ ) طَوِيلٍ ( لَمْ يُعِدْهُ ) أَيْ الْأَذَانَ لِلْحَاضِرَةِ ( إلَّا إنْ دَخَلَ وَقْتُهَا ) فَيُعِيدُهُ لِلْإِعْلَامِ بِوَقْتِهَا ( وَيُؤَذَّنُ لِلْأُولَى فَقَطْ ) أَيْ دُونَ الثَّانِيَةِ ( فِي جَمْعِ تَقْدِيمٍ أَوْ ) جَمْعِ ( تَأْخِيرٍ ) وَالَى فِيهِ { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ وَرَوَيَا مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَتَيْنِ } وَأَجَابُوا عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَفِظَ الْإِقَامَةَ وَقَدْ

حَفِظَ جَابِرٌ الْأَذَانَ فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ لِأَنَّ مَعَهُ زِيَادَةَ عِلْمٍ وَبِأَنَّ جَابِرًا اسْتَوْفَى أُمُورَ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَتْقَنَهَا فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ
( قَوْلُهُ الصَّلَاةَ جَامِعَةً ) يَنُوبُ عَنْهُ الصَّلَاةَ وَالصَّلَاةَ وَهَلُمُّوا إلَى الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةَ رَحِمَكُمْ اللَّهُ أَوْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ شَيْخُنَا فَسَقَطَ الْقَوْلُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ تَبَعًا لِلدَّارِمِيِّ ( قَوْلُهُ لَمْ يُعِدْهُ إلَّا أَنْ دَخَلَ وَقْتُهَا ) لَا سَبِيلَ إلَى تَوَالِي أَذَانَيْنِ إلَّا فِي هَذِهِ وَفِيمَا لَوْ أَخَّرَ الْمُؤَدَّاةَ إلَى آخِرِ الْوَقْتِ فَأَذَّنَ لَهَا وَصَلَّاهَا ثُمَّ دَخَلَتْ فَرِيضَةٌ أُخْرَى

( فَصْلٌ ) فِي صِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ .
( وَكَلِمَاتُهُ ) مَعَ كَلِمَاتِهَا ( مَشْهُورَةٌ ) وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهِ بِالتَّرْجِيعِ تِسْعَ عَشْرَةَ كَلِمَةً وَعِدَّةُ كَلِمَاتِهَا إحْدَى عَشْرَةَ ( فَإِنْ زَادَ ) الْمُؤَذِّنُ فِي أَذَانِهِ شَيْئًا ( مِنْهُ ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْهَا ( أَوْ مِنْ ذِكْرٍ آخَرَ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ ) بِغَيْرِ الْأَذَانِ ( أَوْ قَالَ اللَّهُ الْأَكْبَرُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ وَكَذَا قَوْلُهُ ( وَيَفْتَحُ ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ ( الرَّاءَ فِي الْأُولَى ) مِنْ لَفَظَّتَيْ التَّكْبِيرِ ( وَيُسَكِّنُ ) هَا ( فِي الثَّانِيَةِ ) لِلْوَقْفِ وَفَتْحُهَا فِي الْأُولَى هُوَ قَوْلُ الْمُبَرِّدِ قَالَ لِأَنَّ الْأَذَانَ سُمِعَ مَوْقُوفًا فَكَانَ الْأَصْلُ إسْكَانَهَا لَكِنْ لَمَّا وَقَعَتْ قَبْلَ فَتْحَةِ هَمْزَةِ اللَّهِ الثَّانِيَةِ فُتِحَتْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى { الم اللَّهُ } وَقَالَ الْهَرَوِيُّ عَوَامُّ النَّاسِ عَلَى رَفْعِهَا وَمَا قَالَهُ هُوَ الْقِيَاسُ وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمُبَرِّدُ مَمْنُوعٌ إذْ الْوَقْفُ لَيْسَ عَلَى أَكْبَرِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ مِيمٍ مِنْ الم كَمَا لَا يَخْفَى ( قَارِنًا ) فِي الْأَذَانِ ( بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ ) بِصَوْتٍ لِخِفَّتِهِمَا ( وَيُفْرِدُ بَاقِيَ الْكَلِمَاتِ ) أَيْ كُلًّا مِنْهُ بِصَوْتٍ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ بِقَوْلِهِ ( وَفِي الْإِقَامَةِ يَجْمَعُ كُلَّ كَلِمَتَيْنِ ) مِنْهَا بِصَوْتٍ وَالْكَلِمَةَ الْأَخِيرَةَ بِصَوْتٍ ( قَوْلُهُمْ الْأَذَانُ مَثْنَى وَالْإِقَامَةُ فُرَادَى يُرِيدُونَ بِهِ مُعْظَمَهُمَا ) فَإِنَّ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ فِي آخِرِ الْأَذَانِ مُفْرَدَةٌ وَالتَّكْبِيرَ فِي أَوَّلِهِ أَرْبَعٌ وَلَفْظُ الْإِقَامَةِ وَالتَّكْبِيرُ فِي أَوَّلِهَا وَآخِرِهَا مَثْنَى لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي خَبَرَيْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَبِلَالٍ

( فَصْلٌ ) ( قَوْلُهُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً ) رُوِيَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْأَذَانُ تِسْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً ( قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْأَذَانِ ) كَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ( قَوْلُهُ أَوْ لُقِّنَ الْأَذَانَ لَمْ يَضُرَّ ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي الْأَذَانِ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِنْ قُلْنَا تُشْتَرَطُ كَمَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ وَجْهًا فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهِ قَصْدُهُ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ فَقَالَ وَإِذَا عَلَّمَ رَجُلٌ رَجُلًا الْأَذَانَ فَفَعَلَ وَهُوَ لَا يَقْصِدُ الْأَذَانَ الْمَسْنُونَ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْقَصْدُ ز ( قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ لَا يُؤَدِّي إلَى اشْتِبَاهٍ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ز ( قَوْلُهُ وَيُسَكِّنُ فِي الثَّانِيَةِ لِلْوَقْفِ ) هَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مُعْرَبٍ إذَا وُصِلَ بِمَا بَعْدَهُ وَوَجَّهُوهُ بِأَنَّهُ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إلَى الرَّاءِ فَفُتِحَتْ كَقَوْلِهِ { الم اللَّهُ } ز ( قَوْلُهُ وَصَرَّحَ مِنْ زِيَادَتِهِ ) أَيْ كَالْمَجْمُوعِ ز ( قَوْلُهُ لِوُرُودِ ذَلِكَ فِي خَبَرَيْ عَبْدِ اللَّهِ إلَخْ ) وَلِأَنَّ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ أَمْرَانِ يَتَقَدَّمَانِ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهَا فَكَانَ الثَّانِي مِنْهُمَا أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَخُطْبَتَيْ الْجُمُعَةِ وَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ ثَانٍ لِأَوَّلٍ يُفْتَتَحُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ فَكَانَ الثَّانِي أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ كَتَكْبِيرَاتِ صَلَاةِ الْعِيدِ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ أَوْفَى صِفَةً مِنْ الْإِقَامَةِ لِأَنَّهُ يُؤْتَى بِهِ مُرَتَّلًا وَيَرْفَعُ بِهِ الصَّوْتَ وَبِالْإِقَامَةِ مُدْرَجَةً وَيَخْفِضُ بِهَا الصَّوْتَ فَكَانَ أَوْفَى قَدْرًا مِنْهَا كَالرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ لَمَّا كَانَتَا أَوْفَى صِفَةً بِالْجَهْرِ كَانَتَا أَوْفَى قَدْرًا بِالسُّورَةِ

( وَيُسْتَحَبُّ تَرْتِيلُ الْأَذَانِ ) أَيْ التَّأَنِّي فِيهِ ( وَإِدْرَاجُ الْإِقَامَةِ ) أَيْ الْإِسْرَاعُ بِهَا لِلْأَمْرِ بِهِمَا فِيمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْغَائِبِينَ فَالتَّرْتِيلُ فِيهِ أَبْلَغُ وَالْإِقَامَةُ لِلْحَاضِرِينَ فَالْإِدْرَاجُ فِيهَا أَشْبَهُ ( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( الْخَفْضُ بِهَا ) لِذَلِكَ ( وَالتَّرْجِيعُ فِيهِ ) أَيْ فِي الْأَذَانِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ وَحِكْمَتُهُ تَدَبُّرُ كَلِمَتَيْ الْإِخْلَاصِ لِكَوْنِهِمَا الْمُنْجِيَتَيْنِ مِنْ الْكُفْرِ الْمُدْخَلَتَيْنِ فِي الْإِسْلَامِ وَتَذَكُّرُ خَفَائِهِمَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ظُهُورِهِمَا ( وَهُوَ الْإِسْرَارُ بِكَلِمَاتِ الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ التَّكْبِيرِ وَهُنَّ أَرْبَعٌ ثُمَّ ) بَعْدَ ذِكْرِهَا سِرًّا ( يُعِيدُهَا جَهْرًا ) وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ رَجَعَ إلَى الرَّفْعِ بَعْدَ أَنْ تَرَكَهُ أَوْ إلَى الشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ ذِكْرِهِمَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ اسْمٌ لِلْمَجْمُوعِ لَكِنْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ وَتَحْقِيقِهِ وَدَقَائِقِهِ وَتَحْرِيرِهِ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي وَالْمُرَادُ بِالْإِسْرَارِ بِهِمَا أَنْ يُسْمِعَ مَنْ بِقُرْبِهِ أَوْ أَهْلَ الْمَسْجِدِ إنْ كَانَ وَاقِفًا عَلَيْهِمْ وَالْمَسْجِدُ مُتَوَسِّطُ الْخُطَّةِ كَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ) أَيْ وَأَبُو دَاوُد د ( قَوْلُهُ ثُمَّ يُعِيدُهَا جَهْرًا ) فَإِنْ جَهَرَ بِالْأَوْلَيَيْنِ أُمِرَ بِالْأُخْرَيَيْنِ ( قَوْلُهُ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلْأَوَّلِ ) وَهُوَ الصَّوَابُ د ( قَوْلُهُ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ) أَيْ وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ د ( قَوْلُهُ بِأَنَّهُ اسْمٌ لِلثَّانِي ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَهْوٌ ت

( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( التَّثْوِيبُ ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَيُقَالُ التَّثْوِيبُ ( فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَيْعَلَتَيْنِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَهُوَ مِنْ ثَابَ إذَا رَجَعَ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَعَا إلَى الصَّلَاةِ بِالْحَيْعَلَتَيْنِ ثُمَّ عَادَ فَدَعَا إلَيْهَا بِذَلِكَ وَخُصَّ بِالصُّبْحِ لِمَا يَعْرِضُ لِلنَّائِمِ مِنْ التَّكَاسُلِ بِسَبَبِ النَّوْمِ وَيُثَوِّبُ فِي أَذَانِ الْفَائِتِ أَيْضًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ نَظَرًا إلَى أَصْلِهِ ( وَيُكْرَهُ ) أَنْ يُثَوِّبَ ( لِغَيْرِهَا ) أَيْ لِغَيْرِ الصُّبْحِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ }
( قَوْلُهُ فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ ) هُوَ مَا ذَكَرَ الْأَصْلُ أَنَّهُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ إذَا ثَوَّبَ فِي الْأَوَّلِ لَا يُثَوَّبُ فِي الثَّانِي عَلَى الْأَصَحِّ وَأَطْلَقَ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ تَرْجِيحَهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَصَحَّحَهُ فِي التَّحْقِيقِ ( قَوْلُهُ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ ) أَيْ الْيَقِظَةُ لِلصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ الرَّاحَةِ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْ النَّوْمِ ( قَوْلُهُ لِوُرُودِهِ فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد إلَخْ ) قُلْت وَالظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَهُوَ الْمَحْفُوظُ مِنْ فِعْلِ بِلَالٍ وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ يَقُولُ ت ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( الْقِيَامُ ) فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { يَا بِلَالُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ } وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ ( وَالِاسْتِقْبَالُ ) فِيهِمَا لِلْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ وَلِأَنَّهُ الْمَنْقُولُ سَلَفًا وَخَلَفًا ( فَلَوْ تَرَكَهُمَا ) مَعَ الْقُدْرَةِ ( كُرِهَ ) لِمُخَالِفَتِهِ السَّلَفَ وَالْخَلَفَ ( وَأَجْزَأَهُ ) لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُخِلُّ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ( وَالِاضْطِجَاعُ ) فِيمَا ذَكَرَ ( أَشَدُّ كَرَاهَةً ) مِنْ الْقُعُودِ فِيهِ ( وَيُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ ) فِي الشِّعَارِ الْمَذْكُورِ ( وَلَوْ فِي الْإِقَامَةِ ) بِوَجْهِهِ ( لَا بِصَدْرِهِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ ) عَنْ مَحَلِّهِ ( وَلَوْ بِمَنَارَةٍ ) أَيْ عَلَيْهَا مُحَافَظَةً عَلَى الِاسْتِقْبَالِ ( يَمِينًا ) مَرَّةً ( فِي ) قَوْلِهِ ( حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ) مَرَّتَيْنِ ( وَيَسَارًا ) مَرَّةً ( فِي ) قَوْلِهِ ( حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ ) مَرَّتَيْنِ ( حَتَّى يُتِمَّهُمَا ) فِي الِالْتِفَاتَتَيْنِ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ رَأَيْت بِلَالًا يُؤَذِّنُ فَجَعَلْت أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَاهُنَا وَهَاهُنَا يَقُولُ يَمِينًا وَشِمَالًا حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَاخْتَصَّتْ الْحَيْعَلَتَانِ بِالِالْتِفَاتِ لِأَنَّ غَيْرَهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ وَهُمَا خِطَابُ الْآدَمِيِّ كَالسَّلَامِ فِي الصَّلَاةِ يَلْتَفِتُ فِيهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ وَفَارَقَ كَرَاهَةَ الِالْتِفَاتِ فِي الْخُطْبَةِ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ دَاعٍ لِلْغَائِبِينَ وَالِالْتِفَاتُ أَبْلَغُ فِي إعْلَامِهِمْ وَالْخَطِيبُ وَاعِظٌ لِلْحَاضِرِينَ فَالْأَدَبُ أَنْ لَا يُعْرِضَ عَنْهُمْ وَإِنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ فِي الْإِقَامَةِ بَلْ يُنْدَبُ كَمَا مَرَّ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا الْإِعْلَامُ فَلَيْسَ فِيهِ تَرْكُ أَدَبٍ وَلَا يَلْتَفِتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عُجَيْلٍ الْيَمَنِيُّ

( قَوْلُهُ فَلَوْ تَرَكَهُمَا كُرِهَ ) نَعَمْ لَا بَأْسَ بِأَذَانِ الْمُسَافِرِ رَاكِبًا قَاعِدًا إلَى جِهَةِ مَقْصِدِهِ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الِالْتِفَاتُ إلَخْ ) سَكَتَ عَنْ قَدْرِ الِالْتِفَاتِ وَقَالَ الْإِمَامُ هُوَ بِقَدْرِ الْتِفَاتِ الْمُصَلِّي فِي السَّلَامِ مِنْ الصَّلَاةِ ز ( قَوْلُهُ رَوَى الشَّيْخَانِ أَنَّ أَبَا جُحَيْفَةَ إلَخْ ) وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فَلَمَّا بَلَغَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ لَوِيَ عُنُقَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ يَسْتَدِرْ ش ( قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ فِي قَوْلِهِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ إلَخْ ) وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ يَلْتَفِتُ كَمَا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ش

( وَ ) يُسْتَحَبُّ ( الْمُبَالَغَةُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ ) بِالْأَذَانِ لِخَبَرِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ أَوَائِلَ الْبَابِ ( بِلَا إجْهَادٍ ) لِلنَّفْسِ لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا ( وَلَوْ أَسَرَّ ) بِأَذَانِهِ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْهُ مَا عَدَا التَّرْجِيعَ ( غَيْرَ الْمُنْفَرِدِ ) يَعْنِي الْمُؤَذِّنَ لِجَمَاعَةٍ ( لَمْ يُجْزِهِ ) لِفَوَاتِ الْإِعْلَامِ فَيَجِبُ الْإِسْمَاعُ وَلَوْ لِوَاحِدٍ ( وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ ) لَا مَا دُونَهُ ( يُجْزِئُ الْمُنْفَرِدَ ) أَيْ الْمُؤَذِّنَ لِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْهُ الذِّكْرُ لَا الْإِعْلَامُ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَسَرَّ بِبَعْضِهِ صَحَّ ( وَلَا يُجْزِئُ ) إسْمَاعُ نَفْسِهِ ( الْمُقِيمَ لِلْجَمَاعَةِ ) كَمَا فِي الْأَذَانِ لَكِنْ الرَّفْعُ بِهَا أَخْفَضُ كَمَا مَرَّ

( وَيَجِبُ التَّرْتِيبُ ) فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلِاتِّبَاعِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ وَيُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ ( فَإِنْ نَكَسَ ) وَفِي نُسْخَةٍ عَكَسَ لَمْ يَصِحَّ لِذَلِكَ وَ ( بَنَى عَلَى الْمُنْتَظِمِ ) مِنْهُ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَوْ تَرَكَ بَعْضَ الْكَلِمَاتِ فِي خِلَالِهِ أَتَى بِالْمَتْرُوكِ وَأَعَادَ مَا بَعْدَهُ ( وَ ) تَجِبُ ( الْمُوَالَاةُ ) بَيْنَ كَلِمَاتِهِ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ
قَوْلُهُ وَلِأَنَّ تَرْكَهُ يُوهِمُ اللَّعِبَ إلَخْ ) لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فَيَتَّبِعُ فِيهِ مَا وَرَدَ

( وَلَا يَضُرُّ يَسِيرُ سُكُوتٍ وَكَلَامٍ ) وَفِي نُسْخَةٍ أَوْ كَلَامٍ ( وَنَوْمٍ وَإِغْمَاءٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْتَأْنِفَ فِي الْأَخِيرَيْنِ ) دُونَ الْأَوَّلَيْنِ ( فَإِذَا كَثُرَ شَيْءٌ ) مِنْ ذَلِكَ ( أَوْ بَنَى غَيْرُ ) أَيْ غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ عَلَى مَا أَتَى بِهِ ( بَطَلَ ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخِلُّ بِالْإِعْلَامِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ صُدُورَهُ مِنْ شَخْصَيْنِ يُورِثُ اللُّبْسَ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ صِحَّةُ الْبِنَاءِ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ
( قَوْلُهُ وَكَلَامٍ ) بَلْ يُكْرَهُ وَفِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ وَلَوْ خَافَ وُقُوعَ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ فِي نَحْوِ بِئْرٍ أَوْ يَلْدَغُهُ نَحْوُ حَيَّةٍ لَزِمَهُ إنْذَارُهُ ( قَوْلُهُ وَإِغْمَاءٌ ) أَوْ جُنُونٌ ( قَوْلُهُ إذَا اشْتَبَهَا صَوْتًا ) بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ عَنْهُ غَالِبًا ت ( قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ ) اللَّهَ ( فِي نَفْسِهِ إذَا عَطَسَ ) بِفَتْحِ الطَّاءِ ( وَ ) أَنْ ( يُؤَخِّرَ رَدَّ السَّلَامِ ) إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ( وَ ) أَنْ يُؤَخِّرَ ( التَّشْمِيتَ ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ إذَا عَطَسَ غَيْرُهُ وَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى ( إلَى الْفَرَاغِ ) مِنْ الْأَذَانِ فَيَرُدُّ السَّلَامَ وَيُشَمِّتُ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طُولِ الْفَصْلِ وَقِصَرِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ قَالَ فِي الْأَصْلِ فَإِنْ رَدَّ أَوْ شَمَّتَ أَوْ تَكَلَّمَ بِمَصْلَحَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَكَانَ تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَلَوْ رَأَى أَعْمَى يَخَافُ وُقُوعَهُ فِي بِئْرٍ وَجَبَ إنْذَارُهُ
( قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ) هُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يُطِلْ الْفَصْلُ رَدَّ وَشَمَّتَ وَإِلَّا فَلَا

( فَصْلٌ ) فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ ( وَيُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مُسْلِمًا ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ كَافِرٍ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ وَلِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ مَضْمُونَهُ وَلَا الصَّلَاةَ الَّتِي هُوَ دُعَاءٌ إلَيْهَا فَإِتْيَانُهُ بِهِ ضَرْبٌ مِنْ الِاسْتِهْزَاءِ وَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ بِهِ عَلَى تَفْصِيلٍ يَأْتِي ( عَاقِلًا ) فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِهِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلْعِبَادَةِ ( ذَكَرًا ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا فَلَا يَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِهِ لِلرِّجَالِ كَمَا سَيَأْتِي ( فَلَوْ أَذَّنَ كَافِرٌ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ بِالشَّهَادَتَيْنِ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا ) بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَالْعِيسَوِيَّةُ فِرْقَةٌ مِنْ الْيَهُودِ تُنْسَبُ إلَى أَبِي عِيسَى إِسْحَاقَ بْنِ يَعْقُوبَ الْأَصْبَهَانِيِّ كَانَ فِي خِلَافَةِ الْمَنْصُورِ يَعْتَقِدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَى الْعَرَبِ خَاصَّةً وَخَالَفَ الْيَهُودَ فِي أَشْيَاءَ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْهَا أَنَّهُ حَرَّمَ الذَّبَائِحَ ( وَيُعْتَدُّ بِأَذَانِهِ ) أَيْ غَيْرِ الْعِيسَوِيِّ ( إنْ أَعَادَهُ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُعِدْهُ وَبِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ وَإِنْ أَعَادَهُ لِمَا مَرَّ وَالتَّصْرِيحُ بِقَوْلِهِ يُعْتَدُّ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ مَعْلُومٌ مَعَ أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ إيهَامًا أَنَّ أَذَانَهُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَدُّ بِهِ إذَا أُعِيدَ

( فَصْلٌ ) فِي صِفَةِ الْمُؤَذِّنِ .
( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِيسَوِيًّا ) قَوْلُهُمْ أَذَانُ الْعِيسَوِيِّ لَا يَكُونُ إسْلَامًا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصٌ بِرِسَالَةِ الْعَرَبِ كَلَامٌ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مَتَى اعْتَقَدَ نُبُوَّتَهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ الْكَذِبُ لِعِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْكَذِبِ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إلَى النَّاسِ كَافَّةً الْعَجَمِ وَالْعَرَبِ ز ( قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعِيسَوِيِّ ) هَذَا لَيْسَ مَخْصُوصًا بِالْعِيسَوِيِّ بَلْ بَعْضُ النَّصَارَى يَزْعُمُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ فَعَلَى هَذَا حُكْمُهُ حُكْمُ الْعِيسَوِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ بِذَلِكَ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ مِنْ التَّنْقِيحِ ز وَقَوْلُهُ أَنَّهُ مَبْعُوثٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَيْ إلَى الْعَرَبِ

( وَإِنْ ارْتَدَّ ) الْمُؤَذِّنُ ( ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى ) عَلَى أَذَانِهِ لِأَنَّ الرِّدَّةَ إنَّمَا تَمْنَعُ الْعِبَادَةَ فِي الْحَالِ وَلَا تُبْطِلُ مَا مَضَى إلَّا إذَا اقْتَرَنَ بِهَا الْمَوْتُ أَمَّا إذَا طَالَ الْفَصْلُ فَلَا يَجُوزُ الْبِنَاءُ ( أَوْ ارْتَدَّ بَعْدَهُ ) أَيْ الْأَذَانِ ( ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَقَامَ جَازَ وَالْأَوْلَى أَنْ يُعِيدَهُمَا ) أَيْ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ ( غَيْرُهُ ) حَتَّى لَا يُصَلَّى بِأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ لِأَنَّ رِدَّتَهُ تُورِثُ شُبْهَةً فِي حَالِهِ
( قَوْلُهُ وَإِنْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ قَرِيبًا بَنَى ) قَدْ قَالَا فِي الرِّدَّةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ تُفْسِدُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ طَالَ زَمَنُهُمَا أَمْ قَصُرَ فَلَا يَبْنِي عَلَى الْأَصَحِّ إذَا أَسْلَمَ لِأَنَّهَا مُحْبِطَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَاسْتَشْكَلَ هَذَا عَلَى مَسْأَلَتِنَا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَذَانَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ النِّيَّةُ وَلِهَذَا لَا يَبْطُلُ مَا مَضَى بِخِلَافِ الْحَجِّ فَإِنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِيهِ فَكَانَتْ الرِّدَّةُ قَطْعًا لِاسْتِصْحَابِ النِّيَّةِ فَيَبْطُلُ الْمَاضِي ز

( وَيُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْأَوْقَاتِ فِي النَّصْبِ لِذَلِكَ ) أَيْ نَصْبِ الْمُؤَذِّنِ لِلْأَذَانِ بِخِلَافِ مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ شَرْطَ أَذَانِ الرَّاتِبِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِالْأَمَارَةِ وَقَضِيَّتُهُ عَدَمُ صِحَّةِ أَذَانِهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهَا بِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَصِحُّ إذَا عَرَفَهَا بِخَبَرِ ثِقَةٍ كَغَيْرِ الرَّاتِبِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا فَشَرْطُ أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ رَاتِبًا أَوْ غَيْرِهِ مَعْرِفَتُهُ الْأَوْقَاتَ بِأَمَارَةٍ أَوْ غَيْرِهَا وَهُوَ الْوَجْهُ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ رَاتِبًا مَعَ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُهَا بِالْأَمَارَةِ فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت كَمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَغَيْرِهِ نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ اعْتَدَّ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ وَفَارَقَ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ ثُمَّ بِخِلَافِهِ هُنَا ذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ

( قَوْلُهُ تَبِعَ فِيهِ النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ ) حَيْثُ قَالَ وَتُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْمَوَاقِيتِ هَكَذَا صَرَّحَ بِاشْتِرَاطِهِ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَغَيْرُهُ وَأَمَّا مَا حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَقَطَعَ بِهِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الْمَحَامِلِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا فَمُؤَوَّلٌ قَالَ وَنَعْنِي بِالِاشْتِرَاطِ فِي الرَّاتِبِ لِلْأَذَانِ أَمَّا مَنْ يُؤَذِّنُ لِنَفْسِهِ أَوْ يُؤَذِّنُ لِجَمَاعَةٍ مَرَّةً فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهُ بِهَا بَلْ إذَا عَلِمَ دُخُولَ الْوَقْتِ صَحَّ أَذَانُهُ بِدَلِيلِ أَذَانِ الْأَعْمَى ( قَوْلُهُ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ أَئِمَّتِنَا ) حَتَّى الْمُتَوَلِّي فِي تَتِمَّتِهِ ( قَوْلُهُ وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ) قَالَ فِيهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ النَّصِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِالْأَوْقَاتِ مَعْنَاهُ يُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ عَارِفًا بِهَا بِالْإِمَارَةِ لِأَنَّ غَيْرَهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْأَوْقَاتِ بِاشْتِغَالِهِ بِمَعْرِفَتِهَا .
ا هـ .
وَالْمُصَنِّفُ حَمَلَ كَلَامَ الْمَجْمُوعِ عَلَى مَا لَا يَرِدُ عَلَيْهِ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ وَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ نَصْبِ الشَّخْصِ مُؤَذِّنًا مَعْرِفَتُهُ بِالْأَوْقَاتِ لَا أَنَّهَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ أَذَانِهِ فَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ نَصْبُ غَيْرِ الْعَارِفِ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا لَيْسَ مَعَهُ عَارِفٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمَصْلَحَةِ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَأَمَّا نَصْبُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ مُؤَذِّنًا رَاتِبًا فَلِكَوْنِهِ كَانَ مَعَ غَيْرِهِ وَلِلْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ قَالَ مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ ذَلِكَ وَيَظْهَرُ أَنْ يَكُونَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ تَرْتِيبِهِ التَّكْلِيفُ وَالْأَمَانَةُ إذَا رَتَّبَهُ

الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ .
ا هـ .
( قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ إلَخْ ) ( فَرْعٌ ) لَوْ أَذَّنَ جَاهِلًا بِدُخُولِ الْوَقْتِ فَصَادَفَهُ فَفِي الِاعْتِدَادِ بِهِ احْتِمَالَانِ لِصَاحِبِ الْوَافِي وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الِاعْتِدَادِ وَيُخَالِفُ التَّيَمُّمَ وَالصَّلَاةَ وَنَظِيرَهُمَا لِتَوَقُّفِهِ عَلَى النِّيَّةِ وَالْأَذَانُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ عَلَى الْمَشْهُورِ ز

( وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ سَكْرَانَ ) لِمَا مَرَّ ( إلَّا فِي أَوَّلِ نَشْوَتِهِ ) بِفَتْحِ النُّونِ وَحُكِيَ كَسْرُهَا فَيَصِحُّ أَذَانُهُ لِانْتِظَامِ قَصْدِهِ وَفِعْلِهِ

( وَلَا ) يَصِحُّ أَذَانُ ( امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ ) وَخَنَاثَى كَمَا لَا تَصِحُّ إمَامَتُهُمَا لَهُمْ وَتَقَدَّمَ أَذَانُهُمَا لِغَيْرِ الرِّجَالِ وَالْخَنَاثَى وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الرِّجَالِ بَيْنَ الْمَحَارِمِ وَغَيْرِهِمْ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْإِسْنَوِيُّ
( قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَذَانُ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى لِرِجَالٍ ) مُقْتَضَى إطْلَاقِهِ صِحَّةُ إقَامَةِ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى لِلرِّجَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَكَوْنُ الْمُؤَذِّنِ وَالْمُقِيمِ مُسْلِمًا عَاقِلًا ذَكَرًا ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ لِلرِّجَالِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ التَّعْلِيلِ

( وَيُكْرَهُ أَذَانُ صَبِيٍّ ) كَفَاسِقٍ ( وَ ) أَذَانُ ( أَعْمَى وَحْدَهُ ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ بَصِيرٌ يَعْرِفُ الْوَقْتَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلِطَ فِي الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُفَوِّتُ عَلَى النَّاسِ فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِاشْتِغَالِهِ بِالسُّؤَالِ عَنْهُ وَالتَّحَرِّي فِيهِ ( وَ ) أَذَانُ ( فَاسِقٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ وَلَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ لَكِنْ يَحْصُلُ بِأَذَانِهِ السُّنَّةُ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْوَقْتِ ( وَ ) أَذَانُ ( مُحْدِثٍ ) وَلَوْ حَدَثًا أَصْغَرَ لِخَبَرِ { كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ } أَوْ قَالَ { عَلَى طَهَارَةٍ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَقَالَ فِي الْمَجْمُوعِ إنَّهُ صَحِيحٌ فَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ مُتَطَهِّرًا لِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يَدْعُو إلَى الصَّلَاةِ فَلْيَكُنْ بِصِفَةِ مَنْ يُمْكِنُهُ فِعْلُهَا وَإِلَّا فَهُوَ وَاعِظٌ غَيْرُ مُتَّعِظٍ قَالَهُ الرَّافِعِيُّ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ مِنْ الْخُبْثِ أَيْضًا ( وَالْكَرَاهَةُ فِي ) الْأَذَانِ مِنْ ( الْجُنُبِ ) أَشَدُّ فِيهِ مِنْ الْمُحْدِثِ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ ( ثُمَّ ) الْكَرَاهَةُ ( فِي الْإِقَامَةِ ) مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا ( أَشَدُّ ) مِنْهَا فِي الْأَذَانِ مِنْهُ لِذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ سَبَبُهَا وَإِلَّا فَلِأَنَّ الْإِقَامَةَ تَعْقُبُهَا الصَّلَاةُ فَإِنْ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ لِيَتَطَهَّرَ شَقَّ عَلَيْهِمْ وَإِلَّا سَاءَتْ بِهِ الظُّنُونُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ كَرَاهَةَ إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ كَرَاهَةِ أَذَانِ الْجُنُبِ لَكِنْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ يُتَّجَهُ مُسَاوَاتُهُمَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْحَيْضَ وَالنِّفَاسَ أَغْلَظُ مِنْ الْجَنَابَةِ فَتَكُونُ الْكَرَاهَةُ مَعَهُمَا أَشَدَّ مِنْهَا مَعَهَا ( وَيُجْزِئُ الْجُنُبَ ) أَذَانُهُ وَإِقَامَتُهُ ( وَإِنْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ وَمَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ ) وَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِجْزَاءِ ارْتِكَابُهُ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّ الْمُرَادَ حُصُولُ الْإِعْلَامِ وَقَدْ حَصَلَ وَالتَّحْرِيمُ لِمَعْنًى آخَرَ وَهُوَ حُرْمَةُ الْمَسْجِدِ وَكَشْفُ الْعَوْرَةِ

( قَوْلُهُ وَأَذَانُ فَاسِقٍ ) أَمَّا نَصْبُ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ مِنْ الْقَاضِي وَنَحْوِهِ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَبِهِ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي نَصْبِ الصَّبِيِّ إمَامًا وَيَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالْمَنْعِ بِنَصْبِ الْفَاسِقِ مُؤَذِّنًا لِلْبَلَدِ وَلَا يَجُوزُ تَوْلِيَةُ الْفَاسِقِ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الدِّينِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ وَهُوَ وَاضِحٌ ت وَقَدْ يُحْمَلُ الْكَلَامُ الْأَوَّلُ عَلَى تَوْلِيَتِهِ الْحَاصِلَةِ بِاتِّفَاقِ الْقَوْمِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي عَلَى تَوْلِيَةِ الْإِمَامِ لَهُ ش ( قَوْلُهُ وَأَذَانُ مُحْدِثٍ إلَخْ ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ الْكَرَاهَةُ لِلْمُتَيَمِّمِ وَإِنْ أَبَاحَ تَيَمُّمُهُ الصَّلَاةَ لِأَنَّهُ مُحْدِثٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَذَلِكَ فَاقِدُ الطَّهُورَيْنِ وَالسَّلَسُ لَكِنْ تَعْلِيلُهُمْ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكَرَاهَةِ لَهُمَا وَهُوَ الظَّاهِرُ د وَكَتَبَ أَيْضًا الْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَنْ لَا تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ يُكْرَهُ أَذَانُ مُحْدِثٍ غَيْرِ مُتَيَمِّمٍ ( قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ لَهُ التَّطَهُّرُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ ) وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْجُنُبُ لِيُمْكِنَهُ الصَّلَاةَ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُحْدِثُ وَكَتَبَ أَيْضًا وَقِيَاسُ مَا ذَكَرُوهُ أَنْ يَكُونَ أَذَانُ الْمُحْدِثِ الْجُنُبِ أَشَدَّ مِنْ الْجُنُبِ ح ( قَوْلُهُ ثُمَّ الْكَرَاهَةُ فِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ إلَخْ ) قَالَ الكوهكيلوني الْكُرْهُ فِي أَذَانِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْجُنُبِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ وَمِنْ أَذَانِ الْمُحْدِثِ وَمِنْ إقَامَتِهِ وَالْكُرْهُ فِي إقَامَةِ الْمُحْدِثِ أَشَدُّ مِنْ أَذَانِهِ فَهَذِهِ سِتٌّ

( فَإِنْ أَحْدَثَ ) وَلَوْ حَدَثًا أَكْبَرَ ( فِي أَذَانِهِ اُسْتُحِبَّ إتْمَامُهُ ) وَلَا يُسْتَحَبُّ قَطْعُهُ لِيَتَوَضَّأَ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّلَاعُبَ ( فَإِنْ تَوَضَّأَ وَلَمْ يَبْطُلْ ) زَمَنُهُ ( بَنَى ) عَلَى أَذَانِهِ وَالِاسْتِئْنَافُ أَوْلَى كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ

( وَيُسْتَحَبُّ كَوْنُهُ ) أَيْ الْمُؤَذِّنُ ( حُرًّا ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَيُجْزِئُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( عَدْلًا ) لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى الْوَقْتِ وَلِأَنَّهُ يُؤَذِّنُ بِعُلْوٍ وَالْفَاسِقُ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْعَوْرَاتِ كَمَا مَرَّ ( صَيِّتًا ) لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ { أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا } أَيْ أَبْعَدُ لِزِيَادَةِ الْإِبْلَاغِ ( حَسَنَ الصَّوْتِ ) لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اخْتَارَ أَبَا مَحْذُورَةَ لِحُسْنِ صَوْتِهِ وَلِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِيهِ فَيَكُونُ مَيْلُهُمْ إلَى الْإِجَابَةِ أَكْثَرَ ( وَأَنْ يُؤَذِّنَ عَلَى ) شَيْءٍ ( عَالٍ ) كَمَنَارَةٍ وَسَطْحٍ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا } وَلِزِيَادَةِ الْإِعْلَامِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا تُسَنُّ عَلَى عَالٍ إلَّا فِي مَسْجِدٍ كَبِيرٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى عُلْوٍ لِلْإِعْلَامِ بِهَا ( وَأُصْبُعَاهُ فِي صِمَاخَيْهِ ) لِأَنَّهُ رُوِيَ فِي خَبَرِ أَبِي جُحَيْفَةَ { وَأُصْبُعَاهُ فِي أُذُنَيْهِ } وَالْمُرَادُ أُنْمُلَتَا سَبَّابَتَيْهِ وَلِأَنَّهُ أَجْمَعُ لِلصَّوْتِ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ لَا يُسَنُّ فِيهَا ذَلِكَ ( وَأَنْ يَكُونَ ) الْمُؤَذِّنُ ( مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) كَبِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ وَأَبِي مَحْذُورَةَ وَسَعْدٍ الْقَرَظِ ( وَ ) مِنْ وَلَدِ مُؤَذِّنِي ( أَصْحَابِهِ ) بَعْدَ فَقْدِ وَلَدِ مُؤَذِّنَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَمِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ
( قَوْلُهُ وَيَسْتَدِلُّ بِهِ مَنْ صُمَّ أَوْ بَعُدَ عَلَى الْأَذَانِ ) فَيُجِيبُ إلَى فِعْلِ الصَّلَاةِ لَا أَنَّهُ تُسَنُّ لَهُ إجَابَةُ الْمُؤَذِّنِ بِالْقَوْلِ

( وَيُكْرَهُ تَمْطِيطُهُ ) أَيْ تَمْدِيدُهُ ( وَالتَّغَنِّي ) أَيْ التَّطْرِيبُ ( لَهُ ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِمَا فِي الْمُهَذَّبِ وَشَرْحِهِ ( وَالرُّكُوبُ فِيهِ لِمُقِيمٍ ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْقِيَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ لَا يُكْرَهُ أَذَانُهُ رَاكِبًا لِلْحَاجَةِ إلَى الرُّكُوبِ فِي السَّفَرِ ( فَإِنْ أَذَّنَ مَاشِيًا أَجْزَأَهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ ) عَنْ مَكَانِ ابْتِدَاءِ أَذَانِهِ ( بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ ) وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ ثُمَّ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْزِئَهُ فِي الْحَالَيْنِ
( قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ آخِرَهُ مَنْ سَمِعَ أَوَّلَهُ ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَلِجَمْعٍ يَمْشُونَ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ ت

( وَيَتَحَوَّلُ ) نَدْبًا مِنْ مَكَانِ الْأَذَانِ ( لِلْإِقَامَةِ وَلَا يُقِيمُ وَهُوَ يَمْشِي ) لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ

( وَيَفْصِلُ ) الْمُؤَذِّنُ مَعَ الْإِمَامِ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ( بِقَدْرِ اجْتِمَاعِ النَّاسِ ) فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ ( وَ ) بِقَدْرِ ( أَدَاءِ السُّنَّةِ ) الَّتِي قَبْلَ الْفَرِيضَةِ إنْ كَانَ قَبْلَهَا سُنَّةٌ ( وَ ) يَفْصِلُ بَيْنَهُمَا ( فِي الْمَغْرِبِ بِسَكْتَةٍ لَطِيفَةٍ ) أَوْ نَحْوِهَا كَقُعُودٍ لَطِيفٍ لِضِيقِ وَقْتِهَا وَلِاجْتِمَاعِ النَّاسِ لَهَا قَبْلَ وَقْتِهَا عَادَةً وَعَلَى مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّ لِلْمَغْرِبِ سُنَّةً قَبْلَهَا يَفْصِلُ بِقَدْرِ أَدَائِهَا أَيْضًا ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَإِنْ وَفِي أُخْرَى فَإِذَا ( دَخَلَ ) غَيْرُهُ الْمَسْجِدَ مَثَلًا ( وَهُوَ يُقِيمُ ) الصَّلَاةَ ( فَهَلْ يَقْعُدُ لِيَقُومَ ) أَوْ لَا ( وَجْهَانِ ) أَوْجَهُهُمَا لَا ثُمَّ رَأَيْت النَّوَوِيَّ فِي مَجْمُوعِهِ فِي بَابِ صِفَةِ الصَّلَاةِ نَقَلَهُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَغَيْرِهِ وَقَالَ إنَّهُ ظَاهِرٌ قَالَ وَقَوْلُ أَبِي عَاصِمٍ إنَّهُ يَقْعُدُ غَلَطٌ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَيَفْصِلُ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ وَيَفْصِلُ الْمُؤَذِّنُ وَالْإِمَامُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ إلَخْ ) يُشْتَرَطُ فِي الْإِقَامَةِ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الْفَصْلَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصَّلَاةِ قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ

( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ ) السَّامِعُ ( الْمُؤَذِّنَ ) وَالْمُقِيمَ ( وَإِنْ كَانَ جُنُبًا ) أَوْ حَائِضًا ( بِمِثْلِ قَوْلِهِ عَقِيبَهُ ) بِأَنْ يُجِيبَهُ عَقِبَ كُلِّ كَلِمَةٍ لِخَبَرِ { إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَهُوَ مُبَيِّنٌ لِخَبَرِهِ الْآتِي ( إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ فَإِنَّهُ يُحَوْلِقُ ) بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَهُمَا فِي الْأَذَانِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ أَرْبَعًا وَفِي الْإِقَامَةِ مَرَّتَيْنِ أَيْ لَا حَوْلَ لِي عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَلَا قُوَّةَ لِي عَلَى مَا دَعَوْتنِي إلَيْهِ إلَّا بِك وَذَلِكَ لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّ الْحَيْعَلَتَيْنِ دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ فَسُنَّ لِلْمُجِيبِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَفْوِيضٌ مَحْضٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَتَعْبِيرُهُ بِالْحَوْلَقَةِ جَائِزٌ وَبِهِ عَبَّرَ الْجَوْهَرِيُّ بِتَرْكِيبِهِ مِنْ حَوْلِ وَقَافِ قُوَّةِ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْأَزْهَرِيُّ بِالْحَوْقَلَةِ بِأَخْذِ الْحَاءِ وَالْوَاوِ مِنْ حَوْلَ وَالْقَافِ مِنْ قُوَّةَ وَاللَّامِ مِنْ اسْمِ اللَّهِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَهَذَا حَسَنٌ لِتَضَمُّنِهِ جَمِيعَ الْأَلْفَاظِ ( وَفِي التَّثْوِيبِ يَقُولُ صَدَقْت وَبَرِرْت ) مَرَّتَيْنِ بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى لِخَبَرٍ وَرَدَ فِيهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ

( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ جُنُبًا أَوْ حَائِضًا ) وَخَالَفَ السُّبْكِيُّ لِخَبَرِ { كَرِهْت أَنْ أَذْكُرَ اللَّهَ إلَّا عَلَى طُهْرٍ } قَالَ وَالتَّوَسُّطُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُحْدِثِ لَا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ إلَّا الْجَنَابَةَ وَقَالَ ابْنُهُ فِي التَّوْشِيحِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُقَالُ تُجِيبُ الْحَائِضُ لِطُولِ أَمَدِهَا بِخِلَافِ الْجُنُبِ وَالْخَبَرَانِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ وَلَيْسَ الْحَيْضُ فِي مَعْنَاهَا لِمَا ذَكَرْت .
ا هـ .
وَفِي دَعْوَاهُ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ لَا يَدُلَّانِ عَلَى غَيْرِ الْجَنَابَةِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْأَوَّلِ الْكَرَاهَةُ لِلثَّلَاثَةِ وَقَدْ يُقَالُ يُؤَيِّدُهَا كَرَاهَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لَهُمْ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ مُقَصِّرَانِ حَيْثُ لَمْ يَتَطَهَّرَا عِنْدَ مُرَاقَبَتِهِمَا الْوَقْتَ وَالْمُجِيبُ لَا تَقْصِيرَ مِنْهُ لِأَنَّ إجَابَتَهُ تَابِعَةٌ لِأَذَانِ غَيْرِهِ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ غَالِبًا وَقْتَ أَذَانِهِ ش وَقَوْلُهُ قَالَ وَالتَّوَسُّطُ إلَخْ ضَعِيفٌ وَكَذَا قَوْلُهُ وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ ( قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ السَّامِعُ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُقِيمَ إلَخْ ) لَوْ كَانَ الْمُؤَذِّنُ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ فَهَلْ يُثَنِّي السَّامِعُ يَحْتَمِلُ أَنْ نَعَمْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَخْرُجَ فِيهِ خِلَافٌ مِنْ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ أَوْ الْمَأْمُورِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ابْنُ كَجٍّ فِي التَّجْرِيدِ وَجَزَمَ فِيهَا بِالْأَوَّلِ ز عِبَارَتُهُ وَإِذَا ثَنَّى الْمُؤَذِّنُ الْإِقَامَةَ يُسْتَحَبُّ لِكُلِّ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ ( قَوْلُهُ لَا يَلِيقُ بِغَيْرِ الْمُؤَذِّنِ ) إذْ لَوْ قَالَهُ السَّامِعُ لَكَانَ النَّاسُ كُلُّهُمْ دُعَاةً فَمَنْ الْمُجِيبُ ( قَوْلُهُ بِكَسْرِ الرَّاءِ ) وَحَكَى الْبَطَلْيُوسِيُّ فِي شَرْحِ أَدِبَ الْكَاتِبِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ جَوَازَ الْفَتْحِ أَيْضًا ح

( وَيُصَلِّي ) وَيُسَلِّمُ ( كُلٌّ مِنْ الْمُؤَذِّنِ وَالسَّامِعِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَهُ ) أَيْ الْأَذَانِ ( فَيَقُولُ ) أَيْ ثُمَّ يَقُولُ عَقِبَ ذَلِكَ ( { اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ } إلَى آخِرِهِ ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ { وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته } لِخَبَرِ مُسْلِمٍ { إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ } ( وَيَقُولُ فِي كَلِمَتَيْ الْإِقَامَةِ أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُنَاسَبَةِ وَذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ بِلَفْظِ اللَّهُمَّ أَقِمْهَا بِالْأَمْرِ إلَى آخِرِهِ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ الْآتِي ذِكْرُهُ مَا يَقُولُهُ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ

( قَوْلُهُ { اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ } إلَخْ ) الدَّعْوَةُ بِفَتْحِ الدَّالِ هِيَ دَعْوَةُ الْأَذَانِ سُمِّيَتْ تَامَّةً لِكَمَالِهَا وَسَلَامَتِهَا مِنْ نَقْصٍ يَتَطَرَّقُ إلَيْهَا وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ أَيْ الَّتِي سَتَقُومُ وَقَوْلُهُ مَقَامًا مَحْمُودًا هُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَحْمَدُهُ فِيهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ وَهُوَ مَقَامُ الشَّفَاعَةِ فِي فَصْلِ الْقَضَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَهِيَ الشَّفَاعَةُ الْمُخْتَصَّةُ بِهِ وَالْحِكْمَةُ فِي سُؤَالِ ذَلِكَ لَهُ مَعَ كَوْنِهِ وَاجِبَ الْوُقُوعِ بِوَعْدِ اللَّهِ تَعَالَى إظْهَارُ شَرَفِهِ وَعِظَمُ مَنْزِلَتِهِ ح ( قَوْلُهُ وَالدَّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ ) أَنْكَرَ فِي الْإِقْلِيدِ زِيَادَةَ الدَّرَجَةِ لِعَدَمِ وُرُودِهَا فِي الْحَدِيثِ وَلِذَلِكَ أَسْقَطَهَا الْمِنْهَاجُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ( قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَقُولَ فِي أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَإِنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ ) فِي أَذَانِ الْمُؤَذِّنِ حَتَّى فَرَغَ ( تَدَارَكَ إنْ قَرُبَ ) الْفَصْلُ وَفَارَقَ هَذَا تَكْبِيرَ الْعِيدِ الْمَشْرُوعَ عَقِبَ الصَّلَاةِ حَيْثُ يَتَدَارَكُهُ النَّاسُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ بِوُجُودِ مَا دَلَّ عَلَى التَّعْقِيبِ وَهُوَ الْفَاءُ فِي خَبَرِ مُسْلِمٍ السَّابِقِ وَبِأَنَّ الْإِجَابَةَ تَنْقَطِعُ مَعَ الطُّولِ بِخِلَافِ التَّكْبِيرِ فِيهِمَا قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِنْ ابْتَدَأَ مَعَ ابْتِدَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فَرَغَ مِنْ الْكَلِمَةِ قَبْلَ فَرَاغِ الْمُؤَذِّنِ فَالْمُتَّجَهُ الِاعْتِدَادُ بِهِ وَإِنْ قَارَنَهُ فِي اللَّفْظِ بِكَمَالِهِ اعْتَدَّ بِهِ ( وَلَا تُشْرَعُ ) الْإِجَابَةُ ( لِلْأَصَمِّ ) وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا يَسْمَعُ الْأَذَانَ ( وَإِنْ عَلِمَ ) بِهِ لِأَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ بِالسَّمَاعِ فِي خَبَرِ { إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ } وَكَمَا فِي تَشْمِيتِ الْعَاطِسِ ( وَ ) يَقُولُ ( غَيْرُ الْمُؤَذِّنِ فِي التَّرْجِيعِ مِثْلَهُ ) وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ لِقَوْلِهِ فِي الْخَبَرِ { مِثْلَ مَا يَقُولُ } وَلَمْ يَقُلْ مِثْلَ مَا تَسْمَعُونَ وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ بِأَنَّهُ لَا يُسَنُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ صَاحِبُ التَّوْشِيحِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ أَنَّهُ لَوْ سَمِعَ بَعْضَ الْأَذَانِ فَقَطْ سُنَّ لَهُ أَنْ يُجِيبَ فِي الْجَمِيعِ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ( وَإِنْ تَعَدَّدُوا ) أَيْ الْمُؤَذِّنُونَ ( وَتَرَتَّبُوا ) فِي أَذَانِهِمْ ( أَجَابَ ) السَّامِعُ ( لِكُلٍّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ) بِالْإِجَابَةِ لِتَأَكُّدِهِ لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُهُ ( إلَّا فِي أَذَانَيْ الصُّبْحِ وَالْجُمُعَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ ) لِتَقَدُّمِ الْأَوَّلِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَوُقُوعِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ فِي الْأُولَى وَمَشْرُوعِيَّتِهِ فِي زَمَنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ تَرَكَ الْمُتَابَعَةَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَهُوَ فِي الْمَجْمُوعِ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى فَفِي فَتَاوَى ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ ( وَيَقْطَعُ الْقِرَاءَةَ ) وَالذِّكْرَ نَدْبًا ( لِلْجَوَابِ ) وَأَمَّا الْمُجَامِعُ وَقَاضِي الْحَاجَةِ فَلَا يُجِيبَانِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ

ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا قَرُبَ الْفَصْلُ

( قَوْلُهُ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَإِنْ ابْتَدَأَ مَعَ ابْتِدَائِهِ أَوْ بَعْدَهُ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ الْمُوَافِقُ لِلْمَنْقُولِ وَنَصِّ الْخَبَرِ أَنَّهُ مَتَى تَقَدَّمَ عَلَيْهِ أَوْ قَارَنَهُ لَمْ تَحْصُلْ سُنَّةُ الْإِجَابَةِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { إذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمْ اللَّهُ أَكْبَرُ ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ } وَكَذَلِكَ حَدِيثُ { إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ } وَالتَّرْتِيبُ بِالْفَاءِ يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِ الْجَوَابِ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْإِمَامِ { فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا } وَقَدْ جَزَمَ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ لَوْ قَارَنَ الْإِمَامَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَهَذَا نَظِيرُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ جَوَابٌ وَالْجَوَابُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ تَمَامِ الْكَلَامِ فَالْمُقَارِنُ لَا يُعَدُّ كَلَامُهُ جَوَابًا وَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ وَمِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ مَا إذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ وَاخْتَلَطَتْ أَصْوَاتُهُمْ عَلَى السَّامِعِ وَصَارَ بَعْضُهُمْ يَسْبِقُ بَعْضًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا تُسْتَحَبُّ إجَابَةُ هَؤُلَاءِ وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَذَكَرَهُ فِي قَوَاعِدِهِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إجَابَتُهُمْ وَقَوْلُهُ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ سُنَّةُ الْإِجَابَةِ قَالَ شَيْخُنَا يُحْمَلُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُقَارَنَةِ عَلَى الْفَضِيلَةِ الْكَامِلَةِ ( قَوْلُهُ وَلَا تُشْرَعُ الْإِجَابَةُ لِلْأَصَمِّ ) وَمِمَّا يَظْهَرُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَلَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا مَا إذَا شَرَعَ خَطِيبُ الْجُمُعَةِ عَقِبَ الْأَذَانِ فِي الْخُطْبَةِ قَبْلَ إجَابَةِ الْحَاضِرِينَ الْمُؤَذِّنَ فَإِنَّ الْإِنْصَاتَ آكَدُ وَكَذَا أَقُولُ يَدْعُ قَوْلُهُ { اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ } بِلِسَانِهِ وَيُقْبِلُ عَلَى الِاسْتِمَاعِ وَيُنْصِتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ وَيُجِيبَ بِقَلْبِهِ

وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَقُولَ سِرًّا وَأَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ السَّامِعِ لِلْخُطْبَةِ وَالْبَعِيدِ وَالْأَصَمِّ ت .
( قَوْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ إذَا قَرُبَ الْفَصْلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَيُكْرَهُ ) الْجَوَابُ ( فِي الصَّلَاةِ فَإِنْ أَجَابَ بِالْمُسْتَحَبِّ ) مِنْ أَلْفَاظِ مَا ذَكَرَ ( لَمْ تَبْطُلْ ) صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ ( إلَّا ) إنْ أَجَابَ ( بِصَدَقْت وَبَرِرْت ) فَتَبْطُلُ لِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ بِخِلَافِ صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَبْطُلُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ ( وَإِنْ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ ) أَوْ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ أَوْ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ ( بَطَلَتْ ) لِمَا مَرَّ ( وَإِنْ أَجَابَهُ فِي ) أَثْنَاءِ ( الْفَاتِحَةِ أَعَادَهَا ) وُجُوبًا لِأَنَّ الْإِجَابَةَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرُ مَنْدُوبَةٍ
( قَوْلُهُ إلَّا إنْ أَجَابَهُ بِصَدَقْتَ وَبَرِرْت فَتَبْطُلُ ) إنَّمَا تَبْطُلُ بِمَا ذَكَرَ إذَا أَتَى بِهِ عَالِمًا بِالصَّلَاةِ وَبِأَنَّ ذَلِكَ مُفْسِدٌ وَإِنْ كَانَ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا فَلَاقَى الْأَصَحَّ د

( وَنُدِبَ الدُّعَاءُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ ) لِخَبَرِ { الدُّعَاءُ لَا يُرَدُّ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فَادْعُوا } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ ( وَأَنْ يَقُولَ الْمُؤَذِّنُ وَمَنْ سَمِعَهُ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ { اللَّهُمَّ هَذَا إقْبَالُ لَيْلِك } إلَى آخِرِهِ ) وَهُوَ كَمَا فِي الْأَصْلِ { وَإِدْبَارُ نَهَارِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي } ( وَ ) يَقُولُ كُلٌّ مِنْهُمَا بَعْدَ أَذَانِ ( الصُّبْحِ ) اللَّهُمَّ هَذَا ( إقْبَالُ نَهَارِك ) وَإِدْبَارُ لَيْلِك وَأَصْوَاتُ دُعَاتِك اغْفِرْ لِي وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُؤَذِّنِ فِي الْأُولَى وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ) وَأَبُو دَاوُد ح ( قَوْلُهُ وَحَسَّنَهُ ) وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ

( فَرْعٌ الْأَذَانُ ) مَعَ الْإِقَامَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ( أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ ) وَاحْتَجَّ لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلَى اللَّهِ } قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ وَبِخَبَرِ { إنَّ خِيَارَكُمْ عِبَادُ اللَّهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللَّهِ } رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ وَبِخَبَرِ { لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } وَبِخَبَرِ مُسْلِمٍ { الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ } أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءً لِأَنَّ رَاجِيَ الشَّيْءِ يَمُدُّ عُنُقَهُ إلَيْهِ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ لِأَنَّهَا أَشَقُّ وَلِمُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ عَلَيْهَا دُونَ الْأَذَانِ ( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلشَّخْصِ ( الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا إنْ تَأَهَّلَ ) لَهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَفِيهِ حَدِيثٌ حَسَنٌ فِي التِّرْمِذِيِّ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ الْأَذَانُ مَعَ الْإِقَامَةِ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُنَا الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ وَإِنْ لَمْ تَنْضَمَّ لَهُ الْإِقَامَةُ ( قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي نُكَتِهِ ) وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمَطْلَبِ ز ( قَوْلُهُ قَالَتْ عَائِشَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُؤَذِّنِينَ ) لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى { يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ } قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَكَأَنَّهُ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ وَالْأَذَانُ إنَّمَا تَرَتَّبَ بِالْمَدِينَةِ د وَلَا مَانِعَ مِنْ تَفْضِيلِ سُنَّةٍ عَلَى فَرْضٍ بِدَلِيلِ تَفْضِيلِ السَّلَامِ عَلَى جَوَابِهِ وَإِبْرَاءِ الْمَدِينِ الْمُعْسِرَ عَلَى إنْظَارِهِ ( قَوْلُهُ أَيْ أَكْثَرُ رَجَاءٍ إلَخْ ) وَقِيلَ لَا يَلْحَقُهُمْ الْعَرَقُ فَإِنَّ الْعَرَقَ يَأْخُذُ النَّاسَ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ وَرَوَى أَعْنَاقًا بِالْكَسْرِ أَيْ هُمْ أَكْثَرُ إسْرَاعًا إلَى الْجَنَّةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُنُقِ بِالْفَتْحِ وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ السَّيْرِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ وَأَمَّا عَدَمُ مُوَاظَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ عَلَيْهِ فَلِاحْتِيَاجِ ذَلِكَ إلَى فَرَاغٍ لِمُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ وَكَانُوا مَشْغُولِينَ بِمَصَالِحِ الْأُمَّةِ خُصُوصًا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ يُحِبُّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ ح .
( قَوْلُهُ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ أَنَّ الْإِمَامَةَ أَفْضَلُ ) وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَالْأَذْرَعِيُّ

( فَرْعٌ وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْمُؤَذِّنِ ( أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ ) أَيْ بِالْأَذَانِ لِخَبَرِ { مَنْ أَذَّنَ سَبْعَ سِنِينَ مُحْتَسِبًا كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ فَإِنْ أَبِي رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ مُؤَذِّنًا وَهُوَ يَجِدُ مُتَبَرِّعًا عَدْلًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ لِأَنَّ الْإِمَامَ فِي مَالِ بَيْتِ الْمَالِ كَالْوَصِيِّ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَصِيُّ لَوْ وَجَدَ مَنْ يَعْمَلُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَأْجِرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ فَكَذَا الْإِمَامُ ( فَإِنْ تَطَوَّعَ بِهِ فَاسِقٌ ) وَثَمَّ أَمِينٌ أَوْ أَمِينٌ وَثَمَّ أَمِينٌ أَحْسَنُ صَوْتًا مِنْهُ ( وَأَبَى الْأَمِينُ ) فِي الْأُولَى ( وَكَذَا الْأَحْسَنُ صَوْتًا ) فِي الثَّانِيَةِ ( إلَّا بِالرِّزْقِ رَزَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ ) عِنْدَ حَاجَتِهِ بِقَدْرِهَا ( أَوْ مِنْ مَالِهِ ) مَا شَاءَ ( إنْ شَاءَ ) فَقَوْلُهُ ( قَدْرَ حَاجَتِهِ ) كَانَ يَنْبَغِي ذِكْرُهُ عَقِبَ سَهْمِ الْمَصَالِحِ كَمَا قَرَّرْته أَخْذًا مِنْ كَلَامِ الْأَصْلِ .
وَقَيَّدَ فِي الرَّوْضَةِ مَسْأَلَةَ الْأَحْسَنِ صَوْتًا بِقَوْلِهِ إنْ رَآهُ مَصْلَحَةً ( وَإِنْ تَعَدَّدُوا ) أَيْ الْمُؤَذِّنُونَ ( بِعَدَدِ الْمَسَاجِدِ ) فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرْزُقَهُمْ ( وَإِنْ تَقَارَبَتْ ) وَأَمْكَنَ جَمْعُ النَّاسِ بِأَحَدِهَا لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ ( وَيَبْدَأُ ) وُجُوبًا إنْ ضَاقَ بَيْتُ الْمَالِ وَنَدْبًا إنْ اتَّسَعَ ( بِالْأَهَمِّ كَمُؤَذِّنِ الْجَامِعِ ) وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ وَهُوَ رِزْقُ مُؤَذِّنِ الْجَامِعِ ( وَأَذَانُ الْخُطْبَةِ ) الْأُولَى قَوْلُ أَصْلِهِ وَأَذَانُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ( أَهَمُّ ) مِنْ غَيْرِهِ لِكَثْرَةِ جَمَاعَتِهَا وَقَصْدِ النَّاسِ لَهَا ( وَلِكُلٍّ ) مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ ( اسْتِئْجَارُهُ ) عَلَى الْأَذَانِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ مَعْلُومٌ يُرْزَقُ عَلَيْهِ كَكِتَابَةِ الصَّكِّ وَلِرُجُوعِ نَفْعِهِ إلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَتَعْلِيمِ

الْقُرْآنِ وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ { اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا } فَمَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ وَإِنَّمَا يَسْتَأْجِرُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّزْقُ مِنْهُ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ غَيْرِ الْإِمَامِ بِالْمُسْلِمِ وَفِيهِ نَظَرٌ ( وَيَكْفِي الْإِمَامَ لَا غَيْرَهُ إنْ اسْتَأْجَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ) أَنْ يَقُولَ ( اسْتَأْجَرْتُك كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ) فَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ الْمُدَّةِ كَالْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ مِنْ مَالِهِ أَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهَا عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِجَارَةِ ( وَتَدْخُلُ الْإِقَامَةُ ) فِي الِاسْتِئْجَارِ لِلْأَذَانِ ( ضِمْنًا فَيَبْطُلُ إفْرَادُهَا بِإِجَارَةٍ ) إذْ لَا كُلْفَةَ فِيهَا وَفِي الْأَذَانِ كُلْفَةٌ لِرِعَايَةِ الْوَقْتِ قَالَ فِي الْأَصْلِ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَالْمَجْمُوعِ يُفِيدُ جَوَازَ جَمْعِ الْإِقَامَةِ وَالْأَذَانِ فِي الْإِجَارَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِخِلَافِ قَوْلِ أَصْلِهِ وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ لِلْإِقَامَةِ

قَوْلُهُ أَوْ مِنْ مَالِهِ إنْ شَاءَ ) وَيَجُوزُ لِلْوَاحِدِ مِنْ الرَّعِيَّةِ أَنْ يَرْزُقَهُ مِنْ مَالِهِ ( قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ اسْتِئْجَارُهُ ) اخْتَلَفُوا فِي أُجْرَةِ الْأَذَانِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا عَلَى جَمِيعِهِ وَقِيلَ عَلَى مُرَاعَاةِ الْوَقْتِ وَقِيلَ عَلَى رَفْعِ الصَّوْتِ وَقِيلَ عَلَى كَلِمَتَيْ الْحَيْعَلَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَائِلَهُ يُجَوِّزُ الِاسْتِئْجَارَ لِلْإِقَامَةِ وَتَعْلِيلُ الْمَنْعِ بِأَنَّهُ لَا كُلْفَةَ فِي الْإِقَامَةِ ضَعِيفٌ أَلَيْسَ أَنَّهُ يَلْتَزِمُ حُضُورَ مَكَانِ الْجَمَاعَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْخَمْسَةِ لَهَا وَلَوْلَا الْإِجَارَةُ لَمَا الْتَزَمَهُ وَقَدْ يَكُونُ مَكَانُهُ بَعِيدًا عَنْ مَوْضِعِهَا فَالْمُخْتَارُ الصِّحَّةُ لَا يُقَالُ قَدْ يَكُونُ قَاطِنًا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ جَارُهُ لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ كَانَ فَإِنَّهُ يَلْتَزِمُ حُضُورَهُ لَهَا وَلَا يَدَعُهُ إلَى غَيْرِهِ ت .
( قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ بِصَافِيَةٍ عَنْ الْإِشْكَالِ ) لَكِنْ الْجَوَابُ يَمْنَعُ الْإِشْكَالَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَذَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْأَذَانَ فِيهِ مَشَقَّةُ الصُّعُودِ وَالنُّزُولِ وَمُرَاعَاةُ الْوَقْتِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ وَالثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ يَرْجِعُ لِلْمُؤَذِّنِ وَالْإِقَامَةَ لَا تَرْجِعُ لِلْمُقِيمِ بَلْ تَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الْإِمَامِ بَلْ فِي صِحَّتِهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ خِلَافٌ وَشَرْطُ الْإِجَارَةِ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُفَوَّضًا لِلْأَجِيرِ وَلَا يَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِيهِ وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْإِتْيَانِ بِالْإِقَامَةِ لِتَعَلُّقِ أَمْرِهَا بِالْإِمَامِ فَكَيْفَ يُسْتَأْجَرُ عَلَى شَيْءِ لَمْ يُفَوَّضْ إلَيْهِ وَكَيْفَ تَصِحُّ إجَارَةُ عَيْنِهِ عَلَى أَمْرٍ مُسْتَقْبَلٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ فِعْلِهِ بِنَفْسِهِ ز

( فَصْلٌ وَيُسْتَحَبُّ مُؤَذِّنَانِ لِلْمَسْجِدِ ) تَأَسِّيًا بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ فَوَائِدِهِ أَنْ يُؤَذِّنَ أَحَدُهُمَا لِلصُّبْحِ قَبْلَ الْفَجْرِ وَالْآخَرُ بَعْدَهُ كَمَا سَيَأْتِي ( وَيُزَادُ ) عَلَيْهِمَا نَدْبًا مِنْ الْمُؤَذِّنَيْنِ ( قَدْرُ الْحَاجَةِ ) وَالْمَصْلَحَةِ ( وَيَتَرَتَّبُونَ ) فِي أَذَانِهِمْ ( إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ ) لَهُ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ ( وَيَقْتَرِعُونَ لِلْبُدَاءَةِ ) إنْ تَنَازَعُوا ( فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ وَالْمَسْجِدُ كَبِيرٌ تَفَرَّقُوا ) فِي أَقْطَارِهِ كُلُّ وَاحِدٍ فِي قُطْرٍ لِيُسْمِعَ أَهْلَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ ( وَإِلَّا ) أَيْ وَإِنْ صَغُرَ ( اجْتَمَعُوا ) عَلَى الْأَذَانِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ اجْتِمَاعُهُمْ إلَى تَهْوِيشٍ أَيْ اضْطِرَابٍ وَاخْتِلَاطٍ وَيَقِفُونَ عَلَيْهِ كَلِمَةً كَلِمَةً ( فَإِنْ أَدَّى إلَى تَهْوِيشٍ أَذَّنَ بَعْضُهُمْ بِالْقُرْعَةِ ) عِنْدَ التَّنَازُعِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا وَتَعْبِيرُهُ بِبَعْضِهِمْ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِوَاحِدٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَعِنْدَ التَّرْتِيبِ لَا يَتَأَخَّرُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ لِئَلَّا يَذْهَبَ أَوَّلُ الْوَقْتِ وَلِئَلَّا يَظُنَّ مَنْ سَمِعَ الْأَخِيرَ أَنَّ هَذَا أَوَّلُ الْوَقْتِ قَالَ فِي الْأُمِّ وَلَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا أَذَّنَ الْأَوَّلُ أَنْ يُبْطِئَ بِالصَّلَاةِ لِيَفْرُغَ مَنْ بَعْدَهُ بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ الْأَذَانَ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ ( وَيُقِيمُ ) الْمُؤَذِّنُ ( الرَّاتِبُ ) وَإِنْ تَأَخَّرَ أَذَانُهُ لِأَنَّ لَهُ وِلَايَةَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَقَدْ أَذَّنَ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يَكُنْ رَاتِبٌ أَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ رَاتِبِينَ فَلْيُقِمْ ( الْأَوَّلُ ) لِتَقَدُّمِهِ وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَإِنْ أَقَامَ غَيْرُهُ ) أَيْ غَيْرُ كُلٍّ مِنْ الرَّاتِبِ وَالْأَوَّلِ ( اُعْتُدَّ بِهِ ) لِأَنَّهُ جَاءَ فِي خَبَرِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَى الرُّؤْيَا وَيُؤَذِّنُ بِلَالٌ قَالَ فَأَقِمْ أَنْتَ قَالَ فِي

الْمَجْمُوعِ لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى وَقِيلَ مَكْرُوهٌ ( وَإِنْ أَذَّنَا مَعًا ) وَتَنَازَعَا فِيمَنْ يُقِيمُ ( فَالْقُرْعَةُ ) يَرْجِعُ إلَيْهَا ( وَلَا يُقِيمُ ) فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ أَوْ نَحْوِهِ ( إلَّا وَاحِدٌ ) كَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ ( إلَّا أَنْ لَا يَكْفِيَ ) فَيُزَادَ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ
( قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُونَ إنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ ) إذْ شَرْطُهُ أَنْ يَقَعَ فِي الْوَقْتِ وَلَوْ فِي آخِرِهِ فَلَا يَصِحُّ وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ وَأَشَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ وَقَوْلُ ابْنِ الرِّفْعَةِ أَنَّ وَقْتَ الْأَذَانِ يَمْتَدُّ إلَى وَقْتِ الِاخْتِيَارِ إنْ أَرَادَ أَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ لَهُ كَذَلِكَ فَقَرِيبٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ وَقْتَهُ يَخْرُجُ بِذَلِكَ فَهُوَ غَرِيبٌ مَمْنُوعٌ غ ( قَوْلُهُ وَإِلَّا اجْتَمَعُوا ) لَنَا صُورَةٌ وَاحِدَةٌ يُسْتَحَبُّ فِيهَا اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْأَذَانِ مَعَ اتِّسَاعِ الْوَقْتِ وَهِيَ أَذَانُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَسَبَبُهُ التَّطْوِيلُ عَلَى الْحَاضِرِينَ فَإِنَّهُمْ مُجْتَمَعُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ غَالِبًا سِيَّمَا مَنْ امْتَثَلَ السُّنَّةَ وَبَكَّرَ قَالَ شَيْخُنَا لَكِنْ يُعَارِضُهُ قَوْلُهُمْ إنَّ السُّنَّةَ كَوْنُ الْمُؤَذِّنِ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاحِدًا .
( قَوْلُهُ فَإِنْ أَدَّى إلَى تَهْوِيشٍ إلَخْ ) عِبَارَةُ الرَّافِعِيِّ بِالتَّشْوِيشِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالتَّهْوِيشِ فَإِنَّ التَّشْوِيشَ التَّخْلِيطُ وَالتَّهْوِيشُ الْفِتْنَةُ وَالْهَيْجُ وَالِاضْطِرَابُ قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ ( قَوْلُهُ بَلْ يَخْرُجُ وَيَقْطَعُ مَنْ بَعْدَهُ إلَخْ ) لَك أَنْ تَقُولَ فَأَيُّ فَائِدَةٍ فِي قَوْلِنَا يَتَرَتَّبُونَ إذَا كَانَ الْإِمَامُ يَقْطَعُ عَلَى الْبَاقِينَ وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ الْإِمَامُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِعُذْرٍ أَوْ لِلْإِبْرَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ت

( فُرُوعٌ الْأَذَانُ ) أَيْ وَقْتُهُ مُفَوَّضٌ ( إلَى ) نَظَرِ ( الْمُؤَذِّنِ ) لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى مُرَاجَعَةِ الْإِمَامِ لِخَبَرِ { الْمُؤَذِّنُ أَمْلَكُ بِالْأَذَانِ وَالْإِمَامُ أَمْلَكُ بِالْإِقَامَةِ } رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِبَيَانِ الْوَقْتِ فَيَتَعَلَّقُ بِنَظَرِ الرَّاصِدِ لَهُ وَهُوَ الْمُؤَذِّنُ ( وَالْإِقَامَةُ ) أَيْ وَقْتُهَا مُفَوَّضٌ ( إلَى ) نَظَرِ ( الْإِمَامِ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ وَلِأَنَّهَا لِلْقِيَامِ إلَى الصَّلَاةِ فَلَا تُقَامُ إلَّا بِإِشَارَتِهِ فَإِنْ أُقِيمَتْ بِدُونِهَا اُعْتُدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ
( قَوْلُهُ الْأَذَانُ إلَى الْمُؤَذِّنِ ) فَيُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا وَهُوَ مَشْرُوعٌ لَهَا إلَى خُرُوجِهِ

( وَيُؤَذِّنُ لِلصُّبْحِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ ) وَاحْتُجَّ لَهُ بِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { إنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا أَذَانَ ابْنِ مَكْتُومٍ } وَجَعَلَ وَقْتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وَقْتِ الصُّبْحِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى إنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانَيْهِمَا إلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَيَتَرَبَّصُ بَعْدَ أَذَانِهِ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ يَرْقُبُ الْفَجْرَ فَإِذَا قَارَبَ طُلُوعُهُ نَزَلَ فَأَخْبَرَ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ فَيَتَأَهَّبُ ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ ( وَيُسْتَحَبُّ لَهُ ) أَيْ لِلصُّبْحِ ( أَذَانَانِ ) وَلَوْ مِنْ مُؤَذِّنٍ وَاحِدٍ أَذَانٌ ( قَبْلَ الْفَجْرِ وَ ) آخَرُ ( بَعْدَهُ ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ ( فَإِنْ اقْتَصَرَ ) عَلَى أَحَدِهِمَا ( فَبَعْدَهُ ) أَيْ فَإِيقَاعُهُ بَعْدَ الْوَقْتِ ( أَوْلَى ) مِنْ إيقَاعِهِ قَبْلَهُ أَوْ فِيهِمَا مَعَ صِحَّتِهِ فِي الْجَمِيعِ
( قَوْلُهُ وَجَعَلَ وَقْتَهُ فِي النِّصْفِ الثَّانِي إلَخْ ) وَاخْتِصَاصُهُ بِمَا بَعْدَ النِّصْفِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى وَقْتِ الصُّبْحِ ) وَلِأَنَّ وَقْتَهَا يَدْخُلُ عَلَى النَّاسِ وَفِيهِمْ الْجُنُبُ وَالنَّائِمُ فَاسْتُحِبَّ تَقْدِيمُ أَذَانِهَا لِيَنْتَبِهُوا وَيَتَهَيَّئُوا وَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلِهَذَا اخْتَصَّتْ بِالتَّثْوِيبِ أَيْضًا ح

( وَلَا يَصِحُّ ) الْأَذَانُ ( بِالْعَجَمِيَّةِ وَهُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا كَأَذْكَارِ الصَّلَاةِ هَذَا إذَا أَذَّنَ لِجَمَاعَةٍ فَإِنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ وَكَانَ لَا يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ صَحَّ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يُحْسِنُهَا وَعَلَيْهِ أَنْ يَتَعَلَّمَ حَكَاهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَأَقَرَّهُ

( وَتَرْكُ الْمُسَافِرِ الْأَذَانَ وَالْمَرْأَةِ الْإِقَامَةَ أَخَفُّ كَرَاهَةً مِنْ ) تَرْكِ ( الْمُقِيمِ ) الْأَذَانَ ( وَالرَّجُلِ ) الْإِقَامَةَ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ السَّفَرَ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّخْفِيفِ وَفِعْلِ الرُّخَصِ وَلِأَنَّ أَصْلَ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِالْوَقْتِ وَالْمُسَافِرُونَ لَا يَتَفَرَّقُونَ غَالِبًا وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مَطْلُوبِيَّةَ الْإِقَامَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ آكَدُ مِنْهَا فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ وَكَالْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى ( وَيُسْتَحَبُّ ) لِلْمُؤَذِّنِ ( أَنْ يَقُولَ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ ) وَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ رِيحٍ ( أَوْ الْمُظْلِمَةِ ذَاتِ الرِّيحِ بَعْدَ الْأَذَانِ أَوْ بَعْدَ الْحَيْعَلَةِ أَلَا صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ ) لِلْأَمْرِ بِهِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلَفْظُهُ { عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِمُؤَذِّنِهِ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ إذَا قُلْت أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ بَلْ قُلْ صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ فَكَأَنَّ النَّاسَ اسْتَنْكَرُوا ذَلِكَ فَقَالَ أَتَعْجَبُونَ مِنْ ذَا قَدْ فَعَلَهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ } قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَقُولُهُ عِوَضًا عَنْ الْحَيْعَلَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ يَعْنِي النَّوَوِيَّ مِنْ كَوْنِهِ يَقُولُهُ بَعْدَهَا انْتَهَى وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا تَقُلْ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ ( وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ) لِخَبَرِ مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمَرْنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ وَمُقْتَضَى الْكَرَاهَةِ الصِّحَّةُ وَنَازَعَ فِيهَا ابْنُ الْأُسْتَاذِ وَقَالَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ أَبْدَلَ الْحَيْعَلَتَيْنِ بِغَيْرِهِمَا وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَقُولُ ذَلِكَ بَدَلَهُمَا كَمَا فَهِمَهُ لَا بَعْدَهُمَا قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْأَذَانُ بِقُرْبِ الْمَسْجِدِ

( قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ حَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ) يُكْرَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا لِعُذْرٍ

( الْبَابُ الثَّالِثُ فِي ) بَيَانِ ( اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَهُوَ شَرْطٌ فِي ) صِحَّةِ ( الصَّلَاةِ ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَوَلِّ وَجْهَك شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } أَيْ جِهَتَهُ وَالِاسْتِقْبَالُ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ فِيهَا وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ قُبُلَ الْكَعْبَةِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ } مَعَ خَبَرِ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } وَقُبُلُ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَاءِ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا قَالَ بَعْضُهُمْ مَعْنَاهُ مُقَابِلُهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ مَا اسْتَقْبَلَك مِنْهَا أَيْ وَجْهَهَا وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ { وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ } وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ { مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ } فَمَحْمُولٌ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ دَانَاهُمْ وَسُمِّيَتْ قِبْلَةً لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُقَابِلُهَا وَكَعْبَةً لِارْتِفَاعِهَا وَقِيلَ لِاسْتِدَارَتِهَا وَارْتِفَاعِهَا ( إلَّا مَا اسْتَثْنَى مِنْ صَلَاةِ ) شِدَّةِ ( الْخَوْفِ ) مِنْ قِتَالٍ أَوْ غَيْرِهِ ( وَنَحْوِهَا ) كَصَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَالْغَرِيقِ كَمَا سَيَأْتِي ( وَنَفْلُ السَّفَرِ الْمُبَاحِ ) فَلَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِقْبَالُ فِيهَا وَإِنْ وَجَبَ قَضَاءُ صَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ وَالرَّافِعِيُّ وَكَثِيرٌ لَمْ يَسْتَثْنُوا صَلَاةَ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ وَفَرَضُوا الْكَلَامَ فِي الْقَادِرِ قَالَ الرَّافِعِيُّ لِأَنَّ الْعَاجِزَ لَا يُكَلَّفُ بِمَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ

( الْبَابُ الثَّالِثُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ ) ( قَوْلُهُ وَهُوَ شَرْطٌ فِي الصَّلَاةِ ) لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى الْقِبْلَةِ قَاعِدًا وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ قَائِمًا وَجَبَ الْأَوَّلُ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِبْلَةِ آكَدُ مِنْ فَرْضِ الْقِيَامِ بِدَلِيلِ سُقُوطِهِ فِي النَّفْلِ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَاسَ بِهِ مَا لَوْ تَعَارَضَ فِي حَقِّهِ الْقِرَاءَةُ الْوَاجِبَةُ وَالْقِيَامُ وَكَانَ أَحَدُهُمَا يُفَوِّتُ الْآخَرَ أَنْ يُرَاعِيَ الْقِرَاءَةَ وَيُصَلِّيَ قَاعِدًا بَلْ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ فِي رُكْنِ الْقِيَامِ عَنْ ابْنِ الرِّفْعَةِ جَوَازُ تَرْكِ الْقِيَامِ لِقِرَاءَةِ السُّورَةِ ( قَوْلُهُ وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ } إلَخْ ) رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ { أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْبَيْتَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُصَلِّ ثُمَّ دَخَلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَصَلَّى } وَفِي هَذَا جَوَابٌ عَنْ نَفْيِ أُسَامَةَ الصَّلَاةَ وَالْأَصْحَابِ وَمِنْهُمْ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَدْ أَجَابُوا بِاحْتِمَالِ الدُّخُولِ مَرَّتَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ لَا بِالِاحْتِمَالِ ( قَوْلُهُ مِنْ صَلَاةِ شِدَّةِ الْخَوْفِ ) مِنْ الْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِتَرْكِ الِاسْتِقْبَالِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَوَجَّهَ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ قَضَاءُ صَلَاةِ الْمَصْلُوبِ وَنَحْوِهِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْكِفَايَةِ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ دَلِيلُ الِاشْتِرَاطِ أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْقَادِرِ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْحَاوِي لَكِنْ قَالَ السُّبْكِيُّ لَوْ كَانَ شَرْطًا لَمَا صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ وَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا دَلِيلَ فِيهِ ع قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَيَخْدِشُ ذَلِكَ حُكْمُنَا بِصِحَّةِ صَلَاةِ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ

( فَلَهُ ) أَيْ لِلشَّخْصِ ( أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَ الْفَرَائِضِ وَلَوْ عِيدًا وَرَكْعَتَيْ الطَّوَافِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ قَصُرَ ) السَّفَرُ ( لَا ) فِي ( الْحَضَرِ ) وَإِنْ اُحْتِيجَ فِيهِ لِلتَّرَدُّدِ كَمَا فِي السَّفَرِ ( صَوْبَ ) بِنَصَبِهِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ ( مَقْصِدَهُ ) بِكَسْرِ الصَّادِ أَيْ يُصَلِّي إلَى صَوْبِ مَقْصِدِهِ الْمُعَيَّنِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ طَرِيقَهُ ( رَاكِبًا وَمَاشِيًا ) { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي السَّفَرِ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ أَيْ فِي جِهَةِ مَقْصِدِهِ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا { غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ } وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ مِثْلُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى ضَيْعَةٍ مَسِيرَتُهَا مِيلٌ أَوْ نَحْوُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان لَا تَلْزَمُهُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِعَدَمِ سَمَاعِهِ النِّدَاءَ ( إلَّا رَاكِبَ سَفِينَةٍ أَوْ هَوْدَجٍ ) أَوْ نَحْوِهِمَا ( فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ ) لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الِاسْتِقْبَالِ
( قَوْلُهُ فِي السَّفَرِ ) أَيْ الْمُبَاحِ ( قَوْلُهُ صَوَّبَ مَقْصِدَهُ إلَخْ ) وَقَدْ فُسِّرَ بِهِ قَوْله تَعَالَى { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } ( قَوْلُهُ وَقِيسَ بِالرَّاكِبِ الْمَاشِي ) لِأَنَّ الْمَشْيَ أَحَدُ السَّفَرَيْنِ وَأَيْضًا اسْتَوَيَا فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَكَذَا فِي النَّافِلَةِ ( قَوْلُهُ وَالْقَاضِي وَالْبَغَوِيُّ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مَكَان إلَخْ ) قَالَ الشَّرَفُ الْمُنَاوِيُّ وَهَذَا ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ فَارَقَ حُكْمَ الْمُقِيمِينَ فِي الْبَلَدِ أَيْ وَلَعَلَّ كَلَامَ غَيْرِهِ رَاجِعٌ إلَيْهِ إلَّا أَنَّ الْبَغَوِيّ اعْتَبَرَ الْحِكْمَةَ وَغَيْرُهُ اعْتَبَرَ الْمَظِنَّةَ انْتَهَى

( وَلَا يُشْتَرَطُ اسْتِقْبَالُ رُبَّانِ السَّفِينَةِ ) بِرَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُثَقَّلَةٍ وَهُوَ رَئِيسُ الْمَلَّاحِينَ قَالَهُ صَاحِبُ الْقَامُوسِ وَالْمُرَادُ مَلَّاحُ السَّفِينَةِ الَّذِي يَسِيرُهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ تَكْلِيفَهُ الِاسْتِقْبَالَ يَقْطَعُهُ عَنْ النَّفْلِ أَوْ عَمَلِهِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ مَنْ فِي السَّفِينَةِ وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ وَصَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ الِاشْتِرَاطَ

( فَرْعٌ لَوْ رَكِبَ سَرْجًا وَنَحْوَهُ ) مِمَّا لَا يَسْهُلُ مَعَهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامِ الْأَرْكَانِ ( لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ) { لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إذَا سَافَرَ فَأَرَادَ أَنْ يَتَطَوَّعَ اسْتَقْبَلَ بِنَاقَتِهِ الْقِبْلَةَ فَكَبَّرَ ثُمَّ صَلَّى حَيْثُ وَجَّهَهُ رِكَابُهُ } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَلِيَكُونَ ابْتِدَاءُ صَلَاتِهِ بِصِفَةِ الْكَمَالِ ثُمَّ يُخَفِّفُ دَوَامًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا فِي النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ هَذَا ( إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَهْلَةً غَيْرَ مَقْطُورَةٍ ) بِأَنْ كَانَتْ وَاقِفَةً أَوْ سَائِرَةً وَزِمَامُهَا بِيَدِهِ ( أَوْ يَسْتَطِيعُ ) رَاكِبُهَا ( الِانْحِرَافَ ) إلَى الْقِبْلَةِ ( بِنَفْسِهِ ) فَإِنْ كَانَتْ عَسِرَةً أَوْ مَقْطُورَةً أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الِانْحِرَافَ لِعَجْزِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي التَّحْرِيمِ أَيْضًا لِلْمَشَقَّةِ وَاخْتِلَالِ أَمْرِ السَّيْرِ عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَتْ سَهْلَةً أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي غَيْرِ التَّحَرُّمِ أَيْضًا وَإِنْ كَانَتْ وَاقِفَةً .
قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَهُوَ بَعِيدٌ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ وَاقِفًا لَا يُصَلِّي إلَّا إلَى الْقِبْلَةِ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ وَفِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ وَقَفَ لِاسْتِرَاحَةٍ أَوْ انْتِظَارِ رُفْقَةٍ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ مَا دَامَ وَاقِفًا فَإِنْ سَارَ أَتَمَّ صَلَاتَهُ إلَى جِهَةِ سَفَرِهِ إنْ كَانَ سَيْرُهُ لِأَجْلِ سَيْرِ الرُّفْقَةِ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ حَتَّى تَنْتَهِيَ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ بِالْوُقُوفِ لَزِمَهُ فَرْضُ التَّوَجُّهِ وَفِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْحَاوِي نَحْوُهُ .
ا هـ .
وَلَهُ كَمَا فِي الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ أَنْ يُتِمَّهَا بِالْإِيمَاءِ أَمَّا الرَّاكِبُ فِي مَرْقَدٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَسْهُلُ فِيهِ الِاسْتِقْبَالُ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ فَعَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ فِي جَمِيعِ الصَّلَاةِ وَإِتْمَامُ الْأَرْكَانِ كَمَا مَرَّ قَبْلَ الْفَرْعِ (

فَلَوْ انْحَرَفَ ) وَلَوْ بِرُكُوبِهِ مَقْلُوبًا ( عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لَمْ يَضُرَّ ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ ( أَوْ ) انْحَرَفَ ( إلَى غَيْرِهَا عَمْدًا ) وَلَوْ قَهْرًا ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ مُطْلَقًا كَالْمُصَلِّي عَلَى الْأَرْضِ .
( وَكَذَا النِّسْيَانُ أَوْ ضَلَالُهُ ) الطَّرِيقَ أَيْ خَطَؤُهُ لَهُ ( أَوْ جِمَاحٌ ) مِنْ الدَّابَّةِ أَيْ غَلَبَتُهَا فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِانْحِرَافِهِ بِكُلٍّ مِنْهَا ( إنْ طَالَ ) الزَّمَنُ كَالْكَلَامِ الْكَثِيرِ وَإِلَّا فَلَا تَبْطُلُ كَالْيَسِيرِ نِسْيَانًا ( وَ ) لَكِنْ ( يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ ) لِأَنَّ عَمْدَ ذَلِكَ مُبْطِلٌ وَفِعْلَ الدَّابَّةِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ وَبِهَذَا جَزَمَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْجِمَاحِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِي النِّسْيَانِ وَنَقَلَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ لَكِنَّهُمَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ نَقَلَا عَنْ الشَّافِعِيِّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَسْجُدُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَسَكَتَا عَنْ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ فَذِكْرُهُ فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّرْجِيحُ فِي النِّسْيَانِ خِلَافًا لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ وَلِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَرْجِيحِ عَدَمِ السُّجُودِ وَلَوْ انْحَرَفَتْ بِنَفْسِهَا بِغَيْرِ جِمَاحٍ وَهُوَ غَافِلٌ عَنْهَا ذَاكِرٌ لِلصَّلَاةِ فَفِي الْوَسِيطِ إنْ قَصُرَ الزَّمَانُ لَمْ تَبْطُلْ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ ا هـ وَأَوْجَهُهُمَا الْبُطْلَانُ

( قَوْلُهُ لَزِمَهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَقَطْ ) اعْلَمْ أَنَّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ إذَا تَحَرَّمَ بِعَدَدٍ ثُمَّ نَوَى الزِّيَادَةَ فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ النِّيَّةِ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا إنْشَاءٌ وَلِهَذَا لَوْ رَأَى الْمَاءَ فِي أَثْنَاءِ النَّافِلَةِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ فِي النِّيَّةِ أَمْ لَا يَجِبُ نَظَرًا لِلدَّوَامِ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوهَا حُكْمَ الِابْتِدَاءِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ فَإِنَّهُ لَا يُشْرَعُ دُعَاءُ الِاسْتِفْتَاحِ بَعْدَ النِّيَّةِ هَذَا مِمَّا تَرَدَّدَ فِيهِ النَّظَرُ ز وَقَوْلُهُ أَمْ لَا يَجِبُ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الدَّابَّةُ سَهْلَةً إلَخْ ) شَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مَغْصُوبَةً ( قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ مَهْمَا دَامَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُخْتَارًا لَهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسِيرَ إلَخْ ) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَالْخُرُوجُ مِنْ النَّافِلَةِ لَا يَحْرُمُ .
( قَوْلُهُ فَلَوْ انْحَرَفَ عَنْ مَقْصِدِهِ إلَى الْقِبْلَةِ لَمْ يَضُرَّ ) وَإِنْ عَزَمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى مَقْصِدِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِبْلَةُ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ فَإِنْ كَانَتْ خَلْفَهُ فَانْحَرَفَ إلَيْهَا عَمْدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِلتَّخَلُّلِ الْمُنَافِي وَهَذِهِ لَا تَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الِانْحِرَافَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا عَنْ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ أَمَّا إلَى وَرَائِهِ فَيُقَالُ لَهُ الْتِفَاتٌ د تَبِعَ فِيهِ الْأَذْرَعِيَّ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي غَنِيَّتِهِ وَبَحْثِهِ فِي قُوَّتِهِ وَتَوَسُّطِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ التَّخَلُّلَ وَصْلَةٌ لِلرُّجُوعِ إلَى الْأَصْلِ إذْ لَا يَتَأَتَّى الرُّجُوعُ إلَيْهِ إلَّا بِهِ فَيَكُونُ مُغْتَفَرًا كَمَا لَوْ تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ عَنْ مَقْصِدِهِ الَّذِي صَلَّى إلَيْهِ وَعَزَمَ أَنْ يُسَافِرَ إلَى غَيْرِهِ أَوْ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ فَإِنَّهُ يَصْرِفُ وَجْهَهُ إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ وَيَمْضِي فِي صَلَاتِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَتَكُونُ هِيَ قِبْلَتَهُ

وَإِنَّمَا تَكُونُ الْأُولَى قِبْلَتَهُ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الْعَزِيمَةُ ( قَوْلُهُ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ تَتَعَيَّنُ الْفَتْوَى بِهِ ) لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ .
ا هـ .
وَهُوَ الْأَصَحُّ ( قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ ) التَّنْقِيحِ وَالتَّحْقِيقِ ز ( قَوْلُهُ وَأَوْجَهُهُمَا الْبُطْلَانُ )

( وَلَوْ خَرَجَ ) الرَّاكِبُ ( فِي مَعَاطِفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَدَلَ لِزَحْمَةٍ وَغُبَارٍ ) وَنَحْوِهِمَا ( لَمْ يَضُرَّ ) لِحَاجَةِ السَّيْرِ إلَى ذَلِكَ فَالشَّرْطُ سُلُوكُ صَوْبِ الطَّرِيقِ لَا سُلُوكُهَا نَفْسُهَا كَمَا أَفْهَمَهُ أَيْضًا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ صَوَّبَ مَقْصِدَهُ ( وَلَا يَلْزَمُهُ السُّجُودُ عَلَى عُرْفِ الدَّابَّةِ ) بِضَمِّ الْعَيْنِ ( وَنَحْوِهِ بَلْ يَكْفِيهِ انْحِنَاءٌ أَخْفَضُ مِنْ انْحِنَاءِ رُكُوعِهِ ) وَلَا يَلْزَمُهُ إتْمَامُهُمَا لِتَعَذُّرِهِ أَوْ تَعَسُّرِهِ وَالنُّزُولُ لَهُمَا أَعْسَرُ قَالَ الْإِمَامُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَذْلُ وُسْعِهِ فِي الِانْحِنَاءِ ( وَإِنْ نَوَى الرُّجُوعَ ) مِنْ سَفَرِهِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى وَطَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ ( فَلْيَنْحَرِفْ ) إلَيْهَا ( فَوْرًا ) وَيَسْتَمِرُّ عَلَى صَلَاتِهِ وَتَصِيرُ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ قِبْلَتَهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ
أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَتَصِيرُ الْجِهَةُ الثَّانِيَةُ قِبْلَتَهُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ كَذَا أَطْلَقَ وَفِيمَا إذَا كَانَتْ وَرَاءَهُ وَقْفَةٌ ا هـ وَصَرَّحَ الْمُتَوَلِّي بِأَنَّهُ إذَا تَغَيَّرَتْ نِيَّتُهُ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى وَطَنِهِ صَرَفَ وَجْهَ دَابَّتِهِ وَمَضَى عَلَى صَلَاتِهِ قِيَاسًا عَلَى أَهْلِ قُبَاءَ وَهُوَ يُخَالِفُ مَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ إنَّهُ الظَّاهِرُ ق

( فَرْعٌ وَمَنْ لَا مَقْصِدَ لَهُ ) مُعَيَّنٌ كَهَائِمٍ ( أَوْ لَهُ مَقْصِدٌ ) مُعَيَّنٌ ( غَيْرُ مُبَاحٍ ) كَآبِقٍ وَنَاشِزَةٍ ( لَا رُخْصَةَ لَهُ ) فِي تَنَفُّلٍ عَلَى الدَّابَّةِ وَلَا غَيْرِهِ كَالْمُقِيمِ وَذِكْرُ الثَّانِيَةِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَهَا فِي صَلَاةِ الْمُسَافِرِ كَأَصْلِهِ ( وَإِنْ كَانَ ) السَّفَرُ ( مُبَاحًا وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ ) أَيْ إلَى مَقْصِدِهِ ( فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ لَمْ يَضُرَّ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سُلُوكُ نَفْسِ الطَّرِيقِ ( أَمَّا الْمَاشِي فَيَسْتَقْبِلُ ) الْقِبْلَةَ ( فِي الْإِحْرَامِ ) كَالرَّاكِبِ فِيمَا مَرَّ ( وَ ) فِي ( الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ) وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِسُهُولَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الرَّاكِبِ ( وَيَمْشِي ) جَوَازًا ( فِي الْقِيَامِ وَالتَّشَهُّدِ ) لِطُولِ زَمَنِهِمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا نَعَمْ السَّلَامُ كَالتَّشَهُّدِ وَالِاعْتِدَالُ كَالْقِيَامِ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ بِأَنَّ مَشْيَ الْقَائِمِ سَهْلٌ فَسَقَطَ عَنْهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ لِيَمْشِيَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ سَفَرِهِ قَدْرَ مَا يَأْتِي بِالذِّكْرِ الْمُسِنُّونَ فِيهِ وَمَشْيُ الْجَالِسِ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِالْقِيَامِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ فَلَزِمَهُ التَّوَجُّهُ فِيهِ

( قَوْلُهُ كَالْمُقِيمِ فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي جَمِيعِ نَافِلَتِهِ ) لَا عَلَى الدَّابَّةِ لِأَنَّ صَوْبَ الْمَقْصِدِ جُعِلَ قِبْلَةً وَهَذَا لَا مَقْصِدَ لَهُ فَلَا يَتَرَخَّصُ ( قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُبَاحًا وَتَوَجَّهَ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ لَمْ يَضُرَّ ) ( فَرْعٌ ) لِمَقْصِدِهِ طَرِيقَانِ يُمْكِنُهُ الِاسْتِقْبَالُ فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَسَلَكَ الْآخَرُ لَا لِغَرَضٍ فَهَلْ لَهُ التَّنَفُّلُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ يُحْتَمَلُ تَخْرِيجُهُ عَلَى نَظِيرِهِ مِنْ الْقَصْرِ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ لَهُ قَطْعًا تَوْسِعَةً فِي النَّوَافِلِ وَتَكْثِيرِهَا وَلِهَذَا جَازَتْ كَذَلِكَ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ وَهَذَا أَصَحُّ وَلَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا ت ( قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ تَجْوِيزُهُ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إتْمَامُهَا مَاكِثًا ) لَوْ كَانَ يَمْشِي فِي وَحْلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ مَاءٍ أَوْ ثَلْجٍ فَهَلْ يَلْزَمُهُ إكْمَالُ السُّجُودِ عَلَى الْأَرْضِ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ لُزُومُهُ وَاشْتِرَاطُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ يَكْفِيهِ الْإِيمَاءُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ الظَّاهِرَةِ وَمِنْ تَلْوِيثِ بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ بِالطِّينِ وَقَدْ وَجَّهُوا وُجُوبَ إكْمَالِهِ بِالتَّيَسُّرِ وَعَدَمِ الْمَشَقَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ هُنَا وَإِلْزَامُهُ بِالْكَمَالِ مُؤَدٍّ إلَى التَّرْكِ جُمْلَةً ت وَقَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( فَإِنْ بَلَغَ الْمُسَافِرُ الْمَحَطَّ ) بِقَيْدٍ زَادَهُ بِقَوْلِهِ ( الَّذِي يَنْقَطِعُ بِهِ السَّيْرُ أَوْ ) بَلَغَ ( طَرَفَ بُنْيَانِ بَلَدِ الْإِقَامَةِ ) أَوْ نَوَى وَهُوَ مُسْتَقِلٌّ مَاكِثٌ بِمَحَلِّ الْإِقَامَةِ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا ( لَزِمَهُ أَنْ يَنْزِلَ ) عَنْ دَابَّتِهِ ( إنْ لَمْ يَسْتَقِرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَ ) لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ ( يُتِمَّهَا مُسْتَقْبِلًا وَهِيَ وَاقِفَةٌ ) لِانْقِطَاعِ سَفَرِهِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ وَعَطَفَ عَلَى ضَمِيرِ لَزِمَهُ قَوْلَهُ ( إلَّا الْمَارَّ ) بِذَلِكَ ( وَلَوْ بِقَرْيَةٍ لَهُ فِيهَا أَهْلٌ ) فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ .
فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ التَّنَفُّلِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا دَوَامُ السَّفَرِ وَالسَّيْرِ فَلَوْ نَزَلَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَزِمَهُ أَنْ يُتِمَّهَا لِلْقِبْلَةِ قَبْلَ رُكُوبِهِ وَلَوْ نَزَلَ وَبَنَى أَوْ ابْتَدَأَهَا لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ أَرَادَ الرُّكُوبَ وَالسَّيْرَ فَلْيُتِمَّهَا وَيُسَلِّمْ مِنْهَا ثُمَّ يَرْكَبُ فَإِنْ رَكِبَ بَطَلَتْ إلَّا أَنْ يَضْطَرَّ إلَى الرُّكُوبِ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ إلَّا الْمُسْتَثْنَى فَالْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ مُرَادُ النَّوَوِيِّ أَمَّا إذَا اسْتَقَرَّ فِي نَحْوِ هَوْدَجٍ وَأَمْكَنَهُ إتْمَامُهَا مُسْتَقْبِلًا فَلَا يَلْزَمُهُ النُّزُولُ ( وَلَهُ الرَّكْضُ ) لِلدَّابَّةِ وَالْعَدْوُ ( لِحَاجَةٍ فَلَوْ أَجْرَى الدَّابَّةَ أَوْ عَدَا الْمَاشِي ) فِي صَلَاتِهِ ( بِلَا حَاجَةٍ بَطَلَتْ ) لِوُجُوبِ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي لَا يَحْتَاجُ إلَيْهَا وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي جَوَازِ الرَّكْضِ وَالْعَدْوِ لِحَاجَةٍ بَيْنَ تَعَلُّقِهَا بِسَفَرِهِ كَخَوْفِ تَخَلُّفِهِ عَنْ الرُّفْقَةِ وَعَدَمِ تَعَلُّقِهَا بِهِ كَصَيْدٍ يُرِيدُ إمْسَاكَهُ وَلَهُ وَجْهٌ لَكِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ فِيهِ نَظَرٌ .
وَالْوَجْهُ الْبُطْلَانُ فِي الثَّانِي ( وَلَوْ أَوَطِئَهَا نَجَاسَةً ) أَوْ وَطِئَتْهَا أَوْ بَالَتْ كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ ( لَمْ يَضُرَّ ) لِأَنَّهُ لَمْ يُلَاقِهَا ( لَا إنْ وَطِئَهَا الْمَاشِي نَاسِيًا وَهِيَ رَطْبَةٌ لَا يُعْفَى عَمَّا يَعْلَقُ بِهِ مِنْهَا )

فَتَبْطُلُ لِمُلَاقَاتِهِ لَهَا مَعَ عَدَمِ مُفَارَقَتِهِ لَهَا حَالًا بِخِلَافِ الْيَابِسَةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَطْلَبِ لِلْجَهْلِ بِهَا مَعَ مُفَارَقَتِهِ لَهَا حَالًا فَأَشْبَهَ مَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ فَنَحَّاهَا فِي الْحَالِ وَبِخِلَافِ الْمَعْفُوِّ عَنْهَا كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى وَالتَّصْرِيحُ بِحُكْمِ وَطْئِهَا نِسْيَانًا وَبِالتَّقْيِيدِ بِعَدَمِ الْعَفْوِ عَمَّا ذَكَرَ مِنْ زِيَادَتِهِ ( أَوْ ) وَطِئَهَا ( عَامِدًا ) وَلَوْ يَابِسَةً فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ ( وَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَصْرِفًا ) أَيْ مَعْدِلًا عَنْ النَّجَاسَةِ وَالتَّرْجِيحُ فِي الْيَابِسَةِ إذَا لَمْ يَجِدْ عَنْهَا مَصْرِفًا مِنْ زِيَادَتِهِ ( وَلَا يُكَلَّفُ التَّحَفُّظُ ) عَنْهَا ( فِي الْمَشْيِ ) لِأَنَّهَا تَكْثُرُ فِي الطُّرُقِ وَتَكْلِيفُهُ ذَلِكَ يُشَوِّشُ عَلَيْهِ غَرَضَ السَّيْرِ
( قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْطَأَهَا نَجَاسَةً يَضُرُّ إلَخْ ) مِثْلُهُ مَا لَوْ دَمِيَ فَمُ الدَّابَّةِ وَفِي يَدِهِ لِجَامُهَا لِعُذْرِهِ بِإِمْسَاكِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ صَلَّى وَفِي يَدِهِ حَبْلٌ طَاهِرٌ عَلَى نَجَاسَةٍ قَالَ شَيْخُنَا فِي خَطِّ الْوَالِدِ فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ الْمُلْصَقَةِ خِلَافَهُ عَنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ( قَوْلُهُ كَذَرْقِ طُيُورٍ عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى ) قَالَ شَيْخُنَا جَفَّ

( فَرْعٌ يُشْتَرَطُ فِي ) صِحَّةِ صَلَاةِ ( الْفَرِيضَةِ الِاسْتِقْرَارُ وَالِاسْتِقْبَالُ وَتَمَامُ الْأَرْكَانِ ) احْتِيَاطًا لَهَا وَلِمَا مَرَّ فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ أَوَائِلَ الْبَابِ ( إلَّا لِضَرُورَةٍ كَخَوْفِ فَوْتِ رُفْقَةٍ ) وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ هُنَا وَصَرَّحُوا بِهِ فِي نَظِيرِهِ مِنْ التَّيَمُّمِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْوَحْشَةِ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا عَلَى الدَّابَّةِ سَائِرَةً إلَى مَقْصِدِهِ ( وَيُعِيدَ ) هَا وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ ضَابِطُ مَا تَجِبُ إعَادَتُهُ وَمَا لَا تَجِبُ ( فَلَوْ صَلَّاهَا فِي هَوْدَجٍ عَلَى دَابَّةٍ وَاقِفَةٍ أَوْ سَرِيرٍ يَحْمِلُهُ رِجَالٌ ) وَإِنْ مَشَوْا بِهِ ( أَوْ فِي الْأُرْجُوحَةِ أَوْ الزَّوْرَقِ الْجَارِي صَحَّتْ ) بِخِلَافِهَا عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ بِدَلِيلِ جَوَازِ الطَّوَافِ عَلَيْهَا وَفَرَّقَ الْمُتَوَلِّي بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرِّجَالِ السَّائِرِينَ بِالسَّرِيرِ بِأَنَّ الدَّابَّةَ لَا تَكَادُ تَثْبُتُ عَلَى حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَا تُرَاعِي الْجِهَةَ بِخِلَافِ الرِّجَالِ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ مَنْ يَلْزَمُ لِجَامَهَا وَيَسِيرُهَا بِحَيْثُ لَا تَخْتَلِفُ الْجِهَةُ جَازَ ذَلِكَ وَالزَّوْرَقُ نَوْعٌ مِنْ السُّفُنِ

( قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِي الْفَرِيضَةِ الِاسْتِقْرَارُ ) فَلَوْ حَمَلَهُ رَجُلَانِ وَوَقَفَا فِي الْهَوَاءِ أَوْ صَلَّى عَلَى دَابَّةٍ سَائِرَةٍ فِي هَوْدَجٍ لَمْ تَصِحَّ ( قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ أَوْ الزَّوْرَقِ الْجَارِي صَحَّتْ ) قَالَ شَيْخُنَا قَالَ ابْنُ قَاضِي شُهْبَةَ قَضِيَّةُ هَذَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ فِي الْمِحَفَّةِ السَّائِرَةِ لِأَنَّ مَنْ بِيَدِهِ زِمَامُ الدَّابَّةِ يُرَاعِي الْقِبْلَةَ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ يُحْتَاجُ إلَيْهَا ( قَوْلُهُ لِأَنَّ سَيْرَهَا مَنْسُوبٌ إلَيْهِ إلَخْ ) وَسَيْرُ السَّفِينَةِ بِخِلَافِهِ فَإِنَّهَا بِمَثَابَةِ الدَّارِ فِي الْبَرِّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ طَافَ عَلَى لَوْحٍ أَوْ سَفِينَةٍ فِي سَيْلٍ حَوْلَ الْكَعْبَةِ لَمْ يَصِحَّ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ عم قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ هَذَا لَا اتِّجَاهَ فِيهِ بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ فَإِنَّ الطَّوَافَ عِنْدَ الْأَصْحَابِ عَلَى عَكْسِ الْفَرِيضَةِ فَكُلُّ مَوْضِعٍ صَحَّحْنَا فِيهِ الْفَرِيضَةَ لَمْ يَصِحَّ فِيهِ الطَّوَافُ وَكُلُّ مَوْضِعٍ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ الْفَرِيضَةُ صَحَّ فِيهِ الطَّوَافُ فَفِي الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ يَصِحُّ الطَّوَافُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الْفَرِيضَةِ وَكَيْفَ تُعْقَلُ صِحَّةُ الطَّوَافِ مِمَّنْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْتَقِرِّ عَلَى الْأَرْضِ وَقَوْلُهُ وَالْمُتَّجَهُ الصِّحَّةُ قَالَ شَيْخُنَا قَدْ جَرَى عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فِي الْحَجِّ فَمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْعِمَادِ ضَعِيفٌ .
( قَوْلُهُ قَالَ حَتَّى لَوْ كَانَ لِلدَّابَّةِ ) أَيْ الَّتِي عَلَيْهَا الْمِحَفَّةُ ( قَوْلُهُ جَازَ ذَلِكَ ) وَحَكَاهُ فِي الْحِيلَةِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ ح

( وَلَوْ صَلَّى مَنْذُورَةً أَوْ صَلَاةَ جِنَازَةٍ عَلَى الرَّاحِلَةِ لَمْ يَجُزْ ) لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ وَفِعْلُهَا عَلَى الدَّابَّةِ السَّائِرَةِ يَمْحُو صُورَتَهُ وَإِنْ فَرَضَ إتْمَامَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ كَالْقُونَوِيِّ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي النَّفْلِ إنَّمَا كَانَتْ لِكَثْرَتِهِ وَتَكَرُّرِهِ وَهَذِهِ نَادِرَةٌ وَصَرَّحَ الْإِمَامُ بِالْجَوَازِ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَلَوْ صَلَّى إلَى آخِرِهِ لَأَغْنَى عَنْهُ كَلَامُهُ أَوَّلَ الْفَرْعِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ صَلَّى مَنْذُورَةً إلَخْ ) ذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي بَابِ سُجُودِ التِّلَاوَةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ عَلَى ظَهْرِ الرَّاحِلَةِ جَازَ فِعْلُهُمَا عَلَيْهَا ( قَوْلُهُ لِسُلُوكِهِمْ بِالْأُولَى مَسْلَكَ وَاجِبِ الشَّرْعِ وَلِأَنَّ الرُّكْنَ الْأَعْظَمَ فِي الثَّانِيَةِ الْقِيَامُ إلَخْ ) وَلِنَدُورَ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَلِاحْتِرَامِ الْمَيِّتِ ( قَوْلُهُ فَإِنْ فَرَضَ إتْمَامَهُ عَلَيْهَا فَكَذَلِكَ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .
( قَوْلُهُ قَالَ وَكَلَامُ الرَّافِعِيِّ يَقْتَضِيهِ ) وَقِيَاسُهُ جَوَازُ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَاشِي إذَا صَلَّى عَلَى غَائِبٍ مَثَلًا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ هُنَا قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ وَقَالَ كَمَا سَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ وَاَلَّذِي قَالَهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ هُنَاكَ ح وَقَوْلُهُ قَدْ صَرَّحَ بِامْتِنَاعِ الْمَشْيِ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَالْمَصْلُوبُ وَالْغَرِيقُ وَنَحْوُهُ ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا ( يُصَلِّيَ حَيْثُ تَوَجَّهَ ) لِلضَّرُورَةِ ( وَيُعِيدُ ) صَلَاتَهُ وَالتَّصْرِيحُ هُنَا بِالْإِعَادَةِ مِنْ زِيَادَتِهِ
( قَوْلُهُ وَالْمَصْلُوبُ وَالْغَرِيقُ وَنَحْوُهُ يُصَلِّي إلَخْ ) لَوْ كَانَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ وَخَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ فَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ وَيَتَوَجَّهَ لِلْخُرُوجِ وَيُصَلِّيَ بِالْإِيمَاءِ

( فَصْلٌ النَّافِلَةُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً دَاخِلَ الْكَعْبَةِ أَفْضَلُ ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْبُعْدِ مِنْ الرِّيَاءِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً أَيْ خَارِجَ الْكَعْبَةِ فَقَطْ بِأَنْ لَمْ يَرْجُهَا أَصْلًا أَوْ يَرْجُوهَا دَاخِلَهَا أَوْ دَاخِلَهَا وَخَارِجَهَا فَإِنْ رَجَاهَا خَارِجَهَا فَقَطْ فَخَارِجُهَا أَفْضَلُ لِأَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِنَفْسِ الْعِبَادَةِ أَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى فَضِيلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَكَانِهَا كَالْجَمَاعَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْ الِانْفِرَادِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَالنَّافِلَةِ بِبَيْتِهِ فَإِنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا فِي الْمَسْجِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ أَفْضَلَ مِنْهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُرَاعِ خِلَافَ مَنْ قَالَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ فِي الْكَعْبَةِ لِعَدَمِ احْتِرَامِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِسُنَّةٍ صَحِيحَةٍ { فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِيهَا } وَقَوْلُهُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً أَيْ فِيمَا تُطْلَبُ فِيهِ الْجَمَاعَةُ مِنْ فَرْضٍ وَسُنَّةٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ الرَّوْضَةِ بِالْفَرْضِ ( وَيَكْفِي اسْتِقْبَالُ بَابِهَا الْمَرْدُودِ ) أَوْ الْمَفْتُوحِ وَعَتَبَتُهُ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْزَائِهَا وَالْعِبْرَةُ فِي الِاسْتِقْبَالِ بِالصَّدْرِ لَا بِالْوَجْهِ
( قَوْلُهُ وَصَلَاةُ مَنْ لَمْ يَرْجُ جَمَاعَةً إلَخْ ) وَالنَّذْرُ وَالْقَضَاءُ ( قَوْلُهُ قَدْرَ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ تَقْرِيبًا إلَخْ ) شَمِلَ مَا لَوْ انْخَفَضَ مَوْضِعُ مَوْقِفِهِ وَارْتَفَعَتْ أَرْضُ الْجَانِبِ الْآخَرِ

( وَمَنْ وَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا أَوْ عَرْصَتِهَا وَهِيَ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ ) بِأَنْ انْهَدَمَتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ ( وَبَيْنَ يَدَيْهِ ) شَاخِصٌ ( قَدْرُ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ ) فَأَكْثَرَ ( تَقْرِيبًا ) بِذِرَاعِ الْآدَمِيِّ ( مُتَّصِلٌ ) أَيْ الشَّاخِصُ ( بِهَا ) أَيْ بِالْكَعْبَةِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْهَا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْرَ قَامَتِهِ طُولًا وَعَرْضًا ( كَشَجَرَةٍ نَابِتَةٍ وَعَصًا مُسَمَّرَةٍ ) أَوْ مُثَبَّتَةٍ كَمَا صَرَّحَ بِهَا الْأَصْلُ ( وَبَقِيَّةِ جِدَارٍ أَجْزَأَهُ ) بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّاخِصُ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثَيْ ذِرَاعٍ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ سُتْرَةُ الْمُصَلِّي فَاعْتُبِرَ فِيهِ قَدْرُهَا وَقَدْ { سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا فَقَالَ كَمُؤَخِّرَةِ الرَّحْلِ } رَوَاهُ مُسْلِمٌ قَالَ الْإِمَامُ وَكَأَنَّهُمْ رَاعُوا فِي اعْتِبَارِ ذَلِكَ أَنْ يُسَامِتَ فِي سُجُودِهِ الشَّاخِصِ بِمُعْظَمِ بَدَنِهِ ( لَا ) نَحْوَ ( حَشِيشٍ ) نَابِتٍ ( وَعَصًا مَغْرُوزَةٍ ) لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا وَتُخَالِفُ الْعَصَا لِأَوْتَادِ الْغَرُوزَةِ فِي الدَّارِ حَيْثُ تُعَدُّ مِنْهَا بِدَلِيلِ دُخُولِهَا فِي بَيْعِهَا لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِغَرْزِهَا لِلْمَصْلَحَةِ فَعُدَّتْ مِنْ الدَّارِ لِذَلِكَ ( وَإِنْ جَمَعَ تُرَابَهَا أَمَامَهُ أَوْ نَزَلَ فِي مُنْخَفَضٍ مِنْهَا ) كَحُفْرَةٍ ( كَفَى ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ مِنْ أَجْزَائِهَا ( وَإِنْ وَقَفَ خَارِجَ الْعَرْصَةِ أَوْ عَلَى جَبَلٍ ) كَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ ( أَجْزَأَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ شَاخِصٍ ) لِأَنَّهُ يُعَدُّ مُتَوَجِّهًا إلَيْهَا بِخِلَافِ مَنْ وَقَفَ فِيهَا وَتَوَجَّهَ إلَى هَوَائِهَا كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ وَلَوْ عَبَّرَ بَدَلَ أَوْ بِقَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ أَوْلَى
قَوْلُهُ أَوْ نَزَلَ فِي مُنْخَفَضٍ مِنْهَا كَفَى ) أَقُولُ بِشَرْطِ أَنْ لَا تُجَاوِزَ الْحُفْرَةَ قَوَاعِدُ الْبَيْتِ قَالَهُ فِي الذَّخَائِرِ وَفِيهِ نَظَرٌ

( وَلَوْ خَرَجَ عَنْ مُحَاذَاةِ الْكَعْبَةِ بِبَعْضِ بَدَنِهِ ) بِأَنْ وَقَفَ بِطَرَفِهَا وَخَرَجَ عَنْهُ بَعْضُهُ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ إذْ يُقَالُ مَا اسْتَقْبَلَهَا إنَّمَا اسْتَقْبَلَهَا بَعْضُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّاذَرْوَانَ كَالْحَجَرِ فِيمَا يَأْتِي فِيهِ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الرُّكْنَ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ لِأَنَّهُ مُسْتَقْبِلٌ لِلْبِنَاءِ الْمُجَاوِرِ لِلرُّكْنِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ بَدَنِهِ خَارِجًا عَنْ الرُّكْنِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ
( قَوْلُهُ فَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ الْأَذْرَعِيُّ الْجَزْمُ بِالصِّحَّةِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَإِنْ امْتَدَّ صَفٌّ طَوِيلٌ بِقُرْبِ الْكَعْبَةِ وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُحَاذَاةِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ ) أَيْ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِينَ لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مُسْتَقْبِلِينَ لَهَا ( وَلَا شَكَّ إنَّهُمْ إذَا بَعُدُوا ) عَنْهَا ( حَاذَوْهَا وَصَحَّتْ صَلَاتُهُمْ ) وَإِنْ طَالَ الصَّفُّ لِأَنَّ صَغِيرَ الْجِرْمِ كُلَّمَا زَادَ بُعْدُهُ زَادَتْ مُحَاذَاتُهُ كَغَرَضِ الرُّمَاةِ وَاسْتَشْكَلَ بِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَحْصُلُ مَعَ الِانْحِرَافِ ( وَلَوْ اسْتَدْبَرَ ) هَا ( نَاسِيًا وَطَالَ ) الزَّمَنُ ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِمُنَافَاةِ ذَلِكَ لَهَا ( لَا إنْ قَصُرَ ) كَيَسِيرِ الْكَلَامِ ( وَإِنْ أُمِيلَ ) عَنْهَا ( قَهْرًا بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ ( وَلَوْ قَلَّ ) الزَّمَنُ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ وَبِهَذَا فَارَقَ عَدَمَ بُطْلَانِهَا فِيمَا لَوْ حَوَّلَتْ الرِّيحُ السَّفِينَةَ فَتَحَوَّلَ وَجْهُهُ عَنْ الْقِبْلَةِ وَرَدَّهُ إلَيْهَا حَالًا ( وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحِجْرِ ) بِكَسْرِ الْحَاءِ دُونَ الْكَعْبَةِ ( لَمْ يُجْزِهِ ) لِأَنَّ كَوْنَهُ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ
( قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقْبَلَ الْحِجْرِ لَمْ يُجْزِهِ ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَك أَنْ تَقُولَ لَا خِلَافَ أَنَّ بَعْضَهُ مِنْ الْبَيْتِ فَلِمَ لَا يَصِحُّ تَوَجَّهَ مَا اتَّفَقَ عَلَى أَنَّهُ مِنْهُ وَيَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْبَيْتَ لَوْ أُعِيدَ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوَجُّهُ الْمَتْرُوكِ مِنْهُ ا هـ وَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَ بَعْضِ الْحَجَرِ مِنْ الْبَيْتِ مَظْنُونٌ لَا مَقْطُوعٌ فَإِنَّهُ إنَّمَا ثَبَتَ بِالْآحَادِ وَهُوَ لَا يَكْفِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ ش

( وَالْفَرْضُ فِي الْقِبْلَةِ إصَابَةُ الْعَيْنِ ) فِي الْقُرْبِ يَقِينًا وَفِي الْبُعْدِ ظَنَّا فَلَا يَكْفِي إصَابَةُ الْجِهَةِ لِلْأَدِلَّةِ السَّابِقَةِ أَوَّلَ الْبَابِ ( وَلَا يَسْتَيْقِنُ الْخَطَأَ بِالِانْحِرَافِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً مَعَ الْبُعْدِ عَنْ مَكَّةَ ) وَإِنَّمَا يُظَنُّ وَمَعَ الْقُرْبِ يُمْكِنُ الْيَقِينُ وَالظَّنُّ ( وَمَنْ دَارُهُ بِمَكَّةَ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ الْإِصَابَةَ ) لَعَيْنِ الْقِبْلَةِ ( لِحَائِلٍ وَلَوْ طَارِئًا ) كَبِنَاءٍ ( اجْتَهَدَ ) جَوَازًا لِلْمَشَقَّةِ فِي تَكْلِيفِهِ الْمُعَايَنَةَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ إنَّهُ لَوْ بَنَى حَائِلًا مَنَعَ الْمُشَاهَدَةَ بِلَا حَاجَةٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ بِالِاجْتِهَادِ لِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَائِلٌ صَلَّى بِالْمُعَايَنَةِ وَلَا حَاجَةَ إلَيْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ وَفِي مَعْنَى الْمُعَايِنِ مَنْ نَشَأَ بِمَكَّةَ وَتَيَقَّنَ إصَابَةَ الْقِبْلَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهَا حِينَ يُصَلِّي فَيَمْتَنِعُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى يَقِينِ الْقِبْلَةِ
( قَوْلُهُ وَلَمْ يَتَيَقَّنْ الْإِصَابَةَ لِحَائِلٍ ) وَلَمْ يَجِدْ ثِقَةً يُخْبِرُهُ عَنْ عِلْمٍ

( وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ وَمَحَارِيبِ جَادَّتِهِمْ ) بِالْجِيمِ أَيْ مُعْظَمِ طَرِيقِهِمْ ( وَقُرَاهُمْ الْقَدِيمَةِ ) بِأَنْ نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( وَإِنْ صَغُرَتْ وَخَرِبَتْ ) إنْ سَلِمَتْ مِنْ الطَّعْنِ لِأَنَّهَا لَمْ تُنْصَبْ إلَّا بِحَضْرَةِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِسَمْتِ الْكَوَاكِبِ وَالْأَدِلَّةِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْخَبَرِ ( لَا ) فِي ( خَرِبَةٍ أَمْكَنَ أَنَّ بَانِيَهَا الْكُفَّارُ ) فَيَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا وَكَذَا فِي طَرِيقٍ يَنْدُرُ مُرُورُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا أَوْ يَسْتَوِي مُرُورُ الْفَرِيقَيْنِ بِهَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَبَانِيهَا اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ الْبِنَاءِ ( إلَّا ) أَيْ لَا اجْتِهَادَ فِي الْمَحَارِيبِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا ( تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا ) فَيَجُوزُ إذْ لَا يَبْعُدُ الْخَطَأُ فِيهِمَا بِخِلَافِهِ فِي الْجِهَةِ وَهَذَا ( فِي غَيْرِ مِحْرَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَاجِدِهِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا إنْ ضُبِطَتْ ) أَيْ عُلِمَتْ أَمَّا فِيهَا فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً فَخَيَالُهُ بَاطِلٌ وَمَحَارِيبُهُ كُلُّ مَا ثَبَتَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ وَالْمِحْرَابُ لُغَةً صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ بِهِ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَارِبُ فِيهِ الشَّيْطَانَ
( قَوْلُهُ وَلَا اجْتِهَادَ فِي مَحَارِيبِ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ ) فِي مَعْنَاهَا خَبَرُ عَدْلٍ بِاتِّفَاقِ جَمْعٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى جِهَةٍ وَخَبَرُ صَاحِبِ الدَّارِ ( قَوْلُهُ وَمَسَاجِدِهِ الَّتِي صَلَّى فِيهَا ) أَلْحَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قِبْلَةَ الْبَصْرَةِ وَالْكُوفَةِ بِمَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَصْبِ الصَّحَابَةِ لَهُمَا ( قَوْلُهُ إنْ ضُبِطَتْ ) قُلْت وَفِي ضَبْطِ ذَلِكَ عُسْرٌ أَوْ هُوَ مُتَعَذِّرٌ ت

( وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الْيَقِينِ ) فِي الْقِبْلَةِ أَوْ نَالَهُ مَشَقَّةٌ فِي تَحْصِيلِهِ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الِاجْتِهَادِ ( فَأَخْبَرَهُ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ ) وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ( عَنْ عِلْمٍ بِالْقِبْلَةِ أَوْ الْمِحْرَابِ ) الْمُعْتَمَدِ ( لَمْ يَجْتَهِدْ ) بَلْ يَعْتَمِدُ الْخَبَرَ كَمَا فِي الْوَقْتِ وَغَيْرِهِ وَصَرَّحَ الْأَصْلُ بِأَنَّ وُجُودَ مَنْ يُخْبِرُهُ يَمْنَعُ جَوَازَ الِاجْتِهَادِ وَقَدْ يَفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبَ السُّؤَالِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَشْكُلُ بِمَا مَرَّ أَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ حَائِلٌ لَهُ الِاجْتِهَادُ لِأَنَّ السُّؤَالَ لَا مَشَقَّةَ فِيهِ بِخِلَافِ الطُّلُوعِ نَعَمْ إنْ فَرَضَ أَنَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَالِ مَشَقَّةً لِبُعْدِ الْمَكَانِ أَوْ نَحْوِهِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ وَخَرَجَ بِمَقْبُولِ الرِّوَايَةِ غَيْرُهُ كَصَبِيٍّ وَكَافِرٍ فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذَكَرَ كَغَيْرِهِ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَوْ اسْتَعْلَمَ مُسْلِمٌ مِنْ مُشْرِكٍ دَلَائِلَ الْقِبْلَةِ وَوَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهُ وَاجْتَهَدَ لِنَفْسِهِ فِي جِهَاتِ الْقِبْلَةِ جَازَ لِأَنَّهُ عَمِلَ فِي الْقِبْلَةِ عَلَى اجْتِهَادِ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا قُبِلَ خَبَرُ الْمُشْرِكِ فِي غَيْرِهَا قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا إلَّا أَنْ يُوَافِقَ عَلَيْهَا مُسْلِمٌ وَسُكُونُ نَفْسِهِ إلَى خَبَرِهِ لَا يُوجِبُ أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ ( تَنْبِيهٌ ) عُلِمَ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْخَبَرِ عَدَمُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْخَبَرِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْأَعْمَى وَلَا لِمَنْ هُوَ فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ الْأَخْذُ بِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْيَقِينِ بِالْمَسِّ ( وَيَعْتَمِدُ الْأَعْمَى ) وَكَذَا مَنْ فِي ظُلْمَةٍ ( الْمِحْرَابَ بِالْمَسِّ وَلَوْ لَمْ يَرَهُ قَبْلَ الْعَمَى ) كَمَا يَعْتَمِدُهُ الْبَصِيرُ الَّذِي لَيْسَ فِي ظُلْمَةٍ بِالْمُشَاهَدَةِ فَالْمِحْرَابُ الْمُعْتَمَدُ كَصَرِيحِ الْخَبَرِ

فَلَوْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ مَوَاضِعُ لَمَسَهَا صَبَرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ وَأَعَادَ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ
( قَوْلُهُ وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُ السُّؤَالِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ كَانَ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي تِلْكَ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَكَافِرٍ ) فَلَا يُقْبَلُ إخْبَارُهُ بِمَا ذَكَرَ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي خَبَرِ الدِّينِ ( قَوْلُهُ نَعَمْ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ إلَخْ ) وَمَا أَظُنُّهُمْ يُوَافِقُونَهُ عَلَيْهِ غ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّاشِيُّ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ ) وَقَالَ فِي الذَّخَائِرِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَالَ الدَّارِمِيُّ وَلَا يَتَّبِعُ بَصِيرٌ وَلَا ضَرِيرٌ دَلَالَةَ مُشْرِكٍ بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَطَّلِعَ الْبَصِيرُ عَلَيْهَا فَيَجْتَهِدُ بِهَا لِنَفْسِهِ .
ا هـ .
وَهَذَا مَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ ت ( قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ خَبَرُهُ فِي الْقِبْلَةِ لَا يُقْبَلُ فِي أَدِلَّتِهَا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( وَلَا يَجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ إلَّا بَصِيرٌ عَارِفٌ بِالْأَدِلَّةِ ) لَهَا ( كَالنُّجُومِ وَالْقَمَرَيْنِ ) تَثْنِيَةُ شَمْسٍ وَقَمَرٍ وَغَلَّبَ الْقَمَرَ لِكَوْنِهِ مُذَكَّرًا ( وَأَضْعَفُهَا الرِّيَاحُ ) لِاخْتِلَافِهَا ( وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ ) قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ فِي بَنَاتِ نَعْشٍ الصُّغْرَى بَيْنَ الْفَرْقَدَيْنِ وَالْجَدْيِ وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَقَالِيمِ فَفِي الْعِرَاقِ يَجْعَلُهُ الْمُصَلِّي خَلْفَ أُذُنِهِ الْيُمْنَى وَفِي مِصْرَ خَلْفَ الْيُسْرَى وَفِي الْيَمَنِ قُبَالَتَهُ مِمَّا يَلِي جَانِبَهُ الْأَيْسَرَ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ وَفِي كَوْنِ الْقُطْبِ نَجْمًا كَلَامٌ ذَكَرْته فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ ( وَلَيْسَ لَهُ اعْتِمَادُ ظَنٍّ بِلَا عَلَامَةٍ ) كَمَا فِي الِاشْتِبَاهِ فِي الْمَاءِ ( فَالْقَادِرُ عَلَى الِاجْتِهَادِ لَا يُقَلِّدُ ) غَيْرَهُ ( وَإِنْ حَصَلَ غَيْمٌ وَظُلْمَةٌ وَتَعَارُضُ أَدِلَّةٍ ) لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا وَالْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ عَارِضَةٌ لَا تَطُولُ ( بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ ) عَنْ الِاجْتِهَادِ ( أَوْ قَلَّدَ غَيْرَهُ صَلَّى ) كَيْفَ اتَّفَقَ فِي الْأُولَى ( وَأَعَادَ ) فِيهِمَا وُجُوبًا ( وَالْأَعْمَى وَمَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ وَيَعْجِزُ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا ( عَنْ تَعَلُّمِهَا الْبَلَادَةَ يُقَلِّدُ ) كُلٌّ مِنْهُمَا ( عَارِفًا ثِقَةً يَجْتَهِدُ لَهُ ) أَوْ لِغَيْرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى { فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } وَلِعَجْزِهِمَا أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ مُعْظَمَ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَاهَدَةِ كَالْقَمَرَيْنِ وَالرِّيحُ ضَعِيفَةٌ كَمَا مَرَّ وَالِاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ فِيهَا أَكْثَرُ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ فَاقِدِ الْبَصَرِ ( وَيُجْزِئُ ) أَيْ يَكْفِي فِيمَنْ يُقَلِّدُ أَنَّهُ ( عَبْدٌ أَوْ امْرَأَةٌ لَا صَبِيٌّ ) وَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ قَوْلِ الْغَيْرِ الْمُسْتَنِدِ لِلِاجْتِهَادِ ( فَإِنْ قَالَ الْمُخْبِرُ رَأَيْت الْقُطْبَ أَوْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ ) أَيْ جَمَاعَةُ النَّاسِ وَالْمُرَادُ الْخَلْقُ الْكَثِيرُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ( يُصَلُّونَ

هَكَذَا فَهُوَ إخْبَارٌ عَنْ عِلْمٍ ) فَالْأَخْذُ بِهِ قَبُولُ خَبَرٍ لَا تَقْلِيدٌ ( فَلَوْ اخْتَلَفَ ) عَلَيْهِ فِي الِاجْتِهَادِ ( اثْنَانِ قَلَّدَ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا ) إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ ( لَكِنْ الْأَكْمَلُ ) أَيْ الْأَوْثَقُ وَالْأَعْلَمُ عِنْدَهُ ( أَوْلَى ) وَقِيلَ وَاجِبٌ وَهُوَ الْأَشْبَهُ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّ الْقَاضِيَ أَبَا الطَّيِّبَ حَكَاهُ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَإِنَّ الْأَكْثَرِينَ عَلَى التَّخْيِيرِ
( قَوْلُهُ وَأَقْوَاهَا الْقُطْبُ ) مُثَلَّثُ الْقَافِ ( قَوْلُهُ قَالَ الشَّيْخَانِ وَهُوَ نَجْمٌ صَغِيرٌ إلَخْ ) وَكَأَنَّهُمَا سَمَّيَاهُ نَجْمًا لِمُجَاوَرَتِهِ لَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَا قَالَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ لَيْسَ نَجْمًا بَلْ نُقْطَةٌ تَدُورُ عَلَيْهَا هَذِهِ الْكَوَاكِبُ بِقُرْبِ النَّجْمِ ش ( قَوْلُهُ وَفِي الشَّامِ وَرَاءَهُ ) وَبَحْرَانِ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ إنَّ قِبْلَتَهَا أَعْدَلُ الْقِبَلِ د ( قَوْلُهُ بَلْ إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ إلَخْ ) لَوْ خَافَ فَوْتَ الْوَقْتِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ لَا يُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ لِحَقِّ الْوَقْتِ إذَا كَانَ وَاجِدًا لِلْمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ أَمْرَ الطَّهَارَةِ أَقْوَى وَمُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَقْتِ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ فَإِنَّ أَمْرَهَا أَخَفُّ فَإِنَّهُ مَا مِنْ جِهَةٍ إلَّا وَهِيَ قِبْلَةُ قَوْمٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُصَلِّي فِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا يُصَلِّي بِلَا طَهَارَةٍ وَمَنْ رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ يُؤَخِّرُ فِي قَوْلٍ وَفِي الْقِبْلَةِ يَجْتَهِدُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَلَا يُؤَخِّرُ وَلِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الطَّهَارَةِ بِالْوُضُوءِ وَبِالِاجْتِهَادِ لَا يَتَوَصَّلُ إلَى يَقِينِ الْقِبْلَةِ ( قَوْلُهُ صَلَّى كَيْفَ اتَّفَقَ ) لِإِخْفَاءِ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي كَيْفَ كَانَ إذَا تَسَاوَتْ الْجِهَاتُ عِنْدَهُ فَلَوْ اجْتَهَدَ فَتَسَاوَى عِنْدَهُ جِهَتَانِ فَلَيْسَ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُمَا فَيَتَخَيَّرُ فِيهِمَا عَلَى الرَّاجِحِ ت

( فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ ) أَيْ أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ ( عِنْدَ ) إرَادَةِ ( السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ ) لِعُمُومِ حَاجَةِ الْمُسَافِرِ إلَيْهَا وَكَثْرَةِ الِاشْتِبَاهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ فِي الْحَضَرِ فَفَرْضُ كِفَايَةٍ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ السَّلَفُ بَعْدَهُ أَلْزَمُوا آحَادَ النَّاسِ تَعَلُّمَهَا بِخِلَافِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي غَيْرِ الْمِنْهَاجِ وَأَطْلَقَ فِي الْمِنْهَاجِ تَبَعًا لِلرَّافِعِيِّ تَصْحِيحَ أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ كَتَعَلُّمِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ فِي السَّفَرِ عَلَى سَفَرٍ يَقِلُّ فِيهِ الْعَارِفُونَ بِأَدِلَّتِهَا دُونَ مَا يَكْثُرُ فِيهِ كَرَكْبِ الْحَاجِّ فَهُوَ كَالْحَضَرِ .
ا هـ .
وَظَاهِرٌ أَنَّ السَّفَرَ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى أُخْرَى قَرِيبَةٍ بِحَيْثُ يَقْطَعُ الْمَسَافَةَ قَبْلَ خُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ كَالْحَضَرِ ( فَلَوْ قَدَرَ عَلَى التَّعَلُّمِ ) لَهَا وَقُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ ( لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّقْلِيدُ ) فَإِنْ قَلَّدَ قَضَى لِتَقْصِيرِهِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ جَازَ لَهُ التَّقْلِيدُ كَالْأَعْمَى ( فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ ) عَنْ التَّعَلُّمِ ( فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُجْتَهِدٍ تَحَيَّرَ ) فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ ( وَلَوْ صَلَّى فَرِيضَةً بِالِاجْتِهَادِ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ ) أَيْ الِاجْتِهَادِ ( لِلْأُخْرَى ) أَيْ لِلْفَرِيضَةِ الْأُخْرَى ( فِي الْقِبْلَةِ ) إنْ لَمْ يَكُنْ ذَاكِرًا لِلدَّلِيلِ الْأَوَّلِ سَعْيًا فِي إصَابَةِ الْحَقِّ لِتَأَكُّدِ الظَّنِّ عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ وَقُوَّةِ الثَّانِي عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا عَنْ أَمَارَةٍ أَقْوَى وَالْأَقْوَى أَقْرَبُ إلَى الْيَقِينِ ( لَا ) إعَادَتُهُ ( لِلنَّافِلَةِ ) وَمِثْلُهَا صَلَاةُ الْجِنَازَةِ كَمَا فِي التَّيَمُّمِ وَخَرَجَ بِالْقِبْلَةِ الثَّوْبُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْإِعَادَةُ فِيهِ .
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْيَقِينِ وَمُخْتَلِفَةٌ بِاخْتِلَافِ الْأَمْكِنَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ وَكَمَا

يَلْزَمُهُ إعَادَةُ الِاجْتِهَادِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ يَلْزَمُ الْأَعْمَى إعَادَةُ التَّقْلِيدِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ قَالَهُ الْخُوَارِزْمِيَّ ( فَإِنْ تَغَيَّرَ ) اجْتِهَادُهُ فِي الْقِبْلَةِ أَوْ الثَّوْبِ ( عَمِلَ بِالثَّانِي ) وُجُوبًا ( إنْ تَرَجَّحَ وَلَوْ فِيهَا ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ وَعَمِلَ بِالْأَوَّلِ إنْ تَرَجَّحَ وَفَرَّقَ بَيْنَ عَمَلِهِ بِالثَّانِي وَعَدَمِ عَمَلِهِ بِهِ فِي الْمِيَاهِ بِلُزُومِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِالِاجْتِهَادِ إنْ غَسَلَ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَالصَّلَاةُ بِنَجَاسَةٍ إنْ لَمْ يَغْسِلْهُ وَهُنَا لَا يَلْزَمُ مِنْهُ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَلَا بِنَجَاسَةٍ وَمَنَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُ النَّقْضُ لَوْ أَبْطَلْنَا مَا مَضَى مِنْ طُهْرِهِ وَصَلَاتِهِ وَلَمْ نُبْطِلْهُ بَلْ أَمَرْنَاهُ بِغُسْلِ مَا ظَنَّ نَجَاسَتَهُ كَمَا أَمَرْنَاهُ بِاجْتِنَابِ بَقِيَّةِ الْمَاءِ الْأَوَّلِ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يَكْفِي فِي النَّقْضِ وُجُوبُ غُسْلِ مَا أَصَابَهُ الْأَوَّلُ وَاجْتِنَابُ الْبَقِيَّةِ .
( فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ ) بَيْنَهُمَا ( لَا ) إنْ كَانَ ( فِيهَا ) أَيْ فِي الصَّلَاةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ بَلْ يَعْمَلُ بِالْأَوَّلِ وَالتَّفْصِيلُ فِيهَا بَيْنَ التَّسَاوِي وَعَدَمِهِ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَجْمُوعِ تَصْحِيحُ وُجُوبِ الْعَمَلِ بِالثَّانِي وَلَوْ مَعَ التَّسَاوِي قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ .
ا هـ .
وَفَارَقَ حُكْمَ التَّسَاوِي قَبْلَهَا بِأَنَّهُ الْتَزَمَ بِدُخُولِهِ فِيهَا جِهَةً فَلَا يَتَحَوَّلُ إلَّا بِأَرْجَحَ مَعَ أَنَّ التَّحَوُّلَ فِعْلٌ أَجْنَبِيٌّ لَا يُنَاسِبُ الصَّلَاةَ فَاحْتِيطَ لَهَا ( وَلَا يُنْقَضُ ) الِاجْتِهَادُ ( الْأَوَّلُ ) بِالثَّانِي لِامْتِنَاعِ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ ( وَلَوْ اتَّحَدَتْ الصَّلَاةُ وَأَدَّى ) ذَلِكَ ( إلَى اسْتِقْبَالِ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ بِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ) لِأَنَّهُ وَإِنْ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِي ثَلَاثٍ قَدْ أَدَّى كُلًّا مِنْهَا بِاجْتِهَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ فِيهِ الْخَطَأُ ( وَهَذَا ) أَيْ الْعَمَلُ بِالثَّانِي فِي الصَّلَاةِ ( إذَا ظَنَّ الصَّوَابَ

مُقَارِنًا ) لِظُهُورِ الْخَطَأِ فَلَا تَبْطُلُ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْضِ الِاجْتِهَادِ بِمِثْلِهِ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَظُنَّهُ مُقَارِنًا ( بَطَلَتْ ) وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الصَّوَابِ عَلَى قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ

( قَوْلُهُ فَرْعٌ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ عِنْدَ السَّفَرِ فَرْضُ عَيْنٍ ) الْمُرَادُ تَعَلُّمُ الْأَدِلَّةِ الظَّاهِرَةِ دُونَ دَقَائِقِ الْأَدِلَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ والأرغياني فِي فَتَاوِيهِ ( قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَخْ ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْتَحَقَ بِالْمُسَافِرِ أَصْحَابُ الْخِيَامِ وَالنُّجْعَةِ إذَا قَلُّوا وَكَذَا مَنْ قَطَنَ بِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ مِنْ بَادِيَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ت ( قَوْلُهُ وَحَمَلَ السُّبْكِيُّ ) أَيْ وَغَيْرُهُ ( قَوْلُهُ لَزِمَهُ إعَادَتُهُ لِلْأُخْرَى ) وَالْمَنْذُورَةِ وَالْفَرِيضَةِ الْمُعَادَةِ فِي جَمَاعَةٍ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا مَا سَبَقَ فِي التَّيَمُّمِ ح وَقَوْلُهُ يُتَّجَهُ أَنْ يَأْتِيَ فِيهِمَا إلَخْ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ أَيْضًا قَالَ فِي التَّوَسُّطِ وَكَذَا الْمَنْذُورَةُ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ ( قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقِبْلَةَ مَبْنِيَّةٌ إلَخْ ) فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ ثَوْبٍ الطَّهَارَةُ فَاكْتَفَى فِيهِمَا بِاجْتِهَادٍ وَاحِدٍ بِخِلَافِ الْقِبْلَةِ وَالْوَقْتِ وَالْحُكْمِ لَا يُقَالُ يُنْتَقَضُ بِالْمَاءِ إذَا اشْتَبَهَ فَإِنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَصَلَّى ثُمَّ أَحْدَثَ وَبَقِيَ مِنْ الْأَوَّلِ بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ الِاجْتِهَادُ لِصَلَاةٍ تَحْضُرُ لِأَنَّا نَقُولُ الثَّوْبُ الْوَاحِدُ صَالِحٌ لِأَدَاءِ جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ مَا بَقِيَ فَإِنَّ الَّذِي صَلَّى فِيهِ أَوَّلًا صَالِحٌ لِلصَّلَاةِ فِيهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا بِخِلَافِ مَا اسْتَعْمَلَهُ مِنْ الْمَاءِ أَوَّلًا وَيُؤَيِّدُ هَذَا أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ حَضَرَتْ صَلَاةٌ أُخْرَى وَهُوَ مُتَطَهِّرٌ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَلَا يَجْتَهِدَ ق ( قَوْلُهُ فَإِنْ تَغَيَّرَ عَمَلٌ بِالثَّانِي إلَخْ ) ( فَرْعٌ ) لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ فَعُمِيَ فِيهَا أَتَمَّهَا وَلَا إعَادَةَ فَإِنْ دَارَ أَوْ أَدَارَهُ غَيْرُهُ عَنْ تِلْكَ الْجِهَةِ اسْتَأْنَفَ بِاجْتِهَادِ غَيْرِهِ نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ وُجُوبُ إعَادَةِ الِاجْتِهَادِ لِلْفَرْضِ الْوَاحِدِ إذَا فَسَدَ ش ( قَوْلُهُ

فَإِنْ اسْتَوَيَا فَلَهُ الْخِيَارُ ) سَكَتَ عَنْ الْإِعَادَةِ لِاسْتِغْنَائِهِ بِمَا سَبَقَ فِي الْمُتَحَيِّرِ أَنَّهُ يُصَلِّي كَيْفَ شَاءَ وَيَقْضِي وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ هُنَا بِالْإِعَادَةِ لِتَرَدُّدِهِ حَالَةَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا صَرَّحَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ كَذَلِكَ ( قَوْلُهُ نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْبَغَوِيّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ قَالَ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ وَلَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ د ( قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ ) وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ ت وَكَتَبَ أَيْضًا وَيُحْمَلُ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ وُجُوبَ التَّحَوُّلِ عَلَى مَا إذَا كَانَ دَلِيلُ الثَّانِي أَوْضَحَ بِدَلِيلِ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ بِاقْتِرَانِ ظُهُورِ الصَّوَابِ بِظُهُورِ الْخَطَأِ إذْ كَيْفَ يَظْهَرُ لَهُ الصَّوَابُ مَعَ التَّسَاوِي الْمُقْتَضِي لِلشَّكِّ وَوُجُوبُ بَقَائِهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِاجْتِهَادٍ ثُمَّ شَكَّ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ جِهَةٌ أَتَمَّهَا إلَى جِهَتِهِ وَلَا إعَادَةَ بَلْ هُوَ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ فَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ التَّحَوُّلِ أَخْذًا بِإِطْلَاقِ الْجُمْهُورِ مَرْدُودٌ بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ إنَّهُ بَاطِلٌ وَمُخَالِفٌ لِمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ مِنْ وُجُوبِ الِاسْتِئْنَافِ ش

( وَإِنْ طَرَأَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ شَكٌّ ) فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَلَمْ يَتَرَجَّحْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجِهَاتِ ( لَمْ يُؤَثِّرْ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ وَاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ ( وَإِذَا عَلِمَ ) الْمُجْتَهِدُ ( خَطَأَهُ أَوْ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ الْأَعْمَى ) أَيْ أَوْ عَلِمَ الْأَعْمَى وَلَوْ أَعْمَى الْبَصِيرَةِ خَطَأَ مَنْ قَلَّدَهُ ( بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا بَطَلَتْ إنْ تَعَيَّنَ الْخَطَأُ وَأَعَادَ وَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الصَّوَابُ ) لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الْخَطَأَ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ وَاحْتَرَزُوا بِقَوْلِهِمْ فِيمَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِي الْإِعَادَةِ عَنْ الْأَكْلِ فِي الصَّوْمِ نَاسِيًا وَالْخَطَأِ فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ حَيْثُ لَا تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مِثْلُهُ فِيهَا وَخَرَجَ بِعِلْمِ الْخَطَأِ ظَنُّهُ وَبِتَعَيُّنِ الْخَطَأِ إبْهَامُهُ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إلَى جِهَاتٍ بِاجْتِهَادَاتٍ فَلَا إعَادَةَ فِيهِمَا كَمَا مَرَّ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَمْتَنِعُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ فَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُ الْعَدْلِ عَنْ عِيَانٍ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي
( قَوْلُهُ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ ثُمَّ يَجِدُ النَّصَّ بِخِلَافِهِ ) وَلِأَنَّ مَا لَا يَسْقُطُ مِنْ الشُّرُوطِ بِالنِّسْيَانِ لَا يَسْقُطُ بِالْخَطَأِ كَالطَّهَارَةِ

( وَإِنْ اجْتَهَدَ اثْنَانِ ) فِي الْقِبْلَةِ وَاتَّفَقَ اجْتِهَادُهُمَا ( وَصَلَّى أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ فَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَزِمَهُ الِانْحِرَافُ ) إلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ ( وَيَنْوِي الْمَأْمُومُ الْمُفَارَقَةَ وَذَلِكَ ) أَيْ تَغَيُّرُ اجْتِهَادِ أَحَدِهِمَا ( عُذْرٌ ) فِي مُفَارَقَةِ الْمَأْمُومِ وَلَوْ أَخَّرَ هَذَا عَنْ قَوْلِهِ .
( وَإِنْ اخْتَلَفَا تَيَامُنًا وَتَيَاسُرًا ) كَانَ أَوْلَى ( وَلَوْ قَالَ مُجْتَهِدٌ لِلْمُقَلِّدِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ أَخْطَأَ بِك فُلَانٌ وَهُوَ ) أَيْ الْمُجْتَهِدُ الثَّانِي ( أَعْرَفُ عِنْدَهُ ) مِنْ الْأَوَّلِ ( أَوْ قَالَ لَهُ أَنْتَ عَلَى الْخَطَأِ قَطْعًا ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَعْرَفَ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ ( تَحَوَّلَ إنْ بَانَ ) لَهُ ( الصَّوَابُ مُقَارِنًا ) لِلْقَوْلِ بِأَنْ أَخْبَرَ بِهِ وَبِالْخَطَأِ مَعًا كَمَا عَبَّرَ بِهِ الْأَصْلُ لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِ مَنْ هُوَ أَرْجَحُ مِنْهُ فِي الْأُولَى وَبِقَطْعِ الْقَاطِعِ فِي الثَّانِيَةِ فَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فِي الثَّانِيَةِ قَطَعَ بِأَنَّ الصَّوَابَ مَا ذَكَرَهُ وَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي أَعْلَمَ لَمْ يُؤَثِّرْ قَوْلُهُ قَالَهُ الْإِمَامُ ( وَإِلَّا ) بِأَنْ لَمْ يَبْنِ الصَّوَابُ مُقَارِنًا ( بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ وَإِنْ بَانَ الصَّوَابُ عَنْ قُرْبٍ لِمُضِيِّ جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى غَيْرِ قِبْلَةٍ مَحْسُوبَةٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ مَا لَوْ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَهَا فَلَا تَلْزَمُ الْإِعَادَةُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ بَعْدَهَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ فِي الْأُولَى وَيُقَاسُ بِهَا الثَّانِيَةُ وَمَا لَوْ قَالَهُ قَبْلَهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قَبِيلَ الْفَرْعِ لَكِنْ فِي التَّتِمَّةِ يَعْمَلُ بِقَوْلِ الْأَوْثَقِ عِنْدَهُ فَإِنْ تَسَاوَيَا اسْتَخْبَرَ ثَالِثًا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَكَمُتَحَيَّرِ فَيُصَلِّي كَيْفَ اتَّفَقَ وَيُعِيدُ وَبِقَوْلِهِ مُجْتَهِدٌ مَا لَوْ قَالَ مُعَايِنٌ فَيَتَحَوَّلُ مُطْلَقًا وَبِقَوْلِهِ فِي الْأُولَى وَهُوَ أَعْرَفُ مَا لَوْ كَانَ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مِثْلُهُ أَوْ لَا فَلَا يَتَحَوَّلُ

وَمِنْ قَبِيلِ قَوْلِ الْمُعَايِنِ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ( وَلَوْ قِيلَ لِلْأَعْمَى ) وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ ( صَلَاتُك إلَى الشَّمْسِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ قِبْلَتَهُ غَيْرُهَا اسْتَأْنَفَ ) لِبُطْلَانِ تَقْلِيدِ الْأَوَّلِ بِذَلِكَ ( وَإِنْ أَبْصَرَ ) وَهُوَ ( فِي أَثْنَائِهَا وَعَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْإِصَابَةِ ) لِلْقِبْلَةِ بِمِحْرَابٍ أَوْ نَجْمٍ أَوْ خَبَرِ ثِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا ( أَتَمَّهَا أَوْ عَلَى الْخَطَأِ أَوْ تَرَدَّدَ بَطَلَتْ ) لِانْتِفَاءِ ظَنِّ الْإِصَابَةِ ( وَإِنْ ظَنَّ الصَّوَابَ غَيْرَهَا ) أَيْ غَيْرَ جِهَتِهِ ( انْحَرَفَ ) إلَى مَا ظَنَّهُ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْبَصِيرِ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ أَبْصَرَ إلَخْ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ النَّوَوِيُّ فِي مَجْمُوعِهِ
( قَوْلُهُ وَهُوَ أَعْرَفُ عِنْدَهُ مِنْ الْأَوَّلِ ) أَوْ أَكْثَرُ عَدَالَةً كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّوْضَةِ قَوْلُهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ مَا مَرَّ قُبَيْلَ الْفَرْعِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ) أَيْ كَيْفِيَّتِهَا .
( وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ ) تُسَمَّى فُرُوضًا ( وَ ) عَلَى ( سُنَنٍ ) وَالرُّكْنُ كَالشَّرْطِ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ بِحَيْثُ يُقَارِنُ كُلَّ مُعْتَبَرٍ سِوَاهُ كَالطُّهْرِ ، وَالسَّتْرِ تُعْتَبَرُ مُقَارَنَتُهُمَا لِلرُّكُوعِ وَغَيْرِهِ ، وَالرُّكْنُ مَا اُعْتُبِرَ فِيهَا لَا بِهَذَا الْوَجْهِ فَشَمِلَ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ الْمَتْرُوكِ كَتَرْكِ الْكَلَامِ فَهِيَ شُرُوطٌ كَمَا قَالَ الْغَزَالِيُّ وَوَافَقَهُ الْمُصَنِّفُ كَأَصْلِهِ فِي الْبَابِ الْآتِي .
وَقَوْلُ الْمَجْمُوعِ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ شُرُوطًا بَلْ مُبْطِلَةٌ لِلصَّلَاةِ كَقَطْعِ النِّيَّةِ قَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ، لَكِنْ يَشْهَدُ لَهُ أَنَّ الْكَلَامَ نَاسِيًا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ تَرْكُهُ مِنْ الشُّرُوطِ لَضَرَّ ( فَمِنْهَا ) أَيْ السُّنَنِ ( الْأَبْعَاضُ ) وَهِيَ مَا ( تُجْبَرُ ) مِنْ حَيْثُ تَرْكُهَا عَمْدًا ، أَوْ سَهْوًا ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَتْرُوكَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تُجْبَرُ ( بِالسُّجُودِ ) وَسُمِّيَتْ أَبْعَاضًا لِتَأَكُّدِ شَأْنِهَا بِالْجَبْرِ تَشْبِيهًا بِالْبَعْضِ حَقِيقَةً ( وَهِيَ سِتَّةٌ الْقُنُوتُ الرَّاتِبُ ) وَهُوَ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَقُنُوتُ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ دُونَ قُنُوتِ النَّازِلَةِ ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فِي الصَّلَاةِ لَا مِنْهَا أَيْ لَا بَعْضِهَا وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا .
وَتَرْكُ بَعْضِ الْقُنُوتِ كَتَرْكِ كُلِّهِ قَالَهُ الْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ كَلِمَاتِهِ ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي مُجَلِّيٌّ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا شَرَعَ فِي قُنُوتٍ تَعَيَّنَ فِي أَدَاءِ السُّنَّةِ مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ ( وَقِيَامُهُ ) أَيْ الْقُنُوتِ الرَّاتِبِ قِيَاسًا لَهُ وَلِلْقُنُوتِ عَلَى مَا يَأْتِي وَمَا قَالَهُ الْقَفَّالُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ تَبَعًا لِإِمَامِهِ الْحَنَفِيِّ الْقُنُوتَ لَمْ يَسْجُدْ كَإِمَامِهِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ سَهْوًا مِنْ الْإِمَامِ

بِنَاءً عَلَى طَرِيقَتِهِ مِنْ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْإِمَامِ ، لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ كَمَا سَيَأْتِي فِي صِفَةِ الْأَئِمَّةِ ( وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ ) { ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَرَكَهُ نَاسِيًا وَسَجَدَ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَقِيسَ بِالنِّسْيَانِ الْعَمْدُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ بَلْ خَلَلُ الْعَمْدِ أَكْثَرُ فَكَانَ لِلْجَبْرِ أَحْوَجُ ، وَالْمُرَادُ بِالتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ اللَّفْظُ الْوَاجِبُ فِي الْأَخِيرِ وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ نَوَى أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَتَشَهَّدَ تَشَهُّدَيْنِ فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِ أَوَّلِهِمَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ ، لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إنْ كَانَ عَلَى عَزْمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فَنَسِيَهُ وَإِلَّا فَلَا ( وَجُلُوسُهُ ) أَيْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ إذَا شُرِعَ لِتَرْكِ التَّشَهُّدِ شُرِعَ لِتَرْكِ جُلُوسِهِ لِأَنَّهُ مَقْصُودٌ لَهُ وَصُورَةُ تَرْكِهِ وَتَرْكِ قِيَامِ الْقُنُوتِ أَنْ لَا يُحْسِنَ التَّشَهُّدَ ، أَوْ الْقُنُوتَ فَإِنَّهُ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ ، أَوْ يَقِفَ بِقَدْرِهِ فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ سَجَدَ لِلسَّهْوِ ( ، وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ يَجِبُ الْإِتْيَانُ بِهِ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فَيَسْجُدُ لِتَرْكِهِ فِي الْأَوَّلِ كَالتَّشَهُّدِ ( وَ ) الصَّلَاةُ ( عَلَى الْآلِ فِي ) التَّشَهُّدِ ( الْأَخِيرِ ) كَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ إمَامُهُ وَقَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ هُوَ ، أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَ وَقَصُرَ الْفَصْلُ وَبَقِيَ سَابِعٌ وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْقُنُوتِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ الْفِرْكَاحِ وَمَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّنَنِ لَا سُجُودَ

لِتَرْكِهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْبَابِ السَّادِسِ .

( الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ ) .
( قَوْلُهُ : وَهِيَ تَشْتَمِلُ عَلَى أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ ) قَدْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ ، فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ ، وَالْبَعْضُ كَأَعْضَائِهِ ، وَالسُّنَنُ كَشَعْرِهِ ( قَوْلُهُ : وَيُفَارِقُهُ بِأَنَّ الشَّرْطَ مَا اُعْتُبِرَ فِي الصَّلَاةِ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَهَذَا يُخْرِجُ التَّوَجُّهَ لِلْقِبْلَةِ عَنْ كَوْنِهِ شَرْطًا ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ ، وَالْقُعُودِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ شَرْطٌ .
ا هـ .
وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا حَاصِلٌ فِي غَيْرِهِمَا أَيْضًا عُرْفًا إذْ يُقَالُ عَلَى الْمُصَلِّي حِينَئِذٍ أَنَّهُ مُتَوَجِّهٌ إلَيْهَا لَا مُنْحَرِفٌ عَنْهَا مَعَ أَنَّ التَّوَجُّهَ إلَيْهَا بِبَعْضِ مُقَدَّمِ بَدَنِهِ حَاصِلٌ حَقِيقَةً أَيْضًا وَذَلِكَ كَافٍ ش ( قَوْلُهُ : أَيْ لَا بَعْضِهَا ) وَإِلَّا لَمَا تُرِكَ عِنْدَ غَيْرِ النَّازِلَةِ ( قَوْلُهُ ، وَالْكَلَامُ فِيمَا هُوَ بَعْضٌ مِنْهَا ) لَعَلَّ الْفَرْقَ تَأَكَّدَ أَمْرُهُ بِدَلِيلِ الِاتِّفَاقِ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ لِلنَّازِلَةِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ قُنُوتَ الصُّبْحِ وَقُنُوتَ الْوِتْرِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْ رَمَضَانَ مُسْتَحَبٌّ فِي حَالِ الِاخْتِيَارِ فَاسْتُحِبَّ السُّجُودُ لِتَرْكِهِ بِخِلَافِ سَائِرِ الصَّلَوَاتِ ( قَوْلُهُ : مَا لَمْ يَعُدْ إلَى بَدَلِهِ ) قَالَ شَيْخُنَا رَاجِعٌ لِأَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ مَا لَوْ عَدَلَ إلَى بَدَلِهِ ابْتِدَاءً مَا لَوْ شَرَعَ فِي قُنُوتٍ وَقَطَعَهُ وَكَمَّلَ بِبَدَلِهِ فَإِنَّهُ يَسْجُدُ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعَقِيدَةِ الْمَأْمُومِ فَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إلَخْ ) قَالَ فِي الْخَادِمِ نَعَمْ يُمْكِنُ اسْتِثْنَاءُ مَا إذَا صَلَّى الصُّبْحَ خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي سُنَّتَهَا مُعْتَقِدًا أَنَّ إمَامَهُ يُصَلِّي الصُّبْحَ فَإِنَّهُ لَا يَسْجُدُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ ، وَهُوَ ظَاهِرٌ ؛ لِأَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى رَبَطَ صَلَاتَهُ بِصَلَاةٍ نَاقِصَةٍ فَشُرِعَ لَهُ السُّجُودُ بِخِلَافِهِ هُنَا .
ا هـ .
( قَوْلُهُ ، وَالتَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ ) سُمِّيَ بِذَلِكَ

لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَةِ تَغْلِيبًا لَهَا عَلَى بَقِيَّةِ أَذْكَارِهِ لِشَرَفِهَا وَهُوَ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ ( قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْخَلَلِ ) ؛ وَلِأَنَّ مَا تَعَلَّقَ الْجُبْرَانُ بِسَهْوِهِ وَتَعَلَّقَ بِعَمْدِهِ كَمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَإِضَافَةُ السُّجُودِ إلَى السَّهْوِ لَا تُنَافِي مَشْرُوعِيَّتَهُ فِي الْعَمْدِ كَفِدْيَةِ الْأَذَى فَإِنَّهَا تَجِبُ بِحَلْقِ الشَّعْرِ مِنْ غَيْرِ أَذًى ( قَوْلُهُ : وَقِيَاسُ مَا مَرَّ آنِفًا أَنَّ تَرْكَ بَعْضِهِ كَتَرْكِ كُلِّهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخَائِرِ ) ، وَكَذَا ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ ابْنُ النَّحْوِيِّ الْأَصَحُّ إلْحَاقُ النَّفْلِ بِالْفَرْضِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ فَهَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى وَجْهٍ مَرْجُوحٍ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ فَصَّلَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ فَقَالَ يَسْجُدُ لِتَرْكِهِ إلَخْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : فَنَسِيَهُ ) أَيْ ، أَوْ تَرَكَهُ عَمْدًا وَهُوَ اعْتِرَاضٌ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ فِي حَالَةِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ مُسْتَقْبِلٌ قَطْعًا ، لَكِنَّهُ بِجُمْلَةٍ ، وَلَيْسَ الْمُعْتَبَرُ وَجْهَهُ وَلَا يَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ مُسْتَقْبِلًا قَطْعًا بِدَلِيلِ مَا لَوْ الْتَفَتَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ غَيْرِ تَحْوِيلٍ لِصَدْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ : .
ا هـ .
قَوْلُهُ : بِأَنْ يَتَيَقَّنَ تَرْكَ إمَامِهِ لَهَا إلَخْ ) أَوْ يُخْبِرَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ السَّلَامِ أَنَّهُ تَرَكَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَسْجُدَ لِلسَّهْوِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّلَامِ ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُومَ سَلَّمَ جَاهِلًا بِتَرْكِ الْإِمَامِ السُّجُودَ فَيَسْجُدُ مَا لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ ز ( قَوْلُهُ وَبَقِيَ سَابِعٌ إلَخْ ) وَثَامِنٌ ، وَهُوَ الصَّلَاةُ عَلَى آلِهِ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقُعُودَ لِلصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَلِلصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ بَعْدَ الْأَخِيرِ كَالْقُعُودِ لِلْأَوَّلِ ، وَأَنَّ الْقِيَامَ لَهُمَا بَعْدَ الْقُنُوتِ كَالْقِيَامِ لَهُ ( قَوْلُهُ : وَمَا عَدَا الْمَذْكُورَاتِ مِنْ السُّنَنِ )

وَهِيَ نَحْوُ مِائَةٍ وَثَمَانِينَ .

( وَأَرْكَانُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ ) بِجَعْلِ الطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ مِنْ الرُّكُوعِ وَمَا بَعْدَهُ أَرْكَانًا وَعَدَّهَا فِي الْمِنْهَاجِ كَأَصْلِهِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ بِإِسْقَاطِ الطُّمَأْنِينَةِ لِجَعْلِهَا كَالْهَيْئَةِ التَّابِعَةِ وَيُؤَيِّدُهُ كَلَامُهُمْ فِي التَّقَدُّمِ ، وَالتَّأَخُّرِ بِرُكْنٍ ، أَوْ أَكْثَرَ وَبِهِ يُشْعِرُ خَبَرُ إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ الْآتِي وَالْمَعْنَى لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ ( الْأَوَّلُ النِّيَّةُ ) لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَجَعَلَهَا الْغَزَالِيُّ شَرْطًا قَالَ الرَّافِعِيُّ ؛ لِأَنَّهَا تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ فَتَكُونُ خَارِجَةً عَنْهَا وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا ، أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى قَالَ وَالْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ رُكْنِيَّتُهَا وَلَا يَبْعُدُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّلَاةِ وَتَتَعَلَّقُ بِمَا عَدَاهَا مِنْ الْأَرْكَانِ أَيْ لَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا وَلَا تَفْتَقِرُ إلَى نِيَّةٍ وَلَك أَنْ تَقُولَ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَمَا قَالَ الْمُتَكَلِّمُونَ كُلُّ صِفَةٍ تَتَعَلَّقُ وَلَا تُؤَثِّرُ يَجُوزُ تَعَلُّقُهَا بِنَفْسِهَا وَبِغَيْرِهَا كَالْعِلْمِ ، وَالنِّيَّةِ وَإِنَّمَا لَمْ تَفْتَقِرْ إلَى نِيَّةٍ ؛ لِأَنَّهَا شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ الصَّلَاةِ فَتُحَصِّلُ نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا كَشَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا .
( وَتَجِبُ مُقَارَنَتُهَا لِلتَّكْبِيرَةِ ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ؛ لِأَنَّهَا أَوَّلُ الْأَرْكَانِ ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا كَمَا يَجِبُ حُضُورُ شُهُودِ النِّكَاحِ إلَى الْفَرَاغِ مِنْهُ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ ، وَالْوَسِيطِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ الِاكْتِفَاءَ بِالْمُقَارَنَةِ الْعُرْفِيَّةِ عِنْدَ الْعَوَامّ بِحَيْثُ يُعَدُّ مُسْتَحْضِرًا لِلصَّلَاةِ اقْتِدَاءً بِالْأَوَّلَيْنِ فِي تَسَامُحِهِمْ بِذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْحَقُّ وَصَوَّبَهُ السُّبْكِيُّ ( فَلَوْ عَزَبَتْ ) أَيْ النِّيَّةُ ( قَبْلَ تَمَامِهَا ) أَيْ التَّكْبِيرَةِ ( لَمْ تَصِحَّ ) الصَّلَاةُ ؛ لِأَنَّ

النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الِانْعِقَادِ .
وَالِانْعِقَادُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِتَمَامِ التَّكْبِيرَةِ بِدَلِيلِ بُطْلَانِ التَّيَمُّمِ بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ قَبْلَ تَمَامِهَا ( وَلَا يَجِبُ اسْتِصْحَابُهَا ) أَيْ النِّيَّةَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ لِلْعُسْرِ ، لَكِنَّهُ يُسَنُّ كَمَا فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَيُعْتَبَرُ عَدَمُ الْمُنَافِي كَمَا فِي عَقْدِ الْإِيمَانِ ( فَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ تَرَدَّدَ فِي أَنْ يَخْرُجَ ، أَوْ يَسْتَمِرَّ بَطَلَتْ بِخِلَافِ الصَّوْمِ ، وَالْحَجِّ ) ، وَالْوُضُوءِ وَالِاعْتِكَافِ ؛ لِأَنَّهَا أَضْيَقُ بَابًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ فَكَانَ تَأَثُّرُهَا بِاخْتِلَالِ النِّيَّةِ أَشَدَّ ( وَلَا أَثَرَ لِلْوَسَاوِسِ الطَّارِقَةِ لِلْفِكْرِ بِلَا اخْتِيَارٍ ) بِأَنْ وَقَعَ فِي الْفِكْرِ أَنَّهُ لَوْ تَرَدَّدَ فِي الصَّلَاةِ كَيْفَ يَكُونُ الْحَالُ ( فَقَدْ يَقَعُ مِثْلُهَا فِي الْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَا مُبَالَاةَ بِهِ ) ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُبْتَلَى بِهِ الْمُوَسْوِسُ ( فَإِنْ عَلَّقَ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ بِحُصُولِ شَيْءٍ بَطَلَتْ فِي الْحَالِ وَلَوْ لَمْ يَقْطَعْ بِحُصُولِهِ ) كَتَعْلِيقِهِ بِدُخُولِ شَخْصٍ كَمَا لَوْ عَلَّقَ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ فِي الْحَالِ قَطْعًا وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى أَنْ يَفْعَلَ فِي الثَّانِيَةِ فِعْلًا مُبْطِلًا لِلصَّلَاةِ كَتَكَلُّمٍ وَأَكْلٍ حَيْثُ لَا تَبْطُلُ فِي الْحَالِ بِأَنَّهُ هُنَا لَيْسَ بِجَزْمٍ ، وَهُنَاكَ جَازِمٌ ، وَالْمُحَرَّمُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمُنَافِي لِلصَّلَاةِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ ( وَلَوْ شَكَّ هَلْ أَتَى بِتَمَامِ النِّيَّةِ ) ، أَوْ لَا ( أَوْ هَلْ نَوَى ظُهْرًا ، أَوْ عَصْرًا ، فَإِنْ تَذَكَّرَ بَعْدَ طُولِ زَمَانٍ ، أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ وَلَوْ قَوْلِيًّا كَالْقِرَاءَةِ بَطَلَتْ ) صَلَاتُهُ لِانْقِطَاعِ نَظْمِهَا وَنُدْرَةِ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْأُولَى وَلِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ التَّوَقُّفِ إلَى التَّذَكُّرِ فِي الثَّانِيَةِ ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِخِلَافِ مَنْ زَادَ فِي صَلَاتِهِ رُكْنًا نَاسِيًا إذْ لَا حِيلَةَ فِي النِّسْيَانِ ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ

وَبَعْضُ الرُّكْنِ الْقَوْلِيِّ فِيمَا ذَكَرَ كَكُلِّهِ عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَحَلُّهُ إذَا طَالَ زَمَنُ الشَّكِّ أَوْ لَمْ يَعُدْ مَا قَرَأَهُ فِيهِ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الْقَاضِي وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قِرَاءَةَ السُّورَةِ فِيمَا ذَكَرَ بِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَفِيهَا عَنْ الْأَصْحَابِ لَوْ ظَنَّ أَنَّهُ فِي صَلَاةٍ أُخْرَى فَأَتَمَّ عَلَيْهِ صَحَّتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا خَارِجٌ بِتَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ مَا ذُكِرَ بِالشَّكِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ مُطْلَقَ التَّرَدُّدِ ( أَوْ ) تَذَكَّرَ ( قَبْلَهُمَا ) أَيْ قَبْلَ طُولِ الزَّمَانِ وَإِتْيَانِهِ بِرُكْنٍ ( فَلَا ) تَبْطُلُ لِكَثْرَةِ عُرُوضِ مِثْلِ ذَلِكَ ( وَإِنْ قَنَتَ فِي سُنَّةِ الْفَجْرِ ظَانًّا أَنَّهَا الصُّبْحُ وَأَطَالَ ) الزَّمَانَ ( ، أَوْ أَتَى بِرُكْنٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ بَطَلَتْ ) لِمَا مَرَّ ( وَكَذَا ) تَبْطُلُ ( لَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ وَهُوَ جَالِسٌ ) لِلتَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ( فَقَامَ إلَى الثَّالِثَةِ ثُمَّ تَذَّكَّرَهَا ) أَيْ الطَّهَارَةَ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي النِّيَّةِ ، ثُمَّ تَذَكَّرَ بَعْدَ إحْدَاثِ فِعْلٍ ( لَا إنْ قَامَ لِيَتَوَضَّأَ ) فَتَذَكَّرَهَا فَلَا تَبْطُلُ بَلْ يَعُودُ وَيَبْنِي وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ .
وَقَوْلُهُ : وَإِنْ قَنَتَ إلَى هُنَا مِنْ زِيَادَتِهِ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْقَاضِي ( فَرْعٌ تَجِبُ نِيَّةُ فِعْلِ الصَّلَاةِ ) لِتَمْتَازَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَتَقَدَّمَ دَلِيلُهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ ( وَ ) يَجِبُ ( تَعْيِينُهَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ) لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا ( فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى فَرْضِ الْوَقْتِ ، أَوْ صَلَّى الْجُمُعَةَ بِنِيَّةِ الظُّهْرِ ، أَوْ ) الظُّهْرَ ( الْمَقْصُورَةَ أَوْ عَكَسَهُ ) بِأَنْ صَلَّى الظُّهْرَ بِنِيَّةِ الْجُمُعَةِ ( لَمْ يُجْزِهِ ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَيِّزْ فِي الْأُولَى لِصِدْقِهَا بِفَائِتَةٍ تَذَكَّرَهَا وَنَوَى غَيْرَ مَا عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا ( وَتُشْتَرَطُ نِيَّةُ

الْفَرْضِيَّةِ ) فِي الْفَرْضِ وَلَوْ كِفَايَةً أَوْ نَذْرًا ( وَإِنْ كَانَ ) النَّاوِي ( صَبِيًّا ) لِيَتَمَيَّزَ عَنْ النَّفْلِ ( فَيُحْضِرُ الْمُصَلِّي ذَلِكَ فِي ذِهْنِهِ وَيَقْصِدُهُ ) وَمَا ذُكِرَ مِنْ اشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْفَرْضِيَّةِ فِي صَلَاةِ الصَّبِيِّ هُوَ مَا صَحَّحَهُ الشَّيْخَانِ ، لَكِنَّهُ خَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَضَعَّفَهُ وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ وَكَيْفَ يَنْوِيهَا وَصَلَاتُهُ لَا تَقَعُ فَرْضًا وَبِهَذَا صَرَّحَ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَغَيْرُهُ وَفِي التَّحْقِيقِ نَحْوُهُ .
وَأَمَّا الْمُعَادَةُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ ( وَلْيَنْوِ ) نَدْبًا ( إضَافَتَهَا إلَى اللَّهِ تَعَالَى ) كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ ، أَوْ فَرِيضَةً لِلَّهِ لِيَتَحَقَّقَ مَعْنَى الْإِخْلَاصِ ( وَكَوْنَهَا أَدَاءً ، أَوْ قَضَاءً وَعَدَدُ الرَّكَعَاتِ ) لِتَمْتَازَ عَنْ غَيْرِهَا وَالتَّصْرِيحُ بِطَلَبِ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ زِيَادَتِهِ ( فَلَوْ لَمْ يَنْوِ ذَلِكَ صَحَّتْ ) صَلَاتُهُ ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ كُلَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا لَهُ تَعَالَى وَكُلٌّ مِنْ الْأَدَاءِ ، وَالْقَضَاءِ يَأْتِي بِمَعْنَى الْآخَرِ وَالْعَدَدُ مَحْصُورٌ بِالشَّرْعِ ( لَكِنْ لَوْ عَيَّنَ عَدَدًا وَأَخْطَأَ الْعَدَدَ ) وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ غَيَّرَ الْعَدَدَ ( بَطَلَتْ ) لِأَنَّهُ نَوَى غَيْرَ الْوَاقِعِ وَفَرَضَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الْعَالِمِ وَقَضِيَّتُهُ : أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ وَأَيَّدَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِمَا ذَكَرَ وَفِي نِيَّةِ الْخُرُوجِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْخَطَأَ فِي التَّعْيِينِ لَا يَضُرُّ ( وَلَوْ ظَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَصَلَّاهَا قَضَاءً ) فَبَانَ بَقَاؤُهُ ( أَوْ عَكْسَهُ ) بِأَنْ ظَنَّ بَقَاءَ الْوَقْتِ فَصَلَّاهَا أَدَاءً فَبَانَ خُرُوجُهُ ( أَجْزَأَهُ ) لِمَا مَرَّ بِخِلَافِ مَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ عَالِمًا لِتَلَاعُبِهِ وَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلِاسْتِقْبَالِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ وَلَا لِلْوَقْتِ كَالْيَوْمِ إذْ لَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ فَلَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ .
قَالَ الْبَغَوِيّ وَالْمُتَوَلِّي صَحَّ فِي الْأَدَاءِ ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَتَهُ بِالْوَقْتِ الْمُتَعَيَّنِ

لِلْفِعْلِ بِالشَّرْعِ تُلْغِي خَطَأَهُ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْقَضَاءِ ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْفِعْلِ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لَهُ بِالشَّرْعِ وَلَمْ يَنْوِ قَضَاءَ مَا عَلَيْهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ فِي التَّيَمُّمِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا ( وَيَجِبُ تَعْيِينُ الرَّوَاتِبِ وَ ) سَائِرُ ( السُّنَنِ ) الْمُؤَقَّتَةِ ، أَوْ ذَاتِ السَّبَبِ ( بِالْإِضَافَةِ ) إلَى مَا يُعَيِّنُهَا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَسُنَّةِ الْعِشَاءِ ، أَوْ رَاتِبَتِهَا وَكَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ ، أَوْ الْكُسُوفِ ، أَوْ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ ، أَوْ الضُّحَى قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَكَسُنَّةِ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا ، أَوْ الَّتِي بَعْدَهَا وَتَبِعَهُ السُّبْكِيُّ وَوَجْهُهُ أَنَّ تَعْيِينَهُمَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الِاسْمِ وَالْوَقْتِ ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّمْ الْمُؤَخَّرَةَ كَمَا يَجِبُ تَعْيِينُ الظُّهْرِ لِئَلَّا تَلْتَبِسَ بِالْعَصْرِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّ مَحَلَّ هَذَا إذَا أَخَّرَ الْمُقَدَّمَةَ عَنْ الْفَرْضِ وَتُسْتَثْنَى تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ وَرَكْعَتَا الْإِحْرَامِ ، وَالْوُضُوءِ ، وَالِاسْتِخَارَةِ فَيَكْفِي فِيهَا نِيَّةُ فِعْلِهَا كَمَا فِي الْكِفَايَةِ فِي الْأُولَى ، وَالْإِحْيَاءِ فِي الثَّانِيَةِ وَقِيَاسًا عَلَيْهِمَا فِي الثَّالِثَةِ ، وَالرَّابِعَةِ كَمَا بَحَثَهُ بَعْضُهُمْ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِكُلِّ صَلَاةٍ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْكِفَايَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ فِي الثَّالِثَةِ أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهَا ذَلِكَ ( إلَّا الْوِتْرَ فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ ) ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَقِلٌّ بَلْ يَنْوِي سُنَّةَ الْوِتْرِ ( وَيَنْوِي بِجَمِيعِهِ ) إنْ أَوْتَرَ بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ ( الْوِتْرَ ) أَيْضًا ، وَإِنْ فَصَلَهُ كَمَا يَنْوِي التَّرَاوِيحَ بِجَمِيعِهَا ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَنْوِي فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهُ وَفِيمَا سِوَاهَا الْوِتْرَ أَوْ سُنَّتَهُ ( أَوْ يَتَخَيَّرُ ) وَفِي نُسْخَةٍ وَيَتَخَيَّرُ ( فِيمَا سِوَى الْأَخِيرَةِ ) مِنْهُ إذَا فَصَلَهُ ( بَيْنَ ) نِيَّةِ ( صَلَاةِ اللَّيْلِ وَمُقَدَّمَةِ الْوِتْرِ وَسُنَّتِهِ ) ، وَهِيَ أَوْلَى قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إذَا نَوَى عَدَدًا ، فَإِنْ لَمْ

يَنْوِ فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ أَوْ ثَلَاثٍ ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ كَنِيَّةِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ رَكْعَتَيْنِ مَعَ صِحَّةِ الرَّكْعَةِ ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ ؛ لِأَنَّ الْوِتْرَ لَهُ غَايَةٌ هِيَ أَفْضَلُ فَحَمَلْنَا الْإِطْلَاقَ عَلَيْهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ .
ا هـ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا يُرِيدُهُ مِنْ رَكْعَةٍ ، أَوْ ثَلَاثٍ ، أَوْ خَمْسٍ ، أَوْ سَبْعٍ أَوْ تِسْعٍ ، أَوْ إحْدَى عَشْرَةَ ( وَتَكْفِي نِيَّةُ الصَّلَاةِ فِي النَّوَافِلِ الْمُطْلَقَةِ ) وَهِيَ مَا لَا وَقْتَ لَهَا وَلَا سَبَبَ ؛ لِأَنَّهَا أَدْنَى دَرَجَاتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا نَوَاهَا وَجَبَ أَنْ تَحْصُلَ لَهُ ( وَالصَّوَابُ أَنَّ نِيَّةَ النَّفْلِ لَا تَجِبُ فِي الْجَمِيعِ ) أَيْ جَمِيعِ السُّنَنِ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا لِمُلَازَمَتِهِ لَهَا ، وَالِاعْتِبَارُ فِي النِّيَّةِ بِالْقَلْبِ كَمَا مَرَّ ( وَيُسْتَحَبُّ النُّطْقُ مَعَ النِّيَّةِ ) بِهَا قُبَيْلَ التَّكْبِيرِ ، وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مِنْ زِيَادَتِهِ .
( فَإِنْ نَوَى الظُّهْرَ ) بِقَلْبِهِ ( وَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ الْعَصْرُ لَمْ يَضُرَّ ) إذْ الْعِبْرَةُ بِمَا فِي الْقَلْبِ ( وَإِنْ عَقَبَ النِّيَّةَ بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ ) بِأَنْ لَفَظَ بِهَا ( أَوْ نَوَاهَا وَقَصَدَ ) بِهَا فِيهِمَا ( التَّبَرُّكَ ، أَوْ أَنَّهُ ) أَيْ الْفِعْلَ ( وَاقِعٌ بِالْمَشِيئَةِ لَمْ يَضُرَّ ، أَوْ ) نَوَى بِهَا ( التَّعْلِيقَ ) ، أَوْ أَطْلَقَ ( بَطَلَتْ ) لِلْمُنَافَاةِ ( وَإِذَا ) أَتَى بِمَا يُنَافِي الْفَرْضَ دُونَ النَّفْلِ كَأَنْ ( قَلَبَ الصَّلَاةَ ) الَّتِي هُوَ فِيهَا ( صَلَاةً أُخْرَى ، أَوْ أَحْرَمَ الْقَادِرُ بِالْفَرْضِ قَاعِدًا ، أَوْ ) أَحْرَمَ بِهِ الشَّخْصُ ( قَبْلَ الْوَقْتِ عَالِمًا ) بِذَلِكَ ( بِلَا عُذْرٍ بَطَلَتْ وَلَمْ تَنْقَلِبْ نَفْلًا ) لِتَلَاعُبِهِ .
وَقَوْلُهُ مِنْ زِيَادَتِهِ بِلَا عُذْرٍ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِهِ ( فَإِنْ كَانَ مَعْذُورًا كَمَنْ ) قَلَبَ صَلَاتَهُ الْفَرْضَ نَافِلَةً جَاهِلًا ، أَوْ أَحْرَمَ بِهَا الْقَادِرُ قَاعِدًا كَذَلِكَ ، أَوْ ( ظَنَّ دُخُولَ الْوَقْتِ

فَأَحْرَمَ ) بِالْفَرْضِ فَبَانَ خِلَافُهُ ( أَوْ قَلَبَهُ ) نَفْلًا مُطْلَقًا ( لِيُدْرِكَ جَمَاعَةً ) مَشْرُوعَةً ( وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ ) لِيُدْرِكَهَا ( أَوْ رَكَعَ الْمَسْبُوقُ قَبْلَ إتْمَامِ التَّكْبِيرِ جَاهِلًا انْقَلَبَتْ نَفْلًا ) لِلْعُذْرِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بُطْلَانِ الْخُصُوصِ بُطْلَانُ الْعُمُومِ أَمَّا لَوْ قَلَبَهُ نَفْلًا مُعَيَّنًا كَرَكْعَتَيْ الضُّحَى فَلَا يَصِحُّ لِافْتِقَارِهِ إلَى التَّعْيِينِ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُشْرَعْ الْجَمَاعَةُ كَمَا لَوْ كَانَ يُصَلِّي الظُّهْرَ فَوَجَدَ مَنْ يُصَلِّي الْعَصْرَ فَلَا يَجُوزُ الْقَطْعُ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِهَا ( وَإِنْ قَالَ لِإِنْسَانٍ صَلِّ فَرْضَك وَلَك عَلَيَّ دِينَارٌ فَصَلَّى ) بِهَذِهِ النِّيَّةِ ( أَجْزَأَتْهُ ) صَلَاتُهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ وَهَذِهِ ذَكَرَهَا الْأَصْلُ فِي كِتَابِ الْكَفَّارَاتِ ( وَكَذَا ) يُجْزِئُهُ ( لَوْ نَوَى الصَّلَاةَ وَدَفْعَ الْغَرِيمِ ) ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ حَاصِلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِهِ فَأَشْبَهَ التَّبَرُّدَ مَعَ نِيَّةِ الْوُضُوءِ ( لَا ) إنْ نَوَى بِصَلَاتِهِ ( الْفَرْضَ ، وَالنَّفَلَ ) غَيْرَ التَّحِيَّةِ أَوْ نَحْوَهَا فَلَا تَنْعَقِدُ لِتَشْرِيكِهِ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ لَا تَنْدَرِجُ إحْدَاهُمَا فِي الْأُخْرَى بِخِلَافِ الْفَرْضِ وَالتَّحِيَّةِ ، أَوْ نَحْوِهَا ، وَهَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مِنْ زِيَادَتِهِ هُنَا ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُولَى كَأَصْلِهِ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ ، وَالثَّانِيَةُ مَعْلُومَةٌ مِنْ كَلَامِ أَصْلِهِ .

( قَوْلُهُ : وَأَرْكَانُهَا سَبْعَةَ عَشَرَ ) أَرْكَانُ الشَّيْءِ أَجْزَاؤُهُ فِي الْوُجُودِ الَّتِي لَا يَحْصُلُ إلَّا بِحُصُولِهَا دَاخِلَةً فِي حَقِيقَتِهِ مُحَقِّقَةً لِهُوِيَّتِه ( قَوْلُهُ : لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ ) ؛ وَلِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ فِي بَعْضِ الصَّلَاةِ وَهُوَ أَوَّلُهَا لَا فِي جَمِيعِهَا فَكَانَتْ رُكْنًا كَالتَّكْبِيرِ ، وَالرُّكُوعِ وَغَيْرِهِمَا إذْ الرُّكْنُ مَا كَانَ دَاخِلَ الْمَاهِيَّةِ وَبِفَرَاغِ النِّيَّةِ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَجَوَابُهُ إنَّا نَتَبَيَّنُ بِفَرَاغِهَا دُخُولَهُ فِيهَا بِأَوَّلِهَا وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَنْ افْتَتَحَ النِّيَّةَ بِمَانِعٍ مِنْ الصَّلَاةِ مِنْ نَجَاسَةٍ ، أَوْ اسْتِدْبَارٍ مَثَلًا وَتَمَّتْ وَلَا مَانِعَ ، فَإِنْ قِيلَ هِيَ شَرْطٌ صَحَّتْ أَوْ رُكْنٌ فَلَا ( قَوْلُهُ : وَذَلِكَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عِنْدَ أَوَّلِهَا وَيَسْتَمِرَّ ذَاكِرًا لَهَا إلَى آخِرِهَا ) إنْ قِيلَ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا نَوَى مَعَ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنْ وَجْهِهِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُهُ ، فَالْجَوَابُ أَنَّ طَهَارَةَ كُلِّ جُزْءٍ يَسْقُطُ بِهَا الْفَرْضُ عَنْ مَحَلِّهِ فَإِذَا نَوَى مَعَ أَوَّلِ جُزْئِهَا أَجْزَأَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ هَاهُنَا ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَقْدٌ يَنْعَقِدُ بِجَمِيعِ لَفْظِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا أَتَمَّهُ دَخَلَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ فَانْعَقَدَتْ بِهِ فَافْتَرَقَا ( قَوْلُهُ : وَالْحَجِّ ) أَيْ وَالْعُمْرَةِ ( قَوْلُهُ : وَفَارَقَ ذَلِكَ مَا لَوْ نَوَى فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى إلَخْ ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مُنَافِيَ النِّيَّةِ يُؤَثِّرُ فِي الْحَالِ وَمُنَافِيَ الصَّلَاةِ إنَّمَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ وُجُودِهِ بِأَنْ يَشْرَعَ فِيهِ فَلَوْ نَوَى فِعْلَاتٍ وَفَعَلَ وَاحِدَةً بَطَلَتْ كَمَا قَالَهُ الْعِمْرَانِيُّ ش ( قَوْلُهُ : أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِرُكْنٍ إلَخْ ) فَعُلِمَ أَنَّ مُضِيَّ بَعْضِ الرُّكْنِ لَا يَبْطُلُ مَعَ قِصَرِ زَمَنِ الشَّكِّ وَمَحَلُّهُ فِي الْقَوْلِيِّ إذَا أَعَادَ مَا قَرَأَهُ فِي الشَّكِّ كَمَا قَالَهُ الْإِمَامُ ش ( قَوْلُهُ وَأَلْحَقَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ قِرَاءَةَ السُّورَةِ إلَخْ ) وَالتَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ ش قَوْلُهُ بَطَلَتْ لِمَا مَرَّ ) قَالَ صَاحِبُ الْكَافِي وَفِيهِ نَظَرٌ ؛

لِأَنَّهُ أَلْحَقَ الظَّنَّ بِالشَّكِّ ، وَالشَّكُّ يَقْتَضِي التَّرَدُّدَ وَإِتْيَانُ شَيْء مِنْ أَفْعَالِ الصَّلَاةِ مَعَ التَّرَدُّدِ فِي النِّيَّةِ يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ ، وَالظَّنُّ لَا يَقْتَضِي التَّرَدُّدَ بَلْ غَايَةُ مَا فِيهِ أَنْ يَكُونَ خَطَأً وَسَهْوًا ، وَالْخَطَأُ فِي الصَّلَاةِ لَا يُفْسِدُهَا .
ا هـ .
وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ لَا يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ ، وَالصَّلَاةُ تَمَيَّزَتْ بِالنِّيَّةِ وَلَمْ يَصْرِفْهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ ، وَالظَّنُّ الْحَادِثُ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ فِي صَلَاةٍ وَإِنَّمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُنُوتِ لِتَعَمُّدِهِ تَطْوِيلَ الرُّكْنِ الْقَصِيرِ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ ( قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْقَمُولِيُّ عَنْ الْقَاضِي ) قَالَ شَيْخُنَا كَلَامُ الْقَاضِي فَرَّعَهُ عَلَى رَأْيِهِ أَنَّ الشَّكَّ فِي فَرْضٍ بَعْدَ السَّلَامِ مُؤَثِّرٌ ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ ( قَوْلُهُ : كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ) فِي إجْزَاءِ نِيَّةِ صَلَاةٍ يُشْرَعُ التَّثْوِيبُ فِي أَذَانِهَا ، أَوْ الْقُنُوتُ فِيهَا أَبَدًا عَنْ نِيَّةِ الصُّبْحِ تَرَدُّدٌ .
( قَوْلُهُ : أَوْ نَذْرًا ) هَلْ هَذَا فِي كُلِّ مَنْذُورَةٍ ، أَوْ يَخْتَصُّ بِاَلَّتِي لَا سَبَبَ لَهَا وَلَا وَقْتَ فَلَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لِلْفَرِيضَةِ فِيمَا لَوْ نَذَرَ الْمُحَافَظَةَ عَلَى رَوَاتِبِ الْفَرَائِضِ ، وَالضُّحَى وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَعِنْدِي فِيهِ وَقْفَةٌ .
ت وَقَوْلُهُ هَلْ هَذَا فِي كُلِّ مَنْذُورَةٍ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ وَكَتَبَ عَلَيْهِ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ مِنْ كَوْنِ الصَّبِيِّ لَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّهِ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ ظَاهِرٌ لَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَالتَّعْلِيلُ يُوَافِقُهُ ت وَرَجَّحَهُ السُّبْكِيُّ وَصَوَّبَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ ( قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لَوْ غَيَّرَ الْعَدَدَ بَطَلَتْ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ إلَخْ ) الْوَجْهُ أَنَّهُ يَضُرُّ فِي الْغَلَطِ أَيْضًا إذْ

الْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهُ تَفْصِيلًا ، أَوْ جُمْلَةً يَضُرُّ الْخَطَأُ فِيهِ ، ثُمَّ رَأَيْت الْمَسْأَلَةَ فِي الْمَجْمُوعِ فِي بَابِ الْوُضُوءِ فَقَالَ لَوْ غَلِطَ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَنَوَى الظُّهْرَ ثَلَاثًا ، أَوْ خَمْسًا .
قَالَ أَصْحَابُنَا لَا يَصِحُّ ظُهْرُهُ سُئِلَ الْبَارِزِيُّ عَنْ رَجُلٍ كَانَ فِي مَوْضِعٍ عِشْرِينَ سَنَةً يَتَرَاءَى لَهُ الْفَجْرُ فَيُصَلِّي ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ خَطَأٌ فَمَاذَا يَقْضِي فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا قَضَاءُ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ كُلِّ يَوْمٍ تَكُونُ قَضَاءً عَنْ صَلَاةِ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ ( قَوْلُهُ فَلَوْ عَيَّنَ الْيَوْمَ وَأَخْطَأَ قَالَ الْبَغَوِيّ إلَخْ ) وَفِيهِ نَظَرٌ ت ( قَوْلُهُ : وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَصْلِ فِي التَّيَمُّمِ الصِّحَّةُ مُطْلَقًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : أَوْ عِيدِ الْفِطْرِ ) ، أَوْ النَّحْرِ قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي فِي صَلَاةِ الْعِيدِ أَنْ لَا يَجِبَ التَّعَرُّضُ لِكَوْنِهِ فِطْرًا ، أَوْ نَحْرًا ؛ لِأَنَّهُمَا مُسْتَوِيَانِ فِي جَمِيعِ الصِّفَاتِ فَيَلْتَحِقُ بِالْكَفَّارَاتِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ آكَدُ فَإِنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ لَا تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ وَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ ش ( قَوْلُهُ : وَرَكْعَتَا الْوُضُوءِ ) أَيْ ، وَالطَّوَافِ ( قَوْلُهُ : وَالْإِحْرَامِ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ ، وَالِاسْتِخَارَةِ ) وَصَلَاةِ الْحَاجَةِ وَسُنَّةِ الزَّوَالِ وَصَلَاةِ الْغَفْلَةِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ ، وَالْعِشَاءِ ، وَالصَّلَاةِ فِي بَيْتِهِ إذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ لِلسَّفَرِ ، وَالْمُسَافِرُ إذَا نَزَلَ مَنْزِلًا وَأَرَادَ مُفَارَقَتَهُ ، وَالتَّحْقِيقُ عَدَمُ الِاسْتِثْنَاءِ ؛ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْعُولَ لَيْسَ عَيْنَ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا هُوَ نَفْلٌ مُطْلَقٌ حَصَلَ بِهِ مَقْصُودُ ذَلِكَ الْمُقَيَّدِ .
( قَوْلُهُ : إلَّا الْوِتْرَ فَلَا يُضَافُ إلَى الْعِشَاءِ ) أَيْ لَا تَجِبُ إضَافَتُهُ إلَيْهَا ( قَوْلُهُ : وَإِنْ فَصَلَهُ ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ، فَإِنْ أَوْتَرَ

بِأَكْثَرَ مِنْ رَكْعَةٍ نَوَى بِالْجَمِيعِ الْوِتْرَ إنْ كَانَ بِتَسْلِيمَةٍ وَإِنْ كَانَ بِتَسْلِيمَاتٍ نَوَى بِكُلِّ تَسْلِيمَةٍ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الْوِتْرِ ت ( قَوْلُهُ فَهَلْ يَلْغُو لِإِبْهَامِهِ أَوْ يَصِحُّ وَيُحْمَلُ عَلَى رَكْعَةٍ ؛ لِأَنَّهَا الْمُتَيَقَّنُ إلَخْ ) قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَهَذِهِ التَّرْدِيدَاتُ كُلُّهَا بَاطِلَةٌ ؛ لِأَنَّ الْأَصْحَابَ جَعَلُوا لِلْوَتْرِ أَقَلَّ وَأَكْمَلَ وَأَدْنَى كَمَالٍ وَصَرَّحُوا بِأَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ إنَّمَا يَصِحُّ فِي النَّفْلِ الْمُطْلَقِ ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَمْلِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ إنْ كَانَ فِيمَا إذَا نَوَى مُقَدَّمَةَ الْوِتْرِ ، أَوْ مِنْ الْوِتْرِ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا أَطْلَقَ وَقَالَ أُصَلِّي الْوِتْرَ فَالْوِتْرُ أَقَلُّهُ رَكْعَةٌ فَيَنْزِلُ الْإِطْلَاقُ عَلَيْهَا حَمْلًا عَلَى أَدْنَى الْمَرَاتِبِ .
( قَوْلُهُ ، أَوْ ثَلَاثٍ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ قَالَ شَيْخُنَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ أَقَلِّهِ ؛ لِأَنَّ الصَّارِفَ عَنْ حَمْلِهِ عَلَى رَكْعَةٍ كَرَاهَةُ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهَا فَصَارَتْ كَالْعَدَمِ وَانْتَقَلْنَا إلَى مَرْتَبَةٍ تَلِيهَا مَطْلُوبَةٍ شَرْعًا وَعَلَى مَا قُلْنَاهُ لَوْ نَوَى الضُّحَى وَأَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ .

ثُمَّ الرُّكْنُ ( الثَّانِي تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ ) فِي الْقِيَامِ ، أَوْ بَدَلِهِ لِخَبَرِ الْمُسِيءِ صَلَاتَهُ { إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا } رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ { ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَسْتَوِيَ قَائِمًا ، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا } وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ بَدَلَ قَوْلِهِ { حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا } { حَتَّى تَطْمَئِنَّ قَائِمًا } ( وَلَفْظُهَا ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ أَيْ مَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا ( مُتَعَيِّنٌ ) عَلَى الْقَادِرِ فَلَا يُجْزِئُ : اللَّهُ كَبِيرٌ ، وَلَا الرَّحْمَنُ ، أَوْ الرَّحِيمُ أَكْبَرُ وَلَا اللَّهُ أَعْظَمُ ، أَوْ أَجَلُّ لِمَا مَرَّ ؛ وَلِأَنَّهُ { صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ وَقَالَ { صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِفَوَاتِ مَعْنَى افْعَلْ فِي الْأُولَى .
( فَإِنْ عَكَسَهَا ) بِأَنْ قَالَ أَكْبَرُ اللَّهُ ، أَوْ الْأَكْبَرُ اللَّهُ ( بَطَلَتْ ) أَيْ لَمْ تَنْعَقِدْ قَالُوا ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى تَكْبِيرًا بِخِلَافِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ ( وَلَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ، أَوْ أَلْحَقَهَا بِأَوْصَافٍ ) لِلَّهِ تَعَالَى كَاللَّهُ أَكْبَرُ وَأَجَلُّ وَأَعْظَمُ لَمْ يَضُرَّ كَمَا لَوْ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ( وَكَذَا إنْ تَخَلَّلَتْ ) صِفَاتُهُ تَعَالَى بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ ( وَقُصِرَتْ كَقَوْلِهِ : اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْبَرُ ) ، أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ لَمْ يَضُرَّ لِبَقَاءِ النَّظْمِ وَالْمَعْنَى بِخِلَافِ مَا لَوْ تَخَلَّلَ غَيْرُ صِفَاتِهِ تَعَالَى فَلَا يَكْفِي اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ ( لَا إنْ طَالَتْ ) صِفَاتُهُ تَعَالَى كَاللَّهُ الَّذِي

لَا إلَهَ إلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ أَكْبَرُ ( أَوْ طَالَ سَكْتُهُ ) بِالْإِضَافَةِ إلَى هَاءِ الضَّمِيرِ مِنْ سَكَتَ سَكْتًا وَسُكُوتًا وَسُكَاتًا وَفِي نُسْخَةٍ سُكُوتُهُ ( بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ ، أَوْ زَادَ حَرْفًا فِيهِ يُغَيِّرُ الْمَعْنَى ) كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ وَأَلِفٍ بَعْدَ الْبَاءِ ( أَوْ ) زَادَ ( وَاوًا ) سَاكِنَةً أَوْ مُتَحَرِّكَةً ( بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ الْكَلِمَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى حِينَئِذٍ تَكْبِيرًا ، وَالْعِبْرَةُ فِي الطُّولِ ، وَالْقِصَرِ بِالْعُرْفِ .
وَتَقْيِيدُهُ السُّكُوتَ بِالطُّولِ مِنْ زِيَادَتِهِ عَلَى الرَّوْضَةِ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ لَوْ شَدَّدَ الرَّاءَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ ، وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ ( وَيَجِبُ أَنْ يُكَبِّرَ قَائِمًا ) حَيْثُ يَلْزَمُهُ الْقِيَامُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ السَّابِقِ ( وَ ) أَنْ ( يُسْمِعَ نَفْسَهُ ) إذَا كَانَ صَحِيحَ السَّمْعِ لَا عَارِضَ عِنْدَهُ مِنْ لَغَطٍ ، أَوْ غَيْرِهِ ( وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُقَصِّرَهُ ) أَيْ التَّكْبِيرَ بِحَيْثُ لَا يُفْهَمُ ( وَ ) أَنْ ( لَا يَمْطُطُهُ ) بِأَنْ يُبَالِغَ فِي مَدِّهِ بَلْ يَأْتِي بِهِ مُبَيَّنًا ( وَقَصْرُهُ ) أَيْ الْإِسْرَاعَ بِهِ ( أَوْلَى ) مِنْ مَدِّهِ لِئَلَّا تَزُولَ النِّيَّةُ وَيُخَالِفَ تَكْبِيرَ الِانْتِقَالَاتِ لِئَلَّا يَخْلُوَ بَاقِيهَا عَنْ الذِّكْرِ ( وَ ) أَنْ ( يَجْهَرَ بِالتَّكْبِيرَاتِ ) أَيْ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَتَكْبِيرَاتِ الِانْتِقَالَاتِ ( الْإِمَامُ ) لِيَسْمَعَ الْمَأْمُومُونَ فَيَعْلَمُوا صَلَاتَهُ ( لَا غَيْرُهُ ) مِنْ مَأْمُومٍ وَمُنْفَرِدٍ فَلَا يَجْهَرُ بَلْ يُسِرُّ إلَّا أَنْ لَا يَبْلُغَ صَوْتُ الْإِمَامِ جَمِيعَ الْمَأْمُومِينَ فَيَجْهَرُ بَعْضُهُمْ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِيُبَلِّغَ عَنْهُ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي مَرَضِهِ بِالنَّاسِ وَأَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُسْمِعُهُمْ التَّكْبِيرَ } .
( وَلَا يُجْزِئُهُ ) يَعْنِي الْقَادِرَ عَلَى تَعَلُّمِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ التَّكْبِيرُ ( بِالْعَجَمِيَّةِ ) لِتَقْصِيرِهِ ( وَعَلَيْهِ التَّعَلُّمُ وَلَوْ بِالرِّحْلَةِ ) إلَى بَلْدَةٍ

أُخْرَى لِدَوَامِ نَفْعِهِ بِخِلَافِ مَاءٍ لِطُهْرٍ وَلِهَذَا يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ أَوَّلَ الْوَقْتِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الْمَاءِ آخِرَهُ بِخِلَافِ التَّرْجَمَةِ إذْ لَوْ جَوَّزْنَاهَا لَمْ يَلْزَمْهُ التَّعَلُّمُ أَصْلًا لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَهُ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الصَّلَاةِ وَفَارَقَ الْمَاءَ بِأَنَّ وُجُودَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهِ ( فَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ التَّعَلُّمِ ( بِلَا تَفْرِيطٍ تَرْجَمَ بِأَيِّ لُغَةٍ ) كَانَتْ مِنْ فَارِسِيَّةٍ وَسُرْيَانِيَّةٍ وَعِبْرَانِيَّةٍ وَغَيْرِهَا ( وَلَا إعَادَةَ ) لِعُذْرِهِ ( وَإِنْ فَرَّطَ ) تَرْجَمَ ، ثُمَّ ( أَعَادَ ) الصَّلَاةَ ( ، وَالْأَخْرَسُ يُحَرِّكُ ) وُجُوبًا ( لِسَانَهُ وَفَمَهُ ) بِأَنْ يُحَرِّكَ شَفَتَيْهِ وَلَهَاتَهُ ( قَدْرَ إمْكَانِهِ ) قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ ذَلِكَ نَوَاهُ بِقَلْبِهِ كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَمِثْلُ ذَلِكَ يَجْرِي فِي الْقِرَاءَةِ ، وَالتَّشَهُّدِ وَالسَّلَامِ وَسَائِرٍ الْأَذْكَارِ .
وَغَيْرُ الْأَخْرَسِ إذَا لَمْ يُطَاوِعْهُ لِسَانُهُ يُتَرْجِمُ التَّكْبِيرَ ؛ لِأَنَّهُ رُكْنٌ عَجَزَ عَنْهُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ بَدَلٍ وَتَرْجَمَتُهُ أَوْلَى مَا يُجْعَلُ بَدَلًا عَنْهُ لِأَدَائِهَا مَعْنَاهُ بِخِلَافِ الْفَاتِحَةِ ؛ لِأَنَّ الْقُرْآنَ مُعْجِزٌ وَتَرْجَمَتُهُ بِالْفَارِسِيَّةِ : خداي بَرَزَ كتر فَلَا يَكْفِي برزك ؛ لِتَرْكِهِ التَّفْضِيلَ كَاللَّهُ كَبِيرٌ ( وَإِنْ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ تَكْبِيرَاتٍ نَاوِيًا بِهِ ) أَيْ بِكُلٍّ مِنْهَا ( الِافْتِتَاحَ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ بِالْأَوْتَارِ وَخَرَجَ ) مِنْهَا ( بِالْأَشْفَاعِ ) ؛ لِأَنَّ مَنْ افْتَتَحَ صَلَاةً ، ثُمَّ نَوَى افْتِتَاحَ صَلَاةٍ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا ( إنْ لَمْ يَنْوِ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ ( خُرُوجًا وَافْتِتَاحًا ) وَإِلَّا فَيَخْرُجُ بِالنِّيَّةِ وَيَدْخُلُ بِالتَّكْبِيرِ ( وَإِنْ ) وَفِي نُسْخَةٍ ، فَإِنْ ( لَمْ يَنْوِ بِغَيْرِ ) التَّكْبِيرَةِ ( الْأُولَى شَيْئًا ) مِنْ خُرُوجٍ وَافْتِتَاحٍ ( لَمْ يَضُرَّ ) لِأَنَّهُ ذِكْرٌ فَلَا تَبْطُلُ بِهِ الصَّلَاةُ هَذَا كُلُّهُ مَعَ الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَمَّا مَعَ السَّهْوِ فَلَا

بُطْلَانَ .
( فَرْعٌ وَيُسَنُّ ) لِلْمُصَلِّي ( رَفْعُ يَدَيْهِ وَلَوْ مُضْطَجِعًا مَعَ التَّكْبِيرِ ) لِلْإِحْرَامِ لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ( مُسْتَقْبِلًا بِكَفَّيْهِ ) الْقِبْلَةَ قَالَ الْمَحَامِلِيُّ مُمِيلًا أَطْرَافَ أَصَابِعِهِمَا نَحْوَهَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ غَرِيبٌ ( كَاشِفًا لَهُمَا ) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ ( مُفَرِّقًا أَصَابِعَهُ ) تَفْرِيقًا ( وَسَطًا ) وَخَالَفَ فِي الْمَجْمُوعِ فَقَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ ذَلِكَ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُ التَّفْرِيقِ أَيْ بِغَيْرِ تَقْيِيدٍ بِوَسَطٍ وَفُهِمَ عَنْهُ فِي الْمُهِمَّاتِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَالَغَةِ فِي التَّفْرِيقِ فَصَرَّحَ بِهَا قَالَ الْمُتَوَلِّي وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ قَبْلَ الرَّفِعِ وَالتَّكْبِيرِ إلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَيَطْرُقَ رَأْسَهُ قَلِيلًا انْتَهَى وَيَرْفَعَ يَدَيْهِ ( حَتَّى يُحَاذِيَ ) أَيْ يُقَابِلَ ( بِأَطْرَافِهِمَا ) أَيْ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِهِمَا ( أَعْلَى أُذُنَيْهِ وَبِإِبْهَامَيْهِ شَحْمَتَيْهِمَا ) أَيْ شَحْمَتَيْ أُذُنَيْهِ ( وَبِكَفَّيْهِ مَنْكِبَيْهِ ) وَالْمَنْكِبُ مَجْمَعُ عَظْمِ الْعَضُدِ وَالْكَتِفِ ( فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ إلَّا بِزِيَادَةٍ ) عَلَى الْمَشْرُوعِ ( أَوْ نَقْصٍ ) عَنْهُ ( أَتَى بِالْمُمْكِنِ ) مِنْهُمَا وَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ بِهِمَا أَتَى بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْمَأْمُورِ بِهِ وَبِزِيَادَةٍ هُوَ مَغْلُوبٌ عَلَيْهَا .
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ رَفْعُ إحْدَى يَدَيْهِ رَفَعَ الْأُخْرَى ( وَأَقْطَعُ الْكَفَّيْنِ يَرْفَعُ سَاعِدَيْهِ وَ ) أَقْطَعُ ( الْمِرْفَقَيْنِ ) يَرْفَعُ ( عَضُدَيْهِ ) تَشْبِيهًا بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ وَأَقْطَعُ أَحَدِهِمَا كَذَلِكَ ( وَإِنْ قَرَنَ الرَّفْعَ بِالتَّكْبِيرِ فِي الِابْتِدَاءِ كَفَى ) فِي الْإِتْيَانِ بِالسُّنَّةِ ( وَلَوْ لَمْ يَنْتَهِيَا مَعًا ) فَالسَّنَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ الْمَعِيَّةُ فِي الِابْتِدَاءِ دُونَ الِانْتِهَاءِ فَإِنْ فَرَغَ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْآخَرِ أَتَمَّ الْآخَرَ لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ

فِي الْأَخِيرَيْنِ عَنْ نَصِّ الْأُمِّ قَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ وَاسْتَشَكَلَ ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ { أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ ثُمَّ كَبَّرَ } وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ ( فَإِنْ تَرَكَهُ ) أَيْ رَفَعَهُمَا وَلَوْ عَمْدًا حَتَّى شَرَعَ فِي التَّكْبِيرِ ( أَتَى بِهِ فِي أَثْنَائِهِ لَا بَعْدَهُ ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا يَحُطُّ يَدَيْهِ وَلَا يَسْتَدِيمُ الرَّفْعَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ ( وَرَدَّهُمَا ) مِنْ الرَّفْعِ ( إلَى تَحْتِ الصَّدْرِ أَوْلَى مِنْ الْإِرْسَالِ ) لَهُمَا بِالْكُلِّيَّةِ ثُمَّ اسْتِئْنَافُ رَفْعِهِمَا إلَى تَحْتَ الصَّدْرِ بَلْ صَرَّحَ الْبَغَوِيّ بِكَرَاهَةِ الْإِرْسَالِ لَكِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْمَنْ الْعَبَثَ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ وَالْقَصْدُ مِنْ وَضْعِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى تَسْكِينُ يَدَيْهِ فَإِنْ أَرْسَلَهُمَا بِلَا عَبَثٍ فِلَا بَأْسَ .
وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الرَّوْضَةِ وَجْهَيْنِ وَصَحَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ فَفَهِمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فَصَرَّحَ بِهَا وَهُوَ قَرِيبٌ ( وَيَقْبِضُ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى كُوعَ الْيُسْرَى وَبَعْضَ السَّاعِدِ ) ، وَالرُّسْغَ الْمَعْلُومَ مِنْ قَوْلِهِ ( بَاسِطًا أَصَابِعَهَا فِي عَرْضِ الْمَفْصِلِ ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الصَّادِ ( أَوْ نَاشِرًا لَهَا صَوْبَ السَّاعِدِ ) ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ بِهَا عَلَى الْيُسْرَى حَاصِلٌ بِهِمَا ( وَيَضَعُهُمَا ) أَيْ الْيَدَيْنِ ( بَيْنَ السُّرَّةِ ، وَالصَّدْرِ ) رَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ { وَائِلِ بْنِ حُجْرٌ صَلَّيْت مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى صَدْرِهِ } أَيْ آخِرِهِ فَتَكُونُ الْيَدُ تَحْتَهُ بِقَرِينَةِ رِوَايَةِ تَحْتَ صَدْرِهِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ { عَلَى ظَهْرِ كَفِّهِ الْيُسْرَى ، وَالرُّسْغِ ، وَالسَّاعِدِ } وَالْحِكْمَةُ فِي جَعْلِهِمَا تَحْتَ الصَّدْرِ أَنْ يَكُونَا فَوْقَ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ

فَإِنَّهُ تَحْتَ الصَّدْرِ وَقِيلَ الْحِكْمَةُ فِيهِ أَنَّ الْقَلْبَ مَحَلُّ النِّيَّةِ ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِأَنَّ مَنْ احْتَفَظَ عَلَى شَيْءٍ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَلِهَذَا يُقَالُ فِي الْمُبَالَغَةِ أَخَذَهُ بِكِلْتَا يَدَيْهِ ، وَالْكُوعُ الْعَظْمُ الَّذِي يَلِي إبْهَامَ الْيَدِ وَالرُّسْغُ بِالسِّينِ أَفْصَحُ مِنْ الصَّادِ وَهُوَ الْمِفْصَلُ بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ ، وَالتَّخْيِيرُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ بَاسِطًا إلَى آخِرِهِ ظَاهِرُهُ ، أَوْ صَرِيحُهُ : أَنَّهُ بَيَانٌ لِكَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ ؛ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ الْقَبْضِ قَالَ الْقَفَّالُ بِحَذْفِ الْوَاوِ قَبْلَ قَالَ ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ قَوْلٌ لِلْقَفَّالِ مُقَابِلٌ لِلْقَوْلِ بِالْقَبْضِ الْمَذْكُورِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ حَذَفَ التَّخْيِيرَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ .

( قَوْلُهُ : { كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي } ) أَيْ كَمَا عَلِمْتُمُونِي لِيَشْمَلَ الْأَقْوَالَ ( قَوْلُهُ : أَوْ اللَّهُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ لَمْ يَضُرَّ ) قَدْ جَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَحْقِيقِهِ بِأَنَّ تَخَلُّلَ مَا ذَكَرَ يَضُرُّ وَجَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَمْشِيَتِهِ وَلَكِنْ مَثَّلَ الْمَاوَرْدِيُّ الْيَسِيرَ بِقَوْلِهِ اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَكْبَرُ قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي اللَّهُ هُوَ أَكْبَرُ إلَخْ ) ، أَوْ اللَّهُ يَا رَحْمَنُ أَكْبَرُ ( قَوْلُهُ ، أَوْ طَالَ سَكْتُهُ بَيْنَ كَلِمَتَيْ التَّكْبِيرِ ) قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَزِيدَ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَتَنَفَّسُ فِيهِ .
ا هـ .
وَيُشْبِهُ أَنْ لَا يَضُرَّ مَا زَادَ عَلَيْهِ لِعَيٍّ وَنَحْوِهِ مِنْ الْعَجْزِ ت ( قَوْلُهُ كَمَدِّ هَمْزَةِ اللَّهِ ) لَوْ وَصَلَ هَمْزَةَ الْجَلَالَةِ فَقَالَ أُصَلِّي إمَامًا أَوْ مَأْمُومًا اللَّهُ أَكْبَرُ صَحَّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ ، وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ هَمْزَةَ الْوَصْلِ تَسْقُطُ فِي الدَّرْجِ ز ( قَوْلُهُ وَأَلِفٌ بَعْدَ الْبَاءِ ) وَإِشْبَاعُ ضَمَّةِ الْهَاءِ مِنْ اللَّهِ ز قَوْلُهُ أَوْ زَادَ وَاوًا سَاكِنَةً إلَخْ لَوْ ضَمَّ الرَّاءَ مِنْ أَكْبَرَ انْعَقَدَتْ خِلَافًا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ مِنْ أَكْبَرَ وَاوًا فَقَالَ اللَّهُ وَكْبَرُ فَاَلَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنِيرِ الْمَالِكِيِّ أَنَّ الصَّلَاةَ تَصِحُّ ؛ لِأَنَّ الْهَمْزَةَ تُبْدَلُ وَاوًا كَمَا تُبْدَلُ الْوَاوُ هَمْزَةً فِي نَحْوِ وِشَاحٍ وَأَشَاح قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَمَا قَالَهُ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَوْ أَتَى بِالْهَمْزَةِ بَدَلًا مِنْ الْكَافِ لَمْ تَنْعَقِدْ .
ا هـ .
وَالرَّاجِحُ عَدَمُ انْعِقَادِهَا إذَا أَبْدَلَ الْهَمْزَةَ وَاوًا وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ ( قَوْلُهُ : وَالْوَجْهُ خِلَافُهُ ) ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الرَّاءِ بِالتَّضْعِيفِ لُغَةٌ وَاَلَّذِي فِي فَتَاوَى ابْنِ رَزِينٍ أَنَّهُ لَوْ شَدَّدَ الْبَاءَ مِنْ أَكْبَرَ لَمْ تَنْعَقِدْ وَحِينَئِذٍ لَا إشْكَالَ ( قَوْلُهُ : وَالْأَخْرَسُ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَفَمَهُ ) إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ ،

وَالْأَصْحَابِ بِذَلِكَ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ ، أَوْ خُبِلَ لِسَانُهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ الْقِرَاءَةَ وَغَيْرَهَا مِنْ الذِّكْرِ الْوَاجِبِ فَهُوَ وَاضِحٌ ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُحَرِّكُ لِسَانَهُ وَشَفَتَيْهِ وَلَهَوَاتِهِ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَيَكُونُ كَنَاطِقٍ انْقَطَعَ صَوْتُهُ فَيَتَكَلَّمُ بِالْقُوَّةِ وَلَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ ، وَإِنْ أَرَادُوا أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ بَعِيدٌ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ الْأَوَّلُ وَإِلَّا لَأَوْجَبُوا تَحْرِيكَهُ عَلَى النَّاطِقِ الَّذِي لَا يُحْسِنُ شَيْئًا إذْ لَا يَتَقَاعَدُ حَالُهُ عَنْ الْأَخْرَسِ خِلْقَةً وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ لَا يُرِيدَ الْأَئِمَّةُ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ فَأَقَلُّ الدَّرَجَاتِ أَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ الْأَخْرَسُ الْقِرَاءَةَ ، وَالذِّكْرَ الْوَاجِبَيْنِ بِحَيْثُ يَحْفَظُهُمَا بِقَلْبِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ ، وَالْأَصْحَابِ بِذَلِكَ مَنْ طَرَأَ خَرَسُهُ أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ : وَخَرَجَ بِالْإِشْفَاعِ ) إذَا صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ فَكَبَّرَ ثُمَّ كَبَّرَ هَلْ يَجُوزُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ حَمْلًا عَلَى أَنَّهُ قَطَعَ النِّيَّةَ وَنَوَى الْخُرُوجَ مِنْ الْأُولَى أَمْ يَمْتَنِعُ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ قَطْعِهِ لِلنِّيَّةِ الْأُولَى يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ تَنَحْنَحَ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى السَّهْوِ وَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ فِي الْأَصَحِّ .
وَالْمُتَّجَهُ هُنَا الِامْتِنَاعُ ؛ لِأَنَّ إفْسَادَ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ صِحَّتُهُ لَا يُتَابِعُهُ فِيهِ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ فِي الْأَثْنَاءِ بَعْدَ عَقْدِ الصِّحَّةِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ز لَوْ أَحْرَمَ بِرَكْعَتَيْنِ وَكَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ، ثُمَّ كَبَّرَ لِلْإِحْرَامِ ثَانِيًا بِنِيَّةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ فَهَذَا يَحْتَمِلُ الْإِبْطَالَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْفُضْ النِّيَّةَ الْأُولَى بَلْ زَادَ عَلَيْهَا فَتَبْطُلُ وَلَا تَنْعَقِدُ الثَّانِيَةُ وَيَحْتَمِلُ الصِّحَّةَ لِأَنَّ نِيَّةَ الزِّيَادَةِ كَنِيَّةِ صَلَاةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ ( قَوْلُهُ : هَذَا كُلُّهُ مَعَ

الْعَمْدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَخْ ) وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قُبَيْلَ سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ ( قَوْلُهُ فَرْعٌ وَيُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ إلَخْ ) الْحِكْمَةُ فِي الرَّفْعِ أَنْ يَرَاهُ الْأَصَمُّ فَيَعْلَمَ دُخُولَهُ فِي الصَّلَاةِ كَالْأَعْمَى يَعْلَمُ بِسَمَاعِ التَّكْبِيرِ أَوْ إشَارَةٌ إلَى رَفْعِ الْحِجَابِ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْمَعْبُودِ ، أَوْ لِيَسْتَقْبِلَ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ تَعْظِيمٌ لِلَّهِ وَاتِّبَاعٌ لِسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( قَوْلُهُ : قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ بِكَرَاهَةِ خِلَافِهِ ) وَجَزَمَ بِهِ فِي تَنْقِيحِ اللُّبَابِ كَأَصْلِهِ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ ( قَوْلُهُ : لَكِنْ صَحَّحَ فِي التَّحْقِيقِ وَشَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ ، وَالْوَسِيطِ أَنَّهَا تُسَنُّ فِي الِانْتِهَاءِ أَيْضًا ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ .

الرُّكْنُ ( الثَّالِثُ الْقِيَامُ ، أَوْ بَدَلُهُ ) الْآتِي بَيَانُهُ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ صَلِّ قَائِمًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ زَادَ النَّسَائِيّ ، { فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } وَإِنَّمَا أَخَّرُوا الْقِيَامَ عَنْ النِّيَّةِ ، وَالتَّكْبِيرِ مَعَ أَنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِمَا ؛ لِأَنَّهُمَا رُكْنَانِ فِي الصَّلَاةِ مُطْلَقًا وَهُوَ رُكْنٌ فِي الْفَرِيضَةِ فَقَطْ ( وَشَرْطُهُ ) أَيْ الْقِيَامِ ( نَصْبُ فَقَارِ الظَّهْرِ ) وَهُوَ عِظَامُهُ ( لَا ) نَصْبُ ( الرَّقَبَةِ ) لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ إطْرَاقُ الرَّأْسِ ( فَلَوْ اسْتَنَدَ إلَى شَيْءٍ ) كَجِدَارٍ ( أَجْزَأَهُ وَلَوْ تَحَامَلَ عَلَيْهِ ) وَكَانَ بِحَيْثُ لَوْ رُفِعَ السِّنَادُ لَسَقَطَ ؛ لِوُجُودِ اسْمِ الْقِيَامِ ( وَكُرِهَ ) أَيْ اسْتِنَادُهُ .
( وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ يَرْفَعُ قَدَمَيْهِ إنْ شَاءَ ) وَهُوَ مُسْتَنِدٌ ( أَوْ انْحَنَى قَرِيبًا مِنْ حَدِّ الرُّكُوعِ ، أَوْ ) انْحَنَى ( عَلَى أَحَدِ جَنْبَيْهِ لَمْ يَصِحَّ ) فِي الثَّلَاثِ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فِيهَا قَائِمًا بَلْ مَائِلًا فِي الْأَخِيرَتَيْنِ وَمُعَلِّقًا نَفْسَهُ فِي الْأُولَى وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فِيهَا إنْ شَاءَ وَعَبَّرَ فِي الْأَصْلِ ، وَالْمَجْمُوعِ فِي الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ أَقْرَبُ إلَى حَدِّ الرُّكُوعِ .
وَقَضِيَّتُهُ : أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، بَلْ مَتَى وُجِدَ الِانْحِنَاءُ زَالَ بِهِ اسْمُ الْقِيَامِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ مُطْلَقًا وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ وَكَلَامُ الْكِفَايَةِ دَالٌّ عَلَيْهِ ( وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ ) عَنْ الْقِيَامِ مُسْتَقِلًّا ( عَلَى الْقِيَامِ مُتَّكِئًا ) عَلَى شَيْءٍ ( أَوْ ) عَلَى الْقِيَامِ ( عَلَى رُكْبَتَيْهِ ، أَوْ ) قَدَرَ ( عَلَى النُّهُوضِ ) بِمُعِينٍ وَلَوْ ( بِأُجْرَةِ مِثْلٍ وَجَدَهَا ) فَاضِلَةً عَنْ مُؤْنَةٍ مُمَوَّنِهِ يَوْمَهُ

وَلَيْلَتَهُ ( لَزِمَهُ ) ذَلِكَ ؛ لِأَنَّهَا مَيْسُورَةٌ ، وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ وَنُقِلَتْ عَنْ الْإِمَامِ ( وَلَوْ تَقَوَّسَ ظَهْرُهُ كَالرَّاكِعِ أَجْزَأَهُ ) بَلْ يَلْزَمُهُ ( قِيَامُهُ ) كَذَلِكَ ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الْقِيَامِ مِنْ غَيْرِهِ ( وَيَزِيدُ لِلرُّكُوعِ انْحِنَاءً إنْ قَدَرَ ) لِيَتَمَيَّزَ الرُّكْنَانِ ( وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ ) فَقَطْ ( فَعَلَ الْمُمْكِنَ ) فَيَقُومَ ، ثُمَّ يَأْتِي بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ فَيَحْنِي صُلْبَهُ طَاقَتَهُ ، ثُمَّ رَقَبَتَهُ وَلَوْ بِاعْتِمَادٍ ، أَوْ مَيْلٍ وَفِي نُسْخَةٍ قَامَ وَفَعَلَ الْمُمْكِنَ ( ثُمَّ ) إنْ لَمْ يُطِقْ انْحِنَاءً ( أَوْمَأَ بِهِمَا قَائِمًا ) قَدْرَ إمْكَانِهِ لِأَنَّ الْمَيْسُورَ لَا يَسْقُطُ بِالْمَعْسُورِ ( وَمَنْ قَدَرَ عَلَى الْقِيَامِ ، وَالِاضْطِجَاعِ فَقَطْ قَامَ ) بَدَلَ الْقُعُودِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْبَغَوِيّ ؛ لِأَنَّهُ قُعُودٌ وَزِيَادَةٌ ( وَأَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَكَانَهُ وَتَشَهَّدَ قَائِمًا وَلَا يَضْطَجِعُ ) هَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ إيضَاحٌ ( وَيُكْرَهُ لِلصَّحِيحِ الْقِيَامُ عَلَى رِجْلٍ وَإِلْصَاقُ الْقَدَمَيْنِ وَتَقْدِيمُ إحْدَاهُمَا ) عَلَى الْأُخْرَى ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَكَلُّفٌ يُنَافِي هَيْئَةَ الْخُشُوعِ بِخِلَافِ الْمَعْذُورِ وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ الْأَخِيرَةَ فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا تَبَعًا لِلرَّوْضَةِ فِي بَحْثِ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ ، لَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ ثَمَّ بِالْكَرَاهَةِ وَعَبَّرَ بِالنُّهُوضِ بَدَلَ الْقِيَامِ فَلَعَلَّهُ لَحَظَ أَنَّهُمَا مَسْأَلَتَانِ ( وَنُدِبَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا ) أَيْ بِأَرْبَعِ أَصَابِعَ عَلَى مَا فِي الْأَنْوَارِ ، أَوْ بِشِبْرٍ قِيَاسًا عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا فِي السُّجُودِ بِشِبْرٍ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَنُدِبَ أَنْ يُوَجِّهَ أَصَابِعَهُمَا إلَى الْقِبْلَةِ ( وَالتَّطْوِيلُ فِي الْقِيَامِ ، ثُمَّ فِي السُّجُودِ ثُمَّ فِي الرُّكُوعِ أَفْضَلُ ) أَمَّا أَفْضَلِيَّةُ الْأَوَّلِ فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { أَفْضَلُ الصَّلَاةِ طُولُ الْقُنُوتِ } أَيْ الْقِيَامُ وَلِأَنَّ الْمَنْقُولَ { عَنْ

النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يُطَوِّلُ الْقِيَامَ أَكْثَرَ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ } ؛ وَلِأَنَّ ذِكْرَهُ الْقِرَاءَةَ وَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ الرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ وَأَمَّا أَفْضَلِيَّةُ الثَّانِي فَلِخَبَرِ مُسْلِمٍ { أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ ، وَهُوَ سَاجِدٌ } خَرَجَ مِنْهُ تَطْوِيلُ الْقِيَامِ لِلْخَبَرِ وَالْمَعْنَى السَّابِقَيْنِ .

( قَوْلُهُ : الثَّالِثُ الْقِيَامُ ، أَوْ بَدَلُهُ فِي فَرْضِ الْقَادِرِ ) شَمِلَ فَرْضَ الصَّبِيِّ ، وَالْعَارِي وَالْفَرِيضَةَ الْمُعَادَةَ وَكَتَبَ أَيْضًا إنَّمَا وَجَبَ الذِّكْرُ فِي قِيَامِ الصَّلَاةِ ، وَالتَّشَهُّدِ وَلَمْ يَجِبْ فِي الرُّكُوعِ وَلَا فِي السُّجُودِ ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ يَقَعَانِ لِلْعَادَةِ وَلِلْعِبَادَةِ فَاحْتِيجَ إلَى ذِكْرٍ يُخَلِّصهُمَا لِلْعِبَادَةِ ، وَالرُّكُوعُ ، وَالسُّجُودُ يَقَعَانِ خَالِصَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى إذْ هُمَا لَا يَقَعَانِ إلَّا لِلْعِبَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الذِّكْرُ فِيهِمَا قَوْلُهُ : وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَامِ ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ صَحَّ ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ ( قَوْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ الْعَاجِزُ عَنْ الْقِيَامِ مُتَّكِئًا إلَخْ ) فِي الْكِفَايَةِ لَوْ قَدَرَ أَنْ يَقُومَ بِعُكَّازٍ ، أَوْ يَعْتَمِدَ عَلَى شَيْءٍ ، فَالْأَصَحُّ لَا يَلْزَمُهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَقِيَاسُ الْأُولَى الْوُجُوبُ وَقَالَ الْغَزِّيِّ هُمَا صُورَتَانِ الْأُولَى إذَا عَجَزَ عَنْ النُّهُوضِ فَإِذَا قَامَ اسْتَقَلَّ وَمَسْأَلَةُ ابْنِ الرِّفْعَةِ مُلَازَمَةُ الْعُكَّازِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الْقِيَامِ قَالَ شَيْخُنَا هَذَا ، وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فَحَيْثُ أَطَاقَ أَصْلَ الْقِيَامِ ، أَوْ دَاوَمَهُ بِالْمُعِينِ لَزِمَهُ ( قَوْلُهُ : وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ زِيَادَتِهِ ) وَفِيهَا فِي الْمَجْمُوعِ وَجْهَانِ ( قَوْلُهُ : ثُمَّ أَوْمَأَ بِهِمَا قَائِمًا ) هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمَا وَنَقَلَهُ ابْنُ الْأُسْتَاذِ عَنْ الْأَصْحَابِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ وَقَالَ فِي التَّهْذِيبِ يُومِئُ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ قَاعِدًا .
ا هـ .
وَعِبَارَةُ الْكَافِي وَلَوْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْقِيَامُ ، وَالْقُعُودُ وَلَا يُمْكِنُهُ الرُّكُوعُ ، وَالسُّجُودُ يَقُومُ فِي مَوْضِعِ الْقِيَامِ وَيَقْعُدُ فِي مَوْضِعِ الْقُعُودِ وَيُومِئُ بِرَأْسِهِ وَرَقَبَتِهِ بِالرُّكُوعِ ، وَالسُّجُودِ مَا أَمْكَنَهُ وَيَرْكَعُ قَائِمًا وَيَسْجُدُ قَاعِدًا .
ا هـ .
، وَهِيَ عِبَارَةٌ حَسَنَةٌ مُفْصِحَةٌ عَنْ الْغَرَضِ مُتَعَيِّنَةٌ ؛ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ إلَى السُّجُودِ مِنْ قُعُودٍ

أقسام الكتاب
1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70